إقبال ناجي / سوريا

: « تأمل هيئة تحرير المجلة من الكتاب مراعاة ما يلي ي » للن�ش �ف

ي للمجلة.و�ف لك�ت يد الإ ونيا عل عنوان ال�ب - ترسل المادة المطبوعة إلك�ت

ت سابقا. - أل تكون المادة قد ن�ش

ي حدها الأقىص.- أل يتجاوز عدد كلماتها 1200 كلمة �ف

ي ذلك.ي تقتىصف

- يجب إرسال صور للمواد ال�ت

ها. - هيئة التحرير هي الجهة المخولة بقبول المادة للن�ش أو العتذار عن عدم ن�ش

،) ف ي )للكتاب الأردني�ي ، واسم الشهرة الذي يعرف به، ورقمه الوط�ف ي

- يرسل الكاتب اسمه الثال�ش

ته الذاتية )للمرة الأوىل فقط(. ونبذة من س�ي

جم عنه. شارة إىل المصدر الم�ت جم، والإ ة مؤلف النص الم�ت جمة نبذة من س�ي - يرفق مع المواد الم�ت

- يخضع ترتيب المواد المنشورة لعتبارات فنية فقط.

A F K A R

رئيس التحرير

د.زيـاد أبو لبنمديرة التحرير

مجدولين أبـو الرب

ة التحرير سكرت�ي

منال حمدي

هيئة التحرير

هاشم غرايبة

حسين نشــوان

نضـــال برقــــان

محمد العامري

د. غسـان حداد

د. صبحي الشرقاوي

ي الإخراج الف�ف

محمد خضير

يمكن تصفح المجلة عل موقع الوزارة:

يداع لدى دائرة المكتبة الوطنية: رقم الإ

)1090( 2010 / د

المراسـالت: باسم رئيـس التحرير

يدي: العنوان ال�ب

الأردن – عمان ص.ب : 6140

يدي: 11118 - عمان الرمز ال�ب

ورة عن رأي المجلة بال�ف عن رأي كاتبها، ول تع�ب ي هذا العدد تع�بالمواد المنشورة �ف

www.culture.gov.jo

E-mail: afkar@culture.gov.jo

ع���بالثقافة�والفكر�واألدب�والفنون�مجـلة�شهــر�ة��

تصــدر�عن�وزارة�الثقــــــافة�اململكة�األردنية�الهاشمية

22 62

13386

-

c o n t e n t sالمحتويات

غــالف أول / ماريا بال - رومانيا

غالف داخلي أول / غازي انعيم - الأردن

غــالف أخـ�ي / عمر حمدي “مالفا” - النمسا/سوريا

ف ................................................................ د.إبراهيم بدران سالم... ومسؤولية المسلم�ي - مفتتح: براءة الإ

- منطلقات نظرية ... من وحي التجربة القرائية وتطلعاتها ............................................ د. محمد صابر عبيد

ات ي المعارص والحداثة ................................................................................... د. أحمد عودة الله الشق�ي بداع العر�ب - الإ

تح د والفرادة ........................................................... عصام �ش ”.. وأفق التجد - “من أوراق الموريسكي

- الذكريات والموسيقى ....................................................................................................... د. أيمن تيس�ي

كية عل السينما العالمية بلغة الأرقام ...................................... محمود الزواوي - هيمنة السينما الأم�ي

ي تلك الليلة- شعر ........................................................................................................... زليخة أبوريشة- �ف

ة- شعر ....................................................................................................... خلدون امنيعم - قصائد مق�ش

ـعــــــروة بــن الـــورد- شعر ................................................................... قيس الطه القوقزة - مــــــرايـا لـ

- عرافة - شعر ...................................................................................................................... لينا جرار

ي الرجالية.. بل أقل قليال!- شعر ........................................................................... م�ف وفيق- نسخ�ت

- نصوص لربندرناث طاغور ............................................................................................... ترجمة: عب�ي الفقي

ف للشاعر سانتياغو فيالفانيا .............................................................. ترجمة: نزار �طاوي - قصائد من الفلب�ي

- قصة إرنست همنجواي “قطة تحت المطر” ................................................................. ترجمة: عودة القضاة

ال ......................................................... ترجمة: أمل العلي - قصة “لماذا البوص مجوف؟” لجابرييال ميس�ت

- سائق النقل السحري- قصة ............................................................................................ ميسلون هادي

ي - الكابوس- قصة ................................................................................................................... عامر علي الشق�ي

ي الحديث والمعارص ....................................................................... صفوان الشل�ب كي ال�ت - الفن التشكيلي

- الفنان إبراهيم أبو طوق.. صوفية قلم ......................................................................... علي عبيدات

نسانية وقد أنهكتها الحروب ....... جعفر العقيلي كيبية: معاينة الذاكرة الإ ي أعمالها ال�ت- إملي جا� �ف

ي المقامات العربية- مقامات الحريري أنموذجا ....... أحمد سليم الزول- الظواهر الدرامية والم�حية �ف

ف - الخوف ونقر المطر- قصة ............................................................................................... بكر السبات�ي

ي لم تصل- قصة ............................................................................................ عدي مدانات- الرسالة ال�ت

- منامات السهاد .................................................................................................................. د.سناء الشعالن

ي بداريرادات .......................................................................... ترجمة: حسام حس�ف - أفالم قليلة التكاليف .. عالية الإ

” رواية أم�ي تاج ال� ........................................................................... يوسف ضمرة - “العطر الفرنسي

- المناط�ي .... جغرافيا الروح ............................................................................................... حسن عبد السالم أبو دية

يو�ت - الدواج...عنقاء الحلم ووعد الفجر! ................................................................................ حنان ب�ي

ي المزروعي ......................................... عبدالله المتقية الخوف” للعما�ف ي “س�ي

- ثنائية الموت والحلم �ف

”: الصوت الواحد.. واستباق التأويل ..................................................................... فدوى الوراق - “الت�ب

- محطات ثقافية ................................................................................................................. محمد سالم جميعان

- كتابة الصورة: حكايات مستعملة ..................................................................................... سهام أبو عواد

4

6 11 16 22 2936

4043 46

48 52 56 62 69 73 78 81 86 92 98104

107

111 116 121 126133

142149

154

160

مجلة شهرية تع�ف بالثقافة والفكر والأدب والفنونتصـدر عـن وزارة الثقافـةAFKAR319المملكة الأردنية الهاشمية

آب2015

6

ون سالمية المتطرفة يسارع الكث�ي بعد كل حادثة إرهابية تقوم بها الجماعات الإوهو ذلك، كل من براء سالم الإ “إن عالن: الإ إىل العرب المسلمون وبخاصة

ي بالد العالم ل يتعامل مع دين الرحمة”. هذا صحيح. ولكن المواطن العادي �ف

، ويحكم عل الأشياء ل من خالل الآيات ف سالم” وإنما يتعامل مع المسلم�ي “الإ

ف أفرادا أو جماعات، أحزابا الكريمة، وإنما من خالل أفعال وأقوال وأفكار المسلم�ي

م. وما يضاعف من أو تنظيمات، ومن خالل موقعهم عل سلم الرتقاء والتقد

سالم رهاب والتطرف، يفعلون ذلك باسم الإ ي الإ مخاوف العالم: أول أن مرتك�ب

إدانة ي �ف د د ت�ت سالمية الإ والأحزاب الجماعات إن وثانيا اته. تفس�ي إىل وبالستناد

الأذى إليها ف يصل إل ح�ي أفكارها ورفض مصادرها وإدانة رهابية الإ المنظمات

علنية مراجعات إجراء ترفض سالمية الإ والأحزاب الجماعات إن وثالثا ة. مبا�ش

ك التطرف، وح�ت يقع تغي�ي حقيقي ي �شجريئة لأفكارها ح�ت ل يقع منتسبوها �ف

. لدى الجمهور المحلي والدوىلي

مواجهتها ينبغي أسئلة تث�ي المتطرفة والأفكار والفتاوى رهابية الإ فالعمليات

بالمفاهيم تتعلق أسئلة بها. ف المع�ت الدينية مؤسساتهم ومن ف المسلم�ي من

الأمر، وولة والديموقراطية والدستور والقانون والدولة للوطن المعارصة

وسبيل والجزية الذمة وأهل الله وحكم والتكف�ي والستشهاد والجهاد والمرأة

ذلك وغ�ي والفنون والتماثيل والآثار سالمية الإ والفرق والخالفة والحدود الله

. وذلك ح�ت يكون هناك فهم ع�ي متوافق عليه وملزم، يتداوله الجمهور الكث�ي

ومنظمات السياسية والتشكيالت عالمية والإ والثقافية بوية ال�ت والمؤسسات

نسانية، وح�ت والإ الدولية والعالقات والقانون الدولة إطار ي �ف ي

المد�ف المجتمع

براءة اإلسالم...ومسؤولية المسلمين

د. إبراهيم بدران/ األردن

7

نكار يكون الإصالح المنشود مستندا إىل دعائم يتعامل بها العالم ول تواجه بالإ

من منطلقات دينية.

ف نسانية، ولكن العديد من المسلم�ي سالم ل يصطدم مع العقل أو العلم أو الإ الإ

والمحسوبية الفساد من ابتداء يفعلون بما نسانية والإ العقل يصدمون العرب

بالكراهية والتحريض والنقسام والقتتال وانتهاء ، والتطرف والإجرام والتدم�ي

ي الوقت ي أي مكان، وهذا ما يراه الآخرون. هذا �ف

ف منهم لالأبرياء �ف وقتل المتطرف�ي

الذي يزداد العالم فيه تماسكا وتقدما ورقيا.

المشبوه بالقوة والمال، والتمويل غراء الإحباط والفقر والإ أنه، إضافة إىل ذلك

ي نحو الت الأجنبية ال�ية، ورصاع المصالح، والدفع الإ�ائيلي الصهيو�ف والتدخ

ي بش�ت الوسائل لكي يضمن بقاء إ�ائيل، فإن عقول الشباب تمزيق المحيط العر�ب

المتطرفة، بالفتاوى ملؤها ليعاد غسلها، يجري الفظائع، هذه لكل ف المرتكب�ي

مراجعتها تتم ولم الثلج، ككرة أصبحت القرون ح�ت مدى تراكمت عل ي وال�ت

ورفضها رصاحة وجهرا، وإعالن بطالنها، وإغالق أبواب التاريخ عليها.

الزمان. فلماذا تكون الجرأة عند الفقهاء بتغ�ي التجديد مطلوب، والأحكام تتغ�ي

العلماء عند الجرأة تكون ول الفتاوي؟ من شاؤوا ما فيصدرون ، ف السابق�ي

العرب ف المواطن�ي إعطاء عن بديل ل إذ المعارصين؟ ف المسلم�ي والمفكرين

ف والعالم تعريفات وأحكاما ومفاهيم ورؤى جديدة تتوافق مع الوطنية والمسلم�ي

ي نسان والدولة المدنية والعلم والتكنولوجيا والقانون الوط�ف والمواطنة وحقوق الإ

. ينسا�ف والدوىلي والإ

والعصبية والقتل والتطرف رهاب والإ اجع ال�ت حالت وراء عديدة أسباب ثمة

بأبعاده التخلف إىل حالة يعود الأول العربية. المنطقة ي �ف والطائفية المذهبية

ي أن ف عل السلطة بدل من الدولة. والثا�ف ك�ي السياسية القتصادية الجتماعية وال�ت

كل سبب غالبا ما يجد له مكانا عل كرة الثلج، ورداء دينيا يتدثر به، ويختفي خلفه،

ي أن المنطقة لن تخرج ف ويراه العالم. وهذا يع�ف ه سلوك المتطرف�ي وهو الذي يشو

إل والمواطنة، اكة والعلم وال�ش العقل القائم عل البناء إىل أزمتها وتتجه من

الرسمية دارات والإ ف بوي�ي وال�ت ف والمثقف�ي والعلماء المفكرين تضافرت جهود إذا

ي إزاحة كرة الثلج ونزع ذلك الرداء، ومتابعة برامج الإصالح الشاملة. فذلك هو �ف

. ي ي أصبح حلما عند كل مواطن عر�بي وإنسا�ف

المدخل إىل مستقبل وط�ف

8

تجربة التذوق الجماليالفكري الصعيد الحياة عل تجارب أهم من الجماىلي التذوق تجربة لعل مختلف عل وتطورها الشخصية تنمي تجربة فهي ، ي والأد�ب ي

والثقا�فللمفهوم، المكونة المصطلحات تفكيك من بد ل كان وإذا المستويات، ا وأخ�ي )التذوق( مصطلح ثم ومن )التجربة( مصطلح أول نعالج فإننا ي

�ف أو منها، لكل المستقلة المصطلح كينونة ي �ف سواء ،) )الجماىلي مصطلح

ف التجربة والتذوق، وتجربة التذوق ب�ي سياق التداخل المصطلحي التواصليي ما بعد، عل مستوى التداخل والتعاشق، وهو ما يجعل صورة

�ف الجماىليالمصطلح/ المصطلحات واضحة وقادرة عل تمثيل الرؤية النقدية وتشكيلها

وإنتاجها عل هذا الصعيد.مصطلح )التجربة( من المصطلحات العالية التداول عل أك�ش من مستوى بلوغ حالة معينة إىل درجة ي ما يعنيه

ي �ف، ويع�ف ي

أك�ش من سياق معر�ف ي و�ف

لقيمة محددة ذات والتبلور، عل نحو يؤسس ورة والتكون والص�ي النضج النظر إليه، وهو ما يقود إىل الذي ينتسب ي

المعر�ف المجال ي تأث�ي عميق �ف

الأشياء من منطلقات فهم مركزيا )التجربة( بوصفه منطلقا نحو مصطلح ف يرتبط مصطلح التجربة بالقراءة، وهي الفعالية الأوسع عل وتداولها، وح�ي

منطلقات نظريةعاتها من وحي التجربة القرائية وتطل

د. حممد صابر عبيد/ العراق

9

فإنها تتحول نحو مصطلح ينسا�ف ي الشأن الإ

صعيد الممارسة الصطالحية �فعل القراءة بموضوع الخاصة التجربة أي القرائية(، )التجربة هو جديد صعيدي التلقي المجرد أو القراءة النقدية الكتابية، ولعل تجربة القراءة هي من أهم وأخطر أنواع التجارب المعرفية بوصفها التجربة الجامعة للتجارب الأخرى التجارب كل تبقى الموضوعية وطها �ش استيفائها ودون الأخرى،

ناقصة لدى القارئ.ي حقول فنون مختلفة من

ي يعمل �ف مصطلح )التذوق( هو الآخر مصطلح ف�ف

يالف�ف الموضوع مقاربة يعنيه ما ي

�ف ي المتنوعة، ويع�ف الأدبية الفنون بينها

ي تتفاعل معه وتسعى إىل التقاط جمالياته وتثويرها، ففعل بآلية الذائقة ال�ت

وط الممارسة التذوقية، ويضيف ي �ش أصيل يستو�ف ي

التذوق هو فعل إجرا�أي

ي تشتغل �فللقراءة النقدية ال�ت إىل فضاء النص طاقة جديدة تجعله قابال

المرحلة الثانية، بمع�ف أن المرحلة الأوىل هي المرحلة التذوقية القادرة عل هنة عل جمالية ال�ب ي

�ف تساعد المبدع، وتقديم رؤية عرفانية النص ف تمي�يف ينتقل العمل ف ينتقل العمل إىل مخت�ب القراءة النقدية، وح�ت ح�ي النص ح�ي

ي الميدان. نحو المخت�ب النقدي تظل فاعلية الذائقة عاملة �ف

( هو المصطلح الجامع الذي يضفي عل مصطلح )التذوق( مصطلح )الجماىلي

الحساسية فيه تتجل إذ المطلوب، الحقيقي المع�ف )التجربة( ومصطلح منها المتضامنة، الطبيعة ذات القيم من جملة من تألفت وقد الجمالية جدوى عل فضال وفلسفي، فكري ومنها ي

ثقا�ف ومنها حسي ومنها رؤيوي تشكيلي ي سياق

�ف كلها تحتشد الحياة، فعاليات ي ش�ت�ف الحيوية الممارسة

ية مختلفة، ي صيغ تعب�يواحد من أجل أن تكون الرؤية الجمالية وقد تبلورت �ف

يا ف تضفي عل المفردات المتحايثة معها طاقة من حساسيتها كي تجعلها ت�تي فضاء )التذوق( ثم )التجربة(

ف تشتغل الصفة الجمالية �ف بها وبرؤيتها، وح�يف التحاما مشتبكا، وتنتج حالة من التفاعل الحميم فإنها تلتحم بالمصطلح�يي ودللت الرؤيات الثالث )التجربة/ التذوق/ الجمالية(، بما يجعل

ف معا�ف ب�يمنها مصطلحا متكامال ومتداخال وتفاعال عل نحو منتج وأصيل.

يأسلوب الكتابة ولغة التعب�ي القرا�ئ

ي تحقيق قراءة نوعية تبهر المتلقي وتعلمه وتضيف الأسلوب هو دالة القارئ �ف

والنوعي، الخاص ي التعب�ي سياقها ي �ف اللغة هي ي الأسلو�ب البناء وأداة له،

ي تحقيق قراءته الخاصة، إذ عل الرغم من أن القراءة ولكل قارئ أسلوبه �ف

ي واقعها النظري تبدو وكأنها متساوية لدى الجميع، غ�ي أن جوهر القراءة �ف

الأخرى عن مختلفة قراءة كل يجعل من هو الدقيقة النوعية تفاصيله ي �ف

ي ينجزها القارئ بوصفها صورة عن ثقافته ورؤيته ومغايرة لسواها، الكتابة ال�ت

ي بروح القارئ، عل النحو الذي يجد المتلقي فيها وإمكاناته ومرجعياته تغت�ف

متاع هذه الصورة ويشعر بها ويتعلم منها، فأسلوبية الكتابة تولد عن� الإ تذهب فضال ي ي هي المصدر الأول للتشكيل الأسلو�ب

بالمكتوب، واللغة ال�تعن ذلك نحو إنتاج المعرفة الجديدة برؤيتها الجديدة.

ي المضمون والممارسة الصطالحية، ف تتحول القراءة إىل كتابة لتكون نقدا �ف ح�ي

يتبلور ل الأسلوب وهذا ، للتعب�ي الخاص ي الكتا�ب أسلوبها تنتخب فإنها وعميقة عالية ة وخ�ب كثيفة ممارسة بعد إل ة ف

المم�ي المستقلة كينونته ي �ف

وإبداعي مستمر، ل بد من النتباه إىل التطور النوعي لحركة يف معر�ف وتحص�ي

، والعمل عل شحنها بما تحتاجه ي ي الأسلوب الكتا�بية �ف الخصوصية التعب�ي

الخاص، بمع�ف أن عل ي ف أوارص الفضاء الأسلو�ب من طاقات تهدف إىل تمت�يي قدراته الأسلوبية،

ر �ف م وتطو الكاتب أن ل يكتفي أبدا بما يصل إليه من تقدم والتطوير دون مهادنة أو اطمئنان بل يسعى دائما نحو المزيد من التقدعل حالة استقرار محددة، مهما استطاع أن يحقق من منجزات عل صعيد

ي مجتمع التلقي. �ف ي التفرد الأسلو�ب

10

11

ال�دي، النص وكذلك القراءة، ي �ف الخاصة طريقته له الشعري النص

، بسبب الطبيعة الأجناسية المختلفة لكل نص، وربما يكون يذا�ت والنص الس�ي

سؤال إشكاليا ينطوي عل ي السؤال عن اختالف القراءة باختالف الجنس الأد�بي درجته الشاملة المطلقة،

، الأوىل تتعلق بمفهوم القراءة العام �ف ف مقاربت�يي درجته العتبارية التخصصية.

ي بمفهوم القراءة الخاص �فوالثا�ف

تختلف من حيث المعروفة ل العام وضمن سياقاتها مفهومها ي �ف القراءة

مفهومها ي �ف لكنها وآخر، ي أد�ب جنس عل اشتغالها ي

�ف النظرية الصورة نوع كل ح�ت وربما ، ي أد�ب جنس كل لأن بالتأكيد، تختلف الخاص النوعي الجنس والنوع ض طبيعة قرائية مغايرة بحسب قضايا الجنس يف�ت داخل فهم هذه من بد ل لذا والتشكيل، التعب�ي من حيث الكتابية وإشكالياته العامة ف القراءت�ي اك إ�ش عل والعمل معطياتها، واستيعاب الحقيقية للعالقة الأمثل الشكل ي سياق واحد، عل نحو يضمن حصول

والخاصة �في سياق عال من التفاهم نحو بلوغ هدف واحد.

ف �ف ف القراءت�ي ب�ي

المتعة القرائيةدون أن تصل القراءة إىل مرحلة إنتاج المتعة القرائية تظل القراءة -مهما كان مستواها العلمي والمنهجي- ناقصة، ويظل القارئ بحاجة إىل جولة جديدة ي الأحوال كلها ل يمكن أن

يستكمل بها قراءته كي يبلغ مرتبة المتعة، وهي �فوأدبية وعلمية ثقافية شخصية طاقة إىل بحاجة هي إذ بسهولة، تتحقق ي إنجازها،

ف ينجح القارئ المتمرس �ف ووجدانية ومزاجية وذوقية عالية، وح�يوهجها ي

�ف النقد مرتبة بها وبلغ المرجوة قراءته حقق أنه عل ف فسيطم�أبداعية عل نحو عام. المبتغى، والقراءة هنا تخص ح�ا النصوص الإ

والمجرب العارف القارئ فيه يشعر غامر إحساس هي القرائية المتعة وجسده روحه ي

�ف ت�ي نحو عل القراءة إنجاز بعد والخب�ي والممارس نجاز، بمع�ف أن القراءة الجديدة ي الإ

طمأنينة كاملة، تشعره بطاقة الإضافة �فله انفتحت عل رؤية جديدة، وحققت جمال جديدا يتحسسه ويراه ويلمسه ي سياق

ويشعر بطرافته وحيويته، بما يجعله قادرا عل إقناع الآخرين به �فتلقيه وقراءته والستمتاع بما ينطوي عليه من قدرة إمتاع.

، يي تجربة القراءة عل نحو غزير واستثنا�أ

ل بد أن يح�ف �ف يالوجدان القرا�أ

بحساسية ية عل الكشف وتلوين الجهد القرا�أ ويجب أن يح�ف بطاقة كب�ي

القراءة تكون نحو الجمال، عل أفعال إىل فعل من القراءة تحول خاصة فيه مشحونة بما يمكن أن نصطلح عليه هنا بـ)ماء القراءة(، فمثلما ل يكون

12

الشعر شعرا بال ماء، ول يكون ال�د �دا بال رطوبة، ل تكون القراءة قراءة حقة ومنتجة وفاعلة إذا كانت يابسة وميكانيكية ول تهدف إل إىل بيان المع�ف وتجلية الدللة، فللقراءة غايات جمالية ل ح� لها، ول يمكن أن تتوقف عند

. حدود بلوغ المع�فالممارسة هذه أشكال من واحد بشكل القرائية المتعة توصيف يمكن ل وإجراءاتها المتعددة والواسعة، لأن صورة المتعة تظهر عل أنحاء مختلفة ي

الإجرا�أ يمن بداية فعل القراءة ح�ت نهايته، إذ تبدأ من متعة التلقي القرا�أ

مبهجا، عندما ب�يا تماسا والكتابة ف الع�ي ف ب�ي العالقة توفر ف المبا�ش ح�يوالفهمي اللغوي تلقيها سياق ي

�ف المكتوبة الكلمات ف الع�ي عدسة تالحق الذهن والتفك�ي من المقروء إىل حقل ، ورفع ي

والذو�ت والتحسسي دراكي والإأجل معالجته وتدبره وتفكيكه وكشف جمالياته، عل نحو يتالءم مع طبيعة الذهن إىل تت�ب ف الع�ي فمتعة الذهن، وقراءة ف الع�ي قراءة مع التفاعل منطقة ي

�ف المتعة لكن إليه، المتعة تتواصل كي متاع الإ بطاقات وتزوده الذهن تكون أك�ب وأوسع وأكثف لأن المقروء يخضع فيها للتحليل والتفكيك

والتأويل.ي طبقات المقروء وتداوله ومقاربته واستجالء كوامنه والتدقيق

إن البحث �في مفاصله ومكوناته، ابتداء من طبقة اللغة وفقهها وإبداعها، وما

العميق �ف المتحول إىل ي تفرزه من قيم صوغ ترتفع اللغة فيها نحو مرتبة التعب�ي الأد�بلغة أدبية، وللغة الأدبية فقهها أيضا، ومن متعة الإحاطة بهذا الفقه تتكشف مستوى من الأهمية بالغة انتقالة ينتقل وهو اللغوي، التعب�ي جماليات ف تبلغ القراءة مرتبة تحسس وإدراك هذا التعب�ي إىل مستوى التشكيل، وح�يللقارئ تتكشف أن بعد المتعة، مراحل أعل وصلت قد تكون المستوى

ي منطقة التشكيل.بداعية العميقة �ف الرؤية الإ

13

والبحث والبتكار، الخلق، إرادة ي �ف مجتمعة تتعاون قدرات بداع الإ

ي يصعب ال�ت الأشياء ف ب�ي العالقات إدراك من فحوى الجديد عن الدؤوب

. ويمكن النظر إىل المبدع ف أو يستحيل إدراكها عل الكث�ي من غ�ي المبدع�يرات ي طبيعته ونوعيته عن الآخرين كما كانت التصو

بصفته فردا ل يختلف �في

�ف يختلف شخص المبدع إن بل ذلك. ي �ف خطأ تعتقد القديمة الفلسفية

مقدار الخصائص والقدرات الدالة عل البتكار والتجديد.

بداع والحداثة الإ- “صلة ي

طار التحليلي -كما يرى مصطفى السيو�ف ي الإي �ف

بداع يع�ف إذا كان الإمن لجملة واستجماع الكائنات، ف ب�ي الأجزاء، وحوار صامت ف ب�ي مرئية غ�ي ثم ومن واحدة، شعرية صورة ي

�ف يمر�أ بعد ي

�ف والمتناقضات المتفرقات ق الحدود لتبلغ أعماق الأشياء” ، فإن الحداثة عند يوسف الخال؛ وهو تخ�تي المعارص، ي الشعر العر�ب

ي ومنظر من منظري حركة الحداثة �فشاعر حدا�ش

ل بالجوهر تأخذ نجتازها ي ال�ت المرحلة ي

�ف الحياة من ي كيا�ف “موقف : ي

تع�فبالمظهر” .

اإلبداع العربي المعاصر والحداثة

د. أمحد عودة اهلل الشقريات/ األردن

14

بداع * دوافع الإي بعض

الشعر �ف أن الشاعر، لأدرك أن يستبطن نفس الباحث لو استطاع ف يسكن الكون من حواليه... فيكون قرض الأوقات قد يكون حديث النفس ح�يالشعر هو حديث النفس لوجدان الشاعر لموقف استحوذ عل أقطار نفسه..

ي كتابهما “الديوان”)ص21(: “ويمكننا أن نستشعر ي �ف

ويقول العقاد والماز�في لحظة

�ف انضوت عليه من هوى بما الجياشة الفوارة والعواطف المشاعر صميم إىل ونفاذه مداه واتساع وعمقه وتيقظه الشعور وبقوة بداع، الإه كان كالمه مطربا مؤثرا، وكانت الأشياء يمتاز الشاعر عل سواه. ولهذا ل لغ�يالنفوس تواقة إىل سماعه واستيعابه، لأنه يزيد الحياة كما تزيد المرآة النور

نورا” . سال أو قل-الطالقة- بداع “الطالقة”؛ وهي القدرة عل الس�ت ومن دوافــع الإي زمن ثابت. وعمق النظرة إىل طبائع الأشياء

د �ف وسيولة الأفكار لموضوع محدي هذا يتفوق مبدع

المحيطة به. واستخالص النتائج المقبولة بصورة عامة و�فعل آخر من خالل الهتمام بالحقيقة.

بداعي لمشاهد الكون والحياة ر الإ التطوأو ، ي

الما�ف ي ف مما حدث �ف ر أمور غ�ي موجودة أمام الع�ي ي تطو

ذلك يع�في

ي المستقبل... والمهم هنا هو الطريقة الفجائية ال�يعة ال�تسوف يحدث �ف

ي الذهن. بداعي �ف ر المتكامل عن العمل الإ تتبلور بها الفكرة أو التصو

15

الئصالــة عند المبدعيــنإبداعه وتغذية اث، لل�ت امتصاصه ي

�ف تتجل المبدع الشاعر عند والأصالة حيت تقرأ شعر ف ه عليه... فأنت تطم�أ س أي أثر لغ�ي ط عدم تحس به، ب�شتك من المألوفات هذا الشاعر عل محصولك من التجارب وتأمن عل ذخ�ي

والعجائب.

* الصدق الفنـــيمن بزاد عاطفته عن ه تعاب�ي ي

�ف الشاعر إبداعات ي �ف الصدق مدلول يتمثل

حراراتها أو بوقود من خارجها -خالفا لما يرى العقاد- سيطر عليها واستبد بها جم وملك كل أقطار النفس وآية الصدق أن تكون نماذج الشاعر الشعرية ت�تالباطنية الحياة تلك آثار من وأثر الشاعرة، نفسه خوالج من خلجة لكل

والظاهرة.

عبقرية الشـــعراءعبقريته إطار ي

�ف الشاعر إدراكات لمجال الرئيسة السمات استبانة يمكن الشعرية باستشكاف المحاور الآتية:

ي تحديد إدراكنا لالأشياء، بتوجيه إدراكنا لها - باستطاعة الشاعر أن يسهم �ف

ره الخاص. من خالل تصوي أطر

- للشاعر القدرة عل فهم وتنظيم المعلومات والمدركات الجديدة �فشعرية لم يسبق إليها من خالل دقة المالحظة، وبراعة التقاط الصورة من يستطيع ي

ال�ت الذاتية النفعالت أو الخاصة، الأحاسيس أو المشاهدات، بالبقاء شعره فيحظى العامة، نسانية الإ إىل ينقلها أن الشعرية بقدراته

والخلود.خار للصور الخيالية جزئية أو كلية، ليفطن ، واد ي

- يتمتع الشاعر بمخزون ثقا�في صوره الجديدة.

للعالقات �فالمبدعة، العبقرية الذاكرة هي جذر أن باللهام: ذلك الذاكرة وعالقتها -لهام” ي تسمى “الإ

دراك المبا�ش ال�ت ن الشاعر من أن يصل لحظة الإ فهي تمكي حملت إليه انطباعات مماثلة.

باللحظات الماضية ال�تي

ال�ت ف الشاعر عن سائر الشعراء هو نوع ذاكرته، والطريقة إن أهم ما يم�ييستخدمها بها.

العالقة نوع يدركون الذين هؤلء هم الشعراء من الموهوبون والعباقرة ى، أيا تهم الك�ب ف ف الخيال والواقع؛ بحيث يمكن أن يقال إن م�ي ي لديهم ب�ي

ال�ت

16

كانت عبقريتهم، هي قوة الخيال .

الحداثة ومجلة “شــعر” دها بقوى تراثها الحية إذا كانت “جماعة شعر” قد بحثت أساسا، عما يوحأدونيس لمختاراته من شعر يوسف مة ي مقد

شارة إىل ذلك �ف الإ -كما وردت ي ما له من

�ف الخال، متمثال بالنسبة ليوسف كان اث” “ال�ت الخال- فإن هذا قوة دافعة تجاه خلق أدب جديد، وبناء رؤية جديدة، وليس بالعودة إليه “الموقف ي

�ف الفعالة المركزية المنظومة كانت فقد معطياته. وامتصاص ي

ي “البحث عن شكل جديد” و”تعب�ي جديد” يتالزمان �فالشعري” عنده هي �ف

نسان الجديد، ومن خالل ذلك ربما سعى نقديا إىل تأكيد استيعاب تجربة الإما يتصل بذلك من القيم النظرية الجديدة.

“الب�أ قصيدة هو الخال ليوسف المهم الشعري المنجز كان وإذا داخليا بناء الجديدة، القصيدة مستوى ي

�ف مثل، فالأنه المهجورة”)1958( ورمزيا بدللة معارصة، وتجربة خارجة من أعماق وجود كان يتحرك باتجاه التغاير مع السائد والمألوف، ومن خالل ذلك كان أن عمل، بحسب طاقته، وعمل ووعاها فهمها كما الجديدة، بالقصيدة خاص” “شكل إيجاد عل ف عل تأكيد “شخصيتها التجديدية”، إل أن قصيدته هذه ظلت تتأرجح ب�ي

“الصورة” و”الفكرة”. ي

: “وكل ما نجده من تفس�ي لذلك هو أن الخيبات ال�ت ييقول ماجد السامرا�أ

واجهها-أو عاشها بعنف، حفرت أمامه هاوية لم يستطع ردمها “أو اجتيازها” ضت يمان”، عنده باعتبارها إبداعا خارجا عل كل ما سلف، بما اف�ت إل بـ”الإمعارصة”. تجربة ذات جديدة شعرية شخصية “بروز من الحداثة- -هذه ي “لحظة أخرى” وكأنه يقوم بما يمكن أن نرى فيه “نقدا

ليجد نفسه، هنا، �فتكون أن ه قبل الشاعر وتفك�ي ي فكر

جذريا” لع�ه. فهي “لحظة تحول” �فعة ف ي شعره... إذ تحول من “محيط الشعر” إىل “سلطة الروح”، ب�ف

ل” �ف “تحومن بما وضعت ها، وتوج اتجاها “متطرفة” أنها إل عنها تقول أن يمكن ل

“محددات” .

17

18

ي مرحلته يطالعنا حميد سعيد، وباستمرار، بكل ما هو جديد ومبتكر �ف

قبلها؛ عما تختلف جديدة شعرية لمرحلة س يؤس أن فدأبه الشعرية؛ وتضيف إىل ما بعدها؛ ولهذا تحظى كل مجموعة شعرية جديدة يصدرها ين؛ وهذا ما شهدته مجموعته )من أوراق الشاعر باحتفاء إعالمي ونقدي كب�ي

ي عمان )2012(.ي صدرت عن دار دجلة �ف

(، ال�ت الموريسكيوثوبها اللغوية، فرادتها تخلق أنها المجموعة هذه ف

يم�ي ما أبرز ولعل إبداعية مخيلة يملك سعيد حميد الشاعر أن ذلك الخاص، بداعي الإبداع الإ أن تماما يدرك فهو حوله؛ من بالأشياء جماليا وإحساسا خصبة، ي كل مجموعة جديدة يصدرها

يتأنق �ف د دائم، وعطاء مستمر؛ ولهذا تجد، والإضافة؛ ف

د والتم�ي ق لقصائده التجد إبراز كل مفاتن اللغة، بما يحق ع�بوهذا –بتقديرنا- لأن حميد سعيد يدرك تماما أن التكرار عدو الشاعر، وعدو أفق بداع فالإ نفسه، ر يكر ول يصدره، عمل أي ي

�ف يتأ�ف لهذا، عرية؛ الشر نفسه، وبالتدريج سيتال�ش د فال بد أن يكر د، والشاعر الذي ل يتجد متجدبداعي؛ الإ والعقم ر التصح هاوية إىل قصائده وستنحدر بداعي، الإ أفقه الكث�ي ة خ�ت ف

المتم�ي الشعرية التجارب من الكث�ي إن قلنا: إذا نبالغ ول

»من أوراق الموريسكي«..د والفرادة في شعر حميد سعيد وأفق التجد

عصام شرتح/ سوريا

19

الذي ما نأت عنه، ففقدت المطب الخط�ي ألقها الجماىلي بسبب هذا من ة يدركها كل من له ؛ والأمثلة عل ذلك كث�ي ي

يق الف�ف ذاك الحضور وذاك ال�بصلة بالشعر والشعرية؛ ويدركها ح�ت الشاعر نفسه. وتأسيسا عل هذا، فإن ي إصداراته، لتكون

�ف ، ويتأ�ف المبدع الحقيقي ينأى عن هذا المزلق الخط�ياحة؛ وهذا ما وعاه وأدركه حميد سعيد بداعية لم إضافته مهمة، وبصمته الإها، ف

ن بكل ما هو جديد فيها، ويم�ي ي أصدرها تق�تي قوله: “إن المجموعة ال�ت

�في ما عدت أجد ما أضيف إليها، أتوقف عن كتابة قصائد أخرى،

فإذا عرفت أ�فوتجاوز ل والتأم للبحث انقطاع ة ف�ت تكون للن�ش المجموعة م أقد وإذ الشعرية المجموعة صدور ف ح�ي إىل ة الف�ت هذه وتطول منه، انتهيت ما إىل أعود بعد ذلك وإعالميا، نقديا وتناولها تداولها، يتم الجديدة، حيث ها؛ ف

الكتابة الشعرية، فأكون قد وجدت ما أضيف إىل ما كان قبلها وما يم�يي كتاب،

�ت ف دف فالمجموعة الشعرية عندي ليست مجموعة قصائد تن�ش ب�يي الشعرية”.

