Adıyaman Üniversitesi İslami İlimler Fakültesi İslami İlimler Araştırmaları Dergisi 361-494, (1/2018)

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية

) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

عوض بين ذيابد. مصطفى د. حسني يوسف قزق

امللخص

يتناول البحث قضية مهمة يف الدراسات اللغوية، أال وهي بعض تراكيب

اللغة اليت تعود ملصادر هلجيه يف لغة العرب، وصفها بعض النحاة

واملفسرين بالقلة، والضعف، والرداءة. وقد وردت يف القرآن العظيم يف غري

قد نفى عن القرآن فصاحته، وبالغته، وبيانه. ما موطن، وال أعرف أحدا

دفع الباحثني إىل النظر يف هذا الرتكيب، وحماولة الولوج إىل عناصره

واكتشاف العالقات القائمة بينها، واستشراف الداللة الكامنة وراءه،

وبيان خصوصية هذا الرتكيب يف االستخدام القرآين، من خالل حتليل

الكرمي، حنويا ودالليا. بعض اآليات يف القرآن

اللهجات ، العالقات النحوية ، لغة أكلوين : الكلمات المفتاحية الرباغيث ، متاسك النص ، الداللة والنحو .

اء التطبيقية / كلية إربد الجامعية / قسم اللغة العربيةجامعة البلق –األردن

Mnb1963m@yahoo.com

Adıyaman Üniversitesi İslami İlimler Fakültesi

İslami İlimler Araştırmaları Dergisi 361-394, (1/2018

DIALECTS BETWEEN THE COHESION OF TEXT AND THE GRAMMATICAL BASE

(AKALUNY ALBARAQEETH AS A MODEL)

Abstract: This paper deals with an important issue in linguistic studies, namely, as some structures dating back to the sources of dialects in the language of Arabs. Described by some grammarians and commentators as rare, weakness, and mediocrity. and Have been received in the Qur'an other place. And I do not know anyone who denied his eloquence, and the statement the Qur'an . This prompted the researchers to look at the structure, and try to access the elements and the discovery of the relationships among them, and exploring the significance of the underlying structure ,and explore the property of this structure, in the Holy Quran, through analyzing some verses in the Koran, syntactically and semantically. Key Words: Dialects, grammatical relations The language of AkalunyAlbarageath, the angels , the cohesion of the text , semantics , grammar .

Adıyaman Üniversitesi İslami İlimler Fakültesi İslami İlimler Araştırmaları Dergisi 361-394, (1/2018

METIN VE GRAMATIK TEMEL ARASINDAKI BAĞINTILAR

Özet: Bu çalışma, filolojik araştırmalar hakkında

önemli bir konuyu ele almaktadır. Bu konu ise

Arap dilinde bazı dilsel terkiblerin bir takım

lehçelerin kaynaklarına dayanıyor olmasıdır.

Nahivciler ve Müfessirler bu terkibleri “kıllet”,

“za’f” ve “redâet” şeklinde nitelemektedirler.

Kurân-ı Kerîm’in bir çok yerinde bulunan bazı

ifadeler, araştırmacıları terkib konusunda

inceleme yapmaya, terkibin unsurlarının

derinliklerine inmeye, bu unsurlar arasında ki

ilişkileri keşfetmeye, bunların arkasında gizli

olan delaleti tespit etmeye ve bazı âyetlerin nahiv

ve delâlet itibariyle tahlil edilmesi sırasında bu

terkîbin Kurânî açıdan nasıl kullandığının

açıklanmasına sevk etmiştir.

Anahtar Kelimeler: Lehçeler, Nahvî

ilişkiler,Delâlet, Nahiv.

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

364

المقدمةإن ما مسي بلغة " يتعاقبون فيكم مالئكة " أو لغة " أكلوين الرباغيث " هي لغة

ا الذكر احلكيم، فضال نآ عن أن تعدد اللغات يف القر من لغات العرب اليت نزل ا من مظاهر إعجازه الباهرة؛ إذ مل ينزل بلغة قوم من العرب يعد مظهر الكرمي،الذي

على قوم من العرب دون غريهم. بل ظهر مبظهر الكمال واالكتمال وحسب، ومل يقتصروالشمول جلماع معىن الكمال، واإلحكام يف متثيله وتعبريه بلغة العرب ولغات العرب.

). فجاء متفوقا على ٢لعلكم تعقلون" (يوسف: نا عربيا"إنا أنزلناه قرآحتقيقا لقوله تعاىل:بالغة اللغة املعهودة، وعبقريتها اللغوية، مزودا إياها بأساليب وتراكيب حتقق الغاية القصوى من اللغة يف إبالغها، وأوقـعها مواقع الزال العلماء منها على قدر حمدود من إدراك أسرارها

واال متعددة حبسب الغاية من وراء ذلك، وأبرز هذه الغايات ومعرفة حقائقها. وقالوا فيها أقوغاية هذا البحث الوقوف على وضع قواعد النحو، وموافقة هذه القواعد اليت انتهوا إليها.

أسرار الرتاكيب القرآنية ، واليت وقف منها النحاة مواقف خمتلفة . وقد انتهج الباحثون ووصفه ، وحتليله ، وتبني أسراره يف ضوء قواعد املنهج الوصفي ، يف رصد هذا الرتكيب ،

اللغة العربية ، ومواقف النحاة من املظاهر اللهجية يف النحو العريب .

طبيعة التركيب النحوي كان للنحويني مواقف متباينة من هذه اللغة اليت مل يستطع أحد منهم إنكارها على

إن من العرب من يقول ضربوين ، وضرباين اختالف مذاهبهم وآرائهم. جاء يف الكتاب:"م أرادوا أن جيعلوا للجمع ا يف "قالت فالنة" وكأ أخواك ، فشبهوا هذا بالتاء اليت يظهرو

ا لغة لبعض العرب، ومل ينسب )1(عالمة كما جعلوا للمؤنث، وهي قليلة ..." أقر سيبويه أ

علم الكتب ، 1،ج ) 3هـ)، الكتاب، تحقيق عبد السالم هارون (ط188سيبويه، أبو بشر (المتوفى: )1( 40، صم1953بيروت

365

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

ا فاشية يف غري قب يلة من قبائل العرب ، ولعلها تنتشر يف هذه اللغة لقوم بعينهم ، رمبا ألذه اللغة من نواح خمتلفة من جزيرة العرب، إضافة إىل معرفة العلماء آنذاك مبن خيتص

ا؛ أوردهاأحياء العرب، كحال الشواهد الشعرية اليت سيبويه يف كتابه ومل ينسبها إىل أصحاا بني العلماء. والواو واأللف ا، بل لشهر عالمة مؤذنة بأن الفاعل مثىن أو ليس جلهله

ذا ال ينكرها ا"قليلة". وهو جمموع، كما تكون التاء عالمة للتأنيث. مث جنده يصفها بأوال خيرجها من الفصاحة، بل يصف استعماهلا بالقلة، ويبدو أن مصطلح القلة يشري إىل

آنذاك، فقد كان اخلليل اخليارات املتاحة للمتكلم يف الفصاحة من أبناء احلاضرة يف العراقوالكسائي وغريهم من النحاة يطوفون يف البوادي ليقفوا على لغات العرب، ولو كان العرب يتحدثون لغة واحدة ما كان هناك حاجة للطواف بالبوادي. فهؤالء الذين نشأوا فيها بعيدا

منها ما هو عن البادية، هم أمام عدد من لغات العرب الفصيحة، منها ما هو شائع كثري، و قليل االستخدام مع فصاحته.والعرب تفرد فعل االثنني واجلميع إذا تقدم. قال اهللا جل امسه: {مث أفيضوا من حيث أفاض الناس}.ومنهم من جيمع فعل اجلميع إذا تقدم.قال اهللا

عموا وصموا كثري تعاىل: {وأسروا النجوى الذين ظلموا}. وقال عز وجل: {مث هم}.وقال بعض أهل العلم: مسعت أبا عمرو اهلذيل وهو يقول: "أكلوين الرباغيث"، منـ

)1(وكان فصيحا.يقول ابن السراج متابعا سيبويه، فأما من قال: أكلوين الرباغيث فيجعل يف الفعل

أو جمموع كما كانت التاء يف عالمة التثنية واجلمع ومل يرد الضمري ليدل على أن فاعله مثىن" إذا تقدم الفعل ال )3(. يقول ابن مالك:)2("فعلت هند" فرقا بني فعل املذكر واملؤنث

يلحق به عالمة تثنية، وال مجع يف اللغة املشهورة. بل يكون لفظة قبل غري الواحد والواحدة كلفظه قبلهما"

ة ، وزارة التراث ) العوتبي، أبو المنذر ، اإلبانة في اللغة العربية، تحقيق: د. عبد الكريم خليف1(

434، ص1999 -هـ 1420القومي والثقافة،مسقط ،عمانالطبعة: األولى، ، 1ج هـ) األصول في النحو، تحقيق: عبد الحسين الفتلي، 316: ت)ابن السراج، أبو بكر (2(

71، صبيروت،مؤسسة الرسالة، لبنان . 580، ص 2جكافية الشافية، هـ)، شرح ال672) الجياني، أبو عبد هللا، جمال الدين (المتوفى: 3(

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

366

من باب التطور اللغوي، الذي يفرتض أن وقد نظر بعض الباحثني إىل هذا الرتكيب اللغوي أسلوب"لغة أكلوين الرباغيث" أسبق يف االستعمال، مث نتيجة للتطور اللغوي شاع االستعمال حبذف عالميت التثنية واجلمع اختصارا وختفيفا. إذ يرى بعض الباحثني أن هذه

أسبق من القاعدة اللهجة تعد مرحلة من مراحل التطور اللغوي يف حياة العربية، وهي هلجةيف هذا التحليلويأيت )4(العامة املعروفة اآلن، وهي إفراد الفعل مع الفاعل املثىن أو اجلمع.

