فلسطين تحدث « قدمة للمؤتمر االستراتيجيبحث علمي م الذي نظمته جامعة النجاح الوطنية ووزارتا الحكم ،»أخبارها

المحلي والثقافة، بعنوان:

قرية برقة المهجرة: دراسة تاريخيةاجتماعية سياسية

()كمال علي أبو شاويشإعداد الباحث/

الملخص بحثت هذه الدراسة في التاريخ االجتماعي والسياسي لقرية برقة المهجرة،

وحاولت تفنيد سمات الحياة االجتماعية واالقتصادية، خالل فترة االنتداب البريطاني على فلسطين. وقد وقفت الدراسة على بعض تفاصيل الحياة النضالية ألهل القرية،

من حيث تشبثهم باألرض وكفاحهم ضد اإلقطاع الزراعي، وتكشف النقاب عن أسماء من باعوا أراضي القرية للمستعمرين الصهاينة، وكذا الظروف التي واكبت الهجرة

م، وقد اعتمد الباحث على ما استطاع الحصول عليه من1948القصرية في عام شفاه من عايشوا تلك المرحلة. وقد خلصت الدراسة لمجموعة من النتائج المهمة،

، حول مواقع بعض المستعمرات»التاريخية«وقدمت تصحيحا لبعض األخطاء الصهيونية المقامة قبل النكبة، على األراضي المنهوبة من القرى الفلسطينية في

قضاء غزة. واختتمت الدراسة بمجموعة من التوصيات العاجلة، حول أهمية التركيزعلى التأريخ الشفوي.

Abstract

This study discussed the social and political history of the depopulated Burqa village, and tried to explain the characteristics of social and economic life, during the British Mandate over Palestine. The study has stood on some details of the struggle of the villagers, in terms of their stuck to the ground, and their struggle against the feudalism, it also, unveiled the names of who sold the lands of Burqa village to Zionists colonists, furthermore the circumstances that accompanied the forced migration in 1948. The researcher relied on what he got from the lips of those who were living that period. Indeed, this study concluded to some important results, and presented a correction for some » historical « errors; about sites of some Zionist colonies, that established before the Nakba on the looted land from Palestinian villages in the district of Gaza. The study concluded with a group of urgent recommendations, about the importance of focusing on oral history.

مقدمة: 1

واحدة من عشرات القرى الفلسطينية التي هجر أهلها في» برقة«قرية قرية تقع في قضاء غزة. ال53، وهي واحدة من أصل »النكبة«م 1948أحداث حرب

تختلف برقة كثيرا في حياتها االجتماعية واالقتصادية عن غالبية القرى الفلسطينية، بخاصة تلك التي تنتمي لقضاء غزة، إال أنها تميزت عن مثيالتها بحالة من الحراك

النضالي المبكر حول ملكية األراضي، بين مالك األرض األصليين )من أهالي القرية( ، انتهت في األخير لتسرب جزء كبير من«األفندية»ورجال اإلقطاع الزراعي من

أراضي القرية، وإقامة مستعمرة صهيونية عليها.

وقد تناولت هذه الدراسة األوضاع االجتماعية والسياسية لقرية برقة المهجرة، خالل فترة االنتداب البريطاني، وما تالها خالل مرحلة التهجير. فهي تلقي الضوء على

الموقع الجغرافي )إحداثيات القرية وموقعها بالنسبة لفلسطين(، ومساحة األراضي التابعة ألهالي القرية، وملكية تلك األراضي، وأنواع الزراعة التي كانت قائمة فيها،

وأنواع األراضي، والعيون واآلبار، والمقامات، باإلضافة للوديان والتالل والمعالم الرئيسية المحيطة بها. وعلى الصعيد االجتماعي، حاولت الدراسة اإلطالل على الحياة

االجتماعية داخل القرية؛ فاستعرضت العائالت التي سكنتها خالل فترة الدراسة، وطبيعة العالقات االجتماعية بين سكانها، وعاداتهم في األفراح واألتراح ومواسم

الحصاد، وعالقتهم بالقرى المجاورة وهذا ما تم تناوله في المحور األول. وتعرضت الدراسة، في المحور الثاني، للجانب الكفاحي ألهل القرية، فتفند الكيفية التي تسربت

بها مساحات شاسعة من أراضي القرية إلى رجاالت/ كمبرادورات اإلقطاع الزراعي، وجانب من نضاالت أهل القرية للحفاظ على األرض والتشبث بها، وكذا المستعمرات التي أقيمت على أراضيها. ثم تدلف الدراسة الستعراض سفر التهجير، ضمن السيرة العامة للنكبة؛ متى، وكيف سقطت القرية وهجر أهلوها؟، وقد خصص لهذا الموضوع

المحور الثالث من الدارسة.

وفي حين أن هذه الدراسة بدت في بادئ األمر، وكأنها دراسة تقليدية لتأريخ حياة قرية من قرى فلسطين المهجرة، فإن كثافة البحث والتنقيب عن المعلومات، قد

وضعت يد الباحث على مجموعة من األخطاء الواردة في بعض الكتب والمراجع المهمة والمعتبرة، ساقته إليها تضارب المعلومات الواردة في تلك المراجع مع بعضها البعض، وتضاربها من جهة ثانية مع الوقائع على األرض، ومع الشهادات الشفوية التي

أدلى من عايشوا تلك الفترة بتفاصيلها؛ األمر الذي جعل البحث أكثر أهمية وحيوية،ل حافزا كبيرا لدى الباحث، لجهة كشف النقاب وتوضيح بعض األمور الملتبسة وشك

والمتضاربة.

وأخيرا، فإن هذه الدراسة – بحكم محدودية حجمها العتبارات تتعلق بالمعايير األكاديمية للمؤتمرات العلمية- قد ال تكون كافية لسبر كل أغوار تاريخ قرية برقة،

وحياة السكان فيها، إال أنها بداية جيدة لكل المهتمين من المتخصصين، والباحثين في تاريخ قرى فلسطين المهجرة، فهي، بال شك، تلقى حجرا في المياه الراكدة. ويأمل الباحث أن تشكل هذه الدراسة نواة لكتاب كامل عن قرية برقة، يتضمن مزيد من

التفاصيل والمعلومات، التي لم تتسع لها صفحات هذه الدراسة.

وال يفوت الباحث هنا أن يتقدم بالشكر الجزيل لكل من تعاون معه، سواء في المقابالت الشفهية وهم كثر، أو من قدم له كتب ومراجع مهمة. وأخص بالشكر

المهندس/ محمد علي أبو شاويش الذي بذل جهدا مضنيا في تمحيص الخرائط، وتحديد األراضي التابعة ألهل القرية وملكيتها، وللسيد/ عمران أبو شاويش مختار قرية برقة،

2

الذي زودنا بنسخ مختلفة من أوراق الطابو، وللسيد/ محمد حسن صبح الذي زودنابوثائق رسمية وقرارات محاكم، بشأن التقاضي حول ملكية األرض.

مشكلة الدراسة:

عندما بدأ الكبار يموتون، أخذ الصغار يبحثون فيما تبقى من تاريخهم؛ مما دفع إال من»برقة«الباحث لنبش ما تبقى من ذاكرة من عاشوا على األرض، فال يعرف

عاش فيها. لذا، جاءت هذه الدراسة لتبحث في التاريخ االجتماعي والنضالي لقرية برقة المهجرة. فتسعى إللقاء الضوء على بعض جوانب الحياة االجتماعية واالقتصادية والنضالية بالتفاصيل، كلما كان ذلك ممكنا. ومن خالل هذه المشكلة يتلخص السؤال

الرئيسي للدراسة في:

ما أهم معالم الحياة االجتماعية واالقتصادية والنضالية ألهل قرية برقةخالل فترة االنتداب البريطاني؟

تسعى هذه الدراسة إلى:أهداف الدراسة:

تدوين التاريخ الشفهي لقرية برقة، وسبر أغوار الحياة االجتماعية واالقتصادية(1فيها، خالل فترة االنتداب البريطاني.

رصد مساحة أراضي القرية، وملكيتها من قبل أهل القرية. (2 توضيح الكيفية التي تسربت بها أراضي القرية ليد رجاالت اإلقطاع الزراعي،(3

ومن ثم بيعها لليهود والمستعمرات التي أنشئت عليها. استعراض مسيرة كفاح أهل القرية من أجل التشبث باألرض، في مواجهة رجال(4

اإلقطاع. الوقوف عند أهم المحطات النضالية ألهل القرية، وتبيان الظروف والمالبسات(5

التي واكبت هجرتهم خالل أحداث النكبة.

ورغم أن هدف الدراسة محددا في تسجيل التاريخ الشفوي لقرية برقة، فإنه كدراسة حالة»برقة« ككل، عبر »فلسطين «يتجاوز ذلك لإلطالل على صورة الوطن

لقرية من قراها المهجرة؛ ذلك أن تأريخ برقة، وكل قرية من قرى فلسطين المهجرة،هو تأريخ للوطن المغتصب ككل، وتعزيز للذاكرة الشعبية الجماعية.

تكمن أهمية هذه الدراسة في أنها:أهمية الدراسة:

الدراسة األولى من نوعها –حسب اطالع الباحث- التي تتناول بشيء من(1. »برقة«التفصيل، تأريخ الحياة االجتماعية والكفاحية ألهالي قرية

تكشف النقاب عن أسماء من باعوا أراضي القرية للسماسرة اليهود، لتصبح(2بعدها مستوطنات صهيونية.

تصحح ما ورد في بعض الكتب والمراجع من أخطاء حول مساحة أراضي(3 القرية، واألراضي التابعة ألهل القرية من خارج حدود القرية، وكذلك

المستعمرات التي بنيت على أراضها.

حدود الدراسة:

فيمتد طوال فترةالحد الزماني للدراسة هو قرية برقة، أما الحد المكاني االنتداب البريطاني على فلسطين، حتى الخروج من برقة والهجرة في نهاية تشرين

3

للدراسة، فإنه يتحدد في دراسة الحياةالحد الموضوعيم. وأما 1948أول )أكتوبر( االجتماعية واالقتصادية والنضالية ألهل قرية برقة.

منهجية الدراسة:

تعتمد الدراسة في جزء كبير منها على البيانات األولية، المستقاة من ألسنة وأداة المقابلة»التاريخ الشفوي«الشيوخ الذين عاصروا القرية قبل التهجير، عبر منهج

الشخصية المفتوحة، الستنطاق ما في صدور الناس والتقاط المعلومات المهمة المتناثرة؛ فهو وسيلة إلعادة رسم حياة القرية بأحداثها وتفاصيلها. وهؤالء هم التاريخ

الحقيقي غير الموثق، مع تنقيح تلك البيانات والمعلومات، ومقارنتها مع الكتب والمراجع المتوفرة، وتنقية ما قد يشوبها أحيانا من نسيان أو تشويش أو مبالغات. و

يعد التاريخ الشفوي نمطا أصيال ومميزا من أنماط السرد التاريخي العام، ولكنه نمط« غير مقيد بقيود منهجية علمية تجعل له تنظير معين، فهو وسيلة استماع، واتصال

. (1)»شفهي شعبي في أغلب األحيان، ويورث من جيل إلى جيل

ليس هناك منهج متفق عليه للتاريخ الشفوي بين الباحثين «ويرى البعض أنه ورغم أن هذا المنهج قد تعوزه المنهجية العلمية الصارمة أحيانا، إال. (2)»الفلسطينيين

أنه يتمتع بأهمية ومكانة خاصة في الحالة الفلسطينية؛ نظرا لغياب الكثير من الوثائق والسجالت المرتبطة بكثير من األحداث التي مر بها الشعب الفلسطيني، بخاصة تلك

ومن وجهة نظر أخرى، يرى البعض أن. (3)م1948التي وقعت قبل وأثناء النكبة عام هو نفسه منهج بحث، وهو وسيلة إلعادة رسم حياة بأحداثها»التاريخ الشفوي«

.(4)»الذاكرة الحية« وتفاصيلها، وبالتالي يمكن تسمية هذا المنهج

ولعل أهمية التاريخ الشفوي تكمن في أنه يعيد التوازن لعملية كتابة التاريخ، من خالل االهتمام بالفئات الدنيا والمتوسطة، وتجارب الناس العاديين، ورؤية الفئات

. وبصرف النظر عن(5)المهمشة أو المقصاة عن الحيز السياسي واالجتماعي العام اإلشكاليات المتعلقة بالمنهج ذاته، فإن التاريخ الشفوي في الحالة الفلسطينية أصدق

من الوثائق المكتوبة، والبيانات اإلسرائيلية؛ باعتباره الرواية التي تدحض رواية. »اآلخر«

المحور األول: برقة.. الجغرافيا والديموغرافيا .»الحبكة الدرامية في تلقين ورصد األحداث التاريخية الشفوية«محمد عبد الفتاح السيد، )( 1

، الجزء الثاني،أبحاث المؤتمر العلمي التاريخ الشفوي- الواقع والطموح)في( . 510، ص 2006الجامعة اإلسالمية، غزة،

، على الرابط10/10/2009. »(2قراءة نقدية لتعاملنا مع التاريخ الشفوي )«، نبيل علقم)(2http://nabeelalkam.com/new/news.php?action=view&id=87

جريدة حق العودة،. »التاريخ الشفوي على الصعيد الفلسطيني: واقع وآفاق«نايف جراد، )( 3. على الرابط»المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة والالجئين«(، موقع: بديل 20العدد )

https://www.badil.org/ar/publications-ar/periodicals-ar/haqelawda-ar/item/277-article06.html . التراث والمجتمع، العدد )» دور التاريخ الشفوي قي كتابة التاريخ االجتماعي«سونيا نمر، )( 4

.131، ص 2005(، جمعية إنعاش ألسرة، البيرة، فلسطين، 42?http://www.startimes.com/f.aspx : ، على الرابط10/7/2007منتديات ستار تايمز، )( 5

t=5061206 4

كانت برقة – كباقي قرى فلسطين- تعيش حياة هادئة، حتى نهاية الحكم العثماني لفلسطين. وما أن جاء االنتداب البريطاني، حتى بدأت خيوط المؤامرة

االستعمارية الدولية تتضح على فلسطين، فاستحالت حياة السكان البسطاء إلى كفاح مستمر للحفاظ على وجودهم على أرضهم. وفي هذا الجزء سيحاول الباحث تلمس

الواقع الجغرافي والديموغرافي للقرية.

أوال: جغرافية قرية برقة:

كانت قرية برقة تنهض على أرض مستوية في السهل الساحلي الفلسطيني األوسط، وتربطها عدة طرق فرعية بالطريق العام الساحلي، الذي يمتد ما بين غزة ويافا، وتبعد عن البحر حوالي سبعة كيلو متر. وتربطها طريق فرعية بالطريق العام

. (1)الساحلي، بحيث كانت تتصل بغزة وبالمراكز المدنية الواصلة إلى الشمال

( نشأة القرية:1

نشأت قرية برقة فوق بقعة منبسطة من السهل الساحلي الفلسطيني، إلى كم عن شاطئ البحر األبيض4الشرق من الكثبان الرملية الشاطئية، وتبعد حوالي

،»العسل«م عن سطح البحر. ويمر بطرفها الجنوبي وادي 45المتوسط. وترتفع نحو . ويجري في أرضها وادي الدواهيد أو وادي برقة، حيث يأتي»سكرير«الذي يرفد نهر

.(2)من الجبال الشرقية مارا بقرى: البطاني الشرقية، وياسور، والمسمية، والقسطينةكما ويمر بالقرية وادي الوسطة الذي يصب في وادي الدواهيد )وادي برقة(.

اليونانية؛ الكتشاف بقايا آثار وبئر وصخور «بركة»ولعلها تقوم على بقعة بلدة Ba». وفي العهد الروماني عرفت باسم (3)منحوتة، وقطع فخار على وجه أرض القرية

reca» وقد تكون تحريف لـ »اللمعان« أو »البرق«. والراجح أنها كلمة آرامية بمعنى ،» ، وهي تعود للغة اآلرامية القديمة، التي تركت طابعها(4)، بمعنى البرج» Bargaبرجا –

. وكلمة برقة في اللغة تعني(5)اللغوي في تسمية بعض المدن والقرى في فلسطين.(6)البرق أو اللمعان، واألرض البرقاء: هي التي تكون مختلطة بالحجارة والرمل

ويرجح أهل القرية أن أصل تسمية قرية برقة بهذا االسم، نتيجة لوجود ولي ، وله مقام في منتصف المقبرة غرب القرية، وكان األهالي»برق«يقال له النبي

يقومون بزيارة هذا المقام كل عام، وكسوته بالقماش. ويذكر أن المقام قديم جدا، ومكتوب على جدرانه بلغة ذات أحرف عربية تعود إلى اللغة الفارسية. ومازال الناس

.512، ص 1997. مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، كي ال ننسىوليد الخالدي، )( 1 قرانا الفلسطينية المدمرة في لوائي غزةجميل عبد الرحمن السحار )إعداد(، )( 2

.24، ص 2011، غزة - فلسطين، 1. مركز التأريخ والتوثيق الفلسطيني، ط قرية55والرملة ، ص1984. المجلد األول، هيئة الموسوعة الفلسطينية، دمشق، الموسوعة الفلسطينية)ـ( 3

376. . الجزء األول – القسم الثاني، طبعة جديدة، داربالدنا فلسطينمصطفي مراد الدباغ، )(4

.199، ص ص 1991الهدى، كفر قرع - فلسطين، . الجزء األول – القسم األول، طبعة جديدة، داربالدنا فلسطينمصطفي مراد الدباغ، )(5

. 613-612، ص ص، 1991الهدى، كفر قرع - فلسطين، .23 جميل عبد الرحمن السحار، مرجع سابق، ص )(6

5

من أهالي القرية يشيرون إلى بقاع كثيرة يعتقدون بقدسيتها، إما ألنها تضم رفات مجاهد استشهد في سبيل الوطن، في المعارك الماضية، وبخاصة في الحروب

الصليبية، أو ألنها تحتوي على رفات شيخ أو ولي عرف بتقواه وصالحه، كما في مقام شمال القرية.»محمد «الشيخ

( موقع القرية:2

(126 - 120( وخطي طول )137 - 130تقع قرية برقة بين خطي عرض ) كم شمال شرق غزة )مركز القضاء(، ويمر48. وتبعد حوالي (1)على أطلس فلسطين

بالقرب منها خط سكة حديد )رفح-حيفا(، وطريق )رفح – حيفا( الرئيسة المعبدة، كم(. لذا، كان موقعها الجغرافي مهما بالنسبة لمرور3اللذان يبعدان عنها حوالي )

البضائع والمسافرين بها، ما بين جنوب السهل الساحلي وشماله. وكانت قديما ظهيرا.(2)شرقيا لميناء أسدود؛ وهي من القرى الواقعة في الطرف الشمالي لقضاء غزة

( حدود القرية: 3

تحد قرية برقة من الغرب والجنوب الغربي قرية أسدود، التي تفصل بينها وبين ، ومن الجنوب قرية البطاني الغربي،(3) كيلو متر4البحر المتوسط، وتبعد عنها حوالي

ومن الجنوب الشرقي قرية البطاني الشرقي. ويحدها من الشمال قرية بشيت، ومن الشمال الشرقي قرية قطرة، ومن الشمال الغربي قرية يبنا، وقرية أبو سويرح

)عرب سكرير(، ومن الشرق قرية ياسور. وتقع على أرضها من جهة الشمال . )راجع الملحق رقم(4)»بيتسارون «، ومستعمرة »جان يبنا أو غن يفنيه«مستعمرة

( حول موقع القرية وحدودها(1)

( مساحة القرية:3

تشير كل الكتب والمراجع، التي تناولت القرى الفلسطينية المهجرة، إلى أن عنها،»جان يبنا« دونم، قبل فصل مستعمرة 5,206مساحة قرية برقة تبلغ حوالي

م، وأصبح تحت سيطرة المنظمات الصهيونية، وتبلغ1931التي أنشئت في عام . وتشير مراجع أخرى بأن مساحة(5) دونم4,568مساحة تلك المستعمرة حوالي

، وأما األراضي العامة226 دونم، بينما بلغت أراضي اليهودية 4,841األراضي العربية .(6) دونم5,206 دونم، بما تشكل في مجموعها 139)للطرق واألودية( فبلغت

طريق العودة: دليل المدن والقرى المهجرة والحالية واألماكنسلمان أبو سته، )( 1 .110، ص 2007، 1. هيئة أرض فلسطين، لندن، ط المقدسة في فلسطين

.376. مرجع سابق، ص الموسوعة الفلسطينية)( 2 . د. ن، غــزة،أسدود التfاريخ والfذاكرةعبد الله عبد الجليل المناعمــة و رشــاد المــدني، )(ـ 3

.50، ص 2007 . الجزء األول – القسم الثاني، مرجع سابق، صبالدنا فلسطينمصطفي مراد الدباغ، )(4

199. ؛ ومصطفى376، ص الموسوعة الفلسطينيةحول هذا الموضوع يمكن الرجوع لـ: )( 5

.200. الجزء األول – القسم الثاني، ص بالدنا فلسطينالدباغ، . هيئة أرض فلســطين، لنــدن،(1966-1917أطلس فلسطين )سلمان حسين أبو سته، )(ـ 6

.36 ، ص2011، 1ط 6

إال أن تلك المراجع وغيرها قد وقعت في خطأ، حول تقدير مساحة األراضي الزراعية التابعة ألهل القرية، وهذا ما سيحاول الباحث تفنيده في المحور الثاني من

هذه الدراسة.

( البناء الهيكلي للقرية:4

كانت قرية برقة ذات مساحة تتألف من عدة بيوت متالصقة، وقد اتسعت دونم، هي المساحة266مساحتها في أواخر عهد االنتداب البريطاني حتى أصبحت

. وكانت مباني قروية من(1)المبنية، وامتد عمرانها نحو الشمال والشمال الغربي الطين والقش، وهي عبارة عن حواشي كل أسرة من أسر القرية، ومتالصقة مع

بعضها البعض، مع وجود شوارع داخلية للقرية.

طبيعة مباني القرية:

تتكون القرية من عدة بيوت متالصقة، وكل بيت عبارة عن حوش واسع، يتكون بيت. وكان160 متر(، وقد بلغ عدد بيوت القرية حوالي 4x4من عدة غرف بمساحة )

رب األسرة يمتلك حوش واسع، وكل واحد من أبنائه له غرفة داخل هذا الحوش، ويتيع للحوش مساحة واسعة. وكانت البيوت متالصقة، ولكل غرفة شباك تطل على

متر(. 1x1الحوش، بمساحة حوالي )

كانت البيوت عبارة عن مباني من الطين، واألسقف من الطين مع حطب الذرة، ويخلط الطين بالقصل والتبن. وأما السور الخارجي للبيت والحوش فهو مصنوع من

الطين. في نهاية االحتالل االنجليزي، تم بناء غرف من الطوب )البلوك( والكرميد، وأصبح بعض الناس يمتلكون مثل هذه المباني، وذلك حسب مقدرتهم المالية. ويوجد

.(2)في القرية ساحة واسعة في منتصف البلدة

جميع طرق القرية ترابية وأهم هذه الطرقالطرق الرئيسية في القرية: :(3)المشهورة

طريق البطاني - طريق بشيت - طريق يبنا - طريق ياسور - شارع البطانيالشرقي - شارع أسدود ويمتد من عند بئر البلد لغاية أسدود.

