281
ﺠـﺎﻤـﻌـﺔ ﺍﻟ ﺠـﺯﺍﺌـﺭ1 ﺨﺩﺓ ﺒﻥ ﻴﻭﺴﻑ ﺒﻥ- ﺍﻟﺤـﻘ ﻜﻠﻴﺔ ﻭﻕ ﺃﻁﺭﻭﺤﺔ ﺸﻬﺎﺩﺓ ﻟﻨﻴل ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻓﻲ ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﻁﺎﻟﺒﺔ ﺍﻋﺩﺍﺩ ﻤﻥ: ﺍﺸﺭﺍﻑ ﺘﺤﺕ: ﺍﻟﺴﻌﺩ ﺃﻡ ﺯﻴﺎﺩﺓ ﺒﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺍﻟﻁﻴﺏ ﺯﺭﻭﺘﻲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺃﻋﻀﺎﺀ. . ﺤﺴﻥ ﻁﺎﻟﺒﻲ..... . .. .. .... ﺭﺌﻴﺴﺎ. . ﺍﻟﻁﻴﺏ ﺯﺭﻭﺘﻲ.... . ......... ﻤﻘﺭﺭﺍ. ﻴﻤﻴﻨﺔ ﺤﻭﺤﻭ.... .. ........... ﻋﻀﻭﺍ. ﺍﻟﺠﻴﻼﻟﻲ ﻋﺠﺔ................. ﻋﻀﻭﺍ. ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﺒﺩ ﻤﺭﺯﻭﻕ ﺒﻥ.... .... ﻋﻀﻭﺍ. ﺍﻟﻌﺯﻴﺯ ﻋﺒﺩ ﻤﺤﻤﻭﺩﻱ....... .... ﻋﻀﻭﺍ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ: 2014 - 2015 ﺍﺨﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻘﺎ ﻨﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ل ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺘﻨﺎﺯﻉ) ﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺩﺭﺍﺴﺔ(

ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

  • Upload
    others

  • View
    12

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

-بن يوسف بن خدة – 1جـزائـر الجـامـعـة

 وقكلية الحـق

 

دكتوراه في الحقوقلنيل شهادة أطروحة

القسم الخاص

:تحت اشراف: من اعداد الطالبة

زروتي الطيبالدكتور بن زيادة أم السعد

أعضاء اللجنة

رئيسا.... ..........طالبي حسن. د. أ

مقررا..............زروتي الطيب . د.أ

عضوا.................حوحو يمينة. د

عضوا.................عجة الجياللي.د

عضوا........بن مرزوق عبد القادر. د

عضوا...........محمودي عبد العزيز.د

2015-2014: الجامعيةالسنة

اختصاص

تنازع القوانين لالجزائري في ح نونالقا

)دراسة مقارنة(  

Page 2: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

1  

مقدمة

لم يكن من المتصور قيام أي تنازع بين القوانين طالما كان التالزم متحققا بين

المبدأ الذي ساد ولمدد هو أن جميع والقانون الذي يحكم النزاع، ذلك المحكمة المختصة

. القوانين تعتبر إقليمية وهي تطبق على جميع األشخاص واألشياء الكائنة في اإلقليم

ق قانونها أي قانون القاضي كان المحكمة التي تنظر في النزاع تطبوبهذا الوصف فإن

.لمنافسة أي قانون أجنبي خضعييتمتع بمكانة مرموقة ومتميزة فال

غير أن ازدياد الحاجة للتعامل مع الدول وتعذر بقاء المجتمعات الوطنية في

معزل بعضها عن بعض من الناحية االقتصادية واالجتماعية أدى إلى استحالة استمرار

الذي يحكم المسألة الخاصة ذات الطابع يالتالزم بين االختصاص القضائي والقانون

صبح من الضروري أحيانا السماح بتطبيق القاضي الوطني لقانون غير الدولي، وأ

قانون دولته، ومما ال شك فيه أنه من الغريب الكالم عن الحيادية واالنحيازية في اطار

القانون الدولي الخاص، غير أنه إذا كان صحيحا أن عالقات األفراد التي يحكمها

، إال أنه يبقى لهذا األمر مجاله يةاالنحياز القانون الخاص ال يستقيم بشأنها التحدث عن

إذا كان القصد منه استقصاء سياسة المشرع الوطني بشأن تنظيم العالقات الخاصة

الدولية لمعرفة إذا كان هذا األخير يعامل قانونه الوطني والقانون األجنبي معاملة

لتسليم بسعي متساوية ومحايدة بغض النظر عن طبيعة تلك المنازعات إذ من الصعب ا

المنهجية االنفرادية إلى القضاء على المنهجية االزدواجية، حيث أن ذلك يهدد كيان

القانون الدولي الخاص وتبقى عالقة التكامل والتعايش بين المنهجين، فهل هذه القواعد

على اختالف أشكالها وأنماطها تكفل هذه المعاملة للقانون األجنبي، أم أن النزعة

بما حرص المشرع الوطني على حماية المصالح األساسية لمجتمعه سياسية الوطنية، ور

كانت أم اقتصادية أم اجتماعية يدفعه إلى حجز مجال ال ينطبق فيه سوى قانونه

الوطني، ولكن فسح المجال لتطبيق القوانين األجنبية بجانب القوانين الوطنية ضرورة

يجب على المشرع الذي يعرض النزاع عملية أملتها ظروف وحاجات األفراد، وبالتالي

أمام محاكمه أن يفسح المجال لتطبيق القانون األجنبي، فلو اعتنق كل مشرع مبدأ

Page 3: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

2  

جنبي وتنازع إقليمية القوانين بصفة مطلقة ما كان هناك مجاال لتطبيق القانون األ

لذي ومن هنا يصدق عليها وصف بعض الفقهاء لها، بأنها تبقى كالميزان ا )1(القوانين

وقبول الدولة بوضع استثناء . )2(في البداية في الوضع األفقي هراعيذينبغي أن تبقى

دى إلى قيام القانون الدولي الخاص وبصفة خاصة تنازع أعلى هذا المبدأ األمر الذي

.القوانين

إن قانون القاضي الذي قد يحكم في المنازعة الخاصة الدولية على مقتضى

قانون األجنبي، الأحكامه هو وصف يمكن أن يطلق على القانون الوطني كما على

وذلك عند اللجوء إلى قاعدة التنازع المزدوجة في أية دولة، والتي تسمح بتبني هذا

كن القول أن قانون القاضي في جميع القانون أو ذاك للفصل في النزاع، ومع ذلك يم

النزاع ذو حسماألحوال القانون الوطني باعتبار أنه قانون المحكمة التي يرفع إليها أمر

المختص بالنزاع ال يبدو قانونا إال اذا عرض على القاضي حين ي ف األجنبي،العنصر

نجد مثاله في قاضي آخر أمر ذات النزاع فيما بعد، وهو ما على أجنبيا إال إذا عرض

الحاالت التي يطلب فيها من القضاء الجزائري األمر بتنفيذ حكم صادر من قضاء

أجنبي، وحتى في تلك الحالة األخيرة، التي ينظر فيها إلى الصفة األجنبية للقضاء، ال

يمكن أن تتقرر التبعية لهذه الصفة األجنبية التي هي نسبية وليست مطلقة والحكم ذاته

.لصفة الوطنيةينطبق على ا

وبالرغم من ذلك كله يظل قانون القاضي المختص قانونا وطنيا في نظر ذات

القاضي الذي يطبق أحكامه، صحيح أن هذا األخير قد يصدر حكمه في بعض

المنازعات الخاصة الدولية وفقا لقانون أجنبي، إال أن ذلك غير مشكوك في وطنية

جنبي هذا، ما كان ليحدث في مثل هذه ، غير أن تطبيق أحكام القانون األقانونه

                                                             ، 2006علي علي سليمان، مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري، الطبعة الرابعة - )1(

.25ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ص وزروتي الطيب، القانون الدولي الخاص الجزائري، الجزء األول، تنازع القوانين، دراسة -

.51، الفسيلة، الجزائر، ص 2008مقارنة، الطبعة الثانية :في هذا المعنى - )2(

Loussouarn, " La règle demeure bilatérale, indirecte et objective autant de caractères qui supportent la neutralité ", P 47.

Page 4: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

3  

الحاالت، لوال سماح القاضي الوطني بذلك، ومن ثم فتطبيق القاضي لحكم قانون أجنبي

.على نزاع ما، يعد في الواقع تطبيقا ألحكام قانونه الوطني التي سمحت بذلك التطبيق

أن الهدف العميق للبنيان الفلسفي في تلك القواعد )1(الفقهويضيف بعض

االنفرادية انما يتمثل في طرح منهجية تنازع القوانين، واالستغناء عنها كمنهجية متميزة

وأصيلة في حل مشكلة تحديد القانون الواجب التطبيق على العالقات ذات الطابع

الدولي، زيادة على ذلك، فان التوسع في قبول هذا الفقه االنفرادي من شأنه أن يؤدي

. ولي الخاصالى انهيار القانون الد

فإسباغ وصف قانون القاضي على القانون الوطني للمحكمة الذي قد يطرح

تلك النزاعات، وهكذا مأمامها منازعات ذات عنصر أجنبي، مركز قانونها في حس

يعتبر قانونها، أي قانون القاضي هو القانون الوطني بالمقابلة مع أي قانون أجنبي يمكن

القاضي امتثاال ألمر مشرعه الوطني ومن هنا يمكن أن تطبقه ذات المحكمة أو نفس

 .الفصل بين قانون القاضي والقانون األجنبي

إن انفراد قانون القاضي باالختصاص التشريعي في مرحلة نشوء الحق والفصل

ختصاصه قواعد توزيع االختصاص النزاع يطبقه بوصفه القانون الذي تشير بافي

هنا كان وجه االختالف بين تطبيق القانون الوطني التشريعي المقررة في بلده، ومن

.بوصفه قانون القاضي، وبين تطبيقه بوصفه القانون االقليمي

وقد يختلط مبدأ التطبيق القاصر للقانون الوطني بوصفه قانون القاضي مع مبدأ

ني التي تع )La territorialité absolue ou stricte des lois(اإلقليمية المطلقة للقوانين

اء كل تطبيق للقانون فاء كل تطبيق للقانون األجنبي داخل نطاق دولة القاضي النتفانت

خارج نطاق الدولة الصادر عنها، والتي تستلزم تطابقا تاما بين نطاق تطبيق القانون

                                                             اضي في حكم المنازعات الخاصة حسام الدين فتحي عبد اللطيف نصيف، مرآز قانون الق -)1(

.31، ص 1990الدولية، دآتوراه، جامعة عين شمس، القاهرة،

Page 5: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

4  

الوطني ونطاق إقليم الدولة الصادر عنها، وبالتالي بين االختصاص القضائي

.)1(والتشريعي

القاضي لقانونه الوطني سواء في مرحلة الفصل في النزاع أو غير أن تطبيق

في مرحلة نشوء الحق ال يعدل فكرة تطبيق القانون الوطني تطبيقا إقليميا على نحو

انتفاء ظاهرة التنازع )2(مطلق، وال يستتبع بالتالي اعتناقه خالفا لما يقرر جل الكتاب

ليمية المطلقة، أي انتفاء كل تطبيق للقانون الدولي للقوانين، كما يؤدي إلى ذلك فكرة اإلق

.خارج نطاق الدولة الصادر عنها كما سبق ذكره

ومؤدى هذا التالزم بين االختصاص التشريعي واالختصاص القضائي في

مختلف الدول، إنما يتحدد مجال قيامه بمرحلة نشوء الحق ومرحلة الفصل في النزاع

ن هذين االختصاصين، لدى األخذ بهذه الطريقة المتعلق به، فإذا كان هذا التالزم بي

متحققا في هذه المرحلة، فيكون قابال لالنفكاك في مرحلة نفاذ الحق أو االعتراف بحكم

القضاء الصادر إقرارا له وقابلية التالزم بين هذين االختصاصين لالنفكاك في المرحلة

قاضي بوصفه كذلك، األخيرة، حيث يسند االختصاص على سبيل القصر إلى قانون ال

وهو الفرض الذي جسدته بعض القوانين، حيث يعين القانون الوطني تعيينا ذاتيا ليسند

إليه االختصاص على سبيل اإلطالق، ذلك أن القاضي الوطني يقوم في الفرض األخير

.بتطبيق قانونه فحسب، سواء تعلق األمر بمرحلة نشوء الحق أو الفصل في النزاع

االختصاص التشريعي بين مختلف الدول محل القول أن إسناد وطريقة توزيع

االختصاص إلى قانون القاضي فيها ال ينبني على تركيز العالقات القانونية ذات الطابع

.)3(الدولي من حيث المكان وفق أسس موضوعية وفنية

                                                             عنايت عبد الحميد ثابت، مبدأ االختصاص القاصر لقانون القاضي بوصفه كذلك بحسبانه - )1(

تداخل مجاالت انطباق القوانين ذي الطابع الدولي، مجلة القانون واالقتصاد طريقة لفظ .5ص، مطبعة جامعة القاهرة للكتاب الجامعي،61،1991بحوث القانونية والسياسية، العددلل

ومن هؤالء الكتاب، الكتاب المشار اليهم في مقال عنايت عبد الحميد ثابت، المرجع السابق، - )2( . 12، هامش 59ص

 .5ص ، المرجع السابق،ثابت راجع عنايت عبد الحميد-)3(

Page 6: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

5  

وهكذا اختلف مركز قانون القاضي في حكم المنازعات المشتملة على عنصر

أنه ظل يتمتع ببعض الحاالت التي يتمتع فيها بصورة أصلية دون مزاحمة أجنبي، غير

من أي قانون أجنبي، وذلك من خالل صياغة مناهج تقوم أحيانا على اللجوء للقواعد

الموضوعية، وفي أحيان أخرى على تطبيق بعض القوانين تطبيقا مباشرا، فإن كل

اضي تعد من قبيل االستثناءات المناهج التي ساهمت في منح االختصاص لقانون الق

الواردة على قاعدة التنازع التقليدية المزدوجة، ومن هذا المنطلق قد يواجه القاضي

المعروض عليه النزاع حتما بعض الصعوبات في حل المسائل التي تثيرها العالقات

ادية، الخاصة الدولية، إما بتطبيق القانون األجنبي أو الركون إلى قاعدة التنازع االنفر

وهذا بمثابة رد فعل من بعضهم لعدم كفاية المنهج الكالسيكي الذي يؤدي في بعض

. )1(األحيان إلى نتائج غير مرضية

وبالتالي فأهمية هذه الدراسة وتحديد الحاالت التي يختص بها قانون القاضي في

في حكم المنازعات، وذلك في تحديد مركزه في مواجهة القانون األجنبي، ال تنحصر

حكم مسائل المرافعات أو المسائل اإلجرائية التي تستلزم مقتضيات التركيز الموضوعي

لألوضاع القانونية عدم إخضاعها لغير قانون القاضي، فعلى عكس ذلك، فالتفرقة بين

اإلجراءات والمسائل الموضوعية، ال يقيد مجال قانون القاضي في مادة القانون الدولي

يتمتع بحاالت اختصاص أصلية في الوقت نفسه الذي يطبق فيه الخاص فقانون القاضي

القاضي الوطني بصفة احتياطية عندما يتحقق أحد موانع تطبيق القانون األجنبي، وإذا

كانت الكثير من الدراسات قد اتجهت نحو دراسة القانون األجنبي محاولة إبراز مركزه

ن، ومن يجعله مسألة واقع، وما أمام القاضي الوطني، وما بين من ينظر إليه كقانو

.يترتب على كل هذين الرأيين نتائج

فإنه قد ارتأينا أن نبحث في الوضع الطبيعي للمسالة والمتمثل بمعرفة المساحة

أو الحيز الذي يتحرك فيه قانون القاضي أوال وهو أمر بديهي ناتج من أن القاضي

.شرعه الوطنييعني بتطبيق قانونه ويلتزم بما يرسمه له م ابتداء

                                                             محمد خيري كصيد، حاالت تطبيق قانون القاضي في نطاق تنازع القوانين دراسة مقارنة، - )1(

.3، ص 2012منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة األولى،

Page 7: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

6  

ومؤدى هذه القواعد االنفرادية إنما تعبر عن وجود نطاق خاص يتمتع فيه قانون

القاضي بامتياز في التطبيق بغض النظر عن أي قانون أجنبي، ويرتبط هذا التطبيق

طبيعة المسألة محل النزاع، كما ينجم عن امتياز شخصي يتمتع به أحد أطراف النزاع ب

ذو طابع الدولي كانتمائه إلى جنسية دولة القاضي، أو عن امتياز إقليمي يتمثل في

ارتباط المسألة محل النزاع بإقليم دولة القاضي، ففي اطار هذه القواعد االنفرادية نجد

تحسم من البداية قيام أي تنازع بصددها، والتي تجعل القاضي أن طبيعة المسألة ذاتها

.غض النظر عن الصفة األجنبية التي تحتويها العالقةي

أو هفالمشرع يحدد عن طريق هذه القواعد نطاق تطبيق القانون الذي أصدر

تحديد من خاللها القواعد التي تخضع لحكم هذا القانون، وانحياز هذه القواعد يرجع

.إلى عدم توازي مصلحة الدولة األجنبية مع مصلحة دولة القاضيأساسا

أما معرفته بأحكام القوانين األجنبية والبحث عن مضامينها، فهي مرحلة جاءت

بعد تطور العالقات الدولية وتزايدها بين الدول، وهي مسألة تقربنا من هدف هذا

.البحث

وسوف نعمل على توضيحها عتمد عليها في دراستنا،نوسنتناول المحاور التي س

:من خالل طرح اإلشكالية التالية

تحديد مدى نطاق اختصاص قانون القاضي اختصاصا قاصرا مانعا بموجب

أحكامه الموضوعية أو المنظمة للعالقة محل النزاع وبين نطاق اختصاصه االحتياطي

ية؟في حاالت خاصة اقتضتها الضرورات العملية وطبيعة العالقة الخاصة الدول

وزه القاضي في حوتبرز أهمية دراسة هذا الموضوع في تحديد المركز الذي ي

حكم المنازعات الخاصة الدولية وهو المركز الثابت لهذا القانون في حاالت التطبيق

التي تناولتها في هذا المبحث رجاحته في التطبيق، ونتيجة الصلة التي تربط هذا القانون

جنبي، ومن الشكل يمكن الفصل بين قانون القاضي والقانون األبالنزاع المطروح، فبهذا

.تل المساواة بينهماخهنا ت

Page 8: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

7  

ومما ال شك فيه أن رجاحة هذا المركز إنما يرجع إلى الصفة الوطنية لقواعد

القانون الدولي الخاص، وحرص المشرع الوطني على التمسك بسيادته التشريعية،

ة، واستقصاء سياسة المشرع في هذا الصدد لمعرفة بشأن تنظيم العالقات الخاصة الدولي

والقانون األجنبي معاملة محايدة أو متساوية، أو يفضل في هما إذا كان يعامل قانون

بعض الظروف االنحياز إلى قانونه الوطني، وهي مسألة تقودنا إلى هدف هذا البحث

انون األجنبي الذي يطبقه إبراز المركز الذي يحتله قانون القاضي بالمقارنة مع القبوهذا

. ذات القاضي بشأن المنازعات المشتملة على عنصر أجنبي

وسوف ننتهج في بحثنا هذا المنهج التحليلي للنصوص القانونية التي تتعلق

بالموضوع على ضوء االجتهاد القضائي والفقهي مع مراعاة ما توصل إليه مشرعنا

:لهذه الدراسة تتحدد كما يلي في هذا الشأن، وعليه فإن المحاور األساسية

وفي سبيل توضيح ما تقدم من تساؤالت في اإلشكالية المطروحة، جاء منهجنا

:في البحث من خالل تقسيم الموضوع إلى بابين رئيسيين

لقانون القاضي ونوضح فيه مفهوم التطبيق الحصريتناولت في الباب األول

في أول، ثم نتعرض لإلسناد القاصرصل القواعد االنفرادية ومعايير تحديدها في ف

.قانون القاضي في فصل ثاني

لقانون القاضي، ثم ستثنائينتناول فيه حاالت التطبيق اال: فيما جاء الباب الثاني

في الفصل األول، قبل تعيين القانون الواجب التطبيقلقانون القاضي ستثنائيالتطبيق اال

النظر لقانون القاضي عند ستثنائيطبيق االأما الفصل الثاني من هذا الباب يتضمن الت

.الدعوى في

وقد ختمنا بحثنا بخالصة تضمنت أهم النتائج التي توصلنا إليها وعلى ذلك

: ارتأينا إتباع الخطة التالية

لقانون القاضي التطبيق الحصري: الباب األول

اختصاص قانون القاضي باعتباره قانون بوليس وأمن: الفصل األول

Page 9: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

8  

قواعد البوليس واألمن تعريف: األول المبحث

الضوابط المحددة للقواعد ذات التطبيق الضروري : المبحث الثاني

انون القاضي لق االسناد القاصر:الفصل الثاني

اختصاص قانون القاضي في تحديد طبيعة النزاع: المبحث األول

لمصلحة الوطنيةاختصاص قانون القاضي استنادا ل :المبحث الثاني

 

لتطبيق االستثنائي لقانون القاضيا: باب الثانيال

انون القاضي قبل تعيين القانون الواجب التطبيق لق ستثنائيالتطبيق اال: الفصل األول

تطبيق القانون األجنبي قبل الفصل في الدعوىاستبعاد : المبحث األول

قصور القانون األجنبي الواجب التطبيق: المبحث الثاني

لقانون القاضي عند النظر في الدعوى ستثنائيالتطبيق اال: الفصل الثاني

اإلحالة من الدرجة األولىاألخذ بنظام : المبحث األول

استبعاد تطبيق القانون األجنبي للمخالفة للنظام العام : المبحث الثاني

الدفع بالغش نحو القانون: المبحث الثالث

. خاتمة

 

 

 

Page 10: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

9  

 

 

 

 

 

الباب األول

لقانون القاضي التطبيق الحصري

كما هو معلوم يحتوي القانون الخاص في كل دولة على قواعد انفرادية تنتمي

لقانون القاضي وضعت في األصل لتنظيم العالقات الداخلية، لكن هناك قواعد صفتها

اآلمرة تقتضي امتداد تطبيقها أيضا على الروابط الخاصة الدولية، والتي تساهم في

عات الخاصة الدولية، إذا ما قورن بمركز زضي في حكم المناترجيح مركز قانون القا

القانون األجنبي الذي يطبقه نفس القاضي، ويكون هذا االمتياز التطبيقي ناتج عن الصلة

الوطيدة التي تربط هذا القانون بالمسألة محل النزاع، كما أن الطبيعة الخاصة لتلك

ة ارتباط العالقة بالعنصر األجنبي يثور المسألة تجعلها تنحاز إلى هذا القانون، ونتيج

التزاحم بين هذين القانونين بغية االستئثار بحكم المنازعة، إال أن بعض تلك

المنازعات، كما سنرى الحقا، ينعقد االختصاص في مقام التطبيق لقانون القاضي

.الوطني باعتباره القانون صاحب االختصاص األصيل لتلك المنازعة

تضمنها القانون يمكن القول بأن القواعد االنفرادية التي وعلى ضوء ذلك ي

الدولي الخاص يمكن تسميتها بقوانين الالمزاحمة، وهذا التحديد السابق للقانون الواجب

جعلنا أمام تنازع بين قانون القاضي والقانون األجنبي بالمعنى المعروف في يالتطبيق ال

ذات عنصر أجنبي، كارتباط المسألة محل رغم أن المنازعة . إطار القاعدة الثنائية

Page 11: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

10  

ولوية النزاع ارتباطا وثيقا بكيان النظام القانوني الوطني، فوصف القوانين صاحبة األ

في التطبيق على المنازعات الخاصة الدولية بأنها قوانين ذات تطبيق مباشر أو فوري

ن القاضي يعرف فالتطبيق االنفرادي لقانو ،التي تحدد بذاتها مجال تطبيقها المكاني

لحاالت التي تتحرك فيها ابالهدف الذي يسعى إلى تحقيقه، وسنرى من خالل دراستنا

فنقطة االتصال هذه قد تكون ذات طابع ،لحكم المنازعة المطروحة ،تلك القوانين

شخصي يتمثل في كون جنسية أحد أطراف النزاع ذو الطابع الدولي هي جنسية دولة

ود المال المتنازع عليه في هذا االقليم، أو كمسألة اضفاء القاضي، أو في أحوال وج

.الوصف القانوني على العالقة والمعروفة بمشكلة التكييف

االنفرادي االسنادوفي ضوء ما تقدم تدور دراستي في هذا الباب األول حول

هلقانون القاضي بمقتضى وظيفته االصلية في حكم المنازعات الدولية الخاصة ونتناول

من في فصل في فصلين متتاليين، تطبيق قانون القاضي باعتباره قانون البوليس واأل

.أول، واإلسناد األحادي في قانون القاضي في فصل ثاني

منع من تحسم أو تالنزاع القواعد االنفرادية نجد أن طبيعة وهكذا ففي إطار

النفرادي قد ينجم عن البداية قيام أي تنازع بين القوانين بصددها، كما أن التطبيق ا

ذو الطابع الدولي كانتمائه إلى جنسية النزاع امتياز شخصي يتمتع به أحد أطراف

.قانون القاضي

هذه القواعد إنما تعبر عن وجود نطاق خاص يتمتع فيه قانون القاضي بامتياز

.في التطبيق بغض النظر عن أي قانون أجنبي

بضرورة وجود بعض القواعد )1(حديثوتأسيسا على ما تقدم فقد اعترف الفقه ال

القانونية الداخلية التي تنتمي إلى قانون القاضي والتي وضعت في األصل لتنظيم

وأيا كان مراعاة طبيعتها اآلمرة امتداد تطبيقها . العالقات الداخلية والدولية على السواء

ن أيضا إلى العالقات الخاصة الدولية بضرورة الرجوع إلى التطبيق المباشر لقانو

                                                             محمود محمد ياقوت، قانون االدارة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق، الطبعة األولى، - )1(

8، دار الفكر الجامعي االسكندرية، ص 2003

Page 12: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

11  

القاضي، حيث يكون اختصاصه اختصاصا مبدئيا أصليا يقتضيه حماية النظام القانوني

.الوطني بأسسه المختلفة

. )1(وهكذا عرفت هذه القوانين ذات الصدارة بالقوانين ذات التطبيق الضروري

مس في واقع يترمي إليه والذي لذيوعلى ذلك فهذه القوانين يمكن قياسها بالهدف ا

مقتضياته المختلفة سياسية واقتصادية واجتماعية، بيم القانوني لبلد القاضي األمر التنظ

فحماية هذه المقتضيات تتطلب تطبيق القواعد الوطنية دون تزاحم ومن ناحية أخرى

فإن ضابط االسناد الفردي الذي تتضمنه القواعد االنفرادية يجعل القاضي المختص

.تويه العالقات الخاصة الدوليةعن أي عنصر أجنبي تح نظربالنزاع يغض ال

وعلى هذا األساس فسوف نخصص فصال مستقال لكل من تلك االعتبارات

المختلفة الساعية إلى التطبيق األصلي لقانون القاضي وذلك في ضوء ما أورد المشرع

.الجزائري من نصوص

إن مشكلة مناهج تنازع القوانين في الوقت المعاصر، من أهم مشاكل القانون

دولي الخاص، التي شغلت أذهان الفقه في بلوغ نتيجة حاسمة بشأنها من عدم كفاية ال

المنهج التقليدي القائم على قاعدة التنازع المتعدية في تنظيم العالقات الخاصة الدولية

فع دلما قد يشوب هذا المنهج من قصور وجمود يؤديان به إلى نتائج غير مرضية، وقد

ى الحديث عما أسموه بأزمة المنهج التقليدي والمناداة بضرورة بعض الفقهاء إلبهذا كله

كوسيلة فنية لحل مشكلة التنازع بين القوانين، وإن كانت قاعدة التنازع هاالستغناء عن

ذات األصل السافيني مازالت بوصفها الوسيلة األساسية التي أثبتت فاعليتها في تنظيم

القانون الدولي الخاص الغالب على العالقات الخاصة الدولية، حيث إن ظل فقه

إخالصه للمنهج السافيني، إال أنه اعترف بالمنهج األحادي أو المباشر كعالج للتخفيف

من حدة االنتقادات التي وجهت للمنهج التقليدي وهو ما أدى إلى ظاهرة تعدد المناهج

منهج، أنه قد في القانون الدولي الخاص المعاصر، ولعل أبرز االنتقاد الموجه لهذا ال

غالى في االستجابة لالعتبارات الدولية على حساب المصالح الوطنية في معاملة                                                             

حسام الدين فتحي عبد اللطيف نصيف، مركز قانون القاضي في حكم المنازعات الخاصة - )1( .44جامعة عين الشمس، ص -الدولية، دراسة مقارنة

Page 13: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

12  

القانون الوطني والقانون األجنبي على قدم المساواة عن اسناد العالقة ذات العنصر

األجنبي من خالل ضابط اسناد محايد ال يلقى بال مضمون القانون المختص أو نتائج

.)1(تطبيقه على النزاع

ومن أجل تالفي هذه المغاالة اعترف الفقه الحديث بضرورة وجود القواعد

القانونية التي تنتمي إلى قانون القاضي والتي شرعت أصال لتنظيم الروابط الداخلية

والدولية على حد السواء ومراعاة طبيعتها اآلمرة امتداد تطبيقها أيضا إلى العالقات

لى المنهج األحادي أو التطبيق المباشر الذي يسمح الخاصة الدولية بضرورة الرجوع إ

بحل تنازع القوانين لصالح قانون القاضي على حساب القانون األجنبي، حيث يكون

. )2(مبدئيا أصليا تقتضيه مراعاة المصلحة الوطنية ااختصاص قانون القاضي اختصاص

لقانون حتى وإذا كان حسب بعض الفقهاء، يعتبر أن كل منهج يمنح االختصاص

.)3(المحايدة )السافينية(القاضي بعد استثناء على قاعدة التنازع الكالسيكية

وتعد األحادية في هذا اإلطار ذات طابع جزئي ألن إعمالها قاصر على فئة

معينة من القواعد القانونية تدخل فيها قواعد البوليس واألمن بصفة خاصة، حيث يتعلق

بكيان النظام القانوني الوطني بمقتضياته المختلفة األمر بمسائل ذات ارتباط وطيد

سياسية، واقتصادية واجتماعية هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن ضابط االسناد

الذي تتضمنه القواعد االنفرادية يجعل القاضي المختص بالنزاع بغض النظر منفردال

ب عليه أي أثر على عن أي عنصر أجنبي تحتويه العالقات الخاصة الدولية، وال يترت

النحو الذي تبدو فيه المنازعة وكأنها منازعة وطنية محضة، هذه القواعد التي تجعل

لقانون االسناد المنفردمن قانون القاضي يتمتع بامتياز في التطبيق، ويرتبط هذا

القاضي بطبيعة المسألة محل النزاع، وقد جاء في القانون المدني الجزائري جملة من

                                                             محمود محمد ياقوت، قانون االرادة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق، الطبعة األولى، - )1(

.07الجامعي، االسكندرية، ص ،دار الفكر 2003 أحمد عبد الحميد عشوش، تنازع مناهج تنازع القوانين، دراسة مقارنة، مؤسسة شباب الجامعة، -

.58، االسكندرية، ص 1989طبعة .08، ص المرجع السابقحمد ياقوت، محمود م - )2(

3- B. Audit, Droit inter. privé, 4e éd, 2006, Economica, Paris, P82-83. -P. Mayer et V. Heuzé, Droit inter. privé, 9e éd,2007, Montcherstien, Paris,n˚105,P82-83.

Page 14: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

13  

، 13، 10/2، 5، 9لقانونية التي قننها المشرع، منها ما هو وارد في المواد النصوص ا

، حيث ينيط االختصاص فيها للقانون الجزائري وحده اختصاصا قاصرا 20/2، 22/2

.دون مزاحمة من القانون األجنبي

، وتحيزه لها هفالمشرع يحدد عن طريق القواعد االنفرادية نطاق تطبيق قانون

إلى عدم توازي مصلحة الدولة األجنبية مع مصلحة دولة القاضي، وفي ايرجع أساس

ضوء ما تقدم وحسب ما جاء في القانون المدني الجزائري وفقا للمواد المشار إليها

أعاله، ارتأينا تخصيص دراستنا في هذا الباب للمركز الراجح لقانون القاضي

ذات التطبيق الضروري يتضمن القواعد )الفصل األول(، )االختصاص الحصري(

)5(، عمال بالمادة الخامسة )اختصاص قانون القاضي باعتباره قانون البوليس واألمن(

من القانون المدني، كما حرص المشرع على تنظيم عقود العمل، حيث أن القواعد

المنظمة لهذا العقد تعد من قواعد البوليس ذات التطبيق الضروري، باعتبارها قواعد

المؤرخ 90/11إلى حماية العمال وتأمين مستواهم االجتماعي، بقانون رقم آمرة تهدف

المتعلق بعالقات العمل 1990أبريل 21الموافق ل 1410رمضان عام 26في

كما نظم أيضا حماية المستهلك . الخ...20إلى غاية المادة 6السيما في المواد

المطبقة في مجال حماية المتعلق بالقواعد 09/03بنصوص آمرة، وذلك في قانون

1430صفر عام 29المؤرخ في منه )3(المستهلك وقمع الغش في المادة الثالثة

رمضان عام 16المؤرخ في 10/03وكذا أمر رقم . 2009فبراير سنة 25الموافق ل

المؤرخ في 69/22المعدل والمتمم لألمر رقم 2010غشت سنة 26الموافق ل 1431

والمتعلق بقمع مخالفة التشريع 1996يوليو سنة 9وافق ل الم 1417صفر عام 23

والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس األموال من وإلى الخارج في المواد من

03/04ونظم كذلك بمقتضى األمر رقم . )5(إلى المادة الخامسة )1(المادة األولى

والمتعلق 2003ة يوليو سن 19الموافق ل 1424جمادى األولى عام 19المؤرخ في

وكذلك القواعد . بالقواعد العامة المطبقة على عمليات استيراد البضائع وتصديرها

. المطبقة على عمليات التجارة الخارجية الخاصة بالسلع والخدمات

Page 15: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

14  

كما حرص المشرع على تنظيم العمليات المتعلقة بالصرف والنقد والقرض

26الموافق ل 1424ى الثانية عام جماد 27المؤرخ في 03/11بمقتضى األمر رقم

أفريل 14المؤرخ في 10-90للقانون رقم المعدل والمتمم 2003سنة أوت

-03يعدل ويتمم األمر رقم 2010أوت 26المؤرخ في 04-10واألمر رقم 1990

11.

وقواعد االسناد األحادية الجانب التي تسند كل من المسائل األولية لتحديد طبيعة

بل البحث عن القانون الواجب التطبيق والمتمثلة في مرحلة التكييف المادة محل النزاع ق

، كما ينجم االسناد األحادي عن امتياز شخصي يتمتع به أحد أطراف )ج.م.ق 09(

النزاع كانتمائه إلى جنسية دولة القاضي الجزائري وترجيح هذه األخيرة في حالة

د ينجم أيضا هذا التطبيق في تكييف ، وق)22/2المادة (تعددها ضمن جنسيات أجنبية

اج الذي وقواعد االسناد المفردة التي تسند الزو )20/2م (مشروعية الفعل من عدمه

وكذا أهلية المتعاقد األجنبي الذي يبرم تصرفا ماليا ) 13م(يكون أحد أطرافه جزائريا

.)10/2م (مع المتعاقد الوطني الجزائري

اآلمر كان المشرع الجزائري موفقا في اعتقادي في وأمام هذا التنظيم التشريعي

تكفل القواعد االنفرادية التي قررها لمعالجة هذه المسائل بقواعد األمن المدني الوطنية،

ومن ثم تحتم تطبيق القانون الجزائري في هذا الشأن، فتضمن رعاية المصالح

.الجوهرية التي ابتغاها المشرع من وراء هذا التنظيم

و أن سياسة المشرع الجزائري وحرصه على حماية المقدرات األساسية وقد يبد

لدولة القاضي يلمجتمعه جعلته يتأثر بالمبادئ الموضوعية السائدة في النظام القانون

.على حل مشكلة آلية تنازع القوانين كما سيتضح في هذا الفصل

Page 16: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

15  

 

 

الفصل األول

أمنبوليس واختصاص قانون القاضي باعتباره قانون

سبق أن بينا كيف تعرض منهج التنازع التقليدي للنقد بسبب إفراطه الناجم عن

معاملة القانون الوطني والقانون األجنبي على قدم المساواة، مما يؤدي أحيانا إلى تطبيق

القانون األجنبي على بعض الحاالت التي يتعين فيها ضرورة تطبيق القانون الوطني،

القصور وعدم اللجوء إلى قاعدة التنازع والبحث عما إذا كان هناك قانون ولتالفي هذا

وفكرة قوانين البوليس واألمن . للبوليس أو قاعدة ذات تطبيق مباشر يمكن تطبيقها

عندما تحدث -5-ليست فكرة جديدة فقد تضمنها القانون المدني الجزائري في المادة

يخضع كل :" ن، فجاء في نصها ما يليالمشرع الجزائري عن قواعد البوليس واألم

".سكان اإلقليم لقوانين الشرطة واألمن

Page 17: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

16  

وعلى هذا النحو ومن أجل تالفي هذه المغاالة كما أسلفنا سابقا اعترف الفقه

وجود بعض القواعد القانونية التي تنتمي إلى قانون القاضي أو إلى قانون بالحديث

امتداد سريان يكانت مراعاة طبيعتها تقتض أجنبي أصال لتنظيم الروابط الداخلية، وإن

وهذا هو التطبيق المباشر لما يطلق عليه . )1(تطبيقها إلى العالقات الخاصة الدولية

وهكذا فقد ظهرت الحاجة إلى . )2(القواعد ذات التطبيق الضروري أو قواعد البوليس

همية بعض تطبيق قواعد البوليس واألمن حينما شعرت مختلف األنظمة القانونية أ

المسائل ذات المساس بكيان الدولة االجتماعي واالقتصادي، فرأت إخضاعها لقانون

وفي ضوء ما تقدم يمكن أن . القاضي مستبعدة في ذلك تطبيق أي قانون آخر محله

نصل إلى محاولة تعريف قواعد البوليس واألمن مع إبراز تلك التي تعود لقانون

المفاهيم التي تتقارب معها بالتركيز على فكرة القاضي مباشرة وتمييزها عن بعض

 .النظام العام في هذا الفصل، ثم محاولة توضيح المعايير التي تحددها

المبحث األول

تعريف قواعد البوليس واألمن

مع انتصار الفكر االشتراكي في الربع األول من القرن العشرين مما أدى إلى

االجتماعي واالقتصادي، فإن هذا التدخل كانت له آثاره إبراز دور الدولة في التوجيه

على صعيد القانون الدولي الخاص باعتباره قانون العالقات الخاصة الدولية للحد من

حقوق وحريات األفراد بالقدر الالزم لتغليب المصلحة العامة وحماية الطرف الضعيف

.والقضاء على آثار المذهب الفردي

بق الذكر في الحياة االقتصادية جسد دورها في إصدارها مع تدخل الدولة كما س

لمختلف القوانين مثل قوانين الرقابة على العقود الخاصة باالئتمان والصرف والبنوك

                                                             .8محمود محمد ياقوت، المرجع السابق، ص -)1(

2-Francescakis Phocion, quelques précisions sur les lois d'application immédiate et leurs rapports avec les règles de conflits de loi, Rev.crit, 1966, P1 et s.

Page 18: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

17  

والتشريعات الضريبية والقوانين الخاصة بحماية المستهلك والمسائل المتعلقة بعالقات

الخاصة بحماية القصر العمل والضمان االجتماعي وقانون األسرة والتشريعات

. )1(وناقصي األهلية والقوانين المتعلقة بحماية أمن البلد

هذا التدخل التشريعي سواء في الحياة االقتصادية واالجتماعية اقتضى إخضاع

المسائل التي تناولتها هذه القوانين مباشرة للقانون الوطني سواء كانت ذات طبيعة

.)2(وطنية أم تضمنت عنصرا أجنبيا

وهنا ظهرت فكرة القواعد ذات التطبيق الضروري قواعد البوليس كعالج

لمغاالة منهج قواعد االسناد في االستجابة لالعتبارات الدولية على حساب المصالح

. )3(فترض مسبقا انتفاء أي ضرورة لتطبيق قانون القاضييالوطنية كون هذا األخير

ار القانون األكثر اتصاال بالعالقة، وهو ما فعندما يلجأ القاضي لهذا المنهج يقوم باختي

.يقوده إلى نوع من االعتدال في معاملته للقانون األجنبي

ولعل هذا يدعونا إلى التعرف على المقصود بقواعد البوليس في مجال التنازع

بين القوانين فيقصد بها تلك القواعد التي تنطوي على التدخل المتزايد للدولة في مجال

.)4(لخاص، أما بالنسبة لقواعد األمن فيعبر عنها بالقوانين الجبائيةالقانون ا

القواعد الداخلية التي تتسم :" وعلى هذا النحو يمكن تعريف قواعد البوليس بأنها

في نطاق سريانها الذي روري على المراكز التي تدخل بطابع آمر يفرض تطبيقها الض

سواء كانت هذه المراكز ذات طابع كهاإدراالى يتطلبه مضمونها واألهداف التي تسعى

أو اتسمت بالصفة الدولية فهي على هذا النحو تجلب االختصاص الدولي تداخلي بح

مساس من ما لها بللنظام القانوني الذي تنتمي إليه دون حاجة إلى قواعد تنازع القوانين

. )5("بالتنظيم السياسي واالقتصادي واالجتماعي للدولة

                                                             .17محمود محمد ياقوت، المرجع السابق، ص -)1( .18المرجع السابق، ص - )2( .61-60المرجع السابق، ص أحمد عبد الحميد عشوش، - )3(

4 - Francescakis Phocion, op.cit, P13. 5-Francescakis Phocion, op.cit, P 13.

Page 19: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

18  

تختلف عندما يتعلق األمر بقوانين البوليس، حيث تغدو المشكلة فنقطة البداية

التي يتعين مواجهتها في تحديد مجال التطبيق المكاني للقانون الوطني لدولة ما بمعرفة

.)1(ما إذا كان يمكن اعتبار هذا القانون من قوانين البوليس وبالتالي وجوب تطبيقه حتما

 النظام العام وليس منمدى اعتبارقوانين الب: المطلب األولLois de police et lois d'ordre public

 يرى أغلبية الفقهاء أن اصطالح القواعد ذات التطبيق الضروري ينطوي في

مفهومه على كافة القواعد المباشرة، وذلك على عكس ما ذهب إليه أحد الفقهاء الذي

القواعد ذات التطبيق ول على قواعد البوليس دون غيرها من يرى قصر االصطالح األ

وجد صعوبة في استخدام اصطالح النظام العام كمرادف لقواعد تالمباشر، وإن كان ال

، إال أنه يميل أكثر إلى استعمال تعبير قواعد ذات التطبيق الضروري )2(البوليس

فاالصطالحان مترادفان يكمل أحدهما اآلخر، فالقانون الضروري يكون كذلك ألنه

ويرى جانب ،بالنظام العام وألنه من النظام العام فهو ضروري التطبيققانون يتصل

الل مصطلح النظام العام الوقائي كمرادف لقواعد البوليس بينما يرى حآخر من الفقه ا

اتجاه آخر من الفقهاء احالل مصطلح النظام العام التوجيهي كمرادف لهذه القواعد

مصطلح النظام العام وفكرة االقليمية وقواعد ومهما كان موقف هذه اآلراء فإن استخدام

القانون العام من ناحية أخرى في حد ذاته قد يؤدي إلى الخلط بين قواعد البوليس

.وقوانين النظام العام على حد هذه التسمية، وبين فكرة الدفع بالنظام العام

عن مدرسة الفقيه هفي حد ذاته فقد ورثنا" قواعد النظام العام"أما مصطلح

الذي كان ال يفرق بين قواعد النظام العام والدفع بالنظام Mancini)3(االيطالي مانشيني

lois d'ordre publicالعام، فكان يجمع بين قواعد البوليس والدفع بالنظام العام

                                                             .61أحمد عبد الحميد عشوش، المرجع السابق، ص - )1( .61محمود محمد ياقوت، المرجع السابق، ص - )2( نقال عن هشام علي صادق، المرجع السابق، راجع - )3(

Mancini, de l'utilité de rendre obligatoires pour tous les états, sous la forme d'un ou plusieurs traités internationaux, un certain nombre de règles générales du droit inter. privé pour assurer la décision uniforme des conflits entre les différentes législations civiles et criminelles, Clunet 1874 P 221 et s, spec, P295 cité par Heuzé, op.cit, P 180 note 111.

Page 20: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

19  

التطبيق الذي قال أن Sperdutiمثل الفقيهوسايره بعض الفقهاء . )1(في فرنسا Pilletوبييه

Lois d'applicationالمباشر لقواعد البوليس تعد مظهرا من مظاهر النظام العام الداخلي

sont des loisd'ordrepublic .)2(

ففكرة النظام العام فكرة قديمة بدت مالمحها لدى فقهاء مدرسة األحوال االيطالية

لنظام العام كأداة الستبعاد يكن معروفا دور ا القديمة ثم لدى الفقيه مانشيني بعد ذلك، فلم

القانون األجنبي الذي أشارت باختصاصه قاعدة االسناد في ذلك الوقت، حيث أن فكرة

النظام العام قد استخدمت كبديل للفكرة المسندة في التنظيم الحالي للتنازع بين القوانين

.)3(وذلك لتبرير تطبيق القوانين تطبيقا اقليميا

ال يجد إشكال في استخدام اصطالح النظام العام، وإن كان صاحب هذا الرأي

غير أنه يميل أكثر إلى استعمال تعبير قواعد التطبيق الضروري، فيقول ان

.المصطلحان مترادفان يكمل أحدهما اآلخر

وطبقا لهذا الرأي، فإن قواعد النظام العام التي تنتمي لقانون القاضي يستلزم

والتصرفات القانونية التي تتم في اقليم دولة التصدي إلعمالها على كافة الوقائع

القاضي، وعلى كافة األشخاص المقيمين فيها أو األموال الموجودة بها على حسب

.األحوال دون اعتداد بما قد تشير به قواعد التنازع من اختصاص لقانون أجنبي

عكس قواعد البوليس التي يتطلب تطبيقها وجود الصلة العقالنية التي تربط

مضمونها وأهدافها من جهة، وبين نطاق سريانها من جهة اخرى، فتلك الصلة تبرر

أهم الخصائص التي تميز قواعد البوليس، فيكون بذلك مفهوم النظام العام أوسع من

.)4(مفهوم قواعد البوليس

                                                            1 - Pillet A., Principes de droit inter. privé, Paris Pédone 1903, P 202. 2 -B. Sperduti, Les lois d'application nécessaire en tant que lois d'ordre public, Rev. Crit, 1977,P 257 et s.

وفي هذا المعنى يقرر المؤلف أن تطبيق قواعد البوليس على العالقات الخاصة الدولية يرجعها إلى تعلقها بالنظام داخلي ونظام عام دولي في مفهوم في هذا الصدد التمييز بين نظام عام العام الداخلي، بل أن األمر ال يتحمل

.القانون الدولي الخاص .299، ص 1993هشام علي صادق، تنازع القوانين، منشأة المعارف، االسكندرية، سنة - )3(

4- Francescakis Phocion, op.cit, (1969), n˚11, P 497.

Page 21: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

20  

فقواعد البوليس، عكس قواعد النظام العام، ال تطبق تلقائيا نظرا لمضمونها

يها، فهي قواعد ترمي إلى تنظيم عالقات تسعى من خاللها حماية والقيم التي تحم

األهداف السياسية واالجتماعية واالقتصادية للدولة، وهذا ما يقصد بالرابطة العقالنية

. )1(بين قواعد البوليس والدولة التي أصدرتها

أصال،" قواعد النظام العام" وعلى أية حال، فقد ثم هجر فكرة وجود ما يسمى ب

إذ أن لهذا األخير مفهوما واسعا يتعدى مجاله مضمون القواعد الوضعية، وحتى يمكن

استخالصه من مبادئ غير مكتوبة، كما أن دوره ال ينحصر في جعل التطبيق المباشر

.)2(لقانون القاضي في استبعاده للقانون الواجب التطبيق لما أشارت إليه قاعدة االسناد

النظام العام، عكس قواعد البوليس ال تتجاوز تطبيقها إضافة إلى أن نطاق قواعد

، أي أنها تنطبق على المسائل التي تدخل في )3(اقليم الدولة التي أصدرتها دون سواها

.نطاق تطبيقها دون اهتمام بالمراكز التي تخرج عن هذا النطاق

مقارنة قواعد البوليس بما يشابهها من القواعد األخرى: المطلب الثاني

سبقت االشارة إلى أنه لو كان األصل أن يطبق القاضي على العالقات ذات

الطابع الدولي القانون الذي تشير قواعد التنازع باختصاصه، فإن ثمة قواعد تنتمي

لقانون القاضي وضعت في األصل لتنظيم العالقات الداخلية ولكن صفتها اآلمرة قد

وهذه القواعد . لروابط الخاصة الدوليةبلغت حدا تقتضي امتداد تطبيقها أيضا على ا

األخيرة هي التي أصطلح على تسميتها بصفة خاصة بالقواعد ذات التطبيق المباشر،

على يد الفقيه الفرنسي اليوناني األصل 1958وظهر هذا المصطلح ألول مرة عام

فراسكاكيس، الذي أراد بهذا االصطالح تلك القواعد التي ال يستلزم تطبيقها على

                                                            1-Pierre Mayer, N˚ Loi de police, Répertoire de droit inter., Dalloz (1998), n˚2 P 1. 2- Francescakis Phocion, op.cit, (1969), n˚112, P 479. 3- Pierre Mayer, op.cit, Dalloz (1998), n˚2 P 1.

Page 22: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

21  

العالقات الخاصة الدولية الرجوع لقواعد التنازع هذا من جهة، ومن جهة اخرى فلقد

جاء الفقيه بهذا االصطالح لكي يجمع تحته قواعد البوليس مع قواعد النظام العام لتفادي

.)1(الغموض والصعوبة التي واجهت القضاء للتمييز بينهما

وقد انتقد البعض هذه التسمية على أساس أنها تثير اللبس وتوحي بأن األمر

يتعلق بمشكلة تنازع القوانين من حيث الزمان، بينما المقصود في هذا المقام هو تنازع

نفسه مما دعاه Francescakisالقوانين من حيث المكان، وهو األمر الذي اعترف به

هذا من )2( استخدام مصطلح قوانين البوليسإلى التراجع عن هذا االصطالح مفضال

من جهة أخرى فإذا كانت قواعد البوليس تعد بال شبهة من القواعد ذات التطبيق و جهة،

المباشر، فإن العكس غير صحيح ألنه من العسير أن نسلم باعتبار كافة القواعد ذات

. )3(التطبيق المباشر من قواعد البوليس

القاعدة بأنها من قواعد البوليس أن يكون مشرعها وأساس ذلك ال يكفي لوصف

قد أراد اعمالها على نحو مباشر بنص صريح، ألنه كثيرا ما يتوسع هذا األخير في

نطاق تطبيق قانونه ألسباب متنوعة على نحو يخل بالتوازن المطلوب بين مجال تطبيق

ر في هذه القاعدة قانونه الوطني وغيره من القوانين األجنبية، وإنما يجب أن يتوف

.)4(اإلضافة إلى إرادتها في انطباق الرابطة العقالنية بين مضمونها ونطاق تطبيقهاب

. حيث هي أهم ما يميزها ويمنحها على هذا النحو أساس تطبيقها الضروري

ومن أمثلة القواعد التي توسع مشرعها في اعمالها على نحو مباشر بنص صريح،

خاصة على مواطنيه أو توفير حماية لهم، ما ذهب إليه رغبة منه في فرض التزامات

المشرع اليوناني من إلزام مواطنيه الزواج في الشكل الديني، أو كما فعل المشرع

، فإذا كان )5(الهولندي حين فرض على مواطنيه إبرام وصاياهم في الشكل الرسمي

تطبيقا مباشرا إذعانا قضاء الدولة التي أصدر مشرعها مثل هذه القواعد ملزما بتطبيقها

                                                            1 -Francescakis Phocion, op.cit, n˚123, P 480. 2 -Francescakis Phocion, op.cit, n˚136, P 4980.

.56محمود محمد ياقوت، المرجع السابق، ص - )3(4 - P. Mayer, op.cit, n˚13, p 03.

.57محمود محمد ياقوت، المرجع السابق، ص - )5(

Page 23: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

22  

ألوامر مشرعه مع االعتداد برابطة الجنسية شرطا جوهريا إلعمالها، باعتبار أن

الجنسية اليونانية أو االسبانية للزوج تفرض عليه الخضوع للقاعدة التي تشترط الزواج

في الشكل الديني، والجنسية الهولندية تفرض عليه الخضوع للقاعدة التي تشترط إبرام

ايا في الشكل الرسمي، مع أن قواعد االسناد في قانون القاضي تشير باختصاص الوص

".Locus regitactum" القانون األجنبي قانون محل إبرام العقد

فمن أمثلة قواعد البوليس القاعدة القانونية التي تحظر على المتعاقدين االتفاق

على أداء الثمن على أساس سعر الفائدة تهدف إلى محاربة التضخم في الدولة، وهو ما

يبرر امتداد سريانها على كافة العقود التي ترتب آثارها في اقليم دولة القاضي ولو

غض النظر عن القانون الواجب التطبيق على هذه العقود كانت من العقود الدولية، وب

. بمقتضى قواعد االسناد

ولعل أصدق تعبير عن مبدأ تدخل الدولة في هذه المجاالت هو ما يسمى بقوانين

ولم يقتصر تدخل الدولة في المجال االقتصادي بل تجاوز ذلك إلى . التوجيه االقتصادي

تسعى دائما إلى إدراك المصالح الوطنية دون أن فقواعد البوليس، . المجال االجتماعي

يكون أهدافها رعاية مصالح التجارة الدولية عن طريق األحكام اآلمرة ومخالفتها يعني

.مخالفة هذه األحكام للنظام العام في قانون القاضي

:والقواعد ذات التطبيق المباشر ذات التطبيق الضروري قواعد البوليس

Les lois d'application nécessaires

إال )1(يميل جانب من الفقه إلى اعتناق اصطالح القواعد ذات التطبيق الضروري

أنه ال يجد اشكال في استخدام اصطالح النظام العام في نفس الوقت ينطوي في مفهومه

على كافة القواعد ذات التطبيق الضروري، فكل من المصطلحين مترادفين ويكمل

الضروري يكون كذلك ألنه قانون يتصل بالنظام العام وألنه من أحدهما اآلخر فالقانون

.)2(النظام العام فهو ضروري التطبيق

                                                            1 ‐ B. Sperduti, op.cit, P 257 et s 2 ‐B. Sperduti, op.cit, P 261.

Page 24: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

23  

الغالب ومن بينهم هشام علي صادق أن التطبيق الضروري الفقه في حين يرى

يرتبط بأساسه العقالني وليس لمجرد رغبة المشرع أو ارادته، وهو ما تبدو أهميته فيما

القانونيأي القانون هذا الوصف أجنبية ال تنتمي للنظام بلو كانت القاعدة الموضوعية

الق اصطالح القواعد ذات اط د االسناد وهذا ما دعى إلى عدمالمختص بمقتضى قواع

كمرادف )1(التطبيق المباشر مفضال استعمال مصطلح القواعد ذات التطبيق الضروري

لقواعد البوليس وحتى ال يؤدي تجاهل تطبيقها إلى تعذر تحقيق وظيفتها االجتماعية

.التي حددها لها مشرعها

ذات التطبيق القواعد"يرى الفقيه أحمد عبد الكريم سالمة أن تفضيل اصطالح

مرده أنه يكشف درجة " القواعد ذات التطبيق المباشر"عن اصطالح " الضروري

االلتزام التي تنطوي عليها هذه القواعد والتي تدفع القاضي إلى تطبيقها إذا توافرت

.)2(الصلة بين العالقة المطروحة وقانون القاضي

قواعد ترتبط في ويرى الفقيه هشام علي صادق أن عنصر الضرورة في هذه ال

الصلة العقالنية بين مضمونها ونطاق سريانها وذلك بصرف النظر عن انتمائها لقانون

.وأنا أميل إلى هذا الرأي )3(القاضي أو لقانون أجنبي

في أنه ال " القواعد ذات التطبيق المباشر"حيث وجه اعتراضه على مصطلح

ة القواعد التي يتوقف تطبيقها يصدق على قواعد البوليس فقط وإنما يتسع ليشمل كاف

على إعمال منهج التنازع غير المباشر مثل القواعد المادية في القانون الدولي

، بل وأيضا كافة قواعد القانون الداخلي التي أراد مشرعها أن تنطبق أيضا )4(الخاص

                                                             هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، منشأة المعارف، - )1(

.529، بند1995االسكندرية، .60نقال عن محمود محمد ياقوت، المرجع السابق، ص

أحمد عبد الكريم سالمة، القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد القانون العام في القانون - )2( نقال عن محمود محمد ياقوت، المرجع السابق، . 39الدولي الخاص، دار النهضة العربية، بند

.62ص  ، منشأة المعارف، هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية- )3(

.242، هامش 628ص االسكندرية، .627مرجع السابق، ص هشام علي صادق، عقود التجارة الدولية، ال - )4(

Page 25: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

24  

على العالقات الخاصة الدولية حتى ولو افتقرت إلى الصلة العقالنية التي تربط

ومن هنا كانت أفضلية اصطالح قواعد ذات . نها وأهدافها بنطاق سريانهامضمو

التطبيق الضروري كمرادف لقواعد البوليس على أساس أن الصلة العقالنية بين أهداف

.ضروريالونطاق تطبيقها هي التي تفرض اختصاصها

ولذا يقترح اإلبقاء على قواعد البوليس ألنه حسب رأيه أن كال من المصطلحين

" وظيفيين"هما مصطلحين " التطبيق المباشر"و" القواعد ذات التطبيق الضروري"

)Fonctionnels( ال يعبران عن طبيعة قواعد البوليس بل هما وصفين فمصطلح

، ومصطلح القواعد ذات )1(يصف طريقه انطباقها" القواعد ذات التطبيق المباشر"

ميل إلى ما ذهب إليه أالتطبيق الضروري يصف درجة االلتزام الذي ينطوي عليه فأنا

.تصنيف المصطلحينلالفقيه في تحليله

فهناك ما يسمى بالعقد المفروض والعقد الموجه الذي يخضع لألحكام اآلمرة في

.حسب نظام اإلسناد قانونا آخرولو كان القانون المختص به . )2(بلد اإلبرام أو التنفيذ

فمثل هذه القواعد تهدف إلى حماية مصالح الدولة وتنظيمها فمثال القاعدة

القانونية التي تحظر على المتعاقدين االتفاق على أداء الثمن على أساس سعر الذهب

تهدف إلى محاربة التضخم في الدولة، وهو ما يبرر امتداد سريانها إلى كافة العقود

ترتب أثارها في إقليم هذه الدولة حتى ولو كانت من العقود الدولية بصرف النظر التي

فقواعد . )3(عن القانون المختص بحكم هذه العقود بمقتضى قواعد اإلسناد المزدوجة

.البوليس تنطبق عمال بمبدأ اإلقليمية

هكذا تقتصر أهمية التفرقة بين قواعد البوليس والقواعد ذات التطبيق المباشر

على الفروض التي تنتمي فيها هذه القواعد األخيرة لقانون أجنبي غير مختص بمقتضى

قواعد التنازع المزدوجة، حيث أن قواعد البوليس دون غيرها من القواعد ذات التطبيق

                                                            1-Francescakis Phocion, op.cit, n˚124, P 480

تنازع القوانين دراسة (زروتي الطيب، القانون الدولي الخاص الجزائري، الجزء األول، - )2( .85، مطبعة الفسيلة، الجزائر، ص 2008الثانية، ، الطبعة )مقارنة

.67محمود محمد ياقوت، المرجع السابق، ص - )3(

Page 26: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

25  

المباشر قادرة على جلب االختصاص للنظام القانون الذي تنتمي إليه نتيجة الصلة

وأهدافها من ناحية ومجال تطبيقها المكاني من ناحية العقالنية التي تربط مضمونها

.)1(أخرى

ولعل هذه التفرقة بين قواعد البوليس وغيرها من القواعد ذات التطبيق المباشر،

جعلت جانب التي ونظرا لالنتقادات التي وجهت لهذه التسمية والسابق عرضها هي

لقواعد "كمرادف " الضروريالقواعد ذات التطبيق "آخر من الفقه إلى تفضيل اصطالح

لما تنطوي عليه من درجة اإللزام والتي تدفع القاضي إلى تطبيقها إذا توافرت " البوليس

.الصلة بين العالقة المطروحة وقانون القاضي

ويالحظ في هذا الصدد أن عنصر الضرورة في هذه القواعد يرتبط بالصلة

ف النظر عن انتمائها لقانون العقالنية بين مضمونها ونطاق سريانها، وذلك بصر

القاضي أو قانون أجنبي كما يراه بعض الفقه كي ال يؤدي تجاهل تطبيقها إلى تعذر

.تحقيق وظيفتها االجتماعية التي حددها لها مشرعها

وهكذا يتضح الفرق بين القواعد ذات التطبيق الضروري أو قواعد البوليس وبين

.معنى السابق تحديدهالقواعد ذات التطبيق المباشر وفقا لل

أنها هي القواعد الداخلية التي تتسم " قواعد البوليس"وبهذه المثابة يمكن تعريف

بطابع آمر يفرض تطبيقها الضروري على المراكز التي تدخل عقال أي االرتباط

العقالني بين مضمون القاعدة ونطاق تطبيقها سواء كانت هذه المراكز ذات طابع

بالصفة الدولية فهي على هذا النحو تجلب االختصاص الدولي داخلي بحث أو اتسمت

.)2(للنظام القانوني الذي تنتمي إليه دون حاجة إلى قواعد تنازع القوانين

ولعل هذا االرتباط العقالني بين مضمون القاعدة القانونية ونطاق تطبيقها هو

الصدد يؤكد بعض أهم ما ميز قواعد البوليس عن غيرها من قواعد القانون، وفي هذا                                                            1-P. Mayer, op.cit, n12, p 3.

.234هشام علي صادق، عقود التجارة الدولية، ص . راجع د - )2( :وأيضا

Pommier, Principe d'autonomie et loi du contrat en droit inter. privé conventionnel, thèse, Paris, n˚ 189.

Page 27: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

26  

تكمن في آليتها األحادية فقط وإنما وبصفة خاصة في ال ن ذاتية قواعد البوليس أالفقهاء

 .)1(الصلة التي تربط ما بين مضمونها ونطاق تطبيقها المكاني

المبحث الثاني

ةللقواعد ذات التطبيق الضروريدالضوابط المحد

الضروري البوليس واألمن ذات التطبيقهكذا وبعدما اتضح لنا مفهوم قواعد

المختلفة التي استعملها الفقه يمكننا أن نتطرق للضابط الواجب اإلتباع من بين الضوابط

.وصوال إلى تحديد هذه القواعد والكشف عنها بعد تشخيصها أو تكييفها

الذي يمكن بمقتضاه تمييز قواعد البوليس د اختلفت مناهج الفقه حول الضابطلق

قطعية رى، فهناك من يقول ال توجد ضوابطغيرها من القواعد القانونية األخعن

                                                            1‐ Fadallah Ibrahim, La famille légitime en droit international privé, Dalloz 1977, P 124.

، دار المطبوعات الجامعية، 2007نقال عن هشام علي صادق، عقود التجارة الدولية، طبعة .790االسكندرية، ص

Page 28: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

27  

Décisifs وفي هذا الصدد يقول الفقيه"Audit " البوليس ال يتم الكشف عنها أن قواعد

عامة ومهيأة مسبقا بل هي أحكام معتبرة لي وال يمكن تطبيقها وفقا لضوابطآ بضابط

آمرة دوليا نظرا لمضمونها والهدف الذي تسعى في النظام القانوني الذي تنتمي إليه

.)1(إليه

ولهذا قد يضطر القاضي أو المفسر لتحديد أو تشخيص هذه القواعد بما يؤدي

إلى عدم توقع الحلول القضائية بالتالي عدم استقرار المراكز القانونية وهذا ما جعل

تطبيق القواعد القانونية البعض من الفقه إلى اتخاذ التحديد التشريعي الصريح لنطاق

الشكلي، بينما رأى البوليس وهو ما يطلق عليه الضابطالعتبارها من قواعد اأساس

الفنية المألوفة في فقه القانون الدولي الفقه االستناد إلى بعض الضوابط جانب آخر من

هذه القواعد من واتجه فريق ثالث لتكييف . الخاص كركيزة للكشف عن هذه القواعد

العقالني اتجه فريق آخر إلى اتخاذ الضابط الغائية وأخيرا ل بعض الضوابطخال

.كأساس لتحديد قواعد البوليس

.المقترحة في ثالثة مطالب ونلخص هذه الضوابط

الشكلي لقواعد البوليس الضابط: المطلب األول

ذات التطبيق اعدة القانونية من قواعد البوليس تعد الق ،ذكرنا سابقاكما

)2(الضروري لو حرص مشرعها على تحديد نطاق سريانها المكاني على نحو صريح

                                                            1-"Les lois de police ne se découlent pas par la mise en œuvre d'un critère synthétique, et elles ne s'appliquent pas en fonction de critères généraux et prédéterminés, ce sont des Dispositions considérées dans l'ordre juridique dont elles émanent, comme Internationalement… impératives en fonction de leur teneur et de leur but, et leur application dans un cas donné en fonction des rattachements de l'espèce". B. Audit, op.cit n˚120,P12. 2-Graulich, Règles de conflit et règles d'application immédiate, melange Dabin, Paris, sirey 1963, T II, P 641 de novz.

Page 29: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

28  

إلى يضفدون حاجة إلعمال قواعد االسناد المزدوجة، حتى ولو كانت هذه القواعد ت

.)1(اختصاص قانون أجنبي في شأن المركز المطروح على القاضي

ى التحديد، فعلويعاب على هذا االتجاه أنه يخالف مقصود المشرع نفسه من هذا

قانون مدني فرنسي يعتبر )3/3(ما نصت عليه المادة سبيل المثال ووفقا لهذا الضابط

من قواعد البوليس حين نص فيها على تطبيق القانون الفرنسي على أهلية الفرنسيين

من نفس القانون حيث )3/1(ولو كانوا مقيمين في الخارج، وتنص أيضا المادة الثالثة

تطبيق قوانين البوليس واألمن على كل من يقيم :" األولى منها على تقضي الفقرة

ين يتبباإلقليم الفرنسي، حيث نلمس فيها عناية المشرع بتحديد نطاق تطبيقها المكاني، إذ

من هذه النصوص أن المشرع يوسع من نطاق تطبيق قانونه باعتبارها قواعد التنازع

، ال يتصور أن تكون كافة فهي ال تعد كذلكواألمن، المفردة الجانب قواعد البوليس

قواعد البوليس مفردة الجانب وال تتصور أن تكون كافة القواعد التي يتضمنها قانون

القاضي من قواعد البوليس، في شأن النقل البحري مثال من قواعد البوليس، وقد سبق

الذي حرص قانون مدني فرنسي تعد من قواعد مفردة الجانب و 16وأن رأينا المادة

كافة عمليات النقل البحري من و إلى الموانئ على على تحديد نطاق تطبيق قانونه

.الفرنسية

ولعل ذلك النقد هو ما دفع البعض إلى القول بأن تكييف القاعدة على أنها من

قواعد البوليس ال يترتب فقط على تحديد المشرع صراحة لنطاق تطبيقها وإنما أيضا

هذه القاعدة مجاال واسعا لالنطباق يزيد عن ذلك المترتب على على حرصه على منح

. )2(إعمال قواعد تنازع القوانين

ويعاب على هذا االتجاه أنه قد علق اكتساب القاعدة القانونية لوصف قواعد

البوليس على إرادة المشرع في تحديد نطاق تطبيقها في حين أنه من غير المعقول أن

.ن هذا التحديديكون هذا قصد المشرع م

                                                             .844المرجع السابق، ص هشام علي صادق، - )1(

2 - Loussouarn, Principaux courants du droit international privé à l'époque actuelle, Recueil, 1973, Vol 139-2, P 323.

Page 30: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

29  

وقد اتجه الفقه الحديث إلى التسليم باإلعمال األحادي لبعض القواعد األجنبية

حتى ولم تكن تنتمي للقانون المختص بموجب قواعد اإلسناد فليس هناك ما يلزم

القاضي في هذا الغرض باالنصياع للتحديد التشريعي لنطاق تطبيق القاعدة األجنبية ما

ير المعقول أن يتم هذا االعمال بناء على فمن غ البوليس،لم تكتسب وصف قواعد

عمال القاعدة األجنبية أن تكتسب وصف قواعد مجرد إرادتهما في االنطباق فيشير أل

فاعليته في هذه الحالة، لضروري، مما يفقد معه هذا الضابطالبوليس ذات التطبيق ا

للقاضي آخر لتحديد طبيعة القاعدة حتى يتسنى لذي يستدعي البحث عن ضابطاألمر ا

.)1(تطبيقها رغم عدم انتمائها للقانون المختص بموجب قواعد التنازع

جيب عن هذا التساؤل مستخدما بعض االفكار التقليدية يوقد حاول البعض أن

رة النظام العام وهذه هي الضوابطفي القانون الدولي الخاص مثل فكرة االقليمية وفك

.الفنية في تحديد قواعد البوليس

الفنية لضوابطتكييف قواعد البوليس وفقا ل: الثانيالمطلب

حاول جانب من الفقه أن يستند إلى طبيعة القاعدة محل الدراسة فأرجع فكرة

قواعد البوليس غير المعروفة إلى أفكار فنية مألوفة في فقه القانون الدولي الخاص

.كفكرة اإلقليمية وفكرة النظام العام

اإلقليمية ضابطتحديد طبيعة قواعد البوليس على أساس : الفرع األول

                                                            1- V. Heuzé, La réglementation Française des contrats internationaux, étude critique des méthodes, Thèse, G L édition Joly, P 176.

Page 31: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

30  

لتحديد قوانين لفرنسي إلى فكرة اإلقليمية كضابطحكام القضاء اأاستندت بعض

ح البوليس وأساس ذلك ما دامت قوانين البوليس ذات تطبيق اقليمي ومن ثم تصب

فبالرغم من أن ) 1(للكشف عن هذه القوانين وتحديدها االقليمية على هذا النحو ضابطا

هذه القوانين تحدد بذاتها المجال المكاني لتطبيقها إال أن اعمال مجال هذا التطبيق قد

ففكرة اإلقليمية تثير العديد من التساؤالت، ولها عدة . اقليمي ضابطيتحدد في ضوء

مفاهيم في القانون الدولي الخاص، هناك اإلقليمية المطلقة التي تبيح للقاضي تطبيق

قوانينه حصرا داخل حدوده الجغرافية دون غيرها من القوانين األجنبية األخرى على

كل األشخاص المقيمين فيها دون استثناء األجانب، لكن مبدأ اإلقليمية له عدة استثناءات

.حيث أن القانون الدولي الخاص يقوم بتطبيق القانون األجنبي وفقا لقاعدة إسناد محايدة

المطلقة التي تسمح للدولة باإلقليميةقليمية هو ما يسمى فهل المقصود باإل

باالقتصار على تطبيق قوانينها داخل حدودها الجغرافية مع عدم فسح المجال لتطبيق

أم أن المقصود هو تحديد ضوابط االسناد على أساس اقليمي مما )2(القانون االجنبي

اسناد الحق العيني على المال يتم ويؤدي إلى امكان تطبيق القوانين األجنبية كما ل

وطنهم أو تنفيذ العقد على هذا االقليم مشخاص وأهليتهم لقانون لقانون موقعه أو حالة األ

كلها قوانين اقليمية، ففكرة اإلقليمية ذات شكل متغير، ولعل ذلك هو التشابه الوحيد بينها

للبحث عن ضابط لتلك الفكرة مجدياوبين قوانين البوليس، ومن ثم ال يكون اللجوء

لتحديد قواعد البوليس، ولذلك فإن أهمية هذه األخيرة واألهداف التي تسعى إلى تحقيقها

.)3(تجعلها ضرورية التطبيق على كل التصرفات والوقائع التي نشأت خارج إقليم الدولة

للكشف عن قواعد تصلح ألن تكون ضابطا لكن فكرة اإلقليمية بهذا المفهوم ال

ك ليس كل قانون إقليمي بالضرورة من قوانين البوليس، قانون موقع المال البوليس كذل

حسب المثال السابق وإن كان يطبق إقليميا إال أنه ال يعد من قوانين البوليس فإن أي

.قانون اقليمي ليس بالضرورة من قوانين البوليس

                                                             .75محمود محمد ياقوت، المرجع السابق، ص - )1(

2-Francescakis Phocion, op.cit, n˚133, P 480 3-Deby Gerard, Le rôle de la règle de conflit dans le règlement des rapports internationaux, Thèse, Paris, Dalloz 1973, Bkl.dr.int. Pr. Vol XVI, n˚18.

Page 32: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

31  

وعلى العكس فقد يكسب القانون صفة قوانين البوليس رغم ما يتسم به من

تطبيق ممتد ومثال ذلك القواعد التي تحكم األحوال الشخصية تعد من القواعد اإلقليمية

وهو ما يفيد امتداد تطبيق هذا القانون على كافة المسائل المتعلقة باألشخاص ولو كانوا

خارج إقليم الدولة، وهذا ما يضفي الصفة اإلقليمية لقواعد البوليسوحسب رأي الفقيه

Francescakis حتى وإن كانت فكرة اإلقليمية بهذا المفهوم تثبت الصفة اإلقليمية لقواعد

.البوليس، فإنه يصعب الكشف عن قواعد البوليس في ضوء هذه الفكرة

لتحديد قوانين نتقد اتخاذ فكرة اإلقليمية ضابطاوهذا ما جعل الفقه المعاصر ي

رى عن طريق اللجوء البوليس لما يكتنفها من غموض وصعوبة تفسيرها محاولة أخ

.لفكرة النظام العام

لتحديد قوانين البوليسضابطالنظام العام ك: الفرع الثاني

ذهب جانب من الشراح وأحكام القضاء إلى تفسير ظاهرة قواعد البوليس في

ضوء فكرة النظام العام لتبرير التطبيق المباشر للقواعد اآلمرة في قانونه، دون حاجة

لهذا ايستوجب وجود أي صلة بين النزاع وقانون القاضي فوفقلمنهج التنازع ولم

. يكتفي القاضي بالوقوف عند الهدف االجتماعي للقانون المرتبط بالنظام العام الضابط

حتى وإن أشارت قاعدة التنازع إلى تطبيق القانون األجنبي، ولم تشترط وجود صلة

القاضي بالوقوف عند الهدف يكتفي ودولة القاضي، فوفقا لهذا الضابطبين النزاع

االجتماعي للقانون المرتبط بالنظام العام، وعلى هذا النحو استهدفت قواعد البوليس

صياغة المبادئ األساسية للجماعة الوطنية أي حماية األهداف السياسية واالجتماعية

. )1(واالقتصادية للدولة

جانبه التوقيف وينعت بالخطورة، فهو من ناحية يؤدي يونعتقد أن موقف القضاء

إلى اتساع مضمون فكرة قواعد البوليس ويؤدي من ناحية أخرى إلى زيادة غموض

ال تتطابق مع )قانون القاضي(ي القانون الوطني النظام العام، وكما هي مصاغة ففكرة

فعلى سبيل المثال فإن مفهوم قوانين البوليس، ومن ثم ال يمكن تسخيرها في هذا المجال

                                                            1- Francescakis Phocion, op.cit, n˚137, P 480

Page 33: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

32  

أحد ولالقوانين المتعلقة بالطالق تعد في القانون الداخلي من النظام العام، بينما لم يق

.أنها تعتبر من قواعد البوليس

وحتى في الحاالت التي تعد القواعد المتعلقة بالنظام العام من قواعد البوليس

االسناد، خاصة إذا كانت هذه يقتضي اعمالها على نحو مباشر ودون حاجة لقاعدة

القاعدة تنتمي إلى قانون القاضي والتي تلزم القاضي باحترام ارادة مشرعه وبصفة

.خاصة إذا تعلق األمر بقاعدة تتعلق بالنظام العام في دولته

وقد اتجه الفقه الحديث إلى إجازة التطبيق المباشر لقواعد البوليس األجنبية التي

العسير تفسير هذا صبح من أالمختص بمقتضى قواعد االسناد فقد ال تنتمي إلى القانون

جنبية أو في لى فكرة تعلق هذه القواعد بالنظام العام في الدولة األالوضع باللجوء إ

لذلك حرص الفقهاء على ابراز التفرقة بين النظام العام من ناحية ،القانون المختص

سبق الذكر، فإذا تبين للقاضي أن وبين الدفع بالنظام العام من ناحية أخرى كما

مضمون هذا القانون وآثار تطبيقه يتعارض مع المصالح الحيوية للدولة فعليه أن

يتصدى لتطبيق قواعد البوليس أو قواعد النظام العام تطبيقا مباشرا على المسألة التي

.)1(تدخل في إطار سريانها دون حاجة لاللتجاء لقواعد التنازع

كلتا الفكرتين تهدفان إلى صيانة المبادئ العليا في دولة القاضي فبالرغم من أن

. إال أنهما تختلفان من حيث طريقة اعمال وتوقيت كل منهما

لقواعد correctifإن الدفع بالنظام العام ليس في حقيقة األمر سوى دور عالجي

االسناد فال يعدو أن يكون طريقة الستبعاد القانون الواجب التطبيق الناجم عن إعمال

قاعدة التنازع، إذ يفترض األخذ بالنظام العام انعقاد االختصاص مبدئيا للقانون األجنبي،

ثم يتم استبعاده إعماال لتلك الفكرة ونفس األمر وعلى خالف ذلك بالنسبة لقوانين

التطبيق انعقاد االختصاص لقانون هذايث تطبق مباشرة دون أن يسبق البوليس ح

                                                            1- Chapelle, Les fonctions de l'ordre public en droit international privé, P 224 et s.

.856صادق، المرجع السابق، ص علي هشامنقال عن

Page 34: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

33  

، حيث يتدخل النظام العام لتحقيق تطبيق انفرادي لقانون القاضي دون االعتداد )1(أجنبي

بالعنصر األجنبي الذي يتضمنه هذا النوع من المنازعات حيث تبدو وكأنها منازعات

.وطنية محضة

إلى إجازة التطبيق المباشر لقواعد البوليس وقد اتجه بعض الفقه الحديث

األجنبية ولو لم تكن تنتمي إلى القانون المختص بموجب ضوابط االسناد، فمن العسير

.تفسير هذه المسألة باللجوء إلى فكرة تعلق هذه القواعد بالنظام العام في الدولة االجنبية

لعام في دولة وقد ذهب بعض الشراح إلى حد االعتراض على فكرة النظام ا

القاضي كمبرر للتطبيق المباشر لبعض القواعد اآلمرة التي تنتمي لهذه الدولة فتطبيق

عمال القانون األجنبي أهذه األخيرة ال يتأتى وفقا لهذا النظر، وإال فيما لو تبين أن

المختص بمقتضى قواعد االسناد يخالف هذه السياسة، ويتعارض على هذا النحو مع

م في دولة القاضي فاالستبعاد المسبق لقاعدة االسناد من خالل التطبيق النظام العا

المباشر لقواعد البوليس اآلمرة، فهو مسلك ينطوي على افساد آلليات التنازع دون

.)2(مبرر

فإذا كانت قوانين البوليس تنطبق مباشرة على العالقة التي تدخل في مجال

أحكام القانون المختص بمقتضى قواعد سريانها وذلك بصرف النظر عما تشير إليه

االسناد في دولة القاضي، فإن الدفع بالنظام العام ال يتم اللجوء إليه إال بعد إعمال قواعد

االسناد والتأكد من مضمون القانون األجنبي كما أسلفنا وتعارضه مع المبادئ األساسية

.صاص قانون القاضيفي قانون القاضي باإلضافة إلى ما يؤدي إلى التوسيع في اخت

وعلى هذا النحو فال يتصور إعمال الدفع بالنظام العام مع قواعد البوليس في

دولة القاضي فإن الدفع بالنظام العام ال يتم اللجوء إليه إال بعد إعمال قواعد االسناد

وتعارضه مع المبادئ األساسية في قانون القاضي باإلضافة إلى ما يؤدي إلى التوسع

.ص قانون القاضيفي اختصا

                                                             .69السابق، ص نقال عن أحمد عبد الحميد عيشوش، المرجع - )1(

2- V. Heuzé, op.cit, P 182-183. .861نقال عن هشام علي صادق، المرجع السابق، ص

Page 35: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

34  

وعلى هذا النحو فال يتصور إعمال الدفع بالنظام العام مع قواعد البوليس في

دولة القاضي في شأن النزاع المطروح ألن القانون الواجب التطبيق هو قانون القاضي

وليس قانونا أجنبيا، مما يفقد الدفع بالنظام العام في هذه الحالة غايته، ولذلك ال يمكن

المنهجين بطريقة جامعة، ألن إعمال أحدهما يستبعد اآلخر بالضرورة حيث إعمال كل

أن الدفع بالنظام العام يؤدي مباشرة الستبعاد القانون المختص بموجب قاعدة االسناد،

ضي إلى استبعاد قاعدة التنازع ذاتها في شأن ففي حين أن إعمال قواعد البوليس سي

أن الهدف الذي يسعى إليه كل من المنهجيين وإن كان صحيحا. )1(المسألة المطروحة

هو واحدا، وهو حماية المصالح العليا للمجتمع فإن الدفع بالنظام العام يحقق على هذا

النحو أدنى من الحماية لما يؤدي إليه من استبعاد ما يتعارض من أحكام القانون

يس حدا أقصى من األجنبي المختص من النظام العام، بينما يكفل تطبيق قواعد البول

. )2(الحماية لكونه سيعطل إعمال قاعدة التنازع من البداية

وإذا كانت قواعد البوليس وقواعد النظام العام يسعيان إلى تحقيق نفس الهدف

وهو حماية المبادئ األساسية للدولة فإنه يتضح لنا االرتباط والتشابه ما بين هاتين

الفقيه مانشيني كببعض كبار الفقهاء والخلط رتباط اآلليتين مع بعضهما، مما أدى هذا اال

".بقواعد النظام العام والبوليس"الذي اهتم كثيرا

الذي استند في تفسيره لقواعد النظام العام ما ورد في " Pilletبييه "وكذا الفقيه

المقابلة للمادة الخامسة من القانون المدني )3(المادة الثالثة من القانون المدني الفرنسي

الجزائري، وكذلك الحال بالنسبة للقضاء الفرنسي الذي كان يخلط حسب تحليلنا لهذه

القواعد يكمن في أن االختصاص القانوني يرجع دائما لقانون القاضي، وفي هذا الصدد

عد على إعمال فكرة تحليل قواعد البوليس على أنها مجرد آلية تسا Heuzéاقترح الفقيه

Une simple commodité pratique de fonctionnement de la thèse deالنظام العام

l'ordre public مما يسهل على الخصوم والقاضي البحث مطوال عن قانون أجنبي

                                                            1- V. Heuzé, op. cit, n˚ 407, P 181. 2-V. Heuzé, op. cit, P 183. 3- Pillet .A, Traité pratique de droit international privé, T1er librairie de la société du Recueil sirey, Paris 1923, N˚ 48, P 131.  

Page 36: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

35  

يعرفون مسبقا أنه يتعارض مع السياسة التشريعية للدولة فيؤدي تطبيقه إلى اإلخالل

النظام العام، وهو ما يفسر اإلعمال المزدوج لفكرة النظام العام بما بقاعدة البوليس و

يسمح بتطبيق قوانين أجنبية، وهكذا طبق مانشيني على سبيل المثال القواعد األجنبية

الخاصة بالمسؤولية التقصيرية عن الفعل المنشئ لاللتزام التقصيري تطبيقا مباشرا فيما

لة القاضي، وهو ما مهد له الطريق إلى التسليم بعد لو كان الفعل الضار قد تحقق في دو

. ذلك بتطبيق القانون االقليمي للدولة األجنبية التي وقع الفعل الضار على اقليمها

فقد ذهب البعض إلى االعتراض على استخدام النظام العام بمفهومها الحديث

ليس في قانون كأداة الستبعاد القانون األجنبي المختص لتبرير تطبيق قواعد البو

أن التطبيق المباشر لهذه القواعد األخيرة دون Francescakisالقاضي، حيث يرى الفقيه

االلتجاء إلى منهج التنازع يتضمن اقتصارا في اإلمكانات أو الوسائل

Economie de raisonnement.)1(المتاحة

يق المباشر أن االستبعاد المسبق لقاعدة االسناد خالل التطب Heuzéويرى الفقيه

لقواعد البوليس اآلمرة في دولة القاضي فهو مسلك ينطوي على افساد آليات التنازع

. )2(دون مبرر

ويالحظ أن الفقه والقضاء الفرنسي قد اعتبر أن كل القواعد التي تهدف إلى

حماية األهداف السياسية واالجتماعية واالقتصادية للدولة هي من قواعد البوليس حيث

ختلف من حيث تاألخيرة بالقوانين المتعلقة بالنظام العام غير طريقة إعمالهما شبه هذه

المصالح التي يسعى كل منهما إلى تحقيقها وحمايتها، فإذا كان الدفع بالنظام العام

يتدخل كوسيلة الستبعاد تطبيق القانون األجنبي الذي تشير إليه قاعدة التنازع

ر تطبيقه مع المصالح األساسية للدولة، فإن باختصاصه إذا تعارض مضمونه أو آثا

                                                            1-Francescakis Phocion, op.cit, n˚137, P 3. 2- V. Heuzé, op. cit, P 180.

Page 37: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

36  

قواعد البوليس تنطبق انطباقا مباشرا على النزاع المطروح دون حاجة إلعمال قاعدة

.)1(االسناد

إن قوانين البوليس عبارة عن نصوص تشريعية تطبق على العالقات الداخلية

يحرك كدفع قانوني والدولية على حد سواء دون تمييز في حين أن الدفع بالنظام العام

دون حاجة إلى نصوص تشريعية آمرة، إن قواعد البوليس تتصف بالكفاية الذاتية دون

.حاجة إلى النظام العام

كما أن قوانين البوليس واألمن مطلقة تقتضي التطبيق المباشر لقانون القاضي

ف باألثر ات عكس النظام العام الذي يجوز التخفيف من آثاره بواسطة ما يعرفدون تخفي

. )2(المخفف لفكرة النظام العام

وعلى هذا النحو يمكن التفرقة بين قواعد البوليس والدفع بالنظام العام من حيث

طبيعة المصالح الذي يسعى كل منهما إلى حمايتها، فيرى الفقه الحديث أن األول يهدف

لتكفل بحماية إلى صيانة المبادئ األساسية للجماعة الوطنية، أي وحدها قادرة على ا

األهداف السياسية واالجتماعية واالقتصادية للدولة والتي طالما تكفل بها الدفع بالنظام

تعرف قواعد البوليس بمفهومها الحالي، بينما تعمل بالدفع بالنظام العام أن العام قبل

على الدفاع على القيم المدركة عبر المصلحة الخاصة السيما من طرف الفقيهين

Lerebours pigeonnière وBatiffol وعلى ذلك يقول الفقيهRemy أن الدفع بالنظام

العام يجد اعتباراته في األخالق والعدالة والقانون الطبيعي بينما قواعد البوليس تجد

.اعتباراتها في السياسيات التشريعية للدولة

فلم يعد هناك مجال للخلط بين هذه Mayerوعلى هذا األساس وحسب الفقيه

عد اعتراف الفقه الحديث بإمكانية تطبيق قواعد البوليس األجنبية، حيث أن بالقواعد                                                             1-La première (l'exception d’ordre public) se verrait confier défense des valeurs appréhendées a travers le prisme de l'intérêt privé, tandis que les lois de police correspondant à la poursuite d'objectifs à caractère étatique. Cette dernière catégorie serait donc seule apte à prendre la charge "politique législative" dont la sauvegarde a été - avant que la notion de lois de police ait connu son essor contemporain-confiée à l'exception d’ordre public, notamment par Lerebours Pigeonniere et Batiffol", Remy Benjamin, exception d’ordre public et mécanisme des lois de police, RCDJP,2008, P717. 2- Remy Benjamin, op. cit, P 717.

