209
اﻟﺟ ﻣﮭورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ وزارة اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﻌﺎﻟﻲ واﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ ﺟﺎﻣﻌــــﺔ ﻗﺎﺻــــــدي ﻣرﺑﺎح ورﻗﻠـــــﺔ ﻛﻠﯾـــــﺔ اﻵداب و اﻟﻠﻐــــﺎت ﻗﺳم اﻟﻠﻐﺔ و اﻷدب اﻟﻌرﺑﻲ أطروﺣﺔ ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ دﻛﺗوراه اﻟﻌﻠوم ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب ا ﻟﻌرﺑﻲ ﺗﺧﺻص : أدب ﺟزاﺋري ﻗدﯾم إﻋداد اﻟطﺎﻟﺑﺔ : إﺷراف :اﻷﺳﺗﺎذ اﻟدﻛﺗور زﯾﻧب ﻗوﻧﻲ اﻟﻌﯾد ﺟﻠوﻟﻲ اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ :2014 / 2015 م1435 / 1436 ه اﻟﺷﻌر اﻟدﯾﻧﻲ اﻟﺟزاﺋري اﻟﻘدﯾم ﻓﻲ اﻟﻘر ون اﻟﺳﺎﺑﻊ،اﻟﺛﺎﻣن واﻟﺗﺎﺳﻊ اﻟﮭ ﺟرﯾﺔ- ﻣوﺿوﻋﺎﺗﮫ و ﺧﺻﺎﺋﺻﮫ-

مﯾدﻘﻟا يرﺋازﺟﻟا ﻲﻧﯾدﻟا رﻌﺷﻟا ﺔﯾرﺟﮭﻟا … DOCTORAT/Kouni_Zineb_Doctorat.pdf · ﺀﺍﺩﻫﺇ ﻭ ﺭﻜﺸ ﻥﺎﻜﻓ ﻪﻴﻠﻋ

  • Upload
    others

  • View
    30

  • Download
    2

Embed Size (px)

Citation preview

مھوریة الجزائریة الدیمقراطیة الشعبیةالج

وزارة التعلیم العالي والبحث العلمي

جامعــــة قاصــــــدي مرباح ورقلـــــة

كلیـــــة اآلداب و اللغــــات

قسم اللغة و األدب العربي

لعربيأطروحة مقدمة لنیل درجة دكتوراه العلوم في اللغة واألدب ا

تخصص : أدب جزائري قدیم

إشراف :األستاذ الدكتور إعداد الطالبة :

العید جلولي زینب قوني

م2014/2015السنة الجامعیة :

ه1435/1436

الشعر الدیني الجزائري القدیم جریةالھ والتاسع ون السابع،الثامنالقرفي

- موضوعاتھ و خصائصھ -

ھوریة الجزائریة الدیمقراطیة الشعبیةالجم

وزارة التعلیم العالي و البحث العلمي

جامعــــة قاصــــــدي مرباح ورقلـــــة

كلیـــــة اآلداب و اللغــــات

العربي دباألقسم اللغة و

األدب العربياللغة و علوم فيال أطروحة مقدمة لنیل درجة دكتوراه

خصص : أدب جزائري قدیمتإشراف األستاذ الدكتور: إعداد الطالبة :

العید جلولي زینب قوني

: أعضاء لجنة المناقشة

عبد الحمید ھیمة جامعة قاصدي مرباح ورقلة أستاذ التعلیم العالي رئیسا - أ

مقررا قاصدي مرباح ورقلة أستاذ التعلیم العالي جامعةالعید جلولي -أ

مناقشا ر (أ)محاض ھاجر مدقن جامعة قاصدي مرباح ورقلة أستاذ -د

مناقشا ر (أ)محاض أستاذ وقاد مسعود جامعة الوادي -د

مناقشا ر (أ)محاض أستاذ )2بن منوفي محمد جامعة الجزائر ( - د

مناقشا ر (أ)محاض أستاذ بسكرة -أمحمد فورار جامعة محمد خیضر - د

م2014/2015السنة الجامعیة :

ه1435/1436

الشعر الدیني الجزائري القدیم الھجریة والتاسع ون السابع،الثامنالقرفي

- موضوعاتھ و خصائصھ -

الرمحن الرحمي سم ا

ا م ل نوره مكشاكة فهي رض م نور السماوات واأل صباح ا

د من وق هنا كوكب دري ی ة كأ ا ة الز ا مصباح يف ز ال

و يضء ول ا ی هت اكد ز ة ربي ة وال غ ق تونة ال رش اركة زی جشرة منوره ل ىل نور هيدي ا ر نور م تمسسه شاء ل من

لمي ( ء لك يش اس وا ال لن م األ رضب ا )35وی 35سورة النور ، اآلیة :

إهداءشكر و الحمد هللا وحده أوال ، أشكرك يا ذا الجالل و اإلكرام يا من توكلت عليه فكان

من نعمة فمن اهللا وحده ، فما بيفوق ما كنت أتمنى و أتوقع حسبي، يا من رزقني راجية منه تعالى أن يكتب أجر جهدي المتواضع هذا في ميزان حسنات والدي العزيزين .

و الشكر موصول إلى أستاذي الدكتور جلولي العيد المشرف على هذا البحث على وقد ؛ ورقلة صبره وتشجيعه لي ، و كذا إلى أساتذتي األفاضل بقسم اللغة العربية بجامعة

كانوا مصدر التشجيع األول لي لمواصلة الدراسات العليا ، أزف لهم أسمى مشاعر الود .واالحترام

وأذكر والدي رحمه اهللا في هذه اللحظة الذي أشكره شكر وفاء وإكبار فهو لم يغب أطال يزال مصدر إلهام لي ، ثم شكري إلى والدتي الوعني لحظة، وقد كان مشجعا للعلم

اهللا في عمرها و التي جعلت نجاحي شغلها الشاغل ، جعلني اهللا سببا في سعادتهما في الدنيا واآلخرة.

كما أزف عظيم الشكر إلى سندي في الحياة زوجي الكريم و إخوتي األعزاء ، وإلى من خط هذا البحث بأنامله حفظه اهللا " رزقي " ألف كل من ساندي و شجعني ، وإلى

. شكر

الباحثة

أ

مقدمة

كشفت لي دراستي لألدب الجزائري القديم عن وجود مصنفات عديدة في األدب و قد كانت النافذة التي اطلعنا من خاللها ؛المغربي بصفة عامة، والجزائري بشكل خاص

امل للنزعة يتصدره الشعر الح ؛على مالمح أدبنا القديم ، و هي تزخر بتراث أدبي قيم زال كالمديح النبوي و المولديات والتصوف ، هذا التراث جانب كبير منه ما؛ الدينية

حبيس األدراج في انتظار الجمع و التفحص و الدراسة ، من هنا ولد مشروع هذا البحث الموسوم بـ : "الشعر الديني الجزائري القديم في القرون السابع ، الثامن، والتاسع

."-وخصائصه ضوعاتهمو–الهجرية

الزهد ، وبنتاج شعري ضخم في التصوف ، ء الخزانة التراثية في الجزائر إن ثرا من شعر التوسالت و التشوق إلى البقاع المقدسة إبداع ذلكوما يتصل ب؛ والمديح النبوي

كانت أبرز األسباب الموضوعية التي دفعتني الختيار هذا ناه ومن ؛يستحق الدراسة ضوع كما يلي:المو

أساليب والكشف عنمن هذا اإلبداع الشعري بدراسته ، -ولو يسير - التعريف بجانب - الذين خاضوا غماره.

؛السعي إلى تقريب المصادر التراثية من الطلبة بتوظيف ما تزخر به من مادة قيمة - وقد بقيت لزمن حبيسة األدراج.

كونها ل ؛الثامن و التاسع الهجريةوسابع ، كما يعود سبب تخصيص الدراسة للقرون ال - إذ كانت مجاال ؛العصر الذهبي لألدب الجزائري –حسب العديد من المصادر –تعد

ابن النحوي ، و ابن خميس التلمساني ، و عفيف الدين كلميالد ألمع أعالم الشعر

ب

حجلة التلمساني، وأبي حمو موسى الثاني الزياني، وأبي زكريا الزواوي، وابن أبيالتلمساني، وابن مرزوق الخطيب، وابن الخلوف القسنطيني، وغيرهم كثير ممن أعطوا

تستدعي تكاثف الجهود للبحث فيها بالتمعن و المدارسة ، ؛ هذه الفترة حيوية وخصوبةفي نفض الغبار عن هذا -وإن كان بسيطا –وبذلك أردت أن تكون دراستي إسهاما

اإلبداع .

فتتلخص في :تية األسباب الذاأما

إعجابي الكبير بما قرأته من نصوص أثناء دراستي السابقة الموسومة ب"التجربة - هذا الكتاب -عنوان الدراية للغبريني (عينة)–الصوفية في الشعر الجزائري القديم

الذي تضمن نصوصا شعرية لها أهميتها في التصوف، وفي المديح النبوي، والزهد.

ة في التعرف على مالمح الحياة الدينية ، والسياسية ، واالجتماعية في رغبتي الملح - وهذا بعدما الحظته من ؛وكيف انعكست على الحياة األدبية ؛الجزائر في تلك القرون

بل وحتى العامة بشعر التصوف، والمديح النبوي على ؛اهتمام الحكام و األدباء الخصوص.

إلى التعريف بالشعر الديني في المغرب األوسط وعليه ؛ فإن هذا البحث يهدف الثامن ، والتاسع الهجرية ، من حيث الموضوعات و(الجزائر) على مدى القرون السابع ،

؛والخصائص، من خالل البحث في مضامين شعر الزهد ، والتصوف ، والمديح النبويلغوي ، على أن مع الكشف عن ظروف نشأتها ، و إبراز أساليب الشعراء في التشكيل ال

على جملة –مقارنة بعظمة تراثنا األصيل –أجيب من خالل هذه المحاولة المتواضعة من األسئلة هي:

ما هي مالمح الحياة السياسية ، واالجتماعية والفكرية في الجزائر على مدى العهد - شأة وتطور الزياني ؛ بل ومنذ أواخر فترة العهد الموحدي ؟ وكيف هيأت المناخ المالئم لن

الشعر الديني؟

ج

من هم أبرز أعالم هذا اللون من الشعر؟ -

ثم ما هي الموضوعات المتناولة في قصائدهم ؟ وكيف كانت أساليبهم في التصوير - كونه يحمل صبغة بالعمق سمتي الذي الفني لهذا الشعر ؟ وما الذي ميز لغة هذا الشعر،

دينية؟

ت إلى اإلفادة من المنهج التاريخي في التتبع التاريخي ولإلجابة عن هذه األسئلة عمد للظاهرة ، إلى جانب المنهج الفني الذي كان ملحا حينما تعلق األمر بالبحث في التصوير

الشعري ، كما استعنت بالوصف كأداة إجرائية فيما يخص المقاربات المفاهيمية.

ذة الباحثين؛ الذين كانت كتبهم وقد سبقني إلى البحث في الموضوع جملة من األسات بمثابة المعالم التي أنارت لي الطريق ، تلك هي المؤلفات التي تناولت الموضوع من

يتعلق األمر بالدراسات الهامة التالية : "الخطاب الشعري عند فقهاء المغرب ؛جوانب شتىب العربي في العربي" لمحمد مرتاض وله أيضا " التجربة الصوفية عند شعراء المغر

، و "ابن الخلوف وديوانه جني الجنتين في مدح خير الفرقتين" "الخمسية الهجرية الثانيةتحقيق العربي دحو، و"المولديات في األدب الجزائري القديم" ألحمد موساوي، و"الخطاب الصوفي وآليات التأويل" لعبد الحميد هيمة ، و"المديح النبوي في الغرب اإلسالمي" لمحمد

ألزهر باي ، هي من الكتب التي كانت دليلي في رحلتي مع البحث، كما استفدت من ازودتني بالنصوص الشعرية أهمها : "بغية الرواد" للعالمة يحي التي جملة من المصادر

بن خلدون ، "وعنوان الدراية" للعالمة أبي العباس أحمد الغبريني، إضافة إلى مصادر من ذلك ما وجدته في كتاب "الشعر الديني الجزائري ؛ومراجع أخرى كانت لي معينا

–وإن كان اختص بالشعر الديني الحديث –الحديث" لعبد اهللا الركيبي ، هذا الكتاب الذي إال أنه ساعدني في تخطي صعوبة تحديد إطار الشعر الديني؛ ذلك أن أبرز صعوبة

ي حيرة حينما عثرت على واجهتني هي هذه ، أي تحديد إطار الشعر الديني، إذ وقعت فلكنني سرعان ما ميزت بين ؛" و"أدب الدعوة" لحات، أومسميات " األدب اإلسالميمصط

لكنه اتجه إلى اإلرشاد ؛من نثر ونظم حامال النزعة الدينية ؛ ما كان تعليميا، تربويا

د

وقد ارتبط هذا بعصر صدر اإلسالم ، وربما بعهد ؛والتوجيه ، و الدعوة إلى الدين أقول بينه و بين ما كان ناتجا عن تآلف و –على الخصوص –الفتوحات مشرقا ومغربا

فلم أجد من ؛فانساب دفقة شعورية في قالب شعري ؛انسجام بين النزعتين الدينية واألدبيةذلك بين المصادر إال ما كان شعر زهد وتصوف، ومدائح نبوية ومولديات ، وما يتبعها

ع إلى اهللا تعالى ، و التشوق إلى البقاع المقدسة ، ومدح آل بيت من شعر التوسل و التضر رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، ومدح شيوخ ورجاالت التصوف.

تحديد ووجهني إلى االهتمام بما كان اذ عبد اهللا الركيبي أعانني في إذن كتاب األست تصوف، و شعر شعر ال –على الخصوص –شعريا خالصا ، وقد تناول هذا الكتاب

المدائح النبوية تحت تسمية " الشعر الديني".

وانطالقا من هذا التحديد جاء البحث في مدخل نظري ثم ثالثة فصول قسمت كالفأوردت قدمة ، على أن يتبع البحث بخاتمة؛منها إلى ثالثة مباحث سبقتها جميعها بم

وقد ، والفكرية في المغرب األوسط؛اعيةالمدخل بعنوان مالمح الحياة السياسية، االجتمإذ تضافرت ،كان لهذا الواقع أثره في تبلور التوجه األدبي المنبثق عن التوجه العقائدي

ظروف عديدة لتجعل من أهل المغرب األوسط و المغرب العربي بصفة عامة يلوذون الصراعات اتخذ من الدين مالذا بعيدا عن -كعامة الناس-بالدين، حيث األمان؛ والشاعر

والخصومات، إلى جانب انتشار الفقه ؛ إذ أن أغلب الشعراء كانوا من الفقهاء.

النشأة و األعالم، –وعرضت في الفصل األول إلى الشعر الديني من حيث المفهوم مبتدئة بمفهوم الدين، والشعر الديني، مع الكشف عن الصلة القائمة بين الدين و األدب،

الشعر، ألعرض بعدها إلى نشأة الشعر الديني، وتطوره في المشرق و وبين الدين و وأخيرا ذكر أهم أعالمه في المغرب األوسط. ،المغرب العربيين

، ت الشعر الديني في القرون السابعأما الفصل الثاني فخصصته للتعريف بموضوعا ونشأته ، ومضامين الثامن ، والتاسع الهجرية ، بداية من شعر الزهد : مفهوم الزهد ،

ه

شعر الزهد ، فشعر التصوف من حيث مفهوم التصوف وصلته بالزهد ، فنشأة شعر التصوف وتطوره في الوطن العربي ، ثم في الجزائر ، وصوال إلى موضوعاته في الجزائر، في القرون المذكورة سالفا ، وثالثا شعر المدائح النبوية و المولديات ؛ انطالقا

النشأة ، ثم صلة مدح الرسول صلى اهللا عليه وسلم بالتصوف ، وبعدها من المفهوم والتطرق إلى أنواعها ومضامينها، وأخيرا مكانة شعر المولديات في المغرب األوسط في

الفترة المعنية.

في حين في الفصل الثالث من البحث كان المجال فسيحا للكشف عن أساليب ة ، والبحث في مدى اإليحائية فيها و التقريرية ، و المعجم الشعراء بداية من اللغة الشعري

خاصة ؛اللغوي المستعمل من قبل الشعراء ، ثم البحث في دواعي الغموض في هذا الشعرإذا ما تعلق األمر بالتصوف، فيما عرضت في المبحث الثاني إلى الصورة الشعرية ،

مل عليه شعرهم الديني من صور ، مبرزة ما اشتة العصر في أساليب الشعراءوأثر ثقاف .التي كانت انعكاسا لثقافة العصر ألوان البديع؛بيانية و

ي التشكيل اإليقاعي للشعر الديني؛وقد كان ختام هذا الفصل وختام الدراسة بقراءة ف بما فيه الخارجي من الوزن إلى القافية، والداخلي المتعلق بالتآلف و التعانق ، واالنسجام

روف و الكلمات ، وكل هذه األدوات أضفت على هذا الشعر تميزا ؛ وقد استمدت بين الحمن وجدان الشاعر الجزائري ، وخصوصياته المستوحاة من واقع المغرب العربي وأهله

المتمسكين أيما تمسك بالدين .

دكتور العيد أختم هذه المقدمة بتقديم كل الشكر والتقدير إلى أستاذي المحترم األستاذ ال جلولي ؛ الذي كان لي نعم الموجه ، الناصح ؛ وقد وجدته ذلك المتفهم المعطاء؛ فأفدت من

ومهما شكرت فلن أفي حق أستاذي ،علمه ، واستزدت معرفة بما دعمني به من مراجع فلكم مني عظيم الشكر و االمتنان ، ولكم من اهللا عظيم الثواب .؛ الجليل

و

لجزيل إلى أساتذتي األفاضل بقسم اللغة العربية بجامعة ورقلة؛ وقد كما أتقدم بالشكر ا لكم مني أسمى آيات التقدير و االحترام . ؛المشجعين الداعمين –دوما –كانوا لي

ويظل هذا البحث نقطة في بحر عميق ؛ البد من تخطي الصعاب الختراقه ، والكشف يأت بالجديد ، فقد حاول الكشف عن جانب عن جواهره المكنونة ، وإن كان هذا البحث لم

ما من هذا الكنز المتواري ، الذي ال يزال بحاجة إلى جهود متكاثفة ، عسى أن يسطع . نوره يوما، فنتعلم من أمجاد األجداد ما نبني به صرح البالد ثقافة و فكرا ورقيا

زينب قوني

مدخل

مالمح الحياة السياسية االجتماعية والفكرية في السابع ، الثامن المغرب األوسط (الجزائر) في القرون

.الهجرية و التاسع

7

دخلم و الفكرية في المغرب مالمح الحياة السياسية ، االجتماعية،

وسط في القرون السابع ، الثامن ، و التاسع الهجريةاألجعل إبداعهم شعرا أو نثرا لصيقا ؛االرتباط الكبير ألهل المغرب العربي بالدين

فكان بذلك الشاعر المسلم مترجما للحس الديني ألبناء أمته، وإذا كانت ؛بالمعتقد الدينيمجيء اإلسالم وجد الشعر الديني فإنه وب ؛صلة الشعر بالدين تعود إلى عصور غابرة

بوصفه مدافعا عن الدين الجديد، معبرا عن محبة اهللا تعالى وحب رسوله الكريم، إلى جانب ما عبر به الشعراء عن زهدهم في الدنيا، وتوسلهم وطلبهم العفو من اهللا تعالى،

ف والزهد كان الميل إلى التقش ؛وحينما انتشر الترف والبذخ واللهو في العصر العباسيالتي عرفت قديما -والتصوف واالنصراف للدين، بعيدا عن اللهو والمجون، والجزائر

عرفت بدورها توجها واضحا نحو الدين فكثر العلماء والفقهاء –باسم المغرب األوسط والزهاد والمتصوفة خاصة في الخمسية الهجرية الثانية بدءا من القرن السابع للهجرة،

.......ات والمدائح النبويةيوالتصوف، شعر المولد لينتشر شعر الزهدوالخوض في موضوع "الشعر الديني الجزائري القديم في القرون السابع، الثامن،

مع دولتين كان لهما الدور البارز في صناعة الحدث لدارسا يستوقف؛ والتاسع الهجرية" " التي امتد حكمها إلى منتصف التاريخي والفكري في المغرب األوسط: "الدولة الموحدية

هـ، "والدولة الزيانية" أو "دولة بني 668هـ إلى 515القرن السابع الهجري أي من عبد الواد" التي استقلت بالحكم في المغرب األوسط على مدى ثالثة قرون السابع، الثامن

الت وهي فترة شهدت تحو ؛هـ 962هـ إلى 633والتاسع الهجرية ، أي في الفترة من حاسمة على مستويات عديدة، األمر الذي يستحثنا للتمعن في هذه المستويات سياسية كانت أو اجتماعية أو ثقافية ، إلى جانب تقديم لمحة عن الحياة السياسية في مدينة بجاية التي

كانت في هذه الفترة تحت الحكم الحفصي.0 ؛الثالثة المعنية بالدراسةاإلطار العام للعصر على مدى القرون عرض صورة عن و

إذ ؛النتاج األدبي في هذه الفترة يكتسي أهمية بالغة في الكشف عن مضامين وخصائص

8

يمكن من دراسة الظاهرة األدبية "الشعر الديني" بأكثر دقة نظرا لحتمية تأثرها بمعطيات العصر.

الحياة السياسية في المغرب األوسط (الجزائر): -أوال مدينة يخص لواقع السياسي في القرون السابع، الثامن والتاسع الهجرية اإن دراسة

شكلت مع مدينة بجاية ثنائيا التي هي مدينة تلمسان ؛كانت لقرون مركز إشعاع ثقافياحتضن منابر العلم واألدب بالمغرب األوسط لفترة طويلة، وهذه الفترة المحددة للدراسة

الهجرية تشير إلى أن معظم الفترة تنطوي تحت مظلة أي القرون السابع، الثامن والتاسعبالنسبة لمدينة تلمسان ؛ ة مع فترة وجيزة للدولة الموحديةالدولة العبد الوادية أو الزياني

كعاصمة لدولة بني عبد الواد، و كذا الدولة الحفصية التي سيطرت على بجاية في هذه الفترة.

فال بد من االنطالق مع الدولة الموحدية ؛ياسيوإذا أردنا أخذ لمحة عن الواقع الس التي صنعت الحدث السياسي في المغرب األوسط إلى حوالي منتصف القرن السابع

وقد "قامت الدولة الموحدية على أساس عقيدة التوحيد والخضوع للموحدين فكان ؛الهجريلذي كان ينتسب شعارها (األمر بالمعروف والنهي عن المنكر) تزعمها محمد بن تومرت ا

إلى قبيلة "هوغة"، إحدى بطون قبيلة مصمودة، استقر في مدينة المهدية عندما رجع من حيث تصدى للتدريس ومقاومة البدع والمنكرات ثم ؛م) 1117هـ ( 511المشرق عام

علي بن فضاق به ذرعا أمير دولة المرابطين ؛اتجه إلى مدينة قسنطينة فبجاية، فمراكشم)، فالتحق بقرية "إيجلز" مسقط 1121هـ ( 515رده من مراكش عام فأمر بط؛ يوسف

رأسه ببالد السوس بجبال مصمودة، وأعلن بطالن بيعة األمير علي بن يوسف وأخذ يجهر بالعداء للمرابطين الذين رماهم بالكفر، فأقبل الناس من كل حدب وصوب ، والتفوا حوله

عام 1من شهر رمضان" 15ن رفاقه في ثم ادعى أنه المهدي المنتظر فبايعه عشرة مم)، وقد خاض ابن تومرت عدة معارك ضد المرابطين، ليتمكن 1121هـ (ديسمبر 515

م) لمدة أربعين يوما، إال أنه هزم بمعركة 1130هـ (524من محاصرة مراكش عام "فبايع الموحدون تلميذه عبد المؤمن ،2البحيرة، بعد تعرضه لجروح بليغة توفي على إثرها

. 3م)"1133هـ ( 527م) ثم بيعة علنية عام 1130هـ ( 524بن علي بيعة سرية عام

)، دار العلوم للنشر والتوزیع، عنابة، الجزائر 1962 - ق.م814صالح فركوس، المختصر في تاریخ الجزائر من عھد الفنیقیین إلى خروج الفرنسیین ( - 1.68(دط)،(دت ط)، ص

، الصفحة نفسھا.نفسھ ینظر المرجع - 2 المرجع نفسھ، الصفحة نفسھا. - 3

9

الدولة الموحدية بسطت نفوذها على مساحة شاسعة حيث خضع إليها كل المغرب العربي، بل وحتى األندلس مدة من الزمن حتى سقوط الموحدين وانتهاء عهد الدول

"والدولة المترامية األطراف مثل ،1ب العربيالكبرى التي امتد حكمها على سائر المغرهذه فال بد من أن تقسم إلى واليات يكون على رأسها سياسيون محنكون مخلصون، ولهذا عمد "عبد المؤمن" إلى أشياخ "مصمودة"،الذين يتوفر فيهم على األقل اإلخالص. ولما

. 2يا وثقافيا وإخالصا"استتب له األمر قرر أن يجعل على رأس الواليات رجاال أكفاء سياسوقد "كان يرأس الدولة الموحدية أمير يسمى أمير المؤمنين، أصبح الحكم فيما بعد

وراثيا حيث انحصر في أحفاد عبد المؤمن بن علي. قسمت السلطات إلى عدة وزارات متخصصة ....ألف عبد المؤمن جيشا عسكريا ضخما بريا وبحريا وكان هذا الجيش من

.3يتميز بقوة تنظيم محكمة كما كان له أسطول بحري" ؛جيوش في العالم آنذاكأقوى الويظل الحديث عن الواقع السياسي للفترة المعنية بالدراسة يحتم التفصيل أكثر في

، الثامن الحياة السياسية للدولة الزيانية التي امتد حكمها على مدى القرون الثالثة السابعإذ ؛ة قبل منتصف القرن السابع الهجريكان تفكك الدولة الموحدي فيما ؛والتاسع الهجرية

م) أهم العوامل التي أدت إلى تفكك الدولة 1212هـ / 609"تعتبر معركة العقاب (ما حدث بعد ذلك من تأزم ؛العوامل األخرى التي أضعفت شأنهاالموحدية .... ومن

، ممثلي القبائل المناصرة للدعوة الوضع بين السادة أمراء األسرة المومنية، واألشياخهـ)، وانتصاب 624الموحدية، واشتدت هذه األزمة السياسية بعد وفاة العادل، سنة (

إدريس المأمون على العرش، فنتج عن ذلك صراع عنيف، أدى إلى قيام منافس للمأمون، ين إال بوفاة يدعى يحي المعتصم، بتأييد من األشياخ، ولم تنته الفتن التي نشأت بين الفريق

.4ه"ـ633يحي المعتصم، حوالي وسط وقد كان في هذه الفترة سلطان الدولة الموحدية يشهد ضعفا، وهذا في المغرب األ

فلم يبق من المناطق الخاضعة للسلطة الموحدية غير ؛وإفريقية، ليسير نحو التالشيا انقضاء حكم الدولة نحو ، وهكذا كانت األحداث تسير شيئا فشيئا5تلمسان وما يليه

إذ "بينما كان الحفصيون يقدمون على إلغاء تبعيتهم لألسرة المومنية، بإفريقية، ؛الموحدية

. 223م ،ص2011، 1، دار األمة للطباعة والنشر والتوزیع، الجزائر، ط1954ینظر: عثمان سعدي، الجزائر في التاریخ من العصور القدیمة وحتى سنة - 1 .72م ، (دط)، ص2007محمد الطمار، تلمسان عبر العصور، دیوان المطبوعات الجامعیة ، الجزائر - 2 .69صالح فركوس، المختصر في تاریخ الجزائر، ص - 3

.11م ، ص1982، 2عبد الحمید حاجیات، أبو حمو موسى الزیاني حیاتھ وآثاره، الشركة الوطنیة للنشر والتوزیع، الجزائر، ط - 4 .12، ص نفسھینظر: المرجع - 5

10

كانت مختلف القبائل الزناتية، في المغرب األوسط، تقتطع أراضي التل الغنية، فاستقلت حمل مغراوة بناحية شلف، واحتل بنوتوجين جبل وانشريس، وبنوراشد الجبل الذي أصبح ي

. 1اسمهم، وبنو عبد الواد األراضي التابعة لتلمسان"ار بالسلطة، وما أدى إلى سقوط الدولة الموحدية هو الصراع الداخلي من أجل االستئث

وبذلك تفككت وحدة هذه الدولة، بانفصال بني حفص بتونس ؛إلى جانب ضعف الحكامفكانت عاصمة 2اد على تلمسان.وبني مرين بالمغرب األقصى، فيما استولى بنو عبد الو

للمغرب األوسط.هـ)، بقيادة جابر بن يوسف، 627وقد "كان دخول بني عبد الواد تلمسان، سنة (

خطوة أولى نحو تأسيس دولتهم. ثم آلت إمارة بني عبد الواد، بعد وفاة جابر، إلى ابنه ان ابن زيان هـ) ثم إلى ابن عمه زيد 631-630هـ) فأخيه عثمان ( 629الحسن (

فحاربهم ولكنه ؛معارضة قوية من بعض عناصر قبيلته) واصطدم زيدان ب631-633(هـ) فخلفه أخوه يغمراسن. وكان 633قتل أثناء معركة دارت رحاها خارج تلمسان (

أول عمل سياسي قام به يغمراسن أن أعلن استقالل قبيلته بالحكم، مع االعتراف الرمزي . 3سست بذلك اإلمارة العبد الوادية"بالخالفة الموحدية فتأ

حيث أنه وبعد ؛دية جملة من الصراعات مع جيرانهاوقد شهدت الدولة العبد الوا والمرينية كل منها كانت والزيانية سقوط الدولة الموحدية كان قيام " ثالث دول: الحفصية

أي دولة من هذه لكنه لم يخلص بتمامه إلى ؛العربيتريد أن تبسط نفوذها على المغرب الدول. فتوزعته فيما بينهما. فكان للحفصيين شرقية وللمرينيين غربية ولبني عبد الواد

.4قلبه" ؛مون تلمسان باسم الدولة الموحديةوتجدر اإلشارة إلى أن بني عبد الواد كانوا يحك

تخذين من لكنهم "شقوا عصا الطاعة ونبذوا دعوتها معلنين استقاللهم بالمغرب األوسط متلمسان عاصمة لمملكتهم وقد توارث بنو عبد الواد عرشها أزيد من ثالثة قرون إال أن مملكتهم كانت عرضة دائما للغارات والغزو من طرف جيرانهم الحفصيين ملوك افريقية من الناحية الشرقية والمرنيين ملوك المغرب األقصى من الناحية الغربية وكان هؤالء أي

ر قوة وأشد بأسا وكانت قاعدة ملكهم فاس أقرب إلى تلمسان من تونس قاعدة بنو مرين أكث

.12، صابقسالالمرجع ، عبد الحمید حاجیات - 1 . 70ینظر: صالح فركوس، المختصر في تاریخ الجزائر، ص - 2 13/ 12عبد الحمید حاجیات ، المرجع السابق، صص - 3 .183، (د ت ط) ، ص 2عات الجامعیة ، الجزائر ، طمحمد الطمار، تاریخ األدب الجزائري، تقدیم: عبد الجلیل مرتاض، دیوان المطب - 4

11

بني حفص الشيء الذي مكن المرينيين من االستيالء على عاصمة بني عبد الواد مرتين .1بل عدة مرات رغم مقاومتهم ودفاعهم الشديد عنها"

أن هذه الدولة حيث ؛وأصل بني عبد الواد يعود إلى جذور عريقة في المغرب األوسط كانت مواطنهم ما بين –زناتة –تنتمي إلى قبيلة من "أحد بطون القبيلة الجزائرية العتيدة

جبال سعيدة شرقا، ووادي ملوية غربا، ومنهم فصيلة متوطنة بجبل أوراس. وهم من أهل -مزاب-الوبر يعيشون معيشة النعجة، يرتادون صحراء المغرب األوسط ما بين مصاب

ومنها كذلك أرض الزاب. وهم تلو بنو -تافياللت-ية وفيجيج، ثم إلى سجلماسةإلى ملو . 2مرين في الكثرة والقوة"

وهو صفة لجد لهم ؛ويمكن اإلشارة إلى أن أصل تسمية بني عبد الواد هو عابد الوادي كان يتبتل بواد هناك، حسب ما ورد في كتاب تاريخ الجزائر العام لألستاذ عبد الرحمانالجياللي، وتمتد مملكتهم "غربا إلى مدينة تاوريرت التي هي اليوم داخل التراب المراكشي

كيلومترا غربي وجدة التي كانت من مدنها أيضا... وتبلغ في بعض 136على بعد وهي في ذلك تسير حسب تقدم الدولة ، ا إلى أعمال قسنطينة ودلس وبجايةاألحيان شرق

ومزاحميها من بني حفص وبني مرين، وبلغت حدودها وانتصاراتها على منافسيها .3وشماال إلى البحر"-تافياللت-الجنوبية الغربية إلى سجلماسة

اتخذت دولة بني عبد الواد من تلمسان عاصمة لها، األمر الذي يفسر الماضي "من موقعها الجغرافي الممتاز، ومن كونها؛ الهام الذي اكتسبته مدينة تلمسانالتاريخي

كانت عاصمة للمغرب األوسط (الجزائر) أكثر من ثالثة قرون، ازدهر خاللها الفكر، الحضارة، وتطور العمران، واستهوت العديد من رجاالت الفكر والسياسة وأخصبت

.4مما جعلها في األخير مدينة الفن والثقافة والتاريخ" ؛والثقافةلى أن غير اسمها السلطان أبو حمو لقد "عرفت هذه الدولة بدولة بني عبد الواد، إ

.5(موسى) الثاني باسم الدولة الزيانية نسبة إلى زيان بن ثابت والد يغمراسن"

لجزائر، الحاج محمد بن رمضان شاوش ، باقة السوسان في التعریف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زیان ، دیوان المطبوعات الجامعیة ، بن عكنون، ا - 1

.62، ص 1م ، ( دط ) ، ج2011 .205م ، ص2009، شركة دار األمة للطباعة والنشر والتوزیع برج الكیفان الجزائر (دط)، 2،جالعام عبد الرحمان بن محمد الجیاللي، تاریخ الجزائر - 2 .213/ 212، صص ھسنفالمرجع - 3 . 210م ، ص2009، الجزائر ، 1،ج2یحي بوعزیز، الموجز في تاریخ الجزائر، دیوان المطبوعات الجامعیة، ط - 4 .333عثمان سعدي ، الجزائر في التاریخ ، ص - 5

12

شغلت الدولة الزيانية الساحة السياسية بالمغرب األوسط لفترة طويلة وصلت إلى ير من عاشت خاللها الكثير من الصراعات واألحداث التي صنعها العدد الكب ؛ثالثة قرون

الذين تعاقبوا على الحكم، وتتمثل هذه األحداث في األمور التاليـــة:" ؛األمراء صراع األمراء فيما بينهم على العرش والسلطة. -تدخل الدولة المرينية من المغرب األقصى والدولة الحفصية من الشرق بتونس في -

إزالتها من الوجود.شؤون الدولة الزيانية الداخلية في محاولة للسيطرة عليها وتدخل االسبان تبعا لذلك، ولنفس الهدف، بعد أن ضعف شأن هذه اإلمارات الثالثة -

جميعا بالمغرب العربي كلــه.تدخل األتراك في النهاية، إنقاذا لوجودهم بالجزائر، ولقطع خط الرجعة على االسبان، -

هاية لدولة بني عبد الواد، وتصفية وجودهم بسواحل المغرب العربي. وهم الذين وضعوا نوألطماع االسبان في السيطرة على الجزائر والشمال اإلفريقي الغربي كما وضعوا نهاية

. 1أيضا لدولة بني حفص بتونس" وهذه األمور حددت في أدوار ستة، يمكن تلخيصها فيا يلــي:

دور النشأة والتبعية للحفصيين. رينيين.دور االستقالل عن الحفصيين والخضوع للم

دور البعث الثاني للدولة، والتدخل المريني ضدها. دور البعث الثالث لدولة بني عبد الواد الزيانية: وقد أعاد بعثها أبو حمو موسى الثاني.

دور التدخل الحفصي الثاني. 2دور التدخل االسباني وانقراض الدولة الزيانية.

حكم في الدولة الزيانية العشرين، ويمكن وقد تجاوز عدد األمراء الذين تعاقبوا على ال ذكر بعضهم فيما يلي:

م1283هـ/ 681م 1236هـ/ 633يغمراسن بن زيان -" م1303هـ/ 703م 1283هـ/ 681أبو سعيد عثمان األول - م1308هـ/ 707م 1303هـ/ 703أبو زيان محمد األول - م1318هـ/ 718 م 1308هـ/ 707أبو حمو موسى األول - م1337هـ/ 737م 1318هـ/ 718أبو تاشفين عبد الرحمان األول -

.220یحي بوعزیز، المرجع السابق ، ص - 1 .220/224/226/228/230/233ینظر : یحي بوعزیز المرجع نفسھ، صص - 2

13

م1352هـ/ 753 م1348هـ/ 749أبو سعيد عثمان الثاني وأخوه ثابت - .1م"1389هـ/ 791 م1359هـ/ 760أبو حمو موسى الثاني -

إلى أواخر القرن التاسع إلى جانب أسماء أخرى عديدة ،لتستمر فترة حكم هذه الدولة الهجري.

وحسب المصادر التاريخية، فقد كان يغمراسن، وأبو حمو موسى الثاني األكثر أهمية، بالنظر إلى ما اتسم به كل منهما من خصال حميدة وسمعة طيبة وذلك حسب ما جاء في

ف بني كتاب "تاريخ بني زيان ملوك تلمسان مقتطف من نظم الدرو العقيان في بيان شرزيان" لمحمد بن عبد اهللا التنسي عن "يغمراسن" بأنه " أول من قام بوظيفة الملك، ونظم

بعد التفرق في أوثق سلك، وأحي من خالفة آبائه رسما كان دارسا، وأيقظ من هردرالدولة الحسنية جفنا طال ما كان ناعسا، الملك الهمام األسد الضرغام، فخر الملوك و تاج

ر المسلمين أبو يحي يغمراسن بن زيان، نهض فاستولى وحل من تراث آبائه األعيان: أميفي الملك، فكان خليفة اهللا المرتضى، وسيف حمايته المنتضى، شرق بشروق واليته ملوك المشرق والمغرب...بويع في سابع عشر جمادى األخيرة من سنة سبع وثالثين وست

.2مائة"حمو موسى الثاني ما يلـي:"ولما استقر المولى كما ورد في المرجع نفسه عن أبي

أبو حمو من هالة في نصابها، وانتزع دولته من يد غصابها، ساس أهل مملكته بالسيرة الحسنى، وغمر الرعية قسطاس عدله األسنى، وقسم أوقاته بين حكم يقضيه وحق يمضيه،

ضيه، وسبيل إلى وعاق يرضيه، وسيف لحماية الدين ينضيه، وجفن عن عوراء األمة يغ . 3رضاء اهللا تعالى ورسوله يفضيه"

وإذا كانت مدينة تلمسان اتخذت عاصمة للمغرب األوسط(الجزائر) من قبل الدولة الزيانية، فإن بجاية انتقلت من كونها دولة حمادية ،فموحدية ، لتصير في األخير وإلى

نقف مع مدينة بجاية على اعتبار غاية الربع األول من القرن العاشر مدينة حفصية ، وأنها شكلت إلى جانب تلمسان مركز إشعاع ثقافي هام في الجزائر على مدى القرون المعنية، ذلك أن "بجاية لم تعد مركزا تجاريا وحضاريا بارزا إال في عهد ملوك بني حماد أصحاب القلعة إذا اضطر ملكهم الناصر بن علناس في القرن الخامس الهجري إلى

اعة الشعبیة محمد بن عبد هللا التنسي، تاریخ بني زیان ملوك تلمسان مقتطف من نظم الدرو العقیان في بیان شرف بني زیان، تحقیق محمود بوعیاد، الطب - 1

. 289م ، ص2007ر للجیش، الجزائ .111، ص نفسھ محمد بن عبد هللا التنسي ، المرجع - 2 .160، صالمرجع نفسھ - 3

14

م وأطلق عليها اسم 1067هـ/460تأسيس عاصمة جديدة لدولته بجبل بجاية نحو الناصرية، وزاد ابنه المنصور في عمرانها حتى أصبحت أشهر حواضر المغرب

، وبقيت بجاية محافظة على هذه المكانة حيث أنه " ورغم انضواء بجاية 1اإلسالمي"لة الموحدية إال أن دورها الحضاري الناصرية منذ القرن السادس الهجري تحت لواء الدو

لم يتوقف وعرفت استقرارا سياسيا مع بعض االضطرابات السياسية من حين آلخر والتي لكن ؛2تمثلت في حمالت بقايا المرابطين الملثمين بزعامة علي بن غانية وأخيه يحي"

ى بحلول القرن السابع الهجري عاشت بجاية تحوالت كبيرة حيث سيطر الحفصيون علم إلى 1230هـ/628المدينة على مدى أكثر من ثالثة قرون في الفترة الممتدة من

م، وقد كان لبجاية في هذا العهد مكانة هامة حيث كانت لمرات عديدة 1510هـ/915عاصمة إلمارة حفصية، كما كان لها في مرات أخرى دور في الدفاع عن األجزاء

لقرن العاشر الهجري حيث أصابها الضعف ثم الغربية من المملكة الحفصية، إلى أن حل ا . 3كان االحتالل االسباني لها

- إذن –الحياة السياسية في المغرب األوسط في الفترة المعنية بالدراسة اتسمت بحركية كبيرة صنعتها الصراعات التي عاشتها الدولة الزيانية مع جيرانها، وكانت بين مد

يين والحفصيين لبسط نفوذهم على المغرب األوسط، وجزر، بالنظر إلى أطماع المرينوهذا الواقع كان حافال بالهزائم واالنتصارات، وهي أحداث البد أن تعكس واقعا اجتماعيا معينا فكيف كانت الحياة االجتماعية في المغرب األوسط في القرون السابع، الثامن

ة التي كانت عاصمتها تلمسان والزياني والتاسع الهجرية وهذا في ظل الدولتين الموحدية وكذا في مدينة بجاية التي كانت تحت سيطرة الدولة الحفصية؟

والتوزیع (دط)، القبة، محمد الشریف سیدي موسى، مدینة بجایة الناصریة دراسة في الحیاة اإلجتماعیة والفكریة، تقدیم: محمد األمین بلغیث، دار كرم هللا للنشر - 1

. 306صم، 2011الجزائر .307المرجع نفسھ، ص - 2 ، الصفحة نفسھا.نفسھ ینظر: المرجع - 3

15

:الحياة االجتماعية في المغرب األوسط (الجزائر) - ثانياالمجتمع الجزائري خليط متنوع من العرب واألمازيغ إلى جانب الوافدين من األندلس

تماعية متباينة، وتلمسان على اعتبار أنها عاصمة خاصة، فهم بذلك ينتمون إلى طبقات اجللمغرب األوسط آنذاك ضمت كل هذا المزيج فكانت مركزا لتقاطع الثقافات وتقاطع

.1الطرق التجاريةكانت أيضا عاصمة اقتصادية بالنظر إلى موقعها ؛وكما كانت تلمسان عاصمة سياسية

العيش الحسن للمواطن، وتلمسان كما االستراتيجي، وكان سعي السلطات كبيرا لضمان "فالحية بطبيعة أرضها، تجارية قال الشيخ مبارك الميلي في كتابه "تاريخ الجزائر":

.2بطبيعة موقعها، صناعية بطبيعة سكانها "إن ما تتميز به تلمسان في شتى الجوانب، والطبيعية على وجه الخصوص وفر

ص الشغل المتاحة في مجاالت الفالحة، الصناعة للمواطن التلمساني حياة كريمة مع فروالتجارة، "وناحية تلمسان سهلية جبلية وعلى هذا فمحصوالتها الزراعية كلها راجعة إلى ما تنتجه األرض في البسائط والسهول وما تنتجه في الجبال والوهاد، أما السهول

لحرطون الواقع في المعروفة بجودة أرضها وخصبها فمنها ما هو قريب من المدينة كا ،جنوبها والمنية الواقعة في شمالها وقد قيل عنهما قديما "الحرطون والمنية نصف الدنيا"

ويضاف إلى هذين السهلين البسائط والربى الواقعة على ضفتي وادي الصفصيف شرقا دة ي، يضاف إلى هذا السهول والبسائط البع3وبسائط إمامة والمنصورة الواقعة في غربها"

المدينة، إلى جانب الجبال والهضاب المحيطة بتلمسان التي كانت تستغل أيضا لحرث عن التها ما يتالءم مع مناخها، كل هذه المعطيات جعلت من تلمسان مدينة غنية بمحصو

كتفاء الذاتي، بل ويصدر منها إلى الجهات الفقيرة التي تشهد إذ كانت تحقق اال ؛الزراعيةتاج الزراعي كان متنوعا من حبوب، وقطن، خضر بجميع أحيانا بعض الجفاف، واإلن

أنواعها، وبقول، إلى جانب مساحات هامة استغلت لغرس األشجار المثمرة لتتنوع الثمار ، فقد كانت الزراعة هي 4وخاصة العنب، إذ ال يكاد يخلو بستان من عرائش األعناب

ترفها وبذلك قام هذا النشاط الفقري للدولة الزيانية، "فأكبر نسبة من السكان تح العمود

م، 2008عھد تلمسان الزیانیة، المؤسسة الوطنیة للفنون المطبعیة وحدة الرغایة، (دط)، الجزائر -ینظر: أحمد موساوي ، المولدیات في األدب الجزائري القدیم - 1. 26ص .377، ص1963، بیروت 2دیم والحدیث، جمبارك المیلي، تاریخ الجزائر في الق - 2

الجزائر(دط)، ، دیوان المطبوعات الجامعیة ، بن عكنون 2ج،محمد بن رمضان شاوش ، باقة السوسان في التعریف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زیان - 3 . 6، 5، صص2011

.6ینظر :المرجع نفسھ ، ص - 4

16

االقتصادي على محورين، األول في األعمال الفالحية واستصالح األراضي وخدمتها، .1والثاني في تربية المواشي واإلبل"

ومما جاء عن هذا في كتاب "باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة إن أهل تلمسان وناحيتها يعتنون دولة بني زيان" للشيخ الحاج محمد بن رمضان شاوش"

عناية فائقة بتربية المواشي وال سيما البقر والغنم من ضأن ومعز فأما البقر فألجل 2االنتفاع بلبنها وزبدها ولحمها وجلدها، عالوة على استعمال الثيران في حرث األرض"

م ولبن وجلد وأما الضأن فيتم االنتفاع بلحمها وصوفها وجلدها، إلى جانب االنتفاع بلحالمعز، باإلضافة إلى تربية أنواع عديدة من الطيور الداجنة، مع اهتمام كبير أيضا بالخيل

3والبغال والحمير. الزيانية ما أسهم في تحسين اإلطار المعيشي للمواطن بتلمسان في عهد الدولةك

"من األمكنة من نشاط سكانها الكبير في الصناعات التقليدية، حيث أن الكثير؛ العبواديةأحياء وحارات وأسواق وأبواب وطرق وجوامع وحمامات بتلمسان تحمل اسم أصحاب

من هذه الصناعات التقليدية ؛ 4الحرفة أو الصناعة التي كانت قائمة بها في العهد القديم"والحرف نجد الحدادة، والنجارة والصياغة، والدباغة وغيرها من المهن التي أسهمت في

ال الصناعي والتجاري، خاصة وقد أنشأ أبو حمو موسى الثاني دار صنعة كانت دعم المج . 5لتفعيل حركة الحرفيين

إن هذا النشاط الفالحي والصناعي يؤثر ال محالة في الدفع بميدان آخر تميز بحيوية ائجة فقد كانت التجارة "ر بتلمسان إنه التجارة، والزياني كبيرة بدوره إبان العهد الموحدي

بالجزائر والسيما بتلمسان ألهمية موقعها الجغرافي، وعالقاتها التجارية كانت قوية مع كان التجار المغرب والبالد االستوائية واألندلس تستورد وتصدر السلع والبضائع المختلفة،

، ومنذ عهد "يغمراسن" الذي 6يرسلون سلعهم من تلمسان ووهران إلى ما وراء الصحراء"هـ ،عرفت تلمسان"رواجا 633بعد توليه رئاسة القبيلة سنة –آل زيان يعد زعيم

اقتصاديا كبيرا ويرجع ذلك بالدرجة األولى إلى األمن الذي ساد المدينة وضواحيها فقد حارب "يغمراسن" عناصر الفوضى والفساد بدون هوادة (...) فالمدينة أصبحت هادئة

. 27ائري القدیم عھد تلمسان الزیانیة، صأحمد موساوي، المولدیات في األدب الجز - 1 .07محمد بن رمضان شاوش، المرجع السابق، ص - 2 ینظر: المرجع نفسھ، الصفحة نفسھا. - 3 المرجع نفسھ، الصفحة نفسھا. - 4 . 218م ، ص1993ینظر: الدراجي بوزیان ، نظم الحكم في دولة بني عبد الواد الزیانیة، دیوان المطبوعات الجامعیة الجزائر (دط) - 5 .236م ، ص 1983محمد الطمار،الروابط الثقافیة بین الجزائر والخارج،سلسلة الدراسات الكبرى،الشركة الوطنیة للنشر والتوزیع،الجزائر،(د ط) ، - 6

17

واإلقليم كله لم يتضرر من هجوم الحفصيين عامرة يمارس صناعها أعمالهم في اطمئنان،بحيث أن الفالحين كانوا يقومون ؛ وال من حصار "تلمسان"من طرف يعقوب بن عبد الحق

،تك بهم أحد فقوافلهم غادية رائحةوالتجار يجوبون أنحاء البالد ال يف بأعمالهم ناشطين،المغرب وتونس والسودان "و والتبادل قائم كالعادة بين "تلمسان وأسواق التجارة نافقة،

كل هذا من شأنه أن يضمن للشعب الرخاء والرفاه ويدر على الخزينة األموال واألندلس،الكثيرة التي تساعد الدولة على القيام بالمشاريع اإلدارية والدينية واالجتماعية والفنية

. 1والعسكرية"لك إلى فضل موقعها بين ويرجع ذ؛ "دورا مهما في التجارة-إذن–فقد لعبت تلمسان

فالقوافل التي كانت تأتي ؛ وبين الجنوب والشمال من جهة أخرى ،الشرق والغرب من جهةمن المغرب األقصى قاصدة المغرب األوسط واألدنى البد لها من المرور بتلمسان

وكذلك القوافل اآلتية من إفريقية والمغرب األوسط ،والوقوف بها ولو لبضعة أيام فقطالمغرب األقصى ال بد لها كذلك من المرور بتلمسان والوقوف بها ولو لمدة قاصدةوهكذا كان أهل تلمسان ،ويقال في الجنوب ما قيل في الشرق والمغرب(...) ،قصيرة

وخصوصا التجار منهم يبيعون بضائعهم لتجار تلك القوافل ويبتاعون منهم ما عندهم من تنتجه تلمسان وناحيتها وال وجود لها بها وهكذا البضائع التي هم في حاجة إليها مما ال

يظهر بكل وضوح الدور العظيم الذي قام به تجار تلمسان في الميدان االقتصادي ألنهم ، ولم يتوقف 2كانوا همزة وصل على مر األيام بين الشرق والغرب والجنوب والشمال"

ة صحراوية أنشأها أحد بل شهدت تلمسان تأسيس أول شركة تجاري؛ األمر عند هذا الحدأجداد أبي العباس أحمد المقري المسمى أبا بكر يحي بن عبد الرحمن مع أربعة من إخوته

.3، وكان هذا أواسط القرن السابع الهجريبل وبين وكما يبدو فتلمسان كانت جسرا تجاريا هاما بين الصحراء والساحل،

جهة ركة التجار لم تقتصر علىح" حيث أن المغرب األوسط (الجزائر) والخارج،األوروبية.فالسفن المشحونة بالسلع الصحراء فوجوههم كانت مواليه أيضا شطر األسواق

من هنين ووهران وتنس والجزائر وبجاية وعنابة قاصدة األندلس ومرسيلية وموانئ ن إيطالية. وهذا التواصل بين تجار بلدان مختلفة يتولد عنه تواصل حضارات هذه البلدا

. 98محمد الطمار ،تلمسان عبر العصفور،(م س) ،ص -1 . 21، م س ، ص 2ان عاصمة دولة بني زیان ، جمحمد بن رمضان شاوش ، باقة السوسان في التعریف بحاضرة تلمس - 2 22نفسھ ،ص ینظر:المرجع - 3

18

مما أسهم في دعم الحياة الفكرية بالنظر إلى الحركية الكبيرة التي كانت تعيشها ؛1وتفاعلها"تلمسان ،فالتبادل بين تلمسان وغيرها من المدن العربية واألوربية صنع مناخا ثقافيا هيأ تلمسان لتكون مركز إشعاع هام إلى جانب مؤثرات أخرى نعرض لها بتطرقنا للحياة

المغرب األوسط في الفترة المعينة بالدارسة .الفكرية في الحياة الفكرية في المغرب األوسط: - ثالثا والزيانية في تشير المصادر التاريخية واألدبية إلى فضل ملوك الدولتين الموحدية

إثراء الوسط الثقافي الفكري على مدى الخمسية الهجرية الثانية وخصوصا انطالقا من التي شهدت "ماضيا تاريخيا هاما اكتسبته من ؛وهذا بتلمسان الهجري،القرن السابع

موقعها الجغرافي الممتاز،كونها كانت عاصمة للمغرب األوسط (الجزائر) أكثر من ثالثة واستهوت العديد من وأخصبت الحضارة و تطور العمران، ازدهر خاللها الفكر، قرون،

،2ها في األخير مدينة الفن والثقافة والتاريخ"رجاالت الفكر والسياسة والثقافة ،مما جعلوالعهد الزياني الممتد على مدى ثالثة قرون كان عهد الرواج الثقافي والحركة الفكرية

إذا ؛ الكبيرة التي امتدت منذ العهد الموحدي لتصطبغ تلمسان بذلك بسمة التحضر والتمدنفي القرن السابع مغرب العربي ،أنه "وعلى الرغم من الفتن واالضطرابات التي عرفها ال

إذا الدارس لهذه الفترة فإن الحياة الفكرية واالجتماعية فيه عرفت تطورا كبيرا،؛ الهجري ال يمكنه أن يغض الطرف عن الدور الذي مثله حكام الدولة الموحدية في هذا المجال ،

حكمهم نهضت وفي خيرا على الفكر والثقافة ،والعلم واألدب. -بحق-فلقد كان مجيئهموسطعت في العلوم الدينية واألدبية نهضة شاملة،تحررت فيها العقول من الجمود والتقليد،

وإذا كان جانب من الفترة المعنية بالدراسة يتعلق بما 3سماء الفكر واألدب أسماء المعة،"نا أكثر الوادية ومنجزاتها هي ما يهم أسهمت به الدولة الموحدية فإن الدولة الزيانية العبد

وقد اعتلت الحكم على مدى القرون السابع الثامن والتاسع الهجرية وإن كانت الحياة مع زيادة في 4الموحدين" الفكرية أيام بني زيان لم تكن " إال امتدادا لما كانت عليه أيام

النماء والثراء والنضج."ترك فقد؛ علماءوحدين كانت مدينة العلم والومنذ عهد الم -إذن–مدينة تلمسان

خلفوا وراءهم مدرسة ؛ أكثر مما تركته أية دولة سبقتهم الموحدون آثارا عربية إسالمية

.237محمد الطمار الروابط الثقافیة بین الجزائر والخارج ،( م س) ، ص - 1 210،(م س) ،ص 1یحي بوعزیز ،الموجز في تاریخ الجزائر ،ج - 2 7/8م ، ص 2008، 1ط - الجلفة-منشورات الحیاة للصحافة-االغواط–مطبعة رویغيعبد الحمید قادي ، بغیة الجلیس من شعر أبي عبد هللا بن خمیس ، - 3 .8المرجع نفسھ ، ص - 4

19

عكست النضج الفكري الذي وصلت إليه خاصة بهم في فن العمارة والتلوين والزخرفة،الفنون اإلسالمية العربية في هذه المرحلة المتأخرة من تاريخ ازدهار الحضارة العربية

.1المية،وانعكس ذلك في المساجد العديدة التي بناها الموحدون"اإلسخاصة ما تعلق منها بما كان بين الفقهاء ؛وعرف العهد الموحدي صراعات عديدة

المتزمتين على والحكام الموحدين فكان من أهم "ما قام به الموحدون وقفهم لسيطرة الفقهاءاب االجتهاد،وازدهرت الحركة األدبية ازدهارا الحكم الذي طبع عهد المرابطين وفتحهم ب

والقى رجال وعرفت اللغة العربية أزهى فترات انتشارها في عهد الموحدين، كبيرا،األدب رعاية كبيرة من طرف الخلفاء الموحدين الذين عينوا منهم الوزراء والعمال

.2والموظفين السامين للدولة"هذا الميدان الذي ،اء المعة في سماء الفكر والثقافةسمقد شهدت هذه الفترة بروز أو

فرغم الحروب المستمرة بين بني عبد الواد ؛العبدوادي تدعم أكثر بمجيء العهد الزيانييعتبر العهد ثقافي،ال ؛ فمن الجانبوبينهم وبين الحفصيين تارة أخرى والمرينين تارة

البالد ذروة عزها وأوج مجدها الزياني "العصر الذهبي للمغرب األوسط ففيه بلغتإلى عدة أسباب يمكن تلخيصها في سعي الملوك 3ومنتهى رقيها وازدهارها وذلك يرجع"

وكذا وإجزال العطاء لهم، الزيانيين إلى تشجيع العلماء، والحث على التعليم بتقريبهمباء والعلماء المنافسة بين ملوك المغرب من الزيانيين والحفصيين والمزينين في تقريب األد

والفنانين،يضاف إلى ذلك إنشاء العديد من المدارس من قبل بني زيان ،من هذه المدارس التاشفينية،مدرسة سيدي أبي مدين،مدرسة المدرسة القديمة أو مدرسة ابني اإلمام،المدرسة

مدرسة سيدي الحسن بن مخلوف الراشدي المدرسة اليعقوبية، وزاوية سيدي الحلوي،نشر الجلد،ومن األسباب التي أدت إلى االزدهار الثقافي أيضا إنشاء المكتبات ،ومدرسة م

760العامة وهما مكتبتان :المكتبة التي أنشأها أبو حمو موسى الثاني سنة م)،والمكتبة التي أنشأها السلطات أبو زيان محمد الثاني 1359هـ(ـ796عام ن،"فقد كثر عدد م)،هذا إلى جانب هجرة األندلسيين إلى تلمسا1394(4ه

المهاجرين في العهد العبد الوادي الزياني وال سيما بعد أن استولى االسبان على قواعد البالد مثل طليطلة واشبيلية وسرقسطة وبلنسية وغيرها وانحصر معظمهم في مملكة

. 320عثمان سعدي،الجزائر في التاریخ/(م س)،ص - 1 .321،ص ابقسالالمرجع عثمان سعدي ، - 2 . 63، (م س) ، ص 2محمد بن رمضان شاوش ، باقة السوسان في التعریف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني ، ج - 3 . 64/66/67، صص ینظر:المرجع نفسھ - 4

20

غرناطة التي ضاقت بهم فهاجر عدد ال يحصى منهم وفيهم العلماء والفنانون واألدباء إلى التي وجدوا بها عالوة على الحفاوة واالكرام من طرف ملوك بني زيان، نفس تلمسان

الطبيعة التي كانوا يتمتعون بها في بالدهم المهجورة وال يخفي على أحد منا تفوق األندلسيين على سواهم في العلوم بصفة عامة وفي الفنون واآلداب بصفة خاصة فاستفاد

دبية ومن خبرتهم الفنية والصناعية، ونتج عن ذلك أهل تلمسان من معارفهم العلمية واأليضاف ،1كله تكوين نشاط فكري كبير ال في تلمسان فحسب ،بل في جميع مدن المغرب"

إلى كل هذا في األسباب التي أدت إلى ازدهار الثقافة في عهد الزيانيين ارتحال طلبة يد من المدن الشرقية والغربية تلمسان إلى العواصم العلمية الكبرى لطلب العلم وهذا بالعد

كفاس ومراكش وغرناطة وتونس والقاهرة وبغداد وحتى الحرمين الشريفين،كما شهد التعليم تطورا كبيرا باستحداث طريقة فعالة في تلقين العلوم،ولضمان المستوى الرفيع

.2للعلماء كانت اإلجازة في عهد الزيانيين ال تسلم إال لمن يستحقها" تلمسان عاصمة العلم والمعرفة. فقد تنافسوا في بناء المدارس -إذن–يانيون جعل الز

بها مما نسميه اآلن بالجامعات حتى أصبح عددها يصل إلى سبع مدارس وأكرموا العلماء فانتشرت العلوم في تلمسان انتشارا واسعا جعلها قبلة لطلبة الذين كانوا يدرسون فيها.وباألخص من المدرسة التاشفينية التي لعبت دورا هاما -دارسالعلم.فقد تخرج من تلك الم

عدد وافر من العلماء الذين انتشروا بعد ذلك في - في ميدان الثقافة طيلة خمسة قرون كاملة .3أقصى البالد اإلسالمية على امتداد أطرافها"

فقد عمدوا ؛السلطة الزيانية بالعلم والعلماءوإلى جانب هذا االهتمام الكبير من لدن أيضا إلى تشجيع "الشعراء على إلقاء قصائدهم في مناسبات معينة مثل االحتفال بالمولد

.4النبوي الشريف وعينوا راتبا شهريا للعلماء المخترعين"قد لعبت" دورا كبيرا في وكما نالحظ فتلمسان عاصمة المغرب األوسط (الجزائر) ،

ميع الحياة الثقافية على أرض المغرب ذلك ألن تلمسان إثراء حركة الثقافة المغربية وفي جمنارة أخرى من منارات الفكر اإلسالمي إنها شاركت القيروان وفاس والمدارس

.5اإلسالمية األخرى على أرض المغرب في بسط الثقافة العربية اإلسالمية"

. 67، ص ابقسمحمد بن رمضان شاوش،المرجع ال - 1 69/70، صص ھسنفالمرجع ، ینظر -2

ھـ دواد محمد بن رمضان شاوش والغوثي بن حمدان ، األدب العربي الجزائري عبر النصوص أو إرشاد الحائر إلى آثار أدباء الجزائر طبع واشھار 3- . 184م ، ص 2001، حي الكیفان ، تلمسان ، 1، ط 1بریسكي ، مج

المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا. - 4 . 162م ،ص 1،1994،ط 03عبد الفتاح مقلد الغنیمي ، موسوعة المغرب العربي ، مكتبة مدبولي القاھرة ، مج - 5

21

غمراسن" و" أبا "ي ، نجدين أولوا الثقافة اهتماما كبيرا ومن ملوك الدولة الزيانية الذ يقرب العلماء ويشجع األدباء ،فكان كان"شديد العناية بها، ، فيغمراسنحمو موسى الثاني"

، 1يحلو له أن يدخل المسجد الجامع لسماع الدروس التي كان الشيوخ يلقونها على الطلبة"واألمر ،فالثقافة كانت أكثر رواجا؛ االقتصادية رائجة أيام يغمراسين وكما كانت الحياة

نفسه بالنسبة ألبي حمو موسى الثاني ،فقد شيدت في عهده "المدارس والمساجد والحمامات " فالجزائر عرفت أوج ،2والمارستانات والبيوت والمنتزهات وعني بالمصالح العامة

ازدهارها وتطورها تبعا لما كانت عليه عاصمتها تلمسان في عهد أبي حمو موسى وبلد إشعاع علمي يضاهي أهم مراكز مركزا ثقافيا هاما،الثاني،فعدت تلمسان بحق"

الشريف وسعيد أمثال أبي عبد اهللا فنبع فيها جيل صالح من العلماء، المغرب الثقافية ،وخلفوا تالمذة نبه ذكرهم الذين حملوا مشعال الفكر إلى األجيال التالية، ،العقباني وغيرهما

.3الحفيد وغيره" أمثال بن مرزوق وذاع صيتهم في األقطار،تلمسان مدينة العلم والعلماء ، كانت زاخرة بشتى العلوم؛ فقد "كان التعليم منتشرا في

وحفظ ، وكان ينحصر في مرحلة أولى في تعلم الكتابة والقراءة ، شتى المدن والقرىى القرآن وذلك في الكتاتيب والزوايا والمساجد،وفي مرحلة ثانية كان الطلبة يقبلون عل

ومعرفة النحو واللغة والفقه واألدب ،فينالون بضاعة وافرة تمكنهم من بلوغ مستوى الئق،دينهم ،واإللمام بالعلوم األدبية ،ثم كان الذين يريدون التخصص في العلم ينتقلون إلى

فيطرقون العلوم الدينية من قراءات وتفسير وحديث وفقه والعلوم ، األخيرة المرحلة ب وغيرها بمزيد من التعمق والتفصيل ،وذلك في المساجد المشهورة ،داأل العقلية و

كالجامع األعظم بتلمسان وكان هذا األخير شبه جامعة على النمط القديم مثل القرويين ، فالقرن السابع الهجري كان يعرف حركية كبيرة في مجال الثقافة والفكر ، 4والزيتونة"

العهد الزياني ،وقد كان الطابع الديني هو الغالب انطلقت مع دولة الموحدين وتواصلت مع في هذه الفترة ، األمر الذي "أدى إلى انتشار وازدهار العلوم الدينية ومن ثم وجدنا األعالم

،5وأصول" ومنطق ، وكالم، وتصوف ، المتخصصين في جميع الفروع الدينية من فقه،

. 98محمد الطمار ، تلمسان عبد العصور ، (م س) ، ص -1

. 210، ص ابقسالالمرجع الطمار،محمد -2 160عبد الحمید حاجیات ، أبو حمو موسى الزیاني حیاتھ وآثاره ، (م س) ، ص -3 . 35، ص ھسالمرجع نف -4 . 31طاھر توات ، ابن خمیس شعره ونثره ، دیوان المطبوعات الجامعیة بن عكنون ، الجزائر ، (د ط) ، (د ت ط) ، ص - 5

22

لزياني "ألن دراستها تمكن طالبها وقد شهدت هذه العلوم الدينية نهضة كبيرة في العهد ا من التوظف في القضاء والجباية وغيرها من الوظائف واشتهر علماء منهم:

هـ 680أبو إسحاق التنسي:ت سنة - هـ . 681أبو عبد اهللا بن مرزوق :ت - هـ 690أبو إسحاق التلمساني:ت - 1هـ، " 749أبو عيسى موسى بن اإلمام:ت -

د بروز الكثير من الشعراء واألدباء أثروا الساحة التلمسانية بالعلوم كما شهد هذا العه اللغوية واألدبية منهم:

الموضح في علم النحو . هـ له كتب: 673" أبو عبد اهللا التميمي القلعي:ت سنة - وحدق العيون في تنقيح القانون .

وض وصناعة هـ ناقد أدبي وكاتب في العر 765ت سنة أحمد بن عباس النقاوسي: - الشعر.