: الشارع القبلي )شارعوأما الطرق الداخلية )الشوارع الداخلية( فهي دار مسلم(، وهو شرق غرب القرية، شارع وسط القرية )شارع آل صبح( وهو وسط

بيوت آل صبح. شارع أحمد خليل أبو شاويش وسط حارة أحمد خليل. الشارع الشرقي والشارع الغربي. شارع البلبيسي وهو شارع فرعي من الشارع الغربي. شارع الدواهيد، وهو شارع فرعي من الشارع الغربي. شارع السردي وهو شارع

متفرع من الشارع القبلي.

ثانيا: الحياة االجتماعية واالقتصادية في برقة:.376. مرجع سابق، ص الموسوعة الفلسطينية)( 1 هذه المعلومات مستقاة من مجموعة المقـابالت الـتي أجراهـا البـاحث مـع من عاشـوا تلـك)(ـ 2

المرحلة. ، في مقابلة أجراها الباحث1929الحاج علي أحمد أبو شاويش، من مواليد قرية برقة عام )( 3

م.15/1/2016معه في منزله بمخيم النصيرات بتاريخ 7

( الوضع السكاني في القرية1

يعتقد أهل القرية بأن أصل سكان القرية يعود إلى مصر، وقلة قليلة من الجبل. والراجح أن أغلب عائالت القرية من أصل مصري، من محافظة الشرقية بمصر، أما

. بلغ عدد سكان القرية في )عام(1)عائلتا الداهودي وأبو الخير فمن أصل مغربي (1945 نسمة، وفي )593م( بلغ عددهم 1931 شخصا، وفي )عام 448م( 1922

، وفي نهاية االنتداب(2) شخصا جميعهم عرب مسلمين890قدر عددهم بنحو م، قدر عدد سكان1998. وفي عام (3) نسمة1060البريطاني بلغ عددهم حوالي .(4) نسمة من الالجئين6346أهالي برقة المهجرة حوالي

لم يكن في القرية مدرسة، فكان أبناؤها يتعلمون في مدرسة قرية البطاني المجاورة. ولكن تواجد في القرية معلمين هما: الشيخ علي الطهراوي )األعرج(،

والشيخ إسماعيل السباع، كانوا يعلموا األطفال فيما يشبه الكتاب. وأما من أسعفهم الحظ وسنحت لهم فرصة للتعليم، فقد كانوا يتوجهون لقرية البطاني الغربي، حيث

«عبد الهادييتعلمون لغاية الصف الثالث، وهناك تلقوا تعليمهم على يد شيخ يدعى وهو شيخ أزهري، وقد تعلموا على يديه اللغة العربية وبعض من العلوم لمدةالعبادي»

، كان يدرس في أسدود«أحمد العبادي»سنتين. ويذكر أن ابن أخ هذا الشيخ، ويدعى في الصف السابع، فكان يعلمهم الرياضيات. ثم فتحت مدرسة بين البطاني الغربي

تقريبا بادر األهلي لبناء مدرسة في1945والبطاني الشرقي، فانتقلوا إليها. وفي عام القرية، وجمعوا تبرعات من أهلها، وبعد جهود كثيرة تقرر بناء المدرسة، وبدأت عملية البناء وكانت تسير بشكل متقطع، ألن الحصول على األسمنت كان يتطلب تصريح من القائمقام. وما كادت المدرسة أن تتجهز الستقبال التالميذ، حتى جاءت أحداث النكبة،

. وحسب إحصائيات مصطفى(5)ولم يتمكنوا من فتح أبوابها للتدريس بشكل رسمي 55م، 1947الدباغ، فقد بلغ عدد الملمين بالقراءة والكتابة فيها، في صيف عام

. (6)رجال

ولم يتواجد أي طبيب في القرية، كما هو حال معظم القرى المجاورة، واعتمد أهل القرية على العالج بالطب العربي على يد الشيخ خليل الطهراوي، والشيخ عبد

المجيد أبو شاويش. وبعد إنشاء مستعمرة جان يبنا كان بعض أهالي القرية يتعالجون.(7)أحيانا لدى طبيب المستعمرة

. وهذا ما أكده الحاج مطلق محمود يوسف24جميل عبد الرحمن السحار، مرجع سابق، ص )( 1 ، في مقابلة أجراها معه الباحث في منزله برفح،1927الدهودي، من مواليد قرية برقة عام

.1/2/2016بتاريخ . الجزء األول – القسم الثاني، مرجع سابق، صبالدنا فلسطينمصطفي مراد الدباغ، )(2

200..376. مرجع سابق، ص الموسوعة الفلسطينية)( 3.512. مرجع سابق، ص كي ال ننسىوليد الخالدي، )( 4 ، في مقابلة أجراها1936الحاج حسن عطية خليل الطهراوي، من مواليد قرية برقة عام )( 5

.1/2/2016معه الباحث في منزله في رفح، بتاريخ . الجزء األول – القسم الثاني، مرجع سابق، صبالدنا فلسطينمصطفي مراد الدباغ، )(6

200. م، في مقابلة أجراها معه1922أحمد محمد الطهراوي، من مواليد قرية برقة عام الحاج)( 7

م.20/2/2016الباحث في منزله بمخيم البريج، بتاريخ 8

أ( أسماء العائالت في القرية:

ضمت القرية عدد من العائالت والحمائل، التي انبثق منها فروع )أفخاذ(، وقد تباينت األعداد من حمائل كبيرة، وأخرى صغيرة. وهنا يمكن رصد أسماء تلك العائالت

20م، وقد بلغ عددها 1948التي سكنت القرية، واستمرت فيها حتى الهجرة في عام :(1)عائلة، هي

أبو شاويش - الطهراوي - البلبيسي - أبو علي )وتشمل عائالت: النجار، الشلح، والجغدار( – العامودي – الداهودي )وتشمل عائلة أبو الخير، عواجة، والهرش( - صبح -

العفيفي – السردي - منصور - العبادي - الحمالوي - الخضور )وتشمل أبو ركبة وأبو جلمبو(- المغربي - حسنين – الخطيب - فتوح )العامودي( – الشبطي – مثقال )أبو

سرايا( - الهيسماوي- سرية– األشعل – عساف – سليم.

كان يوجد في قرية برقة مختارين، هما:ب( مخاتير القرية:

حسن مسلم سليمان أبو شاويش -محمد عبد الحميد يوسف الداهودي -

ج( مقاعد )= مجالس( القرية:

المقعد عبارة عن حوش واسع، بداخله غرفة مفروشة للجلوس، وبها بابان: باب خارجي، وباب داخلي يطل على الحوش، ويوجد مكان لربط الخيل، واستقبال الخيالة. وفي غرفة المقعد يوجد كانون نار، منقل، بكارج للقهوة، وشيش وتنباك، وعدة القهوة

وهي مطحان الهون، ومحماسة القهوة، وفناجين. كما يوجد ناطور للمقعد يقوم بتحضير النار، وعمل القهوة من الصباح الباكر. وكان من عادات أهل القرية جلوسهم

في المقعد، للسمر وشرب القهوة، ومن مهام المقعد اجتماع أهل القرية وحل مشاكلاألهالي، واستقبال الضيوف القادمين من القرى األخرى.

وكان من عادات أهل القرية عند وصول الخيالة، أن يقوم األهالي المحليين باستقبال الضيوف، واالعتناء بفرس الضيف، وربطه في مربط داخل حوش المقعد، أو

في البايكة إذا كان الوقت في الشتاء. وكان أحد السكان المحليين يأخذ مخالت الفرس ويضع فيها الشعير؛ إكراما للضيف. وعادة ما كان يبادر أحد األهالي الجالسين

في المقعد بتقدم الغذاء للضيف، ويتم تجهيز الطعام وإحضاره للمقعد في بواطي،. (2)وهي عبارة عن صواني كبيرة للمقعد

ويمكن القول باختصار، إن المقعد كان يلعب أدورا رئيسة في حياة أهل القرية؛ «محكمة حيث يتباحث األهالي ويخططون لشئونهم العامة، و«برلمان القرية»فهو

حيث يحتكم المتخاصمين في القضايا المتنازع عليها، وهو المكان الذيالقرية» «وزارةيعرفون منه األخبار، وللسمر والتسلية في نهاية يوم عمل شاق، وهو بمثابة

المعلومات الواردة حول العائالت، تم تنقيحها من خالل شهادات كل من مقابلهم الباحث)( 1 ممن عايشوا تلك المرحلة، وبمراجعة عدد من شيوخ عائالت القرية.

، في مقابلة أجراها معه1924الحاج خليل أحمد أبو شاويش، من مواليد قرية برقة عام )( 2.3/2/2016الباحث في منزله بمخيم النصيرات، بتاريخ

9

القرية أمام القرى األخرى، باإلضافة لتمثيله القرية أمام الجهات الحكوميةخارجية»، هما: *()والرسمية. وكان في القرية مقعدين رئيسيين

مقعد حسن مسلم أبو شاويش )في جنوب البلد(-مقعد أحمد أحمد أبو شاويش )في شمال البلد(-

( العالقات االجتماعية بين سكان القرية:2

كانت القرية عبارة عن عائلة واحدة، وكان السكان يتشاطرون األفراح واألحزان. ففي حالة وفاة أي شخص من أهل القرية، تجد كل أهل القرية يتركون

أعمالهم في الفالحة وغيرها طوال أيام العزاء. ويكون العزاء عادة لمدة ثالثة أيام، في اليومين: األول والثاني يقوم أهل القرية بإخراج الطعام ألهل الميت، وكل من يتجه

ليؤدي واجب العزاء يأخذ معه قهوة، وفي اليوم الثالث يقوم أهل المتوفى بعمل غذاء، وكل واحد من أهل القرية القادرين يأخذ معه إما ذبيحة، أو كيس طحين، أو كيس أرز.

وفي العيد األول لرحيل الميت، يقوم أهل القرية بالتجمع في بيت الميت؛ مواساة ألهله، وأما النساء فيأخذن طعام اإلفطار لدار الميت لإلفطار مع أهل بيته. وكان من

40أطباع أهل القرية أنه إذا توفي أحد أفراد القرية فال يقام أي عرس إال بعد يوما على وفاته، وبعد انقضاء األربعين يوم يقوم أهل الفرح باستئذان أهل المتوفى إلقامة

عرسهم.

فكانوا يقومون بعمل واجباتهم كاملة تجاه أهل العرس: فتنصبوأما في األفراح: حلقات الدبكة والسامر، التي تستمر حتى منتصف الليل، ويبدأ أهل القرية المدعوون

بالحضور للسامر، ويقدمون السكر كهدية ألهل العريس، ويستمر هذا الحال لمدة أسبوع كامل. وفي ضحى يوم العرس يقوم أحد أصدقاء العريس بتغسيل العريس

ويقدم له اإلفطار، إما ذبيحة أو فطاير حسب المقدرة. ويأخذ العريس بزفة من البيت حتى ساحة العرس بحضور الدبيكة، والخيالة وأصدقائه. ويحضر المعازيم لساحة

العرس، وكل منه معه هدية، إما خروف أو كيس أرز، كل حسب مقدرته. وبعد زفة العريس وصالة الظهر يقوم أهل العريس بإحضار طعام الغذاء، إما خرفان أو عجول

. (1)حسب المقدرة

)آب/ أغسطس( عند إنتهاء موسم الحصاد، وإفراغ8بعد شهر مواسم الزواج: تبدأ الجرون من القش، وفترة فراغ الفالحين يبدأ التحضير للعرس في ساحة القرية أو في

جرن العائلة.

ليرة فلسطينية، وأما المهر المؤجل )المؤخر(200-50 كان المهر حوالي المهر: ليرة فلسطينية. وكان يشترط إحضار ثوب ألم العروس، وثوب للعم10-5فحوالي

والخال، وهو عبارة عن دماية. وأما إذا كانت العروس غريبة )أي من قرية أخرى( ، ويأخذها الشباب ويعطوها للعروس،»وشاة الشباب«فتدفع الطلعة وكانت تسمى

المقصود هنا المقاعد األساسية، التي اعتاد معظم أهالي القرية االجتماع فيها، وكانت معرفة( *)*( للضيوف من خارج القرية، وكانت دوما عامرة ومفتوحة ومهيأة الستقبالهم؛ ولذلك فهي بحاجة

لمتطلبات مادية ومعنوية. ، في مقابلة أجراها معها الباحث1925الحاجة سارة أبو شاويش، من مواليد قرية برقة عام )( 1

؛ والحاجة مريم محمد مصطفى العفيفي،17/1/2016في منزلها في مخيم النصيرات، بتاريخ م، في تسجيل معها في منزلها في النصيرات، بتاريخ1927من مواليد قرية برقة عام

6/7/2010.10

كأنها هدية من شباب البلدة. وعند دخول العروس بلدة العريس، كان أول بيت فيالقرية بعمل وليمة )ذبيحة( ويحمله لدار العريس.

وقد امتاز أهل القرية بالتعاون كأنهم عائلة واحدة، ففي شهر رمضان كان جميع رجال العائلة يتناولون طعام اإلفطار في مقعد العائلة، وفي عيد الفطر كانوا يؤدون

صالة العيد في المسجد، ثم يتوجهون إلى مقبرة القرية حيث يتبادلون التهاني بالعيد، وهناك يكون بانتظارهم عائلة آخر متوفى من أهل القرية، خالل الفترة بين العيدين، ثم

يتوجهون بعدها لإلفطار في بيته. وأما في عيد األضحى، فيقوم أحد األقارب أو. (1)األصدقاء بذبح أضحية عن عائلة أهل آخر متوفى

وقد امتاز أهل القرية بالتسامح؛ فلم يكن بها مركز شرطة، بل كانت تتبع شرطة بيت دراس، لذلك كان األهالي يحلون مشاكلهم بأنفسهم؛ عن طريق العرف

. كما وتميزت عالقتهم بأهالي القرى المجاورة باالحترام والمودة، وقد(2)والعادة ربطتهم صالت صداقة ونسب مع عدد من القرى المجاورة لبرقة، منها: أسدود،

والبطاني الغربي، والبطاني الشرقي، وياسور، ومعظم القرى المجاورة.

( الحياة االقتصادية في القرية:3

:(3)أ- أعمال السكان

:وقد كانت المهنة الرئيسية لمعظم سكان أهل القرية، وعماد اقتصادهم الزراعة لخصوبة األرض، وتوفر مصادر المياه، من األمطار الشتوية ومن اآلبار، وأهم

المزروعات: الحبوب بأنواعها )قمح، شعير، وذرة(، والسمسم، والبطيخ، والخيار، وجميع أنواع الخضروات والفواكه: كالتين، والجميز، والزيتون، والعنب، والخوخ، 12والمشمش. ثم اتجهوا مؤخرا لزراعة أشجار الحمضيات، حتى أصبح في برقة

( دونما تقريبا.700بيارة، تمتد على مساحة واسعة من أراضي القرية )حوالي :كاألغنام، والماعز، واألبقار، والبغال، والحمير، والجمال تربية الحيوانات

لالستفادة منها في أعمال الزراعة، ونقل المحاصيل، باإلضافة إلى االستفادة منلحومها وألبانها.

وعمل بعض السكان ببعض الحرف األخرى: كالنجارة، أو الحالقة، أو الجزارة، أو البقالة. كما اشتغل بعضهم عامال في معسكرات الجيش االنجليزي.

:(4)ب- أهم الصناعات والحرف في القرية

:كان هنالك نجار في القرية يدعى حسن أحمد النجارالنجارة :كان هنالك حداد هو مصطفى أحمد النجارالحدادة :كان هنالك خياطان اثنان في القرية وهم: نمر الشبطي، وعمر عبدالخياطة

العزيز السيد.

، في مقابلة أجراها معــه البــاحث1933الحاج رمضان محمد الطهراوي، من قرية برقة عام )(ــ 1.2/2/2016في منزله بمخيم النصيرات، بتاريخ

.25-24جميل عبد الرحمن السحار، مرجع سابق، ص ص )( 2.25المرجع السابق، ص )( 3الحاج محمد السردي، مرجع سابق ؛ والحاج أحمد الطهراوي، مرجع سابق.)( 4

11

:ومن أهمهم الحاج علي الطهراوي، وإسماعيل حسن أبو شاويش،البناء ومحمد ماجد الطهراوي.

:حالق القرية كان حسين منصور. الحالقة :كان هنالك جزاران: حسين منصور، والعبد فتوح )من البطانيالجزارة

الغربي(.وكان هنالك أربع دكاكين هي: دكان كامل الشبطي، دكان أحمد المغربي، ودكان

العبد فتوح، ودكان حسن جبر أبو شاويش.

ولم يكن يوجد في القرية سوق عام، وكان أهالي القرية، وأهالي كل القرىالمجاورة، يتوجهون إلى قرية أسدود يوم األربعاء للتسوق.

كان يوجد في القرية قهوتان: هي قهوة عبد الحميد حسن صبحج- مقاهي القرية: )في الشارع الشرقي(، والثانية قهوة عبد الرحمن الشيخ خليل الطهراوي )الشارع

الغربي(. وكانت القهاوي تستعمل لشرب القهوة والشاي، والسمر والحديث، ولعب الشدة والضومنة. ويذكر الحاج محمد حسن صبح أن قهوة عبد الحميد حسن

. (1)صبح كان يوجد بها طاولة بلياردو

ال يوجد في القرية مطاحن، وكانوا يطحنون في قرية أسدود أود- مطاحن القرية:قرية ياسور.

لعبت المرأة في برقة – كغيرها من نساء القرى- دورا هاما فيهf- دور المرأة: الحياة االجتماعية واالقتصادية داخل القرية؛ فعالوة على دورها داخل البيت، الذي

اشتمل على طحن الحبوب لخبزه في الطابون، وإعداد الطعام ألهل البيت والعمال، وجلب مياه الشرب من آبار القرية، فقد كان لها أدوارا في العمل في

الحقول في األعمال غير الشاقة، مثل: التعشيب، ودرس الحبوب، وجني الفواكه كالتين والعنب، والخضار، وفي موسم جني الحمضيات، وتربية الطيور

. (2)والدواجن

( مقامات القرية ومشايخها:4

دونمات،3وكان يوجد في القرية مسجد مساحته مع الساحة التي حوله حوالي وله مؤذن هو محمود يوسف الدهودي )الهبيجي(، وإمام المسجد كان الشيخ محمد

فتوح )في عهد تركيا(، ثم جاء بعده الشيخ إسماعيل الشلح )الملقب بإسماعيل: (3)السباع( في عهد بريطانيا. وتحيط بالقرية عدة أضرحة ومقامات، هي

وهو عبارة عن قبر رجل صالح في شمال القرية. وكانتمقام الشيخ محمد : النساء تقوم بإنارة سراج حول القبر.

م، في مقابلة أجراها معه الباحث1938الحاج محمد حسن صبح، من مواليد قرية برقة سنة )( 1.27/1/2016في منزله في مدينة غزة، بتاريخ

الحاجة مريم محمد مصطفى العفيفي، مرجع سابق ؛ الحاجة سارة أبو شاويش، مرجع)(2سابق.

مجموعة شهادات أدلى بها كل من قابلهم الباحث.)( 312

:مقام النبي برق( 4وهو عبارة عن غرفة حواليx4في وسط مقبرة )متر ، وكان الناس يزورون»النبي برق«القرية، ويوجد بداخل الغرفة قبر لولي يدعى

المقام ويقومون بكسوته كل عام. :كان كبار السن في القرية يحلفون )= يقسمون( بحياةمقام الشيخ زروق

الشيخ زروق، ومع مرور الوقت اندثر المقام ولم يعد له أثر، وموقعه في شمالالبلد.

الشيخ محمد فتوح - وإسماعيل الشلح )السباع( - الشيخ خليلمشايخ القرية: محمد الطهراوي )المحمدية( )ويعمل حضرات( – الشيخ عبد المجيد أحمد أبو شاويش

- الشيخ محمد الدهودي - الشيخ نمر الشبطي - الشيخ أحمد الدهودي/ أحمد سمارة)أبو شعر(.

يوجد في القرية مقبرة على المدخل الرئيسي للقرية إلى الغرب.مقابر القرية: ،»الشيخ محمد«ويذكر أنه كان يوجد في القرية مقبرة قديمة شمال شرق مقام

وهذه المقبرة اندثرت مع الزمن.

المحور الثاني: أراضي قرية برقة: ملكيتها، ونضال أهلها ضد رجاالت اإلقطاع الزراعي

تتألف معظم أراضي برقة من تربة طفلية حمراء تصلح لزراعة الحمضيات. غرس أهالي برقة في أواخر فترة االنتداب أنواعا مختلفة من األشجار المثمرة حول القرية، وكانت الحمضيات أهم هذه األشجار، وقد بلغت المساحة المزروعة بها في

دونما. وتعتمد الزراعة على األمطار، التي يبلغ متوسط كمياتها667 نحو 1945عام مم، وحفر بعض األهالي اآلبار لري بساتينهم، وكانت أراضي برقة400السنوية نحو

. وفي هذا المحور سوف نتناول ملكية تلك األراضي،(1)ذات إنتاج عال؛ لخصوبتها وأنواع الزراعة فيها، والكيفية التي تسربت بها تلك األراضي من أيدي أصحابها، ثم

نضال أهل القرية الستردادها.

أوال: األراضي الزراعية التابعة للقرية وملكيتها:

اعتاد أهالي القرية – كعادة الفالحين في جميع القرى- على إطالق أسماء خاصة على األراضي الزراعية في قراهم، ليسهل التعرف عليها، وبعض هذه األسماء تعود

إلى نوع التربة، أو موقعها الجغرافي، أو ما يزرع فيها، أو نسبة إلى شخص محدد، أو. وكانت تنقسم األراضي التابعة ألهل القرية لعدة تقسيمات، هي:(2)حادث وقع فيها

:أرض حيلة الرهوان، وأرض السبعة، والوسط، وأبو واوي فيفي الجنوب الجنوب الغربي.

:أرض الروب، وادي العسل، والمنطرة. في الغرب

.376. مرجع سابق، ص الموسوعة الفلسطينية)( 1أسدود قلعة الجنوب: دراسة تاريخية-اجتماعية-اقتصادية- أحمد حسن جودة، )(2

، ص2013، غزة - فلسطين، 1. مكتبة سمير منصور للطباعة والنشر والتوزيع، طسياسية149.