Page 38: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

37  

الدفع بالنظام العام ال يمكن اثارته إال إذا تعارض مع األسس العليا لقانون القاضي،

ته قانون وهذا ما يؤكد منهج قواعد البوليس وإن أدى إلى تطبيق قانون القاضي بصف

بوليس فإنه ال يهدف إلى حماية القيم األساسية للجماعة الوطنية وإنما يهدف إلى ضمان

.)1(احترام نطاق سريانها لما تقتضيه األهداف التي تسعى إليها

وعلى أية حال فحسب االتجاه الذي ربط بين النظام العام وقواعد البوليس كان

مسبقا أن تعلق هذه القواعد بالنظام العام يستوجب محال لنقد البعض على أساس أنه قدر

تطبيقها المباشر دون اللجوء إلى اعمال قواعد االسناد والتي تشير باختصاص قانون ال

.يتعارض والنظام العام

وبهذه المثابة يؤدي هذا االتجاه إلى خلق دور جديد للنظام العام يختلف عن دوره

.المألوف في القانون الدولي الخاص

باإلضافة للدور العالجي للنظام كوسيلة تتحقق من خاللها حماية المبادئ العليا، و

يصبح للنظام العام أيضا دور وقائي يكفل الحماية المتطلبة للسياسة التشريعية التي

يسعى المشرع إلى ادراكها، وذلك عن طريق االعمال المباشر لبعض قواعد القانون

.)2(قواعد االسناد الداخلي دون حاجة لاللتجاء إلى

هناك جانب من الفقه يتصور أن قواعد البوليس والدفع بالنظام العام يلعبان نفس

.)3(الدور ووظيفتهما متشابهة

لتحديد ناد إلى فكرة النظام العام كضابطوبهذه المثابة يصبح من العسير االست

ل للتطبيق يعجز عن تقديم تفسير مقبو البوليس خاصة وأن مثل هذا الضابطقواعد

األحادي للقواعد األجنبية ذات التطبيق الضروري التي ال تنتمي للقانون المختص

.بمقتضى قواعد التنازع في دولة القاضي

                                                            1-Mayer Pierre, po.cit, P 4.

.81محمود محمد ياقوت، المرجع السابق، ص - )2(3- Graulich, op.ci, P 634. Où il signale que les règles de police comme exception d’ordre public telle qu'elle est Généralement comprise, jouent un rôle assez similaire.

Page 39: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

38  

.الغائية قه إلى االستناد إلى بعض الضوابطولعل هذا ما أدى بجانب آخر من الف

الغائية الضوابطتحديد قواعد البوليس على أساس : المطلب الثالث

الغائية لتحديد قواعد الفقه لالستناد على بعض الضوابط ذهب اتجاه آخر من

مصلحة الدولة الذي اعتمده بعض الفقهاء يس ذات التطبيق الضروري مثل ضابطالبول

في )2(Francescakisأو معيار تنظيم الدولة الذي نادى به الفقيه )Arminjon)1مثل الفقيه

مرحلة الحقة هي تلك القواعد التي تسعى إلى حماية التنظيم السياسي واالجتماعي

:فيما يلي وسوف نتعرض لهذه الضوابط. للدولةواالقتصادي

)قواعد البوليس تعكس الجو السياسي(مصلحة الدولة ضابط: الفرع األول

القوانين السياسية بأنها تلك القوانين التي يتعين البوليس بأنها لقد عرف الفقيه

بالنظر إلى الهدف التي تسعى إلى تحقيقه لما تحققه من قوانينArminjonتطبيقها دائما

مصلحة الدولة وهو حماية كيان المجتمع الوطني بأسسه المختلفة، ومن ثم ال يمكن أن

القوانين فإنه يتعين تطبيقها تكون محال إلعمال منهج التنازع فإذا ما جرى العمل بهذه

على جميع األشخاص وعلى كافة التصرفات وعلى مختلف الوقائع القانونية الصادرة

.بشأنها

ومما يصدق هذا النظر، إيمان البعض بوجود هذا النوع من القوانين السياسية،

التي تعد أول من أبرز القوانين السياسية قائال بأنها تلك القوانين Arminjonوكان الفقيه

                                                            1-Arminjon, Les Lois politiques et le droit inter. privé, Rev, DI, 1930, P 385. 2 -Francescakis Phocion, op.cit, P478 et s.

Page 40: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

39  

بمثابة استثناء يلحق المبادئ والقواعد القانونية لصالح الدولة ذاتها أو لصالح حزب أو

.)1(طبقة أو حتى مراعاة لمعتقدات وأفكار معينة

وعلى هذا النحو فقد استخدمت فكرة مصلحة الدولة كظرف اسناد ضمني لقانون

.القاضي وحده لرفض تطبيق القوانين التابعة لدولة أجنبية

ومما يؤكد صدق هذا النظر يرى الفقه أن استئثار قانون القاضي بحكم النزاع

الخاص الدولي بالنظر إلى الهدف الذي يسعى إلى حمايته، وهو صيانة كيان المجتمع

الوطني بأسسه المختلفة، يفرض أن يكون لهذا النزاع حال أقرب إلى الحل السياسي منه

ل معها المخاطرة باستبعاده بتحريك قاعدة تنازع ، مما يستحي)2(إلى الحل القانوني

. القوانين

وتتجلى الصعوبة عند التمييز بين القوانين التي تتسم بالطابع السياسي، حيث أن

كل قانون يستهدف في الواقع هدفا سياسيا فاالختالف بين قانون وآخر في الطبيعة بقدر

.)3(ما هو اختالف في الدرجة

فالقوانين السياسية أو قوانين البوليس تعبر عن فكرة االقليمية ومن ناحية أخرى،

ة التي ال يتصور في اطارها قيام التنازع بين القوانين، وهو األمر الذي يخل تالبح

بالتنسيق المتطلب بين النظم القانونية المختلفة والتي تسعى قواعد االسناد المزدوجة إلى

لمميزة للقوانين السياسية هي حماية مصالحها ادراكه ويرى بعض من الفقه أن الصفة ا

ومن ناحية . )4(ومحاربة مصالح دولة أجنبية عن طريق التزامها السياسي بهذه القوانين

أخرى، وبهذه المثابة، تعجز هذه األفكار عن تفسير االتجاه المعاصر نحو التطبيق

                                                            1-Les Lois qui font exception aux principes et aux règles du droit dans l'intérêt de l'état, D’une classe, Voir de certaines croyances ou idées.

ي تأكيد فكرة الحل السياسي لمشكالت القانون الدولي الخاصراجع في هذا المعنى وف - )2(Niboyet, note sous, semie 17 mars 1948, R C D I P, P 115 et s. Louis Lucas, La dévolution de la compétence du droit français dans le règlement des conflits de lois, Melanges Rejert T I, 1950, P 251 et s.

.89محمود محمد ياقوت، المرجع السابق، ص - )3(4-" Engagement politique dans le dessein de combattre des intérêts d’une autre entité politique". Bostanji Sami, La cour de cassation tunisienne à l'épreuve des lois politiques réflexion à propos de l'arrête N˚7116 du 26 avril 2005, Revue inter.2007, London, n˚4,515.

Page 41: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

40  

تص بمقتضى قواعد المباشر لقواعد البوليس األجنبية سواء كانت تنتمي للقانون المخ

.االسناد أو قانون غير مختص بموجب هذه القواعد

تحكم لفإن فكرة القوانين السياسية في حد ذاتها فكرة غامضة تترك مجاال واسعا

تجلى ذلك بوضوح أكثر بعد ازدياد مبدأ تدخل الدولة في العالقات يالقضاة، و

لقوانين التي تحقق المصالح االجتماعية واالقتصادية، لم يعد من اليسير الفصل بين ا

الخاصة وتلك التي تسعى إلى ادراك المصلحة العامة ولعل ذلك ما دفع

.تنظيم الدولة لتحديد قواعد البوليس إلى اعتناق ضابطFrancescakisاالستاذ

تنظيم الدولة ضابط: الفرع الثاني

ربط بين القواعد ذات التطبيق المباشر Francescakisلقد سبق القول أن الفقيه

قد وسع من هوبين فكرة النظام العام، إال أنه في مرحلة الحقة من مراحل تطور فكر

القواعد ذات التطبيق المباشر لتشمل قواعد البوليس وغيرها من القواعد التي ال يتوقف

التنظيم والمجال ألن ذاتية هذا . تطبيقها على إعمال قاعدة أو منهج التنازع المزدوج

الطبيعي لسريانه يحتم عدم تدخل عنصر أجنبي وهو ما يحتم تطبيق القواعد الوطنية

.دون تزاحم

وعلى هذا النحو نجد الفقيه يستند إلى فكرة تنظيم الدولة، حيث عرف القواعد

تلك القواعد التي ينبغي مراعاتها من أجل حماية التنظيم :" ذات التطبيق المباشر بأنها

المميز لها في فكرة تنظيم واالقتصادي للدولة ويتمثل الضابطسياسيواالجتماعي ال

.)1("الدولة

                                                            1 -"Lois dont l'observation est nécessaire pour la sauvegarde de l'organisation politique sociale et économique du pays, leur caractère distinctif réside dans cette idée d'organisation ".Francescakis Phocion, op.cit, P 480.

Page 42: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

41  

غائي آخر، ومع ذلك فهو ال ويتميز هذا الضابط بأنه أكثر اتساع من أي ضابط

يشمل كافة القوانين التي تعد من قوانين البوليس، لذا يورد هذا الفقه أمثلة لقوانين

.ها تدخل أحد سلطات الدولةبوليس ال يستوجب إعمال

فإذا كانت القوانين ذات التطبيق المباشر تعكس التنظيم في الدولة كما سبق وأن

.ذكرنا مما يحتم تطبيقها الحصري ألن طابع التنظيم فيها ال يقبل تدخل قانون أجنبي

األمر الذي يؤدي إلى توسيع نطاق القواعد ذات التطبيق المباشر ويؤدي

ا إلى اتساع دائرة قانون القاضي، حيث انها تشمل مجال عالقات بالضرورة أيض

القانون الخاص وكافة روابط القانون العام، باإلضافة إلى مجاالت أخرى قد ال تدخل

. في فكرة تنظيم الدولة لكن أهميتها ال تقبل في شأنها اعمال قانون أجنبي

اختصاص القواعد ذات قد سبق له أن أسسFrancescakisوإذا كان الفقيه

التطبيق المباشر في قانون القاضي دون االستناد إلى فكرة النظام العام طبقا لمفهومها

الحديث كأداة الستبعاد القانون األجنبي المختص مستعينا في ذلك بفكرة اقتصاد

االمكانيات حيث رأى أنه ال مجال لتدخل فكرة النظام العام من األصل حينما يتعلق

بتطبيق هذه القواعد، ألننا لسنا بصدد الحكم على مضمون القانون األجنبي أو األمر

آثار تطبيقه في هذه الحالة بقدر ما هو الحكم على مدى ضرورة تطبيق قانون

و Loussouarnلنقد شديد من طرف الفقيهين وقد تعرض هذا الضابط. )1(القاضي

Heuzé سيؤدي إلى اعتبار كافة لضابطحدد فإن االعتماد على هذا اغير م أنه ضابط

. )2(القواعد القانونية من قواعد البوليس

حيث أن كافة القوانين تهدف بقدر أو بآخر إلى تحقيق وحماية المصالح

االقتصادية واالجتماعية في المجتمع، أي أنه يصعب التسليم بوجود قاعدة قانونية تنظم

ذا يصدق في حق هذا الضابط نفس يم، وهكالمجتمع دون أن تكون ضرورية لهذا التنظ

من حيث أن كافة Pilletالهدف االجتماعي الذي اعتنقه الفقيه النقد الذي وجه لضابط

                                                            1-Francescakis, y'a-til du nouveau en matière d'ordre public? Travaux, 1971, P 165. 2- V. Heuzé, op.cit, P 173 et 174.

Page 43: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

42  

القواعد القانونية تهدف في األصل إلى حماية مصلحة الجماعة بقدر أو بآخر وليس فقط

.القوانين السياسية وفقا لما يراه هذا األخير

منح القاضي سلطة تقديرية واسعة إلى إقرار كما سيؤدي من جانب آخر إلى

هذه الصفة للقاعدة وتطبيقها تطبيقا مباشرا على حساب القوانين األجنبية التي تشير

، وهو األمر الذي يؤدي لتوسيع نطاق تطبيق قانون )1(باختصاصها قواعد االسناد

اشر لقواعد س يقصر اإلعمال المبياكك، نظرا ألن فرانساإلشارة إليهالقاضي والسابق

.البوليس كقاعدة عامة على ما كان منها منتميا لقانون القاضي

من جهة أخرى إلى توسع غير مستساغ في مفهوم قواعد كما يؤدي هذا الضابط

البوليس فهو يشمل باإلضافة لكافة القواعد التي تهدف إلى حماية تنظيم الدولة أيضا كل

.لى نحو صريحقاعدة حدد المشرع نطاق تطبيقها المكاني ع

يتسع مفهوم قواعد البوليس أيضا طبقا وعلى هذا النحو وفقا لهذا الضابط

للمفهوم العضوي لفكرة التنظيم التي تفيد تدخل الدولة بأجهزتها إذ ال يوجد قطاع من

قطاعات الحياة المختلفة إال ويشرف عليه أو يتكفل بتسيير أحد أجهزة الدولة ومن ثم

ى اضفاء طابع البوليس على قواعد قانونية ال تكسب بالضرورة إل الضابطسيؤدي هذا

هذه الصفة مثل المسائل المتعلقة بالزواج والنسب التي تهيمن عليها الدولة من خالل

نظم سجالت الحالة المدنية، وهي نتيجة ال يمكن التسليم بها هي اعتبار كافة القواعد

. )2(المباشر المنظمة لهذه المسائل من القواعد ذات التطبيق

على العكس قد تتجرد بعض قواعد البوليس من صفتها هذه وطبقا لهذا الضابط

لمجرد أنها ال تعني بتنظيم هذه األجهزة وعدم تدخلها مثل القاعدة التي تبطل شرط

.)3(الدفع بالذهب حماية للتضخم

                                                            1- Loussouarn, op.cit, P 329.

.97محمود محمد ياقوت، المرجع السابق، ص - )2( .664هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )3(

Page 44: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

43  

غامض ترحه الفقيه فرانسكاكيس أنه ضابطالذي اق لضابطويعاب على هذا ا

وغير محدد فقد رفض التطبيق المباشر لقواعد البوليس األجنبية التي ال تنتمي إلى

القانون المختص بمقتضى ضوابط االسناد، وهو ما يخل بالتوازن في المعاملة بين

القوانين المتصلة بالرابطة العقدية، وبالتالي فإن االقتصار على االعمال المباشر لقواعد

لقاضي دون غيرها يجرد هذه القواعد من أهم خصائصها الذاتية التي البوليس في دولة ا

ذه تتمتع بها، وهي الصلة العقالنية بين مضمونها وأهدافها وبين نطاق سريانها، فمن ه

الذي يحدد طبيعتها كقاعدة من قواعد البوليس ذات الرابطة يتعين استخراج الضابط

.لتحديد قواعد البوليسالعقالني التطبيق الضروري، وهذه هو الضابط

كأساس لتحديد قواعد البوليس العقالني الضابط: المطلب الرابع

سبق وان أسلفنا إلى أن أهم ما يميز قواعد البوليس تلك الصلة العقالنية التي

رى، فهي تربط مضمون هذه القواعد وأهدافها من جهة ونطاق تطبيقها من جهة أخ

يرى خالف ذلك، الذي Mayerن الفقيهأإال لتحديدها تصلح بذلك أن تكون ضابطا

قواعد (بالرغم من اشارته إلى هذه الصلة عند تعريفه للقواعد ذات التطبيق الضروري

للكشف عن هذه القواعد على أساس أن التعريف ، إال أنه يعتبر فيها ضابطا)البوليس

من أجلها السابق لقواعد البوليس هو مجرد تعريف وصفي ال يكشف عن األسباب التي

غير طريق قواعد على العالقات الخاصة الدوليةعن تفرض هذه القواعد تطبيقها

.)1(االسناد

السابق ذكرها قد تصلح لتبرير االعمال األحادي لقواعد وإذا كانت الضوابط

العقالني تبرز في صالحية تطبيق قاعدة ي قانون القاضي فإن أهمية الضابطالبوليس ف

أجنبية ال تنتمي للقانون المختص بمقتضى منهج التنازع في قانون القاضي فإذا تبين

للقاضي وجود مصلحة موضوعية ومشروعة يستدعي تطبيق قاعدة بوليس أجنبية نظرا

                                                            1-" il existe en effet un lien entre l'objectif poursuivi et le domaine d'application nécessaire De la règle (de lois de police)…". P .Mayer, op.cit, P 03.

Page 45: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

44  

اعدة للهدف الذي ترمي إليه يوافق على تطبيقها خروجا عن القاعدة المختصة بموجب ق

. )1(االسناد

العقالني كلما كنا بصدد ا يرى البعض تتوارى أهمية الضابطوعلى عكس هذ

قاعدة وطنية تنتمي لقانون القاضي أو أمام قاعدة أجنبية تنتمي للنظام القانوني الذي

إذ يكفي في الحالة األولى أن تكون القاعدة الوطنية شير قواعد االسناد باختصاصه،ت

تكن من قواعد البوليس وال يهم في الحالة الثانية التساؤل حول لم ولو تريد االنطباق

طبيعة القاعدة األجنبية ما دام أنها واجبة التطبيق بمقتضى قواعد التنازع في دولة

القاضي، فاألمر يختلف بالنسبة لتلك التي ال تنتمي للقانون المختص والتي تشترط

تكون ثمة صلة عقالنية بين مضمونها إلعمالها أن تكون من قواعد البوليس وأن

.وأهدافها ونطاق سريانها كما حدده مشرعها

كون أن Heuzé من بينهم الفقيه رض جانب من الفقه على هذا الضابطولقد اعت

أساس الصلة بين مضمون القاعدة ونطاق تطبيقها هي مسألة ثانوية ترتبط بمسألة أولية

وهي إذا كان تطبيق القاعدة ضروريا من عدمه إذ أنه من المتصور أال يكون التطبيق

.بين مضمونها ونطاق سريانها )2(ضروريا رغم وجود الصلة

تنادا إلى مجرد الصلة العقالنية فلماذا نطبق قاعدة ال يعد تطبيقها ضروريا اس

بين مضمونها ونطاق سريانها ويمكن االجابة عن هذا االعتراض بأن هذه الصلة هي

.التي تجعلها ضرورية التطبيق وليس العكس

أن هذا االعتراض أنه ال يقوم على أساس )3(ستاذ هشام صادقوفي تقدير األ

لبوليس بينما هو في حقيقته أثر سليم حيث جعل من ضرورة التطبيق معيارا لقاعدة ا

من آثار اكتسابها لهذه الصفة التي تستمد من الصلة العقالنية بين مضمونها ونطاق

.تطبيقها، وبذلك تؤدي هذه الصلة إلى ضرورة تطبيق قاعدة البوليس

                                                            1- P .Mayer, op.cit, n ˚17, P 03. 2-V. Heuzé, op.cit, P 174 et 175.

.101محمود محمد ياقوت، المرجع السابق، ص - )3(

Page 46: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

45  

وتقدير مدى عقالنية الصلة بين مضمون القاعدة ونطاق تطبيقها والتي تبرر

ألجنبية التي ال تنتمي للقانون المختص بموجب قواعد االسناد في اعمال قاعدة البوليس ا

دولة القاضي هي من األمور التي تخضع للسلطة التقديرية للقاضي المطروح عليه

النزاع، وهي سلطة يستمدها من المبادئ العامة في القانون الدولي الخاص السائد في

. )1(عدةدولته، كونه أجنبي عن الدولة التي أصدرت هذه القا

وعلى العكس لو كانت هذه األخيرة تنتمي لقانون القاضي المعروض عليه

النزاع فإنه ال يشترط إلعمالها على نحو مباشر ان تتوافر في شأنها تلك الصلة

. العقالنية ألنه ملزم بأن يأتمر بأمر مشرعه

جب قاعدة االسناد غير أنه لو تعلق األمر بقاعدة أجنبية ال تنتمي لقانون القاضي بمو

أن يقدر إلعمالهاعلى نحو مباشر، وإنما يجب إلعمالهافال تكفي صفتها اآلمرة

.القاضي المختص بالنزاع مدى توافر الصلة العقالنية بين مضمونها ونطاق سريانها

كافيا للكشف عن قواعد البوليس االعقالني أساس وعلى هذا النحو يعد الضابط

ي للقانون المختص بمقتضى قواعد االسناد، األمر الذي يبرر األجنبية التي ال تنتم

. تطبيقها على العالقات الخاصة الدولية التي تتصل اتصاال وثيقا يراه القاضي

منح قانون القاضي تفي ضوء ما تقدم في اطار هذه القواعد االنفرادية التي و

حكم المنازعة صيل لباعتباره صاحب االختصاص األ مجاال تطبيقيا غير متنازع فيه

الخاصة الدولية تختل المساواة بين قانون القاضي والقانون األجنبي منذ البداية بمجرد

التأكد من طبيعة المسألة محل النزاع من حيث كونها ذات صلة وثيقة بكيان دولة

القاضي سواء من الناحية السياسية أو االقتصادية أو االجتماعية، وال يعتد بالعنصر

ي لضابط االسناد على نحو ال يقبل معه سوى تطبيق قانون وحيد هو قانون األجنب

.القاضي حصريا

كز حول دور ترتقدم من تحليل فإن موضوع بحثي ي وعلى هذا النحو ومما

القاضي الجزائري في حل تنازع القانون األجنبي أي دراسة المركز الراجح لقانون                                                             

.102المرجع نفسه، ص - )1(

Page 47: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

46  

هذه القوانين تتمتع بنوع من الخصوصية القاضي في حكم المنازعة الخاصة الدولية،

ع، ففي نطاق منهج التنازع فإن هناك تنازيمكن القول بأنها منهجا مختلفا عن منهج ال

عدد من النظريات فقواعد البوليس ال تشكل منهجا مستقال ومتميزا عن منهج التنازع

ن، أوال من قواعد البوليس هي قواعد استثنائية ذلك من ناحيتي أنMauryفيرى الفقيه

ناحية محتواها حيث تؤدي إلى حل مختلف عن الحل الذي تؤدي إليه قاعدة التنازع

وهذا ما .)1(العامة وثانيا من ناحية مجال تطبيقها وذلك بالنظر إلى طبيعتها القاصرة

من القانون المدني 5يجعلنا نستند في ذلك بما قضى به المشرع الجزائري في المادة

ففي المنهج التقليدي المزدوج ليس ، )قانون الشرطة واألمن(المتعلقة بقواعد البوليس

المستخدمة في المنهج الكالسيكي المزدوج نفس القوة وال تستخدم بذات اإلسنادلضوابط

كما تتضح خصوصيته في رغبة المشرع في . ين البوليسالدرجة عند تطبيق قوان

تطبيق قوانين البوليس على أكبر قدر من الفروض في المسائل التي يمكن أن تثور مما

اختيارية تميز هذه القواعد كمنهج عن منهج قاعدة التنازع إسناديجعله إعمال ضوابط

نية بحيث تنطبق مباشرة على إضافة إلى مبررات تطبيقها باعتبارها قاعدة وط. التقليدية

في اإلسنادالعالقة التي تندرج في مجال سريانها بغض النظر عما تشير إليه قاعدة

الذي تنتمي إليه، اإلقليميقانون القاضي، وذلك بهدف تثبيت االختصاص للقانون

تتطلب حماية المبادئ العليا للدولة، وعلى هذا األساس يمكن القول أن قواعد البوليس

تلك القواعد الداخلية التي تتسم بطابع آمر يفرض تطبيقها الضروري على المراكز هي

تسعى إلى التي تدخل عقال في نطاق سريانها الذي يتطلبه مضمونها واألهداف التي

ففي مجال قوانين البوليس تكون ،يفترضه منهج التنازعا تحقيقها وليس العكس عم

يس العالقة المراد تطبيق هذا القانون عليها الذاتية بصدد طائفة توضحها القاعدة ذاتها ول

الخاصة لمنهج قواعد البوليس، ذلك أنها لن تتدخل لتحديد القانون الواجب التطبيق على

عالقة معينة، إال عندما يثبت أن تلك العالقة ال تندرج في نطاق تطبيق القانون الوطني

.باعتباره من قوانين البوليس واألمن

                                                            1‐ P .Mayer et Derrupe, J-CI-Dr inter, Conflits

Page 48: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

47  

جع قاعدة التنازع لتحتل المرتبة الثانية بعد قوانين البوليس، فهي ال وهكذا تترا

وقد دعت هذه . تعمل إال في حالة ما إذا كان قانون القاضي ال يعد من قوانين البوليس

تخفيض مرتبة قاعدة "إلى التحدث عما اسماه ب Graulichالمالحظة الفقيه البلجيكي

وذلك عندما قرر أن لقواعد البوليس أو déclassement de la règle conflit "التنازع

على قاعدة التنازع Préséanceللقواعد ذات التطبيق المباشر بصفة عامة هيمنة وصدارة

.)1(حيث تقيد األولى الثانية وتحدد مجال تطبيقها

ولى متعدية والثانية تكمن التفرقة بين قواعد البوليس وقاعدة التنازع في أن األ

انت قواعد البوليس ال تشكل منهجا مستقال كبديل لمنهج االسناد قاصرة، وان ك

المزدوج، إال أن احتواء قانون القاضي على مثل هذه القواعد التي تسري بقوتها الذاتية

ودون اعمال لقاعدة االسناد يقلل من فرض السماح بتطبيق القانون األجنبي وتنازعه مع

سلطة تقديرية واسعة في هذا الشأن ستدفعه قانون القاضي، مما يؤدي إلى منح القاضي

إلى التحكم وتفسيره وفقا لمعتقداته وأفكاره السياسية والشخصية األمر الذي يخل

.)2()ينيالساف(بالتوازن والمساواة بين هذه القوانين والتي تعتبر قوام المنهج الكالسيكي

ومع كثرة وتنوع قواعد البوليس في جميع فروع القانون الخاص تظهر الصعوبة

فقهي محدد دقيق يميزها عن ريف فقهي أو تشريعي شامل أو ضابطفي عدم وجود تع

غيرها من القواعد القانونية إذا كان هذا المنهج يتسم بنوع من الخصوصية تبرر

ة كذلك في غياب نظرية قائمة بذاتها توضح اعتباره منهجا مستقال، كما تظهر الصعوب

كما سنرى عندما نتناول فكرة الدفع بالنظام العام والغش مفهوم ومضمون تلك القواعد

.نحو القانون

                                                            1 - Graulich, Règles de conflit et règles d'application immédiate, melanges Dabin11, P 641.

.62نقال عن أحمد عبد الحميد عشوش، المرجع السابق، ص نقال عن مسعود بورغدة نريمان، حل تنازع القوانين لصالح قانون القاضي، مذكرة شهادة - )2(

، سنة 1الماجستير في الحقوق، العقود والمسؤولية، كلية الحقوق، بن عكنون، جامعة الجزائر .32، ص 2010-2011

Page 49: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

48  

مما يؤدي إلى تضييق نطاق تطبيق القانون األجنبي في هذه الحالة، وانحياز

ي تطبيق قانونه بما القاضي الوطني وتعسفه في استعمال سلطته التقديرية والتوسع ف

.يخالف روح قواعد القانون الدولي الخاص

أن يحد المشرع الوطني من تكريس Pierre-Mayerولهذا اقترح الفقيه الفرنسي

يم السياسي ك بكل األحوال ال يتعارض مع التنظاختصاص قوانين أجنبية، ألن ذل

لقانون الوطني واالجتماعي واالقتصادي للدولة فإن ذلك سيؤدي إلى تطبيق عام ل

. )1(وسيعطل آلية تنازع القوانين من أساسها

ورغم ذلك تبقى أهمية قواعد البوليس تتميز بذاتيتها وبخصوصية تميزها عن

غيرها من القواعد االخرى باعتبارها تعمل على صيانة وحماية مصالح الدولة التي قد

سافيني والقائم على تحليل هيفقلال تضطلع منهج التنازع التقليدي المزدوج الذي يعود ل

العالقات الخاصة الدولية بحثا عن القانون الواجب التطبيق في شأنها سواء كان قانون

.القاضي أو قانونا أجنبيا والذي يتميز بالحيادية المطلقة في حل تنازع القوانين

وبهذا نصل إلى أن قواعد البوليس ال تعتبر منهجا مستقال بذاته بل أنها تشترك

طائفة من المناهج األخرى جردها المشرع من صفة الحيادية المطلقة والمساواة مع

التي تتسم بها قواعد االسناد الكالسيكية حيث انها تنطبق عمال بالمنهج االحادي الذي

يقوم على قواعد االسناد المفردة الجانب، مع ابراز نطاق اختصاص قانون القاضي

.هو ما سنتعرض له في الفصل الثانيدون منافسة من أي قانون أجنبي، و

الفصل الثاني

قانون القاضياالسناد القاصرل

                                                            1- P. Mayer, Op.cit, P 119, P 79.

Page 50: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

49  

كما سبق وأن رأينا أن وظيفة قاعدة االسناد هي تعيين القانون الواجب التطبيق

على المسألة محل النزاع فصياغة قاعدة التنازع صياغة مزدوجة بغض النظر عن

القانون المشار إليه لحكم العالقة دون اعتبار لما إذا كان وطنيا أم أجنبيا، فيعد هو

ت في ميدان تنازع القوانين عدم التالزم بين المحكمة ، فمن الثوابمالئمةأنسب القوانين

المختصة والقانون الواجب التطبيق فإذا كان القانون الجزائري مختصا بنظر النزاع

فليس يعني ذلك بالضرورة أن يطبق قانونه الوطني والحال كذلك فإن القوانين الوضعية

ناد التي تختار أحد القوانين تسعى إلى حسم التنازع بين القوانين بواسطة منهجية االس

فضت قاعدة االسناد مثال إلى أن أهلية الشخص يحكمها قانون جنسيته، أمة فإذا زاحالمت

فإن القانون الواجب التطبيق قد يكون هو القانون الجزائري إذا كان الشخص جزائريا

صف كما يكون قانونا أجنبيا إذا كان الشخص يتمتع بجنسية أجنبية، ولهذا السبب تت

)متحيزة(أنها مجردة محايدة غير )متعدية(bilatéraleقاعدة االسناد بأنها قاعدة مزدوجة

صحيح أن واضعها قد صاغها منطلقا من اعتبارات وطنية أو مصلحية معينة، إال أنها

تتميز بروح الحيادية، فهي ال تميز قانون القاضي على حساب القوانين األجنبية بذلك

. )1(ما، مما تتيح لتطبيقها أمام المحاكم الوطنيةتضمن المساواة بينه

ويظهر أن قاعدة االسناد ال تتأثر بالحلول المقررة والقيم والمعتقدات السائدة على

صعيد القانون الداخلي، ولذلك نادى بعض الفقهاء قديما وحديثا بضرورة أن تكون

قاعدة االسناد مفردة الجانب يقتصر دورها على بيان الحاالت التي ينعقد فيها

هذا الفكر مفاده أن ليس للدولة أي دولة أن االختصاص لقانون دولة القاضي وجوهر

تحدد اختصاص قانون دولة أخرى أجنبية ال يكون فيها لهذا األخير إرادة االنطباق ومن

ثم فإنه يقف دور كل دولة عند حد بيان الحاالت التي ينطبق فيها قانونها مما أدى

شكل منفرد ببعض التشريعات على غرار التشريع الجزائري إلى صياغة قاعدة في

)unilatérale( شارة إلى صاص القانون الوطني وحده، دون اإلتكتفي ببيان مجال اخت

في حال عدم اختصاص القانون الوطني وهذا هو الواجب التطبيق القانون األجنبي

                                                             ، دار الجامعة الجديدة، 2007عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين دراسة مقارنة، طبعة - )1(

.15، 14االسكندرية،

Page 51: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

50  

الذي يرى أن قواعد التنازع في الدولة ال تملك سوى )Niboyet)1األصل حسب الفقيه

وطنية وليس اختصاص قوانين دول أخرى لتعارض ذلك تحديد اختصاص قوانينها ال

.مع مبدأ السيادة

من القانون المدني الفرنسي التي تفرض 310لنأخذ على سبيل المثال المادة

تطبيق القانون الفرنسي على طالق زوجين من الجنسية الفرنسية أو مقيمين في فرنسا

ذلك تعني هذه القاعدة ضمنيا دون أن تعير أي اهتمام الختصاص قانون أجنبي ما رغم

أن هذه القوانين األجنبية يمكنها أن تحكم الحاالت األخرى للطالق التي يكون فيها

.الزوجان من األجانب ولكنها ال تحدد أيا من هذه القوانين الواجب التطبيق

أن قاعدة االسناد هي )القاصرة(ومن ثم يمكن تعريف قاعدة االسناد االحادية

كتفي فقط بتحديد القانون تقاعدة شكلية وغير مباشرة ال تتضمن حال ماديا للنزاع وإنما

المختص بحكم العالقة، أي ال تعطي الحل النهائي للنزاع عكس قاعدة االسناد

المزدوجة التي ترتكز على العنصر األجنبي الذي تحتويه العالقة القانونية محل النزاع

تجعل االختصاص للقانون الوطني وإما للقانون األجنبي وفائدة هذه الميزة أنها ال فهي

خضع حالة األشخاص يمثال قد الجزائريفالمشرع تترك فراغا في مشكلة التنازع،

وأهليتهم لقانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم ومؤدى ذلك لو تعلق األمر بأهلية

جنبي أما لو انصب النزاع على أهلية أحد الوطنيين فإن أجنبي يعني تطبيق القانون األ

القانون الوطني هو الذي ينبغي تطبيقه، وقد دعت هذه الحقيقة جانبا من الفقه الفرنسي

إلى تشبيه قواعد اإلسناد بمكتب االستعالمات في محطة السكة الحديدية فكما تقتصر

يرغب السائل استقالله فكذا مهمة هذا المكتب على اإلرشاد إلى رصيف القطار الذي

تنحصر وظيفة هذه القواعد في اإلشارة غلى القانون الواجب التطبيق على النزاع، أما

سناد األحادية يقتصر دورها على تحديد مجال تطبيق قانون قاضي الدعوى قاعدة اإل

فقط، حتى ولو كانت تطبق على األجانب المقيمين على اقليمها بمفهوم المخالفة حسب

عض الفقهاء تتمثل قاعدة االسناد االحادية بأنه ال يجوز لقاعدة وطنية أن تمنح ب

االختصاص إلى قانون دولة أجنبية مع افتراض رفض هذه األخيرة هذا االختصاص                                                             1-Niboyet, Traité de droit inter privé, T III, P 242.

Page 52: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

51  

ولتحاشي هذه النتيجة ينبغي على كل دولة أن تكتفي بتحديد اختصاص قانونها الذاتي،

. )1(يتعلـق بمجال تطبيق قانونهارادة الدول األخرى فيمـا ترم إوأن تح

وذلك في ضوء ما أورده المشرع من نصوص تحتم هذا التطبيق يتبين أن

المشرع قد وضع إلى جانب قواعد االسناد المزدوجة مجموعة معينة من ضابط االسناد

مدني جزائري التي تسند تكييف العالقات 09األحادية ومن ذلك ما ورد في المادة

التي تنيط 22ة إلى قانون القاضي، وما نصت عليه أيضا المادة الخاصة الدولي

االختصاص لقانون القاضي أي ترجيح الجنسية الجزائرية في حالة تنازعها مع عدة

جنسيات أجنبية وتكون من بينها جنسية القاضي وكذلك مسألة التعويض عن األفعال

تعد من المسائل المسائل هذه، على اعتبار 20/2المادة الضارة التي تقع في الخارج

فها من المسائل ستلزم حسمها قبل اللجوء إلى القانون الواجب التطبيق بوصيالتي األولية

وعلى ذلك )ولالمبحث األ(وهذا ما سنعالجه في . أمام القاضي األولية التي تطرح

.نتناول في اطارها مسألة التكييف

منان مبدأ اختصاص اللتان تتض 13و 10/2واألمر ذاته فيما يتعلق بالمادتين

أي اسناد االختصاص بحكم األحوال الشخصية لألجانب للقانون القانون الوطني

الجزائري مع ضرورة توفر بعض الشروط التي وضعها المشرع، وذلك مراعاة

. )في المبحث الثاني(لمتطلبات المصلحة الوطنية

                                                            اسعد محند، القانون الدولي الخاص، الجزء االول، تنازع القوانين، ديوان المطبوعات - )1(

.128الجامعية، الجزائر، ص

Page 53: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

52  

المبحث األول

طبيعة النزاع انون القاضي في تحديداختصاص ق

حكم العالقة الخاصة الدولية المتنازع بشأنها أمر بإن تحديد القانون المختص

يستلزم من القاضي القيام بعدة عمليات قانونية حتى يتوصل في النهاية إلى ذلك التحديد

ضرورية ال ولن يتأتى ذلك إال بالتصدي أوال لمشكلة التكييف باعتباره عملية أولية

فكيف يتسنى للقاضي البحث عن القانون الواجب ،دعوى مجردة تطرح في شكل

التطبيق في الوقت الذي يجهل فيه نوع القواعد القانونية في القانون الذي تشير إليه ذلك

فليس بإمكان القاضي الوقوف عند الضابط هل القواعد الموضوعية أم قواعد التنازع

عد، فيرجع لقانونه الوطني، والقول بغير قانون أجنبي طالما آلية التنازع لم تعمل ب أي

.)1(ذلك يعد مصادرة على المطلوب

مدني 9م من المادة ضمن هذا المبحث استنتجته ثالثة مطالبوقد خصصت

تعطي االختصاص للقانون الجزائري في تكييف العالقات المطلوب جزائري التي

وكذلك األمر فيما . )أولمطلب (تحديد نوعها لمعرفة القانون الواجب التطبيق هذا في

مدني جزائري التي 22/2يتعلق بمشكلة الترجيح بين الجنسيات المتعددة ضمن المادة

وآذلك التعويض عن األفعال )مطلب ثاني(تعطي األفضلية للجنسية الجزائرية في

. )مطلب ثالث(في 20/2المادة الضارة التي تقع في الخارج

ة واحدة من بين الجنسيات التكييف أو االعتداد بجنسيباعتبار أن كل من مسألة

من العملياتاألولية التي ال تعد والتعويض عن األفعال الضارة ع بها الفرد، متتالتي ي

.كمسائل أولية في صور دعاوى مجردة كما سبق االشارة إليها تثور

                                                             .35مسعود بورغدة ناريمان، المرجع السابق، ص - )1(

Page 54: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

53  

اسناد التكييف لقانون القاضي: المطلب األول

درجت التشريعات الحديثة على تنظيم العالقات ذات الطابع الدولي ضمن ما

يعرف بقواعد االسناد، وهذه القواعد مهمتها التكفل باختيار القانون الواجب التطبيق

عندما ترفع عالقة ذات عنصر أجنبي أمام القاضي الوطني يتعين على هذا األخير

يام بعملية االسناد لمعرفة القانون الذي تنظم قللاعطائه الوصف القانوني لهذه العالقة

.قواعده هذه المسألة من حيث الموضوع

يكون القانون :" من القانون المدني الجزائري ما يلي 09وقد جاء في نص المادة

الجزائري هو المرجع في تكييف العالقات المطلوب تحديد نوعها عند تنازع القوانين

".لمعرفة القانون الواجب تطبيقه

)القانون الجزائري(فيتضح من هذا النص اختصاص قانون قاضي الدعوى

بالنسبة لعملية التكييف فالتكييف في القانون الدولي الخاص هو تحديد طبيعة المسألة

التي تتنازعها القوانين وإعطائها الوصف القانوني المالئم لوضعها في طائفة من

بقاعدة اسناد معينة تمهيدا إلسنادها إلى طوائف النظم القانونية التي خصها المشرع

. )1(قانون مختص يحكمها

وكما يقول بعض الفقهاء أنها عملية عقلية يقوم القاضي بتحليل الوقائع

.)2(والتصرفات المعروضة عليه التي خصصها المشرع بقاعدة اسناد

عملية توزيع المواد :" على أنها Francescakisوقد عرفه جانب آخر من الفقه

.)3("القانونية على قواعد االسناد

                                                             .101زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )1( دراسة في ضوء فقه الشريعة (صالح الدين جمال الدين، قانون العالقات الخاصة الدولية - )2(

.160، دار الفكر الجامعي، االسكندرية، ص 2006طبعة )االسالمية 3-"répartition des matières juridiques entre les règles de conflits existantes".Francescakis Phocion, op.cit, P 707.

Page 55: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

54  

وقد اختلفت الدول فيما بينها بشأن تحديد الوصف القانوني لمختلف المسائل

.المطروحة أمام القاضي

طرح المشكل القانوني في التكييف: الفرع األول

لتصرف أو تبدو بذلك أهمية التكييف بوصفه عملية أولية والزمة إلخضاع ا

.الواقعة القانونية محل النزاع للقانون الذي يحكم هذا التصرف

إن اختالف قوانين الدول فيما بينها في مسألة التكييف أي في تحديد الوصف

القانوني المالئم للمسألة المعروضة أمام القاضي هو في تحديد الطوائف التي ترجع

سناد والتي تختلف من نظام آلخر وهذا إليها هذه المسائل فيما يتعلق بمضمون فئات اال

االختالف في التصنيف يؤدي بالضرورة إلى طرح االشكال المتعلق باالختصاص في

.التكييف

وبالنسبة للمشرع الجزائري فقد أورد نصا صريحا حاسما لمشكلة القانون الذي

القاضي ختصاص االنفرادي للقانون الجزائري باعتباره قانون االيحكم التكييف مقررا

السابق ذكرها تقر بهذا المبدأ، حيث أن 9المطروح أمامه النزاع حيث جاء نص المادة

مشرعنا على غرار نظرائه من المشرعين قد تأثر بنظرية اخضاع التكييف لصالح

قانون القاضي، ومن ثم يستمد التكييف الذي يمكن أن يضفي على تلك الواقعة على

. Lex foriة في قانون القاضي الذي يقوم بعملية التكييفضوء األفكار والمفاهيم السائد

أول من تصدى لبحث مشكلة التكييف وذلك في مقاله Kahnيعد الفقيه األلماني

Conflitتحت تسمية التنازع الكامل أو المستتر 1891الذي نشر في ألمانيا سنة

latents)1( ومن بعد الفقيه الفرنسيBartin الذي أبرز أهمية مشكلة التكييف والذي جعل

في 1897منها نظرية متكاملة متميزة في إطار هذا القانون، وذلك في مقال كتبه سنة

.)2(مجلة تحت عنوان مشكلة التكييفات

                                                             .81حسام الدين فتحي عبد اللطيف نصيف، المرجع السابق، ص - )1( .82اللطيف نصيف، المرجع نفسه، ص حسام الدين فتحي عبد - )2(

Page 56: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

55  

وقد استمد Kahnومن ثم فقد توصل إلى نفس النتيجة التي سبقه إليها الفقيه

ر ألحكام القضاء الفرنسي بعد أن الحظ أن هذا أبحاثه من دراسات قام بها في تفسي

القضاء يجري عملية التكييف وفقا لهذا القانون بطريقة ضمنية، ومن القضايا الشهيرة

.قضية وصية الهولندي العرفية وقضية ميراث المالطي Bartinالتي بحثها

وقد أقر بارتان على أن القضاء في فرنسا وغيرها من دول العالم قد درج على

اخضاع التكييف لقانون القاضي سواء كان هذا األخير من بين القوانين المتنازعة أم

ترجع عادة في سبيل تحديد Bartinكان التنازع بين قوانين أجنبية، فالمحاكم كما يقول

طبيعة الواقعة أو التصرف القانوني محل النزاع إلى القانون الوطني وهي تفعل ذلك

بل وال يشيرون )1(دون تبرير مسلكها على هذا النحو بطريقة ضمنية وغير محسوسة

. إلى قاعدة خضوع التكييف لقانون القاضي كما لو كانت هذه المسألة

إن خاصية مشكلة التكييف تنجم عما تفرضه العالقات الخاصة الدولية وتنازع

عدة قوانين مختلفة تدعي االختصاص في حكم تلك العالقة مما تثير تنازعا بين عدة

قوانين بشأن القانون الذي تخضع العالقة ألحكامه، فإنها تثير كذلك تنازعا بين هذه

تحدد وفقه الوصف القانوني للعالقة حتى يالقوانين من أجل اختيار القانون الذي سوف

يمكن رد المسألة إلى طائفة قانونية معينة خصصها المشرع بقاعدة اسناد وهي المشكلة

أو )2("تنازع التكييفات"لدولي الخاص على تسميتها بمشكلة التي درج فقه القانون ا

تنازع القوانين في مسألة التكييف، ويتمثل التكييف في تحديد الطبيعة القانونية للمسألة

.حدى فئات االسناد التابعة لقانون القاضياالتي تتنازعها القوانين قبل وضعها ضمن

لو أن قوانين كل الدول تعطي للمسألة القانونية نفس التكييف ما كانت هناك

مختلفة وبالتالي تكييفاتصعوبة تذكر لكن قوانين هذه الدول تعطي لكثير من المسائل

                                                             ، أطروحة لنيل درجة )دراسة مقارنة(بلمامي عمر، نظرية التكييف في القانون الدولي الخاص - )1(

.163، ص 1993دكتوراه دولة في القانون الخاص، معهد الحقوق والعلوم االدارية، الجزائر، .79سابق، ص حسام الدين فتحي عبد اللطيف نصيف، المرجع ال - )2(

Page 57: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

56  

فإن االختالف في التكييف سيؤدي حتما إلى اختالف في تحديد القانون الواجب التطبيق

. )1(ومن ثم اختالف مصير الحكم

لذا يمكن القول إن اشكالية التنازع في التكييف تتمثل في معرفة وفقا ألي قانون

يكيف موضوع النزاع لتحديد القانون الواجب التطبيق عندما تكون مختلف قوانين

. )2(التنازع تأخذ بتكييفات مختلفة

على هذا األساس ثار جدل فقهي لمعرفة وفقا ألي قانون يكيف القاضي

، فهناك اتجاه يرى اخضاع التكييف للقانون األجنبي المختص )3(النزاع المطروح أمامه

بحكم النزاع وذهب الفقه الراجح إلى اخضاعه لقانون القاضي، واقترح البعض اآلخر

الجمع بين القانونين، ورأى فريق رابع اخضاع التكييف للمبادئ العامة في القانون

.المقارن

، وعلى هذا "ليست محل شك أو خالف"ض كما يقول الدكتور عبد المنعم ريا

"األساس كيفت المحاكم الفرنسية طلب الزوجة المالطية في قضية

ووصية الهولندي التي تعد من أبرز القضايا التي اعتمد الفقه " ميراث المالطي

على أن التكييف بوصفه عملية أولية Bartinالفرنسي في تحليله الذي أجراه، وقد أكد

قانون الواجب التطبيق أمر يتم بالرجوع لقانون القاضي وهذا ما توصل الزمة لتحديد ال                                                            

. 76،ص2005،دارهومة،طبعة)تنازع القوانين(أعراب بلقاسم،القانون الدولي الخاص الجزائري- )1( عليلوش قربوع كمال، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، الجزء األول، دار هومة، طبعة - )2(

.93، ص 2007 ع التكييف، فهناك اتجاه يرى أن التكييف لقد أثير الجدل في األوساط الفقهية حول طبيعة موضو- )3(

ينصب عـلى العالقة القانونية في حيـن يرى فريق آخر أنه ينصب على القـواعد القانونيـة الموضوعيـة، ومنهم من يرى كـذلك أن التكييف ينصب على النظم القانونية، هذا عن االتجاه الواقعة أو المركز "كييف من ميدان الواقع، فيكون هو األول، أما االتجاه الثاني فيتخذ موضوع الت الذي تتنازع حكمه لها، وتكون وظيفة التكييف حينئذ اعطاء الواقعة أو المركز الواقعي " الواقعي الطابع القانـوني الذي يدخلـه لها، في طائفة معينة من طوائف المسائل القانونـية التي خصها المشرع بقـاعدة اسناد معينـة ويتوسط هذين االتجاهين فريق آخر يعتمد على عنـصر القانون وعنصـر الواقع من أن التكييف ينصب على موضوع النزاع أو المسألة القانونيـة التي يثيرها :راجع في هذا الموضوع". المركز الواقعي

H. Batiffol et P. Lagarde, Droit international privé,T1,6e ed.,1974,LGDJ,Paris,n˚291,P 477. Francescakis Phocion, op.cit, P 707.

104،105عكاشة محمد عبد العال،المرجع السابق، -.101زروتي الطيب، المرجع السابق، ص-

Page 58: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

57  

على عقارات " بنصيب الزوج البائس"إليه القضاء حينما طلبت الزوجة بحقها ما يسمى

وفقا للقانون الفرنسي باعتباره موقع العقار )الجزائر(الموجودة في فرنسا ) 1(زوجها

)2(حيث أن القانون الفرنسي في ذلك الوقت ال يعطي للزوجة الحق في أن ترث زوجها

.فقد كان أن رفض االستجابة لطلبها

والحال كذلك بالنسبة لوصية الهولندي التي قضت المحاكم الفرنسية بصحتها بعد

أن تكييف مسألة االيصاء في الشكل )ون القاضيقان(تكييفها وفقا للقانون الفرنسي

الخطي باعتبار أنها تتعلق بالشكل الخارجي مما يستوجب اخضاعها لقانون محل ابرام

. )3(الذي اعتبرها صحيحة )القانون الفرنسي(الوصية

وقد بارك بارتان هذا الحل الذي وصل إليه القضاء مؤكدا سالمة خضوع

.)4(ورتهالتكييف لقانون القاضي وضر

وقد خلص بارتان من اتجاه القضاء في معظم دول العالم إلى اخضاع التكييف

.ولو بطريقة ضمنية لقانون القاضي

الوقت فيولهذا فقد لقيت نظرية بارتان تأييدا كبيرا وتجاوبا من طرف الفقه

الحالي، وقد أخذت بها معظم التشريعات بعد أن أدخل عليها الفقه الحديث بعض

دوار في قانون القاضي واألنظمة من اطارها الجامد بتنسيق األ وإخراجهايالت التعد

.القانونية في حكم عملية التكييف

التكييف لقانون القاضي تبرير اسناد: الفرع الثاني

بخضوع التكييف لقانون القاضي كأصل Bartinلقد كرس الفقه الحديث نظرية

وإن اختلف في األساس الذي يبني عليه هذه النظرية وتستند هذه األخيرة بمجموعة من

                                                             .54هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )1(

.111ابق، ص عكاشة محمد عبد العال، المرجع الس -  " بميراث المالطي" وهو خاص بالقضية المشهورة )L'affaire Bortholo(قضية بورتولو - )2(

.98، ص Clunet 1891، 24/12/1889استئناف الجزائر . 3262، 1860سبريه، 04/08/1857محكمة أورليان في - )3( .111العال،المرجع السابق،صعكاشة محمد عبد –.53هشام علي صادق، المرجع السابق، ص- )4(

Page 59: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

58  

بارتان، وأضاف الفقه الحديث البعض اآلخر، بجانبه الى األسانيد يساق البعض منها

: حججا أخرى وأهمها ما يلي

لقاعدة االسناد في حقيقته هو تفسير التكييف : حجة قانونية-1

جوهر هذه الحجة أن التكييف ال يعدو في حقيقته تفسير لقاعدة االسناد والذي

يعني بيان المسائل التي تدخل في نطاق تطبيقها فإذا ما قضت قاعدة االسناد مثال

بخضوع شكل التصرفات لقانون بلد االبرام وأن األهلية تخضع لقانون جنسية الشخص

هو " الشكل"و" األهلية"ل فكرة من هذه األفكار القانونية المجردة فإن تحديد المقصود بك

وبما أن قاعدة االسناد قاعدة وطنية يصوغها المشرع . تفسير لقاعدة االسناد ذاتها

الوطني ليرى ما إذا كانت هذه المسألة المطروحة أمامه تدخل حقا في مضمون هذه

إلعمال قاعدة االسناد التي تقرر أن فإذا تصدى القاضي الجزائري . )1(الفكرة من عدمه

شكل التصرفات تخضع لقانون محل االبرام فعليه بداهة أن يحدد ما إذا كانت المسألة

يرى بعض ،تدخل حقا في مضمون هذه الفكرة من عدمه المقصود بشكل التصرف

التي " السيادة"الفقه الحديث أن حجة تفسير قاعدة االسناد هذه جاءت لتعويض فكرة

بها الفقيه بارتان نظريته في التكييف قائال أن التنازع بين القوانين ال يعدو وأن أسس

يكون تنازعا بين السيادات، كون المشرع الوطني وهو يسمح بتطبيق القانون األجنبي

فهو يتنازل عن جزء من سيادته، وعلى هذا األساس فإن تحديد نطاق هذا التنازل يجب

وطني ألنه وحده هو الذي يمكن أن يوضح نطاق سيادته أو الرجوع فيه إلى القانون ال

مدى قبوله لتدخل القواعد الموضوعية للقانون األجنبي التي يقبل ادخالها في اطار

وبالتالي فال يعقل أن يطلب هذا التفسير من غير القانون الذي تنتمي . )2(تنظيمه القانوني

. ر الذي أراده المشرع الذي وضعهاإليه هذه القاعدة وإال كنا قد اعطيناها معنى غي

:القاضي يتأثر حتما بالمبادئ السائدة في قانونه:حجة ذات طابع نفسي-2                                                            

.114عكاشة محمد عبد العال، المرجع السابق، ص - )1(-H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit, P 370.

.164بلمامي عمر، المرجع السابق، ص - )2(

Page 60: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

59  

إن القاضي عندما يقوم بعملية تكييف العالقة المطروحة أمامه فهو يتأثر

بالضرورة أو بحكم تكوينه الثقافي والقانوني بالمبادئ واألفكار السائدة في نظامه

المبادئ :" قد سبق لألستاذ بارتان أنه أشار إلى هذه الحجة حينما قال أنالقانوني، و

ولهذا السبب يقرر )1("السائدة في دولة القاضي تعد جزء ال يتجزأ من ذكائه المهني

بعض الشراح أن التكييف عملية استدالل عقلي يستعين فيها القاضي بثقافته ومعارفه

.القانونية

المتعذر معرفة تطبيق قاعدة االسناد قبل اجراء عملية من : مليعذات طابع حجة -3

:التكييف

ظهر لنا مما تقدم أن التكييف مسألة أولية الزمة لتحديد القانون المختص أمر

يتم بالرجوع إلى قانون القاضي، حيث أنها عملية سابقة على اعمال قاعدة االسناد من

ال بتحديد طبيعة المسألة التي تتنازع حيث تعاقب الزمن، فال يمكن تعيين قاعدة التنازع إ

القوانين حكمها، وإعمال التكييف بالرجوع إلى قانون القاضي يجنبنا الدوران في حلقة

.)2(مفرغة

والواقع أن هذه الحجة مستمدة من النقد الذي وجهه الفقه إلى النظرية القائلة

أن يكشف القاضي إذ من غير المتصور ،بإخضاع التكييف للقانون الذي يحكم النزاع

عن القانون الذي يفصل في النزاع قبل أن يقوم بعملية التكييف تمهيدا لتحديد قاعدة

االسناد المختصة، والقول يغير ذلك وبإخضاع التكييف للقانون الواجب التطبيق فيه

أي التنبؤ المسبق لقانون معين بحكم النزاع، مع أن اختصاص ،مصادرة على المطلوب

احتمالي قبل اجراء عملية التكييف فهذا ال يعني أن نظامه شامل وعام هذا األخير

.فالمشرع الوطني يجيز للقانون األجنبي تكييف المسألة محل النزاع

                                                            1- Bartin,doctrine des qualifications et des rapports avec le caractère national des règles de conflits de lois, recueil des cours, 1930, n˚31, P 592. 2-" La question de qualification est préalable au choix de la loi, tant qu'elle n'est pas résolue, le juge saisi ne peut raisonner que selon sa propre loi ,donc il ne doit la résoudre que selon cette loi ; la résoudre selon une autre loi, et la supposer résolue pour la résoudre c'est le cercle vicieux".H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit,n ˚ 293, P 371.

Page 61: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

60  

دانية التكييف عند تطبيق القاعدة وح:حجة منطقية تفرضها طبيعة اإلسناد -4

:الموضوعية أو اعمال قاعدة التنازع

إن تحديد الطبيعة القانونية للمسألة محل النزاع هو عملية قانونية ال تتم بصورة

وتعتبر التكييفات بمثابة " طبيعة األشياء" الىعشوائية وإنما يرجع المشرع في وضعها

إطار يحيط بكافة القواعد القانونية، من قواعد اإلسناد إلى القواعد الموضوعية ولذا

عنه في صدد وعيةقة في صدد تطبيق القاعدة الموضيجب أال يتغير وصف العال

إذا كيف يتسنى . تطبيق قاعدة اإلسناد، وإنما تخضع لقانون واحد هو قانون القاضي

لة من الشكل وهو يكيفها طبقا للقواعد الموضوعية في قانونه أللقاضي أن يعتبر مس

هلية، وهو يكيفها ثم يعتبرها من مسائل األ) ألنه أجرى التكييف وفقا لهذا القانون(

لتطبيق قاعدة اإلسناد في قانونه ألنه أجرى التكييف وفقا للقانون األجنبي المختص

المفروض أن يكون التكييف في الحالتين واحدا بإجرائه وفقا لقانون واحد ) بحكم العالقة

. )1(وهو قانون القاضي

لقانون القاضي تحديد نطاق التكييف طبقا: الفرع الثالث

يتضح لنا مما سبق ذكره أن الفقه المعاصر يكاد يجمع على أن أهم حجة تبرر

خضوع التكييف لقانون القاضي هي كون قاعدة االسناد قاعدة وطنية، ومؤدى هذه

في مطولهما عدم قابلية قانون القاضي للتطبيق Batiffol et Lagardeالحجة كما قال

الواجب التطبيق على النزاع مثل تكييف على كل تكييف ليس من شأنه تحديد القانون

المال األجنبي عقارا كان أم منقوال كونه يخضع لقانون موقعه في كال الحالتين، ال

فتفسير قاعدة االسناد )2(يعتبر تفسيرا لقاعدة االسناد وال تخضع بالتالي لقانون القاضي

من 9نص المادة وهذا ما ورد في . تعني بيان المسائل التي تدخل في نطاق تطبيقها

يكون القانون الجزائري هو المرجع في تكييف العالقات "القانون المدني الجزائري

                                                             ، منشورات 2004، الطبعة األولى، )دراسة مقارنة(عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين - )1(

.118ي الحقوقية، ص الحلب 2-" une conséquence rationnelle des nations qui fondent la qualification lex-fori sur l'inapplicabilité de cette solution pour toute qualification qui ne commande pas la désignation de la loi applicable". H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit.

Page 62: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

61  

المطلوب تحديد نوعها عند تنازع القوانين لمعرفة القانون الواجب التطبيق وبالتالي

اخضاع التكييف لقانون القاضي ال يعني تجاهل القانون األجنبي في حالة ما إذا عرض

الوطني تكييف نزاع ما، ويتعلق هذا األخير بنظام أجنبي غير معروف على القاضي

في قانون القاضي فإنه يكيف وفقا للقانون األجنبي الذي يعرف هذا النظام، والرجوع

.إلى القانون األجنبي ال يعد استثناء على قاعدة خضوع التكييف لقانون القاضي

حقة االتجاهات الفقهية وبالرجوع إلى المشرع الجزائري لم يتخلف عن مال

الحديثة التي سعت إلى تطوير نظرية بارتان وإخراجها من جمودها التقليدي استجابة

.لالعتبارات الدولية

يمنع من التوسع في مفهوم الفئات المسندة ما 9وال توجد في صياغة المادة

ليشمل األنظمة القانونية األجنبية غير المعروفة حتى تتالءم مع الفقه الحديث كي ال

يستبعد دور القانون األجنبي في عملية التكييف، كون فئات االسناد الموجودة في

لدولي وإنما القانون الداخلي لقاضي الدعوى ليست هي نفسها الموجودة في القانون ا

.متطلبات العملية، وهذا سوف نتطرق إليه ضمن بندينمع اليمكن أن تتالءم

ولم يكتف الفقه الحديث باإلشارة إلى ضرورة الرجوع للقانون األجنبي لتحليل

العالقة المعروفة أمام القضاء ومعرفة مالمحها األساسية قبل تكييفها وفقا للمفاهيم

فادي النقد الذي وجه إليها وبصفة خاصة في الحاالت التي الوطنية في دولة القاضي، لت

فقد واجه " ميراث المالطي"يواجه فيها القاضي عالقة غريبة عن نظامه القانوني كقضية

الذي يعد نظاما " نصيب الزوج البائس"القضاء الفرنسي في هـذه القضية ما يسـمى

.)1()ضيقانون القا(مجهوال وغير معروفا في القانون الفرنسي

وهكذا، ال يمكن تفسير قاعدة االسناد في دولة من الدول إال بالرجوع إلى قانون

.)2(هذه الدولة ذاتها لمعرفة المقصود بكل فكرة من األفكار التي يشملها

                                                             67هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )1( .115عكاشة محمد عبد العال، المرجع السابق، ص - )2(

Page 63: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

62  

القانون األجنبي في عملية التكييفالرجوع إلى : المطلب الثاني

سبقت االشارة أن االتجاه الفقهي الحديث يأخذ بقاعدة التكييف وفقا لقانون

القاضي، لكن دون اهمال للدور الذي يمكن أن يلعبه القانون األجنبي في عملية التكييف

كما أنه قام بتوسيع مضمون الفئات المسندة لتتالءم مع طبيعة المسائل القانونية ذات

القانون :" من القانون المدني الجزائري على أن 9الطابع الدولي، تنص المادة

الجزائري هو المرجع في تكييف العالقات المطلوب تحديد نوعها عند تنازع القوانين

".لمعرفة القانون الواجب تطبيقه

ويبدو من نص هذه المادة أن المقصود بالتكييف الذي يخضع للقانون الجزائري

لواجب التطبيق، وهكذا يكون المشرع الجزائري قد هو التكييف الالزم لتحديد القانون ا

أخذ بالتفرقة التي جاء بها بارتان بين التكييف االولي أو السابق والذي يخضع لقانون

القاضي وبين التكييف الثانوي أو الالحق والذي يرجع في شأنه للقانون المختص بحكم

.النزاع

حقة بل اقتصر على ويتضح من خالل هذا النص لم يتعرض للتكييفات الال

التكييف األولي أو السابق وفقا لقانون القاضي الذي الغرض منه معرفة القانون الواجب

.التطبيق واستبعد التكييف الثانوي الذي يخضع للقانون المختص

والتكييف األول أو السابق عند بارتان هو التكييف الالزم إلعمال قاعدة االسناد

بيق وهذا التكييف وحده هو الذي يخضع لقانون القاضي وتحديد القانون الواجب التط

وإذا انتهى القاضي من اجراء التكييف االولي الالزم إلعمال قاعدة االسناد وتبين له

ثبوت االختصاص لقانون أجنبي، يتعين الرجوع إلى هذا القانون في شأن كافة

.التكييفات الالحقة التي قد تعرض عليه بمناسبة تطبيقه

ا األساس يقول الفقيه بارتان أن على القاضي المطروح عليه النزاع أن وعلى هذ

يرجع إلى قانونه عند تكييف المسألة، فإذا تبين له أنها تدخل في مضمون فكرة

موضوع العقد اسندها تبعا لذلك إلى قانون إرادة المتعاقدين، وجب عليه الرجوع بعد

.إذا كان يعد عقد ايجار أو بيعذلك إلى هذا القانون لتحديد طبيعة العقد ما

Page 64: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

63  

وفي بداية ظهور النظرية كان الفقيه يعتبر اخضاع التكييفات الالحقة أو الثانوية

للقانون المختص بحكم النزاع كاستثناء من النظرية العامة في خضوع التكييف لقانون

القاضي، ثم عاد عن هذا الوضع، وأن التكييف الخاضع لقانون القاضي هو التكييف

مس بفكرة السيادة التي تعد األساس القانوني ياألول أو السابق فقط، ألنه وحده الذي ال

لنظريته وإذا ما تم الرجوع إلى قانون القاضي عند القيام بالتكييف االولي وتبين أن

قانونا أجنبيا هو المختص، فإن هذا القانون هو الذي يستوجب الرجوع إليه في شأن

الزمة للفصل في النزاع، ذلك أن هذه التكييفات ال تتعلق بسيادة التكييفات الالحقة ال

. )1(الدولة التي طرح النزاع أمام محاكمها

وقد سبق الذكر أن الفقه الحديث قد أخذ بهذه النتيجة لكن على أساس مختلف لم

يعد يرى في تنازع القوانين تنازعا بين السيادات، وهو ما أدى به إلى تبرير نظرية

.التكييف لقانون القاضي على أساس يختلف عن فكرة السيادةاخضاع

فالتكييف وفقا لهذا االتجاه هو تفسير لقاعدة االسناد الوطنية وبالتالي ال يتصور

إخضاعه لغير قانون القاضي، أما التكييف الالحق أو الثانوي فال يثار إال في مرحلة

القانون األجنبي الذي أشارت الحقة على مرحلة االسناد، إذ هي تثار عند تطبيق

.باختصاصه قاعدة االسناد، وبالتالي فهي تخضع لهذا القانون بوصفها تفسير ألحكامه

وما يالحظ أيضا أن هذه المادة لم تتعرض لالستثناء الذي أورده الفقيه

بوصف المال بإخضاع تكييفها لقانون موقعها مما يجعلنا نقول أن الفقه Bartinالفرنسي

لم يساند موقف الفقيه، حتى في الحالة التي يترتب عنها اختالف القانون الحديث

الواجب التطبيق فيكون المشرع الجزائري قد ساير اتجاه الفقه الحديث في ذلك، وعلى

هذا النحو فإن تحديد وصف المال يخضع بداهة لقانون الموقع ال على سبيل االستثناء

في صياغة هذا النص ال يوجد ما يمنع من وما يمكن مالحظته. من القاعدة العامة

التوسيع في مفهوم الفئات المسندة لتشمل األنظمة القانونية الغير معروفة في قانون

.قاضي الدعوى                                                            

هشام علي صادق، دروس في تنازع القوانين، المكتبة الوطنية لدار المطبوعات الجامعية، - )1( .59-58، ص 2003عة طب

Page 65: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

64  

)ع في مفهوم الفئات المسندةالتوس(التكييف دور قانون القاضي في: الفرع األول

فئات المسندة الغرض من التكييف هو تصنيف العالقة األجنبية في احدى ال

المنصوص عليها في قانون القاضي لكن قد يحدث وأن تكون العالقة غير معروفة في

قانون القاضي، مما يجعل من الصعوبة ادراجها في احدى الفئات المسندة المنصوص

عليها، ولذلك يرى الفقه الحديث بأنه ال مناص من التوسع في مفهوم الفئات الداخلية

رادة المنفردة رنسي ال يعرف ما يسمى الطالق باإلذلك أن القانون الف، مثال )1(لتشملها

للزوج، وال تعدد الزوجات، وبالرغم من أن المشرع الجزائري لم ينص على هذا

التحفظ رغم أهميته، ورغم أن الصياغة الصريحة للنص، إال أنها ال تفرض على

ظمة القانونية الغير معروفة القاضي عدم التوسع في مفهوم الفئات المسندة لتشمل األن

جاءت خالية 9في القانون الجزائري، ولذلك فربما حسب رأيي أن عبارة نص المادة

من القيود واالستثناءات وهذا هو تحليلي لمحتوى النص، أن المشرع الجزائري قد أقر

لف مبدأ اخضاع التكييف لقانون القاضي ال تفيد تقييد سلطة القاضي، إال في حالة ما يخا

األسس والمبادئ الجوهرية في قانونه إذا ما اصطدم بهذه األخيرة، مما يجعله يمتنع عن

.توسعه لمفهوم الفئات المسندة لتشمل انظمة مخالفة لقانونه

فال يجوز للقاضي الجزائري مثال ان يوسع في مفهوم الزواج ليشمل الزواج

طانيا، ولذلك نرى أن الفقه المثلي الذي تعترف به بعض األنظمة القانونية مثل بري

الحديث قد أخرج نظرية بارتان من إطارها الضيق وجعلها بمفهومها الحديث لتفادي ما

. وجه لها من نقد سابق

:االستثناءات الواردة على التكييف وفقا لقانون القاضي: الفرع الثاني

ف لقانون مما ال شك فيه أن الفقه الحديث قد أيد نظرية بارتان في اخضاع التكيي

القاضي، إال أنه قد خالفه في األساس الذي اعتمدته هذه النظرية وبالرجوع إلى نص

                                                             .93أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - )1(

-Issad Mohand, Droit inter. privé, T I Les règle de conflits, 2e éd.1983, OPU, Alger, P 149.

Page 66: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

65  

مدني جزائري لم يتضح من خاللها ما إذا كان المشرع أخذ بالنظرية 9المادة التاسعة

.بكاملها مضمونا واستثناءات أم هذه األخيرة مستبعدة التطبيق

إال أنها ال Bartinعد استثناءات على نظريةوسيتبين لنا عند دراستها أن أغلبها ت

.تعتبر كذلك بالنسبة للمادة التاسعة التي انتهجت نهج الفقه الحديث

بالنسبة لالستثناءات الواردة في القانون المدني ففيما يتعلق باالستثناء المتعلق

بوصف المال فقد سبق أن اشرت إلى أن بارتان قد أخضع وصف المال إلى قانون

.، استثناء من القاعدة العامة في اخضاع التكييف لقانون القاضيموقعه

وقد رأينا كذلك االعتبارات العملية التي دفعت الفقيه إلى تقريره هذا االستثناء

وقبل بحث هذا االستثناء واالستثناءات األخرى في التشريع الجزائري، تجدر االشارة

مال على المنقول والعقار، فهذه قاعدة إلى أن التشريعات ال تختلف حول تطبيق موقع ال

.تقليدية يرجع عهدها إلى المدرسة االيطالية القديمة

تكيف المال لمعرفة هل منقول أو عقار وتحديد طبيعة الحقوق التي تترتب عليه -1

تخضع لقانون موقعه وليس لقانون القاضي

هذا حسب رأي الفقيه بارتان الذي جاء بهذا االستثناء لتأمين المعامالت وتوطيد

فكرة الطمأنينة واألمن الذي ينبغي أن يسود الحقوق العينية، والمحافظة على الثروة

وقد انتقد هذا الرأي جانب كبير من الفقه ورغم . الوطنية فالمسألة تتعلق بالنظام العام

، فجاء في نص المادة 20/06/2005الجزائري بعد تعديل ذلك فقد أخذ به المشرع

يخضع تكييف المال ما إذا كان عقارا أو منقوال :" من القانون المدني على أنه )17/1(

".إلى قانون الدولة التي يوجد فيها

وتجدر االشارة إلى أن العديد من التشريعات لم تأخذ بهذا االستثناء ألن تكييف

في مرحلة الحقة على االسناد، إذ أن أغلب التشريعات يقرر وصف المال ال يثور إال

أن القانون الواجب التطبيق فيما يتعلق بالحيازة والملكية والحقوق العينية األخرى

، وتحديد وصف المال في هذه الحالة ال يبدو )قانون الموقع(تخضع للقانون المختص

Page 67: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

66  

القانون المختص ال على سبيل ،وقعإال كتكييف ثانوي أو الحق، وهذا دائما لقانون الم

االستثناء من القاعدة العامة وإنما اعماال للتفرقة التي أقامها بارتان بين التكييف السابق

.والتكييف الالحق

لكن إذا كان القانون المختص بحكم المال يختلف بحسب وصف هذا األخير هل

مؤلفات القانون الدولي هو عقار أم منقول، ولقد طرح في ذلك مثال تقليدي في أغلب

الخاص وهو مستقى من القانون الفرنسي الذي يخضع الميراث في المنقول لقانون

موطن المتوفي، والميراث في العقار لقانون موقعه، فإن هذا االستثناء له حينئذ تأثير

على القانون الذي يحكم المال محل النزاع إذ يختلف باختالف القانون الذي يتم وفقه

من قاعدتين االسناد السابقتين من القاضي أن تحدد أوال وصف –أي اعمال .)1(ييفالتك

المال محل النزاع إذا كان عقارا أو منقوال هو تكييف أولي الزم لتحديد القانون الواجب

.التطبيق

وعلى ذلك فتحديد وصف المال في هذه الحالة أمر الزم لتحديد القانون الواجب

لى المادة التاسعة لوجدنا أن المشرع قد سوى بين المنقوالت التطبيق وإذا رجعنا إ

والعقارات بالنسبة للقانون الواجب التطبيق في شأن الحيازة والملكية والحقوق العينية

.األخرى فأخضعها في الحالتين لقانون الجهة التي يوجد بها المال

17ة بالمادة وعلى هذا النحو إذا تصدى القاضي إلعمال قاعدة االسناد الوارد

مدني فعليه أن يقوم بتكييف المسألة المعروضة عليه وفقا للقانون الجزائري ليرى ما إذا

.كانت تدخل في مضمون فكرة الحقوق العينية من عدمه

وإن نصت على أن العقارات تخضع 17ستاذ محند اسعد أن المادة يرى األ

بالمنقوالت فإنها تخضع لقانون البلد الذي لقانون المكان الذي توجد فيه فإنه فيما يتعلق

توجد فيه وقت تحقق السبب، ويقول إذا لم يكن المال موجودا فعليا ضمن االقليم

الجزائري نظرا لوجوده ضمن اقليم أجنبي تحت والية قانون يكيفه بصفته عقارا أو

ضي وإنما إلى وال يعود إلى قانون القا" الدرجة الثانية"منقوال يعتبر حينئذ تكييفا من

                                                             .85أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - )1(

Page 68: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

67  

وبهذا يكون المشرع الجزائري في تقديري " Les causes"القانون المختص بحكم العالقة

قد تجنب االنتقادات الفقهية التي أثيرت حول االستثناء الذي أورده الفقيه بارتان على

بل هو 9نظريته وبالتالي فعدم خضوعه لقانون القاضي ال يعد استثناء على المادة

.اقها كونه ال يهدف إلى معرفة القانون الواجب تطبيقه على المالخارج عن نط

:نص خاص ذوأو التقيد بالتكييف المقرر في المعاهدة -2

من القانون المدني 21لقد حسم المشرع الجزائري هذه المسألة في المادة

ال تسري أحكام المواد السابقة إال حيث ال توجد نص :" الجزائري التي نصت على أنه

وقد تتضمن المعاهدة ". على خالف ذلك، في قانون خاص أو معاهدة نافذة في الجزائر

وصاف تكييفا للمسائل التي تنظمها، وفي هذه الحالة يجب على القاضي أن يأخذ بهذه األ

منها على سبيل المثال االتفاقية المبرمة بين . )1(وال تعتبر ذلك على سبيل االستثناء

قواعد المساعدة على ع قالمغربية بقصد تجنب االزدواج الضريبي ووالجزائر والمملكة

جانفي 25الموقعة في الجزائر يوم ،المتبادلة في ميدان الضريبة على الدخل والثروة

1990.

ويختلف األمر في حالة االتفاق في المعاهدة على قاعدة اسناد وال ينص فيها

ستاذ بشأنها، وفي هذا الصدد يرى األعلى التكييف أو القانون الواجب الرجوع إليه

بارتان على أن يتولى القاضي في كل دولة اجراء التكييف الالزم لتطبيق قاعدة االسناد

على ضوء ما تقضي به النظم القانونية الداخلية في كل دولة، وبالتالي يخضع التكييف

.ا سابقافي هذه الحالة وفقا لقانون القاضي طبقا للقاعدة العامة التي ذكرناه

إال أن األخذ بهذا الرأي يؤدي . ألن أحكام المعاهدة تندمج فيه وتصبح جزءا منه

.إلى االختالف في نطاق تطبيق القاعدة الواردة في المعاهدة من دولة إلى أخرى

                                                             ،44الرسمية رقم ، الجريدة 13/10/1990المؤرخ في 90/299أنظر المرسوم الرئاسي - )1(

.1355ص

Page 69: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

68  

ويرى أغلبية الفقهاء أنه ليس من المنطق أن يفسر االتفاق الدولي بغير الرجوع

إذ أن الهدف من . )1(المصدر الحقيقي لقوته االلزامية إلى االرادة المشتركة بوصفها

هو الوصول إلى الحل المشترك بين Niboyetابرام المعاهدات كما يراه الفقيه نيبواييه

.)2(الدول المتعاهدة، وهذا لن يتم إذا لم يؤخذ بعين االعتبار التكييف المشترك

عاهدة بالرجوع إلـى ويمكن الوصول إلى النية المشتركة لجميع األطراف المت

من جهة وعدم اللجوء إلى المبادرات )3(عمال التحضيرية أو الطرق الدبلوماسيةاأل

.الفردية في تفسير وإعطاء تكييف لالتفاقية من جهة أخرى

وفي الحالة التي يتعذر على القاضي الوصول إلى استخالص النية المشتركة

التكييف لقانون القاضي، كما كانت قاعدة للدول المتعاهدة فإنه ال مناص من اخضاع

.)4(االسناد المنصوص عليها في المعاهدة من صنع المشرع نفسه

وتجدر المالحظة أن التكييف أو طريقة التفسير التي يتفق أطراف المعاهدة على

في اخضاعه التكييف لقانون Bartinمن نظرية )5(اتباعها في حقيقته ال تعد استثناء

.قانون القاضيبا هي قاعدة اتفاقية ال عالقة له القاضي، وإنم

إلى هذا هناك استثناءات أخرى لم يرد بموجبها نصوص صريحة في وباإلضافة

:القانون المدني وإنما استخلصها الفقهاء وهي كالتالي

:في حالة االستحالة المادية الوطني التكييفالتقيد ب-3                                                            

.204بلمامي عمر، المرجع السابق، ص - )1( .207، ص نفسهالمرجع بلمامي عمر، - )2( لتمس هذا االتجاه في كثير من المعاهدات الدولية من بينها من نصت عليه االتفاقية المبرمة نإذ - )3(

بين الجزائر واالتحاد البلجيكي اللكسمبورغي المتعلقة بالتشجيع والحماية المتبادلة لالستثمارات، المتضمن المصادقة على هذه االتفاقية، 1991أكتوبر 13المؤرخ في 245- 91المرسوم رقم

ت ـفقد نص. 1778، ص 1991أكتوبر 16المؤرخة في 46منشور في الجريدة الرسمية رقم رق ـمنها كل خالف يتعلق بتفسير أو تطبيق هذه االتفاقية يجب تسويته إذا أمكن بالط 11ة الماد

مـالدبلوماسية؛ وكذلك اتفاقية النقل الجوي المبرمة بين الجزائر وهولندا المرسوم الرئاسي رق ر ـالمتضمن المصادقة على اتفاق النقل الجوي بين الجزائ 1992أوت 29المؤرخ في 92/329 .1664، ص 65لندا، الجريدة الرسمية، العدد وهو

.212بلمامي عمر، المرجع السابق، ص - )4( .214، ص نفسهالمرجع بلمامي عمر، - )5(

Page 70: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

69  

في هذه الحالة إذا ما عرض نزاع أمام القاضي لتكييف مسألة ما وكان متعلقا

بنظام قانوني غير معروف في قانون القاضي، فيستبعد تكييف العالقة بسبب عدم

كنظام الوقف في الشريعة االسالمية (معرفة القانون األجنبي المطلوب تكييفه، مثال

نصيب )ر معروفتين في القوانين الالتينيةونظام الترست في القانون االنجليزي، وغي

في هذا الفرض يجب على القاضي أن . الزوج المحتاج التي ال يعرفها القانون الفرنسي

يكيف المسألة حسب القانون األجنبي الذي يعرف قانونه مثل هذا النظام وإال شوهت

.)1(الطبيعة القانونية لمحل النزاع

الوطني أن يوسع في ضوابط االسناد الواردة في رأينا أنه يتعين على القاضي

قانونه لتكون قادرة على استيعاب النظم القانونية األجنبية حتى يمكن لقواعد التنازع

.ة أن تؤدي المهمة التي وضعت من أجلهاطنيالو

أن المشرع الجزائري، أخضع التكييف لقانون القاضي من 9وبتحليل المادة

لمسألة االستحالة المادية، لكنه استعمل صياغة مرنة تسمح حيث المبدأ ولم يتعرض

للقاضي باالستئناس بالقانون األجنبي في فهم النظم القانونية التي تعرض عليه ويجهلها

.قانون دولته، وذلك بنصه على أن المرجع في التكييف هو قانون القاضي

القاعدة، وإذا تم ونعتقد أن الرجوع إلى القانون األجنبي ال يعد استثناء على

االستئناس بالقانون األجنبي على هذا النحو، أمكنه بعد ذلك أن يرد المسألة المعروضة

.بعد أن برزت معالمها إلى الفكرة المسندة المالئمة لها في قانونه

ولم يتخلف المشرع الجزائري عن مالحقة االتجاهات التي سعت إلى تطوير

لتقليدي استجابة لالعتبارات الدولية، الحظ الفقه وإخراجها من جمودها اBartinنظرية

مسك تن اخضاع التكييف لقانون القاضي ال يعني تجاهل القانون األجنبي الذي يأ

الخصوم بأحكامه، أو المحتمل التطبيق لكي يتمكن من التوسع في مفهوم الفكرة المسندة

                                                             .108زروتي الطيب، القانون الدولي الخاص الجزائري، المرجع السابق، ص - )1(

Page 71: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

70  

النزاع في أي مفهوم القانون الجزائري لكي يتسنى له بعد ذلك أن يضع محل

.)1(اماحداه

وفي تقديري أن الرجوع إلى القانون األجنبي واالستئناس بأحكامه عند ما

تعرض عليه عالقة مجهولة في قانونه ال يعد استثناء على قاعدة خضوع التكييف

لقانون القاضي كما جاء في نص المادة التاسعة، ذلك أن الكشف عن طبيعة المسألة

قتضي بداهة أن نلتمس أوال المعالم األساسية لها وفقا ألحكام المطروحة أمام القضاء ت

.القانون الذي يستند إليه

ولهذه االعتبارات لم يتردد المشرع الجزائري في مسايرة االتجاهات الفقهية التي

سعت إلى تطوير نظرية بارتان وإخراجها من اطارها الجامد التقليدي بإعطاء دور لكل

نون األجنبي في تكييف العالقة وهذا ما اطلق عليه بعض من قانون القاضي والقا

، )2()وضع الصفائح القانونية األجنبية في أدراج النظام الوطني(الفقهاء عبارة

والمعروف والمعمول به أن مهام القانون الدولي الخاص التنسيق وتوزيع األدوار بين

.األنظمة القانونية المختلفة

:جنسية دولة القاضي بينالجنسيات المتنازعة ترجيح:المطلب الثالث

من المعلوم أن نكون أمام حالة تعدد الجنسيات في الوقت الذي تثبت لشخص ما

أكثر من جنسية، وليس ثمة ما يمنع من وجود أشخاص يتمتعون بأكثر من جنسية في

بمبدأ نفس الوقت، حيث أن المبادئ المعمول بها في القانون الدولي المعاصر، ما يسمى

، هذه األخيرة التي تستوجب أن يتمتع الفرد الواحد )3(حرية الدولة في مجال الجنسية

.)4(بجنسية وحيدة فحسب

                                                             .74هشام صادق، المرجع السابق، ص - )1( .110- 109زروتي الطيب، القانون الدولي الخاص الجزائري، المرجع السابق، ص - )2( 120حسام الدين فتحي عبد اللطيف نصيف، المرجع السابق، ص - )3( المتعلقـة بتنـازع القوانين في شأن الجنسيــة، جـاء 1930وقد عبرت عن ذلك اتفاقية الهـاي - )4(

في ديباجتها إن المصلحة العامة للجماعة الدولية على أن يقر سائر أعضائها وجوب أن يثبت لكل فرد جنسية، وأن ال يكون له جنسيــة واحدة، وأن المثل األعلى الذي يجب أن تحتد به

Page 72: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

71  

ذلك المبدأ الذي يجعل لكل دولة حرية تحديد من هم رعاياها ووضع التشريع

الخاص بجنسيتها، باعتبارها صاحبة السيادة والسلطة على اقليمها وشعبها، وال يوجد

تعلو هيئة الدولة تملي عليها القواعد الخاصة بالجنسية، األمر الذي قد يؤدي في هيئة

النهاية إلى ثبوت أكثر من جنسية للفرد ذاته في نفس الوقت، ويعبر بعض الفقه عن تلك

المشكلة، تحت تسمية التنازع االيجابي للجنسيات، أن هذا التنازع ال يترتب عنه تنازعا

لجنسيات المختلفة حيث أن قانونا وحيدا سيتحكم في ترجيح إحدى آخر بين قوانين تلك ا

الجنسيات المتنازعة بعدما انطبقت عدة قوانين على نفس الشخص فأصبح على إثر ذلك

.متعدد أو مزدوج الجنسيات

22وقد نص المشرع الجزائري على قاعدة أفضلية الجنسية الجزائرية في المادة

، غير أن "دد الجنسيات يطبق القاضي الجنسية الحقيقيةفي حالة تع:" والتي جاء فيها

القانون الجزائري وحده هو الذي يطبق إذا كانت للشخص في وقت واحد بالنسبة إلى

".الجزائر الجنسية الجزائرية وبالنسبة إلى دولة أو عدة دول أجنبية جنسية تلك الدولة

نون جنسية القاضي وهذا النص أوجب تفضيل قانون الجنسية الجزائرية وهو قا

المطروح عليه النزاع عن قوانين األخرى التي يحملها متعدد الجنسية، ورد النص على

من 2285من القانون المدني المصري، وأيضا في المادة 25هذه القاعدة في المادة

المشروع المكمل للقانون المدني الفرنسي في مجال القانون الدولي الخاص، كما أكدتها

تلك الرابطة القانونية :" قضاء الفرنسي ويقصد بالجنسية بصفة عامة على أنهاأحكام ال

".والسياسية التي تربط الفرد بالدولة بحيث يصبح بموجبها أحد سكانها أو مواطنيها

إذا كان حرية الدولة في مجال الجنسية كما سبق الذكر يلعب دورا هاما في خلق

تصاص المنفرد لكل دولة فيها يخص جنسيتها مشكلة تعدد الجنسيات، إال أن هذا االخ

دون أن تتقيد بقواعد القانون الدولي الخاص، من المسائل لتقدير الدولة لظروفها

غير أن اطالق هذا المبدأ لسريان نتائجه بصورة مطلقة قد يؤدي إلى . ومصالحها

                                                                                                                                                                                    

راجع . البشرية في هذا الشأن هــو القضاء آلية على ظاهرتي تعـدد الجنسية وانعـدامها : بخصوص هذه االتفـاقية

.وما بعدها 337، ص 1930منشورات في المجلة االقتصادية للقانون الدولي الخاص،

Page 73: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

72  

ية ظهور ظواهر ضارة وتعقيدات مرتبطة بالجنسية على مسرح عالقات األفراد الدول

ابرزها ظاهرة تعدد الجنسيات، فقد أوضح الفقهاء في كثير من المؤلفات ما تثيره

ظاهرة التعدد من مشاكل تلحق أو تطال الفرد والدولة معا على مستوى القانون الدولي

الداخلي والتي تتصل بجوانب عدة إدارية وقضائية، وكذا في المجاالت التشريعية

ما أدى بكثير منهم إلى القول على الوضع الذي تثبت والدبلوماسية والسياسية، وهذا

للشخص الواحد أكثر من جنسية دولة ثبوتا قانونيا وصحيحا وهو ما يعبر عنه بالتنازع

وهذا التنازع ال يتولد عنه تنازعا آخر، حيث أن قانونا وحيدا هو . )1(االيجابي للجنسيات

عدما انطبقت عدة قوانين على الذي سيتحكم في ترجيح احدى الجنسيات المتنازعة ب

نفس الشخص فأصبح على إثر ذلك متعدد الجنسية، وهو الذي يعامل على أساسه

ويتحدد مركزه القانوني بالرجوع إليه، في حالة ما إذا ثار النزاع أمام القضاء بشأن

. ذلك المركز

ه ومن ثم يستوجب حلول للمشاكل الناتجة عن تعدد الجنسيات عند تزاحمها، فاتج

الفقه والقضاء إلى البحث عن المعايير التي يتم وفقها ترجيح إحدى الجنسيات عند

، إذ ميز الفقه )2(تزاحمها قصد الوصول إلى تحديد المركز القانوني لمتعدد الجنسيات

وسايرته مختلف التشريعات من بينهم المشرع الجزائري، فاألفضلية لجنسية وبإجماع

وانفراديا، وهناك جانبا من الفقه والقضاء يرون أن أفضل القاضي ينطبق تطبيقا أصليا

تركز حول موضوعبحتييمعيار يتم به هذا الترجيح هو معيار الجنسية الفعلية، وما دام

اختصاص القاضي الجزائري في حل تنازع القوانين، سوف نتناول الحالة التي يثور

زائري من بين الجنسيات فيها هذا التنازع بين الجنسيات وتكون جنسية القاضي الج

المتنازعة ثم بيان عالقة تعدد الجنسيات بمسألة التنازع بين الجنسيات والحل الذي أقره

السابق ذكرها فالقانون الجزائري هو الذي يجب 22المشرع الجزائري في المادة

                                                             ، ص 83، فقرة 11الطبعة ، 1986عز الدين عبد اهللا، القانون الدولي الخاص، الجزء األول، - )1(

.وما بعدها 246 ، دار 1996عكاشة محمد عبد العال، االتجاهات الحديثة في مشكلة تنازع الجنسيات، طبعة -

 .وما بعدها 44الجامعة الجديدة للنشر، االسكندرية، ص 2- Maury, Nationalité, théorie générale, Rép. de droit inter. privé, N˚ 85, P 286.