ي مسار تجرب�تبل هي مرحلة �ف

وإنما الفنية، بالجودة تقاس كالمية صنعة ليس الشعر أن حميد يدرك إىل دائما يسعى الذي جعله الأمر الرؤية، وعمق الروح، دفق من عصارة ل والستجمام الروحي، لينهل من روافد جديدة تث�ي القارئ بمذاقها التأم

ي �ف زاده ؛ ف

المم�ي بداعي الإ وطقسها خصوصية الخاص، ذلك لدرجة يديه، ف ب�ي الفنية ومطواعيتها اللغة، ، ف

يقينه التام أنه “ليس من نص إبداعي متم�يمن ليس بل وثرية، ة ف

متم�ي بلغة ن ويق�ت إل ة وثرية، ف

لغته متم�ي إل وكانت ، ف مبدع متم�ي

من الشكلي اللتقاط ليس اللغوي اء وال�شي

�ف عميق، بتمثل وإنما المعاجم، بطون ف المع�ف د ب�ي ما قرأ المبدع وما سمع، يوحول ؛ المع�ف فتغمر تفيض فال واللغة، فإن ولهذا؛ باهتا، المع�ف فيبدو تق� البنية اللغوية تأخذ أهميتها من تشكلها ي ما تحقق

داخل ب�ف النص الأخرى، و�فحضورها من وليس النص، إغناء من

الكثيف عل هامش النص”.

20

عالمات )القصيدة المقدسية( الفارقةهها، لكل قصيدة شعرية قوة رؤيوية تحكمها، أو مجموعة قوى بؤرية توجتحكمه مجموعة الذي الحي الجسد أو الحية، الخلية ي ذلك شأن

�ف شأنها ة، ول تظهر للعيان، وهذه كات باطنية ل تطفو عل السطح مبا�ش قوى ومحرا عل النبض الروحي للقصيدة، من مؤثرها اللغوي؛ القوى الخفية أشد تأث�يالخفي الأسطوري الطقس الفاعلة القوى هذه وأول العائم، اللفظي أو ي هذه المجموعة؛

الذي تضعنا فيه هذه القصائد من أول قصيدة تطالعنا �فف تحف�ي ي

�ف أيقونية القصيدة عالمة وتعد هذه المقدسية(، )القصيدة وهي العميقة الرؤيوية البؤر ي

�ف الحصيف القارئ أمعن الأسطوري، ولو المناخ رنا سة لها، لأدرك نكهة الأمكنة الأسطورية مشبعة بهالة تقديسية تذك المؤسالطقوس؛ هذه ممارسة ي

�ف المتبعة والعادات القديمة، البابلية بالطقوس وأمكنتها العريق ماضيها بنكهة الأسطورة بغداد يستح�ف الشاعر وكأن أثر من ماضيها القديم؛ ولهذا، يقف عل كل سة؛ وزمنها الحضاري المقدإذ الروحي، ج والتهد الروحانية من الكث�ي تحمل تقديسية إجاللية بنكهة

يقول:

21

“لحجارتها لغةي ظالل النبوات

ولدت �ف.....................

ف طيف القراءات”. دت ب�ي ل معجزة.. وح هي أوي

�ف تكمن كاملة، المجموعة وقصائد القصيدة، هذه ي �ف الفاعلة القوة إن

الرؤى تعزيز ي �ف ي

المورو�ش الحراك الدللية، وهذا ي فضاءاتها �ف ع التنو هذا

ي شكل القصيدة، ع �ف المعارصة، وأول مفاصل القوى الفاعلة أيضا هذا التنو

أنه ودليلنا بها، الحيوي والإحساس الشعرية باللغة ي الف�ف التالعب وهذا

أن دون الغاية لهذه نا مقن فنيا بوصفها جسدا الشعرية اللغة ر يطو لم إثارة ومحور الوجودية الرؤية محور بوصفها اللغة ر طو وإنما يتعداها؛

د. اث، بمنظار حداثوي متجد ال�تف، ي هذه القصيدة حد التصو

ي تقديسه للمكان �فوالواقع أن الشاعر بلغ �ف

ي خلدنا؛ اث �ف ي يبثها ال�ت

ي أنه يؤمن بالقيمة الروحية والنفسية ال�توهذا يع�ف

اث موقف ي نلهث وراءها؛ لهذا لم يقف من ال�تإيمانه بقوة المعارصة ال�ت

اث موقف الفاعل والمنفعل لصاق والتمثل الخارجي، وإنما وقف من ال�ت الإي نلحظها

به، أو موقف المؤثر والمتأثر به؛ وهذه هي المعادلة الصعبة ال�تاث، ف ال�ت ي كل قصائد المجموعة، ول نبالغ إذا قلنا: إنك ترى المعارصة بع�ي

�فف المعارصة؛ وليس ذلك فحسب، بل ترى وتتحثث نكهة اث بع�ي وترى ال�ترة، وهذه ورة إبداعية، متطو ي س�ي

الأمكنة بالأزمنة، ونكهة الأزمنة بالأمكنة �في استطاعتها قصائد هذه المجموعة، وقد

هي المعادلة الفنية الصعبة ال�ت: إن اللغة الشعرية -عند حميد سعيد- لغة مشبعة ي قوىلي

ل أكون مبالغا �فنا- بالمراسيم والطقوس البابلية القديمة، اثية، مشبعة -كما أ�ش بالنكهة ال�توليس ذلك فحسب؛ بل لغته مهووسة بنمطها اللفظي الخاص من مجانسات ي صميم الصورة، أو

لفظية، ومزاوجات صوتية، ومتوازيات لغوية، تدخل �فالمستحدثة، اثية ال�ت الصورة أو التاريخي الحدث بوابة من تدخل لنقل: اث بوصفه حدثا ماضويا جرى وانتهى، أو صورة مسقطة فهو ل يعشق ال�تخ، وإنما يعشقه بوصفه كونا وجوديا منفتحا، ورؤية عل واقع قمعي متفساث ليس حالة آنية �عان ما تذبل وتنتهي، شاملة، وهذا يؤكد أن عشقه لل�تشارة الإ خلف أن يعي فهو نهاية، ل ما إىل مستمرة وجودية حالة وإنما ل الصورة ته، ولهذا، يحم ي برم

د الوجود الكو�ف التاريخية، إشارات كونية، تجساثية، دللت جديدة قد تنوء بها المفردات شارات ال�ت التاريخية، أو ح�ت الإذاتها، وكأنها تخت� مرحلة كاملة، ومن أجل هذا يصعب عل متلقي قصائد

22

دة أو رؤية ثابتة؛ وهذا مصدر من مصادر حميد سعيد أن يركن لدللة محدصعوبة تلقيها، وإدراك مضمراتها الخفية، ومن هنا، حاول حميد سعيد أن ر مساحة الرؤية لديه من مرحلة لأخرى، ومن قصيدة إىل قصيدة، يثبت تطو

د أسلوبه الخاص ونظرته الوجودية العميقة. ليؤكنا د لدينا حقيقة مهمة أ�ش لتأك المقدسية(، )القصيدة ولو عدنا إىل سياق ي قصائده مرتبطة بنكهة الزمان، وحركة الوجود،

إليها، وهي أن نكهة المكان �فويجري، يحدث ما عل وشواهد حية، شخوصا لديه الأمكنة تبدو لهذا ل قصائده، ي

�ف المثالية الشخصيات من الكث�ي وظف الشاعر أن صحيح بة، ليخلق الواقع المثال كما يظن القارئ، وإنما ليولد الروح المثالية المغ�تي

لهذا فإن غربته لم تكن غربة مكانية، وإنما غربة وجودية، يقول الشاعر �فتأكيد ذلك:

تجلياتها ي �ف الذاكرة تسكن كانت وإن مكانية، غربة ليست ي

غرب�ت “إن ف لة، وهي تستح�ف ما كان، وهي غربة بفعل حال، وح�ي الواقعية والمتخيف وصلت بها الحال إل عدم دوخ” ح�ي يطانية “إيريسم�ي تقول الروائية ال�بي الحال

ي مكان أحاول الخروج منه(، فهي تع�فالقدرة عىل الكتابة: )أنا �ف

ي هي فيها، وليس المكان.ال�ت

من رموز كي وحلفائه الئم�ي ي ظل الحتالل �ف تكرست ي

ال�ت إن حال بغداد المتوقع تتجاوز كما المعقول تتجاوز حال وهي الجهالء، جاهلية ي قصائدي،

ي أحسست بها �فوالمتخيل، هو الذي يشكل حال الغربة ال�ت

، حيث ي ، أواجهه بوعي إيجا�ب ي ي محيط سل�بإنها غربة وجودية، تتشكل �ف

ي كريم”.أحاول الخروج منها، إل أفق إنسا�ف

ي )القصيدة المقدسية( أنه بناها عل عالمات رؤيوية ف حميد سعيد �ف

ما يم�يالمكان، وتقديس اث، بال�ت ك والتمس الثورة، روح اعتصار هي فارقة، العظيم؛ مجدها ي

�ف تنا ملأ ق

الم�ش ي العر�ب ي بالما�ف ك والتمس والعروبة،

ي قوله:وهذا ما نلحظه �ف

ء.. قرأنا وصية أشجارها يي كتاب م�ف

“�فوأناشيد أحجارها

.......................ل أخالك إل كما أنت.. من صلوات ونور”.

العزة تبقى كسابق عهدها؛ رمز أن العراق من يريد الشاعر أن ي �ف ل شك

ي الروحا�ف جاللها فقدت منهارة، يريدها ل والمجد؛ والمنعة والحضارة

23

ي وجه الغزاة والسما�ة ف �ف اقها الأسطوري، إنها ستظل الحصن الحص�ي وإ�ش

هن عليه الآن. ، وت�ب يي الما�ف

ف والمتآمرين، وهذا ما أثبتته �ف والمجرم�يده )القصيدة المقدسية( مشاعر التحدي، والإرصار، والصمود، وأبرز ما تجسج، ل تميل إىل الغليان اللفظي بقدر ما والمواجهة، إنها إشعاع ثوري متأج

تميل إىل الغليان الشعوري؛ وبهذا يقول:“فانتبذي دونهم وطنا.. ساحرا..

ف ي باليق�ي�ف ي معارجك.. اق�ت

واصعدي �ف.”... ف ل أخالك.. إل كما ستكون�ي

ي أعماق ذات الشاعر، وذات �ف ي

ا: إن القصيدة بحث عما هو خفي وباط�ف أخ�يي القيم

ي ظل تال�شالموريسكي الطامح الذي يبحث عن هويته الجديدة، �ف

وانهيارها، وخ�انها المفقود المدعم بالغياب، وهذا ما حاولت القصيدة ي دللتها ورؤاها.

أن تناوشه �ف

24

نسان عن سائر المخلوقات، ف الله تعاىل بها الإ ي م�ي

الذاكرة من النعم ال�تفهي تخزن الحدث فور حدوثه، وتستعيده بعد لحظات قليلة، ثم تخزنه

ة طويلة. لف�تنسان عن خلجات بها الإ ، فيع�ب ي

نسا�ف والموسيقى من أر�ت ألوان التعب�ي الإنسانية كوسيلة ي لحظات حزنه أو لحظات فرحه، وترتبط بالفطرة الإ

نفسه �فللتقاء الذهن والروح، وتفاعل الفكر والوجدان والنفس.

أن العلمية الدراسات أثبتت وقد نسانية، الإ بالمشاعر الموسيقى ترتبط الموسيقى تدخل مع الحدث الذي ترافقه إىل الذاكرة ع�ب الشبكات العصبية ي بعض الأحيان

ي قد تصاحبها �فضافة إىل الأنشطة الأخرى ال�ت نسان، بالإ لالإ

كالحركات الراقصة، فيؤدي ذلك إىل تكوين انطباع خاص بالحدث والموسيقى نسانية؛ مما يعطي الموسيقى القدرة عل ي الذاكرة الإ

المرتبطة به، فيخزن �فمن يجعل ما وهذا سنوات، بعد ولو ح�ت بها المرتبطة الذكريات إحياء ة الشيخوخة، ي ف�ت

الموسيقى وسيلة لعالج بعض الأمراض المرتبطة بالذاكرة �فف ي اعتاد سماعها المر�ف المسن�ي

ومما يدعم ذلك أن الموسيقى القديمة ال�تجاع الذكريات. تكون وسيلة فعالة تساعدهم عل اس�ت

ده ول ي حياتنا قد ل نتقصي غاية الأهمية �ف

ي دورا �فوتلعب الموسيقى والأغا�ف

الذكريات والموسيقى

د. أمين تيسري/ األردن

25

26

، ولكنه موجود بال شك، والدليل عل ذلك أن هناك نالحظه بشكل مبا�شنة تذكرنا بمواقف قد تبكينا أو تفرحنا. أغان أو موسيقى معي

الذاكرة، نجدها هي ي �ف تبقى ي

ال�ت الموسيقى نوع نتساءل عن ولكن عندما الموسيقية الأعمال فإن ولذلك جمالية، قيمة ن تتضم ي

ال�ت الموسيقى ف ي تفرض نفسها عل ذاكرة المستمع�ي الخالدة لعمالقة الفن والغناء العر�بالطبقات جميع فمن الجتماعي، بمستواهم ذلك يرتبط ول عشاقها، من الوهاب وعبد كلثوم أم ي

لأغا�ف لالستماع شوقا يحن من نجد الجتماعية أحمد وفايزة ووردة ة الصغ�ي ونجاة حافظ الحليم وعبد الأطرش وفريد ي نبعت

ف الذين أثروا أسماعنا بموسيقاهم ال�ت هم من المبدع�ي وز وغ�ي وف�يي الأصيل، بل منهم من يستمع إىل بعض

من نفوس عامرة بالمحبة للفن الرا�تتذكره ي

سينما�أ بفيلم مرتبطة أو الم�ح، عل كانت سواء هؤلء أعمال ، أو باليوم الذي شاهد فيه هذا العمل واستمتع به. ف

موسيقاه بحدث مع�يره بأفراحه فلكل منا ما يث�ي ذاكرته من الموسيقى؛ منها ما يث�ي شجونه أو يذكفقط، آلية موسيقى أو مغناة، تكون أن إما قلبه، من قريبة بلحظات أو

27

ي ذاكرته، عندما يستمع إليها قاصدا أو بالصدفة تعيد له تعلق بها وظلت �ف

ي خلجات نفسه من مشاعر تعلق بذهنه ووجدانه، منها ما يرتبط ما مر به �ف

شعوبا تجمع قد وطنية أو اجتماعية بأحداث يتعلق ما ومنها بشخصه، بأكملها.

ومن منا ليس له من الموسيقى ما يذكره بطفولته؟ فالموسيقى ترتبط ارتباطا ي مرحلة الطفولة، ح�ت إنه مهما

نسان، وخاصة �ف بالإ ا وفطريا وثيقا ومبا�شالمرحلة، ذكريات هذه من يتعلق ما كل معها يستعيد إليها واستمع ك�ب وكأنه عاد إليها بروحه. فالموسيقى لها تأث�ي السحر وكأنها تعمل كآلة زمنية

ات حياته المختلفة. ف�ت نسان ع�ب يمكن أن تنقل الإي لحظات

ي وجداننا كشعوب عربية �في بأحداث وطنية ارتبطت �ف

فتذكرنا الأغا�فالنتصار والنكسار، فتقوم بمثابة مؤرخ وشاهد عل مشاعر قومية، ليس رنا مت به، بل تستمر لأزمنة وأجيال متالحقة، فإذا تذك فقط لزمانها الذي قد” للموسيقار محمد عبد ف -عل سبيل المثال وليس الح�- “قصيدة فلسط�يوالذل، الهوان رفض عن كلماتها جم ت�ت ي

ال�ت بأنغامه ع�ب والذي الوهاب ي حياة تملؤها العزة والكرامة.

ي �ف ك بالدفاع عن حق الشعب العر�ب والتمسوعندما نتذكر أغنية “عدى النهار” بكلمات الشاعر الكب�ي عبد الرحمن الأبنودي، ولحن الموسيقار بليغ حمدي، وغناء العندليب عبد الحليم حافظ، حيث ت عن لحظات الحزن والنكسار عام ي ع�ب

ي ال�تكانت وستظل من أقوى الأغا�ف

67 وما لحق بجميع الشعوب العربية من ألم الهزيمة.وعندما نستمع إىل أغنية “عاش اللي قال” لعبد الحليم حافظ، ندرك أنها

توثق لفرحة شعوبنا العربية بن� أكتوبر عام 73.ي وجداننا

�ف ارتبطت أغان من العربية السينما م خالل قد ما أيضا ونتذكر لمشاعر إنسانية ات زمنية مختلفة، وبأحداث أرخت تاريخيا واجتماعيا بف�تمتها أم ي قد

ي الأفالم ال�تع�ب أجيال متالحقة، فمنها عل سبيل المثال أغا�ف

محمد أحمد، زكريا السنباطي، رياض : ف المبدع�ي كبار ف تلح�ي من كلثوم لمن عاش مشاهدتها، مشاعر تعيد، إليها ي عندما نستمع

القصبجي، وال�تالمتقنة بالألحان مرتبطة أو الفيلم، بأحداث مرتبطة إما راق لزمن راقية

مة من خالله. المقدي يعكس بعضها

مها الموسيقار محمد عبد الوهاب، وال�ت ي قدوالأفالم ال�ت

ي تقمص دورها، وبعضها ي تجسيد شخصيات الأفالم ال�ت

الجانب الجدي �فأغنية ومنها الوهاب شخصيا؛ عبد بها يتمتع كان ي

ال�ت الروح خفة تعكس “حكيم عيون” عل سبيل المثال.

28

ف الروح الكوميدية، ع ب�ي ي تتنوبالإضافة لأفالم الموسيقار فريد الأطرش ال�ت

تنس، أن يمكن ل ي ال�ت ألحانه خالل من أظهرها ي

وال�ت الرصينة، والروح الخفيفة، والمونولوجات، ومنها ي

الغنائية، والأغا�ف الأوبريتات ف وتنوعت ب�يها. ” وغ�ي ف ي وضله”، “يا ويلي من حبه”، “تؤمر عالراس وعالع�ي “يا شمس قل�بعبد محمد الكبار: ملحنيها ع بتنو تنوعت ي

ال�ت حافظ الحليم عبد وأفالم ي ما

الوهاب، محمد الموجي، بليغ حمدي، كمال الطويل، من�ي مراد، وال�ت عن مشاعرهم العاطفية الصادقة، زال الشباب إىل الآن يجدون فيها ما يع�ب

ي كل عنارصها الفنية من كلمة ولحن وأداء.لما تتمتع به من صدق �ف

ي عن العاطفة �ف ول ننس أفالم محمد فوزي، الموسيقار العظيم الذي ع�ب

ي أر�ت أشكالها.ألحانه �ف

حفرت ي ال�ت الدرامية لالأعمال التصويرية الموسيقى أن بالذكر وجدير

ي ي ذهن المستمع، فهو �ف

ي تاريخ الدراما العربية علقت �فخطوطا واضحة �ف

ره ي مشاهدة الفيلم تذكبعض الأحيان بمجرد الستماع إليها دون أن يبدأ �ف

الموسيقى التصويرية للعمل بأحداثه ومشاعره.ق أم كلثوم؟ ي الطويلة لحفالت كوكب ال�ش

ومن منا يستطيع أن ينس الأغا�فة زمنية، بالإضافة إىل من استمع إليها ي وجدان من عاشها كف�ت

ي ستظل �فوال�ت

ة، ومشاعرها العاطفية الراقية. من الأجيال المتالحقة، وتعلق بألحانها المع�بي القديمة المرتبطة

نة، فما زالت الأغا�ف ي المرتبطة بمناسبات معيوأيضا، الأغا�ف

كلثوم الربيع لأم ي أغا�ف الأذهان والأسماع، وكذلك ي

بشهر رمضان عالقة �ف. ف هم من المبدع�ي وأسمهان وفريد الأطرش وغ�ي

ات زمنية كان ي ل تؤرخ فقط لأحداث، بل تؤرخ لف�تها من الأعمال ال�ت وغ�ي

ف عليه، وإرصارهم عل تقديم القائم�ي يالتعب�ي بالموسيقى أر�ت ما يمكن بر�ت

فن صادق يعيش لأجيال وأجيال.بروحانيات وجدانه مالأت ي

ال�ت الدينية الأعمال ي العر�ب المستمع ينس ول يتعلق بها، خاصة أنه بطبعه يميل إىل هذا الجانب بما يحمله من مشاعر ره بأوقات ي لديه. وتلك الأعمال منها ما يذك

عاطفية تخص الجانب الروحا�فر ة يتذك ف نة، فإذا استمع إىل صوت الشيخ سيد النقشبندي بأدعيته المم�ي معيالأجواء الرمضانية، وإذا استمع إىل أغنية عبد الوهاب “لبيك اللهم لبيك” وما ” من ي الغاىلي ف للن�ب فيها من عذوبة روحانية بصوته وألحانه، أو أغنية “يا رايح�ير أيام الحج المباركة، وح�ت الأذان بأصوات غناء قيثارة الطرب ليل مراد يتذكي

ر برمضان �ف مشايخنا الكبار مثل محمد رفعت رحمه الله، فهو صوت يذكروحانية بنفحة مصبوغة عربية مقامات يحمل فالأذان ، والحارصف ي

الما�ف

29

ي أر�ت وأك�ش الأمور روحانية وربانية.عظيمة تثبت أن الموسيقى تستخدم �ف

معينة، زمنية ة ف�ت ي �ف اشتهرت ي

ال�ت الدرامية الأعمال ي �ف الدينية ي

والأغا�فف الخيام وتعلقت القلوب بها، وعل سبيل المثال ما قدمته الفنانة ياسم�يق ي ترق

ف لما تحمله من معا�ف من أعمال غنائية دينية نستمع إليها وتدمع الأع�يي

�ف الم�ح عل قدمته ما وكذلك الله”، رسول يا “محمد ومنها القلوب، .” ي حفالت بمناسبات دينية كالمولد النبوي ومنها “يا آمنة يا أم الن�ب

وجدان ي �ف استقر الذي لبنان وصوت القمر، جارة وز ف�ي نتذكر وعندما

اللبنانية وفهمها اللكنة بحب ي العر�ب الوطن مالأت ي ال�ت وأغانيها ، ي عر�ب كل

ي مزيج من فن عت مع صوتها �ف ي تجم

والإحساس بها، وبنغمات الرحابنة ال�ت”، “سألتك : “شايف البحر شو كب�ي ي

له خصوصيته من العذوبة والجدية والر�ت

30

والقومية الوطنية الأعمال جانب إىل رنان”، “عودك ،” ي لحبي�ب “أنا ،” ي حبي�ب“م� المدائن”، “زهرة لبنان”، يا “بحبك وم� ف وفلسط�ي للبنان الرائعة

عادت شمسك الذهب”.، يحملنا إىل عالم من ي

وعندما نستمع إىل صوت الجبل العظيم وديع الصا�في عشق ف فقط، بل تخص كل مستمع عر�ب اللبنان�ي ذكريات جميلة ل تخص

هذا الصوت وتعلق بفنه.موسيقية أصول جمعتها عربية كشعوب وجداننا ي

�ف تستقر الأمثلة تلك ، ولكن لكل شعب من تلك الشعوب ذكرياته ي متشابهة أساسها المقام العر�بي جميع الأقطار العربية الأخرى بالدرجة

ة �ف ي قد تكون غ�ي منت�شالخاصة ال�ت

نفسها، وعل سبيل المثال وليس الح�، فها هي ألحان سيد درويش “يا رنا يذك مما ها الحزام عل وسطك”، وغ�ي “شد “الحلوة دي”، ،” ي

عي�ف عزيز سيد قدمها ي

وال�ت الم�ي الشعب من القريبة الأعمال من راق بمستوى . ي

ي صياغة م�ية خالصة، أر� بها قواعد التعب�ي الموسيقي الغنا�أدرويش �ف

لها خصوصيتها مثل بأصوات تتعلق قلوبهم وأسماعهم العراق نجد ي و�ف

بيت من “طالعة “ميحانة”، النخل”، “فوق حلو”، يا “قلي الغزاىلي ناظم ي بالشيب”.

ت�ف أبوها”، “ع�يوبالكويت من الجيل القديم نذكر أحد رواد الأغنية الكويتية الأصيلة وهو “عيدنا الفرح”، “دقوا طبول منها عديدة أعمال وله المهنا، المحسن عبد أعمالها عالقة بوجدان ي ستظل

ال�ت العظيمة الأصوات ه من ”، وغ�ي يالوط�ف

، ومنهم عبد الكريم عبد القادر؛ وله العديد من الأعمال يالشعب الكوي�ت

ي وبينك”، “محال”، “من الفن الأصيل، منها “بي�ف تذكرنا بزمن ي

ال�ت الغنائية ف الناس”. ب�ي

ي بأكمله الذين أثروا حياتنا ف عل مستوى الوطن العر�ب هم من المبدع�ي وغ�ينفوس محبيها وعاشقيها ممن ي

�ف تبق أنها لم الفنية، والعجيب بأعمالهم ي زمن

�ف والهزيمة والشوق والنتصار والحزن والحب الفرح عاشوا لحظات بعض ونفوس أسماع إىل طريقها تجد بل فحسب، الراقية الأعمال تلك ي حالت الصدق

شبابنا الآن؛ عندما يستمعون إليها نفاجأ بانجذابهم لها �في برامج المسابقات الغنائية

مها بعضهم �ف ي تمر بهم، وأيضا يقدالحقيقية ال�ت

يتطلبه لما الفن عالم لهم عل نافذة فتكون الصوتية، إمكانياتهم براز لإم، فلم تعد تلك الأعمال تث�ي ذاكرة من ي متقد

ي غنا�أأداؤها من مستوى تق�ف

ي عاشها وتعلق بها فقط، بل تخلق ذاكرة جديدة لجيل جديد يبعث الأمل �ف

النفوس.

31

؛ يي سبعينيات القرن الما�ف

كية ثورة تكنولوجية �ف شهدت السينما الأم�يية، ما تها كصناعة وفن ووسيلة ترفيه جماه�ي ي مس�ي

أحدثت تحول جذريا �في طبيعة

ات رئيسة �ف زال مفعولها ماثال ح�ت هذه الأيام. وأحدث ذلك تغي�يكأفالم نة معي سينمائية أنواع بهيمنة وأنواعها وجمهورها، أفالم هوليوود سينمائية أنواع تراجع أو واختفاء العلمي، والخيال والمغامرات الحركة كي أو رعاة البقر والأفالم الغنائية والستعراضية، أخرى، كأفالم الغرب الأم�يبالإضافة إىل تراجع إنتاج وشعبية الأفالم الدرامية والموسيقية. كما شهدت ي انبعاثا لأفالم الرسوم

كية منذ أوائل تسعينيات القرن الما�ف السينما الأم�يكة الروائية الطويلة بعد غيبة استمرت نحو نصف قرن، وانضم هذا المتحروالخيال والمغامرات الحركة أفالم إىل الوقت ذلك منذ ي

السينما�أ اللون يرادات ي الإ

ي انعكست �فية العالمية ال�ت ي تحقيق الشعبية الجماه�ي

العلمي �فالعالية عل شباك التذاكر.

ي ي صالت العرض السينما�أ

ن كل ذلك بتحول طبيعة مشاهدي الأفالم �ف واق�تناث، أي داخل الوليات المتحدة وخارجها إىل جيل الشباب من الذكور والإ

هيمنة السينما األميركيةعلى السينما العالمية بلغة األرقام

حممود الزواوي/ األردن

32

ين الذين يشكلون غالبية رواد دور السينما من هم دون سن الخامسة والع�شي المؤثرات

ي انعكست �في سائر أنحاء العالم. كما أسهمت التكنولوجيا، ال�ت

�في

�ف الرقمية، التكنولوجيا أحدثتها ي ال�ت والثورة والصوتية، الب�ية الخاصة

ي وارتفاع تكاليفه وإيرادات الأفالم السينمائية. نتاج السينما�أ طبيعة الإ

طة كأ�ش أدوات ووسائل جديدة ي ظهور السينما�أ التكنولوجي ر التطو رافق

ي أسهمت الفيديو، والأقراص المدمجة )DVD(، والتسجيالت الموسيقية، ال�ت

، وتوزيع وتسويق وعرض ينتاج السينما�أ ي تغي�ي وتطوير طبيعة الإ

جميعها �فكية عل السينما ي هيمنة السينما الأم�ي

ا �ف الأفالم السينمائية، ولعبت دورا كب�يكية عل المستوى العالمي تعود إىل أن ريادة السينما الأم�ي العالمية، علما

ي ع� السينما الصامتة. ي �ف

ينيات القرن الما�ف ع�شكية حاليا 90 بالمائة من ونتيجة لهذه العوامل مجتمعة تشكل السينما الأم�يالسينما صناعات جميع تشكل فيما العالمية، للسينما القتصادية القيمة ة بالمائة الباقية. كما إن إيرادات صالت العرض ي بقية العالم الع�ش

الأخرى �فكية ح�ت يرادات السينما الأم�ي ي كانت تشكل المصدر الرئيس لإ

، ال�ت يالسينما�أ

يرادات من الإ ا ، أصبحت الآن تشكل جزءا صغ�ي يخمسينيات القرن الما�ف

الفيلم إيرادات أصبحت حيث المتنامية، اطورية م�ب الإ لهذه الإجمالية ي

كي عل شباك التذاكر تشكل نحو ربع إيراداته الإجمالية، وتأ�ت ي الأم�يالسينما�أ

33

طة الفيديو، والأقراص المدمجة، يرادات الباقية من مبيعات وتأج�ي أ�ش الإي

ال�ت ونية لك�ت الإ والألعاب التجارية، والمنتجات الموسيقية، والتسجيالت نتاج، بالإضافة إىل حقوق العرض ترافق عرض الأفالم الملحمية الضخمة الإ

. يالتلفزيو�ف

ومن نتائج هذه الطفرة التكنولوجية أيضا تراجع أو اختفاء بعض الصناعات ي تحولت

يطالية والفرنسية والألمانية والسويدية ال�ت السينمائية العريقة كالإف أفراد. من صناعات سينمائية ذات ماض عريق إىل سينمات فردية لمخرج�يكية عل دور السينما ويعزى السبب الرئيس لذلك إىل هيمنة الأفالم الأم�ي، الذي يشكل الشباب ي ي الأورو�ب

ي هذه الدول، وإقبال الجمهور السينما�أ�ف

كية، وخاصة أفالم الحركة والمغامرات غالبيته، عل مشاهدة الأفالم الأم�يية عالمية. كما فتح أمام عرض ي تتمتع بشعبية جماه�ي

والخيال العلمي ال�تتان إضافيتان جديدتان؛ ي سوقان كب�ي

كية خالل ربع القرن الما�ف الأفالم الأم�يي

ات السياسية ال�ت ي والتغ�يف بعد انهيار التحاد السوفيي�ت هما روسيا والص�ي

ي هذه كية �ف . ومن المفارقات أن إيرادات بعض الأفالم الأم�ي ف شهدتها الص�ي

ي دور ي بعض الأسابيع �ف

يرادات �ف ي الإل أرقاما قياسية �ف ا ما تسج الأيام كث�ي

كية ح�ت ف كانتا تحظران عرض الأفالم الأم�ي ف اللت�ي ف الدولت�ي ي هات�يالسينما �ف

عهد ليس ببعيد. قت منذ سبعينيات القرن ي تحق

رات التكنولوجية المتواصلة ال�ت ونتيجة للتطوكي مع مرور الوقت، حيث يبلغ ، ازدادت تكاليف إنتاج الفيلم الأم�ي ي

الما�فالرئيسة هوليوود استوديوهات مه تقد الذي الفيلم إنتاج تكاليف ل معدويج نحو 100 مليون دولر، هذا بالإضافة إىل تكاليف حمالت الدعاية وال�تالضخم للفيلم عالنية الإ الحملة تكاليف اوح وت�ت الأفالم. لهذه والتوزيع ي الوليات المتحدة، وينفق معظمها عل

ف 50 و80 مليون دولر �ف نتاج ب�ي الإعالنات التلفزيونية. الإ

ما سبق ذكره مثال عل مجمل يقدم “أفاتار” العلمي الخيال فيلم ولعل باستخدام ي

السينما�أ نتاج الإ ي �ف مة المتقد الرقمية التكنولوجيا دور حول

نتاج وتحقيق إيرادات خيالية. المؤثرات الخاصة والب�ية، وارتفاع تكاليف الإإذ تشكل المؤثرات الخاصة والب�ية 60 بالمائة من هذا الفيلم. وقد بلغت موثقة، كية أم�ي سينمائية لمصادر وفقا دولر، مليون 425 إنتاجه تكاليف عالن عن الإ يرفض الفيلم لهذا المنتج ين الع�ش القرن استوديو إن حيث مليار دولر، الإجمالية 2,78 العالمية إيراداته بلغت ما ي

�ف إنتاجه، تكاليف ق 73 يرادات السينمائية. وتحق ي التكاليف والإ

وهما رقمان قياسيان جديدان �ف

34

ي دور السينما بالمائة من إيرادات هذا الفيلم خارج الوليات المتحدة، أي �ف

ي ال�ت الفنية الكوادر من أك�ش من 2500 الفيلم ي هذا

الأجنبية. واستخدم �فالب�ية والخاصة. ويعكف مخرج وكاتب المؤثرات ي من فن�ي شملت 1550 عداد لثالثة أفالم جديدة ون حاليا عل الإ سيناريو فيلم “أفاتار” جيمس كام�يي دور السينما خالل الأعوام

ي سلسلة أفالم “أفاتار” ستكون جاهزة للعرض �ف�ف

2016 و2017 و2018.ول بد من توضيح بعض الأرقام المتعلقة بتكاليف وإيرادات وأرباح الأفالم ق عل شباك التذاكر إيرادات ي تنتجها هوليوود. إذ ل بد للفيلم أن يحق

ال�تمنتج إن أرباح، حيث أي ق يحق أن قبل إنتاجه تكاليف نحو ضعفي تبلغ

35

يحصل مستقال، منتجا أو هوليوود استوديوهات أحد كان سواء الفيلم، عل نحو 50 بالمائة من إيرادات شباك التذاكر، ويذهب الخمسون بالمائة ، ي

ف وأصحاب صالت العرض السينما�أ ف السينمائي�ي الأخرى كحصة الموزع�يي ترافق عرض الأفالم الجديدة.

عالنية ال�ت ومن ضمن ذلك تكاليف الحمالت الإوعل سبيل المثال، إذا بلغت تكاليف إنتاج الفيلم 100 مليون دولر، فال ف 180 مليون دولر و200 مليون بد أن تبلغ إيراداته عل شباك التذاكر ما ب�ي

ق أي أرباح لمنتجي الفيلم. دولر قبل أن يحقكية عل شباك ي هذا السياق، إىل أن إيرادات الأفالم الأم�ي

شارة، �ف تجدر الإيرادات العالمية الإجمالية ي الإ

التذاكر خارج الوليات المتحدة تشكل نحو ثل�شي دور

ي الثلث المتبقي من إيرادات هذه الأفالم �فف يأ�ت ي ح�ي

لهذه الأفالم، �في

كية �ف كية والكندية. كما يشار إىل أن نسبة إيرادات الأفالم الأم�ي السينما الأم�يي الزدياد

كية والكندية آخذة �ف دور السينما الأجنبية مقارنة بدور السينما الأم�يمنذ عدة عقود، وخاصة بالنسبة لأفالم الحركة والمغامرات والخيال العلمي يرادات عل شباك التذاكر وتلقى إقبال ي تحقق أعل الإ

والرسوم المتحركة ال�تي تتمتع

ية ال�ت ي الدول الأجنبية. ومن أسباب ذلك الشعبية الجماه�يا �ف كب�ي

ضافة إىل أن معرفة ي سائر أنحاء العالم، بالإبها هذه الأنواع السينمائية �ف

ي أساسية �ف ليست السينمائية الأنواع بها هذه تنطق ي

ال�ت ية ف نجل�ي الإ اللغة ة فهم واستيعاب ما يعرض عل الشاشة من حركة ومغامرات ومطاردات مث�يا عل استخدام تكنولوجيا المؤثرات ي تعتمد اعتمادا كب�ي

ي هذه الأفالم ال�ت�ف

الخاصة والب�ية المبهرة.ومن الأمثلة عل ذلك فيلم الرسوم المتحركة “السيارات” )2006( الذي حقق العالمية الإجمالية إيراداته التذاكر، حيث بلغت شباك نجاحا معتدل عل ي بلغت 120 مليون دولر، إل

462 مليون دولر، مقابل تكاليف إنتاجه ال�تنت بهذا الفيلم ي اق�ت

يرادات الإجمالية لمبيعات المنتجات التجارية ال�ت أن الإة مليارات دولر، وهو رقم قيا�ي لم يحققه عند افتتاحه بلغت قرابة ع�شكية تعتمد ح�ت أواسط خمسينيات أي فيلم آخر. وكانت إيرادات السينما الأم�يي عل إيرادات شباك التذاكر أساسا، بالإضافة إىل نسبة ضئيلة

القرن الما�في تلك الأيام.