إطار الدراسات اليت ترى أن هذا اإلسناد قد شاع يف بعض اللغات السامية ، ومنها اللغة نوع من تأثري اآلرامية يف اإلفراد واجلمع ، وهذا ال بطابقهاآلرامية ، فالفعل إذا تقدم الفاعل

قد وقع يف القدمي للعرب احملكتني باألقوام اآلرامية كعرب احلرية ، ومشايل احلجاز ، ومثله ما أشار إليه "فليب حىت" يف كتاب (اللغات السامية ) إىل ما يف السريانية من إسناد الفعل

)1(ة .إىل فاعلني مضمر وظاهر، والسريانية هلجة من هلجات اآلرامية الشرقي

وإذا كانت العربية الفصحى، قد ختلصت رويدا رويدا من هذه الظاهرة فإن بقاياها ظلت حية، عند بعض القبائل العربية القدمية، كقبيلة طيئ. وحكيت كذلك عن قبيلة:" بلحارث بن كعب، وقبيلة: " أزد شنوءة " ومها من القبائل اليمنية، اليت متت ألصل قبيلة

مث أنتج هذا الرتكيب تركيبا آخر هو اللغة املشهورة اليت جترد الفعل من )2(لة.طيئ بصعالمة التثنية واجلمع، مع بقاء الرتكيب األول يف الوقت نفسه؛ ليقدم مستوى جديدا من الرتكيب النحوي وظف يف النص القرآين توظيفا خاصا، حتاول هذه الدراسة الوقوف على

ما فيه من جديد.

ويؤيد هذا التعدد يف لغات العرب وتزامن تركيبان قدمي وحديث يف اللغة املشرتكة مقولة ابن جين:"فالناطق على قياس لغة من لغات العرب مصيب غري خمطئ، وإن كان غري

هذا منهج النحاة، وعلى وجه اخلصوص "أهل القياس" الذين )3(ما جاء به خريا منه".

61) حسن عون، اللغة والنحو، ص 4( 286) الزعبالوي ، ص1(ص ه ،1403، دار الرفاعي بالرياض 1بحوث ومقاالت في اللغة،، ط،) رمضان، عبد التواب2(

252 .20،ص)،دار الهدى للطباعة والنشر، بيروت، د.ت2) ابن جني، أبو الفتح، الخصائص، (ج3(

367

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

يح وأفصح وغري فصيح، اعتمادا على معايري الكثرة أو استنادا جيعلون كالم العرب بني فصإىل القبائل اليت أخذوا عنها ووصفوها بالفصاحة. فقد أخذ البصريون عن قيس ومتيم وأسد مث هذيل وبعض كنانة وبعض الطائيني فقط، لكن الكوفيني وسعوا الدائرة وأخذوا عن قبائل

ذا اختلف املقياس يف يدهم، واختلف احلكم هلذا مل يرض البصريون أن يأخذوا عنها، وهلبالصحة واخلطأ، ورأينا البصريني يسمون هلجات عربية بالضعف والشذوذ، بينما الكوفيون

وتعد قبيلة طيئ عند اللغويني والنحاة العرب، )4(ارتضوها وتوسعوا يف كثري مما أنكره غريهم. )5(.ةمن القبائل الفصيحة، اليت تؤخذ عنها اللغ

أما ما ورد يف القران الكرمي من لغات العرب فال ميكن الشك بفصاحته مهما كان حجم وروده فيه، حىت لو كان مرة واحدة، فقد نزل القران الكرمي بلغة العرب، وليس بلغة قوم منهم دون غريهم، ومما جاء من ذلك على لغة أكلوين الرباغيث مما صرح به النحاة

على سبيل املثال:واملفسرون

)1(قوله تعاىل: "وأسروا النجوى الذين ظلموا " -

نة فـعموا وصموا مث تاب الله عليهم مث - عموا وقوله تعاىل: "وحسبوا أال تكون فتـهم والله بصري مبا يـعملون"وصموا كثري منـ

)2(

)3(الشفاعة إال من اختذ عند الرمحن عهدا" ميلكون وقوله تعاىل: "ال -

)4(وقراءة طلحة بن مصرف " افلحوا " -

الدار العربية للكتاب ليبيا )األولحمد علم الدين، اللهجات العربية في الدارة (القسم ) الجندي، أ4(

198ه،ص1398 229) رمضان،بحوث ومقاالت في اللغة، ص 5( 3األنبياء/ سورة ) 1(

7) المائدة/2(

87/) مريم 3(

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

368

) باأللف،وهي قراءة السلمي وابن وثاب وطلحة واألعشى بلغانوقرأ بعضهم (إما ي - )5(واجلحدري

وجاءت كذلك يف حديث رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يف مواطن كثرية، "ألفيت يف كتب احلديث املروية الصحاح ما يدل على كثرة هذه اللغة قال السهيلي:

ا حنو ما جاء يف قول وائل بن حجر يف سجود النيب صلى اهللا عليه وسلم "ووقعتا وجود )6(ركبتاه قبل أن تقعا كفاه".

وقد جاء يف كتاب الديباج للسيوطي عن عمران بن حصني قال: قال رسول اهللا عليه وسلم:"احلياء كله خري" أو قال "احلياء خري كله" فقال بشري بن كعب إنا صلى اهللا

لنجد يف بعض الكتب أو احلكمة أن منه سكينة ووقارا هللا ومنه ضعف فغضب عمران حىت )1(....." امحرتا عيناه

وعن أيب هريرة: أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال:"يتعاقبون فيكم مالئكة بالليل ئكة بالنهار. وجيتمعون يف صالة العصر، وصالة الفجر مث يعرج الذين باتوا فيكم ومال

م كيف تركتم عبادي؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم فيسأهلم وهو أعلم .)2(يصلون. "

وقد ورد احلديث يف مسند أمحد برواية أخرى يبدأ احلديث فيها بـــ: قال رسول اهللا عليه وسلم:"إن هللا مالئكة يتعاقبون، مالئكة الليل، ومالئكة النهار".مث جنده يف صلى اهللا

اجلزء الثالث عشر من الكتاب نفسه يرد بصيغة أخرى هي:"املالئكة يتعاقبون فيكم

32-31ص ،) تفسير الفخر الرازي4(

184، ص6) ابن سيدة ، إعراب القران ،ج5(

88، هامش ص3بن يعيش،شرح المفصل،ج) ا6(

)1(، تحقيق: محمد مصطفى األعظمي، مؤسسة زايد بن 1) ط2ه، الموطأ، (ج 179) مالك بن انس 2(

238م)،ص 2004سلطان، ابو ظبي

369

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

وقد تعقبنا نص احلديث يف كتب متون احلديث )3(مالئكة بالليل ومالئكة بالنهار ..." ة الورود فيها وهي الغالبة، حىت يف صحيحي مسلم والبخاري.فوجدنا الصيغة األوىل كثري

قال أبو البقاء:"ويف حديثه: "فكن أمهايت حيثثنين". النون يف "كن" حرف يدل على مجع المؤنث وليست امسا مضمرا؛ ألن أمهايت هو اسم كان فال يكون هلا امسان. .

ا الواو يف لغة "أكلوين الرباغيث، وجيوز أن جتعل النون امسا مضمرا ويكون ونظري النون ههن )4(أمهايت بدال منه."