أبو عبد اهللا التاللسي:شاعر يجيد التوشيح . يقول: - وأودع ياويح صب بان عنه الشباب

. 2هـ" 871أبو عبد اهللا بن عباس التلمساني:ت سنة ومن العلوم الدينية التي القت اهتماما كبيرا في العهد الزياني"التصوف" ؛ فقد كانت

ألكثر اقتناء من قبل الدارسين والمهتمين وأنصار الطرق الكتب المؤلفة في مجاله هي ا ،والحياة الدينية بصفة عامة هي أبرز ما يمكن أن يشد االنتباه ،3الصوفية على الخصوص

"فقد كثر في ؛ محور الحياة االجتماعية والفكريةفي ذلك العهد على اعتبار أن الدين كان أن الحركة الصوفية تغلغلت في العهد تلك العهود العباد والصالحون وأهل التصوف إذ

وقد انعكس ،4الزياني بفضل الكثير من المتصوفة كأبي مدين شعيب وأبي الحسن الشاذلي"على أغلب جوانب الحياة بعد ظهور الزيانيين،فقد كان السالطين يتقربون " هذا األمر

هم في الملمات ويتبركون بأصحاب الطريقة إضافة إلى أن الطبقة الشعبية كانت تسعى إلي، فللعباد 5والمصائب الكبرى من أجل رفع األذى عنهم وتوفير األمان وراحة النفس"

. 356جزائر في التاریخ ، (م س) ، ص عثمان سعدي ، ال - 1 . 357، ص نفسھلمرجع ،اعثمان سعدي - 2 215م ، ص 2009،(د ط) ،2ینظر: مختار حساني ، تاریخ الدولة الزیانیة ، األحوال االقتصادیة والثقافیة ، منشورات الحضارة ،بئر توتة ، الجزائر، ج - 3 . 32ئري القدیم ، (م س) ، ص أحمد موساوي ، المولدیات في األدب والجزا - 4 المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا . - 5

23

متميزة لدى الخاصة والعامة فهم أولياء اهللا الذين جاء في صفاتهم عن " والصلحاء مكانةد ،وق1قال رجل:يا رسول اهللا من أولياء اهللا ؟ قال:الذين إذا رؤوا ذكر اهللا" ابن عباس قال:

" تأثرت الحياة الفكرية في المغرب (األوسط) بالنزعات السياسية والمذهبية التي طبعته بطابعها،وغذت األجيال المتتالية بما كانت تحمله في طياتها من قيم وأفكار،وكانت الحياة

.2تكاد تنحصر في العلوم الدينية ،من تفسير وحديث وفقه" الفكرية ،إلى عصر الموحدين،لعهد الزياني فاشتهر الكثير من العلماء في مجال العلوم الدينية خاصة بداية من وجاء ا

القرن السابع وحتى منتصف القرن الثامن الهجري ،وقد جمع بعضهم بين العلوم الدينية والشعر،فكان بذلك الشعر مصورا للواقع السياسي واالجتماعي والديني لألمة ؛ "فالشعر

ياة العامة لألمة في مختلف أطوارها وهو يتأثر بما تضطرب مرآة تنعكس عليها صور الحبه تلك الحياة من عوامل دينية وثقافية وسياسة وغيرها،وقد يكون الشعر من أصدق

.3المصادر وأوفاها للتاريخ في بعض العصور"لتجعل من أهل تلمسان في العهد الزياني يميلون إلى -اإذ–عوامل عديدة تضافرت

دون المالذ في العباد والصالحين،فطغت الصبغة الدينية على العصر،وبالتالي الزهد ويجكثر الشعر الديني المعبر عن واقع معاش تميزه األوضاع التي آلت إليها األندلس والصراعات بين الحكام،" والتوجه اإلسالمي في الدولة الزيانية ألقى بظالله على طبيعة

فإذا وقفنا عند العمران وجدنا ذلك االرتباط بين لفكرية،وا السياسة ،والحياة االجتماعية،فتلك الزخرفة في ؛ الروحي اإلسالمي وفن الهندسة والبناء

المساجد،والقصور،والدور،والمعاهد تعكس تلك الرابطة بقوة ووضوح ألن المنبع ا إلى نظرن وإذا ،4واحد،وهو الواقع الديني اإلسالمي الممتد من مكة إلى المغرب واألندلس"

.5والقضاء وجدنا األسس مستوحاة من التشريعات اإلسالمية النظام المالي،وكما اشتهرت العلوم الفكرية المختلفة في العهد الزياني، شهد الوسط األدبي أيضا

رواجا كبيرا خاصة في عهد أبي حمو موسى الثاني،"وهذا ليس بالغريب.فكان الملك نفسه .6نون األدب "من أهل العلم والمعرفة وف

. 25م ، ص 2006،القاھرة ، 1ابن الزیات ، التشوق إلى رجال التصوف ، تحقیق:علي عمر ، نشر مكتبة الثقافة الدینیة ،ط - 1 .37/38عبد الحمید حاجیات ، أبو حمو موسى الزیاني ، حیاتھ وأثاره ، (م س) ، صص - 2 . 83،مصر،(د ت ط)،ص 1، مكتبة نھضة مصر بالفجالة، مطبعة الرسالة ،ط1سعد الدین محمد الجیزاوي ، أصداء الدین في الشعر المصري الحدیث، ج - 3 . 34أحمد موساوي،المولدیات في األدب الجزائري القدیم،(م س)،ص - 4 35نفسھ،ص ینظر:المرجع - 5 . 211(م س) ، ص محمد الطمار ، تلمسان عبر العصور، - 6

24

بجمع الكتب،كما ألف كتبا في وقد كان أبو حمو موسى الثاني محبا للعلم،إذ كان مهتما وأبرز ما تميز به أبو حمو أنه كان شاعرا مجيدا خاصة في غرض المديح السياسة ،

النبوي فقد كان ينظم قصيدة في مدح الرسول صلى اهللا عليه وسلم في كل ليلة من ليالي ه المولد ، وهذا خالل االحتفال الذي كان يقيمه كل سنة بالمناسبة 1النبوي أيام حكم

ويحضره عدد كبير من األدباء الذين ينظمون في مدح الرسول صلى اهللا عليه وسلم.من ؛يمكن اإلشارة في األخير إلى أن الحياة في المغرب األوسط كانت لصيقة بالدين

"كان المذهب المالكي يحتل أعلى منزلة في وقد ثقافية،أو فكرية و ،كل جوانبها اجتماعيةواألدب كغيره من بما في ذلك المغرب األوسط (الجزائر) ، على العموم ؛ 2المغرب"

ة بالدراسة فترة كثر فيها نيجوانب الحياة كانت صلته بالدين وطيدة فكانت بذلك الفترة المعصلة بين وهل منظروف نشأته ؟ كيف كانتفما هو الشعر الديني؟ و الشعر الديني،

الشعر أواألدب عموما والدين؟

السابق ، الصفحة نفسھا . لمرجعر، اامحمد الطماینظر: -1

38عبد الحمید حاجیات ، أبو حمو موسى الزیاني ، حیاتھ وآثاره ، (م س) ، ص -2

لفصل األولا

-المفهوم، النشأة، واألعالم -الشعر الديني

25

األول الفصل -م النشأة و األعال –المفهوم –الشعر الديني

-مقاربـة مفاهيميـة –:الديـن والشعـر ولألالمبحث افكلما وتمنحها توازنا وأهمية؛ الدين لإلنسان أحد المقومات الحتمية التي تشكل حياته ،

تأمل اإلنسان في نفسه والكون من حوله شعر بحاجة ملحمة للتدين،وهي حاجة تعبر عن الدينية ترتكز على اإليمان و" أهم ما يميز شعور باطني ال مجال للتخلص منه،فالعقيدة

العقيدة الدينية المقدسة أنها ال تخضع للحس و ال تشبه شيئا من موضوعاته ،أو تقع في ،فالدين يرتبط بعمق 1إنما هي أمر غيبي ال يدركه إال العقل أو الوجدان" ، دائرة المشاهدات

الدين ؟ وما هو الشعر الديني؟ الذي االنسان وما الشعر إال تصوير لهذا العمق ،فما مفهوم وهي الصلة التي سنخوض فيها ونتبعها بوقفة يثبت لنا صلة بين الدين واألدب (الشعر)،

مع مفهوم الشعر الديني . مفهـوم الديـن: -أوال دراسة الشعر الديني تدفعنا إلى إلقاء الضوء على " لفظ " دين للكشف عن مفهومه تبعا

نقول " الديان:من أسماء اهللا عز وجل لة من المصادر والمراجع ، فلغويالماجاء في جمكان فقال: وسئل بعض السلف عن علي بن أبي طالب ،عليه السالم، معناه الحكم القاضي،

واحد الديون، والدين: ...،القهار ها والديان:هذه األمة بعد نبيها أي قاضيها وحاكم ديان،وقد " أطلق الفالسفة العرب القدماء لفظ " الدين" 2" وكل شيء غير حاضر دين معروف،

على وضع إلهي يسوق ذوي العقول إلى الخير،وفرقوا بين الدين والملة والمذهب ،فرأوا يث أن الشريعة من حيث إنها مطاعة تسمى دينا،ومن حيث إنها جامعة تسمى ملة،ومن ح

لمذهب ،من حيث إن الدين منسوب كذلك بين الدين والملة واإنها يرجع إليها تسمى مذهبا،وإلى اهللا تعالى،والملة منسوبة إلى الرسول صلى اهللا عليه وسلم ،والمذهب منسوب إلى

، وكما يبدو فلفظ " الدين" 3المجتهد وكثيرا ما استعملوا هذه األلفاظ بعضها مكان بعض"يأخذ

.19م ، ص 2002، 1ائر ، طمحمد الصالح الصدیق ، القرآن في محیط العقیدة واإلیمان ، شركة دار األمة للطباعة والنشر والتوزیع برج الكیفان ، الجز -1 ، 2، مجابن منظور ، لسان العرب ، تح :عبد هللا علي الكبیر ، محمد أحمد حسب هللا ، وھاشم محمد الشاذلي ، دار المعارف ، القاھرة ، (د ت ط) 2-2 . . 1467،ص 17ج

.83م ، ص 2006ع ، وھران ،دار الغرب للنشر والتوزی -مقاربة مفاھمیة - العرابي لخضر ، الدین والفن -3

26

نب الحسي ،وإن كان بعدا روحيا عميق الداللة يدركه العقل والوجدان ،وال صلة له بالجام بذلك هذا الشعور الوجداني جفيتر المعتقد الديني يدعو صاحبه لاللتزام بسلوكات معينة،تعريفا نراه جامعا، وأكثر قربا من إلى سلوك ،وللدين تعريفات عديدة،ويمكننا أن ننتقي

.اصلى معنيين أولهما عام واآلخر خحقيقة "الدين" وهو أن " لفظ الدين إذا أطلق دل عالباطني الذي يجده اإلنسان على صورة ما أينما األول فهو ذلك اإلحساس فأما المعنى

كان وكيفما كان ويدفعه إلى اتخاذ سلوك معين ، وهو على هذا االعتبار ليس مقصورا على األديان السماوية أو األديان التي اتخذها اإلنسان من تخيالته كعبادة األوثان والنار

نسان ليدرك أن هناك قوة اإل... بل هو يشمل ذلك الشعور العام الذي يوجه والكواكب.فوق قوته ال يستطيع لها دفعا وال منها مهربا(...) فنقول إذا إن الدين بهذا المعنى الواسع

نسان ليدرك أن هناك مؤثرا وراء حياته العادية وإن هذا المؤثر من اإل هو إحساس يهيء نساني وكأنه حاسة ثابتة من حواس اإلنسان.السلوك اإل العوامل الهامة في توجيه

"فهو ما يدل على األديان ذات النظم اآلخر الذي يفهم من لفظ الدين وأما المعنى نسانوهذا المعنى نوعان ،ما كان مشيرا إلى ذلك الشعور البدائي لدى اإل ،1والطقوس"

يلف ذلك من غموض عجز عن وما ،األول الذي أرجع هذا الشعور إلى ظواهر طبيعيةتفسير ما كان وراءه فربطه بقوة خفية فعمد إلى إقامة األوثان وعبادة النار والكواكب، ونوع آخر يتمثل في األديان السماوية التي أوحى بها اهللا عزوجل إلى الرسل واألنبياء

2عليهم السالم.أن يلتزم به مما يمنح من هذا المنطلق يعبر عن نظام يتعين على متبعه الدين ،

"عقيدة ينبثق منها نظام -إذا–استقامة لحياته تخرجه مما يكتنفه من حيرة وقلق ،فادين سالم على اعتبار أن موضوعنا الشعر الديني في وهي فكرة ترتبط باإل ،3شامل للحياة"

يها وهذه الشمولية تخص مجاالت الحياة جميعها بما ف ،الجزائر المرتبطة بالدين اإلسالمي؛ ومنه الشعر الديني،فما هي الصلة بين الدين واألدب أو 4سالمياإل ليتبلور األدب األدب

الدين والشعر على وجه الخصوص ؟ ثم ما مفهوم الشعر الديني؟ انطالقا من مفهوم األدب الدين.

. 12/13سعد الدین محمد الجیزاوي ، (م س) ، صص - 1 . 13/14ینظر: المرجع نفسھ ، ص - 2 . 21م ، ص 1992، دمشق ، 1شلتاغ عبود ، المالمح العامة لنظریة األدب اإلسالمي ، دار المعرفة للنشر والتوزیع ، مطبعة الصباح ، ط - 3 . 21،ص ھ ینظر: المرجع نفس - 4

27

الصلة بين الدين واألدب (الشعر): - ثانيا ذلك أن –وإن بدت غير ذلك -ت المنسجمةالدين والفن أو الدين واألدب من الثنائيا

تشير إلى ذلك التالحم بين الدين واألدب –ومنذ عصور بعيدة -المعطيات التاريخية،وهي فكرة تأخذنا بعيدا إلى عهد االغريق حينما ارتبطت الطقوس الدينية الوثنية بالفن ،"

وجدنا أثر " الدين" واضحا وإذا ما ألقينا نظرة على ما وصل إلينا من آداب األمم القديمة ، كما تلتقي وظيفة الدين مع وظيفة الفن لخلق 1ملموسا في تلك اآلداب وفي نشأتها "

فبهما تكون الحياة أكثر جماال ؛ فإذا كان " الدين عقيدة شاملة التوازن في حياة االنسان،لى ال يتنافى ومثل أع النفس البشرية، واستجابة طبيعية لحاجات لتنظيم الحياة وتفسيرها،

يدعو في جوهره إلى وهو ذو طابع إنساني عام، وال يعارض نواميسها ، مع واقع الحياة،فإن الفن بما ،2ويحارب كل ألوان الرذائل مقره قلب االنسان وعقله" الفضائل االنسانية،

هو "تعبير رائع عن النفس،والكون والحياة(...)تعبير -والشعر بشكل خاص –فيه األدبمادته هي الحياة تزوير،ويبتعد عن الزيف وال باألصالة والصدق، ادف ينمازفني ه

، من هنا يتراءى لنا ذلك التقاطع 3ومقوماته هي الصدق واألصالة الفنية" نسانية،والنفس اإلنسانية لعالقتهما الوثيقة بين الدين والشعر بالنظر إلى تغلغل كل منهما بأعماق النفس اإل

بالوجدان.بب في دراسة عالقة الشعر بالدين هو:" أن الشعر العربي أصبح من الفنون والس

سالم فنون التعبير األخرى المعبرة عن الشعور الديني عند المسلمين من يوم أن حرم اإل ،4كالنحت والتصوير وما إليها مما كان قد نشأ من إيحاءات دينية عند األمم القديمة"

عندها كل ألوان الفنون بالطقوس المتعلقة باآللهة ومعلوم أن األمم الغابرة ارتبطتوخوارق الطبيعة ، انطالقا من المصريين القدماء الذين كان أدبهم يصدر عن أناشيد متون

وكذا من كتاب الموتى األهرام التي تتضمن شعائر جنائزية (أناشيد دينية وما إلى ذلك) ،وبدوره األدب اليوناني كان يدور ب،المتضمن حوارات بين الموتى واآللهة أثناء الحسا

واألدب الهندي كان يعتمد اآللهة، -الطبيعة –نسان ول ما وراء الطبيعة في ثالثية اإلحواألدعية عن قوى الطبيعة ،أما األدب على كتاب "الفيدا" المشتمل على الكثير من األناشيد

.37سعد الدین محمد الجیزاوي (م.س)،ص - 1 . 133العرابي لخضر ، (م،س) ، ص - 2 المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا . - 3 ، (مقدمة الكتاب) . 1سعد الدین محمد الجیزاوي ، (م،س) ، ص - 4

28

،رتهم عن اآلخرة والحسابلمتضمن فكالفارسي فكان يعتمد على "األفستا" الكتاب المقدس ااألمر نفسه بالنسبة لألدب العبري القديم الذي كان يعتمد على العهد القديم ويشتمل على

أما في األدب العربي فمع والحساب، الكون، نسان،رة بني إسرائيل ومعتقداتهم عن اإلسيلكن الوثنية،والعقائد المتعلقة ب ،بداية التدوين كان المدونون يتحرجون من ذكر األصنام

بعد استقرار العقيدة االسالمية أخذ بعض الرواة في جمع أشعار وقصص متصلة بالعقائد األولى في سجع الكهان وغيره، كما تم جمع أسماء أصنام العرب ، والقبائل التي كانت تدين بها،وما كان يذكر عندها من أشعار أيام عبادتها ، وكذا ما كان يقال من أشعار حال

الفكر كبير في بظهوره حدث تغيير أن ها وحرقها بعد مجيء االسالم، بحيثتحطيم .1سالمي ، ونقلة نوعية على مستوى األدب العربي ونقدهإلالعربي ا

أوال بالنظر إلى االرتباط التاريخي الذي يعبر بين الدين واألدب ، -إذا–الصلة وطيدة ه وبين األدب،أو لنقل بينه وبين الفن عموما عن نوع من التعانق بين الدين والشعر ،أو بين

حيث "أثبتت الدراسات واألبحاث بأن الفن أقدم أنواع الحضارة في التعبير والتواصل ويستدل مؤرخو الفن برسوم الكهوف اإلنساني،ومحاولة فهم ما يجري في الواقع،

ية وشبه الموجودة في مختلف القارات بأنها رسوم تمحورت جميعا في إطار طقوس سحر، ثم أن التعبير البدائي عن الفن 2دينية ،ومؤدى هذا أن أصل الفن قد ارتبط إذا بالطقوس"

ومن يطلع على كتب األدب العربي نسان قديما ،يتداخل مع التعبير البدائي للتدين لدى اإلالقديمة التي تعرضت ألوليات الشعر يالحظ أن الشعر العربي قد ارتبط في نشأته بالسحر

لكهانة ،ومن ثم يكون هو اآلخر قد ترعرع في أحضان العقيدة والطقوس الدينية السائدة وانجد أنهما غوص –الدين واألدب أو الشعر -،وببعض التمعن في ماهية كليهما 3آنذاك"

وكذلك الدين شعور وإيمان ، والعالقة بينهما في األعماق ذلك أن "األدب شعور وإيمان ،بيعة الشعر، فكالهما شخصي وعاطفي ... واألدب والدين يهدفان ألن للدين ط حميمية،

إلى مثل عليا،ويبحثان عن الحقيقة القصوى غير أن األدب حر طليق ،والدين مقيد .4بتقاليد"

. 37/38/39/40، صص : ابقسر: سعد الدین محمد الجیزاوي، المرجع الینظ - 1 .148(م،س) ، ص -مقاربة مفاھیمیة - ي لخضر ، الدین والفن العراب - 2 . 162المرجع نفسھ ، ص - 3 ني للطباعة م) ، مكتبة المدرسة ودار اللبنا 1950ثریا عبد الفتاح ملحس ، القیم الروحیة في الشعر العربي قدیمة وحدیثة (حتى منتصف القرن العشرین 4-

. 27،بیروت ، ( د ت ط ) ، ص والنشر

29

وإن ورغم هذا التعانق بين الدين واألدب في الجوهر فلكل طريقته في تبليغ رسالته ، فمظاهر الطبيعة التي ؛ األدب منذ عصور غابرة ا يخوض فيهكان الدين موضوعا جوهري

أولنقل شعريا إذ "كانت تهاويل نسان دينيا كان التعبير عن الشعور بها أدبيا،اإلفسرها حتى يفيض لسانه بالصلوات نسان وتدهشه،وتمأل نفسه جماال وجالال ،الطبيعة تفزع اإل

طلحات عديدة شديدة الترابط مع وهنا تستوقفنا مص ،و منها كان الشعر الديني،1واألناشيد"سالمي وهي كما يبدو أكثر عمومية اإل باألدب الديني و األدب الشعر الديني، يتعلق األمر

، لكنها تساعدنا حتما في تحديد ماهية الشعر الديني. مفهوم الشعر الديني: - ثالثاجتماعيا، ونفسيا نسانية، فإنه بذلك يعد ااإلاألدب في تعبيره عن شتى مجاالت الحياة

وأكيد دينيا؛ "فاألدب يمثل الحياة ويصورها، ويعرض على القارئ والسامع صورا تنعكس نبها وأشكالها وتبدو من مجاالت العيش المختلفة، ويعرض عرضا جميال ومؤثرا لشتى جوا

نسان إلى فهم ظواهر الحياة وتذوق كيفياتها...ومن أغزر اللغات أدبا،...فباألدب يصل اإل سالم أقوى وارد على اللغة العربية وعلى آدابها،اإلأطولها مدة،هي اللغة العربية...وكان و

وأصبح لباسا مطابقا له ،احتمل مسؤولية عرضه ولقد تلقاه األدب وحملة بل وتزعم به، .2وتقديمه"

نسان"لم يكن ارهما يهتمان بعمق اإلوبالنظر إلى ذلك التشابه بين الدين واألدب باعتب ولم يكن له عائق عن أن يجد سالم ومسايرته،ألدبي أن يجد صعوبة في منادمة اإلللعمل ا

من العام -إذا–ننطلق ،3تحقيقا ألهدافه في تصوير جوانب الحياة المتالئمة مع االسالم"وبأكثر فمن خالل تحديد مفهوم األدب الديني، "األدب الديني" لنعكس ذلك على الخاص ،

سالمي نقف على ماهية الشعر الديني الذي هو جزء من األدب الديني،اإل تحديد األدببداعات والنصوص التي منحت من الحقل الديني نموذجا اإل"ونقصد باألدب الديني تلك

مثلما هو وما هو وعي مكدس ، هو مقدس ، لتطورها،وحاولت أن تدخل في حوار مع ماوالمثل التي ة على إبراز القيم والمعايير،عامل واليهودية، سالم والمسيحية ،األمر مع اإل

اإلسالمي الذي هو ليس ، ويمكن من هنا أن نخلص إلى ماهية األدب4تحملها كل ديانة"

. 56،ص ابقسالالمرجع ثریا عبد الفتاح ملحس، - 1 17/18م، صص1985، 1محمد الرابع الحسني الندوي ، األدب اإلسالمي وصلتھ بالحیاة مع نماذج من صدر اإلسالم ، مؤسسة الرسالة ، بیروت ، ط - 2 19المرجع نفسھ، ص - 3

. 191، ص 2004، منشورات جامعة مستغانم ، جوان 01التراث ، العدد قویدر بن أحمد ، من األدب الدیني إلى المثاقفةة ، مجلة حولیات -4

30

كما يعرفه محمد سالمية،اإلبداعات التي تعمل على إبراز القيم واإلسوى تلك النصوص سالم للكون اإلتصور قطب على أنه"التعبير الجميل عن الكون والحياة واإلنسان من خالل

.1نسان"والحياة واإلاإلسالمي بشعره ونثره إلى جانب كونه إبداعا ينم عن قدرات وموهبة مبدع األدب

سالمي وسيلة للحفاظ عن هذه القيم والذود عنها،اإل فإنه أي األدب يحمل القيم اإلسالمية؛لتزام الذي يحتم مراجعة االتجاه اإلسالمي لألدب من هذا المنطلق يفرض نوعا من اال

النفس دائما ومراقبة ما يصدر عن األلسن،أو كما جاء في حديث الرسول الكريم صلى اهللا عليه وسلم لمعاد بن جبل رضي اهللا عنه:"...وهل يكب الناس على وجوههم (أوعلى

فللدين أثر روحي كبير يمأل قلوب األدباء ، 2مناخرهم) في جهنم إال حصائد ألسنتهم"فتثري الرصيد األدبي العربي بنصوص طفة قوية تستحثهم للتعبير عنها بصدق ،وعا

نثرية وشعرية دينية هي تعبير عن شعور ديني عميق مع ما يستدعي ذلك من تحمل للمسؤولية ، "فمن أهم ما نص عليه اإلسالم هو منزلة الكلمة ودور األدب وشدة المحاسبة

اإلسالمي في النار...من هذا التصور ينطلق األدب على الكلمة يلقي بها الرجل فتلقي به .3وأمانه وعهد وميثاق" وهو يحمل مسؤولية رسالة،

سالمي إلى جانب كونه رسالة ومسؤولية فإنه أيضا إبداع فني يهدف إلى اإل واألدب سالمي هي التجربة الشعورية التي تنبع من اإل إمتاع الملتقي ،ذلك أن "حقيقة األدب

سالمية في بناء غني يعتمد على وسائل التأثر والخواطر المفعمة بالقيم اإل الوجدانوالنظم الدقيق والتصوير المحكم واألسلوب البليغ ، األلفاظ الفصيحة ، من واإلقناع:

وزنا وإيقاعا بالخيال والعقل معا،واالتساق في اإليقاع المتدفق بأشكاله المتعددة سواء أكانأوقصرا في العبارات ورا في األحداث كالقصة واألقصوصة،في الشعر،أو نموا وتط

.4والجمل كأنواع المقالة األدبية"تتمثل اإلسالمي ، ويضع الباحثون مصطلحات عديدة مقابل مصطلح األدب

سالمية"، "آداب الشعوب اإل سالمي" و" األدب المسلم " وتجاه اإلفيمايلي:"أدب الدعوة "و"االفيما يشير سالمي ،إلا ح "أدب الدعوة " وجدناه جزءا من األدبفإذا نظرنا إلى مصطل

1 .6،1983محمد قطب ، منھج الفن اإلسالمي ،دار الشروق،القاھرة ،ط - .2616) حدیث 8) باب (41سنن الترمیذي ، كتاب اإلیمان( - 2 102م ،ص 1993ھـ/ 1414، 2حوي للنشر والتوزیع ،الریاض ،طعدنان علي رضا النحوي،تقویم نظریة الحداثة وموقف االسالم منھا، دار الن - 3 11م،ص1992ھـ/1،1412عبد العزیز شرف ،محمد عبد المنعم خفاجي ،"األدب اإلسالمي المفھوم والقضیة" ،دار الجیل،بیروت،ط صبح، علي علي - 4

31

األدبية، "االتجاه اإلسالمي"إلى تشكيل اتجاه أدبي ضمن غرض من األغراض مصطلحأما مصطلح "األدب المسلم"وكذا مصطلح "آداب سالمي،اإل وفي هذا تقليل من شأن األدب

اإلسالمي مع إشارة إلى أنه األدب الشعوب اإلسالمية" فهي تطابق تقريبا مصطلح األدب .1الصادر عن المسلمين

اإلسالمي بهذا يعني االلتزام ،وإن كان من المؤكد " أن األدب اإلسالمي ال إن األدب يمكن أن يحيا بمنأى عن االلتزام،فهذا ال يعني أبدا أننا نريد له أن يكون أدب دعوة،ذلك

يجئ أكثره دون ، أو في إيديولوجيا معينة أن أي أدب يحصر نفسه في الدعوة ألمر ماكما يعتقد -اإلسالمي المستوى المطلوب.هذا من جهة ومن جهة أخرى ، إذا كان األدب

الذاتي الذي يتحدث عن هموم محصورا في الدعوة ، فأين نضع مثال األدب -البعض ال نريد وشعر الطبيعة؟ومن هنا وفي أي خانة نضع مثال أدب الرثاء الفرد وعواطفه؟

وإنما نريد له أن يهتم بكل لألدب اإلسالمي الملتزم أن يهتم بمضامين دون غيرها،ونريد كذلك من كل من يتعاطى للفن عموما أن األدبية، يهتم بكل األجناس األغراض،

.2لكنه انفتاح مسؤول" ومنفتحا على كل الثقافات، يجعل فنه خاضعا للتصوير اإلسالمي ، بداعاإلسالمي هو ذلك اإل األدب وباألخص األدب الديني ، يتضح لنا أن ؛مما تتقدم

جمالية تمنحه األدبية والذي يقدم التصور اإلسالمي األدبي المؤثر مع ما يحمله من سماتلإلنسان والكون، وباعتباره جزءا من األدب؛ فإن "الشعر مرآة تنعكس عليها صورة الحياة

ا وهو يتأثر بما تضطرب به تلك الحياة من عوامل دينية العامة لألمة في مختلف أطواره؛ وعليه فالشعر العربي ال يمكن أن يكون بعيدا عن النظر في 3وثقافية وسياسية وغيرها"

، إنه الجمع بين الجمال 4مكانة النص الديني،وتبيين القيمة النفعية للنص والكالم عمومابداع الشعري المتدفق من الديني هو اإلنخلص إلى أن الشعر والمنفعة،ومن هذا المنطلق

على اعتبار أن موضوعنا الشعر الديني الجزائري -سالميةاإلالوجدان،المفعم بالقيم الدينية وبالغة األسلوب،ودقة النظم،وإحكام في نسق مؤثر مبني على فصاحة األلفاظ، –

، 5لوزن والقافيةالتصوير،المعتمد على الخيال والعقل ، تزينه موسيقى شعرية ناتجة عن ا

ماي 02ات ، كلیة اآلداب والعلوم اإلنسانیة ، جامعة ورقلة الجزائر العدد:مجلة اآلداب واللغ–ینظر:موسوني محمد ،األدب اإلسالمي،إشكالیة المصطلح ،األثر -1

.213م ، ص 200380/81ص 2007ماي 06لخضر العرابي"مفھوم االلتزام في األدب اإلسالمي"،األثر مجلة اآلداب واللغات،جامعة قاصدي مرباح ورقلة الجزائر العدد - 2 . 83في الشعر المصري الحدیث ،(م س) ،ص سعد الدین محمد الجیزاوي،أصداء الدین - 3 .113م ، ص 1992ینظر :محمد لطفي الیوسفي ، الشعر و الشعریة ، الدار العربیة للكتاب ، - 4 .11ینظر:علي علي صبح،عبد العزیز شرف،عبد المنعم خفاجي،األدب اإلسالمي المفھوم والقضیة،(م س) ،ص - 5

32

الشعر الديني في الوطن العربي واإلسالمي ما كان تعبيرا عن حب اهللا تعالى ، وحب رسوله الكريم صلى اهللا عليه وسلم،وما كان مكرسا للقيم النبيلة ، واألخالق الفاضلة،ومن

ط ، كما ارتب هنا شاع ما يعرف بشعر المدائح النبوية ، والشعر الصوفي ، وشعر الزهدوهي سالمي منذ بعثة نبينا محمد صلى اهللا عليه وسلم،هذا الشعر بالدفاع عن الدين اإل

تدفعنا لنطرق موضوع نشأة الشعر الديني. حقيقة الثامن، السابع، الشعر الديني في المغرب األوسط في القرون :الثاني المبحث

- النشأة واألعالم -والتاسع الهجرية الشعر الديني هو نظم يحمل بين طياته تصور األديب المسلم للكون والحياة،عرفنا أن

إبداع يصدر في قالب فني جميل مليء باإليحاء يرتكز على الموسيقى الشعرية،فهو كالم موزون مقفى يتناول موضوعات دينية وباألخص إسالمية،وإذا كان الشعر ديوان العرب

المسحة الدينية ؟ فمتى أضفيت عليه منذ العصر الجاهلي، نشأة الشعر الديني عند العرب: -أوال

نشأة هذا الشعر كانت من خالل الباعث الديني الذي أسهم في خلق التجربة الشعرية لدى األديب حين توفرت الظروف المالئمة،وإذا أردنا التطرق إلى نشأة الشعر الديني في

سالمي؛ لى بداياته في الوطن العربي اإلإ فالبد من العودة ، المغرب األوسط (الجزائر)وحسب بعض المراجع فإنه ال يوجد وال يمكن تصور هذه البداية بعيدا عن صدر اإلسالم،

بابا خاصا بالشعر "الديني" يجمع أشتات هذا -قديمة وحديثة –" بين أبواب الشعر العربي بي في عصوره المختلفة على حين أنا لو رجعنا إلى زوايا تاريخنا األد اللون من القول،

لوجدنا تراثا ضخما من هذا اللون من الشعر منتشرا هنا وهناك تختلف بواعثه وأهدافه وفي البداية البد من إشارة موجزة إلى المناخ السائد لدى ،1ولكن تجمعه صبغة دينية"

العرب قبل بعثة سيدنا محمد صلى اهللا عليه وسلم.يستحضرها ذهن الدارس كلما بدت أمامه ثنائية "العصر عبارة ، الشعر ديوان العرب

الجاهلي/ الشعر"؛ذلك أن الشعر كانت له مكانه مرموقة عند العرب قبل االسالم "إذ عدوه ،ويشير إلى هذا 2من أشرف الكالم وأصوبه...وكانوا يطلقون على الشاعر العالم الحكيم "

ن ديوانا للعرب ،فيه علومهم وأخبارهم ابن خلدون في مقدمته قائال:" وأعلم أن الشعر كا

.41الشعر المصري الحدیث ،(م س) ،ص سعد الدین الجیزاوي،أصداء الدین في - 1 2 89نایف معروف ، األدب اإلسالمي في عھد النبوة وخالفة الراشدین دار النفائس ، (د ت ط) ، ص -

33

وكان روؤساء العرب متنافسين فيه،وكانوا يقفون بسوق عكاظ إلنشاده وعرض وحكمهم،، وكما ارتبط الشعر ومنذ األمم 1كل واحد منهم ديباجته على فحول الشأن وأهل البصر"

- تفاصيل حياتهم وباعتباره مترجما لكل -سالم قبل اإلالقديمة بالعقائد ؛فإنه لدى العرب وقد جرت بحوث حول األصنام في البد أنه تأثر بالعقائد األولى المتعلقة بالوثنية ،

الجاهلية فيما يخص أسماءها والقبائل التي كانت تدين بها وما قيل من أشعار حولها عند ه ذلك أن ما كان يعيش وال يمكن أن نقول عن هذه األشعار شعرا دينيا؛ ؛2العكوف لعبادتها –سالم ليس سوى مظاهر للوثنية والجاهلية ؛فأين هو الدين في هذا ؟ هي العرب قبل اإل

ونجد أن ما دونه الباحثون العرب عن عقائد بدائية كان البد من اإلشارة إليها، –إذا عندما جمع العرب سالماإلالشعر الجاهلي لم يكن به اهتمام كبير بهذا الموضوع "ذلك ألن

وال سيما في الفترة -وحيد وحطم مظاهر الوثنية ، قد جعل الرواة يتحرجونعلى عقيدة التصنام أو يتعلق بالمعتقدات عن ذكر شيء يدور حول األ –األولى لظهور اإلسالم

القديمة،ومن ثم فقد نضب مورد كان يصور ناحية من صورالحياة الفكرية ولونا من ولم تعد ، سالميةد أن استقرت العقيدة اإليد أن بعالعقائد التي كانت للجاهلية األولى ،ب

األمة حديثة عهد باالسالم أمن الرواة وأخذ بعضهم يجمع ما تسامع من أشعار وقصص تتصل بالعقائد األولى(...) وإن كنا نجهل أثر الدين في نشأة األدب العربي فقد وصلنا

.3شعر قليل متأثر بالعقائد الدينية "ي لن يكون مرتكزا لمعرفة ظروف نشأة الشعر الديني عند لذا فإن العصر الجاهل

رغم ما كان من مدح للنبي عليه الصالة والسالم قبل البعثة باعتباره الصادق العرب،"فالخطاب المدحي النبوي لم ينشأ مكتمل الصورة منذ الوهلة وخير البرية أجمعين األمين،

محتشمة أغلبها أراجيز نظمتها آمنة بنت األولى بل شهد تطورا بطيئا،كانت بداياته أشعاراوهب أم الرسول صلى اهللا عليه وسلم،وجده عبد المطلب،وعمه أبو طالب ،وأخته من الرضاع الشيماء بنت الحارث، نضيف إلى هذا نصا شعريا نسب نحال إلى األعشى (....)

ل صلى اهللا إال أن هذه األشعار ال تعد مديحا نبويا صرفا بل هي أساسا ذود عن الرسو .4عليه وسلم ودعم لدعوته"

530م ، ص 1،2009عبد الرحمن بن خلدون ،المقدمة ،دار بن الجوزي للطبع والنشر و التوزیع ،القاھرة،ط - 1

.39/40، صص (م س) ، ینظر:سعد الدین الجیزاوي -2 39، ص نفسھالمرجع ، - 3 . 21، 20محمد األزھر باي ، المدیح النبوي في الغرب االسالمي ، (م س) ، صص - 4

34

باندهاش العرب أمام النص المقدس (القرآن الكريم) تفتميز ، سالماإلأما فترة صدر الذي أعجزهم، وفي هذا يقول ابن خلدون في مقدمته أن العرب انصرفوا عن الشعر"أول

لوب القرآن ونظمه،وما أدهشهم من أس سالم بما شغلهم من أمر الدين والنبوة والوحي،اإلثم استقر ذلك وأونس فأخرسوا عن ذلك وسكتوا عن الخوض في النظم والنثر زمانا،

الرشد من الملة ولم ينزل الوحي في تحريم الشعر وحظره، وسمعه النبي صلى اهللا عليه فهي نقلة نوعية سالم،، إنه تحول من الجاهلية إلى اإل1فرجعوا حينئذ" وسلم وأثاب عليه،

ل المستويات،والشعر باعتباره مكونا أساسيا في حياة العرب آنذاك ،لن يحيد عن على كلما ذلك أنه " هذه القاعدة ،فقد تم توظيفه من قبل المعادين للرسول صلى اهللا عليه وسلم،

سالم لم يرض كثير من عرب مكة بالرسالة المحمدية فحاربوا محمدا صلى اهللا اإلظهر اربوه بالقول(...) وللرد على هؤالء المعارضين انتدب الرسول عليه وسلم بالسالح كما ح

الكريم ثالثة من خيرة شعراء العرب للدفاع عن الرسالة المحمدية وهم حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد اهللا بن رواحة(...) لكن شعر هؤالء لم يتوقف عند الدفاع عن

يشيدون بي صلى اهللا عليه وسلم والرسول ورسالته وإنما نظموا قصائد يمدحون فيها النسالم وشيم المسلمين ومن هنا نستطيع أن نقول أن الشعر الديني عند العرب بدأ بفضل اإل

.2مع المدائح النبوية"سالمي ذلك أن هذا العصر" كما هو اإلالشعر الديني كان مع بداية العصر ةقنطالإن ا

ية والسيما بعد هجرة الرسول صلى اهللا معروف يضم مراحل زمنية تبدأ مع البعثة النبووثوران التهاجي بين شعرائه من جهة وشعراء قريش المشركين عليه وسلم إلى المدينة،

ويطلق من جهة أخرى وتنتهي هذه المرحلة بانتقال الرسول الكريم إلى الرفيق األعلى، ي بكر وثم تبدأ مرحلة أخرى مع خالفه أب على هذه المرحلة مصطلح عصر الرسول ،

عثمان وعلي،وتنتهي باغتيال علي رضي اهللا عنه والتسليم لمعاوية بالخالفة ، عمروويطلق على هذه المرحلة عصر الخلفاء الراشدين،وكثيرا ما تجمع المرحلتان معا تحت

.3مصطلح واحد هو عصر صدر اإلسالم"ين من ظهرت المسحة الدينية على أشعار المخضرم -إذن–سالم صدر اإل ذمن

الشعراء الذين عمدوا إلى الرقي بالشعر ليعبر عن قيم الدين الجديد وما تحمله من صدق،

. 53المقدمة ،ص - 1 38 / 37،صص 2004، جوان 01محمد عباسة ، "نشأة الشعر الدیني و أثره في اآلداب األوروبیة"،مجلة حولیات التراث ، جامعة مستغانم ، عدد - 2 .7م،ص1993ھـ/1،1414سوریا،ط-لبنان،دار الفكر،دمشق–أحمد محمد قدور،المختار من األدب اإلسالمي ،دار الفكر المعاصر ،بیروت - 3

35

وحب هللا ولرسوله الكريم فيكونون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وانتصروا وصفاء،غاوون والشعراء يتبعهم ال﴿كما قال تعالى: ،لموا ال من الذين يتبعهم الغاوونمن بعد ما ظ

) إلا الذين آمنوا وعملوا 226) وأنهم يقولون ما لا يفعلون (225) ألم تر أنهم في كل واد يهيمون (224(الذ لمعيسوا وما ظلم دعب نوا مرصتانا وريكث وا اللهذكرو اتحالون الصبقلنقلب ينم وا أيظلم ين

، إن مع بداية البعثة المحمدية حدث تحول في الشعر ، نظرا لتأثر الشعراء 1﴾)227(بالنص القرآني ، وهم يملكون تراثا ضخما أضفى عليه القرآن نورا، فرغم احتفاظهم

وصف للطبيعة "بموضوعات الشعر الجاهلي من مديح وهجاء وحماسة ورثاء وغزل وفهم يسبغونها على ممدوحيهم ويخلعونها ، البدوية،(...) أخذوا يفسحون للصفات الدينية

2يهم ونظموا أشعارا زاهدة في حطام الدنيا ومتاعها الزائل"عن مهجو. سالم قالوا شعرا لكنهم وجهوا أشعارهم إلى ومنذ صدر اإل – إذا –اء المسلمون الشعر

ح القرآن الكريم ويدعو إلى مكارم األخالق، ومدح الرسول الكريم ما كان مطابقا لرو"وحلت الروح ،3سالم والدفاع عن مبادئهونصرة اإل وصحابته، اهللا عليه وسلم،صلى

اإلسالمية محل الروح القبلية والجنسية وانعكس هذا على الشعراء لذلك تحول الشاعر من الم ومن حرب للغلبة والنشر إلى حرب فخر بالحسب والنسب إلى فخر باالنتساب لإلس

لنصرة المبادئ وإلى غزل يغزى النفوس بالخير ويدفعها نحو المحمدة وإلى هجاء إلقرار الحق والضغط على أهل الباطل وبهذا أصبح الشعر رسالة إنسانية إلقرار الحق والدعوة

.4إلى العدل" لكريم صلى اهللا عليه وسلم،نشأة الشعر الديني عند العرب ارتبطت بمدح الرسول ا

وقد حث عليه الصالة والسالم صحابته على قوله للدفاع عن الدين الحنيف من ذلك قوله لحسان بن ثابت رضي اهللا عنه"قل وروح القدس معك" فكان بذلك له شعراء يقولون الشعر

ورغم ما هو معروف عن كونه صلى اهللا عليه وسلم أفصح العرب إال نصرة هللا ورسوله،صلى اهللا عليه وسلم عن قول هبالنظر إلى تنزيه موزونا تاما ، أنه لم يكن ينشد بيتا

227-226- 225-224الشعراء:اآلیات: - 1 . 30شوقي ضیف ، في التراث والشعر واللغة ، مكتبة الدراسات األدبیة ، دار المعارف ، القاھرة ، (د ط) ، ص - 2 7بوذینة ،قصیدة بانت سعاد ومعارضتھا،سلسلة من غرر الشعر ،منشورات محمد بودینة ،الحمامات،(د ط)،(د ت ط) ،ص ینظر:محمد - 3

،1971)،(د ط للنشر والتوزیع،الجزائر عبد الرحمن خلیل إبراھیم، دور الشعر في معركة الدعوة اإلسالمیة أیان الرسول صلى هللا علیھ وسلم،الشركة الوطنیة- 4 .242ص

36

وقد ورد ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى:﴿و ما علمناه الشعر و ما ينبغي له 1الشعر 2إن هو إال ذكر وقرآن مبين﴾.

كعربي ، كان يتذوق الشعر ويبدي آراءه فيه ،من ذلك وبطبيعته صلى اهللا عليه وسلم في حديث عن أشعر الناس،"قال أبو عمرو بن العالء طرفة أشعرهم واحدة يعني قصيدته

:فيها يقول ، التي و يأتيك باألخبار من لم تزود ستبدي لك األيام ما كنت جاهال

،كما نجد أن 3"! ذا البيت للنبي صلى اهللا عليه وسلم،فقال :هذا من كالم النبوةوأنشد ه النبي صلى اهللا عليه وسلم وقد أعجبه كالم عمرو بن األهتم يقول:إن من البيان لسحرا،وقد

.4قال من جانب آخر:إن من الشعر لحكمهصحابته على الرسول الكريم لم يكن شاعرا لكنه لم يمنع من قول الشعر؛بل حث

استخدام الشعر للدفاع عن الدين الحنيف ،"ومعروف أن قريش حادت اهللا ورسوله حين بعث مما اضطره إلى الهجرة من مكة إلى المدينة،وسرعان ما نشبت بين البلدتين معركة حامية الوطيس ،تقف فيها قريش ومن يعينها من العرب في جانب،ويقف الرسول صلوات

جروا معه من مكة ومن التفوا حوله في المدينة في جانب آخر وبمجرد اهللا عليه ومن هاومن أوائل الذين مدحوا ،5أن اشتبكت السيوف أخذ الشعراء في الجانبين يسلون ألسنتهم "

الرسول صلى اهللا عليه وسلم حسان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، وعبد اهللا بن رواحة ، وقيس األشجع، وأنس بن زليم، ومالك بن ، يوعمرو بن أهيب ، وعبد اهللا بن الزبعر

6نمط ، والعباس بن عبد المطلب ، والعباس من مرداس .ويعد حسان بن ثابت أبرز هؤالء جميعا ؛ ذلك أنه عرف بشاعر الرسول،فالشعر

الديني عند العرب انطلق معه من خالل مدحه للرسول الكريم،كما كان من أوائل الشعراء سبحانه وتعالى قائال:الذين مدحوا اهللا

دي الناس أشهرت فما عم ي بذلكخالقي وبر الخلق أنت إلهو دجأملى وا أنت أعإله اكوا سعد نل مقو نالناس ع بت راليتع

.201،204،205م،(د ط) ،ص 2005ھـ/ 1425دار الكتاب العربي ،بیروت،لبان، 2ینظر :مصطفى صادق الرافعي ،تاریخ آداب العرب،ج -1 69یس،اآلیة - 2 120م،ص1983ھـ/1،1404، دار الكتب العلمیة،بیروت لبنان،ط 6بن عبد ربھ األندلسي،العقد الفرید ، تح:عبد المجید الترحیني، ج - 3 123نفسھ، ص صدرینظر:الم - 4 .46/47م ،صص 5،1972،ط2شوقي ضیف،تاریخ األدب العربي،العصراالسالمي،دار المعارف بمصر ،ج - 5 21/22م(دط)صص2013ینظر:محمداألزھرباي،المدیح النبوي في الغرب االسالمي،مركزالنشرالجامعیتونس،المطبعة الرسمیة للجمھوریة التونسیة، - 6

37

وي ذهب الشعراء في تقديس اهللا تعالى بعد تأملهم في الطبيعة ، فإلى جانب المديح النب . 1والكون من حولهم

ومديح حسان بن ثابت للرسول الكريم هو " ذلك الشعر الذي أنتجه حسان إثر اعتناقه دين سالم وحمله لواء الدفاع عنه بلسانه في صفوف رجال المدينة وإثر الهجرة النبوية وذلك اإل

نبي صلى اهللا عليه وسلم:" ما يمنع الذين نصروا اهللا بسالحهم أن ينصروه استجابة لقول ال .2بألسنتهم" وعندها كان جواب حسان "أنالها" وطفق يمدحه ويهجو مناوئيه"

من هنا كانت البداية للمدائح النبوية"وفي هذا المجال يعد الشاعر حسان بن ثابت أبرز لى اهللا عليه وسلم،ومسهم أيما إسهام في رواد هذا النوع الشعري فهو معاصر للرسول ص

، كما ال نغفل دور كعب بن زهير الذي ذاع 3والذود عن قيم الشريعة السمحاء" مدحه،صيته صاحب قصيدة من أشهر القصائد في مدح الرسول الكريم"وقد اشتهرت هذه

دته القصيدة ببانت سعاد وتسمى البردة لكون النبي صلى اهللا عليه وسلم ألقى عليه بر ويبتدئ هذه القصيدة بالغزل قائال:4الشريفة عند إنشادها"

إثرها لم يفد مكبول متيم بانت سعاد فقلبي اليوم متبول 5وما سعاد غداة البين إذ رحلوا إال أغن غضيض الطرف مكحول

كما يقول: 6ن رسول اهللا أوعدني والعفو عند رسول اهللا مأمولأنبئت أ

ويقول فيها أيضا:به ستضاءف يالرسول لسي ند إنهلول ماهللا مس سيوف 7من

إذ يذكر سعاد وفراقها وأن قلبه مرتهن عندها فليس له "بالغزل، إنه يستهل قصيدته ي وصف سعاد ويشبهها بالظبي ويشبه ريقها بالخمر،..ويخرج من ذلك إلى فكاك...ويلح ف، لينتقل بعدها ويصور خوفه من رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم طالبا العفو 8وصف ناقته"

.9منه مادحا إياه،كما يواصل مادحا المهاجرين

38محمدعباسة،مجلة حولیات التراث،(م س)،ص ینظر: - 1 23محمد األزھر باي،المرجع السابق ، ص - 2 . 45أحمد موساوي ،المولدیات في األدب الجزائري القدیم ، ص - 3 2،(د ط)،(د ت ط)،ص 3دار الفكر،بیروت،مج النبھانیة في المدائح النبویة ، یوسف بن إسماعیل النبھاني،المجموعة - 4 ،الصفحة نفسھا.ع نفسھالمرج - 5 .6نفسھ،الصفحة - 6 7نفسھ،ص - 7 85شوقي ضیف،تاریخ األدب العربي،(م س) ،ص - 8 85/86نفسھ،صص ینظر:المرجع - 9

38

ان وعبد اهللا هذه القصيدة هي من اللبنات المؤسسة للشعر الديني إلى جانب قصائد حس بن رواحة وكعب بن مالك وهم من األوائل في مدح الرسول الكريم والذين كانوا إيذانا بانطالقة الشعر الديني عند العرب وهذه القصيدة أي البردة هي "المية من البحر البسيط ال

وقد نالت شهرة واسعة وتناولها العلماء بالشرح والتفسير،كما تناولها بيتا، 58تتجاوز .1الشعراء فشطروها وخمسوها وعارضوها،وقد طبعت مرارا في الشرق وفي أوروبا"

إلى جانب هذا يذكر التاريخ أسماء المعة في عالم المديح النبوي وهي إلى اآلن الشعراء من أبرز هذه القصائد بردة البوصيري والتي كانت لها أهمية مصدرا إللهام

عن عهد نشأة المدائح لكنها كانت في وقت تطور كبيرة في هذا الميدان وهي متقدمة وذيوع الشعر الديني أي في القرن السابع الهجري،ولنا عودة إلى هذه القصيدة في حديثنا

عن أغراض الشعر الديني.هذا وإن كانت المدائح النبوية هي التي شكلت ظروف نشأة هذا اللون من الشعر؛

أسس الشعر الديني ذلك هو ''الزهد''إذ " أن فهناك عامل آخر يشترك معها في وضعاإلسالم أثر أثرا واسعا في نفوس الشعراء وهو أثر مازال يتعمق نفرا منهم حتى انقلبوا وعاظا يعظون الناس ويذكرونهم باليوم اآلخر وما ينتظرهم من الثواب والعقاب (...) كما

وأنه يقوم على التقوى والعمل يتحدثون عن الدنيا ومتاعها الزائل مصورين طريق النجاة الصالح ومجانبة كل خلق رديء من مثل الكبر والبخل ،والخيانة والتحلي بكل خلق كريم

.2من مثل التواضع والجود واألمانة"وبقليل من التأمل نلمس إشارة إلى الزهد الذي هو عدم اإلقبال على الدنيا،وهي قاعدة

الدينية والتي ظهرت في أشعار العرب منذ صدر أساسية تعبر عن االرتباط بالعقيدة اإلسالم،فمنذ القرنين األول والثاني الهجرية بدأ الميل إلى الزهد نظرا لألوضاع االجتماعية والسياسية إذ" كان اإلقبال على الدين والزهد في الدنيا غالبا على

واص ممن لهم شدة عناية المسلمين...فلما فشا اإلقبال على الدنيا في القرن الثاني...قيل للخوبعد الزهد كانت نشأة التصوف،وباعتبارهما يعبران عن 3بأمر الدين الزهاد و العباد"

المعبر عنها . تجربة إنسانية عميقة األبعاد ولد الشعر

.21،22محمد بوذینة ، قصیدة بانت سعاد ومعارضاتھا ، (م س) ، صص - 1 182شوقي ضیف ،تاریخ األدب العربي،( م س) ،ص - 2 .51،52، صص1،1984الرزاق التصوف،كتب دائرة المعارف اإلسالمیة ، دار الكتاب اللبناني،مكتبة المدرسة،ط ماسینیون ومصطفى عبد - 3

39

خالصة القول إن نشأة الشعر الديني عند العرب المسلمين ارتبطت ببعثتة صلى اهللا ه إلى المدينة،فكان المديح النبوي والدفاع عن الدين الجديد،عليه وسلم،وخاصة بعد هجرت

فشيأ شعر الزهد،وشعر التصوف لتشكل مع بعضها البعض إطارا كما بدأ يتبلور شيئاللشعر الديني يضاف إلى ذلك ما اتصل بها من مدح وتعبير عن حب هللا تعالى وتوسل إليه

ت صبغة دينية ميزته وأعطته كثيرا من وتشوق للبقاع المقدسة ورثاء للمشايخ كل هذا تحالخصوصية ، إن هذا المناخ السائد في الشرق العربي والذي كان المنطلق ،البد أن له

والشعر الديني على الخصوص في المغرب العربي -عموما-انعكاسات على واقع األدب -ه وغربه ووسطهقشر –سالمي اإل

:وسطنشأة الشعر الديني في المغرب األ - ثانيا وذلك أمر طبيعي، ؛لقد كان المشرق العربي سباقا في احتضانه لمختلف ألوان األدب

وقد كان ذلك أواخر ؛ ذه المنطقة بدأت في فترة متقدمةبالنظر إلى أن الحياة اإلسالمية له وما كان قبل هذا التاريخ من محاوالت إبداعية ليست ذات شأن ، القرن األول الهجري،

قد مر "عصر النبوة ثم عصر الخلفاء،حيث بقي المديح يدور في هذا المجال وفي المشرق وال يخرج عنه،ولكنه في عصر األمويين رجع إلى العصر الجاهلي وأخذ الشعراء

، وهذا الوضع 1يستمدون معانيهم من العصبية القبلية بعد أن ظهرت األحزاب السياسية"اعات ،فشاعت الفتن،فكان اللجوء إلى لم يختلف في العصر العباسي ؛بل اشتدت الصر

الدين هروبا من الفتن،فكان اتجاه الشعراء إلى المدائح النبوية كما شاع التصوف الصحيح "وفي ظروف هذا التمزق ،في محيط اختلفت فيه الصراعات أشكاال وألوانا 2والزائف،

رب األوسط الرسمية التي أسست في المغ برزت اإلمارات المغربية كان أولها اإلمارةهـ) متخذة مدينة (تيهرت) عاصمة (...) فكانت أول دولة إسالمية جزائرية (...) 144(

،ويمكن القول أن االتجاه الديني في هذه الفترة هو ما يلفت 3) سنة"152وعمرت نحو ( .4فقد احتلت العلوم الدينية الدرجة األولى في الحياة الثقافية لإلمارات المغربية االنتباه ،

حيث أن الدارس يقف على تشابه كبير في الواقع ويمكن أن نسقط ذلك على األدب، األدبي بين المشرق والمغرب العربيين والبد من اإلشارة هنا إلى " أن المثقف عموما

.46عبد هللا الركیبي،الشعر الدیني الجزائري الحدیث،( م س) ،ص - 1 47ینظر :المرجع نفسھ،ص ص - 2 22، (د ط)،ص 1994عكنون ، الجزائر، عمر بن فینة،أدب المغرب العربي قدیما ، دیوان المطبوعات الجامعیة بن - 3 .25نفسھ ،ص ینظر:المرجع - 4

40

بشكل أخص كانا بشكل عام فوق الحدود اإلقليمية وما تمليه المصالح السياسية واألديبلحدود اإلقليمية ويلقى الترحيب حيث يحل طالبا للعلم أو مسهما (...) كان المفكر يتجاوز ا

الحرف العربي والعقيدة اإلسالمية في التعليم،جواز مروره وإقامته االنتماء الحضاري:القرن الثالث للهجرة) في : (...) وقد تجسد ذلك في هذه الفترة ( عهد اإلمارات المغربية

هـ) وارتحل إلى 200ولد بتيهرت سنة (شخصية (بكربن حماد بن سهل التيهرتي من ، فدرس بالبصرة والتقى علماء القطر وشعراءه (العراق) عبر أقطار الوطن العربي،

هؤالء مثال (دعبل الخزاعي) واتصل هناك بالخليفة (المعتصم باهللا) ،كما أخذ من علماء أنحاء المغرب جامع (القيروان) ثم تصدر للتدريس فيه، فتتلمذ عنه كثيرون خاصة من

العربي اإلسالمي ومن األندلس(...) فكان (بكر بن حماد) من أشهر شعراء الفترة أو ممن تركوا أثرا واضحا في الحياة الثقافية خاصة في جانبها ؛أشهرهم في المغرب العربي

والذي يقول في الزهد:1الشعري"ت وقدضرت وأعدت نفسي فصحمج روقها لقدقت نفسي فطال ممر

2ستأكلها الديدان في باطن الثرى ويذهب عنها طيبها وخلوقهايظهر االتجاه الديني الذي طبع العصر بجالء من خالل فكرة القضاء والقدر في قول"

بكر بن حماد "دائما :من تبارك هلمبع األمورواألرض ساس مواتأهل الس وذل له

هاألرزاق بين عباد مقس الناس فيها على بعض ومن ل بعضوفض ه فمنفيها يزيد صرالح أن ض ظنرفي الطول والع داديز 3فقولوا له مكن مالحظة الصبغة الدينية التي ويعد "بكر بن حماد" من أوائل شعراء الجزائر،وي

تأسيس أول دولة ومن هنا يمكن ربط نشأة الشعر الديني الجزائري بتاريخ ، ميزت شعرهإسالمية،(الدولة الرسمية) "وقد برزت في شعر هذه الفترة خصائص مختلفة،منها النزعة

ع الفخر الدينية ببعدها االجتماعي مدت ظاللها على بعض االتجاهات األخرى مثل موضووالمدح والوصف واالعتذار(...) وهو ما يترجم سيادة الفكر الديني في الفترة ،حيث كانت الثقافة الدينية العمود الفقري لثقافة المثقف ومحور تفكيره (...) ورغم ما يكتنف هذه الفترة والحقها من غموض في الجانب األدبي على خالف الجانب الديني الفقهي فإن

25،26،27، صص بقسالالمرجع عمر بن قینة ، - 1 247عثمان سعدي ، الجزائر في التاریخ ، (م س) ، ص - 2 28عمر بن قینة ، المرجع السابق ، ص - 3

41

بية المحدودة برزت مع ذلك مؤشرا على المستوى الحسن للحركة األدبية األعمال األد .1التي لم تقل كثيرا في مستواها عن نظيرتها في المشرق العربي يومئذ"

في الجزائر بتأسيس أول دولة (الدولة -عموما-بل األدب ونربط نشأة الشعر الديني؛ رب،وال في عهد الوالة الشرقيين بالجزائر الرسمية) ذلك ألنه لم يكن في عهد الفاتحين" الع

وال بغيرها من بقية أقطار المغرب العربي الكبير أدباء مبرزون وهذا شيء طبيعي ألن سكان البالد أعاجم لم يتعلموا من لغة العرب إال ما هم في حاجة أكيدة إليه مما تدعو إليه

سالم.أما العرب الفاتحون الذين باإل يث أنهم حديثو عهدالحاجة من القيام بالشعائر الدينية حاستوطنوا البالد فعددهم كان قليال جدا إذ أكثرهم نزح إلى المغرب األقصى ثم إلى

فإن عاصمة البالد صارت تاهرت األندلس من أجل إتمام الفتح.أما في العهد الرستمي ،كانت محط الرحال ولقد لعبت هذه المدينة دورا هاما في العلوم والفنون واألدب حيث أنها

من جميع اآلفاق حتى أنها دعيت "بعراق الغرب" و"بالعراق الصغير" وقد برز في هذا .2العهد بالجزائر عدد ال بأس به من األدباء من كتاب وشعراء"

وبالنظر إلى الحروب والفتن التي شهدتها المنطقة ضاع الكثير من النتاج األدبي هذا، ل لتعرف الجزائر بعدها عددا كبيرا من األدباء منذ عهد الدولة ولم يبق منه إال القلي

والحماديين إلى أن نصل إلى العهد مراء الصنهاجيين الزيريينالعبيدية الشيعية إلى حكم األ 3الزياني حيث عرفت الجزائر تطورا أدبيا ملحوظا. الموحدي وبعده

على الخصوص نجده والمغرب األوسط -عموما–والشعر في المغرب اإلسالمي يتناول الموضوعات نفسها" التي تناولها أدباء الشرق واألندلس من مدح وهجاء وغزل وخمر ووصف وحماسة وفخر ورثاء واعتذار وغير ذلك مع تقليد أساليب المشارقة على العموم واألندلسيين على الخصوص السيما في التوشيح الذي ساهم فيه أدباؤنا بحظ وافر

ة بينهم وبين األندلسيين .ومما تجدر مالحظته أن أدبنا تغلب عليه في جميع لكثرة الصل عصوره الصبغة الدينية إذ أكثره في المواضيع اآلتية:

األمداح النبوية في تبجيل خير البرية . - 1الشوق إلى البقاع المقدسة ألداء فريضة الحج وزيارة قبر النبي صلى اهللا عليه وسلم - 2

جليلة .والمشاهدة ال

.47المرجع ، نفسھ ص - 1 .12،(م س) ، ص 1الدب العربي الجزائري عبر النصوص أو إرشاد الحائر إلى آثار أدباء الجزائر ،مجمحمد بن رمضان شاوش والغوتي بن حمدان،ا - 2

12،13،15ینظر:المرجع نفسھ ، ص -3

42

.1التصوف من زهد ووعظ وحكمة عالية" - 3هي مالحظة قيمة تيسر لنا توضيح ظروف نشأة الشعر الديني في الجزائر،ومادامت

الصبغة الدينية هي السائدة،فهو حديث عن نشأة الشعر في مناخ ديني،فقد كان المسلمون لحديث والفقه...(كما) كانت عناية في أول أمرهم في المغرب ال يعنون إال بعلوم القرآن وا

.2المغاربة بعلوم العربية ال تقل كثيرا عن عنايتهم بعلوم الدين"يبدوا أنها وإذا كانت نشأة الشعر الديني في المشرق العربي ارتبطت بالمديح النبوي،

بالزهد تبعا لما -أيضا –ارتبطت -على الخصوص -في المغرب العربي و األوسط منهعنا من نصوص لبكر بن حماد باعتباره من أوائل شعراء الجزائر ،إذ واكب الدولة ورد م

ومع هذا وفي ظل االهتمام الكبير بالدين وحب اهللا ورسوله،يحضر المديح الرستمية،النبوي إلى جانب الزهد والتصوف ،فنشأة الشعر الديني في الجزائر،ال يمكن تحديد

ألغراض ،والجدير بالذكر بداية،أن الشعر الديني معالمها إال بالبحث في نشأة هذه االجزائري القديم بما فيها المدائح النبوية اصطبغ بالصبغة الصوفية؛ذلك لطغيان النزعة الصوفية بعدما آلت إليه األمة اإلسالمية في القرون الهجرية األولى من نزوع نحو الزهد

انطالقا من القرن الرابع وصوال إلى التصوف الذي عد من سمات ذلك العصر خاصة الهجري .

الشعر الديني الجزائري القديم الذي يضم الشعر المتصل بالزهد والتصوف والمديح النبوي، ظروف نشأته كانت مشابهة بتلك التي كانت بالمشرق العربي فبينما كان الحسن

لى يميل إ –والذي يعتبر رائد التصوف في المشرق -م) 720هـ 110البصري (ت الحياة الروحية،ويجعل من الطقوس الدينية سبيال للمعرفة والكشف ،كانفي القيروان

م) يوغل في التبتل، متخذا لباسا من صوف ... 717 -هـ 107إسماعيل بن عبيد (ت م) يترك متاع الدنيا هاربا 727 -هـ 127وكان أبو محمد خالد بن عمر التجيبي (ت

الزهاد انتشروا منذ الفتح في الغرب اإلسالمي، وأبرز من الثروة والمنصب، كل هؤالءهـ)، وقد 186رائد في التصوف كان أبوعلي شقران بن علي الصوفي القيرواني (ت

اشتهر وذاع صيته في الوطن العربي مشرقه ومغربه، فقصده الناس من كل جهة ليأخذوا

7المرجع نفسھ ،ص -1 قدیمة والوسیطة والحدیثة ، دار أحمد اإلسكندري،أحمد أمین ،علي الجارم،عبد العزیز البشري ، أحمد ضیف ، المفصل في تاریخ األدب العربي في العصور ال 2-

.409،410إحیاء العلوم،بیروت،(د،ط)،(د ت ط) ، صص

43

، 1هـ) 180عنه أصول التصوف، إلى جانب صوفي آخر هو محمد بن مسروق (ت وكما هو الشأن في المشرق العربي كانت االنطالقة بحركة الزهد ليتشكل التصوف، وذلك مرورا على خمس مراحل مرحلة أولى سجل فيها نزوع نحو البعد عن الحياة المادية

م)، ومرحلة ثانية 7/8والزهد في ملذات الحياة وهذا في القرنين األول والثاني للهجرة (لسابقة مع إغراق في الزهد والتقشف بداية القرن الثالث إلى أواسط القرن شبيهة بالمرحلة ا

م)، في المرحلة الثالثة بداية االقتراب من التصوف، وهي بداية 9/10الرابع الهجريين (م)، في المرحلة الرابعة 10األفكار والخياالت الصوفية، وهذا في القرن الرابع الهجري (

شكيل الطرق الصوفية، والخوض في الكرامات والممتدة اكتمل تكون التصوف، وبداية تم)، أما المرحلة الخامسة فشهدت مبالغة في ادعاء 11من أواسط القرن الخامس الهجري (

. 2الكرامات ويطلق عليها مرحلة الجنونالميل إلى الزهد خالل القرنين األولين للهجرة ارتبط باألوضاع المتدهورة، سياسيا

، وكما "مهد للتصوف 3، مما أدى بالكثيرين إلى االنصراف بفكرهم إلى اآلخرةواجتماعياشهد المغرب –الثامن الميالدي –في المشرق بحركة زهدية قبل القرن الثاني للهجرة

األوسط أيضا بداية من القرن الثاني إلى القرن الخامس للهجرة / الثامن إلى الحادي عشر المحها األولى في سياق الفتوحات اإلسالمية لبالد الميالدي حركة زهدية برزت م

. 4المغرب"وأعالم الزهد والتصوف في الجزائر عمدوا إلى فن الشعر للتعبير عن مواجيدهم،

وعليه يمكن تحديد ظروف ميالد شعر الزهد والشعر الصوفي في الجزائر استنادا إلى عراء الزهد والتصوف الكبيرة التي ظروف نشأة الزهد والتصرف، وما يثبته هذا قائمة ش

تزخر بها كتب التراجم القديمة، وهكذا ترتبط الحركة الزهدية والصوفية بالشعر تعبيرا عن تجربة وجدانية عميقة لتتشكل بذلك تجربة شعرية متميزة كانت انطالقتها عقب الفتح

اإلسالمي للمنطقة.لعربي كانت منذ هجرة نبينا الكريم عليه أما شعر المديح النبوي فانطالقته في الوطن ا

أما في المغرب العربي فقد كان ظهور أول "نبوية مطولة –كما رأينا –الصالة والسالم

، 40/1986، تونس، عدد ینظر: محمد الغزي، "الحركة الصوفیة في القیروان من القرن الثاني إلى القرن الرابع" ، مجلة الحیاة الثقافیة، وزارة الشؤون الثقافیة - 1.43ص .59،63،67،87،88في اإلسالم، دار الكتاب العربي، بیروت (د ت ط)، (د ط)، ص ینظر: عمر فروخ، التصوف - 2 . 238، ص1981،م1ینظر: عبد هللا الركیبي، الشعر الدیني الجزائري الحدیث، الشركة الوطنیة للنشر والتوزیع، الجزائر، ط - 3

المیالدیین، شركة دار الھدى للطباعة والنشر والتوزیع عین ملیلة، الجزائر، 13و 12الھجریین / 796الطاھر بونابي، التصوف في الجزائر خالل القرنین - 2.47، ص2004(دط)،

44

ومكتملة العناصر بالغرب اإلسالمي، وعلى وجه التحديد في مدينة توزر بالجنوب في 1ا الشقراطسيالتونسي، ونعني بهذه المطولة القصيدة الالمية الشقراطسية، وقد أنشأه

نهاية الثلث األول من القرن الخامس للهجرة على اعتبار أن ما سبق هذه الحقبة اليعدوا أن يكون من قبيل اإلرهاصات وعلى أساس أن أولى النصوص المشرقية التي لها أن

3وأبو سعيد محمد البوصيري 2ترتب في باب المديح المحض هي من انتاج ابن دقيق العيد، وهذه 5ريب، بالنسبة للشقراطيسي" ، وكانو ثالثتهم متأخرين، دونما 4والصرصري

القصيدة من "أشهر المطوالت في هذا الصدد (...) وهي المية من بحر البسيط جمعت إلى جانب المدح والثناء أحداث السيرة النبوية وحياة الدعوة اإلسالمية منذ انبالج فجرها إلى

أسلوب شعري جميل يتراوح بين التقرير والتخييل، أن عمت أقطار المعمورة، وذلك بوهي تقع في ثالثة وثالثين ومائة بيت. وقد نالت شهرة كبيرة بحيث خمسها كثير من األدباء وشرحوها وأخذها العلماء بالرواية عن ناظمها ونجد بعضهم يستشهدون بأبياتها

زية للبوصيري (...)، وما غطى عليها وقلل من رواجها إال ظهور البردة والهم وانتشارهما هذا االنتشار الواسع المشهود ومطلعها:

هدى بأحمد منا أحمد السبل الحمد هللا منا باعث الرسل .6ومنتعل" وأكرم الخلق من حاف خير البرية من بدو ومن حضر

األوسط، "ومن هنا تبدأ المدائح عرضنا ظروف نشأة المديح النبوي في المغرب النبوية وتلحق بها المولديات باعتبارها فنا أصيال من الشعر الديني، لها خطورتها، ومكانتها في المجتمع اإلسالمي ألنها متعلقة بصاحب الرسالة،المثل األعلى،وأعظم

.7شخصيات التاريخ"ت اإلسالمية لبالد المغرب فيما ارتبط بعامل الفتوحا –إذا -الشعر الديني في الجزائر

ارتبطت في شرق الوطن العربي ببعثة نبينا محمد صلى اهللا عليه وسلم وخاصة بهجرته، فعوامل النشأة عظيمة أدت إلى ظهور لون فني يكتسي قيمة عالية استمدها من أهميته لدى

استزادة للعلم وأداء أبو محمد عبد هللا بن أبي زكریا یحي الشقراطسي: فقیھ، إخباري وشاعر توزري درس ببلدتھ، ثم انتقل إلى القیروان، ثم انتقل إلى المشرق - 3

م. (ینظر: محمد األزھر باي، المدیح النبوي 1073ھـ/ 466أنشأ المیتھ ثم عاد إلى بلدتھ لیجمع بین القضاء والتدریس والتألیف، توفي عام لفریضة الحج وھناك). 30في الغرب اإلسالمي، ص

مرجع نفسھ، الصفحة نفسھا.م، لھ "إحكام األحكام"، ودیوان شعر. ینظر: ال 1302ھـ/ 702أبو الفتح محمد بن علي: شاعر وقاض مصري، ت.سنة - 2 ه)، ینظر: المرجع نفسھ، الصفحة نفسھا. 694ه،توفي سنة 608أبو عبد هللا شرف الدین محمد بن سعید بن حمادالبوصیري ولد ببوصیر بصعید مصر سنة - 3

م. لھ دیوان شعر مطبوع، 1258ھـ/ 656اد سنة أبو زكریا جمال الدین یحي بن یوسف بن یحي األنصاري: شاعر عراقي ضریر قتلتھ التتار یوم دخلوا بغد - 6.31ینظر: المرجع نفسھ، ص

.30المرجع نفسھ، ص - 5 . 153/154م، ص 1984ھـ/ 1404، 2توزیع: دار الكتاب اللبناني، مكتبة المدرسة، بیروت، ط -نشر–عبد هللا كنون، أدب الفقھاء، طباعھ - 6 .11قدیم، (م س)، صأحمد موساوي، المولدیات في األدب الجزائري ال - 7

45

ين صلة سكان هذه البقعة من الوطن العربي، سكان المغرب األوسط الذين تجمعهم بالدوثيقة، (هذا الدين القويم) حبا هللا تعالى ونبيه الكريم عليه الصالة والسالم ؛ فتنوعت أغراضه من شعر الزهد ، التصوف ، المديح النبوي والمولديات وما يتصل بها من تشوق للبقاع المقدسة وتوسالت، وما نلمسه من صلة بين هذه األغراض جميعها وهو ما سنعود

المتعلق بأغراض أو موضوعات الشعر الديني الجزائري القديم، بعد وقفة إليه في الباب مع أبرز أعالمه.