ناتجة عن مبيعات الأسطوانات المرتبطة بالأفالم الموسيقية �فلالأفالم الإجمالية العالمية يرادات الإ عل كمثال 2013 العام أخذنا وإذا كية، نجد أن إيرادات شباك التذاكر بلغت نحو 33 مليون دولر شملت الأم�يي

كية والكندية، و22 مليار دولر �ف ي دور السينما الأم�ينحو 10.9 مليار دولر �ف

كية يرادات العالمية الإجمالية لالأفالم الأم�ي دور السينما الأجنبية. إل أن الإمليار دولر، عند بلغت نحو 137 العام 2013 المصادر خالل من جميع

إضافة إيرادات المصادر الأخرى المذكورة سابقا.ي تاريخ السينما

وإذا ما استعرضنا أك�ش الأفالم نجاحا عل شباك التذاكر �فين كية، نجد أن معظم هذه الأفالم من إنتاج القرن الواحد والع�ش الأم�يوأنها جميعا، ودون استثناء، من أفالم الحركة والمغامرات أو الخيال العلمي الأنواع أك�ش من هذه أو ف نوع�ي ف ب�ي تجمع أفالم أو المتحركة، الرسوم أو أعل حققت ي

ال�ت الأفالم قائمة ي �ف الأوىل ون الع�ش والأفالم السينمائية.

من فيلما 17 عل تشتمل السينما تاريخ ي �ف التذاكر شباك عل يرادات الإ

ر . ويتصد يإنتاج القرن الحاىلي وثالثة أفالم من إنتاج تسعينيات القرن الما�ف

)2009( “أفاتار” العلمي والخيال والمغامرات الحركة فيلم القائمة هذه ي فيلم

ي المركز الثا�فالذي حقق 2,782 مليار دولر عل شباك التذاكر، يليه �ف

“تايتانيك” )1997( الذي حقق 2,187 مليار دولر. وهذان الفيلمان من إخراج ي المركز الثالث فيلم آخر من أفالم

ي �فون. ويأ�ت وتأليف المخرج جيمس كام�ي

الذي )2012( “المنتقمون” فيلم العلمي هو والخيال والمغامرات الحركة بلغت إيراداته العالمية الإجمالية 1,519 مليار دولر. وتشتمل قائمة الأفالم ين الأوىل عل 17 فيلما حقق كل منها أك�ش من مليار دولر عل شباك الع�شف من إنتاج العام ة الأوىل عل فيلم�ي التذاكر، كما تشتمل قائمة الأفالم الع�شف من إنتاج العام 2011. 2013، وثالثة أفالم من إنتاج العام 2012، وفيلم�ييرادات الإجمالية لالأفالم السينمائية يشار إىل أن هذه الأرقام المتعلقة بالإ

36

37

. وعند أخذ ف مية للدولر عل مر السن�ي ف العتبار القيمة التضخ ل تأخذ بع�يف العتبار، فإن الفيلم الكالسيكي الشه�ي “ذهب مية بع�ي هذه القيمة التضخيرادات عل الإ ي حققت أعل

ال�ت الأفالم ر قائمة الريح” )1939( يتصد مع الإجمالية العالمية يرادات الإ بلغت فقد السينما. تاريخ ي

�ف التذاكر شباك ي

لهذا الفيلم عند افتتاحه 416 مليون دولر، مسجال رقما قياسيا عالميا �فيرادات يرادات، واحتفظ بهذا الرقم القيا�ي عل مدى 25 عاما. وتقدر الإ الإالإجمالية لهذا الفيلم بالقيمة التضخمية الحالية للدولر بنحو 6,588 مليار دولر، أي أك�ش من ضعفي إيرادات فيلم “أفاتار”. وقد شوهد فيلم “ذهب سائر ي

�ف التلفزيون ي وعل شاشات السينما�أ العرض ي صالت

�ف الريح” مع ي تاريخ السينما.

أنحاء العالم أك�ش من أي فيلم آخر �ف

38

آه من تلك الليلةوسن ي حقل الس

ارات طارت �ف �ش ف ح�يي حلق الباب

ف الحب الواقف �ف ي وب�يبي�ف

مفتوح، يكمثل خطاب عرفا�ف

وع شموس هبطت من بيت الله أو م�ش المهموم

إىل بيت الب�شبنص سهل

أويل. أو آخر صعب التي تلك الليلة

�في تلك الليلة

ي �فأعرف أ�ف

، الأجراس تدق لم أب� غ�ي. ي

حبال الفل تعانق كلما�تيلوفر ح أشواق الن هسيس تفت لم أسمع غ�ي، كن المنسي ي الر

امي النائم �ف ي الحوض الش�ف

ففي تلك الليلةأعلم أن حدائق رب جد كريم

في تلك الليلة

شعر: زليخة أبو ريشة/ األردن

39

ي قد ألقاها صو�ب أحالها. كي أتخ�ي

ي تلك الليلة�ف

ي كفي الماء جرى ماسا�ف

وهواء الأنفاساب مسكر. �ش

ي الحكمة، علقت �بثم الأنوار،وحرف الراء

خيوط الفضة،أعشاب البحر،

هشة، الدي ذيل كتاب..

لؤلؤ أقمار �فلكن أقواها

يكان سالم رهبا�ف

ي ليل ربيع أقمر.�ف

ي تلك الليلة�ف

سامحت العمر،وسامحت الأعوام القحط،

ي جسدي منذ قرون..عم �ف وسامحت الزنبق لم يت�ب

سامحت الباب المغلق،ي � الخلق،

ته �ف من صلب الحالج لكي تزهر جبومن داس عل ورد الحب قديما..

من ساوى نفسه بالأفالكي أن يب� قاع مناه،

ولم يبلغ شأوا �ف

يي عن فرحي الجوا�ف

ومن راود�ف.. ي

وعن حز�في ومن لم يغو،

من أغوا�في عقر ديار الوجد

ي �فومن داهم�ف

ليخطف روحي.

40

وء، ي ثم تظاهر بالضد ىلي أخطا�أ من عد

وطاح وباح طوال الليل، المطلق وغ�ف

ل. ثم ترجر سامحت الله عل ما قد

أو ق�ت

أو جاد،هو، كما سامحت الس

الجور، الناقص، ف الخ�ب

، ف يسي�ي أحالم الفروخدام بناة الهيكل.

مس، سامحت الظلمات الدالإخوان،

المطران النعسان،، ف السلفي�ي

، ؤ نور الحق تلكحفاة العلم،

الإصحاح التاسع،، ي

الأر�ف والتفك�يف أو آمن أو لم يسأل. ومن جدي روحي،

ل �ف ف سامحت بهاءك يت�فأسماءك حس�ف

، يي الغا�ف

اكض كالأطفال عل عشب جنو�ف أخذت ت�تخر سلطان بزوغك من شق الص

خر كما لو كنت أنا الصوأنت الحالة.ي تلك الليلة

�فبح قريبا جدا من عنقي كان الص

حيث

41

سيحدث أن،ي يوم ما،

�ف، ي

سيلف المحبوب ذراعا حول شجو�ف

ي أو يلقي فوق ندو�بشاله.

كنت نظرت وطرت،ي من عينيه

فلم أج� أن أرفع عي�في من حالق حالق!

لئال تسقط أشوا�توتنهار بالد العشق

بناها تاريخي العاشق.لم أجرؤ أن أغلق سمعي عما همسي تلك اللحظة،

شهاب شق العتمة �في إياي

عما أوشك أن يسلب�ف، وكذا ما قاله! وأوشك يفضح حاىلي

يكان البللور الصا�ف

كالوجه المنحوت عل مهل..فإذاهذا

أنت!وبينا الناس عل سلوى وكالم

ة ي الرقوالليل رخي، رطب، بالغ �ف

إذ هذا أنت!فسبحان جمال المخلوق الخالق!

ي بؤبؤ عينيكسبحان اللطف سجا �ف

كب بكاسات الرفق، وطاف عل الري معناك...

ق �ف وحدفسبحان المع�ف

يل! ف قد زاد عل الت�ففكيف أرد الروح إىل روحي؟

42

نوح ينوحشيخا انتظارك عصا عل وأتوكأ ، ي

خيب�ت يواري عله ليال أرتدي غيابك، ي �ف

ي من جوار يشلع�ف الكالم، أقا�ي من يرا، وأصغي لوقع خطوك قادما رصف

ي منعطفات الجبال. ي مهب الجهات، كهبوب الريح �ف

ي �فالهديل، ويزرع�ف

، صبيحة وق، كأنها أن�ش ي خيمة نصبت قبيل �ش الأرض �ف أ ي غيابك، تخت�ب

�في وحدي أدور.

ي خدر الألوهة، وكأن�فبهجة، نزفت شقائق النعمان �ف

العشاق ويق�ش قلعته، عصيان ي �ف الرمز المع�ف غموض يلبس غيابك، ي

�فوا

المرأى �يعا، لكنهم ع�ش النهاية، عل طيفك يع�ب أوراق الحكاية كلها ح�تي قبو الحكاية، ينسج المع�ف وحيدا عله يجد البداية.

عل رجل شحيح الظل �ف

رة قصائد مقش

خلدون امنيعم/ األردن

43

سيدة الغياب

ي قبال قبل الرحيل، لو كنت كسوت�ف

ف ما جف طعم الياسم�يي ولها بماء أنوثتك،

لو كنت غسلت�فف عصفور الأن�ي ي قفىصي الصغ�ي

ما رف �في بالورد غيما،

لو كنت سقيت�فلجدت غيثا ناعسا،

ف ي عيون الراهب�يي وحدي المعلق �ف

لكن�في عبقا،

ي شبقا، أو كنت مسست�فلو كنت رميت�ف

، لنهضت مغشيا عليف كر، وضاء الجب�ي فائضا بالس

لو كنت رويت الحديقة من رذاذ الرعشة الأوىل، ف لكان ىلي أشهى جن�ي

بت الأسامي باسمه، ولكنت خضولقلت:

كن

44

ف فيكون أرض العاشق�يي بهو الفناء،

�ف أوجاعي؟ كيف اندللت علي كيف استطعت محو أيامي بح�بقبل فجرا، ي

ووصلت�ف الركب، استبقت كيف ؟ ف السن�ي أعداء كل وجمعت ؟ كيف ارتقيت كل ف أت المرايا عن صبايا العالم�ي انبجاس الماء من حجر، وخب

ي وضح النعاس؟هد �ف ي بالس

أدراج الجمال، وطعنت�فوأنت أطفأت �اج بهجتنا،

! ف ي عيون الحالم�يوأشعلت الفراق قنديال �فمن ألبس اليوم التقى؟

، والحالمات بعرشهن! كالصاعدات لحتفهن

وإذ أراك...بأي وجه قد أراك، بأي وجه...

من خجل،ف ومن رآك أسبل الجفن�ي

فات قهوتنا وغاب ونث أ�ار الندى عل �شي حيث ارتقت عيناي معراج الغياب،

لكن�ف ، ف ي عرش آلهة البهاء تطوف�ي

وجدتك �فووجدت نفسي غائبا ملء الغياب

... ف ي حن�ي وكل أدعي�ت

45

مرايـــالعروة بن الورد

قيس الطه القوقزة/ األردن

انـفـض رمــــادك عـــن عيـونــي

ـتـحـتـوينــي أنـــا لســت أنــت ل

ــن دمـــــــــي ـعرك م ألـقـيت ش

ورمـيت بـحـــرك عــن سـفـينــي

أنـت اقـتــرفـت الـحــب فـيـــك

ــن الـجـنــــون ــلـت م وأنـــا جـب

مـا أنــــــت أجمـــل تــهمـــــة

لـي كــي تــمــزق مــا يـقينــــــي

قـيـــــــــك ـ أنــا كنـت دومــا أتــ

قـيـنــي ـ )وهـيـت لـي( كـــي تــتـ

نـيــا... بدنـيـــا ـش عـن الـد ـ فــتـ

غـيــر دنـيــــا تحـتـويـنــــــــــي

46

، لــــي لــي شـــكــلـي الـمــائــي

لـمحـي، ولـي أيضـا عـيـونــــــي

لـك ديـنـــك المـعـبـــود، لــــي

شــكـي، و لـي فـكــري وديـنــي

ــك مـا أردت لك مــــن يـقـينــ

ولــــــي كــذاك أنـــا يـقـيـنــــي

خبـأت صعــلــكــــــة الزمــــان

وجئــــت تســـرق يـاســمـيـنـــي

* * * *

47

ـك أو خيــالـك ـ أنـــا لست ظـلـ

كـــنـي ســكـونــي كــــي يــحـــر

أبـــدا... ومــــا كـنــت امتـدادك

ــد فــي جــنـونــي كـي تــعــربــ

أنــا كنــت ضـدي فـي مـــداري

حــيـن كــنــــت هـنــاك دونـــي

البـــاء بــائــي اليــــوم فــــــي

الكلمـــات ، أمـــا النــون... نونـي

ـــن هــــواي والـــورد جـــــزء مـ

وأصــل حـزنــك مـن شــجــونـي

خــذ كـــل مــا ذرفــت عــينـاك

مـــن دمــــوع، عــــن حــنـيـنـي

ــن هـــواي ر م لــي مــا تــيـســـ

ولـــي يســـاري... لـــي يــمـينـي

لـي دمـعـتــي وحــدي عــلــــى

ي، ولــي أيـضـا عـيـــونــي خـــد

خــذ كــل ما اقـــتــرف الحـنيـن

ودع لأشعاري مــجـــونـــــــي

وارجــع إلـى حيـث التــقــيـنــــا

لــن تـقـاسمنــــــي أنـيـنــــــــي

وارحـــــــل إلــى دنيــــــــــــاك

ي واتـــركـنـي عــلـى مـرأى جفـو�ف

لــك شأنــك المنسـي فــاتـركنـي

فــلـــــي أيضــــــــا شؤونــــــي

48

ك امرأة، خذلها الج� الحجري... ستع�بي عينيك قليال...

ستنام �فإىل أن يفيق نجمها،

لم يهتد العطر إليك؛ي ذلك الليل،

�ففاستوطنتك الأسئلة...سيهديك بحار غريب؛حكاية بساق واحدة...

يغفل الدفة،؛ ف ويضيع بوصلة الحن�ي

ي صدره!!يح الموج �ف لن يس�ت

هكذا سيحملك الجزر،؛ و البدر منذ رحيله الأخ�ي

لم يستقم فوق صفحة الماء،نسي المد مواعيد الحضور!!ي كف العرافة؛

تثاءب الودع �ف

عرافة

لينا جرار/ األردن

49

استسلمت لغفوة... ظلها... فوق خطاه المتعبة؛ تع�ش

مضت بهما الطريق؛صامتة!!

50

طويل القامة وحاذق

ته لكن أيا من الفتيات أحب

ي زي رجل عاديرغم كونه منقذا متنكرا �ف

ف بال مقابل ي كتابة الرسائل للعاشق�يويتعب �ف

ح للنساء نفسية الرجال ي�ش

ه طوال الوقت ي بأمويعت�ف

فة مغلقة ضت سبيله �ش يكون ضوءا مجهدا إذا ما اع�ت

وخا.. ومن فرط عشقه للرخام، يشتهيه م�ش

ليس ديموقراطيا ول دكتاتوريا ول منافقا

يريد أن يح�ي بسالم

ه به بمحبة، الدنيا.. ليست أم وهي ل ت�ف

وماذا عساه يقول لقدره الذي يعطس بال توقف

محشو هو بالفلفل الأسود وشاء الله!

نسختي الرجالية..بل أقل قليال!

منى وفيق/ املغرب

51

يحزن عندما تصله بطاقة غ�ي مذيلة بعبارات الحب

ول يستف� من أحد عن أرقامه الجالبة للحظ

ي الخصوصيةفهذا أمر مغرق �ف

كما إن “الحظ” وحده سعيد الحظ.

ي الشمسج الذين ي�قون الظل نكاية �ف ليس من اللصوص السذ

ي الظل!ج الذين ي�قون الشمس نكاية �ف لكنه منهم، اللصوص السذ

يقول إن لكل يوم ديانته

كة” ل يفصح أك�ش لخوفه من أن “تط�ي ال�ب

ي الجيبيشد عل قبضة اليد �ف

ف والآخر ف الح�ي يستمتع وهو يطرق برأسه ب�ي

مقاطعا الآخرين:

ي الحقيقة”ي الحديقة وليس �ف

حوها، �ف “الحقيقة حديقة.. صح

يطلب من الريح أل تتخبط، فهو كل الجهات...

صحيح..

كان يمكن أن يتدىل كعنبة

قصدا أو مصادفة..

نعم.. كان يمكن..

الكذب القريب من الأرض ينجو

له رزق المسافة

ويخفق كي يسقط

وربما كي ل يسقط..

وهو ل يريد أك�ش من أن يداس،

وما أطيب القرمشة.

كان يمكن أن يتدىل كعنبة

52

قصدا أو مصادفة..

نعم.. نعم

وهذا أيضا صحيح..

لم يعد ممكنا أن يتخشب.

ي الصباح ا ما يتأفف �ف كث�ي

! فالكل يولد، والكل يموت.. وكم هذا ممل

ي مشاهدة الأفالمي أيام الآحاد �ف

هو يقىصف

ولأنه يعيش من قلبه

ي نص شاعرة ل تختلف عنه إل قليال�ف

يطلب منها أن تكتب الآن

أنه يوم الأحد المقبل

ي الميدانف �ف تدي لباس المقاتل�ي س�ي

ليدخل ع�ب الشاشة الزجاجية إىل الأبطال

ولن يهمه أن يتأذى

أبدا لن يهمه

ا ما دام سيعرف أخ�ي

ف داخل شاشات السينما ف الأبطال المؤقت�ي سبب هذه المفاضلة ب�ي

ن يعيشون خارجها.. هم مم وغ�ي

بالمناسبة،

وقبل أن أنس،

ي النظر إىل وجهه، وعل الأرجح يجب أل يفعل،عل من يرغب �ف

اختيار مكان شاغر عليه للتوقيع

بعد كتابة

عبارة

“آسف”.

53

54

وقت أبدي

ي يديك يا سيدي.الوقت ل نهاية له �ف

دقائقك ل تعد،

الأيام واللياىلي تمر،

والأعمار تتفتح وتتال�ش مثل الزهور.

وأنت الأعلم بكيفية النتظار.

ة. تتابع أزمنتك متقنة زهرة برية صغ�ي

ليس لدينا وقت نضيعه،

ويجب علينا التدافع للحصول عل فرصة.

نحن فقراء جدا لنتأخر.

وهكذا بينما الوقت يمر،

أعطيه لكل من يشكو ويطلبه.

ف ح�ت النهاية، ويبقى مذبحك فارغا من كل القراب�ي

ي خوف أن تغلق بوابتك.ي نهاية اليوم �ف

لأسارع �ف

نصوص لربندرناث طاغور

ترمجها عن اإلجنليزية: عبري الفقي/ مصر

55

ي أجد أنه ما زال هناك وقت.ولك�ف

مسار مغلق

ي وصلت إىل نهايتهااعتقدت أن رحل�ت

، يعند الحد الأخ�ي من قو�ت

إن الطريق أمامي كانت مغلقة،

إن المؤن قد نفدت،

ي انطواء صامت.وإن الوقت قد حان لتخاذ مالذ �ف

ي وجدت إرادتك داخلي ل تعرف نهاية.ولك�ف

وعندما تموت الكلمات القديمة عل اللسان،

تفر ألحان جديدة من داخل القلب؛

وحيث تفقد المسارات القديمة،

يكتشف وطن جديد مع عجائبه!

هذا الكلب

ي جدا، كل صباح، هذا الكلب يلتصق �ب

بهدوء يبقى جالسا بالقرب من مقعدي

ح�ت ألمس رأسه

را صحبته. مقد

هذا التقدير يمنحه الكث�ي من الفرح،

جات نقية فرحة خالل جسده كله. تمو

ف جميع المخلوقات الغبية من ب�ي

هو الكائن الحي الوحيد

نسان كامال الذي رأى الإ

أو خ�ي رآه فيه.بعيدا عن �ش

56

من أجل حبه يمكنه التضحية بحياته،

يمكنه أيضا أن يحبه جدا من أجل الحب وحده،

لأنه هو الذي يدله عل الطريق

إىل العالم الفسيح النابض بالحياة.

عندما أرى تفانيه العميق،

ما يعرضه من كيانه كله،

ل أستطيع أن أفهم،

كيف بغريزته المحضة

نسان. اكتشف ما هي حقيقة الإ

بنظراته القلقة الصامتة بشفقة

ل يمكنه إيصال ما يفهمه،

ف جميع المخلوقات لكنه من ب�ي

، ي�ف نجح أن يخ�ب

نسان. ما هي حقيقة الإ

ي الليل وحدي عندما أرحل �ف

عندما أذهب وحدي للقاء الحبيب ليال،

ي الطيور، ول تتحرك الرياح، ل تغ�ف

ي الشارع صامتة. تقف المنازل عل جان�ب

ي كل خطوة وأشعر بالخجل.فقط، يعلو صوت خلخاىلي �ف

ي وأستمع لخطواته،ف�ت عندما أجلس ب�ش

ل حفيف لالأوراق عل الأشجار،

ي حارس نائم. ي النهر تبقى كسيف عل ركب�ت

والمياه �ف

ي الذي ينبض بعنف؛ إنه قل�ب

ئه. ل أعرف كيف أهد

، ي ي ويجلس بجان�ب ي حبي�بعندما يأ�ت

، يعندما يرتجف جسدي وتتدىل أجفا�ف

57

يظلم الليل،

وتطفئ الرياح المصباح،

وتسقط الغيوم حجبها عل النجوم.

ي صدري،ي �ف

إنها الجوهرة ال�ت

تلمع وتمنح الضوء،

ل أعرف كيف أخفيها!

قوارب ورقية

ي الورقية، واحدا تلو الآخر أسفل النهر الجاري، يوما بعد يوم، أعوم قوار�ب

ي أعيش فيها،ة سوداء، أكتب اسمي عليها واسم القرية ال�ت بحروف كب�ي

ي أرض غريبة، ويعرف من أنا.آمل أن يجدها شخص ما �ف

ة بزهرة الشيوىلي من حديقتنا وآمل، ي الصغ�ي أحمل قوار�ب

أن تصل زهور الفجر لالأرض بسالم بحلول الليل.

ي الورقية وأنظر إىل السماء، أطلق قوار�ب

عة منتفخة بيضاء. ة تفرد أ�ش أرى الغيوم الصغ�ي

مع ليتسابق الهواء يرسلون السماء ي �ف الذين ف الالعب�ي ي

رفا�ت لماذا، أعرف ل

. ي قوار�ب

ي الورقية تطفو وتطفو، ي الليل أدفن وجهي بذراعي وأحلم أن قوار�بعندما يأ�ت

تحت نجوم منتصف الليل،

أن جنيات النوم تبحر فيها،

حامالت ساللها مليئة بالأحالم.

58

سوناتة إل روح حاجة

ي الصباحي �ف عندما تكسو الشمس السماء بلون ذه�ب

اجع الظالم العميق تراجعا كريما وي�ت

ي الهواءأصخ السمع إىل الموسيقى وهي تختفي �ف

يقاع فلن يكون بوسعك أن تستعيد الإ

ف ف الدافئ�ي ف ين�ش الصباح جناحيه الذهبي�ي ح�ي

وتصمت السماء الياقوتية صمتا عميقا

انظر إىل تلك الناحية ومتع ناظريك بالأشياء

ي نومك الزاخر بالأحالم ي نادرا ما تشاهدها �ف

ال�ت

ل يصيبنك اليأس أيها الحاج الحبيب

إذا ما نظر العالم إىل حالك البائسة بازدراء

ي زمن تكون فيه عيونهم قاتمة فلسوف يأ�ت

نا نفسه ويكون لهم أيضا مص�ي

صدفة خاوية تبل وتتحول إىل غبار

قصائد من الفلبينللشاعر سانتياغو فيالفانيا

ترمجة: نزار سرطاوي/ األردن

59

. يي الشمس شيئا من الما�ف

ف تصبح أيامنا �ف ح�ي

ي القمر التحديق �ف

يا بحق عي�ف لقد أخطأت كث�ي

ي القمر ف حدقت �ف ح�ي

ير ي الآن رصف قل�ب

~ ~ ~

ب�ي أعيدي إىلي

فصوتك قد ل يكون كافيا

ي أراك لأن يجعل�ف

~ ~ ~

سك أشتاق أن أتحس

ي أبيات شعرك �ف

. ي ك� قل�ب ي تج�بال�ت

الشاعر

ك لنا شيئا سوى بقايا لم ت�ت

ي أوان فخارية حيواتك السالفة �ف

ي الرياح قصائدك ليست سوى أزهار �ف

لم نعد نتذكرها

ليست لك أي نصب تذكارية من رخام

أو أعمدة أو مسالت

ل أحد يذكر بسالتك

إل أسماء من مقاطع قديمة

أغانيك الناعسة عاشت من بعدك

ي الحتفالت الكنسية مع أننا ل نغنيها إل �ف

وأرواح نبيذك المصنوع من الرز

60

ي أفواهنا غدا مذاقها شديد المرارة �ف

وكأس عشائك الأخ�ي

هو الآخر مدفون مع ترابك

هكذا هجرتنا

ي أرض الملح الهاللية.هنا �ف

القاص

اختفت واحدة إثر أخرى

ي كانت يوما تمسك مثل النباتات الهوائية ال�ت

بأثداء غاباتنا العذراء

عر رحلت عن سفوحها المكسوة بأزهار تباع الشمس إلهات الش

ف لم تعد تسمع القصص ح�ي

ي كابولون ي البنية �ف

والأغا�ف

حقول الرز تحول لونها من الأخ�ف إىل الرمادي

بال ضحك بال قصائد

ول ح�ت يوم واحد من الذكرى

خلدت جميعا إىل الصمت

ها العشوائية مخلفة وراءها سـ�ي

ي أقاليم عقولنا بال توقيع �ف

ي طي النسيان لم تزل ح�ت اللحظة �ف

إىل أن نتعلم كيف نتذكر

ونطالب بما من حقنا أن نطالب به

ي تاريخ الأحياء.مكانها �ف

61

تحفة رائعة

أخذت شذا الزهور

ودفء الفجر الناهض من النوم

سكون الضباب الهارب

وقطرات ندى الصباح

جمال ساعة الشفق

وروح الليل المرصع بالنجوم

ألق النجوم البعيدة

ونعومة ضوء القمر الالمع

يأبدعتك من كل هذه الأشياء أيتها المالك الأر�ف

ف أبدع جالتيا من الحجر. كما فعل بجماليون ح�ي

62

ألوان الورود

ثمة ورود حمراء بلون الدم

كما الفجر الوردي

حلوة وقاسية

وثمة ورود صفراء أو زهرية

تلك هي الورود الوديعة اللطيفة

الطليقة

وثمة ورود بيضاء مضيئة

ناعمة كأنامل المطر

الضئيلة

وثمة ورود أرجوانية أو زرقاء

حها الشوق إىل ذلك الألم اللذيذ ي�ب

الذي يسمونه الحب.

ي معارص )مواليد العام 1971(، يكتب الشعر باللغة *عن الشاعر: شاعر فلبي�ف

ي هي واحدة من اللغات ية بالإضافة إىل لغته الأم البانغاسينانية، ال�ت ف نجل�ي الإ

ة. صدرت له عدة كتب ودواوين، منها: “الحبيبة وقصائد ي ع�شالفلبينية الثن�ت

مالغليون” من و”سوناتات ،)2005( كابولون” من “أصوات ،)2005( أخرى”

)2007(. فاز بعدد من الجوائز كان أبرزها جائزة “أسنا” للثقافة والفنون لعام

2010. وقد عرف عنه اهتمامه بإحياء وترسيخ اللغة البانغاسينانية كلغة أدبية.

ة. الشاعر هذه القصائد مبا�ش * المصدر: أرسل إىلي

6363

64

يكن هذان .. ولم ف كي�ي أم�ي ف نزيل�ي اليوم غ�ي ي ذلك �ف الفندق يستقبل لم

يالن عل معرفة بأي نزيل من نزلء الفندق، خاصة أولئك الذين يمران بهم ف ال�ف

ي ف �ف يل�ي ف ي أثناء خروجهما من حجرتهما أو عودتهما إليها.. تقع حجرة هذين ال�ف

�ف

ف عل الحديقة ، وهي أيضا ت�ش يالجانب المطل عل البحر من الطابق الثا�ف

العامة حيث النصب الخاص بقتل الحرب، وأشجار النخيل الباسقة، والمقاعد

. الطويلة ذات اللون الأخ�ف

عندما يكون الطقس صحوا وصافيا، فإن الحديقة ل تخلو من رسام مع مسنده

يعرفون ف الفنان�ي أن الخالبة، ذلك المناظر من له ولوحاته، يرسم ما طاب

ي تقع بشغفهم الشديد بأشجار النخيل والألوان الزاهية لواجهات الفنادق ال�ت

بمحاذاة البحر والحدائق الغناء.

لقاء نظرة عل نصب الحرب ة، لإ يطاليون من أماكن بعيدة، وبأعداد كب�ي ي الإيأ�ت

يقه وتالألئه الدائم تحت المطر. ونز، والذي اشتهر ب�ب المصنوع من ال�ب

ي �ف لتستقر بكثافة تتساقط المطر ماطر، وقطرات العامة الحديقة ي

�ف الجو

قطة تحت المطرإرنست همنجواي

ترمجة: عودة القضاة/ األردن

65

ة ضحلة.. يندفع البحر، الممرات الضيقة المرصوفة بالحىص، مكونة بركا صغ�ي

طويل نحو الشاطئ، ثم ما يلبث أن يتحت وابل المطر، عل شكل جدار ما�أ

ويعود القهقرى مبتعدا عن الشاطئ، ثم ما يلبث أن يينح� هذا الجدار الما�أ

يندفع كرة أخرى نحو الشاطئ، وهكذا دواليك.

وقف فيما تاما، ا خلو العربات من يخلو الحرب لنصب المحاذي الميدان

ي أحد أطراف الميدان نادل يتأمل ذلك عند مدخل إحدى المقاهي الواقعة �ف

الميدان الذي يخلو من الحياة.

كية عند نافذة حجرتها وراحت ترنو إىل الخارج أسفل النافذة يلة الأم�ي ف وقفت ال�ف

ة تجلس منكمشة عل نفسها تحت إحدى المناضد حيث شاهدت قطة صغ�ي

ي تتساقط حبات المطر من فوقها بغزارة.. تناضل القطة اء ال�ت الخشبية الخ�ف

المتساقطة فوق جسدها بقوة كي تحمي نفسها من قطرات المطر الغزيرة

الغض.

كية لزوجها: قالت السيدة الأم�ي

سأنزل لئح�ف تلك القطة المسكينة. -

ي فراشه يقرأ كتابا: قال الزوج وهو مستلق �ف

ي الحجرة.ي أنت �ف

سأفعل أنا ذلك، امك�ث -

أجابت الزوجة قائلة:

تلك تحت تناضل المسكينة القطة تلك ذلك، أنا سأفعل بل -

المنضدة كي تحمي نفسها من البلل.

ف عند أسفل ال�ير، ي قراءة كتابه وهو يرفع قدميه فوق وسادت�ي مىصف الزوج �ف

وقال لزوجته:

حسنا، حاذري أن تبتل ثيابك تحت المطر. -

رج، وما إن مرت أمام حجرة صاحب الفندق غادرت الزوجة الحجرة ونزلت الد

ي السن- ح�ت نهض من مقعده والقيم عليه -وهو رجل فارع الطول، طاعن �ف

ي كية بانحناءة خفيفة وهو واقف وراء مكتبه الذي كان يقع �ف يلة الأم�ي ف وحيا ال�ف

كية قيم الفندق قائلة: الطرف البعيد من الحجرة.. خاطبت السيدة الأم�ي

ي الخارج!المطر غزير �ف -

66

أجاب الرجل موافقا:

! إنه طقس عاصف. يأجل، أجل يا سيد�ت -

كية بميل شديد نحو الرجل؛ لقد أحبت الطريقة الجادة شعرت السيدة الأم�ي

ي ياء، ودماثته �ف ي يتعامل بها مع الشكاوى.. كما أحبت فيه الشموخ والك�ب

ال�ت

از كونه قيما للفندق، مثلما ف عرض خدماته عليها.. لقد أحبت فيه شعوره بالع�ت

، ووجهه الذي حفر الزمن عالماته فيه.. فتحت باب ف ت�ي أحبت فيه يديه الكب�ي

الفندق وراحت تنظر إىل الخارج حيث المطر أصبح أك�ش غزارة.. شاهدت رجال

يرتدي معطفا مطاطيا واقيا من المطر يتجه نحو المقهى.. قد تكون القطة

6767

بمحاذاة الجدار تحت الأفاريز ف من باب الفندق، تس�ي ي مكان ما إىل اليم�ي�ف

لتقاء المطر.. وبينما هي تقف أمام باب الفندق، شعرت بمظلة تنفتح خلفها..

ي بحجرات ي تعت�ف

ى ذلك الذي فتح المظلة، فإذا بها الخادمة ال�ت استدارت ل�ت

ثغر خادمة كية.. اف�ت يلة الأم�ي ف لء.. لقد أرسلها قيم الفندق لمساعدة ال�ف ف ال�ف

كية: يلة الأم�ي ف الفندق عن ابتسامة رقيقة وقالت لل�ف

ي ح�ت ل تبتل ثيابك.ينبغي أن ل تقفي تحت المطر يا سيد�ت -

ي سارت برفقتها ع�ب كية ال�ت يلة الأم�ي ف وضعت الخادمة المظلة فوق رأس ال�ف

نافذة حجرتها حيث تحت استقرت بالحىص ح�ت المرصوف الضيق الممر

ي غسلها المطر ح�ت باتت تتالألأ، غ�ي أنها لم اء ال�ت شاهدت المنضدة الخ�ف

إليها الخادمة نظرت الأمل.. وخيبة بالحزن فشعرت تحتها، القطة تشاهد

وسألتها باستغراب:

؟ يي هذا المكان يا سيد�ت

ء �ف يف عن �ث هل تبحث�ي -

ة: كية بح�ي يلة الأم�ي ف أجابت ال�ف

ة تحت تلك المنضدة! لقد رأيت قطة صغ�ي -

سألت الخادمة باستغراب:

ف قطة؟ هل تقول�ي -

كية مؤكدة: يلة الأم�ي ف أجابت ال�ف

ة. أجل، قطة صغ�ي -

ة، وسألت مستنكرة: أطلقت الخادمة ضحكة قص�ي

ف قطة؟ قطة تحت هذا المطر؟ تقول�ي -

دة صدق كالمها: كية مؤك يلة الأم�ي ف أجابت ال�ف

ي أجل، لقد كانت تجثم تحت تلك المنضدة.. لطالما كنت أرغب �ف -

اقتناء قطة!