أما يف الشعر فأمثلة هذه اللغة كثرية، منها ما ذكره ابن يعيش من قول )5(للفرزدق:

)1(السليط أقاربه يعصرن حبوران ولكن ديـــــــــــايف أبـــوه وأمــــــــــــــه -

)2(. يف اشرتاء النخيل أهلي فكلهم يعذليلومونين ومنه قول الشاعر: -

عيناك عند القفا أوىل فأوىل لك ذا راعيه ألفيتاوقول اآلخر: -

)3(:ومما جاء يف شرح شذور الذهب -

واخرون،مؤسسة طاألرناؤو، تحقيق: شعيب 12،ج1) أحمد ابن حنبل، مسند االمام أحمد بن حنبل ط 3(

460ص ،2001الزعبالوي، هـ)، إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث النبوي، حققه د. 616) العكبري، أبو البقاء (المتوفى: 4(

-هـ 1420مصر/ القاهرة،الطبعة: األولى، -عبد الحميد هنداوي، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع 36-35،ص1م ،ج1999

89-87، ص3شرح المفصل،ج، ابن يعيش) 5(،تحقيق عبد السالم هارون وعبد العال 1ه) همع الهوامع، ج911السيوطي، جالل الدين ( -) 1(

255،ص 1992سالم مكرم مؤسسة الرسالة، بيروت ابن هشام ،في شذور الذهب،تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد 255،ص1، جمرجع نفسه) ال2(

179-176ص ،د.ت ،179-176ص .ت ،،د) ابن هشام ،في شذور الذهب،تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد 3(

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

370

قول الشاعر:

عد ومحيممب أسلماه توىل قتال املارقتني بنفسه وقد

وكذلك قول الشاعر:

غر السحائب ألقحنهانتج الربيع حماسنا

الغواين الشيب الح بعارضي فأعرضن عين باخلدود رأين وأورد ابن هشام قول الشاعر: )4(النواظر

ذا يتبني لنا حضور هذه اللغة يف مستويات العربية املختلفة يف القرآن واحلديث ولعرب. فهل هذه اللغة سبقت املستوى الفصيح الذي أقره النحاة، واليت والشعر وكالم ا

موع، مث تطورت البنية الرتكيبية للجملة الفعلية وبقيت توحد الفعل مع الفاعل املثىن أو اآثار هذه اللغة يف االستخدام يف بعض اللهجات واحنسرت يف غريها؟ أم هي مظهر هلجي

تكون له أصول تعود إىل اللغات السامية؟ مهما يكن من أمر زامن االستعمال الفصيح قد ذلك فيمايأيت . وستتبنيفإن وجود الرتكيبني يف العربية يغين أساليب العربية يف التعبري،

.لغة أكلوني البراغيث في نظر النحويين

ا النحاة، وذكروها يف غري موقف،ذكرها سيبويه هي لغة من لغات العرب اعرتف يف الكتاب يف غري موضع، ومن ذلك قوله:"اعلم أن من العرب من يقول: ضربوين قومك،

ا يف قالت فالنة " ولكن التاء بإمجاع حناة )1(ضرباين أخواك، فشبهوا هذا بالتاء اليت يظهروالعربية عالمة وليست ضمريا. أما األلف والواو والنون فضمائر؛ لذا وقع تعدد االحتماالت

وقد كان انشغال النحاة بتأويل هذا الرتكيب ؛ )2(يف املعىن يف ختريج ما بعدها.املتباينة

.179ص ،مرجع نفسه) ال4( 237/ 1،جالكتاب) 1( 1) عمايرة، أراء في الضمير العائد ولغة اكلوني البراغيث، دار البشر، عمان، ط2( 39 -38،ص، م1989،

371

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

ألنه خيالف قواعد النحو، فيما يسمى بعمل الفعل يف فاعل واحد ال غري، دون حماولة للكشف عما يضيفه هذا الرتكيب من معىن، ومتاسك للرتكيب والنص.

ا:" لغة فاشية لبعض العرب كثرية يف كالمهم وأشعارهم، وقد وصفها ابن يعيش أ"وأنكر قوم من النحويني هذه اللغة، وتأولوا ما ورد منها، )3(وعليه قوهلم أكلوين الرباغيث.

)4(وال يقبل قوهلم يف ذلك بل هي ثابتة بنقل األئمة."

يقول ابن عقيل يف شرحه :"ومذهب طائفة من العرب، وهم بنو احلارث بن عل إذا أسند إىل ظاهر مثىن أو جمموع، أيت فيه بعالمة تدل على التثنية أو كعب، أن الف

اجلمع . مث يصفها يف موضع آخر بقوله: "وهذه اللغة القليلة هي اليت يعرب عنها النحويني )5(بلغة"أكلوين الرباغيث".

ل:(جاء جاء يف امللحة أن فعل الفاعل يوحد إن كان ملفرد أو مثىن أو جمموع، فنقو المتناع زيد) و(جاء الزيدان) و (جاء الزيدون) وال يقال:(ذهبا الزيدان) وال (ذهبوا القوم)

)1(ضمري، وال يقع ذلك إال إذا تأخر الفعل عن االسم. عودة الضمري على غري ذي

لقد كانت دراسة النحاة هلذه اللغة يف إطار حديثهم عن القاعدة اليت ترفض أن ،وقد جاء يف اهلمع أن من أحكام الفعل جتريد عامله من )2(عل واحد.جيتمع فاعالن لف

لكن هذه الظاهرة مل تكن مقصورة )3(. عالمة التثنية واجلمع، إال يف لغة أكلوين الرباغيث

87ص ، 3ج) ابن يعيش ،شرح المفصل،3(،تحقيق: 1)، ط1ابن الصائغ محمد بن حسن ، اللمحة في شرح الملحة (ج) 4(

األولى، :لطبعةم بن سالم الصاعدي ، الجامعة اإلسالمية ، المدينة المنورة، اإبراهي .313، ص2004

82م ،ص 1997) شرح ابن عقيل ،محمد محي الدين عبد الحميد ، دار الفكر5(،85 312-1/311) اللمحة في شرح الملحة1( 39، ص ) عمايرة، أراء في الضمير العائد ولغة اكلوني البراغيث2( 256،ص2) السيوطي، همع الهوامع،ج3(

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

372

على احلديث اليومي عند قبيلة طىيء، بل وجدت يف بعض اللهجات القدمية، ويف أبيات )4(طردة يف اللهجات العربية احلديثة.، وهي مواإلسالميمن الشعر اجلاهلي

ويتبني مما سبق ظاهر قول سيبويه "أن من العرب" أي لغة من لغات العرب، وليس كل العرب أو أغلبهم، فهي حمصورة ببعض العرب، ومل تبلغ من االنتشار الكثري،

ا لغة قليلة . بينما جند ابن يعيش يصفها بالفا شية الكثرية يف كالم ويصفها ابن عقيل بأا ضعيفة، العرب وأشعارهم. " قالوا: وهي لغة ضعيفة، ونازع السهيلي النحويني يف كو

)5(ونسبها بعضهم ألزد شنوءة ، وكثريا ما جاء عليها احلديث، ويف القرآن مثلها."

يون إن ورود هذه اللغة يف القرآن واحلديث النبوي على النحو الذي صرح به اللغو والنحويون واملفسرون، جيعلنا ال نطمئن إىل هذه املقوالت بتضعيف هذه اللغة أو تقليلها أو شذوذها، وفق ما جاء يف وصف النحاة هلا يف معرض حديثهم عنها. وينتابنا قلق ظاهر ا لغة من لغات حول استعمال القران احلكيم هلذه اللغة وال يقنعنا النظر إليها على أ

، وردت يف القرآن العظيم كإحدى اللغات السبع اليت وردت فيه كما هو العرب وحسبثابت يف األثر عن حبيبنا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وحسب. بل يشغلنا هاجس أبرز مالحمه أن بالغة القران وبيانه يأبيان إال أن يكون لورود هذه اللغة وهذا الرتكيب ما يربره

دالليا وتركيبيا.

تكون غايته حتقيق املعىن الدقيق الذي بين عليه، إضافة إىل القاعدة فالرتكيب قابلها زيادة يف املعىن. والزيادة يف املعىن قد تظهر يالنحوية اليت مفادها أن أية زيادة يف املبىن

بوجوه خمتلفة منها: املعىن اإلضايف الذي تضيفه زيادة املبىن، أو توجيه املعىن،أو حتديده أو دف الستقصائه هنا.توضيحه ، وغري ذلك مما ال

م، 1973حجازي ، محمود، علم اللغة العربية، وكالة المطبوعات الكويت، ) 4(

.233ص 204ص ،) ابن يعيش ،شرح المفصل5(

373

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

فالداللة هي اليت حتكم الرتكيب من زيادة أو نقص أو تقدمي أو تأخري، وفقا للمعىن املراد. ويفرتض الباحثون بل ويعتقدون أن القران الكرمي (كالم اهللا) احملكم يتطلب

ما كان ليستخدم هذا ذلك. وكذلك حديث رسول اهللا عليه أفضل الصالة والسالم الرتكيب عفو اخلاطر دون قصد أو بيان.