من أعالم الشعر الديني الجزائري القديـم في القرون السابع ، الثامن –ثالثا و التاسع الهجريــة :

الذين كان لهمفي حديثنا عن نشأة الشعر الديني وردت معنا أسماء عديدة من األعالم دور في نشأة هذا الشعر، و التجربة الشعرية ميدان خصب يفتح أمام صاحبه مساحة للبوح

تماما كما الشعور الديني الذي هو بحاجة إلى ترجمان .وهكذا يلتقي عامالن من العوامل األكثر إيحاء ، ذالك ألن التجربة الشعرية و الشعور

ن ، كالهما وجداني ، وقد الحظنا الصلة الوثيقة بين الديني كالهما عميق بدواخل اإلنساان بذالك ، وكيف اصطبغ الشعر الجزائري القديم بالصبغة الدينية ، فكالشعرالدين و

مهمة التعبير عن هذا الشعور الديني . ذللشاعر الجزائري أن يأخية بروز القرون الموال و إلى جانب المسهمين األوائل في نشأة هذا الشعر ، تشهد

أعداد كبيرة من الشعراء الذين أبدعوا في هذا المجال ، وكتب التراجم الكثيرة شاهدة على ذلك، نشير إلى بعض هذه الكتب التي تزخر بها المكتبة التراثية الجزائرية ،والتي تكشف

ر: عن مادة أدبية قيمة ما تزال لم تلق العناية الكافية من قبل الدارسين ، من هذه المصادتعريف الخلق برجال السلف " للحفناوي ،"التشوف إلى رجال التصوف" البن الزيات ، " بغية الرواد " ليحي بن خلدون و" نفح الطيب " للمقري و" عنوان الدراية " للغبريني ، و"

أو إرشاد الحائر إلى آثار أدباء الجزائر" لمحمد األدب العربي الجزائري عبر النصوصالمحروسة" الثقافة في الجزائر اوش و الغوثي بن حمدان و" أعالم الفكروبن رمضان ش

ليحي بوعزبز، و"أعالم الفكر و التصوف بالجزائر" لعبد القادر بوعرفة الهاللي، وغيرها إلى جانب مجموعة من الدواوين ألبرز رواد الشعر الديني من زهد وتصوف و مديح

نبوي .

46

سنعمد في عرضنا ألبرز أعالم الشعر الديني في الجزائر إلى تقديم أشهر األعالم ناول ما ورد من تراجم في كتاب "عنوان بتلمسان، كما سنت ممن عرف في العهد الزياني

الدراية " للغبريني الذي يضم عددا هاما من أعالم الشعر الديني ببجاية باعتبارها المركز الثقافي الثاني إلى جانب تلمسان في تلك الفترة ، ومن أعالم الشعر الديني الجزائري القديم

التاسع الهجري نذكر :الثامن ، و ،ون المعنية بالدراسة وهي السابعفي القرهـ ، وحسب تاريخ 509أبو مدين شعيب بن الحسين التلمساني المولود قريبا من سنة -1

الميالد فهو ينتمي إلى القرن السادس الهجري أي قبيل القرن السابع ، لكنني أدرجت اسمه وكان للقرب بين زمنه والفترة المدروسة ، ثم لكونه أحد األعالم البارزين وقد ذاع صيته

ه ، أي قريبا 594له أثر كبير في الوسط الصوفي ، ثم أن وفاته كانت على األرجح سنة جدا من القرن السابع الهجري ، و بالتالي فأدب أبي مدين شعيب لنا أن ننسبه إلى الفترة المعنية بالدراسة ، وقد ورد اسمه ضمن أغلب كتب التراجم ، أبو مدين شعيب دفين العباد

ضريحه بها مشهور مزار،له إنتاج غزير:ديوان شعر بعنوان المنن الربانية في تلمسانالوهبية في المآثر الغوثية الشعيبية، إلى جانب عديد القصائد وكذا اآلثار العلمية،ومعروف

"وصفاته الخلقية كلها صفات جليلة قلما تتوفر في .1عنه أنه بارع في الشعروقول الحكمةثار الحق على النفس ، و االلتزام بميزان الشرع ، الغيرة على خواص الخليقة، ومنها إي

.2ومقدساته" حرمة الدين إن أبا مدين شعيب من أقطاب التصوف البارزين ومن شعره :

اراألنه تفاضاض ويالر رهكائها زكت لبفأضح ابحالس كتب سلت شمأقب قدلـ وار بحــالنهخض ا ةرــا أسارهري أسفوارـر هنــودجو ــهيبخل بيعأتى الـرـ وتعــفتماألبص ــهنسي حت فار ـار و األشجـفتـسابـق األط ـى ـورود وبالجنوالـورد نادى بال اري العو قصتر الكأست وشعتشع قار ارزي بيــبالح و كحضي و الجو ـاوبجـان مسالح يـدللغ ـود ارالطـار أخفى صوته المزمـ و والع امـرالح مـرالز بسنــا ال تحادربيـ منا التسارمـز ـارو األذك ـحم

، م2007جامعة وھران ، ( د ط ) ، –ینظر: مختار حبار ، الخطاب األدبي القدیم في الجزائر دراسة بیلیوغرافیا ، منشورات مختبر الخطاب األدبي في الجزائر 1-

. 32ص 1ار األمة للطباعة و النشر والتوزیع ، برج الكیفان ، الجزائر ، ط آثاره ، شركة د –حیاتھ –محمد الطاھر عالوي ، العلم الرباني سیدي أبو مدین شعیب عصره 2- . 31، ص 2004،

47

شرنـوغو ـــهنـا من لطفبيـ ـاؤناابالح معنالو ـبالقه ــداح1ار نفحات صوفية يستشعرها المتأمل ، وقد صيغت األبيات بكلمات عذبة تأخذنا إلى عالم

نجول في حديقة غناء ، لنقف في األخير عند حقيقة تجلت واضحة وهي الجمال و كأننا افتتان الشاعر بالجمال المطلق للذات اإللهية .

من شعراء القرن السابع الهجري " هو سليمان بن علي بن عفيف الدين التلمساني :- 2ولطلب العلم عبد اهللا بن علي ، كومي النسب ، تلمساني المنشأ ، تلقى بها علومه األولى ،

ارتحل إلى كثير من الحواضر العربية و الرومية ، واستقر بدمشق..... انتهج التصوف طريقة في تهذيب النفس وتقصي الحقيقة واتبع منهج اإلمام محي الدين بن عربي ، له شعر حسن ، يميل إلى الغموض إذ غلب عليه الرمز الصوفي ، وكان يميل إلى فكرة

من خالل شرح عينية ؛ تم بالفلسفة وحاول الغوص في بعض قضاياهااه، (...) 2االتحادورقاء ذات تعزز هبطت إليك من المحل األرفع ابن سينا والتي مطلعها:

وتمنعهي بداية ،و3حوال " 80م عن عمر يناهز 1291هج / 690(...) توفي بدمشق سنة

تميزت هذه الفترة فيا كبيرا ، كما "دت ازدهارا ثقاعصر بني زيان ... وهذه الفترة شهظه الشاعر هتمام الذي الحوبالخصوص األصل منها ، وهذا اال باالهتمام بالعلوم الدينية ،

،4"ر في توجهه الصوفي الذي اختص به، الشك أنه كان ذا حضوفي بيئته المغربية تلك ومن قولـــه في التصوف : كثيرة ذات أوصــاف وأسماء شهدت نفسك فينا وهي واحدة

نونح تنا بعد كثرشهد ائيفيكئي ، والررالم ا اتحدنا بهيـا ع فأول أنت من قبل الظهور لنا و آخر أنت عن النازح النائي

ـداءـــاهر المتيازات اإلبــواحده وظـ وباطن في شهود العين " 5أنت الملقن سري ما أفوه به وأنت نظقي ، والمصغي ، لنجوائي "

قبلها ه أو 650بتلمسان سنة من أشهر الشعراء المتصوفة ولد " ابن خميس التلمساني : -3ة فقيرة ، إذ كان الشاعر مادحا متكسبا ، فهو كان يمدح ملوك ...) كان من أسربقليل (

.63، ص م1938، 1أبومدین شعیب ، الدیوان ، جمع : العربي بن مصطفى الشوار ، مطبعة الترقي بدمشق ، ط 1-

لحق الواحد المطلق من حیث أن جمیع األشیاء موجودة بوجود ذلك الواحد ، اتین واحد ة وھي حال الصوفي الواصل ، وقیل ھو شھود وجود اذتحاد : تصییر اإل2 - . 11م ، ص 1997ه / 1417، 1( عبد المنعم الحفني ، المعجم الصوفي ، عربیة للطباعة و النشر ، دار الرشاد ، القاھرة ط

. 52، ص 2004، (د ط ) ، 1نشر و التوزیع ، وھران ، ج عبد القادر بوعرفة الھاللي ، أعالم الفكر و التصوف بالجزائر ، دار الغرب لل3 - .12، ( د ط ) ،ص م2007عة الشعبیة للجیش ، الجزائر ، االطبدحو،عفیف الدین التلمساني الصوفي ، الدیوان ، تحقیق وتقدیم : العربي 4-

. 32، ص المصدر نفسھ5-

48

، وقد 1بني عبد الواد كما مدح أمراء بني العزفي في سبتة ، وبعض سالطين غرناطة "كان ابن خميس شاعرا عصاميا ، إذ ال نجد في المصادر و المراجع التي ترجمت له

ننا نفهم منها بأنه كان عصاميا ، ولكن إشارة " إلى األساتذة الذين أخد عنهم الشاعر ، و كأمهما يكن من أمر فإن العصاميين بدورهم يحتاجون إلى أساتذة يأخذون بأيديهم (......) ولكن إذا رجعنا إلى العلماء أو األعالم الذين عاصروا الشاعر نجدهم كثيرين سواء ممن

بعد أن يكون الشاعر ابن كانوا من أبناء بلدته أو ممن جلبوا من غيرها (......) فال يستخميس قد تتلمذ على هؤالء الذين كانوا يجيدون العلوم الدينية و األدبية كالفقه ، واللغة ، و

، ومن قوله في الزهد : 2الجدل ، والتصوف ، و التاريخ " فال ترج من دنياك ودا وإن يكن فما هو إال هو مثل ظل سحاب

3الحزم إال اجتنابها فأشقى الورى من تصطفي وتحابي" وما الحزم كلو قد كان ابن خميس من فحول الشعراء ، وأعالم البلغاء حافظا ألشعار العرب

، كتب في الزهد والتصوف 4وأخبارها أقدر الناس على اجتالب الغريب دباجا ال نظير له" .واشتهر بذلك

يتصل نسب أبي حمو موسى الثاني بمؤسس الدولة العبد حمو موسى الثاني :"أبو -4الوادية يغمراسن ابن زيان ، فهو أبو موسى بن أبي يعقوب يوسف بن عبد الرحمان أبي يحي بن يغمراسن (...) ولد أبو حمو باألندلس ، في مدينة غرناطة ، عاصمة بني األحمر

اد به أبوه إلى تلمسان ( ...) نشأ أبو حمو في ه ) ، وفي تلك السنة ع 723، سنة ( تلمسان ، مثل غيره أبناء األمراء ، فعرف حياة البالط ، وما تشتمل عليه من أبهة وترف ، وحفالت ، ودرس على أشهر العلماء ، فنال من العلم حظا وافرا مكنه من تحصيل

د " كان كاتبا بارعا وشاعرا مفلقا ، وعن حياته األدبية فق 5مبادئ العربية والعلوم الدينية "ره بتلمسان ليلة المولد النبوي شعراء وهو الذي كان يحتفل في مشويقرض الشعر ويكرم ال

الشريف غاية االحتفال وكان ينظم قصيدة في مدح النبي صلى اهللا عليه وسلم وهي أول ما ومن 6"القصائد ينشد في المحفل لم تنشد بعدها ما رفع إلى مقامه في تلك الليلة من

ه ) ، نقتطف هذه األبيات : 761قصائده التي نظمها بمناسبة االحتفال بمولد سنة (

59/ 58صص م ،2007، 1اش ، الجزائر ، ط حریة للطباعة و النشر و التوزیع الطاھر توات ، ابن خمیس التلمساني حیاتھ و شعره ، الملك1- . 61/ 60،صص ابقسالالمرجع طاھر توات ،-2

. 248نفسھ ، ص 3- 236محمد بن رمضان شاوش و الغوثي بن حمدان ، ( م س ) ص 4- . 72/ 71/ 69ص عبد الحمید حاجیات ، أبو حمو موسى الزیاني حیاتھ و آثاره ، ( م س ) ، ص5 -

136محمد بن رمضان شاوش ، باقة السوسان في التعریف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زیان ، (م س ) ، ص 6

49

يبيب بها حا للحاريد وحي بالحي اب وبالق اءجأر نيفا بق 1لنفس في الحي عن مي"ة وسائل فدتك الى نجد وسلـع ورامـرج عوع

إلى أن يقول : وما أرتجي إال شفاعة خير من أتى بالهدى يهدي لدين حنيفي

به يرتجى العاصون غفران دنبهم وما عملوا في الدهر من عمل سئ ـل سنى شمس و بـدر و دريوك ق الكون كلـه رد أشفمولــده قــ

بالب نلى مع المى سميع و بالحـ قاس الميـر التهنر المي لـــد2"ام "ولد سليمان بن محمد بن سليمان المعروف بالشاب الظريف والملقب بشمس الدينهو -5

م ) ونشأ بدمشق وولي 1263ه ( 661ني ولد له هذا الولد بالقاهرة عام العفيف التلمسااب الظريف شاعرا م ) كان الش 1289ه ( 688عمالة الخزانة فيها وكانت وفاته بها عام

، من شعره الديني في 3) و أكثر شعره في الغزل و بعضه في المديح النبوي "مجيدا (... م :مدح المصطفى صلى اهللا عليه وسل

أرض األحبة من سفح و من كثب سقاك منهمر األنواء من كثب الصبا تحية عاني القلب مكتئب النائين من نفس و ال عدت أهلك

4فال رعى اهللا إال أوجه العرب م قوم هم العرب المحمـــي جارهـ إلى أن يقول :

درـاع ال يــاع ببس راخيا ييب وسر الحطاع طاهاع مل دأج حالر ى لكضري ا كاننزلة مان مف الخلق إال أشرف ما أشرتب ي5الر

هو " الفقيه األجل محمد بن أبي زيد عبد الرحمان بن محمد بن أبي زيد الخزرجي : -6محمد بن أبي العيش الخزرجي اإلشبيلي األصل ، روى ببلدة تلمسان عن أبي بكر محمد بن يوسف بن مفرح ، و أبي عبد اهللا بن عبد الرحمان التجيبي و أبي عبد اهللا ابن عبد

محمد بن حوط اهللا و كان رحمه اهللا أديبا بارع الكتابة شاعرا مجيدا رائق الحق و أبيالخط ذا مشاركات في فنون العلم (...) وله في التصوف نظم حسن وكثير في الزهد

.6"وسبل الخيرو الوعظ وتنزيه الباري سبحانه وتعالى

345عبد الحمید حاجیات ، المرجع السابق ، ص 1- . 346، ص ابقسالالمرجع عبد الحمید حاجیات ،2 - . 118ص (م س) ، محمد بن رمضان شاوش ، 3- . 50، ص م2011یلة ، الجزائر ، ( د ط) ، لحو دار الھدي عین مد: العربي حمحمد بن عفیف الدین التلمساني المعروف بالشاب الظریف ، الدیوان ، ت شمس الدین4-

. 51ر نفسھ ، ص مصدال5 - .29ه ، ص 1321م / 1903، ( د ط ) ، 1لجزائر ، مج یحي بن خلدون ، بغیة الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الوارد ، مطبعة بییر فونطانا الشرقیة ، ا 6-

50

ومن ذلك قوله في الكامل : إن كنت مرتادا بلوغ كمال اهللا قل ودع الوجود و ما حوى

ـل دون اهللا إن حققتـه عدم على التفصيل و اإلجمال فالكــ لواله في محو و في اضمحالل ـم كـلها م بأنك والعوالـواعل

1شيئا سوى المتكبر المتعال " دوا ا و لما يشهفالعارفون بنووهو " الشيخ الولي أبو عبد اهللا الشوذي اإلشبيلي المعروف أبو عبد اهللا اإلشبيلي : -7

، ومن نظمه : 2بالحلوي نزل تلمسان من كبار العباد العارفين " بأذان إلى نطق الوجود ـاخ قومإذا نطق الوجـود أصـ

يدلم البفه نق عد نولك جامانع به سالنطق لي ذاك و نـا تنـادفط قريب فكن نى م "يدعب نى منادن يم 3وال تك

حمد بن أحمد األنصاري من أهل مرسية ، أبو عبد اهللا وهو محمد بن م ابن الجنان :" -8ابن الجنان ، كان محدثاراوية ضابطا ، كاتبا بليغا شاعرا بارعا ، رائق الخط ، دينا

، (...) ثم 670فاضال، خيرا ذكيا (...) خرج من بلده حين تمكن العدو من قبضته سنة الزهد ومدح النبي صلى اهللا عليه توجه إلى افريقية ، واستقر ببجاية (...) وكان له في

. 4"وسلم ، بدائع (...) وكالمه في النبويات نظما ونثرا جليل رحمه اهللا ومن نظمه البديع قي مدح المصطفى صلى اهللا عليه وسلم هذا التخميس ، و مما جاء فيه:

اهللا زاد محمدا تكريما و حباه فضال من لدنه عظيما

مرسلين كريماواختصه في ال ذا رأفة بالمؤمنين رحيما صلوا عليه وسلموا تسليما

جلت معاني الهاشمي المرسل وتجلت األنوار منه لمجتلي وسما به قدر الفخار المعتل

5فاحتل في أفق السماء مقيماصلوا عليه وسلموا تسليما "

المصدر نفسھ ، الصفحة نفسھا .1- .65المصدر نفسھ ، ص 2 - . 67المصدر نفسھ ، ص 3 - –ه 1408ط ) ، ( د 7أحمد بن محمد بن محمد المقري التلمساني ، نفح الطیب من غصن األندلس الرطیب ، تح : إحسان عباس ، دار صادر ، بیروت ، مج 4 -

. 431/ 416م ، صص : 1988 . 432، ص ابقسالالمصدر 5 -

51

تشير المراجع إلى أن وفاته كانت " أوائل القسنطيني : بن الفكون أبو علي حسن -9العلم و القرن السابع الهجري هو من أهل بيت الفكون المشهور في قسنطينة بالشرف و

، وهو فيهم من األدباء الذين استظرفت أخبارهم وراقت األدب والتصوف والرياسة . 1"لقب شاعر المغرب األوسط قي وقته أشعارهم ، كان غزير النظم والنثر (...) وقد نال

ترجمت لهذا الشاعر معظم كتب " : محمد بن يوسف القيسي المعرف ب " الثغري –10التراجم ، " وهو أبو عبد اهللا محمد بن يوسف القيسي ويقال له الثغري أيضا األندلسي

لسلطان أبي حمو األصل التلمساني المولد و المنشأ و الدار كان من جملة الموظفين ببالط اموسى الثاني لكننا نجهل تاريخ وفاته كما نجهل تاريخ والدته وكل مانعلم عنه أنه كان

ه ألنه نظم عدة قصائد بمناسبة احتفال السلطات 776ه و 760على قيد الحياة بين عامي بليلة المولود النبوي أثناء تلك المدة كلها وكان يلقي قصائده بنفسه في ذلك المحفل

ه، 771،ومن شعره الديني قصيدة قيلت ليلة مولد النبوي صلى اهللا عليه وسلم سنة 2"بهيجالتطهر بها نفحات زهدية إلى جانب مشاعر الشوق إلى الرسول الكريم و البقاع المقدسة

نقتطف منها مايلي : بعد عرفانأقصر فإن نذير الشيب وافاني أنكرتني الغواني

وقد تماديت في غي بال رشد و النفس تأمرني و الشيب ينهاني 3فقلت للنفس إذ طالت بطالتها مهال ألم يأن أن تخشي ألم يأن "

كما يقول : يحدو إليه بأحداج و أظعاني مزمع السير نحو المصطفى عجال يا

وضتهشتاق لرـة ميلــــغ تحي " بانة العاجي حؤدالطليق ي 4إن محمد بن مرزوق الخطيب : " هو أبوعبد اهللا شمس الدين محمد بن أحمد بن محمد -11

يب ، والجد ، والرئيس.الذي اشتهر بألقاب : الخط بن محمد بن أبي بكر مرزوقم) ، واعتكف على حفظ القرآن الكريم منذ صغره 1310ه ( 710ولد بتلمسان آخر عام

، لتكون له بعدها رحلة علمية عبر 5، وتعليم مبادئ اللغة العربية و آدابها بتلمسان "العديد من مدن الوطن العربي حيث بعد تلقيه مبادئ العلوم بمسقط رأسه " ، ذهب إلى

. 90( م س ) ، ص، مختار حبار ، الخطاب األدبي القدیم قي الجزائر ، دراسة بیلیوغرافیا1 - . 137، ( م س ) ، ص 2محمد بن رمضان شاوش ، باقة السوسان ، ج2-

لمساني ) ، الدیوان ، جمع وتحقیق و شرح نوار بوحالسة ، منشورات مخبر الدراسات التراثیة ، جامعة منتوري، محمد بن یوسف القیسي األندلسي (الثغریالت3 - . 153، ( د ط ) ، ص م2004قسنطینة ،

. 154المصدر نفسھ ، ص 4- 40، ص م 1995، 1، ط 2یحى بوعزیز ، أعالم الفكر و الثقافة في الجزائر المحروسة ، دار الغرب اإلسالمي ، بیروت ، ج- 5

52

الحجار وهو اليزال في عنفوان الشباب فأتى فريضة الحج ثم دخل الشام و مصر و أخذ عن جلة مشيخة المشرق ثم قفل راجعا إلى المغرب فوقف بتونس وبجاية واجتمع بكبائر علمائها ثم رجع إلى تلمسان وخلف عمه في الخطابة بجامع العباد ثم اصطفاه السلطان أبو

ه وبعث به سفيرا إلى ملك قشتالة ( األندلس ) وبعد رجوعه إلى الحسن المريني لخدمتخرى أبفاس وتلمسان و طورا بغرناطة و قاس بقي يتقلب في الوظائف الهامة أحيانا

سئم السياسية ، به أحيانا ويدخل السجن ثم يفرج عنه إلى أن كبنبتونس ، وقد كان يبها عدة وظائف علمية ودينية وقضائية ...) والتحق بالديار المصرية فتولى فركب البحر (

.1إلى أن توفي بالقاهرة " ومن شعره الديني متضرعا إلى اهللا تعالى :

رفعت أموري لباري النسم وموجدنا بعد سبق العدم اةيالح دبع يت الخالئقمظام و منشي العممومي الرحم

2سئلنا يوم حشر األممو وجامعنا في بساط النشور بن أحمد بن محمد اللخمي أبو عبد اهللا بن اللحام محمد بن أحمد اللحام : هو " محمد –12

لقب ألبيه مولده بتلمسان سنة ثمان وخمسين وخمسمائة (...) أخذ العلم بفاس عن أبي الحجاج بن عبد الصمد و أبي زيد الفزازي (...) كان فاضال صالحا زاهدا ذا حظ من األدب و الشعر نبيال واعظ أهل زمانه ( ...) وله في الوعظ كتاب سماه حجة الحافظين و

قوله : 3محجة الواعظين (...) ومما يؤثر من نظمه في التصوف " لقلب من حب الحبيبغريب الوصف ذو علم غريب عليل ا

إذا ما الليل أظلـم قام يبكي و يشكو ما يجن من النحيب وينطق فيه بالعجب العجيب يقطع ليلــه فكـرا وذكـرا

بيجـل عن التطيب والطبي ده غـرام بـه من حب سيـ 4ابه من غير طيب"يطيب تر و من يكن ها كذا عبدا محبا

أدباء القرن السابع إلى الثامن الهجري له آثار أدبية محمد بن أبي بكر العطار : من –13قيمة خاصة في مدح الرسول ، وقد ورد عنه في " نفح الطيب " مايلي :" ومن ذلك هذا

. 275محمد بن رمضان شاوش و الغوثي بن حمدان ، ( م س) ، ص -1 . 280المرجع نفسھ ، ص -2 . 27، ( م س ) ص 1یحي بن خلدون ، بغیة الرواد ، ح -3 . 28/ 27المصدر نفسھ ، صص -4

53

بن التسديس (...) للشيخ األمام أبي عبد اهللا محمد بن محمد بن عبد هللا بن محمد بن محمد أحمد بن أبي بكر العطار الجزائري من جزائر بني مزغنة ، وهي المشهورة اآلن

.1بالجزائر" ومما جاء في هذا التسديس في مدح الرسول الكريم ما يلي :

ـوار أحمـد ح المصطفى بحلى الكمال يحال سنها يتـألأل أن زأ النور منـه مقسـم ومجـ الشمس تخجل وهو منها أضوأ

2ا "صلوا عليه وسلموا تسليمـ ور إبراهيما قـدزان ذاك النإسحاق إبراهيم بن أبي بكر األنصاري القرشي إبراهيم بن أبي بكر األنصاري :هو –"14

عوام م ) و انتقل به أبوه إلى غرناطة وهو ابن تسعة أ 1213ه ( 609ولد بتلمسان عام ثم منها إلى مالقة وبها قرأ معظم قراءاته ألنه سكنها مدة طويلة ثم انتقل إلى سبتة (...)

م ) ، كان إبراهيم األنصاري أديبا شاعرا محسنا ماهرا 1291ه ( 690كانت وفاته عام .3في كل ما يحاول له منظومات في السير و أمداح النبي صلى اهللا عليه وسلم "

لغدر :و يقول في ذم ا قد طال بين الورى تصرفها الغدر في الناس شيمة سلفت

منك يرى قدرها ويعرفها ماكـل مـن سـرت له نعم مضرة عنك عز مصرفها بل ربمـا أعقب الجـزاء بها

4على البدر وهو يكسفها" ما ترى الشمس تعطف بالنور أو أحمد بن يحي بن أبي بكر بن عبد الواحد بن أبي حجلة :" ه أحمد بن يحي بن أبي –15

حجلة ، تلمساني المولد و المنشأ ، تعلم بزاوية جده أبي حجلة عبد الواحد ، فحصل علومه األولى المتمثلة في حفظ القرآن الكريم ، و االطالع على التفاسير المشهورة و تفقه في

.5المذهب المالكي "ألدب والسيما الشعر حتى صارت له اليد الطولى فيه ، له خمسة وقد كان " ولوعا با

دواوين في المدائح النبوية وسبع أراجيز ( سبعة أالف بيت ) كما له عدة مصنفات في

ري ، نفح الطیب ، ج -1 . 480، ( م س ) ، ص 7المق ، الصفحة نفسھا . قالسابرصدالمالمقري ، -2 . 120محمد بن رمضان شاوش ، باقة السوسان في التعریف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زیان ( م س) ، ص -3 ، الصفحة نفسھا . اهسنفالمرجع -4 . 63عبد القادر بوعرفة الھاللي ، أعالم الفكر و التصوف بالجزائر ، ( م س ) ، ص -5

54

ه ) ، 776 – 725، وقد عاش" في الفترة مابين سنتي : (1األدب والنحو وغيرهما " .2من عائلة صوفية تلمسانية"، صوفي ، أصال .) أديب ، ناثرم) وهو (..1375- 1325(

أبو محمد عبد اهللا البسكري : " هو أبو محمد عبد اهللا بن عمر البسكري الشاعر -16شعر البسكري قصيدته المشهورة في مدح النبي صلى اهللا الصوفي(....) ومما وصلنا من

حج م ) .....رحل إلى المشرق وبعدها 1364ه ( 765، " وقد كان حيا سنة 3عليه وسلم " ومن نظمه متشوقا إلى المدينة المنورة : 4اسقر بالمدينة المنورة "

ا و تحن من طرب إلى ذكراهاـق أن تهواهـدار الحبيب أحـ ياابن الكرام عليك أن تغشاها وعلى الجفون متى هممت بزورة تع في ظالل رباهاوظللت تر فال أنت أنت إذا حلـلت بطيبة

سلبت عقول العاشقين حالها معنى الجمال منى الخواطر و التي هيهات أين المسك من رباها ال تحسب المسك الذكي كتربها

5طابت فإن تبغ التطيــب يافتـى فأدم على الساعات لثم ثراهام من مواليد مدينة 1962ماي 9 –ه 866شعبان 9" توفي يوم إبراهيم التازي : –17

تازة بالمغرب األقصى ، ومن قبيلة بني لنت البربرية ولم تتحدث المصادر التي ترجمت له على تاريخ ميالده.. و أنه كان في أواخر القرن الثامن الهجري ، أوكله أبوه إلى الشيخ

ه القرآن الكريم ورعاه تمام أبي زكرياء يحي الوازعي الذي اعتنى به كثيرا ، وحفظالرعاية ، ومن تازة انتقل إلى مدينة تلمسان وتتلمذ على الشيخ محمد بن مرزوق الحفيد الذي أجازه ، ثم انتقل إلى وهران وتعرف على الشيخ محمد بن عمر الهواري ووثق

ي ، صالته به ، ومنها رحل إلى تونس وتتلمذ على الشيخ أبي القاسم عبد العزيز العبدوسثم شد الرحال من هناك إلى الحجاز ألداء فريضة الحج عبر ليبيا ومصر ، وفي مدينة مكة المكرمة أخذ على الشيخ القاضي تقي الدين محمد بن أحمد بن علي الحسني الفاسي ،

ومن شعره الديني قصائد عديدة في ذم الدنيا إلى جانب قصائد 6علم الحديث ، والرقائق " كريم عليه الصالة و السالم ، ومن ذلك قوله :في مدح الرسول ال

. 130س ) ، ص محمد بن رمضان شاوش ، ( م-1ه ) ، دیوان المطبوعات الجامعیة ، الجزائر، 1413عمار ھالل ، العلماء الجزائریون في البلدان العربیة اإلسالمیة ، فیما بین القرنین التاسع والعشرین المیالدیین ( -2

182، ص 2، ط 2010، شركة دار الھدى للطباعة والنشر و التوزیع ، عین 1وسوعة الشعر الجزائري ، صج الربعي بن سالمة ، محمد العید تاوتھ ، عمارویس ، عزیز لعكایشي ، م -3

. 134، ص 2009ملیلة ، الجزائر ، . 257محمد بن رمضان شاوش و الغوثي بن حمدان ، (م س) ، ص - 2 . 135الربیع بن سالمة و آخرون ، المرجع السابق ، ص -5 . 218في الجزائر المحروسة ، ( م س ) ، ص یحي بوعزیز ، أعالم الفكر و الثقافة -6

55

ل ونأجنمم يرة الخلــقاخدمح نو م محمود خير دمحـوا م ه خلقـ من خصـــه بلواء الحمـد حامده و بالمقام القيامي الذي حمدا

شر الورى للفضل يح وميو هدرشد لها أحد " رشلم ي د1إلى محام كم 86م ) بواد " يسر " على بعد 1384ه ( 785ولد سنة عبد الرحمان الثعالبي : –18

بالجنوب الشرقي من عاصمة الجزائر ، و نشأ هناك بين أحضان أبويه نشأة علم و صالح كونه أحد شعراء التصوف المشهورين، ، وصلة الثعالبي بالشعر الديني2وأخالق مرضية "

ذلك أن " اسم الثعالبي قد التصق بالزهد والتصوف كما التصق اسم ابن رشد بالفلسفة وابن ، نجده فيها" عبد الرحمان الثعالبي قطعة شعرية، ومن شعر 3خلدون بالتاريخ و االجتماع "

، النقد ، كالتوبة تحتوي على عناصر عديدةيتحسر على تفريطه ، مما يقدم لنا صورة ،4و النقد االجتماعي و الحزن والرجاء" –المحاسبة هو ما يسمى بالمراقبة و –الذاتي فيقول:

تمر الليالي بنفسي ومالي فيا قوم ، مالي عن الموت ساليحي انجدال وللي ال واري جدالي "نهي حثللى مال علي رج5و

" هو أبو عبد اهللا محمد بن أبي جمعه محمد بن أبي جمعه التاللسي التلمساني : -19التاللسي التلمساني الدار ، كان طبيب السلطان أبي حمو موسى الثاني وهو من أسرة جل

ه 767م ) و 1359ه ( 760مابين عامي أفرادها أطباء ، كان على قيد الحياة بتلمسانعالوة على مهارته في الطب فإن التاللسي كان أديبا م) ونجهل تاريخ وفاته . 1366(

وشاعرا ودل على ذلك ماخلفه لنا من القصائد الحسناء و الموشحات الرقيقة خصوصا ما ، ومن ذلك قوله : 6كان في مدح النبي صلى اهللا عليه وسلم"

ره و فضله في القبل و البعد والحالنبي كـريم شرف اهللا قد ت إذاللنبي بـه سدنا على كل أمـة فال أمــة إال لنا تحـ

من المسجد األقصى إلى المرتقى العال ه العــــرش والليل أليل سما إلل 7جى دون إكمال "غدا دونه بدر الت لمولده نور على األرض قد بدا

. 221المرجع نفسھ ، ص : -1نیة للنشر و التوزیع ، ط: محمد بن عبد الكریم ، الشركة الوحمحمد بن میمون الجزائري ، التحفة المرضیة في الدولة البكداشیة في بالد الجزائر المحمیة ، ت -2

. 335/ 334، صص م1981، 2الجزائر ، ط . 83، ص 2، ط 1، ج 1985أبو القاسم سعد هللا ، تاریخ الجزائر الثقافي ، المؤسسة الوطنیة للكتاب ، الجزائر ، - 3 .63،ص 1987عبد الرزاق قسوم ، عبد الرحمان الثعالبي والتصوف ، سلسلة الدراسات الكبرى الشركة الوظنیة للنشر والتوزیع الجزائر (دط)،-4 . 64المرجع نفسھ ، ص -5 . 292محمد بن رمضان شاوش والغوثي بن حمدان ، إرشاد الحائر إلى أثار أدباء الجزائر ، ( م س ) ، ص -6 المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا . -7

56

م) هو بركات بن أحمد 1492ه ( 897" توفي سنة بركات العروسي القسنطيني : -20بن محمد بن محمد العروسي نشأ في نواحي بسكرة كان شيخا فقيها ورعا، أقام بقسنطينة، اشتهر هذا الشيخ عندما ألف كتابا في مدح رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم الذي سماه "

ه فبدأ يتغنى بقصائد كل 877لة المتوسلين بفضل الصالة على سيد المرسلين " سنة وسيعام طيلة شهر مولد الرسول صلى اهللا عليه وسلم احتفاال به في جميع المساجد ببالد

، ومن قوله في التشوق إلى الحرم الشريف بالمدينة ومدح النبي صلى اهللا 1المغرب كلها " عليه وسلم مايلي:

ي بتمريغ خد و استالم فم في تربها و بمرآها على عجلمن ل برؤية الروضة العليا التي شرفت على البقاع بقدر من لدنك علي

. 2ه جبريل يأتيك في األبكار و األصل"نـزول الوحـي كان ب لم ال و و يواصل قائال :

اتحهم و أنت أصدق في قول وفي عملألست خاتم رسل أنت ف 3ألست أكرم من يمشي على قدم على البسيطة من أنثى ومن رجل

هو أحمد بن محمد ، بن عبد الرحمان ، الشهاب أبو ابن الخلوف القسنطيني : " –21لد ، التونسي الدار ، العباس بن أبي القاسم الحميري الفاسي األصل ، القسنطيني المو

المغربي المالكي (...) عند البعض يدعى ابن الخلوف وعند البعض اآلخر " الخلوف " وعند البعض الثالث دعي " ابن خلوف " فضال عن نطق الم الخلوف مشددة من لدن فريق

وعدم توحيد اللقب اليعود إلى المصادر و المراجع ، بل 4، وتخفيفها من لدن فريق آخر "بعد –عار الشاعر هي المسؤولة لكونها وردت تحت أكثر من صورة للقب ، ويمكن أش

االعتماد على ما ورد في الكتاب " العبر و ديوان المبتدأ والخبر" البن خلدون ن –البحث .5لقربه من الدقة وقد جاء فيه اللقب على صورة ابن الخلوف

لينتقل رفقة والده إلى مكة م ، 1426ه / 829ولد شاعرنا في قسنطينة سنة المكرمة، وبعد حوالي أربع سنوات انتقل إلى بيت المقدس التي اتخذها مستقرا ، وبعد وفاة والده رحل باتجاه القاهرة ، ثم إلى تونس أين استقر ، و خالل هذه الرحلة حفظ القرآن

. 347ص محمد بن رمضان شاوش والغوثي بن حمدان ، إرشاد الحائر إلى أثار أدباء الجزائر ، ( م س ) ، -1 ا .، الصفحة نفسھھسانفالمرجع -2 المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا . -3 ، 2004، منشورات اتحاد الكتاب الجزائریین ، الجزائر ، طبعة دیسمبر تح: العربي دحو ،ابن الخلوف القسنطیني ، دیوان جني الجنین في مدح خیر الفرقتین -4

. 9( د ط ) ، ص . 10/ 9ینظر: المصدر نفسھ ، صص - 5

57

فة إلى الكريم إلى جانب أخده لجملة من المعارف عن بعض العلماء و المشائخ إضاقراءاته المختلفة والثرية ، ترك الشاعر آثارا قيمة في اللغة و العروض ، وعلم الفرائض

ويبقى ما يهمنا في هذا المقام ديوانه الشعري في مدح النبي صلى اهللا 1و األدب وغيرهما عليه وسلم والذي أثرى الساحة األدبية في الجزائر والوطن العربي عموما بما في ذلك

لديني .الشعر ا : ومما ورد في ديوانه جني الجنين في مدح خير الفرقتين

واد شريد تطلب للماء صاديأحبـــك حــب هيمـان بـ ؤادلسويـدا من فـــة امنزلـبـي ـــوأنت منــ بأحبك يا حبي

2يدا كسكني نور عيني في السواد و قد أسكنت حبك في السو إلى أن يقول في القصيدة نفسها :

و ال عجب إذا نادى لساني بحب محمد في كل نادي ففيه محبتي ، وإليه أمري ومنه تطلبي، وله اعتدادي

3جاءنا بكتاب حق فأصلحنا من بعد الفساد رسولتراجم عدد من أعالم الشعر الديني الجزائري القديم ؛ حاولنا الوقوف عند لفي تقديمنا

القرون الثالثة المعنية بالدراسة ، وهدفنا ليس الجمع على اعتبار أن هذه مهمة تحتاج إلى اص ، إنما الهدف هو التعريف بأبرز أعالم الشعر الديني ، من المذكورين تفرغ وبحث خ

على الخصوص في أغلب كتب التراجم مع التركيز في هذه اللمحة على األعالم الذين عرفوا في مدينة تلمسان ، ممن وردت ترجماتهم في " بغية الرواد " ليحي بن خلدون

التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني و"نفح الطيب" للمقري ، " وباقة السوسان فيزيان " لمحمد بن رمضان شاوش ، " و أعالم الفكر والثقافة في الجزائر المحروسة "

المراجع إلى جانب مجموعة من الدواوين ، ليحي بوعزيز، وغيرها من المصادر وال ينفي ك ، وهذار لكونها عاصمة المغرب األوسط آنذاوتركيزنا على تلمسان يأتي بالنظ

–بإيجاز –أي بجاية ، وسنشير فيما يلي في الجزائر،ية القطب الثاني للثقافة و الفن أهمإلى بعض من أعالم الشعر الديني بها مستفيدين من كتاب " عنوان الدراية فيمن عرف من

ة العلماء في المائة السابعة ببجاية " للغبريني ، سعيا منا إلى تقديم نماذج تبرز مدى أهمي

. 24/ 23/ 12، صص ینظر : المصدر نفسھ -1 . 425، ص ،المصر السابقابن الخلوف القسنطیني -2 . 426، ص ھسنفالمصدر -3

58

هذا اللون من الشعر في بيئة طغت فيها الصبغة الدينية على كل المجاالت ، فمن هؤالء األعالم نذكر المشهورين منهم:

ورد عنه في ه): 575أبو محمد عبد الحق بن ربيع األنصاري البجائي (المتوفي عام -1لمجتهد أبو محمد عنوان الدراية : " الفقيه اإلمام العالم المحصل المحقق المجيد الصوفي ا

عبد الحق بن ربيعبن أحمدبن عمر األنصاري ، أصله من أبده وجده عمر هو الواصل إلى بجاية مستوطنا ، ولد ببجاية و قرأ بها ولقي مشايخ ( ...) كان يحمل فنونا من العلم: الفقه و األصالن : أصول الدين و أصول الفقه و المنطق و التصوف و الكتابتان الشرعية

.1ألدبية و الفرائض و الحساب "و ا ومما قاله في التصوف :

سفرت على وجه الجميل فأسفرا وبدا هالل الحسن منها مقمرا ودنت فكاشفت القلوب بسرها وسقت شراب األنس منها كوثرا

ا "ورصبت كلي مدتى عا حناييت عرصي كل شيء أبا فتهأي2ر الشيخ الفقيه األستاذ النحوي اللغويالمحصل وهو" أبوعبد اهللا محمد التميمي القلعي: -2

بني التاريخي أبو عبد اهللا محمد بن الحسن بن علي بن ميمون التميمي القلعي من قلعة حماد كان جده ميمون قاضيا بها نشأ بالجزائر وقرأبها و انتقل إلى بجاية مستوطنا وبها قرأ وبرع (...) كان في علم العربية بارعا مقدما محكما لفنونها الثالثة النحو واللغة

، ومن شعره في الزهد ومدح النبي صلى اهللا عليه وسلم : 3واألدب" ؤادك مغرم وقلبك خفاق ودمعك يسجمأمن أجل أن بانوا ف

دنجم كمسإال أن ج ا ذاكم وم "وتهفي الركب م ارس نم ع4قلبك م الصالح أبوعبد اهللا محمد الكناني : هو " الشيخ الفقيه الخطيب النحوي األستاذ المقرئ -3

أبوعبد اهللا محمد بن الصالح بن أحمد الكناني من أهل شاطبة ، رحل إلى العدوة واستوطن ، ومن 5بجاية (...) وله معرفة بعلم العربية : النحو واللغة واألدب (...) وله شعر حسن"

شعره الحامل للنفحات الدينية : خاف فقرا أو إضاعةجعلت كتاب ربي لي بضاعة فكيف أ

، 2007، 1الجزائر ، ط الغبریني ، عنوان الدرایة فیمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجایة ، تح : محمد بن أبي شنب ، دار البصائر للتوزیع و النشر ، -1

. 27ص . 29، ص ھسنفدر المص -2 . 33المصدر نفسھ ، ص -3 . 34، ص ھسنف-4 . 40نفسھ ، ص -5

59

1وأعددت القناعة رأس مالي وهل شيءأعزمن القناعة "" الشيخ الفقيه الولي الصالح المبارك أبو أبو زكرياء يحي القرشي السطيفي : وهو -4

المتعبدين الزهاد يحي بن زكرياء بن محجوبة القرشي السطيفي (...) كان من زكرياءاألولياء(...) له في التصوف تقاييد كثيرة وله نظم حسن وقطع مستحسنة كلها في المعاني

.2الصوفية (...) توفي رحمه اهللا ببجاية في غرة ذي القعدة عام سبعة وسبعين وستمائة "ي " الشيخ الفقيه الفاضل الجليل القاض أبو العباس أحمد بن الغماز األنصاري : هو –5

الشهير العدل الرضي أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسن بن الغماز األنصاري من أهل ستوطنها (...) توفي في تونس في يوم عاشوراء من عام ابجاية و بلنسية ورحل إلى

.ومن نظمه في الزهد : 3ثالثة وتسعين وستمائة " و أنت على سوء من الفعل عاكف هو الموت فاحذر أن يجيئك بغتة

4وإياك أن تمضي من الدهر ساعة وال لحظة إال و قلبك واجف "الشيخ الفقيه العالم المطلق الزاهد الورع بقية التجيبي : هو أبوالحسن علي الحرالي -6

سيج وحده أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن بن إبراهيم السلف وقدوة الخلف نالحراليالتجيبي كان بدء أمره بمراكش ثم تخلى عن الدنيا ورحل إلى المشرق (...) توفي

مانية و ثالثين رحمه اهللا عند آذان العصر في اليوم الثاني عشر لشهر شعبان المكرم عام ث لكرامات ومن شعره في التحقيق قوله:، كما حل ببجاية وكان زاهدا كثير ا5ستمائة"و

ومذ عنك غبنا ذلك العام أننا نزلنا على بحر وساحله معنى .6وشمس على المعنى تطالع أفقنا فمغربها فينا و مشرقها منا "

أعالم الشعر الديني كبير ببجاية حسب ما ورد في " عنوان الدراية ، حيث عد وعدد جزائريا كل من ولد أو عاش أو من امتدت جذوره إلى الجزائر من هؤالء "محي الدين بن

عربي" ، و"أبو الحسن عبيد اهللا بن فتوح النفزي " ، " وأبو الحسن علي بن القاسم السراج " ، و" أبو اسحاق إبراهيم بن ميمون بن بهلول األنصاري" ، المعروف " بابن

الزواوي" ،و"أبو جعفر بن أمية"، و" أبو اسحاق إبراهيم بن أحمد الخطيب" ، و" أبو محمد

نفسھ ، الصفحة نفسھا-1 . 51/ 49، صص ھسنفالمصدر -2 .57/59، صص الغبریني ،المصدر السابق-3 .59، ص ھسنف-4 .69/ 68نفسھ ، صص -5 . 77نفسھ ، ص -6

60

بكر عبد الحق بن سبعين المرسي " ، و" أبو الحسن علي النميري الششتري " ، و" أبوعبد اهللا محمد بن أبي بكر القضاعي" شبيلي"، و" أبو بن سيد الناس اليعمري اإلمحمد

الشهير "بابن األبار"، و" أبو عبد اهللا بن أحمد األريسي" المعروف " بالجزائري " ، وغير هؤالء كثير، إذ يتعدى عدد المترجم لهم في " عنوان الدراية " المائة معظمهم من

الترجمات ، وهذه المتصوفة و الزهاد ، والفقهاء و األدباء في آن واحد ، و تقديم هذهاألسماء ليس سوى عرض نماذج تعبر بصدق عن ثراء الساحة األدبية خالل الفترة

إلى نظربالإذ ال يمكن الوصول إلى ذكر كل أعالم الشعر الديني ؛ المعنية بالدراسةالثامن و التاسع الهجرية ، إنما هي أمثلة للتأكيد وشساعة الفترة المحددة بالقرون السابع،

خاصة إذا تعلق األمر بالشعر الديني بموضوعاته ،يد على أهمية هذه الفترة أدبيا من جد عليها التصوف. المختلفة و التي كما الحظنا يغلب

الفصل الثاني موضوعات الشعر الديني الجزائري في القرون

السابع ، الثامن ، و التاسع الهجرية

61

الثاني فصلالالجزائــري ات الشــعر الدينـــي موضــوعــ

ةالثامن والتـاسع الهجريـ – عفي القــرون السابفي عرضنا لظروف نشأة الشعر الديني الجزائري تجلى أمامنا ذلك االرتباط الوثيق

نسان الجزائري و الدين ، إلى جانب صلته بالشعر ، وهو تالحم طبيعي مع حاجة بين اإلرغبته الدائمة في التعبير عن مكنوناته ، ليكون الشعر الوسيلة اإلنسان إلى التدين ومع

المثلى لذلك .وكما ورد سالفا ، فنشأة الشعر الديني تتحدد بتاريخ نشأة أوائل النصوص الشعرية

الدينية التي جاءت في الزهد و التصوف و المديح النبوي وما اتصل بها مما له عالقة األماكن المقدسة ، و التي تشكل موضوعات الشعر الديني بالتوسالت ، و االرتباط ب

الجزائري القديم ، ولنا أن نخوض فيها من حيث المفاهيم و النشأة ومدى حضور هذه الموضوعات في الجزائر في القرون المعنية بالدراسة.

األول : شعــــر الزهــــد المبحثتعلق األمر بحديث عن أوائل صحابة سالم" عبارة كثيرا ما تتردد كلما"الزهد في اإل

رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ ترتبط نشأة الزهد بعصر صدر اإلسالم ؛ ذلك أن أخالق الرسول الكريم عليه الصالة والسالم وصحابته فيها من سمات الزهد الكثير ، وقد

يها ، وقد قال تعالى في تمسكوا بتعاليم الدين القويم الداعي إلى ترك مالذ الدنيا و الزهد ف .1﴾) والآخرة خير وأبقى١٦بل تؤثرون الحياة الدنيا (كتابه الكريم:﴿

وباعتباره من المكونات األساسية لحياة اإلنسان الجزائري المتدين بطبعه ، لم تغب للبالد، بل وقد سمة الزهد عن شعره عبر مختلف عصوره انطالقا من الفتح اإلسالمي

ة ، وقد أشارت مراجع اعتبر بعض الدارسين أن انطالقة الشعر الديني عموما كانت زهدي ؛ فما مفهوم الزهد وما هي مظاهره . الزهدكثيرة إلى تعريف

. 17، 16سورة األعلى ، اآلیتان -1

62

مفهوم الزهد ومظاهره : –أوال كه تدور في فل يشير إلى ترك مالذ الدنيا ، وهو ما -حسب المتعارف عليه –الزهد

لقاموس االتعريفات الواردة في المصادر و المراجع ، فلغويا جاء في لسان العرب والمحيط أن لفظ زهد "الزهد و الزهادة في الدنيا ؛ وال يقال الزهد إال في الدين خاصة ، و

في الشئ و عن الشئ : خالف التزهيد الدنيا (...) و الزهد : ضد الرغبة و الحرص على،" و الزهيد : القليل ، و 1الترغيب فيه (...) و الزهيد الحقير . وعطاء زهيد : قليل "

.2الضيق الخلق، كالزاهد ، و القليل األكل ، و الوادي الضيق . و ازدهده : عده قليال"يعبر عن تجربة وجدانية قوامها ترك مالذ الدنيا الزائلة، –استنادا لما تقدم –الزهد

و"الزهد في الدنيا مقام شريف من مقامات السالكين ، و الزهد عبارة عن انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خير منه (...) و قد جرت العادة بتخصيص اسم الزاهد بمن ترك

ومن زهد في الدنيا مع ، ى اهللا تعالى فهو الزاهد الكامل زهد في كل شيء سو الدنيا. ومن، وما تشير إليه المراجع في 3ولكنه دون األول" رغبة في الجنة ونعيمها فهو أيضا زاهد

عن الدنيا البعد ال يبتعد عن التعريف اللغوي الذي هو التعريف االصطالحي للزهدذلك " أنه ليس من الزهد ترك المال وبذله على سبيل وحطامها والتمسك باآلخرة ، من

وإنما الزهد أن يترك الدنيا للعلم بحقارتها بالنسبة إلى ، استمالة القلوبالسخاء و القوة ونفاسة اآلخرة . ومن عرف أن الدنيا كالثلج يذوب . واآلخرة كالدرر يبقى قويت رغبته في

.4بيع هذه بهذه "البارزة في عهد الرسول صلى اهللا عليه وسلم ذلك أن " الدنيا و الزهد من السمات

عدوة هللا و عدوة ألولياء اهللا وعدوة ألعداء اهللا أما عداوتها هللا فإنها قطعت الطريق على عباد اهللا ولذلك لم ينظر اهللا إليها منذ خلقها ، وأما عداوتها ألولياء اهللا عز وجل فإنها

هوتها ونضارتها حتى تجرعوا مرارة الصبر في مقاطعتها ، تزينت لهم بزينتها وعمتهم بزقتنصتهم بشبكتها حتى وثقوا بها افإنها استدرجتهم بمكرها وكيدها فأما عداوتها ألعداء اهللا

وعولوا عليها فخذلتهم أحوج ما كانوا إليها فاجتنوا منها حسرة تتقطع دونها األكباد ثم 5حرمتهم السعادة أبد اآلباد".

. 1876، ص 21، ح 3ظور ، لسان العرب ، ( م س ) ، مج ابن من - 1

م ، 2008ھـ / 1429الفیروز آبادي ، القاموس المحیط ، تج : أنس محمد الشامي وزكربا جابر أحمد ، دار الحدیث للطبع و النشرو التوزیع ، القاھرة ، - 2 . 725ص

.10م ، ص 2005ھـ / 1426، 1الغد الجدید ، المنصورة ، مصدر ، ط أحمد بن حنیل ، الزھد ، تح : محمد أحمد عیسى ، دار - 3 .10، ص ھسنفالمرجع -4

. 197،(د ت ط) ،ص3.أبو حامد الغزالي ، إحیاء علوم الدین ، طبع كریاطة فوترا ، سماراغ ، ج -5

63

ان يعيش بين مد وجزر بين ما يشده إلى الدنيا و زخارفها وبين ما يدعوه إلى واإلنس -إذا–التفكير في العالم اآلخر في حالة من التأمل و األمل في رحمة اهللا ، فالحياة نهجين

زهد وتقشف أو لهو ومجون ، و للتعبير عن الحالتين يعمد الزاهد إلى استخدام أنساق الحقيقة و انكشافها ، والزهدية تجربة وجدانية و ليس أقوى من رمزية فنية تسمح بانجالء

الشعر قالبا مناسبا للتعبير عنها .يكون شعريا فالمظهر العملي له لدى وإذا كان مظهر التعبير عن الزهد كثيرا ما

ما ورد عن الرسول الكريم –على العموم –المسلمين يتجلى في صور عديدة أبرزها والسالم ، و أنبياء اهللا عليهم السالم و كذا صحابة رسول اهللا رضي اهللا عنهم عليه الصالة

"ويقال إن من سمي باسم الزهد في الدنيا فقد سمي بألف اسم محمود ، ومن سمي باسم اختار رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم الرغبة في الدنيا فقد سمي بألف اسم مذموم وهو ما

.1الزهد في الحالل الموجود . و أما الحرام و الشبهة فتركه واجب" لنفسه باختيار اهللا له ،إن أبرز المظاهر العملية للزهد هو ترك الحالل من ملذات الدنيا إذ أن " الذم الوارد

في الكتاب و السنة للدنيا ليس راجعا إلى زمانها الذي هو الليل و النهار المتعاقبان إلى يوم ى جعلهما خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ، وليس الذم راجعا القيامة فإن اهللا تعال

إلى مكان الدنيا الذي هو األرض التي جعلها اهللا لبني آدم مهادا ومسكنا وال إلى ما أودع اهللا فيها من البحار و الجبال و األنهار إلخ و إنما الذم راجع إلى أفعال بني آدم الواقعة في

قع على غير الوجه الذي تحمد عاقبته(...) والواجب: أن يفهم العبد الدنيا ألن غالبها وامن الدنيا بما حقيقة الدنيا فيكون همه التزود منها لآلخرة التي هي دار القرار فيكتفي

.2يكتفي به المسافر في سفره "ونخلص إلى أن الزهد قيمة من قيم اإلسالم ارتبط به المسلمون في صدر اإلسالم

من دعوة الرسول الكريم عليه الصالة و السالم إلى الزهد ، و قد كان صلى اهللا انطالقاعليه وسلم زاهدا متقشفا و تأثر به صحابته المعاصرون له من أمثال أبي بكر وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب وأبي ذر الغفاري ، ورغم أن المنطلق كان إسالميا بالنسبة

الط باألجناس األخرى الذي رافق الفتوحات اإلسالمية خالطت لزهد المسلمين ، فإن االخت زهد لألديان األخرى الزهد اإلسالمي .البعض سمات

الكتب الحدیثة بمصر ومكتبة المثنى ببغداد ، مطبعة السعاد أبو نصرالسراج الطوسي ، اللمع ، تح : عبد الحلیم محمود ، وطھ عبد الباقي مزوز،دارة -1

. 72، ص 1960( د ط ) ، 15أحمد بن حنبل ، الزھد ، ( م س ) ، ص -2

64

وما دام الشعر ديوان العرب و الحامل لكل مواجيدهم كان السبيل األمثل للتعبير عن و البد تجربة الزهد ، وهكذا ولد شعر الزهد ليعكس ما يعيشه الزاهد من شعور وجداني ،

كما هو –أن هذا الشعر انطلق بسيطا ليشهد تطورات مع تعاقب الزمن ، و بداية نشأته كانت مشرقية لينتقل إلى المغرب العربي بما فيه –الشأن في األغراض األدبية األخرى

المغرب األوسط ، فكيف كانت هذه النشأة ؟ . ن:نشأة شعر الزهد في المشرق و المغرب العربيي –ثانياجاء الدين اإلسالمي بدعوة إلى التمسك باألخالق الكريمة ، و البعد عن ملذات الدنيا

وااللتفات لآلخرة ، فكانت الدعوة إلى الصبر و خشية اهللا تعالى و التوكل عليه "وكان الصدر األول من اإلسالم قد تشرب هذه المعاني علما و عمال ، و تألفت قلوب الشعراء

. وهكذا سارت حياة المسلمين قلوبهم مستنيرة بنور اإلسالم ، وجوارحهم فصاغوها شعرامنتصبة لطاعة المنان ، ولم تشغلهم زينة الحياة الدنيا عن اإلقبال على اآلخرة، وظل هذا اإليقاع ماضيا ، حتى أواخر خالفة عثمان رضي اهللا عنه ، الحقبة التي استفلت فيها زمام

، و ظهرت بوادر الفتن، و انتهت بمقتله ، و تولى علي عليه السالم ، األمر من يد الخليفة رغم ورضي عنهوجهه ، لتستمر خالل عهده كرم اهللا1الخالفة ، ولم تتوقف الفتن "

محاوالته إلخمادها، وتواصلت الصراعات خاصة بعد مقتل علي رضي اهللا عنه وانقسام استمر الصراع على السلطة إلى سقوط أن استأثر بنو أمية بالحكم و قد الخالفة إلى

.الخالفة األموية وظهور الدولة العباسية فكان ؛إذ سعت الدولة اإلسالمية إلى توسيع رقعتها ؛كل هذا على وقع السيوف

االنفتاح على حضارات أخرى تتميز بالترف ، فتأثر المسلمون بهذا الواقع آخذين من ى القرب من صدر اإلسالم ، كان األثر الديني واضحا، إذ الحضارة و ترفها ، و بالنظر إل

سعت فئة أخرى إلى إصالح النفس و الزهد في الدنيا ، و قد سجل التاريخ أسماء عديدة ) و التابعي الزاهد 101لشخصيات بارزة من بينهم"الخليفة عمر بن عبد العزيز ( ت

) وفرقد 131ختياني (ت) ، ثم يليهما أيوب الس 10الواعظ ، الحسن البصري (ت ) و 161تقريبا) ، و سفيان الثوري (ت 131) و مالك بن دينار (ت131السبخي(ت

) و عبد اهللا بن المبارك( ت 177) وعبد الواحد بن زيد ( ت 162إبراهيم بن أدهم (ت

ن ،ع ، األردأمین یوسف عودة ، تجلیات الشعر الصوفي قراءة في األحوال و المقامات ، المؤسسة العربیة للدراسات و النشر دار الفارس للنشر و التوزی -1

. 70، ص 2001، 1ط

65

على األرجح ) و غيرهم و أغلب هذه الشخصيات ، 185) ورابعة العدوية (ت 181لدينية التي ترغب اإلنسان في اإلقبال على اهللا و تزهده في الدنيا كانت تنشد األشعار ا

وتحثه على االستمساك بحميد األخالق ، ومن أئمة الدين و الزهد ، ممن لهم باع طويلة هـ ) ، رضي اهللا عنه . ومن الشعراء البارزين ، 204في الشعر، اإلمام الشافعي ( ت

الذي يدور أكثر شعره في فلك الزهد و الوعظ ) الشاعر العباسي 211أبو العتاهية (تالديني . ولقد أسهم هؤالء جميعا و أمثالهم في صياغة مالمح الشعر الديني فنيا وموضوعيا ، ربما رغبة منهم في جلب أنظار الناس إلى ما هم فيه من إدبار عن اآلخرة

.1و إقبال محموم على الدنيا"يمكن إرجاع تاريخها إلى –حسب ما تقدم – نشأة شعر الزهد في الوطن العربي

القرن الثاني الهجري أو أواخر القرن األول تبعا لتواريخ وفاة األعالم البارزين المذكورين وبالنظر إلى ظهور الزهد كمظاهر عملية كان منذ بعثة سيد األنام عليه الصالة و سالفا،لو بشكل بسيط قد ظهر في القرن فال بد أن قول الشعر الحامل لنفحات زهدية و ؛السالم

األول للهجرة ليكون القرن الثاني مرحلة التطور و االكتمال ، فظهر بذلك لون شعري جديد في الوطن العربي أطلق عليه اسم " الزهدية " .

قديمة وجدت مع وجود اإلنسان وقد كان التعبير عنها ومنذ – إذا –نزعة الزهد أقوال الحكماء من الشيوخ و ترددت على ألسنة بعض الشعراء الجاهلية عند العرب " في

في ثنايا قصائدهم وكانت تتميز بالسطحية وعدم العمق في الفكرة ، ولم يكتتب لهذا اللون واستمرت الحال هكذا ، من الشعر من المقومات و الخصائص ما يجعل منه فنا مستقال

مسلمين وقت ذاك من فتن و حتى جاء العصر األموي و للظروف التي جدت على الحتى أحداث جعلت البعض يفضل االعتكاف في بيته عن المشاركة في هذه األحداث

...) فقد ظهرت بذور الزهد األولى في العصر األموي نتيجة يقضي اهللا أمرا كان مفعوال (ماسبق و بفضل مجالس الوعظ التي كان يقف فيها الوعاظ يعظون و يذكرون بالموت و

وما يعقبه من بعث وحساب ، ومن دراستنا ألدب ذلك العصر وقفنا على تغلغل هذه أهواله ...) و لم وعات منتشرة بين أجزاء القصيدة (النزعة فيه و أنها كانت ال تتجاوز حد المقط

يظهر شعراء اختصوا بالقول في الزهد فقط ، و ما أن بدأ القرن الثاني الهجري إال و

. 71، 70، صص ابقس،المرجع الأمین یوسف عودة -1

66

وله ميدانه الذي يقوم على أصبح له خصائصه و مقوماتهتطور هذا الفن من الشعر ف .1التعبير عنه"

إذ أن قبله لم ؛يمكن بهذا تحديد تاريخ نشأة شعر الزهد بداية من القرن الثاني الهجري تشهد الحياة األدبية العربية وجود شعراء مختصين للقول في الزهد، وفي شعر التدين

ون عرف من ألوان الشعر الديني كان شعر الزهد ، بل و قد ذلك أن أول ل ؛عمومعلى ال أطلق اسم شعر الزهد على شعر التدين.

وقد كان لشعر الزهد مكانة عالية خالل العهد األموي ، حيث أصبح له شعراء منقطعون للقول فيه ، كما صارت شخصية شاعر الزهد شخصية مألوفة في الحياة

ه و ازدهاره في العصر العباسي ، نظرا ألسباب سياسية و الروحية ليصل إلى ذروة تطوراجتماعية وفكرية، يتصدرها ما كان يعيشه المجتمع من فوضى دينية و انتشار األفكار المتعلقة بالمذاهب والديانات األعجمية إلى جانب تيارات الزندقة واإللحاد ، كل هذا أدى

لتدين و التمسك بحبل اهللا تعالى هو إلى توجه الكثيرين نحو الحياة الروحية ليكون ا .2المالذنشأة شعر الزهد بالوطن العربي ، كانت مشرقية ،ظهرت بوادره خالل القرن الهجري

األول ولم تتضح معالمه إال خالل القرن الثاني الهجري، حيث عرف كفن له خصائصه.جدنا أن نشأة الزهد و ؛إذا انتقالنا إلى المغرب العربي بما فيه المغرب األوسطو

؛ذ حظي الدين الحنيف بترحيب كبيرإكتجربة وجدانية ارتبطت بالفتح اإلسالمي للمنطقة ، فقد تحمس أهل المنطقة للدين الجديد ، ومن هذا المنطلق سكان المغرب األوسط تأثروا

و بالوافدين الفاتحين من الصحابة و التابعين ، إلى جانب ميل أهل المنطقة إلى التدينبعدهم عن اللهو و المجون إذ " ليس في بالهم من الفواحش الظاهرة و تعاطي األمور

، هذا إلى جانب انتشار الرباطات 3المنكرة (...) والفسق الشنيع بكثير من المواضع " وهي هيئة ذات بعد ديني عسكري ، و قد أسهمت في انتشار الزهد نظرا لدعمها للحياة

كن اإلشارة هنا إلى تأثير أهل المغرب بإخوانهم بالمشرق نظرا الروحية للسكان، كما يمللصلة الوثيقة بين الشعبين، مع وجود حركة علمية كبيرة سمحت باألخذ و العطاء ، ومن

10، 9، صص 1984عبد الستار السید متولي ، أدب الزھد في العصر العباسي نشأتھ و تطوره و أشھر رجالھ ، الھیئة المصریة العامة للكتاب ، - 1

. 11، 10، صص ابقس، المرجع العبد الستار السید متولي ینظر : -2 . 230، ص 1991جاد الرب إبراھیم الدسوقي ، شعر المغرب حتى خالفة المعز ، دار الثقافة للنشر و التوزیع ، -3

67

المميزات البارزة لسكان المغرب العربي أنهم كانوا شديدي االلتزام بتعاليم الدين ، أكثر .1على اللهو و المجون سخطاد تجربة إنسانية نفسية يعيشها من يحمل استعدادا نفسيا ، وهي ناتجة عن والزه

إرهاصات دينية و اقتصادية و اجتماعية و سياسية ، و عليه عاشها أهل المغرب كما عاشها أهل المشرق ، "فمنذ البدء شهدت مدينة القيروان ، ككل المدن العربية األولى

دة ، ففي الوقت الذي كان فيه حسن البصري (البصرة والكوفة) حركات تزهد ونسك عديم ) ، وهو الذي يعد رائد التصوف، ينزع في سلوكه إلى 720 -هـ 110(المتوفي عام

حياة روحية خالصة ، ويتخذ من الطقس الديني طريقة معرفة و كشف نجد في القيروان بة من صوف م ) يوفلفي التبتل ، البسا ج 717هـ 107إسماعيل بن عبيد (المتوفي عام

م ) يهرب من 727 -هـ 127... ونجد أبا محمد خالد بن عمر التجيبى(المتوفي عام ؛ حيث شهد 2. هؤالء الزهاد و النساك انتشروا في إفريقية منذ الفتح "الثروة والقضاء ..

المغرب األوسط أيضا بداية من القرن الثاني إلى القرن الخامس للهجرة / الثامن إلى الميالدي، حركة زهدية برزت مالمحها األولى في سياق الفتوحات الحادي عشر

3اإلسالمية لبالد المغرب".من النشأة إلى االكتمال؛ بمرحلتين –وإذا كان شعر الزهد في المشرق مر في نشأته

ليه المراجع إحسب ما أشارت –فإنه بالمغرب العربي لم يشهد مرحلة الظهور و النشأة احدة ، واألرجح أن سبب هذا هو تأثر شعراء المغرب بشعر الزهد في بل ظهر دفعة و

المشرق، يضاف إلى ذلك أثر الدين الواضح في حياة المغاربة إذ كما ذكرنا سالفا عند عرضنا للحياة السياسية االجتماعية و الفكرية ، فقد كان الحكام في المنطقة يولون اهتماما

بغة الدينية تميز الوسط الفكري و الثقافي و بالتالي كبيرا للدين، فمنذ البدء كانت الصاألدبي في بقعة من الوطن العربي حضارتها استمدت من اإلسالم : إذ أن الفتح اإلسالمي

.للمنطقة كان بمثابة كتابة تاريخ ميالد جديد لها فقد طغى الزهد على أشعار أهل المغرب معبرين عن مواجيدهم ، وقد كثر من هنا؛ و

الزهاد و النساك، "ومن حولهم العامة ، وقد صدقت كثرتهم ربها مخافة وعيده ، مؤمنة بأن القيامة موعدها وموقفها مع ذي الجالل و أن العمر و إن طال قصير وأن الدنيا ينبغي

.147،ص 1966، 2ینظر : عبد هللا شریط ، أبو القاسم محمد كرو ، شخصیات أدبیة من المشرق و المغرب ، منشورات دار مكتبة الحیاة ، بیروت ط -1

.43،ص 1986/ 40، الحركة الصوفیة في القیروان من القرن الثاني إلى القرن الرابع مجلة الحیاة الثقافیة ، وزارة الشؤون الثقافیة تونس عددمحمد الغزي -2 . 47المیالدیین ( م س ) ، ص 13و 12الھجریین / 7و 6الطاھر بونابي ، التصوف في الجزائر خالل القرنین -3

68

و أن العاقل من عرف أن الناس سفر و عما قليل أن تكون دار زاد لدار المعاد (...)تجلت في ، وهكذا حياة سكان المغرب 1مستديم و إما نعيم مقيم " راحلون فإما عذاب

شعرهم ، "ويبدو أن الذي قال في أهل المغرب األبيات التالية قد وصفهم أصدق وصف على هذا العهد ، قال :

فهم هللا قوام أبو أن يرقدوا ليال صوامأبو أن يفطروا دهرا فهم هللا

فهم هللا خداميخدموا الدنيا أبو أننجد نقول هذا ألن األشعار التي بين أيدينا لهذه الفترة بما في ذلك التي قيلت في الغزل ال

فيها عبارات نابية عن الذوق السليم و األخالق الرفيعة ، حتى ليعتقد المرء حقا أن هؤالء 2هم الذي يحيونه ".زاهدون في كل شيء بما في ذلك وجود

انتشر تيار الزهد في المغرب العربي عموما بعد الفتح لألسباب المذكورة سالفا و كما ورد كان ذلك بداية من القرن الثاني إلى الثالث الهجري و طغى الزهد على الشعر ، "وقد

ثال ه بل يرى في البعض مم3مثل هذه الرؤية بوضوح الشاعر التيهرتي ( بكر بن حامد )للفترة التي عاشها المغرب العربي كله ، وهو ما برر التسمية التي أطلقت عليه في بعض األوقات أي ( شاعر إفريقيا ) يزيد ذلك تأكيدا أن بكرا بن حماد في حياته و فكره و تنقله و عالقاته جسد انتماءه األكبر للمغرب العربي اإلسالمي مثلما جسد انتماءه للوطن العربي

، لذا يمكن أن نرجع نشأة شعر الزهد في الجزائر بهذا الشاعر ، فقد 4العالم اإلسالمي" و ؛"عرف بكر بن حامد بشاعر الزهد حتى إننا ال نغالي إن اطلقنا عليه أبا عتاهية الجزائر

إذ ال نعرف شاعرا برع في هذا النوع األدبي في بالد المغرب كلها ، على عهده على ه هو ؛ و إن كنا لنحسب أنه يعد أيضا من أكابر شعراء القرن الثالث األقل مثل براعت

، و كنا قد أشرنا في حديثنا 5للهجرة كله في أقطار المغرب . إن لم يكن أكبرهم إطالقا "عن نشأة الشعر الديني أن بداياته كانت زهدية ارتبطت بأول دولة جزائرية إسالمية هي

حماد الذي " يغلب على شعره الوعظ و الزهد الذي هو الدولة الرستمية وشاعرها بكر بن

. 399دتط) ، ص ، ( 6، ط 3العربي ، العصر العباسي األول ، دار المعارف بمصر ، ج شوقي ضیف ، تاریخ األدب. - 1

ھـ ) دیوان المطبوعات الجامعیة 230-ھـ 30العربي دحو ، الشعر المغربي من الفتح اإلسالمي إلى نھایة اإلمارات األغلبیة و الرستمیة و اإلدریسیة ( -2 . 60، ( د ط ) ، ص 1994الجزائر ،

ھـ نشأ في الدولة الرستمیة في الجزائر ، و جال 296ھـ و المتوفي سنة 200ھوأبو عبد الرحمان بكر بن حماد بن سھل الزناتي التاھرتي المولود سنة -3 . 80المشرق و المغرب طالب للعلم ( ینظر : مختار حبار ، الخطاب األدبي في الجزائر دراسة بیبلیوغرافیا ( م س ) ، ص

،. 49بن قینة ، أدب المغرب العربي قدیما ، ( م س ) ، ص عمر -4 . 65، ص 2009عبد المالك مرتاض ، األدب الجزائري القدیم ، دراسة في الجذور ، دار ھومة للطباعة و النشر و التوزیع ، ( د ط ) الجزائر ، -5

69

، ومن شعره في االعتبار بالنظر 1من الجودة بمكان مع وضوح المعنى و لطفه ورقته" إلى القبور قوله :

زرنا منازل قوم لن يزورونا انا لفي غفلة عما يقاسون رجو المقيمونالو ينطقون لقالوا الزاد ويحكم حل الرحيل فما ي

الموت أجحف بالدنيا فخربها و فعلنا فعل قوم ال يموتونا 2فاآلن فابكوا فقد حق البكاء لكم فالحاملون لعرش اهللا باكونا

نخلص هنا إلى أن نشأة شعر الزهد في المغرب األوسط مرتبطة بنشأة الزهد ذاته ، و يمكن أن نرجعه إبداعا إلى بكر بن حماد خالل القرنين الثاني و الثالث الهجريين

شاعر الدولة الرستمية هذا الشاعر الجزائري الذي عد من قبل جملة من المصادر و المراجع أبرز رواد األدب الجزائري ، وقد طبع شعره بالصبغة الدينية ، فكان أغلب

ديم فماذا عن شعره زهدا ووعظا ، هذا عن نشأة شعر الزهد في األدب الجزائري الق مضامينه في القرون المعنية بالدراسة ؟

ن السابع و الثامن و التاسع الهجرية:ومضامين شعر الزهد في القر –ثالثاإذا كان الزهد هو البعد من مالذ الدنيا ، و الميل إلى التقشف ، وهو ما ميز المغرب

الصبغة الدينية قد طغت أيضا فإن ؛األوسط و المغرب العربي عموما بعد الفتح اإلسالمي على الشعر في هذه المنطقة انطالقا من القرن الثاني إلى الثالث الهجري ، و قد كانت مضامينه خالل قرون متقدمة للدولة اإلسالمية في الجزائر مماثلة لتلك المسجلة في

؛مشرقها التي عالجتها الزهدية بالالمشرق، فالزهدية المغربية قد عالجت المضامين نفسفقد قامت على اإلكثار من الترهيب و الترغيب ، و اإلكثار من ذكر الموت وهول القبر ، والتحلي باألخالق الفاضلة و البعد عن الكبرياء ، وقد خالط شعر الجزائر القديم منذ قرون متقدمة الزهد ، وقد اشتهر في هذا بكر بن حماد التيهرتي ، لكن مع تعاقب القرون حدث

التطور من الزهد إلى التصوف، و خاصة بداية من القرن الرابع إلى الخامس نوع من الهجري لتكون القرون الموالية انطالقا من القرن السابع الهجري قرون تصوف ، ولنا

عودة لهذا الحقا.

