351

ﺭﻭﺍﻳـﺔ ﻣﺼﺮﻳـﺔ - elibrary

Embed Size (px)

Citation preview

א א א :א

" .."

روايـة مصريـة

٥.......................................................................................................:إستهـالل

٦...........................................................................................................اإلهداء

٧...................................................................................................."خطبة الكتاب"

٨............................................................."الكالم الذي دار بيننا من باب اإلمتاع و المؤانسة "

٧١........................................................................ذكر طرف مما وقع لنا فى الليلة الكبيرة

١٠٣.........................................................األوراق التى تركها األستاذ عبد اهللا بعد شرب الشاى

١٠٤.........................................................."..عبد اهللا الفالح"موجهة منه إلى : الرسالة األولى

١٣٣..........................................................."..عبد اهللا الفالح"موجهة منه إلى : الرسالة الثانية

١٣٧..................................................."..عبد اهللا الفالح"موجهة منه إلى صديقه : الرسالة الثالثة

١٤٢...................................................."موجهة منه إلى صديقة عبد اهللا الفالح: "الرسالة الرابعة

١٥٨....................................................موجهة منه إلى صديقه عبد اهللا الفالح :الرسالة الخامسة

١٩٣..............................................."..عبد اهللا الفالح" إلى صديقه ؛موجهة منه: الرسالة السادسة

١٩٨.....................................................موجهة منه إلى صديقه عبد اهللا الفالح: الرسالة السابعة

٢٠٠..................................................." إلى صديقه عبد اهللا الفالح ؛موجهة منه":الرسالة الثامنة

٢١٧........................................"..عبد اهللا شهبندر"إلي " يحيى الظريف"موجهة من :الرسالة التاسعة

٢٣٧................................................................منه إلى العبد الفقير إلى اهللا: الرسالة العاشرة

٢٣٩............................................................................كالم لألستاذ يتعلق بيحيى الظريف

٢٣٩.................................................................................. !!..اللقاء : ى الظريفيحي

٢٧٤....................................................................................المخادعة : يحيى الظريف

٢٩٦.......................................................................................القتل : يحيى الظريف

٣١٨...............................................................ذكر طرف مما وقع بعد قراءتى ألوراق األستاذ

٣٢٦............................................"عبد اهللا شهبندر"إلى األستاذ " مريم"الة األخيرة من السيدة الرس

٣٤٣.............................................................................................."الكتاب"خاتمة

٣٤٩.....................................................................................................:هوامش

:

يريد مرق من حديده مسكـين من يطبخ الفاس و مسكين من يصحب الناس ويريد من ال يريـــده

" الشاعر الشعبي ابن عروس "

؛ التى الهمتنى هذه الرؤية ، .." رحاب"إلى ابنتى جميلة الروح والمحيا .. تحية لروحها المرحة، وقدرتها المتوسعة على استيعاب األلم، وتجاوزه

..وهدية منى إليها فى عيد ميالدها الحادى والعشرين ..وإلى جيلها كله

شبرا–فى القاهرة ١٩٩٤ سبتمبر ٢٧ صباح الثالثاء الموافق

" "

وعلى آلـه ، سيدنا محمد النبي األمين ، والصالة و السالم على أشرف المرسلين ، بسم اهللا الرحمن الرحيم والسالم على السائرين فى درب األمانـة ، زادهـم .. ومحبة في اهللا ، ومودة في القربى ، بالصلب وبالقلب

..وكل نفس بما كسبت رهينة..وغفر اهللا لكل من خان فأبان..داهم ومنتهاهم المحبةالمحبة ، ومبت .. أما بعد

أو أكثر ؛ ذلك ألنني قد أحببت حرفتي ، وال ، ولست بالطامح إلي ماهو أعلى ، ومازلت .. فإنى كنت نساجا وتقاليـده ، ن بأدب الرواية أستطيع أن أعمل في غير ما أحب ، ولهذا اعتذر لقراء هذه األوراق من المهتمي

فلست كاتبا معتمدا ، وإن ماأعمله ليس إال شهادة علـى وقـائع ..الراسخة ؛ إذا وجدوا مايخالف هذه القواعد وكنت مدعوا وحيدا إلعالمكم بها ؛ ياسادتي الكرام ؛ والداعي كان ذلك اإلنسان ؛ الذي دخل حياتي ، عشتها

؛ وحتي الساعة الحاديـة " افرنكي"بعة وخمس و أربعين دقيقة ؛ بعد الزوال منذ الساعة الرا ، ؛ بلحمه ودمه ، ؛ في ذلك اليوم ؛ محض مصـادفة ولم يكن دخوله إلى حياتى ..عشرة وخمس وأربعين دقيقة بنفس التوقيت

.. وكما سيظهر لكم..كما تبين لى بعد ذلك؛ بأمانـة تقـع عهـدتها تلـك السـاعات أما وقد انتهيت من تسجيل ما جري بيني و بينه من أحاديث ؛ في

كما سجلت ما جري بعد ذلك بقدر ما استطعت من دقة ؛ فإنني ؛ في دوافعي العميقة ؛ أميز أن نشـر ..علي استجاب ، و ظهر ؛ فإنه سيجد في انتظاره جنته ، و ناره ، معـا فإذا..مأل يمثل عندي نداء إليه ذلك علي ال

فقـد طالمـا ..!! أن يجنبه ناره ، أو يدخله جنته شخص آخر؛ فيما عداه ؛ يس في يدى ، أو في يد أي ، و ل ..!!و أن ربك ال يظلم أحدا،عرفت أن المرء منا ، هو المنسج ، وهو النساج ألقداره

وليعلم أن كل ما فعلته ؛ بعد لقائنا في تلك الليلة ؛ لم يكن من أجل خاطره ، و أن دوري ؛ الذي شكلتة أفعالى يمكن أن ينسخ دوره ، أو يغني عنه ، و أنه مهما أوتي المرء من العلم ، ومن الحكمة ؛ فإنه ال يصيب ؛ ال

لم أكرهك ؛ إعلم أني لم أحبك ، و ويا أيها المخاطب مني ؛ في أي أرض كنت ..، إال إذا عمل بعلمه و حكمته لم ؛ فعمل ؛ واهللا هو الوكيـل ، والسالم عليك ، وعلي كل من ع ..والقرار قرارك ..إنني فقط ؛ فىإنتظارك ،

..هو حسبي ، وإليه المآب عبداهللا : أخــــوك

" "..

كلما أفاقـت وتؤكد ـ ، " بدرية"يستغرقني ذلك النور ؛ الذى تنتظره ..وال على ..كنت في حالى ، ال بى، فتشفى تماما ، وأنه سيغسلها ، وأنه سيشق الجدار الشرقى لحجرتها ..من نوبات الصداع ـ أنه آت المحالة

وكان الوقت عصر الليلة الكبيرة لمولد سيدى إبراهيم الدسوقي ، وكنت متعكر المـزاج ، ..والتعاودها اآلالم قبيل األصيل ، فلمـا ؛ بعد العصر ، دق باب داري ولم يكن فى نيتى الخروج حتي ..خالى الوفاض ؛ مفلسا

.. فتحت الباب رأيتهأمـا شـعر رأسـه ، هو رجل طويل القامة ؛ وسيم المالمح ، يبدو فى األربعين حتى تنظر في عينيه

وشاربه ؛ فقد اشتعل فيهما الشيب بنظام يزيده وسامة ووقارا ، يرتدى مالبس إفرنجية ؛ غاليـة الـثمن ، لم يكن يحمل متاعا من أى نوع غير ..فرددت عليه السالم ؛ وأنا مازلت أتفحصه ..بالسالم ورحمة اهللا بادرني

.. حافظة جلدية ، معلقة فى كتفه األيسر بحزام عريض من الجلد ، وكانت الحافظة ممتلئة بما فيها :قال لى

و أطلب الراحة حتـى ، أنا غريب ، وليس فى الفنادق موضع لقدم ، ولست من أتباع أية سجادة ـ !؟..فهل تقبلنى، ثم أغادرك ، منتصف الليل

:قلت !!ولكنني كما ترى ؛ من مظهر الدار ؛ فقير على باب اهللا ، على العين والراس ـ

:قال التحمل هما ، فليست لى مطالب غير الماء ألغتسل ، ودعوة إلـى شـرب الشـاي ، والـرزق ـ

..!!واسع :ريقلت ؛ وأنا في حرج من فق

..!!تفضل ؛ وال تؤخذانيـ •

وبضعة مساند ، لم يكن في الدار طعام ، ولم يكن لدى ما أضيفه به ، أدخلته حجرة بها حصير قديم فخلع معطفـا ؛ثم انحني فخلع حذاءه وجوربه ، ووقف ، ووضعها على الحصير ، ، فأخلى كتفه من حافظته

:وقال لى، ألقي بمعطفه جانبا صوفيا أشهبا ، "فرابلو"وتحته رأيت ، قصيرا .. إسعفني بماء ألشربـ

فصببت ، ثم مده إلى ..صببت له كوبا ؛ فشربه دفعة واحدة ..غبت لحظة ، ثم عدت إليه بإبريق فخاري وكوب :وقال، الثا ؛ فشربه آخر؛ فشربه ، ثم ث

..لك الشكر، ياعبد اهللا.. الحمد هللاـ :سألتهتعجبت من ذلك ، و

!؟..ت اسمي وكيف عرفـ :قال

!؟..ألسنا كلنا عبيدا هللا ـ :قلت

..!!بلي ؛ لكن هذا اسميـ :قال

..!!وأنا اسمي أيضا عبد اهللاـ :ثم أردف

..ودلني على الحمام ألغتسل..التشغل بالكـ •

:عند باب الحمام ؛ مد إلي يده قائال ..تري أنه يصلح أمرك وأمريواقض ماتريد مما ..فاشتر لنا طعاما وشايا وبنا وسكرا..خذـ

:تحرجت ؛ وظهر علي إرتباك الفقراء ، فقال لى ..!!وكلنا فقراء إلى إحسانه..المال مال اهللا ـ ، فإذ به يمد إلى يـده ..واختلست إلى وجهه نظرة ؛ وأنا أشيح بوجهى هربا ، وحرت في أمري ، لم أمد يدى

وإذا بـى أرى عينـين تضـحك فيهمـا حكمـة ..راتنافتلتقى نظ ، ويدير وجهى نحوه ، ويقبض على ذقني :وإذ به يقول..العجائز

..!!وتوكل، أنا لم أحضرعلى موعد ؛ فخذنى على النية ـ :قلت

..!!إعمل معروفاـ :قال

.. الحول والقوة إال باهللا ؛ خذ وتوكل ياعبد اهللاـ لحظة حتى دخـل الحمـام ، وأغلـق وما هى غير ، فمددت يدى ؛ فأفرغ فيها كل مافي كفه من أوراق مالية

..الباب بالمزالج•

عددتها فـإذا بهـا ..!! هالتني لفة األوراق من فئة العشرين جنيها ، على ضوء مصباح الردهة ، و أنا أنظر ..!!"فهذه الحال لم يقع لى مثلها..فألراجعه: "وقلت فى نفسي..عشرة ؛ فداخلني هلع

فجـاءنى ، فدققت مرة أخري .. وكان الماء يسيل من الدش متواصال ، ا فلم أتلق جواب ، ودققت باب الحمام :صوته من الداخل عميقا آمرا

..!!إذهب ، وقل مدداـ ..!!فذهبت ؛ وأنا صادع باألمر

ولم تطالعني الـدرو التـى ..فلم أرالشوارع التى ألفتها ، والمرئيات مضوأة ، كان األصيل زعفرانيا ، خفيـف ، وأنا خفيف ..ذهبى ، وفضي ، وأزرق ؛ موشح بأوشحة شهباء : ور يتقلب فى فقد كان الن ..عرفتها

ثم تناهت إلـى أذنـى ألحـان ..كأنه قد رأى يقينه ؛ وسجد ، وأحسست بقلبى ساكنا ، قد رقت مني الحواشي !!"من طلب وجد : "وقال المغنى، أناشيد مبشرة ..!!"ةيا طالما اشتهيت الكباب والكفت: "فقلت فى نفسي

:الكبابجى لما رآني" توحه " لمعلموقال ا..فأقترب، وتقترب ، فاذا بروائح الشواء تمأل أنفي ..!!ـ واهللا زمان

:قلت ..واليد قصيرة..لكن العين بصيرة..كان الود ودى ؛ أن آتى كل يومـ

:قال ..مدد ياسيدىـ

:قلت ؛ وأنا أمد يدى ..!!واستوص بالسلطات، جهز كيلو ـ

:قال ..!!الجيب واحدـ

:قلت ..!!خليها على اهللاـ

• ، فطلبت اإلفريقـي ..رأيت أن األمر يلزمه المعسل ، والسكر ، ولما اشتريت الشاي ؛ والبن المحوج

:فقال الحاج عبده ..!! إخلطه ؛ فإنه حامـ

:قلت ..!!بل هو المطلوبـ

وإذا بي أتخذ سبيلى ؛ التى كنت أتخـذها ، فإذ بروائح التعميرة تهب من حولى ، ومضيت ، وحملت أشيائى :وقال، وصفق بيديه ، بائع الحشيش ؛ هلل " كويسه"فلما رآنى ..منذ عام مضى

..!!ـ واهللا زمان :قلت

..!! والمعمولة ،المدخولة..أريدها أصيلة نقيةـ :قال

..!!ومهرها ثمانون..ألصيلاألصيلة ل..يارائقـ :سألني، نيها ت له يدى بثمانين جفلما مدد

!؟..أم أنك سقطت على كنز..هل بعت الدار..ـ ماالحكاية ؟ :قلت

!؟.. هل هو أكل وبحلقهـ :قال

..!!ومدد.. بل أكل وحمدـ•

: وقـال ..فلما رآنى ابتسـم ، حصير وراقد بطوله على ال ، فوجدته متوسدا وسادة ، عدت الى الدار ..!!ـ أنت جئت بما كنت أشتهى

وصـحفا ، وفرشت على الحصيرصحفا قديمة ..قى منى ما أحمل فى األكياس البالستكية السوداء ونهض ؛ فتل ـ " الكنكة "وأرحت..موقد السبرتو " وأحضرت عدة الشاي ، وأوقدت ، ضعت األكل وو..جديدة اعلـى حاملته

.!! .حتى أتينا على كل شيء، أكل جائع وأكل هو..ت ؛ كما لم آكل من سنينفأكل..وأكلنا..السوداء :غسلنا أيدينا بماء وصابون ، ثم سألته

؟.هل لك فى المعسل .. يا أستاذيـ :قال

!؟..هذا الشعب يحب المعسل فلماذا ال نحبه..ومشموم، ومأكول ، لكل شعب مشروب ـ :قلت

..وهذا هو الباقى.. إنى بددت أغلب ماأعطيتنيـ :قال

..! البد أنك بددته على مزاجكـ :قلت ؛ وقد تحرجت

..!! لى زمان لم أفعل ذلكـ :قال

..!!واطلب تجد، ياعبد اهللا ؛ دع الحساب ..وما إليهما..والتوق.. الشوقـ :ثم قلت له..!!" وإما أننى سكران.. أنه مجنونإما..من هذا ؟": فقلت فى نفسى

.. سامحنىـ

:قالفهون على نفسك ..شترىفهذه األوراق جعلت لت ..إفعل ما بدا لك ! ؟..وهل فعلت غير ذلك .. اتق اهللا ـ

..!!، والتفسد عملك ..!!أقسم ؛ إنه اختبار لى: قلت فى نفسى

• ـ ..ودخنا المعسل معـا ، ثم أوقدت الفحم ..وشربنا..وصبه فى الكوبين ، نهض هو فعمل الشاى ا فلم

:؛ ابتسم ؛ وهو يقول" التعميرة"بدأت تدخين ..!! أما هذه فليس لى فيهاـ

:؛ وسأل" السبرتاية " ثم إنه جلس أمام !؟.. قهوتكـ

:قلت .. سادةـ :قال ؛ محييا ..!! السادة للسادة ـ

• ورشف من فنجانه ..وكان هو قد صب القهوة فى فنجانين ..وامتألت الحجرة بالرائحة والدخان ..دخنت

:وقال ؛ وهو يشير إلى التعميرة، رشفة ..!! إنها سلسةـ

:قلت ..!! مكسبي ضاع فى تمييزهاـ

فكان ينظر فـى عينـى ، غير مرة ، فهممت أن أعفيه ..جلس أمامى يخدم على ؛ وأنا أدخن ؛ خدمة خبير ف :وتوقفت ؛ قائال، فدخنته ، حتى بلغت كرسى السلطنة ..واعتراضى، فيذوب حرجى ، بعينين مبتهجتين

..!!الحمد هللاـ :وقلت..وقبلت كفى ظهرا وبطنا

..!! جزاك اهللا خيراـ :فقال

..!! بل أدع لعائشةـ :سألت

؟.. ومن عائشةـ :قال

؟..أم خالدة الستـ

:سألت ؛ مستغربا !!ـ الست أم خالدة ؟

:قال !؟..والتتذكرها أنت، كبف تتذكرك هى ..ـ عجبا

:قلت ..!! ـ كان هذا ؛ من زمان

:ثم سألته !ومن أين عرفتها ؟! وأين هىاآلن ؟ـ

:قال !!.. يا عبد اهللا ؛ بالراحةـ

:قلت ..!!العجل.. بل العجلـ

:قال ..وأما معرفتى بها ، فإنى زميل وصديق ابنها.. أما أين هى ، فقد فارقتها فى طنطا منذ أيامـ

:سألته ! تعنى ابنها الدكتور ؟ـ

:قال .. نعم ابنها الدكتورـ

:عدت أسأله ؛ متشككا !؟.. الذى اشتغلت من أجله خبازة فى البيوت ؛ ذلكـ

:لقا .. هو بعينهـ

:سألت ؟.. وأين هو اآلنـ

:قال .. مازال فى أوروباـ

:سألت !هل صار مليونيرا هناك ؟! ؟.. وما الذى ذكره بهاـ

:قال ..وقد فعلت ألنى أريد أن أسمع منك .. ياعبد اهللا ؛ لقد أوصتنى أن أنزل عليكـ

:قلت

.!!.لكن هذه حكاية مقرفة.. يا أستاذى ؛ على عينى وراسىـ :قال

..!!رص لك حجرين.. مازالت النار صاحيةـ :قلت

..!!إنها حكاية ؛ كلما تذكرتها تنسينى دماغى.. ولوـ :قال ؛ وهو يبتسم

..!! نعمل لك دماغا غيرهاـ :قلت

واهللا لنربينـه : "فقـاال ..وبعد سنين أطعمهما اهللا بولد ..تزوج امرأة طيبة ، ماقولك فى رجل طيب ـ، وعند عديم األصـل ، عند األ صيل ، فعمل األبوان فى الغيطان ، وبرا بما أقسما عليه !!" ..أحسن تربية

فصـار ، حتـى يكـون أحسـن األوالد ، وعملت األم وسعها فى هندسته ، حتى أتم الولد دراسته اإلعدادية وأكمل ..وزواجها، يمها ألنه حمل هم تعل ، لكن المحروس لم يفرح ، ففرحا بها ..ثم أطعمهما اهللا ببنت ..كذلك

وجب اآلن أن يصير ابننا مهندسا : "فقال الولدان ، دراسته الثانوية ؛ فحصل على مجموع أدخله كلية الهندسة واشتغل األب فرانا ، فى الدراسة واستأجرا غرفة فى مصر؛ ، اوراءهما وباعا م ، فغادرا البلد ..!! " قد الدنيا

حتـى ؛ وما أن أكمل الولد الهندسـة ..لحقا البنت بخدمة بيت من بيوت األزهر وأ، واألم خبازة فى البيوت ، ، مات فى ختامهـا األب ، كلفت األب واألم والبنت ثالث سنوات من الجوع ، سافر إلى أروبا بتذكرة بحرية

..!! عنهولم يعرف الثالثة بعد سفره شيئا..أما الولد فقد طار..وكافحت البنت حتى تنقذ أمها، ومرضت األم :سألنى

! فمن أين عرفت أنه قد صار دكتورا ؟ـ :قلت

.. من الجرائدـ :فهز رأسه ؛ وسألنى

! هل رأيت خالدة أخته ؟ـ :قلت

.. رأيتها حتى سن الثالثة عشرة ـ :قال

.. حدثنى عنهاـ :قلت

ا التـاجر عاقلة ، عاقلة حتى أن مخـدومه ..جمعت الجمال وسترته بالكمال .. بنت ؛ والكل البنات ـألنه اشـترط أن ، فرفضت البنت ، كابنة له ، عرض على أمها أن يتولى تربيتها ، وتعليمها " سمير القلفطى "

..ويتولى هو الصرف عليها ، تعيش أمها لوحدها

!وهل كانت تصلى فى تلك األيام ؟: فهز األستاذ رأسه هزة المتأمل مرات ، ثم سأل ..!!وقلب كاللبن الحليب، صيام ..الةص..كاملة من يومها ياأستاذ: قلت

؟..وبعد ذلك: فهز رأسه مرات ، وسألوهجت بالبنـت إلـى ، فتركت له الدراسة ، قد ضغط علىالست أم خالدة " القلفطى"والظاهرأن الحاج : قلت

..فلم أعثر عليهما، عنهما فى كل مكان " طقست"أنا ..مكان ال يعرفه أحدحفظت حق الجيرة طوال هذه ..واهللا ؛ فيها الخير ؛ الست أم خالد : األستاذ ؛ فقلت وسكت ، فلم يتكلم صاحبى

.وخالدة هل تزوجت ؟: فقلت ، وسكت ، فلم يتكلم صاحبى ..!! ق طيبرع..السنين ..تزوجت ؟..نعم: وقال بصوت عميق، فابتسم ابتسامة غامضة ..!!إياك أن يكون عريسا هزؤا: أقلقتنى ابتسامته فقلت

..إنه عريس اليمكن أن تحظى به فتاة.. اهللاأستغفر: قال ؛ معترضا !مليونير؟: سألته

..!!أكبر: قال مستنكرا !؟..ملياردير: سألته ..!!بل أعظم : قال ..!!أو ملكا من السماء..كاإذن فهو إما أن يكون مل: قلت

..!!سبحان مقسم األرزاق: ضحك صاحبى ضحكة كالبكاء ، ثم قال•

!؟..مثل أبيك وجدك، ؟ هل مازلت تكتب فى الدفاتر ..وأنت: بعد سكوت ؛ سألنى فجأة ؟ الحالة من سـوء إلـى ..فماذا أفعل بما أكتب ، وحتى إذا وجدت الوقت ! ؟..ومن أين أجد الوقت لذلك : قلت ..!!وكل حاجة فى النازل.. أسوأ ! ؟ومن أين عرفت بشأن أبى وجدى: سكت ؛ ولم يتكلم ؛ فسألته ف

..حكت لى الست عائشة أم خالدة: قالاآلن ال يعمـل ..ورأت جدى فى آخر أيامه ، نعم إنها عاصرت أبى : قلت ؛ وأنا أحس أنه اليخبرنى بالصدق

ولم تكـن الحكومـة ، أيام زمان كان شيخ الحارة شيخا يمأل مركزه ..وصار تابعا للمخبر ..شيخ الحارة شيئا حـرف النـاس ،التجنيـد ، الـزواج الطـالق ، وفيـات ال، المواليـد : نـه تعرف شيئا عن الحارة إال م

!!..وربما أنت رأيت ذلك..وأعمالهم ..لم أر ذلك ؛ ولكنى أعلمه: قالوفى الليلة الكبيرة يذبح ..كان جدى يذبح كل يوم من أيام المولد ..المرحومة أمى حكت لى عن تلك األيام : قلت

عن األعياد ، ومولـد النبـى ، وناهيك ..رئين والمنشدين يه الثالثين بالمق وفى رمضان يحي ليال ..عشرة ذبائح ..!!وكان الخير للركب ، ياأستاذي ، كانت السنة كلها أعيادا ..والغطاس ، وشم النسيم

..ظننت أنك مازلت تكتب: قال

شـوف .. فى النور شة كل الناس عاي ..م يكن هناك سر ول..زمان ؛ ياأستاذ ؛ كانت الحارة كعائلة واحدة : قلتواليعرف ، ويمكن أن يموت الواحد فى شقته ..والناس صارت أسرارا ..كل واحد بابه مقفول عليه ..النهارده

وأمن .. شقق تمليك ..حدث هذا فى البرج الجديد فى ميدان الحرية ..جاره بموته إال إذا تعفن ، وفاحت رائحته ..!! بعد أسبوعين من طلوع السر اإللهى ؛ فى المداخل ، وأستغفراهللا ، لموا الرجل بالكريك

..!!الحول والقوة إال باهللا: قال ؛ متألما ألما صادقا ..ال مؤاخذة ياأستاذى: قلت ..براحتك ياعبداهللا.. ال: قال

لكن الحـال "..وأبصر ايه انت "، وسجالت مدنية ، النهارده ؛ عندنا مكاتب صحة : قلت ؛ قاصدا الترفيه عنه ..!!وال من شاف ؛ وال من درى، ع نفسه كل واحد مدل..كما ترى ؟..ولماذا لم تشتغل فى الداخلية: سألنى

كان ممكن أشتغل فى المحلة ؛ لكن أنا ..أنا ياأستاذى دبلوم صنايع قسم نسيج ! ؟ مرشد! أنا ؟ : قلت ؛ منزعجا لكن البخت ؛ يـا .. أنا غاوى الشغل اليدوى ..وجننى، المكن تعب أعصابى ..ليس بينى وبين المكن استلطاف

"..!!إدينى بخت وارمينى فى البحر.."أستاذى !؟..هل حاولت: فظهر على وجهه اهتمام مفاجىء ؛ وسألنى

..لكن الفابريقه جاءت فضيعتنا..أصل المهنة دى أخذتها أبا عن جد..نعم: قلت !؟..الفابريقه: سألأنا جدى كان علـى ذمتـه اثنتـان مـن ..وحد إلهك ..حكتها لى المرحومة أمى أنا فاكر حكايه عجيبة : قلت

؛ جدى جـاء "سبحه "وواحدة ثانية ؛ اسمها الشيخه ..دسوقية..وهذه كانت فى الطريق ، ستى أم أمى ..النسوانوكانـت الـدار .. شـحيمة ، عريضة لحيمة ،طويلة ، ؛ كانت امرأة جميلة " سبحه "الشيخة ..بها من السوق

وكان فى الدار حجـر ".. سبحه"والنصف الثانى للشيخة ..نصف لستى الدسوقية ..جدى قسمها نصفين ..سعةوايتوضأون ، وكان منه بيت راحة لكـل مـن ، على الحجر دا كانوا يستحمون ..وحوله سور ، فرعونى قديم

..!! ورجاأل ؛ نسوانا ؛يحب دخول المختلىوفى يـوم ؛ .. من الغرب ، والشرق، والسودان ، والبحريه .. ودب ينزلها كل من هب .. وكانت البلد مفتوحة

وعليكم ورحمة .. والسالم عليكم ورحمة اهللا وبركاته ..وجاء الى الدار ، أزرق العينين ، أشقر ، نزلها مغربى مـن " سـبحه "وشال الشيخة ..جدى رحب ..!! ياشيخ صالح بيتنى عندك :"المغربى قال لجدى ..اهللا وبركاته

المغربـى طلـع ..حطها مع ستى الدسوقية فى النصف الشرقى، وفرش للمغربى؛ وأكرمه ، الغربى النصف ويأكل المحـب ؛ ، واذبحها على عتبة دارك ، ونتعشى منها ، اشتر لنا دبيحة : "جنيها مجبديا ، وقال لجدى

..!!"والمشتهى ..وناموا.. مع المغربى الغريبوشرب الشاى األخضر ، وتسامر ..وتعشى..وعمل المطلوب.. جدى فرح

مـا ..فى ملقط ..ودور عليه فى سلقط ، فلم يجده على فراشه ، فى الصباح دخل جدى ليرى طلبات الضيف ..ممكن يكون صحا ومشى: فقال فى نفسه..فيش أثر له

الجنيـه أخـذت ..وبينما هى تنشر فرشة المغربى فى الشمس ؛ شافت جنيها لويزيا ..رجعت" سبحه " الشيخه ..!!سبجان اهللا على كرم المغربى: وقال فى نفسه، الذهبى ، ونادت على جدى ، جدى أخذ اللويز

وهنـاك ؛ صـرخ بـأعلى ..فراح على المستراح "..زى الناس "أحب جدى أن يعمل ، وراء ساعة ، وساعة !؟..فين الحجر..يادسوقية..ياسبحه: الصوت

..ففى هذا اليوم دخلت الفابريقه..!! نازلومن اليوم ده واحنا فى ال: أمى قالت لى !فى هذا اليوم ؟: على وجهه إمارات اهتمام مفاجىء سأل األستاذ ؛ وقد ظهرت

وأول صـاحب ..وأكده غيرها ..أكدت أمى ذلك ..فى يوم ظهور المغربى ؛ واختفاء الحجر القديم ..بالذات: قلت " ؛ أم " إنجليزى "؛ أم " فرنساوى "عرف أمى إن كان جاء من الغرب ؛ لم ت "..جون الفابريكانى "فابريقه كان

: وقالـت أمـى ..وكان يتكلم العربية بلكنة الخواجات ..؛ لكنه اشتهر بلقب الفابريكانى " يونانى" ؛ أم " ألمانى !!".ماييحيى من الغرب ؛ غير وجع القلب "

واقتحمـت ، ن المغرب قـد وجـب ولوال أن أذا ..وأظلم وجهه ..فهز رأسه مؤمنا على كالمى ، أو كالم أمى فقد رأيته قد صـرف انتباهـه إلـى تلـك ..األصوات المنطلقة من مكبرات الصوت مجلسنا ؛ لسألته عما به

.. األصوات ، وراح فى تأمالته•

إرفع ..وبحق اإلسم الجامع لجميع األسماء ، مفاتيح القلب على الغيب ، اللهم بحق أئمة األسماء : قال المؤذن رزقا واسعا ؛ ؛ بكرمك ؛ وارزقنا.. وغضبك عنا ، وأدخلنا تحت خيمة نعمتك على بساط رضاك يارب مقتك

..إنك أنت السميع العليم القريب مجيب الدعاء..ومن حيث ال نحتسب، من حيث نحتسب :وقال المؤذن

التقل دارها بشرقى نج د كل نجد للعامرية دار ولها منزل على كل ماء وعلى كل دمنة آثار

واحفـظ .. ارزقنا سالمة الجوارح ، اللهم بحق جواهر العلوم ، واألنباء ، والمعارف ، والعوارف : ثم ابتهل ..ومن تحت أرجلنا، واجعل رزقنا من فوقنا ، وسالمة األبدان ، علينا نعمة الصحة

:وقال ثالث

سقانى محبوبى بكاس المحبة فتهت عن العشاق سكرا بخلوتى

والح لنا نور الجاللة لوأضا لصم الجبال الراسيات لدكت

وكنت أنا الساقى لمن كان حاضرا عليهم كرة بعد كرةأطـوف

ونادمنى سرا بسر وحكمة

وأن رسول اهللا شيخى وقدوتى حفظت لعهده ا وعاهدنى عهد

) ١(وعشت وثيقا صادقا بمحبتى :وقال المؤذن

ى للشدائد كلها يامن يرج يامن إليه المشتكى والمفزع

يامن خزائن رزقه فى قول كن أمنن فان الخير عندك أجمع

مالى سوى فقري إليك وسيلة وباالفتقار إليك فقرى أدفع

قرعى لبابك حيلة مالى سوى فلئن رددت فأي باب أقرع

ومن الذى أدعو وأهتف باسمه )٢( إن كان فضلك عن فقيرك يمنع

..اهللا أكبر اهللا أكبر : ثم إن لمؤذن رفع األذان

• قـال .. وشـهادة أن الإلـه إال اهللا ، وختموا التكبير ، ن من الكالم فى مكبرات الصوت فلما انتهى المؤذنو

!؟..أليس كذلك..اهللا أكبر من أن يعرف..نعم: صاحبى )٣..(والتمثله األفكار ، سبحان الذى التدركه األبصار :قلت

:فقال كأنه اليكلمنى

احفظ لسانك التقول فتبتلى )٤( إن البالء موكل بالمنطق

و ، فسبحان الذى بيده ملكوت كل شـىء ، وله الجود والبقاء ، ومنه المنع والعطاء ، له الحمد والثناء : قلت

..إليه ترجعون ! ؟..فلماذا ال أراك تسارع إلى الصالة..أراك مؤمنا بما قلت: قال !؟.. أم له ؛فهل لك الصالة..وكل يوم هو فى شأن..كل شىء عنده بمقدار: قلت ..له: قال ..فال تدخل بينى وبينه يا أستاذ : قلت

وكل المتـع ، والمال ، والصحة ، أما فى طلب الرزق ..فى هذه عندك حق : قال ؛ وقد أشرق وجهه بابتسامة ..!!وه أن يرزقه بعقل سليم إنى لم أسمع واحدا يدع..المادية فليس عندك فيها حق

إنى كنت قانعا بما يتيسر فى هذه الليلة من طعام ؛ أشارك فيه الفقـراء ..أوال ؛ أنظر إلى حالى وحالك : قلت ..!! وجرى ما جرى على، ثم ساقك اهللا إلى ..ولم يكن لى خيار فيما تيسر..فى المولد

، ليكون لى ، مرنى بالبقاء فى المصنع ، والترقى فى وظيفتى العقل السليم كان يأ ! ثانيا ؛ ماهو العقل السليم ؟ أم أصدع بمـا ، فهل كنت أنصت لعقلى السليم ..لكن قلبى لم يطاوعنى ، معاش أتعيش منه ، بعد عمر طويل

!؟..وأيهما أسلم ؛ فأعطيه قياد أمرى ؛ فيقودنى! ؟.أمر به قلبى ، ألن قلبى كان يأكلنى عليهـا " مصر "الى " دسوق"من ، شة يا أستاذى ؛ كنت أسافر إلى الست عائ ، إننى

فقد نسيها ، أما ابنها دكتور الكمبيوتر العالمى ..ولم يكن لى غرض ؛ واهللا أعلم ..من وقت آلخر ، وعلى ابنتها صـاحب عقـل ..وهو من غير شك عبقرى كمبيوتر .. بعد ربع قرن بالتمام والكمال ..ولم يذكرها إلى اآلن ،

..!!بل ؛ والمصرى المثالى.. ماصار عالميا تتكلم عنه الجرائد هنا ، وتقدمه مثاال للمصرى الناجحوإال..سليم خلقتـى ؟ بـال فى وسعى أن أعمل ؛ إن كانت هـذه لكن ماذا ..وقد ضيعنى ..مع قلبى ، أنا ؛ يا أستاذى

..!!مؤاخذة•

" السـبرتو "تعلن نفـاد " السبرتايه"وكانت ..كانساد بيننا سكوت ؛ كانت ابتسامته ؛ خالله ؛ تشرق فىعتمة الم دور : وقلـت ، ووضعت التنكة ..ومألت الخزان ، قمت ، فأتيت بالزجاجة ..من خزانها النحاسى الصغير

!؟.شاى وهو مشتغل بكتابة شىء فى دفتر مالحظات مثبت بمشبك من الصلب البراق علـى ، فأومأ إلى برأسه موافقا

..فيها أماكن لألقالم، " جالسالفيبر"حافظة من !؟..لكن ؛ أين الكهرباء..نورها حلو: فقال.."نمره عشرة"ثم أضأت لمبه ..نفخت فى النار ..أنا الذى فصلتها..ـ مفصولة

!أنت ؟: سألاإلضاءة .. والغيره..الأحهزة..والحكاية كما ترى ..فاتورة الشهر الماضى بعشرين جنيها وكسور ..غلت: قلت !!…فقط : ثم سألنى..ووضعت اللمبة فى مسمار فى الحائط ؛ عن يساره، رأسه مؤمنا فهز

ـ هل قلت لى أن عندك دكانا ؟ ..عندى دكان فى الدار القديمة..نعم..يمكن أن أكون قد قلت! ؟..اندك: قلت وأنا أحاول التذكر

وأين الدار القديمة ؟: سأل .. لكن..عموق..تطل على ساحة سيدى ابراهيم..ـ فىالساحة ! ؟..المتر غال هناك: قال ؛ مقاطعا

..متر األرض فى هذا المكان وصل إلى ألفى جنيه..نعم: قلت

..!!إذن فأنت من األغنياء: قالوأدفـع أجرتـه ..وما أحافظ عليه حتـى اآلن هـو الـدكان ..الدار دار ورثة ؛ نصيبى فيها متر تقريبا : قلت

!!..ن وورشالدار؛ اآلن ؛ كلها دكاكي..بانتظام ..!!الشاى: أشار إلى السبرتاية ؛ والفحم ؛ وقال ؛ منبها إياى

• وجدت نفسى ؛ وقد صار بينى وبينه ..أعاده إلى حافظته الجلدية ..أغلق الدفتر ..وضعه إلى جانبه ..تناول كوبه

امـات والمق، أنت على عينـى وعلـى راسـى ، التؤاخذنى ، يا أستاذى : فقلت له ..مسافة ؛ وكنت متسلطنا !فهل لديك مانع ؟، والعبد الفقير ؛ يريد أن يتعرف إليك ، محفوظة

..!!البد وأن تعرفنى..نعم: وقال، فرفع إلى وجها يقطر حزنا ..!!وقد نصير أصدقاء: ثم قال بصوت غريب، وتشاغل برشف رشفات من الشاى ، ثم سكت

..!!النار: ة ، ونبهنى إلى الفحم قائالثم التزم سكوتا طويال ، وأخذ فى رشف الشاى رشفات بطيئ ..!!ثم استغرق فى تأمالت ، وأوغل فى ابتعاده

• ـ : وفوجئت به يقول ، وقلبت الجمرات فى الموقد الفخارى ودفنت بعضها فى ترابه ، اختلست إليه نظرات

..!إرفع العفريت النـار ؛ وسبب دهشتى ؛ أن عفريـت ..ولم يكن ينظر إلى ، أدهشنى ، نظرت إليه ، كان متوحدا مع أفكاره

.. من الصفيح ؛ اليعرفها بهذا االسم غير أبناء البلدتلك األسطوانةبدأت أشد أنفاسا قصيرة ؛ وأنـا أحـدق فيـه بنظـرات ، ووضعت الجمرات ، بعد أن رصصت الحجر

: سألته.. على حالهبعص..كان بعيدا ؛ فى وحدة باردة..ثابتة !؟.. فى الكمبيوتر..ع الدكتورـ وأنت ؛ هل كنت م

واإلنسـان هـو الـذى يشـغل ..مثل أى مكنة ..الكمبيوتر مكنة : نظر فى وجهى ؛ فجأة ؛ نظرة قوية ، وقال ..الماكينات

..!!.ال ؛ الماكينات هى التى تشغل اإلنسان على مزاجها: هتفت ؛ وأنا أنتزع مبسم الشيشهلضحك يتفجر فى قلب صاحبى ؛ قبل أن يقصف فى فضـاء فقد رأيت ا ..والبد أننى بدوت فى هيئة مضحكة

فمن أين جئـت .. لكن هذا يحدث بعد أن يصنع اإلنسان المكنة ..مضبوط: ومن بين ضحكاته ؛ قال ..الحجرة بهذه الفكرة ؟

..!!كثرة األحزان تعلم البكاء: قلت !؟..يلها ؛ بعضهمفماذا لو قلت لك إن الناس فى مكنة ؛ اخترعها ، وطورها ، ويقوم علىتشغ: قال ولو أننى ال أفهم ما تعنى بالضبط ؟..أصدقك: قلت

!ولماذا تصدقنى إذن ؟: سألنى

وأن هذه المكنة ..تأكدت أن كل الناس فى مكنة ، لكن ؛ ربانى ، وعلمتنى الدنيا ، ألننى ؛ بعد أن كبرت : قلت يضـر بنفسـه ؛ قبـل أن يضـر وكل من يفعل ذلك ..الربانى ال يمكن أن تأكل فيها أى مكنة غريبة عليها

!!؟..وإال فمن أين يأتينا وجع القلب..وطبعا المكنة الغريبة شغالة جامد..بغيره :ثم قال بطريقة معينة..وشرعت أنا فى التدخين بشهية ؛ وعمق.. سكت

وأما ..أنا واثق من ذلك ..ـ ياعبد اهللا ؛ قبل أن تطلع عليك شمس الصباح ؛ ستكون قد عرفتنى ؛ حق المعرفة ..!!فال تتعجل..ماذا ستعمل بهذه المعرفة ؛ فإنه شأنك أنت

..ربنا يجملها بالستر: قلت ؛ وقد امتألت بطعوم األدخنة التى أحبها ..إن شاء: فأكمل ..وأنا الفقير إلى إحسانه: قلت )٥"(أنا عند ظن عبدى بى : "قال ..و نعم باهللا: قلت

• هـو فـى كليـة ..أنا كنت زميال للدكتور فـى الجامعـة : فى أفكاره ؛ قالبعد صمت ؛ كان خالله مستغرقا

جمعنا معـا عشـقنا ..طنطاوأنا أصال من ، وأنا فى كلية الفنون ؛ الجميلة ؛ هو أصال من دسوق ..الهندسة إلى ،من أول حبة رمل ..ى كل ماخلق اهللا ف وكنت أراها ، ة الربانى الهندسة ؛ عندى ؛ كانت الهندس ..للهندسة

!هل رأيت زهرة البرسيم الصغيرة ؟..إلى األشجار، إلى الجبال ، الصخور ..رأيتها..طبعأ: قلت ؛ وأنا مازلت أدخن

وظللت أحاول رسمها مرة بعـد ، جننت بها وأنا فى السابعة من عمرى ..هذه الزهرة ؛ حسابات كونية : قال ..رسمها إال بعد سفرى إلى أوروبالكنى لم أتوقف عن ..ال أذكر اآلن كم مرة رسمتها..مرة

ومتى سافرت ؟: فسألته.. فسكت، أثقله الحزن ..كان نشوان بالذكرى ؛ نشوة تقطر حزنا ..مع عبداهللا ابن الست عائشة: قال

فأنا اسمى عبداهللا ، واألستاذ الجالس أمـامى اسـمه ..خبطت على جبهتى للمفارقة ؛ التى تبدت لى ألول مرة ..!! خالدة اسمه عبداهللا ؛ فعالوابن أم..عبداهللا ؟..هل اسمك حقا عبد اهللا : فسألت ..!!ما الداعى إلى إخفاء اسمى: قال

.. إقرأ: ثم إنه أخرج من حافظته حافظه صغيره قدمها إلى قائالوفى نفس الحافظة بطاقة شخصية مصرية ؛ وفيهـا اسـمه "..عبداهللا"واسمه كان ..كان جواز سفرى هولندى

..مبتسما ابتسامة أخاذة، وسيما، كان فيها شابا صغيرا ، ، تأملت صورة البطاقة " عبداهللا" .. أصل المسألة: قلت معتذرا

فهل تعرف عبداهللا الفيلمجى ؟: قاطعنى !، النايب ؟!! ؟..، المحامى " أنانا ؟ " ابن الحاجة : قلت على الفور

..هو بعينه : قال !؟.ى أطلق على أبنائه السبعة نفس اإلسم فى شهادة الميالد وهل تعرف أن الفيلمج: ثم سألنى

" وصاحب سوبر ماركت ،"عبد العزيز "والمقاول اسمه . ".سمير "فالمخرج التليفزيونجى اسمه .. ال: قلتنبيلكـو : " اسمه معه على مكتب التصـدير واالسـتيراد " عنبر"، وقد أطلق أخوه " نبيل"اسمه " الحاجة أنانا

"..وعنبركفقـط " عبـداهللا "اسـم " الفيلمجـى " فقد أطلق عليهم ، أما فى شهادات الميالد ..هذه أسماؤهم فى البيت : قال

!!..الغير !.ولماذا ؟: قلت ؛ حائرا

..حتى اليطلب التجنيد غير واحد منهم : قال وهل حدث ذلك ؟: سألت " ، والمعلـم " أنانا"ت المعلمة أما الباقون ؛ فقد سو..اإلبن األكبر..ولم يجند إال عبد اهللا المحامى ..نعم: قال

والحكايـة ورق ، وحبـر ، .. ؛ األمور بالنسبه لكل منهم ؛ على اعتبار أنه قد سبق تجنيده " الفيلمجى حسن ..ة فلوس لمن يظهر اهتمامه باألمروشوي

.. !!والد الحرام يا أ: قلت ؛ دون شعور منى ". أنانا"حدثنى عن الحاجة : قالوش "معلمـة كبيـرة فـى سبحان العاطى الوهاب ، هذه المرأة كانت رقاصة فى شبابها ، وأمها كانت : قلت

وقبلها بكام سنة ، أمـا الفيلمجـى ؛ فكـان كان فى الحرب العالمية الثانية ؛ األزبكية ، الكالم دافى " البركه وساعده على هذا جمال الصورة ؛ كان أحمرالوجـه ، أزرق العينـين، وشـعره كسالسـل ..أصله نصاب

يقال إنه كان يعرف جريجى، وانجليزى ، وفرنساوى ..وقوام مثل عود الخيزران ، وكان يعرف لغات ..الذهبه كـان وبعض الناس قالوا إن الطليان ، علىو وطليانى ؛ فقد نصب على األلمان، ؛ ، وتركى ، ويمكن ألمانى

؛ فقد نصب على العساكر الهنود فى الحرب الثانية ؛ ونوادره فى هذا ما زالـت تحكـى حتـى " هندى"يتكلم ، لكـن زنقـوا وعمر البوليس ما عمل له قضية ..ديد، وكان عنده يد تفوت فى الح " برلنت"كان عقله ..اليوم

المعلمـة "..أنانا"عند أم " وش البركة "راح استخبى فى ..عليه فى سنة واحد و أربعين ، وكانت زنقة السعد ! ". ؟..الحلو وقع: "سألته ..!!وطلب األكال: قال لها ؟ ..تتجوز أنانا: سألته !؟..على شرع ربنا: سألها

!وأنت عندك كالم تانى ياعين أمك ؟: قالت له ..ماشى يا أبلتى: قال لها

..!!وتوبه نصوحه: شرطت عليه ..!! توبه نصوحه:قال لها

.. تقلعها بدلة الرقص وتلبسها الملس ..البنت صاغ سليم: قالت له !؟..حته واحده: سألها

!!واال أجيبك حتيتين ؟: قالت له ..!!يا أمه..دلعينى قبل ما تكلبشينى..طيب: فضحك ؛ وقال

.. يمزع ضبتك يا ابن الحراممو لما: قالت !وعرفت منين ؟: فقال لها !!..ن فرج أمك على يدى هاتينأنا التى تلقيتك م: قالت

..!!إذن فأنت التى وشوشتنى: قال لها .. مرضعة الباشوات، وفرحك أربعين ليله ؛ يا ابن بهيه ، ودع المياسة ، خذ حاللك ..قم: فتبسمت ، وقالت

• ئة طفـل هه ابتهاجا فصارت له هي وقد شع وج ، انتبهت من تدفقى فى الكالم عليه ينصت إلى باهتمام وتركيز

الحق ؛ إن هيئته قد أغرتنى برص حجر، واالنشغال فى تدخينه ؛ فى أنفاس طويلة وأقول ..منصت إلى حدوته استغرقت فى ذلك ؛ حتى أننى حين رفعت عينى فالتقتـا بعينيـه ؛ ..حتى ارتفعت راية النار مرفرفة ، طويلة :ثم إنه قال معجبا..كأنه لم ير من قبل شبيها لى ، شةفقد رأيته يرمقنى بده..ى براءتههالتن ..!! ما شاء اهللاـ، كان ابن حظ فقد ..، قبل أن تصير حاجة " أنانا"كان اليمل حكاية بدايته مع الحاجه " الفيلمجى.."ماعلينا: قلت

..!!. سف إلى آخر ن ..مزاجوصاحب !إلى آخر نفس ؟: سأل متعجبا

فـأهم .. لكن ليس هذا هو المهم ".. على فونيه " منه السر اإللهى وهو يشرب فى غرزة فقد طلع ..نعم: قلت ":أنانا"قالت له المعلمه ..وأكل البط ، والوز، والحمام، منه ؛ أنه بعد أيام الفرح األربعين

..فرجنى على نفسك..ـ ياحسن يا فيلمجى !تحب أعدلك ؟: فقالت له..لدىفدار حول نفسه ؛ مختاال ؛ من مفعول فص األفيون الب

..أنا من يدك هذه إلى يدك هذه: فتوقف عن اللعب ، وقال لها بجد ..وسمعنى عنك وعنها سمع خير، خذ حاللك و ارحل : قالت

• :قال لنا حسن الفيلمجى: وقلت

حاجة ـ فقالت لى ال..فنزلت دسوق..ووسوس لى شيطانى أن أضرب ضربة كبيرة أبدأ بها، فأحذتها ورحلت ..وأقرأ الفاتحة لسيدى ابراهيم، يا حسن ؛ دخلنى أزور : يعنى أنانا ؛ باعتبار ما وقع بعد ذلك ـ

..أنا لست على وضوئى يابنت الناس: فقلت لها ..!!يخرب بيتك ! وهل تنصب أيضا على سيدى ابراهيم ؟: فقالت

..عامر بك يا أنانا: قلت لها

..!!ذن من صاحب البلدزم نأخذ اإلإذن ال..نحن نزلنا هنا: قالت ..!!معك حق: قلت ؛ وأنا خايف ألول مرة فى حياتى

وكانت هـذه ، فصليت ، ولحقت بها ، وتوضأت ..ودخلت أنا الحمام ؛ فتخلصت من الجنابة ..فأدخلتها الجامع ـ ولم أصل ..ولم أكن قد حفظت شيئا من القرآن الكريم ..أول صالة لى فى عمرى ولـم ..د فى عمرى مع أح

، ثم وقفت كما يقف المصـلون ، وقلـت فـى " اهللا أكبر : " فوقفت ، ورفعت يدى ؛ قائال ..أعرف ماذا أفعل وإذ بى أسمع من يقرأ بجانـب أذنـى ".. لكن أنا مش عارف ازاى ..أنا عاوز أصلى ..ياسيدى ابراهيم : "نفسى

وسـبحت ، فحمدت ؛ ثم سجدت ، ثم قمت ، وركعت ، فقرأت فى سرى معه ، والمعوذتين ، اليمين الفاتحة ، ألم نشرح لك صـدرك " ثم قرأت ، وفى الركعه الثانية ؛ قرأت مع صاحب الصوت الفاتحة ، لربى األعلى

، إن مع العسر يسـرا ، فإن مع العسر يسرا ، ورفعنا لك ذكرك ، الذى أنقض ظهرك ، ورفعنا عنك وزرك ، ثم حييـت التحيـات ، وسبحت ، وسجدت، فعظمت وركعت )٦( "وإلى ربك فارغب ، إذا فرغت فانصب ف

وفتحت عينى على لمسة رقيقة ، فإذ بى أرى رجال ..ويسارى ؛ و أنا مغمض العينين ، عن يمينى ..وسلمت، ، ونهض على الفـور " مبروك: " قال لى وهو يصافحنى ، يرتدى خرقة الصوفية ، ؛ كأنه جلد على عظم

..ى ؛ حتى اختفىوأنا أتبعه بنظر، وغادر الجامع •

ورحت إلى مقام سيدى ابراهيم ، ولما أردت أن أقرأ الفاتحة وجدتها منقوشـة " : حسن الفيلمجى " وقال لنا ..!!وأنا رجل نزهى..يا سيدى ابراهيم ؛ أنا عاوز أعيش من الحالل: " فقرأت ؛ ثم قلت له..فى قلبى

!؟أخذت اإلذن : فاقتربت منى ؛ وقالت، ورأتنى أنانا ..نعم: قلت ..!!كل شىء وله أمارة: قالت

..أنا رجل على قد حالى: قلت لها ..وتحكى لى..اطلع بنا لنؤجر مكانا نعيش فيه: قالت

؟..وماذا أحكى: سألتها ؛ وقد خرجنا إلى باب الجامع ؟..ماذا قال لك..الرجل الذى كان يجلس بجانبك: فسألت ؛ بمكر

"..مبروك"قال : قلت لها ..!!يبقى مبروك ياابن بهيه: سها ، وتبسمت ، وقالتفهزت رأ

• وأنا أساعدها على الخروج من الجامع ؛ أمسكت بمعصـمها ؛ فقبضـت علـى ": حسن الفيلمجى " قال لنا

فإذ بلوالب عقلى تدور ؛ ..ولما خرجنا ؛ كان أول ماوقعت عليه عينى؛ عربة لكسح الخراء ..أساورها الذهبية !!..ر حقيقة كلهوأرى الفيلم ؛ الذى صا !هل كان يتكلم بهذه البساطة ؟: فسأل صاحبى ؛ مقاطعا

..ـ وأبسط من ذلك

..وأنا جاى لك فى الكالم..ولكل شىء سبب: وقلت ..بن ناسكنت أحسبه إ..أعرف كلمة مما تحكيهأربع سنين ، ولم " عبداهللا الفيلمجى"أنا عرفت : قال

أول ما : " قال لنا ..وسيبسطك، " حسن"إسمع عمك ..طيب..!! ذهبىغرتك عيناه الزرقاوان ، والشعر ال :قلت " أنانا"أنا ؛ .. ؟..خريجى ياحسن : ورفستنى بكل قوتها ؛ وهى تصرخ ، قلت الفكرة للحاجة ؛ هبت من الفراش

..!!د ا يبقى آخر زمن.. ؛ على سن ورمح ؛ أبقى حرمة الخريجى ؟ ..الصبر طيب: قلت لها

"..!!ادلعدى"رق الدكان يا الصبر ح: قالت ..!!الجيران..وطى صوتك..عيب: قلت لهاوعاوزنى أبيع لـه "..!! بعد القز والخز ؛ فلس عينى بظ ..الرجل مخه طق ، اسمعى ياللى مش معانا : قالت

..!!.رأسمالى بكف رتها سو، ولما همت بالرد ..فجابت الدم من فمها ، ين على حنطورها ونفتضها كف ..فانتفضت انتفاضتى

..!!موتك فى فتح فمك: وقلت لها، ؛ جعلتها تدور حول نفسها كالنحلة ..!!مش عاوزاك تتهزأ: فقالت ؛ وهى تغيب فى اإلغماء

..!!دى سكتى ، وأنت معى..إدينى ودنك: قلت لها، جههـا فلمـا فـش ورم و ..والتزمت السكوت يومين ، وتحت الماء ؛ فى الحمام ؛ أفاقت ، وحملتها كريشه

!؟..يعنى ياسى حسن ؛ بدل التفاح والرمان نشتغل فى الخرا: تزينت باألحمرواألبيض وجاءت تقول ..!!كله من الخرا: قلت ..!!إنها رمل. ؟.وفكرك األرض التى ستأخذها ستزرع : سألت

رض الرمليـة وبعدها لو تفلت قى األ ..ونقلبه، ه فى الرمل ونصب، نأخذ الخرا ، وفوقه حق الكسح : قلت لها .. وسيبى الباقى على ربنا..!! المهم أكون مقاول كسح..هذه ؛ ستنبت بنى آدم شكلى بالضبط

..!!بشرط: قالت .هاتى الشرط: قلت ..أن تكتب كل شىء باسمى: قالت ..!!ياكريمه فى هز الوسط..ماشى: قلت

• بها أبناؤها ؛ لم تكن فى أصلها إال فيلما ألفـه ؛ التى تسمع عنها اآلن ؛ ويتفاخر " عزبة أنانا "و: وقلت لألستاذ

عين أعيان ؛" الست الحاجة "فقد صارت " أنانا"أما ..!! ؛ بكل جدارة " حسن الفيلميجى "؛ وأخرجه ؛ و أنتجه ؛ ..!! النواحى كلها

!هل تعرف أنها ماتت ؟: سألنى ..!!حرامية ربنا..!!صاحبة القبة الكذابة..فى ستين داهية: قلت .. ياعبد اهللا ؛ اليجوز إال الرحمة على الميت: طعنى ؛ الئما قا

يات من السـجاد نصف مقاولة مشا ، فى ذمتها ، أنا شخصيا مازال لى !..وهل رحمت أحدا ؟ : قلت ؛ متهيجا وكذلك ممـرات .. ؛ فى العزبة الكبيرة ؛ من عرقى " فيال أنانا "فرشت ممرات ..عشرعقدةالصوفى اليدوى ستة

أنـا ال "..نبيلكو ـ عنبركـو " ومكتب تصدير ..وفيلال عبد العزيز المقاول، ومكتبه ، المحامى شقة عبداهللافهـى ، ذهبت وأنا أمنى النفس .. وفوجئت باستدعائها لى ..كنت قد ضقت بعملى فى المصنع ..أنسى هذا اليوم

ثم قالت ؛ بعـد ..لكالموتبسطت فى ا ، شربت القهوة معها ..وتعرف أصلى وفصلى ، لم تكن تجهل من أكون وأنا ؛ عن نفسى ؛ ..اليوم يوم األعمال الحرة .. اسمع ؛ ياابن أخى : المباسطة فى هذا وذاك من حكايات الناس

فليس الذى يتمرغ فى ترابه غير إنسـان عـاجز ؛ .. ومن يتمرغ فى ترابه ؛ كراهتى للموت ، أكره الميرى ن تحيى أمجاد وقد حان لك أ ..، من ساسك إلى راسك أخى حر وأنت ؛ يا ابن ..أما الحر ؛ فعينى عليه ..خائف ..!!وأنا عندى فكرة..وجد جدك ؛ فى حرفة النسيج، وجدك ، أبيك

وأنا أول من عمـل فـى الميـرى مـن ، وابن أحرار ، حر..يا عمتى ؛ أنا ؛ واهللا ؛ كما قلت تماما : قلت لها ..فهات فكرتك..وقد زهقت..سلسالى ..وافتح دكان أبيك..واترك العمل فى الميرى..زاقتوكل على الر: قالت

..!!.لكن العين بصيرة ؛ واليد قصيرة..وجب: قلت لها ..!!.وأعطيك أول مقاولة، أنا أمولك ..واليهمك: قالت

• وأيقنـت أنـه قـد جـاء ..وغـرد طـائرى ، رقص قلبى فـى صـدرى ..الحق أقول لك : وقلت لصاحبى

فأعطى ..إنه من األصول أن أكون ابن أصل معها : "قائال فى لنفسى وتساهلت فى شروطى ؛ ..وأنصت..وقتى ..!!ووعدتنى بوعود ذهبية، خير ماعندى ، ألنها أبدت ما يميل إليه قلبى

وجليت أسرار ، فترقت فنونى ، وكنت سخنا ، ال أطيل عليك ـ و إن كان ينبغى اإلطالة ـ عملت ليل نهار ــنعة ــنع ..الص ــلنى المص ــعب، وفص ــم يص ــىفل ــى .. عل ــا تحف ــت إليه ــة ؛ حمل ــى النهاي وف : وقالت لى..وفرحت..فرأت..ألتحفها ..!!من سلسال أوالد جنيه، أنت ؛ وحياة تربة أمى ؛ فنان ! ؟..، ألم أقل لك ! ؟..ـ شفت

فقامت ؛ ومشت على السـجاد حافيـة ؛ لتلتـذ بقـدميها وهمـا تغطسـان فـى .. الحاجة ؛ عملت قردة : ، ودارت ، ثم قالتتوذهبت ، وجاءت ، وتنططت ، ولفوهرولت ، ..الصوف

..!!ونظرتى ال تخيب، أنت ابن جنيه ، ـ وحياة تربة أمى واآلن ؛ أحمد اهللا على أن الشغل جـاء ..وباهللا التوفيق ..أنا عملت ما على ..تسلمى ؛ ياعمتى الحاجة : قلت لها

!؟..فهل نصفى الحساب..على مزاجك .. أنت انفتحت لك طاقة القدر، ؛ يا ابنى ياعبداهللا: قالت ..ربنا يخليكى يا عمتى: قلت …وأعطيتك السلف ؛ تحت الحساب ؛ حتى انتهيت من عملك، أنا اشتريت لك الخامات : قالت ..حدث ذلك: قلت

..ناد على سيدك عنبر: فقالت له، يسد الباب ، وعريض ، فصفقت ؛ فأقبل خادم طويل وأنا أعطـى العـيش ..ابنى محاسب ؛ ياعبداهللا " عنبر: "؛ قالت ؛ وهى تغادرنا " عنبر" قبلولما أ ..غاب الخادم

..!!لخبازه ؛ ولو أكل ثالثة أرباعه: رأيت في يده ملفا من البالستيك ، مكتوب عليـه ..؛ هذا ؛ يا أستاذى ؛ ولد فيه عتامة الدنيا واآلخرة " عنبر"و :، وفتح الملف ، وقلب فى األوراق ، ثم قالجلس دون كالم ، أو سالم "..عملية السجاد "

وحسب شروط العقد؛ يكـون .. وأنت ؛ عملت عقدا مع الحاجة ..ـ إسمع يا أسطى ؛ طبعا كل حاجه بمستند .. حسابك كالتالى ..!!وأخيرا ؛ أجرالمحاسب..كذا إعالن..كذا عموله..كذا فوائد..كذا سلف..كذا خامات: وقرأ أرقاما

!لماذا ؟..خامات ؛ سلف ؛ ماشى ، لكن فوائد: لبىقلت ؛ وقد ساخ قالحاجة ؛ لو كانت وضعت هذه الفلوس فى البنك ؛ لمدة ثالثة أشهر ؛ بفائدة أربع عشرة فى المائـة : فسألنى

وهى لم تحاسبك على اعتبار أنه قرض إنتاجى ؛ وتنازلت عن واحد فى المائة واكتفت بـثالث ..يكون لها كذا خصوصا ؛ إذا علمت أن الفائدة على القرض اإلنتاجى هـى ثمـاني ! هل تالم على ذلك ؟ ف..عشرة فى المائة

!فأين العيب فى ذلك ؟..عشرة فى المائة ؛ تصل فى بعض القروض اإلنتاجية إلى أربع وعشرين فىالمائة ..عداكم العيب يا عنبر بك..ال: قلت !فهل تعطينى عمولة؟..طدت لك عمليةوأنا اص..أنت يا أسطى فى السوق..ننتقل إلى العمولة: قال …نعم أعطيك عموله: قلت

! كم فى رأيك ؟: فسألنى ..واحد فى المائه مثال: قلت و إن لم أقبل ؛ هل تتركنى أعرض العملية على واحد آخر من الصنايعية األسطوات أمثالك؟: قال ..سأرفع نسبة العمولة..ال طبعا: قلتثة فى المائة من قيمة العملية ، مع المالحظة ؛ بأن هذه النسبة أقبلها من الحبايب وأنا ال أقبل أقل من ثال : قال ..!!و أنت منا ، ولست غريبا..فقط

!؟..ولكن ؛ لمن العمولة..!!طبعا: قلت ؛ وقد سقطت الغشاوة من علىعينى ..لى طبعا: قال ؛ وقد شرع فى الفضاء منخاره

..!!و المناسبة ؟ بال مؤاخذة: سألت ..!!المناسبة أن العملية ؛ هى عمليتى..مؤاخذتك معك: قال

..!!آه: قلت ؛ بصوت من فهم أخيرا ".. البيزنس" وهذا ؛ إن لم تكن تعرف ؛ إسمه ..فالشغل شغل..التستهبل ياعبد اهللا: قال ؛ محذرا

!؟..؟ هل عملت فى التلفزيون إعالنا وأنا لم أكن أعرف..وما حكاية اإلعالن..طيب: قلت !وهل اإلعالن فى التلفزيون هو الوسيلة الوحيدة لإلعالن ؟: قال ..ال..حسب معلوماتى: قلت

..!!اهللا ينور يامتنور: قال ..وكيف ؟! إذن أين كان اإلعالن ؟: فاضطرنى للسؤال مرة أخرى..وسكت

..!!إسمع يا عبداهللا: قال معلما ..!!نعم ياعنبر بك: قلت تشتغل للحاجة ، وأن تشتغل لجارتك أم الخير ؟ هل يتساوى عندك أن: قال ..!!كله شغل: قلتيعمل لـك .. وفى األماكن الراقية، وفى مكتبى ، فأن يكون شغلك فى فيلال الحاجة ..أنت غلطان ..الطبعا: قال

أما شغلك ألم الخير؛ فسـيدفن فـى حجـرة ..ويكون طعما ؛ تصطاد به عمليات أخرى أكبر ..سمعة وصيت تكون بالكثير الكثير ، وهؤالء يعملون فىالعمر سجادة ..ستقبال أمثال أم الخيرمن الجيران والحبايب جلوس ال ..هذا إن كان معهم الفلوس ليعملوها أصال..ثمانى عقد

!!؟..فهمت: ثم قال لى ؛ بصوت أجش ..!!آه: قلت مرة أخرى ؛ بصوت الفاهم ؛ الذى حدث له التفطن

.. ؛ من جملة المقاولة ؛ قيمة إعالنإذن هذا المبلغ مخصوم: قال ..!!هذا هو العدل: قلت

وأنا ياأسطى باشا ؛ المحاسب ؛ الذى اشتغل عند جنابك طـوال سـتة عشـر : قال ؛ دون أن يلتفت ؛ أويهتم فكم أستحق فى الشهر فى نظرك ؟ ..!! شهرا ..!!مليون جنيه: قلت

وأما ..هذا إذا كانت العملية يالماليين المملينة ..ى الشهر أنا فعال أستحق مليون جنيه ف ..معك حق : قال ؛ بهدوء يا أسطى عبداهللا .. ؛ فلك الحق أن تقول كالمك على سبيل المسخرة " البزنس"؛ وأنت ؛ أصال ؛ لم تدخل دنيا

فهل فهمـت .. بأقل مالليم لهذا وضعت نفسى تحت أمر جنابك ..يميعنى مالل ..الف آ ؛ إن عمليتك كلها ببضعة !!؟

..!!طبعا فهمت: د فاض بىقلت وق !؟..فما قولك ..وصافى الحساب كذا: قال أخيرا

..!!نحمد اهللا على السالمة : قلت وهأنت ..ولن تنفع رجل أعمال ؛ فلم تصدقنى ..أنا قلت للحاجه إنك فقرى : فانتفض منخاره فى الفضاء ؛ وقال

..تثبت ؛ أنى كنت على حقاهللا يسـلمك ! حمدا هللا علىالسـالمه ؟ ..!! اهللا يسلمك ياجناب العمده ! ه ؟ حمدا هللا على السالم : وأزبد غاضبا يابارم ديله !!..ياسالمه سالمه..وعالمه وعليك ياعريس ؛ نقطه!!..

يعنـى .. آخرتـه مفهومـة ..بدأ يعمل استعراض " عنبر" ياعبد اهللا ؛ الولد : وهنا ؛ ياأستاذى ؛ قلت فى نفسى وأنا قد صـار علـى الهـروب مـن ..يمكن أن يطير ؛ كرد شرف لسيادته " عملية الصافى من بعد تصفية ال

…الفيلم

:وأنا أردد بين كل بوستين، وخديه ، وبست راسه ..واحتويته فى حضنى.. فانتفضت من مكانى ..!!الحق على..أنا من لحمك..استهدى باهللا ياعنبر بك..أنا واهللا مبسوط.. ـ استهدى باهللا ياعنبر بك

و إبداء النـدم ، ماسى لالعتذار وشدة ح ، وبدأت فى اعتصار ضلوعه ؛ فى شدة هياجه ..لم أطلقه ولما وأخرج مـن جيبـه .. فانقشع غضبه فجأة ..على غلطتى ؛ فى حق الغنم ، اضطر إلى تغيير نهاية الفيلم

: قائال ؛ بلهجة حاسمة قاصمة، مظروفا ، ألقاه أمامه بهدوء ..عد فلوسك.. ـ بقية حسابك

:لقد هرولت خارجا ؛ وأنا أقول له.. لكن ؛ كيف يمكن أن أبقى ألعد فلوسى !؟.. بعدكوهل يصح أن أعد..ـ عيب يا عنبر بك

• ، ؛ وكنت أشاركه الضحك ؛ من آن إلى آخـر " الفيلم" كان األستاذ يضحك ؛ وأنا أحكى المشاهد األخيره من

وتطـرد همـا ، ست بها تفـرج عـن صـدره خاصة ؛ وأننى قد أحس ..وآنستنى ضحكاته .. وأنا مسترسل :وقلت له..فانبسطت لذلك..ثقيال

..!!؛ هى واحدة من ثالث نهايات له" العملية" ـ الواقع أن هذه النهايه لفيلم !؟..وهل لم ينته الفيلم عند هذا الحد: سألنىلى أن أقصـد فـى هـذا فخطر ..البد أن آخذ حقى : فمن هبلى قلت لنفسى ..لم ينته عند هذا الحد ..نعم: قلت

وطالمـا تعاطينـا المـزاج ، ولما كنت وهو أصحاب مزاج واحد ..شخصيا" حسن الفيلمجى " المعروف عم ..فقد خرجت من الفيلال إلى خلوته ؛ فى أطراف المزرعة ..معا

!وهل وصل الى هذه الدرجة ؟! ؟..خلوة: قاطعنى ؛ سائالولـم ..وصاروا كلهم باشوات وبكوات ..فقد كبر األبناء ..وصيةإنها لم تكن غير خلوته الخص : قلت ؛ مصححا

ولم تفـض ، وتشاجروا معه .. وقد غضبوا ..يعد من الالئق أن يتنطط أبوهم فى الغرز العمومية طوال الليل ورتبـت ، وهيأتها بما يناسب الحال .. حيث شيدت له غرزة على وجه االستعجال ، المشاجرات غير الحاجة

:ثم إنها واجهته قائلة..لشىءله الشىء لزوم اوتحـج إلـى ..وأنا طلبت منك أن تتوب توبة نصوحة ..الحجر الدايرالبد عن لطه ..ـ إسمع ياحسن يافيلمجى

وقـد ..والوقت وقت العيـال ..واآلن ؛ كل وقت وله أذان ..فطلعت عفاريتك على ، وركبك الشيطان ..بيت اهللا !؟..فاهم..، وأنا آكل كبد من يعطل أوالد بطنى" نه ؛ ورنهش" وصار كل واحد يسد عين الشمس ، كبروا،

..!!هاتى من اآلخر: فسألها ؛ وهو يربط على رأسه شال عمامته ..وألف من يخدمك..خذ مزاجك ، واستقبل زوارك..طلبك عندك فى الخلوة: قالت

..!!أصيله يا معلمه: قال ؛ ضاحكا ..!! وس ؛ ولو علقوا على رأسه فانوسالمتعوس متع: فأشاحت بوجهها عنه ، وقالت

..!!ثم مصمصت ؛ وتولت•

:وتذكرت أول الكالم ؛ فقلت..ضحك األستاذ ، وضحكحسـن "أخذت بعضى ومشيت ؛ فى تلك الليلة ؛ فى العزبة ؛ حتى انتهيت إلى عـم ..العمليه "ـ نرجع لفيلم

يلم من أفالمه القديمة ، كان يحكى المشهد األخير ، فلما أبصرته ؛ لقيته منهمكا كعادته فى حكاية ف " الفيلميجىطلعت على محطـة : "منه وسط قصف ضحكات لفيف من أصحاب المزاج أعرفهم ويعرفوننى ، وكان يقول

والأهـش بهـا علـى ،وفى يدى عصاى ؛ أتوكـأ عليهـا ، وطالع مذهبى ..وفلسان..خرمان..السكة الحديد كانوا هم العساكر اإلنجليز ؛ والهنود ؛ متدلين بأنصافهم من ..ى؛ لقيت غنم وفى لمح البصر؛ ياجدعان ..غنمى

وأنوار المحطة مطفأة خوفا من غارات األلمـان ، ..والقمر بدرا فى التمام ..وكان الوقت ليال ..شبابيك القطار وعند المكان الذى لبـدت فيـه كـان ..وتحرك الوابور .. فى مخرج المحطة ، فكمنت لهم عند آخر الرصيف

رفعت العصا ؛ بعد أن ركبت فيها الخطاف ؛ وأخـذت فـى اقتطـاف البيريهـات ..هم بأخذ سرعته ي القطارفخلعت .. ولدى اختفاء العربة األخيرة ؛ كنت داخل كوم من هذه البرانيط ..والبرانيط العسكرية من الرؤوس

حتـى مطلـع وظللت أضحك مع أصـحابى ..وانبسطت..وتعشيت.. جلبابى ، وجعلته بؤجة كبيرة ، حملتها ..!!الفجر

• خالصة القول ؛ شافنى عم حسن ؛ فقـال ؛ وهـو : وأنا أقول ، وضحك األستاذ ؛ وضحك؛ وضحكت معه

..!!أقعد يانساج الهنا..عبد اهللا! ؟..نم: يضحك :غير أنه لمح تململى ، وضيقى ، فقال..ولما كان للقعدة نظامها فقد جلست

..!!وق القنانىـ طقطق لك حجرين ؛ يا أبا عبده ؛ ورألننـى ، فطقطقت حجرين ، لم يعلما فى دماغى "..رولمان بلى " ودفع نحوى بوصة الجوزة ؛ المتحركه على

: فقال لى.. الذى عمله على ابنه عنبرمغتاظا من الفيلمكنت ..خذ لك قطفتين من عمك حسن..وعكارتك زايدة،أنت متعكر..ـ مساء الفل يا أبا عبده

: وهو يقول بحنان بين كل مرتين ، بعد مرة ، ودفع البوصة فى اتجاهى مرة ..يرةوثقل عيارالتعمـ وكمان قطفه!!..

وهانـت علـى ، استروحت بقلبى نسمات الليل الرطيبة ..فلما قطفت حتى هدأ خاطرى المنزعج ؛ واسترخى كاد أن يتالشى وجهه األليم فى و..كله" العملية "عينى فيلم ، وصغر فى " ..الحمد هللا : " فقلت فى سرى ..الدنيا :جة أبوية ؛ وهو يربت على ظهرىالليل الرقيق ؛ لوال أن عم حسن قال ؛ بلهسر

!؟..ما العباره ..ـ خيرا يا أبا عبده ..!!وخلنا للغباره..سيبنا من العباره..خالص ياعم حسن: قلت ؛ وأنا شج بأحزان شفيفة

:الثم ق، ؛على ضحك انطلق من القلوب فضحك ! ـ وأين ستالقى صحبة أحسن من هذه الصحبة ؛ لتبوح بما عكرك ؟

:فقلت..أخجلنى حنانه ..العبارة أن..ـ العفو يا عم حسن

؛ فاستغرق الجميع فى السكوت ؛ كأن على رؤوسهم .." من طقطق ؛ إلى سالم عليكم .." وحكيت لهم الموال وفى أن أحب على رؤوسـهم واحـدا ، ..ت فى االعتذار وأهمنى سكوتهم ، وأحزننى ؛ حتى أننى فكر ..الطير

:إال أنه سبقنى ؛ فرفع رأسه من إطراقه ، وقال..وفى مقدمتهم عم حسن، فواحدا فجـاءت .. فضـغط عليـه ..ورأى الببغاء زر جرس إلى جانبه ..؛ طائرة " وحمار" "ببغاء"ـ فى مرة ؛ ركب !أى خدمه؟: المضيفة ، وسألته

..أريد شيئاال: قال الببغاء ؟..فلماذا دققت الجرس: فسألته "..!!أتفعيل" وال حاجة ؛ أنا كنت : قال لها

وسألته وما أن جلست ؛ حتى دق الببغاء الجرس ، فذهبت إليه، ..فكتمت المضيفه غيظها،وعادت إلى مكانها "..!!أتفعيل" ال تغتاظى ؛ أنا فقط ؛ كنت :عن حاجته ، فقال لها

..!!وعادت إلى مكانها، من بين نواجذها فابتسمت المضيفة فرفع أذنيه .. فجاءته المضيفه تسأله عن طلبه ، وضغط الجرس ، ففعل مثله "..الببغاء " ورأى الحمار مافعل

:وابتسم فى وجهها ؛ قائال، وفرفش بذيله ، "..!!أتفعيل" كنت ؛ـ وال حاجه ، يا آنستى ؛ أنا فقط

فأخـذتهما ، وطلعـت عفاريتهـا ، وجحظـت عيناهـا ..وحملقت فيهما ..يداهنا اغتاظت المضيفة غيظا شد : فسأله؛ مشفقا، ، ورأى الحمار يهوى "الببغاء " فطار ..وألقت بهما، وفتحت باب الطائرة ..معا

!؟..ـ أال تعرف كيف تطير ..!!ال أعرف: قال الحمار ؛ وهو ينهق بأعلى صوته !!؟"..تتفعيل" فلماذا كنت إذن: فسأله الببغاء ؛ وهو يحلق بجناحيه

..!!لكن األمثولة أوجعتنى..وضحكت أنا أيضا..فانفجرت الضحكات من قلوب الجميع طليقة صاخبة : ؛ مسريا عنى" حسن الفيلمجى "وهنا قال

عليهـا ، فأنـا ؛ " تتفعيل"؛ أو تأمل فى أن " تتفعيل"فما كان لك أن ..ـ وهذا مثلى ومثلك مع الحاجة وذريتها اللـواتى نتشـتهن الحاجـة للبنـات مـن والعمارات..؛ الذى عملت هذه العزبة " أنا"باهللا من كلمة وأعوذ ودربتهم على الشطارة ؛ حتـى صـاروا ..وعلمت هؤالء العيال أحسن تعليم ..وأنا الذى بنيت الفيلال ..هاسلسال

علـى مـا فـال تحـزن ..كأى عيـل ..ومصروف يومى ..خلوة فى خلوة : على مستوى دولى ، صار حالى ..!!وسالمه يا سالمه..واحمد اهللا على السالمة..وأمل فيما هو آت..فات

..رحنا وجينا بالسالمه: فقال الجمع فى كورس غنائى" وضع ..حتى إذا انتهينا ..دافنا حزنى فى قلبى ، واشتركت معهم ..وأكملوا معا أغنية سيد درويش الشهيرة

: فلعلع صوتها فى المسجل ؛؛" لثومأم ك"شريطا للست " حسن الفيلمجى !؟..من غير ذليل يهواك. ـ عزة جمالك فين

:فقلت له.. ورأيت على شفتى األستاذ ابتسامة مريرةوأنا نفسى كنت أظن أنها النهاية األخيـرة ، لـوال أننـى ؛ بعـد "..العمليه" ـ هذه هى النهاية الثانية لفيلم

:فقالـت لـى نفسـى ".. ربنا اليرضى بالظلم : "فقلت لنفسى ..سىاسترجاعى لكل الشريط ؛ صعبت على نف ..!!".أم العواجز..الست..واشتك المظلمة إلى رئيسة الديوان، وارم حمولك على سيدنا الحسين ..ياولد قم"

، قاطعا علـى السـكة الحديـد ؛ وأخذت فى وجهى ، وسلمت على صحبة األنس ..فشكرت للفيلمجى معروفه .. ر إلى مصروركبت القطا

ثم وقفت أمام ، وصليت ركعتين ، وسلمت ، فحييت ، وصلت فى الضحى ، فذهبت إلى الحسين ، ودخلت ا؛ بين العشرين فإذ بى أرى شاب .. ثم طلبت منه أن يتصرف مع هؤالء الناس ، وقلت له الحكاية كلها ، المقام

ين واآلخر ؛ مشرعا أذنه اليمنى نحو السـماء ؛ حليق الرأس ، يدور حول المقام ، ويقف بين الح والثالثين ؛ حتى ، مميال شقه األيسر ، ثم يمشى خطوات ، ويشرع أذنه اليسرى فى نفس الوضع ..فى وضع من ينصت

ثم قال لى بصوت كطحـن ، ولما وصل إلى حيث أقف ؛ فعل نفس الفعل مرتين ..يكاد أن يقع على األرض ..!!"تفعيلالت"، " ال تتفعيل : " فى أذنى ؛الرحى

..!!"الحرج عليه..مجذوب قليل األدب: "وقلت فى نفسى ..فأدهشنى ، وأطار لبىياسيدنا الحسين ؛ البد لك ؛ على كل حال ؛ من أن تشوف لـك صـرفة مـع هـؤالء : وقلت لسيدنا الحسين

..!!الناسيـا أم ..ئيسة الديوان يار..يا ست : فدخلت ؛ و أنا وأهتف بها فى قلبى ..وخرجت من المسجد إلى السيدة زينب

..!!أنا جئت إلى رحابك مستجيرا ؛ من ظالمى ؛ وآكل عرقى..العواجزوقلت لها ؛ فى قلبى ..ثم حكيت لها كل ما وقع على ..وسجدت سجدتين أمام مقامها .. وسلمت بعد ذلك عليها

وسورة يس ؛ ، قرأت الفاتحة ، و .." وأنا جئت إليك بنفسى ؛ لتضعى بنفسك ؛ النهاية السليمة لهذا الفيلم : " !!..؛ وشدتها ؛ فردا فردا" أنانا"سبع مرات ، ثم اتجهت إلى خارج المسجد ؛ بعد أن قلبتهما على

• :فقلت له ..مالحظا أن أالستاذ ينصت باهتمام وتركيز..سكت

..!!ولم يبق إال الذكريات، كل شىء راح لحاله ..!! ال تهتم ، وال تحزن..ـ يا أستاذى !!؟..الذكريات: قال األستاذ ؛ متحسرا ؛ كأنه يستفهم

وقلبى صار اآلن أبيض مـن ..وحياة من جمعنا من غير ميعاد ؛ أنا لم يبق فى قلبى أى شىء من ذلك : قلت ..!!اللبن الحليب

لكـن :فعدت أقـول ..فزرعت فيه السرور ، بلغت قلبى ، ومبتسما لى ابتسامة استحسان ، فهز رأسه موافقا …؛ لترى إلى نهايته األخيرة" العمليه"فلنرجع إلى فيلم .. كالم أخذنا بعيداال

: قال ؛ وقد أشرق وجهه بنورعرفته ؛ من قبل ؛ فى وجوه المتألمين فى قلوبهم ..أنت شاب ابن حالل ياعبد اهللا..ومجلسك حلو..ـ كالمك حلو

..!بر بخاطركربنا يج! شاب فى األربعين ؟! شاب؟: قلت ؛ ساخرا سخرية خفيفة

..وهذا من نصيب أوالد الحالل..الشباب شباب القلب..وفى الخمسين ؛ والستين ؛ والسبعين: قال ..فربك هو األهم..فأنا على كل حال الأحمل لها هما..ممكن: فقلت ؛ مؤمنا على كالمه

ـ ..هلت األصوات ؛ من المآذن ؛ معلنة دخول العشاء ، وقبل أن أستطرد ت ألصـلى فنهضـت ، وتمضمض ..فقد كنت على وضوء العصر..المغرب

• حين انتهيت من صالتى ؛ وجدت األستاذ منهمكا فى الكتابة ؛ فلم أشـأ إقالقـه ، حملـت الشيشـة فـى

.. وسـلكت قلبهـا بالسـيخ ..هدوء،وانسحبت إلى المطبخ ؛ ففككتها،وغسلت الزجاجـة بالمـاء والصـابون بين وقـت ..وكنت أختلس نظرات إليه ..وأحييت النار ، م إلى الموقد وضبطت ماءها ، وعدت ؛ فأضفت الفح

وأراقبه ؛ والقلم يتحـرك ، واالهتمام ، وآخر ؛ وأنا أتساءل ـ بينى وبين نفسى ـ عما يكتبه بهذا االستغراق ، فيطويهـا ..فال تستهلك الصفحة منه غير وقت يسير لتمتلـىء ، برشاقة وسرعة ؛ فيهما آليه وانتظام حاذق

..!!يسود غيرهاوثم ، فكانت تسلس لى قيادها ، غير أننى حكمت نفسى باألدب .. هممت بسؤاله أكثر من مرة يدفعنى فضول

وإعداد الشـاى ، وغسـيل ..بالسبرتو" السبرتاية" تزويدية كبحت جماحها بإشغالها ب وفى النها ..تحاول اإلفالت : وإذ بمنشد ينشد بعد صالة العشاء ، ..!!"دعى الملك للمالك : "وكنت أردد لها، األكواب

عليك يا نفس بالتسلى العز فى الزهد و التخلى عليك بالطلعة التى مشكاتها الكشف والتجلى

) ٧(ى ـ كلكل ـ بـىام كلـعض بعضى وه قد قام بعضى ببوأحسنت الظن باألستاذ ؛ ضيفى؛ الـذى .. ظنونها ؛ غير آسف ففارقت، وأخذنى المنشد عن نفسى .. أنصت

..!!وهو ينظر فى الفضاء سارحا فى الملكوت..ضيفا عليه فى دارى، وعطائه ، جعلنى بفضله من المنشد ؟ : ثم إنه سأل فجأة

هل تحب الخروج لتتمتع بالفرجة والسـماع ..وا من كل مكان هذه هى الليلة الكبيرة ؛ والمنشدون قد جاؤ : قلت !؟

..!بل نشرب الشاى ، وندخن المعسل: قال ..اإلنشاد يأتينا ؛ إلى هنا: و اتجه بوجهه نحوى ؛ وهو يعيد أوراقه وقلمه إلى حافظته ؛ وقال

!؟" العمليه" هل كانت هذه نهاية فيلم : ثم سأل ..وشفع سؤاله بابتسامة مشجعة

:نتساقى المعسل، وبيننا الشيشة ، قلت ؛ ونحن جالسان !إلى أين وصلنا ؟..ذكرنى لو سمحت..ـ التؤاخذنى يا أستاذى

..خرجنا من مسجد السيدة زينب رضى اهللا عنها: قالمسـمط "دخلت ..دت األكل أوال ألسند قلبى قص..وكنت جوعانا ؛ وقلبى مهدود من السهر والتعب ..نعم: قلت

فطلبـت لحمـة راس ؛ وأوصـيت علـى ..وطلبت الكوارع والفتـة ؛ فأكلـت ؛ ولـم أشـبع ، "الرحاب

اهللا فحمدت، وأحسست بالشبع يسرى فى بدنى بالراحة ..أكلت ؛ حتى امتألت ..فجاءنى طبق كبير ..الجواهر ..!!وسرتنى الراحة ؛ فانتويت النزهة..وبست يدى ظهرا لبطن،

!النزهه ؟: سأل األستاذ ..وكان األكل حتى الشبع أولها..أن أنزه كيانى..نعم: تقل ..!!لكنها كانت كوارع ولحم راس: قالماعلينا ، سحبت ورقة بعشرين ؛ واشتريت علبتـى ..النفس وما تطلب يا أستاذ ..أو قلقاس .. راس ةلحم: قلت

و ذائب فى رشفات وبينما ه ، ، وأودعت فص األفيون تحت اللسان "مقهى فرفش " ، وجلست فى " مارلبورو"ودخل ضجيجه فى مستودع الهدوء اللطيف ؛ وتجلى أمام نواظرى ..الشاى ؛ رقت فى عينى زحمة الميدان

ألم تر أنه من سلسال ! ؟..ماذا كنت تأمل من عنبر غيرالذى وقع ..يا خايب الرجا : " وقال لى ..سلطان الزمان غير مافعال معـك ؛ " أنانا ؛ وحسن الفيلمجى " من ، وماذا كنت تنتظر ..!! غفلتكماأعمق ! راقصة ونصاب ؟ كالم فارغ ، فهؤالء اليعملون إال مايزيدهم ، وحب الخير ، فالكالم الدارج عن اإلحسان ، وبالتأكيد مع غيرك

وعلى الهـرب بجلـدك مـن كربـاج ، لقد شجعتك الحاجة على ما تحب ..ويزيدك ضعفا وفقرا ..غنى وقوة !؟..فى العراء ، وانظر ؛ أين وضعتكفلما فعلت ؛ صرت ..الميرى

.. وتذكرت ؛ يا أستاذى ؛ المبلغ الذى أخذته مقابـل سـنتين مـن العمـل المغمـوس فـى مـاء الحـب فأنـا صـرت محتاجـا إلـى ؛ تنتظر مستحقيها ، ألف جنيه منه فأخرجت المظروف من جيبى ؛ وأحصيت

..الخامات ، وإلى مستلزمات أخرىبصــولجان أمانــه الــذهبى ؛ ألمتثــل ح لــى ســلطاولــو ن الزمــان بــآالت المخــاوف ، وأشــارعلى

، لكننى وضعت المظروف فـى جيبـى ..وأخذنى على أجنحة طيور التوقعات إلى وديان مرعبة ..وأستجيبوقلـت ، وأرحت ساقى اليمنى على اليسرى ، وأشعلت سيجارة مارلبورو ، وطلبت فنجانا من القهوة السادة

، أو فارس من الفرسـان ، أيها السلطان ؛ أنا رجل من الغالبة ، لكننى فى حقيقتى أمير من األمراء يا: "لهولماذا تكلمنى كأننى أبـدى ! فلماذا تعدنى بالخلود ؛ وأنا ميت؟ ..وال تهمه الحدثان ، يضع الموت بين عينيه

يعود إلى منبعه ؛ خادما ؛ لحكمة خالقه بينما أنا شعاع جاء من نبع ؛ وله رحلة البد أن يقطعها حتى ! أزلى ؟ ، إنما " لتفعي"الحمار الذى ركب الطائرة ؛ و وأنا لست .."هناك"وغدا أكون "..هناك"؛ كانت " هنا"و..أنا هنا . ؟.

والحق الحق مع الدرو ..ولست أريد التفريط فى سالمة نيتى لخوفى من أن أكون هذا الحمار ..كنت سليم النية مع هذا ؛ فلى أن أحتج أمام ديوان أجـدادى ؛ ..زنى أمام مقام سيدنا الحسين سيد الشهداء يش األقرع الذى لك

..!!ياأهل اهللا ؛ وشىء هللا.. شاكيا من الظلم ؛ وطالبا للعدلولم أنتبه وسرحت عيناى مع المآذن ، وكانت السماء صافية، وقريبة، .. ونظرت إلى قباب الست أم العواجز

:رأة من الدراويش المجذوبين ؛ تقول لىمن سرحتى ؛ إال على ام ..!!ـ يا حالوة عليك

وعلى رأسها عصابة جمعت ، وتتمنطق بقماش من التيل األبيض ، نظرت فى المجذوبة ؛ التى تضع مرقعة مغلقة فانفتحت مددتها نحوها مددت يدى بما تيسر، ..وحولها مزق من قماش أخضر وأحمر ، كل األلوان

فىغضون وجهها الذى يبوح ..فطالعتنى عينا صبية فى الخامسة عشرة ؛ أوحول ذلك ..عيناها واتسعتا ،ودفدفت على ظهرى بكـف حنونـة ، واقتربت منى ؛ متجاهله يدى الممدودة ..بسن مابين الستين والسبعين

:وقالت بإعجاب ..!!ياحالوه..ـ ياحالوه عليك

مـع ، الحديد الثقيـل ؛ إال وهـى تـدق األسـفلت بـه ولم أرأنها تتوكأ على سيخ من ..ثم تركتنى ومضت ..انتظام خطوها البطىء

ولم يكن لى مشوار فى مصـرغير ..، لكننى لم أعرف لمن كانت اإلشارة ..!!" إنها إشارة : " قلت فى نفسى ، أجـده لـم .. ركبت إلى شارع بورسـعيد ..، ألرتب الخامات المطلوبة " احمد عبد اهللا " الذهاب إلى المعلم

ولم أجـد غيـر قطـار .. ومن فورى ركبت إلى باب الحديد ..تركت له رسالة بطلباتى ، وعربونا مائة جنيه .. الشرق وأنت ؛ يا أستاذى ؛ التعرفه بالتأكيد

!لماذا ؟: سأل مبتسماس فـى ويقطع المسافة التى يقطعها األكسبري ..فهو يتوقف فى القرى والمراكز ..ألن المستعجل اليركبه : قلت

، األهـرام :جرائـد الحكومـة إشـتريت ..ساعة ؛ فى ثالثة أو أربعة أضعاف هذا الوقت ، ولم أكن مستعجال ودخلت عربة مـن عرباتـه ؛ فوجـدتها تكـاد أن تكـون ، وبعضا من الحلويات ..واألخبار، والجمهورية

.. لثالثةفكل راكب ؛ تقريبا ؛ يجلس مسترخيا متمددا فى مقعد يتسع..فارغةتصفحت الجرائد ؛ واحـدة بعـد األخـرى؛ .. كان الوقت متأخرا ، وبقى على تحرك القطار نصف ساعة

، بطل من أبطال حرب أكتوبر ، يدخل انتخابات مجلـس الشـعب " عبداهللا حسن : " فاستوقفنى خبر مفاجىء لـم .." حسـن الفيلمجـى "ابن " مىعبدهللا المحا "كان هو بعينه : نظرت فى الصورة المرافقة للخبر " القريبة

يبـدو أن الصـحفى الـذى نشـر الخبـر حبيبـه ؛ فقـد ..أصدق آنذاك على الفور، قرأت الكالم المنشور ، التواضـع لخلـق اهللا و، مانة المتمكنة كاأل..وأظهر للقارىء صفات لم أعلمها فى عبد اهللا ، ..!! ومجد..مجد

فى الحرب ؛ حتـى أننـى وجسارة الشجعان ..عمال الخيرية سعة فى األ والمشاركات الوا ، والرفق بالحيوان وكل هذه الصفات التى فوجئت أنها له ؛ دون علم منـى ؛ قـد صـارت اآلن .. لما تم النصر ظننت أنه لواله

..!!وصارعضوا، نجح فى اإلنتخابات ، ومختومة بخاتم النسر، معتمدة ولم أكن قـد ..ر؛ استولت على روح الدعابة ، والمرح المهم ؛ ياأستاذى ؛ أننى ؛ بعد فراغى من قراءة الخب

ناصل اللون ؛ تنبهت إلى إشغال المقعد المواجه ، رفعت عينى من الصحيفة ؛ فرأيت كهال يرتدى جلبابا بلديا وقعت عيناى فى عينيه ؛ فاطلعـت ..وكان وجهه ينطق بمعاناة المرض الطويل ، ويتلفع بشال يغطى رأسه ،

لثمت نصف وجهها األسفل بطرحـة ، إلى جانبه امرأة فى األسود .. يغطيه صبر وتسليم ،على عذاب أخرس ولصـق ..وبشرتها والجزء الظاهر من وجهها يؤكدان أنها كانت من الجميالت فى زمانهـا ..اجرب سوادها

النافذة ؛ رأيت مثم ارتكـزت ، جرحتها نظرتى المستطلعة ؛ فأطرقت ..رة حزينة حزنا يكاد أن يكون كمدا هفأخذت أتملى قامـة .. ومالت برأسها على ذراعها؛ فأخفت عنى وجهها الصبوح ، بكوعها على إفريز الشباك

والحظت ؛ دون أن أنظر؛ أن تقاطيعها ..ولونا حلوا ؛ يبعث فى النفس انتعاشا ، وجسدا بديع التكوين ، فارعة ..مامىوعودها ؛ ميراث من هذين الفقيرين الجالسين أ، الجميلة

بى ؛ على الكرسى ـكانت الجرائد إلى جان ..فحاولت االشتباك .. كانت روح الدعابة تتملكنى ، واشتهيت الكالم : فنظر إلى العلبة ؛ قائال، قدمت سيجارة إلى الرجل ..، والكبريت ، وكيس الحلوى"المارلبورو"وفوقها علبة ،

..!!أنا ال أشربها..!! ـ هذه غالية ..!!خص لك يابا ـ الغالى ير

.. فىعينـى ، ثـم أخـذ السـيجارة نظر..وأمدها نحوه ، قلت ذلك ؛ وأنا أخرج من العلبة سيجارة بإصبعى !"بكم هذه العلبة ؟: "ثم سألنى، وأشعلت له ، ومص نفسا ، أخذت واحدة

..ـ بثالثة جنيهات ونصف ..!!غالية..ياه :قال ؛ مستهوال

البالد العربية ؟وأنت ؛ هل تعمل فى : ثم سأل ..نعم: قلت

ـ أين ؟ "..!!أبو ظبى"ـ فى

..!!المرحوم كان هناك: فألقى بنظرة خاطفة نحو زوجته ؛ وهو يقول لها..قلت ذلك ألطمئنه من؟: سألته ..ثم استلمناه فى تابوت..وانقطعت أخباره عنا سنتين..سافر..محمد..ابنى الصغير: قال كيف مات ؟: سألته: دخت وحفيت قدماى ؛ وأنا أسأل كل المسؤلين ألعرف ؛ وأخيرا ؛ قالوا لى ..وال أحد يعرف ..فال أعر : قال

..!!"مات موتة ربنا" "..!!أبو محمود" يا ؛نصيب: قالت زوجته من تحت الطرحة ؛ بصوت باك

..!!ومحمود أيضا مات فى حرب أكتوبر: فقال الرجل ..شهيد: قلت

..جد عندى كلمة أخرىقلت ذلك ؛ يا أستاذى ؛ ألنى لم أأخـذتها صرفت عليها ثالثمائـة حتـى ..نيهبعثوا لى ألف ج ..شهيد ، وسيدخل الجنة بغير حساب ..نعم: قال ..!!ولم يأمر اهللا بالشفاء حتى يوم الناس هذا..وصرفتهم على العالج..وبعدها ركبنى العيا..منهم

.. ربنا يعفو عنك ياعم الحاج: قلت ؛ معزيا ..!!الحمدهللا..نحمده: وتسليمقال ؛ بإيمان

.. بين كل مرتين، وهو يصوب عينيه نحو السماء ، مرة بعد مرة ، وجها لظهر، وباس يده وعندك عيال تانى ؟: سألت ..!!السكين وقعت عليه قسمته نصفين..كان يشتغل فى مجزرآلى..نعم حسان ، وربنا افتكره: قال

فقـد راحـت سـكرة الدعابـة ؛ والميـل إلـى .. تغيـرت حـالى وتحرك القطار ؛ يا أستاذى ؛ وأنا ؛ قد ونفضت رأسى إلى الخلف ؛ وأنا أحاول !" ماهذا كله ؟ ..ياساتر: "ووجدت نفسى أقول فى سرى بضيق ..المرح

سـألت ؛ ..كانتا منتفختى القباب من آثار بكاء طويـل ..فاذ بعينى تلتقى بعينى الصبية ..الهرب من هذه القتامة ومتى مات حسان ؟: أنا أميل نحو الكهلوالقطار يجرى ؛ و

..!!كان هو الباقى على خمس بنات..كان ساند ظهرى..من ثالث سنين: قال ..!!وكتب كتابها الليله..أكبرهن المحروسة هذه: وقالت األم

..ربنا يتمم بخير: قلت :ض بأوجاعهوتتحرش فى مكانها ؛ بسخط ، وتقول من قلب فا، فإذ بالبنت ترمى أمها بنظرة غاضبة

..!! ـ أسكتى ؛ وإال أرمى نفسى من الشباك ..!!عيب يامنيره يابنتى: قالت األم ..!!وماتعملينه بى..العيب عيب الشوم: قالت البنت

:؛ فتسقط من بين إصبعيه" المارلبورو"وقال األب ؛ ويده ترتعش بالسيجارة ..!!ـ أصل العريس أكبر منها فى السن

".. أبو محمود"أنا أعطيته كلمة يا : وقالت، فى جنبه ؛ غمزة خفيفة غمزته األم بكوعها ؛ ..!!إحكمى وتحكمى: وقالت البنت

والغضب الكظـيم يعصـف بجسـدها؛ ، ودفنت وجهها مرة أخرى ..!! ثم إن دموعها أمطرت على ذراعها .. فيضطرب من نشيجها اضطرا بات منتظمة عنيفة

! ؟مالحكاية: سألت حائراأخـذ ..وانكشف لى هزاله وضعفه ، فانحسر كمه عن ذراع معروقة صفراء ، يسراه من خلف األم مد األب

..!!وكان مهزوما ؛ مكسور الخاطر..يربت على كتف البنت بحنان ..!!كل البنات يا باشمهندس بتعيط فى ليلة عرسها: قالت األم

..!!يتىليلة خب..ليلة حزنى: قالت البنت ؛ وهى توجه الكالم إلى أمها ..!!فإنها هى التى ستعيش العمر مع هذا الرجل، البد من رضا البنت ..لكن هذا حرام: قلت معلما

..!! أكبـر منـى بخمـس وعشـرين سـنة !! ؟..أعـيش : قالت البنت ؛ وهى تهرب بعينها نحو الشـباك ..!!الموت أحسن..وبخيل ، ونتن..وأعرج ؛ مقطوع الساق

..!! إنهـا جميلـة ! ؟..على قتل هذه البنت القمـر ما لذى يجبر هذا األب ؛ وهذه األم ؛ و: "فى نفسى تساءلت ".!فلماذا ؟..وألف من يتمناها

وبحـت لـه ، حتـى صـارت عينـى فـى عينـه ، وأمسكت بكتفه األيمن ، اقتربت بجذعى من الرجل .. أحسست بجسد األب يرتجف ؛ حتى العظم ؛ وسرى ارتجافه فى كفى..بأسئلتى !هل هو ماسك عليك أى حاجه ؟: قلت

..!!ربنا مايريك..الدين: فأجاب ؛ وهو يختنق

!؟..أنت مديون له بكم: سألت ..ألف وكسور: قال

..!!كل مليم منها راح على المرض..ربنا هو العالم: ثم قال ..!!خالص يابا: انتفضت البنت ؛ وقالت

.!!.أنا قاصد خير..خير يابنت الناس: قلت أطيب خاطرها ؟..ماذا يعمل..وهذا الرجل: سألت األب

بواب فى عماره ، وعنده كشك سجاير ، وحلويات ، وكازوزه من : قالت األم ؛ وهى تلقى بوجهها نحووجهى ..!!وميراندا..كوكاكوال ، وبيبسى ، وفانتا: كل األنواع ؟..وأنتم ؛ كيف تدبرون أموركم: سألت الرجل

وأنا ومنيره بنتى نبيع الخضرة ..مود تقعد أمام المدرسه بعسليه وفول سودانى أم مح ..ربك الينسى أحدا : قال ..فى السوق

خضار ؟: سألت ..جرجير وفجل وخس ومقدونس..ال: قال

أين هو ؟..والرجل: سألت ..فى بنها العسل: قالت األم

• أشـعلت وبعـدها ..أنـا سـكت ..يـا أسـتاذى : وقلت لصاحبى ؛ بعد أن نفثت فى التدخين بعض همـومى

وفكرت وأنا مرسل عينى فى المناظر التى نجـرى ..وأشعلت أخرى لى ..أعطيتها للرجل " مارلبورو" واحدة واهللا العظـيم ..خسـاره : "وقلت فى نفسى ..خاصة والبنت مثل بدر التمام ..وصعبت على الحال ..فيها ونرمح

..!!تهاالتى رأيتها ، وعش" األفالم"ومر فى فكرى كل ..!!"خساره !أفالم ؟: قاطعنى صاحبى األستاذ ؛ مستفهما

"..حسن الفيلمجى "لكنها ليست من إنتاج و إخراج وتأليف عائلة .. نعم: قلت بالتأكيدوساعة؛ يكون ، ساعة ؛ الواحد منا يكون الممثل ..أصل الدنيا كلها أفالم : فقلت ، فظهرت على وجهه حيرة

حسـب ..لكنه ؛ عـادة ؛ يجمـع كـل األدوار ، مـن كـل دور قـدر ..وساعة ؛ يكون المؤلف ، المخرج فـال يـرى ، ويمكن أن تسرقه السكين ، ولكنه ؛ فى كل حال ؛ يمكن أن يشاهد الفيلم وهو يعيشه ..الظروف

لكنـى ؛ كنـت بعـد أن .. كثيـرة اأنا شخصيا عشت أفالم ..والناس أحوال يا أستاذى ، الفيلم إال بعد النهاية لهذا ربنا سـترها معـى ؛ حتـى ..!! وما يجرى على ..وأفهم مايجرى من حولى ..يلم ؛ أنتبه فى الف " أتزحلق"

..!!اآلن ؟..وما السبب فى أن السكينة لم تسرقك: سألنى

والواحـد ال .. مثال" مليه الع" ومن قال إن السكينة لم تسرقنى ؛ يا أستاذ ؛ خذ عندك فيلم : قلت ؛ وأنا أضحك وأنا ؛ من حيث ..هذا دنيا تانيه " البزنس"و..!! "ينك ؛ الغريب أعمى ؛ ولو كان بصيرا وبينى وب ..ببالشيتعلم

والهندسه ..وقد قلت لك ؛ يا أستاذى ؛ الهندسه الربانى حاجة ..وباألصول..لكن فى األصول ..المفهومية ؛ أفهم ..!!وطبعا حضرتك فاهم..الملعوب فيها حاجة تانية

..!!لقطار ؛ وما جرى فيهنرجع إلى ا..!! فهمت..نعم: قال•

وتحسست ..!!بينى وبينك ؛ الشيطان ابن كلب ..!! لقيت نفسى قد وقعت فى حيص بيص ..خالصة القول : قلتطول عمـرك :"، فقال لى " خلنى فى حالى : " وقلت لشيطانى ..المظروف الذى فيه الفلوس فى جيبى

أنـا ناصـح " :، قـال لـى ..!!" ياملعون: "، قلت له .." ولن تكون فى يوم من األيام من الفالحين ..خايب ..!!" .وذنبك على جنبك ..أمين

وتذكرت كالما سمعته من رجل ..وكانت المناظر التى يجرى فيها القطار جميلة ، تتحدث بنعم اهللا على الناس ..من أهل الطريق ، سألته ذات مرة عن اهللا

إنـا هللا و إنـا إليـه : " ، ثم إذ بى أقول بصوت مسـموع "يارب: "وقلت فى نفسى ثم إنى سكت عن الكالم ، ..".راجعون

؟..ماذا قال لك الرجل الذى من أهل الطريق حين سألته عن اهللا: قاطعنى صاحبى األستاذ ؛ سائالقل ادع اهللا أو ادع الرحمن أيما : " قال لى "..نعم: "؟ ، قلت له "..الرحمن على العرش استوى : "قال لى : قلت" واهللا أكبر : "قال" ..نعم"، قلت "بسم اهللا الرحمن الرحيم ؟ : "، قال " نعم:" قلت له ".. فله األسماء الحسنى تدعو

هأنت ترى ؛ إنـه مـا : "، قال ..!!" زدنى من نور اهللا : "، قلت .." فهل فهمت؟ : "قال"..نعم..نعم : "، قلت ! ؟اهللا : "، قـال .!!" فهمـت ..نعـم : "فهمت ؛ قلت ولما ..، فأطرقت ساعة ..!!" استوى على العرش إال بالرحمة

..لكل حائروهو يدعو بالهداية رحمة ..ى حال سبيله، ثم إنه غادرنى ، ومضى إل..!!" أكبر•

..!!نأمل أن تكون قد فعلت خيرا: ؛ بعد حينثم قال لى..وغاب فى تأمل عميق..األستاذ قد سكتأن وجدت ، ونظرت من النافـذة ..واألم تقبض على كف البنت ..المرأة ينهضان لما انتبهت ؛ كان الرجل و إنى : له قلت

وعلـى ..توقف القطار فنزلـت معهـم ..وأنهضوجدت نفسى ألملم أشيائى "..بنها"فأدركت أن القطار يدخل :الرصيف استوقفتهم ، وقلت للرجل

..ـ يا أبا محمود ؛ أنا سأدفع دينك لهذا الرجل !لماذا ؟: وفجأة ؛ قال الرجل..والبنتوكذلك األم ، جمد الرجل فى مكانه

..!!هكذا ؛ محبة فى اهللا: قلت :ثم قالت..وكذلك فعلت المرأة..فرمقنى بنظرة حائرة

..!!إعمل معروفا..سيبنا فى حالنا..ـ يا باشمهندس ..!!يا ست ؛ ال تخافى: قلت

!فماذا تريد ؟..وبعد أن تدفع: قال الرجل ؛ متسائال ..ثم نتكلم..أدفع أوال: قلت ؛ ألحسم الموقف

!؟..لماذا أنت كاره يا أبى! ؟..هل سيأكلنا بعد أن يدفع: قالت البنتبعـد أن ، ثم نذهب معا إلـى الرجـل ، ونعـود إليهمـا ، "بوفيه المحطة "سنترك البنت وأمها فى : قلت له

..نقضى مأموريتنا ..!!ل على النبىوص..وحدى اهللا ياست: وهمت األم باالعتراض ؛ فقلت لها

"بوفيه المحطة" ومشيت معه نحو ، وتأبطت األب •

وقـال علـى الفـور ، وفرقع لنا اثنتين بيبسـى ، طبعا الرجل حين رآنا رحب بنا : وقلت لصاحبى األستاذ :متسائال

!ـ والجماعة ؛ يا أبامحمود ؟ كم لك يا عبد الظاهر ؟: قال األب ؛ وهو يضع الزجاجه جانبا

!وهل بين الخيرين حساب ؟: لقال الرج ..!!نعم: قال األب

؟..وهل كان كالم عيال! لماذا ؟: فسأل عبد الظاهر ؛ وهو يخطف نظرة إلى! ..!!كل شىء قسمة ونصيب: قال األب

ومن الباشمهندس ؟: سأل عبد الظاهر ..واحد من أهلى: قال األب

!؟..يعنى كان كالم عيال : قال عبد الظاهر ..طيب أنا الزم لى أتكلم مع الست أم محمود: فقال عبد الظاهر..فلم يرد األب

..!!وهات من اآلخر..إسلك: هنا تدخلت ، و قلت له مهددا !وإن لم أسلك ؟: فامتقع وجهه ، وتساءل

..والقانون يأخذ مجراه..خمس دقائق وأعلقك فى المركز: قلت وأين الفلوس ؟: ففكرعبد الظاهر لحظة ، وسأل

.. األوراقإظهر: قلت ..يا ولد يا منظر: و هتف، فدس يده فى طوق جلبابه

فقال لـه ؛ وهـو يخـرج ..وقف ساكتا ..شديد الشبه بعبد الظاهر ، فأقبل من خلف الكشك ؛ ولد نحيف أسمر : حافظة محشوة أوراقا

..ـ قرب هنا، ار خلف كتف عبد الظـاهر فقد اقترب حتى ص ، ويبدو أن الولد كان معتادا على مايفعله فى هذه المناسبات

، " هـذه ؟ : "؛ وهو يسـأل " منظر"ويفردها أمام عينى ، ونظر فى الحافظة ؛ وأخذ عبدالظاهر يخرج أوراقا ، وظل يلعب هذه اللعبـة ..، فيعيد تطبيقها بحرص ، ويدسها فى الحافظة ، ويخرج غيرها " ال": "منظر"فيقول

:، فمدها إليه ، وقال"نعم" : "منظر"فقال له، وس حتى أخرج أوراقا مشبوكة فى دب، وأنا أالحظه

..ـ إقرا وسمعنى•

؛ أخذت فى كتابة قيمة كل " الجمهورية " كانت إيصاالت أمانة ؛ يا أستاذى ؛ فأخرجت قلما ، وعلى هامش : هرفسألت عبد الظا..فاذ بها تبلغ ستمائة وخمسين جنيها، جمعت األرقام ، حتى إذا انتهت األوراق ، إيصال

!ـ كم لك فى ذمة أبى محمود ؟ ..!!ألف وثالثمائة جنيه بالتمام والكمال: قال ..!!لكن مجموع هذه اإليصاالت ستمائة وخمسون: قلت ..نعم: قال

؟..إذن أين مايثبت بقية المبلغ: سألت ..!!أنا كلمتى قرآن..كلمتى: قال

وخـذ .. طيب ؛ إسلك وهات اإليصـاالت :قلت بخشونة ؛ وأنا أخرج من المظروف ستمائة وخمسين جنيها ..مالك !!؟..والباقى يا باشمهندس: سأل

فإذ بالولد يمد اإليصاالت ـ من بيننا فوق كتف ـ عبدالظاهر نحوى ، ..فمد يده ليتسلمها..مددت يدى بالفلوساق فئـة وهو ينحنى ليـدرك األور ، "ارتبك عبد الظاهر .."تلقفتها ، وتركت الفلوس تسقط على األرض بيننا

.. العشرين ؛ قبل أن تتناثر !أنا قلت لك سلمه يا ابن الكلب ؟: صاح عبد الظاهر

!أو تاخذنى غدرا يا ابن شلبيه المعمصه ؟: صرخ عبد الظاهر..لم يرد الولدأنـا كنـت عـارف إنـك طـالع : وصرخ عبد الظاهر؛ وهو يجمع األوراق المالية فى حجره ..لم يرد الولد

..!!ألمك : لت ؛ وأنا منهمك فى تمزيق بصمة إصبع وخاتم أبى محمود من اإليصاالتق

!؟..ـ ومتزوج وعندك أوالد !كم عددكم يا بنى ؟": منظر"وسألت

..وأنا الثامن..سبعة: قال ..إقرا وأسمع أباك: كتبت على ظهر واحد من اإليصاالت مخالصة قانونية وقلت لمنظر

؟..الباقىو: فقرأ الولد ، وسأل عبد الظاهر ..!!يامنظر أنا سآخذ أباك إلى المركز! ؟..هل تريد الربا: قلت

.. أنا أوقع لك شاهدا..وليس حمال للمركز وال لهذه البهدله..ياباشمهندس أبى مريض: قال منظر ..إختم يابا: وقال ألبيه..ودخل الكشك ثم خرج فى يده ختامة..ووقع الولد

!أنت الذى تأمرنى يا ابن شلبيه ؟! ؟..أنتو: فردد عبد الظاهر بصوت مهدد ..!!إختم!! إختم يابا : قال الولد

• : ولم أسأله غير سؤال واحد، ما علينا ؛ يا أستاذى ؛ ختم ، وبصم ، وعدت مع أبى محمود إلى المحطة

! ـ وكيف سلمت لعبد الظاهر بمضاعفة المبلغ ؟ "..!!يبقى عليك كذا وكسور : "ىياولدى أنا كلما أسحب منه مبلغا يقول ل: قال

: وقلت له، وسلمتها ألبى محمود ، ؛أخرجت األوراق من جيبى "البوفيه " ولما اجتمعنا فى ..وهذه هى..ـ مزقها كلها واحتفظ بالمخالصة ..!!إضحكى..خالص ياست البنات: ووضعتها فى كفه ، وقلت للبنت

وإذ بـى أدرك ؛ ألول مـرة ؛ شـدة ..قة بـالخالص فإذ بها تصوب فى عبنى نظرة متحجرة ؛ غير مصـدوقطعـت ، فصـعبت علـى ..وأصاب بعضها وجهـى ، أمطرت ، وفجأة طفرت من عينيها دموع ..جمالها :فقلت لها بحنان أبوى..قلبى

..!!ـ الدنيا بخير يا بنتى مخزون قهرها حتى أفرغت ، ويختلج جسدها ، وظلت تبكى ، فاتكفأت على ذراعيها الممدوتين علىالمنضدة

..وكان األب واألم ساكتين، •

و أنتم ؛ أين بلدكم ؟: بعد هدوء الحال سألت ..منية السباع: قالت األم

!؟..وأنا جعت فهل تغدوننى فى بيتكم"..فركة كعب "إذن هى : قلت !!..على العين والراس: قالت األم

حكاية أخـتهن ، ويبدو أنهن كن يعرفن ..بدعوفى دارهم ؛ ياأستاذى ؛ رأيت أربع بنات ؛ سبحان من خلق فأ ، وكانت أعمارهن ؛ حسـب تقـديرى ؛ بـين العاشـرة ، بوجوه متسائلة ، واألم واألب ، فقد استقبلن البنت ..!!ربنا خلصنا..خالص: ، وقال األب لهن باختصار.." الحمد هللا: "فقلت فى نفسى..والسادسة عشرة

.. وجوههنوضوأت، فعلت وجوه البنات أنوار بشر ..!؛ أنت لك فى ذمتى ستمائة وخمسين جنيا فقط ال غير" أبو محمود" باختصار؛ ياعم : قلت

!؟..كيف هذا! ؟.ماهذا: فتحير الرجل وقال..وابتسمت فى وجههفسمعت األم ما أقول ؛ فجـاءت ، واعمل لك دكانا ،إفتح الشباك "..مندره"وعندك ..الدار كما أرى واسعة : قلت

..ونتكلم..أدخل المندره..ياباشمهندس: مسكت بذراعى قائلةوأ، مهرولة ، قالت لـى ؛ بحضـور زوجهـا بلهجـة .." الناس داخت من المفاجآت : " وقلت لنفسى ، قل ؛ إننى أطعتها

!!ماذا تريد منا ؟: قاطعة ..الخير: قلت

: و أنا أقول؛" ى محمودأب" ووضعته فى يد ..وأحصيت المبلغ الذى طلع من ذمتى لهم، وأخرجت المظروف ..!!فأذنوا لى ألن مشوارى بعيد، أما اآلن ..وإن شاء اهللا التحتاج..هذا عرق حالل..ربنا يبارك لك..ـ خذ

، بينما األب واألم يهروالن خلفى ، ويستوقفاننى ؛ فوقفت ، حتـى أدركـانى ..وأخذت فى طريقى ، وتركتهم :قال األب

؟..ـ من أنت ..!!نا عنوانكأعط: و قالت األم

.!!ردوا بالكم للبنات..و إن شاء اهللا أزوركم، أنا عرفت عنوانكم : قلت•

ولـم .. وهى كما ترى نهاية ربـانى "..العمليه"وهذه هى النهاية الثالثة لفيلم : و ضحكت ؛ و أنا أقول لألستاذ ع لى وجها محتقنا فـى لـون ثم رف ، فقد وجم برهة "..األستاذ"أتوقع أن يكون لحكايتى هذا الوقع على نفس

:وسألنى..الكبد ؟..هل زرتهم..ـ وأنت

..!!وحضرتك كان عليك أن تأخذ بالك للدور من أوله..أنا مهمتى انتهت: قلت ماذا تعنى ؟: سألنى ..يا أستاذى ؛ هذه النهاية كان البد منها: قلت ..ال أ فهم: قال

لكن الخالص سكته كانت على ..والناس ؛ هؤالء ؛ مصابون ..اأنا كنت مصاب ..صل بنا على النبى : قلت معلما ، ليس ! فلماذا أزورهم ؟ .. وهم أبضا صاروا آخر حالوة ..أنا ؛ بما فعلت ؛ صرت آخر حالوة ..نحو ما رأيت

ألن ..إننى لو ظهرت ؛ لتحولت الحالوة إلـى مـرارة ! فلماذا أظهر لهم مرة أخرى ؟ ..بيننا إال هذه الحالوة ..!!حتى لو رفضت أنا ذلك.. سيتحول إلى دينالمبلغ كله

:فقلت معتذرا..لسبب لم أدركه ؛ آنذاك ؛ ودمعت عيناه ؛ وهو مطرق، فإذ باألستاذ اليتحمل !!..يا أستاذى ؛ أنا كان قصدى أن أسليك ؛ ونتباسط ؛ ونحن نشرب الشاى..ـ ال حول وال قوة إال باهللا

..!!التشغل بالك: لفاعتصر عينيه باإلبهام والسبابة ؛ وقا•

"..!! سأعمل لى دماغا: "فقلت له ..لم أفهم بالضبط ما جرى ، وكانت الحكايه تحتاج إلى طاقم آخر !هل رأيت قطارا يمشى بغير نار ودخان ؟: نظر فىعينى مستفهما ، فقلت ؛ وأنا أشير إلى الشيشة

..هناك قطارات تمشى بالكهرباء..نعم: قال ..!!فاسمح لنا ؛ بعد إذنك..مشى بنار ودخانأما قطارنا في: قلت

..!!لكنك تدخن بإسراف: فأشار مرحبا ؛ وقالـ "والتكنجه "،"السوبرماركت "ثم إننا فى عصر ..القلب وما يحب ؛ يا أستاذى : قلت ى نـار ، والمسألة تحتاج إل ..!!سر المسألةلنفهم ؛ بال مؤاخذة ؛ ..ودخان أكتر..كثيرة !تكنجه ؟: فسأل ..!!نى التكنولوجياأع: قلت

ومامشروعك اآلن ؟: وسألنى ..!! لكن حزنا دفينا كان يربض وراءها..فعادت االبتسامة إلى وجهه ..!!اهللا يرضى عليك يا أستاذى! ؟..مشروعى: قلت ضاحكا

..!!إن عندى مشروعا..نعم: وقلت ؛ مستدركا..فانتبه األستاذ، ثم أسقطت على وجهى قناع الجدية ..نا أحب أن أسمعوأ: قال

..!!أنا أربى أسودا: وأنظفها، قلت ؛ وأنا أرص الحجارة !!أسودا ؟: وتساءل، فعلت الدهشة قسماته ..!!فإنها إرادة اهللا..والتتعجب..نعم: قلت ؛ بنفس الجدية

أين تربيها ؟: سألنى ..!!المكان سرى جدا..ال: قلت ؛ معترضا

!ولمن تبيعها ؟: سأل ..!!ت للبيع وال للشراءإنها ليس: قلت !ما الحكاية ؟: فسألوكثيرون ممن عـرفتهم قـد دخلـوا فـى ..الحكاية أنى رأيت أن الحرام قد صار أكل الناس وشربهم : قلت

"..!!الهم هم " !؟..الهم هم : قاطعنى ؛ سائال

كـل مـا فـى طـريقهم ..من غير أى رحمة ، .. " هم..هم..هم..هم: "قلت ؛ مؤكدا ؛ وممثال لفعل الجياع !؟..يأجوج ومأجوج ؛ يا أستاذى ؛ هل تعرفهم..أى حاجة..ماء..شجرا..بنى آدم..ونهيأكل ..سمعت عنهم..نعم: قال

؟..ألم ترهم حتى اآلن ..الحول والقوة إال باهللا: قلت ؛ بنفس الجديةال تلقـى نقطـة دم ..بـتهم يمـين ؛ شـمال لـو قل ..هؤالء ليس فى دمهم نقطة حالل : فقلت..لم يرد بجواب

ثم ؛ أطلقها ..وتجويعها..لم أجد غير تربية األسود ف، وقد فكرت فى أنسب مشروع ..فقط حالل ذبحهم ..حالل )٨(..عليهم

..!!وأنت بالطبع تعرف الباقى: وقلت ؛ وأنا أبتسم فى وجهه، ثم إنى سكت لحظة !اقى ؟الب: تساءل ؛ وقد بدأ يتكشف له األمر

..!!بقية المشروع: قلت ؛ وأنا أضحك ..!!أنت استويت: قال ؛ ضاحكا ؛ وهو يشير نحو الشيشه

..!!البركة فيك : وإظهار امتنانى، قلت ؛ وأنا أعنى المداعبة وانهمكت فى عمـل دمـاغ ، فسكت ..وتعجبت فى نفسى ..والحظت ذلك ..وقعت كلمتى عنده موقعا لم يسره

!!..عن السبب وأنا أتساءل..لى•

!و أنت ؛ ألم تتزوج ؟: فجأة ؛ سألنى

..لم يأذن لى اهللا: قلت ؛ ببساطة ..!!لكن عندى بنت: ثم قلت ؛ مستدركا

!بنت ؟: قال ؛ متسائال "..!!بدريه"واسمها : قلت ؛ بتأكيد !؟..واسمها بدريه: فعاد ؛ يسأل

..!!معطى الوهابسبحان ال..وعقل..وكمال..جمال .. وهى بدر فعال..طبعا: قلت: فسألته وأنا أشرق بدخانى ..وانعقدت فوقنا حتى السقف ، وتصاعدت سحابات الدخان ..وسكت هو ..وسكت

؟..هل تحب أن أفتح الشباك !؟..الهواء ؛ هل أهوى لك: لم يرد ، ويبدو أنه لم يسمع ، فقلت

كانت نظرة إنسـان مبهـور فـى ..ا غير أننى أحسست عبيره ..نظر فى وجهى نظرة لم أفهم تعبيرها ..انتبهوكان ينظر بعينين يتصارع فى أعماقهما التصـديق والتكـذيب ، وفجـأة ؛ ..مواجهة اكتشاف لم يكن يتوقعه

..!!صف لى ابنتك: سألنى :قلت ؛ وأنا أتساءل بينى وبين نفسى عن سر هذه النظرات

ـ ..لكنها بنت حاللو..نعم ؛ أنا عندى بنت ..ـ يا أستاذى ؛ الحكاية ليست مثلما تظن رب وحكايتهـا مـن أغ .. صل على الكامل"..!! طأطأ ؛ إلي سالم عليكم" ، من إسمع ياسيدى الحكاية..الحكايات

• من ست وعشرين سـنة، وكنـت " ابراهيم " وكانت الليلة الكبيرة لسيدى ..فى يوم ؛ من ذات األيام : قلت له

: وسألتنى، وأغلقت الباب ، رة فىالدارالكبيرة نادتنىأمى ، وأدخلتنى حج، آنذاك فى الرابعة عشرة ؟..ـ يا عبد اهللا ؛ وأنت ذاهب إلى مدرستك ؛ ألم تر دارا صغيرة منعزلة فى وسط الغيطان

..لمحت هذه الدار..نعم: قلت لها ؛ و أنا أحاول التذكر .. اال اهللاإحلف أن يكون ما أطلب منك عمله ؛ سيكون سرا بيننا ، ال يعلمه: فقالت لى

..!!قولى..أحلف ياامه: تعجبت من ذلك ، وقلت ..إحلف برأس سيدى ابراهيم: قالت

..وحياة سيدى ابراهيم: قلت ؛ و قد بدأ صبرى ينفذ ..!!ما أحد يعرف هذا السر إال ربنا: قالت

..!!و إن عرفت أحدا ؛ يكون حسابك مع سيدى ابراهيم: فكررت بعدها ؛ فقالتأنت كـل يـوم ..عايشه وحدها ..فى هذه الدار امرأة غريبة عن البلد : فقالت وقد ارتاح بالها فكررت بعدها ؛

تفـوت ، وفى آخر النهار ؛ وأنت طالع من المدرسة ..وتوصل إليها أمانة أعطيها لك ، تفوت عليها فىالصبح ..وتقول لى، وتسألهاعن طلباتها من البلد ، عليها …حاضر ياامه: قلت

ال تجعل أحدا ..وصحصح معى ..ل يوم تفوت عليها مرتين ، مرة فى الصبح ، ومرة فى العصر يعنى ك : قالت .وال تتكلم بذلك مع أحد ..يراك ..!!لكن قد يرانى الناس..حاضر ياامه: قلتوكل ماتراه فى هذه الدار ال تخبر به ..المهم عندى أن التفتح فمك بما اتفقنا عليه ..ليس مهما أن يروك : قالت

؟..هل تحلف..حدا غيرىأ ..!!حلفت ياامه: قلت ..إحلف تانى: قالت

• وال أخفى عليك أننى كنت متشوقا جدا إلى معرفة السر الذى جعل أمـى تعمـل معـى .. وياسيدى ؛ ذهبت

وحملت إلى جانب حقيبة المدرسة حقيبة أخرى فيها جبن ، وزبد ، وخبز؛ خبزته بنفسها ودجاجـة ..ماعملتهوكانت الشيلة ثقيلة ، إال أن صحتى كانت ..ومغات وحلبة حصى ..د من البيض،وحلبة مطحونة وعد، مذبوحة ..والهواء ؛ على الرغم من برودته ؛ كان منعشا..وكنت فى الصباح المبكر..تساعدنى

وعينك ما تشـوف ..وانفتح..خبطت الباب خبطتيتن اثنتين .. أنا وصلت ؛ ياسيدى ؛ ولقيت لك الدار ساكته وهـى بيضـاء ..أنا شفت فى فتحة الباب واحدة البسة أسود ، عيناها سودوان ، شـعرها أسـود ..النورإال

حتى أننى ؛ ..ولم يكد النزيف يتوقف ، وكأنها كانت تنزف من عينيها ..!! وفى بياض عينيها شفت دما ..كالثلج !!..فى ارتياعى ؛ ظننت أننى قد رأيت قطرات من الدم تنزل من عينيها على خديها

، التـى تركتهـا أمـام البـاب ؛ أشرت إلى الحقيبـة .. أقول لك الحق ؛ غلبنى رعبى ، فلم أسمع ما قالت ..!! ولم أتوقف عن الجرى إال أمام باب المدرسة..وأسلمت قدمى للريح

!متى كان ذلك بالضبط ؟: قاطعنى؛ سائال بجدية واهتمام ؛ أدهشانى مجددا ..!!كان ذلك أواخر سنة سبع وستينبالضبط ؛ بالضبط ؟ : قلت

!ألف وتسعمائة وسبع وستين ؟: سألنى ..!!ميالديه: قلت ؛ وأنا ابتسم

ط أنفاسـى ؛ فوقفـت ألـتق ..لقيت باب المدرسة مغلقـا : سكت هو، لم يبادلنى ابتسامتى ، قلت ؛ مستطردا أحاول أن أستعيد مـن ذاكرتـى ،جلست.. السور، بعيدا عن تيارات الهواء البارد من جانبولذت بمكان فى

فأنا ؛ يا أستاذى ؛ قد خيل إلى أن المـرأة التـى ..غيرمصدق أن أمى يمكن أن ترسلنى إلى جنية ، ما رأيت ..!! نهن فى الحواديت حزينة ؛ مثل الجنيات الالتى سمعت عن حز ..رأيتها فى شق الباب كانت منكوشة الشعر

خاصة وأنها كانت كثيرا ما تحكـىعن وقـائع ..!! د على أمى أن ترسلنى إلى جنية لم أستبع وبينى وبينك ؛ وأيـدتها ؛ ، وأقربها ؛ إلى ذلك الوقت ؛ حكاية زعمت أنها قد وقعت لها فى حجرة الفرن ..عاشتها مع الجن

!أتحب أن أحكيها لك ؟"..أم السعد" فى تلك الحكاية ؛ عجوز خبازة ؛ اسمها خالتى نعم: باقال ؛ مرح!!..

وكنت قد أعـددت ..قد حضرت لدى منتصف الليل " أم السعد " وخالتى ..ياسيدى ؛ كان العجين قد خمر : قلتفى اليوم التالى ؛ وكان يوم الجمعة ؛ أيقظتنى من نومى روائح بخور ..الحطب ؛ حسب العادة ؛ وذهبت ألنام

أما فى بكورالصباح ؛ ..ن يتم بعد الصالة مباشرة لكن هذا كا ، كنت معتادا على البخور فى يوم الجمعة ..كثيفةتساءلت سـاخطا عـن سـبب ..وكان هذا فى أبريل سنة سبع وستين ..قمت..المهم..فلم يكن قد حدث من قبل

: وهممت بالسؤال ، فقال لى أبـى ..أدهشنى ذلك .. التبخير فى هذا الوقت من الصباح فاصطدمت بوجوم عام ..!!إخرس

..!!ولذت بمراقبة ما حولى ؛ ألفهم..فخرست..ىء غير أن أخرسقالها بحسم ال يسمح بشانفلتت من فتحـة الفـرن السـفلى ، خالصة الحكاية أن أمى لماهمت بإشعال الحطب إلعداد الفرن للخبيز

فلم تسمع مايشـير إلـى .. خوفا من أن يكون فى الفرن قطة أخرى ؛ فأخرجت أمى الحطب ؛ وبسبست ..قطة، ت بإشعاله ، فإذ بها تفاجأ بقطـة أخـرى تـتخلص مـن الحطـب حطب ، وهم فوضعت ال ..وجود شىء

غير أنها ـ .. وبسبست ، فلم يظهر لها عالمة على وجود قطط أخرى، فعادت إلى إخراج الحطب ..وتخرجونظرت فلم تجـد .. داخله الفرن العليا بحيث تضىءكى تتأكد ـ حملت لمبة نمرة خمسة ؛ وضعتها فى فتحة

وأرادت ..منهمكة فى تقطيع العجين ورصه فى األلواح الخشبية " أم السعد " كانت خالتى ؛ تلك األثناء فى ..شيئافأدخلت الجاروف من الفتحه السفلي ، وجرفت بحذر ، وسحبت الجاروف مرة ..أمى أال تترك شيئا للمصادفة

وضعت ، الفرن من أى حيوان حتى إذا اطمأن قلبها إلى خلو ..وبين كل مرتين كانت تنظر وتنصت ..بعد مرة السفلى ؛ فوجئت بسرب من القطط يخرج من تهوبينما هى تشرع فى إدخال الحطب فى فتح ..الجاروف جانبا وتختفى فـى عتمـة الزاويـة ..وكل واحدة تتوقف لحظة وتبادلها النظر ..واحدة بعد األخرى ..تحت الحطب

:هنا صاحت أمى..البحرية من الحجرة ..!!سعدـ إلحقينى يا أم ال

..العجين ، وأسرعت إليها" أم السعد "وتركت العفو ..دستور يااسيادى ..دستور..بسم اهللا الرحمن الرحيم : قلت..عرفت..أنا شفت صف القطط : قالت أم السعد

..!!أطلبوا..والسماح ..!!من الفرن سمعنا األذان: ؛ فى صوت واحد" أم السعد"وتحكى أمى مع

..!!أنا قلبى انخلع: تقول أمى ..!!"أنا الشيخ العزب: " ، قال لى!"من أنت ؟: "قلت له": أم السعد"وتقول والبيـت .. س العمـدة انخـرم لف.. والسد انكسر ..انة انفرط الرم ب ح : "، قال لى !" وطلباتك ياسيدى؟ : "سألته ..!!"انهدم

حب الرمانـه ..بخروا..بعد الخبيز ..بيزقبل الخ ..بخروا..بخروا: ، قال لى ..!!"ماشاء اهللا ..!! أمر اهللا : "قلت له .."والبيت انهدم..فلس العمده انخرم ..والسد انكسر..انفرط .!!وسكت ..وكبر سبع تكبيرات بصوت مجروح: ،وأمى"أم السعد"تقول

ولما كانت حكاية القطط والشيخ العزب هـذه مازالـت طازجـة ؛ آنـذاك ؛ فقـد : سكت ، ثم قلت لألستاذ خاصة وأنهـا كانـت ؛ فـى كـل صـباح ؛ ترقـونى ..!! ولماذا الترسلنى أمى إلى جنية : قلت فى نفسى

..!!بدعاء عجيب لم أفهم مغزاه آنذاك !؟..وماذا كان الدعاء: سألنىوربنـا ..رح واغد على كيفك ..رح ؛ ياعبد اهللا ؛ ياابن حوا وآدم : كانت تضع كفها على رأسى وتقول : قلت

..!!يكفيك شر المسلمين !؟..فقط: فكنت أسألها ..!!واليهود بالذات ، وكل من هب ودب ..واليهود..واألقباط: فكانت تقول

وهنا كانت تبتسم ابتسامة غامضة ، وتخلى كفها عن راسى فأنطلق مسحورا بهذه الرقية ؛ واثقا من أننى فى …حرز من كل خطر

أنا : "فقلت فى نفسى ..كأنه قد وصل إلى مرفأ األمان بعد طول ارتحال .. صافية ابتسم األستاذ ابتسامة ..هنا فقط لكن فضولى ؛ الذى استيقظ ؛ جعلنى .." على كل حال ال أعرفه ، وليس لى أن أتوقع ردود أفعاله على كالمى

: أقول لألستاذ !!؟..ـ أرى أن دعاء أمى قد أعجبك

؟..ار بعد خروجك من المدرسه وهل رجعت إلى هذه الد: فقال ؛ كأنه لم يسمعوذهبت،خاصة ؛ وأننى تذكرت أثناء الحصص أن وجهها األبيض كـان دقيـق ، طبعا ، جمدت قلبى : قلت

إنمـا كـان فيهـا .. لم يكـن فيهـا شـر ؛ التى خرجت لى ؛ وملت فى نفسى إلىاإلعتقاد بأن تلك ..التقاطيع أنها أطول منى ، وأن ذراعيها كانتا مكشوفتين مـن وتذكرت..نعم ؛ قلت لنفسى ذلك ..!! وكانت هيفاء ..حزن

..!! وكفاها كانتا رقيقتين،توحيان بالضعف والموادعة..تحت الكوع !؟ هل كانت جنية ؟..وماذا رأيت حين رجعت: سألنىفقد رأيتها جالسة فى كرسى هزاز؛ أمام ..والظاهر أنها كانت فى انتظار أحد ..!! ال جنية ؛ واليحزنون : قلتوالحظت أنها تحتضـن إلـى صـدرها ..ولم تنهض ..وحين رأتنى ابتسمت لى ..فى شرفة ذات مظلة ، ب البا

، وفى حال المبتدا ؛ اقتربت بحذر، ولما رأيت ابتسـامتها ؛ اطمـأن قلبـى ..مولودا فى لفائف بيضاء نظيفة فقالت ..بين أمى بشأنها وعرفتها بأهلى ، وحكيت لها مادار بينى و ، ، فأخبرتها باسمى " من أنت ؟ : "وسألتنى

. ، فوعدتها بأن أصطحب أمى إليها بعد المغرب"قل ألمك أننى أريد أن أراها : " لى ..!!" .بنت: "فى لفافته ؛ قالت لى ، وحين الحظت أننى أختلس النظر إلى وليدها

وما اسمها ؟: سألتها ..!!أنا لم أسمها بعد: قالت

..!! "اهللا: " فهتفت..ا رقيقا ، لم أشهد أجمل منهوكشفت لى عن وجهها ، فرأيت وجه !هل أعجبتك ؟: فسألتنى !ومن ذا الذىال يعجبه المالئكة ؟..يا سالم: قلت

!هل تتزوجها ؟: قالت ؛ وهى تبتسم ابتسامة حزينة ..!!لكن أنا أكبر منها : قلت لها محتجا

..سمها: قالت !أنا ؟: سألتها

..!!ويرضى قلبى أن تسميها ، أول من وقعت عينه عليها فأنت ..نعم: قالت ؛ بتأكيد !وأبوها ؟: سألتها

..!!العوض على اهللا: قالت ؛ بهدوء ؛ و فى تسليم : وأمالت وجه الطفلة نحوى ؛ قائلة، عادت إليها ابتسامتهافقد، لكننى لم أتمكن ، هممت بأن أعزيها

..!!سمها.. ـ هيا ..!!يهأنا سميتها بدر: قلت لها

..!!فلتكن بدرية : قالت ؛ فى تسليم حزين ؛ وهى مازالت تبتسم•

وكأنه اليريد أن ، فرأيته قد مال بجذعه نحوى ، األستاذ ، وبينما أنا مسترسل ؛ حانت منى التفاتة إلى جليسى أننـى ألم تالحظ ؛ ياأسـتاذى ؛ : فأغرانى تركيزه النتباهه بالمداعبة ؛ فقلت ..تفوته كلمة مما أقول

!!؟..ثرثار ..بل إننى مستمتع بكل كلمة قلتها: قال ؛ بحرص

..!!نحن نسلى الوقت..على كل حال: قلت ..وأسميتها بدرية: قال

وكنـت ؛ ..، ثم اسـتغرقت فـى التـدخين !!" ؟..يعلم اهللا وحده مغزى تنبهه وتركيزه معى : "قلت فى نفسى وقـال لـى ببسـاطة ؛ ..تلك اللعبة المبتذلـة .. معه لعبة القط والفأر وليسامحنى اهللا ؛ أخالسه النظر ؛ العبا

!و كيف صرت أبا لبدريه ؟: صادرة من قلب مثقلوخيل إلى ؛ أو لعلها كانت رؤية حقيقية ؛ أن ثمة خطا مـن ، حدقت فى مالمحه المنعمة ..صعب على لحظة

بارقـا بـين ..را متـوترا علـى عظمـة األنـف ساريا من تحت جلده إلى ذقنه ظاه ..نور ينبع من صدره ..!!ثم يضىء وسط الجبين متالشيا ؛ من منبت شعره الفضى ؛ فى الفضاء فوقه..الحاجبين

لمـاذا ال : "وتساءلت بينى وبين نفسى ، فى نقطه ظننت أن هذا النور ينتهى إليها ، نظرت طويال فوق رأسه ، ، وفى قلبى ؛ أحسسـت بدهشـة !!" ؟..نفجر فى نافورة ضوئية أو ي !..يتحول هذا النور إلى دوامة واسعة ؟

!!وقال إن اسمه عبد اهللا ؟، هذا الذى دخل إلى بعد العصر! ؟..من يكون هذا الجالس أمامى : وتساءلت ..!!لقد ذهبت بعيدا: وانتبهت على صوته يقول

..!!لقد كنت هنا..لم أذهب..أبدا: قلت !!؟..ىوأين تهت ؛ المكان كما تر: سأل ..!!فقد اندهش قلبى!. ؟.. سألت نفسى عنك ؛ من تكون: قلت

ولسـت أدرى إن كـان مـن ..!! سواء أردت أنا ذلك ؛ أم وقـع علىالـرغم منـى ، أنت ستعرفنى : قال أو نى ألرى أننا معا على عتبة ؛ قد تؤدى إلى طريق نسلكه معـا ، وإن.. ستكرهنى الممكن أن تحبنى ؛ أم أنك

أراك تسكن فى كل أما أنت ؛ فإنى ..لتى محدودة ومه..وإنى ألعلم أن وقتى ضيق ..ل واحد منا ؛ وحده يسلكه ك ..".!!بدريه " فخذنى معك إلى زمانك مع .. أبوابه على أزمنتكمكان مفتوحة

لى وله وقع عندى يهمس بمعنى ما ؛ غير واضح المعالم ، وأنا ؛ ع ..ولكنى ال أفهمه كله ..كالمك حلو : قلتبيننـا ثم أكتشف أننا لـم نلتـق ، ولـم يكـن ، كأننى قد عرفتك من قبل ، كل حال ؛ أميل إليك بغير سبب

..!!تعارف•

وأمها ؛ الست الجنية ؛ قضيت ؛ ياأستاذى " بدرية"نرجع بمرجوعنا إلى : وقلت ؛ بعد صمت اشتمل على كلينا ة ذات المظلة ، أمـام الـدار، ولنقـل أنهـا ؛ معهما وقتا ـ بعد خروجى من المدرسة ـ جالسا فى الشرف

مـا لك التى كانت ؛ و هذه التى نجلس فيها اآلن يمكن أن تسمى دارا ، أما ت ..فقد كانت أقرب إلى ذلك "..فيلال"وقد رأيت مارأيـت فـى العـام ..فما رأيته بداخلها يؤكد ذلك"..فيلال"زالت خلف المقابر ؛ فيمكن أن نسميها

..!!فأنا لم ألتق ببدرية وأمها إال فى الشرفة ذات المظلة ؛ طوال العام األول..التالى لهذا اللقاء !وماذا رأيت فى الداخل ؟: سألنىظننت أن أباها كان رساما ، وبحت بظنى ، لكـن أمهـا نفـت ذلـك ، فلمـا سـألتها ..!! رأيت فنانا : قلت

إنهـا لصـديق مـات : بعضها بغير براويز ؛ قالت لى و عن اللوحات الكثيرة المعلقة ؛ بعضها فى براويز، !!..فى ظروف غامضة

لم أشأ أن ألح فى معرفة شىء عن هذا الفنان ، ودائما كنت أنشغل بأناقة الفيلال ، فهى من الـداخل مرتبـة ؛ لـم يكـن ..على أية حال ..بحساب يبدو بسيطا ؛ غير أنه دقيق ، وكان أثاثها ؛ ولم يزل ؛ ينم عن ذوق رفيع

فالست أم بدرية نفسها كانت ذات ذوق رفيع دائما ، وما كان يحيرنى حقا هوأنها كانت ؛ كلما ، األمر محيرا ..!!رأيتها ؛ تخلف عندى إحساسا غامضا بالرهبنة

هـل :"فلنعد إلى ذلك اللقاء األول ، قلت لها ..إيه ؛ يا أستاذى ؛ لقد سبقنا األحداث ، والخيط انفرط من البكرة وأخرجت كراسة المجهود الشخصى للغة العربية، وأمسكت بالقلم " تحتاجين إلى شىء أحضره لك من البلد ؟

بيـدها "بدريـة " يدها اليمنى بكيس جلدى ، بينما كانت تحتضـن فأملتنى بضع طلبات ، ومدت إلى ..منتظرا، وال أستطيع أن آخذ نقودا منها ؛ ، فلما قلت لها إننى أنفذ أوامرأمى " خذ خمسة جنيهات : "األخرى ، وقالت

..فأخذت النقود ؛ مضطرا ؛ وذهبت إلى أمى.." ال تحضر شيئا ؛إن لم تأخذ:" قالت•

وسحبتنى إلى حجرة ، ما أن دخلت من باب البيت حتى أمسكت بذراعى .. كأن أمى كانت فى انتظار عودتى ..!!يتوقع المسراتو ، ت من ينتظر الكالمفى سم، ثم جلست أمامى ، وأجلستنى ، وأغلقت الباب ، خالية

..رحت: قلت لها !وبعد ؟: سألت

..تريد أن تراك: قلت !وبعد ؟: سألت ..وتريد هذه الطلبات من البلد: قلت ..إقرأ: قالت حقن بنسلين مائى ومعها أمبوالت المياه ٣ بزازة ، علبة لبن جاف ، عدد ٦ ، عدد رضاعة ٢عدد : " فقرأت

.."هاالخاصة ب ..!!ياعين أمك يا بنتى..!! يا عين أمك يا اختى: هتفت

..لبنها نشف من قلة البر: ثم قالت لى ..!!اهللا يجازى من كان السبب: وقالت ؛ وهى تشرق بدموعها، واغرورقت عيناها

..!!البد أن أعرف الحكاية: فقلت لها..عند هذا الحد ؛ يا أستاذى ؛ لم أطق !!ذا يا منيل ؟حكاية ما: قالت الئمة

• وزاد موقفى تعقيدا أنها اعتصمت بالصمت ؛ وهددتنى بـأن قلبهـا ..ورأيتها متمسكة بالرفض ، ولما ألححت

..!!" غادى تقولى فواهللا ؛ ماانا رايح وال إن لم: " وقلت لها ، سيغضب على ؛ عاندت عناد الصبيان ..!!" .التحلف..حرام عليك:" أرى ماء عينيها يترقرقوقالت ؛ وأنا ، هنا رامقتنى ؛ بعينين صافيتنى األديم

!يا امه أنا خفت ؟: قلت ؛ فى يأسيا حبيبى : قالت ؛ و قد فوجئت ؛ وقلبها ملهوف على. !!..