سنحاول اإلجابة عن هذه التساؤالت واستقصاء جوانب هذه الظاهرة وتلمس الداللة اليت حيققها هذا الرتكيب، وهل ميكن االستغناء عنه دون أن يتأثر املعىن؟ وما املعاين

اليت يضيفها؟

نظر يف بعض من اآليات القرآنية من جانبيها الداليل لإلجابة عن هذه األسئلة سنوالرتكييب النحوي، ومدى استجابة الرتكيب للداللة اليت تفضي إليها هذه النصوص، ومدى ما حيققه الرتكيب الذي جيمع بني الضمري والفاعل الظاهر من إضافة ملعىن اجلملة. إذ يرون

جعلهم يتنكبون الطريق، وحياولون التأويل مما )1(أن الفعل ال يكون له إال فاعل واحد.واخلروج من هذا املأزق بالبحث عن احتماالت ممكنة لبنية اجلملة يف كل اجتاه يسمح به

، إذ ال نرى تأثريا بينا ظاهره النظام اللغوي. مما قد يؤدي إىل اللبس والغموض من غري فائدةم النحوية هلذه االفرتاضات الرتكيبية عل ى املعىن والداللة النحوية للجملة.يف مقوال

وهذه اللغة كما بينها سيبويه جتعل احلرف الذي يكون ضمريا عند إسناد الفعل إليه عالمة للجمع، ويكون الفاعل هو االسم الظاهر بعده. فاإلشارة البارزة يف هذا

الفة للقاعدة اليت الرتكيب هو حتويل الضمري إىل حرف دال على جمرد اجلمع أو التثنية وخمأرساها النحاة، ونص عليها اخلليل كما مر آنفا، فالواو إضمار مع الفعل. وعلى هذا جند ا جاءت على هذه سيبويه يف إعرابه يتجاوز عن هذه اللغة عند إعرابه لآليات اليت ذكر أ

الدر المصون في علوم الكتاب ، هـ)756أبو العباس (المتوفى: ،) السمين الحلبي 1(

354، ص)3جار القلم، دمشق(د،ق: الدكتور أحمد محمد الخراطيحقتالمكنون،

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

374

الرباغيث اللغة، ويعرب الواو يف أسروا ( فاعال ) للفعل أسر، وليس حرفا على لغة أكلوين )1(ا،فقد وصفها بالقلة. يعرتفكما قرر فيما ذكرناه سابقا، وكأنه ال

وكذا النون يف حديث رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم:"فكن أمهايت حيدثنين" )2(حرف يدل على مجع املؤنث وليس امسا مضمرا.

من معان تكمن يسعى الباحثون إىل الكشف عما ميكن أن مييطه النص القرآينخلف هذا الرتكيب يف االستعمال القرآين، كما يرمي إىل تعرف جوانب البالغة يف هذا الرتكيب، ومجالياته اليت يقف وراءها هذا االستخدام اخلاص للرتكيب اللغوي يف هذه املواطن، فهو يف عرف الدراسة اللغوية ميثل احنرافا عن االستعمال الشائع لرتكيب اجلملة

فعلية. فما هي مربراته، وماذا يقدم للمعىن؟ وحنسب أن يكون من باب اإلعجاز البياين ال والرتكييب، إذ مت اختياره يف هذه املواطن دون غريها.

ورد ذكر لغة أكلوين الرباغيث يف كتاب سيبويه يف معرض احلديث عن القاعدة يف قوهلم:"أكلوين الرباغيث" عالمة النحوية اليت متنع وقوع فاعلني لفعل واحد،وعد الواو

فرارا من خمالفة القاعدة النحوية. فالفعل جنس فإذا )3(للجمع كالتاء يف "كتبت هند" قلنا:زيد يضرب، استغرق مجيع أنواع الضرب ومل جيز أن يكون داال على نوع واحد من

، فالنحاة ال )4( الفعل، وإذا كان مستغرقا للجنس كان أمره واحدا مجعت الفاعل أو أفردتهيقولون جبواز مجع الفعل أو تثنيته على اللغة املشهورة، اليت جترد الفعل من عالمة التثنية

.واجلمع عند تقدميه على ما هو مستند إليه، استغناء مبا يف املسند إليه من العالمات

40ص ، 2الكتاب ،ج) سيبويه،1(ه)تحقيق د.محمدعلي الريح هاشم 285شرح أبيات سيبويه ، يوسف (،) السيرافي2(

338-337صم، 1974مكتبة الكليات االزهرية ، القاهرة 40ص ، 2الكتاب، ج ) سيبويه،3( 173، ص1982) عبد القاهر الجرجاني 4(

375

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

بعالمة، وذكر اخلليل أن الواو إذا اتصلت بالفعل ال تكون إال ضمريا وليست قوهلم ")5(يقول:

خترجون ويقومون الواو إضمار مجع املذكر. فما كان يف األمساء هو واو اإلعراب، وما كان إن الرتكيب الذي جيمع بني الضمري املتصل والفاعل )1(يف األفعال فهو واو الضمري".

أكلوين ، هو الرتكيب املقصود بلغةفيه الظاهر يف مجلة واحدة مهما كان إعراب الواوالرباغيث. وإن احملاوالت اليت سعى إليها النحاة لتفسري أوجه اإلعراب املختلفة كانت لتوصيف الرتكيب النحوي مبا يوافق القاعدة النحوية اليت ترفض أن يتعدد فيها الفاعل.فهم يقرون أن نسبة الفعل إىل الفاعل تكون على جهة اإلسناد، واإلسناد ال خيتلف، فلذلك مل

وهلذا كانت آراء النحاة تلتزم القاعدة )2(دد الفاعل،ومل جييء الفعل إال بفاعل واحد يتعالنحوية، وتستبعد أي إعراب خيالفها. فتعددت وجهات نظرهم، دون إبداء مربرات

يرجحون بعضا منها أحيانا.و واضحة أو مقنعة يف كثري من األحيان،

، يف حماولة اإلشارة إىل خصوصية وقد أوىل املفسرون هذا الرتكيب بعض عنايتهم املعىن الذي يصدر عن هذا الرتكيب، وترجيح بعض أوجه اإلعراب، وفقا ألفهامهم وإحساسهم بدور يقوم به هذا الرتكيب على املستوى النحوي والداليل، مبخالفته مشهور

ها فيما يأيت.من كالمهم. وسنأيت على بعض

يه واملصدر الوحيد للكتاب وأعلم الناس به، جيعل فاألخفش األوسط تلميذ سيبو " الذين " يف اآلية السابقة كالبدل يف تفصيل وحتديد وتفسري ما قبله، فالتوابع ال تأيت إال ذا جند أن النص القرآين حيرص على حتديد الداللة، وجيعلها املوجه لغاية منهذه الغايات، و

191ص ،1983) ابن مالك،5( 289ص 1985) الخليل، 1( 155،ص1،ج 1982) ابن الحاجب ،2(

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

376

أخريا، ويوظف قواعد النحو والرتكيب يف سبيل ذلك. الرئيس حلركة عناصر اجلملة تقدميا وتهم" وكذلك " وأسروا النجوى الذين ظلموا " فالعبارة القرآنية: "مث عموا وصموا كثري منـتشتمل على: فعل + فاعل + مفعول به + بدل بعض من كل. حبسب فهمنا لتفسري

خر يقول:"كأنه قال {وأسروا} مث فسره بعد فقال: "هم األخفش. وجنده يف موطن آ{الذين ظلموا}. وهذا التقدير، على وجاهته، جعل النحاة يقدرون إعراب ( الذين ظلموا) بأوجه خمتلفة، مرة مبتدأ وأخرى خرب، وثالثة منصوب بـ "أعين" وغري ذلك من االحتماالت

وحنو ما ذكر الطربي يف "جامع البيان: "{وأسروا النجوى املمكنة يف تركيب اجلملة الفعلية،] يف اإلعراب وجهان: اخلفض على أنه تابع للناس يف قـوله: 3الذين ظلموا} [األنبياء:

الذين يف قـوله: ] والرفع على الرد على األمساء 1{اقـرتب للناس حسابـهم} [األنبياء: هم} 62{وأسروا النجوى} [طه: ] من ذكر الناس، كما قيل: {مث عموا وصموا كثري منـ

] . وقد حيتمل أن يكون رفعا على االبتداء، ويكون معناه: وأسروا النجوى، مث 71[املائدة: )1(قال: هم الذين ظلموا"

قال أبو عبيدة يف جماز القرآن:"خرج تقدير فعل اجلميع هاهنا على غري م يقولون يف الكالم وأسروا النجوى الذي ظلموا جمازه جماز إضمار املستعملفي املنطق ألالقوم فيه وإظهار كفايتهم فيه اليت ظهرت يف آخر الفعل مث جعلوا "الذين" صفة الكناية

ظهرة،فكان جمازه "وأسر القوم الذين ظلموا النجوى"فجاءت "الذين"صفة هلؤالء امل

)2(يف موضع فعل القوم ذلك" ، املضمرين؛ ألن فعلوا ذلك

155،ص1،ج 1982) ابن الحاجب ،1(: تحقيق، 16،ججامعالبيانعنتأويآليالقرآن،تفسيرالطبري،)هـ310: المتوفى( الطبري،أبوجعفر) 2(

16ج، م 2001 األولى،: الطبعة، دارهجرللطباعةوالنشر، الدكتورعبداللهبنعبدالمحسنالتركي 223ص

377

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

يشري أبو عبيدة يف جماز القرآن إىل أن تقدير فعل اجلملة جاء على غري املستعمل ا" ؛ ألنه يرى يف املنطق، وقد أضمر فيها الفاعل، مث أتبع الضمري بظاهر هو" الذين ظلمو

أن الفعل مع واو اجلماعة يف موضع الفاعل الظاهر. وهذا ميثل احنرافا عن طريقة العرب الشائعة اليت ال تقدم املضمر على الظاهر يف اإلسناد. إن وصف املضمر، يف تقديرنا، يقدم زمخا دالليا يناسب الفعل "أسر "بل ينسجم مع ما يتناوله من كشف ملا أخفوا من مكر، البناء اللغوي يف اجلملة يكشفعن حاهلم، على حنو يوافق هذه احلال ويفصح عنها، ويصورها أعظم تصوير. فجاء تركيب اجلملة فيها على حنو غري متوقع، فجاء الفاعل مضمرا

خمالفا للمعتاد من أساليب خطاب العرب،موافقا للخفاء كفعلهم يف ،مرجعه تاليا لهام وغموض، مث تدامههم اجلملة مبا يبهرهم مما ال اإلسرار واإلخفاء، مبا يف ا لضمري من إ

يتوقعون من كشف إلسرارهم، بوصفهم بـــ" الذين ظلموا " مفسرا للضمريوصفا له .