13

:وتقع في شمال القرية، ويحدها(1) أبو خشيبة )بها حصى طين(في الشمال من الغرب عرب سكرير، ومن الجنوب مارس السدرة، وأرض حيلة العجلة،.(2)ومارس السدرة في الشمال الغربي، ووادي الخب )وهي أرض بها مستنقع(

:شعفة الحجر، وتل الرمل، والشقيف، وتل الريح )على حدودفي الشرق يسور(، والسالقة.

:أرض المرمالة )أو الرمالة(، والعقولة.في الوسط

كانت زراعة الحمضيات تشكل المحصول الرئيسي في السهل( بيارات القرية: 1 الساحلي، منذ أواخر القرن التاسع عشر، بسبب تصديره للخارج خاصة أوروبا. وقد

اشتهر البرتقال اليافاوي، وكان من أجود األنواع الصالحة للتصدير. وال شك أن حمى تأسيس بيارات البرتقال، التي انتشرت بشكل مذهل، قد تركت أثرا على اقتصاديات

وكانت البيارة تزرع بالحمضيات، مثل: البرتقال، .(3)القرية وأحوالها االجتماعيةالكرفوت، الكلمنتينا، المندلينا، الفرنساوي.

*( )( مالكي البيارات في قرية برقة1جدول رقم )

موقعهااسم مالك البيارة# شمال شرقأحمد أحمد خليل أبو شاويش وإخوته 1

القريةشرق القريةمسلم محمد أبو شاويش 2غرب القريةالشيخ محمد فتوح 3 في أرض وادي أبو خضرة رشيدرباح4

العسل غرب جنوب أبو خضرةرشيدفوزي 5

القرية شمال غرب أبو خضرةرشيدباقر 6

القريةشمال القرية أبو خضرة رشيدمحمود7 شمال شرق أبو خضرة رشيدحلمي8

القرية أبو خضرة )اشتراها من عبد رشيدفهمي9

الرؤوف البيطار(شرق البلد

شمال القرية أبو خضرة رشيدتوفيق10شمال القريةمكرم أبو خضرة11

)قرى غزة أسماء أراضي فلسطين: المعاني والدالالتمحمود حسين علي حسين، )( 1.39، ص 2005. منشورات المركز القومي للدراسات والتوثيق، غزة، الشمالية(

.39المرجع السابق، ص )( 2 .145- 144مرجع سابق، ص ص أسدود قلعة الجنوب. أحمد حسن جودة، )(3

اعتمد الباحث في إعداد ومراجعة وتنقيح هذه اإلحصائيات على مجموعة المقابالت( *)*( الشخصية، مع عدد من أهل القرية ممن عايشوا تلك الفترة. وقد ذكرت أسماء المالكين بدون

تحديد مساحة األرض تجنبا ألي خطأ، وحرصا على دقة المعلومات.14

المارس هو عبارة عن أرض زراعية خارج حدود القرية تزرع( موراس القرية: 2 دونم، وكانت موارس القرية موزعة بالشكل20بالحبوب، وال يقل المارس عن

التالي:

*()( مالكي الموارس في قرية برقة2جدول رقم )

موقع المارساسم مالك المارس# أوالد جبر أحمد خليل أبو1

شاويش أرض أبو واوي

في أرض الروب، وفي أرض أبوإسماعيل حسن أبو شاويش 2واوي

في أرض الروب، وفي أرض أبوعبد المجيد أحمد أبو شاويش 3واوي

في أرض الروب، وفي أرض أبوأحمد أحمد خليل أبو شاويش 4واوي

في أرض الروب، وفي أرض أبومحمد إبراهيم أبو شاويش5واوي

في أرض الروبعبد الحميد أحمد أبو شاويش 6 مسلم محمد مسلم أبو7

شاويش في أرض الروب، وفي أرض أبو

خشيبة في أرض الروب، وفي أرض أبوعبد الله مسلم أبو شاويش8

خشيبة في أرض الروب، وفي أرض أبوفارس مسلم أبو شاويش9

خشيبة في أرض الروب، وفي أرض أبوسليمان مسلم أبو شاويش 10

خشيبة في أرض الروب، وفي أرض أبوحسن مسلم أبو شاويش 11

خشيبة عبد العزيز عبد الحميد أبو12

شاويش في أرض الروب، وفي أرض أبو

خشيبةفي أرض أبو خشيبة ووادي سكرير أحمد وعبد المجيد وإبراهيم أبو13

)*

15

شاويش عبد الحميد أحمد خليل أبو14

شاويشفي أرض أبو خشيبة ووادي سكرير

في أرض أبو خشيبة ووادي سكريرجابر أحمد خليل أبو شاويش 15في أرض أبو خشيبة ووادي سكريرفالح أحمد أبو شاويش16في أرض أبو خشيبة ووادي سكريرعبد الله احمد أبو شاويش 17في أرض أبو خشيبة ووادي سكريرحسين أحمد خليل أبو شاويش18 في أرض أبو خشيبة، وفي أرضطلب الدهودي )أبو الخير( 19

السبعة في أرض أبو خشيبة، وفي أرض الشيخ على الطهراوي )األعرج(20

الوسطة في أرض أبو خشيبة، وفي أرضالحاج محمد الطهراوي21

الوسطة علي ومحمد الطهراوي )أبو22

شنب( في أرض أبو خشيبة، وفي أرض

الوسطة في أرض أبو خشيبة، وفي أرضيوسف الطهراوي )الزقط(23

الوسطة الشيخ خليل الطهراوي24

)المحمدية( في أرض أبو خشيبة، وفي أرض

الوسطة في أرض أبو خشيبة، وفي أرضيوسف الطهراوي )هرقل( 25

الوسطة محمد عبد الله الطهراوي26

)العمريطي( في أرض أبو خشيبة، وفي أرض

الوسطة عطية وعبد الله خليل27

الطهراوي في أرض أبو خشيبة، وفي أرض

الوسطةفي أرض الوسطة محمد البلبيسي )محمد لطيفة(28في أرض الوطسةالعبد عبد الرحيم البلبيسي 29في أرض السبعةحسن وحسين عواجة 30في أرض السبعةأحمد عقيل الدهودي 31في أرض السبعة وأبو خشيبةحسين وحسن خليل الدهودي 32 محمود يوسف الدهودي33

)الهبيجي(في أرض السبعة

في أرض السبعةمحمد عبد الحميد الدهودي34 أحمد وحسين مصطفى35

الخطيب في أرض أبو خشيبة، وفي أرض

السبعة

( حواكير القرية: 3

دونمات( محاطة بشجرة4-3الحاكورة هي عبارة عن قطعة أرض صغيرة )من الصبر لتحديد األرض، وتزرع فيها حاجيات الدار من عدس، وبصل، وتين، وعنب،

وفجل، وتوم، والخضروات بأنواعها، ولوز، ومشمش، ورمان. وكانت الحواكير موزعةعلى طرف القرية، وهي بالشكل التالي:

*()( مالكي الحواكير في قرية برقة3جدول رقم )

موقعها من القريةاسم صاحب الحكورة#جنوب البلدة )الشارع األول(عبد العزيز أبو شاويش وأوالده1

اعتمد الباحث في إعداد هذه اإلحصائيات على مجموعة المقابالت الشخصية، مع عدد من( *)*(أهل القرية ممن عاشوا تلك الفترة.

16

جنوب البلدسليمان مسلم أبو شاويش 2جنوب البلد الشارع األولفارس مسلم أبو شاويش 3جنوب شرق البلدحسن أحمد النجار 4جنوب البلدحسن أحمد السردي 5شرق البلدالحاج محمد صبح 6شرق البلدهنية صبح )هنية عساف( 7 الحاجة لطيفة صبح )لطيفة أم8

عساف(شرق البلد

شرق البلدعلي عبد القادر صبح 910

شمال شرق البلدمحمد العمودي )محمد دودة(

11

عبد الهادي وعايش وحسنالعفيفي

شرق البلد

12

شرق البلدأحمد الخضور )شروط(

13

شرق البلدجبر أبو شاويش

14

شرق البلددار أبو علي

15

عبد الحميد حسن صبح مع داروقهوة

وسط شرق البلد

16

شرق البلدمحمد مثقال أبو سرايا

17

غرب شمال البلدالشيخ خليل الطهراوي

18

غرب شمال البلددار حسنين

19

غرب البلدموسى البلبيسي

20

غرب البلدمصطفى محمد البلبيسي

21

غرب البلدمحمد محمد البلبيسي

22

غرب البلددار أبو علي

23

غرب البلدمحمد لطيفة البلبيسي

24

شمال البلداسماعيل حسن أبو شاويش

25

جنوب البلد على طريق البطاني-طلب الدهودي )أبو الخير( أسدود

26

غرب البلدمحمد العبد الدهودي

27

غرب البلدإسماعيل العمودي

28

غرب البلددار الحمالوي )أبو ربعي(

29

غرب البلدالعبد عبد الرحيم البلبيسي

غرب البلدعبد الحميد البلبيسي 3

17

031

غرب البلدحسين البلبيسي

32

غرب البلدإبراهيم شحادة منصور

33

غرب البلدكرم الشيخ خليل الطهراوي

34

كرم حسن وحسين الدهودي)عواجة أو الهرش(

غرب البلد

35

سليمان ومحمد حسين العمودي)زعمط(

شرق البلد، قرب دار حسينمنصور

محمود يوسف الدهودي )أبوالخير(

غرب البلد

غرب البلدابراهيم الدهودي )أبو الخير(

( جرون البلد:4

الجرن هو عبارة عن مساحة واسعة من األرض تستخدم لدرس القش، ولكل عائلة أو حمولة جرنها الخاص حسب حاجتها، ومساحة األرض الزراعية التي تملكها.

وكان يوجد في القرية عدد من الجرون موزعة على أهالي القرية، أهمها جرن أبو خضرة، وجرن أحمد خليل أبو شاويش، جرون آل الطهراوي، جرن حسن عبد الهادي وعايش العفيفي، جرن المختار حسن مسلم أبو شاويش، جرن طلب الدهودي )أبو

الخير(، جرن محمود يوسف أبو الخير )الدهودي(، جرن حسين خليل الدهودي، وجرن.(1)حسن وحسين الخطيب

كان في برقة عدد من اآلبار، أهمها: البئر الرئيسي عند الوادي، بئر( آبار القرية: 5 بيارة فوزي أبو خضرة، بئر بيارة أحمد خليل أبو شاويش، بئر بيارة مسلم خليل أبو

شاويش، بئر بيارة محمد فتوح، بئر بيارة رباح أبو خضرة، بئر بيارة توفيق أبو خضرة، بئر بيارة محمود أبو خضرة، بئر بيارة حلمي أبو خضرة، بئر بيارة فهمي أبو خضرة،

.(2)وبئر بيارة فوزي أبو خضرة

: المطامير هي مخازن للحبوب تنشأ فوق األرض، وهي عبارة( مطامير القرية6 عن جدران بارتفاع معين، ويكون لها فتحة جانبية لسحب الحب عند الحاجة، وكان

لكل عائلة مطمورة لتخزين الحبوب. وكان هناك طريقة لتخزين الحبوب، عن طريقبئر في األرض، وله غطاء وفتحة بسلم حديدي لسحب الحب.

كانت طرق ري المزروعات واألشجار عن طريق( طرق ري المزروعات:7 القنوات والعماميل، والحفر. وكانت األراضي طينية خصبة، ماعدا أرض الرمالة

فكانت حجرية )من حجر الحتان(.

قمح، شعير، ذرة، عدس، حمص، حلبة، والكرسنة )علف( أهم المزروعات:8 للدواب(، فول، حمص، وهذه الدورة تعرف بالدورة الشتوية. وأما الدورة الصيفية،

فكانت تشمل: الذرة البيضاء )الذرة الهندية(، والسمسم. باإلضافة للفواكه، م، في مقابلة أجراها معه الباحث في1927محمد علي السردي من مواليد قرية برقة سنة )(1

.3/2/2016منزله في مدينة غزة، بتاريخ الحاج خليل أبو شاويش، مرجع سابق ؛ والحاج مطلق الدهودي، مرجع سابق.)( 2

18

والخضار البعلية مثل: البندورة، الخيار، الكوسا، الفقوس، البطيخ، الشمام، القرع،واليقطين.

ه الجمال والبقر، محراث من الحديد( أدوات الزراعة:9 محراث من الخشب تجر تجره البغال، وكان هنالك نجار من أهالي القرية يقوم بصنع هذه األدوات. وكانت

رطل4الزراعة باليد، حيث كانت ترش البذور باليد )البذارة(، وكان مقدار الدونم .(1)من البذور )قمح، أو شعير، أو عدس(

ونتيجة لهذا االزدهار الزراعي والزيادة في اإلنتاج عن حاجة الفالحين، أخذ الفالحون يسوقون الفائض من اإلنتاج إلى المدن القريبة، مثل يافا أو المجدل، وكذلك

إلى األسواق الموسمية األسبوعية )الجمعة في المجدل والفالوجة، واألربعاء فيأسدود(.

م زار قرية برقة عالم جغرافي فرنسي، يدعى1863وفي شهر مايو سنة ، ثم اتجه بعدها لزيارة قرية أسدود. وفي زيارته »Victor Guerin«فكتور غيراني

وصف بدقة أحوال القرية، وأنواع الزراعة الموجودة فيها، من حبوب، وفواكه، وحمضيات، ومدى تطور الزراعة فيها، والجمال الذي تمتعت به القرية، والقرى

.(2)المجاورة

وخالصة القوال، إن أهالي قرية برقة كانوا يملكون مساحات شاسعة من األراضي الزراعية، توزعت ما بين بيارات، وموارس، وحواكير، زرعوا الحمضيات فيها

مختلف أنواع الحبوب. وقد تجنب الباحث التطرق لمساحات األرض الخاصة بكل عائلة أو حمولة، تحريا للدقة ومنعا للحرج؛ فقد توفر لديه جزء من المعلومات، ولم تتوفر له

كل المعلومات. وتجدر اإلشارة هنا، لما ورد من معلومات في كتاب جميل عبد وتضم القرية حارتين هما: حارة الدواهيد، وحارة أبو شاويش،«الرحمن السحار:

وهي معلومات غير دقيقة، حيث، (3)»وحارة الدواهيد تملك معظم األراضي الزراعية إن تعداد السكان ومساحة األراضي المذكورة تنفي هذا القول، ولذلك ينبغي تصحيح

هذا الخطأ.

ثانيا: سيطرة اإلقطاع الزراعي على أراضي القرية في نهاية الحكمالعثماني

يدور البحث، في هذا القسم من الدراسة، حول الكيفية التي تسربت بها األراضي من يد الفالحين إلى اإلقطاع الزراعي، ومن ثم بيعها للسماسرة اليهود؛ لتغدو

مستوطنات صهيونية منتصبة على أرض القرية، وسيكون لها دورا رئيسيا في تهجير السكان الفلسطينيين الحقا، في أحداث النكبة. كما ويحاول الباحث، هنا، تصحيح بعض

األخطاء الواردة في الكتب والمراجع حول مساحة األراضي التابعة لقرية برقة،م.1948والمستعمرات التي أقيمت عليها قبل عام

يمكن فهم اإلطار النظري لهذا الموضوع، من خالل تحليل السرد الزمني للوقائعChronology))،حين كانت األراضي في العهد العثماني ملكا للسلطان بحق الفتح .

الحاج رمضان الطهراوي، مرجع سابق.)( 1 .137مرجع سابق، ص أسدود قلعة الجنوب. أحمد حسن جودة، نقال عن:)( 2.24جميل عبد الرحمن السحار، مرجع سابق، ص )( 3

19

يتصرف فيها كيف يشاء، وكان الفالحون يملكون بيوتهم والحواكير المحيطة بالقرية فقط، أما األراضي الزراعية فيزرعها الفالح دون أن يملكها. واستمر األمر كذلك حتى

، حين أصدرت الدولة العثمانية عدة قوانين لتنظيم تسجيل19منتصف القرن األراضي، وتصفية نظام المشاع؛ بدعوى التحديث تحت ضغوط الدول األوروبية؛

لضمان حقوق األفراد. ومن خالل هذه القوانين توقعت الدولة العثمانية زيادة دخلها المالي من فرض الضرائب المباشرة على األمالك، لكن الواقع جاء مخالفا للتوقعات؛

فالفالح لم يكن قادرا على دفع رسوم تسجيل األرض باسمه، كما أنه كان يتجنب التسجيل خشية من التجنيد اإلجباري. األمر الذي ساعد على ظهور طبقة كبار المالك من األعيان، وكبار التجار، الذين كان باستطاعتهم دفع تكاليف التسجيل. وبالرغم من

ذلك، استمر نظام ملكية المشاع معموال بها حتى نهاية القرن التاسع عشر، ولكن األرض سجلت باسم الحمولة أو شيخها، مع تحديد نصيب األفراد، على أن يكون موزعا

بين مناطق مختلفة من أراضي القرية. وكان الفالح يعرف مجموع أمالكه، لكنه ال يستطيع التصرف بالبيع أو الشراء في قطعة محددة جغرافيا؛ ألن موقعها يتغير من

منطقة إلى أخرى كل بضع سنوات. وظل األمر كذلك حتى أصدرت حكومة االنتداب م، الذي خول مأمور التسوية بتقسيم األرض بين1928قانون تسوية األراضي عام

المالكين أو المنتفعين، فقامت حكومة االنتداب بتحديد الموارس وتسجيلها بشكل. (1)دائم

1fبجمع الضرائب»الملتزمين«( الحكومة التركية تعهد ل

،»العشر«وأما عن الضرائب التي كانت تحصل من الفالحين، فأهمها ضريبة % من10وهي الضريبة التي كان األتراك يجبونها من أصحاب األراضي، بنسبة

حبوبهم، وسائر حاصالتهم الزراعية، حتى الحنضل فكانت الحكومة التركية تفرض عليه %. وكانت الحكومة التركية تجبيها12,5ضريبة العشر. ثم زيدت هذه النسبة فجعلت

، وكان أكثر هؤالء من طبقة األفندية الذين أثروا عن هذه الطريقة.»ملتزم«بواسطة فقد كان الواحد منهم يتعهد بدفع مبلغ من المال لصندوق الحكومة عن مدينة أو قرية أو مجموعة قرى، ثم يجبي من أهلها أضعاف ذلك المبلغ. وكانت الحكومة التركية في

. وأما»التجهيزات العسكرية«% باسم 6بعض األحايين تضيف إلى قيمة االلتزام ضريبة األغنام، فكانت الحكومة التركية تجنيها عن األغنام والجمال بنسبة: أربعة

قروش عن كل رأس غنم، وعشرة قروش عن كل جمل، ثم زيدت هذه النسبة في، وزيدت مرة أخرى بعد حرب البلقان )»التجهيزات العسكرية«م باسم 1908عام

. هذا عالوة على أنواع أخرى من الضرائب، التي كان»األسطول«م( باسم 1912 .(2)يجنيها األتراك من األهالي في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين

% أو أكثر، حسب جشع الملتزم، ونسبة20وكانت ضريبة األرض تصل أحيانا إلى األرباح التي يريد تحقيقها لنفسه، فلم تكن المشكلة في الضرائب بحد ذاتها، وإنما في

أسلوب تحصيلها. وقد استمرت هذه الضرائب في السنوات العشر األولى من عهد.(3)االنتداب البريطاني، ثم عدل نظام الضرائب وأصبح أكثر قسوة على الفالحين

هكذا كانت الصورة العامة للقرى في فلسطين، وهذا ما انسحب – بطبيعة سمعت «الحال- على قرية برقة، وحول هذا الموضوع يقول الحاج علي أبو شاويش:

.155، 136-135مرجع سابق، ص ص أسدود قلعة الجنوب. أحمد حسن جودة، )( 1 ، ص ص1943. مطبعة دار األيتام اإلسالمية في بيت المقدس، تاريخ غffزة عارف العارف، )(2

191-193. .157- 156مرجع سابق، ص ص أسدود قلعة الجنوب. أحمد حسن جودة، )( 3

20

عدة مرات من والدي ]أحمد أحمد أبو شاويش[ أنه في أواخر عهد بني عثمان )تركيا(، كان هنالك قانون اسمه قانون االلتزام، وكان هم تركيا هو جمع المال. فجاء رجل تاجر

من مدينة يافا، ويبدو أنه قد رأى في ملفات الدولة» رشيد أبو خضرة«يدعى الرسمية أسماء ستة قرى، هي: برقة، أسدود، البطاني الشرقي، البطاني الغربي،

القسطينة، وياسور، وهذه القرى موضوعة في قائمة واحدة. فقام هذا الرجل بضمان تلك القرى، ودفع رسومها للحكومة التركية لمدة عشر سنوات، واكتشف أن أكثر

األراضي ضمن هذا الكشف هي أراضي قرية برقة، مقارنة بعدد سكانها، فاختار أن يقيم فيها. فجاء الرجل على برقة باحثا عن مختار القرية )حسن أحمد خليل أبو

شاويش في حينها(، وأبلغه بما حصل معه في قضية ضمان تلك القرى الستة، وطلب منه اإلقامة في البلد، وتسهيل مهمته في جمع أمواله التي دفعها. فكان رد المختار بالموافقة على إقامة هذا الرجل في القرية، ولكن بشرط أن يتوجه معه إلى الجهة الحكومية، لكي يدفع رسوم األرض التي ورثها هو وأخوته عن والده، فقد كان قادرا

إال الموافقة على هذا»أبو خضرة«ماديا على سداد تلك الرسوم، فما كان من الشرط. وبالفعل ذهب المختار إلى غزة )مركز القضاء( ودفع الرسوم المطلوبة عن

.(1) مسؤوليته عن األرض التابعة لعائلة المختار»أبو خضرة«أرضه، ورفع

في القرية وكان وحيدا، فقد رحلت زوجته وتركت له أوالد»أبو خضرة«أقام مقيمين في مدينة يافا. وال شك أن هذا الرجل كان واعيا لمجريات األمور في الدولة التركية، ولديه من المال ما يكفي لضمان تلك القرى. وبعد سنوات قليلة، طلب من

من آل صبح»عزباء«المختار أن يزوجه أحد نساء القرية، وكان له ذلك، فزوجه امرأة دونم، وحفر بها100، واختار قطعة أرض في البلد بمساحة حوالي »صبحه«تدعى

بئر، وزرعها بالحمضيات )بيارة(، وبنى فيها عمارة وأقام فيها )أصبحت تعرف فيما بعدية أبو خضرة«بـ (. وبدأ بعدها بالتوسع في سلطته على أهل القرى، فاستخدم»عل

بتجميعهم حوله، وعاما بعد عام استطاع أن يجمع حوله»أبو خضرة«، وأخذ *()المغاربة شخص، واشترى لهم خيل وبارود100مجموعة من المغاربة يقدر عددهم بـ

لحمايته. وهكذا حكم قبضته»ميليشيا«خرطوش، وسيوف، وكرابيج، وكانوا بمثابة .(2)على أهالي القرى

100 خصص قطعة أرض على أطراف البلد بمساحة »أبو خضرة«ويروى أن دونم تقريبا، وخصصها لتكون جرن، وأصبح أصحاب األراضي األصليين يزرعونها

ومن يعاونوه يطلبون من»أبو خضرة«ويسقونها، وحين يحل موسم الحصاد كان ، ويقوم الفالح بدرس الحبوب»أبو خضرة«الفالحين أن يذهبوا بحصادهم إلى جرن

تحت حراسة المغاربة، حتى إنه كان يجبرهم على تكميم أفواه الدواب أثناء عملية الدرس، كي ال تأكل شيئا من الحبوب أو القش. ثم يصفي الغالل ويقسمها إلى خمسة

أبو« بتوزيعها كما يلي: قسمين من أصل الحصاد تذهب لـ»أبو خضرة«أقسام، يقوم أبو« مباشرة، ويقوم الفالح بتحميلها على ظهور البعير ونقلها إلى مخازن »خضرةة فيقوم »خضرة بخصم الرسوم،»أبو خضرة« في مدينة يافا. وأما ما تبقى من غل

والضرائب، وبدل النطارة )= الحراسة( التي يقوم بها المغاربة، وطبق عليهم قانون

الحاج علي أبو شاويش، مرجع سابق.)( 1 هم مجموعة من األشخاص الذين قدموا لفلسطين من بالد المغرب العربي،المغاربة:( *)*(

ألسباب اجتماعية أو غيرها، بهدف العمل؛ فهم عمال باليومية. والمالحظ أن هؤالء األشخاص.كانوا يعيشون على هامش المجتمع الفلسطيني، وكانوا غير مندمجين مع أهل البالد

الحاج مطلق الدهودي، مرجع سابق. )( 221

، وبهذه الطريقة كان يسيطر على ما تبقى من الغلة. وحسب من عايشوا(*1)الخبازة تلك الفترة، فإن كثير من الفالحين كانوا يعودون بعد عملية الدرس، دون أن يملكوا

»أبو خضرة«طحنة )= دقيق( يقدموها لعيالهم، وربما يتكرم عليهم فيعطيهم بعضامن التبن للدواب.