..ال تخف..ال: ثم قالت !لكن مم خفت ؟: ثم سألت ؛ مستغربة

..!!أنا الزم أعرف المسألة كلها: اثم قلت له..؛ من أوله ؛ وحتى رأتنى فى األصيل.." الدور "فحكيت لها ..!!لكن مصيرى إلى معرفتها ؛ البد منه..أنا ال أعرف المسألة كلها..وغالوتك عندى: قالت

..!! وعاهدنى..لكن ؛ إحلف أن تكتم السر..أقول لك: ثم سكتت برهة ؛ وقالت مضطرة ..عهد اهللا: قلت، يخفىعورته بأوراق شـجر " بلبوصا"را ؛ رأيت واحدا فرأيت خيرا ؛ اللهم اجعله خي ..من يومين نمت : قالت

فقد كان يضمها على بعضها ؛ حتى صـنع منهـا ..ويمكن أن تكون هىأوراق القلقاس ..كأنها أوراق القلقاس ..!!أنا رأيته جالسا فى غيط..قميصا، كازا غليظـا تناول من األرض ع ..ولما أتم صنع القميص دخل بجسمه فيه فكان منظرا عجيبا ..وقعد.. وقامتلك األرض البور ؛ التـى تقـع فيهـا "..القاطعه: "عليه ، مشى حتى انتهى من السبخة التى يسمونها وتوكأ

" دا سـوق " ، " ده سوق "، " دى سوق : "وهو يقول ..!! ويتمنجل..ثم بدأ يتحنجل ، مدرستك ؛ وهناك توقف فى هذا القميص األخضر، وكانـت الشـمس وتعجبت من رقصه بالعكاز "..!! دى سوق ، دا سوق "..دسوق"

:وأشار نحو مشرق الشمس ، وقال، كأنه يرانى ، ثم أشار نحوى ..والجو حلو، دافئة

..!!روحى شوفى سيدى ابراهيم الدسوقى وطلباته..ـ يا امرأة : سألته ؛ وأنا مستغربة من سحنته ؛ فقد كان يشبهك الخالق الناطق

! .ـ أنا ؟ ..!! يابختك..!!ا بنت األوجاويديا بختك ؛ ي: قال !! .من أنت؟! من أنت ؟: سألته

، وهـو يتمايـل ، وسال لعابه ، ثم لوح بعكازه فى الفضاء ..وتصلب جسمه ..وارتعش شدقاه ، غربت عيناه .!!". سـوق .. سوق..سوق..ده سوق ..دا سوق ..دى سوق : "وكأنه فى حلقة ذكر ، وكان يهتف ؛ بعزم ما فيه

اقتربـا منـى ..!! فاذ بى أرى رجلين يفـج النورمنهمـا ، الشرق ، نظرت نحو الشرق حوويلوح بعكازه ن !" ؟..أال تعرفينى ياابنتى: " فتوقفت وسألنى، وأشارإلى ، واقتربت منهما ؛ حتى وقف أحدهما

:فقال لى..وخيل إلى أننى قد سمعت صوته من قبل، سبلت عينى ألتمكن من تمييز مالمحه ..نتى بالقلبـ أنت اب

!!سيدى ابراهيم ؟: فقلت ؛ وقدعرفته ..ومعى أخ لى..نعم: قال .. أهال وسهال: قلت ..نحن نريد أن نتغدى: قال

..!!أنا خادمتك ؛ وخادمة ضيفك..!! يانهارى األبيض: قلت ؛ والفرح اليسعنى ..!!زغردت..ومن شدة فرحتى

..اللهم اجعله خيرا..خيرا: وسمعته يقول، هنا ؛ استيقظ أبوك من نومه ..اسقنى: فقلت له .." اللهم اجعله خيرا..اللهم خيرا..خيرا: وهو يقول..و أيقظنى من نومى

..!!ثم عدت لنومى، فشربت حتى ارتويت ، فأحضر القلة وأنا أخـدم علـى سـيدى ، زهرى أزرق ، الفجر والنورفيها كأنه نور ..جرة الضيوف ورأيت ؛ أننى فى ح

وأنا أقول ؛ كلمـا ، وأشكاال ؛ حتى امتألت الطبلية الكبيرة ..وأضع أطباق الطعام أصنافا ، وضيفه ، ابراهيم !! يـابركتى !! وسـيدى جـرجس معـه ؟ ! سيدى ابراهيم فى دارى ؟ ..يانهارى أبيض : دخلت ؛ أو خرجت ..!!يانهارى األبيض

وقلبى قد انقبض ..ت وأنا أحمل صينية القلل فوقف، ولم يلمسا طعامى ، لكننى رأيت أن كليهما لم يمدا أيديهما !!هل فى طعامى حرام ؟..يا خرابى: وقلت،

..ال ياابنتى ، ولكن أخى جرجس ال يريد أن يأكل طعامك إال بشرط: فقال سيدى ابراهيم ..!!شرطه علىالعين والراس! وما الشرط ؟: سألت ..ذا الطعام إلىهناكيقول إنه سيأكل حتى يشبع فى دار ابنته ؛ إن حملت ه: قال ..!! وكلوا فى دارى لقمة، اجبروا بخاطرى ..ياسادتى: قلت

..عندها حق يا أخى: فقال سيدى جرجس

..ياابنتى هاتى ماء: قال لىومزق سيدى .. ثم مزق سيدى جرجس شريطا من عمامته ..وشرب سيدى ابراهيم من القلة ..وشرب من القلة

ثم رفعا الطبلية ..ن معا ، وجدال منهما دائرة وضعاها فوق رأسى وبرما الشريطي ..ابراهيم شريطا آخر ..هيا بنا: وقاال..الكبيرة ؛ و عليها األطباق ؛ ووضعاها فوق رأسى

ومع وضوح النهار؛ وصلنا إلى تلك الدار؛ التى ذهبت أنـت ..كان الفجر؛ واألرض خالية ..ومشيا ؛ فتبعتهما ..!!لكن ابنتنا فى النفاس..تعبناكأ: وقاال لى فى صوت واحد..إاليها

:وقاال ؛ فى صوت واحد، ووضعاها فى شرفة دار ذات حديقة ، وحمال عنى الطبلية ..!!ـ اآلن ؛ نأكل من طعامك

قلت ؛ فى نفسى ؛ وأنا مازلت أتذكرالطريق الذى مشيت ..وبينما هما يأكالن ؛ فتحت عينى فرأيت أنه الصباح :فيه حاملة الطبلية

..!!وإما أن تكون رؤيا صادقة.. أن تكون هذه أمنية فى نفسىـ إما، فقمـت وتوضـأت ، خلف الدار التى وضعت فى شرفتها الطبليـة "القرافة" وفى منامى ؛ كنت قد رأيت

:وعملت اإلفطار ألبيك ، وبعد شرب الشاى ؛ سألنى، وصليت !؟..عالم كانت الزغاريد فى الليل..ـ خير ..ور ، وأفرق رحمة ونور أنا نفسى أز: فقلت !!والفاتحة أمانة ..إذهبى وزورى!. ؟.وماذا فى ذلك : قال

وسألتنى ..فخرجت إلى تلك التى رأيتها أنت ، ودققت الباب ، فقصدتها، ورأيت الدار ..وزرت..قل إنى ذهبت !أنت غريبة ونافس يابنتى ؟: فقلت لها ..عن حاجتى

!؟..فماذا تريدين..نعم: قالت ..كل خير يا بنتى: هاقلت ل

!!فهل ارتحت ؟..ووقع لى معك ماوقع، وتركتها وعدت إلى الدار •

يا أستاذى ؛ ؛ىنلكن..قد أكون عرفت تفسير الحلم الذى رأته أمى ؛ فيما بعد: ونظرت إلىاألستاذ وقلت ..!! لست متأكدا من ذلك

: وتحققت من اتجاهه، أخرى سألنى ؛ وقد رأيت خيط النور؛ الذى يطلع من طوق قميصه ؛ مرة !ـ كيف؟

..وصرت أخا حقيقيا لها" أم بدرية"فيما بعد ؛ وأنا فى العشرين ؛ وبعد أن توثقت عالقتى بالست : قلت !ماذا تعنى ؟..!! أخ حقيقى لها: قاطعنىر وأنا عائد ما فى العص وأسأل عنه ، كنت أذهب إليهما فى الصباح ..لقد رعيتها وابنتها ؛ منذ ذلك اليوم : قلت

وفى أول عام سورت ؛ مع بعض زمالء المدرسـة ؛ ، هما ما تحتاجان إليه يوميا وأحضر إلي ، من المدرسة ، ليوصل الكهرباء إلى دارهـا ؛ فى مجلس المدينة ؛ سعى أبى ..وكانت نصف فدان ..الحديقة المحيطة بدارها

ولـم يكـن الحـال علـى ماهوعليـه ، ن واستخرج من الجمعية الزراعية الموافقة على تشجير نصف الفدا ثم زحفت المدينة ..حول مدرستى ؛ "القاطعة"فبعد اإلنفتاح ، واإلتشارالعشوائى للمساكن ، بدأ التوسع فى ..اآلن

تـرفض تقسـيم ؛ حتىاآلن ؛ وهى.. محاصرتين من كل الجهات "القرافة"ا و ـارت داره ـوص، إلى هناك لقد آختنى ، إلى ثالثمائة جنيه من أن المتر ؛ فيها ؛ وصل سعره لرغمالحديقة ، وبيعها كأرض بناء ، على ا

فمكـان الـذراعين .. ولدت بغيرذراعين تقريبـا "بدرية"وفى يوم المؤاخاة هذا ؛ اكتشفت أن ..!! وهى تبكى ..!!زائدتين لحميتين

ن فرحتى حملت وم..وكنت مسرورا ..فى ذلك اليوم ؛ كانت شجيرات العنب فى التكعيبة قد أثمرت عنبا بناتيا فى ذلك النهار ؛ بكيت أنا اآلخـر .. فى قميص بدون أكمام "بدرية"كانت ..وفوجئت بى ..إلىالدارعناقيد العنب

وكانت أم بدريه حريصة على إخفاء البنت داخل الـدار كلمـا ..كنا فى أوائل عام أربع وسبعين ..حتى انفلقت :قلت ألم بدرية ؛ فى الليل..وكثيرا ما كنت أرى وجهها من خلف زجاج النوافذ..زرتهاإحكى لى..وأنت أختى.. بنتى"بدرية"و..ك فى بيرـ سر ..

• ..!! والظاهر أنها ستطول..الحكاية طويلة: قالت من بين دموعها

أنا ، يا فالن ؛ قبطية ، كان لى زميل فى كلية الفنون الجميلة ؛ مسلم ؛ أحبنى ، وأحببته ، كنـا فـى السـنة وذاعت ، ووصلت إلى بيت أسرتى ، كانت حكاية حبنا قد انتشرت ..اسة حين اتفقناعلىالزواج الرابعة من الدر

..!!وبيت أسرته ؛ فبدأت المشاكل، أنت ؛ وأنا ؛ أوشـكنا علـى االنتهـاء مـن ، يافالنه : "فقال لى ..وحاول أهلى ..حاول أهله أن يثنوه عن نيته ى إنسان ؛ مهما كان ؛ عـن أهـدافى ؛ التـى وضـعتها ال أريد أن يعطلنى أ ، دراستنا ، وأنا رجل عملى

نحن لن نرجع عما انتوينا ، ولن نسـمح ألحـد ، لهذا سأنحنى للعاصفة ، وأنت ستفعلين مثلما أفعل ..أمامىفـى .. وسنقطع العالقة بيننا ؛ أمام الناس ؛ حتى يهدأ الحال ..بتحطيم إرادتنا ، منذ اليوم سنتباعد فى الظاهر

أبذل ؛ وأنت أيضا ستبذلين ؛ جهدا مضاعفا فى إنتاج لوحـات تسـتجيب إلـى احتياجـات نفس الوقت ؛ س معتمـدين علـى ، وتكوين أسـرة ، على أنا بيعها لنستعد بمبلغ كاف نواجه به مطالب حياة مشتركة ..السوق ..!!"ونحن ؛ معا ؛ اللذين سنحدد الوقت المناسب لذلك.. أنفسنا

فن الخط العربى ، تصـميم أغلفـة الكتـب، : ، متعدد القدرات ، من قدراته وافقته ؛ وكان هو فنانا موهوبا تصميم وتنفيذ الديكورات ، وكان نشطا متوسع العالقات ، تحول إلى شعلة من النار ال تهدأ ، ودفعنـى إلـى

.. قوية وذا إرادة..وكان فعاال وواعدا..والثقة به..وجعلنى سلوكه الجاد عميقة الحب له..التركيز فى العملوكانت كل أسـرة تظـن أن ..وعلى األسرتين أدينا امتحانات البكالريوس ؛ فى هدوء ؛ اشتمل على كل منا،

مرجعه اقتناع كل منا بـأن يعتـزل اآلخـر، ويتسـلى ، ، واإلنتاج ، وانهماكه فى الدرس ، سكوت كل منا ..!!ليكف عن الحب..لينسى،ويكفكف أشواقه ، ويروض قلبه

ديق له ؛ فى ليسانس الحقوق ؛ اهتدى إلى هذه الدار ، فاشتراها ، واشترى نصف فدان ليجعله وبمساعدة ص بعد ظهور نتائج البكالريوس بأسبوع واحد ؛ سنلتقى أمام تمثال رمسيس فـى بـاب : "وجاءنى قائال ..حديقة ..!!"ونتزوج ثم نسافر إلى دارنا..الحديداآلن " ..!!واحتفظى بهدوئك ..ال تقلقى ..بت كل ما أعلم أنه مطلوب رت: "قال !" هل أعددت كل شىء ؟ : "سألته

، فى الموعد كنت أمام تمثال رمسـيس ..!! وإلىأى مدى كانت أهدافه تمأل جوفه ..؛ أعلم كم كان عقله باردا ، "د اهللا حسن عب"واآلخر اسمه ، " عبد اهللا الفالح "فوجدته فى انتظارى مع اثنين من أصدقائه ، أحدهما اسمه

".كانا هما الشاهدين على عقد زواجنا •

..!!دةهو صاحبك الدكتور ؛ إبن الست أم خال" عبد اهللا الفالح"أنت تعرف طبعا أن : وقلت لصاحبى األستاذربما يكون هـو عينـه ، وربمـا يكـون تشـابها : وقال، نظر فى عينى نظرة قوية .. لم يرد على كالمى

..!!فى األسماء فقط ..وقد تأكدت من ذلك عبرسنين عديدة.."حسن الفيلمجى" فهو ابن عمنا ؛" بد اهللا حسنع"أما ..بمار: قلت

!كيف ؟: سألنى ..!!وكل شىء بأوان .!! الصبر طيب: قلت

..وتبادلت األسرتان االتهامات.. انشقت وابتلعتهما قدكأن األرض صاحبنا تزوج منها ؛ واختفى بها، ..وبدأ البحث فى كل مكان

عبد اهللا الفيلمجى ؛ كان معجبا بالتجربة ، وتطوع بأن يكون مستشارا قانونيا ؛ فاصطحب العـريس فـور زواجه ؛ إلى مأمور مركز دسوق ، وطلب مقابلة ألمر هام ، المأموركان رجال مجربا ، أنصت إلى عبد اهللا

، يس والعروس إقامـة هنيئـة جيدا ، تفهم األمر ، استدعى رئيس المباحث ، وفى اجتماع سرى ؛ رتبا للعر ..!!وضمانات بالحماية ، ولم يتوصل أى من األسرتين إلى مكانهما ، وعاشا فى التبات والنبات

!؟..و كيف افترقا: سأل األستاذ قالت ؛ فى تلك الليلة ..!! صية هذا الفنان وأنا شخصيا مازلت حائرا فى تفسير شخ ..لست أدرى بالضبط : قلت

:لى أم بدريةوكان .. كل منا كان يرسم ؛ كما لم يرسم من قبل ..اجتمعنا فى هذه الدار؛ علىالفرح المشترك ، واإلبداع ـ

سنعمل لمدة عام كامل ، بنفس الجدية التىعملنا بها لنتزوج ، أنا أريـد أن أمهـرك : "قال لى ..عظيم الحماس لقـد رتبـت ..عـدها بقليـل أو ب ، سيكون هو معرضنا المشترك فى نهايـة هـذا العـام ..مهرا غيرمسبوق

نحن مشروع ..ومن فرنسا ننطلق إلى أوروبا ..ونقيم معرضنا األول هناك ..وسنغادرمصرإلى فرنسا ..لمستقبلناونتجسد ؛ فى أوروبـا ؛ سـأدخل معـك ، ويوم نتحقق ..البد أن يعرفونناعلى حقيقتنا ..ولسنا آلبائنا ، ألنفسنا

!!..".إذا انتهينا إلى مصر؛ سنجد هؤالء األهل أشد الناس فخرا بنا ف..ويروننا..البالد العربية ، بلدا بعد بلد

• لم يكن هـذا هـو الوقـت : "هنا قال لها ..حتى اكتشف كل منهما الحمل ..وعمال بجد : قلت لصاحبى األستاذ

،..!!" هذا الحمل لم يكن فى البرنامج : " ، قال ! " وكيف كنت أستطيع منع ذلك ؟ : "، قالت له ..!!" المناسب "وما ذا تريد أن أفعل ؟: "هسألت ..مبروك..التفعلى شيئا: قال

ويعـود متعبـا ، ، ويغيب سحابة النهـار ، يحمل أدوات الرسم ، بعد أيام ؛ الحظت أنه صار يستيقظ مبكرا أنـت .. يافالن: "فلما ثقل عليها ذلك ؛ قالت له..وينام، ثم يقلب فى كتب يتابع قراءتها ، فيبادلها حديثا قصيرا

مـا : "، سـألها .." وأنا قد اتخذت القـرار ": ، سكت ، ولم يرد ، فقالت ..!!" تريدنى أن أتخذ قرارا فى حملى ..!! ".حتفظى بهإ..حسن: "، قال! ..!سأحتفظ به: "، قالت.. " هو؟

• !هل اتسعت الفجوة بينهما لعدم مناسبة الحمل لبرنامجه ؟: سألنى األستاذ

أما الثانية ؛ فباهللا عليـك؛ مـاذا ..، هذه واحدة ..!! وتقدرون وتضحك األقدار ! ؟..أى برنامج يا أستاذى : قلتيستقبل هذا الخبر بما وكان من واجبه المقدس أن ..كان لهذا األب المسكين أن يفرح ! ينتج الحب غير الفرح ؟

..وليس لنا أن نرفضه، ثم إن الطفل رزق .. من مكانة ؛حب زوجته لهب ويليق بحبه ؛ذلك مباشرة فإن الست أم بدرية لم تذكر ، على كل حال ..إنما إلى الحياة ..؛ فى النهاية ؛ ال ينتمى إلينا وهو

..!!الفنان ؛ السع الدماغ إنما كان من هذا، ومنتهىعلمى أن الذنب لم يكن منها ..إنما األمورناطقة، ؟..و لماذا تحكم على دماغه هذا الحكم: سألنى ؟..وربا قد أثرت فيكأم أن حياتك فى أ..س لعبة وتنفضع ليياأستاذى ؛ ماوق: قلت

!ماذا تعنى ؟: سألنى ..!! عن حملها ؛ إن لم يكن ذلك باتفاق مسبق مع الزوجأعنى أنك تعتبر المرأة مسؤولة: لتق

..من حيث المبدأ ؛ البد من اتفاق الزوجين على الحمل: قالفقد كان يمكنه اإلنتظار شهرين ، ثم يصـطحب زوجتـه ..مللكنى أظن أن األمرلم يكن خالفا على الح : قلت ..!! وما كانت لتفسد عليه برنامجه المزعوم..معه

! فى نظرك ؟ ؛وماذا كانت حقيقة األمر: سألنىولـم يـنقض أسـبوع ..ولم يكن معهما ثالث حسب قولهـا ، بل إنه هو الذى ولدها ..لقد حضرالوالدة : قلت

الحقيقـة ؛ يـا أسـتاذى ؛ أنـه عـرف علـة ..ه ؛ إال وقد اختفى حتى وقت النـاس هـذا على والدة طفلت ..وتركهما ، وهرب..الطفلة !وتبنيتها أنت ؟: قالمتهـا كـل مـا أسـتطيع وعل..، وأنا فعال تبنيتها ..!! إنه ليس إال واحدا من األنذال ؛ مهما كان عذره : قلت

لترى بنقسك كيف تنسج بأصابع ، أن أصطحبك إلى هناك فى الغد ولو أن لديك وقتا ؛ فإننى مستعد ..تعليمها

حسـن " ؛ ابـن "عبـد اهللا التليفزيـونجى "ولـوال أن .. فيمكنك الحكم على لوحاتها ؛ وبما أنك أستاذ ..قدميها ..!! . ؛ قد أراد استغاللها لصارت اليوم فنانة مشهورة"الفيلمجى !وماذا فعل ؟: سألنىأنت الحق لك فى عـزل : " فبعد أن حكت لى الست أم بدرية ؛ قلت لها ..تى دوره سأحكى لك ؛ حين يأ : قلت

ثم إنك تظلمينها بهذا الخوف من ..فأنت لن تعيشى لها إلىاألبد ، ونعلمها ، ونحبها ، ، دعينا نعاملها !! البنت .."إظهارها للناس

وإال فإن موقفك منها لـن يكـون ..ضىفاقبلى وار ..اإلعاقات كثيرة : " فلما لم تستجب على الفور ؛ قلت لها ..!!"مختلفاعن موقف أبيها

.. نعـم كالمـك : "وقالت ؛ كأنما قد سقط عـن قلبهـا غشـاوة ، هنا ؛ فقط ؛ ظهر عليها شىء من الخوف ..واحتنضت ابنتها بشغف..!!" صحيح

• ما اكتشفت ؛ فاستقبلتنى وأنا ممتلىء غضبا وألما ؛ ب ، وحين رأيت أمى فى اليوم التالى أخبرتها : قلت لألستاذ

..فهى مازالت طفلة..وكان الود ودى أال تعرف ذلك اآلن..أنت اآلن عرفت: بهدوء ، وقالت لى ..!!منذ اليوم األول..أنت كنت عارفة بذلك: قلت لها ؛ فى سورة انفعال كظيم

..!!التغضب ياحبيبى: قالت ..!!أنت كنت عارفة ولم تخبرينى: قلت ..!!؟ نعم كنت أعرف..يد العتابوماذا يف: قالت !؟..فلماذا لم تخبرينى: سألتها .. ولم تكن قادرا على التحمل بعد..ألنك كنت صغيرا: قالت

؟ وكيف يجتمع كل هـذا ..ومم ذلك : وأضرب كفا على كف ، وأقوم وأقعد ، سألتها ؛ وأنا أدق جبهتى بكفى !!الجمال مع كل هذا العجز ؟

فماذا كان يمكن أن يكـون حالـك لوعرفـت ذلـك منـذ .. والحيرة تأكلك ؛ ه تسأل وأنت فى سنك هذ : قالت ..!!وتؤذى البنت وأمها، الخبر والترفع صوتك فينتشر..إهدأ! ؟..والدتهاواكتشفت ؛ فيما بعد ؛ أننى ..ويعلم اهللا أن نفسى قد صدت عن األكل والشرب أياما اعتزلت فيها الناس ..سكت

.. وأمها"بدرية"ولم أذهب إلى ..كانت تتناوش كيانى كله..وتساؤالت..هموم غامضةال بومثق..كنت محموماولما امتدت بى محنتى أكثـر ..ثم راقبت أحوالى من غير شعورمنى بها ..!! فى البداية ؛ تركتنى أمى لحالى

:جاءتنى قائلة ، من شهر ..!!وأنت لست عيال من العيال..!! ـ الدنيا لم تنهد ياعين أمك

..!!وأغلقى الباب من الخارج، أتركينى لحالى : ت لها بجفاءقل.. وقعدت فىالظلمـة ، وكل المنافذ ، والشباك ، أنت قد قفلت عليك الباب ، أكثرمن شهر؛ وأنا ساكتة : قالت

!فماذا تريد منى ؟..وركبتك عفاريتك

فلمـاذا هـذه ، ك منتصبا وصارشعر، وذقنك طالت ، عيناك احمرتا ..بص لنفسك : سكت ؛ ولم أرد ، فقالت ؟..؟ وماذا سيعود عليك أوعلينا من ذلك..العفرته!

..!!وأنت الذى حضرت..من حضر العفريت يصرفه: فقالت ؛ وهى تنصرف..سكت ؛ ولم أرد ..!!بل أنت التى حضرت: قلت لها صارخا

..!!وقد سمحت له أنت بأن يركبك..!! ولو: قالت !!أنا ؟: صرخت ؛ وأنا أنتفض

..!!نعم ؛ ألنك هايف: التق !!أنا ؟: صرخت ؛ هائجا

ىء لـه يويه.. والخائب ؛ الذى مثلك ؛ يترك نفسه للعفريت ..نعم ؛ ألن الشاطر هو من يركب عفريته : قالت ..!!فيركبه ؛ ويدلدل رجليه..الجو؛ كما تفعل

..!!حرام عليك يا وليه: قلت ..!!أنا خلفت رجال..حرمت عيشتك: قالتفدفعت مصاريعها بعنف ؛ دوى فى أرجاء الفضاء ؛ فأعشـانى الضـوء المفـاجىء ، ت نحو النوافذ واندفع :فتزلزت ؛ وقلت..الكاسح ..!!ساعدينى..ـ طيب

إذهب ؛ فاسـتحم ؛ فقـد جافـت !! ؟..هل أبخر لك العود والجاوى ! ماذا أعمل ؟ : قالت ؛ فى سورة غضبها ..!وروائحك كريهة..جثتك

• حقا ؛ كنت مريضا ؛ فحين خرجت من الحمام ، ونظرت فى المرآة ، رأيت شخصا تعرفـت :وقلت لألستاذ

واهنا بعذاب م ؛ يصرخ صراخا وجه هضي ، ؛ كأن الدم قد تخثر تحتها ءبشرة صفرا !! عليه غير مصدق با ، التصـمد وكنت متع ..!! قد وصل إلى منتهاه ، عينان قد سلمتا أخيرا ؛ أخيرا ؛ بما شاهدتاه ، ولم تصدقاه

..!!مفاصلى ، ورجالى التطيقان حملى ..!!فاحترت أين أضع جسدى، بعد الحمام ؛ وجدت أمى قد نشرت فراشى فى الشمس

..!!إذهب واشرب شوربة الكوارع ؛ فتشد عصبك ، وتصلب طولك..ال ترقد: قالت لى !كوارع ؟: قلت بوهن

!!وهل كنت تريد حماما ؟! ..!عجائب: وتمضى إلى أشغالها، قالت ؛ وهى تمصمص •

والناقه يحتاج إلى مـن ..يا أستاذى ؛ أنا كنت فى نقاهة : ابتسامة حزينة وقلت ؛ وأنا أراه ؛ وقد علت وجهه :وقلت ألمى..يأخذ بيده

..!!ـ عايز أفهم ..!!وما أعرفه يمكن أن يكون كالما ال أساس له..ال أعرف الكثير: سكتت ؛ ثم قالت

.. ـ قولىفتعجب مـن .. بينى وبينك ؛ أنا أخبرت أباك بما رأيت : واستسلمت قائلة ، فنزلت على إلحاحى ، أصررت و

:وقال لى، ذلك ..!!ـ أقطع دراعى إن ماكانت هذه البنت مسحورة

!!من هى ؟ البنت أم األم ؟: سألتها !!..أحيان أخرىويعنى البنت فى ..وفهمت من كالم أبيك أنه يقصد األم أحيانا..لست أدرى: قالت

!؟..وكيف كان ذلك: سألت أمىهيا بنا ننزل إلـى مصـر ..يافالنه يابنت فالنه: "لست أدرى ؛ غير أن أباك لم يكذب خبرا ، وقال لى : قالت

..!!"ونزور أهل البيتز منـك أنـا عـاي ..يافالنه: "لكن أباك الرقم قال لى ..وجسمى فيه الوجع ، فمنذ زمان وأنا مشتاقة ..أنا فرحت

"..تعرفى لى من أين هى هل تريد العنوان ؟: قلت ..واتركى على الباقى.. التى جاءت منها"الحتة"يكفى : قال

!ماذا ستعمل ؟!! يالهوى: قلت له ..!!سأجيب الحكاية من قرارها: قال لى

..!!ربنا يستر: قلت ؛ وأنا موسوسة•

: ؛ وقال لـى " اللوكانده "الرويعى ورجع إلى ؛ فى وهناك نزل ..وبعدها ؛ ياعين أمك ؛ أخذنى وسافر مصر ".حارة المظلوم "، وأصلها ، وأصل زوجها ، من حارة اسمها " الرويعى"هى من ..فعال"

..!!ياساتر: قلت له !!..وباكر ؛ إن شاء اهللا ؛ سأحكى لك الحكاية من طأطأ ؛ إلى سالم عليكم: قال لى

• :طرأ على وجهه ، فصارأبيض ، كأن الدم قد هرب منهقلت لألستاذ ؛ وأنا أالحظ تغيرا

بينى وبينك ؛ إن كان سحرا ؛ فال يمكن أن يكـون : "فأمى قالت لى ، ولم أصدق ، ـ ياأستاذى ؛ أنا سمعت ..!!"هذا ؛ من غير كالم كتير ؛ سحر يهود ، اليعرفون ربنا..والسحرأقباط..سحر مسلمين

ماذا حكى أبوك ألمك ؟: قاطعنى األستاذ ؛ سائال بصوت مبحوحوكـانوا ..أهـل البنـت ؛ وأهـل الولـد ..المسألة هى أن هؤالء كـانوا جيرانـا : " ياسيدى ؛ قال لها : قلت

وفـى .. فرق بينهم ، إال حين يوقع بينهم عدو ، ويدخل العوازل وطول عمرهم عاشوا أبا عن جد ال ..حبايبوحتى زواج الولد من البنـت لـم ..بسببهم هم ولكن هذا لم يكن .. بينهم مشاجرات ووجع قلب تساعات حدث

وخاصـة بعـد الحـرب ، ن هذا النسب قد حدث فى الحارة قبل ذلـك وأوالد الحالل قالوا لى إ .. مشكلة يكن؛ بجاللة قدره ؛ كان من شهود العقد ، وقد غنى وصهلل وأحيا " سيد درويش "وإن المرحوم ..العالمية األولى

والحسـد ..والبنت أيضـا .. الولد كان له حساد ..لكن الظروف ..ية من أصحابه الليالى الكثيرة مع كل الصهبج ..!!والبد من المكتوب..لكن ساعة القضا يعمى البصر..جاء فى القرآن وفى اإلنجيل

بالعجل الذهب؛ إنها ؛ وحلف..وحطها فى دماغه .. أوالد الحالل قالوا إن البنت كان واقع فيها مليونير يهودى وقـال لهـم كـالم مثـل ، ومن غير أن يشعر به أحد ؛ أرسل المراسيل إلى أهلهـا ..ه وحده لن تكون إال ل

وهل نزوج ابنتنا الفالحة ليهودى ..يادى المعره ياناس : وقالت..الحق أن أباها لم يرض ، وأمها كذلك ..العسل حاجه ، إال أن يكـون إنه يمكن أن يكون أى ..إنه ليس يهوديا : " لكن المرسال قال لهم !! . ؟..على آخرالزمن

ولو أننى أعرف لغات لعرفت .. له" باسبورت " رأيت ن سيأكلهما الدود ؛ فأنا بعينى هاتين ؛ اللتي ..!! يهوديافلنقـــل إنـــه ..وهـــذه فرصـــة العمـــر..يانـــاس هـــذا رجـــل مقتـــدر".. " جنســـيته

وتوكلـوا ..فاستهدوا باهللا !! ..يعنى هذا الرجل حمايه ..أمريكانى..روسى..طليانى..ألمانى..فرنساوى..انجليزى، ! ؟..منين بقى يبقى يهودى ".. يزاك إ: "واحد اسمه ..ياناس".. "ولها له وقولوا لى كلمة حلوة ؛ أق ، اهللا على

رح يـاابن النـاس لحالـك ، ال : " وقال األب ..!!" على جثتى : "فصرخت األم ..!!"..دا ربنا عرفوه بالعقل !".!…تخرب البيت ، ال تخرب البيت

والحظت أن األستاذ قد استولى عليه اهتمام عميق ، ولم أفهم سر هذا االهتمام ، لكننى قلـت فـى عقلـى :، وأكملت كالم أبى ألمى" وماذا على من البحث فى ذلك ؟ :" لنفسى

فهـؤالء .. وال للبنت ..ماوقع للولد ماوقع ، وذاعت ، الحق أنه لوال أن المسأله شاعت : ـ أوالد الحالل قالوا وأخـرج لـى الـدفاتر ..فاصـطحبنى إلـى داره ..وشيخ الحارة القديم ؛ عرف أننى أبو زمـل ..الناس أهل

،ولما تأكدت أن األصل واحد ..!!"أبو سعيد العسال وأبناؤه : " هذا هو أصل العائلتين ..إقرأ: وقال لى ..القديمة :قلت له.." واللى بنى مصر كان فى األصل : "؛ قال لى

..!!"حلوانى"ـ ..!!".اهللا ينور الفؤاد: " قال

وهو على كل حال لم يضـغط علـى .. ربك والحق ؛ يافالنه ؛ أنا لم يكن فى خاطرى أن أكشف له الطابق وماذا كان ذنـب هـذه ..يا خسارة : "رب كفا بكف ، وقال لى ض.."بدرية"لكننى حين حكيت له خبر البنت ..

!!"؟..المسكينة، فلما سـألته عـن ..!! " سحر الشيوخ مسلمين وأقباطا .. بل هو السحر .. ال: " قال لى ،.." أمر اهللا : " قلت

وكل واحد اشتغل على التـانى ..ودب فيها الشجار ..انقلب حال الحارة ، والبنت ، منذ اختفاء الولد : "ذلك قال شغل جـن مـن تحـت صدقنى هذا ..والنتيجة كانت هذه البنت ..ومن قدرعلى شىء ؛ ففوقه القادر ..بالسفلى ..!!"وأثر البنت كان موجودا عند أهل الولد..فأثر الولد كان موجودا عند أهل البنت..األرض

..!!"اهللا أعلم : " فلما أردت التأكد ، وطلبت منه الدليل ، قال•

:فقلت ؛ مصطنعا الجد..ورأيت األستاذ وقد تهلل وجهه ، وعاد إليه لونه ، وابتسم ابتسامة المتعجب

أنا رجل متعلم ؛ يا أستاذى ؛ وأنت أدرى الناس بأن التعليم ! ل تعتقد أننى صدقت هذه الروايات ؟ ـ وه ولسـت أنكـرأن هـذه ، ويمكن أن يفوت فى أى كالم ..لكننى كنت فى النقاهة ..يكنس هذه الخزعبالت

..ىأعن..وأنت ؛ ياأستاذى سيد العارفينولعبت فى دماغى ، ، الحواديت قد وجدت عندى صدى ..!!إنه موجود فى كل الكتب المنزلة! ؟..وهل تنكر السحر: سألنى ؛ مقاطعا ؛ بصوت أجش ال يشبه صوته

ولكن ؛ هل يمكن أن تكون كـل مصـائب الـدنيا سـببها ..يا أستاذى ؛ السحرعلىعينى وعلى راسى : قلتإلـى يطرد أباه العجـوز اإلبن ! هل سبب ذلك هو السحر ؟ ..!! اإلبن يقتل أمه من أجل شمة بودره ..السحر

كـل شـىء لـه .. ال ياأستاذى ! ؟..فهل يرجع ذلك إلى السحر ..!! الشارع ليستولىعلى مسكنه ليتزوج فيه كنت أريـد ..كنت أريدها غير عاجزة .. إنما شغلتنى بدريه ؛ وأنا ؛ بعد النقاهة ؛ لم يشغلنى السبب فقط ..سبب

..أن أهتدى الى السبيل التى توصلنى إلى ذلك !وماذا فعلت ؟: لنى ؛ بنفس الصوتسأ

"بدريـه "واألهم منى ؛ ومـن أمهـا ؛ ..كانت معى أمها ..فلم أكن لوحدى ..اليهم مافعلته أنا : قلت على الفور ..!!شىء عبقرى..شىء عبقرى ؛ ياأستاذى..نفسها

!من؟: سأل مستطلعا قـد تبينت قسمات لألمل ؛ لـم أكـن و..ومنذ أن بدأت تظهركرامة ؛ ازداد اعتقادى فيها .."بدريه"..هى: قلت

..إنك إذا شرفتنا ؛ ستعرف معنى ما أقوله لك..!! عرفتها !؟..وماعالقة عبداهللا الفيلمجى بهاـ

!؟..أنت تقصد عبد اهللا التلفزيونجى: فقلت..قاطعنى ..!!نعم: قال مستدركا

..!!ا يجبوجب م: قلت ألمى، وخرجت من حيرتى ، ياسيدى ؛ بعد أن عفا اهللا عنى : قلت ..!!نعم ؛ أرنى أفعال الرجال: قالت

وتخرج مـن هـذه الـدار ..فقد أصررت على أن تعيش بدرية فى النور ..البلد كلها وبل ، ولم أرها هى فقط ولم تمض ثـالث ..وأن تعمل برجليها ؛ كل ما كان يمكن أن تعمله بيديها ..والشوارع، فترى الناس ..المنعزلة

سيأتى وقت ؛ يا أستاذى ؛ وأعرفك بتفصيل دقيق كـل ..د بدأت تعتمد على نفسها حتى كانت بدرية ق ، سنين ففى أحد األيام عـرف عبـداهللا ..وهذه هى صلة آل الفيلمجى بها ..أما اآلن ؛ فاعلم أنها تنسج وترسم ..شىء

نت ولحسن الطالع ؛ ك ..ولست أعرف كيف وصلته تلك المعلومات التى جعلته يسعى الى دار بدرية ..المحامىبسـنين " العمليـه " وللعلم كان هـذا قبـل فـيلم ، حين رآنى رحب بى ..هناك أعمل على المنسج مع بدرية

األول أن أتفرج علـى شـغل السـجاد .. طلبان لى : فقال..وسألته عن طلبه ، بادلته الترحيب ..المهم..كثيرة ..والثانى أن أرى الست أم بدرية..اليدوى ألشترى

.."!!مادام األمر قد حكم فال بد أن نكون فى مستوى حكمه: "قلت فى نفسى أحرجنى ؛ يا أستاذى ؛ و ..!!" رائع..رائع: "وتمتم..وقد رأيت هزته فى ذهوله.. وهكذا فرجته على شغل بدرية

! .؟..هل لى أن أرى الفنانة الصغيرة : قال

..وممنوع أن تخرج من عملها، ولو أنها تعمل اآلن ..البأس: قلت ..!!يا سالم: مرة فى حياته فهتفورآها ألول

..!!"اللهم سلم : " ولما رأيت انبهاره ؛ قلت فى نفسى بكم تبيعين السجادة ؟: وسأل بدرية

فقالت ؛ وهى تنقل نظرها منه إلى: ..!!ـ إسأل بابا

؟..وهل التقى بأم بدرية: سأل األستاذ ؛ مقاطعاـ ..دار بينهما لم أدر ما ..ا ، بعيدا عنا وطلب منها الجلوس وحدهم ، التقى بها ..نعم: قلت ا كـان شـاهدا ولم

.."!! فبـدأ الفأريلعـب فىعبـى ، وطال الحـديث ..فقد اطمأن قلبى ، ويعرفان بعضهما ، علىعقد زواجهما :وسألتنى بدرية عنه قائلة

..!!انا لم أحبه! ـ من هذا ؟ ..!! وهيا بنا نعمل، بالك فال تشغلى..وسترين كثيرين غيره..هذا واحد من الناس: قلت لها

• قد اطمأننت على الست أم بدرية بعد زيارة عبداهللا الفيلمجى؟، بالتأكيد ، أنت : فقال األستاذ..وسكتلقـد رأيتهـا ..فلم يكن لى أن أفرض نفسىعليها ، وأتدخل فى شؤونها ..الحق أننى لم أطمئن على الفور : قلت

وقالت ؛ وهـى ، ا شديد الشحوب ، هى التى جاءت إلى فى المشغل مرهقة ؛ بعد هذا اللقاء ، وبياض بشرته وأمـك وأبـوك .. قد يأتى بعض أهلى لزيارتى ؛ فقد عرفوا مكانى ..ياعبد اهللا : "تضع كوبين من الشاى بيننا

ولـن أتخلـىعن ابنتـى حتـى ..أنا لن أترك هـذه الـدار ..رأيهما أن تعرف البنت أهلها ويعرفون أحوالى وقد سألنى عمـا إذا كـان ..ومازالت بينهما صلة ؛ كما يبدو ، الفيلمجى كان صديق زوجى عبد اهللا ..!!أموت

فزوجى لم تصلنى منه ورقة بالطالق ، وأنا لم أرفـع ..وهذه نكتة ..ألنه يريد االرتباط بى ، زوجى قد طلقنى .." .عليه دعوى للحصول على الطالق

! ولماذا ال ترفعين دعوى ؟: سألتها وقـد ..ولن أتخلىعن ابنتى أبـدا ، إنى لن أتزوج ! ؟ ومن ذا الذى سيستفيد ؟ ..ذا يمكن أن يفيد ذلك وما: قالت

إنه ؛ فى ظنى .. أن أوكله فى رفع دعوى ؛ مؤكدا أنه سيحصل لى على حقوق كثيرة "الفيلمجى"عرض على ؛ ياعبد اهللا إسمع .. حين سألته وإن أنكر ذلك بشدة ، يعرف مكانه ويبدو أنه .. ؛ يعرف أن زوجى حى يرزق

إنما األهم ..وليست هذه أمورهامة ، وأنه سيندم ، ويتألم ..أنا عندى إحساس قوى بأن زوجى سيعود ويظهر ؛ ..!! وسيكون هذا اليوم يوم راحتى.. ستعرفه ، وأنه سيعرفها"بدرية"عندى أن

• وهـو مـازال ، ثم سألنى ، فكير واستغرق فى الت ..؛ انحنىعلى نفسه ؛ حتى المست جبهته ركبيته " األستاذ"

:منكس الرأس ..ـ وعبد اهللا التلفزيونجى ؟

فـى سـيارته ؛ وخلفـه سـيارة ؛" التلفيزيـونجى "لم تمر أيام ؛ حتـى هـل علينـا : ضحكت ؛ وأنا أقول !!؟..أين هى البنت المعجزة : ودخل علينا الحديقة برجاله قائال..التلفزيون

!ة ؟أى خدم: اعترضته ورجاله ؛ سائال !أين البنت ؟..جئنا نصور: قال ؛ وهو يزيحنى بذراعه ، ويواصل الدخول

.. وقفت فى الشرفة.. من الداخل على ضجيج الرجال هذه اللحظة ؛ خرجت الست أم بدريةفى ..!! إستعدى للتصوير يامدام! أنت أم البنت ؟: سألها التلفزيونجى

..!!واخرج، ورجالك ، خذ آالتك ..اأستاذأنت ي: وقالت بهدوء، أشارت بيدها إشارة قاطعة !!؟..أنت ؛ تطرديننا: زأر، أذهله ما وقع

..!!نحن لم نتفق..ياأستاذ: قلت ؛ وأنا أقترب ؛ فأقف بينه وبينها !على أى شىء ؟: سأل بضيق

..!!على الفيلم: قلت !أى فيلم ؟: تساءل حائرا

؟..فماذا تريد أن تصور: سألته ..عوقينهذا برنامج للم: قال

!؟..يعنى فيلم: قلت ؛ متغابيا ..برنامج ؛ ياأسطى ؛ وليس فيلما: قال

..!! وال نقبل أقل من أجور النجوم..ونريد فيلما..ونحن ال نريد البرنامج: قلت ؛ معاندا !من أنت ؟: ثم سأل، وقف حائرا

..!!أنا وكيل أعمال البنت: قلت ..!!سأرضيك..آه: أمرا كان غائبا عنهقال ؛ وقد بدا على مالمح وجهه أنه قد فهم

..وتركت يده ممدودة..ودس يده فى جيبه ، وأخرج ورقة بعشرة جنيهات !؟..قل ؛ ماذا تريد! تريد عشرين ؟ ثالثين ؟: عسألنى بضيق وترف، مليونا وتعود إلىالتلفزيون وتقول لهم إن بطلة الفيلم تريد ، أريد أن تتوكل على اهللا : قلت فى هدوء بارد ؛ فاعلم أننا مكتفون "يفتح اهللا : "وإن قالوا ..وتنبسط فتصور، فإن قبلوا ؛ تأتى إلينا بالفلوس ..ونصف أرباح الفيلم

!!..بالستر ..!!أنت مجنون : حدق فى وجهى ؛ قائال

..!!اهللا يسامحك: قلت ..!!ويرفض..ليهمن ذا الذى يأتى التلفزيون إ..!! كلكم مجانين: وقد طارصوابه، قال ؛ مرتبكا

..!!نحن الذين نرفض..!!. نحن المجانين: قلت ؛ وأنا أشيعه إلى الخارج•

!وهل كنت تريد منهم فلوسا حقا ؟: وسأل األستاذ جادا

!أو لم تكن بدرية بنتا منتجة ؟! ؟أليس هذا داخال فى سياقات البيزنس! ولم ال ؟: سألته بدروى .. يكملثم لم ،.."لكن : " اعترض بقوله

إنه ليس ارتزاقا بالعاهة ؛ يا أستاذى ؛ فنحن لم نعرضها فى السوق من أجل ..أنا فاهم وجه اعتراضك : قلتويرتزقون منها .. ن يفعلون ذلك إنما هم ؛ الذي ، لسنا نحن الذين نعرضها فى السوق ، وإن أردت الحق ..ذلكولـم ..أما نحن؛ فقد علمناها كيف تعمـل ..و تلفزيونيا سبقا صحفيا أ ..إيهاما بفعل الخير ..ماال: اقا متنوعة أرز

..!!نعرضها فى السوق بالمخادعات ؛ من أى نوع ..!!أنت جدير بأن تكون من صفوة المثقفين: نظر األستاذ فى وجهى بإعجاب ، وقال

ثقفـين ؛ ومع ذلك فإننى أعرف ثلة مـن الم ..ياأستاذى ؛ أنا رجل على باب اهللا !!. أعوذ باهللا : قلت مستغربا إنه ابـن !!. أال تعرفه ؟..ابن الحداد"..عبد اهللا"إنه ..يجتمعون كل عام ؛ فى الليلة الكبيرة ؛ فى دار واحد منهم

..!!وأمه تحبنى ؛ حبها لفلذة كبدها..خالتى ..!!أنا أتكلم جدا: قال بتأكيد

فأبو بدرية مثال ..أنا أرفض ذلك . !؟..فهل ال يعمل الواجب إال المثقفون ..وأنا لم أعمل شيئا إال الواجب : فقلتولنعـد إلـى ..، دع عنا هذا الكالم ؛ الذى ال يعلم فـى الـدماغ ! أم أنه كان من أغمار الناس مثلى؟ ..مثقف ..!!بدرية

وخصصـت .. بعد هذا اليوم بأسبوع ؛ وجدت الست أم بدرية قد أعدت أدوات للرسم : فاستطردت..سكت هو وحـالوة ،؟ أنـا تعجبـت ، وذهلـت مـن براعتهـا هل تعلم .. وبدأت ترسم ،لنفسها مكانا قريبا من ابنتها

كانت هذه أول مرة أراها تبتسم ؛ ..!!. فابتسمت! ". لماذا كنت ساكته طوال هذه السنين ؟ : " فسألتها..شغلها !ألن تعلمينى ؟: فقلت لها..ياأستاذى ؛ واكتشفت فى هذه المرة كم هى جميلة

!!...استعد ، ونظم وقتك: قالتولـم يـنغص الحيـاة غيرعبـور ، تحولت هذه الدارة ؛ والحديقة المحيطة بها ؛ إلى جنة .. وبمرور األيام

..وعملى فى المصنع..المرض !المرض ؟: سألنى مهتما

كانت ..ربما هو اإلرهاق : قلنا وفى البداية ، ولمدة طويلة ؛ لم نستطع تمييز السبب، ..مرض بدرية ..نعم: قلت ثم ينقشع بعـد سـاعة وقد يعاودها فجأة ؛ .. شهرا أو تزيد قد تستمرالنوبة ..ن الصداع الحاد تصيبها نوبات م

..!!وفى هذه النوبات كانت تتخبط ، وتعانى آالما عنيفة..أوساعتين !؟..واألطباء: سألنىرى إن فتاح ـ دعوة ؛ لست أد أمى تدعو لى ـ بعد اإلن ربنا ينجيك ؛ يا أستاذى ؛ كانت..!! األطباء: قلترح يا ابن بطنى ، : "كانت تقول .. لها عالقة بدوختنا ببدرية على األطباء ؛ فقد كانت تعرف حالة البنت كان

..!!"والمحامى..ربنا يكفيك شرالدكتور !ماذا كان تشخيص الدكتور؟: سألنى

وواحد .."!! وكيمياء أشعة: " واحد يقول لك ..النفساويينبدأنا بالمخ واألعصاب ، وانتهينا عند األطباء : قلت! ؟.. ذلـك قال لكم من الذى !! عمليه ؟ : "؛ منزعجا ، وواحد يقول ..!! "عملية..!!العصب الحائر : " يقول لك

..!!خراب بيوت يا أستاذى..!! ، ومررنا بالجهاز الهضمى ؛ والعظام ، وما إليه" !؟..واآلن: سألنى ..وأمها النظر ، ونعرف أن العالج ليس فى أيدينااآلن ؛ كلما أصابتها نوبة صداع ؛ أتبادل : قلت !..أتركتماها لأللم يفترسها ؟: سأل ..!!البنت محتاجة للوليف..يا أستاذى ؛ إفهمنى: قلت !للزواج ؟: سأل !؟..ولها قلب يهفو، أليست بنتا مثل كل البنات !. وماذا فى ذلك ؟: قلت

..!! .وسكتنا..ونكست رأسى•

!.هل مازالت تعتقد أنك أبوها ؟و: سألنى فجأةهى تحبنى كأبيها ..نعم..البنت كبرت ؛ يا أستاذى ؛ وعرفت كل شىء !. وكيف ذلك يكون أمرا معقوال ؟ : قلت

..إنها فى السادسة والعشرين ، وربما أكبر بشهور..تماما ، لكنها تعرف اآلن كل شىء عن نفسهاأتعرف ؛ يا أستاذى ؛ أنا كنت أتمنى لو كانـت أمـى : ضاحكسكت ، وقلت ؛ محاوال تغيير الحديث ؛ وأنا أت

..مازالت على قيد الحياة :سألنى ! لماذا ؟ـ

:قلت ؛ وأنا أنصرف إلى الحمام ألفرغ مثانتى وياعطـارين ..والتلفزيـونجى .. المحاسـب : األخـرى ـ ألطلب منها أن تدرج فى دعائها لى ؛ كل الفئات

! ؟..الصبر فين أراضيه..دلونى•

فاستغرقت فى صـالتى ونسـيته ..ورأيته مستغرقا فى الكتابة ..كنت قد توضأت ..وعدت من الحمام بعد وقت أتعبتك ياعبد ! ؟..الشاى مرة أخرى : وهو يضع أوراقه جانبا ، وقال لى ، وعملت شايا ، دت النار وبعدها جد

..!!اهللا ..!!كله من خيرك ياسيدى: قلت مجامال

وأنت ؛ يا أستاذى ؛ ألم تعرف أحدا ليس ": بدرية "اول مرة أخرى أال نعود إلى حديث ثم سألته فجأة ؛ وأنا أح !! ؟"عبد اهللا"اسمه

"..يحيى الظريف"اسمه كان ..بل عرفت واحدا: وقال،ابتسم ابتسامه شاحبة !؟" يحيى الظريف" هل تعنى سيدى : سألت مندهشا !؟" يحيى الظريف"ومن هو سيدى : سألنى بدوره

..!!الحق ؛ أننى ال أعرف حكايته بالضبط: ت متحيراقل ..!!أخبرنى بما تعرفه: قال !وما أهمية ذلك ؟: سألته ..إن له أهمية عندى: قال !هل تقوم بدراسة ؛ أو شىء من هذا القبيل ؟: سألته ..إنى رأيتك تكتب: فقلت..وأطرق قليال..سكت

وذقنه ، مارا برقبته ، ر من النور ينطلق من جيب قميصه وقد عاد ذلك الخيط المتوت ، رفع فى وجهى وجهه :قال.. ويتالشى فى الفضاء من منبت شعره ،ثم يتألق وسط جبهته.. وما بين حاجبيه، وأنفه ،

..!!ـ إنى أتعلم : فقلت ؛ وقد روعنى ما أرى .. قالها بصوت عميق ؛ أدهشنى أن يشى بنبرة هزيمة مريرة

؛ هو نفسـه " سيدى يحيى" يقال إن ـ..!! لك ماأعلم ـ واهللا ؛ يا أستاذى ؛ أعلم ـ على كل حال ، سأحكى وأمى قد عاصرت أول الحكايـة ، ففـى إحـدى الليـالى اسـتيقظت قريـة ..؛ عليه السالم " سيدنا الخضر "

ولحيتـه ،كان رجال لـه هيبـة ".. المراسى " على رجل يبنى مقاما فى مصالة ؛ تقع على ترعة " المرسى" ، !.." ماذا تعمل يـاعم؟ : "ويسألونه، جعال الفالحين يقتربون منه على وجل ، ومظهره المحترم ، البيضاء

ومـن : " سـألوه ..!!" لسيدى يحيى الظريف : "، قال !! ؟"لمن: "، قالوا ..!!" أبنى له مقاما حسب أمره : " قال.. ياعمنا الشيخ : " قالوا..!!. وانهمك فى البناء ، ، فسكت ، ولم يرد ! " ، وماحكايته؟ ! السيد يحيى الظريف ؟

، فتبادلوا النظر !!" الخضر األخضر سيدى : وهو يرفع وجهه دفعة واحدة ، قال ؛ !" قل لنا من الذى أمرك ؟ ..!!". هذه األرض من طرح النهر؛ ليست ملكا ألحـد ..على كل حال : " ، وقالوا ؛ وهم فى حيرة من أمرهم

:نادى عليهمف..وتركوه ومضوا ! . ؟..ـ أالتريدون األجر على عمل صالح

..!!" مة لمولد الدسـوقى فمولده ؛ يحل فى الليلة اليتي ..أن تبنوا معى هذا المقام : " ، قال " ؟ ..وماذاك : "قالوا، يحيى ىلكم سيد يظهر ياعباد اهللا ؛ فى الليلة الكبيرة للدسوقى : " فقال لهم .. توقفوا يتبادلون النظر حائرين ف

..!!"ومن أفلح ؛ فشرب ؛ فقد فاز..فيسقى العطشان من إبريقه ..!!".نحن رأيناه..نعم: " فانتفض ؛ من بينهم ؛ واحد أو اثنان أو أكثر؛ لست أعلم ؛ وقالوا

..!!ولم يمض النهار ؛ يا أستاذى ؛ حتى كان المقام قد تم بناؤه ! هناك ؛ فى ذلك المقام ؟إذن ليس ثمة أحد مدفون ؛: قال؛ كأنه يسألنى

إن صـاحب المقـام يقـيم فـى مقامـه علـى نحـوغيرمعروف .. وهل ذلك له أهمية ؛ يا أستاذى ؟ : قلت الحقيقـة منـى ؛ وإن أردت .. بروحه وبعضهم يقول إنه يقيم فيه .. فالبعض يقول إنه ينتقل إليه بجسده ..ألحد

..ادقة فى ما حكته لىوقد تكون أمى ص..فهذه األمورلم أجربها..فإننى ال أعلم ! ؟..وماذا قالت لك أمك: سألنى

فالقريـة علـى ..زعمت أنها قد شاهدت هذا الشيخ الذى كان يقيم المقام لسيدى يحيى فى ذلك المكـان : قلتوحكى الناس أنهم قد رأوا الرجل ؛ حامـل ، أطراف البلد ؛ إن كنت ال تعرف ؛ و قد شاع خبر بناء المقام

وأمى ست تعتقد فى الكرامة كما قد حكيت ..وصورته..ووصف بعضهم مظهره ..ام مضت اإلبريق ؛ فى أعو وما أن لمسها أبى ؛ حتـى ..مدهوشة اللب ، وعادت معقودة اللسان ، ماعلينا ؛ يا أستاذى ؛ لقد ذهبت ..!! لك

..!!وبعدها لزمت فراشها مريضة..ارتجفتاذى ؛ ففى اليوم الثالث ؛ لبناء مقام سيدى يحيى ؛ أمرذلك نسيتك فى الكالم ؛ يا أست : وقلت لألستاذ ؛ مستدركا

وهـذه هـى الحضـرة التـى حضـرتها ..؛ فى ذلك المكان ؛ على اسم سيدى يحيى " حضرة "الشيخ بإقامة وأقـاموا علـى ضـفتى الترعـة حـول ..فقد أقبل الناس مـن كـل مكـان ، كانت حضرة عظيمة ..أمىالحسـنة : " أصحاب الغيطان غاضبين إلى ذلك الشيخ ، فقال لهـم فأقبل..وتحطمت مزروعات الناس ..المقام

فـذكروا أرقامـا !". فـبكم تبيعـون ؟ ..إنى اشترى منكم األرض على اسـم سـيدى يحيـى ..بعشر أمثالها هـاتوا األوراق واكتبـوا : "وقـال ، وسط ذهول الناس ، فضربها الشيخ فى عشرة وأخرج الفلوس ..وغالوا" المشترى: "هو الذى كتب العقود ، فلما سأل عن الطرف األول " العمدة"حضر أن ، ويحكى من ..!!" العقود

.."!!يحيى الظريف: "، قال الشيخ والحمى تشويها ، حتى أننا ظننا أنـه مـرض ، الفراش أسبوعا ة أما أمى فإنها ؛ يا أستاذى ؛ قد ظلت طريح

وواظبت علـى ، ؛ بعدها ؛ أشد ميال للصمت وشفيت تماما ، وصارت ..وجهزنا كفنها ، لكنها أفاقت ..الموت ..الحضرة ؛ حتى توفاها اهللا

، ما أريد أن أقوله لك ؛ ياأستاذى ؛ أنها فى أحد أيامها األخيرة أخذتنى من ذراعـى : وسكت قليال ، ثم قلت شيه ألحـد فعاهدنى على أال تف ، سأقول لك سرا لم أقله ألبيك : "أغلقت الباب ، وقالت لى ، وأدخلتنى حجرتها

هل تذكر ذلك الحلم الذى رأيت فيـه سـيدى :"، فسألتنى .." قولى ياامه ..أعاهدك: " ، قلت لها !!" فى حياتى ، نعم أذكره ؛ كأنك قد حكيتـه لـى !! وهل يمكن أن انسى ؟ : "، قلت " ؟..ابراهيم ؛ وأخاه سيدى جرجس

وكيف أنسى ؛ وأنت رجعت وقد : " قلت!" ؟أتذكر ليلة ذهابى إلى حضرة سيدى يحيى : " ، سألتنى .." باألمسأنـا مازلـت حـائرة حتـى : "، قالت !" من؟ من هما؟ : " ، سألتها ..!!" أنا رأيتهما : " ، قالت !" انقلب حالك ؟

فشـققت لـى ..خيل لى أننى رأيته من قبل ، فحين وقعت عينى فى عين الشيخ ؛ الذى جاء لبناء المقام ..اآلنوإذ بى أراه يشبه ذلك اآلخر أخـاه ؛ الـذى ..فإذ به يلتفت نحوى فجأة.. بتوزاحمت ؛ حتى اقتر ، طريقا

وهمس فى أذنى ، تماما ؛ ومر بجانبى ..واقترب منى ..ذكر لى أن اسمه سيدى جرجس ؛ فتجمدت فى وقفتى ، تدخل فى أذنـى ، كالثلج ؛ كانت والحق ؛ أنا أحسست بريح باردة ، ربك ..!! "أكتمى سرك : " وهو يمر ؛

وما أن عدت إلى هناك ؛ حتى أخذنى صداع فى رأسى ، ولم أحـس ..!! وبرد جسمى كله ..وبعدها ارتعشت ..!! ".وأنت تعلم أننى قد مرضت بعد تلك الليلة..بشىء إال بعدها

• فلم أجد .. اهللا يرحمها ..أما وأنها قد ماتت : فقلت..سكت ؛ بينما كان األستاذ متوقعا منى االسترسال فى الكالم

..مانعا من إخبارك بهذا السر

!!، و أنت ؛ هل صدقتها ؟..!! السر : قال فجأةفهل كان .. إنها قد رأت مارأت ..، وماذا سيفيد تكذيبها ؟ ! ولماذا أكذبها ؟ : قلت ؛ وأنا أتعجب من سؤاله

!!من الحكمة أن أماريها على ما رأت ؟ !!؟..إذن ؛ فقد صدقتها: قال ..!!أو دماغى، والدنيا ليست مخلوقة على مقاس دماغك ..الناس أسرار..ل معروفاإعم..ياأستاذى : قلت هـل .. ثق أنه من المهم عندى اآلن أن أعـرف إجابتـك : وقد اكتسى وجهه بالجدية الشديدة ، يلح فعاد

!؟..صدقتهاوهى ؛علـى كـل .. ذلك ولم أكذبها أيضا ؛ ألننى قد جربتها قبل ..أنا لم أصدقها تماما كما لو كنت هى : قلت

!. ؟..؟ ماذا كانت مصلحتها فى ذلك..فلماذا تكذب على..حال ؛ أمى !!..أن يساعدها آخرعلى تصديق نفسها: فقال على الفور

..!!، وال تؤاخذنى فى السؤال! ؟..وماذا يهمك: قلت ؛ بهدوء ، وأنا أتفرس فيه ..أو أكذب..ألننى أيضا ؛ يهمنى أن أصدق: سكت ، ثم قال ..!!لست أفهم: قلت ألستزيده

، وقد زدتنى حيرة بمـا حكيـت عـن أمـك "..سيدى يحيى الظريف "أنا أيضا سمعت حكاية منشأ مقام : قالوأحد أسباب مجيئى إلى دسوق ؛ فى الليلة الكبيرة ؛ أن أرى هـذا الرجـل ؛ صـاحب ..وعالقتها بهذا األمر

! .؟..ألم يؤكد الكثيرون أنهم قد رأوه..اإلبريق ..!!وفى الغد ؛ سنسمع من يحكى لنا أنه قد رآه..وحتى اآلن ؛ مازالوا يؤكدون: قلت ..!!لكننى جئت عازما على التحقق بنفسى: قال

.لم يبق لى معك غير ساعة ..إنها الحادية عشرة: ونظر فى ساعته ، وقال .. كافسامحنى ؛ سأكتب بضعة أمور هامة ، ثم نخرج قبل منتصف الليل بوقت: ثم قال

عند الجهة الشـرقية مـن مسـجد ..البد أن أدرك منتصف الليل وأنا هناك: نظرت فى وجهه مستفهما ؛ فقال ..الدسوقى

: ويبدو أن ذلك قد ظهرعلى مالمحى ؛ فقد استطرد قائال..لم أفهم مراده تماما ..!!إن هذا الرجل ؛ صاحب اإلبريق ؛ يظهر؛ فى منتصف الليلة الكبيرةحيث قيل ..ـ هناك !!؟..تعنى سيدى يحيى: بينما أقلب النارقلت ؛ ..!! فقد استغرقه ما كان يكتبه..لم يرد

• وكنـت ألمـس مـيال .. صعدت إلى سطح دارى ؛ وخواطرى مثل ماء هادىء ، يجرى فى نسيم رخـاء

أتذكر أين ، حاولت أن ..ويخيل إلى ؛ بين لحظة وأخرى ؛ أننى قد رأيته من قبل ، غامضا إلى هذا الغريب وكان ما يلبـث ..كنت أقترب إلى يقينى بمعرفة لى به ..أوالزمان، لكننى لم أهتد إلى المكان ..أو متى رأيته

..!!أن تبعد هذا اليقين، مظهره وروائحه ؛ التى تشبه روائح السائحين األروبيين

ومشـاهد ، فسـافرت بـى فـى ذكريـات ، ورحت فـى سـيالها ، دغدغت تنبهى ، هبت نسمات رطيبة فعدت إلى ليال مثل ، وتداخلت أصوات المولد مع روائح البخور ، والدارالكبيرة ، وأبى ، رأيت أمى ..متنوعة

وأملت ، فترحمت على ما كان ، فنبض بحنين ؛ سرعان ما اشتمل على كيانى ..وتشاكلت فى قلبى ..هذه الليلة ف له الغطاء عـن ولم أكش ..ولعله قد أحس بذلك ..الم أخبرهذا الغريب بأننى لست موتور ..خيرا فىاآلتى غدا لم أخبره بأنها طريحة الفراش ؛ منذ ثالثة أشهر ؛ تحلم بنور تراه قادما من خلـف .."بدرية"أحزانى لمرض ويغمـر ..وتؤكد ـ والصداع يشقق عظام جمجمتهـا ـ أن هـذا النـور سيشـق الجـدار ..جدار حجرتها

ممتلئـة بالصـحة ، سليمة ، يحدث ذلك ؛ ستنهض من فراش مرضها وتعد بأنها ؛ حين ..وفراشها..حجرتهاغيرأننى بكيـت فـى ظلمـة ..لم أظهر لها ألمى ، ويوم قالت لىأنها رأت القمر يسقط فى حجرها ..والعافية

وفى اليد اليسرى رغيفا من عجين ، رأيت فى يدى اليمين نجمة مضيئة : "الحديقة ؛ وأنا أتذكر أنها قالت لى م أجد فى نفسى ميال ألن أقول لهذا الغريب أن مرضها قد كنس كل مالدى ؛ ولدى أمهـا ؛ مـن ول..!!"

..وأن أمها تفكر ؛ أخيرا ؛ فى بيع الحديقة والدار، لتستكمل عالجها عند أحسن األطباء، مال ننى عرفت أيـن وظننت أ ..والخامسة، والرابعة ، وهى فى سن الثالثة "بدرية"رأيت وجه ..فجأة..نعم.. وفجأة

أباهـا ؛ الـذى ..هل يمكن أن يكون هو : وتساءلت..كان فى مالمحها هذه المالمح نفسها ..التقيت بهذا الغريب !!فماذا على أن أفعل ؟..وإن كان هو..!! هربأقـرب ، وتراءت لى منذ الحادية عشرة ..ذابت مالمح الطفلة ؛ فى تيار متعاقب من المشاهد والمرئيات .. ثم

وهو أيضا لم يكن يـوحى لـى بأنـه ..ت بمالمح خاصة بها ، التشبه هذا الغريب دائما ثم استقل ..هاشبها بأم ثـم إنـى ..وتأرجحت بين الشك واليقين وقتا..وتشككت فيما ظننته يقينا! ؟..فماذا لو لم يكن هو ..يشبهها دائما

؛ وابنها الدكتور "أم خالدة " وتصادف أنه يعرف الست ..إنه ليس إال غريبا : " وقلت لنفسى ..تحصنت بالكياسة وماذا سيفيد بدرية وأمها أن يعرف قليال أو كثيرا عن عذابهما الطويل ..؛ فلماذا أفشى له وجعى " الكمبيوتر "

!!"أو لنا ؟، أو لى ، هل أريد منه شيئا لهما ! ؟..و كـان صـحفيا مـن فماذا ل .. وظننت ؛ عند هذا الحد ؛ أننى قد أخطأت بتبسطى معه فى أمور التخصنى

ت فيـه وفيلما آخر تزحلق ..إنها من غير شك ستكون مصيبة !! أصحاب عبد اهللا المحامى ابن حسن الفيلمجى إننى لم أعد أطيق حملى ستظن!! ؟ وكيف سأفسر هذا ألم بدرية .!! .األيام الصعبة بعبط ال مثيل له ؛ فى هذه

..!!ا وابنتها فى سوق التسولوأننى قد عرضته..؛ الذى حملته معها طوال هذه السنينفما فعلته لم يكن ..مرة المرة بعد ال ؛ لنفسى ؛ مؤكدا هكذا قلت ؛ فى عقلى ؛ "..نى لم أفعل ذلك إ..أستغفر اهللا "

غير أننى ؛ أيضا ؛ كنت عارفا بأن الطريق إلى جهنم يكون ـ أحيانا ـ مفروشا بالنوايا .. سالمة النيةيعوزه ..!!ا من نفسى اللوامةفلم أجد لى مهرب..الحسنة

• .. نزلت إليه ، فلما رآنى ، ورأيته ، وجدته مستعدا للمغادرة

!؟..أين اختفيت: قالإنها الثانية عشرة تقترب: ا لم أرد ؛ قالولم!!..

!!أمر واحد أحب أن أعرفه قبل أن تذهب ؛ هل أنت صحفى ؟: قلت :أرسل فى الفضاء نظرات مندهشة ، قال..سكت

..!!أنا لست صحفياـ إطمئن ، ..وخرجنا..وقدمته لدى الباب، ثم توقفت ، وتقدمته

..

وافترشـت النسـمات البـاردة وجهـى ، ..تأبطنى ؛ فانبعثت من ذراعه سخونة ..وكانت الليله باردة .. مولد

..!!دم ، لسبب لم أكن أعلمهوغادرت ، فى تعاقب ؛ أكد لى أنه مصهود الوكنت أشق طريقا لنا فى ، وكان هو يحث خطاه فى اتجاه المسجد ..وتدافعه..ودخلنا معا فى زحامه .. مولد

ومثلثات ؛ ، الذى لونته المصابيح الكهربية انطالقا من عناقيد ، هائم العينين ؛ أسبح فى الفضاء ..جسد الناس وفـى ، وفى بهرجة الكهارب ؛ خطفت خواطرى بعض المشـاعل ..عةوخطوط متقاط ، ودوائر، ومربعات

كانـت ..ارتاحت فوق رأس امرأة فارعة ،توقفت لدى قلة من فخار أبيض ، ونورالكهارب ، مزيج من نورها ..!! أكبر قلة رأيتها

وكان صوته .." المسجد الجامع : "فصوبت الخطو نحوها ، ونازعنى قائال ..وبدمى يحن ..أحسست بقلبى يحن وقـف ، قـال ؛ ..وكانت المرأة تتهادى متباعدة ..نظر..وأشرت نحوها بيسارى " القله: "قلت..يأتينى من بعيد

" .البد أن أكون هناك ..الجامع: "وهو ينظر فى عينى ..!!وخضنا فى الزحام، وعاد إلى تأبطى ..اتجهت نحو مسجد سيدى ابراهيم.. طويت جوانحى على حنينى

• ويشتد عودى ، وتعود إلى عـافيتى ..وأحسست أننى أذوب..فتح الحنين فى قلبى بابا..ت خطوة معهكلما خطو

وكـأن ..وكأننى كنت مشتاقا إليها .. كأن الليلة ليلة عيد ..وأمشى متبخترا فى فرح ..وأنتشر معطرا ..وأتحسن، :وقال صوت ينادى..وهأنذا أدرك وفاءها..المواعيد التى طال انتظارها قد جاءت

..!!".ياراحة األرواح "ـ ..!!".ياصاحب المولد: "وهتف آخر :وحولى ؛ كانت أصوات جماعية تردد فى هزيم ملح.. فتلفت ملبيا

..!! " .مدد..مدد..مدد..مدد"ـ وتبادلنـا ، وتواجهنـا ، وإذ بى أرانا ؛ معا ؛ وقد أفلتنـا اإلبـط مـن الـذراع ، والـذراع مـن اإلبـط

..!!" . بص: " لآلخروقال كل منا..النظر•

والوجه المنور ، فى رداء أبيض ، على ظهره ميدعـة مـن ، نظرنا ؛ معا ؛ إلى الرجل ذى اللحية البيضاء ويمأل كل إنـاء يمتـد نحـوه مـن اللحـم المتـدافع ، وهو يميلها ، فوقها قربة متوسطة ، الجلد ..حتى فرغ الماء..ويسقى..حوله

وفتيـات ، رجـاال ونسـاء ..ورأيت بعينى النـاس يبكـون ..ميزت أذناى النشيج .. مختلطة فوجئت بأصوات وأخذ ، فأعادها إلى ظهره .. ونفخ ؛ فامتألت ..ورفعها إلى فمه ..ونزع الرجل القربة من على ظهره ..وفتيانا

هه نحـو الجهـة ومن مكانه ؛ توجه بوج .. واألكف باألوانىالفارغة ، وتدافعت األذرع ..يسقى ، فهدأ البكاء ..!!وبدأ يتحرك مغادرا، الشرقية

• والرجـل ..ورأيته يمد كفيـه ..لم أحس باألستاذ وهو يتركنى ، فوجئت به هناك ؛ فى أقرب مكان إلى الرجل

علـى ..ومسح علـى مالبسـه .. وبلل وجهه ورقبته ..وانحنى األستاذ وشرب ..يصب من ماء القربة فى كفيه ولـم أعـد أرى ..ويطبق عليه ..يقترب منه .. والناس لحم يتبعه ..جل يمشى وكان الر ..مرة ؛ بعد مرة ..صدره

..!!وهنا ؛ تبعته..الرجل ، وال األستاذوتصبب عرقى ؛ على الرغم مـن بـرودة ، أنهكنى الزحام ..شققت بكتفى طريقا لى بين الجموع المتالحمة

سعيى ؛ أصوب نحو مكان ظننت أنه وكنت ؛ فى ، واستعادته ، لم يشغلنىغير فكرة العثورعليه ..هواء الليل وأننى ربما قد التقيت به من قبل فـى ..وخطر لى أن وجه هذا الرجل مألوف لى ..قد تحرك منه خلف الرجل

لـم أصـل إليـه حيـث يختفـى ؛ فـى تالفيـف ..أو الزمان .. حاولت جاهدا أن أتذكر المكان ..مكان ما كنت واثقـا أننـى ..ولم يحدث ؛ من قبل ؛ أن خذلتنى ..فغالبا ما كانت ذاكرتى قوية ناصعة ..تعجبت..الذاكرة

!! .التقيت بهذا الوجهولم أدر ..كنت أراه ، وعيناى كانتا فى عينيه ..ومأل حضوره مجال عقلى وروحى ..وأحسست به إحساسا قويا

أم أنـه ..؛ وأنا منخرط فى شق طريق لى ألدركه فأدرك األستاذ ؛ إن كان ما أراه قد استدعيته من ذاكرتـى البـد أنـه يعرفنـى؛ فقـد كنـت أرى هـذا فـى . نعم..!!. أمامى ؛ أنظر فى عينيه ؛ فأراه ، وال أعرفه

!! .؟..فياترى ؛ كيف لم أعرفه..عينيه•

لم تحل حيرتى بينى وبين االستمرار فى التصويب نحو المكان الذى كان فيه فى الساحة .. على أية حال حتى اذا تخلصت تماما مـن الزحـام ؛ أطلقـت ..وقد فعلت ..بد وأن أدركهما وقدرت أننى لو أسرعت فال ..

وأخيرا وجدت نفسى عند الجدار الشرقى للمسجد ؛ .. أوجزت بين الناس ..أو هرولت ..لساقى العنان فجريت ..!!وفى وجهى ظهر القبلة

لم يكن ثمة مكان غيـر ..بحثت عن مكان أطل منه عليها .. درت بعينى فى طول الساحه وعرضها .. وقفتوذهبـت ، دست على نفسى ..؛ إبن الحداد ؛ لكن كان فى نفسى من عبد اهللا شىء " أم عبد اهللا " دار خالتى ..فالمسامح كريم..داعيا بالخير

• ..!!واهللا زمان: وقال ؛ وهو يفتح ذراعيه، تهلل وجهه " عبد اهللا بن الحداد "لما رآنى

..وأحالمها التنزل األرض..أمى حلمت لك حلما: وقال..لعناقتبادلنا الترحيب وا ..الست الحاجه على الفطرة ؛ وربنا يقوى إيمانها..خير: قلت

..!!ودماغى طايرة..وأنا صوتى من دماغى..هى تحلم..لكن أنت سيد العارفين: قال ضاحكا ..أنا عايز أطلع السطح ، ونفسى أشوف الساحة: قلت

ودا : ثم سألنى ساخرا ..ثم نظر فى جانبى وجهى ؛ ورأسى متشككا ..عينين مندهشتين سكت ، نظر فى عينى ب !! .من إيه ؟

..!!مزاجى: قلت ..!!إطلع: قال ؛ وهو يخلى الطريق ؛ بينما يتأملنى

فقال على الفور ..فى الطابق العلوى" الشيخه ناعسة ، والحاجة " ترددت ؛ وقد خطر لى أن : كأنه قد قرأ أفكارى

..!!فى المقام..الحاجة ؛ الليلة ؛ راحت لتقابل سيدك الدسوقىـ ..فصعدت مسرعا

• وكانت تحتى خيام الطرق ..دققت النظر ..من سطح الدار رأيت الساحة ، والمسجد ، يفترشهما الناس واألنوار

ريقة منها فحتى اآلن لم أرتد ط ..وحن قلبى ..الصوفية ؛ وكل أصحاب سجادة ؛ قد استغرقتهم حال من األحوال رأيت للمئذنة والقبة ..وبينما عيناى تجوالن ؛ فى زحام الساحة ؛ بحثا ..ولم آخذ عهدا على شيخ من شيوخها ،

وانتظمت الظالل فى ..والدورالمحيطة تعالت ظاللها ..ولكل خيمة رأيت ظال يعلوها ..ظال ؛ فى الفضاء فوقهما وكأن الساحة ؛ ومحيط الدور ؛ والمسجد ؛ ..ظل ثالث ومن هذا الظل انبثق ..ظل منسجم ، انبثق منه ظل فوقه

" عبد اهللا بن الحداد "وانتبهت على صوت ..يعرجون ظال فظال ؛ حتى يتالشى آخر ظل ؛ ذائبا فى نور النجوم !؟..هل زرعتها قمحا ؛ فطرحت بطيخا: يسأل !؟..؛ منذ لحظات" سيدى يحيى الظريف"هل تصدق أنى رأيت : قلت

..!!الجنة للموعودين: ؛ قائال بسخرية قريبة األغوار؛ كعادتهوضع يده على كتفى ..!!الرحمة حلوة: قلت له

..أنا ال أكذبك: قال مستدركا ..وال تصدقنى: قلت ..!! .يا أخى أنا تايه فى الحب..!!. وأنت تريد االمتثال..إحتار دليلى: قال ..سمعت أنك تزوجت: قلت !! .نى ؛ لن أتزوج إال إذا رست مركبى على شاطىء من أحب ، وأنا ؛ كما عرفت..!! شائعات: قال

..!!غندور زمانه: قلت ؛ وأنا أنصرف عنه إلى البحث فى الساحة تحتى ..!!ربنا يحاسبه..من وجد الدلع ولم يتدلع: قال ..!!الحلو لما انعطف ؛ أخجل جميع الغصون: قلت ..!!بيلذ فيه العذا..فالحب حاله عجب..بطل السماجة: قال ..!!سلم..!! ياسالم: قلت

..!!إحضرنا الليلة! ؟..أتحب أن تتفرج: قال !؟..مثل آخر مرة ، منذ سنتين: سألته ؛ الئما ، ومذكرا

!!؟..هل صدقت خالتك الحاجة! ؟..ولماذا ترى أنك األحسن: سألنىقـد أنـه مثلـى ؛ وكنت أعت ..فلم يسبق لى أن وضعت نفسى موضع المقارنة مع ابن خالتى ، أحسست حرجا

بل نرجع إلى ما وقع ..ال: " قلت ؛ محاوال فض اشتباك يدهمنى به ؛ فى وقت ال يناسبنى ..يؤاخينى كما آخيته ..!!؛ فى مثل هذه الليلة ؛ منذ سنتين

..أنا حر يا أخى، وليس من حقك االعتراض على أن أستضيف فى دارى من أشاء: قال ..ليس هذا هو الموضوع: قلت ..و جوهر الموضوعبل ه: قالأما أن يكونـوا .. ياعبد اهللا ؛ إن كنت تقبل أنت صحبة واحد أو اثنين من عالم دماغهم السعة فال بأس : قلت

ثـم ..فإنه األمر األعجب ، وأما أن تلزمنى باحترامهم طوال الليل ..جميعهم ناس واقعة ؛ فإنه األمر األعجب .. إنك تظلم خالتى

!؟..وهل اشتكت لك: قاطعنىوإذا كنت التحب المثقفين أصحابى ؛ فهل كان من حقك أن تضرب كرسى فى : لما نفيت ذلك ؛ مؤكدا ؛ قال !؟..وتحرجنى..الكلوب وتقل قيمة كل واحد

..!!وأنا على قد حالى..، أنت ابن هوى..!! ياعم: قلت مستنكرا واحترامـى لشخصـك ؛ ، التى بيننا أنا ؛ لوال المحبة ..ياابن خالتى كل من تراه عندى من صفوة الناس : قال

، واللقاء مع الناس المثقفـين يجلـى دماغـك ..إنها قعدة تكون من السنة إلى السنة ..مادعوتك إلى مشاركتنا ..!!ولست أحب لك أن تتخلف عن ركب التطور..فالدنيا تتغير..ويطلعك على ماينبغى لك معرفته

• تساءلت عما إذا كانت دماغه قد لسـعت ؛ ..وتعجبت فى نفسى ..واثقا من نفسه ..كان ابن خالتى ؛ يتكلم بهدوء

وأننى قد جربته أكثر من !..فهل نسى أنه قد قاله لى ؟ ..فهاهو يكررعلى أذنى نفس الكالم القديم ..!! هو اآلخر مرة ؛ فأعددت لهذه القعدة الشىء لزوم الشىء ؛ مـن حشـيش ؛ وأفيـون ؛ وخمـور؛ لكـل ؛ حسـب

دمة زنهارا؛ ساعة ؛ بعد ساعة ؛ فلم أسمع إال كالما فى النسوان ، والمأبونين ، والشواذ ووقفت فى الخ ..شوقهوثـورة تسـمى ، وتفشى الخرافـات ، وجرب العرب ، ، وسط كالم آخر لم أفهمه عن المباالة المصريين

ومـا ، م فى دماغى وألف ألف من كالم لم يعل ..لم أفهم المراد منها ، وقصائد شعر غامضة ، " الثورة الثالثة " ..!! .أنزل اهللا به من سلطان

.. وأحسست أنه غلبـان ، وأنوار الساحه تكشف قسماته ، مع كل هذا ؛ وعلى الرغم منه ؛ نظرت فى وجهه وأن ابـن خـالتى هـذا ، فتبين لى أننى والحمد هللا فـى نعمـة ..لكن هذا كان منى إليه ..وجرت بيننا المياه

: فقلت له موافقا ..سهاليعرف ساسه من را..تائه ..!!أال أكون صبى الغرزة..بشرط..ـ ماشى

فعندنا عريس ، وقد نعقد ..ثم إن هذه السنة غير كل سنة ..!!. إنهم ضيوفنا ! ؟..وهل هذا كالم الجدعان : فقال ..!!قرانه على الشيخة ناعسة

• وقـد ..كانت فى الخامسة عشـرة يؤكد أنها ملبوسة منذ " الشيخة ناعسة "فالذى أعرفه عن ..أدهش الخبر لبى

وهى تحرم على نفسها الزواج ، وتعيش بعـد مـوت أبويهـا فـى دارهـا بحـارة ، بلغت اآلن األربعين فإذا غيرت ؛ جاءت لتقيم مع خالتى ؛ خاصة إذا كان ابن خالتى غائبا فى القاهرة ؛ حيـث يعمـل ..العفريت ..محاميا

:خاصة وأنه لم يتزوج بعد ..إلى جهات بعيدة وقريبة، والظنون ، سألته ؛ وقد أخذتنى األفكار !؟…ـ ومن العريس

..!! .أيوب طبعا!!. ؟..ومن سيكون فى ظنك: قال ؛ ضاحكا ضحكة طليقة قـل : فقلت.. فأيوب ؛ الذى يعرفه كالنا ؛ كان ابن عمها ؛ الذى مات بالسرطان ؛ منذ سبع سنين ..لم أصدق

..!!جدا ..!! ستكون سهرة ديمقراطية بحق:فقال ؛ وقد أخذه الطرب

: فقلت، من مهزلة ينسج خيوطها ابن خالتى هذا " الشيخة ناعسة "وخفت على ..لعب الفأر فىعبى ..أقول الحق ..!!بصراحة ؛ أنا قلبى يأكلنىعلى الشيخة ناعسة

..والعريس موجود فعال..الكالم جد: فقال ! .؟..ومتى تقدم للزواج منها: سألته

..لكننى علمت بالموضوع منذ شهرين.. ال أدرى..بالضبط..بالضبط: يحاول أن يتذكرقال ؛ وهو فـإذ بـه ، نظرت .. تناهت إلى مسمعى أصوات حشود مقبلة ، ولما هممت بأن أطلب منه الحكاية من أولها

: قلـت ..وركبـه يتقـدم نحـو دار خـالتى ..والناس من حوله يتزاحمـون ..الرجل ؛ حامل القربة ؛ يقترب ..!!بص!...!بص

أسرعت نـازال ؛ ، قبل ان يقول ابن خالتى كلمة ..وفكرت فى أننى لو أسرعت بالنزول فمن المؤكد أن أدركه : وأنا أردد

.!!، سيدى يحيى ..!! ـ سيدى يحيى ؛ ياعبد اهللا•

، وكان يسقى ..والفالحون قد كبسواعلى الرجل ؛ حامل القربة ..الساحة وجدتها بحرا يموج بناس من كل لون ولـم أكـن ضـمن ..كأن كل صدر فرن ينفخ الهواء والحـرارة ، واألنفاس من حولى ساخنة ، والماء كثير

وظننت أنه البـد أن ..األستاذ" ..عبد اهللا "كان مسعاى إلى ..الساعين إلى شربة من هذا الماء ؛ شأن من حولى وتدافع الموج ؛ فكان أقوى ؛ ..جوفيما أنا أقلب البصرفىالوجوه حولى تحرك بحر الساحة ، وما ..يكون قريبا

وخيل لى أنهـا تتحـرك فـى ..ولم أستطع الفكاك من قوى التدافع ، واالزدحام ، والحشر ..فأقوى ؛ فحملنى ، وكلما لمست قدماى أرض الساحة ؛ كنت أنحنى ؛ محاوال االندفاع بعدها إلىعلو ما ..دوامات تتسع وتضيق

وناديـت ..وهجس لى ضيقى أننى مهدد باالختناق ..كتم منافسى وضيق يكاد أن ي ..هربا من كرب تضيق حلقته وعلمت علم اليقين أن الخروج من دائرة التالحم هو السـبيل ..فاكتشفت أنها تخوننى ، مهربى بكل حواسى وبدأت أطعن به فى كل اتجاه ، وجعلت مـن ، فشـددت عضدى ، وأشرعت كوعى .. الوحيدة للنجاة بحياتى

ولما انتبهت إلى انفراج ما حولى ؛ رأيت نفسى ..وكنت مغمض العينين مستغرقا ..لحمجسدى بريمة تخترق ال ربما خوفا من طعنة كـوع ..أدور حول مركز ثابت ، وكان الناس يتدافعون من كل جهة ، يتفادانى كل واحد

تنـى فـى والدوخـة قـد لف ..فقد كنت منهكـا ..وكان البحر اللجى قد اتجه إلى متجه له لم أحدده توا ..تصيبه ..!! وصار كل همى أن أتخلص منها، وأسترد توازنى ..دوالبها

• وما كانـت إال خطـوات ..وكان قريبا ، فقد تراءى لى كرة أخرى ..ولم يضع ..؛ األستاذ " عبد اهللا "ضاع منى

وانفتل داخـال فـى زحـام ، غير أنه رمقنى بنظرة واحدة ..فنلتقى، أو يخطوها نحوى ..أطويها إليه فأدركه وكـان ..وبرجلى كأنهما مملوءتان ملحا ، ورصاصا ، ولما هممت باقتفاء أثره ؛ أحسست بجسدى ثقيال ..ناسال

..!!قد غابوأننـى قـد التقيـت بـه .. فى وقفتى ؛ عاودنى الخاطرالذى يقول لى إن الرجل حامل القربة معروف لى

وربما لم تكـن لـه لحيـة .. الممتلىء والهيكل، وكانت له هذه القامة الفارعة ؛ ذات العظام العريضة ..قباللكـن هـاتين العينـين ..والبشرة ؛ ربما كانت سمراء نحاسية ..ولكن عظام الوجه هى نفسها ..بيضاء ؛ آنذاك

والهـروب مـن ، الواسعتين المشمستين اليمكن نسيانهما ؛ حتى لو حاول الواحد منـا نسـيان سـلطانهما وأننى لو تقدمت نحوه .. فته المهيبة الموحية بكبرياء أصل نبيل أنه واقف فى مواجهتى وق ..وخيل إلى ..أسرهما

ثم اكتشـفت؛ ..ولكنها لم تكن غير خطوة ؛ تلتها خطوة ..وقد فعلت ..رأيته، ؛ فالبد أننى سأتذكر أين ، ومتى والليلة الكبيرة تشـكل أثوابـه بمـا تشـاء مـن ..فلم يكن ثمة غير الخالء ..أن خواطرى قد جسدت وهمى

، فطارمن دماغى ماكان يخامرنى مـن مؤانسـة ..رفه وتوشيه بكل ماتهواه من زخارف ووشى وتزخ..مشيئةوقبل أن يغادرنى كل إمتاع تنعمـت بـه فـى ..وكان إحساسى مشوشا بما لست أعلم ..وأحسست بما يقهرنى

وفى محاولتى هذه كنـت كـالغريق ..الساعات المنصرمة ؛ من يومى هذا ؛ حاولت تمييز وتعريف ماوقع لى وكـان علـى إفـراغ روعـى ..لذى يتشبت بشىء قد يبقيه طافيا على سطح غمر ألقته فيه أقدار مجهولـة ا

..وتمشيت خارجا من الساحة إلىغير جهة، فتناسيت الرجل حامل القربة ..والتخففواجتزت الشوارع مغـادرا ..فدخلت فى الليل ، وأسلمت نفسى لنسيمه البارد ..كانت وجهتى التسلى والترويح

..!! المدينة•

خطر لى أن الزم الطريق ، ورأيت أن رجلى قد ساقتانى إلى ترعة المراسى ، لما تبينت أننى شرقى المدينة وسرى فى الفضاء فوقى صوت مغن ينطلق ، " سيدى يحيى الظريف "الزراعى إلى قرية المرسى ؛ حيث مقام

: من مذياع

بسطت يد الهوى إذا الليل أضوانى وأذللت دمعا من خالئقه الكبر

تكاد تضىء النار بين جوانحى )٩( إذا هى أذكتها الصبابة والفكر

.. وهـالنى كـالم عبـد اهللا ابـن خـالتى عـن الحـب ..الحـب وسرحت خواطرى فى ، وقفت أنصت فانعطفـت .. وأصـابنى شـجن ..ففتشت قلبىعن حبـى ..!!"..الحب حاله عجب : " وجاءنى صوته ..وأفعاله

: بمسامعى إلى المغنى ؛ الذى قال

فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى فهم كثر.. قالت ؛ أيهم ، قتيلك

وحاربت أهلى فى هواك وإنهم )١٠(الماء والخمر ، لوال حبك ، وإياى

: وانفجر صوت صارم آمر..وفجأة اختفى صوت المغنى

..وإال أضرب فى المليان..والحركه..ـ مكانكوقد أشرع كل منهما سالحا ، وفى ضوء النجوم الكليل ؛ تيبينت اثنين يقتربان منى بحذر ..تلفت حولى مفزعا

واقتربا أكثر ؛ حتـى ..فإذ بهما من جنود األمن المركزى ، وازداد كل منهما اقترابا ..جمدتنى المفاجأة ..ناريا :شونةوقال أحدهما بخ، غرس كل منهما فوهة مدفعه الرشاش فى جنبى

..ـ قدامى ياجدع انت !على فين ؟: قلت

..!!وال كلمة: فشخط اآلخرحتى أدخالنى الغيط ؛ الذى على يمين الترعة ، وساقانى بضغطات الماسورتين فى ضلوعى ..فاستسلمت لهما

وواجهنى الضابط الشاب سائال ؛ وهو يصوب فى وجهى ضوء مصباحه اليـدوى ..فإذ بى أمام كمين أمنى ، : فالكشا

!ورايح فين ؟..ـ أنت جاى منين ..قلت أتمشى فى الخال..واهللا أنا اتضايقت حبتين: قلت

..بطاقتك : ثم قال.. تحسس جسدى بسرعة مفتشا عن سالح :أعادها إلى ، وقال..نظر فيها على ضوء المصباح..أخرجت بطاقتى

؟..تعرف من فى دسوق..ـ أنت من دسوق

واسم ابـن ، وأسماء أصدقاء ، ء فى مقدمتها بعض أصحاب المحالت من معارفى ذكرت له عددا من األسما ؛ ابن المعلم الفيلمجى ؛ نائـب " عبد اهللا حسن "حتى انتهيت إلى ذكر ، يستزيدنى ، وكنت كلما توقفت ..خالتى

: فسألنى ..دائرة المركز ؟..ـ أنت تعرفه

..ـ نعم !ـ وهو يعرفك ؟

.ـ نعموسمعت صوتا يـذكر اسـمى ، وتناهت إلى أذنى أصوات ، وغاب فى الغيط ، لجنديين فتركنى فى حراسة ا

: ثم قال بصوت أعلى ..كأنه يردعلى سؤال وجه إليه .." أيوه..أيوه" ثم يقول ..يأتى من جهاز راديو أو السلكى ..!! "سيبه.. أيوه"

..أمك داعية لك: وظهر الضابط قائال ..!!ماتخرجش بالليل بالشكل ده..شوف ياابنى: فقال لى..ولم أشأ التبسط معه، كان خشنا

..، وحمدت لصاحب الصوت اآلمر أن أمره بإخالء سبيلى .." الشكل ده: " لم أعرف طبعا ماذا قصد ب ..حاضر ياباشا: قلت ؛ مظهرا الطاعة واالمتنان

..!!ت فى حضن البيوتولم تطمئن خواطرى ؛ إال وقد صر..وعدت أدراجى إلى المدينة ؛ وأنا أوسع خطوى•

وتساءلت عن هذا الطارق ..أقرف من نفسى ، وكلما تبينت أننى قد خفت ..كنت كلما اقتربت من الساحة أنست ما أكثر الذين : "، وقلت ..!!" فليكن من يكون : " وقلت فى نفسى !!. ؟..ولماذا أطارده ..الذى جاءنى فى العصر

ما تذكرت ضلوعى طعم ماسورتى المدفعين الرشاشين ؛ ألقيـت وكل"..التقيت بهم مرة واحدة ؛ لم أرهم بعدها ..!!". دنيا: "نظرة فى النجوم ، ثم قلت

• ؛ قـد " حضرة " وأصوات ..قريبة" سيد هيصه " قهوة " وكانت ..ونصف التعميرة ، فى جيبى بقيت جنيهات

ى المالهى يعلن كل منهم عـن حمى وطيس طبولها ؛ تهوم فى فضاء الليل ؛ فتقترب ، وتبتعد ، والداعون إل ، فالمولد فى ذروتـه ..بضاعته ؛ ابتداء من البنت الكهربائية ، وحيوانات السيرك ، وليس انتهاء بلعبة الموت

يتمايل تمايال خفيفا على ، يقف ؛ وعيناه فى وسط رأسه " سيد هيصه "وكان المعلم ..والناس فى عيد يرمحون ورآنـى المعلـم ، ..وسالت على أسفلت الشـارع ، فافترشت الرصيف ، إيقاع الحضرة ، والكراسى امتدت

: وقال ؛ وهو يسلم ؛ بينما يبدو عليه أنه يرانى ، وال يرانى، واستمرفى رقصته الهادئة !!…يامدد.. مادد مدد.. ـ مدد مدد يامدد

..!! ن رحى عظيمةنافثا من قلبه آهة كطح، فيرتعش رعشة قوية ، ثم تهتز أعطافه ـ فجأة ـ هزة مجتاحة وفيما هو يقـدم .. ؛ وهو لم يتوقف بعد عن رقصته " حارة العفريت " وقادنى إلى ركن تستره عتمة ..سلمت

..!!اهللا يرحم أباك: كرسيا همس فى أذنى

فى أذن كل أصحاب المزاج ؛ الذين يمتد مجلسهم ـ فـى الليلـه " سيد هيصه " كانت جملة كالنسيم ، يلقيها ..؛ التى يمتلك أول دار؛ فيها ؛ وآخر دار" حارة العفريت " بطول المفترجة ـ

فأقبل اثنان منهما؛ أحدهما يحمل البورى ؛ ، وكان لوقفته معنى يعرفه عمال مقهاه .. وقف إلى جانب الكرسى جلس المعلم إلـى جـوارى ؛ ".. الماشة"وفى يده مصفاة النار و ، وخلفه صبى يتراقص على إيقاع الحضرة

: قائال ..!!ـ أنت مهموم

..أيوه: قلت ..إرم حمولك عليه: قال

..!!وانهمك فى ضبط المياه، وأمسك بمبسم البورى ولما انتهى من ذلك ؛ رفع وجهه نحو السماء ، ثم نظر فى الجهات ؛ مطلقا من صـدره زفـرة المشـتاق ،

:وناجى ربه فى النداء ..!! ـ يا هو ؛ الذى هو ياواد : " ؛ فى وجهى ، فانقشع وهمى ، وقلت فى عقلى لنفسى " سيد هيصه " سم المعلم فى عتمة الحارة ؛ ابت

فقـال ؛ وهـو ..، وفى وجه المعلم ابتسمت ؛ من قلب مكنوس ، ومرشوش بماء طاهر ..!!" شيل من راسك : يناولنى المبسم ..!!خليك جمل..ـ أيوه كده

.. وتوكل على الحى ؛ الذى اليموت..ا هو آتوال تشته م..ال تندم على ما فات: ثم باسطنى ؛ قائال !!؟..يعنى أهيص: قلت ضاحكا

لكـن ..العبد هللا اللى قاعد قدامك مادخلش مدارس ..شوف ياعبد اهللا !!. ؟..إذا كانت الحكايه كده ..وليه أل : قالوأنـا ..الجـوع كـافر ..والكلب األجرب أحسـن منـى ..مامعييش ال أبيض وال أسود ..فى يوم كنت اليص

ونفسى هفتنىعلى شفطة شـاى ، ..لقيت نفسى قدام غرزه ع البحر ..ماطولش عليك ..ودماغى بتوش ..نخرما ..!!ريلت..ونفس معسل

ـ كان عندك كام سنه يا معلم ؟ ..!!يمكن كان عندى اتناشر سنه..جوز أمى طردنى بعد ماماتت..كنت عيل

؛ أول عينى ماجـت فـى عينـه ؛ " المعلم " ..كانت ريالتى نازله على صدرى ؛ وأنا متمسمر قدام الغرزه !؟..تاكل ياوله : حط إيده على راسى ، وسألنى..قربت..شاور لى

..!!ماتعيطش..أسكت ياوله: قال لى..ودموعى نازله.. راحت ريالتى سايحهع ـ وهو فتمايل مع اإليقا..وأطلق أذنه إليقاع الحضرة..وأرسله..فعب الدخان..سكت المعلم ، ناولته المبسم

: ثم قال..جالس ـ يمينا لشمال

كنت عاوز أقول لك ..أيوه ياصاحب الجالله !. ؟..أنا كنت باحكى لك دا ليه ..ـ اللهم صل على كامل األنوار وكشـف ..وشربت الشاى ، وضربت نفسين كمان ـ رسانى على الفولة ..إن معلمى ـ بعد ما أكلت وشبعت

..!!لى سرالمعمولة إزاى ؟: بسوط ، أستروح ؛ مع إيقاع الحضرةسألته ؛ وأنا م

!". تشتغل قهـوجى يـاواد ؟ : " وقال لى ..فضحك!!". ربنا يجبر بخاطرك : "أنا قلت له ..شوف جنابك : فقاللحد ماالضـحكه تطلـع مـن ، وكنت كل ماادعى له يضحك ..ومن يومها بقيت زى ابنه تمام ..وافقت..طبعا

زى ..وفى يوم العيد الصغير لقيته جايـب لـى هـدوم جديـده ..لوفات علينا سنتين على دى الحا ..نافوخه: وبـادعى لـه ..وإيده..وببوس راسه ..أنا شفت الهدوم ؛ ياصاحب الجالله ؛ مادريتش إال وأنا باعيط ..بتاعته

: ومسكنى من ودنى ، وقـال لـى ..راح مطبطب على ..!!" ربنا.. ربنا..ربنا يبارك لك يامعلمى ..ربنا يخليك "ولـو ..أنا ها اقول لك كلمتين ، حسك عينك تنسـاهم ..سيبك م البكش ده كله ، واسمعنى كويس شوف ياواد "

..".نسيتهم ذنبك على جنبك !! وبدأ يلقننى الكلمتين وهو ماسك ودنى

• : فقلت ..وغاب فى إيقاع الحضرة ؛ فأطال الغياب.. سكت المعلم

..!!ـ الكلمتين يا معلم : طيئا ؛ بطيئا ، ثم قال بصوت الحالمشفط نفسا عميقا ؛ أطلقه ؛ ب : وشدها ، وسألنى..!!". أنت ـ من النهارده ـ اسمك سيد الحر: " ـ مسك ودنى ، وقال لى

.".؟.إسمك إيه" ـ : قلت له

..!!.ـ سيد الحر: " قال لى ،..!! هيصه: ، قلت له "ايه ؟ : " وشد ودنى ، وسألنى ..!! " ربنا دا هيصه ..إسمع يا حر : " قال لى ، ..!! هيصـه : ، قلت له ! " خلق الدنيا إيه ؟ : " ، وشد ودنى ، وسألنى ..!! " خلق الدنيا دى ؛ هيصه ..ويا حر وكل واحـد : " ، وشد ودنى ، وسألنى ..!! " و خلق الناس دى ؛ هيصه ، وكل واحد منهم ؛ هيصه : " قال لى ، "يعنى أنا إيـه ؟ : " وسألنى، حط عينه فى عينى و، ، راح ماسك ودنى التانية .!! هيصه: ، قلت له ! "ايه ؟ : قلت له

..!!ـ هيصه !؟..ـ وانت إيه

: قلت له ..!!ـ هيصه : قال لى

بنعمـل ..وإذا لحقنا ..علشان نلحق الهيصه ..وبنجرى ورا الهيصه .. وكلنا هيصه ..وانت هيصه ..ـ أنا هيصه ، برضـه ! " ؟؟..يعنىعلى إيه الهيصـه : " ضومهما قلنا لبع ..برضه بنعمل هيصه ..وإذا مالحقناش ..هيصه

..!! تالقيناعملنا هيصه )١١(..!! وربنا كريم: ثم قال !؟..إزاى الحال بقه: ، ثم سألنى" سيد هيصه"المعلم .. وسكت

..!!هيصه: قلت ؛ وأنا أتأمله ، وأتأمل الدنيا : وقال..وأطلق ضحكة راضية..فنهض قائما

..!!الفاتحة ، على روحه..سيم ؛ بينى ؛ وبين معلمىـ ومن دا اليوم ؛ بقى دا ال : فغادرنى ؛ وهو يشير نحو المقهى قائال..وقرأنا الفاتحة..وفعلت مثله..ونشر كفيه

..!!، كل سنه وأنت طيب ، يا صاحب الجالله!! ـ أروح بقى ألحق الهيصه •

، قال الصبى ؛ وهو يدير مصفاة ..!!" ياعالم: " وحين قلت لنفسى ؛ بصوت مسموع ؛ ردا على دعاء المعلم :النار فى الهواء

)١٢(..!!ولما تشوفه قل له..ـ يعنى كله على كلهووجهه األسمر .. وكان عوده النحيف يتمايل مع حركة ذراعه ..ويكتشف..كان الصبى ينصت للحديث ..نظرت

رت دخلته على فى بيتى ؛ منذ أكثر من ، تذك " عبد اهللا "ذكرنى لونه الفخارى بابن خالتى .. كان جادا وهادئا يبحلق ..ساكتا..وجلس أمامى وعيناه زائغتان تروحان وتجيئان ..عشر سنين ، وكان أصفر اللون ، وشكله شين

..وتتصلب مالمحه، ثم ترقص عيناه ..فى وجهىن وأرغمتـه علـى أ ، فقمـت إلـى القلـة ..خطر لى ـ فى تلك الليلة السحيقة ـ أن ابن الحداد مصـروع

وقال دون أن ينظـر فـى ..انحنى على نفسه ؛ واضعا رأسه بين كتفيه ، فلما شرب ؛ وانطفأت ناره ..يشرب :وجهى

..!!دى حاجه كبيره قوى" ناعسه"ـ الظاهر إن :قال ؛ وهو منكس الرأس.. فلما سألته أن يحكى لى الحكاية

..!!لكن انت عارف يعنى حكم السن..ـ أنا مش عارف بالضبط :وقلت.. فزعت

..!!حاكم أنا عارفك ديلك نجس..ـ إوعى تكون عملت فيها حاجه :قلت له.. سكت طويال ..!!ـ اتكلم

أول ماعينى وقعت عليها ركبنى ..مالقيتش خالتك ، ولقيت ناعسه ..أنا رجعت من مصرالنهاردا الصبح : قالفت إنها مـش هترجـع إال بعـد طبعاعر." راحت تزورسيدى يحيى : "سألتها عن أمى ، قالت لى ..الشيطان..!! البنت بصـت لـى ..بصيت لها ..أنا معرفتش إيه اللى جرى ..وتعشى..ألن لها عادة ؛ تغدى هناك ..العشا

أنـت ..مادريت إال وريحة جيفة ..أيوه فهمت ، وبصت فى عينى بصه زى الخنجر، و ..فهمت أنا عايز إيه ؟ دخـت ، ولفتنـى ..كـأن منخـارى وقـع فـى جيفـة ..؟ أعوذ بـاهللا ..عارف ريحة البنى آدم لما يجيف

..!! والبيت فاضى..ومادريتش بنفسى إال على أدان الظهر..الريحةوتوجست أن ما وقع يمكن أن ينتهى بمصيبة تكـنس "..ناعسة"من " عبد اهللا "وخفت على ..انقبض قلبى يومها

: من خلفهلما دققت الباب جاءنى صوتها..فتأبطته ، وذهبنا إلى بيتها..من تصيبه ..!!ـ إعمل معروف ماتخليش عينى تشوفه دا الوقت

..ومنذ ذلك اليوم وابن خالتى قد صارخادما لها : وسألنى الصبى ؛ وهو يدق مصفاة النار بالماشه

!؟..ـ خدمات•

سألنى بصوت خافت ـ هى العباره ..بينما كنت أرتشف القهوة أقبل المعلم ؛ وهو يتمايل على دقات الحضرة !؟..بجد !عبارة إيه يامعلم ؟: سألته ..!!جوازالشيخه ناعسه: قال ..حيصل ..لكن ابن الحداد قال لى إن الليله..علمى علمك: قلت

..!!أشوف بعينى: ثم قال..تصلب عوده..ذهل المعلم على نفسه لحظة ..!!أنا كمان الزم أعرف..ال: قلت وقد فاجأتنى حاله

ومن شويه راحـت لعنـد ..وزى بنتى..أنت عارف أن ناعسه دى جارتى ..!!. خير: قال ؛ وقد التقط اإلشارة ..لكن..أنا سمعت قبل كده طراطيش كالم..خالتك الحاجة ..!!تبقى العباره جد: قلت ؛ أقاطعه

تأبطـت ..ونهضت وقد دار فى رأسى كالم ابن خالتى معىعن العريس والعروس ولزوم أن أحضرهم الليلة !وجب ؟: المعلم ؛ سائال

..وجب: قال•

فلما دخلنا الساحة ؛ تأبطنى هو؛ وكنت قد فقدت األمـل فـى لقـاء ..سيد هيصه" مشيت ؛ وقد تأبطت المعلم ، لكن قلبى كان فى نعمة السكينة ، كأن الدنيا كلها رهن إشارتى، قلت فىعقلى ؛ لنفسـى ؛ محـاوال "األستاذ"

جعها بركة سيدى يحيى ، أوهو شهود لسيدنا الخضـرال أو ربما يكون مر ، لعله األستاذ : "تفسير هذه السكينة :وقال المعلم مؤكدا.." يعلم سره إال اهللا

..!!واألصول البد منها..ـ لكن األصول أصول ..كلها خطوتان ؛ ونعرف : قلت ؛ وقد فهمت اإلشارة

سـيد " بـالعلم عـم جدا ؛ كان أولى الناس " ناعسة"فلو كان زواج ، ابن خالتى " عبد اهللا "وفى نفسى ؛ لمت فحسب ؛ وإنما ـ وقبل كـل شـىء ـ تقـديرا لمودتـه " حارة العفريت" ليس ألنه أكبر رأس فى"..هيصه

؛ منذ فقدت أبويها ؛ فى عين وقلب الحارة كلها ؛ كبـارا ، وصـغارا وكـان " ناعسة"فقد صارت ..وتراحمه : وقلت للمعلم..المعلم فى مقام الكفيل لها إن لم يكن كفيلها الفعلى

..ـ الهادى يهدى :وقبل أن يرد ؛ جلجل صوت ابن خالتى

..أنا كنت جاى لك!! ـ ابن حالل يامعلم :وعاجله بالعناق ؛ قائال

.. وما صدقتش إال لما العريس شرف..ـ أنا ماكنتش مصدق إن العباره جد :قال المعلم

..ـ ربنا ياابنى يتمم لها على خير، هذا الذى فك عقدتها بعد طول انتظـار ..الذى رضيت به ناعسة بعد امتناع أما أنا؛ فقد سألت نفسىعن ذلك

..!!ويأس، وترقب •

:وهتف المعلم.. ظننت أن المدخل يزدحم بالورود..أمام باب دار خالتى ؛ هلت علينا روائح تشرح القلب ..!!ـ اللهم صل على النبى

تقدمنا ابن خالتى إلى .. توقعت أنه من داخل الدار و..ولما دخلنا ؛ لم أجد ورودا ، فتساءلت عن مصدرالروائح هذا هو المسرح الذى طالما شهدت فيـه جنـون ابـن : "دخلت بعدهما ؛ وأنا أقول فى نفسى ..القاعة الواسعة

وال أمل فى أن يكون على نحو ما يريـده ، وكان حكمى عليه دائما أنه السع الدماغ ..الخالة ، وأحالم يقظته فهل يغير ؛ فـأرى منـه ..فأذاقها من الضنى صنوفا ..ارت فيه حيرة األطباء فى المشتاق حتى أمه ؛ احت ..أحد

!" .؟..الليلة ما يطمئن القلبوقدم المعلم فى الدخول ، ووقف فـى ..فلم أرعلى وجوه الحضور تأثيرحضوره ، أعلن ابن خالتىعن المعلم

فقـدعبرت الوجـوه .. لم أسمع مما قال حرفـا وما أن أبصرتهم ..ثم خطا خطوة وقدمنى إليهم ..مدخل الباب كنت فـى المـدخل ، وهـو فـى آخـر القاعـة ؛ فـى ..!! بلحمه وشحمه ..جالسا..كان األستاذ ..وتوقفت :نبهنى ابن خالتى من ذهولى بلكزة فى ضلوعى قائال بصوت مبحوح ..مواجهتى

..!!ماتسلم ع الضيوف! ؟..ـ جرى إيه ياذوق •

وتـاجر ، وتاجر جملـة ، وصاحب مصنع ، وصحفى ، قاض : كانوا .. أسماؤهم ولم تعلم فى رأسى ..سلمتوموظفان ؛ أحـدهما وكيـل ، ومهندسان، ومقاول مبان ..ومقاول هدد ، ومحام ؛ كان ضابط شرطة ، مواش

وشـاعران ، وثالثـة مـن ، وزارة ؛ أكد ابن خالتى ـ وهو يقدمه ـ على أنه وكيل دائم ، وكاتب روائى عموميين ؛ وصفهم ابن الخالة بأنهم من كبار المثقفين الجادين ، وكهالن يلفهما غموض ؛ وصفهما المثقفين ال

ثم قدم لى األسـتاذ قـائال بـاحترام ؛ ..بكلمة لم أفهم معناها ؛ أذكر من حروفها الميم والنون والظاء والراء :وتقدير ؛ شديدين

..!! .البحتة ؛ العريسـ عبداهللا حمداهللا الشرقاوى ؛ دكتور فى الرياضيات •

بـدا .. مددت كفى أصافحه ؛ وأنا أنظر فى عينيه ؛ رأيت عينين ذاهلتين ، ال تنظران إلى شىء ..وقفت أمامه وتعجبت من أن شـعره ـ الـذى .. فهو ـ كما أراه اآلن ـ اليتجاوز األربعين ..لى أننى قد خدعت فى سنه

وأدهشـتنى رقـة ، ..قته رصاصى اللون ، لم يشب بعـد رأيته من قبل قد اشتعل فيه الشيب ـ كان فى حقي وكأن جسده ينطوى على ، وكان خشوع يشعشع من حوله ، تفتح له القلب ..وبساطة ؛ تجعالن مالمحه محببة

تعجبت ، فوجدت كفه التستجيب ، ضغطت كفه متوددا ، وأراح فى كفى راحة طويلة األنامل ، جوهر مضىء دققت النظر؛ وكانت نظراتى تنطق بما ..كأننا لم نكن معا منذ ساعتين أو ثالث و، كأنه لم يعرفنى ، من حاله

وكان مطمئن الفؤاد وكأن هذه حاله منـذ ، كان أقرب إلى أن يكون مجذوبا أو مأخوذا ، يعتمل فى من دهشة صارت وظننت أن السكينة التى اشتملت عليه هى السبب فى أن مالمحه ..وسيبقىعلى ذلك إلى األبد ، األزل ..وأن الجهد الذى بذله قد ورد بشرته ، فأشرقت باحمرار..أدق

: فقد قال ابن خالتى فى أذنى..لم أدر كم مر من وقت ؛ وأنا أحتفظ بكفه فى كفى ..!!ـ صباح الفل

: لم أكن مسطوال كما تبادر إلى ذهنه ، أرخيت أصابعى ؛ فتمتم العريس بأدب جمه لهـ ربما األخ عبداهللا قد شب!!..

وتملكتنـى ..وكادت الكلمات أن تتدفق منى ؛ معبرا عن ظن أو آخر ..وتناوشتنى ظنون ..بل بحلقت ..نظرت : وقال ابن خالتى..الحيرة

..!! يخلق من الشبه أربعين..ـ يادكتور•

وكان ..نمنذ دق باب دارى فى العصر وحتى اآل ..لما جلست فى كرسى ؛ كنت أسأل نفسىعن الموضوع كله هكذا أخذ السؤال يدق فى رأسـى !" ؟..وماذا يريد هذا الرجل "يخامرنى أنه قد تظاهر بأننا لم نلتق من قبل ،

وخبط على كتفـى ، وكان السؤال يشغلنى دون أن أدرى حتى أن ابن خالتى قد اقترب منى ، كبندول الساعة : مشيرا إلى بنظرات صارمة ؛ وهو يقول

..ـ أنا عاوزكخرجت ..والحظت أنه يرتدى حلة زرقاء داكنة ، " العريس " لم أستطع تحاشى النظر إلى ، ا نهضت ملبيا فلم

وعند باب الدار ؛ أوقفنى ابـن ! " ومتى ارتدى هذه الحلة الزرقاء؟ : "مع ابن خالتى ؛ وأنا أتساءل فى نفسى :وخبط على كتفى سائال، خالتى

!؟..ـ إيه حكايتك

وكعادته سيلعبها بجد حتى ينتهى ، فقد رجحت أنه مشترك فى اللعبة ..م فضلت أال أبوح ث..ترددت أن أبوح له :سألته..منها

!ـ حكاية إيه ؟مالـك ؟ مـش قاعـد ..!! من ساعة ما قعدت علىالكرسى وأنت عمال تعمل حركات بيديك وأصابعك : قال

!راسى ليه ؟ : فقال..فسكت..دليلى كدت أنفى عن نفسى ذلك ؛ لوال أننى انتبهت إلى حيرة

إن كنت تقلـت .. صحيح الناس دى كلها من أهل الطريق ؛ لكن كلهم مراكز محترمة ..ـ إسمع يا صاحبى ..!!وتعال أقعد معانا..العيار حبتين عند عمك هيصه ؛ روح فوق نفسك

…لكن من شويه حصل لى حكاية ؛ يعنى..أنا فايق الميه ميه..شيل من دماغك: قلت : فقال.. ما وقع لى مع األمن المركزى وحكيت له ..و..أنا الصبح أتصل بعبد اهللا الفيلمجى..ـ واليهمك

وتذكرت أن لون عينـى ..فقد أمسكت بيمينه ، ومشيت عائدا إلى القاعة ؛ فمشى معى ..ولم أسمع بقية كالمه .لكن الشبه كان قاطعا..العريس مختلف قليال

والعروسـه يهـل .. شويه ؛ والمـأذون ييجـى : وقال ابن خالتى ..شوكل واحد فى مواله يعي ..كانوا جلوسا ..!!.هاللها

!؟..طيب إيه رأى السادات لو سمعونا الصالة على النبى : فقال المعلم ..عليه أفضل الصالة وأتم السالم: قالوا معا

؟!!مش كده وال إيه ..!! الغريب أعمى ولو كان بصيرا: قال ..مافيش كالم..نعم: قالوالكـن المقامـات ..صحيح إن المترعبـد اهللا زى ابنـى ..وأنتم ناس بهوات وبشوات ..ومحسوبكم غريب : قال

!واال ايه ؟..محفوظة ..تمام: قالوا ..ومقامها عندنا كبير قوى..عفيفة شريفة..وبنت البلد كلها..وناعسه دى طول عمرها بنتى: قال

..وعندنا أيضا: قالوا !؟..لكن حضراتكم ـ بال مؤاخذة ـ منين تعرفوها..طيب إحنا وشهدنا لها: قال

وهم برأسه إلى .. وركزت عينىعلىالعريس فرأيته وقد اتسعت عيناه ..وتبادل الحاضرون النظر ..ساد صمت حبس نفسه حتى انـتفخ ..انتفخ صدره ..ومن الهواء عب نفسا عميقا ..وغرب سواد عينيه فى بياضهما ..أعلىثم إنه انحنى ملتفا على نفسه ، ومد ذراعه اليمنى خلـف ..رته كحمرة جمر متقد فصارت حم ..واحتقن..وجههوانعطف بصدره عليه وقد ..فأراحه على حجره ..مزخرفا بصدف وفضة ، ورفع عودا أبنوسى اللون ..كرسيه

وانتقل من مقـام ..ثم عزف مذهبا ..تغيرت مالمحه فى عينى فصار شخصا آخر كدت أن أنكر شبهه باألستاذ :وإذ تواجد مع مدخله ؛ غنى بصوت جميل.. مقامإلى

أجد المالمة فى هواك لذيذة حبا لذكرك فليلمنى اللوم

أشبهت أعداى فصرت أحبهم إذ كان حظى منك حظى منهم

وأهنتنى وأهنت نفسى عامدا )١٣( يامن يهان عليك ممن أكرم

فمـنهم مـن ، وكـل واحـد وشـوقه ..وتحركت أشواق الحضور ، وسخنت القلوب .. غنى العريس فأجاد ثم كتمهمـا فـى دمـه .. ومنهم من زفر آهة ..منهم من تغشت الدموع عينيه و..ومنهم من دمعت عيناه ..بكى

وهامتـه عظيمـة ؛ ..كبيرة رأسه .. ومن هؤالء الرجال رجل من المثقفين العموميين ؛ هائل الجرم ..فاشتعل :ثم قال..صعد إلى حنجرته..أصدر من صدره صوتا..أشرقت بنور أصفر

..!!صل على رسول اهللا..ومنا من هو بين ذانك، ل ومنا الكه..ـ أنت ترى يامعلم أن منا الشاب ..صلى اهللا عليه وسلم : قال المعلم

، وأمامك خيار من اثنين ؛ فإما أن يحكى لك كل واحد منا حكايته مـع الشـيخة ناعسـة : فاستطرد الرجل ..ألشارة يفهموكل لبيب با.. وخيرالكالم ماقل ودل..وسيطول الكالم والينتهى ؛ أو تسمع منى حكاية جامعة

…نسمع الحكاية الجامعة : قال المعلم ..!!يانورالنبى :فتبسم ابن خالتى ؛ مستحسنا ؛ وهتف

• كل قعـدة ولهـا :"وعلى أية حال فقد قلت فى نفسى ..أم أنه كان مصادفة ..لست أدرى إن كان ماحدث باتفاق

فرأيت العـريس قـد ..وفتحت أذنى ، فقد فنجلت عينى ..وعليه.."وأنا لم يسبق لى أن قعدت هذه القعدة ..حكم، فارتـادت العيـون تلـك األلـوان ، فلون فضاء القاعة من حولنا ، استهل بعزف منفرد تقاسيم على عوده

ودارت عناقيد فـي ، وسكرت ؛ فرأيت النجوم فى السقف انتثرت ، وأنا صرت خفيفا ، واستروحت القلوب والظاهر أن هذا ماقـد حـدث لغيـرى مـن ..نسجاموصرت آخرا ، وسبحت، وتريضت ، فطرت ، أفالكها

..!!الحاضرينولـه حضـور ..ولما وقعت عينى على العريس رأيت وجها شديد الجمال ، شـفافا مثـل وجـوه المالئكـة

..!!"واليتغير..يغير.. ياسبحان اهللا: "وصار بعيد الشبه بوجه األستاذ فقلت فى نفسى..كحضوراألطفال : وتقدم الرجل الكبير قائال..عازف قد تباعدت مسافات لمسه لألوتاروال، ثم إن العزف تخافت

وتحـدث بحديثـه .. وغردت بالهدى األطيار ، ـ بعد الصالة على كامل األنوار ؛ الذى من أجله حن الجذع فهو فريـد ..كان وحيد أوانه ..ملك، ياماكان ، فى سالف العصر، وعتيق الزمان ..فقد كان ..السهول واألوعار

جامعـا لخـالل ، فصار مضرب األمثال ، قد جمع األسماء والصفات كلها ، ومهاب فى جالله ، جماله فى ، أنعم عليـه اهللا بنعمـة القبـول ..ويتقرب من بساطه كل األقوياء ، يسعى إليه كل راكب وراجل ، الكمال

كاملـة ، اتعـة وزوجته كانت بديعـة الجمـال ، م ..وصار ملكا على كل األرض ، فأطاعه كل ماخلق اهللا

ولم يمن اهللا عليهما بالصبيان أو ..ومرت عليهما األيام ، وقد عاشا معا فى التبات والنبات ، األوصاف ؛ باتعة ..فأوجعهما ذلك أشد الوجع.. البنات

كيف يتفق لى هذا الملك العظيم ..ياقرة العين وحبة القلب : وكان البد وأن يأتى اليوم الذى قال فيه الملك للملكة ..!!ونفسى صدت عن كل هذه النعم، إنى لفى حزن مقيم ! ؛ وليس لى وريث يرثه ؟

..أنا لست األنثى الوحيدة ؛ فالتمس ذرية فى الزواج من غيرى..ياحبيبى: فقالت الملكه ..!! هذا لن يكون أبدا..أو أنقص نفسى بطلب الذرية من أية أنثى ؟: فقال

!؟..فماذا ترى من تدبير: فسألته ..وإنى ذاهب إلى ربى فسائله أن يمنن ، ويرحم..إن لى ربا سيهدين: قال الملك

ناذرا أنـه لـن .. والدعاء، والصيام ، وانقطع إلى الصالة ، ثم دخل خلوته ، ونهض الملك من فوره فتطهر .. يخرج من الخلوة ؛ إال وقد ألقى اهللا فى قلبه المن والسلوى

• حين دخل نوبى عجوز ؛ يحمل صينية واسعة ، ودارعلينا بأكواب القرفـة ، م وتوقف الرجل الكبير عن الكال فقد كانت أمـى أيضـا حافظـة .. تحويجة ؛ سرها ليس عند خالتى لوحدها ..مزاجها من الكافور والزنجبيل

.. لسرهاعلـى إال العريس الذى انحنى أمامه النوبى ، ثم وضع الكوب أمامـه ، تناول كل واحد من الحاضرين كوبه

وكـرر .." هلت ليالى القمـر : "فرشف العريس رشفة ، وغردت أوتار عوده لحن ..منضدة مستديرة صغيرة ..!! وزاد االنسجام..فغنى كل واحد الكلمات فى قلبه..فحضرت الست..المطلع

: وتال الرجل الكبير؛ فى خشوع وحضور قلبوكل على الحى الذى اليموت وسبح بحمده وكفـى وت" أعوذ باهللا من الشيطان الرجيم بسم اهللا الرحمن الرحيم

..!!وحد: ثم هتف مهيبا بكل من ألقى السمع )١٤"(به بذنوب عباده خبيرا ..ال إله إال هو: قلنافهل تقبل ..وأن وارثك لن يحتل عرشك إال بشرط ثقيل .. فألقى اهللا فى روع الملك أن لك الذكر واألنثى : قال

!؟..الشرط، وقد أتم أربعين يوما وليلـة ، فخرج من خلوته ! ؟..ى وسع الملك إال النزول على حكم المشيئة وماذا كان ف : وقال للملكة

..!!ـ أيتها الحبيبة إلى األبد ؛ يولد لنا بنين وبنات ..ولك البشارة، النعمة لك ياحبيبى : قالت ..!!رطا ال أعلمهفقد خرجت من خلوتى وأنا محيراللب فقد قبلت ش..لكنى لست أدرى: قال ..وفقك ربك إلى مايحب ويرضى: قالت ..!!هو كذلك إن شاء اهللا: قال

إنى راحل مـن فـورى ..أيها اإلخوان : ثم إنه أمر فحضر الوزراء ، والكبراء ، وحكماء المملكة ؛ فقال لهم ..ع الملكةوإنى سأكون م..أعلم أن أولها من هنا ، ولست أدرى آخرها أين يكون..رحلة طويلة

!ماالغرض من رحلتك أيها الملك الجليل ؟: سألواإنـى : فأنصـتوا إلـى وصـاياى ..وغرضى منها أن يكون لى من يرث عرشـى ..الرحلة بأمر ربى : قال

وليس لى أن أعترض على من ، ولكم من شئتم ..فارتضوا ملكا تجتمعون عليه ، وتنعقد عليه عروتكم ..راحل ..وإن حضركم أجلى سيأتيكم الوارث ؛ فيتسلم عرشى..ن رحلتى أسترد ملكىفان عدت م..ترتضيه إرادتكم

!؟..وكيف نعرف أنه هو: سألواوثالثهم ..والثانى أخضر ..أولهم أحمر ، فله ثالثة من الخدم ..إذا رأيتموه ستعرفونه بعالمات لن تخطئوها : قال وسيخرج لكم من خرج سـفره مـرآة ..والرئيس عليهم خادم يشبه سيده تمام الشبه لكن يكون أبيض ..أسود

وما هو كائن ، وماكان ، وظاهركم ، فأما المرآة ؛ فإنكم ترون فيها باطنكم ..ومفتاحا، وميزانا ..بأربعة أوجه ، ، وما يمكن أن يكون ، وإذا كان ألحدكم نعمة فى عين اهللا ؛ يرى فى وجه من وجوهها علوما بغير عـدد

والثالث ..والثانى يزن للخاصة ، لسان يزن للعامة ..ميزان فإن له ثالثة ألسنة وأما ال .. ويكتسب حكمة ال تفنى وحينئـذ ..وهذا لن يكـون ؛ إال إذا اسـتلم الـوارث ميراثـه ..وكماله أن تتحد األلسنة معا ..لخاصة الخاصة ..!!ويعم السالم، ويختفى الجوع ..تخضراألرض

..!!وقد نصيب..وإنا قد نخطىء..هذا أمر من أعظم ماسمعنا: قالوا !!فهل تعاهدونىعلى أن تسلموا الوارث ميراثه إذا ما ظهر ؟: فسألهم الملك

!!…نعم..نعم: قالوا ..!!فخذوا حذركم..وإن أخطأتم فإنه يكون عليكم..فإن أصبتم فهو لكم :قال الملك

• :لب مجروح وعزف العريس مدرجا بعد مدرج حتى إذا بلغ منتهاه غنى من ق.. ثم إن الرجل الكبيرسكت

، وشأنى معرب عن شأنى ، أصبحت ميت السلوان، حى األشواق

يامن نسخ الوعد بهجر ونأى )١٥( فرح أملى بوعد زور ثان

ومن كتم الوجد أخـذ يغالبـه وهـو ..وبكى من بكى ، ودمع من دمع ، تخافت عزفه ، فلما انتهى من غنائه

أما أنا فقد اشـتقت إلـى .." أهو كده الكالم ..باسالم..ياسالم: "يردد مستحسنا " هيصه"وكان المعلم ..يرتجف ..ليتابع األشرطه فى أجهزة التسجي، وكان ابن خالتى مشغوال بتسجيل الجلسة ..سماع بقية الحكاية

• أما الوزراء والكبراء فقد اتفقت كلمتهم على رجل ..ثم إن الملك اصطحب زوجته ورحل : وقال الرجل الكبير

وكان ، فلما ملكوه عليهم أعجبه الملك ..يحب الحياة ؛ وال يهاب الموت ، قوى الجنان ، منهم كان قليل الكالم

وأن ذريته أولى ..أنه أحق بالملك من صاحب العرش فرأى ..وله من الذرية الكثيرمن الذكور واإلناث ، نجيبا وأطعم الجميع طعاما ..وجعل يوم الوليمة عيدا ..فأولم لكل من اختاره للملك وليمة عظيمة ..بأن يرثوا األرض

وجاء ..وهكذا زرع بذور الحرب ؛ فاستعر لهيبها ..فماتوا ولم يبق منهم شاهد واحد على ميثاق الملك ..مسمومالم تزل الحروب بينهم دائـرة ..وظهر فى كل األرض ملوك على ممالك صغيرة ..اكان موحدا الشقاق ففتت م

..!! الرحى :وكانت زوجته تسأله فى كل مرحلة..وحطته بالد..فشالته بالد..وأما الملك فقد سافر

..!!ألم تظهر لك العالمات! ؟..ـ متى ينجز ربك وعده ..!! آخذة بأعناق الليالىوكانت األيام تتوالى..فكان الملك يسكت

• وعطشـا حتـى أحرقهمـا ..ومشى حتى نفذ منهما المـاء والـزاد .. وخرج الملك من العمار إلى الخراب

:وكان كل منهما يقول لآلخر..وانقطعت منهما األنفاس..وجاعا حتى صارا جلدا علىعظم..العطش !!؟..ـ هل اقتربنا من المراد

..!!وكلها متشابهة..بفاألرض يبا.. ولم يكن ثمة عالمةوصارالمشىعذابا يجعل النفس تشتهى الموت ..فاستحالت الرمال نارا ، حتى كان يوم ؛ حمى فيه حر الشمس

وكانت الملكة قد تقطعت أثوابهـا ولـم يبـق عليهـا مـا ..واعترضهما تل من صخور متراكبة متراكمة ، فحملها الملك وصعد من الظهيـرة حتـى .. وىفارتمت ضائعة الق ..وكان ذلك أيضا حال الملك ..يسترعورتها

حتـى إذا ..فيعود إلى ارتقاء الصخور واحدة بعد أخرى ، وكان كلما ارتاح يستكثر ماضيعه من وقت ..العشاء ..فعانق زوجته وغابا فى التعب..بلغ قمة التل رأى تحته عتمة فيها تسرى أنوار يراعات مضيئة

• را فإذا تحتهما األرض خضراء على مدى البصـر كأنهـا بسـتان ونظ..وصحا كل منهما على مطلع النور

وفعـال ..وتنعما أول يوم ولم يظهر لهما أحد ، فسجدا فى مكانهما شكرا وحمدا ، ثم نزال وأكال وشربا ..واحد :فقالت المرأة لزوجها ..مثل ذلك فى اليوم الثانى ؛ ولم يظهر أحد

ونعمل مانستر بـه أجسـادنا ؛ فالبـد أن لهـذه الجنـات نـاس ، ومنسجا ، هيا نصنع مغزال ..ـ ياحبيبى ..والبد أنهم سيأتون..يفلحونها

..نعم الرأى ما أشرت به ياحبيبتى : فقال لها الرجلثـم ..فلبس كل منهما ثوبا من صنع أيـديهما ، وأنجزا ما اتفقنا عليه ..ومرت األيام ..ومن فورهما بدءا العمل

:قالت المرأة ..فهيا ياحبيبى نخدم األشجار والشجيرات..والبستان يحتاج إلى الخدمة..مان ولم يظهرأحدـ هاقد مر ز ..ومن ماء البستان نشرب..فهى تطعمنا..هذا أمرال يحتاج إلى نظر: فقال الرجل

وكانت الحياة فى البستان هنية حتـى قالـت ..ناما فيه ..ومن األغصان صنعا لهما بيتا صغيرا .. ومرت األيام : للرجلالمرأة

..والعالمات ظهرت..ـ ياحبيبى نعم اهللا كثيرة .. الحمد هللا :فقال الرجل

فرأى أن شخصا يقبل من ناحية الشرق ، لم يعرف إن كان رجال ، ثم إنه نام تحت شجرة بعد أن قضى عمله وصال مطلع النـور لـم فمشى خلفه؛ حتى إذا ، فأشار إليه بالقيام ؛ فقام ، وأشارإليه بأن يتبعه ..أم أنه امرأة : وسمع صوته ؛ وهو يقول بصوت رخيم عميق المآتى والمذاهب، يبصر به

..!!ـ إعلم أنك فى هذا المقام تخلع عنك جسدك وتمضى قدما وكيف السبيل إلى ذلك ؟: فتعجب الملك من هذا الكالم ؛ وسأل

ألم تكن الملك على األرض فحكمت ؟: سأل صاحب الصوت ..لىب: قال الملك

!فهل عدلت ؟: سأل صاحب الصوت ..!!علم ذلك عند ربى: قال الملك

..فاذكر أعمالك فإن هذا مقام ذكرها: قال صاحب الصوتوسترت سوءاتى ، وأصلحت، ولبست لباس مكارم األخالق ؛ فصفحت ، إنى اتقيت المحارم مطلقا : قال الملك

خيانة بلباس األمانة ، وسوأة الغدر بلبـاس الوفـاء ، فسترت سوأة الكذب بلباس الصدق ، و سوأة ال : جميعا وسـوأة المـذام بخرقـة ، وسوأة سفاسف األخالق بخرقة مكارم األخالق ، وسوأة الرياء بخرقة اإلخالص

، وسوأة التوكل على األكـوان بالتوكـل علـى اهللا ، وترك األسباب بالتوكل على مسبب األسباب ، المحامد ثم إنى تزينت بزينة اهللا من مالبس األخالق المحمودة ؛ فصمت عما ال يعنينى ..لمنعموسوأة كفرالنعمة بشكرا

وكنـت ، وتركت سوء الظن بالناس ، وتفقدت جوارحى بالورع ، وغضضت البصرعما اليحل النظر إليه ، ووقفت من ، وعاهدت االستغفار ، وقنعت بالموجود ، دائم التصفح لما سطرته أقالم الكتبة الكرام من أعمالى

واستللت حقـدى وغلـى مـن ، وتركت الغضب إال عند انتهاك محارم اهللا ، وبذلت العرض ، آداب األنبياء وأكرمت كريم القوم ولم أنظـر ، ورعيت أهل المروءات ، وأقلت العثرات ، صدرى فلم أغضب لنفسى أبدا

وتفقدت المحتاجين ، ورحمت الصغير ، لضعيف ورفقت با ، ووقرت الكبير ، ورددت الغيبة ، بأى دين بدين ..وأفشيت السالم ، وقريت الضيف، وواسيتهم بالبر،

ولم أنتظـر .. ولم أجز أحدا بالسيئة فى حقى إال إحسانا ..وال صخابا ، والعيابا ، وال طعانا ، إنى لم أكن لعانا رك أحدا من الناس يبول فى أذنـى بكـالم يسـوء ولم أت ، ولم أعير أهل الشهوات بشهواتهم ، الدوائر بأحد

ولم أجزع من الجواب بما اليسرنى فـى ، ولم أحب التكاثر من الدنيا وإن أقبلت على كلها فى زينتها ..غيرى، ولم أطلب اإلنصاف من أحد فى حقى ، فأنصفت من نفسى ، ومع الحق ، إنى صبرت على الحق ، حقى

ولم أنظر إلى دين أحد ؛ ، وحاضر وغائب ، ومع كل واحد من حى وميت ، ىوقد أحسنت األدب مع اهللا تعال وإن كان مؤمنـا ، بل تأدبت مع المؤمن والكافر ؛ فإن الحى ال يعرف إن كن كافرا بما يختم له ..وأنا أعامله

)١٦(..بما يختم له !وما لباس اهللا الذى اختاره لنفسه ؟: وسكت الملك فقال صاحب الصوت

..إنه قلب عبده المؤمن : كقال المل فبم أوصيت ؟: سأل صاحب الصوت

وتجهيز البكر إذا أدركت ، وبتجهيز الميت ..وبتجنب كل ما نهيتهاعنه ، أوصيت بكل ما أمرت به نفسى : قالوتحسـين ، وبالمحافظة على إقامة الصلوات ، من مسلم وكافر ومشرك : وبذل المجهود فى نصح عباد اهللا ،

وإصالح الطعمة ، ورد المظالم ، وبالخروج من الجهل إلى طلب العلم ، قيام على النفس بالحسبة وال، نشأتها وأخـذ ، وبالتعاون على البـر والتقـوى ..والحذر الدائم ، وإسقاط الريب ، والسعى فى إصالح ذات البين ،

)١٧(..الحكمة من كالم كل متكلم !؟.ن تعلم وماذا كنت تريد أ: سكت الملك فسأل صاحب الصوت

..كنت أريد أن أعلم السالم : قال الملكوالميـزان يحملهـا خـدم ، والمفتاح ، أنت اآلن تذهب فتجد عند مطلع النور المرآة : فقال صاحب الصوت

وهو الـرئيس ، ورابعهم أبيض ؛ وهو يشبهك كل الشبه ..والثالث أخضر، وواحد أسود ، واحد أحمر ..أربعةفإن ورثتها لعقبك يصير الخادم األبـيض شـبيها بصـاحب ..هذه إشاراتك .. إلى البستان فتعود بهم ..عليهم

..!!تكون هذه عالمة موتك ، وتطابقا ..الميراث فإذا تم التشابه•

:فدخل العريس فى السكوت بعزف ، وتوقيع ، ثم غنى .. وسكت الرجل الكبير بلغى يانسيم أهل الديار

خبر الصب بين ماء ونار وانزلى تلكم الديار بليل

ما تطيقى نزولها بنهار فهناك الظبا تصيد أسودا

)١٨( وهناك األسود ليست ضوارى تتذبذب بين اقتراب ؛ حتى " األستاذ "فقد رأيت التشابه بين قسماته وقسمات ، وأنظر ، وتعجبت وأنا أسمع له

فتساءلت فى نفسى عمـا ..لم يسبق لى أن رأيته ، حتى إلنه شخص آخرغريب ، وابتعاد ، ليكاد أن يكون هو من ذلك الذى زارنى ؛ وقضيت معه الوقت ؛ من العصر حتى قبيـل : " وقلت ؛ فى عقلى لنفسى ..يحدث لى

!!"وهل كان من اإلنس حقا ؟! منتصف الليل ؟وفيما هو يستمر فى عزفه المتخافت ـ فاتحا باب الكالم للرجل الكبير ـ فقال هذا وعيناه تغوصان فيمـا ال

:تراه العيون !..!ـ وحدوا اهللا

:وقال صاحب الصوت: ثم قال ..!!اللهم فاشهد..ـ أال هل بلغت

وأرقـده علـى .. كما يخلع المرء منـا ثوبـه ، فخلع الملك عنه جسده ..وبقى النور ..فراح النهار وجاء ليل :فإذ برجل أبيض يشبهه يتقدم منه سائال ..حتى وجد نفسه هناك..وما أن هم بالتقدم نحو النور..التراب !!العدو ؟ـ من

!!وال إذن ..ذلك الذى يأخذ بغير سؤال: قال الملك ..!!فاسأل حاجتك..صدقت: قال الرجل ..والميزان، والمفتاح، المرآة : وما أنت أمين عليه..ومن معك..حاجتى أنت: قال الملك

..!!واألمر منك إليك..وسعديك..لبيك: قال الرجلفاذا برجل ..وينتبه من نومه ، ووجد الملك نفسه يفتح عينيه ..أو هى أسرع ، ولم تكن إال خطفة كلمح البصر

وكل من الثالثه يحمل خرجا ..وثالثهم أخضر ، وثانيهم أسود ، أبيض يشبهه ؛ يتقدم ثالثة رجال أحدهم أحمر :فسألهم الملك..وقفوا أمامه..صغيرا على ظهره

ـ من أنتم؟ ..نحن أبناء الموت الجميل : قالوا ؟..ون معى وماذا تصنع: سال ..نصنع معك الصنيع الجميل : قالوا

فتغيـب فـى الهاويـة ؛ أنـا الـذى ، كلما زلقت بك أقدام شهواتك : وأشار األبيض إلى األحمر فتكلم قائال ..وأصنع لك أجنحة ، مثنى ، وثالث ، ورباع ؛ فتطير ، وتسمع التسبيح ..يرفعك

وأريك األكـوان كونـا ..صن بى من أذى الخلق فتستعذبه أنت تتح : ثم أشار األبيض إلى األسود فتكلم قائال ، أفتحـه لـك فتـرى ..وفى يدى بستان األعمال خيرها وشريرها..وتعيش معى فى الجمال والجالل ، واحدا ..وإذا خاطبك الجاهلون قلت سالما..فتمشىعلى األرض هونا..وتصيب رشدك، وتفهم

قد خدموا وزراءك وكبـار ، قد عرفت إخوة لى كلهم خضر أنت : ثم أشار األبيض إلى األخضر فتكلم قائال وأعمـالهم ، فكانت كلماتهم أمرا بالعفو ، ويسروهم لليسر ، وجنبوهم مواضع المقابح ..ورجال مملكتك من قبل

..أما أنا فقد ظهرت لك..وكان إخوتى مستورين فى ظاللهم..مباركةواختفى عـن عينيـه .. ثم رآه قد انحنى..تقلب فيهفرأى الملك كل األلوان ت، ووقف األبيض بين يدى الملك

والـذين ، أنا رئيس إخوتى وجامع جماعهم ؛ هؤالء الذين أمامـك : ثم إنه ظهر للملك وقال ..كأنه قد ذاب .. والمفتاح ، والميزان للوارث من بعدك، ونحن قد حملنا لك المرآة ..ادخرتهم لك فى مقبل األيام

• ودخلت خالتى .. فأعلن حضور العروس ، وصفق ابن خالتى تصفيقتين ؛ فحل الصمت ..وسكت الرجل الكبير ..ودخلت ناعسة.. فنهض الرجال وقوفا..إلى القاعة تتقدمها

وتساءلت فـى نفسـى عـن ، تمشى فى اعتداد كملكة ، مستقيمة العود ، يحيط بها بهاء ، كانت حلوة اللون ..!! من قبلوأين كان مخفيا فلم أره، جمالها الرصين

وقال ابن ..وعلى رأسها أرخت غاللة سماوية ، وأطراف أكمامها بيضاء ، كانت ترتدى ثوبا من القطيفة أسود :خالتى

.. ـ اسمعونا الصالة على النبى بينما اتخذت كل من الخالة والشيخة ناعسة مجلسا فى الطرف ، وفى الصلوات على النبى ؛ انهمرت الدعوات

وإذ بـالمعلم ، وماهى غير لحظة ؛ وأحسست بروائح زكية تشتمل على كأنها تخرج منى ..ةاأليمن من القاع :فنهض الرجل الكبير قائال ، وتعقب عليه أصوات من أرجاء القاعة طالبة المدد ..يطلب المدد" سيد هيصة"

.." والحمد هللا رب العالمين ،وسالم على المرسلين ، سبحان ربك رب العزه عما يصفون "ـ

..".الفاتحة "ثم أهاب بالحضور أن يقرؤوا معه •

فعدت إلى تفحص وجـوه ..ابن خالتى " نمرة من نمر "وأنها ليست ..أيقنت أن األمر جد ..والدعاء..وبعد الفاتحة وقـال ..وكان عريسها الوسيم قد وضع العود جانبـا ..وبدا لى أن المجلس قد زانه حضور ناعسة ..الحضور

: الرجل الكبير ..أما بعد..وحدوا ؛ من رفع الميزان سيد األوقات..صل الكالم ياساداتـ ن

وإننا قد تركنا الملك فى البسـتان ..وهى عارفة بحكايتنا التى حكينا طرفا منها ..فإن العروس قد حضرتنا اآلن .. وبين يده هؤالء الخدم يحملون ما سيكون عالمة للوارث

..وكانت الملكة حامال به: صلنا إليه الراوى مما كانقال المعلم سيد هيصة ؛ مذكرا بما أو :قال الرجل الكبير

وهى والملك فـى هنـىء ..ومرت األيام ، واستبشرت ، ـ فلما أنبأ الملك مليكته بما وقع لهما ؛ فرحت بذلك أنت ترين ماقـد آل إليـه : " وقال الملك، وقامت بسالمة وعافية ، ووضعت حملها ، العيش فى تلك األرض

فمـا قولـك فـى أن ..ونحن والحمد هللا فى نعمة ؛ وقد استغنينا بأبناء الموت الجميل عن الدنيا ومافيها ..حالنا ! "؟..وننسى ذلك الملك ؛ وأعباءه، نعيش هنا

وقد كان ماكان من رحلتنا ، أنت قد أنعم اهللا عليك بهذا الملك ، أيها الملك : " ثم قالت .. فتفكرت الملكة ساعة فالتقعـد بنـا فـى هـذه ، فهذا االبن صار من حقه العـرش ..وإنى ألخالفك الرأى ، ا من مشقات وتحملن،

.. "فلسنا نعلم ماتخبئه الليالى واأليام..وهيا بنا..الجنان ..!! ويتحمل عظمه مشاق الرحلة..فدعينا نعيش هنا حتى يشب الولد: قال الملك

لكن التنس أننا نحمل أمانة ؛ والبد لنـا ..لك ماتشاء.. الحبيبأيها: فقالت الملكة ؛ فى إشفاق ، وحنان األمهات ..من تأديتها إلى أهلها

:وقال الرجل الكبيرفلمـا ، ـ ولكن ؛ ما أسرع مارأى الملك أن الخادم األبيض تميل مالمحه كل يوم إلى مشابهة ولده الصغير

: جاء إلى الملك متهلال يقول، صار يشبهه تمام الشبه ..!!وأوص..واستودع..فهىء نفسك للسفر..ئت أبشركـ إنى ج

: فقال لزوجته، فعلم الملك أنه اليقين ..والحمد هللا الذى أتم نعمته ..وباطنى..وأنت محيطة بظاهرى..ـ إنى إلى مطلع النورأذهب

..!!فأوص: قالت ..ولست بالذى يكلف..كل نفس بما كسبت رهينة: قال

..!!فسافر..وأغمض عينيه.. األبيضثم إنه مد يده إلى يد الخادم•

: وقالت، وأماالملكة ؛ ايها السادات ؛ فقد دعت الخدم كلهم إلى حضرتها .. ـ أخبرونى بخبر هذا البستان

، فإذا وصل إليه صـاحب النصـيب ..وأبونا أنشأه ، وكرسه لكل قادرعلى قهرهواه ..إنه بستان المحبة : قالواوالرابـع ، والثالث أخضـر ، والثانى أحمر ، واحد أبيض ، نا أربعة من أبنائه جعل له أبو ، وارتضاه مقاما

فعلـى المخصـوص ..وهم يطيعون سيدهم ويخدمونه بقدر ما يطيعهم ، والميزان بينهما حكمة المشيئة ..أسودوسـكنانا ، وسـود ، وخضـر ، بـيض ، وحمـر : وعمال أبينا مثلنا ..بالرضى أن يجتهد فى النفاذ إلى سره

وعملنا يتصل بمشيئة اهللا ، وال نوم ، ال راحة لنا ..ويصير مثلما ترين ، نعمره ؛ فيخضر ؛ ويتبارك ..اليبابففى كل سـاعة يزيـد ..وليس له آخر ..وأول البستان عند مطلع النور ..وخالقنا، حتى يرث األرض خالقها ،

..!!ويتقدمفهل أقيم هنا فأقعد عن القيام بأعبـاء ..ىوهذا طفل ..إنى كما ترون وتعلمون : ففكرت الملكة ساعة وقالت لهم

!؟..توريث ولدى، فتفكرت يومـا .. وبيننا وبينك الميزان ..واألمر متروك لك ..إنك إن اخترت اإلقامة يكن لك خدم مثلنا : قالوا

إنى مقيمة هنا إلى أجـل :فقالت لهم ، وسافرت إلى الدنيا التى جاءت منها يوما ، ثم عادت ؛ فدعتهم إليها ..!!ويفعل اهللا مايشاء..جلمؤ

..!! فهيا معنا ؛ فنطلعك على نواح فى البستان لم تخطر على قلب بشر..نعم الرأى مارأيت أيتها الملكة:قالوا •

فوجدتهم قد تعلقت أعينهم بوجـه ..نظرت فى وجوه الحاضرين ..وانتبهت على سكوت ، كنت أنصت مأخوذا : ورأيته يسألها..ير يصوب النظر إلى ناعسةوكان الرجل الكب..الرجل الكبير !؟..ـ تمام ياستنا

..!!تمام ياموالنا: فتبسمت ناعسة ابتسامة الرضى والقبول ؛ وقالت :قال الرجل لها، ؛ بينهما ؛ وفصله " السيم" وقبل أن أتبين أصل

؟..ـ فهل تكملى أنت ماوقع ..إن شاء اهللا ..أفعل..نعم: فقالت وهى مازالت تبتسم

:وقالت، وسلمت األمر هللا ، وحوقلت ، وبسلمت ، ثم إنها واجهت الحاضرين بوجهها فقـد ..وأما أنـا .. فإن كل راو قد روى بقية الحكاية بشكل جاء على شاكلته هو ، ياسادة ياكرام ، ـ أما بعد

أمر ليس لكم عليه فذلك ..أما ما شهدت وجربت ..ولكم أن تأخذوا ماعلمت أى مأخذ تريدون ..ثم ذهبت ..علمت ..!!وبأنفسكم جربتم..سلطان ؛ إال إذا ذهبتم

ثـم ..وارتجـف جسـدها ..ثم إنها قلبـت عينيهـا ؛ فاتسـعتا ..وسرحت عيناها حيث اليدرى أحد .. وسكتتثـم ..فنظرت فإذا بابن خالتى يدخل وفى صحبته رجل لم أتبين مالمحه ، وأحسست بحركة عن يمينى ..سكنبينما ابن خالتى يشيرله ، يصطحب معه حقيبته الجلدية ..مأذون الناحية " بد النبى السنى ع"كان الشيخ ..عرفته

ومن بين أسنانها ..ومن صدر ناعسة صدرت أصوات غريبة عميقة ، رافقه إلى كرسيه ؛ فأجلسه ، بالصمت :خرج صوتها مخنوقا تقول

..ـ هاهى تقول لكم بصـوت ..وتكلمـت .. وترات التى اشتملت على جسمها ومالمحها وانقشعت الت ، أن هذأت " ناعسة" ومالبثت

: ناعم اليشبه صوتها ؛ قال ذلك الصوتـ إنى لما فكرت فى الرجوع إلى الدنيا التى جئت منها ؛ رأيت أنه من الحكمة استقصاء أخبارها ؛ لمعرفـة

فالملك قد ساسـها ، واآلالم فعادت نجائبى محملة باألحزان .. ماجرى عليها فى المدة التى عشتها فى البستان فكان من حسن الرأى البقـاء فـى ..وصارت المكيدة حاكمة .. ورفع الوضيع ..فأذل الكريم .. اغتصابا وقهرا

..البستان وكان ..وعلمته الطاعات ، وأنشأت ولدى على عينى ، وصار لى خدم أربعة ، إنى عشت فى بستان المحبة

فلما تعلم ساحوا به فى نـواحى ، ودخلوا به فى أبواب الهدى ، فى المقامات علوا به ، له من خدمه مربون فأغرتنى كماالته ..وقيامه إماما ، وصار سجوده إماما ، وسمع ما لم تسمع أذن ، فرأى ما لم ترعين ، البستان

: وقال لى..ولما فعلت ؛ رحمنى ببكاء طويل، وفصله ، أن أكشف له أصله ..نجائب إلى الدنيا التى جئنا منها فتأتى إلينا بكل حافظ لعهد أبىـ هيا فلنعد ال

وطلبـوا ، لما رأونا شـهدوا لنـا ..فحملت نجائبى الحافظين للعهد ، فوجدناهم مكسورى الخواطر .. وفعلتد لم أرها أنا ، فق ، ولما تعلموا علومنا ؛ رأوا أن بستان المحبة ينطوى على وعود بالنصر ..محاربة الغاضب

:كانت محجوبة عنى بحجاب أحزانى ، فجاؤونى قائلين ..!!فيكون لنا منهم جيوش عظيمة، فندعو المحبين إلى رحابك ، دعينا نتفرق فىاألرض ، ـ أيتها الملكة

..افعلوا أيها المخلصون: قلت بعد مشاورة ولدىوكل المظـاليم لجـأوا ، لزهاد والعباد وهوت إلينا أفئدة ا ، واهتدوا إلى مكاننا ، ومالبث الناس أن سمعوا بنا

ويكون له من أبناء الموت الجميل خدم ؛ مثل مـا ، ليرتقى كل منهم ، وأخالقنا ، فعلمهم ولدى وصايانا ..إلينا ..لنا

: قلت لولدى، ولما رأيت بستان المحبة قد صارعامرا بالناس ..ولك أن تبقى، ـ إن لك أن تذهب السترداد عرشك

!وأنت ؟: سألنىفلما ..ولألوابين..أما أنا فإنى مقيمة فى البستان مملكة لمكسورى الخواطر: قلت له

:فتفكر ابنى يوما ثم قال لى ..وأنا سأعيش هنا واحدا بين آحاد الناس حتى يجيىء وقتى..ـ أقيمى مملكتك

فنظر فى كل وجـه مـن وجـوه ، اختلى بنفسه ، فلما فعلت ، ومرت أيام ثم طلب منى أن أسلمه ذخيرته ..!!ثم إنه نصب لنفسه الميزان، وبالمفتاح فتح كل األبواب المرصودة ..المرآة

: وخطب فيهم قائال، وخرج من خلوته ؛ فدعا إليه كل ساكن فى البستان فلمـاذا ..ىفصار مثل .. وإنى أرى كال منكم قد اجتهد ، وأنتم تعرفون حقى ، قد علمتم حقيقتى ، ـ أيها الناس

وإذا ارتقينا مـدارج التقـوى ..إننا إذا تأدبنا بآداب مللنا سنجتمع على ملة واحدة ..اليكون العرش مشاعا بيننا ..فمن أراد أن يسعى إلى هذا العرش فليفعل..سينكشف لكل منا معراجه

!؟أن لكل منا خدما ؛ فمتى يكون لكل منا ذخائر مثل ذخيرتك ..أيها الملك: فقالوا ..بالسعى الحسن يكون لكم مثل ما لى أو أكثر : قال

فقتل ..وذهبوا إلى الدنيا التى جاؤوا منها ..وهكذا انطلق من بستان المحبة كل من رأى أنه جدير بعرش الملك فساح هؤالء فى األرض يحكون عنا ، وفر منهم إلى البرارى من فر ، وصلب منهم من صلب ، منهم من قتل .!!.كرامات: وبعلومنا اجترحوا مايسميه الناس فى دنياكم ، ويتحدثون بكالمنا ، حكايات شتى

وعلـى ..ويتكلم من خاللها ؛ هو الذى سـكت ، أو ذلك الصوت الذى يخرج منها ، ثم سكتت الشيخة ناعسة ت وقرأت المعوذتين بصو .. وضعت خالتى راحتها على رأس ناعسة ، وذكرت اسم اهللا ..صدرها انكفأ وجهها

وتوترعنقها فـى ، ورفعت رأسها ..ثم انتفض مرة بعد مرة ..واهتز ثالث مرات ..اختلج جسد ناعسة ..مسموعواتجهـت بعينيهـا ، واعتدلت فى جلستها ..وفتحت عينيها ، ثم سكن جسدها ..وتناثرت حبات عرق ، الهواء :وقالت ؛ بينما الروائح الزكية قد عادت لالنبعاث من القاعة ومنى..نحوىويوم الناس هنا ؛ يساوى هناك أعوامـا ، عشت فيه أياما بعد أيام ..مرات.. أنا ذهبت إلى بستان المحبة ـ

ومن مائه ، من زرع البستان وفاكهته أكلت ، لست أعرف على وجه التمام ..كم عاما عشت هناك ، وأعواما ، النساء يعشن فى طاعة خدمهن ورأيت..ليصيروا ملوكا ، ورأيت الرجال يعيشون فى طاعة خدمهم ..شربت

:وقالت لى الملكة الكبيرة ؛ التى يعطيها الناس كل يوم اسما ، ألنه ال أحد يعرف اسمها، ويصرن ملكات فـإذا القلـوب ..فإن عالمة الملوكية تظهـر هنـا فـى الصـدور ..وراقبى الصدور ..ـ ياناعسة ؛ أنظرى

ـ ، ونورها يرشـح مـن الجسـد ..أضاءت العيون ..نورت الشـموس فـى .. ىء المهـدى ماحولـه ويض

وعرق جبينه ينبت ..دموعه أمطار تحيى الموات ..والكواكب تستمد نورها من نوره ..واألقمارفى يساره ..يمينه ؟..هل تحبين رؤية ظلك..وظله يدوم..أعماال ؛ تفترش األزل واألبد

..نعم: قلت، ليل تدور سواقيه رافعة من األعماق ماء النهار ودخلنا فى ، وعلونا ، وعلونا ، فحملتنىعلى جناح محبتها

وقارعـة ، وزلزلة ، ومن الرجع البعيد ؛ أتتنا طوارق تسافر فى جسد الليل ؛ فترتج ظلمته واعدة بصلصة وكان النهار لحظة خاطفة ، وتساءلت عن ظلـى ، فرأيت األرض يتناوبها الليل ..وأنا كنت أنتظر ..بعد قارعة

ونظرت فى ، وأنا واقفة فى سطح دارى ، فإذ بنا فى حارة العفريت !! يل لم يلد بعد النهار؟ كيف يظهر ؛ والل تراقب أخرى ممسـكة بمكنسـة مـن ليـف ، واحده جالسة على كرسى صغير :. منور الدار فرأيتنى اثنتين

وأنـا أراقـب ..محنيـة الظهـر كانـت تكـنس ، وماتكنسه تعيـد كنسـه ، أخذت تكنس األرض ..النخيلوكانت كلما انتهت الكناسـة ..فلم تقم ..وأنتظرأن تقوم األخرى من كرسيها لتأخذ نوبتها وتريح أختها ..قبوأتر

، حتى إذا خلت أن األمر سيستمر بغير نهاية ؛ لمعت فى األرض نقطـة ..تشير إليها أختها آمرة باإلعادة وفى يدها مكنسة مثل مكنسة ، يئة ؛ فقامت ورأت أختها النقطة المض ، وانتصب عودها ، وتوقفت يد الكناسة

، وصـارت مثـل نجمـة ، فاتسعت النقطة المضيئة .. وانهمكتا فى الكنس ، وخلفها أختها ، فانحنت ، أختها وصار شمسا التحتمـل ..وشع فى األعالى ، واتسع ..فاتسع النور .. وكنستا، فصارت مثل بدرالتمام ، وكنستا

السطح معهما ثم ذابتا فى هواء شهيقى ، وكان زفيرى حارا فيه نـار الحمـى ورأيت أننى فى ..العين نورها : وهتفت بى الملكه القائمة على البستان..والتعب

..ـ ياناعسة ؛ أنظرى وكان.. وثوبى ثوب عرس، ولونى حلو، فإذ بى طالعة فى النور؛ فى شرخ الشباب ،عفية

.!!.يزفوننى إلى عريس لم أره، خلفى من أحببتهم •

واختبأت فى شـرنقة ، وانسحب حضورها ، وعلت وجهها حمرة ..وأرخت أهدابها علىعينيها ، سكتت ناعسة ياجـابر : "وقلـت فـى نفسـى متوسـال ..وأن عليهـا وحـن ..ووجـع قلبـى ..فاضـطرب دمـى ، الحياء ى طبقاتـه شـجن وقال بصوت أجش عميق ؛ يتخفى ف ..الذى تنحنح ..ومثلى كان المعلم ..!!"..يارب..الخواطر ..!! "ربنا يتمم لك بالخير يابنتى : عتيق

• :قال الرجل الكبير للمعلم بصوت من يحدوه األمل ..!!ـ الظاهر أنك قد فهمت علينا الحكاية الجامعة

:فقال المعلم بصوت مغلق بالغموض ..!!ـ ربنا يتمم بخير ياباشا

فتنقلـت بعينـى علـى وجـوه الحضـور ..لحالفقد توجست أن المعلم اليعجبه ا ..وسألت نفسىعن سبب ذلك فأغمضت عينى وفتختهمـا غيـر مصـدق ..وتراءت لى أمى تربت على ظهر ناعسة بحنان غامر ..وهيئاتهم

فصـعبت ..قـد أراحـت رأسـها فـى صـدرها " ناعسة"و..فى إبطها " ناعسة"فرأيت خالتى تحتضن ..ماأرىودعوت اهللا باللطف..وصعد الدم إلى رأسى..على..

