147
ﻛﺘﺎﺏ: ﺍﻟﻮﺯﻳﺮﻳﻦ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﳌﺆﻟﻒ: ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻱ ﺣﻴﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﷲ ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻄﻴﺒﲔ ﻭﺁﻟﻪ ﳏﻤﺪ ﺧﻠﻘﻪ ﺧﲑ ﻋﻠﻰ ﻭﺻﻠﻮﺍﺗﻪ ﺍﻟﻌﺎﳌﲔ، ﺭﺏ ﺍﳊﻤﺪ. ﺻﻨﻌﻪ ﻭﻣﻨﺤﻚ ﺷﻜﺮﻩ، ﻭﺃﻭﺯﻋﻚ ﲪﺪﻩ، ﻭﺃﳍﻤﻚ ﻟﻚ؛ ﻣﻌﻮﻧﺘﻪ ﲝﺴﻦ ﻭﺗﻮﻻﹼﻙ ﻋﻠﻴﻚ، ﺑﻨﻌﻤﺘﻪ ﺍﷲ ﺃﻣﺘﻌﻚ ﻭﺃﻭﺻﻞ ﻭﻋﺎﻓﻴﺘﻪ، ﻋﻔﻮﻩ ﻭﺃﻟﺒﺴﻚ ﻭﺗﻮﻓﻴﻘﻪ؛ ﹰ، ﻋﺎﺟﻼ ﻧﻔﻌﻪ ﻋﻨﺪﻙ ﺧﻠﺺ ﻣﺎ ﺇﱃ ﺭﻏﺒﺘﻚ ﻭﺻﺮﻑ ﺭﺃﻓﺘﻪ، ﺇﻟﻴﻚ ﻣﻦ ﻭﺍﻟﺘﻨﺪﻳﺪ ﺍﻟﻌﻴﺐ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﻭﺍﻟﺸﻨﺎﻋﺔ؛ ﺍﳍﹸﺠﻨﺔ ﻣﻦ ﻭﺍﻟﻔﺮﺓ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ﻣﺎ ﻭﻋﺮﻓﻚ ﹰ؛ ﺁﺟﻼ ﲦﺮﺗﻪ ﻟﻚ ﻭﺣﻠﱠﺖ ﻭﺍﻟﺘﻮﻗﲑ ﻭﻣﻘﺎﺭﺑﺘﻬﻢ ﻣﺒﺎﻗﺎ ﻭﻣﺎ ﻭﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ، ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻋﺮﺍﺽ ﻋﻦ ﺍﻹﻋﺮﺍﺽ ﻭﻣﺎ ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﻋﺔ، ﺍﻟﻌﺎﺭ ﻭﺃﻧﺖ ﺇﻻ ﺗﺪﻉ ﻣﺎ ﺗﺪﻉ ﻭﻻ ﻭﻣﺮﺟﻮﻋﻪ، ﺑﻌﺎﻗﺒﺘﻪ ﻭﺍﺛﻖ ﻭﺃﻧﺖ ﺇﻻﹼ ﺗﺄﰐ ﻣﺎ ﺗﺄﰐ ﺣﱴ ﻭﺍﻟﻌﺎﺋﺪﺓ، ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﻣﻦ ﳍﻢ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺇﻻ ﺃﺣﺪﺍﻜﻠﹼﻒ ﻭﻻ ﻭﻃﺎﻗﺘﻚ،ﺳﻌﻚ ﻣﺎ ﺇﻻ ﺗﺘﻜﻠﻒ ﻭﺣﱴ ﻭﻣﺮﺩﻭﺩﻩ، ﺧﲑﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻤﻊ ﳏﺴﻮﻡ ﻭﺍﻟﺘ ﺃﻣﺮﻙ، ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﺍﳊﺠﺔ ﻭﻋﻨﺪﻩ ﻭﺇﺟﺎﺑﺘﻚ، ﻃﺎﻋﺘﻚ ﺇﱃ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﻴﻪ ﻭﻳﺘﻮﺧ ﻟﻚ ﻠﻪ ﻳﺘﺤﻤ ﻓﻴﻤﺎ ﻠﻮﱢﻱ ﺗﻚ ﳏﺎﺩ ﺇﱃ ﻣﻌﻪ ﳜﺮﺝ ﻭﻻ ﻭﺷﻴﻌﺘﻚ، ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻚ ﻣﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺼﱪ ﻭﻳﺼﲑ ﻭﻏﺒﻄﺘﻚ، ﹶﻟﻚ ﺑﻪ ﻭﻳﻘﺼﺪ ﺗﻚ، ﻣﺴﺮ ﻭﻋﺪﻭ ﻳﻄﻌﻦ، ﻭﺣﺎﺳﺪ ﲣﻮﺭ، ﻭﻃﺒﺎﻉ ﻳﻨﺨﺰﻝ، ﻭﺑﺎﻝ ﻳﻀﻴﻖ، ﻭﻋﻄﻦ ﻳﻌﺮﺽ، ﻭﺣﺎﺩﺙ ﻌﻮﺯ، ﻵﻣﺮ ﻭﳐﺎﻟﻔﺘﻚ، ﻭﺻ ﻳﺘﻬﺎﻧﻒ، ﻭﺳﻔﻴﻪ ﻳﺘﻌﺠﺮﻑ، ﻭﺟﺎﻫﻞ ﻳﻌﺘﺮﺽ، ﻭﻳﻨﺸﻂ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮﻝ، ﺃﻣﺮﻙ ﻳﺘﻠﻘﻰ ﺑﻞ ﻳﺘﻠﺠﻠﺞ؛ ﻭﻟﺴﺎﻥ ﳛﺮﺝ، ﺪﺭ ﻣﺎ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﺛﻮﺍﺑﻚ ﻣﻦ ﳛﺮﺯﻩ ﻭﻣﺎ ﻟﻚ، ﺟﻬﺪﻩ ﻓﻴﻪ ﻳﺒﺬﻝ ﻣﺎ ﻓﻮﻕ ﺭﺿﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﻣﺎ ﺃﻥ ﻭﻳﺮﻯ ﺑﺎﻟﺘﺄﻣﻴﻞ ﳋﺪﻣﺘﻚ ﺑﻪ ﻳﻌﺰ ﻭﻣﺎ ﻣﺮﺍﺩﻙ، ﺑﺴﻌﻴﻪ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﻜﻮﺍﺳﺘﺰﺍﺩﺗﻜﻴﻮﰲ ﻣﻦ ﺑﻪ ﻳﻨﺠﻮ ﻭﻣﺎ ﻋﻨﺪﻙ، ﻛﺪﺣﻪ ﻣﻦ ﻳﱪﺯﻩ ﺇﲪﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻛﺮﺍﻣﺘﻪ ﻭﺍﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﺍﻟﻴﻘﲔ ﻣﻦ ﺑﻪ ﻳﻘﻮﻯ ﻭﻣﺎ ﺍﻗﺘﺮﺍﺣﻚ، ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﻪ ﻳﺬﻝ ﳑﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺭﺩ ﺩﻙ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﻮﺍﺭﻩ ﻭﺍﻟﺸﻚ ﺍﻟﺘﺮﻧ ﻣﻦ ﺑﻪ ﻳﻀﻌﻒ ﳑﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻨﺪﻙ. ﻣﺴﺘﻨﲑﺓ ﺻﺪﺭﺕ ﺇﺫﺍ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﻋﻮﺍﻗﺐ ﻣﺴﺘﺒﻬﻤﺔ، ﻣﺸﺘﺒﻬﺔ ﻭﺭﺩﺕ ﺇﺫﺍ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺇﱃ ﻳﺮﺟﻊ ﺑﺎﺏ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﻩ ﻭﲦﺮﺓﺤﺔ؛ ﻣﺘﻮﺿ ﻭﺍﳌﻮﺍﺯﻧﺔ، ﺍﻟﺼﺮﻑ ﻳﺼﺢ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔﺬﻩ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎﻼﻣﺔ ﺍﻟﺴ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﻳﻘﻢ ﻭﱂ ﻭﺍﻻﺗﻔﺎﻕ، ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﲔ ﺗﺮﺟ ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ، ﱡﻔﻖ ﺍﺗ ﳑﺎ ﻓﻴﻪ ﻠﻒ ﺍﺧﺘ ﻣﺎ ﻭﲤﻴﻴﺰ ﺳﺎﻕ. ﻭﺍﻟ ﺍﻟﺘﺸﺎﻭﺭ ﹸﻮﻳﲏ ﺍﳍ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﺑﻘﻠﺔ ﺇﻻ ﺗﺴﺘﻔﺎﺩ ﺣﺎﻝ ﻭﻫﺬﻩ ﻛﻴﻒ ﹺﻛﺎﻝ ﺍﻟﻮﺠﺎﻧﺒﺔ ﻭﻣ ﺘﺨﺎﻳﺮ، ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺑﻠﻐﺖ ﻭﺃﻳﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺩﺍﺭ. ﻭﺃﻧﺖ- ﺍﷲ ﺣﻔﻈﻚ- ﺍﻷﺻﻮﻝ، ﻫﺬﻩ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﺍﻷﺭﻛﺎﻥ، ﻫﺬﻩ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﱃ ﻧﻈﺮﺕ ﺇﺫﺍ ﺃﻭﻓﺮ، ﻭﺍﻟﻌﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﻣﻦ ﻗﺴﻄﻪ ﻛﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮ، ﻭﺍﳊﺰﺍﻣﺔ ﺍﻟﻜﻴﺲ ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺒﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻓﻜﻞﹼ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ؛ ﻫﺬﻩ ﻋﻠﻰ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻭﻛﻞ ﺃﻋﺴﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻋﺎﻗﺒﺘﻪ ﺃﺧﺴﺮ، ﻓﻴﻬﺎ ﲡﺎﺭﺗﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻧﺰﺭ، ﻭﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻣﻦ ﺣﻈﹼﻪ. ﻭﻫﻮ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ؛ ﻭﺫﻭﻱ ﻔﻠﺔ ﺍﻟﺴ ﻭﺑﲔ ﻭﺍﻷﺷﺮﺍﺭ، ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ ﺑﲔ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﻳﻘﻊ ﻭﺑﻪ ﻭﺍﳌﻀﺎﺭ، ﺍﳌﻨﺎﻓﻊ ﲨﺎﻉ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﺍﳊﻖ ﺍﻟﻔﻌﻞ، ﻭﺍﻟﺸﺮ ﻭﺍﳋﲑ ﺍﻟﻘﻮﻝ، ﻭﺍﻟﻜﺬﺏﺪﻕ ﺍﻟﺼ ﻳﻨﺘﻈﻢ ﺑﺎﺏ ﻭﺍﳉﻮﺭ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ،

ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

  • Upload
    others

  • View
    15

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

وزيرين: كتاب ال أخالق وحيدي : املؤلف الت بو حيان أ

بسم اهللا الرمحن الرحيم

.احلمد هللا رب العاملني، وصلواته على خري خلقه حممد وآله الطيبنيأمتعك اهللا بنعمته عليك، وتوالك حبسن معونته لك؛ وأهلمك محده، وأوزعك شكره، ومنحك صنعه

إليك رأفته، وصرف رغبتك إىل ما خلص عندك نفعه عاجال، وتوفيقه؛ وألبسك عفوه وعافيته، وأوصلوحلت لك مثرته آجال؛ وعرفك ما يف الغيبة والفرة من اهلجنة والشناعة؛ وما يف إظهار العيب والتنديد من

العار والتباعة، وما يف اإلعراض عن أعراض الناس من السالمة والفائدة، وما يف مباقاهتم ومقاربتهم والتوقري هلم من الراحة والعائدة، حىت ال تأيت ما تأيت إال وأنت واثق بعاقبته ومرجوعه، وال تدع ما تدع إال وأنت حمسوم الطمع من خريه ومردوده، وحىت ال تتكلف إال ما يف وسعك وطاقتك، وال تكلف أحدا إال ما له

لوي فيما يتحمله لك ويتوخى فيه طريق إىل طاعتك وإجابتك، وعنده احلجة القوية يف تقدمي أمرك، والتمسرتك، ويقصد به جذلك وغبطتك، ويصري بالصرب عليه من أوليائك وشيعتك، وال خيرج معه إىل حمادتك

وخمالفتك، آلمر يعوز، وحادث يعرض، وعطن يضيق، وبال ينخزل، وطباع ختور، وحاسد يطعن، وعدو در حيرج، ولسان يتلجلج؛ بل يتلقى أمرك بالقبول، وينشط يعترض، وجاهل يتعجرف، وسفيه يتهانف، وص

خلدمتك بالتأميل ويرى أن ما يناله من رضاك فوق ما يبذل فيه جهده لك، وما حيرزه من ثوابك أضعاف ما يربزه من كدحه عندك، وما ينجو به من عتبكواستزادتكيويف على ما يتعلق بسعيه يف مرادك، وما يعز به

دك أرد عليه مما يذل به يف األول من اقتراحك، وما يقوى به من اليقني والطمأنينة يف كرامته الثاين من إمحا .عندك أكثر مما يضعف به من الترنح والشك يف بواره عليك

وهذا باب يرجع إىل معرفة األحوال إذا وردت مشتبهة مستبهمة، وعواقب األمور إذا صدرت مستنرية السالمة يف الدنيا والكرامة يف اآلخرة، وهبذه املعرفة يصح الصرف واملوازنة، متوضحة؛ ومثرة هذه املعرفة

ومتييز ما اختلف فيه مما اتفق عليه، وما ترجح بني االختالف واالتفاق، ومل يقم عند االمتحان والنظر على .ساق

تخاير، ومجانبة الوكال كيف وهذه حال ال تستفاد إال بقلة الرضا عن النفس، وترك اهلويين يف التشاور وال .دار األمر وأين بلغت الغاية

إذا نظرت إىل الدنيا وجدهتا قائمة على هذه األركان، جارية على هذه األصول، -حفظك اهللا - وأنت ثابتة على هذه العادة؛ فكل من كان نصيبه من الكيس واحلزامة أكثر، كان قسطه من النفع والعائدة أوفر،

.حظه من العقل والتأييد أنزر، كانت جتارته فيها أخسر، وعاقبته منها أعسروكل من كان وهذا الباب مجاع املنافع واملضار، وبه يقع التفاوت بني األخيار واألشرار، وبني السفلة وذوي األقدار؛ وهو

، والعدل واجلور باب ينتظم الصدق والكذب يف القول، واخلري والشر يف الفعل، واحلق والباطل يف االعتقاد

Page 2: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

فيما عم، واإلخالص واليقني فيما خص، والراحة والسلوان فيما بان ووضح، والقناعة والصرب فيما نأى ونزح؛ ومىت متت هذه املعرفة، واستحكمت هذه البصرية، كان اإلقدام على ثقة بالظفر، والنكول عن

.اطالع على الغيبا أخذ هبا وأعطى، وكان فيها أنفذ من غريه وأمضى؛ وهناك يحكم وهذه معان من أبصرها نقدها، ومن نقده

لبعده بالغور، ولصدره بالسعة، ولصيته بالطريورة، ولطباعه بالكرم، وخللقه بالسهولة ولعوده بالصالبة، عه، ومىت عاشرت من هذا نعته وحديثه نعمت م. ولنفسه باملداراة، ولوجهه بالطالقة، ولبشاشته باخلالبة

وسلمت عليه، وسعدت به، وكرمت لديه، وكان حظك من خاللته وجماورته الغبطة به، والغنيمة مبكانه؛ وأنى لك مبن هذا وصفه وخربه، ومن لك باملرء الذي ال بعده، مع اضطراب دعائم الدنيا، وتساقط أركان

:الدين؟ واألول يقول سوكيف التماس الدر والضرع ياب وما المرئ مما قضى اهللا مزحل وليس لرحل حطه اهللا حامل إن الربيء من اهلنات سعيد وما خري سيف مل يؤبد بقائم

تسل ولكن أين بالسيف ضارب اهللا يرزق ال كيس وال حمق والبر خير حقيبقة الرجل

:أبو سعد يف قوله ولقد أجاد املخزومي ليس إىل مكرمة سبيل ... اصطلح السائل واملسؤول

كل امرئ بشأنه مشغول... غال بإخوان الوفاء غول :وما أبعد اآلخر حني يقول

خالئقهم يف اللؤم واحدة النجر... أرى الناس شتى يف النجار وإن غدت عدمت الذي يعدي على حادث الدهر... تبا على الدهر أنين وقد زادين ع

.وهذا كثري، والداء فيه متفاقم، والقول عليه معاد مملولهؤالء شعراء، والشعراء سفهاء، ليسوا علماء وال حكماء، وإمنا يقولون ما يقولون، واجلشع باد : فإن قلت

قدر الرغبة والرهبة يكون صواهبم وخطأهم؛ ومن أمكن أن يزحزح عن منهم، والطمع غالب عليهم، وعلى احلق بأدىن طمع، ويحمل على الباطل بأيسر رغبة، فليس ممن يكون لقوله إتاء، أو حلكمته مضاء، أو لقدره

:رفعة، أو يف خلقه طهارة؛ وهلذا قال القائل جانا ويطري بثمنيهجوك م... ال تصحنب شاعرا فإنه

وهذا ألنه مع الريح، إن مالت به مال، يتطوح مع أقل عارض، ويجيب أول ناعق، ويشيم أي برق الح،

Page 3: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

وال يبايل يف أي واد طاح؛ فقد مجع دينه ومروئته يف قرن هتاونا هبما، وعجزا عن تدبريمها؛ فهو ال يكترث فال . جيبا، وكيف ذم كاذبا ومتحامال، وكيف مدح مواربا ومخاتالكيف أجاب سائال، وكيف أبطل م

، " إن من الشعر لحكما : " تفعل، فداك عمك، وشب ابنك، فإن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قد قال :، وكيف ال يكون كذلك وفيه مثل قول لبيد" وإن من البيان لسحرا : " كما قال وبإذن اهللا ريثي وعجل... ى ربنا خري نفل إن تقو

والشعر كالم وإن كان من قبيل النظم، كما أن اخلطبة كالم وإن كان من قبيل النثر، واالنتثار واالنتظام صورتان للكالم يف السمع، كما أن احلق والباطل صورتان للمعىن، وكذلك املثل يف السمع، وليس

ى النثر دون النظم، وال احلق مقبوال بالنظم دون النثر؛ وما رأينا أحدا أغضى على الصواب مقصورا عل :باطل النظم واعترض على حق النثر؛ ألن النثر ال ينتقص من احلق شيئا؛ وما أحسن ما قال القائل

على اجملالس إن كيسا وإن حمقا... وإنما الشعر لب املرء يعرضه بيت يقال، إذا أنشدته، صدقا... ن أشعر بيت أنت قائله وإ

وهذا باب ال يفيد اإلغراق فيه إال ما يفيد التوسط والقصد، فال وجه مع هذا لإلطالة، ولما يكون سببا .للمالمة

وقاعدا، وتقلبت أنت أحوجتين إليها، وجشمتين صعبها حىت نشبت هبا قائما - أكرمك اهللا -وهذه اجلملة يف حافاهتا خمتارا ومضطرا، وتصرفت يف فنوهنا محسنا ومسيئا، ملا تابعت إيل من كتاب بعد كتاب، تطالبين

يف مجيعه بنسخ أشياء من حديث ابن عباد وابن العميد وغريمها ممن أدركت يف عصري من هؤالء، منذ سنة زعمت أين قد خبرت هذين الرجلني من غمار الباقني، ووقفت على مخسني وثالمثائة إىل هذه الغاية، و

ولعمري قد كان . شأهنما، واستبنت دخائلهما، وعرفت خوايف أحواهلما، وغرائب مذاهبهما وأخالقهما .أكثر ذاك، إما باملشاهدة والصحبة، وإما بالسماع والرواية من البطانة واحلاشية والندماء وذوي املالبسة

ينبغي أن تضيف إىل ذلك ما يتعلق به، ويدخل يف طرازه وال خيرج عن اإلفادة بذكره، واالستفادة : وقلتمن نشره؛ فإن ذلك يأيت على كل ما تتوق إليه النفس من كرم ولؤم، وزيادة ونقص، وورع وانسالخ،

واستعفاف ونطف، ودهاء ورزانة وسخف، وكيس وبله، وشجاعة وجنب، ووفاء وغدر، وسياسة وإمهال،وغفلة، وبيان ووعي، ورشاد وغي، وخطإ وصواب، وحلم وسفه، وخالعة ومتالك، ونزاهة ودنس،

.وفظاظة ورقة، وحياء وقحة، ورمحة وقسوةبه وال حيلو موقع ذلك كله وال يعذب ورده، وال يغزر عده، وال ينقاد السمع له، وال يراح القلب: وقلت

إال بعد أن تدع احملاشاة وأنت مقتدر، وتفارق املخاشاة وأنت منتصر، وإال بعد أن تترك العدو واحلاسد ينقدان بغيظهما انقدادا، ويرتدان على أعقاهبما ارتدادا؛ فإن التقية يف هذا الفن مجزعة مضرعة، وركوب

.الردع فيه مأثرة ومفخرة

من جعل نفسه شاة دق عنقه الذئب، ومن صير نفسه نخالة أكله الدجاج، ومن نام : وقلت والعامة تقولعلى قارعة الطريق دقته احلوافر دقا، والكرب يف استيفاء احلق من غري ظلم، كالتواضع يف أداء احلق من غري

Page 4: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

؛ وكما أن الكالم يف ذل، وكما أن املنع يف موضع اإلعطاء حرمان، كذلك اإلعطاء يف موضع املنع خذالنموضع الصمت فضل وهدر، كذلك السكوت يف موضع الكالم لكنة وحصر، وكما أن القلوب جبلت

على حب من أحسن إليها، كذلك النفوس طبعت على بغض من أساء إليها؛ واجلبل والطبع وإن افترقا يف حسان، كذلك البغض نتيجة اإلساءة، وكما أن اللفظ فإهنما جيتمعان يف املعىن، وكما أن احلب نتيجة اإل

املنعم عليه ال يتهنأ بنعمته الواصلة إليه إال بالشكر لواهبها، كذلك املساء إليه ال جيد برد غلته ولذة حياته إال بأن يشكو صاحب اإلساءة، وإال بأن يهجو املانع، ويذم املقصر، ويثلب احلارم وينادي على اخلسيس

لساقط، والنذل اهلابط، يف كل سوق، ويف كل جملس، وعند كل هزل وجد، ومع كل شكل وضد؛ ميزان ا .عدل، ووزن بقسط، ونصفة مقبولة، وعادة جارية على وجه الدهر

ومن وجع قلبه وجعك، وأمل علته أملك؛ وحرم حرمانك، وخيب خيبتك، وجرع ما جرعته، وقصد : وقلتقصدت به، وعومل مبا شاع لك، قال وأطال، وكرر وسير، وأعاد وأبدى، وعرض وصرح، ومرض مبا

وصحح، وقام وقعد، وقرب وبعد؛ وإن عينا ترقد على الضيم للعمى أحسن هبا، وإن نفسا تقر على اخلسف .للموت أوىل هبا من حياهتا

وإن عز - وليعلم املرء : د يف رسالته حني قال احلق له؟ قالأما مسعت قول العاتب على ابن العمي: وقلتأنه ينعم له يف احلمد على - سلطانه، وعال مكانه، وكثرت حاشيته وغاشيته، وملك األعنة، وقاد األزمة

احلسن، والذم على القبيح، وأن املخوف يرتاب من ورائه كما يقرع املأمون يف وجهه، فأعالمها حاال .أكثرمها عند التقصري وباال

.وهذا باب يعرفه من الناس من ساس الناس؛ وهذا الكاتب يعرف باألشلولست أسألك أن ال تذكر من حديثهما إال ما كان جالبا ملقتهما، وداعيا إىل الزراية عليهما، : وقلت أيضا

ا قد شاع هلما وشهر عنهما، من فضائل مل وباعثا على سوء القول واالعتقاد فيهما، بل تضيف إىل ذلك ميثلثهما فيها أحد يف زماهنما، وال كثري ممن تقدمهما؛ فإن الفائدة املطلوبة يف أمرمها وشرح حديثهما، تأديب

النفس واجتالب األنس، وإصالح اخللق، وختليص ما حسن مما قبح، وتسليط النظر الصحيح، مع العدل ومما ينبغي أن ال تغفله وال تذهب عنه، : اشتبه بني احلسن املطلق والقبيح املطلق، وقلتاحملمود فيما أشكل و

باب اللفظ واملعىن يف الصدق والكذب، فإنك إن حرفت يف هذا : وتطالب نفسك بالتيقظ فيه، والتجمع لهال، ولفظك من أن بعض التحريف، أو جزفت يف ذاك بعض التجزيف، خرج معناك من أن يكون فخما نبي

موضوعة دون اللفظ املونق، والتأليف -يف اصالحها وفسادها -يكون حلوا مقبوال، ألن األحوال كلها وإمنا نبهتك على هذا شفقة عليك، وحرصا على أن ال : وقلت! املعجب، وقبل فاسد معناه لصاحل لفظه

مستوص ال تحوج إىل تنبيه بعنف، وإن أحوجت إىل - حبمد اهللا -يكون ملعنت وعائب طريق إليك، وأنت إذكار بلطف؛ وقد كان البيان عزيزا يف وقت البيان، والنصح غريبا يف وقت النصح، والدين مسترفا يف وقت الدين، إذ احلكمة معانقة بالصدر والنحر، مقبلة بكل شفة وثغر، خمطوبة من مجيع اآلفاق، يقرع من

أجلها كل باب، ويحرق على فائتها كل ناب، واألدب متنافس فيه، حمروص على االستكثار منه، مع شعبه الكثرية وطرائقه املختلفة؛ والدين يف عرض ذلك مذبوب عنه بالقول والعمل، مرجوع إليه بالرضا

Page 5: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

جماء، وملك الغىن والثراء والتسليم، مقنوع به يف الغصب واحللم؛ فكيف اليوم وقد استحالت احلال ع .الرؤساء والعلماء، وقل اخلائض فيما كسب زيادة أو نفى نقيصة، وأورث عزا أو أعقب فوزا

:وقلت

مقصورا غري مبسوط، أو بني املقصور واملبسوط، فإنه إن زاد على -إذا نشطت له - وليكن ذلك كله نظر إىل صحيحه بعني السقيم، وحكم على حقه بلسان الباطل، هذا التحديد طال، وإذا طال مل، وإذا مل

.وتخيل القصد فيه إسرافا، والعدل فيه جورا، وعند ذلك حيول عن هبجته ومائه، ورونقه وصفائهوأتيت به، وسحبت ذيلك عليه، ورفلت أعطافك فيه، قد مسعته وفهمته، -حاطك اهللا -ومجيع ما قلته

بسطته، ومجعته بذهين وفرقته، ونظمته عندي ونثرته؛ ولست جاهال به وال ذاهال عنه، وطويته يف نفسي وولكن من يل بعتاد ذلك كله، وبالتأتي له، وبالقدرة عليه، وبالسالمة فيه إن فاتتين الغنيمة فيه؟ مع صدري

، ومع األدب !توكل؛ نعمالضيق، وبايل املشغول ومع رزوح احلال، وفقد النصر، وسوء اجلزع، وضعف الاملدخول، واللسان امللجلج، والعلم القليل، والبيان النزر، واخلوف املانع؛ وإني ألظن أن الطائع لك يف هذه

اخلطة، واجمليب عن هذه املسألة، قليل التقية، سيء البقية، ضعيف البديهة والروية؛ ألنه يتصدى ملا ال يفي تمكن منه؛ فإن وىف واتسع ومتكن مل يسلم على كثري ممن يقرأ كالمه، ويتصفح أمره، به، وال يتسع له، وال ي

ويقص أثره، ويطلب عثرته؛ ألن الناس يف نشر املدح والذم، ويف بسط العذر واللوم؛على آراء خمتلفة، .ومذاهب متباينة، وأهواء مشتعلة، وعادات متعاندة

متعصب ملن تذمه وتعيبه وتنث القبيح عنه، فهو يغتفر : مرائهم، رجالن على أنهم، بعد شدة جداهلم وطول .له مجيع ما يسمع منك، صادقا كنت أو كاذبا، معرضا كنت أو مفصحا

أو متعصب على من متدحه وتزكيه وتفضله وتثين عليه، فهو يرد عليك كل ما تدعيه، محققا كنت أو مها أمران مثواك بينهما، راض : ا كنت أو مزخرفا؛ ولذلك قال بعض علماء السلف الصاحلمجزفا، موضح

عنك فهو مينحك أكثر مما هو لك، وساخط عليك يتنقصك من حقك؛ فرم ما ثلم الباغي بفضلة الراضي :حيث يقول يعتدل بك األمر؛ والشاعر قد فرغ من هذا املعىن وسيره يف قريضه املشهور املتداول

ولكن عني السخط تبدي املساويا... وعني الرضا عن كل عيب كليلة على أن هذا الشاعر قد أثبت العيب وإن كان قد وصفه بكلول العني عنه، ودل على املساوي وإن كان

يعمل عمله، ويبلغ السخط مبديها، وهذا ألن اهلوى مقيم البث والرأي جمتاز عارض، وال بد للهوى من أن - مبلغه، وله قرار ال يطمئن دونه، وحد هو أبدا يتعداه ويتجاوزه، وله غول تضل، ومتساح يبتلع، وثعبان

.ال يبقي وال يذر، والرأي عنده غريب خامل، وناصح جمهول -إذا نفخ ، واهلوى يف حيز العاجل، فضل ما بني الرأي واهلوى أن اهلوى خيص والرأي يعم: وقال بعض احلكماء

والرأي يف حيز اآلجل، والرأي يبقى على الدهر، واهلوى سريع البيود كالزهر، والرأي من وراء حجاب، الرأي : واهلوى مفتح األبواب ممدد األطناب؛ ولذلك قال أيضا بعض العرب، ويقال هو عامر بن الظرب

.اهلوى بفظاظة، وأيقظوا الرأي بلطافة نائم واهلوى يقظان، فأرقدوا

Page 6: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

:وقال الشاعر طفر اهلوى منه حبزم ضائع... كم من أسري يف يدي شهواته

مل أر كالعقل صديقا معقوقا، وال كاهلوى عدوا معشوقا؛ ومن وفقه اهللا للخري جعل هواه : وقال أعرايب .مقموعا، ورأيه مرفوعا

على ما وصفنا، وعلى وراء ما وصفنا مما ال نحيط به وإن أطلنا، فمىت خيلو -أبقاك اهللا - وإذا كان اهلوى من بعض اإلفراط تقربا إىل مأموله، وخالبة لعقله، واستدرارا لكرمه، وبعثا على تنويله - إذا مدح - املادح

من -إذا ذم - ميتا؟ أو مىت يسلم الذام وختويله؛ وهذه حال مصحوبة يف املمدوح إذا كان أيضا غائبا أو بعض اإلسراف تعنتا لصاحبه ومحال عليه باإلحناء الشديد، والقول الشنيع، والنداء الفاضح، واحلديث

املخزي، وجريا مع شفاء الغيظ وبرد الغليل؟ ألن جرعة احلرمان أمر من جرعة الثكل، وضياع التأميل ن مل جيعله اهللا هلا أهال أشد من الفقر، وإمنا يخدم من انتصب خليفة هللا بني عباده أمض من املوت، وخدمة م

بالكرم والرمحة، والتجاوز والصفح، واجلود والنائل، وصلة العيش وبذل مادة احلياة وما يصاب به روح هذا املوضع راكدة، الكفاية؛ وحرمان املؤمل من الرئيس ككفران النعمة من التابع ورحى احلرب يف

والقراع عليه قائم، واخلطابة يف دفعه وإثباته واسعة، والتمويه مع ذلك معترض، واإلعتذار مردود، والتأويل .كثري، والتنزيل قليل

- وكان يف عداد الوزراء وجلة الرؤساء، وإمنا قتله ابن بقية ألنه نعم له بالوزارة -ولقد رأيت اجلرجائي :لحامتي أيب علي، وهو من أدهياء الناسيقول ل

إمنا تحرم ألنك تشتم .وإمنا أشتم ألين أحرم: فقال احلامتي

.فأعاد اجلرجائي قوله .فأعاد احلامتي جوابه

.دع الدست قائمة، وإن شئت عملناها على الواضحة: فقال مث ماذا؟ قال احلامتين ال يسمعوا مدائحهم، وال يكترثوا مبراتبهم؛ وأن يعترفوا لنا مبزية يقطع هذا أ: قال احلامتي! قل: قال

األدب وفضل العلم وشرف احلكمة، كما خذينا هلم بعظمة الوالية، وفضل العمل، وبسط اليد، وعرض اب اجلاه، واالستبداد بالتنعم والطاق والرواق، واألمر والنهي، واحلجاب والبواب؛ وأن يكتبوا على أبو

اقطعوا أطماعكم عن خرينا وميرنا، ! ابعدوا عنا، ويا أصحاب األمل! يا بين الرجاء: دورهم وقصورهموأحمرنا وأصفرنا، ووفروا علينا أموالنا، فلسنا نرتاح انثركم يف رسالة تحبروهنا، وال لنظمكم يف قصيدة

م إىل أبوابنا، وصبركم على ذل حجابنا، وال نهش ملدحكم تتخيروهنا، وال نعتد مبالزمتكم جملالسنا، وترددكوقريضكم، وال لثنائكم وتقريظكم؛ ومن فعل ما زجرناه عنه مث ندم فال يلومن إال نفسه، وال يقلعن إال ، ضرسه، وال خيمشن إال وجهه، وال يشقن إال ثوبه، وإن من طمع يف موائدنا جيب أن يصرب على أوابدنا

فأما إذا استخدمونا يف جمالسهم بوصف حماسنهم، وستر مساويهم، . ومن رغب يف فوائدنا نشب يف مكايدنا

Page 7: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

واالحتجاج عنهم، والكذب هلم؛ وأن نكون ألسنة نفاحة عنهم فليثيبوا على العمل، فإن يف توفية العمال رنا بعد ذلك يف إعادة الشكر وإبدائه، وتنميق الثناء أجورهم قوام الدنيا، وحياة األحياء واملوتى؛ فإن قص

.وإفشائه، فإنهم من منعنا يف حل، ومن اإلساءة إلينا يف سعةلعمري إذا جئنا : وجم ساعة مث قال -حني مسع هذا الكالم النقي، وهذه احلجة البالغة -فرأيت اجلرجائي

ونفس ال لؤم فيها، فإن العطاء أوىل من املنع، والتنويل أوىل من إىل احلق، ونظرنا فيه بعني ال قذى هبا،احلرمان، واخلطأ يف اجلود أسلم من الصواب يف البخل، ألن الصواب يف البخل خفي جدا، وقل من يعرفه،

.واخلطأ يف اجلود حلو جدا، وقل من يكرهه .قا ال متاري فيهقد صدق هذا الرجل اجلليل يف هذا احلرف صد: وأنا أقول

.ولقد جرى بيين وبني أيب علي مسكويه شيء هذا موضعهيف إعطائه فالنا ألف دينار ضربة واحدة؟ لقد -وهو يعين ابن العميد -أما ترى إىل خطأ صاحبنا : قال مرة

.أضاع هذا املال اخلطري فيمن ال يستحق

أسألك عن شيء واحد واصدق، فإنه ال ! يها الشيخأ: بعد ما أطال احلديث وتقطع باألسف - فقلت له مدب للكذب بيين وبينك، وال هبوب لريح التمويه علينا؛ لو غلط صاحبك فيك هبذا العطاء وبأضعافه ما : وأضعاف أضعافه، أ كنت تتخيله يف نفسك مخطئا ومبذرا ومفسدا وجاهال حبق املال؟ أو كنت تقول

يته أرىب عليه؟ فإن كان ما تسمع على حقيقته، فاعلم أن الذي بدد مالك، وردد مقالك ول! أحسن ما فعلإمنا هو احلسد أو شيء آخر من جنسه، فأنت تدعي احلكمة، وتتكلم يف األخالق وتزيف منها الزائف،

.فافطن ألمرك، واطلع على سرك وشرك. وختتار منها املختارلتتبني أن اخلطأ يف العطاء مقبول، والنفس تغضي عليه، والصواب يف املنع - أبقاك اهللا - هذا ذكرته

ألن : " مردود، والنفس تقلق منه؛ ولذلك قال املأمون وهو سيد كرمي، وملك عظيم، وسائس معروف :، والشاعر يقول" أخطئ باذال أحب إيل من أن أصيب مانعا

هللا والناسال يذهب العرف بني اوإن كان يكفر النعمة بعض من أنعم عليه هبا، إنه ليشكرها كثري ممن مل يتلمظ حالوهتا، ومل يطعم فتاتة منها،

.ومل يسغ جرعة من غديرها، ومل يسحب ذيال من أذياهلاا طال القول فيه، وصدر هذا الكالم شبيه بشيء ال بأس بروايته يف هذا املوضع وإن مل يكن من قبيل م

.وتواىل النفس بهيا رب : يقول: لم مل تطعين، أي شيء يكون من جوابه؟ فقال: إذا قال اهللا لعبده: قال املأمون أليب العتاهية

.لو وفقتين ألطعتك .لو أطعتين لوفقتك: فإن اهللا يقول: قال

أيكون ما حيتاج إليه العبد نسيئة، وما يطالبه اهللا به لو وفقتين ألطعتك، : فإن العبد يقول: قال أبو العتاهية .فما يقطع هذا؟ قال يا أمري املؤمنني، اضرب عنه، فإن الدست قائمة: نقدا؟ قال املأمون

Page 8: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

وما خال الناس منذ قامت الدنيا من تقصري واجتهاد، وبلوغ الغاية، وقصور عن النهاية، : وأرجع فأقولواملذام، واملساوي واحملاسن، واملناقب واملثالب، والفضائل والرذائل، واملكارم واملالئم، وتشارك يف احملامد

واملنافع واملضار، واملكاره واملسار؛ ومن بعض ما يكون للقائل فيه مندوحه، وللشاغب به استراحة، وللناظر ا، وأبلغهم يمنا، وأرحبهم بضاعة، من فيه متسع، وللسامع فيه مستمتع؛ وأحسنهم حاال، وأسعدهم جد

كانت حماسنه غامرة ملساويه، ومناقبه ظاهرة على مثالبه، ومادحه أكثر من هاجيه، وعاذره أنطق من عاذله، واحملتج عنه أنبه من احملتج عليه، والنافح عنه أصدق من النافح فيه؛ وليس العمل على عدد هذه وهذه،

كون مع صاحب احملاسن من اخلصال اللئيمة ما يحبطها وجيتاحها، وخيتلعها، ويأيت عليها ولكن على أن ال يوإن صغر حجم تلك اخللة،وخمل اسم تلك اخلصلة؛ وأن يكون مع صاحب املساوي من اخلالل الكرمية ما

اصر هلا، وميد باع املتطاول إليها؛ وكما يغطيها، ويسبل الستر عليها، ويعني الذائد عنها، ويبيض وجه الن .وجدنا السيئات يحبطن احلسنات، كذلك وجدنا احلسنات يذهنب السيئات

والعمود الذي عليه املعول، والغاية اليت إليها املوئل، يف خصال ثالث هن دعائم العامل، وأركان احلياة، الدين، واخللق، والعلم، هبن يعتدل احلال، : لق يف املعاش واملعاد؛ وهنوأمهات الفضائل، وأصول مصاحل اخل

وينتهى إىل الكمال، وبهن تملك األزمة، وينال أعز ما تسمو إليه اهلمة؛ وهبن تؤمن الغوائل، وتحمد ت واملنافع، والعلم رباط اجلميع؛ وألن العواقب؛ ألن الدين جماع املراشد واملصاحل، واخللق نظام اخلريا

الدين بالعلم يصح، واخللق بالعلم يطهر، والعلم بالعمل يكمل؛ فمن سلم دينه من الشك واللحاء، وسوء الظن واملراء، وثبت على قاعدة التصديق مبواد اليقني الذي أقر به البرهان، وطهر خلقه من دنس املالل،

ولجاج الطمع، وهجنة البخل، وكان له من البشر نصيب، ومن الطالقة حظ، ومن املساهلة موضع؛ وحظي بالعلم الذي هو حياة امليت، وحلي احلي، وكمال اإلنسان فقد برز بكل فضل، وبان بكل شرف، وخال عن

.ار إىل الغاية القصوىكل غباوة، وبرئ من كل معابة، وبلغ النجد األشرف، وص

ومل أذكر لك العقل يف هذا التفصيل، وهو أوهلن، وبه يتم آخرهن، وعليه جمرى مجيع ما افتن القول به؛ ألنه موهبة اهللا العظمى، ومنحته الكربى، وباب السعادة يف اآلخرة واألوىل، وكان ما عداه فرعا عليه،

اإلنسان احلي الناطق فقد سقط عنه التكليف، وبطل عليه االختيار، وصار ومضموما إليه؛ ألنه مىت عدمهكبعض البهائم العاملة، وكبعض الشخوص املاثلة؛ وبه يعرف الدين، ويقوم اخللق، ويقتبس العلم، ويلتمس

؛ فليساألصل العمل الذي هو الزبدة؛ وقد يعدم العمل والعقل موجود، وقد يفقد اخللق والدين ثابتكالفرع، وال األول كالثاين، وال العلة كمجلوب العلة، وال ما هو قائم كاجلوهر، كما هو دائر كالعرض؛ فلهذا أضربت عن ذكره، وغنيت عن االستظهار به؛ وإذا متت فائدة الكالم فما زاد عليه لغو، وإذا استقر

.فيه املعىن فما أمل به فسادمن هذه اخلصال اليت ميزهتا واخلالل اليت نصصت القول فيها، على أنصباء خمتلفة، - داك اهللا ه -والناس

وهم فيها على غايات متنازحة، بالقلة والكثرة، والضعف والقوة، والنقصان والزيادة، ومن أجلها يتوخون لصة، ويحبون بالقلوب باحلمد على اإلحسان، وخيدمون بالشكر على اجلميل، ويحيون بالنصائح اخلا

Page 9: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

الصافية؛ ويثىن عليهم بالقرائح النقية، والطويات املأمونة، ويذب عنهم بالنيات احلسنة واأللسنة الفصيحة ويعاونون عند الشدائد احلادثة، والنوائب الكارثة، واألمور اهلائلة، واألسباب الغائلة، باملال املدخور،

باأليدي الباطشة، واألقدام الثابتة، واألرواح العزيزة، واألنفس الكرمية؛ والنصح املنخول، ويدفع عنهموكذلك يوكسون على التقصري بالالئمة، ويجبهون على اللؤم باآلبدة؛ ويذمون على التهاون بكل فاقرة،

نكرة، ويرمون بكل ويطوقون كل خزي ومعرة، ويواجهون بكل شنعاء مفضعة، ويغتابون بكل فاحشة م .ساقطة والقطة، ويحرقون بكل نار حامية، ويقذفون بكل مخجلة مندية

فهذا مجهور اخلبر عن حال املحسن إذا أحسن، وحال املسيء إذا قصر، وهم إذا كانوا على هذا السياق راق كرمية ولئيمة، واجملدود من ثابتني، وهلذا املنهاج سالكني، فإهنم يتنزعون إىل أصول حديثة وقدمية، وأع

بينهم من الث اهللا بيافوخه اخلري، وعقد بناصيته الربكة، وجعل يده ينبوع اإلفضال واجلود، وعصم طباعه .من اخلساسة والدناءة، وكفاه عار البطالة والفسالة ونزهه عن اإلسفاف والنذالة

والضمري املأمون، والغيب السليم، والعقل املؤرب، واحلق وهذا كله مثرة البصرية الثاقبة، والنية احلسنة،املؤثر وإن كان مرا، واألدب احلسن وإن كان شاقا، والعفافة اليت أصلها الطهارة، والطهارة اليت أصلها

هذا النزاهة؛ ومن عجن اهللا طينته هبذا املاء، وروح عنه هبذا اهلواء، وأطلق نفسه هبذا اجلو، وقلبه على البساط، وسقاه هبذا النوء، فقد أيده بروح القدس، ووصله بلطيف الصنع، وأكمل عليه النعمة اجلليلة،

وأنابه بالشرف احملسود، وميزه باملزية التامة، وخصه خبيم األنبياء، وألبسه جلباب األصفياء، وأتاه ضرائب .الصاحلني وأحضره توفيق املهديني املرضيني

عندي، ووضح يل أن الذي هاجك على هذا املعىن حىت حركتين له، وطالبتين - حفظك اهللا -صح وقداجتماعنا يف جمالس العلماء، : وذوي الشحناء. به، ومل ترض مني إال باملبالغة واالستقصاء وإال مبباداة األعداءديث النادر، واللفظ احلسن، فأضحك سنك مبا وتالقينا على أبواب احلكماء واألدباء أيام كنت أفكهك باحل

ملح وحر، وأزيدك من خالل ذلك كله خربة بالدهر وأهله، واعتبارا بالزمان وتصرفه، وأفتح عليك باب املؤانسة، وأصف لك أخالق الناس وما يفترقون به وجيتمعون عليه من غرائب األمور، وطرائف األحوال

با، وورق احلياة نضريا، وظل العيش ممدودا، وجنم الزمان متوقداومقترح النفس أيام كان عود الشباب رطيمواتيا، وروض املىن خضال، ودر النعمة متصال، وداعي اهلوى مشمرا؛ أيام رأسك فينان، وأنت كالصعدة

بك قصري، والنهار عليك حتت السنان، شطاطك معجب، وحديثك معشوق، وقربك متمنى، والليلمقصور، والعيون إليك طوامح، والعواذل دونك نوائح وذاك زمان مضى فانقضى، فأما غويا وإما رشيدا؛

وكان الوقت يقتضي ذلك ويسعه، واحلال تواتيه وحتمله، والعذر يقع لطالبه وملتمسه؛ لكين إذا نظرت إىل ملذبذب عليك حولك؛ وحايل اليت جعلك اهللا كافلها أملي املتعلق بك، وطمعي احلائم عليك، ورجائي ا

رأيت البدار إىل بغيتك أدبا حممودا، -وراعيها، وجامعها، وناظم ما انتثر منها، ومؤلف ما انتشر عنها .وحظا مدركا، والتراخي عن طاعتك حرمانا حاضرا، وعتبا مؤملا

تذاري من يسره عثاري، ويسوءه استمراري؛ وليس إال وهكذا صنيع الطمع؛ فقل يل ما أصنع إن رد اع

Page 10: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

الصرب فإنه مفتاح كل باب مرتج وبرود كل حران ملهج، وما زال الطمع قدميا وحديثا وبدءا وعودا يضرع اخلد الصقيل، ويرغم األنف األشم، ويعفر الوجه املفدى، ويغصن العارض املندى، وحيين القوام املهتز،

ويدنس العرض الطاهر؛ وحلا اهللا الفقر فإنه جالب الطمع والطبع، وكاسب اجلشع والضرع، وهو احلائل :بني املرء ودينه، وسد دون مروءته وأدبه،وعزة نفسه؛ ولقد صدق األول حيث قال

وقد كان لوال القل طالع أجند... وقد يقصر القل الفتى دون همه :وما كذب اآلخر حيث يقول مطامع نيل دنسته املطامع... إذ املرء مل يقن احلياء إذا رأى وأهوت عليه بالعيوب األصابع... إذا قل مال املرء قل صديقه

:وأجاد اآلخر حني قال والفقر يزري بأحساب وألباب... أزرى بنا أننا شالت نعامتنا

:وما أملح قول األعرايب يف قافيته إذا افتقرنا وقد نثري فنتفق... ما بال أم حبيش ال تكلمنا

.وصدق، ألهنا إذا حلقته على الفقر رغبت عنه ومل تواصله، وفركته واختارت عليه :وما أحسن ما قال بعد هذا يف وصف سريته وحسن عادة أهله، فإنه قال

نمارس العود حىت ينبت الورق... حطمة حتت لنا ورقا إنا إذا وصاحب الفقر إن مدح فرط، وإن ذم أسقط، وإن عمل صاحلا أحبط، وإن ركب شيئا خلط وخبط؛ ومل أر

شيئا أكشف لغطاء األديب، وال أنشف ملاء وجهه، وال أذعر لسرب حياته منه، وإن احلر اآلنف، والكرمي .تعيف من مقاساته والتجلد عليه، لفي شغل شاغل وموت مائتامل

وعلى ما قدمت من هذه الكلمات، وأطلت به هذا الباب، فقد امتثلت أمرك وسارعت إليه، وأرجو أن هتب يل فيه رضاك إن وقه موقعه الذي أملته، وهتديين إىل الصواب إن زل عن حدك الذي حددته، وما غاية

قصارى مهيت منه، إال أن أكون سببا قويا فيما حاز لك الشكر مني، وأوفر عليك احلمد عني، أملي به، و :وأذاقك حالوة مدحي ومتجيدي، والشاعر يقول

من فرعه الثمر احلميد... العرف أصل يجتنى وفعاله غض جديد... يبلى الفىت يف قربه

المة إذا غلبين اليأس من الغنيمة، وأضيف إىل منت احلديث فوائد كثرية، وأجتهد وسأجعل قصدي حنو السمعذرا، وأتقصى معذورا، وأحكم متكرما، وأقول ما أقول رائيا؛ وراويا؛ على أين ال أثق باخلاطر إذا طاش،

فإن اهلوى يعمي ويصم، ولعل وال باللسان إذا همز، وال بالقلم إذا استرسل، وال باهلوى إذا اشتمل وسول؛ .الغيظ جيرح ويجهز

وهذه آفات متداركة ال سبيل إىل التغاضي عنها، والسالمة عليها، وذاك ألن الكالم يف محد من يحمد، وذم عجز؛ من يذم، إن نمق تنميقا دخله التزيد، واملتزيد مقلي، وإن أرسل على غراره شانه التقصري، واملقصر م

Page 11: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

وألن يدخله التقصري فيكون دليال على اإلبقاء، أحب إيل من أن يدخله التزيد فيكون دليال على اإلرباء؛ على أن من وصف كرميا أطرب، ومن أطرب طرب، والطرب خفة وأرحيية تستفزان الطباع، وتشبهان

كون على الغيظ، والغيظ نار القلب، احلصيف بالسخيف؛ فأما من حدث عن لئيم فإن أساس كالمه يوخبث اللسان، وتشنيع القلم، فكيف اإلنصاف يف وصف هذين الرجلني على هذين احلدين، مع سرف اهلوى، ووقان الغيظ، وعادة اجلور، وداعية الفساد، وصارفة الصالح؟ وهذه أعراض ال حميص منها وال

بعض هذا يهتك ستر احللم وإن كان كثيفا، ويفتق جيب التجمل أمان من اعترائها، وال واقي من تعاورها، و .وإن كان مكفوفا، ويخرج إىل اجلهل وإن كان يقبحه متقدما

وكنت مهمت ببعض هذا منذ زمان، فكبح عناين عن ذلك بعض أشياخنا وقصر إراديت دونه، وزعم أن جوزان اخلوض فيه؛ ألن الغيبة والقذع والعضيهة االختيار احلسن، واألدب املرضي ينهيان عنه، وال ي

والتقيح والسب املؤمل والكالم القاشر، واملكاشفة باملالمة والشتيمة بال مراقبة ليست من أخالق أهل ال تكونن األرض أكتم منا للسر؛ : احلكمة، وال من دأب ذوي األخالق الكرمية، وقد قال بعض احلكماء

يعة يف األعراض، ومباداة الناس بالسفه، وثلبهم بكل ما جاش يف الصدر، وتذرع به اللسان، ومن اعتاد الوقوهل احللم إال يف كظم الغيظ، ويف جترع : فليس ممن يذكر خبري، أو يرجى له فالح، أو يؤمن معه عيب؛ قال

هذب الندب الذي ال جيد العيب املضض، ويف الصرب على املرارة، ويف اإلغضاء عن اهلفوات؛ ومن لك بامل :إليه مختطى، واألول يقول

على شعث أي الرجال املهذب... ولست مبستبق أخا ال تلمه لو تكاشفتم ما تدافنتم، ولو تساويتم ما تطاوعتم؛ وال بد من هنة تغتفر، ومن تقصري يحتمل، : وقيل

ملة تحبب، ومن ناقش يف احلساب فقد رغب عن سجاحه اخللق، وحسن امللكة واالستقصاء فرقة، ويف املسا .وإيثار الكرم

وهذا الذي قاله هذا الشيخ الصاحل مذهب معروف، وصاحبه محيد، ال يدفعه من له مسكة من عقل وسرية لوالية، وعامل غريه صاحلة يف الناس، وأدب موروث عن السلف؛ وليت هذا القائل ويل من نفسه هذه ا

هبذه الوصية، وليته بدأ الكالم وما شاهبه الرئيس الذي قد أخرج تابعه إىل هذا العناء والكد، وإىل هذا القيام ال، ولكنه رأي جانب البائس احملروم ألين، وعذل املنتجع املظلوم أهون، وزجر املتلذذ مبا ينثه ! والقعود

.قبل عليه واعظا، وأعرض عن ظامله محابياويستريح به أسهل؛ فأوبعد فصاحب هذا القول وادع غري محفظ، وموفور غري منتقص، وناعم البال غري مغيظ، وصحيح اجلناح

غري مهيض؛ ولو شيك حبد قتادة لكنا نقف على عريكته كيف تكون، وعلى شكيمته كيف تثبت، وكنا .العافية من حر البالد يف شيءنعرف ما يأمتر عليه، وليس برد

وملا وقعت الفتنة أيام املهلب كان أبو سعيد احلسن بن أيب احلسن يثبط الناس عن الوثوب مع بين املهلب يف قتال أهل الشام، وقام بذلك مقاوم شقت على مروان بن املهلب، فقام مروان ذات يوم خطيبا، وحث

بلغين أن هذا الشيخ الطاحل املرائي يثبط الناس عن : عرض باحلسن فقالالناس على اجلد واإلنكماش، مث

Page 12: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

الطلب حبقنا واهللا لو أن جاره نزع من خص داره قصبة لظل أنفه راعفا، ودمعه واكفا، وقلبه الهفا، ولسانه جه لإلطالة به؛ وال أقول إن قارفا، وينكر علينا أن نطلب ما لنا، وكالما غري هذا غادرناه قادرين؛ ألنه ال و

مروان بن املهلب، أحق مبا قال من احلسن، ولكن احلسن تكلم على مذهب النساك، ومروان قابل ذلك .مبذهب الفتاك

ليس املضطر كاملختار، وال احملرج كالسليم، وال املوفور كاملوتور، وال كل حكم -أبقاك اهللا - ويف اجلملة التابع كاملتبوع، واآلمل كاملأمول، -عافاك اهللا -له يلزم املتناهي يف حاله؛ ومىت كان يلزم املتوسط يف حا

.واملستميح كاملنعم، واملغبوط كاملرحوم، واملدرك، كاحملروم؛ هذا يف منقطع الثرى، وذلك يف قلة املزنأخالق حممد بن اجلهم، ومدح هذا عمرو بن حبر أبو عثمان، وهو واحد الدنيا، كتب رسالة طويلة يف ذم

أخالق ابن أيب دواد، وبالغ يف الوصفني، وخطب على الرحلني، ومل يترك قبيحة إال أعلقها حممدا، وال حسنة إال منحها أمحد، وحىت جعل ابن اجلهم مع إبليس يف نصاب واحد، وابن أيب دواد مع ملك يف نقاب

وما أحسن مادل . إذا غضب فسب، أو رضي فمدح وأطنب" ن حب عمل من طب مل" واحد؛ وهكذا :على هذا املذهب أشجع السلمي بفحوى كالمه، فإنه قال

خطبوا إيل املدح باألموال... أعلي لوم أن مدحت معاشرا اإلجاللعن كل متكأ من ... يتزحزحون إذا رأوين مقبال

.وإذا مل يكن عليه لوم يف مدح املحسن إليه، فكذلك ال عتب عليه يف ذم املسيء إليهنعم، وأفاد أبو عثمان يف رسالته فوائد ال خيفى مكاهنا على قارئها، وقام فيها مقام اخلطيب املصقع، والسهم

ه يد يف الفضل، وقدم يف احلكمة، وعرفان النافذ، والناصر املدل، واملنتقم املستأصل؛ فهل قال أحد ممن لبئس ما صنع وساء ما أتى به؟ بل : باألمور، وقوله معدود فيما يقال، وحكمه مقبول فيما يثبت ويزال

.هتادوه وحفظوه، واستحسنوه وتأدبوا به، وحذوا على مثاله وإن كانوا وقعوا دونهال -عافاك اهللا -نشروا أحاديث الكرام واللئام؟ وكثري من الناس ومل صنف الناس املناقب واملثالب؟ ولم

اذكروا الفاسق مبا : " -صلى اهللا عليه وسلم - غيبة هلم، أو يف غيبتهم أجر، وقد وقع يف اخلرب عن النيب إن البخيل ال غيبة له، : مث قالذم بشر احلايف خبيال : وحدثنا برهان الصويف قال" . فيه كي تحذره الناس

اجلد بن : يا بني سلمة من سيدكم؟ قالوا: " -لقول رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : وكيف؟ قال: قيل .فذكره وليس هو باحلضرة" . فأي داء أدوى من البخل : قيس على بخل فيه، قال

احلمد : زل عن الوزارة وكان مستخفا بأيب العيناء فوقف عليه أبو العيناء وقالوهذا عيسى بن فرخانشاه عهللا الذي أذل عزتك، وأذهب سطوتك، وأزال مقدرتك، وأعادك إىل استحقاقك ومنزلتك، فلئن أخطأت

ا عنك؛ فال فيك النعمة، لقد أصابن منك النقمة، ولئن أساءت األيام بإقباهلا عليك، لقد أحسنت بإدباره .أنفذ اهللا لك أمرا، وال رفع لك قدرا، وال أعلى لك ذكرا

فهل قال أحد بئس ما صنع؟ وليس للراضي عن املحسن أن يطالب املساء إليه بأن يكون يف مسكه وعلى .حال اعتدا له، ألن بينهما يف احلال مسافة ال يقطعها اجلواد املرب وال الريح العصوف

ما دخلت عليه قط إال ظننت أنه من طالئع القيامة؛ قصري : مد بن طاهر عند أيب العيناء فقالوذكر حم

Page 13: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

القامة، مشؤوم اهلامة؛ خرج من خراسان وهو أمريها، ويطمع فيها وهو طريدها، ويلي على أسري الصغار .طليق اهلزمية

مت القول فيه؛ وأنا أرويها على وجهها ألهنا ووجدت رسالة أليب العباس عبيد اهللا بن دينار على ما قد .مفيدة، رواها يل املنصوري القاضي بأرجان

:أوهلا

إن الشاكر للنعمة، وإن أطنب وأسهب، ال : إن يف الشكر، وإن قل، وفاء حبق النعمة وإن جل، بل أقول" نعمته صارت سببا لشكره، وداعية يلحق شأو املبتدئ هبا، وال خيرج بأقصى سعيه من أداء حقه فيها؛ ألن

عائدة بثناء -حيث حلت - لذكره، فلها فضل سبقها وموقعها وفضلها، فإن الشكر من أجلها، وإهنا .مجيل، وثواب جزيل؛ وال خالف بني احلكماء أن اجلالب خري من اجمللوب، والفاعل خري من املفعول

بلغت يب ما وراء احملبة، وناديتك فأجبت من قريب، ولذت ومن يل بشكرك وأنت الذي ملا قصدتك بالرغبةبك فأنزلت الرب والترحيب، فلممت مين شعثا، ورعيت يل سببا لوال رعايتك لكان رثا، ووفرت علي نعمة

اجلاه واليد، وقمت يل مقام الركن والسند، فأصبحت يل على الدهر معينا، ومن أحداث الزمان مالذا ، وما زلت بكل خري قمينا، وجددت يل أمال قد كان أخلق، وأمسكت مين بالرمق، وتلقيت دوين حصينا

نبوة من عاتبك واستزادك، وجفوة من تغبطك فكادك؛ يف حني عز الشفيق، وخذل الشقيق، وجار الزمان، سا قلقة، فأنا، يف قصوري عما وتواكل اإلخوان؛ فكشف اهللا بك تلك الغموم املطبقة، وسكن برأيك مني نف

:أوجبه اهللا علي لك، كما قال الشاعر بدلت الساعة بالدهر... لو أن عمري ألف حول وقد

نطقت من شكرك بالعشر... وكان يل ألف لسان ملا ن أمل يناط فشكر اهللا لك ما أتيت، وتولى جزاءك على ما حتريت، وكافأك بأحسن ما نويت، وال أخالك م

بك لتحققه، وظن يصرف إليك فتصدقه، وشكر يوفر عليك فتستحقه، وصان لك من النعمة راهنها، وبلغك أقصى ما تؤمل منها، وتفضل عليك مبا ال حتتسب فيها؛ وكل ما أغفلناه من الدعاء لك مما يرغب

.سبابهاملرء يف مثله، فوهب اهللا يل فيك، ووهبه لك يف كل أفأما فضائلك واملواهب املقسومة لك فقد قادت إليك مودات القلوب ووقفت عليك خبيات الصدور،

وارهتنت لك شكر الشاكر، وردت إليك نفرة النافر، وحاطت لك الغائب واحلاضر، وأفحمت عنك لسان رجة األدب واهلمة املنافر، وقصرت دونك يد املتطاول، وطامنت لك خنوة املناضل، وأوفت بك على د

.والرياسةفبلغك اهللا ذرى احملبة واألمل، ووفقك لصاحل القول والعمل، وال زالت ربوع احلرية معمورة بطول عمرك، واملكارم مؤيدة بدوام تأييدك، وال برحت أيامك حمفوفة بالعز والسعادة، ونعمتك مقرونة بالنماء والزيادة،

.اطك بيده من أيدي احملن، وفداك من النوائب واألحداثووقاك اهللا بعينه من األعني، وحوالنكب من قد فقئت به عني النعمة، واتضعت مبكانه رتبة اهلمة؛ فال يصدر عنه آمل إال خبيبة، وال يضطر

Page 14: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

د نكث، إليه حر إال مبحنة؛ إن أؤتمن غدر، وإن أجار أخفر، وإلن وعد أخلف، وإن قدر اعتسف، وإن عاهوإن حلف حنث؛ تصدأ مبحاورته األفهام، وتصطرخ منه الدولة واألقالم، سيان قام أو قعد، وغاب أو

شهد؛ إن كشفته كشفت عن علج فدم، يقضى له بكل خسة وذم، ومل يقف للحرية على ربع وال رسم، ناءة ولوعا، مل يسلك إىل اجملد طريقا، وال عرف مكرمة يف يقظة وال حلم؛ أسوأ الناس صنيعا، وأشدهم بالد

وال وجد يوما من اجلهل مفيقا، أوىل الناس بشتم وقذف، وأجدرهم مبجانة وسخف، ينطق قبح خلقه من سوء، خلقه، ويدل بركاكة عقله على لؤم أصله؛ إذا اكتنفته احلوادث لوى عنها شدقه، وإن لزمه احلق لواه

ر اهللا حظه من الفدامة كما قصر به يف القامة، فهو بكل لسان مهجو، ولكل حر عدو، وإن وحمقه؛ وقد وفعوتب على الزهو والتيه، أقام فيهما على متاديه؛ يلوث عمته على دماغ فارغ، ومحق ظاهر سائغ، فهو يف

.أخر حاالته، عند نفسه كما قيل، صورة ممثلة أو هبيمة مهملةذا الفصل بقول فاضت به النفس بعد امتالئها، وجاشت به بعد تردده فيها، وما اضطرين إليه إال وصلت ه

تتابع املكروه من جهته، والشر الذي ال يزال يتعقبين به، وأنه حني وج غرة اهتبلها، وملا رأى الفرصة والتعصب، وأظهر التسلط انتهزها، ومل يرض حىت حسر عن الذراع يدا، فكشف القناع وجرد العداوة

.والتغلب

وأنا أعتذر إليك من أن أصل خماطبيت لك مبثله، وإن كنت أجعله مبنزلة اللهو الذي أستعني به على احلق، من مل يذمم املسيء مل حيمد املحسن، ومن مل يعرف لإلساءة : واهلزل الذي أستريح به من اجلد؛ وقد قيل

.ن موقعامضضا، مل جيد عنده لإلحساوعلى أين لست أدري أميلي إليك أصدق، أم احنرايف عنه أوثق، ورغبيت فيك أشد، أم زهدي فيه أوكد، وموديت لك أخلص، أم أنا على مصارمته أحرص، وسكوين إليك أمت أم نبويت عنه أحكم، وأنا على ذمه

روءة أجزل، أم حظه من الدناءة والقلة أطبع، أم يف محدك أبدع؟ كما لست أدري أحظك من اهلمة واملأجل، ومكانك من احلزامة والكرم أرفع، أم حمله فيهما أوضع؟ وكيف يقرن بك أو يساوي، وما أتأملك يف

حال من األحوال إال وجدتك فيها حساما قاضبا، وشهابا ثاقبا، وعودا صليبا، ورأيا عند معضل اخلطوب يف مشائل حلوة عذاب، وأخالق معجونة بآداب؛ ال تتجاىف عن مكرمة، وال تخل لذي أمل حبرمة، مصيبا؛

وال تؤودك اخلطوب إذا اعتورتك، وال تتكاءدك اجلهات إذا اكتنفتك، قد تعرقتك األيام حباليت النعمى وأثبت من الليل جنانا، وأمسح والبلوى، فكشف منك عن أمضى من الدهر عزما، وأرزن من رضوى حلما، .من صوب الغمام ندى، وأمنع من السيف جانبا، وأعز من كليب وائل صاحبا

وما أتأمله يف حال من األحوال إال وجدته برقا كاذبا، ورأيا عازبا؛ ركاكة ظاهرة، ونذالة وافرة، وهيئة شأ أدب، وال راضته أولية حسب، فهو دهره على وجل خسيسة، ونفسا على الذم حبيسة؛ مل ينشأ من

وذعر؛ إن صال فعلى القريب الداين، وإن هم فبمضالت األماين، فليس تتجاوز صولته عبده، وال خياف عدوه كيده، قد مجع إىل القبح املخرب، بشاعة املنظر، وإىل دمامة اخللق سوء اخللق؛ إذا فكر املفكر فيما أويت

ن احلظ، ومنح من احلال، أيقن بعلو اجلهل وفوز قدحه، وإكداء الباطل وكساد رحبه؛ هو واهللا كما قال م

Page 15: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

:الشاعر وتلك اليت يأيت اللئيم من الفعل... عدو ملواله عدو صديقه على أقربيه ظاهر الفحش واجلهل... مقلمة أظفاره عن عدوه

:أخطأ بوجهه قول احلمدوينوما فصور وجهه منها... كأن دمامال جمعت

والعجب كل العجب، واحلديث الذي عندي سيان فيه الصدق والكذب، ما يظهره من االحنراف :واالزورار، على ما يب عنه من السلوة واالصطبار؛ وما حمله فيما يأتيه إال حمل أم عمرو وما قيل فيها

فال رجعت وال رجع احلمار... ال ذهب احلمار ألم عمرو أبل هجوه واهللا الفائدة اليت جيب يف مثلها الشكر، واألحدوثة اليت حيسن فيها الذكر؛ فأما غضبه وتغيظه

:فغضب اخليل على اللجم الدالص؛ وأنا أقول فيه كما قيل وإن كنت مل تغضب إىل اليوم فاغضب... ما فإن كنت غضبانا فال زلت راغ

واهللا لو كانت له مثل أياديك اليت هلا مين موقع القطر يف البلد القفر، ولطف حمل الوصل بعقب التصارم واهلجر، ملا وجدين محتمال له أذى، وال مغضيا له على قذى؛ ولو كان ختويفه إياي مبثل إعراضك الذي

يقلق الوساد، ويمرض الفؤاد، ملا ألفاين له معتبا، وال إليه مغتذرا؛ فكيف وهو من ال جيب له حق أدناهالصنيعة، وال ذمام أدب، وال ذمار معرفة؛ مل أسر برضاه ملا رضي فأساء بغضبه وقد غضب، وال نفعين إقباله

:فيضرين إعراضه، أنه حبمد اهللا كما قيل وإن يغضب فإنك ال تبالي... ال ينفعك يوما فىت إن يرض

لست واهللا أحفل به أقبل أم أدبر، وسكن أم نفر، وال أبايل حبالتي سخطه ورضاه، وال بأوىل أمره وال فأدام اهللا له سورة النبوة واإلعراض، وأعانه على اجلفوة واالنقباض، وال أخاله من الغضب . بأخراه

.االمتعاض؛ فقد رضينا بذلك فيه حظا، واكتفينا به فيه وعظاو :كتب ابن مكرم الكاتب إىل أيب العيناء: وأخربنا املرزباين عن الصويل قال