.30النصوص أوإرشاد الحائر إلى أثار أدباء الجزائر ، ( م س ) ، ص محمد بن رمضان شاوش و الغوثي بن حمدان ، االدب العربي الجزائري عبر -1

لبعث للطباعة سلیمان الباروني ، األزھار الریاضیة في أئمة و ملوك اإلباضیة ، القسم الثاني ، تح أحمد كروم ، عمر بازین ، مصطفى بن دریسو ، دار ا -2 .94م ، ص 2002، 3، الجزائر ، ط النشر قسنطینة و

70

كانت السمة الغالبة على الشعر ؛ في القرون السابع ، الثامن ، و التاسع الهجرية ، و هذا ال ينفي وجود نماذج شعرية زهدية عبرت عن مضامين هذا الجزائري التصوف

اللون من الفن األدبي ، وبعد تصفحنا لجملة من المصادر و المراجع وجدناها تتمحور حول الدعوة إلى االعتبار بالموت و ذكر القبور و الحث على القناعة بالقليل والصبر على

مالحظ أن هذه المضامين حتى في هذه الفترة مصائب الدهر، مع التوكل على اهللا ، و الشبيهة بتلك المسجلة في المشرق و األندلس ، بالنظر للتبادل الفكري و الثقافي ؛المتأخرة

وكثرة الرحالت العلمية بين المغرب من جهة و المشرق و األندلس من جهة أخرى.د العارف الكبير وقد وعن الفقر و االنكسار هللا نورد أبياتا ألبي مدين شعيب الزاه

توفي أواخر القرن السادس الهجري و قد ذكرنا سبب إدراج أدب هذا العلم في دراستنا سالفا ، ومن قوله في الدعوة إلى الفقر و التواضع هذه األبيات ( من البسيط ) :

ش إال صيالذة العا مة الفقربح الس و ينالطالس ماهرادات و األم همالسجفي م بم و تأدهبحا فاصرو وكمما قدهم 1وخل حظك

وعن ترك بني الدنيا و االبتعاد عنهم يقول الزاهد الصوفي ابن خميس : .2اترك بني الدنيا ، وأعرض عنهم فعساك تطعم لذة اإلثالج

القرن السابع دائما محمد بن أبي زيد الخزرجي و الذي يقول في ومن شعراء مضمون آخر من مضامين شعر الزهد في هذه الفترة وهو القناعة :

قنعت بما رزقت فلست أسعى لدار أبي فالن أو فالن و أثرت المقام بكسر بيتي فال أحد أراه أو يراني

معين في المعارف أو معانر قى خليال غير صبو ال أل 3و إن لم آته سعيا أتاني د أيقنت أن الرزق آت و قو في القناعة و الصبر نورد أبياتا ألحد شعراء القرن السابع دائما ( نزيل تلمسان)

أ مولدا و منش محمد بن خطاب المرسي وهو أبو بكر محمد بن عبد اهللا بن خطاب المرسي هـ في القناعة مايلي :( لكامل) 681التلمساني دارا ، كان شاعرا مجيدا توفي سنة

و إذا دهتك مصيبة فتصبرتيته تنل الغنى اقنع بما أو واعلم بأن الرزق مقسوم فلو رمنا زيادة ذرة لم نقدر

. 143محمد الطاھر عالوي ، العالم الرباني سیدي أبو مدین شعیب ، ( م س ) ، ص -1

. 252طاھر توات ، ابن خمیس حیاتھ و شعره ، ( م س) ، ص -2 212، 211محمد بن رمضان شاوش و الغوثي بن حمدان بن حمدان ، ( م س ) ، ص -3

71

عش عيش الكرام و تؤجرواهللا أرحم بالعباد فال تسل أحدا ت وإذا سخطت لبؤس حالك مرة ورأيت نفسك أذنبت فاستغفر

1و انظر إلى من دون حالك تذكر عظيم نعمته عليك و تشكروقد كان بارع الخط حسن ، وهذا محمد بن الحسن التميمي القلعي الذي نشأ بالجزائر

في الوعظ و الزهد في الدنيا : (البسيط ) ، يقول 2ه 673الشعر، توفي سنة فمهد العذر ليس العين كاألثر الخبر أصدق في المرأى من الخبر فكل شيء على حد إلى قدر واعمل ألخرى و ال تبخل بمكرمة إن الزمان إذا فكرت ذو غير و خل عن زمن تخشى عواقبه

سالمته يغتاله الموت بين الورد و الصدرو كل حي و إن طالت و ال تقل : ليتني منه على حذر هو الحمام فال تبعد زيارته 3لم يخلص الصفو إال شيب بالكدر ياويح من غره دهر فسربه

و لنتأمل أيضا في القناعة دائما هذين البيتين : فكيف أخاف فقرا أو إضاعة لي بضاعة جعلت كتاب ربي

4وهل شيء اعز من القناعة و أعدد القناعة رأس مالي و البيتان لشاعر من شعراء القرن السابع هو أبو عبد اهللا محمد بن صالح بن أحمد الكناني

. 5ه 614من أهل شاطبة ، رحل إلى العدوة و استوطن بجاية ، ولد سنةفإننا نجد الشعراء في زهدهم يجعلون من ؛إذا ألقينا نظرة على ما قدمناه من مضامين

مع نبذ الدنيا و التذكير بالموت ،هذا في القرن السابع ؛ القناعة أساسا في أشعارهم الهجري، أما في القرن الثامن ، فهذا أحد علماء العهد الزياني البارزين وهو أبو زكرياء

محمد بن خلدون التونسي النشأة التلمساني الدار، وهو شقيق عبد الرحمان بن يحي بن، يقول في الوعظ و التذكير 6ه 780و 745خلدون صاحب "المقدمة" و قد عاش بين

الكامل)من ( بمآل كل حي: يمضي الزمان فكل فان ذاهب إال جميل الذكر فهو الباقي

. 221، ص ھسالمرجع نف -1

. 214، ص ھسنفینظر : المرجع -2 .35الغبریني ، عنوان الدرایة ، ( م س ) ، ص -3

40المصدر نفسھ ، ص - 4 . ینظر ، المصدر نفسھ ، الصفحة نفسھا -5

. 270ینظر : محمد بن رمضان شاوش ، و الغوثي بن حمدان ، ( م س ) ، ص - 6

72

1ذا ك الحفل إال الذكر في األوراق ى بعدلم يبق من إيوان كسر إلى أن يقول :

2رجع التراب إلى التراب بما اقتضت في كل خلق حكمة الخالقو دائما مع شعراء القرن الثامن الهجري ، محمد بن مرزوق الخطيب التلمساني ، وقد

تعالى و الصبر: (المتقارب ) يقول في التضرع إلى اهللا –ورد التعريف به سابقا رفعت أموري لباري النسم وموجدنا بعد سبق العدم

ومنشي العظام ومحي الرمم مميت الخالئق بعد الحياة 3و جامعنا في بساط النشور وسائلنا يوم حشر األمم

عر محمد بن أبي جمعة التاللسي ومن أعالم القرن الثامن الهجري الطبيب و الشا ه ، وقد كان طبيب أبي 767ه و 760التلمساني الدار كان على قيد الحياة بين سنتي

، كان له من الشعر الحسن خاصة في مدح المصطفى عليه السالم، 4حمو موسى الزيانيدح وله قصيدة تشمل اتعظا بالمشيب مع دعاء و استغفار و مدح الرسول الكريم و كذا م

المتقارب )طف ماله صلة بالزهد فيما يلي: (السلطان أبي حمو موسى ، ومما جاء فيها نقت ترى هل يرد الصبا بالوسائل فدمعي مذبان هام وسائل

وهل لزمان مضى من رجعة كعدي به أترى الدهر فاعل 5عنك راحل بدأ الشيب في مفرقي قادما فقال السلو أنا

شعر الزهد في القرن الثامن الهجري تمحور حول الندم على ما مضى ، وطلب الغفران من اهللا تعالى، وهذا أحمد بن قنفد القسنطيني يقول في الندم على ما مضى من

الوافر)من ( العمر: مضت ستون عاما من وجودي وما أمسكت عن لعب و لهو

ل إحدى وثامنة على كسل و سهووقد أصبحت يوم حلو 6فكم البن الخطيب من الخطايا وفضل اهللا يشمله بعفو

وإذا عرجنا على القرن التاسع الهجري نجد فيه بعض األسماء لشعراء الشعر الديني، األدبي وإن كان في هذا القرن التاسع بدأ يحدث نوع من التراجع على المستوى الثقافي و

. 247، ص ھسلمرجع نفا -1

2-نفسھ الصفحة نفسھا .280وثي بن حمدان ، ( م س )، ص محمد بن رمضان شاوش ، و الغ 3

. 292نفسھ ، ص -4 . 294، ص ھسلمرجع نفا - 5

. 327المرجع نفسھ ، ص -6

73

ائر إلى في كتاب " األدب العربي الجزائري عبر النصوص أو إرشاد الح حسب ماورد: " وبعد طيلة قرنين كاملين من هذا االزدهار الثقافي و وقد جاء فيهآثار أدباء الجزائر،

، بدأ الوضع اءهما متينة القوى، نافذة الرأيالعلمي واألدبي حيث كانت السلطة السياسية أثن) ، فإنه م 15في القرن التاسع الهجري ( ق شيئا فشيئا في القرن الموالي لهما أي يتدهور

والزيانيين و بدأ تطاحن مرير بين أهالي السلطة و األقاليم الثالثة أي بين المرينيينالحفصيين ثم من جهة أخرى كانت كل واحدة من هذه العائالت في خصومة داخلية

، وتدهور األمن ، وسادت الفوضى بين أفراد مجتمع هذا مستمرة على أخد الملك ، (...)القرن حتى احتل األجانب بعض ثغور المغرب العربي و أصبح هؤالء األجانب يتدخلون في شؤون األقاليم الثالثة (...) و لقد كان لهذا التدهور السياسي انعكاس على اإلنتاج

العزلة و التصوف ، ألن في هذا ...) ومنهم من اختارلماء من هاجر (الثقافي ، فمن العالقرن بدأت الزوايا تنتشر(...) وال نجد أثناء هذا القرن التاسع الهجري إال شاعرين

...) و باختصار ، فإن األدب أثناء بقسنطينة (2بتلمسان ، والخلوف 1بارزين هما الحوضي .3نين المتقدمين "هذا القرن ، قد انحط من المنزلة العالية التي سما إليها سابقا في القر

و يمكننا أن نضيف إلى كل من " الحوضي " و "ابن الخلوف " من شعراء القرن التاسع "عبد الرحمان الثعالبي" ، و " إبراهيم التازي " و قد سبقت ترجمتهما في عرضنا ألبرز أعالم الشعر الديني ، وهما من شعراء التصوف البارزين، وقد قاال أيضا في الزهد

من ذلك قول " إبراهيم التازي " في ذم الدنيا :، و نال الكرامة و السعادة و الغنى لتقى وعلى الدنا يا صاح من رزق ا

فاصرف هوى دنياك و اصرم حبلها دار الباليا و الرزايا و العنا عونة طوبى لمن عنها انثنىمل طايا كلها رأس الخ وودادها

4التغترر بغرورها فمتاعها عرض معد للزوال و للفنا ، فله في ذكر الموت ، و النقد الذاتي قصيدة اختار لها بحر "أما "عبد الرحمن الثعالبي

المتقارب) ، نقتطف منها بيتين يقول فيهما :من ( بساعات عمري بزيد ، و عمرو وقيل ، وقال –ي لعمر –قطعت

م ) ، ینظر : 1505ھـ ( 910ھو محمد بن عبد الرحمان الحوضي أبو عبد هللا ولد و نشأ بتلمسان ، تفوق في األصول وفي األدب كانت وفاتھ سنة -1

. 150) ، ( م س ) ، ص 2ة السوسان في التعریف بحضارة تلمسان عاصمة دولة بني زیان ، ( ج محمد بن رمضان شاوش ، باق 2-وردت ترجمتھ سالفا تحت اسم " ابن الخلوف القسنطیني" .

. 189، 188محمد بن رمضان شاوش و الغوثي بن حمدان ، إرشاد الحائر إلى آثار أدباء الجزائر ( م س ) صص -3 . 220، ( م س ) ، ص 2م الفكر و الثقافة في الجزائر المحروسة ، ج یحي بوعزیز ، أعال -4

74

1فيا صاح مهال ، أأسلك جهال واتبع غيا ، سبيل الضاللنكتفي بهذين النموذجين من القرن التاسع ، بالنظر إلى قلة ما عثرنا عليه من نتاج شعري

ن بالمصادر التي بين أيدينا تفسير هذا ما ذكرناه سالفا عن الحالة التي بدأ في هذا القر يؤول إليها األدب انطالقا من هذه الفترة .

ونخلص أخيرا إلى أن مضامين شعر الزهد في األدب الجزائري القديم خالل القرون ن الزهاد ، مع السابع ، الثامن ، و التاسع الهجرية شبيهة بما تناوله شعراء المشرق م

كثرة ذكر الموت في أدبنا الجزائري، وحسب ما أوردناه من نماذج تتمثل في : الفقر و االنكسار هللا تعالى و القناعة و الصبر ، و الوعظ و الزهد في الدنيا ، و التذكير بالموت ،

م التضرع إلى اهللا تعالى و طلب الغفران بعد الندم على ما مضى ، و يغلب على كل هذا ذخرة ، وسط مشاعر قوية من الخوف الدنيا الفانية و الدعوة إلى السعي لتحقيق الفوز باآل

الرجاء.وهذا عن شعر الزهد و قد ابتدأنا به حديثنا عن موضوعات الشعر الديني في األدب

لنتطرق بعدها إلى ؛تاريخية للشعر الديني كانت زهديةنطالقة الالجزائري القديم لكون االبل وليس التصوف سوى صورة متطورة للزهد ، ؛التصوف لصلته الوثيقة بالزهد شعر

ونختم الموضوعات بالمديح النبوي ليكون الختام مسكا ، ثم لصلة المدائح النبوية وكما كانت السيرورة التاريخية من زهد إلى ، تصوف ، وهو ما سنعود إليه الحقا بال

الجزائري القديم وهو أحد الموضوعات التي تصوف ، ننتقل إلى شعر التصوف في األدبفكان بحق ؛خاصة في الفترة المعنية بالدراسةعرفت انتشارا كبيرا بأوساط أدباء الجزائر

محورا أساسيا ميز الشعر الديني. ـوفالثاني : شعــر التصـ المبحث

لتصوف بدوره إذا كان الزهد ارتبط بالتقشف ونبذ الدنيا ، والتفكير في اآلخرة ؛ فإن ا يجسد حياة التبتل و التمسك بالفقر ، و التصوف يشغل حيزا كبيرا من الحياة في الوطن العربي بشقيه المشرقي و المغربي ، ومكتبة التراث اإلسالمي خير دليل على ذلك ، إذ تزخر بمصادر غاية األهمية نذكر : كتاب " اللمع " ألبي نصر السراج الطوسي ( توفي

ه ) ، و " طبقات 465ه ) ، وكشف المحجوب " للهجوري (توفي سنة 378سنة ه ) ، و " الرسالة القشيرية" ألبي القاسم القشيري ( 412الصوفية للسلمي" ( توفي سنة

. 64عبد الرزاق قسوم ، عبد الرحمان الثعالبي و التصوف ، ( م س ) ، ص -1

75

) 465توفي سنة ، يضاف إلى ذلك" التعرف لمذهب أهل التصوف " ألبي بكر 1هل التصوف " البن الزيات ( توفي ه ) ، و" التشوف إلى رجا 380الكالباذي ( توفي سنة

ه ) ، وغيرها مما تزخربه المكتبة الصوفية كلها تدور في التعريف بالتصوف 627سنة و أهله و أحوالهم ومقاماتهم ، وهي نقطة البدء في تناولنا لموضوع الشعر الصوفي في

من البحث القرون السابع ، الثامن و التاسع الهجرية في المغرب األوسط ، و عليه البد في معنى التصوف ، والوقوف عند صلته بالزهد .

مفهوم التصوف وصلته بالزهد : –أوال تستوقف الدارس جملة من اآلراء المتضاربة حول اشتقاق لفظي "صوفي" و"تصوف"

إلى جانب تعاريف عديدة في محاولة لالقتراب من حقيقة التصوف ، و ألخذ جانب من التعريف اللغوي للتصوف ، فالتعريف االصطالحي. هذه الحيثيات نقف مع

ـة :التصـوف لغـ – 1ليس هناك رأي موحد يحدد أصل كلمة " تصوف" ، بل اختلفت اآلراء ، إذ أرجعها

البعض إلى لبس الصوف أي ربطها بالمظهر الخارجي للصوفي ، فيما يذهب رأي آخر النفس و صفائها فربطت بكلمتي "صفاء" إلى نسبتها إلى ما يختلج في الدواخل من نقاء

، في حين رد آخرون نسبة لفظ " تصوف " إلى أصل إغريقي. 2و"صفة"وفي هذا يشير زكي مبارك 3فالرأي األول يقول " إنما سموا صوفية للبسهم الصوف "

وا في كتابه " التصوف اإلسالمي في األدب و األخالق " إلى أنه قد " يكون الصوفية لبس صلى اهللا عليه وسلم . 4الصوف أول األمر ،ليصلح لهم االقتداء بتواضع الرسول"

و لبس الصوف يشير إلى الملبس الخشن و لهذا صلة باالنقطاع عن الدنيا و البعد عن ، ولهذا الرأي كثير 5لعالقة ذلك بالزهد" ؛مالذها ، فقد " نسب الصوفي إلى لبس الصوف

م ) الذي يقول :"و األظهر إن 808–ه 732دمة ابن خلدون ( من المؤيدين كصاحب المققيل باالشتقاق أنه من الصوف، وهم في الغالب مختصون بلبسه، لما كانوا عليه من

غداد ، مطبعة السعادةینظر أبو نصر السراج الطوسي ، اللمع ، تح : عبد الحلیم محمود وطھ عبد الباقي سرور ، دار الكتب الحدیثة بمصر ومكتبة المثنى بب -1

. 7، ص 1960( د ط ) ، لحمید فتاحالصفة : موقع مضلل بمسجد رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ، و كان جماعة من فقراء المسلمین یأكلون و یبیتون فیھ ( ینظر : عرفان عبد ا -2

. 123م ، ص 1993، 1نشأة الفلسفة الصوفیة و تطورھا ، دار الجیل ، بیروت ، ط . 21م ص 2004، 1أبوبكر الكالباذي ، التعریف لمذھب أھل التصوف ، تح : عبد الحلیم محمود ، مكتبة الثقافة الدینیة ، القاھرة ، ط -3

. 45، (د ت ط )، ص 1/2زكي مبارك ، التصوف اإلسالمي في األدب و األخالق ، منشورات المكتبة العصریة للطباعة و النشر صیدا ، بیروت ، ج -4 . 24، ص 1986عدنان حسین العوادي ، الشعر الصوفي ، دار الشؤون الثقافیة العامة ، العراق ، ( د ط ) ، - 5

76

، ومع هذا نجد بعض المعارضين 1مخالفة الناس في لبس فاخر الثياب إلى لبس الصوف "الخارجي أي إلى الملبس ، ونلمس ذلك لهذا االشتقاق ، فأبعدوا نسبة هذا اللفظ إلى المظهر

في قول الشاعر: قدما ظنوه مشتقا من الصوف تنازع الناس في الصوفي واختلفوا

3صفا فصوفي حتى لقب "الصوفي" هذا االسم غير فتى 2ولست أنحلاء " ، وهو رأي الفريق الثاني الذي نسب لفظ " صوفي " إلى و هي إشارة إلى " الصف

صفاء السريرة ، و في ذلك يقول أبو عبد اهللا الطوبي : ليس التصوف لبس الصوف ترقعه وال بكاءك إن غنى المغنونا

ال تغاش كأن قد صرت مجنوناو ال صياح وال رقص و ال طرب و بل التصوف أن تصفو بال كدر و تتبع القرآن و الحق و الدينا

4وأن ترى خائفا هللا ذا ندم على ذنوبك طول الدهر محزوناليه " الكالباذي في كتابه " التعرف لمذهب أهل التصوف " ، في وهذا األمر أشار إ

، إذ 5قوله: " قالت طائفة : إنما سميت الصوفية صوفية لصفاء أسرارها و نقاء آثارها" أن "جمهور الصوفية يذهبون إلى القول بأن لفظ صوفي مشتق من الصفاء ، و أن

. 6بهم من أكدار هذه الدنيا " الصوفي هو أحد خاصة أهل اهللا الذين طهر اهللا قلوو قريب من هذا المعنى ، نسبة لفظ " الصوفي " إلى كلمة " الصف " "فكأن الصوفية

، في حين ينسب البعض 7في الصف األول بقلوبهم من حيث المحاضرة من اهللا تعالى " . 8هذا اللفظ إلى صفة مسجد نبينا الكريم صلى اهللا عليه وسلم

هذا الرأي الثاني أكثر قربا من حقيقة التصوف لكن هناك آراء أخرى منها وكما يبدو الذي يبعد لفظ "صوفي" عن األصل العربي اإلسالمي ، إذ نسب إلى كلمة"سوفيا" في

سوفيا" اليونانية معناها الحكمة،وانطالقا من هذه الكلمة أطلق على الفيلسوف اسم" فيال

. 404عبد الرحمان بن خلدون ، المقدمة ، ( م س ) ، ص -1

: ھو إعطاؤك االنسان بال استعاضة ، و قد عمم بھ بعضھم جمیع أنواع العطاء ل بالضم ، و یقال نحلھ و انحلھ إیاه ، ( ینظر : ابن منظور ، أنحل : التنح -2 . 74، ص 1997، 14لسان العرب ، دار إحیاء التراث العربي ، مؤسسة التاریخ العربي ، ج

. 34، نقال عن : عدنان حسین العوادي ، الشعر الصوفي ، ص 35، 34/ 1حیدر آباد ، –البیروني ، تحقیق ما للھند من مقولة -3 . 209م ، ص 1992، 3، ط 4مر فروخ ، تاریخ األدب العربي ، دار العلم للمالیین ، بیروت ، لبنان ، ج ع -4 . 24أبو بكر الكالباذي ، التعرف لمذھب أھل التصوف ، ( م س ) ، ص -5 . 329م ، ص 1972( د ط ) ، درویش الجندي ، الرمزیة في األدب العربي ، دار نھضة مصر للطبع و النشر الفجالة ، القاھرة ، -6 و التوزیععبد الكریم القشیري ، الرسالة القشیریة في علم التصوف ، تح : معروف رزیق و علي عبد الحمید أبو الخیر ، دار الخیر للطباعة و النشر -7

. 279م ، ص 1995، 2دمشق ، بیروت ، ط . ینظر : المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا -8

77

ي غير صحيح حسب بعض اآلراء ، بكون"سوفيا" ، وهو رأ1"إشارة إلى " محب الحكمة .2تعني الحكمة، لكن في مجال الطب

إلى جانب هذه اآلراء يذهب البعض إلى أن أصل الكلمة يعود إلى " أصول هندية وإيرانية وهيلينية ويهودية ومسيحية و تبين بالدراسة ...أن التصوف ... أصوله

.3إسالمية"لهذه اآلراء إلى قول جامع بين المظهر و الجوهر ليحيلنا ويمكن أن نخلص بعد عرضنا

إلى التعريف االصطالحي للتصوف انطالقا من مصدر لفظ " صوفي" ، فالصوفي هو " من لبس الصوف على الصفاء ، و أطعم الهوى ذوق الجفاء ، و كانت الدنيا منه على

يكفي ؛ بل حتى " إذا ، أي أن لبس الصوف وحده ال 4القفاء ، و سلك منهاج المصطفى "صحت نسبة الصوفي إلى مادة الصوف من حيث المبنى اللغوي فإن البس هذه المادة ال يكون صوفيا حتى يتخلق بأخالق األنبياء عليهم السالم أو األولياء و الصالحين في المظهر

، ومن هذا المنطلق نعرج على التعريف االصطالحي للتصوف . 5والمخبر" الحا:اصطــالتصـــوف – 2

تعددت اآلراء في تحديد المصدر اللغوي للفظ " صوفي " و الشأن نفسه في حال البحث عن العريف االصطالحي ذلك أن " التصوف ال يستقر له تعريف ، فهو معقود

فقد تولد زخم هائل 6بآراء المفكرين ، و األدباء ، و الفالسفة ، و الدينيين و الالدينيين "تبعا لتعدد الرؤى ، و هذا ابن خلدون يقول في مقدمته عن علم التصوف : " من التعاريف

هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة ، و أصله أن طريقة هؤالء القوم لم تزل عند سلف األمة و كبارها من الصحابة و التابعين ومن بعدهم طريقة الحق و الهداية ، و

و االنقطاع إلى اهللا تعالى ، و اإلعراض عن زخرف الدنيا و أصلها العكوف على العبادة زينتها ، و الزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه ، و اإلنفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة، وكان ذلك عاما في الصحابة و السلف ، فلما فشا اإلقبال على الدنيا في

. 121عبد الحمید فتاح ، نشأة الفلسفة الصوفیة و تطور ، ( م س ) ، ص ینظر : عرفان -1

. 232م ، ص 1997ینظر : علي صبح ، اآلدب اإلسالمي الصوفي ، المكتبة األزھریة للتراث ، ( د ط ) ، -2 . 05عبد المنعم الحفني ، المعجم الصوفي ، ( م س ) ، ص -3 . 25ھل التصوف ، ( م س ) ، ص أبو بكر الكالباذي ، التعرف لمدھب أ -4 . 21، ص 1997، 1محمد بن عبد الكریم الجزائري ، التصوف في میزان اإلسالم ، دار ھومة للطباعة و النشر و التوزیع ، الجزائر ، ط -5 معھد األدب و اللغة العربیة ) ، أطروحة دكتوراه مخطوطة ، 1990 – 1960عمر بوقرورة ، االغتراب في الشعر اإلسالمي المغاربي المعاصر ( -6

. 374، ص 1994/ 1993جامعة قسنطینة اسنة

78

إلى مخالطـة الدنيـا ، اختـص المقبلــون القرن الثاني وما بعده ، وجنح النــاس . 1على العبـادة باسم الصوفيــة و المتصوفة"

ه) إلى 840كما يشير محي الدين بن عربي وهو من أقطاب التصوف ( توفي حوالي أن التصوف سمو أخالقي في قوله :" قال أهل طريق اهللا التصوف خلق فمن زاد عليك

، و يظل التصوف " فلسفة حياة تهدف إلى الترقي 2وف"في الخلق زاد عليك في التصبالنفس أخالقيا و تتحقق بواسطة رياضات عملية معينة تؤدي إلى الشعور في بعض األحيان بالفناء في الحقيقة األسمى، و العرفان بها ذوقا ال عقال وثمرتها السعادة الروحية

" لعسير تحديد مفهوم التصوف" ، و من ا3و يصعب التعبير عنها بألفاظ اللغة العادية، وما كان له صلة بالروح ال يمكن حده بتعريف ، وليس لنا إال 4روحية" فالتصوف نزعة

أن نقول بأن التصوف " تجربة ذاتية و ظاهرة باطنية روحية خاصة تتميز بالصدق و قوة و الجسد ، االنفعال واإلخالص في التوجه إلى اهللا ، و السعي الدائم للتحرر من أسر المادة

وإن كان السمو األخالقي ، وحب اهللا و الفناء فيه ، والمعرفة ، 5و التخلق بالفضائل"هي أسس واضحة للتصوف ؛الذوقية التي تبعد الصوفي عن المرئي لتأخذه إلى الالمرئي

وصدر في ذلك ؛ فإن التعاريف متشعبة ذلك أن كال استند في ذلك على"ما يوافق مشربه، .6ذوقه" عنيعيش تجربة وجدانية ، هي التجربة الصوفية و طبيعتها " تتمثل في – إذا –الصوفي

، فالتصوف يقوم بهذا على الحب اإللهي ، و قد قال أهل 7حب اهللا و االتصال بحكمته "التصوف أن " الطريق تقديم المجاهدة ومحو الصفات المذمومة ، وقطع العالئق كلها و

ة على اهللا تعالى ، [ ليكون بذلك ] اهللا هو المتولي لقلب عبده ، و التكفل هم 8اإلقبال بكنهله بتنويره بأنوار العلم ، و إذا تولى اهللا أمر القلب فاضت عليه الرحمة و أشرق النور في

.9القلب و انشرح الصدر و انكشف له سر الملكوت"

. 403عبد الرحمان بن خلدون ، المقدمة ، ( م س ) ، ص -1

. . 266، دار صادر ، بیروت ، ( د ت ) ، ص 2محي الدین بن عربي ، الفتوحات المكیة ، مج -2 . 259 – 258، صص 1986، 1، ط 1عربي اللبناني ، بیروت ، مج الموسوعة الفلسفیة العربیة ، معھد اإلنماء ال -3 . 24زكي مبارك ، التصوف اإلسالمي في األدب و األخالق ، ( م س ) ، ص -4 2005، عبد الحمید ھیمة ، الرمز الصوفي في الشعر المغاربي المعاصر ، رسالة دكتوراه مخطوطة ، كلیة األدب و العلوم اإلنسانیة ، جامعة باتنة -5 .41ص

م ،1982، 1دار األندلس للطباعة و النشر و التوزیع ، بیروت لبنان ، ط –دراسة في الشعر الصوفي –عاطف جودة نصر ، شعر عمر بن الفارض -6 . 14ص

. 222 م، ص 1983، 3عاطف جودة نصر ، الرمز الشعري عند الصوفیة ، دار األندلس للطباعة و النشر و التوزیع ، بیروت ، ط -7 ) . 174، ص 12كنھ : كنھ كل شيء : قدره ونھایتھ و غایتھ ( ینظر : ابن منظور ، لسان العرب ج -8

25م، ص 1999، 4، ط3أبو حامد الغزالي ، إحیاء علوم الدین ، المكتبة العصریة ، صیدا شركة أبناء شریف األنصاري للطباعة و النشر و التوزیع ، ج -9

79

يرى معرضا عن الدنيا وقد تقدم أن ابن خلدون أشار في مقدمته إلى أن الصوفي وزخرفها عاكفا على العبادة ، ذلك أن " الزهد الصادق في الدنيا بعزوف القلب عنها مع القيام بحق شرائع اهللا تعالى مخلصا له الدين ، هو الميزان الصادق في شرعة اإلسالم

صلة وثيقة بالزهد ؛ فكيف ذلك ؟ ، أي أن للتصوف 1لوزن التصوف العملي ، الصادق " د :التصـوف بالزهــ ـةصلـ – 3

كثيرا ما يتعانق لفظي "زاهد" و "صوفي"، و التاريخ اإلسالمي الديني و األدبي شاهد على الترابط بين حياة الزهاد و الصوفية ، ذلك أنسمة الزهد التي ميزت حياة المسلمين

خر هذه الفترة خالل القرنين األول و الثاني للهجرة سرعان ما تحولت إلى تصوف ففي آبدأ إطالق لفظ صوفي على الزاهد ، بل كاد يصير أحدهما اآلخر، ذلك أن الحقيقة العملية للتصوف "تمثلت في الزهد الواجد ، و الورع الصادق و التعبد الكامل ، و اإلخالص

رهم نفعا الباعث على البر و اإلحسان لكافة الخلق، ألنهم عيال اهللا ، و أحبهم إليه أكث، فالتصوف كان نتيجة للزهد ، إنه" بمعنى االنقطاع إلى اهللا و العزلة عن كل ما 2لعياله"

سواه كان نتيجة طبيعية لنزعة الزهد التي ظهرت قوية في اإلسالم أثناء حكم الدولة .3األموية "

إن وإذا كان الزهد تجربة وجدانية تتلخص في نبذ الدنيا و البعد عن مالذها ، ف التصوف بدوره يجعل من التمسك بالفقر و االفتقار مقصدا من مقاصده وهو ما يجعله شبيها بالزهد يضاف إلى هذا صفاء النفس ، و محاسبتها وقصد وجه اهللا تعالى ، ومحبة

صلى اهللا 4خلق اهللا بقلب مليء بالرحمة و التحلي باألخالق الفاضلة اقتداء برسولنا الكريمذا يبدو لنا التصوف بمثابة صورة متطورة للزهد ، حيث أن " من صفات عليه وسلم، وهك

، و يمكن أن نشير 5الصوفية أنهم زاهدون في الدنيا، أشداء على أنفسهم قنعون بالقليل"أخيرا إلى أن في القرنين األول و الثاني الهجريين، لم يفصل بين الزهد و التصوف ، إلى

، و إن 6لذي ظهرت فيه التفرقة بين الزهد و التصوف أن حل القرن الثالث الهجري اكان حتى في هذا العصر المتأخر ، لم يكن الذين أطلقوا على أنفسهم اسم الصوفية " إال

. 82م ، ص 2004، 1براھیم عرجون ، التصوف في اإلسالم منابعھ و أطواره ، دار وحي القلم ، بیروت ، مكتبة وحي القلم دمشق ، طمحمد الصادق إ -1

. 94محمد الصادق إبراھیم عرجون ، التصوف في اإلسالم منابعھ و أطواره ، ( م س ) ، ص -2 . 37م ، ص 2007لس ، دار المعرفة الجامعیة ، مصر ، ( د ط ) سالم عبد الرزاق سلیمان المصري ، شعر التصوف في األند -3 ، ینظر : محمد مرتاض ، التجربة الصوفیة عند شعراء المغرب العربي في الخمسیة الھجریة الثانیة ، دیوان المطبوعات الجامعیة ، بن عكنون -4

. 18، 17م ، صص ، 2009الجزائر ، ( د ط ) ، . 18المرجع نفسھ ص -5 . 95م ، ص 1974ینظر : أبو الوفا الغنیمي التفتازاني ، مدخل إلى التصوف اإلسالمي ، دار الثقافة للطباعة والنشر ، القاھرة ، -6

80

، و ليس كل زاهد صوفيا ، في حين ال يمكن 1زهادا على حظ قليل جدا من التصوف " الزهد مقام شريف ، وهو أساس للصوفي بلوغ هذه المرتبة إال إذا كان زاهدا ألن "

األحوال الرضية و المراتب السنية ، وهو أول قدم القاصدين إلى اهللا عز وجل ، و المنقطعين إلى اهللا، و الراضين عن اهللا، والمتوكلين على اهللا تعالى ، فمن لم يحكم أساسه

في الدنيا في الزهد لم يصح له شيء مما بعده، ألن حب الدنيا رأس كل خطيئة ، والزهد .2رأس كل خير وطاعة"

فالمجانب لمالذ الدنيا و متاعها ؛وقد فرق الدارسون بين الزاهد و العابد و الصوفي هو الزاهد ، و المداوم على القيام بالعبادات طاعة هللا تعالى يطلق عليه اسم العابد، في

النظر للحق، حين يطلق اسم صوفي على المنصرف بفكره إلى عالم الملكوت ،الممعن .3العارف باهللا ، و العامل بما علمه اهللا

لألول، و صلة وثيقة بين الزهد و التصوف ، و قد كان ثانيهما نتيجةقد اتضح أن ال إذا كان الزهد هيأ الظروف لنشأة التصوف ، فكيف كانت هذه النشـأة بالجزائر خالل

عربي ؟ وهو سؤال تحتم علينا اإلجابة عنه القرون المعنية بالدراسة ، بل و بكل المغرب ال البدء بظروف النشأة في الوطن العربي عموما ، و بالتالي نشأة الشعر الصوفي .

نشأته و تطوره: –الشعر الصوفي في الجزائر –ثانيا مالمح الخطاب الصوفي في الشعر الجزائري القديم ال يمكن إبرازها إال بعد عرض

مر بها التصوف في الجزائر ، انطالقا من بداياته ، و التي نلمس أهم المحطات التي حيثياتها بتطرقنا لنشأة التصوف في المغرب العربي ، وقد كان ساعتها موحدا سياسة و

ثقافة و فكرا.لقد ارتبط ميالد التصوف بنشأة الزهد ، التي تحدثنا عنها في عرضنا لغرض شعر

الزهد كانت خالل القرنين األول و الثاني للهجرة ، فإن الصوفية الزهد، فإذا كانت نشأة برزت معالمها خالل القرن الثالث إلى الرابع الهجري لتشهد بعدها تطورات ؛ " ففي

، ودخل و العباد و أهل الورع و التقوى (... )القرن األول نبتت بذرتها على أيدي الزهاد ساقها غضة األهاب ، لم تستكمل كيانها وبدأ القرن الثاني كانت الصوفية قد قامت على

المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا . -1 . 72أبو نصر السراج الطوسي ، اللمع ، ( م س ) ، ص -2 المؤسسة الوظنیة للفنون –دراسة –ت التأویل قراءة في الشعر المغاربي المعاصر ینظر : عبد الحمید ھیمة ، الخطاب الصوفي و آلیا -3

.76م ، ص 2008المطبعیة ، وحدة الرغایة الجزائر ، ( د ط ) ،

81

، ورعاية واإلخالص ،والتقوى ومحاسبة النفس، ا يتحدثون عن المراقبة، واإلحسانأهله، و بدأ الناس يرون فيهم لونا جديدا للعمل و الجد (...)ق اهللا، والصدق في معاملته، وحقو

هنا نبع عنهم ما سموه بعلم ، ومنكانت أحاديثهم في التوحيد واإلخالص و مراقبة النفسالباطن وهو عند أكابرهم من السابقين ليس إال زبدة العمل بالشريعة (...) فمن علم

.1الشريعة و عمل بما علم، علمه اهللا علوما كثيرة و أفاض عليه معارف ال نهاية لها "لصوفية حتى كانت ا ؛القرن الثالث الهجري "فلم يكد ينصرم القرن الثاني عنأما

والمتصوفة طائفة من خالصة المسلمين ، قائمة بذاتها بين الطوائف اإلسالمية ، لها خصائصها ومعالمها التي يستدل بها عليها (...) ، و لها حياتها الخاصة التي تقوم على رياضة النفس ، و تهذيبها و تخليصها من عبودية الغرائز ، و تصفيتها من كدورات

، ولها وراء ذلك مجاهداتها في عبادة اهللا وذكره ، و تذكير عباده بآالئه األهواء و الرذائل ونعيمه (...)و في هذه المرحلة كان أخص ما يتحدث فيه أئمتهم : أسرار التوحيد ، و دالئل الربوبية و لم تخرج أحديثهم قط عن السنن األقوم المعتمد على األصول الشرعية

الصوفية حقيقة كبرى من الحقائق التاريخية الوجودية في (...) ، وفي القرن الرابع كانتحياة المسلمين، استكملت جميع مقوماتها، و أصبحت لها مدارسها الخاصة، و محافلها

.2وطرائقها في التفكير، ومناهجها في التربية و السلوك" الحاشدة، ومصطلحاتها العلمية ،ن األول و الثاني إلى القرن الرابع كان وهذا التطور الذي شهده التصوف منذ القرني

-هـ 110حسن البصري (المتوفى عام على أيدي الزهاد األوائل ، فمنذ البدء كان " الم)، وهو الذي يعد رائد التصوف ، ينزع في سلوكه إلى حياة روحية خالصة ، 720

دهم كما نجد أيضا إبراهيم بن أ ،3ويتخذ من الطقس الديني طريقة معرفة و كشف "ه) و رابعة العدوية (المتوفاة 187ه)، والفضيل بن عياض (المتوفى سنة161(المتوفى سنة

، وكل هؤالء هم من أوائل الزهاد الصوفية في المشرق العربي "وكان ذو 4ه)185سنة ه) أكبر شخصية شكلت المذهب الصوفي و طبعته 245النون المصري (المتوفى سنة

.5بطباعة الدائم"

. 110، 109محمد الصادق إبراھیم عرجون ، التصوف في اإلسالم ، ( م س ) ، صص -1

. 111، 110صص ، ابقسالمرجع ال ،محمد الصادق إبراھیم عرجون -2 ، عدد محمد الغزي ، الحركة الصوفیة في القیروان من القرن الثاني إلى القرن الرابع ، مجلة الحیاة الثقافیة ، وزارة الشؤون الثقافیة تونس -3

. 43ص 1986/ 40 . 39ینظر : سالم عبد الرزاق سلیمان المصري ، شعر التصوف في األندلس ، ( م س ) ، ص -4

. 37لمرجع نفسھ ، ص ا -5

82

و الذي يطلق عليه اسم ؛ فقد سيطر التصوف الديني األخالقيالقرن الخامس أما في "التصوف السني" ، و الذي استمد من القرآن الكريم ، و الحديث النبوي الشريف، وخير من يمثل هذا االتجاه في الوطن العربي اإلمام الغزالي ، أم القرنان السادس والسابع

لفلسفي الذي يستند على الذوق و النظر العقلي ، و الهجريين فقد شهدا ظهور التصوف ايمثله في هذين القرنين أقطاب التصوف مثل السهروردي ( قتل بأمر من صالح الدين

ه) 632ه ) ، وابن الفارض شاعر الحب اإللهي (توفي سنة 587األيوبي في حلب سنة رنين السادس و السابع ، وما ميز هذين الق 1ه ) 672، و جالل الدين الرومي (توفي سنة

الهجريين تلقي الصوفية لكثير من الفلسفات التي غزت العالم اإلسالمي ، فبدأ كالمهم عن ، و"قتل نزعات النفس ، و إماتة قوى الجسد حتى 2القطب ، والقول بكشف حجاب الحس

و تقوى الناحية الروحية في اإلنسان (...) وظهرت أيضا فكرة االتحاد و الحلول و الوحدةنظرية اإلنسان الكامل (وهذه المصطلحات لنا عودة إليها في موضع آخر ) (...) أما بعد ذلك فالتصوف لم يعد أن يكون شرحا لهذه النظريات أو اختصارا لها أو تعليقا عليها، إلى غير ذلك،(...)وإنكان التصوف في القرون المتأخرة ، قد قام بدور كبير في تكييف الحياة

.3"االجتماعية : على هذا النحوويمكن أن نلخص المراحل التي مر بها التصوف

سجل فيها ميل نحو البعد عن الحياة المادية و التسامي عن ملذات الحياة، : المرحلة األولى م ) . 817وهذا في القرنين األول و الثاني الهجريين (

ا في الزهد و التقشف، وتمتد شبيهة بالمرحلة السابقة ، و شهدت إغراق :المرحلة الثانية م ) . 10/ 9من بداية القرن الثالث إلى أواسط القرن الرابع الهجريين (

مرحلة كان فيها االنتقال من اإلغراق في الزهد لالقتراب من التصوف، :المرحلة الثالثة م)10وكانت البداية لألفكار الصوفية و الخياالت ، وهذا في القرن الرابع الهجري (

تعد مرحلة اكتمال تكون التصوف ، بتنظيمه ، وتشكل الطرق الصوفية، : حلة الرابعةالمر )م 11واسط القرن الخامس الهجري ( والخوض في الكرامات ، و تمتد هذه المرحلة من أ

. 40، 39ینظر : المرجع نفسھ ، صص -1 1964عدد فبرایر و مارس 35، السنة 7/8ینظر : محمد إبراھیم الجیوشي ، نظرات في األدب و التصوف : تطور التصوف ، مجلة األزھر ، ج -2

. 811ص . 812، ص ابقسالالمرجع ،محمد إبراھیم الجیوشي -3

83

، ويطلق عليها ، و االهتمام بهارحلة المبالغة في ادعاء الكراماتوهي م :المرحلة الخامسة .1و الهذيان البعض مرحلة الجنون

فيمكن أن نعكسها على المغرب العربي بما فيه ؛وإذا كانت هذه الحال في المشرق المغرب األوسط ، و البداية أيضا زهدية كشأن أي تجربة روحية تبدأ بالزهد ، وكما ذكرنا سالفا فمنذ القرن األول وكما كان الحسن البصري يعيش حياة الزهد و التبتل ، نجد

رب العربي ، وفي القيروان بشكل خاص إسماعيل بن عبيد يوغل في التبتل إلى في المغجانب محمد خالد بن عمر التجيبي و كلهم عاشوا إلى بدايات القرن الثاني الهجري، "ولعل أبرز رائد في الطريق الصوفي كان أبو علي شقران بن علي الصوفي القيرواني (توفي

المغرب على حد سواء ، فأتاه الناس من كل مكان ه) اشتهر أمره في المشرق و186عامليأخذوا عنه أصول الطريقة ...... في نفس الفترة عاش مع أبي علي شقران صوفي آخر

.2ه )" 180هو محمد بن مسروق ( توفي عام فإن تيار ؛ي المغرب العربي بالفتح اإلسالميالحياة الزهدية ارتبطت فكما أن و

بوساطة النزوحات ونسخ المخطوطات أو إرسالها إلى األقطار"التصوف وصل إلى هذه هذه الربوع، أو إحضارها عن طريق قوافل التجارة التي كانت ترحل إلى المشرق العربي، وتوجه الوفود تلو الوفود من العلماء إلى تلك الديار العربية التي كانوا يمرون

، وذلكم كله أتاح لهم ناسك الحج(...)عليها في رحالتهم إلى الديار المقدسة بغية أداء م التصوف .من أعالم الزهد و 3االلتقاء بشيوخ "

؛كاناوإن كان الخوض في تاريخ التصوف في المغرب العربي هو من الصعوبة بم بجاية خير شاهد ن عرفتهم الجزائر خاصة بتلمسان والعدد الهائل ألعالم التصوف الذي فإن

وفي ب على األقل من تحديد تاريخ ميالد التصوف بهذه الرقعة،مساعد للوصل أو لالقتراالثقافية المنتشرة الفكر واألدب عبر المراكزالثقافي بين أعالم الثقافة وادل حقيقة األمر التب

، وانتقال التيارات لها الدور البارز في طي المسافاتكان ؛المغربعبر المشرق و، فكان دى أهل المغرب لتلقي التصوفضحا لري واواألفكار، وقد كان االستعداد الفط

. 88، 87، 67، 63، 59فروخ ، التصوف في اإلسالم ، دار الكتاب العربي ، بیروت ، ( د ت ط ) ، ( د ط ) ، صص ینظر : عمر -1

. 45، 44محمد الغزي ، " الحركة الصوفیة في القیروان من القرن الثاني إلى القرن الرابع الھجري ، ( م س ) ، صص -2 . 9المغرب العربي في الخمسیة الھجریة الثانیة ، ( م س ) ، ص محمد مرتاض ، التجربة الصوفیة عند شعراء -3

84

بذلك عدد الصوفية كبيرا رغم ما تعرض له هؤالء من محاربة من قبل الفقهاء الذين كانوا .1يعنون بعلم الظاهر فيما يذهب الصوفية للقول بعلم الباطن

وعن التصوف في الجزائر فقد أشرنا سالفا أن المغرب األوسط عرف حركة زهدية بداية من القرن الثاني الهجري تحت ظل الفتوحات اإلسالمية ، " تخمرت عبر قرون ، وتمخض عنها ميالد الحركة الصوفية التي بدأت معالمها تتضح في القرن السادس

بالنسبة للتصوف السني ، وبدايات القرن السابع –الثاني عشر الميالدي –الهجري .2بة لتيارات التصوف الفلسفي"بالنس –الثالث عشر ميالدي –الهجري

هذا ورغم اعتبار القرن السادس الهجري ، هو قرن اكتمال تشكل التصوف ثم تطوره في القرن السابع ، بل ومن الدارسين من ربطه بدولة بني زيان ، ومع هذا ال يمكن إغفال

قد عبر عن –وقد عاش في القرن الثالث الهجري -التيهرتي اإلشارة إلى أن بكر بن حماد .3كما لم يغب عنه التصوف تجربته الروحية فكان بشعره الكثير من الزهد،

فالتصوف في المغرب األوسط كانت نشأته زهدية حوالي القرن ؛ومهما يكن من أمر الثاني الهجري ومع تعاقب القرون ولد التصوف ليكتمل تشكله حوالي القرن السادس

ون بحق القرون الموالية في الجزائر قرون تصوف ، الهجري إلى السابع الهجري لتكاألمر الذي يعبر عنه العدد الهائل من أعالم التصوف الذين صنعوا الحياة الثقافية بكل فعالية إبان العهد الزياني من بينهم : " أبو مدين شعيب التلمساني"، "عفيف الدين التلمساني"

ا في حديثنا عن أعالم الشعر الديني وممن "عبد الرحمان الثعالبي" ، و غيرهم ممن ذكرنلم نذكر ، فهم كثير بحيث ال يكفي بحث واحد لإللمام بأسمائهم مهما اتسع ، إذ ما نقدمه

أنموذجا ، و هؤالء األعالم في انتمائهم إلى التصوف هم ثالثة تيارات : عنهم ليس إال، فالتصوف السني الفلسفي التصوف السني، التصوف الفلسفي ، إلى جانب التصوف السني

يلتزم أصحابه بالقرآن الكريم ، والسنة النبوية الشريفة، و التمسك بأخالق الرسول الكريم ، و التصوف الفلسفي و الذي يعمد أصحابه عليه مسلم وصحابته رضي اهللا عنهمصلى اهللا

وحدة، الإلى اتخاذ التصوف وسيلة إلدراك المعارف كما خاضوا في قضايا الحلول و .4اإلشراق وغيرها، أما التصوف السني الفلسفي فيجمع أصحابه بين سمات االتجاهين و

. 10، 9، صص ھسینظر : المرجع نف -1

. 47میالدیین ، ص 13و 12التصوف في الجزائر خالل القرنین السادس و السابع الھجریین / ، الطاھر بونابي -2 . 13، 12ربي في الخمسیة الھجریة الثانیة ، ( م س ) صص ینظر : محمد مرتاض ، التجربة الصوفیة عند شعراء المغرب الع -3 . 143، 103، صص المرجع السابقینظر : الطاھر بونابي ، -4

85

مهما كانت اتجاهاتهم عمدوا إلى فن الشعر للتعبير عن ؛وهؤالء من صوفية ، وزهاد مواجيدهم ، و بالتالي نشأة الشعر الصوفي في الجزائر يمكن تحديدها ببدايات التصوف

؛ ذلك أن تراثنا العربي مليء باألمثلة ألسماء تعانقت بدواخلها التجربة كتجربة وجدانية، وغيرهما من 2، وابن الفارض1الصوفية بالتجربة الشعرية من هؤالء : رابعة العدوية

الذين خلدت أسماؤهم في عالمي التصوف و الشعر،إذ ال يمكن الفصل في تصنيفهم في شأن نفسه إذا تحدثنا عن أعالم التصوف في الجزائر باب الشعراء أو باب الصوفية، و ال

فقد كانوا شعراء أغنوا التراث الجزائري بنتاجهم الشعري الذي كان غاية في االبداع ، ليثبتوا أن األدب الجزائري ثري ، و ليسهموا في التأريخ لفترة هامة من تاريخنا تميزت

من القرن السابع إلى التاسع الهجري، باالزدهار الثقافي، الفكري و األدبي خاصة انطالقا –أوال –وارتباط صوفية الجزائر بالشعر ليس غريبا لعمق التجربتين الشعرية والصوفية

و ثانيا ألنه "يمكن القول إن المثقفين عموما من فقهاء و محدثين ونحاةو لغويين و حتى ن هناك تفاوت من فالسفة و أطباء ورياضيين كان لهم حظ في فن الشعر و األدب وإن كا

–كما ذكرنا سالفا –، والصوفية هم األكثر قربا من الشعر لتماثل التجربتين 3واحد آلخر""و قد يكون من أبرز مجاالت التعالق بين التجربتين محاولة تجاوز الواقع و تحقيق نوع

.4من االتحاد بمظاهر الكون"فالزهد ؛ لمشرق أساسه كان زهدامجمل القول إن الشعر الصوفي في الجزائر كما في ا

أساس التصوف ، و بالتالي بوادره كانت منذ القرن الثاني الهجري و بدأ شيئا فشيئا يتبلور بمرور القرون ، فكان االكتمال في القرن السادس الهجري بالنسبة للتصوف السني و

مثلى للتعبير، القرن السابع بالنسبة للتصوف الفلسفي ، و اتخذ الصوفية من الشعر وسيلة فالتصوف تجربة وجدانية وهو أيضا تجربة مميزة في الكتابة ، وهكذا كانت القرون الموالية للقرن السادس الهجري قرون شعر و تصوف حقا في الجزائر ، فقد عج القرن السابع الهجري " بأسماء جزائرية تعود أصال إلى بيئات ثقافية إبان هذه الفترة في كل من

ھـ ، قبرھا على رأس حبل یسمى " 185أو 135ھي رابعة بنت إسماعیل العدویة ، مشھورة بالصالح ، و بالتفاني في الحب اإللھي یقال أنھا توفیت سنة -1

أبو ظبي ، ر " ، (ینظر: شھاب الدین بن فضل هللا العمري ، مسالك األبصار في ممالك األمصار أ تح : بسام محمد بارود ، منشورات المجمع الثقافي ،الطو . 25، 24م ، صص 2001( د ط ) ،

إلى حیاة التدین و التجرد الروحي ، وقد كان شاعرا ھـ ، كان یمیل 6ھو أبو القاسم عمر بن علي الملقب بابن الفارض ، ولد بمصر ، عاش في القرن -2 م ، صص1994، 1صوفیا واسع الشھرة ، ( ینظر : علي نجیب عطوي ، ابن الفارض شاعر الغزل في الحب اإللھي ، دار الكتب العلمیة ، بیروت ، لبنان ط

25 ،26 ،27 . صص 1981ة الدراسات الكبرى ، الشركة الوطنیة للنشر و التوزیع ، الجزائر ،(د ط ) ، بشیر خلدون ، الحركة النقدیة أیام ابن رشیق المسیلي ، سلسل -3 30 ،31 .

اإلنسانیةعبد لحمید جریوي ، تجلیات التناص في شعر عفیف الدین التلمساني ، رسالة مخطوطة من متطلبات شھادة الماجستیر ، كلیة األداب و العلوم -4 . 36ص ، 2004/ 2003جامعة ورقلة ،

86

جاية ، وزواوة و تلمسان،و هؤالء صاغوا مع زمالئهم من فاس و مراكش قالدة مليانة، وبوما يليه ، إذ ما إن يقترب القرن العاشر 1مضيئة في جيد تصوف القرن المذكور"

الهجري حتى يبدأ هذا الوضع في التراجع ، حيث شهدت المنطقة هجرة األدباء ، فتقهقر ى خر بانتشار الطرق الصوفية ، كما فشمستوى الشعر ، فيما أخد التصوف منحى آ

.التصوف الحقيقي و الكاذب أيضاوبعد هذا العرض يتضح بجالء أهمية هذه الفترة المعنية بالدراسة و هي القرن السابع،

–الثامن و التاسع الهجرية و قد عاشت خاللها الجزائر ازدهارا أدبيا كبيرا صنع حيثياته مع طغيان التصوف ، وقد غلب عليه التيار السني ، مع الشعر الديني –على الخصوص

تنوع مضامين هذا الشعر ، و قد خاض فيها شعراء الجزائر في تلك الفترة باستفاضة ، وسنعرض في الصفحات الموالية جانبا مما أبدعته قرائح شعراء الجزائر في القرون

ن .السابع ، والثامن، والتاسع الهجرية معبرين عن هذه المضاميموضوعات الشعر الصوفي الجزائري القديم في القرون السابع –ثالثا

، الثامن ، و التاسع الهجرية .مما ينعكس في ؛التجربة الصوفية عميقة تتسم بالغرابة ، و تبعث على الدهشة

الخطاب الشعري المعبر عنها ، و إذا كان هذا الشعور الذي ينتاب متلقي النتاج الشعري ي ناتجا عن التصوير المبدع ، فإن للموضوعات دورها أيضا في خلق هذه الدهشة.الصوف

أمامنا في مواضع كثيرة ما تناوله ىلو باطالعنا على جملة من المصادر و المراجع تجشعراء التصوف في الوطن العربي من موضوعات ، نجدها بصور مختلفة لدى شعراء

لصوفي الجزائري " هو جزء من هذا التراث كيف ال ؟ و الشعر ا –حتما -الجزائر الصوفي العريض ، فالبد أن يتأثر بما فيه من أفكار و أساليب ... و أيضا بمصطلحاته و

2بصوره وبموضوعاته و برموزه ."أمر عسير فما الذي يدفع الصوفي إلى –في الحقيقة –وخوض التجربة الصوفية

إلى اهللا ، إنه الحب اإللهي ، إنه الحب المطلق سلوك هذا الطريق ؟ " إنه شوق الروح "المجرد من ، و عليه فمحور الحياة الصوفية هو الحب ، وركيزة الشعر 3النفعية

. 15محمد مرتاض ، التجربة الصوفیة عند شعراء المغرب العربي في الخمسیة الھجریة الثانیة ، ( م س ) ، ص -1

. 237عبد هللا الركیبي ، الشعر الدیني الجزائري الحدیث ، ( م س ) ، ص -2 . 336درویش الجندي ، الرمزیة في األدب العربي ، ( م س )، ص -3

87

الصوفي هي الحب، أي الحب اإللهي الذي يعد "جوهر التجربة الصوفية... وهو وسيلة ه المحبة ، ووسيلته ، ومواجيدهم ، فالتصوف غايتسائل الصوفية للتعبير عن أحوالهممن و، وصاحب الحال عندما يأخذ في التدرج في المقامات يشعر بأن محبة اهللا تفيض المحبة

.1عليه ، وكلما ازداد علوا كلما ازداد حبا هللا "التاسع الهجري، ، و، الثامني في القرون السابعو للبحث في موضوعات الشعر الصوف ومنذ أواخر القرن ، بلدبي على مدى قرون ثالثنماذج شعرية صنعت الحدث األ نجد

الذي عاش إلى أواخر القرن –السادس الهجري ، إذ كانت إسهامات أبي مدين شعيب هامة وقد كان له أثر في الشعراء من بعده، و يمكن القول أنه هو و جملة من –السادس

جري عملوا "على أن يخلقوا شعراء التصوف من الرواد األوائل منذ بداية القرن السابع الهشكال للقصيدة الصوفية متميزا عن مثيله في القصيدة التقليدية، يخضع في بنائه للتجربة

، وهذا الهيكل الذي تميزت به 2الصوفية العملية المتميزة في الثقافة العربية اإلسالمية"الحب اإللهي لك أن "موضوعةقصيدة التصوف يقوم أساسا على التغزل بالذات اإللهية، ذ

ات إال هي أساس الخطاب الشعري الصوفي ، و بؤرته الدالة فيه ، وليست باقي الموضوع، وتحت ظل الحب اإللهي تنكشف موضوعات الشعر 3"أجزاء منها تدور في فلكها

يث يحددها ح ؛الحضورالمراجع من حيث الغياب ودر والصوفي، وإن تفاوتت في المصار ب(الحب اإللهي ، والخمر ، الخمر، والفناء)، ويقول آخالبعض في (الحب اإللهي

، واألفكار الفلسفية) ووردت في مصدر آخر مصنفة كما يلي (الحب اإللهي ، الصوفي، و ببعض التأمل نجد هذه المضامين خير ما يعبر عن )والخمر ؛الرحلة ، الطلل والحنين

التجربة الصوفية وما تستدعيه من رمزية . اإللهي :الحب – 1

الحب جوهر المشاعر اإلنسانية خاصة لدى الشاعر العربي ؛ ذلك أن الشعرية العربية ومنذ عصور تلونت بالغزل الصريح منه و العفيف ، وكما كان أساس التجربة الصوفية هو حب اهللا تعالى ، فإن التعبير عن هذا الحب باستخدام ألفاظ مستعارة من المعجم الغزلي

ا ، وفي هذا يقول أبو عليه هو أساس الشعر الصوفي ، و هذا رمزا ال تصريحالمتعارف :مدين شعيب

.215ص، 2006 05، العدد العلوم اإلنسانیة ، جامعة ورقلةمة ،" الخطاب الصوفي في الشعر المغربي القدیم ، مجلة األثر ، كلیة األدب وعبد الحمید ھی 1-

. 7، ( د ط ) ، ص 2002مختار حبار ، شعر أبي مدین التلمساني ( الرؤیا و التشكیل منشورات إتحاد الكتاب العرب ، دمشق -2 . 84، ص ابقس، المرجع المختار حبار -3

88

اكبآر أم تاكل أسحوا أبإسعي فتنازقنطبم يالند فاح سواكيهيهات عهدي بالسواك و إنما شفة الحبيب جعلتها

األفالك ربدمال وق حح يث بأنهدالح عمس نم ظني و اكراإلد نةهم نع هلمنز تهببأح ت و إن منأيا رؤي1ر

سرعان ما يقدم الشاعر صورة من الغزل الذي يبدو صريحا للوهلة األولى ، لكن لهي الذي يعبر يربط هذه الصورة بالخالق المنزه عن اإلدراك ، فهي صورة للعشق اإل

.عنه الشاعر رمزاوالمحبة عند الصوفي هي ميل القلوب، أي "أن يميل قلبه إلى اهللا و إلى ما هللا من غير

بمحبة اهللا ، فالمحب هللا ينقطع عن كل ما ليس هللا ، بل و الصوفي ال عيش له إال 2تكلف"" ، والشاعر الصوفي 3تعالى " فمن أحب اهللا فهو العيش ، ومن أحب فال عيش له

الجزائري و في قرون التصوف هذه قد هام في عشق الذات اإللهية و عبر عن حب خارق مثير، فترك لنا تراثا شعريا ضخما محاطا بالرمزية التي زادته جماال وعذوبة .

ين عبروا بعمق عن الحب اإللهي ، الصوفي "عفيف الدين ومن شعراء القرن السابع الذ التلمساني أبي ربيع"، ومما قال في هذا الغرض :

المحب المحب رحمو إنما ييصب حب ي فمنوتبص ال تلم و له في خيام ليلى مهب ؟لنسيم غرامي ، كيف ال يوقد ا ا خبت لي نار، و حبيبي أنواره ليس تخبوا ؟ما اعتذاري إذ

هذه الحلة التي حل فيها عقد صبري و حلها لي حب 4مأل الكون حسنه فلهذا كل صب إلىمعانية يصبو

لسفيا ، و إذا تأملنا ما جاء هي أبيات اقتطفناها من ديوانه الذي كان موضوعه صوفيا ففيها وقفنا على جملة من مصطلحات الصوفية المتعلقة بالغزل الصوفي من تجلي األنوار

اإللهية، إلى الحلول ، ثم الكون ، فالحسن ، إلى أن يقول :اح و الخالعة عبدا و هو في مذهب الحقيقة ربللر 5راح

. 326ابن الزیات ، التشوف إلى رجال التصوف ، ( م س ) ، ص -1 . 109أبو بكر الكالباذي ، التعرف لمذھب أھل التصوف ، ( م س ) ، ص -2 .المصدر نفسھ ، الصفحة نفسھا -3

. 39عفیف الدین التلمساني ، الدیوان ، ( م س ) ، ص -4 حة نفسھ .المصدر نفسھ الصف -5

89

وهي من مظاهر زمانه، إلى الحقيقة المطلقة، وهي فلسفة الشاعر "ة واضحة وهنا إشار أرادوا تجاوز ما ادعاه –مع من سلك هذا السبيل من الشعراء –والتي يمكن أنه هو –هنا –، ومهما يكن من أمر، فما يهمنا 1"ية " التثليث" المعروفةالنصارى في قض

الشاعر "من الشعراء الذين ارتقوا إبراز صورة من صور التغزل بالذات اإللهية ، فهذا ديوانه الشعري دليل على ذلك ققوا له الكثير من النضج (...) وبالشعر الصوفي و ح

خاصة في موضوع الحب اإللهي الذي هو باعث التجلي و باعث اندفاع الخيال ،وابتكار .2الصور"

لرحمان ومتغزال بجماله سبحانه ، و في تذلل وورع ، و خوف ورجاء ، هذا عبد ا الثعالبي يخاطب محبوبه األكبر قائال :

فيا ذا الجالل، و يا ذا الجمال و يا ذا المعالي ، عليك اتكالي يو ال تخذلنـي بسـوء فعالـو ال تسلمني فكن عند ظني ،

3ا الجفاء و منك العطاء ، فهب لي سؤاليفأنت الرجاء ، و منفي هذه األبيات يظهر التوجه إلى التصوف السني لدى الشاعر، بعيدا عن األفكار

الفلسفية، فهو ذلك المحب المتوسل المنكسر أمام ذي الجمال و الجالل.ي ، يصف حاله مع المحبوب في أبيات و في الحب اإللهي ، عبد الحق بن ربيع األنصار

غاية في العمق و الجمال ، فيقول: سفرت على وجه الجميل فأسفرا وبدا هالل الحسن منها مقمرا

4وثراودنت فكاشفت القلوب بسرها و سقت شراب األنس منها ك إلى أن يقول:

ه ال يستقل بما جرىو بيان لي ال يفي بمواجديإفصاح قو 5لو كان سر اهللا يكشف لم يكن سرا و لكن لم يكن ليذكرا

سانيا ، فرغم الغموض الذي في هذه األبيات ، تعبير عن الحب هللا تعالى و إن بدا غزال إنيكتنفها يأتي دور المصطلحات الصوفية لتنبئ عن قبس صوفي ينطلق خافتا ليشع

أنس) –شراب –سقت –سرها –كاشفت –مقمرا –الحسن –(سفرت إذا ؛وينكشف

.26، 25المصدر نفسھ ، صص -1 . 217، ص 05عبد الحمید ھیمة ، " الخطاب الصوفي في الشعر المغربي القدیم " ، مجلة األثر ، العدد -2

الثعالبي و التصوف ، نقال عن : عبد الرزاق قسوم ، عبد الرحمان 104، ص 1عبد الرحمان الثعالبي ، العلوم الفاخرة في نظر في أمور اآلخرة ، ج -3 . 65ص

. 29الغبریني ، عنوان الدرایة ، ص -4 .المصدر نفسھ ، صفحة نفسھا -5

90

كلها من مصطلحات الصوفية المعروفة التي تعبر عن التغزل بالذات اإللهية ، و بتأمل ر عن موضوع آخر من موضوعات التصوف و هو السكر الصوفي أو نجدها أيضا تعب

كوثرا) . –أنس –شراب –الخمر ، يتعلق األمر هنا بمصطلحات ( سقت الخمر أو السكر الصوفي : – 2

ال سكر إال مع الحب ، فالحب اإللهي هو األساس ، و ليس الخمر لدى الصوفية إال يكتسي بعدا رمزيا عميقا فالسكر "ال يكون إال تجلي للحب الذي يعيشه الصوفي ، و

، وفي 1ألصحاب المواجيد فإذا كوشف العبد بنعت الجمال حصل السكر .... وهام القلب" هذا المعنى نقتطف من خمرية أبي مدين قوله ( من الطويل):

رى المزج مذكناأدرها لنا صرفا ودع مزجها عنا فنحن أناس ال ن و غن لنا فالوقت قد طاب باسمها ألنا بها قد رحلنا بها عنا

ودجا كل الوفنا بهرل عنز لم ناوأنكر ارفعا كل المإلى أن به 2يخصها ولم يجعلها راح ولم تعرف الدنا هي الخمر لم تعرف بكرم

يطالب هنا أبو مدين بخمرة صافية و هي ترمز هنا للوصول و مشاهدة ذات الحضرة، وهي الحقيقة الوحيدة في الكون ، و يشير إلى ( الدنا ) وعاء الخمر ، فهي ليست الخمر

لتي تأخذ الصوفي إلى عالم سحري أخاذ مدهش ، حيث التي تحتاج إلى وعاء ، بل هي ا .3تتجلى الذات اإللهية

شاعر ي تعبير فكار الفلسفية ، فوبشيء من التأمل نلمس تعانقا بين سكر الصوفي و األ سريع )من الالحقيقة المطلقة عفيف الدين التلمساني ، يقول :(

ا نديمييا قمأماترى تدار فالحمي الليل بها قد أنار فمن أجل ذا تعزل ليال ، و تولى نهار . كأس لها الحكم

4بها اهتدى الساري إلى حانها ومن سناها كوكب الصبح حار إلى أن يقول :

يديرها في السر ساق عقلي جهار له شمائل تسلب ، قد حركت بالسكر أعطافه و اسكنت في الجفن منه انكسار

أعالمھا في المغرب العربي جامعة أبي –خناتة بن ھاشم ، " لغة التأویل في النص الصوفي " مجلة الفضاء المغاربي ، مخبر الدراسات األدبیة و لنقدیة -1

. 163، ص 2002، جوان بكر بلقاید ، تلمسان . 137الطاھر عالوي ، العالم الرباني سیدي أبو مدین شعیب ، ( م س ) ، ص -2

، الصفحة نفسھا . السابق المرجع ، الطاھر عالوي ینظر : -3 . 119عفیف الدین التلمساني ، الدیوان ، ص -4

91

ا اصفرارعاله محمرة الوجنة لكن إذا قابلها الماء 1في جنة بها ، و هي نار! من يشرب كاساتها يسكني قمة السكر ، واالنطالق متجاوزا عالم مادي ضيق إلى عالم فسيح، يصور الصوف

عالم مشحون بالنور و التألق ، برمزية غاية في اإلحكام يشير إلى ساقي الخمرة الذي له بل ؛ إليه العقل شمائل فوق إدراك البشر إنه الحق تعالى ، و للخمرة بعد عرفاني اليصل

جعل من المعرفة تدرك ذوقا ال عقال ، ذلك أن البد من قوة أكبر ، فالسكر الصوفي ي "الذوق والشرب والري هي الحب في طبيعة انفعاالته فمن قوي حبه تسرمد شربه ".