: الرجل الكبير ؛ لسبب لم أتبينه فى التو وقال " فأخونـا الـدكتور ، وقد جمعتنا هذه المناسبة ، ولوجه اهللا ، نحب فى اهللا ..ـ كلنا يامعلم ؛ من أبناء الطريق

قد تكلف مع أهل " عبد اهللا الحداد "وأخونا ، قد أطلعنا على رغبته فى االقتران ببنتنا ناعسة " عبداهللا بن حمداهللا ونتمم مااجتمعنا ، وأرى أن نتوكل على اهللا ، والجمع جمع خير ..بالقيام على إتمام ذلك بعد موافقة العروس بيته

.من أجله :وقبل أن يرد المعلم عاجلنا ابن خالتى بقوله

..؛ قد شرفنا الليلة ، لهذا الغرض" عبد النبى السنى"ـ والشيخ وأخـرج ، فوضع هـذا حقيبتـه ، أمام كرسى المأذون فحمل منضدة مستطيلة وضعها ، وأسرع ابن خالتى

..وشرع فى إلقاء خطبة النكاح، فسكت الجميع ، ودق بقلمه ثالث دقات ، أوراقه ودفتره •

بينما الشيخ عبد النبى يرفع من طبقة صوته ، واستغرق فى ضبط أوتاره ، وفوجئت بالعريس قد احتضن عوده :حتى سأل، ختم خطبته وما أن ..ويرمق العريس بجانب عينه،

..!!ـ إسم العريس رباعيابينما المأذون قد فغرفاه دهشه ، وينصتون ، جعل الحاضرين يلتفتون إليه ، فإذ بالعريس يدخل فى عزف شجى

: ودهمه قول العريس كأنه يجيب، وسقط فكه األسفل ، ..والبحار مولعة بى ، ـ أنا غواص العشق )١٩( محيطاته والذرات، والبحر قطرة منى

ومالمحـه تتغيـر ، ، وقال بينما العريس مازال مستمر فى العزف ..وابتسم، مالبث المأذون أن تمالك نفسه :ويسكنها انفعال غريب ..!!ـ اهللا يحظك ياعريسنا

فهـل لمنبـع .. يسألوننىعن مـوطنى ..وليس لى اسم ..أنا لى كل األسماء ..يسألوننى عن اسمى : فقال العريس !؟..وطنالجوهر م

..إسم العريس عبد اهللا: قال ابن خالتى : فقاطعه المأذون

فى الناحية ..هناك.. والعريس زى ماأنا شايف يعنى ..مش كده شروط النكاح البد من استيفائها ..أل يامتر ..ـ أل !!…اهللا أعلم! ؟..فين..!! التانية

:فقال المأذون ، حاول ابن خالتى مقاطعته

إنما علـى األقـل .. مكسورة الجناح ..دى ولية ..وقلنا زى بعضه ..الشيخه ناعسه ..امترمااتقاطعنيش ي ..ـ أل ..العريس ؛ البد أن يستوفى شروط النكاح

: قال له الرجل الكبير..أحطنا بالمأذون..وقام الرجل الكبير.. قمت من مكانى .. تعال نتكلم فى أوده تانية..ـ طيب ياشيخنا

• ومـا ..أجلسنا المأذون وجلسنا ..يتخذ منها مكتبا له فى دسوق ، رة إلى يمين القاعة قادنا ابن خالتى إلى حج

:أن هم ابن خالتى بالكالم ؛ حتى بادره المأذونوقلبـى ، وزى الحاجـة ، زيك ، وانا موافق على كده .. الشيخه ناعسه وكلنا عارفين إنها مهبوله .. ـ يامتر

..والعبد..ده كالم مايرضيش رب..لعريس كمان يكون ملحوسإنما ا..معاها ؛ زى الناس األفاضل دوللكن السبب فى اللى انت ..ده دكتوراه فى الرياضيات العليا..ياموالنا الرجل عاقل لبيب: قال الرجل الكبير

..شايفه إن الحال حاكمه حضرتك بتشتغل إيه ؟..المؤاخذه ياسعادة الباشا: قال المأذون وهو يتوجه بوجهه نحوه

..وكيل وزارة : لرجلقال ا !؟..وحضرتك يعنى إذا حكمك الحال بتقدر تصرف أمور شغلك: سأله المأذون ..!!هات من اآلخر..ياشيخ عبد النبى: فقال ابن خالتى، سكت الرجل ..!!أنا لن أعقد عقدا يشهد قلبى وعقلى على بطالنه..اآلخر زى األول:قال المأذون ..!!أنا عارف معزة ناعسه عندك..بداهللاماتتكلم يا أسطى ع: ثم بادرنى

..!!أنا فى الحقيقه ما اقدرش اتكلم: قلت ؛ وقلبى يعتصر !؟..وليه بقى إن شاء اهللا.. عجيبة: فقال المأذون

: فسأل المأذون ..وظهرت حيرتى..سكت !!زوها أي كالم والسالم ؟ أوعوا تكونوا اتفقتم تكلفتوا البنت الغلبانة ، وتجو..ـ إيه هي الحكاية بالضبط

:وقبل أن يجيبه أحد ؛ تناهى إلينا صوت العريس يغنى على عوده سلوا كؤؤس الطال هل المست فاها

)٢٠( واستخبروا الراح هل مست ثناياها

!!يانا بستان المحبة ؟مش كفا! ؟..إيه ده كمان..وخد عندك ياسيدى: وهتف المأذون ..اسمع ياشيخ عبد النبى: فقال ابن خالتى بحزم

..!!ولو عقدتم ها ابلغ النيابة..أنا مش هااعقد..دا انت اللى تسمع كويس..ال: فقاظعه المأذون :ثم قال ابن خالتى، فتبادل كل من ابن خالتى ووكيل الوزاره النظرات

..ل سنه وأنت طيبوك..أنت شرفتنا..ـ طيب ياشيخ عبد النبى :فقال لى، وتركانى معه ..وغادراه

!!والال فته بالخل والتوم ؟! ؟..ده جواز..ـ أنا راضى ذمتك وضميرك

..أنا مش فاهم حاجه أبدا: قلت متحيرا .. وصل الشيخ ياعبد اهللا: وعاد ابن خالتى بالحقيبة الجلدية ، وقال لى

• واقتـرب منـى .. وكأن شيئا لم يقع ، وكأن المجلس مجلس أنس ..كا فى الغناء عدت ؛ فوجدت العريس منهم

؟..إيه العباره: وسألنى، المعلم سيد ..!!أنا قلبى كان حاسس: فلما همست له بما وقع ؛ قال باستياء

!؟..والبنت الغلبانه دى: سألت ؛ وأنا مستاء ، ومتحير ..ا الزم يكون راجل موزونواهللا أنا شايف إن العريس اللى ينفع له: قال

..أنا الزم أعمل حاجه الليله دى : والحظ ابن خالتى تهامسنا ؛ فاقترب قائالوفـى مكتبـه لحـق بنـا وكيـل ، فتركنا ، وأشار إلى المعلم أن يتبعـه ، وكذلك المعلم لم يرد ، فلم أرد :فقال ابن خالتى..الوزارة

!؟..ق على ميعاد كتب الكتابوبعدين نتف، ـ إيه الرأى لو خليناها خطوبة ..!!واهللا ده حل كويس قوى: قال وكيل الوزارة

!قصدكم يعنى حاجه ع الضيق عشان خاطر البنيه ؟: قال المعلم ..إن شاء اهللا مايحصلش إال الخير يامعلم: فقال ابن خالتى ؛ يطمئنه

: التىفقد قال البن خ..أما أنا ؛ فأحسست أن المعلم لم ترض نفسه بهذا الكالم ..!!يبقى نشوف لها العريس اللى هوا..ـ مادام البنت عقدتها اتحلت وقالت ياجواز

.. وأسرع ابن خالتى ؛ وبعده وكيل الوزارة ؛ إلى القاعة.. فلم يرد عليه أحد•

:فوقف وكيل الوزارة قائال، كان العريس قد انتهى من غنائه ورافع لواء الحمد ، نبينا محمد منبع الهداية ، ة على سيد ولد آدم والسالم والصال ..ـ بسم اهللا الرحمن الرحيم

التوفيق بين قلوب المحبين : ومن هذا الباب ، إنا اجتمعنا على الخيرات ، أما بعد ؛ فيا أيها اإلخوان ..والرحمةـ ، " ناعسة"وهاهى أختنا الطاهرة الشيخة ، والجواب على أشواق المشتاقين ، د طـول قد فتحت باب قلبها بع

واقتربا مـن بعضـهما ..وسر لمرآها ، فسرت لمرآه ، "عبداهللا حمداهللا "ورأت على هذا الباب أخانا ، امتناع وليس علينا غيرواجب التوفيـق بينهمـا ؛ ..فاستجابت، فقد أحبها فى اهللا ، ومودة أخوية ، على اشتياق ظاهر

؟..حةفماذا تقولون فى الفات..فىعقد عقدهما حسب آداب اهللا :قال أغلب الحاضرين

..ـ نعمفنشهر خطبتهما فـى ، وبعدها نخرج إلى رحاب موالنا سيدى إبراهيم الدسوقى ..إذن ؛ فلنقرأ أم الكتاب : فقال

..!!وتمام العقد مرهون بمشيئة اهللا، والحاضر يعلن الغائب ..هذه الليلة المباركة

وقـد ، ونهضوا خارجين إلـى السـاحة ، دلوا التهانى وتبا..وقرأ الحاضرون الفاتحة .. ورفع راحتيه مبتهال : فتأبطنى وهو يسأل بتأثر ..وكنت والمعلم فى ذيل الركب ، تصحبها خالتى " ناعسة"وخلفه ..توسطهم العريس

!؟..؛ شايف الكروته ياعبد اهللا! ؟..شايف !إيه رأيك ؟: فقال لى..فقد كنت حائرا فى األمر كله، لم أرد

فى إيه؟: لتهتائه اللب ؛ سأ !؟.. نرجع القهوة ، ونسيبنا من الدور ده: قال

..!!ماشى يا معلم: قلت فى استسالم ؛ وأنا أواجه الظلمة ؛ هائما فى زياط الليلة الكبيرة•

:فسألته ..وهو يترحم على معلمه.. مشينا !ـ كان اسمه إيه يامعلم ؟

..سيد المعلمين اهللا يرحمك يا..وشهرته صالح، كان اسمه عبداهللا : قال، وياكل حاجـه نضـيفه ، الزم يتنفس هوا نضيف .. كان عارف إن البنى آدم منا لحم ودم : وسكت ، ثم قال .."واأليد البطاله نجسه.. الحركه بركه.. اتحرك: "وقال لى..وهو اللى جوزنى كمان..ويشخ براحته

..!!وعلمك كمان: وقلت له ؛ ونحن نخرج من الساحة .. ابتسمت مهموما ..!!أديك كنت فى هيصه ؛ الميه ميه! وإيه رأيك انت ؟: فقال ؛ مستحثا

!؟..ليه الواحد حاسس إنه كحيان ع اآلخر كده..قل لى انت: قلت، وخلق فيها بنى آدم هيصـه ، وخلق الدنيا دى هيصه ، ربنا ده هيصه ..ماانا قلت لك : فتأبطنى بقوة ، وقال

، وييلحق ؛ ياميلحقش ، بس كلهـم كحيـانين ، علشان يلحق الهيصه ، بيعمل هيصه ، وكل واحد فى هيصه ..!!لكن كل واحد كحيان بطريقه

عمـك ..لكن معلمـى ، وأنا كحيان ؛ ضمن الكحيانين : وقال لى ، ونظر فى وجهى ، ثم سكت المعلم ووقف واتوكـل ..رفوص، كسب ..علشان كان كحيان بكل الطرق ..كان ملك الكحيانين ..اهللا يرحمه ، صالح هيصه

..!!على اهللا ، وروح ؛ أنضف من الصينى بعد غسيله ..!! فمشيت معه ؛ أجتر حيراتى كلها.. واستأنف السير

..

وقـد ، ما أن دخلت ؛ حتى وقفـت ..ناخائب الرجاء ؛ حزي ..مهدود الحيل ..إلى دارى عدت لدى الصبح إستدرت ، وقفت فى فتحـة ..!! أو ربما يكون فى الطريق ..!! ولم يجدنى ، خطر لى أنه ربما يكون قد عاد

مثيـرة سـحابات ، وكان ثمة ريح خفيفة تلعب فى فضائه الخالى ..وعيناى على آخر الشارع ، الباب مترقبا ..!!اح تشرق بنور معتكروكانت شمس الصب..متناثرة من الغبار

: وقلت لنفسى ..فإذا جاء ؛ سيجد الباب مفتوحا .. قررت أن أوارب باب الدار ، وأنام ، ولما تعبت فى وقفتى ، فأحضرت غطـاء ..فقررت أن أنام حيث كان يجلس !! " لو أنى دخلت حجرة نومى لن يرانى حين دخوله "

وفيما أنا أغفو ؛ عثرت أصابعى بأوراق تحـت الوسـادة ..واستلقيت متوسدا إحدى الوسائد التى توسدها هو فتحـت ..مـددت كفـى ..وكانت عيناى مغمضـتين ، تحسست أصابعى أطراف األوراق ..انتبهت..المجاورة :قلبت الوسادة ، وجدت التالى..عينى

ـ .. رسائل ؛ من بينها واحدة موجهة إلى ه وأوراق أخرى ، يبدو أنها مذكرات له يتحـدث فيهـا عـن عالقت، صاحب " سيدى يحيى الظريف"، لست أدرى ـ حتى اآلن ـ إن كان هو " يحيى الظريف"بشخص يسمى

وما زالـت تحيرنـى ؛ حتـى ، فهذه مسألة ظلت تحيرنى ..المقام الكائن بقرية المرسى ؛ أم أنه شخص آخر ، واآلخـرين باسـمى ،واحد باسم السيدة مريم كمال العسال ، "شيكات"وطى هذه األوراق وجدت ثالثة ..اآلن

..وكلها بمبالغ ضخمة لهـذا رتبتهـا ..ولكن ترتيبها الحقيقى كان مغايرا لذلك ..أما الرسائل فقد قرأتها ؛ بادئا برسالته الموجهة إلى

ولهذا يجوز أن يكون لهذه األوراق ترتيـب ..وقد ال يكون هذا الترتيب هو الترتيب األمثل ، حسب ما فهمت ؛ التى اشتركت معى فى تقسيم هذه األوراق ؛ ووضعت " مريم العسال "عتقاد السيدة وتشاركنى هذا اال .. آخر

وعلى كل حال ؛ فالمسألة متروكة لتقدير .. لكل قسم منها عنوانه ؛ على نحو ما هى معروضة فى هذا الكتاب ..رغبة منه فى الخدمة، وأما الهوامش فقد وضعها خبير..كل قارئ

وإنـى ..غير أن األمانة تقتضى أن أدرج كل ما وجدته .. ما جاء بهذه األوراق لست أدعى أننى قد فهمت كل وأتمنـى علـى هـؤالء ..فالناس مراتب روحيـة ..ألترك فهم ما لم أفهمه لغيرى من أصحاب الرتب األعلى

..السادات أن يخبرونى ؛ وأمثالى من مريدى الفهم ؛ بما فهموه ، أو ببعضه ؛ لنبلغ مبالغ الرجال .. أن هذه المرتبة يحتاج الوصول إليها إلى تضافر جهود الخيرين ، وتأدية األمانات فى كل مجالفقد علمت

• وال أستثنى غير االعتراف ..أما ما وقع منى بعد قراءتى لهذه األوراق ؛ فإننى أرجئ ذكره إلى خاتمة الكتاب

...!!وبكيت ؛ حتى ارتقيت درجة فى مدارج الرجال..وبكيت..بأننى بكيت

: " .."

يا صديقى اللدود .. عبد اهللا ..وأفترض أنك منصت إلى..فقط أريد أن أتكلم..ـ هذا كالم لن أرسلة إليك

ضـلوعى تـئن تحـت ضـغط .. وأنا أعيش مشهدا بحريـا ..إنى أرى النور يتالطم من حولى .. ـ عجبا وأسبح فى ، ثم أتحرر من اختناقى وعجزى ..وخلفها ظلمة رابضة ، باب قريب المرئيات تغيب فى ض ..عنيف

أطفو من أعماقها البعيدة ..أروغ منها إلى مادة سائلة مظلمة ، أشق طريقا سهال لينا فى مادة رخوة ..تيار ناعم فـى وتمتلئ حواسى بحضور ؛ فى بحر عظيم ، ال أعاينه ؛ وإن كان وجـوده مؤكـدا ..إلى سطحها المتألق

..وجودى إنك ترد كل هواجسى ورؤاى الغريبة إلى الفنان المحـبط المتـربص ! ـ هل يمكنك الزعم بأنك تعرفنى ؟

على أية حال ..هذا الذى يرفض ـ فى رأيك ـ التكيف ؛ على الرغم من أى نجاح عملى قد أحرزته ..بداخلىى ؛ بحبك الستمرار النجاحـات التـى ال تلمنى إذا حدث ووقعت عيناك على هذه األوراق ؛ فقد خامرت عل

فكان البد لى من محاولة السير فى الطريق ؛ التى قاومـت أنـت ، وطال على األمد ..نحرزها بتعاوننا معا فربما يكون هو بقيتى ؛ ..وإنى آلمل أن يلتقى ما بقى منى؛ بما ضاع منى ، أو ضيعته بأعمالى ..دخولى إليها

!!التى تشكل مآلىويروقـك دق .. ؟ أنت كنت تميل إلى عبـد اهللا الفيلمجـى " ويحيى الظريف " "عبد اهللا الفيلمجى "ـ هل تذكر

ألنه كان شاهدا علـى ..وتهرب من محضره ، فقد كنت تنفرمنه " يحيى الظريف "أما ..الكؤوس بالكؤوس معه أصـلك ؛ وال وألنه كان يتعجب من توظيف تفوقك الذهنى فى توجهات طبقية ، ال تنتمـى إليهـا ؛ ب ..أصلك

ويحتقـرك فـى أحيـان ..وكان ؛ كلما رآك فى احتفاليات أبناء األغنياء ؛ يشفق عليـك أحيانـا ..تنتمى إليك على لسانك مرة واحـدة ، " يحيى الظريف "ولم يأت ذكر ..لقد طلبت منى االتصال بعبد اهللا الفيلمجى ..أخرى

جاء على لسانك عرضا فـى سـياق الشـماتة إذا استثنينا أن اسمه ، منذ مغادرتنا مصر وحتى األمس فقط ..!!المهذبة عن مكانه فى مصر االنفتاحية بعد هذه السنين

وسكنت ، وابنى، وابنتى، ومنذ تركت زوجتى "..عبد اهللا الفيلمجى "إنى نسيت مالمح ..أقول لك ..ـ عن نفسى واكتشفت ..ريات الخضراء ، وأخذنى معه فى وديان الذك " يحيى الظريف "سكن معى فيها ..هذه الشقة الصغيرة

أما اآلن ؛ ..وأننى لم أعترف لنفسى بهذه المحبة ألننى لم أكن أعرفه حق المعرفة ..أننى قد أحببته فى أعماقى

فعرفتـه ؛ كمـا لـم أعرفـه مـن ، فقد عاودت التعرف إليه مجددا ، وقد دخل معى إلى مسكنى كتفا بكتف ..!!وكأننا فى بحر واحد..قبل

وإنه ألمر مفجع أن يكتشف من هو مثلى ، أو مثلك ، أنه ال يوجد ،ولـم .. فى بحر واحد ـ بل نحن بالتأكيد ..!! يوجد أية بحار أخرى ، فقد كنا نبحر فى نفس البحر

تبادلنـا ..كان جالسا فى كرسى عميق بجانب فراشـى ..ـ فى أول مرة تراءى لى ؛ فى مسكنى هذا ؛ أخذت فهـل ..هأنت قد فعلت كل ما آمنت أنه األمر الصـحيح ..واآلن: "لنىثم إذ به يسأ ، نظرات طويلة فى صمت

..!!"تخبرنى بأخبارك دون كذب أو ادعاء ..!!ما دمت أنت هنا ؛ فال بد أنك قد عرفت: قلت له ..!!دع عنك التخفف ، وال تكن محتاال فتتهرب من المواجهة: قال !ماذا تعنى ؟: سألتهكنـت ..لكن ليس كماعرفت أنت ..أنا أعرف اآلن ؛ نعم ..د عليك هى المواجهة الفائدة الوحيدة التى ستعو : قال

فلـيس كـل ..هذا هو المطلـوب ..وأن تبسط هذه السنين كلها بيننا ؛ اآلن ..أتوقع ما حدث لك فى العموميات فهيا ودعنا نـتفحص معـا تجاريـب ..وليس كل ما أبديته لك من آراء هو الحق المطلق..ماجربته أنت باطل

..!!نالسني ..!!وقد نتوه فيها..والتفصيالت قد تبعث الملل..هذا كثير جدا: قلت ..!!إذن دعنا نختار: قال

؟ ..بأى أمر نبدأ: وافقته ؛ فقال ..!!بل تختار أنت: قلت !ما رأيك فى الفن ؟: قال

ـ ! ولماذا الفن دون غيره ؟ : سألته منزعجا رة الصـفراء أنا أميل إلى الحديث عن زوجتى الهولندية ذات البش ..الذهبيةفأنـت مازلـت ، واجعل لكالمك ميزانا ، وعادال ، لكن كن عاقال ..ولنبدأ بها ..فليكن..أعلم مدى وجعك : قال

..تعانى ..إذا رأيتنى قد تجاوزت حدودى ؛ دون حق ؛ فراجعنى : قلت

.. أنا ؛ فى الحقيقة ؛ لم آت إليك إال لهذا الغرض: قال مبتسما•

ساحة ..قى اللدود ؛ فرأيت فيما يرى النائم أننى واقف فى قفص إتهام ، فى محكمة عجيبة ـ ونمت ؛ يا صدي وانهمكـوا فـى عمـل ، أشعلوا فيها نارا ، ورأيت ثالثة رجال جالسين حول حفرة صغيرة ..المحكمة غيطان

..!!نحن القضاة: التفت إلى أحدهم قائال..الشاىإنـه أول فـالح .. ن أتذكر أين ؛ ومتى ؛ رأيته ، وأخيرا تذكرت حاولت أ ..وخيل إلى أننى رأيت هذا الرجل

:يومها قال لى..التقيت به ؛ حين ذهبت إلى دسوق ألشترى نصف الفدان والبيت الصغير ألتزوج فيه مريم

..أنت غريب عن البلد..ـ يا أفندىرض حكيت له الغـرض ولما سألنى عن غرضى من شراء األ ..لم أذكر له صلتى بعبد اهللا الفيلمجى ..وافقته :فسألنى..الحقيقى

!ـ ستتزوجها على سنة اهللا ورسوله ؟ ..نعم : قلت ..اهللا يبارك لك: قال

وتقبلـت ..كان خاللها ـ مع اثنين من أصدقائه ـ صاحب فضل على وإحسـان ، وصارت بينى وبينه صلة ..فضله وإحسانه

:؛ وأنا خلف القضبان ؛ سائالوواجهنى ، واقترب منى ، فى منامى ؛ قام الرجل من مكانه !؟..ـ ألم نفرح لك بالقلب ؛ وآخيناك

..بلى: قلت له !ألم نطعمك الطعام على حبه ؟: سأل

.. بلى: قلت له !ألم نبذل لك العرق رحمة وإحسانا ؟: سأل

..بلى: قلت له !فماذا نستحق منك ؟: سأل ..العرفان والمعروف: قلت !متنا ؟كم نستحق لقاء خد..ترى: قال ..!!ما تأمرون به أبذله: قلت !؟..وهل عندك ميزان يزن الحب لوجه اهللا: سأل :فقال..فلم يكن عندى ذلك الميزان..سكت

ولم تظلم فى ..ما رجحت كفة الدنيا ، إنك لو وزنت ماهو لوجه اهللا بالدنيا كلها ..ـ ياعبداهللا يا ابن حواء وآدام ..!!الميزان فتيال

بينما كانت الشمس تميل ، ورشفوا ببطء ، فصبوا الشاى ، ثالثة عادوا إلى مجلسهم حول النار ثم إن الرجال ال وكأنما قـرأوا ..حدثت نفسى بأنها كان ينبغى لها أن تميل فى األفق نحو الغرب ..فى أفق السماء نحو الشرق

..!!طالعت فيها اللوم..ستنكرةوحدقوا فى وجهى بعيون م، دفعة واحدة ، أفكارى هذه ؛ فقد التفت إلى ثالثتهم وأنا ، ولما ظننت أننى فهمت نظرت إليهم ..غربت وشرقت بعينى ، بينما أحاول القبض على سر استنكارهم

بينما دخان متموج يتعالى فـى ، ولم أكمل العبارة فقد كان المكان خلوا منهم .." أنا لم أكن : "قلت..أهم بالكالم ..!!ت ثالثة أكواب وكوز الشاى حول الحفرةوكان، الفضاء من حفرة النار

مهما كان : " لكن صوتا بجوار أذنى اليمنى قاطعنى قائال .." أردت أن أقول لكم أننى لم أكن : "قلت فى نفسى ..!!"ما أردت أن تقوله لهم فقد فات األوان

..أو الكفن، ؛ فى رداء أبيض ؛ يشبه كساء اإلحرام " يحيى الظريف"نظرت فإذ به !؟..وما الذى وضعك فى قفص اإلتهام! أنت ؟: لت له مستفهماق

!أما زلت تلقى باألسئلة ؛ وال تحاول البحث عن إجابات ؟: قال وهو يتأملنى ! أم أنت عازم عليه ؟! ؟ هل عدت من حج ؟..وما هذا الرداء: سألته.. تجاهلت ما قال

..!!وهذا طبعك..الطبع يطلع بعد الروح: قال !؟أجبنى : قلت ..فى أرض مقدسة..إنما أنا محرم ألننى فى موقف مقدس..ال هذا وال ذاك مما تفكر فيه: قال !أما زلت متمسكا بهذه األوهام ؟: قلت ..لكم دينكم ولى دين: قال ..!!وهأنت معى فى نفس القفص: قلت ..!!كلنا متهم فى حبه: قالاألحياء منهم واألموات .. يك ؟ وأنت الذى أحببت مصر وأهلها فكيف يجوزهذا عل ..قد يجوز أن أتهم أنا : قلت !ودفعت بعض الثمن سنين من ربيع الشباب فى السجن ؟..!! ، يحزن الصديق ..!! تسقط دعواى ؛ فى نظر من يأمل ، وينتظر ، إن لم ينتصر حبى ؛ وتشهد األرض : قال

..!!وعازلى يضحك، ويفرح العدو :وقال..ثم ابتسم ابتسامة غريبة غيرت مالمحه..وزفر..ثم إنه سكت قليال

!!؟..ألم أدخل أنا فى أحالمك مرات! أصدقنى القول ؛ ألم تدخل أحالمى ذات مرة ؟..ـ ياعبد اهللالكنـى ال أسـتطيع .. وأنت دخلت فى أحالمى أيضا ..الحق أقول لك أنا دخلت فى أحالمك مرات كثيرة : قلت

..لست أجرؤ..التصريح !وما الذى يمنعك ؟: وجهه نفس االبتسامة سأل ؛ وعلى

..!!حبى للحياة ؛ وخوفى من الموت: قلت..!! إنك لواهم ! وهل تسمى الحياة ؛ مجردة من الحقيقة ؛ حياة؟ : سأل ؛ وقد حل محل ابتسامته إنزعاج عميق

..!!ياعبد اهللا ؛ الحالة الوحيدة الجديرة بأن نسميها حياة ؛ هى العيش فى الحقيقة !؟..وما الحقيقة: سألتأن تكون قادرا على الحب : أن تقيم الميزان ، وثالثها : أول المدارج أن تسمى األشياء بأسمائها ، وثانيها : قال

..!!وساعتئذ ؛ يحملك رافدك إلى المجرى األصيل للنهر العذب..، وبعدها تكتشف معراجك الخاص ..!! واحدومع كل هذا ؛ فأنت ؛ وأنا ؛ فى قفص إتهام: قلت ساخرا

، وأنت ؛ ظهرت فى القفص حين سقطت غشاوة الرماديات عن عينيـك ..أنا فى هذا الموقف قبلك ..أفق: قال ..!!أفق..أفق..أفق..وأشرق لك نجم فى سمائك ؛ التى أدمنت الظلمة

• ..!!وأنها كانت األشواق..وعرفت أننى وحدى فى هذه الحجرة..ففتحت عينى..هنا انتبهت من نومى

ليس مكانا رأيتـه مـن ..ورأيت صفحة مياه صافية وحولى طبيعة بكر ..عانقت حلمى كطفل .. عينى أغمضت، والمالمس ، وأفتش فيه بالعين ، فقد كنت أحاول التذكر ..لو كان مكانا رأيته من قبل لتذكرته على الفور ..قبل

وحوله أشجار ، كان غديرا ..اقتربت من الماء ..لم أصادف دنسا ..باحثا عن أى أثر لدنس ، واألذن ، واألنف ..!! رأيته من عل ؛ فنزلت صوبه ، ووقفت فى محضره منتظرا، تخفيه عن العيون

والروائح البكر أغدقت حتى ، فى لحظات متوالية بطيئة ؛ غاصت أصوات الطيور فى مسامعى حتى سكنت الماء ؛ سقطت علـى صـفحتة ولما هممت بمالمسة ..وركعت على حافة الغدير !! أو غابت فى ، غبت فيها

..!!وتالشيت.. فصار ما كان منى متعينا ، سياال..أفراح للشمس :وسمعت صوتا من الماء يقول لى!! ثم صرت على الشفير ؛ بين الغياب والحضور .. ثم ارتد إلى وعيى

!ـ ماذا ترى فى هذه الخمر؟ ..!!وما كان السفر، لو أننى علمت سرها ما فارقت : قلتولما ..صوبت نحو الباب ناظرى ، وابتسمت مرحبا .. سمعت خطوه ، فى الردهة آتيا ؛ وكان للخطو وقع وهنا

:رأيته قلت ؛ عاتبا !!؟..ـ كنت تنتوى المغادرة

!؟..ألسنا على عهد العيش والملح! ؟..وهل يجوز لى ؛ قبل أن تستعد أنت للمغادرة: فقال وهو يقترب ..!!أما أنا..ى حفظت عهدهأنت ؛ يايحيى ؛ الذ: قلت آسفا ..!!وصل ما انقطع، دع جانبا هذا األسى : قاطعنى ..!!أنت لن تمكننى من البكاء: قلت ..!!"هيا لنتكلم كالم حكيم ؛ الذى جرب النار؛ ولم يمت! ؟..وهل ترى أن السبيل هو التخفف بالبكاء: قال

أنت استرخصت األلـم ، وعشـت ..فعل مثلما فعلت لهذا لم أ ..يا يحيى ؛ أنا كنت أخاف من السجن : قلت له ؟ وإالم انتهيـت ..فإالم انتهيـت أنـا ..ودفعت األلم بافتراش ذاتى القزحية ..تهزأ بالموت ، وأنا لذت بلذة الفن

!! ؟..أنتفلماذا تتعجل .. أنت موهوب ، وقد شهد لك كل من رأى أعمالك ..هون على نفسك ، فكل ميسر لطريق : قال

.. ؟ إنهض..نهايتك .. وأضلتنى األوهام..لكننى لم أحب غير نفسى: قلت ! ..!فى هذه ؛ أنت صادق: قال ؟..هاربا إلى مطامحى" مريم"هل تعلم أننى تركت : سألته ..نحن اتفقنا على الحديث عن زوجتك الهولندية: قال ..!!سامحنى ، فأينما وليت وجهى يطالعنى الوجع: قلت !..مثل هذه التأوهات ؟أما من نهاية ل: قال

وأن لوحاتى ستجعلنى شـهيرا بـين ..أنا حين جئت من مصر ؛ كنت أحسب أن السحر العتيق فى دمى : قلتلو أنك جئتنا منذ قرن أو قـرنين لجـاز فينـا هـذا ..نحن أبطلنا كل سحر هنا : "فقيل لى . الصبح والضحى

أحاول أن أعرضـها ، أو أبيـع ..وتنقلت، وحاتىوحملت ل ، ولم أصدق !!" أما اآلن فقد انتهى األمر ..السحرهل تسـتطيع أن تبـدأ مـن حيـث : "وقيل لى !" ألم تزر المتاحف ؟ ..األصول عندنا هنا : فقيل لى ، بعضها بل كل الفنون ترتاد الظلمة الكونية وتعـود ..الرسم عندنا : فقد قيل لى ، ولم يكن هذا أمرا بسيطا !" ؟..انتهينايعتمـد علـى أننـى " عبد اهللا الفالح "وكان ..!!" فنقرأ ، فأظهر لنا لغتك ، له لغته وكل فنان صار ..بأنبائها

ال ..إسـمع : "لكنه كان أشد حذرا ، فقد جاءنى قـائال ، ونسكن ، نأكل منه ، ويتوفر لنا مال ، وأبيع، سأنجح قلبنـا فـى األعمـال وت..وافقتـه ..!!" ولن يهزمنا هؤالء األطفال ، سنبدأ بتنظيف دورات المياه ..تضيع وقتا

الذكاء هو السلعة التى يتحرك نحوهـا ..إسمع: "وقال لى ..وما فيه ، وتشاورنا ، وتفحصنا هذا الواقع ..الدنيئة.." فهمتـك : "قلت له ، "الحاسب اآللى "وحين علمت أنه يعنى .." إنه الذكاء ..نعم: "ثم قال لى .." كل الناس هنا

أمـا .. كل حال ؛ألن الفقر أستاذنا ، وقد تعلمنا على يديه مكرنا ونحن األذكى على ..هيا ندرسه بسرعة : فقالهـذه هـى : "فقـال ..وافقتـه ..!!" كلهـم أطفـال ؛ كـأفراد ..وكما ترى .. هؤالء ؛ فمكرهم مكر مؤسسات

..!!" واجتهد.. وثابر..فادرس..طريقناكى لك حكاية من تلـك وكى ترى يايحيى صورة لمكرنا دعنى أح ..بعد عسر ، عسرا، وقضينا األيام والليالى

..األيام ..!!إحك..هذه هى الروح التى أريدها يا عبد اهللا: قال يحيى

• يا صديقى المكير؟ لعل ذاكرتك قد طـوت مثـل هـذه ..هل تذكرها ..حكيت له حكاية المدفأة وصاحب الدار

أقول لك إن براعتك قد الحق ..!! الذكريات ، فأنا لم أر مثلك بارعا فى لعبة النسيان والتعزى ؛ بما هو راهن ..!!مرض خطير ؛ إذا أصاب األنسان فتك به" التاريخ"حتى أننى آمنت بشعارك القائل بأن ، فتنتنى

على أيه حال ؛ أنت لم تنس الليالى الصقيعية التى قضيناها فى مسكننا ، وكانت المدفأة تعمل بإسقاط العملـة ولنـتمكن مـن ، لنعمل فى الليـل ..ة ماسة إلى شئ من الدفء وكنا فى حاج ..ولم يكن لدينا ما نسقطه ..فيهاوفى الثانية رأينا شبح الموت ؛ فانتفضنا إلى مكرنا ، وصرخنا بالسؤال فى وقت ..صبرنا الليلة األولى ..النوممن ورق القصدير صنعنا قوالب للعملـة : وفى لحظات أهدانا المكر الفكرة !".. ؟..وهل نموت تجمدا : "واحد

واحدة بعد ، صرنا نلقمها للمدفأة ، وظفرنا بعمالت ثلجية ، ومألناها بالماء فتجمد ، ى عليها المدفأة التى تتغذ وفى ختام ثالثة أشهر ؛ دق بابنا صـاحب ..واجتزنا محنة االختبارات ..وعشنا فى سعادة ودفء ..!! األخرى

:ثم قال لنا..وجلس مفكرا ؛ متأمال..المسكن ، كان رجال مسنا ؛ لطيفا ؟..فكيف تعمل..ولى ثالثة أشهر ال أجد فيها أية عمالت..وأنا أسدد استهالك وقودها..المدفأة تعمل"ـ

ولكننى حتى اآلن لم اكتشف كيـف تجعالنهـا ..وراقبتكما..فى الشهر الثانى اكتشفت األمر : سكتنا ؛ فقال لنا .. !!" تعمل

ماأديته من ثمن الوقود فى مقابل أن أعرف ، فقد أجهدنى كل ..فلنتفق: "قال بلطف ، فلما رآنا التزمنا السكوت ..!!"التفكير

ومالبث أن استغرق فى الضـحك ، فلما سمعنا ؛ فغرفاه دهشة..وأخبرناه بالحقيقة..وتبادلنا النظر، هنا ابتسمنا ..!!"هذه ألعاب الفلتات فى الذكاء..سيكون لكما شأن: "وقال..مسرورا

قبـل أن ..أما الرجل فقد صـادقنا ..!!" إنهم مجرد أطفال ! هل رأيت ؟ ! ألم أقل لك ؟ : "يومها علقت أنت قائال مساعدة منه لنا حتى نتمكن من استكمال دراسـاتنا فـى الحاسـب ، نعمل لديه حارسين ليليين نصف الوقت

..!!اآللىلكنك يا صديقى لن ..سواء تذكرت ؛ أنت ؛ أم نسيت ؛ فإن هذه هى الحكاية التى حكيتها ليحيى ..على أية حال

وأنت أيضا لم تعرف أن هذه الفتاة هى التـى ..تنسى أن حفيدة هذا العجوز هى التى صارت زوجتى فيما بعد :وحين اعترفت ليحيى بذلك ؛ سألنى التفسير؛ فقلت له..ألهمتنى الفكرة التى أسسنا عليها نجاحنا المدوى

كان يلذ لى ان أجلس مواجهـا للنافـذة المطلـة علـى ، وفى وردية عملى ..كان مسكننا عند بوابة الحديقة ويتجول ببطء ؛ كأنه يتفحص ، وذات ليلة الحظت شبحا نسائيا يهبط درج الفيلال الكبيرة إلى الحديقة ..الحديقة

أدهشنى ذلك ليلة ..ويدخل، ويفتح الباب ، ثم يعود صاعدا الدرج ، فترات تطول ، األشجار وأحواض الزهور لـم ، حين رأتنى قادمـا ..ثم ذهبت إليها ..فصبرت نصف ساعة بعد نزولها ..ا حزمت أمرى وأخير..بعد ليلة

لم ..واستغرقها النظر فى حوض الزهور ؛ الذى كانت تقف عنده ، بل أدارت ظهرها ..يظهر عليها أى اهتمام هـا ضـوء وسـلطت علي ..وحييتها معتذرا بأننى أؤدى عملى فى الحراسـة ، اقتربت..أكن قد رأيتها من قبل

: فلم أفعل بل واجهتها سـائال ..!! "إطفئ..ال ؛ إطفئ : "واحتمت من الضوء قائلة ..انزعجت..مصباحى اليدوى لكننى أطفأت المصـباح ..وبدا أن ضوء المصباح يؤذيها .." إطفئ من فضلك .. هارمونى: "قالت!" من أنت ؟ "

..فألول مرة أرى فى حياتى وجها ذهبيا ..حين رأيت وجههاورفعت إلـى فمهـا غليونـا طويـل ..انت بشرتها ، وشعرها ، وعيناها ، كلها فى لون الذهب الالمع ك..نعم

..!!كانت تدخن األفيون .. وعرفت على الفور تلك الرائحة..ونفثت الدخان..وتوهج بطن الغليون..القصبة .. !!إنك مازلت صغيرة : قلت بصوت هامس ..أنا فى الثامنة عشرة : قالت بصوت مبحوح

!؟.. عم تبحثين فى كل ليلة : سألتها !أنت إذن تهربين إلى الحديقة حتى ال يكتشفك أحد ؟: فقلت لها..لم تجب

خذ : "فقالت، ، اقتربت منها خطوة ..!!" اقترب..أنت بعيد جدا : "ثم مدت إلى الغليون قائلة .. نظرت نحوى ..!!" ركاذهب إذن إلى مق: "فقالت..اعتذرت.. !!" فتقترب..شاركنى..

وصـرت شخصـا ، وبحذر ؛ دخنت أنفاسا خفيفة غيـر أنهـا غيرتنـى ..وتناولت الغليون ، فمددت يدى ! ؟..ـ النقطة: قلت فى دهشة..!!" أنا منذ أيام أبحث عن النقطة: "اقتربت منى قائلة..آخر

:قالت ؛ وهى تناولنى الغليون مرة أخرى !!؟..ى نراهكيف صارت كل هذا الذ..النقطة..ـ نعم

:قالت..رددت الغليون إليها..دخنت ..!!ـ كل الحكمة المندثرة انطلقت من فهم قانون النقطة

:قالت ؛ وهى تنفض رمادا من الغليون وتعمره..سكت .. !!ـ أنا فى كل ليلة أباشر الكائنات فى الحديقة علها تبوح

قلت لها، وناولتنى الغليون ..دخنت ..!! أدخنهـ هذه أول مرة

..لن تموت: قالت : قلت لها..ملء رئتى دخنت.. دخنت

..!! ـ سمعت أن هذا هو سر مصر القديمة !!؟..ألست مصريا: سألت ..بلى: قلت ..ربما يكون مودعا فى دمك..إذن فتش عن السر فيك: قالت

..!!ربما: قلت حائرا ..سأبتاع غليونا آخر..هذا هدية منى..ودخن..خذ: قالت :دت إلى يدها بكيس جلدى صغير ثم قالتوم

..!! وحين تلتقى بالسر ؛ القنى هنا..اذهب..ـ اآلن•

كنـت .. أنت لم تعلم بشئ من ذلك ـ ياصديقى ـ فقد أخفيت عنك أسـباب أرقـى ليلـة بعـد ليلـة ..نعمتهـا مراكبـى مـن ألكون فـى نهايا ، وأسافر فى وديان المعلوم ..وأسكن إلى ذاتى أسائلها عن السر ..أدخن

ومجدافى كان حدسى الذى لم يكن فى خدمة الكشف ؛ فى تلك الفترة العصبية من تواجـدنا فـى ، الفروض ..!!هولندا ؛ بل كان فى خدمة النجاح العملى

فقال .. وهكذا اعترفت ليحيى بأن البداية كانت مساءلتى للنقطة حين التقيت بابن مقلة ؛ وسألته عن سرالنقطة فهيـا .. إنه ال عبرة بكثرة األجزاء واألعضاء فكل مآلها إلى النقطة ..اعبد اهللا إنه كالم شائع لدى العامة ي: "لى

تعلمت أسس القواعد التى بنيت عليها معـك ، )٢١(ابن مقلة "وعلى يد ..!!" وتعال إلى لتتعلم ..إلى القلم والدواة ..!!را يسيل بالذهبوفتحت لكل منا صنبو، أنظمة الخطوط العربية للحاسب اآللى

• :قائال..فى مواجهتى مبتسما" ابن مقلة"؛ رأيت " هارمونى"وبينما كنت أعقد العزم على طلب الزواج من

فلما أردت الكالم !!" لكن مازال سر النقطة يتهددك "..عبد اهللا الفالح "أنت و ..أو تدرى ؛ لقد أنجزتما شيئا "ـ :؛ أشار إلى بالسكوت ، وقال

..!!"مازال فى جراب الزمان ما يخفيه..ال تتعجعل..جل على نفسكال تع"ـ : سألته مصرا على الكالم

..!!"أريد أن أكون شريكا..أنا جئت من هناك إلى هنا ، ورغبتى أن أشترك معهم..ياسيدى"ـ : نظر فى عينى نظرة طويلة وقال

!"أو تعرف متى ستكون شريكا ؟"ـ : سألته بكل الشوق

!"؟متى "ـ : قال لى

..!!"حين تحتاز سر النقطة"ـ : قلت معترضا

!"أال يجوز لى أن أكون شريكأ بأدواتهم التى صار فى وسعى أن أضيف إليها؟"ـ :قال على الفور

.. !!"واهللا اهللا ؛ يا عبد اهللا ..ال يا عبد اهللا"ـ : قلت !"فهل لك أن تأخذ بيدى إلى وادى تلك األسرار ؟"ـ : قال .."لكم دينكم ولى دين: "وصدق اهللا العظيم إذ قال..وكانا من نبع إيمانى..وعملت عملى، لقد قلت قولى "ـ

: قلت ..!!" ـ إن بينى وبينك بعد المشرقين ؛ وبعد المغربين

:فقال ؛ وقد عادت إليه ابتسامته !! .." ألم أقل لك ال تعجل على نفسك ، وال تتعجل ؟"ـ

حقا ذلك الذى دار بينى وبينه " ابن مقلة "فهل كان هو ..!! وألقانى فى التأمل ، فضاء الحجرة ثم إنه تالشى فى !؟..هذا الحديث ؛ أم أنه كان يحيى ، أم أنه تزيين الندم

• ، " يحيى الظريف "، أو " ابن مقلة "وأن ..مهما كان األمر؛ فبعد هذه السنين كلها ؛ أرى أنها كانت رؤيا صادقة

ولعل ما صرت إليه اليـوم ..هما ؛ أو ربما هما معا ؛ هدية لم أتعرف مفاتيح سرها حتى اليوم قد أهدانى أحد ..!!ولم يكن نتيجة مجاهدات حقيقية للسفر إلى وادى أسرارها، كان نتيجة لمعابثات مع النقطة

بغيـر فأنت ال تؤمن..وأعلم أنك لن تتعاطف معى..أنت من غير شك ـ إذا قرأت هذه األوراق ـ ستفهمنى فمن لى بذلك المسار المجهول بين الكميات والكيفيات ؟ ..!! وأنا ؛ بكل أسف ؛ أتحدث فى الكيفيات ..الكميات

!!بين النقطة وسرها ؟ بين الظاهر والباطن ؟ : هذه األسئلة قلت لها" هارمونى"حين سألتنى

ومن أعمالنـا ؛ .. تشكيل الحياة فينا بأعمالنا فنعيد ، وأقبل عليك ، فأقبلى على ..أنا من طين ، وأنت أيضا "ـ ، هيا إلى ؛ فأعمالنا أدواتنا، ومنها سنشـعل نـارا !! فنتعرف، ونقرأ ، ستسفر حروف لغة الطين عن وجهها

..!!"ويتحول ما هو طين إلى أشياء ؛ هى ؛ نحن، فريدة :قالت

ففـى دمـى جرثومـة ..ى للتعلم كافيـا لكننى أخشى أال يكون استعداد..ـ قد علمت ذلك قبل أن أسمعه منك ..!!والحياة فرصة وحيدة..اللذة : قلت

وإنى منحدر مـن ..!! وافرة اإلثمار ..كثيرة األعمار ..ـ إنى جئت من شجرة ضاربة جذورها فى ليل الزمان ..!! جد كان سائسا لخيل اآللهة

:قالت .. ـ البد من العقد واالتفاق

:قلت ..!! ل أن تظهريه لى ـ أنا أنزل على شرطك قب

:قالت ..!! وبعدها يكون االنفصال..يكون لى الحق فى التوقف، ـ إن لم نتبين المسار من ظاهر النقطة إلى سرها

:قلت ضاحكا ..ـ لك ذلك

:قالت ..!!وإنه الجد ؛ ال هزل فيه..ـ هذا عقد ال يشهده غيرنا

• !!وماذا فعلت ؟: سألنى يحيى

وعبـق .. أبحرت بها فـى الجسـد علـى مـدى نـور الظـالم .. سحرة الشرق فعلت كل ما فعله : قلت له فأسـرعت ، وأننا نشارف السبيل القويمة إلى ما اشتهيناه معا ، وظننت أنها نشوة المعراج ، فانتشت ..البخور

.. إلى لغة القدماء وجمعت عالماتها :أنها مع الحمل األول قالت لىغير ..فى البدء أدهشتها األفعى والصل والنسر وبقية الحروف

ولكنى أشـك .. أن يقرأ هذه الحروف ؛ كما هو شائع " شامبليون"لقد استطاع ..فى هذه الحروف سر .. ـ نعم فالسر فى المقدس ..هذا أمر لم يتحقق ! فهل اهتدينا إلى هذه األصوات ؟ ..هذه أشكال ألصوات مقدسة ..فى ذلك

.!!.إرفع عنها الغطاء..الذى تنطوى عليه : قلت لها

..!! فربما تبوح..ننام وهى فى داخلنا..نمأل العين بها صباح مساء..ـ دعينا نعايشها :قالت

..فالعقد بينا أنت تعلمه ..ـ إفعل ما ترى•

وأنا أؤكد لها ؛ ولكـل مـن يـرى مـن ، فما كان منى إال أن مألت جدران الدار بكتابة هيروغليفية ملونة أن هذه الحروف ؛ كانت أول الكلم الكامل ؛ الذى أنبأ به الطين ابن اإلنسان جملـة األصدقاء ؛ والصديقات ؛

:فإذا طلبوا منى ترجمة ما على الجدران قلت لهم..!! مفيدة ..!! ـ إنها كلمات من وحى كتاب الموتى ؛ الذى كان كتابا لألحياء

..اقرأها لنا مترجمة: قالوا ..!!وأخشى أنكم ستنكرون! ؟..لمرء منا قد يتراوح بين التصديق واإلنكاروهل لكم أن تعرفوا أن ا: قلت ..!! ولعلنا ال نكون كذلك..اقرأ: قالواكانت لى تجربـة ، "أوزير"وقبل الدخول إلى قاعة الحساب ؛ أمام ..إنى قد انتقلت من الدنيا إلى اآلخرة : قلت

وأرسـى ، واألعداد ، علم الناس أسرار الحروف ؛ كامل الحكمة ؛ الذى " توت"؛ و " ايزيس"لقاء مع كل من :أنظروا إلى المكتوب على ذلك الجدار الشرقى ، ففيه بعض ما كان ، وبعض ما يكون ..قواعد العلم المكين

!من أين أتيت ؟: سألت ايزيس األم" ..!!من دنيا سكرت بالخمر السوداء: قلت

!ـ ولمن كانت كلماتك ؟ ..!!ولكل طريق الحق..وللموت..بـ كلماتى كانت للح

.. زدنى بذرا: قالتتلقينى فى البحر؛ بحثا ..طاش بلبى صدق األرض ؛ تدفعنى نحو الطين ؛ ونحو الملكوت ..أيتها األرض : قلت

داألرض..عن معنى الفعلين الض بوحب الشمس ..أسأل ؛ يا أمى ؛ عن ح.. ..أدخل من هذا الباب: قالت

وكان سقفها .. ورأيت كأننى دخلت من باب إلى قاعة واسعة ؛ لم أر لها جدرانا : دقاء والصديقات وقلت لألص جالسا على كومة من تراب ؛ كمـا ترونـه هنـا ؛ " تحوت"وفى صدر القاعة كان ..والنجوم متدلية ، السماء

:لىاسمعوه يقول ..والحوار الذى دار بينا هو المنقوش امام أعينكم على الجدارن الغربية !ـ وعم بحثت طوال العمر ؟

فى دور الكهنـة وحصـون ..؛ فى البرديات ؛ وفى الروح الماشية بعين الناس ..!! عن السعد : قلتمهمـا اختلفـت سـبل .. فى كل الفعل اإلنسى بليل ونهـار ..القواد ، فى ضربة فأس تفتح فاها فى األرض

.. !!ومهما اختلفت سبل الفعل..الفكر !!وعن الحب؟: الق

حبا أحببت األم ؛ وأحببت األب ؛ لكنى مولود فى عنقى طوق الثأر ؛ يجتمع لدى الضدان ؛ فأرى فـى : قلت ..!!الماء الموت !وعن الحرف ؟: سأل تحوت

لم يكشف فعل اإلنسـان غطـاء ..فى البدء ؛ سقط اإلنسان رفيع األصل ؛ وجاءت سقطته فى ليل الفعل : قلت ..!!إنى مازلت هناك ؛ وأنا ؛ أتكون فى شرنقة الحلم! ..!الوهم ..!!يا ولدى ؛ الحاجة للكلمة تشرق فى عين اآلخر ؛ كانت شمسا أولى: قالوشببت ؛ فنظرت ، وبحثت جهات األرض ؛ فوجدت الظلمة حولى ؛ والكلمة لم ..إنى مولود فى الحرب : قلت

..!!فعل األمر: عال ، واخترت من األفعالفسكنت ببيت األف..!!تشرق فى عين اآلخر ..!!وباب الموت...باب الماء: يفتح هذا الفعل البابين: قال تحوت

• ومن بين األصدقاء سألت امرأة بديعـة ... بينما جلست عاقدة كفيها على بطنها " هارمونى"وسكتت .. وسكت :الجمال !ـ ثم؟ ..!!وغرقنا فى الصمت: قلت

• وأعدوا ، هيا ؛ فأوقدوا لنا نارا ..نت قد قلت لنا ما ال سبيل إلى اإلبحار فيه بغير مركب الخيال أ: فقالت المرأة

..!! ولينشر كل شراعه..الغاليين، ؛ التى ظلت فى كرسيها جالسة " هارمونى"ماعدا ..وبعضنا فضل الماريجوانا ..واستغرقنا فى تدخين األفيون

..فى صمتوراحت تتأمل الحروف الهيروغليفية •

!وتصطنع الحيل لتبهر هذه الفتاة ؛ ألم يراودك الشعور بالذنب؟..وأنت تخلط الحق بالباطل: سألنى يحيىفإن كنت فاسدا ـ فى نظـرك ـ فـإنهم هـم الـذين ! ؟..ألم أتعلم بمناهج أوربا! ولم أشعر بالذنب ؟: قلت

.!!أفسدونى !!؟..ألم تعدها بأنكما ستقرآن معا: سألنى، وهل فعل كل شخص مثلما فعلت ؟ أم أن بعضـنا قـد ! ؟..وماذا كان فى وسعى غير أن أكون نفسى : قلت

لقد أتحت لها مستوى من الحياة .. ولن أستطيع ، ولست هذا النبى ..، انهم هنا يلتمسون نبيا ! اخترق الحواجز؟ ى البنـك يكفيهـا ويكفـى أوالد فيلال ، حديقة واسعة ، سيارة آخر طراز، رصيدا ف : عاليا بالمقاييس المحلية

بينمـا ، فكان عليها أن تشاركنى حيرتى أمام الكنز المرصود ، وهى لم تفعل ، واكتفت بالمراقبة ..!! أوالدهاوكلما أفاقوا تحـدثوا .. أصدقاؤنا وصديقاتنا أبحروا جميعهم فى مراكب االفيون ؛ ليالمسوا أصوات األرصاد

واهمين بأنهم يشارفون ؛ فى غدهم ؛ اليوم الـذى صـنعه الـرب ..تفزعن آبائهم وأجدادهم أمامى بنزق مس ..!!لهم

!وهل كانت تستفزك هذه األحاديث ؟: سألنى يحيى، ! ؟..ولماذا ال تستفزنى ؛ وهم يحكون حكايات المستعمرين األوائل عارية من أية إدعاءات أخالقيـة : قلت

ء الرواد األوائل ، ووحشيتهم التى زعموا ؛ على مسمع منى مستعرضين ؛ بذاءات هؤال ، لقد كانوا يفاخرون

؟ ، هل أتفق معهم على أن هذه كانـت إرادة ..؛ أنها مظهر طبيعى للتفوق العرقى ؛ فماذا كان على أن أفعل ! اهللا ؟

..!!فقد درت وانتهيت من حيث بدأت.. على أية حال لم يفدك هذا بشئ يذكر: قال يحيى ..فكل شئ رفضته ؛ فعلت ذلك عن علم وتجربة..نى يايحيىبل أفاد: قلت ..!!أسالمك..ال تخادعنى ، فأنا صاحبك القديم ، وسالمنى: قال .. أنت لم تتغير يايحيى منذ عرفتك: قلت ..!!ياصاحبى ؛ هذا اعتقاد ال يعول عليه ، فأنا جئت إليك هنا ألعود بك ؛ صالحا للبدء من جديد: قال !؟.. أو يصلح لى أن أبدأ فى نهاية العمر : سألته ..المهم أن تكون مازلت على قيد الحياة ..طالما أنت حى تصلح: قال ..!!أخشى أنك تعطينى أمال من الصعب تحقيقه: قلت .. !!هكذا قال الحكماء ؛ فصدق ..األعمال بخواتيمها: قال

• ؟..بعد والدتها" هارمونى"أو تعلم ماذا فعلت : قلت ..إحك: لقا

:، عبست بوجهها ، وقالت" توت"لما أخبرتها فرحا أنه ولد ذكر ، وأننى أريد أن أسميه : قلت هبيتر"ـ بل اسم.."

:بعد أربعين يوما ؛ قلت لها.. أدهشنى ذلك ، لم أحاول منازعتها وهى فى نفاسها ..ـ أنت مدينة لى بتوضيح

: ظر ذلك الموقففقالت ؛ على الفور ؛ كأنها كانت تنتاكتشف بعض الكذب ؛ الذى خالط ؛ بل امتزج بنسيج الحياة ، ـ يوم التقينا ؛ كنت واحدة من شباب غاضب

ويوم وافقت على الزواج منـك ؛ كنـت أريـد أن .. ونرفض الزور ، وكنت ؛ مثل غيرى ؛ نلتمس الحق ، ألنك لم تحـاول ، لم تتفتح فيك زهرته ، وى عليه وانتهيت معك إلى أن السر الذى تنط .. أكتشف آفاقا جديدة

لهذا لم أطلق على ابننا اسـم .. أو معترضا ..فصرت من نسيجنا العالمى ؛ وإن كنت متسائال ..أن تكون نفسك ..؛ وإن كنت أتمنى ذلك" توت"

، لـديها ولكنها لم تكـن قـد أفرغـت ما ..ولما كانت صادقة فى تشخيصها لحالتى ؛ لم يكن لدى رد ..سكتت :فاستطردت قائلة

ولهذا سنستمر معا ، أنت تحـتفظ ..ويمنحانى شعاعا من األمل ، ـ شكك ؛ وتساؤلك ؛ هما اللذان يشفعان لك ، وسـجادا ، مالبس : فى ورشة عملك بقطع متنوعة من الفنون الشعبية التقليدية ؛ من مصر ، وبالد المشرق

لكن من .. وأنا ال أعترض؛ فهذه أشواقك ، وفيها السلوى لك .. هاوغير، وأدوات ، وأوانى ، وآالت موسيقية وقد كتبت بها أنت ، خاصة وأنها حروف مقدسة .. حقى أن أكشط هذه الحروف الهيروغليفية من جدران بيتى

!؟..فما رأيك..كالمك الخاص ؛ الذى ال ينتسب إليها بوشائج حقيقية

..!!هذا من حقك..نعم: قلتوليس المصريين بشكل مباشـر ؛ فلمـاذا ..لتاريخ ؛ علمت أن الذين علمونا هم الفنيقيون فى دراستى ل : قالت

، كثيرا ما أسأل نفسى هذا السؤال ، وال أهتـدى إلـى ! ؟..حطمهم أجدادنا الرومان بهذ الوحشية واإلصرار ..!!إجابة مقنعة

: قلت ؛ متأمال فى آفاق كلماتها ..!!ا فى الحب واحداـ أنت تبحثين عن سبب يجعلن

..!!فلنجرب مرة أخرى : قالت•

..!!لو أن دماءكما طاهرة اللتقيتما: قال يحيى :سألته ؛ بينما يغلى ماء الدموع فى عينى

!؟..ـ وكيف يجوز اجتماع القاتل والقتيل على مائدة للمحبةوليس الغرب لونـا واحـدا ، لشرق ال الشرق ظل هو ا .. ألم أشر عليك بالكف عن االدعاءات الكبيرة : قال

..!!وتصالب القاتل على القتيل وانغرسا فى األفق المنظور..ففى ذات يوم أفسد القهر الفطرة السليمة..وحيدا !!فما معيار الحق ، وما معيار الباطل ؟: قلت له منزعجا

..!!اهللا أعلم: قال ساخرا :وقبل أن أهم بالرد ، سألنى ؛ جادا

؟ ، هـل ..مسكنكما بعد أن وافقت على كشط أشواقك المدونة باألحرف الهيروغليفية " ديكور"ـ وإالم صار !كففت عن عشق البطولة العتيقة يا عبد اهللا ؟

وجديته ذكرتنى بالحماس المحموم الذى استغرقنى فكانت فيه مشاكالت شتى مـع اإللهـام ..لم أطق سخريته مـدفوعا بمـا سـمعت عـن روعـة اللوحـات الجداريـة ، ضرت قد ح ، وأنت بنفسك يا فالح ..الحقيقىوالسفن الفينيقية ذات المجـاديف تشـق ، وقد اشتعلت به موجات البحار ، وأذهلك األرجوان الملكى ..الجديدة، التى ترتعش لمقدمها الظلمات ساكنة اآلفاق ، فى حضن إلهة البحر ، حاملة فى مقدماتها مشاعل النور ، البحر

.. !!صعودها اليائس.. فى رغاء األمواج ، تصعد ثم ، ثم تتفتت !!"إن مقدمنا نحن الفينيقيين كان مقدما مجيدا : كنت أقول لهارمونى

.. !! وكانت تبتهج إبتهاج لبؤة كاسرة تتلقى األسد فى لحظة التوهج األخيرة ..!!الستاروكنت ياصديقى ؛ أيها الفالح الماكر ؛ حامل البخور ، ومشاركا فى احتفالنا برفع

• !!؟..وماذا كان فى وسعى وقد عشقتها: قلت ليحيى

..!!هذا تواضع لم أعهده فيك: قال لى :فقال..غضبت

..!!مؤكدا على الطابع المقدس إللهام الفنان، ـ ال تغضب ؛ فكم رأيتك والعالم كرة ترقصها على إليتيك

!"؟.. ها ترى كيف حال: "تساءلت..ونزف الجرح القديم..تذكرتوحل على سكون الصمت إذ يتـنفس بـه ..فأسرعت إلى المسكنات القوية أعاقرها ، ثم إنى لم أطق وجعى

وحسبت أنها السكينة تلقمنى ثـديها بالرحمـة ؛ فرضـعت رضـاعة طفـل ..الجسد ، وتوقف نبض الوجع !!وأحسب أننى قد غفوت ..خائف

• والحديقـة ال .. األصوات تقترب.. أصوات أطفال يلعبون فى حديقةكانت..خيل إلى أننى أسمع أصواتا حميمة

، " تـوت "كان صـوت ولـدى ..استسلمت للذائذ تنشط فى دمى ..يفصلنى عنها غير الجدار األبيض المجاور ..!! فى مرح اللعب الطفولى" ايزيس"وصوت ابنتى

": هارمونى"قالت لى ..مه فى صدرىودفنت اس، كففت بعدها ، أنا لم أناده بهذا االسم غير مرة واحدة ..!!ـ إذا ناديته بهذا االسم مرة أخرى سيكون الثمن انفصالنا

!؟..وما اإلسم الذى اختارته للبنت: سألنى يحيى :قلت له عاتبا.. لم أرد..رأيته جالسا فى نفس الكرسى المجاور لفراشى..فتحت عينى

نقرأ اسمها فى سجل المواليد بالمستشفى ؛ فى ذلك ألم تضحك ساخرا ؛ ونحن ..ـ أنت معى منذ وقت طويل !الصباح ؛ المختنق بالضباب األسود ؟

..!!أنت قد وافقت ، ولم تتفوه بحرف احتجاج..أنا مازلت أشك: قال "..!!أستير"بل أنكرت أن يكون من صلبى بنت تسمى : قلت

..!!كان أضعف اإليمان: قال ساخرا "..!! ايزيس"وسيظل اسمها .".ايزيس"هى عندى اسمها : قلت ..من الغباء أن يورث العجز عنادا: قال

..بل هى خيبة الرجاء: قلت ؛ وأنا فى الوجع !وما الذى استدرجك إلى الرجاء ؟: سألنى ..!!قبولها بتعلم الولد والبنت اللغة العربية: قلت

:تعجب يحيى ؛ فقلتوكانـت ..علمهما العربية الفصحى قـراءة وكتابـة وأصرت على ت .. ـ بل كانت تهتم اهتماما خاصة بذلك

.. !!تتحمس لتعلمهما العربية الدارجة بلهجتى القاهرية .. إذن فهما يتعاطفان معك: قال ..!!إننى أحبهما..كنت أظن ذلك: قلت

• نـت وك، " هارمونى"لم يعان أى منهما تمزقا ظاهرا بينى وبين " إيزيس"و " توت"أنت تعلم ؛ ياعبد اهللا ؛ أن

.. ليكون كل منهم نفسه .. وحجتك األساس ؛ كانت أننا ننجب األطفال للحياة ، أنت شخصيا تحرص على ذلك ..وفى بداية كل منهما نصحت باالهتمام بتسليحهما بالمهارات

أنـت ال : "ولما امتعضت من سؤاله قـال لـى !" ؟..أمازلت تحبهما : " ولما قلت ليحيى أننى أحبهما ؛ سألنى فأنا ؛ ياعبداهللا ؛ ال أعـرف .." يبدو أن هذا هو األرجح : "فقلت له ..!!" أكيد على حبك ؛ أو بغضك تستطيع الت

: فقد قالت لى" هارمونى"أما " .. إيزيس"و " توت"، وأتمنى لو كانا " استير"و " بيتر"أما أنا فقـد كنـت آمـل فـى المالءمـة بـين المتناقضـات ..ـ أنت يا عبد اهللا تبحث عن شئ ضاع فيك

..وإال أكون كاذبة، كان البد لى من إعالن يأسى ، فلما يئست من صالح حالك ..المشهورة ..!!وهى أيضا..أنت نسخة معاصرة من العب متكرر: فقال يحيى لىحاولت النهوض من الفراش ؛ ألجلس فى مواجهته ؛ فرأيته يبتسم ابتسامة عريضة ، ثـم .. رفضت كلماته

:ىقال ؛ وقد انصرفت عيناه عنوإمـا أن ، إما أن تبتلعك أوربـا : ويومها قلت لك ..منذ ربع قرن تخيلت أن سفرك من مصر هو الحل "ـ

وهأنت تحاول تكوين جملـة مفيـدة عـن ..واآلن ؛ لم يتحقق أحد الحلين السعيدين .. تعود إلينا بعقل أوربى !!" . ؟..فمن أنت.. هويتك

• : فقال لى يحيى..والحائر ملتبس..تحيرت

ثم بعد ذلك تتحول إلى رجل ..اذا ال تضع جسدك بين يدى أطباء يخلصونك من أسر المخدرات والخمور ـ لم أنظر ؛ لقد بدأت مرحلة تسويق صديقك هذا كمهـاجر ! ؟" عبد اهللا الفالح "مثل صديق عمرك ، أعمال عادى

كتشف الحقيقى لقواعد الخـط فأنت الم ، وأنت أدرى الناس بأن دورك أهم من دوره ..مصرى حقق نجاحا فذا أصارحك القول بأن اقتراحى هذا سيوفر عليك ..العربى ، ودورك فى عمل أنظمة هذا الخط ال يقل عن دوره

ولهـذه ، ستكون شخصية عالمية ؛ بالمقاييس المحلية فى العـالم الثالـث ..قد ال تتحملها ، معاناة أمور مقبلة ، وبينى وبينك ؛ هذا يتسق مع بـداياتك .. تكون نجما من نوع خاص فعلى األقل ؛ س ..الخدعة نتائجها السعيدة

..!!". هيا؛ أيها الالعب المولع بالمكاسب..!! وأكمل اللعبة..هيا، ويسمح بامتصاص خياناتك حتى لو كان الجو لـيس ..وعلمت من أنبائها أن الجو شديد البرودة ..وكانت الريح فى الخارج تصفر ..سكت

وسـمعت اصـطكاك ، تصورت ؛ فإن جسدى قد اشتملت عليـه ارتعاشـات متواليـة بدرجة البرودة التى الرياح التى كانـت مسـافرة فـى !! ثم دخلنى ، والصفير؛ الذى كان فى الخارج ؛ داخلنى الهوينى ..أسنانى

:حتى انتفضت من فراشى ملتهب الجسد وأنا أصرخ..قاومت..وقاومت..اآلفاق صارت فى قلبى ..!!ثلن يحد..ال..ـ ال

: فسمعت صوت يحيى ؛ فى فراغ المسكن ؛ يقول :فصرخت به!! ، ال تمزق نفسك ، فكل منا يحمل صليبه على ظهره ..!! ـ كل واحد يحمل صليبه

!" ـ أين أنت ؟ : وقال وهو يبتسم ابتسامة الالمبالى..ومال نحوى برأسه..فظهر لى بجانب وجهه من فتحة باب الحجرة

..!!. وأنا دايم على عهدى.. وحسن الجميل ظاهر للكل..غرام أصله نظرة ، وتمكنـ هون على نفسك ، فال•

وكان ، أم أنها كانت إغماءة ؛ فقد أفقت على صوته يدندن بأغنية بمصاحبة العود ، لم أدر إن كنت قد غفوت

: صوته شجيا ثاقبايـا يـا يـا .. يـا ليـل ..يـا يـا ليـل ..يا يا ليل ..يا يا يا ليل ..ياعينى ياعين ..ياليل ياليل ..ياعين..ـ ياليل

خايف يكون حبك ليـا ..ضى عنيا ، وانتى اللى فى الدنيا ليا ، خايف يكون حبك ليا قاسى عليا ..خايف..عين "..!!حبى اللى مغرم بهواكى وال ينساكى..شفقة عليا

:استسلمت وارتفع صوته حزينا ، ومؤكدا ..ـ أنا اللى عارف مقدارك

!؟.. من اين لك كل هذه القدرة على المحبة : "ت فى نفسىوقل ..!!اللى حبك ياهناه : فقال لى

:وسألنى ؛ وهو مازال يعزف على العود !؟..ـ هل مازلت تتذكر أيام السماع الذى يدفئ القلب

:قلت ..!!كل السبل إلى النسيان وجدتها مغلقة..ـ ليس لى سبيل إلى النسيان

:قالنحن فـى ..نحن فى حاجة إلى رجوع كل أبناء القرى بما حصلوا من علم إليها : أليام ؛ قلت لك ـ فى تلك ا

، وأنتم ؛ أيها الفنانون ؛ إجعلوا مراسمكم فـى القـرى .. حاجة إلى خطة قومية إلعادة توطينهم وسط أهلهم مـوهم إنطالقـا مـن الحـرف وأتيحوا لهم المواد الخام ، وعل ..ولكل الناس ، وللناشئة ، وافتحوها لألطفال

لتنهض الفطرة التـى غطاهـا ..واتركوا لهم حرية اإلبداع ، والنسيج ، والنجارة ، والحدادة ، الفخار: التقليدية، فتتعلموا..وعلى أيديكم ؛ يمكن أن تسفر روح هذا الشعب عن تجليات لم تخطر لك على بال ..استعباد القرون

..وتعلمواالفن العظيم ال يولد إال فى : "تأملت أنت قليال ، ثم قلت ، يومها .. ى ممارسة حب الجماعة كان اقتراحى هذا ف

!!"العزلة : تذكرت ، قلت ليحيى ؛ وأنا أمسح دموعا فاضت من عينى

..!!. ـ ليتنى حاولت :قال ؛ وقد عاد إلى عزف تقاسيم على العود

، بـالتبر لـم بعـتكم بـالتبن ..!! فـى البـر فتـونى ..فى البحر لـم فـتكم ..!! ـ باليل ياليل ياليل ياعين ..!!"ياهناه..واللى حب..يا..يا..يا..بعتونى

وتصاعد صوته طبقة بعد طبقة ، وصارت له أصداء فى المسافات بين الطبقات ، حتى امـتألت فضـاءات ـ ن قـدرة علـى سكوتى بأفراح عصفت بتصبرى ، فنشطت إلى طيران لم أدر أننى استنفذت فيه ما لدى م

..الفرح

• وفى الخارج ؛ ربما فى الردهة ؛ كانت أصـوات مهمهمـة ، ..ولم أر يحيى فى كرسيه ..ففجأة حل سكوت

:أنصت ، سرعان ما تمايزت األصوات ..إنه لم يعد نفس الشخص الذى عرفته : توت يقول ألمه

هو الذى يدفع التكلفة ؛ فجامله ؛ علـى إنه ..وتعرف تكلفة تعليمك ..أنت اآلن فى الجامعة : هارمونى تقول له ..!!األقل

..أنا لم أعد أحب هذا الرجل..هذا نفاق ال أطيقه: توت يردوقد ال يعترف .. والعواطف عنده عملة يتعامل بها ..فهو رجل شرقى ..األمر ليس هكذا يابيتر : هارمونى تحتج

..بغيرها ..!!والحل الحاسم أن أسكن فى الخارج..ا الختياركولن أؤدى ثمن، المشكلة مشكلتك أنت : توت يقول بحسم

..إذن تعمل: قالتأنا ال أريـد شـيئا مـن هـذا الرجـل المـريض ..أو تأجيلها ، واستكمال دراستى ، سأفكر فى العمل : قال

..!!بالعواطف ": ايزيس"تسأل " هارمونى"ثم سمعت صوت ..وسمعت بابا يفتح ، ثم يغلق !!؟.. كما قد علمت..ـ وأنت ؛ يا استير ؛ حامل

!؟..وماذا فى ذلك: قالت البنت ..أنت وصديقك لم تتفقا على الزواج..لو علم أبوك ستكون صدمة له: قالت هارمونى

ثـم ..هذا األمر يخصنى أنا ..أما أبى فال شأن له ..أنا فقط أريد الطفل ! وما حاجتى إلى الزواج ؟ : قالت البنت !!أليس كذلك ؟..يخصكأنت أيضا ؛ أعتقد أن هذا األمر ال ..

..على األقل ؛ محافظة على الطفل..يمكننا أن نعالج األمر..إنصتى: قالت هارمونى ..!!لكن هى مساعدات غير مشروطة بأى شرط..أنا لم أرفض أية مساعدة منك ؛ أو من أبى: قالت البنت

..هى بالتأكيد مساعدة غير مشروطة..ال بأس: قالت هارمونى•

، وتتالشى ، ثم سمعت صوت باب يفـتح .. البنت تصعد الدرج إلى الطابق العلوى وسمعت صوت خطوات !أنت ؟: تسأل بدهشة" هارمونى"و

:وسمعت صوتا هو صوتى ؛ غير أنه كان يشبه صوت يحيى ، سمعته ذلك الصوت يقول لها ..!!. ـ حدثينى عن الرومان

!وماذا عن الرومان ؟: سألت ؟..لتى من أجلها حطموا الفنينيقيين وأبادوهمهل اهتديت إلى األسباب ا: قالالرومان ؛ ياعزيزى ؛ لم يشغلوا أنفسهم بـالجواهر ..الحقيقة أنك لم تميز بين ظاهر النقطة وجوهرها : قالت: أنتم تعاملتم مع الجماعة أيهـا المصـريون ..وذبحوا كل جماعاتها ، بل إنهم طاردوا هذه األسرار .. السرية

وحين تسلمنا ..ونشوة الفردية ..أما الفينيقيون فقد عرفوا المغامرة ..دولة كانت عندكم جماعة وال..الدولة..األسرةفلماذا ال نطـاردكم ..وغرامنا كان فى البطولة الفردية ..ميزنا عبق الفردية ..منهم نحن الرومان كل ما علمونا

ن أجدادك المصريون مهملين حين أيضا كا ..لقد كان أجدادك الفينيقيون يلعبون بالنار ..حتى نمحو كل أثر لكم تركوا الهكسوس على قيد الحياة ، فقد حملوا الوجه الحسى إليزيس وغرسوه فى جزر األرخبيـل اإلغريقـى

..!! وجهين للحقيقة الجديدة ..فأثمر اللذة والمنفعة !!وهكذا كفرتم باألسرة ؟: قال لهاوتحسـبون أبنـاءكم فـى ..تعشقون االمتداد الحيوى ..دةأنتم تتمسكون ببقايا ثقافات بائ ! ؟..ألم أقل لك : قالت

!؟..أال ترى أن هذا غش فى صلب لعبة الحياة..كشوف انتصاركم على الموتفلم تمارسـوا أيهـا ..تحسبون أن المرء محدود بوجوده الجسدى ..أنتم لم تعرفوا شيئا عن التحوالت : قال لها

..!!ن أعمال القتلوكلها م، والمنفعة ، واأللم ، الرومان غير اللذة !!؟..أنت إذن تؤمن بالبعث: ضحكت ساخرة وقاطعته

..بل أؤمن بالحياة واألحياء: قال لهاهـل ..حدثنىعن حيواتك السابقات ..!! ربما كنت تؤمن أيضا بالتناسخ ..تدخين األفيون والحشيش أتلفك : قالت

لتـى انزلقـت إليهـا جماعـات أم أنك كنت كبير كهنـة أرهقتـه الضـالالت ا ..كنت ملكا طيبا مغدورا ؟ !!؟..فصرت تعانى الوحدة..المتعبدين ..!! وصرت أرى ما كان مخفيا عنى..لقد تقطع ما بيننا: فقال لها

!؟..هل تستطيع أن تخبرنى عما ترى..أنت إذن تشارف الرؤيا: قالت مندهشه ..!!ولن ترى أبدا ما أراه..ستمارينى على ما أرى: قال ..!! حاول: قالتوعلى أن أرعـى هـذه ..فكل نور يوقد من شجرة تنبت فى القلب ..وعلى ان أؤدى الثمن ..انتهى األمر : قال

.. الشجرة حتى نهاية العمرأنتم عبدة أسرار ، تطلبون إلغاء العقل ، وترويض الجسد على البذل ، إنـه مـوتكم ؛ ! ؟..ألم أقل لك : قالت

..!!فلن أنذر نفسى لحل لغز قد وضعته أنت على جدول أعمالكأما أنا ..الذى هو لكم ، ولن يشارككم فيه أحد.. وهى تصرخ بهذه العبارة ؛ رأيت أننى أخرج من الفيلال ، وأخطو فى الحديقة ، وأحسست بجسدى خفيفـا

فقـد أخرجتنـى إلـى البـوح ..وكانت سخرياتها ؛ بردا على وسـالما ..ولم يكن ألقدامى وقع على األرض ..!!. وعن أسئلتى.. تماس اإلجابات عن أسئلتهاورحت إلى ال..الحميم

• :سمعت يحيى يقول لى

..!!ـ تقلبك بين الحياة والموت ؛ يشهد بتقلب وجهك فى اآلفاق :قلت ؛ وقد أصابنى اإلعياء !؟..أم أنها رؤياى..ـ هل أنت الذى همست لى

:قال ..ة تحوالتكهيا ؛ وأسمعنى بردي..فلوال سعيك إلى ؛ ما حضرت إليك..ـ العليك

:قلت ..! وفى وعيى منتهاه.. وقبلها ؛ ال أذكر شيئا ، فقد كان ليل طويل ؛ لست أدرى مبتداه..ـ الكلمات تزدحم

:سأل ؟..ـ فما أول المنتهى

:قلت ..!!ولم أره..ـ رأيت ملكا حاكما

:سألنى ؟ ..ـ فما عالمتك

:قلت ..!!وشواهد جمة..ـ ذكريات شتى

:قال ..ا لديكـ هات م

:قلت .. وحكمت..ـ كانت سقطتى حين عصبت رأسى بالتاج

:قال يحيى ؛ ضاحكا ..!!ـ آدم يكتشف ذاته

:ثم نظر فى عينى نظرة طويلة ، وقال جادا ..!!ـ تخيل أن هذا حدث قبل مغادرتك لمصر

:سقطت رأسى على صدرى ، أغمضت عينى ، ثم قلت ..!! إنى قد تعلمت ببطء..ـ نعم :سأل !ل ترى أن كل الفرص ضاعت ؟ـ وه :أجبت

..وأظن أنه نابع من حب البقاء..ـ يتملكنى إحساس عميق بوجوب المحاولة :قال

..!!هذا هو السؤال! ؟..ـ إذن ستعيش ، وستسافر عائدا إلى الوطن ، لكن هل ستصل ماضيك بحاضرك :قلت

فأنا ؛ كما قد علمت ؛ صـادق .. آخرفقد أنجح على مستوى..ـ إن لم أنجح فى هذا على مستوى الدم واللحم .. الوجع

:قال ؛ وهو يتأملنىفقد عرفت يقينا أن المدارس والجامعات مهمتها أن تفصل الواحد منا عن ..ـ األرجح أن تكون صادق الوجع

فطرته الفاعلة المدركة ، وأنها قد تنجح فى ذلك ، وقد تفشل ، وحالتك ؛ ياصاحبى ؛ تقـول إن نجاحهـا أو لكن يبقى أن مستوى اللحـم ..نعم ؛ أنت تعود اآلن إلى ذاتك .. ها يتوقفان على قدرة الفطرة على الصراع فشل

..!!والدم ؛ هو الفردوس المفقود•

:فقال لى..وندمت على ما فرطت..تأوهت حسرةـ .. أظن أنك لن تذكر؛ معه ؛ ماكان منك من حركات مضحكة ، ـ أنت اآلن على طريق بعض فهال أتحفتنا ب

!!؟.. هزلك :قلت

.. !!ـ هزلى كان جدا كله ؛ على الرغم من سخريات الساخرين :قال

! عن حيواتك السابقات ؟" الطاروت"ـ أو ليس عجيبا إذن أن تسائل :قلت

!؟..ـ وما العجيب فى ذلك :قال

وإنهم لو دخلوا جحـر ..تـ أنتم أيها األوربيون المتأوربون لم تتركوا بابا لم تطرقة أوربا بحثا عن اإلجابا ..!!ضب لدخلتم فيه

:قلتوأنا أميل إلى الظن بأنـه كـان نظامـا ، إنه نظام من نظم الحكمة القديمة ..ليس أوربيا " الطاروت"ـ لكن ..أنظر..مصريا

:قائال له، ونشرتها على منضدة بينا ، وأخرجت أوراق الطاروت ، وقمت من مكانى !!ئى السابقة ودعنى أقرأ لك أنبا..ـ إجلس

!!األمر جد إذن ؟: قال ..دعنى أرتب أوراق الطاروت وأخبرك : قلت !؟..وتوهمات تتوهمها أنت..وإن كانت أخباره مخادعات: قال !!؟..أو توهماتى، أليس من العدل أن تدع لى أوهامى ..يايحيى: قلت، وتنى لمساعدتك على العودة إلى مصـر أنا ما جئت إليك ؛ فى ضبابك الهولندى ؛ ألفعل ذلك ، لقد دع : قال

!؟..فكيف تطلب منى هذا الطلب ، وأنت تستهدينى ـ من بعض زوايا النظرـ فى هذا المشوار ..!! إال ما توهمت أنه حق، ألننى ربما أكون مخطئا فى كل شئ : قلت !فعم تتساءل ؟..أراك رتبت األوراق: قال

، أنظـر ؛ هأنـذا مـن الطـين ..!! ى ، وفعلـى ، ومـوتى عن ميالدى ، وفعلى ، وموتى ، وقيامت : قلت ..أنصت إلى الصوت األول ؛ ينادينى ؛ بعد أن سويت بشرا ..األوراق تخبر بأخبار كثيرة..جبلت !"ماذا قال الصوت ؟: "سألنى : قلت "..اقرأ : "ـ قال

.. فسرت رموز الطير ، ولغة الحيوان .. أحنيت الهامة وقرأت .. !!ولدى الكأس ؛ توقفت .. حت لجين الروح لكل األشكال ومن .."اشرب : "قال

..ترددت .. فرفعت الكأس .."اشرب ترياقى : "قال

.. فأطعت .. !!وسقطت صريع السم

..وصعدت الدرجة بعد الدرجة ..أدنانى نحوه

وسكت .. فطويت الصرخة .."أحكم : "قال

..!!وضع الزهر على قدمى .. سلمنى التاج .. العرش أصعدنى فوق ..!!سقط السيف على : ولدى نطقى بالحكم األول ..كان الموت األول موتى

..والعود طريق ابن اإلنسان ليتعلم *

كشف الغطاء وا، فغير أوراقك ..!! وإنها ألنباء وأية أنباء .. وحركت مكنونى ، شوقتنى ياعبد اهللا : قال يحيى .. !!أو بوحك..عن بوحها

:قلت وأنا أتمعن فى األوراق ..قذفتنى أمى نحو العالم ..ـ فى الميالد الثانى كان الخوف

..الثأر..الثأر: صرخت فى وجهى فذبحت قلوب الفتيان ، وخلعت قلوب الحيوان وكل الطير ، ودخلت الساحة من باب الفرسان؛ ألواجـه فـى

..!!أم العدل وقد رفعت فى وجهى الميزانالقاعة *

:الذى كان منصرفا عنى إلى النظر فى داخله، وبعين دامعة ساءلت يحيى

! ؟.. ، من يحمل عنى وزر القتل ؟ ، من منكم يختار صليبى ! ـ واآلن ؛ من يحمل عنى إنعام الملك على ؟ !!، من منكم هذا النسر ؟! ، من يطمح ؟

!ما هذا الصمت ؟ !!؟.. وعلى وجه الماء الروح

وكان الموت..نفذ السهم!!.. *

!بهذا البوح ؟" هارمونى"وهل علمت : سأل يحيى

فلماذا تسقط هذا السقوط ؟ بينما أنت ناجح ؛ وفـى ..هأنت صرت تفعل أفعال العامة والنساء : قالت لى : قلت !؟..طريق صاعدة

تطور نظام الطاروت فتحوله إلى ألعاب عصرية على الحاسب ألم تقترح عليك أن األجدر بك أن : سأل يحيى !اآللى ؟ !!؟..أنت إذن تعلم: قلت ..واخبر بأنباء األوراق..دعنا من ذلك: قال ..فى الميالد الثالث ؛ كان الحزن : قلت

..أسعى فى األرض ، أستهدى الناس ، ألتمس اآلخر..مسكين بالروح ، وعصاى الحرف األول ..!! فضعت..ى ماء اآلخر ذبتف

* !أو كنت من النساك أيضا ؟.. !! يا للهول : صاح يحيى

..!!نعم ؛ غير أن ذلك لم ينقذنى: قلت ..قلبى عليك يا عبداهللا فى ميالدك التالى: قال

:قلت ؛ وأنا أنظر فى األوراق ألسود ـ فى الميالد الرابع كانت أمى فى الغابة ، وأبى فى الحفل ا

..يتساقى األنخاب ؛ ويهفو لوريث التاج ..فألقتنى نحو األرض ابنا لإلنسان ..وأتاها الطلق

..غطونى بالسجادة !!طرت ؛ فسقطت عنى السجادة فى طين الخلق ، فسقطت عليها فى طربى الطفلى

.. أمسكت بأول خيط منها وجريت ، أتسلق هذا الجرف ، وذاك الجرف .. وضاع الحرف..؛ أيقظت الرغبات فضاع الخوففى طربى

..!!ياملكا فوق الناس ؛ إكشف للناس غطاء الناموس: قالوا.. منحونى اسما لم يثبت فى القاموس*

!وهل فعلت ؟: سأل يحيى ؛ وهو يزأر بضحكات قاصفة :قلت ؛ وعيونى السبعة تنهمر بدمع سخن

..!!د الخوفعا..!!عاد الخوف: ـ بل قالت أمى .. وحين رأتنى صرخت هلعا ، رفعت ثدييها تتشفع

..لم أتعرف هذا الثدى لم أرضع من أمى لبنا

..لم أحسب نفسى فى األبرار ..هربت أمى من سيف القتل ، فمألت القصر المخفى بأبناء الصبوات

عاطى األسرار ، وشربنا خمر الرغبة ؛ فى وانتثرت ألوان السجادة فى الطرقات ، وفتحنا الحانات السحرية نت ..!!كأس األرحام

* :ثم إنى نظرت فى الفضاء ؛ مخاطبا يحيى

ها نحن عرفنا ، وتعرفنا ، وتقلبنا فى نار الدم ، وضربنا خطو الترحال ، فشهدنا أحشاء االرض المسحورة ؛ ..!!ساحرها الخوف ، وحملنا فى الرحلة كأس التوبة

!؟..رب منا هذى الكأسمن يش !! ؟..من يتناول

* !وبماذا تخبر هذى ؟: أشار يحيى إلى ورقة المرأة ؛ سائال

: قلت ..!!وامش كثيرا..فامش طويال..كل الطرق أواخرها الكشف: قالت تلك الحسناء ..!!ال تتوقف: قالت تلك الحسناء

.. !!ع وجهك وجه الكشف الموت ، إنك إن تختم ترحالك لن ترف: قالت !من منكم يرفع وجهه ؛ فى وجه الخوف ؟

* !!هل يبقى شئ بعد ؟: ساءلنى يحيى

:قلت.. ـ ما يبقى إال أن أمضى ؛ أحمل ألوية العار ، عريان القلب ، مخضوب الكف بحنـاء العـرس الغـارب

وعزائى ؛ أنى حاولت الغزو ؛ ولم أفلح!!.. *

..!!عيفا فى ذلك الميالد ؛ ياعبداهللاكم كنت فقيرا وض: قال يحيى ..!!والخائف ال يعرف غير المكر: قلت

!؟..أو لم تكدح إلى التوبة: سألنى .. يا يحيى أنظر: قلت

:غير أنه التزم الصمت فقلت..ولعله قد رأى ما رأيت، ونظر إلى حيث أنظر ته؛ تلو ؛ .. اليوم األول من رأس العام فى حفل .. ـ إنى فى الميالد الخامس كنت حفظت الدرس نى السيدعلم

..، قرأت " اقرأ أوراد الملك: "، فقفزت ، قال" اقفز سور المعبد: "قال .. ادخل ، أنت عتيق الطاعة ؛ فدخلت: أدخلنى السيد باب القصر، قال

..!! وتضئ ؛ فتلهم بالتقوى..لحيته الذهبية تخدع أتباعه..الملك عجوزأعطونى بيـت المـال ..أخذونى معهم فى األيام السبعة ..جعلونى أرأس خمسة ..طاعة ؛ منى ؛ والقوة أنسوا ال

..!!والكنز األوحد كان طموحى للملك..فجعلت لنفسى رأس الحراس على الكنز األوحد..ومفتاح المعبدفأرقت الطاعة فى .. ى الكأس فى اليوم الخامس من أيام العود ؛ أوقفنى الملك لديه ، ناولن ..!! أنظر يا يحيى

فتحدث عنى ..طوق الدرع ؛ أخذت العرش ؛ تحت اسم الملك الشاطر ، وأطلقت على نفسى اسم الملك الطيب ..!!الناس

..!!مازلت ضعيفا ياعبد اهللا: قاطعنى يحيى ..بل كان اليوم الخامس يوما للقوة: قلت .. إن هى إال أوهام: قال ..!!اليوم الخامس يوم القوة.. عن نفسىأنظر ؛ إنى أبحث: قلت

فأسرت مليكى ، ودفنتـه ، ..، فلقد كنت حفظت الدرس ! ؟..، من يعرف أغنية لى ! ؟.. من يعزف أغنية لى ..!!تحت القصر المخفى عن األعين

!؟..وبعد: سأل : أراقت عيناى الدموع ؛ بينما أسائل الجهات الثمانى مذهوال

!!لبى سوسنة الخلد ؟ناديت ؛ من يمنح ق .. عن أخت.. فى اليوم الخامس عشت جوابا لآلفاق أبحث عن أم لى

أبحث عن سر النور الخفاق ..عن ست الحسن

.. عن سر الليل الغارق فى الموال ياست الحسن المخفية ، وأبوك مليك صنديد ، أسكنك البرج وسد السبل إليك ، : وأنادى الحسن ، أولينى وجهك تضوى الشمس ، فأجيب على اآلفاق سؤال األمس ، أولينى وجهك كىينسينى يا ست

..نورك هذا الدرس ؛ وما أورثه الدرس .. يا ست الحسن ؛ أنا الشاطر ، صوتى امطار فصلية ، حفيت قدماى ، وذابت منى النفس

.. !!يا ست الحسن ؛ إعطينى نظرة *

!فهل أخلصت ؟: ى ؛ مقاطعاسألنى يحي ..!! إنى سجدت ، واقتربت: قلت ..اسأل أعمالك: قال

:وقلت بصوت حائر، نظرت فى األوراق ورفعت فى عينيه المطمئتتين عينى مذعورتينـ أنظر ؛ إنى ؛ فىعيد التكريس ؛ كذبت ، ورفعت االكذبة فى قدس األقداس ، فتناولها خدم المعبد ، نسجوا

..!!ا ـ تحت الليل ـ سجادا للجرح ؛ وباعوا فى األسواق ، وبقيت فقيرا ، يضنينى الفقرمنه*

ال تتعجب ؛ فالكذب والحب ال يجتمعان فى صعيد واحد أبدا ، فعد إلى األوراق وأخبرنا بطـرف : قال يحيى ..!!من أخبار موتك

: وقرأت.. نظرت مجهوال مت ؛ فألقانى اللحاد الـرابض فـى قبـر ..!! وب الملك ـ فى موتى الخامس مت غريبا ؛ أكفانى ث

..الصدقة خامرنى الحزن مخامرة الموت ، أسـلمنى أبـواب األرض المنسـية ؛ أرض الليـل ، ، فى موتى الخامس

..نادانى الصوت اآلمر ؛لبيت .. جاوبنى صوت آسر..ناديت ..!!وسؤالى..وبكائى..وبدأت صالتى

* !ومن ذا الذى ال يتحير فى هذا اليباب ؟: حيىقال ي .. إنى ؛ فى درب األمل ؛ مشيت: قلتوأقلنا يكون أعـواد بخـور فـى مجـامر ..لكن بعضنا يكون حطبا فى المحرقة ..كلنا فى الحب ضحايا : قال

..!!فذكر إن استطعت..اآلمال .. ا للحج كنت فى موتى هذا أشارف معراجا حتى إنى قد سافرت سفر: قلت ..!!لم يبلغنى أنك قد فعلت: قال

: وأنا أرصد خطوى فى األوراق، قلت ..!!ـ أنظر

..حجى حج التثبيتنفذ الزاد وجف الماء ، أخذتنى الصحراء عميقا ؛ فمضـيت ، كفنـى االحـالم الخضـراء .. مجروح أسعى

..وميالدى األول ..طلبى للماء يطيرنى للماء

..وأنا أنزف .. !!أتقلب فى ألوان الوهم وال أدرى شيئا عن قدرى التالى *

ففى كل ميالد وموت لك ؛ لم تتعلم ما كان ينبغى لـك أن ، ثم تحيرت ، فال عجب أنك قد تحيرت : قال يحيى .. تعلم

فهـات مـا : قـال .. !!" دع عنك لومى يايحيى فإن الحب إفضاء : "قلت وقد أسفرت األوراق عن أنباء تالية ..!!"ترى :قلت

..!!ـ إنى ال أذكر إسمى فى الميالد السادس ، والموت السادسسلمنى الحارس للحارس ؛ فمشيت وحيدا ؛ فى عنقى الطوق ، وسقطت وحيدا فى قاع سؤالى ، لم : يوم ولدت

..!!فتساوت كل األشياء..أطعم خبز العلم ، وال خبز الجهل ، وانفتح الجرح *

!!؟..كأن هذا كان باألمس القريب: أل يحيىس ..!!ما أطول ليل اشتياقى: قلت .. وما أكثر األشجان : قال ..!!وتتعامل مع جرحى بالحنان ؛ يا شقيقى..أراك تقترب: قلتوكل مجروح هو منى وأنا منه ، لكـن ، الحق ؛ الحق ؛ أقول لك يا عبد اهللا ؛ إن كل جرح هو جرحى : قال

..!! يعقلونأكثر الناس ال*

: قلت ؛ وأنا أنظر فى األوراق متعجبا ..!!أو كأنك الذى تتكلم..ـ كأن الصوت الخارج من هذه األوراق إلى مسمعى هو صوتك

؟..فى أى يوم من أيامك نحن: قال ..فى اليوم السابع: قلت وماذا تقول أوراقك ؟: سأل :قلت

:ـ فى الميالد السابع هتف الصوت ..أغسلها عندى ، فى ماء النعمةإرسل أحزانك ؛ دعصمن يسجد ي ..

؛ وتعال إلى فاخلع أردية زمانك !!.. هبأقر من جاء إلى..

ألمسه اللمسة أحرقه ..أذروه رمادا فى آفاق هواى

..!!وهواى الطاعة*

..أنت إذن على سفر: قال يحيى مؤكدا :الصوت يقول..انصت: قلت

".. كنت"ـ يامن ..من الزمن الماضى" كان"خلع إ

..النار ؛ فتسمع صوتى فى الريح العلوية" كنت"أدخل ..!!تمسح عن وجه الوادى أرجاس الغربة

* يقينى أنك توشك على السفر : قال يحيى

:قلت :ـ الصوت يقول

..يامن كنت ..كل األفعال تموت ؛ اليوم ؛ لتولد من بعد

..!!نسيةتقبل من كل األبواب الم ..تعلو األفعال ؛ وتتردد

.. تعطى الروح الغافية عبير الصحوة*

أن ينهض مغادرا ؛ قلت" يحيى"فلما هم : ..أنظر..ونلتقى، فإنى إليك أحضر..ـ إبق ؛ فتسمع

: قلت..فنظر فى أوراقى ، وكان وجهه يقطر أحزانا :ـ الصوت يقول

ددناموس الموت تج .. .. يأخذمن يعطى

..من نادى يأتى !؟..فلماذا ال تجعل مهرى الكلمات الصلبه

..ولماذا ال تغسل ؛ فى الماء ؛ الكلمات األخرى ..من يبذل يبصر ..من يبصر يقرأ

* :قال يحيى ؛ وهو ينهض ؛ فيغيب نصفه األعلى فى ضباب الحجرة

وأنا عائـد إلـى ..نت تخرج من الظلمات إلى النور أ..ـ كنت الحوت ؛ لك ؛ يا عبد اهللا ، نحن اآلن نتخارج ..!!البحر

:سألته ؛ وهو يتالشى !ـ هل نلتقى فى مصر؟

:قال ؛ ولصوته ترديد ، ورجع ..!! ـ إسأل أعمالك والنية

* .. هذا ميالدى السابع ؛ ونهارى يرحل

.. وأنا أغسل كلماتى فى ماء النيل :أنضو عنها األكفان وأهتف

.. ؛ بوحى باإلسم األعظم يا إيزيس ..بوحى

..أقسمت عليك األقسام التسعة ، وبكل األسماء المولودة فى الوادى األخضر .. أقسمت عليك بوجهك .. وبأسماء الموت األول

أقسمت ؛ ألدخل باب التوبة ..أقسمت عليك ..أقسمت عليك ..!!بةفأنا منفى أسأل كل الكلمات عن الكلمات الصل..أقسمت عليك

: " .."

...الخميس .. فى امستردام

..صديقى عبد اهللا ولهذا السبب عينه؛ لم أسع إلى اللقاء بـك ؛ والبـوح لـك بمـا يعتمـل فـى ..قد تجد كلماتى إليك غريبة

ودعنا أيضا نتفق على أن كال منا ال ..مور كثيرة وحتى ال يدور بيننا جدال ؛ دعنى أسلم باختالفنا فى أ ..كيانىيستطيع أن يكون إال ما هو عليه ؛ بعد رفقتنا التى استمرت أكثر من ربع قرن ، ولست أرى فائـدة فـى أن تحاول مساعدتى على إصالح ما فسد ؛ بينى وبين زوجتى وابنى وابنتى ، وأؤكد لك أن العمل الذى ارتبطنا

..ية درجة باضطراب أحوالى الشخصية ، كما أنه لن يتأثر بسفرى إلى مصرمعا ؛ به لن يتأثر بأ، اتفقنا على أن يكون سفرى فى شهر نوفمبر وقد قررت ـ من جانب واحد ـ أن أسـافر غـدا الجمعـة

ومعنى هذا أن تتسلم أعباء مسئولياتى ، وأن تصدر التكليفات للمدير التنفيذى فى غيـابى ، ال تنـزعج مـن سفر ؛ قبل الموعد المتفق عليه بخمسة أشهر ، فإننى مضطر إلى ذلك ، ومدفوع إليه بقوى أجهلها ، تعجلى ال

..وأميل إلى الرضوخ لها ، وفى هذه الحال أجد أننى مدين لك بإيضاح، على الساعة الثانيـة ؛ " هانزأندرسن"قضيت فترة الضحى فى قراءة حكايات ..يوم السبت ؛ لزمت مسكنى

ومنذ الرابعة حتى العاشرة ؛ أنهيت أعماال اتفقنا معا على تسليمها فى نهايـة األسـبوع ، خفيفة تناولت وجبة فى الحادية عشرة والنصف ؛ أويت إلى فراشى ، نمـت ؛ بمجـرد أن ..ستجدها مرفقة برسالتى هذه ، القادم

..!! وضعت رأسى على الوسادةيسـتقر لـدى .. سياحة ليلية ، فى فضاء بنفسجى فى نومى ؛ رأيت أن جسدى يرتفع من الفراش ، يسيح فى

تفتحت فى وريقتين فضيتين ؛ عن ..نقطة ؛ فوقها شمس بعيدة تنطفئ ، وتحتى ؛ كانت صفحة مياه رصاصية ثم ما لبث أن ذاب فى المـاء ، فتحولـت ، .. وغاص جسدى ، يمين ويسار ؛ ونادانى صمتها ، سقطت فيها

وشـهدت صـديقيتى ؛ التـى كانـت ، وتفتحت ورود صدقى ، لماء وصرت من ا ، خرج منى عينان للفهم ..!!وكان سالم ..غائبة

.. !!"فما أعذبه ، إن كان هذا هو الموت : "عيناى اللتان للفهم قالتاوبعضها ؛ كـان .. بعضها ؛ كنت أتذكره فى يقظتى ..وتوالت مشاهدها .. وطالعتنى طفولتى فى رداء البراءة

فتضـيئ ، فأدهشنى أن هذه المشاهد كانت تأتينى فى لحظات النشوة بالنصر .. ر قد غاب يعاودنى من واد للنو ..!!وتحدث فى سقفها ثقوبا، ظلمة أعيشها

وفهمت ؛ ألول مرة ؛ أن البراءة ـ الثاوية فى طبقة قديمة من طبقات وعيى ـ لم تمت تحت ضغط إنكارى ومن تعليمى وعملـى فـى ، تسبته من تعليمى فى مصر ولمنطق العقل ؛ الذى اك ، وتغليبى للطابع العملى ،

وبأدواته ، وكيف يستقيم أن أكون فى ظلمة من وعيى ؛ الذى طالما عشت به : "وتساءلت فى حبور .. أوروبا

فقلـت ، وحاولت ممارسة لعبة الشك فى مصداقية البـراءة القديمـة !! ؟..حققت كل ما يعده غيرى معجزة ..!!". وتبيحه بغير ثمن لعدوك..نت إن فعلت تهدر كنزك السرىفأ.. ال تحاول ذلك : "لنفسى

وأقبلت فى الماء أيـاد ..!! أحسست بها واعدة بوعود تنتمى إلى البكارة ، ولما تقلبت بى أزمنتى فى سيولتى أين كان ذلـك : "وتساءلت مدهوشا ..وأشبعتنى المصافحات ، ولم أهتم بمعرفة أصحابها ، صافحتها ..مصافحة

: ، فقيل لى من الماء قوال سديدا!" متى كان ذلك ؟"و" ، ! ؟ ..!!ودعه يعيش فى حياتك، ـ عش فى حياة غيرك

..!!". لم يكن ذلك أبدا فى مكان أوفى زمان تعرفت عليه من قبل ؛ غير أنه كائن دائما، ثـم ..!! ى التيار ورأيت نفسى طفال يلقى بنفسه ف ، وسرى فى تيار بين ضفتين ، فتموج مائى ، ورضيت

ثم على ، فقد رأيت أنى على الشاطئ األيمن مرة ..وواجهتنى كهولتى .. ثم رجال ، ثم شابا ، رأيت نفسى فتى ..إنما كانتا عينى اللتين للفهم، لم أكن أنا بالجسد ، الشاطئ األيسر مرة

وقال لـى .. وتقبلت ذلك ، تذوب فى الماء ، من النساء والرجال ، رأيت أجساد كل من عرفت ، وفى التيار :الكهل المتنقل بين الضفتين

، إنك إن رضيت ؛ يحدث ذلك ، وإن لم ترض !! ؟..ـ وأنت ؛ هل ترضى بأن تذوب فى ماء كل منهم مرة !!لكن أكثركم ال تعلمون ، وسبحان من خلق الخلق جسدا واحدا ، ؛ فإنه يحدث ، فالداخل هو الخارج

!؟..من تعنى: سألته من الماءتقتلون أنفسكم بأيديكم ، وقليل األصل يجهـل .. وما أكثركم ..!! أعنى من فسق : قال ؛ وهو يضحك ساخرا

..!!"وإن كان جالسا بجواره ليل نهار، حظه ، وعلى كل حـال ..!! استيقظت ؛ وعيناى تقطران ، لم أعلم إن كانت دموع الرضى ؛ أم أنه بكاء االستغاثة

..واحدا من الناس غيرىفإن هذا األمر ال يهم إن العودة إلى مصر تشبه العودة إلـى الـرحم ، : "، وقلت أيضا ..!!" لعلة الموت قد اقترب : " قلت فى نفسى

لعله : " ، وقلت أيضا !" ؟..؟ ، أو هنا ..؟ ، أو هناك ..؟ ، وما الذى فى نفسى ..فماذا أستشرف بعد هذه السنين ح أرض حلمى ، وتمنيت على الماء أن يبوح بالنداء ، أو أن يسـفر ،ولم أبر ..!!" نداء ال أميز حروف كلماته

..!!عن وجه المنادى•

وليس نهارا ، والوقت ليس ليال ..رأيت ـ فيما يرى النائم ـ أننى فى دار أبى فى الرويعى .. اليوم ؛ الخميس ..!!تاركا بعضه فى بعض األمكنة، منسى من نهار ما قد رحل ، فالضوء مقيم ثمة ، ..!!لدار كانت مهجورة ، متربة ، يتردد فيها صدى تنفسىا

، خالية ، فتحت الباب ، كانت الحجرة معتمة ..نادانى شئ ما ، فى الحجرة األولى على يمين الباب الخارجى وفى أرضها لم يكن ثمة بالط ، وفى التراب ؛ رأيت شيئا ما يختمر ، وسمعت أنفاسه ، أحسست أنـه شـئ

فلم يقع فى خوف منه ، تذكرت حكاية ، كنت متذرعا بجسارة المقاتل .. يختمر فى التراب مخيف ؛ هذا الذى إنه قبل أن يبنى جدى هذه الـدار كانـت أرض هـذه : "قديمة سمعتها من أبى وأمى عن هذه الحجرة ، قاال

: ، وقـاال .." ه اليقين خصه ، وأقام فيه ، حتى أتا " أبو الريش "الحجرة هى المكان الذى أقام فيه الولى الصالح !!" .إنه يظهر فى بعض الليالى مصليا فى نفس المكان "

ويحتقـرون غيرهـا مـن ، وألننى ـ يا صديقى ـ نشئت منكرا ؛ على يد أساتذة يؤمنون بسلطة العقـل ولـم ..وخرجت إلى الدنيا العريضة، حتى تركت دار أبى ، السلطات ، فقد اتخذت هذه الحجرة محال إلقامتى

.. أو فى منام، ؛ فى يقظة " أبا الريش"يحدث أن رأيت وأغلقت خلفى الباب ، وتجولت فى الدار أتفحصها ، عثرت فى أركان ، غادرت الحجرة : إلى ما رأيت نعود

، تشبه بـدايات الطيـور ، وتتنفس ؛ كأنها فقس بيض مجهول ، تختمر ، الحجرات على أشياء رمادية اللون بأن ، ولسبب ما ؛ أحسست إحساسا يقينيا .. يشف عن سواد تحته ، وكانت مرقشة ببياض .. نوبدايات الحيوا

وصار على واجـب ..ثاو فى عتمة الحجرة األولى على يمين الداخل ، تلك االختمارات مرجعها أصل واحد ـ ، شمرت عن ذراعى ..التنظيف رت وعن ساقى ، وما أن فعلت ذلك حتى اختفيت من الدار بجسـدى ، وص

وبدأت أعتق الدار من .. وشعشع فى ، وصرنا واحدا ، فقد شعشعت فيه .. كيانا منتشرا فى ذلك الضوء المقيم هذه االختمارات واحدة بعد أخرى ، لكن الوقت كان يمر ، واالختمار الذى فى الحجرة األولى ينمو ، ويتميز

..!!قضاء على غيره من االختمارات قبل تشخصهابينما أقوم بال، ال أعلمها ، بسرعة ، وكنت أراه بوسيلة ما إلـى ، سرعان ما أفرز واحدا مثله ، شخص ؛ من مكوناته طائرا أعمى ، يشبه فرخ النسر : االختمار األول

واألربعة صارت ثمانية ، والثمانية صارت ستة عشـر ، وأفرخ اإلثنان أربعة ، وكانا متصلين جسدا ، جانبه ثم أربع طبقات مـن أربـع ، ومالبثت أن أفرخت طبقتين من اثنين وثالثين ، لتراب افترشت أغلب ا ، فرخا وبرؤوسـها ذات العيـون ، ورأسيا ، وكلها تدور بأعناقها األفعوانية ، أفقيا، وكلها متصلة ببعضها ..وستين

..المغمضة ، منذرة بنذير رهيب ، وال تتوقف عن التكاثر واالنقساموأنه البد لى مـن .. ار؛ اخترمنى إحساس بأننى فى سباق مع ذلك الكائن الغامض وبينما كنت أنقى بقية الد

انطلقـا نحـو ، حتى خرج منى ديكان أبيضان ، ما أن استنتجت ذلك ، قبل اكتمال تشخصه ، القضاء عليه أيـت ور.. فى مقاومة شرسة ، رأيته يتخبط ..من زاويتين متقابلتين ، وهاجما أسفل الكائن الغامض ، الحجرة

، ولما نجحا فى حربهمـا .. وباستقتال عنيف، الديكين يقطعان وشائجه الغائرة فى األرض ؛ بمنقارين حادين وما أن أتما ..حتى قضيا عليه تماما ، وبدأ الديكان فى التهامه ، ثم انهار بأسرع مما نما ، بدأ توقفه عن النمو

وينقـران األرض ، يفتشان عن أثر لهذه االختمارات ،وزواياه ، تلك حتى انطلقا فى أرجاء الدار ، مهمتهما ..بشدة ؛ فى تلك األماكن التى نظفتها قبلهما وأذان ؛ ، وكنت أتنبه مـن نـوم طويـل ، أو ارتددت إليه فجأة ، عند هذا الحد ؛ ارتد إلى إحساسى بجسدى

ومرعلى الوقـت ، نمت طويال لقد : "قلت فى نفسى .. حسبت أنه أذان الظهر؛ يتناهى إلى أذنى من أفق قريب "!!

فجـأة ؛ رأيـت ..!! وكان الفراش الذى أرقد فيه هو فراش أبـى ، تأكد لى ؛ على نحو ما ؛ أنها الظهيرة .. وحل الضوء المقيم محل ضوء الظهيـرة ، فنهضت من الفراش ، والسقف يعلو بارتفاعها ، الجدران ترتفع

وتناهـت إلـى أذنـى ..ميزت من تحته آثارا طحلبية خضراء و، ونزلت بقدمى فى ماء منتشر على البالط

خرجـت مـن .. وإعادة تعميرها ، كانت أصوات ناس منهمكين فى تنظيف الدار .. أصوات من الطابق األول وكانا فـى ، ثم رأيت أمى ؛ يرتديان أردية بيضاء ، رأيت أبى ، نظرت فى بئر السلم .. الحجرة إلى الصالة

..ة ، وسمعت أصوات مكانس أخرى ، ولم أر أشخاصا ينظفان بهم، شرخ الشباب لـيس لـدى أسـباب خاصـة ..فتحت عينى ـ يا صديقى ـ ولدى يقين بوجوب السفر إلى مصـر فـورا

.. إنما هو أمر باطنى بحت..واضحةوابنى ، ولم يجل بخاطرى أن أكلفك بشئ يخص زوجتى ..أنت تعلم أن وشائجى وصالتى مع مصر مقطوعة

.. كما فعلوا هم ذلك على نحو ما تعرف ، فقد نفضت يدى منهم جميعا ،وابنتى ، .. وسأكتب لك ، سأبحث عن أمك وأختك

..ولم أترك لك أية متاعب ، كل العمل فى الشركة منتظم ..بمجرد وصولى سأبرق لك بعنوان الفندق

...تحياتى وتمنياتى الطيبة لك

: " .."