Page 74: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

73  

تطبيقه، ومن ثم اعطاء االختصاص لقانون الجنسية القانون الجزائري وعلى هذا النحو

:ناول بالترتيب هاتين الحالتين ضمن فرعين على التواليسأت

تحديد العالقة بين تنازع الجنسيات وتنازع القوانين: الفرع األول

بالتنازع االيجابي بين (إذا كانت العالقة بين تعدد الجنسيات أو ما يسمى

ينتج عنها تزاحم أو " حالة تعدد"وتنازع القوانين، ففي ظاهر المسألتين )الجنسيات

، وهذا ما )1(تنازع يحتاج إلى الفصل أو الحسم عبر االختيار أو المفاضلة أو الترجيح

لكن المفاضلة في . )بالتنازع االيجابي للجنسيات(يطلق عليه تسمية تعدد الجنسيات

لمتعددة ليست اختيارا لقانون واجب التطبيق من اختيار جنسية ما من بين الجنسيات ا

بين مجموعة قوانين تتزاحم بحكم نزاع خاص دولي، فخالفا للتسمية التي تضمنتها

.اتفاقية الهاي، فمن غير الصحيح قيام تنازع بين القوانين بخصوص مسائل الجنسية

لقانون هذه فالدولة عندما تضطلع بتنظيم مادة جنسيتها فإن ذلك ال يتم إال وفقا

وإنما عن طريق قواعد " قاعدة تنازع القوانين"الدولة، وهذا القانون ال يتحدد بمقتضى

القانون الدولي العام وهذا المبدأ مسلم به، وهو ما أظهرته اتفاقية الهاي في مادتها

وهو ما أكدته " وطنيوها ولة أن تحدد بمقتضى تشريعها من همعلى أن لكل د"األولى

ان مسائل " مة الدائمة للعدل الدولي في العديد من القضايا حيث قضتأيضا المحك

الجنسية تدخل في الوقت الحالي وبحسب األصل في نطاق االختصاص االستئثاري

".للدول

من القانون المدني الجزائري نجد المشرع استعمل 22وبالرجوع إلى المادة

الذي " تنازع الجنسيات"طلح متفاديا الخلط الناتج عن مص" تعدد الجنسيات"مصطلح

د أوحي ان المسألة تدور حول تنازع قوانين الجنسيات، وتنازع القوانين في قيحي، و

. )2(مسائل الجنسية

                                                             سعيد يوسف البستاني، اشكالية وآفاق تطور قانون الجنسية في لبنان والدول العربية، الطبعة - )1(

.202، منشورات الحلبي الحقوقية، ص 2006االولى، تحمل المفردات 1930أتت الترجمة العربية لعنوان مؤتمر الهاي حول مسائل الجنسية لعام - )2(

Page 75: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

74  

كون أن الجنسية تعد من صميم القانون العام الداخلي وهي مجال سيادي

أنها وقواعده أحادية التطبيق التي أصبحت من األمور التي ال محل لجدل بشأنها إذ

تحفظ للدولة سيادتها، بينما المسائل المتعلقة بتنازع القوانين من صميم القانون الخاص

التي تتفق فيها التشريعات والفقه والقضاء على امكانية تطبيق غير القانون الوطني

وعلى أن القاضي الوطني المطروح عليه النزاع هو الذي يقوم بمهمة االختيار وتطبيق

.جنبيهذا القانون األ

ولذلك عندما يحدث تنازع بين الجنسيات فال يكون بصدد البحث عن القانون

الذي يحكم جنسية الشخص المتعدد الجنسيات ألن قانون كل دولة منها هو صاحب

االختصاص بل بصدد حالة شخص يحمل أكثر من جنسية، مما يؤدي إلى حالة تنازع

بعدما انطبقت عدة قوانين )1(غيرهايستوجب حله بترجيح إحدى هذه الجنسيات على

على نفس الشخص المتعدد الجنسية وهو الذي يعامل هذا األخير على أساسه ويتحدد

بالرجوع إليه إذا أثير النزاع أمام القضاء بشأن مزدوج الجنسية وهو يمركزه القانون

بل المزدوج، والمتعدد ونسبة الشخص إلى دولة واحدة، ما يعني إنكار هذا الوالء

المشكلة تثور عن قانون أي من هذه الجنسيات هو الذي يعتد به وتعطى له األفضلية

.)2(والترجيح على غيره من قوانين الجنسيات األخرى التي يحملها

واختيار القاضي ألي من هذه القوانين ال يعني مطلقا أنه ينكر على الشخص

انكار منه لمبدأ االختصاص الجنسيات األخرى التي يحملها الشخص وإال لكان هناك

.المنفرد أو القاصر لكل دولة من الدول بتنظيم أحكام جنسيتها

                                                                                                                                                                                    

conflit des" هدة خاصة ببعض المسائل المتعلقة بتنازع القوانين بشأن الجنسيةمعا: " التالية lois sur la nationalitéتنازع القوانين في مسائل :" والتي تكررت في صيغة متقاربة هي

هذه الصيغة أجمع الفقهاء على اعتبارها خاطئة وغير دقيقة وحاولوا إزالة االلتباس المتولد " الجنسيةن أكدوا عدم امكانية قيام تنازع بين القوانين في مسائل الجنسية وحاولوا أن يفرقوا بين تعدد عنها، بأ

.الجنسيات وما يثيره من تنازع وبين فكرة ونظرية تنازع القوانينIl suit de là qu'aucun problème de conflit de lois n'est susceptible de se poser en matière de nationalité bien que l'expression soit employée notamment dans l'intitulé. La convention de 1930.

.165نقال عن سعيد يوسف البستاني، المرجع السابق، ص .46حمد عبد العال، المرجع السابق، ص عكاشة م - )1( .وما بعدها 121حسام الدين فتحي عبد اللطيف نصيف، المرجع السابق، ص - )2(

Page 76: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

75  

ويمكن القول ان التنازع االيجابي ال يتولد عنه تنازعا آخر بين قوانين تلك

الجنسيات المختلفة، كما سبق االشارة إليه، ال تتعلق بالبحث عن اختيار القانون

تتزاحم لحكم عالقة خاصة دولية بل الفرض أن عدة المختص من بين مجموعة قوانين

.قوانين انطبقت على شخص معين فأصبح على إثر ذلك متعدد الجنسية

وهذا التمييز بينهما يضع حائال وإن كان يمنع االلتباس بين المصطلحات

والتسميات إال أنه ال يلغي ما لتعدد الجنسيات من نتائج على مستوى تنازع القوانين

عندما تثير تقنية تنازع القوانين :" مشكلة التعدد على تنازع القوانين كما يلي فتنعكس

أجنبيا، هذا امسألة اختيار القانون الواجب التطبيق لحكم عالقة أو نزاع يتضمن عنصر

العنصر األجنبي قد يظهر إما من خالل اختالف جنسية األطراف المتعاقدة، وإما مكان

.المال في بلد أجنبي ابرام العقد، أو مكان وجود

وحسب المنهجية المعتمدة عند تطبيق قاعدة االسناد، فقد يكون ضابط االسناد

المعين للقانون الواجب التطبيق هو ضابط الجنسية، ففي هذه الفرضية ينتج عن تعدد

الجنسية تعقد مهمة القاضي في اختيار القانون الواجب التطبيق والوصول إلى حل

.النزاع

لحاالت التي تثار فيها مشكلة تتعلق بتعيين االختصاص لقانون ما، كل هذه ا

يكون ضابط االسناد الفاصل هو معيار الجنسية وبالتالي يقع االختيار على جنسية

.)1(واحدة من بين الجنسيات المتعددة

والواقع وحسب رأي بعض الفقه أن هذا الترجيح أو األفضلية في اختيار قانون

أخرى مشكلة التنازع بين القوانين وال يمكن طرح هذه المسألة إال ما، يخلق من جهة

إذا كان ثمة مجاال للبحث عن القانون الواجب التطبيق على حالة معينة استنادا إلى

قيض من ذلك أن قوانين الدول المتنازعة جنسيتها كلها نطرف خاص، والفرض على

                                                             .171-170سعيد يوسف البستاني، المرجع السابق، ص - )1(

Page 77: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

76  

الجنسيات المتزاحمة على واجبة التطبيق أصال، لكن من الصعب االعتداد بكافة

.)1(الشخص ذاته في نفس الوقت، فيصبح من الضروري ترجيح احداها على األخرى

حقق النتيجة إذا أدركنا أن الذي توفي هذا الصدد يرى بعض الفقهاء يمكن أن ت

يحدث دائما هو أن مسألة الجنسية ال تطرح أمام القاضي الوطني إال بكونها مسألة

التمتع بالحق، (تابعة مرتبطة بمسألة أصلية أخرى معروضة أمامه أولية، أو مسألة

تحديد مركز شخص، تحديد القانون الواجب التطبيق فيما يخص مسألة يحكمها قانون

.)....الجنسية الخ

نلفت النظر "وقد أورد الفقيه أحمد مسلم في هذا الشأن أفضل صياغة حين قال

القوانين بالمعنى االصطالحي لهذا األخير، بمعنى إلى أن تنازع الجنسيات ليس تنازع

، فهذه المسألة "اختيار القانون الواجب التطبيق"أننا في تنازع الجنسيات ال نكون بصدد

ليست مشكلة في مادة الجنسية ألنه من المسلم أن جنسية كل دولة يحكمها قانونها

ادة الجنسية، بل المشكلة وحدها، فال تنازع بين القوانين على االختصاص بالفصل في م

تكمن في تنازع الجنسيات وهي ترجيح واختيار احدى الجنسيات الثابتة قانونا لذات

. )2(الشخص لالعتداد بها وغض النظر عن غيرها

غير وجه الحل يوإذا نظرنا إلى مسألة تنازع الجنسيات من هذه الزاوية، لربما

ية المختص من بين قوانين الجنسيات الممكن إعماله، ونحن بصدد تعيين قانون الجنس

.)3(األخرى وتفضيله على غيره من ضمن هذه القوانين

قانون القاضيفي مسائل الحالة الشخصية طبقالتنازع الحل : الفرع الثاني

                                                             .47عكاشة محمد عبد العال، المرجع السابق، ص - )1( .137،ص1956أحمد مسلم، القانون الدولي الخاص، الجزء األول، الجنسية ومركز األجانب، - )2(

.46نقال عن عكاشة محمد عبد العال، المرجع السابق، ص .48عكاشة محمد عبد العال، المرجع نفسه، ص - )3(

Page 78: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

77  

يذهب االتجاه الغالب في القانون المقارن إلى أنه إذا كانت جنسية دولة القاضي

و متعددها وجب تطبيق قانون عاتق مزدوج الجنسية أمتنازعة على من بين الجنسيات ال

.جنسية القاضي وصرف النظر عما سواها

هذا الحل أخذ به المشرع الجزائري صراحة كما ذكرنا سابقا في الفقرة الثانية

القانون الجزائري هو الذي يطبق إذا كانت للشخص في :" على أن 22/2من المادة

لجنسية الجزائرية، وبالنسبة إلى دولة أو عدة دول وقت واحد، بالنسبة إلى الجزائر ا

".أجنبية جنسية تلك الدولة

ومعنى انطباق القانون الجزائري هنا، ترجيح الجنسية الجزائرية التي يحملها

.الشخص على باقي الجنسيات األخرى

ومبدأ االختصاص المنفرد هذا كما يعبر عنه بعض الفقهاء لكل دولة ببعض

جدل بشأنها كما سبق القول أنها تحفظ للدولة سيادتها، حيث تقوم لل محل المسائل التي ال

بوضع قواعدها الخاصة بجنسيتها مراعاة لظروفها ومصالحها، وتكون الجنسية هي أداة

لتحديد عنصر السكان فيها والتي ال قيام لها بدونها، فضال عن أن الطابع السياسي لهذه

سي في تحديد نطاق سيادة الدولة، ويبرز دورها في الرابطة يجعل منها المعيار األسا

حماية الفرد وتحديد مركزه القانوني، وبالتالي تطبيق أو تفضيل دورها في حماية الفرد

- Lex Fori–.)1(وتحديد مركزه القانوني، وبالتالي تطبيق أو تفضيل مبدأ قانون القاضي

وعلى هذا األساس يرى جانب من الفقه أنه ال مجال إلعمال قواعد تنازع

تطبيق قانونه الوطني، أي قانون الدولة التي بالقوانين في هذه الحالة، ألن القاضي ملزم

يستمد منها سلطته، فيتقيد بقواعد وأحكام قانونه حتى ولو كان يقضي على خالف ما

إذ -وبحق –ب اتجاه ثالث إلى أبعد من ذلك يقضي به النظام الدولي، في حين يذه

ينكرون تنازع القوانين على الجنسية في هذه الحالة، على أساس أن النزاع ليس إال

مجرد تنازع في الوقائع، حيث أن الجنسية األجنبية بالنسبة للقاضي هي سوى مجرد

دى حاالت واقعة، ومن ثم فإنه يتعين عليه أن يبحث عما إذا كان الشخص يدخل في إح

                                                            1-Batiffol et Lagarde, Droit international privé, TI, 6e édition, 1974, LGDJ, Paris, P 83.

Page 79: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

78  

الجنسية التي نص عليها المشرع الوطني، وال ينتقل إلى البحث عن انتماء هذا الشخص

.إلى جنسية أجنبية إال إذا تحقق من عدم تمتعه بالجنسية الوطنية

عدم بهناك اتجاه آخر يرى التزام الواقعية في مسألة الجنسية، وهو ما يقضي

.)مدني 2ف/22(مادة التطبيق التلقائي لقانون القاضي عمال بال

فقد يكون الشخص متعدد الجنسيات، غير مرتبط بجنسية دولة القاضي، وتكون

الجنسية األخرى التي لم يطبق قانونها هي الجنسية الفعلية التي يرتبط بها الشخص

ولذلك ذهب جانب من الفقه الحديث المؤيد لفكرة الجنسية الفعلية في . عيشها حقيقةيو

وبصرف النظر عما إذا كانت جنسية القاضي بين الجنسيات التي جميع الفروض

إلى أنه ينبغي تحديد الجنسية التي يجب تطبيق قانونها من )1(يحملها مزدوج الجنسية

يكفل وحدة الحل، بصرف النظر عما منضبطخالل منظور واقعي وعلى أساس معيار

هذه الدولة أو تلك من الدول مسألة الخاصة بمتعدد الجنسيات أمام سلطات الإذا ثارت

التي يحمل الشخص جنسيتها، فهو معيار يقوم كما يقول هذا االتجاه ال على فكرة

التبعية السياسية وإنما على أساس التبعية الواقعية، صحيح إن هذه األخيرة أي الجنسية

الفعلية تثير جدال كبيرا إذ هي بعد لم تحدد أبعادها بوضوح ولم تتحرر من كل

أم على يض، وال يعلم إذا كان من األفضل تحديدها على أساس معيار شخصغمو

أساس معيار موضوعي، إال أنه على الرغم مما تثيره من غموض، يمكن للقضاء أن

.ىيكشف عنها أو يستوحيها من العناصر الواقعية التي تحيط بكل حالة على حد

المهيمنة حتى ولو كان ومضمون هذا الحل القائل بتغليب الجنسية الواقعية أو

التزاحم بين جنسية الدولة المثار النزاع أمام قضائها وجنسية دولة أجنبية فيكون تغليب

الجنسية الواقعية على الجنسيات األخرى وهو تغليب يتم من الناحية المنهجية في جميع

بغض النظر عن هاألحوال وسائر الفروض وهو حل يرصد كسابقه مبدأ عاما بتطبيق

بتنازع "رت بمناسبتها المسألة الخاصة أثيعة أو هدف المسألة األصلية التي طبي

".الجنسيات

                                                             .674عكاشة محمد عبد العال، المرجع السابق، ص - )1(

Page 80: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

79  

ومن ثم فال يجب القول بوجود في هذه الحالة تنازع بين قانون جنسية دولة

القاضي وقانون جنسية أي دولة أخرى، ألن وجود جنسية القاضي من بين الجنسيات

.)1(ون مانعة سلفا ألي تنازع بين الجنسياتالمتنازعة التي يعقد لها االختصاص تك

ويذهب االتجاه الغالب في اغلب التشريعات على غرار المشرع الجزائري

نظر لطبيعة المسألة األصلية التفضيل جنسية القاضي في جميع الفروض ودون

المرتبطة بها مسألة الجنسية، ويتم ذلك دون االلتفات إذا كان الشخص مرتبطا من

لفعلية بإقليم الدولة الجزائرية أوال، وما إذا كانت له مصالح على اقليمها، الناحية ا

ومؤدى ذلك عمومية الحل، أي اعتماد نفس الحل في جميع الفروض التي تثور فيها

منازعة تطرح أمام القاضي مسألة تحديد القانون المختص ويكون مالئم حلها في ضوء

Laينسجم وطبيعة المسألة األصلية النظر إلى كل حالة على حدى بمقتضى حكم

question principale تعلق األمر بالمركز القانوني للفرد، أو بإعمال قواعد "ذاتها سواء

التنازع القانوني لمتعدد الجنسيات وبيان المحكمة المختصة التي عرضت بصددها

".المسألة المتعلقة بتنازع الجنسيات

إذ اعتمدته أغلب التشريعات وطبقه القضاء ،إن هذا االتجاه الواسع االنتشار

.والفقه في العديد من الدول

تقرر أن الشخص الذي 1930ولهذا نجد أن المادة الثانية من اتفاقية الهاي لسنة

يحمل جنسيتين أو أكثر يمكن اعتباره في كل دولة من الدول التي يحمل جنسيتها على

.أنه من مواطنيها

قد أقرت مبدأ ترجيح جنسية دولة القاضي، غير أن يتضح من هذا النص أنها

الذي يحمل دهذا المبدأ ليس مطلقا بل أورد عليه الفقه بعض القيود، أولهما خاص بالفر

فيه مزدوج أو متعدد الجنسية الصفة الوطنية لدولة من دول االعداء في زمن الحرب،

ن رعايا الدولة المعادية األمر الذي يترتب عليه معاملة هذا الشخص على أنه أجنبي وم

رغم حمله في نفس الوقت الصفة الوطنية، وقد اقتضت دواعي صيانة أمن الدولة

                                                             .134- 132ص المرجع السابق، حسام الدين فتحي عبد اللطيف نصيف، - )1(

Page 81: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

80  

وسالمتها اتخاذ االجراءات االستثنائية في مواجهة هذا الشخص ومعاملته معاملة رعايا

.عداء وبالرغم من ذلك فإن كثير من المحاكم لم تطبقهاأل

نصاره إال أوعلى الرغم من كثرة ،لهذا المبدأوعلى الرغم من االنتشار الواسع

أنه لم يسلم من االنتقادات فهو من ناحية يعطي الهيمنة واألفضلية في سائر الفروض

لقانون جنسية دولة القاضي بصرف النظر عن ارتباط المعني باألمر بهذه الدولة من

".بعدم واقعية الجنسية"مما يكرس ما يمكن تسميته . عدمه

ة أخرى سيؤدي هذا الحل إلى تباين في الجنسية التي سيعتد بها بالنسبة ومن ناحي

لمتعدد الجنسية، وذلك بحسب ما إذا ثار النزاع أمام قضاء هذه الدول التي يحمل

وسوف تتقيد بقانونها فحسب دون التفات للجنسيات األخرى مما ينتج عنه . جنسيتها

النهائي باختالف الدولة التي يثور اختالف الصفة الوطنية للشخص وكذا مصدر الحكم

.أمامها النزاع

د على ذلك أن األخذ بهذا الحل سيؤدي إلى اعاقة عمل االتفاقات الدولية التي ز

تجعل من الجنسية ضابطا لإلسناد في بعض المسائل كما هو الحال بالنسبة التفاقية

والقانون الواجب المتعلقة باالختصاص القضائي 1961أكتوبر 15الهاي المنعقدة في

.)1(التطبيق بالنسبة لحماية القصر

وأخيرا فإن اعطاء الغلبة لقانون القاضي دائما أمر يؤدي في الغالب إلى ضآلة

تنفيذ الحكم الصادر من دولة القاضي في الخارج وبصفة أخص في الدولة األخرى التي

الفرض تنظر الدولة ويكون متوطنا أو مقيما فيها، ففي هذا )2(يحمل الشخص جنسيتها

األخيرة للمسألة على أساس أن االختصاص القضائي لم يكن مبنيا على رابطة واقعية

وفعلية وجدية بين المحكمة والنزاع وأن االختصاص التشريعي لم يتحدد تحديدا

.صحيحا بالنظر إلى قواعد االسناد فيها

                                                             .671عكاشة محمد عبد العال، المرجع السابق، ص - )1( .673-672عكاشة محمد عبد العال، المرجع نفسه، ص - )2(

Page 82: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

81  

نسية الواقعية أو ولكل هذه االعتبارات ذهب جانب من الفقه الحديث بتغليب الج

تلك الجنسية التي يتفاعل معها الفرد ويعيشها فعال وتصوره حقيقة أكثر من باقي

جنسيات الدول التي يحملها متعدد الجنسيات بما فيها جنسية دولة القاضي وذلك في

جميع األحوال وسائر الفروض على أساس أنه قد يحقق األمان القانوني لألفراد والحل

يقه سيكون واحدا ال يتباين، سواء ثار النزاع أمام سلطات أي دولة من الذي سيتم تطب

الدول التي يحمل جنسيتها أو أمام سلطات من الغير أي أن تغليبها ال يقوم على فكرة

.ما على االرتباط الفعلي والواقعي المتصل بهذه الجنسيةنالتبعية السياسية فقط وإ

الواقعية ال تخلو بدوره من المثالب نظرا ومع ذلك فاالعتماد على معيار الجنسية

لالختالف الشديد حول مفهومها وعدم وضوح عناصرها على نحو يجعلها منبعثا لوجود

.عدم االمان القانوني

ته بعض دمتلكل هذه االعتبارات كرست بعض القوانين فكرة الحل الوظيفي واع

لى أمرين، في حالة إذا ما أحكام القضاء المقارن، وأخذ به الفقه، ويستند هذا الحل ع

طرحت مشكلة تنازع الجنسيات أمام القاضي الوطني وتكون من بينهما جنسية هذا

األخير، وطبق القاضي الجنسية األجنبية، فإن ذلك ال يعني انكارا للصفة الوطنية لهذا

الشخص، األمر الثاني على القاضي المثارة أمامه مسألة تنازع الجنسيات، أن يتحرر

عمله في كل الفروض فعليه أال ينظر أنها مسألة مستقلة قائمة بذاتها يلتقيد بحل عام من ا

لها حل واحد في كافة الحاالت، وإنما يجب حلها على ضوء النظر إلى هذه األخيرة

ذاتها من حيث طبيعتها والغاية أو الهدف التي تسعى إليه، سواء تعلق األمر بالمركز

القانون الواجب التطبيق أو باالختصاص القضائي، أو مدى القانوني للشخص أو بتعيين

ا أن شخصا وانطالقا من هذين االعتبارين، فإذا افترضن. امكانية تنفيذ األحكام األجنبية

بين الجنسيات المتنازعة الجنسية الجزائرية وثارت مسألة مزدوج الجنسية وتكون من

القانوني يتحدد من حيث مركزه تنازع الجنسيات أمام القضاء الجزائري فإن مركزه

.وما إذا كان له مركز األجنبي أو وضع الوطني

Page 83: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

82  

هذه النظرة ما هي إال نتيجة طبيعية في ظل الوضع الراهن للقانون الدولي العام

.لمبدأ حرية الدولة في تنظيمها لمادة جنسيتها على نحو تحقق مصالحها

الذكر في سبقدورا هاما كما إذا كان مبدأ حرية الدولة في مجال الجنسية يلعب

تنازع، إال أن الوجه اآلخر لنفس هذا المبدأ والذي هو مبدأ االختصاص الخلق مشكلة

وقد أقرت المحكمة الدائمة . المنفرد أو المحجوز للدولة كما سبق وأن رأينا فيما تقدم

بشأن )1(7/02/1923للعدل الدولي هذا االختصاص في رأيها االستشاري الصادر في

النزاع بين انجلترا وفرنسا حول مراسيم الجنسية الصادرة في تونس ومراكش حيث

االختصاص المنفرد يواجه باألحرى مجموعة المسائل التي رغم أنها "أوضحت أن

تمس عن قرب مصالح أكثر من دولة إال أنها ال ينظمها، من حيث المبدأ القانون

".كل دولة وحدها صاحبة األمر والنهي الدولي، وأنه فيما يتعلق بهذه المسائل تكون

إن فكرة االختصاص المنفرد لكل دولة ببعض المسائل أصبحت من األمور التي

ال محل للجدل بشأنها، حيث تجعل من قانونها الحكم الوحيد في شؤونها الحيوية سياسية

كانت أم اقتصادية أم اجتماعية، ومن ثم تبتعد هذه الشؤون عن متناول أي قانون

أجنبي، وإذا كان حقيقة أن ما يدخل في نطاق هذا االختصاص من مسائل أمر متروك

، إال أنه ينبغي أن يظل هذا األخير نسبيا )2(لتقدير كل دولة مراعاة لظروفها ومصالحها

وأن يبقى النطاق محدودا حتى يمكن التوفيق بين حق الدولة في رعاية مصالحها

ارات وجودها وتعايشها مع غيرها مع المجتمع المختلفة وبين المحافظة على اعتب

.الدولي

وانطالقا من هذين االعتبارين، فإذا افترضنا أن شخصا مزدوج الجنسية وتكون

من بين الجنسيات المتنازعة الجنسية الجزائرية، وثارت مسألة تنازع الجنسيات أمام

                                                            1- Les mots "compétence exclusive semblent plutôt envisager certaines matières qui, bien qu’elles peuvent toucher de très prés aux intérêts de plus d'un état, ne sont pas, en principe réglées par le droit international, en ce qui concerne ces matières, chaque état est seul maitre de ces décisions", V˚. C.P.J.I. L'avis consultatif concernant les décrets de nationalité promulgués en Tunisie et au Maroc, Rec. Des avis consultatifs, Série B. Na, N˚4, P 23 et s.

.ة الوطنية بمصلحة دولة القاضينقال عن حسام الدين فتحي ناصف،راجع في تعلق أمر الجنسي - )2("Lois d'application nécessaires en tant que lois d'ordre public", Dérrupé R.C.D.I.P, 1977, P 230.

Page 84: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

83  

إذا كان له مركز القضاء الجزائري، فإن مركزه القانوني يتحدد من حيث مركزه، وما

األجنبي، أو وضع الوطني هذه النظرة ما هي إال نتيجة طبيعبة في ظل الوضع الراهن

للقانون الدولي العام، لمبدأ حرية الدولة في تنظيمها لمادة الجنسية على نحو يحقق

. مصالحها

إن اقرار معيار الجنسية الفعلية حالة إثارة تنازع الجنسيات أمام قضاء دولة

تلك الجنسيات، أمر يقضي إلى ترجيح جنسية أجنبية على جنسية دولة القاضي إحدى

ومن ثم إهمال الجنسية األخيرة لعدم كونها الجنسية األكثر فعالية، والتي يرتبط بها

الشخص أكثر من غيرها، فحتى لو لم يكن لمتعدد الجنسيات أية مصلحة في ترجيح

ذه الدولة مصلحة في االعتداد بجنسيتها جنسية دولة القاضي، فهذا ال يعني أن له

وحدها، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى معاملة أحد الوطنيين في دولته معاملة االجانب

ومن ثم انكار الصلة الثابتة قانونا بين هذا الفرد ودولته، ولذلك عدم قيام القاضي

ه يبدو كتجريد الوطني بترجيح جنسيته عند تزاحمها مع جنسية أو جنسيات أجنبية، إذ أن

ضمني لهذا الفرد من تلك الجنسية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فالقضاء الذي

يفعل ذلك يكون قد خرج على إرادة مشرعه الوطني، تلك االرادة التي يتعين على

القاضي االلتزام بها في قضائه، فإذا كان الشخص يعتبر وطنيا، وفقا لقوانين الدولة،

خضع لهذه القوانين، وأن تتجاهل انتساب الشخص ألية دولة فعلى السلطات أن ت

.)1(أخرى

وبالرغم من ذلك فالجنسية تعد بال شك مسألة وثيقة الصلة بكيان الدولة

باإلضافةووجودها ووسيلتها في تحديد أحد العناصر المكونة لها وهو عنصر الشعب،

في تحديد نطاق سيادة يساسإلى الطابع السياسي لهذه الرابطة، يجعل منها المعيار األ

. الدولة من الناحية الشخصية، ومع بروز دورها الكبير في حماية الفرد وتحديد مركزه

ريب حينما ترجح جنسيتها في هذه الحالة بإعمال أحكام القانون ثوبالتالي فال ت

من القانون المدني السابقة الذكر حينما 22الوطني وحده وهذا ما ورد في نص المادة                                                             

راجع شمس الدين الوكيل، الموجز في الجنسية ومركز : نقال عن حسام الدين فتحي ناصف - )1( .132، ص 3، ط 1968األجانب، منشأة المعارف، االسكندرية،

Page 85: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

84  

ورد بها تغليب الجنسية الجزائرية عند تزاحمها مع غيرها من الجنسيات التي يتمتع بها

شخص واحد، هو مبدأ عام استقر في العرف الدولي، باعتبار ان تحديد الجنسية مسألة

.تتعلق بالسيادة كما ذكرنا سابقا

بين وفي هذه الحالة ال يمكن القول بوجود تنازع بين القوانين وال حتى تنازع

الجنسيات المتزاحمة، وذلك النفرادية القانون الذي ينطبق ووحدانية الجنسية التي يتعين

. االعتداد بها في قانون القاضي وجنسية دولة هذا األخير تطبيقا أصليا وانفراديا

:رمشروعية الفعل الضا: المطلب الرابع

Lex(التعاقدي لقانون المحل القاعدة الالتينية غير تعتبر قاعدة خضوع االلتزام

delecti( التي سادت لدى فقهاء المدرسة االيطالية القديمة والهولندية، وأخذت بها معظم

.)Loi locale(الفعل للقانون المحلي بإسناداألنظمة القانونية والتي تقضي

ون المكان الذي أما الفقه الحديث يؤكد تركيز االلتزامات الغير تعاقدية إلى قان

إلى التحليل باإلضافةيتسم به هذا الحل من وضوح وبساطة، اوقع فيه الفعل لم

االلتزام (المنطقي السليم، وذلك أن الواقعة ال يمكن تركيزها بالنظر إلى موضوعها

، )المتسبب في الفعل الضار والمضرور(، أو بالنظر إلى عنصر األشخاص )بالتعويض

وهذه الواقعة ال يمكن )الفعل الضار(نما يجب أن تتركز بالنظر إلى مصدرها وإ

اسنادها إال للمكان الذي وقعت فيه، غير أن اخضاع هذا الفعل للقانون المحلي ال يعني

عدم افساح المجال لتطبيق قانون القاضي، فالتطبيق الجامع لكل من القانونين بإقرار كل

.)1(من الفقه والقضاء

هذا االطار نجد المشرع الجزائري قد أقر مبدأ خضوع االلتزامات الغير وفي

: أنهلمدني الجزائري على امن القانون 20تعاقدية للقانون المحلي بمقتضى المادة

يسري على االلتزامات غير التعاقدية قانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ لاللتزام"

                                                             .360بلمامي عمر، المرجع السابق، ص - )1(

Page 86: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

85  

ناشئة عن الفعل الضار، ال تسري أحكام الفقرة غير أنه فيها يتعلق بااللتزامات ال

السابقة على الوقائع التي تحدث في الخارج وتكون مشروعة في الجزائر وإن كانت تعد

".غير مشروعة في البلد الذي وقعت فيه

ويتضح لنا مما تقدم، أي من ظاهر نص هذه المادة، أن ضابط االسناد في

القانون الجزائري يجعل القاعدة في شأن القانون المختص يحكم االلتزام غير التعاقدي

خضوعه للقانون المحلي بموجب الفقرة األولى من أو النافع المترتب عن الفعل الضار

رتها الثانية ضرورة مراعاة أحكام القانون الجزائري هذه المادة، إال أنه عاد فأكد في فق

عند تقدير مدى مشروعية الفعل الواقع في الخارج، بالنسبة لاللتزامات المترتبة عن

، والمقصود من عدم المشروعية هنا هو أن ال يكون الفعل معتبرا خطأ )1(الفعل الضار

إن .)2(ره قانون القاضيموجب المسؤولية التقصيرية وفقا للقانون الجزائري باعتبا

موقف المشرع الجزائري على هذا النحو يتوافق مع المبادئ السائدة في بعض

.التشريعات الحديثة

وتعليل هذا القيد عند الفقه هو أن الحاق وصف المشروعية بواقعة من الوقائع أو

.)3(نفيها عنها تستند إلى مقتضيات النظام العام

ظاهر نص هذه المادة أن ضابط االسناد في القانون ويتضح لنا مما تقدم، أي من

الجزائري يجعل القاعدة في شأن القانون المختص بحكم االلتزام غير التعاقدي المترتب

عن الفعل الضار خضوعه للقانون المحلي بموجب الفقرة االولى، إال أنه عاد وأكد في

تقدير مدى مشروعية الفعل فقرتها الثانية ضرورة مراعاة أحكام القانون الجزائري عند

                                                             يقول في هذا االطار االستاذ علي علي سليمان، أن هذا االستثناء مقصورا على الفعل الضار، - )1(

أنه كان استرداد ما دفـع ألن بعض الفقهاء مثل نبواييه رأوا تعميمه على الفعل النافع أيضا إذ بغير حق غير جائز طبقا لقانون المحل، وجائز طبقا لقانون القاضي وهذا هو الحل الذي اتبعه . القضاء الفرنسي في قضية ليزاردي الذي أثري على حساب تاجر المجوهرات الفرنسي ، ديوان 2008سة، علي علي سليمان، مذكرات في القانون الدولي الخاص، الطبعة الخام .89المطبوعات الجامعية، الجزائر، ص

.228زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )2( عز الدين عبد اهللا، القانون الدولي الخاص الجزائري، الجزء الثاني، تنازع القوانين واالجتهاد - )3(

.514، الهيئة المصرية للكتاب، ص 1976القضائي، الطبعة التاسعة،

Page 87: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

86  

مات المترتبة عن الفعل الضار، والمقصود من عدم االواقع في الخارج، بالنسبة لاللتز

المشروعية هنا، هو أن يكون الفعل الضار معتبرا خطأ بموجب المسؤولية التقصيرية

وفقا للقانون الجزائري باعتباره قانون القاضي، وقد اقتصر هذا االستثناء على الفعل

الضار فقط وتعليل هذا القيد عند الفقه، هو أن الحاق وصف المشروعية بواقعة من

.)1(الوقائع أو نفيها عنها أمر يتعلق بالنظام العام

الواقع أن هذا القيد ال يعد دفعا بالنظام العام، إذ أن هذا األخير ال يتحرك إال إذا

ن األجنبي، فيقتصر رجوع توافر مقتضى من مقتضياته، واالمتناع عن تطبيق القانو

القاضي إلى قانونه الوطني على بحث شروط عدم المشروعية، ألن المسؤولية

التقصيرية تتحدد طبقا للقانون المحلي الذي يتكفل ببيان أركانها وآثارها والجزاء

، ورغم األساس المنطقي الذي يقوم عليه مبدأ تطبيق القانون المحلي )2(المترتب عليها

امات غير التعاقدية، والذي عملت به غالبية النظم القانونية، إال أنه لم يفلت على االلتز

.من النقد الذي وجهه جانب من الفقه

بحق أن هذا القيد يتعلق من ناحية أخرى )3(يرى الفقيه جابر جاد عبد الرحمنو

ومن لتطبيق قاعدة االسناد، يف ضروري، وهو تكيمشروعية الفعل من عدمهبتكييف

ال يجوز مطالبة االلماني " من القانون المدني األلماني من أنه 12ما قررته المادة ذلك

من تلك التي تقررها القوانين بسبب فعل غير مشروع ارتكبه في الخارج بحقوق اكثر

ال :" من القانون الدولي الخاص الياباني من أنه 110وما ورد في المادة ". لمانيةاأل

يجوز للمضرور من فعل غير مشروع ارتكب في الخارج أن يطالب إال بالتعويضات

ف مثال القاضي المصري الفعل المرتكب على فإذا كي، "التي تقررها القوانين اليابانية

من القانون 18الوارد في الفقرة االولى من المادة أنه مشروع فال محل إلعمال النص

.)يقانون المحلال(من القانون المدني الجزائري 20المدني المصري والتي تقابل المادة

                                                             .408هشام على صادق، المرجع السابق، ص - )1( .228زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )2( .191نقال عن بلمامي عمر، المرجع السابق، ص - )3(

Page 88: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

87  

ع فيه، مؤداه أن قانون الفعل غير مشروع في البلد الذي وقحتى ولو كان ذلك

ره مشروعا، والعكس محل وقوع الفعل ال يسري إذا كان القانون الجزائري مثال يعتب

صحيح ولهذا يقول هذا الفقيه، أنه كان يمكن االستغناء عن القيد الخاص بتكييف

المشروعية من عدمها، واالكتفاء فقط بالمبدأ العام الذي يقرر اخضاع التكييف لقانون

أي اسناده للقانون الجزائري، وكذا االستغناء عن الفقرة الثانية من المادة ، )1(القاضي

التاسعة من القانون 9ي تضمنتها المادةاالكتفاء بالمبدأ العام أو القاعدة العامة التو 20

.المدني

وفي تقديري أن تكييف الفعل الذي ينتج عن جريمة أو شبه جريمة ال يعد

استثناءا حقيقيا من نظرية التكييف وفقا لقانون القاضي، وإنما تبرره اعمال السيادة التي

ي يقع على اقليمها الفعل الضار، فمن حق هذه األخيرة أن تكيف وفق تباشرها الدولة الت

.أو غير المشروعة قانونها كل ما يقع من أفعال وتصنيفها ضمن األفعال المشروعة

يعد قانون القاضي هو المرجع األساسي في شأن تقرير مشروعية الفعل من

االكتفاء بالرجوع إلى القانون المحلي عدمه، ألن القانون الجنائي قانون اقليمي، وبالتالي

للتأكد عما إذا كان الفعل المرتكب غير مشروع وفقا لهذا القانون، ألنه يعد من الناحية

العملية أكثر جدوى، باعتبار أن الغالب أن يتحقق الفعل المنشئ لاللتزام في ذات المكان

يشكل تعطيال لحكم الذي وقع فيه، وبالتالي فرض أحكام قانون القاضي في تكييفها

مدني جزائري، 20قاعدة اإلسناد الخاصة بالمسؤولية التقصيرية والواردة في المادة

مع مالحظة حكم الفقرة الثانية من نفس المادة، والتي ال تكتفي بالرجوع إلى القانون

.المحلي للتأكد مما إذا كان الفعل المرتكب غير مشروع وفقا لهذا القانون

تقدم فيما يخص المسؤولية عن الفعل الضار يحكمها قانون محل وإضافة إلى ما

وقوع هذا الفعل كقاعدة عامة سائدة في اغلب التشريعات المقارنة إال أن بعض

التشريعات تضع شروطا تخفف من مجال تطبيق هذه القاعدة، وتعطي االختصاص

.لقانون القاضي في شأن هذه المسؤولية

                                                             .191، ص نفسهبلمامي عمر، المرجع - )1(

Page 89: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

88  

خاصة عندما يقع الفعل في دولة ما، ويلجأ وتتضح هذه المسالة بوضوح

.المضرور إلى محاكم دولة أخرى لطلب التعويض

وفي هذا اإلطار نجد المادة عشرون من القانون المدني الجزائري في فقرتها

فيما يتعلق بااللتزامات الناشئة عن الفعل الضار، ال تسري احكام :" الثانية على أنه

التي تحدث في الخارج وتكون مشروعة في الجزائر، وإن الفقرة السابقة على الوقائع

".كانت تعد غير مشروعة في البلد الذي وقعت فيه

من القانون المدني 21وقد عبرت عن نفس االتجاه الفقرة الثانية من المادة

المصري، أي عدم سريان أحكام الفقرة السابقة، أي األحكام الخاصة بتطبيق قانون البلد

الفعل المنشئ لاللتزام والذي يحكم مسائل المسؤولية التقصيرية كقاعدة الذي وقع فيه

.كما يسود نفس االتجاه في ألمانيا . عامة

يبدو أن المشرع الجزائري يميل إلى استبعاد القانون المحلي باسم النظام العام،

إذا كان هذا األخير يكيفه ضمن األفعال غير المشروعة، حماية للطرف الوطني من

المتابعة القضائية واعتبار أن قدر الحماية التي يقررها القانون الوطني ال يجوز التنازل

.عنها

إن مراعاة الحكمة التي يستهدفها المشرع في شأن استبعاد قانون محل وقوع

الفعل على هذا النحو يرجع إلى اعتبار أن الفعل مشروعا من عدمه يتعلق بالنظام العام

.في الجزائر

حاق وصف المشروعية بواقعة من الوقائع أو نفي هذا الوصف عنها تعلق بأن إل

بالنظام العام حيث أن قانون القاضي يعد المرجع األساسي في شأن تكييف مشروعية

.الفعل محل دعوى التعويض من عدمها حسب نظرية الفقيه بارتان

في رغم األساس المنطقي الذي يقوم عليه تقدير مشروعية الفعل المرتكب

الخارج من عدمه إلى كل من القانون المحلي أو قانون القاضي تطبيقا جامعا، ألن

Page 90: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

89  

إلحاق وصف المشروعية بواقعة من الوقائع أو نفي هذا الوصف أمر يتعلق بالنظام

.العام كما سبق االشارة وهو أمر يستجيب إلى المبادئ السائدة في بعض التشريعات

عملية عند اعمال هذا القيد في حالة حدوث غير أنه قد يواجه القاضي صعوبات

الفعل الضار في أكثر من دولة مع تحقق الضرر في كل من هذه الدول، وبالتالي يثور

التساؤل في مثل هذه الفروض عن القانون الذي يخضع له وصف أو تحديد هذا الفعل

.المنشئ لاللتزام

مسؤولية ولو لم يكن ويكفي لتقدير عدم المشروعية أن يكون الفعل مستوجبا لل

مرتكبه قد أخطأ خطأ فعليا، وبالتالي فهي مسألة تكييف أولي يتوقف على الفصل فيها

تحديد القانون الواجب التطبيق، ومن ثم فهي تخضع بهذا الوصف لقانون القاضي

.من القانون المدني 20وفقا للمادة )القانون الجزائري(

فينة في البحر أو على متن طائرة في قد يحدث أن يقع الفعل الضار على ظهر س

الفضاء، أو في مكان ال يخضع للسيادة االقليمية لدولة معينة آما إذا حدثت الواقعة في

عرض البحر أو في الفضاء الجوي، ويثور التساؤل حينئذ عن القانون الذي يحدد طبيعة

ادث السفن الواقعة، ثم القانون الواجب التطبيق على المسؤولية المترتبة على حو

فال يثور صعوبة معينة في الفروض التي توجد فيها . والطائرات في مثل هذه الحاالت

معاهدة دولية لتنظيم هذه المسألة، فقد تثور الصعوبة حينما ال توجد فيها معاهدات دولية،

.)1(إذ ال مناص من الرجوع في مثل هذه االحوال إلى القواعد العامة في تنازع القوانين

وء ما تقدم تتضح أهمية الدور الذي يلعبه قانون القاضي بصدد مسألة وفي ض

التعويض عن األفعال غير المشروعة التي تقع في الخارج في شأن تقرير مشروعية

الفعل محل دعوى التعويض من عدمها، وهو اتجاه فرضته بعض التشريعات بنصوص

. صريحة،كما سبق وأن ذكرنا

                                                             هشام علي صادق، تنازع القوانين، دراسة مقارنة في المبادئ العامة والحلول الوضعية - )1(

.745، منشأة المعارف باالسكندرية، ص 1993المقررة في التشريع المصري، طبعة

Page 91: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

90  

أوضح في ختام هذا المبحث وما تم عليه االجماع وعلى ضوء ما تقدم يمكن ان

فقها وقضاء وتشريعا وسايره المشرع الجزائري اسناد االختصاص لقانون القاضي

سواء فيما يتعلق بمسألة بتحديد الطبيعة القانونية للمسألة محل النزاع التكييف، وأثر

المعروض عليه جنسية االطراف عند تنازع الجنسيات وتكون من بينها جنسية القاضي

)الفعل الضار(النزاع، والحال ذاته فيما يتعلق بالفعل المنشئ لاللتزام الغير تعاقدي

تبررها اعتبارات عملية وقانونية، حيث أن القاضي في هذه المرحلة يقتصر دوره على

تحديد الوصف القانوني للمسألة كمرحلة تمهيدية وليس تقرير أو فرض حال مباشرا أو

اع المطروح، وانطالقا من فكرة المصلحة الوطنية، قد يسند المشرع حكما للنز

االختصاص لحلول مسائل تنازع القوانين لقانون القاضي وحده، مراعاة لمقتضيات

.اجتماعية أم اقتصادية

المبحث الثاني

لمصلحة الوطنيةاختصاص قانون القاضي استنادا ل

الهدف االجتماعي للقانون قد سبق وأسند فكرة Pilletيالحظ أن الفقيه بييه

قواعد "قد اعتبر كل القواعد التي تهدف إلى حماية مصلحة الجماعة هي من الوطني، و

ن مضمون القانون األجنبي وآثار تطبيقه يتعارض أفإذا تبين للقاضي " البوليس

.)1(والمصالح األساسية في دولته ال يجب تطبيقه

يرتبط مع كافة القوانين الداخلية ومضمون الذي اعتنقه أي أن الهدف االجتماعي

قواعد االسناد في قانون القاضي ورتب على ذلك أنه يستوجب حل مشكلة تنازع

                                                            1- Pillet .A, Traité de droit international privé, Paris Grenoble, T1, 1923, N˚ 35 et s.

Page 92: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

91  

القوانين بما يضمن عقد االختصاص للقانون الذي يستجيب أو يحقق الهدف االجتماعي

.)1(تنازع القوانينللنظام القانوني الذي أثيرت بشأنه مشكلة

وقد أولى المشرع الجزائري عناية خاصة لتنظيم االختصاص القانوني عن

طريق وضع قواعد اسناد معينة يحدد بموجبها القانون الذي يحكم مسائل األحوال

الشخصية ومدى تأثر مضمون قواعد االسناد بالسياسة التشريعية والمبادئ الموضوعية

ي، ويتضح ذلك من خالل تحديد ضابط الجنسية لحل السائدة في النظام الجزائر

من القانون المدني الجزائري 10المنازعات المتعلقة بحالة وأهلية األشخاص في المادة

ليسري القانون الجزائري على كل مواطنيه داخل وخارج االقليم باعتباره القانون

قوام حل التنازع في األكثر عدالة ومالءمة الذي يحمي مصالحهم بقدر أو بآخر إذ أن

منهج االسناد يتأتى من اختيار المشرع قاعدة االسناد األنسب واألكثر مالءمة في ضوء

. )2(السياسة والمصلحة الوطنية

ويبدو أن حرص مشرعنا وتأثره باألخذ بفكرة المصلحة الوطنية ما جعله يخرج

ن القاضي الجزائري على عن القاعدة العامة لإلسناد السيما ضابط الجنسية لصالح قانو

جنبي المختص، سواء فيما يتعلق أو يخص األهلية، نظام مسائل حساب القانون األ

.الزواج

وكقاعدة أساسية فإن مشرعنا أخضع المسائل المتعلقة باألحوال الشخصية

. لضابط عام لإلسناد هو الجنسية، وحالة األشخاص االعتبارية

يتوقف على ،أمر حكم األحوال الشخصيةوقد تبنى المشرع مبدأ الجنسية في

الظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية خاصة إذا كانت دولة مصدرة لرعاياها

فالمصلحة الوطنية هي أحد موانع تطبيق القانون األجنبي الخاص بأحكام األهلية، وذلك

.)3(ضرارا بالمصلحة الوطنيةأفي حالة ما إذا كان األخذ بأحكامها يرتب

                                                            1- A. Pillet, op.cit, P 104.

.80زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )2( حسن الهداوي، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين المبادئ العامة، والحلول الوضعية في - )3(

Page 93: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

92  

خضع المشرع االختصاص األصلي والمنفرد لقانونه في هذه الحالة باعتباره أو

قانون القاضي بعدما أعطى االختصاص لقانون جنسية الشخص فيما يتعلق باألهلية،

انطالقا من فكرة المصلحة الوطنية وهذا كاستثناء من القاعدة العامة التي تخرج

.القاضياالختصاص من القانون األجنبي وتسنده لقانون

ويترتب على األخذ بفكرة المصلحة الوطنية هو االسناد المنفرد لالختصاص

التشريعي لقانون القاضي لحكم مسألة من مسائل التنازع كاستثناء عن االسناد الحيادي

.)1(العام متى كان تطبيق القانون االجنبي يضر بالمصلحة الوطنية

هات الحديثة فنظم مسائل تنازع وقد حرص المشرع الجزائري أن يساير االتجا

.من القانون المدني الجزائري 22/2، 09، 15، 13، 10/2القوانين في المواد

فإزاء اختالف مفهوم الزواج بين النظم القانونية تحت تأثير الدين والظروف

االجتماعية، عكف المشرع الجزائري على تنظيمه تنظيما دقيقا بما يضمن كفالة احترام

ريعة االسالمية التي تقرر حقوقا للزوج المسلم مما يوجب اخضاعها للقانون قواعد الش

الذي يضمن هذه الحماية ويحقق هذا الهدف بإخضاعه للقانون الجزائري فأقر حماية

خاصة للمتعاقد الجزائري مع طرف أجنبي في التمسك بحقه في مواجهة هذا األخير

المطلب (، وإذا كان احد طرفي العالقة جزائريا وقت انعقاد الزواج )األولالمطلب (

حق الدولة في حماية مصالحها االقتصادية والتجارية )مطلب ثالث(، وفي )الثاني

يستوجب تطبيق نظامها القانوني كسبب لتبرير هذا االسناد للقانون الجزائري لحكم حالة

.)دولة القاضي(االقليم الجزائري األشخاص االعتبارية التي تمارس نشاطها على

                                                                                                                                                                                    

.98، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ص )دراسة مقارنة(القانون األردني  :في هذا الصدد Delaumeيقول الفقيه - )1(

" Tout Français tire de sa qualité de français à l'application de sa loi nationale, c'est-à-dire de la loi française( …) La France doit aux français l'appelle de la loi française, comme celle qui lui doit la faculté de plaider devant les tribunaux Français." G. R. Delaume, l'influence de la nationalité française, sur la solution de conflits de lois en matière de droit des personnes, RCDIP, 1949, N˚4, P 8-9.

.61نقال عن مسعود بورغدة ناريمان، المرجع السابق، ص

Page 94: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

93  

مصلحة المتعاقد الوطني في تصحيح التصرف المبرم مع : المطلب األول

أجنبي

من المسائل المهمة التي تدخل ضمن األحوال الشخصية هي األهلية والتي يجب

اخضاعها كمبدأ عام للقانون الشخصي نظرا ألهميتها فالقواعد المنظمة لها وضعت

. فرد وال تتحقق هذه الحماية إال بإخضاع األهلية للقانون الشخصيلضمان حماية ال

ولذلك نصت أغلبية القوانين إلى اخضاعها لقانون الجنسية وهذا ما أخذ به

19فهي محددة ب . المشرع الجزائري غير أن عوامل تحديدها تختلف من نظام آلخر

)46م (سنة 18رنسي ب سنة في القانون الجزائري بينما في القانونين السوري والف

م (سنة في القانون المصري 21سنة في القانون العراقي وب 19وب )106(و

سنة 25سنة في القانونين الهولندي واالسباني، وب 23والقانون االنجليزي، وب )44

.سنة في القانون األردني 18نماركي والمكسيكي وافي كل من القانونيين الد

ولى من المادة العاشرة من القانون المدني الفقرة األوهذا ما تطرقت إليه

تسري على الحالة المدنية لألشخاص وأهليتهم قانون الدولة التي ينتمون :" الجزائري

".إليها بجنسيتهم

غير أن ما يقصد باألهلية في هذا النص إلى أهلية األداء العامة ال أهلية الوجوب

فقهاء والغاية من اسناد أهلية األداء العامة ألن األولى ترتبط بسن الرشد بإجماع ال

لقانون جنسية الشخص هي لحماية الشخص ذاته ولذلك يتكفل هذا األخير بتقرير طرق

الحماية المقررة أما األهليات الخاصة والتي محورها أوصاف خاصة في الشخص فهي

تصرف تخرج من اختصاص قانون الجنسية، ويخضع هذا المنع للقانون الذي يحكم ال

.)1(او العالقة القانونية بين الطرفين

                                                             ومن أمثلة هذه األهليات ما نصت عليه أغلبية التشريعات منع الطبيب من تلقي تبرع من - )1(

عدم أهلية رجال القضاء لشراء األموال المتنازع عليها بأسمائهم أو . المريض مرض الموت منع المفلس من التصرف في أمواله خالل فترة الريبة حماية لحقوق . بأسماء مستعارة تقييد أهلية المرأة المتزوجة من التصرف في أموالها بدون إذن زوجها ومنعها من . الدائنين

Page 95: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

94  

ا يعتبر من األهلية أو غيره لقانون القاضي مويتحدد مضمون الفكرة المسندة في

وفقا للقاعدة العامة في نظرية التكييف فتحديد طبيعة المسألة هل هي متعلقة باألهلية

.العامة أو الخاصة تخضع لقانون القاضي المطروح عليه النزاع

نون الذي يحكم أهلية األداء العامة هو الذي يحدد سن الرشد وعوارض فالقا

ويبين متى يكون الشخص فاقد األهلية أو )كالجنون والعته والسفه والغفلة(االهلية

ناقصها أو كاملها وما هي التصرفات التي يعتبر أهال للقيام بها وحده وما ال يستطيع

ه بإدارة أمواله، ويحدد كذلك القانون الشخصي القيام بها، ومتى يعتبر الصبي مأذونا ل

الجزاء المترتب عن فقد األهلية ونقصها، هل هو البطالن وما إذا كان يجوز اقرار

.التصرف باطال أو ال يجوز ذلك

ومن خالل نص المادة العاشرة يتضح لنا أن المشرع الجزائري قد وضع قاعدة

لعامة للشخص لقانون الدولة التي ينتمي عامة في شأن االهلية، فأخضع أهلية االداء ا

إليها بجنسيته، وتحديد ضابط االسناد على هذا النحو نتيجة طبيعية العتبار األهلية من

مواد األحوال الشخصية، وأساسها هو حماية الشخص ذاته وإذا كان تطبيق القانون

المدني، ثم الجزائري على األهلية هو األصل طبقا لنص المادة العاشرة من القانون

قرر استثناء على هذه القاعدة العامة بحيث يخضع األهلية لقانون القاضي الجزائري

.وليس لقانون جنسية الشخص

ومع ذلك ففي :" حيث جاء في نص الفقرة الثانية من المادة العاشرة ما يلي

أجنبيا ا إذا كان أحد الطرفين تعقد في الجزائر وتنتج آثارها فيهالتصرفات المالية التي

هلية، وكان نقص األهلية يرجع إلى سبب فيه خفاء ال يسهل تبينه على ناقص األ

".الطرف اآلخر، فإن هذا السبب ال يؤثر في أهليته وفي صحة المعاملة

وهكذا حرص المشرع الوطني في ضمان حق المتعاقد الجزائري في تصحيح

االختصاص للقانون التصرف الذي قام به مع أجنبي ناقص األهلية سببا في جعل

الجزائري، وبتطبيقه لقانون القاضي الجزائري باعتباره القانون الوطني ألحد طرفي

                                                                                                                                                                                    

.153 -152 - 151زروتي الطيب، المرجع السابق، ص . كفالته

Page 96: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

95  

العقد، وبالتالي رأى المشرع أن يساير ما جرى عليه العمل في معظم التشريعات مقننا

بهذا االستثناء مستندا إلى فكرة المصلحة الوطنية، مما يترتب على ذلك اسناد

نون القاضي في حكم األهلية واستبعاد القانون األجنبي في العالقات االختصاص لقا

.المالية متى كان تطبيقها يضر بمصالح المتعاقد الوطني

ولذلك فإن خضوع أهلية الشخص لقانون القاضي الوطني يسبب اضطرابا في

المعامالت ويزعزع الثقة بين المتعاقدين، ويؤدي إلى نتائج غير عادلة، فعلى سبيل

لمثال إذا تعاقد أجنبي ناقص األهلية وفقا لقانونه الشخصي مع جزائري وانصب ا

موضوع العقد على شراء بضاعة معينة من محل تجاري في الجزائر وكان البائع ال

يعلم بالمتعاقد األجنبي مدى كمال أهليته وجاهال أيضا لجنسته فقد يكون قانون دولة هذا

حدده القانون الوطني وقد يجد المتعامل األجنبي األخير يحدد سن الرشد بأقل مما ي

نصل من التزاماته، فيدفع بإبطال التصرف الذي أبرمه استنادا إلى أنه تمصلحة في ال

.غير كامل األهلية وفقا لقانونه الشخصي وهو ما يقع في حاالت كثيرة

وهذا ما جعل المشرع الجزائري على غرار اغلب المشرعين على وضع معين

االعتداد بنقص االهلية المقرر في القانون األجنبي لحماية المتعاقد الوطني، من عدم

.همية التمسك بالمصلحة الوطنيةأوفي هذا الصدد تبرز

ن ذكرنا أن مشرعنا لم يخرج عما جرى عليه العمل في أحكام القانون أوسبق و

الستثناء في المقارن فأبرز القضايا التي عرضت فيها مشكلة األهلية، أو حكم هذا ا

الشهيرة وتتلخص وقائعها في أن شابا Lizardiالقضاء الفرنسي هي قضية ليزاردي

سنة اشترى وهو في باريس بعض المجوهرات من تاجر 23مكسيكيا يبلغ من العمر

ألف فرنك فرنسي، ووقع بهذا الثمن عدة سندات وعند مطالبته بالسداد 80فرنسي ب

ن الدفع بسبب نقص أهليته حسب القانون المكسيكي الذي دفع ببطالن العقد أي امتنع ع

سنة، فرفع التاجر الفرنسي دعوى أمام القضاء الفرنسي طالبا 25يحدد سن الرشد ب

فيها بدفع قيمة السندات متعذرا بجهل أحكام القانون المكسيكي ما دام ليزاردي راشدا

سنة ويكفي 21رشد ب قياسا على أحكام القانون الفرنسي، الذي كان يحدد سن ال

Page 97: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

96  

لصحة التصرف أن الفرنسي قد تعاقد بدون خفة وال رعونة، وان يكون حسن النية

اضرارا بالمصلحة الوطنية )المكسيكي(جنبي وأنه يترتب على األخذ بالقانون األ

فقضت المحاكم الفرنسية بصحة العقد باستبعاد القانون المكسيكي باعتباره القانون

ردي بالدفع وأيدت محكمة النقض الفرنسية قضاة الموضوع في لزم ليزاأالشخصي و

حكمهم بصحة العقد مؤسسة حكمها على أنه ال يجـوز أن يفترض في الشخص

الفرنسي بمعرفة مختلف قوانين الدول، وخاصة المتعلقة بنقص األهلية، ويكتفي أن

.)1(ن النيةيكون المتعاقد الفرنسي قد تعاقد مع األجنبي بدون خفة أو رعونة، وحس

واستقر القضاء على هذا المبدأ منذ ذلك الحين، وأخذت به معظم األنظمة

والدراسة التحليلية لهذا االستثناء المقرر لصالح قانون القاضي فيما يخص القانونية

.ساسه وشروط تطبيقهألأهلية األجنبي تفرض علينا التصدي

االستثناء المقرر لصالح قانون القاضي مبررات: الفرع األول

إن احالل قانون القاضي محل القانون األجنبي الواجب التطبيق على األهلية،

ضي باهتمام كبير لدى الفقه الفرنسي وذلك منذ أن صدر حكمليزاردي، وذلك حأمر

.مبررات متعددة ومتنوعةومحاولة منهم للبحث عن أسس

د هذا االستثناء إلى فكرة المصلحة الوطنية وقد حاول الفقه الفرنسي أن ير

L'intérêt national والتي تجعل االختصاص لقانون القاضي إذا كان تطبيق القانون

                                                             حيث قررت المحكمة - )1(

" Dans ce cas le français ne peut être tenu de connaître les lois des diverses nations et leurs Dispositions concernant, notamment, la minorité, la majorité et prétendue des engagements qui peuvent-être pris par les étrangers dans la mesure de leur capacité civile, et il suffit alors, pour la validité des contrats, que le français ait traité sans légèreté, sans imprudence et avec bonne foi. »

. نظرية الجهل المغتفر بجهل القانون األجنبي Batiffolوعلى ذلك يطلق عليها الفقيه .77-76أحمد عبد الحميد عشوش، المرجع السابق، ص : راجع فيهذا الصدد مؤلف

Page 98: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

97  

األجنبي يضر بالمصلحة الوطنية والتي تستلزم أال يضار الوطني من تطبيق القوانين

.األجنبية

وقد انتقد هذا التبرير ذلك أن قواعد القانون الدولي الخاص ترمي إلى حماية

مصالح األفراد دون تفرقة بين وطنيين وأجانب زيادة على ذلك فإن التمسك بالمصلحة

قوانين األجنبية إذ أنه للالوطنية على هذا النحو قد يكون من شأنه استبعاد كل تطبيق

زعات، هكذا لم تعد فكرة المصلحة الوطنية مبررا وضع حلول مسبقة لكل المنا ييعن

.) 1(صالحا يمكن االستناد إليه في هذا المجال

جنبي الواجب التطبيق اتجه بعض الفقه إلى اعتبار مسألة استبعاد القانون األ

قانون بإحاللبشأن األهلية بمثابة تطبيق واضح لفكرة النظام العام الدولي والتي تقضي

.خيرجنبي على إثر استبعاد هذا األالقاضي محل القانون األ

وقد تعرض أيضا هذا االتجاه للنقد على أساس أنه ال يتصور الدفع بالنظام العام

تعارض مع األسس الجوهرية في القانون الوطني، يإال إذا كانت أحكام القانون األجنبي

في القانون الوطني ال يصطدم بحال مع جنبي عنه فاختالف سن الرشد في القانون األ

فكرة النظام العام في دولة القاضي، وقد سبق للقضاء الفرنسي أن طبق مرارا القانون

. )2(األجنبي الذي يحدد سن الرشد الذي يزيد عن السن المحددة في القانون الوطني

ستبعاد االستناد على فكرة االثراء بال سبب لتبرير ا ويميل جانب من الفقه إلى

أحكام القانون األجنبي، فإن األجنبي الذي يتمسك بنقص أهليته إلبطال العقد الذي أبرمه

يعتبر قد أثري على حساب الوطني مما يبرر اخضاع النزاع المبرم بينهما لقانون

. المحل الذي وقع فيه الفعل مصدر االثراء وهو القانون الفرنسي في قضية ليزاردي

                                                             :Bartinراجع في هذا الشأن الفقيه - )1(

Bartin, Principe de droit international prive, Paris, 1932, T II, n ˚ 23, P 41. .220اعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - )2(

Page 99: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

98  

ساس أن القضاء الفرنسي لما قضى بصحة التصرف الذي قام به وقد عيب على هذا األ

.)1(ليزاردي دون تفريقه بين ما إذا كان هذا األجنبي قد اثري من ورائه أم ال

ويرى جانب آخر من الفقه إلى أنه يمكن تبرير هذا االستثناء بصفة خاصة في

د أثرى على حساب ذلك أن المتعاقد األجنبي ق. قضية ليزاردي السابق االشارة إليها

الطرف الوطني ولذا يدفع ببطالن التصرف أو العقد الذي ابرمه مع هذا األخير ولهذا

يخضع النزاع لقانون محل ابرام العقد بوصفه قانون الدولة التي وقعت فيها واقعة

فلم يفلت )2(االثراء، وهذا ما أدى بهذا الفريق إلى االستناد على فكرة االثراء بال سبب

لرأي هو اآلخر من النقد، فيعاب عليه أنه عجز عن تفسير أحكام القضاء الفرنسي هذا ا

الذي طبق االستثناء المقرر لصالح قانون القاضي دون تفرقة ما إذا كان هذا األجنبي قد

أثرى من جراء التصرف الذي أبرمه من عدمه، وبالتالي فهو يسعى لحماية الطرف

.الوطني في جميع الحاالت

وهو من أشد االنصار تحمسا لقضاء ليزاردي، فيرى Niboyetقيه نبيوايه أما الف

هذا االستثناء المقرر لصالح قانون القاضي يمكن تأسيسه أو اعماله ليس فقط لكونه

يستجيب للظروف العملية الهامة ولكنه يحقق نوع من االنسجام النظري بين تطبيق

.)3(والقانون الشخصي لغير كامل األهلية قانون البوليس للدولة التي وقع فيها التصرف،

الذي يرى في )Francescakis)4ويتقارب رأي الفقيه نيبوايه مع ما قرره الفقيه

قاعدة من قواعد البوليس أو قاعدة من قواعد التطبيق المباشر تسعى إلى هذا االستثناء

بتنظيم السوق الدفاع عن المصلحة الخاصة للمتعاقد الفرنسي وعلى االعتبارات الخاصة

                                                             .302هشام علي صادق، المرجع السابق، ص . 233عز الدين عبد اهللا، المرجع السابق، ص - )1( .303هشام علي صادق، المرجع نفسه، ص - )2(

3- J.P. Niboyet, Manuel de droit inter. privé, 2e édition, 1938, n˚600, cours de droit inter. privé, éd. 1947, n ˚ 549. "Parfaitement fondée, non seulement parce qu'elle répond à un besoin hautement pratique, mais parce qu'elle établit l'harmonie théorique entre la loi de police territoriale et la loi nationale de l'incapable." 4-" prend l'allure d'une règle de police ou d'application immédiate"fondée sur la défense, non de l'intérêt personnel du contractant français, mais de l'organisation du marché français". Francescakis Phocion, op. cit.

Page 100: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

99  

جنبي ولقد القى هذا األساس تأييدا كبيرا عند من يعتبر القانون األ. التجارية الفرنسية

. عنصر من عناصر الواقع

ج، كذلك ألن الحكمة .م.من ق 24ونرى أن هذا الحكم ينطبق على نص المادة

ظام التي أرادها المشرع من هذه المادة، هي استبعاد النصوص التي تتعارض مع الن

العام الجزائري أو اآلداب، وليس استبعاد القانون األجنبي في حد ذاته، اللهم إال إذا كان

هذا القانون األجنبي ليتعارض في مجموعه مع النظام العام، أو كان الجزء الباقي منه

ليست له أهمية بالمقارنة مع النصوص المستبعدة، ففي هذه الحالة فقط ال مناص من

ون األجنبي بكامله، ويتفق هذا مع وصفه النظام العام في القانون الدولي استبعاد القان

استثنائية تقوم بالقدر الضروري للحفاظ على االخاص، إذ أن وظيفته كما رأينا سابق

األسس الجوهرية التي يقوم عليها كيان مجتمع القاضي، فإذا كانت بعض نصوص

و الحاجة أو الضرورة إلى استبعادها، القانون األجنبي ال تناقض هذه األسس فال تدع

وكذلك قيل بأنه ليس القانون األجنبي هو الذي يصطدم عادة بفكرة النظام العام، وإنما

. )1(تطبيق بعض أحكام هذا القانون في حاالت معينة هو الذي يتعارض مع هذه الفكرة

ضي في ويرى جانب من الفقه الفرنسي أن االستثناء المقرر لصالح قانون القا

قضية ليزاردي يمكن األخذ به كقاعدة بديلة أو احتياطية تستعمل كمصحح لقاعدة

االسناد األصلية التي تقضي بتطبيق القانون الشخصي على األهلية عندما يتسم هذا

.)2(دم المالءمةعاألخير بالجمود و

يبرر غالبية الفقه الحديث من بينهم الفقيه باتيفول هذا االستثناء بقولهم عدم العلم

L'ignorance" الجهل المغتفر بالقانون األجنبي"بنصوص القانون األجنبي يعد من قبيل

excusable de la loi étrangère

بي حيث أن القضاء الفرنسي في قضية ليزاردي اعتبر أن الجهل بالقانون األجن

عذر مقبول وبالتالي فالمتعاقد الوطني في جهله لهذا القانون هو مبرر كاف لالمتناع

                                                             .127، ص 1986علي هشام صادق، دروس في القانون الدولي الخاص، طبعة - )1( .92أحمد عبد الحميد عشوش، المرجع السابق، ص - )2(

Page 101: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

100  

عن تطبيقه ألن الجهل بالقانون األجنبي هو جهل بالواقع وليس جهال بالقانون تدفعه

من لإلفالت، حتى ولو كان هذا االحتجاج صحيحا )1(قاعدة الجهل بالقانون ليس بعذر

.أحكامه

وإذا سلمنا ) 2( ي كل من أستاذنا علي علي سليمان وزروتي الطيبويؤيد هذا الرأ

جنبي الذي تشير قاعدة االسناد الوطنية باختصاصه بحكم النزاع أن تطبيق القانون األ

يستجيب إلى اعتبارات آمرة تمليها السياسة التشريعية، فلم يعد هناك مبرر للتفرقة بين

تب على اعمال هذا االستثناء تجاهل القوانين القانون الوطني والقانون األجنبي إذ يتر

األجنبية بحجة الجهل بالقانون األجنبي عذر مقبول، فلو كان صحيحا أنه ال يفترض في

الشخص العلم بالقانون األجنبي النقلب االستثناء المذكور إلى قاعدة عامة في شأن كافة

شك الحقائق الوضعية المسائل ولم يقتصر على مسألة األهلية فقط، وهو ما يخالف ال

.السائدة

ويبدو أن بعض االتفاقيات الدولية قد اقرت شرعية الدفع بالجهل بالقانون

8األجنبي الواجب التطبيق في شأن االهلية منها اتفاقيتي جنيف المبرمة إحداهما في

المتعلقة بمسائل تنازع القوانين في شأن الكمبيالة والسند االدني والثانية 1930جوان

والتي تحكم بعض مسائل التنازع المتعلقة بالشيك وذلك في المادة 1931مارس 19في

الثانية الفقرة األولى التي نصت على مبدأ تطبيق القانون الوطني في شأن األهلية،

فعادت في فقرتها الثانية وقررت امكانية خضوع األهلية لقانون آخر عند االقتضاء،

هلية وفقا للقانون المشار إليه في قد يكون ناقص األ يحيث نصت من أن الشخص الذ

عطى توقيعه على اقليم بلد يعتبر أيعتبر مع ذلك ملزما إذا كان قد .... الفقرة السابقة

جوان 19قرت هذا الدفع اتفاقية روما المنعقدة في أكما . )3(هليةوفقا لقانونها كامل األ

لتزامات التعاقدية حيث نصت في الخاصة بالقانون الواجب التطبيق على اال 1980

على أنه في العقد المبرم مع شخص يوجد في نفس البلد فإن 11مادتها الحادية عشر م

                                                             .66علي علي سليمان، المرجع السابق، ص - )1( .157زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )2( .353حسام الدين فتحي عبد اللطيف نصيف، المرجع السابق، ص - )3(

Page 102: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

101  

الشخص الطبيعي الذي قد يكون أهال وفقا لقانون هذا البلد ال يمكنه التمسك بنقص

أهليته ص أهليته الناتج عن قانون آخر إذا كان المتعاقد اآلخر وقت ابرام العقد يعلم بنق

.أو بجهله إال بسبب رعونة من جانبه

، حيث )1(والجدير بالذكر أن معهد القانون الدولي قد أيد هو اآلخر هذا المبدأ

صحة التصرف المالي "، من أن 1931قرر في دورته المنعقدة في كامبريدج سنة

يكون البحث بين االحياء، والذي يتم خارج البلد الذي يحكم قانونها أهلية الشخص،

خاضعا بالنسبة لهذه األهلية لقانون محل إبرام التصرف شريطة

أن يكون العقد قد تم ابرامه مع فرد يستقر في بلد التي تم فيه العقد ويجهل نقص - 1

.أهلية المتعاقد معه

.أن ينتج العقد آثاره في هذا البلد- 2

بي أمام وإن كنا ال نعترض من حيث المبدأ على إمكان معاملة القانون األجن

، وأرى أن قاعدة نيالقاضي الوطني على نحو يخالف المعاملة التي يلقاها القانون الوط

ال عذر بجهل القانون تنطبق في شأن القانون األجنبي والقانون الوطني معا، وهي

قاعدة تهدف إلى حماية المعامالت التجارية الدولية التي تتم داخل الدولة أو في

لتصرف في الجزائر أو في الخارج، فإن المتعاقد يكون في خارجها، فسواء أبرم ا

الحالتين معذورا في جهله بنقص أهلية األجنبي، مادام الهدف واحدا وهو تأمين

المعامالت التجارية الدولية، ولو كان التعاقد الذي يتم في الجزائر أو في الخارج بين

ماية الوطني الجزائري وإنما وطني وأجنبي أو بين أجنبيين فاالستثناء ال يهدف إلى ح

. إلى تأمين المعامالت وبصرف النظر عن جنسية المتعاقدين

وفي األخير يشير الفقيه هشام علي صادق مع جانب من الفقه من يؤسس

االستثناء المقرر لصالح قانون القاضي على فكرة حماية االوضاع الظاهرة واستقرار

.التعامل في االسواق الوطنية

                                                            1- Francescakis Phocion, REP. Dal. Dr. Int, T I, op. cit, n˚73.