كما وردت في عنوان الدراية نماذج امتزجت فيها نشوة الخمر بالحب ، ليلوح بارق بد اهللا بن علوانذلك يقول أبو عالحقيقة التي ال يدركها إال صاحب التجربة ، من

) يقول : هو من شعراء القرن السابع الهجريو( مهفهف بت أسقي من مراشفه خمرا فأسقى الظمأ من بارد حصر يفتر عن أقحوان يانع عبق و عن عقيق و عن نور و عن درر

2ين كالمطرما الح لي بارق من أفق مبسمه أال استهلت دموع الع( من شعراء وفي السياق نفسه يقول أبو عبد اهللا محمد األريسي المعروف بالجزائري

القرن السابع ) : و ال كأس إال ما سقاني به اللمى و ال نقل إال ما حباني به الصدر

و خفت ألن تخطو فأثقلها السكر تقول و قد مالت بمعطفها الطال 3اذبت ريح الصبا فضل مرطها فأومض لي برق تضمنه الثغروقد جيلوح بارق و يومض برق لدى الشاعرين كلما ازداد اإليغال في السكر ، إنها خمر

رمزية تدخل الصوفي في عالم متميز عالم طيفي ، يحدث فيه انكشاف الحقيقة التي ال يش الصوفي بين صحو و سكر إلى أن تتحقق إال للخواص من أهل التحقيق ، وهكذا يع

يصل إلى الصحو العرفاني ، ومن دام شربه " لم يورثه الشرب سكرا فكان صاحيا بالحق فانيا عن كل حظ فيصبح الحب خمرا تسكب حتى توصل الشارب درجة الفناء فيفنى الحب

.4في الخمر وتفنى فيه"

الصفحة نفسھا . ، المصدر نفسھ -1

. 148س ) ، ص الغبریني ، عنوان الدرایة ، ( م -2 . 164المصدر نفسھ ، ص -3

. 164خناتة بن ھاشم ، " لغة التأویل في النص الصوفي " ، ( م س ) ، ص -4

92

وجدنا ذلك التوحد بين ولو عدنا إلى ما سبق ذكره عن موضوع السكر الصوفي الخمرة والحب لدى الصوفي مع تعانق كل ذلك مع الفناء و الحقيقة و الحلول، و هي مصطلحات صوفية لها صلة بشعراء التصوف الفلسفي ، لنا أن نخوض فيها اعتبارا

لصلتها بمضامين الشعر الصوفي . األفكار الفلسفية : – 3

ية في كونها خالطت أغلب ما وجدناه من الشعر تكمن أهمية تناول األفكار الفلسف الصوفي في القرون المعنية بالدراسة ، رغم طغيان التصوف السني على صوفية الجزائر، فأغلب أعالم التصوف في الجزائر لتلك الفترة نجدهم يوظفون مصطلحات

خميس ، مستقاة من المعجم الصوفي بدءا بأبي مدين شعيب ، عفيف الدين التلمساني ، ابن عبد الحق بن ربيع األنصاري التلمساني ، الششتري إلى جانب أبي الحسن الحرالي، و كذا محي الدين بن عربي على اعتبار أنه عاش في الجزائر فترة فأثر وتأثر بالمناخ

الجزائري في األدب والتصوف رغم أنه أندلسي في األصل . اإال مرتبط كونلسكر الصوفي ال يالحب اإللهي و اتعبير الصوفي عن و قد وجدنا أن

بالفناء، و الحقيقة المطلقة ، و بأكثر تحديد ، فقد تم حصر هذه النظريات الفلسفية حسب ما في : " الحلول والفناء واإلتحاد ، وحدة الشهود، وحدة الوجود، –جاء ببعض المراجع

ذه المصطلحات فإنه عن ه –و لو مختصرة –، و إذا أردنا أخد لمحة 1والوحدة المطلقة " ينبغي أن نشير إلى أن الفناء هو أساس هذه النظريات جميعا.

هو فناء عن الصفات المذمومة ، و بقاء في الصفات المحمودة ، للفناء قوة الفناء: -، و هو "رؤية كل شيء من بديع خلق اهللا هللا ، كما أنهم يرون فيه من 2وسلطان على العبد

هم ، و سكرة عن قلوبهم ، وذلك لفرط انجذابهم للحق تعالى، ناحية أخرى غيبة عن نفوسومحبتهم له تجلت قدرته ، فالفناء هو إذن غيبة عن الحال والوجود و الشهود في المحبوب والموجود و المشهود ، و في الفناء تضعف القوى المدركة ، فال يشعر الفاني عند فنائه

.3بفنائه "

. 133سالم عبد الرزاق سلیمان المصري ، شعر التصوف األندلسي ، ( م س ) ، ص -1

. 559، 203، 202، صص 1981ت ، ( د ط ) ، ینظر : سعاد الحكیم ، المعجم الصوفي ، دار دندرة للطباعة و النشر ، بیرو -2 3- 1الدار المصریة اللبنانیة ، القاھرة ، ط –دراسة مقارنة –عبد الباري محمد داود ، الفناء عند صوفیة المسلمین و العقائد األخرى

. 487، ص 1997

93

ر الصوفي كثيرا ، ذلك أن أساس التصوف الحب و الفناء يحضر في موضوعات الشعو إن غلب –الذي هو في الحقيقة فناء في المحبوب األكبر ، و الشعر الجزائري الصوفي

لم تغب عنه هذه المصطلحات المعبرة عن األفكار الفلسفية، ومن –عليه االتجاه السني ذلك قول أبي مدين شعيب من بحر الكامل :

فنو ارفوناليفالعتعر المتكبى الموئا سوا شيدشها يلم ا و 1ورأوا سواه على الحقيقة هالكا في الحال و الماضي و االستقبال

ونجد اللفظ أيضا لدى عفيف الدين التلمساني فيقوله : شواق و اختر فناك في الجمال الباقيلذ بالغرام ، و لذة األ

2و توق من كأس الصدود بشربه من ماء دمعك ، فهو نعم الواقي هو فناء في الواحد الباقي ، هروب من كل ما بالوجود للبقاء مع حضرة خالق الوجود،

إللهي ، و يشكالن معا إحدى ركائز موضوعات فالفناء أحد المحاور الهامة في الحب ا الشعر الصوفي .

ونجد عبد الحق بن ربيع األنصاري المجيد الصوفي تناول موضوع الفناء بصورة أكثر قوة وتأثيرا في قوله :

و بها فنيت عن الفناء و غصت في ماء الحياة مسرمدا و مدهرا اءافي المروصم ودثل الوجرى مي كائن و به كل شيء رظه3ي

الشعر الصوفي إن لم تسيطر تماما على و ؛من القضايا الفلسفية الحلول و االتحاد :-نجد مالمح لها لدى –على الخصوص–الشعر الصوفي الجزائري في المغرب العربي و

اهللا الحلول هو ما يشير إلى قول بعضهم "إن ، واه الفلسفيالصوفية من أصحاب االتج .4قالوا ال يمتنع أن يظهر اهللا تعالى في صورة بعض الكاملين"...وتعالى يحل في العارفين

فلسنا هنا بصدد مناقشة هذه القضايا الفلسفية؛ إنما الدراسة ؛ومهما يكن من أمر وعات التي تناولها الشعر الجزائري القديم من الموضوعية تحتم علينا طرق مختلف الموض

القرن السابع إلى القرن التاسع الهجري ، و الحلول يراد به اتحاد جسمين ، فيكون أحدهما إشارة إلى اآلخر مثل حلول ماء الورد في الورد ، في حين االتحاد هو امتزاج شيئين إلى

. 142محمد الطاھر عالوي ، العالم الرباني سیدي أبو مدین شعیب ، ( م س ) ، ص -1 . 160عفیف الدین التلمساني ، الدیوان ، ص -2

. 29الغبریني ، عنوان الدرایة ، ص -3 . 81عبد المنعم الحفني ، المعجم الصوفي ، ص -4

94

.) من حيث أن جميع األشياء ، وهو"تصيير ذاتين واحدة (..1أن يصيرا شيئا واحدا .، ويعني الصوفية بالواحد الحق تعالى2موجودة بوجود ذلك الواحد "

ورغم كل ما قيل عن هذه الرؤى و األفكار ، فإنها لم تغب عن شعر التصوف في الجزائر خاصة في القرن السابع الهجري ، النتشار التصوف الفلسفي تأثرا بأعالم

بالنظر إلى التبادل الثقافي الكبير الذي كان حاصال آنذاك، ومن التصوف في األندلس ؛ النماذج في هذا السياق ، ما جاء على لسان عفيف الدين التلمساني :

شهدت نفسك فينا و هي واحدة كثيرة ذات أوصاف و أسماء 3الرائي و نحن فيك شهدنا بعد كثرتنا عينا بها اتحد المرئي و

وبشيء من التأمل نلمس ذلك التداخل بين الحلول و االتحاد ، من ذلك قول عبد الحق بن ربيع األنصاري :

أبصرت ع ءي كل شيا فتهأيرا يو رصبي مت كلدتى ع4ناي ح كما يقول الشيخ أبو الحسن الحرالي :

ن ملى ملي لت لكا جهلمج نة معت لمدا طريقا و أبقابه5ثنى ن إلى أن يقول :

6وكيف يكون األمر إن أنت كنتها وكانتك تحقيقا فحلت لحالها المطلقة" الوحدة "وحدة الشهود " وحدة الوجود "و "وإذا نظرنا في مصطلحات :

استشعرنا تلك الصلة الوثيقة بالذات اإللهية ، فما الذي تشير إليه حسب أصحابها من الصوفية ؟ .

: هي " فناء عن شهود ماسوى اهللا فناء تاما بحيث ال يشهد السالك إال ذاتا وحدة الشهود- ، التي فنت فيها ذات الصوفي . 7واحدة هي ذات اهللا "

ها " أنه ال حقيقة وجودية واحدة إال اهللا تعالى ، وأنه ثمة يرى أصحابوحدة الوجود: -وجودا واحدا فقط هو وجود اهللا تعالى ، أما التكثر المشاهد في العالم فهو وهم على

. 8التحقيق تحكم به العقول القاصرة ، فالوجود إذن واحد ، ال كثرة فيه "

. 137، 136ینظر : سالم عبد الرزاق سلییمان المصري ، شعر التصوف في االندلس ، صص -1 . 11عبد المنعم الحفني ، المعجم الصوفي ، ص -2

. 31عفیف الدین التلمساني ، الدیوان ، ص -3 . 29الغبریني ، عنوان الدرایة ، ص -4

. 50المصدر نفسھ ، ص -5 المصدر نفسھ ، الصفحة نفسھا . -6 . 139سالم عبد الرزاق سلیمان المصري ، شعر التصوف في األندلس ، ص -7 141المرجع نفسھ ، ص -8

95

و مجموع ما ظهر وما بطن وال " يرى أصحاب هذا التيار أن اهللا هالوحدة المطلقة : -شيء سوى ذلك ، وكل ما نراه في الوجود ما هو إال أوهام يعتقدها الضمير ،... ظهر

، وهما الشوذية و ظهرت في 1هذا االتجاه في المغرب األوسط متمثال في طريقتين"الحلوي ، المتوفي أوائل القرن السابع تلمسان نسبة إلى مؤسسها عبد اهللا الشوذي

، و السبعينية التي ظهرت في بجاية نسبة إلى ابن سبعين وهو أبو محمد عبد 2يالهجر .3ه 669الحق بن إبراهيم بن محمد بن سبعين الصوفي المتوفي سنة

ورغم سيطرة االتجاه السني في تصوف الجزائر على مدى القرون المعنية بالدراسة جزائر بعض األسماء التي ارتبطت (السابع والثامن ، و التاسع الهجرية ) فقد عرفت ال

بهذه األفكار من بينهم : أبو مدين شعيب ، عفيف الدين التلمساني ، محي الدين بن عربي نبدأ ؛ ، ابن سبعين، الششتري ، أبو الحسن الحرالي ، و أذا أردنا أخذ نماذج شعرية عنها

بأبي مدين شعيب الذي يقول : كقلن عيت بعافإذا نظرروصم اتلى الذوع اهوئا سشي تجد لم

4وإذا طلبت حقيقة من غيره فبليل جهلك ال تزال معثرا و يقول من ( الكامل ) دائما :

الوجود الحي إال اهللاهللا ربي ال أريد سواه هل في الهلو هرغي دوجي ل كاننا هاتذو اموا ق5ذات اإلله به

و يتراءى لنا بوضوح تعبير أبي مدين عن وحدة الوجود ، رغم ما يالحظ من تداخل ول شاعر الوحدة المطلقة بين معاني وحدة الوجود و الشهود و الوحدة المطلقة ، كما يق

عفيف الدين التلمساني معبرا عن فكرته : فأول أنت من قبل الظهور لنا وآخر أنت عند النازحالنائي وباطن في شهود العين واحده و ظاهر المتيازات اإلبداء

6و أنت نطقي ، والمصغي، لنجوائي أنت الملقن سري ما أفوه به

. 147الھجریین ، ص 7و 6الجزائر خالل القرنیین الطاھر بونابي ، التصوف في -1

ینظر: المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا . -2 . 209ینظر : الغبریني ، عنوان الدرایة ، ص -3 . 141محمد الطاھر عالوي ، العالم الرباني سیدي أبو مدین شعیب ، ص -4 .المرجع نفسھ ، الصحة نفسھا -5

. 32یوان ، ص عفیف الدین التلمساني الد -6

96

وممن عاشوا في الجزائر في القرن السادس إلى السابع الهجري محي الدين بن عربي، وقد تأثر بالمناخ الثقافي آنذاك كما أثر في رجال التصوف الذين عاصروه ، وله

ه:هذا البيت الذي يعبر فيه بقوة عن هذه األفكار ، يقول في 1وما الوجه إال واحد غير أنه إذا أنت عددت المرايا تعددا

التجيبي في السياق ذاته : ويقول أبو الحسن الحرالي 2أشرقت أنفسنا من نوره فوجود الكل عن فيض الكرم

تداخال كبيرا بين النظريات الفلسفية في التصوف حيث يفنى الصوفي والدارس يجد في الذات اإللهية معلنا عن حب ال نظير له لخالق األكوان الذي يحل في كل الخالئق و تتجلى أنواره فيضا على كل الوجود ، حتى ال يرى غير اهللا ، لتكون الذات اإللهية

حضورا مطلقا ، على هذا الشكل يتلخص وحدها مشهودة في الوجود حاضرة دائمامضمون األفكار الفلسفية في الشعر الصوفي ، و إن كان من الجائز أال نطلق عليها موضوعات اعتبارا لعدم استقالليتها ، إذ نجدها ضمن غرض الحب اإللهي لدى صوفية

صوف في في نخبة معينة من أهل الت –كما ذكر سالفا –االتجاه الفلسفي ، الذي ينحصر الجزائر خاصة في القرن السابع الهجري ، بالنظر إلى انتشار التصوف السني الرتباط سكان المنطقة بالكتاب الحكيم و السنة النبوية الشريفة ، وقد حد من انتشار التصوف الفلسفي محاربة الفقهاء له ، و نحن نعرف أن الخمسية الهجرية الثانية عرفت انتشارا

كبيرا للفقه .و شعراء التصوف في تغزلهم بالذات اإللهية ، ووصف حاالت السكر التي يعيشونها،

معبرين عن تجلي الذات اإللهية في دواخلهم و في الوجود من حولهم ليسوا سوى رحالة يقطعون المسافات في حنين دائم للحبيب وهو محور موضوع الشعر الصوفي الموالي .

الصوفي ، سعيا إلى الوصول إلى الكمال ، فإلى جانب سفر دائم يعيشهالرحلة : - 4الحب اإللهي نجذ "موضوعة الرحلة األكثر حضورا و تكرارا في العمل األدبي الصوفي

، يقول 3...لما لها من دور في إخراج المعاني الذوقية الصوفية من المجرد إلى المحسوس" أبو مدين شعيب في هذا: ( الطويل )

لبلدان حين سبيتني و بت بأوجاع الهوى أتقلبتذللت في ا

. 91، ص 1997محي الدین بن عربي ، فصوص الحكم ، شرح : عبد الرزاق القاشاني ، دار التوفیق النموذجیة للطباعة ، مصر ، طبعة -1 . 78الغبریني ، عنوان الدرایة ، ص -2

. 91مختار حبار ، شعر أبي مدین التلمساني ، ص -3

97

ذبعي اكوا في هقلب و أترك داح1فلو كان لي قلبان عشت بو و يقول أيضا : ( من البسيط )

سفينه جسمي النحيل ركبت بحرا من الدموع 2فمزقت ريحه قلوعي مذ عصفت ساعة الرحيل والرحلة هي دائما وسيلة إليصال الشوق للمحبوب و التعبير عن التذلل ، من ذلك قول

عفيف الدين التلمساني: (من الطويل ) : بي إنه قلب طائرلطائر قل تمنى أماني المشوق المسافر

3عشي مصيف في رياض منازل لناظر قوس عاليات المنابر إلى أن يقول :

لعلك ياريح الجنوب مجانب سوانا ، فزرنا اليوم ياخير زائر ع لهم سار على الجفن سائرأال إن في النائين عنا لمطمعا لسا

4يود لو أن الفلك يحمل شوقه فيبعث فوق الماء نار الضمائرية سامية توصل إلى الحبيب ، ووسيلة للرقي نحو عوالم طيفالرحلة مجال للبوح بالشوق

التي ، وهي الفرصة للتعبير عن الحنين للمحبوب وهو آخر موضوعات التصوفاألعلى سنتناولها .

الطلل والحنين : - 5يرفض الصوفي العالم المادي ، مع رغبة ملحة في الوصول إلى عالم يسمو فيه إلى

العلياء، لذا يعيش دائما في شوق للقاء المحبوب ، يشتكي من ألم الفراق ، فهو توق إلى موطن آخر غريب، يبدو الذات اإللهية ، كما أن " نزوح الشاعر من موطنه ، وإلفه إلى

معادال موضوعيا موائما تمام المواءمة لهبوط الروح من عالم األرواح إلى عالم األشباح ، وحنين الشاعر إلى موطنه األصلي و توقه للعودة ، يبدو معادال موضوعيا لحنين الروح

يقول ، وفي هذا5إلى عالم األرواح وتوقها للعودة حيث كانت تنعم قبل أن تكون لتشقى"

. 152سیدي أبو مدین شعیب ، ص محمد الطاھر عالوي ، العالم الرباني -1 .81أبو مدین شعیب ، الدیوان ، ص -2

. 116عفیف الدین التلمساني ، الدیوان ، ص -3 المصدر نفسھ ، الصفحة نفسھا . -4 . 97مختار حبار ، شعر أبي مدین شعیب التلمساني ، ص -5

98

و 558محمد بن اللحام التلمساني وقد كان مولده بتلمسان ونشأ بها ، و عاش بين سنتي . 1هجرية 614

غريب الوصف ذو علم غريب عليل القلب من حب الحبيب جنن ييشكو بمي وكبي يبإذا ما الليل أظلم قامالنح نم

يقطع ليله فكرا وذكرا وينطق فيه بالعجب العجيب به من حب سيده غرام يخل عن التطبب و الطبيب 2ومن يك هكذا عبدا محبا يطيب ترابه من غير طيب

لى الطلل و حنين للقاء األحبة ، يقول بن الجنان :وبين بكاء ع 3فهل لديك عن األحباب من خبر وهل نزلت بذاك الربع والنادي

و يقول أبو مدين شعيب : قصيا لست أنسى األحباب مادمت حيا مذ نأوا للنوى مكانا

وتلوا آية الوداع فخروا خيفة البين سجدا وبكيا 4ولذكراهم تسيحوا دموعي كلما اشتقت بكرة وعشيا

هم ، وهي رغبة هو وصف لحال الصوفي في شوقه و حنينه ألحبته ، ورغبته في لقائ الصوفي الدائمة في الوصول إلى الحضرة اإللهية ، وفي هذا يقول عفيف الدين التلمساني:

أسكرت بان الحمى يانسمة السحر فهل أتيت من األحباب بالخبر؟ نعم مررت بذاك الحي ، فاكتسبت ذيول بردك ريا نشره العطر!

5بين البان و السمر –فديتك –ا نوق روحي بروحي للحمى ، وقفي به ي إلى أن يقول :

6شمس ومطلعها ذاتي ، و مغربها بين السوادين من قلبي و من بصري! و مع هذه بين حب وحنين يعيش الصوفي في عروجه إلى حضرة الذات العليا ،

التجربة يولد الصوفي ميالدا آخر ، فإذا " كان خروج اإلنسان إلى هذا العالم يسمى ميالدا

. 172لى آثار أدباء الجزائر ، ص ینظر : محمد بن رمضان شاوش و الغوثي بن حمدان ، إرشاد الحائر إ -1 . 28، 27، صص 1یحي بن خلدون ، بغیة الرواد ، ج -2

. 303الغبریني ، ص -3 . 62أبو مدین شعیب ، الدیوان ، ص -4 109عفیف الدین التلمساني ، الدیوان ، ص -5 .المصدر نفسھ ، الصفحة نفسھا -6

99

طبيعيا، فخروج الصوفي إلى العالم الروحي الذي يتحكم فيه وعيه السامي يسمى ميالدا ، وفي مسحة صوفية أخاذة يحكي ابن خميس قصة شوقه قائال :1روحيا "

من أثال كأنه في جنح ليلي ذبال أرق عيني بارق 2أثار شوقا في ضمير الحشا وعبرتي في صحن خدي أسال

هي غاية الصوفي الوصول إلى الحضرة اإللهية ، وهو يصف شوقه وحنينه ، فكان هم متجلية في الحب اإللهي، الشعر الصوفي حامال لمشاعر الصوفية معبرا عنمواجيد

والسكر ، والرحلة ، والطلل والحنين ، وسط فيض نوراني عرفاني صنعه الصوفية من أصحاب االتجاه الفلسفي ، هذه هي المحاور الكبرى التي شكلت الجانبالموضوعاتي في شعر التصوف في الجزائر ؛ و إن سجلنا سيطرة لالتجاه السني ألسباب ذكرناها سابقا من

يث التوجه ، وسيطرة الحب اإللهي من حيث الموضوع ،و الذي يعد المحور األساسي ح وتأتي األغراض أو المضامين األخرى لتتعانق معه وتدور في فلكه .

ومهما يكن من أمر فالتصوف " اإلسالمي هو خالصة الحكمة في اآلداب اإلسالمية القلبية في الفكر اإلسالمي و يعتبر ثروة والفضائل النبوية وهو زبدة الدراسات النفسية و

وثورة فكرية و ثقافية و أدبية ضخمة (...) كما أن الصوفية هم اللذين ارتفعوا باألدب وجعلوه سالحا نبيال للدعوة إلى اهللا ، فهو أدب صادق يصدر عن تجربة حية عاشها

حبا و إشراقا وسموا الصوفيون بين الحلم و اليقظة و بين األمل و األلم ، فهو أدب يفيض و إبداعا، واألديب الصوفي يتسامى كماال و طهرا بتعابيره اإليمانية ونشواه الوجدانية

.3وحبه للذات اإللهية "وتبقى اإلشارة إلى أن أصول التصوف إسالمية استمدت من القرآن الكريم و السنة

كما تحول الوصف المعروف النبوية ، و الغزل اإللهي ليس سوى تطورا للغزل العذري في الشعر العربي القديم إلى وصف الذات اإللهية ، فيما تطور المدح العربي إلى المدائح

لنا أن نتساءل عن صلتها بالتصوف ، سؤال –هنا –وعلى ذكر المدائح النبوية ، 4النبويةنجيب عنه بعرضنا لثالث موضوع من موضوعات الشعر الديني، بعد الزهد والتصوف

وهو المدائح النبوية و المولديات .

. 23یة في اإلسالم ، دار الشعب للطباعة و النشر ، بیروت ، ( د ت )، ( د ط ) ، ص أبو العالء عفیفي ، التصوف الثورة الروح -1 . 257طاھر توات ، ابن خمیس التلمساني حیاتھ و شعره ، ص -2

. 152، 151فاطمة داود ، " التصوف اإلسالمي مفھومھ و أصولھ ، مجلة حولیات التراث ، صص -3 . 152ینظر: المرجع نفسھ ، ص -4

100

الثالث : شعر المدائح النبوية و المولديات . مبحثالتيمنا بالرسول الكريم صلى اهللا عليه وسلم أردنا أن يكون الختام مسكا في عرضنا

لموضوعات الشعر الديني ، هذا أوال ، و ثانيا لما الحظناه من صلة للتصوف بالزهد من لمدائح النبوية من ناحية أخرى، وثالثا وكما ذكرنا سالفا فحياة المسلمين ومنذ ناحية ثم با

البدء ارتبطت بالزهد فبدأنا به ، فمعظم أعالم الشعر الديني عبروا عن الزهد الذي هو من سمات عهد النبوة ، ثم نهجوا طريقهم إما تصوفا أو مديحا نبويا ، و من هؤالء الشعراء

عات جميعها .من تناول هذه الموضووالمهم اآلن أن الباعث الديني قوي التأثير في خلق التجربة لدى األديب ، وقد كان

الدين وما يزال ملهما للشعراء ، وفي ظل هذه المكانة للدين لدى المسلمين العرب ، كيف سيكون أثر شخصية الرسول محمد صلى اهللا عليه وسلم على الشعراء ؟

وي نشأ مع صحابة رسولنا الكريم مثل حسان بن ثابت و عبد اهللا بن وإذا كان المديح النبرواحة و غيرهما ، فقد عرف تطورا بمرور الزمن ، إذ كانت له مكانته في كل العصور اإلسالمية بعد عصر صدر اإلسالم ، من العهد األموي إلى العباسي ، لينتشر في كل

ها بالد المغرب األوسط التي احتضنت البقاع اإلسالمية، وبالد المغرب العربي بما فيبدورها هذا اللون من اإلبداع الشعري والقى اهتماما كبيرا من قبل الشعراء و المتلقين

معا ، وهذا يفسر بأهمية الدين اإلسالمي في حياة سكان هذه المنطقة .وقبل عرض مالمح شعر المدائح النبوية وكذا المولديات في الجزائر في القرون

مفهوم المدائح النبوية محددين ظروف نشأتها في -أوال – نعرض لمعنية بالدراسية ،ا ثم في المغرب العربي وفي الجزائر بوجه خاص . ،المشرق العربي

مشرقا ومغربا –: مفهوم المديح النبوي ونشأته في الوطن العربي أوالر الديني ، وحسب ما تراثا شعريا مهما في ميدان الشع –إذا –لقد خلف السلف

تناولناه سابقا ، فالصبغة الدينية التي ميزت هذا الشعر أمر طبيعي اعتبارا للسيطرة الروحية للدين التي كانت تمأل قلوب األدباء و الشعراء ، و إذا كانت ظروف معينة اجتماعية وسياسية وغيرها دفعت إلى التوجه نحو الزهد الذي عبر عنه الشعراء بصورة

في اإلبداع ، ثم طبيعة اإلنسان في حب الخالق و إجالله ومدحه و الحديث عن غاية عظمته من األسباب التي فتحت الباب للتصوف ؛ فإن المسلمينفي كل البقاع اإلسالمية

101

وسلم و وبرحابة صدر أحبوا من جاء مبشرا برسالة اإلسالم سيدنا محمد صلى اهللا عليهالتعبير عن هذا الشعور ، ونسب من الشعر للقيام بهذه المهمةأ، وليس احتفوا به أيما احتفاء

الديني المتعلق برسول اهللا عليه الصالة و السالم ، فكانت التجربة الخالقة مع مدح النبي الكريم وقد أبدع الشعراء على مدى عصور متعاقبة منذ البعثة إلى عصرنا هذا.

حق عهد المدائح النبوية و المولديات ، فقد ونستطيع أن نقول أن العهد الزياني كان ب شاع فيه إحياء ذكرى مولد النبي الكريم ، إذ كانت تقام احتفاالت كبيرة يصدح فيها الشعراء بقصائد في مدحه صلى اهللا عليه وسلم ، كل هذا نتج عن الباعث الديني القوي

اقبة وقد اهتم به الذي هيأ الظروف لنشأة هذا الشعر و القول فيه على مدى قرون متعالحكام واألدباء، و حتى العامة الذين كانوا يتغنون بفضائل المصطفى صلى اهللا عليه وسلم ، فتبلور مع الوقت فن المديح النبوي الذي له مضامينه و سماته ، التي ميزته عن المدح

المعروف منذ العهد الجاهلي . مفهوم المديح النبوي : – 1

؛ووصفه بأحسن األوصاف واإلشادة بفضائله وسماته الخلقية ص،إبداء اإلعجاب بشخ فالمدح هو " فن الثناء و اإلكبار و االحترام ، قام بين ؛هو ما يعنيه المدح بوجه عام

إذ رسم نواحي ؛فنون األدب العربي مقام السجل الشعري لجوانب من حياتنا التاريخية وشجاعة القواد ، و ثقافة العلماء ، فأوضح عديدة من أعمال الملوك ، وسياسة الوزراء ،

ما -صادقا أوكاذبا –بذلك بعض الخفايا وكشف عن بعض الزوايا ، وأضاف إلى التاريخ لم يذكره التاريخ ، فساعد على إبراز كثير من الصفات و األلوان لم تكن تعلم لواله ،

فجعلهم في مصاف وزاد في شهرة أناس كثيرين أحاطهم بالرعاية ورفعهم إلى الذروة، فللمدح دور عظيم في 1األعالم ، و أغفل زمالء لهم كانوا أحق بالذكر و أجدر بالشهرة "

الرفع من شأن هذا و التقليل من شأن ذالك.و المدح من أغراض شعرنا العربي ، برع فيه الشعراء لدرجة أن يطلق على الشاعر

الختالف دواعي المدح من شاعر إلى ؛ اكن لم يكن هذا المدح صادقا دائم"مداحا"، ل معينوقد يمدح خوفا من بطش وغضب ، ، إذ " يمدح الشاعر الممدوح رغبة في المال ؛آخر

أو يمدح لسبب سياسي ، وقد يمدح لسبب ديني كما هو معروف في مدح أهل البيت عليهم

. 5، ص 1992، 5امي الدھان ، المدیح ( من مجموعة فنون األدب العربي ) ، دار المعارف القاھرة ، مصر ، ط س -1

102

ن أن السالم ومدح بعض رؤساء المذاهب الدينية ، وربما يمدح الممدوح إعجابا به دو . 1يطمع من وراء مدحه إلى مال أو جزاء"

إذ يعد غرضا أساسيا ؛والمدح في شعرنا العربي يشغل حيزا كبيرا في الساحة األدبية من أغراض الشعر العربي ، والملتفت إليه " يجده مرتبطا ارتباطا وثيقا بالتكسب والمنفعة

الغ فيه ابتعد به عن معناه األصلي الذي المادية، وهذه الوظيفة حولته إلى تملق و نفاق ، مبكان عبارة عن ثناء بمجرد اإلعجاب بشخصية متميزة ، وهو ثناء ال غبار عليه من الناحية األخالقية (...) وقد كان الحطيئة و النابغة الذبياني مثالين بارزين في العمل على

في كرم الممدوح مستعدا تحويل المديح إلى أداة استرزاق ، يقف من خاللها الشاعر طامعا . 2في الوقت نفسه للخضوع و المداهنة و الرياء"

و تغيرت الوجهة في ، حدث التحول؛ وتحت ظل واقع ديني وأخالقي و فكري مغاير ليرتبط بالصدق الذي هو سبيل النجاة في الدين الجديد فببعثة سيدنا محمد صلى اهللا ؛المدح

ر سيد البشرية الصادق األمين الهادي البشير ، فكانت إنه نو ؛وجود نورعليه سطع على الفال ؛النقلة من مديح عادي ارتبط بالجاهلية إلى مديح نبوي ال يمكن أن يكون إال صادقا

مجال فيه للمجاملة و الرياء ، فكيف عرف الباحثون المديح النبوي ؟ . فهي لون من التعبير عن ؛إن " المدائح النبوية من فنون الشعر التي أذاعها التصوف

العواطف الدينية ، و باب من األدب الرفيع : ألنها ال تصدر إال عن قلوب مفعمة بالصدق واإلخالص ، وأكثر المدائح النبوية قيل بعد وفاة الرسول ؛ وما يقال بعد الوفاة يسمى

سلم رثاء، ولكنه في الرسول يسمى مدحا ، كأنهم لحظوا أن الرسول صلى اهللا عليه و .3موصول الحياة ، و أنهم يخاطبونه كما يخاطبون األحياء "

والمديح النبوي من أرقى الفنون ذلك أن مضمونه روحي عاطفي صادق ، وقد كان وال يزال "فنا أصيال من فنون الشعر الديني ، والمديح النبوي يتعلق بشخصية الرسول

ين وغيرهم ليمدحوه لعظمتها و صلى اهللا عليه وسلم فشخصيته اجتذبت قلوب المسلم، فكان بحق صورة عن األدب الرفيع البعيد عن كل رياء ، "ولهذا النوع الشعري 4سموها"

خطورته في مجال الدعوة اإلسالمية ، فهو شعر ديني ارتبط وتعلق بصاحب الرسالة بت استوج المثل اإلنساني األعلى، والرسول صلى اهللا عليه وسلم شخصية إنسانية فريدة،

. 102م ، ص 2011، 1فاطمة عمراني ، المدائح النبویة في الشعر االندلسي ، مؤسسة المختار للنشر و التوزیع ، القاھرة ،ط -1

. 43زائري القدیم عھد تلمسان الزیانیة ، ( م س ) ص أحمد موساوي ، المولدیات في األدب الج -2 . 17م ، ص 1935زكي مبارك ، المدائح النبویة في األدب العربي ، منشورات المكتبیة العصریة ، صیدا ، بیروت ، -3 . 105فاطمة عمراني ، المدائح النبویة في الشعر األندلسي ، (م س ) ، ص -4

103

المدح و اإلشادة بفضائلها لالقتداء بها و لتصفو النفس بتمليها ، و بذلك كان هذا الفن ، فالمضمون مميز "صادر عن شخصية 1الشعري صادقا نابعا من إيمان راسخ بالنبي"

.2الممدوح السامية و المشتملة على خصائص اإلنسان الكامل"هام الشعراء وحثهم على مناصرة الحق وكما كان الدين اإلسالمي عامال مهما في إل

والذود عنه ، كانت البعثة المحمدية إيذانا بميالد شعر المديح النبوي ، وقد كان في حياته صلى اهللا عليه وسلم حبا له" وإعجابا بشمائله ونصرة لرسالته ، و ظلت دوافع المديح

، وزادت على ذلك فظل النبوي هذه عند الشعراء بعد وفاة الرسول صلى اهللا عليه وسلم، لينتشر هذا اللون الشعري 3الشعراء يمدحونه إلى يومنا هذا و كأنه حي يسمع و يجزي"

انتشارا واسعا ، وقد تضافرت ظروف معينة ساعدت على نشأته واتساع رقعته . نشأة المديح النبوي والمولديات في المغرب األوسط (الجزائر ) : – 2

ن تمهيدا لنشأة التصوف ، فإن أولى قصائد المديح النبوي كانت إيذانا إذا كان الزهد كا بنشأة الشعر الديني على العموم و إذا كانت بعض المراجع تشير إلى أن الشعر الديني كانت نشأته زهدية ، و أخرى تلحق هذه النشأة بأول قصائد المديح النبوي ؛ فإن هذا ال

د أن الحياة الروحية للمسلمين بدأت بالزهد، فيما أول يحدث تنافرا، بل بشيء من التأمل نجصورة للقصيدة الدينية كانت مدحا للرسول الكريم صلى اهللا عليه وسلم منذ البعثة مع أوائل الصحابة وعلى رأسهم شاعر الرسول حسان بن ثابت ، ويمكن القول أنه قبل بعثته

فقد كان الصادق األمين. مدح صلى اهللا عليه وسلم لكرم أخالقه و علو شأنه ،وقد أشرنا سابقا إلى أن اإلسالم ديننا الحنيف لم ينه عن الشعر بشكل مطلق ، و كذا

و إنما يستحسن من الشعر ما كان حسنا يتضمن دفاعا ؛الرسول الكريم لم يذم كل الشعر ر عن عن الحق و يدعو إلى مكارم األخالق ، كما لم يذم شعر المدح مادام صادقا يعب

و التطرق إلى نشأة المديح النبوي في الجزائر ، مشاعر طيبة نقية ، ونظرة صادقةيستدعي البدء باستقراء ظروف نشأته في المشرق العربي ، ثم التحول إلى المغرب العربي لنسقط ذالك على الجزائر ( المغرب األوسط ) ، وقد كان المغرب العربي كتلة

ووسطه . واحدة متجانسة بشرقه و غربه

. 46ي األدب الجزائري القدیم ، ( م س ) ، ص أحمد موساوي ، المولدیات ف -1 المرجع نفسھ الصفحة نفسھا . -2

. 108فاطمة عمراني ، المدائح النبویة في الشعر األندلسي ، ( م س ) ، ص -3

104

إن المدح أحد المحاور الكبرى التي تشكل التجربة الشعرية العربية منذ العصر إن لم نقل وجد مع اإلنسان بالنظر ؛الجاهلي، بل المدح يمتد وجوده إلى عصور غابرة

–مادحا كان أو ممدوحا –إلى التفاوت بين البشر منذ األزل ، ثم لحاجة اإلنسان إليه رفت الشعوب المختلفة المدح ؛ وكان التعبير عنه بصور مختلفة ؛ إذ"ومنذ وعليه فقد ع

نسان ، وشعر باختالف إلارق االجتماعية بينه وبين أخيه افجر التاريخ أحس اإلنسان بالفولذلك سعى إلى ؛المواهب و القيم عند الناس ، ورأى األقدار تضع و ترفع و تعطي وتمنع

فكانت أقواله تعبر عن ؛هم موقف االحترام و التودد رضا من هم فوقه (...) فوقف منالمديح ، وسواء أكان هذا المديح صادرا عن قرارة نفسه أم من أطراف لسانه ، فهو يقر

، و كان 1بالرياسة و الزعامة لمن يتصور أنهم سبقوه بالغنى و الشجاعة و القوة و الفهم" البد من التعبير عن شعور اإلعجاب نثرا أو شعرا .

نسان ن فيها المديح عند اإلوفي الحقيقة ال يمكن تقديم رأي مؤكد عن الصيغة التي كا ومع ذلك وجد على بعض األحجار القديمة عبارات فيها ما يعبر عن الحمد و ؛األول

الثناء لبعض األمم متحدثة عن انتصارات الملوك و القادة ومواهب المتفوقين ، وما تركته معالم أثرية كاألهرامات و القبور و القصور و التماثيل التي أقيمت في األمم القديمة من

مصر، وبابل ، و اليونان و الرومان ، و الهند و الصين ؛ تحمل عبارات بلغاتها المختلفة تشيد بالممدوح و تبين تميزه ، كما مجد اإلنسان األول قوى الطبيعة من البحر و النهر ،

القمر ، و النار و الهواء و الجبال ، ثم األسد و الفيل و والرعد والمطر ، والشمس و الثور ، ليصل إلى تمجيد اآللهة بعبادتها و تقديم الصلوات لها وكل هذا لم يكن سوى صورة من صدور المدح ، فعلى جدران المعابد القديمة في مصر اكتشف الباحثون كتابات

حهم، أيضا بالكتب القديمة للهند تحمل دعوات وعبادات فهم من خاللها أدبهم و مديوالصين وجدت مثل هذه العبارات التي تمجد الزعيم الكبير، و كذا في األدب الفارسي القديم و أساطير اليونان والروم ، كل عبر بطريقته و أشاد بالقوي و الشجاع أو لنقل أنهم

النماذج المعبرة عن مجدوا المتميز أو المثل األعلى ، و التاريخ لم يغفل الكثير من هذه .2هذا و المالحم المشهورة كاإللياذة و األوديسة أحسن مثال

. 7سامي الدھان ، المدیح ( مجموعة فنون األدب العربي ) ، ص -1

. 9، 8، 7المرجع السابق ، صص ، سامي الدھانینظر : -2

105

ومع حلول القرن الخامس عشر الميالدي شاع لدى الغرب المديح و أصبحوا ينشدونه في فرنسا، في شعراء التروبادور –على سبيل المثال -في أشعارهم ، وهو ما ذهب إليه

ومنها –حسب اعتقادات األمم السابقة –ها ما هو متصال بالدين كان من ؛ألوان المديح هذه . 1ما كان للدنيا

يعد المديح أشهر و أهم فنون الشعر على اإلطالق ، و ففي الوطن العربي أما صفحات التاريخ التي تحكي عن أيام العرب منذ العصر الجاهلي خير دليل على ذلك ،

مشيدا بالسادة و الزعماء واألجواد، ؛ته معبرا عن قيمهاوقد كان الشاعر يشدو مادحا قبيلوكانت السمة الغلبة على هذا الشعر التملق و الرياء ألنه في معظمه كان يهدف إلى التكسب، فهؤالء الشعراء من أمثال الحطيئة و النابغة الذبياني كمن يبيع سلعة، يعرضون

، وقصيدة المدح 2ا ينافي األخالققصائدهم على مسامع السادة ألجل مقابل مادي وهو مالتي ظهرت في العصر الجاهلي، ما تزال مستمرة إلى اآلن ، وقد ارتبطت في العصر

على الممدوح مثل الفتوة وشرب جاهلية التي كان الشاعر يطلقها "الجاهلي بقيم القبيلة الالعصر بعيدا ، فالمدح إذن كان في هذا3الخمر و المقامرة والتهالك على ملذات الحياة "

عن التعاليم التي جاء بها فيما بعد الدين اإلسالمي الحنيف و إن لم يغب عن هذا الشعر المدح المتعلق بالجود والكرم، أي ما يتعلق بأخالق العرب المعروفة.

هنا أن المدح شهد تطورا على مر العصور ، و التحول األكبر من المهم أن نذكر و ديد، فكان مدح المبعوث رحمة للعالمين، ومع هذا تواصل قول عرفه بمجيء الدين الج

و إن تغير النمط القديم فكثر المدح السياسي ؛ الشعراء في مدح الشخصيات المختلفةخاصة في العهد األموي ، كما كثر في هذا العصر مدح الخلفاء بالتقوى و العدل و العفة ،

التي سادت آنذاك حدث تحول على والحلم، وفي العهد العباسي ونظرا لحياة الترفمستوى القصيدة وتم االنتقال من مقدمة البكاء على األطالل إلى مقدمة لوصف الخمرة و مجالس اللهو والعبث و في هذا الجو كان المادح يخرج الممدوح من هذا اإلطار فيصفه

و الحكام بالحكمة و الورع وعدم التهالك على ملذات الحياة ، و على كل فمدح الخلفاء ، ومهما يكن من 4ارتبط في كثير من األحيان بالتكسب سواء في العهد األموي أو العباسي

. 11، 10ینظر : المرجع نفسھ ، صص -1

43ینظر :أحمد موساوي ، المولدیات في األدب الجزائري القدیم ، ص -2 دراسة في التطور الفني للقصیدة العربیة حتى العصر العباسي ، دیوان المطبوعات الجامعیة ، بن عكنون ، –نور الدین السد ، الشعریة العربیة -3

. 182، ص 2007، 2الجزائر ، ج . 185، 184، 182المرجع السابق ، صص ،نور الدین السد ینظر: -4

106

أمر ففي هذه األثناء كان بالموازة مع هذا ، ينمو المديح الصادق الذي ال رياء فيه إنه المديح المتعلق بالنبي محمد صلى اهللا عليه وسلم .

فهو مهد ؛ي بالمشرق العربي الذي كان سباقاالحديث عن نشأة المديح النبو نستهل البعثة المحمدية و محتضن الرسول الكريم صلى اهللا عليه وسلم ، والمديح النبوي سرعان ما اخترق هذه البيئة ليأخذ مكانته الالئقة به ، التي استمدها من مكانة سيد البشرية الذي

ون في أطراف األرض على جاء ليقرب الناس من كل خير فبعد أن " كان العرب يعيشنظام عجيب غريب ال تجمعهم دولة ، وال يلمهم سلطان و ال ينظمهم قانون واحد ، يدينون طورا بالنصرانية وحينا بالوثنية أواليهودية مشعبة آراؤهم،مختلفة مذاهبهم (...) يحيون

في –سلم صلى اهللا عليه و –على عشائر و قبائل تتناحر و تتصادم (...) فلما ظهر محمد قريش و دعا إلى وحدة العرب و اتحادهم واجتماعهم تحت دين واحد وراية واحدة ، لينقذهم من فوضى تشل حياتهم و حروب تستنفذ قواهم و استعمار يستذلهم و يسترقهم ، هزت دعوته القبائل ورؤساءها ، وبلغت الممالك المجاورة و ملوكها ، فوقفت بين مصدقة

غها ما كان عليه هذا الرسول من تعلق بالحق و الوفاء و القناعة و ومكذبة، حتى إذا بلالتواضع، ومن مقدرة في البالغة والفصاحة و البيان و السياسة ، ومن مكانة في الشجاعة و قيادة الجيوش ، هالها أمره و أذهلها خطره ، فانصرف بعضهم إليه و انصرف بعضهم

.1كما وقف شعراء في الدفاع عنه وامتداحه" عنه، ووقف له شعراء يتصدون للهجوم عليهو يقال قبل ذلك ، و إن كان ما قيل ،نشأ مع بعثته صلى اهللا عليه وسلمفالمديح النبوي

إال أن بعض المراجع ، ا نبويا الختالف الدافع و الهدف قبل البعثة ال يمكن أن نعده مديحشرنا إلى ظروف نشأة هذا اللون من تجعله تاريخا لبدايات شعر المديح النبوي ، و قد أ

، ه النشأة كانت مديحا نبويا وزهداالشعر عند حديثنا عن نشأة الشعر الديني ، ذلك أن هذفبعد ما عرف من مدحه صلى اهللا عليه وسلم قبل البعثة ، من قبل أمه، وجده عبد

بويا حقيقيا و هو ال يعد مديحا ن –المطلب، وعمه أبي طالب و أخته من الرضاعة الشيماء .هللا عليه وسلم لم يبدأ بعد آنذاكذلك أن عهد نبوته صلى ا –

لكن مع البعثة كانت البداية ، ومع هجرته صلى اهللا عليه وسلم كانت االنطالقة الفعلية، وكان حسان بن ثابت من أوائل من مدحه صلى اهللا عليه وسلم ، و كذا كعب بن

تناولنا خالل هذا البحث الحديث عن قصيدة " بانت زهير، وعبد اهللا بن رواحة ، وقد

. 72، 71سامي الدھان ، المدیح ، ( م س ) ، صص -1

107

إذ ؛سعاد " لكعب بن زهير ، وبردة البوصيري ، وغيرهم من الشعراء و عددهم كبير"وتواصل مدح الرسول صلى اهللا عليه ،القى المديح النبوي اهتماما كبيرا على مدى قرون

ابع للهجرة من خالل ما وسلم بعد ظهور بردة كعب إلى أن بلغ أوجه في حدود القرن الر، وهو شاعر الهاشميين في العهد المرواني 1تراكم من هاشميات الكميت بن زيد األسدي"

.2م ، أشهر شعره ديوان الهاشميات 744ه / 126، ت سنة هذا بالمشرق أما بالمغرب العربي ، فإن الفتح اإلسالمي للمنطقة فتح نافذة تشع نورا

بوا بهذا الدين القويم أحبوا رسوله و عبروا عن حبهم له ، وفي على أهلها ، وكما رحالحقيقة ال يمكن الفصل بين نشأة المديح النبوي في المشرق و المغرب العربيين ذلك أن الحياة الفكرية بكل مظاهرها في المشرق كان لها أثر كبير في شعراء المغرب العربي ،

نظرا لبعدهم ؛ب أكثر إلى االتجاه السنيل المغرمع بعض الخصوصيات ، أهمها ميل أهالنسبي عن النظريات الفلسفية ، وصلتهم بالمديح النبوي كانت عقب الفتح اإلسالمي ، لكن

تحدثنا عنها سابقا –في بدايتها لم تكن غير إرهاصات ، إلى أن ظهرت أول نبوية مطولة هذا في نهاية الثلث وهي الموسومة بالشقراطيسية و قد ظهرت في الجنوب التونسي و –

األول من القرن الخامس الهجري و قد جاءت في ثالثة و ثالثين ومائة بيت من البسيط ت تناولت موضوع السيرة النبوية و الفتوحات اإلسالمية في الشرق والغرب ، وقد الق

.اهتماما كبيرا من قبل الدارسينإذ كان دعما لهم في ؛النبوي وظل أهل المغرب اإلسالمي يولون عناية كبيرة للمديح

فعمدوا إلى االحتفاء بميالد المصطفى ،و مساعدا لهم في التصدي للغزو ،ترسيخ الدين .3و إنشاء قصائد تلقى في هذه االحتفاالت ،صلى اهللا عليه وسلم

أما إحياء ذكرى ميالد المصطفى صلى اهللا عليه وسلم فهي ظاهرة عريقة في األدب ل من المشكالت األساسية في هذا األدب ، ذلك أن العهد الزياني رسم الجزائري ، ب

صورة واضحة المعالم في هذا المجال حتى لنكاد نطلق عليه عصر المولديات ، وإذا انطلقنا من المشرق وجدنا أنه " ابتداء من القرن السادس للهجرة أصبح للرسول الكريم

و مركز الثقل فيها إلى درجة أن قصائد كاملة فقد أضحى ه ؛دور آخر في قصيدة المديح ، من ذلك ما ميز العصر األيوبي من عناية 4كان هو موضوعها من البداية إلى النهاية "

المرجع السابق ، ص، سامي الدھان ، المدیح 27. -1

2-ینظر : المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا .. 34، 31، 30، صص ابقسلمرجع الا سامي الدھانینظر : -3

. 56أحمد موساوي ، المولدیات في األدب الجزائري القدیم ، ص -4

108

بمختلف العلوم اإلسالمية خاصة بالحديث و السيرة النبوية ، و تعظيما للسيرة النبوية يما له بعد تأليفه كتاب يروى أن حاكم إربل دفع ألفي دينار البن دحية األندلسي تكر

"التنوير بمولد السراج المنير"وقد كان مظفر الدين كوكبوري يحتفل باربل بمولد المصطفى صلى اهللا عليه وسلم وسط حفل بهيج يحضره الصوفية ، و الشعراء والفقهاء، وكان هذا

الحتفال مجاال للتشجيع على نظم قصائد في مدح الرسول الكريم و السيرة النبوية ، وهذا ا . 1كان إيذانا بانطالق تقليد االحتفاء بمولده صلى اهللا عليه وسلم

ومع ذلك فقد التف حوله ؛اختلفت اآلراء بين مشجع لهذا التقليد ، و رافض له قد و ليستمر إلى اآلن جامعا المسلمين على حب الرسول ؛الكثيرون من الخاصة و العامة ية ، و أبو العباس العزفي في المغرب " يعد من األوائل الكريم و البحث في سيرته الزك

هناك في سن االحتفال بالمولد النبوي وهو موضوع التف حوله الناس و ابتهجوا به ، وقد رد المنظم في مولد النبي المعظم " ، و الذي أتمه بعده ابنه أبو وأنجز هذا الرجل كتابه" ال

لموحدي ، فتوسعت بعد ذلك ظاهرة االحتفال القاسم صاحب سبتة و أهداه إلى الخليفة ا . 2بالمولد وفتح الباب على مصراعيه للشعراء لدخول حلبة التنافس"

بداية عهد االحتفال في المغرب العربي كانت في القرن السابع الهجري ، و قد إن ز في إلى الدولة الزيانية التي كان لها دور بار ، لننتقل3ه 677كانت وفاة العزفي سنة

ففي الجزائر و على مدى القرون ؛توسيع نطاق هذا التقليد ، و إحاطته بهالة من العظمة و جعلت من المولديات ،السابع، الثامن ، و التاسع الهجرية صنعت الدولة الزيانية الحدث

ه ) 791 –ه 723وقد كان عهد أبي حمو موسى الثاني ( ،مصدرا لتراث أدبي زاخرفقد " كان يقوم ؛، وكانت المولديات هي السمة األدبية المميزة لعصره يشع ثقافة وأدبا

بحق ليلة مولد المصطفى صلى اهللا عليه وسلم ، ويحتفل لها بما هو فوق سائر المراسم ، يقيم مدعاة يحشر لها األشراف و السوقة ، فما شئت من نمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة

على مراتبهم ، تطوف عليهم ولدان قد لبسوا أقبية وشمع كاألسطوانات، وأعيان الحضرة ، ليس هذا فقط إنما هذه 4الخز الملون ، و بأيديهم مباخر و مرشات ، ينال منها كل بحظه"

الليلة في عهد أبي حمو كانت بحق ليلة خارقة فاقت كل وصف تلقى خاللها قصائد في والمسمع قائم ينشد أمداح سيد مدح المصطفى ، ويقدم فيها ما لذ وطاب من الطعام ، إذ "

ینظر: المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا . -1 . 66المرجع نفسھ ، ص -2 . 68ینظر: المرجع نفسھ ، ص -3

. 162بني زیان ( م س ) ، ص محمد بن عبد هللا التنسي ، تاریخ بني زیان ملوك تلمسان ( مقتطف من نظم الدرو العقیان في بیان شرف -4

109

المرسلين و خاتم النبيين سيدنا و موالنا محمد صلى اهللا عليه وسلم ، ثم يؤتى آخر الليل بموائد كالهاالت دورا، والرياض نورا،قد اشتملت من أنواع محاسن المطاعم على ألوان

شره مبصرها تشتهيها األنفس ، وتستحسنها األعين ، وتلذ بسماع أساميها اآلذان ، و يللقرب منها ، و التناول و إن كان ليس بغرثان ، والسلطان لم يفارق مجلسه الذي ابتدأ جلوسه فيه ، وكل ذلك بمرأى منه ومسمع حتى يصلي هنالك صالة الصبح ، على هذا األسلوب تمضي ليلة مولد المصطفى صلى اهللا عليه وسلم في جميع أيام دولته أعلى اهللا

، وشكر له في ذلك صنعه الجميل آمين ، وما من ليلة مولد تمر في أيامه مقامه في عليين، إال ونظم فيها قصيدا في مدح المصطفى صلى اهللا عليه وسلم أول ما يبتدئ المسمع في

.1ذلك الحفل العظيم بإنشاده ، ثم يتلوه إنشاد من رفع إلى مقامه العلي في تلك الليلة نظما "مدائح التي تلقى ليلة المولد النبوي ، و تحتوي على مدح الرسول و"المولديات هي ال

لهاو؛ 2صلى اهللا عليه وسلم ومدح األمير الذي ينتظم حفل المولد بأمره أو بحضوره"مظهر ديني ، كما لها أثر من جانب آخر في إثراء الوسط األدبي، نتيجة لتباري الشعراء

.3ر الدينية ، والمعبرة عن الفضائل المحمديةو تنافسهم في نظم القصائد الحاملة للمشاعإن المديح النبوي و المولديات ارتبطت بشخص الرسول الكريم ، بدافع ديني،

فكيف ظهرت شخصية الرسول الكريم لدى ؛واعتبارا لكون الشعر الصوفي شعرا دينيا .ل صوفي عميقالمتميزة إال بشك الصوفية ؟ واألكيد أنه لن يكون تناولهم لهذه الشخصية

صلة المديح النبوي بالتصوف :-ثانيافي حديثنا عن مفهوم المديح النبوي أوردنا ما قاله زكي مبارك عن أن المديح النبوي

وقد مدح النبي صلى اهللا –أذاعه التصوف ؛ و إن كان ليس كل المديح النبوي تصوفا ن االعتبار ، ألن فن المديح نأخذ هذا الرأي بعي –عليه وسلم الصوفي و غير الصوفي

السامية و المشتملة على النبوي "مرتبط بمضمون سام صادر عن شخصية الممدوح ، من هذا المنطق يكون المديح النبوي مجاال ينقل الشاعر إلى 4نسان الكامل"خصائص اال

عوالم مثالية، فحدث نوع من التداخل بين الشعر الصوفي و شعر المدح النبوي على أن الصوفية في تعبيرهم عن مواجيدهم و أحوالهم ، و في جو ديني ذكروا النبي اعتبار

. 164، 163، صص ، ھسالمرجع نف -1

. 135فاطمة عمراني ، المدائح النبویة في الشعر األندلسي ، ( م س ) ، ص -2 . 139ینظر : المرجع نفسھ ، ص -3

. 46أحمد موساوي ، المولدیات في األدب الجزائري القدیم ، ( م س) ، ص -4

110

الكريم فوصفوه بالقطب األكبر ، و الغوث ، ومنبع األسرار و غير ذلك من العبارات التي انسجمت مع مصطلحات صوفية أخرى لتجعل نص المديح النبوي يعبق بالصوفية و بكل

هنا تغلغل الرمز في المديح النبوي و عرف لدى ما فيها من روحية وجدانية ، ومن الصوفية ما يسمى بالحقيقة المحمدية وهي " فكرة صوفية تربط بين الحقيقة المحمدية و بين خلق الوجود ... فالرسول في وجوده أسبق من وجود العالم ومن خلقة آدم قبل أن

سول ومن آياته ، وهي يتجسد ، وأن وجود العالم وظهور آدم إنما هما من عالمات الرنظرة صوفية بحتة تجعل الرسول مدار الكون ومحور الذي بدونه ال يستقيم العالم ، و أنه

.1"شأته و لواله لم يخلق هذا العالمسابق للوجود في نوقد أسهم التصوف في انتشار المدائح النبوية ، إذ كلما تغنى الصوفية بالذات اإللهية،

، ومن 2، بل قد أكثروا من مدحه صلى اهللا عليه وسلم في أشعارهم مدحوا الرسول الكريمهنا تتضح تلك الصلة الوثيقة بين المديح النبوي و التصوف ، بحيث أخذت الكثير من القصائد في المديح النبوي الصبغة الصوفية ، وهو أمر طبيعي ، إذ نجد الكثير ممن

ث اشتملت أشعار الصوفية على الكثير عرفوا بمدح الرسول متصوفة و العكس صحيح حيمن الشعر في مدح المصطفى عليه الصالة و السالم ، ومن نماذج التعانق بين المديح النبوي و التصوف، قول ابن الخلوف القسنطيني أحد أبرز شعراء المديح النبوي في

" خير الجزائر في القرن التاسع الهجري وديوانه " جني الجنتين في مدح خير الفرقتين : )من الوافر(دليل على ذلك ، يقول

حبيب الحق خير الخلق طه إمام الرسل درى الدراري هالل الكون مصباح الدياجي صباح األفق ، شمس ضحى النهار

3غمام الجود ، كنز االدخار رياض األمن ، مفتاح المعالي الدراري"، "درى م هووبشيء من التأمل نستشعر نفحات صوفية، فالرسول الكري

، وكلها مصطلحات توحي بسطوع الجمال "مفتاح المعالي" ،و"غمام الجود" ،"صباح األفق"يا، فإنه قد اتكأ المحمدي على الكون ، فهو مدار الكون ، و الشاعر و إن " لم يكن صوف

. 4على المعجم الصوفي لتوظيف مصطلحاتهم للتعبير عن بعض أفكاره"

. 63لشعر الدیني الجزائري الحدیث ، ( م س ) ، ص عبد هللا الركیبي ، ا -1

. 93ینظر : رغداء الحمصي ، أطیاف من العشق اإللھي ، ( م س ) ، ص -2 . 74ابن الخلوف القسنطیني ، دیوان جني الجنتین في مدح خیر الفرقین ( م س ) ، ص -3

تین المعروف بدیوان اإلسالم ، دیوان المطبوعات الجامعیة ، بن عكنون العربي دحو ، ابن الخلوف ودیوانھ جني الجنتین في مدح خیر الفرق -4 . 123الجزائر ، ( د ط ) ، ( د ت ط ) ، ص

111

ويمكن أن نشير أخيرا إلى أنه وكما كان للزهد صلة وثيقة بالتصوف، فللمدائح النبوية أيضا صلة عميقة بالتصوف ، ذلك أن القرون السابع ، الثامن ، والتاسع الهجرية كانت

كان الشعراء من غير الصوفيين يتخذون من المعجم الصوفي متكأ قرون تصوف ، وكما للتعبير عن حبهم للرسول الكريم ، كان الشعراء من الصوفيين يعيشون حياة زهد متخذين من الرسول الكريم قدوة فعبروا عن تأثرهم به وحبهم له فأنتجوا مادة أدبية زاخرة تعبق

و المديح النبوي شكلوا معا ،ا الزهد، التصوفبحب اهللا تعالى وحب رسوله الكريم ، وهكذأدبية عبرت بصدق عن الصبغة الدينية التي ميزت الحياة السياسية،االجتماعية و فسيفساء

األدبية في الجزائر على مدى القرون الثالثة المذكورة سالفا ، ومهما يكن من أمر ، فالمدائح النبوية ووسط مناخ صوفي أخاذ ، تعددت مضامينها .

ابع قرون السمضامين المدائح النبوية في الجزائر في ال -ثالثا ة :والثامن و التاسع الهجريـ

عرفت المدائح النبوية انتشارا كبيرا في الجزائر، وقد يكون من أبرز أسباب هذا االنتشار المولديات التي صنعت الحدث بامتياز ، حيث أوالها الحكام اهتماما كبيرا، و

ن شأن هذه المنافسة أن التف حولها العامة ، فكانت مجاال للمنافسة بين الشعراء ، ومتثري الساحة األدبية الجزائرية بنتاج غزير و جميل في مدحه صلى اهللا عليه وسلم ، و قد تنوعت صور مدح المصطفى عليه الصالة و السالم من شاعر إلى آخر ؛ ذلك أن لصور

–ومنذ القدم–مدح الرسول الكريم أنواع عديدة ، و بهذه األنواع بث الشاعر الجزائري مشاعر حبه الفياض للرسول الكريم ، وقد خالط حب النبي حب البقاع المقدسة و الشوق لزيارتها مع شوق كبير لزيارة قبر النبي عليه الصالة والسالم هذا النور الساطع على كل

الكون ، أو كما قال الصوفية .ور في إن في هذا إشارة واضحة إلى موضوعات شعر المديح النبوي وهي عديدة تد

فلك حب صاحب الرسالة المحمدية ، و تتوزع عبر أنوع المدائح النبوية التي هي "المدائح ، فأما 1العامة الصرفة ، الشعر في مدح آل البيت شعر التشوق، المولديات والبديعيات"

المدائح العامة الصرفة فتضم المدائح النبوية التي تتطرق لمآثر الرسول صلى اهللا عليه وتستقي من سيرته العطرة ماعبر عن أحواله ، وفضائله، و أخالقه و معجزاته ، وسلم

. 125فاطمة عمراني ، المدائح النبویة في الشعر األندلسي ( م س ) ، ص -1

112

وكل ما يتعلق به من حسن خلقي و خلقي ، في حين قصيدة التشوق فهي تشير إلى تشوق الشاعر و تلهفه لزيارة قبر النبي ، و البقاع المقدسة ، والمولديات نوع آخر من المديح

وكذا البديعيات التي هي قصائد طويلة يلة المولد النبوي الشريف،النبوي مرتبطة بإحياء لفي مدحه صلى اهللا عليه وسلم و قلما تمدح غيره،يتضمن كل بيت فيها لون من ألوان

.1البديع –في معظمها-و أيا كان نوع المديح النبوي فإنه يضم جملة من الموضوعات تعد

بردته التي ظلت مرجعا لمن تاله قد تناول "امتدادا لما جاء به البوصيري ، ففي :موضوعات اآلتية فيهاال النسيب النبوي – 1 التحذير من هوى النفس . – 2 مدح الرسول الكريم . – 3 التحدث عن مولده . – 4 التحدث عن معجزاته .– 5 التحدث عن القرآن الكريم . – 6 التحدث عن اإلسراء و المعراج . – 7 هاد الرسول و غزواته .التحدث عن ج – 8 التوسل و التشفع . – 9

2المناجاة و التضرع ." – 10هذه الموضوعات يطلق عليها البعض األغراض ، و يذهب البعض ليعبر عنها

"بالمعاني الشعرية في شعر مديح النبوي أو مجموع العناصر الداللية العالقة بمدح النبي من الشعراء المتزامنين الشاعر الواحد أو مجموعة صلى اهللا عليه وسلم و المتواترة عند

" ، كما أن نسبة وجود هذا 3أوالمتعاقبين و التي تتنوع صورها ، في حال تكرارهاالموضوع في شعر شاعر معين ، تختلف عن نسبتها لدى شاعر آخر ، وأيا كانت التسمية

ديح النبوي ألنها موضوعات أو أغراض أو تيمات أو حتى معاني شعرية ، فهي جوهر الم

. 135، 127، 125، صص ھسینظر : المرجع نف -1 ھـ ) في الزبدة في شرح البردة ، تحقیق : عمر موسى باشا ، الشركة الوطنیة للنشر و التوزیع ، الجزائر ، 984ینظر : بدر الدین محمد الغزي ( ت -2

، والفھرس ، وینظر عند المحقق نفسھ في كتابھ محاضرات في األدب المملوكي و العثماني ، مطبعة اإلحسان 62، 52، 43، في صفحات مختلفة 1981 ) .112قال عن ( العربي دحو ، ابن الخلوف ، ودیوانھ جني الجنتین في مدح خیر الفرقتین ، ص ، ن 365، ص 1976بدمشق

. 41محمد األزھرباي ، المدیح النبوي في الغرب اإلسالمي ، ( م س ) ، ص -3

113

الحاملة ألفكار المبدع ، وهي ال تخرج في الجزائر على مدى القرون الثالثة عما نسب إلى البوصيري ، وقد جاءت موضوعاته ملمة بكل مضامين المديح النبوي ، و سنحاول و

ضعها في محاور كبرى على النحو التالي :ب النبوي ومدح الرسول الكريم أشعار في حب الرسول ومدحه : محور يشمل النسي – 1

من خالل صفاته الخلقية و الخلقية .التوسل وطلب الشفاعة : يمكن أن ندرج تحته مدائح التحذير من الهوى و المناجاة – 2

والتضرع .: ندرج في إطارها التحدث عن مولده صلى اهللا عليه مدائح في سيرة النبي الكريم – 3

جزاته ، والتحدث عن القرآن الكريم ، واإلسراء و المعراج ، ، والتحدث عن معوسلم غزواته صلى اهللا عليه وسلم .جهاده و

الشوق لزيارة قبره صلى اهللا عليه وسلم و البقاع المقدسة : هذا هو المحور الرابع – 4 الذي يستنتج من المدائح النبوية التي عثرنا عليها في جل مراجع هذا البحث.