... األحد –فى القاهرة

عبد اهللا .ـ أبرقت إليك بعنوان الفندق حيث أنزل

إلـى ، وأنا ؛ طائرعائد من الغربـة ، فى الليل بحيرة من األضواء والظلمة . ـ من الطائرة ؛ رأيت القاهرة ..!!تساءلت متشككا عما إذا كانت الشجرة مازالت قائمة، شجرته القديمة

بسبب استغراقى فـى تأمـل الوجـوه المصـرية ، ، لم أشعر به ، فى المطار ؛ انتهت اإلجراءات ببطء ـ؛ ليست إال مصهرا ضخما لألجناس " مصر"اكتشفت فجأة ـ كأنه أمر جديد على ـ أن هذه الواحة الكبيرة ؛

..!!البشرية، لهواء؛ التى تمت عملية الصهر طبقـا لهـا وا، والنار، والطين، أية نسبة هى تلك النسبة السرية بين الماء

!! والقسمات ؟، على الرغم من اختالف التقاطيع ، حتى جعلت ثمة قاسما مشتركا بين األجساد التى رأيتها ، وقد سـبق لـى اإلنكـار .. لم أفعل ؛ فأنا حامل جواز سفر هولندى ..ـ سمعت عمن يقبلون أرض الوطن

..!! إلى عمل هذا الطقس العاطفى ومن قبيل الغش أن أهب، وجحدت البد أنهـا ، التى تشكلت فى غيابى ، هذه هى األسئلة ، فمصر ! ـ حقا ؛ إننى عائد ، لكن ؛ لماذا ؟ وكيف ؟

..١٩٦٧اختلفت عن مصر التى تركتها بعد الهزيمة فى عام ى ؛ انتبهت علـى تنـاوش بينما أجتاز البوابات إلى خارج مطار القاهرة الدول ، ـ هذا كان حوارى الداخلى

السائقين مع بعض المسافرين ، لدى ظهور أحد ضباط الشرطة ؛ انتهى التناوش ، اقتربت منهم ، لـم أفهـم أو ربما هـو ..شيئا محددا ، وانتبهت مرة أخرى على أن السبب فى عدم تمكنى من فهم ما يجرى هو غربتى

..!!قد صار غريبا عن اللغة..الجسدى للحياة ؛ تكفى اإلشارة أحيانا للتفاهم ، كما تكفى الكلمـة المختصـرة ، تـذكرت ذلـك ـ فى السياق العاد

ولست أنا هو ، هذا الشخص كان يتزود بكـل .. الشخص ؛ الذى سافر منذ أكثر من ربع قرن ، الذى هو أنا بـين المحـيط أنباء الواقع بمجرد السفر من مدينة إلى مدينة ، أو بالمشى وسط الناس ، كان التراسل بينى و

: قائما ، وفعاال ، وكنت أمتلئ ؛ عبر التواصل ؛ والتراسل ؛ بمعارف وانطباعات شتى ؛ عن هـذا المحـيط وكانـت صـديقتى ؛ ذات يـوم ، أمـا ، ، وهذه السماء المرصعة بالنجوم ؛ كنت صديقها .. الطبيعة..الناس

ولو أننى فقـدت ، لحب إلى هذه الدرجة لقد صارت األماكن عصية على ا ..نعم..األماكن فقد تغيرت فىغيابى

فإغواء التملك صار له سـلطان قـوى علـى .. فأبشر بخراب وشيك يصيبنا معا ، تنبهى وخادعت حواسى . كما طالعته فى تلك الليلة ، المشهد العام للحياة هنا

ومـن : "يتلـو " تمحمد رفع "ـ فى اليوم التالى ؛ بينما كنت فى طريقى إلى الرويعى ، سمعت صوت الشيخ فعلى السماحة العفاء !! فجأة انكشف لى توصيف للواقع الذى هبطت فيه "..يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون

وكان واضحا أن الذين يملكون قد طردوها من بيوتهم ، قـد يكـون ثمـة ، فلم تعد السماحة مكرمة عامة ، .. ؛ طبقا آلليات السوقاستثناءات ، لكن هذه أيضا مرشحة للدخول فى حزب شح النفس

وفـى مواجهـة ، " شارع كلـوت "فلجأت إلى مقهى جديد من طابقين فى زاوية آخر ، ـ ذهلت عن نفسى غبت فى تأمل هذه اآلية ؛ بينما كنت أرتاد بعينى الوجوه من حولى ؛ محاوال التواصل معها عبر " صيدناوى"

..تحسس فضاءات اللغة المتداولة، هذا االنطباع األولـى ال "..!! السويقة: "فوق أمه ، ارتقى ؛ درجة ، أو درجتين المكان من حولى سوق ؛

فجملة المشاهدات اليومية حصيلتها أنه سوق اسـتهالكى ..يبشر بفرص نجاح الستثماراتنا المقترحة فى مصر كذبه بعـد اتصـالى أم أننى سأجد ما ي ، فهل يتقوى هذا االنطباع األولى !! والمحلية معا ، للزباالت الدولية

..!!لست أدرى! ؟..بدوائر رجال األعمال والمتنفذين هناوشيد عمارة ، بعد سفرى بخمس سنين ، أبى باع البيت : ـ فى الرويعى ؛ لم أجد أمامى غير كارثة شخصية

ولم يكتـب لـى ؛ ، أمى ماتت ..هى ضاحية نشأت حول استاد القاهرة الرياضى ..فى مكان اسمه مدينة نصر وإن تباعدت، ال يدرى الناس هنا شيئا عنى ؛ فيما عدا كبار السن ، على الرغم من استمرار المراسالت بيننا

..وأخيرا كان البد لى أن أفعل..؛ وهؤالء لم أقترب منهم فى بداية دخولى الشارعار تجارة فى لكنه اآلن ص ، ـ الرجل كان صاحب دكان لتصليح الساعات ، والدكان مازال فى مواجهة بيتنا

عجوزا صار ؛ وابيض شعر رأسه .. وفى هذا الركن كان جالسا .. وفيه ركن أنيق مجهز للتصليح ، الساعات .. وشاربه، وحاجبيه ،

ثم سـرح ، نظر فى وجهى لحظة ، ولما جلست فى مواجهته ..فقد أطلق لحيته ، فى البدء ؛ لم أتعرف عليه ، قلـت ..!!" ماتـت : "قال لـى ..على الرغم من محاوالتى الذكية، ها بعيدا فى أفكار لم أفلح فى التواصل مع

لـم ..!!" البركـة فيـك : "، وقلت معزيا .." ربما تكون الميته عزيزة عليه ، ربما تكون زوجته مثال : "لنفسىثـم فجـأة ..، لم يـرد !" هل كانت مريضة ؟ : ، سألته ..!!" ماتت: "ونظر إلى من وراء ضبابه ، وقال ..يرد

وأيـن : "بـل سـأل ، ، ولم ينتظـر ردا !" أين كنت ؟ : "قال دون اهتمام ، ، فلما أخبرته !" من أنت ؟ ": سألنى !"..؟..أبوك

وبينمـا ..وشكرت الشخص الذى أدخلنى إليه ، فنهضت مبتسما ..ـ فى هذه اللحظة فقط ، ميزت نوع مرضه !"هل مازال الحاج يصلح الساعات ؟: "أخرج سألته

..!!".الحاج فى يده البركة: "وقال، م بثقة ثم ابتس، فوجئ بسؤالى ، " صـالون الشـرق : "وال فتته كان مكتوبا عليها ، كان دكانه فى مدخل الحارة ..ـ الحالق هو الذى أفادنى

؛ بالعربية ؛ وتحتها الفتة " جولد فنجر "، الالفته بالنيون ، ومكتوب عليها " كوافير رجالى : "تحول الحالق إلى

أنت صرت : "قال الحالق .. الالفته األخيرة زجاجية ". صالون الشرق : "مكتوب عليها ، زيتونى بإطار ، ذهبية أنـا كنـت : "وعن عنوان أبى الجديد ؛ قـال ..!!" تصور أنا لم أعرفك إال بعد أن أخبرتنى أنت ..خواجة تمام أنا أدلك علـى ..لوكنا مثل السمن على العس ، فوجئت به يستغنى عنى .. حتى عام مضى " أبونيه"أذهب إليه

ـ هو رجل من جيلى .. خمنت أن أبى قد طرده ، ، أحسست بالحرج " لكن لن أصعد معك إلى شقته ، العمارة ، "الحـاج روقـه : "واسمه المتـداول اآلن " .. روقه"، وأمه سمته " فاروق"كان اسمه ..، يكبرنى بثالثة أعوام

إال ماركـة مسـجلة " الجولد فنجر "وليس ، سمسار و، بل هو أيضا تاجر ، ليس مجرد حالق " روقه"والحاج والمقويات الجنسية المستوردة من ، واالتجار فى مواد التجميل ، الظاهر منها هو الحالقة ..تغطى أنشطة عديدة وأشار؛ مـن ، فى أوربا " البودرة"ـ عن أخبار " أيام زمان"وقد سألنى ـ بعد أن أحيينا ..السعودية وإسرائيلضربة ..كل دا يكسب : "وقال لى ..إلى مصر ، وهولندا ، تهريب األلماس من كل من بلجيكا طرف خفى ؛ إلى

أنا كان من زباينى واحـد ..لكن تجارة السالح ؛ على كبير؛ هى أجدع تجارة .. والبنى آدم منا يتعدل ، واحدة ..!! باديكير ، وهيصه ومانيكير ، و ، حالق : وعنده طقم خصوصى ..بين يوم وليله بقى ملياردير ..لواء سابق

شوف بقـى ..لما كبر األنجال اشتكى لى من العذر .. وكان األبونيه بتاعه خمسة جنية فى الشهر هو وأنجاله ..!!".سبحان العاطى الوهاب!! ؟

وتخـرج بعـد ، ودخل الكلية الحربيـة ، كان أبوه من سكان بيت أبى ..ـ لما ذكر اسم اللواء السابق تذكرته !! ..ثمانية عشر شهراأم إقامـة ، وعمـا إذا كانـت زيـارة ..وغرضى مـن العـودة ، عن نشاطى "الحاج روقه "ـ أخيرا سألنى

..!!".حسب الظروف: "فاختصرت عليه الطريق إلى ، وقلت له..دائمةإلى مكان أبى؛ بعد ان أستعرض معه بعض الشقق المفروشة التى يرغـب " الحاج روقه "ـ غدا سيصطحبنى توفيرا للمصاريف ، فهو ـ على حد تعبيره ـ يعرف أن الفنـادق ، تاح فى واحدة منها من جانبه فى أن أر

فهو ـ كما قال ـ يعرف كيف يصل إليهـا ، ، فأسعارها سياحية ، سيصطحبنى إلى عمارة مدينة نصر، نار ..!!لكنه ال يحفظ العنوان

وأال ..لهذا قرر أن يحمينى من غيـره و..، وهو فيه الخير " حته واحدة "وأنا أوالد " الحاج روقه : "ـ باختصار ..أفلت من يده

قال إن السبب .. ومستاءا ، سألته عن أسباب ذلك ، رأيته متأففا "..الحاج روقه "ـ فى بكور الصباح ؛ جاءنى وكـان ..وأوقفوا حال الناس ، ولعن وسب اإلرهابيين الذين أفسدوا الوقت .. هو احتياطيات األمن فى االستقبال

وقد خاف أشـد .. ولهذا تعود أن يحمل تعميرته معه ..فالدار؛ فى نظره ؛ أمان .. ب عرفته فيما بعد مرتبكا لسب الخوف من عثور األمن على التعميرة فى جيب صديريته ، وأوضح لى أن األمن يفتش الزوار بحثـا عـن

وسب العـراق ..رائجاوأكد أن الموسم ؛ قبل عامين ؛ كان .. وتكلم كثيرا عن السياحة المضروبة .. األسلحةمؤكدا على أن البلـد .. ثم سب البهائم من الناس الذين ال يعرفون صالحهم ، ثم سب الكويت وأهلها ..ورئيسها

..!!.وتأكل بعضها، وأن الناس ستجوع ..ـ بهذا الشكل ـ ستروح فى ستين داهية

نافسة الضـارية بـين إسـرائيل وأخبرته بالم ، وأفهمته أن الدنيا بخير ..وطيبت خاطره ..ـ هدأت من روعه وأخبرتـه ، وبخاصة فى مجالى السياحة والمواصـالت ، بالذات فى المجاالت االقتصادية المختلفة ، ومصر

إذن الحرب لم : "فقال لى وقد فوجئ ..بأخبار الدعايات االسرائيلية المسمومة ضد السياحة المصرية فى أوروبا والمراهنة اإلسرائيلية تدورعلى إبقاء مصر ضـعيفة ..راع مستمر الحرب مستمرة ألن الص : "قلت له ..!!" تنته

..!!"يهود بصحيح. الـ.أوالد : فقال..!!" وفقيرةفقد .. وال إن كان مزاجه قد راق أم ال ، قد عرف يقينا السبب فى تفتيشه " الحاج روقه "ـ لست أدرى إن كان

عن موعده ، وجاءنى حامال بعض صحف الصباح ولم أره منسجما كما رأيته باألمس ، فقد تأخر ، تغير دمه :، وبدا له ؛ لسبب ما ؛ أننى مسئول أمامه عن اإلجابة عن أسئلة أقبل وهو يحملها فى جعبته

كيف أرجع المسأله كلها إلى تآمر إسرائيل على مصر ؛ بينما الذنب كله ؛ فى تقديره واعتقاده ؛ هـو : فأوال ؟ ..ذنب اإلرهاب

مـا : خصوصا وأنا مصرى أوال ؛ قبل أن أكون أوربيـا ؟ ثالثـا ، رج من وقف الحال هذا كيف نخ : وثانياوقد صار اآلن يصرف من اللحم الحـى ، فعنده شقق مفروشة ، الواجب الذى على القيام به لتنشيط السياحة

!!؟جئت ، صرى أصال وبما أننى م ..عنده شقق مفروشة ويريد إشغالها بسواح أوربيين " الحاج روقه "الخالصة أن

: فينبغى على مساعدته بعالقاتى الخاصة ، وهذه مسأله بسيطة ؛ فى نظره ؛ أطلق عليهـا ، "طازجا"من أوربا إنها فرصة تتيح لى التعرف من قريب على شئ : ، قلت فى نفسى " ابن حتته "ألننى ببساطة "..أضعف اإليمان "

..!!" ..مما جرى فى غيابىيملكها ناس ، إن معى توكيالت إلدارة أكثر من مائة شقة ..سب أن كل الشقق ملكى ال تح : ـ قال الحاج روقه

وأنا بالكاد أغطى ..يتحولون إلى غيرى ، فإن لم تلعب البلية معى ..والمسائل عندهم خذ وهات ، يأكلون الحديد ..!!اهللا يخرب بيت من كان السبب فيها..مصاريفى فى هذه األزمة

..!!لى اهللايا أخى األرزاق ع: قلت له .. !!ال مؤاخذة "..بزنس"هذا ..هذا ليس أرزاقا: فتوجع قائال

لكـن ..نحن اآلن فى أمن وأمان: ، قلت له ! ؟..وماذا كان فى وسعى غير تكرار ما قرأته فى صحف الصباح ..األوربيين يأخذون وقتهم ليصدقوا ذلك

..!!كالم جرايد: قال على الفور؛ معترضا ..دع لى مهلة للتفكير .. على وجه العموم: قلت

..والمسأله مرجوعها للخدمات التى أوفرها..وكل مستوى وله ثمن..أنا عندى كل المستويات: قال مستبشراأنـت تفهمنـى .. هذا يطلب خدمات من نوع معين ..مثال سائح عربى : سألته أن يوضح ؛ فاستطرد شارحا

..طبعايعنى صريح ، فـإذا ..ألنه على األبيض ! لماذا ؟ ..بى معاملته أسهل لكن السائح األور : جاربته موافقا ؛ فقال

..!!والمسألة عنده معاملة ؛ والدين المعاملة..كان يريد خدمات من نوع معين تجده يقول مايريد

وكان فنانا فـى تـدوير ..، وتذكرت أباه ، كانت له تلك البرودة المناسبة والمألوفة " الحاج روقه "ـ أغرانى هـل مازلـت : ربما كان يعرف أبى أعمق مما عرفته ، سـألته ..تى صار مستودع أسرار زبائنه الكالم ؛ ح

!؟..، أعنى الحالقة! تمارس المهنة ؟ ..والصالون دائما له األولوية عندى..البزنس يأكل كل وقتى: قال الحاج روقه

، لكـن بينـى وبينـك ..ها كالم هذه ليس في ..طبعا البد للواحد منا أال ينسى أصله : فقال، أظهرت تعجبى له ..!!ربنا يجعل كالمنا خفيف عليهم..الصالون أحسن مكتب إلدارة البزنس

!؟.. ومن هؤالء : سألته ..!!الضرائب..الضرائب ياعبده باشا: قال على الفور ؛ وهو مضطرب

، فنظر فى وجهى.. ـ اضطرابه جعلنى أضحك من قلبى ألول مرة ـ منذ زمن طويل ـ ضحكات طليقة ..!!ربنا يزيدك انبساطا يا عبد اهللا بك: وقال مستسلما، ثم عادت مالمحه إلى انكسارها .. وبحلق

..!!على النعمة ؛ أنا عندى مشروع لك ؛ إنما فى التمام: ثم هب فجأة من انكسارة صائحا تكون لـى اإلدارة مثلما تدفع سأدفع ؛ بشرط أن..وأنا شريكك النصف بالنصف..قرية سياحية: جاريته ، فقال

.. ويكون عليك جلب الزبون، !؟ لماذا ؟..اإلدارة: سألته ..!!المؤاخذة..والمسألة تحتاج فهلوه، اإلدارة وجع دماغ : قال

أنا مثال ـ وما أخبرك به هو مثل واحد ـ من : ويبدو أنه قد ظهر على مالمحى أننى لم أفهمه ؛ فقد استطرد ..!!وب فى أساسه بال مؤاخذهسنتين جاءنى واحد خواجه ، ملع

!ملعوب فى أساسه ؟: استفهمت، أنا على كل حال متعود على المفاجـآت ، !! ؟..وأمامى رجل مثلى ومثلك .. ومن أين كنت أعلم ذلك : قال

كـان .. واتفقنا.. فأبدى استعداده لتحمل المصاريف ..إن هذا سيؤدى إلى مشاكل : قلت له ، ولما عرفت شوقه ..أراقبه.. وأنا فى أثره.. فى مالبس امرأة ، ومكياجه على سنجة عشرةينزل كل ليلة

..السياحة ؛ مسألة ليست سهلة..بصراحة: ثم نظر فى عينى مباشرة ، وقال ..أنا معك ؛ اإلدارة من هذه الزاوية ليست سهلة: قلت له ..!!ليس من هذه الناحية فقط ، بل من كل النواحى ، وستعرف: فقال

..وبيننا عيش وملح.. أنا كل معارفى ناس واصلين:ثم طمأننى ..عيش وبزنس: قلت مصححا ، وأنا أبتسم

..!!وكل وقت وله أذان..هذه هى الموضة فى أيامنا: فقال موضحاـ آن لى أن أغادر الفندق للذهاب إلى مدينة نصر ، وقبل أن أختم رسالتى هذه ال يفوتنى تنبيهـك إلـى أن

مـع هـذا ..كك كثيرا فى جدوى ما عزمنا عليه من فتح سوق للمعلومات لنا فى مصراالنطباع األولى لى يش .. ولن أتوقف عن بذل الجهد األمين، سأحاول ..تحياتى

" : "

عزيزى عبد اهللا . ـ أبرقت بتفصيالت العرض ، والشروط مقبولة

.ك برقية تفيد بوصول الدفعة األولى طبقا للشروط ـ وصلنى منـ أكتب إليك اآلن فى وقت راحتى القليل ، فالتصميات لم أنتة منها بعد ، لكن البشائر تلوح لى فى األفـق ، ولست أعتقد أننى قد تعجلت فى القبول والتعاقد دون مشاورة معك ، ذلك ألن الصفقة كانت واضحة األبعـاد

.، وما أن أنتهى من التصميمات سأرسلها إليك بمرفقاتها كاملة ، بحيث يبدأ التنفيذ فوراوالمقابل سخى ـ لم يدفعنى إلى الكتابة رغبتنى فى بث الطمأنينة فى نفسك ؛ فاألمر واضح ، إنها شهوتى إلـى الكـالم ،

وفيمـا أنـا فظروف هذا العرض قد تقاطعت على ظروفى الشخصية ، فبعد إرسال رسالتى األخيرة إليك ؛ نادت موظفة االستقبال باسمى ألتلقى مكالمة عاجلة ، كانت المكالمة مـن ، " الحاج روقة "أغادر الفندق للقاء

هل يناسبك أن يكون الموعد بعد ساعتين ، : فى مصر ، بطلب موعدا فوريا إن أمكن ، سألته " زيتستان"سفير ..فوافق شاكرا

؛ فى مقهى بشارع عماد الدين ، ولما طلبـت منـه " حاج روقة ال"ـ غادرت ، بعد نصف ساعة ؛ كنت مع هـذا كـالم : اصطحابى إلى مدينة نصر ، والعودة قبل مضى ساعة ونصف إلى الفندق ، قال لى ضـاحكا

..!!خواجاتبالميت ساعة ذهاب ، وساعة عودة ..، إحسب معى ..!! ياعبده باشا المسائل هنا حاجة تانية : ثم وضح معلما

!وبعد هذا كم ستقضى مع الوالد ؟..ع التساهيل؛ م ..!!هو مشوار واحد ، ويا عالم: ثم رشق سبابته فى جانب رأسه ، وقال

..إذن أعود إلى الفندق ألهمية الموعد ، وبيننا التليفونات: قلت ..!!يعنى..أخويا.. أنا تحت أمرك: قال مستاءا

.كل شئ بحسابه.. ارةأنا ال أرضى لك الخس.. ال: تفهمت موقفه ، قلتوأنـت اآلن رجـل .. الوقـت تغيـر : فأبدى ترددا فيه طعم اإلخالص ؛ مما جعلنى أحاول حسم األمر قائال

.. ووقتك ثمين.. أعمال ..أنا رقبتى فداك.. !! وهل هذا كالم.. أعوذ باهللا: قاطعنى

..ربنا يديم المعروف: قلت ؛ وأنا أحاول سبر أغواره .!!.يارب: فدعا بحرقة

..الفاتحة على اإلخالص..ليس أحسن من اإلخالص: ثم إنه قال فجأةونشر يديه ؛ على الفور ، وبدأ فى قراءة الفاتحة ؛ فاضطرنى إلى مجاراته ؛ بينما أنا ؛ فى عقلى ؛ أتعجب ؛ من قوى التمويه والتشاكل التى نفثها فى فضاءاتى ، وتذكرتك ، كما تذكرت نفسى ؛ على الـرغم منـى ،

..!!. وأنت إن سألتنى عن السبب ؛ سأطلب منك مهلة كافية للتفكير فى هذا األمر العويص، ؛ الذى التقانى باحترام شـديد " زيتستان"ونعود إلى السيد سفير ، ألحالمه السياحية " الحاج روقة "ـ نترك

وقد أبـدى موالنـا .. ى مجالكوأنت فذ ف .. طويل العمر ؛ موالنا ؛ مشهور عنه تقدير العلماء : "واستهل قائال ثم تطورت الرغبة الشريفة ، فصارت مشروعا ؛ يعبرعن حبه .. رغبة شريفة فى أن تعملوا له سجادة خاصة

خمسين مترا فى أربعين مترا ، توضع فى أمـاكن : السجادة الخاصة صارت أربع سجادات ..للعلم والعلماء أما سـجادة .. صميم ما ترى من خطوط عربية تناسبها مختارة ؛ فى بعض مطارات زيتستان ، ونترك لك ت

قد أشار بأن تقتصر الخطوط فيها على المحراب ، واختار بنفسه اآليات الشريفة " زيتستان"موالنا ؛ فإن مفتى " .ووافق موالنا ؛ طويل العمر.. من القرآن الكريم

، فرد إلينا لعـدم " هولندا"عنوان دارك فى نحن أرسلنا لك العرض على : "سألته أن يقدم عرضا مكتوبا ؛ قال ..على أية حال العرض معى نسخة منه..وجودك فيه

:وقدم لى ملفا فاخرا ، قرأت ما عنانى فيه ، وتعجبت من السخاء الهائل ، فقال السيد السفيرنى أهمـس ـ كل شئ محسوب على نحو تقريبى ، ولك أن تعدل فى األسعار ، لكن لدى اقتراح شخصى دع

..لك به ، إجعل السجادة الخاصة بموالنا ؛ طويل العمر؛ هدية شخصية منك إلى مقامه الشريف ..!!نصيحة ثمينة: قلت له ؛ مبتسما

..فالخير كثير؛ والحمد هللا.. وال تتواضع فى أسعارك: قالقك المستعر لفتح سـوق وافقته على هذه أيضا ، بينما فى ذاكرتى ترجيع كلماتك ؛ منذ سنين طويلة ؛ عن شو

كنت تقول كالما كثيرا ، ولم يرتح بالك إال حين فتح هـذا السـوق ..أتذكر؟..لبرامج الخط العربى " زيتستان"اآلن يأتيك تطبيق آخرلبرامجنا فى الخط العربى ، فانتبه ؛ فإن لهذه الرغبة الشـريفة ..طوق جلبابه الحريرى

بكل دقة ، إنى منحت مهلة ألشواقى ، وعلقـت هـذا المـنح علـى ما بعدها ، وقف على تنفيذ التصميمات وهكذا تفسحت من ضيقى .. المشجب الذهبى لصفقة السجاد ، وعلى هذا المشجب ؛ تأملت مارأيت ؛ فأعجبنى

، وتمددت بطول وعرض القاهرة ، بين مصر الجديدة ؛ ومصر القديمة ، وماهو واقع بينهمـا مـن أحيـاء حامال سؤالى الذى يطالبنى بتصميمات جديدة ؛ باحثا عـن اإلجابـات فـى .. وتجولت ترقص على السلم ،

..!!األمكنة ، تلك التى امتزجت وإياها فى شراك األزمنةوكانت األسـئلة .. فى الليل ، وفى النهار .. وفى الهواء لمحت نذيرا ..بروائح انحالل ومقاومة حيوية امتألت

يقينى أنها ليست العاصفة ما ينهض من مربضه ، لكنهـا .. تحل طيورا هائمة ترتجف فى قلبى ، وأفكارى تر .. أشياء أخرى تمسد الجلد ، وتثير القشعريرة ، من األعماق والمضاحل تقبل ؛ بأقنعتها ، مثقلـة بأسـلحتها

األقنعة ؛ حتى يرى وأكاد أوقن بأن حكمة الصراع تتخفى تحت إهاب مطلب قديم ، بح صوته ؛ طلبا إلسقاط

غير أن عصر الفرسان قد غربت شمسه ، والليلة مكرسة لألوغاد ، واألوباش قد ..المبارز من ذا الذى يبارزه ..!!سيدوا أساليبهم

ـ لعلك تالمس كلماتى ؛ إن لم تكن تفهمنى ؛ فحدسى يتقوى ؛ كلما وقعت عينى على مظـاهر االنحـالل ؛ إن التاريخ ال يسمح بفرصتين للتطـور : "حين قال لنا " يحيى الظريف" ، ولم يخطئ والنزوع إلى تبلور جديد

الواحد ، وقد ضيعت الطبقة القائدة فرصة تطورها نحو التبلور؛ ليس بسبب هزيمتها العسكرية ؛ إنما ؛ وفـى ، فى كل مجال المحل األول ؛ بسبب ضاللها الثقافى ، ونحن اآلن فى مرحلة جديدة ؛ ستتميز بمالمح األزمة

..".، وعلى مختلف األصعدة ، وكنت أقترح عليه الهـرب ١٩٦٧ يونيو ٧كنا فى تلك الليلة فى محطة السكك الحديدية يوم ..ـ هل تذكر؟

..!!"سيستغرق موته وقتا.. إن التنين المقدس لن يموت بالسكتة القلبية: "إلى الصعيد ، فضحك وقالتـرى مـاذا ..فى تلك الليلة " يحيى" الجديدة التى بشرنا؛ أو أنذرنا ؛ بها ـ لقد رأيت المشهد الراهن للمرحلة

..، سأبحث عنه حتى أعثر عليه! ؟..يفعل اآلنلقد هزمنا العدو : "رصيف الصعيد ؛ قال يحيى " بوفيه"ـ فى تلك الليلة ؛ وعلى ضوء الشموع المريض ؛ فى

..!!"؛ فضيع فرصته فى الحياةال تهزل : "، قال يحيى لك ..!!" أى أننا انتصرنا ، ونحن ال ندرى : "ى أدهشك كالمه ؛ فصحت ساخرا أنت الذ

..". ؛ فنحن شعب سحيقة أغواره ، قد سرينا فى عروق األرض ، وصار من المستحيل استئصالناأنت المتحدث ؛ غير إنها كبرياء الفقراء ، و ..هذا كالم بائس : "لم تتوقف عن دفعه ، والتضييق عليه ، فقلت له

..!!".الرسمى ؛ بلسانهابل أنت تجهل كيمياء التاريخ ، إن اليهود كانوا دائما نقيضنا الحضارى ، فإذا تواجهنا فى الصراع : "فقال لك

..".؛ تكون نهضتنا محتومة ، وكيمياء التاريخ تحتاج إلى خبير !. حدث ؟ماذا سي! وماذا إذا امتلكوا القنابل الذرية ؟: سألت أنت

إنهم يمتلكونها فعال ، لكن الصراع بيننا وبينهم ستتسع مجاالته ، وتتعدد ، على نحو لن يكون فـى : "فقال لك ..!!حسبانهم

..!!أنت واسع األمل يا يحيى ، يا ظريف: ضحكت أنت ؛ وقلت ..بل أنا متسع الرؤية ، فهذه الشعوب تعرف كيف تخفى كنوز قوتها: فقال لك فهم قد نزلوا بر مصر المحروسة ، ولهـم ..؛ ياعبداهللا ؛ يمكنك أن ترى مصداقا ؛ أو أكثر ؛ آلرائك ـ اليوم

سفارة فى القاهرة ، وأراهم يتجولون ، تحتك أكتافهم بأكتاف المصريين فى الشوارع ، لكنى ـ تحـت هـذا ..!!وأكاد أسمع تنفسه..السطح ـ أحس ؛ فى أعماق روحى ؛ بشئ آخر يختمر

وارتياحك إلى بداهاتك ؛ التى طالما ..، لعله إحساسك الطليق بالعولمة ! ؟..لذى دفعنى إلى أن أذكرك ـ ما ا ، لقد ازداد شكى فى " الحقيقة"وعن الشروط الجديدة لهذه ..سمعتها منك ، عن العالم الذى صار قرية صغيرة

، قد ال تكون حركته هى الحركـة بداهاتك ، وأنا أرى كل ما كان ساكنا ـ قبل سفرى ـ قد صار متحركا الصحيحة ، لكنه كان ساكنا من قبل ، واآلن هو يتحرك ، األمر الذى يشهد ليحيى بصحة الرؤيـة ، ولـيس

باتساعها فقط ، وإنى ألتوقع أن ثمة لحظة آتية ، سيعى فيها كل ما يتحرك حركته ، وحينذاك ، ستبدأ تحققات ..!!.مكن أن تفلت من أنظمة التغيرعلى طرفى الحياة والموت ؛ ال ي

إذ اتصل بى ..؛ بلحمه وشحمه " الحاج روقه "إنه ! ـ إننى أعمل اآلن فى التصميمات ، أو تدرى من ملهمى ؟ أنا ؛ يا سيدى ؛ ال أريد إال أن تكون ! أنت ستقول ؛ طيب ، وماذا يريد منى الحاج روقه اآلن؟ : تليفونيا وقال

..!!ونطمئن عليك..حلوا ..أنا نويت على الفسحة: قلت له

..، وقعدته عسل" ابن الفارض"ابن حالل ؛ لى صاحب درويش ؛ فى قرافة : قالـ أصيبت القاهرة بالسرطان ، فانتفضت فى كل اتجاه فى جنون ، أكلت األرض الخضراء مـن جنوبهـا ،

تسـلقت المقطـم ، امتطـت ..قىوغربها ، وشمالها ، ثم تمددت ـ فى حركة دودية ـ شرقها وشمالها الشر ..!!عجيزته ، ورقصت فى زار متغير الدقات ، ولم تجد حتى اآلن دقتها المناسبة

إنى أرى رقصها تشنجات عصبية قصوى ؛ ومن أعلى المقطم ، كانت تفترش الظلمة ، وقد أبدت بهرجهـا ..!! ورفعت زنارهاوأفشت ذهبها ؛ وفضتها ، وسائر زينتها الحقيقية والمزيفة ،..وأحزانها

: ، سـألته ..!!" ال تتعجب ؛ فإنها إرادة اهللا : " وبينما مألت الكالب الفضاء من حولى نباحا ، قال الحاج روقة الناس هجـت ..فتحهاعلىالبهلى" السادات"الفلوس كترت فى البلد بعد االنفتاح ، اهللا يرحمه "، قال !" ؟..كيف"

، كان ثـورى جـدا ، " السادات"، بنت وتوسعت ، اهللا يرحمه ! ل إيه ؟ على بره ، جابت فلوس بالكوم، وتعم : جاب عاليها واطيها، صبح واطيها عاليها ، وكل الناس فى عهده كان ممكن يكونوا أغنياء ، هو بنفسه قـال

، الناس اللى بتفهم ؛ فهمـت ، وانفتحـت ..!!" اللى مش حيغتنى فى عهدى ؛ عمره ما هيكون غنى بعد كدا " ..!!".، والدنيا بقت بمبى..!! ، والشغل كان على ميه بيضا.. فسها ، وبدأ الهم همن

!فهل فهمت شيئا يا عبد اهللا؟..متهلال تهلال رصينا" روقة"ـ كان الحاج وبقينـا ..وعملهـا .." أنا الزم أخللى مصر دولة متقدمة جدا : "قال "اهللا يرحمه السادات : "ـ قال الحاج روقة

وشيل ؛ وعبى ؛ على قد ..كنجة ؛ ملون ، وفيديو ، وشرايط ، وأتارى ، وتك أواى ، وكهربا فى كهربا آخر ت ، النهاردا ؛ الديكور دخل الحـوارى ، ! ؟..كم واحد كان يعرف الديكور : ، وسألنى متعجبا متحديا .." ما تقدر

النـاس كلهـم النهـاردا :" ، ثم قرر !" وشوف أسماء المحالت ؟ : "، ثم قال !!" والقرى ، والعزب ، والنجوع مش ناقص إال إننـا نصـطلح مـع ..وكل الدول اصطلحت معانا ..كانت فى جرة وطلعت لبرة ..يعرفوا لغات

أنت مثال ، والناس اللى زيك ؛ اللى طلعوا بـره ، وعملـوا : "، قال لى !" ؟..كيف: "، ولما سألته ..!!" نفسنا! ؟..بتاعكم من هنا " البيزنس"ليه ما ترجعوش وتعملوا .. ، ومليارديرات نفسهم ، وبقوا دكاترة ، ومليونيرات

ألنه ؛ أوال ومـن كـل بـد أخويـا ، مـش ..مع واحد مصرى زى كده " بيزنس"، أنا شخصيا نفسى أعمل !".؟.. إيه رأيك بقه: ، ثم سألنى..!!" خواجه

فما قولك ؛ يـا عبـد : نفس السؤال ـ وبصرف النظر عن ردى على تلمظ الحاج روقة ، أدعه يوجه إليك !اهللا؟

ـ السماء من فوق المقطم ال تشبهها سماء ، كأنها نافذة يطل منها اللطف ، والرحمة ، وتتنفس فيها مالئكـة ..!!الجمال ، أنفاسها ؛ تتجسد أنوارا ؛ تسيل فى مسايل وشالالت بال حصر

لـو أردت أن تبيـع : "، قلت له !"؟..سنتأخر: "؛ مذكرا من هذا المشهد الجليل " الحاج روقة " فجأة ؛ أخرجنى ..!! السؤال ده عاوز لـه دمـاغ : "، سكت ، وتحير ، ثم قال !" ؟..شيئا لملك زيتستان ؛ فماذا يكون فى رأيك ..!! ". ننزل وبعد ما أعمل لى دماغ مظبوطة نتكلم

• د تغيرت القرافة كثيراعما كانـت ، وق " سيدى عمر بن الفارض "ـ الدرويش يسكن واحدا من أحواش قرافة

عليه قبل مغادرتنا ، سكنها األحياء ؛ مجاورين لألموات ، وتداخل المجاالن ؛ حتى أنـك ال تـدرى حـدود الحقيقة ، فحين تحاول التماس الخط الفاصل بينهما ؛ ال تصيب حواسك غير الليل ؛ يسرى فى األمكنة ، وفى

ولماذا يتماهى األضداد ؛ فى ساحة الزمـان ؛ علـى صـعيد هـذه ! أين أنا ؟ : "عروقك ، وقد سألت نفسى ..!!" .؛ حيث دخول ال يعد بخروج ، وعروج ال ينتهى إلى سماء! ؟..السكرة

ـ دخلنا ؛ فلم يرفع عينيه مستطلعا ، كان مسندا ظهره إلى فتحة قبر ، ورأسه مغموس فى الظل ، وضـوء ركان ، يتعقب ما لست أعرفه ، وكانت لحيته البيضاء ثلجية ، راقـدة المصباح يتذبذب موسوسا ، فاحصا األ

على صدره فى سالم ، ألقيت السالم عليه ، ولم أجد فى جعبتى غيره ، فقال بصوت لين المكاسر ؛ يصـعد ..!!".وكان أحسن لك.. لو لم تكن كذلك ؛ لكنت: "من المغاور السحيقة

السماح : "فقال الحاج روقة ..رى ، ورعى أخضرى ، وعصف بيابسى داخلنى إحساس بالذنب ، استش ..أبلست ..!!" دول نفسين ؛ غرضنا يكونوا تحت خيمة الستر..يا سيدنا

بالحب ؛ مش : "بعدها تقمص وقفة المرحوم الرئيس السادات ـ أمام منصة وهمية ـ وقال ؛ مقلدا صوته ..!!" .بالحقد

، وصوب ركن خلـف القبـر يغيـب ..!! عليه أنه قد رأى ، أو سمع لم يتحرك الشيخ الدوريش ، ولم يبد ، وأقف فى مكانى ، فى مواجهة الدرويش ، مشدودا إليه ببعضى ، ومشـدودا إلـى أصـوات " الحاج روقة "

إليـالف قـريش : "ببعضى ، وال أستطيع تخلصا من أحدهما إلى اآلخر ، قال الدرويش " الحاج روقة "يحدثها ،) ٢٢("الشتاء والصيف ، فليعبدوا رب هذا البيت ؛ الذى أطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوف إيالفهم ، رحلة

والعاديات ضبحا ، فالموريات قدحا ، فالمغيرات صبحا ، فأثرن به نقعا ، فوسطن به جمعا ، إن اإلنسـان "ثر ما فى القبور ، وحصل مـا لربه لكنود ، وإنه على ذلك لشهيد ، وإنه لحب الخير لشديد ، أفال يعلم إذا بع

)٢٣("فى الصدور، إن ربهم بهم يومئذ لخبيرـ تحيرت ، وسافر الليل فى ، فلم أجد مرفأ ، وكانت الصور؛ التى تولدت من كلمات الـدرويش ؛ طيـورا

ى وهاتف يهتف ف ..!! بحرية ، ترفرف ؛ واحدة بعد أخرى ، وعيناى عليها ؛ ومعها ؛ فى التحليق، والطيران ، أطعت هاتفى ، وحاولـت ، ..!!" إنه يرسل إليك رسالة ، فأجمع طيور الصور فى أنساقها الممكنة : "داخلى

إن : "فكان اإلحساس العميق بالذنب ينهض ؛ محبطا كل محاولة ، وبعد كل إحباط ، أسـمع صـوته منـذرا

ضوءا سيسقط فيها ، فألمح ما يرسب فى فأنكس الرأس فى بئرى المظلمة ، مؤمال أن .." اإلنسان لربه لكنود ..!!لعله الماء هناك..السحيق منها

وكان أحسن ..لكنت.. لو لم تكن كذلك : ـ قال الدرويش ؛ وهو يرفع وجهه ، فأرى عينيه واسعتين صافيتين ..!!.لك

، والمسـائل النارعقيق ، والجوزة مظبوطـة : ، تعلو قسماته عالمات الظفر ، قائال " الحاج روقة "ـ ثم ظهر ..!!جاهزة ، والمصلحة مقضية ؛ بعون اهللا

وتقدم من الدرويش ، وانحنى عليه ، مادا إليه يمناه ، فمد الدرويش يمناه ، ونهض واقفا ، فصار أطول قامة من كلينا ، تقدمنا إلى خلف القبر ، ولما وصلت ؛ وجدت وسائد ومساند على مقاعد مرمريـة ، ومصـطبة

االرتفاع ، مفروش عليها حصير ، والمكان يهمس بدعوة إلـى الراحـة ، والسـكون ، جلـس رخامية قليلة " الحاج روقة "الدرويش فى ركن المصطبة ، واستغرق فى إعداد الشاى ؛ على نار أشعلها فى حفرة ، وحاول

.." .هنا يا عبده باشا: "أن يجلسنى فى مقعد متوسط؛ خلف المصطبة ، قائال ..!!أنت لن تنفع ، ولن تشفع: أن يلتفتقال الدرويش دون

..!!ال ياعم الرجال ، أنا ماجئت إال ألنفع ، وأشفع: قال الحاج روقة ؛ محتجا ..!!جئت تستنفع يا فاروق:قال الدرويش

..!!وحياة راس الحسين ؛ بالش كده..بالش كده يا عم الرجال: عاد الحاج روقة لالحتجاج أن يرد ، انتقلت من الكرسى ، وجلست إلى يمينه علـى الحصـير ، ربـت لم يرد الدرويش ، وكنت أتوقع

، ورص أقراصها " تعميرته"فى تقطيع " الحاج روقة "الدرويش بكفه على األرض المرشوشة بحنان ، استغرق عاهدت نفسى علـى : قلت .." مساء الفل "الصغيرة على قطعة رخام ، قدم البوصة نحوى ، وهو يشفعها بـ

.. عن كل المكيفاتالتوبةأنا فى أول مرة سافرت إلى إيطاليا أكلتنى الغربة ، وأنا راجع بصيت من الطيارة ؛ شـفت : قال الحاج روقة

مـش كـده يـا عـم ..وأول ما نزلت المطار جيت على هنا عدل ..األهرامات الثالثة شرابيش ثالثة للجوزة !؟..الرجال

..لو لم أكن مصريا ، لوددت أن أكون مصريا: وةبنش" الحاج روقة"لم يرد الدرويش ، وقال ال حياة لمصر بدون المعسل ، والشئ : وتلذذ، ثم قال ؛ وقد أخذه الطرب ؛ وهو ينفث سحابات الدخان ببطء

..!!لزوم الشئ !!االستقالل التام ، أو الموت الزؤام : ثم مص نفسا عميقا ، طويال ، نفثه ؛ وهو يشرق بهتافه

الجـن : وممتنا ، فقال لـى ، االبتسام ، فمد البوصة نحوى ، فرفعت كفى إلى صدرى معتذرا ولم أستطع إال والال ، ياخايب ؛ تشيلنى : فسأله الدرويش ! مش كده يا عم اإلنس والجن؟ : طعامهم الدخان ، ثم سأل الدرويش

!؟..أشيلك ..!!أنا خدام تراب رجليك يا عم الكل: على الفور" الحاج روقة"فقال ..!!نتفض واقفا ، واختفىوا

• ـ صب الدرويش الشاى فى كوب قدمه إلى ، عبير الشاى ؛ الذى عرفناه فى أفخر المشارب معا مأل الهواء

قد أهدى الدرويش شيئا من الشاى ، أو شخصا فى مثل قدرته المالية ، " الحاج روقه "؛ ياصديقى ؛ فظننت أن لسـت أدرى ، وكانت فيه رائحة محببـة ، تسلل العبير إلى أنفى ف، السيالنى األصلى ، قرب الكوب منى

مد إلى كيسا ورقيا صغيرا ، قرأت ؛ على ضوء كليل ؛ مـا .. مصدرها ، سألت الدرويش عن ماركة الشاى وقال الدرويش ؛ كما لو أنه قـد ".. شاى من تعبئة وزارة التموين : "هو مكتوب عليه ، فلم أجد شيئا سوى أنه

..!!حاجة مفتخرة: خواطرىاطلع علىوبعضه كـان ، ألقيت من الكيس طرفا مما فيه فى كفى ، نظرت ، فركته بين اإلبهام والسبابة ، فصار ترابا

، وتفتت بصعوبة ، قربته من عينى ، وتفحصت ، نهضت مـن مكـانى ، قشور شئ استعصت على الطحن حاجـة : عدت متعجبا ، جلست ، قـال الـدرويش .. كان قشورعدس : وتحت اللمبة ؛ استطعت أخيرا تمييزه

..!!مفتخرةكـل واحـد شـايل زكيبـة : قال الـدرويش ..ـ ورشف الشاى ، ورشفت ، وكان أجود ما ذقت من شاى

وجايز يقابل واحد يشـيله وجـايز هـوا اللـى ..كل واحد بيعمل حاجياته ..وكل زكبية فيها حاجياته ..وماشى ..!!لكن سيبك ؛ كل وقت ؛ وله أذان..يشيل

أنا قلت لك كالما ، وأنت سمعت منى ما قلت ، فهل رأيت مـا قـد خلـق اهللا مـن هـذا : ثم سكت ، وقال ! ؟..الكالم

حاولت المرة .. ولم أفهم مراميه ، لم أجد إجابة على سؤاله ..ـ إعتصرت كل قدرة عقلى ألتواصل مع حديثه ..!! خالص لى منهأنت وضعتنى فى ركن ال: وانتهيت إلى العجز ، قلت، بعد المرة

..!!أنت فعلت ذلك ؛ فى نفسك ؛ بنفسك: قالفى يوم من األيام ؛ ضقت بالفقر والناس ، فخرجت إلى الدراسة ، وحملتنى رجـالى إلـى : ثم سكت ؛ وقال وأنا ال أحس بما حولى ، وانتبهت على صوت ينادى ، كان عجوزا ، ، حتى وصلت الجبل ، داخل الصحراء : وقـال لـى ، لما نظرت ؛ فرأيته ورآنى ؛ قام من مكانه نشـيطا ، وسط قبور متهدمة ، سه متكوما على نف

وبين وقت .. ، ومشينا وقتا طويال ، ونحن ساكتين .." أمشى معك : "، قلت " ؟.. أتمشى معى ؛ أم أمشى معك "ط كثيرة متالحقة ، فأراه جلدا على عظم ، وأرى لعابه يسيل على لحيته ؛ فى خيو ، كنت أنظر إليه ، والثانى

، !"وكيـف يحملنـى ؟ : "، قلت فى نفسى !" ؟.. أتحملنى ؛ أم أحملك : "واشتد الحر ، فقال لى ، وحميت الشمس يمين ، شمال : "ومشيت ، وهو يقول لى ، فمال بصدره على رأسى ، ، وأركبته كتفى ..!!" أحملك: "وقلت له

، " هنـا : "وتبلل فروة رأسى ، قل وصلنا ، فقـد قـال ، تتساقط فى شعرى " ريالته"؛ بينما "، إطلع ، إنزل فجلس ، وأخرج من عبه كوزا فيـه ، ونظرت حولى ، فلم أر إال صخورا فوق ظهر الجبل ، وأنزلته برفق

وريقـه ، كان يأكـل ..، وأكلت معه .." أنا أطعمك : "وقال لى ، وجبنا قديمة ، وبصال أخضر ، وخبزا، رايب ، وأكلـت ..وكلما رشف مـن الكـوز؛ أسـقط فيـه ريقـه ، والجبن ، على الخبز ، يسيل فى خيوط كثيرة

أنت بعيد عن بيتك ؛ هل تريدها خضراء ؟ أم حمراء ؟ أم تترك الخيـرة فيمـا يختـاره : "فقال لى ..وشربت

، احـدا و، ثم مفاصلى كلها، ثم ركبتى ، ، فنهض وأخذ يمسد مرفقى " الخيرة فيما يختاره اهللا : "، قلت !" ؟..اهللامكـانى هنـا حتـى يـأتى مـن : "، قال !" ؟..وأنت: "، فقمت سائال .." رح إلى دارك : "ثم قال ، بعد واحد ، فنزلت ، كان الوقت عصرا .. !!" توكل..أنا مشوارى غير مشوارك : ، قال " أنا أوصلك : "، قلت ..!!" أنتظره

! مصادفة ، فهل تدرى ما وقع ؟وقد وصلت دارى بغير تعب قبل المغرب ، ودخلت ، وعملت ما وقع لى•

وقطرهـا ، فجاء بحديدة أسطوانية طولها حـوالى متـر ، نهض الدرويش ، فى سكوت مدهش أعقب سؤاله حوالى نصف ديسمتر ، وضعها فى حجرى ، فأحسست ثقلها ، وعاد إلى مكانه وطلبها منى ، فحملتها إليه ،

.." إن كنت لبيبا ال تخبر أحدا: "فقالهـذا يصـلح : "ىسكها من طرفيها، ودورها حتى إذا التقى طرفاها ، صارت طوقا واسعا ، فقال ل ثم إنه أم

، ثم نهض ؛ وأنا في ذهول مما فعل ، فأدخل الطوق شاهد القبر حتـى أراحـه ..!!" لرقبتك ، لكنك لن تقبل .."مبروك عليك..أنت الذي تقبل يا أنيس الجليس: "على قاعدته ؛ مخاطبا الثاوى فى القبر

: وغير ماء الجوزة ، ورص حجر معسل ؛ وهـو يسـألني ..فقلب الفحم في الموقد ، وعاد فجلس أمام النار ؟ ..تشيلنى ؛ أم أشيلكخللـى : "وأرتج على القول حين هممت بالرد ، فمد البوصة نحو شـفتي ؛ وهـو يقـول ..لم أجد ردا فوريا

..!!وأشرب، فوجدت نفسي ألتقم البوصة " أنت عضمك طرى ..عنكـ كثيرا ؟ أم قليال ؟ ، ال تسألني يا عبد اهللا ، فقد دخلت شرنقة السكوت األزلي ؛ كـأن يـدا مهيمنـة قـد أسقطتني فيها ، وأحسست أنه ال بد من السكوت ؛ ألتعلم الكالم ، وتعاقبت البوصة على شفتي ؛ تعاقب البرق

..!!في أفق سحيق ، لبيداء النهائية اآلماد ، وكنت وحدىثم إنى رأيت نقطة هائمة فى تلك الصحراء ، وكلما اقتربت منى ، فى نور ضحى شتائي ، تمـايزت منهـا

حتى إذا مروا بالقرب منى ، رأيت رجاال ، أعضاؤها ، فإذ به جمل يقترب ، تتبعه جمال ؛ فى قطار طويل مـن : " من مكانى وكان ثمة هودج حريرى مخطط ، فهتفت ، راجلين ، وآخرين على ظهور بعض الجمال

، فرد السـؤال ! "؟..أبالجمل فى عصر الفضاء : "،سألته " من مكة إلى اليمن :" ، قال صوت " أين وإلى أين ؟ أنت تستطيع الوصول إلى اليمن فى ساعات قليلة : "، قلت ! "؟..، وبم مأله !وهل مأل اإلنسان الفضاء؟ : "بسؤالم ، نحن اجتهدنا فى ملء فضائنا ؛ فاجتهـدوا فـى مـلء إن لنا فضاؤنا ، ولكم فضاؤك : "، قال .." بالطائرة " فضائكم

تبارك الذى جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيـرا ، ﴿ : ـ وسمعت صوت الدرويش يرتلوهو الذى جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ، وعباد الرحمن الذين يمشـون علـى

)٢٤(..﴾ سالمااونا ، وإذا خاطبهم الجاهلون قالواألرض ه

: فلما فتحتهما ، كانت القافلة قد تناءت ، وحادى العيس يغنى ..أغمضت عينى وأنا أنصت هل للفتى من تبات الدهر من واق أم هل له من حمام الموت من راق

)٢٥( وألبسوني ثيابا غير أخالقي قد رحلونى وما رحلت من سغب

فقـد قبلـت ..وأنا فى قبضة األسئلة عن الطريق إلى مبتغـاى ، إنها المرائى تتوالى على : " ـ قلت لنفسي ..!!" التعاقد على أعمال ليس فى حوزتى تصور لتنفيذها

..!!"وكان أحسن لك..لو لم تكن كذلك ؛ لكنت: وقال الدرويش !؟..لعملوما ا: قلت له

..!!إنى الذى يحملك: قال لى •

..!! صارت خيـوال ، ـ ثم إنى رأيت البيداء كرة أخرى ، ومن أقطارها ؛ أقبلت نقاط سوداء ، ولما تمايزت كل فرقة ترتدى لونا ، وهجـم .. وعلى سرجها فرسان ، بدو ، فى أردية ملونة بألوان الطيف ، وكانوا فرقا

والرماح ، وتوالت عيناى تتابعان السيوف .. والحمر على الزرق ، على السود والبيض، الصفر على الخضر وهى تفر مـن تحـت ، والخيول ـ وقد خلت سروجها من راكبيها ـ تحمحم وتصهل ، تتناوش الفرسان ،

وتذابحوا بإصـرار ثابـت كـالجنون ، فقد تحاربوا ، الغبار المثار ، وكانت المعركة مجزرة لم تعتق واحدا ولـم أدر مـاذا علـى أن ..وصارت خيولهم بين فـار وقتيـل وجـريح ، حتى سقطوا جميعهم ، تمكن الموأعرضـت ازورارا ، فتوليت عن المشهد ..وانتابتنى رغبة فى الفرار من هذا الطوق الغبى المرعب ..أفعل : فسمعت صوتا لعله كان صوت الدرويش يردد.. وقرفا

فاعمد ألى حال تصير ، لك بكور أرواح مودع أم ر بالدهر أنت المبرأ الموفورأيها الشامت المعي

)٢٦( أم لديك العهد الوثيق من األيام أم أنت جاهل مغرور

لست : أم صمتى ، أم صمت الليل ، يداء ال أدرى إن كان صمت الب ، قلت ؛ وأنا أتحسس خطوى فى الصمت ..!!وقد أكون الجاهل المغرور..وال المبرأ، وال الشانئ ، بالشامت

أنت صاحب طلب ، والطالب مطلوب ؛ وإن لم يدر ، مـا أكثـر الطـالب ، ويـا لقلـة : قال الدرويش .. فيامطلع النجيب والنجيبة ؛ حى على الفالح..النهى

..عظنى: قلت ..!!واعظك عملك: قال

• وألقى السالم ، حامال لفائف فى ورق أبيض على صدره ، وضعها على ظهر القبر" الحاج روقة" وظهر ..كباب وكفتة ونيفه بالعيش والسلطات: وهويقول

!".؟..لمن كل هذا: " وأنا أنظر إلى العدد الكبير من اللفائف، تساءلت فى نفسى ..!!للمشتهى والمحروم: رويش ؛ كأنه يخاطب شخصا ال نراه فقال الد

..وجب ما يجب: ثم قال للحاج روقهوهو يجلس باحتفاء أمـام الجـوزة ، "الحاج روقة "واختفى ، فقال ، فحمل جانبا من اللفائف ، وقام من فوره

..ما شاء اهللا ، أنتم الظاهر اشتغلتم كتير.. النار صاحية: والنار

األكل ده مثال ؛ كان البد أجيبـه معايـا ، ..كل حاجة ولها حاجة : فقال..وكان صوته بعيدا ..لم أرد ...و..فضلت واقف عند الحاج مكرم..ما تعرفش! ؟.. نسيت ، ليه

ولم يكـن أمـامى إال ..فقد حاولت التأمل فيما وقع لى مع الدرويش أثناء غيابه ، ولم تلتقط أذناى ما قال ؟..ما اسمه: أخيرا تنهدت وأنا أسأل ..فلم أفلح..محاوال استجماع نسق متماسك ، التسليم بما رأيت

..!!فهو حوت سياحه..ليس المهم اسمه": الحاج روقه"قال !؟..من: سألته مدهوش اللب

..!!حمد اهللا على السالمه ياعبده باشا: فى وجهى لحظات ، ثم قال " الحاج روقه"حدق ..صاحبك الدرويشأنا أسأل عن اسم : قلت ..!!وأنا كنت فى موالى: قال

..اسمه درويش: وانخرط فى تدخين الجوزة ؛ ثم قال•

، ألفيت نفسى فى مواجهة مطلوبى ، وتخففت من كثافة األشياء والموجودات حـولى ، رق نسـيج الزمـان ، ونا مفتـوح األبـواب وكان ك .. لست أدرى ، أو سافرت هى فى ، فتراءت لى إيقاعات شتى ؛ سافرت فيها

، ودخلت أقرب األبواب إلـى ، وتعريت من وشائجى ، ألقيت عنى حمولى ..وعلى أن ألبى ، يرسل النداءات ..فرأيت

التشـكيالت تنـتظم ، تتجلـى ..وال الذى وضع الخطط .. ولست الصانع ، كانت الحروف تنتظم فى تشكيالتها كنـت أتعقـب ..لم أدر إن كان مـا أرى حقـائق أم أوهامـا و.. وأنا الشاهد المشتاق .. مضيئة ، ثم تتالشى

التشكيالت الزخرفية غير راض ، ولكن المقاربات كانت تتوهج ، ولما رأيت الخيل قادمة ؛ أسرعت نحوهـا وأعيـد بـاألمر ، وتناثرت فى الفراغ الكونى ، فأقبلت عليها جسورا ، أجمعهـا ، خفيفا ، فتساقطت أحرفا

فى )٢٧(ا استوت الحروف مشكلة جوادا محتدم الحيوية واالنطالق ؛ تذكرت أبيات أمرئ القيس حتى إذ تنظيمها ، ..!!هكذا..هكذا: وصف الفرس فقلت

..!! اللهم اجعله خيرا..خير: ؛ هاتفا من أعماق صدره" الحاج روقه"فالتفت نحوى ..خير: قلت ؛ وأنا ال أكاد أبصره

!إلى أين ؟: وخرج ، فسألت، اللفائف فتناول بقية ، ثم دخل الدرويش ..!!راح يكمل العشرة الطيبة: وقال الحاج روقه..لم يرد

..!!ويهيص..وبعدها يهز الهالل: لم أفهم فقال موضحا ..!!إسمع كالمى ياعبده باشا وخد لك نفسين: وهو يقول بكسل، وأستأنف التدخين ..وضحك ضحكات هادئة

• ياطرفـة ؛ مـازال : "قلت لـه ".. هأنذا: "يقول لى " *طرفة بن العبد "التدخين ، وأقبل " الحاج روقة "لم أشارك

؟ ألم يكون لهـم .. ، وكل ما عاشوه من تجاريب الزمان .. واإلسالم ؟ : ، قال ..!!" األحفاد على العهد والوالء ، !!.." ت إليـك لتسـعفنى لو كان هذا قد تم ؛ ياطرفة ؛ مالجأ : "، قلت !! ؟..والءات تبرئهم من الوالء للقبيلة

: ، ثم إنه سأل ..!!" ما أغرب الطلب ، وما أهون المطلوب : "، قال ..!!" ناقتك : "، قلت !" فما حاجتك ؟ : "قالسنصيب منهـا ، فإذا فعلت .. فأعيد تشكيلها ، بل تبيحها لى : "، قلت " ؟..أم زينة ، أم مطية ، أطعاما تريدها "

..".خيرا•

نهضت من مكانى ؛ فطقت مفاصلي ، نقلـت ..وأحسست بكالب ال أراها ، صوات تلمظ حيوانية تناهى إلى أ .. والحوش قد امتأل مدخله بكالب متزاحمـة ، واقفا ، الخطو بطيئا ، وقفت ، كان الدرويش موليا ظهره لى

د اآلخر ؛ فى راحتـه بدأ فى تقديم الطعام لها ؛ واحدا بع .. فانتظمت صفوفا ، أخذ يشير إليها إشارات أبوية ..ويمضى خارجا، اليمنى ، وكان الكلب يتناول ما فى راحة الدرويش

؛ ساكن المدافن فى اإلمام الشافعى ، ورن فى مسمعى قرقعة سوطه يسـتدعى " العنانى"ـ تذكرت عمك أدوات الفعـل مصـطنعين ، بها الكالب والقطط ، وكيف كنا نقف متعجبين مما يفعل ، محاولين فهم ما نرى

الذى فسر لنا أساليب الحواة والمروضين ، "بافلوف"تحية ، بطبيعة الحال ، المنعكس الشرطي ، وال ينسى أينا ولست أدرى ـ على وجه الدقة ـ سبب استدعاء ذاكرتى لهذه التفاصيل ،غير أننى متوجسا كنـت ..للحيوان

..!!. ى متورطا فى أفعال منعكسة شرطية كثيرةأتذكر ذلك ، وأحاول التخلص من مخلب توجسى ؛ فأرى نفسوفى أغلب األحيان لم يسفر ، وكان على اسـتجماع إرادتـى ..ـ أحيانا ؛ كان وجه المروض يتبدى لى

: اآلن ؛ وأنا أكتب إليك هذه الكلمات أتسـاءل ..ألتزود بالقدر الكافىمن الشجاعة ألتحمل مواجهة الحقائق ويصاب بالدهشة ؟ ، وهل نحتاج إلى ذكاء من نوع خاص ليكشف لنا غباء كم واحد منا يتوقف لدى فعله "

!".ما نمارسه من ذكاء ؟ ـ على أية حال ؛ يا عبداهللا ؛ لم يلتفت الدرويش إلى ، وقفت حتى انتهى من إطعام الكالب من طعـام

ولما رآنـى ؛ ، كالب يوزعها الدرويش على ال ، وأنا أرى قطع الكباب والكفتة ، وتعجبت "..الحاج روقه " :فقد قال، بدا أنه قد طالع تعجبى

..!!فوجب علينا ما يجب..واشتهتها..ـ لقد شمت روائحها

قد انتهى من التدخين ، وأخذ يعيـد " الحاج روقة "ومضى خارجا إلىخالء القرافة ، عدت ، فرأيت ، وتركنىوقـال ..به أوراقا مالية دسها تحت طرف الحصير أخرج من جي ، ثم إنه لما فرغ .. المكان إلى نظامه السابق

.."أصل الشيخ بيصرف على غالبه كتير: "بصوت مبحوح : تأبطنى الحاج روقة قائال. فيما نحن خارجين من الحوش كدت أتعثر فى صفائح متناثرة

..!!" دى الميه عشان الكالب تشرب"ـ •

ناقـة "، و" فرس أمرئ القيس"غير " زيتستان" ع إلى ملك ـ على اآلن أن أقر ـ لك على األقل ـ بأنى لم أب

، وسترى ؛ بعد إتمام نسج السجاد المتفق عليه ؛ أن ما نفعله معا ال يخـرج عـن دائـرة .." طرفة بن العبد

كمهر لها لم يبح لى نفسه ؛ على الرغم " هارمونى"المخايالت والتهويش ، وأن سر النقطة ؛ الذى طالبتنى به ..!!لوحدة البنائية األساسية فى التصميمات التى أرسلتها إليكمن أنه ا

ال يتصـل بـى خاللهـا ؛ ، عشرة أيـام " الحاج روقة "كنت قد طلبت من .. ـ استغرق العمل منى أسبوعا ما أن وضعت التليفون ؛ .. فأخبرونى بسفره إلى األقصر ، النشغالى ، بقيت ثالثة أيام ، اتصلت به فى محله

.. ومعك..سى فى المواجهة مع نفسىحتى وجدت نففلست بالذى يراوغ فى إظهار أو تبين دوافعه ..ـ ال تشغل بالك بما تقرأ إذا رأيت أنه سيكون مصدر أذى لك

وإن تباينت طـرق ، ألننا فى الهم سواء ، فثق بأنك لست المعنى الوحيد ، ، وإذا رأيتنى أتحدث عن المرض ..!! :أضئ بنارى ظلمتكفقد ، وألبدأ بنفسى .. الوصول

فقد سقطت مـن تلـك المنطقـة المضـيئة حـول ، ليحملنى على جناحه " بالحاج روقة "تبينت أننى اتصلت يتواصـل عقلـى مـع ، استمد من أنوارها نموذجى التجريدى للسـجادة ، كنت هناك مكهرب العقل ..النقطة

، عربية ؛ فى عالقات شكلية تشى بالحركة والسـكون ألجسدها ؛ بترتيب الحروف ال ، إيقاعات عالية الرهافة كنت ؛ ..وتمكن قارئ اللغة من قراءة الجمل المكونة للتشكيل

واألغلب أنهما كانا مقهـورين .. ، لست أدرى ! فأين كان جسدى؟ ، وأين كان وجدانى ؟ ..يا عبد اهللا ؛ عقال ..!!للعقل ، ولم يتناغما معه تناغما حرا

نت أن هذا وضع طبيعى لكل من الجسد والوجدان والعقل ، وأن العالقة الصحيحة هى ما وقـع ـ قد ترى أ لى تماما ، فطبيعة النشاط الذى أمارسه طبيعة عقلية صرفة ، ثم بعد هذا ؛ تتوقع منـى أن أطلـق العنـان

أنـت ، وكمـا كما تفعل، لجسدى ووجدانى ؛ بعد الفراغ من هذا النشاط ؛ ألعوضهما عن ما عايناه من قهر تسـمح ، لنكون فى حالة مرنة ، مستعينين بالخمور ، تعودنا أن نفعله معا ، فنتمرغ فى لذائذ ترفيهية متنوعة

..!! .وبغير تعقيدات، بتعاطى هذه اللذائذ ، فى تدفق حيوى" ج روقة الحا"وكان ..لوال أن الدرويش قد سكننى قبل استغراقى فى عمليات التصميم ، ـ كدت أن أفعل ذلك

وما أن حططت من تحليقى فى سماء العقل ؛ حتى أدركـت ..وقضاء وقت معه ، ألعاود زيارته ، ذريعة لى ذلك الذى الغنـى لـى عـن وجـوده ألسـتوى ، وكأنه هو طرف النقيض لى ..وغيابى عنه ، شوقى إليه

وب ، واخترمنـى ولم يكن أمامى سبيل للهر..وهنا ـ فى لحظة الوضوح هذه ـ جابهنى بؤسى ..!! موجودا ..!! .شعور بالمهانة ، وشهدت ما انتهيت إليه من اتضاع ومذلة

يتيح لى تواصال كونيا ، فأنت تعلم ؛ أننى فى الزمان القديم ؛ كنت أعيش اتساقا بين جسدى ووجدانى وعقلى ير ، ولم أكن فى تمتلك ناصية لغات التعب ، ويمكننى من اإلبداع ، كنت من قبيلة قوية ، يذيقنى طعم الحرية ،

وكنت أظـن أنـى أعرفـه ، وأنـه تحـت ..حاجة إلى الدراويش ، فقد كان أحد أقطابى ماردا يعشق اللذائذ .. سيطرتى

صوبت إرادتى ، وبصعوبة ..يشتمل على جمع كيانى ، أحسست باحتدام عميق .. استغرقتنى تأمالت محمومة تلك التى تدعونى ، كانت حركة خارج كيانى ..ضى على ويق، ويكاد أن يحرقنى ، محاوال فهم ما أجيش به ،

وقـد فقـدت ، ويلقينى فى شاطئ بعيـد ، قبل أن يتحول إلى إعصار يجتاح وعيى ، إلىاستيعاب ما يحدث ..وانحلت سيطرتى على إمكانياتى، صوابى

مـا تمكنـت مـن أكاد أقطع بأنها عاصفة من جنون كانت تقوم قيامتها ، ولوال أن طاقتى العصبية هائلة ؛ فقد انتبهت على مطفأة السجائر وقـد ..واستغرق ذلك الوقت من الضحى وحتى العصر ..المقاومة واالستيعاب

، ملتهب الحواس ، امتألت ، و على أننى قد تجرعت عشرة فناجين من القهوة السادة ، وكنت منهوك القوى ولم يكن لى فرار من التماس مكان .. مستعر وأرق، مصلوبا على يقظة إجبارية ، فى أشد الحاجة إلى الراحة

..!فطلبت سيارة بسائق من إدارة الفندق ، وما أن علمت بتوفيرها لى حتى نزلت وثبا..الدرويش بنفسىفقد قصدته هذه المرة فـى ..!! فهذه حكاية وحدها ، وتفصيالتها الكثيرة ، ـ دع جانبا مغامرة الوصول إليه

الوصول إليه إال بعد أذان العشاء ، وحين دخلت عليه حامال ؛ مع السائق ؛ عشـرين النهار، ولم أتمكن من مسندا ظهره إلى فتحة القبر ، ولم يبد عليه أى ، رأيته فى نفس المكان ، والنيفة ، والكفتة ، كيلو من الكباب

، ثم قادنا إلى المجلس ، ورحب بنا ، ومع هذا فقد قام .. أو فى انتظار غيرى ، تغير ، فلم يكن فى انتظارى ..أنت ؛ على كل حال ؛ ابن حالل: وقال لى..فوجدته مهيئا ، والماء يغلى على النار، خلف القبر

وكأنه المكـان ، كأنها الجلسة الوحيدة المناسبة لى ، جلست على الحصير .. وسكن هائجى ، تطامنت لرضائه ، صعيدى " كامل المصرى "وكان السائق كهال اسمه ..!! نتى الوحيد ؛ فى الدنيا ؛ الذى لن أجد فى غيره سكي

واضطر إلى العمل سائقا ، فى إحدى موجات الفتنة بين المسلمين واألقباط ، فقد سيارته األجرة ، من أسيوط :قال لى ؛ وهو يرص لفافات الكباب على ظهر القبر.. فى إحدى شركات تأجير السيارات فى القاهرة

..األمان هنا ـ العربيه مش فى ..ألننى أردت الخلوة بالدرويش، وحين عرض أن يبقى فيها ؛ وافقت ..لم أعترض مخاوفه

• وكـان .. يحكى أنه فى أحد األيام كان رجل سعيد ، يعيش فى بلد من البالد : " قال الدرويش ؛ بعد أن سقانى

السـعيد ؛ كلمـا " سعيد"وكان ..ليجرها حصان أصي ، وكان عنده عربة بعريش "..سعيد"الرجل السعيد اسمه ألنه كـان يحـس أنـه ؛ والعربـة ؛ ، ال تسعه الدنيا من شدة الفرح ، وأصدر اإلشارة ، جلس فى عربته

..!!كما يتحرك الطائر فى الفضاء، ويسر، يتحرك على األرض فى سهولة..والحصان ؛ كيان واحد منسجموكانـت ، فكلمها ، وردت عليه ..فيها نجوم زواهر ، زرقاء فرأى السماء قبة ، السعيد سافر فى الليل " سعيد"

ألنـك ، سنظل فى انتظارك .. نحن إخوتك ، وأخواتك ، وخاالتك : "وقالت له النجوم ، بينهما حكايات كثيرة ؟ ، قالت " وما هو الشرط : "، سأل .." وحصانك ؛ بشرط ، أنت ، وعربتك ؛ ذات العريش ، يوما ستأتى إلينا

فتستوى فـى برجـك الموعـود ، فتطير إلينا ..فتنبت لك أجنحة ..أن تكونوا معا فى نفس االنسجام : "النجوم .."عندنا

! فماذا يفعل سعيد السعيد؟: ثم إن الدرويش أمال البوصة نحو شفتى وسأل ..زدنى إيضاحا فأهتدى إلى جواب: قلت ..العربة ياسعيد هى جسدك: قال

!والحصان؟: سألت . رغائبك ؛ التى تصنعها شهواتك وعواطفك: ال ق

وسعيد؟: سألت ..هو السائق الذى تسميه عقلك: قال ..!! أنا ما جئت إليك إال من أجل هذه المعضلة: قلت !؟..ألم أقل لك إنك لو لم تكن كذلك ؛ لكنت: قال !؟..فماذا ترى أنى فاعل ألكون: قلت ..!!قردأنت الذى شخ عليه ال: قال !؟..وما القرد: سألت ..!!يصدر إليك األوامر، سيدك ـ ياسعيد ـ الجالس فى العربة : قال ..كانت العربة خالية: قلتوهو ملك ؛ يخلقه اهللا تعالى مـن حـروف كلمـة "..الوزان"بل كان فيها سيد لم تنظره بعينك اسمه : قال

.. وعلى كل األحصـنة ، فيكون السيد على كل العربات ، وما فيها ، يا ، ويجعله ملكا على الدن .." االنسجام" ..!!وفى المملكة الحيوانية والنباتية يكون القاهر..إنه ؛ فى المملكة اإلنسانية ؛ الملك والملك

؟..فى عربتى إلى قرد" الوزان"وكيف تحول : سألته ؟..فهل عشت"..حواء"الحياة تبدأ من : قال

..قد ساخ قلبى فى آبار دمى ، ساقطا سقوطا رهيبا فى هوات القرار لها، مدهوش اللبسكت متحيراإنك ؛ بعد النـزول علـى : إلى ما وقع " يا سعيد "وهيا بنا ..فتموت فى أرضك أسباب التغير ، ال تتحير : قال

ئق ، ولسـت وحـدك شرط النجوم ؛ سعيت بالمنى ؛ فرأيت أنك لست وحدك المولود بعربة وحصان وسـا وأنتم فى بلهنيـة ، فلما طال على خيول عرباتكم األمد ..الموعود بعلياء األنجم ، بل كنتم كثير ، وكلكم واحد

، كنتم ؛ يا سـعيد ؛ رجـاال ..!! باالتجاه إلى الغابة " الوزان"صهلت طلبا للطعام والماء ، فأمركم ، األمانى وارتوت ؛ استوى ؛ مـن حـروف ، حتى إذا شبعت ، رد موارد الماء وت، ونساء ، وتركتم خيولكم ترعى

الشبع واإلرتواء ؛ الزناد والحطب ، واشتعلت النار، والنار ؛ يا سعيد ؛ ال تعيش إال فى النار ، وهكذا تبادلتم د مـنكم أن كل من أرا : "، هنا ظهر لكم األفعى األفعوان قائال ..!! النظر ، وملتم جميعكم إلى اللقاء والمعانقة ، فمنكم من اقتفى جرة بطنه فى التراب يستهدى نار نفسه ، ..!!" يكون سيدا على نفسه ويحقق أمانيه يتبعنى

.. فيمن تبعه إلى رحم الغابة؛يا سعيد ولقد رأيتك ؛..ومنكم من رأى فى اللقاء والمعانقة منية القلب والمكتفى ..شربإ: األجشقائال بالصوت ثم إنه صوب البوصة نحوى ؛

الذى فى اآلخر د إلى لوال أن م ، كدت أغيب فى أعماقها ؛ يا عبد اهللا ؛ زلزلت األرض من تحتى ومادت ـ فاسـتعدت ،وردنى إلى الـدنيا المألوفـة ، وأنا أغوص فى أفواه األعماق البعيدة التقطنى ، ، حبال بخطاف

..شلنى متسائال عمن انت ؛وتلفت حولى، توازنى

، إن الذى أنقذك هـو القـرد ،أنا أقول لك يا سعيد .. ولماذا تتلفت باحثا ؟ ..؟عم تتساءل :قال الدرويش ـ ..كما أراه أنا وأنت لن تراه ، فى عربتك ، ؛ الذى اسنوى ملكا عليك ؛سيدك

!؟ لماذا: سألت مذهوال ..هألنك قناع: قال ؟..وكيف كان ذلك: قلت ..اشرب: قال فهل اتفقنا على ذلك؟ ، قد دخلت الغابة خلف األفعى األفعوان ؛ يا سعيد ؛أنت: قال ؛ما شربتفل

..لنسلم بذلك: قلتواآلن أسألك عن هيئة األفعى األفعوان حين ظهـر فـى ..وأنا سأجازيك حتى تفهم .. نعم ؛ يا قناع القرد : قال

..مشهدك فمأله ..ه على ذيلهقد قبض بفكي..إنى رأيته مشكال دائرة: قلت ومتى كان ذلك ؟ :سأل ..فى قمة العناق بينى وبين مهرتى :قلت وماذا رأيت فى تلك اللحظة ؟: قالوكان نزوعى إلى الكـون ، كان الملك على األبراج فى برج ؛ رأيت أننى فى السماء واحدا من النجوم : قلت

وكان ..ظة للتكريس كانت ح؛ قد استسلما فى ل فى جلوة المنح ؛ رأيت النور والظلمة ..طريقا ممهدا إلى الخلود .!!عبقه وصوال لم يبارحنىوكان، عروجا

.. أول الدنيا ؛يا سعيد وهذا ؛ :قال الدرويش ! ؟.. المعرفةا أولذهوأ: وقد أخذتنى المفأجاه ؛قلت وهل رأيت آنذاك شيئا آخر؟: قال !؟..ىخرأحسبت أن أول الدنيا كانت أشياء :قلت .. اشرب:قالحتى وصـل ، وكان األفعى األفعوان يتوغل بكم فى الغابة ،لم يكن غير الذكر واألنثى : قال ؛ لما شربت ـ

فقد تذوقوا نعمة الوصول هؤالء يريدون أن يكونوا سادة على أنفسهم ؛ أيها السيد : "له وقال، بكم إلى القرد يم لهم حفال صاخبا يتذوقون فيه نعمة الوصول هذه كمـا إذن نق : " قال ثم ، فتفكر القرد مليا ، " عبر المعانقة

.." ونتعاهد، وبعدها نكلمهم كالمنا..يشتهون !؟..فهل تستطيع إنكار ذلك ياسعيد: وسألنى، ثم إن الدرويش نظر فى عينى

!!.. حدث ذلكنعم ؛ :قلتوعرباتكم قد امتألت .. وارتوت، ت خيولكم قد أكل ،أيها السائقون ": وبعد انتهاء الحفل جاءكم القرد قائال :قال

.. نعـم : " قلتم ! "؟..فهل أنتم سعداء ، حتى لم يعد محل لزيادة ، وأنتم اآلن قد سكرتم بالوصال ..بمالذ وطاب ، فقال " هذا ما نريد: "، قلتم" !؟ أن تستووا أنجما فى السماء ؛ وأنتم تريدون ؛ كما قد علمت : فقال لكم .." نعم

إن سلو قـومى : "، وما أن رضيتم حتى قال لكم " وأكون دليلكم إلى ذلك ، فى عرباتكم لكم إذن دعونى أجلس وعالمـة ، فإنـه العهـد ، فمن قبـل ؛بأن أبول عليكم : قال ، ؟" وكيف يتم ذلك : " سألتم أنتم ، "أن نتعاهد ".!!..وال سلطان لى عليه، يعود من حيث أتى، وإن لم يقبل منكم واحد..القبولوقبل بعضـكم هـذا : وقال ، ووضع واحدا أمامى على الحصير ..سكت قليال وصب الشاى فى كوبين ثم إنه !!.. واحدا من هؤالء ؛ يا سعيد ؛وكنت أنت..العهد ! أين راح ؟؛والوزان : سألته وقد تقـف ضـده ، ، إنه فقط ال يكون السيد عليها ، وأنت يا سعيد قد تساعده ، ةالوزان ال يترك العرب : قال

!!..وأنت ورزقك ..إذن فثمة أمل :قلت !!..ما أهتديت إلى التوفيق بين سيدى لواله على ؛ ؛األمل: قال ..إنى أريد: قلت

!!.. واهللا يفعل ما يريد، فى حديد هذه دنيا حديد: قاطعنى ..زدنى نورا: قلت ؟.. بين سيديك أصلحت فهال ، ولن يغادرها ، والوزان ال يغادر العربة أبدا ،إن القرد صار عاقال :قال ..هذا منتهى األمل: قلت ..وهذا ما عندنا من زاد:فقال

..أنا لم أعرف اسمك أيها الشيخ ؛: فقلت له،وقام مؤذنا بانتهاء اللقاء !! ؟ اآلن ؛ يا عبداهللافهل تكيفت..اهللاأنا عبد: قال ! ؟فهل أطمع فى أن تكون دليلي في الصلح بين سيدي: قلت

!!..فانهض إلى شغلك، ، إنى عملت شغلى ..!! سبحان اهللا يا سعيد : فقال وقد توجه بوجهة نحو شاهد القبر واشـرب ،فرد ساقيك إ: فقال بينما يغادر ، فلم أستطع استكمال الوقوف ، ونهضت ، ركبنى الهم ،ترددت ـ

فيكـون أحسـن ، لتكون ، فتوكل.. نه لن يفعلها غيرك أ و ، منى أعلم ؛ ووزانك ؛ واعلم أنك بقردك شايك ، !!.لك

• قد يؤدى بك إلى مشـاركتى ؛ أمال فى أن إبالغى إياك ؛ محاوال نقل جوهره ، إنى سجلت ما وقع تقريبا ـ

فى فكرى ؛ ومازال يدور؛ولهذا لن أفيض فى البوح بما دار .. معين بأمرالتأمل ، وليس بقصد أن أجعلك تسلم محـاوال تبـين ، إننى حاولت االنطالق من زاوية حديث هذا الـدرويش ، أقول لك يكفى أن ..من تأمالت

ـ توقد انتهت ، وتجليات هذه التغيرات، تغيرات كل من السيدين على فى حـالتى أمالتى إلى التسليم بأننى !! .. لست إال قناعا لقرد ـهذه

على الرغم من توافر ؛ على أى إنسان كان وثق بأننى ال أطمح إلى تعميم هذا الحكم ،قد ترى أنت غير ذلك ..اإلغراءات التى تدفع إلى ذلك

وموافقتـك ، رأيت عمق فرحتك بالصفقة عدت إلى قراءة هذه الرسالة بعد وصول رسالتك إلي بالفاكس ، ـ ، فرحتـك خفتبو، وال أنكد لحظتك ، فرأيت أن أكون جميال ، المواصفات وعلى، المطلقة على التصميمات ..وقد يؤدى هذا إلى إرباكك

لمعرفتي الوثيقة بمدى كرهك لمثل هذا الصنف من الناس ،اآلن على األقل لن أرسل رسالتى هذه إليك ، ـ وقابليتـه ، وبتقـديرك للمـردود ، عارف بمدى إيمانك بالنتائج العملية ألية حركة للمرء ؛ أيضا ى ؛ ن وألن ،

ـ واألمر،للقياس ـ فى حدود ما أرى فهنيئا لك الربحيـة العاليـة مـن ، ما زال ذاتيا ؛ ال يعنيك في شئ ..!! وآمل أن أتمكن من إسعادك أيها الفالح األريبة ،الصفقة الزيتستاني

: ..

!؟..أقول لك ماذا ـ

اصـطحبنى ، على حد ما قـال ؛ هو اتصاله بى ؛له وكان أول اتصال ،وصل الحاج روقه من األقصر ـ ..ولدى مغيب الشمس وصلنا، فور اتصاله إلى مدينة نصر

، دخلتـه صـاعدا ..روفى اليسرى للمنحـد ، والعمارة فى الجهة اليمنى للصاعد ، الشارع كان منحدرا ـ ـ فوجئت ـ ى من السيارة فور نزول كأنى بهـا تتحسـس جلـد وجهـى ، مرت بى بطيئة، بنسمة باردة :قال السائق األسـيوطى ..وباعث إلى التساؤل ، كان مغمورا فى سكوت له مذاق محير ؛ والشارع..وراحتى

..المنطقة جديدة .. ولم تزل جديدةسنة ؛ن ي عشر أكثر من لها:وقال الحاج روقه !أنت متأكد أنها العمارة ؟أ: ا مستفهم ؛قلت للحاج روقه

..بالطبع: قال ..أنا أريد أن التقى به وحدى :قلت !!..كده األصول..الذوق ما فاتش باب النصر: قال

• كان بيتنـا ..وغياب الطراز، واتساع المدخل ، وقفت أتأمل نظافة الزجاج ؛مام البوابة الحديدية السوداءـ أ

دخلت، فتحت البوابة ، ة ويؤكده مع كل خطو ، تداء من بابه الخشبي الضخم اب، يعلنه، في الرويعي له نداء تحت السقف فـي ؛ من داخل أفاريز جصية ، ة وكان المدخل مضاء بلمبات النيون الهامس ، لم ألتق ببواب ، ، تصـعد المستشـفيات ، ة نظاف ؛ وكان المدخل نظيفا المعا ، لم يبرز لي أحد ، تقصف.. ربعة الزوايا األ

الطابق الثاني بـاب ، علي األبواب ة الفتات صغير ، ضاءة الساللم جيدة إ ، ثالثة أبواب مغلقة :ولألالطابق ا "ذن يقيم أبي إهنا " ، علي الجدار األبيض ؛ مي في مواجهة الباب ة أل كانت صور ، وقفت ، اقتربت.. مفتوح

سـباب لـم ألوكان جو الشقة باردا مفاجأة ، خشية أن تباغته ال ، وحذر ، وأنا أدخل ببطء ؛ همست لنفسي ، ..!!أعرفها

• ماتت في الثامنة وهي في الخامسة والخمسين ، ،كانت تطل علي ، لم ترد ،..!!"هأنذا:" قلت ألميـ

ربما هو مرض " : قلت لنفسي ،!"؟.كيف أصابتك الشيخوخة في ثالث سنين:" سألتها،والخمسين ..."كتها وهي تعاني من كبدهافقد تر..البلهارسيا مثال..كامنأنا في قلبي موافقة علي زواجك ممـن " : سمعت صوتها يقول ، باحت بحبها ؛ ولما التقت عيناي بعينيها ـ

ولو أنت امرأة عملية ، " :، وقلت لها يومها ابتسمت في وجهها ، ..!!" أبوك أقسم بالطالق ، أحب قلبك ، لكن.." أنت قـاس " : قالت ، .."لي الوقوف وحدي أمام الناس إحتي ال أضطر ألقنعت أبي أنك مقتنعة باختياري ؛

، أنت ال تعرفين شيئا عنهـا ، !؟.. فلماذا هذه البنت دون غيرها ، أنت ترين أن الدنيا مليئة بالبنات " :، قلت ؛ يأنت قد اختلطت عليك األمور، فسميت فهم ..اتهمتني بالقسوة ما ولو كنت عرفت ، وال تعرفين شيئا عني

ذا كان زواجـي إ" :قلت.." إن قلبي يحدثني بشر مستطير ..ال تتزوجها " : قالت ، .."واقتناعي باختياري قسوة ، فقد خرجت عن ، وسيتبرأ منك أمام كل الناس أبوك أقسم " : قالت ، .." فليكن ذلك ؛ منها سيثير طائر الشر

، نا الذي أتزوج ، وأنا الذي سـأعيش أ..ال طاعة في أمر هو من صلب شئوني الشخصية " : قلت ، .."طاعته .."ةوليس له بهذا صل

وأنا أيضا كـان " : قلت لها ، "، وتعذبت بحبك أنا أحببتك " :، قالت أخري ة كر ؛ ولما التقت عيناي بعينيها ـ هأنت قد تركتها ؟.. وبكيت علي يديك !!..وحذرتك ألم أقل لك ؟ " : قالت ، .."حبي لك وجعا مازلت أعيش به

أنا أذنبت فـي حقهـا " : قلت ،!!"..ة؛ ألنك لم تكن مهيئا لهذه المعانا وحرمت نفسك من ضناك ، فرت وسا ،لكن هذا ال يعطيـك .. وتنبأ بإشارات وهواجس ، قد يكون قلبك قد عرف ضعفي ،وأذنبت في حق ابنتي ..هي

من أمثـالي ه ـ ل أوزار دممن يحم: " قلت ،!"؟.. وتؤلم أباك ،أولم تؤلمني" : قالت ،.."الحق في محاكمتي أنت قد سـبق ؛ نعم ، أولم يكن ؛ وسواء عليه إن كان مذنبا ، حمل أوزاركم كلها ، بعد هذا ؛ يهون عليه ـ

فأنا ، واليوم كل شيء بمقاييسكم تمام التمام ، .)البكاء علي رأس القتيل (:خر كلماتك لي آوكانت ..لك التحذير ـ وأنا..يةبالمقاييس العالم ومليونير..دكتور قتيل الحب كله بكل تبدياته ـ فشلت في أن أحب بعد كل شيء ؛ !" ؟..فهل تقللي لومك، وفي أن أكون محبوبا من أحد، أحداـ ك ؛يا وجعي: " قلت لها ،.."أنا علي كل حال أحببتك: "قالت، ة ثالث ة كر ؛ ولما التقت عيناي بعينيها ـ ،يف

فكانت ذلك الحب ؛ أما حاجتي .. لقد أحببتني حب الحيوان لذريته ، ثير الفروع ك، فالحب علم بعيد األصول .. الذي يجب أن ينهض من نومه الطويل؛

؟..أنا أمك: قالت !؟..ةموموما معني األ: قلت

..أنت قاس: قالتإنـي ..درش أل .. علمني معاودة البحث في المعني ؛" الوزان"وسيدي ، صار كائنا عاقال ؛" القرد"سيدي : قلت

..!!أحاول أن أبلغ مبلغ الرجال•

، كبيرة الجـرم ، طويلة ، رأيت إمرأة سوداء ..نظرت نتبهت ، ا انفتح باب غرفة إلي يمين صورة أمي ، ـ ، وكانـت تتجـه نحـوي !" مـن ؟ ! من ؟ : " وهي معلقة العينين في المحجرين ؛ تسأل ، تتقدم بخطو بطيء

: قـاطعتني ، ..!!"أنا: "وشهدت إرتياعها ، قلت .. أدركت أنها تكاد أن تكون عمياء ؛ ر النظ تقا دق لم..ةرذمحاأنـا ال : " قالت ، .."صاحب العمارة ..أنا ابن الحاج : " قلت ، !"عبد اهللا من؟ : " سألت ، "عبد اهللا : " قلت ، !"من؟"

ي بالد بره أكثر من عشرين سنه أنا غبت ف ة ؛ يا حاج : "الطمئنها ؛ قلت ،..!!"له ابنا اسمه عبد اهللا أعرف أن وشـقها ، مصوبة نحوي وجهها تارة ؛ وهي تواجهني ؛ أنصتت ، .."وذهبت إلي الرويعي وعدت من أيام ،لكن له أكتر من سنتين ماجاش ، كان بييجي يود ، الحاج روقه ..أيوه: " قالت ؛ حتي إذا انتهيت ، يمن تارة األ

شوف ، هي سابوها كما ، حازوها المالهي الدنيا تالهي ، ": وقالت وطلبت مني الجلوس ، .."، الدنيا تالهي ، واإلمـارات ، في السعودية ، أعرف إن خلفة الحاج بنات ، هنا ة أنا لي أكتر من خمستاشر سن ؛ يا أستاذ ة ، ال يا حاج :قلت، " ..لكن أنا معرفش إن له إبن .. مش عارفة فين ة وواحد ، في أمريكا ة وواحد ، والكويت

"...!! سابوها كماهي ، حازوها المالهي ،الدنيا تالهي ":قالت، ".. وأنا ابنه ،ه ابنل .. ثم انحدرت دمعتان كبيرتان من عينيها

!؟..أنت تبكين: قلت لها ..!!طبعا :قالت يا حاجه من أين أنت؟ :قلت ..من بالد اهللا الواسعة :قالت ؟ ..وأهلك :سألت ..يقطعون..مقطوعة من شجرة :قالت ؟ من هم :سألت ..اهللا يسامحهم :قالت من هم ؟:سألتوجعك : "ي ل قال.. كان عارف .. اهللا يستره ؛ الحاج !!..نسيوني..وبنات.. رجال زيك ؛ اسم اهللا حارسهم :قالت

وأخدمه ، ويكلمني ، أالقي حد أكلمه .. أحسن من الوحدة وماله ، : " قلت ، .." ونعيش سوا ، علي وجعي يابهية "...!! من لحم ودم ؛ يا أستاذ ؛ما هو البني آدم..لي ويحن ع،

..اتجوزتوا ؟ :سألتما دام تحت سقف واحد شرع ربنا هو اللي : "الحاج قال .. أنا ما كنتش عاوزه ، !؟..والزمته إيه الجواز :قالت

...!!وإتجوزنا ، !"!..األصول: " قال ،.."بالش ياحاج: "قلت له ،!!" يمشي

..!!"إذن فهذه زوجة أبي: "قلت في نفسيـ لكـن ..وللنهارده أقدر أشوف كل حاجـة ..أنا كان نظري صاغ سليم ..علمأللكن ربنا وحده هو ا : "وقالت لي

!!..بقلبىقلت لى لك أيام فى مصر، طيب ما جيتش ليه أول ما وصلت : لم أجد لدى كلمات مواسية ، سكت ، قالت

.. ؟ ..مصالح يا حاجة: قلتكانت أهم من إنك تشـوفه ..طيب ؛ وهى المصالح تأخرك عن والدك ؟ .. تش ، لكن باشتاق أنا ماحجي : قالت

!؟..ويشوفك ..!!حاجات مهمة: قلت" يابهية اقفلى على البـاب : "امبارح الصبح ، قال لى.. وقلب ولدى على حجر.. قلبى على ولدى انفطر : قالت

، أنا قلبى كـان واكلنـى ، فـى .." كتر خيرك : "، قال !" مش عاوز حاجة ؟ : "، فى الضحى خبطت ، سألته وكان له عادة ينام بعد الغدا ..، ما فتحتش الباب ..!!" كلى يا بهيه ، وارتاحى : "قال لى ، حصة الغدا ، خبطت

، ..!!" يابهية ؛ ما تخبطيش كل شويه ؛ أنا مشغول فى حاجة مهمـة : "خبطت ، قال لى : ، سيبته ، والمغرب ..ما خبطتش

هو كمان كـان عنـده حاجـات : وقالت بصوت عميق الحزن ، قطت ؛ من محجريها ؛ دمعتان ثقيلتان ثم س ..!!مهمة ..!!يا حاجة: قلت

أنت مش عاوز تشوفه ؟: كأنها لم تسمعنى ؛ قالت ..عاوز أشوفه..طبعا: قلت بتأكيد

وتوقفت ، هبت من .. ت بابا فى ظلها ؛ كنت خلفها ، فتح ..بخطو بطئ ، بجرمها الكبير ، ـ نهضت ، تقدمتنى كالنور يزيح الظلمة ؛ قالت امـرأة ، وشعشعت فى دماغى ، جهة الباب رائحة بخور شذى ، مألت صدرى

..فيه واحد أستاذ يا حاج بيقول إنه ابنك..السالم عليكم ورحمة اهللا وبركاته: أبى ..هو عاوز يشوفك: قالت.. لم أسمع ردا

..اتفضل : تتراجع من فرجة الباب موسعة لىلم أسمع ردا ، قالت وهى .. دخلت، وأغلقت الباب ، وبقيت فى الخارج

وليس من مصدر للضوء غير مصباح ، ـ فى البدء لم أميز المرئيات فى الحجرة ، كان دخان البخور كثيفا ..السالم عليكم: قلتأدهشنى سكوت أبى ، وأربكنى،، خافت اإلضاءة فى الجدار المقابل ، بعد قليل

، هل ! ؟..ولماذا كل هذا البخور : لم أتلق ردا ، بحثت عنه بعينى ؛ محاوال اختراق حجاب العتمة ؛ وأنا أقول !يمكن أن أفتح نافذة ، أو تضئ مصباحا ؟

لم أتلق منه ردا ، تقـدمت بخطـوات بطيئـة ..توقفت عيناى ؛ وقد ميزتا سريرا ، وخيل إلى أنه نائم بطوله محاذره ، كان مغطى بمالءة بيضاء ؛ من قدميه حتى رأسه ، ارتجف قلبى ورفرف ، وقفت لدى السـرير ،

..بابا : ناديت..متشككالم يرد ، انحنيت ، ورفعت عن وجهه طرف المالءة ، واجهنى ؛ فى النور الهامس ؛ بوجـه ملـتح بلحيـة

.. وعيناه مغمضتان.. ارتياحبيضاء ، مقصوصة بعناية ، وكان شاحبا ، ومبتسما ، ابتسامةــ .. أفلت المالءة من بين السبابة واإلبهام ، قربت من جبهته كفـا متسـائلة ؛ ال مسـت بـرودة حـادة

جـاء . ورأيت رحلة الحياة بين قطبى الميالد والموت ، فى إعصار مباغت حملتنى ..دارت بى الدنيا ..عرفت، ..!!" هأنذا قد جئـت : "ثم ؛ أخيرا ..ير أخرى ؛ بحثا عن إجابات بى ، هو ، تركته ، وتركنى ، وبعد مشاو

..!!سمعت صوتى يقول ذلك ، وكان فى مسمعى غريب الوقع ، كأنه شخص آخر ؛ هذا الذى تكلم•

..!!إنه ميت: وما أن وقعت عيناى على امرأة أبى حتى قلت لها..ـ أسرعت خارجا !؟..إيه الحكاية.. يا ابنىسبحان اهللا: قالت ؛ وهى توجه نحوى وجها متحيرا

.. أنا..أنا: قلت ..!!يا كبدى ؛ أنت ما كنتش عارف..آه: قالت وقد فطنت

• بعد وقت ؛ لست أدرى إن كـان ..وكان لها رجع وترديد فى مسمعى ، ، أفلتت من قلبى الكلمة !" متى ؟ "ـ

..!!ته لقيته سافرولما فتحت الباب عليه ؛ من ساعتين تال: طويال ، ربما كان ، سمعتها تقولالجماعة زمانهم جايين ، أنـا بعـت : قالت..انتظرت أن تكمل ، اجتهدت فى تكوين سؤال ، السؤال المناسب

..ووصيته الزم تمشى..، الحاج كان موصى" عبد المعين"أجيب تحجـر وطالعت الحـزن الم ، لوال أن وقعت عيناى فى عينيها ، كدت أشير عليها بحانوتى يتولى األمر كله

..!!كانت غربتى تنهض من مربضها..وسرت فى جسدى برودة بطيئة، تراجعت ؛ متلفعا بوحدتى ..فيهماأنا باحلم ؛ لكن أول ما اقـوم : ، قلت له !" حلمتى إيه ؟ : "من أسبوع ؛ بعد ما شربنا القهوة ، سألنى : ـ قالت

: ، قـال لـى ! أفتكر إيـه ؟ :، قلت له .!!" .افتكرى..افتكرى يا بهية : "من النوم أالقى نفسى نسيت ، قال لى ، ..!!" أنا يا بهية ما عرفتش إن ده مهـم إال امبـارح : "، ضحكت ، قال لى ..!!" إحلمى ، وافتكرى أحالمك "

، لو كنت عرفـت : "، ثم قال لى ..!!" إن الواحد يحلم ويفتكر أحالمه : "، قال لى ! هو إيه اللى مهم ؟ : سألتهومـا : يوم الحساب ربنا هيسألنا ويقـول لنـا ؛ يا بهية : " ثم قال لى ، وسكت ، .."كنت عملت حاجات كتيرة

.."!!؟..حلمتوش كويس ليه كـان لـه ؛ الحـاج بقـى لـه شـهرين تالتـه : "وقالت، ثم عبرت وجهها سحابة رقيقة من دخان البخور

" أنا حلمت امبارح بالليل ":ىقال ل ، فى اليوم إياه ..تعرف يا أستاذ ..وبيقول كالم عمرى ما سمعته منه ..أحوال، رأيت أنى أمشى فى شارع واسع مـن شـوارع وسـط البلـد : "، قال .." هم اجعله خيرا لال..خير: " قلت ،

وعيناى كانتا فى مشـهد ..ها نحو األعالى ت تضرب بأشع ،والشمس كانت وراء المبانى ، والوقت كان عصرا

وفجأة تذكرت أننى ..والشارع أيضا كان مزدحما بالمارة ..والمحالت والدكاكين كانت مزدحمة ..النور الصاعد وأن أطير إليها طيرانا ..ى يجب أن أعود إلى مملكتى نبأن فى قلبى ، ، وألح على نداء ، ا وأن لى عرش ،ملك

السيارات فى بحر ..ساكنا صارع انتبهت إلى أن كل متحرك فى الشار ؛ اللحظة نفسها هوفى هذ ..لو استطعت وكانـت كـل العيـون .. الدكاكين ومن فيها تجمدت حركتها ، الناس على األرصفة توقفوا ، فتالشارع توق وحانـت ، !؟.. وماذا سيفعلون ، !؟..هل اكتشفوا إستعادتى لذاكراتى : قلت فى نفسى لنفسى ، ..!!مصوبة إلى

ـ ،مملكتـك هنـاك ": يهتف بى أن ؛ من جهتها ؛ هاتف.. نحو نور الشمس ة التفات ىمن ،مس تغمرهـا والشـ وبدا لى، حتى تحرك كل ساكن، ووسعت خطوى، طلقت ساقىأما أن ، ..!!"فاذهب لسبب لست أعرفه

واشـتد ،فأسـرعت الطريق إلى مملكتى ، سيسدوا على ، فإذا سبقونى ، أن كل متحرك قد هب يسابقنى ـولـم .. ملكـا ؛ ه اللحظـة فـى هـذ ؛ صـرت ،وامتألت شعورا بالعظمة والقوة ..وقويت همتى ، عزمى وكـان قلبـى ، لم أحس بهما من قبل أحس براحة وسعادة ؛ وأنا ؛ ؛ يا بهية ؛ وصحوت من نومى ..أتراجع

!!..مملوءا بفرح ؟..وما قولك فى هذا الحلم :سألتها..سكتت امرأة أبىـ .."إذا جاء نصر اهللا والفتح " :قالت ؟ ..ألم يكن بشارة باقتراب موته :سألت

..!!إذا جاء نصر اهللا والفتح :لت بهدوء أعمققا : فقالت ،" ولن تتعدى حدود عالمها ،إنها امرأة مستسلمه للقضاء والقدر ":فقلت فى نفسى ..الدنيا تالهى

!هل كان مريضا ؟ :سألتها ..!! الدنيا أحوال ،! ومن يسلم من المرض ؟ ،!الحاج ؟ :قالت

• واسع ، أسمر، دخل رجل طويل ، التفت ، أصوات احتكاك أقدام ثقيلة إلى تناهت ؛ من باب الشقة المفتوح ـ

ينقل قدمـه اليمنـى ل قامته ، يتبعه رجل فى مث ، ذكرنى مرآه بالمناسر أبناء الليل ، حاد النظرات ، العينينـ بصعوبة ، تبين لى قابهما أن قدمه بساقه مشدودة فى جبيرة من الجبس ، فى أعـ حين جلس فى مواجهتى

..وعلى رأسها شال قطيفى من نفس اللون، معصبة بعصابة سوداء، امرأة فى شرخ الشباب !عبد المعين ؟ :سألت امرأة أبى

..عبد المعين عنده ميت :قال الرجل األسمر .جبنا ابن عمه :قالت المرأة الشابة !أبو العينين ؟ :سألت امرأة أبى

..!!جبر..أل :قالت المرأة ..!!جبر ابن حالل : أبىقالت امرأة ..البركة فيكى يا حاجة :قال جبر

..األستاذ ابن المرحوم :قالت بهدوء ..البركة فيك يابيه :قال جبر وأنت مين ؟ :سألته..ة نظرة خاطف ؛والمرأة الشابة، جل األسمررتبادل ال

.. مراته ، ودى أم سعيد ،البواب..مرسى :قالت امرأة أبىحمد اهللا على السـالمة :قال، غابت كفى فيها ، مد لى كفا ضخمة ، أمال قامته ،وى تقدم نح ،وقف مرسى

..البقية فى حياتك..يا باشا ..البركة فيك ياسعادة الباشا :وقالت أم سعيد ..ادخل وضب والدك يا أستاذ :وقالت امرأة أبى

.خليك مع األستاذ يا جبر : قالت ؛فلما نهضت•

فخرجت سحابات البخـور وتلقتنـا فـى ؛ فتح الباب ، ساحبا جبيرته ببطء ،يهمهم وهو ؛تقدمنى جبر ـ ، !!..يرى مـا لـم أره " جبرا" أم أن ،ساءلت نفسى عما إذا كان أبى يسمع وحيا ، ،" جبر" سلم ،أحضانها

:واستقامت همهماته آيات من القرآن، ارتفع صوتهفأماته اهللا مائة !قال أنى يحيى هذه اهللا بعد موتها ؟ ، ى عروشها أو كالذى مر على قرية وهى خاوية عل "ـ

فانظر إلـى طعامـك ، قال بل لبثت مائة عام ، قال لبثت يوما أو بعض يوم ، قال كم لبثت ؟ ، عام ثم بعثه ثم نكسوها ، وانظر إلى العظام كيف ننشزها ، ولنجعلك آية للناس ، نظر إلى حمارك او، وشرابك لم يتسنه

)٢٨(.."فلما تبين له قال أعلم أن اهللا على كل شئ قدير، لحما !؟.. أأنت على وضوء ؛ياأستاذ: لى وقالإنظر ـ

• ـ ـ ـ يا عبد اهللا زلزلنى سؤاله فى اختبار للقوة ، وتصالبا، فتلقاه هذا.. سقط سيف الحق على سيف الباطل

تساءلت عما إذا كان ينبغى على الوقوف فـى و..ولم أكن بالذى يستطيع تمييز أحدهما عن اآلخر ..والصمودهذا الرجـل ، وعلى وجهه ابتسامة تشبه ابتسامة طفل ، فهذا الرجل الراقد أمامى ،!! ..محضر أبى متوضئا

ـ لم أر منه ـ طوال حياتى معه ، جبـارا ، على ظله المتسلططويبس، الجهامةهتعلو، غير وجهه البدوى إن لم أواظب على الـذهاب توعدنى بنار وقودها الناس والحجارة ؛ ؛ خلنى المسجد وحين أد ال يعد برحمة ،

الواد اللى حيلتـى طلـع : "وقال متحسرا ، أنكر على قلبى الحب ؛ وحين أحب قلبى ..ألسجد فى كل صالة لماذا : يه تحت قدم اولم تتجمعا لتسقط ، ا ستار مترقرق من دمعتين افترشتا مآقى ن وبين ؛ وساءلته ، ..!!"خرع

وكنت أنا فى حاجـة إلـى ، لماذا لم تزرع فى غير الخوف ! ؟.. وتصر على تخويفى ؟ ، كنت تبدى بداوتك !!"؟..الحب ..يا أستاذ: وقال جبرـ

العملى ؛ "القرد"أغرانى .. إلى التروى ى وكأن عمال كالوضوء يحتاج من ، فلم أكن قد حمست أمرى ،لم أرد ، من النفـاق " انالوز"وحذرنى .. فافعل ما يفعله الرومان ؛" روما" إذا كنت فى ؛ ألنه ، أن أذهب فأتوضأ ؛

أنا ماركعتها منذ ؛ يا سيدى : " قلت للوزان ،.. ولم أدر جنتى من نارى ، .." تكن سعيدا ؛ كن واحدا ":وقال لى افعل كل ما يوفر ، !دك ؟ فلماذا ترد إن كان األمر كما تقول ، : " وقال القرد ، ..!!"الخامسة عشرة وحتى اآلن

، لك الحرية فيما تختـار : " وقال الوزان ، .." فالعاقل من عقل أمره ، وكن عاقال ، من خارج جلدك ، جهدك ..!!" والظالم يبدأ بظلم نفسه ، إال ما تعرف أنت أنه الحق ،وليس لى سلطان

وطرف المالءة فـى ، ورأيته واقفا ، .!!".يا أستاذ : " ثم نادانى ، !!"ال حول وال قوة إال باهللا : " وقال جبر ـ ..وقد نويت الوضوء، وذهبت، فتركته، وكان على أن أحسم أمرى، يده

• ـ ..وعدت فقد فعلتها ، ، !!"لست أدرى : " وأكاشفك ، !لماذا ؟ : أراك تسألنى ـ ، والعـودة ىءوبـين التوض

حـين ، وتذكرت إجابة أمى ، أين منابعه "الضوء"فتساءلت عن .. أن الوضوء من مادة الضوء ؛ أدركت فجأة ، ! هل البد من الوضـوء بالمـاء ؟ : وقد أيقظتنى ؛ ألصلى الفجر خلف أبى ، فى ليلة قارسة البرد ؛ سألتها ..!! .، وكان أبى يرى أن تسخين الماء للوضوء نقص فى التقوى!!" إنه أشد المواد روحانية : قالت

وتجلى لى ؛ عند لقاء الكلمات ؛ أن منهجـا إلـى ، افرت أفكارى ـ من كلمات أمى ؛ إلى مادة الضوء ؛ س ومع خفائـه ؛ كـان ..النور كان ماثال ، ولم أره ، واكتشفت إلى أى حد يبلغ هذا المنهج من الرهافة واللطافة

..!!"أنا قد توضأت على هذا المذهب"فقلت فى نفسى ..ظاهرا أمام عينى•

..ستاذشد حيلك يا أ: قال" جبر"ـ لما رآنى لرأى فى عينى نظرة استنكار، فلم أكن حزينا إلى هذا الحـد ، ، ألنى لو كنت قد فعلت ، لم أنظر فى عينيه

..احنا هنغير للوالد: ومع هذا ؛ فقد كان ما طلبه منى هو األمر المناسب ، ذلك ألنه قد قالولم يستجب ، قال ، ثقيال جدا ـ انحنيت على أبى ، ووضعت كفى تحت كتفيه ألرفعه إلى صدرى ، فوجدته

..!!أصبر..مش كدة يا أستاذ..أل: جبر ..إن اهللا مع الصابرين : فنظرت إليه مستفهما فقال

نظرت فرأيت سائال مصفرا ، محمرا ، مخضرا؛ علـى صـدرى ، ..ـ مد كفه بفوطة صغيرة نحو صدرى وكانت االبتسـامة الطفليـة علـى ، نظرت فى فم أبى ، فرأيت عصارته المعدية تسيل من جانب فمه األيسر

!؟..ال مؤاخذه..هو انت يا أستاذ ما حضرتش ميت قبل كده": جبر"وجهه ، سألنى .ال: قلت ..!!الصبر..والصبر يا أستاذ..طيب ، ال مؤاخذه ، خليك معايا: قال

• ضـعه حيـث حامال سطال من الماء الساخن ، تناولته منه ، وقبل أن أ " مرسى"ـ دق الباب ، فتحت ، كان

، وخفة ؛ وقد أحضر لفافات كثيرة فى أكيـاس ، فى سرعة ، وخرج ، قد دخل " مرسى"؛ كان " جبر"أشار وطسـتا ، ودخل ؛ حامال سطل ماء بـارد ، وبعضها بجوار الجدار ، ثم خرج ، وضع بعضها على كرسيين

مراد يمكن تحقيقة كلـه خطر لى؛ وجبر ينحنى على أبى ؛ أن ال ..واسعا من النحاس المبيض عريض الحافة

إيدك معايـا يـا : قال جبر ..أو يضير أحدا ، ، وتنظيف جسده لن يضيره " البانيو"فوضع أبى فى ..فى الحمام .مرسى

..الحاج ها يبات معانا..العشاء أذنت يا سعادة الباشا: ـ قال مرسى لى ..خللى عنك يا أستاذ ، إقفل الشبابيك: تقدمت ألساعدهما ، قال جبر

• وصارت رائحـة ذات ، وروائح جسده ، وسؤر األنفاس ، البخور: ـ فى حجرته المغلقة ؛ امتزجت الروائح

مالمس ؛ بفعل ارتفاع نسبة الرطوبة فى الهواء ، كل عملية مرت بطيئة شديدة البطء ، ثقيلة أشد الثقل ، بدءا أحسست ؛ بينما أشذبه ..ت أن أتولى ذلك بمقص ومشط ، مع أول ضربة مقص قرر ، وشعره ، بتهذيب لحيته

وأنا أعتقد أنه لم يكن ، وإن لم يبديا اعتراضا ، انتهيت بعد عناء ، أنهما غير موافقين ، على نحو يرضينى ، ..فى حاجة إلى تشذيب لحيته على األقل

نظـف بمقص صغير ، قص أظافر كفيه بعناية وحذر ، ثم قص أظافر قدميه بحـذر أدق ، و " جبر"ـ أمسك ، " مرسى"وأشار إلى المالءة ، فرفعها " جبر"أظافر أبى ؛ كلها ؛ بقطن مبلل بماء وصابون ، وجففها ، نهض

فرأيت جسد أبى ممددا طويال بطول السرير ، يرقد فى جلباب أبيض ، والحظت بقعة رطبة تغطى عورته ، ..إسعفنى: وقال لمرسىسننظف العانة من الشعر ، : وقال جبر لى وهو يدس كفه فى سروال أبى

وفى ، فارتكز على مرفقه األيسر فى وضع صعب ، ـ لم يشأ ان ينظف العانة من الشعر والعورة مكشوفة يمناه مقص ، ودس وجهه ليتمكن من رؤية ما يفعل ، ظللت أفكر فى حكمة هذه المشـقة ؛ التـى يتجشـمها

ورة التى يجب تغطيتها ؛ حتى ال تجـرح جـالل ، ولم يكن أمامى غير تعليل واحد معقول ؛ إنها الع " جبر" ..الموت ، ولم يكن هذا التعليل بكاف إلقناعى ، لكننى سكت ، ووقفت أراقب

الصابون والماء ، والموسى ، هنا لم أسكت بل انحنيـت " مرسى"قدم له ، ـ حين انتهى من استخدام المقص .. خلص السروال وأكمل: قائال

..!!ال يجوز لى يا أستاذ: ين ؛ قائالـ رفع جبر عينين مندهشت ..بل يجوز: قلت بهدوء ..يجوز لى أنا: ثم استدركت

وطعمه النابى ؛ إال ، ـ بصعوبة استطعت تخليص السروال ، وطلبت الموسى ، ولم أدرك ما انخرطت فيه ..الحاج برد قوى: وأنا أجفف عانة أبى من الماء والصابون ، وقال مرسى

..ونغير له، ه ندلك: فقال جبر: فقـال مرسـى .. ـ لم أالحظ أن أبى قد سالت إفرازات من فتحاته ، وأطلت ، إال و أنا أجرده من مالبسه

..فرش السرير كله هيتغير ؛ بعد ما نوضب الحاج•

بكفـين ، ومفاصـله ، وانهمك مرسى يدلك عضـالته ، نصفه األسفل بالمالءة " جبر"فستر ، ـ عاريا صار بالماء الفاتر ، ثم مسـح ، والوجه ، الرأس " جبر"بدقة ، مسح ، والوجه ، ينظف الرأس " جبر "قويتين بينما

أخذ مرسى النصـف ، بهمة وعناية ، ولما انتهى من ذلك ، والصدر، والرقبة ، وتحت اإلبطين ، الذراعين قداه بهـدوء ، ووضع جبر فانلة قطنية بيضاء بنصف كم ، وضع عليه أخرى بكم ، وأر ، األعلى فى صدره

..واتجها إلى نصفه األسفلوآخر طويال ، تعاونا معا فى إلباسه جلبابا أبيض ، وطاقية بيضاء ، ولما انتهيا منه ، وألبساه سرواال قصيرا

حتى وضعا على السـرير ، وأرقداه بعيدا ، ورفعاه معا بمفرش السرير ، ثم ثم لفا شاال ؛ عمامة عمماه بها ، .الحاج دفى شويه: مالءة ، وأرقداه ، بينما قال مرسىو، مفرشا نظيفا

..!!الصبر: قال جبر ..الزم يبات: وهو يقول، فغطى أبى ، ثم إن مرسى فرش مالءة بيضاء

...عبد المعين هييجى بعد نصف الليل: قال جبرت دى تخليهـا الحاجا: ويضم إليها فراش السرير فى المالءة، ـ قال مرسى وهو يجمع مالبس أبى المتسخة

..هنا ، وندى الحاجة خبر ..سيب النور مولع: قال جبر يا أستاذ ؛ تحب تتوضأ: ثم قال

.روح أنت يامرسى: الذى ظل واقفا ، قلت، وتقدمنا فى الخروج من الحجرة ، تبادلت النظر مع مرسى ى إلى الفضاء أرشف خرج بخطوات واسعة ، أسرعت إلى النافذتين أفتحهما واحدة بعد األخرى ، ألقيت رأس

، وكنت أتخلص من الرائحـة ذات المالمـس !" كيف تحمل كل من جبر ومرسى؟ : "الهواء ، ساءلت نفسى ..لكنها لم تبارح أنفى تماما، بارتشاف مزيد من الهواء الطليق ، فخفت وطأتها على صدرى

• ، " األنبيـاء "و، "الدخان"و، " الحديد: "حسب الوصية : ـ وأنا خارج من الحجرة سمعت امرأة أبى تقول لجبر

!، حافظ ياجبر؟" إبراهيم"و .. يا ست الحاجه ؛ أنا حافظ ، لكن أخاف الغلط: قال جبر

.. األستاذ موجود ، والمصاحف موجودة ، إقرا واألستاذ يردك إن غلطت: قالت !والرحمان ، والنحل؟: قال جبر ..كله كالم ربنا ، لكن الوصية كده: قالت

• ، فدسست كلمـاتى فـى .!!" كن كيسا يا دكتور : "رفض تكليف امرأة أبى ، أسعفنى القرد هاتفا ـ كدت أن أ

؟..والقرافة: تراب صمتى ، وسألت امرأة أبى .. التربى طلب عشرين بريزة: قال مرسى

..!!زمن: قالت بتعجب رصين

..اتفقت على عشرة: قال مرسى ..كله من خير الحاج: قالت

!كله بفتة ؟: هشة ؛ وهى تقلب قماشا أبيضـ سألت أم سعيد بد ..كفن شرعى ، وصية الحاج: أجابت امرأة أبى

!؟..والدفن: سألت أنا ..وصى بأن ينام فى حضن المرحومة أمك: قالت امرأة أبى !؟...فى حضنها: سألت بدهشة

..التربة لها عينان ، عين لها ، وعين له: قالت ..رمل ، وفوقه الحناأنا وصيت التربى يفرش : وقال مرسى

..الحاج وصى أال يضعوا التراب فى عينيه: قالت امرأة أبى ..الحاج كانت عينه مليانة! تراب على إيه ؟..طبعا: قالت أم سعيد مؤمنة

فتحسسته بكفيها معا ، وانحدرت مـن عينيهـا دمعتـان .. وبسطت أم سعيد قماش الكفن فى حجر امرأة أبى ..هم يا جبر: وانقطع الكالم حتى قالت..اءكبيرتان على صفحته البيض

..هاتى المقص يا أم سعيد: ينهض قالت" جبر"وبينما ..عنك يا ستى الحاجة: قالت أم سعيد ؛ وهى تنظر فى عينيها مرتبكة

:ـ قالت امرأة أبى ؛ بلحن العديد ؛ وهى تجرجر أناملها على قماش الكفن ...يها أكوى هدوم الزين واوديها لوكان الفساقى يغيروا ف

)٢٩(.. لو كان يا فساقى يغيروا فيكى أكوى هدوم الزين واوريكى•

..يا سعادة الباشا ؛ لوما يلزمش ؛ نحطه جنب راس الحاج: مصحفا ؛ وهو يقول" مرسى"ـ سلمنى ، ، إن وقع فى خطأ ، فلما أمسكت به " جبر"رد أخطاء وكنت ؛ ياعبداهللا ؛ أفكر فى السؤال عن مصحف ؛ أل

..تذكرت ؛ ألول مرة ؛ أننى لم أفتح مصحفا منذ غادرت المسجد آخر مرة يوم ختمت سنتى الخامسة عشرةاللهم ارحمنى : ـ دخلت الحجرة على أبى ، وذكرى تلك المرة األخيرة ناصعة فى ذاكرتى ، وكان جبر يقول

..بالقرآن؛ بعد أن استعاذ من الشيطان الرجيم ، " جبر"، وبسمل !! ن الفراش ، وقفت مترددا ، أين أجلس؟ ـ اقتربت م

: ثم شرع فى التجويد بصوت رطب )٣٠("﴾ سبح اهللا ما فى السموات واألرض وهو العزيز الحكيم﴿"

، وعـن ـ لم أجد مكانا غير كرسى فى مواجهة أبى ؛ فجلست فيه ، فتحت المصحف ، عن يمينى كان جبر : وجدت صـوتى ينطلـق حـادا .. يسارى كان الطست ؛ مازالت فيه قطع القطن الملوثة بسوائل أبى وشعره

..!!يامرسى

معتذرا ، ما أن خرج حتى سـألنى ، وهو يتمتم آ سفا ، حين دخل ؛ ورأى أين أنظر ؛ أسرع فرفع الطست :، وكان جبر يقرأ" ألم تكن أنت أولى برفع حملك ؟: "الوزان

)٣١(" ه ملك السموات واألرض وإلى اهللا ترجع األمورل"

• كأن جسد هذا الرجل ؛ الذى له قسمات الفالحـين ؛ فخـار قـديم ، ..طبقات صوت جبر فواحة بعبق حزين

نقلت عينى من مطالعـة بشـرته ؛ التـى تتـوهج أحيانـا ، إلـى أبـى ..مازال فى النار حتى هذه اللحظة إلـى " جبـر "أنه مازال هنا ، ينصت ، وأنى لو كلمته سيرد ، ثم أعادنى وللحظة خاطفة خيل إلى ..المغطى

:زمانه ، وهو يقرأ )٣٢("من ذا الذى يقرض اهللا قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم"

ـ وجدتنى أسأل أبى عن تبرئه منى حين تزوجت ، ومقاطعتى بإصرار صارم حين رفضت الصالة خلفـه حرام على أن آكل معه من : "خر مرة دخلت فيها المسجد ، يومها قلت ألمى كل فجر ، ثم عادت إلى ذكرى آ

، وهززت كتفى ، ومضـيت ..!!" أحسن: "، ويومها قلت ألمى .." طعام واحد ، ولن يؤاكلنى فى طبق واحد ..!!إلى لوحاتى وألوانى ؛ فى حجرة السطح

! مـن أنـت؟ : "، وقلـت لـه ." .لو أنك صـاحبتنى علـى أن تعلمنـى شـيئا عمـا أرى : " ـ قلت ألبى !"؟..وكيف كانت موتاتك السابقات

":جبر"ـ وقرأ )٣٣("إن المصدقين والمصدقات واقرضوا اهللا قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم"

!". فكيف لم تصلنى بإحسانك ؟، وأنا كنت من المستحقين ..أنت من هؤالء: "ـ قلت ألبىولست أدرى كيف طفت على السطح ، وتشدده ، فواجهتنى جهامته ..حظة حنان واحدة منه حاولت أن اتذكر ل

..!!تلك الذكرى المضحكة المبكيةأمام دكانه ، شققت لنفسى طريقـا ، وهرج ، وأنا عائد من الكلية ، فوجئت بزحام ، ففى ذلك المساء الشتائى

، .." البد أن أقـيم عليـه الحـد : "رعدحتى صرت فى الرصيف ، رأيت أبى فى يده سكين عريضة وهو ي بينما آخـرون ، ونظرت فرأيت واحدا من عماله ؛ يكبرنى بعام أو عامين ؛ يرتجف بين أيدى بعض العمال

أكبر سنا يحجزون أبى عن الشاب ، لم أعرف اسم هذا الشاب ، ورأيته شديد الخوف ، فسألت عن المسألة ، ، ويبدو أن صـوتى ..!!" حلو يا حاج : "لدكان ، ودون تفكير قلت فعرفت أن أبى قد ضبطه وهو يسرق من ا

، وقبل أن " وسع أنت وهو : "وتلفت باحثا عنى ، فقلت للعمال ، حتى أن أبى قد ذهل عن نفسه ، كان مرتفعا حتى نجحت فى تخليصها مـن قبضـته ، فهجـم أوالد ، يواجهنى أبى ، كنت متشبثا بيده المشرعة للسكين

وأروح فين ياسى عبـد : "فقال لى ، بينما حاولت أن أجعل العامل يفر ، يستسمحونه ، اطوا به الحالل ؛ فأح ..!!".، خليه يقطع إيدى اعمل معروف! ؟..اهللا

..!!.الجدع راضى بحكمك..يا حاج: وقلت ألبى بأعلى صوت ..!!المسامح كريم: فتعالت أصوات أوالد الحالل من حوله

بالذكرى ؛ وهو يقرأـ أخرجنى صوت جبر من ج: )٣٤("الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن اهللا هو الغنى الحميد"

أعرف أنك قد سامحته ، وأعدته إلى خدمتك ، لكنه لم يطق ، واختفى ، ولم يظهر بعد ذلك أبدا : ـ قلت ألبى "..!!عبد اهللا"، وعرفت أن اسمه كان ؛ أيضا ؛

• )٣٥("فيها يفرق كل أمر حكيم، إنا أنزلناه فى ليلة مباركة إنا كنا منذرين ، ن والكتاب المبي، حم "ـ

ال ينقسم المرء على نفسه إال بالقسوة عليـه ، وال : "مقسما ، مؤكدا ، منذرا ، فقلت ألبى " جبر"ارتفع صوت ـ ، يأمن بغير المحبة ، وأنت البدوى ؛ الذى طاردنى فى كل الفجاج ، ن األول حتى أنسانى هنـاءات الحض

، ! ، فهل كنت أنا كذلك حقـا ؟ .." إنه عمل غير صالح : "فلما عاتبتك أمى ؛ قلت لها عنى ، ولذائذ الرضاعة !".؟..ومن أين لى مالمحك التى أحملها منذ استويت رجال

• ..!!ال مهرب لى منك: ـ وقلت له

:وارتفع صوت جبر )٣٦("فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين"

ليقوم فأعاتبـه ، أو ، ما عاناه قلبى ؛ فى تلك الليلة العريضة ؛ إحساسا بالظلم ، كنت أنادى عليه ـ لم يكن مبتسما ؛ ابتسـامة ، ، ثقل على قلبى مرآه ممددا ..!! أحاسبه ، أو أرتحل فيه ؛ ألكشف الغطاء عن جهلى به

فأشـرقت ، ، ومتى انقشـعت ! ؟..فمتى غشيته ظلمة الغضب ..هى سؤال ؛ لم يكن عندى إجابة عنه ، براءة !!.، وما أخبار المفاوز التى قطعها من النار إلى الجنة ؟!! شمس الرضا فيه ؟

ولـك ..قسيم..، أنت وسيم ! ؟..أرأيت: قلت له ..فى وجهه استغرقت ..ـ قمت إليه ، كشفت عن وجهه المالءة أنـك تنطـوى علـى هـذه فهل كنـت تعـرف ..وأزاحت يد الليل عن بساتينك ، ابتسامة أظهرت بدائعك

! ؟..حتى تديننى إلى آخر نفس فى ، ، أم أن هذا تدبير منك !. أم أن لك مرشدا ودليال ؛ أخذ بيدك ؟ !..الكنوز؟ !؟..، هل كنت تعلم أننى آت

)٣٧("إن المتقين فى مقام أمين"ـ

..!!فتبين لى بؤسى ويأسى معا..؛ فاضاءت" جبر"رفعها •

تحمل صينية وعليها ، واقفة " أم سعيد "بارحت مكانى ، لدى فتحة الباب ؛ كانت ـ دقات واهنة على الباب ، ال مؤاخذة يا باشا ، الست الحاجة قالت إنك تفرد الرغيـف ده علـى بطـن : رغيف من عجين ، همست لى

..!!الحاج ..!!علشان ما يتنفخش:أدهشنى الطقس ، تساءلت عن معناه ، قالت

..!! عد ما تفرده ؛ حضرتك ؛ تحط فوقه السكينة دى ، وتغطيهوب: لم أتناول الصينية ، قالت !. ؟..على اللحم:سألتها

.والسكينة نصلها ناحية القبلة..الست الحاجة قالت على اللحم..أيوه:قالتقلت له ؛ وأنـا .. ـ تناولت الصينية ، فرشت رغيف العجين على بطنه ، وضعت السكين مائلة نحو الشرق

رأيت ألول مرة لوحة على الجـدار ـ ، ، ولما أحكمت غطاءه ورفعت عينى ..!!" نت محظوظكم أ: "أغطيه !؟..فتساءلت عن اسم اهللا االعظم ماذا يكون.. أعلى شاهد السرير ـ وفيها األسماء الحسنى

..!!وفررت..ـ تمنيت ، نعم ؛ تمنيت لو انتهيت من كل هذا الذى أنا فيه•

)٣٨("ى غفلة معرضوناقترب للناس حسابهم وهم ف"ـ .. والرهبوت يدق فى جهاته الثمانى ، موبدا هجمته بالنذير، ـ انتبهت على قلبى يتصدع

حاولت انتشال ما .. ولم تحتمل رقبتى ثقلها ، وسقطت رأسى على صدرى ، ـ سقطت عيناى فى صدر أبى ، طـوت مـا سـقط منـى ، ر معا باغتتنى موجة كانت للمد والجز، وتراكضت فى مدى البحر، سقط منى

وحال الموج بينـى ..ثم أقامت على تخومه أرصادها ، وراغت فى مدى البحر؛ مودعة هديره فى كنز الكنوز ..!!.وبين ما أملت أنى فاعله

موإنى على ذلك لمن الشاهدين، إنى رأيته يبتسم ! ؟..أم أننى كنت أشتهى، وتبس!!.. ، .." ، إننى يا أبتاه كنت فى األفق المبـين ! ؟..لذى قضيت ؛ ألم يكن بصرك اليوم حديدا يا أيها ا : "ـ قلت له !!فهل أكون له من المخاصمين ؟، ومازالت دعواى تنادى ، فتولى

• )٣٩(لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكر أفال تعقلون"

: فلما وصلت عندها ؛ قالـت بخفـوت ، وأشارت بإشارة متخشعة ..فإذا بها أم سعيد ، ثم دق الباب ؛ فالتفت تقـدم أقـربهم ، رأيت ثالثة من الرجال ، فى المدخل الواسع ..وتقدمتنى عائدة ..!!" المعزون يا سعادة الباشا "

..الدوام هللا..مهندس حسام الدين أحمد: باسطا كفه قائالقصـير القامـة ؛ " عابدين"ى اسمه الثان..وله زبيبة فى جبهته ..ملتح بلحية خفيفة ..كان رجال يناهز األربعين

، أحمر اللون ..، وله مالمح الشوام " الشامى"الثالث اسمه ..كأنه زاهد فى الكالم ، همس باسمه ، أصلع الرأس وأنا أحاول تذكر تلك الصيغ المصكوكة ؛ التى يتبادلها الناس فى هذا ، عظيم الرأس ، تقدمتهم ، غليظ الرقبة

ال : على هذه المصكوكات بعد ، فوجئت بالمهندس يقول بطالقة وبصوت جهيـر ولم أعثر ، الموقف ؛ جلسنا ..إله إال اهللا ، وال حول وال قوة إال باهللا ، وإنا هللا وإنا إليه راجعون

..الحمد هللا: لم أدر بم أرد ، غير أنى سمعت صوتى غريبا مختنقا أقولفكيف بنا نجزع إن دعا داعيـه واحـدا منـا ؛ ، له الحمد والثناء العظيم ، قد دعوناه فأجاب : قال المهندس !؟..ولبى الموعد المكتوب فى اللوح المحفوظ، فأجاب النداء

! كان سؤاال إنكاريا ؛ يا عبد اهللا ؛ فبماذا أجيب ؟ ومن أين لى فصاحة هذا الشاب المورد الوجنتين والشفتين ؟ ..نعم: ، قلت بصعوبة ؛ كأننى أنتزع حروف كلمتى

فلماذا نراك يا أخى تنوء : قال..فشجعته على مزيد من المبادرة ، والتوغل ، ى مؤمنة على كالمه جاءت كلمت !بهذا الحزن الثقيل ؟

، قلتهـا .." الفـراق : "قلت..، لوال أن أدركت الكلمة قبل أن تنطلق !!" ؟..أنا: "كدت ياعبد اهللا أساله مستنكرا .."منها خلقناكم وفيها نعيدكم : "مرسلة على عواهنها ، كأنها خبر معروف ، قال

حتى سال من مخارج حروفه سلطان يدعيه ، وحاولت كبح الكلمة ، فأفلتت وقد تخلصـت ، قالها بيقين متأله فاضـطررت إلـى اسـتكمال ، ، فإذ به يشرئب بعنقه نحـوى ..!!" أنت: "من اإلنكار ، ووقعت فى التقرير

!؟..؛ هل جربت الفقدأنت ؛ يا باشمهندس : قلت..أى كالم..كالم، ونسـتغفرك ، اللهـم ال راد لقضـائك : لم يربكه السؤال ، ولم أكن أعنى سؤالى ، فوجئت به ينتفخ ؛ قائال

وتداعت المفاجآت ، فقد بسط الثالثة أكفهم ".. تبنا إلى اهللا " ،وأنتم يا إخوانى ، ونتوب إليك ، قل معى يا أخى ورجعنا إلـى اهللا : "تجحظان ؛ وقد صوبهما نحوى ، وإذ بصوته أقوى ، ورددوا معا ، فإذ بعينيه تتسعان ، و

حتى ، وتحول إلى طبقة أعلى ، فحركت شفتى مجاريا الموقف ، فلم يقتنع المهندس ..وازداد موقفى حرجا ".. "..وندمنا ؛ على مافعلنا: "يأتى من قرار مكين، بطيئ المخارج ، صار صوته زئيرا

قـد أرخـت ، نى ، فقد ظهرت بجرمها الضخم ، واقفة فى سمت العميان ، ثابتة ـ امراة أبى هى التى أنقذت ..!!.، وإذا قرئ القرآن ؛ يا أوالد الحالل..!! سبحان اهللا: وقالت بهدوء عميق، جفنيها على محجريها

.األستاذ ؛ يا حضرات ؛ جاى من سفر ، وتعبان : ورماها بنظرة خاطفة ، قالت، سكت المهندس !!؟..سفر بعيد: ورأيت المهندس يتحرك فى مكانه قلقا ، فسأل الشامى، ؛ تغير موقفى هنا ؛ فقط

..هولندا: قلت ..شمال أوروبا: قال عابدين ؛ موضحا للشامى

..!!برد جدا: قال الشامى ؟..أعمال ؛ أم علم: وسأل المهندس ؛ بلغة فصيحة

..!!اذ ؛ دقيقة واحدةاألست..من غير مؤاخذة ؛ يا أوالد الحالل: قالت امرأة أبى ..!!فنهضت ؛ وأنا أحمد لها تخليصى

..يا أستاذ ؛ أنت توك راجع البلد ، خد بالك ، الجماعة مش جايين يعزوا وبس: ـ قالت لى .. والفعل قليل.. أهم حاجة ما توافقش على كل اللى تسمعه ، الكالم كتير: فقالت، سألتها أن توضح لى

غير أن ثمة مخاوف تحف من كل جانب ، وأن على أن أحـذر المزالـق ؛ ، مها لم أفهم شيئا محددا من كال .. التى يمكن أن يوقعنى فيها الكالم المتدفق بمغارف األلسنة الذربة

؟..من هؤالء: سألتهاقـال إيـه ؛ .. األفندى المهندس ؛ شغال على الحاج من كام سنة عشان حته أرض تطلع لها ألف متر : قالت

..!!نوا فيها جامععاوزين يب ..ال بأس: استيقظت حاستى العملية ، وأشرعت شوكها القنفذى ، قلت

!؟..يعنى إيه ال بأس يا أستاذ: قالت مستنكرة

..أنا فهمت..اطمئنى: قلتأوالد "لكن شوف يا أستاذ ؛ وربنا يعينـك علـى ..أنا طبعا ما اعرفش الحكاية وصلت لفين ..خد بالك : قالت

"..!!الحاللموضوع األرض ، ولم يسفروا ، قدم لى " أوالد الحالل "ختصار ؛ لن يكون مخال ؛ كما آمل ، لم يطرق ـ با

الحاج عونى الشامى رجل والرجـال قليـل ، تـاجر مـن : المهندس الرجلين اآلخرين بادئا بالشامى ، قال يير زى المرأة المسـلمة المعدودين ، وهو صاحب فكر تجارى ثاقب ، فبتوفيق من اهللا ؛ نجح بأفكاره فى تغ

التى أسست لخصوصية شخصيتنا اإلسالمية ، وصـارت " جاردن مكة "إنه صاحب سلسلة محالت ، فى البلد والحاج عونى ؛ ، وأشاعت حجابا وقورا ، وعصريا ، حفظ للمرأة حياءها .. اآلن تكتسح المودات المستوردة

..!!أعانه اهللا..هار ، والفصول األربعةاآلن ؛ يطور للمرأة المحجبة أزياء ؛ تناسب الليل والنالحقيقة ؛ أيها اإلخوان ؛ أن الطريق مازال طويال ، وأنا لست غير اتجاه فى سوق : قال الحاج عونى الشامى

وهو رد على االنتهاكات المتنوعة ألرواح وأجساد النسـاء ، رد علـى ، ؛ هو حصيلة احتياج حقيقى للناس ..إننى أستجيب لطلب قائم بالفعل.. وللحياءالتغريب ، وحماية لألجساد ، ..المهم هو تغيير األفكار: تدخل األستاذ عابدين ؛ قائال

األستاذ عابدين ؛ واحد من مؤسسى المدارس اإلسالمية الحديثة ، ومدير مدرسـة الشـيماء ؛ : قال المهندس ؛ معتمدا على إعداد تالميذه بالمهارات القريبة منا ؛ وهو يجمع بين المناهج الرسمية وتكييفها برؤية إسالمية

العصرية ، خاصة فى مجال الحاسوب ، وتسليحهم بسالح االلتزامات الشرعية ؛ التى ال قيام لإلسالم ؛ وال ..تحقق لمسلم بغيرها

؛ أمام ما نشهده من انهيار التعليم ؛ والمشكالت التى يعانيها اآلباء واألمهات؛ صار التعليم : قال الحاج عونى ..!!فى هذه األيام ؛ استثمارا ؛ من أهم وأنجح االستثمارات

أنت مثال ؛ ..إن تضام جهود اإلخوة فى إقامة مؤسسات نافعة ؛ لهو الطريق إلى نهضة مأمولة : قال المهندس وقل اعملوا ؛ يا أخـى ؛ فسـيرى اهللا عملكـم ؛ ورسـوله ؛ ! فلماذا ال نحوله إلى عمل ؟ ..تقول هذا الكالم

..المؤمنونو ..سيأذن اهللا ؛ إن شاء اهللا: قال عابدين ..وال أفهم فى التعليم..بصراحة ؛ أنا أفهم فى المالبس: قال الشامى ؟..وما تخصص األستاذ: قال المهندس ..التصوير: قلت ؛ مناكفا !؟..عفوا: قال مستفهما

..أنا رسام: قلت

وطبيعـة ، القول الفصل فيها ؛ فإنه يرجع إلى المنفعـة العامـة هذه مسألة جعلوها خالفية ، أما : قال عابدين ..على كل حال ؛ ال بأس من تعليم أصول الرسم نظريا.. وأصول التربية، العصر

فما كان منها فائـدة نعلمهـا ، ، ومنها الضار ، نحن فى عصر فيه فنون كثيرة ، منها المفيد : فقال المهندس !.؛ نتجنبه ، فما رأى أستاذنا الجليل؟ومااتفقنا على ضرره ، ونفيد منها

!فى أى شئ تريد رأيى ؟: فقلت، كان السؤال موجها إلى على كل حال ، ليس الوقت ، وال الظرف مناسبين ، وأملنا أن لنا جلسات أخرى ، أما اآلن : ـ قال المهندس

.. ؛ الجناز ، ونهضوا مسلمين؛ فإننا ندعو اهللا للفقيد بأن يتغمده اهللا برحمته ، وموعدنا ؛ إن شاء اهللاـ ظهرلى ؛ منذ هذه الجلسة ؛ أن أبى قد خلف تراثا ينطوى على مشكالت عدة ، لم تنكشف لى بعد ، وكما

.. قلت لك من قبل ؛ ليس لى مهرب ، وصارعلى واجبات محتومة ..العجلة من الشيطان: ، قالت" هل تريدين تنبيهى إلى شئ عاجل؟: سألت امرأة أبى، أشرت إلى ما يمكن أن يكون الحاج قد تركه من مشـكالت ! " ؟..عاجل زى إيه يا أستاذ : وسألتنى بدورها

..".الحاج قد عاش مستورا والحمد هللا" قالت إن ، تتطلب حلوال عاجلة فقد تلكأت فى العودة إلى حجرته بذرائع متنوعـة ، طلبـت .. ـ اكتشفت أننى ال أستطيع أن أواجه أبى ميتا

؟ ..؟ ، متى سكن كل منهم ..من هم : نجان قهوة من أم سعيد ، فتحت حديثا مع امرأة أبى عن سكان العمارة ففمن أطرفها أن ..وطلبت أخرى ، وتطرقت األحاديث إلى وديان كثيرة ..؟ ، وشربت القهوة ..عالقاتهم بالحاج ،

، !" ؟..، ومن هو مرسى " م بمرسى السكان طلبوا من الحاج مكتبا لألمن فى مدخل العمارة ، لكن الحاج جاءه ، ألنه بهذا ضرب عصفورين بحجر واحـد ، !" ؟..ولماذا يا حاجه "أخطر مسجل فى القسم التابع له العقار ،

فهو قد استتاب مرسى ، فتاب ، وأناب ، وضمن أمنا فعليا ؛ حين أوكل العمارة ؛ وسكانها ؛ إليه ، وفعـال ؛ وضمنه عند أهل الزوجة ، فاستقر، وصارت له ، آلن ، ثم زوج مرسى لم يقع فى العمارة حادث واحد حتى ا

..أسرةـ خطر لى أن أوكل لمرسى بعض ما خلفه أبى من مشكالت ؛ بدعوى أنه من حزب الحاج والدى ؛ مـادام

..أنه قد تاب وأناب على يديه ، ولم أجد فى نفسى الشجاعة ألبوح بما خطر لى المرأة أبىوجبهتها العريضـة يتوجهـا ؛ ، وحاجبيها األشيبين ، جه امرأة أبى ؛ بمالمحها الضخمة ـ وأنا أتأمل فى و

وتساءلت عن السر الحقيقى ؛ الذى .. شعر أشيب ، ناعم ، مفروق من الوسط ؛ رأيتها امرأة وسيمة ؛ مازالت لـوال أن كبحـت ، وكدت أسألها ..فالتقت معه عليه ؛ لقاء الرجل والمرأة له قدس ما ، التقى عليه أبى معها

والمكـان ..همتى إلى التبسط معها ، وتبينت أن لها حضورا مهيمنا ، ال تتوسل إلى بسطه بأية وسائل ظاهرة وعلمت أننى ؛ لو بقيت فى محضرها ؛ ..كان يمتلئ بأمومة ؛ تتوغل ، وتغرى بالتحنان ، فخشيت االستمرار

فاسـتأذنتها ، وعـدت .. دون تبصر ، أو حساب وأن وجعى سيسيل ؛ ..سترتفع عن ينابيعى أغطيتها الحجرية ..بخطو متثاقل إلى أبى

وذا النون إذ ذهب مغاضبا ، فظن أن لن نقدر عليه ؛ فنادى فى الظلمات أن ال إال أنت سـبحانك ، إنـى "ـ )٤٠(".كنت من الظالمين

أجد مكانا أنسب غير وقفة ؛ يرفع القرآن ؛ فى معارج األكوان ؛ سالكا ، فتتجلى كونا واحدا ، وأنا لم " جبر":" فى محضر أبى المبتسم ، ساء لت أبى عن بذرة الفساد فى الكون ، وعن العجز المستكن ، فقال لى يونسى

فهتفـت ، ، واستغرقنى تعقب النور ؛ قد شرقت به أرواحى السـبعة !!" إنه ذلك التناقض بين الوجود والفكر ، دخول الغازى ؛ قـد " جبر"ينحسر، ودخل فى مشهدى صوت وأنا أشهده ، وأخذتنى رجفة ..بالنور أن يقيم

"..وضع السيف على المدائن )٤١"(فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فال كفران لسعيه وإنا له كاتبون" ـ

إنى سألت نفسى ؛ عما فعلت ، وعما لم أفعل ، ولمن أحاكم نفسى ، بعد أن عشت أحاكم غيرى ، وعن الغد ..هبه القصية ؟ ، ولم يكن خوفا ما أعانى ، فبينى وبين ذلك بعد المشرقين والمغربين، وما يطويه فى غيا

• يا أستاذ أبوك له وصية : دق الباب ، كان استدعاءا من امرأة أبى ، قالت ؛ وقد طوت األكفان فى لفة بيضاء

..، والكفن شرعىها ؛ على الكفن ؛ دمعتان ، سـألتها صوتها كان غريبا ثقيال ؛ كأنه يصعد من قرار سحيق ، وسقط من عيني

!؟..كانت عشرته طيبة: بصوت خافت : فقالت

عود القنا ؛ ال اعوج ، وال مايل يا قايله ؛ قولى على الخايل .. رقبته طويلة ، دراع شملولى يا قايله ؛ قولى عليه ، قولى )٤٢( عود القنا ؛ ال اعوج ، وال متنى يا قايله ؛ قولى على المسمى

، فإذ بـى أعرفهمـا ، باغتنى العديد ، أنصت للصوت عتيقا ؛ يأتى مسافرا ؛ من زمان ومكان مجهولين لى واللحم الفخارى ، وخيل إلى أن ، وإذ بذاكرتى تعاود انبعاثا ، أو بعثا ، ونظرت فى الوجه األسمر ، وأراهما

ا من قبضة طين ؛ اجترفها من أقصى حدود النوبة إلى شاطئ البحـر ، أو ربمـا هذه المرأة قد سواها خالقه تكون طينتها من بحيرات الحبشة المستحمة فى ينابيع الشمس االستوائية هناك ، جاءت مسافرة فـى قبضـة

!!ربها ؛ عبر مجرى النيل ؛ حتى استوت قائمة ، فماذا كانت أحالمها ، وإلى أين تصير ؟ ..الدنيا بخير: نهاقلت لها أطمئ

:قالت ؛ وهى مازالت تدمع ، وتدفدف على الكفن ياللى اتقطع حسك من الوادى ∴ القول عليك ؛ يا بوشاش بغدادى )٤٣(.. ياللى اتقطع حسك من الدنيا ∴ القول عليك ؛ يا بوشاش من المنيا

ماالوصية ؟: سألتها .. أمك أن يدفن بجوار: قالت . أنت قلت لى ذلك: قلت

..ووصى بأن أدفن أنا بجوار أمك: قالت !؟..وماذا فى ذلك..لك العمر الطويل:قلت ..الوصية واجبة: قالت ..لك ما تحبين: قلت :قالت

)٤٤(.. يا جارته نامى على حسه جارك بطول الليل يتمشى

: تقولفناولتنى لفة األكفان ؛ وهى حطوا دراع السبع فوق الباب وإن كان غايب ؛ يحسبوا له حساب )٤٥( حطوا دراع السبع فوق بابه وإن كان غايب ؛ يحسبوا حسابه

فلها الحق فى إن كانت متوجسة من غدها : "قلت فى نفسى ..وبينما أتلقى منها اللفة ؛ سقطت دموعها فى كفى ، تراجعت عن مجلسها ؛ خطوة بعد خطوة ؛ وفجأة تذكرت أننى ال أعرف مكـان قبـر أمـى ، .." التوجس

توقفت ، تساءلت ، تذكرت أن مرسى قد أخبر عن إتمامه لالستعدادات هناك ، وقبل أن أدخل علـى أبـى ؛ وعلـى ، تواجه الفراغ بوجهها ، هرمستقيمة الظ ، حانت منى التفاتة إلي زوجة أبى ، كانت جالسة ، وحيدة

:توقفت ، أنصت..فخذها ؛ توقع بكفها اليمنى ناعية يا جسر عالى ؛ وأنا عليك أمشى وإن جا غزير النيل ؛ ما أغرقشى

)٤٦( يا جسر عالى ؛ وأنا عليك أركب وإن جا غزير النيل ؛ ما نغرق

• !لماذا أفصل ؛ فيما جرى ؛ كل هذه التفصيالت ؟: أل نفسك ، والسؤال توجهه إلىـ لعلك تس

ورغبـة منـى فـى .. أراسلك ببعضها ، أو إيالم نفسى ، إنما هى روائح الوطن ، ليست رغبة فى إيالمك ..!! تـاج ومن هذا المشموم تحتاج ؛ تح ، وأشربة ، فذاكرتى تحتاج إلى أغذية .. االحتفاظ بهذه اللحظات حية

.!!مازلت ال أعلم عنها شيئا، وتنطلق بى إلى آفاق موعودة ، فربما تنشط من عقالها مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح فى يوم عاصـف ، ال “: يتلو" جبر"ـ دخلت ؛ بينما

)٤٧("﴾يقدرون مما كسبوا على شئ ، ذلك هو الضالل البعيد، ..!!" ولست أدرى ؛ إن كان بيننا جسر؛ غير ما أبنيـه ..هأنت ، وهأنا : قلت له ، ى وضعت الكفن بجوار أب

..!!.البدايات الوليدة: عسى أن تكون هناك..مؤمال فى النهايات البعيدة، وفى صحراء خواطرى سافرت ؛ نهضت من مكانى .. وظل فى مكانه جالسا ،عطش أصابنى فجأة ، صاحبته غصة ، من قراءته " جبر"فرغ

سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسالم على المرسـلين ، : "ثقيال ، هامد األطراف ، ارتفع صوت جبر ، ولست أذكر اآلن إن كنت قلتها فى سرى ..!!"على دمى : "أردفت بعده .." الفاتحة.. والحمد هللا رب العالمين

خترت جلب النعماء ؛ أو طلبـت وإن كنت ا …: "يبتهل ؛ قائال " جبر"؛ فقد سمعت ؛ من قاع قصى ؛ صوت ".دفع البلوى ؛ فاغفر وارحم، وال تنصرنى ؛ لرغبتى فى نصرتك ، حتى تكون مشيئتك ؛ آمين

ـ غصت فى كمد مفاجئ ؛ ما أسرع ما انتفضت من قيعانه ؛ بارزا على صفحته ، فرأيت فى أفقـه وعـدا ..خارج الحجرة ؛ سائال عن التليفونوغادرت أبى ؛ إلى ، بالسعادة ؛ يبارح ، تشبثت بأذياله

:ـ اتصلت بالفندق طالبا السيارة ، جلست فى ركن قصى فى مواجهة امرأة أبى ؛ التى قالت ..حوشوا خلى البال ؛ من جارى كلمة خلى البال ؛ واجعانى

)٤٨(وجعتنى..ة خلى البال حوشوا خلى البال ، من جنبى كلم !!؟"..خلى البال: " تساءلت فى نفسى عمن يكون ؛ هذا الـ

• !؟..ياعم كامل ؛ هل تعرف هذه العمارة: ـ سألت السائق

؟..هل عرفتها بسهولة: لم يفهم مرادى ، قلت أعنى ؛ هل استطعت الوصول إليها بسرعة ؟: نظر فى وجهى مبحلقا ؛ قلت

..!!أنا سواق..؟..ادتك يا سعادة الباشا ، ماذا تعنىسالمة سع: قال مترددا ..خذنى إلى النيل: قلت أين بالضبط ؟: سأل ..أى مكان فاضى..أى مكان على النيل: قلت ..لكن أعرف كازينو هادى ..سعادتك ، ما يصحش: قال

فى تمام الصحة وكنت ..وأسمعها فى عظامى ، ـ كان لهيبا يجتاحتى ؛ يا عبد اهللا ؛ وحمى تصرخ فى دمى السيارة مسرعة ، ولكنى أمرت السائق بأن يسرع ، أبدى الموافقة ، وخطف نظرة إلى ، وفجأة ..قبل ساعات ..!!.أنا شايف سعادتك تعبان ، أنا أعرف مستشفى قريب: عال صوته ..إفتح الشبابيك: قلت مختنقا

..!!ة الباشاياسعاد: قال محذرا؛ بينما يفتحها ؛ وهو مصوب عينيه نحو الطريق ..النيل: قلت ؛ وهواء الليل يغسلنى وأغتسل فيه

!؟..الهوا ريح سعادتك شويه: سأل أمرته ان يصطحبنى ، تقدمنى موسعا لى بعد كل ..ـ أمام كازينو أوقف السيارة ، أبدى رغبة فى البقاء فيها

..يا عم كامل ، ما تتعبنيش ، امش جنبى: قلت له..خطوتين أو ثالثلنا أدخلنى مطعما أطل عبر جدرانه الزجاجية على النيل ، جاء النادل ، طلبت منه أن يلبى طلبات ـ لما وص

..عم كامل ، واستأذنته الختلى بالنيل، كلما اقتربت منه وقع فى روعـى أننـى " الشامى"ـ فى طريقى للخروج من المطعم ؛ رأيت رجال يشبه

هو اآلن قد تعدى السـبعين ، فجـأة ..أين رأيته ؟ : ن أتذكر كان جالسا فى مقعد بمسندين ، حاولت أ ..أعرفه: ورأيتهـا ..وكأنما عادت بى الذاكرة إلى تلك اللحظـات ..كان صاحب كازينو قريب من هذا المكان ..تذكرته

أدركت أنه قد صعد فى الصعود الكبير بعد االنفتاح ، فصارله هذا الكازينو ..؛ تقبل من ظلمتى " مريم العسال "تعالى فأحدثك عن قروش العشاق ؛ أمثالنا ؛ وقد صنعت من هذا العجـوز : "ت لها وهى لدى الباب قل..الباذخ

، وقادتنى إلى كرسى ال يفصله عن المـاء غيـر سـور حجـرى ..!!" بل حدثنى عنا : "، قالت .." مليونيرا ..عريض

على رأسى ؛ منذ نزلت من ؛ حطت .." رخمة"بل الحق أقول لك إنها كانت .. ـ ال تتوهم أننى قد التقيت بها ، ولم أشعر بمخالبها فى دماغى ، أوأحس برفرفة جناحيها العريضين إال فى هذه اللحظة ، وأنـا ..!! الطائرة

..خارج من باب المطعمـ جلست ، وفى مواجهتى جلست ، نظرت فى عينى مباشرة ، أنست أننـى مازلـت غيـر قـادر علـى

..!!"م يجد مستقره بعداألمر مازال ل: "قالت..مواجهتها ..!!".لكننى مازلت لم أجد نفسى بعد، إنى قد عدت : " ، همست!" ؟..أنت إذن لم تعد إلى: "قالت..لم أرد

..!!أمر الباشا: ـ ودق مسامعى صوت ..قهوة سادة: كان نادال أسمر طويال ، قلت

لم أجد وهمى رابضا فـى ..ككاـ لما رددت نظرى إليها ؛ وجدت الكرسى فارغا ، فتحسست قمة رأسى متش ..؛ على الضفة المقابلة" وراق العرب"أخذت تراسلنى من جزيرة ..فاستسلمت ألضواء واهنة..مكانه

؟ وما ثمـن ..فمتى يطفو قاربى ؛ فى تيارك السرمدى ؛ أيها النهر القديم ..ـ موحول أنا فى تحوالت أزمنتى البد أن تقتضينى ثمن الماء ؟ ، وما كفارة البساتين ؛ التى ، وهل ! الماء ؛ الذى روى أشجار الصبا والفتوة ؟

!!هجرتها ؟ !!ـ هل يسمح الحراس بعبور قاربى من الليل ؛ ألطالع النهار ؟

، أسئلة ؛ يا صاحبى ، تطير فى الليل ؛ على صفحة النيل ؛ طيران النوارس التى هدمت أعشاشـها ..أسئلة ..!!ى بديلفهامت فى تيه البحث ؛ عن مأو

، كنـا ! هل تذكر؟ ..توثبت منذ عامين ؛ فى تلك القرية الجبلية من ريف أسبانيا ، أسئلة ؛ تحيى أسئلة قديمة لم تكن أنت ترى ..معا فى سيارة واحدة ، دعوتك لزيارة األندلس ؛ واحدة من شموسنا الساقطة فى محيط الدم

، ضحكت ..!! ألسبان مازالوا على عهد الجبال السوداء وأن هؤالء ا ، أن التاريخ يسرى فى عروقه نداء الثأر فالكهوف القديمة ؛ قد دخلتها الكهربـاء ، فهربـت منهـا ..إنها أوهام الماضى : " قلت لى ..أنت من مزاعمى

وتوقفنا ؛ فى تلك القرية ؛ طلبا للراحة والماء ، وفى خلفية المقهى الحجرى ..!! " غيالن الثأر ؛ واألساطير فرأيتنى ، ومن جحرها ؛ خرجت بعد ساعة .. ؛ ملبيا نداء الغواية ؛ الذى لوحت به غجرية عجوز دخلت أنا ،

وبعد ليلة من منادمة الخمر؛ ساعدت خاللها نفسى على ابـتالع ..، سألتنى ؛ فلم أجب ..!! أنت شاحبا مقرورا ..ابى اآلفاقوعدت إليك ؛ فدخلت دائرة المرح اليومى لجو..تناسيت، ما سمعته منها :قالت تلك الغجرية..ـ اآلن أبوح لك

، وتعطـى ، عشت النهـار؛ شمسـا تضـئ ..لم يمت ما كان حيا ؛ وإن تحول ..أنت تحمل ميراثك وتمضى "لن يبعثك إلى نهار جديـد غيـر ..أنت ميت ..قاربك يبحر عبر البوابات .. وحين جاءك الليل رقدت ..وتلهب

..!!. قبل موتكامتثالك األول ؛

قوتك كلها ..ذكرانا وإناثا ..وجنودك..وقادة جيوشك ..وآلهة أرواحك السبعة .. من برك األول ؛ ينهض مؤيدوك حيث يتـربص ..بالد الرعب والفزع .. وتعبر بك بوابات الساعات ؛ فى بالد الظالم الدامس ..تنهض من برك ..بد ، فال تكون لك قيامة بعد ذلكوقد يفنيك إلى األ..بك الذى يتسلمك

يقـابلون فنـاءك مـن ..ويعبـرون بـك .. هم الذين يقودون قاربك فى الليل ..إنهم ؛ هم ؛ الذين خلقهم برك فى األخدود وفى ..فى العذب والمالح ..فى السهل والوعر ..يواجهون فناءك من أجلك ؛ ساعة بعد ساعة ..أجلك

هؤالء الذين ترى عيونهم ؛ ..عبر الكهوف والممرات المجهولة ..ت النار فى بحيرا ..األراضى الممهدة الفسيحة وإليهـا يقـودون ..ويلتمسون روح العالم العظيمة فى الظلمة السـحيقة .. فى الظالم الدامس ؛ أعداء قيامتك

لـى يسحبون قاربـك ع ، وعز الماء ، فإذا جف النهر .. فيفتحون األبواب المغلقة ؛ والبوابات الضيقة ..قاربك ..!!".ويمضى قاربك..ويسقطون األقفال عن أبواب الصروح المعترضة ، فيخشع لهم أعداؤك.. الرمال

!".؟..فهل لك بر يبعثك من موتك: "وسكتت الغجرية ثم سألتنى ! فماذا ترين أنت ؟: سألتها ..!!".ركوأنت الذى تعلم ما صنعت فى نها..وأنت بين المغرب والعشاء..مضى نهارك أو كاد: "قالت وبم تنصحين ؟: سألنهامملكة عدوك .. يدخل قاربك ؛ حامال لحمك فى الكهف السرى ، فى الساعة السابعة من ساعات موتك : "قالت

وما يحمله التيار ..تبتلع كل ما يأتى به النهر من ماء ، إنى أرى األفعى العظيمة فاغرة فاها ..، ومكان عرشه لحمك ؛ قبل أن يندفع فى الدوامة الكبيرة ؛ ساقطا فى األعماق خـارج على ظهره ، وقاربك هناك ؛ فأدرك

..!!". الزمانأيتها الجيبسى؛ من أين علمـت : فى مملكة الليل " قارب رع " قلت لها ؛ وقد خيل إلى أنها تتكلم عن رحلة

!كل هذا ؟ ..".أيها المصرى ؛ نحن قد حفظنا العالمات القديمة: " قالت

وكيف تمكنتم من ذلك ؟: دقسألتها ؛ غير مص ..!!".بالمرح ، بالمرح العظيم: "قالت

:تعجبت ، فالشائع عن الغجر من أفكار قد وقف دونى واستيعاب ما تقول ، سألتها !، ذلك الذى طالما جربه المنتصر؟!! ؟..ـ أليس المرح هو المرح

.."ال..ال"ـ ليمنى ؛ التى تشبه مخلب طائر جارح ثـم أردفـت ؛ قالت العجوز محذرة ؛ وهى تلوح فى وجهى سبابتها ا

:وهى تصوب فى عينى عينين فيهما جمرتان ..!!".المرح العظيم طقس للجماعة التى عرفت الحزن العظيم" ـ

!وما الحزن العظيم ؟: سألتها ..".ذلك الحزن الذى يعرفه اللحم: "قالت !هل تعنين الجسد ؟: قلت

!".وهل ملكت ذات يوم من األيام غيره ؟!! وهل تملك أنت اآلن غيره؟: "سألت ؛ وهى تضحك فى صخبوقاربـك ..أنـت لحـم ..أنظر؛ أنت ميت : "قالت.. ففى وهمى أن لى عقال ، وجسدا ، وأمورا أخرى ..سكتوكمالك الليـل ..أنت لحم ؛ فى ليلك الدامس ..يدخل فى البوابات واحدة بعد أخرى ..يلتمس روح العالم ..يبحر

ولـن يقـوم اللحـم إال فـى التقـاء ..ولك سطحان ..أنت صاحب الطبيعتين ..لكل كائن ليل ونهار والنهار؛ ف حين يبتلع النورالظالم ؛ لدى البوابة الثانية عشرة من ليلك ، فى الساعة الثانية ..وتماهى السطحين ..الطبيعتين

!.؟..ما هو النهارفمن منكما هو الليل ، ومن منك.. أنت سطح ، واآلخر سطحك اآلخر..عشرة من ليلك

هناك يبحر فى الفراغ الواسـع فـى ..أنظر ؛ إذا دخل اللحم فى حياة اإلله ؛ يلتقى هناك بروح العالم العظيمة ..قارب ماليين السنين

وسـقطت ، ولمـا فشـل بعضـنا ..أنظر؛ نحن عرفنا ذلك الفرح العظيم ، ألننا قمنا بهذه الرحلة العلنية دائما خرجوا فى الساعة الثانية ، وغرقوا فى جوفه السحيق ، سابعة من ليلهم ؛ فى فاه الفناء قواربهم ؛ فى الساعة ال

ولم يكـن ..يملكون أسلحة لم نعرفها من قبل .. وكانوا كثيرين ..عشرة بلحم ميت ، أخرس ، وبدأت الحروب جماعات منا ذهبت إلى الشرق فى خط طويـل ؛ مـن مصـر إلـى أقصـى مرتفعـات ..أمامنا إال الفرار

وبعضنا ارتحل فى الشـمال ، وقبيلتـى ..وبعضنا ذهب إلى الغرب فى خط طويل ينتهى إلى المكسيك ..تبتال ..من هؤالء

!".؟..فهل فهمت..أيها المصرى ؛ لقد استعصينا على الفناء ؛ بالمرح العظيم ..إن كنت صادقة فانصحينى: وجدت نفسى أقول لها ؛ وقد اختلطت فى عينى األشياء وظاللها

لكن ..إنه أصل كل الصلبان فى العالم ! أنت فاقد الذاكرة ؛ أيها المصرى ؛ أليس عندكم مفتاح الحياة ؟ ":قالت !".؟..واستعماله..من ذا الذى يستطيع حمل إصره

إال بالجهـاد ، والخالص لـك ..إنى ألنصحك باستعادة الذاكرة ، فقد اختلط فى دمك اللحم الميت باللحم الحى " ..!!".األعظم ..!!"إنى أحس فى نخاعى ببرد متوغل: " هذه آخر كلماتها ؛ ياعبد اهللا ؛ وبعدها قلت لهاـ كانت ..!! وعدت إليك مقرورا ، وكانت الشمس مشرقة ، والجو دافئا..اختفت فى ظالم جحرها..نهضت

لـم علـم وأنـا أع ، واآلن هأنذا أقوم من حضرة النيل ..ـ لم تنتبة أنت إلى أن الطالب ال يكون نفسه مرتين وبدا لـى ؛ أن ذلـك هـو عتبـة قاعـة العدالـة ..وما أفعل ..اليقين ؛ بأنه البد لى من تأدية ثمن ما فعلت

وامرأة واحدة ؛ جسد واحد حى ، ليل ونهار ؛ يوم واحد ، رجل واحد : "وأنا أقول لنفسى ، فنهضت ..المقدسة، البحار كثيرة ؛ والمالح واحد ، ومن التالقح ، الروافد كثيرة ؛ والنهر واحد ، تتعدد األنهار ؛ والعذب واحد

..!!".؛ يكون الواحد الحى•

!هل أكلت؟: سألته.. ـ لم أجد عم كامل فى المطعم ، وبينما أشرع فى استدعاء النادل ظهر الرجل معتذرا !؟..إياك تكون حملة وانزاحت..المهم سعادتك: قال ؛ فى حياء

..الحمد اهللا: قلت صادقا ..!! الحمداهللا:قال شاكرا ؟..أتأكل معى..أنا جوعان: قلت بمودة

..!!كده اللقمة تتبلع..أيوه: قال ..جلسنا

: وسألنى بسـذاجة .. ـ وهو عائد بى إلى مدينة نصر؛ اقترحت عليه أن يصل إليها من الدراسة ، لم يمانع ..أيوه يا عم كامل: ، أجبت ببساطة ! ؟..سعادتك تعرف إنى قبطى

هيه : قلت له أستثيره للكالم .. صار اليوم أمر غير عادى .. اله ؛ بدا لى أن ما كان أمرا عاديا ومن طريقة سؤ ؟..؛ يا عم كامل

..سالمة سعادتك: قال ..!!وكان لى أصدقاء كثيرون من األقباط..أنا قبل سفرى لم أسمع مثل هذا السؤال..إيه الحكاية: قلت

..!! الحرام بقهاهللا يجازى أوالد: سكت برهة قبل أن يقول•

ـ انتهت عيناى ؛ فى الليل ؛ إلى السفر فى المقابر ؛ عن يمينى ؛ والسيارة تصعد الطريق األسفلتى المسمى ، إن لم تكن قد نسيت ؛ فأنت تعرفه ، واحدا من الضباط األحـرار ، وأول وزيـر .." صالح سالم "طريق

اب إحساسى بحنين إلى الخلوة بنفسى فـى هـذه ولست أدرى أسب .. مات بفشل كلوى ..لإلرشاد القومى منهم قد يكون للدرويش الذى التقيت به هناك يد فى تفجر حنينى ، لكننى أرى أن األسباب أعمق ، منها ما ..المقابر

وقد يكون حديث الغجرية األسـبانية واحـدا مـن هـذه .. أعلمه ، ومنها ما أظنه ، ومنها ما ال علم لى به ..!األسباب

كاشفك بأن حديثها عن أصول الغجر، وانتشار أصولهم ؛ من مصر نحـو الشـرق والغـرب ـ فاتنى أن أ والشمال ؛ قد أثار فضولى ؛ فبعض المهتمين بالحضارة المصرية القديمة قد رصدوا هجرات تتجه فى هـذه

إليه تلـك وهم لم يفسروها على نحو ما ذهبت ..بعد انهيار الدولة القديمة ؛ فى األسرة السادسة ، االتجاهات وهى بهجة تنطـوى ..ولعل شدة وقع تفسير الغجرية يرتبط بالبهجة التى يمارس بها الغجر حياتهم ..الغجرية

شجاعة تـدوس المؤسسـات ، وتختـرق كـل الحـدود ، ..على شجاعة مطلقة فى مواجهة الوجود المتعين وأصحاب ، والمترددين ، رقص يسحق الجبناء ..والحواجز ؛ مهما كان نوعها ؛ سعيا إلى التحقق برقص حر

الوشائج مع كل ماهو غير طبيعى ، ويقال إن الغجرى ؛ والدالى الما التبتى ؛ كالهما يرقص هذه الرقصـة ..!!.بمنطقين متشاكلين ، وبأدوات متخالفة

قد ال تشاركنى الرأى ، لكنى أثبته فى رسالتى هذه بغرض استشراف أفق قد يكون له نتائج ..ـ على أية حال وعليه ؛ فإننى أعلم أن مقدماتى ؛ هذه ؛ قد ال تكون صحيحة .. فى وقت ؛ أحس أنه ربما قد صار قريبا ..ما

..!!؟ ، فالليالى حبالى ؛ يلدن كل عجيب..لكن ؛ من ذا الذى يدرى ما يخبئه الغد..بالمعايير الدارجة حاال•

: وقـال بنشـوة وارتيـاح ، ره وقف عم كامل فمأل صـد ..ـ حمل الهواء روائح البخورإلى مدخل العمارة قال إنه يفضل انتظارى ، وقضاء هـذه ..صرفته على أن يعود إلى فى العاشرة صباحا ..، لم أعلق ..!!." اهللا"

تركت له حرية التصرف ، وصعدت الدرج ببطء ، كانت الساعة تقترب من الثالثـة ، ..الساعات فى السيارة امرأة أبى ؛ فى كرسى ، ..البخور فى سحابات رقيقة من دخان تنطلق منه روائح ، مازال باب الشقة مفتوحا