، في مقابل رهن»أبو خضرة«وفي السنة التالية، كان الفالحون يقترضون من ة؛ من الحرث والزراعة والسقاية، وفي موسم الحصاد ال األرض، ليعاودوا نفس الكر

يجنون شيئا. وعام بعد عام على هذا الوضع، وصل الحال بالعديد من الفالحين من أن يأخذ األرض منهم، في مقابل أن يتركهم»أبو خضرة«مالك األرض أن يطلبوا من

التي جمعها حوله، وبقوة القانون الذي كانت»الميليشيا«وشأنهم. وهذا كله بقوة )القوات الحكومية التركية(، التي كانت جاهزة تماما للتعاون معه»الجندرما«تمثله

على معظم أراضي»أبو خضرة«لضمان انصياع الفالحين له. وبهذه الطريقة سيطر.(2)القرية

ثم جاء التحول في هذا السياق بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية األولى، ودخول اإلنجليز لفلسطين. فقد كانت األرض في عهد تركيا غير مفروزة، أما حكومة االنتداب فقد أرادت تطويب األرض؛ بهدف تحديد الملكية وتسهيل التصرف باألرض

)بيعا وشراء(، وهذا –على األرجح- لتسهيل عملية بيعها لليهود، وكانت عملية تسجيل األراضي قد بدأت من الجنوب إلى الشمال )ابتداء من قرية رفح(. وسمع أهل القرية

بالتوجه البريطاني الجديد، فذهب المختار )حسن مسلم أبو شاويش حينها( ومعه بعضا من كبار أهل القرية إلى مدينة غزة، للتعرف على طبيعة القوانين البريطانية الجديدة،

وتوجهوا لرجال من آل الشوا والصوراني )من أعيان أهل غزة المطلعين على مجريات ؛»وضع اليد«األمور(، وفهموا منهم أن القانون البريطاني الجديد يقوم على سياسة

سنوات، ويشهد10بحيث أن الشخص المقيم في بيت أو قطعة أرض لمدة تزيد عن له جيرانه بذلك، يتم تسجيل األرض أو البيت باسمه. فتوجه المختار ومن معه إلى

، من سكان الرملة، وهو رجل كفيف ومعه»الشيخ سليمان التاجي«محامي يدعى ، فسألهم»أبو خضرة«كاتب. فرووا له قصة األرض المنهوبة في قرية برقة من قبل

هل يوجد رجال قادرين على حجر األرض والصمود فيها، وهل أهل القرية مستعدين لكي يشهدوا لبعضهم البعض في ملكية تلك األرض؟ فكانت إجابتهم بالتأكيد

. (3)والموافقة؛ فلم يكن أمامهم إال هذا السبيل

د والثورة على رجل اإلقطاع الزراعي:2 ( أهل القرية يعلنون التمر

قام المختار ومعه الوجهاء بجمع أهل البلد في مسجد القرية، وأقسموا على ، وأن يلتزموا مع بعضهم في»دمهم واحد.. وقرشهم واحد«السيف والمصحف بأن:

الصمود في األرض، والشهادة المتبادلة أمام لجنة ترسيم األراضي، على أن يتم توزيع أرضي القرية بين العائالت والحمائل بعد تسجيلها لدى الدوائر الحكومية. وخالل تلك

قد استثمر الكثير من األراضي لصالحة، كما ونجح في»أبو خضرة«الفترة كان استقطاب بعض رجال القرية )من غير مالك األرض( للعمل معه. وكان يملك حوالي

سكة )تستخدم في حرث األرض(، وكان يستغل أفضل أراضي القرية وأخصبها؛100 فقد كانت األراضي حينها مشاع، وكان أهل القرية بالعادة يوزعونها بينهم كل عام

المقصود بقانون الخبازة هو تغريم الفالحين بدل إطعام النواطير والميليشيا الخاصة به.(*)1الحاج محمد السردي، مصدر سابق ؛ والحاج عبد الرحمن أبو شاويش، مرجع سابق.)( 2 الحاج علي أحمد أبو شاويش، مصدر سابق ؛ وكذلك الحاج مطلق الدهودي، مرجع سابق.)(3

22

بالقرعة، وبالتالي لم تكن األراضي ملكية فردية للعائالت؛ بمعنى أن كل األراضيالتابعة للبلد هي ملك لكل أهل البلد، دون تحديد من يملك ماذا، وأين؟

األب قد رحل، وترك األرض ألبنائه، وكانوا»أبو خضرة«وفي تلك المرحلة كان في ذلك العام )خالل السنوات األولي لدخول االنجليز لفلسطين( قد زرعوا القمح في أفضل أراضي القرية. فجمع أهالي البلد عدد من الشباب األشداء القادرين على حمل

البارود والسيوف، وهي أسلحة من مخلفات تركيا بعد الحرب العالمية األولى. كانت مهمة أولئك الشباب ردع كل من يهاجم أهل القرية، وكلفوهم بأمور الحماية في

؛»أبو خضرة«مقابل أن تخصص لهم حصة من األرض، بعد نجاحهم في استردادها من أبو«وفقا للخطة التي اتفقوا عليها مع المحامي. وبدأ أهل البلد التمرد والثورة على

. انتظر أهل القرية قرب موعد حصاد القمح، وقبل الموعد بأسابيع قاموا»خضرة بالهجوم على تلك األرض المزروعة، وقاموا بحرثها وقلب الزرع؛ بهدف تخريبها. وحين

هذا المنظر، تدخلوا بإطالق النار، فرد عليهم المسلحين من»أبو خضرة«رأى رجاالت شباب القرية بإطالق النار؛ إلرهابهم وإثنائهم عن الهجوم على أهل القرية، فما كان

أبو« على »الثورة«منهم إال أن تركوا المكان وغادروا، حينها بدأ ما يمكن تسميته بـ ، وعلى القوانين الجائرة التي انتزعت األرض من أصحابها الحقيقيين.»خضرة

أبو«واستمرت سيطرة أهل القرية على األرض المنهوبة منهم بالقوة، فتنبه أبناء »خضرة لألمر، وعلموا أن أهل البلد قاموا بتوكيل محام للدفاع عنهم، فقاموا هم أيضا

، من يهود القدس، وهذا المحامي –حسب» دهود ميال«بتوكيل محام يهودي يدعى .(1)بعض اآلراء- هو سمسار أراضي للمؤسسات الصهيونية

( عرض قضية األرض أمام القضاء:3

بعد فترة من المشاحنات حول ملكية األرض، تقابل الطرفان )أهل البلد ومحاميهم من جهة أخرى في المحكمة، التي»أبو خضرة«ومحاميهم( من جهة، وأبناء

انعقدت – حسب الشهود- في مدينة المجدل، وكانت هذه هي المحكمة األولى. ونتيجة لتضامن أهل القرية، الذين شهدوا لبعضهم البعض في ملكية تلك األراضي، صدر حكم

المحكمة بأحقية أهل البلد في أراضي القرية، وهذا ما شجعهم في االستمرار في لم يستسلم، فقام باالستئناف على الحكم. ويبدو أنه تنبه»أبو خضرة«خطواتهم. لكن

لما يحدث في القرية من تضامن األهالي مع بعضهم البعض، فأخذ في إغراء البعض من أهل القرية إلفساد خطوتهم، وتحريضهم على بعضهم، واستمالتهم لصالحه، في

يعرض في حينها قطعة أرض»أبو خضرة«مقابل إعطائهم بعض األراضي. وكان دونم لكل عائلة في محاولة الستمالتها لالنضمام له، وال شك أنه قد100مساحتها

نجح في حالة أو اثنتين، إال أن ذلك لم يفت من عضد أهل القرية، الذين جسرواواستمرأوا الحالة بعد قرار المحكمة.

وفي السنة الثانية تم تحويل القضية إلى المحكمة المركزية بغزة، وكان الحكم لصالح أهل القرية للمرة الثانية. واستأنف المحامي اليهودي )محامي أبو خضرة( على

قرار محكمة غزة، فتم تحويل القضية في السنة الثالثة لمحكمة القدس، التي كان يرأسها قاضي انجليزي وبعضوية اثنين من العرب، وهناك أبدع محامي أهل، القرية

وقدم مرافعة قوية للغاية، اختلط فيها القانون بالسياسة، وارتفع صوته على هيئة المحكمة، منددا برجاالت اإلقطاع، الذين يسمسرون على األراضي ويبيعونها لليهود، مما دفع بالقاضي لتحويل القضية للمحكمة العليا في لندن، األمر الذي أصاب أهل

الحاج عبد الرحمن أو شاويش، و الحاج علي أحمد أبو شاويش، مصدر سابق.)(123

القرية بالحزن الشديد؛ حيث أن مشوار القدس كان صعبا عليهم )أمضوا يوم أو يومين في الطريق للقدس(، فما هو الحال مع المشوار إلى لندن ؟! إال أن المحامي

الفلسطيني حاول التخفيف عليهم، صائحا فيهم بأن ال يقلقوا، وأنه جاهز ألن يكمل.(1)المشوار معهم، وأنه مستعد للسفر إلى لندن

ال شك أن تحويل القضية إلى المحكمة في لندن قد أصاب أهالي القرية بالحزن الشديد، ومن ناحية أخرى بدأ بعض أهالي القرية يشعرون بالخوف، وأحيانا عدم الثقة

في بعضهم البعض، نتيجة لإلغراءات التي يمارسها أبو خضرة ورجاالته على أهالي القرية، وبدأت حالة من الشك تسود العالقة بين األهالي. ويدلل الحاج عبد الرحمن أبو

كان هنالك شجرة جميز كبيرة على طرف«شاويش على حالة الشك تلك بالقول: البلد، وكان كل يوم يصعد إلى قمة الشجرة أحد األشخاص، لمراقبة من يتردد على

من أهل القرية. والمالحظ أنه خالل فترة المنازعات والمحاكم بين»علية أبو خضرة« ، كانت العالقات سيئة بين أهل القرية )وتحديدا آل أبو»أبو خضرة«أهل البلد و

ومن وقف معهم من أهل البلد، وهم قلة. وقد أثرت»أبو خضرة«شاويش(، وأبناء تلك الحالة على العالقات االجتماعية بين أهل القرية، واستمرت تلك الحالة لعدة

.(2)»سنوات حتى بعد انتهاء النزاع

(أبو خضرة( التفاوض بين أهالي القرية ورجل اإلقطاع الزراعي )4

، وهو تاجر حمضيات كبير»هاشم أبو خضرة«كان أحد أبناء أبو خضرة ويدعى ألف جنية فلسطيني، ويريد أن يبيع جزء40تعثرت تجارته، فأصبح مدين للبنك بملغ

من األرض لسداد البنك، وبعد تفاوضه مع أخوته وتوزيع تركة والدهم، كانت حصته تل)األكبر من التركة في أراضي قرية برقة، باإلضافة لحصة لهم في أرض تل الربيع

والشيخ مونس وغيرها. والمهم في األمر، أنه بعد قرار محكمة القدس أراد(أبيب أن يتفاوض مع أهالي القرية، وألن العالقات مع األهالي كانت»هاشم أبو خضرة«

متوترة أو شبه مقطوعة، فقد اختار طريقا مختلفة للتفاوض؛ فاعترض، هو ونفر من وهو ذاهب لقرية»الباشا«رجاله المسلحين، طريق أحمد أحمد أبو شاويش الملقب بـ

بشيت، وللوهلة األولى ظن الباشا أنهم قادمون لمهاجمته فاستعد لذلك، إال أن حديث نريد أن ننهي الخالف يا باشا، ونقسم األرض بيننا «هاشم فاجأه حين بادر بالقول:

وبينكم بالنصف .. على أن يختار أهل البلد القطعة التي يريدونها، ويتركوا األرض التي أنا ذاهب اآلن إلى« المفاجأة رد عليه بالقول: »الباشا«. وبعد أن تدارك »ال يريدونها

ألح»هاشم«، إال أن »قرية بشيت .. امنحني فرصة ألشاور أهل القرية وأرد عليك .. عليه واستحلفه بأن يعود على الفور للقرية، ويشاور إخوته وأبناء عمه وباقي أهلها في هذا األمر، وهذا ما كان. تزامن هذا العرض مع حالة من الضعف والوهن واإلعياء، التي

أصابت أهل القرية، نتيجة لطول مدة التقاضي، وحالة القلق والشك من نتيجةالمحكمة، ولما تكبده األهالي من أعباء مالية نتيجة للمحكمة.

للقرية تداعى أهلها لالجتماع والتباحث في األمر،»الباشا«وبمجرد عودة فتباينت اآلراء بين رفض للفكرة، وقبولها باعتبارها تضمن لهم حصة معقولة، وأمام هذا التضارب قرروا التوجه إلى المحامي في يافا، وطرحوا عليه األمر، فرد عليهم بالقول:

والله يا آل أبو شاويش ويا أهل برقة ما أحد في فلسطين وقف لألرض وفعل كما« فعلتم .. أنا أعلم أنكم تعبتم كثيرا خالل سنوات التقاضي .. وهذا الحل معقول جدا

أصحاب هذه الرواية الحاج خليل أبو شاويش، والحاج مطلق الدهودي، مرجع سابق.)( 1الحاج عبد الرحمن أبو شاويش، مرجع سابق.)( 2

24

. وبالفعل عادوا» ليوقعوا على هذا االتفاق»أبو خضرة«لكن بشرط أن يأتي كل ورثة بما توصلوا له، وفي اليوم التالي توجهوا إلى»أبو خضرة«إلى القرية وأبلغوا

المحامي، وهناك تفاجأ أهل القرية بوجود أهالي من القرى المجاورة من البطاني والقسطينة ويسور، التي كانت تعاني من نفس المشكلة، فوجدوهم واقفين أمام

مكتب المحامي في يافا، بانتظار نتيجة الخطوات التي وصلوا لها؛ ذلك أن أي نتيجة يصل لها أهل برقة يمكن أن تنسحب على باقي القرى، وكان انتظار أهالي القرى

األخرى لمعرفة هل سينجح أهل برقة أم ال؟.

، على تقسيم»أبو خضرة«وبالفعل تم عقد االتفاق بين أهالي القرية وورثة لكي ترسم»الطابو«األرض موضوع النزاع )المنهوبة( بالنصف، انتظارا لوصول لجنة

األرض. فاختار أهل البلد مجموعة من األراضي هي: أرض الروب، وأرض أبو واوي، والوسطة، والسبعة، وهي ما كانت تسمى بالوجه القبلي، وهي من أفضل األراضي

الزراعية، وتقع في الجنوب الغربي من القرية، وتحدها قرى: أسدود، والبطاني الغربي، والبطاني الشرقي. باإلضافة لقطعة أخرى وهي أرض أبو خشيبة وتسمى

وهي تقع شمال القرية، وتحدها قرى: يبنا، وبشيت، وأبو سوريح،»سكرير أو صقرير« وهي معزولة نوعا ما عن أراضي البلد، هذا عالوة على عدد من الحواكير الصغيرة

داخل القرية وعلى أطرافها. وتم توزيع األراضي على العائالت التي التزمت مع أهل ، كما كانوا قد اتفقوا عليه في بداية عصيانهم، بحيث أن كل»أبو خضرة«القرية ضد

. (1)عائلة حصلت على مساحة أرض تعادل عدد األنفار

تم تقسيم األرض كما هو متفق، ولتسهيل إجراءات ترسيم األرض وتسجيلها في قطعة أرض بمساحة»حلمي المباشر«الطابو، تم منح كاتب في دائرة الطابو يدعى

دونم، تقع في أرض الروب في وسط أراضي أهل القرية، لكي يسهل لهم100 إجراءات تسجيل األرض. ويذكر أن هذا الرجل عرض تلك القطعة الحقا للبيع، فيبدو

م،1947أنه كان مستشعرا األخطار الداهمة على فلسطين في أعقاب قرار التقسيم .(2)فتشارك بعض الفالحين من غير المالك وتقاسموها فيما بينهم

وهكذا عادت األرض، أو جزء منها على األقل، ألهلها الحقيقيين، وانتزعوها من بين أنياب اإلقطاع الزراعي، وحافظوا عليها من التسرب والبيع، وتم تسجيلها في

سجالت الحكومة باسمهم، وهي قطع األراضي التي عرضناها سابقا.

ب أراضي القرية لليهود في عهد االنتداب البريطاني ثالثا: تسر

قد»أبو خضرة«بعد انتهاء عملية تقاسم األرض وتسجيلها لدى الطابو، كان حصل على مساحات هائلة من أراضي القرية؛ سواء تلك التي حصل عليها عبر عملية

التفاوض واالتفاق مع أهل القرية، أو تلك التي كان قد اشتراها من الفالحين، أو اضطروا للتنازل عنها بعد رهنها؛ نتيجة لفقرهم وتضيق الخناق عليهم. ومن أهم تلك

تحد قرى: البطاني الشرقي والغربي، وياسور،»السالقة«األراضي: أرض تسمى جان«وبشيت، وقطرة، وهي التي أصبحت الحقا تعرف بأراض كبانية ) = مستعمرة(

م. وكذلك أرض وادي الخب، والسدرة. وقد باع أبناء1931، التي أنشئت في عام »يبنا أجزاء كبيرة من تلك األراضي للمستوطنين، وبقي جزء لهم. »أبو خضرة«

الحاج عبد الرحمن أبو شاويش، مصدر سابق ؛ الحاج حسن الطهراوي، مرجع سابق.)(1الحاج خليل أبو شاويش، مرجع سابق.)( 2

25

باع أرضه لليهود؟، جاءت إجابات كل من»أبو خضرة«وعند السؤال: من من أبناء من باعوا لليهود هم:«استمع إليهم الباحث من شهود على تلك المرحلة بالقول:

وحده باع»هاشم أبو خضرة«. ويروى أن »هاشم، والحاج أحمد، وخليل أبو خضرة قطعة أرض كاملة، تبلغ حوالي أالف دونم قطعة واحدة. وكل المستعمرة )جان يبنا(

، وهي من األراضي التي نهبوها من أهل القرية. هذا»أبو خضرة«هي باألصل أرض لـ 1500فضال عما تبقى لهم من أراضي لم يتم بيعها مثل: أرض وادي العسل )حوالي

، ومساحة كل بيارة أكثر»أبو خضرة«دونم(، وعدد من البيارات بقيت كما هي ألبناء دونم. وكانت بياراتهم مجاورة تماما للكبانية، وهي عبارة عن مستعمرتين100من

تفصل بين بيارات اليهود، وأرض»أبو خضرة«)جان يبنا و بيتسارون(. وكانت بيارات الحاج«واحد من أبناء أبو خضرة يدعى « ويستطرد الحاج علي بالقول: أهل القرية.