لست أعرف طريقا للمعروف أحزن وال أوعر من طريقه إليك، وال مستزرعا أقل زكاء وال أبعد من ثمره " عندك؛ ألن املعروف يضاف منك إىل جنب دين، ولسان بذي، وجهل قد ملك عنانك، خري من مكانه

وشغل زمانك؛ فاملعروف عندك ضائع، والشكر لديك مهجور، وإمنا غايتك يف املعروف أن حتوزه، ويف بسم اهللا الرمحن الرحيم: فكتب إليه أبو العيناء. " موليه أن تكفره

أتيت بلفظ ضعفه فيك يوجد... فإنما وأنت كما قال اإللهأما بعد فقد وصل إيل كتابك؛ سبك وعرك، ولقد كان لك يف سديف وبغا ما يشغلك عن البذاء، ولكن اهللا

).إذا أراد بقوم سوءا فال مرد له وما لهم من دونه من وال(من أهل ماذرايا، وهنالك حلت بك اخلزايا، من غري نقص ألهلها، وال دفع لفضلها، وأنت امرؤ تزعم أنك

ألنك تحبها وتشنؤك، وتنتمي إليها وتدفعك؛ وإن امرءا مكرم أبوه جلدير عند الفخر أن يعفر فوه؛ وأما

Page 16: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ك وألخيك أنك ال تنيك وال ينيك، أمك فامرأة من املسلمات الغافالت، والغفلة مقرونة باخلري، والعجب لفعالم غررمت احلرائر واستهديتم املهائر، وأنتم قوم تلفقون ما يأفكون، واله أعلم مبا توعون؛ وفيم خطبتم النساء وأنتم تخطبون، وكيف نقدمت املهور مع حاجتكم إيل الذكور، مث أظهرمت حب النسا، وبكم عرق

ادعيتم يوم احلرب الطعان، وأنتم معشر تخرون لألذقان، ولكم يف كل يوم وقاع تلفون وقعا النسا، وكيفللصدور، والرماح يف أعجازكم متور، وقد طبتم أنفسا بأن أصبحت نساؤكم عند جريانكم، ورجالكم عند

أظهرمت الدف، ونقرمت الدف، وأكثرمت - لعمري -غلمانكم، فإذا سببتموهن بالزنا سببنكم بالبغاء، وقد الطعن وادعيتم اإلثآر؛ فلما احتيج منكم إىل اللقاء، وتنجز منكم الوفاء، اهنزم اجلمع ووليتم الدبر، فقبحا

.لكم آل مكرم قبحا يقيم ويلزم الدمولكن على أعجازكم يقطر ... فلستم على األعقاب تدمى كلومكم

فيا بؤسى للعروس وإزارها الذي مل يحلل، وفرعها الذي مل يبلل، وللظبية الغريرة وطرفها الفتان، وقوهلا أنك وأباك وأخاك جند ما هنالك مهزوم : لألتراب، أما آلل مكرك زباب؟ وقد زعمت النساء، غري ما إفك

.من األنباطا أحزن وال أوعر من طريقه إيل، وال مستزرعا أقل زكاء وال أبعد وذكرت أنك ال تعرف للمعروف طريق

.من مثره خري من مكانه عنديفلو كان ما وصفت على ما ذكرت ملا حلقك كفر إنعام، وال شكر إحسان، لقصور جدتك عن التفضل

عليها أعين أم الفلك، لو وجدت فضال لوجهت به إىل العاملني! بلى، أستغفر اهللا. ومهك عن األفضالجل األمر عن احلرش، ! القاضية عليك باهللك؛ وأين أنت فيلحقين إكرامك، أو ينالين إنعامك؟ هيهات

ال تعرف للجماع طريقا أسهل مأتى وال -وأىن لك بجعفر -وعفى السيل العطن؛ ولكنك يا أبا جعفر .ليك؛ هذا مع دنس أثوابك، ووضر أطرافك، وننت أرواحكأقرب مأخذا من طريقه إليك، وحلوله ع

وزعمت أن املعروف حيصل مين يف حسب دين ولسان بذي، فانظر لك الويالت كيف ارتقيت، وإىل من تعديت؟ وهل فوق رسول اهللا صلى اهللا عليه مفخر، وهل عن خلفاء اهللا مرغب؟ ولوال عدل سلطاننا

القتدار مينع احلر من االنتصار، مع دقتك عن اجملازاة، وسقوطك عن املالحاة، وفضل أحالمنا، وأن ا .الصطملك مني االعتزام؛ فاشكر لؤمك إذ نجاك، وخصمك إذ رفع قدره عنك

:وأما البذاء فما أعتذر إليك من إقماع اللئيم وتعظيم الكرمي، ولذلك أقول ومل أشتم اجلبس اللئيم املذمما... صادقا إذا أنا باملعروف مل أثن

وشق يل اهللا املسامع والفما... ففيم عرفت اخلري والشر بامسه عن فالن، وأنا أخربك باألثر الذي يدل على صحة - أبقاك اهللا -سألتين : وأما اجلاحظ فإنه يقول يف رسالةوال -رمحك اهللا -اخلفي، والظاهر الذي يقضي على الباطن؛ فتفهم ذلك اخلرب، وبالواضح الذي يدل على

.قوة إال باهللا

Page 17: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

فمن ذلك أين رأيته، وهو يف جريانه كاحليضة املنسية، وكلهم يعرفه باألبنة، وله غالم مديد القامة، عظيم الثياب، ويثابر على العطر ودخول اهلامة، ذو ألواح وأفخاذ وأوراك وأصداغ؛ أشعر القفا، يلبس الرقيق من

املدبر ألمره، واملشفع لديه، واحلاكم على مواله -مع هذه الصفة - احلمام، ويتزين ويقلم األظفار؛ وكان دون بنيه وأهله وخاصته، والصارف له عن رأيه، إىل رأيه، وعن إرادته إىل هواه، وكان أكثر أهله معه

لوة، وال يبيت إال معه، وإذا غضب حزنه غضبه وطلب رضاه، وكان أيام واليته ال جلوسا، وأطوهلم به خيتقدمه قريب وال بعيد، وال شريف وال وضيع؛ إن ركب فهو يف موضع صاحب احلرس من اخلليفة، وإن

نت أهون قعد ففي موضع الولد السار والزوجة البارة، وإن التوت على أحد حاجة كان له من ورائها، وكا .عليه من خلع نعليه، وكان يبيت يف حلافه

فحكمنا عليه هبذا احلكم الظاهر، وال حكم القضاة بالتسجيل، وختليدها يف الدواوين، وال كاإلقرار باحلقوق .وشهادات العدول

داوة، احذر فالنا، فإن ظاهره بر وغيبه ع: وكتب العتيب إىل صديق له حيذره رجال، ويصف أخالقه فقالوإن أفشيت إليه حديثك وضعه عند عدوك، وإن كتمته إياه شتمك عند صديقه، ال يصلح لك عند نفسه

حىت يفسدك عند غريه؛ وهو صديقك مبا يلزمك من حقه، وعدوك مبا يضيع من حقه عليك؛ إن دنوت منه بالعتب، وإن تركه عير به؛ صاحبه بأذاه، فإن غسله باإلعتاب أعاده... آذاك، وإن غبت عنه اغتابك، يلطخ

السالمة منه أنال تعرفه، فإن عرفت فهو الداء، إن تداويت مل ينفعك، وإن تركته قتلك، أخلط الناس جده .هبزله ليمنعك ما يف يده منع هزل، ويغلبك على ما يف يدك مسألة جد

مكرم ضد امسه، وخطيئة أبيه وأمه، يا أما بعد يا بن: ووجدت أيضا رسالة أليب هفان إىل ابن مكرم وهيسبة العار على سبته، ولعنة إبليس على لعنته، ما أظنك من نطفة، وال كانت لواضعتك عذرة؛ أفرغك أبوك

:من سلحة على سلحة، وأجراك من أمك يف فقحة إىل فقحة، فأنت كما قال الشاعر رتين احتكتا يف طلبهشع... لعنة اهللا على نتنيهما

أولك زينة وآخرك أبنة، فكلك لعنة يف لعنة، تقصع القمل بأسنانك، ومتسح مخاطك بلسانك، وتستنزل منيك ببنانك، ومين غريك بعجانك، عبدك يصفعك، وخادمك يقمعك، وكلبك يلطعك، وصديقك

قك ماء العذرة، وكل خاللك قذرة؛ وأنت لألحرار عياب، يقطعك، نفسك فساء، وخشمك خراء، وريوبني الكرام منام، وأنت لألدباء حاسد، وللعلماء شامت، وباجلليس هامز، ويف املحسن إليك غامز، تظهر

جورك، وتتعدى طورك، مهني يف نفسك، عرة يف جنسك، حالف يف كل حق وباطل، كذوب على اجلاد .أن تهجى، وتستدعي أن تزنى، وقد سبق القول يف مثلك، مع نذالة فعلك، ولؤم أصلكواهلازل، تطلب

واملدح عنك كما علمت جليل... أما اهلجاء فدق عرضك دونه عرض عززت به وأنت ذليل... فاذهب فأنت طليق عرضك إنه

ال لوجه الرمحن، فاهلجاء من - عتق ألست الشيطان -الصفعان يا بن الكشخان القرنان الديوث -فأنت أن يعذب بك يف أمان، فأنت بعز لؤمك يف سلطان، معرفتك تشني، وقطيعتك تزين، وذكرك سبة، وقتلك

Page 18: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

قربة، ال يحصي اخللق عيوبك، وال تثبت احلفظة ذنوبك، أنت باهللا مشرك، ويف خلقه متهتك، نقصك ض، ودينك مرفوض، وبكل قبيح منعوت، وعند العامل ممقوت، أحسن آدابك الزندقة، وأفضل مفرو

حاالتك الصدقة، نذل األبوة، رذل األخوة، عدو املروة، مل تؤمن بنبوة، ومل تعرف بفتوة، تقصد الكرمي مهات الرجال، ال صوم وال صالة، بسبابك، فيذلك بترك جوابك، جئت بأم من محام الدجال، توازي هبا أ

وال صدقة وال زكاة، ال تغتسل من جنابة، وال هتتم بإنابة، عقوقك بأبيك أنه غرب من يدعيك، لقاتلك أرفع الدرج، وما على قاذفك من حرج، وكل ذلك باآليات واحلجج، احلد لتارك وصفك، والنار للمطنب يف

معايبك ثواب أكثر مما لك من العقاب، لك خلقت سقر، ومن أجلك مدحك، ولقارئ مثالبك وكاتب يعذب البشر، أحسن يف عينيك من القمر، ما تستدخله من الكمر، هتيب املؤمنات واملؤمنني، وتقذف

:احملصنات واحملصنني، إذا ليسوا لك بآباء، ولست هلم يف عداد أبناء، فأنت كما قال الشاعر ت ولست من أبنائها... املحصنا مغرى بقذف

وإن غلطت بكلمة طريفة، أو حجة - آنف للعلم الذي حويته، وأغار على الشعر الذي رويته، فأنت سفيه على إفراط قذرك، حسود على شدة -حكيمة، أو نادرة مليحة، اعتبارا للسامع وفكرة للعاجب

فال تحسن وتجاب وتذعن، إن تركت عبثت، وإن عبث بك بخرك، ووقاع على قاتل ذفرك، تمازح، فاستمع يشبهك يف األيام، يا " كمثل الكلب، إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث " استغثت، فمثلك

:كما قيلعيب املعايب، ويا شني احملاضر واملغايب، فلك املثل األسفل، والقياس األرذل، والشبه األنذل على شينه يا فاضحا للفضائح... وأدعوك لألمر الذي أنت شينه

ووجدت أيضا رسالة أفادنيها أبو حممد العروضي البن محاد يف أيب مقلة أيب علي يمزقه فيها، ويذكر خساسة كذلك تركت غريها أصله، وسقوط قدره، ولؤم نفسه، وفحش منشئه، تركت ختليدها يف هذا املكان، و

.هربا من التطويلوبعد فحمد املحسن وذم املسيء أمران جاريان على مر الزمان مذ خلق اهللا اخللق، وعلى ذلك جيري إىل أن

يأذن اهللا بفنائه، وهو عز وجل أول من حمد وذم، وشكر والم، أال تراه كيف وصف بعض عباده عند ، وعلى هذا، فإنه أكثر من أن )إنه كان صادق الوعد(، وقال يف آخر)العبد إنه أوابنعم : (رضاه عنه فقال

هماز مشاء بنميم مناع : (يبلغ آخره، مث انظر كيف وصف آخر عند سخطه عليه وكراهته ملا كان منه فقال ).لك زنيمللخير معتد أثيم عتل بعد ذ

.وهذا فوق ما يقول خملوق يف خملوق: خبيل، معتد أثيم: ينقل الكالم القبيح، مناع للخري: العياب، ومشاء بنميم: اهلماز: وقال احلسن البصري

.الدعي: جاف، والزنيم: ظلوم ذميم، عتل .يعتل إذا غلظ عليه، وعنف به يف القود نراه من قوهلم جيء بفالن: العتل: قال أبو سعيد السريايف

وكيف يأمث اإلنسان يف غيبة من كان قلبه نغال بالنفاق، وصدره مريضا بالكفر، ونفسه فائضة بالقساوة، ووجهه مكسورا بالصفاقة، ولسانه ذربا بالفحش والبذاءة، وسريته جارية على الكيد والعداوة، وعشرته

لنكد والرداءة؛ وقد أثىن اهللا على واحد ولعن آخر، وحط هذا إىل احلش ورفع ذلك إىل العرش، ممقوتة با

Page 19: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

وعاتب، وأنب والم وذم؛ وكذلك رسوله صلى اهللا عليه وسلم، ومن تقدمه من األنبياء واملرسلني واألولياء لقدوة والعمدة، وإليهم ينتهى يف كل املخلصني؛ وعلى هذا فورق السلف الطاهر، والصحابة العلية، وهم ا

.حال، وعليهم يعتمد يف كل أمر ذي بالفمن ذا يزري على هذا املذهب إذا خرج القول فيه معضودا باحلجة، ممدودا باملعذرة، معقودا بالنصفة،

سهل طرق، مع وكان فيه برد الغليل، وشفاء الصدر، وختفيف الكاهل من ثقل الغيظ على أمجل وجه وأ مساحمة ظاهرة، وتغافل عريض؟

ركوب هوى وافق حقتا، وإدراك شهوة ال تثلم دينا، وقضاء : أي شيء ألذ؟ قال: وقيل لبعض الصاحلنيوطر ال يتحيف مروة، وبلوغ مراد ال يسير قالة قبيحة؛ واملذهب األول مذهب الزهاد واملتأبدين،

.ورع واملتعبدينوأصحاب الوحنن قد بينا األصل يف هذا الباب، فليس بنا حاجة إىل التكثري؛ وكيف يلزمنا حكم من يتعجرف يف قوله

.وخيتار على رأيه، ويعترض جبورهوحنن قد اقتدينا باهللا رب العاملني، وجرينا على عادة األنبياء واملرسلني وأخذنا هبدي عباد اهللا الصاحلني؛ وإمنا

كل القول يف هذا املذهب على قوم مدحوا الصمت، وكرهوا كثري القول؛ وقليل الكالم عندهم فضل، أش .وكثريه هجر، وفيه اللغو الذي جيب أن يتجنب، واحلشو الذي ال ينبغي أن يعتاد

شدق املكروه ال يعرفون فضل ما بني التفيهق املذموم والبالغة احملمودة، والت -أكرمك اهللا -وهؤالء قوم واخلطابة احلسنة، وما هو من باب البيان املشتمل على احلكمة، وما هو من باب العي الشاهد باهلجنة؛ ومىت

كان ذكر املهتوك حراما، والتشنيع على الفاسق منكرا، والداللة على النفاق خطال، وحتذير الناس من من قام باملوازنة وباملكايلة، وعرف الفرق بني املكاشفة واجملاملة؛ الفاحش املتفحش جهال؟ هذا ما ال يقوله

وإمنا غزر األدب، وكثر العلم، وجزلت العبارة، وانبعجت العرب، واستفاضت التجارب، ملا وقفوا عليه من أنباء الناس وقصصهم وأحاديثهم يف خريهم وشرهم، ويف وفائهم وغدرهم، ونصحهم ومكرهم، وأمورهم

ختلفة عليهم، واحلسن الذي شاع عنهم، والقبيح الذي لصق هبم، واملكارم اليت بقيت هلم، والفضائح اليت املركدت عليهم؛ والدنيا دار عمل؛ فمن عمل خريا ذكر به، وأكرم من أجله، ولحظ بطرف الوقار، وصني

الوزن الراجح، والوجه املسفر؛ عرضه عن لصوص العار والشنار، وأحلق بأصحاب التوفيق، ومن له عند اهللاومن عمل شرا ليم عليه، وأهيم من أجله، ونظر إليه بعني املقت، وألصق بعرضه كل خزي، وبيع فيمن

ينقص ال فيمن يزيد؛ واجلزاء وإن كان مؤخرا إىل دار اآلخرة ألهله، فإن بعض ذلك قد يعجل ملستحقه، ).ذلك لهم خزي في الدنيا، ولهم في اآلخرة عذاب عظيم: (نزيلهوهلذا قال اهللا عز وجل يف ت

والذي ذكرته عن اجلاحظ فليس هو أول من اقتضبه وسنه، بل قد سلف فيه قوم كرام، وخلف عليه ناس ، وكذلك أصبت أنا قرأت رسالة البن املقفع يف معايب بعض آل سليمان ابن علي اهلامشي. من جلة الناس

رسالة لسهل بن هارون يف مثالب احلراين، ورأيت أيضا رسالة لسعيد بن حميد يف فضائح آل علي بن .هشام؛ وحىت الصويل باألمس ذم بعض بين املنجم يف رسالة له

Page 20: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

د فاحلمد هللا الذي أما بع: كتب أبو العيناء إىل أمحد بن أيب دؤاد: وحدثنا محزة املصنف عن أيب البغدادي قالوقال أبو : وهي طويلة، قال: حبسك يف جلدك، وأبقى لك اجلارحة اليت هبا تنظر إىل زوال نعمتك، قال

لوال أن القدر يعشي البصر، ملا هنى وال أمر، ومن غريب هذا الفن رسالة أليب العباس حممد بن يزيد : العيناء .للعمري يف رقاعات الفضل بن سهل ذي الرياستنييف خبائث احلسن بن رجاء، ورأيت أيضا رسالة

فأما الشعراء وأصحاب النظم، وأرباب املدح واهلجاء، والثلب واحلمد، والتشنيع والتحسني فهم كالطم والرم؛ ال يكسبون إال هبذا املذهب، وال يعيشون إال على هذا االختيار، وهلم اهلجاء املنكر، والقول

ع املؤمل، واللفظ املوجع؛ والتعريض الذي يتجاوز التصريح، والتصريح الذي جيمع كل قبيح، املخزي، والقذ .وأمرهم أظهر من أن يدل عليه، وشأهنم أبني من أن يردد القول فيه

.وإمنا املدار الصدق يف القول، وعلى تقدمي احلق يف العقد، وقصد الصواب عند اشتباه الرأي وغلبة اهلوى

إمنا نسألك : املالئكة، قيل: ما قول أيب احلرث محني وقد سئل عمن حيضر مائدة حممد ابن حيىي، وجوابهفأالذباب فإن هذا من باب التملح واجملانة، وليس من قبيل الصدق يف شيء؛ وإن كان : عمن يأكل معه، قال

القدر ال يقلب الصدق كذبا، وال بعض الصدق مشوبا، وبعض احلق ممزوجا فال بأس وال حرج، فإن ذلكيحيل احلق باطال وأين احملض من كل شر، واخلالص من كل خري؟ إنك إن رمت ذاك يف عامل الكون

والفساد، ودار االمتحان والتكليف، مع هذه الطبائع املختلفة، والعناصر املتمازجة، واألسباب القريبة، املمتنع خائب، ومحاول ما ال يكون مكدود معنى، وحمدود معدى، رمت حماال، ورائم احملال خابط، وطالب

ومرجعه إىل الندم، وغايته األسف الذي يشجو النفس، ويمرس الفؤاد، ويوجع القلب ويضاعف األسى، .ورمبا أفضى إىل العطب

ذنا فيما أنشأنا له هذا مجلة من القول رأينا تقدميها واالستظهار هبا، قبل أخ - حاطك اهللا - قد ذكرنا الكالم، قصدا لفل حد الطاعن، وحسما ملادة احلاسد، وتعليما للجاهل، وإرشادا للمتحير، واحتجاجا على من يدل حبفظ اللسان، وكتمان السر، وطي القبيح، ومساملة الناس، واغتفار املنكر؛ وهو مع ذلك يف قوله

شبه، والثعبان يف وجاره، حىت إذا غمز غمزة، أو وخز وخزة، رأيت معاقد كاألسد يف غيله، والنمر يف أحلمه متحللة، ودخائر صربه منتهية، وكظمه الذي كان يدل به مفقودا، وجلده الذي كان يدعيه باطال؛

د مواتاة األمور، على السالمة من النفس واملال، وطيب القلب، ورخاء البال، وعن -وما أكثر من يتكلم باحلكمة البالغة، واملوعظة احلسنة، وبالنظر الدقيق، واللفظ الرقيق، حىت -وطاعة الرجال، ومساعدة املراد

إذا التوت عليه حال، وتعسر دون مراده أمر، وعرض يف بعض مطالبه تعقد، مسعت له هناك زخرة وخنرة، تحلم، والصرب والتصبر؛ خيرج من فروته عاريا من احللم وضجرة، وكفرة، كأن مل يسمع باحللم وال

والكظم، بادي السوأة بالبذاء واجلهل، كما خيرج الشعر من العجني، ولعل ما نزل به وحل عليه مل يرزأه .زباال وال مسح عنه عذارا

ال يحب اهللا اجلهر بالسوء من ( :وهذا هو اللئيم الذي بلغك، والساقط الذي مسعت به واهللا تعاىل يقولإال من لم يكرم، يف ضيافته، فإن كان هذا : ؛ وروى أصحابنا عن ابن عباس أنه قال)القول إال من ظلم

Page 21: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

التأويل صحيحا، وهذا الوجه معروفا، فأنا ذلك املظلوم، وال بد ملن ظلم من أن يتظلم، وكيف يكون ، ولو كان املظلوم )ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل: (إذا انتصر ظاملا، واهللا يقولاملظلوم

إذا تظلم ظاملا، لكان الظامل إذا ظلم معذورا؛ وكما هجن اهللا لوم املحسن، فكذلك حسن توبيخ املسيء، را، كذلك آجر على جرح من كان مدخوال؛ أال ترى أن التقرب إىل وكما أثاب على تزكية من كان طاه

اهللا بعداوة أيب جهل، وذمه ولعنه وذكر لؤمه وخساسته، كالتقرب إىل اهللا بوالية أيب بكر ومدحه والترحم صلى اهللا عليه، كما عليه وذكر فضله وبالئه ونصرته؛ وهذا مستمر يف غري أيب جهل ممن عادى اهللا ورسوله

أنه مستمر يف غري أيب بكر ممن أطاع اهللا ورسوله؛ وإمنا األمور بعواقبها، واملذاهب بشواهدها، والنتائج .مبقدماهتا، كما أن الفروع بأصوهلا، واألواخر بأوائلها، والسقوف بأساسها

ال أذكر ابن العميد مبا ال بينة يل معه، ولست أدعي على ابن عباد ما ال شاهد يل فيه، وال ناصر يل عليه، ووال برهان لدعواي عنده، وكما أتوخى احلق عن غريمها إن اعتراض حديثه يف فضل أو نقص، كذلك

أعاملها به فيما عرفا بني أهل العصر باستعماله، وشهرا فيهم بالتحلي به، ألن غاييت أن أقول ما أحطت به .خربا، وخفظته مساعا

وسهل علي أن أقول، مل يكن يف األولني واآلخرين مثلهما، وال يكون إىل يوم القيامة من يعشرمها اصطناعا للناس، وحلما عن اجلهال، وقياما بالثواب والعقاب، وبذال لقنية املال، ولكل ذخر من اجلواهر والعقد؛

ا يف كل فضل وعلم قصب السبق، وأن أهل األرض دانوا هلما، وأهنما بلغا يف اجملد والذروة الشماء، وأحرزوأن النقص مل يشنهما بوجه من الوجوه، وأن العجز مل يعترمها يف حال من األحوال؛ وأهنما كانا يف شعار

يف إمام الرافضة وعصمته املعروفة، وأن االستثناء مل يقع يف وصفهما يف حال، ال يف الصناعة واملعرفة، وال األخالق واملعاملة، وال يف الرياسة والسياسة، وال يف األبوة، والعمومة، وال يف األمومة واخلؤولة، وأن

الوالدة قرت على شرف املحتد، واملنشأ جرى على كرم املولد؛ فاجلوهر فائق يف األصل، واجملد عميم يف خلري شامل يف احلديث املشهور، والنجابة معروفة عند الويل الفرع، والنصاب مقوم بالقدمي املذكور، وا

والعدو، والعرق نابض بكل فعل رضي، والغور بعيد على املتأمل، واألمر كله عال عن املتطاول، وأنه كما وإن كان يقال هلذا؛ ابن العميد لنباهة أبيه، كذلك كان يقال لذاك ابن األمني خلري كثري كان فيه، أن العميد

مقدما يف الكتابة، فقد كان األمني معظما يف الديانة، والكتابة صناعة تدركها اخللوقة، والديانة حلية ال ، )واآلخرة خير وأبقى: (تزداد إال اجلدة، وتلك الدنيا هي زائلة، وهذه اآلخرة وهي باقية، واهللا تعاىل يقول

واألمني كان . على أن األمني كتب لركن الدولة كما كتب العميد لصاحب خراسان ؛)وما عند اهللا باق(ينصر مذهب األشناين تدينا وطلبا للزلفى عند ربه، والعميد كان يعمل لعاجلته؛ وإن قلت كان األمني معلما

.احلنطة بقموكان والد العميد خناال يف سوق : بقرية من قرى طالقان الديلم، قيلفدع هذا ونظريه، وأنك مىت أردت أن تحصي صنائع ابن العميد وابن عباد أردت عسريا، ومىت أثرت أن

تحصل فضائلهما حاولت ممتنعا، وأهنما كانا بالسياسة عاملين، وألولياء نعمهما ناصحني، وإىل الصغري بين، وألمواهلما باذلني، وألعراضهما صائنني، ويف مرضاة اهللا والكبري متحببين، وعلى القاصي والداين حد

Page 22: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

دائبني، وعلى هدي أهل التقى جاريني، ومن كل دنس ونطف بعيدين نزهني؛ وأهنما لو بقيا لنزل عليهما د، الوحي، ولتجدد هبما الشرع، وسقط مبكاهنما االختالف، وزال بنظرمها ما فيه األمة من هذا العيش النكوالشؤم الشامل، والبالء احمليط، والغالء املتصل، والدرهم العزيز، واملكسب الدنس، واخلوف الغالب،

ولكانت األرض تخرج أثقاهلا، وتلفظ كنوزها، ويستغين من أمل الفقر أهلها، ومن فضيحة احلاجة أرباهبا، .ويعود ذوي الدين ناضرا، وخامل املروة نبيها

قد يسمع هذا الكالم مين من شاهدمها، وتبطن أمرمها، وخرب حاهلما وعرف ما هلما وما عليهما، فال ولكنيتماسك عن زجري وخسائي وإسكايت ومقيت، وال ينهنهه شيء عن مقابليت بالتكذيب واللوم، وال جيد بدا

انظروا إىل هذا : ال يلبث أن يقولمن أن يرد قويل يف وجهي، وال يسعه إال ذاك بعد ازدرائي وجتهيلي، والكذب الذي ألفه، وإىل هذا الزور الذي فوقه، والباطل الذي وصفه، واحلق الذي دفعه بسبب ثوب لعله

أخذه، أو درهم ثىن عليه كفه، أو حاجة خسيسة قضيت له؛ تبلغ قلة الدين وسوء النظر فيما يتعقب ا مقروفا بالزندقة والكفر، ويقرظ آخر معروفا باإلحلاد والسخف، بالتقبيح والتحسني أنه ميدح واحد

ويصف باجلود من كان أخبل من كلب على عقي صيب ويدعي العقل ملن كان أمحق من دغة؛ ومن أظلم ممن واملتأخر يصفالسفيه باحلصانة، واللئيم بالكرم، واملتعجرف باألناة، والعاجز بالكفاية، والناقص بالزيادة،

بالسبق، والعنيف بالرفق، والبخيل بالسخاء، والوضيع بالعالء، والوقاح باحلياء، واجلبان بالغناء؟ فال يكون حينئذ لقويل قابل، وال حلكمي ملتزم، وال لنصبي مرجوع، وال لسعي نجح، وال لصوايب مختار، وال حلدائي

.قمستمع؛ ويف اجلملة ال يكون لدعواي مصد

بعد قصدي له من مدينة السالم وإناخيت بفنائه مع شدة العدم -ولعمري لو انقلبت عن ابن عباد واإلنقاض، واحلاجة املزعجة عن الوطن، وصفر الكف عما يصان به الوجه؛ وبعد ترددي إىل بابه يف غمار

سخه حىت نشبت به تسعة أشهر خدمة الغادين والرائحني، والطامعني الراجني، وصربي على ما كلفين نببعض ما فارقت من أجله األعزة، - وتقربا، وطلبا للجدوى منه، واجلاه عنده، مع الضرع والتملق

وهجرت بسببه اإلخوان، وطويت له املهامه والبالد، وعلى جزء مما كان الطمع يدندن حوله، والنفس حتلم ناس يعذرونه وحيققونه، لكنت إلحسانه من الشاكرين وإلساءته من الساترين، به، واألمل يطمئن إليه، وال

:والشاعر يقول. وعند ذكره باخلري من املساعدين املصدقني، وعند قرفه بالسوء من الذابني املمتعضني من يعط أمثان احملامد يحمد

:واآلخر يقول واحلمد ال يشترى إال بأمثان

:لواآلخر يقو ومصدر غبة كرم وخري... وإن اجملد أوله وعور

جتود مبا يضن به الضمري... وإنك لن تنال اجملد حتى يهاب ركوبها الورع الدثور... بنفسك أو مبلكك يف أمور

Page 23: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

:واآلخر يقول علوممما يضن به األقوام م... والحمد ال يشترى إال له ثمن

والبخل مبق ألهليه ومذموم... واجلود نافية للمال مهلكة :وقال اآلخر

فيحرزه يعرر به ويحرق... ومن ال يصن قبل النوافذ عرضه يصن عرضه من كل شنعاء موبق... ومن يلتمس حسن الثناء مباله

تلي يب، ورماين عن قوسه مغرقا فأفرغت ما كان عندي على رأسه مغيظا؛ ولكنين ابتليت به، وكذلك هو ابوحرمين فازدريته، وخصين باخليبة اليت نالت مين، فخصصته بالغيبة اليت أحرقته، والبادي أظلم، واملنتصف

:أعذر؛ وكنت كما قال األول اهللا علقم أجل وعلى من صبه... وإن لساين شهدة يشتفى به

ولئن كان منعين ماله الذي مل يبق له، فما حظر علي عرضه الذي بقي بعده، ولئن كنت انصرفت عنه خبفي حنني لقد لصق به من لساين وقلمي كل عار وشنار وشين، ولئن مل يرين أهال لنائله وبره، إين ألراه أهال

من خمازيه، ولئن كان ظن أن ما يصري إيل من ماله ضائع، إين لقول احلق فيه، ونث ما كان يشتمل عليهألتيقن اآلن أن ما يتصل بعرضه من قويل شاعر، واحلساب يخرج احلاصل من الباقي، والنظر مييز الصحيح

:ر يقولمن السقيم، واالعتبار يفرد احلق من الباطل، واملنصف يف احلكم يعذر املظلوم ويلوم الظامل، والشاع فلن متنعونا إذن أن نقوال... فإن تمنعوا ما بأيديكم

:وقال آخر نرى الظلم أحيانا يشل ويعرج... فيا قومنا ال تظلمونا فإننا

فريسة حلم ليس عنها مهجهج... ويترك أعراض الرجال كأنها :وقال آخر إن كان أغناك عني فهو يغنيين... يقبض الدنيا ويبسطها إن الذي

أن ال أحبكم إذ مل تحبوني... ماذا علي وإن كنتم ذوي رحمي على العدو فخلوهم وخلوني... يا قوم إن حصايت ذات معجمة

:وقال آخر ألطيب نفسا عن نداك على عسري... ين لئن طبت نفسا عن ثنائي إن

على شدة اإلعسار منك إىل شكري... فلست إىل جدواك أعظم فاقة مدح زياد األعجم بعض العمال فحرمه ورأى لكنته فاستحقره، فدخل : وروى احلزنبل عن أيب األعرايب قال

:فأنشده ومل يحمها مني أحبت حماهما... ه وكنت إذا ما عامل عق أم إذا ألبسا كانا بطيئا بالهما... كسوتهما بردين من يمنية

Page 24: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

وأجهل الناس يف ارتفاع منزلته، من ظن أن عرضه يف خفارة قدرته، وأن املقدم عليه متعرض لنكريه، وخري ال ببعض امليسور، حىت ال يقرف بشيء ال غاسل له، وال نافح عنه؛ ما من هذا الظن أن حيتمل أمل مفارقة امل

الذي ربح اليزيدي حني آسد الشاعر الذي حرمه على نفسه حىت قال فيه شيئا شافيا لغليله منه مبا بقي على :أست الدهر، وذلك قوله

قد شاب مما عليه تحلب الكمر... بنو اليزيدي يف أدبارهم شعر من البغاء مبا مل ميتحن بشر... أما حبيشة منهم فهو ممتحن

وكل جارحة يف جسمه ذكر... بوده أن كل الناس من حمر واهللا للخروج من الطارف والتالد أسهل من التعرض هلذا القول والصرب عليه وقلة االكتراث به، وهلذا

هلجاء كما تبكي الثكلى من النساء، وذلك لشرف نفوسها ونزاهتها عن كل ما بكت العرب من وقع ا .يتخون مجاهلا ويعيب فعاهلا

ومما يختل به الرئيس ويذهل عليه أنه ينظر إىل مجاعة بني يديه قد أحسن إىل كل واحد منهم وقربه وأعطاه نباهة لقدره، وال جهارة ملنظره، وال شهرة المسه واختصه بشيء وأنابه حبال، وإذا رأى واحدا بعد هؤالء ال

ومنصبه حقره، وثىن طرفه عنه، وأغضاه دونه، ومل يهش لذكره ورؤيته، واعتقد أنه ليس بذي حمل يبايل به، وال يبني يف غمار الباقني؛ أو جيب على ذلك احملروم أن يذكره مبا هو أغلب عليه، وأشهر عنه، وأن يعد نيل

كرما قد عم، وأن كان إخفاقه وحده لؤما قد خص؟ وهذا موضع يشكل قليال، وتطول فيه اخلصومة غريه بني اآلمل واملأمول، على أن الكرم واالحتجاج ال جيتمعان، واللؤم واالحتيال ال يفترقان؛ وقد أمل الشاعر

:بطرف من هذا املعىن بقوله والسكوت ليس مبجدي موقع... إن تكلمت مل يكن لكالمي

يف جميع اإلخوان أم يف وحدي... فأبن يل أكل هذا التواين واجب أن أعده لك عندي... أم ترى ما اصطنعته عند غريي

أن السؤدد ال يكون إال باحتمال خصال من الصرب واحللم والتكرم : والذي أقول غري حمتشم وال مراقبل والعطاء والتفقد، وهن أثقل مما يعانيه الزائر بأمله، والفقري برجائه، والشاعر بطمعه، واملنتجع والبذ

بزيارته؛ اللهم إال أن يكون السيد جيري يف هذه األخالق والشيم على اهلوى فيعطي من كان روحا عنده، ثقل السؤدد شيء، ألنه قد ميز ما خيف عليه وأحلى مشائل وألطف فضال، وأعرب قوال، فهذا ليس عليه من

إنك : مما يثقل، وما يتصل بنفسه مما ينبو عنه، وما هذا السؤدد ما قال أبو األسود الدبلي لعبيد اهللا بن زياد لن تسود حىت تصرب على سرار الشيوخ البخر، وهذا الكالم كامليل، وقال الشاعر،

لن تبلغ اجملد حىت تلعق الصبرا... له ال حتسب اجملد تمرا أنت آكاألمحق يف ماله، الذليل يف عرضه، املطرح حلقده، املعين بأمر مجاعته؛ : من السيد؟ قال: وقيل لعدي بن حامت

فليس يسود املرء إال بعد أن يسهر من أول ليله إىل آخره فكرا يف قضاء احلقوق، وكف السفاه، وازدراعاحملبة يف القلوب، وبعث األلسنة على الشكر؛ ويف اجلملة من جهل حقك، فليس يلزمك أن تعترف حبقه،

ال خير : " ومن مل ينظر فيما لك عليه، مل جيب عليك أن تنظر فيما له عليك؛ وقد قال رسوله صلى اهللا عليه

Page 25: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

" .لك يف صحبة من ال يرى لك مثل ما ترى له ع للمحسن إليك وإن كان عبدا حبشيا، وانتصف ممن أساء إليك وإن كان حرا قرشيا؛ ومن وقد قيل تواض

:صفات الكرمي ما قال الشاعر وإن اللئيم دائم الطرف أقود... وإن الكرمي من تلفت حوله

:وقال آخر باوأيسرنا عن عرض والده ذ... لحا اهللا أكبانا زنادا وشرنا زمان ترى يف حد أنيابه سغبا... رأيتك ملا نلت ماال وعضنا فأمسك وال جتعل غناك لنا ذنبا... جعلت لنا ذنبا لتمنع نائال

:وقال آخر كما استغاث بباقي ريقه الشرق... نال الغنا بعد فقر فاستغاث به

الرجلني يف الكرم واللؤم فقد رفعت املرية، وإذا أقمت الشاهد على وإذا احتججت بالعيان يف وصف هذينالدعوى فقد منعت من الالئمة، وإذا رأيت الضرورة فقد بلغت الغاية؛ وأي خفقة للقلب بعد اليقني، وأي

ق وإن وحشة للنفس بعد االستصبار، أم أي بقية على املحتج إذا وصل الربهان، أم كيف يستحيا يف احل .كان مرا، أم كيف يعتذر من الصدق وإن كان موجعا

.هذا ما ال يكلفه حكيم، وال يأمر به مرشد، وال حيث عليه ناصحوهذا مبدأ أخذي يف حديث ابن عباد على ما يتفق من تربيته ووضعه، غري آخذ يف أهبة، وال محتفل

.بتقدمةه على سعة كالمه، وفصاحة لسانه، وقوة جأشه، وشدة منته، وإن كان يف فأول ما أذكر من ذلك ما أدل ب

.فحواه ما يدل على رقاعته وانتكاث مريرته، وضعف حوله، وركاكة عقله واحنالل عقدهملا رجع من همذان سنة تسع وستني وثالمثائة بعد أن فارق حضرة عضد الدولة استقبله الناس من الري وما

يها، واجتمعوا بساوة، ودوهنا وفوقها، وكان قد أعد لكل واحد منهم كالما يلقاه به عند رؤيته وأين يلكانوا يقعون منه، وأين كانوا يبيتون عنده؛ وهذا الذي ذهب به يف اإلعجاب والكرب، وبعثه على احتقار

.الناس، وتركه يف التيه املضلما ! أيها القاضي: احلسن اهلمذاين وهو من قرية يقال هلا أسدآباد، فقال لهفأول من دنا منه القاضي أبو

فارقتك شوقا إليك، وال فارقتين وجدا عليك، ولقد مرت بعد ذلك جمالس كانت تقتضيك وتحظيك ابن وترتضيك؛ ولو شهدتين بني أهلها وقد علوتهم ببياين ولساين وجديل، ألنشدت قول حسان بن ثابت يف

:عباس ورأيتين أولى به منه، فإن حسان قال رأيت له يف كل جممعة فضال... إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه

مبلتقطات ال ترى بينها فصال... إذا قال مل يترك مقاال لقائل زاللذي إربة يف القول جدا وال ه... كفى وشفى ما يف النفوس فلم يدع

Page 26: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

فنلت ذراها ال دنيا وال وغال... سموت إىل العليا بغير مشقة فإنه قال فيمن وقف موقفي، وقرف مقريف، وتصرف متصريف، : ولذكرت أيها القاضي قول اآلخر وأنشدته

:وانصرف منصريف، واغترف مغتريف ثن اللسان على هجرلعي ولم ي... إذا قال مل يترك ومل يقف

وينظر يف أعطافه نظر الصقر... يصرف بالقول اللسان إذا انتحى ولقد أودعت صدر عضد الدولة ما يطول به التفاته إيل، ويدمي حسرته علي، ولقد رأى ما مل ير قبله مثله،

.سر الويل، وأصدرين عنه على ما يسوء العدووال يرى بعده شكله؛ فاحلمد هللا الذي أوفدين عليه على ما يأيها القاضي كيف احلال والنفس، وكيف اإلمتاع واألنس، وكيف اجمللس والدرس، وكيف القرص

واجلرس، وكيف الدس والدعس، وكيف الفرس واملرس وكاد ال خيرج من هذا اهلذيان لتهيجه واحتدامه، مثل الفارة بني يدي السنور قد تضاءل وقمؤ ال يصعد له نفس إال بنزع واهلمذاين. وشدة خيالئه وغلوائه

.تذلال وتقلال، هذت على كربه يف جملسه مع نذالته يف نفسهسرين لقاؤك وساءين عناؤك وقد بلغين ! أيها الشيخ: مث نظر إيل الزعفراين رئيس أصحاب الرأي فقال

ك خيالؤك وأرجو أن أعيش حىت يردعليك غلواؤك؛ ما كان عندي أنك تقدم على ما عدواؤك وما خيله إلي -إن شاء اهللا - إىل ما انتهيت إليه؛ ويل معك " العدل والتوحيد " أقدمت عليه، وتنتهي يف عداوتك ألهل

).لم الكفار لمن عقبى الداروسيع(هنار له ذيل، وليل يتبعه ليل، وثبور يتصل به ويل، وقطر يدوم معه سيل؛ " .حسبنا اهللا ونعم الوكيل : " قال الزعفراين

:مث أبصر أبا طاهر الشيخ احلنفي فقال

ما أدري أ أشكوك أم أشكو إليك، أما شكواي منك فألنك مل تكاتبين حبرف، حىت كأنا مل ! أيها الشيخإلف، ومل نتالق على ظرف؛ وأما شكواي إليك فهو أني ذممت الناس نتالحظ بطرف، ومل نتحافظ على

بعدك، وذكرت هلم عهدك، وعرضت بينهم ودك، وقدحت عليهم زندك، ونشرت عندهم غرائب ما عندك؛ فاشتاقوا إليك بتشويقي، واستصفوك بتزويقي، وأثنوا عليك يتنميقي وترويقي؛ وهكذا عمل

.هبم الركاب، والتوت دوهنم األعناق، واضطرمت يف صدورهم نار االشتياقاألحباب إذا تناءت فاحلمد هللا الذي أعاد الشعب ملتئما، والشمل منتظما، والقلوب وادعة، واألهواء جامعة؛ محدا يتصل

.باملزيد، على عادة السادة مع العبيد، عند كل قريب وبعيدكدت واهللا أحلم ! أيها الشيخ: نفي، وكان من ظرفاء العلماء، فقالمث التفت إىل ابن القطان القزويين احل

بك يف اليقظة، وأشتمل عليك دون احلفظة، ألنك قد ملكت ين غاية املكانة واحلظوة؛ واهللا ما أسغت بعدك . ريقا إال على جرض، وال سلكت دونك طريقا إال على مضض، وال وجدت للظرف سوقا إال بالعرض

اهللا ربعا أنت ساكنه بنزاهتك، وطبعا أنت طابته برباعتك، ومغرسا أنت نبعه بنباهتك، وأصال أنت سقى .فرعه بفقاهتكأيسرك أن أشتاقك وتسلو عين، وأن أسأل عنك فتنسل مين، وأن أكاتبك ! أيها القاضي: وقال للعباداين

Page 27: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

مله من صاحب خراسان، وال يطمع مني فيه ملك بين فتتغافل، وأطالبك باجلواب فتتكاسل؛ وهذا ما ال أحتساسان؛ مىت كنت منديال ليد؟ ومىت نزلت على هذا احلد ألحد؟ إن انكفأت إيل بالعذر انكفاء، وإال

اندرأت عليك بالعذل اندراء، مث ال يكون لك معي قرار حبال، وال يبقى لك مبكاين استكثار إال على وبال .وخبالجعلت حسناتك عندي سيئات، مث أضفت إليها هنات بعد ! أيها الشريف: بو طالب العلوي فقالمث طلع أ

هنات، ومل تفكر يف ماض وال آت، أضعت العهد وأخلفت الوعد، وحققت النحس وأبطلت السعد؛ ! يهاتوحلت سرابا للحريان، بعد ما كانت شرابا للحران، وظننت أنك قد شبعت مين، أو اتعضت عين، ه

وأنى لك مبثلي، أو مبن يعثر يف ذيلي، أو له هنار كنهاري أو ليل كليلي؟ وهل عائض مني، وإن جل، عائض

.أنا واحد هذا العامل، وأنت مبا تسمع عامل؛ ال إله إال اهللا، وسبحان اهللاعلينا يصول، وأنا أقول، أين احلق الذي وكدناه أيام كادت الشمس عنا تزول؟ والزمان! أيها الشريف

وأنت تقول، واحلال بيننا حيول؟ سقى اهللا ليلة تشييعك وتوديعك، وأنت متنكر تنكرا يسوء الويل، وأنا مفكر تفكرا يسر العدو، هذا وحنن متوجهون إىل ورامني خوفا من ذلك اجلاهل املهني، يعين باجلاهل املهني

عد أن ألب عليه وكاد يؤتى على نفسه اخلبيثة، وهو حديث له فرش، ذا الكفايتني حني أخرجه من الري بوما أنا بصدده مينع من اقتصاصه، ولعله جيري على وجهه فيما بعد؛ ولقد ظلم بقوله، وكان باجلهل واملهانة

وباقي أحق، وسيمر ما يدل على قويل ويصحح حكمي، ويبين لك أنه مل يكن معه إال اجلد املساعد فقط، .ذلك تشبع وإيهام ومتويه وكذب وبهت ووقاحة

احلمد هللا الذي كفانا شرك، ووقانا عرك، وصرف ! أيها الشيخ: مث نظر إىل أيب حممد كاتب الشروط فقالعنا ضرك، وأرانا فيحك وحرك؛ دببت الضراء إلينا، ومشيت اخلمر علينا، وحنن نحيس لك احليس

بابة والكيس، ونقول ليس مثله ليس، وأنت خالل ذلك تقابلنا بالويح والويس؛ لوال أنك ونصفك بالل .قرحان لسقط العشا بك منا على سرحانألغيت ذكرنا عن لسانك، واستمررت على اخللوة ! أيها الشيخ: وقال البن أيب خراسان الفقيه الشافعي

بفتيانك وافتنانك، غري عاطف على إخوانك وأخدانك؛ لوال أنين بإنسانك، جاريا على نسيانك، مستهترا أرعى قدميا قد أضعته، وأعطيك من رعاييت ما قد منعته، لكان يل ولك حديث، إما طيب وإما خبيث؛

خلفتك حمتسبا فخلفت مكتسبا، وتركتك آمرا باملعروف فلحقتك راكبا للمنكر، قد يفيل الرأي وخييب :ذب األمل، وقد قال األولالظن، ويك

ومؤتمن بالغيب وهو ظنني... أال رب من تغتشه لك ناصح يا موالنا: كيف أنت وكيف كنت؟ فقال! يا أبا علي: مث نظر إىل الشادياشي فقال

ال كنت إن كنت أدري كيف مل أكن... ال كنت إن كنت أدري كيف كنت وال

Page 28: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ا هابط، يا من يذهب إىل احلائط بالغائط، ليس هذا من حنت يدك وال هو مما نشأ من أغرب يا ساقط ي: فقال :عندك، هذا حملمد بن عبد اهللا بن طاهر، أوله

القيت بعدك من غم ومن حزن... كتبت تسأل عين كيف كنت وما ال كنت إن كنت أدري كيف مل أكن... ال كنت إن كنت أدري كيف كنت وال

الذي يتخبطه (وكان ينشد وهو يلوي رقبته، وجيحظ حدقته، وينزي أطراف منكبه ويتسايل ويتمايل، كأنه ).الشيطان من المس

ال تعول على اير يف سراويل غريك، ال اير إال اير متطى حتت عانتك، فإنك إن عولت ! يا أبا علي: مث قال .وفضح خانك ومانك على ذلك خانك وشانك

كيف ! ادن يا بين: مث نظر إىل غالم قد بقل وجهه كان يتهم به على الوجه األقبح، فالتوى وتقلقل، وقالكنت؟ ومل محلت على نفسك هذا العناء؟ وجهك هذا احلسن ال يبتذل للشحوب، وال يعرض للفحات

ذلة بني حجلة وكلة، تزاح بك العلة، وتعال فيك الشمس بني الطلوع والغروب، أنت جيب أن تكون يف ب .القلة، وتشفى منك الغلة

هذا آخر حديث االستقبال، وقد حذفت منه أشياء كثرية من رقاعاته، ألن الغرض غري مقصور على فن .واحد من حديثه

اضرا، يف شيء نابذه عليه؛ إمنا أنت جمش وقال يوما يف دار اإلمارة لفيروزان اجملوسي، وكان اخلرائطي ح .حمش ال هتش وال تبش وال تمتش

برئت من النار إن كنت أدري ما تقول، إن كان من رأيك أن تشتمين فقل ! أيها الصاحب: فقال له فريوزانالغز، ما شئت بعد أن أعلم، فإن العرض لك، والنفس فداؤك، لست من الزنج، وال من الرببر، وال من

كلمنا مبا نعقل على العادة اليت عليها العمل؛ واهللا ما هذا من لغة آبائك الفرس، وال لغة أهل دينك من هذا السواد؛ فقد خالطنا الناس فما مسعنا منهم هذا النمط، وإين أظن أنك لو دعوت اهللا هبذا الكالم ملا أجابك،

.به ما غفر لك؛ وحقيق على اهللا ذلك ولو سألته ملا أعطاك، ولو استغفرت اهللاواهللا لقد صدق فال تغضب، فليس كل من وثق بأنه ال يراجع يف قوله ركب ! أيها الصاحب: فقال اخلرائطي

.ما يحمق فيه شاهدا أو غائبا .فقام عنهما خزيان يردد ريقه حقدا عليهما، وكان ذلك سببا كبريا يف فساد أمرمها

اصدقين أيها الشيخ عن هذا اإلنسان، كيف وجدته يف : للزعفراين الشاعر، وكان من أهل بغداد وقلت .طول ما عجمت عوده، وتصفحت أخالقه، وخربت دخلته

وجدته كليل الكرم، حاد اللؤم، رقيع الظاهر، مريب الباطن، دنس اجليب، مثريا من العيب، كأنه : فقالثا؛ سفهه ينفي حكمة خالقة، وغناه يدعو إىل الكفر برازقه؛ وأنا أستغفر اهللا من قويل خلق عبثا مما ملي خب

فيه ونفاقي معه؛ ولعن اهللا الفقر فهو الذي يحيل املروءة، ويقدح يف الديانة؛ ولو كان يل ببغداد قوت حيفظ قد قلبت أمري ظهرا لبطن، علي ماء الوجه ما صربت على هذا الرقيع البارد املطاع ساعة، ولكن ما أصنع

:مايل إىل الرزق باب إال منه، وأنشد

Page 29: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

روض القطا وسقى مهامه جلق... والرزق كالومسي ربتما عدا متأدب فهو الذي مل يرزق... فإذا مسعت حبول متأله

ويبيت بوابا لباب األمحق... والرزق خيطيء باب عاقل قومه :وأنشد أيضا

واحلرص ال يغين وال يجدي... الرزق قد يأتيك يف وقته وطالب مضطرب يكدي... كم قاعد يبلغ مأموله

وارض مبا يوليك من رفد... فاسترزق الرازق من فضله فهكذا عاداته عندي... وثق بإحسان له واسع :ن سليمان األخفش لشاعرأنشدنا علي ب: وأنشد القرمسيين قال

ويحرم الرزق من مل يؤت من تعب... قد يرزق املرء مل تتعب رواحله الرزق أعدى له من ثابت اجلرب... يا ثابت العقل كم عاينت ذا أدب

الرزق والنوك مقرونان يف نسب... وإنين واجد يف الناس واحدة الرزق أروغ شيء عن ذوي األدب... ازعين وخصلة قل فيها من ين

ما قولك يف ابن عباد؟:وقلت للمسييب

له يف اخلالعة قرآن معجر، ويف الرقاعة آية منزلة، ويف احلسد عرق ضارب، ويف الكذب عار الزب؛ : فقالنه جهالة، وليس له يف الكرم ال ينزع عن املساوي إال ملال، وال يأيت اخلري إال كسال؛ ظاهره ضاللة، وباط

داللة، وال يف اإلحسان إىل األحرار آلة؛ فسبحان من خلقه غيظا ألهل الفضل واألدب، وأعطاه فيضا من كيف وجدت الصاحب، وقد أعطاك : وقلت أليب بكر اخلوارزمي الشاعر، وكان قد خبره! املال والنشب

وهو اليوم شاه امللوك، حىت مألت عيابك تربا، وأوالك وقدمك وآثرك، وسفر لك إىل عضد الدولة،دعين مما هنالك، واهللا إنه خلواز يف املكارم، صبار على املالئم، : وحقائبك ثيابا، ورواحلك زادا؟ فقال

الوعد " ، ويدعي " العدل والتوحيد " زحاف إىل املآمث، مساع للنمائم، مقدام على العظائم؛ يدعو إىل مث خيلو باستعمال األيور، ويشتمل على الفسوق والفجور، ويمسي وهو بور ويصبح وما على ، " والتخليد .وجهه نور

وكان اخلوارزمي من أفصح الناس، ما رأينا يف العجم مثله، وإمنا نوله الصاحب ما نوله، وخوله ما خوله، ، واستملى فيه أخبار املشرق، وهبذا ألنه كان أذكاه عينا على حممد بن إبراهيم صاحب اجليش بنيسابور

املعىن استدر له من ملك بغداد بوساطة ابن يوسف، وكان الظاهر أنه إمنا يعطيه ألدبه، وجييزه لشعره، .ويصطفيه لفضله

ابن : أرى اخلوارزمي سيء الرأي يف ابن عباد مع ما يصل إليه منه، فما السبب؟ فقال: ولقد قات للزعفراينء السياسة لصنائعه، وذلك أنه يعطي اإلنسان عطية ما، مث يبلوه جبفاء يتمنى معه لقط النوى من عباد سي

السكك، واملصطنع الكرمي هو الذي يكون اصطناعه بلسانه فوق اصطناعه بيده؛ وإين أحدثك ببعض ما

Page 30: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.عامل به اخلوارزمي ليصح لك القياس عليه، والتعجب منهدخل حمرز املدجلي على رسول اهللا صلى اهللا : ، وجرى حديث القافة، فقال اخلوارزميحضر اخلوارزمي يوما

هذه أقدام بعضها من بعض، وصحف البائس كما يصحف الناس، : عليه ونظر إىل أقدام أسامة، وزيد، فقال: ارزمي ويقولالعلماء فمن دوهنم، وكان ابن عباد على بركة، فما زال يدور حول الربكة وهو يصفع اخلو

.حمرز؟ حبيايت؟ إىل أن رعف اخلوارزمي فتنحى وخرج .فهذا وما داناه هو الذي كان يفسد به ما يفعله من اخلري والرب

وحدثين بذكو أيب بكر عينا خبراسان أبو الطيب النصراين، وكان علي السر عند مؤيد الدولة وكان يعرف لو بحت مبا يف نفسي من حديث هذا املأبون لتصدع اجلبل، : قولمن خمازي ابن عباد عجائب؛ مسعته ي

.ولتقلع اجلندلوكان ابن عباد شديد السفه عجيب املناقصة، سريع التحول من هيئة إىل هيئة، مستقبال لألحرار بكل فرية

واستأنس، وافترح، وتكلم،! تقدم يا أخي: وفاحشة؛ كان يقول لإلنسان الذي قد قدم عليه من أهل العلموانبسط، وال ترع، واحسبين يف جوف مرقعة، وال يهولك هذا احلشم واخلدم، وهذه الغاشية واحلاشية، وهذه املرتبة واملسطبة، وهذا الطارق والرواق، وهذه اجملالس والطنافس؛ فإن سلطان العلم فوق سلطان

وعك ولينعم بالك، وقل ما شئت، وانصر ما أردت، الوالية، وشرف العلم أعلى من شرف املال، فليفرح رفلست جتد عندنا إال اإلنصاف واإلسعاف واإلحتاف واإلطراف، واملقاربة واملواهبة، واملوانسة واملقابسة،

وعلى هذا التنزيل، ومن كان حيفظ ما يهذي به يف هذا وغريه؟ حىت إذا استقى ما عند ذلك اإلنسان هبذه سال الرجل معه يف حدوره على مذهب الثقة، وركب يف مناظرته، وردعه وحاجه، الزخارف واحليل، و

وراجعه وضاجعه وشاكعه ووضع يده على النكتة الفاصلة، واألمر القاطع تنمر له، وتنغر عليه، واستحصد ه بعد أن خذ بيد هذا الكلب إىل احلبس، وضعه في! يا غالم: غضبا وتلظى هلبا وقال بعد وثبتني أو ثالث

تصب على كاهله وظهره وجنبيه مخس مئة عصا؛ فإنه معاند ضد، حيتاج إىل أن يشد بالقد، ساقط هابط، كلب نباح، متعجرف وقاح؛ أعجبه صربي، وغره حلمي، ولقد أخلف ظين، وعدت على نفسي من أجله

.بالتوبيخ، وما خلق اهللا العصا باطال، وال ترك خلقه هامال

ام ذلك البائس على هذه احلال اليت تسمع، على أن مسموعك دون مشاهدتك لو شاهدت، ومن مل فيقحيضر ذلك اجمللس مل ير منظرا رفيعا ورجال رقيعا؛ وقد عامل مبا وصفت احلريري غالم ابن طرارة

.واجلامدي الشاعر الوارد عليه من البصرة، وأبا زيد الكاليب وغريهم .أحسب أن عينيه ركبتا من زئبق وعنقه عمل بلولب: أعين ابن العميد إذا رآه يقول وكان أبو الفضل

وصدق، ألنه كان ظريف التثين والتلوي شديد التفكك والتفتل كثري التعوج والتموج، يف شكل املرأة .املومسة والفاجرة املاجنة، واملخنث األمشطلو وضع يف خزانة الكتب للوقف شيء من الطب لكان ذلك بابا : اومسعت أبا الفضل اهلروي يقول له يوم

.من املنافع حلاضرة والفوائد اجمللة واخلري العام

Page 31: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

سلم اإلحلاد، ولقد أسررت يف هذا القول حسوا يف - يا أبا الفضل -الطب : فقال على حدته وجنونه .املعىن ما هو دون هذا ارتغاء، أنت مهندس، وأنت متهم، ويكفي منك يف هذا .فاخنزل اهلروي وكان جبانا، وأخذ يتالىف ما فرط منه

وكيف يسوغ له أن يقول هذا، وهو يشاور الطبيب يف كل غداة، ويعتمد على الطب : قال أصحابنا بالري، وهو يف كل عارض، وجيمع الكتب فيه، ويرجع إليه؛ وليس هذا بأعجب من عيبه لعلم النجوم وذمه ألهله

ال يفارق التقومي، وال خيلو يوما من النظر فيه مرات؛ ألنه كان ال يركب إذا وجد حنسا، هذا على تقليده فيه، ألنه ما كان يعرف حرفا من علم النجوم، ال على طريقة من ينظر يف أحكامه، وال على مذهب من

بح من هذا؟ يذم شيئا يف الظاهر، مث حيبه يف الباطن، خيتاره هليئته، فهل رأيت هبتا أشد من هذا؟ ومناقضة أق .ويزهد غريه يف شيء وهو يؤثرهجيوز أن يكون الفلك من سلجم أو جزر أو فجل؛ قال هذا للصاغاين أيب : وكان من ضعف عقله يقول

ي أن حامد وحنن حضور، وهو مع هذا العقل السخيف يطلب كتب األوائل وجيمعها، وينظر فيها، ويشته: يفتح فاتح عليه شيئا منها يف السر، وعلى وجه التهجني ال على وجه التقبل، ويقول يف أيب حسن العامري

قال اخلرائي كذا وكذا، وإذا خال نظر يف كتبه ومصنفاته، وكان أخذها من أيب احلسن الطربي، طبيب ركن قليل التوجه إىل القبلة، قليل " العدل والتوحيد " الدولة، وكان مع هذا املذهب الذي يدل به ويسميه

الركوع والسجود، وكان مع حفظه الغزير، عليه مؤونة يف تالوة آية من كتاب اهللا عز وجل، إذا أراد أن يستدل هبا يف املناظرة واجلدل، أو يذكر وجها من وجوهها يف املذاكرة، ومل يكن عليه طابع العبادة، وال

ألهني، وكان مع هذا سفاكا للدماء، قتاال للنظراء واألكفاء، وكان شديد احلس ألهل الفضل سيما املتوالدراية، وألصحاب احلفظ والرواية، وكان جل حسده ملن كتب فأحسن اخلط وأجاد اللفظ، وتأتى

ولفظا مسجوعا، ونثرا للرسم وملح يف االستعارة، وكان إذا مسع من إنسان كالما منظوما، ومعىن قوميا،مطبوعا، وبيانا بليغا، وغرضا حكيما انتقض طباعه وذهب عليه أمره وتبدد حلمه وزال عنه متاسكه والتهب

.كأنه نار، واضطرب كأنه شرار، وحدث نفسه بقتله أو نفيه أو إغراقه وإبعاده وحرمانهطويل العنان يف : الرجل أعين ابن عباد؟ فقال كيف ترى هذا: قلت للتميمي الشاعر املصري بالرغيب

اللؤم، قصري الباع يف الكرم، وثابا على الشر، مقعدا عن اخلري، كافرا بالنعم، متحرشا بالنقم، جباها .باملكروه، سفيها يف اجلملة، خليعا يف التفصيل

له دار ضيافة، وله زوار كالقطر، ال ذاك رجل : أين هو من صاحبكم مبصر أعين ابن كلس؟ فقال: قلتيعرف محكا وال جلاجا وال جمادلة، وال كيادا وال مخاتلة، يعطي على القصد والتأميل، والرجاء والتوجه، والطمع والطلب، وسائر الوسائل عنده، بعد هذه األوائل، فضل يستحق به الزيادة، وليس هناك امتحان

تعيري، املال مصبوب، واخلازن قائم، واملفرق مجزف، والنداء عال، والواصل وال محاسبة وال احتجاج وال .موصول، واملؤمل مشكور، والراحل شاكر؛ وزارة ذاك نيابة عن خالفة، ووزارة هذا خالفة عن عمالة

هل ترى هاهنا صلة ترتفع عن مئة درهم إىل ألف؟

Page 32: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

و شيخه يف العروض، وعنه أخذ القوايف، وبفتحه وهدايته قال الشعر؟ أليس أنبل من ورد عليه البديهي وههل زاده يف طول مقامه إىل رحيله على مخسة آالف درهم تفاريق؟ وإن أقل ضيف مبصر يصري إليه مثل هذا

.يف أول يومذكرها وقد سألت مجاعة من سادة الناس عنه، وحصلت عن كل واحد منهم جوابا مير بك فيما تستقبل، وأ

.هنا أشياء حدثين هبا بطانته وخدمهيبلغ من سخنة عني صاحبنا أنه ال يسكت عما ال : حدثين اجلرفادقاين أبو بكر وكان كاتب داره، قال

يعرف، وال يسأم نفسه فيما ال يفي به وال يكمل له، ويظن أنه إن سكت عنه فطن لنقصه وإن اختال وموه ر، ومل يعلم أن ذلك االحتيال طريق إىل اإلغراء مبعرفة احلال، وصدق جاز ذلك وخفي واستتر ومل يظه

.خذوين: كاد املريب يقول: القائلارفع حسابك قد أخرته : قال يل يف بعض هذه األيام: ما الذي حداك على هذه املقدمة؟ قال: قات له

اجلند، والرعايا واملدن، وما علي من وقصرت فيه واغتنمت سكويت وشغلي بتدبري امللك وسياسة األولياء وأعباء الدولة وحفظ البيضة ومشارفة األطراف النائية والدانية باللسان والقلم، والرأي والتدبري، والبسط

والقبض، واإلبرام والنقض، وما على قليب من الفكر يف األمور الظاهرة والغامضة؛ وهذا لعمري باب مطمع غر بالفساد مولع، فبادر عافاك اهللا إىل عمل حساب بتفصيل باب باب تبين فيه أمر داري، وإمساكي عنه م

.وما جيري عليه دخلي وخرجيوهذا كله بسبب قوله هات حسابك مبا تراعيه؟ وصدق هذا الكاتب، كان يأخذ طرفا من احلديث : قلت له

.فيمده إىل الفلك بالغثاثة واجلهل واهلذرفتفردت أياما وحررت احلساب على قاعدته وأصله والرسم الذي هو مألوف بني أهله، : بو بكرقال أ

أهذا : ومحلته إليه، فأخذه من يدي وأمر عينه فيه من غري تثبت أو فحص أو مسألة، مث حذف به إيل وقالأين قد ربيتك يف داري، وشغلت كتاب، أهذا حترير، أهذا تقرير، أهذا تفصيل، أهذا حتصيل؟ واهللا لوال

بتخرجيك ليلي وهناري، ولك حرمة الصبا، وتلزمين رعاية األبناء، ألطعمتك هذا الطومار، وأحرقتك بالنفط .والنار، وأدبت بل كل كاتب وحاسب، وجعلتك مثلة لكل شاهد وغائب

حلسابة؛ واهللا ما أنام ليلة إال وأحصل يف نفسي أمثلي يموه عليه، ويطمع فيما لديه، وأنا خلقت الكتابة وارسنك، وأخفيت قبيحك وأبديت حسنك؟ غير هذا : ارتفاع العراق ودخل اآلفاق؛ أغرك مين أين أجررت

الذي رفعت، واعرف قبل وبعد ما صنعت، واعلم أنك من اآلخرة قد رجعت فزد يف صالتك وصدقتك، .تك وصالبة حدقتكوال تعول على قح

فواهللا ما هالين كالمه، وال أحاك يف هذيانه، ألين كنت أعلم جهله باحلساب، ونقصه يف هذا الباب، : قالفذهبت، وأفسدت وقدمت وأخرت، وكايدت وتعمدت؛ مث رددته إليه فنظر فيه، مث ضحك يف وجهي

ينه طلبت ولو تغافلت عنك أول األمر ملا تيقظت أحسنت بارك اهللا عليك، وهكذا أردت، وهذا بع: وقال .يف الثاين

.فهذا كما ترى أعجب منه كيف شئت

Page 33: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

لعن : وقد جرى حديث األهبري املتكلم، وكان يكىن أبا سعيد، فقال: مسعته يوما يقول: ومن رقاعاته أيضاح، ورأس مسفح، وذقن مسلح، وسرم اهللا ذلك امللعون املأبون املأفون، جاءين بوجه مكلح، وأنف مفلط

اغرب عليك غضب اهللا األترح، الذي يلزم وال : مفتح، ولسان مبلح، فكلمين يف مسألة األصلح، فقلت له .يربح

لعن اهللا هذا األهوج األعوج، األفلج األفحج، الذي إذا قام حتلج، وإذا مشى : وشتم يوما رجال فقال .تدحرج، وإن عدا تفجفج

اهللا يا أصحابنا حدثوين، أهذا عقل رئيس، أو بالغة كاتب، أو كالم متماسك؟ مل جتنون به، وتتهالكون فيه؟ بوتغيظون أهل الفضل به؟ هل هناك إال اجلد الذي يرفع من هو أنذل منه، ويضع من هو أرفع منه؟ ولقد

:حدثت هبذا احلديث أبا السلم الشاعر، فأنشدين لشاعر وصير الناس مشنوءا وموموقا... زل الدنيا منازهلا سبحان من أن

وجاهل خرق تلقاه مرزوقا... فعاقل فطن أعيت مذاهبه ومل يكن بارتزاق القوت حمقوقا... كأنه من خليج البحر مغترف وصير العاقل النحرير زنديقا... هذا الذي ترك األلباب حائرة