ووجهها صوب ، فى مواجهة المدخل ، تخيط وسادة صغيرة مربعة ، تتحرك أصابعها فى هدوء حركات آلية إن كنـت ..الجماعه بياكلوا فى المطبخ يـا أسـتاذ : وقبل أن أصل عندها ؛ قالت ، أحست بدخولى ..المدخل

..انةجوعان ؛ أم سعيد سهر ..كترخيرك: قلت ..خيرالحاج يا ضناى: قالت

شئ ما فيها ، مألوف ؛ وأنيس ، يخرج من كيانها ، يسرى ..لست أدرى لم يهتز قلبى كلما تكلمت هذه المرأة مخدة ، للحـاج ، : قالت، وجدت نفسى أسألها عما تفعله ..فيحدث فيه هذه الهزات ، ويدخل قلبى ، فى صوتها

..اسه فى نومتهتريحوا عليها ر ؟..البخور مش كثير ياحاجه: سألتها !!؟..كثير علينا ؛ والال عليه: سألت

:ثم وقعت ؛ بصوت بطئ المخارج .. شيخ العرب ؛ قد الباشات ؛ واكتر .. أقول عليه القول ؛ واتمتل )٤٩(.. قد الباشات ؛ واخير شيخ العرب ؛ .. أقول عليه القول ؛ كله زين

وبعد وقت صرفته في اإلنصات لعديدها المشفوع بدموع يمتليء بها محجراها الواسعان ، وتصبهما دمعتـين ، وبعـدهما " جبـر "، ثم " مرسى: "بعد دمعتين ؛ ومن بطن الهدوء الثقيل ؛ ظهرت الجماعة واحدا بعد واحد

طـوح .. أسود ، واسع الكمين، وعلى رأسه عمامة بيضاء ضخمة ظهر رجل ؛ يخطو منكفئا ببطء فى جلباب وفحصـنى ..رأسه إلى الخلف حين صار فى مواجهتى تماما ، فطالعت وجها لم أر من قبل أشد منه وسـامة

قدرت أنه تخطى السـتين ؛ وإن كانـت قسـماته ال تشـى ..بنظرتين نافذتين ؛ من عينين واسعتين براقتين .." سبحان من له الدوام..سبحان السبحان: "لقرارقال بصوت عميق ا..بسنه

:بل اتجه إلى كرسى مجاور المرأة أبى ، وجلس ، ثم وقعت امرأة أبى ..ـ لم يجمالنى بتعزية ..حامى نزيله ، وكل متضايق .. أبو هلة حلوة ؛ أبو كالم رايق

)٥٠(..امى الولية ، وكل مسكينةح .. أبو هلة حلوة ؛ أبو كالم زينة

..وحدى..يا حاجة: قال الرجل

..!!ويا ريتنى يا عبد المعين فداه..ال إله إال اهللا: قالت ..!!الفجر قرب: قال

..الحمد هللا: قالت ، لم أعرف جوابا لسؤالى ، فلم أر هذا الرجل إال !! ؟..عبد المعين "ولكن من هو "..عبد المعين " ـ إذن فهذا ..فى تغسيل أبى

: ثم قـال ..كله جاهز : تقدمنا ؛ وهو يردد كالما ؛ لم أميز منه كلمة ، وقال له مرسى ؛ بينما تتعاقب أسئلته ..وكنت آخر من دخل الحجرة..كله جاهز: ثم قال..كله جاهز

• ن أثاثها ، فوجئت بالحجرة عارية م ..ـ خلع كل من الثالثة جلبابه ؛ قبل أن يغمر الحجرة ضوء مصباح قوى

وأبى ممدد على سرير غسله الخشبى العارى ، وكان ملفوفا فى مالءة بيضاء ، وبجوار السـرير طسـتان .نحاسيان عميقان ، وتحته طست مستطيل يشبه الحوض

بيد مدربة ؛ واثقة ؛ كشف عبد المعين المالءة عن وجهه ، ثم طواها نحو قدميه ، وناولها لمرسى ، وخاطب أخى ؛ يا عبد اهللا ، يا ابن أمة اهللا ، هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ، أنت تسـبقنا ، ونحـن يا: أبى

، وهمـا " مرسى"، وهذا " جبر"، وهذا ولدك ؛ شاهد من الشاهدين ، هذا " عبد المعين "الالحقون ، أنا أخوك ..ولدان من أوالد القلب لك ، وقد جئنا ؛ نهيئك للسفر األخير

أمامه من الجهة المقابلة ، وفى يده فوطة بيضاء من البفتة ؛ " جبر"؛ كان " عبد المعين "اطفة من ـ وبنظرة خ إلى إغالق نافذتى الحجرة ، وإطفاء أعواد البخور " مرسى"يساعده على خلع مالبس أبى ، بينما انصرف

ـ " جبر"وكان ..، خلعا عنه مالبسه ؛ برفق ؛ وعناية أسـرع ..رض الفوطـة حريصا على تغطية عورته بعإلى تقريب الطستين من بعضهما ، وكشف الغطاء عن أحدهما ؛ فارتفعت منه سـحابات بخـار ، " مرسى"

أخذ من طست الماء الساخن بكوز ، وصب فى اآلخر، شمر عن كمى فانلته ؛ حتى ظهرت عضالت عضديه " مرسى" هممت باالقتراب ، التفت ؛ مفتولة ، قوية ، ثنى ذراعه األيمن ، غمس مرفقه فى الطست اآلخر ،

عن مكانه ، ناولنى الكـوز، قـال " مرسى"تخلى لى ..اقتربت..أردت"..؟..هل تريد : إلى وعلى وجهه سؤال ، غمس مرفقه فى الطست ، كـان " عبد المعين "عن الطست ، انحنى " مرسى"، ابتعد .." الماء": "عبد المعين "

ماء الساخن ؛ صب كوزين فى الماء البارد ، قاس حرارته بمرفقه يريده بدرجة حرارة معينة ، وقف ، من ال ..ال إله إال اهللا: ، ارتفعت األصوات.." وحدوا: "، غمس الكوز ، مأله ، صب على ظهر يده هتف

: ـ رفع الكوز عاليا ، وصب فى خط ؛ من أصابع قدمى أبى متجها إلى رأسه ؛ وهو يقرأ بصـوت هـادئ تنزيـل العزيـز * على صراط مسـتقيم * إنك لمن المرسلين * والقرآن الحكيم ﴿:بسم اهللا الرحمن الرحيم

)٥١(﴾ الرحيمكانت الكلمات ..ـ ظل صوته يتخافت ؛ وهو يواصل صب الماء ، وأنا أناوله كوزا ممتلئا ؛ كلما أفرغ واحدا

إنا نحن نحيى الموتى ، ونكتب مـا : "وبينما أنحنى ، وأقوم ؛ ارتفع صوته ..تتالشى ؛ قبل أن تصل إلى أذنى

يقرأ معـه ، " جبر" وانخفض صوته بعدها ، وكان ) .٥٢(" قدموا ، وآثارهم ، وكل شئ أحصيناه فى إمام مبين ..لدى قدمى أبى" مرسى"ووقف

وشـكلت ..احت ، وأفرغـت الوجـود ال تشبه رائحة أخرى ، رائحة أز ..!! ـ فجأة ؛ دهمتنى رائحة ساحقة فارضا مذلـة فريـدة ، ..أفشى حضوره ، فاشتمل علينا بقوة مجترفة ..ضاغطا ، خانقا ، ماحقا ..وجودا جديدا

فقـد توغلـت ..، لكنها كانت قد سبقت الطلـب للصـبر .." الصبر": "عبد المعين "وانسحاقا مؤكدا ، وصاح الحذر ، والتحسب ، فتوترت أحشائى ؛ فى تقلصات ؛ تقاوم رغبة مفاجئـة بطعومها السرية ، عابرة حواجز

..!!".الصبر: "؛ وهو مازال يصب الماء" عبد المعين"وقال .. فى التقيؤ ، كنت واقعا فى طوق الحصارالكوزمن يدى ، وأخذ يصب " جبر"ثم إنه انهمك فى ترغية ليفة ؛ من شعر أبيض ناعم ؛ بصابونة ، وتناول

، كانت يده تتحرك ؛ جيئة ، وذهابا ؛ على جسد أبى ، ورغوة الصـابون تغطيـه ، " عبد المعين " يدى علىوأن هذه هـى ..وتنزلق على جنبيه ، ولما كنت أتابعه بعينى ؛ اكتشفت أننى لم أر أبى عاريا قبل هذه اللحظة

!. فهل تعرفت؟..فرصتى األخيرة للتعرف على ما جهلتهولم يظهر على كل مـن ..وأنا أتهدم ..والرائحة تصول ..ال يتوقف " عبدالمعين"و.. ينتهى ـ سيل من الرغوة ال

إلى قراءتـه بصـوت خفـيض " عبدالمعين"وعاد ..!! أى تأثر بتلك الرائحة الحادة الكريهة " مرسى"و" جبر"ق ، يمسد مفاصل أبى ؛ صاعدا من القدمين ببطء وقد انحنى عليـه فـى اسـتغرا " مرسى"و"..جبر"يشاركه

..!! والرغوة تغطى كفيه الضخمتين ، وأنا استكشف جسد أبى ابتداء من أصابع قدميهوجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين ، اتبعوا من ال يسألكم أجرا وهم مهتدون "ـ

)٥٣( :ثم عال صوتاهما حتى مأل الحجرة".. جبر"؛ فأدركه " عبد المعين"عال صوت

)٥٤(" الى ال أعبد الذى فطرنى وإليه ترجعونوم"الليف والصابون ، ثم انحنى يشارك مرسى ، وأخذ فى تليين جسد أبى حتى الن وصـار " عبدالمعين"ووضع !..!فتصاعدت أرتال من تلك الرائحة ، غمرتنى ؛ كسيل وقفت فى شالله معترضا..مطاوعا

لم يكن فى عينى ، إنما بدأ مـن خلفهمـا ، مـن داخـل ..ـ من داخل محجرى ؛ أحسست بلسع كلسع النار فأمطرت سيال يطفئ النـار .. جمجمتى ، ولم يكن لى سيطرة على غددى الدمعية ؛ فقد نشطت فى رد مدافع

؛ فيما هو يقوم من انحناءته على صدر أبى ، " عبد المعين "فجرت على خدى ، ولمحنى ..التى اشتعل أوارها "!..!الصبر: "فقال

ـ غسلوه بطنا لظهر ، ومن الجنبين ، أراقوا عليه ماء كثيرا ، وخرج مرسى ، ودخل بمدد بعد مـدد مـن وعبر زجاج نافذة شرقية ؛ دخل ضوء من العمارة المقابلة ، وتسللت موسيقى قديمة ، لعلها أغنيـة ، ..الماء

ربة ثقيلة ، ثم ما لبث السكون أن تالشت لحظات ، ثم عادت تهيم ، فأهيم معها ، وشق السكون نفير زاعق لع ابتلعه ، وعادت أصوات الموسيقى ، وسقطت عينى على وجه أبى ، كان مغسوال ، أبيض ، مبتسما لم يزل ،

تيجى تصيده ؛ يصيدك ، : "وعيناه المغمضتان انفتح جفناهما فهالتنى النظرة المندهشة ، وعال صوت المغنى )٥٥(.."!!مصيره ؛ يعذب الحب باله، وكل خالى ! ومين سلم من حباله ؟

انفتاح الجفنين ؛ فانحنى عليه ويده اليمنـى " عبدالمعين"الحظ ..ـ حاولت تجذب النظر فى عينيه ؛ فلم أفلح على إصبع القدم الكبير، ويده اليسرى على الجفنين ، لم يتوقف عن محاولة إغالق الجفنين ؛ حتى أسدلهما ؛

..!!على تلك النظرة "!!..وأنا الذى جئت..أنا هنا..نعم: "نت قد قلت ألبىـ لكنى ك

..!!اللى يحب الجمال: وعاد الصوت من الخارج ..وأدركت أن عاشق الغناء القديم ؛ يعاود االستماع لنفس األغنية

، الحظت ـ ألول مرة ـ " جبر"أبى إلى صدره ، ظهر أبى ملتصق بصدره ، يساعده " عبد المعين"ـ أسند وضع جبيرته بقدمه فى كيس أبيض من البالستيك ، وأن الماء يرتفع فـى أرضـية الحجـرة ، أن جبر قد على بطن أبى بكفه اليسرى مفرودة األصابع ، وينحنحه ، كمـا تنحـنح األم طفلهـا " عبد المعين "ويضغط طبغ ؛ فـى لم ينزل من بطنه شئ ، ورأيت القطن قد اص ..فى يده قطن ؛ يتلقى فيه براز أبى " جبر"و..ليتبرز

..دوائر صغيرة ؛ بسائل مدمم لطيف ، انقطعت الرائحة الكريهة فتساءلت عن السبب ؛ محاوال تفسيرامن ذلك ؛ حتى أرقد أبى بطوله ، وبدأ يغسله بالماء والصابون ، وبنفس الترتيب " عبد المعين "ـ ما أن انتهى

!!..كرة أخرى !!..وجففت دموعى بظهر يدى ، فسال سيلها صبيبا

• ـ هل تفجر جسدى بأشواقه الدفينة ؛ أم أننى كنت أبكى أبى ؛ بعد أن تالقت أعيننا فى اغتساله للسفر األخير

ولـم يعـد .. لست بالذى يصلح للقطع بإجابة ، وإن كنت قد أحسست بالراحة بعد توتر طال ، واسـتطال !!؟ة فى حياتى ؛ احتويت قدمه بين يدى ، ولم يكن باسترخاء ؛ قبل هذه اللحظة ، اقتربت من جسده ، وألول مر

يناولنى عودا من الكبريت ، أمسكت بالعود ، لم أعـرف " جبر"فى نيتى المساعدة فى تغسيله ، انتبهت على أخذ عودا ؛ واستلم منى قدم أبى ، وبدأ ينظف أظافرها واحدا بعـد اآلخـر ، بقيـت لـى قدمـه ..ماذا أفعل عود الكبريت ، ناولنى واحدا ، انتقل " جبر"يضاء ، وكانت مقصوصة نظيفة ، ألقى نظفت أظافره الب ..اليسرى

..إلى جهة الرأس ، أمسك بكفه اليمنى ،أمسكت باليسرىينظف الفم ، واألنف ، واألذنين ، وقفت عند بطن أبى ، وكان الغطاء على " عبد المعين "ـ لدى االنتهاء كان

ه ، وبأطراف أناملى ؛ أخذت فى تحسس بشرة البطن ، والصدر ، تتخلـل عورته قد تدلى ، فأعدته إلى نظام "!! ..يا حبيبى : "ـ قلت له .. أصابعى شعر صدره ، وعلى موضع قلبه ؛ ارتدت كفى

خطوة إلـى الخلـف ، " عبد المعين "، ابتعد " جبر"ـ مددت كفى األخرى ، تحسست صدره ، رقبته ، تنحى قبلت خديه ؛ واحدا ؛ بعد واحد ، قبلت جبهته ..دى على فمه ، قبلته من فمه ملت عليه بوجهى كله ، أرقدت خ

يـا ..آه: "، همست فى أذنه اليسـرى ..!!" آه: "، بكفى احتويت رأسه ، ملت عليه ، همست فى أذنه اليمنى ..!!".حبيبى

" :عبد المعين"، قال " جبر" ـ يد على كتفى رتبت ، كان

عد إن كنتم صادقين ، ما ينظرون إال صيحة واحدة تأخذهم وهـم يخصـمون ، فـال ويقولون متى هذا الو ": يستطيعون توصية وال إلى أهلهم يرجعون ، ونفخ فى الصور فإذا هم من األجداث إلى ربهم ينسلون ، قالوا

)٥٦(" يا ويلنا ؛ من بعثنا من مرقدنا ، هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلونقـائال فـى " مرسى"لجبر ؛ فاتخذ مكانه ، وفى يده الكوز ؛ وصب الماء ، فاقترب ـ تأخرت خطوة موسعا

ردد .. ، نظرت ، كان ينظر بحنان ، لم أرد ، بدأت دورة أخرى من الغسيل بالمـاء .." سعادتك تعبت : "أذنى ..الوضوء: قال عبد المعين..اآليات السابقات ، مرة ؛ بعد مرة" جبر"و" عبد المعين"كل من

ذ جبر يصب على يديه الماء ، وبدأ هو يوضئ أبى ، بادئا بيديه ، ثم وجهه ، ثم ذراعيه ، ثم مسح رأسه وأخ، حتى استصفى الماء " جبر"، وغسل أذنيه ، ثم غسل قدميه ، ولما انتهى أمال السرير جهة اليمين ؛ بمعاونة

، .." بدلة التشـريفة : " إذا انتهى ، قال ، وبمنشفة بيضاء ؛ من قماش البفتة ، جفف أبى عضوا فعضوا ، حتى ومال ..يحمل إليه األكفان ؛ كان قد دس يده بقطن تحت حرام عورة أبى ، وغطاها حتى سرته " مرسى"وبينما

ثم تناول األكفان واحدا ؛ ..على أذن أبى اليمنى ، وكبرأربع تكبيرات ، ثم أخذ يهمس بكالم لم أسمع منه شيئا ه من الجانب األيمن ، دون أن يحرك نصـفه األعلـى ؛ إال ليـدخل طـوق الكفـن فـى بعد واحد ، وألبس

..".مستورة معك ؛ إن شاء اهللا: "وقبل أن يضع الطبقة األخيرة من الكفن ؛ قال..رقبتهخذ : ؛ قائال " عبد المعين "؛ فوضع ورقة مالية فى كف أبى اليمنى ، ومد الذراع بالكف إلى " مرسى"ـ ومال

.. خذ منى: وقال مرسى مرة أخرى.. الورقة " عبد المعين"ثم فعل ذلك بكفه اليسرى ، بعد أن تناول ..منىوقبـل أن أدس ..مع أبى ؛ على هذا النحو ، وكان هذا أولى بى " مرسى"ففى لحظة ؛ توحد ..هزنى ما جرى

ده ـ فى صمت ـ ودسست فى فتقدمت بع..قد سبقنى ، وفعلها" جبر"يدى فى جيبى ؛ مفتشا عن نقود ؛ كان مـا : ؛ فتناولها ، ثم قال ؛ وهو ينشر ما أخذه فى يـده " عبد المعين "ومددتها إلى ..كف أبى ما خرج فى يدى

!!.. شاء اهللا ..!!نظرت ؛ فإذ بها أوراق خضراء ؛ من فئات مختلفة من الدوالرات

..؛ على رأس الشارع" شكوكو"ك ابقى غيره من كش..!! دا أخضر: انقبض قلبى ، ارتبكت ، قال مرسى

• ! ؟..ماذا أقول لك يا عبد اهللا

وغادرت أبى ملفوفا ؛ فى لفافة بيضاء طويلة ؛ مـن ..ـ أذن الفجر األذان األول ، وقد تم التغسيل والتكفين هـدومك اتبلـت يـا : فقالـت لـى ..من امرأة أبى ، وهمس فى أذنها بشئ " مرسى"اقترب ..قماش رخيص

..انتبهت إلى ابتالل بعض أجزاء من مالبسى ..شوف اللى ينفع ؛ والبسه..الحاج كتيرةهدوم ..أستاذ ..يا مرسى هات عباية صيفى من بتوع الحاج: قالت

بعد شوية هـدومى : قد عاد حامال عباءة من تيل فاخر، وضعتها إلى جانبى ، قلت " مرسى"فى لحظة ؛ كان ..الدنيا صيف..تنشف ..ورش زيت الياسمين على الخشبة..نظافة أودة الحاج ، وولع بخوريا مرسى ؛ خلص : قالت

..الكولونيا فيها سبرتو: قال عبد المعين محذرا !..اهللا يهديك..ده زيت ياسمين ، مش كولونيا يا عبد المعين: قالت

..يارب: قال الرجل مؤمنا على دعائها ..منك العفو: ثم قال بهدوء

جته من تنظيف حجرة أبى ، حتى فوجئت بأقدام كثيرة تصعد الدرج ، نظـرت ، ـ ما أن انتهى مرسى وزو فإذ بالمهندس الملتحى فى طليعة الداخلين ، وبعده صف طويل من الملتحين وحليقى اللحى والشوارب ، بعـد

تاذ ركـن فالحاج حبيب قريب ، وأس..المحبون اجتمعوا على كلمة سواء : "أن سلم ورحمة اهللا وبركاته قال لى .." لقد اجتمعت الكلمة على إقامة صالة الجناز على الحاج بعد صالة الفجر حاضرا إن شاء اهللا تعالى ..ركين

..ال بأس: قلت له ، .."لقد أعفانى المهندس من أحد الواجبات: "، قلت فى نفسى !والدفنة امتى ؟: قالت امرأة أبى

كريم ؛ بقراءة ما تيسر من القرآن الكريم ؛ نشيع الجثمان جميعنا بعد أداء الواجب نحو الفقيد ال : قال المهندس ..إلى مستقره إن شاء اهللا

..ال بأس: ، وقلت للمهندس.." وهذا أيضا حسن: "قلت فى نفسى ..إذن نتوكل على اهللا لندرك الفجر: قال المهندس

باب الملتحين ، ليس المهندس من أربعة من الش ..وقبل أن أقول شيئا كانوا قد دخلوا ، وحملوا أبى فى صمت ..وصيتك يا أستاذ: فإذ بامرأة أبى تنهض واقفة ، وتقدم لى المخدة الصغيرة ؛ وهى تقول..بينهم

دا ورق : تحسستها متشككا ، قالت امرأة أبى ..ـ تناولت المخدة ، فأحسست أنها محشوة بشئ غير مألوف لى ..نبق وبرسيم ؛ على شان تكون حنينة على راسه

؛ الذى استأذننى ، وتخطانى مسرعا ، هبطت ، وفى الشارع أسـرع " مرسى"قبلتها ، هبطت الدرج ، يتبعنى ، فلما علم أنه أبى ؛ تجمد فى وقفته مـذهوال لحظـة ! " من هو؟ : " متسائال عن المرحوم " عم كامل "نحوى ..تحت أمرك: ثم قال مشيرا نحو السيارة..خاطفة ..سأمشى: قلت

فوجئت ؛ يا عبـد اهللا ؛ بنـاس .. رجل ليدرك حاملى النعش ، أدخل كتفه تحت الخشبة ، مشى معهم أسرع ال كان أكثرهم مـن الملتحـين ، والبسـى الطـواقى البيضـاء المخرمـة ، ..يتقاطرون من الشوارع الجانبية

ت ، ولـيس ال صو ..كان مشهد الجناز ؛ فى الشارع الطويل الساكت؛ وتحت المصابيح ؛ عجيبا ..والجالبيبخيل إلى ـ أو هى الذكرى شوشت على المشهد ـ أنهم ؛ بالتأكيد ؛ سيهدرون ، فيوقظـون ..من يفوه بكلمة

النيام ، بتلك الصيغة القديمة ؛ التى طالما سمعت الناس يرددونها ؛ فى توقيع ينبعث من قلوب شربت إيمانها طال الطريق ، ولم يحدث ما ..؛ يقينا بالبعث والنشور يرفعونها فى وجه الموت .. من ينابيع الحزن واالعتبار

ارتعت ؛ يـا ..يمأل نهرالشارع ..وناس يتقاطرون من كل ناحية ، والمشهد صار قطارا طويال طويال ..أنتظرهفهـؤالء الجمـع الحاشـد ..وكيف لم أعرف ؛ من قبل؛ من يكون ..من كان ؟ : عبد اهللا ؛ وتساءلت عن أبى

فقد تركته ـ قبل سفرى ـ تاجرا من تجار األزهر ؛ ..كان أستاذا من شيوخهم الكبارلست أدرى إن ..يشيعه ..!!ال يجيد غير مبادئ القراءة والكتابة والحساب

ـ المشهد انعطف فى شارع ؛ نحو اليمين ، مشينا زمنا ، ثم انعطف ؛ مرة أخرى ؛ نحو اليمين ، وفوجئـت ..ال دايم غير الدايم ، وال دايم إال اهللا: بهدير ؛ كموج البحر؛ قد مزق سكون الفجر

فهذا الصوت الهـادر ، "..!!أهى تحية لفقيدهم ، أم أنها تذكير بمجهول ، أم أنها نذير ؟ : "تساءلت ؛ فى نفسى القوى ، المجترف ، يحمل القلب على الخفق ، ويفتح باب االحتماالت ، فينهض الكيان الحـى فـى دهليـز

..االنتظار والتوقعحملة الـنعش .. انتظم الجمع صفوفا ، وخلعوا األحذية ..نتهى المشهد إلى الدخول فى أرض فضاء ممهدة ـ ا

يهـرول " عم كامل "رأيت .. كنت قريبا من النعش ..وقفت ؛ ال أدرى ماذا يدور ..انتهوا به إلى يمين األرض محيط ، تسارع الناس إلى الصالة ، وذاب فى الزحام ال .." أنا مستنى سعادتك بره : "قال همسا ..نحوى محاذرا

من حولى ، وصاروا بين راكع وساجد ، خلعت حذائى ، وقفت أنقل نظراتى بـين الـنعش ، والمصـلين ، ، .." قال إيه عاوزين يبنوا فيها جـامع : "والعمائر المحيطة باألرض الفضاء ، طن فى أذنى صوت امرأة أبى

على غير اتفاق جئت ، ولسـت أدرى إن : "ل ، قلت ألبى أخرجنى الصوت من بحر المشهد إلى شاطئ التأم يـا : "، انتهبت على صوت مرسى يهمس فـى أذنـى .." كنت تريدها مسجدا ، أم كنت تريدها أشياء أخرى

سعادتك بـس : "، لم أرد ، دق كتفى وهمس بعزم ..!!" واألرض ها تروح فى أبو نكلة ..العملية باظت ..باشا ..".بعدين يا مرسى: " ، قلت.."تأشر وتقوللى إيه نظامك

ـ أذن صوت جهورى للصالة ، كان المهندس ؛ يعتلى حجرا فى نهاية األرض ، وفجأة غمر الجمع أضواء ..وكنت واحدا ضمن الصف األخير..وأسرع الناس إلى االنتظام فى صفوف..كشافات قوية من يمين ويسار

؛ على األرض ، هبت نسمات صحراوية باردة ، ـ من تحت إبطى تناولت المخدة ، وضعتها فى مواجهتى تسللت منهـا إلـى ..كبر اإلمام ، أقام الصالة ، كبرت ، ركعت ، وفى السجدة أرحت رأسى على وسادة أبى

فتسـاءلت عـن أنبائـه المطويـة ، . أنفى روائح الخضرة ، حملتنى الروائح إلى زمانى األول قبل السـفر !...!والمتربصة ، والتمست لطفا

ـ انتهت الصالة ، اعتلى المهندس الحجر ، بعد أن وحد ، وصلى وسلم علـى رسـول اهللا ، وعلـى آلـه أيها الناس ، من عاش مات ، ومن مات فات ، وإنا هللا وإنـا : وأصحابه ، والتابعين ، وتابعى التابعين ، قال

المسلمين رجال من رجالها ، وعـامال فقد فقدت جماعة ..أما بعد ..إليه راجعون ، وال حول وال قوة إال باهللا من عمالها ، قام على األمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر ؛ قيام األمين ، وعلى يديه ؛ نهض بعضنا مـن كبوة من كبوات الشيطان ، لم يدخر وسعا فى بذل وقته ، وجهده ، وماله ، فكان لنا المرشد والمعين ، وإنه ؛

إنا هللا وإنا إليه راجعون ، وإنا علىعهـده القـائمون ، : لك إال أن نسترجع ، ونقول وقد لبى نداء ربه ، ال نم وقـل اعملـوا فسـيرى اهللا عملكـم ورسـوله .. "وعلى دربه السائرون ، وما أضاع اهللا عمـل العـاملين

وسبحان ربك رب العزة عمـا يصـفون ، وسـالم علـى "توبوا إلى اهللا ، وارجعوا إلى اهللا ، "..والمؤمنون ..، عباد اهللا ؛ صالة الجناز قائمة" مرسلين ، والحمد هللا رب العالمينال

..ـ فى لحظات حمل النعش ؛ فوضع فى مقدمة الصفوفوما أن انتهت الصالة ؛ حتى حمل النعش على األكتاف ، ووسع الجمع طريقا ، ومن الهمهمـات ؛ تصـاعد

.. اهللاال دايم غير الدايم ، وال دايم إال: الموج بالهدير: بارحت فى إثرهم ، ولدى الرصيف وقفوا ، وحدث لغط ، واختلطت أصوات ، وسمعت صوت مرسى عاليا

..".المرحوم موصى..ال"يا باشـوات ؛ مـش هيـدفن غيـر فـى : وأقبلت عربة إسعاف ، توقفت مقابل النعش ، وقال مرسى بحزم

..". حسب الوصية..تربته ..".سعادة الباشا عارف هيدفن أبوه فين..افيش كالم تانى وال تالتم: " اقتربت ، لمحنى مرسى ، هتف

يعرف ، تنحى الناس لى ، فتح باب سيارة اإلسعاف ، أدخلوا " مرسى"ـ لم أكن أعرف ، لكن من المؤكد أن النعش ، دخلت ، دخل المهندس ، جلس مرسى إلى جانب السائق ، انطلقت السيارة فى غبشة الصباح تتهادى

..لفها كان رتل طويل من السيارات وخ. )٥٧"(قل هو اهللا أحد ، اهللا الصمد ، لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد"ـ

انطلق صوت المهندس ؛ وقد أراح كفه على حافة النعش ، رفعت عينى نحوه ، التقت عيوننا، كرر قراءته ، فتور ، حتى أحسست بالسيارة صاعدة ، فنظرت ، بغير توقف ، أو ..قرأت معه ، مرة ، بعد مرة ، بعد مرة

..كان رتل السيارات يرتقى بطيئا ، ونور النهار يرشح فى ضباب خفيف•

تأخر المهندس ، .. نظرت حولى ، حمل مرسى النعش مع ثالثة من الرجال..ـ فى البدء ؛ تشابه على المكان ..!!دخلوا من الباب ، تبعتهم ، وساخ قلبى

ورجال واقفون ، وفوهة القبر التى كان الدرويش يسند ظهره .. وش ؛ فى قرافة ابن الفارضـ كان نفس الح ..!!إليها مفتوحة ، ازدحم المكان ، دارت رأسى

، قراءة جماعية ، أحاول استجماع قواى ، ألتمس الخروج من دوامة داخلها طنين " يس والقرآن الحكيم " ـ ..!!بذبا ؛ كنت أسقط فى الظلمة ، تلقفتنى أذرعمتموج ، أغوص ، أطفو ، وضوء يبرق متذ

ووجه عـم ..وجه مرسى بمالمحه الصارمة : ـ لم أفتح عينى إال على وجهين ، كان كل منهما يرمقنى قلقا !جرى إيه ؟: قلبت عينى بينهما متسائال..كامل بمالمحه الحائرة

..أنا ؛ من امبارح ؛ كان قلبى واكلنى عليك: قال عم كامل ..!!لو أنه وقع ؛ الرتاح قلبى..لو أنى تذكرته..ست بقلق ، كان ثمة شئ ، شئ غائبأحس

! ..يا باشا ؛ الصبر حلو: قال مرسى

واقترابا لخطوى ؛ من حبيب إلى قلبـى لسـت أعرفـه ..وتوقا جميال ..وإحساسا بطعم ما ..ـ تذكرت إبطى ..!!بالتحقيق

وتذكرت فى موقفى هذا ؛ .. حقول ممتدة ؛ تستحم فى نهار أبدى ـ فجأة ؛ كأنه كان أمرا مقضيا ؛ تراءت لى ..!!وربما هو شخص آخر..ربما هو أنا..رؤية لشخص ما

إن اهللا حين خلق األبد ؛ تهلل األبد ، وسبح الخالق ، فجعل الخالق من تسبيحه : "ـ قال لى ، أو قلت لنفسى ..!! النهار والليل !!؟..ين النهارفأ.. هذا هو اللبل: قلت لنفسى

!!؟..المخدة..المخدة: ـ وهنا انتفضت قاعدا ؛ وأنا أتساءل مضطرباواهللا ..كله تمام ..حطيناها تحت راس الحاج ..ياباشا ؛ كل حاجة تمام : فقال مرسى ..وكنت أتحسس جوف إبطى

..!!كل حاجة تمام ..مضت عينىفأغ..وفى حاجة إلى نوم طويل..ـ حين بدأت استرد جأشى ؛ كنت مكدودا

..ويبتسم ؛ ابتسامة الحكيم يؤنب تلميذه..ـ لما فتحت عينى ؛ رأيته ، يطل على بوجهه ؛ مضيئا !!؟..إذا كانت هذه حالك ؛ وأنت فى االبتدائى ، فماذا سيحدث لك إذا وصلت الراقى: ـ قال

..!!.واشرب..انهض: لم أرد جوابا ، مد يده بكوب ماء ، وقال ..!!.إجمد ؛ يا عبد اهللا: دى ، نهضت ، طقت مفاصلى ، قال ؛ وعلى وجهه نفس االبتسامةـ تحاملت على ي

!!يا عم ؛ من أنت ؟: ـ بعد أن شربت ، تنفست ملء رئتى ، قلت ..أنا عمك: اتسعت ابتسامته ، ازداد إشراقا ، قال

..!!أنت عمى: قلت مقرا ..فاذهب..وهأنت؛ ماشاء اهللا ؛ قد نهضت..م من نومكسائق سيارتك ، والبواب ، ينتظران أن تقو: قال ..وأنا ال ذهاب لى ؛ قبل أن تجيبنى على أسئلتى..أيها الدرويش ؛ أنت عمى: قلت ..واهللا المستعان..اسأل: قال ..!!لست أشك فى أنك مطلع على خواطرى: قلت

وكـان .. دورات سريعة ، فى حركة مدومة دار فى ..من أعلى ؛ حلق إنسانا عينيه ، فتابعته ؛ محاوال إدراكه وعلى غير توقع ، توقفت النظرة المدومة ، وحط طائره فى عينى ، ..بياض عينيه يتألق بأنوار تكاد أن تشف

يـا : قـال ..رفت على شفتيه ابتسامة زمان كان راحوما ..فأحسست بقلبى قد تعرى من أقماطه ، وأباح سرى ومع هذا ؛ فاعلم أن أباك كان على الشريعة ، ولما دخل مدرسة .. ضامن جنة عبد اهللا ؛ ليس من مغسل هو

..وكان يومها وحيدا ، فزوجته أنا بامرأة صالحة لتكون له أنيسة..اآلالم ، ونال شهادتها ، صار على الحقيقةفانظر إلى مـا .. وأنت واحد من عبيد اهللا .. ياعبد اهللا ؛ الناس مثل زمانهم ، ألنهم هم الذين يصنعون زمانهم

وكل صوت يأتى إلى من زمانـك ؛ ..كل نسمة تهب على من ناحية زمانك ؛ تخبرنى أخبار الجيف ..اجترحتميفوح بالخوف ، والكذب ، وكل المناظر مؤلمة ، وكل ما ألمسه يدمينى ، والمذاقات مـرة ؛ فـإن تبرقعـت

!!.؟..وأنتم قد صدرتم من نبع الحى الدائمفلماذا تريدون العدم ؛ ..بالحالوة ؛ كان تحتها السم

، وإننى ألجتهد ؛ أيها الحبيب ؛ أن أخفى اسمى عن الناس ، وتسألنى عـن السـبيل ..أنت سألتنى عن اسمى وتعمـر قناديلهـا بالزيـت ؛ ، وتنظفها ، ونوافذها ، عليك أن تفتح أبوابها ، وأنت تنطوى على سبع هياكل

!!.؟..فلماذا ال تفعل ذلك أوال..لتضئ؛ فـانظر، "طـيط "، وأن آخر الزمر " حنجلة"واعلم أنه لما كان أول الرقص ..اذهب ، واعمل ما عليك عمله

، والسـالم !! وحقق النظر، وانصت أحسن اإلنصات ، فأنت ؛ اآلن ؛ فى زمان الحنجلة ؛ على مقام الطيط !!..دارت العجلة..دارت العجلة..على من اتبع الهدى ، دارت العجلة

..!!.وحين رفعتها ؛ لم أجده.. ـ نكست رأسى متأمال ..ـ هذا ما وقع لى ؛ ياعبد اهللا ؛ وقد تلقيت رسالتك عن األعمال ؛ وأنا فى فراش مرض ألم بى

هل تصدقنى إذا قلت لك إنى مصاب .. ـ طلبك منى االجتهاد فى البحث عن أسرتك ؛ سأنهض إليه بعد أيام !!؟..فحوص لم تكتشف سببهوكل ال..بدوار دائم تقريبا

ـ غـادرت .. ـ وأتحسن ؛ بغير سبب أيضا ، سوى رغبتى فى بدء دورة جديدة من الحياة فى مصر ..المستشفى إلى الفندق

قضيت نهارا ممتعا بـين مصـر القديمـة ، ..ـ بعد أيام ؛ طلبت من عم كامل أن يأخذنى فى جولة بالسيارة ..نبواألزهر ، والقلعة ، والسيدة زي

ـ دخلت مسجد السيدة بعد صالة العشاء ، فرأيت حلقة من الناس ؛ حول شيخ معمم بعمامة ضـخمة ، لمـا فحمله إلـى ، وكان قد بقى رغيف جاف ،وتناول طعامه ، وجلس شيخ فى سفينة : "...اقتربت ؛ سمعته يقول

مـن أنـت ؟ ، : بل الموج ؛ وسأله فأق..وألقاه فى البحر ، فكسره بيده ، ولكن أسنانه لم تستطع مضغه ، فمه )٥٨(.."مادام أمرك قد انتهى إلى ؛ فسوف تصير رطبا: رغيف جاف ، فقال له: فقال

.." وهذا ختام حديثنا الليلة ، فالسالم عليكم ورحمة اهللا وبركاته .. وقام مغادرا

.. أنا على باب اهللا:فوقف ، فسألته عن عمله ، فقال، ـ تبعت الرجل حتى خرج من المسجد ، واستوقفته !؟..فهل تريد ماال: سألته

ممن ؟: ثم سأل..فنظر فى وجهى متأمال ..منى: قلت لماذا ؟: سأل ..ألنى سمعت منك كالما جميال فى المسجد: قلت .. أنا لم أقل هذا الكالم من أجل ذلك: قال

..ولم يلتفت، ومضى ، وتركنى سـافرت .. وكل منا سارح فـى ملكـوت ، يلفنا الصمت ، بى ـ جلست مع عم كامل فى مقهى الحرم الزين

رتبت محصولى ، ..جمعت فى السفر ما كان ؛ وأبت به إلى ..خواطرى فى الذى عشته ؛ منذ دخلت على أبى

وكنت هادئ البال ؛ ألسـباب ال أسـتطيع .. تناولتها بيمينى ..كانت صفحة فى كتابى ..وقرأت ما أخبرنى به ..، عرضت على عم كامل أن يشاركنى عشائىالجزم بأننى أعرفها

، فلما قبل ؛ أخبرته بنيتى لتـرك الفنـدق ..ـ بعد العشاء ؛ اتفقت معه على شراء سيارة ؛ يكون هو سائقها ..واإلقامة مؤقتا فى بيت أبى

: ; " .."

....فى القاهرة

ات قبل أن أمسك بالقلم ألكتب إليك ، ليس ألننى أخشى عليك األلم ؛ أو حرصا على اعتبارات ـ ترددت مر

فى الضفة األخرى منى ، وأنك قد تسمعنى ؛ كما صرت أشك ..الكياسة ؛ بل ألننى صرت أشك فى أنك هناك ..!!.فى أنه قد بقى ـ بعد تحقق المشروع الناجح ـ شئ آخر لتهتم به معى ، وأهتم به معك

؛ التى تنبهنى فيها إلى " الغاليـة"وفيها نصائحك ..ـ تأكد لى ذلك ؛ بعد أن تلقيت برقية عزائك فى موت أبى ونسـأل ذكاءنـا ..ويواجهوننا، فعلى رغمك ؛ ورغمـاعنى ؛ يقومون ..مخاطر إيقاظ الموتى من مراقدهـم

!!.فهل يسعفنا ؟..اإلسعافأبوك مات بعد سفرك بـثالث .. دار سكنت فيها أمك مع أختك ـ دورة طويلة درتها ؛ حتى انتهيت إلى آخر

سنوات ، وكانت أمك مع أختك ؛ آنـذاك ؛ فى الدراسة ، هذه الـدار األخيـرة .؛ بطنطا" كفرة الجاز" كائنة فى

ونظـرات ..!! ؛ فحاصرتنى مـن الجيـران نظـرت اسـتهجان ) أمك(؛ "أم خالدة "هناك ؛ سألت عن الست ، تعجبت ، وكانت دهشتى صادقة ؛ جعلت واحدا مـنهم !" ؟..ماذا تريد منـا "، !" من أنت ؟ : "ةوأسئل..حذرة

، وانتحى بى حالق اسمه !" ؛ فلماذا تسأل أنت؟ " السودة"لم يسأل عنها أى واحد منذ العملة : "يهمس فى أذنى حـول إال بـاهللا ؛ كانـت السـت ؛ وال "..اللبط"أنت باين عليك ابن ناس وليس لك فى : "؛ فقال لى " عامر"

!".باختصار قوادة ، بتسرح بنتها ، فقل لى بالصراحة ؛ ما غرضك ؟ومشيئة اهللا : "... يكلمنى ؛ دس شاب ملتح رأسه المغطاة بطاقية بيضاء مخرمة بيننا ، وقال " عامر"ـ فيما

..!!".ت نفسها بالجازوارتفعت بطنها؛ انتحرت، أحرق، فحين ظهر العار..كانت أن تموت البنت كافرةمن بعد موت ": "عارف"قال لى بقال ـ من جيرانها ـ اسمـه ، ـ فلما وجدوا بى إصرارا على اللقاء بأمك

" اإلسكندرية"وما من إنسان يعرف أين ذهبت ، البعض يقولون إنها تعيش اآلن فى ، البنت ؛ أمها قفلت البيت ، واهللا " أسـيوط "، أو فـى " األقصـر "انا نسمع أنها فـى ، وأحي " السويس"بل هى فى : ، وآخرون يقولون

..!!"أعلمينفجرعشوائيا فيفتـرس البنـت ؛ فـى ..؛ يعبر عن عنف كامن " خالدة"واإلجماع على إدانة ..ـ الكالم كثير ..!!.تناوش جنونى

حقنى ، وكانت نظرات هؤالء النـاس تال ، ـ إنى غادرت الشارع ، مستنكرا ؛ فى أعماقى ؛ كل ما سمعت مـش : "وأنا ال أكاد أميز المرئيات أمامى ، حتى اصطدمت بإنسان ، قال لـى .. وأحس بوخزها فى ظهرى

: فلما حاولت االعتذار ؛ والفرار بأسرع ما أستطيع ؛ وجدت الرجل قد تشبث بذراعى ؛ قائال !" .. تحاسب ؟ سألته عـن ..هه ، وجدته أعمى اضطررت للتوقف ، نظرت فى وج .. ، وظل ممسكا بى .." ربنا يصلح حالك "

..!!.وتأبطنى ، ومشينا ؛ وهو يوجهنى..!!" الجبانة: "وجهته ، قالثم عاصرت تفتح ، فخالدة ؛ التى عرفتها ؛ منذ كانت طفلة ..ـ دون دليل معاصر؛ ملت إلى تكذيب ما سمعت

وأمك ؛ التى طالما أطعمتنى ..اسوشاهدت رونقها ؛ ال يمكن أن تكون البنت التى يتناوشها هؤالء الن ، جمالها ..!!.من يدها ؛ ال يجوز أن تكون قوادة ، مهما وقع لها

يا حضرة ؛ أنا سمعتك وأنت تسأل عن الست :" ـ بعد خروجنا إلى الخالء ؛ قال لى ؛ بصوت خافت محاذر لك على :" ، قلت ." .فى الجبانة سأدلك ، لكن عاهدنى على شرط :" ، ولم ينتظر تجاوبا ؛ بل قال .. " أم خالدة ..!!".وال تخبر به أحدا، أن تكتم ما ستعرفه :" ، قال.." العهد

..!!".إذن ؛ فابق معى ، وال تسأل:" فلما أكدت له ما أراد ، واستوثق ، قال: توغلنـا بـين القبـور ، ثـم توقـف ، ونـادى بصـوت قـوى ..ـ دخلنا الجبانـة ، وهـو يـوجهنى

ضخم الجثـة ، نقـل بيننـا نظـرات ..، ظهر من بين القبور رجل تعدى األربعين !! ..يامحمود..يامحمود" .." نعم ؛ يا شيخ منصور: " متفحصة ، ثم قال

.؛ سأله الشيخ منصور.." أبوك فين ؟ "؛ تعنى مكانا معينا ، يعرفه كل منهما؛ فطلب الشيخ منصور " هناك"، قال ذلك ؛ وكأن .." هناك: "قال محمود ..ذنا إليهمنه أن يأخ، قد انهار أعـاله ، حتى انتهينا إلى قبر متشقق الجوانب ، ظل الشيخ منصور يتأبطنى ، " محمود"ـ تقدمنا

..!!.وحولها زهور وحشائش متنوعة متزاحمة، ومن داخله جميزة طالعة مة كان أطـول قــا ..ـ على األرض ؛ فى مواجهة القبر ؛ رأيت رجال ؛ راقدا بطوله ؛ على حصير قديم

فـانحنى عليـه ، ، " محمود"لما رآنا أشار إلى ..، وخلف رأسه مسندان عـاليان " محمود"وأضخم جثة من وفىجلسته؛ كان مستسلما ، خاشعا ، ينظر فـى اتجـاه ..وساعده على رفع ظهره ، حتى أسنده إلى المسندين

..، ولم يرنا" محمود"ا ، كأنه قد رأى القبر ، كأنه يرى ما ال يراه أحد منا ، ولم يبد عليه أى اهتمام بظهورن، حتى صار إلى يمينه ، جذبنى من ذراعى ألجلس ، وجلس هو ملتصقا بالرجل ، ألقى " منصور"اقترب منه

وقـرب فمـه مـن أذنــه، ثـم كبـر أربـع ، فاحتوى بينهما رأس الرجـل ، ومد كفيه ، عصاه جانبا كأنـه يسـر بكلماتهـا إلـى ، " سـورة الـرحمن " خافت ؛ وبصوت، بعـدها ؛ شرع يقرأ ببطء ..تكبيراتفتوسـل ببسـم اهللا .. يـا أخى ؛ لقد سبقـت رحمتـه غضـبه : " وقال له، صدق ، حتى إذا انتهى ..الرجل

..".الرحمن الرحيمأم "يا أبا محمود ؛ األستاذ جاء ليسـأل عـن السـت : "فقال له، ـ دمعت عينا الرجل ، ظل ملتزما الصمت

..!!.؛ كالما ؛ أوسخ من وسخ الودان" الحتة"وسمع فى ، "خالدة

..!!اتجه الرجل بعينيه نحوى ، نظر نظرة الموجوع ، ثم عاد ينظر نحو القبر المتهدمنظر الرجـل ..أثار الشيخ منصور ما وقع ؛ مرة أخرى ، أعاد على مسمعى الرجل ما سمعته أنا من الناس

وأسباب بحثى عنها ، ، ألنى هذا عن هويتى ، فلما حكيت حكايتى فس، نحوى ، مال نحو أذن الشيخ منصور ساد سكوت ، ومر وقت ، ثم طلب الرجل ماء ، فأقبـل ابنه من خلفنا ، يحمل فى يـده قلــة ، ، وسؤالى

وأسفرت عـن ، فالتوت مالمحه ، رفعها إلى فم أبيه ، فشرب ؛ وشرب ؛ حتى اكتفى ، وبسمل ببطء شـديد ؛ " الـرحيم "؛ و " الـرحمن "؛ و " اهللا"ثم إنـه ؛ بعد البسملة مرات ؛ اتخذ من .. ـها ؛ بدأ ينحسر شلل قد أصاب

أحسست بها تسـقط فـى ، وكان ـ من آن إلى آخرـ ينظر فى عينى نظرة مباشرة .. ورده ؛ بلسان ملتـو، !" ؟..عبـد اهللا ..هو..و..عبد اهللا ..أنت: "وسكت ، ثم سألنى ؛ وهو يلفظ لفظه بلسان ثقيل .. وتتوغل، قلبى ..!!"نعم:"أجبته

رقبـة .. فـى ..ذنبــها : فقال بصوت باك ، وباللسان المثـقل ، بينمـا يترقـرق الـدمع فـى محجريـه !أن تعرف ؟..تريد..ماذا:" ، ثم سألنى.." اهللا..عبيد..كل ..الحقيقة: قلت

..!!.الحقيقة..الحقيقة..قيقة..الح: فردد الرجل ..!!:.قل له الحقيقة: "نصورثم قال للشيخ م

: ـ قال الشـيخ منصوراستكثر عليها حسادها عفـتها وعصمتها لنفسها ، وتمسـكها بـدينها ؛ علـى ..البنت ؛ كانت عظيمة الجمال

وعيروها بدفاعها عن عبد اهللا أخيهـا ، وفخرهـا بـه ، .. عابوا عليها خدمتها ألمها ..!! الرغم من فقرها لك أن تتصور ياعبد اهللا بقية .. ا ـ وهى الفقيرة المعوزة ـ هذا األخ الدكتور المليونير وأنكروا أن يكون له

..وما وقع ألختك من وقائع..الحكاية :قال الشيخ منصور؛ بلسان أبى محمود..ـ وأما ما وقع ألبى محمود ، فإنه حكاية أخرى

إنى سمعت عن ابنتها كالمـا ..أن تدفن فيه ووصيتها ب ..؛ سببها شراؤها هذا القبر " أم خالدة "معرفتى بالست "وكانت ترفض ، خاصة بعد أن كثر طالبها ..والكاره..والحاسد..والمشتهى..والعاشق..فيه كالم المحب ..كثيرا

، ربما من عبد اهللا ، كانت تسافر إلى مصر ، تسأل عنـه ! تسألنى ممن ؟ .. وتعيش مع أمها منتظرة الفرج ، لـتعلم ، وتعلـم أمهـا ؛ إن ..قدمت طلبـات كثيـرة .. ارات ، قدمت طلبات ، دنيا فى الخارجية ، وفى السف

، يوم أقبل الناس إلى الجبانة بهـا : "، وسكت ، ثم قال ..!!" دنيا.. يا سالم ..هو حى إذن ..أو ميتا ..حيا..كان.. ؛ قـدتهم هو الذى قال لى ، فلما سألونى ؛ أيـن يـدفنونها " منصور.. "قالوا محروقة ، لم أعرف أنها هى

امـتالت أذنـى بكـالم ، ، وحتى القبـر .." الكردى"من المدخل الغربى ؛ حيث مطحن ..سمعت.. وسمعت ..!!وكل من تكلم ؛ يمضمض فمه باالستغفار..وسخ

فتحـت القبـر ، ..وضعوا الخشـبة ، ، فلما انتهوا إلى هنا ..!! ليتخلـصوا منها ، كانوا يركضون بالخشبة ..!! وعندى رغبة قوية لدفنها بسرعة ، ونفض يدى منها..لما سمعتوكنت مصدقا ..نزلت

ما أن تلقـيتها ـ فى كفنها ـ من ولدى محمود ؛ حتى أحسسـت : وسكت طويال ، ودمعت عيناه ، ثم قالوإذ بى أرى ..إال وأنا أنظر إلى نور عظيم ، على الرغم منى ، ولم أدر ..بعيدا..بعيدا..بأننى أندفع إلى الداخل

سقط ..أسرع نحوى رجل له هيبة ، ومن القارب ..!! وقاربـا ؛ بشراع أبيض ؛ يقترب مسرعـا .. نيل شاطئفى لمح البصر ؛ تناول البنت منى ، وتلقـاها منه رجل يشبهه ؛ كان واقفا فـى القـارب ؛ ..قلبى فى رجلى بالهواء ، جـرى القـارب ، تسلم كل منهما مجـدافا عريضا ، جدفا بسرعة ، امتأل الشراع ..فأرقدها داخله

..!!".وقفت مذهوال ؛ أنظر إلي القارب ؛ حتى اختفىولما غاب : "سكت الشيخ منصورعن الكالم بلسان أبى محمود ، وقال يروى ؛ بلسانه ؛ ما وقع فى ذلك النهار

كدت أنـزل : "مود، وقال ابنه مح .." أخرج لنلقنها ! يا أبا محمود ؛ ماذا تعمل عندك ؟ : " ؛ أخذنا ننادى عليه إليه حين رأيته خارجا مذهوال ، ووجهه أصفر ، ورجاله تلفان على بعضهما ، وانحط على األرض ساكتا ،

وانصرفوا ، أغلقت القبر، ولقن الشيخ منصور ، ولما أراد أبى النهوض ؛ لـم ، كان الناس قد حملوا الخشبة ..!!.ويبكى ؛ حتى انفلق، يستطع ، وأخذ يستغفر

أسـتغفر ..ليتنى ما ألححت عليه ، فربما أخذ اهللا بيده ، وكتم سر القبر ..ليتنى ما سألته : "وقال الشيخ منصور .."يا منصور؛ خذنى إلى أم البنت ، وأمامها أتكلم: "اهللا العظيم من كل ذنب ، إشـتد إلحاحى عليه ؛ حتى قال

ولما حكى ألمها كـل مـا : "اهد القبور، ثم قال منصور نقلت عينى بين الوجوه ، وشو ..ـ خيم سكوت طويل وسكتـت ، فقال لهـا أبـو ..!!" ، يا كبدى !! ياعين أمك ؛ يا روحى : "وقع ؛ طلب منها أن تسامحه ، فقالت

، .." ورزقك ورزقـى علـى اهللا ..؛ تعالى ؛ واسكنى عندى " السنطة"يا سـت ؛ أنا عندى دار فى : "محمود ..!!".ست ؛ أحب على يديك ؛ فالناس ناس سوء ، ولن يتركوك فى حالكيا : فسكتت فقال لها

فـإن شـاءت .. محمـود ..مـع ..رح..ال تقابل أحدا ..لها خلوة ..الست..اهللا..ياعبد..أنت:" ثم قال أبو محمود ..".إليها..أن يدخلك..ستأذن لمحمود..تراك..أن

ى دفعتنى إلى إلقاء األسئلة عليهم ألفهم سـر غرابة ما أرى هى الت ..ـ كان قبر أختك المهدم غريب المنظر فـى البـدء ؛ ..!! لم يمر على دفنها شهر حتى رأينا قبرها قد صد على نحو ما تـرى : "فقال محمود ، ذلك

، بعد شهر آخـر ؛ اخترقـت الجميـزة ظهـره ..!! ثم طلعت من الشقوق زهور وخضرة ، تشققت جدرانه ..!!".وطلعت من وسطه تماما

فبعد أن تكلم مـع أم ..أعوام مرت ؛ يا أستاذ ؛ وهو كما ترى : "شيخ منصور ؛عن أحوال أبى محمود وقال ال ومنذ تحسن قليال ؛ وهو ..وانعقد لسانه عن الكالم ، ولزم الفراش ، خـالدة ؛ لم تمر سبعة أيام ؛ حتى مرض

..".إنه ال يرتاح إال عندها..يطلب أن يأتى إلى قبرهااســم اهللا عليـه ؛ بقـى : "سألتنى عنك سؤاال واحدا ..، أذنت أمك بلقاء " السنطة"ـ اصطحبنى محمود إلى

!"..ومعاه فلوس كتيرة ؟، مبسوط غير أنى ؛ وأنـا فـى ذرا ..وأسهبت..وغيرها، واستراليا ، وأمريكا، فتكلمت عن أعمالنا الناجحة فى أوربا

..حماسى ؛ اكتشفت أنها ال تسمعنى ، فقد انصرفت روحها عنى

ـت أنت أسبابها ، ومهما تذرعت بحجج وبراهين على وجاهة موقفك ، ومهما كـان حبــك ، ـ مهما خمنكانـت نظرات تلقـى ..فأنت لن تستطيع تحمل تلك النـظرات ؛ التى كانت ترمقنى بـها من حين إلى آخر

.. يمكن وصفه بكلماتوأنبـأنى قلبى المبهظ أنها قد صارت عشيرة حزن ال..على قلبى دثارا من الحزنـ اآلن ؛ وقد اقتربت رسالتى من نهايتها ؛ أود أن تعرف أننى قضيت األسابيع التالية أتردد علـى أمـك ،

..ولم أيأس..لم تأذن أمك مرة أخرى بلقاء"..خالدة"وعلى قبر سألنى عن ..هوبدأ يمـشى مستندا على كتف ابن ، قد غادر الحصيرة " أبا محمود "فى آخر زيارة للقبر؛ رأيت

، فلما سألته .." ربنا حنن على .. الحمد هللا :" موعد سفرى ، سألته عن أحواله ، تقلصت شفتاه بابتسامة ، قال من ثـالثة أيام كنت أمـام :" عن ذلك ؛ قال ؛ وهو ما زال يخطو مستندا على كتف ولده ؛ كأنه يتعلم المشى

عاتبــانى علـى إفشـاء سـر .. منى ، ورحال بها فى النيل جاءنى الرجـالن اللذان أخذاها ..قبرها ؛ راقدا ..!!"لقد جاء اإلذن بالمسامحة: " قاال..وطلبت العفو والسماح، بـكيت ..القبر

..ألف مبروك..الحمد هللا: قلت له ..وهأنذا كما ترى.. وبشرانى باسترداد صحتى..سامحانى على ما بدر منى ، لكنهما حرما على الدفن: فقالالـذى عرفتـه ؛ بعـد أن عرفـت أخبـار أمـك " عبد اهللا " هذا ما جرى ؛ يا عبداهللا ؛ فهل ستكون نفس ـ

!!.؟..وأختك

: ..

..ىف كفر الشيخ

غير جوهرى قد طرأ عليك ، بعد تلقيت برقيتك المطول ، لست أميل إلى ربط رغبتك فى االستثمار بمصر بت فلم تقبل بالسـفر ..وعرضت عليها ما طلبت منى عرضه ، تلقيك رسالتى ، وقد ذهبت إلى أمك حسب طلبك

، ..!!" خلـه يتمتـع بمالـه : "وباختصار قالت.. إليك ، ولم تقبل ماال منك ، ولم ترد على بناء دار جديدة لها ..!!لىالغداءوقبلت كفها ظهرا لبطن ، وعرضت ع

وفى سياق هذا البحث ؛ جئت إلى كفرالشيخ، فقد علمـت أن ..مع هذا ؛ سأبحث رغبتك فى االستثمار بمصر ..؛ الذى كنا نعرفه بالفيلمجى ، قد صارعضوا بمجلس الشعب" عبد اهللا حسن"صديقنا المشترك

لقد رفضت استقبالى ، : ور، وسأشبعك على الف " مريم"ـ قد ترتفع موجة من موجات فضولك ، وتسألنى عن ..!!.وعاد رسولى إليها حائرا

ومرجعيتك معروفة ، فمـاذا ..ـ أنت تتهمنى ؛ فى إشارة كطعنة خاطفة ؛ بألوان من النشاط التخيلى الجانح !!.؟..يمكن أن أقوله لك ؛ بعد رسالتى األخيرة

قتراح ـ مؤقتا ـ ألننى لـم أتبـين ـ وأنت تقترح فصل العمل عن تحوالتى الذاتية ، ال بأس من األخذ باالفإذا حدث واكتشفت هذا الطريق قد أطرحه ..طريقا آخر أستطيع من خالله التعبير بالعمل عن هذه التحوالت

أعدك بأننى سأفعل ، ولـن يكـون ..وربما يتسع لغيرنا من عباد اهللا .. فربما يصلح لكلينا ؛ يا عبد اهللا ..بيننا ..قرارى مفاجئا

السبب هـو احتيـاجى إلـى رصـد .. أرسل إليك صورا من رسائلى إليك وأحتفظ باألصول ـ تسألنى لماذا فقد يكون هذا واحدا من السبل ..وألعاود التعرف إلى وجوهى وهياكلى ..هذه) المزعومة(ومراجعة تحوالتى

إلـى ومن التعـدد االنقسـامى ..ومن التشظى إلى االلتئام ..التى تساعدنى على الخروج من التيه إلى الرشد ويوم أعيادى ؛ هـو يـوم .. إن نزوعى ـ ياعبد اهللا ـ إلى أن أكون واحدا هو همى الواحد الوحيد .. الوحدة

..!!التقائى بهم على صعيد واحد ..!!.هؤالء الكثرة المتحاربون فى ساحتى ، وليس بينهم تصالح أو اتفاق ؛ حتى اآلن

إنمـا أيضـا ..رية مـن اقتراحـك فحسـب ليس سخ ..ضحكت..ضحكت..!! ـ تقترح على العالج النفسى خاصة وأنت خير من يعلم أن الـدور األساسـى ..وتجاهلك للمفارقة الحادة التى ينطوى مقترحك ..الحتيالك

، ألـم ! فماذا تريد أن تفعـل بـى ؟ ..للعالج النفسى هو تقزيم ذكاء الحيوية لحساب إعادة التكيف مع الواقع ـه من تعاسة على مدى ر !.؟..بع قرنتكتف بما حصدت

فهل مـن الحكمـة أن تسـعى إلـى إعـادة .. وموقعى فى اآللة الكبيرة مازال قائما ..نعم ؛ أنا ترس متمرد ؟ ، أليس من حقى ـ كإنسان ـ أن أتساءل عن قيمة دورى فى هذه اآللة الكبيرة ؟ ، أالترى أنه ..ترويضى

ال ترى ؛ أيها العلمانى المنضبط ؛ أنك قد صرت ، أو ! ؟..قد آن وقت التساؤل عن مردوده الذاتى بالنسبة لى أفال ترى أن ثمة مفهوما جديدا للفرديـة ؛ يبـزغ مـن ..، أنظر إلى العـالم ؛ من حولك ! من طراز قديم ؟

..!!ظلمات مفهوم قديم قد صار مستهلكا ،وتجلى قبحه المتزايد، وأفتح لرأسمالك مجاالت استثمارية ، ـ ثم ؛ بعد كل هذا ؛ هأنت مازلت ترى أن على أن أفى بوعودى لك

..!! ويدى مبروكة..وتلمزنى بأن طالعى مسعود..واثقا من أننى لن أخيب رجاءكسأفعل ، ليس من أجل حقوق مقررة بيننا ، إنما ألننى فى حاجة إلى العلم بما طرأ على الـدنيا .. ـ ال بأس

..ك ستكون صاحب القرار األخيرمؤمال فى أن..من تغيرات ؛ هنا ، وسأكتب إليك بما يتيسر

:" ; "..

واكتشفت املدى الذى ميكن أن يصل إليه املكابر إذ يتشبث مبوقف يتمترس فيه ؛ خوفا ..ـ أخريا تلقيت منك ردا ..من املواجهة

لثقـافية لمجتمع متخلف ، وتهيب بى أن أتخلص منهـا ـ أنت تقول أننى مسـكون بألوان من التصورات ا ثم تعـاود القول بأن عفاريتى ؛ هذه ؛ تتوغل جذورها فى الخوف الموروث مـن الطبيعـة ..ألحرر وعيى

وتغطى هذا كله بألوان من المنتجات الثقافية األوربية ؛ التى ترى مجتمعات الشرق موحولة فـى .. والمجتمعطبيعة واإلنسان ، وأننا بالتأكيد لن نتحرر ؛ لنبنى ؛ إال إذا خرجنـا مـن وحـل التصورات الخرافية عن ال ..الخرافة إلى رحاب العلم

فأنت قـد ..وفقط ؛ أدعوك إلى تأمل موقف كل منا .. ـ إنى لست مؤهال للجدل النظرى ؛ الذى تدعونى إليه ألخير إذا لم تتزوج بقصد اإلنجـاب وقد تكون ا ..تقطعت عالئقك األسرية ، وصرت االمتداد الوحيد لساللتها

تقول لك ـ على األقل ـ أن ولدى وابنتى منها قـد " هارمونى"فتجربتى مع .. من امرأة مصرية بالتحديدولن أعتمد ـ فى مسـعاى ـ أيـة ..أما أنا ؛ فلي أسرة هنا ، وأريد أن أعود إليها..صارا امتداد لساللتها هىوفى عمرى هذا ؛ ونظرا إلى .. من إال بما تبوح به دالالت هذه التجربة لى ولن أؤ ..شكوك فى تجربتى الذاتية

فدع أية حيلـة ..ما قد أكون وصلت إليه من نضج ؛ لست أرى ما يوجب الخوف من مواجهة الحياة كما هى ..وإما محاورا..إما شاهدا..جانبا ، واسمع منى ما وقع ؛ وكنت طرفا فيه

ك ـ بعـد البرقيـة المطولـة منـك ؛ وردى عليهـا ـ وفـى الثالثـاء ـ مضى شهر ؛ منذ تلقيت رسالتوقبل أن ..رأيت أن أنقلها إليك ؛ كما هى ..خالل هذا الشهر؛ التقيت بعبد اهللا الفيلمجى وحدثت أمور …الموافق

، وحاول إقناعها ببيع البيـت "مريم"؛ بعد مغادرتى مصر؛ قد تقرب إلى " الفليمجى"أفعل ؛ أريدك أن تعلم أن ثم عرض عليها الزواج ، فرفضت ، فكرر عرضه ، فكررت رفضها ، وأرسـلت ..الحديقة ؛ أكثر من مرة و

المتر ال يريـد أن : "وقال من روى لى هذه األخبار..إليه تطلب منه نسيان أمرها ، وتركها وابنتها فى حالهما ، وسـينما . يرجع عن إنتاجه وإخراجه قد ألفه ، ولن " فيلم"فى رأسه ..يتركها فى حالها ، ال هى ، وال ابنتها

..!!"الحياة واسعة ؛ كما تعلم جنابك ؛ وهو ؛ متخصص أصيل فى هذا النوع من األفالموالبنت فى أولويات جدول أعماله ، خاصة وأن دورة مجلس " مريم"قد وضع " الفيلمجى"وأكد لى الرواى أن

فلما سألت ؛ هـذا الـراوى ؛ عـن . خابات للمجلس الشعب الحالى تقارب على االنتهاء ، وبعدها ستجرى انت وال يعـرف ..مريم والبنت وراءهمـا أصـوات كثيـرة : أهمية مريم والبنت فى االنتخابات اآلتية ، قال لى

أهـل ..والحق أنهم كلهـم مـن أوالد الحـالل .. الفيلمجى وفضائحه أحد مثل مريم ومن يحيط بها من ناس

لكنهم ؛ حتى اآلن ؛ لـم ..عوا على أن يسقطوا الفيلمجى فسينجحون ولو اجتم ..ويحبون بعضهم البعض ..خير .."ولست أدرى السبب..يفعلوا ..ربما هم لم يدركوا ضرورة ذلك ، أو مدى أهميته: قلتفالواحد منهم يعمل طـول ..ولكن لقمة العيش هى التى صارت المتاهة الكبرى ..إنهم يفهمون كل شئ ..ال: قال

، يمارس عمال واحدا ، أوعملين ، ومنهم من يمارس ثالثة أعمال ؛ ليكفى مطالبـه النهار ، وقسطا من الليل ويقوم مع نجمة الصبح ، ليـربط نفسـه بـنفس ..ثم يعود فى آخر الليل مهدود الحيل ، فينام ..ومطالب عياله

..الساقية ..!!لكن هذا ال يمنع من ممارستهم لحقوقهم االنتخابية: قلت

ومن يده فى النار ؛ .. لدغته والقبر ..ثعبان..عبد اهللا الفيلمجى يده طايلة يا أستاذ : ارة قال لى وهو يبتسم بمر ..!!ليس مثل الذى يده فى الماء

!!؟..قصدك أنه يخيف الناس ويرهبهم: سألته ..ويا روح ما بعدك روح..أكتر..أكتر يا أستاذ: قال !!؟..والقانون..والحكومة: سألته ..!!إن كان عندك إثبات..بالقانون ، وإن كان خروج على القانون ، إثبتكله .. قل يا باسط: قال

..!!باين عليك مش م البلد دى..حضرتك غريب: ثم سألنى وهو يتأملنى•

التقيت به فى مكتبه ، طاف بوجهه شحوب خاطف ، ..؛ عرفنى على الفور " عبد اهللا الفيلمجى "ـ حين رآنى يا ..!! فى بيتنا ! العبقرى ؟ : توانى باألحضان ؛ وهو يردد مداعبا عابثا وما أسرع ما سيطر على نفسه ، ثم اح

..!!يا مرحبا..مرحباوبعد مشهد االستقبال االحتفالى الصاخب ؛ جلس فى كرسى على يمين المكتب الفخم ، وجلست فى كرسـى

!متى جئت؟..!! سبحان من يحيى العظام: فقال جادا..وتواجهنا..على يساره

!؟..وما مشروعاتك: عت فضوله ، سأل بجدية تشى بحرص ودودلما أشب ..لست أدرى ؛ حتى اآلن: قلت

علمت أن لديه خلفية من المعلومـات المتنوعـة ؛ عنـى ؛ وعنـك ؛ وعـن شـركتنا ..سألنى عن أخبارك واإلصالح االقتصادى بدأ يؤتى ثمـاره فـى كـل نـواحى ..البلد اليوم منفتحة على اآلخر : وقال..ونشاطها

..والدولة تشجع االستثمار فى كل المجاالت..لحياةاأنا ممكن أوفر لك دراسات جدوى لمشاريع كثيرة ؛ فى مجاالت : أنصت ، كان متحمسا ، لم أرد بكلمة ، قال

..مختلفة ، وأنت تختار ما يناسبكفلدى ميل دفين وافقت ، ليس لرغبتى فى التعاون معه ، بل نزوال على رغبتك ، ولن أخسر على أية حال ،

..إلى معرفته عن قرب ؛ بعد ما مر من سنين

..أنا مشغول اليوم ، وغدا ، فالحاجة مريضة جدا ، والظاهر عليها أنها تودع: قال لى بهدوءـ فى الصباح التالى ؛ دوى فى شوارع دسوق مكبرات صوت محمولة على سيارات ، معلنة انتقال السـيدة

والدة كل من األستاذ الكبير ، عضو مجلـس الشـعب ، ورئـيس ..سب والنسب ، الحاجة البارة ؛ سليلة الح المجلس المحلى للمحافظة ، ورئيس مجلس إدارة جمعية األمل لتنمية المجتمع ، وعضو مجلـس إدارة بنـك

سـتاذ واأل، عبد اهللا حسـن : المحسن الكبير ، النمو االقتصادى ، ونقيب المحامين بالمحافظة ، ورجل الخير ...و..و..صاحب ومدير الشركة االستشارية عنبركو إخوان، المحاسب عنبر حسن

..ولم أهتم ببقية األسماء ، فسوف أذهب إلى تشييع الجناز أللتقى ببقية إخوته الذين لم يسبق لى اللقاء بهمى القرافة ، وكيف يمكن كنت مستغرق الخواطر ف ..وأوالنى اهتماما خاصا ، " عبد اهللا "ـ فى الجناز؛ استقبلنى

ولماذا ال : "يقطعها سؤال ..وظللت أهيم فى تصورات ..وابنتى..أن أتحمل أن أكون قرب دارى ، وقرب مريم وتشـتمل علـى ..، وكنت ـ كلما رن السؤال؛ مشفوعا باألمل ـ يسوخ قلبى !" وألتقى بهما ؟..أذهب إليهماويصـعب ..وصرت فى صميم ظلمتها .. وطها بأفعالى وأجد نفسى فى شرنقتى التى نسجت خي ..رهبة هائلة

: وقلت ؛ معارضا سـؤالى ..على الخروج ؛ على الرغم من توقى إلى الخروج ، و إلى الهدوء ، وإلى النور وألنظر ماذا يكـون .. ألنى ـ سواء أردت ؛ أو رفضت ـ مصطحب هؤالء الذاهبين إلى المقابر ..فألذهب"

وإخوتى يصرون ..سيكون اليوم مرهقا : ، وقال لى عبد اهللا الفيلمجى متلطفا !" ..!منى ؛ حين يواجهنى ما كان ودع ..وعلى أية حال يمكنك االكتفاء بحضورك هنا ..وأن تتبعنا السيارات ..على أن يمشى المشهد على األقدام

.وفى خيمة العزاء ؛ فى ساحة سيدى إبراهيم ؛ نلتقى فى المساء..عنك بقية المشوار ..دع لى تقدير هذا األمر: لتلطفقلت بنفس ا ..نحن إخوة ؛ فال تتعب نفسك فيما ال طائل من ورائه: قال مجامال

ال : قلت ؛ وأنا ال أدرى لتمسكى سببا غير رغبتى فى مواجهة دارى القديمة ، وخشيتى من عـار الهـروب ..ثم هى المشاركة أرغب فيها..تخش على من التعب

..ومصر كلها نورت..نى بحضوركأنت شرفت: قال مطمئن القلب•

يسـتقبل كبـار رجـال اإلدارة ، " عبـد اهللا "ـ كان كل شخص يعرف ما عليه ، واألدوار موزعة بدقة ، و والمتنفذين من الناس ؛ بمودة األصدقاء ، كانوا أصحاب وجوه وأجساد تبدو عليها النعمـة ، وآثـار الغـذاء

يعلو بعض الوجوه شـحوب ، وبعضـها ..غاد صغيرة أوكبيرة الكثير المفيد ، وجوه ممتلئة ، ورقاب ذات أل محمر ، وكان أقلهم ؛ أصحاب قامات رياضية ، والباقون قد عبثت بأجسادهم سمنة اإلفراط ، ولـم أر فـى

لمـاذا يحبـون : "حياتى هذا العدد الضخم من السيارات المرسيدس فـى مكـان واحـد ، وسـألت نفسـى فأنت ؛ منـذ اقتنائـك سـيارتك .. ؛ أنك تعرف اإلجابة بأكثر مما أعرفها ، وأعتقد ؛ ياعبداهللا !"؟..المرسيدس

..!!األولى ؛ قد ثبت على عقيدة لم تتزحزح عنها فى أفضلية المرسيدسـ سامحنى ؛ يا فالح ؛ فى هذه المداعبات ، فالتشاكل بينك وبين هؤالء المتنفذين يصدمنى فى كل لحظـة ،

..!! تؤثر فيه الكلمات ؛ شأن من أراهم هنا فى هذه المناسبةوأنت على كل حال صاحب جلد ثخين لن

ـ تناهى إلى صوت مقرئ يقرأ القرآن ؛ لم يسبق لى أن سمعت هذا الصوت ، ولم أشعر معـه بارتيـاح ، وأبدى إعجابه بقراءته ، لم أعلق بشئ .. وهو مقرئ سعودى .... ملت على عبد اهللا أسأله ، أخبرنى أنه الشيخ

..ات صارت كثيرة ، وليس من الحكمة الجدل فى وجاهة متغير منها ، أو عدم وجاهته، فالمتغير: اهتمامى ، قال " عبد اهللا "ـ صوت خوار قريب ، وظهر أربعة رجال ، الثنين منهما هيئة الجزارين ، الحظ

قـس ولو كان األمر بيدى ؛ ما وافقـت علـى هـذا الط ..تالقيك نسيت ، على كل حال ؛ هذه وصية الحاجة ..!!.الوثنى

..!!هى أيضا مناسبة يأكل فيها الغالبة لحما طازجا: قلت موضحا ومعترضا وطبعا هو الذى غلب نفسـه ؛ ألنـه ..والبلد مفتوحة ، والكسالن فقط هو الغلبان ..النهار دا الكل يكسب : قال

..كسول ، وقاعد عن الحركة !؟..كدا..يا سالم: ى ؛ الذين طردهم مجتمع االنفتاحقلت ؛ وأنا أراجع ؛ فى ذاكرتى ؛ كثرة الكسال

..وتدخل فى تجربة..أنت جديد ؛ على الجو هنا ، وسترى بنفسك ، حين تستثمر: قال، ومع غيره من الناس ، عبر األيام والليالى التى مرت علـى فـى " عم كامل "تذكرت أحاديثى المتبادلة مع

؛ إلى أيام الشباب المبكر، فنحن قد تغيرنا " عبد اهللا الفيلمجى "دالت تعيدنى ؛ مع لم أشأ التورط فى مجا ..مصر ..ضمن فريق الذين يديرون حياة الناس" الفيلمجى"، ومن تغيراتنا ؛ تشكل هذا الواقع ؛ الذى صار فيه أبناء

..إن شاء اهللا: قلتنوعة ، على نحو لم نحلم به من قبل ، وغدا ؛ إن اآلفاق مفتوحة ، وعريضة ، ومت !! ؟..وما الذى يمنع : قال

..!!سترىثم يعود إلى ..ـ بين لحظة وأخرى ؛ كان يقوم ، ليكون على رأس المستقبلين ؛ كلما حضرت شخصية كبيرة

أن المناسبة الئقة بتعريفى بهؤالء الناس ؛ ولو من طرف واحد ، فقد " عبد اهللا "الجلوس إلى جوارى ، ولم يروكانت جعبته ال تنفد ، وعجبـت مـن ..رة يجلس ساكتا مراقبا ، أو يقول كالما متلطفا مجامال كان فى كل م

حتى ليتوهم من لم يعرفه أن النعومة الفائقة ..حاذقا..كان أملس .. الدرجة العالية التى حققها فى نعومة ظاهره ها ؛ عضوا دائما فـى اتحـاد طـالب ؛ خالل " الفيلمجى"وتذكرت أيام الشباب ، التى كان ..، طبع أصيل فيه

يعشق األكل الشـهى ، والخمـر الجيـدة ، وينزوعلـى .. جامعة القاهرة ، وكان عاطفيا ، وصاحب نزوات الساقطات ، مفضال ـ من بينهن ـ العامالت فى المالهى الليلية ، ويتزوج منهن زواجا شكليا ، ليقوم بدور

؛ حتـى " عبد اهللا ؛ يا فيلمجى "مشوار طويل قد قطعته يا : "ت فى نفسى قل..البلطجى ؛ طبقا لمقاييسه الخاصة وأنت أيضا ؛ يا فالح ؛ صرت شخصا آخر ، ال يتصل بذلك الطالب ..وأنا كذلك ..صرت إلى ما صرت إليه

ليطـوى الصـفحة ..المتذرع بكبرياء نابعة من التصبر على الفقر ، وفى قاع تصبره ؛ كان المتوعد يتربص إن تجربتى تقول لى أنه ال !..فهل يفلح أى منا فى ذلك ؟ وإلى أى حد ؟ .. غلق كتاب ماضيه إلى األبد وي..كلها

شئ يموت من ماضينا ، بل إنى ألتصور ـ فى بعض األحيان ـ أن ميراثنا الساللى الغامض ؛ ألنه مجهول حس بهـا يقينـا يتملكنـى ، منا ؛ مازال يعمل ، ويشكل أقدارنا ، وقد تصل بى هذه التصورات إلى حد أن أ

ويغرينى بأن أكرس جهدا مركزا الكتشاف طبقاتى ؛ التى لم أكد اكتشف منها غيـر رؤى ، يغلـب عليهـا ..!!االحتمال ، أو الظن

وقدرتك علـى .. وذكاءك الغبى ..وتمثلتك أمامى ؛ أيها الفردى؛ فارتجفت ، وتمنيت لو أن لى جلدك السميك ..!!ومباهجها المؤقتةاالستمتاع بمالذ الحياة ،

وهل ! فلماذا تالزمنى ؛ كما لو كنت وجهى اآلخر ؟ "..عبد اهللا الفيلمجى "ـ أنت ؛ على كل حال ؛ أقرب إلى وسأترك لك ..سأعلمك..فلن أفعل ذلك إال طبقا ألخالق الفرسان التى أحبها ..اطمئن!!..أستطيع التخلص منك ؟

..القسمة ، وأعطى لنفسى حق االختيار•

هامت فى الهواء أصوات ، وصارت تشبه عويال ونشيجا مكتومين ، ظهر من داخل الفيلال ـ التـى تشـبه قصرا صغيرا ـ نعش ، يحمله أربعة من الرجال األشداء ، الطوال ، تقدموا ، ولم يتبعهم أحد ، فى منتصف

بينما الجزار ومسـاعدوه ؛ وظهر عجل سمين ، خار مرة واثنتين ، ..الممشى المبلط ببالطات مرخمة وقفوا يسلكون قوائمه فى حبل ؛ بحركات خفيفة بارعة ، وشدوا قوائمه ، فسقط على جنبه ، فسحبوه بطرفى الحبل

ثم انساح ..وفى لمح البصر؛ غاص الجزار بسكينه فى الرقبة ، وفارت نافورة دم ..؛ حتى صار تحت النعش ثم همدت جثتة ، وعبر الرجال ؛ فى دمه ..واره الذى يغرق وتناثرت أصوات تكبر ؛ فى خ .. الدم على البالط

:؛ والنعش أعلى كواهلهم ، وهم يرددون .. وسلم.. ـ ال إله إال اهللا ، محمد رسول اهللا ، صلى اهللا ، عليهتقاطر المشيعون خلف الـنعش فـى صـفوف غيـر ..ولدى المسافة األخيرة من الممشى نحو باب الحديقة

..منتظمةوفى خواطرى تواثبت صور القرابين مـن ..د اهللا من إبطى ، وكانت عينى على دماء العجل ـ أنهضنى عب

أقدم العصور ، متسائال ؛ عن تلك اللحظة الراقدة فى ليل التاريخ البشرى التى عرف فيها اإلنسـان أسـرار هـذا الهـدف ، واصطنع األدوات من أجـل .. وأوغل..فتعاطى..ولذ له تعاطيها..وعلم أنه مادة مقدسة ..الدم

..وغلفه بالتقديس ، حتى ارتد إلى وثنية متفاوتة الدرجات ، متنوعة المظاهر ..!!لوال أنها وصية الحاجة: وقال عبد اهللا وقد لمح تقززى

..أنا مازلت مصريا: قلت فى حزن ..لكن ؛ البد لنا أن نتوب عن تقاليد التخلف التى أخرتنا: قال وهو يرمقنى من جانب عينه

وفى الشارع انحرف بى يمينا ..لم أرد ، تأبطنى ، وهرول ؛ من خارج الصفوف ؛ ليكون فى مقدمة المشيعين ..نركب السيارة ونسبقهم إلى القرافة: إلىشارع جانبى ، وقال بصوت عال سمعه من حولنا

..رتنا وفيما أنا أتخذ مقعدى بجواره والسيارة تنطلق ؛ كنت أفكر فى تقاليد التخلف التى أخ

وأخاطره بخواطرى ، وأنا مطبق الشفتين ، تعبر عيناى الفتات الدكاكين التى تنوعت من البيتزا"و " والهت دوجز.."السوبر ، والمينى ماركت ، إلى الجولد فينجر ، والسفن إلفن " ،"والكوين بورت"، " ركن األصدقـاء"و !!" فكرة "، و" ليالى ألف ليلة"، و " عمر الخيام"و وكانـت المحـالت ذات "..بيبى مودرن "، و " ميكى ماوس "، و " الميكروهانى"، و " التلى بلى "، و " الهامبرجر"و

لم أكن رأيت هـذا الشـارع مـن ..وكلها قد ركبت أجهزة تكييف ..واجهات زجاجية ، وأبوابها زجاجية مغلقة :سألت عبد اهللا عنه ، فقال بفخر..قبل ..!!" ى دسوق الجديدةدا الشارع التجارى الجديد ف"ـ

:وقال عبد اهللا.. وددت فى نفسى لو نزلت من السيارة ، وتصفحت هذه الدكاكين ..!!ـ لعلمك ، الشارع دا من إنجازات الحاجة

..كل تقسيمات المبانى فى دسوق الجديدة من إنجازاتها: وسكت ، ثم قال !؟..كن أرضا زراعيةهذه األرض ؛ ألم ت: سألته ؛ وقد عادت بى الذاكرة إلى الوراء

..طبعا ، كانت من أمالك الحاجة ، إنها العزبة القديمة: قال ..خسارة : قلت آسفاأنت ال تدرى ؛ كل الناس !..يبقى من أين الخسارة ؟ . العزبة عوضناها بعزب فى األرض الجديدة : قال بنشوة

نحن يا عبد اهللا نبنى مصر من أول ..المهم تشغل دماغك صح ..صاروا أغنياء ، والفرص مازالت واسعة جدا ..!!وجديد ، لندخل العصر، ونشارك فيه

..!!أوحشتنى يا رجل: قلت لهطوال مدة غيابك لم أنس أيامنـا ، وكنـت ! ؟..أتعرف..!! واهللا زمان ؛ يا عبد اهللا : قال ؛ ولم يلتقط إشارتى ..!!أحس دائما أننا سنلتقى

نا الهوينى ؛ فى شوارع خالية ، نال الرصـف بعضـها ، ومـازال ـ تساءلت عما أرى ؛ والسيارة تمشى ب " عبـد اهللا الفيلمجـى "أكثرها ترابيا ، وأكوام من بقايا مواد البناء ، تتناثر فى نواحيها ، وتساءلت عما يقوله

رأيت وفجأة ركن بالسيارة إلى جانب ، ونظر فى وجهى ، فالتقت أعيننا ، ف ..وعن هذا اللقاء بيننا ، ومغزاه ..وعشقه للمغامرة ، واستحالله للحرام ، واختراقه المسـتهين .. القديم ؛ الذى عرفته ؛ بمكره العابث " عبد اهللا "

:لألعراف ، وألسوارها ، وقال لىاسمع ؛ الناس هنا طيبون ، سذجا ، جهلة ، يصدقون ما نريدهم أن يصدقوه ، وإذا جاز لى أن أخـدع كـل "

..". على أن أخدعك ، ولهذا أحب أن أصارحكالناس ، سيظل عيباابتسمت له ابتسامة مودة ، مثلما كنت أفعل ؛ فى زماننا المنصرم ، حين كـان ..سكت ، وهو لم يقل شيئا بعد

يقوم بمغامرته ؛ كأى وغد من أوغاد القاهرة ؛ ثم يعود إلينا ، ضاحك السن ، مبرئا ذمته من دم ضـحيته ، شجعته ابتسامتى ، قـال ..لدنيا ، ومن الفساد األصيل ؛ الذى صارت الحياة منقوعة فيه مقهقها من مفارقات ا

قلـت ..لما أراد إخوتى أن تكون الجنازة سيرا على األقدام ؛ خطرت لى فكـرة : وهو يمسح على شعره بكفه ث عنها دسـوق اتفقت مع الحانوتى على أن نصنع للحاجة كرامة تتحد ..، المهم !" ولماذا ال أجرب؟ : "لنفسى

، وال بأس من ذكـر .." هنا مثوى الشيخة أناننا : "وأصنع الفتة لضريحها ..وبعدها أضع قبة على قبرها ..كلها ..!!.تاريخ ميالدها بالهجرى والميالدى

أنـا : لوال أن انطلقت من صدره ضحكة قاصفة ؛ وقـال ..ـ أصارحك القول ؛ يا فالح ؛ أننى كدت أستنكر ..!!ك ، كيف سأعمم البلد كلها بحركة واحدةوسترى بعين..سأفرجك

!؟..وماذا تعمل إذا فضح الحانوتى السر: سألته ..!!دا أنا كنت أقطع دابره!..يقدر؟: قال ضاحكا بنشوة هائلة

ضحكت ضحكة خفيفة ، وفى أعماقى ، كنت أتأمل صاحبك ، الذى لم يتب ؛ فواصل الضحك :وهو يقول

من أكبر راس ألصغر راس ، وكلهم شـهود علـى كرامتهـا ، حتـى إخـوتى ..المحافظة كلها فى الجنازة "سيصدقون ، هؤالء الذين قد عرفوا أمنا ، ومارسوها ، ستراهم ، والواحد منهم كالعجل يبكى حتى ينفلق على

..!!".الشيخة أمه ؛ صاحبة السر الباتع ..!!اهللا يرحم أباك: قلت ومازلنا نضحك .. يمتمن خلف لم: قال بزهو رصين ..!!ولنا أن نمرح..الدنيا دمها ثقيل: ثم قال مستدركا

!من تعنى ؟: سألته وأنا أتأمل عينيه المتوهجتين بجنون الفتوة ..!!األذكياء..نحن: قال وهو يضع كفه على كتفى فى حركة معبرة عن تواطؤ مشترك

!!..إلى الفرجة..واآلن: ثم اتخذ مكانه أمام مقود السيارة ، قائالوانطلق بالسيارة إلى أول الشارع ؛ الذى كان متقاطعا على شارع أسفلتى واسع ذى اتجاهين بينهما شـريط طويل ، مسور من جانبيه بحديد مشغول ، أرضه مزروعة بنجيل مهمل ، مغروس فيه صف طويـل مـن

..!!يبسطكسنتخذ لنا موقعا هنا ، وسترى ما : شجيرات مخضرة ، توقف على جانب الشارع قائال•

ال إله إال ..اهللا أكبر..اهللا أكبر: ـ قبل أن نرى ؛ تناهت إلى أسماعنا أصوات جماعية مجلجلةوزغاريد صلصلت فى الفضاء ، ..، ثم رأينا بحرا يموج من البشر ، يقبل نحونا مهروال..!! واحد..واحد..اهللا

رون من الشوارع الجانبية ، واقترب النعش وانفتحت نوافذ من العمائر على جانبى الشارع ، وكان ناس يتقاط، فرأيناه يدور على أعناق الرجال ، واألكف تحمله ، ال تكاد تالمسه ، يتقدم النعش جريا ، ثم يتوقف ، ويدور حول نفسه ، ثم يتقدم جريا ، ثم يدخل فى شارع جانبى ، ويجرى ؛ فيجرى خلفه الناس ؛ وسط

دور الموكب ، فيخرج إلى بحر الشارع العريض ، ويمضى قليال إلى األمام ، التهليل والتكبير والزغاريد ، وي: للصالة ؛ تقع أسفل عمارة ، وترتفع أصوات" زاوية"ثم ينعطف داخال شارعا جانبيا ، ويتوقف النعش أمام

..!!هى عاوزة تصلى هنا ، هى نفسها تصلى هنا

..!!؛ أخى" عنبر"هذه عمارة : فيقول لىفأنظر إلى عبد اهللا الفيلمجى مستفهما ، الحاجة خدت الـنعش : "ودخلوا بالنعش ، وامتألت الشوارع المحيطة ، والناس يتساءلون ، فتأتيهم اإلجابات

لحد الوقت فاتت على بيوت البنـات ، "، .." نفسها تسلم على أوالد أوالدها "، " أصلها موصية "، ..!!" وطارت …..!!"ا ودا بيت واحد من أوالده

!؟..وهل ستفوت على بيوت كل أوالدها: سألت عبد اهللا ..!!أقل واجب يا جدع: فقال ، وهو يتصنع الجد ، بصوت هادىء يطلع من بين قواطعه

فى اآلخر ستعرف أنها كرامة بجد ، وليست على نحو ما : ثم همس فى أذنى ..وفى عينيه توثبت شهوة الهزل ..!!.تظن

ومد بعض الناس .. نى هو ، ودخل فى جموع الناس ، فتصاعدت التكبيرات من حولهلم أفهم مراده ، وتأبط .." !!يا رب".."اللهم أحسن ختامنا: "أكفهم يسلمون عليه ، وبعضهم يردد

ـ بعد أن أمتت املرحومة دورا ؛ يا فالح ؛ وزارت بقية عمائر أوالدها الذكور ، وسلمت على أحفادها ؛ طبقا ضوع ؛ انطلقت بكل الشوق إىل املسجد الدسوقى ، الذى امتأل باملشيعني ، والذين مل يتسع هلم أاؤه ؛ للسيناريو املو

وارتفع صوت مقيم ..ولست أدرى من أين جاءت احلصر ذه السرعة..افترشوا حصرا بالستيكية ملونة ىف الساحةكان الصوت شجنا مؤثرا ، وصليت إىل جانب عبد و..الشعائر يكرب ، مث يعلن صالة اجلناز على روح الفقيدة الطاهرة ..!!تلك الىت توعدىن ا منذ حلظات.. اهللا ، وأنا مازلت أتساءل عن النهاية الىت يدخرها عبد اهللا ألمه

منكس الرأس فى انكسار ..ما أن انتهت الصالة ؛ حتى رأيت عبد اهللا قد استوى شخصا آخرـ ومد ..قد تهدل كتفاه فى خشوع وتسليم ، واكتسى مظهره طابع الحزن الرصين..بمعفرالجبين بالترا..مفاجئ

: كفه للمعزين ؛ الذين تحلقوا من حوله ، وكل منهم يردد بصوت فيه رنة حزن ؛ وفرح ؛ كالما متنوعارب تحسن يا"، .." ست مؤمنه بصحيح .." "أنوار الحاجه بانت"، ..!!" البركة فى سيادتك ياسيادة النائب"

…..!!"ختامنا زيهاوالدعوات بالنصر ـ ولست أدرى على من ـ ثم ؛ وقبل كل كالم وبعده ؛ ، وكان عبد اهللا يتقبل هذا الكالم

..!!.أن يجعل اهللا للداعى نصيبا من بركاتهاى وسرعان ما طار ف ، ـ ما أن أطل النعش من باب المسجد ؛ يا فالح ؛ حتى تلقفه رجال أربعة طوال أشداء

واقفا وهو يتأبطنى ، فلمـا اختفـى " عبد اهللا "بينما ظل ..واستأنف الناس خلفه الجرى والهروله .. خط مستقيم ..هيا إلى السيارة ، فالمشوار بعيد: قال، ومن نعش الحاجة ، وخلت الساحة منهم ، الناس

وقال لى بال ، وارتفع كتفاه ، م عوده فاستقا، فقد عادت إليه خفته ، ـ لما كان عبد اهللا قد أمن عيون النظارة ..!!.العملية قربت تتم: مباالة ؛ كأنه يكلم نفسه

، فعبر عدة شوارع ، وهو يصوب عينيه إلى األمام ، ولما اتخذنا مقاعدنا فى السيارة ؛ انطلق بسرعة بطيئة !؟..ألن تسبقهم إلى القرافه: سألته..وتوقف فى نهاية آخر شارع منها

..لذين سيسبقونناهم ا: قال

فقد أشرت ، ولما كنت أعرف أننا فى آخر دسوق الجديدة ، وان القرافة فى الطرف اآلخر من دسوق القديمة ..وتفرج..اصبر يا عبد اهللا: فقال، له إلى ذلك

ثـم يقبـل الموكـب بحـرا يمـوج ..وإذا بنـا نسـمع التهليـل و التكبيـر ، ـ لم تكن غير دقائق مرت ..ويتقدمون صوب أرض خالء واسعة..والنعش يتقافز على أطراف األكف..مهرولين..بالبشر

..!!واسرع..هيا..وجب: هنا قال عبد اهللا وهو يغادر السيارةولدى أوائل المتقدمين ؛ توقـف ، كـان ..جريت معه ..وهو ما زال يمسك بذراعى ، ـ بخطى واسعة جرى

يـا : "وإذ بالتعش يختفى ؛ وأصوات تجأر ..الحناجروالتكبيرات والتهليالت تشق ..الناس يتدافعون فى فوضى ..!!".مدد..ياسيدى ابراهيم مدد..مدد..مدد..أهل اهللا

"..!!والست ال تريد أن تتحرك، النعش حط هنا : "وتناقلت الشفاه الخبرفتسـارع ..فأعلن عن وجـوده ، حتى عثر على ثغرة فيه ، حول الزحام " عبد اهللا "دار بى ..ووسط التأكيدات

:وقال مستفهما..ناس فى فتح ممر له بينهم ليصل إلى النعشال !؟..ما الحكاية

: فقال الرجال المحيطون بالنعش ..!!ومش عاوزه تتحرك.. الحاجة نزلت هنا

: فقال بحزم ..!!احفروا هنا..خالص

صـحبها ت، أقبلت من جهة المدينة بيـارق ملونـة ..وفيما عشرات االصوات تتنادى طلبا للفؤوس والكواريك ونزل منهـا ..وسرعان ما ظهرت ؛ فى مدى العين ؛ سيارة نقل من سيارات مجلس المدينة ، صنوج ودفوف

فى نفس الوقت الذى كان فيـه ..وبدأ الحفر على قدم وساق ، وبعضهم كواريك ، رجال بعضهم يحمل فؤوسا وتحـول ..ليل ، والتكبير، واالنشاد وأفراد من الصوفية قد عقدوا حلقات متناثرة ، وبدأوا الته ، حملة البيارق

..!!.تجللها زغاريد النساء، الجناز إلى فرح ؛ تشعشع فيه روائح نصر يقينى وسـكرتير عـام ، والمحـافظ ، وأزواج بناتهـا ، كانت حلقة من أبناء المرحومة الذكور ، ـ حول النعش

لى مالزمتى إياه ، ال يكاد يفلـت وكان عبد اهللا حريصا ع ..وأعضاء المحافظة فى مجلس الشعب ، المحافظة وهو داخل تماما تحت جلد دور التقى ؛ الذى ماتت الست الصالحة أمه ، واألرض الرملية ، ذراعه من إبطى

لشاقنى ما يغرى بـه ، ولوال أن القلب مثقل ..وكنت اتأمل عبد اهللا وأفاعيله . من حولنا كانت ذاهبة فى المدى ..!!رحما أعيشه ـ شاهدا عليه ـ من م

وعرفت فى هذه اللحظـة .. ـ بدال من المرح ؛ غاصت بى تأمالت شتى فى طبقات ما يصنعه عبد اهللا بأمه ..!!وعاينت الصداقة التى تربطنى والحزن برباط لم يعد له انفصام..أن الشجن صار مالزما

وانخرطـت الـدائرة ، حتى ارتفعت التكبيرات من كل صوب ، ـ ما أن أعلن الرجال أن الحفرة قد أعدت وانحنـى أبنـاء ..وتجاوبت الجموع ، فصارت القراءة مدويـة ، المحيطة بالنعش فى قراءة سورة اإلخالص

ويسلمونها للحدها ؛ فيما عدا عبد اهللا ؛ الذى وقف ينقل عينيه فـى ، يرفعون أمهم ، وهم يبكون ، المرحومة

وسدوا المرحومة فى كفنها ..ة ؛ لمن لست أعلم ويؤتى برأسه إشارات وإيماءات غير ملحوظ ..اتجاهات حوله فتناول كريكـا ، ولما أتموا ذلك ؛ تقدم ، بإهالة الرمال عليها " عبد اهللا "وأمر .. وخرجوا، الحريرى التراب وتقـدم ، وتأبطنى ، ثم عاد ..ورشق إخوته بنظرة الئمة ..وغرسه عند موضع الرأس منها ، من أحد الرجال

وبدأوا فى تقبـل ، انضم إليه أزواج اخواته ، فأسرع إخوته إلى عمل صف ..حه شاكرا فصاف، نحو المحافظ وتجتذب عـددا ، أخذت طبول الطرق الصوفية وصنوجها تنشط ، فى نفس الوقت ..وشكر المعزين ، العزاء

نصف نقل ويتقاطر إليه الناس من جهة المدينة بسيارات ، ظل يتوسع ، وبدأ أحتفال تلقائى ، كبيرا من الناس ورأيت عربة مياه ـ مـن سـيارات ..وتحمل نسوة وفتيات، وعربات تجرها أحصنة ، وباصات صغيرة ،

..وبدأت تلبى طلب الناس على المياه، ووقفت بالقرب من حلقات الصوفية ، مجلس المدينة ـ قد أقبلت •

..والباقى إجراءات..تهىأهم جزء فى العملية ان: ـ وقد عدنا إلى مكتبه ؛ قال لى عبداهللا يطمئننىولـوال أننـى ..اآلن بدأ حفر أساس المقام : فاستطرد مفصال ، فحسبه موافقة منى ، أبديت له تفهمى لما يقول

يسرع الغاوى إلـى ، ففى هذه اللحظة ؛ التى نجلس فيها نشرب قهوتنا ..حريص على صحتنا ألكملنا الفرجة ..!!المقام ، وينقط بطاقيته، وغدا يتفاخر الواحد منهم بأنه اشترك فى حفر األسـاس ..ما أكثر الغاوين : ثم قال ، ة وضحك ضحكة طليق

..!!.أو صب السقف، أو حمل الحجارة !هل تعرف أمى يا عبد اهللا ؟: ثم قال، وسرح بعينيه بعيدا

..لكنى ال أدعى أننى قد عرفتها..ومن غيرك، منك ، سمعت عنها : قلتوحكمته ..روضت أبى ؛ الذى لم ينجح أحد فى ترويضه ..هذه المرأة كانت قادرة : قال ؛ وهو ما زال سارحا

ومعه يشتد ، ويشتد نهمها ، ومات ، كانت كلما تراكم لديها المال تنفتح نفسها ، حتى فهق ، بقبضة من حديد وأرى أنه ..وأفضله عليها ..أنا أحبه ..ويشكو، ولم يكن أبى من ذلك الصنف الذى يميل على أحد أبنائه ..بخلها

وأعمل لها ألـف ، أنا نفسى كنت أخاف منها ..أما هذه الولية فكانت وحشا كاسرا ..صنف أصيل من الشطار أنت ..لكن أعمل إيه ..أنا عارفه إنك متحبنيش : ولم يكن تظاهرى يخدعها ، كانت كلما رأتنى تقول لى ..حسابوأخليـك عبـرة ؛ زى ، كنت أقطع عليـك الميـه و النـور ولو بإيدى يا ابن حسن الفيلمجى أنا .. البكرىلكنها ..كلما لزم األمر ، وألوذ بجناحها ..خاصة فى بداية حياتى العملية ، فأتظاهر أمامها باالمتثال ..!!. أبوك

أنت مهما طلعت والال نزلت هتفضـل ابـن : "ولم ترفض مساعدتى التى كانت تشفعها بقولها ..أبدا لم تنخدع مـش كـده يـا ابـن ..ونخلى شغلنا علـى ميـه بيضـة ..يبقى نخليك راجل ..سوب على راجل ومح..أناننا

..وكنت أوافقها!!". ؟..الفيلمجى ..!!لكنك بما عملته فيها اليوم قد حققت قولها: قاطعته

أرض اشتريتها باسم ، فاألرض التى دفنتها فيها ..وأنا كنت مخمرا لها ..العملية ليست بسيطة ..ال: قال ضاحكا أنـا ..وقد اشتعلت فى دماغى النار منـذ مرضـها ..خمسمائة فدان من األرض الرملية ..زوجتى منذ سنتين

اشتريت األرض ألستصلحها ؛ مكررا تجربة أبى ، لكن المجارى دخلت دسوق الجديدة ، وصار من الصعب

مكن تحويلها إلى وهذه األرض ي ، دسوق الجديدة ؛ يلزمها قرافة جديدة : قلت فى نفسى ..الضحك على الناس كانت الفكرة تستوى علـى ، وكلما اشتد المرض على الحاجة ..تقسيم للقرافة الجديدة فأبيعها بحالتها ؛ بالمتر

من الناحية السياسية ..أفتكر أنه ال يخفى عليك العوائد األخرى ، وبصرف النظر عن العائد المادى ..نار هادئة ..!!.وحدث وال حرج عن الناحية الدينية..بات مقبلة؛ مثال ؛ ضمنت نجاحى الدائم فى أية انتخا

..!!أنت لم تتغير يا عبد اهللا: ـ قلت بهدوء ...و...السن ! ومن منا لم يتغير ؟: قال مستنكرا

..!!الميدان هو الذى تغير ، وصار واسعا..أنت الذى لم تتغير:قاطعتهال أن تكون ممثال ، واألمر المهم أن تكون صانع الفيلم ..موالدنيا التى نعيشها هذه أفال ..العملية كلها فيلم : قال

وعليه أن يجتهد ؛ ليكـون ..سواء شاء أو لم يشأ . فالواحد منا له دور يلعبه فى فيلم ما ..من الممثلين فيه فقط ..!!.الصانع لبعض األفالم التى يلعب فيها

..!!.لكنها أمك: قلت معاتبا فى حياءوكانـت ..من الطراز األول " فيلمجية"أمى كانت .. تاكل مهلبية يا صاحبى صحصح من نومك ؛ : قال ضاحكا

فلماذا ال أسند إليها ..وأنا واحد من صغار الممثلين فى أفالمها ..تدير رجاال ونساء يسدون عين الشمس وغـدا يقـوم لهـا مقـام ..فها هى قد صارت شيخة مطمطمة..ثم إننى لم أضرها فى شئ ..دورا فى فيلم لى

، ومـن صـندوق خـدمات المحافظـة ، وسألحق بمقامها مسجدا على نفقتى وبتبرعات أهل الخير ..قبةبوالبد أنها اآلن تضحك مذهولة وهى ..وسيؤنسها الموتى واألحياء من كل جانب ..وساحة، وسيكون لها مولد ..!!.تتقلى فى نار جهنم

لكننا دفناه ..مثلك مثل غيرك ..كانى أشربك الدور أنا كان فى إم : ثم صوب عينية الزرقاوين فى عينى ، وقال !.؟..أتفهمنى..ثم إننى أردت ؛ بكشف الطابق لك ؛ أن أعطيك درسا عمليا..فلم تهن على..سويا أيام الشباب

..!!لم أكد أفهمك..ال: قلت وقد استعدت اتساعىوالصـداقة ..نلعب معا ؛ لعبة أو أكثر س..نحن يا عبد اهللا أصدقاء : قال ؛ وهو مازال يصوب عينيه فى عينى ..!!.وال نضيع وقتنا، على شان نجيب من اآلخر..بيننا تحتم أن يكون اللعب على المكشوف

..!!.اآلن فهمت: قلت مبتسما•

وأمانة الـبالغ .. ـ صار من الواضح عندى ؛ يا فالح ؛ أنك قد أحسنت الظن بعبد اهللا الفيلمجى إلى أبعد حد وبدهى عندى أنك لست حرا ، ى تدعونى إلى حكاية بقية ما دار بيننا بكل تفصيلة جوهرية ـ هى فقط ـ الت

لكن األمور ..صحيح أن لك مالك الخاص..ـ بعد ما عرضته عليك ؛ وما سأعرضه ـ فى اتخاذ قرار منفرد مدفونة فبعد أن حضرت العزاء فى السرداق الضخم ؛ الذى أقيم فى نفس األرض ال ..أخطر مما تتصوره أنت

وأصرعلى نزولى ضيفا فى شقة من شققه ..صاحبنى إلى عشاء فاخر فى نادى الشرطة .. فيها المرحومة أمه هذا المكان : وقال لى ، وجدت الشقة فاخرة ومجهزة ..المفروشة فى إحدى العمارات العالية فى دسوق الجديدة

..جهزته بحيث ال أحتاج إلى خادم دائم..هو مكانى الخاص

إن أردت الحق ؛ أنا ال أحب : وقال ضاحكا ..أعد مائدة صغيرة مكتملة ..صنافا غالية من الويسكى ـ أحضر ا ..فأنا نباتى كأبى رحمة اهللا عليه..المشروبات الروحية عموما

ووضـع قطعـة .. وأخرج من تحت المنضده علبة فضية مربعة ، فتحها وأخرج ماكينة يدوية للف الـدخان ..خضراء من الحشيش

.. صنف جيد:قلت له ..!!هندى خالص غير ملعوب فيه: قال

متعلال بمتاعب الكبد ، فلف بضعة لفائف ، ودخـن باسـتمتاع ، وصب لى كأسا ، ولنفسه كأسا ، لم أشرب أو غيرها ؛ إن كان الهـدف هـو ، أنت لست فى حاجة إلى الغربة فى أوروبا : وقال..وعمق حتى استرخى

، ح أننا عند عدد معين من الماليين نحتاج إلى بنوك أوربا لنؤمن أنفسنا صحي..الفلوس ؛ فالفلوس هنا بالكوم ..وليس هناك، لكن المكسب هنا

..لكننى ؛ على أية حال ؛ قد عدت إلى مصر، طبعا ؛ أنا لى أهداف أخرى غير الفلوس : فقلت، ـ سكت " مـريم " ـ قد عرضت علـى وليكون كالمى على ماء أبيض ؛ أحب أن أصارحك أننى ـ أثناء غيابك : قال

..الزواج ..لكن نيتى كانت الخير.. بالتأكيد أنت قد عرفت: فقال ؛ بنفس االسترخاء، لم تبد على المفاجأة ..ومازال يخصها حتى اآلن، " مريم"األمر كان يخص : قلت بنفس استرخائه

وقد أبلغتنى أنهـا لـم ، لقها ، فى حدود علمى أنك لم تط ! ؟..أنت قد عدت ؛ فكيف يستقيم ذلك : قال مندهشا ..تطلب الطالق

وهل ترى أن هذا هو الموضوع الذى جلسنا من أجله ؟: سألته ؛ بمودة هادئة ..!!الحقيقة ؛ أنه كان البد لى من المكاشفة معك ، فنحن أصدقاء: قال معها ؛ هـو أمـر وأن أعود إلى الحياة ..ال تقلق ؛ فلست أملك زمامها ، على الرغم من أننى لم أطلقها : قلت

.صار ال يخصنى وحدى ، بل إن زمام األمر بيدها هى !ألم تلتقيا بعد ؟: سألنىفهل ترى أنه من السهل المواجهة معهـا ..أنت عاصرت الحب ، وشهدت الزواج منها ، وتعلم كل شئ : قلت

!!؟..بعد ربع قرن ..أنا مستعد..لكن البد أن تلتقيا: قال مصراإنهـا .. خاطرك ؛ فاألمر مرهـون بتعقيـدات لسـت أعتقـد أن فـى وسـعك عالجهـا ال تكلف : قاطعته ..وتخصها..تخصنى

..!!يارجل ؛ قل كالما آخر: قال معاتبا ..!!بل إن هذا أحسن الكالم ؛ فانس هذا األمر: قلت

..!!مؤقتا: قال مشترطا ..فليكن: قلت ؛ ألستريح من تطفله،ومن تلمظه

: على أريكة ، أرسل عينيه فى السقف ، قال ؛ بصوت هادئـ بعد قليل من الصمت ؛ تمدد !اسمع يا صاحبى ؛ أنا ؛ وأنت ؛ والفالح ؛ يمكن أن نعمل فيلما ؛ فهل توافق ؟

..األمر يتوقف على نوع الفيلم: قلت أجاريه .. ائع جداعندك مثال نوع من األفالم ش..والرجال أيضا أنواع..صحيح ؛ فاألفالم أنواع: قال

.. وتاخذ حسنتك، فإذا شبرت ؛ تبيعها ..ثم تتركها لتسقع.. تحط فلوسك فى كم قطعة أرض وفى هذا .. لكن هذا نوع خايب ، وأبطاله ـ فى الغالب ـ فلوسهم من شغلهم فى بالد الجاز

هذا النوع مجزيا جدا ؛ إذا كان مرتبطا باالستثمار وبنوع معين من رجال األعمـال ، أحيان معينة ؛ يكون وتحكم آلياته كلها عملية حسابية بسيطة ومضمونة بالقانون ، لكن هذا النوع غير مصرح به إال لعدد قليل من

يكون معك حاجة تاخد كلهم من الساللة المعروفة بالحيتان ، وعلى كل حال ؛ فالفلوس بالكوم ، والمهم أن فيها ، سواء أكان ذلك فى مجال البنية األساسية ، أو فى أى مجال آخر ، المهم أن تدخل ، وأنت قـد تحكـم على هذه األفالم وعلى غيرها ، وتخاف الخسارة ، فال تتعجل ، ففيها مجال واسع ، وكثيرا ما تحتـاج منـك

ليارديرات ، والمليونيرات ، ولقاح التفريخ هو المبدأ العملى إلى وقفة تأمل ، فنحن نعيش اآلن موسم تفريخ الم ..وعلى كل حال فإن فيها أفالما قد تعجبك..!! ؛ الذى يقول فتح عينك تاكل ملبن

ـ كنت أنظر إليه ، متأمال لغته ، وهذا المعجم االقتصادى الذى يعرضه ، لم يبد على أننى قد فهمـت مـا أعنى أفالم رصف وتجميل المدن ، أو القرى ، وهـى مـن : ؛ فقد أضاف يعنيه بدقة ، ويبدو أنه قد الحظ

األفالم الثورية والشعبية ، ومثلها أيضا أفالم اإلسكان بكل أنواعه ؛ فكلها تعتمد على تمويل البنـوك ، وأمـا مـة النوع المشهور بأفالم إلسع وفلسع ؛ كأفالم اقترض واهرب ، والمستورد الفاسد من السـلع ؛ فهـى للعا

نعتبر من العصاميين المكافحين ، ومازلنا ـ على كل حال ـ فى ، والفالح ، وأنت ، وليست ألمثالنا ، فأنا ...يعنى شحاتين..خانة عشرات الماليين

!؟..وما أخبار األستاذ كبدك: سألنى ؛ وهو يبتسم بمكر..ضحكتالحاجـة ؛ الوالـدة ؛ "ففـيلم ..ال يغرنـك مـا رأيتـه اليـوم : بادلته ابتسامته ، رشـفت رشـفة ، قـال

فلن..ومشواره قد يطول،وسرعة البديهة ، هو ابن عدد من المصادفات .." صاحبة المقام ربما بعد عام ، أو عامين .. أستصدر غدا قرارا من مجلس المحافظة بإنشاء القرافة الجديدة

وبهذه المناسبة أحب أن تعرف أن للبالتوه مداخل كثيرة ، ..لةوالمصالح المرس ، وربما بسياسة األمر الواقع وهى كلها لها نفس األهمية لكن المسألة األولى هى ترتيب الدخول من هذه األبواب طبقا لألولويات ، وأهـل

..!!مكة أدرى بشعابها ، يا صاحب النيافة ..أنت مازلت مشغوال ذا الفيلم: قلتنعم أنا مشغول ، لكن املقام اآلن هو مقام علم يعلم ، وكل ما أريده هو أن .. وعطايا صاحىب ؛ الكالم أخذ : قال

أحيطك علما ؛ يا باشا ؛ بأن للبالتوه أبواب ، فبالباب البريوقراطى غري الباب التكنوقراطى ، وباب النجوم غري باب وقبل هذا وبعده .. ا ظاهرا وباطناالكومبارس ، واألبواب كثرية ، ولكل منها ظاهر وباطن ، وأهل مكة أدرى بشعا

!؟..أليس كذلك..؛ يا صديقى التارخيى ؛ فإننا ؛ النفعل شيئا غري أن نتباسط

..!!هو كذلك: استرخيت فى مقعدى ، قلت ".. االستيراد والتصدير" ، أو فلنقل" التصدير واالستيراد: " عندك نوع آخر من األفالم: قال

وأنا ال أميل إليه ؛ على الرغم ..!! ورذاالت.. وكله مفاجآت.. وهو نوع من أفالم الحركة ..!!من مكاسبه السريعة

أوال ألن السوق وسـخة ؛ والـذى : قال! ؟..لماذا ال تميل إليه ؛ خاصة وأنه عصب السوق الحرة : سألته؛ بينمـا ، أنـا .." لسعوف..إلسع"صناع األفالم فيه شعارهم : ثانيا.. وسخها عدد كبير من الشطار المزيفين

عدد المثلـين فـى أى : ثالثا".. شيلنى وأشيلك "وفى األفالم الصعبة يكون شعارى ؛ ".. ؛ خد وهات " شعارىفولد .. ودور الكومبارس ؛ فى كثير منها ؛ يكون أهم من دور صانع الفيلم ، فيلم من هذه األفالم يكون كبيرا

م أضع يدى فى فمه فـى الوقـت المناسـب ، وفـى المكـان كومبارس يمكن أن يخسرنى عن عمد ؛ إذا ل بينما شهية الشطار مفتوحة على آخرها ، وقـد شـكل "..إشاعات"هذه .. السوق ليست حرة : رابعا.. المناسب

فسرعان مايتورط صانع الفيلم ، ألنه أوال وأخيـرا ؛ يريـد النجـاح ..هذا الوضع أرضا خصبه لنمو الفساد ! مافيا األغذية الفاسدة ؟ألم تسمع عن..والمكسب

..سمعت ؛ لألسف: قلتوثبت أننا شعب قادر على استيعاب وهضـم مـاال ، فالناس قد أكلت مثال كل أنواع اللحوم ..ال تأسف : قال

أتعرف كم عدد الشطار الذين لعبـت معهـم البليـه أيـام كارثـة ..يخطر على بال أهل الشمال من األغذية ..!!. هللاكثيرون والحمد! ؟..تشرنوبيل

!هل استوردوا تلك األغذية الملوثه؟: سألت ..!!والسم الذى ال يقتلنى يقوينى!! شائعات يا عبد اهللا..شائعات: قال

!ما هذا؟: قلت مستنكرا ..!!جمد قلبك..يا دكتور..ال..ال: قال مشجعا

!.ماذا ؟: سألته بنفس االستنكار !أما زلت تحب أم كلثوم ؟: سألنى ؛ بهدوء

..أسمعنا ما تيسر: تقل ..!!األمل: فأدار شريطا ، فقالت الست ..!!كلنا سنموت: ـ قال بصوت ممتلئ عزما

..ال بأس ؛ هذه نهاية كل حى: قلت !.؟..فلماذا ال نحدث قلقا بمقدار ما نستطيع: سأل بنفس الصوت

ين حتى اآلن ؛ سـجلت فمن مطلع القرن العشر .. إن غيرك قد أحدث من القلق ما يكفى عبر العصور : قلتوالـرقم الحقيقـى .. اإلحصائيات مصرع مائة وسبعين مليونا من البشر فى مذابح جماعية ؛ تسمى الحروب

..أكبر بكثير إذا حسبنا ضحايا القلق الحقيقيين

..ال تقلبها دراما ؛ مثل صاحبك يحيى الظريف: ـ قال !.؟..بالمناسبة ما أخباره: سألته

على أية حال ؛ انقطعت .. ربما يكون قد هاجر ..ال أعلم عنه شيئا : نحو الجدار اآلخر قال ؛ وهو يدير وجهه .بعد سفرك..صالتنا ..أنت لم تحبه أبدا: قلت

عاجزون عن التعامل مع ..هذا مثاليون" حيىي"أمثال : ، مث قال بوحشية! وهل أحبىن هو؟: سأل مستنكرا !؟..المه عن اهلنود احلمر ؛ أصحاب البالد األصلينيهل تذكر ك..بينما الدنيا تتغري..جامدون..الواقع

..!!هذا بنى آدم دماغه السع: وأطلق ضحكة مستنكرة ثم قالفالهنود الحمر هم أصحاب ما يسمى اآلن الواليات المتحدة ..وهو لم يتجاوز الحقيقة..أتذكر كالمه..نعم: قلت

وقد ظلوا يحاربون االستعمار االستيطانى ..يرهاوغ، وشيلى ، واألرجنتين ، والمكسيك ، وكندا ، األمريكية وأرى أن هذه الحقائق ..وآخر معركة لهم كانت فى أواخر القرن التاسع عشر..لبالدهم أربعمائة عام

..!!.تغيظك

وكـل الـبالد ، وأمريكا موجودة، كندا موجودة .. ؟..وهل هذه الحقائق تفيد أحدا فى عالم اليوم : قال بسخرية ، هل ترى أن نتجاهل وجود هذه الدول ؛ التى قامت علـى االسـتعمار ! فمن نعامل؟ ..وجودةالتى ذكرتها م

..!!إنه أمر واقع يا سيد! االستيطانى ؛ ونتعامل مع أصحاب البالد األصليين من الهنود الحمر؟ فلعل المستوطنين يدفعون ثمن..ومن يدريك..المهم أال ننسى جذور هذا األمر الواقع: قلت

..والحيوية تنتقم لذاتها..فالعدالة لها سبلها الغامضة..جرائمهم ..!!أحالم..أحالم: قال ؛ وهو يضحك بكسل

، ثم هب إلى صندوقه ! وتتعامل معه؟ ، ألم تعلمك أوربا بعد ربع قرن كيف تعترف باألمر الواقع : ثم سألنى وقـد ، أنا ابـن يـومى ..إعمل معروفا وفضها سيره : الفضى ، وانخرط فى عمل لفافات أخرى وهو يدمدم

..عزمت على أن أعيشه على مزاجى ..كل ميسر لما خلق له: واستغرق فى تدخين لفافاته ، فقلت..وسكت

!؟..قد تيسرله أن يغير شيئا فى الدنيا" يحيى الظريف"وهل ترى أن : فتأملنى طويال ، ثم سألنىأنت غيرت ، وعبـد اهللا : فقال لى ..غير شيئا أو لم يغير فأنا لم ألتق به هذه السنين ألعرف إن كان قد ، سكت

وعلـى كـل ..وعن نفسى ؛ أنا لم أسمع عن شئ قد تغير وارتبط اسـم يحيـى بـه ..وأنا أغير ..الفالح غير ..ليس يحيى هو موضوعنا..حال

..!!.موضوعنا كان أفالم االستثمار: قلت ؛ ألساعده على تغيير موضوع الحديث بيننا ..خليك معى على الخط..نعم : ره وقالفابتهجت أساري

..!!أنا معك على الخط: قلت

عنـدك مـثال أفـالم ..ونلعب اللعبة ؛ بما يليـق بنـا ، كل ما عليك أن تتخير أى فيلم وسأسلكه لك : ـ قال ـ ..وأفالم المقاوالت الكبيرة..وأفالم البترول..السياحة ا وعند عنبر ـ أخى ـ دراسات جدوى متنوعة فيها كم ..قلت لك

ومن ..لكن مشوارنا سيكون طويال جدا للخروج من خانة العشرات إلى خانة المئات : ثم سكت ، وقال متفكرا ..خانة المئات إلى خانة اآلالف

!وهل تستطيع أن تنقلنا من صفوف المليونيرات إلى صفوف المليارديرات؟: سألته ببراءة مصطنعهالصـعبة .. لكن مثل هـذه األفـالم هـى األفـالم الصـعبة ..تطيعأس..نعم: قال بهدوء ؛ وهو ينفث دخانه

ويكفينـا بضـعة ..ذات العائد الكبير..فهى من ناحية معينة ـ التخفى عليك ـ أفالم اإلنتاج الكبير ..جدا..جدا ..!!فنرتاح من الفقر إلى األبد، أفالم منها ؛ تنقلنا إلى خانة آالف الماليين

!ا لم تصنع فيلما أو اثنين عل سبيل التجربة؟لماذ: وسألته، ابتسمت له مشجعا :ابتسم ابتسامة غامضة وقال

وأيضـا ال يمكننـى التمويـل . لكن عمل فيلم واحد أمر غير ممكـن .. وأعرف السكة .. أنا عندى اتصاالت ..!!فأهل مكة أدرى بشعا بها، وإلى الفالح، وثالثا أنا محتاج إليك.. وحدى

:بهدوءسألته عما يرمى إليه ، فقال أنت والفالح قد سافرتما إلـى ..وبالطبع محتاج لمن يعرف العالم الخارجى ..والبودرة.. أنا أتكلم عن السالح

..!!ولديكما ما يمكننا من تمويل عمليات كبيرة.. وتجيدان اللغات..كل أنحاء الدنيا لكن المؤكد عندى أن ..ـ لست أدرى ؛ يا عبد اهللا ؛ إن كان لونى قد هرب من تحت جلدى خوفا أم غضبا

وكان على اصطناع كل ما أوتيت من حكمـة فـى .. صديقنا القديم قد تطور تطورا لم يخطر لى على بال :فقلت..ومن البالهة تجاهل ذلك..فقد صار صديقنا خطرا..تصريف الحديث

عـن ولست بالـذى يسـتطيع الكـالم ..قد خطط للعودة إلى مصر " عبد اهللا الفالح " لست أدرى إن كان أما عنى ؛ فقد سعدت بأن استعدنا صداقتنا بنفس الحـرارة التـى كانـت لهـا منـذ ربـع ..خططهلكننى حتى اآلن لم أتخذ قرارا فى البقاء النهـائى ..ولست بالذى يرفض الفرص التى تتيحها لى ..قرن !فهل تمنحنى وقتا كافيا ألفكر؟..هنا

والكـرة ..وعملت بواجبات الصداقة ، نا كنت مخلصا أ: قال ؛ وقد نهض واقفا ؛ وهو يغرس عينيه فى عينى ..!!اآلن فى ملعبك

..وإذا كان فى نفس للعب فإنى من غير شك سألعب معك: ـ أردت استعادة استرخاء يفك توتره فقلت ..سيكون اللعب على األبيض..عموما: فابتسم ابتسامة صغيرة ماكرة ، وقال

..مازال القلب أبيض..وهنا: قالودق على صدره دقة واهنه براحته ، و !ألسنا كلنا سنموت؟: ووضع راحته على كتفى ، وسألنى بتأثر غريب

!.؟ هل تعانىمرضا خبيثا ؟..ما الحكاية: فسألته ..!!أنا صحتى بمب!..أنا ؟: وضحك ؛ وعيناه الزرقاوان تلمعان ، وقال، فغرس فى كتفى أصابعه

• وأفالمه بغير حصر ؛ كما قد رأيت ، وقد نقلت اللقاء بتفصيالته ؛ من ..صحة الفيلمجى قوية جدا كما قال هو

أم أن أزمنتنا ستتقاطع فـى نقـاط ..ولست أدرى إن كان سيسعى إلى اللقاء بى ، أجلك ؛ كما سبق ووعدت ..أما أنت ؛ فاألمر متروك لك..وعن نفسى فلن أشاركه شيئا..فقط ؛ آمل أال يكون تقاطعا مفجعا..ما

..!! يا عبد اهللا ؛ وأرجو أن أكون قد نورتكتحياتى ؛

: " " " .."