.354نقال عن حسام الدين فتحي، المرجع السابق، ص

Page 103: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

102  

األجنبي الذي يتعامل في هذه األسواق ويكون كامل األهلية بالنسبة بحيث أن

ألحكام القانون المحلي ال يمكنه االحتجاج بنقص أهليته وفقا لقانونه الشخصي حماية

للمتعاملين معه ما دام أن هؤالء حسني النية ومعذورين في جهلهم للقانون االجنبي، كما

ستثناء وحماية االوضاع الظاهرة واستقرار سنرى عند التعرض لشروط اعمال هذا اال

سواق ال تتقرر بموجب النص عليها في قاعدة االسناد، وإنما هي مكفولة التعامل في األ

ومن ناحية أخرى لو كان األمر كذلك لما استلزم . ومن مهام قوانين البوليس واألمن

جزائريا وكذا في المشرع الجزائري في المادة العاشرة بأن يكون المتعاقد مع األجنبي

إذا كان أحد المتعاقدين " قضية ليزاردي، ولعل ظاهر النص يؤيد ذلك من خالل عبارة

.مما يفهم منه بمفهوم المخالفة أن الطرف اآلخر يجب أن يكون وطنيا..." أجنبيا

يبق لنا أن نشير وحسب ما تقدم أن الدفع بالجهل المغتفر بالقانون األجنبي يعد

إطار القانون الدولي الخاص، له مجاله المستقل المتعلق بأهلية دفعا متميزا في

المعامالت المالية ويترتب على توافر شروط إعماله استبعاد القانون األجنبي الواجب

قانون القاضي محله وإحاللالتطبيق في هذا الصدد وفقا لقاعدة االسناد الوطنية

.هليةجانب ناقصي األوتصحيح العقود التي تبرم في هذا المجال مع األ

وبالرجوع إلى نص المادة نالحظ أنها اشترطت أن يبرم التصرف في الجزائر

وينتج آثاره فيها، وهذا ما يتماشى مع ما تسعى إليه قواعد التنازع من حماية المصلحة

.الوطنية بالدرجة االولى ذات طابع وطني كما يري االستاذ زروتي الطيب

مدني انونق 10االستثناء طبقا للمادة قشروط تطبي: الفرع الثاني

التي تقضي بخضوع األهلية 10طبقا للقاعدة العامة الواردة في نص المادة

فاستثنى المشرع الجزائري الفقرة الثانية من هذا )القانون الشخصي(لقانون الجنسية

:النص وأخضعها لقانون القاضي مع وجوب توافر الشروط اآلتية

:يكون التصرف ماليا أن: الشرط األول

Page 104: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

103  

أن يكون التصرف موضوع النزاع تصرفا ماليا أو تجاريا وبهذا يستبعد

التصرفات األخرى من اعمال حكم هذا االستثناء كتلك التي تتعلق باألحوال الشخصية

كالزواج والوصية والتبني والتي هي من الندرة واألهمية، وال يتم ابرامها على عجل

من الحيطة والحذر وهي تستلزم من المتعاقد الوطني أن يتعرف وتحتاج إلى قدر كبير

.)1(على أهلية المتعاقد اآلخر وبالتالي ال يعذر عن ذلك

وقد ذهب جانب من الفقه إلى تقييد مجال االستثناء في اطار العقود والتصرفات

اء كالشر(التي تنصب على األمور البسيطة والتي تتم عادة بسرعة الجارية أو اليومية

أما التصرفات ذات الخطر والتي تتصف )Rapides ou instantanées()من البقالة

بأهمية خاصة مثل التصرفات الواردة على عقار فهي تفلت من مجال االستثناء بحيث

ال يصح اعتبار العاقد معذورا في جهله بأحكام قانون جنسية الطرف األجنبي في العقد،

ة والحذر واليقظة واعتقد من أنعبارة الحيط تلك أن مثل هذه التصرفات تقتضي

مطلقة غير مقيدة بأي جاءت 10/2في نص المادة العاشرة الواردة" التصرفات المالية"

وصف ما يستلزمه المشرع من أن يكون نقص األهلية راجعا إلى سبب فيه خفاء ال

ألة تخضع نقص األهلية مسيسهل على الطرف اآلخر تبينه، إذا أن القدرة على تبين

.)2(الوطني لقاضيية للتقديرللسلطةا

:آثاره فيها عقد التصرف في الجزائر ويرتبنأن يوجوب : الشرط الثاني

عقد التصرف في الجزائر بين أجنبي وجزائري وان ين المقصود هو أن ويبدو أ

وعليه فال مجال إلعمال هذا االستثناء في الحالة التي يتم فيها ينتج آثاره في الجزائر

، وهذا شرط ضروري يبرز )أو العكس(التصرف في الجزائر وينتج آثاره في الخارج

                                                             والفقيه نبواييه في كتابه أيضا المطول، الجزء . 491وهو رأي باتيفول في كتابه المطول، ص - )1(

هشام علي صادق، المرجع السابق، : راجع في هذا الصدد. 527، ص 1538الخامس، رقم .306ص

.222وقد أخذ بهذا الرأي، أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - )2( .306هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - .285صالح الدين جمال الدين، المرجع السابق، ص -

Page 105: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

104  

، ذلك أن مقصود المشرع هو )1(الرابطة الضرورية بين النزاع والقانون الجزائري

ال وثيقا، وكذلك ال ينطبق حماية المعامالت التي تتصل بحياة المجتمع الوطني اتصا

.)أو العكس(االستثناء إذا أبرم التصرف في الجزائر وأنتج أثره في الخارج

وقد أخذ بهذا الحل صراحة كل من المشرعين السوري والعراقي واالماراتي

أخذت ) كالقانون األلماني والسويسري والبرتغالي(والليبي، إال أن تشريعات أخرى

اختصاص القانون الشخصي دون النظر إلى المكان الذي أبرم فيه باالستثناء على

.التصرف أو رتب آثاره فيه

ويرى الدكتور عكاشة عبد العال، أن االستثناء المقرر هنا ال يكرس قاعدة من

قواعد البوليس، كما انه ال يعد قاعدة تنازع تقليدية مفردة الجانب، بل يتعلق األمر

تهدف إلى حماية المعامالت التجارية )2(قانون الدولي الخاصبقاعدة مادية من قواعد ال

متى كان المتعاقد الذي يتمسك بها حسن "الدولية، سواء تمت داخل الدولة أم خارجها

.)3(..."النية

من القانون المدني الجزائري، 10/2ولكن من جهتها نظرا لصراحة نص المادة

. )4(في الجزائر ونتجت آثاره فيها ال يمكن قبول االستثناء إلى إذا تم التصرف

غير أن هناك جانب من الفقه يرى مع ذلك وجوب اعمال االستثناء ولو ابرم

التصرف خارج االقليم الوطني، وذلك فيما لو كان أحد الطرفين ناقص األهلية وفقا

الشخصي ولكنه كامل األهلية وفقا لقانون دولة محل االبرام وأساس هذا الرأي هلقانون

الذي يسود لدى بعض الفقه، أن هدف القانون الدولي الخاص هو حماية المعامالت

                                                             .285صالح الدين جمال الدين، المرجع نفسه، ص - )1( ، Pierre Mayerوهو أيضا في الواقع رأي الكثير من الفقهاء الفرنسيين من بينهم بيير مايير -)2(

228المرجع السابق، فقرة .801عكاشة محمد عبد العال، المرجع السابق، ص -)3( مع العلم بأن القضاء في مصر يأخذ بهذا االستثناء ولو أبرم التصرف خارج مصر، على الرغم -)4(

.من صراحة النص .265فؤاد رياض وسامية راشد، المرجع السابق، ص : انظر

Page 106: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

105  

الدولية دون تفرقة بين تلك التي تقوم داخل حدود الدولة وتلك التي تقوم خارج هذه

.الحدود

)وطنيا(أن يكون المتعاقد مع األجنبي جزائريا : الشرط الثالث

صراحة أن يكون المتعاقد مع األجنبي جزائريا، إال 10/2لم يشترط نص المادة

إذ يفهم بمفهوم المخالفة ...." أجنبياإذا كان أحد الطرفين "... أنه يفهم من عبارة النص

أن الطرف اآلخر يجب أن يكون وطنيا، ويؤيد فكرة المصلحة الوطنية ذاتها والتي

.)1(الوطني من عواقب نقص أهلية المتعاقد مع األجنبينشأت في فرنسا لحماية العاقد

األخذ به في حالة كون العاقدين أجنبيين، كما عمم تغير أن بعض القوانين عمم

القضاء الفرنسي استبعاد القانون الفرنسي المختص بأهلية األجنبي ولو كان المتعاقد

م أيضا ما دام الغرض اآلخر أجنبيا، كما يرى بعض الفقه المصري األخذ بهذا التعمي

.)2(منه تأمين سالمة المعامالت وليس مجرد حماية العاقد الوطني

أن يكون المتعاقد األجنبي كامل األهلية وفقا للقانون الجزائري : الشرط الرابع

:وناقصها وفقا لقانونه الوطني

صراحة هذا الشرط، ولكنه شرط يفرضه المنطق 10/2لم يتضمن نص المادة

السليم، ألنه ال يمكن اعمال هذا االستثناء إذا كان األجنبي ناقص األهلية أيضا وفقا

                                                             فإن الفقه المصري ذهب إلى خالف ذلك في تفسيره لنفس العبارة الواردة في نص - )1(

من القانون المدني المصري، بأنها ال تقطع الداللة على أن المراد بالطرف اآلخر 11/2المادة هو المتعاقد الوطني، بل يستوي في ذلك أن يكون أجنبيا أو وطنيا، ويستندون في اجتهادهم هذا إلى أن النص لم يشير إال لجنسية ناقص األهلية فقـط فاشترط أن يكـون أجنبيا، أما المتعاقد ما يفيد قصـر اآلخر فلم يتعـرض له ولم يشترط أن يكـون وطنيا، ومادام لم يرد في النص الحماية على الوطنييـن فيكون بذلك مطلقا، وهذا االطالق يمكن األجنبـي من االستـفادة من المصلحة الوطنية، مبررين أن فكرة المصلحة الوطنية تكمن في تأمين سالمة المعامالت التي ، المرجع السابق، ص عز الدين عبد اهللا. تجري في حدود الدولة، وليس مجرد حماية الوطني على أنه يشترط أال يكون المتعاقدان متمتعين بنفس الجنسية إذ األصل أن كال منهما يعلم .227 أحكام قانونه الشخصي، وأخذ بهذا الرأي في مصر هشام علي صـادق، المرجع السابق، ص .101بق، ص وكذا أخذ بهذا الرأي في األردن حسن الهداوي، المرجع السا. 307

.237عز الدين عبد اهللا، المرجع السابق، ص - )2(

Page 107: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

106  

للقانون الجزائري، ذلك أنه إذا كان يعذر المتعاقد مع األجنبي في جهله بنقص أهليته

.)1(في جهله بنقص أهليته وفقا للقانون الجزائريوفقا لقانونه الشخصي فإنه ال يعذر

أن يكون نقص أهلية األجنبي راجعا إلى سبب فيه خفاء ال يسهل : الشرط الخامس

معرفته :على المتعاقد الوطني تبينه

نقص أهلية األجنبي الذي تعاقد يكون المتعاقد يجهل ومعنى هذا الشرط أن

األجنبي وصعوبتها يعود لقضاة الموضوع، ، ألن سهولة معرفة نقص أهلية هذا )2(معه

ويكون هذا التقدير وفقا لمعيار موضوعي وهو معيار الرجل العادي، فإذا كان في

امكان هذا الرجل العادي الموجود في نفس ظروف المتعاقد مع األجنبي أن يتبين نقص

ن، بحيث أهليته فال مجال حينئذ للتمسك بهذا االستثناء، كأن يكون األجنبي صغير الس

.شكله يوحي أنه فاقد األهلية أو ظهر دون سن الرشد في القانون الجزائري

كما أخذ بعض الفقهاء بالمعيار الشخصي ينظر فيه إلى جهل المتعاقد فعال بأهلية

، وقد مضت االشارة إلى أن )3(صره واحتياطهتباألجنبي أي ال يكون مقصرا في

محكمة النقض الفرنسية قد اشترطت أن يكون الشخص قد تعاقد بدون خفة ورعونة

. وأن يكون حسن النية

وهكذا يترتب على اعمال االستثناء المقرر لصالح قانون القاضي الجزائري، إذا

على القاعدة ما توفرت الشروط السابق ذكرها التي تقرر التمسك بهذا االستثناء الوارد

العامة فهنا يتم استبعاد القانون األجنبي الذي يحكم أهلية األجنبي، بالنسبة للتصرف

المالي الذي يبرمه مع العاقد الوطني، متى يكون تطبيقه يضر بمصالح أحد الوطنيين،

ويعتبر العقد صحيحا ومنتجا آلثاره وملزما له، باعتباره صادرا من كامل األهلية

نون الجزائري، وال يعتد بدفع األجنبي واحتجاجه بنقص أهليته طبقا لقانونه بالنسبة للقا

الشخصي، ومن ثم فمن األولى أن يستفيد الطرف الوطني من الحماية التي يقررها

.قانونه الوطني ومن هنا تبرز فكرة المصلحة الوطنية                                                            

.223أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - )1( .223، ص السابقأعراب بلقاسم، المرجع - )2( .156زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )3(

Page 108: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

107  

تطبيق االستثناء في شأن أهلية الشخص االعتباريمدى : الفرع الثالث

يثور التساؤل في هذه الحالة حول مدى انطباق االستثناء المتقدم بالنسبة ألهلية

االشخاص االعتبارية االجنبية كما هو الحال باألشخاص الطبيعيين، ومن المعلوم أن

أهلية الشخص االعتباري في التعاقد تتقيد كقاعدة عامة بحدود الغرض الذي نشأ

ي خارج هذه الحدود يعد ناقص األهلية، مما قد الشخص من أجله، وعليه فإن تعاقده ف

.يخول له الحق في التمسك ببطالن التصرف

يبدو أن بعض التشريعات قد اجازت الدفع باالستثناء السابق في مجال

.)1(األشخاص االعتبارية، هو ما أقره جانبا من شراح القانون الدولي الخاص

لقاضي عقدا مع شركة أخرى أو فلو افترض أن شركة أجنبية أبرمت على اقليم ا

حتى مع شخص طبيعي بغض النظر عن جنسيته، ولم تكن لألولى أهلية ابرام هذا العقد

ألنه ال يخدم الغرض األساسي لها فهل يجوز لمن تعاقد معها أن يدفع بجهله بنقص

و أهليتها في حالة ما إذا تمسكت تلك الشركة األجنبية ببطالن هذا العقد لنقص أهليتها أ

. لقصور سلطاتها بشأنه

د بعض الفقه امكانية اثارة هذا الدفع في مواجهة الشركة األجنبية إذا ما يؤك

تجاوزت حدود أهليتها دون أن يحق لهذه األخيرة أن تتمسك ببطالن التزاماتها في هذا

.)2(الشأن

                                                             نقال عن هشام علي صادق، تنازع القوانين دراسة مقارنة في المبادئ العامة والحلول الوضعية - )1(

.599، منشأة المعارف باالسكندرية، ص 1993المقررة في التشريع المصري، طبعة L'entreprise publique et semi- publique en DIP:راجع في ذلك فؤاد رياض بحثه بعنوان - )2(

Rec, des cours, Académie de droit international, La Haye:فيمنشورة  :حيث يقرر ما يلي 633وما بعدها وبصفة خاصة ص 571جزء أول، ص 1936

"Ainsi une société étrangère ne pouvait alléguer la nullité du contrat contre un co-contractant de bonne foi, par le motif qu’ elle a dépassé les limites de sa capacité "

Page 109: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

108  

ويؤكد هذه االمكانية ما ذكره هذا الفقه من أن هذا الدفع قد قننته بعض

.التشريعات بصدد األشخاص االعتبارية

إذا ليس هنالك مانعا من األخذ بهذا الحل في الجزائر رغم أن المشرع قد أغفل

مدني، والمتعلقة 10النص على االستثناء المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة

القانون وقد يمكن رجوع هذا الحل إلى المبادئ العامة في. بأهلية األشخاص الطبيعيين

.الدولي الخاص

ولعل المشرع الجزائري لم يتصور إعمال االستثناء في مجال األشخاص

االعتبارية على أساس وجود اتخاذ اجراءات شهر نظامها القانوني في الجزائر إذا

ما دام أن ول دون التمسك بهذا االستثناء،كانت تباشر جزءا من نشاطها فيها، يح

د اتخذ اجراءات الشهر المحلية في االقليم الجزائري، فلم الشخص المعنوي األجنبي ق

يعد من المقبول بعد ذلك التمسك بأحكام االستثناء المقررة للشخص الطبيعي، وبالتالي

ال يمكن القول في هذه الحالة بأن المتعاقد مع الشخص االعتباري يعد معذورا في جهله

ال االستثناء في الفروض التي يحق ومع ذلك فإنه يمكن اعم. بأحكام نظامه القانوني

لألشخاص االعتبارية أال تتخذ اجراءات الشهر المحلية اكتفاء بشهر نظامها القانوني في

الخارج وفقا لقانون مركز ادارتها الرئيسي، وهو ما يحدث بالنسبة للشركات االجنبية

يمكن للمتعاقد ففي هذه الحالة فقط. )1(التي ال تمارس نشاطها أو جزء منه في الجزائر

مع الشخص االعتباري األجنبي أن يتمسك بأحكام االستثناء السابق ما دام التصرف قد

مدني كما سبق 10/2ابرم في الجزائر وتوافرت الشروط المنصوص عليها في المادة

.وأن رأينا

وفي اعتقاد بعض الفقه أن هذا الفرض الوحيد الذي يمكن أن يتحرك فيه الدفع

فرض نادر الحدوث في الواقع العملي فضال عن اتسامه بالغرابة والشذوذ بالجهل هو

                                                             ، فإن القانون الجزائري هو أما لو كان الشخص االعتباري يمارس نشاطه الرئيسي في الجزائر - )1(

وعلى هذا النحو يتعين على الشخص . 10/4الذي يتعين تطبيقه في هذه الحالة وفقا للمادة االعتباري أن يتخذ اجراءات شهر نظامه القانوني في الجزائر تطبيقا ألحكام القانون .مدني 10الجزائري، ومن تم فال داعي إلعمال االستثناء المقرر في الفقرة الثانية من المادة

Page 110: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

109  

إذ أن الوضع المألوف أن الشركات األجنبية عندما تتخلى حدود دولتها األصلية إنما

يكون ذلك إما لممارسة نشاط دائم أو رئيسي أو على األقل للممارسة جزء من نشاطها

تحريك هذا الدفع في مواجهتها إذ الفرض في الدول األخرى، وفي الحالتين ال يمكن

أنها اتبعت اجراءات الشهر والعالنية التي يفرضها عليها قانون القاضي، فضال عن ان

قانون القاضي ينطبق بال مزاحمة من أي قانون آخر في حالة ممارسة النشاط الرئيسي

ذا الفـرض النادر أيما كان األمر فلو سلمنا جدال بإمكانية وقوع ه )1(على اقليم القاضي

.بصددهتبقى امكانية اثارة الدفع بالجهل قائمة

:النظم الخاصة بحماية عديم األهلية وناقصها: المطلب الثاني

يحتاج عديم األهلية أو ناقصها إلى حماية في نفسه وماله وعلى هذا األساس

وضعت نظم خاصة في مختلف التشريعات لتكريس هذه الحماية لفئة خاصة من

األشخاص، وتختلف هذه األنظمة بين الدول، بل في الدولة الواحدة نجدها متعددة

ومتنوعة ونظرا ألهمية وضرورة توفير الحماية ما يجعلنا نتساءل عن القانون الذي

يحكم هذه الحماية؟

فرأى المشرع الجزائري أن القانون الذي يسري على ناقص األهلية هو قانون

وليس قانون الشخص الذي يتولى هذه الحماية، ألن الشخص الذي يجب حمايته،

الحماية تنظم لضمان مصلحة ناقص األهلية وحده، ومن ثم فهي تخضع لقانون جنسيته

.باعتباره القانون الذي يحكم أهليته

:تحديد من تجب حمايتهم: الفرع األول

ى يسري عل:" من القانون المدني الجزائري على أنه 15/1جاء في نص المادة

الشروط الموضوعية الخاصة بالوالية والوصاية والقوامة وغيرها من النظم المقررة

".لحماية القصر وعديمي األهلية والغائبين قانون الشخص الذي تجب حمايته

                                                             - بعدها وما 86فقرة راجع في تفاصيل هذه المسألة القسم األول من هذه الدراسة بصفة خاصة - )1(

.وما بعدها 165ص .حسام الدين فتحي عبد اللطيف نصيف، المرجع السابق

Page 111: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

110  

:تحديد القانون الواجب التطبيق على الحماية المقررة لناقص األهلية: الفرع الثاني

ي جزائري أن االختصاص في حماية قانون مدن 15يتضح من نص المادة

ناقص األهلية وعديمها قد أعطي للقانون الجزائري أي لقانون من تجب حمايته، ألن

الغرض منها سد عجز غير كامل األهلية من مباشرة التصرفات االرادية، من المعقول

.أن القانون الذي يحكم األهلية نفسه يكون مختصا

ق قانون من تجب حمايته يتحدد وفقا للمادة وتجدر االشارة إلى أن نطاق تطبي

مدني بالمسائل الموضوعية الخاصة بحماية ناقصي أو عديمي االهلية، أما المسائل 15

.االجرائية المتعلقة بحماية هؤالء فهي تخضع للقانون الجزائري بوصفه قانون القاضي

.لى المالويشمل اصطالح الوالية في هذا النص الوالية على النفس والوالية ع

وقد تساءل الفقه المصري على نطاق الوالية، هل ينحصر في الوالية على

.)1(النفس دون الوالية على المال أم يشملهما معا

من القانون المدني المصري، أن المقصود بالوالية 16ويتضح من نص المادة

كما يالحظ ان . )2(التي تخضع لقانون جنسية من تجب حمايته هي الوالية على المال

اعمال قانون جنسية من تجب حمايته على المسائل الموضوعية الخاصة بالنظم المقررة

لحماية ناقص األهلية يجب أال تمس نطاق تطبيق مركز األموال والذي يسري على

الحيازة والحقوق العينية، وعلى ذلك فإذا كان قانون الجنسية يقرر للقاصر رهنا قانونيا

                                                             من 15من القانون المدني المصري التي تتطابق تماما مـع المادة 16ولالشارة، فإن المادة - )1(

ق م ج في الوالية على المال دون الوالية على النفس، فتخضع هذه االخيرة لجنسية األب . 288صالح الدين جمال الدين، المرجع السابق، ص . )الزواج(باعتبارها من آثار النسب

عز الدين عبد اهللا، تنازع القوانين وتنازع االختصاص القضائي الدوليين، الطبعة التاسعة، - )2( .244، ص 196الهيئة المصرية العامة للكتاب، الجزء الثاني،

Page 112: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

111  

وصي لضمان ما يثبت للقاصر في ذمته فإن هذا الحق ال يسري بالنسبة على أموال ال

لألموال التي توجد في دولة ال يعترف قانونها بمثله كما هو الحال في القانون

. )1(المصري

من قانون األسرة األحكام 108إلى 81وفي القانون الجزائري بينت المواد من

.القوامةالموضوعية للوالية على المال والوصاية و

وقد يؤدي تنفيذ األحكام السابقة إلى حدوث تنازع بين القانون الوطني وقانون

وقانون قاضي )القانون الوطني(موقع المال من جهة، وبين قانون جنسية المحمي

الدعوى من جهة أخرى في بعض المسائل المؤقتة فيختص بها قانون مكان وجود

.المال

ئري بصفته له اختصاص فرعي في كل ما لم كما يتدخل قانون القاضي الجزا

يتناوله القانون الشخصي وفي اتخاذ التدابير االستعجالية الهادفة إلى حماية أموال

القاصر بسرعة وغالبا ما يكون قانون القاضي هو نفسه قانون موقع المال، وقد كرست

على 9لتاسعة التي تنص في مادتها ا 1961أكتوبر 15هنا الحل اتفاقية الهاي بتاريخ

في كافة حاالت االستعجال تتخذ سلطات كل دولة متعاقدة يوجد على اقليمها :" ما يلي

".القاصر أو المال العائد له تدابير الحماية الضرورية

أضاف فقرة ثانية في 2005جوان 20حيث أن المشرع الجزائري بعد تعديل

ي بالنسبة للتدابير المستعجلة إذا غير أنه يطبق القانون الجزائر:" جاء فيها 15المادة

". كان القاصر أو عديمو األهلية والغائبون موجودين في الجزائر

حيث أن هذه الفقرة أجازت للقاضي الوطني الجزائري تطبيق قانونه في مثل

وقد يثور التساؤل عن . هذه الحاالت، وهو حكم مأخوذ من اتفاقية الهاي السابق ذكرها

فيها نقص أهلية األجنبي بمقتضى حكم جزائي صادر عن محكمة الحاالت التي يتقرر

.أجنبية

                                                             .610هشام على صادق، المرجع السابق، ص - )1(

Page 113: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

112  

وفي هذا الصدد استقر القضاء الفرنسي والمصري على أنه ال يعتد بهذه األحكام

.الجزائية إعماال لمبدأ إقليمية القانون الجنائي

فقضى في فرنسا بأن الحد من األهلية الذي يلحق بأجنبي تبعا لحكم جزائي منعه

الزواج ال يرتب أي أثر في فرنسا ذلك أن مفعول هذه األحكام ال يتعدى حدود من

الدولة التي صدر فيها ولهذا يمكن القول أن نقص األهلية الذي يتقرر في الجزائر

بموجب حكم جزائي وطني في مواجهة أجنبي يرتب أثره في الجزائر فمن غير

ص األجنبي وجعله في مركز أفضل من المعقول إهدار قيمة الحكم الوطني بالنسبة للشخ

.مركز الوطني

يسري على المسائل : "من القانون المدني االردني على أنه 17وقد نصت المادة

الموضوعية الخاصة بالوالية والوصاية والقوامة وغيرها من النظم الموضوعية لحماية

".المحجوزين والغائبين قانون الشخص الذي تجب حمايته

رع األردني في قانون األحوال الشخصية الوالية على نفس وقد أدخل المش

القاصر وماله ونزعها والوصاية على مال القاصر والقوامة على المجنون والمعتوه

والسفيه والمغفل والوكالة القضائية عن المفقودين والغائبين، وبالتالي فإن القانون

.ون جنسية القائم بالحمايةالواجب تطبيقه هو قانون الشخص الذي تجب حمايته ال قان

حيث يرجع إلى قانون القاصر مثال لتحديد الشروط الواجب توافرها في الوصي

.وصالحياته وواجباته ومسؤولياته وأسباب استقالته وعزله

أما االجراءات الخاصة بتعيين الوصي وغيرها من االجراءات كتبليغ ذوي

. )مدني أردني 23م (، فتخضع لقانون البلد الذي تباشر فيه هذه االجراءات )1(الشأن

ولكن ما هو موقف القانون االردني لو صدر حكم أجنبي بنقص أهلية المحكوم

.عليه أو بعدمها؟

                                                             دراسة مقارنة للقانون األردني (محمد وليد المصري، الوجيز في شرح القانون الدولي الخاص - )1(

، جامعة دمشق، ادارة مكتبة 2002، الطبعة األولى )مع التشريعات العربية والقانون الفرنسي .123الجامعة للنشر والتوزيع، ص

Page 114: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

113  

ردنية الهاشمية متى توافرت فيؤخذ به في المملكة األ إذا كان الحكم مدنيا

أما إذا كان الحكم جزائيا فال . القانون األردني الشروط المطلوبة لالعتراف به وفق

ه وفقا لمبدأ إقليمية القانون الجنائي التي تقضي بأال تتعدى آثار األحكام الجزائية بيؤخذ

.)1(حدود الدولة التي أصدرتها

ولكن ال شيء يمنع القاضي األردني من االستناد إلى هذا الحكم األجنبي كواقعة

أهلية المتعاقد مع الطرف الوطني أو فقدانها وذلك تطبيقا للقانون مادية لكي يقرر نقص

.األردني نفسه

ويبرر الفقه الفرنسي الحل المماثل الذي انتهى إليه القضاء هناك يكون تطبيق

قانون من تجب حمايته دون قانون من يتولى هذه الحماية أساسه ان النظم الخاصة

الح هؤالء وبسبب عجزهم عن مباشرة لحماية غير كاملي األهلية قد وضعت لص

. التصرفات القانونية

وعلى هذا األساس ولكل هذه االعتبارات المختلفة الداعية إلى التطبيق األصلي

واالنفرادي لقانون القاضي، لحماية النظام االجتماعي للدولة، حرص المشرع الجزائري

ية للوطنيين فيما يتعلق على غرار أغلب المشرعين واقتناعه في كفالة وتوفير الحما

ببعض المسائل التي تشكل جوهر النظام االجتماعي الوطني وعلى وجه الخصوص

عالقة الزواج التي تجعل االختصاص المباشر للقانون الشخصي، إذا كان أحد الزوجين

وطنيا، وخاصة فيما يتعلق بالشروط الموضوعية للزواج حيث اخضعها لقانون القاضي

ه القانون الوطني ألحد الزوجين، تحقيقا للحماية والرعاية الكاملة بوصف )الجزائري(

للزوج الوطني من المخاطر التي قد تترتب عن اختالف القانون الذي يحكم هذه العالقة

من حيث صحة انعقاده، أو بطالنه بالنسبة لقانون جنسية الطرف اآلخر في العالقة،

:وطني في المطلب اآلتيوهو ما سوف نتعرض لمجال انطباق القانون ال

تطبيق قانون القاضي في مسائل الزواج للصفة الوطنية : المطلب الثالث

:ألحد الزوجين                                                            

.إال إذا وجدت اتفاقية تنظم آثار األحكام الجزائية بين المملكة األردنية والدول األجنبية-)1(

Page 115: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

114  

إذا كانت األحوال الشخصية موضوعا يتسع فيه الخالف، فيما بين قوانين

مختلف الدول، فإن الزواج يعد من أهم العالقات التي يرتبط بها االنسان، ومن أفسح

العائلية مجاال لتنازع القوانين وهذا راجع لالعتبارات االجتماعية والدينية الروابط

والخلقية التي يقوم عليها، ذلك ألن الفكرة االجتماعية التي يقوم عليها الزواج تختلف

من مجتمع آلخر، ونظرا لتدخل قانون القاضي عن طريق التكييف وتحكمه فيما يعتبر

ناك قوانين تعتبره رابطة أبدية غير قابلة لالنحالل إذ ه )1(زواجا وما هو خارج عنه

بالطالق أو االنفصال الجسماني، وهناك دول أخرى تسمح بانحالله باإلرادة المنفردة أو

باتفاق الطرفين، بل أن بعض الدول تجعل منه رابطة مؤقتة، وفي بعض الدول تعتبره

وهناك دول تسمح يتعدد رابطة دينية، بينما تعتبره دول أخرى رابطة مدنية محضة،

الزوجات كما هو الشأن في الدول االسالمية، بينما تقضي قوانين الدول المسيحية بعدم

جواز التعدد أو االعتراف به، غير أن تحديد طبيعة الزواج وشروطه تندرج ضمن

عملية التكييف الذي يختص به قانون القاضي، ولذلك تعد الرابطة في قانون ما عالقة

نما في قانون آخر عالقة زواج، وإذا كانت النظم القانونية تختلف كما قلنا في سفاح بي

نظرتها إلى الرابطة الزوجية فإن تكييف هذه الرابطة تخضع كقاعدة عامة لقانون

القاضي كما سبق الذكر، كون الزواج من مسائل األحوال الشخصية فيخضع بذلك

لغالب في مختلف قوانين الدول ال يتحدد للقانون الوطني لكل من الزوجين، وإذا كان ا

القانون الواجب التطبيق على الزواج بقاعدة اسناد واحدة، فقد سار المشرع الجزائري

من القانون المدني 13، 12، 11على نفس النهج فنظمه بقواعد اسناد خاصة في المواد

ه وقد نصت الجزائري شمل بها انعقاد الزواج وانحالله واالنفصال الجسماني وآثار

يسري القانون الجزائري وحده في األحوال :" مدني جزائري على أنه 13المادة

إذا كان أحد الزوجين جزائريا وقت الزواج، 12و 11المنصوص عليها في المادتين

".إال فيما يخص أهلية الزواج

                                                             .158زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )1(

Page 116: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

115  

فيبدو من خالل هذا النص أن المشرع الجزائري على غرار أغلب المشرعين قد

ا جرى عليه القضاء الفرنسي عندما يثبت تمتع أحد الزوجين بالجنسية الفرنسية أتبع م

.)1(وقت الزواج حيث كان يرجح القانون الفرنسي

إذ وضع المشرع الجزائري بمقتضى هذا النص استثناء هاما على ضوابط

في شأن الشروط الخاصة بصحة 12و 11االسناد التي تضمنتهما كل من المادتين

إذ يكفي أن يكون أحد الزوجين جزائريا وقت ابرام الزواج حتى يخضع الزواج،

الزواج كله إلى القانون الجزائري، وهي حماية كفلها المشرع للطرف الذي ينتمي إليه

حيث أن اسناد االختصاص للقانون الجزائري بدال من القانون )الزوج الجزائري(

األجنبي سيوفر له الحماية التي يهدف إليها المشرع الجزائري غير أن االستثناء الوارد

مع استثناء شرط األهلية )القانون الجزائري(على القاعدة لصالح قانون القاضي أي

ن جنسيتهما، فال مجال في هذه المسألة فأهلية كل من الزوجين تبقى خاضعة دائما لقانو

لتطبق القانون الجزائري إال بالنسبة للزوج الجزائري فيطبق باعتباره القانون الوطني

. له ال قانون القاضي

السابقة الذكر أن تطبيق هذا النص قليل 13وما يمكن قوله فيما يخص المادة

في الخارج بين أجنبي وجزائري في الحالة التي يبرم الزواج . الفعالية أو عديمها                                                            

الشهيرة عندما أجازت Ferrariوهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية في قضية السيدة - )1( لي بعدما رفضت في قرار سابق تحويل طبقا للقانون الفرنسي لفرنسية الطالق من ايطا

.انفصالهما الجسماني إلى طالق من ايطاليا عام Ferrariالفرنسية تزوجت مع السيد Fenseulوتتلخص وقائعها في أن السيدة سنوات من 6، فاكتسبت الجنسية االيطالية بالزواج وفقدت الجنسية الفرنسية وبعد 1893 الزواج اتفقا على االنفصال الجسماني وفقا للقانون االيطالي الذي كان يحظر الطالق آنذاك، وبعد عودة السيدة إلى فرنسا واستردادها للجنسية الفرنسية طالبت زوجها بالطالق وفقا للقانون اره قانون الجنسية الفرنسي باعتباره فقضت المحاكم الفرنسية بتطبيق القانون الفرنسي باعتب .المستعادة للزوجة وقت رفع الدعوى

Cassation.civ 6 juillet 1982, De Ferrari, Rev drt int, pr, 1922, P 444, rapport A. Colin, note A. Pillet, disponible sur le sit :

tmhttp://www.lexinter.net/JPTXT2/nationalite et divorce.h  إلى ما اعتبره الفقيه –وان كان خارج عن موضوع الفقرة -تجدر التنويه في صدد هذه القضية

Bischoffمن أن: "Si l'on examine la jurisprudence Française, on peut constater que la théorie de la fraude à la loi a toujours été utilisée au profit de la compétence du droit Français (lex fori), et jamais à l'encontre de celle- ci". n˚ 141, P 155.

Page 117: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

116  

وعرض النزاع أمام قاضي أجنبي، إذ يلجأ القاضي األجنبي إلى اجراء التطبيق الموزع

مدني جزائري وال يأخذ 11بين جنسية الزوجين إذا كانت قاعدة االسناد مماثلة للمادة

مسلمة مثال طبقا للقانون الجزائري عدم جواز زواج 13باالستثناء الوارد في المادة

بغير مسلم وهذا شرط جوهري موضوعي في القانون الجزائري، ولكن إذا ابرم هذا

الزواج في بلد أجنبي غير اسالمي فال يعتد بهذا الشرط لتعارضه مع النظام العام عنده

وعلى هذا األساس انتقد . على أساس أنه قرر تمييزا يقوم على الحالة الدينية ال مبرر له

الخاصة بالشروط 13طلق للقانون الوطني وحده طبقا للمادة الفقه التطبيق الم

.الموضوعية للزواج، هدفه توسيع دائرة النظام العام واستبعاد القانون األجنبي

اختصاص قانون القاضي لحكم الشروط الموضوعية الخاصة بالزواج: الفرع االول

قوانين مختلف إذا كانت األحوال الشخصية موضوعا تتسع فيه الخالف فيما بين

الدول، وبما أن الزواج موضوع يبلغ فيه الخالف حده،وعلة هذا أننا بصدد انشاء عالقة

تترتب عليها آثار في غاية األهمية في حياة االنسان، وبالتالي ينبغي تحديد الشروط

الالزمة لقيام هذه الرابطة الزوجية والقانون الذي يحكم هذه الشروط السيما وأننا بصدد

.مختلط زواج

من القانون 11وقد حسم المشرع الجزائري هذه المسألة عندما نص في المادة

ترجع في الشروط الموضوعية لصحة الزواج لقانون كل من :" المدني الجزائري

، وتطبيق القانون )التطبيق الموزع(ولم يقصره على جنسية الزوج وحده " الزوجين

لدولي أساسه المصلحة الوطنية، مصلحة الوطني على منازعات الزواج ذات الطابع ا

الطرف الوطني في ذلك المنازعات في أن يرجع الحكم فيها وفقا لقواعد قانونه

أعاله، فيما عدا شرط أهلية الزواج 13الوطني، فالحكم الذي أورده المشرع في المادة

م التي تبقى خاضعة دائما لقانون كل من الزوجين إذ القانون الجزائري وحده يحك

Page 118: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

117  

الشروط الموضوعية للزواج إذا كان أحد الزوجين جزائريا وقت انعقاد الزواج فإذا

. )1(تغيرت جنسية أحدهما بعد ذلك فال يتأثر عقد الزواج بذلك

وقد تقرر اعمال هذا االستثناء المقرر لصالح قانون القاضي لمواجهة بعض

الحاالت العملية التي يكون فيها الزواج صحيحا طبقا للقانون الجزائري وباطال طبقا

يمنع قانونها زواجها من غير )زواج الجزائري المسلم من كتابية(للقانون األجنبي مثل

يكون باطال طبقا للقانون الجزائري وصحيحا طبقا من ينتمي إلى طائفتها، أو العكس

وهذا ما كرسه المجلس األعلى . )زواج المسلمة من غير المسلم(للقانون األجنبي مثل

.)2(6/2/1982في القرار الصادر بتاريخ

ومن تم أنه من األولى أن يستفيد الزوج الوطني الجزائري من الحماية التي

وتحقيق مصلحة للدولة على استقرار نظامها 13لمادة يقررها االستثناء الوارد في ا

االجتماعي، فال يهم ما تقضي به أحكام القانون األجنبي بل المهم أن يكون هذا الزواج

باعتبار قانون القاضي الوطني 13صحيحا أو باطال حسب الحاالت طبقا لنص المادة

لقاعدة على أنها تؤدي إلى هو المختص، وهذا ما أدى بجانب من الفقه إلى انتقاد هذه ا

حلول غير منتظرة وغير منطقية، وإطالق اسناد الشروط الموضوعية الخاصة بالزواج

عتباره اختصاص تحكمي وحيد الطرف با 13للقانون الوطني وحده طبقا لنص المادة

هدفه توسيع نطاق تطبيق القانون الوطني كما أسلفنا فيما سبق ويرجع في تكييف

.قانون القاضي طبقا للقاعدة العامةشروط الزواج ل

فقد حدد المشرع الجزائري الشروط الموضوعية الخاصة بصحة الزواج في

الرضا، األهلية، ولي الزوجة، وشاهدين، وصداق وأن يكون الزوجان خلوا من الموانع

.، أما طرق ومراسيم اشهار الزواج فيدخل ضمن الشكل)3(الشرعية

ن القاضي بحكم آثار الزواجاختصاص قانو: الفرع الثاني

                                                             .69علي علي سليمان، المرجع السابق، ص - )1( .من قانون األسرة 31المادة - )2( .من قانون األسرة 31المادة - )3(

Page 119: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

118  

تترتب على عقد الزواج آثار شخصية وآثار مالية وهذه االلتزامات المالية

والشخصية ال بد من قانون يحكمها وقد يظهر تنازع بين عدة قوانين في حالة وجود

عنصر أجنبي في العالقة الزوجية، وقد أخضع المشرع الجزائري كال النوعين إلى

الزوج وقت انعقاد الزواج باعتبار أن الزوج رب االسرة فنصت المادة قانون جنسية

يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها :"من القانون المدني الجزائري على ما يلي 12/1

".الزوج وقت انعقاد الزواج على اآلثار الشخصية والمالية التي يرتبها عقد الزواج

آثار الزواج هو جنسية الزوج وقت ويتبين من النص أن ضابط االسناد في شأن

يشمل أيضا اآلثار التي تنتج عن 13انعقاد الزواج إن االستثناء الوارد في المادة

الزواج فتخضع كلها للقانون الجزائري وحده متى كان أحد الزوجين جزائريا وقت

.ابرام الزواج

من حيث لذا لو تزوج جزائري بفرنسية لخضع الزواج للقانون الجزائري وحده

كافة الشروط الموضوعية، ويكون الحل كذلك لو تزوجت جزائرية من فرنسي مسلم،

.فيخضع الزواج للقانون الجزائري، إال فيما يعود إلى األهلية كما سبق ذكره

وقد انتقد الفقه اطالق اسناد الشروط الموضوعية للزواج للقانون الوطني وحده

قادي لو عرض على قاضي أجنبي للفصل مدني جزائري، وحسب اعت 13حسب المادة

في المسألة محل النزاع فسوف يستبعد تطبيق حكم هذه المادة ويطبق قانونه الوطني إذا

قليل الفعالية أو عديمها 13كان أحد الزوجين أجنبيا عند ابرام الزواج، ألن حكم المادة

وجين إذا كانت إذ يلجأ القاضي األجنبي إلى اجراء التطبيق الموزع بين جنسية الز

من القانون المدني الجزائري وال يأخذ 11قاعدة االسناد في قانونه مماثلة للمادة

فإن االستثناء 13، 12، 11وكما تبين في المواد . )1(13باالستثناء الوارد في المادة

يشمل الشروط الموضوعية للزواج وآثاره )الجزائري(المقرر لصالح قانون القاضي

                                                             مثال طبقا للقانون الجزائري ال يجوز لمسلمة أن تتزوج بغير مسلم وهذا شرط موضوعي في - )1(

القانون الجزائري، ولكن إذا أبرم الزواج في بلد أجنبي غير اسالمي فال يعتد بهذا الشرط . مبرر له لمخالفته للنظام العام عنده على أساس أنه يقرر تمييزا تقوم على الحالة الدينية ال .163زروتي الطيب، المرجع السابق، ص

Page 120: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

119  

إلضافة إلى نظام االنفصال الجسماني وهو نظام أجنبي غير معروف في وانحالله، با

.األنظمة القانونية العربية

ال يسري هذا االستثناء إال في الحالة التي تكون فيها الزوجة جزائرية والزوج

أجنبي، أما إذا كان الزوج وحده جزائريا فأن القانون الجزائري هو الذي يسري وحده

مدني جزائري دون حاجة إلعمال االستثناء الوارد 12في المادة طبقا لألصل الوارد

ويقصد بآثار الزواج الحقوق وااللتزامات التي تترتب عليه منها ما هي 13في المادة

شخصية تقع على عاتق الزوجين كواجب االخالص والطاعة والنفقة ورعاية األوالد

األسرة، باإلضافة إلى مدى تأثير والمهر والعدل في حالة التعدد والتعاون على مصلحة

الزواج على جنسية الزوجين ولقـب الزوجة وأهليتها شرعية البنوة وعالقة األوالد

.)1(بالوالدين

ارتباط األزواج بالنظام المالي للزوجين المقرر ببعض الشرائع كوأخرى مالية

شريعة االسالمية والتي تعطي للزوج الحق في إدارة أموال الزوجين خالفا لما أوردته ال

يحتفظ كل )2(التي تقرر مبدأ االستقالل المالي للزوجين ألنها ال ترتب أثرا ماليا لذلك

منهما بحرية التصرف في أمواله الخاصة، إن النظام الجزائري نظام بسيط يقول

من قانون األسرة الجزائري إال إذا 38باالنفصال المالي وقد نصت على ذلك المادة

من قانون 37المادة (ا على خالف ذلك في عقد الزواج أو في عقد الحق كان قد اتفق

وقد أخذت بهذا الحل مختلف قوانين الدول العربية لتجنب مشكلة )األسرة الجزائري

التنازع المتغير الذي ينشأ نتيجة تغيير الزوج لجنسيته بعد الزواج، فقضت على أن

الوقت الذي يعتد به لجنسية الزوج هو وقت انعقاد الزواج وليس وقت رفع الدعوى،

ه اآلثار بتغير جنسية الزوج، ومن إلى جانب تأمين استقرار آثار الزواج فال تتغير هذ

بين األسباب التي دفعت أغلب هذه التشريعات إلى األخذ بهذا الحل هو أن في تطبيق

قانونين على آثار الزواج يؤدي في غالبية األحيان إلى تعذر تطبيق أحدهما عند

                                                             .من قانون األسرة الجزائري 46إلى غاية 41، 40، 36: راجع في ذلك المواد - )1( .249- 248أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - )2(

Page 121: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

120  

معين اختالفهما، ويعتبر هذا السبب هو الدافع أيضا بالقضاء الفرنسي إلى اختيار قانون

.لتخضع له آثار الزواج في حالة اختالف جنسية الزوجين أو موطنهما المشترك

ويرجع اختيار المشرع الجزائري لقانون جنسية الزوج لحكم آثار الزواج إلى

.الدور المعترف به في المجتمع االسالمي للرجل داخل األسرة كما سبق ذكره

من الصعوبات فمن جهة يطبق والواقع أن أعمال االستثناء السابق ال يخلو

القانون الجزائري وحده حتى ولو غير الزوج جنسيته بعد الزواج فإن القانون الذي

يطبق يبقى قانون الزوج لذا يبدو من المستعصي أن يطبق القاضي الجزائري القانون

إن . الجزائري على آثار الزواج المستقبلية لشخص أصبح أجنبيا وانقطعت صلته به

قانون مدني مخالف لكل المبادئ ألنه يجمد آثار الزواج 12/1ي وضعته المادة الحل الذ

وقت انعقاده، ومن جهة أخرى فال ينطبق القانون الجزائري إذا كان أحد لزوجين أجنبيا

ومن ثم أنه من االولى أال يستفيد من . )1(واكتسب الجنسية الجزائرية بعد ابرام الزواج

مدني جزائري طالما لم يعد 13وارد في نص المادة ثناء اللحماية التي يقررها االستا

أهال لها، بينما في حالة أخرى يعجز عن حماية الجزائري إذا كان اكتسابه للجنسية

.الجزائرية قد جاء الحقا على عقد الزواج

حكم انحالل الرابطة الزوجيةاختصاص قانون القاضي ب: رع الثالثالف

غرار المسائل األخرى المتعلقة باألحوال الشخصية يثير انحالل الزواج على

الجدل فيما يتعلق باختيار القانون الواجب التطبيق حين ينتمي الزوجان إلى جنسية

لقد أخضع المشرع الجزائري انحالل الزواج إلى قانون جنسية الزوج وقت ،مختلفة

ال الجسماني وهذا رفع الدعوى، وذلك دون تمييز بين الطالق والتطليق والخلع واالنفص

                                                             .269عز الدين عبد اهللا، المرجع السابق، ص - )1(

الجزائر، ثم تجنست بالجنسية الجزائرية، وثار نزاع مثال ذلك لو أن تونسية تزوجت بمغربي في حول اآلثار المالية أو الشخصية لعقد الزواج، فلن يتم تطبيق القانون الجزائري ألن األصل ان تطبق قانون جنسية الزوج وقت االنعقاد وليس قانون جنسية الزوج وقت رفع الدعوى، ولن يتم

رية وقت االنعقاد، وبالتالي بالرغم من أن الزوجة تطبيق االستثناء ألن الزوجة لم تكن جزائالجزائرية هي التي رفعت الدعوى مطالبة بتطبيق القانون الجزائري فلن يتم تطبيق القانون

.الجزائري

Page 122: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

121  

: مدني جزائري حيث جاء فيها ما يلي 12/2تطبيقا لضابط االسناد الوارد في المادة

يسري على انحالل الزواج واالنفصال الجسماني القانون الوطني الذي ينتمي إليه "

"الزوج وقت رفع الدعوى

جاء لتوسيع نطاق تطبيق القانون 13إن مؤدى االستثناء المقرر في المادة

الجزائري وحده على الطالق والتطليق والخلع واالنفصال الجسماني متى كان أحد

الزوجين جزائريا وقت انعقاد الزواج بغض النظر عن جنسية الزوج وقت انحالل

الزواج، أي العبرة بالجنسية التي كان عليها عند ابرام الزواج، حتى ولو تغيرت هذه

.األخيرة بعد ذلك

ا االستثناء على أساس أنه تقيد بجنسية الزوج وقت ابرام وقد انتقد البعض هذ

.)1(الزواج خالفا للمبدأ العام الذي يعتد به وقت رفع دعوى الطالق

13إن اختيار قانون جنسية الزوج دون قانون جنسية الزوجة حسب المادة

قانون مدني هدفه هو حماية وضمان خضوع نظام زواج الجزائريين إلى أحكام

االسالمية وقد رأى جانبا من الفقه، عدم جدوى هذا االستثناء، أنه كان الشريعة

باإلمكان حماية الطرف الوطني المسلم في الزواج عن طريق الدفع بالنظام العام، ذلك

أن اخضاع الزواج للشريعة االسالمية، يتعين معه استبعاد تطبيق القانون األجنبي

)الجزائرية(كتساب الزوج للجنسية الوطنية المخالف لهذه األحكام، وخاصة إذا كان ا

.جاء بعد الزواج

يعجز عن 13ت االشارة إلى أن اعمال االستثناء المقرر في المادة وقد سبق

حماية وكفالة مصلحة الزوج الجزائري الذي اكتسب الجنسية بعد الزواج، فإن رعاية

فمثال في حالة زواج . )2(حقوق هذا األخير لن تتأتى بغير استخدام فكرة النظام العام

جزائري مسلم مع أجنبية كتابية، فوفقا لقانونه الشخصي يعد الزواج صحيحا، فإن الحكم

                                                             .296هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )1( سكندرية، ، دار المطبوعات الجامعية، اال2007هشام علي صادق، تنازع القوانين، طبعة - )2(

.294ص

Page 123: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

122  

بصحة هذا الزواج لما يقضي به القانون الجزائري ال يتأتى إال عن طريق االستناد إلى

يعد الدفع بفكرة النظام العام، ذلك أن الحكم بإنهاء الرابطة الزوجية في هذه الحالة

مخالفا ألحكام الشريعة االسالمية التي تعتبر من حق المسلم الزواج بكتابية، وبالتالي إذا

هو حماية الطرف الوطني المسلم، فإن في األخذ بفكرة كان الغرض من هذا االستثناء

النظام العام ما يحقق نفس النتيجة، كما أن األخذ بهذا االستثناء قد يؤدي إلى نتائج

القانون الجزائري يطبق على انحالل الزواج بين أجنبية وجزائري قد زالت غريبة فنجد

عد انعقاد زواجه في حين ال يطبق على انحالل الزواج بين نسية الجزائرية بعنه الج

.أجنبيين قد اكتسب الجنسية الجزائرية كل منهما بعد عقد زواجهما

إذ يترتب على خضوع انهاء الزواج لقانون جنسية الزوج وقت رفع الدعوى،

ربما لم يكن معروفا للزوجين وقت االنعقاد، إذ قد يغير الزوج جنسيته بعد الزواج، وقد

تفاجئ الزوجة بتطبيق قانون يسمح له بحل الرابطة الزوجية بالطالق، بينما لم يكن

، وفي رأيي اعتقد أنه كان أولى بالمشرع )1(قانون جنسيته وقت الزواج يسمح به

الجزائري أن يخضع انحالل الزواج لقانون جنسية الزوج وقت الزواج باعتباره القانون

. الذي كان معلوما ومتوقعا من الزوجين وقت انشاء العالقة

بنقض قرار صادر عن محكمة 1998فيفري 17وقد قضت المحكمة العليا في

في قضية تتلخص وقائعها أن زواجا سجل في 1996جويلية 14بئر مراد رايس في

بلدية مرسيليا بين زوجة جزائرية اكتسبت أيضا الجنسية االيطالية الحقا وزوج ايطالي،

وعلى إثر خالف بينهما رفعت الزوجة دعوى انفصال جسماني أمام القضاء االيطالي

والتي )مراد رايسمحكمة بئر (ورفع الزوج دعوى طالق أمام القضاء الجزائري

أصدرت حكما يقضي بالطالق والفصل في التوابع الناتجة عن زواجهما وكذا األمر

.)2(بتسجيل الطالق في بلدية مرسيليا التي انعقد فيها الزواج

                                                             .355صالح الدين جمال الدين، المرجع السابق، ص - )1( )ج ر. ف(ضد )ي ف(، قضية طالق بين 17/04/1998قرار بتاريخ 170082ملف رقم - )2(

.167، صفحة 1، عدد 2000المجلة القضائية، سنة نقال عن زروتي الطيب، اجتهاد القضاء الجزائري في ميدان القانون الدولي الخاص، معلق

Page 124: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

123  

وجاء في حيثيات قرار المحكمة العليا أن المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون

13مدني في حين أن المادة 12/2بالمادة االيطالي حينما طبق قاضي الموضوع عمال

من نفس القانون تقضي بتطبيق قانون جنسية أحد الزوجين الجزائريين عند ابرام

من القانون المدني إذا كان 12و 11الزواج في األحوال المنصوص عليها في المادتين

ها على أحد الزوجين جزائريا، وبالفعل أن الزوجة لم تنزع منها جنسيتها بعد حصول

الجنسية االيطالية أيضا حسب ما أشار إليه قرار المحكمة العليا ما دام جنسيتها

الجزائرية أصلية كما أكد قرار المحكمة ولو بصفة غير مباشرة تطبيق مبدأ آخر خاص

مدني، وهو تطبيق القانون الجزائري وحده إذا 22/2بتنازع القوانين وارد في المادة

. ين في وقت واحد من ضمنها الجنسية الجزائريةكان الشخص يحمل جنسيت

مدني جزائري جاء شامال لجميع 13وبهذا نجد أن االستثناء الوارد في المادة

المسائل المتعلقة باألحوال الشخصية أي وحد المشرع القانون الذي يطبق على نظام

منها الزواج سواء تعلق بالشروط الخاصة بصحة الزواج، واآلثار المترتبة عنه

شخصية أو مالية، وفي حالة انهاء الرابطة الزوجية يختص القانون الجزائري وحده إذا

يبقى 13كان النزاع عرض على القاضي الجزائري وقد سبق أن بينا أن تطبيق المادة

قاصرا على حالة عرض النزاع أمام القاضي الجزائري، فال يسوغ تطبيقه من محكمة

، وزيادة على ذلك يصبح حكمه بدون جدوى )1(حيد الطرفأجنبية ما دام يقرر حال و

وفعالية في حالة تغيير الطرف الجزائري جنسيته وبالتالي تعتبر في نظري قاعدة من

القواعد القانونية لقانون القاضي فإذا عرض نزاع على جهة قضائية أجنبية فمما ال شك

ويصبح تطبيقها مستبعدا فيه أنها سوف تقضي حسب القواعد العامة في قانون القاضي

.تماما لمخالفته لمقتضياتها

وفي األخير يمكن القول في سياق دراسة االختصاص المقرر لقانون القاضي

بدون مزاحمة من جانب أي قانون حصرياأن من بين األسباب الداعية لتطبيقه تطبيقا

جعلت المشرع أجنبي وأيضا تطرقنا في اطار دراستنا لهذا المبحث أن األسباب التي                                                                                                                                                                                     

.120إلى غاية 119عليه، ص .172زروتي الطيب، القانون الدولي الخاص الجزائري، المرجع السابق، ص - )1(

Page 125: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

124  

يسند االختصاص المنفرد لقانون القاضي مراعاة العتبارات اجتماعية والتي يسعى منه

في توفير الحماية للوطنيين وخاصة ما يتعلق منها بجوهر النظام االجتماعي الوطني

كان أساسها المصلحة الوطنية مصلحة الطرف الوطني في تلك المنازعات الخاصة

.الدولية

تطبيق قانون القاضي العتبارات اقتصادية على نشاطاألشخاص : عالراب المطلب

:االعتبارية

يترتب على األخذ بنظرية أو فكرة المصلحة الوطنية في شأن نقص أهلية

ي حصرالشخص االعتباري األجنبي اختالف اآلراء، هناك اتجاه يرى في التطبيق ال

ة في حماية نظامها لقانون القاضي تبرره اعتبارات اقتصادية، فمن حق الدول

االقتصادي بما يحتويه من مصالح مالية وتجارية من الخطر الذي يهدده فيما لو تركت

تحكمها قوانين أجنبية، والتي تشكل أخطر المسائل التي تمس كيانها، ومن ثم يستوجب

على الدولة أن تقرر انفراد قانونها الوطني بحكم المسألة االقتصادية لتأكيد تمسك

االقتصادية الوطنية عن طريق التوجيه والتنظيم للحياة االقتصادية، وحماية السياسة

نظامها العام االقتصادي، وهذا خالفا لما تقتضيه المصلحة االجتماعية، فإن حماية

المصلحة الوطنية تقتضي أن يكون أحد طرفي العالقة وطني ينتمي إلى قانون القاضي،

والنزاع، ال تتمثل في انتماء أحد أطراف العالقة بينما في العالقة بين قانون القاضي

إلى قانون القاضي، وإنما يتعلق بحالة ممارسة الشركات األجنبية نشاطها على االقليم

الوطني الذي قد يمس بكيانها االقتصادي فإذا كانت التشريعات الوطنية واالتفاقيات

قانون الوطني الذي تمارس الدولية أقرت خضوع النظام القانوني للشركات األجنبية لل

على اقليمها نشاطها ليضمن الحد من خطورة النشاط األجنبي على المتعاملين مع

.الشركة من المواطنين من جهة وعلى االقتصاد من ناحية أخرى

ولعل الدليل على اعتبار المسألة من مسائل االختصاص المنفرد لقانون القاضي

قانون مدني 10/4ة االسناد الواردة في المادة ما أتى به المشرع الجزائري في قاعد

للشركات يجزائري والتي تسند االختصاص للقانون الجزائري في حكم النظام القانون

Page 126: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

125  

األجنبية التي تمارس نشاطها في الجزائر حتى تمنع من تحايل هذه األخيرة عندما

قيود المالية تحاول التهرب من القيود التي تفرضها قوانين الدولة، وبصفة خاصة ال

.والضرائبية المتعلقة بممارسة التجارة واالستثمار

ونظرا لتزايد أهمية هذه الشركات األجنبية يوما بعد يوم في مجال النشاط

االقتصادي الدولي ذلك أن تلك الشركات نفسها ال تقنع بقصر نشاطها في مجال

االنتشار واالزدهار، كما المعامالت الداخلية، أي الوطنية التي لم تعد تحقق أمالها في

ترى دول أخرى حاجتها الماسة إلى هذا النشاط األجنبي لتنفيذ المشروعات الضخمة أو

في المساهمة في دفع عجلة التنمية االقتصادية خاصة في البلدان النامية فامتداد نشاط

قوانين الشركة األجنبية خارج اقليم دولتها يثير كثيرا من المشاكل المتعلقة بتنازع ال

بصدد هذا النشاط، فهل يثور فعال تنازعا بين القانون الذي يحكم الشركة أصال، وقد

يكون مركز ادارتها الرئيسي وبين قانون الدولة التي تمارس على اقليمها النشاط

.األجنبي

سبق أن ذكرنا إلى أن االعتراف بالشركات األجنبية يعد أمرا الزما لمباشرة تلك

.خارج حدود دولتها أي الدولة التي تتبعها بجنسيتها الشركات لنشاطها

وهكذا فقد نظم المشرع الجزائري حالة هذه األشخاص المعنوية لحل هذا التنازع

أما :" في الفقرة الثالثة من المادة العاشرة مدني جزائري التي نصت على ما يلي

نظامها األشخاص االعتبارية من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها يسري على

.)1("القانوني قانون الدولة التي يوجد فيها مقرها االجتماعي الرئيسي والفعلي

وهكذا فبعد أن وضع القاعدة العامة قرر في هذا الخصوص بإدخال استثناء هام

في الفقرة الرابعة من نفس المادة على أنه إذا باشرت نشاطها على االقليم الجزائري

                                                             ) siège d'administration principal et effectif(ويقصد بمركز االدارة الرئيسي الفعلي- )1(

وليس مجرد المركز االفتراضي، ويتعرف عليه القضاء )siège social(مركز االدارة الحقيقي بتحسس واقع الحال، ومن أهم العناصر التي يستعين بها في تقديره، مكان اجتماع الجمعية .215عز الدين عبد اهللا، المرجع السابق، ص . الدارةالعامة ومجلس االدارة ومكاتب ا

Page 127: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

126  

خضع النظام القانوني لهذا الشخص للقانون الجزائري وحده يعد بمثابة مكان االستغالل

.حتى ولو كان مركز االدارة الرئيسي في دولة أخرى

ويتضح من هذا النص أن النظام القانوني لألشخاص االعتبارية األجنبية أي

تمتعها بالشخصية المعنوية من عدمه، وتنظيمها وكل ما يتعلق بتكوينها وإدارتها

ئ لها، وطرق تعديل هذا التصرف وما يترتب من أثر على هذا وبالتصرف المنش

فيخضع )1(التعديل وكذلك كل ما يتعلق بكيفية وأسباب انقضاء الشخص االعتباري

.لقانون الدولة التي يوجد مقرها االجتماعي الرئيسي والفعلي

غير أنه إذا مارست األشخاص :" ولكن نصت الفقرة الرابعة على ما يلي

".األجنبية نشاطا في الجزائر فإنها تخضع للقانون الجزائري االعتبارية

فهذا االستثناء أراد المشرع حماية المصالح االقتصادية والتجارية التي يرتبط بها

ممارسة األشخاص االعتبارية األجنبية نشاطها في الجزائر، فترك األمر لقانون مركز

.الحاالدارة الرئيسي قد يؤدي إلى االضرار بتلك المص

وقد عبر بعض الفقهاء عن هذا النظام القانوني الذي يحكم هذا الشخص ب

وهذه العبارة تضمن معاني كلية تختلف تفاصيلها بحسب نوع " الحالة القانونية"

، على أنه يجب التمييز )2()....من شركات وجمعيات ومؤسسات(األشخاص االعتبارية

تبعية الشخص االعتباري تبعية "تي يقصد بها بين هذه األخيرة وبين الحالة السياسية وال

. )3("سياسية لدولة ما، وهي رابطة تتحدد بواسطة رابطة الجنسية

لقد سبق أن نوهنا إلى أن من بين األسباب التي أدت إلى انطباق قانون القاضي

تطبيقا أصليا حق الدولة في مراعاة مصالحها االقتصادية والسياسية في هذا الصدد

بأن اقتصاديات الدولة تشكل أخطر المسائل التي تمس كيانها وتؤثر في والتسليم

                                                             .274، 273صالح الدين جمال الدين، المرجع السابق، ص - )1( .216عز الدين عبد اهللا، المرجع السابق، ص - )2( .211زروتي الطيب، القانون الدولي الخاص الجزائري، الجزء االول، المرجع السابق، ص - )3(

Page 128: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

127  

وجودها وسيادتها هو ما دفع البعض بحق إلى القول بأنه ثمة نظام عام اقتصادي

.يستخدم لتأييد تماسك السياسة االقتصادية الوطنية

إذن فال تثريب على الدولة عندما تقرر انفراد قانونها الوطني لحماية نظامها

.العام االقتصادي والذي يعد أخطر وجه للنظام العام الوطني

وفي هذا االطار نجد من الشركات األجنبية التي تمارس نشاطا مستمرا ومنها

من تمارس نشاطا عرضيا أو ثانويا، وعلى هذا النحو لم يشترط المشرع الجزائري أن

سنة ليكون النشاط الذي تمارسه الشركة األجنبية دائما كما عبرت عنه اتفاقية الهاي

قانونية للشركات والجمعيات والمؤسسات والخاصة باالعتراف بالشخصية ال 1956

.)1(األجنبية

بينما وصفته بعض تشريعات الدول بالنشاط الرئيسي، غير أن تلك النصوص

اتفاقية كانت أو وطنية لم تحدد مدلول النشاط الدائم أو الرئيسي ولم تضع معايير له

ن النوعين من غير أن هذا األخير يمكن أن تستوعبهما فكرة النشاط المستمر ألن هذي

أي تكريس هذه الشركة لنشاطها في أعمال متكررة متجددة (النشاط يقتضيا االستمرار

أو نشاطا رئيسيا كما وصفته بعض )تمثل بطبيعتها ذات الموضوع الحقيقي لنشاطها

التي حدد ضابط االسناد في شأن النظام 11التشريعات كالتشريع المصري في المادة

عتبارية هو مركز االدارة الرئيسي الفعلي، فرجع وقرر استثناء القانوني لألشخاص اال

هاما على القاعدة العامة لصالح القانون المصري واعتد بضابط آخر هو مكان

االستغالل الرئيسي، وعلى ذلك فإذا باشر الشخص االعتباري نشاطه الرئيسي في

القانوني لهذا مصر فإن القانون المصري هو الذي يتعين تطبيقه في شأن النظام

.الشخص، حتى لو كان مركز ادارته الرئيسي الفعلي في الخارج

                                                             :راجع في فكرة النظام العام االقتصادي - )1(

-Fayat (G ), L'ordre publique économique, thèse, Dijon 1962, op. cit, T1, n˚ 248.

Page 129: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

128  

وقد كان القضاء الفرنسي يأخذ في بعض أحكامه بمكان االستغالل كضابط

في شأن النظام القانوني لألشخاص االعتبارية، ثم تراجع عن هذا لإلسنادأساسي

.)1(االتجاه لصالح ضابط مركز االدارة

ن معيار ممارسة النشاط الرئيسي الذي قرره المشرع الجزائري ونخلص بذلك أ

في الفقرة الرابعة من المادة العاشرة مدني هو معيار خاص لحل مشكلة تنازع القوانين

.بالنسبة للنظام القانوني لألشخاص االعتبارية

وبالتالي يكون موقف مشرعنا على هذا النحو قد حسم الخالف القائم حول هذه

وسد الطريق في وجه احتماالت التحايل على أحكام القانون الجزائري عندما المسألة،

. تمارس الشركة نشاطها الرئيسي في الجزائر

ومن خالل دراستنا للنظام القانوني الذي تخضع له الشركات األجنبية، نجد في

قانون مدني جزائري، أنها تستلزم تطبيق القوانين الجزائرية على 10/4تحليلنا للمادة

باعتبارها قوانين مكان ممارسة النشاط، الجزائر، هذه األخيرة التي تمارس نشاط في

من نفس المادة يظهر االنحياز إلى مركز االدارة الرئيسي أو مع العلم أن الفقرة الثالثة

المقر االجتماعي هو الحل األفضل في القانون الجزائري لتحديد المركز القانوني لهذا

.الشخص

مجال التطبيق االنفرادي لقانون القاضي في عقد العمل: المطلب الخامس

الخاص نظرا لما يثيره يحوز عقد العمل أهمية كبرى في اطار القانون الدولي

من مشاكل متميزة فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق عليه، حيث أن طبيعة القواعد

المنظمة لهذا العقد من جهة، وما يتمتع به من أهمية اجتماعية التي يجب أن يكفل

كل ذلك جعل هذا العقد . رعاية مصالح طبقة بأكملها هي طبقة العمال من جهة أخرى

ى قواعد االسناد المزدوجة التي تحكم العقود بصفة عامة، ولعل هذا السبب، يتمرد عل

يكمن في أن القواعد المنظمة لعقد العمل تفرض من قبل الدولة، ومن ثم لها صفة

                                                            1 ‐ H. Batiffol et Lagarde, op.cit, N˚ 255. -Lerebours Pigeonniere, op. cit, P 193.

Page 130: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

129  

االلزام واألمر، كما يترتب عنها جزاء في حالة المخالفة، أكثر من هذا أنه ما زال

رع الوطني بغية ادراك المصلحة محال لتدخل مستمر ومتزايد من جانب المش

.االجتماعية واالقتصادية المنشودة في هذا المجال

ولذا يستوجب معرفة طبيعة عقد العمل، حتى نبرز كيف أن هذه الطبيعة ال

.تنسجم مع قاعدة االسناد التي تحكم العقود بصفة عامة

العمل على ي تطبيقا مانعا وقاصرا حال تنفيذ عقد إذا كان القانون الوطني يلقو

االقليم الوطني، وجب تحديد المجال الذي ينطبق فيه ذلك القانون دون منازعة، وعلى

.هذا النحو يمكن أن نقسم هذا المطلب إلى الفرعين التاليين

فكرة حماية النظام االجتماعي: الفرع األول

مل ي القانون الجزائري تطبيقا انفراديا فيما يخص الجانب التنظيمي لعقود العيلق

التي يتم تنفيذها على االقليم الجزائري استنادا إلى أن القواعد اآلمرة المنظمة لهذا العقد

تعد من القواعد ذات التطبيق المباشر التي تحدد بذاتها مجال سريانها المكاني، فهي

ي واالجتماعي للدولة ولذا فهي قواعد تتصل اتصاال وثيقا بالكيان السياسي واالقتصاد

قات العمل التي تنفذ في الجزائر، لو أن شركة أجنبية تعاقدت في كافة عالبق على تنط

الجزائر مع عمال جزائريين إلقامة جسر في العاصمة الجزائرية، ثم تضمن عقد العمل

شروطا تهضم حق العامل وتحرمه من الضمان الصحي وتمنع تعويضه عن الضرر

لمشتركة على إخضاع هذا العقد الناجم عن حوادث العمل واتفق األطراف بإرادتهم ا

للقانون اإليطالي مثال، وثار نزاع عند تنفيذ هذا العقد، ورفعت الدعوى أمام القضاء

الجزائري، مما ال شك فيه أن القاضي الجزائري هنا يطبق قانون العمل الجزائري

حصرا، ألن هذا القانون من قوانين البوليس الرتباطه بسياسة الدولة االجتماعية

. 1القتصادية الهادفة لحماية العامل بصورة خاصة بمثابة الطرف الضعيف في العقدوا

                                                             وقد استقر الفقه في فرنسا على إخضاع عالقات العمل إلى قانون الدولة التي ينفذ فيها العمل، -)1(

راجع غالب الداودي، القانون . وهذا ما كرسه االجتهاد األلماني واإليطالي والمصري واالردني .190، ص 1996الدولي الخاص األردني، الطبعة األولى، الرورنا للطباعة،

Page 131: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

130  

شرع من وراء تنظيم عالقة ما ال شك فيه أن الهدف الحمائي الذي يبتغيه الممو

سبق وأن رأينا أن القانون الوطني يلقي تطبيقا راجحا ومنفردا بصدد عالقات العمل، إذ

العمل التي تنفذ على االقليم الوطني، إنما تقرر لرعاية العمال الوطنيين، ال لرعاية

.القانون الوطني ذاته أو لمجرد التوسع في حاالت تطبيقه

التي تحكم العقوداختالف طبيعة عقد العمل وقاعدة االسناد : الفرع الثاني

كما سبق الذكر يعد عقد العمل أكثر العقود التي حضيت باهتمام المشرع الوطني

قانون النظرا لألهمية االجتماعية واالقتصادية التي يمثلها هذا العقد وترجيح كفة

.الوطني، حتى ولو تضمن العقد عنصرا أجنبيا

اختالف الفقه في تحديد وأدى التدخل المطرد للدولة في تنظيم عقد العمل إلى

طبيعته بين اتجاهين أحدهما يرى تعلقه بالقانون العام بالنظر إلى القواعد التي تحكم هذا

تخرج مجال هالعقد، وذلك أن صفة القانون العام التي تميز تشريع العمل في مجموع

في شأنه العالقات التعاقدية المتعلقة بالقانون الخاص وإذ تصبح القواعد الواجبة التطبيق

تلك المتعلقة بعالقات القانون االداري، ومن ثم يصبح االختصاص في صدده اقليمي

محض، ويرى اتجاه آخر تعلق عقد العمل بالقانون الخاص، خصوصا وان الدولة ال

تبدو في هذه العالقة القانونية بوصفها سلطة ذات سيادة وإنها ال تسعى من وراء تنظيم

تسعى إلى حماية مصلحة طبقة معينة هي وإنمامصلحة العامة هذا العقد إلى تحقيق ال

.طبقة العمال والقول بغير ذلك يخرج عقد العمل برمته من مجال تنازع القوانين

وفي واقع األمر، وأمام هذا التنظيم التشريعي اآلمر الذي ينتفي معه اختيار

يتردد البعض االطراف للقانون الواجب التطبيق بصدده، بل وأكثر من ذلك لم

في ان يقرر أن هذا التنظيم قد حصر دور االرادة في مجال ضيق ومحدود )1(اآلخر

.وفي واقع االمر أنه من الصعب ترك تنظيم أحكام العقد لحرية االفراد

                                                             . 381هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )1(

Page 132: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

131  

وعلى هذا النحو، هناك اختالف وعدم انسجام بين طبيعة عقد العمل وقانون

لقاعدة االسناد الواردة في هذا المجال والتي االرادة الذي يحكم العقود بصفة عامة وفقا

....".يسري على االلتزامات التعاقدية:"تنص على أنه

وبالرجوع إلى التقنين المدني نجد المشرع الجزائري قد حدد القانون الواجب

التطبيق في شأن عقد العمل علما أن الطبيعة الخاصة لعقد العمل تتنافى مع اخضاعه

مدني، وحرصا من 18لضوابط االسناد االحتياطية المقررة في المادة لقانون االدارة أو

المشرع الجزائري على حماية المصالح المختلفة التي تتعلق بعقد العمل والتي تستوجب

اخضاع الجانب التنظيمي لهذا العقد ألحكام القانون الجزائري عندما يتم تنفيذه على

رجع في هذا المقام إلى أن عقد العمل له جانبين االقليم الجزائري، والعلة في ذلك ربما ت

جانب تنظيمي وجانب غير تنظيمي، وإذا كان الجانب غير التنظيمي من هذا العقد

يمكن أن يخضع لقانون االرادة الصريحة أو الضمنية وفي حالة غيابها، ترجع السلطة

تتخذ من مركز التقديرية للقاضي في تحديد القانون الواجب التطبيق بناء على قرينة

وعلى خالف ذلك ال يقبل اخضاع الجانب )1(العمل أو محل ابرام العقد أو محل تنفيذه

التنظيمي لذاك القانون وإنما يخضع لقانون الدولة التي تنفذ العمل على اقليمها إذ

يقتضي األمر تطبيق قواعد األمن المدني التي قررتها نلك الدولة، والتي تستوجب

جح للقانون الوطني، بغض النظر عن القانون الواجب التطبيق على العقد التطبيق الرا

.)2(في مجموعه

ففكرة األمن المدني أو القواعد ذات التطبيق الضروري والتي تعطي القانون

الوطني تطبيقا راجحا واصليا دون تزاحم من جانب أي قانون أجنبي، وإذا كان هذا

.في القانون المدني الجزائري التطبيق االنفرادي قد تقرر بنص صريح

ن ذكرنا، يعد عقد العمل أكثر العقود التي حضيت باهتمام المشرع وكما سبق وأ

االقتصادية التي يمثلها هذا العقد، ذلك إن القواعد والوطني نظرا ألهميته االجتماعية

المنظمة لهذا العقد في القانون الجزائري تعد من قواعد البوليس ذات التطبيق                                                             

.453عز الدين عبد اهللا، المرجع السابق، ص - )1(2- H. Batiffol et P. Lagarde, op. cit, T II, P 571, P 277.

Page 133: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

132  

روري التي تحدد بذاتها مجال سريانها المكاني فهي قواعد تتصل اتصاال وثيقا الض

بالكيان السياسي واالقتصادي واالجتماعي له لذا حرص المشرع الجزائري على تنظيم

هذه العقود بقواعد آمرة تهدف إلى حماية العمال وتامين مستواهم االجتماعي بموجب

سيما في المتعلق بعالقات العمل ال 1990 لابري 21المؤرخ في 11-90قانون رقم

إذ أنها تكفل على وجه الخصوص معالجة هذا العقد التنظيمي بقواعد 6و 5المواد من

االمن المدني الوطنية ومن ثم يتحتم تطبيق القانون الجزائري في هذا الشأن وهكذا جاء

لقطر الجزائري يخضع كل سكان ا:" من القانون المدني على أنه 5في المادة الخامسة

غير أنه إذا مارست :" مدني التي تنص 10/4والمادة ".لقوانين الشرطة واألمن

".نها تخضع للقانون الجزائريرية األجنبية نشاطا في الجزائر فإاألشخاص االعتبا

يفهم من سياق هذه النصوص أن عالقات العمل الجاري تنفيذها في الجزائر

القانون الجزائري وحده، بصفته قانون ذات تطبيق مباشر تخضع لألحكام التنظيمية في

مدني، كما ان النص على تطبيق القوانين الجزائرية طبقا للمادة 5لمفهوم نص المادة

مدني باعتبارها قوانين محل ممارسة النشاط للشركة األجنبية، تأخذ أيضا نفس 10/2

.ر بنشاط عمل فردي أو جماعيالحكم واستنادا لنفس األساس القانوني، سواء تعلق األم

يتضح إذن من النصوص القانونية الخاصة السابقة الذكر، أنها ألزمت تطبيق

القوانين الجزائرية ذات الطابع اآلمر، على عالقات العمل التي تنفذ في الجزائر، ألنها

تتعلق بأحكام الحماية، وبالتالي ال يجوز مخالفتها سواء كانت عالقة العمل وطنية أم

. )1(ذات طابع دولي

ومما ال شك فيه أن اهتمام المشرع بتنظيم عقد العمل على هذا النحو بقواعد

يكون ذلك آمرة، القصد منه جلب االختصاص التشريعي لقانونه الوطني، بحيث

سيما في الحالة التي يتم تنفيذ فيها العمل على االقليم الوطني االختصاص استئثاريا ال

بعيدا عن اختصاص أي قانون أجنبي حتى ولو اشتملت العالقة على عنصر أجنبي،

                                                             ، 2010الطيب زروتي، دراسات في القانون الدولي الخاص الجزائري، دار هومة، طبعة -)1(

. 365الجزائر، ص

Page 134: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

133  

وفي هذا االطار فإن المسائل التي يحتويها الجانب التنظيمي لعقد العمل ال يمكن ان

عت المشرع الوطني إلى التدخل في مع الحكمة التي د يثار بشأنها تنازعا بين القوانين

ذلك، كما سبق أن ذكرنا بشرط عدم ارتباط العقد بقانون بهذا المجال، على أن يتقيد

آخر، كقانون االرادة أو قانون ابرام العقد، قد يقرر حماية أفضل للعامل من تلك التي

.يكفلها القانون الوطني في بلد التنفيذ

أما في حالة . ي يجري تنفيذها على االقليم الوطنيهذا فيما يتعلق بعقود العمل الت

العقود التي يتم تنفيذها في الخارج، إذا كان من واجب القاضي الجزائري ان تطبق

القواعد اآلمرة في قانونه بالنسبة لعالقات العمل التي يتم تنفيذها في الجزائر باسم

انون الدولة االجنبية التي النظام العام، فإنه من غير المعقول أن يطبق هذا القاضي ق

جل ذلك رأى جانب من ومن أ. )1(ينفذ فيها العمل باسم النظام العام في هذه الدولة

ضرورة األخذ بقاعدة اسناد مزدوجة تخضع عقد العمل بجانبيه التنظيمي وغير )2(الفقه

. التنظيمي لقانون الدولة التي يتم تنفيذه فيها

يرى أن األخذ بقاعدة اسناد موحدة في هذا الشأن لن ينفي بعض الفقه أنإال

تطبيق القاضي الوطني للنظام العام في الدولة األجنبية التي ينفذ فيها العمل، ولذلك فإنه

يجب أن يالحظ أن تطبيق قوانين األمن المدني االجنبية في اطار قاعدة االسناد

سياسي أو بطابع النظام العام، وهو ما المزدوجة الثنائية و نتيجة التسامها بالمظهر ال

يعني استخدام النظام العام بمفهومه التقليدي الذي يتخذ صورة الدفع المستبعد للقانون

ها فيما يتعلق بالجانب التنظيمي لعقد ونفس النتيجة يمكن ادراكاالجنبي عند االقتضاء

ام العام بمفهومها الحديث العمل الذي يتم تنفيذه مثال في الجزائر باالستعانة بفكرة النظ

.المرجح للتطبيق االنفرادي لقانون القاضي

أما بالنسبة للجانب غير التنظيمي للعقد فهو يخضع لقانون االرادة عمال بالقاعدة

الخاصة بااللتزامات التعاقدية وعند سكوت المتعاقدين االفصاح 18الواردة في المادة

                                                             وما بعدها، وهو يرى امكانية أن يخلق القضاء 695هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )1(

.مدني 24هذه القاعدة وفقا للمادة .وما بعدها 692هشام علي صادق،المرجع نفسه، ص -)2(

Page 135: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

134  

ط االسناد االحتياطية التي أشارت إليها المادة عن القانون الواجب التطبيق اعمال ضواب

. مدني وهي ضابط الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة أو قانون محل االبرام 18

هكذا يتضح لنا مما تقدم في هذا الباب الفروض الثابتة لتطبيق قانون قاضي

وذلك في واستقصاء سياسة المشرع الوطني بشان تنظيم العالقات الخاصة الدولية،

.ضوء ما أورد من نصوص تحتم هذا التطبيق االنفرادي

بجالء أهمية زتبرتوضح والتي ضنا في هذا الفصل بعض المسائلاستعرا وبعد

وحتمية هذا التطبيق، فضابط االسناد الفردي تتضمنه القواعد االنفرادية تعبر عن وجود

غض النظر عن أي قانون نطاق خاص يتمتع فيه قانون القاضي بامتياز في التطبيق ب

أجنبي، وتعبر أيضا عن حرص واهتمام المشرع بحماية التماسك السياسي واالقتصادي

.واالجتماعي لنظامه القانوني

لحكم حصريبعدما أبرزنا الفروض التي تمنح قانون القاضي مجاال للتطبيق ال

سواء الدولية المعروض أمرها عليه، أن تلك الفروض تتباينالمنازعة الخاصة

الجانب اعماال أو مفردة )ذات التطبيق الضروري(باعتباره من قواعد البوليس واألمن

.)االسناد األحادي(بالمنهج األحادي

لقانون حصريالخاص بالتطبيق ال فقد رأينا من خالل دراستنا في هذا الباب

أن المساواة والتنسيق المتطلب بين النظم القانونية المختلفة التي تسعى قواعد القاضي

عليها القانون الدولي الخاص دوجة إلى ادراكه، فهي أهم األسس التي يبنىاالسناد المز

قانون توزيع االختصاص بين وفي اطار هذه القواعد يختل التوازن والمساواة بين

.القاضي والقانون األجنبي

اعاة ألهداف التشريع الوطني من تثبيت شرعية هذه الخروقات بل وحتميتها ومر

لكونها تناقش المنهج التقليدي وتؤدي إلى اقصاء قواعده الثنائية أو المزدوجة لصالح

.قانون القاضي

Page 136: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

135  

إذا كانت قاعدة االسناد ذات األصل السافيني باعتبارها الوسيلة األساسية التي

نا لهذه القواعد قد زع القوانين إال أنه من خالل تحليلشكلة تناأثبتت فعاليتها في حل م

لحسم تلك تبث ما تتسم به من حيادية ومساواتها بين القانون الوطني والقانون االجنبي

االستجابة لالعتبارات الدولية على المنازعات لصالح احداهما لثبوت اتصاله بها، و

لرئيسي للقواعد القانونية الدولية الخاصة حساب المصلحة الوطنية مخالفا بذلك الهدف ا

.وهو حماية المصالح الوطنية ذات االولوية

وبقاء إن طغيان اختصاص قانون القاضي على اختصاص القانون األجنبي

، الوالء الحقيقي لقانون القاضي بفضل القواعد االنفرادية وإعطائه االولوية في التطبيق

لقواعد القانون كز يرجع إلى الصفة الوطنيةهذا المر ومما ال شك فيه أن رجاحة

بما يضمن الدولي الخاص وحرص المشرع الوطني على التمسك بسيادته التشريعية

لمحافظة على التماسك االقتصادي واالجتماعي للنظام القانوني الوطني كما سبق ا

.الذكر

الباب الثاني

لقانون القاضي التطبيق االستثنائي

يستبعد فيها تطبيق القانون التي دراستنا السابقة، بعض الحاالترأينا في سياق

لقانون القاضي في حكم حصرياألجنبي العتبارات خاصة، وبجانب هذا التطبيق ال

المنازعات ذات العنصر األجنبي باعتباره القانون صاحب االختصاص األصلي، في

، قد تتهيأ ن أجنبيالحاالت التي ال تستجيب فيها تلك المنازعات الختصاص قانو

ألحكام هذا القانون كمحاولة لسد الفراغ التشريعي الذي ينجم الفرصة لتطبيق استثنائي

في األحوال التي يكون فيها تطبيق القانون األجنبي صاحب االختصاص األصيل

بالمنازعة بمقتضى قاعدة اإلسناد الوطنية، فيطبق القاضي قانونه باعتبار أن له رسالة

Page 137: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

136  

ع القانون األجنبي أن يمتد إلى بلد القاضي، ومن ثم ييؤديها إذا لم يستطاحتياطية

أو هو تطبيق يتوقف على تحريك قاعدة تطبيق قانون القاضي بصفة استثنائيةإمكانية

مباشر، وبما أن التطبيق اإلسناد الوطنية، وإن كان ال يتحقق في إطارها بشكل

الحاالت التي ينعقد فيها االختصاص لقانون لقانون القاضي ال يثور إال في االستثنائي

القاضي كما سبق اإلشارة، إن هذا االختصاص األصيل للقانون األجنبي هو الذي

لقانون القاضي في حالة وجود عوائق قانونية أو واقعية تطبيق استثنائي يتحول إلى

.تحول دونه

حكم وبهذا التحليل يتضح ما يتمتع به قانون القاضي من مركز راجح ل

ويعود هذا االمتياز . المنازعات الخاصة الدولية بالمقارنة بمركز القانون األجنبي

من مجال واسع الختصاصه الممنوح لقانون القاضي الذي تخوله قاعدة اإلسناد

محددة في صورة االختصاص االستثنائي، وعلى هذا يمكن إدراج فكرة االستثنائي

لقانون القاضي، عندما يتقرر إعمال القانون األجنبي وتعذر تطبيق هذا األخير، ولذا

كمرحلة أولية إجرائية، وهي الحالة وضح أوال فكرة االختصاص االستثنائييمكن أن ن

، )الفصل الثاني(، ثم المرحلة الموضوعية الالحقة في )الفصل األول(التي نبحثها في

.لقانون القاضي وإعمال التطبيق االستثنائييد مجال ولذا يستوجب تحد

وبما أن قاعدة اإلسناد هي الطريق األصيل لتحديد القانون المختص بحكم العالقة

ذات العنصر األجنبي من خالل ضابط اإلسناد الذي تتضمنه، فإن إحصاء الطرق التي

نون يكون في الحدود التي ينطبق فيها قا تدخل ضمن فكرة االختصاص االستثنائي

القاضي، فهي ال تعدو أن تكون مجرد استثناءات التي تدخل على تطبيق القانون

.)1(األجنبي المختص وفقا لقاعدة اإلسناد، ويكون هذا األخير مستبعد العتبارات معينة

فتشمل النظرية العامة لحل تنازع القوانين العديد من اآلليات التي من شأنها أن

طبيق القانون األجنبي الواجب التطبيق والتي هي في نفس تؤدي إلى تعذر أو استحالة ت

                                                            1-Francescakis Phocion, V˚ conflits de lois, op.cit, n˚233, P 487. -Batiffol et Lagarde, op.cit, n˚345, P 436. -Louis Lucas, op.cit, P 419-420. –Issad Mohand, op.cit, P 191.

Page 138: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

137  

في القاضي بمقتضى وظيفته االستثنائية الوقت أسباب استبعاد هذا القانون وحلول قانون

انون القاضي، الحاالت التي يتعذر فيها تطبيق القانون األجنبي واستبداله بق

في مختلف دول العالم، أما فكرة أقرها أغلبية الفقه والقضاء واالختصاص االشتثنائي

بالنسبة للنظام الجزائري فهو يستبعد القانون األجنبي الذي حددته قاعدة اإلسناد، فقانون

القاضي األجنبي حينما يتعذر تطبيقه أو يتعارض مع قانون القاضي تذرعا بأفكار

غش وعدم إثبات القانون األجنبي وال )التكييف من الدرجة األولى(مختلفة كاإلحالة و

نحو القانون والنظام العام وذلك لتالقي النتائج السيئة التي تنجم عن عدم إيجاد حل

.للمسألة محل النزاع، ويتم هذا االستبعاد أثناء المرحلة اإلجرائية عند فحص الدعوى

والجدير بالذكر أن اللجوء إلى قانون القاضي في إطار اآلليات العامة لحل تنازع

تمام من طرف الفقه، نذكر منها الدراسة التي قام بها الفقيه القوانين، كان محل اه

Bischoff في تخصيص الجزء الثاني من رسالته، فتعرض لدراسة مكانة 1959سنة

قانون القاضي في اإلحالة، النظام العام، والغش نحو القانون، وقصور القانون األجنبي

.)1("المباشر لقانون القاضيغير مفهوم االختصاص االستثنائي"ق، تحت محل التطبي

حيث أن التطبيق الجامع لقانون القاضي والقانون األجنبي في هذه الحالة غير

قه، وهكذا يأتي التطبيق االستثنائيممكن أحدهما يستبعد حتما اآلخر في حالة تعذر تطبي

لقانون القاضي على إثر استبعاد القانون األجنبي الواجب التطبيق مما يؤدي إلى عدم

الجمع بين القانونين، ذلك أن قاعدة اإلسناد هي التي تحدد القانون المختص بحكم

العالقة من خالل ضابط اإلسناد الذي يتضمنه سواء كان هذا القانون قانونا أجنبيا أم

، وعلى هذا النحو يمكن أن يضاف إلى الدفوع قانونا وطنيا في حل تنازع القوانين

األخرى التقليدية التي توجه للقانون األجنبي، كالدفع بالغش نحو القانون والدفع بالنظام

لقانون القاضي مجالها الخاص وشروطهما المنفردة والتي تعطيذين لهما للاالعام

ت الخاصة في حكم المنازعا اختصاصا استثنائيا يضاف إلى اختصاصه الحصري

.الدولية                                                            1- J.M. Bischoff, La compétence du droit français dans les règlements de conflits de lois LGDJ, Paris, 1959, P 175 et s.

.83ص نقال عن مسعود بورغدة ناريمان، المرجع السابق،

Page 139: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

138  

تعيين القانون الواجب ستثنائي قبللها في فصلين متعاقبين، التطبيق االونتعرض

ستثنائي لقانون القاضي عند النظر في في الفصل األول، والتطبيق االالتطبيق

.في الفصل الثانيالدعوى

الفصل األول

انون الواجب التطبيقلقالتطبيق االستثنائي قبل تعيين ا

قبل تحديده من طرف قاعدة التنازع، قد األجنبي استحالة تطبيق هذا القانونإن

القصور الذي يشوب قواعد القانون األجنبي وما قد تعتريها من عدم يكون مرد ذلك إلى

مما يؤدي إلى استحالة تطبيق هذا القانون أو جهالته العنصر األجنبيانتفاء و تحديد

لم يكن مرد استحالة هذا التطبيق هو القصور القانوني ما إذاحالة مطلقة ونهائية اتاس

القانون األجنبي رغم الجهد قعيا كعدم ثبوتاو اتلك االستحالة قصور فيكون مرجع

المبذول من القاضي والخصوم، وقد يكون الرغبة في الوصول إلى حل سريع يحفظ

االجنبي والتي في سبيل اثبات القانون ضياعهامن حقوق ويحميها ويحقق حمايتهاال

.اءات وقتية أو مستعجلةأو الحاجة إلى اتخاذ إجر يعبر عنها بحالة االستعجال

المبحث األول

الفصل في الدعوىاستبعاد تطبيق القانون األجنبي قبل

ين تتنوع ب بيقه،إن أسباب قصور القانون األجنبي الواجب التطبيق، واستحالة تط

الخاصة الدولية أو بأطراف عالقةهو على صلة بالأسباب قانونية أو واقعية منها ما

لة ال يعني قصور هذا األخير، احطبيق القانون األجنبي في هذه الفاستبعاد ت النزاع،

Page 140: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

139  

عدم تحديد لضوابط اإلسناد التي يتحدد على أساسها القانون انتفاء أو وإنما يعني

في المطلب (ام القاضي للمسألة المطروحة أم نونيالواجب التطبيق وجهالة النظام القا

، وحالة )في المطلب الثاني( انون أو لتنازل الخصوم عن تطبيق هذا الق) األول

).في المطلب الثالث( الستعجاال

الدعوى لعنصر األجنبي في العالقة عند النظر فيا عدم بروز: المطلب األول

ملف في الفرض الذي تطرح فيه المنازعة أمام القاضي الوطني وال يظهر من

الذي يثير تنازع القوانين، فإن القاضي ال يستطيع أن يثير )1(الدعوى العنصر األجنبي

تطبيق قاعدة التنازع تلقائيا، وال أن يطبق تبعا القانون األجنبي المشار إليه، فالقاضي

من قانون 26/1مقيد بوقائع الدعوى المعروضة أمامه وهذا ما تنص عليه المادة

ال يجوز للقاضي أن يؤسس حكمه على وقائع لم تكن :" ة على أنهاإلجراءات المدني

26/1وعلى صعيد النزاع الدولي الخاص، تستلزم المادة ". محل المناقشات والمرافعات

م إ م إ أنه إذا خلت بيانات الملف بما يفيد وجود العنصر األجنبي الذي يضفي الصفة

لنزاع إن يمتنع عن تطبيق قواعد الدولية للعالقة موضوع النزاع ال يكون لقاضي ا

ع في هذا الصدد قرينة مفادها أن ويمكن أن يض )الجزائري(التنازع في قانونه الوطني

.وليس دوليا، ويخضع من ثم للقانون الوطني )2(النزاع داخليا

                                                             يقصد بالعنصر األجنبي أشخاص العالقة أو موضوعها أو سببها، فأشخاص العالقة هم - )1(

أطرافها، صاحب الحق والملتزم بهذا الحق، دائن أو مدين، المتسبب في الضرر والمضرور وموضوع العالقة هو المحل الذي يقع عليه التصرف أو الواقعة القانونية وسبب العالقة هو الواقعة أو التصرف المنشئ لها، زروتي الطيب، القانون الدولي الخاص الجزائري، الجزء

. 50مطبعة الفسيلة، الجزائر، ص،2008، الطبعة الثانية )ة مقارنةدراس(القوانين ول، تنازع األ معة ، دار الجا2006، الطبعة األولى، )دراسة مقارنة(عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين - )2(

 .2هامش 329الجديدة، اإلسكندرية، ص H- Muir watt, Répertoire international, Dalloz, V° loi étrangère (1998), N° 23, P6.

Page 141: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

140  

قد يرد أو يظهر للقاضي وجود العنصر األجنبي بصورة عرضية عند فحص

أو قد ال يشيرون تماما لألساس . تمسكوا بهاين الملف، أو من طرف الخصوم دون أ

القانوني لمطالبهم، ففي هذا الصدد تجيز قواعد اإلجراءات المدنية االعتداد بالعنصر

ق إ م إ التي 26، وهذا ما يمكن استخالصه من نص الفقرة الثانية من المادة )1(األجنبي

بين عناصر المناقشات يجوز للقاضي أن يأخذ بعين االعتبار من :" تنص على أنه

". والمرافعات الوقائع التي أثيرت من طرف الخصوم ولم يؤسسوا عليها إدعاءاتهم

فيمكن الكشف عن العناصر األجنبية من واقع أوراق الدعوى ومن مطالعة الملف

.والمعلومات الواردة فيه

فقد يرد في عريضة الدعوى سواء تمت في صورة استحضار بادعاء من خصم

أو بمقتضى عريضة مشتركة أو في اللوائح الجوابية التي يقدمها أحد الخصوم أو آخر

في معرض الخصومة، عنصر أجنبي مثل جنسية احد األطراف، أو محل إقامته أو

محل وقوع الفعل الضار، أو محل إبرام العقد، ويكون من شأن هذا العنصر األجنبي أو

أن يأمر في :" م إ للقاضي.إ.ق 27ز المادة ذاك أن يثير حالة التنازع، ولهذا السبب تجي

".الجلسة بحضور الخصوم شخصيا لتقديم توضيحات يراها ضرورية لحل النزاع

".يجوز له أن يأمر شفهيا بإحضار أية وثيقة لنفس الغرض"كما

ويمكن استخراج العناصر األجنبية أيضا من البيانات الواردة في عريضة افتتاح

اسم ولقب المدعي موطنه، اسم ولقب وموطن ... ق إ م مثال 15الدعوى حسب المادة

.المدعى عليه، فإن لم يكن له موطن معلوم، فآخر موطن له

إذ لما كان العنصر األجنبي في موضوع النزاع المطروح ال يعدو أن يكون في

ي ذاته واقعة من الوقائع، فهل يمتنع على القاضي أن يدلي به تلقائيا متى لم يكن ماثال ف

.الدعوى؟

                                                            (1)- H- Muir watt, Rép- Dalloz, 2e ed, T 11, loi étrangère ,N° 21, cass. Liv,11 juillet, 1961, Bertocini, Rev-crit, 1962, 124, note. H .Batiffol, J D I, 1963, 132, note B. Goldman.