ية، كانت عضالت وجهها تتشنج.. ربتت ف نجل�ي كلما تحدثت الخادمة باللغة الإ

كية وقالت لها: يلة الأم�ي ف عل كتف ال�ف

.. ينبغي أن نعود إل الفندق ح�ت ل يبلل المطر ثيابنا. يهيا يا سيد�ت -

كية موافقة: يلة الئم�ي ف قالت ال�ف

68

أحسب أنك عىل حق. -

من إليه كية الأم�ي يلة ف ال�ف الفندق، حيث دلفت إىل أدراجهما المرأتان عادت

غالق مظلتها.. وما إن ي الخارج قليال لإفت الخادمة �ف بوابته الرئيسة، فيما توق

انحناءة الرجل انح�ف الفندق ح�ت قيم مكتب أمام كية الأم�ي يلة ف ال�ف مرت

ي يلة سبب شعورها بالضآلة والثقة بالنفس �ف ف ة لها.. ل تعرف تلك ال�ف خفيفة تحي

مث معها- آن معا كلما مرت بذلك الرجل.. لقد جعلها ذلك الرجل -بسلوكه الد

هت رج، وتوج فة، وسيدة ذات مكانة رفيعة.. صعدت الد تشعر بأنها امرأة متم�ي

ي نحو حجرتها، وفتحت باب الحجرة حيث شاهدت “جورج” ما يزال مستلقيا �ف

ي كتابه.. وضع “جورج” الكتاب من يده وسألها:ال�ير يقرأ �ف

ت عىل القطة؟ هل ع�ث -

أجابت:

كال، لقد ذهبت. -

قال “جورج” وهو يفرك عينيه بأصابعه:

ي مثل هذا الطقس؟ترى أين يمكن أن تكون قد ذهبت �ف -

جلست الزوجة عل حافة ال�ير وقالت:

ي ي اقتناء تلك القطة.. لست أدري لم اجتاحت�ف

لدي رغبة جامحة �ف -

ي أتوق بشدة إل اقتناء تلك القطة المسكينة.. إنه ليس تلك الرغبة، ولكن�ف

ي مثل هذا فل �ف ة أن تكون خارج الم�ف بالئمر الممتع لمثل تلك القطة الصغ�ي

الجو الماطر.

الزوجة عن ال�ير، وجلست بينما نهضت للقراءة مرة أخرى، عاد “جورج”

ة حملتها ي مرآة صغ�يين، وراحت تنظر إىل نفسها �ف ف ال�ت عل مقعد منضدة

ر ل قسمات وجهها جزءا جزءا، ثم أخذت تتأمل مؤخ ي يدها، ثم راحت تتأم�ف

رأسها وعنقها، متمتمة لنفسها: “أو ترين أيتها الفتاة أنه سيكون من الرائع لو

..؟”، قالت ذلك ثم راحت ف ف شعرك ينمو ويطول ح�ت ينسدل عل الجانب�ي ك�ي ت�ت

ر عنقها إليها، فرأى مؤخ أخرى.. رفع “جورج” رأسه ونظر مرة تتأمل وجهها

يافع.. قال لها: ة شعرها من الخلف، فبدت رأسها له كما لو أنها رأس ف�ت وقص

ة شعرك كما هي..”. قالت: “لقد سئمتها، وسئمت الظهور طوال “أحب قص

69

ي ال�ير دون أن ي�ف نظره ل “جورج” جلسته �ف الوقت بمظهر الفتيان”. عد

..”. وضعت الزوجة يعنها، وقال: “إنك تبدين رائعة عىل هذا النحو يا عزيز�ت

هت نحو النافذة وراحت ترنو إىل الخارج حيث ين وتوج ف المرآة فوق منضدة ال�ت

بدأ الليل يرخي سدوله تدريجيا، وقالت: “أريد أن أطيل شعري ح�ت ينسدل

ي ة من الخلف.. أريد أن أقت�ف ، وأريد أن أعقده عقدة كب�ي ف ناعما عىل الجانب�ي

ي الخرير..”. قال ة أجلسها عىل حجري وأهدهدها ح�ت تستغرق �ف قطة صغ�ي

ي ي ال�ير: “أجل، أجل.. وأريد أن أتناول طعامي بأدوا�ت

“جورج” ساخرا وهو �ف

أن وأريد المنضدة، عىل وأريد شموعا الخاصة، ي منضد�ت الخاصة، عىل

ي الخاصة، ي الخارج أمام مرآ�ت

يكون الفصل ربيعا، وأريد أن أمشط شعري �ف

ي لنفسك عن كتاب ي وتبح�ث

وأريد قطة، وأريد ثيابا جديدة.. لم ل تصم�ت

ف فيه عوضا عن هذا الهراء..؟!”، قال “جورج” ذلك وعاد إىل القراءة مرة تقرئ�ي

ي الأرجاء، أخرى، فيما تابعت زوجته النظر من النافذة حيث حل الظالم التام �ف

70

والمطر ما زال يهطل بغزارة فوق سعف أشجار النخيل.. قالت بحدة: “أيا كان

ي مقدوري �ف ليس كان إذا الآن.. قطة أريد قطة، أريد قطة، أريد الئمر،

إطالة شعري، أو الحصول عىل أي متعة من متع الحياة، فليس أقل من

ي القراءة إىل الحصول عىل قطة..”. لم يصغ “جورج” الذي ما يزال منهمكا �ف

ي النظر من النافذة حيث أخذت كلمة واحدة مما قالت، فيما سدرت زوجته �ف

ي الميدان المقابل.. وبينما هما كذلك، إذ سمعا طرقا أنوار المصابيح تنت�ش �ف

الباب وقال: الكتاب وصوبه نحو الباب.. رفع “جورج” نظره من خفيفا عل

“تفضل بالدخول..”، وما هي سوى برهة ح�ت فتح الباب وولجت منه خادمة

ة صدفية اللون، فيما الفندق وهي تضم إىل صدرها النصف العلوي لقطة كب�ي

نصفها السفلي يتدىل إىل الأسفل.. قالت الخادمة بدماثة شديدة:

هذه القطة ي صاحب الفندق أن أح�ف

معذرة يا سيدي.. لقد أمر�ف -

للسيدة.

*****

إرنست هيمنجواي:

ي ولية “إلينويز” ي مدينة “أوكا بارك” �ف

ولد أرنست هيمنجواي عام 1899م �ف

ي مكاتب إحدى ة من عمره، عمل موظفا �ف ف بلغ السابعة ع�ش كية. وح�ي الأم�ي

الأوىل، العالمية الحرب كا أم�ي دخول وبعد “كنساس”. مدينة ي �ف الصحف

ي ي أثناء خدمته �ف

. و�ف يطاىلي ي وحدة للخدمات الطبية التابعة للجيش الإتطوع �ف

جبهة القتال، تعرض لإصابة ألزمته المشفى ردحا من الزمن، ومنحته الحكومة

كا، عمل مراسال يطالية نوط الشجاعة تقديرا لجهوده. وبعد عودته إىل أم�ي الإ

كية والكندية، ثم أرسل إىل أوروبا لتغطية بعض صحفيا لبعض الصحف الأم�ي

الأحداث هناك، مثل الثورة اليونانية.

ي مدينة ي منتحرا �ف

حاز هيمنجواي عل جائزة نوبل لالآداب عام 1951م. تو�ف

ي من تموز عام 1961م.ي الثا�ف

كية �ف “أيداهو” الأم�ي

مصدر القصة:

http://www.english.heacademy.ac.uk/explore/resources/seminars/

activities/handouts/Hemingway.pdf

71

-1

اللطيف، وقعت ذات يوم ثورة اجتماعية. ويحك النباتات ي عالم �ف

ح�تف أن الزعامة كانت لأعواد البوص المغرورة. وكان من ضمن المتمردين الرئيسي�ي

ء يثمة حديث عن �ش ف لم يكن ي غمضة ع�ي

للحدث، و�ف ي روجت ال�ت الرياح

ي نضال ي الأوساط النباتية. وتآخت الغابات العذراء مع الحدائق البلهاء �ف

آخر �ف

ي سبيل المساواة. ك �ف مش�ت

ي المياه ها �ف ي سمك جذوعها، وجودة ثمارها، وحق

ي ماذا؟ �فولكن، المساواة �ف

النقية؟

، فكانت الفكرة أن ترفع النباتات ي الرتفاع ل غ�يل، بل المساواة ببساطة �ف

ي أن تجعل نفسها قوية رة لم تفكر مطلقا �ف كافة رؤوسها بطريقة متماثلة؛ فالذ

ي أن تهز أكوازها الكثيفة عل الرتفاع نفسه، ولم يكافح كالسنديانة، بل فقط �ف

ي أن يصل إىل تلك القمة الورد ليكون نافعا كنبات المطاط، بل رغب فقط �ف

العالية، وأن يجعل منها وسادة يهدهد عليها زهوره لتنام.

ف؟ لماذا البوص مجوجابرييال ميسترال

ترمجة: أمل العلي/ األردن

72

الرغم من مخالفتها العظمة، عل أوهام لقد رسمت باطل! باطل! باطل!

للطبيعة، صورة كاريكاتورية لأهدافها. وعبثا تكلمت بعض الزهور المتواضعة،

لهي الإ القانون عن الأنف، الفطساء الزنبق وزهرة الخائفة، البنفسج زهرة

ور الغرور، وبدت أصواتها بلهاء. و�ش

وع باسم الجمال، وأدان شاعر عجوز، له لحية كلحية إله نهر النيل، الم�ش

وقال بضعة أشياء حكيمة عن التماثل، الذي يمقته من النواحي كافة.

--2

ات غريبة وقعت، حيث هبت أرواح الأرض كيف انتهى كل ذلك؟ يروون أن تأث�ي

عل النباتات بحيويتها المريعة، وهكذا وقعت معجزة قبيحة.

كأنما الأقدام، ات ات ع�ش والشج�ي الحشائش عالم ارتفاع ازداد ليلة، ذات

طاعة لنداء عاجل من النجوم.

وجدوا ف ح�ي أكواخهم، من خرجوا عندما الفالحون، فزع ، التاىلي اليوم ي �ف

ي ارتفاع كاتدرائية، وحقول القمح تموج بالسنابل الذهبية!سيم �ف ال�ب

ي عتمة مراعيها. ا للجنون. رصخت الحيوانات من الفزع، ضائعة �ف كان الأمر مث�ي

ي يأس، حيث إن أعشاشها وصلت إىل ارتفاعات لم يسمع وزقزقت الطيور �ف

بمثلها. كما لم يعد بإمكانها أن تط�ي هابطة بحثا عن الحب: لم يكن ثمة أرض

ذهبية من الشمس، ول ح�ت بساط متواضع من العشب.

7373

تلكأ الرعاة طويال بقطعانهم بجوار المراعي المظلمة؛ رفضت أغنامهم دخول

ء بمثل تلك الكثافة، خشية أن يتم ابتالعها بالكامل. يأي �ش

ي الوقت ذاته، قهقهت أعواد البوص، مزهوة بالنتصار، وأخذت تجلد بأوراقها �ف

الثائرة القمم الزرقاء لشجر الكافور.

--3

التدهور، وقد حدث عل هذا بدأ الحال. ثم مر شهر عل هذه إنه يقال

تعرضت رؤوسها الظل، جفت عندما ي �ف تبهج ي

ال�ت البنفسج، أزهار النحو:

القرمزية لضوء الشمس الساطع.

“هذا ل يهم”، سارعت أعواد البوص إىل القول: “أزهار البنفسج ل تساوي شيئا

عل الإطالق”.

ي بلد الأرواح، لبسوا عليها ثوب الحداد(.)لكن �ف

ت مقطوعة ا، انفلقت، وتبع�ش ف م�ت ي وصلت بارتفاعها إىل ثالث�يأزهار الزنبق، ال�ت

ي كل جهة رؤوس بيضاء كالرخام مثل رؤوس الملكات. جادلت أعواد البوص �ف

ي الغابة، وهن كما فعلت من قبل. )لكن إلهات الحسن أخذن يجرين هائجات �ف

يعلن(.

ي اكتسحتها الرياح ي ذلك الرتفاع، كل زهراتها ال�ت

فقدت أشجار الليمون، وهي �ف

العنيفة. وداعا أيها المحصول!

“هذا ل يهم”، أكدت أعواد البوص مجددا: “كانت ثمارها أك�ش مرارة مما ينبغي”.

ي النار.سيم، وكانت سيقانه تتلوى مثل خيوط �ف يبس ال�ب

بكل الأرض بل سقطت عل لنضجها، ذلك يكن ولم الذرة، أعواد وتدلت

ارتفاعها العظيم، مثل القضبان الخاملة.

أك�ب ة لتقوية سيقانها، درنات ضعيفة؛ وكانت هذه الأخ�ي البطاطا، وأثمرت

قليال من بذور التفاح.

ا أصبحت جادة. عندئذ لم تعد أعواد البوص تضحك؛ أخ�ي

ات لم يكن باستطاعتها ات والأعشاب؛ الح�ش لم يعد يتم تلقيح زهرات الشج�ي

أن تصل إليها دون أن ترتفع درجة حرارة أجنحتها.

ف ول فاكهة ول علف نسان لم يعد لديه ل خ�ب الإ إن عالوة عل هذا، قيل

74

ي البالد.لماشيته؛ وكان الجوع والحزن سائدين �ف

ي مثل تلك الأحوال، بقيت الأشجار الطويلة وحدها سليمة، وارتفعت جذوعها �ف

غراء. بقوة كما كانت دائما لأنها لم تستسلم لالإ

كانت أعواد البوص آخر ما سقط، وكان ذلك شاهدا عل الكارثة النهائية لنظرية

نت نتيجة الرطوبة الزائدة، ي نادت بها؛ فالجذور تعفمستوى ارتفاع الشجرة ال�ت

وح�ت شبكة أوراق الشجر لم يكن باستطاعتها أن تحول دون جفافها.

حينئذ أصبح واضحا أن أعواد البوص، بالمقارنة مع جسمها المصمت من قبل،

صارت مجوفة. كانت تمتد فراسخ إىل أعل وهي جائعة، لكنها، ولأن داخلها كان

فارغا، كانت تدعو إىل الضحك، مثل عرائس أو دمى من المطاط.

أعواد فلسفة عن يدافع أن أحد بمقدرة يكن لم كهذا، دليل مواجهة ي و�ف

. ف البوص؛ ولم يقل أحد عنها شيئا عل مدى آلف من السن�ي

أن رة مقد أشهر، ستة غضون ي �ف التلف دائما، السخية الطبيعة، أصلحت

ية كافة سوف تنمو من جديد بالطريقة المعتادة. النباتات ال�ب

وتغ�ف غياب بعد طول النيل، نهر إله كلحية لحية له الذي الشاعر، ظهر

البنفسج بفضل الأعزاء. جميل أيها الجديد: “هكذا أفضل، بالعهد مبتهجا

ضآلة حجمه، وشجرة الليمون بفضل هيئتها اللطيفة. جميلة الأشياء كافة كما

خلقها الرب: السنديانة المهيبة والشع�ي الهش”.

أخرجت الأرض الثمر من جديد؛ وسمنت القطعان، وتغذى الناس، لكن أعواد

البوص، زعيمة التمرد، حملت عل مر الزمان وصمة عارها: مجوفة، مجوفة...

http://www.espanholtotal.com/mistral9.html :المصدر

ة ف متم�ي تشيلية ماريا، شاعرة للوثيا دي اسم مستعار ال: هو جابرييال مس�ت

ي �ف ، بتشيلي بيكوينا ي

�ف ولدت المرأة. ي حقوق ودبلوماسية وتربوية وناشطة �ف

ي 1957. ي العا�ش من كانون الثا�ف

ي نيويورك �فالسابع من نيسان 1889، وتوفيت �ف

كا الالتينية. تعد ي الأدب التشيلي وأدب أم�يواحدة من الشخصيات الرئيسة �ف

كية ح�ت هذه اللحظة الحائزة و أم�ي ب�ي كية والوحيدة الإ أول امرأة لتينية أم�ي

ي الأدب عام 1945 عن أعمالها الشعرية.عل جائزة نوبل �ف

75

ة من كل ق بكميات كب�ي استيقظت يوم الخميس عل صمت غريب يتدفف عجالته.. وثلث ي ب�ي

ي بأمواجه، وثلث آخر يدهس�في ليغرق�ف

ب م�ف مكان.. ثلثه يق�ت

ل.. ابتعدت عنه إىل النافذة ي طبقه المفضي باستمتاع، وكأن�ف

ي ويبلع�فثالث يأكل�ف

وفتحت الستارة عل الشارع، لأجده فارغا من المارة والعربات.. هناك فقط

طابور من النمل الأبيض يتشاجر مع طابور آخر من النمل الأسود للحصول

ف الأسمر فوق حافة النافذة.. عل ذرات الخ�ب

الساعة هي الثامنة صباحا والمفروض أن تمر خطوط نقل الطالب والطالبات

ي �ف غادية رائحة النفايات ي سيارة

تأ�ت ذلك وبعد والموظفات، ف الموظف�ي ثم

التويوتا اختفت سيارات أمامي... له وجود يعد لم كله ذلك ولكن الشارع..

والمرسيدس والبيجو.. وانمحت الدراجات الهوائية والبخارية وكرة القدم، ول

ي كانت تتنقل من شجرة ف البيوت سوى العصاف�ي والطيور ال�ت أحد يتحرك ب�ي

ة.. ومعها أعداد أخرى من النمل الأسود والأبيض، والذي لأخرى بأعداد غف�ي

ف الأسمر، والأبيض أيضا، فوق حافة النافذة.. كان يتشاجر عل ذرات الخ�ب

سائق النقل السحري

قصة: ميسلون هادي/ العراق

76

يا ي جيدا ي أن غدا هو الجمعة، ولكن اسمعي�ف

اليوم هو الخميس مما يع�ف

ي البيت؟ نعم، ي الحياة، فهل أنت موجودة �ف

ء بالنسبة ىلي �ف يهبة.. أنت كل �ش

ي هذه الدنيا أيضا.. “إذن خمس دقائق وأكون عندك يا ي البيت و�ف

أنا موجودة �ف

.” يحبيب�ت

اع بيته عل شكل �ش واجهة م والزوارق.. وصم الماء يحب وسيما رجال كان

مفتوح.. خرج منه ساحبا حقيبته السوداء وحامال بيده قبعة الطيارين الكحلية

وقال: الأنيقة. نادى علي

. ي مالبسك وانزىلي انزىلي ب�عة.. غ�ي -

ي بعد.ب قهو�ت ولكن إىل أين سنذهب؟ أنا لم أ�ش -

ه.. ف سنهرب من هنا.. جاءت أم الوحش خلف ابنها الذي يت�ف -

ولكن موعدها ليس اليوم، وإنما يوم غد. -

أقول لك جاءت أم الوحش تبحث عن ابنها، وقد تأكلنا. -

قلت لك إن موعد نزهة ابنها ليس اليوم وإنما يوم غد. -

ي �ف يدور البيوت.. والصمت ي

�ف أختبؤوا الب�ش قد ترين أل إلهي.. يا -

دوائر.

77

ي أن أخرج من البيت.إذن لماذا تريد�ف -

ي عل مهل بسبب لدي معلومات مؤكدة إنها ما زالت بعيدة.. وتمسش -

ي الحصول ي إنها ستتأخر �ف

الظروف المناخية القاسية... واليوم عطلة؛ مما يع�ف

عل فريسة سهلة للتهامها بعد خنقها.

لماذا اليوم عطلة.. إنه الخميس.. وغدا هو العطلة. -

الخميس كان يوم أمس. -

أتقصد أن اليوم هو الجمعة؟ -

نعم. -

أنا نمت يوم الأربعاء، أفليس المفروض أن أستيقظ الخميس، فكيف -

تقول إن اليوم هو الجمعة؟

هل نمت يوم الأربعاء حقا..؟ -

نعم، نمت يوم الأربعاء. -

؟ ف ف متواصلت�ي وهل من عادتك أن تنامي ليلت�ي -

أنا جوعانة جدا، .. يعليها داخل معد�ت ت الهواء.. ثم ع�ش ي

�ف ت تبع�ش أفكاري

.. وعندما استيقظت كان موعد قدوم ف ف متواصلت�ي ي فعال قد نمت ليلت�يفإما أ�ف

، فلم أعد أعرف يوم الوحش وأمه قد حل.. أو إن الأيام قد تشابهت علي

الأربعاء من يوم الخميس..

قلت له:

ي إذن لماذا خرجت من البيت؟ أل تعرف أنه يجب عليك أن تبقى �ف -

البيت إىل أن يمر الوحش الصغ�ي مع أمه أو أبيه؟

أقول لك إننا يجب أن نهرب قبل أن يصل الوحش. التلفزيون يعيد -

ي الآن الحلقة السابقة من يومياته عل قناة الساعة، بانتظار أن تصل الأم وتأ�ت

رون له حلقة جديدة وهو يأكل طعامه قرب مكب النفايات. له بالفريسة، فيصو

- هذا كله سيحدث يوم غد الجمعة. ما بك؟

وليس الجمعة هو اليوم إن لك قلت هبة؟ يا أنت بك ما أوف -

ي ي ليلة الأربعاء أم �ف

الخميس.. فتأكدي م�ت وضعت رأسك عل المخدة، أ�ف

ليلة أمس الخميس؟

78

ي بيوتنا، ونكتفي ي ما تقول، أليس من المفروض أن نبقى �ف

لو صدقتك �ف -

ي التلفزيون ح�ت يأكل ثم يعود إىل جدار المدينة... هكذا بالتفرج عل الوحش �ف

هي التعليمات.

ل.. ل.. لن ننتظر هذا الكائن الحق�ي ح�ت يأكل ويشبع.. أنا وأنت سنهرب -

هذه المرة.

ي كل مدينة؟ولكن أين نهرب وهو موجود �ف -

مللت من ي مدينة أخرى.. فقد ي مدينة عندما يكون هو �ف

سأكون �ف -

فهة.. ثم انتظاره مرة أخرى ح�ت تمر أمه للبحث له انتظار الوحش ح�ت يمر لل�ف

.. ل مقلي ول مشوي. أ عن طعام مالح ون�ي

ي أفكر.الخروج سيكون خطرا علينا.. دع�ف -

. سنهرب �يعا قبل وصول الوحش أو أمه. . ل وقت للتفك�ي انزىلي -

ي لم أنزل، وهو ل يريد الصعود... برم الصمت كله تحت ت مالبسي ولك�ف غ�ي

أ واحد هو صوته الذي يلعلع ي داخلها �شف رقيقة �ف يحة خ�ب شفته العليا مثل �ش

تحت النافذة.

هيا. -

ولكن إىل أين سنذهب؟ -

ويجب أن أرد. ول.. الرجل يرن علي ف استعجلي بال�ف -

أي رجل؟ -

الرجل الذي يشتغل بالمطار. -

. سأنزل. يطيب.. ما�ش -

الله يخليك؟ ف فقط. ل تطول علي ألو.. اسمع.. الطائرة لثن�ي -

دة عل الطريق الصامتة .. وكانت الطيارة بانتظاري.. ممد ينزلت بأقىص �ع�ت

ي الوقت المناسب.. .. وأقلعنا �ف ومصنوعة من مئات الشظايا.. صعد الطيار قبلي

ة وأفخاذ كب�ي مئة عام وله بطن أمه.. عمره الوحش وبعده أي قبل وصول

ة عجوز.. ول يمكن النقضاض عليه ة.. ووجهه المجعد يشبه ثمرة كم�ش قص�ي

بسهولة، لأنه يمالأ جميع الفراغات ويحيط نفسه بدوائر أمواج قاتلة، ل يمكن

79

اقها للوصول إليه أو التخلص منه.. اخ�ت

ء يارتفعت بنا الطائرة من الشارع إىل السماء.. معقولة.. نعم معقولة.. فكل �ش

ة، ولم نصب بمكروه لأن ان من البيت مبا�ش وأصبح بإمكاننا الط�ي قد تغ�ي

الوحش كان موعده يوم غد الجمعة وليس اليوم الخميس.. أسفي عل أن

ي اسمه ي حب أفالم قديمة جدا لممثل من القرن الما�ف

جاري الطيار مستمر �ف

اليوم هو إن ي أحبه جدا.. أقول له . ومع ذلك ل أهتم لأ�ف ف إسماعيل ياس�ي

الخميس فيقول ىلي انه الجمعة.. يبدو أن الأيام قد تشابهت عليه، فلم يعد

يعرف يوم الأربعاء من يوم الخميس، أو أنه قد جن بسبب الوحش الذي يمر

ف يوم وآخر. مرة مع أمه ذات اللسان الطويل.. ومرة مع أبيه ذي الأدمة بنا ب�ي

المعدة وما فوقها وتحتها أن إىل درجة كان جلده شفافا كالغشاء. الخفيفة

. مكشوف للعيان. ونستطيع أن نرى من خاللها بقايا الب�ش

80

استفاق للحظة وكأنما استفاق ليتلقى اللكمة القادمة فقط ويعود للظلمة، ما بصدره، و�عان ويلتصق السفل شفته من يتدىل لزج دم خيط وأخذ

ي ر �ف تقزز من رائحته.. ل حاجة ملحة ليصغي إىل السؤال؛ لأنه ذاته، وراح يتكر

ر بحبة رأسه عددا ل محدودا من المرات، الأمر الذي دفعه لي�ح قليال ويفك

ي يا ذلك المساء، وهي تسهب �ف ي الكافت�ي

ي لمعت عل خد منال �فالعرق تلك ال�ت

جوازية العفنة، وتدعم موقفها بجملتها المعتادة: “لن أرتبط الحديث عن ال�ب

ر. إل بكادح”. وهي دعوة مبطنة له ليقدم عل ذلك. “ما أغباها”، فك

ه للنوافذ والباب، ي استفحلت بعد سدهنالك عتمتان الآن: العتمة الخارجية ال�ت

ي ي نشبت بفعل اللكمات المدروسة وال�ت

وإطفاء النور، والعتمة الداخلية ال�ت

ي تلك اللحظة أنه يسبح وسط بحر أليف ويطفو ل تخطئ الهدف.. وبدا له �ف

ي جسده من أخمص من حوله أثاث البيت، وتيار من خدر لذيذ راح ي�ي �ف

ر: ي مؤخرة الرأس، ثم يتحول هناك إىل نبض حميم، قرف ويرتطم �ف القدم�ي

“عندما أصحو، سأذهب إىل المسبح فورا”.

الكابوس

قصة: عامر الشقريي/ األردن

81

كان واللكمات. الأسئلة ة وت�ي قطع تمخط طويل أعقبهما متتاليتان سعلتان

ر ي أعماقه أن هذا ليس أك�ش من مجرد حلم سيستفيق منه ل بد. وتذكيدرك �ف

ي الذي يجثو عل صدر النائم حكايات أمه عن “أبو اللبيد”؛ ذلك الكائن الخرا�ف

ظ المتورط ببضع كلمات غامضة مبتورة، فحزح، فيتلف لحظة الكابوس، ول ي�ت

ي محاولة بائسة ي كابوسه �ف

توحي بنداء خافت ل يسمعه أحد، وقد يتململ �ف

ي أن ارتياحه قه كالنصل الحاد �ف ر، لكن دون جدوى.. ورافقه شعور اخ�ت للتحر

تب عليه تكاسل يطيل دراكه التام لما هو فيه قد ي�ت الذي انبعث للحظة لإ

له لمسألة ل نهائية.. تولد عن هذا الشعور رهبة جعلته أمد الكابوس، أو يحو

عرقا من كل جسمه، إذ راحت خاليا الجلد جميعها تذرف العرق بسخاء. ف ي�ف

82

وسيطرت عليه فكرة الموت.. ربما هو ميت الآن ويتعرض لتحقيق قد يمتد

ف تماما له.. ف بالتحقيق متفرغ�ي

ف المعني�ي لمئات السنوات، خصوصا وأن الملك�ي

تسديد عل التدرب ي �ف ة الأخ�ي السنة أمضيا شيطانان إنهما ، ف

ملك�ي ليسا

ف؟”، جذبه أحدهما من عنقه وسأل: د: “هل تع�ت اللكمات وطرح سؤال محد

جع ف حال”. أراد أن يس�ت ف، قولوا ىلي وسأع�ت : “بماذا أع�ت ف؟”، رد “هل تع�ت

عالجه الآخر لكن حياته، ي �ف ة الأخ�ي السنوات فه خالل اق�ت ما فائقة ب�عة

ي الظلمة مرة أخرى. بلكمة قد تكون الأقوى منذ بداية هذه المهزلة. غاب �ف

دها له.. أ للسؤال واللكمة من جديد، لكن أحدا لم يسد استفاق بعدها. تهي

ي اعتاد وضعها س جسده وأماط الغطاء، وراح يزحف ناحية كأس الماء ال�ت تحس

عل الطاولة قبل النوم. لقد كان كابوسا. أراد أن ي�خ ويضحك بصوت عال

لكتشافه المذهل: “كنت عل صواب.. لقد اكتشفت الأمر منذ البداية”.

لق ناحية المعدة، ف ي جوفه، وت�فع كأس الماء، وأحس بكل قطرة منها تندفع �ف تجر

به طيلة الكابوس. وتحرر حلقه من الجفاف الذي رصف

هن لنفسه مدى سذاجته، ي العتمة كي ي�بتوقف وأدى بعض الحركات الرياضية �ف

ه التعب الطفيف الذي تالها أعادت له تلك التمرينات شيئا من توازنه، وأعد

لنوم عميق سيبدأه للتو.

ف؟!”، هب وثب إىل فراشه وسحب الغطاء، فباغته السؤال: “والآن هل ستع�ت

واقفا.. “من أنتم بحق الله؟”، فأتاه الجواب عل شكل لكمة أطاحت به عل

الفراش من جديد!

83

العسكرية المدارس ي �ف ت تم ي الغر�ب بالمفهوم للرسم الأوىل الئعمال

العثمانية، والطالب الذين امتلكوا موهبة الرسم أصبحوا رواد الفن التصويري ي الجيش، وصنفوا

، إضافة إىل مواقعهم �ف ف ، وواصلوا أنشطتهم كرسام�ي كيال�ت

. كيي تاريخ الفن ال�ت

تحت مسمى “جندي- رسام”، وكانت لهم مكانة مهمة جدا �ف، فمن المستبعد أن نرى كي

ي الفن ال�تهذه حالة فريدة من نوعها ل توجد إل �ف

ي اليد الأخرى! ي يد وفرشاة تلوين �ف

ي أي مكان آخر من العالم من يحمل سالحا �ف�ف

ي تشكيل الفن التصويري كي وساهموا �ف

وضع هؤلء اللبنة الأوىل للرسم ال�تين. واتحدوا تحت ، وح�ت أواسط القرن الع�ش كي من القرن التاسع ع�ش

ال�تك برسم المناظر الطبيعية، وجعلوا من مساجد وقصور وحدائق حس مش�ت ي

وشوارع إستانبول ومشاهد البوسفور أساسا لرسوماتهم بأسلوب واقعي و�فللطبيعة.

فكان والتاسع، الثامن ف القرن�ي من تركي تشكيلي فن من إلينا وصل ما أما ي آسيا

ي خلفتها آثار الأويغور الأتراك �في الجداريات والمنمنمات ال�ت

دا �ف مجسالوسطى. تأثرت هذه الرسومات بالمعتقدات البوذية والمانوية، ومثلت صورا

الفن التشكيلي التركيالحديث والمعاصر

صفوان الشليب/ األردن

84

ف والأرستقراطي�ي للكهنة انتقل . ف والتن�ي والخيل الخاص الأسلوب ذلك المتتابعة اكيب وال�تالسالجقة أعمال إىل وحمل إسالمهم، بعد الزاهية مات والألوان السلوحات وتعت�ب نفسها. ي

ال�ت كالم سياه محمد من لفائف عل رسمت ودراويش لكهنة الورق وجنيات ومغول ترك رسمت وعمالقة، خيالية معتادة غ�ي بطريقة ي

تختلف عن جماليات المنمنمات، وإن استندت إىل نهج واقعي لفن السهوب �في عهد السلطان

ي �ف ت تلك الرسومات إىل ق� توبكا�ب آسيا الوسطى، وقد أح�فمحمد الفاتح.

ي الأناضول رغم العدد القليل من الكتب كي �ف

شوهد تطور للفن التشكيلي ال�تالجديدة كية ال�ت للحياة الآن، واتخذت موضوعات مختلفة بقيت ح�ت ي

ال�تي الأناضول؛ كحياة الخيام ومراسم الدفن ومعلومات فلكية وأساليب سحر

�في

بالمعا�ف الحتفاظ مع ومالئكة، وهمية وطيور غريبة لمخلوقات وتصوير ، باعتباره ف ي فنون آسيا الوسطى، كالن� الذي أصبح شعارا للسالط�ي

الرمزية �في آسيا الوسطى. كما يمكننا أن نرى

كية �ف ي المعتقدات ال�تطوطما ورمزا للسلطة �ف

ي أضافها الأتراك المعتقدات المتعاقبة وأساليب الحياة والمذاهب الدينية ال�ت

ي تشكل مصادر ي آسيا الوسطى وال�ت

إىل ثقافتهم لقرون من الزمن عاشوها �في تشكيل فنونهم. هذه الخلفية تالحظ بوضوح بعد اعتناقهم الإسالم،

مهمة �فه نحو التنميق والزخرفة الهندسية ل مفر فأصبح الفن التمثيلي محدودا، والتوج ، منه، واستخدمت المنمنمات لتجميل المخطوطات، وكان لها الجانب التمثيليي من الرسم. لهذا السبب، فمفهوم

وظلت الرمزية تسود عل هذا الشكل الف�في والمعارص. كي يميل نحو تأث�ي الفن الغر�ب

الفن التصويري ال�تي نهاية القرن

التطور الأك�ش أهمية تجاه فن الرسم كان تأسيس مدرسة للفن �فعام استانبول ي

�ف الخاصة الفنون أكاديمية افتتحت أن بعد ، ع�ش التاسع

84

85

باكورة أعمالهم عل الجمهور عام 1876. مع ذلك، 1874، وعرض طالبها ي تركيا كانت مدرسة

فإن أول مؤسسة رسمية لتعليم فنون الرسم المعارص �فالفنون الجميلة عام 1883، وترأسها الرسام وخب�ي المتاحف “عثمان حمدي”،

ثم عرفت لحقا بأكاديمية الفنون الجميلة، ثم جامعة المعماري سنان حاليا.الفن بشؤون تع�ف مستقلة هيئات ظهرت ين الع�ش القرن بدايات مع ف عام 1908، ثم اتحاد رسامي ف العثماني�ي ست جمعية الرسام�ي ، وأس ف والفنان�يكي عام 1929. هذا النوع من

تركيا عام 1921، ثم اتحاد الفنون الجميلة ال�تي تبادل

ف وتوف�ي الفرص للمشاركة �ف ف الفنان�ي الهيئات أعطى الفرصة للتضامن ب�يالأفكار والتجاهات. كما أقيمت ورشات عمل، وأقيمت معارض سنوية ودائمة الذي ما زال قائما ح�ت يومنا هذا. كما تشكلت أهمها معرض “غالتا �اي” ورة بالرأي حول رصف الخارج. تشاركوا من ف عادوا فنان�ي فرق وجماعات تضم كة، وتطوير ، وإقامة المعارض المش�ت تكاتف الجهود لرفع سوية الفن التشكيليغلب للعامة. الحقيقي الفن ماهية وإظهار الخاصة، الشخصية أساليبهم عليهم التأثر بالمدرسة التكعيبية، واهتموا بكتابة المقالت لنقل فن الرسم

. ي الحديث، وخصوصا التكعي�بف الجدد” فريقا يسعى لخلق لوحات خاصة بهم من شكلت “مجموعة القادم�يف الثالث�ي )تجاوز عددهم ة” الع�ش “فريق والفكرة؛ والشكل المضمون حيث الذي أوغلو، أيوب برعاية بدري رحمي ف شباب خالل عام واحد( فنان�ي من ، وشجع الآخرين عل رسم لوحات ي ي والغر�ب

�ت ف الفن ال�ش حاول خلق توليفة ب�يعل أساس من الفنون التقليدية كالمنمنمات والسجاد والخط، لتكون مصدر كي الجديد والحقيقي، وخلق فن يرتقي إىل

ف الشباب نحو الفن ال�ت إلهام للفنان�يالعالمية من خالل إنتاج أعمال حقيقية بمصادر تقليدية عل مستوى الثقافة

ي الغرب.المعارصة �ف

وتخرج الفنون، مجال ي �ف التشجيع ة وت�ي ارتفعت الجمهورية، إعالن بعد

ف أكدك، رفيق إبكمان، ي أكاديميات الفنون الجميلة مثل �شفوج من الرواد �ف

ؤوا مواقع مهمة ، زكي كوجاممي، تورغوت زايم، وتبو ي محمود جودا، علي شل�ب . ي

ي مدارس الفن التشكيلي للجيل الثا�ف�ف

الفنية التجاهات من واسعة مجموعة رؤية يمكن 1950 عام من اعتبارا والحركات والأفكار، وقدم الفنانون المتأثرون بهذه المدارس المختلفة أعمال اث مختلفة، لكن ل أحد تفوق عل الآخر، إذ برز مالك أكسل باعتماده ال�تي أساسا للوحاته. وأسس تورغوت زايم أسلوبه الخاص المستوحى من الشع�بالمناظر الطبيعية. وقدم بدري أيوب أوغلو أعمال مستوحاة من الحرف اليدوية.