رسون من بين أغراض المديح النبوي تسميات عدة منها مصطلح ويميز الدا "الحجازيات" و مصطلح "النعاليات" ، فاألول يشير إلى التشوق للبقاع المقدسة ، وأصحابها يعبرون على الخصوص "عن متأجج شوقهم إلى زيارة المقام النبوي ويصورون فيها

لعدم احتمال طول المسافة و عناء شعورهم بالقصور عن إدراك الغاية لقلة ذات اليد أو الرحلة ، و ترجع أقدم النصوص الحجازية الشعرية في الغرب اإلسالمي إلى القرن

، أما مصطلح " النعاليات " يمكن إلحاقه بغرض حب النبي الكريم 1السادس الهجري"، إذ " ومدحه صلى اهللا عليه وسلم ، حيث يتعلق بالتبرك بأثر نعاله عليه الصالة و السالم

يطلق مصطلح " النعاليات" على قصائد و مقطوعات شعرية مدحية خص بها أصحابها ، وهذه المصطلحات تضاف إلى 2النبي صلى اهللا عليه وسلم وركزوا فيها على مدح نعاله "

مصطلحي النبويات ، والمولديات التي عادة ما يتم تداولها كلما تعلق األمر بمدح .والسالم المصطفى عليه الصالة

وهكذا بين مدح الرسول الكريم وذكر صفاته الخلقية و الخلقية ، و التشوق للبقاع المقدسة وزيارة قبره صلى اهللا عليه وسلم ، ووصف فضائله ، و معجزاته وغزواته ،

. 15المرجع السابق ، ص محمد األزھر باي، -1

. 10المرجع نفسھ ، ص -2

114

والتبرك بنعاله ، ثم طلب شفاعته بعد الندم على ما فات و التوسل إلى الرسول الكريم يظل المديح النبوي لصيقا بذات الشاعر المسلم في المشرق ؛لتضرع إلى اهللا تعالىوا

والمغرب ، و يظل سائرا في هذه األغراض التي تمس مختلف الجوانب المتعلقة بالرسول الكريم ، صلى اهللا عليه وسلم ، و هذه األغراض تأتي في مقدمة ثم الموضوع األساسي

عربي دأب على التمهيد لغرضه بمقدمة ، وشعراء المديح فالخاتمة ؛ ذلك أن الشاعر الالنبوي استحدثوا طريقة أخرى غير استهالل القصائد بالنسيب و الطلل و عمدوا إلى االستهالل بوصف تعلقهم بالنبي الكريم و حنينهم إلى موطنه و كذا الدعوة إلى مدحه

الى ووصف الرغبة في زيارة صلى اهللا عليه وسلم مع التوسل إليه و التضرع إلى اهللا تعالبقاع المقدسة ، ثم يأتي الموضوع األساسي المتمحور في مدح الرسول صلى اهللا عليه وسلم وقد يتبع بمدح السلطان في المولدية و بمدح نعاله صلى اهللا عليه وسلم في النعاليات

لى والتوسل إلى ، أما خاتمة المدحية فكثيرا ما تكون في االستغفار و التضرع إلى اهللا تعاالرسول الكريم و الصالة والتسليم عليه و التعلق به عليه الصالة والسالم ، وكذا االقرار بالذنب و االعتراف بالتقصير و أخيرا االفتخار بالمدحية ، وهذه المحطات تحضر أكثر في المولديات لكونها تنظم بمناسبة ذكرى المولد النبوي و تلقى على جمهور خاص ، لذا

.1كان الحرص على تقديمها مكتملة ويمكن اآلن أن نقف عند هذه المضامين في الشعر الجزائري للقرون السابع ، الثامن،

والتاسع الهجرية ،مع التركيز على الشاعرين أبي حمو موسى الزياني الذي عاش خالل ري لكونهما من القرن الثامن ، و ابن الخلوف القسنطيني الذي عاش في القرن التاسع الهج

أعمدة المديح النبوي في تلك الفترة و أشعارهما ستعكس حتما ما تضمنته المدائح النبوية من موضوعات آنذاك ، لكن سنبدأ ببعض ما ورد في المراجع من أشعار في مدحه صلى

.عليه وسلم كتمثيل للقرن السابع اهللا –سبقت ترجمته–التميمي القلعي فمن شعراء المائة السابعة، أبو عبد اهللا بن ميمون

يقول :مجك يسعمخفاق و د كقلبغرم وم كبانوا فؤاد ل أنأج نأم

تهمكب مفي الر من سار عقلبك مد ونجم كمإال أن جس ا ذاكمو وجسم بال قلب فكيف رأيتم عجبا مت ومن قائل في نظمه

. 343ص إلى 291من ص ھ،سینظر: المرجع نف -1

115

فحيث ثوى المحبوب يثوي المتيم لجسم قلبه وال عجيب أن فارق ا رمفؤادي بتذكار الصبابة يض يوم أودعوا وما ضرهم لو ودعواددوا صا أبم كماهسة عفوجا وود لمي كنت أعل الذصللو ونودعي

عو اهللا دعذنب وإني ألدة مو ألثميق وت العتيالب ى أنظرسع وياشد ما يلقى الفؤاد و يكتم ي وصحبه فياطول شوقي للنب

وكثرة ذنبي كيف ال أتوهم حساب وهوله توهمت من طول العتمقلت حقا فاس قدي وقالتم لمفهيو يحصي يثلل تائب مفه

ذلكآوي القرة فجح حضنم ن أوهج نة أوإال ج ا ثممو فأنت شفيع الخلق و الخلق هيم رفع حاجتي إليك رسول اهللا أ

دون الخالئق محرموإني من موا المنىفقد سارت الركبان واغتن فيا سامع الشكوى أقلني عثرتي فإنك يا موالي تعفو و ترحم و يا سامعين استوهبوا لي دعوة عسى عطفة من فضله تتنسم

ة فموبصال وهج ت اللهيصي عوهبنمحتري نل الشكوى ومقبي ن عظيمة ولكن عفو الله أعلى وأعظم وقد أثقلت ظهري ذنوب

اهللا ثم أسلم ر خلقلى خيا عددرم الةي بالصنظم مأخت1و يات في الزهد ومدح الرسول الكريم ، وإذا تأملنا انتقال الشاعر من صنفت هذه األب

االستهالل إلى الموضوع األساسي وصوال إلى الخاتمة ، نجده يبدأ معبرا عن شوقه ولوعته لفراق األحبة متأمال في الوصل، و الحبيب هو رسول اهللا الذي تهفو نفس الشاعر

برؤية البيت العتيق ، وبعد أن بدأ بوصف شوقه لزيارة مقامه داعيا اهللا تعالى أن يكرمهلمحبوبه معبرا عنه للوهلة األولى بشكل مبهم ، يعود ليؤكد أن شوقه للنبي و صحبه ، ليدخل في صلب الموضوع وهو التوسل إلى الرسول الكريم وطلب شفاعته مع اإلقرار

ضرعا إلى اهللا بذنوبه، و يوغل في عرض حالة خوفه ورجائه في العفو و الرحمة ، متتعالى طامعا في مغفرته فرغم عظم ذنوبه فعفو اهللا أعظم ، ليختم بالصالة على النبي

صلى اهللا عليه وسلم.هذا ملمح من مالمح مضامين القصيدة المدحية في الجزائر في القرن السابع الهجري و

ل الكريم هو التي يمكن أن ندخلها تحت إطار " المشفعات " لكون طلب الشفاعة من الرسو

. 35، 34الغبریني ، عنوان الدرایة ، صص -1

116

الموضوع الغالب و المشفعات هي قصائد يكثر فيها " الشعراء من التوسل إلى الرسول .1والتشفع به (...) وتشغل هذه القصائد حيزا كبيرا في موضوع المدائح النبوية"

ومن الشعراء الذين قالوا في المديح النبوي فأحسن الشيخ أبو محمد عبد المنعم بن ن عتيق الغساني " من أهل الجزائر (...) و كان له فقه أدب و علم محمد بن يوسف ب

بالفرائض وأحكام لصناعة الوثائق (...) و كانت له نزاهة ووجاهة ونباهة و ديانة ، ومن شعره في وصف فضل شفاعته صلى 2وصيانة وله شعر رائق و كتب أدبي فائق"

اهللا عليه وسلم في أمته ، قوله : د تلكل نبيسة موة عابه جتاها لأما خبطر مهديو س

فصيح و ال يدلي البليغ بحجته المرء منطق إلى يوم ال يغني عننم ءرالم رفي موو ي له لدبي وهحتوزي أب بأبجب و ال ي

3ترى الناس فيه بين باك و صارخ و ذاكر ما قد فات من فرط زلتهفي هذا الشعر النبوي يظهر بجالء الموضوع األساسي ، الذي نلمسه مباشرا منذ

صلى اهللا عليه وسلم ودوره استهالل القصيدة ، و ببعض التتبع نجد إشارة إلى فضل النبي الفعال في الشفاعة عند الوقوف بين يدي اهللا تعالى ، ليواصل متحدثا عن أسف اإلنسان

مال وال بنون ، و يواصل قائال : يوم ال ينفعربضه و يأل اهللا نفسسي و كل نبي هتؤال ألمس نا عفحص

ه خال شافع فتمحبر ادبل اهللا العيشم شفع به4ينا كريم م يبدو أن هذه القصيدة تعبير بين عن "المشفعات" ، ذلك أن موضوعها العام هو التعبير

عن فضل خير شفيع ، فحينما يفقد المسيء األمل في النجاة، تغمره شفاعة سيد الخلق، هذا السياق : ويقول في

إذا لم يطق شخص فعاال مخلصا ولم يلف ما ينجيه من غمر حسرته خبالهم للحشر من فضل دعوته ار أحمد بالذي يعمهم المخت

مثل نعمتهعلى أمة أو من له د فمن ذا له كفضل محمبيدلغ عه بفيا رب هرقب ه كتبر ترظى بتقبيل لطاهحلي نيفي الد أنساره و يه ا به في جوتيبل طض في أهرالع موخل يدوي

. 171فاطمة عمراني ، المدائح النبویة في الشعر األندلسي ، ص -1

. 54الغبریني ، عنوان الدرایة ، ص -2 . 55المصدر نفسھ ، ص -3 .المصدر نفسھ ، الصفحة نفسھا -4

117

أعز الورى أنت الكفيل بمنته وجازه عنا بالذي أنت أهله 1وأجلى عمود الصبح ظلما لليلته ا الح كوكب وصل عليه كلم

إنه التوسل إلى الرسول الكريم و التضرع إلى اهللا تعالى مع شوق للوقوف بقبره صلى لصالة عليه صلى اهللا عليه وسلم بعد التعبير عن واسع فضل اهللا عليه وسلم ، ليختم با

الرسول الكريم، في هذه األبيات التي تعود تاريخيا إلى القرن السابع ، وقد وردت في كما جاء في –الذي ترجم فيه الغبريني ألعالم المائة السابعة ؛كتاب "عنوان الدراية"

اء المديح بالمشرق العربي ، و خاصة نجد مضامين ال تخرج عما تناوله شعر –مقدمته ما تعلق ببردة البوصيري التي تعد مرجعا هاما في هذا المجال .

سة هذه القصيدة التي جاء فيها :وفي مدح النبي و التشوق إلى البقاع المقد هداز و قصجالح وا نحائرا سالغ أيإلى الكعبة البيت الحرام ب

2منه إلى قبر النبي محمد يكون له بالروضتين مراغ و إلى أن يقول صاحبها :

عند الفراق مصاغأعلل نفسي بالمنى و تصدني ذنوب لها ف لي يصاغإذا ما أجلت الدهر فيه فكيلذ مي اب أووغ شرس

عسى توبة قبل الممات وزورة فينضح من شين الذنوب رداغ 3وألقى شيوخا يؤنس المرء منهم أحاديث صدق تجتلي و تصاغ

ليعمري اإلشبيلي من الشعراء األندلسيين، هذه األبيات ألبي بكر محمد بن سيد الناس ا وقد عاش فترة في بجاية ، وولي صالة الفريضة و الخطبة بالجامع األعظم بها ، كان

قد نصنف هذه األبيات ، و4ه 618ه و توفي 561كاتبا مجيدا ، وله نظم حسن ولد في ي زيارة ضمن ما يعرف بالحجازيات ، ذلك أن موضوعها القصد إلى الحج و الرغبة ف

البقاع المقدسة ، فيبدأ بالموطن ثم يحدد األماكن البيت الحرام ثم قبر النبي الكريم ، كل هذا وسط مشاعر الندم و الحسرة على ما فات ، معلنا توبته ورغبته في التخلص من

ذنوبه بين أحضان هذه البقاع الطاهرة .ا القرن السابع الهجري لدى ومن هنا نلمس الطابع السائد على قصائد المدح في هذ

شعراء الجزائر وهو اإلقرار بالذنب و طلب العفو و الشوق لزيارة البقاع المقدسة ، وقبر

1- الغبریني، المصدر السابق ، الصفحة نفسھا .. 139ص نفسھ ، -2

. 140، 139نفسھ ، صص -3 . 140، 139، 138، 137المصدر نفسھ ، صص الغبریني،ینظر: -4

118

النبي صلى اهللا عليه وسلم ، وهي السمة نفسها التي طبعت أيضا شعر الزهد وحتى الشعر لسلفي و االقتداء الصوفي ، دليل يؤكد ما أشرنا إليه سالفا من تمسك أهل المنطقة باالتجاه ا بالنبي الكريم و صحبه في الزهد و البعد عن الدنيا و التفكير في اآلخرة .

ومن شعر الحنين إلى أرض الحجاز في القرن السابع الهجري دائما هذه األبيات : أدرها فقد هبت نسيمة دارين ونم بسر الروض نشر الرياحين

لورق يدعو هزيلهوغنى فأغني عن ضروب التالحينوقام خطيب ا وذكر أيام الصبابة و الصبا ولذة عيش كان لي غير ممنون

فثار كمين الوجد من مستقره و بحت بسر بين جنبي مخزون رق حيكم وأرجع مغلوبا بصفقة مغبونفيا ساكني نجد أأط

1و يا ساكني الجرعاء إن كان عندكم نصيب من الصبر فواسونيصاحب هذه األبيات هو أبو عبد اهللا بن أحمد اآلريسي المعروف بالجزائري " كان

ح الكتابة (...) و كان شيخ كتبة الديوان ببجاية و له شعر كثير حسن النظم و النشر ملي، و بها يعبر عن شدة شوقه إلى البقاع المقدسة، وذكر شوقه 2في كل فن من فنون الشعر "

لزيارة هذه األرض الطيبة ، كيف ال !؟ وهي موطن الحبيب المصطفى ، والشوق لدى الشاعر هو للموطن و أهله الذين أسروا قلبه .

منها –سبقت ترجمته–ومن شعراء القرن السابع الذي كان له في النبويات " ابن الجنان" تخميس مما جاء فيه :

اهللا زاد محمدا تكريما وحباه فضال من لدنه عظيما واختصه في المرسلين كريما

3صلوا عليه وسلموا تسليما ذا رأفة بالمؤمنين رحيما يذكر الشاعر هنا فضل النبي الكريم ، كما دأب أهل المغرب على ذكر صفاته الخلقية،

إذ أن األمثلة التي مرت معنا ركزت في معظمها على إظهار فضله على أمته .حمد بن عفيف الدين ومن شعراء القرن السابع أيضا ، الشاب الظريف وهو شمس الدين م

التلمساني ، وقد ترجمنا له عند حديثنا عن أعالم الشعر الديني ، وله في مدح الرسول

. 163المصدر نفسھ ، ص -1 . 163، 162، صص ابقسالالمصدر -2

. 432( م س ) ، ص 7المقري التلمساني ، نفخ الطیب من غصن األندلس الرطیب ، مج -3

119

صلى اهللا عليه وسلم هذه القصيدة التي استهلها بذكر موطنه عليه الصالة والسالم، ليسترسل في إظهار حبه لهذه األرض و حبه و شوقه للهادي البشير وصحبه، ثم يشرع

يطلب شفاعته مقرا بذنوبه ، هذا بعد أن يبين مكانته صلى اهللا عليه وسلم عند في مدحه ل رب العزة ، يقول :

أرض األحبة من سفح و من كثب سقاك منهمر األنواء من كثبانة عيلك النائين من نفس الصبا تحال عدت أهوكتئبي القلب م

قوم هم العرب المحمي جارهمفال رعى اهللا إال أوجه العرب 1ومن فؤادي و من أهلي ومن نشبي أعز علي من سمعي ومن بصري

م منهم و أبلهم علي حقوق مذ عرفتهم كأنني بين أ فحسن شعري فيهم غير ذي كذب إن كان حسن ما في الشعر أكذبه

بمنطق الرعد باد من فم السحب حياك يا ثربة الهادي الشفيع حيا مل زاء هحة الفيبني طياكا سؤال و األرب ن يل السلني بحي المندي

ضممت أعظم من يدعى بأعظم من يسعى إليه أخو صدق فلم يخب و حزت أفصح من يهديو أوضح من يبدي وأرجح من يعزى إلى نسب

فتمأل األرض من نجب ومن نحب نحو تربته تحدوا النياق كرامضنحو ه عونسردها يوم كأنما العذب مشتق من العذب اب طاب

فإن تغب حرستها أعين الشهب أرض من اهللا عين الشمس تحرسها أجل داع مطاع طاهر الحسب رد ويايا خير ساع بباع ال ي

يا أشرف الخلق إال أشرف الرتب ما كان يرضى لك الرحمن منزلة هبشفاعة منك تنجني من الل لي من ذنوبي ذنب وافر فعسى فكان لي ناظرا من ناظر النوب جعلت حبك لي ذخرا و معتمدا

عن باب جودك إن الموت في الحجب إليك وجهت آمالي فلا حجبت 2تدعى فكم تجبحاشاك حاشاك أن وقد دعوتك أرجو منك مكرمة

هي قصيدة [ من البسيط ] تنساب رقيقة عذبة وجمعت بين شوق للقاء األحبة وأرض األحبة [ الحجاز ] ، و يأتي في صلب الموضوع ليقولها صراحة [ تربة الهادي الشفيع ] ،

.ا وردت في النسخة ( أ ) " نسبي " یشیر محقق الدیوان ، أنھ -1

. 51 50الشاب الظریف ، الدیوان ، ( م س ) ، ص -2

120

ليسترسل في مدح المصطفى صلى اهللا عليه وسلم، فهو أشرف الخلق ، وموطنه أطيب خيرا بذنوبه طالبا شفاعته صلى اهللا عليه وسلم .أرض ، ليقر أ

هذه النماذج من القرن السابع الهجري في الجزائر ، قد تنوعت ولم تخرج عما عرف منذ بردة البوصيري ، إال أنها يغلب عليها المضمون المتعلق باالعتراف بالذنب وطلب

تي ناضجة ، قد تعكس الجو شفاعته عليه الصالة وسالم ، وهي من الجانب الموضوعاالذي طبع النبويات في ذلك القرن ، وقد تميزت بالجمع بين مدح النبي الكريم وطلب الشفاعة و العفو، وفي السياق ذاته تتواصل المسيرة في القرنين المواليين الثامن والتاسع

للهجرة .،وقد قيلت ليلة مولد ومن قصيدة للثغري التلمساني نقتطف أبياتا تسمح لنا بتتبع المضامين

ه ، مما جاء فيها من بحر البسيط : 771النبي صلى اهللا عليه وسلم سنة أقصر فإن نذير الشيب وافاني وأنكرتني الغواني بعد عرفان

1الشيب ينهاني والنفس تأمرني و وقد تماديت في غي بال رشد يستهل " الثغري" قصيدته ، بالندم على ما فات ، ثم يواصل في تقديم دعوة إلى التوبة

وقهر النفس ، فيقول : ولم فال تغرنك الدنيا بزخرفها فيا ندامة من يغتر بالفاني

2وليس فيها كمال دون نقصانان دون هجرفليس فيها وصال إلى أن يقول :

ة أشويبندي لطفة عاعضياق مانثمج لنأنح قلبي وقد نأذب 3جفانيمهما تذكرت بعدي عن معاهدها سحت بوال دمعي سحب أ

ويقول أخيرا : 4قبل ثرى روضة حل الحبيب بها بل جنة عرفها روحي وريحاني

يتراءى لنا كيف يصل الشاعر الجزائري بين الندم و التوبة ، و الشوق إلى زيارة م ، فالشوق لطيبة وحب موطن البقاع المقدسة ، ثم يربط بين كل هذا وحبه للنبي الكري

المصطفى ليس سوى شوقا إليه عليه الصالة و السالم ، و هكذا يجد الشاعر مالذه بالتعلق برسول اهللا بعيدا عن زخرف الدنيا الفانية ، و اختيار الهروب إليه صلى اهللا عليه وسلم

. 153الثغري التلمساني ، الدیوان ، ( م س ) ، ص -1

المصدر نفسھ ، الصفحة نفسھا. -2 . 154، ص ابقسالالمصدردیوان الثغري، -3

.، الصفحة نفسھا ھسالمصدر نف -4

121

المليء رغبة من الشاعر في التحرر من أسر المادة ودخول العالم الطيفي الجميلبالروحانية والعمق، حيث نلمس مسحة صوفية في هذه األبيات ، وقد ظهر لنا النبي صلى

هللا عليه وسلم بمثابة المثل األعلى أو النموذج األكمل لإلنسان الذي يرقى عن كل نقص . ونظل مع القرن الثامن الهجري ، ومن ( الكامل ) نقف مع هذين البيتين :

بل نشأة آدم والكون لم تفتح له أغالقيا مصطفى من ق 1أيروم مخلوق ثناءك بعدما أثنى على أخالقك الخالق

هذان البيتان للعالمة لسان الدين بن الخطيب ، عاش في القرن الثامن الهجري من عاش فترة في تلمسان ، وقد كان كاتبا و شاعرا تتميز كتابته بمسحة فقهية أبناء األندلس ،

، وكما يرى قد لهذين البيتين مسحة صوفية خاصة في البيت األول، فمن قبل نشأة آدم، 2الكون لم تفتح أغالقه إال بمجيء سيدنا محمد صلى اهللا عليه وسلم ، و بالتالي ، الرسول

ينعكس على كل الكون ، إنه نور سيد الخلق جميعا ، وقد أثنى الكريم هو ذلك النور الذي عليه اهللا تعالى .

وهذا مقتطف من قصيدة لمحمد بن أبي جمعه التاللسي التلمساني من شعراء القرن الثامن ، ويجمع فيها بين االتعاظ بالمشيب ومدح النبي الكريم ، وأخيرا مدح السلطان أبي

لمتقارب )حمو موسى ،يقول : ( من ا فيا ويح نفسي كم ذا ترى تطيع الغواة وتعصي العوادل

3وكم ذا اغترار بطول البقا ولم يتبق من العمر طائل إلى أن يقول :

4تمن وتسمح بالتوب عاجلشكوت إليك إلهي عسى وبعد هذا االستهالل باالستغفار و التوبة ، يدخل في الموضوع األساسي ، قائال :

توسلت بالهاشمي الذي بعثت رسوال فأدى الرسائل شفيع العصاة وزين المحافلنبي الهدى خاتم األنبياء كريم الفعال وبالحق قائل عظيم الجالل كثير النوال

فحق ربيع على كل عاقل ه تانا ربيع بشيرا بـأ سرور قدومك للخلق شامل فحييت شهر من قادم

. 268الغوثي بن حمدان ، إرشاد الحائر إلى آثار أدباء الجزائر ، ( م س ) ، ص محمد بن رمضان شاوش ، و -1

. 268، ص ھسینظر : المرجع نف -2 . 294، ص ابقس،المرجع الالجزائر الحائر إلى آثار أدباءإرشاد -3 المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا . -4

122

وبالمعجزات أتى والدالئل أتيت بمن جاءنا بالهدى ومن قال تحصى فدعواه باطل له المعجزات التي ال تحصى

أم ناهللا م رهـتخي ائل ـةيع القبمج نا مهرتخي فيا حادي الركب إن جئت أرضا بها سيد الخلق ثاو ونزل

وأبصرت نجدا وعاينت سلعا وتلك المغاني بها والخمائل د باب السالم ترى ضريح نبي الهدى دون حائلفقف عن

فبلغ سالمي وبح ثم باسمي و ال يشغلنك عن ذاك شاغل لقابلـرا بعامي هذا أو العام اـون له زائلعلي أكـ

أغفر خدي في يثرب وأذري هناك الدموع الهوامل 1وأستغفر اهللا من كل ذنب ندمت له وعضضت األنامل

في لينتقل بعدها الشاعر لمدح أبي حمو موسى الزياني ، وهذا كعادة الشعراء المولديات، الجمع بين مدح المصطفى عليه الصالة و السالم ومدح السلطان .

ويظهر أن هذه القصيدة لم تخرج عما ميز ماتناولناه سابقا ، فالمقدمة تبدأ تضرعا هللا تعالى، وبعد التوسل إلى الرسول الكريم يشرع في مدح الرسول صلى اهللا عليه وسلم ،

تم األنبياء وشفيع األمة يوم الحساب ، و يشير إلى عظيم شأنه و فيذكر فضله باعتباره خاكريم فعاله ، ثم يحي أفضل شهر هذاالذي أتى بالهادي المنير ، ليذكر بعدها معجزاته صلى اهللا عليه وسلم، ثم يعرج أخيرا على األرض الطيبة التي احتضنت سيد الخلق ،

، وحيث ضريحه الطاهر ، ويستطرد ففيها ولد و فيها نشأ ، وهي أرض نزول الوحي آماال زيارة هذه البقاع، حامال أشواقه ليختم باالستغفار .

والمالحظ يدرك سيطرة حميمية المكان في هذه القصيدة ، وقد شغل الحديث عن ك أن شعراء المولديات قد البقاع المقدسة و قبر النبي صلى اهللا عليه وسلم حيزا كبيرا ؛ ذل

كر األماكن المقدسة فأضحت سنة وتقليدا يتبعونه و يتفننون في التعامل على ذحرصوا "معه حتى صار من لوازم المولديات ومن مقوماتها ، فعندما تذكر المدحة النبوية يتبادر إلى الذهن مباشرة ورود مكان أو مجموعة من األماكن المقدسة التي تجعل القصيدة

. 295، 294، صص نفسھالمرجع -1

123

لك الفضاءات و التي تجعل القاريء و المستمع تتحرك بمعانيها وصورها و أفكارها في ت .1ينتشي في ذلك الجو اإليماني الصادق"

وقبل االنتقال إلى القرن التاسع الهجري ، نختم هذه المحطة بأحد أعالم القرن الثامن على –الهجري البارزين و الذي كان له باع طويل مع عالم المديح النبوي ،والمولديات

لك هو السلطان أبو حمو موسى الزياني ، ونختم به وقفتنا مع ذ –وجه الخصوص مضامين المديح النبوي ألهميته إذ سيكون بمثابة الشاهد الصادق عما تضمنته المولديات

.في تلك الحقبة –عموما –النبوية أو لنقل المدائححيث ؛لمحتفاء بمولده صلى اهللا عليه وسوقد دأب على إقامة االحتفاالت السنوية ا

كان ينظم قصائد في مدحه تعرض في ليلة االحتفال هذه ، كما يستمع إلى كثير من القصائد في اإلطار ذاته، يلقيها شعراء عصره في جو من التنافس ، األمر الذي جعل المولدية بصفتها حاملة للمديح النبوي تعرف تطورا كبيرا التنمحي آثاره ، على مدىقرون

ات بما فيها من مدح الرسول الكريم تحظى بأهمية كبيرة بين أهل ، وما تزال المولديالجزائر ، ونسجل سيطرة واضحة للمولديات في شعر أبي حمو موسى الثاني ، "وقد كانت القصائد التي تنظم في هذه المناسبة ، كثيرا ما تطرق موضوعات مختلفة، اعتاد

فضل ليلة المولد الشريف ، وقد الشعراء أن يجعلوها مادة لقريضهم، كاالستهالل بذكر، وما يعانيه من اشتياق وحنين ، ثم يبين أن أحبته يستهل الشاعر قصيدته بذكر األحبة

يقطنون بالبقاع المقدسة ، وأنه يود اللحاق بهم وزيارة قبر الرسول ( صلى اهللا عليه مه على ما فات وسلم) ، وقد يشير الشاعر إلى انهماكه في حياة اللهو والملذات ، وإلى ند

من ذنوب، وضرورة توبته وإقالعه عن زخرف الحياة الدنيا ، ورجائه لشفاعة الرسول .2(صلى اهللا عليه وسلم)"

ويأتي بعد هذه المقدمة الموضوع األساسي وعادة ما يكون في مدح الرسول الكريم، الخاتمة بالدعاء وذكر معجزاته و فضائله وفضل ليلة مولده صلى اهللا عليه وسلم ، وتكون

، 3للسلطان و التضرع إلى اهللا تعالى ، وقد سار أبو حمو موسى الزياني على هذه التقاليدوفي هذه القصيدة الموسومة بـ " نام األحباب و لم تنم " يقول أبو حمو مستهال قصيدته :

(من المتدارك )

. 119ولدیات في األدب الجزائري القدیم ، ( م س ) ، ص أحمد موساوي ، الم -1 . 221، 220عبد الحمید حاجیات ، أبو حمو موسى الزیاني حیاتھ و آثاره ( م س ) ، ص -2

. 221، ص نفسھ ینظر : المرجع -3

124

بمصارعة الندم نام األحباب ولم تنم عيني والدمع تحدر كالديم جرح الخدين فوا ألمي

مري فلم نهيت القلبت ورجدت النفس فما ازرزجو ب من الهرموحلول الشي ونذير الشيب لقد وافى

والعمر تولى منصرما آه للعمر المنصرم وكذا األيام لها عبر وليالي الدهر كما الحلم والدار تغر بساكنها ويح المغرور بها النهم

انفسا وكم يبه ينتغتر ها كمخرفت بزعخد يا رب ذنوبي قد عظمت فامنن بالعفو لمجترم

1فالعفو إلهي منك وإن الذنب وحقك من شيميقدم أبو حمو إلى ذي الجالل و االكرام طالبا العفو بعد بكثير من التذلل و الرجاء يت

االعتراف بذنوبه ، فالشيب حل ، و العمر تولى ، وما على المرء إال التوجه إلى اهللا ومخالفة النفس و الهوى ، فالشاعر يسمو و يرتقي للفوز برضى اهللا تعالى ، ثم يطلب

و شوقه إليهم ، واصفا ألمه لفراقهم، المغفرة من اهللا سبحانه ، وينتقل إلى ذكر األحبة ليذكر أن مكان تواجد أحبته " الحرام " يقول :

يا رب سألتك تغفر لي بشفيع الخلق من األمم أدعوك إلهي معتذرا في ضوء الصبح و في الظلم

انفطرا والدمع جرى والركب سرى نحو العلمقلبي أسير هواه فيا شوقاه إلى الخيم2قلبي بنواه

سرت اإلبل لما ارتحلوا قلبي حملوا في ركبهم تركوا جسدي رهن السقم حملوا خلدي أفنوا جلدي

3بين العلمين و بالحرم حط العشاق ركائبهمويواصل الشاعر متضرعا إلى اهللا سائال العفو و الغفران ، واصفا معاناته ، يبكي دما،

نوب ، إلى أن يذكر الحجيج ولعا و شوقا وحنينا لألحبة ، وكذا خوفا وندما لما اقترفه من ذ الذين تغفر ذنوبهم على أرض الحرم .

. 342، 341، صص ھسالمرجع نف -1

) . 342، ص ابقس،المرجع ال عبد الحمید حاجیات -2 . 343، 342نفسھ ، صص -3

125

فيقول: زاروا الهادي بهوى بادي وحدا الحادي عزما بهم 1شدوا عزموا فازوا غنموا لما قدموا لحمى الحرم

بطلب شفاعته صلى اهللا عليه وسلم ، ثم الصالة ويختم أبو حمو كما جرت العادة ، والسالم على الرسول الكريم ، يقول :

وبعثت رسالة مكتئب لشفيع العرب مع العجم 2أرجو في الحشر جوائزها من خير وفي بالذمم

سالم على النبي الكريم قائال :إلى أن يذكر الصالة وال ويخصك يا أسنى قمر بصالة فائقة العظم

3وسالم يفضح كل شذى يزري بالزهر المبتسموبعد تتبع انتقال الشاعر في مضامين المدحية نالحظ تركيزه على الندم على ما فات

، مع ذكر الحرم المبارك ، و تظهر رغبته في زيارة البقاع المقدسة ، كما وطلب العفوعبر عن أفضلية " الحرم " على اعتباره مكانا تغفر فيه الذنوب ، فيما يظل الموضوع

فاال بمولده األساسي يظهر ضمنيا في كل هذه الحيثيات ، كيف ال ؟ و القصيدة كتبت احتمو متمسكا بما ألفيناه في قصيدة المديح النبوي ، ومما ويظل أبو ح، صلى اهللا عليه وسلم

جاء فياستهالل قصيدة أخرى له ما يلي : قفا بين أرجاء القباب و بالحي وحي ديارا للحبيب بها حي

لنفس عن ميوعرج على نجد وسلع ورامة وسائل فدتك ايالح تيي فارث للمحيوت ومى يوذب بالهعنى المضالم وقل ذلك وبث لهم وجدي وفرط صبابتي ورو حديثي فهو أغرب مروي

4من الشوق محميوقلبي على جمر يعذبني شوقي ويضعفني الهوى يشعر القارئ بنفحات تضرب بجذورها إلى القديم ، وكأن الذي بين أيدينا مقدمة

طللية، إنه وقوف على األطالل وسط شوق كبير للمحبوب، فالشاعر هنا هو المضنى طن المعذب، بين ألم لفراق األحبة ، و شوق إلى رؤية الديار الطاهرة ، وما الشوق إلى مو

الحبيب إال شوق وولع بالحبيب ذاته ، وهذه المقدمة تجمع بين الطلل و النسيب و تحكي

. 343المرجع نفسھ ، ص -1 . 344المرجع نفسھ ، ص -2 المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا. -3

.165، 164التنسي ، تاریخ بني زیان ملوك تلمسان ، مقتطف من نظم الدر و العقیان في بیان شرف بني زیان ، ( م س ) ، صص -4

126

قصة حب لعاشق متيم ، ليدرك المتأمل أن الحي و الديار وما ذكر من أماكن بالقصيدة هي حب للقاطنين بها، يقول :

ال يطيق على شي أحبة قلبي ما أمر فراقكم على قلب صب 1حياتي وموتي في هواكم وإنني أعلل نفسي فيكم باألماني

والشاعر يسهب في االستهالل فيكثر من ذكر بكائه ونحول جسمه ، ويخاطب أحبته، . 2فيعاتبهم على هجرهم و بعادهم ، و يتألم لبينهم و فراقهم

وصف شوقه مظهرا ألمه جراء بعد المسافة ، فهو في الغرب ويواصل الشاعر في والحبيب في الشرق ، وشيئا فشيئا يظهر أن ديار الحبيب هي البقاع المقدسة و أحبته هم أهل هذه الديار ،"وكثيرا ما يخاطب أبو حمو حادي اإلبل ، المتوجه نحو الشرق حيث

ك األراضي المحبوبة وإلى أهلها ، و الحرم الشريف، و يطلب منه أن يبلغ سالمه إلى تليعرب عن رغبته في اللحاق بهم وزيارة البقاع المقدسة ، و يتضح عندئذ أن اشتياق

صلى اهللا عليه وسلم ، 3الشاعر خاص بتلك األراضي ، وأن قلبه مشغول بحب الرسول" يقول في هذا في القصيدة ذاتها : وحالي على حكم النوى غير مخفي فيا أهل نجد أنجدوني على الهوى

ويا حاديا يحدو الركاب إليهم أنخ بربي نجد وسلم على طي فما لذمامي عندهم غير مرعي اعي ذمامهم وأخبرهم أني أر

مودتي وحبكم في القلب ليس بمنسيتناسيتم عهدي وحفظ قا الحيلي بل اماألي حمتى تسة مييار قصري و الدعت ش4فيا لي

وبدخول الشاعر إلى صلب الموضوع وهو مدح الرسول الكريم ، يؤكد ماهية المحبوب، صلى اهللا عليه وسلم ومادحا له مبينا فضله :فيقول طالبا شفاعته

وما أرتجي إال شفاعة خير من أتى بالهدى يهدي بدين حنيفي به يرتجي العاصون غفران ذنبهم وما عملوا في الدهر من عمل سي

الكون كله و كل سنى شمس وبدر ودريبمولده قد أشرق سالم على من بالبقيع وبالحمى سالم على البدر المنير التهامي سالم من المشتاق موسى بن يوسف على خير خلق اهللا هاد و مهدي

. 166المرجع نفسھ ، ص -1

. 221یات ، المرجع السابق ، ص ینظر: عبد الحمید حاج -2 . 222المرجع نفسھ ، ص -3

.166سابق ، ص المرجع الالتنسي ، -4

127

وأخر عن سير وقيد عن سعي ق أثقلته ذنوبه سالم مشو وإن عاقني عن كل رشد به غي بيثرب قلبي و الحجاز مودتي

بنفسي وروحي أرض طيبة إنها شفاء من اآلثام و الزيغ و البغي فيا ليت شعري هل أزور محمدا وأمنح ما أهواه في منزل الوحي

لئن أخرتني عن زيارة أحمد قالئد أمر قيدتني عن السعي بالنأي فربي أرجو أن يمن بقربه قريبا وشوقي ال يقابل

1عليه سالم اهللا ما حن شيق إلى قبره يطوي الفال أيما طيوكما نالحظ يبدأ أبو حمو حديثه عن الرسول الكريم بطلب الشفاعة ثم يذكر فضائله و

ى شوقه إليه ولهفته لزيارة البقاع المقدسة و الوقوف على قبره ليختم بسالم اهللا عليه صل اهللا عليه وسلم .

ويمكن أن نشير في آخر حديثنا عن أبي حمو إلى أن هذا السلطان الشاعر كانت له سواء ؛إسهامات فعالة في إثراء الساحة األدبية الجزائرية خاصة في مجال المديح النبوي

مولد ليالي إحياء ذكرى ال، وعه للشعراء للقول في مدح المصطفىأكان مما ألفه ، أو بتشجيالنبوي التي كان يقيمها خير دليل على ذلك ، و أما المضامين التي دأب على الخوض فيها

قدسة ، ،فيغلب عليها الندم وطلب المغفرة و الشوق لألحبة و الرغبة في زيارة البقاع الملنتأمل عناوين بعض قصائده ( قفا بين أرجاء القباب ، مشوق والشكوى من ألم البين ، و

، ذرفت لتذكار العقيق دموعي ، ألفت الضني ، الحب أضعف جسمي ، أال ماغرامتزيا بال) ، إن القرن الثامن الهجري كان ثريا بالمدائح النبوية، ، خليلي قد بان الحبيبلحب مشوق

و المضامين لم تختلف عما عرفناه في القرن السابع الهجري، ، وقد كان عصر مولديات الية :وقد كانت في المحاور الت

الطلل و النسيب الشوق إلى البقاع المقدسة . مدح النبي الكريم و التطرق إلى فضله على أمته ومعجزاته . التضرع إلى اهللا و التوسل إلى الرسول الكريم وطلب شفاعته وقد برز هذا في تصوير الشعراء الذين لهم نزعة :، وحب النبيالحقيقة المحمدية

صوفية.

. 168، 167المرجع نفسھ ، ص -1

128

ــ الختام بالصالة على النبي صلى اهللا عليه وسلم . ،بأحد أعالم القرن التاسع الهجري ونختم هذه الوقفة مع مضامين المديح النبوي

، و الذي يعد مرآة عاكسة لما تضمنه المديحصاحب ديوان كامل في مدح المصطفىلقسنطيني صاحب ديوان " ، إنه الشاعر ابن الخلوف االنبوي في هذا القرن من موضوعات

جني الجنتين في مدح خير الفرقتين " المعروف بديوان اإلسالم .، وقد وردت لشاعر المصطفى صلى هللا عليه وسلمفي أكثر من ثالثين قصيدة يمدح ا

"عليك :، ومن عناوين القصائد نذكرديوانقصائده معنونة لتعبر عن المحور العام لل"، "يا باب الفرج بمدح طه الرفيع الدرج قرع، ""م في مدح خير األنام، " قطر الغماتوكلي"

"إستشفاء ، "جنة المتخوف" جنة المتشوق و،الدر النظيم في السر العظيم"، ""هادي الضالل،" بغية المرتجى و غوث قطر النبات في مدح ذي المعجزات "، "الكئيب بمناجاة الحبيب"

أخرى تستوقفنا عناوين ثالثة ومن خالل هذه العناوين وحم الراحمين "يا أر، ""الملتجي بارزة هي :

صريحة واضحة تتصل بالممدوح مباشرة و تحديدا . – 1 تعتمد الرموز الصوفية التي تتناول الشخصية نفسها . – 2 تعتمد جمال وأشطارا من القصائد تتخذ عناوين لها ، وهذه تخص قصائد المدح التي – 3

.1يطغى عليها أسلوب التوسل ، أو الدعاء ، واالستغاثة "ولنأخذ صورة عن مضامين المديح النبوي عند ابن الخلوف القسنطيني نستفيد من

الدراسة التي قام بها الدكتور العربي دحو في كتابة " ابن الخلوف و ديوانه جني الجنتين .في مدح خير الفرقتين " المعروف بديوان اإلسالم

لقصائد أن بدايات ا –حسب المرجع السالف الذكر –فإذا بدأنا بمقدمة المديح عنده وجدنا ، م بين مقدمة ما والمقدمات األخرىإن ال يمكن الفصل التا، ومتعددة المضامينمختلفة و

تضرع ـ دعاء و:ى الشكل التاليالتي كانت علبحيث أن التداخل وارد بين هذه المضامين ، وهكذا بالترتيب ، ثم الطبيعيةالمقدمات الغزلية غل النسبة األكبر في القصائد و تليهاتشولخلوف ،ومثال ذلك عند الشاعر ابن ا2، وعتاب النفسالتوجيهماكن المقدسة ثم النصح واأل

ومدى ، سنرى مدى حضور هذه المضامين في مقدمتها القصيدة األولى في الديوان

. 78،ص 1993العربي دحو ، ابن الخلوف و دیوانھ جني الجنتین في مدح خیر الفرقتین ، دیوان المطبوعات الجامعیة ، ( د ط ) ، بن عكنون الجزائر ، -1

. 80نفسھ ، ص السابق المرجع ، ینظر : العربي دحو -2

129

لمحقق من قبل حسب ما جاء في الديوان ا –القصيدة الموسومة ، وهيالتداخل بينها، ومما استهل به )من الوافر، وهي قصيدة (توكلي" بـ عليك"–الدكتور العربي دحو

:الشاعر عليك توكلي ولك افتقاري ومنك تطليبي وبك انتصاري

وهل إالك وبك اختياري وفيك محبتي وإليك أمري 1أيا ملك الملوك وال مليك سوى عبد ببابك خذ بثاري

كما هو واضح مقدمة هذه القصيدة هي الدعاء و التضرع ، ويواصل في مخاطبة رب صلب العباد فليس في األكوان سوى رب السماء ، وبعدما يفوق عشرين بيتا يدخل في

الموضوع ليشرع في مدح النبي الكريم ، ويبتدئ ذلك بأمل في زيارة قبره صلى اهللا عليه وسلم، مما يقول :

ومن بزورة الهادي المرجى لنيل الفوز في دار القرار ارعصام قصي فخر بني لوي عماد معد لهف بني نز

إمام الرسل درى الدراريخير الخلق طه حبيب الحق هالل الكون مصباح، الدياجي صباح األفق ، شمس ضحى النهار

2رياض األمن ، مفتاح المعالي، غمام الجود ، كنز االدخار :إنجازاته قائال، وزاتهر فيما يلي جانبا من معج، كما يذكفضائلهووهنا نجده يذكر خصاله

و أحيا ملة اإلسالم لما أقام رسومها بعد الدمار وأوضح شمسها من بعد كسف وأطلع بدرها بعد السرار

دار فارس بالبواروذلل ملك كسرى بعد عز وأوهى وأخمد نارهم بعد اشتعال وغور ماءهم بعد انفجار

وحن الجذع من شوق إليه كما حن الغريب إلى الديار ووقته الغمامة حر قيظ وجاءته بأمياه غزار

اروشق ألجالنه ست له شمدياجي كما رالد ه بدرل 3ونادته الغزالة أن أجرني ألقضي حق أوالد صغار

73ابن الخلوف ، القسنطیني ، الدیوان ، ص -1 . 74، 73، صص نفسھ المصدر -2 . 75السابق ، ص المصدر، ابن الخلوف ، القسنطیني -3

130

في بث صور الخير ، ودوره الفعال أخالقه وفضلهووهكذا يوصل في ذكر أوصافه السعادة في الدنيا رشد وهو الهادي الداعي إلى ال، فاألمم جميعا، ووسط أمة اإلسالم

هنا تظهر ببعض األبيات ، وفي مدحه صلى اهللا عليه وسلم ، و يسترسل الشاعرواآلخرةنفحات خفيفة للتصوف ، حيث ينجلي الحب المحمدي والحقيقة المحمدية في بعض األلفاظ،

وإن لم تكن كثيرة لكنها موجودة ، من ذلك قوله : ملساري فه روهم زه لمنتشق رهع وزغوث لمنتج

وهم غيث المولي و الموالي وهم غيظ المراجي و المجاري إمام أئمة الثقلين طرا وأكرم مستماح مستماري

1يغدو فتظفر من عاله بخير جاري تجاوره المعالي حيث ويقول :

أيا جمع األنام بال شبيه،ويا فرد الكرام بال مجاري 2ويا شمس السعود بال غروب ويا بدر السرور بال سرار

يم ويصفه خلقا و خلقا ، إلى أن و يواصل فيما يفوق مائة بيت يمدح الرسول الكر يصل إلى األبيات األربعين األخيرة و يشرع في وصف شوقه لموطن النبي الكريم ، و

الوقوف على قبره ، ومما قال : وسرت على ذرى الريح اعتجاال وصرت على الطائر في مطار

فحق لها بأن تسبي الدراري ألشهد روضة حوت المعالي ما وألثم تربة ضظامخار ت عي افتها عن ذراظم قد3تع

وهكذا يقترب شيئا فشيئا من اختتام قصيدته ، فيتجه إلى طلب الشفاعة من الرسول الكريم، لنبي ، فيقول :ثم يكون مسك الختام الصالة و السالم على ا 4لدفع ملمة ، أو أخذ ثاري فجد لي بالشفاعة مرجى

ويقول أخيرا : غصون هاجها صوت الهزار وصل على نبيك ما تثنت كى صالةأزاح وبلغ آلهل في روكار تواصوابت 1على زنج الدجى نبط النهار وجاز الصحب خيرا ما استطالت

. 79، ص ھسالمصدر نف -1 المصدر نفسھ ، الصفحة نفسھا . -2 . 80، ص السابق المصدر ،يابن الخلوف ، القسنطین -3

. 82المصدر نفسھ ص -4

131

من مضامين ، ال تختلف عما وقفنا عليه سالفا في ما تناوله ابن الخلوف القسنطينينا نموذجا أولى قصائد ديوانه على اعتبار أن ذالقرنين السابع و الثامن الهجري وقد أخ

ائد الديوان هي من القيمة و اإلبداع ما يجعل المرء يعجز عن االختيار .قص" ابن الخلوف وديوانه هويمكن أن نختصر ما ذهب إليه الدكتور العربي دحو في كتاب

جني الجنتين في مدح خير الفرقتين" ، وقد اختار نماذج هامة بدءا بالقصيدة األطول في ة عشرة بيتا ، وهي ميمية متنوعة ، فمقدمتها جاءت في الديوان وتضم خمسمائة و ثالث

بيتا تتناول الغزل و الطبيعة و ماله صلة بها من طيور وبرق ، وورد ، ......إلخ ، 129إلى جانب وصف مجالس السمر ، و الحب و أسبابه ، وتعريف الحب ، وغيرها من

، مثل قوله :2موضوعات محاورا في ذلك الحبيبة شكواي في موقف النوى أما آن أن أشكو إليكم فترحمو ؟!ي أيا مانع

3و أسهرتم طرفي القريح ونمتمو طرحتم بقيتي أسلبتم فؤادي وإلى أن يذكر أوصاف الحبيبة ، وإذ ال يجد مهربا من معاناته إال رسول اهللا صلى هللا عليه

لكريم فيتحدث عن شخصيته عليه وسلم ، ليدخل الموضوع األساسي وهي مدح النبي االصالة و السالم ، متتبعا المراحل التي مر بها ، معجزاته ، كراماته ، وصفاته ، مفصال في ذلك بذكر بعض المعجزات التي تمت مع مولده ، مبرزا فضائله ، مقارنا بينه و بين

يذكر الخيل بقية األنبياء عليهم السالم ، مع التحدث عن صحابته ن وبعض آل البيت ثم وصوال إلى الرماح و السيوف ، ليعود لوصف الرسول الذي يجمع بين القوة و الموهبة و المعجزة، وبعد كل هذا يأتي إلى الحكمة و الموعظة ، و النصيحة ، ليذكر الموت و القبر وما اتصل بهما محقرا الدنيا ، مشيرا إلى عظمته تعالى داعيا إلى فعل الخيرات ، معظما

ريم متحدثا عن حبه تعالى الذي بيده ملكوت كل شيء ، ويعود بعدها إلى الرسول الكاهللا ، ثم يذكر البقاع المقدسة التي تشرفت به صلى اهللا عليه وسلم ، مشيرا إلى له ، معتزا به

، من ذلك قوله :4أنه مصدر كل فضل أي يربط كل الوجود به وموت ، وأسقام ، وعيد ، وموسم ولواله ما كانت حياة ، ومحبة

ونسبت جهنم ، خرفت عدنبأسره وال ز 5و لواله ما كان الوجود

المصدر نفسھ ، الصفحة نفسھا . -1 . 81ینظر : العربي دحو ، ابن خلوف و دیوانھ جني الجنتین في مدح خیر الفرقتین ، ص -2

. 82، 81المرجع نفسھ ، صص -3 . 85، 84، 83، صص السابق ، المرجعالعربي دحو ینظر : -4

. 86، 85صص نفسھ ، -5

132

وبعد هذا يتحدث عن األمة االسالمية وفضل اهللا عليها ، ليعود إلى ذكر معجزاته صلى اهللا عليه وسلم وآياته التي ال تعد و ال تحصى .

قصيدة ، يختم بالتوسل بالرسول الكريم عليه الصالة والسالم ، والتضرع وفي آخر ال هللا تعالى مع الدعاء و السؤال وطلب المغفرة منه تعالى له و للمسلمين و للمشايخ ،مبديا أمله في العودة لزيارة مكة المكرمة داعيا اهللا أن يمن عليه بذلك ، ذاكرا البقاع المقدسة

ول الكريم ليشفع له و يتجاوز عن ذنبه ، فهو ال يرد سائال ، التي عبرها سيحاور الرس عليه حبيبي وسيدي رسول اهللا عليه الصالة والسالم .1ويختم بالصالة و السالم

بعد هذه الرحلة مع " ابن الخلوف القسنطيني" نكون قد أخدنا لمحة واضحة المعالم عن ي ال تختلف عن تلك التي أشرنا مضامين المديح النبوي في القرن التاسع الهجري ، وه

إليها سابقا في بردة البوصيري ، والتي عدت أساس موضوعات المديح النبوي في الشعر العربي، فقد كانت شاملة ، ملمة بكل الجوانب ، وهكذا جاءت المدائح النبوية عند ابن

متنوعة إذ تضمنت مقدماتها موضوعات متنوعة من الغزل و الطبيعة إلى الخلوفلتضرع و الدعاء، فذكر األماكن المقدسة وصوال إلى النصح و التوجيه ، فيما كان صلب ا

الموضوع هو مدح النبي صلى اهللا عليه وسلم من خالل ذكر أوصافه، ومعجزاته و فضائله ، وكراماته ، وآياته، مع التعبير عن الحب المحمدي واالعتزاز بهذا الحب، ثم

م ألمته مع التحدث عن الشوق لزيارة قبره والبقاع الحديث عن شفاعة الرسول الكريالمقدسة عموما ، لتكون الخاتمة بالدعاء وطلب الغفران من اهللا العزيز ، وطلب شفاعة

الرسول الكريم ثم الصالة و السالم عليه.للبحث عن -وبشكل مختصر –وسنقف فيما يلي مع شاعر من شعراء القرن التاسع

السالفة الذكر في شعره ، خاصة و أنه عاش إلى نهاية هذا القرن، مدى حضور المضامين هجرية . 899أي أنه قد واكب ابن الخلوف الذي توفي سنة

سكرة كان شيخا الشاعر هو" بركات العروسي القسنطيني " وقد " نشأ في نواحي ب ول اهللا صلى رعا، أقام بقسنطينة ، اشتهر هذا الشيخ عندما ألف كتابا في مدح رسفقيها و

اهللا عليه وسلم الذي سماه : "وسيلة المتوسلين بفضل الصالة على سيد المرسلين" سنة هـ فبدأ يتغنى بقصائده كل عام طيلة شهر مولد الرسول صلى اهللا عليه وسلم 877

. 87، 86، ص ھسنف ینظر : المرجع -1

133

، ومن شعره 1"هـ 897(...) توفي سنة المساجد ببالد المغرب كلها جميع احتفاال به في م الشريف ومدح النبي صل اهللا عليه وسلم ما ورد في كتاب "إرشادالحر في التشوق إلى

:(من البسيط)ترجمته المذكورة سالفا إذ يقولأين عثرنا على الحائر إلى آثار أدباء الجزائر" من لي بتمريغ خد واستالم فمي في تربها وبمرآها على عجل

ةؤييبرلع نكلد نر مفت على البقاع بقدا التي شرليالع ةضوالر لم ال ونزول الوحي كان به جبريل يأتيك في األبكار و األصل

صريح كاملجلل وأصبحت مستقرا للرسالة بل لكل فضل وضم فيها ضريح أعظما شهدت لها النبيون بالتفضيل في األزل ألست خاتم رسل أنت فاتحهم وأنت أصدق في قول وفي عمل

ى البسيطة من أنثى ومن رجلألست أكرم من يمشي على قدم عل ألست خير الورى المختار من مضر وأكرم الخلق من علو ومن سفل ألست أكرم من ترجوه أمته يوم الحساب إذ األلباب في شغل

أجلى وجودك ما أولى لذي أمل لله قدرك ما أعلى ونورك ما يستهل الشاعر قصيدته باألرض الطيبة موطن الرسول الكريم ، حيث نزل الوحي

على رسولنا الكريم ، وهي األرض التي تضم ضريح أعظم خلق اهللا ، وكله شوق لتلك هو محور القصيدة فهو خاتم البقاع، وبانسيابية بديعة ينتقل إلى مدح الرسول الكريم الذي

الرسل، األصدق في القول وفي العمل و أكرم من يمشي على قدم ، كما يقارن بينه صلى عنه بأنه خاتم النبيين كما هو قية الرسل عليهم السالم ، فيقول اهللا عليه وسلم وبين ب

عالى وفضله فاتحهم، فهو أكرم خلق اهللا ، ليختم بطلب شفاعته بأمته كما يذكر عظمة اهللا ت على الرسول الكريم .

أبيات هذه القصيدة نجدها تحمل من مضامين المدح النبوي ما عدد وهكذا رغم قلة يعطينا فكرة عن هذا الفن أواخر القرن التاسع الهجري ، كيف ال ؟! وقد احتوت على

نين جوانب هامة من حياة الرسول الكريم ، وهي ال تخرج عما عرفناه لدى شعراء القرالسابع والثامن من مضامين ، وال عن المضامين التي وقفنا عندها في شعر ابن الخلوف

القسنطيني.

. 347محمد بن رمضان شاوش ، و الغوثي بن حمدان ، إرشاد الحائر إلى آثار أدباء الجزائر ، ( م س ) ، ص -1

134

مقدمة ، لب الموضوع أو الموضوع األساسي ثم الخاتمة هي األطوار التي تمر بها قصيدة المديح النبوي في األدب الجزائري القديم ، وبالذات على مدى القرن السابع ،

والتاسع الهجرية ، وقد الحظنا سيطرة موضوع التوسل إلى الرسول الكريم الثامن، والتضرع إلى اهللا تعالى، مع الندم على ما فات وطلب العفو و المغفرة ، هكذا تكون

على موضوع واحد ومهما يكن من المقدمة التي قد تجتمع فيها المضامين كلها وقد تقتصر موضوعات التي قد تحضر في المقدمة وقد تجتازها ، فإن البقاع المقدسة تظل من الأمر

إلى صلب الموضوع أوالخاتمة ، ذلك أن كثيرا من قصائد المدح النبوي اتخذت من البقاع المقدسة محورا أساسيا، فالشوق إلى هذه األرض الطيبة ليس إال شوقا إلى الرسول الكريم

صلى اهللا عليه وسلم.، هو حب الرسول صلى اهللا عليه وسلم ، ومدحه ليكون المحور األساسي في المدحية

بأرقى األلفاظ و المعاني ، فتذكر صفاته الخلقية والخلقية إلى جانب آياته ، ومعجزاته ، وفضائله.

أما خاتمة القصيدة المدحية فعادة ما تكون مجاال للتضرع إلى اهللا تعالى ، و التوسل التذلل أحيانا واالعتراف بالذنب و الندم على ما بالرسول الكريم ، وطلب شفاعته مع

ففي أغلب الحاالت ؛بالصالة والسالم على سيد المرسلين امضى، ليكون الختام مسكتكون األبيات الشعرية األخيرة في الصالة على النبي وعلى آله وصحبه أجمعين فصلى

اهللا عليه وسلم.من البحث المتعلق بموضوعات الشعر الديني، وقد وصلنا إلى اختتام هذا الباب الثاني

نشير إلى أن الندم على ما فات و التضرع إلى اهللا تعالى ، ونبذ الدنيا رغبة في الفوز باآلخرة أهم ما ميز موضوعات الشعر الديني ، زهدا كان أو تصوفا أو مديحا نبويا ، ذلك

بع ، الثامن ، والتاسع أن أعالم الفكر و األدب في الجزائر في تلك القرون ( الساو بالتالي كانوا أكثر ارتباط ، الهجرية)، كانوا في الغالب فقهاء أو قريبين من الفقهاء

بالدين القويم وسنة النبي الكريم ، ومن هذا المنطلق سجلنا صلة وثيقة بين الزهد و التصوف من جهة وبين التصوف و المديح النبوي من جهة أخرى ، ذلك أن التصوف لم يكن سوى صورة متطورة عن الزهد ، في حين مدح النبي الكريم الصوفيون وغير الصوفيين و بالتالي ظهرت نظريات فلسفية جمعت بين التصوف و المديح النبوي فكان ما يسمى بالحب المحمدي و الحقيقة المحمدية ، وفي الحقيقة التعبير الصوفي عن حب النبي

135

من غير أهل الصوفية ، ألن تصوير شخصية الرسول الكريم لمسناه حتى لدى الشعراء ، نسان الكاملالكريم أخذت بعدا خاصا ، فالرسول الكريم ليس إنسانا عاديا بل هو اإل

النموذج الذي هام الشعراء في حبه فصوروه بشكل غير عادي ، وإذا كانت أشعار المديح وله الكريم ، أدركنا أن كما النبوي تضم الكثير من التضرع إلى اهللا تعالى و التوسل برس

كان الصوفي زاهدا ، فشاعر المديح النبوي أيضا قد يكون زاهدا ، فالزهد تجربة روحية ميزت حياة المسلمين منذ البعثة وكذا في القرون المتعاقبة أي ارتبطت بحياة المسلم في كل

حاالته .نبوي تنوعت وكما كان للشعر الديني موضوعات بين زهد ، وتصوف ، ومديح

لغة خاصة ، كما كان للشعراء أساليبهم في التعبير –مضامينها ، كان لهذا الشعر أيضا بداع ، فكيف نتاجا أدبيا غاية في الفنية و اإلعن مواجيدهم ومشاعرهم الدينية ، فخلفوا

كان ذلك؟ .

الفصل الثالث الشعر الديني الجزائري في القرون

التاسع الهجرية السابع ، الثامن ، و

- البناء و األدوات -

135

الثالث الفصل مري القديالشعـر الديني الجزائ

–البناء و األدوات –وجمعا ، تفحصا ،يحظى الشعر في الوطن العربي باهتمام كبير من قبل الدارسين بحثا

صل منه خاصة ما ات -فيما يظل الشعر في المغرب اإلسالمي يفتقر إلى الدراسة ؛وتمعنا و الفترة المعنية بالدراسة (القرون السابع ، الثامن ، والتاسع الهجرية) -بالعقيدة الدينية

من الفترات التي ما يزال أدبها بحاجة إلى جهود متكاثفة للكشف عما تحمله من خصائص على –تسمح لنا بتحديد أساليب أعالم الشعر الديني في المغرب ، و المغرب األوسط

، عري بهلشعر و أساليب التصوير الشاألمر الذي يدعونا للبحث في لغة هذا ا –الخصوصإلى جانب دراسة التشكيل اإليقاعي ، ومدى ارتباط هذا البناء الشعري بنظيره لدى شعراء

المشرق العربي . األول : لغة الشعر الديني الجزائري القديم : المبحث

ننطلق لنكشف عن كنه األشياء ، ونحن بصدد اللغة مفتاح كل مستغلق ، ومن اللغة التاسع الهجرية ، وقفنا عند و، والثامن السابعي الجزائري القديم للقرون دراسة الشعر الدين

بتراث أدبي محطات مضيئة استمدت إشعاعها من ثراء هذه البقعة من الوطن العربيعمقا وقيمة فنية تنم عن عبقرية ، لمسنا فيها ، وقد أخدنا نماذج منهضخم غاية في األهمية

اإلنسان الجزائري عبر العصور .، وأخذوها ، احتفوا بهاسالميعلى إثر الفتح اإل فبعد استقبال أهل المنطقة للغة العربية

فكانت لغة الشعر الديني الجزائري القديم لهذه القرون من أصولها واستخدموها ببراعة ، .بداعغة غاية في اإل، لالثالثة المذكورة سالفا

136

اإليحائية :غة الشعر الديني بين التقريرية ول –أوال، ذلك أننا " حين نحتاج إلى لديني متخذين من اللغة وسيلة كشفنلج عالم الشعر ا

، 1تناول العمل األدبي شعرا كان أو نثرا ينبغي أن نتذكر دائما أن اللغة هي العمل نفسه "، " وتشبه اللغة الموظفة في الكتابة الشعرية طبيعة األصباغ ج بدواخلهفهي الحاملة لما يختل

التي يلون بها الرسام لوحته فتغدو بديعة منسجمة مندمجة ....ذلك بأن من الشعراء من يعشق اللغة ، ويالطفها فتعطوه من حيث ما يشأ : فيبدع من خالل انقيادها له ، ويحلق في

يشاكسها ، و يعانفها و يشاغبها : فتتأبى عليه (...) من فضائها الرحيب ... ولكن منهم وال تنقاد ، و تدبر عنه وال تقبل ، فتجيء كتابته الشعرية كالثوب الرديء المرقع : ال

.2جمال فيه فيبهر ، وال بهاء فيه فيسحر"زهدا ، وتصوفا ، أو :إن الشعر الديني وعلى اعتبار ارتباطه بتجربة وجدانية عميقة

فإنه يحتاج إلى معجم لغوي خاص ، تراوح بين التقريرية و ؛با نبويا ، أيا كانت حاإليحائية وكما يبدو فلفظ " التقريرية " يشير إلى المباشرة و الوضوح فيما يوحي الرمز و

ال يفصح.فإذا اقترب شعر الزهد ؛وعلى اختالف مضامين الشعر الديني ، تنوعت لغة التعبير

فيما أخد المديح النبوي من ؛كان شعر التصوف أقرب إلى اإليحاء ؛إلفصاح أكثر من اهنا ومن هناك ، على أساس أن مدح النبي صلى اهللا عليه وسلم جاء في صيغ قريبة من

بسيطا واضحا ، في حين مال إلى اإليحائية حينما يتعلق بالحقيقة المحمدية، المتداولةاللغة م في التعبير عنه الغزل الصوفي ، وعادة ما تحضر الذي يستخد ؛والحب المحمدي

التقريرية المباشرة حينما يعمد الشاعر "إلى الحديث عن تاريخ الدعوة اإلسالمية ، وعن العقيدة اإلسالمية (...) أو يذكر كل األشخاص الذين أراد ذكرهم من أنبياء و صحابة ،

لغة بعيدة عن في حين البد من ،3وآل البيت، باإلشارة إلى ميزة كل واحد من هؤالء "فمع التصوف ولدت لغة جديدة ، هي "لغة ؛كلما طغت الصبغة الصوفية ؛ المألوف

وجودية تحمل في حروفها ، ومعانيها أسرار الكون والخليقة ، ومن خالل هذه النظرة إلى .4"لم كله نوعا من الكتابة أو اللغةاللغة يصبح العا

. 120العربي دحو ، ابن الخلوف ودیوانھ جني الجنتین في مدح خیر الفرقتین ، ( م س ) ، ص -1

. 215دار الغرب للنشر و التوزیع ، ( د ط ) ، ( د ت ط ) ص –تأسیس للنظریة العامة للقراءة األدبیة –نظریة القراءة عبد المالك مرتاضى ، -2 . 136العربي دحو ، المرجع السابق ، ص -3

. 31، ص 1996دیسمبر 10لعدد حمیدي خمیسي ، " اللغة الصوفیة " ، مجلة اللغة و األدب ، معھد اللغة العربیة و آدابھا ، جامعة الجزائر ، ا -4

137

يخص لغة كل شعر ، ذلك أن " اللغة األدبية يجب أن تختلف هذا التميز حري أن إن عن اللغة العادية ......< لغة التواصل >وإال لما كان بنا حاجة إلى فن الشعر ، إذا كان

.1ال يقدم شيئا جديدا عن المألوف"وسنقدم فيما يلي نماذج من القرون الثالثة المعنية بالدراسة ، للوقوف عبرها عن كيفيات

اللغة من قبل شعراء الجزائر ، من ذلك وبلغة تقريرية مباشرة أبو حمو موسى توظيف الزياني، يطلب شفاعة الرسول عليه الصالة والسالم ، فيقول :

وما أرتجي إال شفاعة خير من أتى بالهدى يهدي لدين حنيفي 2وما عملوا في الدهر من عمل سيء فران ذنبهم به يرتجي العاصون غ

وفي الزهد ، يقول ابن خميس بلغة مباشرة قريبة من اللغة العادية : ولكنها الدنيا تكر على الفتى وإن كان منها في أعز نصاب

3أو تخوم ترابفإما سماء وعادتها أن ال توسط عندها رغم مضمون هذه األشعار الديني ، وقربها من نفوس أهل المنطقة الرتباطهم بالدين،

فإن ألفاظها أقرب إلى اللغة العادية و بالتالي تنقصها الفنية . وعن معجزات الرسول صلى اهللا عليه وسلم ، يقول ابن الخلوف القسنطيني :

قيظ ة حرالغمام ار ووقتهزغ وجاءته بأمياه وشق ألجله بدر الدياجي ، كما ردت له شمس النهار 4ونادته الغزالة أن أجرني ألقضي حق أوالد صغار

باللغة نفسها، إن الحديث عن المعجزات يستمر هكذا في شعر ابن الخلوف وغيره ، " واألسلوب ذاته أو لنقل بالنظم نفسه ، بحيث نفقد إشعاع الكلمة الفنية من هذه الكلمات، والعبارات ألنها لم تخرج عن معناها المباشر ، وإطارها التقريري الواضح ، إلى عالم

شتى ، فترسم بذلك كونا رحبا واسعا يالمجاز الذي يضفي عليها صورا مشعة تعطي معانعنى المقصود والفكرة المطروقة (...) ولعل هذا الخفوت لم يكن من نصيب شاعرنا للم

فحسب ، بل خفوت الناظمين المدافعين عن المبادئ و باألخص حين تكون هذه المبادئ اإلسالمية ، ألن الشاعر فيها يدور في محيط دائرة معروفة محددة حتى ال يتجاوز ما يباح

.28،ص 2003، 1عبد الحمید ھیمة ، الصورة الفنیة في الخطاب الشعري الجزائري ، منشورات إتحاد الكتاب الجزائریین ، دار ھومة ، الجزائر ط -1 . 346عبد الحمید حاجیات ، أبو حمو موسى الزیاني حیاتھ وآثاره ، ( م س ) ، ص -2

. 248خمیس التلمساني حیاتھ و شعره ، ( م س ) ، ص طاھر توات ، ابن -3 . 75ابن الخلوف القسنطیني ، الدیوان ، ص -4

138

ه بالصرامة ، فال يسمح له بالجنوح حتى ال يركب به الشطط له قوله ، ومن ثم يأخذ خيالالذي يوقعه في األخطاء الدينية التي ال تقبل ، في الوقت الذي يستنفر عقله ليراقب كل صغيرة و كبيرة تصدر عنه فينظر في مدى بساطة الفكرة و سهولة األسلوب المقدم بها

العقيدة اإلسالمية ، وفي مدى حتى تفهم عند عامة الناس، وفي مدى مالءمتها مع .1مراعاتها للتقاليد األصيلة للقصيدة العربية في هذا المجال في لغتها ووزنها على السواء"

وإذا بحثنا لشعرائنا عن إبداع حقيقي ، فيه من اإليحاء و الفنية ، ما يجعل منه شعرا ء آنذاك ، خاصة وتلك ممتعا ، ال مقنعا فحسب ، فإننا سنجد ما يعبر عن توجه الشعرا

الفترة كانت فترة تجارب روحية ، إذ يعيش الشاعر من خاللها تجربة مميزة مع الكتابة التي يحقق ضمنها السفر إلى عالم طيفي أخاذ.

وفي تعبيره عن ذاته متأمال ومتألما ، هذا ابن خميس يقول في التصوف : من ليس يأمل أن يمر ببالها ؟ عجبا لها أيذوق طعم وصالها

2وأنا الفقير إلى تعلة ساعة منها وتمنعني زكاة جمالها التالليسي: ةاإليحاء ، يقول محمد بن أبي جمع وفي المولديات وبلغة غاية في

اني مذبعالصبا بالوسائل ؟ فدم ردهام وسائل ترى هل ي وهل لزمان مضى رجعة لعهدي به أترى الدهر راحل 3فها أنا أبكي لفقد الشباب وعصر التصابي بكاء التواكل

ومثل الشعر المليء بالحركة و الحيوية في الشعر الديني كثير ، والنماذج الشعرية فا خير مثال ، هذا وإذا كانت التقريرية في الشعر عادة ما ترتبط بسرد التي تناولناها سال

وقائع تاريخية أو غيرها، كالحديث عن معجزات الرسول الكريم صلى اهللا عليه وسلم وغزواته، وكذا النصح والتوجيه، واإلرشاد إلى ترك مالذ الدنيا ، كما يحصل عادة في

الحركة ، وبكثير من اإليحاء إنما يتصل بكل غرض الزهد، فإن النص اإلبداعي المليء ب ما صدر عن الوجدان، بحيث تنساب اللغة سلسة عذبة ترقى عن المعجم العادي .

ويمكن اإلشارة أخيرا إلى أن أي شاعر في هذه القرون المزدهرة ثقافيا ، و أدبيا ، ال تسير في مستوى كابن الخلوف وغيره ، لغة شعره " بمستوياتها المتقدمة جعلت قصيدته

لغوي واحد نتيجة لتعدد الموضوعات فيها من جهة ، و نتيجة لمعجمها اللغوي المعتمد من

. 138، 137ن ، ( م س ) ، صص الفرقتی العربي دحو ، ابن الخلوف ودیوانھ جني الجنتین في مدح خیر -1 . 233محمد الطمار ، تاریخ األدب الجزائري ، ( م س ) ، ص -2 .287، ص المرجع نفسھ -3

139

، أو ليشكو ، أو يتأمل يعانق لغة ، فهو حين ينزع نحو الذات ليبكي قبله من جهة أخرىع مجازية فنية راقية تجعله في عداد الشعراء الفحول ، وحين ينتقل من الذات إلى الموضو

ي إطار لكنه يخرجها ف –كذلك –إن كان يتحدث في المألوف يعمد إلى العبارة الجاهزة ] توظيفها توظيفا جيدا بحيث يعطيها التجسيم ، أو فني جميل عن طريقة [ طريق

التشخيص ، فتتجسد أو تشخص وبذلك تنقلها من صورتها الجامدة إلى صورة أخرى حية .1جميلة"، وبهذا النقل يلبسها حلة فنية

ذا الموضوع، دون أما إذا جاء بموضوع غير معتاد واستعمل لغة تتماشى مع ه ، وهو التاريخ، فإذا اسقط اللغة ، حيث أن موضوعه لم يفصل فيه بعدالرجوع لمن سبقه

، بل وفي الخطابية، فيتحول يرية والمباشرةذا فسيقع في التقرالجاهزة على موضوعه ه،ولغة الشعر الديني بين اإلبداع 2، يصف األحداث التاريخية ناظممن مبدع فنان إلى

الالإبداع تنهل من القاموس اللغوي التراثي المستمد من الثقافة اإلسالمية، التي هي معين و ال ينضب.