Page 142: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

141  

قد يطلب من الخصوم تقديم اإليضاحات التي يراها ضرورية في هذا الشأن،

والتي قد تكشف عن ارتباط موضوع النزاع بنظام قانوني أجنبي متى كانت هذه

اإليضاحات تساعد في تحديد القانون الواجب التطبيق، أي الزمة لحل النزاع

.المطروح

حيث يمكن للقاضي اختيار موطن حكمي غير أنه يمكن إخفاء الموطن مثال،

كما هو الحال بالنسبة للجنسية التي يسهل إخفاؤها ألنه ) ق م 39م ( إلجراء المرافعات

.نادرا جدا ما يطلب إثباتها أثناء الخصومة

ضع في هذا الصدد يفي هذه الحالة وحيث ال يظهر العنصر األجنبي يمكن أن

، فإخفاء العنصر األجنبي )التحايل على القانون(ش ، أولهما تتمثل في استعمال الغقرينة

ال يؤدي ال محال إلى تطبيق قانون القاضي إال إذا لم يحرك الدفع بالغش نحو القانون

األجنبي، والثاني، يتمثل في عالقة العنصر األجنبي مع ضابط اإلسناد، فال يمكن إثارة

فعال إلى اختيار قانون العنصر األجنبي بصفة مؤثرة ومقنعة إال إذا كان يؤدي

، ليس ضروري مثال إذا كان صاحب الحق المتعلق بالعقار أجنبيا أو مقيما في )1(أجنبي

الخارج، إذا كان ضابط اإلسناد يشير إلى اختصاص قانون محله المتواجد في الخارج،

فالطبيعة المؤثرة للعنصر األجنبي تجاه القانون األجنبي متوقفة حتما على مطابقته

.)2(بط اإلسنادلضا

                                                            (1)- "L’élément de rattachement, n’est par définition invoqué que lorsqu’il justifie la compétence d’une loi étrangère" . H- Muir watt, Rép, op.cit P 6.

وفي نظر العديد من فقهاء القانون الدولي العام والخاص، ال تعتبر المسألة دولية إال إذا - )2( دولة (تضمنت عناصر أجنبية حاسمة أو مؤثرة، أي إذا كانت هناك صلة حقيقية مع الخارج

وال يهم مثال أصل الموثق الذي دون عقد الزواج، إذا كان بصدد تحديد القواعد المطبقة ) أجنبية ق م، وباشتراطهم للصفة المؤثرة للعنصر األجنبي، فإن 11على انحالل الزواج طبقا للمادة

هؤالء الفقهاء يؤكدون على أنه وحدها العناصر القابلة ألن تكون ضوابط إسناد ضرورية لحل تنازع القوانين، وهذا صحيح، ولكن اشتراطهم للصفة الحاسمة للعنصر األجنبي في العالقة قد

ما دامت ( ي في رأيي إلى اعتبار جميع المسائل الدولية خاضعة حتما للقانون األجنبي يؤد ، وهذا خطأ، إذ أنه )جميع العناصر األجنبية القابلة بأن تكون ضوابط إسناد واقعة في الخارج

قد يكون قانون القاضي مختصا أصال بحكم المسألة بموجب قاعدة اإلسناد بصفته إما قانون في فال يمكن إذن استعمال موقع أو مكان اإلسناد) causae…) (و القانون الشخصيالمحل أ

األجنبي للنزاع، ولهذا السبب كان عنوان الفرع انتفاء العنصر الخارج لتحديد الصفة الدولية

Page 143: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

142  

وهكذا، ولما كانت قاعدة اإلسناد هي المنفذ الوحيد لتطبيق القانون األجنبي، فإن

عدم تحديد ضابط اإلسناد يعني عدم تحديد قانون أجنبي بحكم المسألة المطروحة،

وبالتالي إذا انتفى الضابط الذي يسند إلى هذا القانون االختصاص بحل النزاع عاد إلى

، باعتباره الفرع الثاني الذي تصب فيه منهجية قاعدة اإلسناد المزدوجة قانون القاضي

. )1(نتائجها

وانتفاء ضابط اإلسناد، أو قصوره أو عدم تحديده أمر يحتمل وروده في مجال

األحوال الشخصية أكثر من غيره من المجاالت، ويبرز بصفة خاصة في القانون

لق به النزاع المطروح شخصا عديم إذا كان الشخص الذي يتع) الوطني(الشخصي

الجنسية، وإن كان هذا الفرض قد أصبح نادرا في ظل المجهودات الدولية التي تهدف

إلى محاربة ظاهرة انعدام الجنسية، مما يستوجب أن تخضع حالة الشخص أو أهليته

ستبدل ضابط الجنسية بضابط الموطن أو ضابط محل اإلقامة لحسم يلقانون معين، وقد

نزاع، وقد ينتفي هذان الضابطان هما اآلخران أيضا بالنسبة لذات الشخص، فال يكون ال

وكما هو معروف، لقد اختلف الفقهاء . له أيضا ال موطن وال محل إقامة معروف

واختلفت التشريعات في اعتماد ضابط اإلسناد الخاص بالقانون الشخصي، فمنهم من

لجنسية، ومنهم من أناطها بقانون الموطن، رأى إسناد األحوال الشخصية إلى قانون ا

مبررين مواقفهم بحجج وإذا كانت ال تتمتع بقيمة مطلقة، إال أنه لكل منهما محاسنها

. )2(ومساوئها من الناحيتين النظرية والعملية

                                                                                                                                                                                     ، الذي اعتمده العديد من الفقهاء، ألن ضابط اإلسناد "اإلسنادقصور ضابط "للعالقة وليس س العنصر األجنبي، قد يكون أجنبيا وقد يكون وطنيا، وال يمكن أن يكون ضابط اإلسناد عك

في نفس الوقت، فاالختصاص االحتياطي لقانون القاضي يستلزم أال ..... وطنيا قاصرا أو  .يكون هذا األخير مختصا مثال بحكم النزاع

.86نقال عن مسعود بورغدة ناريمان، المرجع السابق، ص (1)- David (cypille), la loi étrangère devant le juge du fond, thèse, Paris, 1964, N° 115, P94.

كندرية مرآز القانون األجنبي أمام القضاء الوطني، اإلس: وآذلك هشام علي صادق، رسالته .311، ص 237فقرة ، 1968

أنظر عرض ومناقشة حجج كل من أنصار قانون الجنسية وقانون الموطن، زروتي الطيب، - )2( ، الطبعة )دراسة مقارنة(األول، تنازع القوانين، ون الدولي الخاص الجزائري، الجزء القان

علي علي سليمان، مذكرات في . 139، 137، مطبعة الفسيلة، الجزائر، ص 2008الثانية ان المطبوعات الجامعية، ديو، 2008الجزائري، الطبعة الخامسة الدولي الخاصالقانون

Page 144: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

143  

إن تفضيل قانون الجنسية أو قانون الموطن هو مسألة نسبية تتوقف على

.واالقتصادية السائدة في كل دولةالظروف التاريخية واالجتماعية

من 13إلى 10ولقد أسند المشرع الجزائري كما نعلم من خالل نص المواد

ألن )1(القانون المدني األحوال الشخصية لقانون الجنسية مثله مثل القوانين العربية

األحوال الشخصية في هذه القوانين مستمدة من الشريعة اإلسالمية تطبق على كل

.ين المقيمين في الجزائر أو في الخارجالمواطن

صعوبات في بعض األحيان ) الوطني(فقد تعترض تطبيق القانون الشخصي

أهمها أن يجد القاضي شخصا ال جنسية له وإن أصبح هذا الفرض نادرا كما سبق

الذكر، فقد أختلف الفقهاء في كيفية تعيين القانون المختص، فمنهم من قال بتطبيق قانون

ة التي كان الشخص يحمل جنسيتها قبل انعدام الجنسية، غير أن هذا الحل قد انتقد الدول

على أساس أنه من الممكن أن يكون الشخص عديم الجنسية منذ الوالدة، وقال البعض

اآلخر بتطبيق قانون الدولة التي ولد فيها عديم الجنسية، غير أن هذا الحل قد انتقد

دولة معينة قد تكون بصفة عرضية، كما أنه من بدوره على أساس أن الوالدة في

.)2(الممكن أن تكون هذه الدولة هي التي حرمته من جنسيتها

لقانون هان إلى إسناد االختصاص االستثنائيأما الفقه والقضاء الفرنسيان فيتج

هذا إذا لم يوجد نص أو اتفاقية دولية انضمت إليها . القاضي بوصفه له الوالية العامة

.1954الدولة، مثال اتفاقية نيويورك لسنة

                                                                                                                                                                                    

.57الجزائر، ص -H. Batiffol et P. Lagarde, Droit international privé, TI, 6 ed 1974, LGDJ,P4 ,Re/2.

.141زروتي الطيب، القانون الدولي الخاص الجزائري، المرجع السابق، ص - )1( .191ص بلقاسم، المرجع السابق، أعراب - )2(

H. Batiffol et P. Lagarde:راجع

-on s’accorde à dire qu’a défaut de la loi personnelle déterminée, la loi française est applicable,(…) ses résultats signifient que la loi française a vocation à régir toute relation privée, T1, 6 édition 1974, LODJ, Paris, N°347, P436.

Page 145: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

144  

من القانون 25/2كما أكد المشرع المصري هذا الحل حينما نص في المادة

حالة األشخاص يعين القاضي القانون الذي يجب تطبيقه في :" المدني المصري على أن

...".الذين ال تعرف لهم جنسية

أما المشرع الجزائري لم يأخذ بهذا الحل، بل سلك مسلك أغلب التشريعات التي

يتمثل في الموطن أو محل االقامة، حيث اتجهت إلى وضع ضابط إسناد استثنائي

بق وفي حالة انعدام الجنسية، يط:" م في فقرتها الثالثة على أنه.ق 22نصت المادة

. )1("القاضي قانون الموطن أو قانون محل اإلقامة

غير أن المشكل يبقى قائما أو مطروحا في الحالة التي يكون فيها عديم الجنسية،

ال موطن له وال محل إقامة، فيتعذر على القاضي إيجاد ضابط اإلسناد الذي يحدد

هذا األساس وحسب ، وعلى)2(وضعيته القانونية ففي هذه الحالة يطبق القاضي قانونه

يمكن التمييز بين المسلم وغير المسلم عديم الجنسية نظرا للطبيعة رأي بعض الفقه

الدينية لألحوال الشخصية في القانون الجزائري المستمد من الشريعة اإلسالمية والدول

اإلسالمية األخرى، فيبقى التقدير للقاضي فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة اإلسالمية

                                                             والتي ) 12المادة ( 1954أوت 28وهذا الحل نفسه مقرر في اتفاقية نيويورك المبرمة في - )1(

 ، والتي 1964جوان 8المؤرخ في 173-64 إليها الجزائر بموجب المرسوم رقمانضمت ون الموطن، بشرط أن يستوفي الشروط تقضي بإسناد األحوال الشخصية لعديم الجنسية لقان

وقد ). 785، ص 1964سنة 15الجريدة الرسمية ، عدد (من االتفاقية 01الواردة في المادة تحديد القانون تاركا أمر 2005قانون المدني سنة تجاهلها المشرع الجزائري قبل تعديل ال

وتأكد هذا الحل )بل التعديلم ق.ق 22المادة (الواجب التطبيق على عديم الجنسية للقاضي بالنسبة للقانون الواجب التطبيق على الحالة المدنية لالجئين التي نصت عليها اتفاقية جنيف

والتي انضمت إليها الجزائر بموجب المرسوم ) 12 المادة( 1951جويلية 28المؤرخة في . 07/02/1963المؤرخ في

.142السابق، ص مرجعنون الموطن، زروتي الطيب، الأخذت أيضا بقا ويرى محند اسعد أن الحل ال يسري على عديمي الجنسية فحسب، وإنما على الالجئين

الخاص، الجزء األول، قواعد يمحند اسعد، القانون الدول. السياسيين الذين احتفظوا بجنسيتهم . 272، ص 1983التنازع، ديوان المطبوعات الجامعية،

.145، صعلي علي سليمان، المرجع السابق - )2(

Page 146: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

145  

م إذا كان مسلما، وبينما إذا كان غير مسلم، فيحكم بمقتضى .ق 2/ 1لمادة فيطبق ا

.)1(م.ق 4/ 1مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة طبقا للمادة

هذا ورغم أهمية إمكانية انتقاء الجنسية كقاعدة إسناد لألحوال الشخصية، إال أن

.ى ال يمكن االستهانة بهافرضية انتقاء أو عدم تحديد ضابط اإلسناد في أحوال أخر

وفي مجال األحوال العينية العقارية على وجه الخصوص، حيث أن العقار ثابت

الموقع، وثبوت الموقع يعين بوضوح ضابط اإلسناد وسهولة تحديد القانون الواجب

التطبيق، أما فيما يتعلق باألموال المنقولة، يمكن تصور إمكانية قصور ضابط اإلسناد

ضا موقع هذا المال حينما يتعلق األمر بإبرام عقد دون معرفة مكان هذا الذي هو أي

المنقول وقت إبرام العقد، وفي هذه الحالة يقول بعض الفقه من الصعب تحديد قاعدة

.)2(اإلسناد إال بالرجوع إلى قرائن

من القانون المدني التي 17بالرجوع إلى النظام الجزائري نجد نص المادة و

يسري قانون الجهة التي يوجد فيها وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه : ".....تنص

".كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية األخرى أو فقدها

يفهم من هذا النص، يجب التمييز بين مجال اختصاص كل من القانونين

بالتالي المتعاقبين، القديم والجديد والتمييز بين وسائل كسب هذه الملكية ومضمونها، و

يمكن إسناد هذا الحق لقانون معين بينما الصعوبة تكمن إذا ما تم كسب حيازة المنقول

عن طريق التواتر أو ملكيته بمجرد عقد رضائي شفهي، ففي غالب األحيان يتعذر

تحديد المكان الذي تحقق فيه السبب أو حتى مكان وجود المال ذاته، وفي مثل هذه

ن الواجب التطبيق على الحقوق المتعلقة بهذا المال لقصور الحالة يصعب تحديد القانو

ضروريا لسد الفراغ اضابط اإلسناد، فيكون بذلك الرجوع إلى قانون القاضي أمر

.)3(القانوني

                                                            (1)- ند اسعدونفس الحل أخذ به مح Droit inter- privé, Les règles de conflits, 2 ed. , 1983, O P U, Alger, P 192. (2)- H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit, P 404. (3)- H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit, P 437.

Page 147: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

146  

وفي نفس اإلطار، قد يصعب الجزم بإسناد معين يحكم العقد، ولم يختار الطرفان

جنسيات مختلفة، واستحال تركيزه فيه قانونا يطبق عليه، وتم إبرامه بين أشخاص من

في مكان معين يطبق عليه قانونه أو لم توجد أية صلة للقانون المختار ال بالعقد وال

المتعاقدين، كما لو كان تنفيذه سيتم في عدة دول، أي عدم تحديد ضابط اإلسناد، ففي ب

حالة عدم امكان هذه الحالة ال يمكن القول بأن قانون اإلرادة هو الذي يحكم العقد، ففي

ذلك يطبق قانون الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة، أو قانون محل ابرام العقد

.قانون مدني 18طبقا للفقرة الثانية والثالثة من المادة

يطبق عليه ويرى بعض الفقهاء أنه إذا استحال تركيز العقد في مكان معين ال

في األمم المتحضرة، من القانون الطبيعيمستمدة قانونه، فيجب الرجوع إلى المبادئ ال

. )1(بينما يرى البعض اآلخر تطبيق قانون القاضي في هذه الحالة

من القانون المدني 18أما في النظام الجزائري فإن المشرع قد نص في المادة

يسري على االلتزامات التعاقدية القانون المختار من المتعاقدين إذا كانت له :" إلى أنه

وفي حالة عدم إمكان ذلك، يطبق قانون الموطن . قيقية بالمتعاقدين أو بالعقدصلة ح

المشترك أو الجنسية المشتركة، وفي حالة عدم إمكان ذلك يطبق قانون محل إبرام

".العقد

ومن خالل هذا النص يكون القانون الجزائري قد قيد إرادة المتعاقدين بضرورة

.وجود هذه الصلة

كذلك في مجال االلتزامات غير التعاقدية، فقد جعل المشرع الجزائري

االختصاص أصال لقانون محل وقوع الفعل الضار المنشئ لاللتزام واستثناء لقانون

القاضي إذا كان هذا األخير غير متفق في الحكم على مشروعية الفعل مع قانون محل

.ج.م. ق 20/2وقوعه، وهذا ما نصت عليه المادة

                                                                                                                                                                                    -Mohand Issad, op.cit, P192.

.146-145علي علي سليمان، المرجع السابق، ص - )1(

Page 148: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

147  

فقد يصبح تحديد مكان وقوع الجريمة أو الفعل الضار أمرا متعذرا كما لو وقع

في إحدى وسائل المواصالت التي تعبر الحدود وتمر بأقاليم دول مختلفة هذه األخيرة

.غير خاضعة لقانون معين

في كل تلك األحوال التي يكون فيها ضابط اإلسناد غامضا يصعب منح

ي معين لقصور في الضوابط، كما لو كان متمركزا في االختصاص إلى قانون أجنب

. )1(أعالي البحار، أو دولة غير معترف بها

واستحالة تطبيق القانون األجنبي، تكون في هذه الحالة نهائية ومطلقة، من

شأنها توسيع مجال التطبيق االحتياطي لقانون القاضي على حساب القانون األجنبي

ا تعيينه من طرف قاعدة التنازع رغم كونها عالقات الذي كان من المفترض نظري

تشتمل على عنصر أجنبي وليست عالقة وطنية بحتة، رغم أن قواعد اإلسناد الوطنية

لم ترشح أيضا هذا القانون األجنبي لحكم هذه العالقات في تلك الحاالت ما دام اإلسناد

ولهذا . يعي بين القانونينصاص التشرمبدأ المساواة في توزيع االختما، وهذا يكرس مبه

إن وظيفة القاضي هي الحرص على تحديد قاعدة اإلسناد أو الكشف عن العناصر

.األجنبية بصفة عامة

تنازل الخصوم عن التمسك بتطبيق القانون األجنبي: المطلب الثاني

قد يحدث عندما يعقد االختصاص حسب القاضي الوطني للفصل في المنازعة

الدولي لقانون أجنبي، وتكون أحكام هذا القانون معروفة لدى الخصوم ذات الطابع

والقاضي على حد سواء، يصبح تطبيق هذا األخير غير مؤكد في الحالة التي ال يرغب                                                             (1)- -H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit, P 438.

Page 149: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

148  

فيها الخصوم بتطبيق هذا القانون، فيتنازلوا عن إخضاع عالقاتهم لحكمه، وهذا التنازل

يق قاعدة اإلسناد في قانون القاضي، وكذا ما مرتبط ارتباطا وثيقا مع مدى إلزامية تطب

.)1(إذا كان القانون األجنبي يعامل كواقعة من الوقائع أو كقانون

، فإن القاضي إذا أمره قانونه )2(فرض الصفة اإللزامية لقاعدة التنازعتالواقع أنه

.الوطنية الوطني بتطبيق أحكام القانون األجنبي فمن واجبه تطبيقه إعماال لقاعدة اإلسناد

:القوة اإللزامية لقاعدة التنازع الوطنية: الفرع األول

الواقع قبل أن يطبق القاضي المعروض عليه نزاع مشتمل على عنصر أجنبي

قانونا ما، أول ما يقوم به هي عملية التكييف للمسألة المطروحة بوضعها ضمن طائفة

وصول إلى إسنادها للقانون من طوائف النظم القانونية المقررة في قانون القاضي لل

المختص، هذا االختصاص قد ينعقد إما لقانون قاضي الدعوى، أو لقانون أجنبي، في

الفرض األول ال يطرح اإلشكال، يحل القاضي النزاع وكأنه نزاع داخلي، ويلتزم

بالتالي بأمرين، إما إعمال قاعدة اإلسناد والتقيد بتطبيق القانون الذي عينته، أما

ة الثانية، فالمسألة تحتاج إلى طرح تساؤالت، هل القاضي الوطني ملزم بإعمال الفرضي

قاعدة اإلسناد الوطنية؟ فالمشكل يظهر كما سبق اإلشارة عند عدم تمسك الخصوم

بأحكام القانون األجنبي، إما ألنهم يرغبون في التخلص من حكمه والتحايل لإلفالت

ون عدم إثارتها، والتنازل عن تطبيق القانون منه، أو لمصلحة يقدرونها، ولذلك يتعمد

األجنبي المختص، وفي هذه الحالة، هل يكون القاضي ملزما بإثارتها من تلقاء نفسه؟

.وهل يكون بالتالي ملزما بتطبيق القانون األجنبي الذي أشارت بتطبيقه قاعدة التنازع؟

ى للقانون يختلف الجواب عن هذه التساؤالت السابقة بحسب التكييف المعط

.)3(األجنبي إن اعتبرناه كواقعة أو قانون

                                                             .138و 137علي علي سليمان، المرجع السابق، ص - )1( عز الدين عبد اهللا، طبيعة القانون األجنبي أمام القضاء الوطني، تعليق على قراري محكمة - )2(

سنة ،26، المجلة المصرية للقانون الدولي، المجلد 1970أفريل 14و 13النقض المصرية، ل .181، ص 1970

.260زروتي الطيب، القانون الدولي الخاص الجزائري، المرجع السابق، ص - )3(

Page 150: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

149  

)اعتبار القانون األجنبي واقعة( لقانون األجنبيالتطبيق غير التلقائي ل: ولىالفقرة األ

إن تطبيق القانون األجنبي يختلف مداه كون قاعدة اإلسناد آمرة أي من النظام

بإثارتها وال يجوز أن يسعى العام أو العكس، ويترتب على ذلك أن القاضي غير ملزم

إلى معرفة أحكام هذا القانون الذي تشير به هذه القاعدة إذا لم تكن قاعدة االسناد آمرة،

، باعتباره يقرر الحل )1(إال إذا تمسك به الخصوم فيتولى القاضي حينئذ تطبيق قانونه

أقام مسلكه هذا االتجاه يكرسه القضاء في أمريكا وانجلترا وكندا الذي . األمثل لهم

المتواتر كحيلة قانونية مفادها أن هناك تطابقا بين أحكام القانون األجنبي والقانون

الوطني، فكيف يلزم القاضي بإعمال قاعدة سوف تشير إلى قانون مطابق ألحكام قانونه

الوطني؟ ولكن هذه الحيلة أساسها قرينة بسيطة يمكن دحضها من قبل الخصوم بإثبات

ومضمون قانون )2(القانون األجنبي الذي أشارت إليه قاعدة اإلسناداختالف مضمون

.القاضي

                                                                                                                                                                                     إذن مسألة قوة اإللزام لقاعدة اإلسناد الوطنية مرتبطة بمسألة تطبيق القانون األجنبي وفي هذا

H.Muir Watt:الشأن يقول الفقيه"La dissociation traditionnelle des phases de désignation et de connaissance de la loi étrangère n’est plus aujourd’hui que relative." H.Muir watt, op.cit, P 15.

أعراب بلقاسم، المرجع . 260زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )1( .وما بعدها 178عز الدين عبد اهللا، المرجع السابق، ص . 145-144السابق، ص ، دار الجامعة 2006، الطبعة األولى، )دراسة مقارنة(عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين - )2(

.393- 382الجديدة، اإلسكندرية، ص ما طبق القانون ، عند12/05/1959بتاريخ Bisbalوهو موقف القضاء الفرنسي في قضية

وجين اسبانيين منفصلين جسمانيا ومقيمان في فرنسا، حيث الفرنسي وحكم بالطالق على ز رفضت محكمة النقض طعن الزوجة في الحكم كونه لم يستند إلى القانون االسباني قانون

قاعدة اإلسناد التي تعقد تطبيق عالموضو اس أن أيا منهما لم يثر أمام قضاةجنسيتهما، على أس :االختصاص للقانون االسباني، وانتهت في ذلك إلى

"Les règles françaises de conflit de lois, en tant du moins qu’elles préservent l’application d’une loi étrangère, n’ont pas un caractère d’ordre public, en ce sens qu’il appartient aux parties d’en réclamer l’application, et qu’on ne peut reprocher aux juges de fond de ne pas appliquer d’office la loi étrangère et de faire, en ce cas, appel à laloi interne française laquelle a vocation à régir tous les rapports de droit privé".cass-civ, 12 mai 1959, Arrêt Bisbal.

زروتي الطيب، المرجع . 138علي علي سليمان، المرجع السابق، ص : وتفاصيل القضية محللة في .262السابق، ص

Page 151: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

150  

وقد اعترض جانب من الفقه على هذا المفهوم الذي ينكر على القانون األجنبي

طبيعته القانونية، مع أنه واجب االحترام في بلده، وتنزع عنه طبيعته القانونية ال لشيء

.إال أن قاضيا أجنبيا هو الذي يطبقه

إلى القول بأن القانون األجنبي " Batiffol et Lagarde"وذهب الفقيهان الفرنسيان

ينبغي أن يطبق دون أن يكون هناك اعتراف بأية سلطة في فرنسا للمشرع األجنبي

الذي أصدره، ويتم تطبيقه بأمر من المشرع الفرنسي الذي يعتبره واقعة لتجرده من

تستمد منه القاعدة قوتها الملزمة، فإذا كانت تمتلك هذا العنصر اآلمر واإللزام الذي

العنصر في بلد المشرع الذي أصدرها، فإنها تفقده في حالة تطبيقها أمام القاضي

.)1(الوطني، ومن ثم يبقى له إال العنصر العقلي وتفقد صفتها كقاعدة قانونية

بينما يبرر بعض الفقهاء بقولهم، أن المفروض حتى في القوانين الداخلية أنها ال

تكون ملزمة ال للقاضي، وال لغيره، إال بعد نشرها في الجريدة الرسمية، فكيـف يلزم

.)2(القاضي بتطبيق قانون أجنبي باعتباره قانونا مع أنه لم يعلم به عن الطريق المذكور

)اقانوناعتبار القانون األجنبي (بيق التلقائي للقانون األجنبي التط: الفقرة الثانية

أما إذا اعتبرنا القانون األجنبي كقانون، وهو الرأي السائد في ألمانيا واالتحاد

السوفياتي سابقا، وفي قضاء العديد من الدول األوروبية مثل ايطاليا، حسب الرأي

جزء من أحكامه، وهو االتجاه المأخوذ به السائد فيها فقها، والمأخوذ به عند القضاء في

، فإننا نلزم القاضي بتطبيق )3(أيضا في النمسا وكذلك القضاء في بلجيكا وسويسرا

القانون األجنبي من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تمسك الخصوم به، والسعي إلى التعرف

.على أحكامه

أي حالة تكون عليها وإذا لم يثره من تلقاء نفسه يجوز للخصوم التمسك به في

الدعوى ولو ألول مرة أمام المحكمة العليا، وال يحق لألطراف في هذه الحالة التنازل

                                                            (1)- H. Batiffol et Lagarde, op.cit, P 413.

.136علي علي سليمان، المرجع السابق، ص - )2( .180عز الدين عبد اهللا، المرجع السابق، ص . 161السابق، ص زروتي الطيب، المرجع - )3(

Page 152: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

151  

عن تطبيق القانون األجنبي نظرا للصفة اإللزامية لقاعدة اإلسناد، والعتبار القانون

االجنبي قانونا حتى لو اتفق الخصوم على استبعادها عندما تشير إلى اختصاص قانون

بي، فالقاضي ملزم بإثارتها من تلقاء نفسه والبحث عن مضمونها وأحكامها فإذا ما أجن

تبين للقاضي أن قانونا أجنبيا هو الواجب التطبيق وفقا لما تشير به قاعدة اإلسناد

.الوطنية، فإن عليه تطبيقه على نحو مماثل لتطبيقه في الدولة األجنبية التي أصدرته

نموذج في القضاء األردني الذي أكدت فيه محكمة وفي الدول العربية، فلنا

، بأن الرأي الراجح الذي انعقد )1(10/11/1983التمييز في قرار لها فصلت فيه بتاريخ

عليه الفقه والقضاء بأن القانون االجنبي الواجب التطبيق أمام القضاء الوطني يحتفظ

ى الخصم إثباته بتقديم بصفته القانونية وال يعتبر عنصر من الواقع التي يتوجب عل

الدليل على وجوده، وأن عبء اإلثبات والبحث عن مضمونه يقع على عاتق المحكمة

.التي تنظر في الدعوى، وتطبقه كما تطبق القانون المحلي

وخالصة القول في تحديد طبيعة القانون األجنبي وتحديد كيفية تطبيق قواعده

نفسه وضع القانون الوطني فيعامله فإذا كان وضع القانون األجنبي المختص هو

القاضي معاملة قانون ويصفه بهذه الصفة، ألن قاعدة التنازع التي تستند إليه آمرة

فيكون القاضي ملزما بتطبيقه تلقائيا وال يجوز التنازل عنه وال مجال بالتالي للتطبيق

ين هذا األخير االحتياطي لقانون القاضي، فليس هناك خرق لمبدأ المساواة في التطبيق ب

والقانون األجنبي، بينما نرى عكس ذلك إذا كانت قواعد القانون األجنبي تأخذ وضع

كانت قاعدة التنازع التي تشير إليه غير آمرة أي مجردة من صفة األمر، والوقائع

وعليه فال يكون القاضي ملزما بإثبات مضمونها وله التنازل عن تطبيقها وفسح المجال

يشكل ذلك خرقا لمبدأ المساواة في توزيع ياطي لقانون القاضيطبيق االحتللت

.االختصاص التشريعي

                                                             أشار إليه أحمد الفضلي، . 1050، ص 10، عدد 31مجلة نقابة المحامين األردنية، السنة - )1(

، 2004للنشر والتوزيع، عمان األردن، طبعة القانون الدولي الخاص، دار قنديلالموجز في .174ص

Page 153: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

152  

وما يترتب عن هذه الفروق هو أن االختصاص االحتياطي لقانون القاضي في

حال عدم تمسك الخصوم بتطبيق القانون األجنبي ليس مطلقا أو عاما وإنما مقيدة

انونا أو واقعة، وما هي تلك الحاالت ومحددة بمركز أو وضعية هذا األخير إن كان ق

التي يعتبر فيها واقعة؟ وبالتالي مجال التطبيق االحتياطي لقانون القاضي في حالة

.تنازل الخصوم عن تطبيق القانون األجنبي المختص يكون واسعا

ويتضح لنا مما تقدم أن على القاضي أن يعمل قاعدة االسناد من تلقاء نفسه،

طبقه ويسعى إلى التعرف على أحكامه يانون أجنبي، عليه أن ومتى قضت بتطبيق ق

يطبقه وهو في حقيقته قانون في بلده، وهو ال يفقد لدى القاضي الوطني هذه الطبيعة

وال يتحول إلى مجرد واقعة، وليس أدل على ذلك من أن المشرع الوطني عند وضعه

األجنبية، فهو ينظر إذن إلى لقواعد االسناد يجري مفاضلة بين قانونه ومختلف القوانين

هذه األخيرة بوصفها كذلك وهذا النظر أمر يفرضه النظام الدولي، هذا من ناحية، ومن

ناحية أخرى وإذا كان القانون األجنبي ال يفقد طبيعته كقانون، إال أنه ال يختلف وهو

ن من أمام القاضي الوطني عن القانون الوطني، من حيث تجرده بالنسبة لهذا القانو

، بمعنى "بقوة النفاذ"عنصر اآلمر وتجرده من هذا العنصر ال يجعله يتعلق بالطبيعة بل

.، بل يفقده قوة النفاذ"قاعدة عامة"أنه ليس من شأنه أن يفقد صفة كونه

وإذا أشارت قاعدة االسناد في قانون القاضي بتطبيق القانون األجنبي، كان هذا

اآلمر على هذا القانون، ويترتب على ذلك أن األمر وحده كافيا الضفاء العنصر

القاضي الوطني يعامل القانون األجنبي بوصفه قانونا أجنبيا، وال يمكن القول كون

قاعدة االسناد جزء من قانون القاضي يفرض عليه أن يعملها من تلقاء نفسه، يعني ذلك

.في هذه الحالة األخيرة أنه يتعين عليه أن يطبقه من تلقاء نفسه

وإذا كان القانون األجنبي ال يفقد طبيعته القانونية وال صفته االجنبية إال أنه مع

ذلك ال يستوي مع قانون القاضي بل يبقى مختلفا عنه في بعض األوجه، تعين على

القاضي أن يفسره على الوجه الذي يفسر به في البلد األجنبي وليس طبقا لرأيه

.الشخصي

Page 154: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

153  

مسائل األحوال غير اردة على اختصاص قانون القاضي في القيود الو: الثانيالفرع

الشخصية

إن اعتماد أحد من الحلين المتطرفين ال يبدو ممكنا تجاه طبيعة القانون األجنبي

فإلزام القاضي من جهة بتطبيق القانون األجنبي كما يطبق في بلده األصلي ال يبدو

بمثابة وقائع من جهة أخرى، في وقت واقعيا، كما أن اعتبار كافة القوانين األجنبية

اتسعت فيه العالقات الدولية وأصبح التعاون الدولي القانوني أو القضائي ضرورة

وضع القانون األجنبي أمام القاضي من المفيد تحليلية، لذلك يتعين التوفيق بينهما، يوم

تفاء تحقيق العدالة، وليس االكجهة العملية التي توصل القاضي لالوطني من الو

بالمعالجة النظرية التقليدية المتمثلة في ترجيح أحد االحتمالين، إما اعتبار القانون

نطقية أحيانا، أو نعته بالوقائع األجنبي قانونا مع ما قد يترتب على ذلك من نتائج غير م

.)1(قاضي حرا في تطبيق أو عدم تطبيق القانون االجنبي في كل الحاالتيصبح ال مام

هذا ترك أمر تطبيق قواعد اإلسناد لمحض تقدير قاضي الموضوع لكن ال يعني

إن شاء طبقها وإن شاء أعرض عنها، مع ما يترتب على ذلك من ازدواجية في الحلول

من جهة وتناقض العدالة من جهة أخرى، مما يشجع األفراد على التحايل على أحكام

ل التي يعتبر فيها القانون بل ال بد من التحديد المسبق لألحوا )2(القانون المختص

.األجنبي قانونا وتلك التي يعتبر فيها كواقعة

وفي تطور قد ال يكون هو األخير قضت محكمة النقض الفرنسية إلى أن قاعدة

التنازع تكون لها صفة اإللزام ويتعين على قضاة الموضوع إعمالها سواء كانت تشير

بي، متى تعلق األمر فيها بحق من الحقوق إلى تطبيق القانون الفرنسي أم إلى قانون أجن

                                                             .264السابق، ص زروتي الطيب، المرجع - )1( ، دار الجامعة 2006، الطبعة األولى، )دراسة مقارنة(عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين - )2(

.327الجديدة، اإلسكندرية، ص -Issad Mohand, op.cit, P 184.

Page 155: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

154  

التي ال يكون فيها لألطراف حرية التصرف، ويتحقق ذلك بصرف النظر عن مصدر

.)1(قضاء -تشريعا - قاعدة التنازع اتفاقية دولية

من مجلة 28وقد أخذ المشرع التونسي بالحل ذاته من حيث المبدأ في الفصل

قاعدة التنازع من النظام العام إذا كان " فجعل 1998القانون الدولي الخاص لسنة

موضوعها يتضمن حقوقا ليس لألفراد حرية التصرف فيها، وفي الحاالت األخرى ال

."تكون ملزمة إال إذا عبر األطراف صراحة عن إرادتهما في عدم استبعاد تطبيقها

كان وعندما نحاول تحديد طبيعة القانون األجنبي في القانون الجزائري، ما إذا

يعتبره قانونا أم واقعة، ومن خالل مراجعة النصوص المختلفة ليس هناك نص قانوني

من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية يلزم 29/2صريح، وإن كان نص المادة

دون تفرقة ". يفصل في النزاع وفقا للقواعد القانونية المطبقة عليه:"... القاضي بأن

نبية، فكأنها تظل محتفظة بطبيعتها القانونية في كلتا بينما إذا كانت داخلية أو أج

.الحالتين

وكما هو معلوم، فالقانون األجنبي ال يقتصر على القواعد القانونية المكتوبة بل

وغيرها، فالمادة ... شمل كل النظام القانوني للبلد األجنبي من عرف واجتهادات قضائية

اإللزامية للقوانين األجنبية على قاضي ال تبين لنا بوضوح موقف مشرعنا تجاه القوة

السيما نجد تحديد آخر للمشرع يكون أكثر دقة تجاه هذه المسألة . )2(الدعوى والخصوم

ال يبني الطعن :" إ والتي تنص على أنه.م.إ.ق 358من خالل الفقرة السادسة من المادة

قانون أجنبي متعلق مخالفة .... بالنقض إال على وجه واحد أو أكثر من األوجه التالية

".بقانون األسرة

                                                            (1)-"s’agissant de droits disponibles, le juge n’est tenu de mettre en œuvre la règle de conflit adéquate et d’appliquer le droit étranger qu’elle désigne dans la mesure ou ce droit est expressément invoqué par une partie " cass.civ .1er, 28/01/2003, colin N°00-12976, Legifrance, RCDIP, 2003, P462, note B. ancel.

لباب األول من الكتاب األول تحت وردت تحت الفصل السادس من ا 29خاصة وأن المادة - )2( ذأو يمكن ""يمكن أو يجوز للقاضي"، وضمن مواد ابتدأت كلها ب "سلطات القاضي"عنوان

" للقاضي .انونية األجنبيةالقواعد القعبء إثبات القاضي تلزمبأنها لم وهو ما يبين

Page 156: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

155  

إذ جعلت الخطأ في تطبيق القانون المتعلق بقانون األسرة دون المسائل األخرى

ضمن أوجه الطعن التي يجوز للمحكمة العليا ولو تلقائيا أن تنقض الحكم أو القرار

عتبر المخالف له، وهنا نستطيع أن نفهم من هذه المادة وبمفهوم المخالفة أن المشرع ا

القانون األجنبي في المسائل المتعلقة بقانون األسرة قانونا، يخضع القاضي في تطبيقه

.إلى رقابة المحكمة العليا

ولعل سبب ما يميز المعاملة الخاصة للقانون األجنبي المتعلق باألحوال

الشخصية أو قانون األسرة كما هو وارد في نص المادة يرجع العتبار المشرع كل ما

وخاصة أنها تتسم في أغلب التشريعات (ق بالحالة األهلية يعد من النظام العام يتعل

يجعل القاضي يقوم : ، إن هذا االستثناء كما يقول الفقيه محند اسعد)بالصفة الدينية

بمجهودات كبيرة عند حله لتنازع القوانين السيما أن التمييز بين المسائل المتعلقة

ألخرى قد يضع القاضي الجزائري أمام اشكاالت يصعب باألحوال الشخصية والمسائل ا

.حلها

ويرى جانب من الفقه عندنا، بأن المشرع أخذ بالطبيعة المزدوجة للقانون

األجنبي، إذ اعتبره قانونا في مجال األحوال الشخصية، أي لما تكون الحقوق محل

لقانون األجنبي النزاع ليس لألطراف حرية التصرف فيها، أما ما عدا ذلك ال يعتبر ا

من قانون اإلجراءات 234و 233قانونا، وهو ما يفهم حسب هذا الرأي من المادتين

.إ الحالي.م.إ.ق 360و المادة 358/6المدنية القديم، أي المادتين

233/5ونفس الموقف الذي تبناه الدكتور زروتي الطيب، بمناسبة ذكر المادة

يعني أن المشرع الجزائري اعتبر القانون األجنبي مما :" المشار إليها أعاله، حيث قال

.)1("في هذه الحالة قانونا، شأنه شأن القانون الوطني، أما فيما عداه فهو مجرد واقعة

                                                             ، 01-05زروتي الطيب، قراءة في إصالح أحكام تنازع القوانين الدولي في الجزائر بقانون - )1(

من القانون المدني 13ونجد المادة . وما بعدها 72، ص 01-2006مجلة المحكمة العليا، وهي فحص المسائل التي تمس األسرة التي هي الخلية األساسية للمجتمع ادهالجزائري مف

كالزواج مثال، ألجل حماية مواطني الدولة، فهي تجذب اختصاص القانون الوطني مباشرة إذا .كان أحد أطراف العالقة وطنيا

Page 157: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

156  

نفس الموقف للدكتور عليلوش كربوع كمال، حيث يرى بأن المشرع يعتبر

من أوجه الطعن، القانون األجنبي المتعلق باألحوال الشخصية قانونا، ألنه يعتبره كوجه

وقد ألزم القاضي بتطبيقه تلقائيا في هذا المجال فقط، ألنه يتعلق بالنظام العام، والقوانين

األخرى التي ال تخضع مخالفتها للطعن بالنقض ألنها تعتبر واقعة، لكون القانون

.الجزائري مطابقا للقضاء الفرنسي عندما كان يعتبر القانون األجنبي كواقعة

موضع آخر بأن هذا التمييز قد يضع القاضي الجزائري يتلقى ويضيف في

صعوبات عملية عند حله لتنازع القوانين، وأرى بدوري من المستحسن أن يلغى هذا

التمييز، كي يلزم قاضي الموضوع بتطبيق كل القوانين الوطنية واألجنبية على قدم

.سير كافة هذه القوانينالمساواة، وحتى تتمكن المحكمة العليا من رقابة تطبيق وتف

وغالبا ما يأتي تنازل الخصوم عن تطبيق القانون األجنبي المختص وليد اتفاقهم

ضائهم أن يتولى زمام األمر قانون القاضي بغية رعلى استبعاد حكم هذا القانون و

غير أن تنازل . )1(تجنب مشقة البحث الطويل والمكلف عن أحكام القانون األجنبي

:المجال ليس طليقا من كل قيد، وإنما يتقيد حسب بعض الفقه بقيود الخصوم في هذا

أن يكون التنازل صريحا، يرى بعض الفقهاء أن التنازل عن القانون األجنبي ال -1

يفترض، غير أنه قد يعمد الخصوم في إخفاء العنصر األجنبي لتفادي تطبيق القانون

هذه الحالة ال يكون القاضي ملزما األجنبي على نزاعاتهم بتفضيل قانون القاضي، ففي

بصورة آلية بالبحث عن وجوده إن لم يثير في هذه الحالة قاعدة التنازع التي تشير إلى

.قانون أجنبي وهذا ما أوضحناه عند دراسة انتفاء العنصر األجنبي في مطلب سابق

جنبي هو ومن ناحية أخرى أال يكون الدافع وراء هذا التنازل عن تطبيق القانون األ-2

إن . الرغبة في التخلص من حكم هذا القانون والتحايل لإلفالت منه وهذا القيد جد مهم

ترك األمر بيد الخصوم وعلى مدى إثارتهم لقاعدة التنازع من شأنه أن يفتح باب الغش

نحو القانون األجنبي المختص أصال بحكم العالقة، فيكفي أن يحضر الخصوم أمام

صمت، فال يثيروا الصفة االجنبية في النزاع والتي تستدعي إعمال القاضي ويلتزموا ال

                                                            (1)- H.Muir watt, op.cit, P 12.

Page 158: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

157  

قاعدة اإلسناد حتى يجد القاضي الطريق مفتوحا أمامه فيطبق قانونه، رغم أن هذا

.القانون ال يكون مالئما لحكم النزاع وليس مخصصا من األصل لحكمه

ائل تنازع أليس من الغريب حقا أن نفرد دراسة خاصة للغش نحو القانون في مس

القوانين في الوقت الذي يتحقق فيه الغش واضحا تحت بصر القاضي الوطني وبإذن

منه حتى يمتنع عن إثارة قاعدة التنازع جاعال األمر بيد الخصوم؟

وفي ختام هذا، رأينا أن األحوال التي بقي فيها االختصاص بحكم المنازعة ذات

للقانون األجنبي سواء أثناء تحديده وحتى الطابع الدولي لقانون القاضي بعد استبعاده

قبل تعيينه والبحث عن أحكامه، فيتأهب القاضي لتطبيق قانونه بغض النظر عن القانون

االجنبي المعين، وحتى االطالع على مضمونه وقواعده أو الجهة التي أصدرته، فعدم

نه وال تعد تطبيقه للقانون االجنبي ال يعني عدم معرفة أحكامه أو ليس غموض مضمو

.في ذاتها مانعا يحول دون التطبيق الفعلي لهذا القانون

فقد تعترض القاضي بعض الصعوبات من شأنها منع تطبيق القانون المختص

بناء على ضابط اسناد واضح ومحدد، إذ يصبح هذا القانون أمرا متعذرا، وهكذا يتعذر

اجع إلى جهالة أو قصور على القاضي أن يحكم في المسألة المطروحة عليه، وذلك ر

ضي يبرر لما له حكم هذا القانون ذاته، وهو ما يحول دون تطبيقه وإحالل قانون القا

.من اختصاص استثنائي

المبحث الثاني

قصور القانون األجنبي الواجب التطبيق

Page 159: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

158  

قد يترتب في بعض الحاالت التي تعين فيها قاعدة االسناد الوطنية االختصاص

للقانون األجنبي، أن تصادف أو تعترض القاضي الوطني عقبات عند التطبيق الفعلي

لهذا القانون، يتعذر عليه تفاديها، ومرد هذه االستحالة، إما لقصور وسائل االستعالم

، مما يؤدي إلى استحالة تطبيقه بصفة نهائية أو عنه أو انتفاء وجهالة هذه القواعد

. )1(مطلقة

وحتى بانتفاء هذا الحاجز فإن البحث عن مضمون القانون األجنبي بذاته يشكل

أحيانا عائقا أمام تطبيقه، رغم الجهد المبذول من القاضي والخصوم، لكن أحيانا نجد

حالة األخيرة من القصور والتي أنفسنا أمام استحالة تطبيق القانون األجنبي، في هذه ال

يعبر عنها بحالة االستعجال، ليست استحالة نهائية أو مطلقة عكس الحالة االولى، وإنما

هي استحالة مؤقتة، ففي مثل هذه الحالة يجد القاضي نفسه أمام صعوبات لحسم أمر

قد هذا النزاع من شأنها تعطيل أو تأجيل الحل إلى وقت آخر، غير أن هذا التأخير

يعطل أو يلحق ضررا بمصالح األطراف، مما يدفع بالقاضي إلى ضرورة ايجاد حل

استعجالي ومؤقت، فالطبيعة االستعجالية للنزاع المطروح أمامه من شأنها أن تؤدي إلى

استبعاد القانون األجنبي، وطالما أن استحالة تطبيق هذا األخير مؤقتة، فإن استبعاده

ستحالة تخلق فراغا قانونيا، ما يوجب على القاضي ايجاد إذ أن حالة اال كذلك مؤقت

)2(.حل لحسم النزاع

وفي مثل هذه الحاالت فلن يكون أمام القاضي إال الرجوع مرة أخرى إلى

قانونه، بما أن االستحالة كانت مطلقة أو مؤقتة لتطبيق القانون األجنبي الذي عينته

. قاعدة االسناد الوطنية

بتطبيق االختصاص االحتياطي لقانون القاضي ليس مطلقا إن التسليم بالقول

وإنما مقيدا بطبيعة القانون األجنبي أمام القاضي الوطني، وكيفية معاملته، ومن خالل

                                                            (1)- P. Mayer et H. Vincent, Droit inter. privé, 9e édition, 2007, Montchrestien, Paris, n° 197-198, P 145. (2)- J.M. Bischoff, op.cit, P 174.

Page 160: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

159  

ما رأيناه، فإن االختصاص االحتياطي يجد مجاله الخصب في المسائل الخارجة عن

.نطاق األحوال الشخصية

شارت إليه قاعدة االسناد الوطنية، قد يصير في إن تطبيق القانون األجنبي الذي أ

بعض األحيان أمرا مستحيال، إذا تخلف شرط من شروط هذا التطبيق، ومن أمثلة ذلك،

أن الزواج يعتبر في بعض األنظمة القانونية األجنبية نظاما دينيا يلزم لقيامه اتباع

لة أيرت فيما بعد مسشكليات معينة بحيث أن إغفالها يرتب إبطال هذا الزواج، لو أث

الطالق، من المؤكد أيضا سيتعذر الحكم فيها لهذا القانون األجنبي، السيما إذا كان هذا

األخير ال يقبل من حيث المبدأ إنهاء رابطة الزواج بالطالق، واستحالة تطبيق القانون

األجنبي في هذه الحالة تكون مطلقة ونهائية، السيما أيضا عند تعذر الوصول إلى

ت وقتية وعند الحاجة إلى اتخاذ إجراءا) مطلب أول(ضمون القانون األجنبي في م

.)مطلب ثاني(ومستعجلة في

تعذر التوصل إلى مضمون القانون األجنبي: المطلب االول

تؤدي بالقاضي إلى عدم االمتناع عن وانينالقتنازع قاعدة تطبيق لزامية إن ا

تطبيق أحكام القانون األجنبي الواجب التطبيق بحجة عدم معرفة هذه االحكام استنادا

وال يعذر أحد في " Jora novi cura"مبدأ المحكمة تعرف القانون إلى استحالة تطبيق

وفقا تطبيق القانون المختص وحل النزاعجهله بالقانون، ذلك أن صفة القاضي هي

ألحكامه، وإن كان من الصعب أال يلقى ذات المعاملة االجرائية التي يعامل بها القانون

، فال االجنبية نبكافة القواني العلمالوطني فترض في القاضي فمن الصعب أن يالوطني،

، وأمام هذا الوضع )1(يلزم القاضي وال حتى من طرف الخصوم الذين يتمسكون به

.)2(األجنبي ليحل محله قانونا آخريترك تطبيق القانون

                                                            (1)- J.M. Bischoff, op.cit, P 188 et s. (2)- H. Batiffol et Lagarde, op.cit, P 439. P. Mayer et H. Vincent, op.cit, 144. Braulhand, la convention européenne du 7 juin 1968 relative à l’information sur le droit étranger, L C P, 1973, 12580, n° 8 weill et Alexandre, La loi étrangère devant les tribunaux Français, J.C.E, Droit inter. 1979 Fasc 539, n°86.

Page 161: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

160  

بالرغم أنه يفترض العلم بالقانون إذن ليس على الطرف الذي يدعي حقا وفقا

لقاعدة قانونية اثبات مضمون هذه القاعدة، فالتزام القاضي في هذا السبيل تمليه القواعد

األمر العامة وفرض التزام على القاضي بتطبيق القانون األجنبي، حتى ولو تطلب منه

.)1(أن يسعى لجلب مضمون هذا القانون بنفسه والقيام بأبحاث شخصية

وهذا مظهر هام للتفرقة بين دور القاضي في االلتزام بتطبيق القانون الوطني

.ودوره في تطبيق القانون األجنبي

إن التوصل إلى القانون األجنبي أمر يقتضي بال شك البحث عن مضمونه

يثير التساؤل حول من يقع عليه عبء البحث عن مضمون وكيفية تطبيقه، هو ما

، وطبيعة هذا االلتزام، هل هو ن القاضي أو الخصومالقانون األجنبي وإثباته، ما إذا كا

، حيث أن القاضي )ولالفرع األ(جة أم التزام بوسيلة أو بذل عناية التزام بتحقيق نتي

بمقتضى قاعدة اإلسناد الوطنية، ملزم بالفصل في النزاع وفقا ألحكام القانون المعين

الفرع (وكذا تطبيق قانون القاضي عند تعذر الوصول إلى مضمون القانون األجنبي

.وعلى هذا النحو سنتناول بالترتيب هذه المسائل عبر هذين الفرعين ).الثاني

:دور القاضي والخصوم في البحث عن مضمون القانون األجنبي وإثباته: ولالفرع األ

طبقه فيها من تلقاء ييثير الجهل بمضمون القانون األجنبي سواء في الحالة التي

قيم بها التي يطبقه فيها بناء على طلب الخصوم بيان الوسائل ينفسه أو في الحالة التي

مجموعة النظام القانوني القانون األجنبي يشمل الدليل على محتوى هذا القانون،

بالتالي ال تقتصر على النصوص التشريعية المكتوبة،و المعمول به في بلد سريانه،

فيشمل العرف السائد واالجتهاد القضائي، وتقوم السوابق القضائية في النظام

االنجلوسكسوني بدور إنشائي للقانون، بينما يقتصر دور القرارات المبدئية لالجتهاد

خير يثير صعوبات ، ولكن هذا األي تفسير النصوص تفسيرا موحداالقضائي الالتيني ف

في حاالت التفسير المختلف بين هيئات قضائية تابعة لدولتين أو أكثر لقانون موحد

.مطبق في هذه الدول

                                                             .182عز الدين عبد اهللا، المرجع السابق، ص - )1(

Page 162: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

161  

وهناك صعوبة أخرى مردها ما إذا كان يجوز للقاضي الوطني أن يقوم برقابة

قل النظام القانوني الذي ينتمي إليه ذلكدستورية القانون االجنبي إذا كان على األ

.)1(مصلحة فيها بهذا الدفعمن له و بذلك،القانون يسمح

ذي يعطي للقاضي في هذا ولما تطرقنا إلى طبيعة القانون األجنبي، والدور ال

قانون وأخرى تعامله معاملة وقائع، اللنا أن هناك قوانين تعامله معاملة الصدد يتبين

يقع عليها عبء إثبات الجهة التي اختالف فيوبديهي أن يترتب عن هذا االختالف

.)2(مضمونه

وعلى هذا النحو، فاختالف األنظمة للموضوع وما يترتب على هذا االختالف

في تحديد وضعية هذا القانون، فالنظم التي تعامله معاملة وقائع تجعل عبء إثبات

اللجوء إلى مختلف طرق بإمكانهممضمونه على عاتق الخصوم الذين يتمسكون به

ال على القاضي المطروح عليه النزاع، وال يمكن مؤاخذة القاضي االثبات الممكنة

بالنكول عن العدالة، وال وجوب العلم بالقانون أو عدم العذر بجهل القانون ألن القاضي

وفي هذه الحالة يكون موقف القاضي سلبيا )3(في هذه الحالة يطبق واقعة على واقعة

، وهذا ما أكده القضاء المصري، في بعض أحكامه مقررا أن االستناد أقصى حد إلى

إلى قانون أجنبي ال يعدو أن يكون مجرد واقعة يجب على الخصوم إقامة الدليل

، وكان موقف القضاء الفرنسي التقليدي الذي أكد عدم التزام القاضي بالتصدي )4(عليه

نه من تلقاء نفسه، وإنما يقع عبء إثباته لتطبيق القانون األجنبي والبحث عن مضمو

على عاتق الخصم الذي يتمسك بأحكامه وقد أيد الفقه الفرنسي هذا القضاء على أساس

.)5(أن تكليف القاضي بمعرفة كل القوانين األجنبية يعد تكليفا بمستحيل

                                                             .257، 256وتي الطيب، المرجع السابق، ص زر -)1( .147أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص -)2(

P. Mayer et H. Vincent, op.cit, P 136. Peroz, Hélène, note sous cass.CIV, 1er ed. octobre 1999, R C D I P, 2000, P 758.

.260زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )3( ، تعليق عز الدين 51في القضية رقم 14/04/1974محكمة النقض المصرية الصادر فيم حك - )4(

.173-171عبد اهللا، المرجع السابق، ص (5)- H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit, P 414 Note 7 bid.

Page 163: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

162  

بينما يذهب النظام االنجليزي إلى أبعد من ذلك بحيث يمنع القاضي حتى من

. )1(ل معلوماته الشخصية المكتسبة من قضايا أخرىاستعما

شأنه إلقاء عبء إثبات القانون األجنبي على عاتق منوما دام هذا الموقف

الخصم المتمسك بأحكامه، يرجع إلى اعتبارات عملية كونه هو صاحب المصلحة

، )3(، إال أنه يلقى عبء يثقل كاهلهم)2(الحقيقية في الكشف عن مضمون هذا القانون

بحيث ال يقوم القاضي بأي دور إال في الحالة التي يكون فيها على علم شخصي

.بمضمون هذا القانون

ق إ م ال يبنى الطعن بالنقض 358/6أما في القانون الجزائري فطبقا للمادة

لمخالفة أو خطأ في تطبيق القانون األجنبي المتعلق بقانون األسرة يخضع لرقابة

.جنبي معاملة وقائعغير هذه الحالة يعامل القانون األ المحكمة العليا، وفي

النظم التي تعامل القانون األجنبي معاملة قانون تلزم القاضي بالبحث عن أما

عن أحكامه بمقتضى قاعدة اإلسناد مضمون القانون األجنبي من تلقاء نفسه والكشف

واجبه، ويؤكد الفقه س في أداء السعي إلى التعرف عن أحكامه، ومؤاخذته إذا تقاعو

لرأي أن القانون األجنبي يحتفظ بطبيعته االمؤيد لهذا )4(الراجح في كل من مصروفرنسا

أمام القضاء الوطني، كما يفترض فيه العلم بأحكامه أسوة بالقانون األصلية عند تطبيقه

الوطني، ومؤدى ذلك أن من واجبه أن يطبق أحكام هذا القانون المختص دون حاجة

.الخصوم به لتمسك

ويبدو أن هذا االتجاه قد تأثر بالنظريات االيطالية التي تدمج القانون األجنبي في

االساس الذي يقوم عليه هذا الشرط النظام الوطني بحيث يصبح جزءا منه، غير أن

خاطئ، فافتراض علم القاضي بالتشريع الوطني يقوم على واقعة النشر في الجريدة

.يتأتى بالنسبة للقوانين األجنبيةالرسمية، وهو ما ال

                                                             .260زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )1( .154هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )2( .260زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )3( .158 هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )4(

Page 164: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

163  

وال يبرأ القاضي من التزامه بتطبيق القانون االجنبي كما سبق الذكر إال إذا تبين

.أنه قد استحال عليه التوصل إلى مضمونه، ينبغي عليه تسبيب حكمه في هذه الحالة

ولكن هذا الرأي يشكل إخالال بمبدأ حياد القاضي وتكليفه بأكثر مما هو مطلوب

منه، ومن جانب آخر، يتضح لنا أن التحيز ألحد الرأيين حول تحديد وضعية القانون

األجنبي، ومن ثم فرض إلزام كل من الخصوم والقاضي عبء إثباته، ال يبدو واقعيا،

خصوم، أمر غير ميسر، ألن التكليف بمعرفة هذا للجهد الكبير المطلوب من القاضي وال

األخير يعد تكليف بمستحيل ما دام ليس لديه الوسائل المتاحة لمعرفة القوانين األجنبية

.كما يعرف قانونه الوطني

ومهما يكون من أمر ذهبت معظم القوانين إلى معالجة هذه المسألة سواء تلك

لك التي تعتبره واقعة، إلى التوفيق بين الحلين التي تعتبر القانون األجنبي قانونا أو ت

.وصوال إلى تحقيق تعاون بين المتقاضين والقاضي

وما يالحظ حتى أن القوانين التي ال تعامل القانون األجنبي معاملة الوقائع أو

على أنه من قبيل الوقائع، فإنها ال تلقي عبء إثباته على الخصوم، بل تلزم القاضي

ه، غير أنها ال تحرمه من االستعانة بالخصوم، وقد تأثرت بهذا بالبحث عن مضمون

االتجاه أنظمة قانونية متعددة منها ألمانيا واالتحاد السوفياتي سابقا، وايطاليا والمغرب،

فالقانون األلماني مثال يمنع المحكمة من التقيد في سبيل تحديد مضمون القانون األجنبي

ها باللجوء إلى كافة وسائل العلم، وأن تأمر بما تراه بما قام الخصوم ببيانه، ويسمح ل

).من قانون المرافعات األلماني 293المادة . ()1(ضروريا إلدراك هذه الغاية

                                                             .148أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - )1(

ال موجب إلثبات قواعد العرف والقانون المعمول به في :" تقضي بأنه 293والواقع أن المادة مة، وال تتقيد المحكمة في تحديد مضمون ما لم تكون مجهولة من المحك) أي بلد أجنبي(آخربلد

ولها أن تستخدم أية مصادر اخرى للعلم بها ونية بما يقدمه الخصوم من اثبات،هذه القواعد القان ".وأن تأمر بما يلزم الستخدامها

ويقول الفقهاء األلمان أن المشرع سوى بين قواعد العرف وقواعد القانون األجنبي وأطلق اعتبار القانون مما يبعد معه ان يكون في ذهن المشرع " قواعد القانونيةال"عليها جميعا

تلقاء نفسه ما دام والقاضي يطبق القانون األجنبي من . الواقع األجنبي عنصر من عناصر لقاعدة االسناد في قانونه، وهو يطبقه بوصفه قانونا أجنبيا، وليس بوصفه ال يجهله انصياغا

Page 165: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

164  

فبراير 26حكمها الصادر في محكمة النقض في رتقوفي ايطاليا فقد است

، على الزام القاضي بالبحث عن مضمون القانون األجنبي من تلقاء نفسه 1966

، أسوة بالقانون الوطني ستخدما كافة الوسائل المتاحة بما في ذلك معاونة الخصومم

وهو نفس االتجاه الذي سار عليه القانون السويسري بنص تشريعي صريح يلزم

كما أن القضاء الفرنسي الحديث قد . )1(القاضي بإثارة القانون األجنبي من تلقاء نفسه

ذا كان من تلقاء نفسه إ المختص ون األجنبيالقان الزم القاضي بالبحث عن مضمون

وهذا ما يؤكد مرة أخرى خطأ الرأي القائل . )2(تمسك الخصوم بهييعرفهدون حاجة أن

. بالنظر إلى القانون األجنبي كواقعة

ذهبت محكمة النقض الفرنسية وجانب من وأن بينا بقا سكم النحو هذاوعلى

بين الحقوق التي ال يجوز لألطراف التصرف تطور لها إلى التمييز آخر في والفقه

فيها، وتلك التي يجوز لهم التصرف فيها، ففي الحالة األولى يعامل القانون األجنبي

معاملة قانون القاضي، وفي الحالة الثانية أي القضايا التي يملك األطراف حرية

يقه على التصرف فيها، يتعين على الخصم المتمسك بالقانون األجنبي أن يطلب تطب

الدعوى، وعليه يقع عبء إثبات مضمونه المخالف للقانون الوطني، بمعنى أن القاضي

في هذه الحالة غير ملزم بإثارته من تلقاء نفسه، أما في الحالة األولى، فقاعدة االسناد

تكون ملزمة ويلتزم القاضي بإثارتها تلقائيا والبحث عن مضمون وأحكام القانون

ه أن يسعى إلى التعرف على أحكامه، وله أن يقضي بعلمه األجنبي، ومن واجب                                                                                                                                                                                    

. واقعة مادية وال بوصفه يندمج في القانون الوطني يصبح وطنيا عز الدين عبد اهللا، طبيعة القانون األجنبي أمام القضاء الوطني، تعليق على قراري محكمة

.وما بعدها 169النقض المصرية، المرجع السابق، ص .163هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )1()2(- -J.M. Bischoff, op.cit, P 189.

ومعاملة القانون على هذا النحو في فرنسا تقترب إلى حد كبير من المعاملة التي تلقاها القواعد العرفية، إذ يجري القضاء الفرنسي الغالب على القاء عبء إثبات العرف على عاتق الخصم

ويل القاضي مع ذلك الحق في القضاء بعلمه الشخصي عن احكامه، خبتطبيقه، مع تالمتمسك وقد انتقد الفقه الحديث موقف القضاء الفرنسي، إذ أن هذا الوضع يعطي للقاضي سلطة واسعة في تطبيق او عدم تطبيق القانون األجنبي، وبالتالي إلى إمكانية اختالف الحلول من محكمة إلى

ف،اصحسام الدين فتحي، عبد اللطيف ن. 155ع السابق، صصادق، المرجهشام علي . اخرى ،كلية الحقوق، جامعة )دراسة مقارنة(مركز قانون القاضي في حكم المنازعات الخاصة الدولية

.408عين الشمس،القاهرة،ص

Page 166: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

165  

، وال يشكل ذلك انتهاكا لمبدأ ليس للقاضي أن يصدر أحكاما بعلمه )1(الشخصي

زام القاضي بالبحث عن مضمون القانون األجنبي ال يتنافى مع حقه في تلاالشخصي، و

العلم له لتي تيسرللقاضي من األدلة ا نة الخصوم، وليس فيما يقدمه الخصومطلب معاو

به سوى معاونة منهم تدفعهم إليها مصلحتهم في تطبيق هذا القانون، وال ترقى بالتالي

.)2(إلى مرتبة االلتزام

ولهذا رفض بعض الفقه موقف القضاء التقليدي في شأن إثبات القانون األجنبي،

واقعة يجب مؤكدين ضرورة إلزام القاضي به بمعاونة الخصوم، ال يعد أن يكون مجرد

إقامة الدليل عليها، ومرد ذلك هو االستجابة لالعتبارات العملية التي ال تيسر معها

.للقاضي االلمام بأحكام هذا القانون

وفي هذا االطار يعامل القانون األجنبي كقانون ويخضع لمعاملة اجرائية خاصة،

.فالقاضي له دور ايجابي في عملية االثبات هذه

وال يقف مكتوف األيدي تماما، فله )3(يس سلبيا بصفة مطلقةإن موقف القاضي ل

متى طلب الخصوم تطبيق القانون األجنبي أن يكلفهم بتقديم مصدره، وله أن يتحقق من

صحة األدلة المقدمة من طرفهم، كما له أن يستخلص المعنى الصحيح والحكم الصحيح

                                                             : على هذا الحل حيث جاء فيه 1986لقد استقرت محكمة النقض الفرنسية منذ قرار لها سنة - )1(

"Dans les matières où les parties ont la libre disposition de leurs droits, il incombe à la partie qui prétend que la mise en œuvre du droit étranger désigné par la règle de conflit conduirait à un résultat différent de celui obtenu par l'application du droit français de démontrer l'existante de cette différence par la preuve du contraire de la loi étrangère qu'elle invoque, à défaut de quoi le droit étranger s'applique en raison de sa vocation subsidiaire".

Mayer et Heuzéويقول أيضا في هذا الشأن الفقيهان"Il incombe au juge français qui déclare une loi étrangère applicable de rechercher par tous les moyens, ou lésion par lui-même, la solution donnée à la question litigieuse par le droit de l'Etat concerné".

:وفي هذا الشأن يضيفان"De fait, il serait incohérent de permettre au juge de ne pas déclarer d'office applicable à la loi étrangère, mais de l'obliger ensuite, s'il s'y risquait, à en rechercher lui-même le contenu". P. Mayer et V. Heuzé, Droit inter. privé, 8e éd 2005, Montchrestien, Delta, Paris, n˚186, P137.

المطبوعات الجامعية، االسكندرية، دار ، 2006ن، طبعة تنازع القوانيهشام علي صادق، - )2( .159ص

3- Peros Helene, note sous cass, civ 1er, 19 octobre 1999, RCDP 2000, P 758.

Page 167: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

166  

ى اعتبار هذا القانون مجرد لنص القانون األجنبي، وليس في تقرير ذلك أي تعارض عل

.واقعة

ية التي تصدت إلىالفقه اتيويتضحمما تقدم من دراسة وتحليل بعض النظر

من دراسة أيضا المشاكل التي تحديد طبيعة القانون األجنبي أمام القضاء الوطني، و

نون األجنبي الذي أثارت قاعدة القا يواجهها القضاء الوطني عند التصدي لتطبيق

مواقف الفقه والقضاء في كل تاختصاصه، كما بينا خالل هذه الدراسة تردداالسناد ب

مع بيان بعض الفروق التي يطبق ،من مصر وفرنسا في كيفية معاملة القانون االجنبي

فيها كقانون حينما يتعلق النزاع بحق من الحقوق المتعلقة بمسائل األحوال الشخصية،

لألطراف التصرف فيها فيجوز لهم التمسك بتطبيق ما إذا تعلق الحق بمسائل يجوز أ

.قانون القاضي عوض القانون األجنبي

ويبدو أن محكمة النقض الفرنسية قد استقرت على مبدأ التفرقة بين حالتين، ففي

المسائل التي تتعلق بحقوق ال يجوز لألطراف التصرف فيها، فيطبق القانون األجنبي

ل التي تتعلق بحقوق يجوز لألطراف التصرف فيها، بصفته كقانون، وفي حالة المسائ

.بإمكانهم أن يتنازلوا صراحة عن تطبيق القانون األجنبي

بالتصدي لتطبيق القانون التزام القاضي أن إلى نشير ما تقدمواعتبارا لكل

األجنبي والبحث عن مضمونه من تلقاء نفسه، حيث أن وظيفته األساسية هي الفصل

حكام القانون الواجب التطبيق واحترام القاضي لقاعدة اإلسناد التي في النزاع وفقا أل

.فرضها المشرع وألزمه بتطبيقها

)عند جهالته(إلى مضمون القانون األجنبي عدم التوصل: الفرع الثاني

قد يحدث في بعض الحاالت، التي يثبت فيها االختصاص بحكم المنازعة لقانون

أجنبي بموجب قاعدة اإلسناد الوطنية، أن يصبح الوصول لهذا القانون آمرا متعذرا

ومستحيال ال لمجرد صعوبة يمكن التغلب عليها وتجاوزها، سواء في الحالة التي يطبقه

لتي يطبقه بناء على طلب الخصوم، وذلك النعدام فيها من تلقاء نفسه، أو في الحالة ا

المراجع الوطنية الرسمية المتعلقة باألنظمة القانونية األجنبية، مما يسبب عدم ثبوت

Page 168: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

167  

مضمون هذا القانون، ومن هذا المنطلق يلجأ القاضي في سبيل معرفة أحكامه إلى كافة

الخصوم مساعدته في الوسائل الممكنة حتى لو كانت معلوماته الشخصية أو يطلب من

ذلك، فإذا أفضت هذه األبحاث إلى نتيجة ايجابية، وذلك بالبحث وتحديد مضمون

القانون األجنبي وإثباته، يجد أساسه في التزام القاضي بتطبيق قاعدة اإلسناد الوطنية

التي منحت االختصاص ألحكام هذا القانون، ويكون األمر كذلك حتى ولو كان

مثال في حالة عدم وجود أي حكم قضائي (غامضا بالنسبة للقاضي مضمون هذا القانون

مضبوط بخصوص المسألة محل النزاع كانت أجنبية أم وطنية تكون قد صدرت مفسرة

) للقانون األجنبي في قضايا مماثلة، أو في حالة تعارض االجتهادات القضائية األجنبية

شكال الوحيد الذي يبقى قائما يتعلق في مثل هذه الحالة يثبت القانون األجنبي، لكن اإل

.)1(بتفسير هذا القانون

لكن قد يستحيل على القاضي أو الخصوم الحكم في النزاع وفقا للقانون األجنبي

الذي عينته قاعدة اإلسناد الوطنية، رغم كل الجهود المبذولة للوقوف على هذا

منعهم من الوصول فهناك عدة صعوبات أو عوامل تواجههم من شأنها . )2(المضمون

إلى ثبوت مضمون القانون األجنبي، فيتعذر عليهم التغلب عليها أو قهرها بحيث يصير

تطبيق هذا القانون أمرا مستحيال، فيمكن تصور حالة القوة القاهرة مثال كقيام حرب

أهلية أو اضطرابات سياسية التي تشل الهيئات القضائية وغيرها، التي تمنع تطبيق

جنبي على نحو مطلق أو مؤقت، إذ أن حاالت االستحالة يخلق فراغا قانونيا القانون األ

أو عدم اقتناع القاضي ،وتجهيال للقانون الذي يمكن أن يلجأ إليه القاضي لحسم النزاع

بالدليل المقدم من طرفهم أو عدم وجود سابقة قضائية حولها، أو تقديم الخصوم

ول إلى البلد البعد الجغرافي أو صعوبة الدخ يق،لمصادر متناقضة أو غير قابلة للتطب

.األجنبي

                                                            (1)- J-M-Bischoff, op.cit, P 189. (2)-"Les éléments fournis sont plus ou moins fiables, et plus ou moins complets (…)ils arrivent aussi que les éléments fournis ne donnent qu’une information complète" . P. Mayer et V. Heuzé, Droit inter privé, 9 éd. 2007, Montchrestien, Paris, N°190,P 139.

Page 169: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

168  

إلى جانب هذه الموانع، هناك حاالت يكون مردها متعلق بمحل النزاع بذاته، أو

متعلقة بالخصوم عند فشلهم او عجزهم عن تقديم المساعدة قصد التعرف على مضمون

حكام القانون، غياب القانون األجنبي وإقامة الدليل عليه، قصور محاميهم بإحاطتهم بأ

خبير مما يستدعي األمر نقله من الخارج إلى دولة القاضي وهذه العملية قد تتطلب

جاوز مصاريف البحث عن القانون األجنبي قيمة محل تال يستهان بها ت باهضةتكاليف

. النزاع ذاته

وأخيرا هناك حاالت ال يرغب فيها الخصوم ببساطة في البحث عن مضمون

ر كونه ال يحقق مصالحهم، وتقابل هذه الحالة، حالة ترجع إلى قصور أدلة هذا األخي

.)1(االثبات وعدم اقتناع القاضي بها

ملم تبين مدى .مكرر ق 23ومن هذا المنطلق يمكن أن نشير إلى المادة

تقاعس موضوعية أو شرعية أو حتى إلزامية العذر، فتعذر إثبات القانون األجنبي ل

في البحث والتعرف على ةنه، أو بعد استنفاذ كل الوسائل المطلوبالخصوم وتنازلهم ع

تعذره بسبب القوة القاهرة مضمونه رغم كل الجهود المبذولة في سبيل ذلك، ليس ك

فالعذر ليس على نفس الدرجة والجدية أو الموضوعية السيما إذا كان تقاعس الخصوم

.)2(ةعن سوء ني هو التحايل عن القانون المختص وعدم رغبتهم في تطبيق

فإن سبب عدم تضمن النص على مدى جدية العذر وعلى مدى سلطة القاضي

االختصاص االستثنائيفي تقديره راجع لوحدة النتيجة أو الحل في جميع الفروض، إلى

.لقانون القاضي الجزائري

وبالرغم من كل الصعوبات التي يواجهها القاضي بسبب قصور القانون

األجنبي، وهو بصدد إعمال القانون األجنبي المختص والتزامه بالفصل في النزاع

                                                             وإذا كان الدليل األكثر شيوعا لإلثبات هو الشهادة العرفية، إال أنها تبقى وسيلة إثبات من بين - )1(

وسائل أخرى، كالمؤلفات الفقهية والنصوص القانونية األجنبية، وكذلك األحكام القضائية :لكأجنبية كانت أم وطنية مثال، إال أن هذه الوسائل لم تكن محال لتنظيم قانوني راجع في ذ

-J.M. Bischoff, La compétence du droit français dans les règlements de conflits de lois, L G D J, Paris 1959, N°168, P 190.

.107بورغدة ناريمان، المرجع السابق، ص-)2(

Page 170: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

169  

المعروض عليه بمقتضى قاعدة اإلسناد الوطنية قد يجد نفسه أمام قانون أجنبي مختص

، ولتجنب إنكار )ف عن مضمونهلتعذر الكش(نطباق عمليا االنظريا، لكن قاصر على

العدالة يجب على القاضي تدارك قصور القانون األجنبي ذلك أن التزام القاضي بالبحث

يق نتيجة وإنما التزاما ببذل عن مضمون القانون األجنبي وتطبيقه ليس التزاما بتحق

.)1(ةعناي

ف األمر، فليس المقصود من وراء هذا االلتزام تطبيق القانون األجنبي مهما كل

وااللتزام بالبحث عن مضمون القانون األجنبي ينتهي في األحوال التي يستحيل فيها

. )2(ذلك

على اعمال قاعدة الفقه القضاء والتشريعات الحديثة وكذا فقد استقرت أغلب

بما يبرر له من اختصاص )3(عامة في استبدال القانون االجنبي بقانون القاضي الوطني

.استثنائي

فامتناع القاضي في و تعذر الكشف عن القانون األجنبيالمعين،حالة استحالة أفي

مثل هذه الحالة يصطدم مع المبدأ الذي يقضي بإلزام القاضي بالفصل في كل النزاعات

.المعروضة عليه وإال عد ذلك انكارا للعدالة

وغير أن قصور القانون األجنبي المختص وتعذر تطبيقه مرده إلى استبداله

بقانون القاضي يبدو حال راسخا بصورة قاطعة، ثم أن الحلول االحتياطية المتبعة ليست

امتناع القاضي عن الفصل في أو مقنعة على اإلطالق ومن بين هذه الحلول تطبيق

النزاع، قد يصطدم مع مبدأ القاضي بإلزام القاضي بالفصل في النزاع المطروح عليه

في هذا اإلشكال يتعين تطبيق ل، ولع)4(كارا للعدالةويعد تقاعس القاضي عن مهمته إن

                                                             المطبوعات الجامعية، االسكندرية،، دار 2007علي صادق، تنازع القوانين، طبعة هشام- )1(

.164ص .119، ص هشام علي صادق، المرجع نفسه - )2( .260زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )3( .259، 258زروتي الطيب، المرجع السابق، ص : الحلول معروضة في - )4(

 .151و 150أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص

Page 171: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

170  

المبادئ العامة السائدة في األمم المتحضرة، كما اقترح تطبيق القانون األقرب إلى

.أحكام القانون األجنبي الذي تعذر تطبيقه

فتبدو كل هذه الحلول غير مستقرة وغامضة وعدم القدرة على تحديدها فكيف

قرب إلى أحكام القانون الذي استحال الكشف عن مضمونه، ثم يمكن الجزم بالقانون األ

كيف يطبق القاضي المبادئ العامة، إذا كان يطبق في الغالب قانونه على أساس أنه

مستمد منطقيا من هذه المبادئ؟ بدعوى افتراض تضمن أحكام قانون القاضي لهذه

المبادئ؟

الدعوى في هذا والقول بأن من واجب القاضي أن يتوقف عن الفصل في

الفرض يتعذر الكشف عن أحكام القانون المختص مقررا أن إنكار العدالة في هذه

الحالة خير من مخالفتها بتطبيق قانون آخر غير القانون الذي أشارت قاعدة اإلسناد

.باختصاصه

فتوقف القاضي عن الفصل في : ويعترض جانب من الفقه على هذا الرأي، قائال

م التوصل لمضمون القاعدة القانونية الواجبة التطبيق هو موقف الدعوى بحجة عد

.غريب عن دوره المعتاد كما تعرفه المبادئ العامة في قانون المرافعات

لقد كان ألوجه النقد الموجهة إلى الحلول السابقة أثرها في اتجاه الفقه والقضاء

لكشف عن أحكام في فرنسا ومعظم دول العالم بتطبيق قانون القاضي عند تعذر ا

.القانون األجنبي الواجب التطبيق

فيبدو أنه لم يتصور تطبيق قانون القاضي أصال، )1(أما غالبية الفقه المصري

أحكام القانون األجنبي، غير أن هذا بفي القاضي العلم كما سبق الذكر ألنه افترض

على جنبي هو التزامالموقف رفض، على أساس أن البحث عن مضمون القانون األ

                                                                                                                                                                                    "Toutes ces solutions comportent (…) l’inconvénient d’une très grande approximation, il semble donc préférable de laisser s’appliquer la loi du for donc la compétence s’impose raisonnablement du seul fait que ses tribunaux sont saisis ". H. Muir watt, op.cit, P 109.

.170-169، المرجع السابق، ص2003هشام علي صادق، دروس في تنازع القوانين، طبعة - )1(

Page 172: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

171  

معاونة الخصوم، وهو التزام قد يستحيل تنفيذه مما تقتضي بالضرورة إيجاد القاضي ب

.حل لمواجهة هذا الفرض

ويؤسس القضاء في انجلترا مشكلة على افتراض مفاده أن هناك تطابقا بين

أحكام القانون األجنبي وأحكام القانون االنجليزي وعلى من يدعي عكس ذلك أن يقيم

ذلك، وقد انتقد هذا األساس باعتباره يقوم على مجرد حيلة قانونية بعيدة عن الدليل على

الواقع، إذ من الصعب التسليم بتطابق وتماثل أحكام قانونين ولو كان االثنان ينتميان إلى

نفس العائلة القانونية، ذلك أن الظروف الخاصة بكل دولة تطبع قانونها بطابعها الخاص

يز بشكل يختلف عن قوانين الدول االخرى ونفس االتجاه بحيث تجعله يتطور ويتم

.)1(كرسه في أمريكا وكندا

أما القضاء الفرنسي فقد استقر في تطبيق القانون الوطني على أساس فكرة

االختصاص العام لقانون القاضي ليحكم جميع عالقات القانون الخاص، وقد كرس

شهيرة حيث طبق القواعد ال) Bisbal(القضاء هذا المبدأ بوضوح في قضية

نه ال يقوم على الموضوعية الخاصة بالطالق في القانون الفرنسي،وانتقد هذا الرأي أل

أساس صحيح، ذلك أن طبيعة العالقات الدولية تتنافى مع القول بالوالية العامة للقانون

الوطني، فاألصل في مجال العالقات الخاصة الدولية هو تطبيق القانون الذي تشير

.)2(واعد االسناد باختصاصه وطنيا كان أم أجنبياق

ولهذا يتفق الفقه الحديث مع جانب من الفقه الفرنسي والجزائري والمصري في

القول بأن تطبيق القانون الوطني يبرر بما له من اختصاص احتياطي في الحاالت التي

بموجب يتعذر فيها الكشف عن مضمون القانون االجنبي صاحب االختصاص األصيل

.قواعد القانون الدولي الخاص

                                                             .152ب بلقاسم، المرجع السابق، ص أعرا- )1(

-H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit, note 11 ,P 533 et 534.  .170، 169صادق، المرجع السابق، ص هشام علي - )2(

Page 173: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

172  

ومع تقديرنا بأن تطبيق القانون الوطني هو السبيل العملي أمام القضاء عند تعذر

الكشف عن أحكام القانون المختص، إال أنه يتعين إلمكان االخذ بهذا الحل أن يكون

.قانون القاضي على صلة بالنزاع المعروض أمام القضاء

رأينا فيما تقدم إلى أنه لو تعذر على القاضي الوصول إلى أن ولهذا فقد سبق و

مضمون هذا القانون، فمن المستساغ أن يطبق في هذا الفرض القانون األكثر ارتباطا

بالنزاع المطروح، وقد يكون قانون القاضي أو قانون آخر وعلى ذلك فإن كانت المسألة

ون قانون الجنسية بوصفه المطروحة تتعلق بأهلية أجنبي وتعذر الوصول إلى مضم

القانون المختص بحكم النزاع، فإن على القاضي أن يطبق قانون الموطن وهذا ما يؤكد

. خطأ القائل بأن القانون األجنبي يعد في حكم الوقائع أو أنه يعامل على هذا األساس

غير أن تطبيق قانون القاضي في هذا الفرض، يرجع إلى تقدير بعض

، يمكنه من استعادة اختصاصه )1(عملية، يبرر بما له من دور احتياطياالعتبارات ال

تفاديا لعدم ترك النزاع دون حل، بعدما تنازل عنه في سبيل تحقيق المساواة في توزيع

.)2(االختصاص التشريعي لتنسيق العالقات الخاصة الدولية

الختصاص ذلك فقد حاول البعض التشكيك في شرعية االستناد إلى امن رغم بالو

الكشف عن القانون فيها تعذر طي لتبرير تطبيق قانون القاضي في الحاالت التيياالحتيا

األجنبي المختص، بمقولة انه أساس يتعارض مع توزيع المشرع الوطني لالختصاص

بحكم المنازعات ذات الطابع الدولي بين القانون األجنبي والقانون الوطني من خالل

نون أجنبي معين على النزاع، ها لتطبيق قاتاراعدة االسناد باستشالسناد إذ أن ققواعد ا

ل بعد ، وال مح)قانون القاضي(آخر قانوني أاختصاص ت في الوقت ذاتهنففهي قد

لحكم هذا باختصاص احتياطي قانون الوطنيلراض أنها قد احتفظت لذلك الفت

.)3(النزاع

                                                            (1)- Motulsky, de l’office du juge…, P 375. B. Audit, Droit inter. privé, 4e éd., 2006, n° 269, P 233. (2)- J.M. Bischoff, op.cit, P 190 et s.