85

86

ي مجال الفن التجريدي. واستوحى إبراهيم بالبان لوحاته من ي بركل �ف وبرز ص�ب

ي فرنسا، فقد أثبت أعمال الشاعر ناظم حكمت. أما فكرت معال الذي عمل �ف

ي الساحة الدولية. وعرف نشأت غونال بواقعية التصوير المستوحى من نفسه �ف

أناس المناطق الريفية. واتجه عدنان تشوكر نحو الفن التجريدي، وتأثر صالح أجار بالطبيعة بشكل واسع. كما ظهر فنانون جدد آخرون لمعت أسماؤهم ووصلوا إىل العالمية مثل بدري بايكام؛ لنضوج فنه المبكر، وعرضت أعماله

ي العديد من المدن العالمية.ي السادسة من عمره �ف

وهو �في

نة �ف كي المعارص، نراه يشبه بلده الملوبنظرة �يعة إىل الفن التشكيلي ال�ت

قية، متجاوزا كل الكالسيكيات القديمة طريقة عيشها بألوان أوروبية وأخرى �شي معارص ل يمكنه القفز فوق التفاصيل

ي المدارس الفنية، يرنو إىل منهج حدا�ش�ف

كية، عل العكس فقد قرر ي الشوارع والبيوت ال�تة هنا وهناك �ف البسيطة المبع�ش

ف الأتراك أن يجدوا إجابات عما يبحثون عنه انطالقا ف التشكيلي�ي بعض الفنان�يالتفاصيل، فيقول فرات نزير ي تلك

المعارص �ف الفن من أسئلة حول ماهية ء كالليف والقش والحبال وح�ت ورق الجرائد ي

أوغلو: “يمكن أن نحول أي �ش ، ف ي كانت أيام العثماني�ي

ف اختار أسلوب الحياكة القديمة ال�ت ”. وح�ي يإىل عمل ف�ف

ي الحديث، ليؤكد بهذا ارتباط النسج بالرسم، ح�ت أبرز من خاللها إبداعه الف�ف

ف القطعة الفنية وما هو ما تجليات العالقة الأزلية ب�ي ي الزمن المعارص، مقد�ف

م فنا من نوع جديد ل يعلو عل الواقع، إنما سائد من ثقافة معيشية، ليقديستوحي مواده وأفكاره منه.

ي عملها “المكسور” بجمعها ك� فخارية ملونة واستطاعت بورتشاك بينغول �ف

ولصقها ضمن لوحة واحدة، إنتاج عمل طبيعي ينهض من وسط ما هو سائد ي متناول الأيدي، وربما يجدها غ�ي صالحة

ومألوف ويستخدم أدواته من مواد �ف

86

87

ه من ي اختالف نظرة الفنان إىل الأشياء عن غ�يلالستعمال. وهنا يكمن ال� �ف

. ف الناس العادي�يره صورا ضوئية من رموزه، اث الإسالمي لبلده ويصو ي ال�ت

ويبحث أحمد إلهان �فلتكون زوايا، عدة من ذاته الموضوع تصوير من نه لتمك عالميا فنانا وبات ي لوحته

ف المتلقي، كما �ف عة تكتشفها ع�ي النتيجة طريقة متكاملة وغ�ي متوقي تتوسطها كلمة )الله(، ثمة طريقة مختلفة لوضع أجزاء

“الجامع القديم” ال�تي الحقيقة تمتلك أك�ش من مجال للنظر،

الصورة لتشكل لقطة واحدة هي �ف . وأك�ش من تفس�ي

ي النفس من شعور بالراحة إسماعيل أجار يستخدم اللون الأزرق، بما يبعثه �ف

من خالل تشكيالت مصنوعة من الخزف تمثل ذروة الفن الإسالمي والتعب�ي عن يمان. أوزلم شيمشك تمثل شخصية المرأة بمنحوتاتها وشخصياتها الحكمة والإي تركيبة المجتمع

الحاصل �ف التغ�ي الأنثوية وأزيائها ومسألة العري، لتطرح . كي

ال�تية بتناقضاتها، بقسوتها ف حياة توبدم�ي يحمل فنها مظاهر الطبيعة الب�ش غول�يف القوة والجمال، والرعب واللطف وطيبتها، بفرحها وحزنها، إىل جانب المزج ب�يه نحو فن النحت، ونال جوائز ة. أما برهان ألكار فقد توج ومشاعر أخرى كث�يفن عل أعمالها غول ف إك�ي فورال هوليا ركزت بينما عديدة، وعالمية محلية

ي هذا المجال. الموزاييك، ونالت شهرة واسعة �ف

قية، ال�ش الغربية وروحه ببصمته كي ال�ت التشكيلي الفن الحديث عن يطول

من يالقيه وما العالمية، المعارض ي �ف الملحوظ حضوره إن القول ويكفي

ي دور المزادات العالمية، يؤكد وصوله إىل مرحلة عالية من النضج.الهتمام �ف

87

ة الأبجدية العتيقة وهي ي الأصيل، والن�ب أن يكون المرء مولعا بالخط العر�بي تليد، وهوية تصنعها الأصابع العربية بمخيلة تنعكس للناظر بهالة إرث عر�ب

الفراعنة، ونقوش النهرين، بالد مسام�ي منذ بالقدم، موغلة وذاكرة خطية

ي حفرت ي بيوت الأنباط ال�ت

ي أم الجمال، واندلقات النقوش �فوذاكرة المفرق �ف

كأنها حروف بصورة ب�ش قارعوا الصخر وراهنوا عل عطاء القالع، ومن هذا

الحروف عل أقدم قصص ف حولهما ف ضفت�ي ب�ي والنهر الصخر ذاكرة أيضا

الأرض المقدسة.

العنكبوتية، والمعلومة ، والشبكة ىليالآ الحاسب ي ع�

المنفرد �ف الولع هذا

ال�يعة، والخط الملطخ بح�ب الآلة، سيج�ب المرء عل قراءة ما ل روح فيه،

ي صندوق عة �ف والنظر إىل الحرف بصورة رقم ولوغاريتمات وخوارزميات م�ت

رؤاها واكتملت الخط جنس مع تماهت عربية ذائقة إىل به جيء حديدي

بالمحسوس والملموس منذ آماد، فلن تجد جماليات الحرف ولن تنعم بطاقته

الصوتية المتناغمة وأنت تقرأ امتداداته وتعرجاته دون أن تتذكر كف الخطاط

الفنان إبراهيم أبو طوق..صوفية قلم

علي عبيدات/ األردن

88

89

از ف ف ليخط لنا الحرف برسم اه�ت ك�ي ي قمة ال�توعرقه الذي يسح من جبينه وهو �ف

ي العروق وبصورة ذبذبات وسيالت عصبية تأمر الكف بأن يرسم ما يراه الدم �ف

ي صدره.ي أعمق مناطق الوعي والالوعي من أحر منطقة �ف

الخطاط �ف

ابراهيم أبو طوق، الفنان الذي بدأت قصته مع الخط بـ”ملقط غسيل” مكسور

ي المدرسة وتجلي موهبته أمام أساتذته الذين جعل منه ريشته أثناء دراسته �ف

الولع بالخط أيما إعجاب، عندما كانت بواك�ي دهشوا بموهبته وأعجبوا بها

امن مع خشونة صوته وامتداد قامته وبلوغ وعيه، فكأن الخط وصدى نطقه ف ت�ت

89

90

ي تكوين أبو طوق ول مندوحة من فصله عن أجزاء تلتئم لتشكل لنا يك �ف �ش

الفنان بجسده الكامل ووعيه المتوازن بمعية فنه الذي يغمره.

بة قلمه، ايقاعه ال�يع، تمرد بداياته ونهاياته، هندسة المتخيل بصورة رصف

بة قلم مدركة، هكذا بدأ وعل هذا صار أبو طوق ملموس، وقولبة الحس ب�ف

ف طياته كائن ركنا من أركان فنه، ولم يعد كائنا يعيش لفنه، بل فن يعيش ب�ي

يسمى ابراهيم أبو طوق، يستنطق الحرف الصامت، ويحيط بالصائت هالة

ي نسيم عل وجه صمت المتلذذين بينما يهدهد قلمه عل وجه الورقة كمسش

ماء.

ي حدة تجليات أبو طوق ثمة كف حديدية مكسوة بالحرير، ترسم الدعة عل �ف

ي محيط “الباء” وجه “الألف” بكامل إطالقها وأناها الصارخة، وتن�ش التشارك �ف

عن باطنها سطح، وهي الفقد المطلق ي ل ينوب عن قلقها قلق، ول يع�بال�ت

أن ولك ، والتهج�ي والعزلة

حيث “الباء” تجليات ترى

والجماليات السائبة النوق

الداكنة بأبهى ألوان العجب،

الحرف متتاليات وتستمر

الصوتية طاقاته وتأويل

وهندسته الشكلية عل امتداد

إدارة الحروف من منظور أبو

طوق الذي لم يعد غريبا عن

والمسموع المنطوق عالم

والمقروء منذ نعومة أظافره.

ف مكانة الحرف ف عاما، تاه فيها ب�ي مارس أبو طوق الكتابة وفن الخط مدة أربع�ي

ولفظه، وإيقاع الحرف ورسمه، وضياع الحرف ووجده، وانصياعات الكف فيه

افه ومواقفه آناء سيالنه عل ورقه الذي أمس مرآة حاله ونهج استبطانه واع�ت

الهندسة دبلوم دراسة محطة وكانت ، يالمعر�ف واندلقه ونزقه وانطباعاته

ي طريق ل تختلف عن السعي ي كلية وادي الس�ي خطوة سالك �ف

المعمارية �ف

90

91

مراحل السالك يجتاز بينما الصوفية، عند والإصاخة ر والتفك والمواظبة

ف ف الأردني�ي به واستجالبه لهدأته، ثم مرحلة اللقاء بأهم الخطاط�ي معرفته وتقر

ف الذين جعلوا من غلة أبو طوق غلة ل شفاء لها، وشغف ف والعراقي�ي والسوري�ي

ويعلم، ويتعلم يحاور كان بينما وولعه، اشتياقه شعلة لطفاء سبيل ل

ي ويحصل عل المخطوطات النادرة، ويزيد مخزونه الفكري، وينمي مشاربه �ف

. ي الخط العر�ب

ف عل أبو طوق أن يدخل باب “فلسفة وفقه ومأسسة اللغة” عندما ليس باله�ي

بدأ بدراسة تركيب اللوحة الفنية، والتعرف عل دللت الحروف، ونسب الحرف

، لما تتحل به المؤسسة اللغوية من سعة يمن منظور فلسفي وتأويلي وسيميا�أ

واتساع مر بها أبو طوق ونهل منها ما نهل، وكانت هذه المرحلة مرحلة مفصلية

ي شعره ، وأر� دعائم فلسفة الحروف �ف ي ي حياته، فقد قرأ صديق عمره المتن�ب

�ف

، بينما يس�ب عوالم الشعر ف ء من التغول عل سلطة النقاد الكالسيكي�ي يبسش

ي ذ لما يدور �ف بة قلم الخطاط وترجمة المتلذ وبناء المفردة بريشة الفنان ورصف

91

92

ذ. صدره أثناء التلذ

درس أبو طوق فقه اللغة، وتعرف عل أ�ار كتابة الحروف ورسم كل حرف

ي درسها وقولبها وماهية رسمه كما ل نعرفه، مستندا عل معارفه والعلوم ال�ت

ي بحر ل قاع له، فقد فتح باب عل مقاس الرؤية وتجليات العبارة، ليغرق �ف

ن من المتصوفة وشعرهم واندلقهم وشطحاتهم ورؤاهم وحدوسهم؛ ليتمك

ي سلكها الحرف ي الصدر أثناء التلقي، ولمعرفة الطريق ال�ت

تقفي أثر الحرف �ف

، فالنون مثال ليست يي مخزوننا الذه�ف

ليكون حرفا عهدناه وألفناه وصار ثابتا �ف

ة، وسقف ، وباب الح�ي كما نعرفها، فقد تجاوزت النور والمعرفة، وفم الب�أ

، فهي من منظور فلسفة ف ف أعلي�ي التساع، ورمز التغريب، والفقد والأد�ف ب�ي

، ألف نون وغ�ي نون. الخط وحدس الرسم وماهية التوظيف وفعل المقتىصف

، أهم ما أفقد أبو طوق وعيه، وأك�ش ما يمكن أن يمس أعماقه ي ولعل المتن�ب

أرهق الذي الشيخ بالده، وهو ي �ف الغريب لخطه المؤنس فهو فيه، ويؤثر

ي الذي نقد يفانا الذائقة، فالمتن�ب السالك وانتسش السالك به متلذذا واصال ل�ف

ي ات المرات، وضجت المكتبة العربية بالدراسات والبحوث ال�ت وهو حي ع�ش

، لن ي ي كث�ي منها عن مقاصد المتن�ب وانحرفت �ف ي

ففت طاقة الشاعر الكو�ف است�ف

ي مرة أخرى، ح�ت إن بعض النقاد قالوا عن تسمح لأي أحد أن يلج باب المتن�ب

ي “مات بحثيا”، لكن أبو طوق تحدى النقاد و-المنتقدين- جملة وتفصيال، المتن�ب

وجاء بنقد مكلل بالذائقة والنطباع، ل يستند إل عل معارف أبو طوق وذائقة

الفن، الرسم، وعذوبة واتساع اللغة، وفقه الحرف، فلسفة ي �ف يجدون من

ي من منظور طاقة الحرف، وسيمياء المفردة، ح ديوان المتن�ب ضالتهم. وبدأ ب�ش

وبداية وانتهاء الحرف، بنهج ل يكون تفكيكيا دون أن يقوم عل البناء، وليس

مه الوعي، وليس صوفيا دون حقيقة رصفة تب�ف عليها سورياليا دون أن يتقد

ي خزائن النفس.ي وهم من ل يعي نصيب الحرف �ف

ات الحقائق السابحة �ف ع�ش

الفعل ي وجه النقدية، وتراه يزمجر �ف العملية أركان كل أبو طوق عل يتمرد

، وانصاع لما يمليه فن أبو طوق عليه، لتجد النقدي الذي استأسد عل ك�ش

النقد الأكاديمي عاجزا عن رفض ما يجود به أبو طوق، وعاجزا عن قبوله أتم

بداع الذي قام به أبو طوق القبول للسبب ذاته، ولعل إعادة تشكيل ملكات الإ

92

93

ذة بداع ثالث، ملكة منتجة وملكة متلذ ي أن ملكات الإى الجرجا�ف هو السبب، ف�ي

ة ناقدة، ليعيد أبو طوق تشكيل هذه الملكات مشاركا المنتج إنتاجه من وأخ�ي

العصور، مر ف عل المبدع�ي بها ذوات تتقاطع ي ال�ت بداعية الإ اكة ال�ش وحي

ي ومخالطته لفقه اللغة وأ�ار ذا؛ ساهمت إعادة تكوير كالم المتن�ب وتراه متلذ

نشوة فرقدان لمست عالية بمرتبة ذ التلذ يكون أن ي �ف الأبجدية المؤسسة

ف أروقة الرمز النافع، والآخر العقيم، التلقي، وتراه ناقدا بكامل تأويله وبحثه ب�ي

ي أركان الكلمة الواحدة، وكيف تشارك الحرف مع جاره ليكونا سلطة رمزية �ف

ي تصنع لنا رأيا جديدا قام سقاطات ال�ت ى تستند عل اليحاء والسيمياء والإ ك�ب

عل رؤية طازجة.

القصور هيبة بكامل الشعري البيت أجزاء وتجتمع الكلم، أوصال تلتئم

ي إىل أبواب ى إبراهيم أبو طوق يفتح باب الباب الرئيس الذي يفىصف الفلسفية، ل�ف

فيها الجلي وتألق عل متنها الباهت، لتسيل متسعة الأكناف، وكوامن س�ت

الرؤى الصلبة، وتنداح المصطلحات النقدية أمام المتلقي سائغة مقبولة،

القارئ ع تشج

القراءة، عل

بعودة وتساهم

خلف التائيهن

المكتبات أبواب

ففي العودة، إىل

طوق أبو فن

تلمس أن بوسعك

رفرف جوزاء القيم

ي ال�ت الروحية

يبحث عنها كل من

زمن ي �ف الآلة أرقته

وال�عة الخراب

وموت القلوب.

93

94

ي أسلوب طرح تتجىل أهمية أعمال الفنانة العالمية الفلسطينية إملي جا� �ف

الموضوعات ومناقشتها، وهو الأمر الذي دفع متاحف عديدة حول العالم

ي أك�ب المعارض الدولية وأشهرها. لالهتمام بعرض أعمالها، ودعوتها للمشاركة �ف

، يالفوتوغرا�ف والتصوير الفيديو، من الحديثة الفن تقنيات الفنانة وتستثمر

نشاء، والكتابة، والصوت، بهدف أرشفة تاريخ المقاومة الفلسطينية، والأداء، والإ

ي سلبت منه عنوة.وتأكيد حق الشعب عل أرضه ال�ت

تنطوي أعمال جا� عل دعوة للزوار والمشاهدين لولوج عالم غريب أشبه

التفاصيل وتتناثر الأحداث، فيها تحتشد جماعية( )فردية/ إنسانية بذاكرة

بته الحروب ى عن واقع موسوم بالألم الذي سب ب، لتشكل صورة ك�ب وتتشع

القرن مطلع منذ الأوسط ق ال�ش منطقة تشهدها ي ال�ت الدموية والأحداث

. يالما�ف

ي ي أعمالها ثمة إدانة واضحة للغرب الذي وقفت حكوماته مع الكيان الصهيو�ف

و�ف

أبنائه وارتكاب بتهج�ي شعبها وقتل له ف وسمحت ي فلسط�يأقدامه �ف وثبتت

إملي جاسر في أعمالها التركيبيةمعاينة الذاكرة اإلنسانية وقد أنهكتها الحروب

جعفر العقيلي/ األردن

95

عي الديمقراطية ي تدأبشع المجازر فيهم، كاشفة زيف الأنظمة الغربية ال�ت

وحب السالم فيما هي أبعد ما تكون عن ذلك.

ومن ذلك عملها “عيد الميالد”، وهو عبارة عن مداخلة فنية تقول الفنانة عنها:

ي خطوة أردت بها استعادة صورة بيت لحم من النطباع التجاري، قمت “�ف

بتصميم بطاقات أعياد ميالد وطباعتها، وذهبت إىل متاجر مدينة نيويورك

ي إىل مجموعة البطاقات المعروضة ي تبيع بطاقات الأعياد، وأضفت بطاقا�ت

ال�ت

ي عيد �ت للبيع، بطريقة تشبه طريقة عرضها”، وذلك بهدف “رفع وعي متسو

ي القدس ي بيت لحم و�ف

، ليكتشفوا ما الذي يحصل فعال �ف الميالد السيا�ي

والنارصة”.

بإنشاء أعمال فنية تشكل ردة فعل نفسية مؤثرة وصادمة ول تكتفي جا�

ي يائية، كما �ف ف ة فعل جسدية ف�ي حسب، وإنما تنجز أعمال بهدف إحداث رد

يط عريض فرشت عليه عملها “من عمان إىل بيت لحم”، وهو عبارة عن �ش

حبات العلكة الممضوغة لتشكل بتقاربها معا سجادة زهرية اللون.. تبدو هذه

ي السجادة مبهجة من النظرة الأوىل، طفولية وبسيطة، غ�ي أن التدقيق فيها و�ف

ي ما بعد، يث�ي لدى المشاهد حالة من النفور والتقزز، وهنا تكمن محتواها �ف

ي عمان فكرة العمل الذي يخلد ذكريات الطفولة عندما كانت الفنانة تعيش �ف

ب عليها عبور الج� لدخول المدينة المحتلة، وتزور بيت لحم، حيث يتوج

من معها يجدونه ما ورمي بتفتيشها يقومون ي الصهيو�ف الكيان جنود وكان

لها بعمان ف ي م�فك العلكة �ف حبات العلك “الممنوعة من الدخول”، لذا صارت ت�ت

ة، ريثما تعود من زيارتها لبيت لحم! وتخبئها كأنها أشياء خط�ي

القدرة عل توليد الدللت هي مكمن براعة أعمال جا� من الجانب المفاهيمي

ها، أو أو الفكري، إذ ل يرتهن الواحد من أعمالها لتفس�ي واحد، أو نظرة دون غ�ي

وطه عل العمل الذي يحتضنه، ومادة العمل دة، فالمكان يملي �ش قراءة محد

مته الفنانة ي وفكرته، ومن ذلك ما قدتحمل أيضا جزءا من مفهوم العمل الف�ف

ن من ورق الرق، ي عملها “من باريس إىل الرياض )رسومات إىل أمي(” الذي يتكو�ف

96

،)Vogue( ي أعداد مختلفة من مجلةي توثق صفحات �ف

حيث تستند القطع، ال�ت

إىل ذكريات الفنانة خالل السفر من السعودية وإليها. ففي الطائرة المتجهة إىل

السعودية تروي جا�: “كانت أمي تغطي مواضع الجسد المكشوفة للنساء

ي آخر أعداد مجلة )Vogue( بالقلم العريض، لتستطيع إدخال المجالت إىل �ف

البالد. قمت بجمع أعداد قديمة من المجلة، وفعلت مثلما فعلت أمي”، وع�ب

ي عملها عل استخالصها الأقسام “غ�ي القانونية” من كل عدد، تؤ�ش الفنانة �ف

ي يتم فيها تسليع ف لضطهاد المرأة: المساحة ال�ت ف متطرف�ي ف شكل�ي المساحة ب�ي

ي تمنع فيها صورتها.المرأة، والمساحة ال�ت

أرشيف ي �ف بالبحث الفنانة القديمة، قامت الوثائق إىل يستند آخر ي عمل

و�ف

ي ي نيويورك، ووجدت صورة لجدارية رسمت للجناح الأرد�ف

متحف )Queens( �ف

وكان و1965، 1964 ف العام�ي هناك خالل أقيم الذي العالمي المعرض ي �ف

. قامت جا� بتكب�ي الصورة بما فيه ف ف الفلسطيني�ي موضوع اللوحة عن الالجئ�ي

الكفاية لمعاينة وفك التوقيع لتستدل منه عل اسم “مهنا الدرة”، فتواصلت مع

ي الأردن ثم تم شحنها إىل نيويورك، د لها أنه رسم الجدارية �ف الفنان الذي أك

ي كتبها صالح أبو زيد، ول يعلم ماذا ها أنه ترجم من العربية القصيدة ال�ت وأخ�ب

حل بالجدارية بعد ذلك المعرض العالمي!

ي ي مع تسع نساء أخريات �ف

وحول فكرة هذا العمل تقول جا�: “عاشت والد�ت

، كانت كل يي الجناح الأرد�ف

)Queens( خالل 1964 و1965 للعمل كمرشدات �ف

ي إىل ي أيار 2002، اصطحبت والد�ت

النساء فلسطينيات من الضفة الغربية، و�ف

ي أن جدال ت�ف المعرض العالمي الذي لم تزره منذ إغالقه العام 1965. وأخ�ب

ا أث�ي حول هذا الجناح عند افتتاحه بسبب إحدى اللوحات فيه”، مضيفة: كب�ي

، حيث يقف الآن يي أمي إىل المكان الذي كان مخصصا للجناح الأرد�ف

“اصطحبت�ف

ف بإهدائه إىل مدينة نيويورك، واليوم عمود أثري من جرش قام الملك الحس�ي

ي المدينة”.يقف هذا العمود كواحد من أقدم الآثار المعروضة للجمهور �ف

منذ الله رام ي �ف للفن الدولية الأكاديمية ي

�ف أستاذة تعمل ي ال�ت جا� إملي

ي العام 2006، وشغلت عضوية مجلسها الأكاديمي، تظهر القطع تأسيسها �ف

ها كل ي أعمالها وفق أك�ش من مستوى، لتحكي قصصا وت�د أحداثا يستح�ف�ف

97

ي تلك الأعمال مشاهد تبعا لخلفيته الثقافية ورؤيته ومستوى وعيه، خصوصا �ف

ي تستخدم مفردات من البيئة اليومية، وهي مفردات مألوفة ومعروفة لكنها ال�ت

ا. ي المعرض شكال جديدا ومث�يتتخذ �ف

ف المتالصقة صندوقا ذ بالكرتون، حيث شكلت قطع الكرات�ي من ذلك عمل نف

أشبه بغرفة مغلقة من كل التجاهات، تخلو من النافذة أو الباب أو منفذ

ي يستشعرها ي إشارة إىل حالة من الحصار الخانق ال�ت

للعبور إليها أو منها.. �ف

الزائر وهو يدور حول الغرفة باحثا عن فضاء ما.

ي طرزت عليها أسماء ولعل من أبرز ما أنجزته جا� من أعمال؛ تلك الخيمة ال�ت

ي العام 1948، حيث صورت 418 قرية فلسطينية هدمها الحتالل الإ�ائيلي �ف

الذي جاء ضمن مبادرة أطلق عليها العمل إنجاز عل شاشة فيديو مراحل

رت الخيمة بعد النتهاء من العمل ووضعتها كصورة “كي ل ننس”، كما صو

فوتوغرافية مقابل شاشة العرض.

ي عمل آخر، لـ30 ألف كتاب نهبتها السلطات الإ�ائيلية كما أرشفت جا� �ف

ي مكتباتها مدعية ملكيتها، وقد حرصت الفنانة عل اختيار صور ووضعتها �ف

بالسم معروف لشخص تعود ملكيته أن تظهر كتاب كل من لصفحات

ي خط عليها إهداء للكتاب بتوقيع المؤلف، والصفة، ومثال ذلك الصفحات ال�ت

ائه. ي وثق عليها صاحب الكتاب اسمه وتاريخ �شأو تلك ال�ت

ي إنجاز أعمالها، مظهرة جلدا عل ما تستند إملي جا� إىل الأرشيف �ف غالبا

ي ي التعب�ي عن التعقيدات والتوترات ال�ت

م فكرتها �ف البحث والستقصاء لتقد

ز الحكاية التاريخية تعيشها المنطقة، كما تقارب موضوع الذاكرة )العربية( لت�ب

وعالقاتهم الرواة تاريخ عل ف ك�ي ال�ت مع الضوء دائرة ي �ف وتضعها شة المهم

بمحيطهم وقصصهم الجتماعية.

نظرا الغربية، عالمية الإ الأوساط ي �ف ا كب�ي جدل جا� أعمال أثارت وقد

ي مكنتها من نيل جوائز عالمية من ي تناقشها، وال�ت

للموضوعات الحساسة ال�ت

ي نيويورك ي يمنحها متحف “غوغنهايم” �ف

مثل جائزة “هوغو بوس” )2008( ال�ت

ي “بيناىلي البندقية” )2007(، وجائزة ” �ف ي ، وجائزة “الأسد الذه�ب ف مرة كل سنت�ي

ت للفنون” )2011(. ب أل�ب “الأم�ي كالوس” )2007(، وجائزة “ه�ي

98

99

100

ظهورها، ع� ي �ف ، القصىصي ي الن�ش الأدب ذروة العربية المقامات تعد

ي ع�ه، ي السائدة �ف ، بعد استقراء لفنون الن�ش العر�ب ي

حيث ابتدعها الهمذا�ف

ف فنون الن�ش من خطب، ورسائل، ومكاتبات، ومؤلفات موسوعية جمعت ب�ي

والشعر المختلفة.

ة عنارص نها عد وقد اعتمدت المقامات عل الجانب الم�حي والدرامي، لتضم

ك فيها مع فن القصة، مثل: الحوار، والعقدة، وعن� التشويق، بينما تش�ت

ي درامي نلمح فيها مظاهر العمل الدرامي؛ إذا نظرنا للمقامات كلها كعمل ف�ف

ي البابات عند ابن مكون من عدة لوحات أو مشاهد أو فصول، كما هي الحال �ف

ي المقامات لتشكل بعض ي نلمحها �ف

ي خيال الظل، فمن العنارص ال�تدانيال �ف

ص ي كل مرة يتقمع المكان والشخصيات، أي أن البطل �ف الجوانب الدرامية، تنو

ر المناسبة، من لباس، وأدوات شخصية ما، فيحاكيها مستعينا بأدوات التنك

المقامة ي �ف كما النسائية، الأدوار بعض ص ليتقم ذلك يتجاوز بل وأمتعة،

الظواهر الدرامية والمسرحية في المقامات العربيةمقامات الحريري أنموذجا

أمحد سليم الزول/ األردن

101

ة وحولها صبية يتصايحون من شدة البغدادية، حيث يظهر بهيئة عجوز كب�ي

ي المقامة الرملية.ي مجلس الولة أو القضاة، كما �ف

الجوع، أو تدور أحداثها �ف

فالمقامات كما يقول فرانز روزنتال: “تصف مشاهد الحياة اليومية ومشكالتها

شخص غالبا يجادله الذي المقامة، بطل لسان عل يرد م�حي بأسلوب

لون فحص الأفكار الشائعة، آخر ممن يلقاهم،وكان أصحاب المقامات يفض

وتصوير سمات الناس ومساوئهم وحرفهم بطريقة ساخرة لذعة”.

لكن، ما الذي جعل المقامات ذات طابع درامي؟

ي الع� الحديث، ينجذبون ف العرب، �ف ي جعلت الم�حي�ي

وما العنارص ال�ت

ذاعية والتلفزيونية، والم�حية؟ ي الدراما الإإليها لتوظيفها �ف

، ل بد أن نش�ي إىل أن المقامات ف ف السابق�ي ي الإجابة عن السؤال�يوع �ف قبل ال�ش

بالبطل، وهي ظاهرة وثيقا ارتباطا ترتبط تعتمد عل قضية محورية كانت

، ي لم تكن وليدة ع� المقامات،ولم تكن مقت�ة عل جنس الن�شالكدية، ال�ت

ي له خصوصية، تتمثل بثقافته الموسوعية وأدب الكدية يحتاج لنموذج إنسا�ف

حال، والتنكر وتقليد الشخصيات مظهرا وسلوكا وفكرا. والقدرة عل ال�ت

الم�ح ي �ف لتوظيفها العرب، ف الم�حي�ي جذبت ي

ال�ت الفنية العنارص أما

الحدث، فهي: التلفزيونية، والدراما

والنموذج والمضمون، والشخصيات،

العنارص هذه تجمع حيث البالغي،

والمقامة القصة عنارص داخلها ي �ف

والمناظرة.

الدرامية المقامات واعتمدت

اللوحات، د تعد عل الحريرية

ي العنوان د الأماكن وتنوعها، �ف وتعد

أو داخل المقامة، كذلك اعتمدت

عن يعلن وراو جوال، بطل عل

وجوده بتجسيد حادثة ما أو إعادة

يعتمد م�حي كفعل تكوينها،

102

)النظارة(؛ ف يقاع والحركة، بشكل مرتجل، ليلفت انتباه المتفرج�ي عل الكالم والإ

ي نفوسهم خالصة تجربة إنسانية.ليتابعوا ما يعرضه بتأثر واستماع، لتغرس �ف

ي المقامة الدرامية، فيتخذ المستويات التالية: أما المكان �ف

ي الحركة والتنقل، بحركة * المستوى الئول: يتشكل من خالل حرية البطل �ف

ي عناوين مطلقة، ضمن الأماكن المتعددة، وهي ما تشكله الأماكن المذكورة �ف

المقامات، ما لم تقيد بقيود أخرى، فمثال اتخذت بعض المقامات عناوينها

سكندرية، والب�ية، أو كالأماكن من المكان الذي حدثت به، كالبغدادية، والإ

ها. الأخرى: مثل: الحدائق والمساجد، ومجالس وأندية العلم والأدب، وغ�ي

، يالثا�ف الأول والراوي الراوي ف العالقة ب�ي من خالل ينتج : ي

الثا�ف * المستوى

ي يتتبعه منطلقا ي مكانه يروي الأحداث، بينما الراوي الثا�ف

فالراوي الأول ثابت �ف

وراء الأحداث وأبطالها.

بدء زمن د يحد الأول فالمكان

لسان عل الدرامية القصة وقوع

الراوي، الذي يحيل إىل مكان آخر،

وأسلوب المقامة يعتمد عل هذا

. يالتخريج المكا�ف

عادة ما يبدأ الراوي الأول بتمهيد،

ي مفتوح، يش�ي فيه إىل فضاء مكا�ف

المقامة تحمله ما غالبا الذي

الفضاء من ينتقل ثم عنوانا،

د، محد مكان إىل العام ي المكا�ف

كمجالس العلم والقضاة والولة،

د الأماكن أو المساجد، وقد تتعد

داخل المقامة، للكشف أو التماهي

103

الكشف والتعرف عل ي الحارث بن همام �ف الذي يستفيد منها التخفي، أو

البطل.

وهذا الجانب أدرك وجوده وجماليته محمود بن يح�ي الواسطي، لينتج من

نصوص مقامات الحريري لوحات )منمنمات( فنية تش�ي إىل دقة اختيار النص

ي المقامة، لتكشف تلك اللوحات عن بعض الجوانب الفنية والقضية المركزية �ف

ي المقامات.والدرامية �ف

ل من حال، والتنق فالمقامة ذات الطابع الدرامي تتضمن بطال محتال، كث�ي ال�ت

ره ر بشكل يعجز الذي يشاهده عن كشف تنك مكان لآخر، وله القدرة عل التنك

ي زيد ال�وجي، كضحية اك حيل أ�ب ي �شبسهولة، أما الحارث، فهو وإن وقع �ف

من ضحاياه، إل أنه يتجاوز فعل الكشف، فيلجأ للصمت ح�ت عندما يعرف

ف البطل والراوي، وهي ر، لأن هنالك مصلحة متبادلة ب�ي أن أبا زيد هو المتنك

البحث عن عنارص النقد والمفارقة السلوكية والفكرية، والظفر بالمزيد من

ي زيد. ي يلتقطها الحارث من أ�بالملح والحكم والقصص الغرائبية ال�ت

ذاعية ي المرسح والدراما التلفزيونية والإ* توظيف المقامات �ف

ي دراما عربية عرضتها شاشة م التلفزيون السعودي، “مقامات الحريري”، �ف قد

التلفزيون السعودي. من بطولة: مروان حداد وعبدالمجيد مجذوب، وزكريا

ي الأرد�ف التلفزيون قدم وكذلك .1972 عام وذلك عيط، وصبحي الم�ي

سلسلة حلقات مأخوذة من مقامات الحريري.

،)2009 1936-( قاسم محمد ي العرا�ت الم�حي قدم فقد الم�ح، ي

�ف أما

ي حز�ف “طال بعنوان الحريري”، “مقامات ومضمون قصص عن م�حية

ف مقامات الحريري”، وذلك عام 1975. و�وري ب�ي

ذاعة الم�ية “صوت بلدنا”، تمثيلية إذاعية، مت الإ ذاعة، فقد قد ي الإأما �ف

بعنوان “مقامات الحريري”، قدمها حسن البارودي، وتوفيق الدقن، وأعدها

فوزي النمر، وأخرجها أنور عبدالعزيز.