، ثم طلقها وتزوج*()»مكرم أبو خضرة«، وكان متزوج من ابنة عمه »أحمد أبو خضرة مساحتها حوالي ألف دونم، تم بيعها»تل الريح«امرأة يهودية، وله قطعة أرض تسمى

لليهود في أواخر الثالثينيات أو أوائل األربعينيات، وهي تحد قرية ياسور. وكذلك في . ويذكر أن واحدة من بنات أبو خضرة قد1946 دونم في سنة 100أرض السالقة باع

م، على أرض الزياتنة على حدود بيارة أحمد أبو1947 دونم، في عام 100باعت . (1)»»الهجاناه«شاويش، وتم زراعتها بالشعير تحت حراسة

وحول هذه القضية تحديدا توجه الباحث للحاج محمد حسن صبح لالستفسار عن األب كان متزوجا من السيدة صبحة»أبو خضرة«بيع تلك القطعة لليهود، فأفاد: بأن

أبو«صبح، ولكنها لم تنجب منه، وخالل تلك السنوات كان جدي وإخوته يعملون مع التي كانت أرض رملية )برصة( غير صالحة»تل الريح«، وقاموا بإصالح أرض »خضرة

للزراعة، فعمروها حتى أصبحت كرما يافعا، مزروعا بالعنب والتين وشتى أنواع األب حصل الخالف مع أحد أبنائه )الحاج»أبو خضرة«الفواكه. وبعد سنوات من وفاة

أحمد أبو خضرة(، ورغم وجود أوراق تثبت اتفاق الطرفين )أبناء عائلة صبح مع الحاج أحمد أبو خضرة(، على تقاسم األرض فيما بينهم، نظير خدمتهم فيها، فإن أبناء صبح

. وللتدليل على(2)تفاجأوا بمجموعة من اليهود الذين قاموا بطردهم من األرض بالقوة صدق الرواية، قدم لنا الحاج محمد مشكورا مجموعة ضخمة من الوثائق الرسمية

)كنز معلومات(، تتضمن المخاطبات وقرارات المحاكم واللجان المختصة باألراضي )مرفق عينة بسيطة منها في مالحق هذه الدراسة(. وبعد تمحيص هذه الوثائق، وجدنا

واحدة من أهم وأخطر تلك الوثائق، وهي الصادرة عن دائرة تسجيل األراضي، التي « أن هذه األرض قد جرى انتقالها لشركة «جاءت إلشعار أبناء صبح بالرد:

هي مالكة أراضي، وكانت قد تبرعت بقطعة من أرضها في مدينة غزة مكرم أبو خضرة:(*)*( لكي يبنى عليها مستشفى، ذلك المبنى الذي استخدمت لعشرات السنين كمجمع للدوائر الحكومية في عهد اإلدارة المصرية، وبعدها في زمن االحتالل اإلسرائيلي، وبعدها في عهد

.»عمارة أبو خضرة«السلطة الوطنية الفلسطينية. وهي التي تعرف بـ يؤكد هذه الروايــة كال من: الحــاج مطلــق الــدهودي، والحاج علي أبو شاويش، مرجع سابق.)(ـ 1

والحاج عبد الرحمن أبو شاويش، وكل من قابلهم الباحث ممن عايشوا تلك المرحلة.الحاج محمد حسن صبح، مرجع سابق.)( 2

26

. فقام آل صبح(1)»م27/12/1939 بتاريخ *()»كرن كيميت ليسرائيل لميتد بمخاطبة قائمقام قضاء غزة )السيد/ عارف العارف في حينها(، وحاكم لواء غزة،

وحتى وصلت استغاثاتهم إلى المندوب السامي البريطاني، السترداد حقهم في األرض، م. ورغم أن قرار القائمقام كان في1934م وسنة 1933وفقا لقانون المزارعة لسنة

البداية لصالح أبناء صبح، فإن محكمة استئناف يافا، قد ردت قرار القائمقام، ومنحت تلك األرض ألبو خضرة. واستمر بعدها التقاضي في المحاكم، بين أبناء عائلة صبح

لعدة سنوات، ما بين القائمقامية، ومحكمة المجدل،»أحمد أبو خضرة«واإلقطاعي ومحكمة االستئناف بيافا، لكن دون جدوى )راجع مالحق الدراسة(.

ويدعم تلك الروايات، ما قاله الحاج علي أبو شاويش نقال عن السيد/ عبد ، رئيس بلدية مدينة يافا األسبق والسياسي المعروف، وكان قد**()الرؤوف البيطار

، وهي تجاور أرض أبو شاويش،»أبو خضرة«اشترى قطع أرض في القرية من أبناء وقد شجرها وأصبحت بيارة عامرة. وفي يوم كان البيطار ضيفا على الغذاء عند والد

الحاج علي )أحمد أبو شاويش(، ويروي لنا ما قاله البيطار يومها، فقد كان جالسا في هل تعلمون ما هو معنى كلمة «هذا اللقاء وسمع شخصيا ما قاله البيطار بالحرف:

ه؟.. دعوني أقول لكم ما هو سبب هذه التسمية .. المستعمرة التي معارضين ومجلسي بنيت على أرض قريتكم ]جان يبنا[ هي أرض هاشم أبو خضرة، وقد جاءني هاشم

وأبلغني بأنه يرغب في بيع أرضه في برقة، ألنه مكسور للبنك، وأن اليهود دفعوا في ليرات، كي ال4 ليرات ]جنيهات فلسطينية[، وأنا مستعد لبيعكم الدونم بـ 5الدونم

ثم طلبت من هاشم «. ويكمل البيطار روايته بالقول: »تضعوني في القائمة السوداء ،»أبو خضرة مهلة، لكي أستشير سماحة المفتي ]الحاج أمين الحسيني[ في هذا األمر

اتصلت بأعضاء الصندوق ]صندوق األمة[ ورتبنا«وأضاف والكالم على عهدة الراوي: موعد مع المفتي في القدس، وعرضنا عليه األمر .. فكان رد المفتي بأن اشتروا ..

وما هو«. فرد المفتي: »فرد البيطار ومن منا يستطيع أن يشتري كل هذه األراضي دعنا نشتري من صندوق األمة، فنحن نجمع الضرائب«، فقال البيطار: »المطلوب

، وهذا على عهدة»إذن أنتم جئتم لتحاسبوني«، فكان رد المفتي: »والتبرعات.. البيطار، وحسب روايته قام المفتي بطرده هو والنشاشيبي، واسترسل البيطار قائال:

في اليوم التالي تفاجأت بثالثة أشخاص ملثمين، يحملون مسدسات ويهاجمون بيتي،« وأبلغوني بأن ال أتدخل في السياسة وإال .. وفي هذه الحالة اضطررت لتسليم نفسي

) كرن كيميتـ( *)*( اليهودي القومي الصندوق هو KAREN KAYMETH לישראל קיימת קרן: LEISREAL )INC) Jewish National Fund )JNF) )، 1901وهي منظمة صهيونية تأسست في عام

؛ لشراء األراضي في فلسطين العثمانية، وإقامــة المســتعمراتاليهودكوسيلة لجمع األموال من ، والحقا إسرائيل والضفة الغربية وقطــاعاالنتداب البريطانياليهودية، والحقا في فلسطين تحت

ــة. في % من مجمــل13 كــان الصــندوق يملــك حــوالي 2007غــزة إلقامــة مســتوطنات يهوديJewishاألراضي في إســرائيل. للمزيــد من التفاصــيل ينظــر: National Fund, »Our History«.

Available At: http://www.jnf.org/about-jnf/history/

(.3ينظر: الملحق رقم ))( 1 (، واحد1941-1938 سياسي معروف ورئيس بلدي مدينة يافا ) عبد الرؤوف البيطار:(**)**(

، وكان مقره في يافا.1927من مؤسسي الحزب الحر الفلسطيني، الذي تأسس في يوليو ويذكر أن تأسيس هذا الحزب جاء نتيجة لطبيعة الخالفات، التي كانت قائمة بين أطراف

األحزاب السياسية في فلسطين في ذلك الحين. والبيطار كان معارضا لسياسة الحاج أمين الحزب الحر«الحسيني. للمزيد من التفاصيل حول الحزب وأهدافه يمكن الرجوع لـ:

، د. ت، على الرابط»وفا«، موقع: وكالة األنباء والمعلومات الفلسطينية »الفلسطينيhttp://www.wafainfo.ps/atemplate.aspx?id=3522

27

للحاكم العسكري االنجليزي في يافا، وشكوت له ما حصل معي، وطلبت منهم الحماية، فوفر لي حماية من الشرطة االنجليزية، ترافقني ذهابا وإيابا في طريقي

. وبصرف النظر عن السياق الذي(1)»للبلدية، ومن هنا جاء الخالف بيننا وبين المفتي روى فيه البيطار هذه القصة، سواء لتبرير عالقته باالنجليز ومعارضته للمفتي أو لغيرها

»هاشم أبو خضرة«من األسباب، فإن المهم في هذه الرواية، هو تأكيده لقضية بيع لمساحات هائلة من أراضي قرية برقة لليهود، الذين أقاموا عليها تلك المستعمرات.

بدأنا نالحظ«وأما عن إنشاء المستعمرات على أراضي القرية، فيروي الشهود: ( متر داخل200 – 100بعض األكشاش والتخاشيب بين الواحدة واألخرى حوالي )

األرض، التي كانت باألصل أراضي غير زراعية )كانت متروكة(. ثم أصبحت بعد فترة مستعمرات واسعة، ومزروعة بالحمضيات، ولم يستطع الرواة تحديد في أي سنة

. وهو ما يبدو مفهوما ومبررا، ألن عملية شراء(2)بالضبط أنشأت تلك المستعمرة األرض وانتقال ملكيتها، وتجهيزها لتصبح صالحة للزراعة والسكن قد مرت بمراحل،

بما يعنى صعوبة تحديد تاريخ واضح لنشأتها.

وواقع الحال، أن مستعمرتين كبيرتين قد أقيمتا على أراضي القرية، وهما: نسمة. وقد476 دونم(، وعدد سكانها 4,568 ومساحتها )»جان يبنا«مستعمرة

اختلفت الكتب والمراجع حول سنة التأسيس؛ ففي حين أرخ عارف العارف لتأسيسها م، ذكرت الموسوعة الفلسطينية أن بداية التأسيس كان في عام1933في عام

م،1933، وقد تأسست سنة »بتسارون «م. وأما المستعمرة الثانية فهي 1931. (3)211 دونم(، وعدد سكانها 1,130ومساحتها )

ثمة مالحظتان على المعلومات الوردة في الكتب والمراجعالخالصة: المختلفة، حول المستعمرتين المقامتين على قرية برقة، وكذلك مساحة أراضي

القرية، يمكن تلخيصها في التالي:

حول موقع المستعمرتين: المالحظة األولى:

استعرض المؤرخ عارف العارف أسماء المستعمرات اليهودية المقامة في قضاء(1 ، ولكنه لم يسم«جان يبنا»غزة، في موسوعته )النكبة(، وجاء على ذكر مستعمرة

القرية التي أقيمت عليها تلك المستعمرة )كما فعل في كل المستعمرات األخرى(، ولم يفسر في كتابه تلك المالحظة. وهنا لنا أن نتساءل: لماذا لم يرد اسم القرية

؟ فبالتأكيد أنها ال تقع في الفراغ!.«جان يبنا»التي أقيمت على أرضها مستعمرة ذكر في نفس الصفحة أنها مقامة على ، فقد«بيتسارون»وحول المستعمرة الثانية

، وهذا خطأ، ذلك أن تلك المستعمرتين متالصقتين )وهذا ما(4)أرض قرية السوافير يوضحه مصطفى الدباغ في موسوعته(. وأما قرية السوافير فهي تقع إلى جنوب

قرية برقة، ولم يحدد على أي سوافير بالضبط )فهنالك ثالث قرى سوافير: السوافير الشمالية، والسوافير الغربية، والسوافير الشرقية وكلها متالصقة(، ولو

الحاج علي أبو شاويش، مرجع سابق.)( 1الحاج أحمد الطهراوي، مرجع سابق.)( 2مرجــع ســابق، ص، الجــزء الثــانينكبة فلسطين والفردوس المفقود. عارف العارف، )(3

395..395 المرجع سابق، ص)(4

28

افترضنا أنه يقصد السوافير األقرب لقرية برقة )السوافير الشمالية( فهي تفصل بينها وبين برقة قريتين هما: البطاني الغربي، وبيت دراس، ثم السوافير الشمالية.

فكيف تكون تلك المستعمرة إذن مقامة على أرض قرية السوافير؟! وأما مصطفى الصباغ فإنه من جانبه يصحح بعض األخطاء، ولكنه يقع في أخطاء(2

أخرى؛ فيذكر في موسوعته )بالدنا فلسطين – الجزء الثاني(، عن موقع برقة قائال: . وهو بذلك(1)»وتجاورها من الشمال مستعمرتا غن يفنيه وبيتسارون«

يؤكد أن المستعمرتين متالصقتين، لكنه لم يذكر أن تلك المستعمرات مقامة على أراضي قرية برقة هذا من جهة، ومن جهة ثانية لم يوضح ما المقصود بكلمة

وتحيط بأراضي القرية أراضي ياسور « ! ففي حين يقول: »تجاورها« « وتجاورها من الشمال، يقول بالمقابل: »والبطاني الغربي وأسدود

مع القرى «تحيط »وهنا يتمثل الخلل؛ فبينما استخدم مصطلح مستعمرتا..» ، وكان األصل أن يعكس»تجاورها «الفلسطينية، استخدم بالمقابل مصطلح

يعطي انطباع خداع للقارئ، بأن وجود»المجاورة «المصطلحين؛ ذلك أن مفهوم هاتين المستعمرتين هو أمر عادي ومستساغ، وثمة حالة من الجوار الطبيعي

والوئام بين المستعمرتين والقرى المجاورة، وكأن مجاورتهما لقرية برقة تعطينفس الداللة لمجاورة قرية أسدود أو البطاني لقرية برقة!.

وأكثر من ذلك، والغريب في األمر أن الدباغ في مرجعه المذكور )في صفحة (، يرفق خارطة تشمل البلدان الشمالية لقضاء غزة، موضحا فيها حدود كل قرية،190

إلى الشمال من قرية برقة، وتعزلها عن قريتي: بشيت، ويبنا«جان يبنا»ويضع فيها ((. وكأن تلك المستعمرة هي واحدة من القرى العربية1)أنظر الملحق رقم )

الفلسطينية التابعة لقضاء غزة !. والحالة هذه، فإن السؤال المثار: ألي قرية إذن كانت(؟1931تتبع تلك األراضي قبل إنشاء المستعمرة عليها )عام

وبمراجعة الموسوعة الفلسطينية نجدها تصحح هذا الخطأ وتحسم األمر، وتؤكد أن(3 المستعمرة تقع على أراضي قرية برقة، وهذا يؤكد ما يسعى الباحث لتأكيده. لكنها )أي الموسوعة( بالمقابل تقع في خطأ من نوع آخر، وهو سنة إنشاء المستعمرة،

شرد الصهاينة سكان برقة، ودمروا القرية،1948 «في عام فتذكر: ، بما يوحي للقارئ بأن تلك(2) »وأقاموا مستعمرة جان يفنه على أراضيها

م، وهذا أيضا مخالف للحقائق. 1948المستعمرة قد أنشئت بعد عام وأما الدكتور سلمان أبو سته في موسوعته )أطلس فلسطين(، فيؤكد هذا القول.(4

تقع ضمن حدود»بتسارون «( من األطلس، نجد أن مستعمرة 429ففي الصفحة ) شعفة«، وهي مقامة على قطعة أرض تعرف لدى أهل القرية بـ (3)قرية برقة

، وتمتد حتى نهاية وادي الخب، على حدود قرية بشيت. وبالعودة كذلك»الحجر ( من كتاب أبو ستة )طريق العودة: دليل110للخارطة المحددة في صفحة )

، يتبين لنا بوضوح موقع هذه المستعمرة ضمن أراضي(4)المدن والقرى المهجرة(قرية برقة، وحدودها مع القرى المجاورة.

.199. الجزء الثاني، مرجع سابق، ص بالدنا فلسطينمصطفى مراد الدباغ، )( 1.376. مرجع سابق، ص الموسوعة الفلسطينية)( 2.429. مرجع سابق، ص أطلس فلسطينسلمان أبو سته، )( 3 . مرجــع ســابق، صطريق العودة: دليل المffدن والقffرى المهجffرةسلمان أبو سته، )(ــ 4

110.29

، لتحديد موقع(Google Earth(وبالعودة لصور األقمار الصناعية عبر جوجل آرث (5 المستعمرتين على الخارطة، وجدنا المستعمرتين متالصقتين تماما، وال تزيد

. (1) كم(3-2المسافة بين مركزي المستعمرتين في أحسن تقدير عن ) هذا الجدل هو ما دفع الباحث وحفزه للبحث والتنبيش في المراجع األجنبية. فوجد(6

قد تأسست عام» Gan Yavnehגן יבנהجان يبنا أو غان يفنه «أن مستعمرة م، من قبل عدد من العائالت اليهودية التي هاجرت من روسيا وبولندا إلى1931

بسبب قربها من قرية»جان يفنه«الواليات المتحدة، وقد كان مصدر إلهام السمها بدأت المفاوضات لالستحواذ على األرض من كفر1930. وفي عام (2)يبنا التاريخي

، الواقعة بالقرب من قرية يبنا، وهي تتمتع بظروف مناخية مناسبة لتطوير»برقه« 4 دونم، بسعر 4,600مزارع الحمضيات. فاشترى اليهود قطعة أرض بمساحة

جنيهات إسترليني للدونم الواحد )كان متوسط سعر الدونم الواحد في منطقة جنيه(. وقد تم إتمام إجراءات نقل ملكية6.67 قد وصل إلى 1929رعنانا عام

، وبلغت التكلفة اإلجمالية - بما فيها المصاريف والضرائب،1931األرض في عام جنيه إسترليني. عانت هذه المستعمرة في البداية من19,569والسمسرة –

كونها معزولة، ومحاطة بست قرى عربية، والستمرار تطور هذه المستعمرة كان ال -1936بد من شق الطريق، للتواصل مع التجمعات اليهودية األخرى، وخالل الفترة

بدأت المفاوضات مع حكومة االنتداب ثم مهدت الطريق لجان يبنا. وفي1938 . وأما المستعمرة الثانية(3) نسمة302 بلغ التعداد السكاني للمستعمرة 1948عام רוןبتسارون «فهي Yצ م على1935 وتعني الحصن، فقد أنشئت عام » Bitsaron ב]

، وتفيد مصادر»كيرين هايسود«أراضي الصندوق القومي اليهودي، بمساعدة اسمها من كتاب»بيتسارون«م. وأخذت 1939عبرية أخرى بأنها تأسست عام

. وخالل»العودة إلى المعقل الخاص بك، فإنك السجناء من األمل « 9:12زكريا على الخطوط األمامية»بيتسارون«، كانت 1948الحرب العربية اإلسرائيلية عام

.(4)في المعارك ضد الجيش المصري، وتم قصف من قبل سالح الجو المصري

ت حقيقتين: فأما وقد تعمد الباحث اإلطالة في تفنيد هذا الموضوع، لكي يثب هي تلك المتعلقة بالمواقع الجغرافي للمستعمرتين، وأن تبعية األرض المقامةاألولى

فهي توكيد روايةالثانيةعليها المستعمرتين تعود باألصل لقرية برقة، وأما الحقيقة تسرب أراضي القرية وبيعها للمستوطنين اليهود، من قبل سماسرة األراضي من

رجال اإلقطاع الزراعي؛ فقد شهد شاهد من أهلها. وهنا تالحظ أن سعر دونم األرض 4الوارد في الرواية الشفوية، تطابق مع السعر الذي اشترت به المؤسسات اليهودية )

جنيهات إسترليني للدونم(، وهذا ما يعزز مصداقية الرواية الشفوية الفلسطينية.

والمؤكد أن هاتين المستعمرتين أنشئتا على أنقاض أرض تابعة لقرية ما، ولما كانت أراضي المستعمرة تقع في الجزء الشمال الشرقي من قرية برقة، وتحيط بها

ينظر المواقع على الروابط التالي:)( 1http://wikimapia.org/#lang=en&lat=31,749774&lon=34,722290&z=12&m=bhttp://www.palestineremembered.com/Gaza/Barqa/ar/SatelliteView.html

2)(«Gan Yavne« ,Wikipedia )The Free Encyclopedia), Available at: https://en.wikipedia.org/wiki/Gan_Yavne

3 )(Joseph B. Glass, From New Zion to old Zion: American Jewish Immigration and Settlement in Palestine (1917-1939). Wayne State University Press Detroit, 2002, PP. 176-178 .

4)(«Bitzaron«, Wikipedia )The Free Encyclopedia), Available at: https://en.wikipedia.org/wiki/Bitzaron

30

أراضي القرية من ثالث جهات، فإن األمر الطبيعي والمنطقي، في مثل هذه حالة، أن تكون المستعمرة مقامة على أراضي قرية برقة، وهو ما تذكره بعض الكتب

. هذا فضال عن كل الشهادات التاريخية ألهالي برقة، والتي تؤكد أن(1)والمراجع لليهود، كما»أبو خضرة«أراضي المستعمرتين كانتا تتبعان للقرية، قبل أن يبيعها أبناء

أن أراضي ونذكر «أوضحنا سابقا. وهذا ما يؤكده محمود حسين في كتابه بالقول: . وأخيرا، فإن(2)» مستوطنتي غان يبنه وبيتسارون من أراضي أبو خضرة

الوثائق التي ألحقناها في نهاية هذه الدراسة، تحسم هذه المسألة بشكل قاطع اللبس فيه.

حول مساحة أرض قرية برقة: المالحظة الثانية:

بناء على ما تقدم من أخطاء حول موقع المستعمرتين المذكورتين آنفا، فقد نتج بالتالي خطأ آخر، وهو احتساب مساحة األراضي التابعة لقرية برقة. فقد ذكرت الكتب

دونم، وهو أمر غير منطقي؛ ذلك أن5,206والمراجع أن مساحة قرية برقة هي الخرائط تدل، من حيث المبدأ، على أن مساحة أراضي القرية تبدو أكبر بكثير من تلك المساحة المذكورة، بالنسبة والتناسب مقارنة مع غيرها من القرى المجاورة. وبالتالي

أصبحنا أمام تحد آخر، وهو احتساب المساحة الحقيقية لقرية برقة واألراضي التابعة لها. وكان لزاما علينا االستعانة بمتخصصين في هندسة المساحة، والجغرافيين

المتخصصين بمسح األراضي، من أجل التصدي لهذه المهمة.

وبدأ العمل استنادا للخرائط المعتمدة في أطلس فلسطين، وباالعتماد على . وللتأكد» Auto cad األوتوكاد «برنامج حاسوب مختص بحساب المساحات الهندسية

واختباره، تم تغذية الحاسوب بعينة من مساحاتProcedureمن أسلوب التطبيق )) القرى المجاورة لقرية برقة والمقاربة لها في المساحة، وطلب من البرنامج أن

يحسب المساحة اإلجمالية لكل قرية من القرى المدخلة، فكانت النتائج مقاربة تماما %(، بما1للمساحات المذكورة في معظم المراجع والكتب، وبنسبة خطأ ال تتجاوز )

يعني إمكانية االعتماد على هذا المنهج. ثم بدأت مهمة تطبيق هذا المنهج/األسلوب (، وملحق430-429على قرية برقة، فتم تصوير خارطة قرية برقة في الصفحتين )

قطعة أرض مارس السدرة )المعروفة بأرض أبو خشيبة(، التابعة للقرية والموجودة من أطلس فلسطين، عبر25,000: 1(، بمقياس رسم 415-414في الصفحتين )

، دونم14,500، فكانت مساحتها اإلجمالية تقارب Scannerجهاز الماسح الضوئي )) تشمل كامل القرية، واألراضي الزراعية التابعة لها )أبو خشيبة(، وكذلك مستوطنتي:

. وهذا تصحيح لما ورد في معظم الكتب والمراجع التي»بتسارون«، و»جان يبنا« دونم. وعلى األرجح فإن الخلل الذي تردد5,206ذكرت أن مساحة قرية برقة هي

في الكتب حول مساحة القرية، ناتج أساسا من عدم احتساب مساحة المستعمرتينالمذكورتين كجزء من أرضي قرية برقة.