.151أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - )3(

Page 174: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

173  

ن الحاالت التي يتعذر فيها إثبات القانون األجنبي، تعد حاالت نادرة وكخالصة إ

 في ظل التطور المستمر للعالقات الدولية، وذيوع انتشار النصوص التشريعية المختلفة

في كل بالد، وكذا تطور دراسات القانون المقارن، إال أنها محتملة الوقوع

.وتمنح فرص تحديده للقاضي لتطبيق قانونه

ا السبب مرة أخرى إن األخذ بفكرة االختصاص االحتياطي لقانون القاضي ولهذ

تشكل اخالال في توزيع االختصاص بالمنازعات الدولية بين قانون القاضي والقانون ال

أن االلتزام بالبحث االختصاص قائمة بينهما، ولذلكاألجنبي، حيث تظل المساواة في

فة احكامه، يقع على عاتق قاضي الدعوى، عن مضمون القانون األجنبي والسعي لمعر

ويخضع بالتالي إلى رقابة المحكمة العليا نظرا للصفة االلزامية التي يتمتع بها القانون

استرجاع اختصاصه وحفظ مكانه ومجاله في حتى يمكن للقانون األجنبي األجنبي،

شكل عنصرا وبذاك ي اإلسناد،التطبيق على المنازعات الخاصة الدولية بموجب قاعدة

مؤثرا لضمان هذه المساواة حسب المنهج السافيني المزدوج، وهو األمر الذي يخشى

.معه تحقق هذه النتيجة عند قيام ظرف االستعجال

الحاجة إلى اتخاذ اجراءات مستعجلة وقتية: المطلب الثاني

ور ثنونا أجنبيا، حيث تفي الحاالت التي يكون فيها القانون الواجب التطبيق قا

ودور كل من القاضي والخصوم في الكشف ، وأحكامهمسألة التعرف على مضمونه

عنه، والبحث عن حل عند استحالة أو تعذر اثبات أحكام هذا القانون، ففي هذه الحالة ال

تثور أي صعوبة في تطبيق القانون المعين سواء كان قانون القاضي أو قانون أجنبي

ى يقتضي أمر تطبيق هذا القانون الرجوع إلى مؤسسة إال أن األمر لن يبقى كذلك، حت

مما قد يستغرق وقتا طويال في بعض األحيان فيؤدي بية الستشارتهاأو تنظيمات أجن

باع هذه االجراءات في الخارج، وهوإلى تأخير الفصل في القضية، السيما إذا وجب ات

وتتولد الحاجة رف االستعجالشى معه على مصلحة الخصوم، فيأتي ظاألمر الذي يخ

Page 175: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

174  

التخاذ اجراءات وقتية تحفظ الحقوق وتحمي المصالح، وتبرر حالة االستعجال الزام

.)1(خاصة وربما بقواعد مختلفة بإجراءاتالمحاكم بالفصل السريع في النزاع

ويعطي الفرصة لتطبيق قانون القاضي على النزاع دون مساس بأصل الحق

قانون القاضي بخصوص الدعاوى المستعجلة وموضوعه تلك هي الصفة االحتياطية ل

.ما دامت أحكام القانون األجنبي المختص يتعذر تطبيقه بشكل فوري وسريع

إن الخصومة بصفة عامة هي الحالة القانونية التي تنشأ على إثر استعمال حق

االلتجاء إلى القضاء، ورفع دعوى بطلب الحصول على الحماية القضائية للحق أو

.النزاع المركز محل

ففي ميدان القانون الداخلي، إن ظروف الخصومات ليست دائما، سواء، بحيث

يصلح لها اجراءات ومواعيد واحدة، فهي تختلف باختالف الحقوق وموضوعها وما

يقتضيه البعض من سرعة الفصل، على أن أكثر تلك الخصومات أصبحت تعاني من

جلسات، وما يقود إليه ذلك من تأخر مشكلة طول االجراءات وبطئها، وتضخم جداول ال

.الفصل في القضايا

وفي ميدان القانون الدولي الخاص، وبالنظر إلى خصوصية الخصومة المدنية

ن المدعي قد يقيم أو أالدولية فإن تلك المشكلة تزداد حدتها وتتفاقم خطورتها، ذلك

ن أو مقيمي يتوطن في دولة غير تلك التي يقيم الطرف اآلخر، أو يكون الطرفان

طنين في بلد واحد، أو يكون المال ذاته محل النزاع موجودا في دولة غير تلك التي متو

.رفعت الدعوى أمام محاكمها

لهذه األخيرة تعاني أكثر من غيرها من المنازعات الوطنية من طول االجراءات

. وتأخر الفصل فيها

الستعجالفي حالة ا القانون األجنبيمشكلة إعمال : ع االولالفر

                                                             .419حسام الدين فتحي عبد اللطيف نصيف، المرجع السابق، ص - )1(

Page 176: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

175  

زيادة عن المشاكل االجرائية الفنية لخصومات النزاعات ذات الطابع الدولي

السابقة الذكر، فهناك مشكالت لصيقة بالخصومة المدنية ذات العنصر األجنبي في

صلتها بنظرية تنازع القوانين، ولعل أبرز تلك المشكالت إثارة القانون األجنبي الواجب

ل هو التزام يقع على عاتق القاضي، وما دور الخصوم في التطبيق وإثبات مضمونه ه

ذلك، باإلضافة إلى ما يفرضه القانون األجنبي من اتباع اجراءات معينة، او استشارة

مؤسسات أجنبية معينة، وال يخفى أن القيام بمثل هذه العمليات الفنية قد يطول أمدها، قد

الضرر الذي يتعذر بعد وإلحاق تعرض مصالح األطراف ومراكزهم القانونية للخطر،

ذلك اصالحه، فجوهر االستعجال هو الخشية من فوات الوقت أو الخطر في التأخير،

يتنافى معه البحث عن القانون الواجب التطبيق والتعرف على أحكامه الذي قد يستلزم

.)1(تدخل سلطة إدارية أو دينية أجنبية

كتقرير (تدابير مستعجلة ووقتية وهو األمر الذي يقتضي االسراع في اتخاذ

حضانة مؤقتا ألحد الوالدين أو كوجود مال معرض للخطر، أو كاألمر ببيع البضائع

علقة بالعقد الدولي، أو تحتى يتم الفصل في المنازعات الم سريعة التلف أو معالجتها،

).الخ....ركةالمتنازع عليها، أو جرد أموال التتعيين حارس قضائي على األموال

ي الفرصة لتطبيق قانون القاضي على النزاع دون مساس بأصل طومن تم يع

الحق وموضوعه، تلك هي الصفة االحتياطية لقانون القاضي بخصوص الدعاوى

.المستعجلة مادامت أحكام القانون االجنبي المختص يتعذر تطبيقه بشكل فوري وسريع

، أساسيين ر شرطينففكرة االستعجال فكرة مركبة يشترط لوجودها من تو إن

أولهما وجود خطر التأخير في الفصل في الدعوى بإجراءات التقاضي العادية، وثانيهما

أن يكون التدبير المطلوب وقتيا، ال يمس أصل الحق أو المركز القانوني، وهذا الشرط

. )2(هو الذي يستدعي السرعة والعجلة في اتخاذ التدبير المطلوب

                                                             ، 1988أحمد عبد الكريم سالمة، االستعجال في المرافعات الدولية المدنية، الطبعة األولى، - )1(

.316القاهرة، ص دار النهضة العربية، .18أحمد عبد الكريم سالمة، المرجع السابق، ص - )2(

Page 177: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

176  

تقف وراء فكرة االستعجال كمعيار الختصاص المحاكم يبدو أن االعتبارات التي

الوطنية بالفصل في الدعاوى المستعجلة المنطوية على عنصر أجنبي له طبيعته

الخاصة أو الذاتية، فهو على خالف الضوابط العادية المعروفة لذلك االختصاص، إذ ال

مد من الظروف تقوم على اعتبارات تتصل بالعالقة القانونية او الخصومة، بل يست

الواقعية المحيطة بالحق أو المركز القانوني بحيث تختص هذه المحاكم بتقديم الحماية

وقتية المستعجلة، يبدو القضائية، ففي شأن مشكلة االختصاص القضائي باتخاذ التدابير ال

كضابط مستقل لالختصاص القضائي الدولي للمحاكم تنهض االستعجال وكأن فكر

المنازعات، التي تقتضي اتخاذ بعض التدابير المستعجلة، وهو ضابط الوطنية، في شأن

له خصوصيته، فتوفر حالة االستعجال أو الخشية من تأخير الفصل في الدعوى، يكفي

لعقد االختصاص للمحاكم الوطنية غير أن ظروف االستعجال تستبعد تطبيق القانون

اسية في تأثير فكرة المختص بموضوع الدعوى، وتظهر هذه الخصوصية بصفة أس

االستعجال على مسألة االختصاص القضائي واالختصاص التشريعي، في حل النزاعات

إلى اعتبار االستعجال )1(الرئيسية للقانون الدولي الخاص، وهذا ما أدى بأغلب الفقهاء

فقانون القاضي هو الذي )2(اداة لتحديد مشكلة تنازع القوانين أو حتى لقتلها في مهدها

تص دائما بحكم التدابير المستعجلة، دون الفصل في أصل الحق او المركز القانونييخ

.كما سيتضح الحقا

غير أن ظروف االستعجال ال يمكن معها إعمال قانون القاضي ناحية،من هذا

بحيث ال يثبت له االختصاص التشريعي بحكم الدعوى المستعجلة، لمجرد أن هناك

.يثبت أوال صعوبة او تعذر االلتجاء إلى القانون األجنبياستعجال بل يتعين عليه ان

يعة بمضمون أحكام ومقتضى هذا، أنه إذا كان لدى القاضي معرفة أولية وسر

حالة كأن عليه تطبيقه إذ ينعدم المبرر لتقرير اختصاص قانونه، ف نيهذا القانون تع

بد من فكرة أخرى االستعجال ال تبرر أو تكفي بذاتها لتطبيق قانون القاضي، بل ال

فإذا . نبي المختص بحكم العالقة األصليةمساعدة، وهي صعوبة إعمال القانون األج

                                                             .27، ص المرجع نفسهأحمد عبد الكريم سالمة، - )1( .314، ص السابقالكريم سالمة، المرجع أحمد عبد - )2(

Page 178: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

177  

لتعذر )1(انعدمت تلك الصعوبة وكان من الميسور تطبيق القانون األجنبي وجب تطبيقه

وإذا كانت . العمل بالتدابير المستعجلة ووجب تطبيقهفيتم فورا )2(تطبيق قانون آخر

االستعجال ال تبرر تطبيق قانون القاضي فهذا ال يعني كفاية االستعجال، بل ذلك فكرة

يعود إلى عدم التوصل إلى اثبات القانون األجنبي المختص أصال، في ظروف تقتضي

.اتخاذ قرار فوري ووقتي درءا للخطر المحدق

بيق أن السبب المألوف، واألكثر قبوال لتطP. Mayerوفي هذا الصدد يقول الفقيه

impossibilité(قانون القاضي على الدعاوى المستعجلة، هو االستحالة المؤقتة

temporaire ( في البحث عن مضمون القانون األجنبي من ذلك مثال، الحالة التي

تستلزم فيها تطبيق القانون األجنبي تدخل سلطة عامة أجنبية، وإذا كان ال بد من اتخاذ

من تطبيق قانون القاضي، فإن ذلك مشروط بكونها تدابير تدابير عاجلة، وكان ال محالة

مستعجلة ووقتية، وإقصاء القانون األجنبي ال يجب أال تزيد مدته عن مدة الحادث

المسبب له، أي يجب أن يسترد سلطانه بمجرد التمكن من التعرف على أحكامه وإثبات

.)3(مضمونه

تطبيق القانون األجنبي، لكن أن االصل هو Lagardeو Batiffol ويرى الفقيهان

استحالة إعمال ذلك القانون في تلك الحالة، فقانون القاضي يكون واجب التطبيق على

.)4(مسألة خاضعة لقانون أجنبي، إذا كان تطبيق ذلك غير ممكن او غير عملي

ين األمر بالتدابير المستعجلة وفقا له، إعمال القانون األجنبي متيسرا يتع فإذا كان

يتساءل الفقيهان، لماذا نفرض نظاما وقتيا وفقا لقانون القاضي، إذا كانت األحكام وهنا

ويؤكد الفقه الراجح، ومن . )5(األجنبية قد صارت معروفة، وال تتنافى مع النظام العام

ة في لالذي يفصل في األمور المستعج قاضيالأنه يجب على Motulskyبينهم الفقيه

                                                             .317أحمد عبد الكريم سالمة، المرجع نفسه، ص - )1(

(2)- Francescakis Phocion, conflits de loi, répertoire droit inter., Dalloz, n° 238, P 488 (3)- P. Mayer, op.cit, P 145. "La mise à l'écart de la loi étrangère se serait seulement justifier si cette loi, s'était avérée impossible ou difficile à connaitre ou inapte à résoudre la difficulté" (4)- H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit, n° 350,P 441. (5)- H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit, n° 84, 583.

Page 179: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

178  

اء آخر، بمعنى أنه يجب أن يبحث عن القانون الواجب ، أن يتصرف كأي قضالحقيقة

ر أن يتقرالتطبيق، فاالستعجال ال يعد وحده مسوغا لتطبيق قانون القاضي، فال يجب

، ومقتضى هذا التأكيد أن )1(قانون القاضي، لمجرد أن هناك استعجاالمبدأ اختصاص

ن في شأن الدعوى قانون القاضي، ال تكون له ميزة أو تقدم على غيره من القواني

، فإن بعض الفقه القديم، يبصر بأن )2(المستعجلة، وإذا كان هذا هو موقف الفقه الحديث

مذهبه، كان هو تطبيق القانون المختص أصال، بحكم الموضوع أو أصل الحق على

يقول أنه عندما يوجد استعجال، ويتعين التدبر " Despagnet"التدابير المستعجلة فالفقيه

فإن التدابير المتخذة في مثل تلك الحالة يجب أن ... مصالح تعاني من خطرمن أجل

تكون وفقا للقانون الوطني لغير كاملي األهلية األجانب المتروكين بدون حماية سواء

مقررا بأنه إذا كانت بعض أحكام . )3(فيما يتعلق بشخصهم، أو فيما يخص أموالهم

ابير الوقتية، فإن ذلك يبرره استحالة إعمال القضاء قد طبقت قانون القاضي، على التد

القانون األجنبي، فكأن قانون القاضي، إذ يختص في حالة االستعجال، إنما يكون بصفة

.احتياطية

واالستحالة في إعمال القانون األجنبي في حالة االستعجال، تبدو واضحة في

قع أن تطبيق القانون ، فالوا)4(مجال النظم الخاصة بحماية عديمي األهلية وناقصيها

األجنبي المختص أصال يكون غير ممكن أحيانا، ألن نظام الحماية الذي يتضمنه ال

ة مجلس عائلي من طرف القاضي يقتضي تدخل إقامإعماله في بلد القاضي، ف يمكن

، من أجل حماية أحد األجانب غير قنصل دولة أجنبية وقد يرفض هذا االخير التدخل

عته تنظيمها ال محالة من اللجوء إلى قانون القاضي إلى حين استطا اكاملي األهلية، وهن

. )5(أو القانون الشخصي للموصى عليه حسب القانون الوطني

                                                            (1)- Motulsky Henri, Refré, Rep, Droit inter, Dalloz( 1969) n°24, P 726-727. (2)-B. Mayer, Op. cit, n˚ 208, P 397 et s. (3)- Despagnet, Droit inter. Privé, 4e éd., 1904, n° 288, P 608 et 610.

.157زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )4( .320أحمد عبد الكريم سالمة، المرجع السابق، ص - )5(

Page 180: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

179  

م جزائري على هذا االختصاص .ق 15وقد نصت الفقرة الثانية من المادة

القصر غير أنه يطبق القانون الجزائري بالنسبة للتدابير المستعجلة، إذا كان : "بقولها

وعديمو األهلية والغائبون موجودين في الجزائر وقت اتخاذ هذه التدابير، أو تعلقت

".بأموالهم الموجودة في الجزائر

وقد يثور التساؤل هنا حول ما إذا كان تطبيق قانون القاضي الجزائري في

ى المسائل االستعجالية قاصر على القصر وعديمي األهلية والغائبين أم يمتد أيضا إل

مجاالت أخرى؟

جوان 20في الحقيقة، أن المشرع الجزائري، قد أضاف هذه الفقرة بعد تعديل

نصت على 1961اكتوبر 15حكم مستوحى من اتفاقية الهاي المؤرخة في 2005

اختصاص سلطات الدولة المتعاقدة، في جميع الحاالت االستعجالية، بإتخاذ التدابير

، مما )1(يوجد على اقليمها القاصر أو المال العائد لهالضرورية لحماية القاصر الذي

يعني عدم اقتصار نطاق قانون القاضي الجزائري على الحماية المؤقتة فقط للشخص

األجنبي الموجود في الجزائر أو ألمواله الموجودة فيها، بل يشمل مجاالت أخرى مثل

ة قبل صدور الحكم، وتحديد االجراءات المؤقتة ذات الطابع االستعجالي، كالنفقة المؤقت

مسكن تقيم فيه الزوجة وتسليمها األمتعة الالزمة لالستعمال اليومي، فيعود االختصاص

. )2(فيها لقانونه

ونصل إلى القول، بأنه ليس لقانون القاضي اختصاص مانع بحكم الدعاوى

ون، فإذا كان المستعجلة، وال مجال لتطبيق هذا القانون إال عند استحالة إعمال ذلك القان

لدى القاضي معرفة أولية وسريعة بمضمون أحكام القانون األجنبي كما سبق الذكر،

وكان إعماله ال يتعارض مع مقتضيات الدعوى المستعجلة التي تستلزم اتخاذ تدبير

وقتي وسريع لتالفي حدوث الضرر وجب عليه األمر بالتدابير الوقتية المستعجلة وفقا

ال يكون من السائغ اللجوء مباشرة إلى تطبيق قانونه على التدابير لهذا القانون، بحيث

                                                             158زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )1( .184زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )2(

Page 181: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

180  

أن يثبت أوال صعوبة أو تعذر )1(المستعجلة بل يتعين عليه أي في حالة القصور

االلتجاء إلى القانون األجنبي، فإذا كان إعمال هذا األخير متيسرا، فيتم العمل به

القاضي في حالة االستعجال إنما يكون وهنا يتضح، وكأن اختصاص قانون . )2(فورا

.بصفة احتياطية ال أصلية

: حدود االختصاص االحتياطي لقانون القاضي في حالة االستعجال: الفرع الثاني

لقد سبقت االشارة إلى أن ضابط االستعجال لالختصاص القضائي الدولي له

ون القاضي، فإذا تقرر طبيعته الذاتية أو الخاصة، فحالة االستعجال ال تبرر تطبيق قان

االختصاص التشريعي للقانون األجنبي على التدابير الوقتية والتحفظية بشأن المنازعات

المختص ي إال إذا استحال اعمال القانونالخاصة الدولية تعين عدم العمل بقانون القاض

أصال، فيؤول االختصاص لقانون القاضي، كما يؤكد الفقه الراجح، بما له من

و Batiffol الفقيهان ، فحسب)3(احتياطي عام في تنظيم تنازع القوانين اختصاص

Lagarde أنه ال يوجد أدنى شك في أن المحاكم الوطنية تستطيع األمر بالتدابير الوقتية ،

الالزمة للحيلولة دون وقوع الضرر المحدق بالحق أو المركز القانوني، إذ تطبق تلك

تحيل إعمال القانون األجنبي، أو عند عدم احتوائه المحاكم القانون الوطني عندما يس

على التدابير المالئمة لتحقيق الحماية القضائية العاجلة التي يفرضها االستعجال، إذ في

، وهو ما )4(هذه الحالة يتقرر االختصاص االحتياطي الذي يحظى به قانون القاضي

.)Motulsky)5يراه الفقيه

                                                            (1)- PH. Francescakis , op.cit, n° 238, P 488.

.322أحمد عبد الكريم سالمة، المرجع السابق، ص - )2( قد ينطبق قانون القاضي على الدعوى المستعجلة بصفة أصلية ال احتياطية إذا تعلق األمر - )3( في اتخاذ التدابير الوقتية ) pouvoir procédural(حديد نطاق سلطة القاضي االجرائية بت

المستعجلة، كالحكم بالحضانة الوقتية، أو النفقة الوقتية، وتنظيم عمل مرفق عام قضائي، تلك تخضع إال لقانون القاضي باعتبارها جوانب اجرائية بحتة، وال تهمنا تلك الجوانب بل ال

الجوانب الموضوعية للتدابير المستعجلة، أي من ستؤول إليه الحضانة الوقتية وقدرته على فكل تلك المسائل تخضع للقانون الواجب ...النفقة الوقتية وشروطهاالنهوض بأعبائها، ومقدار

يم أحمد عبد الكر. الذي يتأسس عليها طلب التدبير المستعجلتطبيق أصال على العالقة ال .329، 328سالمة، المرجع السابق، ص

(4)- H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit, n° 451, P 83. (5)- H. Motulsky, op.cit, n°25, P727.

Page 182: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

181  

أن هناك قاعدة بقولهم من يرى أن تلك الفكرة وهناك البعض اآلخر من الفقهاء

بحكم التدابير المستعجلة لقانون القاضي ،رر االختصاص التشريعياسناد احتياطية تب

أنه يظهر واضحا في حالة االستعجال وبصفة " Bourel وLoussouarn"فوفقا للفقيهين

حماية للحق أو المركز وقتية، السيما عندما يؤدي االختالف في الوسائل الفنية لتحقيق ال

بل القاضي القانوني إلى عدم إمكان تطبيق القانون األجنبي المختص أصال من ق

القاضي، فالصفة قانون الوطني، مما يبرر وجود قاعدة احتياطية تقضي بتطبيق

كلما تطلب األمر ستوجب االبقاء على قانون القاضي واحترامه االستثنائية لهذه الحلول ت

ءمة والتوافق المتبادل، للحصول على تنسيق بين أحكام القانون المالذلك، عن طريق

. )1(األجنبي والوسائل المقررة في دولة القاضي

لقانون القاضي في إال اختصاصا محدودا أن القابلية االحتياطية ال تبررإال

، إلى حين ثبوت نهائيةيتمثل في األمر بتدابير وقتية غير تنظيم تنازع القوانين،

فرصة اعمال القانون المختص أصال بحكم 2االختصاص للقانون األجنبي عندما تتهيأ

صل الحق لمجرد زوال حالة االستعجال، فقد يطبق قانون القاضي على أالموضوع أو

إذا تعلق األمر بتحديد نطاق سلطة الدعاوى المستعجلة بصفة أصلية ال احتياطية

وفي هذا الصدد يجب أن نفرق لوقتية المستعجلة،القاضي االجرائية في اتخاذ التدابير ا

:بين أمرين

األول يتمثل في الجوانب االجرائية، والتي تحدد سلطة القاضي في الفصل في المسائل

االستعجالية، كالحكم بالنفقة الوقتية أو الحكم بالحضانة الوقتية ألحد االبوين، وتنظيم

.عمل مرفق عام قضائي

جوانب الموضوعية في التدابير المستعجلة، لمن تؤول إليه الحضانة أما الثاني فيتعلق بال

الوقتية، ومقدار النفقة الوقتية وشروطها، فتخضع كل هذه المسائل للقانون الواجب

.التطبيق أصال على العالقة التي يتأسس عليها طلب التدبير المستعجل

                                                             .325- 324أحمد عبد الكريم سالمة، المرجع السابق، ص - )1( .19، 18 ، صالمرجع نفسه أحمد عبد الكريم سالمة، - )2(

Page 183: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

182  

نواحي االجرائية، إذ ؤثر بشكل كبير على التوالجدير بالذكر أن فكرة االستعجال

هي تعمل على اختصار اجراءات التقاضي العادية، من أجل سرعة اتخاذ التدبير

.قانون القاضي محل القانون المختص أصال وإحالل)1(الوقتي المطلوب

وعلى ضوء ما تقدم يمكن القول، بأنه ليس لقانون القاضي اختصاص مانع بحكم

وقتي أو تحفظي، فالقانون الدعاوى المستعجلة التي ينصب موضوعها على اتخاذ تدبير

الواجب التطبيق على التدابير المستعجلة، يتم تحديده وفقا لألصول الفنية في حل تنازع

ي أو قانون أجنبي، حسب قاعدة االسناد، التي يتقرر القوانين، فقد يكون قانون القاض

وإذا كان قانون القاضي يختص في حاالت كثيرة )2(أمامها، طلب األمر بتدبير مستعجل

.بحكم التدابير الوقتية العاجلة فذلك ال يكون إال بصفة عرضية أو استثنائية

وهذا على عكس ما رأينا بخصوص االتجاه االول وعلى ما سوف نرى من أن

.ظروف استثنائية لدرأ الخطر الداهم فرضتهقانون القاضي فهو اختصاص

أن االستعجال يمنح اختصاصا رأينا ول من هذا البحث ا في الفصل األمبين

تقتضي ال لقانون القاضي في الدعاوى المستعجلة وتلك الخصوصية لضابط االستعج

نا إلى تذأخوإذا كانت تلك الخصوصية لقانون القاضي الوطني هي التي . بيان الحدود

القانون الواجب البحثعن فهي أيضا تدفعنا في باإلحالةتبني ذلك الموقف الرافض للدفع

.الدعاوى المستعجلة المتعلقة بالتدابير الوقتية والتحفظيةالتطبيق على

ستعجال تؤثر تأثيرا مباشرا على االختصاص القضائي انتهينا إلى أن فكرة اال

الدولي للمحاكم الوطنية، فهي تنهض كمعيار لالختصاص القضائي الدولي وهو معيار

له خصوصيته وذاتيته، ويؤدي إلى توسيع نطاق ذلك االختصاص وخروجه عن

وإقليم ضوابط االختصاص القضائي العادية السيما عند وجود رابطة مادية بين النزاع

دولة القاضي، مثال كوجود موطن أو محل إقامة عادية في ذلك االقليم، فهو ضابط يقوم

.أساسا على ظروف ووقائع النزاع ليمنح اختصاصا للمحاكم الوطنية

                                                             .20 ، صالسابقأحمد عبد الكريم سالمة، المرجع - )1( .330ص ،المرجع نفسه أحمد عبد الكريم سالمة،- )2(

Page 184: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

183  

تطبيق قانون القاضي وفكرة قوانين النظام العام: المطلب الثالث

تعلق التدابير المستعجلة بالنظام العام: الفرع األول

ذ اسناد التدابير المستعجلة التي تطرح أمام القضاء يميل الفقه التقليدي عامة إلى تحبي

م بالتبعية للدعوى األصلية، المنظورة أمام أفة مستقلة صالطلب بها بالوطني سواءرفع

ذلك القضاء إلى قانون القاضي، مع تأسيس اختصاصه على أن القوانين التي يطبقها

بير من قوانين النظام العام، فإن لم تكن كذلك فليس هناك ما القاضي، على تلك التدا

.في هذه الحالة مالئمةيمنع من اخضاعها للقانون األجنبي الذي يبدو أكثر

ففي شأن الوصاية على القصر وغير كاملي االهلية فرغم أن المسألة تخضع للقانون

امتنعت السلطات األجنبية عن ، أنه إذا )Weiss)1"ايسو" الشخصي يرى الفقيه الفرنسي

تنظيم الوصاية على وطنييها، أو إذا كان األمر يقتضي مرور وقت طويل بسبب بعد

المسافة مثال، حتى يتم اجراء ذلك التنظيم، فإن من واجب السلطات المحلية أن تتخذ

مواله، فالواقع أن تلك التدابير تقتضيهاأوللحفاظ على هالتدابير الوقتية لحماية شخص

المصلحة العامة، والنظام العام الدولي إن قانون القاضي يثبت له االختصاص إذا

توافرت حالة االستعجال، وليست فكرة االستعجال ذاتها هي المبرر لذلك، حيث أن

مجالها هو فقط االختصاص القضائي، ال التشريعي، ان االساس هو تعلق التدابير

.ين النظام العام في دولة القاضيالمستعجلة ودخولها في مجال سريان قوان

التطبيقات القضائية لفكرة النظام العام: الفرع الثاني

ستند العديد من أحكام القضاء إلى فكرة النظام العام، لتبرير تطبيق قانون القد

.القاضي على التدابير المستعجلة

ففي دعوى تتعلق بتعيين وصي مؤقت على طفل يوناني توفي والديه في فرنسا

تدبير الحماية هذا قد أملته مصلحة فكرة حيث أن "فقضت المحكمة في أحد أحكامها،

النظام العام، فضال عن المصلحة الخاصة للطفل القاصر، وحيث أن دواعي الضرورة                                                             

 . 459، ص 1909، الوسيط في القانون الدولي الخاص، الطبعة السادسة، A.Weissراجع - )1( .293الكريم سالمة، المرجع السابق، ص نقال عن أحمد عبد

Page 185: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

184  

واالستعجال قد أمكن تعيين وصي على القاصر األجنبي وفقا للقانون الفرنسي، والذي

أن تنتهي بمجرد أن يتم التنظيم النهائي للوصاية يكون سلطاته أساسا مؤقتة، وينبغي

.)1(وفقا للقانون اليوناني

ومن االحكام الحديثة نسبيا التي اعملت فكرة قوانين النظام العام حكم محكمة

. 1964فبراير 20استئناف باريس في

ففي شأن دعوى رفعها أب جزائري طالبا ممارسة سلطته االبوية على ابنته

إلى أسرة " فرساي"التي عهدتها بموجب حكم قضائي سابق صادر عن محكمة القاصر،

:أخرى، قضت المحكمة بما يلي

وحيث أنه على فرض قبول ثبوت الجنسية الجزائرية للمستأنف والبنته القاصر، "

صير من الناحية الواقعية الوحيد الذي يحكم الحالة الشخصية يوأن القانون الجزائري س

صا تقرير ومضمون وإعمال السلطة األبوية له، وفقا لقاعدة تنازع لهذا الولد، خصو

وما 375القوانين الفرنسية، ومع ذلك وحيث أن أحكام القانون الفرنسي، السيما المواد

أحكام القانون الوطني التطبيق عند انعدام بعدها من القانون المدني، هي الواجبة

عندما يكون هدفها تأمين حماية القاصر لدواعي أو مقتضيات النظام العام الفرنسي،

ها بالحصول على المقيم في فرنسا والذي يكون في خطر مادي أو أدبي وتسمح وحد

فالتدبير الذي اتخذ كان على نحو صحيح كان وقتيا بطبيعته، والمساس . تلك النتيجة

بالسلطة األبوية لألب لن تدوم أكثر من الوقت الذي يكون فيه ضروريا لمصلحة

.)2("نتهاب

وقد يبدو هذا الحكم أكثر وضوحا من سابقته فقد اعترف الحكم صراحة، أن

بوية سلطة األالاألمر يتعلق بإحدى مسائل األحوال الشخصية، وهي الوصاية وممارسة

                                                            (1)- cass. Rec. 10 novembre 1896, Affaire chemin de fer de l'est G DE FROY, D 1897.1.313 ; clunet 1897, P (2)- Paris 10eme ch 20 fevrier 1964 affaire Belaud. C.Ministere public, Rev.crit. 1965, P 119 spéc P 123 J.C.O 1964.2.138.48. -Loussouarn et Bourel : Précis, Op.cit éd, 1980, n 353, P 456 et s ; P. Mayer, Droit inter. privé, éd. 1977, r 602 et s, P 443 et s.

Page 186: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

185  

ذوي الشأن وهو القانون للقانون الشخصي لهي تخضع حسب قاعدة االسناد الفرنسية و

.الجزائري

يتعلق بسلب الوصاية التي قررت بصفة مؤقتة ونظرا لظروف إال أن األمر كان

االستعجال وتعلق األمر بالنظام العام حال دون تطبيق القانون المختص أصال وهو

القانون الجزائري كما ذكرنا وبالتالي سوف يسترد االب لسلطته على ابنته عندما تنتهي

.جالالحاجة إلى حماية الطفلة وتزول ظروف الضرورة واالستع

وإذا كان هذا االتجاه الفقهي والقضائي، قد حاول ادخال فكرة النظام العام، في

ميدان تبرير اختصاص قانون القاضي بحكم التدابير الوقتية والتحفظية المستعجلة، فإنه

في تقديري لم يختلف عن االتجاه الذي سبق أن تعرضنا له، المتعلق بفكرة قوانين

.البوليس واألمن

فصل الثانيال

لقانون القاضي التطبيق االستثنائي

الدعوى عند النظر في

المبحث األول

األخذ باإلحالة من الدرجة األولىنظام

Page 187: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

186  

ال تثور الصعوبة فيما لو اتحدث قواعد االسناد في كل من قانون القاضي

قاعدة االسناد وأشارت بتطبيق قانون إلعمالفإذا تصدى القاضي والقانون األجنبي،

أجنبي معينكما لو عرض على القاضي الجزائري نزاع يتعلق بأهلية فرنسي، إذا ال

شير باختصاصه تاشكال في ذلك إذا طبق القانون في هذه الحالة بوصفه القانون الذي

.قاعدة االسناد في الجزائر وفرنسا

ؤدي إلى اختالفها، السيما في مسائل فاالختالف في نظم القانون الدولي الخاص ي

لقانون الجنسية، بينما يخضعها البعض الدول بعض ندها سذ ياألحوال الشخصية، إ

كما هو الحال اآلخر لقانون الموطن، فاختالف قواعد االسناد يثير تنازعا بين القوانين،

ن في متوطفيما لو عرض على القاضي الجزائري مثال نزاع متعلق بأهلية إنجليزي

تخضع "فقاعدة االسناد في القانون الجزائري فطبقا للمادة العاشرة مدني الجزائر،

، فتسند االختصاص للقانون االنجليزي السيما قاعدة التنازع في "األهلية لقانون الجنسية

هذا األخير تشير على العكس بتطبيق القانون الجزائري بوصفه قانون الموطن، وهذه

حلسلبي بين قاعدتي الجنسية والموطن اللذان يتحددان على أساسها هي حالة التنازع ال

.)1(.النزاع

وهي تلك النظرية" اإلحالةب"تسمى هذه المشكلة في فقه القانون الدولي الخاص

طبقا لقانون القاضي في القانون األجنبي المختص التنازعالتي تقضي بتطبيق قواعد

.)2(وكان التنازع بينهما سلبيافي كل من القانونيين االسناد في حالة اختالف ضابطي

بوجوب األخذ تقضيالتي البعض اآلخر من الفقه بأنها تلك النظرية عرفها وقد

د االسناد في قانون بأحكام قواعد االسناد في التشريع األجنبي الذي أشارت بتطبيقه قواع

.)3("القانون األجنبيالقاضي، متى كانت قواعد مختلفة في كل من قانون القاضي و

االسناد في القانون الجزائري اتضح من المثال السابق، حينما تشير قاعدة

) الجزائري(يل على قانون القاضي تطبيق القانون االنجليزي، وهذا األخير بدوره يحب                                                            

.90هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )1( .114زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )2( .189صالح الدين جمال الدين، المرجع السابق، ص - )3(

Page 188: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

187  

وهذا النوع يعبر عنه الختصاص لقانون القاضيا أن قاعدة االسناد في قانونه تعقد

.باإلحالة من الدرجة األولى أو االحالة في صورة الرجوع

هذه الحالة إلى قانون القاضي بموجب قاعدة اسناد فإن االختصاص يعود في

احتياطية في قانونه مضمونها انه إذا عينت قاعدة التنازع األصلية قانونا اجنبيا يحكم

ون ورفضه فإن االختصاص في هذه الحالة النزاع وعرض االختصاص على هذا القان

م وما دام .ق 1مكرر 23وبالرجوع إلى نص المادة . يعود مرة أخرى لقانون القاضي

ستاذ زروتي الطيب فنجد أن أن االحالة استثناء وال استثناء إال بنص كما يقول األ

"لى أنهالمشرع الجزائري قد اتخذ موقفا صريحا من االحالة حيث جاء في هذه الفقرة ع

يطبق القانون الجزائري إذا أحالت عليه قواعد تنازع القوانين في القانون األجنبي

". المختص

خرى ضابط لإلسناد لصالح قانون يالحظ أن فكرة االحالة تصبح هي األ وعليه

تحقق ضمن دائرة قواعد يالقاضي، وبالتالي يمكن القول أن التطبيق االحتياطي لإلحالة

لنتيجة هي التي تسمح بإبراز دور االحالة في مسائل التنازع وما يترتب االسناد وهذه ا

.ولهذا سوف اتصدى لهذه المسألة بنوع من التفصيل. عليه توسيع نطاق قانون القاضي

لقانون القاضيطبقا اإلحالةبخذ أسباب األ: المطلب األول

طرحت تاريخيا ظهرت االحالة في أواخر القرن التاسع عشر، على اثر قضية

" Forgo"هي قضية فورجو 1878جوان 24أمام محكمة النقض الفرنسية بتاريخ

الشهيرة، فقد طبق القضاء الفرنسي قاعدة االسناد في القانون األجنبي باعتبارها إحالة

، وقد طبقها القضاء الفرنسي وقد تبنت )احالة من الدرجة األولى( )1(لقانون القاضي

                                                            ، وفي القضاء األلماني منذ 1841ظهرت اإلحالة تاريخيا ألول مرة في القضاء االنجليزي عام - )1(

إثر قرار 1874، وحتى في القانون الفرنسي القديم إال أن معالمها لم تتحدد إال في عام 1861عام ر ولد غي Forgoصدر من المحاكم الفرنسية في قضية فورجو، وتتلخص وقائع هذه القضية في أن

شرعي ولد في بافاريا، انتقلت به أمه وهو في الخامسة من عمره إلى فرنسا وافته المنية وهو في من عمره تاركا وراءه ثروة منقولة كبيرة دون أن يكون له زوجة أو أوالد، طالب بها حواشي 68

Page 189: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

188  

ظرية في قضايا أخرى، مما ترتب عليه انقسام في الفقه منهم المحاكم الفرنسية هذه الن

. )1(من قبلها ومنهم من عارضها وقد قوبل قضاء فورجو برفض شديد من طرف الفقه

لكن لم يبق لهذا األخير إال محاولة تفسير وتبرير هذه اآللية وردها إلى األصول العملية

بل وأن حكما . )2(القانون الفرنسي أمام تواتر القضاء الفرنسي على قبول االحالة إلى

من عباراته مالمح تطور بدوت 1938مارس 7ض الفرنسية بتاريخ حديثا لمحكمة النق

، وفي هذا )3(جديد نحو إمكان األخذ باإلحالة من الدرجة األولى إلى الدرجة الثانية

إضفاء أن قبول اإلحالة إلى قانون ثالث كان من شأنه " Kassir"الصدد يقول الفقيه

                                                                                                                                                                                    باعتبارها فورجو الطبيعيون وفقا لما يرتبه القانون البافاري، كما طالبت الحكومة الفرنسية أيضا

مالكة لألموال التي ال وارث لها حسب القانون الفرنسي ولدى الرجوع إلى قاعدة اإلسناد في القانون الفرنسي ظهر أنها تخضع الميراث في المنقوالت لقانون الموطن القانوني للمتوفي وهو القانون

وطنا قانونيا وفقا للقانون البافاري نظرا أن فورجو رغم طول إقامته في فرنسا فإنه لم يكتسب فيها مالفرنسي، فقد وجب على القاضي الرجوع إلى القانون البافاري قانون موطن المتوفي لحكم النزاع القائم حول أيلولة التركة، وهو هنا القانون الفرنسي الذي ال يعترف للحواشي الطبيعين باإلرث إال

بأيلولة التركة للحكومة الفرنسية إذا كانوا ورثة مباشرين قد رفضت المحكمة طلبهم وحكمتقضت محكمة استئناف لصالح 24/05/1876وبتاريخ . باعتبارها وارثة لألموال التي ال وارث لها

الورثة على أساس تطبيق قواعد القانون البافاري الداخلية التي تورث هؤالء الحواشي فطعنت ذه األخيرة الحكم وأصدرت قرارا مصلحة أمالك الدولة في الحكم أمام محكمة النقض، فنقضت ه

على أساس أنه طبق قواعد القانون البافاري الداخلية دون الرجوع إلى 1876جوان 24بتاريخ قواعد التنازع فيه والتي تسند االختصاص لقانون الموطن الفعلي وهو القانون الفرنسي ولما كان

ى الدولة بما لها من سيادة على األموال هذا الخير ال يورث الحواشي، قضت بأيلولة ملكية التركة إلوبهذا الحكم تكون محكمة النقض الفرنسية قد أقرت األخذ بنظرية اإلحالة وقد . التي ال مالك لها

.تبنت المحاكم الفرنسية هذه النظرية في قضايا أخرىCass civi, 24 juin 1878, Administration française des domaines collatéraux (arrêt dit "Forgo"), Francescakis Phocion, V° Renvoi, Répertoire inter. Dalloz (1969) , N°18, 17, P 753.

)1(-J- M. Bischoff, op. cit, n°134, P 144.Parmi ces autres, Labé Lané Bartin? Pillet, Des pagent, surville, audment, Lic, LIDEOIX, Kahn, Assert, Laurent, catellani, Bale, Tournade…, D’aprés W. Kassir, op. cit, P 29. 

يجب أن تخضع لقانون فقد أسسوا موقفهم هذا انه مثل تنازع التكييف فتنازع االسنادات ، فاألخذ باإلحالة يؤدي إلى إهدار المعني الحقيقي آللية تنازع أو عدم استقرارا )Lex fori(القاضي

راجع الحجج واألسانيد، الطيب . انونية كونها تؤدي إلى الدوران في حلقة مفرغةالمراكز الق وما بعدها 102أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص . 117رزوتي، المرجع السابق، ص

2- J- M. Bischoff, op. cit, n°134, P 147. االتجاهات الحديثة في هشام خالد، . 64هشام علي صادق، تنازع القوانين، المرجع السابق، ص - )3(

، جمهورية مصر 1972، سنة 1992نظرية االحالة، مجلة المحاماة، العدد األول والثاني في .105العربية، ص

Page 190: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

189  

فهذا التكافؤ بين قانون القاضي والقانون . )1(الشرعية على اإلحالة لقانون القاضي

األجنبي الثالث يوحي وكأن آلية االحالة آلية متعادلة التطبيق، فهي ال تمنح امتيازا

مبدأ المساواة في توزيع أو القانون األجنبي، وال تعمل على خرق خاصا لقانون القاضي

بين قانون القاضي والقانون األجنبي وحتى في حالة االحالة على يعياالختصاص التشر

فكما قد يحال االختصاص لقانون ( قانون ثالث إذا اقتضت طبيعة النزاع أو المسألة ذلك

).القاضي قد يحال كذلك لقانون اجنبي ثالث

يمكننا أن نستخلص مما سبق، أن الدول التي تطبق االحالة سواء من الدرجة

لها وظيفة غير متكافئة النتيجة من شأنها الترجيح الدائم لقانون القاضي على األولى

حساب القانون األجنبي وهذا لتحقيق أهداف معينة وبالنظر إلى المصلحة الوطنية،

وبالتالي أن نية اعتماد المشرع لهذا النوع من االحالة يهدف إلى التوسيع من مجال

، وضمان مركز األولوية، وأن تخفف على )2()ضيقانون القا(تطبيق القانون الوطني

القاضي عبء البحث في القوانين األجنبية خاصة تلك النظم التي تأخذ بالتعدد التشريعي

اقليميا أو طائفيا، وهذا الموقف يتماشى مع ما انتهى إليه المشرع الجزائري في الفترة

الجزائري إذا أحالت عليه غير أنه يطبق القانون :" م.مكرر ق 23الثانية من المادة

". قواعد تنازع القوانين في القانون األجنبي المختص

فلإلشارة أنه ال يمكن البحث وتحليل الحججواألسانيد التي أتى بها أنصار

، وإنما لبعض المبررات التي دفعت بعض الفقهاء، وكذا المشرعين في بعض اإلحالة

ى ومن بينهم مشرعنا إذ أن النتيجة التي الدول إلى األخذ باإلحالة من الدرجة األول

، )3(كما أخذ بها القضاء محاولين تبريرها فقط،األولى الدرجة انتهى إليها اإلحالة من

                                                            1‐ "L’admission du renvoi à une loi tierce avait aussi l’avantage de mieux légitimiser, théoriquement, la consécration du renvoi à la loi du for, plus fréquemment, comme on l'a vu et si avantageuse car conduisant à l'application de la loi du juge, qui lui est tellement plus familière, W. Kassi, op. cit, P 22.

.127- 126ستاذ زروتي الطيب، المرجع السابق، ص وهو ما يراه األ .120، ص زروتي الطيب، المرجع نفسه - )2( .71هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )3(

Page 191: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

190  

ورغم فشل Batiffol)1(ولعل أن أهم النظريات التي قوبلت من أغلبية الفقهاء هي نظرية

) كما صورها القضاء الفرنسي(أنصار اإلحالة في تبرير توقف اإلحالة عند هذا الحد

األسباب التي دعت إلى األخذ ىتصدى إلأثم ) الفرع األول(وهذا ما أتعرض إليه

االحالة من الدرجة (في الحدود التي تؤدي فيها فقط إلى تطبيق قانون القاضي باإلحالة

.)فرع ثاني(في وهذا ) االولى

إلحالة من الدرجة االولىير ابراألسس المعتمدة لت: فرع االولال

سليما لتبرير النتائج من الفقه الحديث التماس منه أساسا علميالقد حاول جانب

إليها القضاء الفرنسي في قضية فورجو والمترتبة على قبول االحالة من التي توصل

.الدرجة االولى تم من الدرجة الثانية

وقد اختلف أنصار هذا االتجاه حول األساس الفقهي للنتائج الذي انتهى إليها

القضاء مع قبولها للنتائج التي تنتهي إليها اإلحالة ولنذكر في هذا الصدد الرأيين اآلتيين

. Niboyetو LerbousPigennièreللفقيهين

االحالة بمثابة تفويض-1الفقرة

قانون القاضي باختصاص قانون أجنبي معين، اعد االسناد في تشير قوحينما

نما إفإنها ال تعني بذلك اسناد االختصاص للقواعد الموضوعية في هذا القانون، و

جنبي سلطة القانون الذي سيطبقه على النزاع المطروح إما قانونه تفوض المشرع األ

يا آخر إحالة حالة رفض االحالة وقانون القاضي احالة من الدرجة االولى أو قانونا اجنب

.من الدرجة الثانية

وقد انتقدت هذه النظرية على أساس أن هناك تنازل عن السيادة لما يكون القانون

االجنبي هو الذي يقوم بأمر توزيع االختصاص التشريعي ألنه يؤدي إلى التوسيع في

                                                             .71، ص نفسههشام علي صادق، المرجع - )1(

Page 192: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

191  

حدود اختصاص قانون القاضي باإلضافة إلى أنه يؤدي لحلقة مفرغة وذلك لما يكون

. )1(نون له عالقة بالنزاع يرفض االختصاص المخول له ويحيله إلى قانون آخرقا

حتياطيقاعدة االسناداال بموجباالحالة :2الفقرة

جنبي حينما ينعقد االختصاص للقانون األLerebours.Pigeonnièreالفقيه يرى

فإذا رفضه وجب حينئذ تعيين القاضي،بحكم النزاع بمقتضى قواعد االسناد في قانون

قانون آخر هو الواجب التطبيق من طرف القاضي الوطني الذي ال يمكن له في هذه

الحالة أن يتبع إال نظامه القانوني المتعلق بحل تنازع القوانين لكن السؤال الذي يطرح

كيف يمكن للقاضي أن يعين هذا القانون؟

على هذا السؤال يقول الفقيه أنه يوجد في قانون القاضي إلى جانب لإلجابة

ن األجنبي المختص قاعدة اسناد أصلية قاعدة اسناد احتياطية يعمل بها لما يرفض القانو

فإن االختصاص بحكم هذا النزاع يرتد مرة أخرى .)2(صليةسناد األبموجب قاعدة اإل

د على نالقاضي بحكم النزاع ال يست إلى قانون القاضي وعلى ذلك فاختصاص قانون

اختصاص قانون القاضي تكن إنما ير،وإحالة قاعدة اإلسناد األجنبية إلى هذا القانون

على أمر المشرع الوطني نفسه بمقتضى قاعدة اإلسناد االحتياطية وفي خارج هذه

تياطية يبقى األصل لدى هذا الفقيه هو تطبيق قانون القاضي بصفة اح ةالحدود االستثنائي

. فيما لو رفض القانون األجنبي االختصاص الذي عرضته عليه قاعدة اإلسناد األصلية

ويعاب على هذه النظرية بوجود قاعدة اسناد احتياطية إلى جانب قاعدة اسناد

ن المشرع قد أأصلية هو من باب التخيل والوهم ال الحقيقة، فال يوجد ما يدل على

ومن جهة أخرى هذا ،أصلية قاعدة احتياطية، هذا من جهةوضع إلى جانب كل قاعدة

الحل يؤدي إلى حلقة مفرغة، وذلك لما يكون كل قانون له عالقة بالنزاع يرفض

.)3(االختصاص المخول له ويحيله إلى قانون آخر

                                                             .111أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - )1(

2- L.Pigeonnière et Loussouarn, Précis de droit inter. privé, éd. 1970, n˚ 364, P 471. .111أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - )3(

Page 193: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

192  

ء الفرنسي وعلى هذا النحو استطاع الفقيه أن يبرر إلى حد كبير موقف القضا

وأن يفسر بالتالي توقف هذا القضاء ولىحالة من الدرجة األالغالب في شأن قبول اإل

فإذا ما أشارت قاعدة االسناد الوطنية بإخضاع األهلية . عند حد تطبيق قانون القاضي

مثال لقانون جنسية الشخص وكانت قاعدة االسناد في هذا القانون تخضع األهلية لقانون

االحالة، وإنما بمقتضى قاعدة الموطن، ألمكن تطبيق قانون الموطن ليس بمقتضى

االسناد االحتياطية، فإن االختصاص بحكم هذا النزاع يرتد مرة أخرى إلى قانون

القاضي، ألن حظوظ تطبيق هذا األخير تبقى قائمة أكثر من غيره من القوانين

Vocation(يعترف أن للقانون الوطني الوالية العامة Pigeonièreاألخرى، إن الفقيه

générale()1(.

وقد أرادت هذه النظرية بابتداعها ما يسمى بقاعدة االسناد االحتياطية أن تتجنب

ن يأتمر بأوامر أ، يتمثل في كونها تؤدي إلى من جهة ما وجه إلى االحالة من نقد

تفاديا من جهة، ومن جهة أخرىته المشرع األجنبي، وهو أمر فيه مساس بسيادة دول

التي كان يمكن أن يؤدي إليها قبول االحالة من الدرجة لوقوع في الحلقة المفرغة ل

جنبي االختصاص الذي عينته ألفقط عند رفض القانون ا وقف االحالةتتوبذلك )2(الثانية

شير هذا يقاعدة االسناد في قانون القاضي دون أن تتجاوزه إلى تطبيق القانون الذي

يبقى القاضي مؤتمرا دائما بأوامر القانون باختصاصه بواسطة قاعدة االسناد االحتياطية

.مشرعه

حكام الموضوعية في قانون القاضي يتم ومع ذلك فلو كان صحيحا أن تطبيق األ

ها أن أي ابناء على قاعدة اسناد احتياطية في هذا القانون لترتب على ذلك نتيجة مؤد

أن من المعلوم ،رقابة محكمة النقضلخطأ في تفسير هذه القاعدة يخضع بالضرورة

.)3(محكمة النقض الفرنسية ترفض الرقابة على تفسير القانون األجنبي

                                                             .120زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )1( .113أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - )2( .181هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )3(

Page 194: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

193  

للحلول في وضع أساس عملي سليمؤكد مرة أخرى اخفاق هذه النظرية وهذا ما ي

.التي قررها القضاء الفرنسي في شأن اإلحالة

Niboyetه يوايرية نيبنظ(القوانين اقليمية على أساس فكرة االحالة تبرير : 3الفقرة

(

أساسا سليما للنتائج التي انتهى إليها أن يلتمس Niboyetلقد حاول الفقيه

المترتبة على قبول االحالة من الدرجة االولى و"جورفو"القضاء الفرنسي منذ قضية

القانون ضفرفكالهماينطلق من فكرة Pigeonièreمع نظرية Niboyetوتتفق نظرية

قواعد االسناد في قانون القاضي، غير أن ول له بمقتضىالمخالختصاص جنبي لاأل

وإنما يقول ،L.Pذلك الفقيه سناد احتياطية كما يقولببوجود قاعدة إ يقولال الفقيه نبواييه

له يبقى حينئذ النزاع بدون قانون فض القانون األجنبي االختصاص المعقودفي حالة ر

االقليمية وأن تطبيق القانون عند هذا الفقيه هو في القوانين يحكمه، ولما كان األصل

إذ أنه اعحينئذ تطبيق قانون القاضي على النز بي ليس إال من باب االستثناء وجباألجن

.)1(حكمهاقانون يمن غير المعقول أن تبقى المسألة لها عالقة بقانون القاضي بدون

رى أن هذه النظرية تجعل العودة دائما إلى أوما يمكن مالحظته، حسب ما

ول له مما يجعلنا نقول خالقاضي لما يرفض القانون األجنبي االختصاص الم قانون

التي L.Pولى على خالف نظريةرية تبرر فقط نتيجة من الدرجة األدائما بأن هذه النظ

لدرجة الثانية ألن قاعدة حالة سواء كانت من الدرجة األولى أو من اتبرر نتيجة اإل

سناد االحتياطية قد تعقد االختصاص لقانون القاضي أو لقانون آخر كما تم بيانه اإل

. سابقا

ويعاب على هذه النظرية على أساس مبالغتها في عقد االختصاص لقانون

جنبي االختصاص بالرغم من أنه قد يكون النزاع القاضي لما يرفض القانون األ

ضعيف هو رباط االختصاص دجالمعروض ال يرتبط بقانون القاضي إال برباط

مر مثال بأهلية انجليزي متوطن في استراليا فمن غير المعقول القضائي، فلو تعلق األ

                                                            (1)- Niboyet, Traité de droit inter. privé français, 111, n1014, P 471 et s.

Page 195: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

194  

أن نطبق عليه القانون الجزائري على أساس أن القانون االنجليزي صاحب االختصاص

قرب إلى النزاع أسترالي الذي هو قانون موطنه هو ألقد أبدى رفضه له، إن القانون ا

أمام تعدكعقبة كثر عالقة به من القانون الجزائري، إضافة إلى ذلك أن هذه النظرية وأ

يقوم على L.Pنها أسوة بنظرية أكما )1(جل توحيد الحلولأالمجهودات المبذولة من

جنبي في فرض ال يعترف فيه هذا أنقطة بداية خاطئة مؤداها ال يجوز تطبيق قانون

. القانون باالختصاص لنفسه

فهذا االتجاه يتضمن معنى اإليمان بأن أساس تطبيق القانون األجنبي هو فكرة

ما الصحيح هو أن المشرع الوطني إذ أمر ني،بالمجاملة واحترام إرادة المشرع األجنبي

بتطبيق القانون األجنبي فإنما يفعل ذلك لما يراه من أن أحكام هذا القانون هي األكثر

مالءمة لحكم النزاع المطروح

)نظرية باتيفول(التنسيق بين قواعد االسناد تبرير االحالة على أساس : 4الفقرة

إن ، Niboyetو Pigeonièreعكس ما ذهب إليه كل من Batiffolيرى الفقيه

حالة استناد إلى فكرة التنسيق بين قواعد التنازع الوطنية وقواعد التنازع ير اإلتبر

االجنبية فالعالقات القانونية الخاضعة للقانون الدولي الخاص مرتبطة بقانون دولتين أو

اكثر، وهذه الوضعية تفرض على المشرع عندما يضع قاعدة االسناد في قانونه أن

بينها وبين قاعدة التنازع االجنبية وال يتم هذا يسعى إلى تحقيق التنسيق واالنسجام

التنسيق باالكتفاء بالرجوع فقط إلى قواعد االسناد في قانون القاضي وإنما ينبغي

الرجوع أيضا إلى قواعد التنازع في القانون االجنبي وتطبيق القانون الذي تشير

جنبية وتطبيق ما تقضي به ، وال يعني الرجوع إلى قواعد التنازع األ)2(باختصاصه

.) 1(مر المشرع األجنبيواقاعدة االسناد الوطنية في قانون القاضي امتثاال أل

                                                            1- Loussouarn et Bourel, Op. cit, n˚ 209, P 324.

فلو تعلق األمر مثال بأهلية انجليزي متوطن في ألمانيا، وعرض النزاع على القاضي - )2( الجزائري فإنه من غير المقبول أن يطبق عليه القانون الجزائري على اساس أن القانون

لقانون االلماني، االنجليزي صاحب االختصاص قد أبدى رفضه، ويحيل االختصاص إلى ا فيجد نفسه أمام إحالة من الدرجة الثانية، وإنما يطبق القانون االنجليزي بالرغم من رفضه

.االختصاص المحال إليه

Page 196: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

195  

جنبية لم يتم إعمالها بصفة عفوية وإنما بناء على إرادة ن قاعدة االسناد األذلك أ

باختصاص ابتداءالمشرع الوطني أصال، فقاعدة التنازع في قانونه هي التي عينت

القانون األجنبي والرجوع بالتالي إلى قواعد االسناد التي يتضمنها هذا القانون هو أيضا

.اإلرادتهتنفيذ

ن فكرة التنسيق بين قواعد اإلسناد ليست كلمة تقال وإنما باتيفوأل ويرى األستاذ

حقيقة ملموسة بشكل فعلي عندما تشير قواعد اإلسناد الوطنية باختصاص قانون دولة

تتعدد فيها الشرائع، فإن المسلك الطبيعي في هذه الحالة هو التنسيق بينها وبين قواعد

اإلسناد الداخلية لهذه الدول، مما يفرض استشارة هذه األخيرة وتطبيق قانون اإلقليم

.)2(الذي يشير باختصاصه

وما يالحظ على نظرية هذا الفقيه أنها لم تكشف بوضوح عن السبب الداعي إلى

توقف عند االحالة من الدرجة االولى وتطبيق األحكام الداخلية في قانون القاضي، فإذا ال

كان النزاع المعروض أمام القاضي الجزائري مثال يتعلق بأهلية انجليزي متوطن في

الجزائر، فإن اعمال قاعدة االسناد الجزائرية يؤدي إلى تطبيق القانون االنجليزي

.بوصفه قانون الجنسية

شارة قواعد التنازع في القانون االنجليزي أوال كما يرى الفقيه باتيفول، فاست

.رض بتطبيق القانون الجزائري بوصفه قانون الموطنفوهي تشير في هذا ال

فإذا كانت فكرة التنسيق بين النظم التي أتى بها الفقيه هي التي تبرر في نظره

واعد التنازع األجنبية إلى قانون القاضي حتى ال يطبق القانون االجنبي قبإحالةاالخذ

المختص بموجب قاعدة التنازع في قانون القاضي في حالة ال يعترف فيها

قانون في ة يلألحكام الموضوع القضاء تطبيقأن باالختصاص لنفسه، فكيف يفسر إذن

                                                                                                                                                                                    H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit, P 386 et s. On peut en effet concevoir sans contradiction que le législateur, édictant lui-même la règle de conflit, prévoit une coordination éventuelle de sa règle avec la règle de conflit étrangère…

.115أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - )1( .116ص أعراب بلقاسم، المرجع نفسه، - )2(

Page 197: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

196  

عترف هي االخرى باالختصاص سناد في هذا القانون ال تأن قواعد اإل الحالالقاضي و

. شير بتطبيق القانون االجنبيض، وتلنفسها في هذا الفر

في قانون القاضي وتتوقف عندها فكرة التنسيق بين قواعد االسناد ا أخذنابإذف

فنطبق بذلك القواعد الموضوعية في قانون هذا االخير في حين أن قواعد االسناد في

. )قانون القاضي(قانونه ترفض اختصاص القانون الوطني

خذ هنا باإلحالة لفكرة تناسق النظم إلى ضرورة األ ويؤدي منطق األستاذ باتيفول

ى خذت باإلحالة إلالتي أو يؤيد االتجاهات القضائية الحديثة هدرجة الثانية، ولذا فمن ال

سناد إلى قانون دولة معينة قانون آخر غير قانون القاضي، فإذا أشارت قاعدة اإل

فأحالت قواعد التنازع في هذه األخيرة إلى قانون دولة ثالثة فال مانع من تطبيق هذا

يتفق هذا الحل في رأي باتيفول القانون مادام أنه يقر االختصاص المعروض عليه إذ

.سناد في كل من الدول الثالث وفقا لفكرة التنسيق بين النظمواعد اإلمع حكمة ق

في محاولته لوضع اذا كان الفقيه الفرنسي لم يوفق تمامكان األمر، فإومهما

ن القضاء لم يستند إلى أي أساس فقهي فيما انتهى ظرية متكاملة لإلحالة، فمرد ذلك أن

يه من نتائج، وإنما كانت حلوله ذات طابع تجريبي، تهدف إلى مجرد مراعاة بعض إل

.)1(االعتبارات العملية

من باإلحالةاألمر اتضح لنا اخفاقالفقه في ايجاد سندا سليما لألخذ ومهما كان

جله تتوقف سلسلة االحالة لصالح أالدرجةاألولى، وعجزه عن تفسير السبب الذي من

.قانون القاضي

:ولىالدرجة األ أساس تفسير مشكلة توقف االحالة عند

نظري سليم مع اتسامه بالطابع وضع أساس الفقه في لقد اتضح لنا عجز

) االحالة من الدرجة االولى(االحالة إلى قانون القاضي ريبي لتدعيم موقفه في شأنالتج

الوضعية لبعض لحلول القضائية وا لألحكامالحقيقي لمحاولة الكشف عن األساس

                                                             .105هشام علي صادق، المرجع السابق، ص -)1(

Page 198: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

197  

جهة اخرى تخفيف العبء على القضاة من تحميلهم منو، هذا من جهة المشرعين

نطاق قانون القاضي توسيعفي المشرع جنبية، ولربما نية عبء البحث في القوانين األ

عد االصل التاريخي لنظرية االحالة إلى قانون القاضي لم تأت دون سبب دافع ولعل ي

1878يونيو 24حكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في خذ بها، وقد وافقت ملأل

ة الدومين العام في شأن إحالة القانون البافاري إلى القانون الفرنسي واستيالء دارعلى إ

الحكومة الفرنسية على تركة فورجو بوصفها وارث لمن ال وارث له بحرمان أقاربه

ضى نصوص القانون المدني من أمه من االستحواذ على هذه الثروة الهائلة بمقت

.)1(الفرنسي

في كل مرة يقلل من باستبعاد تطبيق القانون األجنبي رى اننوفي هذا الصدد،

من باإلحالةخذ فرصة تطبيقه، وما يالحظ بحق على حلول القضاء الفرنسي في األ

.الدرجة االولى تحقيق هدفا واحدا هو حماية المصلحة الوطنية ومصلحة رعاياه

وحتى في الحاالت التي لم تتبلور فيها فكرة المصلحة الوطنية كسبب ، وهكذا

تيسير بي الثالث يرجع إلىدافع لقبول االحالة إلى قانون القاضي دون القانون االجن

بقدر االمكان من فرص تطبيق القانون واإلقاللمهمة القضاء الوطني في تطبيق قانونه

تطبيق هذا األخير، ومن عملية ية عند األجنبي لما يواجهه القاضي من صعوبات عمل

جهة أخرى، إذا طبق القانون األجنبي سوف يتعرض لمشكلة البحث عن مضمونه

هو الذي دفعه كما رأينا إلى معاملة هذا القانون معاملة الوقائع، والكشف عن أحكامه،

جنبي، وتكليف الخصوم باثباته، وهو ما يسبب له ارهاقا كبيرا في البحث عن القانون اال

من الدرجة االحالة (إلى قانون القاضي سر قبول االحالة يفسر ان هو أيضا الذي يمكن

األحكام الموضوعية في قانونه حتى ال ، فالقاضي يفضل أن يطبق ببساطة )االولى

.يجهد نفسه بعناء البحث عن قانون اجنبي آخر

في " Denis"تعبير على هذا االتجاه ورد في تقرير المستشار الفرنسي وأحسن

حينما أعلن صراحة في مرافعة أمام محكمة النقض الفرنسية في قبول " Souliéقضية

                                                             .107، 106علي صادق، المرجع السابق، ص هشام - )1(

Page 199: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

198  

إحالة القانون االمريكي إلى القانون الفرنسي ألنه يحب القانون الفرنسي أكثر مما يحب

.)1(القانون االجنبي

باتيفول قد صرح أن موقف القضاء الفرنسي على هذا النحو ويبدو أن الفقيه

يتفق تماما مع االعتبارات العملية، أساسها معرفة القاضي الوطني بقانونه حق المعرفة

.مع تجنب كل الصعوبات التي تواجهه عند تطبيقه لقانون أجنبي

ات وال شك أن االحالة يمكن أن تكون من بين أدوات هذا التنسيق بين التشريع

المختلفة متفقا وروح قاعدة االسناد الوطنية

ومن هذه الزاوية يبدو التنسيق بين قواعد االسناد أمرا ضروريا وهو ما يثري

.نظرية االحالة في النهاية

من االحالة استنادا إلى عينوفي ضوء االعتبارات السابقة يجب اتخاذ موقف م

.أن وظيفة قاعدة االسناد هي تحقيق التعايش المتزايد بين النظم القانونية المختلفة

هذا ما ورد بالنسبة لكل المشرعين ومن بينهم المشرع الجزائري فقبول االحالة

.من عدمه يتحدد بالنظر إلى القاعدة والغاية منها وليس في ضوء اعتبارات نظرية

)االحالة من الدرجة االولى(تقييد اختصاص قانون القاضي : الثانيالمطلب

كما ذكرنا سابقا، فإن استبعاد القانون األجنبي، وكيف يعقد االختصاص لقانون

القاضي بموجب االحالة من الدرجة االولى، وحتى يمكن لنا بيان حدود اختصاص

يث يتحدد االختصاص قانون القاضي في الفروض التي يجب تحديد مجال االحالة، ح

االحتياطي لقانون القاضي بالحاالت التي ال يمكن فيها إعمال آلية االحالة من الدرجة

ولى وهي تلك الحاالت التي تؤدي فيها إلى االخالل أو المساس بمصالح األفراد أو األ

:حالتينالمؤيد لتطبيق االحالة إلى استثناء الفقه ولذا يقتصر جانب كبير من )2(توقعاتهم

                                                             .107هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )1(

(2)- J. M. Bischoff, op.cit, P 150.

Page 200: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

199  

انون إرادة المتعاقدين خاصة بقاعدة خضوع التصرفات القانونية لق: الحالة األولى

لتصرفات القانونية لقانون خاصة بقاعدة خضوع شكل ا: الحالة الثانية، )ولالفرع األ(

).الفرع الثاني(برام بلد اإل

كل التصرفات القانونيةما يخص شلة فياالحا استثناء: الفرع االول

بلد اإلبرام، قاعدة عالمية مقررة في لدة خضوع شكل التصرفات القانونية إن قاع

غلب االنظمة القانونية، والهدف منها ضمان صحة هذا التصرف من حيث الشكل وقد أ

تخضع أنمن القانون المدني على 19اخذ المشرع الجزائري بهذه القاعدة في المادة

".التصرفات في جانبها الشكلي لقانون المكان الذي تمت فيه

وذلك بقصد التيسير على المتعاقدين الذين يصعب عليهم العلم بأحكام قانون غير

قانون الدولة التي أبرم فيها العقد، استجابة لالعتبارات العملية وهي قاعدة قديمة، هي

بإبرامأحكام قانون المحل عند القيام افتراض أن أطراف العالقة التعاقدية يعرفون

هذا االستثناء أن استشارة قاعدة التنازع الذي يتضمنها قانون الدولة وأساسالتصرف،

خر، تفويت لالعتبارات التي تقوم د وقبول االحالة منها إلى قانون آالتي تم فيها العق

.عليها قاعدة خضوع الشكل لقانون محل االبرام

في بلد االبرام إلى قانون آخر إهدار لحكمة صرفالة التوال شك أن قبول إح

ولذلك يجب )1(القاعدة وتجاهل للهدف الذي يسعى إليه المشرع من وراء تقريرها

والتي قد بها استبعاد االحالة في هذا الموضوع تالفيا للمخاطر التي تنجم عن األخذ

.)2(تؤدي إلى إبطال التصرف شكال

ء وضع هذه القاعدة وهي تيسير المعامالت الدولية الواقع أن الحكمة من ورا

ومالءمة الشكل المحلي لها وتسهيل إجرائه بين أطراف يختلفون جنسية أو موطنا، قد

أملتها حاجة المعامالت الدولية إلى االستقرار، إذ الزام المتعاقدان بإتباع الشكل الذي

                                                             .111هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )1( .122 زروتي الطيب، المرجع السابق، ص- )2(

Page 201: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

200  

معه االعتبارات كما يقول ، قد يتعذر )1(يقرره قانون جنسيتهما أو قانون موطنهما

األستاذ عز الدين عبد اهللا لألخذ بالقاعدة فهي أساسها الذي تنهض عليه دون الحاجة

.)2(للبحث عن أساس نظري، وبهذا يكتفي فقهاء القانون الدولي الخاص المعاصرون

خذ بقانون االرادةاستثناء اإلحالة في حالة األ: الفرع الثاني

فليس للقاضي أن عقدهما، قانونا أجنبيا معينا يحكم دانفي حالة اختيار المتعاق

مباشرة إلى األحكام هذا القانون، وإنما يرجع يستشير قواعد االسناد الذي يتضمنها

وهو قانون االرادة طبقا ،)3(امفي القانون المختار على العقد المبرم بينهالموضوعية

يتنافى في ذاته مع ضابط باإلحالةإذ أن االخذ . من القانون المدني الجزائري 18للمادة

االرادة، فما دام أن المتعاقدين قد اختاروا قانونا ليحكم عقودهم الدولية، فلم يعد

قانون قبل احالتها إلىيمستساغا للقاضي أن يستشير قواعد االسناد في هذا القانون و

آخر أي قد تؤدي إلى احالل قانون آخر غير القانون المتفق عليه، ففي ذلك تجاهل

الواجب التطبيق على لضابط االرادة الذي وضعه المشرع كمعيار الختيار القانون

لكن لو )4(لتعاقدية إضافة إلى ما في ذلك من اخالل بتوقعات المتعاقدينااللتزامات ا

ان قواعد القانون الدولي الخاص للقانون االجنبي فإن قبول يحدث وان اختار المتعاقد

كما انه يتفق وهدف قاعدة االسناد إلرادتهمااالحالة في هذه الحالة تعبير عن احترام

. )5(وهذا ما جعل خصوم االحالة أنفسهم يتفقون مع هذا النظر

                                                             .234المرجع السابق، ص زروتي الطيب، - )1( .488اهللا، المرجع السابق، ص عز الدين عبد - )2( اني، القانون الدولي الخاص، تطور وتعدد حل النزاعات الخاصة الدولية، تسسعيد يوسف الب- )3(

، 2004تنازع القوانين، المعاهدات الدولية، التحكيم التجاري الدولي، الطبعة األولى ، .4،5، الهامش181، 180منشورات الحلبي الحقوقية، ص

.120بلقاسم، المرجع السابق، ص أعراب - )4( بشأن القانون المطبق على البيوع 1955جوان 15وقد رفضت اتفاقية الهاي المؤرخة في

ان البيع ينبغي أن يخضع :" الدولية للمنقوالت األخذ باإلحالة، فقد جاء في المادة الثانية منها ".ناللقانون الداخلي الذي أختاره المتعاقدان صراحة أو ضم

-W. Kassir, op.cit, P 61. – P. Mayer et V. Heuzé, op.cit, P 164. . 120أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - 110م علي صادق، المرجع السابق، ص هشا - )5(

Page 202: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

201  

ساسي وكما يرى األستاذ زروتي الطيب أن هذا االستثناء يسري على الضابط األ

ن محل اإلبرام والجنسية المشتركة وعلى الضوابط االستثنائية كقانو) القانون المختار(

.هذه القاعدة معظم الدول توقد اعتمد. )1(ومكان التنفيذوالموطن المشترك

.وهكذا يمكن القول عدم مالءمة االحالة في شأن مبدأ أو قاعدة قانون االرادة

حوال الشخصيةفي مجال األ باإلحالةخذ عدم األ: الفرع الثالث

في مجال االحوال الشخصية باإلحالةيرى جانب آخر من الفقه رفض االخذ

سس التي يقوم عليها كل من قانون القاضي والقانون وبصفة خاصة عند اختالف األ

.االجنبي المختص الذي أحالت قواعد االسناد فيه إلى قانون القاضي

سبة للبالد التي ترتبط فيها االحوال الشخصية ويبدو ذلك بصفة خاصة بالن

بالعقائد الدينية، وكذلك البالد التي يتعدد فيها نظام التشريعات الداخلية المنظمة لهذه

.االحوال بتعدد الطوائف

فكرة الحل الوظيفي والموقف من االحالة: المطلب الثالث

الوظيفي في يؤيد جانب كبير من الفقه الحديث في فرنسا ومصر فكرة الحل

مؤدى هذا الحل أن هناك مبدأ : )2(نطاق االحالة كما كرستها بعض التشريعات صراحة

عام يحكمه إذ يجب أن يكون الحل الذي يقوم به من خالل االحالة عادال ومقبوال وتلك

مسألة قانونية يخضع بشأنها لرقابة المحكمة العليا، ويتعين على القاضي في جميع

قراره حتى ال يتباين الحل وإن تباين فيكون مرد ذلك الختالف األحوال ان بسبب

االسس والمبررات التي يقوم عليها هذا الحل، ولو انحرف القاضي باإلحالة عن غايتها

                                                             قاعدة ة المصاحبة لعقد الزواج، فإذا أحالتم الماليأيضا من مجال األخذ باإلحالة النظويستثني - )1(

تطبق القواعد الموضوعية في هذا فالمختص بها، ازع في قانون القاضي على القانون التن وهو اللجوء إلى قواعد التنازع فيه، سواء كانت تقبل االختصاص أو ترفضه من غيرالقانون،

أعراب بلقاسم، المرجع -122المرجع السابق، صزروتي الطيب، .في حقيقته عقد ضمني 121السابق،ص

إذا عينت :" على أنه 1963من القانون الدولي الخاص التشيكوسلوفاكي لسنة 35تنص المادة - )2( أو أحالت إلى قانون دولة أخرى فإن تلك )سابقا(نصوص القانون الدولي التشيكوسلوفاكي ". اإلحالة يمكن قبولها إذا كان من شأن ذلك الوصول إلى حل معقول وعادل للعالقة محل النزاع

Page 203: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

202  

فيكون قراره محل للطعن، فقد أدرج القضاء على صياغة حلول عامة من شأنه أن

بشكل أكثر تحديد القانون يمكن األطراف معرفتها مسبقا وفكرة الحل الوظيفي كرسها

في الفقرة األولى من المادة الرابعة متى كان المقصود )1(الدولي الخاص االلماني الجديد

من تطبيق القانون األجنبي الذي أشارت إليه قاعدة االسناد االلمانية، هو تطبيق القواعد

.الحالةالمادية في هذا القانون وحدها دون غيرها تستبعد االحالة في مثل هذه

وبناء على ذلك فالقانون االلماني يأخذ باإلحالة من الدرجة االولى ويستثني من

ذلك حالة ما إذا كان لألطراف حرية اختيار قانون دولة معينة، حيث يجب قصر هذا

االختيار على القواعد الموضوعية لهذا القانون وليس قواعد االسناد فيه حتى ولو كانت

القانون االماني هذا من جهة، ومن جهة أخرى ان القانون هذه األخيرة تحيل إلى

االلماني يأخذ باإلحالة من الدرجة الثانية إلى قانون دولة ثالثة متى توافر شرطان

الزمان معا األول، أال يكون في األخذ باإلحالة مساس بروح قاعدة االسناد االلمانية فإذا

التصرفات القانونية واإلقالل من حاالت كانت هذه األخيرة تهدف مثال إلى عدم اهدار

بطالنها ألسباب تتعلق بالشكل بحيث ينعقد التصرف صحيحا إذا تم هذا الشكل وفقا ألي

طراف على اختياره بمعنى أن روح قاعدة االسناد تقتضي من القوانين التي اتفق األ

انون آخر لتحديد تطبيق القواعد الموضوعية في القانون األجنبي وال تقبل االحالة إلى ق

تشير قاعدة اإلسناد األلمانية إلى إالوثانيهما . )2(صحة التصرفات من حيث الشكل

. تطبيق القواعد الموضوعية وحدها في القانون األجنبي

واألخذ باإلحالة أو رفضها من منظور وظيفي لقاعدة اإلسناد الوطنية قد اعتمدها

في 1995ماي 31الصادر في 618رقم حديثا المشرع االيطالي بمقتضى القانون

، فالحلول التي تبناها هذا األخير فيما يخص اإلحالة، أنها تكرس إلى حد كبير 1المادة

                                                             إذا تم تعيين قانون دولة :" من القانون الدولي الخاص األلماني على أنه 4/1تنص المادة - )1(

لذي ال تتعارض أجنبية فإنه يجب أن تطبق أيضا قواعد اإلسناد المعنية الموجودة فيه بالقدر ا فيه هذه القواعد مع روح قاعدة اإلسناد األلمانية ويجب أن تطبق القواعد الموضوعية في ".القانون األلماني إذا أحالت قواعد اإلسناد األجنبية إلى القانون األلماني

، منشورات 2004، الطبعة األولى، )دراسة مقارنة(عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين - )2( .298الحلبي الحقوقية، ص

Page 204: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

203  

من هذا القانون تكون اإلحالة من القانون 13فكرة الحل الوظيفي، فوفقا لنص المادة

:التاليةمقبولة من حيث المبدأ في الحاالت ) قواعد التنازع( األجنبي المختص

.إذا كان القانون األجنبي المحال عليه بمقتضى قاعدة اإلسناد االيطالية يقبل اإلحالة-1

اإلحالة من (إذا كانت اإلحالة من القانون األجنبي المختص إلى القانون االيطالي -2

).الدرجة األولى

:ويمكن أال تكون اإلحالة مقبولة في الحاالت اآلتية

ألجنبي بمقتضى قانون اإلرادةإذا تعين القانون ا-أ

في حالة القواعد المنظمة لشكل التصرفات القانونية هدفها عدم إهدارها وحصر -ب

وهي قاعدة اختيارية تهدف إلى تحقيق هدف مادي معين، بحيث ينعقد . نطاق بطالنها

التصرف صحيحا من حيث الشكل إذا تم طبقا لألوضاع المعمول بها في أي من

ا، ومن هذه الزاوية فإن هدف قاعدة اإلسناد ميجوز لألفراد االختيار بينهالقوانين التي

يقتضي من حيث األصل تطبيق مباشرة األحكام الموضوعية في القانون األجنبي

.المختص

، يبدو أن 63إلى 58في شأن االلتزامات غير التعاقدية طبقا للمواد من -ج

ي شأنها على اعتبار أن القواعد المادية المشرع االيطالي قد قدر عدم األخذ باإلحالة ف

في القانون األجنبي المختص هي وحدها التي تترجم فكرة الفعالية والتركيز فيكون

قانون هذه الدولة هو أكثر القوانين ارتباطا بالمنازعة، واقدرها على إعطاء الحل

. المناسب

إلسناد في مسائل ولما كان أساس رفض اإلحالة في هذه الحالة هو إعمال حكمة ا

عاملين فقد يتصور على العكس أن تؤدي الرغبة في إدراك تالشكل وهو التيسير على الم

.هذه الغاية إلى قبول اإلحالة

Page 205: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

204  

15وفي ضوء هذا، فقد اتخذت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في

مواقفها األولى والذي أخذت فيه باإلحالة من الدرجة الثانية على عكس 1982نوفمبر

فقد قبلت المحكمة في هذا الحكم الذي يتعلق ببطالن . في شأن رفض مثل هذه اإلحالة

زواج مبرم بين زوجين سوريين اسرائيليين في ايطاليا وفقا للشكل الديني اليهودي غير

المعترف به في بلد اإلبرام، أحاله القانون االيطالي المختص بوصفه قانون محل اإلبرام

لما يؤدي إليه تطبيق هذا القانون األخير ) قانون جنسية األطراف( لقانون السوري إلى ا

من إقرار لصحة هذا الزواج، وهو ما يتماشى مع حكمه اإلسناد كما يعرفها القانون

.، وهي التيسير على المتعاقدين)قانون القاضي(الفرنسي

سا، الجزائر ومصر، ويتفق هذا الرأي مع االتجاه الفقهي الحديث في كل من فرن

.الذي يرى ربط الموقف المتخذ من اإلحالة قبوال أو رفضا بالدور الوظيفي لإلسناد

وهناك اتجاه فقهي يرى قصر اإلحالة على مسائل األحوال الشخصية لألجانب،

بحيث أن قانون الجنسية هو أصلح القوانين لحكم هذه األحوال، مع وجوب التفرقة بين

جانب، فالوطنيين يخضعون بالنسبة ألحوالهم الشخصية للقانون الوطني الوطنيين واأل

.أينما وجدو) قانون الجنسية(

أما بالنسبة لألجانب فإذا كان األصل هو أيضا خضوعهم لقانون جنسيتهم

فالمالحظ أنه إذا تبين أن قواعد اإلسناد الذي يتضمنها هذا القانون تحيل إلى قانون آخر

فاإلحالة هنا تكون الزمة، ألن األمر يعني المشرع األجنبي أكثر مثل قانون الموطن،

.مما يعني المشرع الوطني

وما يالحظ أنه لو جاز قبول اإلحالة من قانون الجنسية إلى قانون الموطن على

. هذا النحو فإن العكس غير صحيح

وهناك جانب آخر من الفقه يميل إلى رفض اإلحالة في مجال األحوال

ة، وبصفة خاصة عند اختالف األسس الذي يقوم عليها كل من قانون القاضي الشخصي

.والقانون األجنبي المختص الذي أحالت عليه قواعد اإلسناد فيه إلى قانون القاضي

Page 206: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

205  

أن أساس هذا االستثناء كما يرى بعض الفقه في ونصل في ختام هذا المبحثإلى

اضي الذي أبرم فيه التصرف، وقبول استشارة قواعد التنازع التي يتضمنها قانون الق

االحالة إلى قانون آخر تفويت لالعتبارات التي تقوم عليها هذه القاعدة، وكذا المساس

بمصالح وتوقعات األفراد، وفي هذا السياق نؤكد أن المشرع يسعى دائما إلعمال

ضوابط االسناد التي وضعها في شأن بعض المسائل بصفة يرفض معها التنازل

هناك حاالت عديدة ال تكون االحالة فيها مقبولة لتعارض األخذ بها مع وظيفة . )1(عنها

قاعدة االسناد، وهو ذات الحل الذي يمكن قياسه فيما يخص قواعد التنازع المتضمنة

المتعاقدان قانونا يحكم م، فإذا لم يختار.ق 18مع المادة ضوابط اسناد احتياطية كما هو

نسية المشتركة أو قانون الموطن المشترك االختصاص، فمن عقدهما، ورفض قانون الج

باب أولى الرجوع إلى قانون محل االبرام قبل إثارة آلية االحالة، وكنتيجة لما تقدم

حول االحالة من الدرجة االولى والتي تستمد مصدرها من رفض القانون األجنبي

وجوب "على مبدأ عام هو ولى مبنية تطبيقه، نخلص، إذا كانت االحالة من الدرجة األ

فهي تنتهي دائما إلى تفضيل أو ترجيح " تأمين التنسيق بين األنظمة القانونية

االختصاص لقانون القاضي، فال تطرح إال إذا كان القانون المعني بمقتضى قاعدة

االسناد أجنبيا، ويؤدي إلى استبعاده لصالح قانون القاضي، إذ يمكن القول أنها ال تعمل

- Mayerاتجاه واحد وال شيء إلى اختصاص قانون القاضي كما يقول الفقيهان إال في

Heuzé)2(.

ونخلص أيضا إلى أن بعض الفقه حاول ويالحظ أن ادخال فكرة االحالة في

لم يتمايز عن ذلك ييرتقدميدان تبرير اختصاص قانون القاضي بحكم النزاع فإنه في

، وسنحاول واألمناالتجاه الذي سبق وان تعرضنا له الخاص بفكرة قوانين البوليس

تفسير تطبيق قانون القاضي باالستناد إلى المفهوم الوطني للنظام العام المعروف في

.رية العامة لتنازع القوانينالنظ

                                                            (1)- P. Mayer et V. Heuzé, op.cit, P 163. (2)- J.M. Bischoff, op.cit, P 153.

Page 207: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

206  

ى دون الثانية يؤدي إلى من الدرجة األول باإلحالةيمكن القول فيما تقدم أن االخذ

جنبي، وهو األمر الذي تختل معه المساواة بين تطبيق وتضييق مجال القانون األ

القانونين، وإذا أخذنا بالمفهوم التقليدي الذي يرى في االحالة وسيلة للتنسيق بين مختلف

قانون األنظمة القانونية السابقة هو اعمال لحكمة االسناد في كال من القانون الوطني وال

لى الدفوع االخرى التقليدية التي توجه بهذا النحو يمكن أن تضاف إوهو . جنبياأل

لهما مجالهما تحايل أو الغش نحو القانون الذيجنبي كالدفع بالنظام العام والللقانون األ

الخاص وشروطهما المتميزة والتي تجدب لقانون القاضي اختصاصا احتياطيا يضاف

فة مر الذي يرجح كي حل المنازعات الخاصة الدولية وهو األإلى اختصاصه االصيل ف

القول أن التطبيق ي يجبهذا القانون من حيث التطبيق على هذه المنازعات، وبالتال

. االحتياطي يتحقق خارج دائرة قواعد االسناد

المبحث الثاني

لنظام العامعاد تطبيق القانون األجنبي للمخالفة لستبإ

ذكرنا أن المشرع الوطني ينظم المنازعات ذات العنصر األجنبي عن طريق

التي تحكم مختلف طوائف النظم القانونية وكيفية اعمالها ونطاق كل قواعد االسناد

ذا كان المشرع الوطني يسمح بتطبيق القوانين األجنبية، إذ من غير المقبول ان وإمنها،

فهومه مع النظام العام في دولته، أي مع المثل يطبق القاضي قانونا اجنبيا يتعارض م

العليا والمبادئ االساسية والجوهرية السائدة في مجتمعه، ويكون هذا القانون في حالة

.عدم توافق مطلق ومن تم يجب استبعاده

جل أهاما في مجال تنازع القوانين، فمن ا وبهذا تلعب فكرة النظام العام دور

مالت الدولية فالمشرع الوطني عموما يسعى من خالل التوفيق بين مقتضيات المعا

النظم القانونية األخرى، فسمح بتطبيق القوانين بيننظمه القانونية على ايجاد تعايش

Page 208: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

207  

االجنبية حرصا منه على تواصل العالقات الخاصة الدولية بين االفراد ولن يكون ذلك

. )1("سافيني"الفقيه أو التوافقكما يرى" التعايش"فكرة إال بوجود

األجنبي يتنافى في اسسه الجوهرية مع قانون القاضي لقانونان تطبيق اكإذا ف

وجب استبعاده،ألن قواعده الداخلية تصطدم بأسسه الجوهرية االجتماعية واالقتصادية

والسياسية في دولة القاضي ألنها تدخل عالقات ال يتالءم وال يمكنها أن تتعايش مع

ي يمس حقا من حقوق المسلم عالقات القانون الخاص الداخلي، كأن يكون القانون االجنب

كالحق في المساواة وعدم التمييز بسبب اللون أو )2(المقررة في الشريعة االسالمية

.الجنس

كما يرى بعض الفقهاء أن فكرة النظام العام لها وظيفتين تتخذ االول دفعا ضد

خدم القوانين االجنبية غير المعقولة كالمبادئ لتي تبيح الرق، وتعاطي المخدرات وتست

.)3(الثانية لتأييد سياسة تشريعية معينة

فيمكن إذن تعريف النظام العام بأنه وسيلة استثنائية في القانون الدولي الخاص

دفع يهدف إلى استبعاد تطبيق القانون الموضوعي األجنبي الواجب التطبيق "في شكل

جوهرية التي بموجب قاعدة االسناد الوطنية إذا كان حكمه يخالف األسس والمبادئ ال

، وبهذا المعنى فالنظام العام )4("يتأسس عليها النظام القانوني في مجتمع دولة القاضي

يلعب دورا خطيرا هاما في نظام تنازع القوانين فهو كما يسميه بعض الفقهاء بمثابة

أو كما صوره االستاذ . )5(الذي يحمي األسس الجوهرية في المجتمع" صمام األمان"

".المزالج على الباب الخارجي الذي يغلق عند الضرورة"بأنه مثل رابااللماني

                                                             .527عز الدين عبد اهللا، المرجع السابق، ص - )1( .04صالح الدين جمال الدين، المرجع السابق، ص - )2( .149علي علي سليمان، المرجع السابق، ص - )3( .271زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )4( ، دار المطبوعات2003الخاص، طبعة هشام علي صادق، دروس في القانون الدولي - )5(

.137الجامعية، االسكندرية، ص

Page 209: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

208  

وبذلك فإن النظام العام يمكن أن يعيق حركة عبور القانون األجنبي إلى داخل

دولة القاضي، مما يسمح لهذا األخير باالمتناع عن تطبيقه كلما كان غير متطابق مع

.نظامه القانوني

إن هذا التحفظ أو االستثناء على تطبيق القانون األجنبي، قد أقرته جميع دول

العالم، إما بنصوص تشريعية صريحة أو ضمنية على استبعاده متى تعارض مضمون

هذا القانون مع األسس الجوهرية في بلد القاضي، كما أورده المشرع الجزائري في

ال يجوز تطبيق القانون :" المدني على أنه من القانون 24نص الفقرة االولى من المادة

األجنبي بموجب النصوص التشريعية السابقة إذا كان مخالفا للنظام العام أو اآلداب

...".العامة في الجزائر

.ويعد هذا النص تعبيرا عن مبدأ استقر عليه القضاء في كافة دول العالم

وانين هو استبعاد القانون وهكذا لما كان أثر الدفع بالنظام في مادة تنازع الق

لقانون ناد، فتسبب في منح اختصاص استثنائياألجنبي المعين بمقتضى قاعدة االس

القاضي يستوجب ضرورة سد الفراغ التشريعي الذي تركه، وتجنب انكار العدالة، ويعد

تطبيق قانون القاضي على هذا النحو، بمثابة المثال النموذجي لهذه الخاصية، إن لم يكن

.)1(حسن مثالأ

، لقانون القاضي التي تتأسس على عدم مالءمة الخاصية االستثنائية ولدراسة

م العام في اطار نظرية النظاانون األجنبي واستحالة تطبيقه، وكيف يتم اعمالها الق

).المطلب الثاني(اختصاص قانون القاضي في إعمالها نطاق) المطلب األول(

تي هذه لبيان كيفية الدفع بالنظام العام بداية وعلى هذا النحو سأتعرض في دراس

.ثم اتعرض ثانيا إلى آثار هذا الدفع

                                                             إذ أن إعمال فكرة النظام العام في ميدان تنازع القوانين ال يكون في مرحلة وضع قواعد - )1(

القواعد وتطبيق أحكام القانون األجنبي الذي يستند بل أنه يأتي في مرحلة إعمال هذه االسناد، قانون م تم تطبيق قانون القاضي، وتطبيقإليه، ويأخذ صورة دفع الستبعاد تطبيق هذه األحكا

القاضي في هذه الحالة يأتي على سبيل االستثناء فيكون اختصاصه التشريعي اختصاصا غير .538السابق، ص عادي، عز الدين عبد اهللا، المرجع

Page 210: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

209  

الدفع بالنظام العام الستبعاد القانون األجنبي المختص: المطلب األول

رغم أن فكرة النظام العام تهدف إلى صيانة المصالح الجوهرية للمجتمع، هدف

ولي الخاص أو في مجال القانون الداخلي، تسعى إلى تحقيقه سواء في مجال القانون الد

.)1(وهكذا يبدو الطابع االستثنائي لفكرة النظام العام في القانون الدولي الخاص

يترتب عنه بالضرورة ضيق إعمال فكرة النظام العام في مجال التنازع فيه

قانون بالنسبة للقانون الداخلي، فمخالفة القانون األجنبي ألحكام القواعد اآلمرة في

القاضي ال يستلزم في جميع األحوال استبعاد احكام هذا القانون باسم النظام

فالدفع بالنظام العام هو في حقيقته تعطيل لإلعمال الطبيعي لقواعد االسناد التي .)2(العام

تعطي االختصاص للقانون األجنبي ومن ثم فال يصح االلتجاء إليه، وإنما يجب أن

المختص بموجب قواعد االسناد الوطنية مختلف في حكمه مع يكون القانون األجنبي

مقتضى من مقتضيات النظام العام في دولة القاضي وقت الفصل في الدعوى أي

 Actualité de l’ordre public).آنية(المخالفة تكون حالية

ففكرة النظام العام على هذا النحو فكرة مرنة ومتطورة، يكتنفها الغموض، ومن

في وضع تعريف للنظام العام الدولي نظرا الختالف صعوبة في ضبطهاالهنا تبدو

وظائفه باختالف األنظمة القانونية والتساع نطاقه وعدم إمكانية حصره بحدود ضيقة

الوقوف عند هذا الشرط، يتعينو، وبسبب مرونته وتغيره حتى ضمن المجتمع الواحد

.رعين متتاليينسلطة القاضي في تحديدها في فكيفية تقدير وكذا

فكرة النظام العام صعوبة حصر: الفرع األول

                                                             تجدر االشارة إلى أن هذه الحقيقة ال تعني في نظر الفقه تطابق فكرة النظام العام في كل من - )1(

والقانون الدولي الخاص، هشام علي صادق، المرجع السابق، لين مجال القانون الداخلي المجا .197ص

سنة تعتبر من النظام العام في القانون الداخلي 19ضي بتحديد سن الرشد ب فالقاعدة التي تق - )2( في الجزائر وال يجوز لألفراد االتفاق على مخالفتها، ومع ذلك فإن تطبيق القانون األجنبي .الذي يحدد سن الرشد بأقل من هذه السن ال تصطدم بالضرورة مع النظام العام في الجزائر

‐P.M et V.Heuzé, op.cit, P 149. - J.M. Bischoff, op.cit, P 164.