المعجم اللغوي للشعر الديني بين الديني الخالص و الصوفي : –ثانياز على الدين ، وكما هي تجربة على مستوى الفكر الشعر الديني كتجربة وجدانية يرتك

والروح، فهي أيضا تجربة في الكتابة " فالحقيقة في الكلمة ، هي أن تكون كلمة الروح ، أي أن عمق الشعر الذي مصدره الوجدان يستدعي لغة عميقة، وذات صلة 3روح الكلمة"

لفاظها أة لها ذلك أن " النحو له معجمه الخاص، والبالغ ؛بالموضوع المطروقصطالحية ... وهذا المعجم متطور لتطور الزمان و العلم ... وكذا الشعر فإن له اال

أغراضا متعددة، وكل غرض يفترض وجود ألفاظ معينة تحقق بينها ، حين تركب نوعا ، وكل غرض من تلك األغراض يتطورالتباينوتبعد االنفصال و من التماكن واالنسجام،

.4بعا للتحوالت المجتمعية "معجمه تطورا ما تللقرآن كان ؛ري في الشعر الديني في حلة دينيةوانطالقا من هنا جاء المعجم الشع

، وعلى اعتبار أن هذا اللون من الشعر في الجزائر في الخمسية الكريم فيها األثر الواضح

. 138العربي دحو ، المرجع السابق ، ص -1

.ینظر : المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا -2 . 26ھیثم الجنابي ، " تضاریس اإلبداع الحرفي للتجربة الصوفیة " مجلة نزوى ، عدد -3

ع ، مطبعة النجاح الجدیدة ، الدار البیضاء ، ( د ط ) ،محمد مفتاح ، في سیمیاء الشعر القدیم دراسة نظریة تطبیقیة ، دار الثقافة للنشر و التوزی -4 . 43( د ت ط ) ، ص

140

تشكيل معجمه الهجرية الثانية كان جانبا كبيرا منه تصوفا، أسهم التصوف بفعالية في اللغوي.

سالم، وفي حقيقة األمر إن أثر القرآن الكريم في الشعراء العرب كان منذ صدر اإل "وليس في األمر غرابة أو عجب فقد دخل كتاب اهللا إلى قلوبهم ، و استقر في عقولهم

ومن هنا امتزج الديني ، 1ووجدانهم فظهر نطقا على ألسنتهم ، وبان عمال على جوارحهم "مع الصوفي ، وإن كان المعجم الصوفي ذاته متصال بالديني ، بل صادرا عنه، فالتجربة الصوفية ما هي إال نتاح ميل إلى التدين ، وشعراء القرون السابع ، الثامن، والتاسع الهجرية ، من الذين طغت الصبغة الدينية على شعرهم ظهر تأثرهم بالذكر الحكيم ،

ه ومعانيه مما أكسبها جماال ، رقة ، وعذوبة ، كما تجلى فضمنوا أشعارهم من ألفاظ .اإليحئيةالمعجم الصوفي في هذه األشعار ، لتصل إلينا قصائد غاية في

ونقتطف فيما يلي نماذج شعرية تعبر عن هذا التعانق بين الشعر الديني الجزائري ظ يطلق التصوف من ألفاالقديم، وبين القرآن الكريم ، ومنه إلى بعض ما استخدمه شعراء

.عليها "اصطالحات الصوفية" يقول ابن خميس التلمساني : ( بحر الكامل )

نعمى ال يالثر قدي عى والنفث فالثر قدفي ع اء2نفاثة األنو ن شر النفاثات يف وموكما هو واضح، هي ألفاظ مقتبسة من سورة الفلق،قال تعالى:﴿

قدفي الشعر الديني. ؛ إنه التناص القرآني الذي يشغل حيزا هاما 3﴾الع وهذه القصيدة هي من الشعر الديني الصوفي ، وعليه نجد من المعجم الصوفي الكثير،

يقول فيها: 4البديع تشعشع فلقد رشفت بها رضاب مدامة بنسيم أنفاس

وفي هذا البيت تعبير عن السكر الصوفي ،" و السكر هو دهش يلحق سر المحب عند مشاهدة جمال المحبوب فجأة ، فيذهل الحس ويلم بالباطن فرح وهزة وانبساط (...)

.5ويصيب السر الدهش والوله لتحير النظر في شهود جمال الحق " ميمون التميمي القلعي : ويقول أبو عبد اهللا محمد بن

. 280نایف معروف ، األدب اإلسالمي في عھد النبوة و خالفة الراشدین ( م س ) ، ص -1

. 89عبد الحمید قادي ، بغیة الجلیس من شعر أبي عبد هللا بن خمیس ، ( م س ) ، ص -2 . 04سورة الفلق : اآلیة -3

. 88عبد الحمید قادي ،المرجع السابق ، ص -4 . 126عبد المنعم الحفني ، المعجم الصوفي ، ( م س ) ، ص -5

141

انظر لمن باد تنظر آية عجبا وعبرة لأولي األلباب و العبر أين األلي جنبوا خيال مسومة وشيدوا إرما خوفا من القدر

1ولم تفد إرم للحادث النكر لم تغنهم خيلهم يوما وإن كثرت و الشاعر هنا تأثره واضح بآيتين من سورة الفجر ، يقول تعالى :

﴿) ادبع كبل رفع فكي رت 6ألم) ادمالع ذات م2﴾)7) إر ويواصل الشاعر قائال :

وا أنملع قدي الدنيا وف الناس ر تنافسصح بالبا كاللمبه قام3الم .4﴾وما أمرنا إال واحدة كلمح بالبصرنستحضر هنا اآلية الكريمة ﴿

ولنتأمل هذا البيت الشعري للثغري التلمساني ، يقول فيه :ا ندا فيهفخرا بزنيالد نكيولم فال تغربالفان غتري نة م5ام

وهذا في معنى تفضيل اآلخرة على الدنيا ، وآيات كثيرة من الذكر الحكيم في هذا اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم المعنى النبيل ، من ذلك قوله تعالى :﴿

وفي موال واألوالد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاماوتكاثر في األ .6﴾اآلخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إال متاع الغرور

مولدية من بحر ( البسيط ) ، نظمها بمناسبة االحتفال وألبي حمو موسى الزياني هـ ، وقد مدح فيها خير خلق اهللا لكنه استهلها بدعاء وتضرع هللا تعالى، 766بمولد سنة

وقد تطرق إلى جانب هام من قصص األنبياء ، مذكرا بفضل اهللا عليهم ،وقد نجاهم، ورفع : عنهم كل كرب مما يقول

أنت المنجي لنوح في سفينته ومخرج يونسا من ظلمة اللجج كل أذى لما رموه بجب ضيق حرج يا من وقى يوسف الصديق

هاءجكى وشكا وب ا أنلم قوبعي ابجيأجي خلهي لطف لم نهم له به ينا حيرصبعد ب اديص الطيب األرج وعنشر القم يمنس

فيها وعادت سالما دون ما وهج أنجى من النار إبراهيم حين رمي باليم في جوف تابوت على لجج بذ يا من تكفل موسى وهو منت

. 35الغبریني ، عنوان الدرایة ، ( م س ) ، ص -1

. 7/ 6سورة الفجر : اآلیتان : -2 . 36الغبریني ، المرجع السابق ، ص -3

. 50سورة القمر : اآلیة -4 . 153التلمساني ، الدیوان ، ( م س ) ، ص الثغري -5

. 20سورة الحدید : اآلیة : -6

142

فؤادها فارغ من شدة الوهج وأمه من أليم الشوق والهة يا من أعاد لها من بعد ما يئست موسى و قربه في المرسلين نجي

ا منوا ياألولى كفر دطفى كيصج كفى الموي عر ذتاب غيبك مهاءإذ ج 1يا من وقاه الردى في الغار إذ نسجت ببابه عنكبوت خير منتسج

معانيه و ألفاظه معا ثقافة الشاعر الدينية و تأثره بالقرآن الكريم باد ، وقد ضمن أبياته من متأثرا أيما تأثر بحياة األنبياء و الرسل عليهم السالم .

هذا عن حضور ألفاظ مستمدة من القرآن الكريم ، كما يغلب على الشعر الديني عموما مديحا كان ، أو زهدا أو تصوفا المعجم المتعلق بالرسول الكريم صلى اهللا عليه وسلم،

من نماذج شعرية عند عرض ورد، ويمكن العودة إلى ما ومعجم األماكن المقدسة موضوعات الشعر الديني ثم أن الشاعر ، وبالنظر إلى التأثر الكبير بالدين ، قد ركز على التوسل و التضرع و التعبير عن إيمانه وتوكله على اهللا تعالى ، كما لم يغب في

لمسلمين ، فهو يقيم بميزان اإلسالم الشعر الديني الجزائري مدح السلطان باعتباره خليفة ا2.

وإذا كان المعجم الديني الذي يتضمن اقتباسات كثيرة من القرآن الكريم يشغل حيزا كبيرا، فإن المعجم الصوفي في شعر أهل المنطقة ال يقل أهمية ، بل يكاد يطغى على كل

ليه الصالة و السالم، وعليه ميدان فالزاهد هو صوفي في الغالب ، تماما كما مادح النبي عاهللا قل" وجدناها عدنا إلى قصيدة أبي مدين شعيب " فالمعجم الصوفي حاضر بقوة، و إذا

تنطق بمعجم صوفي ثري من ذلك قوله: 3اهللا قل وذر الوجود وما حوى إن كنت مرتادا بلوغ كمال

اتها :كما يقول في القصيدة ذ 4فالعارفون فنوا و لما يشهدوا شيئا سوى المتكبر المتعالي

( اهللا ، الوجود ، كمال ، العارفون ، فنوا ، يشهدوا ) ، كلها تنتمي إلى المعجم اإللهي هو فاسم الجاللة " اهللا سبحانه" هو ما يرتكز عليه التصوف ، فالحب ؛الصوفي

األساسي وهو سر الوجود كله ، و الصوفية هم العارفون ، كلما تجلت أمامهم أنوار الحقيقة ، وقد تطرقنا إلى بعض هذه المصطلحات عند تناولنا مضامين الشعر الديني.

363، 362عبد الحمید حاجیات ، أبو موسى الزیاني حیاتھ و آثاره ، ( م س ) ، ص -1 . 213نظر : أحمد موساوي ، المولدیات في األدب الجزائري القدیم ، ( م س ) ، ص ی -2 . 142الرباني سیدي أبي مدین شعیب ، ( م س ) ، ص محمد الطاھري عالوي ، العالم -3 .المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا -4

143

كما ذكرنا –والحديث عن توظيف المصطلحات الصوفية هو من األهمية بما كان ذلك ، ومن قصيدة أبي محمد عبد الحق بن ر الديني اكتسى طابعا صوفياأن معظم الشع –آنفا

، يقول في هذين نأخذ مقتطفا يعبر عن هذا الجانب ربيع األنصاري التي أوردناها سالفا البيتين :

سفرت على وجه الجميل فاسفرا وبدا هالل الحسن منها مقمرا 1ت فكاشفت القلوب بسرها وسقت شراب األنس منها كوثراودن( سفرت ، أسفرا ، كاشفت ، سرها ، سقت ، شراب ، األنس ) ، من المصطلحات

أنس، –شراب –الصوفية األكثر استعماال من قبل الصوفية و إذا كانت ألفاظ : سقت –مر الصوفي، الذي عرضنا إليه سالفا فإن األلفاظ األخرى ( سفرت تشير إلى الخ

كاشفت)، لها صلة بتجلي الحقيقة و انكشافها ، أو انكشاف السر ، والسر عند –أسفرا، ولفظ السر يشير إلى "ما 2الصوفية "هو كل شيء من الحق عند التوجه اإليجادي إليه"

ومصطلحات الصوفية ،3نه في األحوال "يكون مصونا مكتوما بين العبد و الحق سبحا كثيرة وقد ألفت فيها معاجم ضخمة ، أبرزها المعجم الصوفي لسعاد الحكيم.

بما في ذلك سكان –ويمكن أن نشير أخيرا إلى أن ارتباط أهل المغرب بالدين وانتشار التصوف بالمنطقة وذيوعه ،على مدى هذه القرون السابع ، الثامن ، –الجزائر

تاسع الهجرية، جعل لغة الشعر تتسم بالصبغة الدينية ، ولكون تشكيلة شعراء الجزائر الآنذاك كانت الغلبة فيها للصوفية ، فإن معجم لغة الشعر الديني طغى عليها التصوف ، ذلك أن حتى بعض الشعراء من غير الصوفية استخدموا المعجم الصوفي تماما كما الصوفية لم

تهم ، بل نهلوا من المعجم الديني على العموم متأثرين بآي الذكر يقتصروا على مصطلحا ه ) في النسيب و الحكمة و التصوف : 7الحكيم، من ذلك قول أبي جعفر بن أمية ( ق

أأمسك دمعا وقد أرسلت علي من الهجر ريح عقيم م كنومـة أهل الرقيـــ ة الوصل إغفاءةغفت مقل

فإن كان نهج الرضى مائال فإن صراط المستقيم مستقيم ولي مقلة نظرت في النجوم قضت لي أن فؤادي عقيم

. 87الغبریني ، عنوان الدرایة ، ص -1

، 1981كمال الدین عبد الرزاق القاشاني ، اصطالحات الصوفیة ، تح : محمد كمال إبراھیم جعفر ، الھیئة المصریة العامة للكتاب ، ( د ط ) ، -2 . 100ص

. 88عبد الكریم القشیري ، الرسالة القشیریة ، ( م س ) ، ص -3

144

الديني ، وهو الحال في شعر تلك الفترة حتى ال واضح هذا التمازج بين الصوفي و نكاد نفصل بين المعجميين ، وفي هذه األبيات ، التأثر بين بالقرآن الكريم ، بقوله

.1﴾ أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيمتعالى﴿ر الديني وعلى هذه اآلية الكريمة نختم هذه الجزئية ، مع التأكيد على أن لغة الشع

استمدت من المخزون اللغوي الثري الذي كان القرآن الكريم هو المصدر األساسي له، ، فاستعمل الشعراء ألفاظا ذات صلة بآي -عموما –إلى جانب إسهام الثقافة اإلسالمية

الذكر الحكيم ، واألماكن المقدسة ، إلى جانب معجم أخذ من التاريخ اإلسالمي، كل هذا وفية يمكن أن تكتشف مباشرة بعد تأمل وتمعن في النص.وسط نفحات ص

ومع الخصوصية التي يكتسيها معجم الشعر الديني ، كان في كثير من األحيان موحيا بمعجم ال مصرحا ، مما يحتاج إلى تمعن وتفكر سعيا إلى الفهم ، خاصة إذا تعلق األمر

.الصوفية الذي كان السائد ر الديني الجزائري القديم :الغموض في الشع –ثالثاجمعت بين المعجم الديني الخالص و المعجم الصوفي، –كما تقدم –لغة الشعر الديني

كما أنها تتراوح بين إيحائية و تقريرية مباشرة ، ومهما كان من أمر ، فاللغة الشعرية تجربة دينية ؛ إنهاة الشعر الديني عميقة ، ولغ تتجاوز المألوفعلى العموم مفترض أن

هذا العمق الذي يسم التجربة ، وفهي تمتد بدواخل اإلنسان المبدع وتجربة شعرية معا ، الدينية عموما ، والتجربة الصوفية على الخصوص ، يتطلب لغة متميزة تعمل على

مستويين ظاهرا وباطنا.عنية بالدراسة، و بالنظر إلى غلبة السمة الصوفية على الشعر الديني خالل القرون الم

وما قبلها ، كان البد من لغة خاصة ولدت " لما كانت اللغة القاموسية عاجزة عن استيعاب حركة النفس وغير قادرة على تصوير أدق خلجات المشاعر و اإلحساسات وما تنطوي

.2عليه من مرام صوفية غائرة في الغموض و العمق"، تستدعي قالبا فنيا مالئما للتعبير عنها ، ولن إن وجدانية التجربة الصوفية و الشعرية

يكون إال بلغة مغايرة ، ذلك أن " اللغة العادية بقواعدها العقالنية الصارمة ، تعجز عن ذلك؛ فيكون من الضروري ، إذن ، اختيار أسلوب خيالي غير مباشر ،يتخطى اللغة

. 9سورة الكھف ، اآلیة -1 . 176م، ص 2005قدور رحماني ، ابن عربي ودیوانھ ترجمان األشواق ، دار الكتاب العربي للطباعة و النشر و التوزیع و الترجمة ، الجزائر ، -2

145

الدالالت الشعرية في تعقدها المعيارية، ويخترق قواعدها الثابتة ،بحيث يمكنه صياغة هذه .1، وشموليتها، وندعو هذا األسلوب الخيالي ، الجمالي الخاص << باللغة الرمزية >> "

يقصد هنا القدم المقابل للحداثة)لمراجع بأن لغة الشعر القديم (وكثيرا ما يتردد في ا القديم حينما يكون وهذا ؛2"لغة سهلة مترابطة ، ذات إحاالت مباشرة في الغالب وواضحة"

صوفيا تتغير المعطيات ، نكون أمام نص تجاوز الظاهر بحثا عن الباطن، الذي هو األساس لفهم الشعر الصوفي ، بحيث "يتجاوز الصوفي ميدان العقل إلى ميدان الوجدان

.3واإلرادة أو ميدان الحرية المطلقة" يقول الششتري : ؛وقد عبر شعراء التصوف عن هذا

سرفجئت تعش لة إنامح ره للسفرأح دومجر ه يهانع4م يشير هذا البيت إلى أن األلفاظ الظاهرة للقصيدة الصوفية تستتر وراءها معان غامضة،

فقط من كانت له دراية بهذا المجال ، " فإذا كانت الداللة في اللغة اإلنسانية –يكشف عنها اللة عرفية اتفاقية اصطالحية فإن هذا هو الظاهر الذي يدركه كل إنسان ، و الحقيقة د

التي يدركها الصوفي بقلبه ومعراجه الصوفي تنبئ أن هذه الداللة العرفية الظاهرة للغة .5البشرية اإلنسانية خادعة"

ئ وال بين الظاهر و الباطن تتجلى لغة التصوف ، فكان الرمز هو المسيطر بحيث يوم يصرح، يقول أبو الحسن الحرالي في هذا السياق :

نى القلمعا مم رفعي نم را غيأهقرا ياهللا م كتب ن6نح فيمكن ؛وإذا تساءلنا عن السبب الذي دفع بالصوفية إلى اعتماد لغة خاصة بهم

جربة جوانية ، شديدة الخصوصية ، وبالتالي كان البد اإلشارة إلى أن التجربة الصوفية ، تللصوفية من البحث عن متنفس يسمح لهم بالتعبير عن مواجيدهم التي ال يحكمها منطق

هذا ، أوال، وثانيا : ما لقيه الصوفية من " << العنف >> المادي واللغوي الذي مارسته 7 .8بصفة خاصة " –والفقهية –التجربة الدينية العادية

. 273م ، 1986ربي الحدیث ، دیوان المطبوعات الجامعیة ، الجزائر ، ( د ط ) ، إبراھیم رماني ، الغموض في لشعر الع -1

عالم المعرفة ، سلسلة كتب ثقافیة یصدرھا المجلس –العوامل و المظاھر و آلیات التأویل –عبد الرحمان محمد القعود ، اإلبھام في شعر الحداثة -2 . 249م ، ص 1978، الوطني للثقافة و الفنون و اآلداب ، الكویت

. 17أبو العالء عفیفي ، التصوف الثورة الروحیة في اإلسالم، دار الشعب للطباعة و النشر ، بیروت ، ( د ت ط ) ، ص -3 . 212الغبریني ، عنوان الدرایة ، ( م س ) ، ص -4

. 85م ، ص 2005، 7یروت ، لبنان ، ط نصر حامد أبو زید ، إشكالیات القراءة وآلیات التأویل ، المركز الثقافي العربي ، ب -5 156الغبریني ، المصدر السابق ، ص -6

. 185، 183، صص 1992، م 1دار الجیل ، بیروت ، ط –دراسة فلسفیة في مشكالت المعرفة –ینظر : ناجي حسین جودة ، المعرفة الصوفیة -7 . 129م ، ص 2002العامة للكتاب مصر ، طبعة نصر حامد أبو زید ، ھكذا تكلم ابن عربي ، الھیئة المصریة -8

146

وهذا حال العاشق ، والصوفي ؛ مال إلى الغموض ؛وهكذا كلما مال المرء إلى التكتم إنه العشق اإللهي ، وقد اتخذ الصوفية من الشعر وسيلة تعبير ؛عاشق من نوع خاص

مثلى عنه ، بحيث يفترض فيه التكتم و اإلخفاء ، ومحي الدين بن عربي أشار إلى هذا .1دور الشعر في صون األسرار"حينما "أكد بقوة على

وقبل أن نقدم نماذج عن سمة الغموض التي هي من مكونات الخطاب الشعري المعاصر على الخصوص نشير إلى أن الشعر العربي القديم ، كان مرتبطا أكثر بالوضوح والتقريرية لكن مع ذيوع التصوف و تسرب النظرة الفلسفية كان البد من نوع من اإلبهام،

للتجربة الصوفية الكثير من الخصوصية ، و بالتالي الخطاب الشعري للقرون فالسابع،الثامن والتاسع الهجرية في الجزائر ، كان فيه من هذا وذاك ، بحيث كان يجنح

خاصة منه ما اقترب –نحو الغموض كلما كان اإلغراق في التصوف، ذلك أن التصوف قوية من الفقهاء ، فال بد من التكتم للتعبير عن كان يلقى محاربة –من التصوف الفلسفي

المواجيد ، ويتسم هذا الشعر بالوضوح كلما ابتعد عن التصوف يقول شاعر الوحدة المطلقة عفيف الدين التلمساني: (من بحر الطويل )

أيا عرب الجرعاء من أيمن الشغب بكم ال بشيء غيركم شغف الصب 2نا أن نزوركم الغضا ، أظنكم تعنون أن الغضا قلبيألم تعدو

ويقول من بحر البسيط ، وسط نفحات صوفية :بالحمى ذاهال من غير ساكنه عج ا غير ساكنهيا خافق القلب وجد

3معنى محاسنه وما عليك إذا وجه الجمال بدا إن غاب معناك فييعبر عن رؤياه الفلسفية ، بلون من الغزل الصوفي الذي يأخذ من –هنا –والشاعر

شكل الغزل اإلنساني العادي ، ومن يعرف بأن صاحب هذا الشعر هو صوفي و فلسفي يقول بالوحدة المطلقة يدرك أن هذا العشق ما هو إال للذات اإللهية .

يدة تظهر عليها سمة التصوف :ومما قال ابن خميس في قص 4وادفع مجال شكوكه بمحالها ا البركات من بركاتها وأنل أب

. 156م ، ص 2004، 1خالد بلقاسم ، الكتابة التصوف عند ابن عرابي ، دار توبقال للنشر الدار البیضاء المغرب ، ط -1

. 60أبي الربیع عفیف الدین التلمساني الصوفي ، الدیوان ، ( م س ) ، ص -2 . 247المصدر نفسھ ، ص -3

. 257ات ، ابن خمیس التلمساني حیاتھ وشعره ، ( م س ) ، ص طاھر تو -4

147

، وهي تعبر1ارات صوفية غامضة يستعصى فهمهاما يختم قصائده بإش وهذا الشاعر كثيرا

غموض.تعانق فيه الوضوح وال الجزائري بشعر عن شخصية صوفية أثرت بحق الشعروسمة العمق في الشعر الصوفي ظاهرة جمالية ، خاصة إذا كان النظر إليها بفكرنا المعاصر، بحيث أن " اقتران التصوف بالشعر ، خدم القصيدة الشعرية ، ونقل الشعر من

2مفهوم الصناعة إلى مفهوم التعبير عن التجربة "نعكس في شعر غامض، وشخصية الصوفي بما تحمله من مشاعر عميقة األبعاد ت

كونه يترجم إحساسا موغال في الكثافة ، وهذا األمر يستدعي توفر قدرات خاصة لدى المتلقي تمكنه من التأويل ال االكتفاء بمجرد القراءة السطحية ، وعليه " البد من اإلشارة إلى تراكم القراءات في محيط "علم اإلشارة " الصوفي ، و كأن سلطان التأويل هو

.3سيطر في تلك القراءات "المإن مهمة القارئ ليست سهلة ، إذ البد من بذل جهد إلدراك ما وراء الكلمات " ولقد

أدرك المتصوفة بعمق العالقة بين الكتابة و التأويل داخل الثقافة اإلسالمية تماما مثلما مقدس وكل أدركوا المبدأ الذي يحول الكتابة القائمة على التأويل ، تأويل النص ال

النصوص المرتبطة به ، أو المؤولة له بهذا الشكل أو ذاك إلى سلطة ثقافية و اجتماعية ، وكثيرا ما يرتبط غموض قصيدة التصوف بالتعبير عن الحب اإللهي ، وإشراقة أنوار 4"

الحقيقة الصادرة عن الذات اإللهية ، والمعرفة الصوفية تتم من خالل القلب ال العقل ، إذ في هذا أبو الحسن الحرالي:يقول

5وشمس على المعنى تطالع أفقنا فمغربها فينا و مشرقها مناالظالم ، ويمكن هنا إللهية ، مستخدما ثنائية النور وويشير في هذا البيت إلى التجليات ا

، علم ، والمعرفة هي النور و العلملال األدوار " فالنور هو المعرفة وللكلمات أن تتباد .6والعلم هو النور و المعرفة "

:كما يقولمقل انبهن العع نا الفهماهأنا إال أنا ه نري مدي 7ليس

. 259، ص ابقسالالمرجع نطاھر توات ینظر : -1

.356،ص2001، 1الدار البیضاء ، المغرب ،ط –المدارس –محمد بنغمارة ، األثر الصوفي في الشعر المغربي المعاصر ، شركة النشر و التوزیع -2 .78م ، ص 2001، السنة الرابعة ، یونیو 40طاب و خطاب الحقیقة " مجلة فكر ونقد ، الرباط ، المغرب ، عدد أحمد الطریبق أحمد ، الخ -3 . 7م ، ص 1998منصف عبد الحق ، الكتابة و التجربة الصوفیة ( نموذج محي الدین بن عربي ) ، منشورات عكاظ ، ( د ط ) ، -4

. 156الغبریني ، عنوان الدرایة ، ص -5 .170م ، ص 2006وضحى یونس ، القضایا النقدیة في النثر الصوفي حتى القرن السابع الھجري ، منشورات إتحاد الكتاب ، دمشق ، ( د ط ) ، -6

. 157الغبریني ، عنوان الدرایة ، ص -7

148

هي إشارة إلى أن المعرفة الصوفية تتم بالقلب ، وال دخل للعقل فيها ويقول : 1مر إن أنت كنتها وكانتك تحقيقا فحلت لحالهاوكيف يكون األ

فاق لتعدد القراءات ، بحيث أن " للغة الصوفية، ، يفتح اآل الدالالت هو بيت شعري عميق 2بكثافتها ورمزيتها أن تتيح إمكانات ثرية للمتلقي في إنشاء المعنى"

ويقول أبو إسحاق بن الخطيب :راعبو فقاءالر هشر عوالم ذرالم واحعف بمال تق والمع

ذكاء ن أو بفرطيان عيا بعنشورهي من فالكو طورأ ساقر3و الشاعر هنا يؤكد على فكرة تجلي الحقيقة اإللهية ، في صبغة غامضة رقيقة في األوان

، وسط عالم خيالي حالم ، بحيث " لم يقدر للخيال أن يستعيد احترامه إال في رحاب ذاتهالشعر الصوفي الذي ينبع من الذات ، فهو إما حالة كشف وفيض ، أو في حالة توتر

.4ووجد مشوق إلى هذا الكشف و الفيض ، وهذه هي حالة الشعر الحقيقية "ي إلى آليات نتجت عما يعيشونه من قلق ولتعميق الغموض عمد أعالم الشعر الدين

وحيرة في خضم التجربة الروحية الوجدانية ، من ذلك : التقديم و التأخير، والثنائيات الضدية، ومثال عن هذا في البيت الشعري اآلتي ألبي عبد اهللا األريسي المعروف

بالجزائري، يقول فيه :ا بي حمر تسجاله دعب لكلعرجي الهتجهى بمدأو ل فقدصبو ر5د

ويمكن القول بأن الغموض من السمات البارزة للشعر الديني الجزائري القديم على مدى القرون السابع ، والثامن و التاسع الهجرية ، فالتصوف باعتبارة تجربة في الكتابة

.6"الرثاء... فن وجداني عذب الوصف و"فن كالغزل والخمريات و ومما يضفي مسحة من الغموض على هذا الشعر أيضا ، ما يذهب إليه بعض الشعراء

من اآلثار من الضمائر ، قد يكون ذلك لصرف دهن المتلقي عن كشف مراميهم ، يقول في هذا األريسي دائما :

ن النقاب بدالي أنه السفرلما رأيت بدور الحي سافرة ع

. 119، ص ابقس،المصدر ال الغبریني -1 ة المعاصرة ، منشورات االختالف ، المؤسسة الوطنیة للفنون المطبعیة ، وحدة الرغایةآمنة بلعلى ، تحلیل الخطاب الصوفي في ضوء المناھج النقدی -2 . 36م، ص 2002، 1الجزائر ، ط

. 202الغبریني ، المصدر السابق ، ص -3 للطباعة و النشر و التوزیع دار األندلس –دراسة في أصولھا و تطورھا –علي البطل ، الصورة في لشعر العربي حتى أواخر القرن لثاني الھجریة -4 . 20م ، ص 1981، 2ط

. 288المصدر السابق ، ص الغبریني ، -5 . 16عمر فروخ ، التصوف في اإلسالم ، ( م س ) ، ص -6

149

روى الحا انتضارم إال موم وال صهودقد نل إال مامو1وال ع وسط فسيفساء من الضمائر ، يصنع الشاعر حركة فعالة ، يزداد من خاللها النص إبهاما

إال إذا خرج عن المألوف و تحلى بكساء وجماال، إذ ال تتحقق أدبية أي خطاب شعري خارق مدهش يأخذ المتلقي إلى عوالم غاية في الجمال ، وال يحدث هذا إال إذا انعكس

الجوهر العميق على الظاهر الذي ليس سوى مفتاحا لولوج هذا العالم الجميل .المح وعلى مدى ثالثة قرون استمر الشعراء في المغرب األوسط في رسم م وهكذا ،

الخطاب الشعري الجزائري القديم الذي تنوعت مضامينه ، مما أسهم في إنتاج لغة حيوية تفيض إيحاء أحيانا ، وتسترسل في المباشرة و التقريرية في أحيان أخرى ، متخذة من المعجم الديني ، وكذا الصوفي وسيلة مثلى للرقي نحو األدبية و الفنية ؛ وهذا وسط نفحات

ة رقيقة تصنع غموضا يتعايش مع صور واضحة في إبداعات أخرى ، لتتراوح إشاريالوضوح تبعا للغرض زهدا ، كان أو مديحا أو قصيدة الشعر الديني، بين الغموض و

تصوفا. –بما في ذلك المغرب األوسط-ومعلوم أن االحتكاك كان كبيرا بين أهل المغرب العربي

يف كان أثر ثقافة العصر في أساليب الشعراء؟ وبين المشرق العربي و األندلس ، فكوبالتالي في الصورة الشعرية المنبثقة عن روح الشاعر ، فالشعر ليس ألفاظا مركبة

فقط ، بل إنه عالم جميل أخاذ مذهل يتجاوز فحسب، وال هو حروفا منسجمة في تراصها المألوف، والمحدد و المعقول.

في الشعر الديني الجزائري القديم الثاني : الصورة الشعرية المبحثرغم ارتباط الشعر العربي القديم بالحسية ، والتقريرية ،رأينا كيف أن الشعر الديني،

مال إلى الرمزية و اإليحاء ،وكيف جنح إلى –على وجه الخصوص –والصوفي منه صور الفنية في العمل التصوير الخيالي الخالق ، إذ يعد الخيال " ملكة أو طاقة مفجرة لل

،هذه الصور التي تكتسي أهمية كبرى في عالم الشعر ، بحيث أن " أهم خصيصة 2األدبي "تميز لغة الشعر عن لغة النثر هي الصورة ، ألن الصورة هي األداة التي يتخذ الشعر

، و النقد الحديث يولي التصوير 3بواسطتها سبيله إلى التأثير في المتلقي إيحاء ورمزا"عناية كبيرة ، ويعتبرها من أهم العناصر التي تمنح العمل الشعري فنيته ، في حين لم

. 292الغبریني ، المصدر السابق ، ص -1

2- 141م،(د ط)ص2009جامعیة ، بن عكنون الجزائر ،كریب رمضان ، فلسفة الجمال في النقد األدبي مصطفى ناصف نموذجا ، دیوان المطبوعات ال.421م،ص 1985، 1، دار الغرب اإلسالمي، بیروت، لبنان ،ط1975، 1925محمد ناصر ، الشعر الجزائري الحدیث اتجاھاتھ و خصائصھ الفنیة -3

150

، ومع ذلك فالعديد من " علماء البالغة 1يهتم النقد العربي القديم بها كل هذا االهتمامالقدماء اهتموا بأساليب البيان و التصوير ووضعوا لها دراسات طويلة مفصلة ، وبخاصة

الئل اإلعجاز " كما وضع أبو هالل داني في أسرار البالغة "و" عبد القاهر الجرجالعسكري األسس التفصيلية ألوجه البديع و المحسنات اللفظية في كتابه " الصناعتين " و غيرهما ولكن هذه الدراسات القديمة اهتمت بالصورة البيانية و تناولتها تناوال تعليميا جافا

دوات البالغية لبناء الصورة ، مثل المجاز و التشبيه ، ال يتعدى الوقوف بها عند بعض األ .2واالستعارة"

ينعتق عن وإلى جانب هذا نجد الشعر الديني ، بما فيه من تصوف ، يتجاور القاعدة و ألن " النص الصوفي –الحسية التي سيطرت على الشعر العربي قديما ، كما ذكرنا سالفا

، بسبب عوامل من داخل التجربة الصوفية وخارجها، .)(..يتأسس على الرمز و التلميح فاألفكار واألسرار الصوفية أدق و أخطر من أن توجه للعامة صريحة واضحة، لذلك كان الرمز أحد حلول إشكالية كبيرة واجهتها الظاهرة الصوفية، وهي محاولة إيجاد الشكل

3لرمز تحفظ أسرارهم"التعبيري المناسب ، فضال عن الغموض و أسلوب الغزل ، فباكانت "الصورة الفنية" هي ما تجسد حلقة الوصل ونقطة التماس التي جمعت بين ومن هنا "

وهذا التقاطع بين "الشعر والتصوف في خصوصية "اللغة" فقد ،4الشعر وبين التصوف"للغة الكشف و إعراضهم عن لغة –ومعهم الشعراء –جاء طريقه من اختيار المتصوفة

بسبب عجز األخيرة عن تجسيد دقائق المعارف ، والنفاذ إلى مخبوء الذات الوصف، فـ"اللغة" عندهم تتحول إلى مجموعة من اإلشارات و الرموز الموحية ، لما في –والكون

الدواخل من تجارب وجدانية و ذوقية ، ومن حقائق باطنية وذاتية ، بعيدا عن الواقع .5الملموس والمباشر"

يمكننا أن نؤكد بأن الشعر القديم عرف التصوير الشعري المرتبط بالرمز ومما تقدم والخيال، فلم يكن كل الشعر العربي القديم حسيا ، وإن كان هذا الخيال في الغالب صنعه الصوفية ، فإن هذا األمر ينطبق على دراستنا المتعلقة بالشعر الديني ، وقد رأينا أن سمة

ديني ، وقد خالط التصوف المديح النبوي ، كما كان صورة التصوف غلبت على الشعر ال

. 423، 422،ص ابقس، المرجع المحمد ناصر ینظر : -1 . 425، ص ھسالمرجع نف -2

قراءة في تجربة التأویل الصوفي عند محي الدین بن عربي دیوان " ترجمان –محمد الجودي ، النص الشعري بوصفة أفقا تأویلیا لطفي فكري -3 . 85م ، ص 2011، 1مؤسسة المختار للنشر و التوزیع ، القاھرة ، ط –األشواق " نموذجا

. 87المرجع نفسھ ، ص -4 . 89المرجع نفسھ ، ص -5

151

، لمغفرة كلها جرت وسط نفحات صوفية، كما أن صور التضرع وطلب امتطورة للزهدبعين االعتبار هذه ، مع األخذس الصورة الفنية في الشعر الدينيومن هنا سندر

ل على تخليقه من والصورة الشعرية في جوهرها تشكيل لغوي يعمل الخياالمعطيات، "معطيات متعددة يقف العالم المحسوس في مقدمتها على نحو ال تكون الصورة فيه مجرد

، بل تنتقل "من العام إلى الخاص، فتصير تعبيرا شديد 1تسجيل فوتوغرافي لألشياء" .2الخصوصية والفردية"

، والجانب ي،الجانب الروح، الجانب الباطنيالصورة أربعة هي : الجانب الحسي وعناصرمن الجانب الحسي والباطني –في الغالب –العاطفي ، فالجانب الحسي تقدم فيه الصورة

، وفي صورة عاطفية يتجلى متعلق بأفكار الشاعر ، وما عاشه من تجارب نفسية عميقة، إذ يلتقي الذاتي بالحسي ، فيكون التعبير عن طريق االنفعال ، وتكتمل الصورة كل هذا

األسطورية و التقريرية و اإلشارية، بينما الرمزية و، ومن االستعارة و المجازبضم صور .3الجانب الروحي يخص معتقد الشاعر ، وهو في الغالب مرتبط بالشعر الصوفي

، الثامن، والتاسع ة في الشعر الديني للقرون السابعوللكشف عن الصورة الشعري ، وبالتالي ترتبط ذا العصر كان عصر تصوفالهجرية، فإننا نضع في الحسبان أن ه

وقبل تقديم نماذج للتصوير الفني عند بعض ، ي الغالب بعوالم روحانية خياليةالصورة فشعراء العصر، ال بأس أن نشير إلى أن ثقافة العصر كان لها أثر كبير في تشكيله و إن

شعراء كانت هؤالء ال، فالصورة عند صورة خير ما يثبت ذلكصادر هذه التحديد أبرز م؛ صدر اإلسالم وما بعده ، المستمدة من العصر الجاهلي وصوال إلىانعكاسا لثقافة العصر

ويمكن اإلشارة إلى مصدرين بارزين للصورة وهما " الطبيعة بكل مفرداتها ، و التراث .4الثقافي"

سالمي)، بما وإن كان هذا التحديد يخص شعراء األندلس فإن هذه البقعة (الغرب اإل فيه المغرب العربي و األندلس يعكس وضعا ثقافيا واحدا ذلك أن التبادل الثقافي كان كبيرا بالرحالت العلمية و الهجرة ، بل وكثير من شعراء األندلس ينسبون إلى الجزائر، على

ن اعتبار المكوث بها فترات ما ، كان لهم فيها إسهامهم و تأثيرهم إلى جانب تأثرهم ، فاب

. 241بد الرزاق سلیمان المصري ، شعر التصوف في األندلس ، ( م س) ، ص سالم ع -1 . 22م ، ص 2010، 1عادل محمود بدر ، التأویل الرمزي للشطحات الصوفیة ، دار مصر المحروسة ، القاھرة ، ط -2 . 167م ، ص 2008، 1ع ، دمشق ، سوریة ، ط ینظر : رغداء الحمصي ، أطیاف من العشق اإللھي ، دار المكتبي للطباعة و النشر و التوزی -3 . 263المصري ، شعراء التصوف في األندلس ، ( م س ) ، ص سالم عبد الرزاق سلیمان -4

152

عربي، والششتري، وابن خميس ، و ابن سبعين ، من أكبر األدباء في الشعر الديني ، فإنهم ينسبون أيضا إلى الجزائر ، وكثير منهم ترجم لهم الغبريني وإن نسبوا إلى األندلس

في كتابه "عنوان الدراية".لعربي والمهم هنا أن شعر المغرب األوسط الديني مستمد من التراث الثقافي ا

مصدره الطبيعة ، وهي "و إن ؛واإلسالمي، ويمكن أن نظيف التراث الثقافي اإلنساني كانت واقعا ماثال أمام األديب إال أنها تتحول في الصورة إلى واقع جديد و عالم مغاير يختلف عما كانت عليه، فاألديب يندمج في الطبيعة ويضفي عليها مشاعره ويحدث تكامال

.1والطبيعة " فنيا بين األدبهنا يمكن اإلشارة إلى أن االهتمام بالطبيعة من قبل الشعراء يعود إلى العصر و

؛الجاهلي، فقد كانت حياة الشاعر مرتبطة ببيئته ، فحاكاها ، شجر ، وحيوان ، و كواكب فاهتمام الشعراء في الوطن العربي بالطبيعة ليس أمرا جديدا ، بل عميق في تراثنا األدبي

امل)ل أبي مدين شعيب : (من الكوأحسن مثال عن توظيف مفردات الطبيعة قو ، بكت السحاب فأضحكت لبكائها زهر الرياض و فاضت األنهار

راء في أسرارها أسرارخض لةالنهار بح سقد أقبلت شم هو جنود وأتى الربيع بخيله األبصار فتمتعت في حسنه

2فتسابق األطيار و األشجار والورد نادى بالورود إلى الجنى عن قدرة خالق الشاعر ارتبط الشعر الديني بصور الطبيعة في خضم تعبير اإذ

ما أنها تعبير عن عظمته األكوان وما جمال عناصر الطبيعة إال انعكاس للجمال اإللهي ، ك تعالى.

أما عن وسائل تشكيل الصورة ، فيالحظ " اعتماد هؤالء الشعراء في األغلب األعم ز على وسيلتين بيانيتين لتكوين الصورة ، و تشكيلها ، وهاتان الصورتان هما عين المجا

البيانية ، فيما ، هذا عن الصورة 3ا التشبيه و االستعارة"و أصل بناء الصورة الشعرية وهميكتمل تشكل الصورة بالبديع و يطلق على " المعنى المستظرف الذي يأتي به الشعراء في

، وقد شاع لون من المديح النبوي في القون الثامن ، 4قصائدهم ولم تجر بمثله العادة "

، الصفحة نفسھا . ابقسالالمرجع سالم عبد الرزاق سلیمان المصري -1

. 154محمد الطاھر عالوي ، العالم الرباني سیدي أبو مدین شعیب ، ( م س ) ، ص -2 . 283سالم عبد الرزاق سلیمان المصري ، المرجع السابق ، ص -3

. 236أحمد موساوي ، المولدیات في األدب الجزائري القدیم ، ( م س) ، ص -4

153

التاسع، والعاشر الهجري ، يسمى البديعات ، وأبرز ألوان البديع التي شاعت في هذه . 1رة الجناس ثم الطباق خاصة في عهد أبي حمو موسى الزيانيالفت

التصوير البياني : –أوال التشبيه : –1

بين عناصر ، بحيث ظهر "من العناصر الهامة في التصوير الجمالي في الشعر العربي ، البيان في تراثنا العربي بوصفه األيقونة األساسية و العامل الفاعل في الشعرية العربية

التشبيه بعناية النقاد و البالغيين القدماء لما له من عظيم الشأن ، فلقد كان ي لذلك حظالتشبيه وسيلة من وسائل تقريب المعنى و إيضاحه ، وهو عنصر أساسي في الشعر، وتتبدى مهارة الشاعر من خالل قدرته على إجادة توظيف التشبيه وتكوينه الصورة و

حركة فيها ، فالتشبيه يجسد في صورة حسية األفكار المجردة إبرازها وبث الحياة و الفنتمثلها وكأنها موجودة أمامنا... والتشبيه في مفهومه الجمالي ، تصوير يكشف عن حقيقة الموقف الشعوري أو الفني الذي عاناه الشاعر أثناء اإلبداع ، وهو يرسم أبعاد ذلك

مقارنة ليس من شأنها أن تفضل أحد الموقف عن طريق المقارنة بين طرفي التشبيه ،الطرفين على اآلخر ، وإنما تقصد إلى الربط بينهما في حال أو صيغة أو وضع يكشف جوهر األشياء ويجعلها قادرة على نقل الحال الشعورية أو القيم الجمالية التي امتلكت ذات

.2الشاعر وسيطرت على تصويره التشبيهي"أبو مدين شعيب في هذه األبيات ما ينتابه في حالة يشبه ؛ ومن صور التشبيه الجميلة

واصفا السماع الصوفي بطائر بقفص ، يرقص من فرط وجده وشوقه إلى أوطانه ؛وجده (الفضاء الطلق) ، فيقول :

أما تنظر الطير المقفص يا فتى إذا ذكر األوطان حن إلى المغنى غريد ما بفؤاده فتضطرب األعضاء في الحس و المعنىيفرج بالت

ويرقص في األقفاص من فرط وجده فتهتز أرباب العقول إذا غنى 3كذلك أرواح المحبين يا فتى تهززها األشواق للعالم األسنى

بشيء من التأمل ندرك كيف يشبه أبو مدين األرواح ألصحاب الوجد بالطائر الذي يتشوق لالنعتاق في عالمه الجميل ، معبرا عن الشطح الصوفي.

. 237، 236ص صینظر : المرجع نفسھ ، -1

. 285، 284سالم عبد الرزاق سلیمان المصري ، المرجع السابق ، صص -2 . 150، 149وي ، العالم الرباني سیدي أبو مدین ، ( م س ) ، صص محمد الطاھر عال -3

154

والتشبيه عند ابن خميس "ال يقل أهمية عن تشبيه الشعراء الغزليين و الفحول من ، من ذلك قوله :1الشعراء"

وأدمع تنهل مثل العزال جوانح تلفح نيرانها قم نطرد الهم بمشمولة تقصر الليل إذا الليل طال وعاصها صفراء ذمية تمنعها الذمة من أن تنال

2كالمسك ريحا،واللمى مطعما و التبر لونا ، و الهوى في اعتدالشاعر الشاعر هنا تشتعل كالنيران ، ودموعه غزيرة شبهها بمصب الماء ( العزال )، ثم فم

.3يواصل ليشبه المشمولة بالمسك ، واللمى ، والتبر ، و الهوى ونواصل في تقديم بعض نماذج التشبيه مع ابن الخلوف القسنطيني ، بحيث " نجده

أو المرآة ، والكهف ، والمأوى ، والغوث و يشبه الممدوح بالقمر ، أو بالليث ، أو الدر ،المالذ (...) وفي تحقيق ذلك نجده يعتمد على أدوات التشبيه المعهودة المألوفة " الكاف "

، ومن تشبيهه في مدح 4ومثله على التشبيه البليغ الذي تحذف منه األداة وهو كثير" الرسول الكريم، قوله:

5كالدر علوت العال ، وفزت بايصال ها أنت و إن كنت قد ربيت فردا ويقول فيه دائما منتقال من التشبيه إلى االستعارة :

6كهف األرامل ، مأوى كل ملتمس غوث اليتامى مالذ العبد ملجاهونجد الششتري يشبه " المريدين الراغبين في سلوك الطريق و الوصول إلى المعرفة

حقة بحال كليم اهللا موسى عليه السالم حين ناداه اهللا تعالى بالوادي المقدس آمرا اإللهية الإياه بإلقاء العصا فلما اهتزت فر وولى ، وما إلقاء العصا عند الصوفية سوى التسليم

، إذ يقول: 7ذعان للشيخ والتجرد و البعد عن الدنيا وما فيها من متاع وزخرفة وزينة "واإل 8هم في الدير ألقو عصاهم إذ ألمو بالجواروعند دخول

. 322طاھر توات ، ابن خمیس التلمساني حیاتھ وشعره ، ( م س ) ، ص -1

. 322، 321، ص السابقالمرجع ، طاھر توات -2 . 223ینظر : المرجع نفسھ ، ص -3

. 152، 151ص صیر الفرقتین ( م س ) ، العربي دحو ، ابن الخلوف ودیوانھ جني الجنتین في مدح خ -4 . 152المرجع نفسھ ، ص -5 . ، الصفحة نفسھا ھسالمرجع نف -6

. 291، 290ص صسالم عبد الرزاق سلیمان المصري ، المرجع السابق ، -7 . 290المرجع نفسھ ، ص -8

155

و"لعل شعراء المديح ، وكذلك شعراء التصوف هم أكثر الشعراء اتصاال بهذا الفن ألنه يمكنهم عن طريق الموازنة هذه ، أو المقارنة من إبراز الممدوح المفضل عندهم أكثر

، وسنرى ما إذا كان الحال نفسه مع االستعارة .1بيهة له"يسمو عن األشياء الشوجعله :االستعـــــارة –2

ودورها فعال في الشعر"وهي المجاز أي االستبدال أو االنتقال في الدالالت ذلك أننا مع االستعارة نكون إزاء طرف واحد يحل محل آخر أو إزاء االنتقال من داللة إلى

معنيين الحقيقي السابق و المجازي الالحق لينصهرا في أخرى، ويحصل التطابق بين الحقيقة واحدة وهذا عكس التشبيه حيث يلتقي طرفان يحتفظ كالهما بمعناه الحقيقي دون مجاز ، وتكون العالقة في األسلوبين المذكورين لغوية مبنية على المقاربة و المشابهة،

وهي التكثيف ومعناه صياغة الكثير وتكتسب االستعارة خاصية أساسية تميزها عن التشبيه من المعاني في القليل من األلفاظ ، وبعبارة ثانية ، فهي تشبيه مكثف أو تشبيه حذف أحد

.ومن نماذج االستعارة لدى شعراء الجزائر في الشعر الديني القديم نجد أبا مدين 2طرفيه"مختلفة ، شعيب يستخدمها في أكثر من موضوع من مواضع شعره معبرا عن أفكار

، فمن ذلك قوله :3ومعان متنوعه أهل المحبة بالمحبوب قد شغلوا وفي محبته أرواحهم بذلوا

وال طلل وما استقل بهم ربع هاموا على الكون من وجد ومن طرب فكيف يهنوا ونار الشوق تشتعل التشوف ناداهم وأقلقهم ي داع

4من أول قد سارت عزائمهم وفي خيام حمى المحبوب قد نزلواوهنا أبو مدين يعبر عن بذل أهل المحبة أرواحهم سعيا إلى محبة المحبوب ولقائه،

لبيت الثالث ( ونار الشوق تشتعل ).وتبدو االستعارة واضحة في اكما نجد االستعارة في شعر ابن الخلوف القسنطيني، من ذلك ما جاء في إحدى

قصائده في مدح النبي قائال : والح جبين الصبح في طره الدجى فخلت الصبح في سمرة اللما

وى براحة مغرى بالصبابة مغرماخليلي هل صافحتما راحة اله

. 153) ، ص العربي دحو ، ابن الخلوف ودیوانھ جني الجنتین في مدح خیر الفرقتین ( م س -1 .499محمد األزھر باي ، المدیح النبوي في الغرب اإلسالمي ، ( م س ) ، ص -2

. 295سالم عبد الرزاق سلیمان المصري ، شعر التصوف في األندلس ، ص -3 .المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا -4

156

ونور باإلسفار ما كان أظلما إلى أن أماط الفجر فضل لثامه 1وحن إليه الجذع شوقا و كلما نبي له بدر السماء انشق طائعا

ألفاظا عدة ، فالجبين للصبح ، والراحة للهوى ، كما نجد نجده هنا يستعير من اإلنسان .2الجذع يحن شوقا ويكلم ، و الصبح يميط فضل لثامه

وهذا الششتري يعبر عن حبه اإللهي مستخدما االستعارة فيقول : لهقم وذس اسي لبانكس قد لهدمال مبالج اءدغي بح

3وغدا العقل من هواها موله غيبتني عني سلبتني وكما هو واضح االستعارة في ( قد كساني لباس سقم وذلة ) ، ( سلبتني وغيبتني عني)،

و(العقل ..... موله ) ، وهو يعبر هنا عن هيامه في الذات اإللهية . في قوله :ومن استعارات ابن خميس ما جاء

حادص ي كلما ناحوينهل دمع المع فؤادي كلما الح 4يطير وهو يستعير فعل الطيران و ينسبه إلى الفؤاد ، تعبيرا عن هيامه ، و بالطريقة نفسها يقول

الشاعر: 5فقصر عن إدراكها المتناول ذيلها قوافي جرت بالمجرة

لشاعر في صورته يستعير صورة المجرة وهي تتحرك و كأن لها ذيل يجري "فهنا اويسعى وراءها ، ونقله إلى القوافي التي عليها جريان الشعر و كأنها ذيل له فالقافية في

.6الشعر هي حوافره"حسب النماذج المتقدمة تجلت أمامنا صور البيان من تشبيه واستعارة بحضور قوي،

رد نماذج ، وهي كثيرة في الشعر الجزائري القديم ، نكتفي بها بحيث أن وما أخذناه مجالغرض من عرضها هو فقط الوقوف على هذه الوسائل ومدى توظيفها من قبل شعراء

الجزائر في تلك الفترة. : البديع –ثانياوشعراء ؛شكل البيان محورا هاما في وسائل تشكيل الصورة في الشعر العربي

ر بدورهم ومنذ القديم عمدوا إلى توظيف الصور البيانية إلى جانب البديع "والبديع الجزائ

. 503، 502ص صمحمد األزھرباي ، المدیح النبوي في الغرب اإلسالمي ، ( م س ) ، -1 . 503، ص ابقسالالمرجع ،ینظر : محمد األزھرباي -2

. 301سالم عبد الرزاق سلیمان المصري ، شعر التصوف في األندلس ، ص -3 . 325طاھر توات ، ابن خمیس التلمساني حیاتھ و شعره ، ص -4 .234أحمد موساوي ، المولدیات في األدب الجزائري القدیم ، ص -5 لصفحة نفسھا .المرجع نفسھ ، ا -6

157

الفائدة ، وال يعدم القارئ فيه صورة جميلة أو تعبيرا مليئا فن شعري اجتمعت فيه المتعة و، وأبرز أنواع البديع حضورا حسب ما 1بالعفوية وصدق العاطفة أو لمحة وجدانية معبرة "

"الطباق " وعليه سيكون تركيزنا عليهما لسيطرتهما " وار " الجناسمر معنا من أشع، وكان في ربت حروفهما تقا –حسب ما درسنا –الواضحة، ونشير إلى أن الجناس هو

، إلى المطابقة بين لفظين متضادين ، مع اختالف المعنى ، فيما يشير الطباقهيئته تشابهعا ، وقد حضرتا مجتمعتين أحيانا عند بعض وسنعمل على البحث عن هاتين الصورتين م

الشعراء ، في كثير من النماذج الشعرية ، من ذلك قول أبي مدين شعيب : 2حيينا بها دهرا وقد حكمت لنا ونحن بها نحيا يقينا إذ متنا

"الطباق"، في هذا البيت الشعري ، نجد حضور شكلي البيان معا " الجناس " ، و فالجناس بين ( حيينا / نحيا ) ، و الطباق بين ( نحيا / متنا ) ونجد الوضع نفسه في بيت

شعري آخر ألبي مدين يقول فيه : 3وانظر إلى علو الوجود وسفله نظرا تؤيده باالستدالل

/ الجناس بين ( انظر / نظرا ) ، و الطباق بين (علو . ( هفلس :ويقول ابن خميس

والكجاها الحضت مني دض بما بيوعدت فيها مت الذي سوفلي 4وما دهكت منا الخطوب الدواهك تذكريني تلمسان و الهوى أال

رغم ما يستشعره القارئ أحيانا من الثقل نتج عن التكلف و االهتمام بالزخرفة على حساب المعنى ، وهنا الشاعر و بأسلوب عذب ، استخدم الطباق في البيت األول بين

(سودت / بيضت ) ، فيما نجد الجناس بين (دهكت / الدواهك ) ويقول : 5لعلوة طارق بليل وال وجه لصبحي الئح خليلي الطيف

واضح الطباق بين ( ليل / صبحي ) . لوف القسنطيني :ويقول ابن الخ

بالكريم ، وسل منه الرضا كرما، إن الكريم إذا استرحمته رحما لذ 6واجعل شفيعك مدح الهاشمي فما جاب امرؤ فاغر بالمدح فما

. 236المرجع نفسھ ، ص -1 . 140محمد الطاھر عالوي ،العالم الرباني سیدي أبو مدین شعیب ، ص -2

. 142، ص ھسالمرجع نف -3 . 355طاھر توات ، ابن خمیس حیاتھ وشعره ، ص -4 . 325، ص ھسنفالمرجع -5

. 83ابن الخلوف القسنطیني ، الدیوان ، ص -6

158

الجناس يحضر هنا بقوة ، كما نجد الطباق في هذين البيتين : فهي التي ما سقت إال أعقبت بظما فاحذر هواها واحذر نهج فتنتها

1وأربأ بنفسك عن أوخام لذتها فهي التي ما شفت إال أورثت سقماوكما يتراءى بجالء : الطباق بين ( سقت / ظما ) ،و ( شفت /سقما) ، وعند الشاعر

ن الجناس و الطباق في سالسة األسلوب ابن الخلوف في مدح المصطفى قد أسهم كل م وعذوبته.

، ومن ذلك قول أبي حمو موسى ، وهي كثيرةنواصل مع صور البديع عند شعرائناو الثاني:

ا للحبيب بها حياردي وحي القباب و بالحي أرجاء نفا بي2ق ين من البديع يحضران بصورة كبيرة ، فقد جانس بين ( الحي / حي ) ، ونجد هذين اللون

من ذلك هذا النموذج : 3أدعوك إلهي معتذرا في ضوء الصبح وفي الظلم

نالحظ هنا طباقا بين ( ضوء / ظلم ) ، وهذا اللون كثير الحضور ، و الشأن نفسه ، عفيف الدين التلمساني الذي يقول :، من بينهم أيضا هذا العصرلدى معظم شعراء

تعزل ليال ، وتولى نهارم ، فمن أجل ذا كأس لها الحك بها اهتدى الساري إلى حانها ومن سناها كوكب الصبح حار

في السمع وقر عن حديث الوقار 4فانهض إلى العيش بها وليكن ا األلفاظ : ( ليال / نهار ) ، ( وقر / وقار ) ، نقف مرة أخرى مع الجناس، إذا تأملن

والطباق، وهو ما نجده لدى الششتري ، الذي يقول : 5ال تلتفت باهللا يا ناظري ألهيف كالغصن الناضر

كما يقول : دائر يتهسم نمال مائر جقل بالدا حاجة الع6م

ويقول : 1فالشعب و العبر لمثلي أال إني من أجل األول اآلخر

، الصفحة نفسھا . ابقسالالمصدر ،القسنطینيابن الخلوف -1 . 345عبد الحمید حاجیات ، أبو حمو موسى الزیاني ، حیاتھ و آثاره ، ص -2 . 342المرجع نفسھ ، ص -3

. 119عفیف الدین التلمساني ، الدیوان ، ص -4 . 215الغبریني ، عنوان الدرایة ، ص -5

المصدر نفسھ الصفحة نفسھا . -6

159

يحضر الجناس بين ( دائر / الدائر ) ، والطباق بين ( األول / اآلخر ) ، و األمثلة كثيرة لهجرية من أهل التصوف و الزهد و عند شعراء القرون السابع ، الثامن ، و التاسع ا

المديح النبوي، ونختم هذه الجولة ببيت شعري ألبي عبد اهللا الدلسي ، يقول فيه : 2ولو لم ينبني غير أني أحبه سعدت بذاك عمري وال أشقى

اللون من له كثير في هذانتوقف هنا مع ( سعدت / أشقى )، وهو طباق ، من مث ثقافة العصر ، وما كان شائعا آنذاك من ميل نحو الزخرفة إلى الشعر، ربما يعود ذلك .3البديعية والتكلف اللفظي

ومهما يكن من أمر فليس كل تصوير بياني وزخرفة بديعية يعتبر تكلفا لفظيا يمنح شعر عذوبة وسالسة وهذا حسب بل من هذه األساليب ما أعطى ال ؛الشعر ركاكة وثقال

بين الكلمات درجة إبداع الشاعر، بل منها ما خلق جرسا موسيقيا بديعا ، و االنسجام مدهشا. والحروف ينتج إيقاعا

الثالث : التشكيل اإليقاعي للشعر الديني الجزائري القديم : مبحثالم ، الذي يرى أن مفهوم وهذا يعني أنه مرتبط بالنقد القدي ؛ما بين أيدينا شعر قديم

الشعر مرتبط " بمفهوم الوزن ، فهم يعرفونه بقولهم الكالم الموزون المقفى ، بإمكاننا أن نثور ضد هذا التعريف الذي قد يظهر لنا ضيقا ، وأن نشترط في اللغة الشعرية شروطا

ال يمكننا متعددة كقوة التعبير، وجمال األلفاظ ، وعمق المعاني ، وتناسق األصوات و لكنهأن ننكر المكون األساسي الذي تخضع له القصيدة و الذي يميزها عن غيرها من

، "فالشعر في منظور النقد العربي ، هو تصوير 4النصوص األدبية، أي المكون الوزني"للمعنى ، يقوم على صياغة لفظية لغوية في إطار قوالب إيقاعية مجردة ، ومحددة مسبقا

شعر الديني الجزائري القديم ليس سوى صورة شبيهة لما كان سائدا ، وهكذا نجد أن ال5"آنذاك في المشرق واألندلس ، حيث كان " الوزن هو الصفة الجوهرية للشعر (...) وتقف معظم المناهج النقدية الحديثة في درس الموسيقى على مقوميها الرئيسيين : الوزن و

. نفسھ الصفحة نفسھا المصدر -1

. 294، ص ابقسالالمصدر الغبریني -2 . 155ینظر : العربي دحو ، ابن الخلوف ودیوانھ جني الجنتین في مدح خیر الفرقتین ، ص -3 . 3مصطفى حركات ، قواعد الشعر دار اآلفاق ، ( د ط ) ، ( د ت ط ) ، ص -4 ماي 3صیدة العربیة الحدیثة " ، األثر ، مجلة اآلداب و اللغات ، جامعة ورقلة ، الجزائر ، العدد مشري بن خلیفة ، " البنیة اإلیقاعیة في الق -5 . 160م ، ص 2004

160

، و اإليقاع الداخلي ، أو ما موسيقى اإلطاروسيقى الخارجية أو القافية أو ما يعرف بالم 1يعرف بالموسيقى الداخلية أوموسيقى النسيج"

وعلى هذا األساس نبني دراستنا هذه في بحث اإليقاع في الشعر الديني الجزائري القديم، بداية من اإليقاع الخارجي ويضم الوزن و القافية ، ثم اإليقاع الداخلي وما يتضمنه

الحروف مما يخلق جرسا موسيقيا متميزا .من تكرار اإليقاع الخارجي : -أوال

الوزن : –1ارتبط الشعر العربي منذ العصر الجاهلي باإلنشاد الذي كان أحد أبرز سمات الشعرية

الشفوية، ويقابله السماع ، فالتأثير في المتلقي لم يكن ليحصل بالقوة التي شهدها لوال اء بالوزن كان منذ العصر تابعة اإليقاع الناتج عن الوزن ، فاالحتفاإلنشاد الصادر عن م

، إلى أن جاءت البحور المكتشفة من قبل الخليل بن أحمد الفراهيدي بأوزانها الجاهلي المختلفة.

وعن استعمال البحور من قبل أعالم الشعر الديني الجزائري القديم ندرج نماذج أبي مدين شعيب ، الذي يقول انطالقا من تعمال ،االس البحور الشائعة نع كشفلل؛ شعرية

من (الطويل) : 2أدرها لنا صرفا ودع مزجها عنا فنحن أناس ال نرى المزج مذكنا

ويقول أيضا من ( البسيط ) 3دلتحت الثرى وظالم الليل منسا في الوجود و ما يا من عال فرأى م

ويقول من [ الكامل ] تجد لم ا فإذا نظرت بعين عقلكروصعلى الذوات م اهو4شيئا س

وقد الحظنا في هذا المرجع الذي يضم من شعر أبي مدين ثالثة وعشرين قصيدة ، استعماله الطويل ( تسع مرات ) ، البسيط ( ست مرات ) ، الكامل (خمس مرات)

الخفيف (مرتان ) ، المتقارب (مرة واحدة ) ، إلى جانب بعض األزجال التي كانت من

. 319سالم عبد الرزاق سلیمان المصري ، شعر التصوف في األندلس ص -1 2- 137، ص 1محمد الطاھر عالوي ، العالم الرباني سیدي أبو مدین ، ج . 141، ص ھسنفالمرجع -3 المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا . -4

161

البسيط ثم الخفيف و الرجز والوافر مرة واحدة ، وعليه السيطرة لبحر الطويل ، وقد "اتفق .1أبو مدين والقدماء في استخدامه بحور الشعر العربي المشهورة و المتداولة

ين التلمساني الحظنا استعماله الكبير لبحر الطويل يتبع بالسريع، وفي ديوان عفيف الد البسيط ، فالمتقارب ، وابن خميس بدوره استخدم " البحور المتداولة مثل البحر الطويل، والكامل، والوافر، والبسيط ، و السريع ،و المتقارب ومجزوء الكامل ، إال أن البحر

)بيت جاء بها 370أكثر من سبعين و ثالث مائة (الطويل والكامل أخذا نصيب األسد ، ف) جاء بها على البحر 250الشاعر على البحر الطويل، و أكثر من خمسين ومائتي بيت (

الكامل، وهناك ثمانون بيتا جاء بها على البحر المتقارب ، وخمسون بيتا على البحر . ، وهذا حسب دراسة األستاذ الطاهر عالوي عن ابن خميس2السريع"

فبدوره " قد كان وفيا كل الوفاء لخصوصيات القصيدة ؛أما ابن الخلوف القسنطيني العربية األصيلة بخصوص إيقاعها الموسيقي ، بل بخصوص بحورها ، إذ تجلى لنا أن كل البحور التي استعملها قد اتسمت بالطول ، إذ نجد الثمانية األولى منها تأخذ الرتبة

، ثم يأتي البسيط في المرتبة الثانية ، ثم تأتي السباعية منها في المرتبة األولى مع الطويلالثالثة وهي الكامل و الخفيف ، و الوافر ، و السريع ، وهذه البحور إلى جانب طولها

فإنها أيضا ذات إيقاع قوي ، مكنته بطولها –كما هو معهود –بعدد حركاتها وسكناتها اث التاريخية اإلسالمية بالعبارات القوية الجزلة ، التي هذا من عرض مختلف صور األحد

تفرضها عليه ألفاظ و عبارات كأسماء األماكن ، و األشخاص ووسائل القتال ، و النتائج ، وهذا حسب ما ذهب إليه األستاذ العربي دحو 3إلى غير ذلك مما يمضي في هذا السياق"

في دراسته لشعر ابن الخلوف القسنطيني .ال بأس أن ؛عد هذه النماذج ألبرز أعالم الشعر الديني في الفترة المحددة للدراسة وب

نشير إلى رأيين خص األول استخدام البحور عند شعراء المديح النبوي ، والرأي الثاني خص استخدامها من قبل شعراء التصوف ، ألن هذان الغرضان هما أكبر المحاور في

لموضوعات األخرى عادة ما تكون تابعة لها مثل موضوعات الشعر الديني ، بل ا التضرع و التوسل وطلب العفو من اهللا تعالى، والزهد .

. 333سالم عبد الرزاق المصري ، المرجع السابق ، ص -1

. 334طاھر توات ، ابن خمیس التلمساني حیاتھ و شعره ، ص -2 .162العربي دحو ، ابن الخلوف ودیوانھ جني الجنتین في مدح خیر الفرقتین ، ص -3

162

الرأي األول نقتبسه من كتاب "المديح النبوي في الغرب اإلسالمي" لألستاذ محمد األساليب للفترة من القرن الخامس إلى التاسع و األزهر باي والذي قدم قراءة في المعاني

لهجري، وقد عرض فيها جداول تحدد استخدام شعراء المديح للبحور ، ليعلق بعدها قائال ا:<< يتراءى لنا من خالل جدول البحور أن شعراء المديح النبوي قد استخدموا في

% 48,33 –ن 58المدونة الراهنة أحد عشر بحرا كان الطويل أوفرها تواترا ومدى ( % ) ثم 19,87 –ب 1411% 25-ن 30 % ) فالكامل ( 43,47 –ب 3212

وظل سائر البحور محدود %)19,09 –ب 1411% 14,16 –ن 17البسيط ( االستخدام ، وجاء ترتيب البحور الثالث المذكورة مطابقا تماما لترتيبها في الشعر العربي

ف (ن) ، ، يقدم هذا اإلحصاء عدد القصائد ، ثم النسبة المئوية مشيرا إليها بحر1القديم >> فيما يعبر حرف الباء عن البيت الشعري ، أي عدد األبيات .

شعر التصوف في األندلس" نتخذه مثاال ، فنستقيه من كتاب "أما الرأي الثاني ، التي لألستاذ سالم عبد الرازق سليمان المصري ، وقد أورد شعراء عدة من األندلس ، كثير

نشأة بها أو المكوث بها مدة ، حدث خاللها التأثير و منهم ينسب إلى الجزائر عل اعتبار الالتأثر فعد هؤالء من أدباء الجزائر ، الذين نجدهم في كتب التراجم ضمن قوائم أعالم

الجزائر من هؤالء " أبو مدين شعيب "، و" ابن خميس " وكذا " ابن عربي "و الششتري".ل هو المسيطر عند ابن عربي يليه وبعد تفحص ألشعار هؤالء، اتضح أن بحر الطوي

الكامل في المرتبة الثانية ، ثم البسيط ، كما يتصدر الطويل أيضا البحور المستخدمة من قبل الششتري ، وفي شعر أبي مدين جاءت البحور المستخدمة بالترتيب على التوالي من

حسب –خميس األكثر استخداما : الطويل ، والكامل ، ثم البسيط ، فيما نجد لدى ابن ، كما قد الحظنا فيما 2، فالوافر ، و السريعبحور : الكامل ، والطويل –ذاته المرجع

درسنا من شعر ابن خميس سيطرة الطويل و الكامل ، ولم تغب البحور األخرى " كالوافر، والبسيط، والسريع ، والمتقارب ، ومجزوء الكامل ، إال أن البحر الطويل

–كما ذكرنا سلفا - 3ألسد "والكامل أخذا نصيب اوهكذا كان استخدام أعالم الشعر الصوفي لبحور الخليل مماثال لما جاء لدى شعراء

المديح النبوي ، بحيث كانت السيطرة للطويل ، فالكامل ، ثم البسيط ، وقد يعود هذا أوال

. 349یح النبوي في الغرب اإلسالمي ، ص محمد األزھر باي ، المد -1 . 333، 332، 329، 328ینظر : سالم عبد الرزاق سلیمان المصري ، شعر التصوف في األندلس ، صص -2

. 334طاھر توات ، ابن خمیس التلمساني حیاتھ و شعره ، ص -3

163

يه هذه البحور من إلى تقليد رواد الشعر العربي القديم ومنذ العصر الجاهلي ، ثم لما تحتوسواكن ومتحركات فتميزت بالشساعة التي جعلتها تكون مالئمة للتعبير بطالقة وانسيابية

في المديح النبوي أو في التصوف ، و يكتمل اإليقاع 1عن المشاعر العميقة واألفكار الخارجي باختيار القوافي التي تسهم في إضفاء القوة و العذوبة و الحيوية على القصيدة .