بينما جند سيبويه واألخفش وغريمها يرون أن "الذين ظلموا " تابع للواو يف" أسروا فالبدل واملبدل منه شيء واحد عند )1(لعامل. " بدال منه، مقصودا باحلكم على نية تكرار ا

ما شيء املتكلم، واملخاطب يعرف واحدا منهما ويريد املتكلم أن يبني للمخاطب أ )2(واحد، وهلذا مسي الرتمجة أو التبيني.

ويلتقي مع األخفش يف فهمههذا حيىي بن سالم يف تفسريه، مبينا من هم الذين نـهم يـقول بـعضهم لبـعض: {هل هذا} ظلموا بقوله:"الذين أش ركوا، أسروا ذلك فيما بـيـ

] 3يـعنون حممدا صلى الله عليه وسلم.{إال بشر مثـلكم أفـتأتون السحر} [األنبياء: )3(إن مل يـعد إىل اسم ظاهر قبله حيدد املقصود يـعنون القرآن". فالواو ضمري اجلماعة مطلقا

،تحقيق محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي 2أبو عبيدة معمر بن المثنى، مجاز القرآن ، ج) 1(

34بمصر،ص 1/150الكتاب ، ) سيبويه، 2( 251ص،1982) محمد حماسة،3(

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

378

به، احتاجت اجلملة إىل تابع يؤدي الغاية، ويفسر الضمري املبهم على وجه خيتلف عن النحو والرتكيب املعهود الذي يعود فيه إىل اسم سابق مفسر له. ولوال ذلك ملا وجدنا

موع أو املثىن، القرآن يلجأ إال إىل الرتكيب الشائع، والذي يتوحد فيه ال فعل مع الفاعل الوال أن هناك غاية وراء هذا الرتكيب املقصود يف تقديرنا؛ ألن الفعل ال يرفع فاعلني أحدمها

وفق قواعد النحو املعتد )4(مضمر واآلخر ظاهر،وال جيوز تقدمي املضمر على املظهر،هذه اللغة مما أشرنا إليه ا.ويبدو لنا أن هذا التوجه الذي بدأه سيبويه،عند حديثه عن

آنفا، جيعل هذه اللغة تـفسر يف إطار قواعد النحو وال خترج عنها. فالواو يف "أسروا " ضمري، حىت لو كانت داللة الواو أو األلف مرتبطة مبعىن عام واحد، نعد ذلك متطلبا

ا يف حسباننا وأساسا مهما، خيدم بنية اجلملة من جهة ويطور الداللة من جهة أخرى.وهذ وقصدت تنبيهنا إليه.، ما رمت إليه اآليات اليت بنيت هذا البناء

لعل عدم االحتكام للداللة، وغياب بعض عناصر املوقف اللغوي، والنظر إىل ا وحدة مستقلة،كان السبب يف هذا االختالف يف وجهات النظر. ويعود اجلملة على أ

جلملة، حبسب سعة قواعد النحو العريب. لكن كذلك لتعدد الوجوه اليت حتتملها بنية امعطيات النحو والبالغة العربية، ومعطيات علم اللغة احلديث تشري إىل أمرين، األول: أن الرتكيب النحوي للجملة جيب أن حيقق املعىن الذي أنشئ من أجله، وهذه وظيفة املنشئ،

اسب؛ لذا جيب التنبهإذا ما وجدنا فإنه حيتكم إىل املعىن الذي يريد يف اختيار الرتكيب املنتركيبا خيالف الرتاكيب الشائعة املعتادة يف النحو، فهو إشارة إىل وجود معىن خاص مقصود

غري ما اعتاد عليه املخاطب.

هـ)تفسير يحيى بن سالم، تقديم وتحقيق: الدكتورة 200(المتوفى: ،) يحيى بن سالم بن أبي ثعلبة4(

56ص م 2004 -هـ 1425لبنانالطبعة: األولى، –اشر: دار الكتب العلمية، بيروت هند شلبيالن

379

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

أما الثاين: فهو خاص باملخاطب، إذ إن الرتكيب هو املوجه الرئيس للداللة يف ا ما اختلف الرتكيب اختلفت الداللة بالضرورة، غياب كثري من عناصر املوقف اللغوي، فإذ

أو أنه يوجهها توجيها ما، يف حال اختاذ اجلملة حنوا خيالف ما شاع استعماله، وما قعد له النحاة، وخباصة إذا ما كان النص حمكما كالقرآن العظيم. يقول أبو الليث

مبحمد صلى اهللا عليه وسلم والقرآن السمرقندي:"وأسروا النجوى، يعين: أخفوا تكذيبهمويتناجون فيما بينهم، مث بني أمرهم فقال: الذين ظلموا، معناه: وأسروا النجوى يعين: الذين

)1(ظلموا."

أوعلى أن الذين مبتدأ وأسروا النجوى خربه، واملعىن: وهؤالء أسروا النجوى فوضع ر تسجيال على فعلهم أنه ظلم، أو على أنه فاعل بفعل القول ضمالمظهر موضع امل

ل: الذين خرب مبتدأ ين ظلموا. وقيل التقدير أسرها الذين ظلموا . وقيف أي يقول الذوحذ حمذوف، أي هم الذين، والنصب على الذم قاله الزجاج، أو على إضمار أعين قاهلبعضهم.

)2(لناس أو بدال يف قوله اقرتب للناس قاهلالفراءوهو أبعد األقوال.واجلر على أنيكون نعتا ل

فالبناء اللغوي الذي جيمع بني الواو والفاعل اجلمع يفيد التوكيد والتوضيح والتفسري، وهو احنراف عن بنية اجلملة الفعلية الرئيسة يف القياس النحوي، ويفيد مما يفيده

امها تفيد ضعبيه ليس جمرد موقفلأن هذا الفعل جممع عليه متفق عل هم، فواو اجلماعة بإاإلطالق والعموم. بل التناجي على هذا يفيد التدارس واختاذ موقف مجاعي غري معلن، فالتناجي يثري معىن توافق املواقف واملصاحل واالجتماع على هذا املوقف من الرسول صلى

ذا التناجي اهللا عليه وسلم، كأنه جيعلهم، يف هذا السياق، متض امنني متكافلني مجيعا

88،ص3) ابن يعيش ،شرح المفصل ،ج1((الجزء السابع البحر المحيط في التفسير ،هـ)745) أبو حيان محمد بن يوسف (المتوفى: 2(

408هـ،ص 1420بيروتالطبعة: ،دار الفكر ، ق:صدقي محمد جميليحق)،ت

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

380

والفعل. فإن وضع املضمر موضع املظهر احنراف عن الرتكيب الشائع الذي صرح به النحاة، )1(يتطلب أن يكون معه الفعل فارغا من الضمري إذا كان الفاعل ظاهرا.الذي

ا،وتنوعات فالنص القرآين ال خيرج عن سنن كالم العرب،ويستثمر كل إمكاناا، على الرغم من استخدامه ما خيالف أساليب العرب الشائعة، وذلك أ ساليبها، وهلجا

باللجوء إىل خمالفتها إذا ما اقتضى املعىن غريها، باالحنراف عن البنية الرتكيبية املعتادة إىل ا ا وهلجا بنية حتقق املعىن وتتصل بأساليب العرب الفصحاء بسبب، فتنهل من خمزون لغا

ذه البالغة الفائقة الروعة .وهذا ما أدركه وفهمه األصيل ة؛ كي تصل إىل املعىن املراد، الزخمشري، بقوله:"إشعارا أنـهم الموسومون بالظلم الفاحش فيما أسروا به"، وهو ما أبرزه

قرآن نزل بلغة وأوضحه الرتكيب املغاير للمعهود من كالم العرب. يقول شيخنا بشر:"الأدبية موحدة تتخللها بعض الظواهر اللهجية اخلاصة ألمهيتها أو شيوعها أو لسبب بياين أو

فإن تعبري الزخمشري" إشعارا أنـهم الموسومون بالظلم الفاحش فيما )2(بالغي معني..."يع وجوه اإلعراب املتعددة اليت أسروا به" يدفع باملعىن حنو إعراب جيمع ويوفق بني مج

ذا خيصص ويوجه الداللة، وهو الدور أجازها النحاة يف بوتقة واحدة، خلدمة الداللة. فإنه احلقيقي للرتكيب، ويبدو لنا أنه يربر بوضوح استخدام هذا الرتكيب، وفق فـهم الزخمشري

على حنو خاص إذا ما كان ية الكرمية، وهو منهج علمي دقيق يفيد يف توجيه اإلعراب، و لآلالرتكيب حيتمل غري وجه من وجوه اإلعراب، مع إمكانية قبول وجوه اإلعراب األخرى، إذا كان هلا سند ومربر يسوغها،على الرغم من أن الزخمشري تابع سيبويه يف إعرابه فجعل "

الذين " بدال من الواو.