مالحظـة ؛ فـى ووضع هذه ال ، ؛ على هوامش هذه الرسالة " عبداهللا شهبندر "المالحظة التالية بخط األستاذ

:صدر هذه الرسالة قد تم بمعرفة ورأى السيدة مريم •

:حاشيةومهما كانت مصادره ؛ فإن مجرد معرفتـى ..لست أدرى من أين ليحيى المعلومات التى وردت فى رسالته "

واألمـر ..بأن يحيى يتعقبنى ؛ لهو أمر رهيب ؛ أعادنى إلى ذكريات شتى ؛ خلت أننى قد دفنتها الى األبـد وحيد الذى يخلصنى من الرهبة هو تشكك يداخلنى فى أن تكون هذه الرسالة من يحيـى ، فهـى مكتوبـة ال

لكننى أسقط فى الرهبة مرة أخرى ؛ أمام مـاتحتوى ..ومطبوعة بالليزر ، بحروف الكمبيوتر التى اخترعتها ..!! ".عليه هذه الرسالة من حقائق

غير أننى مازلت ، ى إلى الكتابة إليك بعد هذه السنين المتطاولة اهللا ـ هى مادفعتن دـ أمور متداخلة ـ يا عب

يسـتوى ..دافعى الجذرى إلى مبادرة الحياة وكائناتها ، وتشكل ، أميز أن قدرتى على الحب هى التى شكلت فإذا رأيت ـ فى مبادرتى إياك ـ ماالتفهمه ؛ ..فى ذلك صديقا قديما ؛ مثلك ؛ أو بادرة من بادرات الحديقة

وإذا رأيت ماال يصلحك ؛ فتبين ـ قبل الحكم ـ معرفة لما يصلحك ، بذل المحاولة صادقة لتصل إلى فهمه فاويسند ظهره علـى الحـق ؛ كـى ، فما من شخص ؛ فى مثل حجمك ؛ يشك فى أنه على الحق قد عاش ،

وتضيع فرصـتك ، تضيع ف، كى التأكلك ناره ، وإذا رأيت مايغضبك فانه نفسك عن الغضب ..يواصل الحياة واعلم أن الحالة المثلى ؛ التى ينبغى لك أن تكون عليها لتتقبلنى قبـوال حسـنا ؛ هـى ..فى النجاة من الغرق

حتى تعامل حقيقتي حقيقتك ؛ بـدون تـداخالت مـن ، واإلبقاء على حقائقها ، إفراغ نفسك من كل أوهامها ـ أن أدور بك على لوالبك ؛ سعيا نحو الخروج إلـى ولن يدهشك ـ بعد ذلك ..!! أوهامك على هذا التعامل

فلن تكون ـ بعد طول المشوار ـ إال مـا أنـت .. ومعنى هذا أننى لن أتدخل فى أى اختيار لك..شروع لك ..عليه حقا ، وبكل ماتنطوى عليه

وكان قلبي علـى ، فخطوى كان متغيرا على أرض متغيرة ، ـ لن أصل حبل ماانقطع ألحكى لك مشوارى ألنك لـم .. وربما، أو بجدواه ، ولم تعترف بقيمته، وأنت ـ فيما أقدر ـ قد عرفت ذلك ، لب هذه األرض ق

وتراوح حكمك على بين مسـميات ، وباألحرى لم تتعرف على حقيقته فأرحت نفسك ، تتعرف مدى جديته

ا قد أنجزنا لقاءا حقيقيا وفعاال وخسرت أنا ؛ ماكان يمكن أن يتحقق من ثمار ؛ لو أنن ، وخسرت أنت ..دراجة ..والخسارة ـ كى تفهم ـ ليست شخصية..بيننا

ولعلها أن تكون كافية إلشباع ما قد ، ـ يكفيك إذن بعض المداخالت عليك ؛ فى موقعك ؛ منى ؛ من موقعى وسنعفى "..هارمونى " وقد وجدت أن أبدأ مداخالتى عليك باألزمة بينك وبين ..يطرحه عليك عقلك من أسئلة

وليس ..فأنت تعرف أننى ال أميل ـ بطبعى ـ إلى استخدامها إال فى حالة الضرورة ، أنفسنا من ذكر األلقاب ثمه ضرورة ـ فيما أقدر ـ إال ماتحتمه وظيفتك أو وظيفة غيرك فى التكوين الثرى الذى اصطلحنا على أن

.. ويستقيم لك الفهم..لوبه ؛ ليستقيم لى الكالمودعنا ؛ ياعبد اهللا ؛ نبدأ من مفهوم ومق.." الحياة:"نسميه ، وهذا القول قد تأكد لك بالتجربة ، ولسوف أؤكده لك حين يتناول حديثى " المعرفة قوة : " ـ قيل ؛ فيما قيل ، وأنت لست فى حاجة إلى إطالـة فـى هـذا " القوة معرفة " إن : وقيل أيضا ، " هارمونى"إليك أزمتك مع

وأعلم أنك ..كما جربت أن تحمل جنسيته شعب مستعمر ، جربت أن تكون من أبناء المستعمرات الصدد ، فقد فالعلم لم يعـد ، قد علمت ـ فى الممارسة العملية ـ سقوط المزاعم عن حيادية المؤسسة العلمية ومنتجاتها

والعـن برجماتيـات ، وطمـوح قـوادهم ، وموضوعيته وأهدافه ليست بمنأى عن هوى الساسة ، محايدا لكن هـذا ..وأنت تعلم ؛ منذ سنين ؛ اعتقادى فى أن العلم اليمتلك حقيقة مطلقة .. اإلقتصاد ، وضغوط أسواقه

، " هـارمونى "اليعنى عندى إال أمر واحد ـ كررته على مسمعيك ـ وأعتقد أنك تتذكره كلما ضغطت عليك والطريق إلى ذلـك ، مهرب من احتياز المعرفة ال: كنت أقول لك ..وتدميك، فأحسست بالمهانة تتوغل فيك

: وكانت بداية البدايات كلها ؛ عندى؛ هى معرفة الفرد منا لفرديتـه ..يبدأ من بدايات مختلفة تعمل متضافرة ، ليس على نحو تـأملى فحسـب ..وهذه البداية فعل مركب هدفه التحرير ، وطبقاتها ، ومحتواها ، حدودها

، اهج المطروحة ، فكل منهج منها يتعامل مع فرضيات ؛ قد تكون صحيحة نسـبيا إنما أيضا من خالل المن وأنت تعلم مدى نفورى مـن ثقافـة الصـالونات ، ..واختبار أى استخالص هو العمل والمشاركه فى الواقع

..اسونزوعى الدائم إلى اختبار محصلتى الثقافية المتواضعة فى أوساط العامة ؛ وفى سياق الحياة اليومية للن" فإننى قد صرت أشد انزعاجا وأنا أراك تذوب فـى حـوامض .. ـ وإذا كنت قد انزعجت مما فعلت بمريم

"..هارمونى " ولنعد إلى بدايتك مع .. منك أثر بعد بضع سنينى؛ حتى صار من المحتمل أال يبق" هارمونى

صلت إليه من إحباط ، وارتفعت ، أعلنت مع غيرها ما و ١٩٦٨ـ إنها بنت من بنات شهر مايو المرح عام صيحتها ـ مع غيرها ـ معلنة العصيان على سلطة النص ، وارتفعت صيحاتهم تطالب بوضع الكالم فـوق اللغة ؛ فى سياق التماسهم سبال تحررهم من أسلحة اللغة التى أجادت استخدامها السلطة بأنواعها ، آملين فى

وأرجح أنها كانت أكثر وعيا من أوربيات سبقنها ..اة معنى وهدفا تشكيل جديد للعالم يساعدهم على إكساب الحي فتجاوز عقدها معك اكتناه السر مـن خـالل الـدروب ..على نفس الدرب فى التماس السر لدى شرقى مثلك

ولماذا ال تطمح إلى ذلك وقد مرت أجيـال مـن ..المظلمة للجسد ؛ إلى ما هو أعلى ، وأكثر تعقيدا ، ورهافة فاحتمال أن تكون أنت تلميذا نجيبا ؛ احتمال قـائم دائمـا ، ! جتمعك على أوربا تغرى بالظن الحسن ؟ تلمذة م

خاصة وأن احتماالت إزدهار إنسانى يحقق السعادة واالكتمال الذاتى صارت احتماالت متباعدة ؛ فـى ظـل ..اآلليات الراهنة للعصر المعلوماتى الجديد

لنجيب ؛ الذى فى وسعه النهوض بعقـد يتجـاوز احتياجـات التواصـل ولست أعتقـد أنـك ذلك التلميذ ا ، وحتى على هذا المستوى فقط ؛ أنت مطالب ببعث رمزيـة لجسـدها " هارمونى " الجـسـدى بينك وبين

وستوغل هذه الحضارة ـ فى حقبتها المعلوماتية ـ فى القضاء علـى أى ..قضت عليها الحضارة الصناعيةزية ؛ كلما أوغلت الحياة فى اآللية ، وسيطرت أدوات الذكاء االصـطناعى لتعصـف أمل فى بعث هذه الرم

فهل تكفى عرامتك الجسدية ؛ مهما بلغت ؛ لبعث المعنى فـى .. بالحاجز الواهى المتبقى بين اإلنسانية واآللية ينما أنت غيـر ب..فما بالك إن كان هذا الجسد يعانى من الجوع الحاد إلى المعنى!! جسد منضبط وكفء آليا ؟

مؤهل ؛ من حيث التكوين ؛ لبث معناك فى هذا الجسد ، ألنه ـ ببساطة ـ غير متحقق فى معرفتك األوليـة ..بذاتك

ـ لقد رأيت زيجـات تمت بين أوربيـات ومصريين ـ من دوائر أصدقائي ـ لم يستمر من بينها إال تلـك أرى فى ذلك غير إشارة إلى اسـتمرار عالقـة ولست..الزيجات التى تمت بين أوربية ومتدين متمسك بدينه

أو ..إمـا : " وكما ترى ؛ فإنى لست منحازا إلى الصيغة الدارجة القائلـة ..أى مقلوب ما أنت مهدد به ، النفى بل إنى ما زلت أعتقد أن ثمة طريقا ؛ يبدأ من االستيعاب لذاتى أوال ؛ حتى أتمكن مـن تحقيـق ، " الموت

"..هارمونى " واآلخر فى حالتك هو ..ربين اآلخالحوار العادل بينى و

وجـوابى ..ـ قد يثور لديك سؤال عن أهمية تناول ذلك ـ من جانبى ـ بعد حوالى خمسة وعشرين عامـا ، ولدى رغبة فى إغرائك بإدراك ذلك ؛ إدراكا يبلغ من " هارمونى " لقد فشلت تجربتك مع : صريح وبسيط

فسك نقطة بداية ، وأملى أنك بما وصلت إليه من علم وخبرة ، سـتجعل حدته أن تعود إلى مصر، وتلتمس لن ولست أكتمك أن أملى يمتد إلى الظن الحسن بأنك ستفكر فى ..وتخلف أثرا يذكر اآلتين بعدنا بك ..حياتك مفيدة

ر ؛ توظيف الجانب األكبر من ثروتك فى إنشاء شكل من أشكال المجامع البحثية التى تضم خالصة أبناء مص من ذوى العلم النظرى ، والعملى ، لدراسة مشاكل المجتمع المصرى اإلجتماعية واإلقتصـادية ، وإيجـاد

وأقترح عليك أن تبدأ من منظور معلوماتى ؛ حتى تتمكن ..حلول مصرية أصيلة لها ؛ فى برامج تنمية هادفة لـى مواجهـة غوائـل الـداخل من تحقيق إنجاز يساهم فى العصر ، ويساعدنا ، مع غيرنا من العرب ، ع

.والخارج

وإذا اقتنعت ؛ قد نلتقى ، ونتناول ذلك ، غير أنى ـ إحتياطا منى ـ سأطرح عليك عددا مـن التصـورات اإلرشادية ، إضافة إلى ما يمكن أن تكون أنت قد استخلصته من عالقتنا الغابرة ، فربما يكون لـذلك تـأثير

وما أطرحـه ..رك لإلتجاه نحو زوايا نظر تمكنك من الرؤية المأمولة إيجابى يبعث على التأمل ، ويشحذ تفكي ، تلـك الحكايـة .." محاضرتى فى الفن المصرى" عليك ال يعدو كونه إقتراحا ال يقل فى بساطته عن حكاية

التى كانت موضوعا مثيرا للخالفات فى دائرة واسعة ، والتى سمعتها ـ مع غيرك ـ منى منذ أكثر من ربع إنه ليتكامل مع تلك الحكاية ، فإن كنت مازلت تتذكرها ؛ ستتعرف على مجددا ، وقد يسـاعدك مـا و..قرن

..بلغت من سن وخبرة على إدراك ما أظن أنك لم تدركه آنذاك ؛ مما أحببت لك أن تدركه

فى مجتمعنـا كما يتمثل ، يتمثل هذا فيك ..إن أزمتنا ـ ياعبد اهللا ـ تقع فى االنفصال بين الثقافة والحضارة أقول لك هذا ؛ منطلقا من افتراض أن الثقافة هـى النتـاج العقلـى للحيـاة .. العربى كله بدرجة أو بأخرى

الـوعى العـام : ومنتجاتها ، والجماليات ، واألخالقيات ، والدين ، االجتماعية االقتصادية ؛ ومكوناتها العلم ؛ " النتـاج العقلـى : "وأقـول ، القولية والتصويرية والفنون، واآلداب ، والسلوك العام والخاص ، والخاص

..والبصيرة، والتفكير ، باعتبار أن وظائف العقل هى اإلحساس والشعور

أما الحضارة فهى النتاج المادى للحياة االجتماعيـة االقتصـادية ؛ ومكوناتهـا نظـم اإلدارة ، واإلنتـاج ، .. وطرق اإلنتاج واإلستهالك والفنون الحرفيةوأدوات، ومنتجاتها الهياكل اإلدارية ، واإلستهالك

وحالة اإلتصال بين هذين المستويين ؛ من اإلنتاج اإلنسانى ؛ فى أى مجتمع ؛ هى حالة الحيوية السـوية ، ومعنى اإلزدهار واتجاهه مرهونان بطبيعة محتوى الثقافة ..واإلزدهار ؛ على الصعيدين الفردى واإلجتماعى

ولم تفهمنى ؛ وإن كنـت قـد ، ويا طالما تحدثنا فى ذلك ..على شروط إنسانية حقيقية وتوفر هذا المحتوى ، ..ودعنى أعيد على مسمعيك كالما قديما ؛ فربما تكون قد تغيرت..فهمتك

بل إنه بمقـدار تعمـق هـذه ..ـ إن فردية الفرد ـ فى حقائقها الجوهرية ـ التتناقض مع عضوية المجتمع وأذكر أننـى ، قاربة مفهوم صحيح لإلنسان ؛ نستهدى به فى تكوين ثقافة خصبة الفردية بالعقل ؛ نستطيع م

زعمت لك ـ ذات يوم ـ أن علينا استكناه تلك الرؤية التراثية عن اإلنسان كعالم أصغر ؛ هو نموذج للعـالم ساواة والعدالة ، والم ، وقد سخرت أنت وغيرك ؛ متجاهلين ماتفرضه هذه الرؤية من شروط الحرية ..األكبر

وماتنتجه هذه الشروط مـن مجتمـع ذى طبيعـة ، اإلقتصادى /والتكافل اإلجتماعى ، والتكامل الوجودى ، ..عضوية

ـ ولعلك فى غنى عن ذكر مظاهر اإلنفصال بين الثقافة والحضارة ـ فى مجتمعنا على األقل ـ وتأثيراتها عيش فيه شرط االتصال بين الثقافة والحضارة فأنت ؛ فى المحصلة األخيرة ؛ قد التمست مجتمعا ت ، ونتائجها

؛ على نحو ما بينت لك ؛ وكان توجهك هذا نابعا فى أصله من غلبـة المكـون األروبـى علـى تكوينـك علـى المسـتوى ، وهو ؛ وإن كان داال ..ولكنك ـ بحالتك ـ التمثل غير تفصيل فى المشهد العام ..الثقافى

أوسع ؛ كغياب مفهـوم الدولـة الحديثـة وأركانـه فـى مصـر؛ فإنه غير منعزل عن حاالت ، المحدود كل مـن واإليغال فى الجهل بالذات ؛ على مستويى، وسقوط هذا المفهوم فى الشكلية بدرجات متزايدة ..مثال

، الوعى العام ، والخاص؛ فى نفس اللحظة التى تجنح فبها الثقافة ـ عندنا ـ إلى اإليغـال فـى التبعيـة توجهات متناوشة ؛ هى تعبير عن مزاعم بحث عشوائى ـ أو آخرـ يؤكد أصحابه أن مزاعهم والتفتت ؛ فى

..إن فعلت ستؤدى إلى حل األزمة ، وإعادة اإلتصال المفتقد

ـ ولم تكن تجاربى ؛ التى شهدت بداياتها ؛ إال محاولة ـ هى األخرى ـ إلعادة هذا اإلتصال ، وهى ؛ وإن قد حررت إمكانيات وطاقات الذين عملوا معى ، وطورت الواقع الفردى لكل مـنهم كانت تجارب محدودة ؛ ف

، كما طورت العالقة بين الثقافة والحضارة ، فقد تعاملت مع هذه التجارب باعتبارها بحثا عـن األدوات ؛ راسيا فى وقد انطلقت من محتوى للثقافة كان ؛ ومايزال ؛ ..فى إطار من أطر منتجات الحضارة هو الحرف

الوعاء الواسع للثقافة الشعبية ، غيرعابئ بتلك التصورات الرائجة عن اإلنسان ؛ والتى هى أضيق بكثير من ..اإلنسان ؛ الذى عاينته فى الواقع الحى للثقافة الشعبية مفهوم

ت معهم لقد الحظت من تجاربى ؛ تلك ؛ أن الوعى النظرى باإلنسان أمر غير وارد ؛ لوحده ؛ لدى من عمل وإذا كـان البـد مـن ، وأية فكرة ال يمكن تصورها إال متجسدة فى نشاط ..فالكالم عندهم ليس غير عمل ،

فإذا كانت الحالة أكثر تعقيدا ؛ يستدعون ؛ ..توضيح ؛ فاألمثال الشعبية يمكن أن تكون كافية لسد هذا االحتياج أو يبـدعون ، وتجلى مستوياتها بإضاءات كافية مما أنتجت قريحة األجداد ؛ حكاية أو أخرى تعالج الحالة ؛

مايلبى احتياجهم من فنون قولية ، وقد أقنعنى ماشهدته ؛ بإمكانية إعادة اإلتصال بين الثقافـة والحضـارة إذا ..احترمنا ذواتنا ، ووثقنا فى ذكائنا نحن

توليفات مركبة للعديد من فهو حصيلة ، ـ إن الذكاء هو مزيج مثير اليمكن تحليل عناصره األولية بسهولة ، والتفسير ، وتنمية المعتقـدات ، وملكة اإلستنتاج ، التصميم ، واإلبتكار ، وصياغة األفكار : القدرات مثل

وعلى الرغم من الصعوبة الظاهرة ؛ فإن مظاهر وعناصر هذا ، وتحديد األهداف والغايات ، ووضع الخطط ت التميز لعلماء عرب فى مجاالت العلم المعاصر وتطبيقاته فقـط ، المزيج المثير اليشهد بتوفرها لدينا حاال

وكل ماكان على توفيره هو وسط تعليمى ؛ يسـمح ..إنما رأيت نماذج متنوعة منها فى تجاربى التى ذكرتها وعالقة إنتاج ؛ تسمح بأن ، ووسط عمل ؛ يسمح بأن يكون اإلبداع جزءا ال يتجزأ من العمل ، بالتعلم الذاتى

يكون مردود العمل مكافئا للجهد المبذول ، وأن يوجه هذا المردود لتنمية إنسانية ؛ تعالج الشـروط األوليـة المسكن ، المأكل ، الملبس ، وغيرها من الشروط األولية التى توفرت ـ فى تجـاربى ـ : للوجود الفردى

وقد بلورت هذا التكوين فـى تشـكيل ..بأن يكون الفرد هو العامل ، وهو ؛ فى نفس اللحظة ؛ صاحب العمل ولتجربة جـدى ، " نجع الحبلى "؛ التى جربها أبى فى " دار الفقير : "، كان تطويرا ل " الورشة"سماه أصحابه

.. ؛ فى النجع" الطريقة الرفاعية"فى استصالح وزراعة األرض الصحراوية ؛ فى إطار أبناء

من أمثله صلة الثقافة بالحضارة فى مصر يجب الوقوف ـ هذه الطرق الصوفبة ؛ التى كانت ذات يوم مثاال لكن حسن ظنى بك يجعلنى أتجاوز الحرج فى مثل هـذا ..وأعلم أنك غير مؤهل لذلك تماما ..لديها وقفة تأمل

يشجعنى على ذلك شواهد متناثرة ؛ وهى ليست شواهد ذاتية ؛ بمقدار ماهى مالحظات تستعيد مشهدا ..الطلباة ارتبطت فيها ثقافة الجماعة المصرية بإبداعها الحضارى ؛ بوشائج اتصالية ، قوة ؛ وضعفا افتراضيا ؛ لحي

وقد أدت أحوال وتحوالت هذه الحياة إلى تغيرالمشهد بـين الوحـدة والقـوة ؛ والتفكـك ..؛ ألسباب متنوعة تراضى بغير تـدعيم والضعف ؛ والتماسك والتمزق ، وربما التفهمنى إذا حاولت اإلخبارعن ذلك المشهد اإلف

وإن كان موجودا بيننا ؛ فإنى عـازف عـن ، ولما كانت دعوتى جوهرها غير مألوف ..من براهين مألوفة وقد سبق لـك أن ..هى مهمتك أنت ، فأن تعرف المعرفة الحق ..عازف عن تقديم وعى جاهز لك ..استدراجك كمتك ، فأنت ؛ يـا صـاحبى ؛ مثلنـا ولست فى وضع أسمح فيه لنفسى ؛ أبدا ؛ بمحا ..وجربتنى..فتشت فىبكـل سـطوحها ؛ ..فجوهر األمر ؛ هو معرفة الذات ؛ بكل طبقاتها ..المتهم ، والمحقق ، والقاضى : جميعنا

ويصير فيها اإلختيار تجسيدا لوحدة الذات ، ..معرفة يكتسب الفعل فى إطارها شرط الحرية ؛ من نور الوعى والفعل ، إن تم بين مكوناتها كلها ؛ يمكن المرء من التفاعل مع العصر ذلك التناغم ؛ الذى ..وتناغمها الداخلى

..فيه

فإنك إن طالبتنى بتقديم مشهد اإلتصال واإلنفصال ـ بين الثقافة والحضارة ـ فى مصر ؛ علـى ..ـ وعليهار أن يقوم مر تاريخها ؛ وحتى اللحظة الراهنة ؛ ستكون مثل هؤالء الذين يركنون إلى أوضاعهم ؛ فى انتظ

ومع هـذا ؛ فلـن ..اليقبلون ببذل جهدهم الخاص ابتداء من زاوية نظر مغايرة ..آخرون بإنهاضهم وتغييرهم يضيرنى اإلشارة إلى أن اإلبداع اإلنسانى المجتمعى يبدأ مع لحظة اتصال الثقافة بالحضارة ، وهـى لحظـة

تدرك أن الدولة ـ فـى هـذه ولعلك..جتماعيةتتسم بسمات عضوية شاملة األبعاد المتعارف عليها للحياة اإلفإذا حدث اإلنفصـال ؛ ..تكوين مفهوم ونافع وفعال ومتكامل..الحالة ـ تكون تكوينا وظيفيا فى هذه العضوية

يكون مظهره الدراج هو انفصال الدولة عن الشعب ؛ فتصير تكوينا متعاليا يدعى القيام بوظائف أوأخـرى ؛ وليست معبرة عن عضوية اجتماعيـة ، األحوال ؛ إال تعبيرا عن مصالح الطبقة السائدة لن تكون فى أحسن

تشتمل على المجتمع بأكمله ؛ اللهم إال عبر قهر السلطة وتقسيم الخير االجتماعى تقسيما يعظم نصيب الطبقة وثقافة شعبية هـى ، طبقتها هى الثقافه المعبرة عن الدولة و، ثقافة رسمية : وهنا ؛ تظهر ثقافتان ..السائدة منه

والثقافة األخيرة ؛ فى حالتنا المصرية ؛ هى أقـرب ..الثقافة المعبرة عن عضوية الجماعة فى وضعها الجديد شبها إلى السديم ، نظرا إلى غياب هذه الرؤية ، أو تغييبها ، ولوقوع االهتمام بالثقافة فى وضـع هامشـى ؛

داف السياسة واالقتصاد ، والتضيق المسافة بين الثقـافتين إال فـى هى فيه رهن االستخدام ؛ والخدمة ؛ أله و عن رغبة فى ، أو فى لحظات السعى إلى مركب جديد ؛ يعبر عن وحدة الجماعة ، لحظات الخطر الداهم ..جمع شتاتها إلى نهضة

صاليا مع الجماعة العاملـة ـ وال بأس من اإلشارة إلى أن كل ثقافة ؛ من هاتين الثقافتين ؛ تقيم نموذجا ات ، ويتقاطع معه فى نقاط تنـاقض متنوعـة ، فى إنتاج الحضارة ـ فى الداخل والخارج ـ يختلف عن اآلخر

تكنوقراطى غيـر مسـتنير ، وأحـادى /وتقوى نقاط التناقض ؛ كلما كانت الدولة تتمتع بجهاز بيرقراطى ازدياد وتصاعد فى االسـتقطابات الثقافيـة ؛ تتخـذ ويؤدى االحتدام العشوائى لهذه التناقضات إلى ..النظرة

بالضرورة مظاهر ذات مذاقات سياسية متزايدة الوضوح ، بينما يتأكد ـ خطوة بعد خطوة ـ هزيمة الثقافـة ؛ فى المجاالت المختلفـة ؛ وهـى هزيمـة " الشطار"الرسمية أمام أحط ما تفرزه الثقافة الشعبية على أيدى

، لكنها ليست ـ فى حقيقتها ـ إال مظهرا واحدا من مظاهر متعددة لهزيمة أعمق ستتجلى مظاهرها باطراد .. غورا ، وأشد تأثيرا ، وأوسع انتشارا

فأنت تعرف كل هذا ، وغيره ، لكنك التود رؤية المشهد المهـدد ..ـ أطلت عليك ؛ وكان ينبغى لى أن أطيل النتيجة النهائية التى تفضح مـدى ضـيق وتقـزم وأرجح أن السبب فى ذلك هو خوفك من أن ترى ..بأبعاده

ومدى زيف اإلدعاءات التى بشرت بها قوى العصر ، ..مفهوم الفردية ؛ الذى انتهينا إليه فى العالم المعاصر والتى يحلو لها أن تصف نفسها بالتقدمية ؛ سواء أكان هذا الوصف قناعا ألهداف ثقافية ، أو أليـة أهـداف

..!!ومصالح أخرىلست أدعوك إلى شىء أكثر من المساهمة فى بناء المشهد الذى أشرت إليه ، وأعتقد أن قراءة له ؛ على ـ و

وكلها فى مستوى أهمية ، المستوى المصرى ، ثم العربى ، ثم فى العالم ؛ ستكشف لنا أمورا كثيرة ومتنوعة أو ، طور المجتمع األمريكـى فمعرفة تطورنا ـ من هذه الزاوية ـ يتساوى فى أهميته مع اكتشاف ت ..واحد

وأنت قد عشت فى أوروبا ؛ وفى وسعك قراءة تاريخ بلدانها مـن .. اليابانى ، أو الصينى ؛ من نفس الزاوية ألم يدهشك ؛ أو يثير اهتمامك ؛ مايوليه األلمان للثقافة الشعبية من اهتمام تفصـيلى : وبالمناسبة..هذه الزاوية

سؤال واحد يشى باهتمامك بوحدة مفتقدة للنص الثقافى الذى نعيشه ؛ سواء ، أولم يبرق فى أفق تساؤالتك ! ؟ !!.مسلمين أو مسيحيين ؛ مهما اختلفت مذاهبنا ؟! أكنا مصريين أو عربا ؟

ـ لقد أشرت إلى الطرق الصوفية ؛ ليس باعتبار أوضاعها الراهنة ؛ إنما باعتبار تمثيلها لنثار من الثقافـة وحسنت النوايا ؛ ولن نتمكن من ذلـك ؛ قبـل اإلعتـراف ، يمكن تطويره ؛ لو أردنا الشعبية ، والرسمية ،

ودراسته ؛ بهدف إعادة اإلتصال بين الثقافتين ؛ من جهة ؛ وبين ثقافتنا والحضارة التى نعيشـها ؛ ، بوجوده حالتـك وخـذ ، فقد يساعد هذا االتصال فى حل مشكلة اإلغتراب ؛ ومظاهرها االنفصامية ..من جهة أخرى

.. الخاصة على سبيل المثال ؛ ال الحصر ـ ومهما كان من دهشتك بإزاء ادعاءاتى ؛ سأسمح لنفسى باإلمعان فى هذا السبيل ، بحكاية تحكـى فـى

، الذى صار له اآلن مقام ، ومولـد سـنوى ، " يحيى الحناش " ، ويتواترها الناس عن جدى " نجع الحبلى " ..قة الرفاعية ؛ ومن غير أبنائهايحييه محبوه من أبناء الطري

وبعد ، فقد كان رجل غريب يحل بالنجع فى مطلع كـل خريـف ، ..ـ صل ؛ ياصاحبى ؛ على سيدك النبى ..ثم يرحل ؛ إلى حيث البعلم أحد، فيقيم أياما فى ضيافة جدى

نذ وعيت ، يأتى عرفته م ، الرجل كان طويال ، عريض العظام ، هائل الرأس ، عظيم الهيبة ، حاد النظرات قد أرخى على كتفيه ، من حيث ال أعلم ،مشعثا ، متربا ، يحمل وعثاء الطرق التى قطعها ، ممزق المالبس

أو ربما كانت هى رائحة ، كأنها رائحة حنوط ، تسبقه رائحة غريبة ، حادة تهد القلب ، قماشا ناصل اللون وكان جـدى !!" إنه جدك السيد الحناط :" غامضة ؛ وقال فحين سألت أبى عن اسمه تبسم ابتسامة ، الحنوط

فيصطحبه إلى داخل الدار ، وبعد وقت طويل يخرجـان ؛ وقـد ارتـدى ، يحيى يتهلل مرحبا به كلما حضر وفـى ، تلمع بشرته ، وأرخى على كتفه اليمنى قماشا أبيض ، حليق الرأس ، جلبابا أبيض " السيد الحناط "

وقـام علـى ، ندال جلديا ، فنعرف أن جدى يحيى قد حلق شعر رأسه ولحيته قدميه وضع مداسا يشبه ص لعلها كانـت ..استحمامه ، فخلصه من تلك الرائحة الحادة ، وأكسبه رائحة تشبه رائحة النبات األخضر اليانع

سـم عـن وحينئذ كنت أقترب منه ، فيتب ..رائحة أعواد القمح الخضراء ؛ هى الرائحة الغالبة عليه بعد الحمام هيه يـاظريف ؛ :"فيريحها على رأسى ويسألنى ، فأدخل تحت ظلها ، ويمد نحوى كفه ، أسنان بيضاء سليمة

إنهـا رائحـة توجـع ! " لماذا تأتى حامال تلك الرائحـة ؟ : "وكان سؤالى األول له !" ماذا تريد أن تعرف ؟ ى الطرق التى أجتازها إلـيكم ألتقـى وف..ألننى أسافر سفرا طويال حتى أحضر إليكم : "، فقال لى ..!!" قلبى

إليكم وتراب السبل.. بأشجار الصبار، والزيتون ، وبالجميز ، واللبخ ، وبالنخيل ، وبأشواك كثيرة التعرفونهاوكل ذلك خلف بعضه فى بعضى فصرت أحمل الطـرق الممتـدة ، ، واألحداث التى عشتها متبانية ..متنوع

إنى أحمل الطـرق : " يسكت ؛ ويقول لى ؛ وهو يبتسم ابتسامة محزنة ، ثم ..!!" المعروفة منها والمجهولة ،إ ننى أنصت إليه ؛ وكـان قلبـى !! ؟..، وهل كان بوسعى أن أفهم مايعنيه كالمه ولم أفهم ..!!" المجهولة

وكان جدى ينصت ؛ وهو مسبل الجفنين ، كأنه يتحاشى أن تلتقى عيناى بعينيه ، عيناى ، ينتفض فى صدرى ..!!.ولم يتدخل..وجدى قد امتنع عن اإلستجابة، ا أسئلة فيهم

!ومن أنت؟: ـ سألت السيد ..!!وأنا أتفوه نحوك بكالمى..أنت منعم عليك: فضحك ، وقال لى

..كلنا أبناء حواء وآدم..أنا ابن حواء وآدم: وكنا فى الليل ، فنظر فى النجوم ؛ وقال ..والناس يقولون أنك من الماشين فى الزمان: ت لهـ لما كبرت ، وبلغت السادسة عشرة ، قل

..!!هذا كالم ابن عم حديت: قال متملصا ..!!.لى سنوات وأنا أسألك ، وأسأل نفسى عنك ، فال تجيبنى ؛ ولم أجد إجابة: سألته ؟..وإن كان ماقاله الناس هو الحقيقة ؛ فكيف تعرف إن كانت هى الحقيقة: قال

..ليس من سبيل إال التجربة: رب منى ؛ وهو يقولأبديت له حيرتى ؛ فاقت ..!!نعم: قلت ؛ وكأن ذلك كان اكتشافا مذهال

وأفرغ وعاءك مـن كـل ، واطرد عنك هواجسك ، فال تتكلم مع نفسك : وقال لى ، فوضع كفه على رأسى وسننتهى إلـى ..فإذا تكلمت ؛ فتكلم معى ، وكل األمور ستكون خيرا ..وانظر..وتعال إلى ، انصت ..مايشغله ..الخير

وامتـدت األرض الخضـراء واتسـع ، ـ لم تكن إال لحظة ؛ كلمح البصر ، ورأيت أن النجع قـد اتسـع قادما نحـوى ؛ مـن .. فى رداء مصرى قديم ؛ من كتان يستر نصفه األسفل " السيد الحناط "ورأيت ..الزمام

أنت لست اآلن فى : فلما رآنى قال لى ..قوىالغيطان ، وخلفه بقرة ، فى أعقابها عجل صغير ، وبعدهما ثور فأول الدنيا بعيد ، هيا معى إلى دارى ، فيوم العمل قد تم ، والشمس تدخل فى الليل ، هذه أجمـل ..أول الدنيا

..!!األيام !؟..وأين أول الدنيا: سألته..ومشيت معه

فاذا صـفوت .. والليل سعيدا فالمهم هو أن تعيش النهار ..دعك من ذلك ..هذا كثير ياظريف : فضحك ، وقال .. ورأيت ماكان، الصفاء الجميل ؛ رأيت ماهو كائن

..علمنى ياجدى: قلت لهويشـبهوننى فـى ، وإن لى إخوة ، هم مثلى ..ستتعلم التعليم الحق ..إن استطعت أن تعيش العيش الحق : فقال

خيمـة السـتر : " دارنا اسمها وكانت، ونشأنا فى دار واحدة ، ونحن ولدنا ألم واحدة وأب واحد ، صورتى وأخرى للخروج ، ولما حضرت أبى وأمى الوفاة جمعانا ، أثناء حياة أبى وأمى ؛ كان للدار بوابة للدخول "..وأحب كل منا اآلخر؛ واآلن ؛ جاء وقت رحيلنا ، ونحـن النخشـى ..أيها األبناء لقد عشنا معا : وقاال لنا ،

ألنه ؛ بعد تمام رحيلنا ؛ سينكشف لكم فى هذه الدار أبواب ، ذروا أنفسكم فاح..عليكم من بعدنا شيئا إال أنفسكم بحبح " واآلخر باب " قاصد كريم " ونحن النعرف من هذه األبواب غير بابين ، أولهما باب ..خلفها ماال نعلم

والباب الـذى ،" خيمة الستر " واحفظوا الباب الذى ألفتموه للدخول إلى ..فاحذروا أن تدخلوا هذه األبواب ".. ..!!.وعليكم السالم..عرفتموه للخروج منها ، هذه وصيتنا

لقد أوصانا أبونا .. أيها اإلخوة : "فلما مات األب واألم ؛ وكنا سبعة من اإلخوة ؛ وكنت أنا أكبرهم ؛ قلت لهم التـالى لـى ؛ ، فقال أخى ..!!" فمن ظهر له ـ فى الدار ـ باب ؛ ال يدخله ؛ إال إذا اتفقنا على ذلك ..وأمنا

، ..!! لكن كل واحد منا سيد على نفسه ، فدع كال منا وفقا لما يهـوي ..؛ أنت أكبرنا " ياسيد" : "واوا""واسمه وأنـا ، وصياد عظيم ، ؛ فهو قوى العضالت " واوا"ياسيد ؛ أنت فالح ، أما ": "سارى"وقال التالى ؛ واسمه

اإلخوة األربعة ، فلتنصت إليهم معنا ؛ فقد يكون لكـل مـنهم ولنا هؤالء ..كبير الرأس ، وعندى أفكار كثيرة يا إخوتى ؛ لقد عشنا فى سعادة ؛ فى هذه : ، وقال " شكور" ، فقام أصغرنا ؛ واسمه ..!!" رأى يراه فى نفسه

وإنى ..ولنا بقعة نفلحها ، ويرويها النهر الجميل ؛ متغير األلوان "..آهى "الدار، وهى مثل كل دار فى أرض " ، وقال الـذى يكبـره ؛ واسـمه .." رأى أخى السيد ، فإن ظهر لى باب لن أدخله إال اذا تقدمنى هو أرىأما أنا ؛ فإن ظهر لى باب سأدخل فيه ؛ ألرى ماوراءه ، فقد يكون لى فيه خير، ولست أقبـل أن ": "خازن

ال فى إن تكون هذه الدار دارا لنا أنا لست أطمع فى شىء إ ": " باتع"، وقال ثالثهم ؛ واسمه ..!!" يمنعنى أحد ، وقال ..!" ولو أن بابا ظهر لى ؛ لن أدخل فيه ..، وأن نعيش فى سالم مع أهلنا من أبناء هذه األرض الطيبة

وإنى أحب "..جامع"اسمى !..؛ أن يفرقوا ما اجتمع؟ " وخازن"، و " سارى"، و " واوا"لماذا يحب : "آخر األربعة لهذا أدعوكم إلى أن نحفظ وصية الوالدين ، وأن نجعل أخانا السـيد سـيدا و..أن يكون لى من اسمى نصيب

.."ومن ليس له كبير ؛ ينبغى له أن يشترى كبيرا ؛ يكون مرجعا له ، ومشيرا..علينا

، واآلخر " قاصد كريم " أولهما مكتوب عليه : ظهر فى الدار البابان ، وتفرقنا على رأيين ، فلما انتهى الكالم ، ودخلـوا " بحبح"ونهضوا إلى باب .. النظر" وخازن" سارى " "واوا"، فتبادل كل من " بحبح:"ه مكتوب علي

يعلم اهللا ما : "يقول" جامع"وما أن دخلوا فى هذا الباب حتى سمعنا أصواتا مروعة ؛ جعلت ..واحدا بعد اآلخر ..!!".الثالثهلكننى أحس ـ فى قلبى ـ أن هذا آخر العهد بهؤالء ..الذى يجرى فى هذا الباب

فلماذا الندخل فيـه معـا ..هذا ؛ سيظل قائما ، ينادى كال منا " قاصد كريم "يا أخى إن باب : " وقال باتع لى !".؟..فنرى ما يخفيه

..!!يظهر لى ـ من فضولك ـ أنك لن ترتاح حتى ترى ماوراءه: "قلت لهحلم بالدخول فى هذا الباب مهما طال بـى الحق ما قلت يا سيد ،وعن نفسى ؛ أرى أننى سأظل أ : فقال شكور

"..!!خيمة الستر"المكوث تحت ..!!أما أنا فإننى مقيم..أنتم وماتحبون ألنفسكم:قلت لهم

ولـم أسـمع صـوتا مـن خلـف "..قاصد كريم "؛ فدخلوا فى باب " وجامع"، " وباتع"، " شكور"فقام كل من وعشت فى الدار وحدى ؛ حتى كان يـوم سـمعت فيـه ..وكان هذا آخر العهد بإخوتى الستة ؛ آنذاك ..الباب

الذى ظهر فى البلد فغلب بقوته األقران ، قوى العضالت ، ، ذلك الصياد العظيم " واوا: "الناس يتحدثون عن ويتمنـى لقـاءه ،وتحلم به الفتيات ، ويحكى عنه القوالون ، ويعجب به الفالحون ، وصار يخشاه الصيادون ،

، فإذ بى أرى شخصـا آخـر ال أعرفـه ، متوقعا أن يكون هو أخى ؛ الذى يشبهنى ، يه فذهبت إل ، الفتيان وتـولى ، ، ثم إنه ضحك ضحكة قاصفة ..!!" جئت..انا الملك :"، فقال لى !" من أنت؟ : "فسألته، واليعرفنى

..عنى ؛ متوغال فى البرارى

تحدث الناس عن آيات الشـفاء التـى الذى ي ، ، الطيب المداوى " سارى: " ولم تكن غير أيام ، وسمعت عن ، فذهبت إليه ، فرأيـت شخصـا ، ال أعرفـه ، وال .." لعله أخى اآلخر :"فقلت فى نفسى ..ظهرت على يديه

أنـا : "، فنظر فى عينى نظرة ثاقبة ؛ ثـم قـال لـى !" ؟..من أنت: "فلما سألنىعن مرضى ؛ سألته ..يعرفنى ..!!".د أصبت شفاءك ؛ فانصرف راشداأما وق:"، وتولى عنى قائال ..!!" جئت..الملك

فيشترى ، وبقوافلـه .. ، التاجر، صاحب القوافل ، الذى ينزله بذهبه وفضته " خازن: "وسمعت أثناء ذلك عن واتخذ عمالـه مـن ..وعلمت أنه قد عمل لحله وترحاله المواسم ..ثم يرحل ، المحملة بالسلع األجنبية ، فيبيع

لم ، فلما حدث لنا ذلك ، ة البعيدة ، فانتظرت الموسم أللتقى به وجها لوجه ، ومن البالد األجنبي " آهى"أرض وتقرب منى ، زاعما أن أحسن المال يأتى من التجارة ، وأغرانـى ، هو إلى ، وتعرف ، أعرف فيه أخى

نـا أ: "، سكت برهة ، ثـم قـال " من أنت ؟ : "فلما صوبت عينى فى عينه ، وسألته ، بمشاركته فى قوافله وشكرت له ، فلم أقبل !! وإنى أعرض عليك ملكا ، فهال قبلت ؟ : " ، ثم سكت ، وقال لى ..!!" جئت..الملك

..وغادرت، والحكمة ، وبغـالت ، اشتهروا بالسماحة ، " وجامع"، " ، وباتع " شكور: "ثم ظهر من بين الفالحين ثالثة هم

فلمـا ، وفى ظنى أننى سأرى إخوتى ، فقصدتهم ، كون وشاع عنهم أنهم مبار ، موفورة ؛ تعطيها أراضيهم ، تبادلوا النظـر !" من انتم ؟:"واستضافونى ، فلما سألتهم ، واستقبلونى االستقبال الحسن ، رأيتهم خاب ظنى

وال ، نسأله أن يجعل الدنيا فى أيدينا ، الواقفون ببابه ، نحن الفقراء إلى إحسانه : "، ثم قالوا فى صوت واحد ..!!"ها فى قلوبنايجعل

فربما يقع لى ..أتوقع اللقاء بإخوتى ، ومازلت سعيدا تحت خيمة الستر ، " آهى"واآلن ؛ هأنذا أعيش فى أرض وأنصت إلى ، فأراهم مقبلين على ".. بحبح "، أو باب " قاصد كريم "حين ينفتح باب ، ذات يوم هذا اللقاء

..!!.فأعرف ماجرى عليهم، حكاياتهم يحيـى "وإلى جانبه جـدى ، فى مواجهتى " السيد الحناط"فرأيت ، هذا الحد ـ ياعبد اهللا ـ انتبهت ـ عندفلما هممت بـالكالم عمـا ، لم يسبق لى أن الحظته ، وأدهشنى أن أرى تشابها فى المالح بينهما ، " الحناش

!وماذا تريد أن تعلم يايحيي؟: رأيت ؛ سألنى جدى !!.. ؛ قد أطلعنى على حكاية عجيبة" السيد الحناط "اه منى فضوال ؛ فجدى ؛ ليس ماتر: قلت على الفور

، ثم أشار بإصبعه السبابة إشارة غامضة ، " السيد الحناط "متبسما ؛ كأنه يعلم ماوقع لى مع " الحناش"فنهض ى من كـل فرأيت أننى فى ليل مظلم ، وأصوات صراخ ، واستغاثات تأت ، كفه على رأسى " الحناط "فأراح

وأدخلنى دارا ، وقـال ، ؛ فأخذ بيدى " السيد الحناط "النواحى ، واندلعت ألسنة نار فى جهات متفرقة ، وجاء وأنا قلت للناس ـ مـن قبـل ـ إن ، " آهى"األعداء هاجموا أرض ، " خيمة الستر"انظر؛ أنت اآلن فى : "لى

؛ " وخـازن "لم يصدقنى أحـد ، ، ات األرض الوجوه األجنبية التى تأتى فى القوافل تستطلع ؛ لتعرف عور لم يصدقنى أحد ، هاهم األعداء قد وضعوا أسيافهم على الرقـاب ، وإنـه ، معسول اللسان ؛ ليس له أمان

"..!!.واوا"لوقت

ولـم يطلـع ، وقاد المقاومة ، وطارد الشجعان ، وقتل منهم األبطال ، فأظهر فنونه ، لألعداء " واوا"وبرز فرفع الناس من قدره ، بطال لكل األرض " واوا"كان المهاجمون قد فروا من حيث أتوا ، وصار الصبح حتى

" السيد الحناط "وقال لى ، وشيدوا له دارا فى المكان الذى اختاره على شاطىء النهر ، وتم البناء على عينه ، ..لبهفقد اتفق الناس على تلبية مايط..اآلن ؛ سنمنحه هدايانا مثلما يفعل الناس:

دعونى أتخير من بين أبنائكم من يصـلح لـتعلم فنـون : قال، وسألناه عن طلبه ، فلما ذهبنا مع الناس إليه ..!!فيقيموا معى ؛ هنا ؛ حتى يصير لكم جيش، وأسرار السالح، الحرب

..لك ماشئت: فقال له الناسالتتعجـل الحكـم ؛ فلسـت : ى قال لى ؛ الذ " السيد الحناط " وارتفعت هيبته فى نفوس الناس ؛ إال واحدا هو

..!!الوحيد الذى لم ترتفع هيبته فى نفسىوقال ، "شكور"و" باتع"، فوجدت هناك " جامع"فصحبنى الى دار ، فسألته عن اآلخرين ؛ الذين لم يهابوا جانبه

رضـه هذا أول التحول ، فهيا نوضح للناس أن كال منهم سيركن إلى الجيش ويهمل الـدفاع عـن أ :جامع ..وعرضه ..!!التفعل ؛ فالناس لم تشف جراحهم بعد ، ولن يسمعوا لنا: فقال باتع

جالسا على " واوا"فرأيت ، ؛ على الضفة األخرى للنهر " سارى "صحبنى إلى حيث يقيم " السيد الحناط " ثم إن لى ، فرأيت رجال ربوة هناك ، ثم سمعنا أصواتا تتخافت وتعلو ، كانت األصوات جميلة اإليقاع ، وتلفت حو

وطيور ليلية تطير حول رأسه محومة ، وأسماك النهر تطير فى الهواء ، ثم تهوى الى الماء ، ومـن ، واقفا ومن النهر خرجت التماسيح إلى الضفة حتى صارت تحت قدميه ، ثم سـاد ، جهات البر ؛ أقبلت الحيوانات

إنى جمعتكم : "يقول" سارى"، وارتفع صوت ." .إنه ساري ؛ طبيبهم المداوى " :"الحناط "وهمس لى ..سكوتومن البالبل الصادحة ؛ إلى العقبان سيدة الفضاء ، من عقرب الصحراء ؛ إلى سباع الجبال ، من كل صوب

فهل أنتم مطيعـون ..كلماتى كلمات قوة جمعتكم ؛ لتعرفوا أن..ومن ديدان الماء ؛ إلى التمساح سلطان النهر، ..!!".إذن ؛ فانصرفوا ، وكونوا على العهد: "خاشعة ؛ فقال لهم، فصدرت عنهم أصوات ! ؟

وما أن وضع قدمه علـى ، ؛ فقد امتطى ظهر تمساح عبر به عرض النهر الى الضفه األخرى " سارى" أما ..!!يا أيها الطبيب المداوى ؛ إصعد إلى لنتكلم: ؛ من فوق الربوة" واوا"األرض حتى نادى عليه

سيطول بهما المقام ، وسينتهى كالمهما إلى اتفاق ، فهل تريد ان تعرفه ؟ : وقال لى الحناط

!؟..وهل لغير هذا اصطحبتنى: قلتلقد رأيت أننا نعيش بغير ملك : "يقف وسط الفالحين قائال لهم " سارى "ولم يكن إال لمح البصر ؛ حتى رأيت

، ون أن نجعل علينا ملكا ؛ نختاره من بيننا فهل تر ، واألعداء من حولنا يتربصون ، وينظم أمورنا ، يقودنا ويكون لنا هيبه فـى ، فيقوم عدل له ، ويفصل فيما ينشب من نزاع بين عشائرنا ، فيحمى البالد من األعداء

..!!".ونعيش فى أمن وسعادة، عين عدونا ونحن ، ون أبناءهم لكن آباء العشائر يعرف ، كالمك حسن : "فقال" شكور"ثم برزله من بينهم ، سكت الناس

.."نخشى من ظلم الملك

..!!فاجعلوا عليه من يراقبه: قال سارى !!فإن اتفق الملك ومن يراقبه علينا ؟: سأله شكور !!وتخعلوهما ، واليتحكمان فيكم ، ؛ لكل منهما " ال"يكون من حقكم أن تقولوا : قال سارى ؟هذا هو الكالم ، فمن ترى أن يكون الملك : قال الناس ". واوا"الملك علينا يكون : قال سارى

ونحـن ..وترشده إذا ضـل ، كالمك حسن ، لكن عليك أن تكون من يراقبه ، فتقومه إذا اعوج : فقال الناس ..نبنى لك دارا ـ على عينك ـ مجاورة لداره

..!!يالها من مؤامرة: فقلت للحناط، وعـش ..!!آمـين ..فالتكن من الضالين..بكارتهافالحياة ـ منذ اآلن ـ قد فقدت ..هيء نفسك للمعرفة: قال

..معى ماوقع، غير أن يكـون لكـل " سارى "، والوزير " واوا"إنه الينقص الملك : إنى رأيت الناس قد اجتمعوا ، وقالوا

..!منهما زوجة ، فهيا نعرض عليهما البنات

ضـحكاتها .. جميلة عفية مثل مهـرة وهى بنت ، " ريما "البنت " واوا"فاختار الملك ، وكان ما أراده الناس مشهورة فى البلد ، وأبوها عنده دار، وأرض ، وبقر، وخراف ، ماتت أمها فشاركت أباها العمل فى الحقل ،

..فاحفظى تاجك..أنت ؛ قبل الطلب ؛ كنت ملكة على نفسك: ولما أتاها الطلب ؛ قال لها أبوهاقـال ..، عاشقة لألرض ، ولكائناتها ، وكانت بنت رجل حليم ؛ هادئة الطبع " رائيفا"فقد اختار " سارى"وأما

أنت أحببت النور، وارتشفت الهواء ، فكونى حافظة لحلمك ، وتوسعى فـى صـبرك ، : لها ؛ وهو يودعها ..فالصبر مفتاح العلوم

وكـان الولـد ،"بلبولة"بنتا سمتها " رائيفا"، وأنجبت " بلبول"ولدا ، أعطته اسم " ريما"ومرت األيام ، وأنجبت ..!!.وبعدهما عصمت كل منهما ؛ فلم تحمل من زوجها بذرة أخرى..والبنت جميلين

، فأراد أن يرى نصيبه ؛ ليحفظه ؛ ويحميـه، فـدعا إليـه "واوا"؛ دخل الخوف قلب " بلبول"ومن شدة جمال ..!!سألتك بالسر الذى بيننا أن تعرفنى حظ ولدى: ، وقال له" سارى"

وهاهو يبحث عن ضمان لولده ..أشد منى حذرا" واوا"إن : " ـ بينه وبين نفسه ـ وقال له عقله "سارى"ففكر ..!!"من تقلبات األيام والليالى ؛ بينما أنا لم أفعل

..لك على ذلك: ثم إنه قال لواواض مـا ببع" واوا"أياما ، رأى فيها ما خلع مفاصله ، وجعله يرتجف ، فعزم على أن يخبر " سارى"واعتكف

يعيش ابنك زمانا يكون فيه أجمل األطفال ، وزمانا يكون فيه أوسـم : رأى ، ويكتم بعضه ، فذهب إليه وقال ".ال: " منها إال الذين قالوا لكهوال ينقذ.. الفتيان ، ثم يأتى سن الشباب فتدهمه داهمة تأتى من الماء

!؟..ومن هؤالء": واوا"سأله ..إنهم رجال من البلد: قال هل تعرفهم ؟ـ و

..إنهم لم يقولوها ، فلم يأت وقتهم بعد: قال ساريفانصرف ؛ مسـتغرق " واوا " ، أما الذي كتمه فقد كان تطابق حظ ابنته مع حظ ابن "ساري " هذا ما باح به

.. الفكر فيما عليه أن يفعله من أجل حماية ابنتهوللعقـرب ، وللعقاب ، وللنسـر ، وللذئب وبيده ؛ صنع تماثيل لألسد ، ، فأتي بشمع من شمعه المسحور

وجعلها فى حجرة داخل ، ثم صنع تمثاال للتمساح ، ولألفعى ذات الدرقة ، الصفراء ، والخضراء ، والسوداء ، وعنـد المغيـب ، عند مطلع النور ، داره ؛ فرشها بفراش وثير ، ثم فرش األرض زهورا تغنى جوقاتها

وأمره أن يبدى تحوالتـه فـى ، وأنبت فيها الشجر ، ران صور األرض وعلى الجد ..وبين الموعدين ترقص وفى السقف رفع سماء ذات ..وأمره أن يعيش ويتوالد .. وأطلق فى األشجار حيوان السهل والوعر ، الفصول

..نجوم وكواكب ، وجعل فيها شمسا وقمرا ، وأمرها أن تؤدى أعمالها طبقا لدورة السماءوألن الخطر يأتيها من الماء فقد جعلتك أيهـا ..كونى حارسة عليها : ، وقال لتماثيله وأدخل ابنته هذه الحجرة

..التمساح رئيسا على هؤالء جميعهم ..سمعا وطاعة: قالوا

فقالت ، وأخبرها بما دبر لحمايتها ، فكشف لزوجته ما رأى من حظ البنية ، من حجرة ابنته " سارى"وخرج ..فكما تدين تدان.. ع أبويها لن يدهمها شر إال من صن: رائيفا

حتـى " واوا"وما أن رآه ، فوجده ساهرا يفكر ، "واوا"وانصرف عنها ذاهبا إلى ، من كالمهما " فنفر سارى .. وسيعيش فيه تحت الحراسة المشدده..سأبنى لولدى برجا عاليا يسكن فى قمته: قال له

. دع الولد يعيش مثل بنى آدمالحذر اليمنع القدر ، ف: كالمه ، فقالت" ريما "وسمعت

حقا ؛ إننى ملك على هذه األرض ! ؟..أنت امرأة عنيدة ، وهل تحسبين أن إقامة هذا البناء أمر سهل : فقال لها لكننى ال أستطيع أن أبنى لولدى برجا يحميه الغوائل ، فـالفالحون قـد ، ولى جنود ، ، وعندى وزير أريب

.. والنستطيع أن نفرض عليهم شيئا من فضة أو ذهب،جعلوا نصيبا لنا من خيرات الحقول ؛ يأتى فى المواسم ؛ فيربح الذهب والفضة ، وقد نسيناه زمانـا ، فهـل آن " خازن"إن التاجر ": سارى"فقال

!؟..األوان ليعرف من يكون الملك ..!!إنك حقا أبو األفكار": واوا"قال ..!!ى مشورة ورأى ؛ فهيا بنا إلى ربوة اإلتفاقليس بالخبز وحده يحيا الجنود ، وعند": سارى"قال ولما اطمأن كل منهما إلـى خلـو الجـو ، فتقدمه إلى الربوة التى التقيا عندها أول مرة ، اإلشارة " واوا"فهم

..!!آن لنا أن نقسم خيرات األرض كلها بيننا وبين هؤالء الفالحين": سارى"حولهما قال !؟..ك وجيشنا من أبنائهموما السبيل إلى ذل": واوا"سأله ..دع هذا األمر لى": سارى"قال

وفى وسطهم ؛ غرس ، بشمعه المسحور؛ فصنع تماثيل لرجال ونساء ، ووضعهم فى دائرة " سارى"واختلى : ثم خلعها ، ورفعها فوق رؤؤسهم مهددا ؛ وهو يقول لهـم ..فنظروا إليها جميعهم ..عصاه ؛ التى يضرب بها

كل منكم أمرى ، واليبح بسرى ، أنتم أبناء الغواية وبناتها ، لكم الليل ، و لكم الظـل ، فليسمع..أنتم خدم لى ..!!فادخلوا فى أحالم أهل هذه األرض ، واقتسموا معهم المواقيت

..!!نحن نسمع ، نحن نطيع: قالوا

انـت عينـه علـى فيما عدا التمساح ؛ الذى ك ، ، فتبادلوا النظر " سارى"لم ير ذلك غير الحراس على بنت ؟..لماذا يفعل سيدنا ذلك: ، النائمة فى فراشها ، فسأله الذئب" بلبولة"

فلما التفتوا إلى التمساح ، ونظروا إليه منتظرين جوابه ؛ رأوا فى عينيه الثابتتين صورهم المتسائلة ، فوقـع ..!!والتزموا الصمت، فى دمائهم الخوف ؛ الذى لم يسبق لهم تجربة معه ، فتبادلوا النظر مرة أخرى

..!!فأخلصوا العمل..أنتم تعرفون أعمالكم: وقال سارى ألبناء وبنات الغوايةوبـدأ كـل مـنهم ..كان كل منهم مشغول الخاطر بما داخله فى الليل ، ونهض الناس ، فلما طلعت الشمس

وبـاح ..حسوا بمثله مـن قبـل يتساءل عما يفتقده ، وتطلعت نفوسهم الى الفضاء ؛ ملتمسة شبعا لجوع لم ي ..!!"لعله السرور؛ هو الذى ينقص حياتنا ؛ لتكتمل:"بعضهم بما يشغله ؛ قائال

، كائناته الشمعية مـن النسـاء والرجـال " سارى"فجمع .. وتراكمت األوهام فى الخواطر ، ليلة ؛ بعد ليلة ..بالبلد" خازن"جر وأمرهم بإقامة اإلحتفاالت للسرور؛ فى مواسم التجارة ؛ حين يحل التا

أنتم عيـونى ، وأنـتم : ثم إنه اختلى بشمعه ، وصنع رجاال آخرين ، وغرس عصاه فى وسطهم ، وقال لهم ..!!.، واحملوه إلى" آهى"آذانى ، فاجمعوا الهمس ومايدور فى أرض

..سمعا وطاعة: قالواإعلم أن األرض قد صـار لهـا : قال له فلما حضر ، " سارى"بالقوافل ؛ فأرسل إليه " خازن " وأقبل التاجر

فهـل تبـذل ..يتنفسها الصبيان والبنات ، وأراك أريبا ، أبواب ، وعليها بواب ، وأنه قد صار فيها صبوات !!؟..طوعا ؛ وتقيم سرورا ؛ فتجد سرورا

..وأنت الذى يعرف ما يصلح ابن اإلنسان..أنت الطبيب المداوى": خازن"فقال له ..!!وميال إليك، القول ماقلت ، وإن فى قلبى رحمة لك ":سارى"قال

فظهر فـى األرض ..وعلى أن يجعال الليل للسرور ..وهكذا ؛ تم االتفاق على أن يجعال النهار للبيع والشراء ..!!.كالم للهو الظاهر ، وكالم للهو الخفى

": الحنـاش "وقال لى "..يد الحناط الس"متخذا مقعده إلى جوار " الحناش"ـ ونظرت ؛ ياعبد اهللا ؛ فرأيت جدى ..!!يسحرك بحكاياته" الحناط"أرى ؛ ياظريف ؛ أن

!فماذا فعلت أنت ؟، " آهى"كل هذا وقع فى أرض : قلت له ؛ وأنا لم أكد أنتبه: ؛ وهـو يـريح كفـه علـى رأسـى " الحناط " نظرة من يناوله السؤال ؛ فقال " الحناط"إلى " الحناش"نظر

..وانظر..التحاكمنى يافتىلم يترك نفسا تسكن إلـى مـا توارثـه " سارى": "الحناط"وقال ..فنظرت ، فرأيت الدور قد دخل فيها الشجار

وقسم الناس أقساما بجعـل المنفعـة الواحـدة منـافع ..فقد أفشى األسرار المكنونة ، الناس من تقاليد مرعية وزعموا ألنفسهم أنهم رأس المسـألة ، ، هم فانطوى كل أصحاب منفعة على منفعت ، وميز بين المنافع ..كثيرة

وصار التبادل بينهم يزداد صعوبة ..فتفرق ماكان مجتمعا .. وجعل كل لنفسه ، ولطائفته ، سرا اليفشيه لغيره فى انتظـارهم ، فأنصـت إلـى كـل " سارى"، ولم يعد لهم ملجأ غير الملك ، فذهبوا إليه ، وهناك ؛ كان

قد صار مشكلة معضلة ، والحل لم يزل هنا ، فهيا بنا لنقيم قانونـا ، وشـرعة كل أمر : ثم قال لهم ..كالمهمورأسه الديوان ؛ الذى يـنظم المعـامالت ، وفيـه ـ لكـم ..تنظم المعامالت ، وأول الطريق ؛ هو السوق

!؟..فماذا ترون..المعاونون ـ ولن أكون إال خادما لكم ، ضمن هؤالء الخدم

..!!ير؛ الرأى ماترىيا صاحب الرأس الكب: قالوا .. منذ الغد ؛ إبدأ بناء الربج لولدك: ، ومال عليه هامسا" واوا"إىل " سارى"نظر

: لسارى" واوا"وقال .. سورا ، بأبراج ومراقب " واوا"ومرت األيام ، وارتفع الربج فوق ربوة االتفاق ، وحوله شيد .. األرض واسعة ، فهيا نبىن قلعة للجند

نبنى ما نشاء ، فنحن ؛ أيها الملك ؛ لن نترك األرض عورة ، فلنشيد على أبوابها القـالع ، بل ": سارى"قال ..!!. وفى هذه القالع فوائد جمة ، مخزونة فى خزائن الزمان..فيأمن الناس شر غدرات العدو

ـ : وقال الناس لسارى ل هـذا أيها الطبيب المداوى ؛ نحن جعلناك المراقب على الملك ، فلمـاذا كلفتمونـا ك ! ؟..التعب ! ؟..تعب ساعة خير من تعب كل ساعة": سارى"قال

أيها الرجل الطيب ؛ أنت تسكن دارا مليحة وإنـى فـى : ، وقال لى " خيمة الستر "ثم إنه تركهم ، وجاء إلى !؟حاجة إليها ألعمال المملكة ، فهل لك فى المنفعة

.!؟فهل لك أن تدعنى لحالى .. كما يعرف كالنا ؛ ملكياسارى ؛ أنا ليس لى فى المنفعة ؛ وأنت ؛: قلت له، فتولىعنى ؛ وأنا أرى فى عينه الغدر؛ فتبعته سرا ، حتى دخل حجرة ابنته ، فجمع إليه أبناء وبنات الغواية

: وقال عيونه وآذانه ، من الرجال الشـمعيين ..وما فاحوا به فى أحالم الناس من روائح ، وأنصت إلى كالمهم .." ال: "لقد ظهر رجال يقولونيا سيد ؛

..وقد اجتمعوا على العصيان" ..هذا هو الطغيان: "إنهم يقولون: فقالوا له، فاستزادهم بيانا ..باتع "وثالث اسمه ، " جامع"وآخر اسمه ، "شكور"واحد اسمه : فقالوا، فسألهم عن أسماء المدبرين

لماذا يعاكس الرجل القوى سر قوتـه : التمساح هامسة ومالت الحية ذات الدرقة على ، برهة " سارى"فأطرق !.؟..بفعله

وفى قاعهمـا اسـتقرت ..لكن عينيه ذواتا النظرة الثابتة كانتا المعتين ، وكان ساكنا ، فلم يفه التمساح بحرف ..صورة بلبلولة ، النائمة فى فراشها المرصود

فلما رأونى قـاموا ، "جامع"قد اجتمعوا فى دار فوجدتهم ، "شكور"و" باتع"ذهبت إلى ، فلما رأيت وسمعت ذلك وكلكـم ، هذا أخ لنا : وأدخلونى فى مكان قصى ، فوجدت رجاال قد اجتمعوا ، وقال شكور ..إلى ورحبوا بى

..وآذانه قد كشفت له أمرنا فاكشفوا له ما تعرفون" سارى" وقد أخبرنا أن عيون، تعرفونه

وال ، ال يكلمون أحدا ، فرأينا رجاال غرباء ، صفر الوجوه ، والطرق نحن راقبنا الدروب : فقام أحدهم قائال وقد الحظنا أنـه ال ..وفى النهار يظهرون فى الظل ، يلزمون الليل ، يظهرون بيننا ، ويختفون ، يكلمهم أحد

..ومنها ينطلقون، " سارى"فلما اقتفينا آثارهم رأيناهم يدخلون دار ..ظل ألى واحد منهم !! ..آن لكم أن تهجموا: لفقلت للرجا

..فكن أنت الرئيس علينا ودبرنا..أنت تعلم أكثر مما نعلم: فقالوا لى..فاستزادونى ، فقلت لهم كل ما عرفت ..وعليه توكلنا..التدبير هللا: قلت لهم

خفـاء وأن نسحبهم من ..، ونخرج كائناته أبناء الغواية من أحالمنا " سارى"وكان أول التدبيرأن نبطل أعمال وعـرف النـاس .. ولما فعلنا ذلك ؛ شهد الناس مصارع عجيبة لهذه األعمال ..الظل إلى نور الشمس ولهيبها

، "سـارى " وقصـدوا دار ..؛ هاجوا إلى عصيهم وفؤوسهم"سارى" وحين علموا أنهم من صنع ..هؤالء الغرباء وقد جعلتهم لمعرفة األسرار حتى ، إنهم من صنع يدى .. نعم: قائال لهم ، ثابت القلب ، فأطل عليهم من فوقها .. إنى أعمل على نشر األمن ، لتعيشوا فى األمان ؛ بعد أن تشعبت شـعاب المنـافع ..ال يأكل بعضكم بعضا

!!..فثبتوا قلوبكم على قلبى لنحفظ هذه األرض !!..؛ فهو طبيبنا ومداوينا" سارى"دعونا ال نعجل على : فهدأ هائج الناس ، وقال بعضهم

..نحن ال نريد هذا السحر يمشى بيننا: آخرين قالوالكن !!..والزمان يكشف الكذاب..ودعوا لى أعمالى..إذهبوا إلى أعمالكم: فقال لهم سارى

..فقد سقط القناع..ال تنخدعوا": ال"فقلت للرجال الذين اجتمعوا على قائلين وال تـدخل .. إسمع منى : قائلة" واوا"على " اريم"فدخلت ، "رائيفا"و" ريما"وعرفت كل من ، وشاعت األخبار ..ولدنا هذا البرج

..لم يعد األمر بيدك: فقال لها ..والقلق أسهدنى..قلبى يأكلنى: ؛ قائلة" سارى"؛ فقد دخلت على " رائيفا"أما

..دعينى أصنع لك رقية حافظة: فقال لهان دارنا هذه األرواح التـى سـجنتها بكلماتـك فأخرج م ..رقيتى أن تصرف قوتك إلى خدمة الناس : قالت له

..واصهر شمعك..وعزيمتك !!..لنحفظ البنت من المكتوب، فاحفظينى ، أنا كشفت لك سرى : فقال لها

!؟فمتى تعيش فى الحقيقة ..البنت كبرت: فقالت رائيفا ..أمهلينى ؛ حتى أتدبر خروجها إلى العالم: قال لها

فيما عدا التمساح ..لغواية هذا الحديث ؛ فتهامسوا معا بقرب زمان حريتهم سارى وكائنات ا "سمعت حيوانات وفى قاعهما استقرت صورتها؛ وهى ترقص مع الزهور المسـحورة ، ؛ الذى كانت عينه على بلبولة الجميلة

..فى أرض حجرتها

ا ما آمركم به ، إنـى فافعلو وأنتم عبيدى ؛..هأنتم ترون أنى صرت فى خطر: لكائناته" سارى"وفى الليل قال اخترت من بينكم الذئب ، واألسد ، والعقرب ، واألفعى ذات الدرقة ؛ فاذهبوا إلى الدور التى أحددها لكـم ،

..فاقتلوا أعدائى .. والسمع والطاعة لك..نحن معك: قالوا

ل إلـى وخرجنـا مـن السـه ..فتسـلحنا ..؛ أسرعت إلى رجـالى ؛ فأنـذرتهم " الحناط"فلماعلمت ذلك ؛ أنا ..فصفت الحياة لسارى وواوا..وتحصنا بالجبال..الوعر

؛ يا أخى ؛ " حناط"إيه يا : ؛ قائال " الحناط"يدخل ؛ حيث كنت مع " الحناش"ـ انتبهت ؛ يا عبد اهللا ؛ فإذ بجدى !؟أما زالت الشقة بعيدة

وسـاد أرض ..أليام توالت إن ا : ؛ وقد رفع كفه عن رأسى ، وأراحها فى حجر جلبابه األبيض " الحناط"قال وفقست بيوض الطيور ، وصار الناس ، وتوالد الحيوان ، ونمت الزروع ، الهدوء ، وانتظمت األعمال " آهى"

إلى إطالق أبناء وبنات الغواية فى " سارى" وعاد ..فدفعوها إلى الجباة ، يعرفون أن عليهم ضرائب يدفعونها وكان رجال ..تفون من البالد فى صمت فينضمون إلينا فى الجبال ولكن بعض الرجال كانوا يخ ، أحالم الناس

؛ حتـى فـرج اهللا " واوا"و" سـارى "ولم تبدأ حربنا مع ..فلم يعرفوا إلينا سبيال، ويفتشون ، الملك يبحثون عنا ..برحمته الزمان العضود

؟..وكيف كان ذلك : سألته" ريما"أما ، "رائيفا"و" ريما"، لم يغمض جفن لكل من أنظر ، وتأمل : قال ؛ وقد عاد بكفه فأراحها على رأسى

!!.أريد ابنى لينام معى..؛ إنى لم أضل عن نفسى" واوا"يا : ؛ قائلة بحزم شديد" واوا"؛ فقد طلعت على والنهـر متغيـر ..ستجدين البالد تحتك ..إصعدى إلى البرج فانظرى ..ال تضلى عن قوتى ؛ فأرغمك : فقال لها

..فخذى ولدك فى حضنك ، وارقدى تحت سلطانى، األلوان يبرق ..وفى نيتها تحرير ولدها، وصعدت فى البرج ، "ريما" فتأملته

يغنى البنته " سارى"فإذ بها تسمع صوت ، أما رائيفا ؛ فقد استيقظت على أصوات فى حجرة ابنتها ، فأنصتت يـراقص ابنتـه فـى " سارى"ذلك رأت فلما فعلت ، وأوحت إليها نفسها أن تفتح الباب ، فتعجبت من ذلك ،

!؟ولماذا ال تتركها لنومها فى هذه الساعة المبكرة : ولم يلتفت نحوها ؛ حتى قالت له، األرض المسحورة ..!! ألنى مغرم بها غراما شديدا: قال سارى

وقـال .. العينان ولم تدر لمن كانت ، لم تكن العينان لسارى ..دارت رأسها بدوخة مفاجئة ، فلما التقت عيونهما " رائيفـا " فانصـرفت !!.. ، إذهبى أنت إلى فراشك وارتاحى !؟ألم ترى أننى أحفظها من السوء ": سارى"لها

وانتبهت علـى أصـوات مـن داخـل ..فنامت، فغلب عليها تعبها ..وجلست فى فراشها متأملة ..متوهمة القلب فإذا بها تجدها ما زالت ، حجرة ابنتها فقصدت ..وتالشت، ما أن غادرت فراشها حتى خفتت األصوات ..دارهاولما وقعت عينها فى عين التمساح ؛ برق فى عقلهـا أنهـا ؛ ..والحيوانات الحارسة مقيمة فى أماكنها ، راقدة

وخرجـت ، وحملت ابنتها فى حضنها ، فاقتحمت الحجرة ..هى ؛ تلك العين ؛ التى رأتها لسارى فى الصباح

قـم ..إجلس ملكا : وتعود إلى دار أبيها ؛ لوال أن أمسكت بها أصوات مدوية ، وخطر لها ان تغادر الدار ..بها ..!!.ملكا

اآلن ؛ جاء وقتـى وهـذا أوان : وسمعت صوتا ، كأنه صوت زوجها ، غير أنه آت من أغوار بعيدة ؛ يقول ..فانصرفوا ؛ جميعكم..حريتكم" رائيفـا " وظلـت ..، ثم األفعى ذات الدرقة ثم الذئب ، األسد يخرج من باب الدار ، ويختفى " رائيفا"ورأت

: وسمعت نفس الصوت يقول .تنظر إلى الحيوانات الحارسة واحدا فواحدا ، حتى خرجت جميعها إال التمساح ..عودوا إلى اآلفاق السحيقة التى أتيتم منها..وأنتم ؛ يا أبناء الشمع المسحور

ولدى اختفاء آخـر واحـد ..تفى ؛ كأنها تذوب فى الهواء هذه الكائنات تخرج من الحجرة ؛ فتخ " رائيفا"فرأت ، وهـى تحتضـن ابنتهـا ، "رائيفـا "فصرخت ، أطل زوجها من باب الحجرة مبتسما ابتسامة غريبة ، منها

!؟من أنت : وتتراجع نحو باب الدار !؟..ومن أكون فى ظنك: كان يتقدم نحوها ؛ بخطو واثق ؛ وهو يقول

..!!أدركونى يا أوالد الحالل: ى الريح ، وهى تضم ابنتها إلى صدرها ، وتصرخقدميها إل" رائيفا"أسلمت

!! ..التمساح : وكلما رآها واحد من الناس ؛ سألها عن أمرها ؛ فكانت تصرخ وحملوها مع ابنتها إلى البلد وكنا ؛ يا ظريف ؛ نحن أوالد الحـالل ..وأحاطوا بها ..فاندفع أبناء الحالل نحوها

.. !! ولدى ضـفة النهـر؛ اختفـىعن ..ولما اقتربنا منه انسل بعيدا، فتوقف عن متابعتها ..عرفنا" سارى"ا رآنا فلم

..أعيننا :قالت..؛ فقد حكت لنا ما وقع ، بعد أن خلصناها" ريما"أما

فـأمر ، معى " واوا"كان ، " سارى"حين سمعت أصواتا من عند األسوار تعلن حضور الوزير ، كنا فى الليل وفى ضـوء المصـباح ؛ ، فلم أعرف فى هيئته إال شخصا غريبا ، ولما دخل علينا أنكرته ، ن يصعد إليه بأ

!؟من أنت : فصحت فيه، التقت عينى بعينه إن زوجتك ؟ ماذا يحدث ..أيها الملك : قائال" واوا"واتجه بالكالم إلى ، فأطلق من جوفه ضحكة ذات أصداء

!!...التى طالما عرفتنى تنكرنى فتقـدم ، فتراجع خطوات نحو النافذة ؛ وهو يقبض على سـيفه ، قد أدرك ما أدركته " واوا"غيرأنه يبدو أن

!!؟..أونسينى الملك أيضا: وهو يصيح محتجا" سارى"نحوه !! ..ابتعد: بصوت كالفحيح محذرا" واوا"فقال

فهل ينسى الملك السـر الـذى ..ما ترى ـ أعزل إنى ـ ك : فتح ذراعيه ، وتقدم نحوه ؛ قائال" سارى"غير أن !!؟..بيننا

ويهويان معا من النافذة ، ورأيته ينشب أسنانه فى رقبته ..فى صدره " واوا"وفى لحظة خاطفة ؛ كان قد احتوى ..إلى النهر

..حتى ظهرتم ، يا أوالد الحالل..ملتمسة مالذا لنا..وهربت..فحملت ولدى

لسعادة إلى أرض آهى ؟وهل عادت ا": الحناط"سألت أسرعنا إلى النهر ، ورفعنا مراسى القوارب ، بحثنا عن كـل ": الحناش"فأجاب ؛ وهو يتبادل النظر مع جدى

هل : وسألنا الناس ، فعدنا إلى البلد ..طلع الصباح ؛ ولم نجد أحدا ، ؛ على هدى المشاعل " واوا"و" سارى"من !؟يه من الحياة السعيدةمازلنا قادرين على أن نعود إلى ما كنا عل

!!..دعونا نفكر: فقالوا لناو " سـارى : "قيل إنهـم رجـال ل ، لكن األحداث لم تمهلمهم ، فقد ظهر فى البلد رجال لهم عيون التماسيح

والتحقـوا ..فخرجوا إلى الضفتين ؛ فى ليـالى المحـاق ، فى النهر متغير األلوان " سارى"قد عمدهم .."واوا"وأن كل حق للملك ؛ يجب أن يؤديه النـاس ، ، سيظهران " سارى"و" واوا"وزعموا أن .. بها وتحصنوا..بالقلعة

!!. ..كما كان الحال قبل غيابه !؟..ماذا فعلت..وأنت": الحناط"سألت وأضمد جراحهم ، وأدعـو .."ال"إننى ؛ كلما رحلت عنكم ؛ أذهب إلى بالدى ، فأرعى أحوال الذين قالوا : قال

فأنشأ .."شكورا" وفى الصراع ؛ صلب سكان القالع ..عودوا إلى ما كنا عليه من الحياة السعيدة الناس إلى أن ي له الناس مسجدا ، وقدسوا له فيه مقاما ، وصار المقام مزارا ، يقصده القاصدون ؛ من فجاج األرض كلها ،

فأقام الناس فوق كـل مزقـة ؛" آهى"ومزقوا أشالءه مزقا ؛ بعثروها فى أنحاء " جامعا"ثم قتل سكان القالع إليه بكلمة سر؛ هى الجهر " ال"ويقال ؛ إنه يجمع الذين قالوا ، عن عيونهم ، وعن آذانهم " باتع"واختفى ..مقاما

..الذى ينكره سكان القالعوأوصيت كل مقيم فيها أن يترقـب البـابين ، ، أما أنا ؛ فقد أبحت الدار القديمة لكل عان انقطعت به السبل

..، فنبدأ الحياة القويمة طبقا لوصية الوالدين" خيمة الستر"بما ؛ يعود إخوتى ـ ذات يوم ـ إلى فروإنها ال تـتم بغيـر أن ..وأنا فى السادسة عشرة من عمرى " السيد الحناط "ـ هذه هى الحكاية التى حكاها لى

..نأتى على ذكر ما وقع له بعد ذلك بسنينوكان كلما حضر؛ أتذكر حكايته ؛ فأسأله عـن إخوتـه الـذين ، ة بعد سنة فقد توالى حضوره وغيابه ، سن

وكان كلما غاب ؛ تشغلنى عن التفكيـر فيـه وفـى حكايتـه ، فيخبرنى بثقة أنهم لم يظهروا بعد ، يشبهونه حتى كانت ظهيرة شديدة الهجير ، فى يوم من األيام األخيرة من شهر يوليو ، تـرددت أصـوات ..الشواغلفأجابهم أصحاب النعى واالسـتغاثة ..أخرجت الناس من الظل يتساءلون ..واستغاثات موجعة ، مرعدة ناعية ،

..بأنه قتيل ؛ فى منتصف الطريق بين النجع والمعبد القديمالسـيد "عند رأس ، ملوثة مالبسه بالدماء ، ، جالسا القرفصاء " يحيى الحناش "خرجنا إلى هناك ، وجدنا جدى

..لى األرض ؛ مضرجا بدمائهالملقىع، " الحناط ..وكان ال مهرب من إبالغ الشرطة..سأل الناس جدى ، فالتزم السكوت..كان أمرا محيرا

والحيرة أدخلت الظنون التى اجتمعـت ..فمن ذا الذى له مصلحة فى قتل مثل هذا الرجل ..حير الحادث العقول وكان يهرب من طالبيه بالمشـى ، وبا لثأر قديم كان مطل " الحناط"إن : "حول أقرب االحتماالت إلى تلك العقول

..!!"فى الزمان

وتساءلوا عما إذا كان أى واحـد قـد رأى ..ارتاح الناس إلى هذا التفسير ، وشرعوا فى تصوره ، وتصويره فأبعد يدى بلطف ، حاول أبـى أن ..وملت على جدى بقلة ماء ..!! غريبا ؛ يحوم حول النجع ، أو فى الجوار

..فغادر أبى المكان ليدبر تجهيز الغريب ودفنه.. مكانه ، فرفضيجعله يغادرضابط وثلة من الجنود ، كان ضمن الجمع شيخ المسجد ، والمؤذن وقسيس ، وآخرون ، : حضرت الشرطة من الذى قتله ؟: سأل الضابط جدى

!!..إسأله: رفع جدى إليه عينين صافيتين ، وقال ؛ وهو يشير إلى الجثة !؟أسأل من ؛ يارجل يا مجنون : فقال الضابط، فأعاد جدى اإلجابة ، أعاد السؤال ، سكت الضابط

.!! إسأله: وأشار إلى الجثة قائال، نظر جدى فى وجه الضابط برهة توجه إلى الجثـة سـائال ، اصطنع الضابط الجدية ، تبادلوا النظرات غير مصدقين ، أدهش الموقف العقول !!؟..قتلكمن : على سبيل السخرية

قائال؛ وهـو يشـير ، مواجها الضابط ، بالسيد الحناط ؛ ينهض بنصفه األعلى ، كما فوجئت ، فوجئ الناس .!!.أنت: نحوه بسبابته

السيد "وقبل أن يصدر صوت من الجمع ؛ كان ..سقط فك الضابط الشاب ..حلق السكوت المفاجئ فوق الذهول أمرالضابط جـدى ..انقض على الجثة يقلبها ظهرا لبطن ..بط نحوه قفز الضا ..قد عاد إلى وضعه السابق " الحناط

خطــا إلــى الخلــف ثــالث ..نهــض جــدى ؛ بمســاعدة منــى..أن يغــادر مكانــه عنــد رأس القتيــل ..!ما هذا ؟: قال شاب فى مالبس مدنية كان فى صحبة الضابط..تصاعدت همهمات..توقف..خطوات

..إسأله: قال له جدى..ى نظرة صارمةصوب فى جد..تهامس الناس أنه ضابط مباحث المركزتراجعنـا حتـى ..بإشارة منـه ؛ اتجـه الجنـود نحونـا ..أمرنا ضابط المباحث جميعنا بالتراجع إلى الوراء

يقوم بنصفه األعلى ويكرر مـا فعلـه ، " السيد الحناط"رأينا ، همس بسؤاله ..فحصها..انحنىعلى الجثة ..اكتفى !! ..وأنت : ا ، وهو يشير نحو ضابط المباحث ، ويقولسمعنا صوته واضح..وما قاله من قبل

وفـى ..وبخطو متسع ؛ يتجه نحو أطالل المعبد القـديم ، فى الذهول ؛ الذى أعقب ذلك ؛ رأيناه ينهض واقفا ..وقبل أن يتحرك أى واحد ؛ كان قد اختفى..وهدة تناثرت فيها األحجار ؛ يهبط

اتجـه جـدى ..!!.لم يعثرا على أثر له..فتشا المكان.. حيث نزلنزال..أمر الضابطان الجنود بحصار المكان !!..بينما ارتفع التكبير، والتوحيد ، والصالة على النبى وعلى آله وصحبه..عائدا إلى النجع بخطو بطئ

وعليـك السـالم ؛ ..آمين..فاقرأ على روحه الفاتحة ..فأقام الناس له مقاما ..فارق جدى الحياة فى نفس المساء )٥٩(..!! لتقى ؛ إن كان مكتوب لنا لقاءحتى ن

المخلص

: ..

وكنت أتوقع ؛ بـين لحظـة ..وجئت إليك ؛ فلم ترنى .. كنت تطلبنى !؟كيف لم تعرفنى ؛ وقد ظهرت أمامك

ولم يعد أمامى ؛ إال ..وقتى صار ال يمهلنى أما أنا ؛ فقد جئت إليك قاصدا ؛ بينما ؛.. وأخرى ؛ أن تظفر بىألن مثلك ؛ ومثلى ؛ ال مفر من .. ولو أن وقتى أمهلنى ؛ ما كنت فعلت ذلك ..اللقاء بك على نحو ما وقع بيننا

فال شفيع لى علـى ..عجزى عن إبداء أى دفاع وقبل لقائى بك ؛ كنت على يقين من ..أن يكون بينهما حساب فتعاقبنى ؛ فأقف بينك وبـين العطـاء السـمح ، .. وقد رأيت أال تحاسبنى مواجهة ..ألواح الشرائع المستقيمة

..!!والقبول السمحى ومهما كان من ذنبى ؛ فى عينيك ؛ فإنه لـن يسـاو .."بدرية"وإلى ، " مريم"أيضا ؛ لم يكن لى سبيل إلى

؟ ..من أدراك : "، والتقل لى !" !؟..لماذا لم أسع إليهما : "مثقال حبة من خردل فى ميزان كل منهما ، فال تسلنى .."فربما

فيحتمل أن يكون فـى ..؛ وأفرخ إجابات عن أسئلة مازالت معلقة " يحيى"ولو وقع لى ذلك اللقاء المأمول مع ألنى ؛ يا عبد اهللا ؛ أطلب فهم ما ال يفهـم ..مازال مجهوالوهو احتمال .."بدرية"و.."مريم"مستطاعى مواجهة

..وسالمى.. وتسليمى، وليس فى جعبتى غير حيرتى، وأسعى إليه ..وعجزى عن مواجهة ما كان ، أعتقد أنك ستقدر لى قدرتى ؛ غير النافذة ؛ على مواجهة ما كان على مواجهته

..!! على مواجهته ..على الرغم من أنه لم يسع إلى قهـرى ، وأحس ؛ فى أعماقى ؛ أنه قد قهرنى ..تهوكره، "يحيى"لقد أحببت

ولم أبـذل .. ومكانه هو مكانى.. فأن يكون زمانه هو زمانى .. وحملنى دمه ..وأنه علق فى عنقى لعنة غامضة تشكل مستوى مـن ، روف كلها ؛ ظ .. وكفه المبسوطة لى بالصداقة .. بل ؛ وتجاهلت محبته ..أى جهد لرؤيته ..!!مستويات القتل

فإننى ـ .. واكتشفت هذه الحقيقة المخيفة ؛ بعد فوات األوان..وإذا كنت لم أحب أحدا بمقدار ما أحببت نفسى ..وآمل فى قبول الكفارة قبوال سمحا، فى حالتى الراهنة ـ أرغب فى التكفير

فقد ترى فى سطوحها ما ال يصـلح أن يـراه .. مل أن تفعلبل إنى آل..على هذه األوراق" مريم"لك أن تطلع وإنى ؛ مهما قدمت من مال ؛ فلن أعدل فى الميزان فعال واحدا من أفعالك الطيبة ؛ نحوها ؛ .. شخص غيرها ..ونحو ابنتى

ى حاجة إلى محبتك ولهذا ؛ فإننى سأظل ف.. وأعلم أن من هو مثلك ؛ ال يمكن أن يفعل الفعل إال محبة وعدال .. فربما ؛ إذا تعمقت ذلك ؛ بشخصك ؛ تلتقى بى لقاء التجرد ؛ على صعيد من أصعدة الحياة..وعدلك

ومازلت عاجزا عن تلبية غيـر نـداء ..وأسمع ـ فى أعماقى ـ كل النداءات فى نفس اللحظة .. ضاق الوقت !!؟.. فهل أجد اليقين..آلخر؛ نداء يأتينى من سطحى ا وهو ؛ بكل أسف..واحد منها

..ولك الحياة ؛ التى أعرف أنك قادر على أن تجعلها حياة سعيدة .. عليك السالم ؛ يا عبد اهللا ؛ دائما

عبد اهللا شاهبندر العبد: المخلص

: ..!!

!؟..هل عرفت يحيى كما ينبغى لصديق

وليست واقعة فى مسافة التوقع بينهمـا ، ..كما أنها ليست بعيدة ، واإلجابة ليست قريبة ..سؤال يتملكنى ويبدو أننى قد اكتشفت ـ بعد هذه السنين كلها ـ أننى لم أعرف أيا من الذين ارتبطت بهم كأصدقاء ،

وأتأمل سبب ذلك ؛ اليوم ؛ فال أدرى سببا كافيا لهـذا .. ن عرفت قربا إلى نفسى كان يحيىلكن أكثر م ..!! ولم يكن فى حاجة ؛ إلى على األقل.. ربما ألنه كان مكتفيا..القرب

نجـع "عرفته زميال فى اإلعدادى ؛ بكلية الفنون الجميلة ؛ شابا من الصعيد األعلى ، من نجع اسـمه قال لـى .. فطلبت صداقته .. وجذبتنى إليه بقوة .. موهبة أصيلة ، أقلقت أساتذتنا آنذاك موهوبا .."الحبلى

:وهو يدير عينيه فى الفضاء ..وأنا أعفيك من تبعاتها..ـ الصداقة مرتبة رفيعة

؟..هل ترفض:سألته !وهل تستطيع ؟: فسألنى ..سأحاول: قلت

..ول ولنحا..إذن فلنبدأ بالزمالة: قال ؛ وهو يبتسم ..بل الصداقة: قلت باندفاع

..أول الشرط الصدق: حذرنى !!؟..ومن ذا الذى يحب الكذب: استنكرت

.. سترهق نفسك: قال

..فلنجرب: قلت !؟أين تقيم ..ـ يايحيى

..فى قرافة قايتباى: فأجاب ؛ ببساطة..سألته

اته المرتبة ، ونظامه الدقيق ؛ فى لم أصدق ، فمظهره الوسيم ، ومالبسه المهندمة بالغة النظافة ، وأدو كل ما يتناوله ؛ تقول لى إنه يأتى إلى الكلية فى وسيلة مواصالت خاصة ، كان من هذا الصنف مـن الشباب الذى يوحى ببحبوحة العيش ، واإلستقرار ، والحياة اليومية المطردة فى سياق واحـد ، كـان

..أقرب إلى المهندس فى هدوئه ، ونظافة أدواته !؟..أينـ

ما وجه استغرابك؟: سألته ، فنظر فى عينى مباشرة ، وابتسم ابتسامة لطيفة ، وقال ..فقط إنه ال يتفق مع: قلت مرتبكا

..ال تعتمد على انطباعاتك األولية: وسكت متحرجا ، فقال ..هذه نصيحة عملية غالية: ثم قال ؛ وقد عادت إلى وجهه ابتسامته اللطيفة

االعتماد على االنطباعات األولية قد يوقع الواحـد : يئا لكنه واصل التوغل فى أرضى أردت أن أقول ش ففى أيـة ..منا فى التعميم ، وهى تغرى العقل بالتجريد ، وسرعان ما يصير المرء مياال إلى التلخيص

!! خانة ؛ فى التصنيفات الجاهزة ؛ وضعتنى؟ ..أردت زيارتك: فقلت..كان البد لى من فعل ماو.. سكت ؛ وما زالت ابتسامته تضىء محياه األسمر

. اآلن: قال موافقا .وذهبنا

• كانت الشمس الخريفية تلون الفضاء بألوان ذهبية ، تميل على الجدران موشوشـة تتراسـل مـع األرض من خالل األشجار ، وجلس إلى جانبى فى التاكسى قائال للسائق بلطف بضـع كلمـات ؛

زيارة مقبولـة يـا : أميز ما قال ، وانطلق السائق فى انشراح وهو يقول بعد التحية والسالم ؛ لم ..بلديا

هكذا أحسست ، وكدت أن أثق فى إحساسى لوال أن تذكرت تحذيره من االعتمـاد ..ثم تالشى حضوره على االنطباعات األولية ، خالسته النظر ؛ فلم ألبث أن أحسست بأن هذا الجالس بجانبى كيان لطيـف ،

: فقلت فى نفسـى ..ة له ، وراجعت نفسى فى استقبالى لكالمه ؛ الذى ما زالت معانيه ترن داخلى ال وطأ ، وداخلنى حرج مبهم ؛ خشيت معـه أن أكـون قـد .." ربما كان عتابا ، ولم يكن توغال فى أرضى "

..!!أنا أخشى الفن: أخطأت فى حقه ، قلت مثيرا غبار الحديث بيننا كيفما اتفق . ما تخشاه حاول أن تفهمه : تربصا لما قلتقال كأنه كان م

ـ وما صلة ذلك بالفن ؟ وما ذلك؟ : عاجلته بالسؤال ألنه قال جملته وانسحب إلى وجوده اللطيف ، فسأل هو

..!!العقل ، وما إليه: قلت بم يتميز اإلنسان عن الحيوان ؟: فسأل بهدوء

. ـ بالعقل

!فلماذا ترفض أن تكون إنسانا ؟: ودة فسأل بعتاب وم ..أنا كنت أخاف من العفريت لحد ما شفته : فضحك السائق ن وقال

..!!وسلمت عليه : فأكمل يحيى للسائق ..وأخذنا بعض بالحضن: قال السائق وماذا كان شكله؟: سأله يحيى ..كان شكلى الخالق الناطق: قال السائق ..!!قل لألستاذ: فقال يحيى

..يا أستاذ ما عفريت إال ابن آدم: قال السائق مخففا عنى الضغط الذى أحسستهف !!ابن آدم دا فيه كل حاجة ؛ لكن من ياخد باله ؟: ثم قال

..أمامنا الوقت ؛ وسنتكلم:وقال يحيى لى مطمئنا ..وقلت فى نفسى إنه شخص فريد ؛ ويجب أن أحذره

• ت برسغه ، فنظر فى عينى نظرة صريحة ، ونزل على رغبتى ، وأنا بادر إلى دفع حساب التاكسى ، فأمسك

فكم كنـت غـرا .. أسترجع ـ اآلن ـ تلك اللحظة ؛ أعلم كم كان حصيفا ، فقد تعزيت آنذاك بدفع الحساب ..!!وفى حاجة إلى التعلم

ونبحـت ." .الكالب هنـا كثيـرة :"وقال..وتأبطنى ، ولم يكن فى حاجة إلى ذلك ، وسرنا فى اتجاه القرافة .."فى القرافة يعيش بعض الناس:"الكالب ، فتجسد الصمت ، وقال

.. ظننت أنه يشير إلى من سمعت عنهم من ذوى السوابق ، والهاربين من األحكام ، ومروجـى المخـدرات ولعبت بى األفكار والخواطر ، كنت فى التاسعة عشرة ، وخمنت أنه يكبرنى بعامين أو ثالثة على األقـل ،

، قال ذلك بلهجة محايدة ؛ بينما هو .." ثالثة وعشرون وثمانية أشهر وأحد عشر يوما :"ه عن عمره فقال سألتيخطو بخطوات ال تسبق خطواتى ، وكان يمشى هونا ؛ ال أكاد أسمع وقع حذائه ، فى حين كان حذائى يدق

، كنا فـى مـدخل القرافـة ، .." هذه أول مرة أدخل فيها قرافة قايتباى : "األرض ، وأسمع وقع دقاته ، قلت ، ولم يتوقف عن التقـدم .." الكالب عرفت ذلك : "وظهرت الكالب على مرمى البصر تستقبلنا بالنباح ، قال

نحوها ،فلزمت أماكنها ، واستمرت فى نباح متقطع ، حتى إذا وصلنا إليها ؛ أفلت ذراعـه مـن إبطـى ، ابعه فى شعرها ، فهدأت ، فأشار إلى كلب منهـا ، وانحنى عليها يداعبها ، ويربت أعناقها ، ويغوص بأص

.." وهذه وليفته: "، وأشار إلى كلبة بنية ذات بقع شعالء ؛ تتدلى أثداؤها ، وقال .." هذا زعيمها : "أسود ، وقال اختفـت بـين المقـابر ، وعـاد ، ثم تأبطنى ، واستأنف المسير بينها حتى اجتزناها فتبعتنا ، ثم تناثرت ،و

..الصمت•

هو باب من تلك األبواب العالية ، له مصـراعان .. توقفنا أمام باب خشبى ؛ عن يمينه ويساره شجرتين عريضان ، فى كل مصراع مقبض حديدى مغلف بطبقة من الخزف الصينى األبيض ، كان أقرب إلـى أن

مـام كـل يكون باب دار قديمة عريقة ، لفت انتباهى وجود زير فخارى أحمر كبير مغروس فى األرض أ شجيرة ، وكان كال الزيرين مغطى بغطاء خشبى جديد يعلوه كوب كبير مصقول من األلومونيـوم ، وقـال

.." .هنا: "يحيى وقفت أتأمل الزيرين ، والماء المتسرب على جسديهما ، يعلن امتالءهما ، وأشار يحيى نحو أعلى البـاب ؛

، وتحتها تاريخ إنشائه ، " ن عائلة شوكت بك األميرى مدف: "فرأيت مستطيال رخاميا محفورة فيه كلمات تقول شوكت بك مدفون فى الداخل ، وكذلك زوجته ، وابنة من بناته ، أما بقية األسرة فقد غـادرت : "وقال يحيى

من أيـن : "، سألته ." مصر ؛بعد مغادرة الملك بيومين ؛ لتلتحق بأحمد بك شوكت الذى كان آنذاك فى فرنسا ."من التربى: "ال ؛ وهو يبتسم، ق" عرفت ذلك ؟

ثم تقدم ودس المفتاح فى الباب ، وفتحه ، ودخل ، وقفت ، فى مكانى ، أنظر إلى شـاهدى قبـرين تسـقط ..الشمس على رخامهما فينبضان بحياة مفاجئة ، وكان القبران متجاورين ؛ فى فناء مكشوف

كل قبر أمامه ـ على األرض ـ إصـيص لم ينادنى داعيا إياى للدخول ، ظللت فى مكانى ، والحظت أنصغير ينبت منه عود ذو فرعين ، دخلت بخطو متردد ، فطالعنى ؛ عن يمين ؛ دارة صغيرة داخـل حـرم يحده سورعال من الحجر الجيرى ، كان باب الدارة األنيق مفتوحا ؛ يوصل إليه درج رخـامى مـن سـبع

، صعدت الدرجات ، وكانـت ..!!" ا فيلال جميلة إنه: درجات ، وأطل يحيى من الباب قائال بصوت مشجع هذه العائلة لهـا صـلة : "المرة األولى التى أدخل فيها واحدا من مدافن األثرياء ، والحظ يحيى دهشتى فقال

، وكانت الدارة فيلال ؛ مكونة من بهو واسع ، وثـالث حجـرات ، وحمـامين ، .." نسب بمحمد على باشا ..كانا معموراومطبخ ، وقد جعل منها يحيى م

• سألته عن قيمة اإليجار ، فلما علمت أنه خمسة جنيهات ؛ غير مبلغ ضعفه ؛ يدفعه إلـى التربـى ؛ نظيـر خدماته ؛ تعجبت ، ألنه بمثل هذا المبلغ ؛ أو أقل ؛ يستطيع استئجار شقة صـغيرة تكفيـه ؛ فـى إحـدى

صة به فى المكان ؛ أنه ميسور الحـال ؛ العمارات القريبة من الكلية ، ولما تأكدت من مستوى تجهيزات خا !".؟.. وأين أتعلم: "بحت له بدهشتى من اختياره اإلقامة فى هذا المكان ، فسألنى

شـاى؟ : "لم أفهم سؤاله ، ولم أشأ التخمين ، بل نظرت حولى ، متفحصا ، ثم طرحت نفس السؤال ، فسألنى التخرج الموضوع الذى لم يخطر ببال أى واحـد يخيل إلى أنك اخترت لمشروع : "، قلت !" أم تفضل البن ؟

فلماذا ال تسترخى ، وتنصـت ؟ ..ستفهم: "، نظر نظرته الصريحة فى عينى ، وبصوت ودود ؛قال ..!!" منا ..!!".، إنصت ، وأنا واثق من أنك ستسمع! أال ترى ؛ معى ؛ أن حولك ما يستحق أن تنصت إليه ؟

ه ، بل إنى ازددت توترا ؛ وإن اجتهدت فى التعمية علـى تـوترى لم تفعل كلماته فى نفسى ما كان يأمل في !" شاى أم بن ؟: "بالتزام الصمت ، فعاد إلى سؤاله األول

، واكتشفت ؛ وأنا أسمع صـوتى ؛ .." شاى: "بذلت مجهودا مضاعفا كى يبدو صوتى خلوا مما أعانى ، قلت أنت مستريب ، وغير مطمئن ، وهذه : "يقولأنه قد فضحنى باختناقه ، فقد انصرف يحيى إلى المطبخ وهو

فأطل بوجهه مبتسما نفس االبتسـامة اللطيفـة ؛ !" بداية لماذا ؟ : "، سألته بصوت حاد .." بداية غير مشجعة !" .ألم تطلب صداقتى يا عبداهللا ؟: "، ثم جاءنى صوته من داخل المطبخ.." للصداقة بيننا: "قائال

، على تجلـم يسـعفنى !" أنا قبلت ، فهل رجعت أنت عن كالمك ؟ : "وجاءنى صوته بخت فى مكانى ، وأر !".؟..فهل نكصت..أنا قبلت ألنك أوفر دفعتك موهبة: "جوابى ، وقال هو

..".ال ؛ لم أنكص: "قلت ؛ بينما أحاول التعمية على اشمئزاز يجتاحنى ..!!"خير يا عبداهللا: "فقال ؛ مهونا ما لست أعلمه

• اى بيننا ؛ سمعت أصوات أقدام هامسة ، بدا لى أنه لم يسـمع مـا سـمعت ، تكـاثرت بينما هو يضع الش

..األصوات ، كأنه أكثر من واحد فى الخارج ، نهضت من مكانى ألستطلعفى الحوش رأيت أربعة من الشيوخ ، مرسلى اللحى ، قد اغبرت لحاهم البيضاء ،وتشعثت ، إثنان منهم ؛ قد

قماش الدمور ، واآلخران مكشوفا الرأس ، أحدهما أجعـد الشـعر ، ثـائره ، اعتلت رأسيهما عمامتان من ..والثانى مرسل الشعر ، قد تلبدت الخصالت التى ضرب فيها األبيض فى السواد ؛ بنظام مدهش

لم يبد على أحدهم أنه قد رآنى ، وكانوا منهمكين فى كنس أرض الحوش بمقشات من ليف النخيل صغيرة ، مستغرقون ، كأنهم مكلفون بما يعملون من قبل قوة عظمى؛ ارتضـوا الخضـوع لهـا ، منحنو الظهور ،

..!!واسترضائها بإبداء أعمق الخشوع أثناء أدائهم هذا العملالحظت شبههم ببعض مجاذيب الحسين والسيدة ؛ فاسترخى توترى ، ولم أستبعد أن يلوذ بعض المجاذيـب

..".الشاى: " يحيى وهو لم يزل جالسا فى مكانهبالقرافة هربا من مضايقات الناس ، وقالنظرت نحوه ،نهض ، وبسرعة ؛ نصب لوحة الرسم على هيكل خشبى مرتفع ذى مسامير رابطـة ، لفـت انتباهى الهيكل وإمكانيات تحريكه باللوحة فى أى اتجاه ، وبأية زاوية يريدها ، ففى الزاوية اليسـرى مـن

خشبى ؛ هو شريحة مقطوعة من جذع شجرة ؛ الحظت أنها مجوفة بنقر الهيكل ركب حامال ينتهى بمخروط دقيق فى وسطها ، وفى حواف محيطها تجويفات دائرية ؛ على مسافات متساوية ، اقتربت ؛ أتفحص هـذا الهيكل ، وأتحسسه ؛ بأطراف أصابعى ، اكتشفت أن المخروط الخشبى يتحرك على محور دقيق يمكن المرء

هذا شمعدان ؛ وفيه أضع المصباح ، أو أشـعل : "وية الميل التى يريدها ،قال يحيى موضحا من تثبيته فى زا ". العدد الذى أحتاج إليه من الشموع

!؟..ـ من أين حصلت على هذه التركيبة المدهشة .ـ صنعتها بيدى

..!!ـ إنها تحفة ..أنت تستطيع أن تصنع مثلها ؛ أو أحسن منها: قال بهدوء وثقة

ى إلى فتح نوافذ البهو ، وأزاح الكراسى والمنضدة إلى ناحية ، ووضع كرسيا أمام اللوحـة ، وانصرف عن وأحضر أدوات للرسم فى علبة مربعة من خشب ؛ تظهر اتجاهات أنسجته تحت طالء شفاف ، قدمها إلى ؛

موضوع ما ؛ فانبعث من خشبها عبير انعطفت إليه حواسى ، فانبعثت فى قلبى مسرة خاصة ، كأننى التقيت ب ..!!ينتمى إلى الحب

عاشقا ، ومعشوقا ، : تأملت العلبة ، فتحتها ، صارت نصفين متساويين ،وكانت المفصلة منحوتة فى الخشب ..!!وفى النصفين ؛ كانت أدوات الرسم بالفحم تحت غطاءين من خشب رقيق لها مجار محفورة

، قـال ؛ ..!!" أنت تبدع هذه األشياء بيديك : "قلت..وأكلنى شىء فى قلبى .. كان من الصعب على أال أغبطه .." وأنت أيضا يمكنك ذلك: "وهو ما زال مستغرقا فى تحويل البهو مرسما له

..!!هذه قطع من الفن: قلت ..عندى قطع أخرى كثيرة متنوعة ؛ حسب وظيفتها: ضحك ضحكة صغيرة ؛ وقال

..ـ أنت متعدد المواهب ، فنان متعدد المواهب ..!!إننى فقط مثقف ؛ بمعايير ومواصفات غير عصرية: ضحكته بضحكة أخرى مثلها ، قالأردف

أنا حرفى ، أحاول أن أصنع ما أحتاج إليه ؛ طبقا لتكوينى ، : لم أفهم ما عناه ، نظرت نظرة مستفهمة ، قال .. واألمر ال يعدو كونه طريقة حياة ، فالثقافة عندى ال تنفصل عن العمل

ل كلماته ـ آنذاك ـ بما ينبغى من اهتمام عميق ، وال يعود سبب ذلك إال لعجزى عن تكوين عقـل لم أستقبولم أدرك فداحة ما قاله ؛ إال وأنا أكتب هذه السطور ، أما فى ذلك اللقـاء ؛ فقـد كنـت مشـغوال ..مستقل

، على نحـو مـا تدفع مركبى أمواج جهلى ورياحها ؛ فى بحر حسبت أنه معروف للكافة ، ولى .. بفضولى ..لقننى الذين علمونى

..!!أنا ال أفهم ما تقول: قلت له ..ليس ذلك ألننى أتكلم كالما صعبا ، بل على العكس ؛ لسهولة ما أقول: قال مبتسما

..وتقسيم العمل.. نحن فى عصر التخصص: قلت معترضاوأنـا ال : جزى عـن فهمـه اآلن ؛ أدركت أن السبب كان ع .. قال متحرجا، ولم أدرك آنذاك سبب تحرجه

أعترض ، المسألة ؛ فقط ؛ أننى علمت نفسى النجارة وبعض الحرف األخرى ، فمهرت فيها ، ولن يضـير !أليس كذلك؟..أحيانا..أحدا أن أستطيع صنع ما أحتاج إليه بيدى

ن ؟اآل: قبل أن أجيب ؛ انصرف بنظره إلى ما وراء ظهرى ، وأومأ برأسه ، سمعت صوتا محطما يسألالتفت ، كان أحد الرجال األربعة ، ذلك الرجل مرسل الخصالت ، لم يهتم يحيى بتوضيح األمر لى ، فقط ؛

..بورتريه: قال بصوت خافت ..!!.، لكن األمر لم يكن على هذا النحو ؛ فى حقيقته العميقة" الموديل"فهمت أن الرجل هو

• ض بعدها ، وخرج إلى الحوش ، فـدخل واحـد مـن لم يستغرق يحيى فى رسم صورة الرجل دقائق ، نه

المعممين ،فجلس ، فرسمه ، وكأن األمر كله كان مرتبا من قبل ، فقد رسم يحيى الشيوخ األربعـة تباعـا ، !هل أبصرتهم؟: فلما فرغ من ذلك سألنى

..ـ نعم

ماذا تبصر؟: فقدم إلى األوراق األربعة ؛ وهو يسأل، واقعة فى قبضات رعب عميق ، ذوات سـطوة وجبـروت ، وجـوه قـد رأيت أربعة وجوه لأللم الفادح

تحررت من الزمن ، وأطلت أرواحها من نوافذ العيون ، كل منها ينادى نداء للتوحد معهـا ،غيـر واعـدة بشىء محدد ، مسقطة حدود المعلوم والمجهول ، مغرية بالعناق والتداخل ، مثيرة مجاال تبادليا من التأثير ؛

مشتركا ؛ هو الطريق الوحيد للتواصل والتعارف ؛ الذى قد ينتهى إلى معرفة ، وقد ينتهى إلى يشكل برزخا ..!!.نفى ، قد ينتهى إلى حياة جديدة ؛ تتخلق وتتكشف ، وقد تنتهى إلى عدم

وبصعوبة ؛ وعبر جهد نفسى هائل ؛ أحسست به يكهرب أغشية مفاصلى ؛ ويبعث فيها األلـم ؛ أبعـدت بعة ، وحاولت السيطرة على روحى ، فقد انتبهت إلى أننى أتنفس مبهورا ، ودقات قلبى قويـة األوراق األر

..!!إنها رؤية جهنمية: وقلت..متسارعة ، وكانت جبهتى منداة بقطرات دقيقة من عرق )٦٠(..هؤالء من المالمتية: فضحك ضحكته الصغيرة الهادئة ؛ وقال

فيها يقوم على جلد نفسه ليل نهار، ال يهدأ ، وال يفتر ، وكما ترى طريقة صوفية ، الواحد : لم أفهم ،فقال ..؛ هم قد هربوا من الناس والذوا بالقرافة ، وبصعوبة استطعت التواصل معهم

أنا يعنينى من أمرهم أمورا كثيرة ، فقد تعلمت أن المعرفة بنت ! أنا ؟ : فلما سألته عما يعنيه من أمرهم ؛ قال إن ما رأيته اآلن فصل فـى .. عندى تتم فى الحياة الحية ، وهؤالء يزعمون غير ذلك العمل ، ومعرفة اهللا ..حوار مستمر بيننا

لقد واعدتهم على أن أقدم لكل واحد منهم عفريته الذى يركبه ، فهـل : وابتسم ابتسامة غامضة ؛ وهو يقول !؟..فهمتنى

!كفئران تجارب فى معملك؟، هل تستعملهم ! عفريته ؟: سألته ؛ وقد طاش منى الصواببل إنه مسـتوى مـن مسـتويات : لم يستفزه سؤالى ، وإن كنت قد لمحت حزنا مفاجئا طاف بمالمحه ، قال

الحوار الذى يدور بيننا ، وقد سبقته مستويات أخرى ، بدأت من التعامل اليومى البسيط ، والنزوع الصوفى نزوع معرفى فى جوهره ، هل تفهمنى ؟

وبأنواع من .. ؛ ترتبط فى ذهنى بأشكال من الدروشة " صوفى"، و " صوفية"ذاك ، فقد كانت كلمة لم أفهمه آن المجاذيب الشعبيين ، وبلون معين من التسول ، وبممارسات من الهيستريا الجماعية المنظمة فى احتفاليـات

ولـم ".. السـيدة زينـب "و" الحسين"الطرق الصوفية ؛ فيما شاهدت من موالد األولياء ، وفى مقدمتها مولدا يحدث أن حملت شيئا مما يتصل بالصوفية والمتصوفة على محمل الجد ؛ إال من زاوية أنها بقايا ممارسات متخلفة يجب على المجتمع المتمدين الحديث كنسها ؛ فيما يكنسه من زباالت التخلف ، وحسبت أن ما يؤديه

، وحساسيته ، وولعه بالغرائب ، والطرائف ، وعشقه يحيى ليس غير معابثات اجتماعية تتصل بمزاج الفنان غير المحدود للمغامرة الروحية ؛ التى قد تثمر كشفا أو آخر، فتوسع من حدود ما يراه ، أو تؤكد له قدرتـه

..على التوغل فى المناطق المحرمة

؛ ألسباب متنوعة ؛ وقفت ، أتلفت حولى ، وأنا مشغول بالفرجة على عالم هذا الزميل ؛ الذى أجمع زمالؤه على أنه ليس فى حاجة إلى أستاذ ليعلمه الفن ، وفجأة سألته ؛ فيما أنا أشير إلى الخـارج ؛ نحـو الشـيوخ

!هل هذا هو ما أنت مشغول به ؟: األربعةسؤال كبير ، واإلجابة عليه كله غير ممكنة مرة واحدة ، لكن آخر ما أنا مشغول به انشغاال دائما هـو : قال ما تعلمته فى المدارس ، وفى الكلية ؛ ألكتشف تأثيره االختزالى على دوافعى الجمالية ، فأسعى بعدئـذ تأمل

..إلى التخلص من هذا التأثير؛ ألنطلق !إلى أين ؟: سكت ، فلم أكن أتخيل أن اقتدار يحيى وتمكنه من أدواته ؛ فى حاجة إلى زيادة ، فسألته

..!!. ، وآفاقه ؛ التى ال تتناهىإلى اكتشاف الجمال: فقال ببساطة ..لست أفهمك: قاطعته

..!!إنها مشكلة اجتماعية معقدة: قال بنفس البساطة ؛ وهو يرسل عينيه فى الفضاء المعلق بيننا .؟..هل لك ميول سياسية معينة: سألته محاذرا

..لم أحدد ميولى التى تسمى سياسية حتى اآلن: أجاب بغير مباالة ماذا ؟ل: سألت مقتحما

أسباب معقدة ، ربما هى انعدام الخبرة ، والجهل ، وأننى ما زلت لم أقطع الشوط الكافى فـى التربيـة : قال ..!!الذاتية ، أضف إلى كل هذه العقبات كثرة مسببات الكآبة والقبح فى الحياة

!.؟..ى وجه أفهمهولست أدرى على أ..كالمك حمال أوجه: قلت ؛ وأنا ال أكاد أفهم كلماته على نحو صحيح ..!!إنى باحث عن البهجة ، عن الغبطة ، عن المسرة الباقية: قال ؛ بتأكيد ؛ وهو يضحك

؟ ..؟ ، الغبطة ..البهجة: بهذه العبارة زادنى تخبطا فى فهم مراميه ، ودرت بعينى نحو شواهد القبور متسائال !.؟..الباقية..، المسرة

..ولما عدت بعينى إليه لم أجده•

ه جالسا تحت الشمس ؛ فى الجهة األخرى من القبر ؛ مربعا ، والرجال أمامه فى صف واحـد ، قـد وجدتجلسوا نفس جلسته ، وكل منهم مستغرق فى النظر إلى صورته المفترشة لرقعة من األرض المكنوسة أمامه

..، وكان السكوت مخيما ، لم أشأ إظهار شخصى لهم ؛ فاتخذت مرقبا أتلصص منه ؛ وأتسمعطال السكوت ، ولم يرفع أى منهم وجهه من صورته ، وداخلنى فضول وتشوف ، فمثل هذه التجربـة لـم أخضها ؛ على الرغم من هيامى بالرسم فى حوارى الغورية ؛ والجمالية ؛ والرويعـى ، وشـاقنى أن أرى

ن رؤية الفنان له ، وحسدت من هذا النوع ؛ الذى ال صلة له بالفنون الجميلة ، وبي " موديل"وجها للعالقة بين ..يحيى لجرأته ، والستطاعته إجراء تعامالت من هذا النوع مع البسطاء من أمثال هؤالء الناس

خيل إلى أن الصمت قد داخلته أصوات غامضة ، نظرت نحوهم ، كانوا فى نفس الجلسـة ، وبـنفس أو .. صـوات تشـبه تنهـدات عميقـة األوضاع ، تلفت حولى ، صوبت عينى نحو باب الحوش ، كانت األ

يشى بآالم ، ومعاناة ، وتوق عقيم ، خلت أن الهواء قد تغير مذاقه .. قريب.. اندفاعات زفير من مكان عميق

أو هـى احتـراق ؛ .. فى أنفى ، وسرت فيه روائح مفاجئة وغامضة ، تقترب من روائح احتراق مادة مـا ه مشتعال وفوقه شىء ما ، أسرعت إلى المطبخ ، تفحصـت ظننت أن يحيى قد نسى موقد .. وليست روائحه

الموقد ، كان مطفأ ، والروائح تتالشى ، تلفت حولى ألستوثق ، وكانت الروائح قد اختفت ، ولم يكـن .ثمة شك فى أن مصدرها فى الخارج

قترب ، كأنهـا ذات عدت إلى مكانى ، كانت الشمس الخريفية تميل بأشعة حانية على ما تحتها ، والروائح ت مالمس ، داخلتنى مشاعر غامضة ، أو أن تلك الروائح أثارتها ، أمزجة من مخاوف غامضـة ، وتعـاطف

هل هو المكان ؟ ، هل أنا خائف ؟ مـم أخـاف ؛ وحـدود : إلى مجهول ؛ أيقظت عقلى بأسئلة ، وربمات الذى أستطيع فهمه ، والتعامل معه ؛ بأكثر ، هل هو الموقف ؟ ، وما الغريب فيه ؛ وأنا !! األشياء واضحة ؟

، ربما هى روائح القبور ؛ إذ تتفاعل مواد األجساد ؛ فى تحوالت غيـر معروفـة !! مما يستطيع غيرى ؟ ، ربما تتولد من هذه التفاعالت أنواع من االحتراق المتبادل تكسب الهواء هـذا الطعـم ، أو هـذه ..!! لى

األرض عناصر الجسد ، وكيف تستردها وتذيبها مرة أخرى فى أعماقهـا من يدرى متى تهضم ..!! الطعوم.. ، ربما أنا أتنفس اآلن لحظة نادرة من زمان عودة الجسد إلى أرحـام أمـه األصـلية ..!! الخفية الغائرة

..!!.ربما..ربماانحنت وانتبهت على أصوات مكتومة ؛ تصدر من هؤالء الجالسين ؛ منكسى الرؤوس ، والظهور منهم قد

نظرت ، فإذ بى أرى تحت كل لحية بقعة صغيرة مبللة ،ولم أصدق .. ؛ حتى كادت اللحى أن تالمس التراب ..!! فى الصمت.. ما أرى ، فاقتربت ، كان يحيى مستقيم الظهر ، ال يرانى ، والرجال األربعة يبكون

أبيض ماسى ، وكأنهـا فى لحظة خاطفة ؛غاص قلبى بين ضلوعى ،أصابنى دوار ، وفى عينى برق ضوء ما : "غشية غاشية ، أو اتصال جبرى ، أنكرت حالى ، واستنكرت ما جرى على ، انتفضت بصيحة مختنقة

!.." .هذا ؟كان السؤال مطلقا ، لم أوجهه فى اتجاه أحد ، أفقت على ضوء الشمس يفترش األرض ، وسقطت عيناى فى

ئجة ، أشار إلى بإصبع محذرة ؛ نحو بـاب مسـكنه ؛ عينى يحيى ، كانت نظرته الئمة ، وكانت نظرتى ها إشارة صارمة ، تراجعت مدحورا ؛ وأنا أتقلب بين مشاعر مبهمة ، تميز من بينها غضب ، وخجل ، وكبر

نكرسرعان ما انحسرت هذه المشاعر ، وخلفتنى فى طوق الحيرة ، وألفيت نفسى محاصرا..م!!.. يمينه الصور األربعة ، اتجه ؛ من فوره ؛ إلى حجرة فتحها ، وفتح نوافذها ، بعد وقت ؛ دخل يحيى ؛ وفى

تجاهلنى ، جلست ؛ وأنا أستشعر حرجا من الدخول إليه ، سمعت دقات مطرقة صـغيرة ، كانـت دقـات منتظمة ، على دفعات ، تقطعها فترات تكاد أن تكون متساوية ، خمنت أنهـا أصـوات دق مسـامير ، لـم

.. طويال ، لكنه كان أطول ما مر على ، وأثقلهيستغرق وقتاخرج وفى يده الصور األربعة ؛ فى براويز ؛ أشار إلى ؛ يدعونى إلى الدخول ، وجـدت ورشـة نجـارة صغيرة ، دقيقة التنظيم ، واألدوات فى مجموعات ، معلقة على الجدران ؛ فى براويز ذات مصاريع أنيقة ،

؛ وقفت خلفها ، ناولنى البراويز ، وأشار إلى خلفى ، نظرت ، كانـت قطـع أشار نحو طاولة ؛ من اثنتين ..".شطب: "متساوية من الكرتون ؛ مرصوصة فى إحدى خانات خزانة خشبية ، قال

.. وسلمنى مطرقة ، ومسامير ، وغراء ، وخيوط ، وتركنى ، وخرج أحاول أداء ما أعمل على أكمل نحو ممكن ، لم أسمع أصواتا ، استغرق منى استكمال البراويز وقتا ، وكنت

..ولست أدرى متى بدأ غضبى يختمراآلن ؛ أميز أن مطاولتى ليحيى كان مبعثها ثقتى غير المحدودة بموهبتى وقـدراتى ، واألغلـب أن يكـون

بى إنى حملت غض .. الكبرياء ؛ المتولد من نار هذه الثقة ؛ هو ما جعلنى أستنكر سلوك يحيى شيئا بعد شىء على حنان كاذب على هؤالء الشيوخ األربعة ، ثم تقدمت ؛ فاستنكرت قهر يحيى ؛ الـذى مارسـه علـيهم

ثم رأيت فيه مجنونا من نوع معين .. بموهبته القاسية ، ثم أوغلت ؛ فاتهمته بالغرور ؛ إذ جعل منى صبيا له وطأتها ، غير أننى حين وصـلت وانسحاقى تحت .. ؛ يلذ له التسلط ، حدث هذا حين تذكرت نظرته الالئمة

إلى اإلحساس بأننى مجروح ، وقررت أن أطالبه بتفسير كاف ؛ كنت قد انتهيت مـن تشـطيب البراويـز !؟..ما كل هذا: األربعة ، وكان يحيى قد عاد من حيث كان ، فقلت له

..أحسنت: امتنانلم يبد عليه أنه قد سمع سؤالى ، فقد نظر نظرته اللطيفة ، وتفحص البراويز ، وقال ب ..ليس من حقك أن تمارس القسوة على هؤالء المساكين: قلت عاتبا

..!!.إنهم طالب حقيقة ، وقانون الجمال صارم: قال بهدوء ؛ وعيناه تبرقان بضوء ماسى ..!!.هذه ممارسة قاسية للموهبة: اعترضت ؛ قائال

.. أجبتإنهم قد سألوا وأنا قد: وهو يقترب منى بوجهه ؛ قال موضحا !.ولو قتلتهم إجابتك ؟: قلت ؛ متحمسا

..فقد تحييهم!..ومن يدريك ؟: فقال ؛مهدئا ؛ وهو يبتسم ..إنهم قد رحلوا ، وسيعودون بعد المغرب ؛ ليأخذ كل منهم صورته: سكت ، وسكت ،ثم قال

!!.أهم الذين طلبوا ذلك ؟: متحيرا ؛ سألت .نعم: بتأكيد ؛ قال

!؟..لماذا: وجدت نفسى أسأل ..لكى يختلى كل منهم بصورته: باختصار ؛ أجاب

.ماذا تريد أن تأكل ؟!..ألم تجع ؟: ثم إنه ؛ فجأة ؛ غير الحديثأكلت أشهى لحم ، وأرز ، وبطاطس ؛ فى ذلك اليوم ، وأبديت تعجبى من حذقه فى الطبخ ، فلم يرد بغيـر

..بالهناء والشفاء: قوله )٦١(.."ن اهللا يحب إذا عمل أحدكم عمال أن يتقنهإ: "سألته عمن علمه ؛ فقال

ازددت إعجابا به ، وازددت حيرة منه ، فقد كان يخدمنى متفانيا حتى أنى أحسست بندم يداخلنى من سـوء ..!!تخففت من ندمى ، تأملته ، وتأملت تقلبى بين عواطف ومشاعر متخالفة.. الظن الذى ألم بى

الرائحة ؛ التى امتألت بها خياشيمى ، وبحت له بخـواطرى ، أنصـت حاولت االقتراب منه ، تذكرت تلك لعلها أن تكون روائح القلوب ؛ إذ تحتـرق فـى : باهتمام ، بعد سكوت رفرف بيننا ؛ قال بصوت المحزون

..!!الصدور

:فى وجهه نظرت غير مصدق ، كان مطرقا ، رفع نحوى وجها حزينا ، وسأل .؟..ةـ هل رأيت حائرا يبحث عن الحقيق

..كلنا باحثون عن الحقيقة: أربكنى سؤاله ، ارتج على الكالم ، فكرت ، ثم قلتواهللا ؛ إن كانت حالنا كما تقول ؛ ما : وأدركت مذاقا لكذبى حين نظر فى عينى نظرة محايدة طويلة ، ثم قال

..!!.كانت هذه أحوالنا !؟..ماذا تعنى: سألته مشوش الفكر ، مبلبل الوجدان

حدث أن رجال فزع مـن نومـه علـى : ابتسم ، ثم أطلق فى وجهى ابتسامة مستدرجة ، ثم قال سكت ، ثم ، فحاول أن يسعفها ، .." ال أدرى : "، قالت ! ماذا بك؟ : "صوت امرأته ينطلق بآالم متنوعة ، فهب إليها سائال

عامى مثلـه علـى ففشل ، فأفرغ عليه جلبابه ، وخطف طاقيته ، ونزل يلتمس دكتورا ، وسأل ، فدله رجل دار فخيمة يسكنها دكتور ، خبط الرجل الباب ؛ فخرج إليه الدكتور سائال إياه عما يريد ، فلما أخبره الرجل

أبوس إيدك تلحقها ؛ ففلسفتها هى التى : لكننى دكتور فى الفلسفة ، فقال الرجل يائسا : بحاجته قال له الدكتور ..!!.توجعها

يا يحيى ؛ : ، وسكت ، وسكت ، ثم رفعت وجهى كله نحو وجهه ، وسألته فهمت مغزى األمثولة ؛ فابتسمت !. من أنت ؟

الحكايـة تحتـاج إلـى : تصلبت قسمات وجهه لحظة ، ثم عاد إليها ارتياحها ، وابتسم وهو ينهض ؛ قائال ..!!شاى كثير..شاى

• ى مشغول بزخارف إسالمية وهو يضع صينية نحاسية مستطيلة أتروسكية الطراز ،وفوقها موقد كحول نحاس

: محفورة ، مع أدوات الشاى ؛ قالوالفن ؛ هـو .. إن العقل المستعبد هو الذى يرتكب انتحارا أخالقيا: قرأت عبارة ذات مغزى عميق تقول

)٦٢( "واالستقالل الروحى، ومباشرة التعبير، استقالل الرؤية أننى كنت غير راشد إلى الحد الذى جعلنى أتوهم تعرفا على : لم تفاجئنى العبارة بصدمة آنذاك لسبين أولهما

كـان : والسبب الثـانى .. كأننى الصاحب الشرعى لهذه المضامين .. مضامينها يقترب من أن يكون شخصيا ال ، ويبدو أنه كان ثوبا جذابا ..يونإنطوائى على وغد ؛ ساعدته موهبته على نسج ثوب ملون يستره عن الع

..!!".طبعا: " فقد قلت ليحيى بحرارة حقيقية..ويخدع العقول، يفتن العيون ، يخلو من جمال ..!! تلك العبارة ؛ هى خطبة الحكاية التى ستسمعها منى ، فال تنسها أبدا: فقال ؛ وهو يعد الشاى

..تمام..اهللا..حسنا اهللا..أحسنت..حسن: جتر كلمات العبارةقلت ؛ وقد استغرقنى تلذذ عقلى ؛ كنت خالله أ وألقى برأسة إلى الخلف ؛ على مسند كرسى ، واجه السقف بوجهه ارتفعـت عينـاه ، .. ومدد ساقيه ..سكت

وكنت ..وتباعدت المسافات بينها، تنفس بانتظام حتى هدأت أنفاسه.. ثم ارتخى جفناه العلويان قليال..واتسعتا: فسألت..وأثار ثائرة أشواقى إلى االمتالء ، وقد انتشرعبق كلمات عبارته فى دمى فاشتد تلذذى بها ، قبه أرا !؟..وبعد

، فكان أول شئ فعله أتباعه هو ذبح قربـاه ، صل على من لم يسأل أتباعه شيئا إال المودة فى القربى : قال ..رةوإفناءا للبذ..قطعا للدابر..ومطاردتهم فى كل المظان

..!!.سيدك ؛ النبى ، محمد: نظرت فى وجهه مستفهما ؛ فقال لى ..عليه الصالة:قلت

فـى ، وبعد ؛ فيا موالنا ؛ قد كان ياما كـان ..وعلى آله التحيات الطيبات المباركات ..وأزكى السالم : فأكملـ ، اسمه يحيى ، شاب رفاعى المشرب ، سالف العصر واألوان ن نجـوع يعيش فى الجنوب ، فى نجـع م

.."نجع الصادق"وكان اسم هذا النجع ..قناقوى العضل ، يحب االستحمام فى ، مفتول العود ، جميل الصورة ، عميق السمرة ، يحيى كان فارع القامة

ويحكم لف عمامته ، ويضع على رأسه طاقيته ، فيفرغ عليه مالبسه ، ثم يخرج من تطهره ، النيل كل فجر فـإذا ختمـت .. فيصلى الفجر حاضرا ؛ خلف شـيخه ، ويتوجه نحو مسجد النجع ، ته ويتناول نبو..الكبيرة

دعاء لم يغيره ؛ ..وسأله الدعاء ، فكان الشيخ يدعو له ببلوغ المنى ، "محفوظ الحناش "الصالة ؛ قبل يد شيخه ..على طول األيام ..وأخرى للشـتاء ، واحدة للصيف : ن وطاقيتا ..وآخر للشتاء ، واحد للصيف .. عنده ثوبان ..كان يحيى فقيرا

وفـى ، فى غدوه إلى الغـيط ، وال فى اليقظة ، لم يفارقه فى النوم ..ونبوته سالحه ، وكانت عمامته كفنه والثانيـة ؛ أن يكـون ..أولها ؛ أن يتزوج بديعة الجمال : لم يطلع عليها أحد ، وكان ليحيى أمنيات ، الرواح

وصار عليه ، فقد ماتا ، وال أب ، ولم يكن له أم ..االرتحال فى طلب المال والثالثة ؛ كانت .. أقوى الرجال !؟صليت على النبى .. ويأتى من زواجه بسرب من العيال..أن يجدد السلسال

..عليه الصالة والسالم : قلت وأنا أراقب الشاىتمع أبناء الرفـاعى علـى واج، نصبت الحضرة ، وفى إحدى ليالى الصيف ؛ وكان القمر فى المحاق : قال

فسرت فى النفـوس حـرارة ، ونادى الشيخ محفوظ باإلسم الجميل .." السالم: "شيخهم ؛ تحت خيمة اسم اهللا متجردة مـن ظـالل المطـامح ، وسعت إلى بعضها البعض ؛ فى احتفاء االشواق ؛ حافية األقدام ، الطلب

، وأمر كل مانع باإلنصـراف ، رقباء والحراس وصرف ال ، وفتح الشيخ من رحابه كل األبواب ، واألوهام ومد خدمـة أسـمطة الرضـاء ، وفى الرحاب ؛ بسط بساط اإلكرام ..وأفرغ على كل مانح خلعة السلطان

قامـت األرواح فـى قصـر السـالم ، وارتوت منهم األجسام ، فلما طعم أبناء الطريقة ، بالشراب والطعام فأمر الملك لكل منهم بقصر له بسـتان ، فسجدوا سجدة التسليم ، نعمته فأطل عليهم الملك ب، بواجبات الخدام

فقد تفانى فى إرافة حقـول ..وكان ليحيى نصيبه من هذا اإلنعام ، ورفع كال منهم إلى ما يستحق من مقام ، وبسط أبسـطة اإلنبسـاط واإلحسـان ، وتطهيرها من األدران ، وبذل الجهد فى كنس األرض ، اإلخالص

فمهـد يحيـى لكـل ..فأقبلوا من كل فج تحت ألوية السالم ..ومن كل حيوان ، وجان ، ان ؛ من إنس لإلخووأمر أرواحه السبعة بالخشوع فى محضر المحبة ، فقامت أجساده ..طائفة منها ـ فى رحاب األخوة ـ إيوانا فرضيت نفوس كـل ، نان وأترعت األوانى ببركات الرحمة والح ، السبعة على الخدمة ؛ فى أردية المسرة

، وفهم عنها ما تتحرك به ألسنتها ..وسمع الشيخ لغاتها ..والشكران، وتحدثوا عنه بلسان االحترام ، الطوائف

فلم تترك ، لكنك قد قمت بما عليك من واجب الخدمة الإلخوان ، يا بنى ؛ إنه ليعز على فراقك : "فقال ليحيى فأنت قائم على أعمالـك ، وكل الناس فى النجع قد علموا حقيقتك ، حقها نقصا إال أكملته ، وال خلة إال وفيت

وأسـلمك ، فأحبك الحـى ، لم تقصر ، وفى الحر والقر ، فى الليل كما فى النهار ..تحت لواء األمانة والرضا ..أمرك ، بمقدار تسليمك

..إن شاء اهللا فتخدم الشيخ األكبر، ويكون لك عنده المنزلة ؛ ، إنى مرسلك إلى مصر المحروسة ..ما يراه والدى فيه صالح أمرى ؛ إن شاء اهللا: فقال له يحيى

أنا محفوظ ؛ المشهور فى النواحى بالحناش ؛ أشهدكم أن يحيـى هـو : قال الشيخ والحضرة مجتمعة العرى د مـن األدب وإنه يسافر ليتزود بـزا ..هو شيخكم ، ووالدكم بالقلب ..يرثنى من بعدى فى هذا المقام ..ولدى

..والسالم.. واهللا عنده العفو، والعلم فى مصر المحروسة ، وإنه كما تعلمون فقيرفزودوا يحيى بما يسد ، وجمعوا من بعضهم ما سمحت به النفوس من سماحة ، ففهم الجمع عن شيخهم مقالته

وذهب يحيى إلـى شـاطئ ، ره فذهب كل منهم إلى دا ..وتفرقوا على موعد للقاء التوادع قبل السفر ، خلته ، وحمله حمل الوالدة لولدها ، فاستلمه على أكف الراحة ، وسلم للماء ، ونزل بقدميه ، فخلع مالبسه ..النيل

كان فى السالم ، وسبح ، وبصت له النجوم ، فرقد على ظهره ، وولى وجهه إلى السماء فبص فى النجوم فلم يكن هو يحيى الذى فى الماء ، وتمازجا ، فأطلت فيه ، فأطل فيها ..ن كذلك وكانت األكوا ..؛ مفتوح المنافذ

وتحدث يحيـى ، وأطل من ضفتى األرض أرواحهما ، وتنفست السماء مالئكتها ، بل كان والماء كال حيا ، أو ..أو شرق وال يدرى يحيى إن كان قد غرق ؛ ..بلسان جامع ، مولود من حروف العناية ، بألسنة ما تجلى

فقد كانت لحظـة ؛ كأنهـا قبضـة ..أو عرج فى معارج السماء، غاص فى أرحام األرض ؛ تحت قاع النهر فعانق مـا ، وطلعت به فى مدارج الشهادة ، فى غياهب الغيب ، وغيبته ، األزمنة واألمكنة قد احتوت عليه

أرواحه السبعة ؛ وأجسادها السبعة ؛ على وكانت، وركضت أفراسه خببا فى أقواس اآلفاق ، شاء له العناق أنـت ابنـى ؛ وال : "ولسان حاله يهتف ، وشهق النهر فى المسافات بينها شهقة الدهشة ، وافتراق، شفا اتحاد

"!!..فاطلب يا يحيى فأنت المطلب، ويضطرب ، أنت الذى فى عروقه مائى يسرى ، عجب ويرى فى نفسه القدرة علـى ، بين غطس وسباحة ، ى أعماقه وف، فإذ بيحيى ينقلب ، ويدخل فى حنايا النيل

وحـط علـى الضـفة ..وطار فى الماء بأجنحـة النسـور ..فغنى صوتا للبعث والنشور ..الترحال والسياحة فلما ..وانطلق خفيفا كعادته إلى صالة الفجر ممتلئا بالفرح ..فأفرغ عليه مالبسه ، فأذن الديك مبشرا ..كالديدبانوخـاف ..فقد رأى السـر ظـاهرا ..علم أن من واجبه تنبيه مريده، وطالع السر فى وجهه ، الشيخ أبصر به

..!!عليهفمشـى ..أمره الشيخ أن يتبعه..وذهب يحيى ؛ كعادته ؛ يلثم كف شيخه ، ويطلب الدعاء .. فلما انتهت الصالة

وهناك ..عبد المصرى الموغل فى القدم وعبرا فى نور أزرق إلى أطالل الم ..فطلعا إلى الجبل ..طائعا فى أثره وطلـب منـه ؛ ، ؛ توقف الشيخ أمام حجر جرانيتى ؛ هو جزء من مسلة محطمة ؛ ما زالت قاعدتها قائمة

، ورفـع الحجـر الضـخم ، وعزم باسم اهللا ، فانحنى يحيى ..ووضعه على القاعدة ، باسم اهللا ؛ رفع الحجر :وأشار إلى األطالل قائال..ير فردد الشيخ التكب..ووضعه حيث أشار الشيخ

يا ولدى ؛ هـا !! ..فال عجب ..ونحن من أصالبهم ..ـ هؤالء ؛ الذين شيدوا تلك القصور والبرابى كانوا بشرا !! ..وانصرف راشدا ؛ غير مفتون..فاحذر قوتك..قد دخلتك قوة بحر النيلفاستبشـر ..المنى قد أصاب اإلجابة كان ما رآه العالمة على أن دعاء شيخه ببلوغ ، فلما رأى يحيى ما فعل : وقال، بتكليف شيخه إياه بالسفر

..ـ سأكون ؛ إن شاء اهللا ؛ راشدا ، وغير مفتون•

!؟ ..أو صليت على النبى : وبينما أنا أصب الشاى فى الكوبين ؛ سألنى يحيى ..عليه الصالة والسالم : قلت

ل من نجع الصادق إلى القاهرة فى فترة الغليان ؛ التى وقد نز ..وهذه هى أسطورته ..هذا هو جدى : فقال يحيى وحين رآه شيخ السجادة الرفاعية ؛ فى ، والزراعة ، ولم يكن يجيد حرفة غير الرعى ..سبقت الثورة العرابية

..إال لحكمة " العون" ما أرسل الحناش مثل هذا ..ما شاء اهللا :عموم مصر؛ وطالعه ؛ قال ؛ فى عقله ؛ لنفسه لكـن الزمـان قـد ال ، فالكرامـة قائمـة .. وبنعمتك وجهنا إلى ما يحسن مآله ..ألهمنا إصالح حاله فاللهم !!. ..يساعد !؟..فماذا تحب لنفسك..وال نعلمها، إن الشيخ محفوظ الحناش قد أرسلك إلينا لحكمة يعلمها..يا يحى: وسأله

!؟..لمفهل أصلح للع..وشمس العلوم، مصر أم الدنيا : قال يحيى لكن هل تعلم شرط العلم ؟..ولنجرب..هيا: وقال، ورفع رأسه ..ثم أطرق، فتأمله الشيخ برهة

..أن أعمل بما أعلم ، مع التزام تقوى اهللا: قال يحيى ، فمـاذا تحفـظ مـن القـرآن !! ، ما شاء اهللا !!ما شاء اهللا ..أرى أن الشيخ محفوظ لم يقصر : قال الرجل

!؟..الكريم !!. ..وما يحفظ على قرآنى..أحفظ باسم اهللا الرحمن الرحيم: يحيىقال

..فاسمعنا ؛ يا يحيى ؛ وفقك اهللا: قال الشيخوكـان .."األنبيـاء "و، "الصـافات "و، " الدخان"و، " الحديد"و، " الكهف"و، " وتبارك"، " الواقعة"فأسمعه يحيى

ألن الفاتحـة : فأجاب، لشيخ بالتوقف ، وسأله عن ذلك فأشار إليه ا ..يسبق قراءته لكل سورة بسورة الفاتحة ..أم الكتاب

!؟..فالتزمته، ومن علمك ذلك : سأله ..فلم يعترض، هكذا قرأت على الشيخ محفوظ : قال يحيى !؟وكيف تكسب لقمتك فى مصر المحروسة ؛ بأمر اهللا : سأله الشيخ ..ما تشير به على أعمله: ثم قال، فكر يحيى ..إن شاء اهللا، وبعدها ؛ نتدبر األمر، يضيفك الكريم شهرا : يخقال الش

..علمنى: فى اليوم التالى ؛ ذهب المريد إلى شيخه قائال له !فأية مدينة تريد ؟ ، ومن أى باب تدخل ؟..وكل مدينة لها أبواب، العلم مدائن : فقال الشيخ لمريده

..كما تقرأونأريد أن أفك الخط ؛ ألقرأ الكتب : قال المريد ..إذن تدخل من باب ظاهر الحروف: قال الشيخ

هذه ؛ : وعلى صفحة بيضاء ؛ من غير سوء ؛ رسم رسما ، وقال لمريده ..فغمسه فى المحبرة ، وتناول قلمه ..فى الخط ؛ هى الهمزة

..وهذه هى األلف: ثم رسم رسما آخر، وقال ..فذكرله يحيى كل أسمائها ، عنها بعد انتهائه من رسمها وسأله، ولفظ أسماءها ، ثم رسم له بقية الحروف

.. إذن نعلمك كتابتها..ما شاء اهللا..ما شاء اهللا: فقال الشيخأنت ؛ : وفى ختامه قال الشيخ لمريده .. فى هذا الشهر الذى أمهله إياه الشيخ ، والقراءة ، وتعلم جدى الكتابة

فى ضيافة الكريم شهرا آخر حتـى أرى ؛ ويهـدينى اهللا إلـى مـا فابق..بنجابتك ؛ قد جعلتنى أحمل همك ..يصلحك

كان رمضان قـد ، حتى إذا انصرم الشهر ، فاشتغل جدى بذلك ..ثم إنه طلب منه استكمال حفظ سور القرآن وانعقـدت عـرى ، وأبناء الطريقة الرفاعية ؛ من كل أنحاء مصر ، وبدأت الساحة تستقبل المريدين ، دخل والعبـد ، الرب حـق "وشهد أن ، وقبيل الفجر من كل ليلة ، وشاهد يحيى ، بين ما بعد العشاء ، ة الحضر

فـرأى أن ..ويتعرف أحوال العباد، وكان ؛ فى كل نهار ؛ يسمع أخبار البالد ..وميز قلبه تكليفه هونا ، حق ، أوا أن أباهم هو البطل المنـذور لخالصـهم قد ر " أبناء عرابى " وظن أن ..قرن الشيطان قد نجم فى البالد

حتى إذا كان يوم عيد الفطر ؛ جـاء ، وفى كل ليلة ؛ كان يرى أنه إلى هذا البطل قريب ..ومنازلة عدوهم ..هأنذا ؛ وقد ختمت: إلى شيخه وقال

فا علـى فهل تحـب أن تبقـى ضـي ..هذا من توفيق الرزاق : فلما اختبر الشيخ حفظ المريد ؛ دعا له ؛ وقال !؟..أم تسعى على رزقك، السجادة

..بل أسعى على رزقى: قال !؟ فماذا ترى أنك فاعل ؛ إن شاء اهللا: سأله الشيخ

.. !!" أحمد العرابى"أحب أن أكون قريبا من البطل : قال

..كحتى نسعى لك فى ذل، فابق معنا ..وباألبطال، ما أجدرك بالبطولة ..حقا: فتأمله الشيخ ساعة ؛ وقالأنت ؛ يابنى ؛ تذهب إلى ما أحببت بعد أيام وتكون تحـت : وقال له ، وماهى إال أيام ؛ حتى استدعاه إليه

فهيا أحجبك فـال يصـيبك العـدو ، ولكنها أسباب ، ووسائل ، ولست بالذى يحميك من قضاء اهللا ..السالح ..!! وكل شئ بقدر..والتسخير فال عجب فى التصريف .. وإن بعض الخلق منعم عليه..بسالحه

• ؟..وما التحجيب : سألت يحيى

..وتعويذة تعيذ صاحبها من سوء يرتجى تجنبه ؛ بإذن اهللا، هو رقية حامية : قالأو ، فقط سألت نفسى عما إذا كنت أعاين فى يحيى نوعا ؛ لم يدخل فى خبرتى ؛ مـن الـدراويش ..لم أزد

: ثم قال، قد سكت برهة المتدروشين ، أما يحيى ؛ ف

ثم أغلق الشق بمسـحة .. وأودع فى الشق حجابه الحافظ ..ـ ويقال ؛ إن الشيخ قد شق عضل ذراعه األيسر وسيأتيك ؛ بعد ثالثة أيام ؛ من يصاحبك إلـى مـا ..هيا ؛ فانهض إلى تجهيز نفسك : وقال لجدى ..من ريقه ..طلبت

وهناك ، ى ؛ من أبناء الطريقة ؛ فصحبه إلى ديوان الجهادية فجاء ضابط برتبة بكباش ، وأنجز الشيخ ما وعد وأخذ تدريبه مأخـذ ، فسر من ذلك ، بمرتب مقداره ثالثون قرشا شهريا ، ؛ عرف أنه سيلتحق بالجيش نفرا

وأحبه المدربون ، والمتدربون وكان مضرب األمثال فى الطاعة ، والضـبط ، ، فأعجب به الضباط ، الجد "!!...أحمد عرابى"حتى ألحق باآلالى الرابع ؛ الذى كان أميره ، أن انتهى تدريبه وما ..والربط

وكانت أول مـرة يـرى ، وضباطه ، كان أمير اآلالى يستعرض جنده ، بعد شهر من التحاقه بالخدمة نفرا ، ميـدان رأته قدسا يخطو فى فضـاء ال ..فيها يحيى بطله ، فراحت أرواحه السبعة ؛ فى السعى ؛ تستكشف

ورأى ضـباطه ..وعين عتيـدة ، وعين رقيبة ، يرمق أبناءه بعين راعية ..تحتفل به هاالت من أنوار الهيبة قدوة الصفوف من الجند ، وهم فى كبرياء الطاعة واالمتثال ..وصف منهم خلفه ، عن يمين ، وعن وشمال

يشيرون للبطل على مكامن ، ى تمام نظامهم ف، قد امتشقوا السالح ..الواقفين ؛ مثله ؛ فى انضباط وتكريس وتطـوف مـن ..وتسجد ؛ عرفانا وتقديرا ، فتركع أرواحهم ، فيشرق وجهه بنور الرضا ، وعظمته ، قوته

.. واحدة فى إهاب شيخ البلد ..يحيى أرواحه السبعة بقدس البطل ؛ فيخرج من البطل أرواحه السبعة مرحبة والرابعة ؛ أقبلت من بالد الحكايـات علـى الربابـة ..الثة كانت لشيخ طريقةوواحدة فى إهاب العمدة ، والث

ثم إنه رأى خـامس !" ؟..؛ قد بعث " أبا زيد "ولماذا ال يكون هذا : " وقال عقل يحيى له ..ممتطية صهوة جواد التفـت من المكان الواقف فيه يحيى ، فلما " أحمد عرابى "وذلك حين اقترب ،طيب الريح ، األرواح مالئكيا

وبنيانه القوى فى الـزى العسـكرى ، وقعـت العـين فـى ، واستعرض قامته المديدة ، األمير إلى جنديه ..وخشوعا، فامتألت عيناه حبا ..فرأى يحيى أباه ؛ الذى ولد ولم يره..العين

!؟ما اسمك : وسأله أحمد عرابىفأشـار البطـل إلـى ، هتف باسمه ، تالفيفه وقبل أن يغيب فى ، الممتلئ ، اشتمل عليه الصوت الجهورى

ما أجدر هـذا بـأن يكـون سـيدنا الخضـر عليـه : " وقال يحيى فى نفسه ..فسجله فى دفتر معه ، ضابط "...!!السالم

• قرر تكريس روحه من ، وعلى الفور ، آمن أن بطله قد تعرف عليه ، " أونباشى"فلما أعلنت ترقية يحيى إلى

والخدمـة ، والجلـد ، والطاعـة ، والربط ، فبذل ؛ فى رتبته الجديدة ؛ من الضبط .. بطله أجل التقرب من ولم يكن قد مر على خدمتـه ، فصار شاويشا ، الحسنة ؛ البذل الذى لفت إليه نظر رؤسائه ؛ فأوصوا بترقيته

صار راتبه مائتين ف، ثم ترقية صولقول ، بلوك أمين ، وفى سته أشهر أخرى نال ترقية ..أكثر من ستة أشهر !!..وخمسين قرشا

فاتخذ من شيخ الطريقة والدا ، فكان ، ولم يكن له أهل ، لم يكن ليحيى مكان يذهب إليه غير ساحة الرفاعية ويحتفظ بـالخمس ، فيودع أربعة أخماسه أمانة عند الشيخ ، ومعه راتبه ، فى أول كل شهر يغادر القشالق

وفـى السـاحة كانـت تنصـب ..لخمس كامال إال فى أوجه المنفعة والخيـر ولم يستهلك هذا ا ..ألوجه إنفاقه أو ، فهل عرفـت ..ولك أن تتصور كيف كان حال جدى وهو يسافر على أجنحة طيور الحضرة ..الحضرة !؟أو شارفت هذا السفر ؛ يا عبد اهللا ، قاربت

• ألقيت إليه عينى ..أكن صاحب خبرة بها حاولت التذرع بكياسة لم .. ، أخذتنى المداهمة أخذا !؟أربكنى سؤاله : قال لى..ابتسمت ابتسامة حاولت أن أجعلها صادقة..بنظرات حائرة

ـ هون على نفسك ، إنى عارف أنك من أبناء المدن ؛ التى يقال لها مدن حديثة ؛ لكن ظنـى فيـك ظـن ...!!حسن

: قلـت ..ظ على استكشاف طبقاته العميقة فقد كنت فى أعماقى أتلم .. وتدعيمه ..حاولت تأييد هذا الظن الحسن ...!! وقد نتفق..قد نختلف

وقـد ..فإنى أعلم حق العلم أننا شعب قديم ، أو حسن النية ، إن حسن الظن ليس من باب سذاجة القلب : قالوإذا كان الخبث قد لحق بهذه المعادن ؛ فإنه مجـرد طبقـة ، صفت تجارب األزمنة معادننا فى مصاهرها

.. وإن لى عينا تميز الطيب تحت الخبيث..سطحية !!...وهذا أيضا من باب حسن الظن: قلت ولم تعرف السـفر ..، ما علينا يا عبد اهللا ، أنت لم تر طيور الحضرة ..!! واهللا ؛ لجميل لو تعلم ، وإنه : قال

م تبـاريح التـوق والذين بـرحته ، والمشتاقين ..إنها طيور مخلوقة من أحرف أحالم الغالبة ..على أجنحتها رأى األرواح السبعة للعرابى ـ كما كان .. وجدى كان واحدا من هؤالء القبيل..المجهولة ؛ فى ليالى التعب

صـولقول ؛ ، ولم يكن ألحد أن يمارية علـى مـا رأى ، يسميه ـ ولمس الدليل الحى على صدق ما رأى ويندمج فيه لدى كل أمـر ، يراه رؤية العين ، والعرابى إنسان من لحم ودم ، وراتبه مائتان وخمسون قرشا

، تحملهما معا طيورها إلى األرض التى لم تطأها قدمـه مـن قبـل ..وفى الحضرة ، عسكرى يصدر إليه وإنـى الفقيـر ، أنعمت على عبدك الضعيف بنعمة الوجود ، سبحانك يا مدبر : "وهناك هتف من فرط الوجد

واألفق مـن كـل ، الدعاء أن رأى منبسط األرض ؛ تحت قبة الفلك وكانت إجابة .."..!!إليك فاهدنى بآالئك وقال جدى فى سكرة . ..!! وإنه لفى يد العناية .. وأينما يولى وجهه ؛ فثم وجه للهدى ..ناحية يناديه أن يسعى

!".؟..أما من عالمة: "الرؤيا السالم ، ولفتاه ، أما أنت ؛ كان الحوت ؛ الذى اتخذ سبيله فى البحر سربا ؛ عالمة لموسى عليه : فقيل له

..!!ولك فى نفسك عالمة ؛ أن ال تطغى، فأنت فى السعى تسعى

وإنه إلليك ؛ يـا بـديع ..، حاشا للقلب الخاشع أن ينكر النعمة ، أو يطغى ! وهل لمثلى أن يستغنى ؟ : قال !!...األرضين والسماوات ؛ الرجعى

فـإن أصـبت ، ى المشرقين ؛ حتى تصير قاب قوسين أو أدنىإن وعدك ووعيدك ف ..إذهب يا يحيى : فقيل له ..وإن مسك الضر ؛ فال تتمنى، خيرا ؛ فال تفرح

أنـه ، فأقسم بالنجم وما هوى ، ورأى األرض ؛ التى فوقها يسعى ؛ تخضر وتريف ، فسعى فى المشرقين ..!!ليس بنعمة ربه بمغبون

..!!تنهض فيها جنتكاصدع بأمرنا ، أيها العبد الصالح : فقيل له ... !!إنى فى ذلك لمكين : فقال

• !!..ما هذا ؟: سألته مقاطعا

ولم يعد من حيث !! مدهوشا ومتسائال ، وكأنه بهذه المقاطعة قد انتبه إلى وجودى معه ، فقد نظر فى وجهى : ثم سألنى..كان إال بعد وقت !!؟..ـ هل تريد شيئا

..!!لم أفهم..أنا فقط: اقهقلت متبسما ؛ وقد عرفت مدى استغر :قال لى ؛ وهو لم يرفع إلى وجها..أطرق برأسه متفكرا..سكت

أم أنك تعيش ..وتفهم، وتشعر ، فتحس ..ولماذا ال تبصر؟ ..أو تشعر ، ـ إن لم تكن تفهم ؛ حاول أن تحس !!؟ ، أو هكذا تريد أن تكون !؟، ألست فنانا !! فى هذا البلد وحدك ؟

، فإذ بيحيى فى عينى شيخ كبير، ونظرت ..وجدت نفسى فى قبضة شعور بالضآلة ؛ ، فجأةصدمتنى كلماته إنه : "قلت فى نفسى ؛ لنفسى ، قاومت اختناقى فى هوة التضاؤل ..كذبت ما أرى ، تجلله هالة من نور ذهبى

وكان ، لنفسى ، ثم إنى اقترحت على نفسى صراع اإلرادات عبر تيارات التواصل ا ..!!" يضغط على بنفسه واستشعرت خطرا لهذا الشخص ، وهكذا انطفأ .. ومن الهوة التى أسقطنى فيها ..اقتراحى ذريعة للتحرر منه : ولم أدر الوقت الذى استهلكته فى المقاومة ؛ حتى قلت.. والرؤيا أظلمت..ذلك النور الذى كان حوله

وإذا .. أنت قد نسيت أننى أطلع عليك ألول مـرة وربما تكون ..ـ إنى بالتأكيد ال أعيش وحدى فى هذه البلد ..؟ أنت مجهول عندى ..كنت قد أبصرت بى ، وكونت معرفة بى ؛ فلماذا تفترض أن نفس األمر قد وقع لى

..!! وأظن أنك نافذ الصبر..ومساحتك مترامبة

: قال..ة ابتسم ابتسامته الصغرية اللطيف.. واجهته بنظرة ثابتة..صوب حنوى عينني متفحصتني !!..ربما تكون محقا!! ..ـ ربما

ثم نظر فى الفضاء ؛ عبر البـاب خاشـعا ، ويؤمن ، "الفاتحة"ومسح على وجهه بكفيه ؛ فى حركة من يختم : ثم قال ؛ كأنه يكلم نفسه بصوت خافت..أو أوابا،

!!...ـ إنا لنحيا باإلحسان•

جنحة طيورها ، وحط ؛ فى األرض؛ بين المشرقين كنا مع جدى فى الحضرة ؛ وقد سافر على أ : قال يحيى ..!! وليس عليك إال أن ترى..، فرأى ما رأى

..!!إنى أحاول: قلت

!!.. ، فربما ؛ كان قد رأى ما ينبغى ألحدنا ؛ أن يراه!؟ وما يدريك : قال

..!!كثيرون يزعمون أنهم قد انفتحت لهم طاقة القدر: قلت

فقد قالـت لـى .. وقد يكون واحدا من غيرهم ..ه قد يكون واحدا من هؤالء وإن ..هو زعم شيئا من ذلك : قال ومـن أنكـر .. ويا هناه .. من عرف أصله ؛ يعرف نفسه ..يا يحيى ؛ يا ظريف ؛ يا ابن حواء وآدم : "جدتى

مثل نوره كمشكاة فيها ، اهللا نور السموات واألرض "، و !! " ..فيا شقاه ، وخسر نفسه ، أصله ؛ خسر أصله الزجاجة كأنها كوكب درى ، يوقد من شجرة مباركة ، زيتونة ؛ الشـرقية ، المصباح فى زجاجة ، اح مصب

والحكاية ؛ )٦٣(،الزجاجة كأنها كوكب درى توقد من شجرة مباركة زيتونة الشرقية وال غربية "، "وال غربية وتسـمع ، ا ؛ غير النـاس وهناك ستعرف ناس ..وكلها أيام ؛ وتسافر إلى مصر المحروسة ، أنك قد كبرت

شجرة إيه يا " ..توقد من شجرة مباركة ، الزجاجة كأنها كوكب درى " فال تنس أن ..كالما يختلف عن كالمنا ، فاهم يا يحيى يا ظريف ..وال غربية ، زيتونة ؛ الشرقية : "، قالت " ..زيتونة: "، قلت لها " !؟يحيى يا ظريف

وسمعت ، ورأت أمى ، " .. !!إذن ال تنس : فتركتنى قائمة ؛ وهى تقول ، " ..!!فاهم ياجدة : "، قلت لها " !؟، فقالـت " .. فهمت ..نعم: "، قلت لها " !؟فهل فهمت : " فلما حكيت لها ؛ سألتنى ..فسألتنى عن وصية الجدة ، "...!!ال تنس..إذن: "لى

• : ثم قال ؛ ومازالت عيناه فى الفضاء..وسكت يحيى

فى الكلية ؛ فوجدتك أقرب إلى نفسى ، وحين اقتربت منى شبرا اقتربت منك ـ وإنى قد نظرت فى الزمالء وبعضهم يقفون على ، والعلوى ، ألن الموهوبين قسمة بين السفلى ، ذراعا ، فلما اختبرتك ؛ لم أخرج بطائل

ومن هو مثلك ؛ يشتعل ،، فأنت ملتهب الحواس ، وأنت ـ فيما أظن ـ من هذا البعض ..صليب منهما معا، ومثلك ال يصعد إلى العلوى ؛ إال على درج من يقين الحـس .. لكن أكثر حياتك تكون فى السفلى ..فيتوهج

فمتـى .. وعتقك فى العلـوى .. فأنت لن تعبر كأس التجربة .. وقلبى معك ؛ ياصاحبى ..أوهما معا ، أو الفكر !!اهللا أعلم ! ؟..تصل

• " السـفلى والعلـوى : "وكان لوقع كلمتـى ، اختالف بيئتينا وحملت ما قاله على، لم أفهم ـ آنذاك ـ مراده

..عندى أثر غامض ؛ جعلنى أقرب إلى االستهانة بمجمل ما قاله لى ؛ على الرغم من شعور بـاألنس إليـه ولعلها أن تكون أول مرة فى حياتى أشعر فيها ـ بهذه الدرجة ..وبدفء عزيز ؛ ندر أن لمسنى مثله من قبل

..!!دعواتك: وجدت نفسى أقول جادا.. ثمة وجودا آخر يدفئ القلبمن التأكيد ـ أن

...!!ربك يلطف: قال

فى الحضرة وقعت عين الشـيخ الكبيرعلـى : وقال، ثم ابتسم ابتسامة غامضة ؛ وهو يتأملنى بنظرة عميقة ، ولما وضعت " ..وال حول وال قوة إال به ، سبحان السبحان : " قال فى نفسه لنفسه ..جدى ؛ فألفاه فى الغياب

كانت أعواد الرجال المصهودة قد تناثرت فى أرض الساحة ، فيما عـدا عـود يحيـى .. الحضرة أوزارها، مغمـض العينـين ، وكان يهتز اهتزاز شجيرة فى الـريح ، الحناش ؛ الذى كان منتصبا ، يتصبب عرقا

فلمـا قـام الشـيخ ..طيـف والوجه وضاء بنور أزرق ل ، معقود الذراعين على الصدر ؛ فى موضع القلب

وهمـس ، والعرفاء النتشال األعواد المتناثرة لصرعى الوجد من أرض الساحة ؛ أشار الشيخ نحو يحيـى وبعـد ..ووقف إلى جانبه ، يؤازره ؛ بأدعية وابتهاالت هامسـة ، واقترب منه حتى حاذاه ..بتركه فى حاله

ثـم رأى ، يحيى عينيه ، ونطق بالشهادتين جهـرا وقت قال الشيخ لمريده ـ فيما بعد ـ أنه قد طال ؛ فتح ثـم دمعـت منهمـا ، وتبادال النظر فى صمت ، كأنهما خليالن يتناجيان ..الشيخ ؛ والساحة خالية إال منهما

: فقال الشيخ.. ثم خرجا من تلك الحال إلى الكالم..العينان ..!!وإن النعمة ابتالء.. ـ سبحان الذى بيده مفاتيح الرزق

يده مريده ، فدخال خلوة الشيخ ؛ الذى سقى يحيى ماءا من قلته ، ثم جلس ؛ وركبتـاه قـد التصـقتا وأخذ ب :فقال يحيى..بركبتى مريده ، فتواجه الوجهان ، واتصلت الروحان من نوافذ العيون

فلما جاء وقتى ؛ طارت فراشتى من تلك الظلمـة ، والتقـت ..ـ إنى كنت غاطسا فى شرنقة الماء والطين أنا : "فرأيت األرض واسعة ؛ على ضفتى بحر النيل ، فنادانى النيل ، وقال لى ..لى الغبراء بالنور والهواء ع

خلق اهللا من حروف اسمى مالئكة إلحياء الموات ، فصـدعت ، وصـنعت لكـم هـذه األرض ، .. الماءالرحمة ، والعدل ، والمساواة فعاهدتمونى على حفظها من الظلم ، وعلى إرافتها ب ..وأودعتها بين أيديكم أمانة

، كى تعيشوا ؛ فى الحرية ؛ متخلصين مما يثقل القلوب من أوهام الطمـع ، ومـدرعين ؛ ضـد همـزات الشياطين ؛ بدروع ؛ هى صنعة مالئكة مخلوقة من حروف التراحم ، فماذا وقع لكم ؛ فتركتم الفساد يـدخلها

عليكم ، فقتلتم أنفسكم بأيديكم ، وصرتم عبيـدا تلـذذوا ، فارتفع عرش الظلم ، وصار الظالم ملكا ملكتموه وتسلق اللصوص أسوار بيوتكم ، فجبنتم أن تطردوهم .. بمذلتهم ، وهانوا ؛ فأهانهم الغرباء عن هذه األرض

..!!، فأضعتم األمانة التى أودعتها عندكم ، وها أنتم قد هتكتم عرضكم ؛ باستمراء المذالتلجائع يطعم المتخم ، وعراة األجساد ينسجون الخز ، والقز ، للذين عندهم أثوابا ؛ إنى رأيت ـ بعد ذلك ـ ا

ألوقات النهار والليل ، وأصحاب البالد تحت السياط ؛ يدفعون خيرها إلى أيدى الغرباء ؛ من بنى األصفر ، عـن هـذه واألحمر ؛ الذين يسكنون القصور ، بينما أصحاب البالد فى األخصاص والجحور ، فلما سألت

أليس فيهـا أسـود تحمـى : إنها البالد التى سلم أصحابها للقط مفتاح الكرار ، فلما سألت : البالد ؛ قيل لى بلى ، إن فيها أسودا تحمى الحمى ، وفيها ما شئت من شجعان ؛ يهزون أركان الـدنيا : ، قيل لى ! الحمى؟

..!!.األربعة ، لكن القط فى يده مفتاح الكرارفدعوت ربى ، من سويداء قلبى ، أن يلهمنى سبيل .. يتنى أسدا ، ال يرضى لنفسه مثل هذا المصير إنى قد رأ فأذن مؤذن فى األفقين بصوت علوى ، فنظرت ؛ فإذا باألرض درة بيضاء ، فخطوت فيها ، فـإذا .. الرشاد

.!!"..أيها العبد الصالح ، أنت تسجد ، وتقترب:" هى زمردة خضراء ، ونادانى المؤذنقادما نحـوى يسـعى فـى رداء " أحمد العرابى "فسجدت ، فاقتربت ، ورفعت ، من السجدة ، فرأيت السيد

يا يحيى ؛ لماذا ابتعدت عنى ، وأنا الذى اقتربت : "وقال لى .. الميرآالى ، قد حارت منه العينان فى الدهشة !!".فلماذا النأى بعد االقتراب ؟، إنى قد فتشت األرض بحثا ؛ حتى بلغت الروح الحلقوم ، ! ؟..منك

!".وماذا تريد منى ؟: "فقلت له كل الذى حكيته لك ، فأنصت ، ثم سألنى

ألنى أراك أسدا ال ينبغى له الرضا باألحوال التـى .. أريد منك أن تخلص مفتاح الكرار من يد القط :قلت له ..!!تعرفها ، كما أعرفها

!فلمن نعطى مفتاح الكرار؟: سأل ..!!ألصحاب الدار والدوار..لألمناء من الرجال والنساء: قلت !؟..فإن راوغ القط ، أو رفض: سأل !؟..وهل أنت الذى يحتاج إلى جواب عن مثل هذا السؤال: قلت !فهل أصاحبك وتصاحبنى على أن تعلمنى مما علمت رشدا؟: قال ..!!أخشى ما أخشاه أال تستطيع معى صبرا: قلت .. إن شاء اهللا من الصابرينبل ستجدنى: قال

فلما قمت ، ومشينا ، وبلغ منا السعى الدنيا التى جئنا منها ، ارتحلنا فيها ، فرأى بعينيه الذين سـمعوا عنـه وعقدوا له ألويـة األفـراح ، .. وكان يعيش فى أحالم ليلهم ، وفى أحالم النهار ..فأحبوه ، والذين لم يسمعوا

:، اجتمعوا عليه ، وغنى شجاهم العميق صاحب األقوالوعرفوه بأنفسهم ، وفى الليل جمل األحمال الصعاب

..صلب ، ال يوم كل ..صايم عن الزاد

ال حزن يوم ، وال يوم كل جابو المحاوير صلب على زنوده

..وشلوه شل وشيلوه حمل أسى

غصب عن عينه وهو تعبان اترجت األرض

)٦٤(..من تقل حمله ، وال يوم كل

..!!قدر اهللا ، وما شاء فعل..ماشاء اهللا ، ما شاء اهللا: فقال العرابى ..لكن اهللا ال يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..كلنا تحت قهر األسماء: فقلت له

..!!إنى قد توكلت على اهللا: قال ..!!بل اعزم ، وتوكل ، فإن السماء ال تمطر ذهبا وال فضة: فقلت

..!!.إنها طاقة القدر ؛ قد فتحت بأمر اهللا: ور بمحبة الناسفقال وهو مسر ..بل إن النعمة ابتالء ، وأنت مبتلى يا العرابى ؛ فال تسلم بالرضا قبل أن تبدأ العمل: قلت

..!!.أن نقبض على القط ، ونحصل على مفتاح الكرار: فلما سألنى عن أول العمل ؛ قلت•

:وقال جدى لشيخه :وقال يحيى الظريف بعد سكوت طويل

..!!وهأنذا قد بسطت رؤياى..فاجتمعت معه على ذلك..ثم إنه عاهدنى على أن نعمل العمل.. ـ :ففكر الشيخ الكبير ، وقال لمريده