جاءين فالن هبامة : مسعته أنا يقول على غري هذا الوجه، قال: موين عند رواييت هذا احلديثوحدثين املأمسطحة، وأرنبة مفلطحة، وحلية مسرحة، وقفحة مسلحة، وجبهة موقحة، ومجلة مقبحة، يناظرين يف

.وباب املسلحة بالري سوق معروفة. املصلحة، فهممت واهللا أن أصلبه على باب املسلحةوهذا الكالم الثاين هو األول يشقق ويؤذي، ويصيح ويهذي، ويوهم ويدعي، وقاحة وجهال وازدراء

.للناس، وحقرا لكل من يرى من أهل الفضل واألدب، واحلرية واحلسب .وكان كلفه بالسجع يف الكالم والقلم عند اجلد واهلزل يزيد على كلف كل من رأيناه يف هذه البالد

يبلغ به ذلك أنه لو رأى سجعة تنحل مبوقعها عروة امللك، : أين يبلغ يف عشقه للسجع، قال: مسييبقلت للويضطرب هبا حبل الدولة، وحيتاج من أجلها إىل غرم ثقيل وكلفة صعبة، وجتشم أمور، وركوب أهوال،

.يعبأ جبميع ما وصفت من عاقبتها لكان خيف عليه أن ال يفرج عنها وخيليها، بل يأيت هلا ويستعملها، والالسجع هلذا الرجل مبنزلة العصا لألعمى، واألعمى إذا فقد عصاه فقد أقعد، : وقال علي بن قاسم الكاتب

.وهذا إذا ترك السجع فقد أفحمن كا: كيف كان ابن العميد أبو الفضل يقدم هذا ويرشحه وهذا عقله ولفظه ومشائله؟ فقال: وقات للخليلي

والرقاعة اخلالية من القدرة مقبولة، وإمنا تضاعف . يسترفعه ويضحك منه وال يغتاظ ألنه كان حتت تدبريهاليوم حديثه يف الرقاعة ألنه أصبح بسيط اللسان بالدولة، مطاع األمر يف القريب والبعيد؛ ونعوذ باهللا من

ع هذا الطيش واخلفة، والتفتل والتثين هو م: وكان يقول. جنون موصول بانقياد األمور وطاعة الرجال .أفضل من أبيه؛ فإن أباه كان ثورا خوارا، ومحارا هناقا

وكان أيضا يقدح ابنه أبا الفتح به، ويبعثه على احلركة والنطق، وكان أيضا مظنونا به وهو غالم ما بقل

Page 34: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.وجهه .يخفق كذلك ال يدري من أين ينال وأسباب اجلد عجيبة، وكما ال يدري اإلنسان من أين: قال

سجعه يدل على اخلالعة : بلى، وكان يقول: أما كان ابن العميد يسمع كالمع؟ قال: فقلت للخليليواجملانة، وخطه يدل على الشلل والزمانة، وصياحه يدل على أنه قد غلب بالقمار يف احلانة، وما نظرت إليه

.العباره دواء مذ ساعة قط يف وقت إال خلت أنه قد سقاهوهو أمحق بالطبع إال أنه طيب، وإن كان له يوم تضاعف محقه، وذهب طيبه، وضر أهل النعم واملروات

.واألدب باحلسد والكرب واإلعناتحدثين أصحابنا منهم اهلروي أن طالعه اجلوزاء كط، والشعرى : هل عرفت طالعه؟ قال: قلت للخليلي

ن زحل يف احلادي عشر يف احلمل كح، والقمر فيه يط والشمس يف السنبلة يج، والزهرة اليمانية كط، وكافيها ي، واملشتري يف امليزان كد، واملريخ يف العقرب ز، وسهم السعادة يف القوس يد، وسهم الغيب يف

مثائة وست وذكر أنه ولد سنة ثال. وخفي علي عطارد: قال. اجلدي يد، والرأس يف الثالث يف األسد يا .وعشرين من اهلجرة، وألربع عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة روز سروش من ماه شهرير

كان : وقال يل غري اخلليلي. بل بإصطخر: كان عندنا أنه ولد بطالقان، وقال لنا قوم: قلت فأين ولد؟ فقال .عطارد يف السنبلة ط ي

باد هبا مع مؤيد الدولة قد وردا يف مهمات وحوائج، وعقد وكنت بالري سنة مثان ومخسني وثالمثائة، وابن عابن عباد جملس جدل وكنا نبيت عنده يف داره بباب سني معنا الضرير أبو العباس القاص وأبو احلوراء رقعة، الرقي، وأبو عبد اهللا النحوي الزعفراين، ومجاعة من الغرباء فرأى ليلة يف جملسه وجها غريبا صاحب م .فأراد أن يفره، ويعرف ما عنده، وكان الشاب من أهل سمرقند زعم أنه يعرف بأيب واقد الكراييسي

يا أخ انبسط واستأنس وتكلم؛ فلك منا جانب وطي ومشرب روي، ولن ترى إال اخلري، مب : فقال له .أعرف بدقاق: تعرف؟ قال

.فلما مسع هذا تنكر وعجب، ألنه فجئ ببديعة. م إذا زاغ عن سبيل احلقأدق اخلص:تدق ماذا؟ قال: قال .دع ذا، تكلم: فقالأتكلم سائال؟ واهللا ما يب حاجة إىل مسألة، أم أتكلم مسؤوال؟ فواهللا إين ألكسل عن اجلواب، أم : قال

: لكما قال األولأتكلك مقررا؟ فواهللا إين ألكره أن أبدد الدر يف غري موضعه، وإين هلوعا وال لني اجملسة يف العجم... لقد عجمتين العاجمات فلم تجد

وما لألعادي يف قنايت من وصم... وكاشفت أقواما فأبديت وصمهم أعطي صميت ملن مذهيب أن ال أقر على الضيم، وال أنام على اهلون، وال : يا هذا، ما مذهبك؟ قال: فقال له

.مل يكن ويل نعميت، ومل يصل عصمته بعصميتهذا مذهب حسن، ومن هذا الذي يأيت الضيم طائعا، ويركب اهلون سامعا؛ ولكن ما نحلتك اليت : قال

نحليت طوية صدري، ولست أتقرب هبا إىل خملوق، وال أنادي عليها يف سوق، وال أعرضها : تنصرها؟ قال

Page 35: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.لى شاك، وال أجادل عليها املؤمنعوما أقول يف كالم رب العاملني الذي يعجز عنه اخللق إذا أرادوا االطالع : فما تقول يف القرآن؟ قال: قال

على غيبه، وحبثوا عن خايف سره، وعجائب حكمته، فكيف إذا حاولوا مقابلته مبثله، وليس له مثل مظنون إن كان خملوقا كما : صدقت، ولكن أ خملوق هو أم غري خملوق؟ فقال: بن عبادفكيف عن مثل متيقن؟ قال ا

يا هذا أ هبذا العقل تناظر : تزعم فما ينفعك؟ وإن كان غري خملوق كما يزعم خصمك فماذا يضرك؟ فقاله، وتسليمي إن كان كالم اهللا فينبغي إمياين به وعملي مبحكم: يف دين اهللا وتقوم على عبادة اهللا؟ قال

.ملتشاهبه، وإن كان كالم غريه، وحاش هللا من ذلك ما ضرين. فمكث الرجل ساعة مث هنض. أنت مل خترج من خراسان بعد: فأمسك عنه ابن عباد وهو مغيظ، مث قال له

.إىل أين يا هذا قد تكسر الليل، بت هاهنا: فقال له ابن عبادفارتاب به ابن عباد، فقفاه بصاحب له، . ن، فكيف أبيت بالري، وخرجأنا بعد مل أخرج من خراسا: فقال

ووصاه بأن يتبع خطاه ويبلغ مداه من حيث ال يفطن له وال يراه، فما راغ الرجل عن باب ركن الدولة .حىت دخل، ووصل يف ذلك الوقت الفائت إليهشيطان هبط علينا وأحصى ما كنا فيه بيننا، وبلغ أربه أي : فقيل البن عباد ذلك فطار نومه من عينه، وقال

.منا، وأخذ حاجته من عندنا، بلسان سليط وطبع مريدكيف رأيت كاتب ابننا؟ : أن ركن الدولة قال للخراساين: فحدثين اهلروي، وكان يبيت عند ركن الدولة

برسم، وحركته حركة خمنث، ونظره نظر رأيت وجهه وجه خنزير، وعقله عقل سنور، وكالمه كالم م: قالفاجر، ورأيه رأي موسوس، وأعضاءع أعضاء مفلوج؛ ولقد عشانا وتعشى معنا فما زال يذكر القدر

واخلبز واألدم والبوارد، والغضائر واملطابخ حىت عرقت جباهنا من احلياء واالخنزال، واسترخت أيدينا من .اخلجل

.علمت أنك هكذا تنقلب عن جملسه ملا أذنت لك يف لقائه، ولكن قد فاتلو : فقال له ركن الدولةوكان هذا الكراييسي عينا لركن الدولة خبراسان، فلذلك كان قريبا منه وكان أحد رجاالت : قال اهلروي

.الدنيا، ومل يتمكن من مكاثرته: بكم أعين أبا الفتح ذا الكفايتني؟ فقالمب انفرج ما بني هذا الرجل، أعين ابن عباد وصاح: وقلت للخليلي

كان صاحبنا غرا صعب القياد شديد الزهو؛ وهذا على رقاعته ليت ترى، ومل يكن بينهما عاقل يرأب . املصدوع، ويصل املقطوع، ويرفع املوضوع، ويرد هذا عن حدته بلسانه، ويكف ذاك عن تيهه وامتنانه

ظله، ويكفهما بفضله، وخيفض هلما جناح إحسانه، وميزج بينهما يف وقد كان ركن الدولة يكنفهما باستخدامه، وجيمعهما على طاعته لصحة رأيه وحسن مداراته؛ ونفوسهما على ذلك تغلي، وصدورمها

تفيض، واأللسنة تكني، واحلواجب تتغامز، والشفاه تلتوي، واألعني ختتلج، والوشاة تدب، والزمان يعمل .لما مضى سائسهما تفارقا القرحة، وتنازعا الرتبة فكان ما كانعمله؛ فأشد ما علي أن خصمي : كان صاحبنا يقول: ما الذي كان ينقم هذا من ذاك، وذاك من هذا؟ فقال: قلت

كيف أسامي حدثا صغري الرأس، كليل اللسان، قليل اهلمة، اخلري عنده حر : وكان هذا يقول. معلم مأبون

Page 36: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

:لدرهم يف نفسه رب؛ وكان ينشد فيهوا م وال مينع احلرم... فىت مينع الطعا

حل واملطبخ احلرم... فجميع النساء يف ال .فهذا هذا

قلت أليب عبيد النصراين ببغداد، وكان سهل البالغة حلو اللفظ، حسن االقتضاب، غريب اإلشارة، مليح ابة ابن عباد؟كيف ترى كت: الفصل والوصل

هي شوهاء فيها شيء يف غاية التنقيح، وفيها شيء يف غاية الركاكة، وبينهما فتور راكد، مبذاهب : فقال .املعلمني احلمقى املتعاقلني أشبه منها مبذاهب السلف األولني من الكتاب وأصحاب الدواوين

أن يكون كالطراز يف الثوب، والصنفة يف السجع الذي يلهج به هو مما يقع يف الكالم، ولكن ينبغي : قال .الرداء، واخلط يف العصب، وامللح يف الطعام، واخلال يف الوجه؛ ولو كان الوجه كله خاال لكان مقليا

وبديعه يف هذا الفن ال تستر ركاكته يف سائر فنون الكالم، فإن فنون الكالم حمصلة على التقريب بني : قال .الوزن، وما يسميه قوم جتنيسا وتطبيقاالبدد والسجع و

والذي ينبغي أن : ومنها شيء جيب أن يسمى املسلسل، وأمثلته يف كالم أيب عثمان موجودة، مث قال: قاليهجر رأسا، ويرغب عنهجملة التكلف واإلغالق، واستعمال الغريب والعويص، وما يستهلك املعىن أو

ن يكون الغرض األول يف صحة املعىن، والغرض الثاين يف ختير اللفظ، والغرض يفسده أو يحيله، وجيب أالثالث يف تسهيل النظم وحالوة التأليف، واجتالب الرونق، واالقتصاد يف املواخاة، واستدامة احلال،

.صلليستمر الثاين على األول، والثالث على الثاين، وأن تتوفى الفضاء الذي يعرض بني الفضل والفعدم الرباط بني املتقدم واملتأخر، وهو النبو العارض يف النفس عند مساعه : ما معىن الفضاء؟ قال: قلت

.وحتصيلهواهلجنة اليت ليس بعدها هجنة، والركاكة اليت ليس فوقها ركاكة، الولوع بالغريب، وما يشكل فيه : قال

هذا وما شاكله كلفة على النفس عند مساعه، ومؤونة على الطبع عند اإلعراب، ويتجاذبه التأويل؛ فإن .ختيره، ومشقة على اللسان عند اللفظ به

ما أيده العقل باحلقيقة، وساعده اللفظ بالرقة، -على هذا التصفح والتحصيل -فخير الكالم : مث قال القلب، وروح يف الصدر؛ إذا ورد مل يحجب، وإذا وكان له سهولة يف السمع، ووقع يف النفس، وعذوبة يف

صدر مل ينس، وإذا طال مل يمل، وإذا قصر لك يحقر، له غنج كغنج العني، ودل كدل احلبيب، ولذة كلذة الغناء، وانقياد كانقياد الذليل، وتيه كتيه العزيز، وجمش كجمش الغانية، ووقار كوقار الشيخ، وحالوة

كحالوة العافية، ولني كلني الصيب، وأخذ كأخذ اخلمر، وولوج كولوج النسيم، ووقع كوقع القطر، وريح .كريح العطر، واستواء كاستواء السطر، وسبك كسبك الترب، جيمع لك بني الصحة والبهجة والتمام

جوهر اللفظ، واعتدال القسمة، وأما فأما صحته فمن جهة شهادة العقل بالصواب، وأما هبجته فمن جهة .متامه فمن جهة النظر الذي يستعري من النفس شغفها، ويستثري من الروح كلفها

Page 37: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.الكامل، واألعزل، واملبهم، والرقاعي، واملخيل، واملخلط، والسكيت: الكتاب سبعة: قال أبو الربيع: وقالالذي يكتب : واملبهم. الذي يملي وال يكتب: واألعزل. واإلمالء حظ فأما الكامل فهو الذي له يف اإلنشاء

الذي له عارضة : الذي يبلغ يف الرقاع حاجته، وال يصلح لعظم الكتابة؛ واملخيل: والرقاعي. وال يملي. نادمة امللوكوبيان، ورواية وإنشاء، وتعرف باآلداب، وال طبع له يف الكتابة؛ وإذا كان عاقال صلح مل

املتخلف املتبلد، وربما : والسكيت. الذي يرى له يف الكتاب الواحد بالغة جيدة وفدامة عجيبة: واملخلط .جاء بالشيء احملتمل إذا تعنى فيههو مشكل، ال جيوز أن هتضمه فتضعه يف أسفل سافلني، وال جيوز أن تغلظ : قلت فمن أيهم ابن عباد؟ قال

.فترفعه إىل أعلى عليني، مث ضعه بني هذين أين شئت، على أنه على كل حال جبلي فيهقد استمر قولك مبا لو كان تصنيفا لك لساغ، وبقي متامه يف كلمة هذا وقت املسألة عنها ومعرفة : قلت له

.احلال فيها .قل، فقد استرسلنا يف احلديث، وتباثثنا كل ضمري: قاليف ترى كتابنا أعين القرآن؟ وأنت رجل قد أشرفت على غاية هذا الباب، واستوعبت مجيع ما ك: قلت .فيه

ذاك كالم ليس فيه أثر للصنعة، وال عالمة للتكلف، وهو كالم منسكب انسكابا، وجار جريا يزيد من : قالكثريه غزير، ومعناه أقوم من لفظه، ولفظه لطفه على الطبع، بقدر ما يزيد الطبع على التصنع، قليله كثري، و

أرشق من وزنه، ووزنه أعدل من نظمه، ونظمه أحلى من نثره، وجمموعه أبهى من مفرقه، ومفرقه أظرف من جمموعه، وبعضه أغرب من كله، وكله أعجب من بعضه؛ وهو شيء يستوي تعجب اجلاهل، وحتير العامل،

وحيجب الرؤية عن اإلدراك، ويردها إىل البديهة يف التسليم، وهذا يصح ويستعلي الذهن ويستغرق الفهم، ويبني ملن كان ذا أداة تامة، وعقل ثابت، وعلم غزير، وطبع سجيح، وبصر باجلوهر صحيح، ومعرفة

يق، وال حيتمل له بالصورة والصورة، ومتييز بني احلال واحلال، ورفق فيما يزيد البيان عنه، ال حيمله ما ال يط .ما ال جيب، فيكون يف مجيع ذلك كالطبيب احلاذق، والناصح املشفق

.إمنا يكون هذا كله وما هو عتيد عندك داعيا إىل اإلميان به، والتصديق لصاحبه: قلت لهق هلا أتراين ال أنصح لنفسي يف قضاء احلق عنها جمتلبا للسعادة، كما ال أنصح هلا يف اقتضاء احل: فقال

.ولكن وراء هذا ما يشكل ويعضل، ويطول ويمل! مكتسبا للزيادة؟ بلى واهللاانفع ! يا هذا: صاحبا له......... وكان هذا الرجل ممن يدون كالمه كما يدون كالم ابن هالل الصايب

.صاحبك على كل حال وإن ضرك، وزينه زإن عرك، وحسن به ظنك وإن غركحدثين أبو علي ابن باش، : يدل على ولوع ابن عباد بالسجع وجماوزة احلد فيه باإلفراط قوله يوماومما

.وكذب وكان كذوبا. هذه لغة: وكان من سادة الناش، جعل السني شينا ومر يف احلديث وقال .حبركاته ختنثا وتأنثا وفتت أطرافه. إمنا أنت خط وقط فقط: وكان أبو مالك يكتب بني يديه فقال له

.أنت طويل النفس، عتيق القوس، شديد املرس! يا عبد اهللا: وقال لعبد اهللا املعلم، وقد أنشده

Page 38: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

واهللا لوال شيء لقطعتك تقطيعا، وبضعتك تبضيعا، ووزعتك : وقال الشيخ من خراسان يف شيء جرى .مجيعا: لتك يف حر أمك، مث توقف وقفة وقالتوزيعا، ومزعتك متزيعا، وجرعتك جتريعا، وأدخ

وملح هذه احلكاية ينتثر يف الكتابة، وهباؤها ينتقص بالرواية دون مشاهدة احلال ومساع اللفظ، ومالحة الشكل يف التحرك والتثين، والترنح والتهادي،ومد اليد، ويل العنق، وهز الرأس واألكتاف، واستعمال

.األعضاء واملفاصلالرجل كلف باملذهب ال : فقال. لو ناظرته، وكان يذهب مذهب القالنسي: لت البن القصار الفقيهوق

.يفهمك ما يقول استكبارا عليك، وال يفهم ما تقول استحقارا لكوطلع علي يوما يف داره وأنا قاعد يف كسر رواق أكتب له شيئا قد كادين به، فلما أبصرته قمت قائما،

: فالوراقون أخس من أن يقوموا لنا، فهممت بكالم، فقال يل الزعفراين الشاعر! اقعد: شقوقصاح حبلق ماحتمل فإن الرجل رقيع، فغلب علي الضحك، واستحال الغيظ تعجبا من خفته وسخفه، ألنه قال هذا وقد

ج يف مسك جمنون قد لوى شدقه وشمخ أنفه وأمال عنقه واعترض يف انتصابه وانتصب يف اعتراضه، وخروالوصف ال يأيت على كنه هذه احلال ألن حقائقها ال تدرك إال باللحظ، وال يؤتى . أفلت من دير حنون

.عليها باللفظ .وتربا ملن يقول غري هذا! أ فهذا كله من مشائل الرؤساء وكالم الكرباء وسرية أهل العقل والرزانة؟ ال، واهللا

ما رأيت يف طول عمري مع علو سني وكثرة جتاريت : لكاتب كاتب علي بن كامة يقولومسعت اخلثعمي اتتبعي رجال أمجع للمخازي واملقابح والرقاعات واجلهاالت واخلساسات والفواحش واخلبائث من ابن عباد؛

له اهللا ويل نعمته، وأوقحهم أفيل الناس رأيا إذا ارتأى، وأنكلهم عن اخلصم إذا تراءى، وأقلهم وفاء ملن جعوجها مع كل إنسان، وألحدهم لسانا بكل خىن وفحش، وأحسدهم لنظري وملن دون النظري، وأسعاهم

بالفساد على الصغري والكبري، وأخطبهم على الدين، وأضرهم للمسلمني، وأفجرهم من بني العاملني، فقلت يء يطرد له ما هو عليه؟ما الذي ميده على ما هو فيه، وبأي ش: له

مل يبق فيمن فوقه من ينتقد، وال فيمن دونه من يزاحم؛ قد خال له اجلو فهو يبيض ويصفر، ويتمطى : فقالويبوع، ويقول سبعا يف مثان؛ مل يذل ألحد وذل له كل محتاج، وأمر كل إنسان وما هناه إنسان، وضرع

ونشأ على البطر واجلنون، وعلى اخلالعة واجملون؛ فبهذا وأشباهه إليه كل حمتاج، وما احتاج إىل غريه، فسدت أخالقه، وساء أدبه، وبذؤ لسانه، ووقح وجهه، وغلط يف نفسه غلطا شديدا؛ وأعجب بعربيته

ال إعجابا بعيدا؛ وهكذا يفسد كل من فقد املخطئ له إذا أخطأ، واملوبخ له إذا أساء، واملقوم له إذا اعوج؛ .صدق سيدنا، وأصاب موالنا؛ وماله يف الزمان ثان، ومل يعرف فيمن تقدم له نظري: يسمع إال

رجل يف هذه اململكة الواسعة العريضة على ما ترى من التمكن واالستعالء، وهو ال يحصل شيئا من خراهبا أعمال . وال الضائع بني الناظرين فيها وعمارهتا، وال ينظر يف مصلحتها ومفسدهتا، وال يعرف املختلس منها

بائرة، وبالد غامرة، وأموال حمتجنة، وطمع مستحكم، وضعف غالب وعدو راصد، ووقت فائت بالفرص، قال شيخنا أبو علي وأبو هاشم، تارة يتقلس : وخوف مؤذن بسوء العاقبة؛ وهو قاعد يف صدر جملسه يقول

Page 39: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

هذا البقال وهذا اخلباز وهذا اخللقاين وهذا اإلسكاف بالفارسية إما بالدرية، ويتعمم ويتلحى ويناظر العامة؛وإما بالرزاية وإما بغريمها؛ ويرى أنه يف شيء مهم، وأنه يف نشر مذهب ونصرة دين؛ وتارة يناغي هذا

:األمرد، ويعاتب هذا اخلادم، وينشد الشعر البارد الذي يورث الفاجل على حامليها فاختذ حلية قصدا... لعثانني آفة أبا يوسف إن ا

وال تولها إال اإلبادة واحلصدا... وال تك مشغوفا بسحب فضولها :وينشد

قد استوجب يف احلكم سليمان بن خمتار ته التحريق بالنار... مبا طول من حلي أو النشر مبنشار... أو النتف أو اجلز

ر من راية بيطار... ا أشه فقد صار هب: فقال أبو هفان. إن ضرطت عليك ألبلغنك إىل فيد: قال سعيد بن حميد أليب هفان: فإذا أمل الشعر قال

.زدين أخرى تبلغين مكة، فإين صرورةرب املتوكل على قفحة ض: أ تدري يا أبا فالن ما الصرورة، وكم لغة فيها، وما أصلها، وما نظريهتا؟ ويقول

مر : يا أمري املؤمنني، خليفة يقرع باب قوم فال جييبونه؟ ويقول: وحيك ما هذا؟ فقال: عبادة فضرط، فقال .هذا تيس اجلن: من هذا؟ فقيل: بعلي بن احلسني العلوي رجل عباسي مأبون، فقال

.ينبغي أن يقال له نعجة اإلنس: فقالليس هذا موضع : د بني قبحة وصديقها يف بيت فتعاتبا، فأراد أن جيامعها فامتنعت وقالتمجع مزب: ويقول

يا زانية فأين موضعه أبني القبر واملنرب واهللا ما بين هذا البيت إال من جذر القحاب، : ذا، فسمعها مزبد فقالن املساجد، وما اشتريت أرضه إال من وال وزن مثن خشبه إال من أمثان نعال اختطفت يف شهر رمضان م

.السرقة، وما أعرف موضعا أحق بالزنا فيه منه :وكان ينشد البن احلجاج كل سخف ويستجيده ويعجب به؛ أنشد له يوما

وعنه وقد بلوتهما شديدا... يسائلين حممد عن أخيه دودا أخوك، احلق، أكثر منك... فقلت كالكما جعس ولكن

.امرؤ القيس والنابغة يقصران عن هذا الفن: ويقول :وينشد أيضا له

يصدرن عن هلوات كلب رابض... ومصرف أنفاس ليث خادر حلم مصل يف لعاب حامض... ذي لثة غروية الريا وذي فكأمنا شفتاه شفرا حائض... رث الثيات حيز منبته دما

ما زال يفسو ضرسه يف عارضيت... در ماذا قال إال أنه مل أقدم أبو فرعون األعرايب وكان يسمى سلمان البصرة، : ومن أحاديثه السخيفة اليت يتنزه عنها الرؤساء، قال

ح فنظر إىل بعض آل املهلب على بابه قد فرش له، ووصيفة أدماء كأهنا طبية قائمة تذب عنه، فجعل جيم

Page 40: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.إي والذي خلقها: إليها وحيد النظر، فقال له صاحبها أتشتهيها؟ قال .فهل لك أن تكشف عما معك بني يدي وتنكحها وتنكحها وأنا أنظر؛ فإن فعلت ذلك فهي لك: قال

زر، زر، فأكثروا عليه، فاستحيا : فلما ألقاها وأخرج متاعه كأنه عمود البيت، وبرك عليها صاح به الناس :فتر وولى هاربا والناس يف إثره يصيحون، وأخذ برأس متاعه وقالو

يالك من اير جزيت شرا أقمته حىت إذا اكفهرا

واضطربت أعراقه ودرا عاد إيل وجهه مزورا أريد جوا ويريد برا

كأنه صاحب ذنب فرا كأمنا ألقم شيئا مرا

يقال زرا؟وما عليك أن . اختصم احلر واحلجر يف اجللدة اليت بينهما، فكان كل يدعيها، فتقدما إىل االير: قال عبادة: وحدث أيضا

.فقال ليست ألحدكما .هي يل إذا دخلت حططت عليها رحلي، وإذا خرجت استرحت عندها من كريب: فلمن هي؟ قال: قاال

من غرقه يا : قالت! يا ملعونة من أحبلك: ارية فحبلت، فقلت هلاكانت يل ج: وحكى يوما عن جحظة قال .مواليألنه ينزل على القفا مجلة : مل صار الصفع بالقرع على القفا ثقيال، ويف اجلوف خفيفا، قال: وقيل لعبادة: قال

.ويدخل يف اجلوف تفاريقبد املدين وأيب احلرث محني وعبادة، وجحظة وكان ديدنه السخف واخلالعة واملجون، والرواية عن مز

وكان يضع أحاديث من الفواحش على بين ثوابة ويرويها عنهم ويسمهم . ونضلة بن البك ومن أشبه هؤالءوكان يتكذب على . وكان القوم معاذين منها، على ما حدثنا شيوخ جلة كرماء هلم دين ومروة. هبا

.كثر هذا فيه، وإمنا كان يتحدث مبثله تبرؤا ونزاهة، وكان أدنس من اخلنزيروكان أ. اليزيديني وغريهموملثل هذه اخلصال كتب إليه أبو راغب، فىت من آل أيب جعفر العتيب الوزير خبراسان رسالة هتكه هبا؛ وأنا

ذكور، وكل ذي مروة ظاهرة أرويها لتعلم أين مل أتفرد بتهجينه والنكري عليه، بل كل حر كرمي، وكل دين ممعي فيما نثوت عنه وكرهته منه؛ فإن مل تعبأ مبا تسمع مين فاعبأ مبن لعله عندك أشف مين، وال تتسرع إىل

.عييب هذا الرجل مبا قد دونته حىت تتبين األمر على حقه وصدقه .قريبك وبعيدكأصلحك اهللا أيها الرجل لنفسك، فإنك إذا صلحت لنفسك صلحت ل: كتب أبو راغب

أما بعد فإن بعد صيتك بعثين على تصفح شأنك، وتصفحي لذلك وقفين على أحوال كرهتها لك، وأنفت منها ملن بلغ درجتك، والعيب منك مضاعف، واللسان فيك جوال، واحلقد عليك سريع؛ ولوال احلال اليت

Page 41: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

والتوبيخ يتبدد دونك، وما أحسن ما قال شاعر أنت عليها من القدرة والتمكن لكان العذر يناضل عنك، :عصرك يف نظمه

كنقص القادرين على اللتمام... ولك أر يف عيوب الناس شيئا قد خولك اهللا ما يفوت ذرع مهتك، وآتاك ما يتجاوز اشتطاطك يف حكمك، من املال والثروة والرياسة

له بسابقة لك عنده، وال حق لك عليه، بل كله تفضل يف األول، والعلم والقوة واملكانة؛ ومل خيصك هبذا ك .واختبار يف الثاين، وثواب أو عقاب يف الثالث

ولقد شاهدت وسطي يف تعرف أخبارك، واستعنت كل عني وأذن يف معرفة ليلك وهنارك، فلم أجد يف وتكون عاقبتك منه دخول النار؛ تفصيل ذلك إال ما يعصب برأسك العار، وحيشد عليك أسباب الدمار،

ألنك تظهر القول بالوعيد مث تركب كل بعري كبري، من أخذ املال احملرم، واستباحة احلرمي املصون، وقتل النفس املؤمنة، ومسامهة الفسقة الفجرة، وخدمة الظلمة الغشمة، وتقدمي أهل املجون والعيارة، ويف عشر

.الخ من الديانةهذا سقوط املروة، واإلنسفيا أيها املدل بالتوحيد والعدل أ هذا كله يف مذهبك أو يف مذاهب أسالفك؟ مثل واصل بن عطاء وعمرو

مع بدعتهم اليت شانوا هبا وجه اإلسالم، وكادوا هبا - بن عبيد، وأيب موسى املردار، واجلعفرين؟ أما كانوا ض لنفسك ومصر عليه باغترارك؟ إن اهللا ال خيادع، وال منجاة للعبد جمتهدين يف غري ما أنت به را -أهله

إال بالطاعة اخلالصة، والتوبة النصوح؛ هذا إذا كان اإلميان ساكن صدره واخلوف من اهللا مترددا يف أقطار ذا كله فهو فكره، واليقني باملعاد عمود دينه، والعلم باجلزاء راسخا يف فؤاده؛ فأما إذا كان عاريا من ه

).جهنم يصلونها وبئس المصري(الكافر بعينه الذي مسعت به، وعاقبة الكافرين

واهللا ما حركتين لنبذ هذا الكالم إليك حيبة عليك؛ ألين مل أنتجعك، ومل أطمع يف مالك، وال عرفت وجهي، خلة ما يكون أمثالك، فآثرت نصيحتك؛ وال مسعت بامسي، لكن أبت نفسي أن تقر على اجلهل حبالك، وبد

وما أخوفين أن تكون جرأتك على هتك حرمات الدين، " . الدين النصيحة : " فإن النيب صلى اهللا عليه قالومعارضة الصاحلني، مع العكوفة على اخلسران املبني، إمنا قويت وربت ألنك شارد على ربك، نافر من دين

بلسانك، شاك فيه بفؤادك، متعجب ممن له إخالص، أو له بالدينونة اختصاص؛والويل لك إن نبيك، مدع له كنت هبذا قانعا من نفسك يف احلال األوىل، مث الويل لك مع الثبور إن كنت جاهال مبا عليك يف احلال

.األخرىدثين أي أمر أنت فيه على رشد، وآخذ منه باحتياط؟ أما أنت عليه مع الغلمان املرد اجلرد؟ أم ما أنت ح

مشهور به من اجملانة والسخف؟ مث تدعي اإلطعام للخاص والعام، وقد شاهدنا فوجدنا على بابك قوما هلم وإبعادا، أ فما هذا بأمرك وعينك يضربون باملقارع وجوه الناس، ويحطون على رؤوسهم العذاب، طردا

وأذنك؟ فلم تتكلف ما ال تقر به؟ ولم تدعي ماال تسلم فيه؟ لقد وقفنا عيانا من استخفافك باألحرار، ووضعك من ذوي األقدار، وكفرك بويل نعمتك، وتعريك من كل شبهة يف أمرك، ما لو تنفسنا به بني

.بالقرطاس، لكان ذلك زائدا على مترد فرعون، وكفر أيب جهل وجرأة ديك اجلنالناس، أو رمسناه بالقلم

Page 42: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

لقد قيست مروتك إىل مروات قوم قرفوا بالزندقة فوجدت مرواهتم فوق ديانتك، ولقد رأينا قوما مل يتحلوا وأنت . ذلك املبالغ بالدعوى حتليك استنفدوا قوهتم يف طلب مرضاة مؤمليهم ومنتجعي قطرهم، وبلغوا من

مع متكنك ويسارك مل تسمح من الشاة بظلفها، مث مألت الدنيا بقباقا باالمتنان على الصغري والكبري، كأنك رب واثق : انظر أيها الرجل أي آخر سوء لك؛ واهللا إنك شديد الثقة، وقد قيل. خالق اخللق وباسط الرزق

!أيها الرجل. خجل إال كما طار وقع... ما طار طري فارتفع

أما تعترب مبا آل إليه أمر ذي الكفايتني مع ذلك البأو واخلنزرانة؟ أما رأيت بعينك يف هذه السنني ما حيدوك على األخذ بالوثيقة لنفسك؟ وكف اليد عن كثري مما يوتغ دينك، ويهشم أنف مروتك، ويقطع عرق

يدي يف الدعاء عليك، وحيشو القلوب يف الدعاء عليك، أبوتك، ويهيج األلسنة على تبكيتك، ويبسط األ .وحيشو القلوب متني زوال دولتك

:فاتعظ بقول الشاعر ثقة بلني مقادة األقدار... يا أيها الباغي على األحرار فالظلم يقصر من خطى األعمار... ال تغترر مبدى تطاول حينه

سدت عليه مدارج اإلصدار... رد ولربما والعيش نهلة واأحذركم الدنيا وأخوفكم يوم التناد، يوم ال يعرف : وأختم قويل هذا مبا قال بعض السلف ألصحابه، قال .خلري أمد، وال ينقطع لشر أمد، وال يعتصم من اهللا أحد .ف ما تؤتيه بارتياح، والسالموأرجو أن تسمع ما صدقت القول فيه بانتصاح، وتعر

هو يف باب : ابنك يف أي شيء هو من النحو؟ قال: قال أبو العيناء حلجاج الكاتب: ويقول أيضا: قال .هو إذن يف باب والديه: قال. الفاعل واملفعول

.التقى الثوبان: قال. اشترى األمري سراويل من فنك: قيل ألعرايب: ويقول :وينشد

يريده يف غلظ املردي... عرف باخللدي شيخ لنا ي فناكين واالير من عندي... أدخلني يوما إىل داره

وهو يف هذا اكله على نزق فيه شديد، وقهقهة عالية، وتفكك قبيح، وسيالن منكر، ومشائل : قال اخلثعمي .مندثرةيليق هبم هذا النمط، وأقبل على الدولة فنظم هال ترك هذه السخافات واحلماقات على قوم! الويل له

.خمتلها، وسدد اليت ليس هلا حمصولأي دين يصح له وقد قتل آل العميد؟ وأي وفاء يسلم له وقد سم أوالد بويه الذي هو ويل نعمته، ! يا قوم

له، وهو مين بالقليل إذا أعطى؟ وحافظ مهجته، وباسط يديه، وبه نال ما نال، وبلغ ما بلغ؟ وأي مروة تبقى وأي كرم يعتقد فيه، وهو يغر اآلمل ويسحبه على الوعد حىت إذا انتهى فقرا أو ضجرا حرمه حرمانا يابسا،

ورده ردا مرا، وأعطاه شيئا قليال وقحا؟

Page 43: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

يسخر منه ويضحك به؛ وهل جتد فيمن تقدم عنده ونفق عليه غري ابن املنجم وهو يعبث بلحيته وهامته؛ و: ويعمل له الشعر يف النوروز واملهرجان وغريمها، ويسمعه يف هيئة يوم احملفل، ويطرب على إنشاده ويقول

ويطيعه على ذاك، ويتقدم إليه بالقيادة وبكل ما ال يجيزه الدين ! وما أسلس طبعك! ما أحسن شعركوردت على موالنا : هل صلف،وسبيله وحديثه أو يقولواملروة؛ وكذلك ابن جنم اآلخر أبو حممد جبس جا

الصاحب، وأنا كالبدر إذا طلع، فعشقين وعشق عذاري وهام بسبيب ورزقت منه، وخففت على قلبه، .وحظيت عنده، وكان يعجبه مني ما ال جيوز التحدث به

ان مع ذلك يف مسك كلب خسة وصدق اخلثعمي يف هذا كله؛ كان أبو حممد يقول ما هو أكرب مما قال، وك .ولؤما وطمعا؛ رأيته يوما وقد كتب إلنسان كتابا مبكنسة أخذها منه وجعلها يف كمه

.وقضى آلخر حاجة بعشر باذجنانات، والباذجنان إذ ذاك بالري مائة بدانقون الدنيا، ويدخلون كل ميدان، وهل يتقدم عنده إال هؤالء اهلوج الطغام الذين جيوب: وقال أيضا اخلثعمي

فعل موالنا، وكان موالنا، وما رأينا مثل موالنا؛ وإن رأى موالنا أمكننا من نسخ : ويسخرون منه فيقولون .رسائله وكتب ألفاظه، فإذا مسع هذا وأشباهه ماع وسال وترجرج وذاب وأعطى عليه وجاد

ل علم وهو ال يعرف النحو إال ما جل منه، ومن الكالم إال ما كيف يدعى له التربيز يف ك: وقال أيضاوضح؛ مث هو يف اللغة على تصحيف شديد، وختليط كثري، ويف األخبار على متويه ال خيفى على مميز؛ وقد أفسد رسائله بطريقة املتكلمني، وأفسد طريقة املتكلمني بطريقة الكتاب، وكذلك النحو واللغة واحلديث،

.وهذا وصف ال يدفعه إال مكابروصدق هذا الشيخ، فإين رأيت ابن ثابت البغدادي احملدث، وقد سأله عشية يوم عن قول النيب صلى اهللا

ما احلذف؟ فلم يجبه " : قوموا صفوفكم فتراصوا، ال تتخللكم الشياطني كأنها بنات احلذف : " عليه .ذ يف حديث آخرسأقول لك، وأخ: وقال

" يوسف " كان عندنا معلم، وسئل عن : وهو مع هذا كله يكذب صراحا يف كل شيء، يقول: قال اخلثعمييوسف أعرض عن : (يذكر ويؤنث، أال ترى إىل قول اهللا عز وجل" يوسف : " أ ذكر هو أم أنثى؟ فقال

.، وقد اجتمعت له العالمتان)كواستغفري لذنب: (، مث قال)هذاواكن هذا ينسبه إىل إنسان معروف باألدب، ولكنه كان يحمق ابن عباد وينث خمازيه، فكان هذا يضع

.عليه نوادر باردة" دخلت بغداد فلقيت أبا سعيد السريايف، وعلي بن عيسى، واملراغي؛ وناظرت املراغي يف : ويقول: قال

وغري ذلك فأبرزت وذكرت، وأشري إيل باألصابع، وفسح يل يف اجملامع؛ " كاد " و " ل لع" و " عسى .وكذلك ناظرت فالنا وفالنا، وأفدهتم أكثر مما استفدت منهم

.وهو كما أومأ إليه. وسكت استعظاما هلذا احلديث ونفيا له! سبحان اهللا:وسألت أنا أبا سعيد عن هذا فقال .ال، واهللا: أ كان هلذا احلديث أصل فقال: يوقلت للمراغوهل يدل ولوعه بالعروض إال على سوء الطبع وقلة التأتي؟ وكان أخذها عن البديهي، وإمنا : وقال اخلثعمي

ردؤ شعر البديهي أيضا ملثل هذا، وبلغ من جنونه عليها أعين العروض أنه كان يلقيها على كل إنسان،

Page 44: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ر وكاتب، حىت أخذ يف هذه األيام يلقن غالما تركيا وآخر قوهيا وآخر زجنيا؛ وكان ويطالب به كل شاع .يظهر هبذا وما أشبهه احلذق والرباعة والتخريج

ما رأيت كاتبا يخطئ إال من هذا، وال يلحن : اجلرمي، ويقول" وخمتصر " ، " الفصيح " مث ينظر يف كتاب منه مغالط، إن الكاتب قد يخطئ من غريمها أيضا، وهو ذاك املخطئ - اهللا حفظك -وهذا . إال من هذا

ومن أراد : احملرف إذا وزنت كالمه بالقسطاس، واعتربته بالقياس على ما أوضحه العلماء والنحويون، قال .ذلك بينت له، فليس الباب دونه مغلقا وال الطريق إليه متعسفا

ل مداره إال على السخف واجلبه واملكابرة والبهت، يقول فيمن هو أكتب منه وأعف وه: مث قال اخلثعمي :وأسرى

أوسع من مصر وبغداد... حجر أيب نصر بن كوشاد فقال موالي وأستاذي... هل لك يف فيشة : قلت له

ع والسفلة؟أ فهذه خمايل ذوي األقدار والرياسة؟ أم خمايل أصحاب الرعا

وهل شاع القول بتكافؤ األدلة يف هذه الناحية إال به؟ وكثرا املراء والدل والشك إال يف أيامه، ألنه منع أهل " احلديث : " وقال -القصص من القصص والذكر والزجر واملواعظ والرقائق، ومنع من رواية احلديث

ابة والتابعني، وما يعنى بني احلالل واحلرام، وتفسري القرآن، ونشر التأويل، ومساع قول الصح - حشو ابن فارس، والروياين، وابن بابويه، وابن العطار، وابن : ويتعلق جبالئل األحكام، وطردهم ونفاهم؛ منهم

شاذان، والبلخي، وفالن وفالن؛ وأجلس النجار خيدع الديلم بالزيدية، وزعم أنه على مقالة زيد بن علي بريء منه، لفسقه وفجوره وهتتكه وظلمه وغصبه وهنبه وقتله النفس -يه ودينه ومذهبه، وزيد يعلم اهللا ورأ

.أترانا ال نعرف مذهب زيد، وأن مجيع ما هو فيه خمالف للدين واإلسالم. احملرمة، وأخذه األموال احملظورةلئال يفشو احلشو والتشبيه ولئال ينشئوا عليه الصغري زعم أنه إمنا منع املذكرين والقصاص: وقال اخلثعمي

والكبري، فهال منع من الكالم واجلدل لئال يفشو اإلحلاد، وال تكثر الشبه؟ مث جيلس ألصحاب احلديث، فأي عيب مل يظهر به ومل يغلب عليه؟ وأي خزي مل ينب . ويروي ويفسل ويكذب وخيتلق اإلسناد ويبتك املنت

يكثر؟ وأي فعل سيء ال فعله؟ أ ليس هو سبب كل قبيحة، وفاتح كل باب شر؟ فما هذا الغلط فيه؟ وملوما هذا التعصب له؟ وما هذا اللجاج بسببه؟ أ من العدل الذي يدل به يف مذهبه أن جيور ويغصب، ويقتل؟

و باألبن والسوءات؟ ويتسنم أن يركب الفاحش ويأيت القاذورات؟ وخيل" التوحيد " أم من التدين ب الكبائر املبريات؟ مث يبين دارا يسميها دار التوبة استهزاء وسخرية وسخنة عني؟ أم من املعروف أن يتعاطى

كل منكر قوال وفعال؟ إين ألظن أن من ينصر هذا الرجل ألعمى أصم قد أسلمه اهللا من يده، وأجلأه إىل .الشيطان قرينه

أين مائدتنا من مائدة مطرف؟ يعين أبا نصر مطرف بن أمحد : عقل واملروة والكرم والفتوة أن يقولأم من الوزير مرداويج اجلبلي، وكان أكرم الناس؛ ومن مائدة املهليب؟ ومن مائدة ابن العميد؟ وأين طعامنا من

ارنا، وال أدرك شوارنا، وال مسح طعامه؟ وأين إطعامنا من إطعامه؟ وكان أبو الفضل سيدا، ولكن مل يشق غب

Page 45: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

فأما ابنه فقد عرفتم قدره يف . عذارنا، وال عرف عرارنا ال يف علم الدين، وال فيما يرجع إىل منافع املسلمني .هذا ويف غريه؛ طياش قالش، ليس عنده إال قاش وقماش، مثل ابن عياش واهلروي واحلواش

أنا الذعاف ملن حساين، واجلراف ملن : زانة؟ مث يقول يف جملسههذا كالم من له عقل ويرجع إىل ر! يا قومعصاين، واجلحاف ملن عناين أو حرك عناين؛ أخمصي فوق هامة الدهر، أين ابن الزيات منا؟ أين ابن خاقان

بن مقلة من غالمنا، يعين أبا العياس الضيب، ومن علي بن عيسى احلشوي، ومن ابن الفرات األرعن، ومن ا. اخلطاط، ومن احلسن بن وهب الضراط؟ هل كانوا إال دوننا إذا ذكرت سيادتنا، وشوهدت سعادتنا

ولدت والشعرى يف طالعي، ولوال دقيقة ألدركت النبوة، وقد أدركت النبوة إذ قمت بالذب عنها والنصرة ارينا ويسارينا ويشارينا؟ وكاد اخلثعمي ال يقطع هذا هلا؛ فمن ذا جيارينا ويمارينا ويبارينا ويهادينا ويض

.اجمللس لطول ما مر فيه، وشدة ما أمهه منه .فهذا كما ترى

: مل انقطعت عن هذا الرجل، وقد كان محسنا إليك، مقدما لك، معجبا بك؟ فقال: وقلت للمسييب يوماخداع العقل من الكلف الشاقة واألمور الصعبة، ولعن اهللا الصرب على الرقاعة معوز، ومكاذبة النفس و

الرغيف إذا مل يصب إال بضعة النفس، وغضاضة القدر، وكد الروح، ومفارقة األدب احلسن، ودنس :عرالعرض النقي، ومتزيق الدين املعتقد، وكسب الزور املحبط، وإزالة املروة املخدومة؛ وإين لكما قال الشا

هلا مذهب بني املجرة والنسر... وإين على عدمي لصاحب همة لمستمسك منها حببل غرور... وإن امرءا دنياه اكبر همه ر، جعلك اهللا ممن إذا خرئ شطر، وإذا بال قطر، وإذا فسا غبر، وإذا ضرط كب: ومسعته يقول البن ثابت

.وإذا عفج عبر

وهذا سخف ال يليق بأصحاب الفرضة، والذين نشؤوا باملزرفة، واختلفوا إىل اخلندق ودار بانوكه والزبد .واخللد

أنشدين صقالب، وابن باب، وقرأت على ابن البواب، ومسعت من ابن احلباب، ورويت أليب : ومسعته يقول .املرتاب الدباب كل شيء عجاب

.ولقد حتير املهليب مني، وعرف معز الدولة فضلي وأديب وأكرب قدري، وبلغ احلد األقصى يف أمري :وأنشدين أو دلف اخلزرجي عندما رأى من كلفه باملذهب وإفراطه يف التعصب

س بن عبد اهللا خذها... يا بن عباد بن عبا رجت للعالم كرها ...تنكر اجلبر وقد أخ

.وكان إذا نشط واهتز ال يسمع منه إال حديث عبادة وجحشويه وأمثال هؤالءقيل : وكان يضع على بين ثوابة كل حكاية غثة فاحشة؛ وكان إذا أراد أن ينفي عن نفسه ما يقرف به، قال

.الزناةهذا من أراجيف : فقال. نيك الرجال ريبة: لقاضي الفتيان .الباقلى مقشورة أصح يف اجلوف: وقيل البن ماسويه

Page 46: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.هذا من طب اجلياع: فقال .هذا من توليد أصحاب القحاب: إن اللواط إذا استحكم صار حالقا قال: وقيل للوطي

مسعته يقول لشيخ فأما الذي يدل على كالم املربسمني واجملانني ومن قد شهر بالصرع واملاليخوليا فماما جيب أن يكون ال يقتضي، وما يكون منه ال : خراساين قد دعا به وأكرمه وتوفر له وكلمه؛ فسمعته يقول

جيب أن يكون، وقد جيب أن يكون ما يكون، ويكون ما جيب أن ال يكون، وإمنا ال يكون ما جيب أن كون ليس يف وزن ما يكون، والكون والوجوب ال يكون، ويكون ما جيب أن ال يكون؛ ألن ما ال جيب أن ي

يتالزمان، بل جيتمعان مث يفترقان، واالجتماع واالفتراق عليهما جاريان؛ فلهذا يرى الواجب كائنا والكائن واجبا، وما أكثر من يظن أن الكون متضمن الوجوب، والوجوب متضمن الكون، وحتصيل الفضل بينهما

.قلبالنظر من سحر العوهذا فن مل أجد فيه ملشاخينا شوطا حممودا، ولعلي أملي فيه كالما بسيطا جبميع ما يكون شرحا له إن شاء

.اهللا :فلما خرجنا قلت للشيخ اخلراساين، وقد أخذنا يف املؤانسة وجتاذينا أطراف احلديث كما قال الشاعر

بأعناق المطي األباطحوسالت ... أخذنا بأطراف األحاديث بيننا إما أن يكون هذا الرجل مرحوما يف ! يا حبييب: كيف مسعت الليلة ذلك الكالم يف الكون واإلجياب؟ فقال

أما يف بلدكم مارستان؟ أما للسلطان شفقة على هذا اإلنسان، أما له . أيديكم أو تكونوا مرحومني يف يدهح هذا اجلزء من عقله، إنا هللا وإنا إليه راجعون؛ غم علي بامسه من يأخذ بيده وينصح له يف نفسه ويكس

عندنا خبراسان، وطنز بنا به يف تلك البلدان، وقد كان، واهللا، يلوح خلل كبري لقوم من أهل العقل واألدب .واحلكمة من رسائله ورقاعه، وكانوا حيملون الذنب على الوراقني

.نعم: أيها الشيخ أنت على احلق؟ قال: ن أيب احلسن الفقيه املتكلموقال يوما آخر البن القط .نعم: واهللا احلق؟ قال: قال .فأنت على اهللا: قال

.احلمد هللا على سرعة هذا االنقطاع، وسطوه هذا البرهان، ولزوم هذا احلكم: فقال القصاروما منا : احك عند اإلشارة إليك؟ فقالهال فصلت أيها الشيخ وقد عرض بك، وتض: فلما خرج قلنا له

قليت رجال لو كان يف املارستان مغلوال لكنت ال آمن جانبه إذا كلمته، فكيف وهو مطلق مطاع، ونعوذ باهللا وهذا الكالم من صاحبه سوء أدب، : من جمنون قادر مطاع، كما نعوذ به من عاقل ضعيف معصي؛ مث قال

واجتالب مقت، وقلة دين؛ إن احلق احلق امسان يقعان باالشتراك يف اللفظ وضعف عقل، وجسارة نفس،على معنيني مختلفني، وأنا على احلق، ولكن احلق الذي ضده الباطل، ولست على احلق الذي ال ضد له؛

اهللا احلق املحق احملقق، واحلق يطلق على اهللا ويراد أنه حمقق، واحلق يطلق على ما عداه ويراد به أنه حمقق؛ واهللا حمقق فاملراد به غري هذا، ألنه يراد به أنه : وما جاوزه فهو احلق املحق املحقق؛ وإذا قيل يف وجه آخر

.مثبت موجود، ومعتقد مشهود له بالوحدة والقدرة واحلكمة واملشيئة :وحدثنا ابن عباد يوما قال

Page 47: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

د علينا أصبهان من بغداذ، فقصدين فأذنت له، وكان عليه مرقعة، ويف رجله نعل ما قطعين إال شاب ورومل؟ ولعلي أحتاج إليها بعد ساعة، : اخلع نعلك، قال: فنظرت إىل حاجيب، فقال له، وهو يصعد إيل. طاق

.أ تراه يريد أن يصفعين هبا: فغلبين الضحك وقلتيف هذه األيام هجرا أضر يب، وكشف مستور حايل، وذهب علي هجرين : وقال يل علي بن احلسن الكاتب

أمري، ومل أهتد إىل وجه حيلة يف مصلحيت، وورد املهرجان فدخلت عليه يف غمار الناس، فلما أنشد يونس تقدمت وأنشدت، فلم يهش يل ومل ينظر إيل، وكنت ضمنت أبيايت بيتا له من قصيدة على روي قصيديت،

ال : مر به هذا البيت هب من كسله ونظر إيل كاملنكر علي، فطأطأت رأسي، وقلت بصوت خفيض فلماتلم، وال تزد يف القرحة، فما علي حممل؛ وإمنا سرقت هذا البيت من قافيتك ألزين هبا قافييت، وأنت حبمد

على هذا القدر، وتفضحين يف هذا اهللا جتود بكل علق مثني، وهتب كل جوهر مكنون، أ تراك تشاحينارجع إىل أول ! يا هذا! طنان واهللا: فأعدته، فقال. يا بين أعد هذا البيت: املشهد؟ فرفع رأسه وصوته وقال

قصيدتك، فقد سهونا عنك، وطار الفكر بنا يف شيء آخر؛ والدنيا مشغلة، وصار ذلك ظلما لك ال عن .قصد منا وال تعمد

الزم هذا الفن فإنه : أعدهتا وأمررهتا وأطربت بإنشادها، وفغرت فمي بقوافيها؛ فلما بلغت آخرها قالف: قالحسن الديباجة، وكأن البحتري قد استخلفك، وأكثر حبضرتنا وارتفع خبدمتنا، وابذل نفسك يف طاعتنا

.يف قدرك على أقرانكنكن من وراء مصاحلك بأداء حقك واجلذب بضبعك، والزيادة فلم أر بعد ذلك ال اخلري، حىت عراه ملل آخر، فعاد إىل عادته، مث وضعين يف احلبس سنة، ومجع كتيب : قال

وأحرقها بالنار، وفيها كتب الفراء والكسائي، ومصاحف القرآن، وأصول كثرية يف الفقه والكالم، فلم .ها من غري تثبت، لفرط جهله وشدة نزقهمييزها من كتب األوائل، وأمر بطرح النار في

أ فهذا يا قوم من سرية أهل الدين، أو أخالق ذوي الرياسة، أو من جنس ما يعتاد ممن له عقل أو متاسك؟ وهال طرح النار يف خزانة كتبه على قياس هذا؟ فإن فيها كتب ابن الروندي، وكالم ابن أيب العوجاء يف

ه، وصاحل بن عبد القدوس، وأيب سعيد احلصريي مع غريه من كتب أرسطا طاليس معارضة القرآن بزعم .ولكن من شاء حمق نفسه. وأشباهه

لو مل تستدل على جنون هذا الرجل وقلة دينه وضعف عقله إال : كان األقطع املنشد الكويف يقول كثرياك يف لص مقامر؟ أقود وألوط وأزين وأمن بنفاقي عليه لكفى؛ ألين رجل قطعت يف اللصوصية، فما قول

وأضرب، وليس عندي من خريات الدنيا شيء؛ ألين ال أصلي وال أصوم، وال أزكي وال أحج، ونشأت يف املساطب والشطوط والفرض واملواخري، ومشيت مع البطالني سنني وسنني، وجرحت وخنقت وطررت

ومل . ربت وسكرت وشابكت وساكنت وماحكت ودامكتونقبت وقتلت وسلبت وكذبت وكفرت وشيبق يف الدنيا منكر إال أتيت، وال خنى إال ركبت؛ وهو على هذا يغرييب ويلج معي ويؤذيين ومينعين من

.الرجوع إىل بييت وامرأيت، قد حبسين يف داره هكذا، فإذا اغتلمت جلدت عمرية ضرورةه شاخ، ولكن ابن عباد كان يتعلم منه كالم املكدين، ومناغاة وصدق هذا الشيخ، كذا كان مذهبه، وعلي

الشحاذين، وعبارة املقامرين ومن يصر يف اللعب بالكعبتني، ويضجر ويكفر وينخر ويشق املئزر، ويبزق يف

Page 48: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.اجلو؛ وكان ال جيد هذا عند أحد كما جيده عنده، فلذلك كان يتمسك بهناه، طيبا مليحا نظيفا فصيحا، وهو الذي حدثنا عن بعض أصحابه يف وكان الكويف هذا، مع ما وصف

.املسطبة .إنك تحب الطيب، وتلهج بالنكاح وتفرط: قلنا له: قالحبب إيل من دنياكم ثالثة الطيب : " واهللا ما أقتدي يف هذا إال بنبينا صلى اهللا عليه، فأنه قال: فقال لنا: قال

" .والنساء .وأنت ال تصلي أصال" وجعلت قرة عيين يف الصالة : " ففي اخلرب: فقلنا له: قال " .ال نيب بعدي : " يا محقى لو صليت لكنت نبيا، وقد قال صلى اهللا عليه: فقال

ق، ورأيت األقطع هذا واقفا بني يدي ابن عباد يف صحن الدار، وذاك أيضا واقف، فطلع أبو صاحل الورا :فقال ابن عباد حني نظر إليه وإىل حليته املسرحة

وحلية كأنها القباطي :فقال األقطع بال وقفة

جعلتها وقفا على ضراطي .أنا من ولد حممد بن يزداد الوزير: وكان أبو صاحل هذا يقول

ى مذهب النوح، وكان وكان ابن عباد يطالب األقطع بأن حيفظ قصائده يف أهل البيت وينشدها الناس علفكان األقطع املسكني كل . يعطيه على كل بيت درمها، وإذا مل يحكم ضربه لكل بيت ضربة بعصا عجراء

.يوم يضرب .من كلفك الصرب على هذا الضرب؟ احفظ كما كنت حتفظ واربح الدراهم، وختلص من األمل: فقلت له األرض كان أخف علي من حفظ شعره الغث، وإنشاد قافيته الباردة، واهللا لو ضربين بكل عصا يف: فقال

.فهذا قوله. واهللا وإن شعره يف أهل البيت خراءوكان ال يدع األقطع لينصرف إىل منزله، وكان يشكو الشبق، وكانت امرأته تأتيه يف كل قليل إىل دهليز

يء معه قد مجعه فصادف األقطع يوما الدهليز خاليا، الباب وتغير ثيابه، وتصلح أمره، وحتدثه وتنصرف بشوكانت اهلاجرة منعت من احلركة، فراودها وطرحها يف املكان املتخطى وتقممها وأخذ يف عمله، فرمقه بعض الستريني فعدا ورفع احلديث إىل ابن عباد، وذكر احلال والصورة، فهاج من مقيله البارد ومكانه

ه اليت قد استلقى عليها، حاسرا حافيا، قد جعل طرف كمه على رأسه بال سراويل، ولقط الظليل، وحشيت .قدمه لقطا حىت وقف على األقطع وهو يكوم يوجل ويخرج ويرهز ذاهب العقل

اذهب ليس هذا موضع ! أيها الصاحب: ؟ فقال!يا أقطع ويلك يا ابن الزانية إيش هذا يف داري: فقال لههذه امرأيت بشهود وعدول وعقد وقبالة، اذهب اذهب، يهذي وال يعقل حىت أفرغ، وسيدي على النظارة،

مث أخذ بيده على تلك احلال، وهو يشد تكته، وابن عباد يعينه، وأدخله إىل . رأسه يضحك ويصفق ويرقصووهب المرأته ثيابا مقيلة يعاتبه ويسأله عن العمل واحلال؟ وكيف استطابه وكيف هاج؟ مث خلع عليه،

Page 49: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.وطيباأ فهذا من املروة والفضيلة وأدب الرياسة وآيني الوزارة؟ أ هكذا كانت الربامكة وهو ال يرضاهم؟ أم هكذا كان حامد بن العباس، والعباس بن احلسن، وآل الفرات، وآل اجلراح، وهو ال يزهنم بشيء فيمن تأخر؟ إن

أهله يف الرياسة واجلاللة لضعيف النحيزة سليب املروة؛ وإن من ينظر هذا من يستحسن هذا وأمثاله، ويعذر .وشبهه لصفيق الوجه قليل املعرفة

.ال تعبث بلحيتك: وقال البن الزيات املتكلم يوما يف مناظرته .وما عليك منها؟ هي حلييت: فقال ابن الزيات

.أنا سلطان: قالأنا سلطان، وإذا خرجت من عندي وحليتك : بل قال له: قال أصحابنا أ يف عهدك النظر يف حلييت؟: قال

على غري الشكل الذي دخلت علي به ظن الناس أين ظلمتك فيها عند املناظرة واخلالف، وأنا أحب .صيانتك وصيانيت عند الناس بسببك

.يه من خرج منههو كاحلر، ال يرجع إل: كيف رأيت ابن عباد؟ قال: وقلت البن الزيات ببغداد .حدثين عن ابن عباد: وقلت للجيلوهي الشاعر، وكان شيخا له جتربة ومعرفة بأيام الناس ومشاهدة

مغرور من نفسه ملواتاة جده، وتصديق ذوي األطماع يف مجيع دعواه، وما أحوجه إىل إنصاف الناس : قالبكت الرجال؛ فال هو بريء من النقص، وال هو إما بأن ال يدعي الكمال، أو بأن ال ي: من نفسه بأحد شيئني

غري مستحق للتبكيت؛ وليس من ال ميكن أن يواجه بالنقص الذي فيه وبالتوبيخ الذي يستحقه على فعله، ينبغي أن يركب هاك الناس ويأكلهم بلسانه؛ فريح - ليد له يف السلطان قوية، ومشس له يف الدولة طالعة

والضعف يزول، واحلشم يتحول، وقد يقال وراء ظهره ما يريب على ما هو عليه، ولو الدولة قد تركد، قصر يده على فضله الذي له مل تشل، ولو وقف قدمه عند غايته مل تزل، ولكنه جيري طلقا مث يكبو،

.ينوينصلت للقراع مث ينبو، ويتطاول إىل ما ال يناله مث خيبو؛ وهذا طريق اجلاهلني املغتروالكذب من آفاته، وهو خلق يعر املروة ويشني الديانة، ويسقط اهليبة، وجيلب اخلزي، ويستدعي : مث قال

املقت، ويقرب املوت؛ وقل من هلج به إال كان حتفه فيه، وما رئي شيء أحمى لنضارة الوجه ولبهجة العلم .ولزينة البيان منه

ن ما حيسن من اإلحسان إال هو مردود بالتنكد، ألنه ما هنأ قط وعلى ذلك فما رأيت رئيسا يحس: قال .وال ترك له يدا بيضاء عند أحد إال وكر عليها بالتسويد. بنعمته، وال أمتع بإحسانه

وقد شاهدت النافقني عليه، واملتقدمني لديه، ووقفت على مواتهم ووسائلهم وأسباهبم وذرائعهم فلم : قال مخشي اللسان استكف شره باإلحسان كاخلوارزمي وغريه، أو مرتبطا ألمر يراد منه ال يفي أجد فيهم إال

به سواه كاهلمذاين ومن جرى جمراه، أو ملعوبا به قرب على ظنه وريبة وحال زائدة على القبح والفضيحة، ء، من وصل إىل درهم من ماله إال كفالن وفالن وهم الدهم؛ ومل أجد يف ضروب املتوسلني إليه، بعد هؤال

ببذل النفس وإذالة العرض، ومواصلة البكور والرواح واستنشاق الغبار والرياح وجترع العبط والكد،

Page 50: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ومزامحة أهل اجلهل والنقص، ومغالبة ذل احلجاب وسوء أدب البواب والرضا باهلزء والسخرية؛ وما ة على أحد، مللله وحسده، وضجره ونكده، وامتنانه وكثرة ذكره ابيضت له يد عند أحد، وال متت له نعم

.املنة تزري باأللباء: والعرب تقول يف حكمها. لفضله ومدحه لنفسهعلى أن عطاءه ال يزيد على مائة درهم وثوب إىل مخسمائة، وما يبلغ إىل ألف نادر، وما يويف على األلف

على السنني ما يزيد قدره على هذا بأضعاف، وعدد هؤالء قليل بديع، بل قد نال به ناس من عرض جاهه .جدا، وذلك أيضا بابتذال النفس وهتك الستر، واإلفراج عن الدين واملروة والعرض واألنفة

مل يكن يف الدولتني األموية والعباسية مثلي، وهذا الكالم قد دونه يف بعض : وأي عقل يكون ملن يقول: قالحكيت هذا مبدينة السالم فسمعه قوم كرام يرجعون إىل فضل كثري وبصائر حسنة منهم ابن كتبه؛ وقد

البقال الشاعر، وحمسن ابن التنوخي، وابن فتاش املصري فضحكوا وهزئوا، وشعثوا عرضه، وجحدوا ما كان له فيمن حماسنه اليت لو سكت عليها لسلمت له، والدعى يف مجلتها أكثر مما يدعيه لنفسه؛ ولعمري

.تقدم يف الدولتني مثل وال شبيه، ولكن يف اخلالعة واجملون، والرقاعة واجلنونوهو ال يفيق من قتل من ظن به عداوته والوقيعة فيه، أو " العدل والتوحيد " ومن العجب أنه يدعي : قال

.ينالقدح يف رقعة له، وإن كان ذلك اإلنسان من الصاحلني العابدولقد بلغ من ركاكته أنه كان عنده أبو طالب العلوي، فكان إذا مسع منه كالما يسجع فيه، وخربا ينمقه

فإذا أفاق قيل . ويرويه، يبلق عينيه وينشر منخريه، ويري أنه قد حلقه غشي حىت يرش على وجهه ماء الوردما زال كالم موالنا يروقين ويونقين حىت فارقين :له، ما أصابك؟ م عراك؟ ما الذي نابك وتغشاك؟ فيقول

لبي وزايلين ذهين واسترخت له مفاصلي وحتللت عرى قليب وذهل عقلي وحيل بيين وبني رشدي؛ فيتهلل وجه ابن عباد عند ذلك، وينتفش ويضمحل عجبا وجهال، مث يأمر له بالتكرمة واحلباء والصلة والعطاء،

.عمه وبين أبيه ويقدمه على بينمن ينخدع هكذا فال يكون ممن له يف الكتابة قسط، أو يف التماسك نصيب، وهو بالنساء الرعن والصبيان

.الضعاف أشبه منه بالرؤساء والكبارحجبت مدة عنه فضقت ذرعا بذلك، فإن اجلاه الذي كنت مددته انزوى، واألمر : وحدثين الشاذياشي قال

د، وأخذت املادة تقف، واحلال ينقص، والذكر يقل، فأحييت الليل أرقا وفكرا فيما أعتل الذي قومته تأوإين رجل امتحنت مبا مل ميتحن به أحد غشي : " فقدح يل اخلاطر حبيلة، فأصبحت وكتبت رقعة ذكرت فيها

والنصب املتصل، بابك، ونال إحسانك واستمرع فناءك، واستحصد جنابك؛ إين بعد هذا الدأب الشديد اليت " األصول اخلمسة " والقراءة والنسخ، والبحث واملناظرة، والصرب واملناصحة، قد شككت يف مسائل

عليها مدار املذهب، وركن املقالة، وهذه حمنة بل فتنة، بل شيء فيه هالكي وخسران عملي، فاهللا اهللا يف، الدار، خائب األمل، بائر البضاعة، خاسر الصفقة، طلبت تداركين فإين من األموات بني األحياء، غريب

" .الزيادة على ما كان عندي فأتلفت ما كان معي مسكني الشاذياشي لقد نزل به أمر عظيم، : فلما قرأ الرقعة قلق يف نصابه، وأقبل على أصحابه وقال: قال

. علي به، هاتوه البائس. البالء املبني وحل به خطب جسيم، ودهي يف دينه، وأصيب بيقينه؛ إن هذا هلو

Page 51: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ما هذا الشك الذي اعتراك، وأين أنت عن القاضي أيب احلسن حىت : ودعيت فأدناين وال طفين، وقال يللست أثق إال ببيان موالنا، وال عجب من بيانه، ولكن العجب من إنصافه مع سلطانه، : حيل ذاك؟ قلت

.وحسن إقباله مع أشغاله

هات، : فانفسخ عقده، وابتل شنه، واستحال ذلك امللل استطرافا وذلك النبو استعطافا، وأقبل يقول :قالوأنا أهاتيه هكذا أياما وليايل، أتأطر له تارة باالستحسان والقبول، وأتعسر عليه تارة بالتوقف والفتور، وال