وللتأكد من ذلك، قمنا بجمع مساحة أراضي قرية برقة المذكورة في تلك المراجع، مضافا إليها مساحة األراضي الملحقة بقرية برقة، وكذلك األراضي المقام

عليها المستعمرتين، فتحصلنا على النتيجة:

؛ وجميل عبد الرحيم376. مرجع سابق، الموسوعة الفلسطينيةينظر في هذا الموضوع، )( 1.26السحار، ص

.40. مرجع سابق، ص أسماء أراضي فلسطينمحمود حسين علي حسين، )( 231

المساحة اإلجمالية لبرقة = المساحة الموجودة في الكتب + مساحةأرض أبو خشيبة + مساحة المستعمرتين

)جان4,568 )حسب خرائط أطلس فلسطين( + 2000 + 5,206= )بتسارون(1,130يبنا( +

دونم12,904إذن المساحة اإلجمالية لبرقة =

وفي هذا الصدد يذكر الحاج مطلق الدهودي، نقال عن والده وأجداده: أن مساحة أبو« ألف دونم، قبل أن ينهب 25األراضي التي كان يملكها أهل برقة، كانت حوالي

أغلبها. ومن جهته يؤكد الحاج الطهراوي – نقال عن أسالفه- أن أهل البلد كانوا»خضرة . وعلى األرجح أن(1) ألف دونم، قبل ظهور أبو خضرة في المشهد14يملكون حوالي

الرقم األخير هو أقرب للدقة، وفقا للمعطيات الجغرافية الماثلة. وبصرف النظر عن مدى الدقة في احتساب المساحة، فإن األمر المؤكد، أن مساحة قرية برقة أكبر بكثير

دونم(، وهذا أمر ينبغي تصحيحه وتعديله.5,206من الرقم المذكور في كل المراجع )

هنا أيضا: أن هذا الخلل ال يقتصر على قرية برقة وحدها،والمالحظ المهمة وإنما يشمل عدد آخر من القرى، منها: قرى القسطينة، والسوافير، وبيت عفا، وعراق

كفار «و »بيار تعبيا«سويدان المقام على جزء من أراضيهما مستعمرات: . »نقبا «و » واربورغ

ה( » بيار تعبيا «وبالعودة للمصادر العبرية نجد أن Be'er Toviya ב³אר טובי »موشاف «، على شكل 1887 أسسها مجموعة من اليهود القادمين الجدد، في عام )

سمى قسطينة، على القرية العربية المجاورة التي تحمل االسم نفسه. وكان يدعمها ، إال إنها لم تنجح بسبب ندرة المياه، وبعدها عن»إدموند دي روتشيلد«البارون

المراكز اليهودية األخرى، وبسبب عداوة السكان في القرى العربية المجاورة لها. وقد م، بعد مهاجمتها من قبل أهالي القرى1929دمرت المستعمرة عمليا في عام

من قرية برقة، كان»الباشا«. ويذكر أن أحمد أبو شاويش (2)الفلسطينية المجاورة لها واحدا ممن اتهموا بالهجوم على تلك المستعمرة، وقد نفذت حكومة االنتداب

أشهر، أمضاها في مدينة غزة.6البريطاني بحقه عقوبة النفي واإلبعاد عن قريته لمدة ثم انتقلت ملكية األرض المقامة عليها المستعمرة إلى الصندوق القومي اليهودي،

، بعد أن تم اكتشاف المياه الجوفية1930وتأسست المستعمرة من جديد في عام أنشئ1939. وفي عام (3)فيها. وتم تغيير أسمها لتتكيف مع االسم العربي )بئر تعبيا(

ר³ג )» كفار واربورغ« على جزء من أراضيها مستعمرة ثانية هي ³פר ור³בו Kfar כWarburg )وهذا ما يفسر تقارب المستعمرتين وتالصقهما. وقد تأسست األخيرة من .

،» فيليكس واربورغ «، وسميت بهذا االسم نسبة لـ »مناحيم «قبل أعضاء منظمة أحد زعماء الجالية اليهودية في الواليات المتحدة، وأحد مؤسسي لجنة التوزيع

الحاج مطلق الداهودي، مرجع سابق ؛ والحاج حسن الطهراوي، مرجع سابق.)( 12 )(The Jewish Agency For Israel, »The Establishment of the Jewish Agency and Expansion

of the Yishuv«. Available At: http://www.jewishagency.org/israel/content/233913)(« Be'er Toiyyah «, Encyclopedia Judaica, Jewish Virtual Library. Available At :

http://www.jewishvirtuallibrary.org/jsource/judaica/ejud_0002_0003_0_02288.html32

، تم استخدام المستعمرة من1948. وخالل حرب عام (1)المشتركة اليهودية األمريكية. (2) كقاعدة، لتقاتل من خاللها مصر في النقب»الهاجانا«قبل قوات

ה » )نقبا «وأما مستعمرة Yנגב Negba حسب ما ورد في»الجنوب« (، ومعناها الكتاب المقدس العبري. ويستند اسم هذه المستعمرة على ما جاء في سفر التكوين

ذي أنت فيه «(، حيث 13:14) ب ألبرام: ارفع عينيك وانظر من الموضع ال قال الرتي أنت ترى لك أعطيها ولنسلك إلى شماال وجنوبا وشرقا وغربا، ألن جميع األرض ال

، كجزء من مغامرة/ أو مشروع1939. وقد تأسست المستعمرة في عام (3)»األبد هشومير«إنشاء برج أو حصن بجدار شائك. وكان مستوطنوها األوائل أعضاء

.(4) من بولندا. وكانت أقصى مستوطنة يهودية في جنوب فلسطين االنتدابية»هتسعير وهي أول مستوطنة يهودية حديثة دائمة في صحراء النقب، وتتمتع بموقع استراتيجي يطل على طريق المجدل - بيت جبرين، والطريق من قرية كوكبا إلى قرية جولس.

. (5)، ضد قوات الجيش المصري1948لذلك فقد كان لها دور مهم في حرب عام

واألمر الغريب، بل والمستهجن، أن خارطة بالد غزة الشمالية )التي وردت في جان يبنا، بيار تعبيا،( قد احتوت على تلك المستعمرات )190كتاب الدباغ صفحة

( ضمن خارطة القرى الموجودة في قضاء غزة )أنظر الملحق رقم )وكفار واربروغ (،218((. وكذلك األمر في خارطة بلدان غزة الوسطى )نفس المرجع في صفحة 1

، والمالحظ أن»بيت عفا« المقامة على أرض قرية »نقبا«وضعت مستعمرة الخارطة وضعت كالهما )بيت عفا ونقبا( ضمن حدود قرية واحدة )أنظر الملحق رقم )

((. وكأن تلك المستعمرات قد أصبحت جزءا من بلدان قضاء غزة!. والمؤلم في2 األمر أن تلك الخرائط تم تداولها عشرات المرات في عدة كتب ومراجع، ناهيك عن

مئات الصفحات على المواقع اإللكترونية ومواقع التواصل االجتماعي بين الشبابالفلسطينيين، ولألسف لم يلتفت أحد لهذا األمر.

وعند تفحص هذه القضية بشيء من الدقة والروية والتفصيل، اكتشفنا أن القاسم المشترك بين تلك المستعمرات األربع، أنها أنشئت في عقد الثالثينيات من

، وأما المستعمرات التي أنشئت في(6)(1939-1930القرن العشرين )خالل الفترة عقد األربعينيات فلم ترد ضمن الخريطتين، األمر الذي يثير الفضول والتساؤل! وكأن

تلك المستعمرات األربعة، التي أنشئت خالل الثالثينات، قد فرضت على الجغرافيا والتاريخ الفلسطيني فرضا. ويبدو أن هذه المستعمرات، بحكم األقدمية، قد منحت

والوجود الطبيعي، وفقا لمصطفى الدباغ. ولعل هذا ما يفسر»الشرعية«صفة اإلقامة .» وتجاورها من الشمال مستعمرتا غن يفنيه وبيتسارون«قوله آنف الذكر:

1 )(Yuval El'azari )ed.), Mapa's concise gazetteer of Israel )in Hebrew). Mapa Publishing, Tel-Aviv, 2005, P. 285. According to: Wikipedia.

2)(« Be'er Tuvia «, Wikipedia )The Free Encyclopedia). Available At : https://en.wikipedia.org/wiki/Be'er_Tuvia

(15:13 - 14:13سفر التكوين ) )(34)( « Negba «, Wikipedia. Available At:

https://en.wikipedia.org/wiki/Negba5)(Wallach, Jehuda )ed.), »Security«, Carta's Atlas of Israel )in Hebrew). First Years 1948 –

1961. Carta Jerusalem, 1978. According to: Wikipedia ..395. الجزء الثاني، مصدر سابق، ص النكبةينظر: عارف العارف، )( 6

33

طبيعة العالقات الفلسطينية - اليهودية قبل النكبة:

ختاما لهذا المحور، كان ال بد من التطرق لقضية العالقة بين الفلسطينيين واليهود قبل النكبة، وهي قضية وإن بدت هامشية فإنها جزء من الرواية العامة،

والواقع الذي كان قائما في تلك المرحلة التاريخية، وبالتالي فإن الصمت أو القفز عنها يعتبر تدليسا للتاريخ. ولما كانت المستعمرة وجها لوجه أمام القرية، فكان من

الطبيعي أن يكون هنالك احتكاك ما بشكل أو بآخر. ويروي شهود تلك المرحلة: أن العالقات بين الفلسطينيين واليهود في المستعمرات المجاورة لهم، كانت تسير على

خط متواتر: من االستقرار والتأزم؛ وفقا لمجريات األوضاع السياسية العامة في فلسطين، وحسب االحتكاكات بين الفالحين في القرية من جهة وعمال وحراس المستعمرات من جهة أخرى. ويذكر أن الطريق الواصل بين قرية برقة وبعض

األراضي التابعة لها مثل: أبو خشيبة، وأرض السدرة، ووادي الخب، كانت تمر وسط المستعمرة، فكان طبيعي أن يمر أهل القرية منها في طريقهم ذهابا وإيابا، ولم يكن

يجرؤ أحد من اليهود للتعرض لهم أو حتى سؤالهم، هذا في البدايات عندما كان اليهود ضعفاء. وفي المقابل كان بعض الشباب العاطلين عن العمل يعملون لدى المستعمرة،

. (1)في الزراعة، والنطارة، والبناء، وغيرها من األعمال اليدوية األخرى

وكان اليهود في فترات الهدوء يأتون للقرية، ليشتروا حاجاتهم من الخضار كوهن بن « اليهود ويدعى »جان يبنا«والدجاج والبيض. ويذكر، أيضا، أن مختار كبانية

، كان يلبس لباسا عربيا كامال )قنباز، وحطة، وعقال(، وكان يتحدث العربية»يمين بطالقة كحال معظم اليهود في وقتها، وكان يجامل أهالي القرية، والقرى المجاورة،

،»كوهن «في المياتم واألفراح، ولم يكن ممكن تمييزه كيهودي. وبعد وفاة المختار . وتمتد ذاكرة أحد«باختر» وكان وكيله شخص يدعى «بوزن»جاء مختار جديد يدعى

الرواة الستذكار بعض أسماء من كانوا حراسات على المستعمرة، فيذكر بعضا منهم ، وكان هنالك يهودي من أصل يمني«است»، وآخر يدعى «شبيرة»وهم: الشاويش

، كان يتضمن مزارع الخضار لدى بعض المزارعين من«إبرايم أو إبراهيم»يدعى . وقد يكون تردد اليهود على(2)القرية، ويشتري البيض والطيور من الفالحين

الفلسطينيين والتودد لهم أحيانا، جزءا من سياستهم للتغلغل بين السكان األصليين،ليسهل سيطرتهم على األرض.

المحور الثالث: الحياة النضالية لقرية برقة: النكبة وما قبلها

(:1939-1936أوال: دور أهل القرية في الثورة الفلسطينية الكبرى )

«م،1936نقال عن الحاج خليل أبو شاويش قوله بأنه خالل الفترة األولى لثورة عبد السالم«جاءت مجموعة من الثوار إلى القرية يبحثون عن شخص يدعى

، وهو عامل فلسطيني من أهالي القرية كان يعمل في المستعمرة لدى»المغربي اليهود، فجاءه الثوار وقت الضحى، حين يكون معظم رجال القرية – عادة - في

ليرات كتبرع للثورة. وبعد شهر أو شهرين من10الحقول خارج البلد، وطلبوا منه دفع ليرة هذه المرة، فكان رده أنه ال يحتكم50تلك الحادثة، عادوا مرة أخرى يطلبون

على هذا المبلغ، فأخذوه معهم إلى خارج البلد، وقد كان هذا الرجل وحيدا )ليس له الحاج عبد الرحمن أبو شــاويش، مصــدر ســابق ؛ والحــاج أحمــد الطهــراوي، مرجــع ســابق ؛)(ـ 1

والحاج مطلق الدهودي، مرجع سابق.الحاج علي أبو شاويش، مصدر سابق.)( 2

34

.»المسمية«أخوة أو أقارب(، وعندما سألهم إلى أين؟ أجابوه على القيادة في قرية فجاءت نساء بيته يستنجدن بوالدي ]أحمد أحمد أبو شاويش[، وأخبروه بالقصة، فما

كان منه إال أن ركب الفرس ولحق بهم إلى حيث أشارت النسوة، وعندما أدركهم وجدهم ثالثة شباب، فبادرهم بالسؤال عما جرى، فقالوا له بلغة آمرة: هذا ليس

شأنك، فتوسل إليهم أن يتركوا الرجل، لكن دون جدوى. فما كان منه إال أن ترجل عن الفرس وسبقهم بعدة خطوات، مقسما ومهددا بإطالق النار عليهم إن لم يتركوا

الرجل، وأطلق سيل من المسبات عليهم وعلى القائد الذي أرسلهم، وأنهم وقيادتكم ال تجرؤون على المبيت في البلد ليلة واحدة .. فما كان منهم إال أن تركوه يأخذ الرجل

. وهذه الحادثة – وفقا لذاكرة الحاج خليل- كانت في السنة التي قام» ويعود به للقرية فيها الثوار بتخليع )= قلع وتخريب( سكة الحديد؛ وهي السنة التي شارك فيها

المجاهدين من القرى المجاورة لبرقة، في عمل جماعي منظم استهدف خلع قضبان ؛ بهدف تعطيل طرق المواصالت1936سكة الحديد، وكان ذلك في نهاية بداية ثورة

التي كان يستعملها االنجليز لمالحقة الثوار ومطاردتهم، وفيها تمكن الثوار من إتمام. (1)مهمتهم في ليلة واحدة، ابتداء من محطة المجدل مرورا بأسدود وحتى محطة يبنا

يبدو أن هذه القصة البسيطة كانت هي المدخل لوضع قرية برقة على خارطة يبدو أن تلك«م، فهذا الحدث كان له ما بعده، كما يروي لنا الحاج علي 1936ثورة

المجموعة من الثوار كانت قد أبلغت أحد قيادات الثورة، التي كانت موجودة في . وبعد حوالي شهر من تلك»*()منطقة طولكرم .. كان اسمه عارف عبد الرازق

الحادثة، جاءت مجموعة من الثوار للقرية، وطلبت من أهلها أن يخرجوا لتكسير بيارة ، وذلك بأمر من قيادة الثورة، فعارض أحمد»عبد الرؤوف البيطار«تعود ملكيتها لـ

ذلك، وطلب منهم أن يبلغوا قيادتهم بذلك، ألن»الباشا«أحمد أبو شاويش الملقب بـ قد استأمنهم عليها في غيابه، وأنه»البيطار«بيارة البيطار مجاورة ألرضه، وكان

مسئول عنها، وهدد بأنه سيحميها بروحه في حال حاول أي أحد االعتداء عليها. وبالفعل ، فأرسلوا له تبليغ بالحضور للقيادة، وكذلك أرسلوا»الباشا«أبلغوا قيادتهم بما بدر من

، وهو من قرية بيت»الشيخ أحمد نجيب«تبليغ لناطور البيارة الخاصة بالبيطار ويدعى . (2)دجن

ويضيف الحاج خليل بالقول: عند وصولهما لمقر القيادة في طولكرم، وكانت في عمارة على رأس الجبل خارج المدينة، وعلى طول الطريق للمقر كانت

مجموعات من المسلحين على جانبي الطريق، قاموا بتفتيشهما أكثر من مرة. وعند باب المقر بادر أحد الحراس بمحاولة تفتيشهما للمرة الثالثة أو الرابعة، فما كان من

، فطل رجل من»قاموا بتفتيشنا أكثر من مرة« إال أن زجره بلهجة متوترة »الباشا« .أسدود قلعة الجنوبأحمد حسن جودة، للمزيد من التفاصيل عن هذه الحادثة ينظر:)( 1

.179مرجع سابق، ص -1936: هو من زعماء الثورة الفلسطينية الكبرى ) عارف عبد الرازق عبد القادر(*)*(

م( ومن قادتها الكبار، تولى قيادة الثورة في المنطقة الوسطى من فلسطين، كما أن1939 منطقته هي التي كانت تمد، بالسالح والمجاهدين، منطقة الساحل بقيادة حسن سالمة، ومنطقة

القدس بقيادة عبد القادر الحسيني. وقد أهلته شخصيته لتولي مهمة إصدار األوامر المختلفة، باسم= =الثورة الفلسطينية. وقد أصدر تعليماته إلى رؤساء الفصائل لضبط سلوكهم تجاه

المواطنين. وكان أحد القيادات التي نسق معها القائد فوزي القاوقجي بعد مجيئه إلى فلسطين، عارف«. للمزيد من التفاصيل، يمكن الرجوع لـ: واللد والرملة يافا قضاءوامتد نشاطه ليشمل

، الموسوعة الفلسطينية ؛ وويكيبيديا )الموسوعة الحرة(.»عبد الرازقالحاج خليل أبو شاويش، مرجع سابق.)( 2

35

شباك العمارة آمرا بالسماح لهم بالدخول. ويصف الحاج على ما دار في تلك المقابلة كانوا اثنين: القائد، ومساعد له. وبعد أن سألوا عن أسمائهم بادر القائد «بالقول:

لماذا تضع نفسك في مواجهة الثورة؟ وتضع نفسك في « بالقول: »الباشا«معاتبا عالقتي«، فرد الباشا عليه بالقول: »صف المعارضة للثورة؟ وما هي عالقتك بالبيطار؟

بالبيطار هي عالقة جيره، فالبيطار أوصاني على البيارة واستأمنني عليها، وأنا رجل . فرد»فالح وال أتدخل في السياسة، واألمر يتلخص في حق الجيرة ال أكثر وال أقل

أنت في المرة األولى قمت بطرد الناس من القرية عندما جاءوا«عليه القائد: للمغربي، وقلت لهم أنتم وقيادتكم ال تجرؤون على المبيت في البلد ليلة واحدة ..

15 صحيح، وأنا جاهز ألثبت لك ذلك، وأن أهل البلد من سن الـ «، فرد: »صحيح؟ ،» ال ينامون طوال الليل، يتناوبون كل ليلة الحراسة على القرية80لسن الـ

ثم أنهم جاءوا لهذا الرجل الغلبان، فلماذا لم يأتوا لي أو ألي«واسترسل بالقول: رجل مقتدر على الدفع؟ أنهم استضعفوا الرجل فمن أين يأتي لهم بالنقود التي

طلبوها؟ فربما يحسبونه جاسوس لليهود، وهذا كالم غير صحيح، فهو مجرد عامل ، وأما بالنسبة لبيارة البيطار التي كانوا ينووا»يسترزق قوته من العمل في المستعمرة

القيادة عن جدوى تخريبها؟ وهل المصلحة العامة تقتضي»الباشا«تكسيرها، فسأل قيادة»الباشا«االستفادة منها أم اتالفها؟ أوليس القيادة بحاجة للدعم المالي؟ وفاجأ

دونم، وتخريبها خسارة كبيرة، لكن100 هذه البيارة أكثر من «الثورة باالقتراح: أقترح عليكم أن تستمر البيارة كما هي، ولندع البيطار يحرث األرض ويسمدها ويسقي

«ملتزم»الشجر، وفي أيام جني الثمر يمكن السيطرة على البيارة وتضمينها لمتعهد وهل«. فسأله القائد بلهفة: »واالستفادة من عائداتها لصالح الثورة، بدال من تخريبها

نعم، وإذا جاء البيطار العتراض العمال حينها أنا «، فأجابه الباشا: »تضمن هذا الكالم؟ الشكوى للقائد من سوء معاملة»الباشا«. ولم يفت »من سيقف له، وأحمي العمال

أهالي البلد، والبالد المجاورة، من قبل بعض المتطوعين في الثورة، وسأله إن كان يوافق على إهانة الناس؟ فرد عليه القائد بالنفي، وأن أحدا من الثوار لن يصل القرية

بعد اآلن.

وجدت استحسان لدى»الباشا«ويبدو أن هذه المقابلة، واللغة التي تحدث بها أن يكلفه رئيس فصيل في الثورة ومسئول عن القرية،»الباشا«القائد، واقترح على

وأعطاه خطاب بهذا األمر، وسأله إذا كان يستطيع أن يحمل الخطاب معه، أم يرسله ولم ال أستطيع؟ فأجابه القائد خوفا من أن يمسكه«الباشا»له إلى البلد؟، فأجابه

وهل من سيحمل الخطاب«: »الباشا«االنجليز معك في الطريق للبلد، فرد عليه . وعاد للبلد مسئوال، على أن يلتزم بما تعهد به. وبالفعل التزم الباشا بما»أرجل مني؟

قد وعد، واستفادت الثورة من ثمار بيارة البيطار لمدة سنتين متتاليتين، حتى انتهتالثورة.

ومن ضمن الفعاليات الوطنية التي ساهم بها أهل القرية أثناء أحداث الثورة، المقامة على أرض القرية. ويروي لنا«جان يبنا»تكسير بيارة لليهود داخل مستعمرة جاءت مجموعة من الثوار على بلدنا من قرية«الحاج محمد الطهراوي ذلك بالقول:

وجمعوا أهل البلد في الجرن، وطلبوا منهم أن يقوموا بتكسير بيارة لليهود،،المسمية دونم، مزروعة )بالكرفوت( تقع على حدود البلد100وهي بيارة تزيد مساحتها عن

كيلومتر شمال البلد(، فجمع األهالي كل ما2في أرض تسمى وادي العسل )حوالي . كان الحاج علي أبو(1)لديهم من سالح وأدوات فالحة وغيرها من أجل هذه المهمة

الحاج أحمد الطهراوي، مرجع سابق؛ والحاج عبد الرحمن أبو شاويش، مرجع سابق؛ والحــاج)(ـ 1محمد السردي، مرجع سابق.