ـة :القافيـ –2للقافية صلة وثيقة بالوزن ، بل ال يستساغ الوزن إال بالقافية ، تبعا للشكل الشعري

عند العرب الذي هو " قالب موسيقي ، أساسا : وحدات إيقاعية تنتظم في سياق معين ن الذي يخاطب ، كما" أن لهذا االنتظام داللة كيانية ( أونطولوجية ) : الكيا 2وتسمى بحرا"

م إال بقافية ؛ ذلك أن للقافية ، وهو ما ال يت3وزني" –العالم شفويا ، هو كيان موسيقي ي للنص ، وتكون وظيفة بالغية إبداعية تتمثل في تزيين البيت و خلق الفضاء الدالل"

بالظواهر البالغية المؤثرة في العالقات بين الصوت و المعنى ، كما القافية مرتبطة غالباتعد عنصرا مكمال لإليقاع الخارجي بفضل إيقاع صوتي منظم ، ال تنفك تحدثه طوال النص الشعري، وتتمثل القافية في الجزء األخير من البيت و يتألف من الساكن قبل األخير و المتحرك السابق له وما يليهما حتى نهاية البيت ، ويكون هذا الجزء كلمة أو بعضا من

.4أخرى" من وبعضا كلمة أو كلمةوالقافية من أساسات الشعر العربي ، ومن الضروري " تحققها في الشعر ، و إذا

فقدها ال يستحق تسمية الشعر ، فالقافية شريكة الوزن في االختصاص بالشعر ، وال يسمى والقصيدة تنسب عادة إلى الروي، إذ يجري تكرار ،5شعرا حتى يكون له وزن وقافية "

روي مع التماثل في الحركة ، وتختلف الحروف في نسبة شيوعيها في الشعر حرف الالعربي كروي، فالحروف التي تجيء رويا بكثرة هي: الراء ، الالم، الميم ، النون ، الباء

، الفاء ، الياء ، ، الحاءحين حروف: القاف، الكاف ، الهمزة، في 6، الدال، السين والعين، أما الحروف القليلة الشيوع فهي : الضاد ، الطاء، الهاء ، التاء والجيم متوسطة الشيوع

، الصاد ، و الثاء، أما حروف : الذال ، الغين، الخاء، الشين ، الزاي ، الظاء ، والواو ،

. 335، ص المرجع السابقطاھر توات ینظر : -1

. 215م ، ص 1995، 2ریالیة ، دار الساقي ، بیروت ، لبنان ، ط أدونیس ، الصوفیة و السو -2 .المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا -3 . 35محمد األزھر باي ، المدیح النبوي في الغرب اإلسالمي ، ص -4 . 184أحمد موساوي ، المولدیات في األدب الجزائري القدیم ، ص -5

. 337، شعر التصوف في األندلس ، ص ینظر : سالم عبد الرزاق سلیمان المصري -6

164

فهي نادرة الوقوع روي، وتجيء القافية مطلقة إذا كان رويها متحركا ، ومقيدة إذا كان ن القوافي وحروف الروي، في أشعار أبي مدين شعيب ، فكرة ع نأخذسو، 1رويها ساكنا

عفيف الدين التلمساني، ابن خميس، أبي حمو موسى الزياني، وابن الخلوف القسنطيني.عند أبي مدين شعيب ، وفيما يقارب الثالثين قصيدة في كتابه العالم الرباني سيدي أبو

روي كاآلتي : الباء مرتان أي مدين شعيب لألستاذ محمد الطاهر عالوي نجد حروف الفي قصيدتين ، و الراء ثالث مرات ، و العين ثالث مرات ،و الالم مرتان ، والميم مرتان، والنون مرتان ، فيما جاء حرف الروي مرة واحدة بحروف :السين ، الضاد ،

الطاء، الفاء، الهاء ، الياء ، األلف اللينة ، مثال عن ذلك ، قوله من الطويل :راأيقدي أن رهالل قدل ججا ورفتكب هدجالى متع ن2ا م

فحرف الروي هنا الراء ، و هي " من الحروف الجهرية متوسطة الشدة تكراري، ويسمى 3حرفا ذلقيا بخروجه من ذلق اللسان أي من طرفه ، ويناسب الراء االنشاد"

الروي في معظمها من الحروف الشائعة االستعمال وهي الباء، ونالحظ أن حروف روف األخرى هي من والراء، والسين ، والعين ، والالم ، والميم ، والنون ، فيما الح

وهكذا أبو مدين يسير على نهج األوائل في اختيار ؛في الشعر العربي األقل استعماالالغناء، كما أن اختياره لهذه حرف الرروي، مع استخدام حروف المد التي تناسب

الحروف منح قصائده الكثير من العذوبة ، فاالنسجام بين الكلمات و تكرار الحركة و السكون في القوافي يخلق إيقاعا مؤثرا تترنم معه األحاسيس المرهفة.

عفيف الدين التلمساني وفي ديوانه الذي يضم ملحقين مجموع القصائد يصل في شعرو د رويا عدى الظاء، ، نجد حضور كل حروف الهجاء في القصائبيتا 2888و 357إلى

، لكن بصورة متفاوتة مع سيطرة واضحة لحروف : الالم ، الراء ، الباء، الخاء، والغين، و النون ، وهي الحروف ذاتها الشائعة االستعمال في ، العين ، الفاء ، القاف ، الميمالدال

فبين الجهر والهمس ، الشدة و اللين أبدع عفيف الدين . الشعر العربي القديم ،

. 338، 337، صص ینظر : المرجع نفسھ -1

. 165الطاھر عالوي ، العالم الرباني سیدي أبو مدین ، ص -2 . 341المرجع السابق ، ص -3

165

الكاف، ، والجيم، و، والتاءالهمزة، وفقد " نظم قوافيه بكثرة في الحاء، أما ابن خميس، في السين ، النون ، الراء ثم 1"، و الميم ، و الباء ، وبقلة قليلةوالالم ، والهاء ، والعين

.2الهاء ، والدال ،و الالمفيما أكثر أبو حمو موسى من استعمال حروف الباء ، والجيم ، إلى جانب الدال و

سب غرض المدح ويساعد على الياء مع استعمال ألف المد مما يخلق إيقاعا جميال ينا ، خاصة والشاعر دأب على إحياء ليالي مولد المصطفى صلى اهللا عليه وسلم .اإلنشاد

ني، فحروف الروي في قوافيه في ديوانه جني الجنتين في القسنطي أما عند ابن الخلوف مدح خير الفرقتين و الذي يضم أكثر من ثالثين قصيدة كانت كاآلتي :

ن:، السين، والعي، التاء: أربع مرات، الدال والالم: ست مرات، الراء: تسع مراتالميم، مع سيطرة للجهر و الهمس، فبين الجهر 3: مرة واحدة ، الفاء و النون و الهاءمرتان

سارت قوافي ابن الخلوف دليل على الميل إلى القوافي القوية ، إلى جانب حروف الهمس التي تتناغم سوية لخلق موسيقى عذبة منحت القصيدة جماال يزيد منه غرض الديوان الذي

اللغة ، وهذا ال ينفي القوة التي صنعتهاالسالمسول الكريم عليه الصالة وهو مدح الر ، ومن هذا قوله :4الجزلة و استعمال الضمة التي تزيد الحروف قوة و فخامة

5بشراي إن صح لي في العشق بيعات الحشا طوع الغرام فيا طاوعته بالضمة حيث تأتي كلها مقفاة بهذه ، وية نجد الصورة نفسها تتكرر األلف"وفي الهائ

6"الكيفية 7العبد مواله إن الذي سمعناه شهدناه اهللا أكبر حسب

الجزائري تصوفا بما فيه من مالمح زهدية، الديني وبعد هذا العرض نجد أن الشعر أومدحا نبويا سار أصحابه على نهج األوائل من كبار الشعراء العرب ، فنوعوا في

من الحروف األكثر شيوعا ؛فاوتالقوافي، واستعملوا كل حروف الهجاء في الروي مع التإلى األقل شيوعا في شعرنا العربي ، و ناسبوا بين استخدامهم للحروف و أغراض الشعر التي كانت في الحب اإللهي ، وحب الرسول الكريم في التصوف ، وكذا مدح النبي صلى

. 335طاھر توات ، ابن خمیس التلمساني حیاتھ و شعره ، ص -1

2-ینظر : المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا .. 161ظر : العربي دحو ، ابن الخلوف و دیوانھ جني الجنتین في مدح خیر الفرقتین ، ص ین -3

. 166ینظر : المرجع نفسھ ، ص -4 .المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا -5

6-نفسھ ، الصفحة نفسھا ..نفسھ ، الصفحة نفسھا -7

166

بما حروفالاهللا عليه وسلم في غرض المديح النبوي والمولديات ، دون نسيان استخدام فيها من الرقة والعذوبة كلما تعلق األمر بالتضرع إلى اهللا و طلب شفاعة رسوله الكريم ، وكذا في وصف حالة الزهد ونبذ الدنيا ، مما جعل هؤالء الشعراء يصنفون ضمن قوائم فحول الشعر ، وقد أبدعوا في صنع القوافي ، تماما كما أبدعوا في خلق التناغم بين

مات فتولد إيقاع داخلي أخاذ .الحروف والكل لي :ـاع الداخــــاإليقـ –ثانياتستشعره إال النفوس ، إنه لحن خالد يبعث في الوجود جماال ساحرا ال الشعر إيقاع

، هذه الميزة في الشعر ال تصنعها البحور و القوافي وحدها ، بل يسهم في المرهفة الحس، إنه ذلك العالم الطيفي الذي ينتج عن التآلف بين الحروف يد و ال يرىخلقها ما ال يمسك ب

والكلمات ، إنها تلك العالقات التي يتفنن الشاعر في ربطها ليولد نغم يخترق برفق "واإليقاع الداخلي يتمظهر من خالل ذلك االنتظام للنص األسماع، ويستقر في األرواح،

ي ، أو في سياقات جزئية تلتقي في سياق كلي يجعل الشعري بمختلف أجزائه في سياق كل، ية في النصالجزئنيات األساسية ومنها نظاما محسوسا ومدركا ، يتصل بغيره من الب

.1التآلف و التجانس"التوازي والمزاوجة والمفارقة وواالنتظام هنا يعني عالقات التكرار و، إذ " هي التي تمثل ، وحقيقتهب الشعرفهي ل إن موسيقى الشعر تكتسي أهمية كبيرة ،

فيها بحق روح الشاعر وفنه ألنها أثر لكل العناصر المتجمعة في الشعر من عواطف، .2ومشاعر وأفكار ، و أخيلة ، إنها تعبير عن الصدق في اإلحساس و األصالة في الفن"

اغم ، فإنه هناك وإذا كانت موسيقى الشعر تنتج عما تحدثه البحور و القوافية من تن كلمات أو تراكيب في البيت موسيقى إضافية تصنعها"القافية الداخلية وتردد أصوات أو .3الواحد أو في المقطع الشعري الواحد على امتداد النص كله"

والعناصر اإليقاعية كثيرة ، و الدراسات التي اطلعنا عليها ، عمدت إلى انتقاء هذه العناصر التكرار أي تكرار ألفاظ معينة ، وكذا تراكم العناصر األكثر شيوعا ، وأهم

األلفاظ المتمثل في الترصيع و التصريع ، والتكرار سواء أكان تكرار ألفاظ أو حروف، وتكرار األلفاظ المتماثلة األصوات تعد ألوانا من البديع ، وقد تناولناها في الصورة

تكسبه إيقاعا خاصا أيضا ، ومن هنا الشعرية، فهي تكسب النص الشعري جماال ، فيما

. 193، 192أحمد موساوي ، المولدیات في األدب الجزائري القدیم ، صص -1 . 197محمد ناصر ، الشعر الجزائري الحدیث اتجاھاتھ وخصائصھ الفنیة ، ص -2 . 359محمد األزھر باي ، المدیح النبوي في الغرب اإلسالمي ، ص -3

167

سنبحث في الشعر الديني عن العناصر التي أسهمت في خلق إيقاع جميل، وهي كثيرة إذ سنختار األكثر حضورا بحيث أن هذا –وبعد تمعن في المراجع التي تناولت القضية نفسها–

ن المراجع البحث ال يتسع لرصد كل الظواهر اإليقاعية ، وقد استعنت في هذا بجملة ممنها : المديح النبوي في الغرب اإلسالمي لألستاذ محمد األزهر باي ، و المولديات في األدب الجزائري القديم لألستاذ أحمد موساوي ، و شعر التصوف في األندلس لألستاذ

سالم عبد الرازق سليمان المصري.التصريع ، ثم موسيقى األلفاظ على الترصيع ، و ل عرضناومن هنا سنركز في

ن جناس و طباق ، التكرار، في حين ما أشارت إليه بعض من المراجع التي بين أيدينا موقفة خالل عرضنا المتعلق بالصورة الفنية ، وقد رأينا أنها لم تغب في فقد كان لنا معه

إذ -الشعر الديني الجزائري تصوفا كان أو مديحا نبويا ، وحتى في بعض قصائد الزهد وقد الحظنا كيف أسهم البديع في تلوين الصورة - لزهد التصوف في الغالبخالط ا

الشعرية كما وجدنا في النماذج المأخوذة جرسا موسيقيا ينم عن االستخدام الموفق لشعرائنا لهذه العناصر اإليقاعية .

ع :الترصي –1تساو بين بنيتين ، أي "التقطيع المتوازن 1"هو ما يكون في حشو البيت من سجع "

.2متقابلتين يذكر بالقافية أحيانا ويرسخها في ذهن المتلقي ويذهب عنه سأم الرتابة" من ذلك قول أبي مدين ( من الطويل ) :

3سهادي ووجدي واكتآبي ولوعتي وشوقي و سقمي واصفراري و أدمعيمر الذي كان له أثر في إضفاء نغم مميز يطرب له واضح لجوء الشاعر إلى السجع ، األ

الوجدان، وفي نموذج آخر ، هذا عفيف الدين التلمساني يقول :طاب خطبما بعد حلو الخ ذبذاب ع4أحكم ففيك الع

أما ابن خميس فنجده يستعمل الترصيع إلى جانب مجموعة من الحروف التي زادت ال ، فيقول :البيت جما

5فكان له من قلبها الحب و الهوى وكان لها من كفه الطرح و الطخ

. 349سالم عبد الرازق سلیمان المصري ، المرجع السابق ، ص -1 . 366المرجع السابق ، ص -2 151باني سیدي أبو مدین شعیب ، ص محمد الطاھر عالوي " العالم الر -3

. 54عفیف الدین التلمساني ، الدیوان ، ص -4 . 251طاھر توات ،ابن خمیس حیاتھ وشعره ، ص -5

168

وهو هنا يصف الدنيا ، ثم يشير إلى صده عنها رغم حبها له ، فرغم ما كان له من جاه فعا ، فجاء األسلوب جميال وقد استخدم الترصيع د1وعلم وملك صدها و أعرض عنها

للرتابة ، وسط إيقاع عذب ، كما يحضر الترصيع لدى أبي حمو موسى الزياني في: 2وقد كنت بالوصل منكم قريبا فأصبحت بالهجر منكم غريبا

ولدى ابن الخلوف نجد في قصيدة ( عليك توكلي ) من الوافر يكرر الترصيع ، من ذلك هذا البيت: 3مفتاح المعالي غمام الجود ، كنز االدخاررياض األمن ،

إن ما تناولناه تنوع بين زهد و تصوف ومديح نبوي ، قد عمد أصحابه إلى هذا العنصر اإليقاعي للتأثير في السامع وولوج دواخله بلغة رقيقة ، فيها من الهمس الكثير .

ع :التصري –2للتصريع دور هام في خلق الموسيقى الداخلية للقصيدة على اعتبار أنه " تماثل في

، بحيث يحدث نوعا من التوازن يولد عنه إيقاع 4مستوى الروي بين الصدر والعجز" الطويل ) : موسيقي مؤثر من ذلك قول أبي مدين ( من

5بأجمعي أحشائي وكليتملكتمو عقلي وطرفي ومسمعي وروحي و و يواصل أبو مدين شعيب بإضفاء مسحة من الجمال على قصائده ، مستعمال

التصريع، فيقول : 6عجبا لقلب بالنعيم قد اكتوى انطوى ذاك الجوىيا قلب زرت وما

ويقول : 7التيار ملتطم استغفر اهللا مجري الفلك في الظلم على عباب من

قوله: من ذلكعفيف الدين التلمساني الصوفي في شعر كما نجد التصريع طاب خطبلو الخح ما بعد عذب العذاب كم ففيك8أح

، مما يخلق جرسا موسيقيا مضاعف التصريعا البيت يجتمع الترصيع وونالحظ في هذ األثر.

. 250، ص ابقسالالمرجع ، طاھر توات ینظر : -1

365عبد الحمید حاجیات ، أبو حمو موسى الزیاني حیاتھ و آثاره ، ص -2 . 74دیوان جني الجنتین في مدح خیر الفرقتین ، ص ابن الخلوف القسنطیني ، -3 . 361محمد األزھر باي ، المدیح النبوي في الغرب اإلسالمي ، ص -4

. 151مرجع سابق ، ص محمد الطاھر عالوي ، -5 . 158المرجع نفسھ ، ص -6 . 163المرجع نفسھ ، ص -7 . 54عفیف الدین التلمساني ، الدیوان ، ص -8

169

وابن خميس يقول :نح ليلي ذبالأرفي ج ني بارق من أثال كأنهي1ق ع

ونختم عرضنا عن الترصيع و التصريع بنظم جميل جمعهما معا ، لصاحبه محمد بن ، يقول :2ه 681عبد اهللا بن خطاب المرسي مولدا ومنشأ ، التلمساني دارا ، توفي عام

كلرب اشكر ررا وانتظسر ير األمسفي إثر ع واصبر لكربك وادخر في ستر ضر الفقر أجرا 3ما لدهر يعثر بالورى والصبر باألحرار أحرى

لوا إن هذا التعامل مع األلفاظ لدى شعرائنا يكشف عن قدرة إبداعية هائلة ، وقد عم على تطويعها بكيفية جعلتها تدخل في تناسق وانسجام لتصل بالشعر إلى األسماع و

القلوب معا. رار :التكــ –3

نعني به ذكر اللفظ أو الحرف أكثر من مرة في البيت الشعري أوفي القصيدة كلها، دة العربية التي ترتكز على ، وهو أساس القصيجوا خاصا يميزه النغم الموسيقيمما يخلق

وهو -، وثانياام بقافية موحدة ووزن واحد أوالعن طريق االلتز"يالتكرار الصوتإبداع أصوات تتكرر في كل بيت على حدة فتخلق جنسا صوتيا متميزا –موضوعنا

، وعادة ما 4ومختلفا عن السابق ويكشف في الوقت نفسه عن قدرات الشاعر اإلبداعية"، خاصة في حال تكرار اللفظة بلفظها لى التكرار رغبة في تأكيد شيء ماعر إيلجأ الشا

، وهناك من ..الخ.5"وصف أو المدح أو الذم أو التهويلومعناها "والمراد بذلك تأكيد الإن تماثلت بداع في إيجاد مدلوالت جديدة ون االن كاإومن التكرار، تهجن هذا اللون اس

د تلتقي فيه الحقيقة راء للغة وتوسيع للحقل الداللي للفظ المرداأللفاظ، "وبالتالي هو إث .6بالمجاز"

والمهم هنا هو أن هذا التكرار ينتج عن حالة نفسية معينة يعيشها الشاعر ، وبذلك تخرج اللغة عن وضعها المألوف إلى وضع مغاير ، وقد تكون سمة التكرار مناسبة

. 257، ص )م سابن خمیس حیاتھ و شعره ، (ت ،طاھر توا -1 . 117، ص 2محمد بن رمضان شاوش ، باقة السوسان في التعریف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زیان ، ج -2

3-المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا .. 194أحمد موساوي ، المولدیات في األدب الجزائري القدیم ، ص -4 . 375لمدیح النبوي في الغرب اإلسالمي ، ص محمد األزھر باي ، ا -5 . 376المرجع نفسھ ، ص -6

170

ل الكريم ، وحتى الزهاد ، فهم بحاجة إلى التعبير لشعرائنا من الصوفية ومادحي الرسو عن مواجيدهم، بأسلوب غير مألوف.

والتكرار ظاهرة إيقاعية كثيرة التواجد في شعرنا العربي القديم ، ويبدو أن شعراء المغرب األوسط، أيضا ساروا على نهجهم ، وسنحاول التعرف عن مدى حقيقة هذا

لفاظ كما يخص الحروف.التصور، والتكرار يخص األفي الشعر الديني وسنأخذ نماذج شعرية للكشف عن طرق استخدام أعالم الجزائر

لتقنية التكرار المتعلقة باأللفاظ سواء أحمل لفظان المعنى ذاته ، أو حصل تغير في المعنى، ثم إذا كان اللفظ اسما أو فعال ، اسم إنسان أو شيء أو كان لفظا يعبر عن

متدفق ، وما إلى ذلك فيما يخص األلفاظ ، لنأخذ لمحة أيضا عن توظيفه للحروف إحساس بمختلف حركاتها، وأول نموذج أبو مدين شعيب الذي يقول :

1في القلب نيران الجفا قد أشعلت فمتى بوصلك نار قلبي تنطفي ويقول :

مأد نرى مكفى ما قد ج ولقدراقي يوم الفمن ع فوع الذرمالد 2وعواذلي راموا سلوي قلت : ال أسلو و ال أصغي لقول معنفي

التكرار في البيت األول ( القلب ، قلبي ) ، ( نيران ، نار ) ، ثم في البيتين المتتاليين ( سلوي ، أسلو ) ، ورغم أن تكرار هذه األلفاظ جاء هنا في نجد (دمعي، دموع ) ، و

المعنى ذاته في كل األمثلة ، فقد أحدث نوعا من التوازن ، كما أن هذا التكرار يحيلنا على عالم كثيف من المعاني المخبأة في دنيا الشاعر المليئة بالمعاناة واألسى ، إنه لهيب الشوق

وبعد جعلنا نتساءل عن سبب هذا الشجن الذي جعل النار تتقد ،الذي ينضرم بدواخله ، فيتمعن نجد أن الحبيب هو المصطفى صلى اهللا عليه وسلم، فالقصيدة في الحب المحمدي

وقد عمد أبو مدين هنا إلى التكرار لعظمة ، بكل ما تحمله هذه القصائد من أبعاد صوفيةفظة مرة واحدة ، فالتكرار تأكيد عن عمق ، و كأنه ال يكفيه التعبير عنه بالل ما يعيشه

العواطف وقوتها.

. 156محمد الطاھر عالوي العالم الرباني سیدي أبو مدین شعیب ، ص -1 .المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا -2

171

وال نبرح هذا المثال ألبي مدين حتى نشير إلى صورة التكرار األخرى ، منها حروف الجر التي لونت القصيدة ؛ وأعطتها نوعا من الحركة منها : ( إلى ، في ، الباء ، الالم،

ء كاالستفهام و النداء ، من ذلك :من، على ) ، ولم تغب بعض أساليب اإلنشا 1فعسى المعنى من وصالك يشتفي وإلى متى هذا التجني و القلى

ويقول : 2كن منقذي من هول يوم مرجف يا خير مبعوث و أكرم شافع

و التكرار واضح أيضا في قوله: أضحكت لبكائها زهر الرياض و فاضت األنهاربكت السحاب ف

لةار بحالنه سلت شمأقب قدو اررارها أسرا وفي أسرخض هوجنود هلبخي بيعاأل وأتى الر هنستعت في حفتمصارب 3فتسابق األطيار و األشجار و الورد نادى بالورود وبالجنى

في هذه األبيات ألفاظ تتكرر ( بكاء ، أسرار ، ورد) ، وتتعانق مع حرف الراء الذي يوحي بسحر الطبيعة وشدوها ، وهو من الحروف الجهرية يعبر عن الصوت العالي ،

ن الشاعر هنا ينشد واصفا حبه وعلى الدنيا أن تسمع ، إنه ليس حبا عاديا ، فيقول :وكأو األذكار بيحنا التسارمزنا مرادم امالحر رمب الزس4ال تح

ويقول عفيف الدين التلمساني :أسماءكثيرة ذات أوصاف وك فينا وهي واحدة شهدت نفس

5ونحن فيك شهدنا بعد كثرتنا عينا بها اتحد المرئي ، والرائيهو تعبير عن فكرة الوحدة المطلقة ويعمد إلى تكرار لفظي ( شهد ) ، و( المرئي )

ليؤكد فكرته الفلسفية ، دون شرحها ليجعل المتلقي يعمد إلى التأويل للكشف عن كنهها . تأمل هذين البيتين في الزهد البن خميس فيما يلي :ولن

فال ترج من دنياك ودا وإن يكن فما هو إال مثل ظل سحاب 6وما الحزم كل الحزم إال اجتنابها فأشقى الورى من تصطفي وتحابي

المرجع نفسھ ، الصفحة نفسھا . -1

، المرجع السابق ، الصفحة نفسھا .محمد الطاھر عالوي -2 . 63ن شعیب ، الدیوان ، ص أبو مدی -3

المصدر نفسھ ، الصفحة نفسھا . -4 92عفیف الدین التلمساني ، الدیوان ، ص -5 . 248طاھر توات ، ابن خمیس التلمساني حیاتھ وشعره ، ص -6

172

كيد فكرة الشاعر في دعوته إلى نبذ التكرار اللفظي نجده في ( الحزم كل الحزم ) لتأ الدنيا ، ثم لتقوية المعنى و التأثير في النفس ، تماما كما نتج عن هذا تقوية اإليقاع

الموسيقي ، األمر الذي تحقق أيضا باستعماله الكبير للحروف التي تناغمت فيما بينها لها خلقت إيقاعا مختلفا إن، فما ، هو ، و، ما ، إال ، من ، و) وما إلى ذلك كفال، من ، (

فيه نوع من الحيوية التي تشد انتباه السامع.نجد أداة الشرط (إال) تقطع الرتابة ، وتوحي بشعور وجداني عميق و صادق لدى كما

أبي حمو موسى الزياني في قوله : 1وما أرتجي إال شفاعة خير من أتى بالهدى يهدي لدين حنيفي

كما أن بقية الحروف التي انتقاها كانت مالئمة لطلب الشفاعة و التذلل وقد وردت رقيقة منسابة تخترق الدواخل بلطف ، أما الشاعر أبو عبد اهللا اإلشبيلي فالتكرار عنده

مميز خارق يثير دهشة السامع ، يقول :اخ قومبآذان إلى نطق الو إذا نطلق الوجود أصجود

م البليدفه دق عن ولكن وذاك النطق ليس به انعجام عيدب نى منادي نم قريب وال تك نا تنادى منفط 2فكن

مسحة صوفية عرض فيها الشاعر فكرته عن المعرفة التي ال تنجلي إال للفطن، و ( النطق ) يأخذ المتلقي إلى عالم سماوي ال يدركه إال أهل وتكرار لفظتي ( الوجود ) ،

المواجيد، كما اتخذ من الحروف المختلفة وسيلة لتقوية إيقاع القصيدة المتميز . وهذا محمد بن أحمد اللحام يعمد بدوره إلى التكرار ، فيقول :

نليل القلب مغريب ع لمذو ع فصالو بيب غريبالح بح قام ل أظلمي إذا ما الليكبن الن يجن مشكو ما ييحيبو

لهلي قطعا يكركرا وذجيب فب العجبالع ق فيهنطوي دهسي بح نم ب و الطبيب يجل عن غرام بهالتطب

3يطيب ترابه من غير طيب ومن يكن هكذا عبدا محبا عددا -ورد التكرار بكثرة قد بين األلفاظ وداللتها على المعاني ، و اانسجامنالحظ

حب من هيام خرج حيث تالحمت األلفاظ المتماثلة مع غيرها للتعبير عما يعيشه الم -وأثرا

. 346عبد الحمید حاجیات ، أبو حمو موسى الزیاني حیاتھ و آثاره ، ص -1 . 67یحي بن خلدون ، بغیة الرواد ، ص -2

. 28، 27 ص، ص ھسنفالمصدر -3

173

العادي المألوف إلى الخارق ، إلى جانب تكرار حرف الباء وقد احتك بالحاء به عن فشكال معا موسيقى رقيقة تترجم وله المحب ، عليل القلب ، الذي يجل عن التطبب و الطبيب، فسيطرة حرف الباء إلى جانب الحاء زاد في"تعميق اإليقاع الصوتي (...) و

، وهو يالئم التعبير عن مناجاة المحبوب 1مهموس رخوي صامت" حلقيالحاء حرف وسط جو من الكتمان والسكون .

نكتفي بهذه النماذج ، فكل ما مر معنا من نماذج شعرية كان صورة لإليقاع الموسيقي األخاذ، ذلك أن الشعر الديني الجزائري القديم ، لم يخرج عن نهج سابقيه في نظم الشعر

األخذ باألدوات ذاتها ، فأساليب الشعراء كانت شبيهة بما دأب عليه الشعراء من حيثبالمشرق العربي واألندلس، فالحظنا بأنهم حافظوا على استعمال بحور الخليل مع التركيز على الطويل ، الكامل و البسيط، كما كانت القوافي متصلة بحروف الروي الشائعة

ل : الراء، الالم ، الميم ، النون ، الباء ، الدال ، والسين االستعمال في الشعر العربي ، مثو العين ، مما جعل موسيقى الشعر تنبعث عذبة رقيقة ، زاد من روعتها ما عمد إليه أعالم الشعر الديني الجزائري القديم من التفنن في استخدام األلفاظ والحروف ، فأبدعوا

كرار المتنوع الذي أنتج إيقاعا صوتيا في توظيف التصريع والترصيع ، إلى جانب الت جميال .

إلى أن الشعر الديني الجزائري القديم للقرون السابع، الفصلنشير في نهاية هذا ، من حيث البناء الفني، ال يقل أهمية عن نظيره في المشرقالثامن، والتاسع الهجرية ،

؛ فالشاعر الجزائري ومنذ ومع هذا ،ره به على اعتبار السبق التاريخيوإن كنا ال ننفي تأثاإليحائية ، معتمدا ا زاخرا ، تراوح بين التقريرية والقديم كان مبدعا فحال ترك تراثا أدبي، ذلك أن هذا لى المعجم الصوفي في أحيان كثيرةفيه على المعجم الديني عموما، وع

لك القرون كانت قرون ، فتة أخذ مالمح التصوف تأثرا بالعصرالشعر ذو الصبغة الديني يغرق في الغموض . الغالبتصوف، وهذه المسحة الصوفية جعلته في

وإذا التفتنا إلى الصورة الفنية في هذا الشعر ألفينا فيها تنوعا ، فقد تلونت بصور ، هذه الصورة التي تناغمت ارة و التشبيه ، الجناس و الطباقالبيان و البديع خاصة االستع

مع اإليقاعين الداخلي و الخارجي ، إذ انسجمت البحور مع القوافي و تآلفت مع وتآلفت األلفاظ والحروف ، ليولد إيقاع صوتي جمع بين القوة و الفخامة و الرقة و العذوبة .

. 364سالم عبد الرازق سلیمان المصري ، شعر التصوف في األندلس ، ص -1

174

الخاتمـــةيمكن تقديم مالحظة أولية؛ ، في المغرب األوسطبعد عرض جوانب من الحياة وصوال إلى الدينية التي ميزت المغرب األوسط على مدى قرون ، لق بالصبغةتتع

، يضاف إلى هذا هالحياة األدبية في انعكس على األمر الذي ؛القرن التاسع الهجري هذا التراث األدبي الضخم .عينات جملة من المالحظات نتجت عن تأمل وتمعن في

توجه األدباء ، إذ كثيرا ما ارتبط األدب وتعود سيطرة هذه النزعة الدينية إلى بالفقه لدى أعالم الجزائر قديما ، وهو ما لمسناه جليا في كتاب " عنوان الدراية " للعالمة أبي العباس الغبريني ، وكذا كتاب األستاذ محمد مرتض " الخطاب الشعري

لشعر الديني وهو دليل على انتشار الفقه ، مما جعل ا، عند فقهاء المغرب العربيثم غلبة هذا - أوال –بالمنطقة يتميز عن نظيره في المشرق بميله إلى االتجاه السني

على بقية ألوان الشعر األخرى . –أي الديني –اللون من الشعر كما يمكن تلخيص أهم نتائج البحث فيما يلي:

لم يخص الشعر فقط إن الميل إلى الدين في العهد الزياني وقبله الموحدي ، - 1 ؛ بل مس كذلك الحياة االجتماعية ، و السياسية ، و الفكرية ، فالتوجه الديني للحكام

كان ظاهرا، من ذلك أن أسس النظام المالي ، وكذا القضاء كانت مستوحاة من التشريعات اإلسالمية ، والعامة بدورهم وجدوا في الدين المالذ ، فارتبطوا بالعباد

ين هروبا من االضطرابات التي سادت آنذاك األندلس والمغرب العربي نتيجة والصالح للصراعات بين الحكام.

نشأة الشعر الديني كانت منذ صدر اإلسالم مع صحابته صلى اهللا عليه - 2 بما - بينما في المغرب العربي ؛ وسلم، مثل حسان بن ثابت ، و عبد اهللا بن رواحة

بالفتوحات اإلسالمية ، وبدأت زهدية منذ القرن الثاني إلى ارتبطت - فيه الجزائرثم جاء المديح النبوي ليعبر أهل المنطقة عن تعلقهم بسيد خلق اهللا ؛الثالث الهجري

منذ ذلك العهد بدأت بوادر المديح ، لتكتمل عناصره حوالي فصلى اهللا عليه وسلم ، القرن الخامس الهجري .

175

وقد شهد ؛ومولديات ،و مدائح نبوية ،وتصوف، ي بين زهدالشعر الدين تنوع - 3 نذكر من ضمنهم: ؛بروز أسماء المعة في مجال التصوف والمديح النبوي عصرال

حمو موسى اعفيف الدين التلمساني، ابن خميس، وابن الخلوف القسنطيني، وأب . الزياني

من - ي ذلك الشعراءبما ف- المغرب األوسطالميل إلى التدين، ؛ لدى أهل - 4 فسلك الشعراء ؛ - إلى الشدةبطبعه ميال ال- تميز هذا المجتمع السمات البارزة التي

كان السمة الغالبة في شعر التصوف ، األمر الذي يميز شعراء الذي السني تجاهاال المغرب عن نظرائهم في المشرق، واألندلس.

أهل المغرب األوسط ؛ فكان هذا شعور عميق عند التشوق إلى البقاع المقدسة – 5 كان موضوعها ؛ تصوفا أو مديحا نبويا. المضمون لصيقا بقصيدة الشعر الديني ؛ أيا

أساليب الشعراء من ثقافة العصر ، فحضر المعجمان الديني ، والصوفي، أخذت - 6 من - كذلك–جراء ما عمد إليه الشعراء ؛أشعارهم بين القوة و العذوبة جمعت وقد

م للصور الفنية التي طرقت بابي البيان و البديع ، فكثرت االستعارات إلى ااستخد جانب التشبيه ، وتراكم الحروف حينا و تكرارها أحيانا أخرى .

؛هذا اللون من الشعر الكثير من سمات نظيره بالمشرق العربي و األندلس ذأخ - 7 .تي أسهمت في خلق التبادل الثقافيو الهجرة ال ،وذلك كان نتيجة للرحالت العلمية

التي عرفت باسم المغرب األوسط آنذاك ، وقد استخدمت هذه –الجزائر إن - 8سعيا مني إلى تلوين دراستي بروح ذلك العصر ؛التسمية بالتوازي مع االسم الحالي

كانت مسرحا أللوان أدبية ضاهت تلك التي عرفها المشرق العربي ، وقد غلبت –فكانت مساحة الشعر الديني واسعة ، بحيث حمل من ؛ا الصبغة الدينية عليه

الخصائص الفنية ما يرقى إلى المستوى الذي عرفه الشعر في المشرق و األندلس ، وهذا في ظل ذلك النوع من التشابه المالحظ في التشكيل اللغوي و التصوير الفني ،

طقة ، فالروح الدينية المغربية ، مع انعكاس روح الواقع االجتماعي والفكري للمنللشاعر الجزائري انعكست في شعره، فكان صورة صادقة عن األبعاد الفكرية ،

وخاصة الدينية منها التي طبعت شعر المغرب األوسط . يتجلى ؛ل المنطقة االجتماعية و األدبية ومع األثر الواضح للدين في حياة أه - 9

إذ تعانق التصوف مع كل مضامين ؛للحياة األدبية التصوف باعتباره مشكال أساسيا

176

فغالبا ما يتقاطع مع التصوف ، كما أن ؛فقلما نجد شعر زهد خالص ؛الشعر الديني تسميات "الحقيقة فنجدالمدائح النبوية خالطها التصوف ، أيضا في أغلب األحيان ،

و التغزل و" الحب المحمدي" ، إلى جانب شعر التصوف الخالص ، المحمدية"الصوفي في ظل الحب اإللهي ، كل هذه الحيثيات تجعل من هذا العهد عهد تصوف ،

وفي عهد ؛ومولديات ، خاصة تحت حكم الدولة الزيانية وهو كذلك عهد مديح نبوي أبي حمو موسى الثاني بوجه أخص.

ي تظل هذه الدراسة مجرد ملمح بسيط من مالمح الشعر الدين ؛وأخيرا الشعر الديني ر تحت تسمية موحدة (الجزائري، وهي محاولة لجمع ألوان هذا الشع

ال ؛على تراث هام تزخر به الجزائر كشفت جملة من المصادرالجزائري القديم)، وقد افر الجهود ألجل يزال بحاجة إلى الكثير من البحوث والدراسات، فحري أن تتظ

العالم. ال إخراجه ليطل على الحفاظ عليه ولم

الطالبة: زينب قوني

قائمة المصادر والمراجع

177

عـادر و المراجـقائمـــة المص القرآن الكريم : رواية ورش عن نافع . -

ـادر :المصــ –أ أحمد بن حنبل ، الزهد ، تح : محمد أحمد عيسى ، دار الغد الجديد ، المنصورة ، -

م . 2005ه / 1426، 1مصر، ط

مقري ، نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب ، تح : إحسان عباس، دار أحمد ال - م . 1988ه / 1408، ( د ط ) ، 7صادر بيروت، مج

أبو بكر الكالباذي ، التعرف لمذهب أهل التصوف ، تح : عبد الحليم محمود ، مكتبة - م . 2004، 1الثقافة الدينية، القاهرة ، ط

علوم الدين ، المكتبة العصرية ، صيدا ، شركة أبناء شريف أبو حامد الغزالي ، إحياء - م . 1999، 4، ط 3األنصاري للطباعة و النشر و التوزيع ، ج

ابن الخلوف القسنطيني ، ديوان جني الجنتين في مدح خير الفرقتين ، تحقيق وشرح و –بعة تعليق: العربي دحو ، منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين ، الجزائر ، ط

م ، ( د ط ) .2004ديسمبر

بن عبد ربه األندلسي ، العقد الفريد ، تح : عبد المجيد الترحيني ، دار الكتب العلمية، - م . 1983، 1، ط 6بيروت، لبنان ، ج

عبد الرحمن بن خلدون ، المقدمة ، دار ابن الجوزي للطبع و النشر و التوزيع ، - م . 2010، 1القاهرة ، ط

زيات ، التشوق إلى رجال التصوف ، تح : علي عمر ، نشر مكتبة الثقافة الدينية ابن ال - م . 2006، القاهرة ، 1، ط

178

: ، تحة وملوك اإلباضية ، القسم الثانيسليمان الباروني ، األزهار الرياضية في أئم –أحمد كروم ، عمر بازين ، مصطفى بن دريسو ، دار البعث للطباعة و النشر ، قسنطينة

م . 2002، 3، الجزائر ، ط

الشاب الظريف ، الديوان، تح : العربي دحو ، دار الهدى ، عين مليلة ، الجزائر ، – م . 2001(دط)،

عفيف الدين التلمساني ، الديوان ، تحقيق و تقديم : العربي دحو ، الطباعة الشعبية - م ، ( د ط ) .2007للجيش ، الجزائر،

راية " فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية " ، تح : الغبريني ، عنوان الد – م .2007، 1محمد أبي شنب ، دار البصائر للتوزيع و النشر ، الجزائر ، ط

الغبريني ، عنوان الدراية " فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية " ، تح: – م .1981، 2لجزائر ، ط رابح بونار، الشركة الوطنية للنشر و التوزيع ا

علي رزيق و: معروف ، تحالة القشيرية في علم التصوف، الرسعبد الكريم القشيري -، 2، ط، بيروت، دمشقالتوزيعالنشر والخير للطباعة و، دار عبد الحميد أبو الخير

م.1995

م الدر مقتطف من نظ –محمد بن عبد اهللا التنسي، تاريخ بني زيان ملوك تلمسان -تح : محمود بوعياد ، الطباعة الشعبية للجيش ، –والعقيان في بيان شرف بني زيان

م .2007(د ط)، الجزائر،

محمد بن ميمون الجزائري ، التحفة المرضية في الدولة البكداشية في بالد الجزائر -، 2، الجزائر ، طالمحمية ، تح : محمد بن عبد الكريم ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع

م . 1981

،(د ت ط ) . 2محي الدين بن عربي ، الفتوحات المكية ، دار صادر ، بيروت ، مج -

179

محي الدين بن عربي ، فصوص الحكم ، شرح : عبد الرزاق القاشاني ، دار التوفيق - م . 1997النموذجية للطباعة ، مصر ، طبعة

ي بن مصطفى الشوار ، مطبعة الترقي ، أبو مدين شعيب ، الديوان ، جمع : العرب - م . 1938، 1دمشق، ط

أبو نصر السراج الطوسي ، اللمع ، تح : عبد الحليم محمود و عبد الباقي سرور ، دار - م . 1960الكتب الحديثة ، بمصر ، مكتبة المثنى بغداد ، مطبعة السعادة ، ( د ط ) ،

ك من بني عبد الواد ، مطبعة بييرفونطانا يحي بن خلدون ، بغية الرواد في ذكر الملو – هـ . 1321م / 1903، (د ط ) ، 1الشرقية ، الجزائر ، مج

ـع:المراجـــ –ب إبراهيم رماني ، الغموض في الشعر العربي الحديث ، ديوان المطبوعات الجامعية ، -

. 1986الجزائر ، ( د ط ) ، م

الجارم ، عبد العزيز البشري ، أحمد ضيف ، أحمد اإلسكندري ، أحمد أمين ، علي -المفصل في تاريخ األدب العربي في العصور القديمة و الوسيطة و الحديثة ، دار إحياء

العلوم ، بيروت ، ( د ط ) ( د ت ط ) .

أحمد محمد قدور ، المختار من األدب اإلسالمي ، دار الفكر المعاصر ، بيروت ، - م . 1993ه / 1414، 1سوريا ، ط –شق لبنان، دار الفكر دم

أحمد موساوي ، المولديات في األدب الجزائري القديم ، عهد تلمسان الزيانية ، - م .2008المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ، وحدة الرغاية ، الجزائر ، ( د ط ) ،

م . 1995 ، 2أدونيس ، الصوفية و السوريالية ، دار الساقي ، بيروت ، لبنان ، ط -

180

آمنة بلعلى ، تحليل الخطاب الصوفي في ضوء المناهج النقدية المعاصرة ، منشورات -، 1االختالف ، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ، وحدة الرغاية ، الجزائر ، ط

م .2002

–قراءة في األحوال و المقامات -أمين يوسف عودة ، تجليات الشعر الصوفي -، 1ة للدراسات و النشر ، دار الفارس للنشر و التوزيع ، األردن ، طالمؤسسة العربي

م .2001

بشير خلدون ، الحركة النقدية أيام بن رشيق المسيلي ، سلسلة الدراسات الكبرى ، - م . 1981الشركة الوطنية للنشر و التوزيع ، الجزائر ، ( د ط ) ،

عر العربي قديمه وحديثه ( حتى منتصف ثريا عبد الفتاح ملحس ، القيم الروحية في الش -) ، مكتبة المدرسة و دار الكتاب اللبناني للطباعة و النشر ، 1950القرن العشرين

بيروت، (د ت ط).

أبو حامد الغزالي ، إحياء علوم الدين ، المكتبة العصرية ، صيدا ، شركة أبناء شريف - م . 1999، 4، ط 3األنصاري للطباعة و النشر و التوزيع ، ج

خالد بلقاسم ، الكتابة و التصوف عند ابن عربي ، دار توبقال للنشر ، الدار البيضاء ، – م .2004، 1المغرب ، ط

الدراجي بوزيان ، نظم الحكم في دولة بني عبد الواد الزيانية ، ديوان المطبوعات – م .1993الجامعية، الجزائر ، ( د ط ) ،

ة في األدب العربي ، دار نهضة مصر للطبع و النشر، الفجالة درويش الجندي ، الرمزي – م . 1972، القاهرة، ( د ط ) ،

رغداء الحمصي ، أطياف من العشق اإللهي ، دار المكتبي للطباعة و النشر و التوزيع – م . 2008، 1، دمشق ، سورية ، ط

181

كتبة العصرية ، صيدا، زكي مبارك ، المدائح النبوية في األدب العربي ، منشورات الم – م . 1935، 1بيروت، ط

سالم عبد الرازق سليمان المصري ، شعر التصوف في األندلس ، دار المعرفة – م . 2007الجامعية ، مصر ، ( د ط ) ،

سامي الدهان ، المديح (من مجموعة فنون األدب العربي) ، دار المعارف ، القاهرة ، – م . 1992، 5مصر، ط

ن محمد الجيزاوي ، أصداء الدين في الشعر المصري الحديث ، مكتبة نهضة سعد الدي – ، مصر ، ( د ت ط ) . 1، ط 1مصر بالفجالة ، مطبعة الرسالة ، ج

شلتاغ عبود ، المالمح العامة لنظرية األدب اإلسالمي ، دار المعرفة للنشر و التوزيع ، – م . 1992، 1مطبعة الصباح ، دمشق ، ط

، 2ف ، تاريخ األدب العربي ، العصر اإلسالمي ، دار المعارف بمصر ، جشوقي ضي – م . 1972، 5ط

شوقي ضيف ، تاريخ األدب العربي ، العصر العباسي األول ، دار المعارف بمصر ، – ، ( د ت ط ) . 6، ط 3ج

، شوقي ضيف ، في التراث و الشعر و اللغة ، مكتبة الدراسات األدبية، دار المعارف – القاهرة، ( د ط ) ، ( د ت ط ) .

صالح فركوس ، المختصر في التاريخ الجزائري من عهد الفينيقيين إلى خروج –م ) ، دار العلوم للنشر و التوزيع ، عنابة ، الجزائر 1962 –ق م 814الفرنسيي (

، (د ط) ، (د ت ط).

182

13و 12الهجريين/ 7و 6ين الطاهر بونابي ، التصوف في الجزائر خالل القرن –الميالديين ، شركة دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع ، عين مليلة ، الجزائر ،

م. 2004( د ط )،

طاهر توات ، ابن خميس التلمساني حياته و شعره ، الملكية للطباعة و النشر و – م . 2007التوزيع، الحراش، الجزائر ،

خميس شعره ونثره ، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون ، طاهر توات ابن - الجزائر،(د ط)، ( د ت ط ) .

عادل محمود بدر ، التأويل الرمزي للشطحات الصوفية ، دار مصر المحروسة ، – م . 2010، 1القاهرة، ط

عاطف جودة نصر ، الرمز الشعري عند الصوفية ، دار األندلس للطباعة و النشر – م . 1983، 3يع، بيروت ، ط والتوز

دار –دراسة في الشعر الصوفي –عاطف جودة نصر ، شعر عمر بن الفارض – م .1982، 1األندلس للطباعة والنشر و التوزيع ، بيروت ، لبنان ، ط

دراسة –عبد الباري محمد داود ، الفناء عند صوفية المسلمين و العقائد األخرى – م . 1997، 1اللبنانية ، القاهرة ، ط الدار المصرية –مقارنة

عبد الحميد حاجيات ، أبو حمو موسى الزياني ، حياته و آثاره ، الشركة الوطنية للنشر – م .1982، 2والتوزيع ، الجزائر ، ط

عبد الحميد قادي ، بغية الجليس من شعر أبي عبد اهللا بن خميس ، مطبعة رويغي، - م . 2008، 1ياة للصحافة ، الجلفة ، طاألغواط ، منشورات الح

183

عبد الحميد هيمة ، الخطاب الصوفي و آليات التأويل ، قراءة في الشعر المغاربي -المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ، وحدة الرغاية ، الجزائر ، –دراسة –المعاصر م . 2008( د ط )،

طاب الشعري الجزائري ، منشورات اتحاد عبد الحميد هيمة ، الصورة الفنية في الخ - م . 2003، 1الكتاب الجزائريين ، دار هومة ، الجزائر ، ط

عبد الرحمن خليل إبراهيم ، دور الشعر في معركة الدعوة اإلسالمية أيام الرسول صلى - م . 1971اهللا عليه وسلم ، الشركة الوطنية للنشر و التوزيع ، الجزائر ، ( د ط ) ،

الرحمان بن محمد الجياللي ، تاريخ الجزائر العام ، شركة دار األمة للطباعة عبد - م . 2009، 2والنشر والتوزيع ، برج الكيفان ، الجزائر ، ( د ط ) ، ج

عبد الرزاق قسوم ، عبد الرحمن الثعالبي و التصوف ، سلسلة الدراسات الكبرى ، - م . 1987ئر ، ( د ط ) ، الشركة الوطنية للنشر و التوزيع ، الجزا

عبد الستار السيد متولي ، أدب الزهد في العصر العباسي ، نشأته وتطوره و أشهر - م . 1984رجاله، الهيئة المصرية العامة للكتابة ،

، مكتبة مدبولي ، القاهرة 3عبد الفتاح مقلد الغنيمي ، موسوعة المغرب العربي ، مج – م.1994، 1، ط

وعرفة الهاللي ، أعالم الفكر و التصوف بالجزائر ، دار الغرب للنشر عبد القادر ب - م . 2004، 1والتوزيع ، وهران ، ( د ط ) ، ج

عبد اهللا الركيبي ، الشعر الديني الجزائري الحديث ، الشركة الوطنية للنشر و التوزيع ، - م .1981، 1الجزائر، ط

184

صيات أدبية من المشرق و المغرب ، عبد اهللا شريط ، أبو القاسم محمد كرو ، شخ - م . 1966، 2منشورات دار مكتبة الحياة ، بيروت ، ط

عبد اهللا كنون ، أدب الفقهاء ، طباعة ، نشر، و توزيع : دار الكتاب اللبناني، مكتبة - م . 1984، 2المدرسة ، بيروت ، ط

دار –للقراءة األدبية تأسيس للنظرية العامة –عبد المالك مرتاض ، نظرية القراءة - الغرب للنشر و التوزيع ، ( د ط ) ، ( د ت ط ).

، دار األمة 1954عثمان سعدي ، الجزائر في التاريخ من العصور القديمة وحتى سنة - م . 2011، 1للطباعة و النشر و التوزيع ، الجزائر ، ط

العامة ، العراق ، عدنان حسين العوادي ، الشعر الصوفي ، دار الشؤون الثقافية - م . 1986( د ط )،

عدنان علي رضا النحوي ، تقديم نظرية الحداثة وموقف اإلسالم منها ، دار النحوي - م . 1993، 2للنشر والتوزيع ، ط

دار الغرب للنشر والتوزيع –مقاربة مفاهيمية –العرابي لخضر، الدين و الفن - م.2006وهران،

ابن الخلوف وديوانه جني الجنتين في مدح خير الفرقتين المعروف ،العربي دحو - م . 1993، ن المطبوعات الجامعية ، بن عكنون، الجزائر، ( د ط )بديوان اإلسالم ، ديوا

اإلمارات األغلبية و ، الشعر المغربي من الفتح اإلسالمي إلى نهاية العربي دحو - م . 1994، )، ( د طن المطبوعات الجامعيةه) ، ديوا 230 -30واإلدريسية ( الرستمية

، 1، بيروت، ط، دار الجيل، نشأة الفلسفة الصوفية و تطورهاعرفان عبد الحميد فتاح - م.1993

185

أبو العالء عفيفي ، التصوف الثورة الروحية في اإلسالم ، دار الشعب للطباعة و - النشر، بيروت ، ( د ط ) ( د ت ط ) .

دراسة في –صورة في الشعر العربي حتى أواخر القرن الثاني الهجري علي البطل ، ال - م . 1981، 2دار األندلس للطباعة و النشر و التوزيع ، ط –أصولها و تطورها

، ( د ط ) ، بة األزهرية للتراث، المكتلصوفيعلي علي صبح ، األدب اإلسالمي ا - م. 1997

اسع لدان العربية اإلسالمية فيما بين القرنين التعمار هالل ، العلماء الجزائريون في الب - م . 2010، ان المطبوعات الجامعية ، الجزائره )، ديو 14/ 3، ( والعشرين الميالديين

، 3، ط 4، ج ، بيروت ، لبنانالعلم للماليين ، دارعمر فروخ ، تاريخ األدب العربي - م.1992

.)،( د ت ط)، ( د ط ، دار الكتاب العربي، بيروت المعمر فروخ ، التصوف في اإلس -

عمر بن قينة ، أدب المغرب العربي قديما ، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون ، - م . 1994الجزائر ،

فاطمة عمراني ، المدائح النبوية في الشعر األندلسي ، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع - م . 2011، 1، القاهرة، ط

أبو القاسم سعد اهللا ، تاريخ الجزائر الثقافي ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر، ج - م . 1985، 2، ط 1

قدور رحماني ، ابن عربي و ديوانه ترجمان األشواق ، دار الكتاب للطباعة و النشر و - م . 2005التوزيع و الترجمة ، الجزائر ،

186

ديوان –مصطفى ناصف نموذجا –األدبي كريب رمضان ، فلسفة الجمال في النقد - م . 2009المطبوعات الجامعية ، بن عكنون الجزائر ، ( د ط ) ،

، مؤسسة المختار للنشر النص الشعري بوصفه أفقا تأويليا لطفي فكري محمد الجودي ، - م . 2011، 1والتوزيع ، ط

ارف اإلسالمية ، دار ماسينون ومصطفى عبد الرازق ، التصوف ، كتب دائرة المع - م . 1984، 1الكتاب اللبناني، مكتبة المدرسة ، ط

م . 1963، بيروت ، 2مبارك الميلي ، تاريخ الجزائر القديم و الحديث ، ج -

م إلى 11ه / 5محمد األزهر باي ، المديح النبوي في المغرب اإلسالمي ، من القرن –ساليب ، مركز النشر الجامعي ، تونس ، م ، قراءة في المعاني و األ15ه/ 9القرن

م . 2013المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية ، ( د ط ) ،

محمد بوذينة ، قصيدة بانت سعاد ومعارضتها ، سلسلة من غرر الشعر ، منشورات - محمد بوذينة، الحمامات ، ( د ط ) ( د ت ط ) .

لته بالحياة مع نماذج من صدر محمد الرابع الحسني الندوي ، األدب اإلسالمي وص - م . 1985، 1اإلسالم ، مؤسسة ، الرسالة ، بيروت ، ط

محمد بن رمضان شاوش و الغوثي بن حمدان ، األدب العربي الجزائري عبر -النصوص أو إرشاد الحائر إلى آثار أدباء الجزائر ، طبع و إشهاره ، داود بريكسي ، حي

م . 2001، 1، ط1الكيفان ، تلمسان، مج

محمد بن رمضان شاوش، باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة - م . 2011، ، ( د ط )1ت الجامعية ، بن عكنون ، الجزائر، جبني زيان، ديوان المطبوعا

187

محمد بن رمضان شاوش، باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة - م . 2011، ( د ط ) ، 2، ج ، الجزائرمعية، بن عكنونن المطبوعات الجابني زيان، ديو

دراسة في الحياة االجتماعية و –محمد الشريف سيدي موسى ، مدينة بجاية الناصرية -الفكرية ، تقديم ، محمد األمين بلغيث ، دار كرم اهللا للنشر و التوزيع ، القبة ، الجزائر ،

م. 2011( د ط ) ،

عرجون ، التصوف في اإلسالم منابعه و أطواره ، دار وحي محمد الصادق إبراهيم - م . 2004، 1القلم ، بيروت، مكتبة وحي القلم ، دمشق ، ط

للطباعة محمد الصالح الصديق ، القرآن في محيط العقيد و اإليمان ، شركة دار األمة - م . 2002، 1، برج الكيفان ، الجزائر ، طوالنشر و التوزيع

عصره ، حياته ، آثاره –د الطاهر عالوي ، العالم الرباني سيدي أبو مدين شعيب محم - م . 2004، 1، برج الكيفان ، طللطباعة و النشر و التوزيع شركة دار األمة –

محمد الطمار ، تاريخ األدب الجزائري ، تقديم : عبد الجليل مرتاض ، ديوان - د ت ط ) .، ( 2المطبوعات الجامعية، الجزائر ، ط

محمد الطمار ، تلمسان عبر العصور ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر، - م. 2007(د ط)،

محمد الطمار ، الروابط الثقافية بين الجزائر و الخارج ، سلسلة الدراسات الكبرى ، - م . 1983، الجزائر ( د ط ) ، لنشر و التوزيع الشركة الوطنية ل

بن عبد الكريم الجزائري ، التصوف في ميزان اإلسالم ، دار هومة للطباعة و محمد - م . 1997، 1النشر والتوزيع ، الجزائر ، ط

م. 1983، 6محمد قطب ، منهج الفن اإلسالمي ، دار الشروق ، القاهرة ، ط -

188

(د ت ط ).محمد لطفي اليوسفي ، الشعر و الشعرية ، الدار العربية للكتاب ، (د ط) ، -

محمد مرتاض ، التجربة الصوفية عند شعراء المغرب العربي في الخمسية الهجرية - م . 2009الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون الجزائر ، ( د ط ) ،

محمد مرتاض ، الخطاب الشعري عند فقهاء المغرب العربي ، دار األوطان للطباعة - م . 2009، 1، ط 1مة ، سيدي موسى ، الجزائر ، ج والنشر والتوزيع و الترج

محمد مرتاض ، الخطاب الشعري عند فقهاء المغرب العربي ، دار األوطان للطباعة - م . 2009، 1، ط 2والنشر و التوزيع و الترجمة ، سيدي موسى ، الجزائر ، ج

ر الثقافة للنشر دا –دراسة نظرية تطبيقية –محمد مفتاح ، في سيمياء الشعر القديم - والتوزيع ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ، ( د ط ) ، ( د ت ط ) .

– 1925 –اتجاهاته و خصائصه الفنية –محمد ناصر ، الشعر الجزائري الحديث - م . 1985، 1، دار الغرب اإلسالمي ، بيروت لبنان ، ط 1975

منشورات –دراسة بيبليوغرافيا –لجزائر مختار حبار ، الخطاب األدبي القديم في ا - م . 2007مختبر الخطاب األدبي في الجزائر ، جامعة وهران ، ( د ط ) ،

مختار حبار ، شعر أبي مدين التلمساني ( الرؤيا و التشكيل ) ، منشورات اتحاد الكتاب - م . 2002العرب ، دمشق ، ( د ط ) ،

منشورات –األحوال االقتصادية و الثقافية –ة مختار حساني ، تاريخ الدولة الزياني - م . 2009، ( د ط ) ، 2الحضارة ، بئر توته ، الجزائر ، ج

مصطفى حركات ، قواعد الشعر ، دار اآلفاق ، ( د ط ) ، ( د ت ط ). -

مصطفى صادق الرافعي ، تاريخ آداب العرب ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان ، - م . 2005 ، (د ط) ، 2ج

189

دار –دراسة فلسفية في مشكالت المعرفة –ناجي حسين جودة ، المعرفة الصوفية - م . 1992، 1الجيل، بيروت ، ط

نايف معروف ، األدب اإلسالمي في عهد النبوة و خالفة الراشدين ، دار النفائس، - (د ط) ، (د ت ط) .

ت التأويل ، المركز الثقافي العربي ، نصر حامد أبو زيد ، إشكاليات القراءة و آليا - م . 2005، 7بيروت، لبنان، ط

، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، مصر ، مد أبو زيد ، هكذا تكلم ابن عربينصر حا - م . 2002طبعة

دراسة في التطور الفني للقصيدة العربية حتى –نور الدين السد ، الشعرية العربية - م . 2007، 2ان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون ، الجزائر ، جديو -العصر العباسي

وضحى يونس ، القضايا النقدية في النثر الصوفي حتى القرن السابع الهجري ، - م . 2006منشورات اتحاد الكتاب ، دمشق ، ( د ط ) ،

ي، يحي بوعزيز ، أعالم الفكر و الثقافة في الجزائر المحروسة ، دار الغرب اإلسالم - م. 1995، 1، ط2بيروت ، ج

يحي بوعزيز ، الموجز في تاريخ الجزائر ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر، - م. 2009 2، ط 1ج

يوسف إسماعيل النبهاني ، المجموعة النبهانية في المدائح النبوية ، دار الفكر ، بيروت - ، ( د ت ط ) . 3، مج

190

ت :ام و الموسوعـــالمعاجـ -سعاد الحكيم ، المعجم الصوفي ، دار دندرة للطباعة والنشر ، بيروت ، (د ط ) ، -

م.1981

عبد المنعم الحفني ، المعجم الصوفي ، عربية للطباعة و النشر ، دار الرشاد، القاهرة ، - م . 1997، 1ط

، دار الفيروز آبادي ، القاموس المحيط ، تح : أنس محمد الشامي وزكريا جابر أحمد - م . 2008الحديث ، القاهرة ، ( د ط ) ،

القاشاني ، إصطالحات الصوفية ، تح : محمد كمال إبراهيم جعفر ، الهيئة المصرية - م . 1981العامة للكتاب ، ( د ط ) ،

ابن منظور ، لسان العرب ، دار إحياء التراث العربي ، مؤسسة التاريخ العربي ، ج - م.1997، 14

ور ، لسان العرب ، تح : عبد اهللا علي الكبير ومحمد أحمد حسب اهللا وهاشم ابن منظ - . 17، ج 2محمد الشاذلي ، دار المعارف ، القاهرة ، ( د ت ط ) ، مج

، 1، ط 1الموسوعة الفلسفية العربية ، معهد اإلنماء العربي اللبناني ، بيروت ، مج - م .1986

ـة :المخطوطـــات روحــاألطــ -بد الحميد جريوي ، تجليات التناص في شعر عفيف الدين التلمساني ، رسالة ع -

مخطوطة من متطلبات شهادة الماجستير ، كلية اآلداب و العلوم اإلنسانية ، جامعة ورقلة م . 2004/ 2003،

عبد الحميد هيمة ، الرمز الصوفي في الشعر المغاربي المعاصر ، رسالة دكتوراه - م . 2005آلداب و العلوم االنسانية ، جامعة باتنة ، مخطوطة ، كلية ا

191

1990 – 1960عمر بوقرورة ، االغتراب في الشعر اإلسالمي المغاربي المعاصر،( - 1993م)، أطروحة دكتوراه مخطوطة ، معهد األدب و اللغة العربية ، جامعة قسنطينة ،

م . 1994/

الدوريــــــات : -، لية اآلداب و العلوم اإلنسانية ، جامعة ورقلة ، األثر ، مجلة اآلدب و اللغات -

م . 2003، ماي 02الجزائر ، العدد :

األثر ، مجلة اآلداب و اللغات ، كلية اآلداب و العلوم اإلنسانية ، جامعة ورقلة ، - م . 2004، ماي 03الجزائر ، العدد :

نية ، جامعة ورقلة ، األثر ، مجلة اآلداب و اللغات ، كلية اآلداب و العلوم اإلنسا - م . 2006، ماي 05الجزائر ، العدد :

األثر ، مجلة اآلداب و اللغات ، كلية اآلداب و العلوم اإلنسانية ، جامعة ورقلة ، - م . 2007، ماي 06الجزائر ، العدد :

م . 1964، عدد فبراير ومارس ، 35، السنة 8/ 7مجلة األزهر ، مصر ، ج -

جلة دورية محكمة ، كلية اآلداب و الفنون ، جامعة مستغانم ، حوليات التراث ، م - م . 2004، جوان 01العدد:

م . 1986، سنة 40مجلة الحياة الثقافية ، تونس ، العدد : -

أعالمها في المغرب –مجلة الفضاء المغاربي ، مخبر الدراسات األدبية و النقدية - م . 2002، جوان 1لسنة جامعة أبي بكر بلقايد ، تلمسان ، ا –العربي

، 10مجلة اللغة و األدب ، معهد اللغة العربية و آدابها ، جامعة الجزائر ، العدد: - م . 1996ديسمبر

فهرس الموضوعات

192

اترس الموضوعـفهــ

، وه، د، جأ، ب، ......................................................................................................................................................................................... مقدمة

مالمح الحياة السياسية ، االجتماعية ، والفكرية في المغرب األوسط في القرون مدخل

السابع،

7 ...........................................................................................................................................................................................الثامن و التاسع الهجرية

8 .............................................................................................................................................................................................الحياة السياسية –أوال

15 .......................................................................................................................................................................................الحياة االجتماعية –ثانيا

18 .................................................................................................................................................................................................الحياة الفكرية –ثالثا

25 ......................................................................- النشأة و األعالم –المفهوم –الشعر الديني الفصل األول:

25 ...............................................................................................................-مقاربة مفاهيمية –الدين والشعر :المبحث األول

25 .....................................................................................................................................................................................................مفهوم الدين –أوال

27 ........................................................................................................................................الصلة بين الدين و األدب ( الشعر) –ثانيا

29 .................................................................................................................................................................................مفهوم الشعر الديني –ثالثا

، الثامن والتاسع الهجرية ي القرون السابعالمغرب األوسط ف الشعر الديني في :المبحث الثاني

32 ..................................................................................................................................................................................................... -النشأة واألعالم –

193

32 .....................................................................................................................................................نشأة الشعر الديني عند العرب –أوال

39 ..............................................................................................................................نشأة الشعر الديني في المغرب األوسط –ثانيا

45 من أعالم الشعر الديني القديم في الجزائر في القرون السابع، الثامن والتاسع الهجرية -ثالثا

61 ............................................................................ي القديم موضوعات الشعر الديني الجزائر: الثاني فصلال

61 .........................................................................................................................................................................شعر الزهد األول : المبحث

62 ......................................................................................................................................................................مفهوم الزهد و مظاهره -أوال

64 ......................................................................................................في المشرق و المغرب العربيين نشأة شعر الزهد-ثانيا

69 ....................................................................................................................................مضامين شعر الزهد في هذه القرون –ثالثا

74 .................................................................................................................................................................شعر التصوف الثاني: مبحثال

75 ......................................................................................................................................................مفهوم التصوف وصلته بالزهد -أوال

75 .....................................................................................................................................................................................التصوف لغة – 1

77 .....................................................................................................................................................................التصوف اصطالحا -2

78 ................................................................................................................................................................صلة التصوف بالزهد -3

80 ...................................................................................................... -نشأته وتطوره –الشعر الصوفي في الجزائر –ثانيا

86 موضوعات الشعر الصوفي الجزائري القديم في القرون السابع، الثامن والتاسع الهجرية –ثالثا

87 ..........................................................................................................................................................................................الحب اإللهي -1

89 ..........................................................................................................................................................الخمر أو السكر الصوفي -2

91 ....................................................................................................................................................................................األفكار الفلسفية -3

194

96 ...........................................................................................................................................................................................................الرحلة -4

97 .....................................................................................................................................................................................الطلل و الحنين -5

99 ...............................................................................................................و المولديات شعر المدائح النبوية الثالث : مبحثال

100 ................................................... - مشرقا ومغربا -مفهوم المديح النبوي و نشأته في الوطن العربي -أوال

100 ............................................................................................................................................................................هوم المديح النبويمف -1

102 ........................................................نشأة المديح النبوي و المولديات في المغرب األوسط ( الجزائر) -2

109 .......................................................................................................................................................صلة المديح النبوي بالتصوف -ثانيا

110 .........................مضامين المدائح النبوية في الجزائر في القرون السابع، الثامن والتاسع الهجرية -ثاثال

135 .................................................. -البناء و األدوات –الشعر الديني الجزائري القديم : الثالث فصلال

135 .............................................................................................................الديني الجزائري القديم لغة الشعر األول : لمبحثا

136 ....................................................................................................................و اإليحائية لغة الشعر الديني بين التقريرية -أوال

139 ......................................................................المعجم اللغوي للشعر الديني بين الديني الخالص و الصوفي -ثانيا

144 .....................................................................................................................الغموض في الشعر الديني الجزائري القديم -ثالثا

149 ..................................................................الصورة الشعرية في الشعر الديني الجزائري القديم الثاني: مبحثال

153 .........................................................................................................................................................................................ير البياني التصو -أوال

156 ........................................................................................................................................................................................................................لبديعا -ثانيا

159 ...........................................................................التشكيل اإليقاعي للشعر الديني الجزائري القديم الثالث: مبحثال

160 ........................................................................................................................................................................................اإليقاع الخارجي -أوال

195

160 ..........................................................................................................................................................................................................الوزن -1

163 ..........................................................................................................................................................................................................القافية -2

166 ..................................................................................................................................................................................................اإليقاع الداخلي -ثانيا

167 .................................................................................................................................................................................................الترصيع -1

168 .................................................................................................................................................................................................التصريع -2

169 ......................................................................................................................................................................................................التكرار -3

174 .......................................................................................................................................................................................................................... الخاتمة

177 ......................................................................................................................................................................................قائمة المصادر والمراجع

192 ..................................................................................................................................................................................................فهرس الموضوعات

ـواردة في البحــــثــــــــوز الـــــــــــمعاني الرمـــ

تح : تحقيق . -1

ترجمة . تر : -2

ج : جزء . -3

( د ت ط ) : دون تاريخ طبع . -4

( د ط ) : دون طبعة . -5

ص : صفحة . -6

صص : صفحتان أو عدد من صفحات متتابعة . -7

مج : مجلد . -8

م س : مرجع سابق . -9

م ن : المرجع نفسه . - 10