..ال تقصص رؤياك على أحد فيكيد لك أوالد الحرام..ـ يا ولدى !.وهل العرابى على ذلك غير أمين ؟: سأل يحيى شيخه

!!؟..لكن من يدرى..إنه أمين..والعلم بحقيقة ما تطويه القلوب عند ربك.. يا بنى كثيرالكالم: قال الشيخ•

كان ينصت ، ويقرأ ، ويتعرف ، فتزدهر فى .. وتالحقت األحداث ، ولم ينس جدى ما رأى ..ومرت األيام : لضباط والجنـود فقال لمن حوله من ا..قلبه زهور األمل ، وينتشر عبيرها من قلبه إلى لسانه ، وإلى أعماله

)٦٥..!!". (خلق ناس وتحفهم ، وكبب ناس وحدفهم.."سبحانهفلما سألوا عن ذلك ؛ حدثهم عن النجع ، وعن فقر الناس ، وحكى لهم عما رآه ويراه من حكايات الفقر

..!!.وحدثهم عن القط ومفتاح الكرار..وأفاعيلهقـالوا : "قال لهـم .. فى إصالح األحوال على أيديهم وحاشيته ، وعما إذا كان ثمة أمل " القط"فلما سألوه عن

)٦٦(..!!". األذية فى طبع: قال!..للغراب بتسرق الصابونة ليه؟الحمار لمـا : "قال لهم ..وغيرها من مظاهر المدنية ..، والعمائر الحديثة " دار األوبرا "فلما حدثه بعضهم عن )٦٧(..!!". يشبع ؛ يبعزق عليقه

)٦٨(.." ة فى بطن جائع ، أحسن من بنا جامعاللقم: "ثم قال لهم )٦٩(..!!". اللى معاه مال ؛ ابنه ينشال ، واللى ما معهشى ؛ ابنه يمشى: "فلما سألوا عن الحل قال لهم

".القط ومفتاح الكرار"ثم إنه عاد إلى حديثه معهم عن تحكـى حكايـات الليـالى ..قفشاعت تلك األحاديث ، وذاعت ، وانعقدت مجالس السهراية فى ليالى القشال

..!!.الحبالى؛ اللواتى يلدن كل عجيب•

يقـف " يحيى" كان ١٨٨١ سبتمبر ٩وفى واقعة عابدين فى : وقال يحيى الظريف ، بينما هو ينظر فى عينى فى الميدان ، ضابط ؛ برتبة مالزم ثان ، وقد امتأل إيمانا بأن واجبه يحتم عليه أن يبذل روحه رخيصة فـى

فقد كان واثقا أن أعداء الحق لن يتركوه فـى سـالمة ، وأن حياتـه محاطـة .. لدفاع عن حياة بطله سبيل ا لم يتغير، .. ال تهمه كثيرا ، فهو إنسان بسيط .. وكان فى هذه الرتبة يتقاضى ستمائة قرش .. بأخطار الموت

..!!تلك هى السجادة العرابية.. ألنه لم يكن آنذاك إال مريدا فى سجادة مجيدة ، تتشكل آياتها وأبعادهاونظر إلى القصر ، فرأى القـط .. إلى جنده ، ثم إلى بطله ، على صهوة جواده ، شاهرا سيفه " يحيى"نظر

فظن أنه نزال له ما بعـده ، وامـتأل .. قادما ، يصحبه اثنان من الخواجات ، ويحف به عساكر من الحرس الميـدان ، نـادى " القـط "فلما توسط .. وأطلق أذنيه لما يدور ..بطلاحتشادا ، وعلق عينيه بإشارات سيف ال

يـا : أحـد رجـال الحـرس : عرابى ، فأقبل عليـه ، راكبـا الجـواد ، شـاهرا سـيفه ، فصـاح بـه ..!!.واغمد سيفك..ترجل..عرابى

فى اتجاهه يصيح " القط"فسمع صوت .. فلما رأى يحيى أن البطل يفعل ذلك ، طار قلبه ، وحام حوله حارسا ألـم تعلمـوا أننـى سـيد البلـد ..!! وعودوا إلى بلوكـاتكم ..اغمدوا سيوفكم ..وأنتم: واتجاه زمالئه وجنده

!.؟..وحاكمهايتوقع ؛ بإيمان قـوى ؛ أن الحركـة التاليـة " يحيى"وكان ..وظل الجميع وقوفا يترقبون ..لم يغمد أحد سيفه

ولو كان األمر بيـده ، لهجـم ، وصـار .. بدأ الحرب وت.. ستكون انقضاض البطل على عدوه مشهرا سيفه .. ويحيه بالتحيـة العسـكرية ".. القط"يتقدم نحو " العرابى"لكنه أنصت مدهوشا ، وهو يرى .. طليعة للرجال

!؟..ما هى أسباب حضورك بالجيش إلى هنا: يسأله" القط"و ..!!.وكلها طلبات عادلة..مةجئنا ـ يا موالى ـ لنعرض عليك طلبات الجيش واأل: يجيب" العرابى"و

وما هى هذه الطلبات ؟": القط"سأله هى عزل رياض باشا ، وتشكيل مجلس النواب ، وإبالغ عدد الجيش إلى العدد المعين فـى ": العرابى"أجاب

..!!.الفرمانات السلطانية ..!!. نا عاوزوأنا خديوى البلد ، وأعمل زى ما أ..كل هذه الطلبات ال حق لكم فيها": القط"قال ..ونحن لسنا عبيدا ، وال نورث بعد اليوم": العرابى"قال وكاد أن يندفع بسيفه فيخرط لحـم !"..لماذا قلت له يا موالى؟ : "أن يصرخ من أعماقه فى البطل " يحيى"كاد

وعصـفت بـه عواصـف ..!!" ما كنا فى أى يوم عبيدا ألحد فالكل عبيـد هللا : "وقال فى أعماقه ".. عدوه"لكنه كان قد عاهد على الضبط ، والربط ، والبد له مـن الكـالم مـع ..وأحرقته الرغبة فى القتال ..غضبال

..!!.بطله•

وملا هم بالكالم ؛ وقعت عيناه .. إليه ، فسلم ، وحيا " حيىي"تقدم .. العشاء ىف مقر اآلالى إماما لضباطه وجنده " عراىب"بعد أن صلى أنا خائف : "ومسع صوته مضطربا يقول ..وية ، جعلت الكلمات الىت أعدها تغيم ، وتغرق ىف ماء الطيبة ىف عيىن بطله ، فلمس طيبة أب

..!!".عليك من العدو ..!!.وال نريد إال اإلصالح..نحن لسنا أعداءا ألحد: فقال البطل ..قلبى غير مطمئن: فقال يحيى

ونحن نفديك..اهللا معك: فقال يحيى..وسنزيد من االحتراس..على اهللا توكلنا: فتبسم البطل قائال

!!. ..باألرواح

!!...أنتم ؛ على كل حال ؛ أبنائى وإخوانى..بارك اهللا فيكم: وقال، ونورت ، فأشرقت أسارير البطل •

ولم ..ويجتهد فى تمييز رجال العدو ، ورجال البطل ..يسمع أخبارا ، وخطبا ..فى زفاف وأفراح عاش يحيى .. فقد رأى بطله حكيما ؛ قد بعثته العناية اإللهية إلصالح األحـوال .. توهم أنه قد نجح وإن، ينجح فى ذلك

حين انتقل اآلالى من العباسـية إلـى ، إقبال الناس عليه من كل أنحاء مديرية الشرقية ، وزكى من اعتقاده

تخفيفا لضغطهم علـى ، ة ؛ الساعية إلى إخراج العسكريين من القاهر " شريف باشا "الشرقية ؛ تنفيذا لسياسة ويلجأون إليه فى كل صغيرة وكبيرة ؛ كوكيـل ، حكومته ، كان يحيى يرى الناس يلهجون بالدعاء لعرابى

فيؤمن بأن من ..وقام به ، وكان يراه قد ارتضى ذلك ..والفصل فى المنازعات ، ارتضوه لرفع المظالم ، لهم ، فقربه ، وعلم أنه رفاعى المشرب ، وتفانيه ، ص مريده وقد أحس البطل بإخال ..واجبه التسليم لهذا الرجل

وعاش أيامه فى مديرية الشـرقية فـى ، فصار راتبه سبعمائة وخمسين قرشا ، ورقاه إلى رتبة مالزم أول وتعرف أثناء ذلك على عدد من أعيان .."مالزم أول بياده "؛ " يحيى أفندى زكريا الحناش "باسم ، معية عرابى " أحمد بك أباظة "و، " سليمان محمد "و، " محمد عبد الال "و، " حسين األعصر "الشيخ : البنه منهم الشرقية ذكر

واسـمها ، وهذا األخير هو أبو جـدتى .."السيد أبو زيد غانم " و، " أمين بك الشمسى "و، "سليمان جمعه "و، اسمها ؛ الذى يعرفها به أهل وظل هذا هو !! .."بديعة الجمال : "والتى كان جدى يسميها ، "زينات هانم "السيدة ..ولم يعرفوها بغيره، النجع !!..إن أمنيات جدك تتحقق واحدة بعد أخرى: قاطعته

واحدا من هؤالء الذين يؤمنـون بالجـدراة إيمانـا مطلقـا " السيد أبو زيد غانم " كان : فاستطرد بغيرتوقف ..ولهذا كان محترما ومحبوبا ممن حولـه .. مةويضعونها قاعدة للتعامل ؛ ال تقبل المداخالت عليها إال بالرح

وكـان .. على الرغم من مالمحه الضخمة، وكان يجمع إلى طول القامة ؛ وعرض العظام ؛ حسن الصورة مسارعا إلى إحياء أفراح ..ولهذا كان زعيما فى أفراح الحياة وأحزانها.. عاشقا للحياة ، متصالحا مع أقدارها

وال .. يحمل العاجز من بـاب الرحمـة .. نجدة فى المرض وفى الموت وفى العوزوصاحب.. البنات والبنين كان باختصار أبا أقطاعيـا ؛ مـن .. بل يسكت على األذى نبال وبطولة ..يعيب أحدا مهما بلغ حسده أوكيده

لجماعة طبقا ألعراف نابعة من حس بالوحدة العضوية ل ، هؤالء الذين حملوا على عواتفهم مسئولية جماعته وكان فالحا خبيـرا بأسـرار ..مثلما يطلب منها الحقوق ، ويقيمها فيما بينها ، فكان يقوم بواجباته نحوها ،

وقد هب إلى تأييد عرابى حين أدرك بفطرته جانبا من التشاكالت والمشـابهات بـين ..ومواسمها، األرض فقط كان يضيق بالخواجات الذين هجموا ..كنه رؤيته ؛ فلم تر عيناه أبعد مما كان يم " العرابى"تكوينه وتكوين

وكانـت ..ويمكرون بهم ، ويرى أنهم يفسدون الناس ..وأموال، ومصالح، وصارت لهم أعمال ، على المدن نـزل ، مـالطى " تودرى"، و !! .."تودرى"بدأت بحكاية له مع ، له مواقف مشهورة ؛ فى مقاومة وجودهم

قصـد " تودرى"وبوعى من ، ملحق به دكان لبيع ألف صنف ، فتح مقهى صغير يبتغى ، "كفر الغنايمه "قريته : فلما علم أبو زيد قال للعمدة.. فلم يكن أمام العمدة إال الموافقة..العمدة ؛ بتوصية من مدير المديرية : قال العمدة!! ..وأنت تعرف ذلك.."عزبة الغنايمة"مقهى فى " تودرى"ـ ليس من مصلحة الناس أن بفتح

أنا رجل أعرف حدودى : وثالثا.. كل حى ورزقه: ؛ وثانيا أوال أنا ال أعرف الضرر من ذلك..ـ يا أبا زيد !!..فالمية ال تطلع فى العالى، ولن أكسر كلمة لمدير المديرية ،

هؤالء ؛ وأمثالهم من الخواجات قد دخلوا فـى المراكـز " يونان"أوال ؛ نعرفك ياعمدة أن أبناء : قال أبو زيد وفتحوا لأللف صنف فعرف الناس مطالب ؛ هى ..وفتحوا هذه المقاهى ؛ التى لم تكن غير خمارات ، والبندر

وأنشأوا فيهـا منشـآت ، واشتروا بالمكاسب األراضى الزراعية ، وباع أوالد يونان ، من المطالب الزائفة

وغـدا ..تودرى اليوم جاءك بطوله ف ..تعرف الباقى " الزقازيق"فى " الكونت شديد " وانظر إلى أرض ..سكنية فتجلس العمائم ؛ مسندة أكواعهـا علـى .. فتطرب عين المشتهى باللحم األبيض ..تأتى معه الخوجايه امرأته

ثم ما يلبث أن ينتهى بهـا ..ثم شيئا بعد شئ ؛ تتسلى من الملل بلعب الورق ، مستروحة، طاوالت المشاريب ثـم .. وتبدأ لعب القمار بالقروش وأجزائها ..فروشة بجوخة خضراء األمر إلى التحلق حول مائدة مستديرة م

! فهل تريد لنا ذلك؟.. ويكون الخراب قد حل..تنتهى إلى اللعب بالمجيدى واللويز !!..ولكن أنت تبالغ.. أنا ال أريد ذلك: قال العمده

وخربت بيـوت ، قرى البر فقد دخل الخواجات إلى بعض .. وأنت أيضا ال تعرف ..أنا ال أبالغ : قال أبو زيد فتعرف ؛ وترى بعينيك ، أو سافر، وإن كنت ال تعرف ؛ فاسأل .. كانت عامرة

كـل " ألنك ال تستطيع ترك الذئب يرعى فى الغنم ثم تقول ..؛ فهذا حق يراد به باطل " كل حى ورزقه "وأما وأما الباشا مدير المديرية ، .. ولن يرتاح لك بال إال بقتله .. بل أراك ستطرد الذئب ، وتطارده .."حى ورزقه

!!. ..فأنا كفيل به يا عمدتنا حتى حكى أبو زيـد ؛ ..لم يفتح مقهاه ومحل األلف صنف بعد ذلك " تودرى"غير أن ، ال يعلم أحد ما حدث

رحنا ؛ يا جماعة الخيـر؛ : قال أبو زيد .."تودرى"فى مجلس عرابى ؛ ما وقع له مع كل من مدير المديرية و فمـا ..ال نحب هؤالء الخواجـات ، لكن نحن أهل الكفر ، كالمك على العين والراس : لمدير، وقلنا له للباشا ا

!؟..العمل والعمدة عبد المأمور !!" ..تودرى يفتح المقهى : "ففكر الباشا المدير وقال

".!!..كالمك يمشى يا سعادتلو: "فقلنا له كنـت .. وامتنع كل أهل الكفـر .. أرضا ينشئ فيها مقهاه البلد فلم يتجرأ العمدة على أن يبيعه " تودرى"ونزل

ورحـل ..حتى يـئس منـا ، ، فقاطعوه " تودرى" فقد تعاهدت مع الناس على أن يقاطعوا ..واقفا لهم ؛ وبهم وقسما عظيما ؛ يا جماعة ..والحق ؛ ياجماعة الخير؛ أن واجبنا هو حراسة أهالينا من هذا المكر السيئ ..عنا

لكنـت أول مـن يفـتح لـه بـاب ، أو بشئ ينفع الناس ، واجه لو كان قد جاء بعلم نتعلمه الخير؛ أن الخ !!..والدوار..الدار

لو أن كل صاحب دار عمل مع الخواجـات : فقال ألبى زيد غانم ؛ فيما بعد ..منصتا لما يدور " يحيى"وكان !!..نادرما عملته أنت فى كفر الغنايمه ؛ ما استشرى الفساد فى المراكز والب

ومع هذا .. أما فى األرياف فكل شئ باألصول ..فى المراكز ، والبنادر؛ أبوك وأمك القرش : فقال له أبو زيد وعملوا بها ؛ لكـان فـى هـذا ، "النديم" ولو وعى أهل المدن دعوة ..يقوم بالواجب " عبد اهللا النديم "؛ فالسيد ..وبال أوالدهم، وراحة بالهم ، سعادتهم ودعـاه .."أبى زيد غانم "والسيد " يحيى أفندى الحناش "من هذا الحديث ؛ انعقدت عرى الصداقة بين وابتداءا

..دعوته مسرورا" يحيى"إلى زيارته فى الكفر ؛ فقبل " أبو زيد"•

وسبب .."يوم الهوايش "أول مرة وقعت فيها عينى على جدك كانت فى يوم اسمه ": بديعة الجمال "قالت جدتى وفـى ..من العمار ، كثيرا ما كنت أراه يزحف داخال وكره " عامر" الدار عندنا كان فى سقفها هذا اليوم ؛ أن

وكنـت فـى ..ورأسه ضـخمة ، كان لونه برتقاليا مرقشا بنقط سوداء ..مرة رأيته فوق حائط السطح يتشمس منذ حوالى : "لت لها ، ق " !؟ومتى رأيتيه أول مرة : "فلما أخبرت أمى ؛ انخطف لونها وسألت ..الخامسة عشرة ، ولـم " ..وإياك أن تقتربى من مكمنه ، فاحذرى منه ..ليس هذا عامرنا : "، فقالت لى محذرة " ..أربعة أعوام

أمـا ..فغادرت أمى وإخوتى وأخواتى ..وأمرنا أبى بمغادرة الدار كلنا ..تمض أيام حتى جاء جدك بصحبة أبى ، وكـان " ..أنا أبقى معك فأخدمك : "فقلت ألبى ..المرماحوأسبق فى ، أنا ؛ فقد كنت شجاعة ، أركب الخيل

"!! ..ال بأس : "أبى يحب فى الجسارة ؛ فقال وقـرفص فـى ..ورأيت جدك ؛ قد خلع الميرى ، ولبس جلبابا من جالبيب أبى ولف شاشا من شاش عمامة

، ه ساعة بعد سـاعة وظل ملتزما مكان ..يتكلم بكالم لم أسمعه ، مغمض العينين ، الحوش المكشوف للشمس ، فـانحنى ..ثم تتوقف أمام حجـره ..ثم إذ بى أرى أفعى تسعى نحوه زاحفة ..وارتفعت الشمس ، وسال عرقه

وبعـدها ظـل ..كانت أفعى شهباء ، المعة الجلـد ..وحملها من األرض ووضعها فى حجره ، مادا إليها كفه لكن جلد كـل ، لهما مثل لونها ، تبعتها حيتان وبعد لحظات ؛ ..فأشار إلى بالصمت ، نظرت إلى أبى ..جالسا

فحملهما ..وعملتا ما عملته األفعى الكبيرة ، فسعت كل منهما فى أعقاب األخرى ..منهما مقسم بخطوط سوداء وقد سرح جدك مـا ، ثم عادا ..فغادر الدار ، وفى أعقابه أبى ، وقام ، جدك الواحدة بعد األخرى إلى حجره

فعاد إلى جلسته األولى ، بعـد أن دار ..مهموما، مطرق الرأس ، جدك مستغرق الفكر كان..جمعه فى حجره ..فأشار إلى بالصمت ، أردت أن أسأل أبى ..الغربية والبحرية: وتوقف فى ناحيتيها، فى أنحاء الدار

جهـه نحـو ولـى و ..ظل جالسا القرفصاء ، فى نفس المكان ..كان يوما طويال ؛ لم يذق فيه جدك طعم الزاد ، طلع إلى حجره مطيعا ، فتكوم على بعضـه ، كبير ، فى جلده صفرة الذهب " عامر"فأقبل عليه ، الشرق فقام فتوضـأ وصـلى ..فلما تولى بوجهه نحو الغرب ؛ كان المغرب قد وجب ..كما سرح من قبله ، فسرحه

والشـهباء كانـت ..كان عامركم هذا األصفر الذهبى : "فلما قضيت الصالة ؛ قال بصوت مسموع ..خلف أبى ..وهما ومن أطاع من المسلمين، وليفته ..وأنا رأيت كال منهما مرارا..نعم: قال أبى

علـى ؛ أن " عامركم"وقد اشترط ، كانا فى جوار عامركم ، فى الحائط البحرى ؛ حنش ووليفته : قال جدك .جوارهما عندهحتى يكون قد أعد لهما ، فى النهار، أذهب بهما إليه غدا

!فما السبب ؟..أراك كلما توجهت نحو الجدار الغربى ؛ تهتم ، وتغضب: سأله أبى .. ال يعاهد ، فإن عاهد غدر..وهو عاص شديد العصيان..هذا الكهين اليهودى، إنه هناك : قال جدك

فلمـا جـاءنى ، ، وأشرت إلى أبى من وراء حجاب " ..غير وجع القلب ..ال يأتى من الغرب : "قلت فى نفسى !!..لن يفطر إال بعد إخراج الهوايش من الدار، فأخبرنى بأنه صائم ، وشرابه ، سألته عن طعام الضيف

وكان جدى قد مات فى نهار تلك الليلـة ؛ ..وجدتى تحكى لى ، كنت فى السابعة عشرة وشهور : قال يحيى لى ولن أنسى تاريخ هذه الليلة ..تناهز الثمانين عجوزا جميلة ؛ " بديعة الجمال "وكانت ، عن نيف وتسعين عاما

وكان المذياع الوحيد فى النجع فـى دوار ، ففى صباحها أعلن الضباط األحرار بيان الحركة من اإلذاعة ، ..دارنا

لحكاياتهـا بصـيغة واحـدة " بديعة الجمـال "لم تكن رواية : لما سألت يحيى ان يستكمل حكاية جدته ؛ قال إنمـا ..غير أنها فى الحكاية عن حبها ال تحذف وال تضـيف ..وتارة تحذف قديما ، يد جديدا فهى تارة تز ..أبدا ..!!تلون

نشرب قهوتها من البن المجروش المغلى المصفى بمصفاة من ، فى تلك الليلة ؛ سهرنا معا حتى مطلع الفجر النخلـة : "وتقول..لجرة الصغيرة وتضعها فى فم ا ، كانت تدور الليف بأصابعها الطويلة النحيلة ..ليف النخيل

جمـار النخلـة ..بإذن اهللا ، فتشفى ، وتقوى ..فإذا مرضت أو أحسست وهنا فعليك بشىء من جمارها ..عمتك ".!!..فإذا أكلت من قلب عمتك ؛ فكل بالصالة على النبى..قلبها

ومضى الليل ..ت آمرة نحو السقف وأخذ يشير بذراعه اليمنى إشارا ..وقد واجه جدك الجدار الغربى : ثم قالت وفـح فحيحـا ..ولدى منتصف الليل أطل الكهين من زاوية التقاء السقف بالجدار الغربـى ..ساعة بعد ساعة

وسال رأسه مع بضع مـن جسـده علـى .. كما لم ألحظ ذلك فى عز النهار ..وعاينته عيناى أرقطا ..متقطعافاندفعت ، وفح فحيحا وحشيا ، وصوب فى اتجاهى ، أة انتصب وفج.. وكانت بقيته مختفية فى مكمنه ..الجدار

، فاتجـه !!" ..فال يكـون إال الخيـر ..فافعل..ليس أمامك إال االمتثال : "وصاح فيه جدك ، جانبا أتقى هجمته فـارتمى ..ثم مالبث انتصابه أن زايلـه ..وبرقت عيناه بالبروق النارية من كل األلوان ، برأسه نحوه " الكهين"

وسال من شدقة سائله المسموم ؛ فى خيط طويل ؛ تجمع فى بركة صغيرة .. واصطدم جسده بالجدار ،مرتخيا ..وينتظر، فى جلسة القرفصاء ، وكان جدك ثابتا ..فى زاوية التقاء الجدار بالتراب،

وجدك فى القرفصاء، وأبى فى غدو ورواح ، ؛ ونحن فى الموقف الرهيب كم ساعة دارت بها رحى الفلكقد لففت ضـفائرى علـى ، مفتوحة العينين ، وأنا أرقب المنازلة ..واألرقط يسيل من شدقه سائله المسموم ،

إال والديكة ترفـع األذان ، وما علمت ما انقضى من الساعات !! ..وأحكمت رباطها بمنديل أخضر ، رأسى !!...األول

حتى خيل إلى أن رأسه تالمـس ، ل واستطا، وفرد عوده فى الفضاء فطال ، هنا ؛ نهض جدك من جلسته فيلقف جدك رقبته من أسـفل .. فإذ باألرقط يهب هبة واحدة ..وتقدم نحو الجدار بخطوات بطيئة ثابتة ..السقف

واألرقـط المهـول ..كان جدك خاللها يدور حول محـوره ، الرأس ، واشتعلت عاصفة من الصراع بينهما فى كـل ، فيقصر طوله ..بعد دورة أشد ، يدور دورة مجنونة ..تهيسوطه ببقيته ؛ محاوال اإلفالت من قبض

أخذ يلف األرقط ، ولما اكتسى زنده ..وفتوة، باقتدار، فقد كان جدك يلف جسده على ذراعه اليسرى ، واحدة : حينئذ قـال لـه ..وذيله فى يمناه ..حتى صارت عنقه فى القبضة اليسرى ، لفة أخرى فوق ما لفه من جسده

وإننى ؛ فـى هـذه ..ال إقامة لك فى هذا المكان ..عاصى صلب الرأس والرقبة ؛ أنا سبق وقد قلت لك أيها ال " ..المرة ؛ أحفظ عهدى مع اهللا وليس معك

وإنى أعود عند مطلع، فابق !! ..إنه مشوار: فلما أراد أبى أن يتبعه ؛ قال له..ثم إنه خرج به !!... النهار

• ":زينات"ت وقالت بديعة الجمال جدتى الس

". والحافظ هو اهللا..لقد ذهبت به بعيدا وإنه لكهين عنيد..يا سيد أبا زيد: "وقال ألبى، ولدى مطلع الصبح عاد !؟..وهل من المنظور أن يعود: سأله أبى ..أشد شراسة ، وأفتك سما، أمثال هذا يعودون : قال جدك

مواجهة الجدار البحرى ، فما لبث برهة ؛ حتـى و عاد إلى جلسة القرفصاء ؛ فى ..ثم إنه طلب شربة ماء يشـوب زرقتهـا سـحابات ، تبعتـه أفعـى زرقـاء ..يشوب زرقته سحابات سوداء ، ظهر حنش أزرق

ولمـا ..فزحفوا إلى حجـره .. وبعدها ثالثة صغار ؛ تختلط فى جلدها أبخرة بياض وسواد وزرقة ..بيضاء ..ى أصحاب جوارهماآلن نذهب بهم إل: أتموا اجتماعهم ؛ قام فقال

؟..وهل يعود إلى الدار شئ من هذه الهوايش: فسأله أبى ..إن كان فى علم العليم حكمة فى عود لهم ؛ فإنهم يفعلون: فقال جدك

: وقال أبى لى..والحق أننى ، وإخوتى ، وأخواتى ؛ لم نعاين فى دارنا ثعبانا بعد ذلك .. واهللا الحفيظ العليم الخبير؛ من قبل ، ومن بعد..ـ يحيى أفندى قد رقى الدار برقية حافظة

..ثم أمرنى بالغدو إلعادة أمى إلى الدار..وأمرنى بإعداد اإلفطار•

:ثم إنها شردت بنظرة فى األفق المنير ؛ وقالتعلمت أنه قد غادر إلى مصـر المحروسـة مـع ، وبعد فترة من الزمان ..كان قد غادر ..حين عدت لم أره

وفى كل يوم منها كانت قدور الطعام ال تنزل من ..ودارت األيام ..بقى فى ذاكرتى " يوم الهوايش "ن لك..اآلالى وأبـى ..خبر ؛ بعـد خبـر ..وأخبار تتتابع ..والدار بابها مفتوح وكذلك الدوار ..فوق النار ؛ إال لترتفع غيرها

أحمد "وأن ، عداء الوطن والملة مصر قد باع نفسه أل " خديوى" ورددت األلسنة أن ..مشغول فى الليل والنهار وأخبار الحـرب تـأتى إلينـا مـن كـل ..وكان قلبى مقبوضا .."حامى حمى الديار المصرية "صار " عرابىوأخبرنا أبى أنه ذاهب لاللتحاق بالعرابى ونجدته ، وأنه لن يعود إال بعد طرد االنجليز من بر مصر ..صوب

..اب أبىبعد غي، وقائدة الدار، وصرت مشيرة أمى •

، " المحسـمة "، و " المسخوطة"، " المجفر"، "نفيشة: "ثم عرفتها فيما بعد ، أمكنة كثيرة لم أكن أعرف مواقعها ولـم أصـدق ..ومعهم أخبار متضاربة عن الحرب ، وكنت أتلقى رسل أبى .."التل الكبير " ثم .."القصاصين"

ومـادام أبـى ! ؟..فهل يمكن ان نهزم فيها ، مرة وكانت الحرب مست .. وكنت أظنها شائعات ..أخبار انكسارنا فالـدنيا ..ويطلب المدد من طعام يجتمع عندنا ، ومن زاد يأتى به الناس من الجهات والـبالد ، يرسل رسله

..والبد أن ينتهى األمر إلى نصرنا على عدو اهللا، بخير

وتربـت ..حولها ؛ كدجاجة مـذعورة تتلفت ، وفى ليلة ؛ كانت أمى واجفة القلب ..وفجأة ؛ انقطعت الرسل : فسألت ، فأتانى صـوت مبحـوح ..دق طارق باب النافذة من الجهة الغربية ..صدرها بكفها حتى يهدأ القلب

!!..إفتحى يازينات•

ال يظهر من جسده غيـر ، ملفوفا ، كان محموال على نقالة ..كانت هذه هى المرة الثانية التى أرى فيها جدك انتفض قلبى فرحا بسالمة أبى ، ولست أدرى ؛ كيف عرفت أن هذا ..ان أبى أول الداخلين وك..ذراعه األيمن

وكـان بصـحبة أبـى أربعـة مـن .." إنـه سـيعيش : "وقال لى قلبـى ..كدت أسأل ..المحمول هو جدك وبينما ثالثة منهم قد انهمكوا فى إعداد حاصل ..أسرع كل منهم إلى ناحية ، مستجيبا ألوامر أبى ..المخلصين

وتقطيع شاش من شـاش ..انهمكت فى تسخين ماء كثير ، من حواصل الخزين ؛ فى أقصى الجهة الشرقية التقطناه من بين القتلى فـى : وسمعت أبى يقول له ..ثم عاد ومعه مخبر الحكومة ، عمائم أبى ، واختفى الرابع

.. فاحفظه فى كل حال..وقد يعيش ؛ وقد يموت..التل الكبير !!.. ورقبتى فداه..وزباشى حارب كما الجنالي: قال المخبرومنـا مـن يعـالج ..منا مـن يعـالج الجـروح ..ونقوم إليه ..خطفة..سهرنا ، وكان النوم يسرقنا ..كانت أياما ونطـق ، ولم نكن ندرى ؛ حتى أفاق اإلفاقة األولى ، بعد سبعة أيام ..وكانت عظمة ساقه مكسورة ..الحروق

: فقال..لسانة بمواضع اآلالمفلم يسمع لى ..فصرخت بالخروج إلى السالح، ـ أننا ندخل إلى عتبات الدم " الحضرة"نى رأيت ـ فى ـ إ !!...ولم يسمع لى أحد..وأنذرت..فأنذرت..إنى رأيت..إنى رأيت فى الحضرة!! ..أحد

: وقال !!؟..، أم أن الجزاء من جنس العمل! ؟..ـ كيف جرت المقادير

:وقاليستحق ما يجرى عليه من مذلة، ويبادره ، ه ؛ فيأخذ العدة له ـ إن الذى ال يعرف عدو.. .!!

:وقال يخاطب العرابى !!.؟..؟؟ وال مولى لنا غير اهللا..ـ ولماذا ظللت مقيما على أنه موالك

:وقال !!.؟..وفديناها بالدماء..ونحن الذين أنشأناها بالعرق، ـ وهل نحن نعجز أن نجعل ملكا علينا ، يكون منا

:قالو !!...؛ أذل أعناق الرجال ـ إن اشتهاء الحياة

• !؛ أليس كذلك ؟" اشتهاء الحياة"وليست " حب الحياة"أظنها : قاطعت يحيى ؛ سائال

:وقال..لم تبهت فى الذاكرة حتى هذه اللحظة، نظر فى وجهى نظرة طويلة ..نتمى إلى الموتفإنه فعل ي" اشتهاء الحياة" أما ..فعل خالق" حب الحياة"ـ إن

:وسكت ، ثم سألنى ؟..ـ هل تنصت إلى ما أحكيه لك إنصات الرجال

فترفق بـى ، وأحسست صهد أذنى ، ولحظ يحيى ذلك .. واندفعت دماء الخجل فلونت وجهى ..أربكنى سؤاله :قائال

!!.. يأخذ البعض حكايات التعرف مأخذ التسلية..ـ أحيانا :مىقلت ؛ والكلمات تتلجلج فى ف

!!.؟.. حكايات التعرف!! .. التسلية!! ..ـ الرجال : سألنى

فهل كنت فى مستوى الطلب ؟..ـ أنت طلبت أن تعرفنى : اتقيت سؤاله سائال

!ـ ولماذا افترضت أننى لست فى مستوى الطلب ؟ !!..فابرز لى عالمة: قال

! أم أن لى حريتى ؟..أبالموافقة تريدها ؟: سألت .. أنت تملك حريتك بل: قال مؤكدا

: قلت !!. .. لكننى أحب أن أرى هذه الشجرة التى أثمرتك .. وبعضه ال أوافق عليه..ـ بعض ما حكيت ال أؤمن به

أما اآلن ؛ فإننى أراها تخفى ؛ تحتها المسـارعة إلـى الـتخلص ؛ .. لم تكن كلماتى هذه إال تخلصا ..آنذاكوأرى حديث خرافتـه وشـيا مناسـبا ..وأرى..واستمتع، أتسلى فالحق أننى كنت ..طبقات أخرى من الفساد

ولم أدرك ؛ آنذاك ؛ أننى أذيب فى حوامض تكوينى ؛ الذى ..ولألجواء التى تهيم فى فضاء الجبانة ، للحوش وأننى أطفئ بنفخة العفريت ؛ الذى كنته ؛ ذبالة تستمد نورها مـن ..أنجزته المدينة ؛ فرصة نادرة للتعرف

ن الحياة الحقيقيةدومهما كان مـن أمـر؛ فـإننى ـ اآلن ـ .. تلك التى يحياها الناس العاديون فى بالدى..ه؛ وهو تحت الحمـى ؛ " يحيى الحناش "أكتشف ؛ بعد فوات األوان ؛ أن تلك العبارات التى نفثها اليوزباشى

حقائق علمتنى أن أطرح أسئلة ..علمإال بعد سنى التجربة والت ، كانت تنطوى على حقائق لم يستوعبها وعيى !!.؟..فتنبت..فهل يمكن إن بذرتها اليوم أن تجد تربة صالحة..صحيحة

• من حقك أن ترى الشجرة التى أثمرتنى..نعم: ثم قال..تنفس يحيى ؛ فى هم.. ..فتميـز .. وعـة وأن تتذوق ثمارها المتن ..بل يبدو أنه البد لك أن ترى أشجارا كثيرة : وسكت قليال، ثم قال

!.؟.. فهل يتسع العمر.. وتتحقق.. وتتردد..وتميل : ثم قال، كأنما يتبسم لنفسه ، تبسم .. وقبل أن أعلق بشئ ؛ خطر لى ؛ عن الحرية

حتى ظن ، وتناوبته رجفة بعد رجفة ..فغاب عن الوجدان ، وسافرت به الحمى : ـ قالت جدتى بديعة الجمال ويئس من بعثه مـن ..وأنه إن نفذ من تحت الزلزلة ؛ فال نفاذ له إال بسلطان ..لملكانشاهد الحال أنه يسأله ا

وأرسل النظر فى ، ففتح جدك عينيه ..لكن صاحب المشيئة شاء ..الغيبوبة من شق جدار اليأس بسالح اآلمال : قال..وأرسل من غرغرة بحره الكالم، الفضاء إلى ما لم ير الشاهد

!؟..ا أرىـ هل رأيتم م !وماذا ترى ؟: سألنا :قال

فلما عرضنا على ، وأحكموا ربطى فارتبطت ، وقد شرطوا على فقبلت ، ـ صحة الشرط فى إحكام الربط فقاتلت حتـى .. وما كان أمامى إال الوفاء بالعقد والقبول .. وهربوا .. هبوا إلى الجياد المسرجة ..الوفاء جميعنا !!..ت حتى المنتهى وقاتل..آخر طلقة !!... أنت لها.. أنت لها ؛ يا صاحبى..يا يحيى: فقال له أبى :فسأل جدك

!؟.. لماذا تفرون من السيادة إلى العبودية..ـ أيها األمراء ..هون عليك: قال أبى

:فقال جدك .. تباركت يا من بيدك الموت..ـ تباركت يا محيى

وحفـت بـه .. وحملته ؛ فى استعارها ؛ كف العنايـة ..غت الحمى وط ..ثم إنه أسدل ستار جفنية على عينيه !!...الدعوات بالشفاء

• والتقى عندنا رجال لم أميز وجوههم فى .. وردت على الدار ؛ فى الليل ؛ رسل ..فى تلك األيام : قالت جدتى

وذكر اسم أبـى ؛ ..ء تكلموا عن مطلوبين من الحكومة وذكروا أسما .. وأنصت إلى أحاديث حزينة ..الظلمة واختلفوا فيما بينهم ؛ حتى قال ..قد ضيع الفرص السانحة " عرابى"وحكى بعضهم أن ، من بين تلك األسماء

:أحدهم، ؛ حين ذهب إليه عرابى وصـحبه " اسماعيل باشا راغب "ـ إن اختلفنا حول ذلك ؛ فلن نختلف فى مشورة

..اجع فأشار عليهم بالدواء الن، يطلبون مشورته !وماذا كان ذلك ؟: سأل سائل

فلما طمأنوه ؛ أشار علـيهم بقتـل .. والذخيرة .. واألسلحة ..عن الجنود : لقد سألهم عن مدى استعدادتهم : قال !!.. فلو كانوا قد فعلوا لتغير الحال..وأبدى استعداده لقيادتهم بعد ذلك، الخديوى ..تفتح عمل الشيطان" لو"إن : قال أحدهم

.. فإذا وقع أحدنا فى يده لن ينجو..إن الشيطان اآلن يطلبنا فى كل مكان: خرفرد آ ..إنى واهللا فى عجب ؛ لن أنجو منه ؛ إال بإجابة تعقلنى ، وإال فإنه الجنون فيه النجاة: قال صوت مغيظ

!؟..وما ذاك يا عبداهللا: سأله سائل

يبحث عن أجنبـى ، فإذا نجح .. النفس والنفيس ما الرأى فى صاحب دار يطرد اللص ويحاربه ؛ باذال : قال ويكتفى بأن يكون خادما مطيعا فيها ؟، فيعطيه الدار، قوى!!

!!.. أو إنه معطوب..إما أنه مجنون:قال قائلمحمـد "، طردنا الفرنسيس وأهـديناها إلـى األلبـانى !! .. هذه هى المسألة ..هذه هى المسألة : فقال الرجل

: ثم قلنا اآلن .. االنجليز وهزمناهم شر هزيمة فى رشيد وكفر الدوار ؛ فثبتنا عليه ملكه ثم طردنا عنها .."علىأم أننا مكتـوب علينـا أال ..أليس فى البر رجال يعقلون ".. توفيق"، وسلمناها إلى الخائن " مصر للمصريين "

!!؟..نفقه حديثا وأنت ؛ كما عرفنا ..ألمر كما كان ينبغى لك أن تعقله ليس ألحد منا أن يعقل ا ..أيها السيد النديم :فقال أحدهم

..؛ كنت أقرب الناس إلى العرابى :وقال بعد سكوت طويل، فنفخ الرجل من صدره

وقـد هـزم بعضـنا ، ولـم نهـزم ..لكن ال تنسوا أن بداية الفرج ؛ التمييز بين الحق والباطل ..نعم..ـ نعم .. وأنا واحد من الذين لم يهزموا بعد الخسارة..معركة وما خسرناه ..فالحرب قائمة..كلنا

!!؟..أنت إذن لن تسلم نفسك ، وستحارب: سأله أحدهم ..لن أسلم نفسى ، وليجتهد العدو فى مطاردتى: قال

..إذن لن تحارب: فسأله صاحب الصوت ..بل إن أول الحرب استنهاض الهمم: قال

• وأنذر ..ي بدأت الحكومة تنشط في طلب العاصين ؛ كما أطلقت عليهم لم تنقض أيام حت : وقالت بديعة الجمال

:فاستفهم المخبر ، فقال له أبي..فدعاه أبي إلي المعروف..المخبر أبي ..ـ سأسلم لهم نفسي بشرط أن أترك لك رعاية أهلي وضيفي

؟..ومن يعلم بأمر ضيفك: فكر المخبر ساعة ، ثم سأل ..نت تعرفهموأ..المخلصون من الرجال: قال أبي

!فإذا مات؟: سأل المخبرأما إذا نجا ..وال تدخلوا عليه أحدا ..فهؤالء غرباء ال يعرفهم أحد ..تدفنونه كواحد من الماشين في الزمان : قال

..؛ فعاهدني علي أال تعمل معه إال ما فيه المصلحةوقد قضـينا ..وبيننا عيش وملح..أنت ؛ يا صاحبي ؛ سيد همام من السادات : فعاهده المخبر علي ذلك ، وقال

.. فادع الحليم الستار..معا أياما وسنين كان بيننا فيها عمار ..واهللا حليم ستار..وتعرفني..أنت ابن ليل قديم: فقال أبي

..وأنتظر الطلب..وأعد أبي عدته :فقال لي أبي..وطالت فترات إفاقته..وفيما هو في انتظاره ؛ بدأت الحمي تزايل جدك

وإنني ألتعجب مـن أن بعـض الجـروح .. جبال قد طعن بهذا العدد من الطعنات ؛ النحل وانفرط ـ لو أن يتسارع اندمالها ، فاحرصى على النظافة ، وغيرى له كل يوم ، وال تدخلى عليه أحدا غير الخلصاء ؛ ممن

كم ، فاذكرى له أننى على فإن غبت عن .. فإذا تمت له اإلفاقة والتنبه ؛ فامنعى عنه أخبار ما يجرى .. تعرفين.. حتى إذا تمت له نعمة الشفاء ؛ تكشفى له كل ما وقع ، وتتركى له أن يختار ما يحب .. سفر، وأننى سأعود

..واهللا المستعان .. وكان هذا آخر ما أوصانى به أبى ، من وصاياه قبل أن يأتيه الطلب ، ويذهب

وبعد أن شرب ، نظر فى وجهى طـويال ، ..طلب له الماء وأما جدك ، فقد أفاق بعد ذهابه بيوم ، وكان أول :وشئ من أورام يحيط بوجنتيه ، وأنفه ، وتحت عينيه ، ثم قال

!؟..ـ من أنتسكت طويال ، ثم سأل عن أبى ، فلما ذكرت له أنه فى سفر لبعض ..وعرف..فلما أعلمته ، وحددت له مكانه

:ثم قال.. األعمال سكت ..ـ الملك هللا .. عينيه ونام وأغمض

.. لم ينزل اليوزباشى فى قوائم المطلـوبين مـن ضـباط الجـيش : فلما جاءنا المخبر فى ذلك الصباح قال ..ولن أبلغ عنه كجريح إال بعد اإلحاطة بما يجرى.. ومازلت لم أعرف قوائم الشهداء بعد

..أنت اتفقت مع أبى على حفظه حتى يعود : فقلت له !فماذا يكون العمل ؟..كانت المصلحة تقتضى التبليغوإن : فسألنى وسأل أمى

ثم يرى رأيـه فـى ..وإنى أرى المصلحة فى بقائه حتى يتم له الشفاء ..حفظ العهد قبل المصلحة : قالت أمى ..نفسه

قلبى يقول لـى إن هـذا الرجـل سـيعمل علـى تسـليمه إذا رأى خطـرا : وبعد أن غادرنا ؛ قلت ألمى ..يقوى على سفروهوكما ترين لن ..يتهدده

..فهيا ننقله إليه إذا أحسسنا الخطر..إن عندنا دهليزا يؤدى إلى خارج البلد: قالت أمى

• :إذ قال، لكن جدك قد أعفانا من المخاوف والمشقات : وقالت بديعة الجمال

مسافر من وأعلم أننى البد لى من المغادرة ، فإذا قدرت فإننى ..ـ إن من ذاق الموت ؛ لم يخش بعدها شئ ..عندكم إلى مصر المحروسة ؛ إن شاء اهللا

.. نخشى عليك من العدو: فقلت لهفكيـف أخشـى زوال الزائـل وأنـا متحصـن ..ال تخشى شيئا ؛ فإننى على يقين من أنها دنيا زائلة : قال

.. يا اهللا: قولى..بالباقى :فقلت ، فقال

!! ..، وأعلمى أننا فى حجابه نحتجب..!! ن السبحانـ قولى ؛ ياهو ؛ الذى هو ؛ ال يعلمه إال هو ، فسبحا :قلت له

..ـ علمنى :فقال لى

..فهذا حد األدب، ـ إنى غير مأذون لى بذلك ؛ إال من وليك •

، وإنى لم أر أجمل منه أخالقـا ..فمن ملك أهواءه صار سيدا ..كان جدك ملكا وال عجب :وقالت بديعة الجمال لكن أبى ما كان ..ال يغادرها بغير إذن، عاد أبى إلى الدار ، بعد أن حكموا عليه بأن يلزم الدار وقد..وال أكمل

ولما عاد ؛ كان يحيى قد شفيت جروحه ..ولم يفعل شيئا أمام الحكم إال أن ابتسم ..من هذا الصنف خائر العزم : ا المخبر فقالوجاءن..وكان كسر عظمة الساق قد بدأ فى االلتئام، أو كادت ، وحروقه ،

.. ـ اسم اليوزباشى قد نزل فى قوائم الموتى !!..الحمد هللا:فقال يحيى

..وتستطيع أن تعود إلى الخدمة..لكنك اآلن فى نعمة: وقال، فتعجب المخبر من ذلك ..من كنت أخدمه قد مات: فقال يحيى

ومـا هـى إال أعـوام ؛ وتصـير باشـا ..أنت اليوم يوزباشى : فعاد إلى الشرح قائال ..لم يفهم المخبر القول ..أميرآالى

!!..إننى اآلن ملك..ياسيدى: فقال يحيى ؛ وهو يرسل فى السقف النظرـ وأنـا بعـد : ثم قال ..من حال المبتدا إلى اللحظة التى يعيشها ..حكى لنا يحيى حكايته ، ولما غادرنا المخبر

وإذا كان شيخى مـازال طيبـا فإنـه والـد لـى .. وأفلح فأشترى أرضا ..تمام الشفاء عائد إلى نجع الصادق !!...واصطبر، أما إذا كان قد سافر السفر ؛ فإنى أقيم على عهده ..بالقلب

ـ أنت صرت : وقال له ، "يحيى"حسن فى عينه ، وفهم أنه سيخلف شيخه فى المشيخة ، فلما استفهم منه أبى ..ويصعب على فراقك..منى؛ بعد الصحبة والمعاشرة ؛ بعضا

..إذن فلى كلمة معك: فقال يحيى•

" أبى زيد " فقد طلب جدى النسب من ..وهذا ؛ مسك الختام ؛ فى يومنا هذا ؛ أيها الهمام : وقال يحيى الظريف ـ ، فعقد عليها على يد الشيخ األكبر للسجادة ، وحملها .. وتم لها وله المراد .."بديعة الجمال "فى ى وسـافر إل

ربهـا ؛ أن يـؤنس اهللا " بديعة الجمال "ورزقا البنات فالبنات ، حتى دعت ، فعاشا فى التبات والنبات ، النجع "...والدى "، وهذا هو " محمدا الفقير: " وجاء إلى الدنيا من سماه الشيخ يحيى.. فاستجاب اهللا..يحيى بولد

..أوشكت الشمس أن تغيب: وسكت يحيى ، ونهض قائال !!..أنا مازلت لم أعرفكو: قلت !! ؟.. فمن أدراك أننى سأعجبك.. فاصبر..هذا أول اللقاء:قال

!! ؟..إذن فالظريف ليس اسم والدك: سألته ..بل هو وصف لطيف ؛ أهداه أبى إلى اسمى: قال

• مـا ألننى نظرت إلى كـل ، مأخذ الجد ؛ منذ اليوم؛ لكننى لم أفعل " يحيى الظريف "كان ينبغى على أن آخذ

:قيمته المحسوسة عندى فى أمرين، ككالم حكائى مرسل ، قاله ؛ وما عرفته منه ..أنه صعيدى ؛ يتنفس مهارات وموهبة عريضة: األول ..أن نجع الصادق قريبة من األقصر: والثانى

أنطوى على وكنت ؛ فى تلك السن ؛ أعرف العالم بفوائده ألنى ؛ وإن كنت ..!!وكال األمرين كانت فيه فوائد ..موهبة تشكيلية قوية ؛ كنت أيضا شخصا ينحدر من نسل تجار

: ..

، وسـألته ..والموديالت، فيما عدا بعض العمال، ألى شخص فى الكلية " البورترية"يرفض رسم " يحيى"ظل

" البوترية"فقد كان رسم .. وتحيرنا ..كان يجيب بابتسامة لطيفة خاشعة ف، عن أسباب امتناعه ، كما سأله غيرى وثار فضولى بعد ما رأيته فى اللقـاء ..باب من األبواب المطروقة للتداخل والتعارف بيننا ، فى تبادل حميم

اضـرة وكنا فى أوائل الربيع ؛ خارجين بعـد مح .. حتى كان يوم ..بيننا من تجربة رسمه للدراويش األربعة سألته عن السبب .. والوقت ذروة الضحى ؛ واألشجار تتنفس عطور الحيوية المتدفقة ..صباحية فى تاريخ الفن

!!".. أيهن تكون صاحبة الشرف..البنات صرن يتراهن عليك: "محاوال إغراءه، الحقيقى المتناعه ؟..؛ بعالقة عاطفية" مريم"هل أنت مرتبط مع : فسألنى

كان ثمـة تـالزم .. ولم يخطر لى أن أسألها .. ولم أكن حتى اللحظة قد قطعت فى األمر ..شراكان السؤال مبا ألننا من نفس الحى ، وغالبا ؛ ما كنـت أرافقهـا ؛ فـى واالنصراف منها ،، بيننا فى الحضور إلى الكلية

وسـألت ..طة العـودة الصباح ؛ من العتبه إلى الزمالك ، أما فى االنصراف ؛ فغالبا ما كنت أفارقها لدى مح أنـا قلـت : " ووجدت نفسى أقول له .."بورتريه"نفسى عما إذا كانت هى المرشحة من يحيى ؛ كموديل ألول

..".فهذه لم يشغلها األمر!! ولم أقل كل البنات ، البنات ..أنت لم تجب سؤالى: قال

!!..يمكنك أن تقول ذلك: قلت ؛ متعمدا الغموض والتمويه !؟.. ، هل هى مرتبطة معك!؟..وهى: سأل ..يمكنك ؛ أن ترجح ذلك: قلت ؟..فلماذا يتردد بين الزمالء ما يؤكد ارتباطكما فى عالقة: سأل !!..ما يشاء..فليقل من يشاء: قلت قلـت .. وكان ال مهرب له من وصولى إلى آخره .. وأحسست أننى التقطت طرف خيط .. ومشينا معا ..سكت !!..النا دهر لم نجلس مع: له

!ألم تعرف مسكنى ؟: سأل .. لكن الطريق إليه عسير..ـ عرفته

هـل يمكـن أن ..ال بأس : انطلى عليه تظاهرى ؛ أو هكذا ظننت ؛ قال ..قلت ذلك متظاهرا بضعف ليس فى ؟..وهل يمكنك التنبه إلى معالم الطريق. .نذهب اآلن

: قبل قلت ؛ وأنا أحاول التخلص من أى التزام م..تأبطت ذراعه

..، ال أعتقد أننى سأعرف الطريق أبدا! ؟..ـ وهل فى المقابر معالم :قال بصوت عميق أخاذ

"...التوهان " وحينذاك ؛ لن تتوقع .. ربما تضطر إلى وضع معالم خاصة بك..ـ ومن أدراك• واحدا مـن كان .. تبادال الترحيب بحرارة ، بصعوبة ؛ تذكرته ..فى الحوش ؛ وجدت رجال فى انتظار يحيى

غيـر مـن ، وتهلـل ، ومالمحه سرى فيها بشـر .. تغير مظهره ، لحيته صارت أقصر ..الدراويش األربعة ولكنه شـخص ..إنه نفس الرجل.. وهالنى التغير الذى يطالعنى، عاودتنى انطباعات اللقاء األول معه ..تأثيرها : دوق كرتونى مستطيلوقال ليحيى ؛ وهو يشير إلى صن، فقد تبادل معى التحية .. آخر

..ـ الشغل جاهز ..وأنا جاهز: قال مرحبا..أضاءت قسمات يحيى بفرح

سأل الرجل عما يحب أن يشربه ..وإدخاله إلى مرسمه ، وأسرع يعاون الرجل فى حمل الصندوق ، فتح الباب ..أنا سأعمل القهوة: قال الرجل،

وكنت أمتلـئ ..شكرته بأدب، ال أجد فى نفسى غراما بطعم البن وكنت ؛ آنذاك ؛ ..سألنى الرجل عن قهوتى إن ، فقد انتابنى إحساس مبهم بأننى سأجد فيه بعض أسباب تغير هذا الرجل .."الشغل"بفضول إلى معرفة هذا

!!..لم تكن كلها ..ونشرها فـى كـل مكـان ، وأخرج قطعا ؛ من مقاسات صغيرة ؛ من السجاد اليدوى ..فتح يحيى الصندوق

..!!ووقفت ؛ مأخوذا بما أرى !! ..اهللا ينور يا عم عبده: انتبهت من غيابى على صوت يحيى ؛ يقول للرجل

..ـ وعليك يا باشمهندس ..كل واحد شغله واضح: قال يحيى ؛ وهو ينقل البصر بين قطع السجاد

..تعبناك معنا يا باشمهندس: على كالم يحيى ، ثم قال" عم عبده"أمن .. ثانيا ؛ هذا شغلكم وهو ما شـاء اهللا ..أوال ؛ أنا بالكثير مساعد أسطى : حيى ؛ مبتسما ابتسامته اللطيفة قال ي

ودعواتكم ..سأزوركم ؛ ألشرب الشاى ، ورابعا ؛ أنا بعد أن ينصلح لكم الحال ..ثالثا ؛ المشوار مازال طويال !!..يا أهل اهللا

واقعية ، على تجريدية ، : لكن هذه أساليب ومدارس متباينة : لم نفسى بينما هذا الحديث يدور؛ قلت ؛ وكأنما أك !! ..مع سريالية..مع تعبيرية

..إجمع شغل كل واحد لوحده: وقال لعم عبده..لم يولنى يحيى التفاتاف كي: " إذ بزغ السؤال .. فتحيرت ..ولما أتم الرجل ذلك ، وجدت أن لكل واحد منهم أسلوبه المتميز عن اآلخر

ومـا : ؛ الذى رأيته واقعيا" عم عبده" وسألت ..!"وكيف يعملون معا ؟: "، ثم تاله سؤال " اتفق لكل منهم ذلك ؟ ؟..رأيك فى بقية الشغل

"..كل ميسر لما خلق له "يا باشمهندس : فتبسم قائال

.صلى اهللا عليك وسلم ؛ يا حبيبى ؛ يا رسول اهللا : ووجه عينيه إلى فضاء المرسم وقال !!..إنها وظائف العقل ؛ تعمل: قال يحيى لى

!أين كنا ؟: وقبل أن استوضحها ؛ سأل عم عبده..كانت عبارته غامضة ..كنا فى الندم على ما فات: قال عم عبده !وما الرجاء ؛ يا عم عبده ؟: سأله يحيى

..أن نصنع ما هو آت ؛ بتوفيق التوكل على اهللا: قال ! ؟وكيف حال العيال: سأل يحيى

..فرحوا ؛ واهللا ؛ بعودتى إلى البيت: أجاب عم عبده !؟..والميراث: سأله يحيىثم ..وإن شاء اهللا ؛ يذهب كل واحد إلى حاله ..أديره بنفسى ؛ وأحسن إليهم ..أعدت كل شئ إلى يدى : قال الرجل

..يجتمع الشمل ؛ بمشيئة اهللا ..ى الكليةزميلى ف..األستاذ عبد اهللا: فقال يحيى ؛ يقدمنى إليه

: ثم سألنى عن رأيى قائال .. فمحضنى التحية بتأدب .. وجدنى خفيفا فى الميزان ..وزننى الرجل بنظرة خاطفة سلمت .. وأنا زهقت..العيال كبروا.. أول شغلة اشتغلتها.. وكنت أحب النسيج..؛ صاحب مجيرة أنا كنت تاجرا

احد مهندس ، وواحد محامى ، وواحـد دكتـور، وواحـد العيال و ..ومشيت فى سبيل اهللا ، كل واحد ميراثه ربنـا ..المهـم ..ودخل الخراب !! .. أخذوا الميراث ؛ من هنا ؛ واشتغل الدود من هنا ..مدرس ، وثالث واليا ؟..لم تقل لى ما رأيك فى الشغل..المهم..يكرمه الباشمهندس

..اهللا ينور : قلت !!". .. وتشوفوا على مهلكم.. أنا أستأذن..طيب: " معتذرا، ونظر إلى يحيى ؛ وقال ؛!!" ..وعليك: "قال

.. سأنتظرك يا عم عبده..بعد المغرب: قال يحيى•

!!..رجل حساس: قال يحيى ؛ عقب انصراف عم عبده !! لكن هناك شئ يحيرنى ..فنان: قلت

ت فى إبداعك تنتمى إلـى ، وأراك توافق عليها ؛ بينما أن !! ..هذه األساليب المتنوعة : استطردت ..لم يسألنى .الواقعية

، والشعور، لكن ؛ أال توافقنى على أن التفكير ..لم أكن أريد الخوض فى ذلك : قال ؛ وقد اكتسى وجهة بجدية !؟..هى وظائف لعقل اإلنسان، واإلحساس ، والبصيرة .. إنه يشبه أن يكون سمك لبن تمر هندى..هذا ال يستقيم: قلت متعجال !!. ..لكن ؛ ربما يكون كالمك صحيحا: ثم استدركت

..أن يتعلم الواحد منا إنسانيته هو األمر الصعب: فقال ؛ دون مباالة بنزوعى إلى الجدل !من أنت يا يحيى ؟: قلت ؛ مراوغا

ومن جهتى لسـت ..وتعشق الذكاء ..أنت تغرس مالمسك فى اللحم : قال محذرا ؛ وهو يضحك ضحكة صغيرة !!.. فقد يتورط..ن يعرف الواحد منا موضوع عشقه جيداإنما أفضل أ، متضررا

كيف تتحمل أن تنام مـلء جفنيـك : وأنا أسأل نفسى ، طوال شهور؛ منذ لقائنا هنا : قلت معاندا ، ومتجاهال ؟..وسط المقابر، وغرس فى عقلى شجرة الحيـاة ..ألن أبى قد علمنى أن الموت هو الحقيقة المؤكدة فى الحياة : قال مبتسما

ومـا ، فهى موجودة ؛ وجود الشـمس .. وكانت وصيته دائما أن أتعامل مع الحقائق الكبرى ..ولقننى رعايتها ..على إال التعرف

..هو أستاذك األول إذن: قلت..بادلته ابتسامة ودودة مشجعة !!.. نعم..يرحمه اهللا: قال ؛ وقسماته قد أضاءت بشجن

!!..يا بختك: قلت !!..أنت تحبه: لت ق..نظر مستفهما

: قلت..والسؤال يكاد أن يقفز من داخله، اعتراه حياء ؛ وهو ينظر فى عينى مدققا أنا مثال ؛ أعانى من عـداء أبـى .. فهم يفشلون غالبا فى التسليم بالتغير واختالف األجيال ..ـ اآلباء مشكلة

!!.. بل ولى شخصيا..للفن !!..البد أنه كان أبا عذبا! ؟..كان أبوكفمن : وقبل أن يفلت من استدراجى إياه قلت

• وتنظيف ، انخرط فى عملية إعادة ترتيب لبعض أشيائه ..غير مالبسه بمالبس عمل ..انصرف عنى إلى الداخل

اكتشـفت ، والتنظيـف ، اشتركنا فى الترتيـب ..أسرعت عارضا المعاونة ، لم يعترض ..أركان فى مسكنه وأوراق بردى ؛ زعم أنـه قـد صـنعها ..لوان نباتية ؛ استخلصها بنفسه وأ..خامات لم أتعرف عليها من قبل

..أنا أحاول استخالص خامات من البيئة : قال متحمسا بمشاركتى..يدويا ..!! نحن فى القرن العشرين: قلت . ومدد ما أحاول عمله على بقية جوانب الحياة..بل قل ؛ ألننا فى القرن العشرين: فقال !!.. يا سيد نحن فى عصر التكنولوجيا..عبد وال تربيتهشراء ال: قلت

.. لكن مهما كثرت ؛ فإنها لن تكفى لشراء ماتحتاج إليه من عبيد..أنت رجل فلوسك كثيرة: قال ؛ مبتسما !وهل يملك الفنان وقتا لكل هذا ؟: سألت

!ومن قال لك إننى أدعى هذا الشرف ؟: قال ضاحكا ..أنت تسخر منا: قلتوالخشب ؛ وكانت خاماتهم من البيئة ، فهل تعرفنا نحـن علـى ..أجدادنا قد رسموا على األحجار : بجديةقال !؟..البيئة أو يقبل منك لوحة ال يعرف خاماتها ؟..ومن ذا الذى سيناصرك؟: سألت !!؟..هل هى تنزيل من لدن عزيز حكيم..!فلماذا تخضع لها ؟..أنت تعمل طبقا لمواصفات قياسية: قال

.. ؛ فى فمه ؛ طعم عداونى" المواصفات القياسية" وكان لتعبير ..لم أفهم بالضبط ما يعنيه ..لكن بدايتها هو البحث..الحكاية ؛ على أية حال ؛ طويلة: قال

• لكانت الحياة قد اتخذت ، ولو أننى كنت ـ آنذاك ـ حر العقل ..ولم يكن مقنعا..والبحث..كانت دعوة إلى الشك

وتوهمى معرفة العالم ؛ قـد أغرتنـى ..وفى البداهات المقررة ، لكن ثقتى فى الكلمة المطبوعة ..مسارا آخر فقد تردد ؛ فى تفكيرى عدة تصنيفات له ، وكنت فـى ..أعمق فأعمق " يحيى"وبالتوغل فى ..بالتمسك بما أعلم

وأن فكرتى عنه شـئ ،ولم أكن أعلم ؛ فى تلك السن ؛ أن الواقع شئ ..حاجة إلى إدراجه تحت تصنيف منها .. وأن يقين المرء منا ؛ يبدأ من فكرته عن نفسه أوال..وقد يكونان متعارضين تماما، آخر

• والعاقل ال ينبغـى لـه أن ..أنت تثير دهشتى ؛ وحيرتى معا ..بينى وبينك : ونحن جالسين حول الشاى ؛ قلت

!!..يصاحب لغزانجـع "؛ الذى صار شـيخا للرفاعيـة فـى " محمد الفقير "نا ابن فأ ..الحكاية أبسط من ذلك ؛ يا عبد اهللا : قال

يا يحيـى ؛ ال : والذى قال لى ؛ حين رآنى أقرأ كتاب الرافعى عن الثورة العرابية ..؛ بعد موت أبيه " الصادق بل كون لك معرفتك الخاصة مستعينا ؛ ومسترشـدا ؛ بـالواقع .تجعل هذه الكتب مراجعك فى معرفة التاريخ

..واسأل قلوب الناس..ةالذى تعيش !!.. وتاريخها فى العصر الحديث مفتعل..تاريخ مصر مازال سرا مغلقا: فلما سألته عن ذلك ؛ قال

؟..وماذا كانت ثقافة أبيك ؛ حتى يحكم هذا الحكم: سألت يحيىأمك هذه ابنـة : "ى وهو يعلمنى طرفا من أخبار النساء قال ل .. لم تدون فى كتب بعد ..كانت ثقافة خاصة : قال

، وكنت ؛ آنذاك ؛ بصحبة أبـى ، التقيت به وبها فى موالد سيدى إبراهيم ..شيخ رفاعى ؛ من نواحى دسوق ، وميال منهـا إلـى ، وقد آنست فى قلبى ميال إليها ، وتحبه ، وتقوم عليه بالبر والعناية ، رأيتها تالزم أباها

نعم ؛ إنى أقبـل أن : "، فلما أبلغنى بذلك ؛ قلت له !!" .. أسئلة وشروطا إن لى : "فلما خطبتها من أبيها قالت له إن حواء قد أخرجت ..يا فالن : "، فلما تواجها ؛ قالت له !!" .. واهللا يفعل ما يشاء ..وتبرز لى شروطها ، تسألنى

فمـا ..ن تعيده إليها يمكنها أ ..من عرفت كيف تخرج آدم من الجنة : "، قال لها ! " فما قولك ؟ ..آدم من الجنة فكانوا كلما رأوا ظالال على جـدار ، مغللين بأغالل ، إنى رأيت قوما قد ولدوا فى كهف : "، قالت ! " قولك ؟

ونفك أغاللهم ، ندخل عليهم كهفهم : "، قال ! " فما قولك ؟ ..الكهف تلقيها الشمس ؛ تحدثوا عنها حديث الحقيقة وقد رأيت إمرأة : "، قالت ! " فما قولك؟ .. فيميزوا الحقائق ؛ من ظاللها ..ويعلموا، ونأخذ بأيديهم ؛ ليخرجوا ،

إن لكل حالال ال : "، قال !" تخاصم زوجة ابنها ؛ على ابنها ؛ فيسعى االبن إلى قسم نفسه بينهما ، فما قولك ؟ لكة قد اتفقا على أن يجعال مملكتيهمـا وقد رأيت ملكا وم: "، قالت!" فما قولك ؟.. وحراما ال يزواجه ..يجاوزه

: قالـت " ،.." والجروح قصـاص ، األمر شورى : "، قال! " فمن الذى يحكم منهما المملكة ؟، مملكة واحدة إن فتحت أبواب الفرح ؛ أفتح لك أبواب : "قال" ..إنى أردت لكل من ذريتى أن يكون من صلب الليالى العظام "

: ، سألت " ..ونبذل من مالنا الحالل ..ونمد األسمطة للعانى والغريب ، ونضئ القناديل ، فنطلق الحبوس ..الفرح

لو : "قال!!" .لكن الهوى نصب ، إنى إليك راغبة : "، قالت " ..فك رقبة : "، أجاب " ؟ ..فماذا يكون اقتحام العقبة "فى أخف ؛ فنبـيض معـا وإن تخا !! ..علم الحى أن فراشه وغطاءه الموت ؛ لصارت أغانيه مكرسة للجسارة

بل : "، قال !" إن أمى تركت أبى وديعة عندى ، فهل تحملنى ، أم أحمله ؟ : "، قالت !!" ..بيضة فاسدة ؛ مفسدة "...وإنى إذن أحملك ، وودائعك ، يا وجه الخير: "، قالت!!" ..أحملك ، وودائعك

• فلماذا نضيع العمـر فـى ، رقاب العباد وجوهر األمر ؛ يا صاحبى ؛ أن الموت على : وقال يحيى الظريف

.. وزرع فى دارنا بذرة الشفاء..، هذا ما استخلصه أبى ، فظفر بحياة سعيدة!! ؟..المماحكات ..إن كان هذا هو أبوك ؛ وهذه هى أمك ؛ فال عجب أن تعيش أنت فى القرافة: قلت ليحيى

!! ..وحققاها معا..د صنعا أحالما إنهما أيضا ق..بل أنت لم تعرف بعد أيا منهما: قال لى !؟.. وكيف كان ذلك: سألته

!!..فإن حملتنى ؛ فاحملنى على النجائب العوالى: قالت أمى ألبى: قال يحيى ..لك على ذلك: فضحك أبى ؛ قائال

المسـماة وعادا بها إلى بلـدتها ؛ ..فاشتريا أربعة من النوق ، ثم إنه نزل ؛ مع أبيه ؛ سوق الجمال فى امبابه وحملـوا .. وأقاموا للعروس هودجا من سندس أخضر؛ بشرائط من كل األلوان ..فعقدوا العقد ، " غرور الطايل "

واسـتغرقوا فـى ..؛ قبلى " نجع الصادق "إلى ، ؛ بحرى " غرور الطايل "وسافروا معا ؛ من ..الزاد ؛ والزواد .. وكان العريس يستكشف األرض .. نفسها للجلوة كانت خاللها العروس تعد ..الطريق ثالثة أشهر وعشرة أيام

..ويرتوى بمتعة التعرف ؟" نجع الصادق"هل تعنى أنه لم يدخل عليها إال فى : سألت يحيى ؛ وقد أخذتنى دهشة

إنهن نسـوة كـن يعـرفن صـناعة : ألول مرة منذ عرفته ، قال يحيى ؛ وهو يضحك ضحكة قوية منتشية !!..أفراحهن

!ماذا تعنى؟: فتخايل خيالى ؛ وتستثيرنى، مه تقبل على من أزمنة عتيقة سألته ؛ وصورة ألفصار لها فى كـل ، كان أبناء الرفاعى فى استقبالهم ، على طول الطريق ؛ من بلدتها إلى بلدته : قال منتشيا

!!..فتأمل.. وكان السفر من فرح إلى فرح..توقف عن السفر فرح !!..رأة ماكرةام: قلت ؛ كأنما أكلم نفسى

والحميـر، وترعـى ، والخيل، فهى تجيد ركوب الجمال .. بل األحرى أن تقول إنها امرأة طبيعية ..ال: فقالولـم تخـص ذكـرا .. لم تفصل الذكرعن األنثـى .. وتقيم له طقوس أفراحه .. وتشرف على تلقيحه ..حيوانها وتعـرف ..عرف أمـراض الحيـوان ؛ وتداويـه وهى ت..وترى فيه ظلما فادحا، كانت تحرم ذلك ..لتسمينه

..من الحلبة والترمس ؛ إلى األفيون البلدى: والنباتات المداوية، األعشاب ؟..هل رسمتها: سألته فقد رضيت أن تجلس لى ألرسمها بشـرط ؛ أال يطلـع ..نعم ؛ لكن ليس عندى مما رسمت عمال واحدا : قال

..فأودعته خزانة عندها تحتوى على ذكرياتها الحميمة، فتركت لها كل ذلك ..على ما أرسمه أحد

؟..هل تستطيع رسمها من ذاكرتك: سألته !!.."مريم"إن أقرب البنات شبها بمالمحها ؛ صاحبتك : فكر قليال ، ثم قال

..احيتهمتوقعا أننى سألقاه داخال إلى من ن ، فدخلت من ناحيتى أستطلع يحيى ..لما قال ذلك ؛ وقع بيننا سكوت ..إنها إذن ؛ امـرأة جميلـة الصـورة : فقلت ..فلم أصادفه ، وكنت قد جست فى مسافة السكوت حتى آخرها

.. مشرقة البشرة.. عريضة العظام ؛ حلوة اللون..طويلة القامة !!.. وكفها مباركة..وذات ضفائر سخية: قال

وتقرص فضالت الجاموس ، وتخـض ..دواجنوإنك إذا تزوجتها تجعلها تربى ال : قلت ؛ بغير حذر أو كياسة !!.. و..اللبن

..!!هذه التصورات مما درج عليه أبناء المدن ؛ الذين لم يعرفوا الفالحين: قاطعنى ؛ وهو يبتسمأنـا ال : وأن يحيى يستطيع ؛ لو تقدم خطوة أخرى ؛ أن يسحقنى ، تراجعـت قـائال ، لمحت أننى فى خطر

..أعنى لكن يبدو أن الكالم ينحـرف .. شيئا عن الفن ، وعن وشائجك مع الحياة .. أحاول أن أفهمك شيئا أنا: قاطعنى

..منا إلى اتجاه ؛ ال يعنينى منه ؛ ما يعنيك، " مريم" واكتشفت ؛ فى تلك اللحظة؛ ألول مرة؛ أننى أريد .. تعثرت الكلمات فى قلبى ..هممت أن أقول شيئا

كما كنت أصغر من أن أعـرف ..وكنت أصغر من معرفة معادن البشر ، لغيرة فقد كان ما يلسعنى هو نار ا ..!!المحبة

..أنعم اهللا عليـك ، وأغـدق ..أنت موهوب : فقد قال ؛ بصوت كالهمس .. وتلطف ..رحمنى يحيى مرة أخرى !!.. فحاول أال تضيع فرصتك..والموهبة ؛ فى هذا الزمان ؛ فرصة للعتق من رق ؛ تحيط بنا شبكته

..يبدو لى أننى أحبها: قلت: فقال ؛ بنفس الصوت.. وكنت أظن أنها حاضرة بيننا ؛ كجنى ؛ اشتركنا فى تحضيره .."مريم"لم أذكر له اسم

.. فهو عندى ؛ فعل يشبه غمس اليد فى لحم الروح ..فى الكلية " البورتريه" ولهذا قررت أال أرسم ..خمنت ذلك ..تى ال أتعاكس مع نفسىشئ ال ينبغى على فعله ؛ ح

..أنا آسف: وجدت نفسى أقول هديـة مـن ..عندى حليب عنز : كررت أسفى ، فقال ..فرأيت حزنه وشاحا يحيط به ، قام ..أشار بكفه مهونا

..واحد من دراويش العارض ..أنا لم أتذوقه فى حياتى: قلت ؛ محاوال استرداده

.. هذه أول مرة أشربه منذ سنتين..أبىوأنا دوامت على شربه ؛ حتى مات : قال ..نشرب معا: قلت مترددا

• ؟..هل لديك ثالجة هنا: فسألته..فوجدته مثلجا، ولمسته بشفتى ..فوجئت بالحليب باردا فى الكوب

.. استطعت تعديل ثالجة ؛ لتناسب أغراضى..نعم: قال

..أريد أن أراها..لمرة السابقةأنا لم أر ثالجة عندك فى ا: على الفور ؛ قلت ؛ وأنا أقوم ..كانت عندى فى المرة السابقة ؛ لكنك لم تلحظها: قام هو أيضا ؛ وهو يقول

مبطن بالبالستيك األبيض ، قد قسمت إلى أربعة أقسام مسـتطيلة ، ، ورأيت الثالجة مستطيال أفقيا من خشب صارت ؛ بهـذا التعـديل ؛ ..ا عشرة أقدام كانت ثالجة إيديال سعته : وقال يحيى ..مغلق كل منها بباب خشبى

وهـذا .. هذا الباب فيه الفريزر؛ وتحته رف فيه فراغ كاف أنقل إليه األشياء المجمـدة ..مناسبة جدا كما ترى لكنهـا كلهـا .. لقد فصلت ؛ بالرف نفسه ؛ كل فـراغ عـن اآلخـر ..الباب يستفيد من البرودة المجاورة له

لكنى زدت .. التبريد يكون فى هذه الحالة متوازنا ..ب والبالستيك ؛ من الخلف مررتها ؛ من بين الخش ..متصلة المحرك هو نفسه ، لكننى وضعته فى الوسط ، وعدلت .. أنظر من الخلف ..من سعة األنابيب فزاد حجم الغاز

..فى أوضاع األنابيب ، فصارت تتصل به من تفريعة باتجاهين !! ..هذا اختراع: هتفت بإعجاب حقيقى

وكمـا .. استغرق منى عمله شهرين .. إنه تعديل ، يمكن أن يكون مناسبا بحسابات معينة ..ليس اختراعا : قال ..ترى ؛ استبدلت أجزاء من الهيكل المعدنى بالخشب ، ونجحت فى إحكام إغالق األبواب ، بـنفس النظريـة

..لكن التكلفة تكون أعلى قليال ؟.. وكيف اكتسبت الخبرة فى التبريد..ومتى حصلت هذه المعرفة ؟: سألته

..الظاهر أنها قد أعجبتك: قال ؛ بعد أن أغلق الباب األخير للثالجة !! ..أنت لغز..أنا قلت لك: قلت ..أنا أحب طعم حليب العنز مثلجا: قال

• أتى ..له التقت عيوننا فلمحت أنه ينظر إلى داخ ..وقد استغرق فى نفسه ، جلس فى كرسيه يرشف الحليب بطيئا

فبادرنى قائال ؛ وقد عاوده وشاح حزن مـن نـوع ، هممت بتمزيق حجاب الصمت ..ولم يتكلم ، على كوبه :آخر

!!.. يجب أن ننفعل ؛ قبل فوات األوان..ـ المشكلة أنهم ينتجون العلم ، والتكنولوجيا ، بينما نحن نتلقى فقط : قلت..لم أفهم مقاصده ؛ على نحو ما أراد

..و .. والثورة مراحل بناء.. أنفسناـ نحن نبنى : قاطعنى

من بينها تلك األمراض الناتجة عن منهجه فـى محاربـة .. أسبابها كثيرة ..ـالغرب مريض بأمراض وبائية ، لو أننا أنجزنا منهجا عاما لمكافحة األلم بالرحمة .. وقد أصيبت بعض الصفوة منا ؛ فى النخاع ..األلم باللذة

!!.. المطلوبسننفعل االنفعال : ثم قال..سكت لحظة وأطرق

نجحت فى تعديل ثالجة ال تتفق والمواصفات القياسية ، ولن يـرى هـذا ..ـ أنا مجرد شخص واحد ينفعل ، نحن نحتاج إلـى انفعـال عـام .. إنما أنا أسوق مثاال واحدا .. ولست أسعى إلى ذلك ..التعديل نور التصنيع

.. نكرر المواصفات القياسية لغيرنا ؛ إنما ننتج بمواصـفات مصـرية بحيث ال ، ومنظم ، وعميق ، وشامل !!.. فإننا لن ننجو..وإال

ولم يكن همى موجهـا .. ونقيم مجتمعا حديثا ..ضقت باتجاه الحديث ، ففى أعماقى ؛ كنت مؤمنا بأننا سننجح قلـت ؛ .. شابا صعيديا فريـدا فهو مازال فى نظرى .. كان همى معرفة مكوناته ..إلى معرفة أفكاره وتعاليمه

:وأنا أبتسم ابتسامة اجتهدت فى شحنها باإلعجاب البرئ .. المهم أن تساعدنى على فض األختام عن لغزك..ـ ليس هذا هو المهم اآلن

:فقال وهو يتأملنى مليا !!..ربما كان األمر الصحيح هو ذاك ؛ ـ نعم

• :قال يحيى

أما عند أبى ؛ فكانت تنظيف الحواس ، وصقلها .. ، القائم على التراحم ـ البداية ؛ عند جدى ؛ كانت التعاون حتى أساعد نفسى فى معرفة مـا ينطـوى عليـة ، ثم توضيح وظائف العقل ..حتى تعمل بطاقاتها الحقيقية ،

.؟..فبم تحب أن نبدأ، هيكلى ..ريد كيف حصلت هذه المعرفة فى التب..أردت أوال اإلجابة عن سؤالى: قلت

..لو صبر القاتل على القتيل: فابتسم قائال؛ ولم أدرك ـ آنذاك ـ أنه فى هذا المثل ؛ لم يتجاوز ما حدث بعد ذلك بالفعل فلم أكن أظن أن مـا ضحكت

وكل من خان موهبته ؛ أو تعرضت موهبته .. فأنصاف الموهوبين يقتلون الموهوبين ..قد وقع ؛ يمكن أن يقع : قلت.. أما أنا فقد كنت قوى الموهبة بشهاداته المتكررة..الرتكاب نفس اإلثم العظيمإلجهاض ؛ مرشح

!!..ـ أنا صابر : قال ؛ مبتسما ابتسامة تواضع أصيل

..ـ والصبر مفتاح الفرج :، فسألت يحيى" ..عم عبده "فجأة تذكرت

ـ وهل علمت الدارويش األربعة حرفة النسيج ؟ :قال

.. مثل عم عبده..ثم اتجهوا إلى التجارة، فقد كانت حرفتهم األصلية ـ لم أعلمهم ؛ ..!!البد أنك قد علمتهم..ـ لكن يبدو أنك علمتهم

:قالال أحاول فرض شئ ..وأحاول تطويرها ؛ حسب قيمها الكامنة فى عمل كل منهم .. ـ إنى فقط أرشد خبراتهم

..!!وما على سوى اإلعالن عنه..!! رنى بما يريدهوما أراه يخب.. أنا أرى.. فليس عندى شئ.. من عندى : فسألنى.. اقترحت أن ننظر معا فى أعمالهم

ـ هل مارست النسيج ؟

.. ـ ال :قال، وتوقعت أن يقول يحيى ما قاله ، قلت ذلك

.. ـ إذن فلن يكون مفيدا أى كالم ـ لماذا ؟

:فقال..ولم يكن من حقى السؤال..سألت، واقع له شروط أولية؛ تفرضها الخامـة ..هو واقع ينتج أفكارا ، أعنى السجاد الذى رأيته ـ هذه األعمال ؛ وأرى أنك سـتنظر إليـه مـن ، يفرضها بتجسده عمال من أعمال الفن ، وشروط أخرى ، والتعامالت معها

!!؟..فكيف ستحكم.. وأنت قلت إنك لم تمارس..خالل خبرتك :ثم اقترح

.. على األقلـ دعنا من ذلك ، اآلن ؛ ..!!تدفعنى إلى إرغامه، وفى داخلى ؛ كانت تستعر رغبة غامضة .. وافقته

• ؟ ..قلنا لو صبر القاتل على القتيل: قال يحيى

.. لمات: قلت :قال ..!!وفى التفاهم حياة ألولى األلباب..فقد يتفاهمان..ما وقع قتل أصال..ـ ال

:ثم قال مبتسما، وسكت لحظة سمها ما شئت من أسماء ، وقد كان ..أو خرافة ..أو حكاية ..البد أن ثمة أسطورة ، والوالد ، الجد ـ قبل بداية

صليت على النبـى : "أمى قالت "..نجع الحبلى : "صار اسم النجع ، وبعد أن فاحت فى النواحى روائحها ..ذلكاجتمعت جـدتك ، " نجع الصادق "والى ولما وصلت النجائب الع : قالت.." عليه الصالة والسالم : "، أنا قلت !" ؟

تبـارك اهللا : "قال أبوك ، فلما وضعتها أنثى ، وحملت ، وقبلننى قبوال حسنا ..وفتحن أبواب الفرح ، وعماتك لقـد ..تبارك الـرزاق : "فلما وضعتها أنثى ؛ قال أبوك ، ثم حملت ، ، وأرضعتها عامين ..!!" أحسن الخالقين

وكنـا نعـيش فـى "..بدر البدور "وسمى الثانية " بديعة الجمال "، وسمى األولى .." شاء اهللا دخلت الجنة إن ، وجعال الليـل للحضـرة ..وكانا يقضيان النهار فى الغيطان ، " الحناش"، آخى جدك " الحمروش"فأبى ..هناء

بدأ توسيعها منـذ ذلـك ..يعمل فيها طول النهار ، وكان ألبيك ورشة ..وخدمة المريدين واألقران ، والمذاكرة وكانـت ..وحول نوافذه إلى أبواب ذات أعتـاب ..وصارت دارا ، كانت حجرة ..الحين ، وتزويدها باألدوات

فيخرج ، وتجبر الخارج منها على التوقف ..فيخطو داخال برجله اليمين ، األعتاب تجبر الداخل على التوقف ولمـا سـميت الـدار دار ..؛ كلما احتجت إلى أن أكلمه وكنت أدخل عنده ؛ وأخرج ..!! أيضا برجله اليمنى

ال : "ووقع فى روعى أنه قد سمى الدار باسمه فقلت "..دار الفقير "وقال إنها ، ونهانى عن ذلك .. ضحك..جحافأنا ال أستطيع الحصول على طبلية أو كرسى إال ، نحن فقراء إلى األسباب : "، فقال لى .." عجب فهى دارك

وأنت ترين فى ..وهو ال يستطيع تحويل الخشب إلى كرسى إال باألدوات ؛ فهى أسباب ..فهو سبب ..النجارمن ..!!"وأنا لست لهم إال سبب..والخواصين، والنساجين ، والفخرانية ، والحدادين ، الدار النجارين

• !وماذا كان عمل أبيك ؟: سألت يحيى

" دار الفقير "وقد سألته عن ..ليزية ، وحدد ما يريد عمله فى الدنيا أبى خريج مدرسة للصنائع ، أجاد اإلنج : قال

وقـد ..وكل ما يحتاجونه يصنعونه بأيديهم ، الناس تعيش : "فقال لى ، وتربيت وسط الحرف ، التى عشت فيها وكـل مـن يحتـاج ؛ ..أو نطور معا أدواتهم ، فيتعلموا استخدام أدوات جديدة ..رأيت أن أنقل إليهم المدرسة

علمت أنه كان قد رصد زكاة كل أرضنا على ذمة اإلنفـاق ، ، وحين كبرت .." ويجرب بنفسه ، فيسأل ..أتىي، وصـنعوا ، حتى بعد أن تعلم فيها ناس احترفوا الحرف ، ، وظل الحال على ذلك .."دار الفقير "على

زكاة أموالهم وأنفسهم ؛ للصرف على فقد رتب عليهم أبى أن يعملوا صندوقا يضعون فيه ..وكسبوا، وباعوا ..!!". وتنظيف، وصيانة ، وشراب ، وطعام ، ووقود، من خامات " دار الفقير"ما تحتاجه ؟ ..وبعد موت أبيك: سألت يحيى

.. وجعله على رأس الدار وهو حـى ، ودربه ، وعلمه ، هو الذى نشأه ، قام على الدار خليفة له : قال يحيى .. رته سنة وبضعة أشهروعمل أبى تحت إم

فإن أبى كان يرى أن ما يعمله ليس غيـر جـزء ؛ أو ، وعلى أية حال ..أنت أخذتنا بعيدا : ثم سكت ، وقال فكثيرا ما كان ، والعمل ، مكانا للسمر " دار الفقير "وكان يريد أن تكون ..عنصر؛ فى عملية ضخمة هى الحياة

فيقترح واحد .. فيحول هذه المحاولة إلى هم للجماعة ، ثم يبادر ..ويترك محاولة تجسيده لصاحبه ..ينشط الخيال حتى إذا تجسد الخيال ؛ كان إنجـازا ..وهكذا..ويقترح آخر ..أو يتكلمون فى اقتراحه ، ويعمل باقتراحه ، منهم

وكثيرا مـا ..ويطلعهم على ما رسم ..ويرسم اآلالت ..وكان أبى يقرأ ..لعملية توفرت لها مصادر تغذية متنوعة ويعلم ؛ على نحو يشبه مـا يعملـه الفـالح فـى زراعـة ..أو ينصت إلى الحكايات ، كان يحكى الحكايات

فـى ، وينتقلون من حرفة إلى حرفـة .. وكان شديد االحتفال بالفتيان ؛ الذين كانوا يبدأون بالفرجة ..األرضويتـرك ..ى مالحظة للولـد أو للبنـت بل كان يبد ..لم يكن أبى يتركه لعبا حرا تماما ..لعب متصل بالخامات

وكانـت ، ولكل بنت ، حقا لكل ولد " بيت الفقير "وكان اللعب فى ..ويطلق المالحظات ..ثم يعود فيرى ..المكان .. أمى مسحورة بالنجع ؛ الذى تحول إلى أسرة واحدة كبيرة

إنـه ..ه المـرة مدببـة إن بطنك هـذ : "وحين قالت لها جدتى ..وحين انتفخ بطنها ؛ لم تالحظ ذلك على الفور فقد مرت ..، ولكن األمر لم يكن على نحو ما قالت .." وجاء كالحرامى ..إنه قد غافلنى : "، قالت أمى ..!!" ولد

ولـم ..ولم تضع أمى ..ومر الوقت الذى حددته جدتى ..وأعلنت جدتى اقتراب وضعها ..وظهر حملها . الشهور ..!! فطاوعتهن..وطلبن الكشف عليها..فتعجبت من ذلك جدتى وعماتى..تشك ألما

خذ : "واجتمعن على أبى بكلمة واحدة !!..ولماذا تأخر وقتها؟ ..تساءلن عما تحمل فى بطنها ، ولما أيقن بحملها إلى أفواه مـن النجـوع ، وانتقلت فى األفواه .. ، وشاعت الحكاية فى النجع .." فهذا حرام ..البنت إلى الطبيب

وصـحتها وصـحة .. الست حامل ..مبروك: "الدكتور قال لى : "وقال أبى ..سيوطوعادت أمى من أ ..والقرى: قال ؛ بعد أن عرف منا كـل الحكايـة " ومتى الوضع إن شاء اهللا؟ : "، ولما سألناه .. !!" الجنين على ما يرام

..".حين يشاء اهللا" ! " ؟.. أم كرامة ، هل هى عالمة : "وقالت ألمى..وحسبت جدتى المواقيت

..".وإننى ؛ يا أمى ؛ تحت حكم القضاء..كل حمل وله حمال: " لها أمىقالت ولـم ..لكن جملة كثيرة من األوهام جعلت نوم الليالى يعـادينى ، لم يكن حملى ثقيال : "أما أمى ؛ فقد قالت لى

خل ، ود .." وافرحى، فامتثلى ..ليس أحسن من اإلخالص ..يا حمامة : "يفرخ أوهامى غير أبيك ؛ الذى قال لى نجـع "، وقبل أن أضع حملى ؛ كان .." فأعلن أن صاحب البشارة سيكون له ما يطلب من حلوان ، دار الفقير ..!!".نجع الحبلى: "قد اشتهر باسم آخر ؛ هو" الصادق

• !وكم استغرق حملها ؟: سألت يحيى

؛ " الحمـروش "أن وفى األسبوع األخير من ميقاتهـا ؛ الحظـت ..قالت ؛ إنها أتمت ثمانية عشر شهرا : قالواحد يبدأ طوافه من الجهة الشـرقية إلـى الجهـة ..من بعد صالة العشاء ، ؛ يدوران حول الدار " الحناش"و

مشيا خـارجين .. فإذا أتم كل منهما سبعا .. ثم يتبادالن .. واآلخر يبدأ الطواف من بحرى إلى قبلى . الغربيةفيطول عليهما ، ثم يبكيان .. عوان ؛ ما شاء اهللا لهما الدعاء فيد.. من النجع إلى أطالل المعبد القديم فى الجبل

.. فيذهبان إلى المسجد، حتى يرفع الديك األذان األول ، البكاء .. وتناوبا الخدمة.. ووضعا إبريق القهوة.. وفى ليلة الوالدة ؛ اجتمعا فى الجهة الشرقية ؛ فأشعال نارا

..!!النساء واسعات الخيال: قلت ليحيى :فقلت..وسرحت عيناه فى الفضاء..كتفس

..!!.ولها حكاياتها ؛ التى إن صدقتها لودعت عقلى..ـ أما أمى ؛ فهى مؤمنة بأن الجن يقاسموننا الوجود، كاإلحساس ..، إنه تكوين افتراضى ، ونحن ال نعرفه إال من خالل وظائفه ! وما العقل ؟ : قال يحيى ؛ متأمال

!؟..ومن أدراك..صيرةوالب، والتفكير، والشعور !بماذا ؟: سألت مندهشا

..!! وولدت بعدى حية بيضاء، أمى قالت إنها ولدتنى : قال ؛ وهو يطلق من صدره زفرة !؟..ماذا: هتفت ..!!هى أخت لى..حية بيضاء: قال !؟..هل هى نكتة: سألته ..!!وتعيش معنا ؛ فى نفس الدار..مازالت موجودة: قال

!؟..مارأيك..!! فلتكن خرافة: وجنوحى إلى العدوان ؛ قال،ولما الحظ توترى فمن ذا الذى .. وفى قلوب أحبائها ، إنه على كل حال سرها ؛ الذى ثوى فى قلبها : وقبل أن أنبس بكلمة ؛ قال ..!!.يكون مستحقا لالطالع عليه

: ل يحيى، قا..!! تساءلت فى نفسى ؛ إن كانت هذه دعوة إلى التعقل ؛ أم أنه استدراج ..!!أوان تؤكد لنفسك أنها مجرد لحم ودم..ـ ليس أمامك إال الفرح بالعروس

..!!فليكن فرحا لوجه الفن: قلت قاطعا ؛ حازما فربمـا .. فمن شبابك ؛ يا أخى ؛ بحبيب يعطف عليـك ..بل لوجه اهللا ؛ بديع السموات واألرض : قال ناصحا

فكـل .. وتقبل أيها الموهوب .. أو تحقيق أحالم .. بتصديق أوهام ، وادع ربك ..!! يكون لك نصيب فى الحياة ..!!يوم ؛ وربك فى شأن

فماذا ..إن هذا الدرويش الصعيدى قد أطلق مياه الخديعة فى أساس حصنك ..أنظر: "حذرنى صوت من داخلى !".؟..سيبقى منك ؛ بعد أن تقع أسيرا

وتمـدد السـكوت .. ثم طـار مفارقـا ..واحتفل..قد حط كأنه رتل من الطيور .. وفى الخارج غردت طيور ، قلـت ؛ ..!! ، لوال أن تذكرت أننى الذى طلبتـه ؛ ألفـض سـره !!" ماذا تريد منى ؟ : "وكدت أسأله ..بيننا

:مشترطا عليه ؛ كأننى أحذره ..!!.ـ لوجه الفن

:فقال ؛ مبتسما ابتسامة حسبتها ـ آنذاك ـ ماكرة ..!!مادام السعى كدحا، ـ كل الطرق تؤدى إليه ويغـادره ..فتسـقط أرصـاده ، ودع الدرويش يخرج إليك فى الشمس ..ال تماحك : "فأهاب بى صوت داخلى

:، فقلت ليحيى ضاحكا..!!" سحره وألختك ؟، ، فكيف كانت تربية أمك لك ..!! ـ كأنها حقائق

:قال ؛ وقد اتخذ من تلك االبتسامة حجابا: وكانت جدتك ؛ كلما رأتنـى أرضـعكما ؛ تقـول ..ولها الثدى األيسر .. الثدى األيمن كان لك : ـ أمى قالت

: فاعترضت جدتك قائلـة ..وعرضن إرضاعكما .. ودرت، ، وحنت أثداء عماتك ..!!" سبحان خالق األكوان "أحـزان اإلخـوة فقد رأينا ؛ مـن ..، وكان عندها حق ..!!" ال تفعلن ، فمن ذا الذى يدرى ما يخبئه الزمان "

أو كل هذا يطلع منك ؛ يا : "سألنى مبتسما .. ولما رأى أبوك أختك ورآك .. واألخوات فى الرضاعة؛ ما يكفى فسماك بعـد استشـارة الجـدين ..!!" فامنح الولد اسما ، وامنح أخته اسما لها ..لقد طلع : "، قلت !!" ؟..حمامة

وفـى .. ولفكما فى قماط واحـد ، ع لفها على ذراعك األيمن وفى السبو "..حية الظريفة "وسمى أختك ، باسمك ؛ حضرة عظيمة ، سارت بذكرها " والحمروش" "الحناش"وبعد العشاء نصب .. الحفل شارك النساء والرجال

وقالت جدتك إنها رأت من شاركوا ؛ قد أقبلوا من كل الجهات ، وكانوا خلقا من خلق اهللا خليطا من .. الركبان ..!!انمأل األكو

• .. تلك هى أسطورة الميالد: ثم قال..سكت يحيى !؟..وماذا ستكون أسطورة الموت: فسألته مداعبا

.. وكل فرد ؛ من ذكر أو أنثى ؛ ال مفر له من تكوينها بجهده الخـاص .. أظن أنها شخصية جدا : فتبسم قائال ..!!لم نزل فى النهار..وأنا..أنت..رىوكما ت"..!! تتغنى فيك ألحان..لما بتمال الكون..وياليل جوك سكون"

!!؟..أتفهمنى ؛ يا عبد اهللا: ثم سألنى..وسكت•

:فقلت أستحثه، بدا لى أن السؤال إيذان بانتهاء الكالم ..!!أما عند أبيك فقد كانت تنظيف الحواس..ـ قلت لى إن البداية عند جدك كانت التعاون القائم على التراحم

:قال مستدركافوجـد ، فنظـر فـى األرض ، " نجع الصـادق "أما جدى ؛ فقد عاد إلى .. أن أطلعك على ذلك أحب..ـ نعم

أيهـا : "فقال ألهل الحضرة..ووجد األرض الخراب واسعة ممتدة، الخصيبة منها شريطا ضيقا على حد النيل كـان وكيـف : "، فلما سـألوه ..!!" وأجدها فى وجع..اإلخوان ؛ إنى أرانا مقصرين ، وأسمع وجيب األرض

إنى رأيت نفسى وقد اشتد بـى : "، قال ..!!" أخبرنا به ؛ فنعبره : "، قالوا .. " لقد رأيت حلما : "، أجابهم " ذلك؟فلما .. والنوافذ من البيوت ، ثم تالشت األبواب ، فوجدت األبواب مغلقة ، وكنت أدورعلى دورالنجع .. الجوع

فكانـت ، وبكيت من قرصة الجـوع .. ن الرحيم رحمته فدعوت الرحم .. درت حولها ؛ رأيتها جدرا صماء وتكورت على نفسى .. فسألت الرحمن الرحيم رحمته .. والشمس كانت لظى .. وقاظت األرض .. دموعى دمأ

فإذ بهما رجـل ، فنظرت ، فرأيت ظال قد سقط على .. وألقيت ذقنى على ركبتى ، وسلمت أمرى إليه .. يأساووضعا على األرض طبقا فيـه قطعـة ، وانحنيا ، فتراجعا مسافة .. الرجل والمرأة أبهى ما يكون .. وأمرأة

اشـتد فيهـا ، ومرت سـاعة ..فلزمت مكانى ذليال .. فلما هممت بالتهامها ؛ أشارا إلى محذرين .. جبن كبيرة ورأيت دودة ،ولم تكن إال لحظات .. وألزمانى حد األدب ، فكررا نفس التحذير ، فهممت مرة أخرى ، عذابى

ثم التـف ، فأتى عليها ، ثم تكاثر الدود على قطعة الجبن، ثم إذا بهما دودتان ..تضرب فى الجبن طالعة نازلة ، وتتضـاءل ، وروحى تسوخ كلما رأيتها تتفانى ، ظلت ترتجف تحت عينى ، على بعضه فى كرة متناوشة

، ، ثم إنهما نهرانى ؛ فأوجعا .." لم تعلم التسبيح بعد إنا نراك ..يايحيى: "قاال لى الئمين ، حتى إذا فرغ الطبق ..!!".قم: وهتفا بى

والذى ..الذى خلق فسوى .. سبح اسم ربك األعلى : "فقال لى ، إنى سألت قلبى : وقال جدى ..ساد الناس سكوت هـذه : "، قال جـدى !" ؟..فماذا ننشئ ، انها دعوة إلى اإلنشاء : "، قال الناس !! ؟..، فما قولكم .." أنشأ فهدى

.."فتعالوا نتعلم التسبيح..األرض قريبةوبدأوا فى إصالح األرض ، وأقاموا أمرها على اإلخالص ، وكونوا من أنفسهم جمعية : وسكت يحيى ، ثم قال

..ومازلوا يأكلون من فيض األرض، وأكل الناس، فاتسع زمام النجع عاما بعد عام ، الخراب ؟..نية الستصالح األرضأتعنى جمعية تعاو: سألته ..!!سترى، إذا رافقتنى إلى النجع يوما: قال

؟..كم فدانا صارت لجدك: سالت

وقد مات مخلفا أحـد عشـر ..كان يستطيع بمدخراته ؛ التى عاد بها من القاهرة أن يشترى عشرة أفدنة : قال ..ودار واسعة، وعنده ساقية ، فيه بئر عذبة ، وبستانا من فدانين ، فدانا وكم أضاف أبوك ؟: سألت .. وإنه لهم عظيم ؛ لو تعلم..إذ كان مهموما بتنظيف الحواس، أما أبى فلم يضف إلى ما يملك أرضا : قال .. حدثنى: قلت .. وأقوى أنصارها المحبة..الخوف ؛ أشد أعداء الحواس: قال

ـ ..فاستعدانى..أدهشنى الرنين القوى لليقين فى كلماته يـا : "وقـال صـوت داخلـى ..هفأخـذت مسـافة من :وسألته..!!" على الكزبرة والحبهان..ياسالم..سالم

!ـ وكيف كان ذلك ؟كان أبى يعصب عينى ، ويطلـب منـى .. كان هذا هو استخالصى األخير؛ بعد تدريب طويل للحواس : قال

معرفـة درجـة التعرف على أنواع الخشب بحاسة الشم وحدها ، ثم بحاسة اللمس وحدها ، ودربنى علـى ثم تمييـز .. وتعرفت على أصوات الطيور والحيوان والتمييز بينها بالسمع .. خصوبة األرض بحاسة التذوق

، أحوالها بحاسة السمع أيضا، وقد الحظ قدرتى على الرسم ؛ فدرب عينى على تمييز األشكال فى الطبيعـة ، معدنية كانت .. وغير الطبيعية ، طبيعية ودربنى طويال على رسم سطوح األشياء ال .. ودرجات تردد األلوان

حتـى ، لكن البد لك من تدريب كل عضو فيك ..أنت أكبر من مجموع أجزائك : "وكان يقول لى .. أوعضويةإن لجسمك وشاحا حيويا تتصل عبـره بمـا تريـد االتصـال : "، وكان يقول لى ..!!" يؤدى بطاقته الطبيعية

.. وما من شئ يبيح لـك سـره بغيـر المحبـة .. إال عبر المحبة ولن تتصل به ، وغيرك هو أنت أيضا ..به ..!!".وال تفسد عليك حياتك بالخوف ؛ فإنه يولدفيك الجهل ،ويشوه جوارحك وأعضاءك.. واقترب..فتقرب

:قلت مقاطعامـن .. هوما يتفرع علي، لكن الحياة ؛ يا صاحبى ؛ يصرفها قانون التحدى..كان رجال لطيفا..ـ رحم اهللا أباك

كالم الوالـد ..!!. وكل شئ صامت ، حتى أنطقه بقوتى !..إذا لم أكن قادرا على األخذ ؟ ، ذا الذى سيعطينى ..!!لكن قدرة اإلنسان أعظم.. جميل

:ثم قال، وابتسم فى اعتبار.. وأطال السكوت، وسكت ..نظر يحيى ؛ فى عينى ؛ فأطال النظرحتـى إذا .. واستغرق كل منهما فى حالـه ..قد أثقال فى الشرب ـ سمعت نكته تقول إن اثنين من المساطيل

: أراق أحدهما خمره على رأسه ؛ وأشعل النار فى نفسه ؛ نظر اآلخر إليـه مغتبطـا ؛ وحيـاه قـائال لـه "رمنو."!!..

:ثم سكت ، وقام قائال !أليس كذلك ؟..المهم ؛ أن يكون مجبورا.. وكل واحد سيعود.. ـ إنها غربة

• فبدأت ؛ أنا اآلخر .. منه" مريم"حتى الحظت اقتراب ، هذا اللقاء ؛ أذكر أنى لم أبح ألحد بما سمعته منه بعد

وكلما كونت عنه سؤال ؛ كنت أجيبها فى إطار أنه صعيدى نزل المدينـة ؛ ليغزوهـا .. ؛ فى اإلقتراب منها

شدها إلى األرض ، وأريها صورا مـن وكلما رأيتها تصعد فى معراج من معارجه ؛ كنت أ .. بسالح الخرافة ..!!وأخلب منها اللب.. الفراديس

ويلقى على جـدران كهفهـا ، فيلتهب الضوء .. كنت ألعب اللعبة ؛ مستهديا بسراج يضئ من زيت الغريزة أطلقهـا ، وكلما نهلت من هذا العصير المسكر .. وكانت هى تطعمنى ثمار بتولتها .. ظالال من السحر الحميم

يبـدو أنـه .. يا عبـد اهللا : "، ولما قالت لى ..!! والطراد، تغريه بالنداء .. ؛ غزالة مستحيلة " يحيى"ء فى فضا !!" ..؟..من هو حبيبك..وأنت ؛ يا بنت القاهرة: "، قلت لها ونحن نتعاطى الحب.. !!" يحبنى

وكانـت هـى "..تبديات الجسد : "أبدعت مشروع تخرجى ".. طقوس الموت " وبينما جعل هو مشروع تخرجه :واشتهيت أن أرى أمه ، وأطلع عليها ، فقلت له".. الموديل"

!؟"..غرور الطايل"ـ ألم يأت وقتى ألسافر معك إلى .. لن يفوتك ذلك: قال

وأى شئ يـدخل .. وكانت حدة الذهن هى ما تميز آلة دماغى .. وأين تعلمته .. لست أدرى متى تعلمت المكر وكنت أرى فيما أفعل أمـرا .. يستوى فى ذلك كل شئ ، فأفهمه ، ى أصغر أجزائه فى هذه اآللة كنت أفتته إل

!فهل كانت تلك هى طبيعتى ؟.. ولم يكن لى مهرب من طبيعتى.. مشروعا تماماوأنا أحاول اإلجابة عن هذا السؤال لنفسى ؛ تذكرت أننى على الرغم من كراهيتى ليحيى لم أظهر له ذلـك ،

وقد كان ينطوى على ما يغرى بجعله .. تبديت له كلما التقينا فى جراب التصديق والثقة و.. ولو للحظة واحدة ولست أنكر ".. عبد اهللا الفيلمجى "و".. عبد اهللا الفالح "وبخاصة إلى كل من ، ومع هذا لم أسلمه ألحد .. مسخرة

وتحطيمهـا ، بداهاتى لكن المغامرة كانت مشروطة بإنكار .. أننى كثيرا ما اشتهيت أن أجرب عالمه المسحور !؟..فهل كانت هذه هى الحقيقة.. واحدة بعد أخرى، بيدى

كان ذكاؤه منـدمجا فيـه .. وذكاؤه أعمق تركيبا .. فقد كان يحيى نافذ البصيرة .. لم أكتشف اإلجابة القاطعة ت فـى ؛ وأنه نار مقدسة ؛ إذا اندمج .. بينما أحسست ؛ بشكل متزايد ؛ أن ذكائى منفصل .. على نحو طبيعى

واشتعل بنشوة أعظم من أية نشوة تحققت لى من اتصال جنسى ، كأنهـا .. أو اندمجت فيها ؛ تجتاحنى مسرة .. وعاصفة هذه النار تجتاحه، وكان جسدى يرتجف .. نشوة مركبة من طبقات من النشوة الجنسية

.. اة البراغيث تكتمل فى التراب ؛ أن دورة حي " غرور الطايل "كان أول شئ علمته ؛ حين نزلت مع يحيى إلى ، ولما أبـديت ضـيقى .. فما أن نزلنا من السيارة األجرة ؛ ودست بحذائى ؛ حتى أحسست فى ساقى بلسعها

لكننى أمام المشهد العام للقرية ؛ التى تصعد كتلتها من المنبسط األخضر ، عرض على أن نعود إلى القاهرة مرسـلة ، وحوافها العليا تنصـهر .. وت ترتعش تحت وطأة شمس مايو فقد كانت كتلة البي .. ؛ وقفت مأخوذا

:قلت.. تتذبذب صاعدة ؛ حتى تتالشى فى الفضاء، زفيرها فى أقواس ضبابية ..!!ـ اآلن علمت لم قهر مشروع تخرجك األساتذة فى الكلية

.. عيدافقد سمعت همسا عن تعيينك م..الجنة للموعودين: ولما سألنى عن ذلك ؛ قلت له حاسدا .. لن تكون جنتى..هذه ليست جنتى: قال باستهانة

!وما جنتك إذن ؟: سألته

.. هذه: قال ؛ وهو يشير نحو منبسط األرض ..!!أنت تحب البراغيث: قلت مداعبا

ألن كـل مـا خلـق اهللا مـن مـأل يواجـه الكـون ..أحبهـا ..حتـى الـذئاب : قال بصوت فوجئت بعمقه فهو الكائن الوحيد الذى يوشـح طبيعتـه بغيـوم ..إال ابن آدم .. تقرب التسبيح إنها جميعها ..بحقيقته..بطبيعته

فهـذه ..سترى اآلن بؤسا مرعبـا : سكت ، ثم قال ".. عزبة الطايل "وسترى هذا مجسدا فى ..شهواته إلى القوة ، غصت فى قاعها إذا ..البيوت ؛ التى رأيتك تنظر نحوها مبهورا ؛ تخفى بين جدرانها حكايات متنوعة لآلالم

وكـان .. مساكنها على بعد كيلومتر واحد مـن العزبـة .. عائلة واحدة "..الطايل: "ستجد اسما واحدا يطالعك ..فى أيام محمد على" ملتزما"الطايل الكبير

:سألته ؛ وأنا أشير نحو البيوت..لم أفهم ما يرمى إليه ؟..ـ أليست هذه غرور الطايل

..!!على بعد كيلو" غرور"و".. عزبة الطايل"هذه : قال ؟..وأين دراك: سألتهأما الدار التى فى العزبة ؛ ..عن أبيه " الحمروش"وهذه ورثها جدى ..لنا دار فى العزبة ، ودار فى غرور : قال

فهـى مـن ..وتزوج من الفالحين على غير هوى أمه ..، بناها لنفسه على رأس أرضه " الحمروش"فهى دار .. بنات عائلة الطايل

فى الضفة المقابلـة ؛ تمتـد حقـول ، عن يميننا .. على الطريق الترابية ؛ الممتدة بجوار مصرف الطايل كناإال ، واألرض تكاد أن تكون خالية .. وكانت الشمس تبث أعمالها ..وعن يسارنا ؛ زرعت الغيطان قطنا ..الذرة

، ة ؛ تلونت مناظرها بأشجار الفواكه وكلما اقتربنا من دور الغرب .. قد تناثروا فى آمادها ، من آحاد من البشر ..وأعلن نباح الكالب حضورنا، وزراعات الخضر

• : قال ، وهو يتأبطنى..الحظ يحيى دهشتى..قامتانا كانتا تشارفان قامات البيوت

لقد تورمت األرض ، وغارت الجـدران عبـر ..ـ لم تكن قامات البيوت قصيرة على هذا النحو فى العزبة ولما سألتها عن إهمال الفالحين لـدورهم ، ..؛ بعد موت أبى " النجع"أمى عند عودتنا من الحظت ذلك ..سنين

، أو علـى " غـرور الطايـل "كلما خرج من صلبهم ولد ؛ يجعل عينه علـى : ولحوارى العزبة ، قالت لى ..تاركا أهله يبتلعهم الطين ؛ عاما بعد عام..المدينة

وعرضت بعضهن من كبريات السن ، رمقننى بعين مستطلعة و..خرجت نسوة من عمق الدور ؛ رحبن بيحيى فخرجنا منها إلى حديقـة ، حتى استقامت ، كانت الحارة طويلة ، وكنا نلتوى مع منعطفاتها ..ضيافة على شاى

: ال يخفى ممشى حجريا خلفه ، توقف يحيى قائال..وأمام باب خشبى، مسورة بسور نباتى .. المحطة أى شخص يصطحبك إليهااسأل عنها فى ..ـ هذه دار الحمروش

.. أراها مختلفة عن دور العزبة: قلت

ولم يفعل مثل فعلـه ..حتى زحفت العزبة إليها ..وكانت على مبعدة من العزبة ..كان جدى يريدها مختلفة : قال .. أحد لماذا ؟: سألتهلم يعمل شيئا غيـر أن جعـل " الحمروش"و! ؟..وما الذى تغير فى الناس ليقيموا دورا مختلفة عما ألفوا : قال

..!!الدار على صورتهويلتقـى ، وصوت الماء يسيل فى حوض ، من مكان ما فى الحديقة ؛ تناهت إلى أذنى أصوات طلمبة يدوية

، تبص منه عتمة ، وكان فى نهاية الممشى باب مفتوح على مصراعيه ..محدثا رنينا مؤنسا فى المكان ، بماء وكانت الحروف ملونة "..ادخلوها بسالم آمنين : "محفور فيه ، مصفر، يل حجرى مستط، وفوق عتبته العلوية

.. ـ لعلها روح المنافسة ؛ قد انعدمت فى الناس: قلت.. باألخضر .. بل إن روح المنافسة هى المسئولة عن هذا البؤس: قال على الفور

.. ا أن نحدد المجال الذى تعمل فيهقبل أن نتكلم عن روح المنافسة ؛ يجب علين: استوضحته ؛ فقال..لم أفهم !؟..إذا كانت هذه أفكارك ؛ فلماذا تجنبت االتحاد االشتراكى: قلت ؛ ولم أكد أفهم ما عناه بكالمه

..وكنا فى آخر الممشى نواجه الباب..رمقنى بنظرة خاطفة ، وسكت•

فجمـدتنى فـى رعـب سقطت من داخل العتبة العلويـة أفعـى ، ..فى لحظة ؛ لم تكن من الزمن المألوف وبرزت لها درقة ، وفى اتجاهى صوبت رأسها ..انتصبت على ذيلها ، ودارت برأسها دورات سريعة ..ثلجى، على يحيى ؛ يقـف بينـى بينهـا ، فقد أفقت من لحظة الرعب ..ولم أدر على وجه الدقة ما حدث ..منتفخة

:وينهرها بصوت قوى ..!!أدخلى..ـ إمش

:فالتفت على ذراعه وقال لى، ك بها من تحت الدرقة فأمس، ثم مد ذراعة اليمنى ..!!ـ ال تخف

:قلت ؛ وقد جفى حلقى ..!!لقد نشفت دمى! ـ ما هذا ؟ :قال يحيى

.. وهى تسكن فى عقد الباب..ـ إنها أختى نـوع وعرفت أنها مـن ، ، ولما كنت قد عاينتها ..!!" ها هو الرفاعى يرهبنى بألعاب الحواة : "قلت فى نفسى

:فقلت، حتى ال أتحول إلى شخص يغرى بالسخرية ، فقد رغبت فى االحتياط ، الكوبرا .. ـ أنا أكره األفاعى

:قال يحيى .. ـ إنها قد عرفت ذلك

:قلت ملحا

..!!ـ أنا ال أريد أن أراها :قال مطمئنا ؛ وهو يبتعد عائدا إلى الباب

.. ـ لن تراها بعد ذلك :فزحفت الحية صاعدة ، وهو يقول لها، إلى الجداروأسند ذراعه اليمنى

..!!الزمى بيتك..؟ ، إنك قد أخفتيه..ـ هل سمعت :فقال يخاطبها..ونظرت، انعطفت برأسها نحو يحيى ..قبل أن تدخل الحية فى مسكنها فى العتبة العلوية

..!!وضيفنا..صاحبى..ـ إنه عبد اهللا ..!!وأحسست ؛ أنا ؛ بغربة عميقة..الفضى بهدوءواختفى جسدها ، فاتجهت صوب مسكنها

• ومـع هـذا أحسسـت بتيـار هـوائى ..ال نوافذ فيها ، مقبية ، مستطيلة ، حجرة واسعة " يحيى" أدخلنى

:أشار يحيى إلى مصادر الضوء الكليل فى جدران الحجرة قائال..لطيف ..رطبة ىف الصيف..دافئة ىف الشتاء..ـ هذه خلوة ؛ ملن يبتغى اخللوة

..سنقيم فيها معا: وأضاء مصباحا يعمل بالكريوسني ؛ وهو يقول :ما أن وضع المصباح فى مكانه المخصوص ؛ حتى أتانى صوت رخيم من خلفى

..ـ أهال وسهال ..!! ؛ وقد تقدم بها العمر" مريم"التفت ، وللوهلة األولى ؛ حسبت أننى أرى

..أمى: قال يحيى :قالت بعد أن بادلتنى التحية.. يقدمنى إليهاوأسرع يسلم عليها ؛ وهو

..ـ الغدا جاهز : قلت ليحيى

..ـ من يراها ال يصدق انها أمك ..!! فال يظهر عليهم عددها..بعض الناس يمألون سنى عمرهم حياة: قال

..بل هى صبية مازالت:قلت ..قد يكون شبهها بمريم هو السبب فى ذلك: قال باختصار

• أما أنا ؛ فقد ..ما ان أغمض يحيى عينيه حتى راح فى نوم عميق ..لغداء ؛ ارتحنا فى تلك الحجرة بعد تناول ا

كان يحيى نائمـا ..فلم أخلع مالبسى ، و لم أرتد الجلباب الذى تركه يحيى بجوارى ..ركبتنى هواجس الغريب .. رةعلى األرض المغطاة بسجاد قديم ؛ قد نصل لونه فى بعض أجزائه ، وتوسد وسادة صغي

وقعد بـى الخـوف عـن ..أخذت أتفحص الجدران ، ولم تطمئن خواطرى إلى فكرة أن أقيل فى هذا المكان ، وكراهية ، وتقلبت بى مشاعرى ؛ بين خوف ، ونفور ..الخروج من هذه الحجرة ؛ التى رأيت أنها تشبه قبرا

، وجدت عضـالتى مشـدودة فقد ، ولم أكتشف مدى توترى ؛ إال حين نزعت إلى القيام من مكانى ..وحيرةلوال أننى خجلت من أن يرانى متلبسا بالرعب من أمـور ، وقد هممت بالنداء على يحيى ..ومفاصلى متصلبة ونـام ، ثم تركنى فى المصيدة ، أم أنه قد وضعنى فى التحدى عامدا .. فهل كانت كذلك ..يحسبها هو أوهاما

!.؟..ملء جفنيهفتـدرع ..ال مهرب لك مـن التماسـك : "قائال لنفسى ، سقطت فى الحيرة ولما تعبت ؛ .. تنازعتنى اإلجابات

!!"بكرامتك ثم علـى الكـوة أسـفل ..ثم على الباب ..وعينى على الجدران ، أصيخ السمع ..وهكذا ؛ قضيت الوقت متنبها

؛ إن وتساءلت ..ثم اكتشفت كوة ثالثة تعلو األرض بحوالى متر ..واكتشفت كوة أخرى تواجهها خلفى ..السقف !!؟..أم أن معها على األقل وليفا لها، كانت هذه الحية تعيش وحدها فى هذه الدار

وأن ..وفى لحظة ؛ بدت لى ـ آنذاك ـ لحظة استنارة مفاجئة ؛ تيقنت أن يحيى ليس أكثر من بقايا عصر بائد فها هو قد ..هذا الشعب فهم السبب الخفى فى تخلف ..أمثاله من المتعاطين للسحر ينبغى ألمثالى القضاء عليهم

ومع هذا ؛ لم تغيره مناهج التعلـيم ، ..وحصل على نفس الشهادات ..تلقى تعليمه فى نفس المدارس والكليات ..ولم تصلح من حاله

وقد طحنت ذهنى فى التفكير فى الوسائل المناسبة ؛ التى تكشـف أمثـال ..كنت أعلم أن القانون يجرم الدجل ولم أدر بمرور ..فتحمينا منهم ، وقد يتولون مناصب حساسة ، ى تجاويف المجتمع يحيى ؛ من الذين يعيشون ف

واقتـراح وسـائل ، ثـم تنحيتهـا جانبـا ، وفحصها، الوقت ؛ وأنا مستغرق فى إقتراح الوسائل على نفسى فتلك المحاكمات ؛ كانت ..وانتهيت إلى اإلعجاب بمحاكمات السحرة والساحرات فى مجتمعات أخرى ..أخرىويقيم فـوق قبـورهم ، من أعمال الثورة ؛ لم يشهد مثلها مجتمعنا ؛ الذى يجعل من السحرة أولياء هللا عمال

..!!.ومزارات مقدسة، ويجعلها أضرحة ، القباب !.؟..ألم تنم: وانتبهت من استغراقى على صوت يحيى يسألنى ؛ متعجبا

فلـم أنـم ، مس فى إنهاء أعمال مطلوبة منى فقد سهرت ليلة أمس حتى مطلع الش ..أنا آسف : ثم اعتذر؛ قائال ..ثم التقينا ؛ حسب موعدنا، غير ساعتين

..!!أنا ال أحب نوم القيلولة: قلت ؛ بصوت اجتهدت أن يكون هادئا•

وفى الطريق ؛ قررت أن أتراجع عن اتفاقى معه على "..غرور الطايل "اصطحبنى يحيى عند العصر لزيارة :قال لى، وبينما أنا أتدبر أمر الفرار.. صياغة هذا التراجع بلباقة مناسبةوكان على..قضاء أيام ثالثة

وهم يحتفظون بشجرة أنساب تنتهى بأنسابهم إلـى "..محمد على باشا الكبير "هذه ؛ أقدم من " الطايل"ـ عائلة ة وأعتقـد أن هـذه شـجر ..، يؤكدون أنه من نسل على بن أبى طالب " غالبا"شريف من أشراف مكة يسمى

..وحصرها صار من قبيل العبث..فقد تفشت مثل هذه األنساب الكاذبة فى مصر وفى المغرب، أنساب كاذبة :قلت مداعبا

!!؟..ـ أنت إذن ال تحب أن تكون لك قرابة برسول اهللا

: فقال جاداـ ..وال تصلح فيه المداعبات..ـ ليس األمر مجاال للهزل تغلوا مثـل وصدقنى ؛ إذا قلت لك أن الكثيرين قد اس

جيال ؛ بعد جيل ، مبـررين اسـتغاللهم ، ولنسلهم ؛ من بعدهم ، هذه األشجار الكاذبة فى تحقيق مكاسب لهم فالطايل ؛ المعاصر لجدى ..وضمنوا دوام الحال ، فأخذوا منهم الطاعة المجانية ..ألصحاب الفطرة من الفالحين

لخديوى ؛ الذين عملوا أدلـة لجـيش الجنـرال ؛ يتردد ؛ فى بعض المصادر؛ أنه كان من ضباط ا " الحناش"وليس هذا الرجل ..يحييه الناس فى هذه الجهات ، ومولد سنوى ، ومع هذا فله ضريح ..ضد العرابين " ولسلى"

وأفرغـوا بهـذا ..فكثير من المماليك الروس قد نسبوا أنفسهم إلى الرسول أيضا ، غير مثال من أمثله عديدة وعلى ذرياتهم من بعدهم ؛ قداسة ؛ لم تحمهم فقط من التالشى والذوبان فـى ، م على أنفسه ، النسب الكاذب

وقد صعدت فى رأسى ، قلت له فجأة ..إنما سمحت لهم بالحياة فى قمة المجتمع حتى اآلن ، الشعب المصرى :كراهية غامضة

!؟..ـ وماذا تريد من ذلك :فسألنى.. تعجب من الغضب الذى شحنت به كلماتى ؛ على رغمى

!!؟..أو أدرى..هل جرحتك دون أن أنتبه!..ـ ماذا ؟ويخيل إلى أحيانا ؛ أنك نوع من الفوضـويين ، تريـد ..!! أنا ؛ منذ عرفتك ؛ ال أفهم ماذا تريد بالضبط :قلت

وأحـس ..وإنما أحسها ، ال أراها ..نوع ما من سلطة غامضة ..لحساب شئ غامض ، تقويض كل ما هو قائم ..!!.وإنما يتهدد أسس العقل ؛ التى تواضع الناس عليها..هددنى شخصيا فقطال يت..بخطر داهم منها :وهتف مستنكرا..إزدادت دهشته

!!؟..ـ أنا :قلت ؛ وقد تفتحت شهيتى

..!!.ومن غير شك..ـ نعم :قال مهدئا من روعى

..!!.البد أن ثمة لبس..البد أنك مخطئ..ـ ال :قلت مؤكدا

، ! ؟..لماذا لم تنبهنى قـبال ..ففسر لى ما وقع لنا عند عتبة دارك منذ ساعات ..ـ لو كان ثمة خطأ ؛ أو لبس ، ألم يكن شـرف التعامـل بـين صـديقين ! ؟..لماذا لم تتفق معى على أن على أن أتوقع ذلك ؛ على األقل

!.مزعومين يوجب ذلك ؟ :فقال.. وسكت

..!!ـ أنت ذهبت بعيدا ..قد ظهرت فى أفق النظر" غرور الطايل"ت أضواء وكان..ثم ردد نفس العبارة بحزن

ولعل هذه ..أو الغفلة ، ليسمح لنفسه باصطناع الغباء " يحيى"ولم يكن ..صارت المسافة بيننا محسوسة لكل منا واآلخر كان يحز فـى ..الصفة األصيلة فيه ؛ هى السكين ذات الحدين ؛ واحد من الحدين كان يحز فى عنقى

:ؤال ؛ الذى أثبت لى أن هذا ؛ فى حقيقة األمر؛ كان واقع الحالوقد سأل الس..عنقه !؟..ـ ومتى تريد أن تسافر

:قلت ؛ والمؤذنون يرفعون األذان بصالة المغرب ..ـ اآلن

.فسكت ، وتوجه بى إلى موقف لسيارات األجرة•

..هز رأسه متفهما..والسيارة تنطلق ؛ لوحت له تلويحة صغيرةليست قريـة ، " غرور الطايل "المرصوفة ، وأعمدة الكهرباء على الجانبين ؛ خطر لى أن وأنا أرى الشوارع

، !" ؟.. لماذا لم أساله : "وقلت فى نفسى ..ثم أسرعت وتساءلت عن اسم أم يحيى ..وكانت السيارة تمشى ببطء مـن الطليعـة ؛ إن من هم على شاكلتى ؛ : "، ونفيت ذلك ، قائال لنفسى ..!! ثم تساءلت عما إذا كنت أهرب ..!!".يجب عليهم التخلص من التردد

:ولما استوت السيارة على الطريق الطوالى ؛ إنبعث من جهاز التسجيل بها صوت أم كلثوم وكل ما فى الكون من صنعتك تخفى عن الناس سنا طلعت

)٧٠(آيتـك ترى بديع الصنع فى وأنت الذى ، فأنت مجاله ثم إنى تساءلت عما إذا كانت هذه أيضا إحـدى ..كدت ان أطلب من السائق تغيير الشريط ؛ لوال أن تحسبت

وكان صوت المغنية الطالعة من أروقة المعبد المندثر ؛ قد ..المصادفات الموهمة بجو من األكاذيب والتمويه ، فلما دفعت باألجرة نحـو السـائق .. ونحن فى القاهرة إال، ولم أنتبه تماما ..فغفوت، جذبنى إلى دوامة تعبى

:قال بمودة ..!!.الباشمهندس يحيى دفع..ـ الحساب خالص

: ..