36

في تلك الليلة اجتمعت«شاويش صغيرا وقتذاك، ويستذكر تلك الحادثة بالقول: النساء واألطفال، وكنت أنا وأختي سارة، في حوش داخل القرية نترقب ماذا سيحدث، فخرج الرجال في جنح الظالم، وبقينا مجتمعين في مكاننا طوال الليل، والنساء تدعي لهم بالسالمة والعودة، وكل األطفال وأنا منهم كنا نبكي. وازدادت حدة البكاء والدعاء حين سمعنا أصوات إطالق نار، واستمر الوضع حتى عاد رجال القرية .. وبالفعل قاموا

. (1)»بتكسير كل شجر البيارة

وفي اليوم التالي جاءت قوات من الجيش االنجليزي ومعهم قوات يهودية، ودخلوا البلد، وأخذوا يفتشونها بحثا عن الرجال، فمن وجدوه أخذوه إلى مسجد القرية، وظلوا في البلد ينتظرون لحين عودة الفالحين من أرضهم، فمن عاد منهم وضعوه مع

سابقيه، حتى فرغوا من جمع كل البلد بعد العشاء. وقاموا بسحب الشيوخ وكبار السن من ذقونهم، وانهالوا عليهم بالضرب، وطلبوا منهم العودة للبيوت، وأما من تبقى من رجال القرية، فقد قادتهم دبابة من أمامهم وأخرى من خلفهم، وساقوهم عبر طريق

إلى حيث البيارة التي تكسرت، وهناك سألوهم من الذي كسر»طريق النور«يقال لها ال أنتم تعلمون، هؤالء هم الثوار.. وعلى أي«هذه البيارة؟ فردوا ال ندري، فقالوا لهم:

. ولو أن األمر انتهى»حال لو دخل أي شخص غريب على البلد فأنتم مسئولين عنه عند حد التوبيخ الكالمي لكان هينا، لكن تلك الليلة كانت عصيبة جدا على رجال القرية،

فانهال عليهم الجنود بالضرب المبرح طول طريق العودة للبلد.

من الصهيونية « في كتابه المعنون بـ: Joseph B. Glassوهذه الحادثة يذكرها القديمة إلى الصهيونية الجديدة: الهجرة األمريكية اليهودية واالستيطان في فلسطين )

، تم مهاجمة1939-1936، بالقول: عندما اندلعت الثورة العربية في »( 1917-1939 . ويرصد الكاتب تأثير1936مزارع جان يبنا من قبل العرب، وقد دمرت جزئيا في عام

هذا الهجوم على حركة المهاجرين للمستعمرة، حيث دفعت تلك االضطرابات الكثير من المهاجرين للعودة إلى أماكنهم التي جاءوا منها، وربما أقلع الكثيرين عن فكرة

Abraham»اإلقامة في المستعمرة المذكورة. ويسوق الكاتب مثال لمستعمر يدعىSinger »وهو مزارع كان قد اشترى أرضا في جان يبنا، وعندما اندلعت الثورة

وهو في طريقه إلى فلسطين، قرر العودة إلى وطنه1936الفلسطينية في عام أوكالهوما بالواليات المتحدة. كما أن االضطرابات التي تلت ذلك، واستمرت بشكل

، ربما ساهمت بعدول أشخاص آخرين عن فكرة االستقرار في1939متقطع حتى عام .(2)المستعمرة

ثانيا: حول النكبة والهجرة:

م، بدأ أهل القرية في محاولة1947بعد صدور قرار التقسيم في أواخر نوفمبر شراء السالح، وكانت عبارة عن محاوالت فردية، اعتمدت على المقتدرين من أهل

توجه خالد أبو شاويش وعبد المجيد أبو«القرية. وحول ذلك يقول الحاج خليل: من قرية المسمية، وكان يبيع السالح الذي»عبد الله مهنا«شاويش لشخص، يدعى

قطعة سالح مقدما، وكان سعر البارودة40يشتريه أو يجمعه من مصر، ودفعوا ثم ، إال أن ذلك الرجل ظل يماطلهم أكثر من مرة» ليرة فلسطينية40في ذلك الوقت

في تسليم السالح، ويبدو أنه قد فشل في تأمين السالح لهم، فعرض عليهم أن يأخذواالحاج علي أبو شاويش، مرجع سابق.)( 1

2 )( Joseph B. Glass, Op. Cit., p. 178 .

37

فشك )= رصاص( مقابل الثمن الذي دفعوه، فما كان منهم إال الموافقة على ذلك . وبينما اشترى اليهود كميات هائلة من السالح، عالوة على ما غنموه من(1)العرض

الجيش البريطاني في فلسطين، لم يكن متاحا للفلسطينيين شراء السالح فضال عنحمله.

كانت كل قرية تواجه مخططا مدروسا الحتاللها من قبل العصابات الصهيونية. م وضع العصابات الصهيونية اللمسات النهائية للخطة دالت1948 مارس 10وفي

، لكيفية طرد الفلسطينيين وأخذ أمالكهم، وكان المناضلون الفلسطينيون والعرب»د« مصممين على الدفاع عن أرضهم رغم شح اإلمكانيات وندرتها. لم يدرك غالبية

الفلسطينيين، حينها، أنهم على وشك أن يكونوا ضحايا ألكبر عملية تطهير عرقي فيالتاريخ الحديث.

كان الوضع األمني لقرية برقة حساس جدا بسبب وجود مستعمرتين مالصقتين للقرية، فبادر كبار البلد وشيوخها بتشكيل لجان حراسة من كل شباب البلد، مهمتها

السهر على حراسة القرية وتأمين مداخلها، بخاصة تلك المجاورة للمستوطنتين. ويذكر شهود العيان أن كل شباب بلغ سن الرشد كان له دور في الحراسة، وفي كل

أفراد، تسهر على مداخل6-5ليلة كان هنالك عدة مجموعات كل واحدة مكونة من القرية، وكانت كل مجموعة معها قطعة سالح واحدة أو قطعتين، وأما باقي أفراد

. (2)مجموعة الحراسة فكانت تحمل السيوف والعصي

وعندما حاصرت العصابات الصهيونية قرية سلمة بقضاء يافا، هب أهل قرية برقة لنجدتها، وقاموا بجمع كل ما استطاعوا جمعه من مواد غذائية وإغاثية، لدعم

علي«المحاصرين الفلسطينيين في سلمة. ويذكر أن أحد رجال القرية ويدعى ، وتم تحميل ما جمعه»شاحنة « كان يملك سيارة نقل بضائع »سليمان أبو شاويش

أهل برقة من مواد غذائية في تلك الشاحنة، وذهب بها السائق ومعه اثنين من كبار (. ويستذكر الحاج»الباشا«القرية )المختار حسن أبو شاويش وأحمد أبو شاويش

كان هنالك رجل يبيع الجرائد ومعتاد التردد«حسن الطهراوي هذه الرواية بالقول: على قرية برقة، وفي ذات يوم جاء إلى القرية حامال خبر محاصرة قرية سلمة، طالبا النجدة من أهل القرية، وهو ما دفعهم لجمع كميات كبيرة من الطعام. ويذكر أن نساء

القرية استمرت في تجهيز الخبر والطعام لمدة يومين، واستمر األهالي في جمع. (3)»المواد ووضعها في الشاحنة حتى امتألت عن آخرها

( احتالل اليهود لقرية برقة:1

، خالل*()جاء احتالل القرية خالل العملية العسكرية المسماة براك )البراق( ، والتي استهدفت قرى: بشيت، بيت دراس، البطاني،1948 مايو 12-9الفترة

الحاج خليل أبو شاويش، مرجع سابق.)( 1الحاج أحمد الطهراوي، مرجع سابق ؛ والحاج محمد السردي، مرجع سابق.)( 2الحاج حسن الطهراوي، مرجع سابق.)( 3 الصهيونية، للسيطرة»الهاجاناه« هي عملية عسكرية قامت بها عصابات عملية باراك:( *)*(

على المناطق الواقعة جنوب وغرب مدينة الرملة، وشمال قضاء غزة، وقد بدأت هذه العملية بقيادة شمعون أفيدان، واستمرت إلى»غفعاتي«م، وقام بها لواء 1948في شهر آذار/ مارس

ما بعد الهدنة األولى، وقد أسفرت عن احتالل العديد من القرى الفلسطينية وتدميرها. وهذه.» د«العملية جزء من الخطة العسكرية الموسومة بالخطة دالت

38

السوافير، برقة، والنبي روبين، كما طرد خاللها أهالي قرى: عبدس، جولس، وبيت . وقد اشترك أهل القرية مع أهالي القرى المجاورة في مقاومة االستيطان(1)عفا

والغزو الصهيوني، من خالل نصب الكمائن لقوافلهم. وكذلك في المعارك التي دارت حول القرى المجاورة لهم مثل: بشيت، وبيت دراس، وأسدود وغيرها. وفي الفترة ما

بالهجوم على قرية برقة، لتوسيع رقعة» جفعاتي« قام لواء 1948 أيار 13-10بين .(2)سيطرته نحو الجنوب؛ لالتصال بالمستعمرات الجنوبية

وخالل تلك األيام العصيبة، دارت مجموعة من العمليات العسكرية في القرى المجاورة لقرية برقة كان لها أثر كبير على معنويات األهالي. كان من أشهر هذه

في قرية بيت دراس، حيث دمر وحرق كثير»جفعاتي«العمليات تلك التي قام بها لواء ضحية، باإلضافة لتدمير اآلبار، وحرق مخازن50من بيوتها، وسقط خالل العملية

الغالل، إال أن أهالي القرية والقرى المجاورة استطاعوا صد الهجوم. ثم عاودت العصابات الصهيونية )الهجاناة ، وشتيرن، والبلماخ( الهجوم على بيت دراس مرة

م، وطردت األهالي بالقوة، وأطلقت النار بشكل1948 مايو 21أخرى بتاريخ عشوائي، وقتلت عددا من النساء واألطفال أثناء طردهم من القرية. كما قامت عصابة

م بالهجوم على قرية برير، ونفس األمر1948 مايو 13-12 خالل الفترة من »البلماخ« يوليو9مورس على قريتي: زرنوقة وجولس، وكذلك فعلت في قرية بيت عفا في

.(3)م، حيث أقدمت على إعدام شباب القرية بعد تقييدهم1948

ويروي الحاج عبد الرحمن أنه كان من ضمن المجاهدين الذين فزعوا/ شاركوا طلقة36 »ستن«في معركة بيت دراس، ويروي أنه كان يحمل بارودة من نوع

شاب من شباب قرية برقة قد20انجليزية الصنع كان قد اشتراها، ويذكر أن حوالي كنت واعيا جدا عندما حصل هذا«. وأما الحاج علي فيقول: (4)شاركوا في صد الهجوم

ة مرة أخرى الهجوم، وفزعت مع من فزعوا وكان معي بارودة، ثم عاود اليهود الكر على القرية، ونجحوا هذه المرة في احتاللها، وقتل عدد من المقاومين في هذه

، بدأت العصابات الصهيونية في15/5/1948العملية. وبعد انسحاب االنجليز في . (5)»احتالل معسكرات اإلنجليز، وأخذوا يهجروا األهالي من القرى

وكان واضحا أن هدف الصهاينة من المذابح التي اقترفوها ضد األهالي، هو نشر الفزع والخوف بين سكان القرى المجاورة؛ إلجبارهم على النزوح. وهو ما حدث

بالفعل مع سكان عدد من القرى مثل: البطاني، والقسطينة، والسوافير، وجولس، . وال شك أن تلك المجازر، وما تناقله الناس من فظائع العصابات الصهيونية،(6)وياسور

ر سلبا على صمود الناس في قراهم، فانتقلوا ألماكن أكثر أمانا، مثل مراكز قد أث. »األمن الجماعي «المدن، أو القرى الكبيرة، بحثا عن الحماية أو ما يمكن تسميته بـ

.87 . مرجع سابق، ص(1966-1917أطلس فلسطين )سلمان حسين أبو سته، )( 1.26جميل عبد الرحمن السحار، مرجع سابق، ص )( 2-94. مرجــع ســابق، ص ص (1966-1917أطلس فلسffطين )سلمان حسين أبو سته، )(ــ 3

95.الحاج عبد الرحمن أبو شاويش، مرجع سابق.)( 4الحاج علي أبو شاويش، مرجع سابق.)( 5 .196مرجع سابق، ص أسدود قلعة الجنوب. أحمد حسن جودة، )(6

39

بعث اليهود «وعن السؤال: كيف ومتى خرج أهل برقة؟ يقول شهود العيان: برسالة ألهل القرية، عبر رجل من أهل البلد كان يعمل لديهم في المستعمرة، يدعى

، وكان مضمون الرسالة واضحا ومختصرا، أن على أهل البلد»عبد السالم المغربي« أن يسلموا سالحهم للهاجاناة خالل ثالثة أيام، وإال فليتحملوا نتيجة ذلك. إال أن مخاتير القرية ووجهائها لم يعيروا ذلك التهديد أي اهتمام. وفي ذات الليلة رأى أهالي القرية

وهو يحمل أهل بيته ومتاعه على عربة حمار ويغادر البلد،»عبد السالم المغربي« متجها لقرية أسدود، األمر الذي خلق حالة من البلبلة في وسط األهالي، مما دفع

بعضهم للخروج والمبيت في المناطق الخالية )خارج حدود القرية(، وفي النهاية استحسن الجميع فكرة إخراج النساء واألطفال من البلد، ليبيتوا في المناطق الزراعية

.(1)»بين قريتي برقة وأسدود، وذلك إلفساح المجال أمام المقاتلين داخل القرية

وفي الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم التالي، جاءت الدبابات لتحيط بالقرية تل«، ومستعمرة »جان يبنا«من الجهتين: الشمالية والشرقية، من جهة مستعمرة

دبابة(، باإلضافة لكتيبة من المشاة قادمة من12 – 10، وفي كل جهة حوالي )»الريح جهة الغرب )من جهة وادي العسل(، وعندما أحكم الطوق على البلد، بدأ المسلحين بإطالق النار على الدبابات، فردت الدبابات بالقصف، وكان واضحا الفرق الكبير في

العدة ونوع السالح بين الطرفين، وقاوم المقاتلون على قدر إمكانياتهم من التسليح، وبعد معركة غير متكافئة دخلت الدبابات القرية، وكانت بطبيعة الحال فارغة من

السكان. وعلى أثر دخولهم للقرية فزع المسلحين من قرية أسدود وغيرها من القرى المجاورة، وأخذوا يطلقون النار، ومن لم يكن يملك سالح لوح بسيفه أو بعصاته، مكبرا

ومهلال للجهاد. إال أن القوة اليهودية نجحت في األخير في دخول القرية، وبمجرد دخولهم بدأوا سريعا في تفتيش البيوت، ونسفوا أربعة منها، وحرقوا الجرون. وقد

ساعات، ثم انسحبوا من القرية. وبمجرد انسحابهم5-4استمرت هذه المعركة ما بين عاد رجال القرية لها، وأخذوا يتفقدون آثار المعركة واالجتياح.

وبعد هذه المعركة عاد أهل القرية لحياتهم االعتيادية، واستمروا في تخزين ومرت،»عركة«الحبوب والعودة للحياة الطبيعية، ظنا منهم أنها مجرد حادثة عابرة

فكانوا يعملون في النهار في فالحة األرض في برقة، ويذهبون للمبيت في الليل في قرية أسدود، حيث تركوا نساءهم وأطفالهم، ومنهم من كان يفضل المبيت في

، قد»سليمان أبو سرية«األحراش المتاخمة لبرقة. ويذكر أن أحد رجال القرية ويدعى استشهد أثناء محاولته العودة لبرقة، نتيجة النفجار لغم أرضي، كان الصهاينة قد نصبوه

. وكان واضحا أن العصابات الصهيونية(2)على أرض القرية لمنع أهلها من العودة إليها قد مارست التطهير العرقي للقرية، وأرادت التخلص نهائيا من أهلها، وضمان أنهم لن

يعودوا أبدأ.

ورغم ذلك فقد استمر رجال القرية يحصدون أرضهم )كان وقتها موسم حصاد يوما( على تلك الحادثة وأثناء عملهم في18-15القمح والشعير(، بعد مرور حوالي )

القرية، سمعوا إطالق نار شديد في قرية أسدود، وساد االعتقاد لديهم للوهلة األولى النبي«أن اليهود هاجموا قرية أسدود، فتجمع الفالحون والمسلحون بالقرب من مقام

أحمد أبو علي أبو«، وسرعان ما جاءهم الخبر عبر أحد أبناء القرية يدعى »برق بدخول الجيش المصري لقرية أسدود، وأخذ»البشارة«، الذي حمل لهم »شاويش

يصف لهم عدد وعدة الجيش المصري، بدباباته، وسالحه، وأن هذا الجيش في طريقه الحاج أحمد الطهراوي، مرجع سابق ؛ والحاج مطلق الدهودي، مرجع سابق.)(1 الحاج رمضان الطهراوي، مرجع سابق.)(2

40

لقرية يبنا، ومدينة يافا، وسط ذهول من المستمعين، الذين قرروا الذهاب ألسدود على. (1)عجل؛ لمشاهدة الجيش المصري

يذكر أن طالئع الجيش المصري كانت قد دخلت قرية أسدود، صباح يوم السبت ، وأخذ الجيش موقعه»محمد نجيب«م، بقيادة األميراالي 1948 يونيو 9الموافق

شمال محطة سكة الحديد، وشرع في إقامة استحكاماته وخطوطه القتالية. وكانت . وهناك في(2)فرحة األهالي عارمة واستقبلوا الجيش المصري بالحفاوة والترحيب

أسدود راح الجيش المصري يلتزم خطة الدفاع، بدال من الهجوم، فلم يستطع أن يتقدم إلى قرية يبنا، البلد التي كان يعتزم الوصول إليها، وهو البلد القريب من

. (3)اليهود

( الهجرة واإلقامة المؤقتة في قرية أسدود:2

غادر من تبقى من شباب برقة قريتهم على عجل متوجهين إلى أسدود، لكنهم لم يكونوا يعلمون أن خروجهم منها هذه المرة سيكون بال عودة. وعند وصولهم

ألسدود ومشاهدتهم للجيش المصري، بدأوا بإطالق النار في الهواء من فرط الفرحة، ، فتوقفوا عن إطالق»وفروا الطلقات للعدو «فبادرهم أفراد الجيش المصري بالقول:

النار. وتصف الحاجة مريم العفيفي ترحيب الفلسطينيين بالجيش المصري، فتقول: ، وكنا»الجيش لما أجانا .. قطع روس الهجانا«كانت النساء تغني للجيش المصري

.(4)نغني ونرقص لهم، والدنيا انقلبت لهم في أسدود

وفي الليلة األولى إلقامتهم في قرية أسدود، قام الجيش المصري بإخراج السكان ليقوموا بحفر االستقامات )= الخنادق(، ثم أعلن الجيش عبر مكبرات الصوت

صباحا. وفي الليلة التالية مع7 مساء حتى الساعة 7فرض حظر التجول من الساعة ليال تقريبا، هاجم اليهود الجيش المصري، الذي كان متمركزا عند المحطة11الساعة

في شمال قرية أسدود، وأما الجهة الغربية والجنوبية لقرية أسدود فلم يكن بها جيش مصري، وبدأت النار في االشتعال، من ضرب المدفعية، واألسلحة الثقيلة، وارتفعت

أصوات الضباط لعساكرهم بإطالق النار. ويبدو أن القوات الصهيونية كانت قد تمركزت في قريتي: برقة والبطاني في تلك األيام، ومنهما بدأت تقصف قرية أسدود

، ويرجح أهل القرية أن القصف الصهيوني كان من كرم حمزة»المورتر«بمدفعية الواقع بين البطاني وأسدود، حيث تمركزت القوة الصهيونية. استمر القصف العشوائي

طوال النهار حتى ساعات العصر، وكان هنالك عدد كبير من الضحايا المدنيين ما بين شهداء وجرحى، ألن القصف كان عشوائيا. وكان للمقاومة دور كبير في تلك المعركة وغيرها من المعارك، فقد تجمع في قرية أسدود أهالي عدد من القرى )الذين هجروا

قراهم بعد دخول الصهاينة إليها وطردوهم منها(، ومنها قرى: يبنا، بشيت، زرنوقة، برقة، وضمت أسدود في تلك األيام آالف الناس، كان من بينهم مئات المسلحين،

. (5)الذين تمركزوا في وسط البلد وعلى أطرافها

الحاج محمد السردي، مرجع سابق.)(1 .202مرجع سابق، ص أسدود قلعة الجنوب. أحمد حسن جودة، )(2.387- 386مرجع سابق، ص ص نكبة فلسطين. عارف العارف، )( 3الحاجة مريم العفيفي، مرجع سابق.)( 4الحاج عبد الرحمن أبو شاويش، مرجع سابق ؛ والحاج أحمد الطهراوي، مرجع سابق.)( 5

41

ويذكر أنه في إحدى طلعات الطيران الصهيوني على أسدود، أسقطت مضادات الجيش المصري، التي كانت تتمركز على ظهرة الراس، ثالث طائرات، ففزع أبناء

القرية على أحد الطائرات التي سقطت على حدود البلد )بين برقة وأسدود(، وكان اثنين من بينهم من أهالي قرية برقة هم: حسين أحمد العمودي )حسين أمونة(،

عندما سقطت«ومحمد علي السردي. ومازال الحاج محمد يذكر تلك الحادثة بالقول: الطائرة هرعنا لها، فوجدنا جثث يهود قتلى، وغنموا من تلك الطائرة مدفعا رشاشا

ومسدسا، وعند عودنا ألسدود قام الجيش المصري بمصادرة تلك األسلحة، ووضعوني تحت اإلقامة الجبرية، وأمضيت طول فترة وجود الجيش المصري في أسدود وأنا

. (1)»أسجل حضور، في مقر قيادة الجيش في مدينة المجدل

ومع بزوغ صباح اليوم التالي، بدا وكأن الهجمة اليهودية قد انكسرت أمام هذه المقاومة الباسلة. فاستدارت مجموعة من قوات المشاة الصهيونية على أسدود من الجهة الغربية، حيث تواجد المسلحون من أبناء البلد والبلدان المجاورة، فتصدوا لهم بأسلحتهم الخفيفة، وطاردوا الجنود الصهاينة في كثبان الرمل، وهناك قصص عجيبة

.(2)من قبل المناضلين الذين حضروا تلك المعركة وشاهدوها

كان البيت الذي نزلنا فيه «وعن هذه المعركة يقول الحاج خليل أبو شاويش: ، وتحده مقبرة أسدود ومدرستها»أبو محيسن«في غرب أسدود لشخص من عائلة

من الجهة الغربية، وإذ بمجموعة مسلحين من اليهود يطلقون النار من سالح رشاش . ويذكر أن من بين»على قرية أسدود، فقام األهالي بتفزيع أهل القرية والمسلحين

من فزعوا كان الحاج/ خالد أبو شاويش من قرية برقة، وشخص آخر من قرية البطاني محمد عبد الله أبو«، وثالث من قرية أسدود »محمد أبو غنيم«الغربي يدعى