يا موالنا أسلمت : ويت له، مث قبلت أطرافه وتباكيت، وقلتأفارق الكيس واحليلة، حىت استنفدت قوته وق .على يدك، وجنوت من النار بإرشادك

اكثر عندنا، واقتبس علمنا، قد ذللنا لك احلجاب، وتقدمنا بذلك إىل احلجاب، فاسكن ! يا أبا علي: فقال .واطمئن، وطب نفسا وارفئن، وال تقلق فترجحن

جملسه قرير العني، ممدود اجلاه، مملو اليد، ونفسي ريا بكل أمل، وتفتحت علي أبواب فانصرفت من: قال .الرزق، ومجعت إجانة كبرية خضراء دنانري

وحديث هذا الرجل ذو شجون، على أنك إذا أنصفت مل جتد له نظريا يف دهرك، ومىت بليت : قال اجليلوهي .به طلبت اخلالص منه ولو بفقرك

:ا أخوفين أين إذا دفعت إىل غريه بعده متنيته، فأكون كما قال الشاعروم: قال وجربت أقواما بكيت على بشر... عتبت على بشر فلما فقدته .وله حديث" على سلم " ؛ والصحيح " على عمرو : " هكذا أنشد، وغريه ينشد

أنا أعلم أن احلجاب قبيح : وقد قال يوما. ر بغضه للخاصةومن خواص ما فيه حبه للعامة، وذاك بقد: قالوبغيض، والصرب عليه متعذر، وهو الذي يورث العداوة الشديدة، ويبعث على القالة الشنيعة، وميحو كل حسنة، ويهجن كل نعمة، ويثري كل نقمة، ويبدي كل عورة، ويربز كل سوأة؛ وقد دهي الناس منه قدميا

ديثا، لكني أتلذذ به، ولست أجد طعم هذه املرتبة العلية، وال أعرف مثرة هذه احلال السنية إال بعد أن وحأحتجب ويقف الناس على منازهلم بالباب، وأعلم أن صدورهم تغلي بالغيظ، وألسنتهم جتري بالعيب،

سوء، ولكن ال أمسح حبالوة وأهواءهم تأتلف على القلى والبغض؛ فإن احلديث ينخرق بكل معىن إىل .الدولة، وجباللة الصولة، وهبيبة املكانة، ومبا أن سهوت عنه صرت إىل املهانة

وهذا قول من نص اهللا على خذالنه، وأسلمه إىل حوله، وأنطقه بلسان إبليس الذي هو : قال هذا الشيخ، وآيات اخلسران يف العاقبة، ولن يقدم عدو اهللا، وال شك أن هذا املذهب من عالمات الشقاء يف الدنيا

عليه إال من قد مسح بعرضه، واستهان بشنيع القالة يف نفسه وأبيه وعمه وأسرته، ومجيع من ضرب يف مذهبه .بسهم، وشاهبه بوجه

يب عبد العجب أن ابن عباد يدعي أنه قرأ على شيخنا أ: وحدثين ابن الثالج املتكلم، وكان دينا صدوقا، قالاهللا البصري، ولقد كذب يف دعواه وفجر يف قوله؛ لقد ورد علينا بغداذ وهو ينصر ابن كالب على حد

.املبتدئني، فحمله مسكويه إيل، مث دخل الواسطي عليه وفتح باب املذهب له، ومل يكن غري ذلك

Page 52: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.نه ويصري إليه يف الثاينوكان أبو عبد اهللا ال يعرفه وال يعده، ألنه كان ال يدري ما يكون موما قدر كويتب يرد مع صاحبه، ال سن له وال شهرة، وال إفضال وال توسع، وال حاشية وال حشم؟

ودارت األيام ودالت األحوال، فكتب هذا الشيخ إىل هذا اإلنسان بعماد الدين؛ وأنا أبرأ إىل اهللا من دين خ املرشد، وأي إرشاد كان عنده؟ وكيف يكون مرشدا من ليس هذا عماده؛ وكتب هذا إىل ذاك بالشي

الرازي، وابن : برشيد؟ وكيف يكون رشيدا من ال يفارق الغي؟ إن كنت تشك يف أمره فانظر إىل غلمانهة الكفر، ما الغازي، وابن طرفان، والبزاز، والنصييب أيب إسحق، والصرييف، واهلمذاين، والدامغاين، عصاب

.فيهم من يرجع إىل ورع وتقى، أو إىل مراقبة وحياء أو هدىأبو حامد : ولقد رأيت أبا عبد اهللا البصري يف جملس عز الدولة سنة ستني يف شهر رمضان، واجلماعة هنا

ن طرارة، املروروذي وأبو بكر الرازي، وعلي بن عيسى، وابن نبهان، وابن كعب األنصاري، واألهبري وابوأبو اجليش شيخ الشيعة وابن معروف وابن أيب شيبان، وابن قريعة، وناس كثري، وهو يف إيوان فسيح يف

.صدره من حضروا من أجله، وأبو الوفاء املهندس نقيب اجمللس ومرتب القوم .فسئل البصري يف مسألة فأظهر أنه يف بقية علته، وأنه ال يقدر على الكالم

هذا جملس يبتهى حبضوره لشرفه، ويفتخر بالكالم فيه لكثرة من : قام علي بن عيسى الشيخ الصاحل وقالمث يعرف وينصف، واملغالطة فيه مأمونة، وليس يف كل أوان يتفق هذا اجلمع، وبيننا وبني هذا الشيخ، يعين أبا

وتفسيقنا والتشنيع علينا وتنفري املقتبسني عبد اهللا، مسألة من أجلها ومن أجل نظائرها قد استجاز تكفرينا .منا، وها أنا قد ابتديت سائال فلينصر مذهبه كيف شاء، وإمنا هو دين، فيجب أن نبحث عنه من العارفني

.كالم منصف، ما أمسع بأسا وال أرى ظنة، حيث بذلك على اجلواب: فقال عز الدولة: ن أبو الوفاء وكان ضلعه معه، وصفوه له، فحال بينه وبني األمري وقالفاصفر أبو عبد اهللا وقلق، وفط

الشيخ عليل، وإمنا حضر للخدمة، وبعض غلمانه ينوب عنه، وال ينبغي أن يتعب فيحمى جسمه، ويخاف .نكسه، ويصري ما قصد من قضاء حقه يف التجمل حبضوره سببا للتأمل

.يكلمك أيها الشيخ من غلمانه من تحب: بن عيسى فقال مث أقبل أبو الوفاء على عليال حاجة إىل الكالم مع غلمانه، إمنا كان الكالم معه هو القصد، ألن االجتماع بيننا يقل، وألن : فقال

.اخلصومة تكون معه الفيصل، وذاك أنه يكتب كالمي سائال، وكالمه مجيبا، مث ال نزاعن أصحايب وذاك قائم بينهم، وكانت البغية قطع املادة، وحسم الشغب، وبلوغ فأما أصحابه فإهنم يكلمو

.احلد، وإذا وقع اإلباء فال جلاج، وإذا عرف املراد فال حجاج .هاتوا شيئا آخر قبل أن يتصرم النهار مبا ليس له در، وكان فصيحا: مث قال عز الدولة

أروين من القرآن تنزيله على : الشيعة، فسأل عن القرآن وقال فأعرض أبو اجليش اخلراساين وكان متكلمهيئته األوىل حني نزل به جربيل على قلب حممد صلى اهللا عليه، فتاله على أمته بلسانه، فإين أجد عند محلته

اختلف اختالفا كثريا يف حتريفه وتصحيفه، ونقصه وزيادته، وإعرابه وغريبه ووضعه وترتيبه؛ وهلذا وأشباهه يف تأويله، وشك يف تنزيله، وكثر خوض الناس فيه ويف تفسريه، واالحتجاج له؛ ولقد سبق علمي أن كالم

Page 53: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

اهللا ال يكون يف حكم كالم عباده، وأن ما جيوز على ذلك ال جيوز على هذا، ألن اهللا حكيم كرمي رحيم، .ستجيزونه يف كالم خالقكمواحلكمة والكرم والرمحة تأىب ما تصفون به يف كتاب ربكم، وت

وهذا الذي قلت بين معروف؛ القرأة ختتلف ضربا من االختالف، والنقلة ختتلف ضربا آخر، والفقهاء : قالختتلف على قدر ذلك ضربا آخر، وكذلك أصحاب الكالم؛ وحىت أفضى هذا إىل طعن الزنادقة فيه، واجنر

كثريا من هذا اجلنس، فكلهم كاع عن اجلواب، وكاد أبو اجليش بعد عليه قدح امللحدين به، وقال كالما .تذرعه بالقول يشمت ويبالغ يف التشنيع

.يا أبا اجليش أنت يف معركة ال مبار لك فيها، فافر كيف شئت وذر، واهللا املستعان: فقال عز الدولة .وجوه الناس فانربى أبو حامد وتكلك مبلء فيه، وحمق أبا اجليش وبيض

لقد دعمت اإلسالم بدعامة ال يزعزها الزمان، ولقد حصنت : فلما خرج قال له حممد بن صاحل اهلامشي .الدين حصانة اهللا يجزيك عنها، ورسوله صلى اهللا عليه يكافئك عليها

.جمللس على وجههولوال أن هذه الرسالة ال حتتمل املسألة واجلواب مبا فيها من فنون القول ألتيت با .فهذا كان اقتدار البصري جعل يف املناظرة، وقوته عند لقاء اخلصم ونصرة املذهب والدين

حىت آلت األمور إىل ما عرفه الصغري والكبري ... ولقد ذكا عينا عشرين سنة على صاحب بغداذ لصاحب .بأصحابه أصحاب احملابر واألقالم والكرارس

فإن معىن املهدي : قال. ه أنه صنف رسالة ذكر فيها الداللة على أنه هو املهدي املنتظرولقد بلغ من قلة دينأن اهللا هداك، وهدى أهل العدل والتوحيد لك؛ وأما املنتظر فألنا كنا ننتظرك بالعراق؛ وهذه الرسالة

.مشهورة وحملت يف جملة اهلدايا إىل قابوسيعين البصري - ما خلوت بفكري يف أمري ومالزميت هذا الرجل : قولومسعت أبا حممد الفرغاين احلنيفي ي

.إال ظننت أن اهللا تعاىل يرسل علي صاعقة أو جيعلين آية وعربة باقية -

مايل أراك وامجا من غري عارض، وطويل السكوت من غري عي، : وأما ابن أيب كانون فإين قلت له يومااحلزن من غري إفالس؟ ليس لك أنس باجلماعة، وال تفكه باحملادثة، وكثري الفكر من غري وسواس، وشديد

وال استماع باجملالسة، بعد ما عهدتك يف حدثان مقدمك وأنت تتقد كالنار، وتزخر كالبحر، وتأرن كاملهر، .وتذكو كالقنرب

ين وأهلي وإخواين ومعاريف ومن أوىل بالبال الكاسف والغم الطويل واألرق الدائم مني؟ فارقت وط: فقالومجيع ما كنت آلفه وأحيا به، وأشتم روح العيش منه، وجترعت مرارة بعدي عنهم، وصربت نفسي على ما ناهلم خبروجي من بينهم وسلويت دوهنم، وما نزل يب بعدهم من جفاء الغربة ووحشة الوحدة، وشظف العيش

غليل قليب يف الدين واملذهب، وأنفي به احلرج من صدري وأسعد، كل ذلك طمعا فيما أبرد به -بالقلة بعد الرسالة - واآلن قد حصلت . وأن آخذ من هذا الشيخ ما أهتدي به وأسكن إليه، وأجعله عدة آلخريت

الطويلة واملنازعة الشديدة وبعد البحث ولنظر والكشف واجلدل، وبعد اعتبار هذا الشيخ يف نفسه وسريته على حال عسراء، وغاية عمياء، وما أراه إال صاحب دنيا يعمل -يه أصحابه واملتقدمني عنده وما عل

Page 54: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

للعاجلة، وال أرى أصحابه املطيفني به إال كذلك، وإن هذا مما يؤمل القلب، ويفرق البال، وحيشد اهلم، وينفر .اليأس؛ فلذلك ما تراين على غري ما عهدتين عليه

.لقد خطب البصري على اإلسالم مبا ال يقدر عليه الروم والترك: الوراق فإين مسعته يقولوأما ابن بنان وكيف ذاك وأنت ال ترى اليوم ببغداذ جملسا أهبى من جملسه، ملا جيتمع فيه من مشايخ العراق وشبان : قلت

: وإمام بلد؟ فقال يلخراسان وفقهاء كل مصرر، وما يف هؤالء أحد إال وهو يصلح أن يكون داعية صقع صدقت، فهل تعرف فيهم من إذا ذكر اهللا وجل قلبه واقشعر جلده، واطمأن صدره؟ وإذا مسع موعظة

دمعت عينه وخشعت نفسه أو سمع نشيجه؟ وإذا عرضت له منالة عفت نفسه؟ أو إذا هاجته شهوة اتقى .عندها ربه؟ أو إذا لزمه إنكار أمر بذل فيه وسعه

أما ترى اللعب واملزاح والسفه والقحة والتجليح والفسق والفجور فاشية فيهم، وغالبه عليهم، وظاهرة بينهم؟ أما لك يف الرازي أيب الفتح عربة؟ أما لك بابن طرخان خربة؟ فما زال يقول هذا وأشباهه حىت

.سددت وقطعت عليهني، وهو يلقب بمقعدة، ال أعلم يف الدنيا قاذورة إال أتاها، وال وكان أبو إسحاق النصييب من أفسق الفاسق

خساسة إال أظهرها وجاهر هبا، هكذا كان ببغداذ، مث بالدينور عند أيب عمرو كاتب فخر الدولة اإلصبهاين، ك وحديثه بإصبهان مشهور، وكذلك بالصيمرة، وكيف أكل يف هنار شهر رمضان من غري عذر، وكيف هتت

.نعوذ باهللا من اخلذالن. جبماعة من األحداثحضرت وليمة : وحدثنا أبو سليمان حممد بن طاهر السجستاين، وكان بعيدا من التزيد شديد التوقي، قال

يف قطيعة الربيع، فلقيين فيها البصري أبو عبد اهللا، فجلس إىل جانيب، وتصرف يف احلديث معي، وأرخى يا أبا سليمان، هل وجدمت يف فلسفتكم شيئا تسكنون إليه، وتعتمدون عليه؟ فأنا من : قال يل عنانه إيل إىل أن

.الكالم ومذاهب أهل اجلدل على غرور :فسكت من أجل املوضع، وقلت: قال

وكلهم يجمعهم بيت األدم... الناس أخياف وشتى يف الشيم فأ، وأن املذاهب واآلراء والنحل جارية بني أرباهبا على قوة النتائج آخر ما عندي أن األدلة تتكا: فقال

.وضعفها، وجودة العبارة ورداءهتا .ما بعد نظرك نظر، وال بعد حتصيلك حتصيل، وانتهى: وقلت له: قال

عند وكان يربأ إىل اهللا من البصري جعل، ويلعنه . الواسطي أبو القاسم: وأمثل من شاهدناه عندنا ببغداذ .الويل والعدو تقربا إىل اهللاحكم اهللا بيننا وبني ابن عباد وفالن، فإهنما سلطا هذا اإلنسان يف هذا املكان حىت : وكان ابن الثالج يقول

" .العدل والتوحيد " أفسد من أجابه إىل املذهب، ونفر من أراد أن ينظر يف

يع املذاهب أقوى من مذهب املعتزلة لناديت على أصحايب لوال أين ال أعرف يف مج: ومسعت الفرغاين يقولمبخازيهم اليت يشتملون عليها ويجاهرون هبا، يف األسواق والشوارع، بل يف املحاضر املشهورة واملنابر

Page 55: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

الرفيعة، ولكن هلم حرمة الدعوى وذمام النسب إىل املقالة، ورجاء يف اإلقالع والتوبة، فإن اليأس غري غالب .ا دامت االستطاعة موجودة، والنزوع ممكنا، والتاليف مظنونام

ذاك حديث ابن عباد، وهذا حديث شيخه وإمامه ومرشده بزعمه، وهو املرشد واهلادي ملن أخذ عنه ما هذا العمى الذي قد غلب عليكم، واهلوى الذي قد أصم آذانكم ! أين يذهب بكم؟! يا قوم. واقتدى به

كم؟ وماهذا األمر الذي قد حال دون العيان، وطمس وجه الرشد، وقلب أثر احلس؟ أ ليس وأعمى أبصار :هذا القائل يف مجونه وتلعبه بدينه

نيك الرجال البزل... من عملي من عملي ألنين معتزيل... وإمنا أنيكهم

ملقب باجلعل... تلميذ شيخ فاضل .كون من كان عماد الدين، وناصر اإلسالم واملسلمني؟ الويل له، مث الويل ملن يتواله وينصرهأ فهكذا ي

:قال يوما البن فشيشا صاحب مصطبة املكدين بالري لكن تبنك وال حتفل بتأنيب... ال تبطئن عن اللذات إن حضرت

وافر األرداف حمبوب مع شوزر... وال تزق إذا ما نلت ذاك وبت طيب احلياة فال تعدل عن الطيب... فالصمي واملترمن بعد القشام به

فالدهر ميزج تكسيحا بتهريب... خذ يف القشام وخذ يف الصمي بالكوب والعبد؟ أ فهذا كالم من يدعو إىل اهللا، ويحب أن يستجاب له، ويجرى على طريقته، ويكون ذريعة بني اهللا

ما أقل حياء هؤالء وأشد تكاذهبم . باللعنة األوىل، وبالرباءة منه ومن أصحابه أحق -عافاك اهللا -هذا وإذا ضربت عن باب الدين، ورجعت إىل الكفاية اليت زعم أنه هبا تكفى، وأنه كايف الكفاة، ! ومكابرهتم

.وأنه واحد الدنياقد مجاعة؟ هل عقدت له فتكلم عليها؟ هل قرأ مؤامرة؟ هل عرف هل كان يعرف من احلساب بابا؟ هل ع

منها حد؟ هل أمكنه أن حيتج على عامل أو يناظر ناظرا؟ أو يخاطب مشرفا، أو يرسم يف العمل رمسا، أو يجيب عن كتاب واحد يف العمالة؟ وفيما يتعلق بأبواب النظر يف العمارة، هل ناظر خائنا متقطعا، أو

ستدرك ماال مختلسا؟ هل فصل حكومة بني كاتبني، أو قطع خصومة يبني جنديني؟ هل رأينا ثم إال الرقاعة اوالتدفق، واجلنون واهلذيان، والتسايل والتمايل، والبقبقة والطقطقة، والقرقرة والرببرة؟ إال أنه غلط فيه

ريكه بكلمة، وال يف مضادته حبرف، حىت مت له ذلك كله ووثق به، ووكل إليه الرأي، ولك يؤذن ألحد يف حتبأسهل وجه مع اجلو املوايت واألمر املنقاد، وحب أن يعتقد أن ذاك عن كفاية يف الصناعة وحذق يف العمل،

.وسعة علم بالكتابة الديوانية والرسوم اخلراجية :وسئل يوما عن قول الشاعر

عداة اهللا من كذب وزور... نفوين سقوين النسي مث تك .اخلمر تسمى نسيا: فقال

.ليس لألمساء علل: ومل؟ فقال: فقيل له

Page 56: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

أخطأ، فإن األمساء ضرب منها مبتدأ، فالغرض فيه اختصاص العني : فلما خلوت بالزعفراين الشاعر قال يلعل وهو الذي مسي مشتقا لتكون فيه به ليقع التمييز بينه وبني غريه، وضرب آخر يؤخذ من أصل الف

.داللة كداللة األول يف اختصاص العني، وداللة على النعت: داللتان .هذا قاله بعض العلماء: والنسي يف أمساء اخلمر من الضرب الثاين، ألن اخلمر تنسأ العقل أي تؤخره، وقال

.وجدتين عندك قاعدا مطمئنالو قلت هناك ملا : هال قلت هذا يف اجمللس؟ فقال: فقلت له .صدقت، الرجل حسود: قلت .ولربه كنود، وآلياته عنيد، كأنه من اليهود، أو من بقية مثود: فقال

ولقد غضب يوما م شيء رواه املصري، وحجبه أياما؛ وذلك أنه روى أن امرأة جاءت إىل النيب صلى اهللا يا رسول اهللا إن ابين هذا كان بطين له وعاء، : بن العاص، فقالت عليه وسلم فيما رواه عبد اهللا بت عمرو

.وحجري له حواء، وثديي سقاء، وزعم أبوه أنه ينزعه مين

.أنت أحق به ما مل تنكحي: فقال رسول اهللا صلى عليه وسلم .وكان غضبه من احلسد، ألنه روى هذا يف عرض حديث بفصاحة وتسهل

.كان ال يستطيع أن يسمع من أحد كالما منظوما وله مثل هذا كثري، .انقلبت عنه خاسئا وأنا حسري: ما خربك مع فالن؟ قال: قال أليب السلم مسلم األعرايب يوما

.ال تنتجع أمثاله: قالى ولكين رمبا اغتررت بالشك اغترارا، واجنررت عل! أيها الصاحب، ما أعلمين مبظان الرجاء واخليبة: قال

الشوك اجنرارا، وآخر دعواي أن احلمد هللا الذي مل يقطع أملي من خريه حىت غمرين بأيادي غريه، وذاك .أنت

: " وكان حسده لغريه على فصل حسن، ولفظ حر، بقدر إعجابه مبا يقوله ويكتبه؛ كتب يوما إىل إنسانور العني، مستمدا من أحداق الولدان املخلدين، وأقسم أنك لو كتبت بأجنحة املالئكة املقربني على جباه احل

" .جوازا على الصراط املستقيم إىل جنات النعيم ملا حسن هذا البخل كيف ترون؟ وكيف تسمعون؟ وهل قرأمت شبيهه؟ وروى يف جملسه يوما ابن : فأخذ يعيد هذا ويبديه، ويقول

تبسط يف : وقال. وإمرارها، فحببه أياما وأخر عنه رمسه ثابت البغدادي حكاية اخلليل، فأحسن سياقتهاجملسنا، واسحنفر حبضرتنا، وترك توقرينا وهيبتنا، حىت تشفع يف أمره أبو احلسن الطبيب وغريه فعاد له على

.تشف .وأنا أسوق حكاية اخلليل حىت تكون فائدة يف هذا الكالم الذي قد نشبنا فيه

ى سليمان بن علي وهو وايل البصرة فوجدته يسقط يف كالمه، فجلست حىت دخلت عل: قال اخلليل .انصرف الناس

.أكرب احلوائج: هل من حاجة أبا عبد الررمحن؟ قلت: فقال .قل، فإن مسائلك مقضية، ووسائلك قوية: قال

Page 57: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ر والبحر، وكان أنت سليمان بن علي، وكان علي يف العلم عليا، وكان عبد اهللا بن العباس احلب: قلتالعباس بن عبد املطلب إذا تكلم أخذ سامعه ما يأخذ النشوان على نقر العيدان؛ وأراك تسقط يف كالمك،

.وهذا ال يشبه منصبك وحمتدك .فكأمنا فقئ يف وجهه الرمان خجال: قاللناس يف جملس عام، لن تسمعه بعدها، فاحتجب عن الناس برهة، وأكب على النظر، مث أذن ل: فقال

.فجلست حىت انصرف الناس. فدخلت عليه يف ثمة من الناس، فوجدته يفصح حىت خلته معد بن عدنان .كيف رأيت أبا عبد الرمحن: فقال :رأيت كل ما سر يف األمري، وأنشدته: قلت

بيال وال ذو الذكاء مثل الغ... ال يكون السري مثل الزري هف عند اخلصام مثل العيي... ال يكون األلد ذو املقول املر ء قضاء من اإلمام علي... قيمة املرء كل ما يحسن املر

أي شيء من اللباس على ذي السرو أهبى من اللسان السري ل نظم اهلديينظم احلجة الشتيتة يف السلك من القول مث

وترى اللحن يف لسان أخي اهلمة مثل الصدا على املشريف فاطلب النحو للقران وللشعر مقيما واملسند املروي

قوم يزهى مبثله يف الندى... واخلطاب البليغ عند حجاج ال ريها ويزري منها بغري الز... كل ذي اجلهل بالفنون يعادي

:فشيعين غالمه على كتفه بدرة فرددهتا عليه، وكتبت إليه. وانصرفت: قال ويف غىن غري أين لست ذا مال... أبلغ سليمان أني عنه يف سعة

يموت هزال وال يبقى على حال... سخى بنفسي أني ال أرى أحدا وال يزيدك فيه حول حمتال... ز يدفعه والرزق عن قدر ال العج

قليل، وزعم أصحابنا النحويون أنه ما جاء إال زند وأزناد، وفرخ وأفراخ، وفرد " فعل وأفعال : " وقال يوما .وأفراد " .فعل وأفعال " أنا أحفظ ثالثني حرفا كلها : فقلت .لت على مواضعها من الكتبفسردت احلروف ودل! هات يا مدعي: قال

وليس للنحوي أن جيزم مثل هذا احلكم إال بعد التبحر والسماع الواسع، وليس للتقليد وجه إذا : مث قلتفعيل على عشرة أوجه، وقد وجدته أنا على أكثر من : كانت الرواية شائعة، والقياس مطردا، وهذا كقوهلم

.تتبع إىل أقصاهعشرين وجها، وما انتهيت يف ال

خروجك من دعواك يف فعل يدلنا على قيامك باحلجة يف فعيل، ولكننا ال نأذن يف اقتصاصك، وال : فقال .هنب آذاننا لكالمك، ومل يف ما أتيت به جيرأتك يف جملسنا وتبسطك حبضرتنا

Page 58: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.هفوصفت له نباهته وتقدمه وحفظه وبيان. وسألين عن أيب حامد املروروذيأشياء خمتلفة، فإنه أقام عندنا ببغداذ يف آخر أيامه سنتني، ولقد رأيته يف جملس أيب : ما حتفظ عنه؟ قلت: فقال

الفرج حممد بن العباس يف أيام وزارته، بعد أيب الفضل العباس بن احلسني، وهو يتدفق بالكالم مع ابن .طرارة

م لنا كالما خفيفا يف الدليل، واحلجة، والبرهان، ارس: فلما انتهى قال له أبو احلسن إسحاق الطربيوالبيان، والقياس، والعلة، واحلكم، واالسم، والفعل، واحلرف، والنص، والظاهر، والباطن، والتأويل،

والتفسري، والفحوى، واالستحسان، والتقليد، واالقتداء، واإلمجاع، واألصل، والفرع، والوجوب، .وازواجل

.ما سلكك إىل املطلوب: الدليل: فاندفع فقال .ما وثقك من نفسك: واحلجة .ما انكشف به امللتمس: والبيان .ما أعارك شبهه من غريه، أو استعار شبه غريه من نفسه: والقياس .ما اقتضى أبدا حكما باللزوم: والعلة .ما وجب بالعلة: واحلكم .اإلشارة إىل مشار إليهما صحت به : واالسم .ما شاع يف الزمان: والفعل .ما ائتلف به اللفظ: واحلرف .ما أغىن بنفسه الستقالله: والنص .ما سبق إىل النفس بال جالب: والظاهر .ما غيض عليه بالتفسري: والباطن .تارة بغري القصداجلهة املتباعدة عن املراد، ومع ذلك فهي مشمولة تارة بالقصد، و: والتأويل .اجلهة القريبة: والفحوى .عبارة عن عبارة على طريق اخلالفة: والتفسري

.القول األولى واألشبه يف ظاهر احلال: واالستحسان .قبول بال بيان: والتقليد .سلوك مع عامل سالف: واالقتداء .اتفاق اآلراء الكثرية: واإلمجاع .، ألنه بنفسه قبل غريهما مل ينظر إىل ما قبله: واألصل .ما مل يسع اإلضراب عنه: ما انشعب عن األول والوجوب: والفرع .ما وقف بني الواجب وبني غري الواجب: واجلواز

.وكاد ال يسكت

Page 59: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.ما كان أبو حممد املهليب يثين عليك جزافا، وال يشغف بك على طريق اهلوى: فقال له أبو الفرج .كنا مجاعة نتعاون على ذلك، ونرسم يف ألواح: قلتكيف حفظت هذا؟ : فقال يلإين لشديد احلسرة على فوت لقائه، ومما يزيدين عجبا به أنه كان على مذهب أصحابنا، ولو نصر : فقال يل

.يف األحكام مذهب أيب حنيفة لكان قدوة ألهل زمانهيعشى كما تقول يعمى، : تقولعمي الرجل، و: إذا قلت عشي الرجل كما تقول: وقال له بعض الغرباء

امرأة عشياء كما قلت عمياء، ولك مع ذلك شفة لمياء وفاه : أعمى، فهال قلت: وقلت أعشى كما تقول .فهكذا أقول: ظمياء؟ قال

.ناقة عشواء: قد خالفت العلماء، ألهنم نصوا عشواء كما قالوا: قال له .يف هذا نظر: فقال" كنا بني يديه ليلة فنعس، وأخذ إنسان يقرأ : املسموع؟ وحدثين حممد بن املرزبان قالوأي نظر يف . وأخطأ

، فاتفق أن بعض هؤالء األجالف من أهل ما وراء النهر نعس أيضا، وضرط ضرطة منكرة، " والصافات " .املرسالت " ، وانتبهنا على " الصافات " يا أصحابنا مننا على : فانتبه وقال

.ا من مالحاتههذانفلتت ليلة أخرى ضرطة من بعض احلاضرين، وهو يف اجلدل، فقال على حدته : وحدثين أيضا قال

" ألنه قيل يف بيعة أيب بكر " كانت فلتة " ، خذوا فيما أنتم فيه، يعين " كانت بيعة أيب بكر : " وجنونه " .كانت فلتة

ن جنس ما جيب أن يكون محكيا عن الرؤساء الديانني والكرباء أ فهذا من اجملون املستطاب؟ أو ماملستبصرين، والذين يدعون ألنفسهم الفضل واملروة والديانة، واحتقار الناس؟ وقال له ابن ثابت احلوي

كان أنا آكل التمر على أنه كان مرة رطبا، يتملح معه، أي أميل إىل احلدث وإن بقل وجهه، ألنه قد: يوما .مرة أمرد .فكل اخلرا على أنه مرة كان هريسة: فقال له

:ومسعته ينشد يف الشاعر امللقب باملشوق له من عرسه كسب وسوق... وديوث يقال له املشوق

وكم أير إىل حرها يسوق... فكم خير يساق إليه منها :جانوكان ينشد يف شيخ كاتب من أهل جر

جزعت من أمر فظيع قد حدث

ابن تميم وهو شيخ ال حدث قد حبس األصلع يف بيت احلدث

ورأيت شيخا قدم مع احلاج من خراسان يعرف باخلشوعي، من الكرامية أصحاب الربانس، حضر جملسه ملا كان مثبتا : التكلمني املتقدمنيوناظره يف مسألة اجلسم، وكان يقول، وهو مذهب هشام بن احلكم يف

Page 60: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

بالعقل دون غريه، وكنت ال أثبت بالعقل، إال معقوال، كما ال أثبت بالسمع إال مسموعا، وكما ال أثبت بالبصر إال مبصرا؛ وكان إثبات العقل ملن هو غري جسم يف املشاهدة غري معقول، وجب أن يكون جسما

خل يف قسمة املعقول؛ وإن بطل أن يكون جسما بطل أن يكون معقوال، وقد ثبت أنه ألنه قد كان د .معقول؛ فإذا قد ثبت أنه جسم

.هاتوا مسألة أخرى، فسماع كالم احلكل أرجع بالفائدة من هذا، وأخذ يف مسألة أخرى: فقال ابن عباد حيضره يف احلال شيء، وكان اخلصم ألد ذا وحكى قوم منهم أبو طاهر األمناطي والقطان أنه قد شده ومل .سالطة قليل االكتراث، حضر غري طائع، وتكلم غري متروع

.نعم: أتقول إن اهللا جسم؟ قال: وعاد هذا الشيخ يف جملس آخر، فقال له .فإذا كان جسما جاز أن يكون فوقه شيء أو حتته شيء، أو عن ميينه شيء، أو عن يساره شيء: قال .نعم: الق

أ ليس : فما تنكر أن يكون معبودك اآلن يف هذا الصندوق؟ فخمد اخلراساين مخدة م اشتعل فقال: قال .بلى: عندك أن اهللا متكلم بكالم يفعله يف األحوال املختلفة؟ فقال

م األعلى، وتسمع أنا ربك: فما تنكر ألن يكون هذا احلمار ينغط، فيحل اهللا كالمه يف جرذانه، فيقول: قال .ذلك منه

.خذوا يف غري هذا: فاخنزل ابن عباد وقالوالسخف واجلرأة وسوء األدب وإطالق اللسان مبا ال جيوز دينا ومروة غالبة على أصحاب الكالم؛ والتقى

.والرهبة والروع بعيدة من هذه الطبقةالقوم وسوء استبصارهم وشدة استهانتهم مبا يقولونه وحكى يوما يف نوادره الفاترة ما يدل على قلة دين

محقني ومبطلني، وأن الديدن هو اهلذيان والرقاعة والتعصب واإليهام، وليس لوجه اهللا يف ذلك شيء، ال فيما جيدون به، وال فيما يهزلون فيه، ال حشمة وال تقوى، وال مراقبة وال بقيا؛ قد جعلوا اهللا عرضة

.ومات بالوساوس، ودينه منديال لكل يدللخصالدليل على ذلك شعرة أمك، ألهنا كلما : ما الدليل على أن للعامل صانعا؟ فقال: سأل ملحد موحدا فقال

.نتفتها بالدبق نبتت؛ فلو مل يكن هناك منبت ملا نبتتمل ليس له صانع نواة أمك، ألهنا إذا الدليل على أن العا: هذا ينقلب عليك ألنه يقال لك: فقال امللحد

.قطعت مرة مل تنبت بعد ذلك .اجتمع رجالن؛ أحدمها يقول بقول هشام، واآلخر يقول بقول اجلوالقي: وحكى يوما آخر فقال

هو جسم ولكن ال يد له : فوصفه، فقال. صف يل ربك الذي تعبده: فقال صاحب اجلوالقي لصاحب هشام . آلةوال جارحة وال

.ال: أيسرك أن يكون لك هبذه الصفة ابن؟ قال: فقال له صاحب اجلوالقيقد مسعت قولنا، فصف : أ فما تستحي أن تصف ربك بصفة ال ترضاها لولدك؟ مث قال صاحب هشام: قال

هيئة أنه جعد قطط يف أتم متام وأحسن حسن وأحلى صورة وأعدل: فوصف فيما وصف. يل أنت ربك

Page 61: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.وأمجل شارة .نعم: أ فيسرك أن تكون لك جارية هبذه الصفة تطؤها؟ قال: فقال له صاحب هشام

أ فما تستحي من عبادة من حتب مباضعته؟ وذلك أن من أحب مباضعة مثله فقد أوقع عليه الشهوة، : قال .اهه لغي بعد من اهلدى والنهىتعاىل اهللا عن هذه السخافات واجلهاالت، وإن قوما يلهجون هبذا وأشب

جاءين بعض هؤالء احلمقى ورغبين يف اهلندسة، فابتدأ، فأثبت مخسة : ومسعته يسب أصحاب اهلندسة ويقولإين كنت أعرف : فقلت له. وعشرين، وخط خطا، ووضع شكال، وطول وزعم أنه يعمل برهانا على ذلك

وهذا هو . رة، وقد شككت اآلن، فأنا جمتهد حىت أعلمه باالستداللأن مخسة يف مخسة مخسة وعشرون ضرو .اخلسار والدمار

ولو كان له سهم يسري من العقل ما باح على نفسه هبذا القول، ولو سمع من غريه لوجب إنكاره، ولو سب فيه إىل أ تراه ما مسع كالم ابن ثوابه يف مثل هذا، وكيف ن. من جهل شيئا عاداه: حقق قول القائل

.الرقاعة، وكيف رحمه أهل احلكمة، وكيف هزئ به قوم وجدوا طريقا إىل ذلك

وأنا أحكي لك يف هذا املكان الكالم وإن تنفست الرسالة، لتعلم أن من شاء حمق نفسه، وأن اهللا إذا شاء .خذل عبده وأشمت به أعاديه: مسعت أمحد بن الطيب يقول: حدثنا ابن محارب قال: ة قالحدثنا ابن مسك: حدثنا أبو بكر الصيمري قال

- حبمد اهللا ومنه -إنك رجل : إن صديقا البن ثوابة الكاتب أيب العباس يكنى أبا عبيدة قال له ذات يومذو أدب وفصاحة وبراعة وبالغة؛ فلو أكملت فضائلك بأن تضيف إليها معرفة البرهان القياسي، وعلم

" وما : وتدبرته؟ فقال له ابن ثوابة" أقليدس " ل اهلندسية الدالة على حقائق األشياء، وقرأت كتاب األشكارجل من علماء الروم يسمى هبذا االسم، وضع كتابا فيه أشكال كثرية خمتلفة تدل على : ؟ قال له" أقليدس

، ويلطف املعرفة، ويصفي احلاسة، ويثبت حقائق األشياء املعلومة واملغيبة، يشحذ الذهن ويدقق الفهم .الروية؛ ومنه انفتح اخلط وعرفت مقادير حروف املعجم

.ال تعلم هو حىت تشاهد األشكال وتعاين الربهان: وكيف ذاك؟ قال: فقال له أبو العباس ابن ثوابة .عد إليه بعد ذلكفأتاه برجل يقال له قويري مشهور مقدم، ومل ي. فافعل ما بدا لك: قال له

فاستطرفت ذلك وعجبت منه، وسألت املخرب عن انصراف قويري أي شيء كان : قال أمحد بن الطيب .بسم اهللا الرمحن الرحيم: سببه؟ فأجابين بأن ال أعلم، فكتبت إىل ابن ثوابة رقعة نسختها

ل فضائلك وتقويتها مبعرفة شيء من أن رجال من إخوانك أشار عليك بتكمي - جعلين اهللا فداك - اتصل يب القياس البرهاين، وطمأنينتك إليه، وأنك أصغيت إىل قوله وأذنت له، وأنه أحضرك رجال كان غاية يف سوء

األدب، معدنا من معادن الكفر، وإماما من أئمة الشرك؛ الستفزازك واستغوائك، يخادعك يف عقلك همك املتني، فأىب اهللا العزيز إال مجيل عوائده احلسنة قبلك، ومننه السوابق لدي، الرصني، وينازلك يف ثقافة ف

وفضله الدائم عندك، بأن أتى على قواعد برهانه من ذروته، وحط عوايل أركانه من أقصى معاقد أسه، صاحبك فأحببت استعالم ذلك على كنهه من جهتك، ليكون شكري لك على ما كان منك حسب لومي ل

Page 62: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.على ما كان منه، وألتالفى الفارط يف ذلك بتدبر أسسه إن شاء اهللاوفهمت -أعزك اهللا -بسم اهللا الرمحن الرحيم، وصلت رقعتك : فأجابين ابن ثوابة برقعة نسختها: قال

نته حىت كأنك معنا وقد خلصته وبي. فحواها، وتدبرت مضمنها، واخلرب كما اتصل بك، واألمر كما بلغك .وشاهدنا

احلمد هللا ويل النعم، واملتوحد بالقسم، إليه يرد علم الساعة وإليه املصري؛ وإياه أسأل إيزاع : فأول ما أقول .الشكر على ذلك وعلى ما منحنا من ودك وإمتامه بيننا مبنهبنحسه ودسه ودحسه - عليه لعنة اهللا تترى -دة ومما أحببت إعالمك وتعريفكه مما تأدى إليك، أن أبا عبي

اغتالين ليكلم ديين من حيث ال أعلم، وينقلين عما أعتقده وأراه وأضمره من اإلميان باهللا عز وجل ورسوله -ي صلى اهللا عليه، فوطد يل الزندقة بتزيينه اهلندسة، وأنه يأتيين برجل يفيدين علما شريفا تكمل به فضائل

عسى أن أفيد به براعة يف صناعة، أو كماال يف مروة، أو نسكا يف دين، أو فخارا عند : فقلت - فيما زعم فأتاين بشيخ ديراين شاخص النظر، منتشر عصب البصر، طويل مشذب، حمزوم ! فأجبته بأن هلم به. األكفاء

الشيطان، وجملسي قد غص باألشراف من كل الوسط، متزمل يف مسكه، فاستعذت بالرمحن إذ نزغين .األطراف، كلهم يرمقه ويتشوف إىل رفعي جملسه وإدنائه وتقريبه، ويعظمونه وحييونه، واهللا حميط بالكافرين

.فأخذ جملسه، ولوى أشداقه، وفتح أوساقه، فتبينت يف مشاهدته النفاق، ويف ألفاظه الشقاقعندك معرفة باهلندسة، وعلما واصال إىل فضل يفيد الناظر فيه حكمة وتقدما يف كل بلغين أن: فقلت له

صنعة؛ فهلم أفدنا شيئا منها عسى أن يكون عونا لنا على دين أو دنيا، وزينا يف مروة أو مفاخرة لدى ، )فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز( ،)فذلك هو الفوز العظيم(األكفاء، ومفيدا نسكا وزهدا،

).وما ذلك على اهللا بعزيز(

فأحضرين دواة وقرطاسا، فأحضرتهما، فأخذ القلم فنكت به نكتة نقط منها نقطة، فخيلها بصري : قاله، وتال عليها من محكم أسفار أباطيله، مث أعلن وحلظها طريف كأصغر من حبة الذر، فزمزم عليها بوسواس

.إن هذه النقطة شيء ما ال جزء له! أيها الرجل: عليها جاهرا بإفكه؛ وأقبل علي فقالفأذهلين وحيرين، وكاد يأيت . كالبسيط: وما الشيء الذي ال جزء له؟ فقال! أضللتين ورب الكعبة: فقلت

بي؛ ألنه أتاين بلغة ما مسعتها واهللا من عريب وال عجمي، وقد أحطت علما على حلمي وعقل لوال أن هداين ربلغات العرب، وقمت هبا واستثرتها جاهدا واختربهتا عامدا، وصرت فيها إىل ما ال أحسب أحدا يتقدمين

.إىل املعرفة به، وال يسبقين إىل دقيقة وجليله .هللا تعاىل وكالنفسكا: وما الشيء البسيط؟ فقال: فقلت لهفال تضربوا هللا األمثال إن اهللا يعلم وأنتم : (إنك من امللحدين، أتضرب هللا أمثاال؟ واهللا تعاىل يقول: فقلت له ).ال تعلمون

ي إال لعن اهللا مرشدا أرشدين إليك، وداال دلين عليك، فما ساقك إيل إال قضاء سوء وال كسحك حنو، وال )إين بريء مما تشركون(احلين، أعوذ باهللا من احلني، وأبرأ إليه منكم ومما تلحدون، واهللا ويل املؤمنني

Page 63: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.حول وال قوة إال باهللا العلي العظيمبا إين أرى فصاحة لسانك سب: فلما مسع مقاليت كره استعاذيت فاستخفه الغضب، فأقبل علي مستبسال فقال

.لعجمة فهمك، وتذرعك بقولك آفة من آفات عقلكاجمللس وإصغاؤهم إليه مستصوبني أباطيله، مستحسنني أكاذيبه، وما رأيت من - واهللا -فلوال من حضر

.استهوائه إياهم خبدعة، وما تبينت من توازرهم ألمرت بسل لسانه اللكع األلكن .اهللا وسقره وغضبه ولعنته وأمرت بإخراجه إىل حر نار

ما غضبكم لنصراين يشرك باهللا ويتخذ له من دونه : فنظرت إىل أمارات الغضب يف وجوه احلاضرين، فقلت .األنداد، ويعلن باإلحلاد؟ ولوال مكانكم لنهكته عقوبة

.إنه أنسان حكيم، فغاظين قوله: فقال يل رجل منهم .ة بكفرلعن اهللا حكمة مشوب: فقلت

.إن عندي مسلما يتقدم أهل هذا العلم: فقال يل آخرائتين به، فأتاين برجل قصري دحداح جمدور آدم أخفش العينني : خريا فقلت -مع ذكره اإلسالم - فرجوت

ما : أجلح أفطس سيئ النظر قبيح الزي، فسلم فرددت عليه السالم، ورفعت جملسه وأكرمته، وقلت له .أعرف بكنية قد غلبت علي: ك؟ فقالامس

.أبو حيىي: أبو من؟ فقال: فقلتاللهم إين أعوذ بك من اهلندسة، فاكفين اللهم شرها، فإنه ال : فتفاءلت مبلك املوت عليه السالم، وقلت

إن : ثا، وقلت لهثال" قل هو اهللا أحد " ، و " املعوذتين " ، و " احلمد " يصرف السوء إال أنت، وقرأت ولوال رحمة ربي لكنت (صديقا يل جاءين بنصراين يتخذ األنداد، ويدعي أن هللا األوالد ليغويين ويستفزين

.خريا -بذكر إسالمك -، فصرفته أقبح صرف، مث ذكرت يل فرجوت )من املحضرينمن طرائف حكمتك ما يكون لنا سببا إىل رمحة اهللا ووسيلة إىل فهلم أفدنا شيئا من هندستك، وأقبسنا .غفرانه، فإهنا أربح جتارة وأعود بضاعة

.أحضرين دواة وقرطاسا: فقالوكيف : أ تدعو بالدواة والقرطاس، وقد بليت منهما ببلية كلمها ال يندمل عن سويداء قليب؟ قال: فقلت

إهنا معقولة كربك األعلى، : نصراين نقط يل نقطة كأصغر من سم اخلياط، وقال يلإن ال: كان ذلك؟ قلت له .فواهللا ما عدا فرعون يف إفكه وكفره

: فإين أعفيك، لعن اهللا قويري وما كان يصنع بالنقطة؟ وهل بلغت أنت أن تعرف النقطة؟ فقلت: فقال يلابة، وهنضت بأعبائها، واستقللت بثقلها يقول يل، ال استجهلين ورب الكعبة، وأنا قد أخذت بأزمة الكت

.تعرف فحوى النقطة، فنازعتين نفسي يف معاجلته بغليظ العقوبة، مث استعطفين احللم إىل األخذ بالفضل

ائتين بالتخت، فواهللا ما رأيت خملوقا بأسرع إحضارا له من ذلك الغالم، فأتاه، فتخيلت : ودعا بغالمه وقالئة منكرة ومل أدر ما هو، وجعلت أصوب الفكر فيه تارة وأصعد أخرى، وأجيل الرأي مليا وأطرق به هي

Page 64: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

طويال، ال أعلم أي شيء هو، أ صندوق هو؟ فإذا ليس بصندوق، أ ختت هو؟ فإذا ليس بتخت، فتخيلته كمه ميال عظيما فظننته متطببا مث أخرج من . حلد امللحد يلحد به وبالناس عن احلق: فقلت. كتابوت حلد

.وإنه ملن شرار املتطببنيلست متطببا ولكين : إن أمرك لعجب كله ومل أر يف أميال املتطببني كميلك، أتقفأ به األعني؟ فقال: فقلت له

.أخط به اهلندسة على هذا التختؤازره يف كفره، أ ختط على ختت مبيلك لتعدل يب إنك وإن كنت مباينا للنصراين يف دينه، إنك مل: فقلت له

عن وضح الفجر إىل غسق الليل؟ ومتيل يب إىل الكذب باللوح احملفوظ وكاتبيه الكرام؟ أ إياي تستهوي؟ أم لست أذكر لك لوحا حمفوظا وال مضيعا، وال كاتبا كرميا وال لئيما، : حسبتين ممن يهتز ملكايدكم؟ فقال

.ولكين أخط به اهلندسة، وأقيم عليها الربهان بالقياس والفلسفة .وأخذ خيط وقليب مروع جيب وجيبا

أ ! قاتلك اهللا: إن هذا اخلط طول بال عرض، فذكرت صراط ربي املستقيم، وقلت له: فقال يل غري مستعظموحتريفك وتضليلك، إنه لصراط تدري ما تقول؟ تعاىل صراط ربي عن ختطيطك وتشبيهك وتبديلك

مستقيم، وإنه ألحد من السيف الباتر، واحلسام القاطع، وأدق من الشعر، وأطول مما متسحون، وأبعد مما تذرعون، ومداه بعيد، وهوله شديد؛ أ تطمع أن تزحزحين عن صراط ريب أم حسبتين غمرا غبيا ال أعلم ما

معانيك؟ واهللا ما خططت اخلط وأخربت أنه طول بال عرض إال حيلة بالصراط يف باطن ألفاظك ومكنون .املستقيم لتزل قدمي عنه، وأن ترديين يف نار جهنم

أعوذ باهللا وأبرأ إليه من اهلندسة، ومما تدل عليه وترشد إليه، وإين بريء من املهندسني وما يعلنون ويسرون، ما سولت لك نفسك أن تكون من خزنتها بل من وقودها، وإن لك فيها ألنكاال ومما به يعملون؛ ولبئس

سدوا فاه : فقلت. فأخذ يتكلم! قم إىل لعنة اهللا وغضبه). وطعاما ذا غصة وعذابا أليما(وسالسل وأغالال، وقودها (أليم عذاب اهللا ونار خمافة أن يبدر منه مثل ما بدر من املضلل األول، وأمرت بسحبه فسحب إىل

).الناس واحلجارة عليها مالئكة غالظ شداد ال يعصون اهللا ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرونأن - فارة مث أخذت قرطاسا وكتبت بيدي ميينا آليت فيه بكل عهد مؤكد، وعقد مردد، وميني ليست هلا ك

ال أنظر يف اهلندسة أبدا، وال أطلبها، وال أتعلمها من أحد سرا وال جهرا، وال على وجه من الوجوه، وال أن ال ينظروا فيها وال يتعلموها : بسبب من األسباب؛ وأكدت مبثل ذلك على عقيب وعلى أعقاب أعقاهبم

).ميقات يوم معلومل(ما قامت السموات واألرض، إىل أن تقوم الساعة عنه مما دفعت إليه وامتحنت به، ولتعلم ما كان مين، ولوال وعكة أنا يف -أعزك اهللا - فهذا بيان ما سألت

عقابيلها حلضرتك مشافها، وأخذت حبظي املتمني من األنس بك، واالستراحة إليك؛ فمهد على ذلك .فكري، والسالمعذري، فإنك غري مباين ل

رسالة أيب العباس أمحد بن حيىي بن حممد بن ثوابة إىل أيب العباس أمحد بن الطيب هذه، فيها معترب واسع، وإشراف على عقل مدخول، وهي شقيقة قول ابن عباد يف احلكاية اليت جرت قبل هذه؛ وليس ينبغي أن

قيق، مديد النفس، قادرا على السجع، سهل االرجتال؛ فقد يغتر باإلنسان إذا كان فصيح العبارة، كثري التش

Page 65: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.يأتلف هذا كله والعقل ناقص، وقد يفقد هذا كله والعقل راجحقال أبو زيدك يقال إنه لكثري فضيض الكالم، أ يراد هبذا مدح : وقلت أليب سعيد السريايف شيخ الدنيا

فضضت ختم الكتاب، : إىل الزراية أقرب؛ ألن الفض كسر، ومنه هو: املذكور أم الزراية عليه؟ فقال يلضربه فصار فضاضا؛ والصحيح خري من املكسور، وكأنه يراد هبذا أنه يرمي هبذا بالكالم مكسرا غري : ومنه

.صحيح .ر يب أليب زيدإنه لكثري فضيض الكالم، مث م: وإمنا أتيت هبذا ألين سألت مرة أبا السلم عن ابن عباد، فقال

ما مدحين شاعر بأوجز وأملح من أبيات وافتين من شاعر ينتسب لسجستان؛ : وكان بن عباد يقول كثريا :فإهنا تدل على قدرة صاحبها وغزارة قائلها وحسن تصرفه فيها، وهي

وضم بالرأي أمرا كان منشورا... يا من أعاد رميم امللك منشورا واألمر بعدك إن مل يؤمتن شورى... زير وإن مل تؤت منشورا أنت الو

ليس يف هذه األبيات ما وجب له هذا اإلعجاب كله، ولكن الرجل : وقال ابن نباتة واخلالع وابن اجللباتح به طريف املرأى واملخرب، عجيب املبشر واملنظر؛ مداره على اهلوى، كيفما سنح له جنح إليه، وأينما بر

.طرح عليهوكان ابن عباد إذا تكلم يف مسألة مث رأى يف خصمه فتورا نفش حليته بأصابع يده وعبث هبا، وفتل رأسه

:ولوى عنقه، وشنج أنفه، وعوج شدقه، وقال منشدا كشفت حقائقها بالنظر... إذا املشكالت تصدين يل

عمياء ال تجتليها الفكر ب... وإن برزت يف مخيل الصوا ك وضعت عليها حسام النظر... مقنعة خبفي الشكو

لسانا كشقشقة األرحيب أو كاحلسام اليماين الذكر ل أسائل هذا وذا ما اخلبر... ولست بذي وقفة يف الرجا

ا قد مضى ما غربن أقيس مب... ولكنين مدره األصغري وكان ال يبعثه على هذا النمط إال الذهاب بنفسه، والتيه الذي حيول بينه وبني عقله؛ والعجيب أنه كان

- انظروا إىل تيهه وصلفه ومدحه لنفسه واستبداده برأيه : يعيب غريه جبزء من هذا الباب ال يتجزأ، ويقولحديثه وخواص أمره جهل وذهل، وخرج يف مسك من مل يسمع بشيء وعلى هذا، حتى إذا صار إىل نفسه و

.من ذلك، ومل يفطن له، ومل يأبه لقبيحه، ومل يأنف من شنيعهوهذا من األسرار يف األخالق، وهلذا طال كالم األولني يف األخالق، وجاءت الشريعة واللغة واضعة كال

.باعثة على حسنها ومجيلها، وداعية إىل رفض قبيحها ومنكرهايف موضعها، وناعتة ملختارها ومرذوهلا، و :والكالم يف هذا طويل الذيل مياس، وما أحسن ما قال الشاعر

وأنت منسوب إىل مثله... ال تلم املرء على فعله فإمنا يزري على عقله... من ذم شيئا وأتى مثله

Page 66: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

:والبيت السائر نه عن خلق وتأيت مثلهعار عليك إذا فعلت عظيمال ت

.فهذا هذالو كان القرآن خملوقا جلاز أن ميوت، ولو مات : قال قوم من أهل أصفهان البن عباد: حدثين العتايب قال

ميوت، لو مات القرآن كان رمضان أيضا : القرآن يف آخر شعبان مباذا كنا نصلي التراويح يف رمضان؟ فقال .ال حياة بعدك، وال نصلي التراويح، ونستريح: ويقول

، أ تقول أن )ولقد همت به، وهم بها لوال أن رأى برهان ربه: (وسأله الدامغاين يوما عن قوله عز وجللوال أن رأى : فكأنه قال الكالم معطوف بعضه على بعض بالتقدمي والتأخري،: يوسف هم باملعصية؟ فقال

.إين غرقت لوال أنه خلصين فالن: برهان ربه لقد كان يهم هبا، ولكنه مل يهم، وهذا كقول القائللو سكت عن هذا كان أحسن به، هذا تقدير العب بكتاب : فحدثت هبذه اجلملة ابن املراغي ببغداد، فقال

ال تقدموا بين يدي اهللا : (ن ذلك جرأة؛ أما مسعت اهللا يقولاهللا، ال حيل نظم الكالم على حتريفه؛ أل؟ إمنا املراد به على سجية الكالم؛ ولقد مهت به مهها الالئق، وهم هبا هم البشر الذي ال براءة له )ورسوله

.من مهة إال بتوفيق اهللا، والربهان كان ذلك التوفيقأن يؤاخذ به، وإمنا ذكر ذلك ليعلم أن النيب صلى اهللا عليه يف نبوته غري مكتف هبا وما يف اهلم؟ اهللا أكرم من

.دون أن يكنفه اهللا بعصمته، ويتغمده برمحتهيرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فال تنتصران، فبأي آالء : (وسئل ابن عباد يوما عن قوله عز وجل

كيف جيوز أن يعد هذا يف اآلالء والنعم، وهو إحراق بالنار، وال أمل بعده، وال : ، فقيل)ما تكذبانربك عذاب فوقه؟

إن اهللا جعل جهنم : أقول ما قال شيخنا أبو سعيد احلسن بن أيب احلسن البصري رمحه اهللا، فإنه قال: فقالإن اهللا : " - على ما عنينا جبمع كالمه عن الرواة - ن احلسن سوطا ساق به عباده إىل اجلنة؛ واللفظ ع " .خلق جهنم ليحوش هبا اخللق إىل طاعته

فزعه إىل احلكاية عن احلسن حاكم بأنه مفلس، وقد قال العلماء يف ذلك، وإمنا قول احلسن : فقال أصحابنا .ترقيق، وكالم يدخل يف الوعظ ولو حقق لقلق

أي موضع هذا السكوت، ) ولما سكت عن موسى الغضب: (الدامغاين يوما عن قوله تعاىلوسأله .والسكوت ضد الكالم كما أن السكون ضد احلركة؟ فما أحلى وال أمر، وتغافل إما كربا وإما جهال

.بالنون) ن موسى الغضبولما سكن ع: (ومسعت ابن بابويه يقول يف هذا؟ هو مما حرف ألنه نزل .هو ما قلت لك، وقد صح عندنا ذلك عن الصادق: وما درك احملرف يف هذا؟ فقال: فقلت له

.فأمسكت عنه؛ واجلواب أبني من ذلكحد الظلم وضع الشيء يف غري موضعه؟ : ما أقول خلصمي إذا قال يل! أيها الصاحب: وقال يوما احلصريي

.ب على هذا إذا أخذ الرجل عمامته املكورة فوضعها على ركبته أن يكون ظاملاقل له جي: قال

Page 67: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

أخطأ، ألن العمامة قد توضع على الركبة لغرض صحيح وحاجة بادية، يف وقت مقتض : قال أبو سليمانا لغرض لذلك، وزمان يليق به ذلك، ويكون حسنا عدال، ويكون يف مكاهنا؛ والرأس أيضا جعل مكاهن

.معروف، واألغراض ختتلف وتأتلفعلى هذا لو رزقك اهللا خفا : ما أنكرت أن يكون الرزق ما يأكله املرزوق دون غريه؟ فقال: وقيل له يوما .لكنت تأكله

حكيت هذا أليب سليمان فصرف القول يف الرزق ويف أقسامه وعلله وأسبابه وغرائبه؛ وقد أخرته ملكان .ا الكتاب يضيق عنه، وخيرج عن األمر املتحرى بهآخر، فإن هذ

أ ليس املتكبر هو الذي يتعظم زائدا على ما يستحقه وحيسن به، ومن : وقال له أبو عاصم البصري يومافما معىن وصف اهللا نفسه بالتكرب؟ وحنن إمنا نفينا : قال! بلى: أجل ذلك ذموه هبذا االسم إذا أطلقوه؟ فقال

.بر لقبحه عندنا وعند املعروف به بيننا، فلو ساغ أن ينعت بالتكبر ساغ أن ينعت بالتكذبعنه التكفاشتط وانتفخ وتربد وجهه ودر وريده وكاد يزند، مث تدفق بكالم كثري ليس من مسألة أيب عاصم يف شيء،

ناحية جمازها وسعتها، وال من أحدهم ال يعرف اللغة على طرائقها ودقائقها وحقائقها من : حفظت منه قولهناحية سالمتها وصحتها؛ وال يفرق بني ما جيوز على اهللا وبني ما ال جيوز على اهللا؛ ويقصد إىل املسائل

.املشكلة، واملعاين املعضلة، واألبواب الغامضة، واأللفاظ املتعارضة، فيسأل عنها، ويعجب هبا، " عود يعلم العنج : " ، وما املراد بقوهلم" صابت بقر : " ربليتك عرفت هذا بعد أن تعرف معىن قول الع

، ومن مجع القرآن على عهد رسول اهللا صلى اهللا عليه، ومىت " لكل جابة جوزة مث يؤذن : " وما معىن قوهلم :رتويف املبرمان، وما البديع، وما بديع البديع، وما املخترع، ومن صاحب البيت السائ

أالم على البكاء وتعذرينا... ويب مثل الذي بك غري أين ال : كن كالضب األعور يعرف قدره وال يفارق جحره؛ وأصاب عمر يف قوله: ولقد صدق األعرايب يف قوله

.حتملوا النفس على املهجور فتتركوا املفروض، وال تتجنبوا املأذون لكم فيه فتركبوا املنهي عنهضرنا قوم هلم دفر كصنان التيوس أعيا على املسك والغالية، يسألون عما ال يعنيهم وال يليق بقدرهم، ولو حي

سألت واحدا منهم عن كنية أعشى همدان أو عن دعيمص الرمل، وما امي النموذج يف كالم العرب، اخلباء والعريش، وما املشوق وكيف يجمع العجان، وكيف يصرف اهلجان، وما األقذ واملريش، وما

واحلريش، وما املشوف واخلريش، وما الرثية والفريش، وما الكصيصة والقصيصة، واخلربصيصة ما أنت أخانا فنكرمك، وبني ما أنت أخانا فنهينك، األول بالنصب والثاين : واهللبسيسة، وما الفرق بني :بالرفع، ومن الذي يقول

وترميين جبلمود... مود فأرميها جبل وكل هالك مود... فأرميها وترميين

لن يكون العبد : حني قال" العدل والتوحيد " ولكن صدق عمرو بن عبيد شيخنا وشيخ اإلسالم، وشيخ .مستكمال السم الوالية حىت يسمع الكلمة العوراء فيجعلها دبر أذنه

Page 68: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

أيسر من تعريفه ما جيهل، ولوال أن عذري يف تقوميك وتأديبك وهتذيبك تقومي اجلاهل مبا ينكر : هذا مع قولهوتربيتك يغمض على كثري ممن يسمع هذا احلديث لسلخت شواتك، وكسرت على رأسك دواتك،

.اذهب فأنت طليق اجلهل والقلة، عتيق اخليبة والذلة. وألزمتك دكانك وأداتك وأطعمتك بولك وخراتكالنظر شعاري، واجلدل دثاري، واحلق مناري، والبيان مداري، واهللا : مه مع خصم يقولوكان إذا انتهى كال

.جاريأ يل تقول هذا، واجلدل ردائي، ولنظر حذائي، والعلم وطائي، والبالغة غطائي، : وقال يوما للحسني املتكلم

ا أبا صادق خفيف الراس، شديد اإلفالس، أنت ي: والذهب والفضة عطائي؟ وقال يوما أليب صادق الطربي .إذا أبصرت النحار هذيت بالوسواس، وصدعت رؤوس الناس، بالتمويه واإللباس

يا أبا احلسن، توق الرسن، وانظر إىل املسن؛ فما أخوفين أن تسن بالقبيح ال : ومسعته يوما يقول البن شاذان .باحلسن .طبعك أمان يل من بوائق سجعك كرم! أيها الصاحب: فقال له

والنظر من خويل؛ هل هضبة توىف على جبلي؟ فاحفظ نفسك، واعرف خصمك، : وقال يوما البن محزة .وراجع فهمك، وجرب خبتك

.وكانت له تعسات كثرية،لكنها كانت تدفن وال تذاع، رهبة ورغبة .، واملعىن يقتضي عليه ال غري "إليه " ، وال جيوز " اطلععليه : " قال يوما

.؟ فربد)لعلي أطلع إىل إله موسى: (فما نصنع بقوله عز وجل: فقال له الضرير النحوي .جن عليه الليل، أي كنه الليل، وال جيوز غري هذا: ومن هذا الضرب قال يوماثعلب واختاره، ولكن أين حنن من املرار هذا لعمري يف الفصيح، وإياه ذكر : فقال له أبو عمران احلسنكي

:، فإنه قال" الفصيح " الفقعسي، وهو أفصح من عامل صاحب سنا النار عن سار وال متنور... آليت ال أخفي إذا الليل جنين

.أنت جاهل بالعلم، ولذلك شوه اهللا وجهك، ووكل املقت واإلدبار بك! يا أبا عمران: فقال :أنشد يوما لشاعرو

خرجت بالصمت من ال و نعم... جودي لنا : إذا قلت هلا .أصحابنا كذا ينشدون، ويقال فيه تصحيف: قلت .اسلح على أصحابك: فقال

.ولو كان سأل عن وجه التصحيف لكان أشبه بالفضل وأخلق بأخالق الرؤساء .به اجلدري الذي مل خيرج: ما القرحان؟ قال: وقيل له يوما

ليسخن اهللا به عني السائل، ويسخم وجهه، ويسمل عينه، وليقل دينه، ويدق : ومل قيل ذلك؟ قال: قيل .ظهره، ويسلط عليه من يسد دبره

الطر يف حليته، والسوس يف حنطته، ما أصنع بطلعته؟ وتكلم يوما : واستؤذن يوما للوراق الطرسوسي فقال .، فلم يفهم عنه" ال مال له قليل وال كثري، وال مال له قليال وال كثريا : " طيب يف قول الرجلاخل

Page 69: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.وكان السائل ابن املراغي. يف مواضعها املخصوصة؟ فتحير" ثا " و " تا " و " با " ما الفرق بني : وقيل لهنطلق وعمرو، واحلرفان متضارعان يف إجياب ليت زيدا م: إن زيدا منطلق وعمرو، ومل جيز: مل جاز: وقيل له

.النصب؟ فلم يكن عنده جوابوجواز أحدمها " زيد أفضل إخوته وزيد أفضل اإلخوة : " ولقد سهرت معه ليلة يف معرفة الفرق بني

.وبطالن اآلخر، فكان كاحلمار بالدةلي الواجد يحل : " النيب صلى اهللا عليهقال : إنك تنال من عرض هذا الرجل جدا؟ فقال: وقلت للحيلوهي

" .مطل الغني ظلم : " كما قال" عرضه وظهره .إمنا ورد هذا يف الواجب، كالدين والثمن وما أشبههما: قلت .األمل دين، والكرم مطلوب، وما رأس اهللا أحدا إال وفرض عليه اإلفضال واإلحسان: فقال

إن الشاة إذا وردت املاء فلم يصفر هلا مل تشرب، أي إذا مل : مل هتجو قومك؟ فقال: بن علفة وقيل لعقيل .يحرضوا على املكارم مل يفعلوها

:ما حثين أحد على الكرم كرجل أنشدين بيتني ومها: وأنا استحسن قول الفضل بن حيىي: قال العباس عد يل بعادتك اليت عودتنريوحي فداؤك يا أبا

إن الذخائر إن أردت ذخريةممن يقلدها رقاب الناس

إذا مدحتم فاختصروا، وإذا هجومت فأطيلوا؛ فإن : وأعجب من ذلك قول جرير فيما رواه الصويل: قال .الناس ال ميلون الشر

.بل شاء: ، معناه" ء إهنا إلبل أم شا: " قوهلم: ورأيته يوما، وقد جرى وانقطع ظهره؛ فإنه قالبل اتخذ مما خيلق : أ تراه أراد به) أم اتخذ مما يخلق بنات؟: (فما تصنع بقوله عز وجل: فقال له احلنسكي

.بنات، وهذا كفر؟ فما دار لسانه بشيء على حدته وكثرة هذيانه :وحدثين العبسي، وقد جرى ذكر ابن عباد

عن الرسول رويناه بإسناد... ا حديث ما نكذبه لقد أتان فكيف تطلبه عند ابن عباد... أن تطلب الخري ممن وجهه حسن كالقرد ما عنده خري ملرتاد... مشوه اخللق ال دين وال حسب

.ملن الشعر؟ فإنه واقع جدا: فقلت .هو ألدريس بن أيب حفصة: فقال .كأنه ما عنى غري صاحبنا: ت لهقل

أن سعدا موىل أيب بكر روى أن رجال شكا إىل النيب " التاريخ " روى البخاري يف : وقال له يوما ابن ثابت .إنه هجاين: صلى اهللا عليه صفوان بن املعطل، وقال

.دعوه، إنه خبيث اللسان طيب القلب: فقالالبخاري حشوي فشري، ليس عليه معول، وال لقوله : ؟ فقال" ب القلب خبيث اللسان وطي: " فما تأويل

Page 70: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.متأول، كيف نظمه ومتامه يف )فإن يشإ اهللا يختم على قلبك ويمح اهللا الباطل: (وسئل يوما عن قول اهللا عز وجل

ظم، وأنت ال تعرف الرقم وال العقم وال الصدم أ تسأل عن الن: املعىن واللفظ؟ فصاح على السائل وقالإنما يفتري : (وال الردم؟ وأوصل إليه الوليدي مسائل من مجاعة من أهل نيسابور، كان فيها؟ ما معىن