الدرامي التجاه فيها يظهر ي ال�ت الحريري مقامات من العديد وهنالك

والم�حي، منها:

104

تقوده التعامي، عيا مد ال�وجي زيد أبو فيها يظهر قعيدية: ال�ب المقامة

عجوز، ويوظف المرأة لتؤدي جانبا من حيلته، فيعطيها رقاعا مكتوب عليها

بعض النصوص المؤثرة لستجداء عطف الناس، يقول: “حك الحارث بن همام

قال: أزمعت الشخوص من برقعيد. وقد شمت برق عيد. فكرهت الرحلة عن

تلك المدينة. أو أشهد بها يوم الزينة. فلما أظل بفرضه ونفله. وأجلب بخيله

التأم ف ي لبس الجديد. وبرزت مع من برز للتعييد. وح�يورجله. اتبعت السنة �ف

. محجوب ف ي شملت�ي

جمع المصل وانتظم. وأخذ الزحام بالكظم. طلع شيخ �ف

عالة. فوقف وقفة . وقد اعتضد شبه المخالة. واستقاد لعجوز كالس ف المقلت�ي

ي وعائه. فأبرز متهافت. وحيا تحية خافت. ولما فرغ من دعائه. أجال خمسه �ف

بون. ف ي أوان الفراغ. فناولهن عجوزه الح�ي بألوان الأصباغ. �ف ف منه رقاعا قد كت�ب

بون. فمن آنست ندى يديه. ألقت ورقة منهن لديه”. وأمرها بأن تتوسم الز

ي المقامة من خالل، المشهد سكندرية: يظهر الجانب الم�حي �ف المقامة الإ

الأ�ي والجتماعي، حيث تزوجت امرأة ثرية برجل فق�ي الحال، فباع أثاث

مهنته أن ي القا�ف أمام عي ليد معها، أ�ت الذي الأثاث ضمنه ومن البيت

كسدت، ولم يعد الأدب وعلومه تدر عليه المال، مما جعله يبيع أثاث البيت

ي من شدة الفقر والعوز، ح�ت الأثاث الذي جاء معها باعه، لكنه أقنع القا�ف

بصواب ما فعل، فلو لم يكن بحاجة ما اضطر أن يبيع أثاث بيته، ليفرض له

ي صدقات.القا�ف

ي معرة النعمان، المقامة المعرية: يدخل شيخ ومعه غالم وسيم عل قا�ف

عيا ذلك الشيخ أن الغالم قد اغتصب مملوكة له كان قد طلب استخدامها، مد

ي وصف تلك المملوكة ليتضح فأخدمه إياها بال عوض، ولكنه اغتصبها، ويأخذ �ف

أنها إبرة استعارها الغالم واستعملها فك�ها.

، تدور ف المقامة الزبيدية: تصلح هذه المقامة أن تكون م�حية من فصل�ي

ي سوق �ف للبيع عبدا ال�وجي زيد أبو يعرض عندما الأول الفصل أحداث

105

يه، ويفيض بمدحه ي تجعل السامع يش�تالعبيد، ويمنحه من الأوصاف ال�ت

الغالم، ي فيش�ت الحارث ي فيأ�ت يوسف، أنه العبد ويعلن الغالم، لذلك

ي شأنه، وهنا ينتهي الفصل الأول.ويقبض أبو زيد الثمن وين�ف �ف

ي الأمر، ، يعلن الغالم أنه ليس عبدا، بل أنه حر، ويتنازعان �ف ي

ي المشهد الثا�فو�ف

حر وأنه بشأنه، الرجل أخ�ب أنه الغالم ويعلن ، يللقا�ف الذهاب ران فيقر

ي بحرية الغالم.كيوسف، فتنتهي القضية بحكم القا�ف

مهنة وهي ومهنيا اجتماعيا، جانبا المقامة هذه تظهر الحجرية: المقامة

الحجام، زيد ي أ�ب مظهر خالل من الم�حية الجوانب وتظهر الحجامة،

ويح�ف إليه ف�ت يريد أن يحتجم، لكنه من المفاليس ل مال لديه، ويطلب

ي طلبه بالرفض من قبل الحجام، ي زيد أن يمهله ح�ت تتي� أموره، ويأ�ت من أ�ب

مون له المال، فيأخذ الغالم بذم الحجام، فيعطف الناس عل الغالم ويقد

ثم يتضح أن الغالم كان ابن الحجام.

ي يظهر فيها الجانب الدرامي أيضا: الحلوانية، والرحبية، المقامات ال�ت ومن

والبغدادية.

106

تجربة لستئناف الكتابة ملكات أستجمع وأنا ء يالسش بعض منفعال كنت

ء كان مهيأ لذلك! ي. فكل �ش ف يدي ي ب�ي

الرواية ال�ت

ي منفضة الفخار، سحب الدخان المنبعث من سيجارة رخيصة، سقط عقبها �ف

ظ أنفاس العرافات من خالله وهن وفنجان القهوة المحمص الذي ما فتئت أتلم

ي الخارج إزاء الرياح المتناوحة، فن مستقبلي البائس، وفزعة الأشياء �ف يست�ش

ص حبة ها المدوي، وهدير شعلة “بابور الكاز” المتخافت، وهو يحم وصف�ي

.. ي رأ�يبطاطا أخذت تفرقع وكأنها �ف

لحظات التخاطر هذه مع الوحي! ص علي ورغم ذلك! فثمة ما كان ينغ

أن أصمت فقط..! وإل فكل ما سأكتبه مجرد تجاوزات! وكأنه علي

ما العمل إذن...؟!

، ح�ت وهي منشغلة بحياكة ثوب يي أعما�ت

ي رصد ما يجول �فكان بوسع زوج�ت

ز. ي المطروالد�ت

وبغتة..!

ي الغرفة إزاء هيبة هذا القادم تساقط المطر بعد طول جفاف، فدب الصمت �ف

الخوف ونقر المطر

قصة: بكر السباتني/ األردن

107

يعيد بالصاج، المغطى ي الخش�ب السقف عل نقره والذي جعل العظيم،

. يي أعما�ت

الحياة إىل الحرية �ف

ي من النافذة.. كادت تفتحها لتأخذ هذا العزيز القادم بالأحضان.. بت زوج�ت اق�ت

ي لت�ف ي بعينيها، تأم

ابتسمت تحمد الله بحبور وانسجام، ثم استدارت تخاطب�ف

ي كتابتها بتجل عميق عت �ف ي �ش

قان الأسطر ال�ت بت وعيناها تطو مليا.. ثم اق�ت

آ�...

ها هم أبطال الحدث...!

، قالت يي هرولة إىل سطور الورقة البيضاء، أحبتهم زوج�ت

خرجوا من ذاكر�ت

بحبور:

ي تجارب مخيفة! ــ رفقا بهم..! أراك تزج بهم �ف

أجبتها بانتباه:

ــ سأدفعهم إىل ذلك المص�ي دفعا كي يتقنوا لعبة الحياة!

ت شفتيها، وخرجت ، أتراه القلق!؟ إذ زم يي عقل زوج�ت

ء ما راح يعتمل �ف ي�ش

مة، فيما رحت أتساءل: مت�ب

ــ ماذا سيكون عليه موقف السلطات إزاء هذه الرواية؟!

الرواية، أبطال ي �ف ال متدخ الرقيب دور ومثلت بعيدا ي قل�ب حملت بعدها..

!! ف مموه�ي ف ي مزيف�ينتهم بقسوة.. فأتو�ف مسخت الشخوص، دج

فما العمل إذن!؟

ي سلة المهمالت.ء سوى تمزيق الأوراق وإلقائها �ف ي

ل �ش

فعلت ذلك آسفا مطأطئ الرأس!!

.. يي وقعت عل أشالئهم.. أخرجتهم فرادى.. نفضت عنهم غبار خو�ف

لكن زوج�ت

ز وساقتهم بعيدا عن الأجداث.. أعادت نسخ الأوراق بخط جميل، وكأنها تطر

ثوب أمي.. رصفت الطريق أمامي قطعة بعد قطعة.. ثم أينعت ابتساماتها

العذبة كأنها عشتار سيدة الخصاب ولدتهم من جديد! فخرجوا من ورائها

. فرسانا كنقر المطر، وقد تاقوا إىل قلمي، يطرقون رأ�ي

ي الواجف، أعظم بها من مفاجأة أخذت بيدي مع الطريق! فاحتواهم قل�ب

ل يعرف الخوف.. يي مواجهة المص�ي بقلب نابض ف�ت

وتركتهم أحرارا �ف

108

109

ة من ي الليلة العا�شعة بالنجوم المتالألئة �ف صفحة السماء الواسعة مرص

شون ات آلف أجساد الرجال عل فسحة أرض منبسطة، يف�ت لياىلي احتشاد ع�ش

الأرض مساء ويلتحفون السماء، وربما هذا ما دفع أحمد المتوكل وهو مستلق

عل ظهره لأن يضع رأسه عل راحتيه ويديم النظر بشغف شديد إىل ما ل

يحىص من النجوم. كان الصمت مطبقا عل المكان وهبات الريح تمر بدعة

ف المتدثرين بما يقي أجسادهم برودتها، وهو ل يعرف عل وجوه المعتصم�ي

ي نومه، ومن يلح عليه خاطر ما ول ينام، فقد كان الضجيج من منهم يغط �ف

ي النهار والحناجر ل تكف عن الهتاف والسواعد عن التلويح بقبضاتها، عامرا �ف

والسيقان عن النتصاب والحراك، واستحقت الراحة مع حلول الظالم.

حانت منه نظرة إىل وجه صديقه جابر النهار وهو مستلق إىل جواره ويغط

ى فيها ذلك ي نوم عميق وأخذ يتأمل قسمات وجهه وكأنها فرصته الأوىل ل�ي�ف

ء الذي يجعله قادرا عل تقبل كل جهد وكل يفه، ذلك السش ء الذي يم�ي ي

السش

ف وأنفه، وفكه ملمة بر�ف يحسد عليه. مر بنظره عل جبينه وعينيه المطبقت�ي

الذي يوحي بقوة البأس، ثم أطبق جفنيه هو الآخر، غ�ي أن دوي طائرة دفعه

الرسالة التي لم تصلفي ذكرى المناضل النقابي موسى قويدر

قصة: عدي مدانات/ األردن

109

110

ي الوقت نفسه ورفع لأن يفتحهما من جديد ويستجمع حواسه. استيقظ جابر �ف

جذعه، فرآه يقظا يبحث عن مسار الطائرة، فسأله:

- ألم تنم بعد؟

ة ، والأخرى عل صدره، وبن�ب ة فخذه اليم�ف وضع راحة يده اليم�ف عل جب�ي

صوت أقرب إىل الهمس انسابت كلماته:

- كنت أشاهد النجوم وأفكر أن حياتنا ربما كانت أجمل، لو أتيح لنا أن نستلقي

أ أو عل شواطئ ي ليل ربيعي دا�في ساحات معشبة �ف

جمعيا كما نحن الآن �ف

م بهدأة الليل ونجوم السماء، البحر، وليس ثمة ما يشغل فكرنا سوى التنع

ي ي الحب، ثم ننهض ونذهب إىل بيوتنا لنخلد إىل نوم مريح، لنستيقظ �ف

وأغا�ف

ف عل بناء دعائم حياتنا كما ينبغي أن تكون قوية راسخة، ونعطي الصباح عازم�ي

أفضل ما لدينا من الحب والعمل والأمل والأمان.

ي الحال، وإنما نظر بدوره إىل ب جابر �ف به الليل، فلم يعق

بدا وكأن ما قال ت�ش

النجوم وأطال النظر، ثم قال:

عة مرص سماء عل مفتوحة أتركها ي ال�ت ي

ونافذ�ت و�يري نومي غرفة ىلي -

بالنجوم، ولم أعتقد يوما أن ساحة جرداء وسماء مكشوفة ستكون أحب إىلي

ي و�يري.من غرف�ت

أحمد أن قطعه إىل مجاور معتصم منه سوى شخ�ي ينل لم ساد صمت

بالسؤال:

؟ - أعمر بخ�ي

.. الحمد لله”، أجاب جابر ثم أردف: “بخ�ي

ي المستشفى بسالم، وأنت هل تتألم؟- حادت الرصاصة عن قلبه وهو يرقد �ف

ابتسم أحمد وقال:

. - أنا بخ�ي

طفحت ابتسامته عل وجهه وبقيت عالقة، ثم واجه جابر وأطال النظر إليه،

وكأنه يدفعه للتساؤل عما وراءها ثم أضاف:

تبادر أن أتوقع أكن لم . يإصاب�ت نبأ بلغها فقد مكالمة من عزيزة، تلقيت -

، فلم يكن بيننا كالم كما تعرف. كان الواحد منا يحرص أن يكون ي بالتصال �ب

110

111

ي مكان يتواجد فيه الآخر، وقد يكون غ�ي ذلك، مجرد مصادفة وحسب، كانت �ف

ي تفلت من الواحد منا ابتسامة خجولة، ثم نخفض رأسينا ونشغل نفسينا �ف

ي مجال التعليم، ولكننا ل نختلط، الحديث لمن نحن بصحبتهم، نحن نعمل �ف

ي مكان واحد ول نختلط، تبعتها مرة عن بعد وعرفت أين تسكن. كان نتواجد �ف

ذلك قبل أيام من انتفاضتنا. كتبت لها رسالة وإن مر الفجر دون عدوان أريدك

ي طريقها إىل المدرسة.أن تسلمها لها وهي �ف

“وأنا تلقيت مكالمة من أمي”، قال جابر، ثم أخرج من جيبه علبة تبغ وقادحة

ووضعهما بينهما، فتناول كل منهما واحدة وأشعلها وتابع:

أنها وكمن لمست ل لأكون إىل جانبك، غ�ي ف أنا عائد للم�ف - كدت أقول لها:

ء نفسه لو طال عمره، يت من عزمي وقالت: كان أبوك سيفعل السش ضعفي شد

ي تظل يقظة ي عل الصمود وهي ال�ت

. عجيب أمر أمي تحث�ف فخجلت من نفسي

أليس لك ي لماذا عدت مبكرا، تسأل�ف السهر، وإن عدت مبكرا ي

تأخرت �ف إن

111

112

ف أستحم أجد الشاي بانتظاري، ف الحمام، وح�ي تجه�ي أصحاب؟ ثم تعرض علي

ي ىلي بأجمل الفتيات، بوجه وج وأن تأ�ت ف تقول وأنا أتناول الشاي: ينبغي أن ت�ت

ز مع ضحكتها وشعر ناعم منسدل ف وأسنان منتظمة ت�ب ف واسعت�ي صبوح وعين�ي

، فتاة تعرف كيف تعد لك أطيب الوجبات، وتنجب لك أجمل ف عل الكتف�ي

ي الكاملة وأحنو عليها وأقوم عنها بما يصعب عليها القيام الأبناء. سأوليها عناي�ت

به. كان أبوك يقول: ىلي ولد كالمه أفصح من كالم شيخ القبيلة، وفعله أشجع

ين سأختار له أجمل الفتيات، ولكنه مات ف يبلغ الع�ش من فعل فرسانها، وح�ي

ين، وسأتوىل أنا هذه المهمة. كنت سأقول لها: سأحافظ قبل أن تبلغ الع�ش

ي ين من عمري، غ�ي أن�ف ي الع�ش

ي من تنفيذ رغبتك، فأنا �في لتتمك�ف

عل حيا�ت

خشيت أن تعت�ب قوىلي إشارة لخطورة الحال، فعدلت وقلت: أنا رهن إشارتك.

أخذ أحمد الحديث بدوره وقال:

ي الصحافة، ق. سأعمل أنا وأنت �ف - هو ذا المستقبل الذي نحلم به أخذ بالتحق

ج أنا عزيزة وربما تستحلي أنت فتاة بمواصفات أليس هذا ما نصبو إليه. أتزو

ي اليوم نفسه، فالحياة السعيدة بانتظارنا ونحن نستعيد ما كان وج �ف ف أمك وت�ت

مة. الحال وسنصبح أحرارا وكلمتنا مح�ت لنا واغتصب، ستتغ�ي

قال جابر:

سنعلن أن الحياة جميلة وأنها ملك لنا وأننا نستطيع أن نفعل المعجزات فال

يقال إننا شعب متخلف.

من جديد صمتا وتركا لليل أن يقول كلمته ولالأحالم أن تنساب بلطف ودعة،

فأخذ النوم يداعب جفنيهما، ينطبقان لحظة وينفرجان. غ�ي أن أحمد نطق

ا قبل أن يستوىلي النوم عليه: أخ�ي

ي الصباح مهما كان الحائل؟ ي إليها �ف

ي أن تحمل رسال�ت- أتعد�ف

أجاب جابر وهو يستسلم لقوة النوم.

- سأفعل.

ي الصباح، فقد بدأ الهجوم المنتظر وانهال رصاص كثيف، علت الأصوات �ف

جابر عن حمل الرسالة لعزيزة، فقد وعد، غ�ي أن الرسالة لم ف ومع ذلك لم ين�ش

ي مقتل، لحظة أن صار عند حافة الساحة.تصلها أبدا، فقد أصابته رصاصة �ف

112

113

منام السلطان

ي ما يرى النائم أن ي المنام يا سادة يا كرام �ف

سهد السلطان ثم نام، فرأى �ف

الرعية خرجت إىل الشوارع تهتف باسمه، وتدعو الله بطول العمر له، وتسأله

ي سبل لهوه، ومصارف ي أيديها من عطايا له، لينفقها �ف

بإلحاح أن يأخذ ما �ف

فة ق�ه، وشكر شعبه عل تقديره الرفيع مجونه وعبثه، عندها خرج إىل �ش

ي لحظة مجازفة متهورة منه طلب ي كل اللذائذ والمتع، و�ف

هة �ف لشهيته ال�ش

من جنوده أن يفتحوا خزائن ق�ه للرعية يغرفون منها ما شاؤوا، ويمضوا إىل

، وعندما برز الجوهر والمال للشعب، أشاحوا ف ف مرضي�ي شؤون حيواتهم راض�ي

بوجوههم عنه، ورفعوا الأكف الداعية لله بطول بقاء السلطان، وصمموا عل

ي غياهب �اديب ي أياديهم من عطايا وهبات إىل كنوزه المكدسة �ف

أن يضم ما �ف

ق�ه المنيف، الرابض عل تلة السلطنة وعل صدورهم الممتلئة أحزانا وآلما.

قليلهم يضم بأن عليه الشعب إلحاح السلطان من شدة يدي ي �ف فأسقط

ه المكدود من عرق ضنكهم، وتلطف عليهم بأن المقطوع من أقواتهم إىل كث�ي

تكرم بقبول هداياهم، ورصفهم بلطف وهم يرفلون بحمده.

منامات السهاد»أفلح من نام، وتعس من استيقظ«

قصة: د. سناء الشعالن/ األردن

114

أجسادهم تس�ت بالكاد ي ال�ت بأسمالهم آبه غ�ي من�فهم ي

�ف يرقبهم وراح

ي براها الجوع، وقسمها الذل، وكبلها العوز والخوف، وغض الطرف الهزيلة ال�ت

ي حديقته من مظاهر ي ق�ه تدهش لما �ف

ي تزوغ بفضول �فعن عيونهم ال�ت

ي ف، وأطربه دبيب خطى قدم تلك الحسناء الفالحة ال�ت الخيالء، وتحف ال�ت

تس�ت صدرها برأس طفلها الرضيع، وتلمظ بتالحق وهو يتخيلها فريسة سهلة

تنهشها أظالفه، وأرسل الطرف لشهواه تلفعها برغبته.

وما كاد زوج المرأة الفالحة يلتقط نظرات موله السلطان، ح�ت هزه الطرب،

ي أذنها بحبور، ثم تابع وأدركه الفرح، وشد طفله عن صدر زوجته، وهمس �ف

115

م ف قفلت الزوجة راجعة تيم ي ح�يه يحمل طفله يحث الخطى لالبتعاد، �ف مس�ي

الهمام! للسلطان المساء ي هذا �ف الشعب لتكون هدية الحريم نحو ق�

عندها زاد حبور السلطان بوفاء شعبه وإخالصه، وأمر جنده أن يؤذنوا بالناس

ي سبيل إسعاده، فقد قرر أن يزيد أنه تقديرا منه لظروفهم وتخمينا لتفانيهم �ف

ف الأرزاق، ويحرث الجبال عل أكتاف الرجال. ائب والمكوس، ويق�ف ال�ف

فهلل الشعب ابتهاجا بكرم السلطان، وشخصت العيون إىل السماء تسأل الله

ي عمر السلطان.أن يمد �ف

منام الشعب

ي ما يرى النائم أن ي المنام يا سادة يا كرام �ف

سهد الشعب ثم نام، فرأى �ف

الحياة قد صفت له، وأن كامل حقوقه قد ردت إليه بقدرة حجاب فعال نفث

ي فيه نفر من الجان، وعقد عقده نجل الشيطان، ورأى السلطان يجر أذياله �ف

الشوارع والميادين، يتفقد الرعية، ويج�ب خواطر المكسورين، ويرد المظالم إىل

ف ان القرى للغادي والرائح. وحوله رجال بطانته من الصالح�ي أهلها، ويوقد ن�ي

أزره، من فيشدون لومة لئم، بالحق يخشون ل الذين ين الخ�ي العابدين

، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر. ف بون معه عل أيدي الظالم�ي وي�ف

، وآتت بالعدل صفت الوجوه، وزهت العيون، وابتسمت الثغور، وعم الخ�ي

ي العام الواحد مرارا، فطهرت القلوب، الأرض غاللها أضعافا، وطرحت جناها �ف

، وفاضت الهناءة، وعفت الأيدي والأجساد والذمم، وعم الأمان، وانت�ش الخ�ي

ي السلطنة من ينام حزينا أو مظلوما أو خائفا أو جائعا، وغدا هم وما عاد �ف

المواطن أن يسأل ربه أن يهبه أن يحسن شكرا للسلطان الذي بفضله ازدانت

الحياة، وجملت المعيشة.

منامها

ي ما يرى النائم أنها أسميت ي المنام يا سادة يا كرام �ف

سهدت ثم نامت، فرأت �ف

فرحهما يكرس مشاعر اسما تحمل أن أرادا والديها لأن مولدها؛ عند فرحا

يا دون توقف أن تكون أن�ش جميلة، ترفل ي تمنالعميق بمولد ابنتهما البكر ال�ت

116

عل العز والدلل، وتمالأ حياتهما بهجة وسعادة ي الدمقس والحرير، وتر�ب�ف

وغبطة، ولذلك أسمياها فرحا.

ي ل ترى الحياة تكتمل إل بمولودة الدنيا كلها كانت تفتح ذراعيها لفرح، القبيلة ال�ت

ي المواليد الجدد. وظلت تاج أن�ش جميلة كتبت باسمها قسمتها المقننة من أرا�ف

والديها إىل أن جاء أخوتها الذكور إىل الحياة؛ فارتقوا بها لتكون جوهرة التاج.

كل تفاصيل حياتها جاءت عل قدر الأمنية، وعل حجم الأمل، وعل مساحة

الشوق؛ الدراسة كانت متاحة ح�ت استكفت منها، والوظيفة العادلة ساوتها مع

ف بجد والنساء العامالت بإخالص، والأم�ي الوسيم أقرانها من الرجال العامل�ي

ليلة ي أبيض مجنح خطفها �ف الغمام، ويحلق عل صهوة مهر الذي يسكن

ي عنان ي ق� المرجان �ف

حلم، وطار بها إىل السموات العال، وأنزلها عروسا له �ف

السماء.

منامه

ي تهب ي ما يرى النائم أن الأرا�ف

ي المنام يا سادة يا كرام �فسهد ثم نام، فرأى �ف

ن دون أن يحرسها، وأن النجاح ج�ف دون أن يزرعها، وأن تخوم الوطن تؤم

ي عل ل دون تعب، وأن الذكر يعلو دون عمل، وأن فتاة الأحالم توا�ف يحص

وجها دون أي معرقالت، وينجب منها فوارس ف الساعة كما يكون الأمل، في�ت

زمنه، ويعيش تفاصيل قصة سعادة كاملة دون كدر ح�ت يأتيه هادم اللذات

ومفرق الجماعات.

منام السعادة

ي ما يرى النائم ي المنام يا سادة يا كرام �ف

سهدت السعادة ثم نامت، فرأت �ف

أنها قد غدت ماء كل شارب، وهواء كل متنفس، وقدر كل مخلوق، فآلت إىل

ي كل الدروب، وصاحبت كل الأقدار، وأصبحت الركون لكل القلوب، وسارت �ف

، فهنأت بنفسها، وهنأت بهم. نصيب كل الب�ش

117

منام الحظ

ي ما يرى النائم أنه قد ي المنام يا سادة يا كرام �ف

سهد الحظ ثم نام، فرأى �ف

أصبح زاد الفقراء؛ فعز أك�ش وندر ولؤم وشح ثم فقد.

منام المنام

ي ما يرى النائم أنه قد ي المنام يا سادة يا كرام �ف

سهد المنام ثم نام، فرأى �ف

خلص لنفسه، ووهب لذاته لأول مرة منذ تكوينه، فاغتبط بفرصته النادرة،

وقطع ساعاته يحلم بحلم، ويبحث عن مأمول ليقتنصه، فأدركه الصباح، وفر

ي حياته.ي يديه، وفاته أن يكونه ولو لمرة واحدة �ف

منه إليه، وأسقط �ف

118

ي ي حقبة ما من حقب السينما، ساد اعتقاد لدى كث�ي من منتجي السينما �ف

�فانيات ف الم�ي الأفالم ذات بأن العالمية السينما من عواصم ها هوليوود وغ�ي

) ف ، ويخرجها كبار المخرج�ي ف ي يقوم ببطولتها مشاه�ي الممثل�يالضخمة )وال�ت

ي الواقع أن هذا العتقاد ة عل جيوبهم. و�ف ي تدر الأرباح الكب�ي

هي فقط ال�ت

جانبه الصواب مع عدد ل يستهان به من الأفالم.

ي عادت عل وتأييدا لهذا الكالم أتناول هنا سبعة من الأفالم الأجنبية ال�ت

منتجيها بإيرادات عالية، بالرغم من قلة تكاليفها، وافتقار ممثليها ومخرجيها إىل

ي غالب الأحيان، مرتبة حسب الأك�ش ربحية.الشهرة �ف

Paranormal Activity )نشاط خارق(: .1

ف انية لم تتجاوز الـ)15000( دولر، وبممثل�ي ف ي العام2007 بم�يأنتج هذا الفيلم �ف

ف ينتميان للطبقة المتوسطة، . وتدور قصته حول زوج�ي ليسوا من المشاه�ي

كان الضواحي... ولكن ي إحدى الكائن �ف الجديد لهما ف ي م�ف

للعيش �ف وينتفالن

أفالم قليلة التكاليف... عالية اإليرادات

ترمجة وإعداد: حسام حسين بدار/ األردن

119

ر صفو حياتهما باضطراد، ويزداد نشاطه عند منتصف ء غامض يعك يهناك �ش

الليل، وبالأخص خالل نومهما أو لدى محاولتهما النوم.

انية الفيلم المتواضعة، وتصنيفه عل أنه “فيلم منخفض ف ولكن بالرغم من م�ي

ق إيرادات عالية وصلت نحو 197 مليون دولر، أي بنسبة التكلفة”، إل أنه حق

عا عل الإطالق. %655000، الأمر الذي لم يكن متوق

قبال عل مشاهدة هذا الفيلم، فإنها تعود إىل الدعاية القوية أما بالنسبة لالإ

ي افتتاحية الفيلم بأنه أك�ش الأفالم ي ذكرت �ف

كة المنتجة وال�ت ي قامت بها ال�شال�ت

أم ، ف العادي�ي الناس من أكان من شاهده؛ سواء كل اهتمام أثار مما رعبا،

الظواهر ي �ف ف الباحث�ي نظر الغامضة. ومن وجهة الظواهر ي

�ف ف المحقق�ي من

ي تناولها الفيلم الغامضة، أو ما وراء الطبيعة، كانت العديد من الظواهر ال�ت

ممكنة الحدوث عل أرض الواقع. كما عولج العديد من جوانبها بمصداقية

ف لم تكن الجوانب الأخرى منها صحيحة تماما، بل أضيف لها ي ح�يعالية؛ �ف

فيه عن� المبالغة ح�ت يتحقق الهدف الأول من هذه القطعة الفنية وهو ال�ت

ي الدرجة الأوىل.وإمتاع المشاهد �ف

Mad Max .2 )ماكس المجنون(:

ي ي تنتج سنويا قليلة العدد نسبيا، إل أنها �ف

الية ال�ت صحيح أن الأفالم الأس�ت

تلك من واحد هو هنا نتناوله الذي والفيلم لالنتباه. لفتة أفالم الغالب

120

الأفالم الالفتة.

، الذي قام ببطولته الممثل الشه�ي ميل انية إنتاج هذا الفيلم الخياىلي ف بلغت م�ي

ة ي دور السينما المنت�شجبسون، حواىلي 200000 دولر فقط. وعندما عرض �ف

ق إيرادات خيالية بلغت ما يقارب الـ)98( مليون دولر، أي ي أرجاء العالم حق�ف

بنسبة %25000. وقد فتح هذا الفيلم الباب أمام أفالم الموجة الجديدة من

الية. السينما الأس�ت

ي ضخامة(:Super Size Me. 3 )زد�ف

فيلم وثائقي أنتج عام 2004 من تأليف

الأفالم صانع وبطولة وإخراج وإنتاج

سبورلوك. مورغان المستقل الأمريكي

سبورلوك بها قام تجربة هي القصة

أثر ف يب�ي لكي الفيلم هذا ي

�ف ووثقها

نسان. الإ صحة عل ال�يعة الوجبات

ونال الفيلم جائزة ستاليت لأفضل فيلم

كية الأم�ي الكتاب نقابة وجائزة وثائقي،

لأفضل سكريبت لفيلم وثائقي.

الفيلم هذا انية ف م�ي تتجاوز لم

الـ)65000( دولر مقابل إيرادات تجاوزت

الـ)29529000( دولر، وبنسبة 22615%.

Night Of the Living Dead.3 )ليلة المو�ت الئحياء(:

العام ي �ف Night of the Living Dead الأمريكي الرعب فيلم عرض عندما

1968، جوبه بانتقادات قاسية.

ي لم تتجاوز )114000( دولر انية ال�ت ف ومع ذلك، فقد تمكن هذا الفيلم ذو الم�ي

من تحقيق إيرادات مالية مذهلة تقدر بـ )30( مليون دولر )12 مليون دولر

من عرضه محليا و18مليون دولر من عرضه عالميا(، أي بنسبة 13000%.

121

:) Rocky .4 )روكي

ي عام 1976، وقام ببطولته الممثل المنحدر من أنتج الفيلم الأمريكي روكي �ف

أصول إيطالية “سلفس�ت ستالون”.

ي ولية ي مصنع للحوم �ف

( يعمل �ف الفيلم عن مالكم مغمور )روكي ث يتحد

ي بعض مباريات المالكمة المحلية يالحظ موهبته فيالدلفيا. وأثناء مشاركته �ف

مدرب فذ )لكنه غ�ي معروف(، ويتعهده بالتدريب، ويأخذ بيده ح�ت يتمكن

من إحراز البطولة.

بلغت تكاليف هذا الفيلم مليون دولر، ووصلت إيراداته بمجملها إىل 225

مليون دولر، أي بنسبة 11150%.

ووصل الفيلم ببطله الرئيس “سلفس�ت ستالون” إىل آفاق أعل من الشهرة، وإىل

ي تلت ذلك الفيلم.ي تقاضاها عن الأفالم ال�ت

ي أجوره ال�تزيادات مضطردة �ف

122

Halloween .5 )هالووين(:

كي أخرج عام 1978، وكان فاتحة لسلسلة من هذا النوع من فيلم رعب أم�ي

هة ي بداية عرضه ردود فعل متباينة. وكانت أبرز النتقادات الموجالأفالم. ول�ت �ف

ا لمسألة ف لم يأبهوا كث�ي ف العادي�ي إليه أن قصته تفتقر إىل العمق. لكن المتفرج�ي

ي ة ال�ت العمق هذه وأحبوا هذا الفيلم. وانعكس هذا عل إيرادات الفيلم الكب�ي

انية متواضعة بلغت 325000 دولر فقط، أي ف بلغت 70 مليون دولر مقابل م�ي

بنسبة %11000 تقريبا.

Once .6 )مرة(:

انية ل تتجاوز الـ)150000( دولر ف ي إيرلندا عام 2007 بم�ي فيلم موسيقي أنتج �ف

، ي أجن�ب فيلم المستقلة” لأفضل “الروح فقط، ومع ذلك حصل عل جائزة

ر بنحو 19 مليون دولر، أي بنسبة 6000%. وحصد إيرادات تقد

Napoleon Dynamite .7 )نابليون داينامايت(:

ة عندما عرض عل شاشات ، ل�ت شعبية كب�ي كي ياىلي أم�ي فيلم كوميدي س�ي

ي بداية عرضه. ي العام 2004، بالرغم من أنه تعرض لنتقادات لذعة �ف

السينما �ف

ي المدرسة العليا غريب الأطوار )نابليون وتتحدث قصة الفيلم عن تلميذ �ف

داينامايت(، محاط بظروف منافية للعقل. وبلغت كلفة هذا الفيلم 400000

دولر فقط، مقابل إيرادات تجاوزت الـ)46( مليون دولر، وبنسبة 5667%.

www.wikepedia.com :المصدر *

123

ل أحد يعرف تماما لماذا خصت المحافظة “علي جرجار” بنبأ وصول امرأة ي إىل”المصادفة”.

فرنسية إىل حيهم “حي غائب”، عل الرغم من إشارة الروا�أ

لكننا نتجاوز عن هذه البداية، لنلتقي السيد جرجار طوال الرواية، شخصية

هامشية بال عمل أو طموح أو أحالم، سوى ما يقوم به من الحصول عل

ي البداية مختلفا عن سواه بعض الملذات. وللحق، فإن علي جرجار قد ل يبدو �ف

من سكان حي “غائب” -لحظ دللة السم- الذي ل يبدو موجودا عل خريطة

ي الرواية م �ف البالد، بالنظر إىل الفقر والتهميش والبطالة والنسحاق. ولكن التقد

يجعلنا نصطدم بشخصية يمكن وصفها بالسايكوباثية.

حدودها ي �ف نسانية الإ الحياة مقومات تنعدم حيث غائب، كحي حي ي

�ف

المقبولة؛ الحي الذي يمثل بلدا أو وطنا، ح�ت وإن بدت بعض مالمح الوطن

ي رسالة إىل المحافظة، تفيد ي هذا الحي تأ�ت

ي مناطق أخرى، براقة ونظيفة.. �ف�ف

د”. ي الحي وقتا ما “غ�ي محدي لتعيش �ف

بأن امرأة فرنسية تدعى كاتيا، سوف تأ�ت

ي المحافظة” الذي يطلب من يتسلم علي جرجار الخ�ب من مملوك “مسؤول �ف

العطر الفرنسيرواية أمير تاج السر

يوسف ضمرة/ األردن

124

جرجار العتناء بالمرأة الفرنسية، ويمنحه مقدارا من المال لأجل هذا الغرض.

عل جرجار، الذي خ�ب العالقات الجنسية مع نساء الحي، وإفريقيات من بالد

ي الحدث المقبل فرصة شخصية. والحقيقة هي أن تنهشها الحروب، يجد �ف

ي البط ميخا ميخائيل ي انتظار الحدث. مر�بالحي كله يقف عل ساق واحدة �ف

ي ي تسهيل هجرته إىل أوروبا. البقال ينتظر زبونا مختلفا �ف

يريد مساعدة كاتيا �ف

ه يكتب فيها قصيدة شعر قبل ياته اليومية. النبوي شيخ الحي أو كب�ي مش�ت

مجيئها.

ق وغرب: ذكورة وأنوثة” هنا. فتاجر ي “�شر كتاب جورج طرابيسش ل فكاك من تذك

ي سفره وإيابه منشغل الشنطة “منعم شمعة” أيضا ينتظر كاتيا كامرأة؛ هو �ف

ي أيضا، هو أن عادة بالبحث عن امرأة جديدة. لكن ما قد ينحي كتاب طرابيسش

الحي كله بات مهجوسا بالمرأة الفرنسية القادمة؛ الحي برجاله ونسائه وكباره

ي مصلحة القطارات قبل أن يتقاعد، وصغاره. لكن علي جرجار الذي كان عامال �ف

يشعر منذ اللحظة الأوىل أن كاتيا تخصه هو فقط دون الآخرين. وهنا يأخذ

ي الظهور مع كل تفصيل يتعلق بالمرأة الشقراء حتما.جوهر شخصيته �ف

ي الحي تدريجيا؛ ويبدو علي جرجار هو المحرك إيقاع الحياة اليومية �ف يتغ�ي

ام إن ي الحي بال اح�تات. فإذا كانت البيوت �ف ي لكل تلك المتغ�ي

الرئيس والعل�ف

لم يكن لأبوابها ذاك ال�ير التاريخي، فإن علي جرجار الذي أخذ ينسج عالقته

له من ال�ير. ف ر أن يشفي مفاصل باب م�ف بالمرأة الفرنسية خيطا خيطا، قر

شخصية، بحملة يقوم أن ر قر ثم الأمر. وانتهى الزيت من قطرات بضع

أبوابها ي معالجة مفاصل �ف ي وجدت

ال�ت البيوت إل بعض الحي، فاستجاب

خروجا عل النص!