Page 211: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

210  

ال شك أن اختالف وتباين األنظمة القانونية، وعدم التطابق هذا يؤدي إلى

صعوبة تحديد إطار النظام العام، وغياب التناسق بين القانون األجنبي وقانون القاضي،

غير أن عدم التوافق المطلق، ال يقبل أن يزيد عن حدوده حتى ال يكرس االعتداء على

تعداد القاضي الوطني لاللتزام بتطبيق القانون المجتمع الوطني، مما يبرر عدم اس

األجنبي، ألن استبعاده وإحالل قانون القاضي من شأنه ان يجرد قواعد االسناد من

قيمتها وأهميتها، ومن شأنه كذلك أن يفتح المجال لرفض اعطاء آثار لعالقة نشأت في

يسعى إليه تنظيم الخارج، وبهذا وجب االعتدال في استخدامه وإال أطاح بالهدف الذي

التنازع في الدولة، لكن كيف يمكن التوصل إلى تطبيق القانون األجنبي في حالة عدم

توافق مطلق مع النظام القانوني لبلد القاضي ويؤدي بذلك إلى مخالفة النظام العام رغم

أن فكرة النظام العام تهدف إلى صيانة المصالح الجوهرية للمجتمع، وهو هدف يسعى

قيقه سواء في مجال القانون الدولي الخاص او في مجال القانون الداخلي، فإذا إلى تح

كانت تستخدم في مجال القانون الداخلي إلبطال اتفاقات االفراد التي يكون موضوعها

. من القانون المدني مخالفا للقواعد اآلمرة والناهية 97و 96أو سببها بمفهوم المادتين

 . طبيق قواعد القانون االجنبي المخالف ألسسها الجوهريةفهي كذلك تهدف الستبعاد ت

المشار إليهما جاء في قرارين للمجلس األعلى ما 97و 96وتطبيقا للمادتين

:)1(جاء في القرار األول: يلي

متى أوجب القانون في االلتزام التعاقدي مشروعية المحل، اعتبر محظورا كل اتفاق "

ن المترتب ارجاع األطراف إلى الحالة التي كانوا مخالف لذلك وكان من أثر البطال

"عليها قبل ابرام العقد

:جاء ما يلي )2(أما في القرار الثاني

                                                             ، المجلة 16/02/1983ص، قرار بتاريخ –ب ضد ق -قضية ع: أنظر المجلس األعلى - )1(

.38- 37، العدد الثاني، ص 1989القضائية، .، غير منشور12/04/1987أنظر المجلس االعلى، الغرفة المدنية، قرار صادر بتاريخ - )2(

Page 212: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

211  

إن عقد االيجار لمنزل مستعمل للدعارة يكون مخالفا للنظام العام واآلداب العامة، "

وفقا من القانون الجنائي، 346م، والمادة .ق 97و 96وبالتالي وجب تطبيق المادتين

.م يكون العقد باطال بطالنا مطلقا.من ق 103و 102للمادتين

إذا كان النظام العام في القانون الداخلي يؤدي إلى ابطال التصرف الذي يخالفه،

م كأداة الستبعاد .ق 24فإنه يستخدم في نطاق القانون الدولي الخاص بمفهوم المادة

اختصاصه إذا تعارض مع األسس القانون األجنبي الذي أشارت قواعد االسناد ب

الجوهرية التي يقوم عليها المجتمع الوطني، واهتمام مشرعو الدول الحديثة بتقنين هذه

، أو )ordre public")1"الفكرة في شكل قواعد قانونية، سواء عبروا عنها بالنظام العام

ق الحميدة أو أضافوا إلى النظام العام االخال )public enterest")2"المصالح العامة

"Bones Morses ")3( أو حتى باستخدام اصطالح النظام العام الدولي)أو اصطالح )4 ،

.)Fundamental Valuer")5"القيم األساسية

ال يجوز تطبيق " من القانون المدني المصري التي نصت على أنه 28والمادة

مخالفة للنظام العام أحكام قانون أجنبي عينته النصوص السابقة إذا كانت هذه األحكام

".أو اآلداب في مصر

م كما قلنا على العناية بالنظام العام .ق 24ونص المشرع الجزائري في المادة

واآلداب العامة، إال أنه ورغم شيوع الفكرة، لم نجد من المشرعين من وضع قائمة

ا هو المعيار بالحاالت التي يطبق فيها الدفع بالنظام العام، األمر الذي يثير التساؤل عم

. إليه حتى يمكن للقاضي تطبيق هذا االستثناءالذي يمكن الرجوع

                                                             .من القانون المدني االسباني 12/3من القانون المدني السنغالي والمادة 851 المادة - )1( .من القانون المدني الصيني 150المادة - )2( 73من القانون المدني اليوناني والمادة 33من القانون المدني االيطالي والمادة 31المادة - )3(

.القانون المدني بالجابون من 30ون المدني الكويتي والمادة من القان .من القانون المدني البرتغالي 22/1المادة - )4( .من القانون المدني النمساوي 6المادة - )5(

Page 213: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

212  

ن من وجهات النظر المقترحة، فكل هذه المحاوالت تخلو من تحديد وومهما يك

الهدف الذي يسعى إلى فكرة النظام العام إلى بإبرازرة، فهي تكتفي مضمون هذه الفك

جتمع، واالكتفاء بتعداد حاالت تطبيق هذه تحقيقه وهو حماية المصالح العليا في الم

تهدف إلى تحقيق " ةيوظيف"الفكرة، ذلك أن فكرة النظام العام هي في حقيقتها فكرة

من خالل هذه الغاية فتطبيقاتها تختلف باختالف اية معينة وال يمكن ضبطها إالغ

.كانيرها بتغير الزمان والمغالعالقات االجتماعية باإلضافة إلى مرونتها وت

وإذا انتهينا إلى أن مفهوم النظام العام واحد في القانونين، فليس األمر كذلك

بالنسبة إلى وظيفة الدفع بالنظام العام وإلى الهدف الذي يسعى إليه هذا الدفع في القانون

:الداخلي وفي القانون الدولي الخاص كما يتضح من التفرقة اآلتية

إلى صيانة المصالح الجوهرية للمجتمع كما بينا وهو رغم أن فكرة النظام العام تهدف -

هدف تسعى إلى تحقيقه سواء في مجال القانون الدولي الخاص أو في مجال القانون

.إال أن هذا ال يعني تطابق هذه الفكرة في كل من المجالين. الداخلي

لقوانين ذلك أنها تستخدم في القانون الداخلي لضمان عدم الخروج اإلرادي عن أحكام ا-

اآلمرة أو الناهية، بينما يستعان بها في نطاق القانون الدولي الخاص الستبعاد تطبيق

.القانون األجنبي الذي أشارت قواعد اإلسناد باختصاصه

،ومن هنا يبدو الطابع االستثنائي لفكرة النظام العام في القانون الدولي الخاص

أما في مجال القانون الداخلي فإنها تفقد هذا الطابع االستثنائي، حقا إنها تستخدم للحد

.من مبدأ سلطان اإلرادة كما رأينا، ولكن ليس في ذلك خروجا على مبدأ عام

فالنظام العام سواء أكان داخليا أم دوليا ال يمكن إال أن يكون وطنيا، فال يوجد

وإذا كانت األنظمة القانونية المتعددة تشترك . يع الدولنظام عام عالمي مشترك بين جم

نسان لك المرتبطة بحقوق اإلدنى من المبادئ الجوهرية واألساسية كتها بحد أفيما بين

د عو معتقداتهم، فإن هذه القيم والمثل تبين األفراد بسبب لونهم أو عرقهم أ دم التمييزعو

.ل على الرغم من صفتها العالميةجزء ال يتجزأ من النظام العام الداخلي للدو

Page 214: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

213  

كما يتشابه النظام العام الداخلي والنظام العام الدولي من حيث الهدف ألن كل

.منهما يسعى إلى حماية المبادئ الجوهرية واألساسية التي يقوم عليها المجتمع

ن مفهوم النظام العام يختلف على المستوى الدولي عنه على المستوى أغير

.فيما يتعلق بدوره أو بمضمونه الداخلي سواء

فعلى الصعيد الداخلي يتدخل لمنع األفراد من االتفاق على ما يخالف القواعد

ن ذكرنا، بينما يتمتع النظام العام على المستوى طالن كما سبق وأاآلمرة تحت طائلة الب

دي، يتجلى بقيام القاضي الوطني برفض تطبيق القانون األجنبيالدولي بدور استبعا

الذي أشارت إليه قاعدة التنازع لتعارضه مع النظام العام فتدخل النظام العام في

العالقات الداخلية ال يرمي إلى تبرير اختصاص القانون الوطني ألنه يبقى في جميع

تدخل النظام يالحاالت القانون الوحيد المطبق على المستوى الداخلي دون منازع، بينما

يبرر فرض اختصاص القانون الوطني خالفا لما أشارت لالمستوى الدولي العام على

.إليه قاعدة التنازع

على الرغم من تشابه النظام العام الداخلي والنظام العام الدولي، قيما يخص

األسس التي يستند إليها كل منهما، غير ان مضمون النظام العام الدولي يبقى أضيق من

:مثلة التاليةلداخلي وهذا ما يتضح من خالل األمضمون النظام العام ا

فإذا كانت شروط الزواج الموضوعية تعد جميعها من القواعد اآلمرة في -

تعد برمتها من الالقانون الداخلي وبالتالي ال يجوز لألفراد االتفاق على خالفها، فإنها

على سبيل المثال النظام العام على الصعيد الدولي، في الواقع يمكن للقاضي الجزائري

جنبي الذي بلغ سن الثامنة عشر من عمره باطال، ألن قانونه الشخصي األ عد زواج

القانون الجزائري جنبي هنا عن القانون األيحدد سن الزواج بعشرين عاما، إذ اختالف

في حين انه على العكس، لو تم االتفاق على . عمال الدفع بالنظام العاملم يكن كافيا إل

لعالقات الداخلية على ما يخالف سن الرشد المحدد فإن هذا االتفاق يكون مستوى ا

.باطال

Page 215: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

214  

ن نطاق النظام العام الدولي هو اقل اتساعا من نطاق النظام سبق نستنتج أمما

العام الداخلي بحيث أن كل قاعدة من النظام العام الدولي تعد حكما من النظام العام

المسائل التي يعتبرها المشرع الجزائري من العكس ليس صحيحا فالداخلي، ولكن

.النظام العام على مستوى العالقات الداخلية ليست بالضرورة من النظام العام

ن اختالف مضمون القانون األجنبي الواجب التطبيق مع أحكام القواعد اآلمرة ا

دولي في القانون الجزائري ال يعني بالضرورة تعارض هذا القانون مع النظام العام ال

الجزائري، بل يجب أن يتسع هذا االختالف حتى يصل إلى درجة التعارض الجوهري

مع السياسة التشريعية والمبادئ السياسية واالجتماعية واالقتصادية للدولة الجزائرية

. )1(لكي يتسنى إعمال الدفع بالنظام العام واستبعاد القانون األجنبي

، اختالف الدور الفني الذي لعبته هذه الفكرة ويترتب على الطابع االستثنائي دائما

في مجال القانون الدولي الخاص عن دورها في القانون الداخلي فنطاق إعمالها يطبق

 .في الضرورة في مجال التنازع عنه بالنسبة للقانون الداخلي

فمخالفة القانون األجنبي ألحكام القواعد اآلمرة في قانون القاضي ال يستلزم في

فالقانون الذي تشير قاعدة . الحاالت استبعاد أحكام هذا القانون باسم النظام العامجميع

اإلسناد باختصاصه هو أكثر القوانين مالءمة في حسم العالقة الخاصة الدولية محل

النزاع في نظر المشرع فإذا اشترط لتطبيق هذا القانون أال يتعارض مضمونه مع

.دى ذلك إلى تعطيل قواعد التنازع في أغلب الحاالتقواعد القانون الوطني اآلمرة، أل

فالسماح بتطبيق القوانين األجنبية في مادة التنازع يستتبع بالضرورة أن تنكمش

مقتضبات النظام العام في دائرة الحاالت القانونية األجنبية عنها في نطاق الحاالت

.القانونية الوطنية

                                                            1 -Batiffol et Lagarde, Op. cit, P 548. P. Mayer, Op. cit, P 136.

Page 216: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

215  

تبارات دفعهم إلى التفرقة بين النظام ويبدو أن تأثر جانب من الفقه بهذه االع

تؤدي بية الفقهاء انتقد هذه الفكرة التيالعام الداخلي والنظام العام الدولي، غير أن أغل

. )1(وهم خاطئ الى

فقد حاول الفقهاء استخالص بعض القواعد ونظرا لخطورة فكرة النظام العام ،

رة تطبيق القانون األجنبي أمام والمبادئ العامة التي يكون مضمونها يوفق بين ضرو

القاضي الوطني، وبين احترام المبادئ العليا لدولة القاضي، إال أن محاوالتهم لم تستقر

على معيار واحد لتحديد المقصود بفكرة النظام العام كذا وتحديد المعيار الذي يمكن

:اهات اآلتيةالرجوع إليه للتوصل إلى ما يدخل في إطاره وهو ما يمكن بيانه في االتج

:وحدها النظام العام في القواعد اآلمرة قصر فكرة: االتجاه األول

اتجه بعض الفقه التقليدي إلى أن النظام العام ما هو إال مجموعة من القواعد

القانونية التي تعبر بالنظر إلى األفكار الخاصة المقبولة في بلد معين أو في بلد القاضي

ذا البلد، سواء تعلقت بمصالح دينية، خلقية، سياسية أو ماسة بالمصالح الجوهرية له

أو . اقتصادية أي القوانين الضرورية لصيانة الحالة االجتماعية والسياسية، ونظام الدولة

إذ إن كل القواعد القانونية التي تتعلق بتحقيق المصالح . )2(التي تتعلق بالمصلحة العامة

وهو يرجعنا إلى قواعد البوليس واألمن ذات العامة الجوهرية هي قواعد آمرة ناهية،

التطبيق المباشر، والتي كانت محل خلط أو الربط بينها وبين النظام العام، والقول بأن

القواعد المتعلقة بالنظام العام ما هي إال القوانين اآلمرة اي ذات الطابع اآلمر المطلق،

بوليس حيث كانت تسمى قوانين كما تناولناها في الفصل األول اثناء دراسة قوانين ال

النظام العام، فكل هذه القواعد هي قواعد آمرة، لذلك اتجه بعض الفقه إلى الربط بين

.النظام العام والقواعد اآلمرة

                                                             .198 -197، ص 2003هشام علي صادق، المرجع السابق، طبعة - )1(

(2)- F. Despagnet ; op.cit, P 231.- W. Weiss, op.cit, P 371. .2و 1هامش 230نقال عن صالح الدين جمال الدين، المرجع السابق، ص

Page 217: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

216  

ورغم ما قدمه هذا االتجاه من تطوير للفكرة إال أنه لم يبين معيار تحديد ما

، باإلضافة أن القول )1(العام الدوليالقواعد والقوانين اآلمرة أو النظام هذه يدخل ضمن

بأن النظام العام ما هو إال قوانين آمرة يعني أن على القاضي أن يطبق هذه القوانين

بدون الرجوع إلى قواعد اإلسناد وبالتالي فال مجال للكالم عن التعطيل االستثنائي

لطابع للقانون الذي تشير إليه قاعدة اإلسناد إعماال لفكرة النظام العام في العالقات ذات ا

. الدولي

ن مناهج التنازع ذه القوانين تعتبر منهجا مستقال عإذ أن األمر يختلف كون ه

قواعد اإلسناد كلما تبين للقاضي أن المركز القانوني يتصف عن ويتدخل بصفة مستقلة

بقدر من األهمية الوطنية وجدير بتطبيق القانون الوطني عليه ولو كان القانون الوطني

)2(قواعد منهج االسناد، وإدراجها في مضمون فكرة قوانين البوليس غير مختص حسب

واألمن المدني أي القواعد التي تنتمي إلى قانون القاضي وتطبق مباشرة على النزاع

ليس بمقتضى قاعدة اسناد مزدوجة تشير إلى هذا القانون، وإنما لما لهذه القواعد من

ض معه االستناد إلى فكرة النظام العام، طبيعة خاصة تقتضي تطبيقها مباشرة مما يرف

ي على النحو الذي واستعمالها كأداة الستبعاد القانون األجنبي لتبرير تطبيق قانون القاض

.رأيناها سابقا

:واعداالسنادقالنظام العام و بين التنسيق: االتجاه الثاني

عادل ومؤدى هذا االتجاه، إن الهدف من وضع قواعد االسناد هو إعطاء حل

للمسائل المشتملة على عنصر أجنبي، ومن ثم يجب استبعاد القانون األجنبي الذي قد

                                                             .36و 35صالح الدين جمال الدين، المرجع السابق، ص - )1( فإذا رجعنا إلى المثال السابق حول سن الرشد فبالرغم . 274زروتي الطيب، المرجع السابق، - )2(

 .Issad mohand, op.cit, P 195–.تحرك الدفع بالنظام العام التي تحدده آمرة إال أنها ال من القاعدة

Page 218: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

217  

ولعل الغموض الذي )1(تعينه قاعدة االسناد إذا كان الحل الذي يقدمه ال يحقق هذه الغاية

يكتنف مجال النظام العام، األمر الذي يستعصي معه وضع معيار موضوعي واضح

النظام العام، كون كل من القاضي والمشرع الوطني يفترض لتحديد ما يدخل في فكرة

قواعد اإلسناد (فيهما القناعة حسب ثقافتهما القانونية بكفاية قانونهما الوطني كله

ويعطي أعدل الحلول ومتى كان األمر كذلك، فال مجال لتحريك ) والقواعد الموضوعية

أشارت بتطبيقه هذه األخيرة، قاعدة التنازع وإعطاء االختصاص للقانون األجنبي الذي

كونه يعد في جميع الحاالت مخالفا للنظام العام بمجرد اختالف أحكامه عن أحكام قانون

.القاضي

وأرى أن غموض وصعوبة وضع معيار محدد وموضوعي كما سبق الذكر

ميز اللتان يت" باآلنية وبالنسبية"لفكرة النظام العام، راجع إلى خصوصيتها التي تتسم

فما هو من النظام العام في التحديد والحصر الدقيق دعي يستما، واللتان يجعالنه به

مجتمع قد يكون غير ذلك في مجتمع آخر ولهذا قيل أن النظام العام فكرة معيارية

وظيفية تقوم على تحقيق المصلحة العامة العليا عند وجود تعارض حقيقي بين القانون

)2(مع الوطني، ومن ثم مع نظيره في قانون القاضياألجنبي والمبادئ العليا للمجت

اختالفا جذريا بصفة كلية أو جزئية وبهذا الوصف ال جدوى إلجراء محاوالت مسبقة

للحد من نطاق تدخل النظام العام عن طريق تقسيم القوانين إلى قوانين من النظام العام

، فال يتأتى ضبطها إال من خالل تحديد ماهية هذه المصلحة التي )3(وأخرى ليست منه

تستهدف تحقيقها أو حمايتها، ذلك أن تطبيقاتها تختلف باختالف العالقات االجتماعية

.فضال عن أنها فكرة مرنة ال يستطاع وضعها في قالب علمي محدد

ا ومن ثم فمن األفضل االكتفاء بوضع معايير عامة موضوعية يسترشد به

القاضي للكشف عن تعارض القانون األجنبي مع األسس والمبادئ العليا لمجتمعه،

أدت االعتبارات السابقة إلى منح القاضي سلطة تقديرية واسعة ،لتقدير هذا التعارض

حسب المفاهيم السائدة في دولته، بشرط أن ال يكون هناك افراط، حفاظا على التوازن                                                             

.1هامش 37صالح الدين جمال الدين، المرجع السابق، ص - )1( .171اعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص . 279مرجع السابق، ص زروتي الطيب، ال - )2(

(3) - J.M. Bischoff, op.cit, P 163.

Page 219: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

218  

ي للعالقات الخاصة الدولية من جانب وحماية النظام بين ضمان سريان المجرى الطبيع

العام الوطني من جانب آخر، وفحص كل حالة على حدى ليرى ما إذا كان تطبيق

. القانون األجنبي يتعارض مع النظام العام من عدمه بالنسبة للمسألة المعروضة أمامه

سلطة القاضي في تحديد فكرة النظام العامنطاق : الفرع الثاني

رغم اخفاق الفقه في وضع الدعائم التي يمكن عن طريقها ضبط فكرة النظام

العام وتحديد مقتضياته من خالل تقسيم القوانين إلى قوانين متعلقة بالنظام العام وتلك

الغير المتعلقة بالنظام العام، لعدم ثباتها في المكان والزمان، فاألمر يتطلب كما يقول

laplongée" "الغطس في أعماق الحياة االجتماعية لكل دولة") Niboyet(الفقيه نبواييه

dans lesprofondeurs de la vie sociale de chaque pays " على حدى، وهذا يصعب

صبح سعة، بحيث يومن ثم كان من األفضل منح القاضي سلطة تقديرية وا )1(تحقيقه

مقدرا األمور )2(أمته مشرعا في دائرة مرنة وسيلته في ذلك التقيد بآداب عصره ونظم

كما يشير االستاذ زروتي بمعيار موضوعي هو فكرة المصلحة العامة العليا لمجتمعه

، وقت الفصل في المنازعة وليس بالوقت الذي نشأ فيه المركز القانوني محل الطيب

النزاع، والواقع أن مسألة حالية النظام العام تعتبر في غاية األهمية، وقد لفتت انتباه

فقه والقضاء، كونه تضع حدا فاصال بين المفهومين السابق والجديد للنظام العام، وقد ال

ذلك أن تطبيقاتها تختلف )3(تتفق وحدها مع طبيعته الذي هو في تغير وتطور مستمر

.باختالف العالقات االجتماعية ومن ثم فليس من المالئم وضعها في إطارها الجامد

تستخدم كأداة الستبعاد القانون األجنبي من طرف فإذا كانت فكرة النظام العام

القاضي الوطني إذا كان يتعارض مع المبادئ واألسس العليا بحيث يؤدي تطبيقه إلى

الحاق الضرر بالمصالح الحيوية لذلك المجتمع مثل القانون الذي يبيح زواج المحارم أو

                                                            (1)- J. Niboyet, cours de droit inter. privé français, éd. 1949, p 491.

، بحث لنيل )دراسة مقارنة(نقال عن بلمامي عمر، الدفع بالنظام العام في القانون الدولي الخاص ، 1986االدارية، جامعة الجزائر الحقوق والعلوم ماجستير في القانون الخاص، معهد شهادة

.137ص .279زروتي الطيب، المرجع السابق، ص -)2(

(3)- Lerebours Pigeonnière, Droit inter.privé, 5e ed. 1978, Dalloz, P 446. .142نقال عن بلمامي عمر، المرجع السابق، ص

Page 220: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

219  

كتفي بتقدير يراث، ومن ثم يالتبني بين المسلمين أو المساواة بين االبن والبنت في الم

وجهات أو معايير عامة موضوعية يسترشد بها في الكشف عن تعارض القانون

األجنبي مع مصالحه العليا، حتى يكون تقديره موضوعيا، ال يترك األمر لتقديره

ولمعتقداته الخاصة، وإنما يتعين عليه أن يستلهم المبادئ الجوهرية السائدة في دولته،

وال يعتبر عن مساعدة خاصة، ومبنيا على المنطق )1(شعور الجماعةيستوحي من

والضرورة وان تراعي عند استعماله خصوصيات المعامالت الخاصة الدولية

وحاجاتها، يتعين أن يكون القاضي الحاكم متفتحا على القانون األجنبي من جهة ومتفهما

.من جهة أخرى )2(لدور قاعدة اإلسناد الوطنية ودور الدفع بالنظام العام

وتجتمع كل هذه المعايير في فكرة أساسية هي ضرورة استبعاد أحكام القانون

األجنبي الذي يتعارض تطبيقه مع األسس السياسية واالجتماعية واالقتصادية في

.)4(أو المصالح العامة العليا للمجتمع )3(الدولة

تبعاد القانون األجنبي غير أن المعيار الذي اعتمده بعض الفقه والمتمثل في اس

يبدو غير )5(في قانون القاضيومجهولة إذا كان يشتمل على نظم قانونية غير معروفة

صالحا، وقد يرتب على األخذ به زيادة غير مقبولة للحاالت التي يستبعد فيها تطبيق

القانون األجنبي فضال عن أن مجرد تطبيق نظم غير معروفة في نظام دولة القاضي ال

.المساس بالقيم األساسية ومبادئه العليابالضرورة بع يستت

تبعاد تطبيق القانون األجنبياس اء إلى الزاميةآخر من الفقه ولهذا ذهب جانب

فكرة النظام العام كلما كان ينطوي على المساس بمبادئ العدالة اساس على

المتعارف عليها أو يبتعد عن المبادئ العامة ) Principe dejustice universel(الدولية

ومخالف للضمير اإلنساني والقواعد المقبولة لدى كافة الشعوب، )6(في األمم المتحضرة

                                                             .37صالح الدين جمال الدين، المرجع السابق، ص -(1)

.271زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )2( .39هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )3(

(4)- H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit, P 448. .39المرجع السابق، ص صالح الدين جمال الدين، - )5( ، نقال عن صالح الدين جمال الدين، 593أحمد عبد الكريم سالمة، المرجع السابق، ص - )6(

Page 221: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

220  

كالقانون الذي يحرم الفرد من بعض الحقوق األساسية ألسباب عنصرية أو دين أو لون

أو انتماء لطائفة معينة أو يهدر الحقوق الطبيعية لإلنسان مثل القانون الذي ال يسمح

، أو يصطدم مع المعتقدات الجماعية )1(بنها غير الشرعياالعتراف بإألم بل

)convictionscommunes ( ،أو باألسس السياسية واالجتماعية لحضارة دولة القاضي

ضاربا مثال بالقانون الذي يبيح الرق، تعدد LereboursPigeonnièreكما يقول الفقيه

على أهمية دور امؤكد )2(الطالقالزوجات، األوالد غير الشرعيين، تحديد أسباب

النظام العام الستبعاد القانون األجنبي إذا تعارض مضمونه مع األسس الجوهرية في

.المجتمع

وفي األخير يذهب جانب من الفقه إلى الربط بين فكرة النظام العام في العالقات

ما تنافت الخاصة الدولية واألهداف التشريعية للمشرع الوطني في دولة القاضي، فكل

أحكام القانون األجنبي مع مبادئ السياسة التشريعية للدولة عدت مخالفة للنظام العام،

حتى ولو لم تكن متعارضة في مضمونها مع مبادئ العدالة والقانون الطبيعي، ذلك أن

من خصائص قاعدة اإلسناد الوطنية أنها قاعدة مجردة محايدة وغير محددة المضمون،

إلى قانون أجنبي يتعارض مع أحد األهداف المهمة التي يرمي تشريع ومن ثم فقد تشير

دولة إلى تحقيقها، األمر الذي ال يمكن قبوله ويخول القاضي سلطة استبعاد هذا ال

.)3(القانون

ومن أمثلة ذلك ما قضت به محكمة النقض الفرنسية كما يقول الفقيهين

Batiffolet Lagarde من استبعاد القانون األجنبي الذي يقرر مدة أطول مما ورد

بالقانون الفرنسي لرفع دعوى االعتراف باألبوة، والذي يتعارض مع السياسة التشريعية

الفرنسية التي تهدف من وراء تقصير المدة إلى تحقيق االستقرار للروابط العائلية

                                                                                                                                                                                    

.3هامش 40المرجع السابق، ص (1)- W. Bolidschmidt, système et philosophie du droit inter. privé, revue crit. P .inter. privé, 1956, P 238. Phocion France, Droit naturel et droit inter. privé,Melanges Maury,Paris,1960,TI,P113.

.41نقال عن صالح الدين جمال الدين، المرجع السابق، ص (2)- H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit, P 448. J.M. Bischoff, op.cit, n° 145, P 164. (3)- H. Batiffol et P. Lagarde, op.cit, n° 359, p 450. Mohand Issad, op.cit, p 197.

Page 222: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

221  

جنبي ال يشكل مخالفة لمبادئ العدالة بالرغم من أن أطول المدة المقررة في القانون األ

.)1(والقانون الطبيعي

تتقارب حول فكرة أساسية وهي وجوب وباإلجمال فإن مختلف هذه الضوابط

استبعاد القوانين األجنبية التي تتعارض مع المبادئ واألفكار األساسية السياسية

ع معين، لعل تصلح تمواالقتصادية واالجتماعية والخلقية والفكرية التي يقوم عليها مج

.موضوعيا عاما يشكل دليال للقاضي في إعمال الدفع بالنظام العام ألن تكون ضابطا

غير أن االعتراف للقاضي بسلطة تقديرية في استخدام هذه الفكرة يكون مقرونا

بالحكمة واالعتدال، ال يعني ترك األمر لتقديره الشخصي وإحالل أرائه ومعتقداته

الذاتية مستغال في ذلك هذه السلطة واالنحياز لقانونه الوطني وال يلجأ الخاصة وقناعته

إليه إال في األحوال التي تستدعي تدخله لحماية هذه المبادئ، وذلك للحيلولة دون

.تعطيل قواعد اإلسناد دون مبرر حقيقي

يسعى بعض الفقه دوما، ولهذا الغرض، إلزام القاضي بعدم االكتفاء بتوافر أحد

ات النظام العام في دولته لكي يستبعد تطبيق القانون األجنبي، بل يتعين عليه مقتضي

باإلضافة إلى ذلك أن يقوم بفحص هذا القانون قبل استبعاده باسم النظام العام، وذلك

بتحليله للواقع االجتماعي واالقتصادي والسياسي للمجتمع الذي صدر في ظله هذا

ن قانونه والقانون األجنبي، من حيث تشابه نمط الحياة القانون، فيقوم بإجراء موازنة بي

االجتماعية واالقتصادية، والمالحظ على هذا الرأي الفقهي أنها تبدو مقبولة من الناحية

النظرية، غير أن تجسيدها في الواقع العملي أمر صعب نظرا لوظيفة وحدود

. )2(مقتضيات النظام العاماختصاص القاضي وإمكانياته التي ال تسمح له بالقيام بتحليل

une souche de sécurité" صمام األمان"وبهذا تكون فكرة النظام العام بمثابة

الذي يحمي األسس الجوهرية في المجتمع والذي ال غنى عنه في أي تنظيم للتنازع في

                                                            (1)- cass .civ, 30 nov. 1983, sirey, 1939,I, P63.

.4هامش 42نقال عن صالح الدين جمال الدين، المرجع السابق، ص (2)- J.P. Niboyet, op.cit, P 450.

.545عز الدين عبد اهللا، المرجع السابق، ص . 139نقال عن بلمامي عمر، المرجع السابق، ص

Page 223: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

222  

العالقات الخاصة الدولية، ولذلك يصعب تحديدها على وجه دقيق، فهي فكرة مرنة

فهي ذات مفهوم متغير باختالف المكان والزمان إال أن مرونتها وصعوبة ومتطورة،

وهنا تبدو رقابة . ضبطها يقتضي أن يكون استخدامها مقرونا بالحكمة واالعتدال

فقد استقر الرأي على إخضاع تقدير . المحكمة العليا الزمة لضمان هذا االعتدال

الدفع بالنظام العام هو عليا، كون القاضي في مجال النظام العام لرقابة المحكمة ال

تعطيل تطبيق قاعدة االسناد، وهو بهذه المثابة مسألة قانون تخضع بالضرورة لاستثناء

.لرقابة المحكمة العليا، والدفع بالنظام العام هو دفع عام في القانون الدولي الخاص

فكرة وهذه الرقابة من شأنها طمأنة المجتمع الفقهي الذي يخشى تجاوز تطبيق

النظام العام مجرد االستثناء، بأن يتحول استخدامها من طرف القاضي إلى وسيلة لمنع

والتأكد منها فعال عن " بدقة وحذر"تطبيق القوانين األجنبية دون تحليلها وفحصها

خرقها النظام العام في بلده، وما يمكن قوله هنا وكما سبق االشارة إليه، هو أن فكرة

ية ومتغيرة حسب الزمان والمكان نظرا الرتباطها باألفكار السائدة في النظام العام نسب

وقت معين داخل مجتمع محدد، بأنه يتعين على القاضي أن يتقيد بمفهوم النظام العام

حالية أو "السائد في مجتمعه وقت الفصل في النزاع المطروح أمامه عمال بمبدأ

همية لكونها تضع حدا فاصال بين المفهوم الذي تعتبر في غاية األ" معاصرة النظام العام

السابق للنظام العام والمفهوم الجديد له، خاصة أنه في تغير وتطور مستمر كما سبق

الذكر، فالقاضي هو الشخص الوحيد األدرى من غيره في حكمه على النظام العام

ه وشعوره ومدى مطابقته أو مالءمته للنظام العام السائد في دولته، فهو يستعمل ذكاء

.لحماية المصلحة الوطنية

:النظام العاممفهوم القاضي بمقتضيات تقيد: المطلب الثاني

يلعب النظام العام دورا هاما في مجال تنازع القوانين كأداة الستبعاد القانون

األجنبي الذي أشارت قاعدة االسناد باختصاصه إذا كان يتعارض مع األسس الجوهرية

لدولة القاضي، ويترتب على هذا التدخل ومخالفة القانون األجنبي، والمبادئ األساسية

أن أول أثر يرتبه الدفع بالنظام العام هو وجوب استبعاد القانون األجنبي المختص بحكم

Page 224: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

223  

يتعارض مضمونه مع األسس الجوهرية للمجتمع فيتحقق االعالقة الدولية الخاصة لم

ألسس والمثل العليا لدولة القاضي، وبهذا هنا االستبعاد، يتم درء الخطر الذي يهدم ا

تكون نظرية النظام العام قد بلغت هدفها في الدفاع عن هذه المبادئ األساسية، فأول أثر

يترتب عن الدفع بالنظام العام أثر سلبي أو ايجابي ولكن ال يمكن للقاضي الوقوف

يحكمها أو يحل محل واالكتفاء بهذا األثر لما يؤدي إليه من ترك العالقة بدون قانون

القانون المستبعد يعتبر هذا إنكار للعدالة، ألن هذا الدور السلبي للنظام العام على هذا

الوجه ما هو إال منع أطراف النزاع من التمسك بتطبيق القانون األجنبي المختص الذي

عينته قاعدة اإلسناد الوطنية عليهم، وهو بذلك ال يفرض عليهم اختصاص قانون آخر

. )1(أكثر تقييد

، فإن استبعاد القانون األجنبي المخالف للنظام العام والوقوف وعلى هذا األساس

عند هذا األثر واالكتفاء به يؤدي إلى عدم حل النزاع وفق القانون المختص، وعدم

تعيين قانون آخر محله يعد حال غير مرضيا، ولتفادي هذه النتيجة هل يجب التقيد

محل القانون األجنبي المستبعد باسم النظام العام وذلك لسد الفراغ بإحالل قانون آخر

.الناتج عن هذا االستبعاد، وهو ما يسمى باألثر االيجابي للنظام العام

) الفرنسي(وقد استقر القضاء الفرنسي مؤيدا من الفقه على إحالل قانون القاضي

قد اعتمدت هذا الحل أيضا معظم و محل القانون األجنبي المستبعد لمخالفته للنظام العام

، وهو ذات الحل الذي استقر عليه المشرع الجزائري من خالل التشريعات القانونية

يطبق القانون الجزائري محل : "م التي تنص على أنه.ق 24الفقرة الثانية من المادة

كان واآلن في الجزائر وتطبيقا لهذا الحل إذا" القانون األجنبي المخالف للنظام العام

القانون األجنبي يمنع الزواج بين مختلفي اللون فإن القاضي الجزائري يستبعده لمخالفته

ونفس الحل الذي . (للنظام العام، ويطبق بدله القانون الجزائري الذي يجيز الزواج

وفي مادتي الزواج والطالق . )2()استقر كذلك في القضاء المصري وأيده غالبية الفقه

                                                            (1)- "L’effet négatif de l’ordre public (les parties) empêche simplement de se prévaloir de la loi russe, il ne leur impose nullement la compétence d’une loi restrictive ". J.M. Bischoff, op.cit, n° 159, P 177.

.203هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )2(

Page 225: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

224  

زائري للحكم ببطالن عالقة زواج بين مسلمة وغير مسلم ولو كان يطبق القانون الج

جزائريا، أو يطبق أحكام الطالق على مسلم يمنع قانونه الشخصي الطالق والمالحظ أن

القاضي الجزائري عليه أن يراعي الديانة كضابط لتطبيق أحكام الشريعة اإلسالمية

لمسلمين إال إذا تعلق األمر بمبادئ ألنه، في اعتقادي، ال يمكنه أن يطبقها على غير ا

كل ما لم يرد : (من قانون األسرة تنص على أنه 222المادة . عامة مشتركة بين الدول

).النص عليه في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعة اإلسالمية

وهكذا فإن إثارة الدفع بالنظام العام من طرف القضاء الجزائري يؤدي إلى

ون األجنبي والذي عينته قاعدة اإلسناد الوطنية واستبداله بالقانون استبعاد القان

الجزائري، وبهذا يكون األثر االيجابي قد اقترن باألثر السلبي وطبق القانون الوطني

.بدال من القانون األجنبي

من ق م ج نستنتج أن المشرع الجزائري اقتصر في 24ومن خالل نص المادة

ثر السلبي للنظام العام دون أن يلزم القضاء بمسلك معينا لسد على بيان األ 24المادة

ونشير في هذا الصدد أن هذا االخير في القضايا . الفراغ التشريعي عن هذا االستبعاد

.التي فصل فيها فقد استخلف القانون االجنبي المستبعد بالقانون الجزائري

ون القاضي إال بالقدر فال يتدخل قان د مجال اختصاص القانون الجزائري،ولتحدي

ألن استبعاد جزء منه فقط ، )االستبعاد الجزئي(الالزم لحماية مقتضيات النظام العام أي

دون االجزاء االخرى يتنافى مع حكمة قاعدة االسناد كما يؤدي إلى مسخ القانون

دون أن يؤدي ذلك إلى تشويه )1(االجنبي وتطبيقه بشكل يخالف إرادة المشرع الوطني

، فقد يصعب في بعض )أي كلما كان االستبعاد الجزئي ممكنا(سح القانون األجنبي أو م

ستبعاد الجزئي للقانون األجنبي نظرا الرتباطها الوثيق لتلك األحكام بباقي االالحاالت

األحكام األخرى مما يقتضي اللجوء إلى االستبعاد الكلي، سواء تعلق األمر بالحقوق

هي التي (تلك المكتسبة في الخارج والمراد التمسك بها التي نشأت في الجزائر، أو

                                                             .203هشام علي صادق، دروس في القانون الدولي الخاص، المرجع السابق، ص - )1(

Page 226: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

225  

ثم الوقوف ) الفرع األول(يراد فيها االحتجاج أو ترتيب آثار معينة عن مركز قانوني

. عند أثر االتفاقيات الدولية في إعمال فكرة النظام العام

غير أن إحالل قانون القاضي محل القانون األجنبي المستبعد، فإما أن يحل

حالل كامال، فيطبق على مجموع العالقة، ويستبعد القانون األجنبي برمته، غير أنه قد إ

يحدث أن يكون هذا األخير غير مخالف للنظام العام بصفة مطلقة، وليس من شأنه

استبعاده كلية، وإنما يقتصر على الجزء الذي يتعارض مع مفهوم النظام العام في دولة

تدخل قانون القاضي إال في حدود سد الفراغ التشريعي الناتج ، وبالتالي ال ي)1(القاضي

من أن استبعاد LereboursPigeonnière، وهذا ما ذهب إليه الفقيه )2(عن هذا االستبعاد

القانون األجنبي يكون ضروريا في حدود حماية النظام العام، وهو ال يحل قانون

عام الوطني القاضي محل القانون األجنبي المستبعد إال في الحدود التي يقتضي النظام ال

كبير من الفقه، فاستثنائية النظام العام، ال يجب أن تحدث ذلك، وهو كذلك رأي جانب

ج ما هو ضروري للدفاع عن مقتضيات النظام العام لدولة القاضي، ولن آثارا خار

يتدخل قانون القاضي إال في مسألة أو جزئية محدودة من العالقة القانونية محل النزاع

نظرا لتعارضها مع مفهوم النظام العام، بينما تبقى مجموع هذه العالقة خاضعة للقانون

المطروح أمام القضاء الجزائري بعقد يتضمن شرط فمثال لو تعلق النزاع . )3(األجنبي

الدفع بالذهب أو يسمح بتقاضي فوائد ربوية بين األشخاص الطبيعية، وكان حكم هاتين

المسألتين في القانون األجنبي المختص جائزا، فيتعين على القاضي الجزائري استبعاد

طالنهما طبقا القانون األجنبي فيما يخص شرط الذهب والقرض بفائدة فيقضي بب

خاضعة للقانون األجنبي ما دامت ال األخرى لمقتضيات النظام العام، وتبقى الشروط

تتعارض مع النظام العام في الجزائر، وفي ذلك استبعاد جزئي للقانون األجنبي وإحالل

جزئي لقانون القاضي، ويرى االتجاه الغالب في الفقه والقضاء أن العمل بهذا الحل

ة النظام العام فإعمال الدفع بالنظام العام ال يهدف إلى إصدار حكم على يتفق مع وظيف                                                            

.280زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )1(2 ‐Graulich, introduction à l’étude de droit inter. privé, ed. 1978, P 65. " Il faut substituer à la loi évincée la lex-Fori, mais uniquement dans la mesure indispensable"

.201هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )3(

Page 227: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

226  

القانون األجنبي في ذاته وإنما يهدف إلى منع النتيجة المنافية للنظام العام التي تترتب

على تطبيق هذا القانون، وعليه، فإن أمكن تالفي وقوع هذه النتيجة باستبعاد جزء فقط

تم داع أو مبرر لعدم تطبيق أحكام القانون األجنبي األخرى من القانون األجنبي، فليس

التي ال تتعارض في مضمونها مع النظام العام، ولعله من الخير هو الواجب التطبيق

.)1(أصال بوصفه أكثر القوانين مالءمة للمسألة المعروضة

كان ويبدو أن القضاء الحديث هو اآلخر قد تبنى االتجاه الفقهي األخير القائل بإم

استبعاد الجزء المخالف للنظام العام واالحتفاظ بباقي األجزاء األخرى التي ال تتنافى

.والنظام العام لدولة القاضي

1943نوفمبر 18محكمة النقض الفرنسية، إثر حكمها الصادر بتاريخ إن

قد عدلت عن رأيها، وقررت أن استبعاد )Filiation naturelle(المتعلق بالبنوة الطبيعية

القانون األجنبي المختص باسم النظام العام الفرنسي ال يكون بصفة شمولية وإنما

تقتضي الرجوع إلى تطبيق النصوص األجنبية األخرى المتعلقة بالبنوة الطبيعية التي ال

.)2(تتنافى مع النظام العام الفرنسي

يتعلق بعدم 1964آخر اصدرته في سنة وهو نفس االتجاه أخذت به في حكم

ارث المسلم غير المسلم في الشريعة االسالمية، فاستبعدت النصوص المتعلقة بعدم ارث

المسلم غير المسلم وهي القاعدة المعمول بها في الشريعة االسالمية ولكنها لم تستبعد

.)3(النصوص المتعلقة باألنصبة المقررة في الشريعة االسالمية

اير القضاء المصري نفس االتجاه بعدم استبعاد القانون األجنبي برمته كما س

ال يجوز تطبيق أحكام ": م التي تنص على أنه.م.ق 28حسب ما جاء في نص المادة

                                                            

. 202، ص السابق المرجعهشام علي صادق، - )1(2 - H. Batiffol et P. Lagarde, Droit inter. privé, ed. 1981, P 442. Dans cette hypothèse, l'ordre public Français exige simplement l'élimination de l'incapacité mais n'impose nullement la substitution de la loi française à la loi musulmane en ce qui concerne le calcul des parts heritaires de chacun des ayants droits en se sens.

.187نقال عن بلمامي عمر، المرجع السابق، ص - .200أنظر هذه القضية مشار إليها كذلك في مؤلف محند اسعد، المرجع السابق، - )3(

Page 228: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

227  

قانون أجنبي عينته النصوص السابقة إذا كانت هذه األحكام مخالفة للنظام العام أو

."اآلداب العامة في مصر

ويتضح من هذا النص عدم جواز تطبيق األحكام التي تخالف النظام العام وليس

" هشام على صادق"قول الدكتور كما يالقانون األجنبي برمته، وفي العمل بغير ذلك

تعطيل لغايات القانون المصري من تعيين القانون األجنبي الواجب التطبيق لمجرد

لنظام العام واآلداب العامة، كما أن تجاهل احتواء القانون األجنبي على نص يخالف ا

القانون األجنبي بكامله يعطل ما أراده المشرع الحرص على اعمال القانون األجنبي في

ينها مع استثناءها باستثناء ال يقبل التوسع أو القياس مما قد يتعارض الحاالت التي يع

. )1(مع النظام العام المصري من أحكام هذا القانون

دث، أن يتبين للقاضي أن بقية أجزاء القانون األجنبي مرتبطة ارتباطا وقد يح

وثيقا بالجزء المخالف للنظام العام بحيث يصبح من المتعذر عليه االكتفاء باالستبعاد

الجزئي لهذا النص دون بقية األجزاء، فال مناص في هذه الحالة من استبعاد القانون

. )2(وضرورة تطبيق قانون القاضي بدال منه .األجنبي برمته وإحالل قانون القاضي

ومثال هذه الحالة، أن يكون قانون جنسية الزوجين يمنع الزواج بين زوجين مختلفي

إبرام زواجهما في الجزائر ألن النظام العام ن اللون فال يمكن أن يحول هذا القانون دو

ئري نزاع يتعلق فيها يستبعد تطبيقه عليهما، وإذا طرح مستقبال على القاضي الجزا

بآثار هذا الزواج فينبغي عليه استبعاد القانون األجنبي المختص كليا ألنه من غير

المعقول أن يطبق هذا القانون على آثار زواج يعد باطال وفقا ألحكامه، وذلك حتى في

الفرض الذي ال يتعارض فيه القانون األجنبي بالنسبة آلثار الزواج مع مقتضيات النظام

. الجزائريالعام

كما رأينا على إحالل قانون القاضي محل القانون األجنبي، 24وقد نصت المادة

فالنظام العام لدولة القاضي هو المعيار الكاشف لمدى اعتبار القانون األجنبي غير

مقبول وغير مطابق وبالتالي يتم استبعاده، وحتى في حالة غياب تعريف للنظام العام،                                                             

.329علي هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )1( .202المرجع نفسه، ص علي هشام علي صادق، - )2(

Page 229: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

228  

تتناسب مع النزاع الدولي الخاص،من بينها اعتبارات القانون ثم اقتراح معايير

الطبيعي، حيث يرى أحد الفقهاء أن أول مهمة للنظام العام هي الدفاع عن مبادئ

.)1(القانون الطبيعي

فالنظام العام في الشريعة اإلسالمية باعتبارها المصدر األصلي لقانون األسرة

سلمين دون غيرهم، فحرية الديانة مكفولة في الجزائري ومفهومه ينصرف فقط إلى الم

من 31الشريعة اإلسالمية وكفالتها تعتبر من النظام العام، وبالتالي يمكن اعتبار المادة

قانون األسرة التي تحرم زواج المسلمة من غير مسلم متعلقة بالنظام العام وفي هذه

24/1لمختص وفقا للمادة الحالة يمتنع القاضي الجزائري من تطبيق القانون الشخصي ا

قانون مدني ويمكن القول أنه في عالقة الزواج المختلط تتميز بكون أحكامها آمرة

ومستخلصة من التصورات األخالقية واالجتماعية والدينية وحتى اإلنسانية، مما يصعب

من تحديد إطار النظام العام وما يعتبر من النظام العام الدولي، فالنظام العام يفترض

غياب التناسق القانوني بين القانون األجنبي الواجب التطبيق وقانون القاضي وهو الذي

ومن األمثلة التي نوردها في هذا الصدد قاعدة التنازع بتحديد القانون . يبرر تدخله

التي تمنح االختصاص لتطبيق ) 12/2المادة (الواجب التطبيق فيما يتعلق بالطالق

الزوجة األجنبية غير المسلمة المتزوجة بمسلم، حتى ولو قانون الزوج قد تمس بمركز

كان غير جزائري ألنها ستخضع للشريعة اإلسالمية أما فيما يتعلق بمسألة االعتراف

بالزواج المتعدد، اعترف القانون الفرنسي ببعض آثار هذا الزواج المبرم بدون غش في

ية يعترف بالتعدد، إال إذا الخارج عندما يكون الزوجان ينتميان لنظام أحوال شخص

كانت الزوجة فرنسية، حيث أقرت محكمة النقض الفرنسية أن النظام العام الفرنسي

يعارض كل زواج ثاني تم في الخارج من طرف شخص ال يزال متزوجا بفرنسية

 . )2(حيث ال ينتج آثاره في مواجهتها

ط لتطبيق أحكام والمالحظ أن القاضي الجزائري عليه أن يراعي الديانة كضاب

الشريعة االسالمية في اعتقادي ال يمكن أن يطبقها على غير المسلمين إال إذا تعلق                                                             1 - H. Batiffol, Aspects philosophiques du droit inter. privé, Dalloz, Paris, 2002, P 160. 2- Arrêt n° 1231 du 3 juillet 2001, cour de cassation, Première chambre civile, président M Lemontey.

Page 230: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

229  

األمر بمبادئ مشتركة بين الدول، وفي هذا الصدد ذهب القضاء المغربي إلى تطبيق

أحكام القانون الطبيعي على األجانب لمواجهة المنازعات المتعلقة بحالة األشخاص

استقر ) قانون القاضي(ه نظرا لصعوبة تطبيق النصوص الوطنية األجانب، حيث أن

، فتعين العام القضاء على أنه إذا تعارض القانون األجنبي المختص مع اعتبارات النظام

على القاضي استبعاده ويحكم بمبادئ القانون الطبيعي لسد الفراغ الناتج عن هذا الدفع،

.)1(ا للعدالةويتصدى للفصل في النزاع حتى ال يكون منكر

ويترتب على استبعاد تطبيق القانون األجنبي تطبيق قانون القاضي الذي يختلف

عن القانون الشخصي لألطراف من ناحية المصدر والحكم، وينتج عن ذلك االعتراف

لعالقة غير شرعية، وعدم االعتراف بعالقة صحيحة حسب القانون الشخصي، كعدم

ضي الفرنسي يعترف بعالقة المعاشرة التي تعتبر عالقة فالقا. االعتراف بتعدد الزوجات

غير شرعية في نظر القانون الجزائري، كما يرفض االعتراف بحكم الطالق باإلرادة

المنفردة، وهكذا تظهر لنا خصوصية النظام العام في هذا المجال، ومدى ارتباطها

مكن أن يدرأ إال بإبرام بالنظام العام الدولي، واالختالف بين األنظمة القانونية ال ي

غير أن الرأي الراجح مستقر على . اتفاقيات دولية تراعي فيها مصالح األفراد والدول

وجود نظام عام وطني واحد يسري على جميع العالقات الداخلية والدولية وله مفهوما

واحدا ما دام يعبر عن المقومات األساسية للدولة واألسس التي تهدف إلى حماية

رغم . ا العامة العليا، وحسب هذا الرأي ال يتصور وجود نظام عام دوليمصالحه

. وجود مبادئ أساسية تشترك فيها بعض دول العالم

النظام العاميد مبدأ قيت: الفرع األول

كما سبق الذكر أن األصل هو تطبيق القانون األجنبي الذي أشارت إليه قاعدة

األصل ليس مطلقا، بل هو مقيد بعدم تعارض اإلسناد في قانون القاضي غير أن هذا

القانون األجنبي المختص مع مقتضيات النظام العام لدولة القاضي، وكما سبقت اإلشارة

كذلك أعاله فإن األثر السلبي للنظام العام، وإن كان الهدف منه حماية األسس الجوهرية                                                             

هشام علي صادق، حفيظة الحداد، القانون الدولي الخاص، الكتاب الثاني، تنازع - )1( .217، ص 1999القوانين، دار الفكر الجامعي، االسكندرية،

Page 231: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

230  

ازع القوانين، وهنا يبرز والمبادئ األساسية لمجتمع القاضي، فإنه ال يكفي لحل آلية تن

.دور القاضي في سد الفراغ التشريعي الناجم عن هذا األثر حتى ال يكون منكرا للعدالة

إن إعمال النظام العام يؤدي إلى استبعاد القانون األجنبي وإحالل قانون القاضي

ية ي ناهعدة النظام العام في بلد القاضمحله يمثل األثر االيجابي أو السلبي، فإذا كانت قا

.)1(فيتخذ في هذا الشأن موقفا ناهيا ويعبر الفقهاء عن هذا الموقف بالموقف السلبي

فيويؤدي حلول قانون القاضي في هذه الحالة منع إنشاء الحق المطالب به،

النظام العام الوطني، كما يتخذ موقفا آمرا إذا كانت قاعدة النظام العام آمرة ويعبر

بعض الفقهاء عن هذا الموقف بالموقف االيجابي كان يتقدم زوجان يونانيان مقيمان

بالجزائر بطلب عقد زواجهما في الشكل الديني المقرر في قانون جنسيتهما، فيستبعد

ظام العام في الجزائر ولكن يعقد زواجهما في الشكل المدني هذا القانون لمخالفته للن

المعمول به في هذا البلد، ويؤدي إحالل قانون القاضي على هذا النحو إلى إنشاء الحق

المطالب به لكن طبقا لمقتضيات النظام العام، كمنع غير المسلم من الحصول على

. غير المسلمنصيب من ميراث شقيقه المسلم، أو منع زواج المسلمة ب

والواقع أن القاضي لما يستبعد حكم القانون األجنبي في هذه الحالة وال يسمح

بنشوء العالقة يكون قد طبق قانونه الوطني الذي ال يسمح بمثل هذا الزواج فقد رأى

.)2(هذا االتجاه أن أثر النظام العام قد يرتب أثرا سلبيا فقط في مثل هذه الحالة

النظام العام في كل من فرنسا ومصر والجزائر تعد مسألة بالرغم من أن فكرة

موضوعية وأوأكد، مع جانب آخر من الفقه أن األثر السلبي في حقيقة األمر أن يقترن

دائما بأثر إيجابي، فاستبعاد القانون األجنبي المخالف للنظام العام كما ذكرنا سابقا، ال

بحكم عالقاتهم، وهذا المنع أو .يعنى منه سوى عدم منع الخصوم من التمسك به

                                                             .281زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )1( )Raape(ويقول في هذا الشأن االستاذ االلماني . 204هشام علي صادق، المرجع السابق،ص - )2(

استبعد الصطدامه بالنظام العام لدولة القاضي، وهذا ثار أي مشكل فالقانون األجنبي قد ال ي . يكفي، فال وجود لضرورة احالل قانون القاضي أو قانون آخر محله في هذه الحالة

.162نقال عن بلمامي عمر، المرجع السابق، ص

Page 232: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

231  

االستبعاد غير كاف لنشوء الحق أو إبطاله كمنع التوارث، ولهذا فإن غالبية الفقه يسلم

آخر محل القانون األجنبي ) يمنع زواج بين مسلمة وغير مسلم(بضرورة تعيين قانون

الذي المختص الذي تم بموجبه تحريم قيام الحق أو منع نشوئه، وكذا النص التشريعي

أسس عليه هذا الحكم، ويكون في هذه الحالة قد طبق قانونه الذي ال يسمح بمثل هذا

 .)1(الزواج أو العالقة

ويرجع سبب اختالف أثر النظام العام في الحالتين إلى كون الشعور العام في

دولة القاضي ال يتأثر إزاء مركز قانوني تم نشوئه في الخارج بنفس القدر الذي يتأثر

الرأي العام إذا ما أريد إنشاء نفس المركز القانوني أو العالقة القانونية داخل اقليم به

.دولة القاضي

وإذا كان األثر المخفف للنظام العام يقلل من صرامة الدفع بالنظام العام ويسمح

للقانون األجنبي باالمتداد إلى دولة القاضي وباإلقرار للحقوق المكتسبة وآخذا بعين

ار استقرار المراكز القانونية والمعامالت الدولية، إال أنه قد يسترجع النظام العام االعتب

دوره مجددا في الحاالت الخطيرة بما يمنح للقضاء سلطة تقديرية واسعة في تقدير

.مقتضيات النظام العام على هدى مقتضيات المصلحة العامة

اكتسب في الخارج وقد عمد القضاء الجزائري إلى عدم االعتراف بأثر حق

حسب قانون أجنبي إعماال ألثر الدفع بالنظام العام، ومن ذلك ما قضت به المحكمة

.1984جوان 23العليا في قرارها بتاريخ

:جاء في هذا القرار األول

المحكوم بها في نفس %12حيث أن الحكم بدفع الفائدة المتفق عليها المقدر ب "

متعارض مع 1972جوان 20المؤرخ في ) فرنسا(الحكم الصادر عن محكمة بوفييه

من القانون المدني الجزائري التي تنص على أن القرض بين 454مقتضيات المادة

                                                             فكرة التمييز بين األثر االيجابي واألثر د انتقد وق. 180بلقاسم، المرجع السابق، ص أعراب - )1(

على اساس أن أثر النظام العام يكون دائما نظام العام من طرف الفقه الحديث،السلبي لل .161ايجابيا، نقال عن بلمامي عمر، المرجع السابق، ص

Page 233: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

232  

األفراد يكون دائما بدون أجر ويقع باطال كل نص يخالف ذلك، وأنه كان على المجلس

محكوم به القضائي بتيزي وزو االمتناع عن منح الصيغة التنفيذية لهذا الجانب ما هو

.)1(عليه

:13/11/1988جاء في القرار الثاني بتاريخ

حيث يعتبر المشرع الجزائري أن فكرة الفوائد هي مخالفة للنظام العام، وما "

يستخلص من عناصر الملف أن القرار الصادر حكم على المؤسسة المدعية في الطعن

الفوائد القانونية ف بل أداء.ف 458000ليس فقط بدفع المبلغ األصلي المقدر ب

.أيضا

حيث أن القرار الصادر يكرس صحة قرار أجنبي حتى في أحكامه التي تصطدم

وتخالف النظام العام الجزائري، وعليه فالقرار كان صادرا خرقا للقانون، مما يعرضه

.)2(للنقض من هذه الوجهة وعليه فالوجه الثاني كان مؤسسا

في هذه الحالة الستبعاد القانون األجنبي لمخالفته وبالتالي فإن النظام العام يستعمل

.ألحكامه

م ولم يرجع إلى .من ق 454حيث لجأت المحكمة العليا في القضية األولى إلى المادة

م فالغرض منها كان اقتصادي هو حماية المجتمع .ق 454ألن المادة . م.ق 24المادة

المدين وبالتالي فإن النظام العام من المشاكل التي تنجر عن استعمال حق الدائن اتجاه

في هذه الحالة تستعمل الستبعاد القانون األجنبي لمخالفته للقانون الجزائري، وكان عليه

وما قام به أنه استخلص أن المشرع قد منع . أن يؤسس قراره بالرجوع إلى المادتين

.فوائد بين األفراد

                                                             ، قضية س ضد ب 23/06/1984، قرار بتاريخ 32463أنظر، المجلس األعلى، ملف رقم - )1(

.152، 149، العدد األول، ص 1989وزوجته، المجلة القضائية، س ، قضية المقاولة 13/11/1988قرار بتاريخ 51066أنظر المجلس األعلى، ملف رقم - )2(

.97- 95، ص 3، عدد 1990 لألشغال ضد ش ف، المجلة القضائيةالعمومية

Page 234: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

233  

من " ليا بصدد موانع االرث جاء في قرار صادر عن المحكمة الع: القرار الثالث

المقرر قانونا أن يرجع القاضي ألحكام الشريعة االسالمية في كل ما لم يرد فيه نص

من قانون األسرة، ومن الثابت شرعا أن ال يرث الكافر المسلم وال المسلم الكافر وال

ما ولما تبين من قضية الحال، أن الطاعن لم يعتنق االسالم. يتوارث أهل ملتين شيئا

دام لم يتلفظ بالشهادتين أمام الجهة المؤهلة لذلك إال بعد وفاة أمه المسلمة فإنه ال توارث

.)1(بينهما، مثلما ذهب إليه قضاة الموضوع في قرارهم يتعين بذلك رفض الطعن

إن االشكال المطروح في هذه القضية يتعلق بتوارث بين مسلمة وغير مسلم،

.أو جزائري فإن الحل واحدكان الشخص الغير مسلم أجنبي

، غير أن 138، 135، 128: حدد قانون االسرة موانع االرث في عدة مواد

من 222المانع الخاص بالكفر غير منصوص عليه، لذا لجأت المحكمة العليا إلى المادة

ن يرجع فيه إلى أحكام كل ما يرد الص عليه في هذا القانو:" قانون األسرة التي تنص

".سالميةالشريعة اإل

الفقرة الثانية من القانون المدني محكمة أن ترجع إلى المادة االولىمكان الكان بإ

وإذا لم يوجد نص تشريعي حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة :" التي تنص

.....".االسالمية

يرث الكافر المسلم وال المسلم ال:"لذا استندت المحكمة العليا إلى الحديث القائل

".ال يتوارث أهل الملتين شيئاالكافر و

ولما ثبت في قضية الحال أن االبن لم يسلم قبل وفاة أمه، فال يحق له أن يرثها

. إن الشريعة االسالمية هي التي تعتبر نظاما عاما بالتالي فاألساس هنا يكون دينيا

:القرار الرابع

                                                             ، قضية ال ص ضد ال م 27/7/1995، قرار بتاريخ 123051انظر المحكمة العليا، ملف رقم - )1(

.116-113، العدد األول، ص 1996ومن معه، المجلة القضائية،

Page 235: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

234  

ن بنقض قرار صادر ع 1990أكتوبر 17كذلك قضت المحكمة العليا في

في قضية تتلخص وقائعها أن زوجا مسلما من 1987فبراير 14مجلس بجاية في

، وكان 1956أصل جزائري كان قد أوصى بكافة تركته لزوجته تم توفي الزوج سنة

الزوج قد أعلن في الوصية المحررة اختياره تطبيق القانون الفرنسي على وصيته بدال

منه التي 189يعة اإلسالمية والسيما المادة من القانون الساري على األهالي وهو الشر

تقضي ببطالن الوصية لوارث، وجاء في حيثيات قرار المحكمة العليا أن المجلس قد

أخطأ في تطبيق القانون وخالف مبادئ الشريعة اإلسالمية في الجزائر حتى في عهد

ألنه وأن شرط تطبيق القانون الفرنسي شرط ملغى 1952االستعمار الفرنسي سنة

.)1(مخالف للشريعة اإلسالمية

من القانون المدني الجزائري 24ونرى أن هذا الحكم ينطبق على نص المادة

كذلك ألن الحكمة التي أرادها المشرع من هذه المادة، هي استبعاد النصوص التي

تتعارض مع النظام العام أو اآلداب، وليس استبعاد القانون األجنبي في حد ذاته، اللهم

ال إذا كان هذا القانون يتعارض في مجموعه مع النظام العام، أو كان الجزء الباقي منه إ

ليست له أهمية بالمقارنة مع النصوص المستبعدة، ففي هذه الحالة فقط ال مناص من

استبعاد القانون األجنبي بكامله، ويتفق هذا مع وظيفة النظام العام في القانون الدولي

ه كما رأينا سابقا استثنائية تقوم بالقدر الضروري للحفاظ على الخاص، إذ أن وظيفت

األسس الجوهرية التي يقوم عليها كيان مجتمع القاضي فإذا كانت بعض نصوص

القانون األجنبي ال تناقض هذه األسس فال تدعو الحاجة أو الضرورة إلى استبعادها،

ة بفكرة النظام العام وإنما ولذلك قيل بأنه ليس القانون األجنبي هو الذي يصطدم عاد

. )2(تطبيق بعض أحكام هذا القانون في حاالت معينة هو الذي يتعارض مع هذه الفكرة

بنقض وإبطال القرار الصادر 10/02/1996كذلك قضت المحكمة العليا بتاريخ

، وكما يتضح منه أن وقائع وإجراءات النزاع 1991اكتوبر 2من مجلس باتنة بتاريخ

                                                             .286زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )1( .127، ص 1986هشام علي صادق، دروس في القانون الدولي الخاص، طبعة - )2(

Page 236: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

235  

إثر حادث مرور وقع في ليبيا ويبدو أن ) م.ج( وفاة شخص جزائري تتلخص في

جزائرية أيضا، رفعت الدعوى المدنية مستقلة أمام ) ن ص(جنسية المتسبب في الحادث

بتعويضات مدنية وهذا ) أرملة المتوفي وأوالده( محكمة باتنة التي حكمت للمدعين

.1990جوان 24بتاريخ

ساس أنه جنحة حسب القانون الجزائري وهي كذلك إن حادث الوفاة يكيف على أ

من قانون اإلجراءات الجزائية 583وطبقا للمادة . أيضا في القانون الليبي محل وقوعها

الجزائري تجوز المتابعة بشأنها أمام القضاء الجزائري إال إذا أثبت المتهم طبقا للمادة

ج، وأثبت في حالة اإلدانة أنه من ق إ الجزائري أنه حكم عليه نهائيا في الخار 582/2

. قضى العقوبة أو سقطت عنه بالتقادم أو حصل على العفو منها

يجوز أن ترفع الدعوى ) ج.ا.من ق 4و 3المادتان (وطبقا للقواعد العامة

.المدنية بالتبعية مع الدعوى الجزائية أو منفصلة

ة للعالقات من ق ا ج هذا إجراء صحيح ولكن بالنسب 4و 3فطبقا للمادتين

في هذه األخيرة قواعد االختصاص القضائي المعيارية المعتمدة . الداخلية وليس الدولية

في القانون المقارن تسند االختصاص إلى محاكم الدول التي وقع فيها الفعل الضار،

مع التحفظ (وبالتالي المفروض أن يؤول االختصاص القضائي أصال إلى القضاء الليبي

في هذا الشأن واتفاقية ) 1970اتفاقية (اقية التعاون القضائي بين البلدين ما قضت به اتف

الخاصة بالتعاون القانوني والقضائي بين دول اتحاد 1991التعاون رأس النوف لسنة

).المغرب العربي ولم تشر إليهما المحكمة

الجدير بالذكر أن القانون الجزائري ال يتضمن قاعدة إسناد خاصة باالختصاص

من قانون اإلجراءات 39/2لقضائي الدولي في هذا الشأن وبالتالي تطبيق المادة ا

).من ق إ م السابق 9المادة (المدنية واإلدارية

Page 237: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

236  

المحكمة استبعدت اختصاص قضاء ولكن يتضح من القرار محل الطعن أن

ه الدولة التي وقع على إقليمها الحادث بسبب كون قانونها ال يمنح تعويضا في مثل هذ

.الحالة

ولذلك فالمرافعة أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن

المدعى عليه أو مسكنه تكون صحيحة، إن استبعاد اختصاص القضاء األجنبي أساسه

المخالفة للنظام العام إذن اختصاص القضاء الجزائري صحيحا عمال بمبدأ النظام العام،

.سية ما دام المتسبب في الضرر والمتضرر جزائريينزيادة عن قاعدة امتياز الجن

من القانون المدني 20/1حتى ولو تعلق األمر بجنحة جزائية فعمال بالمادة

الليبي بالنسبة للتعويضات المدنية هو قانون محل وقوع الفعل المنشئ لاللتزام غير

السير فيستبعد التعاقدي، ولكن هذا األخير كما ورد سابقا ال يمنح تعويضا عن حوادث

مدني جزائري باسم المخالفة للنظام العام ويطبق محله القانون 24طبقا للمادة

. )1()مدني 20المادة (الجزائري

وهكذا يتضح لنا أن مقتضيات النظام العام تلزم إحالل قانون القاضي محل

سواء في القانون األجنبي الواجب التطبيق على النزاع بحكم الحق أو المركز القانوني

مرحلة نشوئه أو في المرحلة التي يراد نفاذه إن اكتسب في الخارج، وعليه ال يمكن

التمسك في بلد القاضي بآثاره، فال يسوغ أن يفرض أي قانون أجنبي على دولة مخالفة

النظام العام فيها حتى ولو كان هذا القانون مقيد بموجب اتفاقية وقعت عليها دولة

).انيالفرع الث(القاضي

تقييد المعاهدة ألثر النظام العام مدى: الفرع الثاني

رغم أن النظام العام في عمق تحليله، يعد فكرة تستهدف صيانة كيان المجتمع

الوطني ورعاية األسس القانونية والمصالح الجوهرية لهذا المجتمع، إذ أن نسبية وتغير                                                             

المجلة ) ن ص( ضد ) أرملة ح م( ، قضية 10/01/1996قرار بتاريخ 126986ملف رقم - )1( .89، ص 1، عدد 1996القضائية سنة نقال عن زروتي الطيب، اجتهاد القضاء الجزائري في ميدان القانون الدولي الخاص، معلقا .118إلى 112عليه، ص

Page 238: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

237  

زمن آلخر، وما يترتب عن ذلك األفكار المرتبطة بالنظام العام من مجتمع آلخر ومن

من اختالف في تحديدها وضبطها من دولة ألخرى، وهذا االختالف في المفاهيم

واألفكار

القانونية قد ينعكس سلبا على االتفاقيات المبرمة بين الدول إلى عدم االلتزام بها

، )1(وقوة نفاذهابسبب مخالفتها للنظام العام إلحدى الدول المتعاقدة، فتفقد بالتالي أهميتها

ولذلك سأركز دراستي من خالل تلك االتفاقيات على مدى إمكانية إثارة الدفع بالنظام

إما بقواعدها المادية أو األجنبي المعين بموجب معاهدة دوليةالعام ضد تطبيق القانون

قواعد اإلسناد فيها، وبعبارة أخرى ما هو الحكم إذا كانت قاعدة اإلسناد المطلوب من

 .قاضي تطبيقها قد تقررت بمقتضى اتفاقية دولية تخالف النظام العام السائد في دولتهال

دولية لوضع القانون األجنبي عادة ما تتنبه الدول عند إبرامها لالتفاقيات ال

ب التطبيق بمقتضى هذه األخيرة وأثرها على النظام العام، ولتالفي هذه المشكلة جالوا

وذلك بإدراج نص صريح في االتفاقية يقضي بتغليب أحد تتخذ موقفا صريحا مسبقا

المبدأين على اآلخر، يتمثل في التزام القاضي بمقتضى االتفاقية الدولية التي وقعت

عليها دولته بشأن قاعدة اإلسناد المنصوص عليها فيها آو عدم إمكان تطبيق القاضي

اعتبارات النظام العام في الوطني للقانون األجنبي، إذا كان هذا القانون يتعارض مع

.دولته أي تغليب النظام العام على االتفاقية

فإذا اتفق على تغليب النظام العام، فال يثور أي إشكال في هذه الحالة بين الدول

الموقعة على االتفاقية، فكلما قدر أحد قضائها المعروض عليه النزاع تعارض القاعدة

اعتبارات النظام العام لدولة القاضي كان له الموضوعية الواردة في االتفاقية مع

استنادا إلى التحفظ الوارد في المعاهدة ذاتها، )2(استبعادها وإحالل قانونه الوطني محلها

فهناك اتفاقيات عديدة نصت على ترك الحرية للدول الموقعة على االتفاقية في االحتفاظ

المبادئ األساسية لدولة القاضي بحقها بالدفع بالنظام العام، إذا تعارضت نصوصها مع                                                            (1)- Frances cakis Phocion, V° ordre public, Répertoire international, Dalloz, (1969), n°113, P 506.

بلمامي عمر، أثر االتفاقيات الدولية في إعمال فكرة النظام العام، المجلة الجزائرية للعلوم - )2( .189، ص 19951رقم 33القانونية واالقتصادية واالجتماعية، الجزء

Page 239: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

238  

، نذكر منها )1(على أن تكون أحكام المعاهدة غير موافقة للنظام العام بصفة ظاهرة

والمعدلة والمكملة 1963مارس 15االتفاقية المبرمة بين الجزائر وفرنسا المؤرخة في

، والسيما المادة التاسعة من 1969جانفي 15ببروتوكول ملحق وقع عليه في

بروتوكول الملحق فيما يخص األحوال الشخصية ومسائل الميراث على أن القانون ال

الواجب التطبيق في هذه المسائل يكون القانون الوطني لكل من الدولتين مع مراعاة

. )2(النظام العام للبلدين

أوت 28كما تضمنت االتفاقية المبرمة بين الجزائر وفرنسا والمؤرخة في

المتضمن 1965جوان29المؤرخ في 194-65ليها باألمر ، والمصادق ع1962

المصادقة على االتفاقية المتعلقة بتنفيذ األحكام وتسليم المجرمين التي تضمنت شرط

أال يتضمن القرار ما يخالف :" االحتفاظ بالنظام العام في البلدين في المادة الرابعة منها

المطبقة في تلك رار أو لمبادئ الحقوق القة لتنفيذ لنظام العام الخاص بالدولة المعنيا

.)3("الدولة

إذا كانت بعض االتفاقيات تنص صراحة على ترك االحتفاظ بالنظام العام لكل

دولة موقعة عليها قد تشير االتفاقية إلى التحفظ بحقها في إعمال الدفع بالنظام العام لكن

ما أشارت إليه اتفاقية بصفة ضمنية إذا لم ينص على استثنائية في المعاهدة، وهذا

سنة " الهاي"التي انعقدت في )4(مشروع تسوية المنازعات المتعلقة بالميراث

clause de réserve(، حيث أشارت إلى الشرط التحفظي العام 1928و1925

générale( أو النظام العام، فأعطت الحق لكل دولة عضوة في هذه االتفاقية أن تحتفظ ،

كما أدرج شرط . العام إذا رأت نصوصها تتعارض مع النظام العامبما يعتبر من النظام

والمتعلقة بإشهار 1976االحتفاظ بالنظام العام أيضا في اتفاقية الهاي المبرمة في سنة

الزواج الصحيح واالعتراف به، ومن المعروف أن مثل هذه المواضيع يكثر فيها

                                                            (1)- Frances cakis Phocion, op.cit, n°117, P 506.

.233بلمامي عمر، المرجع السابق، ص - )2( .234، ص المرجع السابقبلمامي عمر، - )3(

4-Jack-Maury : L’évolution de la loi normalement compétente, L’ordre public et la fraude à la loi, ed. 1952, P 126.

Page 240: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

239  

طنية نظرا الختالف مفاهيم الزواج التمسك بالدفع بالنظام العام من قبل المحاكم الو

فهناك الزواج الذي يتم في شكل ديني وآخر في شكل مدني، . وتباين أنظمته في الدول

ولكل من هذين النوعين يتضمن عادات وتقاليد تؤدي إلى اختالفات في تحديد القانون

.الواجب التطبيق عندما يتعلق األمر بتنازع القوانين

1968جوان 17المؤرخة في " ة المجلس األوروبياتفاقي"كما أشارت أيضا

منها على 11المتضمنة االتفاق على طلب االطالع على القانون األجنبي فنصت المادة

الدولة المطلوب منها إعطاء معلومات عن قانونها يمكن أن ترفض ذلك إذا رأت :" أن

أو إذا رأت أن ها يمس بمصالحهاات تتعلق بالمنازعة المطروحة أساسأن إعطاء معلوم

فبالرغم أنه لم يورد اصطالح ". اإلجابة على ذلك من شأنها أن يخل بسيادتها وأمنها

النظام العام في هذه االتفاقية إال أن مفاهيم األمن والسيادة والمصلحة تعكس النظام العام

، 1928فيهاوقد ورد كذلك في معاهدة الصداقة واإلقامة بين مصر وإيران المنعقدة سنة

بحقها في إدراج الشرط التحفظي وقد نص في 1937ومعاهدة بين مصر وتركيا سنة

المعاهدتين على أن يطبق في مسائل األحوال الشخصية أحكام المتقاضين في كل من

الدولتين مع عدم اإلخالل بالقواعد المتعلقة بالنظام العام وقد أصدرت المحكمة العليا

امتنعت فيه عن تطبيق القانون التركي الذي حكما 1946الشرعية في مصر بتاريخ

يقضي بتوريث ذوي األرحام مع ذوي العصبات لمخالفة ذلك للنظام العام المصري

.الذي يطبق الشريعة اإلسالمية فيما يخص المواريث

هكذا أصبحت جل االتفاقيات الحديثة تشير إلى أن إعمال القانون المختص

ة النظام العام عند التوقيع أو االنضمام إليها فقد نصت بموجب االتفاقية مقيد بعدم مخالف

1958جوان10االتفاقية التي صادق عليها مؤتمر األمم المتحدة في نيويورك بتاريخ

والخاصة باعتمادات القرارات التحكيمية األجنبية وتنفيذها في الفقرة الثانية من مادتها

". النظام العام في هذا البلداعتماد القرار أو تنفيذه قد يخالف :"الخامسة أن

ومما سبق يتضح أن اعتماد الشرط التحفظي للنظام العام الذي تعتبره كل الدول

الموقعة على كل من هذه االتفاقيات بصورها الثالثة متعلقا بمصالحها العليا األساسية

Page 241: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

240  

دي وبالتالي تكون قد حرصت على حماية نظامها العام ضد أي اتفاقية من شأنها أن تؤ

إلى المساس بمبادئها وأسسها الجوهرية سواء بأحكامها هي أم أحكام قانون أجنبي

وبالتالي تكون هذه الدول قد فتحت مجاال لتطبيق ،حددته قاعدة اإلسناد الواردة فيها

قوانينها الوطنية في حدود مقتضيات نظامها العام، لكن نجد على العكس من ذلك قد

نص صراحة على عدم إعمال الدفع بالنظام العام ضد توقع الدول على اتفاقيات ت

أحكامها حتى ولو تعارضت مع اعتبارات النظام العام لدولة القاضي وحينئذ فال يجوز

ع ام القانون األجنبي بحجة أنه يتعارض مللقاضي الوطني االمتناع عن تطبيق أحك

ام الداخلي لهذه الدول، ، وبمعنى أوضح فإنه ال يعتد بالنظام الع)1(النظام العام لدولته

غير أن هذا الفرض لم ينل إجماعا فقهيا بل يعارضه جانب كبير من الفقه بالرغم من

االتفاق الصريح على عدم االلتجاء إلى استخدام الدفع بالنظام العام ضد قوانين االتفاقية

ة التي ذلك باعتباره ممثال للمجتمع ومدركا في نفس الوقت للمفاهيم األساسية والجوهري

، الواقع أن هذا الرأي يتماشى ووظيفة )2(ال يمكن المساس بها في أي حال من األحوال

ال يسوغ :" النظام العام في المجتمع، وهو ما ذهب إليه أستاذنا علي علي سليمان قائال

، فالدولة التي )3(لنظام العام فيهاعاهدة على دولة إذا كانت مخالفة لأن نفرض أية م

فقد مصداقيتها وفعاليتها بين الدول بانتهاك أسس النظام العام فيها ت ألجنبيةتسمح للنظم ا

.)4(في نظرتها لما يعتبر من النظام العام

الواقع إن فكرة النظام العام هي مسألة ضمنية في كل دولة من الدول الموقعة

.على المعاهدة وبالتالي ال يحتاج إلى النص عليها فيها

وفي تقديري أن هذا الرأي يتماشى مع وظيفة النظام العام في المجتمع فهو من

المبادئ العامة المستقرة فهو شرط ضمني إذا لم ينص على استثنائه في االتفاقية وهو

                                                             1981أوت سنة 10من االتفاقية المبرمة بين المغرب وفرنسا في 04فقد نصت المادة - )1(

أن قانون البلدين :" القضائي على ما يليحوال الشخصية والعائلية والتعاون والمتضمنة األ المعين بواسطة هذه االتفاقية ال يمكن استبعاده من طرف السلطة القضائية للبلدين إذا كان تظهر

".عدم توافقه مع النظام العام .180بلمامي عمر،أثر االتفاقيات الدولية في إعمال فكرة النظام العام، المرجع السابق، ص - )2( .156علي علي سليمان، المرجع السابق، ص - )3( .179بلمامي عمر، المرجع السابق، ص - )4(

Page 242: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

241  

، كما أن استخدام الدفع بالنظام العام في حاالت )Maury)1ما ذهب إليه كذلك الفقيه

تالف الدولة المراد تطبيق قانونها فهو يعتبر تالعبا عددة كتجزئته أو اختالفه باختم

باألسس والمبادئ التي ينهض عليها كيان مجتمع القاضي، فإما أن يعد المساس بمبدأ أو

مبادئ معينة في دولة القاضي مخالفا للنظام العام وإما أن يعتبر غير مخالف للنظام

على االتفاقية )2(ة أو غير موقعةالعام تجاه جميع الدول سواء كانت موقعة على المعاهد

. فالنظام العام كما سبق وأن رأينا يتسم بطابع العمومية والوحدة

بتحفظات منها عدم مخالفة هذه االتفاقية )3(وقد انضمت الجزائر إلى هذه االتفاقية

للنظام العام الجزائري فإنه يعتبر غير ملزم للقاضي، وعلى هذا األخير استبعاده من

.تطبيق باسم النظام العامميدان ال

وعليه فمهما كان موقف المعاهدات الدولية اتجاه الدفع بالنظام العام للدول

لقانون القاضي لصيانة وحماية األسس اقدة من تأكيد االختصاص االستثنائيالمتع

صاصه الجوهرية التي يقوم عليها مجتمع القاضي فإن قانون القاضي يحتفظ باخت

.الضروري والكافي لحماية مقتضيات النظام العام الوطني بالقدر االستثنائي

فاعتماد الشرط التحفظي للنظام العام الذي تعتبره دولة القاضي متعلقا : وعليه

بمصالحها العليا األساسية فيجب على القاضي أن يراعي قبل إحالله خصوصية أحكام

، أن يكون متفهما لدور االتفاقية ومتطلبات المعامالت الخاصة الدولية التي تنظمها

بالقدر الالزم والكافي مبنيا على المنطق قية وأن يحتفظ باختصاصه االستثنائياالتفا

والمصلحة والضرورة لحماية مقتضيات النظام العام الوطني، كل هذه المقاييس تتطلب

من القاضي أن يكون متفهما لدور االتفاقية لذلك يجب أن يضع في اعتباره األثر الذي

ترتب على تطبيقها من الناحية العملية ذلك أن شرط التحفظ بالنظام العام في االتفاقية ي

                                                            (1)-J. Maury, l’évolution de la loi normalement compétente : l’ordre public et la fraude à la loi, ed.1952, P 110.

فؤاد عبد المنعم رياض وسامية راشد، الوجيز في القانون الدولي الخاص، الوسيط في القانون - )2( .211،ص 1974الدولي الخاص، الجزء الثاني، تنازع القوانين وتنازع االختصاص، طبعة

المتضمن االنضمام بتحفظ 05/11/1988المؤرخ في 233-88انضمت الجزائر بالمرسوم - )3( .1958إلى اتفاقية نيويورك الموقع عليها سنة

Page 243: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

242  

إذا كان تطبيقها يتعارض مع النظام العام، فللقاضي حرية التقدير في التحرر من

في األخير أن التمييز بين القانون األجنبي وقانون ،وعلى هذا النحو أشير .االلتزام بها

األخير محله في حالة تعارضه مع النظام العام في دولة القاضي القاضي وإحالل هذا

سواء كان صادرا عن إرادة مشتركة لمجموعة من الدول أو عن دولة أجنبية تشكل

ولذلك ،القائمة على مبدأ المساواة بين القانونين )1(عنصرا مشوشا آللية التنازع الطبيعية

ق األمر بمصالح جوهرية لقانون القاضي يجب اللجوء إليه بقدر الحاجة فقط عندما يتعل

جديرة بالحماية ومعرضة للخطر، وال يجب أن يستعمل النظام العام كذريعة في يد

القاضي يحركه كما شاء، يؤدي إلى شل المبادالت الدولية، وتعطيل قواعد اإلسناد

.الوطنية وانتفاء الحكمة من وجودها

المساس بمبدأ المساواة بين القانون فاألثر الرئيسي لحماية النظام العام هو

األجنبي وقانون القاضي، فالمساواة الوحيدة التي تحفظ للقانون األجنبي كيانه ومكانه في

التطبيق العملي هي معالجة المسائل الدولية بنفس الطريقة التي تعالج بها المسائل

الحالة التي يصعب شترك مع آلية اإلحالة من الدرجة األولى أوتوفي هذا . )2(الداخلية

.فيها إثبات مضمون القانون األجنبي أو وجود غش نحو القانون كما سوف نراه الحقا

هكذا وفي ضوء دراستنا لكال اآلليتين في هذا الفصل المتمثلين في فكرة اإلحالة

وفكرة النظام العام نصل إلى نتيجة هي أنه على الرغم من كونهما متفرعين عن منهج

دوج السافيني القائم على مبدأ المساواة والتعايش بين القانون األجنبي اإلسناد المز

وقانون القاضي، إال أنهما ال يلتقيان أو يتحدان مع هذا المبدأ في توزيع االختصاص

التشريعي ذلك أنهما يستأثران باالختصاص لقانون القاضي وال يمنحان أبدا القانون

قاعدة اإلسناد على حساب قانون القاضي، األجنبي فرصة استرجاع اختصاصه بموجب

خير، وبهذا تندرج ضمن بل العكس يؤدي كالهما إلى توسيع مجال تطبيق هذا األ

لتبرير تطبيق قانون القاضي وعدم تساوي كفتا ام لالختصاص االستثنائيالمفهوم الع

.القانونين من حيث إمكانية التطبيق

                                                             .H. Batiffol et P.Lagarde, op.cit,P 445‐     .270الطيب زروتي، المرجع السابق، ص - )1(

2-W. Weubler, Les conflits de lois et le principe d’égalité, R C D I P, 1963, P 525.