.ذب؟ قد علمنا أن من كذب فهو كا)الكذب الذين ال يؤمنون بآيات اهللا وأوالئك هم الكاذبون، وقد علمنا أن إهلني ال يكونان إال اثنني؟ وال قناعة )ال تتخذوا إهلين اثنين: (ما معىن قوله تعاىل: وكان فيها

هذا توكيد؛ فإن املطالبة فوق التوكيد؛ وأضعف املتكلمني يف القرآن من زعم أن شيئا منه : لنا بقول من قاللى وجه التوكيد، وحنن وإن كنا نعلم أن التوكيد مذهب العرب، زائد، وأن كذا وكذا لغو، وأن هذا ع

.وكذلك الزيادة واحلذف واإلضمار، فاحلكمة املطلوبة غري ذلك؟ وما )ال تجعلنا مع القوم الظالمني: (ما معىن قول اهللا عز وجل: وعرض علي الوليدي املسائل، وكان فيها

ال تنظر برجلك، وال متش بعينك؟ : فيما ال يجعل؟ أو جائز أن يقال لإلنسان" ل ال جتع: " وجه قول القائل .وكذلك ال جيعل اهللا، أحدا مع القوم الظاملني، ألن هذا ال يخاف: ال، ألن هذا ال يخاف، قيل: فإن قيل

: ، وقوله)ثم جئت على قدر يا موسى(: ، وقوله)ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون: (وما معىن قولهلقد : (؟ وما معىن قوله)وتلك األيام نداولها بين الناس: (، وعن قوله عز وجل)وألقيت عليك محبة مني(

: أفعاهلم أو يف أبداهنم؟ وما معىن ؟ خبرنا عن اآليات، أ كانت يف)كان يف يوسف وإخوته آيات للسائلني: ؟ وخبرنا عن قوله)بهممن يرد اهللا فتنته فلن تملك له من اهللا شيئا أوالئك الذين لم يرد اهللا أن يطهر قلو() فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري( :وعن قوله) وما من دابة يف األرض إال على اهللا رزقها(

: أ لالختالف أم للرمحة؟ فإن قيل) وال يزالون مختلفن إال من رحم ربك، ولذلك خلقهم: (وما معىن؟ فقد )وال يزالون مختلفني إال من رحم ربك: (فاملختلفون هم الذين خلقهم للرمحة، فما معىن: للرمحة، قيل

أخرج من رحم من االختالف وللرمحة خلقهم، فإذا كان كلهم للرمحة خلقوا فكلهم غري خمتلفني، ألنه نفى عنهم االختالف وهم اجلميع، فأين املراد باآلية؟

فريق يف اجلنة، وفريق يف السعري، ولو شاء اهللا : (، وقال)ا رحم ربيإن النفس ألمارة بالسوء إال م: (وقالأ فليس قد ). لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء يف رحمته، والظالمون ما لهم من ويل وال نصري

؟ )كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء: (اهلدى إذ أمرهم؟ وما معىن قوله أخرب أنه مل يشأ أن جيمعهم على .فإن كان عم هبذا الكفار واملؤمنني فما فضيلة يوسف؟ وإن كان قد خص يوسف فهو قدح يف النحلة

نعم، فكل ما شاء : مما شاء اهللا فعله؟ فإن قيل) شاء اهللاوال تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إال أن ي: (وقالاهللا كان، فهذا قولنا، وإن كان مما يشاء فال يكون، فما وجه إجياب األمر بأن ال يقول لشيء إين فاعل؟ إذ

.العباد يفعلون وإن مل يشأ اهللا؟ فبدأ )واتبعوا أهواءهم: (، وقال)سمعهم وأبصارهمأوالئك الذين طبع اهللا على قلوبهم و: (وما تأويل قوله

).فلما زاغوا أزاغ اهللا قلوبهم: (بالطبع، مث ثنى باالتباع، وهذا يدفع تأويلكم يف قوله

Page 71: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ذا بيان للناس وهدى وموعظة ه: (، وقال)والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم: (وما تأويل قوله؟ فهو بيان للكفار، وهدى وموعظة للمتقني دون الكافرين، فلم تعمون ما خص اهللا، وختصون ما )للمتقني

؟ )يد الظالمني إال خساراوننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنني، وال يز: (عم هللا؟ وما تأويل قولههو هدى للكافر أيضا، : فخص هبدايته أهل التقوى؟ فإن قيل) ال ريب فيه هدى للمتقني: (وما تأويل قوله

كيف يكون القرآن ،)إن الذين كفروا سواء عليهم أ أنذرتهم أم لم تنذرهم: (فكيف وقد ختم القصة فقال .هدى ملن كان سواء عليه أ أنذر أم مل ينذر

، فهل زال فرض خبتمه على )ختم اهللا على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم: (قال اهللا تعاىل: ويقالوأزالوا الفرض عمن ختم اهللا ال، فقد كلفوا أن يبصروا اهلدى وقد ختم اهللا على قلوهبم،: قلوهبم؟ فإن قالوا

.على قلبه وعذروه بكفره، وحطوه مبنزلة الصيب واجملنونلو شاء الله ما أشركنا وال آباؤنا وال : (لو شاء اهللا مل يعص، ألن اهللا ذم الذين قالوا: وإن أبوا أن يقال

يسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء اهللا ما وآتينا ع: (فما تصنعون بقوله: ، قيل...)حرمنا: واقتتاهلم معصية، ولو شاء اهللا ما عصوا بأن مينعهم، إذ خلى بينهم وبني معصيته؟ وما معىن قوله) اقتتلوا

).ولكن اهللا يفعل ما يريد( .ليجيب عنه فما فعلوترددت شهورا : قال الوليدي

كيف ينفى العلم عن اهللا وقد أثبته لنفسه يف مواضع، والنص ال يحذف وال يتأول؛ : وكان يف املسائل أيضاقد ول: (، وقال)وأضله اهللا على علم: (، وقال)فلنقصن عليهم بعلم: (، وقال)أنزله بعلمه: (قال اهللا تعاىل

).وسع ربنا كل شيء علما: (، وقال)وال تضع إال بعلمه: (...، وقال)اخترناهم على علم .ومن أعرض عن التنزيل فقد خلع ربقة الدين

لحم الرجل : قذت العني ماذا؟ وهات: ؟ هات" الفصيح " أ أحكمت : وكان إذا رأى كاتبا يقول له .وشحم وما يف بابه

:ما معىن قول الشاعر: وإذا رأى صاحب لغة قال كميت ال أحق وال شئيت... وأقدر مشرف الصهوات ساط

:فإذا أكثر من هذا وشبهه أنشد). نذيرا للبشر(على ماذا ينتصب : وإذا رأى حنويا قال على ذاك شتى واهلوى متفرق ...أرى الناس أخالطا مجيعا وإهنم

ترى املرء إن جالسته ذا صناعة وسائر ما فيه على ذاك أخرق مبخرج ما يف قلبه حني ينطق... وتلقى أصيل الرأي ليس لسانه

:ورأيته مرة يسأل احلسنكي

اقة القاصية والعاصية والعاطية؟ وكان سريع الرد على ما الطاية، والثاية، والغاية، واآلية، والراية؟ وما الن .اإلنسان شديد التعجرف، وكان ذلك رمبا انقلب عليه

أ فأصفاكم : (ال جيوز، أما قرأت القرآن" أصفيته كذا وكذا : " وقال يوما لبعض العلماء يف كالم مسعته منه

Page 72: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.صفيته بكذا وكذاأ: إمنا جيب أن تقول) ربكم بالبنني :هذا صحيح فصيح، وغريه جائز حسن، أما قرأت يف احلماسة قول الشاعر يف النسيب: فقال العامل

لقد كنت أصفيتك الود حينا... لئن كنت أوطأتين عشوة .الشعر موضع ضرورة: فقال بعجرفته

.وكذب، ليس هذا من ذلك " .وكان خيفر من ذاك ويستحس : " يب يف حديثهقال يوما املسي: وحدثين الثقة قال

.سخنت عينك، ال يقال للرجل خيفر، اخلفر للنساء: فقال لهالتؤدة خري من العجلة، أين حنن من قول الشمردل يف أرجوزته، رواها أبو ! أيها الصاحب: فقال املسييب

:حامت تحي ويخفرفىت شتاء يس... ال يسبق النائل منه املنكر

.أخذنا يف احلماقة: فقال .، وال جيوز أضره، كذا ال جيوز ضر به" ضره وأضر به : " وقال مرة

؟ فقال )وما هم بضارين به من أحد إال بإذن اهللا: (فما تقول يف قوله عز وجل: فقال له رجل من خراسان؟ وأخجل الرجل يف صوابه، ومل خيجل هو من خطئه لسقوطه وجهله ومكابرته أ هذا من ذاك! اخسأ: للرجل .وحسده .أخلفت العهد: نكث الوعد، وكذا ال جيوز: النكث للعهد، واخللف للوعد؛ و ال جيوز: وقال يوما

تخذتم عند قل أ: (هذا مرفوض بقوله تعاىل: وكان بيت القرآن والرواية حاضرا أبو احلسن ابن شاذان فقال ).اهللا عهدا فلن يخلف اهللا عهده

.فربد، وكان باردا، ال رحم اهللا صداه وال بل ثراهاالعتراف : " االقتراف ال يكون إال يف القبيح، أما مسعت الكالم الذي هو كاملثل: وقال يف بعض الليايل

.التنزيل يأىب هذا احلكم وينطق بغريه :؟ فقال له مقرئ قد حضر" ميحو االقتراف .، فخزي وقام)ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا: (قال اهللا تعاىل: وما ذاك؟ قال: قال

يا أبا : ورأيته يناظر أبا الفرج البغدادي الصويف، وكان يف أذنه وقر، يف وساوس الصوفية وخطراهتم، فقالكانت البينونة مشعورا هبا يف عرصة احلقح حيث ال عبارة للخلق، وال أمان للجل والدق، بطنت إذا! الفرج

وسائل املعرفة حبقائق املراد، واشتبهت أعالم احلال يف تثبيت اإلشارة، وبقيت العبارة على إلف اآللف، .وعادة املتالف

االحتاد، لزوال شرائط رسوم اخللق عند تصايف ال ثبات ملناسب البينونة يف هنايات: فأجابه أبو الفرجما أنكر تالشي املناسب يف هنايات االحتاد، إذا سطعت أنوار احلقيقة : قال ابن عباد. األرواح حبقائق احلق

باالتقاد؛ وإمنا جررت الكالم إىل غاية تزلق فيها األفهام، وتسيخ فيها األوهام، وال يشرف عليها إال منن صائص التمام، ورفع معارف مجلة العوام؛ ولوال احلال اليت امتحنين احلق هبا، وسحبين على خصه احلق خب

غرائبها وعجائبها، يف عرض صوادقها وكواذهبا، مما هو مردود إليه، ومتوكل فيه عليه، لشققت معك

Page 73: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ين أذبذب جلباب صدر قد حشي ودائع، وفتحت لك أبواب خزائن قد مجعت فيها بدائع؛ ولكين مبا ترا .وإىل اهللا املشتكى، فهو الغاية واملنتهى. عليه مأخوذ، ومبا تسمعين أدندن حوله مأخوذ

:هل تعرف من أصحابك من يقول! يا أبا الفرج: مث قال ألصبح كالعهن النفيش يطيش... بليت مبا لو يبتلى أحد به

الذي أهوى فكيف أعيشومحك ... بعشق وإعراض وشوق وغربة ولكن صوف العاشقني حشيش... وأعجب من ذا أنين متصوف

قد لقيت ابن العميد، وها أنت تشاهد ابن عباد، فصفهما : وقلت أليب السلم جنبة بن علي القحطاين الشاعر .فطنتك يل؛ فإنك رجل بدوي، وتنظر إىل كل شيء بفطرتك، وتنطق عن كل شيء بسابق

فكان حبره ال ينزف وبره ال ينسف، وغباره ال يشق، ونسيمه ال -يعين أبا الفضل -أما ابن العميد : فقال .ينشق، وحبه ال يفرك وأدميه ال يعرك؛ على بخل كان به أحال هناره ليال، وألصق به ثبورا وويال

سانه فضل الستحسانه إلحسان غريه، قد غرق يف حبر فليس يف استحسانه إلح -يعين ابن عباد -وأما هذا .نفسه، فليس يرفع طرفه إىل أحد من بين جنسه؛ وهذا الذي يدل على غاية نقصه

:كما قال الشاعر: كيف ترى ابن عباد؟ فقال: وقلت للحيلوهي يوما وال يسقي احلوائم من لماق... كبرق الح يعجب من رآه

:ظر إليه يوما وقد طلع يف موكبه فتمثل بقول الشاعرون يشمه ومن يحلل به فهو جادبه... وأنت كغيث السوء من ير برقه

:ومن شعر ابن عباد، وهو يتملح به عند نفسه، قوله يف رجل تزوجت أمه فعلت حالال جيوز: فقال... عذلت لتزوجيه أمه

ت ولكن سمحت بصدع العجوز... حالل كما قد زعم : فقلت :وقال أيضا

فكسوتين ثوب القلق... زوجت أمك يا أخي م إىل الرجال على طبق... واحلر ال يهدي احلر

ين ابن أع - أنت شيخ صويف، ولك ذكر مجيل، مل تتعاطى هلذا الرجل : وقلت أليب الفرج الصويف البغداديالكالم يف الزهد والدقائق واألضمار والوساوس وتصفية األعمال؟ هذا علم يذاكر به أصحاب -عباد

.احلرق، وأرباب اخلرقهذا رجل رقيع رفيع، وله جاه ومال وهو مطاع، ولست أصل إىل ما يف يده إال بالرقاعة، وأنا ثقيل : فقال

ت، فأمحق له ساعة حىت أنال منه هذا احلطام الذي قد هتالك عليه اخلاص الظهر بالعيال حمتاج إىل القو :والعام، وقد قال األول

ولو كان ذا عقل لكنت أعاقله... فحامقته حىت يقال سجية مع فضله الشائع، وأدبه ابارع - مل يكن له : ومسعته يقول، وقد جرى حديث ابن العميد أيب الفضل، فقال

Page 74: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

الدين، وال كان عنده شيء من الشريعة؛ كان ال يعرف القرآن وأحكامه وغريبه وإعرابه، واختالف علم -العلماء فيه بضروب التأويل وغرائب التفسري؛ والرئيس إذا عري من هذا السربال فهو ممقوت عند اهللا

قطع على اخلائض فيه، وكان إذا مسع كالما يف الدين ثقل عليه، وخنس عنه، و. تعاىل، مقلي عند الناسمل صارت األشياء املتعادية يف حياهتا : وكان إذا احتفل يف العلم واحلكمة وما يدل على اخلصوصية قال

.تتعادى بعد مماهتا أيضا وتتنافر؟ كمعى الذئب وجلد الشاة، وكسن السنور وعظم الفارةل، فإن دامت عليه عاد أكحل؟ ومل ال يتغلغل شعره كما ومل الصيب إذا ولد أزرق فأرضعته حبشية عاد أشه

ويقول : اسودت حدقته؟ ومل ينسب الضب إىل العقوق، واهلرة إىل الرب، ومها يتشاهبان يف أكل أوالدمها؟ قاليخيل إلينا : مل تأكلني جراءك على فرط حبك هلا؟ قالت: قيل لسنورة: يف دقيق علمه وغامض حكمته

.ادنا أوىل بأن تكون فيها، من األماكن اليت حتويهاأكبمل يكوت السعالة من الضربة األوىل، وتعيش بالضربة الثانية؟ ومل صار الفرس : ومن جملة ذلك أيضا: قال

ال طحال له، والبعري ال مرارة له، والظليم ال مخ لعظمه؟ ومل ليس يف السباع أطيب أفواها من الكالب، س يف الوحش أطيب أفواها من الظباء؟ وكيف صار األسد أشد احليوان بخرا وكذلك الصقر؟ ومل صار ولي

الكلب أسبح من سائر السباع؟ ومل صار حيتان البحر ال ألسنة هلا وال أدمغة؟ ومل صار صفن البعري ال بيضة مل صارت الرباغيث جتتمع على السوط فيه؟ ومل صارت السمكة ال رئة هلا؟ ومل صار يف فؤاد الثور عظم؟ و

مىت دهن بشحم قنفذ أو مسح مبصران ابن عرس؟ ومل صار الزنبور ميوت يف الزيت ويعيش يف اخلل، كما أشبه هبا " متوت اخلنفساء يف الورد وتعيش يف الروث؟ ومل صار الضب يأكل اجلراد ويسامل العقارب، وهي

.محاقات كثرية، اجلهل هبا أمحد من العلم هبايف - ؟ " من املاء باملاء كان واحد الدنيا؛ وهذا كما ترى، وهو يدخل يف : هذا من تشنيعه على أيب الفضل، وكان مع ذلك رمبا قال

.باب املناقضة

باب : وبلغ احلد األبعد منه، وزاد على مجيع الناس فيه - أعين ابن عباد - واألمر الذي تشدد فيه هذا الذي به : أنه كان يطالب أصناف الناس مبا ليس يف الطاقة ومل جتر به عادة، وكان يقولاملخاطبات، و

أجد طعم والييت، ولوال هذه اللذة والشهوة ما باليت أن أتقلب يف مرقعة خلق، وثوب رث بال، أجوب .بالد اهللا، وألقى عباد اهللا، وآكل رزق اهللا

رية اختلست فتغافل عنها، إما عن جهل وجنون، ألنه كان يسوم كل من ولقد خدع يف هذا عن أموال خطكتب إليه أن يكني عن نفسه بالعبودية، وعنه باملولوية، مث يعرض يف هاتني الكنايتني، وكناية احلديث

والشأن، ومن احلديث عنه، أو له، أو فيه، فرمبا تشاجرت كنايات وتداعت معانيها على الكاتب فال خيلص .ىل حتقيق مراد، واستبانة وجه، وهذا الذي أقوله يعرفه الذي دفع إليه ودهي بهإ

أعزه اهللا، وكذلك ويل العهد، والوزير، : كيف كان اخلليفة يرضى بأن يقال له: قلت له: وقال يل ابن ثابتيا أبا جعفر، وابن أيب ومن قاد اجليش وأغىن يف اهلبوة، ومن أمر على شطر الدنيا؟ وكان ابن الزيات يقال له

.يا أبا عبد اهللا: دواد يقال له

Page 75: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

كان الناس يف ذلك الوقت ضعاف العقول صغار اهلمم، ومل تكن هلم مرائر مغارة، وال نفوس فيها : فقال .غزارة

كالم جاهل ال خربة له بشيء من أمور الدنيا والدين، وهو مع ذلك - حفظك اهللا -وهذا . هكذا قال .النذالة والسقوط دليل على

وجرى يوما حديث املخاطبات عند القاضي أيب حامد املروررذي والترتيب فيها، وامتعاض الناس من سبب هذا كله إحساس الناس بنقصهم القائم هبم، الراكد عليهم، : التصارف اجلاري بني أهلها، فقال

الطريق إىل هذا، بل الطريق إليه األخذ النابت فيهم؛ وطلب دفع ذلك بالترتيب، ونفيه باخلطاب؛ وليسانظر إىل السلف الصاحل كيف كانوا، هل خاطبوا . من احلياء والكرم والدين واملروة: بأخالق من سلف

إال بيا رسول اهللا؟ وبعد فهل خياطب ربنا إال بالتاء وإال بالكاف؟ وهل مسعت - صلى اهللا عليه - رسول اهللا إن رأى ربنا فعل بعبده كذا وكذا؟ وهل اخلري كله إال فيما خص اهللا به نبيه : ه له قالعبدا هللا قد أخلص دين

.وأمته، وأشاع فيهم حكمته وبركتهوينبغي أن ال يكون بينك وبني أصدقائك صرف، ألن الصداقة فوق ذلك، بل املصارفة : مث قال أبو حامد

ا، وقد تستحيل الصداقة باملصارفة عداوة، ألن التجين فيها تقذيها وتفسدها، وحتيل نضارهتا، وتبدل غضارهتواالستزادة يعتوراهنا، واالعتداد واالحتجاج يمحقاهنا؛ فأما النظراء واألكفاء فيكفي معهم أن يكون اجلواب

.كاالبتداء، واآلخر كاألولموضعه وإن تنفست الرسالة، وكان أبو حممد النبايت يقول يف هذا الباب كالما طيبا، وأنا أحكيه ألنه

فالغرض فائدة، وإن كان سبب إنشائها الغيظ الذي فاض الصدر به، ومرح اللسان بوصفه، وقد قال ابن :الرومي

وبعض السجايا ينتسبن إىل بعض... وما احلقد إال توءم الشكر يف الفتى فثم ترى شكرا على حسن القرض... فحيث ترى حقدا على ذي إساءة

من البذر فيها فهي ناهيك من أرض... إذا األرض أدت ريع ما أنت زارع .فهذا هذا

احلماقة : مجيع ما يتقلب فيه من هذه األمور الفاسدة واألحوال الردية، يرجع إىل أصول أربعة، وهي: قال .والرقاعة والرعونة واجلنون

فأما احلماقة فما عليه الكتاب من املخاطبات املختلفة اليت ليس فيها حقيقة، وال ترجع إىل صحة، ال من جهة الديانة وال من جهة رسم األولني السادة، وإمنا هو شيء يؤدي إىل القال والقيل وإىل العداوة واملغالبة،

ودي؛ ألن الترتيب إن كان بينك وبني من ويبعث على الوحشة الشديدة باالستشعار الردي، والوسواس املهو دونك فهو على الداللة على حملك،وإن كان إىل نظريك، فهو على غاية املماثلة بينه وبينك، وإن كان إىل

.من فوقك فهو على توفية ما يستحقه منك .ها هنا قسم آخر، والداهية كلها منه: قيل لهلك وهو دونك، والذي هو فوقك وتدعي أنه يف حدك، وها هنا الذي يدعي أنه نظري : وما هو؟ قيل: قال

Page 76: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.يشتد النزاع والفراع، وتتحطم القنا ويتطاير الشرر، وجيد الشيطان مدخال منه، وتسويال به .هذا من فقد التناصف يف األصل، وإال فاحلال مفضية يف التحقيق إىل الكالم األول: فقال

ش القضاة والشهود، أال تراهم كيف يوسعون أكمامهم، ويعرضون جيوهبم، وأما الرقاعة فانتفا: مث قالويرخون أطواقهم، وينظرون إىل األرض تعظما على من يكلمهم، وتربؤا ممن خيالفهم؟ أال ترى إىل دنياهتم

:وقرامعتهم وقالنسهم وعمائمهم وحتنبلهم وتقتلهم؟ فهم كما قال الشاعر وبالنهار على مست ابن سريين... ب ال حرمي له وأنت بالليل ذئ

ويا هذا ! عافاك اهللا امسع: وإذا تكلم أحدهم خفض صوته، وقطع حروفه، وسبح يف خالل ذلك، وقالاتق ربك الذي إليه معادك، أما ! قل خريا، وال قليل من اهللا، ويا فالن! ويا عبد اهللا الصاحل! أصلحك اهللا

وأما : ن قبل اهللا؟ أما لإلسالم عندك حرمة؟ أما تؤمن باهللا؟ أما تؤمن بيوم احلساب؟ قالعليك حفظة مالرعونة فما عليه الشطار من هؤالء الشباب اجللد الذين يرفعون احلجر، ويدعون الفتوة، ويكثرون ذكرها

حيل األزرار، ويفتل السبال، وميشي ، ترى أحدهم يضيق األكمام و" اجلوامردية " وحيلفون هبا، ويسموهنا .متحامال، ويتكلم متصاوال

أبو بكر خري من علي، وعلي خري من أيب : وأما اجلنون فما جتد عليه هؤالء الذين يتنازعون بينهم قوهلم: قالبصرة أخف بغداد أطيب من البصرة، وبادية ال: وقدر علي، وحق الصديق؛ ويقولون: بكر؛ وإذا حلفوا قالوا

إرم ذات العماد " من بادية الكوفة، والرازقي خري من البارقي، والسونائي أحلى من الكرخي، وسامرة فوق ، وفالن فضلي، وفالن مرعوشي؛ وترى هلم يف هذا الطريق اهتماما وإنفاقا وقوة ومغالبة ومشاغبة "

اعر، كالعويف والناشي، واالمح، والقاص وحماكمة ومالطمة؛ وهكذا إذا جرى حديث الشاعر والش .كالربهباري والقسري

.وقد صدق هذا الشيخ، فقد مسعنا من هذا ما ال يطمع يف إحصائهديانا ومتألها، وهو يبتذل العلوية -يعين ابن عباد -كيف يكون هذا الرجل : وقال الزعفراين الشاعر

ديه فال ينكر ذلك منهم؛ ولقد فال يوما، وهو يريد الركوب واألشراف، ويهينهم أعوانه، وهم يعدون بني ي .نظف الطريق من هذه اخلنافس واجلعالن واحلرايب والغربان: لبعض حجابه

يعين هؤالء الواردين من احلجاز لسواد ألواهنم وتفلفل : من يعين؟ فقال: فقلت لبعض من كان إىل جانيب .م، وقلة دماثتهم واختالف حركاهتم وشمائلهمشعورهم، ودمامة وجوههم واحنطاط قدوده

أ فهذا من التشيع والوالء وما جيب هلذا البيت؟ مث يدعي أنه زيدي، فإذا قرض قصيدة غال، وزاد على : قال .العويف والناشي

ب غامض وأما أنا فما رأيت أحدا من خلق اهللا يف حدته سفه لسانه؛ خرج يوما من دار مؤيد الدولة من باهربا من قوم كانوا يرقبونه على الباب املشهور من السحر األعلى، وهو وحده بني يديه ركايب، فعرفته

ما تريدين يا بظراء يا خبراء يا عفالء يا : عجوز فقامت يف وجهه ودعت له، ومدت يدها بقصعة معها فقال .مسكني هذا الرجل، قد جن :فقماء؟ على هذا إىل تباعد، فبقيت العجوز مبهوتة، وقالت

Page 77: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.هذا دأبه إذا جاع: ما هذا النذل والفحش واخلفة والطيش؟ فقال: فقلت لبعض أصحابهالرجل ال دين له؛ مسعته يقول يف اخللوة، وقد : وحدثين العتايب قال! أجاع اهللا كبده وسلبه نعمته: فقلت

عتزال، وقد نصرته وشهرت به نفسي، كيف أنزل عن هذا املذهب، يعين اال: جرى حديث املذهبمل يزل : ومن أين وقع يف هذا اإلحلاد؟ فقال: وعاديت الصغري والكبري، وانقضى عمري فيه؟ قلت للعتايب

.مترجحا قليل الطمأنينة سيء اليقني، ولكن أهلكه مقعدة الذي يقال له النصييب أبو إسحقنبوات، وكان يصادقبهذا من صافاه ووثق به، وهو الذي وصدق هذا الشيخ؛ كان أبو إسحق شاكا يف ال

لو ظفر يوم اجلمل طلحة والزبري وعائشة بعلي بن أيب طالب، دار اخلالف بينهما، وكان : قال بنكده وخبثهال يعول أحدمها يف االستظهار على صاحبه إال بأن يتزوج عائشة، مث يكافح صاحبه هبا وبشيعتها الذين فتوا

جملها وتشافوا به، وحتاثوا عليه، وكنا حنن نكور عمائمنا ونرفع طيالسنا ونسرح حلانا ونكتحل بعر وحنتفل، مث جنلس يف املساجد واجلوامع وحنتج لذلك التزويج، ونتأول كل قول، وخنرج كل خرب، ونبلغ كل

.غاية بكل حيلة

عه ثياب مصر، فدعا به، واشترى منه، وتقدم وحديث التاجر املصري من الطرائف؛ قدم شيخ له هيئة ومأهل مصر، أي شيء يغلب عليهم من فنون العلم، وبرسائل من : بإكرامه، ورفع احلجاب عنه، وقال له

هلم حرص على كل علم، ونصيب من كل أدب، وأما الرسائل فإهنم ال يؤثرون على : يشغفون؟ فقال التاجررسائلك هي : ؛ وكان جناح اخلادم قائما؛ فأومى إىل املصري بأن قلما البن عبد كان الكاتب أيب جعفر شيئا

املطلوبة والغريبة، وهي املشتهاة واملستعملة، وكان إمياؤه باليد، واإلصبع، واحلاجب، والشفة، وهذا كله ال ام ذاك يفصح عن حرف، فلم يكن يفهم التاجر لشقائه معىن اإلشارة؛ وانقبض عنه ابن عباد ومل حياوره، وق

.على حالة قد ناله فيها فتور ال يدري ما سببهفلما كان بعد أيام حضر أيضا وأعاد القول على الوجه، فأعاد املصري اجلواب املتقدم، وجناح اخلادم على

رمسه قائم يشري مبثل ما أشار إليه يف اجمللس األول، وهذا ال يفطن، ويف أهل مصر سالمة صدر شبيهة بغباوة .طبع

إذا كان صاحبك سخني العني قطيع الظهر، ابن بظراء، إيش ميكنك أن : فالتفت ابن عباد إىل اخلادم وقال .تعمل؟ وطرد املصري

أ فهل هذا إال رقاعة حتتها جنون صرف، وسرطان يف الدماغ، وعلة يف العقل، وفساد يف املزاج؟ وامسع ما اجلالوت يف إعجاز القرآن، فراجعه اليهودي فيه طويال، ناظر بالري اليهودي رأس ! هو أعجب من هذا

وثابته قليال، وتند عليه حىت احتد وكاد ينقد؛ فلما علم أنه سجر تنوره وأسعط أنفه، احتال طلبا ملصاداته، ولك تتقد وتشتط، ومل تلتهب وختتلط؟ كيف يكون القرآن ! أيها الصاحب: ورفقا به يف مخاتلته، فقال

ندي آية وداللة على النبوة، ومعجزة من جهة نظمه وتأليفه؟ وإن كان النظم والتأليف بديعني غريبني، ععندي أن رسائلك : وكان البلغاء، فيما تدعي، عنه عاجزين، وله مذعنني، وها أنا أصدق عن نفسي وأقول

ذلك، أو قريب منه؛ وعلى كل حال وكالمك وفقرك وما تؤلفه وتباده به نظما ونثرا هو فوق ذلك أو مثل

Page 78: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.فليس يظهر يل أنه دونه، وأن ذلك يستعلي عليه بوجه من وجوه الكالم، أو مبرتبة من مراتب البالغةوال هكذا أيضا يا شيخ، : فلما مسع ابن عباد هذا فتر وخمد، وسكن عن حركته، واخنمص ورمه به وقال

وافرا، ومن البيان نصيبا ظاهرا؛ ولكن القرآن له املزية اليت كالمنا حسن وبليغ، وقد أخذ من اجلزالة حظاال تجهل، والشرف الذي يخمل؛ وأين ما خلقه اهللا تعاىل على أمت حسن وهباء، مما خيلقه العبيد بتطلب

يف وتكلف؟ هذا كله يقوله، وقد خبأ محيه، وتراجع مزاجه، وصارت ناره رمادا؛ مع إعجاب شديد قد شاع أعطافه، وفرح غالب قد دب يف أسارير وجهه؛ ألنه رأى كالمه شبهة على اليهود وعلى عاملهم وحربهم،

.مع سعة حيلهم وشدة جداهلم، وطول نظرهم وثباهتم خلصومهمفكيف ال يكون شبهة على النصارى، وهم ألني من اليهود عريكة، وأطفؤهم نائرة، وأقلهم مراء، وأكثرهم

يما؛ وأنه إن جاز هذا على اليهود والنصارى، وهم دمهاء الناس، فما ظنك باجملوس ونصيبهم من اجلدل تسلإىل هذا - أكرمك اهللا -أقل، وهم عن النظر أعجز، وعادهتم يف احملاجة أفسد؛ وهكذا الصابئون؟ انظر

مرة للشاذياشي، ! ع وكم يذوبالرجل العظيم الطاق الفسيح الرواق، الذي ال يرضى أحدا، كم ينخد .ومرة لليهودي، ومرة للتاجر املصري، ومرة للخراساين، ومرة للبغدادي

فهل هذا إال النوك والركاكة، وضعف النحيزة، وسوء التخيل، وقرب الغور، وقلة العقل؟ قال أبو سليمان هذا رجل قد سعد يف الدنيا : هذه األحاديثوعنده يومئذ أبو زكرياء الصيمري، وقد قرأت عليه : املنطقي

سعادة عجيبة مذ ويل إىل الغاية، وهي شقة عمره وآخر أمره، مل يشك بشوكة،ومل ينكب بنكبة، ومل يسمع .من أحد كلمة عوراء، ومل يدفع يف حالة إىل آبدة، وقد بلغ يف حياته ما شاء

صار لذلك رقيقا أهوج سيء األدب، حديدا كثري النحس الذي حلقه يف عقله حىت : فقال أبو زكرياءالكذب، شديد التلون، عسري املأتى، ممقوت العجب، عظيم الكرب، طويل اخلصومة، دائم املراء، وقاعة يف أهل الفضل، حاسدا لذوي األدب، مغتاظا على ذوي املروءات، منانا بالقليل، معظما للتافه النزر، وذوي

هو أعظم من مجيع ما أعطيه من املال الكثري، واملرتبة العالية، ومن اخليل املسومة، -نا باألبن الدين، مقروومن الدور والقصور، وما فيها من العني احلور، واخلزائن والذخائر، والفضة والذهب، واجلواهر واخلدم

ذا اختل فهو البلوى اليت ال يتالفاها شيء؛ والعبيد؛ ألن العقل إذا صح فهو املنيحة اليت ال يوازيها شيء، وإولو كان مع هذا العقل عاريا من مجيع ما عددناه، لعاله بعض العامة بكيسه ولطفه، ولربز عليه بعض

:وهلذا أحسن الذي يقول" . ولكن الغنى رب غفور " أصحاب اخللقان مبروته وظرفه، رأيت الناس شرهم الفقري... ي ذريين للغنى أسعى فإن

وإن أمسى له كرم وخري... وأبعدهم وأهونهم عليهم حليلته، وينهره الصغري... ويقصيه الندي وتزدريه

يكاد فؤاد صاحبه يطري... وتلقى ذا الغنى وله جالل كن الغنى رب غفورول... قليل ذنبه والذنب جم

.وله مع الغىن أمر وهني، وقوة سلطان، وجد ودولة؛ فكل عيبه مستور، وكل فضله منشور

Page 79: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

صدقت، وهذا ألن اإلنسان ال يكون يف هذا العامل مالكا للتمام، جامعا ألدوات : قال له أبو سليمانمن املواد املختلفة، والعناصر الصافية الكمال؛ وسببه أنه نتيجة للكواكب العالية، واألجرام الشريفة،

والكدرة؛ فمىت نالته سعادة باملشتري، وصل إليه حنس من زحل، وكذلك الزهرة واملريخ؛ والعلماء املشتري والزهرة سعدا الفلك، والزهرة خمصوصة بالسعادة العاجلة، واملشتري خمصوص : املتقدمون يقولون .بالسعادة اآلجلة

إن كان يف اجلملة كما قاولوا، فاللتباس الدنيا باآلخرة، فما يستفاد من املشتري كثري من وهذا و: قال .حظوظ الدنيا، ويستفاد من الزهرة كثري من حظوظ اآلخرة

.ومن أسرار الزهرة أهنا رمبا هيأت الوحي، ومن أسرار املشتري أنه رمبا هيأ اللهو .عني، ومل يصحب ذهين إال ما تسمعومر له يف هذا لفن كالم كثري مفيد ند

وهلذا كان حنس ابن العميد يف بدنه، ألنه فقد الصحة يف وسط عمره، وحني احلال حويل، واملال : قالمويل، والعلم نزر، والقهم ناقص، والبالغة خلق، والكتابة مشطاء؛ فلما أخذت أحواله تتسق، وأسباب

واألمراض املختلفة، وسلب لذة املطعم واملشرب، وبقيت فضله تستوسق ضرب يف بدنه بالعلل الشديدة، .حسرة النعمة يف نفسه إىل أن عطب؛ وقلة حظه منها هو الذي كان يبعثه على قلة اإلنعام منها

وهلذا جتد آخر جيد العقل، صحيح البدن، حممود البيان، ولكنك جتده مع ذلك شديد الفقر، سيء : قالهذه اجلديلة كل من اعتربت حاله، وعرفت ما سلبه مما وهب له، وما أعطيه وعلى . احلال، مرحوم اجلملة

مما حرمه، وهذا ليكون العبد أبدا يف منزلة من النقص، وحال من العجز يكون هبما ضارعا إىل خالقة، طالبا .لعنايته من مالكه، وليكون بني العبد املعجون من الطني وبني اهللا مدبر اخللق فرق

هب يف هذا الفضل كل مذهب، وشفى كل غليل، وأبكى كل عني، وكان ذا قوة عجيبة يف هذه وذ .الطريقة، وذا اطالع إىل أسرار اخلافية

.أبو حيان: أبو من؟ قلت: فأما حديثي معه، فإن حني وصلت إليه قال يل .بلغيت أنك تتأدب: قال .تأدب أهل الزمان: قلتإن قبله موالنا ال ينصرف، فلما مسع هذا تنمر وكأنه مل يعجبه، : صرف أوال؟ قلتفقل يل، أبو حيان ين: قال

.وأقبل على واحد إىل جانبه فقال له بالفارسية سفها، على ما فسر يل .أنا سامع مطيع: مث قال يل

منتجعي هذا إمنا توجهت إىل العراق إىل هذا الباب، وزامحت: مث قلت يف الدار لبعض الناس مسترسال .الربع، ألختلص من خرزة الشؤم؛ فإن الوراقة مل تكن ببغداد كاسدة

فنمي إليه هذا أو بعضه، أو على غري وجهه، فزاده تنكرا؛ وكان الرجل خفيف الدماغ، ال يعرف احللم إال ول ما يكره، ويؤخذ باالسم؛ والسؤدد ال يكون وال يكمل وال يتم إال بعد أن ينسى مجيع ما يسمع، ويتأ

.باألسد فاألسد

Page 80: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

احللم مشارك ملعىن احللم؛ فصاحب احللم هو الذي يعرض عما يرى ويسمع : وقال أبو سعيد السريايفكاحلامل، واللفظ إذا واخى اللفظ كان معناه قريبا من معناه، وهذا اخللق واخللق، والعدل والعدل، وسست

.الرجل، وسست املرأةأجل الناس يف زمانه، وأكربهم يف : من كناك أبا حيان؟ قلت! يا أبا حيان: وقال يل يوما آخر، أعين ابن عباد

.وقته .أنت: من هو ويلك؟ قلت: قال .يا أبا حيان: حني قلت يل: ومىت كان ذلك؟ قلت: قال

.فأضرب عن هذا احلديث وأخذ يف غريه على كراهة ظهرت عليهمنهم الزعفراين، وكان شيخا كثري الفضل، : ر، وهو قائم يف صحن داره، واجلماعة قياموقال يل يوما آخ

جيد الشعر، ممتع احلديث؛ والنميمي املعروف بسبطل وكان من مصر؛ واألقطع، وصاحل الوراق، وابن نعم، : الكنية؟ قلتهل تعرف فيمن تقدم من يكنى هبذه ! يا أبا حيان: ثابت، وغريهم من الكتاب والندماء .من أقرب ذلك إىل أبو حيان الدارمي

دخل : حدثنا ابن ناصح، قال: حدثنا ابن األنباري، قال: حدثنا أبو بكر القاضي حممد بن حممد الدقاق، قال :ملن تعرف هذا الشعر: أبو اهلذيل العالف على الواثق، فقال له الواثق

وصله سبيلليس إىل ... سباك من هاشم سليل فالقول يف وصفه فضول... من يتعاطى الصفات فيه ألعين اخللق ما يزول... للحسن يف وجهه هالل

لنور بدر الدجى مقيل... وطرة ال يزال فيها إال تسجى له قتيل... ما اختال يف صحن قصر أوس

وإن تولى فهن حول... فإن يقف فالعيون نصب هذا لرجل من أهل البصرة يعرف بأيب حيان الدارمي، وكان يقول بإمامة ! يا أمري املؤمنني: فقال أبو اهلذيل

:وله من كلمة يقول فيها. املفضول صحابته بعد النيب املكرم... أفضله واهللا قدمه على

م بالتقدمبال بغضة واهللا مين لغريهولكنه أواله :أنشدنا أبو قالبة عبد امللك بن حممد الرقاشي أليب حيان البصري: ومجاعة من أصحابنا قالوا

ترك اهلوى يا صاحيب خسارة... يا صاحيب دعا املالمة واقصرا لجت ميني ما هلا كفاره: ... كم ملت قليب كي يفيق فقال يل

إن أنت مل تعشق فأنت حجاره... ر حلظة أن ال أفيق وال أفت وكذا احلريق بداؤه بشراره... احلب أول ما يكون بنظرة

إياك أعين وامسعي يا جاره... يا من أحب وال أمسي بامسها فلما رويت اإلسناد، وأنشدت الشعر، وريقي بليل، ولساين طلق، ووجهي متهلل، وقد تكلفت ذلك وأنا

Page 81: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

يف بقية من غرر الشباب وبعض ريعانه، فمألت الدار صياحا بالرواية والقافية، فحني انتهيت أنكرت طرفه، .وعلمت سوء موقع ما رويت عنده

أن معاوية ملا حضر أنشد يزيد عند : فيما حدثنا عنه املرزباين - روى الصويل : ومن تعرف أيضا؟ قلت: قال :رأسه متمثال حيان ال عاجز وال وكل... نجا لفات أبو لو أن حيا

تدفع صرف املنية احليل... احلول القلب األريب وهل .هذا من املعمرين املعقلني: قال الصويل

وانتهى احلديث من غري هشاشة منه عليه، وال هزة وال أرحيية، بل على اكفهرار الوجه، ونبو الطرف، وقلةوجرت أشياء أخر، وكان عقباها أنين فارقت بابه سنة سبعني وثالمثائة راجعا إىل مدينة السالم، بغري . التقبل

.فامحل هذا ما أردت. زاد وال راحلة، ومل يعطين يف مدة ثالث سنني درمها واحدا، وال ما قيمته درهم واحد

ظين عليه، وجعلين من بني مجيع غاشية ورده فردا، أخذت وملا نالين منه هذا احلرمان الذي قصدين به، وأحفأتالىف ذلك بصدق القول عنه، يف سوء الثناء عليه، والبادي أظلم، ولألمور أسباب، ولألسباب أسرار،

.والغيب ال يطلع عليه، وال قارع لبابه: راسان يف املوسم عن قوله عز وجلالرجل ذو خلة، ولقد سأله ليلة شيخ من خ: وسألت العماري عنه فقال

ما مرتبة الصالح املذكور يف الثاين من النبوة ) ولقد اصطفيناه يف الدنيا، وإنه يف اآلخرة لمن الصالحني( .الثابتة يف الدنيا؟ فأضرب عن املسألة ودافع بصدرها، ومل يجر كلمة فيها

، وعن الفرق )وواعدنا موسى ثالثني ليلة وأتممناها بعشر: (يلة أخرى عن قوله عز وجلوسأله هذا الشيخ ل .، فما أعاد وال أبدى)وواعدنا موسى أربعني ليلة: (بني هذا االقتصاص وبني قوله .بقيعة سرابا: كيف رأيت أبا الوفاء؟ قال: وملا عاد من مهذان، قيل له

.نكدا وخديعة: فكيف جمدت عبد العزيز بن يوسف؟ فقال: قيل .متثاال يف كنيسة أو بيعة: فكيف وجدت اجملوسي؟ قال: قيل .ضخم الدسيعة، له من نفسه حرى وسيعة: فابن سعدان؟ قال: قيل

ر، ولعل التقصي لو وقع وقد طال وكث. هذا حديثه يف دينة، ورأيه وعلمه وعقله ومروته وصناعته ومذهبه .الزداد طوال، فإنه تنفست أيامه وترددت أحاديثه

ما أدري ما أقول يف رجل من قرنه إىل قدمه عيب وخزي ونذالة : سألت ابن اجللباب الشاعر عنه، فقالان بالطباع ورقاعة، على أن الطبع النكد أملك له، والعادة القبيحة أغلب عليه؛ واإلقالع عن املنشأ املع

.صعب وعر، ولعله ممتنعرأيت رجال مدخوال يف مجيع الفضائل، مردودا على كل التأويالت؛ لتيهه : وسألت احلامتي عنه، فقال

وإعجابه، وحسده ولوثته، وقلة مصافاته، وسوء رعايته، وفساد دخلته، ووقاحة وجهه، وشدة تعيريه، .به، ونصرته ملا يعتقد بقلبهوفشو أبنته، وقبح سريته يف مذه

Page 82: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

خذ حديثه مبا تسمع مين، وقس عليه؛ رأيت يوما على بابه شيخا من أهل : وسألت البديهي عنه، فقالالكتاب واألدب ذكر أنه ورد من مصر، وأنه أقام هبا زمنا، وأن أصله من بالد العجم؛ فلما خرج إليه رفع

من مساك عبادا باسم األمني رضي اهللا عنه؟ ومن : خذ ونظر، مث قالعباد بن أمحد، فأ: قصة كتب على رأسهايقول إن هذا امسك الذي اختري لك عند الوالدة؟ وما هذا التقرب بالتكذيب؟ وما بينكم وبني أمساء السادة

درك؟ وال الذين بانوا هبا كالسماء بكواكبها، واألفالك بعجائبها؟ أما كان لك بغري هذا االسم الذي ادعيته كان لك دون التكثر به سبب؟ ما أحوجك إىل نقاف يوجع يافوخك، ونتاف يقلع شاموخك؟ وسألت

إن صدقت يف وصفه ساء قوما، وإن كذبت يف وصفه ساءين؛ وألن أنفرد : الصايب أبا إسحق عنه فقال :باملساءة أحب إيل؛ وبعد فنحن معه كما قال الشاعر

لكنا على الباقي من الناس أعتبا... ه ولو مضى ونعتب أحيانا عليأما جده فيريين أنه واحد الدنيا، وأما جده فينطق : كيف ترى هذا الرجل وقد خربته؟ فقال: وقلت للضبعي

.بأنه أنذل من يف هذا الورى :وبعد

رمبا استقبحت على أقوام... نعمة اهللا ال تعاب ولكن اصدقين عن هذا الرجل، فقد عرفت ليله وهناره، والليل أصدق عن خبايا اإلنسان من : للمأموين وقلت .النهار .يف اجلملة الرجل بال دين، لفسقه يف العمل وارتيابه يف العلم: فقال

د منه سل عن البخت، واهللا ما له مست يتوجه إليه منه، وال باب يعتم: وسألت أبا صادق الطربي عنه فقال .عليه؛ بينا هو لك، إذ صار لعدوك، حاله أحوال، وشأنه شؤون، وكل ذلك جار على اجلنون

واهللا ما يشفي الغليل منه هجو وال مالم، وال ما هو معروف به بني : كيف تراه؟ قال: وقلت البن املراغي .طبته وورطتهاخلاص والعام، إال أن يسقط من ذروته فيرى يف حال سقطته مترددا بني خ

.أما أنت من بني الناس فقد حظيت عنده، ونلت منه: وقلت للشيخ العامل .لو عرفت ما يتقد على فؤادي من الغيظ عليه لرمحتين يف بالئي بأكرب مما حتسدين عليه يف ظاهر أمري: فقال .لست أنكر منه شيئا واحدا، وإمنا أنكره كله: وما تنكر منه؟ قال: قلت

ما أراك خترج من حضرة هذا الرجل إال وأنت ساهم الوجه، مغيظ النفس؛ كأنك : يب جعفر الوراقوقلتألواهللا : لست خترج من عند من كل أحد يتمنى أن يصل إليه، وأن ينطق بني يديه، وأن يصنع به حاله؟ فقال

ك، هذا، واخلوف أيضا لوال التحرج لوصفته بكالم كان فيه برد حرارة صدري، ولكن التحرج مانع من ذل .أنه ساقط من عني اهللا عز وجل، والويل له من اهللا يوم التجازي والقصاص: عامل عمله، وآخر ما أقولعقوبة من اهللا نازلة بأهل الفضل -واهللا - أراه : كيف ترى هذا الرجل؟ قال: وقلت أليب الفضل اهلروي

ا ننتهي عنه وال نصر عليه، فما عندي أن اهللا يبتلي عبدا من والتكرم، وليتنا علمنا بأي ذنب عوقبنا فكن .عباده خبدمته والتعلق به بعد أن ينزع عنه العصمة، ويوكل به النقمة، وحيرم عليه الرمحة

Page 83: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.باهللا صف يل هذا الرجل: وقلت للزعفراين الشاعر .اعر، ولكن اخلوف من ذلك حائللو أمكنين الوصف بالنظم كان أعجب إيل؛ فإين رجل ش: فقال

أحرى : فأين أنت منه؟ فقال. أما أصحابك فقد عرفت عقائد قلوهبم يف هذا الرجل: وقلت للتميمياعتقادي فيه أنه خنزير قد أعطي قوة أسد؛ فهو يفترس مينة وشآمة، وكنت أرى فيما مضى أن الشر

بل السر يف بعض الناس الصق : وقلتمكسوب بالقصد حىت شاهدت هذا فتحولت عن الرأي األول، .بالطبع

.بين يل أمر هذا الرجل، ففي نفسي أن أعمل كتابا يف أخالقه: وقلت أليب سعيد األهبريال واهللا، إمنا أعوذ باهللا منه : أ تستطيع أن تصف إبليس جبميع ما هو فيه؟ قلت. لقد حاولت عسريا: فقال يل .فقطفهو عاقل، وهذا يزيد - وإن كان شريرا -قبل أن تعوذ باهللا من إبليس؛ فإن إبليس فعذ باهللا من هذا : قال

.عليه ألنه شرير وهو أمحقكل أحد له على هذا الرجل كالم، ويف نفسه موجدة سواك؛ فإنك واصل إليه : وقلت أليب طاهر األمناطي

ربي على رقاعته قد نغص علي مجيع ص: إذا أردت ونائل من ماله وجاهه إذا أحببت، فما قولك فيه؟ فقالما أنا عليه معه، على أن رقاعته مرشحة جبنون، وجنونه صادر عن قدرة، فالرهبة منه قد كدرت عني الرغبة

.فيه، والغيظ عليه قد منع من االستمتاع بهجبت اآلفاق، -واهللا - قد : فقال! ما أحوجين إىل فتياك يف هذا الرجل: وسألت ابن زرعة الفقيه فقلت

ولقيت أصناف الناس يف الشرق والغرب، فما رأيت رجال يف جنونه أعقل منه، وال يف عقله أجن منه، وإنه ألعجوبة؛ عدوه هالك لسلطانه، ووليه خائف من كثرة ألوانه؛ ال عهد له وال وفاء، وال صدق وال لطف،

.كله هزل، ومجيعه جهلبأنه هللا عدو، ولألحرار مهني، وألهل : بم حتكم على هذا اإلنسان؟ فقال: وقلت البن فارس صاحب اللغة

.الفضل حاسد، وللعامة محب، وللخاصة مبغض .فأما عداوته هللا فلقلة دينه

.وأما إهانته لألحرار فهي شهرية كهذا النهار .وأما حسده ألهل الفضل جرب ذلك بكلمة تبديها

.ظرته هلم وإقباله عليهموأما حبه للعامة فبمنا .وأما بغضه للخاصة فإلذالله هلم وإقصائه إياهم

فأما ابن العميد أبو الفضل، فإنه كان بابا آخر، وطامة أخرى، وكان فضله من جنس ليس البن عباد **** ل، فيه نصيب، ونقصه من ضرب مل يكن له فيه ضريب، كان يظهر حلما حتته سفه، ويدعي علما هو به جاه

، وكان يدعي املنطق وهو ال يفي بشيء منه، ومل يقرأ " أجنب من املنزوف ضرطا " ويري أنه شجاع وهو حرفا على أحد، ويتشبع باهلندسة وهو منها بعيد، ومل يكن معه من صناعة الكتابة األصل وهو احلساب،

ا قعد يوما يف الديوان ناظرا يف عمل، أو وكان أجهل الناس بالدخل واخلرج، ولقد بقي ما بقي يف أيامه فم

Page 84: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

أنه واحد - باحليل الدقيقة، واألسباب اخلافية - فاصال حلكم، أو خملصا ملشكل، وكان قد وضع يف نفسه الدنيا، وأن ملوك األرض حيسدونه عليه، وأنه لسان الزمان، وخطيب الدهر؛ وأن قلمه فوق السيف،

وكان . دولة واململكة وأحوال األولياء وذوي النصيحة كالوحي والنبوةوتدبريه فوق اجليش، ونظره يف المعوله يف األعمال على أيب علي البيع؛ وكان مع هذا شيء السرية، قليل الرمحة، شديد القسوة، وارم شاهد األنف، عظيم التيه، شديد احلسد ملن نطق ببيان، أو أفصح بالعربية وسيتبين بعض هذا مبا أذكره لك ب

.عدل، وراو ثقة

ISLAM ICBOOK.WS ين| ٢٠١٠ م لمسل احة لجميع ا مت ق لحقو ع ا جمي

Page 85: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

وزيرين: كتاب ال أخالق وحيدي : املؤلف الت بو حيان أ

ورد أبو طالب اجلراحي الكاتب بالري من العراق، ومل يكن يف عصره أنطق منه لسانا وقلما، وهو من بيت علي بن عيسى الوزير، فعرض نفسه عليه، فلما رأى بسطته ولسانه وخطه وطالقته ولطافته وأبوته

ظ منه، وضاقت الدنيا به، وعمل على أن يسمه، ففطن أبو طالب وكان فطنا، وصناعته، حسده واغتافطوى األرض، ووقع إىل آذربيجان، وصار إىل ملك الديلم املرزبان بن حممد، فعرف قدره، وبسط يده،

.وأعلى كعبه، ونوه بامسه، واستطال على ملوك النواحي مبكانهه ولؤمه ونقصه وسقوطه، وهكذا يفعل من انصرف من باب عزيز مث انظر إىل ما جر أبو طالب عليه خلست

ذليال ومن فناء موسر مذموما؛ وقد كان ميكنه اصطناعه وتقدميه وإكرامه واستخدامه بأسهل غرامة وأيسر مؤونة، وأهون مرزية؛ ولكنه حسده وأبعده، وليته مع ذلك زوده ما يوجب شكرا، ويكون بالغا، ويبقى

.ا وذكرا مجيالحديثا مأثورحدثين بأي شيء حتتج إذا : " ولقد كتب إليه أبو طالب بعد هذا احلديث كتابا قرأت فصال منه يقول فيه

طولبت بشرائط الرياسة اليت انتحلتها وأكرهت الناس على تسميتك هبا؟ أ تدري ما الرياسة؟ الرياسة أو خريه مدركا، وإحسانه فائضا، ووجهه مبسوطا، وكنفه يكون باب الرئيس مفتوحا، وجملسه مغشيا، و

مزورا، وخادمه مؤدبا، وحاجبه كرميا، وبوابه رفيقا، ودرمهه مبذوال، وخبزه مأكوال، وجاهه معرضا، .وتذكرته مسودة بالصالت واجلوائز، وعالمات قضي احلوائج

منه، وإحسانك منصرف عنه، ووجهك عابس، وبنانك فبابك مقفل، وجملسك خال، وخريك مقنوط ! وأنتيابس، وكنفك حرج، وخادمك مذموم، وحاجبك هرار، وبوابك كلب، ودرمهك يف العيوق، ورغيفك يف

منقطع التراب، وجاهك موفور عليك، وتذكرتك حمشوو بالقبض على فالن، وباستئصال فالن وبنفي .ط مرتبة فالنفالن، وبسم فالن، وبالدس على فالن، وحب

هل عندك أيها الرجل املدعي للعقل، املفتخر باملال، واملتعاطي للحكمة، إال احلسد والنذالة، وإال اجلهالة والضاللة؟ تزعم أنك من شيعة أفالطون وسقراط وأرسطوطاليس، أو كان هؤالء يضعون الدرهم على

باجلمع واملنع، ومطالبة الضعيف واألرملة بالعسف الدرهم، والدينار على الدينار، أو أشاروا يف كتبهم .والظلم؟ فيا مسكني استحي، فإنك ال مع الشريعة وال مع الفلسفة، وقد خسرت الدنيا واآلخرة

.هذا عقلك الذي خياطب الناس برفعك التراب على رأسك والسخام يف وجهكت الوزارة والسؤدد، ينربي ملعروفك، أ من كرمك وحزمك أن يفد عليك مثلي؛ رجل من آل اجلراح بي

وخيطب اخلدمة بني يديك، والقيام بأمرك وهنيك؛ حبظ ميسور، ونائل منزور، فتحسده وتبعده، وتخمله فمىت كنت أنت وآباؤك تستحقون خدمة رجل من آل اجلراح؟ ! وهتمله، وتواطيء على مسه وقتله؟ يا ويلك

وقفنا عليه؟ أ ليس أبوك كان قوادا، وأبوه كان نخاال؟ ها أنا قد انقلبت كأن بيتك بقم ما سألنا عنه، والعنك خائبا، أ فضعت وبرت وكسدت؟ ال واهللا، بل قيض اهللا يل ملكا من ملوك الدنيا حىت اشتمل علي،

Page 86: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

رتبتك، واهللا أكرم من ونظر بعني الكفاية إيل، وأهلين حملل زائد عن حملك، ورتبين يف حال هي أشرف من .أن يضيع مثلي أو يحوجين إىل مثلك

فبؤ اآلن خبساستك، والصق بالدقعاء ندما على فعلك، وثق بأن لساين وقلمي ال يزاالن يربيان عرضك، يا جاهل أنه -سترك، ويبعثان الناس على معرفة خزيك وسقوطك؛ أ تظن : وخيطبان بذمك، ويلهجان هبت

أنك قد ملكت الكمال، -أيها الرئيس : قدامك حاجب، وسار معك راكب، وقال الناسإذا ركب وسأشق النظم . اجملد أخشن مسا من ذاك! واستحققت خدمة الرجال، من غري إسعاف وال إفضال؟ هيهات

والنثر يف أكناف األرض مبا ينكشف به للصغري والكبري نقصك، وتزول الشبهة عن القلوب يف أمرك إن .شاء اهللا

.فهذا هذا. هذا أفادنيه، وكان شاعرا من آذربيجانلم كان يصرب أبو الفضل على ابن ثابت الكاتب اهلمذاين وهو آفة ونكال، ال حظ وال معرفة : قلت للخليلي

ألنه علم أن غريه ال يصرب على ذلك الرزق الوتح، واجلدوى القليلة، ومن : وال أدب وال صناعة؟ فقال :أجل ذلك قال مسكويه

يؤول إىل رأي وثيق املنابت... يقولون إن ابن العميد حممدا بطلعة منصور وحظ ابن ثابت... دعوه قد عرفت مكانه : فقلت

ومنصور هذا خادم رأيته، كان من أقبح الناس وجها كثري اهلذر، سيء األدب، وكان من قم من األحرار؛ : قال أبو الفضل حبكمته. احبه وويل نعمته بسبب هذا اخلادم للشهرة الفاضحة، والتهتك الشائعوملا ذمه ص

ما أصنع؟ واهللا ما وجدت يف هذه املدة ال يري غالفا مثله، وال بد يل منه، فليلم من شاء، واهلوى ال حيلو إال .مع العذل

زعم مع هذا أن أرسطاطاليس لو رآه لرجع عن آراء انظر باهللا إىل هذا احلكيم بزعمه، وامسع قوله، وهو ي .كثرية ببيانه، ولغير كثريا من كتبه مبشورته

أما املوسيقى فإنه ميوت مبويت ويفقد بفقدي، هذا وهو مل : وكان يقول بقحته وقلة اكتراثه وهتاونه مبن حولهينفتح مغلقه جزافا عليه أو على غريه؛ يقرأ حرفا منه على أحد من خلق اهللا، وما أوحي إليه به، وال جيوز أن

وإمنا كان يستجيز هذا القول يف املوسيقى خاصة ألنه مل يبق منذ دهر من يدل من هذه الصناعة على حرف .بتحقيق، أو يأيت فيها بوصف تام، لذهابه ودروسه

، وفقد الطالبني، وإعراض قد دخله الضيم، وغلب عليه الذهاب لقلة الراغبني -أبقاك اهللا - والعلم كله واملوسيقى من بني أجزاء الفلسفة فقد محله، ألنه ال يوجد علمه إال بعمل، وال يكمل . الناس عنه أمجعني

.عمله إال بعلم، والعلم والعمل يف صناعة واحدة قلما جيتمعان على التناسب الصحيحوهو يف املسودة، وقد رأيت ورقات منه وتقلت فمات سنة ستني " اخللق واخللق : " وكان يعمل كتابا مساه

ومل يكن الكتاب بذاك، ولكن جعس الرؤساء . حروفا كانت فيه أفادنيها أبو طاهر الوراق" البصائر " إىل .خبيص، وصنان االغنياء ند، وخنفساء أصحاب الدولة رامسنة

Page 87: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

وهناره وخافيه وباديه، وعن ابن العميد فقد حدثين عن ابن عباد، فإنك قد عرفت ليله: وقلت للغويري .اختبطت ورقه،وانتجعت صوبه

يف ابن عباد قحة مأبون، ولوثة مأفون، وهو ابن وقته معك، ونتيجة ساعته لك، ال يعرفك إال عند : فقال امتالء العني بك، وال يعطيك شيئا إال إذا أخذ أكثر منه منك، يشتري عرضك، وال يوليك حقك، ويبلغ

بلسانه ما ال يسمح لك بعشره من فعله، مث الويل لك إن أصبت يف كالمك، والويل لك إن أخطأت، على أن اخلطأ يعطفه عليك بالرمحة، والصواب حيمله يف معاملتك على احلسد واالنتقام؛ يريد منك أن ال تذكر

الوليد منك؟ وإن ذكر النحو أين مسلم بن : وإن ذكر الشعر فقل. فاضال عنده وإن ذكرته فضلته عليهفيك أعراق متواشجة من قس بن ساعدة، أو : وصلت إىل ما مل يصل إليه سيبوية، وإن ذكر البيان فقل: فقل

لو رآك النظام للزم بابك ومحل عاشيتك، : لعله كان يف قس عرقمن آبائك الفرس، وإن ذكر الكالم فقلحممد، وأبو يوسف عن هذا : عن هذا التحقيق والتدقيق؟ وأين صاحباه أين أبو حنيفة: وإن ذكر الفقه فقل

التطبيق ولتعميق؟ فأما اجلاحظ فما وزنه عند مثقالك؟ وأين شراره من نارك؟ وهل يسبح يف حبرك؟ وهل .لو رآك لرشاك، ولو شاهدك ملا انتسب إال إليك. يتطاول إىل مسائك

خيتاره له أن يكون من املختلفني إليك، ومن احلاذين على مثالك، وأما إبراهيم بن العباس الصويل فأحسن ماوأما الدواوين فالكلواذي يسلمها لك، ويتربأ من األعمال بسببك، ويطرح الرسوم القدمية . واآلخذين عنك

، ولو معك، ويأخذ فيما تبتدعه وتضعه، ألنه إن نازعك افتضح على يدك، والعاقل ال يلقي بيده إىل التهلكة .وثق أنك تقبل مصانعته لصانعك، ولو علم أنك تبقي عليه خلدمك

.وأما اخلط فابن مقلة وابن أيب خالد والرببري ومن تقدم وتأخر أعطوك الضمة فيه، وأظهروا لك االنقياد بهرة سريته ومن مناقبه يف مثالبه أنه يقنع منك يف مدحك بالنفاق، ويف ثنائك عليه بالرياء، ويف نص: قال

باحليلة، ويرضى يف هذا كله بعفوك دون جهدك، ومبا خيف دون ما يثقل؛ وليس كذلك ابن العميد؛ فإنه ال حيب أن متدحه إال بأكرم اخلصال، وأشرف الفعال، وأن يكون قولك عن عقد، ووصفك عن يقني،

ذلك كياد مخنث مجفو، وإخبارك عن تعجب، وتعجبك عن استبصار، واستبصارك عن معاينة، وفيه مع .وسفه ضرة رعناء، ومنيمة كنة سليطة

قصده : وحدثنا القاضي ابن عبد الرحيم، وكان خصيصا به، وقهرمان داره ومشرفا على غوامض أمره، قالشاعر يف بعض األيام ووصل إليه، وأنشده وأصغى إليه، وانصرف بأمل، وتردد على ذلك فلم ير ما حيب،

.لق يبوتع

صاحبه روبني أغلب الناس عليه، وأوجههم عنده، فلو لذت به رجوت لك، فلزمه وسأله الكالم : فقلت له .يف أمره، فوعده بذلكهذا الشاعر البائس قد مسعت منه شعرا، وأمسنت أمله، وهو : -يعين ابن العميد - قال روبني فقلت له

ت له بشيء كان أقطع لشغبه وأجلب لشكره، وأدعى إىل على ذلك يغدو ويروح ويشكو وينوح، فلو أمرالسالمة من عتبه؛ وهؤالء يردون اآلفاق، وهلم اإلحلاح والطلب والتذرع باللسان، والتوصل إىل كل حال

Page 88: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.بكل حيلةذا وإ. وما يريد؟ إن شاء اهللا أجبته عن قصيدته يف رويها بعدد أبياته وعروضه وأعيان معانيه، وأزيد: فقال

.وردت شعرا بشعر فليس علي بعد ذلك لوم وال أنا مقصر وال ظاملهذا مسج شنيع، والناس ال يقارون عليه، وال يرضون به ولو ذهبت أرواحهم وتلفت : فقلت له: فقال

.أنفسهمذلك، هون عليك، وأقلل من حديثك، فقد ضيعنا يف هذا ماال، وإنا بعد يف لذع احلسرة على ! يا هذا: فقال

ألن الشباب له عرام، ومل يكن يل يف تلك احلال جتربة، وال يقظة، وال معرفة حبق املال والقيام حبفظه إذا .حصل، والشغل جبمعه إذا انتقل، ونعوذ باهللا من احلور بعد الكور

ومجن عديل الروح، كمال احلياة، وقوام الظهر، وسرور القلب، وزينة العيش، - عافاك اهللا - املال احلوادث، وحبل اللذات، ومتعة اإلنسان، ومادة البقاء؛ ومن ال مال له ال عقل له، ومن ال عقل له فال حياة

.له، ومن ال حياة له فال لذة له، ومن ال لذة له فهو يف قبيل املعدومواعتذرت فوصلت الرجل من مايل بشيء . فعلمت أن بعد هذه اخلطبة ال يسمح بدرهم واحد: قال روبني

.إليه؛ وبلغين أن ذلك الشاعر مزق عرضه، وهتك سترهقد ! أيها الرئيس: ولقد شاهدت يف جملسه شاعرا من الكرخ يعرف مبويه، وكان جيد اللسان، يقول له

لزمت فناءك لزوم الظل، وذللت لك ذك النعل، وخدمت أملي فيك خدمة ناصح لنفسي فيما التمست من .الصلة واجلائزة

أمل احلرمان، ولكن مشاتة قوم صدقوين -واهللا - لك فيما أوفدت عليك من الثناء واملدحة، وما يب وفاتهمتهم، ونصحوين فاغتششتهم؛ بأي وجه ألقاهم، وبأية حجة أدافعهم؟ وهل حصلت من مديح بعد

فف الزم، مديح، ومن نظم بعد نثر، ومن رواح بعد بكور، ومن غسل أطمار وإخالق سربال، ومن تأ -واهللا - وضجر دائم إال على ندم مؤمل ويأس مسقم؟ فإن كان للنجاح عالمة فما هي، وأين هي؟ قد

طالت غيبيت عن أهلي، وعن السائلني عن حايل، يف هذه املعاملة اليت عاقبتها اخليبة بعد املطل، واحلرمان بعد عل اخلري واجلود والكرم جارية يف أسرارها ونابعة اإلطماع، والتحسر بعد الوعد؛ وقد بسط اهللا كفك، وج

ففض أيها الرئيس فإمنا أنت حبر، واسكب فإمنا أنت سحاب، واطلع فإمنا أنت مشس، واتقد . من جوانبها .فإمنا أنت جنم، ومر فإمنا أنت مطاع، وهب فإمنا أنت واجد، واهتز فإمنا أنت ماجد، وصل فإنك جواد

املخ قصيد واحلبل حصيد، . ك خور يف الطباع، وال نغل يف العرق، وال قدح يف األصلواللهما يقعد بوالزند وار، والفروة خضراء، والعود مورق، واملال جم، واألمر أجم، والسلك دقيق، والنسيج صفيق،