ي النهاية، وربما يتوقع بعضهم أن ي المرأة الفرنسية �ف

ل يتوقع القارئ أن تأ�ت

وبولوجيا، وعلم الجتماع، ي الأن�شتكون عجوزا من الأكاديميات المختصات �ف

ي الخ�ب عن وجود وما شابه ذلك. ففي قرية يوسف القعيد “البيات الشتوي” يأ�ت

الناس أحالم يفاقم الذي الأمر القرية، ي أرا�ف ي

�ف النفط من ة كب�ي كميات

مها، لكي تموت فجأة بإعالن مغاير بعد الحفر! وحي غائب ويغذيها ويضخ

ي كاتيا حدثا استثنائيا، وقف كله عل عتبة مرحلة جديدة مختلفة، الذي وجد �ف

125

مه المرأة الشقراء للحي، أو ما ح�ت وإن لم يكن أحد يعرف ما الذي قد تقد

الذي قد تفعله ليطوي الناس صفحة صفراء من البؤس والفقر والتهميش.

ي تغيب فيها النخب الثقافية والسياسية ودورها، يظل العقل ي هذه البالد ال�ت

�ف

يقيا وقدريا، راهنا حياته لأ�ار غيبية، أو أقدار غامضة، تغطي عجز ف ميتاف�ي

126

هم ومستقبلهم، وآليات الخروج من هذا النفق ي حارصفالجميع عن التفك�ي �ف

المظلم. وربما تكون كاتيا عند أم�ي تاج ال�، شبيهة بـ”غودو” عند صموئيل

“العطر ي �ف والقتصادية الجتماعية البنية بينهما هو سطوة الفارق بيكيت.

- عند بيكيت. ” مقابل سطوة القلق الوجودي -إن جاز التعب�ي الفرنسي

وبمقدار ما كانت كاتيا بمثابة خشبة خالص لأهل الحي، كان علي جرجار يواصل

حياكة عالقته الخاصة بها. لكن ما ل نفهمه جيدا، هو تقديم مملوك أموال

لعلي جرجار دون تدقيق، لالهتمام بمتطلبات المرأة من سكن ومساعدات.

ض أن ا سوى التأش�ي عل الفساد الرسمي، حيث من المف�ت وربما ل نجد تفس�ي

يكون الموظف الكب�ي –ربما- استلم مبالغ أك�ب لهذه الغاية، ومنح علي جرجار

ف يشاهد جرجار الموظف الجديد ي الرواية، ح�يالفتات. وهو ما يتأكد لحقا �ف

“مكان مملوك” المعارض السيا�ي سابقا، يقف صحبة الفتاة الفرنسية.

ي انطلقت ذات يوم من حي غائب؛ ة ال�ت علي جرجار هو صاحب الصيحة الشه�ي

ي تنادي بحرية التخيل! وعليه، فإن كل ما يقوم به بعد ذلك، وهو الصيحة ال�ت

ي باب التخيل. لكن جرجار ل يكتفي يحوك نسيج عالقته بالمرأة الشقراء، يدخل �ف

لته، فهو يريد عوامل مساعدة: شكل المرأة لو استطاع إىل ذلك سبيال.. ما بمخي

ل.. فهذه كلها تشكل وقودا تحب وما تكره.. عمرها.. هواياتها.. الطعام المفض

ي الحصول بواسطة طالب الثانوية “أيمن داؤود” للمخيلة السايكوباثية. وينجح �ف

ن عل ثالث صور من عالم الشبكة العنكبوتية، لثالث “كاتيات” فرنسيات، تمك

. ف ف الأخري�ي جرجار بسهولة من الهتداء إىل المرأة المقصودة، ومحا الثنت�ي

ف جرجار وكاتيا؛ رجل وامرأة مهووسان أحدهما بالآخر. تمالأ تكتمل العالقة ب�ي

معا، ينامان الأزرق. تحب هي بالأزرق؛ جدرانه يطلي الذي البيت صورها

يا، إىل أن قرر جرجار إعالنه. هنا تبدأ ويأكالن معا. لكن زواجهما هذا ظل �

ي سلوك جرجار ومشاعره. فهو ل يطيق ف �ف

عدوانية الشخصية السايكوباثية تتع�ي

ر النتقام منهم فيقتل أحدا ا يقر أن يطيل أحدهم التحديق إىل امرأته.. أخ�ي

ين. ويصيب كث�ي

ة. فهو رجل وحيد بال زوجة أو ي شخصية علي جرجار مناخات كث�يتجتمع �ف

سل إليه من إحدى ف وآخر، ف�ي ف ح�ي ره ب�ي أقارب سوى شقيقته وابنها، الذي يتذك

127

دول الخليج مبلغا من المال.

هن. كما ر له غ�ي ي ل يتوفوهو بال عمل، ومحبط من النساء القميئات اللوا�ت

ي أحياء كهذه، يعرف ي تدفن الأحالم. و�ف

إنه محبط من حياة الحي البائسة ال�ت

ي آن واحد. يجمعهم الناس بعضهم بعضا، يقيمون عالقات قوية ورخوة �ف

الفقر والتهميش الرسمي والإهمال، وهم يدركون أنهم ضحايا فساد سلطوي

ي الأحوال ف وفق المألوف �ف

ي أحياء كهذه، ل تس�ي الشخوص ول تتع�يعميم. و�ف

ي تقرأ الكف. هنا تكون ز شخصية مثل “حليمة المرضعة” ال�ت العادية. هنا ت�ب

لظل المخ�ب سطوة قوية حينا، ويبدو هامشيا حينا آخر، بما ينسجم مع ثقافة

. ي المخ�بء يدعو الناس للخوف وتحا�ش ي

الحي وناسه وأهله، حيث ل �ش

بة، طالما كانت حكايته بسيطة دة أو مرك ل يحتاج أم�ي تاج ال� إىل بنية معق

ي يلتقي فيها الغرب ة. وهي من الروايات العربية القليلة ال�ت وواضحة ومبا�ش

ز هنا ي بالد الغرب. وت�بق “الذكوري” دون صدمة حضارية �ف “الأنثوي” مع ال�ش

ف رواية عبد الحكيم قاسم “محاولة للخروج”، مع الفارق الجوهري الذي يتع�ي

اضية “خيالية” عند تاج ال�. وهو ي عالقة حية عند عبد الحكيم، وعالقة اف�ت�ف

بقوة الأمر الذي ينحي جانبا موضوع الأنا والآخر عند تاج ال�، بينما ح�ف

عند عبد الحكيم قاسم.

طة، أو مستشفى الأمراض العقلية المحروسة جيدا من ي سيارة ال�شف تأ�ت ح�ي

رجال الأمن، لتأخذ جرجار من حي غائب، يفاجأ بالمحال التجارية كلها وقد

ت أسماءها، واكتفت كلها باسم كاتيا، بينما وقف المسؤول الجديد الذي غ�ي

خلف مملوك، صحبة فتاة شقراء، يستطلعان الحي!

ا، إىل أن تناول حي بشخوصه وحكاياته، يضعنا كقراء أمام أن أش�ي أخ�ي علي

ي البؤس. ف هذه الشخوص الموغلة �ف

شخصيات ليست نمطية، بالنظر إىل تم�ي

، فهي تلجأ إىل الشعوذة حينا، والسخرية حينا آخر، ويقف الناس فيها وبالتاىلي

ف الحياة والموت؛ البكاء والضحك؛ الخوف والطمأنينة؛ عل الحد الفاصل ب�ي

ف روى بعض حكايات حيه ي إبراهيم أصالن ح�ي�ف الأمل واليأس. وهنا يح�ف

ي أم�ي تاج ال� تبدو واضحة البائس “فضل الله عثمان”. عل أن بصمة الروا�أ

ف أيضا. د الأحياء المشابهة، والروائي�ي دون عناء، عل الرغم من تعد

128

ي نهر تناقص ماؤه، تدور أحداث رواية كاتبة ع�ب مساحة تمتد عل ضف�ت ع�ب

ف )هنا ، فكانت الروح هائمة ب�ي ف ف الضفت�ي أهلها ذات نكبة الج� الواصل ب�ي

وهناك(، عل حد تعب�ي إحدى شخصيات الرواية. فال غرابة أن كان للمكان

ي العناوين الفرعية لس�ي الأحداث ز بوضوح �ف ي الرواية، وي�ب

ته الخاصة �ف أهمي

الروائية..

( عاصمة لجغرافيا أحداث الرواية، ي إعالن )المناط�يد �ف د قارئ الرواية لن ي�ت

البوح بحبها لجمال ي د بهاء )الشخصية المحورية للرواية( �ف د فهناك لم ت�ت

ي أعلنت عليك ... تذكري أن�ف الذي قال: “نعم يا بهاء.. هنا وعند هذه المناط�ي

الحب”، وخوفا من لعنة عدم البوح قالت بهاء: “أحبك جدا”، كان ذلك بعد

ي متاهة العشق دون أن نالمس كلماته ال�يحة”.“أمضينا زمنا ونحن نلف �ف

ف ي قرية ع�يي “كان الفالحون يبنونها لحراسة أراضيهم الزراعية”، �ف

ي المناط�ي ال�ت�ف

، ولمست الشخصيتان ف قينيا، كان البوح ال�يح بالحب الذي ألهب القلب�ي

حوافه دون الت�يح به.

المناطير... لـ ثائرة عقرباويجغرافيا الروح

حسن عبد السالم أبو دية/ األردن

129

البوح كان “ “المهجورة المناط�ي ي �ف

المشفى أبواب وعل . بالحب ال�يح

الذي تصارع فيه مريم مرض ال�طان،

عالن ة لها، كان الإ حيث زيارة بهاء الأخ�ي

ي لموت ذلك الحب، حيث ابتعدت النها�أ

د: “ل أعرفك ول بهاء بسيارتها وهي ترد

أحبك... ل أعرفك ول أحبك... ل أعرفك

ول أحبك”، بعد أن كانت “مضطرة لزرع

ي عينيه: الذي يعقد العزم عل ي �ف

عي�ف

شطب امرأة لتصبح ماضيا ل لزوم له

ح�ت من باب صلة الوهم الذي يسمونه

ها.. حارصف عل يتلصص ل صداقة،

ي بالحب �ف البوح كانت مجرد مصادفة يهاجر.. فقط”، فهل يرحل.. ين�ف..

مكان مهجور، وإعالن موته عل أبواب مشفى ترقد فيه مريم )بكل ما يرمز إليه

هذا السم من طهر وسمو( وهي عل أبواب الموت؟

ي المكان ذاته، ي جبل اللويبدة، وتنتهي �ف

ي دائرة، تبدأ �ففكأننا وأحداث الرواية �ف

والغرفة، لذا أسمتها الكاتبة “العطر العتيق”، وهذه الدائرة لها نقطة محور؛

وبهذا الرواية، عنوان تكون أن ت فاستحق فيها، حدث وما ، المناط�ي هي

لنعيش معها دوران النقطة ي هذه �ف تضعنا أن الكاتبة أرادت ربما الختيار

الحدث من بدايته المكانية، عائدا إىل بدايته المكانية ثانية.

* الأسماء وإيحاءاتها والأحداث

ي ي ما أراه، فقد حرصت الكاتبة عل الدقة �ف

ي الرواية غ�ي مدروس �فء �ف ي

ل �ش

ي أسماء الشخوص ة تشكل فسيفساء الرواية، ولعل �ف التقاط تفاصيل صغ�ي

رمزية ل بد من التوقف عندها:

، فهو يطلق عل ف الشخصية المحورية: بهاء، اسم حائر النتماء لجنس مع�ي

البطلة أحاسيس برقة ي يسش وهو جميلة.. معان من فيه ما بكل ، ف الجنس�ي

وشفافيتها، وبالجانب الآخر لشخصيتها المتمثل بالثورة والقدرة عل التمرد،

130

ي آخر الرواية.وهو ما حصل �ف

الشخوص الرئيسة:

جمال: العاشق الذي خذل محبوبته، بعد أن عاشت معه الرحلة/ •

، أستاذ جامعي عل درجة عالية من الثقافة، والجاذبية، ف الحلم إىل فلسط�ي

ي ريف ي قصة حب �ف

إضافة إىل كونه فنانا حقيقيا. فهل اجتماع البهاء والجمال �ف

ي عمان، جاء أمام مشفى �ف الحب عل قارعة رصيف ، وموت هذا ف فلسط�ي

ي دارة الفنون، بكل مصادفة...؟! سيما عندما نعرف أن اللقاء الأول بينهما كان �ف

. ي التعب�يبداع �ف الأحاسيس والمشاعر، والإ ي

ما يرمز إليه المكان من ر�ت

جامعة ي �ف الجميلة الأيام صديقة الوحدات، مخيم ابنة مريم: •

ي أعماق ي ظلت �ف

موك، والرفيقة إىل دارة الفنون، وهي الروح الجميلة ال�ت ال�ي

البهاء.

شارة إليه بلقب عدي: الزوج الذي ورد اسمه مرات معدودة، وكانت الإ •

اء سيارتها منه، التاجر، واسم عدي هو تصغ�ي لـ )عدو(، تعرفت إليه عند �ش

ي ليلة الزفاف، فكانت وعاشت معه جسدا بال روح، معلنة رفضها هذا الرتباط �ف

ر للجحيم، فلم ينل من البطلة أك�ش من مولودة حياتها معه أنموذج مصغ

ماتت قبل أن تولد، ورغم رفض الزوج لهذه البنة، إل أنه حاول أن يعيش دور

131

ي يعلم تماما أن لقاء اللوم عل الزوجة ال�ت الأب المكلوم، مستغال الفرصة لإ

ي ماتت قبل الولدة ف الأن�ش ال�ت يراد حكاية الجن�ي ليس له منها إل الجسد. فهل لإ

ي أعلنت رفضها لها ليلة الزفاف، وقبل أن ينال عالقة بقصة زواج البطلة ال�ت

الزوج من عروسه شيئا؟

شخصيات أخرى:

نسان الذي أج�ب الختيار )أبو العبد(: والد البطلة بهاء، أنموذج لالإ •

ا، فاجتمعت عليه لعنتا الغربة واليتم، فكان عصاميا، عل مغادرة وطنه صغ�ي

ي شخصية ابنته بهاء.ي آن معا، بصمته واضحة �ف

مثقفا، فيسلوفا، وبسيطا �ف

ي تكون ا �ف ا كب�ي ي الرواية، ل يلمس القارئ أن لها تأث�ي

الأم: مرور عابر �ف •

شخصية البنة.

معلمة الفن: الحزن المخت� بأمنية أن يتشابه الناس ح�ت لو كان •

ي الخيال.ذلك �ف

ي الأفالم، وما نسمع الحماة: صورة تقليدية نمطية ل تخرج عما نراه �ف •

ي تفاصيل الحياة اليومية، فهي هنا مثال للقسوة والكراهية المتبادلة: عنه �ف

ا”. ا ش�ب ي عينيها شيطانا رجيما يعرف جهنم ش�ب“رأيت �ف

بها يستظل شجرة وبقيت قلبها، ظل “فقدت ي ال�ت الجارة نجاح: •

ي تطرحها الرواية.الآخرون”، ضحية من ضحايا الـ)هنا( والـ)هناك(، ال�ت

ي الذي عاد مشلول من لبنان، أبو شهاب: صاحب الدكان، و الفدا�أ •

الذي تالحظ النساء مالحقته لهن، رغم شهادة رجال الحارة له بالفضيلة، وهو

زوج أم شهاب الفتاحة.

مو�، أبو العم التنك، أبو اللول، أم أخرى: بشخصيات الرواية حفلت

إدوارد، زياد.

ي ظالل الرواية* قضايا �ف

ي تنظم أحداثها معا هي قصة حب غ�ي عادية، ي الرواية ال�ت

القضية الرئيسة �ف

فلعبت ، يالثقا�ف وعه م�ش من جزءا وكانت بفتاة، جامعيا أستاذا جمعت

ي عمل م�حي له، الأمر الذي قادهما إىل رحلة فنية لتقديم دورشخصية �ف

مت لنا ي قدف الحلم لدى بهاء، وتلك الرحلة ال�ت .. فلسط�ي ف ي فلسط�ي

العروض �ف

132

الكاتبة وصفا أك�ش من رائع لكل ما رأته البطلة، أو أحست به، وتوجت الرحلة

، ثم تخل هذا العاشق عن محبوبته دونما ي المناط�ياف متبادل بالحب �ف باع�ت

ي حياة هي فصل من فصول الجحيم، سبب مقنع. وزواج البطلة من “تاجر”، �ف

تنتهي بقرار حازم للعودة إىل البداية، بيت الأب والخالص من العذاب.

إل أن هناك مجموعة قضايا لمستها الكاتبة بذكاء وحذر، من هذه القضايا:

الـ)هنا( و الـ)هناك(: •

ي من ة النتماء الذي يعيشه )الأرد�ف شارة لقضية ح�ي وهو تعب�ي استخدمته لالإ

د، ثم (، “تنه يي الذي يحمل جواز سفر أرد�ف

(، أو )الفلسطي�ف يأصل فلسطي�ف

جاء منه السؤال المهم الذي عادة ما نطرحه -رغم الحرج أحيانا- كأنه صالة

مفروضة:

- بهاء، أنت من هنا؟ أقصد...

- أنا من هنا وهناك...”.

ي الجلسة ذاتها، جاء: “المشكلة أننا نحيا فصاما عجيبا. قد ي استمرار للحوار �ف

و�ف

أبدو وقحا، لكن ما يحدث هو أننا نعامل الأردن معاملة الزوجة، ونتعامل مع

، يف باعتبارها العشيقة. تجدون رجل الأعمال مثال يعرف نفسه بأنه أرد�ف فلسط�ي

ف يخرج عن رسميته، فإنه يتجرد من ويتعامل رسميا عل هذا الأساس، لكنه ح�ي

مالبسه متباهيا بفلسطينيته”.

بطلة الرواية )بهاء( إنسانة متصالحة مع ذاتها، هي من هنا ومن هناك، من

ي أعماقها شوقا لعمان وهي ، لذا ليس غريبا أن تجد �ف ف الأردن ومن فلسط�ي

ي رفضهم لخطوبة . وهو الأمر الذي لم يصل إليه أخوة نجاح �ف ف ي فلسط�ي

�ف

أختهم من شخص ينتمي إىل )هنا( بينما هم ينتمون إىل )هناك(، الأمر الذي

أدى إىل فسخ عقد الزواج قبل الزفاف.

ازدواجية الشخصية: •

ي تكتشف فجأة أنها أخطأت فمثال: الجانب الخفي لكث�ي من الأسماء الالمعة ال�ت

ي يك الحياة، وتحاول إعادة القطار لمحطته الأوىل. بهاء انتفضت �ف اختيار �ش

ختام الرواية منت�ة لذاتها، أما )جمال( الأستاذ الجامعي، المثقف، المناضل،

يئد إحساسه الجميل بالحب، ويستسلم للواقع محافظا عل الصورة النمطية

133

134

لالأ�ة.

ي الذي عاد مشلول من لبنان، بعد أن ذهب وكذلك صورة )الدكنجي(، الفدا�أ

عا، وعاد بكث�ي من قصص البطولة وشلل، هذه الصورة الناصعة إليه متطو

ي هذا إيحاء ببعد نفسي للتعويض عما مقابل صورة المالحقة للنساء، ولعل �ف

يشعر به من هزيمة داخلية.

شارة إليها كـ)أم اللول( القوادة، قضايا اجتماعية: اكتفت الكاتبة بالإ •

ف بطبيعة العمل الذي تمارسه. إضافة لقضية عالقة الحماة ومعرفة المحيط�ي

ب المرأة كنوع من الشعور بالرجولة، أو النتقام وزوجة البن...، وقضية رصف

ف نظرة الآخرين ف أبنائه، وب�ي لكرامة الذكورة، قضية المخيم وثنائية النظرة إليه ب�ي

.. ف ي فلسط�يإليه وإليهم، وليس ختاما تفاصيل الحياة �ف

ي الروايةد �ف * ال�

، والحوار، د المبا�ش ف لغة ال� ي توليفة سلسة، حيث جمعت الكاتبة باقتدار ب�ي�ف

والوصف، وجاءت لغة ال�د لتالئم الشخوص فكريا. ووسط هذه التوليفة

ي ي ذاكر�ت

، ولعل أك�ش ما نقش �ف رت الكاتبة عبارات تحمل من الحكمة الكث�ي مر

قولها: “المنفى ليس مكانا، إنه حالة”، مع أن بعض هذه الحكم جاءت عل

لسان أناس بسطاء تتلمذوا عل يد الحياة، ورغم لجوئها لمفردات باللهجة

الدارجة، إل أنها وظفتها توظيفا بارعا منسجما مع شخوص قائليها، فلم نشعر

بغربتها عن الجو العام.

شخوص الرواية، وأحداثها، ولغتها، تنتمي بقوة إىل المدرسة الواقعية، فلو

ي أجزم أن الكاتبة لم تتعب تنا حولنا لرأينا )أبو العبد(؛ وهو الشخصية ال�ت تلف

ي رسمها، فهو يكاد يكون نسخة من والدها الحقيقي، كذلك شخصية ا �ف كث�ي

يكون يكاد )عدي( إن القول عن ي غ�ف و مجتمعنا، بها يغص ي

ال�ت )جمال(

ي كل زاوية ومنعطف. شخصية نمطية، نراه �ف

ختاما، أستطيع القول بثقة إننا أمام روائية تمتلك قلما سلسا، أرى أنه سيجود

ي الرواية، أضعاف ما قلته، بجديد عل الرواية العربية.. ويبقى ما لم أقله �ف

اء. ي غاية ال�شفرغم صغر حجمها، إل أن مادتها �ف

135

ي المفعم بالدللت بذرة ونبوءة الثورة وحلم ال�ش يرصد النص القصىصي ، المع�ف تصطاد راصدة غنية بلغة الحياة، وعنفوان الحلم إرادة ، التغي�ي

ي تتبع فكرته مذ تفتقت برعما وترصد الفكرة باقتدار، كأنما أمعن مفلح العدوان �ف

ح�ت استوت ثمرة بعينه الراصدة ح�ت اكتملت قصة نابضة بالمع�ف والدللة،

متماسك لغة وبناء غنيا محكما، عمد الكاتب إىل بث القصة ينحن أمام نص ف�ف

ي والأصوات؛ مما يجعلها تقارب الرواية دة البناء والمعمار الف�ف ي مقاطع متعد

�ف

أثث لها من زوايا مختلفة ف ة، إضافة لما تحمله من مواقف ومضام�ي القص�ي

لبناء بلبنات أشبه لفتة فرعية وبعناوين لوحة، هي فكأنما مكتملة، لكنها

اتها بحرفية لتشكل المضمون فريد أو لوحة فسيفسائية رصفت حج�ي قصىصي

ف ي طولها، وتتوزع ب�يي أربعة ع�ش مقطعا تتفاوت �ف

ي جاءت �فالعام للقصة ال�ت

شخصيات القصة الرئيسة والفرعية، تاليا وقفة معها ومحاولة الولوج لنوازع

. ف النص القصىصي وهواجس ومصائر الشخصيات، بناء عل اقتباسات من م�ت

الدواج... عنقاء الحلم ووعد الفجر!

حنان بريوتي/ األردن

136

الدواج

ف القرى حينا ي ذاكرة العجائز، يحمل البضائع ب�يالصورة النمطية المحفوظة �ف

ي قلبه تتطاير عصاف�يعل دابته، وأحيانا أخرى يحملها “بقجة” عل ظهره، و�ف

الأخبار والرسائل، لكن الكاتب يرسم لصورة جديدة مبهجة، ويعطي أبعادا

جديدة للشخصية، فهو ليس مجرد بائع متنقل وناقل لالأخبار وموصل لرسائل

د وبعث وهو “يلكز العشاق، هو يدعو لثورة، انعتاق، خروج من الرماد، وتجد

ان، القرى بعصاه لتصحو كرة أخرى”)ص43(، هو يحرض الأجنحة عل الط�ي

والأحالم المجمدة عل الخالص، والقلوب عل تكس�ي صنم الخوف داخلها.

137

ي انتظار الدواج�ف

تنتظره العذارى لأنه ورد الحلم وأهازيج الفرح وعطر الأمنيات، ينتظرنه ليشع

ينتظرنه كذلك وهو يرطب قلوبهن السماء، والنساء مثل فارس من خارصة

ي جففتها السنون، أرمدت زواياها بالهجر، والرجال يتمتمون بقدومه بحلم ال�ت

ي قلوبهم وعيونهم ، وبهاجس الحرية الذي ل يموت، يموت الب�ش و�ف التغي�ي

حلم ل ينطفئ.. حلم الحرية.

تداعيات العنود

“العنود” امرأة القرى، أن�ش الحياة، فراشة تلونت أجنحتها بالأسئلة، القرى وطن

الدواج.

ي طالت لة وبالأحالم ال�ت اللقاء الأول بينهما تحت سماء مكتظة بالدموع المؤج

إغفاءتها.

إحساسها بالحصار والخوف والخطر، وبأن روحها محارصة بأسالك شائكة سبق

عي المساندة والمساعدة، ويلبس ثوبا ظهور “الآخر”؛ وهو ظل الدواج الذي يد

مزيفا للثورة كي يقطف الثمار دون أن تنبت من داخله بفعل يقارب ال�قة،

138

ي لم يؤمن بها، �قة فرح الآخرين وأحالمهم وكلماتهم، لكنه يخون الثورة ال�ت

ولم يستطع أن يضحي من أجلها.

بالغياب، المتعبة روحها ويقارع العنود، باب قرع عن يكف ل “الآخر”

والمسكونة بالدواج، لكنها قلعة محصنة بالحلم، المرأة قلب الرجل، مركز

ك الدواج كل هذا البهاء عاطفته، سحر الكون، و”الآخر” ل يستوعب كيف ي�ت

الذي تجسده العنود قلبا وقالبا.

ي النص بال اسم، ربما ليش�ي بأنه “الآخر” بال تسمية، هكذا تركه الكاتب معلقا �ف

ليس شخصا بعينه، إنه ممن يركبون الموجة دون أن يهمهم الهدف الأسمى؛

دة ة، إنهم ممن يلحقون بالثورات المعم لأنهم يبحثون عن أهدافهم الصغ�ي

للحرية، نسان الإ لسعي السامي بالفكر والمطرزة النفيسة والأرواح بالدم

وي�قون مكتسباتها، ويزيفون أنفسهم لأنهم لم يؤمنوا بها منذ البداية، إنهم

فات أرواح الآخرين. خونة مأجورون وسارقو الأزهار من عل �ش

139

الحلم

تطورا جنباتها ي �ف ر التطو مظاهر تنمو النبض، وميتة الروح ساكنة القرى

ي سباتها، الدواج يمسح ظاهريا ماديا �يعا لهثا، لكن الروح والنفس لما تزل �ف

السناج عن زجاج فانوسه، يطلب النور ساطعا، يسعى لشمس دون ظالل،

كل ف اب، الأع�ي ها لل�ت والحرية دون قيود، يريد الروح محلقة دون أثقال تشد

ترقبه حذرة، ثمة الفرح المشوب بالخوف، والخوف المشوب بالفرح.ف الأع�ي

الآخر

ف الدواج، وبنظرته الثاقبة، العنود كشفت جبنه “الآخر” مرة أخرى، لكن بع�ي

الطفيلية المخادعة وحقيقته الآخر كشفت العنود للدواج، وخيانته الجلي

ي �ف نواياه تفضح أمامها، خيانته تتكشف ذاتها، عل المنغلقة والمستغلة

اغتصاب كل ما ترك رفيقه خلفه.

حديث العجوز

ي عنفوان صوتها صمت العجوز تحاول أن تكتم فم العنود، تحاول أن تنفث �ف

الثورة، فزاعة رها من نطق اسمه والفزع يظهر عل مالمحها، الموت، تحذ

المحذرون من التغي�ي وحماة الخدر والموت والسبات الطويل، لكن العنود

تتحدى، وتهتف باسمه داخلها بفرح الربيع ونبض الحياة.

بقايا الحلم

الحلم عنيد، وللعنود رؤيا ترى فيها الدواج بهيئة حصان وأجنحة، وتسمع

تنينا ينفث بنار الثورة، إنه حلم صوت تهاوي الأصنام وسقوطها ح�ت يص�ي

التغي�ي لكنها تصحو وهي تهذي باسمه وتلتفت حولها، ل أحد إل العجوز

ي مكانه مثل تقرفص بوضعية الخوف والخنوع، ومن خلفها ظالم القرى قابع �ف

صنم.

البدايات والئسئلة

“ماذا أقول لهم؟!”.

140

تلتقيه منه. وينتظرون إليه ينظرون والجميع لنفسه الدواج يهمس هكذا

يتواصالن روحاهما، تتعانق المشاكسة، بأسئلتها روحه ء يتىصف “العنود”

باسمها، شفاهه يحرك المكان، قيود يك�ان والنظرات، والأسئلة بالصمت

س الطريق، فيها إرث ده تميمة ونهارا آتيا، لكن ثقل “البقجة” يعيده لتلم يرد

ح التاريخ تاريخ، فجر القرى وأحالمها... فكيف ل تكون ثقيلة؟ وهو يعيد �ش

ويره، ف ء دواخلهم المطفأة ب�ت يلالأطفال، يمسح السناج عن تاريخ القرى ليىصف

يتعقبون خطواته وهو يعي قربهم إعادة كتابته لكنهم يحارصونه، يحاول

صده للعساكر. ف ت�ت ابهم منه، ثمة من كتب به تقريرا، ثمة ع�ي واق�ت

صورة

غ الشمس ف حلم الدواج، “الأيدي السمر تمسح الضباب عن وجه السماء، فت�ب

ناصعة، وتس�ي الصفوف بهداها”)ص67(.

حلمه شمس الحرية، تراص الصفوف، استمرارية الحلم ع�ب أطفال أحرار ل

يتجرعون التاريخ المزور، لكنه مجرد حلم تم�ف لو ريشة القدر ترسمه حقيقة

للقرى.

العنود مرة أخرى

فرح الفقراء مجيئه بطيء صعب وزواله �يع سهل، والفجر بعيد والعنود

فم ويل�ت يتعشقها بامرأة أشبه والقرى روحه، ووهج قلبه، عشق أبعد، هي

لحب ترقص روحه الشمس. أشعة تشبه ي ال�ت وقضبانه الحب بتعاليم

الحب وآلهة والعصاف�ي المالئكة العاشقة نظرته ي �ف تستولد العنود،عيناها

نيا. وتستمطر ألق الد

ي دائما”)ص71(، يقولها وهي تتشبث به خوف أن تفقده “أنت والقرى بقل�ب

ي الليل وحديثه عن تصحيح التاريخ وتسأله عن “البقجة” عن الخواتم ومسش

المزيف.

للشمس، الطويلة الطريق ووحشة الخوف وحش أمام الأهاىلي يتساقط

يدون، كلما زاد ف يدون.. حتما س�ي ف ح�ت ولو بالقليل، “س�يلكن الدواج يستب�ش

جوعهم”)ص73(.

141

هل يقصد الجوع الحقيقي فقط؟ أم الجوع للكرامة؟ وثمة الجوع الفطري

رأس اب وال�ت ، والتغي�ي للثورة يحفزهم لأنه الفقراء ثروة والجوع للحرية،

اب فراشهم ورفيقهم ورديف جوعهم المزمن... للحياة. مالهم، ال�ت

عة للوجود ي تولد حرة، أبوابها م�شية ال�ت ي النفس الب�ش

العنود الطفلة النقية �ف

ع ريش أجنحتها بمنهجية ح�ت ف والفكر والحياة قبل أن تحارصها القيود، وت�ف

تنطفئ، ويقتلها السكون فتتحول إىل مجرد رقم وفرد من القطيع، وتتحول إىل

ف شقوقه زهر السؤال! راضية صامتة صاغرة جامدة مثل صخر صلد ل ينبت ب�ي

كانوا “لقد ها: فيخ�ب جرحه تنكأ العنود، أسئلة تستدرجه البوح غصة ي و�ف

وردة الحلم، هرسوا فيه يقتلوا أن حاولوا فرحه، ين”)ص78(. حارصوا كث�ي

نسان فيه.. العشق المتألقة داخل روحه، حارصوه، حارصوا الإ

ي وصف التعذيب بلسان “الدواج”. وصف موجع مفجع قاس أبدع الكاتب �ف

ي تقتلع الأظافر عنيد، وصف ل يرحم كما آلة التعذيب تلك ال�ت بارد متج�ب

افات من جوف الخوف، وسياط ع الع�ت ف لتقتلع الكالم من أفواه الصمت، وتن�ت

بات العذاب، تأخذه الغيبوبة من شدة الألم، والغيبوبة رحمة، الوجع، ورصف

اف “فقط بضع دقائق ثم تتخلص من هذا يغريه السجان بالسقوط والع�ت

العذاب.. ونحن ل نريد إيذاءك”)ص83(. ما أقس وما أوقح الكذب! يرغبونه

للمقاومة السجان منه وبصق، شكل لكنه استغل قرب وجه بخيانة حلمه،

واستماتة بالتشبث بذراع الحلم الهارب.

142

وأنجز وعده!

كان حذره، تعرف الدواج، اعتقال خ�ب ، بالخ�ب فاجؤوها ف ح�ي العنود بكاء

يخرجوا أن يتوقع لأنفاسه، مالحقتهم خطواتهم، اب باق�ت يحس محارصا

ي ف يتغلغل �ف به، إنه حصار الخوف، الخوف ح�ي له من كأس الماء الذي ي�ش

النفس، ويثقب الروح بالهواجس “سيأتون، ربما من شقوق الجدران أو فتحات

المزاريب.. أفواه الأحذية..!”)ص85(.

لقد يهوذا.. شبيه “هوذا )الآخر( إنه العنود؛ به حدست خائن، ثمة

فعلها”)ص87(، إشارة ليهوذا الذي أسلم المسيح لليهود وو�ش به وهو من

ف تالمذته. ب�ي

الكابوس

اب القرى، ف تطحنه الرحى وتحيله إىل تراب تماما ك�ت الدواج يقارع الكابوس ح�ي

ف ينتهي العذاب يظل ؟ ح�ي نسان، فهل جبل عل الخ�ي أم ال�ش اب أصل الإ ال�ت

ف جدران الروح، العذاب الجسدي ينتهي لكنه د مثل لحن جنائزي ب�ي د صداه ي�ت

يزول! ي الروح أ�فوشم �ف

ع ف العنود تواسيه تقويه، تحلق داخله لينهض من قاع الخوف والعذاب، وت�ف

د فيه الحلم، وتطلق عنه كوابيس تالحقه، تمسح عن روحه سناج الخوف، تجد

قة “ل وعد بال تضحية... إنه الفجر!”)ص93(. عنقاء الثورة من رماد ذاته المح�ت

الفجر

ي ي خاليا قلبه، تنتسش

يا، يتضوع حضورها دفئا لذيذا �ف صوت العنود يأتيه متحد

مسامات روحه، تزهر صحراء عذابه بوهج حضورها، ترعى مواجعه بحنان أم

؟! أنا ف وجمال أن�ش ولهفة عاشقة، وتزهر بروحه الذابلة أزاه�ي الحب “أل تعلم�ي

دائما معك”)ص94(، الحب والتعلق والقرب الروحي رغم المسافات..

العنود لم تبك، تجرعت وجعها بصمت، وتابعت خطواته ح�ت ابتلعته دروب

ة البحث عن الحرية ب معه الفجر والحرية. مس�ي ق القرى، لأنها تراقب وت�ت

ي ل تموت.نسانية ال�ت خالدة لأنها القيمة الإ

143

144

ة جدا وآفاق كتابتها ي تعريف القصة القص�ي�ف

، لحظة خاطفة من لحظات اقتناص ي ة جدا، كجنس أد�ب ي القصة القص�يتع�ف

ي كل ذلك فهي أكلة �يعة، ذكية، ووجدان خاص، و�ف

ف الواقع وتناقضاته، بع�ي

ة تلتقط الذبذبات ا صغ�ي ف القاص والقارئ، هي أيضا كام�ي وغمزة متفق عليها ب�ي

والأضداد، وتعيد تركيبها بتقط�ي واقتصاد.