256،ص2مع، جاله) 1( .88بشر، كمال محمد، علم اللغة االجتماعي، دار غريب القاهرة،( د.ت )،ص) 2(

381

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

م لكلمة"الذين" يف اآلية وقد كان أول خيار مما أجازه النحاة واملفسرون يف إعر اا بدل من الواو يف "أسروا" فرارا من أن جيعلوا ذلك على لغة أكلوين السابقة أ

. )1(الرباغيث،واليت عدها سيبويه حرفا على هذه اللغة، وهيلغة شاذة يف رأي بعض النحاةيء على جاء يف الكتاب:"وأما قوله جل ثناؤه: "وأسروا النجوى الذين ظلموا" فإمنا جي

البدل، كأنه قال: انطلقوا، فقيل من؟ فقال: بنو فالن. فقوله جل وعز: "وأسروا النجوى )2(الذين ظلموا" على هذا فيما زعم يونس"

واملالحظ يف إعراب النحاة واملفسرين هلذا الرتكيب الذي جيمع بني الضمري ذلك بوضوح يف قول أيب والفاعل الظاهرتعدد أوجه اإلعراب بتعدد األفهام، وإننا لنرى

البقاء:يف قوله تعاىل: "وأسروا النجوى الذين ظلموا"، قال أبو البقاء: {الذين ظلموا} يف أحدها: الرفع، وفيه أربعة أوجه:)3(موضعه ثالثة أوجه:

أن يكون بدال من {الواو} يف {أسروا}. - 1

أن يكون فاعال، و{الواو} حرف للجمع، ال اسم. -2

ن يكون مبتدأ، واخلرب قوله: {هل هذا}، والتقدير: الذين ظلموا يقولون: {هل هذا أ - 3 ...} اخل.

أن يكون خرب مبتدأ حمذوف؛ أي: هم الذين ظلموا. - 4

وثانيها: أن يكون منصوبا على إضمار أعين.

313)،ص1محة في شرح الملحة (جالل، ابن الصائغ محمد بن حسن) 1( 41-40، صالكتاب ) سيبويه، 2(في تفسير حدائق الروح والريحان،) محمد األمين بن عبد هللا األرمي العلوي الهرري الشافعي3(

–دار طوق النجاة، بيروت ،هاشم محمد علي بن حسين مهدي ،تأليفروابي علوم القرآن .18/46،م 2001 -هـ 1421لبنانالطبعة: األولى،

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

382

ع الفاعل وثالثها: أن يكون جمرورا صفة {للناس}، واملعروف أن الفعل جيب أن يبقى مبصيغة الواحد، وإن كان مثىن أو جمموعا، قال ابن مالك: وجرد الفعل إذا ما

)1(أسندا...الثـنـني أو مجع كفازالشهدا

جاء يف معاين القرآن: فقد يكون رفع الكثري من جهتني إحدامها أن تكر الفعل ثري منهم، وإن شئت جعلت عموا وصموا فعال للكثري... وإن عليها تريد: عمي وصم ك

شئت جعلت الكثري مصدرا فقلت: أي ذلك كثري منهم، وهذا وجه ثالث. ولو نصبت )2(على هذا املعىن كان صوابا.

هم بدل من وقد رجح صاحب التسهيل لعلوم التنزيل البدلية بقوله:"كثري منـ )58عموا وصموا أو فاعل على لغة أكلوين الرباغيث والبدل أرجح وأفصح"(الضمري من

هم أي: وقال الزخمشري: وعموا وصموا بالضم على تـقدير عماهم الله وصمضمر. وجوزوا أن يـرتفع على رماهم بالعمى والصمم... وارتفاع كثري على البدل من الم

ة الفاعل، والواو عالمة للجمع ال ضمري على لغة أكلوين البـراغيث، وال يـنبغي ذلك لقل هم. وقيل: هذه اللغة. وقيل: خبـر مبتدأ حمذوف تقديره هم أي: العمى والص م كثري منـ

ه مبتدأ واجلملة قبله يف موضع اخلرب. وضعف بأن الفعل قد وقع موقعه، فال يـنـوى ب لة: كثريا عراب األول. وقـرأ ابن أيب عبـ هم بالنصب.التأخري. والوجه هو اإل )3(منـ

المرجع السابق، الصفحة نفسها .) 1(وآخرون، ق: أحمد يوسف النجاتييق، تح1،ط 1،جهـ) معاني القرآن207 ت(،أبو زكريا،) الفراء2(

.316ص تأليف مصردار المصرية للق: يحقت) 1،(جهـ)التسهيل لعلوم التنزيل741أبو القاسم، الغرناطي (ت: ، ) ابن جزي الكلبي3(

، ه1416بيروتالطبعة: األولى –شركة دار األرقم بن أبي األرقم ، الدكتور عبد هللا الخالدي ـ239ص

383

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

ا فالواو يف هذا الرتكيب سواء أعدها النحاة حرفا داال على اجلمع أو ضمريا، فإتقوم بدور مهم يف اجلملة وتدفع مبعناها من الداللة املعتادة بإسناد الفعل إىل اسم ظاهر أو

ى من األداء يوافق ضمري إىل داللة من نوع خاص يعمد إىل تطوير بنية اجلملة إىل مستو حال املخاطبني والفعل املسند إىل الفاعل، وذلك يتحقق بأمرين متالزمني، األول: إسناد ام الذي يكتنف الضمري أو وصفه أو الفعل إىل معرفة وهو الضمري، والثاين تفسري اإلامه. لكن تقدمي املضمر على املظه ر توضيحه. فالضمري حيتاج إىل مرجع يوضحه ويزيل إ

قصدا يعد مدخال يعاجل فيه الرتكيب فعل اإلسناد مبا يوافق طبيعة داللة املسند (الفعل) اخلاصة، وعناصر احلدث اللغوي. فإن هذا الرتكيب ينعقد على بناء وأسلوب من أساليب العرب يتيحه النظام النحوي، ليفجر طاقة داللية جديدة يف توظيف معىن الفعل (أسروا)

ر احلدث الكالمي يف بنية اجلملة، على حنو فائق التأثري والروعة.هناك فرق يعكس عناصبني النظام النحوي واحلدث اللغوي، النظام النحوي يتطلب القدر األقل من الكالم املفيد الذي يتم بعنصري اإلسناد، وما سوامها زيادة. أما احلدث اللغوي فإنه يهتم ببعض

وهو ما سعت إليه بنية )1(ض األحيان هي الغاية والقصد.الفضالت، حبيث تكون يف بعاجلملة يف اآليات السابقة، فكان املقصود والغاية كامنة فيما تال عنصري اإلسناد الفعل

ا. والفاعل من بدل أو غريه، حبسب تقدير النحويني إلعرا

أو إن تبعية البدل من املقيدات للمعىن كذلك،"ألن البدل ال خيلو عن بيان )2(إيضاح، وإن مل يكن املقصود منه بالذات ذلك "

عت طلحة بن مصرف يـقرأ قد أفـلحوا المؤمنون، فـقلت قال عيسى بن عمر:مسة إىل ما روي وليس له: أتـلحن؟ قال: نـعم، كما حلن أصحايب. يـعين أن مرجوعه يف القراء

35، ص7) أبو حيان األندلسي، البحر المحيط في التفسير(ج1( 46م ،ص1982، دار القلم الكويت 1بد اللطيف، محمد حماسة، في بناء الجملة العربية، ط) ع2(

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

384

بـهام والتـفسري. قد بلحن؛ ألنه على لغة أكلوين البـراغيث. وقال الزخمشري: أو على اإلكانوا متـوقعني لمثل هذه تـقتضيه لما هي تـثبت المتـوقع ولما تـنفيه، وال شك أن المؤمنني

خبار بثبات الفالح هلم، فخوطبوا مبا دل على ثـبات ما تـوقـعوه . مث )3(البشارة وهي اإلوما عطف عليه، فالواو تعد وصف هؤالء المؤمنني بقوله: الذين هم يف صالم خاشعون

املرجع األول بإسناد الفعل ( أفلح ) إليه، مث فسرت الواو الضمري باملؤمنني املوصفني باخلاشعني يف الصالة وما تالها من صفات معطوفة عليها، تأكيدا على هذه الصفات؛

ا هي مقياس الوصف اإلمياين، فالضمري ( الواو ) الفاعل مقصود ل امه، الذي أل علميته وإامه، بالبدل على أرجح أقوال النحويني.والبدل يتجاذبه شبهان، حيتاج إىل تابع يفسر إشبه بالنعت، وشبه بالتأكيد، فكما أن املضمرات تؤكد، فكذلك يبدل منها، وهذا بدل

يكون على نية تكرير الفعل للتوكيد.)1(الشيء من الشيء ومها لعني واحدة . والبدل

هذا الرتكيب الذي جيمع بني الضمري والفاعل الظاهر هو نوع من اإلحالة خيضع لقيد أساسي هو وجوب تطابق يف اخلصائص الداللية بني العنصر احمليل والعنصر احملال