متثل، ألن أمرك على الفور، والطراز أنيق؛ وما هو إال أن تقول حىت تسمع، وما هو إال أن تأمر حىت يوحكمك ماض بالعدل واجلور؛ فما الذي يثين عزمك عن الكرم؟ ويفل حدك يف اجلود؟ ويقصر باعك عن اجملد؟ ويسد أذنك عن أحاديث غد؟ إن الذين تكره هلم ما هجوا به كانوا مثلك، وإن الذين حتسدهم على

نكبك أضخمهم سناما، وزد على من كان أكربهم كاهال، وأعالهم ما مدحوا به كانوا من طينتك؛ فزاحم مبفلما هبره هذا الكالم الشهي يف ذلك اجمللس البهي ! يفاعا، وأسطعهم شعاعا، وأزهرهم نارا، وأكثرهم زوارا

Page 89: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

زادة، وعن هذا وقت يضيق عن اإلطالة منك يف االست: شده وعله ومل يدر ما يقول، وأطرق هنيهة، مث قال .اإلطالة مني يف املعذرة؛ فإذا تواهبنا يف احلال ما قد دفعنا إليه، استأنفنا يف الثاين ما نتحامد عليه

هذه نفاثة صدر قد جوي منذ سنة، وفضلة لسان قد فدم منذ زمان؛ وقد تقدم ! أيها الرئيس: فقال الشاعرغادر، واحلال بعرض سوء، والشامت قد مشر للتأنيب، وال العمل، واجلزاء موقوف، والرجاء عليل، واألمل

صرب ملقل على مدل إال على وجه يحتمل؛ فإن رأيت قدمت املتأخر، وقربت املتأخر، وقربت الشاسع، وجعلت إجزال العطية يف تعجيلها، وإكرام طالبها يف تسهيلها، فال مانع إن مل يكن ذلك من سدة جد، أو

.تقاعس جديا هذا قد كررت العتب، واجتررت املالم، وما أستوجب هذا من أحد من خلق اهللا؛ ولقد نافرت : الفق

العميد بدون هذا حىت ثار من ذلك عجاج قامت، وانتهينا منه إىل قري عامت؛ ولست ويل نعميت فأحتملك، لم، ويبدد مشل الصرب؛ ولست ممن وال صنيعيت فأغضي عليك؛ وإن بعض ما قررته يف أذين ملما ينقض مرة احل

يطيش ألدىن سانح، ويتطير ألول بارح؛ واهللا ما دعوتك إيل، وال أغريتك يب، وال سألتك تقريظي، وال أتعبتك يف قصدي؛ وإن الظلم منك، وكذاك العتب منك؛ وأنا على كل حال مايل؟ فال جتمع بني الظلم

ذ نفسك بالنزاهة والعفاف فإهنما ال يقفانك هذا املوقف، وال يعرضانك والتظلم، واجلناية والتجني، وخعلى هذا اجمللس، ورزق اهللا منتاب وغاد، واطلب الغىن منك فإنه عندك أكثر منه عند من تظلمه وهو مل

.يظلم، وتعاقبه وهو مل يجرمتك، وال اجتررت املالم حىت خانين ما كررت العتب حىت أكلت النوى املحرق يف انتظار صل: فقال الرجل

.صربي يف توقع جائزتك؛ والغضين إذا مطل ظلم، والواجد إذا لوى أثم، واجلواد إذا منع ليمولعمري ما دعوتين إليك، وال أغريتين بك بكتاب خصصتين ورتبتين فيه، وال سألتين تقريظك، وال أبغيتين

ن ملا جلست يف صدر هذا اإليوان بأبهتك وعظمتك وكربيائك يف قصدك برسول أرسلته إيل؛ ولكال خياطبين أحد إال بالرياسة، وال ينازعين أحد يف حقوق السياسة؛ فإين كاتب ركن : وجبروتك؛ وقلت

فقد أهبت الناس إىل بابك، وأغريتهم خبدمتك، - الدولة، وزعيم األولياء باحلضرة، والقيم مبصاحل اململكة فأنا ذلك . يف مالك، وكأنك قد خاطبتهم بلسان احلال، وإن مل تكن خاطبتهم بلسان املقال وأطعمتهم

السامع برياستك، والشاهد بفضلك، والراغب يف خدمتك، والراجي خلريك؛ مسعت فأجبت، وحضرت فمدحت، ووقفت أثنيت؛ وأصغيت فقبلت؛ وأديت فاستحسنت؛ ومل يبق بعد هذا كله إال أن ال يكون

طاؤك حرمانا، وال جودك انتحاال، وال فتوتك اقتياال، وال ماؤك سرابا، وال جودك ضبابا؛ وال خدمتك ع .مندمة، وال احلاصل من معاملتك مظلمة

وإن الرجل احلر مىت علم أن صاحبه لئيم الطباع، خسيس اخللق، مرقع املنصب، ملبوس احملتد، وأن اهللا ادن الرزق، وال من أبواب النجاح، فإنه ال يطمع فيه، وال يتواضع له، وال يعده فيمن تعاىل مل جيعله من مع

يعد، وال يشغل لسانه مبدحه، وال يعق أمله بقصده، وال يضيع قوله يف وصفه؛ بل يرى أن اقتحام اجلمر، .وسف التراب، ونزع الروح أهون من ذاك وأعز

Page 90: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.مذيال له، ومشتريه مهينا لقدره، ومماكسا فيهولعن اهللا األدب إذا كان بائعه .وتقوض اجمللس، وقام الناس، ونصرف الشاعر

.فحدثين مشسويه أنه طلبه بعد ذلك ليصله، فرجع إليه أنه ذهب بني مسع األرض وبصرها .وسألت اجلرجاين عن ابن عباد وابن العميد

ال فائدة يف نشر لؤمهما وخساسة طباعهما؛ بلغ من فلسفة ما يبينان بكرم كبري، وفعال مشهور؛ و: فقالهذا أنه أمر بقطع لسان رجل شتم بلد قم غضبا لبله، وتيها بوطنه، وشد آخر يف داره إىل شجرة وما زال

انظروا إىل هذا الذي قلنا إنه أعقل : يضرب إىل أن مات، وطرحه يف جوبة حىت أكلته الكالب؛ فقال صاحبه .الناس

.حدثين هبذا اهلروي

هو ابن سجب ليس عنده إال القال والقيل، والكرب - كما قال أصحابنا - وكان ابن عباد : مث قالوالتخييل؛ حيب العامة ويرفع نفسه عنها، وحيسد اخلاصة وجيعل نفسه منها، ويستطيل بالعلم وهو قريب

حرفا من منطهم، ويتحلى بالعدل والتوحيد، قوال القعر فيه، ويدعي الرد على األوائل وهو ال يعرفويتحلى باجلور فعال، ويتشبع باألدب وهو سيء األدب؛ يتهكم بلسانه مستطيال، ويتقحم اجلراثيم مستهينا،

لو وقع عليه اخلصم جلرده للناس، وأظهره للصغار والكبار، لكنه يف خفارة جده، وحصن دولته؛ على أن قد نقدوه وهبرجوه وتركوا التعامل به، وإمنا هو وميض برق وهبوب ريح، وخفق راية؛ قإذا قرت اجلهابذة

األمور قرارها، وعطفت الفروع على أصوهلا ألفيته مطرحا مع نظائره، خامل الذكر، وضيع القدر، قصري .الشبر، مهتوك الستر

غزير اإلنشاء، جيد احلفظ، ومل يكن له يف كتابته ومجلة األمر أن ابن العميد كان حسن الكتابة،: قال .حساب وال حتصيل لوجوه األموال، وال معرفة بالدواوين، ولكنه كان بفضل الكيس يتأتى له ويتلطف

:وله شعر صاحل يف الغزل واملعاتبة؛ وألنه مشهور ال طائل يف روايته، ومن ذلك قوله: قال ا به يذوبيكاد مم... قلبي دام به ندوب

فنم مين به الوجيب... قد كنت أخفي الوشاة جهدي عليه من قلبه رقيب... فهل مسعتم مبستهام

ما هكذا تفعل القلوب... يعمد ما ساءين ضرارا كأنه شادن ربيب... يقتادين للصبا غرير

فهو ألحكامه نسيب... جرى مع الدهر يف عنان وكل مكروهه قريب... وبه بعيد فكل حمب

ناكده الدهر واحلبيب... وكيف يرجى بقاء صب .وكان ابنه أبو الفتح أشعر منه وأحسن حظا، واستفاد بدخول بغداد شيئا فات والده

وإمنا غرم وكان لذلك يغمز على البغداديني ويتعنتهم، وكان نزر العطاء شديد املنع ال يقبل صنفا من الناس،

Page 91: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

لقد : شيئا يسريا على العامري، ألن العامري خدعه وطاله وصبغه ودخل من باب غامض عليه وقال. قصدتك من خراسان ألقرأ عليك علم احليل وجر الثقيل، ومراكز األثقال، وهو يف أواخر علم اهلندسة

ضاع عمري ومل أوفق لرشدي : ول لههبذه الدعوى وخبالبته أيضا، وبعصر عينيه عند مساع كالمه، وكان يق .يف أول أمري، ولو وفقت لوقعت إىل كنز علمك وروضة بيانك قبل هذه السنني

لست يف قراءتك جر الثقيل علي بأحوج مين يف قراءة اإلهليات عليك، : وملا رآه أبو الفضل على هذا، قال .قل إىل مصادهفإنك يف هذا الفن حبر ال يتغلغل إىل قعره، وجبل ال يتو

.وكان هذا تساخرا منهما، وتكاذبا بينهما، ألهنما كانا ال يعرفان من هذين العلمني ال قليال وال كثريا .وما ينقضي عجيب من تكاذب العقالء، ومن جتاذب اجلهال

.وخب هذا اإلنسان خب فائت، واإلحاطة به ممتنعةالدولة، وكان ميده من ناله، ألنه حمد يف طبه الذي كان يتكثر به بعد وأما اهلروي فإنه ارتبطه بأمر ركن

.هندسته اليت كان فيها أبرع، وهبا أعرفوأما مسكويه فإنه اختذه خازنا لكتبه، وأراد أيضا أن يقدح ابنه به، ومل يكن من الصنائع املقصودة واملهمات

ا ال يقنع به إال من ال نفس له وال مهة، وكان حيتمل ذلك لبعض الالزمة؛ وكان أيضا ما يقيم عليه شيئا نزر .العزازة بظله والتظاهر جباهه

.وأما ما تكلفه أليب جعفر اخلازن فإنه كان ألسباب طويلة؛ منها أن ركن الدولة أعظمه، فلزمه أن يقتدي به .ومنها أنه طمع يف اقتباس علمه

أمره، والناس حيسبون ما يأتيه يف بابه، ألنه وقع إىل الري مع صاحبه ومنها أن العيون كانت تنظر إليه يف .الصاغاين أيب علي حني طلب األمان، واحلديث معروف

.فأما ابن فارس فإنه استخدمه ليعلم ولدهوأما ابن أيب الثياب البغدادي فإنه قربه ليسترق منه املنطق، فلما علم بذلك أبو حممد نفس مبا معه،

كان سيء االنبعاث يف هذه الفنون، وكان شديد التشبع هبا، : كيف تعاصيت؟ فقال: كاسل؛ وقيل لهوت .يحب أن خيتلس احلكمة، وميتهن أرباهبا بفضل املقدرة

:وأنشدين يف هذه القصة

يرى كل ما يجري مبكروهنا فرضا... إىل اهللا أشكو ريب دهر كأنما لئيم ونفس احلر بالذل ال ترضى... أذل ملوسر يؤمل مني أن

.أنشدين ابن أيب البغل لنفسه: ملن الشعر؟ قال: قلتوأراغه أبو الفضل على املنادمة فأنف، وما زال يترصد وقتا ينفلت فيه حىت كان من أمر ابن العميد ما كان

.البالد إىل بخارى، وويل هبا الربيد إىل أن قضى من خروجه إىل أرجان، فطوى فجاج األرض، وجابوأما أبو طاهر الوراق فإنه رتبه يف النسخ، وكان قوي اخلط كثري الصرب على النقل، ومل يكن من الصنائع

.وال من محلة النعمة، وال ممن يطالب باحلمد ويبعث على الشكر

Page 92: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

الكالم جافيا جاسيا مقيتا، وكان وزر بأذربيجان جلستان، فأحب وأما ابن بندار فإنه كان فدما غليظا، غليظ .أن يري من نفسه أنه على مائدته من وزر

فأين الصنائع واملداح؟ وأين املنتجعون والزائرون؟ وأين من مر به حمتاجا إىل زاد ونفقة فطلبه وقربه، وأعطاه فإنه وقف ! ما معه واقتبس مما عنده؟ سقى اهللا ابن عبادووصله، وأضافه وأكرمه، وتصفح ما معه واقتبس

نفسه على الغرباء وطلبهم بأكثر مما تعرضوا له، وسأل عنهم بأكرب مما رجوه فيه؛ ولوال أنه كان يفسد هذه األفعال بالرقاعة والتخيل والعجب والتطاول، وذكر الطعام واملائدة، وما يعطي ويهب، لكان قليله أكثر من

.ذاك، وصغريه أكرب من كبريه؛ ولكن لكل حسن مقبح، ولكل عزيز مذلل، ولكل جديد مبلقليل قال يوما لصاحب طعامه حدثين عن هذا اخلبز املكسر على الطبق، : وحدثين ابن عبد الرحيم القاضي قال

ابتدأ هذا القول ما تصنعون به؟ و -وامللوث، وما تتجاىف عنه األيدي، وما يصيبه اللحم واملرق والثريد .وهو يف جوف خركاه، وظن أن ال أذن هناك

ندسه يف حر امرأة من : فقال له الرجل يف جوابه، بعد أن تكرر قوله، وقد حال عن مزاجه لغيظه يف سؤاله .يسأل عنه

.وهذا بالفارسية قاله، وهذا تفسريه: قالعلى سواده، وأن اخلطأ منه يف أفحش من اخلطأ فانكسر واخنزل، وعلم أنه قد باء باخلزي، وعاص: قال

.عليه يف اجلواب .أنت جمنون، اخرج ال بارك اهللا فيك: فقال له

واملوت هبذا الرئيس على اخلشبة صلبا أحسن من هذا احلديث؛ وكان الرجل من فرط . وهذا كما تسمع .كيسه ال يقع إال مكبوبا، وال يذكر إال مسبوبا

وشؤمه أنه قتل من أكل عنده؛ وذلك أن أبا احملاوش ورد إىل الري، وكان بدويا، أو من ولقد بلغ من لؤمههذه املزالف متباديا، وشهر بشدة الضرس وكثرة األكل، وتكرر حديثه عنده، وما وصف به من طيب

خلبز واحللوى، كالمه، وحسن وصفه للقدر والطبيخ واأللوان، فدعا به، وتقدم بإحضار شيء كثري من افاكتسحه كله، وطلب الزيادة، وكشر أبو الفضل يف وجهه، وأظهر استمالحه على تقفؤ فؤاده ونار

اكثر عندنا واقترح ما يف نفسك على صاحبنا : صدره؛ مث وهب له دريهمات وخريقات ومشلة؛ وقال .فكان املسكني حيضر يف الفرط، فيطلب شيئا ويأكل وينصرف. املطبخي

ال ذلك على أيب الفضل، واغتاظ منه، وغلب طباعه، فقال لصاحب مطبخه، امجع هذا الذي يقال له فطاللكات اليت قد أخلقت وتقطعت، وقطعها صغارا كالبنادق، وقدمها إليه يف عجة وافرة، بيض كثري، وسمن

أقبل أبو احملاوش عليها وتذرع يف وافر، حىت ننظر إىل أكله، وهل يفطن؟ وإمنا كان كيدا، ففعل وأحضر؛ وأكلها، وأعظم اللقمة، ودارك الرفع والوضع، ووجدها وطية ناعمة، فلما أقلع عنها وانصرف، وشرب املاء

.وجاء وقت الثلط، انقد بطنه فخرج فيه نفسهع إىل النذالة قلة الدين، وهذا الفعل جيم. فهذا ملا تكرم باإلطعام، وحث على األكل، ورغب يف الرغيب

.فالويل مث الويل له. وإىل اللؤم سخف العقل

Page 93: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.جاءكم أسد الغريف على الرغيف: وكان إذا رأى ابن بندار يقولوالري جادة الدنيا، ومنهج املشرق واملغرب واجلوالني يف اآلفاق، فكان يكثر أهل االنتجاعمن كل صقع،

.مقيل ساعة وال مبيت ليلة، وال زاد مرحلة وال هشاشة وال بشاشة فلم يكن ألحد منهم عنده

وقد اجتاز به أبو إسحاق الفارسي، وكان من غلمان أيب سعيد السريايف، وكان قيما بالكتاب، وقرض م والرم فما الشعر، وصنف وأملى وشرح، وتكلم يف العروض والقوايف واملعمى، وناقض املتنيب، وحفظ الط

.زوده درمها، وال افتقده برغيف بعد أن أذن له حىت حضره ومسع كالمه وعرف فضله، واستبان سعتهوكيف يرجى خريه، أو يؤمل رشده، أو يساق طمع إليه، أو يوفد ثناء عليه، أو يشام له برق، : قال اخلليلي

سعى يف أول أيامه، حىت تربأ منه ذلك الشيخ وهرب إىل خراسان، أو يقطع دونه خرق، وقد عق أباه، و .واستكتب هناك، ولقب بالعميد

.وكتب إىل القاضي أصبهان كتابا برئ منه فيه .وأما أروي قصته يف هذا املكان ليكون أذهب يف العجب

وعرف صاحبه مكاهنا، وخط وكان عقوقه يف وجه عجيب؛ جاء إىل ذخريات يف مواضع ووضع يده عليها،خطوه عليها، وزوى ذلك كله عن شيخه وعن مجيع كم كان له فيه نصيب، إما حبق اإلرث أو حبق اهلبة،

.حىت قامت قيامة ذلك الشيخ، فدعا عليه، وفضحه عند الناس، وبرئ منه، وقدح يف والدتهبقاه، وأدام نعماه، أجل حمل من مواهب اهللا فيه بسم اهللا الرمحن الرحيم القاضي، أطال اهللا: والرسالة

وعوائده عنده، يف الدين والدنيا والعصمة واخلري والفضيلة، وحسن التأيت يف كل فضيلة، ومجيل اللفظ يف مجيع احلكومة؛ ويل يف الشكوى إليه ومباثته، وذم الزمان عنده واالستعداء عليه لديه، استراحة وختفيف

بالوالد والعم، واثق بأن نصييب من -كان - فرج من حرج الصدر؛ وأنا املتمسك به متسكي للثقل، وت .شفقته تام، ومن مشاركته وافر، واهللا ال يعد منيه، وحيفظين مبواصلة النعم عنده إليه بقدرته

وأصعبها داء، وأعزها دواء، ما ضروب، والندوب فنون؛ وأعسرها برءا - أعز اهللا القاضي - والكلوم جرحته يد القريب، وجلبته أفعال األهل؛ فإن ذلك يصل إىل حبة القلب، وصميم الفؤاد، ويصري قذى يف إنسان العني، وشجى معترضا يف احللق، ويتراكم على األيام، ويتثكاثف على الدهر، فيكون نكء القرح

املمنو، وشكا اململو غيظا وحنقا اجتمع إليه من عشريته وأسرته شيخ ضعيف، أو بالقرح أوجع، ومىت تنفس مث رويت . طفل صغري، أو امرأة باكية، أو عورة بادية، أو ذو قرابة؛ فاستغفر هذا واستفصح، وسأل وتشفع

وجترع هذا املظلوم الغيظ أخبار يف قطيعة الرحم، وعدت آثار يف صلة القرىب، فضاق النفس، واشتد احلنق، وصرب، وأنف واحتمل، واحتسب وعفا وغفر، والشر عتيد، والبالء يزيد، والطبع أغلب، والعادة ال تنزع،

.واجلاهل يقلعفهل دواء هذا، إذا اتصل وطال، وامتد وتتابع، وزاد وتضاعف، إال الصرمية واإلعراض، والقطيعة

.شتهيه النفس تعجيل الفراقواالنقباض؟ فدواء ما ال تذلك املآلن املغتاظ الذي قد عيل صربه وضاع حلمه، وضاقت نفسه، -جعلين اهللا فداء القاضي -وأنا

Page 94: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.وقرح قلبه، ونضجت كبده، وقلت حيلته، وعظمت بليتهوعقين وخالفين، وهذا اجلاهل ابين، وما هو بابين، من انتهى يب إىل هذه الشكوى، وقصدين هبذه البلوى،

وبغى علي وباغضين؛ وارتكب معي ما ال حيل، بعد أن ربيته صغريا، وأعززته كبريا، وأوليته مجيال، وأمليته جسيما، وصنته شديدا، وحطته دهرا طويال؛ وخضت دونه األهوال، وقاسيت يف محايته األغوال؛ أجمه

وأذل، وأغترب ليقيم، وأنعمه وأشقى، وأحتمل عنه لريضى؛ فما يعرف يل وأتعب، وأقلده وأتعطل، وأعزهأدام اهللا -حقا وال يتأتى، وال يرعى ذماما وال يهدي، ويتهنأ متعرضا مستخفا يب، ولو أمنت مالل القاضي

وإيل منسوبة، أن لعددت مقاحبه، وذكرت مساويه، ووصفت ما يرتكبه من عظائم، هي به متصلة - أيامه .أفزع من يسريها، وأجزع من قليلها، وال أحب أن أراها وأعاينها يف جار أو قريب

وقد زجرت ووعظت، وقلت وراسلت، وكاتبت وشافهت، وعاتبت وخاطبت، وشددت وهولت، ورغبت ثر، وجرائره وأوجعت؛ وضربت األمثال، وذكرت السري، وخوفت وحذرت، فما انتفعت؛ وجرائمه تك

.تغلظ؛ وال فضل يف، وال احتمال معي، وال بقية لإلغضاء عندي

وغرضي يف هذه املخاطبة، ومغزاي من هذه الشكوى واملباثة، أن يشهد القاضي أين بريء منه، قاطع له، س مني وال إيل، قد عادل عنه، غري راض بقوله وال فعله، نازع ما ألبسته من بنوة، مطرح له دينا ودنيا؛ لي

تبرأت منه وصرمته، ووكلته إىل اختياره، ورفعت عنه يدي، وأسلمته إىل اهللا ليأخذه حبقي، ويقبل به دعائي، .وال حيفظ عليه ما مل حيفظه علي

وهذه شهادة يل عند القاضي . اللهم امسع واشهد، وكن حسيب الظامل، واحكم بيين وبينه، يا خري حاكم .وكفى باهللا العلي شهيدا) يوم يقوم األشهاد(كما حيفظ إليه من حقوق عمله، فإني مطالبه هبا حيفظهارسالة تدل على قرحة دامية، وعني باكية هامية، ونفس قد وهلت عما حل هبا؛ وإن - أبقاك اهللا -وهذه

لتألم، لغالم سوء، واهللا أكرم من أن حيربه يف الدنيا، غالما يحوج أباه إىل مثل هذه البراءة والشكوى منه وا .وأن يسعده يف اآلخرة

وكل هذا دليل على أنه عار من الديانة، سليب املروة، وقد رضي بظاهر حاله وإن مل تدم له، وهلا عن عاقبة .أمره وإن مل ينج منها

كنت : ا، وقد جرى ذكر ابنه أيب الفضل فقالكنت عند العميد ببخار: وحدثين أبو العادي الصويف قال .واآلن فقد حتقق عندي ما كان يريبين منه؛ فإن اإلناء رشاح مبا فيه. أشك يف والدته قبل هذا

بسم اهللا الرمحن الرحيم وصل كتاب : مث أفادنا محزة املصنف جواب القاضي للعميد، وذلك أنه كتبعليه كرامته، وأدام له نعمته وحياطته؛ وأنس وصوله، وأوحش حمصوله؛ العميد، أعز اهللا جاللته، ووفر

-منبئا عن قرائح صدره، وجرائح فؤاده؛ وقد - ويعز علي أن أقرأ كتابه بعد عهد دارس ودهر متقادم م إىل حظه، يف فيئة هذا الغال" زاد عجيب من هذا احلديث كله، وشركته يف مجيعه، وسألت اهللا الل -واهللا

ونظرا إىل قلب قد أضرم فيه نار العقوق، وأفرج لوازم احلقوق؛ فإنه إذا وفق لذاك كان فيه صالح معاشه الذي هو عاجلته، وسالمة معاده الذي هو آجلته؛ هذا مع الذكر اجلميل الذي ينتشر له، وبركة دعاء

Page 95: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.شيخه إذا عادت عليهمبا إن هدي لرشده ووفق حلظه غبط واغتبط، وإن كثر منه اللجاج - هللا أكرمه ا -وقد كتبت إىل الفىت

واحملك خبط واختبط؛ واهللا يفتح بصره، ويأخذ بيده فيعلم ما يف الرباءة من البنوة والتعري من األبوة من .اهلجنة الشنيعة والفضيحة الفظيعة

العتاب، حىت كتبت إىل أيب احلريش، وسألته إحضاره ومل أقنع بالكتاب، ومبا تصرفت فيه من لواذعومناظرته، واستخراج ما عنده مع التهجني الشديد، وشوب ذلك بالوعد والوعيد، وغالب ظين أن تلك

القسوة حتول رقة، وتلك الفظاظة تعود لينا؛ ولو كنت يف مقره، أو كان يف صقعي لكان يل يف هذه القصة تقاعس وعظي عنه، ونبا - وعائذ باهللا -دين عليهما العميد، ولكني منه بعيد؛ وإن جد وانكماش حيم

نصحي دونه، بعد التلطف واالجتهاد، فاألسى واألسف أعز من أن يرسال وراءه، أو يقاما إزاءه؛ والولد قد عزيز مائتا، ولعل العتب ميوت بارا ويفوت عاقا، فليطب قلب العميد عنه فائتا، كما تسلو النفس عن ال .يسفر عنه مبا يسر منه؛ فللزمان يف تقلبه غرائب، وللدهر يف تصرفه عجائب

وأنا أسأل اهللا أن ال يخليين من العميد عمدة، وال يريين فيه ومنه سوءا وغمة؛ ورأيه يف مواصليت بكتبه .متوقع مشكور، وأنا عليه حامد شكور - ليفه املتحملة بره وتفضله مبباثيت وتصريفي على تكا

ساقط يلقب بكله، وهو كناية عن شيء قبيح على زعمه، كان خناال يف -مع هذا - وجده : مث قال اخلليليسوق احلناطني، أو محاال أو منقيا، وكان حيرس السوق أيضا بالليل، والعرق ال ينام وال بد من أمارة يف

، كما ال بد يف الفرع من إشارة إىل األصل، واألصل والفرع متشاهبان، إال أن هذا اخلايف ينطق عند الفرعلكل إناء رشح، ولكل سقاء نضح، : ذلك البادي، وذلك البادي يشهد له هذا اخلايف؛ وهلذا قالت العرب

.ولكل شجرة سوس، ولكل دوحة عيصلفضل جتده غضبان من غري مغضب، شنج األنف متخازر الطرف، كالح الوجه، وكنت إذا نظرت إىل أيب ا

"كأنما وجهه باخلل منضوح "

كأنه يعافك أن تنظر إليه، أو يتقزز منك إذا كلمك؛ يتجعد عليك قبل أن تالطفه، ويردك قبل أن تسأله، ه، ويسفك دمك إن أكلت خبزه؛ والويل ملن أعرب ويؤنسك قبل أن ترجوه، وحيرمك قبل أن متتري معروف

.عنده، واستمر يف كالمه معه، أو ختير لفظة له، أو نشر أدبههات ! وكان يقول ملن يراه بارع اللفظ، خفيف الروح، لذيذ احلديث، خفيف اللسان؛ يا قس بن ساعدة

.حتفل بنظارتكال ! حديثك، يا سحبان وائل مر يف هزارك، يا سعيد بن حميدكل هذا هبزء وسخرية وهتافت وكشر عن ناب أقلح، ومضغ للكالم، ويل الشفقة والشدق كأنه ثلج جامد،

.أو شيء تارز :وهلذا قال ابن أيب الثياب

وطبعك طبع املوت يورد يف اليبس... أبا الفضل ال يف اجلن أنت وال اإلنس .فهذا هذا

Page 96: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

جملسه ذات عشية يف شهر رمضان مع الفقهاء والزعيم ابن شاذان، وهو على القضاء؛ فلما وحضرت كادت الشمس تجب وهي حية بعد، وقف حاجب له حيال اجلماعة، وأشار بالقيام واالنصراف، فقطعوا

ربي يف كساء منت مسألة كانوا فيها وتركوها بتراء، وتبادروا إىل اخلروج من الباب؛ وقعد عنهم شيخ ط .عليه خلق

قم يا شيخ والحق بأصحابك، ما تأخرك عنهم، وملاذا أنت الزم مكانك من بعدهم؟ فقال : فقال له احلاجبهذا فضل من الكالم، أنا رجل غريب قدمت اليوم من بلدي، وحملي من العلم قد بان يف هذا : الطربي

ا هو املساء، وأنا صائم، وإن خرجت أعجز عن مصلحيت يف املشهد العظيم الشرف، الكبري الفائدة، وهذهذه العشية، والغريب أعمى، ولست أعدم ها هنا، إن شاء اهللا، ما يمسكين إىل غد، مث أغدو إىل شأين وما

.ال بد منه لغريب مثلي يف بلد الغربةمعك يصدع، وأقبل بغضب، أنت طربي وليس يف قلنسوتك حشو وال قطن، والكالم: فقال له احلاجب

وجذب يده بعنف حىت أخرجه من اجمللس بعد أن شتمه وخبث القول له، ووكل به من ألقاه وراء الباب .مدفوعا يف ظهره، مدقوقا يف قفاه، مشتوما يف وجهه

وهو يسمع وكل هذا بعني الرئيس اخلسيس ومسعه، ألنه كان هبيئته يف صدر جملسه على حشية قد استلقى، .ويرى، فما قال يف ذلك كلمة سوداء وال بيضاء

ما جنايتك وما الذي ! يا شيخ: فلو شاهدت البائس الطربي على الباب، وقد احتوشه املارة يقولون له .ذنيب أنين طمعت يف عشائهم، ورغبت يف املبيت عندهم، وأن أكون ضيفا نازال هبم! يا قوم: دهاك؟ قالأنت جمنون، لقد ختلصت بدعاء والدتك الصاحلة، وسلمت سالمة عجيبة، أتطمع يف : ل منهمفقال له رج

طعام األستاذ الرئيس، وإبليس ال حيدث نفسه هبذا، والشياطني ال يقدرون على ذلك؟ ولقد أراد أن يطير .ابنه من رأس اجلوسق ألنه طلب زيادة رغيف يف وظيفته

ل يف تلك العشية من نوادر العامة، وسخافات احلشوية من ضروب الكذب وصب على هامة أيب الفضوالصدق ما ال يحصل؛ وللرازيني جرأة على الكالم، وخترق يف النوادر؛ ومن ذا الذي رد أفواه الغوغاء

" ل يخنق الشقي بكل حب" واألوباش؟ ولو افتدى من هذا كله برغيفني وقدرة لحم لكان الربح معه، ولكن .

ال تنظر إىل نقاء الثوب، وحمرة الوجه، وفراهة املركب، وإىل الضفف واحلشد، واخليل : قال اخلليلي مرةاملسومة العتاق، ولكن انظر إىل عرض الرجل كيف هو؟ وإىل الشكر له كيف هو؟ وإىل درمهه من أين

ت مصلى الرئيس أو خمدته أو دواته تذكرته، وانظر فيها، فإن وجهه وإىل أبن توجهه؟ واجهد أن تسل من حتيتفقد فالن بكذا، أو يسأل عن فالن لينظر يف مصلحته، ويحمل إىل فالن شيء من : كان قد كتب خبطه

رب احلنطة وشيء من الذهب والفضة، ويوفد فالن على فالن ليصيب خريا، ويوىل مجيال، ويقلد فالن لينجقليال، ويعفى عن فالن وإن كان عظيم اجلرم، ويستصلح أمر فالن وإن كان قد سد طريق ذلك، ويكلم

.األمري يف باب فالن حىت جبدد الرضا عنهفإن كانت التذكرة مشتملة على هذه وأشباهها، فاعلم أن اهللا قد استخلف صاحبها على عباده، وجعله

Page 97: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

وإن كان على غري هذا، فاغسل يدك منه باألشنان البارقي، وال تحجه بأملك، منارا للمحتاجني يف بالده؛ :وما أجود ما قال القائل. وال تقدسه بثنائك، وال تعص ربك حبسن ظنك فيه، وعده يف املوتى

عددناه من املوتى... من ضن مبعروف

ومن سوف ومن حتى... فكانت راحة منه فعل ابن العميد بالشيخ الطربي إال فعل من خذله اهللا وأسلمه من يديه، ومل يؤهله -أبقاك اهللا - ون فهل يك

خلري يجزى به ويكون هو سببا لتمامه؛ وهل هو إال فعل ن يف أصله خبث، ويف منشئه دخل، ويف طباعه يان الذي هو باب الكفر الذي هو خسة ولؤم، مع قحة الوجه، ونذالة النفس، وقلة االكتراث، والطغ

.خسران العاجلة واآلجلةوقد كان يمكن أن يدبر ذلك الشيخ البائس بأقرب شيء وأسهله، ولعله كان عند اهللا أبر منه وأزكى؛

وكان يتقي أن يثىن عنه مثل هذا احلديث الذي مسموعه يغيظ، فكيف مشهوده؟ وإن طينة تكون مبلولة موضوعة يف هذا اهلواء، مذكورة هبذه األفعال واألمساء، أعتقد أن للكلب والقرد واخلنزير مزية هبذا املاء،

.عليهاهذا، وهو صاحب املال اجملموع، والذخر الكثري، والضياع الفاشية، والصامت الواسع؛ مع االقتطاع

ج، وكان ارتقاعه يزل عن واالحتجان، والسرقة والبهت؛ كان ورقه يف ألف ألف درهم يردها يف اخلرا :وفيه قال ابن عبدان اإلصفهاين. احلساب ويفوت التحصيل وما فيهم سوى نذل خسيس... االستاذون يف الدنيا كثري فدا األستاذ سيدنا الرئيس... وكلهم أرواهم عن قريب

فيسفما هو بالرئيس وال الن... وسيدنا الرئيس فداء كلب والعجب من خبل هذا الرجل ونذالته، مع تفلسفه، وتكثره بذكر أفالطون وسقراط وأرسطوطاليس وحمبته

هلم، مع علمه بأن القوم قد تكلموا يف األخالق وحددوها وأوضحوا خفاياها، وميزوا رذائلها، وبينوا نيا، والقناعة باليسري من حطامها، وبذل فضلها، وحثوا على التخلق هبا، وساقوا ذلك كله على الزهد يف الد

الفضول منها للمحتاجني إليها واملنتجعني بسببها، واالقتصار على ما متاسك به الرمق من مجيع زخارفها، وحتصيل السعادة العظمى برفض الشهوات القليلة والكثرية فيها، واإلحسان إىل الناس وغري الناس بغري

طلب جزاء وال استحماد؛ كأنه مل يسمع مبا قال عبد امللك بن مروان، أو مسع، امتنان وال اعتداد، وال .ولكن محق عبد امللك عليه، ومل يعلم أن الصواب فيما قال، واحلزم مع ما اختار

ما لك والبن حرثان حيث يقول : قال عبد امللك ألمية بن عبد اهللا بن خالد بن أسيد: حكى العتيب قال :فيك وليث حديد الناب عند الثرائد... تف العصفور طار فؤاده إذا ه .يا أمري املؤمنني، وجب عليه حد فأقمته: قال .كان احلد أبين، وكان زعمه أهون: فهال درأته بالشبهات؟ قال: قال

Page 98: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

واهللا . ن كالمهم باق ما بقي الدهرأحسابكم أنسابكم، ال تعرضوها للجهال؛ فإ! يا بين أمية: قال عبد امللك :ما يسرين أين هجيت مبثل هذا البيت وأن يل ما طلعت عليه الشمس

وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا... تبيتون يف المشتى مالء بطونكم :وما على من مدح هبذين البيتني أن ال يمدح بغريمها، ومها لزهري: مث قال زإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا... إن يستخبلوا املال يخبلوا هنالك

*** وعند املقلني السماحة والبذل... على مكثريهم حق من يعتريهم

فإنه كان " خبلوا يستخبلوا املال ي: " استفدنا من رواية هذا الشيخ أن هذا اخلليفة روى: قال األندلسي .ولكل وجه، ولكن األنس هبذه الرواية أكثر" يستخولوا املال يخولوا : " عندنا

وصدق عبد امللك يف مناقلته حلرثان، ودل على الكرم املنافس عليه، وهنى متابعة اهلوى وقلة املباالة، وسوء واهللا ألتعرضن جلناية أضرب عليها ألف سوط فيصح : " لالنظر يف العاقبة؛ وإن بعض الفتيان البطالة إذا قا

ألعذر عند الناس ممن يتعرض حلرمان خمتبط ملعروف، ومنع ملنتجع خري، وإساءة قرى " عند الفتيان صربي .طارق، وتكليح وجه يف وجه سائل

ولكنه إذا زل ! ر فريه كيف أحبدع الشاعر فليقل ما شاء، ودع الزائر فليف: وما أسهل قول اإلنسان !القول، وطار احلديث، ومتت النادرة، فأين املتدارك؟ وأين املعتذر؟ وأين املتاليف؟ هيهات

هذا مخلد، واآلخر هو الذي يمدح بعد : والعرب تسمي رجلني مخلدا؛ أحدمها؛ من يتأخر شيبه، فتقول .موته

د رغب عن ملة إبراهيم خليل الرمحن، ألن اهللا تعاىل أخرب أنه سأله ذلك، وما سأله ومن مل يرغب يف الثناء فق: إال بعد أن أذن له، وما أذن له إال بعد أن علم أنه اخللق األسىن واالختيار األعلى، والطريقة املثلى، فقال

).اآلخرينوتركنا عليه يف : (وقال) واجعل يل لسان صدق يف اآلخرين(، فرأى )فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق: (مث وضع اهللا من أقدار قوم وأبقى ذمهم يف الغابرين فقال

ذلك هناية يف هتجينهم والغض من أخطارهم، وأن يتحدث عنهم مبا يبعث على االعتبار مبن أساء لنفسه :النظر واالختيار، قال الشاعر

ويد اإلحسان ذخر... ثمن املعروف شكر وات يف األحياء عمر... وثناء احلي لألم

:وقال أبو هفان يف ابن عباد ما هن يف أحد من سائر البشر... هللا درك قد أكملت أربعة

ن حجروالوجه من سفن والعني م... العرض ممتهن والنفس ساقطة :أنشد بعضهم يف ابن عباد، وذم سجعه وعقله وخطه وقال

هو يف احلقيقة كافر الكفار... متقلب كايف الكفاة وإنما

Page 99: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

السجع سجع مهوس واخلط خط منقرس والعقل عقل محارلذين جتاوزوا حد الغلومية، أ ترى ذلك أرى ابن عباد كثري اخللوة هبؤالء العفاريت ا: وقلت للنتيف املتكلم :أ ما مسعت قول الشاعر: لفحشاء وتهمة؟ فقال

فاستر عليه فاحلديث يطول... كم حربة يف القوم صارت جعبة حبا له فوراءه عاقول... وإذا الفتى حامى على ذي حلية

ألصق به الريبة، وسوغ فيه الغيبة، وصار اإلنسان إذا ذكر وكان قليل التحاشي من القاذورات، وهو الذي .على أن مساويه تفوت احلصر، وتند عن التحصيل. مساويه ال خياف مأمثا، وال يرتقب ال ئما

:ما أول قول الشاعر: قال ابن عباد لندمائه وأن غدا للناظرين قريب

:أوله: فقال اخلوارزمي وم أسرع ذاهبأ مل تر أن الي

:متامها لنصيح بن منظور الفقعسي، وهو: وقال ابن األعرايب خلوت ولكن قل علي رقيب... إذا ما خلوت الدهر يوما فال تقل

وال أن ما خيفى عليه يغيب... فال تحسبن اهللا يغفل ساعة بقرضك تجزي والقروض ضروب... فأحسن وأجمل ما استطعت فإمنا

وقل إمنا أدعى غدا فأجيب... فال تك مغرورا تعلل باملنى وأن غدا للناظرين قريب... أ مل تر أن اليوم أسرع ذاهب

لهن سهام ما تزال تصيب... وأن املنايا حتت كل ثنية هلن علينا نوبة ستنوب... فاء فأصبحت ذهبن بإخوان الص

أعرفك نذال جاهال، مأبونا باطال، إمنا ترينا من نفسك أنك حتفظ : فأقبل عليه بوجه كالح أربد، وقالوتحسن؛ التراب يف فيك يا كلب، ومىت نبت، ومن أبوك، وعمن أخذت، وإىل من اختلفت؟ بلى، اختلفت

ور، وأنفقت يف دبرك أيور، أنت مبخازيها مشهور، وقوادك بعد ما مات، وجذرك بعد ما نسي؛ عليك األممثلك جيترئ يف جملسنا؟ ويقابل بوجهه وجهنا؟ واهللا لوال رعايتنا اليت جرت هبا عادتنا لعرفتنا وعرفت

.وعلى هذا وما كاد يسكت. نفسك بنان اجلنون إذا زامحه العقل، والعقل إذا طاله احلمق مل يكمل اإلنسان؛ فكان جنونه غريبا يف أنواع اجلنون، أل

وأنت إذا قست هذا إىل العاقل، وإىل األمحق، وإىل العاقل الذي يعتريه احلمق، وإىل األمحق الذي يعتريه .العقل

.فهذا كما ترىرية يكون مطبوعا عليها سوى ومن حتلى بالسيادة، وسام الناس االنقياد له بالطاعة، حيتاج إىل خصال كث

وما أحسن . خصال أخر يكون مشغوفا هبا وباكتساهبا من أصحاهبا، وباملجالسة والسماع والقراءة والتقبل ما قال عدي بن حامت يف صفة السيد حني سئل من السيد؟

Page 100: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.بأمر مجاعته السيد هو األخرق يف ماله، الذليل يف عزه، املطرح حلقده، املعين: فقالخرج ابن عباد من عندنا، يعين الري متوجها إىل أصفهان، ومنزله ورامني، : وكان ذو الكفايتني يقول

كتايب من النوهبار، يوم السبت نصف : فجاوزها إىل قرية غامرة على ماء ملح، ال لشيء إال ليكتب إلينا .النهارأن الكمال عزيز، فإن ما رحبه أبو الفضل بالعقل خسره - هللا حاطك ا - هل هذا إال رقاعة؟ واعلم ! يا قوم

بالبخل، وكل ما زاد ابن عباد بالسخاء نقص باحلمق، على أن العقل ال يكون تاما وهناك خساسة، والسخاء ال يكون حممودا وهناك محاقة، والبخل يف اجلملة غالب على املتفلسفني، كما أن احلماقة غالبة يف

.لى املنشئنياجلملة عمل غلب البخل على كل متفلسف؟ : وكان حمذقا حلو احلديث، وقد سئل: ومسعت علي ابن املنجم يقول

وجدنا الغالب على الناظرين يف حقائق األمور، والباحثني عن أسرار الدهور، وهم املوسومون بطلب : فقال إهنم ال يفرجون عن شيء إال مبشقة شديدة، احلكمة اليت هي الفلسفة، التمسك بكل عرض ميلكونه، حىت

وال جيدون أمل الشح والبخل، وال يأنفون من عارمها؛ وطلبنا العلة يف ذلك مع ما يقتضيه مذهبهم من الزهد والبذل واإليثار والتكرم، فوجدناها يف آثار النجوم والنظر يف داللتها؛ وذلك أن الذي يدل على علم

وزحل يوجب مع شهادته األوىل . ص فيها، واستيفاء الفكر فيها زحل مع عطارد باالشتراكاحلقائق والغواحلصر واحلسد والضيق والبخل؛ ألن البخل يكون من جهة اخلوف من الفقر، وزحل يوجب عجز النفس،

.ردوخضوعا عند احلاجات، وإشفاقا على الفائت لعسر آثار زحل وكثرة تغير أحوال عطاوهذه الداللة موافقة ملا يف الطبيعيات، وذلك أن الربد واليبس، من آثار زحل، يوجبان عوارض : قال

السوداء؛ وأخالق النفس تابعة بالنظر األول ملزاج البدن، فلذلك يستحيل إليه، وكذلك حال عطارد يف س الشجاعة املشاكلة لقوة خصوصيته باليبس، وألن احلرارة معدومة يف زحل وعطارد، والسخاء من جن

احلرارة، والبخل من جنس اجلنب املشاكل لقوة اليبس الذي يوجب العجز وضيق الصدر واخلوف يف .احلاجات

وألن الزهرة هلا يف األمور اإلهلية والداللة على الوحي وطهارة األخالق مع ما توجبه من الشهود : قالرطوبة الغالبة عليها؛ فهي إذا أعطت أعطت احلقائق بغري تكلف، والنعمة والبذل والقوة االنفعالية بسبب ال

بل على سبيل الوحي، ومتيل النفس إىل طهارة األخالق والتهاون باملال للمباينة الواقعة بني األمور اإلهلية ة، ويكون واألمور الطبيعية اليت هبا يطلب املال ويتمسك به، فالذي يشرك يف تديره بني العلوم واخللق الزهر

.صاحبها مصادقا للحقائق عفوا مبغضا للمال طبعا .والذي يغلب على تدبريه يف العلم واخللق زحل، وعطارد يتكلف العلم وحيب املال، ويكون مغلوبا بالبخل

:وكان جريج املقل إذا جرى حديث أيب الفضل قال صبور على سوء الثناء وقاح

:وأنشد فيه ر باذل معروفه والبخيل... عند كشف األمو وال يستوي

Page 101: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

وال تعجب من إطالق مثل هذا يف ذوي الرياسة، فإنه مسبوق إليه يف القدمي واحلديث؛ هذا حممد بن اجلراح كان آل برمك أندى من السحاب، : فقال" أخبار الوزراء " عم علي بن عيسى الوزير ساق يف كتابه يف

:كالب، وأنشد جريج املقل يف أيب الفضلوآل وهب أخس من ال يخبرنا من طبه بالبدائع... لنا فيلسوف عامل بالطبائع

فلست ترى يف داره غري جائع... رأى البخل حذقا فهو يحمي وحيتمي وأن ليس حظ يف اكتساب الصنائع... ويزعم أن الفقر يف اجلود والندى

وأن الذي خلفت ليس بنافع... ملوت أنك نادم ستعلم بعد ا ولم يدر أن املرء رهن الفجائع... لقد أمن الدنيا ولم خيش صرفها

قد أعجبته فلسفته اليت . كان يدعي له العقل وهو ال يرجع إىل دين، وكل من فسد دينه فسد عقله: وقالأ من العقل أن ينشد كل شعر مللحد، ويردد كل لفظ غث . بني أهلها حبقيقةال حيظى منها بطائل، وال يتبين

:ومعىن ثقيل؟ أنشد يوما قول النضر بن احلارث

وكيف حياة أصداء وهام... يخبرنا ابن كبشة أن سنحيا ويحييين إذا رمت عظامي... أ يقتلين إذا ما كنت حيا

:وأنشد آخر وأبيا منطويا على غمر... أصبحت جم بالبل الصدر

أسكت يضيق بذاكم صدري... إن حبت طل دمي وإن :هذا لصاحل بن عبد القدوس العاقل املجيد، أما مسعت قوله اآلخر: وقال

وذاك أين أقول بالدهر... باح لساين مبضمر السر وإمنا املوت بيضة العقر... منقلب وليس بعد املمات

وهذه أمور قبيحة من سفلة الناس، فكيف من عليتهم؟ وإذا سكت الناس عنهم يف حياهتم خوفا منهم، .نطقوا هبا بعد موهتم تقربا إىل اهللا تعاىل بالصدق عنهم

.ا ال يلجيء املسيء إال إىل املسيءفال يهيدنك ما تسمع؛ فإن اهللا تعاىل ال يقيص للمحسن إال احملسن، كم .كيف وجدت هذا الرجل؟ يعين أبا الفضل: ورأيت العسجدي يقول جلريج املقل

.يابس العود، ذميم املعهود، سيء الظن باملعبود، ومثله ال يمجد وال يسود: فقالهذا وإن كان من الدولة، : فقال أ فال ترى ذهه األبهة والصيت والغاشية واملوكب؟: فقال له العسجدي

فهي غري السؤدد، والسلطان غري الكرم، واجلدة غري احملمدة؛ أين الزوار واملنتجعون؟ وأين اآلملون الشاكرون، وأين املثنون احلامدون؟ وأين الواصفون الصادقون؟ وأين املنصرفون الراضون؟ وأين دار

:ال جتيء بالطقطقة والرقرقة؛ أما تسمع الشعر! هيهاتالضيافة واخلدم املرتبون للخدمة؟ إذا راح يف فرط إعجابه... أبا جعفر ليس فضل الفتى

وال يف نظافة أثوابه... وال يف فراهة برذونه

Page 102: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ل واحلسب األشرف النابه... ولكنه يف الفعال اجلمي بحتري ويعجب من عزله وتشبيبه، ويستسهل يف اجلملة طريقته، ورجل حاضر وكان أبو الفضل يطري ال

:يخالفه يف ذلك، فقال أبو الفضل من ال يقيم لنفسه مصراعا... البحتري يروم غاية شعره تقومي قافية له ما اسطاعا... أنى يروم مناله ولو ابتغى

بني املجرة والسماك رباعا... ه فأحله جذب العالء بضبع فرع العال باعا هبطت ذراعا... وغدوت ملتزم احلضيض فكلما

.فخري الرجل وسكت: قالبعد أن سم احلاجب النيسابوري، وبعد أن خطب -قلت أليب الفضل : وحدثين أبو الطيب الكميائي قال

.لو كففت، فقد أسرفت: إىل ابن هندو وغريهم من أهل الكتابة واملروة والنعمة على حمد، ودس .أنا مضطر! يا أبا الطيب: فقالأي اضطرار ها هنا؟ واهللا إن مخادعتنا ألنفسنا يف نفعنا وضرنا ألعجب من مكابرة غرينا لنا يف : فقلت

أ العقل، وفساد االختيار وكدر النفس، وسوء العادة، وعدم خرينا وشرنا، وهذا واهللا رين القلب وصد .التوفيق .أنت تتكلم بالظاهر، وأنا أحترق يف الباطن! يا أبا الطيب: فقالإن كان عذرك يف هذه السرية املخالفة ألهل الديانة وأصحاب احلكمة قد بلغ بك هذا الوضوح : فقلت

.أيضا مأجور عند اهللا مالك اجلزاء واجلالء فإنك معذور عندنا، ولعلكوإن كنت تعلم يف حقيقته غري ما تراجعين عليه القول، وتناقلين فيه احلجاج فإنك من اخلاسرين الذين قد

.باءوا بغضب من اهللا على مذاهب الناس أمجعني .فبكىاإلصدار قائما؛ هذا كله بسبب البكاء ال ينفع إن كان اإلقالع ممكنا، والندم ال يجدي مىت كان: فقلت

ابنك أيب الفتح؛ واهللا إن أيام ابنك ال تطول، وإن عيشه ال يصفو، وإن حاله ال يستقيم وله أعداء ال . وإنك ال تدفع عنه قضاء اهللا، وهو ال يغين عنك من اهللا شيئا. يتخلص منهم؛ وقد دل مولده على ذلك

.فعليك بخويصة نفسكموضع يروى عنه بعض ما هو فائدة من األدب واحلكمة، وإن كان استيعاب ذلك شاقا؛ فإن الرجل وهذا

.كان كثري احملفوظ جيد االقتضاب

ماذا أراد العرب بتكثريها مع : جرى بني يديه أمساء الفرج وكثرهتا، فقال بعض احلاضرين: حدثين ابن فارسوا يكنون عنه، وكانت الكناية عند فشوها تصري إىل حد اإلسم ملا رأوا الشيء قبيحا جعل: قبحها؟ فقال

األول فينتقلون إىل كناية أخرى، فإذا اتسعت أيضا رأوا فيها من القبح مثل ما كنوا عنه من أجله، وعلى .هذا، فكثرت الكنايات، وليس عندهم تكثريها

Page 103: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

:عن قول الشاعر -ذي الكفايتني مات قبله سألت يوما ابنه أبا القاسم؛ أخا كان ل: وحدثين اهلروي قال ذئاب الغضا والذئب بالليل أطلس... فما لكم طلس الثياب كأنكم

.هو ظاهر إال أن يكون حتته معىن: فقال ولده. أ هو ظاهر لك أو ظاهر عنك أي غائب؛ ومعىن ظاهر عنك أي مجانب لك بارز عنك: قفلت ممازحا له

:اهلذيلومنه قول وتلك شكاة ظاهر عنك عارها... وعيرها الواشون أين أحبها

مالكم جماهرين يل بالعداوة وال جتاملونين يف حال، فالذئب أصلح منكم ألنه بالليل : وفسر البيت فقالرون على أطلس أي جماهر بالليل فقط، ومداج بالنهار؛ فهو جماهر يف وقت ومداج يف وقت، وأنتم مص

.العداوةوكان حيفظ فقرا كثرية البن املعتز، ويرويها يف جملسه يف الوقت بعد الوقت، وكان يوهم من حضر أنه من

.اقتضابهأن املتواضع من طالب العلم واحلكم أكثرهم حظا، كما أن املكان املتطامن من : إن يف احلكم: منها قوله

.أكثر البقاع ماء .ة الوحدة، ووحدة اخلوف تذهب بأنس اجلماعةوأنس األمن بوحش

.ومنع احلافظ خري من عطاء املضيع .وإذا طرت فقع قريبا

.والرجال يفيدون املال، واملال يفيد الرجال .إذا أبصرت العني الشهوة عمي القلب عن االختيار

.من رأى املوت بعني أمله رآه بعيدا، ومن رآه بعني عقله رآه قريبا .لعقل صفاء النفس، واجلهل كدرهاا

ال تلبس السلطان يف وقت اضطراب األمور عليه، فإن البحر ال يكاد راكبه يسلم يف حال سكونه، فكيف .مع اختالف رياحه واضطراب أمواجه

.وإن اهللا تعاىل أضاف إىل كل خملوق ضده ليدل على أن الوحدة له وحده .تقع اإلجابة لكل دعوةولذلك مل . كرم اهللا ال ينقص حكمته

.للطالب املنجح لذة اإلدراك، وللطالب احملروم لذة اليأس .ومن صحب السلطان فليصرب على قسوته كصرب الغواص على ملوحة ماء البحر

.والعامل يعرف اجلاهل ألنه كان مرة جاهال، واجلاهل ال يعرف العامل ألنه مل يكن مرة عاملا .للنعمة جعله اهللا مفتاحا للمزيد ومن جعل احلمد خامتا

لو متيزت األشياء لكان الكذب مع اجلنب، والصدق مع الشجاعة، والراحة مع اليأس، والتعب مع الطمع، .واحلرمان مع احلرص، والذل مع الدين

.ومال امليت يعزي ورثته عنه

Page 104: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.كيف تريد من صديقك خلقا واحدا وهو ذو أربع طبائع .ترقع خرق الدنيا ويتسع، وتشعبها وتنصدع، وجتمع منها ما ال جيتمع

وكان مليا هبذا النمط ويفرغ يف قالبه، ولكن مل يكن له منه إال لقعة اللسان وصدى الصوت، وتقطيع مة مىت مل فأما التحلي والعمل فكان منهما على بعد؛ والعقل مىت مل يثمر كرما فهو وبال، واحلك. اللفظ

أما الكرم يف اللقاء فالبشاشة، : تورث عمال فهي خبال؛ والكرم ما قاله األعرايب حني سئل عنه، فإنه قالوأما يف العشرة فاهلشاشة، وأما يف األخالق فالسماحة، وأما يف األفعال فالنصاحة، وأما يف الغىن فاملشاركة،

.وأما يف الفقر فاملواساة أ ابن عباد أحب إليك أم ابن العميد؟: بة بن عليقلت أليب السلم جن

ما فيهما حبيب، على أين برقاعة هذا أشد انتفاعا مين بعقل ذاك؛ هذا يغضب إذا ترفعت عن عطائه، : قالوقبضت يدك عن قبول بره، ومشيت ناكبا عن بابه وقصده؛ وذلك كان حيقد إذا رجوته وتعرضت له،

يه وطمعت فيه؛ وهذا يكذب متماجنا، وذاك كان يصدق مع الدماثة ويغيظ؛ وهذا ويغضب إذا أثنيت عليفعل اخلري وإن قاله وأفشاه وجبح به وسحب ذيله عليه، وذاك كان ال يقلع عن الشر وإن قرع يف وجهه

ذاك اجلمع بالالئمة، وكشط عرضه باملذمة؛ وهم هذا يف األخذ واإلعطاء، واإلبعاد واإلدناء؛ وكان دأبواملنع والتفلسف ليقع اليأس منه، ويتلذذ باخليبة عليه؛ وهذا يقول ويفعل بعض ما يقول متجلدا، وكان

ذاك ال يهم وال ينوي وال يظن وال حيلم، فضال عن القول املطمع والعمل النافع؛ وعيب هذا أنه يذوب حىت .تنتفع منه بشيءال حيصل لك منه شيء؛ وكان عيب ذاك أنه جيمد حىت ال

رأيت الداخل ساقطا، : كيف ترى الناس؟ فقال: وقلت أليب السلك يوما، وقد خرج من دار ابن عبادتركت الداخل راجيا، واخلارج : واخلارج ساخطا، وأخذ من قول شبيب؛ فإنه خرج من دار املهليب وقال

.راضيا .يعثم واحلسري يومث الكسري: وكان أبو السلم من فصحاء الناس؛ مسعته يقول

.ما أحسن منقاد هذا الطائر، بالدال: وقال أيضاالكالم ال يواتيك قسرا وال يطيعك كارها، تكلم عن ! يا هذا: وقال للبديهي، ملا رأى تعسفه يف العربية

ك اللفظ، والحظ سجية النفس، وعفو الطباع، واطرح البقية جانبا، وجانب التكلف، واتبع املعىن يتبعالعقل، فنه نورك، والزم اجلادة فهي مسلكك، وال تذلن فتخزى، وال تعزن فتقصى، وحتكم وأنت مبق،

.وخذ كأنك معط، وكسر هلاتك بتصاريف الكالم مشققا ال متشدقا، تبلغ إرادتك، متلك عادتكوحديث ابن عباد أنتن من " من السلوى إذا ما نشورها ألذ : " كيف كان حديث ابن العميد؟ قال: قلت له

يتحاشى كأنه . الصنان، وأثقل من الصدام،وأبغض من القضض يف الطعام، وأوحش من أضغاث األحالمصيب مترعرع، يطن أن األرض مل تقل غريه، وأن السماء مل تظل سواه، أما مسعته يشتم يف هذه األيام إنسانا

لعن اهللا األهوج األعوج األفلج األفحج احلفلج، الذي إذا قام لجلج وإذا مشى تفحج، وإن تكلم : فقال .تلجلج، وإن تنعم متجمج، وإن مشى تدحرج، وإن عدا تفجفج

Page 105: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

فهل مسعت بكالم أنىب عن القلب وأمسج من هذا؟ نعوذ باهللا من العجمة املخلوطة بالتعريب، ومن : قال .خلوطة بالتعجيمالعربية امل

ولو أن هذا النقص مل يدل إال على اللفظ الذي معدنه اللسان لكان العذر أقرب، لكنه كاشف لعورة العقل، هاتك لستر املعرفة، ومن استدرجه اهللا إىل هذه احلال فقد خذله وإن ظن أنه منصور، وأفقره وإن

.حسب أنه مثر، وكانت العني من إمساعيل قد " من إمساعيل بن عباد : " وقد كتبومسعته يقول لكاتب بني يديه،

.تطلست، ومل يكن هلا بياض املشقني بتعحرف للكاتب والقلمأ هي ! عيين هكذا ينبغي أن تكتب باهللا؟ أنت أعمى؟ أما ترى عيين؟ انظر إليها حسنا! يا هذا: فقال

هروسة، أ هي ممسوحة، أ هي منزوحة، أ هي مسطوحة؟ وما مطموسة، أ هي مملوسة، أ هي مطلوسة، أ هي م .كاد يسكت

.ها هنا أشياء ال حقيقة هلا: وقال يوما! وهل هذا إال رقاعة وجهل وكالم رقعاء املعلمني واملخنثني؟ .إمام الرافضة، واالستطاعة مع الفعل، والبدل للنجار، واهليولى: منها

.واحلال أليب هاشم: مفقال احلسني املتكل .وكان هذا الكالم بسبب تنكر له شديد. مما يوضح عندي معىن احلال أن مثلك ال يفهمه: فقال

.فقلت أنشدين األندلسي أبو حممد لبعض شعراء املغرب بيتا ذكر فيه أشياء زعم أنه ال حقيقة هلا :وما ذاك البيت؟ فأنشدته: فقال

أمساء أشياء مل تخلق ومل تكن... لثة اجلود والغول والعنقاء ثايف املغرب من يقدم نثره على نثر : سألته عن هذا فقال يل: أ ويف املغاربة من له هذا النمط؟ قلت: قال

.إبراهيم بن العباس الصويل، ويقدم نظمه على نظم أيب متامهلم يعرف بأيب بكر حممد بن فرح يف طفيلي يعرف نعم أنشدين لشاعر: فهل روى لك غري هذا؟ قلت: فقال

:بابن اإلمام حىت يلوح له ضباب دخان... أفديك من متوجد غضبان

مثل اقتياد النجم للحيوان... يقتاده شم القتار بأنفه يبدي كمني مطابخ اإلخوان... وعال الدخان بشت طولة مربيا

ينيبه أين تناكح الزوجان... مللهني جاسوس له وحبانة ا صب إىل الطوفان مرتاح إىل اجلوالن مضطغن على اخلالن

كاخليل صايعة ليوم رهان... فترى اإلماميني حول ركابه بعمان أصبح مجعهم بعمان... لو يسمعون بأكلة أو شربة

منه، وال شوق إىل لقيان... لقرشي ال لتعهد زار الفتى ا نهما عليه تساقط الذبان... حتى إذا وضع اخلوان تساقطوا

Page 106: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

يف لقمة كتخمط السكران... ورأيته من بينهم متخمطا محل ويف أعجافه محالن... مل ينصرف إال ويف أكمامه لو أعنت قرى جيان جيان... وأخو ثقيف فر منه قاصدا عزمات نيته مدى نجران... لو حل نجران مل يبعد على

منه، وتلقاه بكل مكان... كاملوت تسعى يف التخلص جاهدا .زعم أهنا بليدة: ماذا قال لك يف تفسري شت طوله؟ فقلت: فعجب من األبيات وقال

.مكان يعرف هكذا زعم أنه: فما جيان؟ قلت: قال .اكتب األبيات إىل جناح، وكان خازن كتبه: قال

:أنشدين أليب عمر األندلسي! بلى: ما أنشدك شيئا يف الغزل؟ قلت: مث قال أعتد عذلك يل من التنزيل... مهال فما دين اهلوى كفر وال

*** العويل عويليالشجو شجوي و... من حاكم بيين وبني عذويل سلمت من التعذيب والتنكيل... فبأي جارحة أصون معذيب

أو قلت يف كبدي فثم غليلي... إن قلت يف عيين فثم مدامعي :وأنشدين هلذا الشاعر بعينه أيضا

بيانا، وإن الحظته فهو ساحر... وأحور إن كلمته فهو شاعر عليها من الورد النضري ظهائر... ني غالئل على خده للياسم

وصبغ دم العشاق يف النطع ظاهر... حسام بعينيه ونطع خبده :والبن رشيق أيضا

طالب نعيم، قد رضيت ببوسي... ومل أدخل احلمام ساعة بينهم يسيفأبكي وال يدري بذاك جل... ولكن لتجري دمعيت مستهلة

.كنت أحب أن أرى أبا حممد هذا، ولو انتجعنا لبلغنا له مراده: فقالواهللا ما أحب أن أمسع حديثه فكيف أوثر أن أبتلى : وأعدت هذه الكلمة على أيب حممد سنة سبعني، فقال

.برقاعته: حلسني املتكلموله مع حسني املتكلم جواب آخر؛ تناظرا يف مسألة حمي الوطيس، والتحمت احلرب قال

.هذا كالم من ال يعرف الكالم .رفقا فإين أعرف حبسني املتكلم، وال جيوز أن أشتهر بشيء ال أكون رأسا فيه! أيها الصاحب: فقالوما يف هذا؟ إبراهيم املسلم طبيب املارستان يعرف باملسلم وهو بعيد مما يعرف به، قريب مما يقرف : فقال .به

ث أيب سعيد السريايف، وكان ابن عباد يتعصب له، ويقدمه على أهل زمانه، ويزعم أنه وجرى ليلة حدي .حضر جملسه، وأبان عن نفسه فيه، وصادف من أيب سعيد طود حلم وحبر علم

Page 107: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.إال أنه مل يعمل يف شرح كتاب سيبويه شيئا: شيخ يعرف باحلسنكي: فقال أبو موسى املعلممث إين توصلت ببعض أصحابه حىت سأله عن . فعجبنا من ذلك. مرا ومل يقل حرفافنظر إليه ابن عباد متن

واهللا لقد ملكين الغيظ على ذلك اجلاهل حىت : حلمه عن أيب موسى مع ذبه عن أيب سعيد، فسأله فقال عزب عين رأيي، ومل أجد يف احلال شيئا يشفي غليت منه، فصار ذلك سببا لسكويت عنه، فتشاهبت احلال

فواهللا ما يدري ذلك الكلب وال . احللم، وما كان ذلك حلما، ولكن طلبا لنوع من االستخفاف الئق بهأحد ممن خرج من قريته ورقة من ذلك الكتاب، وهل سبق أحد إىل مثله من أول الكتاب إىل آخره مع

.كثرة فنونه وخوايف أسراره .ب من مناقب ابن عباد، وحجب أبو موسى بعدفعد هذا التعص. وكان أبو موسى هذا من طربستان

.وكان ابن عباد يتطلب العلل للحجاب، ويتعلق بالريح، وكان له تلذذ به، وقد حكيت ذلك آنفاوما مسعت يف تاليف احملجوب كالما ألطف من كالم حدثين به اخلوارزمي عن السالمي صاحب خراسان؛

لك : مي وزير عبد امللك بن نوح بأبيات على حجاب نالين منه، فقالعاتبت أبا الفضل البلع: قال السالميأما هنارنا فمقسوم بني حوائج الناس وإمنا نفرغ . العتىب، وعلى ما استعديت العدوى -مبا استعتبت - عندنا

.وجمالسابالليل لالستئناس بوجوه األولياء واخلواص فاحضر بالنهار مباسطا وخمالطا، وبالليل مؤانسا الشكوى إيل احلجاب إغراء، والصرب عليه يعطفين : وكان ابن عباد ضد هذا، ألنه كان يشتكي إليه فيقول

.إىل بعض ما يلتمس مينومع . هللا عندي أياد متضاعفة، ونعم متكاثفة، ومن أجلها أنه مل يغمسين يف مذاهب اإلمامية: ومسعته يقول

البيت غال وجتاوز، وغض من الصدر األول، وادعى على الشيخني هذا كان إذا عمل قصيدة يف أهل .البهتان، وعرض وصرح

.وهذا من فعالته الذميمة، وجهاالته املشهورةهكذا مسعناه فيما قرئ على ابن مقسم العطار . ما مسعت مبثلها: وأنشد ثعلب يف احلجاب أبياتا وقال :ئة وهيالنحوي سنة أربع ومخسني وثالمثا

ورد ذوي احلاجات ضيق حجابه... إذا اعتصم الوايل بإغالق بابه نزعت بظن واقع بصوابه... ظننت به إحدى ثالث ورمبا

ويف إذنه للناس إظهار ما به... فقلت به مس من العي حاضر بهمن البخل يحمي ماله عن طال... فإن مل يكن عي اللسان فعارض

يصر عليها عند إغالق بابه... وإن مل يكن هذا وذاك فريبة :لقد أجاد البصري يف قوله: وحدثين املرزباين قال

وتسكن األحرار يف ذمته... رب فىت تحمد أخالقه وسلط الذم على نعمته... قد كثر احلاجب أعداءه كنت يف مقيلي : ابن عباد يف الوقت الذي تالقت فيه العساكر بقصر اجلص، قالومن طريف ما حدثنا به

Page 108: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

:فأتاين آت قال خرج امللك عن يدي خبتيار... اسقين قهوة بفرط اختياري

ر وأما أبو الفتح ذو الكفايتني فإنه كان شابا ذكيا متحركا حسن الشعر مليح الكتابة كثري احملاسن، ومل يظه .منه كل ما كان يف قوته لقصر أيامه، واشتعال دولته وطفوها بسرعة