وآخرون، وكانت النتيجة مقتل عدد من الجنود اليهود، فيما هرب الباقون. ثم»محيسن هجم باقي المسلحين مع جموع كبيرة من األهالي، واتجهوا غربا لمطاردة اليهود،

الواقعة بين قريتي: أسدود»نيتسانيم«وقرروا على الفور الهجوم على مستعمرة وحمامة، وفي الطريق حدثت اشتباكات مع مجموعة من المشاة، كان نتيجتها

وعدد من الفلسطينيين، فيما»خالد أبو شاويش«، وإصابة »محمد أبو غنيم«استشهاد . (3)قتل عدد من اليهود

( الهجرة من أسدود إلى غزة:2

فيما احتل اليهود معظم القرى الواقعة شمال غزة، كالسوافير، والقسطينية، وتل الترمس، وياسور، وجولس، والمسميتين الكبيرة والصغيرة، وبرقة، ووقفوا على

، وهذا هو أقصى»أبي سويرح«حدود قرية أسدود، حط المصريون رحالهم عند وادي (4)حد وصلوا إليه؛ وهو الحد المفروض بين العرب واليهود حسب قرار التقسيم . ووفقا

للخرائط فإن جزءا كبيرا من أراضي قرية برقة، كانت واقعة ضمن حدود الدولة »جفعاتي«م قام لواء 1948 أغسطس 28. وفي (5)اليهودية من قرار التقسيم

الحاج محمد السردي، مرجع سابق.)( 1 .204 مرجع سابق، ص أسدود قلعة الجنوب. أحمد حسن جودة، )(2 الحاج خليل أبو شاويش، مرجع سابق.)(3 . مرجع سابق،(1952- 1947نكبة فلسطين والفردوس المفقود ) عارف العارف، )(4

.398- 397ص ص للمزيد من التفاصيل، ينظر: أطلس فلسطين.)( 5

42

بالهجوم على مثلث قرى )يبنا – بني روبين – عرب سكرير( القريبة من برقة 3 من العرب وجرح 10والمحيطة بها، وقام بنسف البيوت وحرق األكشاك، وقتل

. (1) جمل وبقرة20، ومقتل 3وأسر

، تحركات1948ويذكر أن الناس الحظوا خالل األسبوع األخير من شهر أكتوبر غير عادية للقوات المصرية في أسدود، وحين استفسروا من الجنود ومن الحاكم

عن طبيعة تلك التحركات، كان الرد أنها تبديل للقوات«أنور إبراهيم»اإلداري الصاغ فقط. واستمرت تلك العملية حوالي أسبوع، وبعدها أخبر الحاكم اإلداري بعض األهالي

» بإمكانكم الرحيل إذا أردتم«أنه ، حيث إن القوات المصرية قررت االنسحاب نهائيا. (2)م28/10/1948من أسدود، وكان ذلك في

وعن ذلك يروي لنا شهود العيان: بأنه في تلك الفترة كان هنالك ضابط سوداني ، وقد أبلغه أن هنالك أوامرمخاتير البلد، اعتاد التردد على المقعد عند »حسين«يدعى

عسكرية للقوات باالستعداد للرحيل عندما تأتي األوامر، لذلك أنصحكم بأن تنتبهوا ألنفسكم. وأضاف الضابط قائال: وطالما أن المدفعية الثقيلة موجودة فمعناها األمور مطمئنة )كانت المدفعية وقتذاك موجودة عند المحطة في شمال قرية أسدود(، أما

. (3)إذا انسحبت فمعناها أن األمر قد انتهى، حسب كالم الضابط

وبعد عدة أيام نادت مكبرات الصوت بإعالن منع التجول حتى إشعار آخر، وليس صباحا(، وأخذ7 مساء حتى 7كما كان معتاد حسب النظام السابق )من الساعة

الجيش بعد المغرب باالنسحاب من أسدود ومعه المدفعية الثقيلة، واستمرت عملية االنسحاب حتى عصر اليوم التالي. ثم بدأ سالح الحدود السوداني يدخل البلد )أسدود(،

ارحلوا .. ارحلوا .. كي ال تأخذ اليهود«ويطرقوا أبواب البيوت، ويصرخوا في الناس: ، فسادت حالة من الهلع داخل البلد، وسط صراخ وعويل النساء واألطفال.»نساءكم

وعلى أثر ذلك تداعى مجموعة من مخاتير القرى وكبارها وشيوخها )ممن لجأوا لقرية أسدود( لتدارس األمر، وكان رأيهم أن يمنعوا األهالي من الرحيل وراء الجيش

المصري. لكن لألسف، من كان يستطيع وقتها منع األهالي؟ الذين أصابتهم حالة هستيرية، وهاموا على وجوههم على أثر انسحاب الجيش المصري، وتفوهات الجنود

السودانيين، فمن كان لديه أحدا من كبار السن تركه وغادر، بحثا عن فرصة للنجاة من الطوفان القادم. وعبثا حاول حكماء القرية مع الناس، الذين كان بعضهم قد وصل إلى

قرية حمامة، ومدينة المجدل. كان األهالي يسيرون بمحاذاة الجيش المصري، كي يتحاموا به، فيما كان الجيش يزجرهم ويدفعهم لالبتعاد عن الطريق الرئيسي، ليفسحوا

.(4)المجال أمام الدبابات وناقالت الجند، ويوجهوهم غربا قريب من ساحل البحر

أنهم باتوا ليلتهم في قرية حمامة، ثم اتجهوا«ويروي الحاج علي أبو شاويش: إلى الجنوب مرورا بمدينة المجدل، وقرية الخصاص، ونعليا، ثم قرية هربيا حيث أقاموا

فيها ثالثة أيام. وهناك جاء الجيش المصري وعسكر في هربيا، وبدأ باالتجاه غربا نحو البحر، ولم يكونوا قادرين على السير مع الطريق الرئيسي، ألن هنالك مستعمرة

. مرجع سابق، صأسدود التاريخ والذاكرةعبد الله عبد الجليل المناعمة و رشاد المدني، )( 1 .136-132ص

.204 مرجع سابق، ص أسدود قلعة الجنوب. أحمد حسن جودة، )(2الحاج أحمد الطهراوي، مرجع سابق ؛ والحاج رمضان الطهراوي، مرجع سابق.)( 3الحاج محمد صبح، مرجع سابق.)( 4

43

على طريق هربيا، وساروا نحو غزة في الطريق التي» كبانية العلمي«لليهود تسمى مهدها الجيش، فوصلوا إلى منطقة كانت عبارة عن أحراش في مدينة غزة، حيث يقام حاليا مستشفى النصر )في حي النصر(. ويروي بعض الشهود أنهم أخذوا عربة وعادوا

من نفس الطريق، لكي يحضر من تبقى من األهل وباقي متاعهم. وفي طريقهم وجدوا عدد كبير من دبابات الجيش المصري مغروسة في رمال الشاطئ وال تستطيع السير، وكلما مروا بواحدة يبادرهم الجنود بطلب المساعدة في رفع الدبابات. وبعدها

. (1)تشتتوا في مناطق عدة من قطاع غزة

كانت رحلة األربعين كيلو متر إلى غزة ثقيلة، وكانت خطاهم بطيئة متلكئة، بانتظار أخبار سارة تعيدهم إلى قريتهم من جديد. لم يسمعوا حينها ما كانوا يتمنون،

ولم يعودوا بعدها إليها إال في خيالهم، وحواديثهم المسائية التي تندروا فيها حول ، الذي غادروه مرة وإلى األبد. وحول كانون النار وسط البرد،«فردوسهم المفقود»

«حيث نصبوا خيامهم وهمومهم، أخذت الحاجة مريم تغني بما يشبه النواح والعويل: الله أكبر لما هجينا.. سوافي الرمل أعمن عينينا.. نطلع لرب السما ونلطم.. ليش

خليتو اليهود علينا تحكم.. نطلع لرب السما ونوح.. خلونا ع بالدنا نروح.. جينا ع مصر.»تما تحمينا.. الملك فاروق فرط فينا.. يا رب السما إنك تحمينا

ومن هنا حيث مخيمات اللجوء والشتات، بدأوا رحلة جديدة من المعاناة األبدية، لم تكن يوما تخطر على أي بال، ولتستمر فصولها من سيئ إلى أسوأ. إال أنهم

استمروا في رحلة الكفاح من أجل البقاء، ليبدأوا بعدها رحلة البحث عن: لقمة عيش، في الذاكرة أمانة تتوارث األجيال؛ ألن القصة لم تنتهي»برقة«وهوية. وتظل قرية

بعد.

خاتمة: النتائج والتوصيات

خلصت الدراسة لمجموعة من النتائج، أهمها:أوال: النتائج:

م، وأن أهلها1948قرية برقة واحدة من قرى قضاء غزة المهجرة في عام (1 وجلهم من الفالحين البسطاء قد اشتغلوا بالزراعة، فاشتهرت القرية بتصدير

الحمضيات، وزراعة كافة أنواع الحبوب. وقد اتسمت عالقة أهالي القريةبالتعاون والتسامح.

عانى أهل قرية برقة من ظلم اإلقطاع الزراعي، فتسربت أجزاء كبيرة من(2 ؛ بحكم القوانين الجائرة، إال إنهم استطاعوا بعد»األفندية«أراضي القرية ليد

تنظيم صفوفهم وتضامنهم من االنفكاك من جبرية االستسالم لألمر الواقع، فنفضوا عنهم غبار اليأس وانتفضوا ضد من سلب أرضهم وقوت عيالهم. وعلى

الرغم من نجاحهم في االحتفاظ بمساحات كبيرة من أراضي القرية، فإنهم بالمقابل خسروا أجزاء هائلة منها، كان اإلقطاعيون وسماسرة األرض ينتظرون تسوية الخالفات القانونية، للتمكن من تحرير عقود بيعها للمستوطنين الصهاينة،

فنشأت إلى جوارهم مستوطنتان كبيرتان أصبحتا تقض مضاجعهم، وكان لهمادور رئيسي خالل أحداث النكبة.

وقد خلصت الدراسة لتصحيح بعض األخطاء الواردة في عدد من الكتب(3 ، وأكدت الدراسة»بيتسارون«، و«جان يبنا»والمراجع، حول موقع مستعمرتي:

الحاج علي أبو شاويش، مرجع سابق.)( 144

وفقا لبعض المراجع، ولعدد هائل من الشواهد والشهادت الشفهية، بأن هاتينالمستعمرتين أقيمتا على أراضي قرية برقة.

حاولت الدراسة تصحيح الخطأ الوارد في معظم الكتب والمراجع، حول مساحة(4األراضي التابعة لقرية برقة، واستنتجت أن األرقام الواردة في تلك المراجع )

دونم( هي أرقام غير دقيقة، حيث خصم منها مساحة األراضي التي5,206تحتلها المستعمرتان المذكورتان.

وأثناء محاولة الوصول لتلك الحقائق، توصل الباحث الكتشاف أخطاء تاريخية(5 أخرى، أهمها وجود مستعمرات يهودية ضمن خارطة قرى قضاء غزة، منها

(. فقد تممستعمرة جان يبنا، وبيار تعبيا، وكفار وارربورغ، ونقبا) الزج بها ضمن خارطة البلدان الفلسطينية في قضاء غزة وكأن تلك

المستعمرات مكون أساسي منها، وهذا أمر يدعو لالستغراب!.

ثانيا: التوصيات

حول موقع«التاريخية»توصي الدراسة بضرورة تصحيح هذه األخطاء (1 ، ومساحة قرية برقة. وتعميم هذه النتائج«بتسارون» و«جان يبنا»مستعمرتي:

على مراكز األبحاث المهتمة بهذا الشأن. ينبغي إعادة رسم خرائط القرى الفلسطينية )قضاء غزة(، بدون وجود(2

للمستعمرات المقامة على أجزاء من أرضها، فهذا أمر ملح، وال يعقل أن نعلم األجيال الناشئة بأن تلك المستعمرات هي جزء من قرانا الفلسطينية قبل

النكبة، األمر الذي يسبب اإلرباك وااللتباس. وفي كل األحوال يجب اإلشارة إليها باعتبارها مستعمرات، ال باعتبارها بلدات ضمن قضاء غزة، وهذا أضعف

اإليمان. توصي الدراسة المراكز المتخصصة بضرورة البحث في أصل القرية التي(3

، فلألسف لم يتمكن الباحث – بسبب»بيار تعبيا «أنشأت عليها مستعمرة ضيق المساحة الزمنية المتاحة لهذا البحث- من معرفة أصل القرية أو األرض

م(. وفي كل األحوال1887التي أقيمت عليها تلك المستعمرة؛ نظرا لقدمها )ينبغي تعريفها على الخارطة باعتبارها مستعمرة صهيونية.

توصي الدراسة بضرورة تعزيز ثقافة التأريخ الشفوي لدى األجيال الشابة.(4 وتشكيل مجموعات عمل في المخيمات الفلسطينية المختلفة تعمل على تدوين

تاريخ القرى، بشيء من التفصيل. ( معVideo Audio& تلفت الدراسة النظر ألهمية تسجيل مقابالت مسجلة )(5

الشيوخ والعجائز، ممن عاشوا مرحلة ما قبل الهجرة، فأعدادهم في تناقصسريع، واألمر يتطلب جهد واسع وسرعة في التحرك إلتمام هذه المهمة.

تدعو الدراسة كافة الجامعات الفلسطينية إلنشاء مراكز بحثية متخصصة في(6 مجال التأريخ الشفوي، مهمتها تدوين وتوثيق كل ما يتعلق بالقرى الفلسطينية

المهجرة، وما واكب أحداث النكبة من مآسي فردية وجماعية. ذلك أن هذا التأريخ هو الدافع والمحفز لألجيال القادمة، للنهوض والرد على مأساة النكبة،

وليس أقل من توثيق ما جرى؛ فالنكبة مازالت مستمرة، والقصة لم تنتهي بعد. وتدعو الدراسة أيضا دائرة شئون الالجئين، واللجان الشعبية لالجئين التابعة(7

لمنظمة التحرير الفلسطينية، بتشكيل فرق عمل لتصدى لتلك المهام، من تسجيل وتوثيق، وذلك بالتعاون مع الجامعات، ومنظمات المجتمع المدني،

ومراكز األبحاث المعنية بهذه المواضيع، ومخاتير ووجهاء العائالت. فالتوثيقسالح للرد على ادعاءات اآلخر، الذي يزيف الحقائق ويشوه الصورة.

45

توصى الدراسة وزارة التربية والتعليم باعتماد مادة تعليمية في المدارس(8 )بمختلف مراحلها(، تعنى بتعليم الطالب البحث والتنقيب عن قراهم األصلية،

لتوكيد حقهم التاريخي في العودة؛ كي ال ننسى.

المراجع:أوال: الوثائق

خارطة بلدان غزة الشمالية )من موسوعة بالدنا فلسطين((1خارطة بلدان غزة الوسطى)من موسوعة بالدنا فلسطين((2 غزةرسالة من حاكم لواء(3وثائق صادرة عن قائمقام قضاء غزة )عارف العارف((4وثيقة صادرة عن محكمة االستئناف في يافا(5وثيقة من دائرة تسجيل األراضي بيافا(6

ثانيا: المقابالت الشفوية م، في مقابلة1922الحاج أحمد محمد الطهراوي، من مواليد قرية برقة عام (1

م.20/2/2016أجراها معه الباحث في منزله بمخيم البريج، بتاريخ ، في مقابلة1936الحاج حسن عطية خليل الطهراوي، مواليد قرية برقة عام (2

.1/2/2016أجراها معه الباحث في منزله في رفح، بتاريخ ، في مقابلة1924الحاج خليل أحمد أبو شاويش، من مواليد قرية برقة عام (3

.3/2/2016أجراها معه الباحث في منزله بمخيم النصيرات، بتاريخ ، في مقابلة أجراها1925الحاجة سارة أبو شاويش، من مواليد قرية برقة عام (4

. 17/1/2016معها الباحث في منزلها في مخيم النصيرات، بتاريخ ، في مقابلة أجراها معه1933الحاج رمضان محمد الطهراوي، من قرية برقة عام (5

.2/2/2016الباحث في منزله بمخيم النصيرات، بتاريخ ، في1922الحاج عبد الرحمن محمود جبر أبو شاويش، من مواليد قرية برقة عام (6

.5/2/2016مقابلة أجراها معه الباحث في منزله بمخيم النصيرات، بتاريخ ، في مقابلة أجراها1929الحاج علي أحمد أبو شاويش، من مواليد قرية برقة عام (7

م.15/1/2016الباحث معه في منزله بمخيم النصيرات بتاريخ م، في مقابلة أجراها1938الحاج محمد حسن صبح، من مواليد قرية برقة سنة (8

.27/1/2016معه الباحث في منزله في مدينة غزة، بتاريخ م، في مقابلة أجراها1927الحاج محمد علي السردي من مواليد قرية برقة سنة (9

.3/2/2016معه الباحث في منزله في مدينة غزة، بتاريخ ، في مقابلة1927الحاج مطلق محمود يوسف الدهودي، مواليد قرية برقة عام (10

.1/2/2016أجراها معه الباحث في منزله برفح، بتاريخ م، في1927الحاجة مريم محمد مصطفى العفيفي، من مواليد قرية برقة عام (11

.6/7/2010تسجيل معها في منزلها في مخيم النصيرات، بتاريخ ثالثا: الموسوعات والكتب

. هيئة أرض(1966-1917أطلس فلسطين )أبو سته، سلمان حسين، (1.2011، 1فلسطين، لندن، ط

طريق العودة: دليل المدن والقرىــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ، (2

46

. هيئة أرض فلسطين،المهجرة والحالية واألماكن المقدسة في فلسطين. 2007، 1لندن، ط

. العهد القديم(3أسدود قلعة الجنوب: دراسة تاريخية-اجتماعية-جودة، أحمد حسن، (4

، غزة -1. مكتبة سمير منصور للطباعة والنشر والتوزيع، طاقتصادية-سياسية. 2013فلسطين،

أسماء أراضي فلسطين: المعاني والدالالتحسين، محمود حسين علي، (5 . منشورات المركز القومي للدراسات والتوثيق، غزة،)قرى غزة الشمالية(

2005..1997. مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، كي ال ننسىالخالدي، وليد، (6 . الجزء األول – القسم األول، طبعةبالدنا فلسطينالدباغ، مصطفي مراد، (7

. 1991جديدة، دار الهدى، كفر قرع - فلسطين، . الجزء األول – القسمبالدنا فلسطينــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ، (8

.1991الثاني، طبعة جديدة، دار الهدى، كفر قرع - فلسطين، قرانا الفلسطينية المدمرة في لوائيالسحار، جميل عبد الرحمن )إعداد(، (9

، غزة -1. مركز التأريخ والتوثيق الفلسطيني، ط قرية55غزة والرملة .2011فلسطين،

.(1952- 1947نكبة فلسطين والفردوس المفقود )العارف، عارف، (10م.1991الجزء الثاني، إصدار دار الهدى، المطبعة العصرية، صيدا – لبنان،

. مطبعة دار األيتام اإلسالميةتاريخ غffزةــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ، (11.1943في بيت المقدس،

. ]د.أسدود التاريخ والذاكرةالمناعمة، عبد الله عبد الجليل و المدني، رشاد، (12.2007ن[، غزة،

. المجلد األول، هيئة الموسوعة الفلسطينية، دمشق،الموسوعة الفلسطينية(131984.

رابعا: دراسات ومؤتمرات علمية محكمة . التراث» دور التاريخ الشفوي قي كتابة التاريخ االجتماعي«سونيا نمر، (1

.131، ص 2005(، جمعية إنعاش ألسرة، البيرة، فلسطين، 42والمجتمع، العدد ) الحبكة الدرامية في تلقين ورصد األحداث التاريخية«محمد عبد الفتاح السيد، (2

التاريخ الشفوي- الواقع « أبحاث المؤتمر العلمي:. )في( »الشفوية.2006، الجزء الثاني، الجامعة اإلسالمية، غزة، »والطموح

جريدة حق. » التاريخ الشفوي على الصعيد الفلسطيني: واقع وآفاق«نايف جراد، (3 المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة« (، موقع: بديل 20العودة، العدد )

. على الرابط»والالجئين https://www.badil.org/ar/publications-ar/periodicals-ar/haqelawda-ar/item/277-article06.html

، على10/10/2009. »(2 قراءة نقدية لتعاملنا مع التاريخ الشفوي )«، نبيل علقم(4http://nabeelalkam.com/new/news.php?action=view&id=87 الرابط

خامسا: مواقع الكترونية:، على الرابط:10/7/2007منتديات ستار تايمز، )1

http://www.startimes.com/f.aspx?t=5061206 ، د. ت، على الرابط:» وفا«موقع: وكالة األنباء والمعلومات الفلسطينية )2

http://www.wafainfo.ps/atemplate.aspx?id=3522وكيبيديا )الموسوعة الحرة(، على الرابط:)3

47

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%B1%D9%82%D8%A9_%28%D8%BA%D8%B2%D8%A9%29

4(http://www.palestineremembered.com/Gaza/Barqa/ar/SatelliteView.html http://wikimapia.org/#lang=en&lat=31,749774&lon=34,722290&z=12&m=b )5

سادسا: مراجع أجنبية:1) » Be'er Toiyyah «, Encyclopedia Judaica, Jewish Virtual Library. Available At:

http://www.jewishvirtuallibrary.org/jsource/judaica/ejud_0002_0003_0_02288.htm2) »Be'er Tuvia«, Wikipedia )The Free Encyclopedia), Available at:

https://en.wikipedia.org/wiki/Be'er_Tuvia3) »Bitzaron«, Wikipedia )The Free Encyclopedia), Available at:

https://en.wikipedia.org/wiki/Bitzaron 4) »Gan Yavne«, Wikipedia )The Free Encyclopedia), Available at:

https://en.wikipedia.org/wiki/Gan_Yavne5) Joseph B. Glass, From New Zion to old Zion: American Jewish Immigration and

Settlement in Palestine (1917-1939). Wayne State University Press Detroit, 2002,6) » Negba «, Wikipedia )The Free Encyclopedia). Available At:

https://en.wikipedia.org/wiki/Negba7( The Jewish Agency For Israel, »The Establishment of the Jewish Agency and Expansion of

the Yishuv«. Available At: http://www.jewishagency.org/israel/content/233918) Wallach, Jehuda )ed.), »Security«, Carta's Atlas of Israel )in Hebrew). First Years 1948–

1961. Carta Jerusalem, 1978. According to: Wikipedia. 9) Yuval El'azari )ed.), Mapa's concise gazetteer of Israel )in Hebrew). Mapa Publishing,

Tel-Aviv, 2005, P. 285. According to: Wikipedia.

48