)ويعد ذلك من وسائل اللغة يف التماسك النصي يف مثل إحالة الواو يف ( أسروا 64إليه. () وهي من نوع اإلحالة البعدية، تعود على عنصر الحق يفسر ) على ما بعدها ( الذين

الواو بالذين ظلموا؛ وذلك بإحداث شبكة من العالقات الرابطة بني عناصر اجلملة والنص، بدل منه، والفرق بني هذا الوجه » كثري «تضيف له أبعادا داللية خاصة. إن الواو ضمري، و

سر مبا قبله، وأما يف هذا الوجه فهو مفسر مبا بعده، وغريه أن الضمري يف الوجه األول مف )65وهذا أحد املواضع اليت يـفسر فيها الضمري مبا بعده، وهو أن يـبدل منه ما يفسره. (

546/ 7) أبو حيان، البحر المحيط في التفسير ( 3( 204،ص1ج،، شرح المفصل) ابن يعيش، 1(

385

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

إذا ورد الضمري يف تركيب اجلملة دون أن يكون له مرجع سابق عليه ، حيدث من أن يتبع الضمري ما يوضحه ويبينه من خلل يف الرتكيب ويضعفه ، حينها ال مناص

عناصر النحو ، بدال كان أو غريه كما يف رأي سيبويه السابق الذكر .فإذا قدرنا ما يأيت بعد الضمري مما يصلح أن يكون موضحا للضمري سواء أكان مفردأ أو مقدرا جزءا من مجلة ،

ا . وهكذا يكون قد أعيد تركيب كان فيها مبتدأ أو خربا أو مفعوال به ، كما بينا سابقاجلملة، على حنو جديد ، يقدم الداللة حبلة خمتلفة ، لتفسري الضمري . وهذه بدائل خمتلفة

ا وصفا للضمري السابق عليها تقدم مزيدا من الثراء يف املعىن ، لكنها ال خترج عن كو

ا تبقى متطلبا مهما لضبط الداللة ، حىت لو كانت اجلم لة قبلها مكتملة كما أا دالليا تبقى ناقصة ؛ ألن الفاعل ( الضمري ) مبهم ليس له مرجع . حنويا، إال أ

يبدو واضحا أن هذا الرتكيب يشتمل على عنصرين أساسيني مها الفعل والضمري، إذا جتاوزنا مقولة سيبويه باعتبار الضمري حرفا يدل على اجلمع أو املثىن ، واعتمدنا مقولة

ذا مسند اخل ليل اليت تقرر أ ن الواو واأللف يف هذا الرتكيب ال تكون إال ضمريا، ومها إليهما الفعل . فالسامع واملخاطب املتتبع حلركة الرتكيب النحوي يف النصوص السابقة مما

يطرق أمساعه ما يثري انتباهه لرتكيب على حنو خمالف للمتوقع ، إذ –جاء على هذه اللغة مساعه للمسند أن يتعرف املسند إليه ، وهو الفاعل يف هذا الرتكيب ، فإذا به يتوقع بعد

يقف على مسند إليه ، وهو الضمري ، دون مرجع سابق يفسره ، فيتشوف ملرجعية تاليه للضمري ، إذ مل جيد ما يربطه مبا سبقه ، فتتحقق الغاية ، فيأيت التفسري والتوضيح ، مع

التفسري هو الفاعل احلقيقي. لكن الرتكيب يهدف إىل أن يرسم إدراك املخاطب أن هذاخريطة للمعىن بإسلوب جديد ، يرسل إشارة داللية غامضة ، بقصد ، مث يقوم بتوصيلها بعناصر داللية جديدة الحقة هلا ؛ إلحدث أمرين : األول : األول االنتقال من الغموض

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

386

ام إىل التفسري واإليضاح ، وهذا جانب ن فسي مؤثر يزيد يف بالغة املعىن ، يتطلبه واإل املوقف اللغوي ، ويعق تأثريه يف نفس املتلقي ، وحيدث مفارقة مقصودة .

والثاين : خمالفة األسلوب الشائع يف الرتكيب يف كالم العرب ؛ إلشعار السامع يئته خلصوصية الداللة ، وإجياد حدث لغوي متعدد العناصر حياكي، على حنو مثري ومميز و

، معطيات اخلطاب اللغوي املبين على خصوصية السياق الوارد فيه . وهذا ما ال ميكن أن عد اللغة املرعية يف كتب النحو .يتحقق باستخدام تركيب اجلملة الفعلية العهود يف قوا

اخلالصة لقد خلص البحث إىل نتائج مهمة مفادها أن لغة أكلوين الرباغيث، لغة

ا فصيحة بنقل أئ مة اللغة والتفسري، وردت يف القرآن احملكم يف غري موطن. كما ألغة لبعض العرب، الذين ال يطعن بفصاحتهم. وقد كثر ورودها يف أحاديث رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم. ومما انتهت إليه هذه الدراسة أن هذا الرتكيب

لرتكيب حيقق جمموعة اخلاص الذي خالف قواعد النحو ظاهريا، هو مستوى من امن األهداف، ويستجلي طاقة اللغة الداللية يف تقدمي نص متماسك مرتابط يشد بعضه بعضا، فيجعل اإلسناد بني الفعل والفاعل يف إطار شبكة متنوعة من العالقات الداللية يصعب تقدميها يف إطار اإلسناد الشائع يف اجلملة الفعلية،

وتتوافق معه، وجتلي جوانبه. وهو ما ال ميكن لرتكيب تتعمق فيه داللة احلدث، اجلملة الفعلية املعهود القيام به. وهذا يفصح عن بيان وبالغة القرآن الكرمي العالية، اليت تفيد من الرتاكيب اللغوية املختلفة، اليت مل تتوافق مع القواعد اليت

م النحوية وضعها النحاة، وحاول اللغويون واملفسرون أن يتأولوها يف حتليال واللغوية.

387

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

الحواشي 40، ص1جسيبويه، الكتاب، .1

العوتيب، أبو املنذر ، اإلبانة يف اللغة العربية، حتقيق: د. عبد الكرمي خليفة ، وزارة .2، 1999 -هـ 1420الرتاث القومي والثقافة،مسقط ،عمانالطبعة: األوىل،

434ص 71،ص1،جاألصول يف النحوابن السراج، .3

580،ص2، شرح الكافية الشافية،جابن مالك .4

61حسن عون، اللغة والنحو، ص .5

286الزعبالوي ، ص .6

252، ص 1403بحوث ومقاالت في اللغة،رمضان، .7

20،ص2، جالخصائصابن جين، .8

198،ص1978اللهجات العربية في الدارة،اجلندي، .9

229، ص 1403بحوث ومقاالت في اللغة،رمضان، .10

3األنبياء/ .11

71املائدة/ .12

87مرمي .13

32-31ري الفخر الرازي ص تفس .14

184، ص6ابن سيدة ، إعراب القران ،ج .15

88ص هامش ،3ج،شرح المفصلابن يعيش، .16

238،ص2004) 2(ج الموطأمالك بن انس، .17

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

388

460ص 2001، ،مسند االمام أحمد بن حنبل اإلمام أمحد بن حنبل .18

36-35،ص1،ج1999العكربي، .19

89-87، ص3شرح املفصل،ج .20

255،ص1اهلمع، ج .21

255، ص1992السيوطي، .22

179-176،صفي شذور الذهبابن هشام ، .23

179ابن هشام، ص .24

237/ 1جالكتاب، .25

م1989، 1عمايرة، أراء يف الضمري العائد ولغة اكلوين الرباغيث، دار البشر، عمان، ط .26 39 -38،ص .27

87املفصل، صشرح .28

313، ص2004،اللمحة في شرح الملحةابن الصائغ، .29

85، 82،ص 1997شرح ابن عقيل، .30

312-1/311رح امللحةاللمحة يف ش .31

39،ص1989عمايرة، .32

256ص،2السيوطي، مهع اهلوامع،ج .33

233،ص1973،علم اللغة العربيةحجازي، .34

) 204(ابن يعيش ،شرح املفصل ص .35

354،ص3، جالدر المصون في علوم الكتاب المكنونالسمني احلليب، .36

40م ص1953سيبويه، .37

338-337، صشرح أبيات سيبويهالسريايف، .38

40 ص2،ج 1983سيبويه، .39

389

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

173ص ،1982عبد القاهر اجلرجاين .40

191، ص1983ابن مالك، .41

289ص 1985اخلليل، .42

155،ص1،ج 1982ابن احلاجب ، .43

223ص 16الطربي، ج .44

34، ص2أبو عبيدة، ج .45

1/150سيبويه، .46

251،ص1982حممد محاسة، .47

3األنبياء: .48

56، ص 2004حيىي بن سالم، .49

88ص،3ابن يعيش ،شرح املفصل ،ج .50

408،ص7،ج1420أبوحيان، .51

256،ص2جاهلمع، .52

88كمال بشر،ص .53

313ابن الصائغ، ص .54

41-40، ص1983سيبويه، .55

46/ 18هـ ( 1421حممد األمني، .56

46/ 18(املرجع نفسه ،ص .57

316، ص1الفراء، ج .58

239، ص1ج ،هـ1416ابن جزي الكليب .59

35، ص7هـ (ج1420أبو حيان األندلسي، .60

46،ص1982محاسة، .61

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

390

123/ 3حاشية الصبان، .62

546 /7( 1420أبو حيان، .63

204،ص1ابن يعيش، ج .64

118-116، ص2001عفيفي، .65

المصادر والمراجع

، حتقيق: إبراهيم 1)، ط1ابن الصائغ حممد بن حسن، اللمحة يف شرح امللحة (ج -األوىل، :بن سامل الصاعدي، اجلامعة اإلسالمية، املدينة املنورة، الطبعة