Page 244: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

243  

من شأنها أن تقلل L’effet atténuéإن إعمال فكرة األثر المخفف للنظام العام

من فرص التصادم بين القواعد الموضوعية الوطنية وبين النظام العام في قانون

وصورة األثر المخفف للنظام العام أال يستبعد القانون المختص األجنبي وإن ،القاضي

القاضي مخالفا بصفة جزئية لألسس الجوهرية كان الحق المراد التمسك به في بلد

للنظام القانوني لقانون القاضي ألن الحكم المقرر في قانون القاضي مغاير عن الحكم

الوارد في القانون األجنبي لكن ما دام الحق المراد التمسك به قد نشأ صحيحا في

ا لمقتضيات الخارج وأصبح مكسبا يعد واقعة من الصعب إنكارها أو تجاهلها استناد

النظام العام، مثال نظام الوقف المعمول به في القانون الجزائري مستمد من الشريعة

اإلسالمية و هو نظام غير معروف في القوانين الغربية، ومع ذلك ال يجوز للقاضي في

، كما أن هناك قاضيهذه الدول أن يستبعد آثاره بحجة المخالفة للنظام العام في قانون ال

أنه ال يجوز التمسك بحق رهن على منقول دون أن تنتقل إلى الدائن الحيازة من يرى ب

في بلد مثل الجزائر أو فرنسا حيث قانونهما ال يعرف رهن المنقول المادي دون

حيازة، بينما هو معروف في النظم القانونية االنجلوأمريكية وبالمثل نظام تعدد

مسيحية وال يسمح بإنشائه في أقاليمها الزوجات هو مخالف للنظام العام في الدول ال

ولكن يجوز التمسك أمام محاكمها بآثاره كحق الزوجة في طلب النفقة أو اإلرث فإن

ونفس األمر بالنسبة للطالق الذي . هذا األثر ليس فيه ما يمس بالنظام العام في فرنسا

.يتم بإرادة الزوج المنفردة بموجب حكم صادر من المحاكم الجزائرية

بعد دراستي للدفع بالنظام العام يتأكد بأن تطبيق القاضي لقانونه الوطني بالنظر

فإن استثناء النظام العام يمثل عامال في جلب استبدال قاعدة االسناد باالخرى إلى

لتبرير استبعاد القانون االجنبي ألن االختصاص لقانون القاضي واتساع مجال تطبيقه

من قانون القاضي على حكم هيخير المفروض تطبيقه ويوفي هذه الحالة يهمل هذا األ

المنازعات، إن النظام العام أصبح يشكل عنصرا مشوشا آللية التنازع الطبيعية التي

، وهي بهذا المعنى جنبيتسعى إلى تحقيق المساواة بين القانون الوطني والقانون األ

اختيار القانون الواجب تحجب قاعدة االسناد ذاتها وتشل حركتها من أداء دورها في

.التطبيق في شأن المسألة المطروحة

Page 245: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

244  

نستطيع اآلن مما تقدم أن نستعرض بعض الفروقات بين الوظيفة التقليدية للدفع

.بالنظام العام وقوانين النظام العام

فالدفع بالنظام العام كما ذكرنا سابقا هو وسيلة فنية يتم بمقتضاها استبعاد القانون

سس األ سناد في قانون القاضي إذا تعارض معالتطبيق بمقتضى قاعدة اجنبي واجب األ

.والمبادئ العليا، االقتصادية واالجتماعية والروحية لبلد القاضي

وبهذا المفهوم يفترق عن قوانين النظام العام، ففي مفهوم تلك االخيرة يعتبر

حاجة لها، حيث يستلزم إعمال حكمها في النظام العام شق في القاعدة القانونية وهو

ما في نطاق القانون الدولي أوإبطال االتفاقات المخالفة لها، في نطاق القانون الداخلي،

الخاص، فصفة النظام العام للقاعدة القانونية توجب تطبيقها على كافة الروابط التي

انون القاضي تدخل في مجال سريانها، بغض النظر عن اي قانون أجنبي، فهي تعطي ق

ولوية مطلقة في التطبيق وهذا هو جوهر منهج القواعد ضرورية التطبيق قواعد أ

.كما مضت االشارة واألمنالبوليس

مر يتعلق بوسيلة رقابة، على أما فيما يخص الدفع بالنظام العام، فنجد أن األ

م العام هو جنبية عندما تكون واجبة التطبيق أمام القضاء الوطني، فالنظاالقوانين األ

بتطبيقها قاعدة االسناد، عندما تصطدم تلك ررقيب على إعمال القوانين التي تشي

وحتى ال يكون هناك فراغا )1(القوانين مع المبادئ العليا في النظام القانوني الوطني

الل قانون القاضي المختص محل القانون الذي حقانونيا بعد ذلك االستبعاد الوقائي يتم ا

.صول المعروفة في نظرية تنازع القوانينده حسب األيتم استبعا

المبحث الثاني

الدفع بالغش نحو القانون

                                                             ، بند 1985أحمد عبد الكريم سالمة، المختصر في التنازع الدولي للقوانين، الطبعة االولى - )1(

.وما بعدها 108وما بعده، ص 115

Page 246: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

245  

المفروض أن المشرع عند وضعه لقواعد اإلسناد لحل مشكلة التنازع بين

مختلف النظم القانونية، فإنه وال شك يعمل على حماية المصلحة العامة الوطنية في

.المعامالت الدولية واعتبارات العدالة الوقت الذي يضع في اعتباره حاجة

غير أن المصالح الخاصة ألطراف العالقة ربما تدفعهم إلى محاولة تجنب

القانون الذي تشير بتطبيقه قاعدة اإلسناد بالتغيير في عنصر من عناصر العالقة

ن فقد يكو. القانونية ليتغير ضابط اإلسناد على نحو يتغير معه القانون الواجب التطبيق

مثال الجنسية هي ضابط بالنسبة لألحوال الشخصية فيقوم أحد أطراف العالقة بتغيير

جنسيته فيتغير تبعا لذلك القانون الواجب التطبيق والتغيير الذي يقوم به أطراف العالقة

في حد ذاته مشروع إال أنه يحدث وأن يقوموا بالتغيير بشكل متعمد للتهرب من أحكام

فيصبح حينئذ قانون آخر هو المختص بحكمها فقد . قة بحكم العالقةالقانون المختص حقي

يكون مثال قانون جنسية الزوج ال يسمح بالطالق فيعمد هذا الزوج لتغيير جنسيته

فيكتسب جنسية دولة أجنبية يسمح قانونها له بالطالق، وقد يستلزم قانون بلد معين شكال

لى بلد آخر إلبرام زواجهما فيتهربا من ذلك معينا للزواج فيعمد الزوجان إلى االنتقال إ

الممنوحة لهما )1(الشكل، وكذلك قد ينحرف المتعاقدان في استعمال رخصة االختيار

.فقرة أولى مدني فيختاران قانونا ال صلة له بالعقد أو بهما 18بموجب المادة

وإنما فمن خالل هذه األمثلة يالحظ بأن تغيير ضابط اإلسناد لم يتم بشكل بريء

بنية االفالت من أحكام القانون الواجب التطبيق حقيقةعلى العالقة وقد درج الفقه على

)Fraude à la loi(تسمية هذا التحايل بالغش نحو القانون

قيام "وعليه يمكن تعريف الغش نحو القانون في ميدان تنازع القوانين بأنه

القانون الواجب التطبيق بشكل قتضاهأطراف العالقة بتغيير أحد الضوابط التي يتحدد بم

حكام القانون الواجب التطبيق أصال على العالقة وإحالل أد بقصد التهرب من ممتع

."قانون آخر بدال عنه من شأنه أن يحقق الغاية التي كان التغيير بسببها

                                                             .289زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )1(

Page 247: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

246  

ولذلك فقد نصت صراحة بعض التشريعات على األخذ بهذا الدفع في نطاق

ويأخذ به القضاء الفرنسي كما ثل اسبانيا، المجر، الجابون، ويوغسالفياتنازع القوانين م

سنرى والقضاء االنجليزي وكرسه الفقه في غالبية الدول الغربية ومنها مصر والكويت

24وكذلك المشرع الجزائري والذي نص في المادة الخ،...وسوريا واالمارات العربية

.)1(...."له االختصاص بواسطة الغش نحو القانون ثأو تب... ال يجوز:" مدني على أنه

إذا تقرر الدفع بالغش كلما كان بقصد التهرب من حكم القواعد الواجبة التطبيق و

وهذا الحل يحقق الحماية لقواعد االسناد الوطنية ذاتها من خالل احترام تطبيق القانون

. المختص

م تطبيق القانون الذي انعقد وعلى مستوى االتفاقيات الدولية ورد النص على عد

المتضمنة Beneluyله االختصاص تحايال في المادة الثانية والعشرون من اتفاقية

جويلية 3القانون الموحد في مجال القانون الدولي الخاص والموقعة في بروكسل في

.1929سنة

وقد ظهرت نظرية الغش كأداة الستبعاد القانون األجنبي في القضاء الفرنسي

األميرة دي "ول مرة بمناسبة قضية شهيرة في فقه القانون الدولي الخاص هي قضية أل

أين استندت محكمة النقض الفرنسية في قضائها إلى فكرة الغش نحو " بوفرمون

كما طبقها القضاء في دول عديدة مثل انجلترا وبلجيكا وعلى ضوء ذلك، فإذا )2(القانون

                                                             كتفي بالنظام العام فقط الستبعاد تطبيق القانون من القانون المدني الجزائري ت 24 كانت المادة - )1(

.أصبحت تنص على حالة الغش نحو القانون 2005جوان 20االجنبي ولكنها بعد تعديل يعود أصل الغش نحو القانون كأداة الستبعاد القانون األجنبي إلى القضاء الفرنسي الذي طبقه - )2(

Princesse"تسمى بقضية األميرة دي بوفورمون في قضية 18/03/1878تاريخ ل مرة بألوde Bauffremant " وتتلخص وقائعها في أن أميرة بلجيكية األصل تزوجت بأمير فرنسي

يمنع الطالق، وكان القانون الفرنسي آنذاكواستقرت معه في فرنسا واكتسبت الجنسية الفرنسية دوقية ساكس التنورع الذي يسمح قانونها فتجنست بجنسية إحدى الدويالت االلمانية وهي "Bebesco"من زوجها األول، وتزوجت باألمير الروماني يدعىبالطالق، وطلقت بالفعل زوجها األول دعوى أمام القضاء الفرنسي مطالبا ببطالن الزواج واستقرت معه في فرنسا، رفع اني لكون الطالق ال يعتبر صحيحا ألنه تم بعد تغيير الجنسية وقد قضت محكمة النقض الث

أن بإبطال الزواج الثاني على أساس 18/03/1878بتاريخ الفرنسية في قراراها الصادر .األميرة لجنسيتها وهو ما يشكل تحايال وغشا نحو القانونالطالق لم يتم إال بعد تغيير

Cass- cru, 18/03/1878,S 78.1.193, note …..

Page 248: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

247  

ل يستبعد تطبيق القانون الذي يسعى األفراد إلى تحقق التحايل على الوجه السابق، فه

إعمال أحكامه، أم تطبق على العكس هذا القانون ما دام أن تغيير األفراد لضابط

االسناد لم يكن سوى استعمال حق خوله لهم القانون؟ ولهذا سأتعرض لشروط إعمالها

المطلب (لك لنطاقها وأتطرق بعد ذ) المطلب الثاني(ثم أساسها القانوني ) المطلب األول(

).المطلب الرابع(ثم آثاره ) الثالث

شروط إعمال الدفع بالغش نحو القانون: المطلب األول

يشترط للتمسك بالدفع بالغش نحو القانون توافر شرطان، األول هو أن يتم

نية وتوفر فيه ) الفرع األول(إجراء تغيير إرادي في ضابط االسناد وهو الركن المادي

. وهو الركن المعنوي) الفرعالثاني(الغش

تغيير ضابط االسناد: الفرع األول

يتمثل هذا الركن المادي في أن يقوم الغاش أو صاحب المصلحة في تغيير

وهذا ال يتحقق إال في الحاالت ،ضابط االسناد الذي يتحدد به القانون الواجب التطبيق

مكن أن تتدخل إرادة األفراد في التي يكون فيها ضابط االسناد من الضوابط التي ي

.تغييرها كالجنسية أو الموطن بالنسبة لمسائل األحوال الشخصية أو موقع المنقول

ويشترط أن يكون التغيير في ضابط االسناد فعليا وليس صوريا، كما تشترط أن

يكون مشروعا فإذا كان بوسيلة غير مشروعة فإنه ال يعتد به ويبطل دون حاجة

ة الغش نحو القانون كما أن الدفع بالغش ال يتأتى إال في األحوال التي إلعمال نظري

ينعدم فيها وجود جزاء أخر يمكن عن طريقه تالفي النتيجة غير المشروعة التي سعى

.)1(الشخص إلى تحقيقها

توافر نية الغش: الفرع الثاني                                                                                                                                                                                    Y. Loussouarn et P. Bourel, op.cit, P 105.

حفيظة الحداد، الموجز في القانون الدولي الخاص، الكتاب األول، المبادئ العامة، تنازع - )1( .316القوانين، منشورات الحلبي، بيروت، ص نقال عن حمزة قتال، دور القاضي في تطبيق القانون االجنبي في القانون الجزائري والمقارن، .167ص

Page 249: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

248  

األخير يجب تعتبر نية الغش الركن المعنوي للغش نحو القانون، فلقيام هذا

باإلضافة إلى التغيير االرادي في ضابط االسناد، أن يهدف الشخص من وراءه التحايل

" Batiffol et Lagarde "بقصد االفالت من أحكام القانون المختص أصال، ويقول الفقيهان

بأن هناك غشا نحو القانون لما يكون تغيير القانون، عوض أن يكون مجرد نتيجة

.)1(ابط االسناد يكون هو الهدف المقصود من هذا التغييرعادية لتغيير ض

هذه النية وإثباتها وهي ليست سهلة دائما لكن يمكن يويتعين على القاضي تقص

استخالصها من ظروف ومالبسات الدعوى كالتالزم الزمني بين التغيير الطارئ على

يد، كأن يكون القانون ضابط االسناد وبين القيام بالتصرف المراد اخضاعه للقانون الجد

الذي يسعى األفراد إلى تطبيق أحكامه يعطي تسهيالت استثنائية لألفراد بقصد جذبهم

.)2(إليه ألغراض اقتصادية

وفي تقديري يكفي إلعمال الدفع بالغش نحو القانون توافر نية التحايل لدى

.مرتكب الغش حتى ولو لم تتحقق بالفعل النتيجة غير المشروعة

القاضي في تقدير توافر نية الغش من عدمها ليست مطلقة وإنما إن سلطة

تخضع لرقابة محكمة النقض باعتبار ان التحايل في ذاته إخالل بقاعدة قانونية هي

.)3(قاعدة االسناد ومن تم تقدير هذا االخالل يعتبر من المسائل القانونية ال الموضوعية

نب الشرطين السابقين، ومنهم ويضيف جانب من الفقه شروط مختلفة بجا ،هذا

االستاذ جوزي فيدال إلى قصر الدفع بالغش نحو القانون على حاالت التهرب من

                                                             .191اعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص - )1( .135، ص 1984نادية فضيل، الغش نحو القانون، رسالة ماجستير، الجزائر - )2(

-Jean Derrupé, Droit inter. privé, 8e ed. Delta, P 108. – P. Mayer et V. Heuzé, op.cit, P 190.

وعلى ذلك فإنه إذا نص الحكم مثال ببطالن الطالق الذي تم وفقا للقانون الذي غير ضابط - )3( االسناد لصالحه وبمجرد التغيير دون ان يبين الحكم ان ذلك التغيير كان هدفه الوحيد هو

ان مشوبا بالقصور في التسبيب مما واجب التطبيق أصال كاالفالت من أحكام القانون ال إذ يحتمل ان يكون الحكم قد أدخل عنصرا غير منتج في تقدير وجود نية الغش ... يستوجب

صالح الدين جمال . في حين أن الطالق لم يكن غير نتيجة طبيعية لتغيير ضابط االسناد . 257الدين، المرجع السابق، ص

Page 250: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

249  

القاعدة اآلمرة ألن القاعدة المكملة ال يمكن تصور التهرب من أحكامها، ذلك ألن

.المشرع قد خول لألفراد حرية عدم العمل بها

ف الذي يسعى األفراد من وراء غير أن غالبية الفقهاء يرى أن العبرة بالهد

تصرفاتهم وانحرافهم عن الهدف الذي توخاه المشرع من وراء القاعدة سواء كانت

.آمرة أو مكملة

ففي مجال العقود الدولية مثال، حيث يتمتع األفراد بحرية واسعة في اختيار

قد القانون الواجب التطبيق فال يجوز لهم تحويل عقد وطني في جميع عناصره إلى ع

يه، وذلك قصد إخضاعه إلى قانون غير القانون فدولي باختالف العنصر األجنبي

الوطني المختص أصال بحكم العقد، كما ال يمكن لألفراد ممارسة حرية االختيار التي

منح لهم المشرع في مجال العقد الدولي للتوصل إلى اخضاع العقد إلى قانون ال

العقد أية صلة وذلك تحقيقا لمصلحة ذاتية يستجيب لطبيعة العالقة وال تربطه ب

.)1(للمتعاقدين

وقد يستخلص الغش من أحكام القواعد المكملة، إذ أن هذه القواعد يسهل حدوث

الغش فيها، ألن المتعاقدين لهما مسبقا حرية مخالفتها، وقد يحدث الغش في حالة عدم

االفالت من حكم القاعدة حيث ال يكون أمام المتعاقد الذي يريد ،اتفاق المتعاقدين

المكملة سوى التحايل بتغيير ضابط االسناد ما دام هذا التغيير ممكنا، مثال كان يغير

ن هذا األخير ال يتفق مع أموقع المنقول للتهرب من أحكام قانون الموقع األول إذا ك

ولة ال فقد يعمد البائع إلى نقل المبيع إلى د. مصالحه فيما يتعلق بترتيب االثر العيني

، أي أثر عيني بل يستلزم التسليم كشرط دولته يرتب قانونها على عقد بيع المنقول في

النتقال الملكية إلى المشتري، فيهدف البائع من وراء ذلك إلى انكار الحق العيني الذي

                                                             فؤاد عبد المنعم رياض وسامية راشد، الوجيز في القانون الدولي الخاص، الجزء الثاني، تنازع - )1(

.164، ص 1975القوانين وتنازع االختصاص القضائي، الناشر دار النهضة العربية، القاهرة،

Page 251: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

250  

يرتبه قانون الموقع االول للمشتري على المبيع، وهو الحق الذي ما كان يمكن تعليقه

.)1(ليم بغير اتفاق المتعاقدينعلى شرط التس

.ومن هنا تظهر أهمية اعمال نظرية الغش نحو القواعد المكملة في قانون الموقع األول

ويضيف الفقه الحديث أنه ال يكتفي بتطبيق الغش نحو القانون على القواعد

المكملة فقط، بل قد يحدث الغش أيضا بالنسبة إلى القوانين المستقبلية، ونحن نعلم أن

. هذه األخيرة ليست لها قوة ملزمة باستثناء حالة تطبيقها على الحاالت السابقة

الهادفة إلى تجنب التزامات تعاقدية وقد أكدت المحاكم عدم صحة التصرفات

.لكون نشأتها وشيكة الوقوع

كما أن محكمة النقض الفرنسية أفسحت المجال للدائنين لكي يطعنوا في

ون، والتي تكون سابقة على نشوء الدين إذا كانت هذه ينالتصرفات التي يقوم بها المد

.التصرفات ضارة بحقوقهم

القانون فقط لصالح قانون القاضي فقد استقر كما يشترط التمسك بالغش نحو

الفقه والقضاء خالل فترة طويلة على قصر تطبيق الدفع بالغش على الحاالت التي يقوم

بمعنى أنه يشترط أن يكون القانون ،بها األفراد بقصد التهرب من قانون القاضي

ه النزاع، أما الواجب التطبيق على العالقة هو القانون الوطني للقاضي المطروح أمام

فال مجال لقيام الدفع بالغش نحو القانون، ا،إذا كان القانون الواجب التطبيق قانونا أجنبي

وقد استند الفقه والقضاء في ذلك إلى أن وظيفة القاضي في الدولة هي كفالة تطبيق

وال يدخل في نطاق ،ومنع االفراد من مخالفته أو التهرب من أحكامه. القانون الوطني

حكام القوانين األجنبية، كما أن القانون أه الوظيفة منع األفراد من التهرب من هذ

األجنبي ال يتمتع بالطابع االلزامي بحيث يقع على عاتق القاضي واجب الدفاع عنه كما

.هي الحال بالنسبة إلى قانونه

                                                             الجزائر، نادية فضيل، الغش نحو القانون، رسالة لنيل شهادة الماجستير، كلية الحقوق، جامعة - )1(

.60، ص 1984

Page 252: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

251  

التمسك 05/02/1959لقد رفض القضاء الفرنسي في حكم له صادر في

و القانون األجنبي وقد أيده غالبية الفقهاء، وإن كانت ترى ضرورة بالدفعبالغش نح

نقض القضاء لكل التصرفات الضارة بالتقاليد واآلداب العامة التي تشترك فيها األمم

، ألن أساس الغش نحو القانون هو مصادرة الغش بكل أشكاله وإذا كان )1(المتمدنة

األجنبية ضد تحايل االفراد، فإنه مع القاضي غير ملزم بالسهر على حماية القوانين

.ذلك ينبغي له توقيع الجزاء المناسب على كل التصرفات التي تخالف االخالق والعدالة

وأخيرا فإن القضاء الفرنسي قد اصبح بدوره اآلن يقبل التمسك بالغش نحو

نحو القانون األجنبي، وأبرز دليل على ذلك أنه أبطل كل العقود التي تشتمل على الغش

فقد أخضع اعطاء األمر بتنفيذ األحكام 1964جانفي 7القوانين األجنبية وذلك في

. األجنبية إلى شرط أن تكون خالية من الغش نحو القانون

وقد قدم القضاء الفرنسي مثاال بارزا لنوع آخر من التحايل، وهو التالعب في

أين أقرت محاكم Caron)2(الوصف المعطى للعالقة القانونية تتمثل في قضية

الموضوع القصد التحايلي في العمليات التي قام بها هذا االخير وقضت بأحقية االوالد

في العقار الفرنسي وقد أبدت محكمة النقض الفرنسية قضاء الموضوع في شأن التحايل

في القضية محل البحث تم بسلسلة من )3(الذي قد استخدم تركيبه معدلة للتكييف

                                                            1- Il est permis de considérer que si les juges n'ont pas à venger l'atteinte à une autorité de loi étrangère, Ils ont le droit de sanctionner les conduites contraires aux bonnes mœurs. - H. Batiffol, "droit international privé", T1, sixième édition, 1974, librairie générale de droit et de jurisprudence, Paris, 1974, P 412. 2- cas.civ, 1er ch20 mars 1985. R.C.D.I.P 1986, P 66 note Lequette J.D.I 1987, P P 80 et s. note Marie Laure, Niboyet Hoegy. Cas.civ, 1er ch, 17 mai 1983, R.C.D.I. P, P 346 note Ancel. من ذلك أيضا

يرجع اصل الغش نحو القانون كأداة الستبعاد القانون االجنبي في القضاء الفرنسي الذي طبقه - )3(من اصل " كارو" التي تتلخص وقائعها في ان المدعو Caronفي قضية 1985مارس 20بتاريخ

الذي صار " ايمري"فرنسي، تم اكتسب الجنسية االمريكية بالتجنس وتوطن هناك تاركا ولدين ، فحرر وصية أوصى 1971التي بقيت فرنسية، وقد تملك شقة في فرنسا سنة " ليسلس"امريكيا و

ف اآلخر إلى منشأة طبية، كون مع كاتبته بمقتضاها بنصف تركته إلى كاتبته وبأولوية النصوزوجها شركة أمريكية حاز ثلثي اسهمها تسلم االسهم التي كان هو صاحب الحق فيها إلى اتحاد

شركات شريطة أن تصير هذه االسهم بعد وفاته إلى كاتبته وزوجها، تم باع الشقة إلى هذه الشركة ة المنقول في هذه الحالة لكون المتوفي حرا بتلك الحصص التي تعترف لها القانون الفرنسي بصف

في التصرف فيها بموجب القانون الذي يحكم ميراث المنقول، وقد أقرت محاكم الموضوع القصد

Page 253: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

252  

ناسقة هدفت إلى تغيير الطبيعة العقارية للمال بحيث يتحول بعد ذلك إلى العمليات المت

.منقوال

وقد وسع القضاء الفرنسي من العنصر المادي على التحايل على القانون بحيث

وإنما أصبحت تشمل تقتصر على التالعب بضوابط االسناد،ان وسيلة الغش لم تعد

القانونية محل النزاع الذي يمكنه أن يصل أيضا التالعب على التكييف المعطى للعالقة

وتحويل االختصاص بالمنازعة العقارية من قانون موقع العقار إلى ،إلى نفس الهدف

.قانون موطن المتوفى الذي يحكم التركات المنقولة

ونضيف أخيرا، أن التحايل على القانون دفع يمكن أن يثيره طالما تتوافر

قاضي من تلقاء نفسه باعتبار أن االمر يمس وكذلك ال ،عناصره، كل ذومصلحة

.وان كان القصد منه أصال تحقيق مصلحة خاصة ،حيانمصلحة الجماعة في اغلب األ

أساس نظرية الغش نحو القانون: المطلب الثاني

اختلف الفقه في األساس القانوني الذي تقوم عليه نظرية الغش نحو القانون رغم

رومانية التي تقضي بأن الغش يفسد كل شيء إجماعهم على تطبيق القاعدة ال

"Frausomina cavmpit " فذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى القول بان نظرية الغش ال

ومن تم ،تعدو أن تكون صوره من صور النظرية العامة في التعسف في استعمال الحق

أرجع أساسه إلى المسؤولية التقصيرية وإن اتفق المفهومان في أن كل منهما يشكل

من ،إال أنه توجد فروق بينهما أهمها ،انحرافا في استعمال رخصة مقررة قانونا

،القانون نحويتعسف في استعمال حقه يتعسف ضد مصلحة فردية، في حين أن الغش

لفقهاء من اعتبر الغش تطبيقا من تطبيقات هناك من ا ،يسيء إلى مصلحة عامة

،الصورية في القانون المدني التحادهما في الهدف وهو تحقيق نتيجة غير مشروعة

إذ الصورية تنحصر في نطاق التصرفات ا،ولكن الفرق بين النظرتين واضح جلي

ر بحيث نفترض وجود عقد ظاه ،وال تعتبر وسيلة للتهرب من أحكام القانون ،القانونية

                                                                                                                                                                                    التحايلي في العمليات التي قام بها السيد كارو وقضت بأحقية االوالد في العقار الفرنسي وأيدته

. محكمة النقض الفرنسية

Page 254: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

253  

يقوم الغاش بتصرف ،غير حقيقي يستر عقدا باطنيا حقيقيا، بينما الغش نحو القانون

رادة حقيقية ال تستر اأي أن االرادة فيه ،ظاهر حقيقي ولكن الغرض منه غير شرعي

كما أراد االستاذ نبواييه أن يلحقه بإساءة استعمال السلطة، والواقع أن .إرادة أخرى

م في القانون االداري مقام نظرية التعسف في استعمال الحق اساءة استعمال السلطة تقو

.في القانون المدني

ورأى جانب آخر من الفقه ان نظرية الغش نحو القانون ما هي إال صورة من

من 1131صور السبب غير المشروع الذي نص عليه المشرع الفرنسي في المادة

يكن مبنيا على سبب نتج أي أثر إذا لمااللتزام ال ي:"القانون المدني الذي تقضي بما يلي

".و على سبب غير مشروعغير صحيح أ

من نفس القانون فقد بينت متى يكون السبب غير مشروع كما 1133أما المادة

ذا كان مخالفا لآلداب وللنظام غير مشروع إذا حرمه القانون أو إ إن السبب يكون:"يلي

". العام

الدافع على التعاقد لذا فكل تصرف نتج عن غش ويعرف السبب على انه الباعث

وجب إبطاله كلما كان سببه مخالفا للقانون أو اآلداب إذ يعتبر هذا السبب بمثابة نية

.الغش التي يكون العنصر الهام في نظرية الغش نحو القانون

على أن تأسيس نظرية الغش نحو القانون عن فكرة )1(ولقد انتقد هذا الرأي

السبب غير المشروع يؤدي إلى عدم اشتمالها على كل حاالت الغش، فضال عن أن

من القانون المدني الفرنسي لن تتعرض إال لاللتزامات، وهي 1133، 1131المادتين

الملزمة، كما ال تتناول بطالن التصرفات الناتجة عن الغش والتي ال تنجم عن العالقة

بينما الجزاء الذي أن الجزاء الذي يترتب على السبب الالمشروع هو البطالن المطلق

. هو االحتجاج بالتصرف المشوب بالغش ال البطالن يترتب على الغش

                                                             .68مرجع السابق، ص نادية فضيل، ال-)1(

Page 255: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

254  

وعلى هذا األساس يتبين أن الغش يعمل في دائرة أوسع وال ينحصر في نطاق

تحريكه إلحباط المناورات التحايلية على العقود أو التعسف في استعمال الحق، ويتم

.)1(القانون

وأخيرا نخلص إلى أنه مهما اختلقت اآلراء في إسناد نظرية الغش نحو القانون

ال يجوز ألحد أن يجتنب :" إلى أساس قانوني فإن هذه النظرية تعد تطبيقا للمبدأ التالي

".تطبيق القوانين

القانوننطاق الدفع بالغش نحو : المطلب الثالث

إن المجال الرئيسي لتطبيق فكرة الغش نحو القانون عادة هو مسائل األحوال

والزواج باعتباره من األحوال الشخصية موضوع يبلغ فيه التنازع حده )2(الشخصية

األقصى ذلك ألن التشريعات تختلف بصدده اختالفا واضحا، يبدأ هذا الخالف من فكرة

فراد على فكثيرا ما يتحايل األلذا . لى انعقاده وآثاره وانحاللهالزواج ذاتها ويمتد إ

القانون الواجب التطبيق بواسطة تغيير جنسيتهم أو موطنهم قصد الوصول إلى غاية

.يحرمها ويحظرها قانونهم الوطني

وال يقتصر الغش نحو القانون فقط على مجال األحوال الشخصية بل يتعدى ذلك

الحقوق العينية، كان يتحايل األفراد على القانون فيما يتعلق إلى مجاالت أخرى كمجال

باألموال المنقولة عن طريق تغيير محل وجود المال، كما يمكن أيضا تطبيق فكرة

الغش نحو القانون بالنسبة إلى التصرفات القانونية، إذ يستطيع األفراد في مجال العقود

جمع عناصره بحيث يصبح بذلك افتعال عنصر أجنبي بشكل فني في عقد وطني في

عقد ذات طابع دولي، وبالتالي يتسنى إخضاعه لقانون غير القانون الوطني الذي كان

. ان يحكمه بوصفه عقدا وطنيا بحثيجب أ

                                                             .299زروتي الطيب، المرجع السابق، ص - )1( .68نادية فضيل، الغش نحو القانون، المرجع السابق، ص -)2(

Page 256: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

255  

كان القضاء الفرنسي في البداية يقصر إعمال نظرية الغش نحو القانون على

في )2(وقد استند الفقه ،)1(فرنسياألحوال التي يتهرب فيها الشخص من أحكام القانون ال

هو الذي يمس المصالح )3(ذلك إلى أن التهرب من األحكام اآلمرة في قانون القاضي

ما الدفاع عن القانون األجنبي ،االعامة في دولة القاضي، ويبرر بالتالي إعمال النظرية

جرد فال يدخل في نطاق وظيفته، كما أن هذا يتماشى مع تصور القانون األجنبي م

عنصر من عناصر الواقع، وذلك خالفا للقانون الوطني الذي يتعين على القاضي حماية

.قواعده اآلمرة

يرى بأن نظرية الغش نحو القانون تستجيب إلى مبدأ ،)4(غير أن الفقه الحديث

سواء قصد به التهرب من أحكام ،يا كانت صورتهأعام هو وجوب مطاردة الغش

القانون الوطني أو قانون أجنبي آخر، وهذا هو االتجاه الذي تبناه القضاء الفرنسي

. )5(مؤخرا

كما أنه مادام الدفع بالغش نحو القانون الستبعاد القانون األجنبي يعد وسيلة

تحقق هذه عالج احتياطية لحماية قاعدة االسناد، فيجب استعمالها في الحدود التي

الغاية، وعليه فعدم نفاذ النتيجة يكفي لحماية قاعدة االسناد ترد اعتبار القانون الذي تم

                                                            )1(-Par ex, cass, 05/02/1929, clunet 1929, P 1258, S.199 3.1.81, note audinet .

نقال عن قتال حمزة، دور القاضي في تطبيق القانون األجنبي في القانون الجزائري والمقارن، ، 2012، كلية الحقوق، سنة 1الخاص، جامعة الجزائرلنيل شهادة الدكتوراه في القانون رسالة

.166ص لدين عبد اهللا، المرجع السابق، عز ا–. 217هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )2(

. 565ص تكونقصر الدفع بالغش نحو القانون أن فقه ومنهم االستاذ جوزي فيدالويرى جانب من ال - )3(

يجوزمن النصوص اآلمرة أو الناهية، إال أنه ال القانونية المتحايل على اختصاصهاالقاعدة تهرب منال ألن القاعدة المكملة ال يمكن تصورها،لألفراد االتفاق على خالفها او استبعاد

أحكامها ألن المشرع قد خول لألفراد حرية االتفاق على مخالفتها واستبعادها لكن أغلبية الفقه راف األفراد عن الهدف الذي توخاه المشرع من حفالعبرة بان قواعد،شمل كل اليترى أن التحايل

. 135نادية فضيل،المرجع السابق،ص. وراء القاعدة سواء كانت آمرة أو مكملة(4)-H. Batiffol et P.Lagarde, op.cit, P467. - Y. Loussouarn et P. Bourel, op.cit, P 289. 

. 494عكاشة محمد عبد العال، المرجع السابق، ص . د - .أحمد عبد الكريم سالمة، المرجع السابق. د –

(5)- Par ex, civ 1er 17/05/1983. Revue crit. DIP 1985, note Ancel. -P. Mayer et V. Heuzé, op.cit, P 193.

Page 257: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

256  

التحايل عليه والذي هو محل اختيار قاعدة االسناد لوال هذا التحايل، فال حاجة إذن لتتبع

.)1(بقية اآلثار بإبطالها

من تطبيقات الدفع أن الدفع بالغش ليس سوى تطبيق ،ويرى جانب آخر من الفقه

.بالنظام العام

ير ضابط االسناد قد قصد به االفالت من األحكام اآلمرة في قانون غيفإذا كان ت

القاضي، فإن تطبيق القانون األجنبي في هذه الحالة يشكل خرقا للنظام العام، وبالتالي

.يستوجب استبعاده باسم النظام العام وإحالل قانون القاضي محله

الرأي قد انتقد من طرف بعض الفقهاء، ذلك أن فكرة النظام العام غير أن هذا

تختلف اختالفا أساسيا عن فكرة الغش نحو القانون، فاستبعاد القانون األجنبي على هذا

األساس يقوم على تعارض مضمون هذا االخير مع االسس الجوهرية في دولة

بالغش فهو يرجع إلى عنصر النية ناء على الدفعبالقاضي، أما استبعاد القانون األجنبي

.في استعمال قاعدة االسناد

ولعل تسليم القضاء الحديث بجواز اعمال الدفع بالغش في حالة التهرب من

احكام القانون المختص وطنيا كان أم أجنبيا، لخير دليل على استقالل نظرية الغش عن

.)2(فكرة النظام العام

فأنا أميل مع جانب من الفقه الحديث إلى االعتراف بالكيان ،ومن أجل ذلك

. المستقل لهذه النظرية

وتفوق ،طغيان اختصاص قانون القاضي على اختصاص القانون األجنبيف

هو األمر الذي تختل فيه الموازين والمساواة حسب ،مركز القانون األول على الثاني

الحقيقة عدم االتزان وثبات المساواة، كما قاعدة التنازع الثنائية، وهو ما يعكس في

                                                             .170نقال عن حمزة قتال، المرجع السابق، ص. 324حفيظة الحداد، المرجع السابق، ص - )1( ، دار المطبوعات الجامعية، 2003هشام علي صادق، دروس في تنازع القوانين، الطبعة - )2(

.221ص

Page 258: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

257  

وكيفا بين القانون الوطني والقانون األجنبي، وذلك من منطلق تعدد حاالت استبعاد هذا

.األخير واستبداله بقانون القاضي الذي يظل دائما متفوقا

من 24أما بالنسبة لمشرعنا يبدو أنه أخذ باالتجاه الحديث من خالل نص المادة

لمدني، على استبعاد تطبيق القانون الجزائري إذا ثبت له االختصاص بواسطة القانون ا

الغش نحو القانون ويطبق القانون المغشوش عليه الذي عينته قاعدة االسناد سواء كان

.)1(القانون الجزائري أو كان قانونا أجنبيا

آثار الدفع بالغش نحو القانون المختص: المطلب الرابع

تشريعات لجزاء التحايل على القانون بشكل مستقل، فتعددت لم تتعرض معظم ال

أن التصرف " Derboie" الآلراء الفقهية في هذا المجال، حيث يرى الفقيه الفرنسي

الذي قصد به التحايل على القانون يكون باطال لعدم مشروعية الباعث الدافع إلى

جزاء التحايل من خالل وقد يشبه التحايل على القانون مما يؤدي أن يكون . انشائه

تطبيق القواعد القانونية التي قصد المتحايل االفالت من حكمها واعتبار تصرفه باطال

إن جزاء التصرف التحايلي هو البطالن، " Vidal"نتيجة لمخالفته القانون، ويقول الفقيه

،لكنه بطالن من نوع خاص يختلف عن النظرية التقليدية للبطالن المطلق أو النسبي

.وهو عدم قابلية االحتجاج، إذ يكفي الحكم على التصرف التحايلي بعدم الفاعلية

ويتضح أن موقف الفقه االسالمي قريب من هذا المعنى، حيث يرى الدكتور

أن الجزاء المناسب لمنع المخالفة ألحكام الشريعة االسالمية يكون ،مصطفى الزرقاء

،ن المتصرف وذلك بأن يعتبر عمله لغواحرمان المتصرف من النتائج التي يبتغيها م

إذن فجزاء المتحايل على القانون في القانون الدولي الخاص هو استبعاد أحكام القانون

الذي قصد المتحايل تطبيقها للوصول إلى مصالحه الخاصة، وارجاع االختصاص إلى

قانون القانون الذي أشارت إليه قاعدة االسناد، لكن ارجاع االختصاص إلى هذا ال

المختص يضع عالمة استفهام تتعلق بحدود االختصاص المرتد إلى هذا القانون، فيعتبر

                                                             ، المرجع 05/10قوانين الدولي في الجزائر بقانون الطيب زروتي، قراءة في اصالح تنازع ال - )1(

.92السابق، ص

Page 259: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

258  

هذا االختصاص شامال لكل ما يتعلق بالمنازعات التي تدور حول المركز القانوني

للقائم بالتحايل بما فيها المنازعات التي يمكن أن تستخدم مستقبال أم أنه اختصاص

تي تم التحايل بشأنها؟محدود بحدود المنازعة ال

ولإلجابة على هذا التساؤل ال بد من معرفة ما إذا كانت عملية االستبعاد تقتصر

أم أنها تشمل إلى جانب النتيجة ،على النتيجة غير المشروعة التي أرادها المتحايل

الوسيلة المشروعة التي اتخذها للوصول إلى غايته، وفي هذا الموضوع خالف بين

ا يحتم علينا استعراض وجهات النظر المختلفة لإلجابة عن هذا التساؤل الفقهاء، مم

:وذلك في الفرعين الالحقين

عدم النفاذ يقتصر على النتيجة: الفرع األول

.عدم النفاذ يشمل النتيجة والوسيلة: الفرع الثاني

:عدم النفاذ يقتصر على النتيجة: الفرع األول

وهو الراجح بأن أثر الغش يقتصر فقط على عدم ، )1(يرى جانب آخر من الفقه

نفاذ النتيجة غير المشروعة التي سعى الشخص إليها حينما قام بتغيير ضابط االسناد

دون الوسيلة لكونها تمت بطريقة قانونية ومشروعة، وان العبرة في التصرف بقصده

ن قصده، أما ومن ثم يكفي أن يرد الغاش ع ،وغايته وال حاجة للمبالغة في الجزاء

اآلثار األخرى الناتجة عن استعمال وسيلة مشروعة فال تهم الغاش ما دام لم يقصدها،

ومن باب أولى ينبغي على القضاء أال يفرضها عليه، وال أدل على ذلك من اكتفاء

                                                             :وممن يرى بهذا الرأي - )1(

. 222هشام علي صادق، المرجع السابق،ص. 560عز الدين عبد اهللا، المرجع السابق،ص- .512عكاشة محمد عبد العال،المرجع السابق،ص-

-Mohand Issad, op.cit, P 210. – P. Mayer et V. Heuzé, op.cit, P 503.

Page 260: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

259  

السالفة الذكر بعدم االعتداد بتطليقها " دي بوفرمون"محكمة النقض الفرنسية في قضية

.)1(لفرنسي دون أن يقضي ببطالن تجنسها بالجنسية االلمانيةتجاه القانون ا

عدم نفاذ يشمل الوسيلة والنتيجة: الفرع الثاني

أي ،أن أثر الدفع بالغش يشمل النتيجة والوسيلة معا ، )2(يرى جانب من الفقه

يستبعد القانون الذي ثبتت له االختصاص بواسطة الغش عند تغيير الجنسية مثال ويطبق

وتلغى الجنسية الجديدة التي اكتسبها الشخص، ) قانون القاضي(القانون المختص بدله

ذلك أنه من غير المعقول تجزئة العمل القانوني الواحد من حيث االعتراف ببعض

ش وال يعترف بالبعض اآلخر الذي انصرفت إليه نظر الغاآلثار وهي غير المهمة في ا

.)3(نيته، لهذا السبب ينبغي تعميم الجزاء ومحو كل أثر الرتكاب الغش

يتضح لنا أن وظيفة الدفع بالغش نحو القانون هي الدفاع ،وفي ختام هذا المبحث

عن قانون القاضي ضد تطبيق أي قانون أجنبي، فإنه من هذه الناحية يقترب من الدفع

، أن الدفع بالغش نحو )4(بالنظام العام، ولذلك رأى بعض الفقهاء منهم نبواييه وبارتان

ام، ومهما يكن من شأن تشابههما القانون ليس إال صورة خاصة من الدفع بالنظام الع

من هذه الناحية فهما مختلفان من حيث طبيعتهما، فاستبعاد القانون األجنبي باسم النظام

العام يقوم على أساس تعارض مضمون هذا القانون مع األسس الجوهرية في دولة

فع القاضي، وليس لذوي الشأن أي باعث غير مشروع في اختيار هذا القانون، بينما الد

                                                             .301زروتي الطيب، المرجع السابق، ص . د - )1( .301ص لرأي الطيب زروتي، المرجع نفسه،يرى بهذا ا - )2(

.نادية فضيل، الغش نحو القانون، المرجع السابق - H. Batiffol et P.Lagarde, op.cit, n° 375, P469. - Y. Loussouarn et P. Bourel, op.cit, P 306.

.301المرجع السابق، ص ،الطيب زروتي - )3( .166علي علي سليمان، المرجع السابق، ص - )4(

Page 261: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

260  

عد وسيلة يبالغش نحو القانون فيتخذ أساسه من فكرة الباعث غير المشروع، وهو

الستبعاد القانون األجنبي الذي لم يكن مختصا أصال بحكم العالقة، وإنما انعقد له

االختصاص افتعاال واصطناعا لتجنب األحكام اآلمرة في القانون المختص أصال

.بحكمها وهو قانون القاضي

ميز كذلك نظرية الغش نحو القانون عن فكرة النظام العام، هو مجال وأهم ما ي

اعمال كل منهما، فالمجال الرئيسي لقيام الدفع بالنظام العام هو مرحلة انشاء العالقة

مخففا وأحيانا القانونية التي تم انشاؤها في الخارج، فان أثر النظام العام يكون أحيانا

ي قد يعترف بالعالقة القانونية التي نشأت في الخارج، منعدما، بمعنى أن القاضي الوطن

.بالرغم من أنه لم يكن يسمح بنشوئها في دولته

أما نظرية الغش فينحصر مجالها في مرحلة االحتجاج بالعالقة القانونية التي تم

).1(نشوئها في الخارج

القديم بين نظرية الغش وفكرة النظام العام كان أخيرا لعل الفقه الذي ربط في

عليه حتى يمكنها أن تقف في مواجهة االعتراضات رتكزتيحاول أن يجد لها أساسا

التي أثارها بعض الفقهاء، في وقت قديم لم تكن فيه فكرة البحث عن النوايا والبواعث

).2(مقبولة لدى الشراح

ة القاضي في نقص النوايا والبواعث، قانون يعترف بسلطأما اآلن وقد أصبح ال

. فلم تعد هناك حاجة الى ربط هذه النظرية بنظرية أخرى تختلف عنها أشد االختالف

والدليل على ذلك اختالف أساس الدفعين ما يراه أغلبية الفقه من وجوب األخذ

الدفع بالدفع بالغش نحو القانون ولو كان أجنبيا، في حين انه من غير المعقول أن يثار

.بالنظام العام لصالح قانون أجنبي

                                                             فؤاد عبد المنعم رياض، الوجيز في القانون الدولي الخاص، الجزء الثاني، تنازع القوانين -)1(

.2، بند6وتنازع االختصاص القضائي، دار النهضة العربية، القاهرة، ص هشام علي صادق، تنازع القوانين دراسة مقارنة في المبادئ العامة والحلول الوضعية المقررة -)2(

، 249و 247، منشأة المعارف باالسكندرية، ص1974في التشريع المصري، الطبعة الثالثة، .64بند

Page 262: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

261  

ويبدو أن الذي أدى بالفقهاء القائلين باندماج الدفع بالغش نحو القانون والدفع

بالنظام العام هو أنهم أرادوا أن يخلعوا على الدفع األول شيئا من القوة في الوقت الذي

أن تعرض فيه لالعتراض حيث من المقرر أن عدم مشروعية أي تصرف يمكن

 .يستخلص من هدفه المعيب، دون حاجة إلى البحث عن أي مبرر آخر لعدم المشروعية

وتجدر االشارة في االخير بأن أثر الغش ال ينحصر في استبعاد القانون األجنبي

الذي انعقد اختصاصه عن طريق الغش عندما قام بتغيير ضابط االسناد بل هو أثر

القانون المختص أصال،سواء كان القانون الوطني محل حلولي استبدالي أي أنه يحل

، وهذا )1(أم قانونا اجنبيا مكان القانون األجنبي المختص بطريق الغش) قانون القاضي(

.من القانون المدني كما ذكرنا سابقا 24ما قررته المادة

خدمه فنظرية الغش نحو القانون نظرا الهتمامها تعد صمام األمان الذي يست

سناد بوظيفتها التي أرادها المشرع، وهي اختيار أكثر ان قيام قواعد اإلالقاضي لضم

.القوانين مالءمة لحكم العالقة

فال يمكن السماح لألفراد بالتالعب بهذه القواعد وإال تعرضت آلية تنازع

حت هذه القواعد عديمة الجدوى، هذا من جهة، ومن جهة ضالقوانين برمتها للخطر وأ

الدفع بالتحايل على القانون إلى جانب قوانين البوليس ضمان تطبيق حققأخرى، ي

.القواعد اآلمرة التي تعكس مصالح الدولة العليا والوطنية

وتجدر اإلشارة إلى أن القاضي الوطني ال يتكلف مشقة البحث عن نية الغش

ملزما من ، بحيث ال يعد )2(نحو القانون إذا أشارت قاعدة اإلسناد إل اختصاص قانونه

حيث المبدأ بمحاربة الغش نحو القانون األجنبي إال في حالة وجود معاملة بالمثل من

قبل القاضي األجنبي أو إذا نصت معاهدة دولية على ذلك،فهذا الموقف، فهو على األقل

:ينسجم مع الواقع العملي للعالقات الخاصة الدولية ويبرره سببان أساسيان

                                                             .223هشام علي صادق، المرجع السابق، ص - )1( .، ولكن دون أن يبن سبب هذا الموقف203المرجع السابق، ص وهو ما يؤآده حسن الهداوي، -)2(

Page 263: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

262  

الوطني في كل مرة يعرض عليه نزاع متضمن ال يمكن إلزام القاضي-1

لعنصر أجنبي البحث في نوايا األطراف لتقصي ما إذا كانوا يريدون الغش نحو قانون

كون عدة ته صعوبة عندما ذهوفي كل األحوال ستعترض مهمة القاضي .أجنبي ما

. قوانين أجنبية مرشحة لحكم العالقة نفسها وهي الحالة األكثر شيوعا

في الواقع .دي هذا الموقف إلى رفض آثار األحكام الوطنية في الخارجلن يؤ-2

آثار هذه األحكام في الغالب على حدود الدولة التي أصدرتها وهذا ما أظهره رستقتص

التطبيق العملي، ففي قضية دي بوفرمون لم تكن األميرة تريد االعتراف بطالقها في

نيا وتمكنت من ذلك بعد أن اعترف القانون فرنسا، وإنما أرادت إبرام الزواج في ألما

.األلماني بانحالل زواجها االول

لقانون القاضي يمكن القول أن صة لنهاية فصل االختصاص االستثنائيوكخال

النظر على القاضي أن يمر بمرحلتين أولهما المرحلة االجرائية والمرحلة الثانية هي

زاع وبررنا أساس تطبيق القاضي الدعوى التي يتم عن طريقها الفصل في الن في

.لقانونه الوطني، وللتدليل على ذلك ال بد من استعراض حصيلة الدراسة

تمتع يلقد ثبت في ضوء النقاط التي احتوتها هذه الدراسة ان قانون القاضي

بأرجحية في شأن حل المنازعات مقارنة بالقانون األجنبي كما أن مبدأ المساواة بين

قانون األجنبي رغم مظهر مضمونها القائل بالمساواة وحيادية قاعدة قانون القاضي وال

التنازع، إال أنه في المرحلة االجرائية يمكن استبعاد القانون األجنبي الذي تشير إليه

قاعدة االسناد الوطنية والتي تؤكد الغاية من وضع هذه القواعد التي ترمي إلى تحقيق

العالقات الخاصة الدولية يمكن استبعاده بعدة طرق األمان القانوني والعدالة في تنظيم

يمكن مثال في حالة قصور القانون األجنبي، ثم في الحالة التي ال يظهر العنصر

الدعوى والذي يصلح كضابط االسناد أو عدم تمسك النظر فيثر أاألجنبي على

رة فينتج عن األطراف أو تعذر تطبيق القانون األجنبي وإثارته خارج مجال قانون األس

هذا العمل في الحالتين إخضاع تصرفاتهم لقانون القاضي لكن على عكس ذلك قد

يتمسك األطراف بتطبيق القانون األجنبي المختص بصفة فعلية لكن تعذر الوصول إلى

Page 264: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

263  

إثبات مضمونه وتحديده رغم مساعدة القاضي فاعتبارات المالءمة والعدالة يقتضي عدم

يحكمها ففي كل هذه الحاالت يستبعد القاضي القانون األجنبي ترك المنازعة دون قانون

دون حتى فحص أحكامه وهو ما يعني أن ليس هناك تنازعا قائما بين القوانين رغم

ذلك وباجتياز القاضي للمرحلة االجرائية للفصل في النزاع وبعد الرجوع لقاعدة االسناد

لى وسائل أخرى تيسر الرجوع إلى التي تعين القانون المختص يتعين عليه اللجوء إ

تطبيق قواعد قانونه الوطني باستبعاد القانون الذي أشارت إليه قاعدة االسناد وهي

وهذه اآلليات كلها تؤدي إلى النظرية العامة لتنازع القوانين، آليات متعددة ومنبثقة من

توسيع دائرة اختصاص قانون القاضي أخذا بالمفهوم التقليدي الذي يرى في االحالة

وعلى ، وسيلة للتنسيق بين مختلف االنظمة ولسد الثغرة التي نجمت عن هذا االستبعاد

،ولهذاأخذ االحالة من الدرجة األولى نجد المشرع الجزائري ضوء هذه االعتبارات

تصر المشرع الجزائري على غرار أغلب المشرعين في معظم دول العالم عليها دون اق

النص على االحالة من الدرجة الثانية، ونفس الحال بالنسبة آللية الدفع بالنظام العام

والتقليل إلى حد من القانون المدني، 24ته المادة والدفع بالغش نحو القانون وهو ما أكد

لنظام العام ضد هذه القوانين، فضال عن ذلك أن عدم التوسع كبير من حاالت تدخل ا

شأن المنازعات في في تطبيقه دون داع مما يفسح المجال لنطاق تطبيق قانون القاضي

أثره في مجال الحقوق المكتسبة مع األخذ بعين االعتبار تخفيفذات الطابع الدولي،

.التي نشأت في الخارج واآلثار المترتبة عنها

Page 265: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

264  

الخاتمة

بعد دراستنا هذه تبين لنا، أن القانون الدولي الخاص في كل دولة يحتوي على

قواعد التنازع الوطنية التي تعين القانون الواجب التطبيق على العالقات المتنوعة

إلى ،جنبيلألشخاص ذات البعد الدولي يعد ضرورة لتطبيق القضاء الوطني للقانون األ

جانب احتوائه على قواعد انفرادية التي تساهم في ترجيح مركز قانون القاضي في حكم

.ذاته ضيالمنازعات الخاصة الدولية، مقارنة بمركز القانون األجنبي الذي يطبقه القا

وقد تأكد لنا في ضوء المسائل والنظريات المختلفة التي تناولتها في هذه

عدة مجاالت من التطبيق بصدد المنازعات ذات ىالدراسة، أن قانون القاضي يلق

جنبي، فحين أن حظوظ تطبيقه للقانون األجنبي الذي قد يطبقه هذا القاضي العنصر األ

. د اختصاصه إذا ما اعترضته عوائقفقيال يلقى إال نوع واحد من التطبيق وقد

وهكذا قد بينا أن القاضي الوطني قد يطبق قانونه الخاص على النزاع المطروح

امامه تطبيقا انفراديا استئثاريا على نحو ال ينازعه فيه أي قانون أجنبي، رغم أننا أمام

ص منازعة ذات عنصر أجنبي، تعطي الفرضية بحسب طبيعتها للتنازع على االختصا

صف قانون القاضي بأنه يبين قانون القاضي والقانون األجنبي، وهذا ما جعل الفقهاء

قانون ال مزاحمة بشأن المسألة المطروحة الرتباطها بكيان دولة القاضي سواء من

.واالجتماعية أو االقتصاديةأالناحية السياسية

Page 266: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

265  

جود هذا النوع وقد بينا بعض األمثلة من األنظمة التشريعية والتي أكدت على و

من التطبيق االنفرادي والتي تغطي كل هذه النواحي مدعمة لما استقر عليه القضاء

، وهو ما يميزه عن المنهج )لقانون القاضي( المقارن، ومن ثم فال يكون االختصاص إال

وقد يطبق . الثنائي لقواعد االسناد بمفهومها غير المميز بين القانونين الوطني واألجنبي

قانونه الوطني بصفة احتياطية عندما يتعذر عليه تطبيق القانون األجنبي الذي القاضي

انعقد له االختصاص بمقتضى قاعدة االسناد الثنائية، فإن تطبيق القاضي في هذه الحالة

.يكون وفقا لفكرة عدم انكار العدالة أو ترك الخصومة دون قانون يحكمها

تي تكشف وتؤكد التطبيق االحتياطي لقانون وقد بينا في الباب الثاني النظريات ال

القاضي يعد أمرا غير مشكوك فيه في معظم البلدان، فتعرضنا لحاالت قصور القانون

األجنبي الواجب التطبيق، ثم تطرقنا إلى نظرية التكييف عند تحديد الوصف القانوني

ات للمسألة المعروضة على قاضي الموضوع، والشيء نفسه يسري على القواعد ذ

التطبيق المباشر أو الفوري ذلك أنه بمجرد أن يتحقق القاضي الوطني من توافر شروط

تحقق تلك الحاالت فإنه يطبق قانونه مباشرة دون أن يلتفت إلى ما تقرره قاعدة االسناد

.الوطنية

تم تطرقنا إلى نظرية االحالة، ذلك أنه عندما تقرر قاعدة االسناد الوطنية بتطبيق

سناد الواردة في القانون األجنبي المختص بحكم المسألة الذي سيحيل بدوره قواعد اال

إلى قانون القاضي، فإن القاضي الوطني يقرر قبول تلك االحالة وتطبيق قانونه الوطني

على النزاع، وتوصلنا إلى أن فكرة النظام العام يستبعد بموجبها القانون األجنبي

ساسية التي يقوم عليها النظام االجتماعي في دولة لتعارضه مع االفكار والمفاهيم األ

.القاضي

هي االخرى تؤدي إلى ) التحاليل على القانون(كما أن نظرية الغش نحو القانون

استبعاد تطبيق القانون األجنبي والسبب في هذا هو أن هذه النظرية تقوم على استعمال

.انون ونواحيهوسائل مشروعة في ذاتها غير أن الغاية منها تخالف الق

Page 267: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

266  

وأما فكرة المصلحة الوطنية فإن الغاية منها هي حماية المتعاقد حسن النية، وهو

تعبير عن اختصاص مباشر ومطلق لقانون القاضي، إذا ما قورن بحاالت التطبيق

.االحتياطي غير المباشر والمقيد

في وهكذا فإن حسم النزاع الخاص الدولي بتطبيق قواعد قانون القاضي تبررها

بعض الحاالت اعتبارات سياسية خشية من التضحية بالمصالح الوطنية عن طريق

.القانون األجنبي

كما هو معلوم أن قواعد القانون الدولي الخاص قواعد ذات طابع وطني بالرغم

.من أنها تتسم بالحيادية والمساواة بين القانونين

ال أن الوالء الحقيقي وهو الوضع الذي يعبر عن قاعدة االسناد المزدوجة، إ

يفضل القواعد االنفرادية، وكذا الحظر الذي فرضه المشرع على تطبيق القانون

.األجنبي في حاالت اختصاصه

ورغم كل هذا، هناك اعتبارات يجب مراعاتها بصدد تطبيق قانون القاضي حتى

قانون ال يفقد القانون الدولي الخاص الحكمة من وجوده من جراء التطبيق المطرد لل

.الوطني

:وهكذا فإنه يمكن إجمال النتائج التي تم التوصل إليها بالشكل اآلتي

إن قانون القاضي ال يزال يتمتع بمكانة بارزة في مجال تنازع القوانين، وأنه إذا -1

كانت الحاالت التي يطبق فيها بصفة أصلية، هي حاالت تكاد تكون ضمن تشريعات

محددة وواضحة، فإن الصفة االحتياطية لقانون القاضي تمنحه أيضا مساحة أكثر

رمة على القاضي الوطني عند تطبيقه ضرورة فرض رقابة صانرى اتساعا، ولذا

لقانونه، مع ضرورة تسبيب مقنع للمسألة محل النزاع، بأنها وثيقة الصلة بكيان الدولة

على النحو الذي ال يقبل معه سوى االختصاص الوطني، بذلك يمكن اقامة التوازن بين

، مما يحقق القوانين، مع ضمان المجال إلنطباق القانون األجنبي على االقليم الوطني

Page 268: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

267  

للقانون الدولي الخاص هدفه المتمثل في اقامة التعايش والتناسق بين األنظمة القانونية

.المختلفة

إن المجتمع الدولي أيضا بحاجة إلى ابرام المزيد من االتفاقيات الثنائية والجماعية -2

الخالف المنظمة لمسائل تحديد القانون الواجب التطبيق في العديد من المواضع ما زال

عليها قائما سعيا منها للمحافظة على استقرار التعامالت التجارية وكذلك تحديد الموقف

.من تطبيق القوانين االجنبية بما ينسجم وحجم التعامل الدولي

إن فكرة النظام العام تدخل في أغلب مجاالت القانون الدولي الخاص، وهي بالرغم -3

أن االحتجاج بها والركون إليها في مواقع متعددة من كونها تقوم على أساس صحيح إال

يؤدي إلى شل بعض أحكام القانون الدولي الخاص في الوقت الذي يسعى فيه المجتمع

الدولي إلى التقريب بين وجهات النظر المختلفة سعيا للوصول إلى تشريعات موحدة في

.مسائل عديدة تهم أعضاء المجتمع الدولي أنفسهم

واعد ذات التطبيق المباشر أو الفوري يجب أن ال يغالي في تطبيقها، إن فكرة الق -4

وأنه من الضروري أن تصاغ بنصوص صريحة حتى تولد الطمأنينة بين المتعاقدين

.من عدم ضياع حقوقهم نتيجة التطبيق المجحف لهذه النظرية

معطى عدم توسيع المشرع الوطني لنطاق تطبيق قانونه، حرصا على عدالة الحل ال -5

.لهذه النزاعات لتطبيق القانون األكثر مالءمة وارتباطا بها

القاضي في حل المنازعات قانون ينبغي أال يفهم الدور الراجح الذي يحوزه -6

ذلك الن .القانون األجنبي أمرا استثنائيا تطبيق الخاصة الدولية هو االصل، بينما يصير

تميز المجال هو ما يحفظ لكل قانون مكانته لكل قانون منهما مجاله التطبيقي المتميز و

.في التطبيق

إن طغيان اختصاص قانون القاضي على اختصاص القانون األجنبي الذي قد يطبقه -7

ذات القاضي وتفوق مركز القانون األول على الثاني ليس باألمر الذي تختل له

ا في نظر المحكمة الموازين وذلك من منطلق أن قانون القاضي يظل دائما قانونا وطني

Page 269: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

268  

التي تطبق قواعده، وعلى ذلك، فالقاضي الوطني عند تطبيقه للقانون األجنبي بجانب

قانونه الخاص، فإن هذا القانون األجنبي يصير بدوره قانونا وطنيا إذا ما أصبح هو

دفه مانع من الإلصدار إذا ما ص ةقانون المحكمة المختصة بالنزاع، وقد يكون عرض

التطبيق وهكذا يبقى التوازن قائما والتناسق محفوظا بين النظام القانوني الوطني موانع

األجنبي، ويظل القانون الدولي الخاص قانونا حياديا محققا لهدفه رغم يوالنظام القانون

.انحياز بعض قواعده الراجع إلى طبيعتها الوطنية

ص الدولي، هو في حقيقة مراعاة أن النزاع الخايجب أال يتجاهل المشرع الوطني -8

األمر نزاع بين األفراد، وأن من مصلحة هؤالء أن ينطبق نظامهم القانوني اذا ما

اقتضى األمر ذلك، وال يمكن أن يتحقق هذا إال عن طريق اعطاء الفرصة لتطبيق

قوانينها على اقليم دولة القاضي وهو ما يضمن مراعاة مصلحة دولة القاضي في

. الخارج

 

لمراجعقائمة ا

المراجع باللغة العربية -أوال

I-المؤلفات:

، الموجز في القانون الدولي الخاص، دار قنديل للنشر والتوزيع، أحمد الفضلي -1

 .2004عمان، األردن، طبعة

، تنازع مناهج تنازع القوانين، دراسة مقارنة، مؤسسة أحمد عبد الحميد عشوش -2

 .، االسكندرية1989شباب الجامعة، طبعة

الجزء األول، تنازع القوانين، طبعة القانون الدولي الخاص،أعراب بلقاسم، -3

 .، دار هومة، الجزائر2005

، تنازع القوانين، الطبعة ، القانون الدولي الخاص، الجزء األولالطيب زروتي -4

 .، مطبعة الفسيلة، الجزائر2008الثانية،

Page 270: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

269  

، 2010مال، طبعة ، القانون الدولي الخاص الجزائري، علما وعالطيب زروتي -5

 .الجزائر

دراسات في القانون الدولي الخاص الجزائري، دار هومة، طبعة الطيب زروتي، -6

 .، الجزائر2010

، النظرية العامة في القانون القضائي الخاص الدولي، الكتاب الحدادالسيد حفيظة -7

، منشورات الحلبي 2005الثاني، االختصاص القضائي الدولي، الطبعة االولى

 .الحقوقية

، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، المبادئ العامة والحلول حسن الهداوي -8

 .، دار الثقافة للنشر والتوزيع2005الوضعية في القانون األردني، طبعة

، القانون الدولي الخاص، تطور وتعدد جل النزاعات سعيد يوسف البستاني -9

، منشورات الحلبي 2004األولى ، الطبعة )تنازع القوانين(الخاصة الدولية

 .الحقوقية

، دور االستثمار األجنبي في تطوير أحكام صفوت أحمد عبد الحفيظ - 10

 .، دار المطبوعات الجامعية، االسكندرية2006القانون الدولي الخاص، طبعة

دراسة في ضوء (، قانون العالقات الخاصة الدولية صالح الدين جمال الدين - 11

 .، دار الفكر الجامعي، االسكندرية2006ة ، طبع)الشريعة االسالمية

، القانون الدولي الخاص الجزائري، الجزء الثاني، تنازع عز الدين عبد اهللا - 12

 .، الهيئة المصرية للكتاب1976القوانين واالختصاص القضائي، الطبعة التاسعة

، مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري، الطبعة علي علي سليمان - 13

 .، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر2008الخامسة

، 206، تنازع القوانين دراسة مقارنة، الطبعة األولى عكاشة محمد عبد العال - 14

 .دار الجامعة الجديدة، االسكندرية

، القانون الدولي الخاص الجزائري، تنازع القوانين، دار عليوش قربوع كمال - 15

 .، الجزائر2009هومة، طبعة

Page 271: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

270  

، 2005لقانون الدولي الخاص، الكتاب األول، طبعة ، اغالب علي الداوودي - 16

 .دار وائل للنشر والتوزيع، عمان

، القانون الدولي الخاص، الجزء األول، قواعد التنازع، ترجمة محند اسعد - 17

 .، الجزائر1989فائز انجق، ديوان المطبوعات الجامعية، طبعة

، دار 2004بعة ، تطبيق القانون األجنبي أمام القضاء الوطني، طنادية فضيل - 18

 .هومة، الجزائر

، 2000، اثبات القانون األجنبي في القانون الدولي الخاص، طبعة هشام خالد - 19

 .دار الفكر الجامعي، االسكندرية

، دار 2007، طبعة )دراسة مقارنة(، تنازع القوانين هشام علي صادق - 20

 .المطبوعات الجامعية، االسكندرية

، 1968أمام القضاء الوطني، طبعة ، مركز قانون القاضي هشام علي صادق - 21

 .منشأة المعارف، االسكندرية

، تنازع 2الوجيز في القانون الدولي الخاص، الجزء فؤاد عبد المنعم، - 22

القوانين وتنازع االختصاص القضائي، دار النهضة العربية، القاهرة، بدون

 .طبعة

II -المراجع المتخصصة:

المختصر في التنازع الدولي للقوانين، الطبعة االولى ،أحمد عبد الكريم سالمة -1

 .، دار النهضة العربية، القاهرة1975

االستعجال في المرافعات الدولية المدنية، الطبعة األولى أحمد عبد الكريم سالمة، -2

 .، دار النهضة العربية، القاهرة1988

مركز قانون القاضي في حكم حسام الدين فتحي عبد اللطيف نصيف، -3

 .1990لمنازعات الخاصة الدولية، دكتوراه، جامعة عين الشمس، القاهرة، ا

، اشكالية وآفاق تطور قانون الجنسية في لبنان والدول سعيد يوسف البستاني -4

 .، منشورات الحلبي الحقوقية2006العربية، الطبعة األولى،

Page 272: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

271  

لقوانين ، النظام العام والعالقات الخاصة الدولية بين اصالح الدين جمال الدين -5

، دار الفكر الجامعي، 2004الوضعية والشريعة االسالمية، الطبعة األولى

 .االسكندرية

، تنازع القوانين في مسائل االهلية دراسة مقارنة، عشوش أحمد عبد الحميد -6

 .، مطبعة شباب الجامعة للطباعة والنشر والتوزيع، االسكندرية1989طبعة

حديثة في مشكلة تنازع الجنسيات، طبعة ، االتجاهات العكاشة محمد عبد العال -7

 .، دار الجامعة الجديدة للنشر، االسكندرية1996

، قانون االرادة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق، الطبعة محمود محمد ياقوت -8

 .، دار الفكر الجامعي، االسكندرية2003

 

III - الرسائل والمذكرات: 

، )دراسة مقارنة(، الدفع بالنظام العام في القانون الدولي الخاص بلمامي عمر -1

 .1988ماجستير، جامعة الجزائر،

شهادة قانون الدولي الخاص، رسالة لنيل، نظرية التكييف في البلمامي عمر -2

 .1993دكتوراه دولة ، معهد الحقوق والعلوم االدارية، جامعة الجزائر،

مقارن، لعقود الدولية في القانون الجزائري ال، النظام القانوني لالطيب زروتي -3

شهادة دكتوراه دولة، معهد الحقوق والعلوم االدارية، جامعة رسالة لنيل

 .1992الجزائر،

، الغش نحو الغش، مذكرة لنيل شهادة ماجستير، معهد الحقوق نادية فضيل -4

 .1984والعلوم االدارية، جامعة الجزائر،

Page 273: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

272  

المحل على شكل التصرفات، رسالة لنيل شهادة ، تطبيق قانون نادية فضيل -5

 .1993دكتوراه، جامعة الجزائر،

حل تنازع القوانين لصالح قانون القاضي، مذكرة لنيل مسعود بورغدة ناريمان، -6

 .2010/2011، 1شهادة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة الجزائر

VI -المقاالت:

لى قرار المحكمة العليا، ، تنازع القوانين في الوصية، تعليق عالطيب زروتي -1

، 1994المجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية، الجزائر، سنة

 .680، ص 3عدد

، قراءة في اصالح أحكام تنازع القوانين الدولي في الجزائر الطيب زروتي -2

 .51، ص 01، عدد 2006، مجلة المحكمة العليا سنة 05/10بقانون

ج تنازع القوانين في العقول الدولية، المجلة الجزائرية ، مناهالطيب زروتي -3

 .64، ص 1997للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية، الجزائر سنة

، أثر االتفاقيات الدولية في اعمال فكرة النظام العام، المجلة بلمامي عمر -4

ص ،1995، 1، رقم33الجزائريةللعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية، اجزء

190. 

، اشكالية االحالة في القانون الدولي الخاص الجزائري، المجلة بلمامي عمر -5

، عدد 2008الجزائريةللعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية، الجزائر سنة

 .339، ص 02

، طبيعة القانون األجنبي أمام القاضي الوطني، تعليق على عز الدين عبد اهللا -6

، المجلة المصرية 1970أفريل 14و 13قراري محكمة النقض المصرية

 .169، ص 197، 26للقانون الدولي، المجلد

، االحالة في القانون الجزائري، مجلة العلوم االجتماعية عمارة بلغيث -7

 .280، ص 01، ع 2007واالنسانية، المركز العربي التبسي، تبسة، سنة

Page 274: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

273  

القاضي بوصفه كذلك ، مبدأ االختصاص القاصر لقانون عنايت عبد الحميد ثابت -8

بحسبانه طريقة نقض تداخل مجاالت انطباق القوانين ذات الطابع الدولي، مجلة

، مطبعة 1991، 61القانون واالقتصاد للبحوث القانونية والسياسية، العدد

 .45جامعة القاهرة للكتاب الجامعي، ص

وليات ، األثر المخفف للنظام العام في القانون الدولي الخاص، حكمال كحيل -9

 .85، ص 05، ع 2009جامعة بشار، سنة

، االتجاهات الحديثة في نظرية االحالة، مجلة المحاماة العدد األول هشام خالد - 10

 . 100، جمهورية مصر العربية، ص 72، السنة 1992والثاني،

 

 

 

:المراجع باللغة الفرنسية -ثانيا

1-Ouvrages généraux :

- Audit Beruard, Droit inter. privé, 3e éd., 2000, Economica. - Francois Melin, Droit inter. privé, 2e éd., 2005, LGDJ, Mon---- Paris. - Issad Mohand, Droit inter. privé, (Les règles de conflits), T1, 2e éd.,

1983, OPU, Alger. - Henri Batiffol et Paul Lagarde,Droit inter. privé,(Les règles de

conflits), 6e éd., TII, 1976, LGDJ, Paris. - Jeaun Devippé, Droit inter. privé, 1970. - P. Mayer et Vincent Heuzé, Droit inter. privé, 8e éd., 2005,

Montchaestien. - P. Lerebours pigeonnière et Yvon Loussouarn, Droit inter. privé,

Dalloz, 9e éd., 1970.

2-Ouvrages spéciaux :

Page 275: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

274  

- Kassir Walid, Réflexion sur le renvoi en droit inter. privé comparé, contribution au dialogue des cultures juridiques nationales à l'aube du XX siècle, Bruylant delta Brucelles, LGDJ, 2002, Paris.

- Jeaun Marc Bischoff, La compétence du droit Français dans le règlement des conflits de lois, LGDJ, Paris, 1959.

Notes et Articles :

- Reny Benjamin, exception d'ordre public et mécanisme des lois de police, RCDIP, 2008, P 717.

- Henri Mutoliky, V˚Réfère, Répertoireinter., Dalloz, 1969, P 725.

- Francescakis Phocion, quelques précisions sur les lois d'application immédiate et leurs rapports avec les règles de conflits de loi, Re dip, 1966, P1.

- Francescakis Phocion, V˚ conflits de lois, répertoire de droit inter. Dalloz (1969), P 471, 448.

- Francescakis Phocion, Ordre public, répertoire international, Dalloz, 1969, P 449.

- Francescakis Phocion,répertoire de droit inter., Dalloz, 1969,P 703. - Francescakis Phocion, V˚, Renvoi, répertoire de droit inter., Dalloz,

1969,P 751. - Louis- Lucas, Existe- t-il une compétence générale du droit Français

pour le règlement des conflits de lois, RCDIP, 1959, P 428. - Peroz Hélène, note sous cassation civ., 19/10/1999, RCDIP, 2000, P

751. - Pierre Mayer, N˚ Loi de police, Répertoire de droit inter., Dalloz

(1998). - Muir Watt Horatid, note sous cass.civ. 1er , 21/11/2008, RCDIP,

2007, P 575. - Muir Watt Horatid, V˚ Loi étrangère, répertoire inter., Dalloz 1998. - Sperdutti Guisepe, Les lois d'application nécessaires entant que lois

d'ordre public, RCDIP, P 1977, P 257.

Page 276: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

275  

 

الفهرس

الصفح العناوين

01 ............................................................................................................................................................................مقدمة

09 ................................................................................لقانون القاضيالتطبيق الحصري: األولالباب

15 ...............................أمنقانون القاضي باعتباره قانون بوليس و اختصاص: الفصل األول

16 ....................................................................................تعريف قواعد البوليس واألمن: المبحث األول

17 ........................................................النظام العام مدى اعتبار قوانين البوليس من: المطلب األول

20 .............................القواعد األخرىمقارنة قواعد البوليس بما يشابهها من : المطلب الثاني

22 .............................عد ذات التطبيق المباشرقواالوذات التطبيق الضروري قواعد البوليس

26 ......................................ذات التطبيق الضروري قواعدةللدالضوابط المحد: المبحث الثاني

Page 277: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

276  

27 ..................................................................................الشكلي لقواعد البوليس ضابطال: المطلب األول

28 ...........................................................الفنية ضوابطلتكييف قواعد البوليس وفقا ل: المطلب الثاني

29 ................................االقليمية ضابطتحديد طبيعة قواعد البوليس على أساس : الفرع األول

30 ............................................................لتحديد قوانين البوليس ضابطك النظام العام: الفرع الثاني

37 ..........................................الغائية ضوابطالتحديد قواعد البوليس على أساس : المطلب الثالث

37 .......................)عكس الجو السياسيقواعد البوليس ت( مصلحة الدولة ضابط: الفرع األول

39 .................................................................................................................تنظيم الدولة ضابط: الفرع الثاني

41 ..............................................كأساس لتحديد قواعد البوليس العقالني ضابطال: المطلب الرابع

47 ...................................................................................قانون القاضياالسناد القاصرل: الفصل الثاني

50 ..........................................في تحديد طبيعة النزاعاختصاص قانون القاضي : المبحث األول

51 ......................................................................................اسناد التكييف لقانون القاضي: المطلب األول

52 ..............................................................................طرح المشكل القانوني في التكييف: الفرع األول

55 ...........................................................................التكييف لقانون القاضي تبرير اسناد: الفرع الثاني

56 ..........................................................................التكييف هو تفسير لقاعدة االسناد: ة قانونيةحج-1

56 ..................................................................................................................................ذات طابع نفسي ة حج-2

57 ......................................................................................................................................عمليحجة ذات طابع -3

57 .......................................................................................................حجة منطقية تفرضها طبيعة االسناد-4

58 ..................................................................قا لقانون القاضينطاق التكييف طب دتحدي: الفرع الثالث

59 ..................................................القانون األجنبي في عملية التكييف جوع إلىرال: مطلب الثانيال

61 ............................................................................قانون القاضي في عملية التكييفدور : ولرع األالف

62 ........................................االستثناءات الواردة على التكييف وفقا لقانون القاضي:الفرع الثاني

68 ...................................المتنازعةجنسيات الجنسية دولة القاضي بين ترجيح : لثالمطلب الثا

70 ..............................................تحديد العالقة بين تنازع الجنسيات وتنازع القوانين: الفرع األول

74 ..........................القاضيقانون لحل التنازع في مسائل الحالة الشخصية طبقا :الفرع الثاني

Page 278: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

277  

81 .........................................................................................................مشروعية الفعل الضار: رابعالمطلب ال

87 ..........................................لمصلحة الوطنيةاختصاص قانون القاضي استنادا ل: المبحث الثاني

89 ...............مصلحة المتعاقد الوطني في تصحيح التصرف المبرم مع أجنبي: المطلب األول

93 .......................................................االستثناء المقرر لصالح قانون القاضي مبررات: الفرع االول

98 ............................................قانون مدني 10طبقا للمادة االستثناء شروط تطبيق: الثانيالفرع

99 ............................................................................................................أن يكون التصرف ماليا: الشرط األول

99 .................................آثاره فيها وجوب أن ينعقد التصرف في الجزائر ويرتب :الثانيالشرط

101 ...................أن يكون المتعاقد األجنبي كامل األهلية وفقا للقانون الجزائري: الشرط الثالث

101 .........................................................................أن يكون المتعاقد مع األجنبي جزائريا: الشرط الرابع

أن يكون نقص أهلية األجنبي راجعا إلى سبب فيه خفاء ال يسهل على المتعاقد : الشرط الخامس

..................................................................................................................................الوطني تبينه

102

103 ...............................مدى تطبيق االستثناء في شأن أهلية الشخص االعتباري: الفرع الثالث

103 ....................................................األهلية وناقصها يالنظم الخاصة بحماية عديم: المطلب الثاني

105 ...........................................................................................................تحديد من تجب حمايتهم: الفرع األول

105 ........ية المقررة لناقص األهليةتحديد القانون الواجب التطبيق على الحما: الفرع الثاني

109 .تطبيق قانون القاضي في مسائل الزواج للصفة الوطنية ألحد الزوجين:المطلب الثالث

112 .....حكم الشروط الموضوعية الخاصة بالزواجباختصاص قانون القاضي : الفرع األول

113 ................................................................اختصاص قانون القاضي بحكم آثار الزواج: الفرع الثاني

116 ....................................حكم انحالل الرابطة الزوجيةاختصاص قانون القاضي ب: الفرع الثالث

شخاص ألتطبيق قانون القاضي العتبارات اقتصادية على نشاط ا: الرابع المطلب

..........................................................................................................................................................................عتباريةاال

119

123 ...............................مجال التطبيق االنفرادي لقانون القاضي في عقد العمل: المطلب الخامس

124 ................................................................................................كرة حماية النظام االجتماعيف: الفرع األول

124 ...............................اختالف طبيعة عقد العمل وقاعدة االسناد التي تحكم العقود: الفرع الثاني

Page 279: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

278  

130 ي لقانون القاضيالتطبيق االستثنائ:الباب الثاني

131 .......................................قبل تعيين القانون الواجب التطبيق يالتطبيق االستثنائ: الفصل األول

131 .....................................الدعوىل الفصل في استبعاد تطبيق القانون األجنبي قب: المبحث األول

132 ......................النظرفي الدعوىجنبي في العالقة عند األ رعدم بروز العنص: ولالمطلب األ

142 ...........................................تنازل الخصوم عن التمسك بتطبيق القانون األجنبي: المطلب الثاني

142 ...............................................................................القوة االلزامية لقاعدة التنازع الوطنية: الفرع األول

143 ....)اعتبار القانون األجنبي واقعة( التطبيق غير التلقائي للقانون األجنبي: الفقرة األولى

144 ...............)قانونا اعتبار القانون األجنبي(التطبيق التلقائي للقانون األجنبي :الفقرة الثانية

مسائل األحوال غير في اختصاص قانون القاضيالواردة على د وقيال: الفرع الثاني

..............................................................................................................................................................................الشخصية

147

152 .....................................................................قصور القانون األجنبي الواجب التطبيق: المبحث الثاني

153 ..............................................................تعذر التوصل إلى مضمون القانون األجنبي: المطلب االول

ي ي البحث عن مضمون القانون األجنبدور القاضي والخصوم ف: الفرع األول

..................................................................................................................................................................................وإثباته

154

160 .................................. )عند جهالته(األجنبيعدم التوصل إلى مضمون القانون : الفرع الثاني

167 ...............................................................مستعجلة وقتية إجراءاتالحاجة إلى اتخاذ : المطلب الثاني

168 ....................................................في حالة االستعجال القانون األجنبي إعمالمشكلة : األولالفرع

173 ................لقانون القاضي في حالة االستعجال حدود االختصاص االستثنائي: الفرع الثاني

176 ...................................................تطبيق قانون القاضي وفكرة قوانين النظام العام: المطلب الثالث

176 .................................................................................علق التدابير المستعجلة بالنظام العامت: األولالفرع

173 ..............................................................................التطبيقات القضائية لفكرة النظام العام: الفرع الثاني

179 ..............................الدعوىالتطبيق االستثنائي لقانون القاضي عند النظر في : الفصل الثاني

179 .........................................................................من الدرجة األولى باإلحالةنظام األخذ : المبحث األول

181 ..................................................................طبقا لقانون القاضيحالة أسباب األخذ باإل: ولالمطلب األ

Page 280: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

279  

183 ....................................................من الدرجة األولى لإلحالةاألسس المعتمدة لتبرير: الفرع األول

183 ...............................................................................................................بمثابة تفويض اإلحالة:الفقرة األولى

184 ....................................................................اإلحالة بموجب قاعدة اإلسناد االحتياطي : الفقرة الثانية

Niboyet( 186نظرية نبواييه (القوانينتبرير اإلحالة على أساس فكرة إقليمية : الفقرة الثالثة

187 ...)نظرية باتيفول (سنادقواعد اإلالتنسيق بين تبرير اإلحالة على أساس: ةالفقرة الرابع

189 ...........................األولى الدرجة أساس تفسير مشكلة توقف اإلحالة عند:الفقرة الخامسة

191 ........................ )اإلحالة من الدرجة األولى(تقييد اختصاص قانون القاضي : المطلب الثاني

192 ..............................................اإلحالة فيما يخص شكل التصرفات القانونيةاستثناء : الفرع األول

193 .............................................................حالة األخذ بقانون اإلدارة ياستثناء اإلحالة ف: الفرع الثاني

194 .......................................................األحوال الشخصية عدم األخذ باإلحالة في مجال: الفرع الثالث

194 ..................................................................فكرة الحل الوظيفي والموقف من االحالة: لثالمطلب الثا

199 .......................................لنظام العامتبعاد تطبيق القانون األجنبي للمخالفة لاس: المبحث الثاني

201 .........................................الدفع بالنظام العام الستبعاد القانون األجنبي المختص: المطلب األول

202 ...............................................................................................صعوبة ضبط فكرة النظام العام: الفرع االول

207 ................................................وحدها النظام العام في القواعد اآلمرةفكرة صر ق: االتجاه األول

209 ....................................................................قواعد اإلسنادبين النظام العام و التنسيق: االتجاه الثاني

210 .................................................................سلطة القاضي في تحديد فكرة النظام العام: الفرع الثاني

214 .............................................................النظام العاممفهوم تقيد القاضي بمقتضيات : المطلب الثاني

221 ................................................................................................................النظام العام تقييد مبدأ: الفرع األول

228 ..............................................................................تقييد المعاهدة ألثر النظام العام مدى: الفرع الثاني

236 ....................................................................................................الدفع بالغش نحو القانون: المبحث الثاني

238 .......................................................................شروط إعمال الدفع بالغش نحو القانون: المطلب االول

238 ....................................................................................................................تغيير ضابط االسناد: الفرع االول

239 ..............................................................................................................................توافر نية الغش: الفرع الثاني

Page 281: ﺓﺩﺨ ﻥﺒ ﻑﺴﻭﻴ ﻥﺒ – 1 ﺭـﺌﺍﺯـﺠﻟﺍ ﺔـﻌـﻤﺎـﺠbiblio.univ-alger.dz/jspui/bitstream/1635/14370/1/BENZIADA_OUMESSAD.pdf · -ﺓﺩﺨ ﻥﺒ

 

280  

243 ......................................................................................ساس نظرية الغش نحو القانونأ: المطلب الثاني

245 ........................................................................................نطاق الدفع بالغش نحو القانون :المطلب الثالث

248 .......................................................................المختص الغش نحو القانونآثار الدفع ب: المطلب الرابع

249 ................................................................................................عدم النفاذ يقتصر على النتيجة: الفرع األول

250 ...........................................................................................النتيجةوعدم نفاذ يشمل الوسيلة : الفرع الثاني

255 ................................................................................................................................................................................الخاتمة

259 ...............................................................................................................................................................................المراجع

266 ..............................................................................................................................................................................الفهرس