:ومن شعره أوصالها أنبوبة أنبوبا... إني متى قناين تنتثر

وأقي حبد سنانها املرهوبا... أدعو بعاليها العال فتجيبين :ومن شعره

ته الكواكبكالبدر هاد... نهضت تثنى يف الكواعب وتبلجت ظلم الغياهب... فتربجت سدف الدجى

يختلن من كرم صواحب... هللا أنت وهن إذ يل ضمها عقد الترائب... متأللئات كلآل

مقليت مبىن كواذب... إين أعيذك أن تردي فتح املذاهب ء وتغلقي... وتسودي وجه الرجا

سحا سحائبها سواكب... أو ما ترين مدامعي نت مثلها درر السحائب... جادت ديارك أين كا ماء العرى وطف اهليادب... حملولة األرماق فص يل واحلوادث والنوائب... وعدتك داهية الليا

ت من الشوائب واملعايب... ث أن ال زلن منك حبي إين إذا أعزي إليك من األقارب أو أقارب

ب وتكفري حق املناسب... ال تقطعي حبل القري :م وتضريب مثال لضارب... فتفارقي خلق الكري

برب بل أضر من العقار... إن األقارب كالعقا مة من مواهبها مناهب... ال تبخلي إن الكري

وف وإن أطاعتها املضارب... كفي السيوف عن احلت

سمح اخلالئق والضرائب... ال ترغيب عن ماجد رفة وأمات جنائب... يعزى آلباء غطا

ذوائبم السادة الشم ال... إين من النفر الكرا م عن العلى ككرى األرانب... يقظ إذا كري اللئا

م عن الوغى وني الثعالب... أسد إذا ونت القرو

Page 109: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

حتى أرى صفو املشارب... عف أطيل ظميئيت هة أو أرى كرم املناسب... وأذل نفسي يف الكري

عممتها شر العصائب... سيء عصابة وإذا ت يرنو إيل بطرف عاتب... كم من عدو كاشح جر دونه صدر احملارب... يبدي لنا وجه املشا

حسد دوين الصدر راتب... متقلص األحشاء من حلباحبمن نهضيت نار ا... لو شئت أحرق أهله

دث واألمور إىل عواقب... سلمته ليد احلوا ف يدي فكانت للمغالب... إن مل تكن فوق األك

قدمي فأعيتها املذاهب... أو مل تكن فوق الذرى لظهر منه فضل وله يف وصف الفرس ما يوىف على كل منظوم، ولو أبقته األيام . وله كالم كثري نظم ونثر

.كبريودخل بغداد فتكلف واحتفل، وعقد جمالس خمتلفة للفقهاء يوما، ولألدباء يوما، وللمتكلمني يوما،

وللمتفلسفني يوما، وفرق أمواال خطرية، وتفقد أبا سعيد السريايف، وعلي بن عيسى الرماين وغريمها، هم، وأظهر املباهاة هبم، وكذلك خاطب أبا احلسن وعرض عليهما املسري معه إىل الري، ووعدهم ومنا

.األنصاري ابن كعب، وأبا سليمان السجستاين املنطقي، وابن البقال الشاعر، وابن األعوج النمري وغريهمودخل شهر رمضان فاحتشد وبالغ، ووصل ووهب، وجرت يف هذه اجملالس غرائب العلم وبدائع احلكمة؛

.مع أيب احلسن العامري وخاصة ما جرى للمتفلسفني .ولوال طول الرسالة لرمست ذلك كله يف هذا املكان

.ما أحكيه لك ها هنا: فمن طريف ما جرى، ويف مساعه فائدة واعتبارانعقد اجمللس يف مجادى اآلخرة سنة أربع وستني وثالمثائة، وغص بأهله، فرأيت العامري، وقد انتدب فسأل

؟ فعجب الناس من هذه املطالبة، ونزل )بسم اهللا الرمحن الرحيم(ما طبيعة الباء من :أبا سعيد السريايف فقال .بأيب سعيد ما كاد يشده به، فأنطقه اهللا بالسحر احلالل

:فإنه قال! ما أحسن ما أدبنا به بعض املوفقني من املتقدمني: وذلك أنه قال كالم تقوله خمتاالخطل ال... وإذا خطبت على الرجال فال تكن

ومن التكلف ما يكون محاال... واعلم بأن السكوت لبابة واهللا يا شيخ لعينك أكرب من قرارك، ولمرآك أوىف من دخلتك، ولمنشورك أبني من مطويك؛ فما هذا الذي

. بالقول ترغب عنكطوعت له نفسك، وسدد عليه رأيك؛ إين أظن السالمة بالسكوت تعافك، والغنيمة .واهللا املستعان

:فقال ابن العميد، وقد أعجب مبا قال أبو سعيد إذا اخلطباء الصيد عصك قيلها... فتى كان يعلو مفرق احلق قوله

Page 110: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

بصري بعورات الكالم خبريها... جهري وممتد العنان مناقل :وقال

يمرع منه البلد املاحل... ذي والقائل القول الرفيع ال :مث التفت إىل العامري وأنشد

كحاطب ليل جيمع الرذل حاطبه... وإن لسانا مل تعنه لبابة ***

مصيب فما يلمم به فهو قائله... وذي خلل يف القول يحسب أنه ***

ة لب املرء أن يتكلماصحيف... ويف الصمت ستر للعيي وإنما ***

إذا مل يكن للنطق وجه ومذهب... ويف الصمت شتر وهو أهبى بذي احلجا يئسنا من كالم أصحابك يف : هاتوا حديثا آخر فقد يئسنا من هذا، مث أقبل على ابن فارس معلمه، فقال

.الفرضة والشط

رأيت ما كان من هذا الرجل اخلطري عندنا، الكبري يف ! ها الشيخأي: فلما خرجنا قلت أليب سعيد السريايفما دهيت قط مبثل ما دهيت به اليوم، ولقد جرت بيين وبني أيب بشر متي صاحب شرح : أنفسنا؟ فقال

كتب املنطق سنة ست وعشرين وثالمثائة يف جملس أيب الفتح الفضل بن جعفر الفرات ملحة كانت هذه .أشوس وأشرس منها

ولوال هريب من اإلطالة، وثقل النسخ، وإدخايل حديثا يف حديث، حلكيت املناظرة اليت أومى إليها هذا الشيخ الذي كان إمام زمانه وعامل عصره، ألنه حدثين هبا بزوبرها، وكانت يف الفرق بني النحو واملنطق ورمي

.أحدمها على اآلخر، وإحصاء الفوائد لكل واحد منهمااجمللس يوما آخر مع أيب سعيد وقد غص بأعالم الدنيا، وبنود اآلفاق، فجرى حديث أيب إسحاق وحضرت

ذاك رجل له يف كل طراز نسج، ويف كل فضاء رهج، ويف كل فالة ركب، ويف : الصايب، فقال ذو الكفايتنيوما أحلى . أكثر مما يتحلى هو هباكل غمامة سكب؛ الكتابة تدعيه بأكثر مما يدعيها، والبالغة تتحلى به ب

:قوله طيبا ختال به يف البيت عطارا... محراء مصفرة األحشاء باعثة قين يضرم يف أوراقه النارا... كأن يف وسطها تبرا يخلصه

:وقوله ثآروذراعها بالقرص واإل... ما زلت يف سكري أملع كفها

غرز البنفسج يف اجلمار... حىت تركت أدميها وكأنما وبلغ اجمللس أبا إسحاق فحضر وشكر، وطوى ونشر، وأورد وأصدر، وكان كاتب زمانه لسانا وقلما

Page 111: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.ومشائل، وكان له مع ذلك يد طويلة يف العلم الرياضيوكان من أماين الكبر لقاؤه، : خذ يف تعظيم أبيه، وقالمث أ! هو ابن أبيه، هللا دره: ومسعت أبا إسحاق يقول

وإين لكثري اإلعجاب بكالمه، ألين أجد فيه من العقل أكثر مما أجد فيه من اللفظ، وإين ألظن أن عقل كل .أحد كان ممزوجا وكان عقله قراحا

عضد الدولة يستحق أن يكتب ولقد قرأت له فصال من كتاب له إىل أيب غبد اهللا املكي العلوي ندمي: قالوألن تدعى من بعيد مرات خري من أن تقصى من قريب مرة، وليكن كالمك جوابا تتحرز : بالذهب، وهو

فيه، وال تعجبن بتأتي كلمة حممودة فيلج بك اإلطناب توقعا ملثلها؛ فرمبا عثرت مبا يهدم ما بنته األوىل، مث ال ، وبضاعتك من النثر قليلة مزجاة، وبالعقل يزم " رب رمية من غري رام : " متثل صاحبك بقوهلم تسلم من

.اللسان ويلزم السداد .فال تستفزنك طربة الكرمي على ما يفيتك عقلك

ف وقتها، وحتصل والشفاعة ال تعرضن هلا، فإهنا خملقة للجاه؛ وإن اضطررت إليها فال هتجم عليها حىت تعروزهنا؛ فيتقدمك من يتكلم فيها، فإن وجدت النفس باإلجابة سمحة، وإىل اإلسعاف هشة، فأظهر ما يف

نفسك غري حمقق وال موهم أن يف الرد عليك ما يوحشك، ويف املنع ما يقبضك؛ وليكن انطالق وجهك إذا .خف كالمك وال يثقل على مستمعه منكدفعت عن حاجتك أكثر منه عند جناحها على يدك، لي

أنا أقول ما أقول غري واعظ وال مرشد؛ فقد كمل اهللا خصالك، وحسن خاللك إذ فضلك يف كل حالك، .واعلم أن للذكرى موقعا ونفعا. ولكين أنبه تنبيه املشارك

.وقد استحسنت له حسنا، وله أبلغ منه: قلت له .كذاك هو: فقال .فإنه مع هذا قد أخطأ يف العربية يف موضع، فدللته عليه :قلت .هللا أبوك: فقال

لتكون أنت قارئه، أعين أنك تقرأ حرفا حرفا حىت تصيبه، فليس -أيدك اهللا بالعلم -ومل أذكر املوضع .اخلطأ املستدرك بالتتبع كاملعثور عليه باهلجومموالي . وبسم اهللا الرمحن الرحيم: إليه حني استكتبه لبويه، وهووكان ابن عباد يروي أليب الفضل يف رقعة

وإن كان سيدا هبرتنا نفاسته، وابن صاحب تقدمت علينا رياسته، فإنه يعدين سندا ووالدا كما أعده ولدا .وواحدا، ومن حق هذا أن يعضد رأيي رأيه حىت يزداد إحكاما وانتظاما، ويتظاهر قوة وإبراما

رت اليوم اجمللس املعمور، فكان من موالنا كالم كثري، وخطاب طويل، فقلت إنه مل يزد على اإلباء وحض :وأقول بعد أن أقدم مقدمة. واالستعفاء، بعد التقصي واالستيفاء، فأومأ إىل إجبار كاملسألة، وإكراه كالطلبة

- ف نفسه عن التكثر باملال وحتصيله وإن كان يستغين عن هذا العمل بتصونه وتقلله وعزو -إن موالي فإن األمر مفتقر إىل كفالته، وحمتاج إىل كفايته؛ وما أقول ما أقوله وغرضي إنشاء كتاب أو عقد حساب، أو

تفريق مال ومجع، أو تقدمي عطاء أو منع، ألن ذلك وإن كان مقصودا، ويف آالت الوزارة معدودا، فإن يف

Page 112: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ويويف عليه بأيسر مساعيه، لكن موالنا يريده لتهذيب من هو ويل عهده، ومن كتابه من يفي به ويستوفيه،وإن كان السنخ قوميا، واحملتد كرميا، والفضل عميما، واجملد صميما، -يرجوه ليومه وغده، وال بد

اصة، من مناب من يعرف ما السياسة، وكيف الرياسة، وكيف تدبري العامة واخل -ومركب العقل سليما ومن أين تجتلب األصالة واإلصابة، ومباذا تعقد املهابة، وكيف ترتب املراتب وتعاجل اخلطب، وكيف ترد

.اخلطوب إذا ضاقت املذاهب، وتعصى الشهوة لتحرس احلشمة، وتهجر اللذة لتحصن اإلمرةويراجعه إذا جمح به اللجاج وال غىن عمن يقوم يف وجه صاحبه فرياده إذا بدر منه الرأي املنقلب،

املرتكب، ويعارضه إذا أحل عليه الغضب امللتهب؛ فما السبب يف أن هلكت ممالك مجة، وبلدان عدة، إال بأن -على ما أرى -خضعت أقدار الوزارة وانقبضت أطراف اإلمارة؛ وليس يفسد ما يف األرض ومن عليها

.ابإال بالرجوع يف مثل هذا إىل األذنفال يبخلن موالي بنفسه على هذه الدولة، فمنها األمني من قبله، فإن كان مسموعا كالمي، وموثوقا به

وموالي محكم بعد اإلجابة إىل العمل فيما . اهتمامي فال يقعن انقباض عني، وال إعراض عما سبق مني .ويل النعمة حجة ال تبقى معها شبهةيشترطه، وغري مراجع فيما تقترحه، وهذا خطي به، وهو على

وسأتبع هذه املخاطبة باملشافهة إما حبضوري لديه، أو بتجشمه إىل هذا العليل الذي قد أحل النقرس عليه .والسالم

وقال يل أصحابنا بالري، منهم أبو غالب الكاتب . وكان ابن عباد حيفظ هذه النسخة ويرويها ويفتخر هبا .خاطبة من كالم ابن عباد افتعلها عن ابن العميد إىل نفسه تشيعا هبا، ونفاقا بذكرهاإن هذه امل: األعرج

كان محد بن حممد أبو الفرج الكاتب مكينا عند ركن الدولة، وكان أبو الفضل ال : وحدثين اين خارجة قاليا، مث كتب إليه رقعة طواها على يوفيه حقه، وال حيسب له تلك املكانة، فعاتبه حمد مرارا مصرحا وكان

:أبيات، وهي أكسبك التيه على املعدم... مالك موفور فما باله

جئنا تطاولت ومل تتمم... ومل إذا جئت هنضنا وإن "قدم طرفه قدم " نقول ... وإن خرجنا مل تقل مثلما

الذي تعلم مل يعلم مثل... إن كنت ذا علم فمن ذا الذي فلست من دونك يف املنسم... أو كنت يف الغارب من دولة

أنت فلم نصغر ومل نعظم... وقد ولينا وعزلنا كما فصل على اإلنصاف أو فاصرم... تكافأت أحوالنا كلها

.نعم: أ ترى هذه األبيات حلمد؟ قال: قلت البن خارجةيف " أكسب . " كان حرونا، إذا أبى ال تأتى له، وإذا مجع ال حيلة فيه: أ فعاد له إىل حمبوبه؟ قال: تقل

.البيت األول مردود، غري أن ابن األعرايب أجازه .تصفح أيدك اهللا هذه الفقر، واعرف تعيب هبا وإفاديت منها واشتفائي بذكرها والسالم

الثياب، وهو عبد الرزاق بن احلسني البغدادي، فإنه كان ذا فضل واسع، وشعر بارع، فأما أبو حممد بن أيب

Page 113: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.وعلم بكل شيء؛ كاملنطق وغريب اللغةوله رسالة من خراسان، ملا استقرت به الدار ببخارا، كتبها إىل أيب الفضل، وال بأس بسردها ها هنا لتعلم

.ليه، شق جيبه مستعتبا، وأدرك طائلته مكافحا ومنيباأن احلر إذا ذاق اهلوان ممن يستحق الكرامة ع :كتب

أيها الرجل الذي اختار لنفسه الوصف بالرياسة، فطالب الصغار والكبار هبا يف . بسم اهللا الرمحن الرحيمفناءك ألزم. ما يسرين حسن ما أنت عليه، وال يعجبين ظاهر ما تدعيه بباطن ما تنقضه به! املكاتبة واملخاطبة

هذه السنني على مقاساة كربك وجتعد بنانك، وقلة النائل منك؛ مع تسيري فنون القريض فيك، ونثر أصناف البديع عليك، ومع التضاؤل لك، وإراقة ماء الوجه بني يديك، والصرب على مللك وصلفك، ومع فتحي

أهل املغرب واملشرق؛ مث يكون آخر أمرك يف عليك أبواب املنطق، وهداييت إياك إىل ضروب ما اقتبسته مننظرك يل وإحسانك إيل أن تقرنين بغالم غر جاهل، ونكد عارم، يزيد عليك يف البخل، وينقص عنك يف

احللم، وتكلفين لصرب معه، والرضا باخلسف منه؟ ومن ذا علم أن رزق اهللا منتاب مرتاب وعاد، واملن فيه حياض الذل، وفارق حسن التوكل على اهللا الذي بيده ملكوت كل شيء؟ من سائق وحاد، غمس نفسه يف

: " وهللا ما اختذت الليل مجال هاربا من صقعك، زاهدا يف ضرك ونفعك، إال لقولك يف انتشالك ألصحابكا برح، ولو أبن أيب الثياب الزق ببابنا لزوق اللحم بالعظم، وجار معنا جري الدم يف اللحم؛ ولو طردناه م

فاز بغرينا ما فرح؛ وأين جيد جنابا أمرع من جنابنا، وفناء أخصب من فنائنا؟ أغركم أنه يتلوى علينا وينحين لدينا؟ ذاك كله ريح، وهو يلبث يف اللوح، إن يوجه إىل خراسان فما هبا من ينقع ظمأته، وإن عاد إىل

طاول إىل الشام ومصر، فما هبا من جيتلي غرته أو يقبس حكمته، أو بغداد، فهي اليت عرفها وعرفته، وإن ت " .يصرب على جشعه الفاضح وسؤاله امللح

فها أنا قد شخصت إىل املشرق، وحظيت عند ملكه، ووليت الربيد له، وغلبت على جملسه باملؤانسة، ف؛ وما كان كالمك ذاك يل إال وحويل الغاشية والضفف، بعد ما كنت أعانيه عندك من الشظف واجلع

إغراء يل بطلب السعادة العاجلة ونيلها يف سهولة، مع التخلص من الغيظ الذي كنت أجرعه عندك صباح مساء، والكذب الذي كنت أمنقه فيك يف اجلد واهلزل، واخلساسة اليت كنت أسترها عليه يف الصحو

.ب والرضاالسكر، والتلون الذي كنت أحتمله منك يف الغضمع ما أرد -هذا واملنالة منك دون ما ميسك الرمق، واملبذول عليها فوق مل جيب لك باحلق؛ ولوال أين

أرجع إىل حفاظ ال تعرف منه إال االسم، لكان يل يف جلدك حز وهنس، وعلى - ملته من العتب عليك .عرضك جمز ورقص

تك مشهورة ومنشؤك ظاهر، ومبادئ حالك يف ارتفاعك حمصلة، وما الذي يرجى منك أكثر مما كان، ووالد .واأللسنة حبقائقها دائرة، واألمساع إىل عجائبها صاغية، والقلوب يف فضائحها متعجبة

ولك يف براءة والدك منك كاف، ويف حديث والدتك ما هو غري خاف؛ ومما يدل على طليب البقيا أين ر، ولو نظمت ذلك لكان نقيعك منه جيرعك مضض الندم على اقتصرت يف مكاتبتك على لفظ منثو

Page 114: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.تقصريك معي ومع نظرائي فيما تقدمفاذكر هذه اليد يل عندك يف عرض ما تقرؤه من هذه الرقعة إليك، وقد شفيت هبا فؤادا كان يتلظى أسفا

زم فناءك طامعا يف على خدمة ضاعت عندك، وحرمة بارت لديك؛ ولعلي قد أطرتك على كثري ممن يلخريك، أو يشقى مبعرفتك ظانا لدرك املطلوب منك، مث ينقلب عنك بقلب أوقد من قليب عليك، ولسان

.أذرب من لساين يف عرضك فال القلب حمزون وال الدمع سافح... عليك سالم ال تواصل بعده

" يف اخلسيس النذل إى دون ما يستحق، واهللا ال حاق الشر إال بأهله، وال لصق العار إال بكاسبه، وال قيل .فقد فاتك من سبق" ذق عقق

أنا أوصلت الكتاب إىل أيب الفضل خمتوما بعد : أفادين هذه الرسالة أبو جعفر اخلطيب النيسابوري، وقال يلا منه، قد كتبت اجلواب قبلك، وكان ذلك حتاجز: وعدت إليه أطالبه باجلواب، فقال يل: ما نسخته، قال

.ألنه كان قد انشوى هبا حني قرهاولقد أنشدين ابن أيب الثياب قصيدة يف أيب الفضل، وأنا أرويها ها هنا لتعلم أنه كان مظلوما فيها ويف

كانت جائزيت عليها، بعد : أخواهتا، ولتقف على طريقته احللوة، ومعانيه السهلة، ولفظه اخللوب؛ وقال لنا :القصيدة. ة ال أستجيز ذكرها، ألهنا إن كانت تضع من صاحبها إهنا لتضع مني أيضانظائر تقدمتها، جائز ولهيب أنفاس حرار... برح اشتياق وادكار

ترفض عن نوم مطار... ومدامع عرباتها هللا قليب ما يجن من اهلموم وما يواري

ى وصب اخلمارب وما انقض... لقد انقضى سكر الشبا ر وما سلوت عن الصغار... وكبرت عن وصل الصغا

باب الرصافة وابتكاري... سقيا لتغليسي إىل نشوان مسحوب اإلزار... أيام أخطر يف الصبا

ة ويف حدائقها اعتماري... حجي إىل حجر الصرا وم داريطاين ودار الر... ومواطن اللذات أو

ر حمرم حلو النفار... كم رضت فيها من نفا روض الشقائق والبهار... ورعيت من قطربل

يف ريطتي خز وقار... ورفعتها مسكية ما شئت من نور ونار... يعطي الندمي بزالها

صحب الغواة بال عذار... كيف اعتدال معذل ويعيث يف سبل اخلسار... يف طرق الصبا يستن

س ويدري بقر الصؤار... فيصيد غزالن الكنا

Page 115: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ح مميل شرق السوار... من كل عطشان الوشا ن من الدالل على غرار... بيض غريرات طبع ف شعورهن على املداري... وعقائل تضفو وحا

دف بالزنانري القصار... ن من الروا هيف يصل تاذ باحلبل املغار... وتعلقي من طاعة األس س من ابيضاض وامحرار... لقد اختلست منى النفو

حظ من فتور واحورار... وحلظت ما فتر اللوا ع تجود روض اجللنار... يوم استقلوا والدمو

ه يشي به ليل الطرار... بح اجلبا لهفي على ص ل لعطفة الصدغ املدار... وتواضع اخلد األسي م فقد غنيت عن اهلزار... خذ يف هزارك يا غال

ت هبن تغريد القماري... حسيب بأحلان قمر مل يبق يل عيش يلذ سوى معاقرة العقار

*** د تضاءلت دمي القطار... وإذا استهل ابن العمي

صفو السبيك من النضار... خرق صفت أخالقه هبه بأمواج البحار... فكأمنا رفدت موا نشر اخلزامى والعرار... وكأن نشر حديثه

راحتاه يف نثار... وكأننا مما تفرق مود األناة عن البدار... متثبت يغنى مبح

سب صدره ليل السرار... كلف بطي السر تح ذ به ورأي مستشار... يأوي إىل حلم يعا

دث باحتمال واصطبار... ومرجب يلقى احلوا ر عن التعرض للفخار... يربا به عز الفخا

بة عن مماراة املماري.. .وتصون مسمعه املها جهل املنافس واملباري... ويغول أيسر سعيه

ه وما هلن من استتار... كم يستر الباغي عال هيهات ال خيفى على حلظ العيون سنا النهار

ر هدمت جمد بين زيار... قل للمخيب وشمكي بى جوارك للديارفأ... خربت دور حممد

صميم قلبك باألوار... وقريتها نارا فخص

Page 116: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

رك فاجتثثت من القرار... جلب اجلياد إىل قرا شعث املسوك من اخلبار... زج النسور من الصفا

ة بمثل جنان القفار... تردي كغزالن الفال إليك باألسد الضوارين ... ككواسر العقبان طر

من جموعك يف اغترار... ملا طلعن علمت أنك ن لشدة ذات اليسار... وفللت من ذات اليمي يف التبتي من الصدار... باخليل صان صدورها

من ال يمل من الغوار... ومغاور يغزيهم قع املثارر قساطل الن... ليث يثور فيستثي

حرق من العيون هار... فكأمنا هبواتها تك للمنية واإلسار... يف وقعة قسمت كما

وفررت فيمن ال يعد ملثلها غري الفرار لك خطتي خزي وعار... متسربال من لؤم فع

ية يف البنية واجلدار... هذي النكاية ال النكا ر تنال باهلمم الكبار... إن الكبار من األمو

*** ت هواجس اهلمم السواري... وإىل أيب الفضل ابتعث

ل فما دفعت عن اخليار... ولقد ختريت الرجا بعد ابتالء واختبار... حىت سكنت ظالله

*** د غدو مطلوب بثار... يغدو على حر البال

وتذيقه طعم الصغار... فتذيله فتكاته ***

جيود جود أويل اليسار... فتراه يف العسر املضر ن مرحبا باملستزار... متهلال للزائري

فوقيت أسباب العثار... إين اعتصمت بيمنه م ومن له طيب النجار... يا من له طيب األرو

ر ومن له شرف الدراري... بدو يا من له نور ال ء ومن به حصر الوقار... يا من به مر ض احلبا ة ومن لديه حمى الذمار... يا من لديه حيا العفا

Page 117: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ئر عن علو واقتدار... أنت الذي وهب اجلرا ء جلاره كرم اجلوار... أنت الذي ضمن الوفا مضاؤه يوم اخلطار ر... أنت الذي حاز اخلطا وجريت فيه بال مجار... فحويت مضمار العال رم يف اقتصاد واقتصار... يفديك من ظن املكا د سقوطه دون العثار... فعداه عن طلق اجليا عريت عالك من الثمار... خذها مثار عالك ال

ما يف خلع العذار... عذراء يخجل حسنها :ملا قال أبو حممد: حدثين جريج املقل الشاعر قالو

د غدو مطلوب بثار... يغدو على حر البال .الذي يقبل هذا يف نفسه أكذب مين: فقال! ما أكذبك حلاك اهللا: قلت له

، قد جبت اآلفاق، وسبرت أصناف اخللق يف األخالق، فما رأيت أخس من هذا الرجل: وقال جريج املقل .يعين أبا الفضل

سألت عمن : " كان أبو الفضل يحاجي بكالم له من رآه، وهو: وحدثين أبو غالب الكاتب األصبهاين قالزعما، " شفين وجدي به، وشفعين حبي له، وزعمت أين لو شئت لذهلت عقله، ولو أردت العتضت منه،

"لعمر أبيك، ليس مبزعم

هو أغلب علي وأقرب إيل من أن يرخى له ! نا أراه، أو أنساه وهو يل جتاه؟ هيهاتكيف أسلو عنه وأعذاري، أو خيليين واختياري، بعد اختالطي مبلكه، واخنراطي يف سلكه؛ وبعد أن ناط حبه قليب نائط،

عنه وساطه بدمي سائط؛ فهو جار مين جمرى الروح يف األعضاء، ومتنسم معي روح اهلواء، إن ذهبت رجعت إليه، وإن هربت منه وقفت عليه، ما أحب السلو عنه مع هناته، وما أوثر اخللو منه على عالته؛ هذا

على أنه إن أقبل مل يهنئين إقباله، وإن أعرض مل يطرقين خياله، يبعد علي مناله، ويقرب من غريي نواله، مسافات النفس املتقاربة، وصدق مرامي الظنون الكاذبة، ويرد عيين خاسية، ويثين يدي خالية، وقد بسط

وصله ينذر بضده، وقربه يؤذن ببعده، يدنو عدل ما يربح، ويأسو مثل ما جيرح؛ فحاله أحوال، وخلته احلسن من عوائده، واجلمال من منائحه، والبهاء من فصوله وصفاته، والسناء من . خالل،وحربه سجال

نعوته وسماته؛ امسه طبق ملعناه، وفحواه وفق لنجواه،وال يتشابه حااله، ويتضارع قطراه، من حيث تلقاه يستنري، ومن حيث تغشاه يستطري؛ كالبدر بني سعوده قد وسطها وحفت به يقدمه النسران، ويتلوه نطاق

ن فرقتهما اتفقا، وإن ألفتهما تفرقا، يقبل اجلوزاء، وهكذا؛ ولو قلت إن الواسطة الغميصاء هلا هاد وتابع، إ .لصدقت -بشوك السيال، ويدبر بسفى البهمى، ويعترض بسود قصار سواسية كأسنان احلمار

.فأبن يل ما قلته، فهو تعريض كالتصريح، ومتريض كالتصحيح، والسالمدلف اخلزرجي يف أوائل علته اليت هنكته وحالفته، كتب أبو الفضل إىل أيب : وحدثين أبو غالب الكاتب قال

Page 118: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

اآلن علمت، أيها الشيخ، أنك يل مكايد، وإىل مجيع ما أهناك عنه خمالف، وعلى : " يثعاتبه ويعابثه فقالديدنك املعروف ثابت، وبفضلة لسانك مسحور، وبشائع حلمي عنك مغرور، وليت ثقتك بذلك ال

يتطاول بك، واغترارك بغريي ال يزلك، وليتك، إذ قد ضللت سواء السبيل يف ختونك، وتطويل عليك ال .حظك، شاورتين فكنت ال أخبل عليك باهلداية

شكوت إليك أوائل هذه العلة اليت قد ختونتين وهنكتين وكان التاليف سهال، وباب العافية مفتوحا، ! يا هذا تدبريها، وكنت لشكري على ذلك حائزا، ومبقترحك مين فائزا، فوعدت بالقيام عليها وبذل النصيحة يف

فتقاعست عين بال عذر، ووقفتين بني وصل وهجر، فلم أدر كيف أخاطبك، وعلى ماذا أعاتبك؛ ألين يئست من نجوع العتاب فيك، ومن إحاكة اخلطاب يف قلبك؛ وألنك مشهور بقحة، ومذكور بسالطة،

.جار على الكذبومعتاد للبهت، ووأول ذلك أنك تدعي بنوة حممد بن زكريا من ناحية ابنته، وقد شاهدت حممدا وما خلف بنتا، وال ولدت

بنت مل تكن له ابنا، ولو كانت له بنت وولدت ابنا مل يكن أنت، ذاك للغوائل اجملموعة فيك، والعيوب .املتناثرة عليك

ليك يف تدبريها صرعا وال صداعا، وال جنونا وال جذاما، وال صمما، وال ولك تكن العلة اليت رجعت إبكما، وال فالجا، وال لقوة، وال سكتة، وال زمانة، وال شلال، وال أدرة، وال علة ال يقوم بربئها إال املسيح

ت فرجها؛ ومل حتتج يف مداوايت إىل الرقى الذي هو كلمة اهللا اليت ألقاها إىل مرمي ابنة عمران اليت أحصنوالتمائم، وال إىل النفق يف األرض، أو إىل الطريان يف السكاك، وال إىل يد بيضاء كيد موسى ابن عمران، وال عصا موسى، وال إىل قميص يوسف، وال إىل عرش بلقيس، وال إىل لوح من سفينة نوح، وال إىل فلذة

، وال إىل الصدفة )وفديناه بذبح عظيم: (الذي فدى اهللا به ابنه إسحق، كما قال اهللا تعاىلمن كبش إبراهيم اليت فيها الدرة اليتيمة، وال إىل شطبة من سنام ناقة صاحل، وال إىل زبرة من زبر احلديد الذي جعل ردما

بقرة بين إسرائيل اليت ذحبوها وما كادوا يفعلون، وال إىل أدمغة ليأجوج ومأجوج، وال إىل عس من لنب، )إرم ذات العماد اليت لم يخلق مثلها يف البالد(الطري اآلبابيل اليت رمت حبجارة من سجيل، وال تربة من

من الربق الذي خيطف األبصار، وال وال إىل قطعة من السحاب املسخر بني السماء واألرض، وال إىل ملعة إىل مثقال من صوت الرعد الذي يسبح حبمده تعاىل، وال إىل ذرة من الشمس اليت جعلت ضياء للعاملني،

وال إىل قبضة من القمر الذي جعل نورا ألهل اخلافقني، وال إىل صبغ من األصباغ اليت تظهر يف قوس قزح ، وال إىل مثقال من السراب الذي حيسبه الظمآن ماء، وال إىل شيء من شحم الذئب غب األنداء املتصلة

الذي مل يأكل يوسف، وال إىل ناب الكلب الذي كان باسطا ذراعيه بالوصيد الذي لو اطلعت عليه لوليت ي األبيض الذي ال يوجد، وال إىل حيلة منه فرارا ولملئت منه رعبا، وال إىل الكربيت األمحر، وال إىل املوميا

بلنياس وال إىل قطرات من ماء احليوان تعجن به هذه األدوية، وال إىل منخل تنخل به، وال إىل ذنب شعر قط، حمار عزير الذي أماته اهللا مائة عام مث بعثه، فتنخل به العقاقري، وال إىل مرارة العنقاء املغرب اليت مل تر

وال إىل مخ البعوض، وال إىل بيض األنوق، ومل حتتج يف تدبري عليت ومجيع أدوييت إىل هنار ال ليل بعده، وال

Page 119: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

إىل ليل ال هنار بعده، وال إىل هنار موجل يف ليل، وال إىل ليل مولج يف هنار، وال إىل زمان خيرج من أن يكون .ريفاربيعا أو صيفا أو شتاء أو خ

ولو ظننت أن هذه كلها أو بعضها تلزمك أو تدخل يف تكلفك آلثرت املوت على العافية؛ فإن يف املوت أبو : خالصا منك، ومفارقة ملثلك، وواهللا ما أندب إال حسن ظني بك، ومباهايت أهل جملسي بفضلك، وقويل

ء ذلك جدا، وإن أردمت حقيقة ما أقول فافزعوا ال تنظروا إىل هزله، فإن ورا! دلف وما أدراك ما أبو دلفإليه يف حوائجكم؛ فإنكم جتدونه يف قضائها قبل إهنائها؛ وهو املرء الذي قد مجع اهللا له بني املنظر واملخبر،

فما زلت أقول . وبني الدعوى والبينة، وبني القول واحلجة، وبني الضمان والوفاء، وبني الصداقة والشفقةذا أو شبهه، وأصحايب يشيعون قويل مبثله يف الظاهر، ويخالفونين بعلمهم يف الباطن حىت كان الفلج هلم ه

ساعة هذه؛ ألين احتجت إىل علمك فخنت عهدي، وأقبلت عليك فأعرضت عني، ووهبت لك كلي مل : ستفدت مبعرفتك جتنب مثلك؛ ويقالولقد ا" فيارب مظنون به اخلري يخلف " فبخلت ببعضك علي؛

يهلك من مالك من وعظك، ومن أطلعك على خبيئه من خريه وشره، فقد أراحك من طويل الفكر فيه، " .وكفاك خطر التجربة له والسالم

ه، وخفت عملت يف املسودة شيئا، مث مل أجسر على إظهار: ما أجبته عن هذا الكالم؟ قال: قلت أليب دلفصولته ونكايته وشره وغائلته؛ ومما قد حدث يف رؤساء زمانك أهنم حيقدون على األتباع، وال يعرفون

.حقهم يف اخلدمة والطاعةملا رجع ابن عباد من : وكنا يوما عند ذي الكفايتني مبدينة السالم، فجرى حديث بغداد، فقال ذو الكفايتني

رأيت بغداد يف البالد، : كيف رأيت بغداد؟ قال: - نضر اهللا وجهه - رئيس بغداد، قال له األستاذ ال .كاألستاذ يف العباد

ملا انصرف أهل خراسان سنة مخس ومخسني وثالمثائة أمام الغزاة من : وحكى أيضا يف هذا اليوم عن أبيه قالأخذ الرئيس يبين حول دار ركن الدولة الري، بعد احلادثة اليت جرت ودفع اهللا حدها، وأعاد نضارهتا،

.حائطا عظيما .الشد بعد الضرط: هذا كما يقال: فقال له علي بن القاسم العارض

.هذا أيضا جيد لئال تنفلت أخرى: فقالفقال لم طلبت النفس الفرق بني املتشاهبني؟ : ورأيت أبا الفتح ذا الكفايتني يسأل أبا احلسن العامري

ألهنا يف جوهرها، وما هو الئق هبا تأىب الكثرة وتنفر منها، وهي حتن إىل الوحدة بسوسها، وتنزع : العامريوكلما كان . حنوها وتتقبل كل ما أعاهنا على ذلك، ويذلل الطريق هلا؛ والفرق يوضح سبيل الوحدة

كانت أشد حبثا عنه وأهلج بطلبه ألن ظفرها به وكلما كان الفرق ألطف . االشتباه أشد كان الفرق ألطف .يكون أعز، ونيلها مطلوهبا يكون أحلى

فإن الكالم قد يكون يف لفظ اجلد ومعناه : " لم قال اجلاحظ: وقال أبو الفتح يوما آخر البن فارس املعلم .؟ فلم يقل شيئا" اهلزل، كما يكون يف لفظ اهلزل ومعناه اجلد

Page 120: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

قد صدق أبو عثمان، هذه خاصة مذاهب العرب، ولكن لم عرض هذا يف أخبارها، وأدىن : أبو الفتحفقال .ما فيه أن يدل على وضع الشيء يف غري موضعه؟ فلم يحره شيئا

إن إفراز اجلد من اهلزل، ومتييز اهلزل من اجلد حىت ال يؤتى هبذا يف هذا، وال هبذا يف هذا لنوع من : فقال هوخلطر على املتكلم البليغ والقائل البين، ولو جرى على ذلك كان االقتدار يبطل احلد امللزوم، والسعة ا

.تضيق الغاية املبلوغةوملا كان البيان ال يكون بيانا، والبالغة ال تصري بالغة إال بأن يكون املتكلم آخذا يف كل واد، قادحا بكل

، وجب أن يدخل اهلزل يف اجلد إمتاعا واستمتاعا، ويدخل اجلد يف اهلزل اقتدارا زناد، مستظهرا بكل عتاد .واتساعا

وأي خصوصية تكون يف هذا، وحنن بالفارسية نرى هذا املذهب، ولعل سائر اللغات على : قال ابن فارسإن : العجم؟ مث قال القول كما قلت، ولكن أين مزية كالم العرب على مجيع ما ألصناف: ذلك؟ فقال

والثاين حتسني اإلفادة، مث التحسني تارة يكون مبعاين . الغرض األول يف الكالم اإلفادة، وجل األمم على هذاالتوكيد، وتارة يكون مبعاين احلذف، وتارة يكون بوزن اللفظ، وبتعديل الوزن، وبتسهيل املطالع، وبتيديل

.يطول إحصاؤه؛ وهو للعرب خاصة، ولباقي األمم عامة املقاطع؛ وهذه األنواع غريها مماوقد اشتمل القرآن على هذا كله، وعلى ضروب أخر مل تن يف عادة القوم فاشية وال كثرية، ولكن : مث قال

كالشيء البديع، أال ترى أنك ال جتد شوافع هذه املعاين اليت يف الكتاب غريبة يف منثور كالمهم وال يف تعلم أهنم كانوا ال يسكتون، وكان ولوعهم بالكالم أشد من ولوعهم بكل شيء، وكل نظومهم؟ وأنت

.ولوع كان هلم بعد الكالم فإمنا كان بالكالمما اتخذ اهللا من ولد وما كان معه من إله، إذا لذهب كل : (فهل جتد معىن قوله تعاىل يف اإلنابة عن التوحيد

.يف شيء من كالم) له بما خلق، ولعال بعضهم على بعضإلو كان معه آلهة كما تقولون إذا البتغوا إلى ذي العرش : (وكذلك أيضا ال جتد ما يشبه قوله عز وجل

).سبيال ).آلهة إال اهللا لفسدتالو كان فيهما : (وكذاك أيضا ال جتد ما يقارب قوله

مث تدبر ). وأنزلنا من السماء ماء بقدر: (، أو قوله)وما ننزله إال بقدر معلوم: (وكذلك ال جتد ما يداين قولهإن يف : (، وقال)فسالت أودية بقدرها: (وقال ،)ثم شققنا األرض شقا: (، وقال)إنا صببنا املاء صبا: (قوله

ويف : (، وقال)خلق السموات واألرض واختالف الليل والنهار والفلك اليت تجري يف البحر مبا ينفع الناسمن يحيي العظام : وضرب لنا مثال ونسي خلقه، قال: (، وقال)ونخلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقن

الذي جعل لكم من الشجر : (، وقال)يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم: وهي رميم، قليأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من : (، وقال)م منه توقدوناألخضر نارا فإذا أنت

ا نشاء إلى في األرحام متراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقرىل أرذل العمر لكيال أجل مسمى ثم نخرجكم طفال، ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إ

Page 121: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ليها املاء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج يعلم من بعد علم شيئا، وترى األرض هامدة فإذا أنزلنا عإن الذي : (وقال). ومن آياته أنك ترى األرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت: (، وقال)بهيج

).شيء قدير أحياها لمحيي الموتى إنه على كلوهذا سبك بديع، وأسلوب معجز؛ ولو كانت العرب نغمت هبذه املعاين بعبارات دون عباراهتا، أو : مث قال

حلمت هبذه العبارات مبعان دون معانيها، لكنا نقف ونترجح، ونرتاب ونضطرب، فأما وشيء ال يصاب ى؟ مث هب أهنم كانوا مصروفني عنها يف األول وهم ال هلم، ال على وجه التشبيه وال على التحقيق فماذا يبق

.يأهبون هلا، هال تصرفوا فيها يف الثاين وقد تحدوا هبا؟ إن هذا لواضحوكان مع شبابه وكثرة أشغاله مليئا هبذا الفن، ولقن أكثره من معلمه ابن فارس؛ فإنه قد ذلل هذا وأشباهه

ري، ويفسر القرآن، ويتكلم على وجوهه ونظائره وتأويالته، وزاد هو له، وكان ينتصب للناس يف جامع الأيضا أعين أبا الفتح بقوته كشفا لغامضها، وإبانة ملا خفي منها؛ وكان على كل حال أمثل طريقة من والده

:أيب الفضل الذي سمع ينشد هازئا يف إال حجة البطلما حجة الس... ومدع يدعي بالسيف حجته

:وينشد نت لقفل الناموس كالمفتاح... لعن اهللا ذا العصا فلقد كا

.وهذا كله دليل على سوء الضمري، وخبث العقيدة، وشدة اجملاهرةمل : " بد الوهابإىل ابن ع" التربيع والتدوير " قال أبو عثمان يف رسالته يف : قال أبو الفتح يوما أليب سليمان

صرنا تنذكر الشيء املهم فال نقدر عليه حىت ندعه يأسا منه أمجع ما نكون نفسا وأحسن ما نكون تدبرا، مث وأنا " . يعارضنا وخيطر على بالنا يف حال شغل أو حال نوم، وأسهى ما نكون عنه وأقل ما نكون احتفاال به

.أحب أن أمسع من الشيخ فيه قوالليست النفس على قدرة إرادة اإلنسان منها، بل اإلنسان على قدر مراد النفس؛ ألن : ال أبو سليمانفق

النفس هي مالكته ومدبرته ومقومته ومتممته وحمركته؛ فلو كان اإلنسان إذا أراد إذكارها أذكرها، وإذا على إرادته، ومتصرفة بتصريفه وإرادته، إمنا أراد إنساءها أنساها، كانت النفس حتت ملكة اإلنسان وجارية .هي منها ويقوم هو هبا، وكما له من جهتها، ومتامه من معونتها

فلهذه احلال قد يتذكر الشيء فال جيد من النفس إجابة له يف ذكر ذلك الشيء، وقد يسهو عن ذلك الشيء ا، وإمنا يكون هذا منها يف الفينة بعد الفينة؛ ولو فيلقى عليه أغفل ما يكون عنه ألنه موجود عندها عتيد قبله

مل يتذكر اإلنسان شيئا مجلة، لكانت النفس الناطقة مغمورة، ولو تذكر كلما شاء لكان قد صفا كل .الصفاء، فأما وقف بني هاتني املنزلتني تذكر مرة فذكر، وسها مرة فحصر

.وطال كالمه يف حديث النفس، واتسع يف فنون منه :أنت كما قال األحوص! عني اهللا عليك أيها الشيخ: لما انتهى قال له أبو الفتحف

كالشمس ال ختفى بكل مكان... إين إذا خفي الرجال وجدتين

Page 122: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

أنمي على البغضاء والشنآن... إني على ما قد علمت محسد تشرفين وترفع شاينإال... ما تعتريين من خطوب ملمة

تخشى بوادره لدى األقران... فإذا تزول تزول عن متخمط .فلله درك ودر زمان أنت من أهله

سعادة ذي الكفايتني هي اليت نعشتين عنده، وهيأت وصفي على لسانه، وزودتين فخرا : فقال أبو سليمانبذكره؛ ولقد كنت غضيض الطرف حىت رأيته، كليل اللسان حىت وصفته، خبدمته، وأبقت ذكري منوها

وإن فسح اهللا يف املدة فسأستقبل خلق العيش جديدا، . مبخوس احلظ حىت عرفته، خامل الذكر حىت خدمته .واحلق مفقود املىن موجودا

لفضل، أمر بأن ينقل املطبخ إىل أول ما عيب على هذا الفىت أنه بعد موت أبيه أيب ا: وحدثين اخلليلي قال .احلمد هللا، صار الطعام حرا واخلبز عورة، والقدر والغضار حرمة: دار النساء، فقال الناس

واهللا ما أراد هبذا إال أن يصان اخلبز كما تصان ذوات اخلمر وصواحب املقانع، وإن هذه لغرية وضعت يف :لهمث أنشد لدعبل قو. غري موضعها

إي والرغيف فذاك البر من قسمه... صدق أليته إن قال مجتهدا فإن موقعها من حلمه ودمه... وإن مهمت به فافتك خببزته على جراذقه كانت على حرمه... ما كان أحسنه لو أن غيرته

داره خلف شجرة كبرية، والزمان قيظ، واهلاجرة محتدمة، وهو أيضا كنت واقفا يف صحن : قال اخلليليقد جعت فأصلحوا الطعام، وصيحوا هبؤالء : فقال خلادم بني يديه. واقف جتاه تلك الشجرة ال يلحقين طرفه

.األكلة الطغامألقط قدمي حىت صرت إىل الباب، فنزت يف نفسي أنفة سدت ما بيين وبني السماء، فرجعت القهقري : قال

سقطت من عايل السطح، وانكسرت : وفت إىل املنزل؛ وطلبت فاحتجبت، مث طلبت فاحتجيت، وقلت .ساقي؛ وبقيت على هذه التعلة حىت فرج اهللا بالقبض عليه

كابد من ستر هذا الداء وهذا عرق كان ينبض فيه عن أبيه؛ فإن أباه كان غاليا يف هذا اخللق، وكان ي: قالولقد حضر ابن بندار يوما، وكان يأكل معه، فنظر إىل غضارة قد ملئت ثريدا . على نفسه أمرا عسريا

:فأنشد جنوم الثريا أو عيون الضياون... ثريد كأن الشمس يف حجراته

بن ثابت، والنيب عليه السالم ال يرضى بلعن من قائله حسان: فقال ابن بندار! أف، لعن اهللا قائله: فقال .فسكت خزيان" . قل ومعك روح القدس : " يقول له حاضا على جواب املشركني

أحب أن أعلم ما : وكان ينجم من قلبه يف الوقت بعد الوقت بغض العرب واألكلة؛ أنشد يوما بيتا، وقال :يريد األعرايب بقوله

كلون الراء لبده الصقيع... ودك السديف على لحاهم ترى فقال . وما انتصف منه أحد كأيب العباس ابن بندار؛ فإنه جرى ليلة حديث العرب والقبائل واألنساب: قال

Page 123: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

:أسد عرق وشيج ورحاك ونشيج وطراز نسيج، فقال ابن بندار: أبو الفضل وكان سمينا كلبه فهو آكله... يوما ببلدة إذا أسدي جاع

.فتغافل أبو الفضل كأنه مل يسمع، وكان حليما محوال لئيما ذلوال

أحدثك من حلمه بأعجب من هذا؛ كنا بأذربيجان ملا افتتحناها إلبراهيم بن املرزبان وقررناها يف يده : وقالين بغدادي حسن احلذق، بارع الصناعة، مشهود له بصواب الرأي اتفق أن ظفرنا هناك بطبيب نصرا

وجودة التدبري، فأدناه أبو الفضل ورضي هديه، ومحد رأيه وقوله، وكان خيصه بالرب والتحفة؛ فكان من أمره بيب أن أبا الفضل شرب غداتئذ قدحا من شراب الرمان، فبقي يف أسفل القدح قليال، ومد يده إىل الط

.اشرب هذه البقية: يناوله، تكرمة له، ويقول له .، وأمسك عن القدح" نهى نبيكم عن سؤر الكلب : " فقال له الطبيب

.فاصفر وجه أيب الفضل، ومل ينطق بكلمة، وال أساء إليه، وال اعتذر ذاك من فرطتهب علي نسج الرسالة على مذهب ولقد اضطر. ولتدافع احلديث ما أخرج من ذكر هذا إىل شأن ذاك

.املصنفني، ولكن عذري بين، ألين نقلت ما نقلت يف وقت صعب وحال عوراء .سألت العتايب، شيخا من أهل أصفهان كان صحب ابن عباد يف أيام احلداثة، عن ترك ابن عباد الشراب

عا إىل الفجور به، وملا فشا هذا واهللا ما ترك ما ترك هللا، ولكن تركه أنه كان إذا سكر افتضح ود: فقال .وقبحت القالة هجره، وأظهر ذلك لتقوى اهللا، أو لوجه اهللا تعاىل

فال : (ال تقل حرجت نفسه، إمنا احلرج للصدر، قال اهللا تعاىل: ورأيت ابن عباد يوما يقول البن أيب هشام ).يكن يف صدرك حرج منه

فعرق جبينه خجال؛ وكان ). ثم ال يجدوا يف أنفسهم حرجا مما قضيت: (من قوله تعاىلفأين أنت : فقال له .ذاك سبب إعراضه عن هذا الشيخ، وانقالبه عنه باحلرمان

.وتفسريه شيطان صغري: ديوجه، قال: كان هذا، يعين ابن عباد يقال له يف املكتب: وقال يل العتايب، فقال " وكان ذلك النطالق لسانه : " كلمته يف شيء يوما، وقلت يف عرض الكالم: ن الرازيوقال يل اب

" .اخسأ، االنطالق يف الشيء والطالقة يف اللسان : " له :ما تصنع بقول األول وهو يزيد بن الصعق خياطب النابغة الذبياين: فقلت له: قال

له صردان منطلق اللسان... وأي الناس أغدر من شآم .فخمد وحقد: قال

.هكذا قال بفتح القاف، وكان فصيحا" وال بد من شيء يعني على الدهر : " وقال يوما يف اجمللس، وهو حيدث عن رجل أعطاه شيئا فتلكأ يف قبوله

.أنا أحفظ ذاك :فقلت. قد سألت مجاعة عن صدر هذا البيت فما كان عندها ذاك: مث قال .قد نسيته: فما هو؟ قلت: فنظر إيل بغضب وقال

.ما أسرع ذكرك من نسيانك: قال

Page 124: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.ذكرته واحلال سليمة، فلما حالت على سالمتها نسيت: قلت .نظر الصاحب بغضب، فوجب يف حسن األدب أن ال يقال ما يثري الغضب: وما حيلولتها؟ قلت: قال :قال الشاعر: قلت! عليك؟ دع هذا وهات ومن تكون حىت يغضب: فقال

أصادف أقواما أقل من الذر... أالم على أخذ القليل وإنما وال بد من شيء يعني على الدهر... فإن أنا مل آخذ قليال حرمته

.فسكتس ابن العميد أيب الفضل، وكان ابن عباد ورد إىل الري سنة مثان ومخسني مع مؤيد الدولة، وحضر جمل

.وجرى بينه وبني مسكويه كالم، ووقع جتاذب .فدعين حىت أتكلم، ليس هذا نصفة، إذا أردت أن ال أتكلم فدع على فمي خمدة: قال مسكويه

وطارت النادرة، ولصقت وشاعت . أنا ال أدع على فمك خمدة، ولكن أدع فمك على املخدة: فقال له .وبقيتث ابن عباد مع أيب عبد اهللا احلصريي فمن الطرائف؛ كان هذا احلصريي من أسقط الناس وأنذهلم، فأما حدي

فلما ورد ابن عباد الري تقرب إليه وعرض نفسه عليه، وسأل أن يلقنه املذهب، فحقره ابن عباد، وكان ال .يهش له

: يار، وينادي بصوت جهري ويقولفجعل احلصريي يقف يف األسواق والشوارع العظام، واملربعات الكفإنه قد بسط العدل، : مث يقول بالفارسية! ادعوا اهللا للصاحب اجلليل، إمساعيل الذي ليس له يف الدنيا عديل

وأحيا العلم، وبث املكارم، وآوى الغرباء؛ ال يشرب اخلمر، وال يعفج الغلمان، وال خيلو باملردان، وال .اخذ الرشا، وال يقبل املصانعات؛ هناره يف امللك، وليله يف دراسة العلميتقحب بالنساء، وال ي

.وأشباه هذا الكالم الشنيع

وكان أهل الري يقفون ويسمعون ويضحكون ويسخرون، والبلد . وكان املنظر عجيبا، واملسمع أعجب .يغلب على أهله النوادر والعيارة

.د، وشنع به على احلصريي، واستؤذن فيه لينهى عنه ويزجرفلما تواىل ذلك منه، نمي إىل ابن عبا .ال تفعلوا فإن باله ينكسر، ونشاطه يذهب، دعوه على شدته يف املذهب وحدته على أهل الكذب: فقال

اجلس يف األسواق عند الباقالين وعند الصيدالين، وعند املراق، : وكان له آخر يلقنه بالفارسية، ويقال له، وادعه إىل املذهب، ولك مشاهرة تدر عليك، وبر يف " العدل والتوحيد " ند اهلراس، واطرح له حسن وع

.كل وقت يصل إليك، ولك اجلاه العريض يف الوصول إيل، واخللوة معي؛ وكان يقال هلذا الرجل الفقاعيهذا؛ وكان يقال هلؤالء دعاة ورأيت آخر يقال له أبو علي اإلسكاف، وكان أشف من الفقاعي، على

.الصاحب، وخاصة الصاحبدعين حىت أكون ! أيها الصاحب: واجتهد باحلسني املتكلم الكاليب أن ينتقل إىل مذهبه، فتلطف حسني وقال

مشحذا لك، فما بقي غريي، وإن دخلت يف املذهب مل يبق بني يديك من تنثو عليه قبيحه، وتبدي للناس

Page 125: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.عواره! قد أعفيناك يا أبا عبد اهللا، وبعد ما نبخل عليك بنار جهنم، اصل هبا كيف شئت: ن كالمه وقالفضحك م

أ تراين أصلى بنار جهنم وعقيديت وسرييت معروفتان، ويتبوأ هو اجلنة مع ! يا قوم: قال لنا حسني بعد ذلكعجب، واهللا لو كان من املرجئة لكان قتل األنفس احملرمة، وركوب احملظورات العظيمة؟ إن ظنه بنفسه ل

.خموفا عليه، فكيف وهو يدعي الوعيد، وخيوف بالتخليد؟ لحا اهللا الوقاح :ما صدر قول الشاعر: وقال يوما

واملشرب العذب كثري الزحام؟ .فسكت اجلماعة

.فشا النفص، وذهب احلفظ، ومات األدب - واهللا -قد : فقال :صدره: لرازيفقال ابن ا

يزدحم الناس على بابهكان أبو : ما عرفتك إال متعجرفا جاهال، أما كان لك باجلماعة أسوة؟ ومسعته يقول: فأقبل عليه بغيظ، وقال

:الفضل مطبوعا على معرفة الشعر، وكان ال خيفى عليه جيده من رديه، وكان يعجب بقول الشاعر مجاف وقد قامت عليه الوالئد... ف بيننا وجاءت إىل باب من السج

بوحي تؤديه إليها القصائد... لتسمع شعري وهو يقرع قلبها له نفسا تنقد منه القالئد... إذا مسعت معىن لطيفا تنفست

:هذا واهللا القول، وأنا أعجب بقول اآلخر حني يقول: مث قال ما دمت بني األنام حيا... يب ما زلت أهواك سؤل قل

سقيته من هواك ريا... وكيف يسلو هواك قلب أما خشيت العقاب فيا... أوىل لك اهللا مث أولى يا حب من زارنا بديا... جئت إلينا بغري وعد وازددت حسنا نعم وزيا... حتى إذا ملكت قليب

فصار من دونك الثريا... عنا نفرت نفر الظباءوسنوسع هذه الرسالة بعد هذا التطويل ببعض ما يكون حجة أو عذرا، وإن اعترض حديث سقناه على

يف مساع هذه األشياء ومعرفة هذه -أبقاك اهللا - غره، وعرضناه على حلوه ومره، ولوال أن الفائدة ا، لكان السكوت ممكنا، واإلمساك مستطاعا، والسلم واقعا، األحوال أضعاف الفائدة يف اإلضراب عنه

واإلعفاء سهال؛ ولكن اخلرية ال تقع، واليقظة ال تستحكم، والطبع ال يرتاض حىت تتصفح األمور، وتتعقب :الدهور، وتأخذ نصيبك من االعتبار، وتبعث مهتك على حممود االختيار؛ والشاعر يقول

ويف احلوادث واأليام جتريب... تلقه غمرا ومن يطل عيشه ال :وقال آخر

وجنذني مداورة الشؤون... أخو خمسني مجتمع أشدي

Page 126: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

:وقال آخر ومن يتمل العيش يرأ ويسمع... أ مل تر ما القيت والدهر أعصر

د كشفت طائفتني كبريتني، ومحلتهما على عداوتك ق: وقال يل أصحابنا حني وقف على جرامة هذا الكالمواإلرصاد لك، يعين املتكلمني واملتفلسفني؛ فإن هذه ال تصرب لك على ثلبك ابن عباد، وهذه ال تسكت

.عنك يف نيلك من ابن العميد

ف، مىت كان اخلصم منصفا، وكان مدال باحلق متوقفا، فإن القول معه يسهل، واجلدل خي: فقلت لهرضيت : يا رسول اهللا: واحلديث يفيد؛ وهل أنا إال كمن قال لرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يف حديث

. فلم ينكر ذلك رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم. فقلت أحسن ما عرفت، وغضبت فقلت أقبح ما عرفت .وأنا أروي لك القصة لتكون الفائدة أظهر، واحلجة أنور

أعلم أنه قد جنمت له : ما علمك فيه؟ قال: األهتم للزبرقان، حني قال له النيب عليه السالمقال عمرو بن .مروة، وأنه مطاع يف قومه، وأنه مانع ملا وراء ظهره

.أما واهللا لقد ترك ما هو أفضل من هذا: فقال الزبرقانال، زمر املروة، حديث الغىن؛ ولقد أما إذا قال ما قال فهو ما علمت أمحق األب، لئيم اخل: فقال عمرو

.صدقت يف األوىل، وما كذبت يف األخرى .وضحك رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

.لقد غضبت فقلت أقبح ما عرفت، ورضيت فقلت أحسن ما عرفت! يا رسول اهللا: فقال عمرو " .إن من البيان لسحرا : " فقال النيب صلى اهللا عليه

.لى ما رواه ابن األعرايبفهذا هذا، عومن أظلم ممن طلب من الساخط ما ال يوجد إال عند الراضي، وطلب من الراضي ما ال يصاب إال عند

ولكل واحد من . الساخط؟ ومن كان كذلك فقد رد األمور على أعقاهبا، وأتى املطالب من غري أبواهبالى أين ما هبرجت مذهب املتكلمني، وال زيفت ع. الراضي والساخط شاكلة يعمل عليها، وشيمة يظهر هبا

وعملوا باجلور، وأمروا باملعروف وركبوا " العدل " وإمنا قلت يف أولئك إهنم ادعوا . مقالة املتفلسفنياملنكر، ودعوا الناس إىل اهللا بالقول ونفروا عنه بالفعل، ومل يرجعوا فيما نصروه وذبوا عنه إىل ورع ظاهر

معروف، ويقني ال خالج فيه، كما كان عليه سلفهم وأعالمهم؛ واصل، وعمرو، واحلسن ومن وحترج .جرى جمراهم

وهذا ما ال أحتاج إىل االعتذار منه؛ فإين مسعت الديانني منهم يقولون هذا فيهم، ويرونه من الداء الذي قد .أعضل عليهم

ال عنه أو حصرا له إال ورأيته يقول ويطنب يف ابن مث إين ما رأيت أحدا سكت عن أحد من سفهائهم تغاف .عباد غري خاش وال متحاش، لعظم اآلفة به على املذهب، وتفاقم األمر مبكانه على أهلهلو كنت دائنا حبب : وما قويل هذا فيهم إال كقولك يوم اجتماعنا يف مقربة معروف الكرخي لبعض الشيعة

Page 127: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

رة راجعا إىل صحة السريرة والعقيدة لظهر ذلك يف عفتك وورعك، آل الرسول معتقدا لشرف العتوصالتك وصيامك، وحجك، وعبادتك واجتهادك، وصدقتك ومواساتك؛ مع إحياء الليل وإظماء النهار،

واقتداء بالذين إياهم حتب، وعنهم تذب؛ ومل تكن تقنع من مجيع حماسن املذهب بسب السلف وتضليل .الصاحلني وتكفري السابقني وتدنيس الطاهريناألمة، وثلب

.فقولك هلذا الرجل الشيعي هو قويل للمتكلم إذا كان دعيا، ومل يكن يف مذهبه برا تقياوأما ابن العميد، فمن هذا الذي يتفلسف على بصرية ومعرفة، وهو يرضى سريته، وحيمد هديه، ويراه قدوة

ا تكون بالدعوى باللسان، من غري عمل ومعاناة ورياضة، وقمع للشهوات ويعده سعيدا؟ كأن الفلسفة إمنإذا غلبت، وردع للنفس إذا طغت، واستصالح لألمور بالعدل املؤثر فيها، وطلب السعادة والفوز يف

.العاقبة على ما رمسه علماؤها، وحققه حكماؤهافليت شعري بعد هذا من اخلصم الذي . الكريظن ال تسافر فيه العني، وقول ال يصرب على لفح ! هيهات

ليس القول بالعدل والتوحيد، : يركب البهت، ويدفع العيان، ويسحر العقول، ويطرح األذهان، ويقولواألمر باملعروف، والنهي عن املنكر إال ما هو عليه ابن عباد، وال الفلسفة إال ما كان خيتاره ابن العميد؟

عقل وهنى، وال جيترئ عليه من له حجر وحجا، خاصة إن كان ممن يرب مروته هذا ما ال يقوله أحد ممن له .باحلق، ويصون كلمته عن الكذب، ويغار على عقله من تعنيف معنف، ويأنف لنفسه من لومة الئم

مسعت القاضي أبا حامد املروروذي يقول، وكان سيد الفقهاء يف وقته وإمام أصحابه يف عصره، وعجيب لفضل يف مجيع أموره؛ لو أن رجلني ظاهرين زكيا رجال عند احلاكم، مث سأل احلاكم آخرين مرضيين عن ا

ذلك املزكى بعينه فجرحاه لكان احلاكم ال يقف وال يتحير وال يعيا وال حيصر، ولكنه يقدم اجلرح على حلكمة يف هذا؟ما ا: التزكية ويعمل به دوهنا، ويصري إليه تاركا هلا؟ فإن قلت

إن اللذين زكيا قاال بالظاهر، ورمبا يكثر مثله، ويغلب شبيهه، ورمبا يتكلف يف نظريه بالرياء : قيل لكوالسمعة، والنفاق واخلديعة، واخلتل واحليلة؛ فلو مل يكن هذا ألمضيت التزكية على ظاهرها، وعملت هبا،

مرضيني عن املزكى فجرحاه، فكأمنا علما من باطن أمره فأما إذا استنظهرت فسألت آخرين. وسكنت إليهافكان هذا . وخايف حاله وكنه غيبه، ومطوي شأنه ما توارى عن عرفان من ركاه، وخفي على حبث من عدله

.عندي بالقبول أوىل والعمل به أحرى .هذا ما قاله هذا الرجل العالم، وهلك سنة ثالث وستني وثالمثائة

ليس بصغري القدر، وابن العميد مل يكن خامل الذكر، وما فيهما إال من هو غرة - عباد حفظك اهللا وابنزمانه، وتاريخ دهره، لنباهته وصيته، وطول أيامه وامتداد دولته، ومواتاة مراده، وطاعة الناس له، وتوجه

ملزق، أو يدعي الباطل عليهما األطماع إليه؛ فكيف يجزف احلديث عنهما جمزف، ويلزق الكذب هبما مدع؟ هذا ما ال يطمع فيه حصيف، وال يعمل عليه عاقل؛ ولكن حديث الدين والكرم والعقل واجملد

والسرية واهلدى واجلود والبذل، ليس من حديث اجلد والفتح واخلتال واإلنفاق والدولة والسناء واملرتبة يف .شيء

Page 128: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ضل كله عند هذا املخالف يف كتاب ينشأ ومعىن يقتضب، وقصيدة تنشد، ورسالة اللهم إىل أن يكون الفتحبر، ومسألة تتداول بالعي والبيان، ودعوى تتناقل بالشبهة، وعربية تشقق تشقيقا، وكلمة تزوق تزويقا،

مبا غث ومسن، وشبهة تركب مبا وباطل ينصر حلاجة تدعو إليه، وحق يرفض ألمر حيمل عليه، وخصم يفحم .ظهر وبطن

أو يكون الفضل عنده، والتمام لديه يف األمر والنهي، والعزل والوالية، والقبض واملصادرة، والكيد والغيلة، واالستخراج واحليلة، والغاشية واحلاشية، واخلدم واحلشم، والدور والقصور، واملراكب واملواكب،

بإمحاع األولني -اخلصم مقبوال، وكل ما يأباه مرذوال؛ فأما أن يكون الفضل فيكون كل ما يدعيهيف الدينونة والتأله والعفاف والتحرج والكرم، والطهارة والتقزز والنزاهة -واآلخرين، واملاضني والغابرين

ء واإلرضاء والتغافل والتسمح والرب والرقة والرمحة واجلود والعطية واحللم والعفو واإلبقاء واإلغضاء والوفاوالتعهد، والبشر والطالقة، والدماثة والشجاعة وطلب الذكر اجلميل من كل أحد، إما للساعة وإما لألبد،

.فينبغي على هذا أن ال يكون لكالم اخلصم سامع، وال لدعواه مصدق وال حلكمه مجيزع من عند ابن عباد، لقيه جبرجان مؤديا إليه رسالة من بغداذ، لقيته قلت أليب الوفاء املهندسن وكان قد رج

كيف شاهدت ابن عباد، فإنك صيريف الناس يف : باملرج يف ليلة عمياء باملطر والربد والثلج والسيل العرممادح نفسه : ببغداد يقال ملثله عندنا بنيسابور عندنا طبل هرثمي، ويقال ملثله عند إخواننا: الناس؟ فقال

يقرئك السالم؛ وهو مع هذا عند أصحابه رقيع طيب، وعند الكتاب أمحق غليظ، وعند سفلة املعتزلة واحد الدنيا، وعند الفالسفة طائر طريف، وعند الصاحلني ظلوم قاس، وعند اهللا فاسق عاص، وعند أهل بلده أفاك

.أثيم، وعند اجلمهور شيطان رجيمأين ابن عباد من ابن العميد؟ فقد زرهتما منتجعا، وزرهتما : السلم حتية بن علي الشاعر القحطاينوقلت أليب

.مجيعاكان ابن العميد أعقل، وكان يدعي الكرم، وابن عباد أكرم، وهو يدعي العقل؛ ومها يف دعوييهما : فقال

.كاذبان، وعلى سجيتهما جاريان :شاعرأنشدت يوما على باب ذاك قول ال

مجال وال مال متنى انتقالها... إذا مل يكن للمرء يف دولة امرئ يؤمل أخرى وهو يرجو زواهلا... وما ذاك من بغض هلا غري أنه

.انج بنفسك فإين رأيتك بعد هذا أولغت الكالب دمد: فرفع إليه إنشادي، فأخذين وأوعدين، وقال يلمنذ أيام فأنشدت البيتني على سهو، فرفع إليه احلديث، فدعاين ووهب يل وكنت قاعدا على باب هذا .ال تتمن انتقال دولتنا بعد هذا: دريهمات وخريقات، وقال