2004هـ/1424هـ) التسهيل لعلوم 741 ابن جزي الكليب، أبو القاسم، الغرناطي (ت: -

–) حتقيق: الدكتور عبد اهللا اخلالدي، شركة دار األرقم بن أيب األرقم 1التنزيل،(ج هـ 1416بريوت الطبعة: األوىل

)،دار اهلدى للطباعة والنشر، بريوت، 2ابن جين، أبو الفتح، اخلصائص، (ج - د.ت

)184، ص6ابن سيدة، اعراب القران، ج -هـ) األصول يف النحو، حتقيق: عبد احلسني 316ملتوىف: ابن السراج، أبو بكر (ا -

بريوت. –الفتلي، مؤسسة الرسالة، لبنان ابن هشام يف شذور الذهب، حتقيق حممد حمي الدين عبد احلميد. - ابن يعيش، شرح املفصل. -

391

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

اجلزء (هـ)، البحر احمليط يف التفسري745أبو حيان حممد بن يوسف (املتوىف: -

هـ 1420حممد مجيل، دار الفكر،بريوت الطبعة: ،حتقيق: صدقيالسابع)،حتقيق حممد فؤاد سزكني، مكتبة 2أبو عبيدة معمر بن املثىن، جماز القرآن، ج -

اخلاجني مبصر ، حتقيق: شعيب 12،ج1أمحد ابن حنبل، مسند االمام أمحد بن حنبل ط -

2001االرنؤؤطواخرون،مؤسسة الزعبالوي، جتماعي، دار غريب القاهرة،(د.ت)بشر، كمال حممد، علم اللغة اال -اجلندي، أمحد علم الدين، اللهجات العربية يف الدارة (القسم االول)الدار العربية -

م1978تونس -ه1398للكتاب ليبيا هـ)، شرح الكافية الشافية، حممد 672اجلياين، أبو عبد اهللا، مجال الدين (املتوىف: -

بن عبد اهللا، ابن مالك الطائي .1973مود، علم اللغة العربية، وكالة املطبوعات الكويت، حجازي، حم - حيتاج لتحقيق؟– 61حسن عون، اللغة والنحو، ص -، دار الرفاعي 1رمضان عبد التواب، حبوث ومقاالت يف اللغة، ط -

ه1403بالرياض،هـ) البحر 373السمرقندي، أبو الليث نصر بن حممد بن أمحد بن إبراهيم(املتوىف: -

) 2سري (ج احمليط يف التفهـ)،الدر املصون يف علوم الكتاب 756السمني احلليب، أبو العباس (املتوىف: -

القلم، دمشق عدد األجزاء: املكنون،حتقيق: الدكتور أمحد حممد اخلراط الناشر: دار )3(ج 11

) 3هـ)، الكتاب، حتقيق عبد السالم هارون (ط188سيبويه، أبو بشر (املتوىف: - م 1953علم الكتب بريوت

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

392

ه)حتقيق د. حممد علي 285السريايف، شرح أبيات سيبويه (جزءان)، يوسف ( - 1974-1394الريح هاشم، مكتبة الكليات االزهرية ، القاهرة

،حتقيق عبد السالم هارون 1ه) مهع اهلوامع، ج911السيوطي، جالل الدين ( - - 1992وعبد العال سامل مكرم مؤسسة الرسالة، بريوت

م 1997، حممد حمي الدين عبد احلميد، دار الفكرشرح ابن عقيل - -جلدان الثالث 360الطرباين، أبو القاسم (املتوىف: -

عجم الكبري للطرباين امل

هـ)امل

عشر والرابع عشر، حتقيق: فريق من الباحثني بإشراف وعناية د/ سعد بن عبد اهللا احلميد

،تفسري الطربي،جامع البيان عن تأويل آي هـ)310الطربي، أبو جعفر (املتوىف: -،حتقيق: الدكتور عبد اهللا بن عبد احملسن الرتكي،دار هجر للطباعة 16القرآن، ج

م،عدد األجزاء: 2001 -هـ 1422والنشر والتوزيع واإلعالن،الطبعة: األوىل، 26

، دار القلم الكويت 1عبد اللطيف، حممد محاسة، يف بناء اجلملة العربية، ط - م 1982

م 2001، مكتبة الزهراء، القاهرة 1عفيفي، أمحد، حنو النص، ط - 1عمايرة، أراء يف الضمري العائد ولغة اكلوين الرباغيث، دار البشر، عمان،ط -

م1989،هـ)، 616العكربي، أبو البقاء عبد اهللا بن احلسني بن عبد اهللا البغدادي (املتوىف: -

حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه د. إعراب ما يشكل من ألفاظ احلديث النبوي، مصر/ القاهرة،الطبعة: -عبد احلميد هنداوي، مؤسسة املختار للنشر والتوزيع

م 1999 -هـ 1420األوىل،

393

مصطفى عوض بني ذياب حسين يوسف قزق

هـ) معاين القرآن، الطبعة: األوىل، حتقيق: أمحد 207الفراء، أبو زكريا،(املتوىف: - صر.م –يوسف النجايت وآخرون، دار املصرية للتأليف والرتمجة

هـ)، اإلبانة يف اللغة 511العوتيب، أبو املنذر سلمة بن مسلم (املتوىف: -العربيةحتقيق: د. عبد الكرمي خليفة، د. نصرت عبد الرمحن، د. صالح جرار، د. حممد حسن عواد، د. جاسر أبو صفية، وزارة الرتاث القومي

م 1999 -هـ 1420والثقافة،مسقط،عمان الطبعة: األوىل، ، حتقيق: حممد مصطفى 1) ط2) (ج 8ه، املوطأ، (االجزاء179انس مالك بن -

م). 2004األعظمي، مؤسسة زايد بن سلطان، ابو ظيب هـ)، املقتضب، احملقق: حممد عبد 285املربد، أبو العباس حممد بن يزيد (املتوىف: -

،عامل الكتب بريوت.4اخلالق عظيمة،جهلرريالشافعي،تفسري حدائق الروح حممد األمني بن عبد اهللا األرمي العلوي ا - -

والرحيان يف روايب علوم القرآن، تأليف هاشم حممد علي بن حسني مهدي الناشر: م عدد 2001 -هـ 1421لبنان الطبعة: األوىل، –دار طوق النجاة، بريوت

33األجزاء: هـ)، 437مكي بن أيب طالب، القريواين مث األندلسي القرطيب املالكي (املتوىف: -

اهلداية إىل بلوغ النهاية يف علم معاين القرآن وتفسريه، وأحكامه، ومجل من فنون -كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية -علومه، جمموعة حبوث الكتاب والسنة

13م عدد األجزاء: 2008 -هـ 1429جامعة الشارقة الطبعة: األوىل، هـ)، مشكل إعراب القرآن، 437مكي، أبو حممد بن أيب طالب القرطيب (املتوىف: -

،الطبعة: الثانية، احملقق: د. حامت صاحل الضامن، الناشر: مؤسسة 2عدد األجزاء: 1405بريوت، -الرسالة

اللهجات بين التماسك النصي والقاعدة النحوية ) أنموذجا لغة أكلوني البراغيث(

394

هـ) إعراب القرآن، وضع حواشيه وعلق عليه: 338النحاس، أبو جعفر،(املتوىف: -لعلمية، عبد املنعم خليل إبراهيم، منشورات حممد علي بيضون، دار الكتب ا

هـ 1421بريوت الطبعة: األوىل، النعماين، أبو حفص سراج الدين، اللباب يف علوم الكتاب (املتوىف: -

هـ)حتقيق: الشيخ عادل أمحد عبد املوجود والشيخ علي حممد معوض،دار 775م عدد 1998-هـ 1419بريوت/ لبنان الطبعة: األوىل، -الكتب العلمية

.20األجزاء: هـ)دار 905بن عبد اهللا، شرح التصريح على التوضيح، (املتوىف: الوقاد، خالد -

معدد األجزاء: 2000 -هـ1421لبنان الطبعة: األوىل -بريوت-الكتب العلمية 2

حيىي بن سالم بن أيب ثعلبة تفسري حيىي بن سالم، البصري مث اإلفريقي القريواين -شر: دار الكتب العلمية، هـ)تقدمي وحتقيق: الدكتورة هند شليب النا200(املتوىف: م. 2004 -هـ 1425لبنان الطبعة: األوىل، –بريوت