وهي أيضا نوع �دي مستقل بذاته، وله خصائصه البنيوية والجمالية، والأك�ش

المشهد ي ي �ف

ي وف�ف القوي كمتوج أد�ب النوع، أصبح له حضوره أن هذا منه،

. ي ي العر�بالثقا�ف

ي النفتاح ي تداولها وانتشارها مجموعة من العوامل، تتمثل �ف

وقد ساهمت �ف

أشكال والأمثولة، وكذا كالخ�ب القديم، اث ال�ت ي �ف ف الوج�ي ال�د أشكال عل

ة، ثم التعب�ي الحديثة كقصيدة الومضة، السينما، التشكيل، والقصة القص�ي

الرقمية للحياة والثورة ال�يع يقاع الإ الالتينية، عالوة عل بالتجارب التأثر

والمعلوماتية.

ثنائية الموت والحلمفي »سيرة الخوف« للعماني المزروعي

عبد اهلل املتقي/ املغرب

145

ة جدا، ح�ت ين استسهلوا كتابة القصة القص�ي أن الكث�ي لكنه من المالحظ،

با درجة أنها تحولت إىل “أتان الكتاب”، أصبحنا نقرأ خواطر ونكتا، وبوحا متسي

يستطيع أن يكتبها ويتجرأ عل امتطائها من ل راحلة له، يكفيه فقط تجويع

ف ي حاجة النقد إىل أذرع نقدية لحماية هذا الفن من الفضولي�ياللفظ، وهذا يع�ف

وحفاة الكتابة وعراتها.

ي العالم ا �ف ق حضورا كب�ي ي الحديث حق وعل العموم، فإن هذا الجنس الأد�ب

، وتنامت ملتقياته وورشاته، وتجاربه القصصية والنقدية، وبالرغم من ي العر�ب

ي سلطنة عمان بالمقارنة مع العراق وسوريا والمغرب، فإنها حضوره المتأخر �ف

قت قفزة نوعية مع كث�ي من الأسماء، ونذكر عل سبيل التمثيل ل الح�، حق

ة ي مجموعة “س�ي، والخطاب المزروعي �ف ، محمود حمد الشكيلي ي

عزيزة الطا�أ

الخوف”.

عتبة الغالف

ي الخطاب ة الخوف” للقاص العما�ف إن المقبل عل دخول وغزو قصص “س�ي

ي المزروعي، ل يمكن أن تمر عينه بحياد عل غالف المجموعة، فالقاص نجح �ف

ي الآن نفسه.نصب فخاخ جمالية بقصد متعة القارئ وإرباكه وقلقه �ف

ة الخوف” عنوانا، ولوحة تزين ة جدا، لها “س�ي إننا أمام مجموعة قصصية قص�ي

اق”، ي سامي محمد موسومة بـ”اخ�تالغالف من إبداع الفنان التشكيلي الكوي�ت

الغالف نات لمكو الجمالية للخصوصية والخاطفة الأوىل الب�ية وبالقراءة

، فالجملة ف اللغوية والأيقونية المشكلة له، نكون أمام منافرة ومفارقة واضح�ي

ف بالقوان�ي المقيد والمسيج التعب�ي نة الغالف من شأنها خرق المكو السمية

كما له يؤرخ أن قابل غ�ي دام ما “الخوف”، تالئم ل ة” فـ”س�ي المألوفة،

، كما إنه يحيل إىل أجواء الرعب ومناخات ارتعاد الفرائص. ف أشخاص حقيقي�ي

بكنا وتقلقنا، بدليل أن وبذلك، تتولد المنافرة الدللية وتتصاعد بشكل أك�ش ل�ت

ي تحد للخوف اق الجدار �ف ي تمثل نصا ب�يا يحيل إىل اخ�ت

اللوحة التشكيلية ال�ت

والموانع؛ هكذا ل تشبه اللوحة ما يعنيه العنوان، الذي يحيل عل الرعب، إذ

كة بينهما، وإذا كان عبد الفتاح كليطو يری أن الصورة تضيف ل خصائص مش�ت

146

ة الخوف”؛ هو اق” لقصص “س�ي شيئا إىل النص، فإن ما تضيفه لوحة “اخ�ت

اصطياد القارئ؛ بتعنيف شعرية المفارقة عل الغالف بقصد فتح شهيته لغزو

ودخول العوالم القصصية لهذه المجموعة القصصية والتفاعل معها.

147

وصف المجموعة

ي ة جدا صادرة عن دار النتشار العر�ب ة الخوف مجموعة قصصية قص�ي س�ي

ة؛ تتفاوت بساطتها ين كبسولة قصصية صغ�ي 2014، وتتكون من سبعة وع�ش

، يجاز، لكن السمة الغالبة عل هذه النصوص هي التقط�ي ف القتصاد والإ ب�ي

وعناوينها نكرة عدا قصة “الأفضل”، عناوين منحوتة بانتقائية ورهافة:

حلم، رائحة، أمنية، نيازك، تغريدة....

ي سقوف قصصه ومن خاللها يراهن القاص عل تكثيف عناوينه، ح�ت يعلقها �ف

ي من شأنها أن تفتح تعبيد العبور إىل ة، وال�ت ثريات مفردة، ونكرة، ثم ومشع

ي ي تحضن قصصها حضورا ملفتا لثيم�ت

ة الخوف”، ال�ت تضاريس وعوالم “س�ي

ل أ�اره وألوانه ف ومختلف يدعونا إىل تأم الموت والحلم، لكنه حضور متم�ي

وجماليته.

ة الخوف” ي “س�يثنائية الموت والحلم �ف

تعد موضوعتا الموت والحلم ثيمتان أصيلتان ولصيقتان بالكث�ي من قصص

المجموعة، فبهما يقيم القاص بناء ال�دي كي يبدو حافال برائحتهما ونكهتهما

وألوانهما، بيد أنه حضور ل يشبه التقليعة والموضة، بل لهما عالقة بالتجربة

الخاصة للقاص.

موضوعة الموت:

نسان، ونستح�ف بالمناسبة، ي الآداب والفنون قدامة الإالموت عريق وقديم �ف

ال�ود وح�ت والبابلية، اليونانية العهود شعراء من العديد لدى فصوله

لم تفلت من هذا الحضور، حيث انجذب للكتابة عن هذا الوجع كث�ي من

، وهو حضور تتحكم فيه عوامل ذاتية وموضوعية. ف ف والروائي�ي القصاص�ي

ي قصة “ظالم”، يتحول الظالم إىل رعب، ويستح�ف الموت كما لو أنه ق�ب �ف

ر بالحياة والشبث بها بالرغم من غلبة ، لكنه يبقى مالذا ل غ�ف عنه؛ يذك يأر�ف

كالم يتذكر وهو يرتجف، جسده أخذ المدرسة من رجع )عندما دواله:

يغطي أن ويتحا�ث الظالم، يخاف من . صار الق�ب معلمته؛ عن عذاب

وجهه عندما ينام(.

148

ي قصة ذعان لها، حيث يتحول الموت �ف ويتضاعف التشبث بالحياة مقابل الإ

للحياة: ناصع نموذج إىل الموت؛ وحرارة الأجل بدنو الشعور من “خوف”

ف خدمته العسكرية الطويلة كضابط مرموق، زرع شجرة الخوف “طوال سن�ي

ب منه )بعد أن ي عائلته! عندما شعر بالموت يق�تي جنوده وأصغر فرد �ف

�ف

مضغه الرسطان( أخذ يبكي كطفل”.

مقاربة فكرة ي قصة “جنازة” مرة أخرى، إىل ي تفاصيل �ف

الموت �ف كما يتحول

بصورتها الشعور بدل السوداء السخرية حدود المرة هذه لتبلغ الموت

الجنازة امتدت “جنازة”: قصة ي �ف نقرأ نهاية، إىل العمر وذهاب الموجعة،

ف ة. كان كل المشيع�ي بطول الشارع الممتد من مغسلة الأموات إىل مدخل المق�ب

الله. فجأة استيقظوا عل صوت ف رؤوسهم، يحوقلون ويستغفرون س�ي منك

خلفان )موحش القبور(:

“الخشبة ما فيها حد”.

الحلم:

ات، كما بداية، دعونا نتفق عل أن الحلم عوالم خصبة، وذواكر مالأى بالخ�ي

بة ومعقدة، أنه يفسح مجالت �دية ل يتيحها الواقع، لأنه ذو طبيعة مرك

اق المألوف، والقبض عل الالمنطقي. تتعانق فيها المفارقات، حد اخ�ت

ي نص “حلم”، كتقنية تمنح تجاوز ما هو ن الحلم �ف وقد استثمر القاص مكو

ف الرغبة/ الحلم، والواقع/ كائن اىل ما ينبغي أن يكون، حيث الزواج الأبيض ب�ي

الإحباط، فالسارد يحلم بالجندية والبندقية كي يحرر وطنه، “ كان حلمي وأنا

”، لكن ريثما يصطدم يصغ�ي أن أصبح جنديا، أحمل بندقية أحمي بها وط�ف

ي مشهد يزور�ف الآن زال ح�ت “وما بالتحول: يقبل ول ثابثا كما هو؛ بالواقع

النجوم، المختلط بأصوات الكالب الليلية والهمهمات غ�ي الواضحة، ورائحة

ف المنثور عل فراشه المشبع بندر الفجر وصوت المؤذن”. الياسم�ي

د وتتسع الرؤيا، ويعاكس الواقع الرتيب والمهزوم هكذا يتبخر الحلم ويتبد

الذي ما زال يعيد إخراج نفسه، دللة عل الإحباطات والنتكاسات والحلم

ر. ي الذي “ياما” أحبط وتبخ العر�ب

ي قصة “ أمنية”؛ الحلم باللقاء، بالمرأة، بالسهر وبالحب ثمة حضور للحلم �ف

149

الذي يظل هاجس الرجل والمرأة، لكن عوض أن تصطدم أمنية وأحالم الرجل

يظل والشاهقة، الحميمية العالقات من النوع بهذا يؤمن الذي ل بالواقع

ف الحلم القصىصي مفتوحا دون أن يتبخر وتتم مصادرته أو اغتياله؛ “تبتسم�ي

دة أن حلمنا سيستمر”. ، وكأنك متأك يف من دون أن تلتف�ت وتذهب�ي

ي المجموعة * مالحظات حول الكتابة القصصية �ف

ة الخوف” بأبعادها المحلية عل مستوى أمزجة قواعها - تحفل قصص “س�ي

الفاعلة، وكذا عل مستوى الفضاءات “موحش القبور، سيحته”، لكن، ريثما

ف الشخصيات. ك ب�ي ي ومش�تيتم خرق هذه المحلية ليح�ف ما هو كو�ف

، مما ف ف مشهدين متناقض�ي ي القص، وتتكأ عل التناقض ب�ي- تح�ف المفارقة �ف

150

ي تتحكم فيه؛ يفرز سخرية لذعة وسوداء، من العالم ومن القيم الثابتة ال�ت

ي قصة “حياتان”: نقرأ �ف

“عاش ملحدا.

و....

عندما مات، صلوا عليه صالة الجنازة”.

ر من اللغة الواحدة “ د اللغوي ع�ب خرق نقاوة اللغة، والتحر - حضور التعد

د ف والتعد أبا موت، موحش القبور، ألو ألو، سيحته”، ول ريب أن هذا التهج�ي

، من شأنه تكس�ي رتابة ال�د، وتفعيل جمالية التلقي. ياللسا�ف

ف ب�ي القاص يضعه الذي الحذف به ي ونع�ف ، ي

الطوبوغرا�ف الحذف يح�ف -

ي اك المتلقي وتوريطه �ف ي معظم القصص، وهذا يدفع إىل إ�ش

ف كما �ف جملت�ي

ة جدا، تبطن أك�ش مما ت�ح، بالإضافة فعل القراءة، بدليل أن القصة القص�ي

ي عمليات ي جديدة كلما توسعت معا�ف

إىل أن هذا الحذف “يدفع إىل تقديم معا�ف

ي النص”. التلقي عل اعتبار أنه ل يوجد مع�ف حقيقي �ف

م والتهك الواقع نقد بقصد السوداء، السخرية مكون القصص تستح�ف -

لها القاص إىل ي يحوف ال�ت ي غمرة تكلس اقتناص الع�ي

عليه، ومن ثم تعريته، �ف

مة ي تولد هذه السخرية المتهكرادارات لقتناص المفارقات والتناقضات ال�ت

ي الآن نفسه.والموجعة �ف

خاتمة

ة الخوف” للمزروعي، ذات بإعادة تركيبنا لمجموع ما توصلنا إليه، تتبدى لنا “س�ي

، وذلك ع�ب يي إغناء وتنويع المشهد القصىصي العما�ف

وظائف جمالية، ساهمت �ف

، ع�ب ة جدا، بتجويعها للفظ وإشباعها للمع�ف تأسيس مغامرة قصصية قص�ي

الحلم والموت، هذا الأخ�ي الذي لن يعدو غ�ي عض بالنواجد ياستثمار مكو�ف

عل الحياة وعدم التفريط بها. أليست الكتابة نفسها، حياة؟

هوامش

، لبنان، ط1،2014. ي -1 الخطاب المزروعي، دار النتشار العر�ب

151

ي مع�ف آخر؛ هو ء وك�ه، و�ف ي

ي إهالك السشي أحد معانيه يع�ف

” �ف “الت�بي إبراهيم ي رواية اللي�ب

( �ف فتات الذهب أو الفضة قبل أن يصاغا. وقد رمز )الت�ب

ي إىل القوة المتضمنة لمع�ف السلب والتعدي، وتخل عن مجرد كونه الكو�ف

ي صورته الحقيقية فعال، كفتنة واختبار وتطويع للنفوس حلية وزينة ليتبدى �ف

م يقه ولمعانه. فهو يعيد صياغة الأحداث وترتيبها ويتحك ية المأخوذة ب�ب الب�ش

ي معايش الب�ش ومصائرهم. هذا ما قاله “دودو” عنه، دون أن يدري أنه يحكي �ف

نس والجن نسان فقط، وإنما الجن أيضا. رصاع الإ عن قدره: “...ل يحتاج إليه الإ

، الت�ب إليه؟”)رواية نسان بسببه. فكيف ل تحتاج نسان والإ بسببه، ورصاع الإ

ص144(.

ف الفاشل�ي باستثناء يموت أن إىل يولد أن منذ إنسان كل هدف “...الذهب

!”)رواية يق�ف ي الحصول عليه. صد

والدراويش يرجمونه بالشائعات لأنهم فشلوا �ف

، ص144( الت�ب

ي أرجاء الصحراء الممتدة، تحل عل كل من الت�ب هالك وخسارة، لعنة مرتحلة �ف

بــر«: »التالصوت الواحد.. واستباق التأويل

فدوى الوراق/ األردن

152

تسول له نفسه النجذاب إىل بريقه الأصفر اللماع. هذا ما حكته الرواية.

***

ي ف تحمل �ف ي مضام�ي

” ثمة عالم من الواقعية الممعنة الغوص �ف ي رواية “الت�ب�ف

ي عالم أ عالقاته الممتدة �ف يحاء. عالم عجيب، ينسش جوانيتها سحر الرموز والإ

يشكل مساحة مدهشة من النبوءة. الحاملة لمع�ف الغيب والكشف والرؤى

بلب تأخذ آ�ة.. وتلقائية بسيطة بانسيابية الرواية أحداث لتتواىل الحرية..

ي عوالمها المنفتحة بال حواجز أو فراغات متجافية.القارئ ليتابع ترحاله �ف

ي تلك الرواية، يبدو جليا أن ي أصوله إىل “الطوارق”، و�ف

ي �فينتمي إبراهيم الكو�ف

، كان لديه ما يود قوله، ففعل، وكان يبدو يي المؤلف إبراهيم الكو�ف

” �ف ي“الطار�ت

أيضا أن المؤلف، فعل ذلك، بقدر كب�ي من المأساوية والحزن... الحزن الذي

ا كونيا عن حالت وجد إنسانية عامة، وعن إشارات دفع الرواية لتمسي تعب�ي

ي ينتقل إليها أبطال الرواية، وتومئ أيضا إىل غيبية قدرية، تومئ إىل الطرق ال�ت

نهاياتهم فيها.

ي ليبوح وهو الحزن ذاته الذي مكن المؤلف من تجاوز انغالقية مجتمعه الطار�ت

ويدىلي بمكنونات تجلياته ورؤاه.

إن الت�ب هي حكاية لـ”آدمي” و”مهريه”، ولصحراء طاغية، يعيشان فيها وتحيا

بداخلهما بكل أبعادها وتناقضاتها ومعانيها المتشابكة إىل الأبد.

المكـــان:

ة فق�ي أرض فضاء واسعة، لغة ي الصحراء، وتع�ف الرواية هو أحداث م�ح

ي أحد معانيها: أبرز له الأمر صحارا، أي جاهره به جهارا، الماء. ويقال أيضا �ف

: “ظاهرة وكاشفة، والعطش )بمدلوليه يفأظهره وكشفه. وتلك هي صحراء الكو�ف

المادي والمعنوي( قدرها الخالد”)الرواية، ص47(.

وهي صحراء حية، تتفاعل مع ساكنيها لتضحي روحا مندغمة فيهم، ل تفارقهم

نسان منها الص�ب “...والصحراء وحدها ول يفارقونها. صبورة وتود لو يتعلم الإ

. فيسهل أن تنطلق لتتحد بالخالء تغسل الروح. تتطهر، تخلو، تتفرغ، تتفىصف

الأبدي.. بالأفق، بالفضاء المؤدي إىل مكان خارج الأفق وخارج الفضاء. بالدنيا

153

الأخرى. بالآخرة”)الرواية، ص146(.

ي اتحدت مع شخوص الرواية وتماهت معهم، لم تحمل لهم صحراء الكو�ف

، ولم تمنع ال�ش عنهم. لم تستطع ال أن تتحد بهم قدرا، لم تعدهم بالخ�ي

ي ما إذا كان وكأنها هي الأخرى تهرب من قدر معلوم. ويصعب التحديد هنا �ف

د ذلك، أم إن صحراءه أوحت له بالنصياع لما تريد... المؤلف قد تعم

الشخصيات:

- أوخيد:

أبوه شيخ قبيلة “أمنغساتن”، منذ طفولته الأوىل كان يميل إىل العزلة بسبب

ي حياته إل الشيخ وفاة أمه وانشغال والده عنه بالنساء والمشيخة، ولم يكن �ف

مو� الذي لم يكن معلمه فحسب، وإنما عامله مثل الصديق، لذلك أحبه

ود عالقته بالوالد. ا؛ فقد خفف عليه غياب الأم المبكر، بالإضافة ل�ب حبا كب�ي

ي بعد ذلك الأبلق، فيجد فيه الأليف المؤنس والصاحب الموافق الذي ل ليأ�ت

يفارقه أبدا.

التمرد الذي لم يجد منه سوى باللعنات: لعنات والده كان أوخيد مطاردا

ي لم يف بنذره لها، نظ�ي إقالتها والعصيان، بالإضافة للعنة الآلهة تانيت، ال�ت

ا لعنة الت�ب الذي منحه إياه “دودو”، وقبله هو دون ته، وأخ�ي لالأبلق من ع�ش

. أد�ف تفك�ي

- الأبلق:

أن استطاع أنه إل برغم عجمته الذي الحيوان الصدوق لأوخيد، الصديق

بالزدهار والتنامي ح�ت لحظة سقوط أ عالقة قوية وحميمة، استمرت ينسش

ا، وكان يقول: “هل سبق لأحدكم أن شاهد ة. رباه مهرا صغ�ي أوخيد الأخ�ي

ي أبلق؟”، ويجيب نفسه: “ل”، “هل سبق لأحدكم أن شاهد مهريا �ف مهريا

رشاقته وخفته وتناسق قوامه؟”)الرواية، ص7(.

ف أوخيد والأبلق إىل هذا الحد، فهو الأنيس ي أن تتوطد العالقة ب�يول عجب �ف

حال... وكان أن تعاظمت ونمت ح�ت غدا ي الحل وال�تعند الوحشة، والصاحب �ف

ي لحظة من لحظات الأبلق هو المعادل الموضوعي لأوخيد، الذي فضل -�ف

154

ه وجنونه- الأبلق عل زوجته وولده: مس

ي ذات نفسه، رهنه لالأبلق، نض�ي ي جعلته يرفض �ف

إنها لعنة مؤكدة تلك ال�ت

لهي ويقايضه مؤونة يسد بها جوع زوجته وولده... كيف يتخل عن نصفه الإ

بوهم الدنيا؟ “ومن هي المرأة؟ إنها الوهق الذي خلقه إبليس كي يجر به الرجال

ي يتلهى بها الأب معتقدا أن فيها من رقابهم. ومن هو الولد؟ إنه اللعبة ال�ت

ف تحمل فناء عمره وخراب ماله”)الرواية، ص128(. ي ح�يالخلود والخالص، �ف

***

د للحكي والرواية. وهو ي �دها صوتا واحدا غ�ي متعد” �ف اعتمدت رواية “الت�ب

، منذ بداية الرواية وح�ت نهايتها. وما الأصوات صوت أوخيد السارد والحاكي

الروائية الأخرى إل مساندة ورافدة لصوته الرئيس. وقد أدى تواىلي الأحداث

الرواية، الجمود داخل الحركة وانعدام المتنامي إىل خلق جو من وإيقاعها

وصورها وخيالتها اللغة لأدوات المؤلف توجيه أيضا ذلك عل وساعد

155

ي إثراء النص وتمكينه. ناهيك عن كثافة التضمينات الفنية لتلعب دورا فاعال �ف

الرواية أجواء أضفى عل مما الدالة، والموحية ة المش�ي والرموز شارات والإ

مزيجا من الحكمة والرصانة.

خاء الفكري والنسياب ي خلوها من لحظات ومشاهد الس�تعل أن ذلك ل يع�ف

ي وصف وحديث أوخيد عن مهريه، ي بدايات الرواية و�ف

المث�ي لالستمتاع، كما �ف

ه له وافتخاره به. ا عن حب مع�ب

***

ي استخدمها المؤلف )الستباق(، فقد عمد إىل الحديث من الأدوات الفنية ال�ت

الرؤية عادت نومه: “...هناك أثناء أوخيد، طاردت طالما ي ال�ت الرؤية عن

ي بيت ي ثنايا الظلمات، الظلمات المحبوسة �ف

المهاجرة... الكائن الخفي القابع �ف

غالق. ل م، وبرغم أنه مهدم إل أنه محكم الإ ف المهد الأنقاض... بيت الط�ي

ي الممرات الوهمية فوق نوافذ ول أبواب. مثل دائرة مغلقة، وهو يجوس �ف

، س الهواء بحثا عن الكائن، بحثا عن ال�... يتع�ش السقف الآيل للسقوط. يتلم

يتفقد بيديه، يتحا�ش الجدران الوهمية، وهمية ولكنه يعرف أنها موجودة،

ل يراها ول يلمسها ولكنها موجودة، سميكة، ثقيلة، قاسية، بشعة)الرواية،

ص165(.

ف ثنايا الرواية، لنجده يعيد دس المؤلف هذه الرؤية -مستبقا زمن تأويلها- ب�ي

ي نهاية الرواية، لحظة مقتل أوخيد “...نزل السيف عل الرقبة، انشطرت �دها �ف

الفظيع الجدار انهار الظلمات زلزال. ب بيت المفاجئ. رصف بالقبس الظلمة

بة سيف النور، فتبدى الكائن الخفي. ولكن.... بعد فوات الأوان لأنه لن ب�ف

ث أحدا بما رأى”)الرواية، ص182(. يستطيع الآن أبدا أن يحد

”، من الروايات المتعبة، لأنك تدرك أن ظلمات بيت الأنقاض الذي انهار “الت�ب

ي نهاية الأمر، هو أوخيد نفسه: بهواجسه ومخاوفه، وآلمه وأحالمه الميتة. �ف

ي محاولة يائسة للكشف عن ال�، عن الطمأنينة أوخيد الذي أضناه البحث �ف

، ولكنه انهار قبل أن يصل لما يريد، ودون أن يدرك أن الكائن ف وفرح اليق�ي

ي الرؤية، ربما لم ق فيه طويال �ف الخفي، الذي تشهى معرفته، والذي طالما حد

يكن سوى موته المحتوم.

156

جدائل صعدة/ مروان الغفوري

ي الستعالء عل الموت، تقص “إيمان” تفاصيل أعدائها من منطلق الرغبة �ف

المنت�ين، ولكن كيف تنت� الضحية عل خصم مهزوم أيضا؟ هذا ما تبوح

ي الغفوري، ع�ب رسائل متبادلة عل ي رواية اليم�ف

به الشخصيتان الرئيستان �ف

امتداد الرواية، اتخذها الراوي ذريعة فنية بنائية، ينطلق منها لتعرية الوضع

ي السياسة والجتماع، حيث تكشف الم�ودات الحكائية عن ي الملتبس �ف

اليم�ف

ي ، الذي غدا فيه المنت� الوحيد هو الما�ف ي

كيبة الطبقية للمجتمع اليم�ف ال�ت

ي نوبة من النحيب والخجل، بعد ي أدخلت اليمن �ف

ي ال�ت بكل نزعات الثأر المذه�ب

أن جاءت الثورة وغاب النور.

من التنويع يي والراهن. وقد أفاد الروا�أ

: الما�ف ف ع أزمنة الرواية عل زمن�ي تتوز

الواحد الواقع ي تفصل ال�ت المرئية الأسوار غ�ي ي هدم

ف �ف الزمن�ي عل هذين

ي للدين وفق الأهواء والمصالح. فمت والتوظيف المذه�ب ي الجهل وال�تالغارق �ف

عل اللغوي خطابها قام ي ال�ت الرواية، ي

�ف والألقاب رصيحة الأمكنة وتبدو

محطات ثقافية

حممد سالم مجيعان/ األردن

157

المتضمنة العفوية الشاعرية

ف إيمان ي الرسائل المتبادلة ب�ي�ف

ومروان، فال تختلف الطبقات

ف رسالة وأخرى، بل اللغوية ب�ي

ي انسيابية تشبه ي اللغة �ف

تمىصف

الضحايا، من المنساب الدم

إيمان شعر انسياب أو

المؤلف تم�ف ي ال�ت وجديلتها

الذات مع حواري منولوج ي �ف

أن تسدلها إيمان عل صعدة

ليعم السالم.

وفلسفة العربية النتفاضات

التاريخ/ هاشم صالح

منذ الصفحات الأوىل للكتاب

الربيع أن يؤكد هاشم صالح

تاريخيا” “حدثا يشكل ي العر�ب

ي الحديث. لكنه مع ذلك، يقر بأنه ليس ي السياق التاريخي العر�بغ�ي مسبوق �ف

نسانية ما دام لم يستطع أن يشكل “قطيعة ي الثقافة الإبالحدث الحاسم �ف

تنتقل ، ي العر�ب للمواطن السائدة السياسية والمجتمعية الثقافة ي �ف معرفية”

لة الراهنة به من وضع سابق إىل وضع لحق. ويرى هاشم صالح أن المحص

لطة. - السلفي” عل الس يي سيطرة “التيار الإخوا�ف

ي تمثلت �ف لسنوات الربيع العر�ب

ي لجدلية التاريخ”؛ ويستدعي هاشم صالح مفهوما هيغليا: “عامل الحث السل�ب

ي بنتائجه غ�ي المنتظرة، ل يعدو أن يكون مرحلة أولية ح أن الربيع العر�ب ليوض

العرب، وأنها مرحلة إجبارية لالنتقال التاريخ عند العام لحركية المسار ي �ف

ف ي السياق�يي انزلقات تاريخية متوقعة �ف

نحو الثورة العربية الحقيقية. ولتال�ف

يرانية ف الثورة الإ ي والإسالمي، يعقد هاشم صالح مقارنة ب�ي ف العر�ب السياسي�ي

الحرية كان هو طلب معا ف الحدث�ي ف ب�ي ك المش�ت فالقاسم . ي العر�ب والربيع

158

والنعتاق من الستبداد، وبهذا التماثل يسعى صاحب الكتاب إىل إقناع قارئه

ي ل يمكنها أن تخرج عن الإطار العام الذي بأن دينامية انتفاضات الربيع العر�ب

ي ي والإسالمي–برأيه- يعا�ف يرانية، ما دام السياق الحضاري العر�ب رسمته الثورة الإ

ف الأصوليات الإسالمية المعارصة. ظاهرة “الجهل المقدس” الذي يم�ي

سالم- وحيد السعفي ي الجاهلية والإالقربان �ف

يقارب هذا الكتاب مثيولوجية الطقوس المقدسة لدى شعوب العالم وأديانه،

ي أثناء استقراء الظاهرة بحثا وتمحيصا. عل نحو تجتمع فيه متعة القص �ف

ي مقاربة هذه الظاهرة أتاحت له تمرير مقولته تجاه وأسلوبية المؤلف هنا �ف

. سة لالأديان عل نحو غ�ي مبا�ش النصوص المؤس

ي علم ي ثمانية فصول أينعت فيهما ثمرات هذا الموضوع كما تبدت �ف

بابان �ف

القربان، لظاهرة ف الغربي�ي معالجات ي �ف ت تبد وكما الأناسة، وعلم الأديان

الذين أسقطوا خصائص قربانهم عل الديانات الأخرى.

ويتوقف المؤلف عند الموؤودة بوصفها

ورضاه. الله لمجد سا مقد قربانا

سماعيلي ويناقش باستفاضة القربان الإ

السالم، عليه إبراهيم قدمه الذي

قربان وكذلك بالكبش. الله وافتداه

ف القراب�ي من ها وغ�ي المطلب، عبد

العنف رحلة ي �ف نسان الإ أخذت ي

ال�ت

ح�ت آدم، ي اب�ف قربان منذ س المقد

البديلة، ف القراب�ي إىل نسان الإ اهتدى

ي شعائر وطقوس طوطمية، الممثلة �ف

ي يقوم فيها القربان بوظيفته الدينية �ف

التكف�ي بعد الناس، ف ب�ي الم�ة ن�ش

عن ذنب أو التحرر من معتقد سابق،

عالقة ي �ف والشكر الر�ف عن والتعب�ي

نسان بخالقه. الإ

159

سعدية- آسيا عبد الهادي

ف هي الثيمة قضية فلسط�ي

عليها تدور ي ال�ت المركزية

الأعمال الروائية لدى الكاتبة

الهادي”، عبد “خولة آسيا

الأعمال هذه قلب ي و�ف

سعدية، شخصية تح�ف

ة الأخ�ي روايتها حملت ي ال�ت

ابنة وسعدية اسمها.

حياتها تنطوي المخيم،

حياتية تفصيالت عل

ي عالم تكشف عن مأساتها �ف

وما الرأسمالية فيه تغولت

إداري فساد من أفرزته

معه تتكيف واقتصادي،

سعدية عل نحو يكشف عن

ي مواجهة طاقتها النفسية �ف

المحن كل فتتجاوز الممكن، أفق إىل الواقع سلبيات وتحويل الصدمات،

والقواهر نحو تحقيق حلمها.

مع القارئ، فالطاغي عل ي الرواية جعل اللغة وسيلة اتصال تفاعليالالفت �ف

لغة ال�د والحوار هو اللهجة المحكية. وبالقدر الذي منحت اللغة النص

صدقه وواقعيته واستجاشت شعور القارئ وتعاطفه مع الشخصية المركزية

ي “سعدية”، فقد ك�ت هذه الأنساق اللغوية إمكانية امتصاص القارئ العر�ب

ة المحلية. لكث�ي من المفردات المحكي

الرواية رواية شخصية، فهي كذلك رواية قضية وشعب، وفيها تعد ومثلما

ي والجتماعي، ففي الرواية تنويعات لم الحقو�ت ي الس

انتصار للمرأة وقضاياها �ف

ة. ي مختلف المستويات الطبقيعل الأنماط النسائية �ف

160

: يأفق ثقا�ف

تجربة الكتابة واحتمالتها

، تبدأ ي داخلي“أحتاج أن أروي قصة، إنه هاجس، كل قصة هي بذرة �ف •

أن أتعامل معها عاجال أو آجال، لماذا ي النمو والنمو، مثل ورم، ويجب علي�ف

ي ما بعد. عل مر ي أعلم ذلك �ف

قصة بعينها؟ أنا ل أعرف ذلك عندما أبدأ، ولكن�ف

ي سأرويها عل ي رويتها، كل القصص ال�ت

، اكتشفت أن كل القصص ال�ت ف السن�ي

ي الع� الفيكتوري ي بشكل أو بآخر، عندما أتكلم عن امرأة �ف الإطالق، مرتبطة �ب

ي كاليفورنيا، فأنا أتكلم ي مطاردة حمى الذهب �ف

ي بيتها وتأ�تترحل عن الأمان �ف

ي الخاصة، ي حيا�ت

ي مررت بها �فعن الأنثوية، عن التحرر والنعتاق، عن الأمور ال�ت

هاربة من عائلة تشيلية، كاثوليكية، محافظة، بطريركية، فيكتورية... خارجة إىل

العالم.

عندما أبدأ بكتابة كتاب، فأنا ل أملك أد�ف فكرة إىل أين سيذهب، إذا كانت رواية

ي ل أدري ما هي القصة ة الزمنية والمكان، ولكن�ف ي الف�ت

تاريخية أكون قد بحثت �ف

ا عل ي أريد، بشكل رقيق وخفي، أن أوقع تأث�يي سأرويها، أنا فقط أعرف بأن�ف

ال�ت

قلب القارئ، وعقله”.

إيزابيل اللندي

“إذا جاء يوم رصت فيه مهتما بآراء الناس وبأرقام المبيعات وبعدد •

ي ي لكتابة ما يزحزح العالم ويضع الناس �ف ي أك�ش من سع�ي

ي أمسيا�تالحضور �ف

ل الكتابة وأمتهن شيئا آخر”. ف ، سأع�ت الفو�ف

جيمس فري

ي عندما أكتب أو بشكل أدق، م�ت كتبت أكون إنسانا أفضل “أظن أن�ف •

وأك�ش سالما”.

ريك مودي

161

162

ف أتكئ إليك قليال، فالرحلة كانت جدا طويلة، والوشوشات تث�ي الغضب ل تتأفف يا سيدي ح�يي صدري، فزادت من سخطي...

هات تركت قرسا �ف فو تارة، وتارة أخرى الفزع! إن عطرك قد نفذ ع�ب

هذا ما قال القميص القادم من بالد الحرب، لآخر قادم من بالد الحب، بعد أن عدل ثنيته المطوية

حارق”، قهقه ح�ة يبجدارة نسيان، متنحنحا: “ل بد أنك كنت ترتدي هذا العطر لموعد نسا�ئ

ة قائال: “عله يستفيق من ف الأكتاف الكث�ي وأغلق عروة الجرح بكتف صاحبه الثمل المدسوس ب�ي

سكرته عىل لون غ�ي الرمادي، فهذا اللون الئحمر النازف عىل صدري يشبه الحياة عىل القل،

تفع صوت القادم وأظنه غاب طويال عنها ح�ت خرج من التقويم”. تعلو الأنات والوشوشات، ل�ي

ي به، ي تسش

ا مزاولة الحديث عله يف� رائحة عطره ال�ت ر أخ�ي من بالد الحب أو عل ما يبدو، فيقر

ي صندوق الشاحنة المهرولة ي هزت كل الحكايات �ف

ف استغل ثورة السائق ال�ت ل جلسته ح�ي تنحنح.. عد

ا عليك أن ف تكون مخ�ب نحو المزاد: “يا أنت المثقوب، لقد كان عطري هذا أمرا عسكريا بحتا، فح�ي

ة عىل مستوى رفيع، ي الئخ�ية لتحظى بكامل الخبث والدهاء، وقد كانت مهم�ت تتقلد حالت كث�ي

لذا بعد انتهاء المهمة ألقيت من سوء حظي معك”.

ف الفارغت�ي يه بكم دافعا يتأفف الوسط من وصوت والزجر، والركل والتمتمات، القهقهات علت

ف غضب الزوج من دا ح�ي ي مقدلو�ف لة، وأخرى عابثة، ليضيف: “أنا أيضا حم ؛ حكاية متسو ف حكايت�ي

بالتمزيق دون هوادة”. فضحكت كل الحكايات، وابتدأ الركل.. زوجته، فحكم عىلي

حكاية كل لتبدأ بالهجوم، الغرباء وبدأ الشاحنة فت توق ف ح�ي الكتمان، طي المسافة انطوت

ف الجموع: ها القادم. صاحبنا المثقوب ي�خ من ب�ي بالتدحرج نحو مص�ي

ي الئسفل”. “انتبهوووووا!! ثمة أطفال �ف

حكايات مستعملةسهام أبو عواد/ فلسطني

163

164