أنشدين . وأبو السلم هذا من أغزر الناس يف الشعر، حيفظ الطم والرم، وكان طيب اإلنشاد، رخيم النغمة :البن حسان ال يفسدان ولكن يفسد الناس... يف طول اختالفهما إن اجلديدين

Page 129: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

إن املطامع فقر والغىن الياس... ال تطمعا طمعا يدين إىل طبع إذا حتارس أهل املال، حراس... للناس مال ويل ماالن مالهما

س مما يملك الناسومايل اليأ... مايل الرضا بالذي أصبحت أملكه كيف : مسعته وهو يقول للتميمي الشاعر. الرجل جمنون، يعين ابن عباد، ويف طباع املعلمني: وقال يل اخلليلي

تقول الشعر؟ وإن قلته كيف جتيده؟ وإن أجدت كيف تغزر فيه؟ وإن غزرت فيه فكيف تروم غاية وأنت ال لعثلط، وما اجللعلع، وما القهقب، وما الطرطب، وما القهبلس، وما تعرف ما الزهلق وما اهلبلع، وما ا

اخليسفوج، وما اخلزعبلة، وما القذعملة، وما العرومط، وما السرومط، وما الدودرى، وما املكورى، ومارشب، وما الصقعل، وما اجلردحل، وما الدردبيس، وما العفشليل، وما القفشليل، وما اجللعبى، وما الق

الطرطبيس، وما العلطميس، وما اجلرعبيل، وما اخلنعبيل، وما العباريد، وما العبابيد، وما العباديد، وما إنه لظريف وال تباعة؛ وما الفرق : وما معىنالنقاب، وما اجلرفاس، وما اللووس، وما النعثل، وما الطربال؟

بني العذم والرذم، واحلدم واحلذم، واخلصم والقضم، والنضح والرضح، والقصم والفصم، والقصع ر، وما اليستعور، والفصع، وما العبنقس، وما الفلنقس، وما الوكواك والزونك، وما اخليتعور، وما السيتعو

:قال الشاعر. وما احلرذون، وما احللزون، وما القصدر، وما اجلمعليل جاءت خبف وحتني ورجل

جاءت متشي وهي قدام اإلبل مشي اخلمعليلة باحلرف النقل

:ورأيت بعض اجلهال باللغة يصحف هذا ويقول: قال خبف وحنني ورخل

.عين ابن فارس معلم ابن العميد أيب الفتح: ذا؟ قالمن عين هب: قلت للخليليأ فهذا الضرب من الكالم مما جيب أن يفتخر به، ويتدفق به، إنك يا أبا حيان لو رأيته مييس : قال اخلليلي

وهو يهذي هبذا وشبهه، ويتفيهق فيه، ويلوي شدقه عليه، ويقذف بالبزاق على أهل اجمللس، حلمدت اهللا .لعافية مما بلي به هذا الرجلتعاىل على ا

وبعد فما بني الشاعر وبني هذا الضرب؟ الشاعر يطلب لفظا حرا، ومعىن بديعا، ونظما حلوا، وكلمة .رشيقة، ومثاال سهال، ووزنا مقبوال

يا : قال يلفما بال الناس، مع علمهم برقاعته وجنونه، قد لزموا فناءه، وتزامحوا على بابه؟ ف: قلت للخليليخلت الدنيا من الكرم والكرام، واصطلح الناس على قلة املباهاة بالفضائل، وكان هذا كله منوطا ! هذا

باخلالفة، فانقضت أيام الصدر األول بالدين اخلالص، وأيام بين مروان بالرياء والسمعة، وأيام بين العباس .ا شيءباملروات والتوسع يف الشهوات، ومل يبق بعد هذ

وال بد للناس من االنتجاع، أخصبت البالد أم أجدبت، واحلرف ال تسع اخللق، واملرتبة الواحدة ال حتفظ النظام، وال بد للناس من التقسم بني الرفعة والضعة، وعلى ما بينهما من األحوال؛ على أن الكرم والعطاء،

هذا . فقدت منذ زمان، وقامت عليها النوادب يف كل مكانوالبذل وحب الثناء، واهلزة واألرحيية أمور قد

Page 130: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

يا أمري : دخل النوشجاين على املأمون، فقال: ثمامة املتكلم حيكي بلسانه، وهو صاحب املأمون، قال .ما يف بيت مال الصدقات درهم، وقد كثر الغارمون! املؤمنني

هنا أناس ال حرفة هلم، وا إفضال من موسريهم وكيف ال يكثرون وثالثة أرغفة بدرهم، وها: فقال املأمونعلى معسريهم؟ أما واهللا لقد شهدت أيام الرشيد واخلراج أقل وأرذل، وإن فيها ألكثر من مائة يد باخلري

.طويلة، وبالعطايا سائلة، وللمعروف باذلة، ولألرحام واصلةاهللا أن غىن فقرائكم يف أكثر من واهللا لو علم : وروى عن سابق بين هاشم يف هذا أعجب كالم، قال

.فتبارك اهللا رب العاملني. زكوات أغنيائكم لفرض هلم ذلكأين أولئك الربامكة؟ وأين حنن منهم اليوم؟ كان معروفهم يسع الصغري والكبري، ويهم الغين والفقري، مرذة

.يغرف ومرة ينزف، ما هلم هم إال تثمريه

نها، إين واهللا ألحسبهما فرقا من املال فيمن جلأ إليهما وطلب معروفهما ومن أولئك زبيدة بنت جعفر وابأكثر كم ألف ألف ألف دينار؛ ولقد كان ملن ذكرت بطانة، وللبطانة بطانة، وكان هلم من املعروف والبذل

جيود يف اجلار واحلميم والسائل وابن السبيل ما لو أحصي لطال ذكره وعظم قدره؛ فما بالعراق اليوم من بدرهم وال رغيف، أو ليس من انقالب الزمان أن صار عبد اهللا بن بشري أحد أجواده، وأحد أبواب

فإذا نظر إىل أهل زماننا مل يقم ! املعروف؟ فما ظنكم بنا وقد حشرنا يف زمرة واحدة؟ مث ميز أهل كل زمان " .راجعون إنا هللا وإنا إليه! " يف املباهاة إال عند اهللا ومالك ابن شاهي

وانظر من كان منهم حمتمال فارم به إىل األطراف وأجنحة الثغور، ومن قل ماله ورث . اكتب هلم إىل البلدانحاله، وقعد به العدم عن احلركة الشاسعة فال تجاوز به املوصل والبصرة، وفرق فيهم ألف درهم، وعجل

.سراحهم األول فاألولم زمانك من زمان املأمون حني قال هذا القول، وميز هذا التمييز، وداواين هبذا حصل اآل: مث قال يل اخلليلي

جمشك عميدي، ويف حديث ابن : حصلنا يف حديث ابن العميد على أن يقال! واهللا إن هذا لعجب. الدواءم وفقد هذا ركاب صاحيب؛ إين ألجد يف صدري غليال ال يربد شيء، من ذهاب الكر: عباد على أن يقال

.الكرام وقلة املبايل بذلكومع هذا لكه أين ابن عباد من ابن العميد؟ فقد خربت ذلك مبالزمتك، وعرفت هذا : قلت للخليلي أيضا

.بتعرضك .أما ذاك فكان ال يعطيك، ولكنه كان ال يطعمك: فقال

وتفسري هذا عندك يا أبا . ه باحلرمانوأما هذا فإنه يطعمك حىت يستفرغك، مث يرميك باحلرمان أو بعطاء شبي .حيان

كان ذاك يدعي الفلسفة دعوى شديدة، ولكن ال ينادي عليها يف : كيف كان علم ذاك من علم هذا؟ قال .األسواق

.وهذا يدعي علم الدين، وهو يعرضه فيمن يريد

Page 131: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

اختالف األضراس، كدر كان مكبوت األنفاس عند: كيف كان ابن العميد يف أمر الطعام؟ قال: قلت له .اإلحساس عند دوران الكاس، وهذا مما خيالف ما عليه كرام الناس

إن كذبوه وخدعوه وموهوا عليه ونافقوه ومتلقوه قرهبم : فكيف كان ابن عباد ألهل العلم؟ قال: قلت .هم وأخزاهموأدناهم، وأكرمهم وأعطاهم، وإن صدقوه وماتنوه وثبتوا له أبعدهم وأقصاهم، وحرم

إذا سألت عنه مشايخ الوقت وأعالم العصر فوصوه مجيعا مبا مجعت لك يف هذا - أكرمك اهللا - فما ذنيب املكان؟ على أين قد سترت كثريا من خمازيه، إما هربا من اإلطالة أو صيانة للقلم من رسم الفواحش، ونث

.حدث بهالعضلة، وذكر ما يسمج مسموعه، ويكره الت .هذا سوى ما فاتين من حديثه، فإين فارقته سنة سبعني وثالمثائة

أو ما ذنيب إن ذكرت عنه ما جرعنيه من موارد اخليبة بعد األمل، ومحلين عليه من اإلخفاق بعد الطمع، مع أن أعامل اخلدمة الطويلة، والوعد املتصل، والظن احلسن؛ حىت كأين خصصت خبساسته وحدي، أو وجب

.به دون غرييانسخ : يقول لك موالي: قدم إىل جناح اخلادم، وكان ينظر يف خزانة كتبه ثالثني جملدة من رسائله، وقال

.هذه فإنه قد طلب من خراسانهذا طويل، ولكن لو أذن خلرجت منه فقرا كالغرر، وشذورا تدور يف اجملالس : فقلت بعد ارتياعدستنبويات لو رقي هبا جمنوق ألفاق، ولو نفث على ذي عائنة لربئ، ال تمل وال تستغث، كالشمامات وال

.وال تعاب وال تسترثطعن يف رسائلي وعاهبا، ورغب عن نسخها، وأزرى : فرفع ذلك إليه على وجه مكروه وأنا ال أعلم، فقال

كأين طعنت يف القرآن، أو رميت الكعبة خبرق . حظه إذا انصرف هبا، واهللا لينكرن مين ما عرف، وليعرفناحليض، أو عقرت ناقة صاحل، أو سلحت يف زمزم، أو قلت كان النظام ما نويا، أو كان العالف ديصانيا،

.أو كان اجلبائي بتريا، أو مات أبو هاشم يف بيت خمار، أو كان عباد معلم الصبيانيا قوم إذا مل أستطع أن أنسخ ثالثني جملدة؟ ومن هذا الذي يستحسن هذا التكليف حىت أعذره وما ذنيب

من أين لك هذا الكالم املفوف : وهو يرجو بعده أن ميتعه اهللا ببصره أو ينفعه بيده؟ مث ما ذنيب إذا قال يل .املشوف الذي تكتب إيل به يف الوقت بعد الوقت

صف وأنا أقطف من مثار رسائله، وأستقي من قليب علمه، وأشيم بارقه وكيف ال يكون كما يو: فقلتومن أين كالمي الكدية ! كذبت وفجرت ال أم لك: أدبه، وأرد ساحل حبره، وأستوكف قطر مزنه؟ فيقول

.والشحذ والضرع واالسترحام؟ كالمي يف السماء، وكالمك يف السماد. سوء جدي، فإنه دليل أيضا على احنالله وحتزقه وتسرعه ولؤمهوإن كان دليال على - أيدك اهللا -هذا

.انظر كيف يستحيل معي عن مذهبه الذي هو عرقه النابض وسوسه الثابت وديدنه املألوفهل وصلت إىل ابن : وهال أجراين مجرى التاجر املصري والشاذياشي وفالن وفالن؟ أو ما ذنيب إذا قال يل

نعم رأيته وحضرت جملسه وشاهدت ما جرى له، وكان من حديثه فيما : داذ؟ فأقولالعميد أيب الفتح ببغ

Page 132: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

مدح به كذا وكذا، وفيما تقدم منه كذا وكذا، وفيما كفى فيه كذا وكذا، وفيما تكلف من تقدمي أهل العلم واختصاص أرباب األدب كذا وكذا، ووصل أبا سعيد السريايف بكذا وكذا، ووهب أليب سليمان

قي كذا وكذا؛ فيزوي وجهه ويتكره حديثه، وينجذب إىل شيء آخر ليس مما شرع فيه، وال مما حرك املنطمث يقول أعلم أنك إمنا انتجعته من العراق، فافرأ علي رسالتك اليت توسلت إليه هبا، وأسهبت مقرظا . له

.فيها، فأمتانع فيأمر ويشدد، فأقرؤها فيتقد ويذهل .ا هنا لتكون زيادة يف الفائدةوأنا أكتبها لك ه

اللهم هيء يل من أمري رشدا، ووفقين ملرضاتك أبدا، وال جتعل احلرمان علي . بسم اهللا الرمحن الرحيم .رصدا

أقول وخري القول ما انعقد بالصواب، ما تضمن الصدق، وخري الصدق ما جلب النفع، وخري النفع ما تعلق دا عن شكر، وخري الشكر ما بدا عن إخالص، وخري اإلخالص ما نشأ عن إيقان، باملزيد، وخري املزيد ما ب

.وخري اإليقان ما صدر عن توفيقملا رأيت شبايب هرما بالفقر، وفقري غىن بالقناعة، وقناعيت عجزا عند التحصيل، عدلت إىل الزمان أطلب

ه عن رضاي مثنيا، وجانبه يف مرادي خشنا، إليه مكاين فيه، وموضعي منه، فرأيت طرفه عين نابيا، وعنانوإنفاقي يف أسبابه سيئا، والشامت يب على احلدثان متماديا؛ طمعت يف السكوت جتلدا، وانتحلت القناعة

رياضة، وتألفت شارد حرصي متوقفا، وطويت منشور أمري متنزها، ومجعت شتيت رجائي ساليا، وادرعت .العفاف حممودا، واختذت االنقباض صناعة، وقمت بالعالء جمتهداالصرب مستمرا، ولبست

رجال إن نطق عن غيظ ودمنة، وإن سكت سكت على : هذا بعد أن تصفحت الناسفوجدهتم أحد رجلنيورجال إن بذل كدر بامتنانه بذله، وإن منع حصن باحتياله بخله؛ مل يطل دهري يف أثنائه . ضغن وإحنة

بطول الغربة وشظف العيش، وكلب الزمان وعجف املال، وجفاء األهل وسوء احلال، وعادية العدو متربماوكسوف البال؛ متضرما من احلنق على لئيم ال أجد منصرفا عنه، متقطعا من الشوق إىل كرمي ال أجد سبيال

أين أنا عن ملك الدنيا، والفلك ! يلحل يب الويل، وسال يب الس: حىت الحت يل غرة األستاذ فقلت -إليه الدائر بالنعمى؟ أين أنا عن مشرق اخلري ومغرب اجلميل؟ أين أنا عن بدر البدور وسعد السعود؟ أين أنا

عمن يرى البخل كفرا صرحيا، ويرى اإلفضال دينا صحيحا؟ أين أنا عن مساء ال تفتر عن اهلطالن، وعن حبر رجان؟ أين أنا عن فضاء ال يشق غباره، وعن حرم ال يضام جواره؟ أين أنا عن ال يقذف إال باللؤلؤ وامل

أين ! منهل ال صدر لفراطه وال منع لوراده؟ أين أنا عن ذوب ال شوب فيه، وعن صدد ال حدد دونه؟ بلىوسياسة اجملد، نسيمه مشيمة أنا عمن قد أتى بنبوة الكرم، وإمامة اإلفضال، وشريعة اجلود، وخالفة البذل،

البوارق، ونفسه نفيسة اخلالئق؟ أين أنا عن الباع الطويل واألنف األشم واملشرب العذب والطريق األمم؟ مل ال أقصد بالده؟ مل ال أقتدح زناده؟ مل ال انتجع جنابه وأرعى مراده؟ مل ال أسكن ربعه وأستدعي نفعه؟ مل ال

مل ال أستمطر سحابه وأستسقي ربابه؟ مل ال أستميح نيله وأستسحب ذيله؟ مل أخطب جوده وأعتصر عوده؟ ال أحج كعبته،وأستلم ركنه؟ مل ال أصلي إىل مقامه مؤمتا به؟ مل ال أسبح بثنائه متقدسا؟ مل ال أحكم يف حايل؟

Page 133: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

فألفاظه جود وأنفاسه مجد... فىت صيغ من ماء البشاشة وجهه :ال أقصدمل

من اجلود عينان نضاختان... فىت بان للناس يف كفه :مل ال أمتري معروف

إذا نال خالت الكرام، شحوب... فىت ال يبايل أن يكون جبسمه :مل ال أمدح

ويعلم أعقاب احلديث تدوم... فىت يشتري حسن الثناء بروحه فىت لو كان من املالئكة لكان من املقربني، ولو كان من األنبياء لكان من مل ال انتهي يف تقريظ ! نعم

املرسلني، ولو كلن من اخللفاء لكان نعته الالئذ باهللا، أو املنصف يف اهللا، أو املعتضد باهللا، أو املنتصب هللا، أو .ق اهللا، أو املحيي لدين اهللالغاضب هللا، أو الغالب هللا، أو املرضي هللا، أو الكايف باهللا، أو الطالب حب

أيها املنتجع قرن كلئه املختبط ورق نعمته، ارع عرض البطان متفيئا بظله، وكل خضما ناعم البال متعوذا بعزه، وعش رخي اللبب، معتصما حببله، ولذ بذراه آمن السرب، واحمض وده باهللا القلب، وق نفسك من

إين غريب املثوى : ن احلفاظ، وختير له ألطف املدح، تفز بأمين القدح؛ وال حترم نفسك بقولكسطوته حبسنازح لدار، بعيد النسب منسي املكان؛ فإنك قريب الدار باألمل، داين النجع بالقصد، رحيب الساحة باملىن،

.ملحوظ احلال باحلسد، مشهور احلديث بالدركاليقني ويدرأ من الشك أنه معروف الفخر باملفاخر، مأثور األثر باملآثر؛ قد أصبح واحد واعلم علما يلتحم ب

األنام، تاريخ األيام، أسد الغياض يوم الوغى، نور الرياض يوم الرضا، إن حرك عند مكرمة حرك غصنا .حتت بارح، وإن دعي إىل اللقاء دعي ليثا فوق سابح

أصلح أدميي فقد حلم، وجدد شبايب فقد هرم، وأنطق لساين مبدحك فقد : حكموقل إذا رأيته بلسان التحصر، وافتح بصري بنعمتك فقد سدر، واتل سورة اإلخالص يف اصطناعي فقد سردت صفائح النجح عند

مالك يا : رش عظمي فقد براه الزمان، واكس جلدي فقد عراه احلدثان، وإياك أن تقول: وقل. انتجاعي .يا مالك الدنيا هب يل الدنيا: الدنيا جد يل ببعض الدنيا، فإنه حيرمك، ولكن قل

اللهم فأحي به بالدك، وانعش برمحته عبادك، وبلغه مرضاتك، وأسكنه فردوسك، وأدم له العز النامي ويل املنصور، والشانئ والكعب العايل، واجملد التليد، واجلد السعيد، واحلق املوروث واخلري املبثوث وال

املثبور، والدعوة الشاملة، والسجية الفاضلة، والسرب احملروس، والربع املأنوس، واجلناب اخلصيب والعدو احلريب، واملنهل القريب؛ واجعل أولياءه باذلني لطاعته، ناصرين ألعزته، ذابني عن حرمه، مرفرفني على

.حوبائهبالكرم، والقمر املنري باجلمال، والنجم الثاقب بالعلم، والكوكب الوقاد باجلود، والبحر أيها الشمس املضيئة

الفياض باملواهب، قد سقط العشاء بعبدك على سرحك فأقره من نعمتك مبا يضاهي قدرك، وزوج هيئته .ترهبا من الغىن، فطال ما خطب كفأها من هى

Page 134: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

: ذكرت عدوه خبري، وبينت عنه، وجعلته سيد الناس، فأقول جنيت على نفسك حني: مث يقال يل من بعدكرهت أن يراين مندريا على عرض رجل عظيم اخلطر، غري مكترث للقعة فيه، واإلحناء عليه؛ وقد كان

.جيوز أن أشعث من ذلك شيئا وأبري من أثلته جانبا، وأطري إىل جنبه شرارةاالحتياط يف أمرك؛ فإنه مقتك وعافك ورأى أنك يف قولك عدوت جنيت على نفسك وتركت: فيقال أيضا

طورك، وجهلت قدرك، ونسيت وزنك؛ وليس مثلك من هجم على ثلب من بلغ رتبة ذلك الرجل، وأنت .مىت جسرت على هذا دربت به وجعلت غريه يف قرنه

إال علىاإلحسان الذي هو فإذا كانت هذه احلاالت ملتبسة، وهذه العواقب جمهولة فهل يدور العمل بعدها علة احملبة، واحملبة اليت هي علة احلمد، واإلساءة اليت هي علة البغض، والبغض الذي هو علة الذم؟ فهذا

.هذاوكان الصواب غالبا عليه، وله رفق يف سرد . وكان ابن عباد شديد احلسد ملن أحسن القول وأجاد اللفظ

.مشائل خملوطة بالدماثة، بين اإلشارة والعبارةحديث ونيقة يف رواية خرب، وله .وهذا شيء علم يف البغداديني وكاخلاص يف غريهم

! قاتل اهللا أبا حيان: إنه كان يقول: حدثته ليلة حبديث فلم ميلك نفسه حىت ضحك واستعاد، مث قيل يل بعد .ا حمضا، وغيظا حبتافإنه نكد وإنه وإنه، وأكره أن أروي ذمي بقلمي، وكان ذلك كله حسد

وأروي لك احلديث، فإنه يف هناية الطيب، وفيه فكاهة ظاهرة، وعي عجيب يف معرض بالغة ظريفة يف .ملبس فهاهة

حلقتين مرة على صعبة؛ فمن طريف ما مر على رأسي فيها أنه : حدثين القاضي أبو احلسن اجلراحي قاللشونيزية ودوارة احلمار والتوثة وفقيهها أبو اجلعد األنباري، وكان من دخل علي يف مجلة من عاداين شيخ ايقع يل فيما ال يقع إال لغريي أو ملثلي فيمن كان كأنه مين أو كأنه : أصحاب البربهاري، فقال أول ما قعد

ق ما جيب، ودون ما كان على سني أو كان معروفا مبا ال يعرف به إالي أين أرى أنك ال حتتمي إال حمية فو .ال جيب، وبني فوق ما ال جيب وبني دون ما ال جيب فرق، واهللا يعلم أنه ال يعلمه أحد ممن يعلم أو ال يعلم

الطب كله أن حتتمي حمية بني محيتني؛ محية كال حمية، وال محية كحمية، وهذا هو االعتدال والتعديل خري األمور : " ، وقال النيب صلى اهللا عليه وسلم)وكان بين ذلك قواما: (قال اهللا تعاىل. والتعادل واملعادلة

؛ والعلة يف اجلملة والتفصيل إذا أقبلت مل تدبر، وإذا أدبرت مل تقبل، وأنت من " أوساطها، وشرها أطرافها اضطراب احلمية ولكن انظر إىل إقباهلا يف خوف، ومن إدبارها يف التعجب؛ وما تصنع هبذا كله؟ ال تنظر إىل

جهل هؤالء األطباء األلباء الذين يشققون الشعر شقا، ويدقون البعر دقا، ويقولون ما يدرون وما ال يدرون زرقا ومحقا؛ وإىل قلة نصحهم مه جهلهم، ولو مل جيهلوا إذا مل ينصحوا كان أحسن عند اهللا واملالئكة، ولو

.ان أوىل عند الناس وأشباه الناس، واهللا املستعاننصحوا إذا جهلوا ك. وجهه وجه من قد رجع من القرب بعد غد: أنت يف عافية، ولكن عدوك ينظر إليك بعني األست، ويقول

وعلى حال فالرجوع من القرب خري من الرجوع إىل القرب، لعن اهللا القرب ال بزاز وال خباز وال دراز وال جتواز

Page 135: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

وال يحيق املكر (، )وما تدري نفس بأي أرض تموت(، عن قريب إن شاء اهللا، " ا إليه راجعون إنا هللا وإن" ).ومن اجلبال جدد بيض وحمر(، )وهو على جمعهم إذا يشاء قدير(، )السيء إال بأهله

ة، خاصة عيادة الكبار والسادة، التخفيف والتطفيف وقلة الكالم، أنا إن شاء تأمر بشيء؟ السنة يف العياداهللا عندك بالعشي، واحلق احلق وأقوم مبا جيب على مثلك ملثلي، وإن كان ليس لك مثل، وال ملثلي مثل؛

.هكذا إىل باب الشام وإىل قنطرة الشوك وإىل املزرفةثل كمثراتني إذا عفنتا على رأس شجرة، وكدلويني إذا خلقتا على رأس أقول لك املثوى، أنا وأنت اليوم كم

بئر، ودع ذا القارورة، اليوم ال إله إال اهللا، وأمس كان سبحان اهللا، وغدا يكون شيئا آخر، وبعد غد ترى ى الطريق، من ربك العجب، واملوت واحلياة بعون اهللا، ليس هذا مما يباع يف السوق، أو يوجد مطروحا عل

لكن اإلنسان وال قوة إال باهللا طريف أعمى، كأنه ما صح له منام قط، وال خرج من السمارية إىل الشط، وكأنه ما رأى قدرة اهللا يف البط، إذا لقط كيف يتقطقط؛ والكالم يف اإلنسان وعمى قلبه وسخنة عينه كثري

. من عصر نفسه عصرة ينشق منها فيموت كأنه شهيد ال حيمله تل عقرقوف، وال يسلم يف هذه الدار إالعلى اهللا توكلنا، وإليه التفتنا ورضينا، وبه . وهذا صعب ال يكون إال بتوفيق اهللا وبعض خذالنه الغريب

.استجرنا، إن شاء اهللا خرانا وإن شاء اهللا أطعمناوكان . خرجت إىل الناسفكدت أموت من الضحك، على ضعفي، وما زال كالمه هلوي إىل: قال القاضي

.مع هذا ال يعيا وال يكل وال يقف، وكان من عجائب الزمانحدثين عن بعض لياليه ببغداد، يعين ذا الكفايتني، وعن مذاكرة اجلماعة عنده ومشاركته : وقال يل ابن عباد

.هلاأ يقصر أم يمد؟ قال حضرت ليلة يف شهر رمضان سنة أربع وستني وثالمثائة، فسأل عن الغىن! نعم: قلت

الغىن مقصور وهو اليسار والترفة، والغناء باملد ما يسمع على الطريق املعروفة، إال أن الفراء قد : ابن فارس .حكى أن املد يف هذا املقصور وهو حجة، وال سبيل إىل رد قوله

ذا االسم، ألنه مل يأت يف كالمهم ولكن قليب ال يطمئن إىل مد ه! هكذا وما أصح حكايتك: فقال أبو الفتح .ممدودا

:قد أنشد الفراء قول الشاعر: فقال ابن فارس فال فقر يدوم وال غناء... سيغنيين الذي أغناك عين

.عندي يف هذا شيء، وما دخرته إال ملثل هذه احلال، وقد حان وقته: فقلت .ما علمت هات، بارك اهللا عليك، إنه حلباء بالفائدة: فقال :الشعر على غري هذا الوجه، والبيت الذي يتلوه يشهد له، وهو: قلت

فال فقري يدوم وال غناك... سيغنيين الذي أغناك عين دعي العالت واتبعي هواك... جتنيت الذنوب لتصرميين

نة، يف جملس أمريها أيب محد أبو الليل العلوي باملدي: من أنشدك هذا؟ قلت! أحسنت وأجدت: فقال يل

Page 136: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.العلوي العقيقي .فحدثنا عن أيب الليل هذا وعن غريه بشيء: قال :مسعت شيخا عنده من بين حرب قد أنشد أبياتا، مل أعلق منها إال بيتا واحدا، وهو: قلت

له نفحات رحيهن جنوب... فىت خلقت أرواحه مستقيمة .ك أبو صاحل الرازي الصويف، وكان مفوها جدالوكان معنا إذ ذا

أراد أن أخالقه ال حتول عن اخلري، وعادته ال تزيغ إىل : ؟ قال" أرواحه مستقيمة " ماذا أراد بقوله : فقال لهالقبيح، وأنه على ديدنه يف الكرم، وخص اجلنوب الستدرارها السحاب، وجعل نفحاهتا منافع هلذا الذي

.ح بهمد .زدنا من حديث هؤالء املدنيني: قال !أيها األمري: ومسعته، أعين احلريب، يقول لألمري أيب أمحد يف حديث طويل: قلت

ملا نلت من وسمي نعماك شاكر... لين ولية تمرع جنايب فإنين .أعد علي نسيج قافيتك: قلت .لعلك من هذه الفرقة الكالمية: قالما أدري ما تقول : أما ثقفته؟ قلت: قال .لعله: قلت

ومسعت هذا احلريب يقول، وكان يكنى أبا اخلصيب، لسيدحيه، ومها بالعقيق على ضفة الوادي وقد مد، اسل عن طارفك وتالدك، تسد ! يا هذا: ومها ينطقان مبا أحصل وال أحصل، حىت قال أبو اخلطيب لصاحبه

:ووافدك، أما مسعت يف هذه القوايف األول بني صاحبك لك النفس واحلوالك كل خليل؟... لو كنت تعطي حني تسأل سامحت

: فقال ذو الكفايتني! ما هكذا لغيت: فقال يل منكرا" : واستحالك كل خليل : " فرددت القافية، وقلتنعم، فما : أقول إن قريب جعفرا؟ قال: سألت أبا اخلطيب هذا: لتكيف كان إدراكهم ملا يقع باإلعراب؟ ق

بينهما : فما الذي مينع من جوازمها؟ قال: ال، فما تبغي؟ قلت: إن بعدي جعفرا؟ قال: أ فأقول: تبغي؟ قلت .تمسيفة ال تسلك، ورميلة ال تعلى، وما أعلم الغيب، وإين على بينة مما قلت، وعلى ريب مما سأل

فسمع ابن عباد هذا كله على تغيظ ما قصدت إثارته عليه، وال علمت إن يل متقصى من نبثي منه؛ وكان .ذلك كله سبب احلرمان

.ولقد ظهر لذي الكفايتني مبدينة السالم فضل كبري، على أنه مل يشخص إال معتوبا عليهوإنك أيها السيد : " فصل منها يقول فيه ولقد كتب إليه ابن طرخان الوراق رسالة طويلة أطلعين على

اهلمام دخلت هذا البلد إما غرا مبا تري وترى، وإما على أن تبين فضلك ألهله، وإما ألن تستفيد منهم ما .ليس عندك

فإن كان دخولك على غرارة، فما هذا مبشاكل لرتبتك يف هذه الدولة اليت غرهتا جملوة بيدك، وجمتها مبذرى تدبريك، وأذاها مماط بذبك، ودواؤها مأمون بطلبك، وعدوها مكبوت بصولتك، ودولتك، مفروقة

.ووليها قرير العني حبسن إيالتك وكفالتك

Page 137: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

وإما أن تبني فضلك، فاعلم أهنم ال يعترفون بفضلك إال موصوفا بإفضالك، وال يسلمون لك مرادك فيهم .ن ذلك طوعا أو كرها، سلما أو حرباإال بأن يدركوا أملهم منك، كا

وإما ألن تستفيد منهم ما ليس عندك، وهذا ال يكون مع إذالة القاصدين، واالحتجاب من الطامعني والتكبر على احلاضرين؛ ولو حسن التكبر بأحد حلسن بك، ألبوتك الشريفة، ولغرتك الصبيحة، ولكفايتك

من -بتكبره -زراية التكبر على صاحبه أطرد حملاسنه من تداركه الظاهرة، ولفضائلك الكثرية؛ ولكنغريه ما يريد حيلده، والناس ال يرضون إال بالغاية، والغاية أن يظلم الرئيس نفسه تكرما على زائره، وجيرع

.الغيظ من كل من قرع بابه وملس ركابه

عب عليك، والكالم من ورائك، وليس يل وأنا، أعلى اهللا كعبك، أحصي أشياء جعلها أصحابنا جوالب للتفيما أقول إال الفوز جبمال النصح، وإال االلتذاذ بالتنبه على الكرم، وإال إيثار سالمة عرضك على قوم مههم

.املحك يف كل حال، وإال التعرض لذكرك هلم باجلميل بعد الرحيل من هذه الرباعكد عليك يف قبول من تقبل، وإيصال من توصل، وإبعاد من سهوك الذي وقع قد ر: فمن تلك األشياء

تبعد، وتفضيل من تفضل بقول من حولك، وحكم من أطاف بك، استرساال مع األنس هبم، وثقة مبا سلف أن هؤالء الذين تنظر بأعينهم، وتقبل وترد بأهوائهم، ما خلوا من - أكرمك اهللا -وذهب عليك . هلم

" .القاص ال حيب القاص : " ى قلبك وحيلى بعينيك ويلتاط بنفسك، والعامة تقولحسد ملن خيف علولو كان قلبك لكل من امسه عندك، لصيته البعيد، وسؤالك ملن ال شهرة له قبلك حبسن التأيت يف التقريب،

بني من قد ضري لكان حدك حينئذ مقبوال مبا يظهر لك من الزيادة والنقص، وكانت احلجة تقوم بينك وعلى مالك، أو وضع يف نفسه أن ينال مراده منك باخلدع، على أن التغافل يف هذا الباب أدل على الكرم،

.كما أن االستقصاء فيه أجلب فيه للنكد .فهذا هذا

وشيء آخر، وهو أصعب مما تقدم، وذلك أن حجاجك قد بدد مشل الزوار عنك، وقسم ظنوهنم بك، هبم اليأس منك؛ ولست بأهل لذلك منهم كما أهنم ليسوا بأهل لشدة احلجاب منك، وقلة وطرح يف قلو

.رافعي أخبارهم إليكأن ال يصل -أدام اهللا دولتك - وشيء آخر، وهو أصعب مما تقدم، والسهو فيه الحق بالظلم؛ لم جيب

مفلق، ويف الكتابة بارع، ويف الفلسفة برك إال إىل الفاضل، وإال إىل الكامل، وإال إىل الذي هو يف الشعرألن اهللا تعاىل . غاية، ويف الكالم هناية، ويف الفقه آية، ويف النحو مذكور، ويف الطب مشهور؟ وهذا ظلم

وكل متاع ومثنه، وكل بدن ومسنه، واملتناهي كان يف األول مبتدئا، . جعل لكل شيء قدرا، وأظهر له خطراطا، مث يف الثالث الذي ال رابع له؛ وقاصدوك بفضائلهم كالعارضني عليك بأمتعتهم، وأنت مث يف الثاين متوس

فهكذا ينبغي أن تفعل بأبناء األمل وأصحاب العمل؛ فليس جيمل أن . تشتري كل متاع بقيمته وتعدله ببدلهعلي بن عيسى حيظى بصلتك وبرك وجائزتك ونظرك أبو سعيد السريايف، وأبو سليمان السجستاين، و

الرماين، وأصحاب القالنس، وحيرم بعض ذلك فالن وفالن ممن ليس هلم مسع هؤالء وال حاهلم، على أنك

Page 138: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

قادر على إحلاق الصغار بالكبار باالصطناع والتفضل؛ فإن الرجال هكذا يتالحقون، ويف حلبة الرؤساء .يتسابقون

ىت يتحرك، وبابا للنائم حىت يستيقظ، وطريقا للخامل حىت فكن سببا للساكت حىت ينطق، وعلة للساكن حينتبه، وجدا سعيدا للميت حىت حييا؛ فأما من عدا هذه الطبقة فقد سلف له بغريك ما هو أشكر، وبه أبصر

وله أنصر؛ على أنك إذا عممت اجلميع باخلري كنت أشد اقتداء باهللا، وأجنحهم إىل هدى أنبياء اهللا، .م بعادة خلفاء اهللاوآخذه

وشيء آخر ترجحت بفكري يف طيه ونشره، فرأيت طيه خمشا لوجه النصيحة، وذكره باإلطالة فتحا لباب الفضيحة، فذكرته خمتصرا؛ فقد يفهم من الكالم القصري املعىن العريض الطويل، وهو حديث املائدة والطبق،

لوضيع، والنزه واجلشع، فجدد االهتمام بذلك، فإن القالة فيه وما يحضر لألكل ويجمع عليه الرقيع واطائرة، واحلال فيه دائرة، واحلاجة إىل التحزم فيه ماسة، والتغافل عنه جملبة للذم؛ وقد رأينا قوما كراما

األلسنة، وأعلقتهم هتاونوا يف هذا الباب، إما رفعا ألنفسهم عنه، وإما شغال مبهمات أخر دونه، فأكلتهم والكرم واجملد ال يثبتان بالدعوى، وال يسلمان . املالمة، وأحوجتهم إىل االعتذار الطويل باالحتجاج الكثري

باحلجة، ولكن يشيعان بالفعل الذي نطقه كالوحي يف احلال اليت تنتصب للعني، وال يؤنفن من ضعة األكلة، .رم املطعمفإن لؤم األكلة دليل ناصع على ك

وهذا باب يزل فيه الرئيس ويظلم فيه اخلدم؛ فإن الرئيس ال يقدر على أن يتولى كل ذلك بنفسه فرياعيه .بلحظه ولفظه، إال أنه مىت أحكم األساس فقد أمن الباس، وأرضى مجهور الناس

هم لك ويرضيهم عنك؛ وشيء آخر ال بد من اإلفاضة فيه على وجه الذكرى؛ إن لقاءك الناس بالبشر يأسر .فتكلف ذلك إن مل يكن التهلل سجية لك باملزاج املستعد، وما أكثر ما يلحق املتخلق بذي اخللق

وبعد فبني عبوس وجهك وقد ظهرت للناس لتركب، وبني عبوسه، وقد رجعت إىل دارك لتنزل، فرق، صف، وألنك قد جتشمت إىل ذلك الوقت أعين أنك رمبا عذرت يف العبوس يف الثاين، ألن النهار قد ن

مصاعب الدولة باألمر والنهي والقبض والبسط؛ ولست تعذر يف غرة هنارك وأنت جام ومتوجه ومقتضب .للتدبري يف األمور

وشيء آخر، قد يسبق إىل عينيك ازدراء من عليم مرقعة، أو علته بذاذة، وقد اعتراه عي إما للهيبة أو لسوء ؛ فال تصدق العني فإهنا تكذب أحيانا، وعمل على أنك تعتقده بفضلك، فإن كان من أهل الفضل فهو العادة

واإلحسان إىل مثله شكر منك هللا على . شقيقك بالطبيعة وإن كان من أهل النقص فهو مستحق منك الرمحة .ما خصك به من دونه

.هذا ما حصل يل من ذلك الفصل: " فكان يف أوهلا. وجدت هذه الرسالة يف مسودة ابن طرخان فيما يباع من مرياثهمث إين يف سنة سبعني

السعادة أيها األستاذ اجلليل ضربان، والسعيد رجالن، وإحدى السعادتني للدنيا، والثانية لآلخرة؛ وأحد د السعيدين السعيدين من هو سعيد يف هذا املكان، والثاين هو السعيد يف مكان آخر؛ ومن كما فضيلة أح

Page 139: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.أن يعاش الناس باملعروف، ومن متتم إحدى السعادتني أن تتصل باألخرىوملا رأيتك أيها األستاذ سعيدا يف هذه العاجلة باملال والوالية، والعز واملرتبة، آثرت أن تكون سعيدا يف تلك

تعليمك، ألنك جتل عن اآلجلة باإلحسان واملعروف، والرب واملكرمة، فكتبت حروفا قصدت هبا إذكارك الوإمنا ساغ اإلذكار، وحسن التنبيه ألشغال قد اكتنفتك من . التعليم؛ ملا أوجب اهللا لك علينا من التعظيم

هتذيب الدولة، وأعباء قد حتملتها يف محاية البيضة، وأمور أنت وليها يف بث املعدلة يف الرعية، وإقامتها على عن هذا كله ألمكن، وكان ال يتشعث لك حال قد تولى اهللا صالحها، وال ينآد سواء احملجة، ولو سكت

عليك مستقيم قد أذن اهللا بدوامه؛ ولكن كنت أحرم القرىب إليك، ولفوت النظر إىل مثلي وحمرومي ألذع ته من لقليب من فائتك؛ ألنك سيد وأنا عبد، وأنت رئيس وأنا مرؤوس، فنعمت داال على نفسي مبا قدم

! نفسي؛ فإن كنت مل أخرج من حد األدب املرضي، وعادة أهل احلكمة العالية، فما أوالك بعرفان ذلك يلوإن كنت قد خرجت عن ذلك بعجب حال بيين وبني صوايب، وخطإ قعد يب عن مرتبة أصحايب، فما أوالك

ك بشكل صوابك، وإال لتتغمد وما بسط اهللا باعك، وما وسع درعك إال ليقيك خطأ غري! بستر ذلك عليإساءهتم بإحسانك، وإال لتغلب الظن يف اجلميل وال تغلب الظن فيما خالف ذلك؛ وأنت كالسماء ذات

اآلفاق املتبارحة، والكواكب املزدهرة، واحلركات اللطيفة، واآلثار الشريفة، واألسرار املكنونة، والعجائب ل عنك حبث، ولكل قلب فيك أمل، ولكل عامل عندك رجاء، الكثرية، والغرائب املشهورة؛ فلكل عق

.ولكل عمل قبلك جزاء " .وأنا أسأل اهللا الذي رفعك إىل هذه الذروة والقلة أن ال حيطك إىل شيء من الذلة والقلة

د اهللا وأروي لك ها هنا قصيدة أيب عب. هذا ما صح يل باالستخراج من مسودته، أتيت به على ما ترىومرادي بذلك تكثري الفائدة؛ وختليد . النمري ميدح هبا أبا الفتح، وكان يعجب هبا، وحيفظها وينشدها

:احلديث يمتع مرة وينفع مرة أخرى، وهي ترمي الكواكب بالكواكب... سرت النجائب بالنجائب

ت املغاربرق من تجاها... ترمي تجاهات املشا قصدا إىل ملك يحكم يف رغائبه الغرائب

مة يف النواصي والذوائب... ملك تبوأ من خزي بغ والنجائب واجلنائب... حيث السوابق والسوا

عب واملطهمة السالهب... يهب املنعمة الكوا د وسورة القلب الغوارب... لي يف سورة اجملد الت

لته املوطدة املراتب... يا بن العميد عميد دو ثه الشواهد بالغوائب... األملعي اللذ تحد

زرناك من أرض البصرية شاحبني على شواحب ائبهل والسباسب كالسك... نرد املناهل كاملجا

Page 140: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

ل العلم واحللم املغالب... نطوي اجلبال إىل جبا ر بنا وأطلبت املطالب... اآلن قد قر القرا

بحر الغطامط ذي الغوارب... ال ري دون الري وال ف يف سواحله رواسب... بحر جواهده طوا

رب، ال، وال حجج الكواذب... ا جلج الكوا ال دونه قبل األباعد واألقارب... يرمي بنا تيارها

إال السواحل واجلوانب... والبحر ال يندى به ء وحنت البيض الكواعب... ملا هنضت إىل الرجا

ن علي كالدرر الثقائب... وتناثرت عرباته دمع األحبة واحلبائب... ندى يدي وحليت ت ندى الدموع ندى املواهب... فجعلته فاال وقل

ستاذ من أيدي النوائب... ولئن تالفتين يد األ ل ومل تشعبين الشواعب... وأقمت يف الظل الظلي

مبواهيب شتى املواهب... ليبشرن أحبتي أضعاف أدمعها السواكب... ويحلين آللئا

رة كل حق حق واجب... وألقضني من العشي أستاذ مكرمة الضرائب... حتى يقال أعاده ال

رة يف املقاصر والسباسب... كم من ظباء بالبصي ن سوى الذوائب واحلقائب... ووحش يشتبه إنس

ك جناه والقضب الركائب... أدم يقاسمن األرا جتلو به برد السحائب... فألنسها أغصانه

عبث املعازل واملالعب... ولوحشها غض اجلىن راعبوتصيدنا اإلنس اخل... نصطاد وحشياهتا

ك أو كظلمك أو يقارب... يا رب يوم يل كظل رقت حواشيه وغضت عني واشيه املراقب

قصر القناع عن الذوائب... قصرت لنا أطرافها للخاطبني وللخواطب... فتبرجت لذاته

ر واحلواجببني املحاج... نزلت به حاجاتنا دك رد أيامي الذواهب... يا ليت سعدا من سعو

وترى به الظلم الغياهب... ملك يضيء بوجهه ما نديهم، واليوم عاصب... لو سامه أعداؤه

Page 141: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

عن والقواضب للمضارب... وهب الذوائب للمطا يعددن يف جمل العجائب... ومن السخاء مذاهب

مأمون مأمون املغائب... ملا رآه الطالع ال غراء ركنا ذا مناكب... ورآه ركن الدولة ال عالم ميمون النقائب... ومظفر األقالم واأل جبه إذا عد املناجب... كأبيه خري أب وأن

د مفوضني على التجارب... يه ر رد األمور إل بثقوب آراء ثواقب... حتى إذا انتظمت له ن عرى الكتابة والكتائب... وكفى أمري املؤمين

أود املسالم واحملارب... بكفايتني أقامتا لقبا له بكر املناقب... اشتق من أفعاله

ضب والفريد على الترائب... مثل الفرند على القوا م العدل يف اللقب املناسب... هللا توفيق اإلما

د وقادها قبا شوازب... يا خري من ركب اجليا وكسبتين أسنى املكاسب... أغنيتين كل الغنى سرفا فيالك من معايب ...شرفا تلقبه العدا

ن خواطري صقل القواضب... وكسوتين حلال صقل د مطرزات بالشوارب... حلال كديباج اخلدو

جدوى سحائبك الصوائب... فلتشكرن رياضنا ئد كالقالئد للكواعب... ولتنظمن لك القصا

ليح الشعر واألدب واخللق، وملا توجه إىل ذي الكفايتني من البصرة وصف بعض ما عناه والنمري هذا م :فقال

ملا رأيت كرم األصما وشجر البلوط خضرا عما وفتية عن الفصيح صما ذكرت بالبصرة خنال مجا وفتية بيض الوجوه مشا ناديت ياللهم فرج غما

ماما أسرع الشيء إذا ما حفأما اجلملة اليت متت يف أمر أيب الفتح ذي الكفايتني، فقد كنت يف أول الكتاب قد وعدت بروايتها، وهذا

Page 142: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

موضعها على ما سنح الرأي فيه، ولعلها تفيد وإن مل تكن من خاص ما يف هذه اجلملة؛ ألن الرسالة قد الفنون والشعب، ولكن احلديث ذو صارت كتاب خرافة، وذاك أن القصد األول مل ينحرف إىل هذه

شجون، وله نزوة من القلب على اللسان، ودبيب على اللسان من القلب، واالحتراس منه يقل، والغلط فيه يعرض، وحفظ الكالم على سننه من الكلف الشاقة واألمور الصعبة واللسان فيه أكثر إنصافا من القلم،

.واللفظ أعدل من اخلطفالكالم يف نشر العيب، وكشف القناع، وتدنيس العرض، وهجو اإلنسان، ووصفه باخلبائث وبعد وقبل

أكثر استمرارا، واملتكلم فيه أظهر نشاطا، وأمرن عادة، وأوقد هاجسا، وأحضر عاطسا، وهذا ألن الشر .طباع واخلري تكلف، والطينة أغلب

ان زلة، والرمحة من القادر أعجوبة، والظلم من املدل اإلحسان من اإلنس: وقد قال بعض فتيان خراسان .مألوف

منعين لذة هجائه، : كيف انقلبت عن فالن؟ فقال: وقد قيل لبعض من انتجع مأموال وأدرك حاجته منهوأكرهين على حسن الثناء عليه، والقلوب جمبولة على حب اإلحسان، واأللسنة تابعة للقلوب، كما أن

:طقة عن الضمائر؛ وهلذا قال الشاعرالعيون نا والجن بالبغضاء والنظر الشزر... تحدثين العينان ما القلب كاتم

.واللحظ رائد، والقلب شاهد؛ والرائد ال يكذب أهله، والشاهد ال يكذب نفسه. أي ال حائل وال سترمل صار السب واهلجاء : المه، ويتشاح على ما يسمع منهوقلت أليب سليمان شيخنا ببغداد، وكان يتهادى ك

وذكر كل عورة وفحشاء أخف على من حرم مأموله، ومنع ملتمسه، من الوصف احلسن والثناء اجلميل، : واملدح األغر احملجل، والتقريظ البليغ املتقبل على من صدقه ظنه، وحتقق رجاؤه، وحضرته أمنيته؟ فقال

ذي ميدح يعلم من نفسه ما عندها كالعتيد، والذي يثلب يأخذ لنفسه ما ليس عندها كاملستقبل؛ ألن ال .فالفصل بينهما كالفصل بني الغارم وما ميلكه، وبني الغامن ما يطلبه

.وهذا كما قال، وهو أرجع إىل شفاء النفس وبر الغليل، وإىل بلوغ الغاية واالستيالء على النهايةديث الذي زللنا عنه قليال إىل هذا املوضع أن ركن الدولة ملا مات يف أول سنة ست وستني كان من احل***

وثالمثائة، اجتمع أبو الفتح ذو الكفايتني، وعلي بن كامة، وتعاهدا وتعاقدا وتوافقا وحتالفا، وبذل كل واحد ر والباطن، والتوقري عند الصغري منهما لصاحبه اإلخالص يف املودة يف السر واجلهر، والذب يف الظاه

والكبري، واجتهدا يف اإلميان الغامسة، والعقود املؤربة، واألسباب املغارة الفتل، ودبرا أمر اجليش، ورد النافر وركبا اخلطر احلاضر، وعانقا اخلطب العاقر، وباشر كل ذلك أبو الفتح خاصة حبد من نفسه، وصرمية

.صحة نيته؛ وتوفيق ربهمن رأيه، وجودة فكره، و

فلما ورد مؤيد الدولة الري من أصفهان؛ وعاين األمر متسقا؛ وحلق كل فتق مرتتقا، مبا تقدم من احلزم فيه، هبا : فقال له أبو الفتح. ونفذ من الرأي الصائب عنده، أنكر الزيادة املوجبة للجند، وكرهها ودمدم هبا

ك الدولة، وصنت احلرمي، وإن خالفت هذه الزيادة هواك أسقطت باليد نظمت لك امللك، وحفظت ل

Page 143: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.الطولىوكان ابن عباد قد ورد، وحطبه رطب، وتنوره بارد، وزرقه غري نافذ؛ هذا يف الظاهر، فأما يف الباطن فكان

له ابن العميد فأحسن بذلك ك. خيلو بصاحبه وينزيه على أيب الفتح مبا جيد إليه السبيل من الطعن والقدحليس من حق : فألب األولياء على ابن عباد حىت كثر الشغب، وعظم اخلطب، وهم بقتله، وقال لألمري

كفاييت يف الدولة وقد انتكث حبلها، وقويت أطماع املفسدين فيها، أن أسام اخلسف، واألحرار ال يصربون .على نظرات الذل وغمزات اهلوان

ينصرف إىل : مك مسموع، ورضاك متبوع، فما الذي يربد فورتك منه؟ قالكال: فقال له يف اجلوابأصفهان موفورا، فواهللا لئن أنصفته يف مطالبه برفع حساب ما نظر فيه ليعرقن جبينه، وليقذفن جنينه، ولئن

كه على أحس األولياء الذين اصطنعتهم مبايل وإفضايل بكالمه يف أمري، وسعيه يف فسد حايل، ليكونن هال .أيديهم أسرع من الربق إذا خطف، ومن املزن إذا نطف

.خمالف لرأيك، والنظر لك، والزمام بيدك: فقال لهأنا أتظلم منك إليك، وأحتمل بك عليك؛ وهذا : وتلطف ابن عباد يف عرض ذلك أليب الفتح، وقال

ك ولين ديوان اإلنشاء، االستيحاش العارض سهل الزوال إذا تألف الشارد من حلمك على شافع كرمواستخدمين فيه، ورتبين بني يديك، واحصرين بني أمرك وهنيك، وسمين برضاك؛ فإين صنيعة والدك، وأجتدد

هبذا صنيعة لك، وليس جبميل أن تكر على ما بناه ذلك الرئيس فتهوره وتنقضه؛ ومىت أجبتين إىل ذلك با يطلب الزلفة عندك يف صغري أمرك وكبريه ويف هذا إطفاء وأمنتنين فإين أكون خادما حبضرتك، وكات

.الثائرة اليت قد تأربت بسوء ظنك، وتصديق أعدائي عليواهللا ال جتاورين يف بلد السرير، وحبضرة التدبري، وخلوة األمري، وال يكون لك أذن علي، : فقال يف اجلواب .وال عني عندي

.ىل مكانك من إصبهان والسلو عما حتدث به نفسكوليس لك مين رضى إال بالعودة إوذاك أنه خاف الفتك والغيلة، وبلغ . فخرج ابن عباد من الري على صورة قبيحة؛ خرج متنكرا بالليل

.أصفهان وألقى عصاه هبا ونفسه تغلي، وصدره يفور، واخلوف شامل، والوسواس غالب: ، ويعسف به، فأحسن هو باألمر؛ فحدثين ابن املنجم قالوهم أبو الفتح بإنفاذ من يطلبه ويؤذيه ويهينه

عمل على ركوب املفازة إىل نيسابور ملا ضاق عطنه، واختلف على نفسه ظنه، وإنا لفي هذا وما أشبهه حىت .بلغهم أن خراسان قد أزمعت الدلوف إليهم، وتثاورت يف اإلطالل عليهم

ي إلينا ما تعلم من طمع خراسان يف هذه الدولة بعد موت ركن ما الرأي؟ قد نم: فقال األمري أليب الفتح .الدولة

أنت خليفيت، : ها هنا من يقول لك. ليس الرأي إيل وال إليك، وال اهلم علي وال عليك: فقال أبو الفتح .أنت كاتب خليفيت، يدبر هذا باملال وبالرجال، وهو امللك عضد الدولة: ويقول يل

وأشعره مبا قد منينا به، وسله دواء هذا الداء، وأبلغ يف ذلك ما يوجبه احلزم الصحيح، فاكتب إليه : قال .ويؤذن بالسعي النجيح، فكتب وتلطف

Page 144: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

إن هذا األمر عجيب، رجل مات وخلف ماال، وله ورثة وابن، فلم يحمل إليه شيء من : وصدر يف اجلوابطب بأن يغرم شيئا آخر من عنده قد كسبه جبهده، ومجعه بسعيه إرثه زيا عنه واستئثارا به دونه، مث خو

.وكدحههذا واهللا حديث مل يسمع مبثله، ولئن استفتي فذ هذا الفقهاء مل يكن عندهم منه إال التعجب واالستطراف،

بإخراج ما أنه يطالب : أنه حرم ماله حبق اإلرث، واآلخر: أحدمها: ورمحة هذا الوارث املظلوم من وجهني .ليس عليه؛ وإن أبى قويل حاكمت كل من سام هذا إىل من يرضى به

هذا : قد قلت، وليس يل سواه، أقول: ما ترى؟ قال - : فلما مسع مؤيد الدولة هذا، وقرأه أبو الفتح قالله، واالسم الرجل هو امللك، واملدبر، واملال كله ماله، والبالد بالده، واجلند جنده، والكل عليه واملهنأ

واجلاللة عنده، وليس ها هنا إرث قد زوي عنه، وال مال استؤثر به دونه، والنادرة ال وجه هلا يف أمر اجلد .وفيما يتعلق باللعب

. أما خراسان فكانت منذ عشرين سنة تطالبنا باملال، وهتددنا باملسري واحلرب، وحنن مرة نسامل ومرة حناربفرق املال بعد املال على وجوه خمتلفة، واحسب أن ركن الدولة حي باق، هل كان له وحنن يف خالل ذلك ن

أ فليس هذا احلكم الزما ملن قام مقامه، وجلس جملسه، وألقي إليه . إال أن يدبر مباله ورجاله ودخره وكنزهدمة والنصرة زحام امللك، وأصدر عنه كل رأي، وأورد عليه كل دقيق وجليل؟ وهل علينا إال اخل

إن اخلطب يف : واملناصحة بكل ما سهل وصعب كما كان ذلك عليه باألمس من جهة املاضي؟ فقال األمريهذا أراه يطول، والكالم يتردد، واملناظرة تربو، واحلجة تقف، والفرصة تفوت، والعدو يستمكن؛ وأرى يف

الباقي منه، ونرضي اجلند يف احلال، ونتحزم يف الوقت أن نذكر وجها للمال حىت حنتج به مث نستمد يف األمر، ونظهر املرارة والشكيمة باالهتمام واالستعداد، حىت يطري العني إىل خراسان جبدنا واجتهادنا، وحزمنا واعتمادنا، فيكون يف ذلك تكسري لقلوهبم وحسم ألطماعهم، وباعث على جتديد القول يف الصلح، وإعادة

أسأل اهللا بركة هذا األمر، فقد نشيت منه رائحة : املواعيد، ورد احلال إىل العادة املعروفة، فقالالكالم يف .منكرة وما أعرف للمال وجها

أما أنا فقد خرجت من مجيع ما كان عندي مرة مبا خدمت به املاضي تربعا حدثان موت أيب، ومرة مبا طالبين .ستخفاف من أجله، ومرة مبا غرمت يف املسري إىل العراق يف نصرة الدولةبه سرا، وأوعدين بالعزل واال

وهذه وجوه استنفذت قلي وكثري، وأتت على ظاهري وباطين، وقد غرمت إىل هذه الغاية ما إن ذكرته .وهذا هذا. كنت كاملنت على أولياء نعميت، وإن سكت كنت كاملتهم عند من يتوقع عثريت

حوال النواحي فأحسن حالنا فيها أنا نزجيها إىل األولياء يف نواحيها مع النفقة الواسعة يف الوظائف وأما أ .واملهمات اليت ننويها

.وأما العامة فال أحوج اهللا إليها، وال كانت دولة ال تثب إال هبا وبأوساخ أمواهلاخائر والكنوز واجلبال واحلصون، وبيده بالد، قد هذا ابن كامة، وهو صاحب الذ: فقال األمري وكان ملقنا

.مجع هذا كله من نعمتنا ويف مملكتنا وأيامنا وبدولتنا، وهو جام ما شيك، وخمتوم ما فض مذ كان

Page 145: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

.ما يل فيه كالم، فإن بيين وبينه عهدا ما أخيس به ولو ذهبت نفسي: ما تقول فيه؟ قال .اطلب منه القرض: فقالحش ويراه بابا من الغضاضة، وقدر القرض ال يبلغ حد احلاجة، فإن احلاجة ماسة إىل مخسمائة إنه يتو: قال

وبعد فرأيه وتدبريه وامسه . ألف دينار على التقريب، ونفسه أنفع لنا وأورد على دولتنا من موقع ذلك املال .وصيته وبداره إىل احلرب فوق املطلوب

يس ها هنا وجه، فليس يأس بأن نطالع امللك هبذا الرأي لتكون نتيجته من فليس لنا وجه سواه؛ وإذ ل: قال .مث

.أنا ال أكتب هبذا فإنه غدر: فقالفأنت كاتيب وصاحب سري وثقيت، والزمام يف مجيع أمري، وال سبيل إىل إخراج هذا احلديث ! يا هذا: قال

أيها : غثه ومسينه، وحمبوبه ومكروهه، فمن؟ قالإىل أحد من خلق اهللا؛ فإن أنت مل تتول حاره وقاره، وال تسمين اخليانة، فإين قد أعطيته عهدا نفضه يذر الديار بالقع، ومع اليوم غد، ولعن اهللا عاجلة ! األمري

.تفسد آجلةخالك ذم؛ أشر هبذا املعىن على ذلك اجمللس، و. إين لست أسومك أن تقبض عليه، وال أن تسيء إليه: فقال

فإن رأي الصواب فيه تواله دونك كما يراه، وإن أضرب عنه عاضنا رأيا غري ما رأينا، وأنت على حالك ال أنه ال وجه هلذا : تنزل عنها وال تبدل هبا؛ وإمنا الذي جيب عليك يف هذا الوقت أن تكتب بني يدي حرفني

ال خماطبته عليه، وفاء له بالعهد، وثباتا على اليمني، املال إال من جهة فالن، ولست أولى مطالبته به، ووجريا على الواجب؛ وال أقل من أن تجيب إىل هذا القدر، وليس فيه ما يدل على شيء من النكث

.واخلالف والتبديل .فما زال هذا وشبهه يتردد بينهما حىت أخذ خطه هبذا النص على أن يصدره إىل فارس

أ ما عندك هذا املخنث فيما أشار : وجن الليل، روسل ابن كامة وحضر، وقال له األمري فلما حصل اخلط،به على امللك يف شأنك، وأورد عليه يف أمرك من إطماعه يف مالك ونفسك، وتكثريه عنده ما حتت يدك،

ويف ناحيتك مع صاحبيك؟

وا قد كاده به، وبيين وبينه ما ال منفذ هذا الفىت يرتفع عن هذا احلديث، ولعل عد: فقال علي بن كامة .للسحر فيه، وال مساغ لظن سيء فيه

فما قلت ما مسعت إال علىتحقيق، ودع هذا كله يذهب يف الريح، هذا كتابه إىل فارس مبا عرفتك، : قال .وخطه

.أنا ال أعرف اخلط، ولكن كاتيب يعرف، فإن أذنت حضر: قال عليجاء اخلثعمي الكاتب، وشهد أن اخلط خطه، فحال ابن كامة على سجيته، وخرج من ف. فليحضر: قال

.ما ظننت أن هذا الفىت بعد األميان اليت بيننا يستجيز هذا: مسكه، وقالإمنا أطلعك امللك على نية هذا الغالم فيك، لتعرف فساد ضمريه لك، وما هو عليه ! أيها الرجل: قال األمري

Page 146: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

أخر، وآفات هي أكثر من هذا وأكرب؛ وقد حرك خراسان علينا، وكاتب صاحب جرجان، وألقى من هنات إىل أخينا هبمذان، يعين فخر الدولة، أخبارنا، وهو عني ها هنا لبختيار وقد اعتقد أنه يعمل يف ختليص هذه

.ال بنزع نفسهالبالد له، ويكون وزيرا بالعراق، وقد ذاق ببغداد ما ال خيرج من ضرسه إوكان اجملوسي أبو نصر قد قدم من عند امللك عضد الدولة وهو يفتل احلبل ويربم، ويؤخر مرة ويقدم

.أخرى، ويهاب مرة ويقدم؛ وكان احلديث قد بيت بليل، واهتم به قبل وقته بزمان .فما الرأي اآلن: قال يل علي بن كامة

ك يف البض عليه، وقد كنا على ذلك قادرين، ولكن كرهنا أن يظن بنا أنا ال أرى أمثل من طاعة املل: قال .هجمنا على نصيحنا وكافينا، وعلى ربيب نعمتنا، وناشيء دولتنا فمهدنا عندك العذر، وأوضحنا لك األمر

.مث كان ما كان. فأنا أكفيكموه: قاللغرارة والتواين وقلة التجربة، والركون إىل وصية وكا هذا جره عليه االستبداد بالرأي، وا: قال اخلليلي

.امليت، وسوء النظر يف العواقب، وجمانبة احلزم والرأي الثاقب؛ وكان أمر اهللا مفعوالورأيت اخلليلي، واهلروي، والشاعر املغريب، ومجاعة من خلطاء أيب الفتح، كابن فارس، وابن عبد الرحيم

أجود من هذه اآلراء كلها أن كان يضرب : كان الرأي كذا وكذا، فقال املغريب: الواخيوضون يف حديثه، وقعنق اجملوسي جهارا أتى الدهر مبا أتى، وما كان ليكون أشد مما كان؛ ولعله كان يطرح هنيهة، ويصري سببا

.إىل خالص .وذهبوا يف القول كل مذهب

ومن استوىف أكله استغىن أجله، والكالم فضل، والرأي ويف اجلملة القدر ال يسبق، والقضاء ال ميلك؛ .الدبري مردود، ومن ساوق الدهر غلب، ومن جلأ إىل اهللا فقد فاز فوزا عظيما

حديثا حبديث، وكلمة بكلمة، إال لتكثر الفائدة، ويظهر العلم، ويكون ما صرفنا -حاطك اهللا -ما وصلنا .عة، واالمتاع املونقالقول فيه مرفودا باحلجة الناص

قد مسعت صريح احلديث ودعيه، وعرفت مسخوطه ومرضيه؛ فإن كان اهللا قد أهلمك العدل، ! أيها السامعوحبب إليك اإلنصاف، وخفف عليك الرفق، ووفر نصيبك من اخلري، ورفع كعبك يف الفضل، فقد رضيت

.لسانك، وجعله حظي منكحبكمك، وأمنت عداوتك، ووثقت مبا كتب اهللا يل على واعلم أنك إن كنت تريد االعتذار فقد أسلفت الواضح فيه، وإن كنت تطلب االحتجاج فقد أتى البيان

عليه، وإن كنت تغضب البن عباد أو البن العميد فقد شحنت هذا الكتاب من فضلهما وأدهبما وكرمهما ته، واقع نفسك، وشفى غليلك، وبلغ آخر مردك؛ وإال وجمدمها، مبا إذا ميزته وأفردته مث اجتليته وأبصر

فعرفين من مجع إىل هذا الوقت عشر ورقات يف مناقبهما وآداهبما ومكارمهما، وما ينطق عن اتساعهما وقدرهتما، ويدعو إىل تعظيمهما وتوفية حقوقهما ومعرفة أقدارمها ومهمهما، ممن هلما عليه اإلصبع احلسنة،

، والنعمة السابغة، ومن مل يذكر إال هبما، ومن مل يعرف إال يف أيامهما، ومن لو مل يلتفت إليه واليد اخلضراء .واحد منهما لكان حيرس يف الدروب، أو يلقط النوى يف الشوارع، أو يوجد يف أواخر احلمامات

ومقام نذل، وموقف ودع الشعراء جانبا، فإمنا ذاك عن حسب دين، ومذهب زري، وطمع خسيس،

Page 147: ﻦﻳﺮﻳﺯﻮﻟﺍ ﻕﻼﺧﺃ ﺏﺎﺘﻛ ﻒﻟﺆﳌﺍislamicbook.ws/adab/akhlaq-alwzirin-.pdf · ِﺸﻧ ﺍﺫﺇ - ﻪﻠﻛ ﻚﻟﺫ ﻦﹸﻜﻴﻟﻭ ،ﻞﻃﺎﺒﻟﺍ

مخجل؛ ولكن هات رسالة جمردة، وأديبا فاضال وعاملا مذكورا جترد لنصرهتما، ودل على خفي فضلهما، أو .فإن كنت ال جتد ذلك، فدع الكلب ينبح، فإمنا الكلب نباح! عجب من جلي فعلهما

العريض من دبيب اهلوى، وتسويل النفس، ال أبرئ نفسي يف هذا الكتاب الطويل - حفظك اهللا -على أين .ومكايد الشيطان، وغريب ما يعرض لإلنسان

فإن وقفت على شيء من ذلك وقرأت العذل علينا، وسال يف الالئمة من أجله وإياك أن جتي جلدة ال تدمي .يبه بناركبشفرتك، أو تسند إىل مججمة ال تقشعر ذوائبها برحيك، وأن متتحن جوهرا ال حياص ع

واستيقن أن من ركب سنام هذا احلديث كما ركبته، وسبح يف غامر هذه القصة كما سبحت، وقال ما قلت، وعرض مبا عرضت، فغري بعيد أن حيكم له وعليه مبثل ما يحكم به يل وعلي، وإذا كان احلكم الزما،

:رف وإين ألحسد الذي يقولوهذا القياس مطردا، فالرضا هبما عز، والصرب عليهما ش ألجنبي وال فضل لذي رحم... أعد مخسني عاما ما علي يد

أشكو لئيما وال أطري أخا كرم... احلمد هللا شكرا قد قنعت فال .ألين أمتنى أن أكونه، ولكن العجز غالب، ألنه مبذور يف الطينة

:ولقد أحسن اآلخر أيضا حني يقول لو قنعنا بقسمنا لكفانا... ضيق العذر يف الضراعة أنا

ن إىل اهللا فقرنا وغنانا... ما لنا نعبد العباد إذا كا اللهم ثن وجوهنا باليسار، وال تبتذهلا باإلقتار فنسترزق أهل : " وأدعوها هنا مبا دعا به بعض النساك

وأنت من دوهنما ويل اإلعطاء، وبيدك . ر خلقك، فنبتلى حبمد من أعطى وذم من منعرزقك، ونسأل شرا .يا ذا اجلالل واإلكرام. خزائن األرض والسماء

انتهى

ISLAM ICBOOK.WS ين| ٢٠١٠ م لمسل احة لجميع ا مت ق لحقو ع ا جمي