مبعثه اكتشافى لمدى مـا ، فى ضميرى ؛ يتردد ندم مؤلم ، صار منتهى آمالى أن ألتقى به مرة أخرى ..اآلن

تلك الرسالة الوحيدة ؛ التى وصلتنى منه ؛ منذ افتراقنا ، بمغادرتى ف، كنت عليه من عجز عن التواصل معه نجع "ولم أتمكن من ذلك إال بالسفر إلى ، وقد كان على أن أتحقق ، مصر؛ ظلت موضع الدهشة والشك معا

وبعد الصالة فيه ؛ جلست فـى ، " يحيى الحناش "فقد وجدت مقام سيدى ، ، وهناك ؛ تبددت شكوكى " الحبلىكان رجال نوبيا ، تشرق جبهته السوداء بنور، وحين سألته عن سر صاحب المقـام ؛ .. خادم المقام محضر

وغـادرنى إلـى ، ثم سكت ، ثم ابتسم ، نظر فى عينى ؛ من مكان يقع بين الظاهر والباطن ؛ نظرة طويلة ..الصالة

، الجسدى خفيفا فى المكان وكان حضوره ، ولم تتحرك شفتاه ، كانت صالة طويلة ، لم أسمع صوته خاللها وجلبابه األبيض ، ال يضمان لحمـا ودمـا ، حتى أنه قد خطر لى أن عمامته البيضاء ..بينما أشعر به طيفا

بعدها ..وكانت صالته ركعتين طويلتين ، استغرقتا الوقت بين التاسعة ؛ وارتفاع الشمس فى السمت ..وعظاماوضعها أمامى ، ثم دس كفه ، ا ورغيفا شمسيا منفوخا بلب كثيف اختفى ، وما لبث أن عاد ؛ حامال ماء ولبن

فلما فعلـت ؛ ، وطلب منى جبر الزاد ، فى جيب جلبابه ، وأفرغ على الحصير قبضة من تمر أبيض جاف :قال

..!!ما شاء اهللا..!! ـ ماشاء اهللا :ثم إنه قال

ن ما أحكيـه لـك ال يعرفـه إال أحبـاؤه أال فاعلم أ ..ـ طلبت ؛ يا عبد اهللا ؛ معرفة سر صاحب هذا المقام وسألته فى أمر ، فقد وضعت قلبى على قلبه ، وإنى إذ أحكيه على مسمعيك ؛ إنما أفعل ذلك بإذنه ..المقربون

فصارت على ..وأعلمنى أنك ضيفه ؛ قد جئت من سفر بعيد ؛ قاصدا ، فأمرنى بجبر خاطر الغريب ، سؤلك .. اإلجابة ؛ واجبا :تأمل ؛ قالوبعد لحظات لل

ولمـا كـان حكيمـا ؛ فقـد كـان يعـرف ، ـ فى زمان اهللا ؛ عاش رجل حكيم فـى إحـدى بـالد اهللا ويعيش وفقا لمشيئة اهللا فيهما ؛ مصلحا ؛ تحت خيمة الستر، حتى جاء أوان ، وأحكامهما ..والسماء..األرض، .." ولة ؛ وانقسـمت نصـفين البد لى من امرأة تكمل نقصى ؛ فأكون وهى مثل ف : "فقال فى نفسه ، زواجه

تدعو اهللا أن يهديها إلى نصيبها ، حامدة ، عابدة ، وكانت جميلة ، فسافر فى البالد ؛ باحثا عنها ، حتى وجدها فإذا وجد كـل ، فولة ؛ وانقسمت نصفين : "فسألها عن سر الزواج ، فقالت له ، فلما رآها ؛ ورأته ؛ تعارفا ،

فـإذا ، فتتحرك قواهما ، ثم يدخالن األرض ، فيصيران حبة واحدة ، هما نصف أخاه ؛ كان الزواج غالفا ل ..!!".تحركت ؛ فاللهم بارك فى الشجيرة

كان ..وعاشا معا ، تحت خيمة الستر، وأنجبا أوالدا سبعة ، فلما سمع منها ذلك ؛ طلب منها الزواج ؛ فقبلت والخـامس ، " الخازن"والرابع اسمه ، "السارى"اسمه والثالث ، " الواوا"والثانى اسمه ، " السيد"بكرهما اسمه

وفى رواية ؛ أن أسماء األبناء كانت غيـر ".. الباتع"والسابع اسمه ، "الجامع"والسادس اسمه ، "الشكور"اسمه واهللا أعلم بما كان من أمـر ..وفى رواية ثالثة ؛ أن أسماءهم كانت غير هذه األسماء .. معرفة باأللف والالم

..وصل على العدنان..اء ، وتغيرها عبر الزمانهذه األسم .. عليه الصالة والسالم: قلتوظهرت قواهم ؛ تحت عين الوالـدين ؛ .. وعاش الوالد والوالدة واألبناء ؛ تحت خيمة الستر؛ ماشاء اهللا : قال

وفـى يـوم ؛ ..وكان كل من الوالدين ؛ يستعيذ باهللا من المخبوء ، ويحمدانه على النعمـة ..واحدا بعد اآلخر يا فالن ؛ ويا فالنة ؛ إنى قد أبصرت بالشمس : "جاءهما الموت ، معلنا حضور اليقين ، فقال كل منهما لآلخر

وإنى قد أسررت إلى األبناء بأسرارى ، فانظر؛ .. وإنها ؛ فيما أرى ؛ إشارة إلى الرحيل .. تشرق من مغربها ..!!". بما بقىوانظرى ؛ إلى ما بقى لنا من مهلة ، ولنخبر األبناء

ولكـن ..وإن فى هذه الدار أبوابا لمن شاء ..إننا نرحل بعد حين ..أنظروا: ثم إنهما جمعا إليهما األبناء ، وقاال ونحـن ، " قاصد كـريم "والثانى مكتوب عليه ، " بحبح"فيها بابين يظهران بعد رحيلنا ، أولهما مكتوب عليه

حتى إذا ظفرتم عليه ؛ تثبت منكم األقدام .. وأن تقاوموا النداء ،.." خيمة الستر "نشير عليكم بأن تعيشوا تحت ..!!".، ويقيكم بارئكم شرور التجربة ، فتعيشوا يدا واحدة على قلب من هو خيركم

فدخل كل .. ولم يثبت األبناء على مقاومة النداء ، فيما عدا أكبرهم ..وظهر بعد موتهما البابان ..ومات الوالدان فى باب قاصـد ، "باتع"و، "جامع"و، "شكور"ودخل كل من ، "بحبح"فى باب ، "خازن"و، "ىسار"و، "واوا"من ..تحت خيمة الستر" السيد"وبقى ".. كريم

" خازن"و" سارى"و" واوا"وكانت األرض ؛ خلف الباب األول ؛ منبسطة ، وعلى البعد البعيد ؛ أبصر كل من فلمـا ..وكانت قمته غارقة فى السـماء ، ه من عرضه ماظنوه جبال صاعدا من األرض ال يمكن معرفة طول

: فسمع صوتا له ترديد وترجيع يقول له ..وأطلق صرخة الهلع ..منه ؛ وميزه إنسانا مثله ؛ فزع " واوا"اقترب واحمـل ، فأقبـل علـى ، ال سبيل لك إلى الرجوع ؛ فأنت ؛ بما تميز منك ؛ صرت تحت قهرى وسلطانى "

فلما تمنطق ..ى هذا الذى لم يشهد مثله ؛ رأى فى سفحه العصا ، والسكين ، والنار ، فلما أقبل عل ..!!" شاراتكوالنار فى يساره ؛ أبصر فى السفح طريقا ينتهى إلى باب مكين مكتـوب ، وقبض العصا فى يمينه ، بالسكينهيأتها ؛ فقـد ولما كان يعرف اسم نفسه ويجهل ، " أيها الداخل فى هذا الباب ؛ اذكر اسمك ؛ أو هيأتك : "عليه

: فقال بعضهم ، فرآه ناسها ، .."آه"فخرج إلى األرض التى تسمى أرض ، فدخل ، ذكر اسمه ، ففتح له الباب .." يا قوم ؛ إنه رجل السكين : "وقال فريق ثالث ..!!" بل هو رجل العصا : "وقال آخرون ، ..!!"هذا رجل النار "

، ولوح نحوهم بالعصـا ؛ فصـارت صـولجانا ، " !!" واوا"واسمى .. بل إن هذه شاراتى كلها : "، فقال لهم وصارت سوطا ذا فروع ، والسكين لمسها فاستطالت سيفا ، ثم شرعها فى الفضاء بينه وبينهم فصارت حربة

هذه النار الحياء لها ، وفيها سـلطانى ، : "وقال، ثم إنه وضع النار بينه وبينهم ، وبنصلين ، وثالثة ، بنصل : قـالوا " فعاهدونى على الطاعـة : "، قال لهم ..!!" نعم: "، قالوا !" ؟..فهل لكم فى الخير ..ىومنها أستمد أمداد

وإني ال أطلب : "، فقال لهم ..!!" اهللا بيننا : "، قالوا ..!!" إنى إذن لكم الحامى األمين : "، فقال لهم ..!!" عاهدناك" ..!!ىأول النشأة األخر" واوا"، وهكذا ؛ بدأ ..!!" منكم إال حق الحماية

؛ فحين اقترب رأى النجوم تدور في األفق األعلى ، وحولها الكواكب ، وحدثه الماء ، و الهواء " سارى"وأما وسمع الصـوت ذا الترديـد ..، والتراب ، والنار، كل بلسانه ، وتشكلت كائنات األرض والسماء أمام عينيه

، فقيل له ادخل من بـاب ..!!" إذن لقوي مكين إني ": سارى"، قال !" ؟..ما قولك فيما ترى : "والترجيع يسأله ، ولما " واوا"، فلما اقترب ؛ رأي علي الباب ما رآه ..!!" تراه ، وال يراه آخرون ، وقد يرون فيك عزاء لهم

، فاستقبلته أمم الحيـوان " آه"كان يعرف اسم نفسه ، وال يعرف هيأتها ؛ ذكر اسم نفسه ، فانفتح علي أرض والبحر، والطيور الدراجة ، والتي تحلق في الفضاء ، واألشجار المثمـرة ، والمزهـرة التي تعيش في البر

.. ونورا وظلمـة .. وحشائش األرض ، وحدثه كل منها بسره ، فانتشي ، ورقص رقصة دامت ظلمة ونورا : ، قـالوا ..!!"أنتم منى ، وأنا منكم ، وال فكاك لنا فأين المهـرب : "حتى عرفها جميعها ، فعرفته ، فقال لها

، فلما ظهـر للنـاس .." وأنتم مدارجي إلي العال ..يسركم لي خالقي :"، قال ..!!" فبما رحمة من اهللا تلين لنا "وإننـي أداويـه ؛ ..أنا الطبيب المداوي فاحملوا إلي رحالي المريض والمعنـي : "، قال ..!! من أنت :"سألوه ..!!".ويبرأبل إني ليفتنني : "، فأجاب " ؟..هل لك في العمل : " الترديد والترجيع يسأله ؛ فقد سمع الصوت ذا " خازن"وأما

أريد أن أحمل ثمار ..إني لجواب آفاق ، ومتعتي في السفر : "، قال !" ؟..فماذا تفعل بها : ، فسئل .." ثمار العمل فمـاذا : " سئل ،..!!" فأتعيش ، وأكون رسوال بين العمال في كل األرض .. العمل ؛ فأبيعها ، وأشتري غيرها

فأنا ال أرغـم أحـدا علـي الشـراء أو .. يبقي لي التراضى بين البائع والمشترى : "، فأجاب !" ؟..يبقي لك ، فسمع جلجلة عظيمة ، كانت ..!!" إني أمة وحدي : "، قال !" فأي صنف من الناس أنت؟ : "، وسئل ..!!" البيع

فادخل من بـاب ..عزيز الدمع ؛ حتى تذلـه ياعزيز الدمع؛ أنت تحمل : "وقال الصوت ..تشبه ضحكا هائال ..!!" عزك ؛ إلى باب ذلك

ثم ذكر اسمه ، فرأى بغال، وحصـانا ، وجمـال، ، تحير بين اسمه وهيئته ، وقرأ ما عليه ، فلما رأى الباب : ال لـه ، فتخير من بيننا ما تركبه ، فاختار الجمل ، وق " آه"نحن نحملك إلى أرض " :وقالوا له معا .. وحمارا

.."أنت أعالهم ظهرا ، وأصبرهم على الجوع والعطش"أنا الذى يجعل لكم مواسم وأفراحا ، ويحـرركم مـن مواسـم : "، قال " من أنت ؟ : "ولما رآه الناس ؛ سألوه

..!!".األرضواألرض .. فالعمـال كثيـرون ..وسـتحبون ذلـك ..سـترون الطريـف : "، قال !" وما فائدة ذلك ؟ : "سألوهفاحـذروا أن ..ف تسمعون ما لم تسمعوا من قبل ، ويومذاك ؛ ستقولون ما لم تقولوه من قبـل ولسو..واسعة

..!!وال تصدونى عن أنفسكم ؛ فتحرموها، تصبروا على ما أنتم عليه ..فلنجرب: قالوا

..!!عفارم عليكم: قال لهم•

هال : ثم فتح عينيه وقال ، لنوم وأطرق خادم المقام ؛ وهو مغمض العينين ، حتى خلت أنه قد أخذته سنة من ا !صليت على النبى العدنان ؟

..عليه الصالة والسالم: قلتوأفقها ، فإذا بهم واألرض زبرجد ، "قاصد كريم "؛ فإنهم قد دخلوا باب " باتع"و، "جامع"و، "شكور"وأما : فقال

اتح األرض والسماوات ، وهو سبحان الذى بيده مف : "فتبادلوا النظر، ثم قالوا فى صوت واحد ، الجبل المذكور فاجتمعت كلمتهم على التريض فى بساط ..ثم تشاوروا فى المشى أو اإلقامة ، ، وسكتوا .." على كل شئ قدير

وكانوا كلما اتجهوا متجها ؛ اقتربوا مما حسبوا أنه جبل ، واقترب منهم حتـى تميـز ..فمشوا..من له الحمد من : "وتناهى إليهم منه صوته ذو الترديد والترجيع سائال ..بصائروأشرقت فيهم ال ، فهامت منهم األرواح ..لهم

فكيف رأيتم األرض : "، سألهم ..!!" من خيمة الستر إلى القصد الكريم : "، قالوا !" وإلى أين أيها العباد ؟ ، أين عـوا ود..، فصلوا صالة الحمـد للبـارى ..!!" واقتربوا..فاسجدوا: "، قال .." مسجدا للشاكرين : "، قالوا !" ؟

إنا أردنا الدنيا ؛ لنصل بهـا إلـى : "، قالوا ..!!" فصرحوا ، وال تضمروا : "قال الصوت ..بالتوفيق إلى المراد وكل نفس بمـا ، فادخلوا الباب سجدا ..ولسوف تبتلون ابتالءا ، إنه االختيار االختبار : "، قال لهم ..!!" اآلخرة

إننـا حقـا : "وقـالوا ، لباب ؛ دعا كل منهم بدعاء التوبة ، فلما رأوا ما هو مكتوب على ا ..!!" كسبت رهينة والحمد هللا ؛ من ..وظاهرنا كباطننا ..إن أسماءنا شكور وجامع وباتع ، ولكل منا من اسم أخيه نصيب ..لمبتلون

..!!".قبل ومن بعدنحن فالن ، : "م، قالوا له !" من الغرباء ؟ : "وأقبل الناس عليهم ؛ فسألوهم ..ففتح الباب ، فرأوا األرض عامرة

: ، فقال لهـم النـاس .." إن نريد إال اإلصالح: "، قالوا" فماذا تريدون ؟: "، فقال لهم الناس .." وفالن ، وفالن ..".وما ربنا بظالم للعباد..ونزلتم سهال..حللتم أهال"

• ، آمال فـى يرحل ؛ من زمان إلى زمان ؛ باحثا عن إخوته ، وبقى السيد تحت خيمة الستر : قال خادم المقام فى رسالته من حكايـة " يحيى الظريف "ثم إنه حكى لى ؛ كل ما حكاه ..وفى اجتماعه عليهم ، اجتماعهم عليه

:ولما انتهى من ذلك قال"..بالد آهى"هؤالء اإلخوة السبعة ؛ بعد ظهورهم فى البالد التى سماها وما كان ؛ لـم يكـن لـه إال مـا كـان . .ـ الناس يشبهون زمانهم ؛ ألسباب نعلمها ، وألسباب ال نعلمها

يعلـم ذلـك ، فارتحـل فـى " السـيد "وقـد كـان ..وما سيكون ؛ البد أنه واقع ..وكذلك ما هو كائن ..عليهعبدا ذات مرة ، وخصاه ذات مرة؛ ليخدم طواشيا فـى " واوا"فاتخذ منه ..مرات" واوا"واجتمع على ..األزمنة

ه من أصله مرة ، ثم رفعه على صليب للعـذاب ، ثـم قتلـه حريمه ،وقطع يديه ورجليه مرة ، وقطع لسان بالسموم المجهولة ؛ مرة بعد " سارى"مرات ، فقتله " سارى"وأحرقه ؛ وذرى رماده فى الريح ، واجتمع على

..!!، فباعه رقيقا ، ووضع فى عنقه النير؛ كلما دارت دورة للزمان ووقع فى يده" خازن"واجتمع على ..مرة

؛ عملوا معه هذه األعمال ، وأنكروه كلما ظهر لهـم " بحبح"أن إخوته؛ الذين دخلوا فى باب " يدالس"فلما رأى فإذا تعرفوا على "..قاصد كريم "فألقصدن إخوتى ؛ الذين دخلوا باب : فى زمان من أزمنة اهللا ؛ قال فى نفسه

خيمـة "لعـيش تحـت ، حتى نعـود إلـى ا " بحبح"؛ وتعرفت عليهم ؛ نجتمع معا على حرب أصحاب باب "..!!الستر

:وسكت خادم المقام طويال ، ثم سألنى !!؟..فهال صليت على النبى

.. عليه الصالة والسالم:قلت :قال

فحكى له ..عليه ؛ تعارفا " السيد"وحين أقبل ، "جامع"؛ إال ذلك األخ المسمى " يحيى الحناش "ـ ولم يكن أخى ما جـرى عليـه " جامع" وحكى له أخوه ، " باب بحبح "ين دخلوا فى كل ما وقع عليه من إخوته ؛ الذ " السيد"

" السـيد "، فسـكت " قاصد كريم "؛ فى هذه األرض منذ تركوه ودخلوا فى باب " باتع"و" شكور"وعلى أخويه ؛ " سـارى "و" واوا"ساعة زمانية ، ثم عرض على أخيه أن يشاركه ما عزم عليه من حرب كل من أخويهما

لم ، وحلفت عليهم برحمة الوالدين ، وذكرتهم بأخوتنا ، ى كل مرة كشفت لكل منهم عالماتى إنى ف : "قائال له ..!!وكان منهم ما كان ؛ مما أخبرتك بإشارة إلى أخباره..ولم يؤمنوا بما أقول، يستجيبوا لى أجمعك علـى كـل فاعلم أنى ، أما وقد كشفت لى عن اسمى الغطاء ؛ فعلمت حقيقتى ": "جامع"فقال له أخوه

.!!..وفى كل زمان لنا بعد ذلك..، ونكون معك منذ هذا الزمان" شكور"و" باتع"أخوينا •

؛ من نفس الحكاية ، وانتبهت على سكوت خادم المقام ؛ الذى " يحيى الظريف "أعادنى ما أسمعه إلى ما حكاه :نظر فى عينى ؛ بنظرة ضحوكة ؛ وقال ؟ .. فهل لك فى مزيد.. صاحب المقامـ وهذا ؛ أيها الغريب ؛ طرف من سر

..ليس لى طلب إال معرفة اسمك أيها الشيخ: قلت لهوتولى عنى واختفى خلف المقام ..ثم نهض قائما ؛ وهو يسبح ..ونظر طويال فى عينى ..فابتسم ابتسامة غامضة ..؛ منغمسا فى أوراده

محـاوال اسـتجماع ، رق فيمـا سـمعت أما أنا ؛ فقد ظللت مقيما فى المقام حتى العصـر ، وأنـا مسـتغ :وكانت أسئلة متنوعة تطرق سماواتى..شتاتى

" !!؟، وأين ؛ يا ترى ؛ طرقى للخروج " !!؟..لماذا تدخل بى هذه المداخل"، " !!؟من أنت يا يحيى "ـ : فلما هممت بمغادرة المقام ؛ جاءنى سؤال الشيخ النوبى

". !!؟قد دخلت ؛ أيها الغريب فهل تذكر أنت ؛ فى أى باب من البابين "ـ ..أعادنى سؤاله إلى تلك اللحظة ؛ التى تلقيت فيها رسالة يحيى وأنا هناك ؛ فى تالفيف الضـباب الهولنـدى

فرسالته لـم .. وتوغل هذا اإلحساس فى دمى ..واآلن ؛ بعد أن تحققت أنها منه ؛ ازداد إحساسى بندم غامض وأن التقدم ، أكثر من أن صاحبى الريفى القديم مازال يعانى أوهامه تعن عندى ؛ فى تلك اللحظة الضبابية ؛

وألننى كنـت ؛ آنـذاك ؛ أتـوهم ..المتسارع لثورة المعلومات قد لقح هذه األوهام ؛ فأثمرت مخاوف هائلة ى قل ـ من الذوبان فى الحوامض ؛ التى تفرزها حيات بوتى ـ على األ أنقاذ إأو سبيال يمكننى من ..إمكانية ما

بل ألننى لم أكن قد اكتشفت بعد أن الحوامض تفرز على نحو حتمى ، يكاد أن يكون تمثيال واقع..سريةاأل

نـى وأل..فراد من حولى صابت الكيان الحى لأل أانحرافات ..قدم من وجودى أومنتجات النحرافات وتشوهات ..ولم أكن فى ..ستثمار أموالى بمصر فقد ظننت أن الرسالة تنطوى على دعوة من يحيى ال ..كنت على هذا النحو

تها قراءة سريعة ؛ صرت بعـدها أفقر..لىإرسالها إوتمييز داللة ، وضع يمكننى من احترام محتوى الرسالة : وقال لى، ها أفقر، لى عبد اهللا الفالح إوحملتها دون تدبر؛ ، وبنجاحى ، طروبا بذاتى

ويفرز مثل هذه ، يعيش..فى أنه مازال على قيد الحياة ، هو نما فيه إ، ـ المشكلة ليست فى استثمار قد يخيب مكان وضع بداية جديـدة للحيـاة فـى مجتمـع كامـل ، كـالمجتمع وهام ، يعيش ؛ ويتصور أنه فى اإل األ

هل تذكر تلك الحكاية التى حكاها بـدل أن يحاضـرنا فـى الفـن ..المشكلة أنه نوع من المجانين ..المصرى !!؟..المصرى القديم

:ثم قال، ابتسامة مقتضبة " الفالح"سم وابتربما يكون لعبـد اهللا ، ـ أنا حتى اليوم ؛ ال أعلم أسباب القبض عليه كشيوعى مرة ، وكإخوانى مرة أخرى

وقد تذكرت ؛ أثناء قراءتى هذه الرسالة ؛ حالة يحيـى بعـد ، فقد كان يكره يحيى كرها دفينا ، الفيلمجى دور لقد حصل على شهادة ؛ بعد شهرين ؛ بأن يعامل معاملة األطفال ،إنى ، ١٩٦٧خروجه من المعتقل فى أوائل

وعندى احتمال محسوب ؛ بأنك يمكن أن تنزلـق وتغار منه ،، " يحيى"فأنا واثق من أنك تحب ، فقط أذكرك !!.. لن يفقرك اختبار أوهام قديمة بمليون ؛ أو حتى بعشرة ماليين..خاصة وأنك اآلن مليونير، فى عالمه

، فتلك الشهادة قد حصل عليها باتفاق تم بينه وبين الطبيب " يحيى"فى جنون " الفالح"آنذاك ؛ استبعدت ظنون وقد علمت مؤكدا بحضورى اللقاء الثالث ؛ الذى تكرس فيه يحيـى ، ، بعد جلستين معه ) س(النفسى البارز

وكان الطبيب ؛ ..يه قد صار صديقا حميما ليحيى أن الطبيب المشار إل ، وختم هذا التكريس بخاتم النسر ، أبلها كمـا ..فى الشهور التالية لهذا اللقاء ؛ يضع فى جدول أعماله لقاء أسبوعيا بيحيى ، يمتد أحيانا عدة سـاعات

فقد كان غرورى مشبعا ؛ بدرجة ال تسمح لى بالخروج من ، وتصوراته " يحيى"استبعدت إنزالقى إلى أوهام ، قد التقينا مساء نفس اليـوم ) عبد اهللا الفالح وأنا (وكان ما جرى فعال أننا ، الواسع شرنقتى إلى فضاء يحيى

وكـان مـا .واسترجعنا ؛ بعد عشاء فاخر؛ وعلى دق الكؤوس ؛ وتحت تأثير موسيقى ناعمة ؛ تلك األيـام أن هـذه إال، ألسباب قد تكـون متخالفـة ..أدهشنى ؛ هو شدة نصوع بعض وقائعها فى الذاكرة لدى كل منا

فى ، فلم يحدث أن وعيت بهذه األسباب ؛ إال وأنا أكتب هذه السطور اآلن ..األسباب كانت غير واضحة تماما للقاء معه ؛ لقاءا " يحيى"وأنا بسبيل البحث عن ، " سيدى إبراهيم الدسوقى "هذه الحجرة المتواضعة ؛ من نزل

!...!وأملى أن يقبل..لن يكون بعده فراق•

وكـان كـل منـا ، لم نلتق إال مصادفة ؛ فى الكليـة ..يارة التى روعنى فيها لقائى بأخته األفعى منذ تلك الز ، والفيلمجى ، الفالح : ومن جانبى ؛ لم أفش كلمة عما وقع لى للدائرة الحميمة ..يحرص على أن يكون مهذبا

ياه بيننا ؛ دون المـرور ففكرت فى طريقة تعيد الم .. ولم يحاول من جانبه االقتراب ..وصديق آخر ، ومريم ..وما اكتنفها، بحرج تلك الزيارة

وكـان الفيلمجـى ، وكان الفالح مقررا لنفس اللجنة فى هندسة القاهرة ، كنت مقرر اللجنة الثقافية فى الكلية فاقترحت على نفسى إدارج محاضرة عن الفن ، باإلضافة إلى نشاطه المسرحى كمخرج ..مقررها فى الحقوق

حـاول ..بطلبى منـه أن يكـون هـو المحاضـر " يحيى"وبادرت ، قديم فى جدول نشاط اللجنة المصرى ال ألننـى : سألنى عن سبب إصرارى قلت ..رفضت..أشار على بإسناد المحاضرة إلى أستاذ متخصص ..التخلص

..واثق من أنك إن لم تقل كالما جديدا ؛ فإنك على األقل ستقدم تناوال جديدا ؟ ..ألست تبالغ: نىتاملنى لحظات ثم سأل

وإن شئت الصراحة أنا مشـغوف .. لكن هذا ال يعنى أن أنكر تميزك ..قد نكون مختلفين تماما : قلت ببساطة خصوصا وأننى ..وأحب أن أسمع كالمك فى الفن المصرى القديم ..مازلت مشغوفا بذلك ..نعم..بأن أتعرف إليك

..أالحظ أنك تتجنب المناقشات فى أى أمرأخشى أن .. وكل ما فى األمر هو هذا التحسب ..الكلمة التى ال تحل مشكلة ؛ تعمل مشكلة : و يتأملنى فقال ؛ وه

..أولنا معا..أولى..أقول كالما يعمل مشاكل لك ..لكن نحن نتكلم فى الثقافة..معك حق: قلت ؛ مغريا ، ومشجعا

!!..المشكلةوهذه هى : قال ؛ وهو يبتسم ابتسامته اللطيفة ؛ منذ بدأنا الحديث !؟..الكالم فى الثقافة: سألته متعجبا

!!....بل الثقافة: قال ؛ وهو مازال يبتسم .. فالذى أعلمه هو أننا بالكالم فى الثقافة ال نتجاوز الخط األحمر!!..لست أفهمك: قلت

..!!. اهللا يحظك ؛ يا عبد اهللا: فضحك ضحكة هادئة ، وقال ..حاضر ياعبد اهللا..يمشىكالمك : ثم قال ؛ منهيا الحديث .. والزم تبيض وشنا..هذه المحاضرة مدرجة ضمن قمة الموسم الثقافى للجامعات: قلت محذرا ؛ وموضحا

..!!على المرء أن يسعى: قال ؛ متحيرا•

لم يكن الحضور الكثيف للزمالء والزميالت سببه اهتمام بالثقافة ، أو بموضوع المحاضرة ، بل كان السـبب وبعضـهم ، بعضهم صرح لى بذلك ، كانوا يرغبون فى استكشافة ، " يحيى الظريف "لمحاضر كان هو أن ا

فقد كنت أشد منهم توقا إلى معرفة ما يمكن أن " يحيى"وعلى الرغم من احتكاكى بعالم ، انطوى على فضوله ..يصدر عنه

:يفةأتذكر أنه استهل المحاضرة ؛ بصوت هادئ ؛ وعلى وجهه تلك االبتسامة اللطوكالم ال يودى ، ، وكالم يجيب وال يوديش ، وكالم يودى وما يجيبش ، كالم يودى ويجيب : ـ الكالم أربعة

..!!. وال يجيب

وما لبثنا حتى انـتظم القاعـة ، ثم صفق واحد واثنان ، ثم انفجرت القاعة بالضحك ، وعم ذهول ، وسكت وانتبهوا ، فإذ به يقول، إليهم ؛ فسكتوا " يحيى"فأشار ..تصفيق مدو:

ـ وأنا ؛ آخر من يفهم فى الموضوع الفضفاض لهذه المحاضرة ، لسبب بسيط ؛ أال وهو أن ما خلفه قـدماء وكلها تتسم بأعلى درجات الجودة ، حتى أنـه ..المصريين كان منتجات هدفها إشباع احتياجات قائمة ؛ آنذاك

فهل مر علينا حين من الـدهر كـان كـل ، ت هى معيار الجمال يمكننا التأكيد على أن المالءمة الوظيفية كان واإلجابة عليه ؛ قـد ال .. لقد حملت هذا السؤال طويال؟ ..وكيف تأتى أن يحدث ذلك! ؟..عامل منتج فيه فنانا

، إال الزعم بأن السبب الرئيس يتخلص فـى أن " يودى ويجيب "أستطيع إنجازها ، وليس أمامى ألتكلم كالما ؛ التى تتكون من ذراع يعلوه " رع"تعبر الهيروغليفية عن ذلك فى رسم كلمة ..كانت مندمجة فى العمل الثقافة

أو بين الثقافة ؛ باعتبارها المعنـى ، والحضـارة .. وهى صورة تقول بأنه ال انفصال بين الكلمة والفعل ..فمساطة الموضوع ؛ فى ظاهره ؛ فإننى ومع ب ..باعتبارها المنتجات التى ينتجها اإلنسان الذى يعيش هذا المعنى

لم أستطع استيعاب الطبيعة اإلتصالية بين الثقافة والحضارة ؛ إال بعد إمعان النظر فيما يحلو لنا تسميته بالفن المصرى القديم ، باعتبار أنه منتجات لعمال أنتجوها بقصد االستعمال من قبل ذلك اإلنسان الذى عاش ذلـك

أو بهدف إشباع ما قد يسمى ميال إلى التعبير الفنى المجـرد بـالمعنى الـذى ..لربحالمعنى ، وليس بهدف ا .. نتعاطاه فى أيامنا هذه

هم من ، وهو لم يخطر لى دفعة واحدة ؛ إنما تعلمته على أساتذة ..وهو بالفعل كذلك ، قد يكون كالمى غريبا ودعونى أعـرض علـيكم .. وبالعالم.. فسهمبسطاء الناس ، تعلموا التعاطف والمحبة ؛ من خالل معرفتهم بأن

والنسجيات ؛ صنعها عمال ال يعرفون ما نعرفه نحن ، الخشب ، والفخار، بعض المنتجات القليلة من الزجاج وقد تكرمت اللجنة الثقافية بالسماح بعرض هذه المنتجات ..طالب الفنون ؛ التى نسميها جميلة ؛ من معلومات

، أما أنا فإننى أسمى هذه المنتجـات فنونـا ؛ دون إلحـاق " الحرف التقليدية عينات من صنائع :"تحت مسمى ..وصف معين بها ، حتى يجىء وقت يتبين لنا ؛ فيه ؛ الفرق بين الفنون والصنائع

• وكنت الوحيد ؛ بين الحاضرين ؛ الذى لديه مبرر معقول لتقبل شئ ..رفرف السكوت على رؤوس الحاضرين

لم أدر؛ آنذاك ؛ إلى أين كـان ..وزحف من داخلى شك غامض .. هذا فقد انقبض قلبى ومع..من ادعاءات يحيى وأنـه كـان يحمـل علـى ظهـره األملـس ..واليوم ؛ بعد أن تبينته ؛ علمت أنه كان خوفا ..يتوجه بمخالبه

فهـا هـو يفشـى السـر الـذى ..وندمت على سماحى ليحيى بطرح رؤيته على هذا الجمهور الكبير ..حسدا !؟أنا الذى أخفيت ما شهدت ..فماذا يمكن أن يحدث لى..يس مستبعدا أن يتعاطف مع آرائة غيرىول..أعلمه

وكان أكثر الحضور يتطلعون إليه بـأعين ..فرأيتها مستغرقة فى اإلنصات له ، " مريم"وحانت منى التفاته إلى :وقال يحيى..مستزيدة

تفسير جامع مانع ؛ لما طرحت من مزاعم عن أو ب ، ـ من اإلسراف أن نطالب هذه المحاضرة بتفسير شامل ما يسمى الفن المصرى القديم ، فالتفسير؛ الذى نحن فى حاجة إليه ؛ هو حشد من األعمال ؛ يمكن أن يقـوم

وعلـى بنـاء تعريفـات ، بأعبائها عدد من الباحثين ؛ الذين لديهم الجرأة على الشك فيما تعلموه من بداهات

وفـى ظنـى أن .. فما خلفته من آثارها ؛ كان من عمل اإلنسـان ..مصر القديمة إجرائية جديدة ؛ فى مجال وبديال عن التفسير دعونى أحكى لكم جانبـا مـن ..اإلنسان الذى شاد وأبدع ؛ عبر تاريخه ؛ لم ينقرض بعد ـ ..تجربتى الذاتية ؛ التى أدت بى إلى أن أسوق هذه المزاعم ة فحين كنت صغيرا ؛ لم يشغلنى ما نعنيـة بكلم

، ومع ذلك فقد كنت أرسم وأتدرب على صناعة هذه األشياء ؛ التى ننسبها إلى الحرف التقليدية ، كما " الفن"كنت أستغرق فى تأمل النقوش الهيروغليفية ؛ على األطالل الجرانيتية لمعبد مصرى قديم ، يقع على مسـافة

..من النجع الذى أعيش فيه فى صعيد مصرأربكنى ، وجعلنى أتشكك فـى تعريـف مـا يسـمى .. ب ، وقعت على كالم كثير ولما كبرت ؛ وقرأت الكت

وشيئا بعد شئ ؛ استطعت تمييز األمور من بعضها ، وانتهيت إلى أن نسبة الفنون إلى االلهام ؛ ليس ..بالفنونغير نسبة غامضة ، وأنها مظهر من مظاهر تعبير دارج عن انفصال بين الثقافة والعمـل ، وعليـه ؛ فقـد

وهـى .. وينبغى لى تنمية صنعتى ؛ بكل ما أستطيع من موارد ..فى مجالى " ..صنايعى "عمت لنفسى أننى ز فالنجع عندنا مجموعة من األسر تكون فى مجموعهـا .. كان من أهمها البيئة التى نشأت فيها ..موارد كثيرة ئدا فى كل أعماله التى مارسها وقد كان را ، وجدى هو الزعيم الروحى ، لهذه األسرة الكبيرة ، أسرة واحدة

ليأكل لقمتة ؛ مع هذه األسرة الكبيرة ؛ وعلى مشهد من كل أفرادها ، والعقد اإلجتماعى ؛ قائم على مبـادئ وكان من ..التكافل ، والتراحم ، والمسئولية المشتركة عن توفير شروط الحياة األساسية لكل أبناء هذه األسرة

فى المدارس قد بدأت أتبين اإلختالفات بين األسس المعنوية التى تنهض عليها المسلمات ؛ أننى خالل تعليمى ..الحياة فى النجع ، وبين ما أتلقاه من علوم

• : ثم قال..لحظات ؛ خلت خاللها أنه يعانى ترددا" يحيى"سكت

ضول إلى ولعل بعض هذا البعض قد اشتعل فيه الف ..ـ لقد درس بعضنا التاريخ الطبيعى ، ونظريات النشوء وأصارحكم بأننى قد تعـذبت .. وأنا ضمن هذا البعض ..المعرفة ؛ فاستزاد بقراءات فى هذا العلم ونظرياته

وشـاركت .. حتى كان يوم نصبت فيه الحضرة فى النجع وأقبل أهل النجع عليها ؛ كعادتهم ..كثيرا بما قرأت :ولوبينما أنا فى ذلك ؛ سمعت منشدا يق..فى الخدمة ؛ مثل أقرانى

هذا الوجود الصغير روح الوجود الكبير أنا الكبير القدير إنى : لواله ما قال

وال الفنا والنشور ال يحجبنك حدوثى

)٧١( فإننى ؛ إن تأملـتنى المحيـط الكبــير: فذهبت فى آخر الليل إلى جدى سائال إياه أن يفسر لى فقال ، ومعانيها ؛ اشتدت حيرتى فلما تأملت الكلمات

فتضمن العـالم صـورته الذاتيـة ، ، وقد خلقه على صورته ، إعلم أن اهللا سبحانه قد خلق أول ما خلق العالم ته الذاتيـة ، فتضمنت صورة اإلنسان صـور ، ثم خلق اهللا اإلنسان على صورة العالم ، وصورة اهللا سبحانه

ومـن ، وهكذا أصبحت صورة العالم وسيطا ، من ناحية يتضمن صورة اهللا ، وصورة العالم ، وصورة اهللا

فمن عرف نفسه ، فقد عـرف " ..فتبارك اهللا أحسن الخالقين ، ناحية أخرى هو متضمن فى صورة اإلنسان ..!!"ومن عرف نفسه ، فقد عرف اهللا، ربه

، فق مع ما أراه ؛ من سريان روح المحبة بين الناس فى النجع ؛ فقد ملت إلى تصديقه ولما كان هذا الكالم يت غير أن روحها ، وأنها قد انهارت لسبب أو آلخر ، ورأيت أن الفراديس المفقودة كانت قائمة ، وتوغلت فيه

جدتـه ركامـا فو ..الفعلة لم تمت ، واقترحت على نفسى اكتشاف معراج داخل نفسى ، وداخل تراثى القومى لكننى أواصل جدلى معه ..وكان اإلبحار فى هذا الركام صعبا ، هائال ، ضمن ركام أكبر هو التراث اإلنسانى

..؛ أمال فى أن يؤدى ما أفعله إلى تدخل فاعل ؛ أتبين خالله معراجىهدى كلمـات إال أننى أست ، فأنا مازالت فى أول السفر ، ولست أفرض شيئا ، أو أقطع بشئ ؛ فى لحظتى هذه

:جدى ؛ التى قالها لى فى آخر الليلوسبع أراض ، فى كل سماء ؛ وفى كل أرض منها ؛ قدرات من قدارت ، إن فى قلبك سبع سماوات ..يا بنى "

!!"..واهللا المستعان، فسافر فيك ؛ وفى العالم ؛ سفرين، اإلنسان الخالقة المبدعةوأن هذا التصور عـن ، يدا يظهر فى أفق التطور اإلنسانى وإننى كلما توغلت ؛ كلما تبين لى أن معراجا جد

وسيغير من نظريات كثيرة ؛ طالما اعتنقها اإلنسان ، ودافعت عنها ، اإلنسان ؛ سيعيد للفردية معناها المفقود ..فى المجاالت التى يطلق عليها مجاالت العلوم اإلنسانية ، وضمنها ما يعالج الفنون..نظم التعليم والتدريب

والخالصة ؛ أننى ال أرى أن ثمة فنونا قديمة ؛ إنما هى منتجات إنسانية ، لن نفهمها ونتناولها علـى نحـو وعلـى ، ومـا فـوق الطبيعـة ، والطبيعـة ، اإلنسان: صحيح ؛ إال إذا تعرفنا على تلك المفاهيم مرة أخرى

هم هذه السكينة ، وشيدت بنيـة المجتمعات ؛ التى شادها البشر آنذاك على أساس من هذه المفاهيم ، فحققت ل ..فريدة للتنوع فى الوحدة

• نهض بعده الحضور ، وطافوا حول الصندوق الزجاجى الـذى خصـص ، وساد صمت ، انتهت محاضرته

وبدأ بعدها جدل واسع ؛ كان البد من حسمه بمحاضرة أخرى ؛ ، لعرض ما أراد عرضه من عينات الحرف يحيـى "مؤكدا على أن اجتهـاد ..فأعاد بها االستقرار إلى األذهان ، كلية ؛ قام بها عميد ال الموضوعفى نفس إنما هو محاولة ذاتية محضة ، تظل قيمتها منحصرة فى حدود جدله اإلبداعى ؛ مـع موضـوعاته " الظريف ..!!.وخاماته

أضـيف وإنى مهما أطلت فى سرد وقائع هذا الوجود فلن ، لكن وجودا آخر ليحيى بدأ يتخلق فى جو الكلية أما من جهتى ؛ فقد الحظـت أن ثمـة ..أكثر من تأويل هذا الوجود تأويال سياسيا ؛ من جهة المعنيين باألمر

وتسلحت بكل أسلحتى ، ألقطع هذا الرافد ، ..، فجننت " يحيى"و" مريم"رافدا من الماء بدأ يجرى بين كل من وكيف ألبست ، وأنا أستعيد ذكريات ما فعلت وإننى ؛ اليوم ؛ ألحس بالخجل ؛ ..وأقضى على ما يتهددنى به ..!!. وهالنى ما كنت عليه من نفاق ، وخبث ، وتركيب..سلوكى أزياء طاووسية بديعة

بعـد أن ..آمال أننى سأجده على قيد الحياة ، صار على ان أسعى إليه ..واآلن ؛ وقد عدت ؛ بعد هذه السنين ..!!.أشبعته قتال

• غير أننى تحسبا لما تغيرمنها ..ولم أكن قد نسيت المعالم ، " نجع الحبلى "دى بعد هى مقص " عزبة الطايل "كانت

وتقدم منى شاب ملتح ؛ بـادرنى ، فتبادل الناس نظرات غامضة ،" دار الحمروش "سألت عن ، بفعل الزمن :سائال

!؟ـ هل أنت قريبه :فلما نفيت ذلك ؛ عاد إلى سؤالى

ـ هل أنت صاحبه ؟ :فنفيت ذلك ؛ فقال

ـ فمن تكون إذن ؟ :قلت

..زميل قديم.."يحيى"ـ زميل البن بنته المسمى :ثم ردد كأنه يخاطب نفسه، فهز الشاب رأسه هزات يبدى بها فهما ما

!؟.. زميل قديم!؟.. ـ زميل قديم غير أن حركاته وسـكناته قـد ، ثم غادرنى ، ولم يفدنى بإجابة ..وتفحصنى طويال ، وغرس عينيه فى عينى

ذكرنى بالعداء الذى أحاط بيحيى من كل زمالئنا اليساريين ؛ وذوى الميـول ، أفشت فى الجو عداءا غامضا مستزيدا منـه ؛ كلمـا حانـت ، وكنت آنذاك أزكى هذا الجو العدائى ..الدينية ؛ بعد وقت من محاضرته تلك

:وأفقت من خواطرى على صوت يسألنى، الفرصة ؟ ..بيةـ البيه عاوز يوصل بالعر

:فلما أجبته باإليجاب قال، كرر سؤاله ..فإذ بى أرى عجوزا ؛ محنى الظهر ؛ اليكاد يرى، نظرت ..طوالى..ـ خذ الطريق األسفلت جنب المصرف

:ولما فعلت ؛ قال ؛ كأنه يتذكر أمرا قديما..طمعت فى سؤاله عن يحيى ..!!.الباشمهندس ابن بنت الحمروش..أيوه..ـ الباشمهندس

:ثم قال ؛ وهو يمضى..وتاه بعيدا.. عن الكالموكف ..ـ خذ الطريق األسفلت ؛ طوالى

:وسمعت صوته ؛ قبل أن يبتعد ؛ مجروحا ؛ باكيا ..!!.شى هللا يا أهل اهللا..ـ شى هللا ياسيدى يحيى

، وطاف بى أن المجهول حول !! ..طافت بى صورة يحيى ؛ وقد تحولت ابتسامته اللطيفة إلى ابتسامة ساخرة ..وكان أمامى أن أستقل سيارتى عائدا إلى القاهرة ، وأن أكمل ما بدأته..يمتد" يحيى"

:ولما جلست فى مقعدى إلى جانبه سألنى..ينصت إلى مادار من حديث" كامل"كان عم !؟ ..هل هو رجل مهم..هذا" يحيى"ـ األستاذ

:قلت..مرت فترة صمت بيننا

..مصرـ هو الرجل الذى من أجله جئت إلى :قال عم كامل

فمن أين نبدأ ؟..ـ إذن البد من أن نجده : قلت ؛ كأننى على يقين مما أقول

..ـ من العزبة•

ما أن انتهى الطريق المجاور لمصرف الطايل ؛ حتى ..لم يكن ثمة طريق ممهدة ؛ تصل إلى مساكن العزبة طلبت من عم كامل السـير فـى هـذه ، كافورتحفها من جانبيها أشجار ال ، أبصرنا بطريق ممهدة إلى اليسار

غير أنها لم تكن نفس البيوت التى رأيتها ؛ فى زيارتى ؛ منذ ، وبعد لحظات ؛ طالعتنا بيوت العزبة ..الطريقعلى جانبيها صفان من أسوار ؛ .. وأمامنا كانت حارة واسعة .. توقفت السيارة ..أكثر من خمسة وعشرين عاما

وعبر باب منها ؛ نظرت ، كان ممشى ؛ بدا لى أنـه يقسـم حديقـة ..ال متنوعةفيها أبواب خشبية ذات أشك تساقطت أصداؤها فى نور األصيل ؛ الذى يوشح ، خبطت على الباب فصلصلت قطع نحاسية ..أمامية صغيرة حـين .. كان رجال يناهز األربعين ..من داخل البيت ؛ أتانى صوت ينبهنى إلى قدوم صاحبه .. الفضاء فوقنا

:ورحب ؛ فسألته، فرد ، باب السور ؛ بادرته بالسالم فتح ؟ ..ـ أليست هذه عزبة الطايل

؟..حضرتكم ؛ بال مؤاخذه ؛ عاوزين مين..بعينها..ـ هى ..يحيى الظريف: قلت

"..الحمروش"مضيفا أنه حفيد الشيخ ، كررت االسم ، سألنى ؛ ليتأكد ..اهللا يرحمه..يحيى الفقير..آه: فقال الرجل ؛ مستدركا

:قال عم كامل..وقفت واجما ..وبعد كدا..ريح الباشا..ـ يا أخانا

:فقال..وموقفى، كأن الرجل قد أدرك موقفه ..فجأة .. تفضل يا باشا..أصلى توى دخلت الدار..ـ ال مؤاخذه

:قال عم كامل لى ..ـ أنا منتظر حضرتك فى العربية

:فقال الرجل ..الدار أمان..وأمن عليها، إقفلها ..ار أمان الد..تفضل مع الباشا..ـ ال

• وكـان .. رفعت عينى ؛ فالتقت بفضـاء أثيـرى ..كأنه حاضر فى المكان ..طاف بى يحيى ..عبرت باب السور

يـبص .. كان الباب مفتوحا .. تقدمنا الرجل .. وبتلك الواجهة البيضاء الملونة للدار ..يحيى وجودا يلم باألشجار

وانتابنى توقع قـوى ..ا من تحت تعريشة عنب ، ولما وقفت فى الردهة الواسعة ؛ فوجئت بسقفها المقبى إلين !. ؟..فساءلت نفسى عن معنى ذلك..بأننى سألتقى مع يحيى

البالطات يلمـع فـى زرقتهـا ، يفصلها فواصل من زجاج ، رأيت الردهة مبلطة ببالط ذى مقاسات كبيرة الجدران مغطاة بعجينة من طالء لم أتعرف على مكوناتها ..وأسود، وأحمر، صفرالخفيفة فصوص من رخام أ

تنتهـى ، من صرة السقف ؛ تـدلت سلسـلة نحاسـية ..وفى الجدار أشكال من رفوف مجوفة ..للوهلة األولى اء ؛ وأدى إلى تحريك الهو ، وفى الجدار؛ ثالث كوات متفرقة ؛ بنظام وفر مقدارا كافيا من الضوء ..بمصباح

وتـذكرت المهنـدس ..كانت الردهة تنبئ أن بانيها ليس إال فنانا معماريا له خبرة خاصـة ..فى تيارات خفيفة ؛ الذى حلم بأن عمارة الفقراء التى ابتـدعها سـتحول مسـكن الفقيـر إلـى مسـكن " حسن فتحى "الشهير لينـة ؛ ، قه وسائد مستطيلة فو، مفروشة بحصير ملون ، جلست على مصطبة ؛ على يمين الداخل ..إنسانى

: قال الرجل..وأشياء أخرى، خمنت أنها محشوة بقش ..أصدرت أصواتا ..!!. اهللا يمسيه بالخير".. يحيى"ـ ناس كثيرون يسألون عن الباشمهندس

:قال عم كامل متعجبا !!. ؟..ـ ألم تترحم عليه ؛ حين سألناك عنه

:قال الرجل ..والحى أولى.. ؛ وللميتالرحمة تجوز للحى..ـ ياسيدى

:سألت !. ؟..أليس كذلك..ـ هو إذن لم يمت

:قال الرجل ؛ فى تسليم ..ـ اهللا أعلم

فـى ، وعاد ؛ وهو يحمل أكوابا من زجاج بلدى أزرق ، قام الرجل على أثره ، وسمعت تصفيقا من الداخل :صينية مستطيلة من خشب ، وتقدم نحوى ؛ وهو يقول

.. ؛ فيه شفاءـ الليمون هذا :ثم قال ؛ وهو يجلس

وعن نفسى ؛ لم ألتق بواحـد ..وكل من يقول لك أنه يعرف ؛ فطالبه بالدليل ..ـ أنا ؛ فى الحقيقة ؛ ال أعرف نجـع "أنـا سـافرت إلـى ..وكذلك لم يقدم من زعم أنه قد مات ؛ دليال على موته ..قال إنه حى ؛ وقدم دليال

:فقالوا لى ، وسألتهم عنه ..وزرت أهله ؛ هناك".. الحبلىوأعمالـه .. إنـه مشـغول ..ثم يغادرنا قبـل الفجـر ، أحيانا يأتى بعد العشاء . ـ يحيى هذا ليس له مواعيد

..!!.وهو مضطر إلى السفر..كثيرة :سألته عن آخر مرة رأى فيها يحيى ؛ فقال

كل ..والحمد اهللا " ورشة العزبة " فى أنا ؛ وأعوذ باهللا من كلمة أنا ؛ تربيت ..ـ آخر سنة تسع وسبعين تقريبا .. وعاش فى خيره، جيلى عرف الباشمهندس

:قاطعته ؛ مستفهما !ـ ورشة العزبة ؟

:قالغـرور " والواحد منا اليعرف إال الغيط ؛ والمدرسة اإلبتدائية ؛ فـى ..كنا صغارا ..ورشة العزبة ..ـ طبعا وربنا فتح ، وما فى واحد إال وتعلم له صنعة ..ح له وكل واحد غاوى را ..الباشمهندس عمل الورشة "..الطايلوالنهاردا الناس عرفت ..ربنا يفتح عليه ، وما فى بيت فيك يا عزبة ؛ إال وطاله الخير من الباشمهندس ..عليهعزبـة "لكن ؛ "..عزبة الطايل " وناس تقول ..، إسم جديد ..!!" عزبة الورشة .." حتى اسمها بدأ يتغير ..العزبة ..!!.أحسن؛ " الورشة

!؟..ـ ومنذ عام تسعة وسبعين ؛ وحتى اآلن ؛ لم تره :قال الرجل

سأزوركم . وأنتم بعد هذا ؛ تقدرون على االستمرار..كفاكم منى هذه السنين: " ـ هو قال لنا قبل سفره بشهور ومـا ..فقد أعدنا بناء العزبة دارا دارا .. ، وكان الحق معه .." وسمحت لى الظروف ، ؛ إن كان عندى وقت

يا ..وكله كوم ؛ واإلنارة ؛ والطبخ بالبيوغاز كوم ..تراه حضرتك ؛ فى هذه الدار ؛ جزء من شغل الباشمهندس والحـال دا ، وبصينا ؛ سنعرف الفـرق بـين الحـال زمـان ..لكن لو فكرنا ، العيشة النهاردا صعبه ..باشا

..!!.فى سكتها شغل ياماولو أن الحريقة ؛ يعنى ؛ كنست ..ونحمد اهللا سبحانه وتعالى..الوقت :فقال..فسألته عما يعنيه بالحريقة..سكت

مـن بعـدها ، لو كان الباشمهندس موجودا ؛ لما خسرنا كل هذه الخسـائر ..، كان يوما !! ؟..ـ يوم الحريقة كل حـالل لـه : "الباشمهندس ؛ اهللا يمسيه بالخير؛ قال لنا ".. عبد اهللا األنجر " الورشة اشتغلت لحساب المعلم

؛ ربنا يحفظنـا ؛ " األنجر"لكن ، "عبد اهللا األنجر "، ألنه كان عارفا بمالعيب .." ردوا بالكم لحاللكم ..حرامىوكان هو الذى يسـوق ، وكانت اإلدارة فى يد المحاسب .. الورشة كانت تعمل ..ويده طايله ، أصبح مليونيرا

وتعلمنا ..بنينا العزبة بالجهود الذاتية ..ولنا، شة والمكسب كان للور ..لم نكن ندفع إال أجره والضرائب ..اإلنتاج ..!! وزجاج، ومخرطة ، وسباكة ، ونسيج ، وحدادة ، نجارة : عندنا فى الورشة.. علوما كثيرة

، ..!! لكن ؛ كل حالل له حرامى ..شغل ورشة النجارة ..وهذه الصينية ..هذا مثل واحد : وأمسك بالكوب ؛ قائال عبـد اهللا "وقبلهـا ..ضرب ضـربته ..لم يضيع الوقت " األنجر"..اشمهندس ؛ حصلت الحريقة وفى يوم سفر الب

كان يريدنا ..لم يعجبه أن يكون الواحد منا صنايعى ، وزار النبى ، الذى وقف على عرفات ..؛ الحاج " الطايل، "األنجـر "قد اتفق مع " الحاج"وبينى وبينك ؛ يا باشا ؛ أنا ال أستبعد أن يكون ، وأجدادنا ، كآبائنا ، فالحين

..فهما أوالد خالة•

وافق ، فسـألته ، ولما طلبت من الرجل أن نرى الورشة ..كونت صورة تقريبية عما يمكن أن يكون قد حدث :عن اسمه فقال

..أصلى ؛ بال مؤاخذة ؛ غاوى اإلزاز .."عبد اهللا األزاز"ـ

لكـن ، على حالها ؛ كما رأيتها فى تلك الزيـارة القديمـة وكانت الدار ؛ ..الورشة كانت مجاورة لدار يحيى :فقال، عمن يسكن الدار" األزاز"وسألت ..األشجار صارت سامقة

، والعصـر ، فى الصـبح ، يعنى كل واحد يفوت عليه ليطمئن ..وكل منا يعمل بأصله ..ـ الحمروش يسكنها .. وبعد صالة العشاء

ـ هل يمكن أن أراه ؟ :قال

..فكثيرا ما النجده فى الدار..لو أنه موجود فى هذه الساعة..شاء اهللاـ إن :قلت..فالحمروش ؛ إن كان لم يزل على قيد الحياة ؛ يجب أن يكون اآلن رجال هرما..تعجبت

!. ؟..ـ وهل يستطيع عجوز مثله أن يتحرك بعيدا عن داره : قال ؛ وهو يضحك ..!!. هذا رجل من بتوع زمان، يا باشا ؛ !! ؟..ـ بعيدا عن داره :فقال موضحا، لم أفهم ما يعنيه

وكثيرون من أهل العزبـة ؛ ..ومرة مكة ، ومرة أسوان ، مرة اسكندرية ..وبدون علمنا ، بعلمنا ..ـ إنه يسافر وهـذا الكـالم ..كل سنة يرونه فـى المدينـة المنـورة ..والنواحى ؛ حلفوا أنهم قد رأوه فى المدينة المنورة

..على كل حال ؛ الشيخ الحمروش ؛ لو موجود ؛ سيقابلك..سمعهن ..واستأذن لى، اذهب..طيب :قلت لألزاز

• نجع "؛ التى أنشأها أبوه فى " دار الفقير " بينما أتفحص الورشة ؛ وأقارن بين ما أراه ؛ وما ذكره يحيى عن

:قائال" األزاز"جاءنى ، " الصادق ..ـ الشيخ ليس فى الدار

؟..ألم تكن السيدة والدة يحيى تعيش فى هذه الدار: هسألت ..الست اآلن تعيش فى النجع مع أبناء ابنها: قال

؟..ـ وهل تزوج يحيى :فأجاب ببساطة قلب، سألته

وبعدها سافرت أمـه ..زوجته المرحومة ؛ ماتت فى الحريقة ..ما شاء اهللا ثالثة أوالد ذكور ..وخلف..ـ تزوج ..يبقى لهم.. وطيب أبيهم..ربنا يحنن عليهم قلوب الناس.. النجعمع األوالد إلى

: فقال، عنه" األزاز"سألت ..فى السن ؛ قد أطلق أذنه نحونا ؛ يتسمع" األزاز"الحظت رجال ؛ يقارب ، وفـى " عزبة الورشة "فى " عبد اهللا األنجر "إنه وكيل ..ـ هذا ؛ هو الذى عنده الخبر اليقين عن كل ما تسأل

..!!. ومن يده نأخذ حقوقنا، ويتسلم منا المنتجات ، ، يأتينا بالخامات " ..ورشة العزبة"تعلـو وجهـه ، نحيل ، رجل أسمر، طويل ، واقترب ، فوالنا وجهه ، " األزاز"سمع هذا الرجل كل ما قاله

:قال، صفرة

ولنـا ، " غرور الطايـل "معرض ؛ فى البيع فى ال .. ممنوع البيع .. فى الورش .."توفيق الهن "..ـ أهال وسهال ..بمصر المحروسة، فى الجمالية ، معرض آخر :قال له األزاز

..، وهو صديق قدديم له" يحيى الفقير" لقد جاء يسأل عن الباشمهندس ..الباشا ليس زبونا..ـ ياهن :وسأل.."عم كامل"واستعرض ..فى وجهى" الهن"نظر

!؟أليس كذلك ..تبعكمـ المرسيدس الواقفة فى أول العزبة :لما أجبت ؛ قال

..ـ أي حاجة تحب تعرفها عن الباشمهندس ؛ اهللا يرحمه ؛ يمكنك أن تعرفها من مصادر موثوقة :وهو يقول، عائدا بنا إلى السيارة ، تقدمنا ، وقبل أن أسأله عن تلك المصادر

..وهناك ستعرف كل شئ".. غرور الطايل"ـ حضرتك تروح معى إلى •

واحد من عينة متكررة ، جاءت نتيجة تزاوج عدد مـن األجنـاس ؛ عبـر ..؛ رجل خالسى " عبد اهللا األنجر وبياض عينيه مشوب بحمرة خفيفة شفافة ، عيناه الزرقاوان موشحتان بسواد مكتوم فى عمق إنسانيهما ..أجياله

بهته المسطوحة إلـى الـوراء ؛ وأوحت لى ج ..طالعنى بعينيه ؛ مبتسما عن قواطع بيضاء وأنياب ظاهرة ، :بادرنى قائال.. بشبه هذا الوجه بالببر، وذقنه الغائصة فى لحم خفيف

..!!. ونحب من يحبه.. ، نحن نحب الباشمهندس!؟..ـ صديق الباشمهندس :وأشار إلى المعروضات ؛ فى األرفف المغلقة بأبواب زجاجية ؛ وقال

فهذه المنتجات سـلع ، لقد فتح لنا طريقا للرزق ؛ واسعة ..فيف العقل أو خ ..ـ الينكر أفضاله إال قليل األصل .."المشـروع "؛عند السواح ؛ أنا لم أغير شيئا من سياسـة " الهاندميد"وحضرتك تعرف قيمة ..سياحية أصلية

كما كان األمر عليه ؛ ، كل واحد حر ..فليس لى ؛ أو ألى واحد من رجالى ؛ أى حق فى التدخل مع الصانع والحق حبيب ..واألخطاء فى العمل نصفها على ؛ ونصفها يتحمله الصانع ..م الباشمهندس ؛ واألجر بالقطعة أيا .اهللا

:ثم سأل..مشروبه المفضل..وقدم لنا التمرهندى..سكت !؟ـ أال تريان ؛ معى ؛ أن الدنيا قد تغيرت

..!!.سؤالهذا هو ال..لكن إلى أحسن ؛ أم إلى أسوأ..هى دائمة التغير: قلتولهذا ؛ فاسمحا لـى بـأن أرى إثبـات الشخصـية ..ابن أمه وأبيه ..النهاردا ؛ ما فى إنسان يضمن أخاه : قال !!...أوال

• ..مركزا على منتجـات الورشـة ، يراوغ فى حديثه ..على الرغم من تحققه من هوية كل منا ؛ ظل محتاطا

:طرنى إلى مقاطعته ؛ قائالحتى اض.."المشروع"وعلى دوره الحيوى فى استمرار

هل هـو .."يحيى"كل ما أريد أن أعرفه يخص صديقى .."المشروع"ـ يا معلم عبد اهللا ؛ أنا ال مصلحة لى فى أما إذا كان قد مات؛ فأريـد أن أعـرف ظـروف ..فأين أجده ؟ ، ، وإذا كان حيا !؟حى ؟ ، أم أنه قد مات

..موتهثم قال بكلمات بطيئة ..ونفث الدخان كثيفا ، أشعل سيجارة ..فغادر المكان ، إشارة " الهن"وأشار إلى ..سكت قليال :المخارج

فى أول األمر؛ لم يكـن هنـاك ..إلى الورشة ، ـالحكاية تبدأ من تحويل الفالحين ؛ فى العزبة ؛ من الفالحة من أخصـب ، ون فدانا ولى فى الزمام عشر ..أنا رجل تاجر .. فلم يظهر الخطر إال فيما بعد ..خطر على أحد

؛ " الحـاج "وقد جـاءنى ..؛ عليه رحمة اهللا ؛ له فى الزمام خمسون فدانا " عبد اهللا الطايل "والحاج ..األراضى؛ قـد جاءنـا بـالخراب " يحيـى الفقيـر "إن المهندس ؛ يقصـد : "فقال لى ..ضمن من ذهب إليهم ؛ وكلمهم

ويـذوق .. الفالح ؛ من فالحى العزبة ؛ يـتعلم صـنعة ولما: "قال، ، ولما استوضحته عن ذلك .." المستعجلوالنهـاردا ؛ .. ، كل أهل العزبه عاشوا ؛ وماتوا ؛ على نظـام !؟..هل يمكن بعدها أن تكلمه ..فكرك..المكسب

بل نحن الـذين ..لن نالقى فالحين على مزاجنا ..يعنى ؛ بعد كم سنة ..الولد المهندس جاء يعمل لنا نظاما جديدا "!!...وأنا ؛ واهللا ؛ خايف من الولد المهندس..ال يظهر لك نيته..الفالح لئيم..وأنت عارف.. مزاجهمسنكون على

فإذا ..وعصب التجارة اإلنتاج ؛ كما تعلم حضرتك ..أما أنا؛ فأنا رجل تاجر .."عبد اهللا الطايل "هذا كالم الحاج وإذا ..والدنيا تتغيـر ..دع الملك للمالك ..يا حاج ":المهم ؛ أنا قلت للحاج !!.. لم يكن عندنا إنتاج ؛ ففيم سنتاجر؟

ونحـن ..هو فرد بطولـه ..راح أو جاء . والمهندس ..وللعزبة، فنجاحه هذا نجاح للبلد ، كان المهندس سينجح ولـم يسـمع ..كانـت يـده طايلـه " عبـد اهللا "، لكن الحاج .." ولن يحدث شر ..فاتركه يعمل ، أصحاب البلد

.."المشروع" وبالخصوص حفيده ؛ بعد سنوات أربعة من بداية ..حفيدهو" الحمروش"وخاصم ..لىويمكن حضـرتك .. والورشة ؛ والشهادة هللا ؛ لم تأت إال بالخير ..ومن النواحى ، من العزبة ..لقد تعلم كثيرون

ت والبلـد كلهـا شـهد ..كل بيت ؛ من هذه البيوت ؛ فيه عرق يحيى ..اطلعت على المبانى الجديدة فى العزبة ، وعمل بيوتا جميلـة ..فبنوا البيوت واحدا بعد اآلخر ..واسم اهللا عليه ؛ جعل من العزبة كلها فريق عمل ..له

ثـم عمـل مشـروع ..ولو كنت ؛ أنت ؛ رأيت العزبة زمان لعرفـت الفـرق ..تليق بأن يعيش فيها بنو آدم لبكيت عليـه بـدل الـدموع ، ب يا سالم يا باشا ؛ لو حضرتك تعرف الباشمهندس ؛ ومقدارما تع ..البيوجاز

..!!.لكن غلطته الوحيدة ؛ كانت هى الغلطة ؛ التى أودت به..دما•

وخـرج ، " األنجـر "يحمل صينية عليها فناجين قهوة ، وضعها أمام " توفيق الهن "؛ ودخل " األنجر"سسكت :سألته

.؟.. ـ وما هى الغلطة :قال األنجر؛ وهو ينفخ دخانه بقوة

فقد كـان يحيـى ..ولم أكن أتاجر فى منتجات المشروع ..أنا كنت بعيدا عن كل ما يحدث ..باشاـ السياسة يا وتكلم كالم بطاال فى حق الرئيس المـؤمن ؛ بعـد ..ولما سمعت أنه أفشى معارضته للسالم ..يسوقها بمعرفته

نـدع ..مـن واألمـان يا باشمهندس ؛ نحن اآلن فى مصر األ : "زيارته للقدس ؛ أرسلت إليه مرساال يقول له ، وطبعا ؛ ستسألنى أنت عن السبب الذى دفعنى إلى إرسال هـذا المرسـال .." فالزم شغلك ..السياسة للساسة

..إليه ..وينسج فى هدوء وصـمت ، وبدأ يغزل له المصيدة ..الحق أننى علمت أن الحاج قد علم بمعارضته للسالم

فلم أكن من المعارضين للسالم على العكـس ؛ أنـا كنـت ؛ .."يحيى"ولم أكن بالذى يقف علنا إلى جانب إنما أنا كنـت حريصـا علـى ..ومازلت ؛ أحب الرئيس المؤمن ، وأرى أنه عبقرية لن يجود الزمان بمثلها

ويعلم اهللا ؛ أننى قد وقفت إلى جانبه ؛ حـين بـدأت ..فى أعماله ؛ التى يعملها ؛ فى العزبة " يحيى"استمرار فقد وقف واحد ؛ إمام مسجد ؛ من جماعة الحـاج ؛ ..؛ هنا فى غرور " الطايل" للمشروع من جامع اإلنتقادات

يومها ؛ والبلد كلها تعرف ؛ وقفـت ..إلى جانب الذكور ..وبالمشروع الذى تعمل فيه اإلناث ، يعرض بيحيى ض على عملهـن فـى وال تعتر ، لماذا تعترض على عمل اإلناث مع الذكور ؛ فى الورشة : "سائال الخطيب

أشـد " عبـد اهللا "وبعـدها عـاتبنى الحـاج ..دون التعرض لذكر أسماء ، ، وكشفت الملعوب !!" ؟..الغيطانكان كل ، وحين عدت ، لقضاء بعض مصالحى ، وسافرت إلى القاهرة ، ثم إلى اإلسكندرية ..فزهقت..العتاب

..!!.شئ قد وقع•

!؟ـ ماذا وقع :؛ فقال" األنجر"سألت إن يحيى قد عمل صـيوانا فـى : ناس يقولون ..فالناس تحكى حكايات متنوعة ..مكن أن تعرف الحقيقة ـ ال ي وجاء الناس من كل النواحى لحضور الحفل ؛ الـذى ..وركب مكبرات صوت ؛ فى الجهات األربعة ، الجرن

قـد وقـف " حيـى ي"ويحكى أن ..بعضهم من قبلى ؛ وبعضهم من بحرى ، منشدون ، قيل إنه ليلة ألهل اهللا وال يعلـم ، وضد السالم ، وقال ما قدره شيطانه على قوله ؛ ضد الرئيس المؤمن ، خطيبا فى هذا الصيوان

ولمـا أضـيئ ..وحدث هرج كبير .. البعض يقول إن الكهرباء انقطعت ، وحل الظالم ..أحد ما حدث بالضبط كل النـاس أسـرعوا ..الحريقة فى الورشة وانتبه الحضور على .."يحيى"لم يجد أحد ، مرة أخرى ، الصيوان

..وكانت النار تهدد العزبة كلها..ليكافحوا الناروكل ما يحكى عن اختفائـه مـن ..لم يخطب فيه " يحيى"لكن ، كان هناك صيوان ..نعم: ناس آخرون يقولون

وأنه غادرها ..بةفالبعض يؤكد أنه لم يكن أصال فى العز ..!! الصيوان ؛ خالل انقطاع الكهرباء ؛ كالم باطل فهو أول مكان اشـتعلت فيـه ..والبعض يقول إنه قد كافح النار؛ حتى أكلته فى مخزن الخامات ..عند الضحى

..!!. وخطب فى الصيوان، لكن األغلب ؛ أنه كان فى البلد ..النار فال أحد قـد ..باوستجد عج ..لو أن لك سكة ؛ يمكنك اإلطالع عليه ، وفتحت ملفا للقضية ..وقد حضرت النيابة

كـان فـى " الحـاج " وثبـت أن .."عبـد اهللا " ومع ذلك ؛ فقد اتهم أهل العزبة الحاج ..عثر على جثة يحيى كل : " وقد تعلمت ؛ منذ صغرى ؛ هذا الدرس .. فهو كالم ؛ يزيد كلما تكلمنا .. ومهما كان الكالم ..اإلسكندرية

وقد أعددت لهـذا ..عقل يأمرنى بإدراك ما يمكن إدراكه ، وكان ال "..!! والكالم، إال العقل ، شئ إلى نقصان

كـانوا ..ثم شاركت فى جناز ضحايا الحريـق ..وعاينت األحوال، فنزلت العزبة ..األمر؛ بعد علمى بالمصيبة وأنـت أدرى النـاس ..رحمـه اهللا "..الحاج عبد اهللا الطايـل "وفى القرافة ؛ مات ..منهم زوجة يحيى ..خمسة

..!!.لك قد سمعتولع..بتخاريف الفالحين ..لكنى لم أسمع شيئا عن ظروف موته..سمعت منك ؛ اآلن ؛ أنه مات..نعم: قلت

:قال األنجر؛ وهو يحاول أن يخفى ضيق صدر مفاجىء ، ويرسل عينيه فى فضاء المكانحمـة كان ؛ ر " الحاج"و..!! ـ كل إنسان ونصيبه ؛ والموت يأتينا ؛ حتى لو احتمينا منه فى البروج المشيدة

دماغه لـم .. وهذا ما كان يعيبه " ..الرجعية"ال يخاف أحدا ، والحق ؛ أنه كان من ، اهللا عليه ؛ رجال جسورا ويقف ".. يحيى"وكان ؛ كل الناس ؛ صغيرهم ؛ وكبيرهم ؛ يعرف أنه ال يحب .. ولم يكن مرنا .. يكن متطورا

مكتـب "، و "، والرقابة الصـناعية " التجارى االسجل"، و "الضرائب"وهو الذى سلط عليه .. ضده فى كل وقت لكن الباشـمهندس كـان .. حتى يترك العزبة، ، وباختصار؛ لم يترك ثغرة ؛ إال وضيق عليه الخناق "العمل

..وعرفـت الصـحافة .. ونجح فى تحقيـق أهدافـه ..وفات فى كل هذه المعرقالت ..!! مخ كبير جدا .."مخ"صحيح أن الحاج هـدد يحيـى "..الحاج"، وخرجت الحكاية من يد .!! .شغل ديموقراطية يعنى .. والتليفزيون

يمكن أن يكون قد رتب موضـوع .."يحيى"لم يؤذ " الحاج"إال أننى أظن أن ، وصحيح أن هناك شهودا ..علنا فقد كنت فى اإلسكندرية ؛ ألخلص علـى .. ويوم موته ؛ لم أكن موجودا .. لكن هذا لم تثبته النيابة ، الحريقة

..ما سمعه غيرى..وسمعت..بضاعة مستوردة ..!!. يا هن: وسكت ، ثم صاح

:فقال له كأنه ينفض يده من الكالم فى األمر، ؛ ملبيا " توفيق الهن"فجاء ..عبد اهللا الطايل"ـ إحك للباشا ؛ كيف مات الحاج

• :قال الهن

هو الذى أصـرعلى ..ل ؛ وال كل الرجالرج.. ؛ كان عمدة النواحى كلها" الحاج".. ـ أذكروا محاسن موتاكمدفنـوا أول .. وكانت العزبـة كلهـا حاضـرة .. أن يخرج مع أهل العزبة فى مشهد من راح ضحية الحريقة

زوجة "؛ " عديله"فلما وقفنا عند فتحة القبر لندفن المرحومة ..ولم يحدث شىء ..والرابع..والثالث..والثانى..قتيل وقبل أن ينتبه الناس لما حدث ؛ كانت قد عضت الحـاج ..قفزت من داخل القبر فوجئنا بحية قد " يحيى الفقير وال واحد من النـاس اسـتطاع .. وتتعدد األسباب ؛ والموت واحد..وكل شئ نصيب..!! وهربت، فى رقبته

..!!.ثالثة ؛ كان السر اإللهى طلع.. فى دقيقتين..إسعاف الحاج ..اذا سمعت فى العزبةقل للباشا م: فقال له األنجر..سكت الهن :قال الهن

..!!. أخته ؛ التى تحت األرض ؛ هى التى انتقمت له، ـ واهللا ؛ يا باشا ؛ كلها تخاريف؛ قالوا إنها أخته :سأل عم كامل !ـ أخت من ؟

:قال الهن ..!!.يحيى..ـ أخت الباشمهندس

• ولم ..فى التقاط الورشة بملقاط التاجر " جرعبد اهللا األن "وكان عن دور ..عند هذا ؛ كان قد بقى لى سؤال واحد

..أكن فى حاجة إلى إلقائه عليه :وقفت شاكرا له ضيافته ، فقال ناصحا ؛ ومحذرا

..!!ـ اللبيب ال يقلب األحجار كثيرا ، فربما يكون تحتها هوام ؛ تلدغه دا الرجل ؛ الشبيه وجهه بالببر ؛ هـو قد قتل ؛ فإن هذ " يحيى"وفى قلبى يقين بأنه إذا كان ..ابتسمت له ..لم أر

تركـت .. سألنى أن أترك عنوانى ؛ ليتصل بى ، إذا جد فى األمر جديـد .. واحد من الذين شاركوا فى ذلك .. عنوان الفندق

:ما أن ركبنا السيارة ؛ وانطلقنا ؛ حتى سألنى عم كامل عن اتجاهنا ، فقلت له ..ـ العزبة

:قال عم كامل ..!!حه زفرـ هذا الرجل ري

:قلت ؛ وقد فهمت ما يعنيه ..ـ ال تخش جانبه

:؛ فى داره ؛ مرة أخرى ، وقبل أن أجلس سألته" األزاز"وهناك استقبلنا ..وفى دقائق ؛ كنا فى العزبة !؟..ـ هل حضر الشيخ الحمروش إلى داره

:قال ..!!أعلمواهللا ..لست أظن أنه سيأتى إال بعد أيام..ولم يأت بعد..ـ نزل الليل

:سألته ؟..من ذا الذى قتل يحيى..ـ يا عبد اهللا

:قال ؛ وقد ارتج لسانه بدهشة مفاجئة، هذا شغل ناس فى قلوبهم مرض ؛ والعياذ !! ؟..، ومقتوال ! من الذى قال إنه مات؟ ..ـ الباشمهندس لم يقتل

..!!فمن يزعم لك ذلك ؛ ال تصدقه ، وال تثق به..باهللا ..غادر؛ طلب هو اآلخر اسمى وعنوانى ؛ ليكتب إلى ، إذا جد فى األمر جديدوفيما أنا أ.. شكرته

• .. بشبح الرجل الواقف فى عرض الطريق الترابى ؛ رأيتـه أنـا " عم كامل "فى نفس اللحظة التى أبصر فيها

لرجل بضعة بيننا وبين ا .. طلبت التوقف ..، رأيت الرجل فى يده اليمنى نبوتا " عم كامل "أبطأ .. طلبت التمهل الحظـت أنـه عجـوز ..اقتـرب منـا .. وكان معمما بعمامة ضخمة ، وجلبابه يكشف عن سـاقيه .. أمتار :قال..نزلت..فتحت الباب..هرم

.ـ السالم عليكم ..ـ وعليكم السالم

؟..ـ هل تحملونى معكم على طريقكم إلى دسوق

!؟..ـ ومن أدراك أننا فى طريقنا إلى دسوق ! فى العصر ؟ـ ألم تأتوا من دسوق

.. ـ نعم ..!!ـ وربما تكونون فى طريق عودتكم إلى هناك

فتحت له الباب ، طلبـت منـه ..عجوز، أسمر، ناحل العود ، كأنه جلد على عظام : كنت قد تفحصت الرجل :سألته عن اسمه، لم يرد ، سألنى..انطلقت بنا السيارة..الدخول ، جلست إلى جانبه فى المقعد الخلفى

؟"..يحيى الفقير"تسأل عن ـ هل كنت :قلت له ..لكنى ظننت أن خبرى قد شاع..فوجئت بسؤاله

؟..فهل تعرفه..ـ نعم :قال

..!!والصلب..إنه من أبناء القلب..ومعرفة الحق..ـ حق المعرفة :سألته

ـ فمن أنت؟ :قال

.. والتائهين ؛ من أبناء السبيل..ـ أنا موكل بالحيارى ؟..هل أنت قريبه .. يى من أبناء القلب والصلب بالنسبة لك ـ وكيف يكون يح

!!؟..من يعقل..لكن..وكلنا غرباء..كلنا أقرباء: قال ؟..فماذا تعرف عن يحيى: سألته !بل ؛ ماذا تريد أنت معرفته؟: قال !!؟..أريد معرفة إن كان حيا مازال ؛ أم أنه قد مات: قلت ..!!حسبت أن بينكما ما هو أعظم! ؟..وهل هذا منتهى كل مطلوبك: قال ..!!نعم: قلت

!؟..فهل تدينه بشئ ، أم أنه هو صاحب الدين: فسألنى :سكت ؛ متفكرا ، ثم قلت

..!!ـ اهللا أعلمفهل تمكر بنفسـك ؛ أم .. يا ولدى ؛ الجهل بالقصد مكر ! ؟..ـ فإن كنت ؛ بعد ؛ لم تعلم ، فلماذا تطلبه :قال

!؟..احبكأنك تمكر بص :سكت ؛ متفكرا ، ثم قلت

..!!وقلبى أبيض..ـ ليس عندى نية بالسوء :قال

إن أنزلتنـى : "وعاد على العبد بالعفو والمغفرة ، وقال لعبده الواقف ببابه ..ـ إن اهللا سبحانه قد يسر المعذرة ..!!فافهم) ٧٢"(فى حسنتك ، نزلت فى سيئتك

:قلت ..!!.سن إلى ؛ فأسأتـ ما أردته إال ألنه قد أح

:قالوليس لك ؛ من بعد هذا ؛ إال معرفة مقامك ، ولم يكن يحيى بالذى يطلـب ..ـ فأحسن العمل ؛ إن استطعت

..!!وكان وحيدا..من إنسان إال ما يصلحه !؟..فمن تكون أنت: فسألته..سكت :قال

..!!أل عنهإنزل المرسى ، واس..وليس مثله بالذى يموت..لم يمت" يحيى"ـ إن ..!!انزلنى هنا ، وقاك اهللا شر الطريق: وقال لعم كامل

؟..ما المرسى: سألته

؟..من أنت: سألته..أسرعت أتبعه..فتحت له الباب..لم يرد! :قال

..السالم عليك..والمرسى قرية من أعمال دسوق..ـ أنا الحمروش ..!!و السالم عليه: وأشار إلى عم كامل ، وقال

..!!.أن أنبس بكلمة ، كان قد نزل غيطان الذرة ، واختفىوقبل •

:فى قرية المرسى ؛ قال لى الناس ؛ لما سألت ..!!شى هللا يا سيدى ! ـ سيدى يحيى ؟

طالعت فى أعلى عقد الباب لوحة مـن الحجـر .. دخلت حرم الضريح ..ودلونى على ضريح بجوار الترعة :الجيرى محفور فيها .، صدق اهللا العظيم" أال إن أولياء اهللا ال خوف عليهم وال هم يحزنون: "حيمبسم اهللا الرحمن الر .."هذا مقام العارف باهللا ؛ سيدى يحيى الظريف ، رضى اهللا عنه وأرضاه : "تحتها بحروف بارزة

• ى مولد وعلمت أنه يظهر فى منتصف الليلة الكبيرة ؛ ف .. أنصت إلى الحكايات عن كراماته ..جلست فى مقامه

..!!، فعزمت على اللقاء به ، مهما كان من نتائج" إبراهيم الدسوقى"السيد : ولما عرف عم كامل ذلك ؛ قال لى

..!!فإن فى هذا عزاء جميل ..ـ أطع قلبك

..

فلما رأتنى ؛ عاتبتنى "..الست أم بدرية "إلى " األستاذ"فقد كان أول ما فعلته ؛ أنى حملت كل ما تركه ..أما بعد ..!!والتمست عذرى ، فلم تبد القبول ، حتى تعهدت بأن تكون آخر مرة..على تقصيرى فى حفظ الوداد

:وسألتنى..اتسعت عيناها..وجمت..وذكرت اسمه..وضعت األوراق أمامها !ـ وهو ؟ أين هو ؟

..!!لقد اختفى..وات األوانأنا لم أعرف أنه هو ، إال بعد ف: قلت ..فطلبت منها قراءة األوراق أوال..طلبت منى أن أحكى لها كيف التقيت به

• أخذت أنشف عرقهـا ؛ بينمـا أتملـى حسـن ..وجدتها فى الفراش ، وعرقها صبيب " بدرية"لما دخلت على

: قالت بصوت خافت..فتحت عينيها عن بياض محمر..وجهها !؟..ـ عبد اهللا ..نعم: قلت لها !؟..أين غبت: سألت

:قلت ؛ معتذرا ..ـ فى الدنيا الواسعة

:سألت !؟..فى الدنيا الواسعة..ـ وماذا كنت تعمل

:قلت ؛ وأنا أبتسم لها ؛ محاوال التخفيف عنها ..!!ـ عن ذلك النور المنتظر ؛ كنت أبحث

:قالت..تفرست فى لحظة..فتحت عينيها ..والصداع يقتلنى..تظارهـ أنا تعبت من ان

:قلت لها ..ـ حدثينى

:قالت !؟..ألست عالما بحالى .. ـ وماذا أقول

..!!فقد كنت حقا عالما بحالها.. خجلت •

، وكان وجهها أبيض شاحبا ، وعيناها متقرحتـا "أم بدرية "استقبلتنى الست .. فى الصباح التالى ذهبت إليهما سألتها أن تسـامحنى ، فقـد كنـت الـذى سـلمها فصـال مـن كتـاب ..لبكاء الطويل علمت أنه ا ..الجفون :قالت..أوجاعها

!؟..ـ أنت قد عرفت :قلت لها

..ـ سرك فى بير :قالت

وأما أنا ؛ فليس لى غير سر واحد آن لى أن أكشف ..فالذى لم يبح به ، أفدح مما باح به ..ـ بل أنت لم تعرف ..!!ويا فى بيت الهواجسعنه الغطاء ، بعد أن كان ثا

..ال تقولى يا ست: قلت لها محذرا ؟..فهل قاربته: سألت :قلت

..وحكايتك مع األستاذ فوق مستوى عقلى..أنا لم أجرب حب النساء إال من باب المودة..ـ يا ست :قالت ؛ كأنها لم تسمع

اآلن فقـط ..؛ كان يطوف بـى " ريةبد"وفى الليلة التى حملت فيها ..لى" يحيى"ـ كان عندى سؤال عن حب ..فما أشد وطأته..جاءنى جواب ..كان رجال طيبا : قلت لها

..!!لقد علمت حقا أن لها الخطر البالغ..وللطيبة خطر: فقالت بصوت مرتجف :قلت، ولم أفهم سر رجفتها

..!!ونحن أوالد النهاردا..الحكاية كلها بنت الماضى..ـ يا ست : ت وهى تدمعقال

..! ـ إنى عشت مصلوبة :وجففت دمعها ، وقالت ؛ وهى تمضى إلى حجرتها..ثم إنها انتبهت ..!!وهى رميم..ـ يحيى العظام

؟..ماذا جرى..أيقظنى كالمكما: ذهبت إلى بدرية ، فقالت ..أمك ؛ جاءتها رسالة من الماضى: قلت

؟..وهل تخبرنى أنت: سألتنى .. ستخبرك هىبل: قلت

ويمكن .. وأنا تعبانه.. أنت أخى ، وأبى ، وخالى ، وعمى..عبد اهللا: قالت ؛ بصوت خافت .. أن أموت

فكيف تموتين ؟..يا بنت ؛ أنت لم تعيشى بعد: قلت لها ؛ وأنا أبتسم ابتسامة الخلى! ..والصداع يقتلنى..أنا تعبت: قالت

هل ما زلت ترين عريسك قادما: االبتسامة السعيدة سألتها ؛ وأنا مازلت أبتسم لها نفس ؟.. من الشرق ، ينشق عنه الجدار، ويدخل إليك فى أنواره

من قال لك إنه! عريسى ؟: غمزت غمازة خدها ، همست .. ابتسمت بزاوية فمها اليمنى ؟.. العريس

..!!أفهمها وهى طائرة..ابن حنت..أنت تعرفينى: قلت !؟..ون لمثلى عريسوهل يك: سألت

..!!طبعا: قلت لها مؤكدا ؟..ولماذا لم يأت بعد! ؟.. ـ من ؟ من يكون من بين الرجال

.. وما أخره عنك ، غير الشديد القوى ..أما لماذا لم يأت ، فإنه قد أتى: قلت لها :فنظرت فى عينى ، وقالت محذرة..سكت

وما طلبنى أحـد غيـر .. ون ، لكنى أحس أن سنى آالف السنين أنا سنى ست وعشر ..ـ أنا لم أعد صغيرة !فمن هو ؟..النصابين والحرامية

..أنا: قلت لها ؛ وأنا مازلت ابتسمفلـم أعـرف .. فهطلت دمعتان .. نشفت دمعتيها ..أغمضت عينيها ، فهطل منهما دمعتان ثقيلتان ..اهتز طولها

.. ى أوجعنىوحن قلبى عليها ، حت..ماذا أقول لها :سألتنى هامسة

!؟..فلماذا..؟ أنت لم تسخر منى أبدا..ـ وهل تجبر بخاطرى :سألتها

؟..ـ وهل قلت لك مثل هذا الكالم قبل اليوم :سألت

!!؟..؟ وهل حلمت بى..ـ فهل أحببتنى :قلت لها

..!!أردت أن أعرف رأيك أوال..ـ أنا لم أستأذن أمك :قالت ؛ وهى تنظر فى عينى

..!!ـ خذ إذنها•

وكنت ..ألنها كانت دائمة الفكر ؛ فيما لست أعلمه ، ولم تشركنى فيه " أم بدرية "لم آخذ إذن الست ..توالت أيام ، فى الحديقة ، نفلحها ، وتشذب الزهور، ونرعى األشجار ، وكانت تسرع " بدرية"كل يوم أقضى النهار مع أنها قد أقبلت على الدنيا ، وصارت نفسها مفتوحة للحياة ، فسألتنى والحظت أمها ..فى ارتقاء مدارج الشفاء

:ففكرت ساعة ، ثم دعتنى ، وقالت لى ..، فصارحتها .. ـ أنت تحمل نفسك ما ال تطيق

: قلت .. ـ بل إن هذا هو مطلوبى

:ثم قالت ؛ وهى تعصر كفيها..أطرقت.. سكتت !!فهل تعاهدنى على أن تهجر الحشيش ، وما إليه ؟.. ـ إنى لفى حاجة إلى كل انتباهك

: قلت لها ..!!واهللا المستعان..أعاهدك.. ـ نعم : سألت

ـ وماذا يرغمك ؟ : قلت لها

..واهللا المستعان.. ـ كلنا أوالد وجع : حذرتنى

..!!فال تظلم نفسك.. ـ سيزداد وجعك : سألتها

؟.. ـ أليس فى الرحمة الشفاء : قالت

.. ـ بلى : قلت

..!!ـ فجربينى ، ولن تخسرى : قالت

..!!ـ فاحمل ما أردت : قلت

..ـ إنى رميت حمولى على اهللا

:لما سمعت منى كيف التقيت باألستاذ ، وما دار بيننا ، سألتنى ؟.. من الناسـ ولماذا ال تحيى عادة آبائك ، وأجدادك ، فتكتب ما جرى ، وما يجرى ، على من تعرف

:سألتها

!؟..وهل يجوز ذلك ، فى مثل هذا الزمان.. ـ يا ست :قالت

..!!ولم يكن للناس أن يتوهوا.. ـ لو أن كل واحد كتب شهادته على ما شهد ؛ ما ضاعت الحقائق :قلت لها

!؟..فمن أين أبدأ!! ـ لكن هذا أمر محير : قالت

..مع األستاذأكتب ما جرى لك ..ـ ابدأ بما لديك اآلن :ضمت ما كتبته ؛ إلى ما تركه من أوراق ، وقالت لى ..فلما فعلت ذلك

..فبين أسبابك ؛ التى دعتك إلى كتابته..هذا كتابك األول..ـ خذ :قلت

..!!ـ لكن كل شئ هنا كالم صريح ؛ قد يسئ لبعض الناس :قالت

..!!ـ الحقائق ال تقتل إال صاحب القلب الخربان

ولما علم ابن خالتى بزواجى منها ..فدعوت من رأيت أنهم من أصحاب القلوب العامرة ..دنا موعد الفرح وحد :؛ سألنى

!ـ ألم تكن أرض اهللا واسعة ؟ :قلت له

..!!ومن ربى خير ممن اشترى.. صاحب الشئ أولى بحمله ثم إنها احتوتنى فى ..ريدومألن الحديقة زغا.. وأما خالتى ، فقد حضرت مع حبيباتها

:صدرها ، وقالت لى ..ـ حلوة صالة النبى

: قلت لها ..ـ بشرينى

: فقالت ..!!رزقك واسع..!! ـ رزقك واسع : سألتها !ـ وآخر كالم ؟

:فزغردت زغرودة لعلعت فى الفضاء ، ثم قالت دامعة العينين مخاطبة أمى ..!!حلوة صالة النبى..!! ىـ ابن بطنك اتنصف يا عزيزة عين

، كشفت لها أمها الغطاء عن كل ما جرى ، فبكت ، وبكت ، وسألت عن الذى يمنعه عنهـا " بدرية"وعرفت :بعد هذه السنين ، فقالت أمها

.وسأضع خاتمة لكل هذا الكالم ..ـ أعيدى قراءة أوراقه مرة بعد مرة :سألت أمها.. والدموع فى عينيها " بدرية"نظرت

!! أنت زعالنة منى ؟ـ :دفدفت عليها ؛ وهى تقول ..أخذتها أمها فى حضنها ..!!والبد للتائه أن يهتدى..ـ مصير الغريب يرجع

:سألتها بدرية !؟..ـ فهل نقيم ورشة مثل التى تمناها

:قالت أمها ..!!يوما بيوم..ونسجل لها يومياتها..وتعلمين..وأنت تتعلمين..نقيم الورشة..ـ نعم

:قالت و ..ـ والبد للغريب أن يؤوب

:سألت بدرية ؟..ـ وهل ننجح

:قالت أمها ..!!ـ سيد الشروط المحبة

:فى األيام التالية ، وبينما الست أم بدرية مشغولة بأوراق زوجها األستاذ ؛ قالت لى

..!!وكان يحيى أيضا شاعرا..ـ كان شاعراوسلمت لبدرية صـورا ..ى ؛ بعض شعره الذى جاء فى أوراقه وفى بعض الليالى ؛ كانت تلقى على مسمع من

وكلما كاشفتنى بآمالها ..وكان األمل ينمو فى صدر بدرية بعودته ..ألبيها ؛ ولها معه ؛ فى تلك السنين الغابرة ..وأدعو اهللا فى قلبى..؛ كنت أنحاز إليها

والظـاهر أنهـا قـد ..راق األسـتاذ وكان فى صدرى أسئلة كثيرة ؛ بعد قراءتى ألو ..لم أتجرأ على سؤالها :فقد قالت لى ..أحست

..!!ـ كل شئ بأوان

:فى الليلة األربعين من زواجى بدرية ؛ جاءنا المعلم سيد هيصة ؛ مبشرا ..ـ ناعسة رجعت

:سألته ـ وأين كانت ؟

:قال بيقين ..فى مصر المحروسة.. ـ كانت ماسكة الخدمة فى الديوان

؟..ـ وهى فين دى الوقت :قال

؟.. تحب تشوفها..ـ عند خالتك :قلت

..ـ وجب :فدعا المعلم بشوق ..!!يا طاهرة..يا أم العواجز..ـ شى هللا يا ست

:فسألته ؛ متعجبا من حاله ؟..ـ إيه حكايتك

:قال ؛ وهو يمسح وجهه بكفيه .."..!!كل يوم هو فى شأن "ـ

:وبينما نحن نمضى ؛ قال المعلم ..!!المظاليم كانوا أمم على باب الديوانو..ـ أصل القضايا كترت

• نظرت نحوى ؛ .. بعد لحظات انبعث عبيرها ؛ وفاحت روائحها الجميلة ..لما دخلت ؛ رأيتها فى صدر خالتى

: وهى مازالت فى حضن خالتى ؛ وقالت ..!! ـ مبروك يا وله يا عبد اهللا

:قلت لها..وتبسمت ؛ فأشرق وجهها بنور ..ةـ حمدا هللا على السالم

:قالت ..!!كله منك! ـ أعمل إيه ؟

:سألتها !ـ وأنا عملت إيه ؟

:قالت ..أنا قلت للست على كل حاجة..ـ على كل حال

:سألتها !ـ وقالت لك إيه ؟

:فتبسمت كطفلة ؛ وقالت معاندة ..!!مش قاياللك حاجة! وعاوزنى أقول لك ؟..ـ يوه بقى

:قلت !؟..ـ وعلشان خاطر خالتى

:فقالت مضطرةوالزم هايجيلك .. واللى يجوز على ؛ يجوز عليكى ..دا انتى بنت بطنى ..يا عيب الشوم يا ناعسة : ـ قالت لى

..!!.عدلك :قلت لها !؟..وأنا ذنبى إيه..ـ طيب

:قالت ..!!.اتأخرت على البنية لحد ما كانت هتموت فطيس..ـ أنت اتأخرت

وفيمـا أنـا .. فأشـارت إلـى خـالتى بالمغـادرة ..وبعدها لزمت الصمت ، ودفنت وجهها فى صدر خالتى :سمعت صوتها ينادينى..أفعل

..ـ وله يا عبد اهللا :وقالت بسرعة ..فإذا بوجهها وقد علته حمرة الخجل..نظرت

..!!ـ شد حيلك ؛ وهات لنا نونو ..ثم دفنت وجهها فى صدر خالتى ، وأحاطتها بذراعيها

فلما فتحـت ؛ وجـدت رجـال عجـوزا ؛ مـن أبنـاء ..ديقة زائر عند منتصف الليلة نفسها ؛ دق باب الح

:ولما عزمت عليه بالدخول ؛ قال..الطريقإذا أردت رجاال يعاونون فيما أنت عـازم : "يبلغك السالم ، ويقول لك " يحيى"سيدك .. ـ إنما أنا رسول إليك

.."عليه ، فعليك بورشة العزبة :ناديت ؛ وأنا أنطلق فى أثره..نى ظهره ، وولى فى اتجاه المقابروقبل أن أسترد لبى ، كان قد أوال..أدهشنى

..!!يا موالنا..ـ يا سيدنا ..!!لكنه كان قد ذاب فى الليل

لـم ..دون أن تسألنى ؛ أخبرتها بمـا وقـع ..فى عودتى ؛ وجدت الست أم بدرية ؛ تحت سقيفة الدار ؛ واقفة :قالت لى ؛ وهى تمد يدها بأوراق فى ملف..تعلق ..!!هذه رسالتى..ـ خذ

" " " "

وكـم ..وقد علمت بمجيئك ؛ قبل أن تظهر بجسدك ؛ فى هذه الجهات .. أنت جئت ؛ بعد هذا العمر؛ تطلبنى ولما طرت بجنـاحين ..ثم تعلمت ؛ فى أطوارى ؛ الخروج من شرنقتك ..حلمت بعودتك ؛ فى سكرات آالمى

!!فهل هذا يجوز؟..وشهدت شهودى ؛ فى الليل إذ يغشى النهار، جئت تطلبنى..فى آفاق الحقائق

• الحرب ؛ التى جرت / وردنى طلبك إلى ساحة الحب ..فتذكرت رسالة قديمة أرسلتها إلى ..جئت تطلبنى .. أنت

وأخفيـت عنـى ..فموهت على بالكالم الكبير ..قوكنت ؛ فيها ؛ تبطن المكر العمي ..فى أبعادها خيلك وخيلى وبـذلت الـدموع تقدمـة ؛ ..ونثرت زهور الوعـود علـى أبـوابى ..سبلى إلى الخروج من طوق الحصار

أخرجت تلك الرسالة ؛ من خزانة تلك الحقبة من عمـرى ؛ .. وأجربك ؛ فتجربنى ..فأتشاكل معك ..ألصدقك :نا من الماضىوانبعث..والخجل يعترينى مما كنت عليه آنذاك

ونور الشمس قد انعطف على ظلـه فـى سـاحة ..١٩٦٦ كان عصر يوم خريفى ؛ من أواخر أكتوبر سنة :؛ فقلت لك" يحيى"وعلى مشهد من الماء ؛ سألتنى عن "..قصر النيل"كازينو

..!!ـ أحيانا ؛ أراه حقيقيا ، وملموسا ، أكثر من أى إنسان منكم :ت لى بتمكنوقل..ابتسمت ابتسامة هادئة

..!!ـ إنه يبشر بمعراج كاذب :فلما استوضحتك ؛ قلت

ـ إنى إن انزلقت إلى تصديقه ؛ أكون كمن يحلم ببعث ميت قد مات وأصابه البلـى ، ولـم يبـق منـه إال وبـات المـرء منـا وحيـدا فـى مواجهـة ..وقد هتكت كل األسـتار ..نحن فى عصر الفضاء ..الذكريات ..!!وأن يتسلح بشجاعته ؛ أمام الوحدة ، فهى قدره الوحيد ، والحقيقى..لحقائقوعليه أن يقبل ا..الوجود :وقلت لى

يحيى صـوت ..ـ إن التحصن فى الحصون التى تهدمت ؛ لهو أمر ليس هزليا فقط ؛ إنما هو مأساوى أيضا هم بـذكريات أحـالم ويلوح ل ..؛ القاهرة الظافرة ؛ بأنباء الفراديس المفقودة " المدينة"جاء يبشر ..من الماضى

..!!دارجة ؛عن عصور ذهبية ؛ يمكن بعثها ليعرجوا معه فى معارج األحالم :وقلت لى

ـ بعد معراج المسلمين ؛ والمسيحيين ؛ تبين ألوربا أن معراج اإلنسان مجاله األرض ، وهكذا ؛ غزا هـذا ..!! الجنس األبيض الفضاء

:قلت لك ..!!أتوحدو..ـ أنا فى حضوره ؛ أشعر بالسكينة

:فقلت لى ؛ بنفس التمكنفأنت ؛ يا مريم ؛ قد عشت فى معجزة قيامة الميـت، وتشـربت ..وأنت التى ال تعلمين ..ـ إنه ظلك المفقود

وما كان ..مسام وعيك هذه الظالل ؛ بعد أن رضعتيها من ثدى أمك وأبيك ، فنموت على وعد مطلق بالقيامة ..!!يمكن إال أن تنجذبى إلى ظلك

:لما تأملت كالمك ؛ قلت لكف ..!!ـ لعله هو األصل ؛ وأنا الظل

:فقلت لى ..!!ـ بل إن كليكما ظل ألصل صنعه خوف اإلنسان من الموت ، ومن الطبيعة

:قلت لك ؛ بعد سكوت قام بيننا ..!!ـ هناك من األسرار الكثير؛ مما لست أعلمه

:فقلت ؛ وفى عينيك اشتعلت نار زرقاءولم يحرك أزمنـة البشـرغير ..وليس فى حوزتنا ؛ من األزمنة ؛ غيرزمانه ..إال هذا الجسد ـ نحن ال نملك

وأن نبـدع عالمـا ..فإذا شئنا تحرير أنفسنا من األوهام ؛ فعلينا ؛ أوال ؛ أن نتحمل ألـم الوحـدة ..االقتصادعل ، فنحن ال ننمو ؛ وال ينبغى أن يكون لى أن أف ..وعانيت ، ولست ألومك ..وقد جربت الذى تتوهمين ..جديدا

..!!إال فى آالم النمو :قلت لك

لكننـى ؛ ..، وعنك ، وعن نفسى ، وعن العـالم " يحيى"وهى تخبرنى بأنباء أخرى عن ..ـ إن لى بصيرتى ..على الرغم من ذلك ؛ قد تورطت فيك

: فقلت ؛ والنار الزرقاء لم تزل فى أغوار عينيك ..!!ربلكننا ؛ حتما ؛ سنتقا..ـ قد ال نتطابق

ورأيت أنت أن تتركنى ألخلو إلى نفسى ، وكانت حجتك ظاهرها العدل ، وباطنها ما لم أكن أعلمه ..وافترقنا ..؛ آنذاك

وضعت فى كفى الوريقـات ، ..ففى آخر ديسمبر ؛ فى السابع والعشرين منه ؛ طبقا للتاريخ المثبت برسالتك ، ! ؟..أتذكر..وواجهتنى..؛ الذى كان واحدا من أقنعة سحرك " رقناع الشاع "فلما فتحتها طالعتك فى ..ومضيت

:فإن كنت قد نسيت ، فانصت إلى صوتك ؛ من أجلك أنت ، وليس من أجلى ..على حديه ذبحت

:هذا السيف

..حد الفراق ..!!وحد التالقى

!!؟..أال تخبرونى عن جزاء البرئ !!؟.. عن جسدى المغروس فى محور السواقى

..يدور: عن ثورى ..!!ألشهد النهار..يرفعنى غريقا

..!!يحفضنى ؛ ببئر عميق القرار

..!!أال تخبرونى عن كتاب الموت ؛ والمراقى ..فأقول باب العتق؛ فى مواجهة التيه

..!!وأضع ؛ فى صفحتى البيضاء ؛ حروف المدار

..يا صحبة ؛ عرفت كواكبها . .وأبحرت ؛ فى قوارب الطرب ..وفوقت سهامها نحو الهدف

..!!واحتفلت بنفسها احتفال البخيل بالذهب ..!!يقترب..وصعدت حواجب الدهشة عند سماع صوتى

.. يا صحبة

تفرقت فى الجهات والطلب.. ..لم تنتظر

لم تخبر عن اليوم الذى جاء .. بأو يوم ذه..

كوكب ؛ يدور فى فلك الحقب عن حد.. بحثا عن الجواب!!..

..أقسمت

..!!يعطى اإلجابة: أقسمت فى وجه الزمان بكل حى أن ..عليك بالبكاء: فقال

..ال يعرف الجواب صاحب العقل ، وال صاحب المال ، وال من أحب !!؟.. هل تعرف الجواب.. وكل سائل سأل

..إبك ..فليس كالماء يغسل الكالم

..!!يظهر السؤال

..سالت بى األمواه فى كل األوديةوكنت أحمل السؤال فى كل واد..

..معلقا ..تعليق من نادى أباه ؛ باكيا

فرددت نداءه األبعاد.. ..!!ولم يصل نداؤه إلى أحد

..!! لو كان قد وصل

..وربما..وربما..فربما وربما كان من المحال

..حمل السؤال أن يبعث المصلوب ؛ فى كل الحقب ؛ ي :بينما يقال

..!!هو الذى رفع األرض على المياه

..فانظر معىوانظر إلى..

:وانظر إلى المآلله إلى الصليبممازلت أحمل السؤال ح..

.. مازلت أعتليه ..حتى أرى ؛ من قبة الفلك..يدور كوكبى

..ووجه من هلك.. وجه الذى يحيا ..يسيل فى المياه .. عاهيعاتب الذى د ..!!لمن ملك..عتاب البرئ

..لعله يجيب ؛ فيهبط المشتاق وادى راحته ..!!منعما بنعمة الخروج من لعبة الوجود والعدم

.. ولعبة الوسواس

..ولعبة الذى ارتقى ..!!ولعبة الذى انحدر

.. فكلها تدور فى مالعب األهوية ؛ بين القتيل ، والجالد ، والحرس :هى النهاية السعيدةوكلها تنت

..فيرفع القتيل أرضه على المياه وكلها تردد النهاية المجيدة

من مقتله لميت ينهض ..يدوس الموت بالميالد

..ساعيا فى لجة المياه ؛ يغسل السؤال ..ليبدأ اللعب

..بين القتيل ، والجالد ، والحرس ..!!أو الكالم ؛ والخرس

!اب من مراكب الطرب ؟فمن لى بكم أيها الصح

..فتبصرون بى ..!!فأئتنس

• كان قولك القول الفصل ، فوضعت سالحى ، ودانت لك قالعى ، ودخلت فاتحـا ؛ علـى وعـد بمعـراج

!!فماذا كان المسار ؟..مشتركـ أنت سافرت بى فى الجسد ، وفى كل مرة كنت أتوقع أننى سألتقى بالحب ، وأتعرف على ذاتى ، وعليك ،

وتساءلت عن تلك الوحدة الثلجية ، التى أجد نفسى فى قبضتها ، ..!! وتحيرت.. يتحقق لى هذا لمرة واحدة ولموظننت أن العيـب ..وتشككت كلما رأيتك سعيدا ، متخففا ، تكاد أن تطير بعد كل سفر ..بعد كل سفر لنا معا

أحاسيسى ، ومشاعرى ، فاألمر كـان وأن على ؛ قبل أن أصدر حكما ؛ معرفة نفسى ، ومراجعة ..فى يكمن ..!!أو عبوره ، كيفما اتفق..أخطر من تجاهله

فهل كان ما يفرغه السفر معك من يقين ال يعدو هذه الوحدة ..وفى النهاية ..وفى المسير ..فى البدء : كان الجسد حر كـال منـا وهل كان لذلك صلة بمخاوف كامنة لدى نبعت من اختيارنا ال ! ؟..والتعاسة..الالسعة المخيفة

هل كانت نتيجة استبطانى ؛ بدون شعور منى ، أو إرادة واعية ؛ إلحساس بالذنب ، متـربص ، ! ؟..لآلخرزعمـت أنـت ..هكـذا !! يحرمنى استكناه اللذة ، والسفر فى مركبها إلى شواطئ الكشف عن وجه السعادة ؟

وكانت لحظة الشـك ..شعور بالحرية وراجعت بواطنى ، بحثا عن ذلك النقص فى ال ..وصدقتك إلى حين ..لىفى أن يكون النقص عندى ؛ هى تلك اللحظة التى حدثتنى أنت فيها عن أن فعل الحـب ال يعـدو أن يكـون

وأفضت فى الكالم عن آثاره ؛ مثل التخفف من ضغوط الجسد ، ومما تسببه من ارتباكات ، ..ممارسة الجنس ، !! ماذا يكون ؟ ..فتساءلت أنا عن الحب ..من أغالل االحتياج وانتفاض النفس ..وعن تنظيف أبواب اإلحساس

:وتذكرت سؤالى ليحيى ؛ بعد محاضرته عن الفن المصرى القديم؛ وبعد انفضاض المناوشات من حوله !!؟..ـ وكيف يتسنى أن يكون كل العمال فنانين

:فقال لى ".. الصالح العام" دولة وحياة الناس قائمة على مبدأ..ـ إذا كان الحب هو عقيدة المجتمع

:سألته !؟.. ـ وهل كان الحب هو عقيدة المجتمع ؛ عبر عصور التاريخ المصرى

:قال بيقينفلما انقسم المجتمـع إلـى طبقـات ، الذ ..ـ نعم ؛ كان هو العقيدة الشاملة ؛ فى مرحلة التأسيس واالزدهار

ى ؛ وإن تعرضت للهدم ؛ مازالـت باقيـة فـى وه..الفالحون بهذه العقيدة ، وتأسست تقاليدها عبر العصور ..صميم الثقافة الشعبية

:سألته ؟..ـ وما الحب :قال ببساطة

..ـ أن يكون وجود اآلخر ؛ ضرورة ، وشرطا لوجودى فلم أفهم هذا التعريف للحب ؛ إال بعد ..فهكذا علمتنى ..وألوذ بك ألئتنس ..كنت آنذاك ارتكز على وجود مطارد

غيـر حطـب يحتـرق فـى لهيـب " فعـل الحـب "فوجدت أنى لم أكن حتى فى ..؛ وجربتنى أن جربتك ..!!وكانت عرامتك عرامة الغازى..وجودك

وكيف كان العمل اإلنسانى إجراءا مقدسا ، ثـم كيـف ..جذر كل القيم البناءة للحياة " الحب"حدثنى يحيى عن ، ثم حدثنى عن استعباد المدينة للريف ؛ " ينةالمد"وكيف شيد أعضاء السوق ..تمخض العمل عن والدة السوق

غير أننى ..وشككتنى فى مشاعرى ، وما أبصرته بصيرتى .. فى كالم بسيط ؛ عرضته عليك ، فسخرت منه وكان مـا ..؛ كنت فى أعماقى السحيقة ؛ أبصر بكيانى ينطوى على امتداد فى الزمان ، واشتمال على المكان

.. ، واألمل ، واعدة نفسى بأنه ستأتى اللحظة التى يهدأ فيها سـعيرالرغبة أبصره يعزينى، واستمد منه الصبر ..!! ونرانا معا..وأراك..وحينئذ ؛ سآخذ بيدك إلى تلك األعماق ؛ فترانى..وتخبو نيرانها

..!!لكنك ؛ لم تمهلنى ، كما قد علمت•

!!أم يحيى ؟..أنت: فمن كان منكما ؛ الذى ينبغى له أن يأتى .. أنت جئتفأنا لم أعلم ؛ كم كان حب يحيى لى صادقا ، وبسيطا ، وعميقا ، ومسئوال ، إال بعد زواجى منك ، علمـت

سألنى بعد ..وآنذاك لم أعلم أنه الحب ..ذلك ألول مرة ؛ حين التقيت به خارجا من الكلية يمشى الهوينى مفكرا :أن انتبه

!؟"..ذلك"ـ هل عزمت على :منه ، أو منى ، فقلتمجهوال " ذلك"ولم يكن ..ـ نعم

:فقال لى ؛ وهو يتأملنى ..!!ـ مبروك

:سألته ؛ متجاهلة تمنياته بالبركة ، وأنا أغرس عينى فى عينيه !ـ ماذا ترى أنت ؟

:قال لى بمحبة نقية ، وقد أشرقت عيناه بتشجيع لىة ، وفى كل لحظة؛ أتمنى أال يقع ـ ستعرفين ما أراه ؛ حين يقع ما ليس فى الحسبان ، وأنا ، فى هذه اللحظ

ويومها ، قد يعزيك أن ..ما أظن أنه واقع ، فإذا صدقت بصيرتى ؛ ووقع ؛ فستجدينى إلى جانبك بغير شروط ..!!أكاشفك بما أرى

وكنـت ..لم يأت ذكر ذلك بينى وبينك ، فيومها ؛ كنا منهمكين فى إعداد وترتيب أوضاعنا توطئـة للـزواج واعتـداده ..لى ؛ بأنها صـادرة عـن خيبـة أملـه " يحيى"د ملت إلى تأويل كلمات فارسى الذى وعد ، وق

..وجعلنى احترامى له ؛ ولنفسى ؛ ألتمس له العذر ، فلم نكن إال بشرا لنا ضعفنا ، كما أن لنا قوانا..بذاته تشـطيب قد بذل لنا مساعدات متنوعة ، فهو الذى كان له الفضل فى " يحيى"وأنت تعرف ؛ كما أعرف ؛ أن

لوحاتنا ؛ وتوقيعها ، وهو الذى أتاح لكل منا التسويق بأعلى األثمان ، وقد اشترى من كل منا لوحتين ، ثـم أشار علينا بشراء األرض ، وقام بإنهاء إجراءات البيع والشراء ؛ والتسجيل ، ثم ساعدنا فى بناء هذه الـدار

الوحيد ؛ الذى لم يفعلـه ؛ هـو حضـوره عقـد لقد فعل كل شئ ليتم الزواج ، والشئ ..بمعارفه فى دسوق ..!!فلم يشأ أن يكون شاهدا..القران

ولعلك قد علمت ؛ بعد مجيئك ؛ أن الناس البسطاء ..أنت جئت ؛ بعد أن غدرتنى ، وغدرت ثمرة ذلك الزواج

" الحب"نى فكانوا كأنهم يترجمون لى عن مع ..هنا هم الذين تلقونى ؛ وأنا ساقطة من حالق ؛ فى أكف محبتهم ..!!لى أن أعرفها" يحيى"فتعلمته منهم ، وأخبرونى باألخبار التى أراد ..الذى لم أعلمه منك

فقد مضت لحظات المعرفة بآالمها ، وصرت اآلن أقوى مما كنـت عليـه ، ..لن أحدثك عن كربى ، وآالمى وأعتقد أنـك ؛ ..ب ضاللك وإذا كنت أعتبر أنك صادق الوجع ؛ فى هذه اللحظة ؛ فذلك مرجعه معرفتى بأسبا

، أنا وابنتـى ؛ خـالل هـذه " أعالنى"كان هو من " يحيى"بعد أن جربت ما جربت ؛ ستتحمل أن تعرف أن ..!!ولم ألتق به على الرغم من سعيى ؛ مرات ؛ إلى إتمام اللقاء معه..ولم يزرنا مرة واحدة..السنين الطوال

: وفى طيها حوالة بريدية بمبلغ كبير ، يقول فى رسالته فبعد عدة أسابيع من سفرك ، وصلتنى رسالة منه ؛ال تحزنى ، وإن كان الحزن واقعا ، لقد علمت متأخرا جدا ، وهأنذا إلى جانبك ، وقد كلفت نفسى بضـمان "

؛ ابنتكما ، مهما كانت الظروف ، وإذا سمحت أحوالنا معا بأن نلتقـى ، فسـنلتقى ال " بدرية"حياتك ، وحياة .!!".محالة

حتى كانت مرة بعد مضى عام ونصف العام ..وفى منتصف كل شهر قمرى ؛ كان يصلنى منه حوالة بريدية :يقول فيها " رسالة"من سفرك ، جاءتنى منه

معه ، ولسـت أدرى شـيئا عـن نواياهمـا أو " عبد اهللا الفالح"، وأن " هولندا"علمت أن عبد اهللا استقر فى " منهما الخير والتوفيق ، ولو أرسل إليك بعنوانه الثابت ؛ فاتركى لى رسالة به خططهما ، وآمل أن يكون لكل

..!!فى شباك بريد دسوق البلدومرت ثالثة أعوام ، وكان منتظم المواعيد ، ثم جاءتنى منه رسالة يحكى لى فيها حكاية عن بنـت اسـمها

فأنظر ..ى ، فارتفع عن أرض الوقائع درجة ، وأتذكرك ، وأحزن ، وأتعلم حزن ..!! كلما تأملتها أعتبر "..فاطم"فـأحلق بجنـاح "..الحـب "من نافذة أو أخرى ، تفتح لى على آفاق أغوارى السحيقة ، فأتعرف مجددا على

..!!وأغتسل فى ينابيع الشجن..الشوق

:فانصت إلى صوته..أنت جئت سـؤالك ؛ مشـغوال بمـا عزمتمـا وكنت ؛ قبل .. ؛ عما أرى " عبد اهللا "أنت سألتنى ؛ قبل عقد قرانك على "

وقبل أن أنتبه إليك ؛ كنت مستغرقا بكل مشاعرى فى حكاية قديمة سمعتها من جدى ، وأحيانا كانـت ..عليه؛ إذا وقع عليهن الموت قبل أن يفرحن بشبابهن ، أو تحكيها فى مآتم " بنات البنوت "تحكيها جدتى فى معازى

فمتن ، وقد تساءلت؛ بينى وبين نفسى ؛ عما إذا كان مناسبا أن أحكى لك الالتى تزوجن ، فلم يجدن الهناءة ؛ وأحجمت ، وقلت لك ما قلـت ، ممـا أظـن أنـك مازلـت تحفظينـه فـى ..فلم أجد ذلك مناسبا ..ما أرى ..ووعدتك بأن أخبرك..ذاكرتكـ ..بعد أن حدث ما حدث ؛ فكرت فى أنه قد آن لك أن تعرفى تلك الحكاية ..واآلن ون لـك فيهـا فربمـا يك ":فاطم"قال جدى عن ..أحس ببعضها ، وأكثرها لست أعلمه..فوائد

..!!والمست حبيبها الوحيد بالنقاء..تعرفت بحبها..!! ـ مولودة فى الماء ، فى تمام نضجها ، قمر من رده ملونا ..ألقت وشاحها فى مصابغ النهار ، فرده النهار تيجانا من الزهور ..فى ثوب عرسها من الكتان

..!!فحدثت طيورها عن الغد السعيد..ورده مغسوال فى مغاسل الندى..الطيوف ..فى حضن خالها ؛ نمت

..قد غاب فى السفر.. أبوها ؛ يا بنى ؛ كان صائدا ..!!؛ كما ترى األحالم" فاطم"كانت تراها .. وأمها ؛ ماتت غريقة فى النيل

متوجـا .. ترى أباهـا عاشـقا .. ا غنت أناشيدها فرائس اإلنسان وكلم.. وعندما يفيض النيل بالوفاء كل عام ..!!وذاهبا ؛ يقص األثرا.. منصتا.. بالصمت

قلبـا .. كانت للفـرح .. ولم تكن للحزن بنتا .. مضيئة النوافذ .. الجميلة" فاطم"مفتوحة األبواب للنهار ؛ كانت .. وواحـة للطـائر المسـتجير .. ؛ فى البرد ، والهجير ومنزال للضيف .. أنسا لعابر السبيل .. طروبا للحياة

..واألرض واسعة

بهمسة للشمس ، وهمسـة إلـى .. وتحتفى.. وفوق دار خالها ؛ يا بنى ؛ أعالمها الخضراء ؛ تعانق الشجر ..!!وكلمة ؛ إلى القمر.. النجوم

وصارت مطلبا لكل مولود فـى ..يحكين عن سرها ؛ الذى نادى كل من عبر .. صارت حكاية القوافل " فاطم" ..وبإيعوها باإلمارة.. فاجتمعوا على خالها الحكيم.. البلد

..!!والنساء المخلصات.. أودعتها أيدى الرجال المخلصين.. نطقت أحرف الكلمات الطائرة" فاطم" ..وتباركت األرض.. صعدت فى أعمال الناس ، واخضرت كل األنفاس" فاطم"عبر قـوس المـوج ، " الحبيب"فأقبل .. الوحيد بالنقاء ؛ نادت حبيبها من الغياب " بيبهاح"التى المست " فاطم"

..!!لم يصل.. وحالت بينه وبينها البحور؛ وتهمـس " المحبـوب "وقفت فى الشط اآلخر ؛ تنتظر .. عبرت أبحرها السبعة .. صعدت فى األشواق " فاطم"

..!!ويقبل المغيب بالمساء.. ويحكى الشعراءفتفوح الرقية فى األنفاس ؛ .. للسحرة ؛ والشعراء ..!!عرسها غدا: وقيل

..!!هذا ؛ فكم فى ظلمة المحاق ؛ أعطته نورها األشواق.. فارس من القمر" : محبوبها"وقيل عن ..!!باتت طالئعه ، تنبى عن القدوم والعناق" حبيبها"بأن : هذا ؛ وفى دكنة الليل ؛ عال الصياح

وسـاءلت نسـاء حيهـا .. وأطلقوا البخـور .. لهدايا ، من التمور والعسل ، وخمروا الحناء تسارع الجميع با ..وعن عريسها المنتظر.. الطيورعن أخبار سعدها

وحللـن .. ونضين ثياب األيـام .. النسوة أعددن العدة ، ورفعن عروس األشواق ، من باب الدار إلى الخلوة ..!!ت بخمر الجلوةومألن الكاسا.. ضفائرهن ، وجدائل فاطم

:الدف يدق !!ـ هل جاء عريسك يا فاطم فى الليل ؟

:الدف يدق !!؟".. الحب"ـ هل كانت فاطم تكتشف

:الدف يدق !!؟..ـ هل كانت رقصتها لك

!؟..أم أن الحضرة لخالص كانت فيه المعبد والكاهنة األولى :قال القوال

ونساء الحى يصلين ؛ بدموع منهمرات ؛ كى يـأتى .. ىـ بل كان الدف يدق بدقات الحضرة فى أبعاد الح ..!!الفيض ، يدخلن بفاطم باب التكريس ، يلقين بفاطم فى نار التوق ؛ لتتوحد

دخلت من باب التكريس إلى قدس .. فتحت قدميها بالخطو األبدى على إيقاع الحلم السرى .. فاطم كانت بكرا ..د كما تلقى الريح البذرةلتكون األرض ؛ لحبيب ألقاه الوع.. األقداس

: لكن األصوات تعالت

!!هل جاء بليل ؟! ـ يا فاطم أين عريسك ؟ :قال القوال

وعـن جيوشـه .. تحمل األنباء عن معارك يخوضـها الحبيـب .. قوافال ؛ قوافال ..تترى..ـ وظلت البشائر ..!!المظفرة

!!فتسمع النجوم .. ء ، واإلشادةفكان خالها الحكيم يأمر النساء والرجال بالصالة ، والغنا ..فاتحا فى قلبها باب األمل.. ويرفع البيارق.. وظل خالها الحكيم يحفظ األعالم

..!!وينتظر.. وظل خالها الحكيم ، يستقبل األنباء :سألت جدى

!!؟..ـ وفاطم الجميلة :قال

يرة الموال ، وفى الصباح ؛ تدق تبيت ليلها ؛ تنسج من خيوطها ح .. ـ فاطم الجميلة ؛ تعيش صومها الطويل ..!!والتجار.. بابها النساء ، يحملن موالها ، يعرضنه على عابرى السبيل

إلى متى يجوز أن نقيم الحضرة ، والعروس : وساءلوه.. فأقبل الناس على الخال الحكيم .. وفاح أمرها فانتشر !!بكر لم يفض سرها أحد ؟ :فقال فى نفسه خالها الحكيم

عواصـف .. وأقبلت ؛ من التخـوم .. وأقبلت جياد تحمل الخطاب .. راح زمان الصمت ..!! يها العريس إيه أ " ..!!"مدمدمة

:وقال فى نفسه خالها الحكيم ..!!؛ فى أعال الدار ، لم يرها أحد" فاطم.. "إيه أيها العريس " ..!!؛ التى المستك بالنقاء ؛ لم يرها أحد" فاطم" ..ءمن طائفة األبريا" فاطم"

..!!مولودة قبل أن يوجد الشجار ، والصوت ، والنزاع ..!!مولودة فى الماء

!!"؟.. فمن تريد غيرها ؛ عروسنا المكرسة :وصاح خالها الحكيم مرعدا

ما كـان ..!! بعد وعد ..ومصدر الوعود وعدا ..ومرسل البشائر ..يا أيها العريس ؛ يا صاحب الرسائل العديدة " ..!!"اليوم جاء الغد..واليوم ..قبل الصوت كان

:ساءلت جدى وقد صمت !وفاطم الجميلة ؟.. ـ

:فقطب الجبين ؛ قائال ..!!"سبحان من ملك"ـ

:وقطب الجبين ؛ قائال ..!!"فاطم الجميلة ، فى أعلى الدار ، لم يرها أحد"ـ

:وقطب الجبين ؛ قائال ..!!" .. الرجاليا ضيعة: "موالها الحزين.. تقول فاطم الجميلة"ـ

..وقبل أن يكون الموت.. تعيش عصرها ؛ الذى كان قبل الصوت ..!!"يا ضيعة الرجال : " تقول موالها الحزين

:ثم راح ؛ مرسال صوته بالسؤال..وقطب الجبين ؛ وأرسل العينين فى السماء !؟..فأين وجهك الجميل"ـ

..!!"يا غائبا فى مطالع السعود

: رسالته إلى قال يحيى ؛ فىولست آنس .. ورواية جدتى ال تختلف عنها إال فى االستهالل والختام .. تلك هى حكاية فاطم ؛ برواية جدى "

فى نفسى رغبة فى إثبات رواية جدتى ؛ كما سمعتها منها فى مأتم واحدة من عذارى النجـع ؛ فاسـتهاللها ..!!"واية جدى هى األنسب فى هذا المقامبر" حكاية فاطم"وإنى ألرجح أن .. وختامها عديد.. عديد

ولما أتممت تسعة ، صار على ؛ وقـد خبـت ..فاعلم ؛ أننى قد انتظرتك ، عاما بعد عام ..ـ أنت قد أنصت

وقد ولدت فى اللحظة التى كانت ذروة لتعلمى معنى أنه قد صار على أن أطأ .. شموعى ؛ أن أولد من جديد أن يعلم ابنتى كيف تستخدم قدميها عوضا عن يديها ، وبدأت " عبد اهللا النساج "الموت بالميالد ، حين استطاع

ويوم أخرجتها إلى الناس ألواجه بها العالم ، وكلما تعرفـت هـى بالنـاس ؛ .. أفراحى حين رسمت بقدميها !؟..فهل من نعمة أعظم من هذه النعمة.. أتعرف إلى نفسى ؛ فأولد من جديد

فأما بحثك عنه ؛ فهو لك ، وأما بحثك عنى ؛ فهو لى ؛ قبـل أن ..، وعنى " يحيى"ـ وجئت أنت لتبحث عن فقد فسقت ؛ فلم تطلقنى ، ولم تتذكر أننى على ذمتك ، وربما كنت تنتظر منى أن أطلق نفسـى ، .. يكون لك

وهأنذا قد خيبت ظنك ، ليس لرغبة منى فيك ، إنما لرغبة منى فى أن تختار كيـف يكـون خالصـك مـن ..!!لكأعما

.. ؟ ، والحق أننى ؛ مثلـك ؛ ال أعلـم ..هل هو حى مازال ، أم قد طواه الموت ".. يحيى"ـ قد تسألنى عن .فالحوالة ؛ مازالت تصلنى فى موعدها ؛ حتى كتابتى هذه السطور

رفت ، وما كتبته أنت ، ورسالة يحيى إليك ، قد ع " عبد اهللا النساج "ـ بقى أن تعرف أنه بعد قراءتى لما كتبه ، وأحببته ، كما أحبنى ، حتى أننى تصورته يطلب منى أن أطلق نفسـى " يحيى"؛ أشد من أى وقت مضى ؛

ليس لترددى فى اختيار محتوم ألحدكما ، وإنما لمعرفتى يقينا بأننـا ؛ .. فتساءلت عن اإلجابة السديدة .. منك ..!!على بساط للمحبةوأن اجتماعنا لن يكون إال ..!! وأننا كلنا غرباء.. كلنا ؛ ضحايا

صار نومى برزخيا ، فأنـا .. فيك ، وتوغلك نحوه " يحيى"ـ واسألنى عن نومى ؛ فبعد اطالعى على توغل ؛ الصائمة صومها الطويل ، ثم أرى نفسى أمـا " فاطم"، وتارة ثالثة " ناعسة"، وأنا تارة أخرى " مريم"تارة

فلمـا .. إلى أرض بيضاء، نهارها فضى ، وسماؤها خضـراء حتى انتهى بى المطاف .. لك ، أو أما ليحيى :مقبلة على فى أردية بيضاء فضفاضة تسألنى " عبد اهللا النساج"تساءلت عن مكانى ، رأيت أم

!؟..قلبى على قلبك ؛ يا نور عينى! ؟..ـ إنتى عرفتى يا حبيبتى :ت إليها ، فلم تفهم إشارتى بل قالتفأشر.. فلما هممت بالكالم ؛ لم يطاوعنى لسانى ، ولم يخرج صوت منى

..!!ولو حصل لك أكتر من كده برضه يبقى عندك حق.. ـ عندك حق يا بنتىوكان الصوت الوحيـد ؛ الـذى .. فلما اجتهدت فى إخراج صوت من حلقى ؛ صدرت منى حشرجة كالبكاء ..تميز من حشرجتى ؛ صوت نائح طويل ، كأنه يصدر منى عن غير أمرى

:بد اهللافقالت أم ع ..!!ما أنا أصلى عارفة الحكاية كلها.. ـ دا أنا لما عرفت جيت لك جرى

فحاولت الكالم مرة أخرى ، فلم يخرج منى إال أصوات نائحة ، لم أدر متى تتوقف ، فإذ بأم عبداهللا تسـرع :فقالت.. فلما توقفت أصوات نواحى ، بكيت.. إلى ، وتحتوينى فى حضنها ، وتدعو بالعفو

..!!بللى قلبك المحروق..وه كده يا حبيبتىـ أي :ثم تأبطتنى ؛ وهى تقول

..!!زمانهم قربوا ييجوا..ـ يالال بيناحاولت أن أميز شيئا من معالمها ، .. ولم تكن مثل أرضنا .. كانت األرض البيضاء ممتدة .. طاوعتها ، مشينا

وانتهينا إلى حافـة .. ننا نصعد فى تدرج طويل وشيئا بعد شئ ؛ أحسست أ .. فلم أشهد غير االمتداد الالنهائى أم عبـد "نظرت ؛ فإذ بى فى مقابر واسعة ، تلتحم مع األفق من كل الجهات ، أشارت .. تهبط األرض بعدها

:نحو اليمين قائلة" اهللا ..!!أهم دخلوا..ـ بصىأم " أردية مثـل رداء كانوا صفوفا من الرجال ؛ فى أردية بيضاء ، تتبعهم صفوف من النساء ؛ فى .. نظرتتوقفوا فجأة ؛ حين ظهر من المقابر رجال يرتـدون .. الرجال يحملون على كواهلهم نعشا عظيما ".. عبد اهللا :تقدم أحدهم صائحا بصوت جهير.. السواد

..!!، قلنا هذا من قبل!؟..ـ قد جئتم بهلمحقتل..من يي..

ولمـاذا ال : ثم قال لى عقلى "..يحيى" روعى أنه ربما يكون وقع فى !..سألت نفسى عن الميت ؛ من يكون ؟ !!يكون الميت أنت؟

:فسأل رجل يرتدى األبيض ؛ بدا أنه العظيم بينهم..تقهقر حاملو النعش خطوات !ـ هل جربتم أن يبعث قبل الدفن ؟

:فأقبل من أقصى المقابر رجل ؛ يرتدى مالبس عصرية ؛ وكان يسعى صارخا

.!!.ـ بل كفوا عنه :فلما وصل إلى حيث النعش قال

ميتنا من صلب نبى ؛ قـد .. ميتنا مذبوح تقدمة للرؤيا .. حلم بمريم حلما .. ميتنا هذا عشاق القلب .. ـ يا قوم ..!!صدق الرؤيا

: وقال الذين يحملون نعشه ؛ يخاطبهم واحدا بعد واحد ..خطوة الليلى ؛ فى الصمت ؛ يسمع.. أنصت.. ـ أنت ..!!ت على بعد خطوةحلمه با

: فقال الذى يرتدى األسود ؛ صاحب الصوت الجهير .. أسكت الحزن نهاره.. ـ كلما هم المغنى ..!!أحرفا ميتة.. ويلم الكلمات.. يفتح الموت دثاره

:ثم قال مخاطبا الذى فى النعش ..!!ـ أنت مضنى ؛ وأنا ؛ منذ عرفتك ؛ لم أنم

..!!كنزنا.. ك المخزون تحت الهرمهم.. يا صديقا ؛ كان لى !!؟..من لنا بالرقية! ؟..من لنا بمفتاح الرصد

:فقال المرتدى مالبس عصرية له ..!!أنصت.. ـ أنت

..كما جاء قبال.. جاء فى النيل ..!!جاء يسعى

:لم يلتفت الرجل إليه ؛ بل خاطب الذى فى النعش قائال .. عليكوقع السيف.. ـ قبل أن تخرج منك الكلمة

..!!فسقطت غريقا :فقال الرجل المرتدى مالبس عصرية

..!!ها هى تصعد.. أنظر..!! ـ بل تتناهى الكلمة منهوأبصرت بحاملى النعش وقد وضعوه على األرض ، وجعلوا من أجساد الرجال والنساء البسـى األبـيض

..من النساءصفوفا ؛ فى دوائر متعاقبة ، نصف كل دائرة من الرجال ، يواجهه نصف :قال الرجال ؛ فى صوت جماعى ؛ يخاطبون من فى النعش

أخرج عن أكفانك ؛.. مبسوطة باالعتراف والبراءة.. ـ يا قبضة مطوية على الوعد القديم ..!!واقذف صوب الشمس سهامك.. وارفع قوسك

.. أنظر؛عروسك المريشة .. تخرج من عرين الضوارى ظافرة

.. المحكمةعرق جبينها الكلمات

..!!وسيفها المصرى يثبت النقاط ، والفواصل ؛ على صحيفة النهار :وخاطبته النساء ؛ قائالت

.. ـ انهض من نعشك ..صاعدة عمرها المديد.. تخرج من طوق المذبحة.. عروسك البتول

!!..وقصرها األخير؛ قصرنا.. تفتحت ورودها ؛ عن قصورها المائة.. داخلة مداخل الخلود ":أم عبد اهللا"أو أن األرض هى التى تزلزلت ، وقالت لى .. خيل إلى للحظة أن النعش يهتز على األرض

..!!بصى يا بنتى..ـ بصىوخرج منها أجساد ، كلما اقترب أصحابها ؛ رأيـتهم .. نظرت إلى حيث تشير؛ فإذ بالقبور قد تفتحت أبوابها

وصاروا .. هم على أجسادهم ؛ مثلما يضع الحجيج أثواب إحرامهم يضعون أكفان .. يشبهون الصور فى المرايا وما .. وداروا حول دوائر الواقفين والواقفات .. وتقاطروا فى خفة ، لم يصدر عنهم صوت .. فى مدى النظر

:أن انتهت النساء من كالمهن لمن فى النعش ؛ حتى قال هؤالء الذين قاموا ؛ وخرجواوكلما رأينا أنه الصعود .. ومرت األيام عاما بعد عام .. ى مشانق الغروب ـ ونحن ؛ كم تأرجحت ظنوننا عل

..!!وغصنا الشجن.. ؛ تعلقت عيوننا بنجمة المساء :ثم إنهم تخللوا الصفوف ، حتى اجتمعوا حول النعش ، وخاطبوا من فيه

هرة الصبار فى أبهائنـا ؛ على مراقد السهر، وكلما تفتحت ز .. ـ يا واعدا بالمولد السعيد ؛ تقلبت بنا العيون ..!!هممنا بالغناء ؛ لم تجد عيوننا أحد.. ظننا أنه الغناء

:فصاحت صفوف النساء منتحبات ؛ يخاطبن الميت ..!!خطابها بال عدد.. ـ عروسك المتوجه ؛ إيوانها الفريد فى المدى

:وقال الرجال ..نابضة األعراف.. ثتك الثقيلةوفوق أكتافنا المتعبة ؛ نحمل ج.. ـ نحن نرى الشمس المقدسة

نرفع الظلمة عن عينها ؛ لتـرى العـرس . سامقة األصول .. جليلة.. ثم ؛ نرى الشمس المرتفعة ..!! مبهظة ..!!فإذا الحلم تكلم ؛ تفتح األفق السواعد.. فتحلم

من الصـمت ، ومرت لحظات .. أو أن األرض هى التى تزلزلت .. خيل إلى مرة أخرى أن النعش قد اهتز :وتقدم الرجال البسو األسود ؛ فقالوا.. كأنها دهر متطاول ..!!ـ ها أنتم قد جربتم

وحملوا النعش على كواهلهم .. وكانوا مكسورى الخواطر .. وكذلك النساء .. فإذ بالرجال يعودون إلى صفوفهم ثـم كشـفوا عنـه .. النعشولما وصلوا عندها وضعوا .. ، فتقدمهم البسو السواد نحو حفرة مستطيلة عميقة

وتقدموا به حتى حمله عنهم البسو السواد ، فنزلوا بـه الحفـرة ، .. وتعاونوا فى إخراج الميت منه .. غطاءهفقال لـى " .. يحيى"وفى قلبى طاف بى أنه .. فتساءلت عمن يكون .. وكان الميت طويال مثل نخلة .. وأرقدوه !!ولماذا ال يكون أنت؟: عقلى

جلس عظيم الرجال البسى .. أهالوا فوق األحجار التراب .. قائق عرضية من أحجار بيضاء غطوا الحفرة بر :السواد ، صرخ بصوت جهير

..!!فانثر جنى يديك.. ـ يأتيك الملكان ..يا ابن أبيك.. هأنت وحيد يا ابن الرحم الطيب

..أيام العمر اعتصرتها األفواه الجوعى ..ال يبقى شئ بعد األثداء المعتصرة

..ال يبقى غير اللوعة ..يأتيك الملكان

..ال تترك شيئا قد زرعته النية ..أذكر لقضاتك ما كان

..!!الحلم ، وما ارتفعت عنه الظلمة ..اليوم انقشعت أوهامك ..تركتك تتابع خطوك

..وزهورك باتت تحت األقدام العجلة.. العالم أبنية خربة.. انظر خلفك ؟..ما اسم نبيك

!؟..ل الناموس األكبر ماذا قا !؟..والفعل اإلنسى

!؟..والحب !؟..والرغبة

!!؟..أصوات الناس تناديك ؛ فهل تدنى ميالد العودةورأيت الناس يحملون نعشه فارغا ، .. ثم إنى رأيت من خرجوا من أبواب المقابر ؛ يدخلونها ، فتغلق أبوابها

وسـمعته يقـول .. مقابر يسعى صارخا مازال واقفـا وكان الذى جاء من أقصى ال.. ويعودون من حيث أتوا :لصاحبه دفين الحفرة

..ـ ليس غير العطر قد فاح منك ..!!وسأذكر

ونظر البسو األسود نحو المقابر من حولهم ، واختاروا طريقا بينها مشوا فيه .. ثم رأيته يختفى من حيث جاء " :أم عبد اهللا"وقالت لى .. حتى اختفوا

..!!لو كانوا عارفين ؛ يا بنتى ؛ ما كانوش تعبوا نفسهم كل التعب ده.. رفين إنك هناـ أصلهم مش عا :نظرت فى عينيها مستفهمة ، فقالت

..!!ـ األكاده انتو ؛ يا أوالد المدارس ؛ فيكو حاجة كده : ثم قالت ؛ وهى تقبلنى مودعة.. ثم أشارت بأصابعها فى الفضاء إشارة غامضة

..!! عملت اللى يخلصنى من ربناـ على كل حال ؛ أنا :وفيما هى تمضى نازلة نحو المقابر ؛ قالت لى

..!!ـ طيب جربى إنتى كده :والتفتت نحوى ؛ قبل أن تختفى ؛ قائلة

..!!واسمعى كالمى..ـ جربى يا بنتى أم وفـى كـالم .. وفيما دار من كالم هؤالء الناس .. وقفت أفكر فيما شهدته .. وبقيت وحدى فى تلك األرض

.. فوليت المقابر ظهرى ، وطاف بى أن أنادى هـذا الـدفين .. وطاف بى أننى وحدى الذى بقيت .. عبد اهللا ولم تكن غير خطوات ؛ حتى .. غير أننى وسعت الخطو عائدة من نفس الطريق الذى جئت منه .. فربما يقوم

:لكلماتى أصداء وترجيعإال أننى قلت ، فتردد .. ولم أدر من أخاطب.. خرج منى صوت ؛ على رغمىما لم ..يرى..وعاشق لها .. تفتن باللحظ عاشقا متيما .. تنثر النضار على وشاحها الليلى .. ـ عروسك الذهبية

..!!تبصره عينتشير باإلشارة الـوجيزة ؛ لحاجـب .. تدخل قصرها المجدول من شعور شمسها المرسلة .. عروسك البتول

..!!وحاجب من الملوك.. أميرفسمعت وقع أقدام من كـل أرجـاء تلـك .. وأنصت.. اخل فى األصداء والترجيع أصوات ألحجار تطق تد

.. تلفت من حولى ؛ فلـم أره .. وإذ بأصوات ؛ من بينها سمعت صوتى ؛ تخاطب ذلك اآلتى .. األرض تأتينى :وسعت من خطوى ؛ فإذ باألصوات تخاطبه ؛ وليس ضمنها صوتى ؛ محتفلة به ومبشرة

..ك المحجبةـ عروس ..تفتح األصداف عن سرها

.. تعبر البحر إليك لتلقى قاربك ..وهداياك إليها

..حبك المنسى فى قاع الخزانة ..وهداياك إليها

حبنا المنشور فى وجه الظالم كلمات كلمات كلمات

..أشرعة لكوإذ بى .. طيور ملونة وتدلت من السماء الخضراء .. جريت ؛ وكانت األصوات المختفية تمأل النهار الفضى

ورجل ؛ ال يستر عورته غير تنورة من أوراق القلقاس ؛ يلوح بنبوتـه فـى .. أرى نفسى فى أرض أعرفها .. دى سوق : "صائحا بصوت عميق .. الفضاء وهو يرقص على إيقاع لحضرة ؛ أسمع أصواتها ، وال أراها

فمشيت ؛ فى فيض من دموعى ؛ حتى دخلت ..فعلمت أن المكان قريب من دارى ..!!" ده سوق .. دا دسوق :حديقة دارى ، فإذ بهديل حمائم يمطر فى فضائها ، فوجدت نفسى أردد

!!؟..ـ هل كنت ؛ يا حمام مخبرا ؛ عن وجع العشاق ، أم أن البكاء تقدمة لسر الفراق

.. طويـل وإننى ؛ كلما انتبهت ؛ أحسست فـى قلبـى وجـع التوقـع ال .. هذا ما صار إليه نومى البرزخى ..!!ويحاصرنى االنتظار

""

..وبعدعبـد اهللا "فما كتبه األستاذ .. في ترتيب وتقسيم هذه األوراق " أم بدرية "فإنه ليس فى إمكانى إخفاء دور الست

؛ لم يكن مقسما على نحو ما هو مثبت ، بل هـي التـي " يحيي الظريف"عن عالقته بصديقه " شاه بندر العبد وقد طلبت منها وضع هوامش ؛ لتوضيح بعض الوقائع ؛ فاستمهلتني ، ثـم .. سمته ، ووضعت له العناوين ق

: وبعد أن وضعت رسالتها فى موضعها من هذا الكتاب ؛ قالت لى.. رفضت ..ـ إنها يمكن أن تغنى عن وضع هوامش كثيرة

اكتشفت أننى لم أكن أعلم أن الست فنانة ؛ والست والدتها ؛ فقد " بدرية"و على الرغم من طول العشرة ؛ مع إحـداهما ألمـى ، .. فقد فوجئت بها تطلعنى على لوحات زيتية كثيرة ، كان من بينهـا صـورتين .. كبيرة

وقد تزامن انشغالها ؛ بترتيب هذه األوراق ؛ مع اطالعى على المكان الذى خصصته لنفسها .. واألخرى ألبى لمتزايد باالجتماع بالرجال ؛ الذين استعنا بهم من ورشة العزبـة إلقامـة كما تزامن مع اهتمامها ا .. كمرسم

بزيـارتين " عبـد اهللا الفيلمجـى "وخالل األيام األخيرة ؛ قام .. ورشتنا ؛ فى الجزء الذى حددته من الحديقة ولست أدرى من أيـن ، أو كيـف .. عرض خاللهما استعداده لتقديم أية خدمات تساعد على سرعة اإلنجاز

أما عنى ؛ فقد أصابنى شئ من القلق ؛ خاصـة ..!! أى قلق من زيارتيه " أم بدرية "ولم يبد على الست .. معلقلقـى ، " السـت "، وقد الحظـت " الفيلمجية"وأن األستاذ كان صريحا فيما يتعلق بالكالم عن نفسه ؛ أو عن

:فقالت لى .!!.ـ إن نشر الحكاية كلها ؛ على الناس ؛ قد يغير بعض األمور

:فسألتها !!؟..أم إلى األسوأ..ـ إلى األحسن

:فقالت ؛ بجدية وصرامة ..!!ـ ليس أسوأ مما نحن فيه

..!!" نزور: "، فقالت " ؟..أين: "فسألتها.. الفسحة" بدرية"وبينما كانت ترتيبات إعداد الورشة تتم ، طلبت منى

..!!".الزيارة وجبت..فعال: "وقلت فى نفسى..فكرتفـى " طنطا"، ثم نزلنا " إبراهيم"سيدى "، فزرنا " بدرية"، واصطحبت " الست"لى اهللا ؛ بعد استئذان فتوكلت ع

، وكنت أنتوى اإلقامة ؛ حتى نزور أهل اهللا "الحسين"، ثم " بالسيدة زينب " القاهرة"، وبدأنا فى " السيد"رحاب "..!!.سيدى يحيى الحناش"طلبت منى زيارة " بدرية"فيها ، لوال أن

.. فاجأنى طلبها ، لكنى حين نظرت فى عينيها الالمعتين بالفرح ؛ لم يهن على أن أكسر خاطرهـا ..بصراحة، ولست أنكر أننى كنت متحيرا ، مشغول البال ، بخصـوص !" ؟..من يعرف أين الخير : "وقلت فى نفسى

أحسست بهـذه الحيـرة ، ، علىالرغم من أننى كلما " يحيى الظريف "، والباشمهندس " سيدى يحيى "موضوع سيدى "؛ هو " سيدى يحيى"سواء أكان ..أجد نفسى ـ شئ إلهى ـ أقرأ له الفاتحة ، وأطلب الرحمة ، والمدد

..وسافرنا..، وتوكلت على اهللا..!! فعال..أو هو الباشمهندس"..يحيى

تعـب السـفر ، وحذرتها مـن .. تعجبت.. فى القطار ؛ الحظت أن بدرية قد صهللت ، وكانت آخر حالوة ..!!فضحكت ؛ بمنتهى االنشراح

".. نجع الصادق "، أو "الحبلى" وفى أنها أول مرة أنزل فيها نجع .. أما أنا ؛ فكنت مشغوال ، أفكر فى المشوار .. ، وبكت "يحيى الظريف "فوجدتها تحدثنى عن أخبار فرحتها بالفسحة ، ثم عن أبيها ، وأمها ، و .. أيهما كان

..!!، وسكتت..!!" الشوق:"واسيها قالت فلما حاولت أن أ.. العبتها بكلمة من هنا ، وكلمة من هناك ، وحكيت لها من كل شئ كان ، حتى صفا قلبها مـن الكـدورات

:فقالت لى.. وراقت ، ونورت باالنشراح ..!!ـ يا سالم ؛ يا عبد اهللا :فقالت ..فسألتها عن الموضوع

..!!ـ أصل أنت نفسك سمحة.. أنتى بنتـى وامراتـى :"، وقلت لها ..!!" ال حول وال قوة إال باهللا : "وقلت فى نفسى ..ا خجلت بصراحة ؛ أن

؛ يـا بدريـة ؛ " حلفان"ومن غير .. ربنا يكفينا شر الحسود .. وأنا فى نعمة ؛ لو عرفها الناس لقاتلونى عليها :؛ فقالت وهى تتأملنى.." أنت أختى.. أنت عندى بالدنيا كلها

..ى أمكأبق..ـ وبكره :فقلت بإخالص..شعشعت كلمتها فى دماغى

..!!ـ أنا أتشرف•

استقبلنا خادم الضريح ، وهو رجل نـوبى ، يظهـر فـى .. كان أول ما عملناه ؛ عند نزولنا النجع ؛ الزيارة دى ضـيافة .. كلى: "، فقلت لبدرية " جبر الزاد "فلما صلينا ؛ وقرأنا الفاتحة ، عرض علينا .. وجهه الصالح

نحـن مـن .. فعال: "، قلت له ..!!" إنى أستروح منكما ريح الدسوقى : "، فتبسم الشيخ قائال ..!!" ى يحيى سيد ..!!".ولصاحب المقام نسب ؛ من دسوق : "، فقال..!!" دسوق

ولم أجد فى نفسى الرغبة فى أن أفضى إليه بما عرفتـه عنـه مـن .. وراح الكالم وجاء .. وأخذتنا المحادثة :حتى قال عن صاحب المقام.. ذأوراق األستا

.."يحيى الظريف بن محمد الفقير"الباشمهندس .. ـ والخليفة ؛ هو حفيده :كدت أن أتزحلق فيما ذكرت ، لوال أن بدرية قالت. .هنا

..!!ـ وأنا بنته :ثم سمعتها تقول للشيخ.. وذهلت عن نفسى لحظة.. ساد سكوت

..)وأشارت نحو باب الضريح..!! (، وأزور أهلى ) حوأشارت نحو الضري( ـ وجيت قاصدة أزور جدى :فنور وجه الشيخ ؛ وهو يتفحصها بعينيه ـ كأنه يشبه عليها ـ ثم قال متبسما

..!!حلت البركة..!! ـ حلت البركة•

فقد فرحوا بنا ؛ من أكبرهم ؛ إلى أصغرهم ، وكان يوما ..!! مهما قلت ؛ لن أستطيع أن أفى حق هؤالء الناس ..!! أيام األعيادمن

فقد قادنا الشيخ النوبى إلى دار كبيرة ، وهناك استقبلتنا سيدة صالحة ، ما أن وقعت عينى عليها حتى انتفض ..!!، والست أمها ، لوال السن" بدرية"كانت فيها مالمح .. بلبالى

السيدة ؛ التى عرفت ـ ، لكن هذه..!!" يخلق من الشبه أربعين.. سبحان اهللا: " وقلت ؛ فى نفسى ؛ بعد زمن :، قد فاجأتنى بقولها لبدرية" يحيى الظريف"فيما بعد ـ أنها بالفعل أم الباشمهندس

..!!كان استناكى.. دا أبوكى لو كان عرف..ـ حلت البركة يا حبة عينى :فى حضنها" بدرية"، لوال أن قالت ؛ وهى تأخذ ! أبوها مين ؟: "كنت على وشك أن أسألها

!!مش كده برضى يا شيخة بدرية ؟.. ربنا معاه.. يروح.. منين ما يسمع الندهة.. معاهـ لكن عذره :ونظرت أم الباشمهندس فى عينى وقالت.. أحسست للحظات أننى كاألطرش فى الزفة

..!!يا عبد اهللا.. ـ أمك داعيالك : فلما ميزت حيرتى ، قالت !؟..ـ والال أنت ؛ مش هو

:قلت مؤكدا ..!!هو.. ناأ.. ـ طبعا

:قالت ..!!ـ أصلى يا ابنى شفتك مستغرب

، وأقيمـت " الحنـاش "ألجل خاطر من ذبحت الذبائح ، واجتمع النجع ، ونورت األنوار ، وعمرت سـاحة

وفيما .. ، لم أعرف جوابا لهذا السؤال من أحد من النجع ! الحضرة من بعد صالة العشاء حتى صالة الفجر ؟ فنظرت فى عينى ، وثبتت عينـى فـى .. من األقصر ، صارحت بدرية بحيرتى " لمجرىا"نحن راجعين فى :عينيها ، وقالت

..!!ـ مصير المعلم ؛ يتعلم :ثم سألتنى

!؟..ـ أنت مش كنت بتقول لى كل بنى آدم له أب بالصلب ، وأب بالقلب : قلت

..!!ـ تمام

:قالت ..!!ـ خالص

:سألتها ..بتقول إنه عايش" أم الباشمهندس "ـ هو إيه اللى خالص ؟ دى الست

:متبسمة ؛ وكأنها تكايدنى" بدرية"قالت ..!!ـ إثبت إنه مات

:فقالت معاتبة..ثم ضحكت..بحلقت فى وجهها متأمال !؟..مش أنت وماما اللى قولتولى! ـ أنت بتضحك على إيه ؟

:وزمت شفتيها ، فلحقتها قبل أن تزعل ، وقلت ..!!كلتمام ياست ال.. ـ تمام

فحين سألت جدتهما عنهمـا ، .. ، وتمنيت لو أننى رأيتهما " الباشمهندس يحيى "فى تلك اللحظة ؛ تذكرت ابنى

، وفى نفس اللحظة ؛ التى خطر لى فيها هذا الخاطر ؛ أحسست بظل فوقى، ..!!" إنهما فى الجامعة : "قالت .. ، لكنه ليس هو ، فلم يبد أنه يعرفنـى " األستاذ"فرفعت عينى ، وتشككت فيما أرى ، كان رجال ؛ له مالمح

.. أو حتى يشبه على ، كان يضع عمامة بيضاء ، ويرتدى جلبابا أبيض بلديا ، ويتأبط ملفا له هيئـة الحقيبـة وكان ينظر إلى الكرسى الفارغ إلى جانبى ، تبسم عن لحية قصيرة ، وشارب مشذب ، قد وخطهما الشـيب،

:سوسألنى بصوت هام !..أربعين ؟! ؟..ـالكرسى

كان كما قال ، ولما أجبته ، ونهضت ، ليتمكن من الدخول ، وصار أنفى فـى مواجهـة .. تحققت من الرقم وما أن عبرنى إلى كرسـيه ؛ جلـس فـى ..كانت رائحة حنوط .. صدره ، نفذت منه رائحة انخلع لها قلبى

تتطلع فى " بدرية" خفيفة ، لكنها حاضرة ، ورأيت وكانت.. مواجهتى ، وشعشع بروائح تشبه رائحة الياسمين :وجهه، ثم مالت على أذنى قائلة

..!!الراجل ده ريحه حلو..ـ ماشاء اهللاثم ظلت تختلس إليه نظرات ، بينما هو سارح بعينيه ؛ فى أرض خضراء واسعة كان يمـر بهـا القطـار ،

: ومالت على أذنى مرة أخرى ؛ قائلة بتوجس ..!!لكن عمرنا ما اتقابلنا.. ون شفته قبل كدهـ أنا زى ما أك

:ملت عليها ؛ هامسا ..!!األستاذ..ـ إنه يشبه والدك

:قالت ؛ هامسة ..!!؟ يمكن يكون هو..ـ وايش عرفك

..!!قطعا للشك باليقين..حتى أنى عقدت النية على تجاذب أطراف حديث معه" بدرية"شككتنى ..وبصراحة

بينما فتح الملف ، وأخرج كشكوال فتحه ، وأخرج من الملف قلم .. سامة ظلت هائمة غير أن الرجل ابتسم ابت :حبر عريض السن ، وكتب بخط نسخى جميل ، وببطء شديد

.. إكليل زمانك نوارك" ..وجناح الرحمة

..وأنا المتعب خضت إليك البحر السابع ..!!"وتعرفت عرائس تكليفى ؛ حين تعرفت الموت

..!!بدرية"ظرته ؛ هائمة مع ابتسامته ؛ مسحت وجهى ، ووجه ثم إن ن :وفى اللحظة التى انعقدت فيها نيتى على الكالم معه ؛ كان قد نهض قائما ؛ وهو يقول.. أربكنى

..!!ـ الحمد هللا

:سألتنى بدرية !؟..ـ وليه بس ما كلمتهوش

:قلت ؛ معتذرا ..!!ـ أصلى أنا مش متأكد برضه

وبجوار النافذة وقفت فتاة سمراء ، ممصوصة ، تلوح بحزمة أعواد قصيرة خضراء .. قف القطار تو.. سكتت :فقالت بدرية لى .. تشبه النعناع

..!!اشترى اللى معاها..ـ أنا نفسى هفانى على الملوخية :قلت لها

..!!ـ ده نعناع : قالت

..ـ اتلحلح قبل القطر ما يقوم ..!!خيةوأدهشنى أنها فعال ملو..أسرعت

استغرقت فى مضغ .. رفعت حزمة نحو وجهها ، قضمت بعض شواشيها ، وحمرة الحياء تشرق من وجنتيها

..!!"أصل أنا"األوراق ، وقالت !"كيف عرفت هى ، ولم أعرف أنا؟"وكنت أسأل نفسى

..انتبهت على سكوتها .. سكتت :ا بريقا هادئاقالت بصوت متخافت وهى تغالب حياءها ، وتبرق عيناه

..!!ـ أصل أنا حامل ..!!وأرسلت عينيها عبر زجاج النافذة

ملـت عليهـا ؛ .. ويرفـرف .. وأحسست بقلبى يصـحو ..!! لم أدر إن كان ينبغى لى أن أضحك ، أو أهلل : أداعبها

!والال يا شيخة بدرية ؟..أقول لك إيه ؟ يا بدرية.. يا.. ـ مبروك :قالت وهى مكسوفة

..!! يا أم عبد اهللا..ـ قل لىفإذ بها تتوجه بوجهها نحو ..وفيما عيناها تغيبان تحت جفنيها ؛ طلع من بين رموشها نور ، أعقبه تنبه مفاجئ

، حتى نظرت ؛ فإذ بى أرى ..!!" بص : "ولم تكد تهمس لى .. النافذة ؛ خلفى ؛ وتفتحت عيناها بنظرة دهشة ؛ واقفا أمام النافذة ، فى مواجهة رجل " األستاذ"ذلك الذى يشبه على الرصيف ذلك الرجل ؛ ياسمينى العبير ؛ كانـا .. وبينما القطار يتحرك تحوال بوجهيهما نحو النافـذة .. طويل القامة ، نحاسى البشرة ، يتبادالن حديثا

حتـى .. تبادلنا النظر معهمـا .. ونظرا إلينا نظرة الذى يعرفنا ؛ حق المعرفة .. وعيونهما مشرقة .. مبتهجين :قالت بدرية.. غادر القطار ..هذان الرجالن يعرفاننا.. ـ صدقنى

:قلت ..ـ وأنا ؛ فى قلبى ؛ أحس أننى أعرفهما

:سألتنى متحيرة !!؟..ـ لكن ؛ من هما

:قلت ..ومصير الحى إلى التالقى.. ـ الزمان كشاف

ـ .. وأحطت كتفيها بيمينى ان القطـار يـرج األرض ؛ فأراحت رأسها فى صدرى ، وأغمضت عينيها ، وك ..!!منطلقا

١٩٩٥ إبريل ٢٧ الخميس – شبرا –فى القاهرة : الكتابة األولى ١٩٩٥ يوليو ٢٠ الخميس – المساكن التعاونية –فى الزقازيق : الكتابة الثانية

:

. ؛ من شعر الدسوقى ؛ رضى اهللا عنه األبيات ) ١١: ( ـ ص١ .األبيات من شعر االستغاثات الصوفية ؛ للسهيلى )١٢: ( ـ ص٢ .من دعاء للسهروردى ) ١٢: ( ـ ص٣ .البيت لإلمام أبى حامد الغزالى ) ١٢: ( ـ ص٤ .حديث قدسى ) ١٤: ( ـ ص٥ .القرآن الكريم سورة الشرح ) ١٨: ( ـ ص٦ .ج األبيات للحال) ٢٧: ( ـ ص٧ هذا ؛ واحد من أحالم اليقظة لعم أحمد الوقاد ؛ أحد المهمشين فى مجتمعنا ) ٣٨: ( ـ ص٨ .األبيات ألبى فراس الحمدانى ) ٧٢-٧١: ( ـ ص١٠ ، ٩ .؛ عن نص لم ينشر ؛ لألستاذ عمر الفاروق عمر ـ بتصرف" حكاية هيصة) "٧٦: ( ـ ص١١ .مد عدوية من مطلع أغنية للمطرب الشعبى اح) ٧٦: ( ـ ص١٢ .؛ للشيخ كمال الدين عبدالرازق القاشانى " إصطالحات الصوفية : " األبيات عن كتاب) ٨٢: ( ـ ص١٣ .مطلع أغنية للسيدة أم كلثوم ) ٨٣: ( ـ ص١٤ )٥٨( اآلية– سورة الفرقان –القرآن الكريم ) ٨٤: ( ص-١٥ .البيتان البن الفارض ) ٨٥: ( ـ ص١٦ .؛ للشيخ األكبر سيدى محيى الدين بن العربى ـ بتصرف " نسب الخرقة " : عن رسالة) ٨٨: ( ـ ص١٧للشيخ عبدالكريم " اإلنسان الكامل فى معرفة األواخر واألوائل : " األبيات عن كتاب) ٨٩: ( ـ ص١٨

.الجيلى .من قصيدة للشاعر الصوفى التركى يونس أمره ) ٩٧: ( ـ ص١٩ .حمد شوقى البيت ألمير الشعراء أ) ٩٨: ( ـ ص٢٠ابن مقلة ؛ هو الوزير أبو على بن محمد بن مقلة ؛ الذى أحدث فى الخط العربى خط ) ١١٢: ( ـ ص٢١

الثلث ، وخط النسخ ، وقد أدت غيرة خصومه وشدة حقدهم عليه إلى الكيد له ؛ فقطعت يده ى الخط أسس ابن مقلة نظريته ف.. هجرية ٢٢٦اليمنى ، ثم قطع لسانه ، ومات فى السجن سنة

والتناسب " .. الخط المنسوب : " العربى على أسس التناسب المطلق ، وأودعها كتابه المعروف .المطلق ؛ رؤية رياضية فذة ألسس الخط العربى

.القرآن الكريم ـ سورة قريش ) ١٤٩: ( ـ ص٢٢ .القرآن الكريم ـ سورة العاديات ) ١٤٩: ( ـ ص٢٣

).٦٣ ـ ٦١(اآليات من : ة الفرقانالقرآن الكريم ـ سور) ١٥٢: ( ـ ص٢٤ . ؛ للعسكرى ، الشعر ليزيد بن حذاق العبدى " األوائل: "عن) ١٥٣: ( ـ ص٢٦ ، ٢٥ .امرىء القيس ، وطرفة بن العبد ؛ شاعران جاهليان من شعراء المعلقات) ١٥٥: ( ـ ص٢٧ ).٢٥٩(القرآن الكريم ـ سورة البقرة ـ آية ) ١٧١: ( ـ ص٢٨ .مختارة من العديد الشعبى ) ١٧٦: ( ـ ص٢٩ ). ١(القرآن الكريم ـ سورة الحديد ـ آية) ١٧٦: ( ـ ص٣٠ ).٥(ـ آية " " ـ ) " " ١٧٧: ( ـ ص٣١ ).١١(ـ آية " " ـ ) " " ١٧٧: ( ـ ص٣٢ ).١٨(ـ آية " " ـ ) " " ١٧٧: ( ـ ص٣٣ ).٢٤(ـ آية " " ـ ) " " ١٧٨: ( ـ ص٣٤ ).٣٤(ـ سورة الدخان ـ آية ) " " ١٧٨: ( ـ ص٣٥ ).١٠(ـ آية " " ـ ) " " ١٧٨: ( ـ ص٣٦ ).٥١(ـ آية " " ـ ) " " ١٧٩: ( ـ ص٣٧ ).١(ياء ـ آية ـ سورة األنب) " " ١٧٩: ( ـ ص٣٨ ).١٠(ـ آية " " ـ ) " " ١٨٠: ( ـ ص٣٩ ).٨٧(ـ آية " " ـ ) " " ١٨٤: ( ـ ص٤٠ ). ٩٤(ـ آية " " ـ ) " " ١٨٤: ( ـ ص٤١ .مختارتان من العديد الشعبى ) ١٨٥-١٨٤: ( ـ ص٤٣ ، ٤٢ .مختارات من العديد الشعبى ) ١٨٥(: ـ ص٤٦ ، ٤٥ ، ٤٤ ).١٨(القرآن الكريم ـ سورة ابراهيم ـ آية ) ١٨٦: ( ـ ص٤٧ .مختارة من العديد الشعبى ) ١٨٦: ( ـ ص٤٨ ) " " " " .١٩٣: ( ـ ص٤٩ ) " " " " .١٩٣: ( ـ ص٥٠ ).٥ـ١:(يات منالقرآن الكريم ـ سورة يس ـ اآل) ١٩٤: ( ـ ص٥١ ).١٢(ـ آية " " ـ ) " " ١٩٥: ( ـ ص٥٢ ).٢١ ،٢٠(ـ اآليتان " " ـ ) " " ١٩٥: ( ـ ص٥٣ ).٢٢(القرآن الكريم ـ سورة يس ـ آية ) ١٩٥: ( ـ ص٥٤ .من أغنية لألستاذ محمد عبدالوهاب ) ١٩٦: ( ـ ص٥٥ ).٥٢ ـ ٤٨:( الكريم ـ سورة يس ـ اآليات منالقرآن) ١٩٧: ( ـ ص٥٦ .ـ سورة اإلخالص ) " " ٢٠١: ( ـ ص٥٧

لمحمد بن المنور بن أبى " أسرار التوحيد فى مقامات الشيخ أبى سعيد : " عن كتاب) ٢٠٤: ( ـ ص٥٨ .سعيد

:الرسالة التاسعة مستلهمة من المصادر التالية) ٢٥٧: ( ـ ص٥٩ لألستاذ عمر " ثقافة الصخر وحضارة الطين : " ـ ورقة بحث بعنوان

. الفاروق عمر .للدكتور نبيل على " العرب وعصر المعلومات : " ـ كتاب

ـ مقاالت األستاذ سامى خشبه بأهرام الجمعة ؛ التى تتناول التحديث فى . مصر

، وقد اشتق اسمها مـن الحـال " حمدون القصار"؛ فرقة صوفية تنتمى إلى " المالمتية ) " ٢٦٧( ـ ص ٦٠التى الزمت هؤالء ؛ من حيث كثرة لومهم ألنفسهم ، ويشتهر عن هذه الفرقة تعمد المبالغة فى إخفاء

، كما اشتهر أفرادها بالبعد عن الناس ، والمبالغة وسائل قربهم من اهللا تعالى ، أو صالحهم فى الحال .فى االحتراس منهم والكتمان

.حديث نبوى شريف) ٢٧١( ـ ص ٦١. إلى الجحيم : "ـ من كتابه" أعراض االنهيار"العبارة لهربرت ريد ؛ مقال ) ٢٧٣( ـ ص ٦٢

. ستفدت من هذا الكتاب وقد ا) تحت الطبع(، ترجمة األستاذ عمر الفاروق عمر ـ " بالثقافة ).٣٥: (القرآن الكريم ـ سورة النور ـ آية) ٢٨١: ( ـ ص٦٣ .موال شعبى من التراث الشفهى) ٢٨٤: ( ـ ص٦٤ .مثل شعبى) ٢٨٥: ( ـ ص٦٥ .من األمثال الشعبية) ٢٨٦( ـ ص ٦٩ ، ٦٨ ، ٦٧ ، ٦٦ .من رباعيات الخيام ؛ ترجمة أحمد رامى) ٣٢٧: ( ـ ص٧٠ األبيات للشيخ األكبر سيدى محيى الدين بن العربى ـ الفتوحات المكية ) ٣٣٨: ( ـ ص٧١

. موقف الصفح الجميل: النفرى ـ المواقف والمخاطبات ) ٣٥٢: (ـ ص٧٢