رواية رواية

ÞÞ@O@OôëbÓŠ’Ûa@ŠbíôëbÓŠ’Ûa@Šbí@@

طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

א .אא

א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

א )أخرىوسيلة אא.

.א א

٣

٤...............................................................................إهداء

٥....................................................................................١

٢٧..................................................................................٢

٣٢..................................................................................٣

٤٠..................................................................................٤

٥٤..................................................................................٥

٨..................................................................................٧٩٤..................................................................................٨

١٠١................................................................................٩

١١١..............................................................................١٠

١٢٤..............................................................................١١

١٣٦..............................................................................١٢

١٥١..............................................................................١٣

٤

إهداءإهداء

إلى روح والدي وأحتسبه عند اهللا من الشهداءإلى روح والدي وأحتسبه عند اهللا من الشهداء

كنت قلبي يا قلبي ففارقتني

و هل يحي انسان بال قلـب

وكنت العـش آوى إليـه

وكنت المعين على النـوب

ــدك أخــاف فصــرت بع

الضياع وكنت ال ألين لذئب

وضاقت بي األرض بمـا

رحبت كيوسف في قاع جب

تــه دعـاك اإللــه فلبي

فكنت وفيـا ونعـم الملبـي

يتغمـــدك اهللا برحمتـــه

يا أروع مثـال وخيـر أب

٥

١١ السماء صافية فى فصل الربيع ولكن تتخللهـا السـحب

ل وتنقشع وسرعان مـا البيضاء الخفيفة التى ال تلبث أن تزو .يظهر غيرها

الجمال يتوج كل شيء وللقلوب أيضا ربيع حيث تتـأثر .باألحوال الجوية والبيئية

وهنا تظهر حديقة صغيرة مقسمة األحواض من الزهر مرسومة بيد فنان أنيق، بارع حساس، فقد قسم الزهر أجناس

وأشكال مثلها مثل البشر أجناس ومدارس ومذاهب ، وأنواع . كل شيئفى

ين تلمح عيناك فى أحد األركان فوق الحشـائش طـائر يتناجيان يفترشان األرض يشعران بالتحرر والبساطة وكأنهما

.يحكمان الكرة األرضية ببيتً صغير ولو كان فى الصحراء بعيدا عـن انيحلم

يريـدا أن . أعين الناس خاليا من األثاث وال سبيل ألحد إليه ـ يسكرا بخمر الحب هما، يحلمـان ي ونشوة الخلوة مـع بعض

. بكوكب بعيد ال يسكنه غيرهما

٦

األزهار تتهامس غيرة وحسدا للعصافير التـى كـادت تتوحد تتالصق لعل نار الشوق التى تأججت بـين الضـلوع

. وفى الحشايا تهدأيرويان عطش السنين الذى عانـاه كالهمـا دهـورا

أشـعلتة العـادات طويلة، فجاءا ينفثان عن هذا الكبت الذى .والتقاليد فحرمهما النوم شهورا

على ساقيها تداعب " حسن"واضعة رأس " حنان"جلست .خصالت شعره المتناثرة

أعتقد أن حلمى الكبير الذى أحلم به " ياحنان" صدقينى -يضم أحالم كثير من المحبـين، فالحـب عنـدى أن يكـون

س والجسـد توأمين بالجسد وبالروح فى القلب والرأ ونالمحب .فلن يستطيع التوأم المتالصق إال أن يكونا معا

)فى خجل وحياء( كانت حنان تبتسم أكثــر منــك بكثيــر " ياحســن"وحياتــك : حنان

عـن التعبيـر عمـا ولكن اللغـة عـاجزة بــداخلى وقــد علمتنــى أن قمــة البالغــة

الصمت، كمـا إننـى أسـتمتع باالسـتماع نـت تشـبه أوهمسـاتك إليك إلى صـوتك

٧

وصـوت وقـع الرياح مـع الزهـر همسالمطر على الورد ورقـة الصـباح وخفـة النسيم يسكرنى يحملنـى لحـدود الشـمس

.ويرمينىفى العشرين من عمره يؤمن بمثاليات ويعـيش " حسن"

والحب العذرى . فى عصر الفرسان وزمن النبالء والشعراء يتمنى أن يعيش هذه الحيـاة، يتمنـى لـو أن " فالطونىاأل"

... يرجع إلى الوراءالتاريخ كلما قرأ كتابا راح يسرح بفكره فى هذا العالم العبقرى الملئ بالحب المالئكى، تمنى لو عاش يوما واحدا فى هـذا

فعكف على القراءة فى كـل جنبـات ذلـك ، العصر الجميل عاد بكل . العصر، وابتعد عن كل ما فى عصره الذى يعيشه

.القديمةذرة فى كيانه ومشاعره إلى العصور فى مستهل حياتها الجامعية رشيقة شفافة ذكيـة " حنان "

ضحكتها زغردة عصافير ترنيمـة ، رائعة كالفراشة الحالمة ناى ينفذ وقعها إلى قلوب من حولها، مقبلة على الحياة وكأنها تنتهز فرصة السعادة فتحياها كما يجب وال تجعل الفرصـة

أثناء حديثها فوق تهرب منها مشرقة الوجه يعلوه نور يظهر

٨

. جبينها كالمالئكة أتذكر ياحسن متى التقينا الول مرة؟: حنان

ول مرة ترقص وتدور بـين أقرانهـا أل" حسن"شاهدها وهن يصفقن لها ويشجعنها على االستمرار فى الرقص الذى يشبه رقص األشعة بين المياة يشبه رقص الفراشـات فـوق

.ور كأن األريج أسكرهااألزهار تستنشق عبيرها وأريجها تدوهى ال تدرى به وال تعلـم " حنان"يراقب " حسن"وقف

. عنه شيئا بالرغم من قرب المسكن إال أنهما لم يتالقا من قبلينفث دخان سيجارة فـى يـده أعطاهـا إيـاه " حسن"كان

وبعـد أن . من آداب تحيـه األفـراح هاأحد أقاربه حيث إن فـى أذنهـا عقبالـك توقفت عن الرقص والفتيات يهمسـن

ويومك لن يكون يومـا عاديـا وسـوف نزفـك " حنان" يابالرقص البلدى حتى بيـت زوجـك بـل سـوف نجعلـك

.ترقصين معنا ونترك العريس يسير وحيداولكنها برغم كثرة الفتيات حولها الحظت أن هناك أعين

.تراقبها من بعيد وتديم النظر إليهادقائه وكانـت ومن أص " حسن"كان عرس أحد أقارب

فتالقا االثنان فى هذا المكـان " حنان"العروس من صديقات

٩

.وألول مرةأصدقاءه وأخذوا يرفعون الـزوج ألعلـى " حسن"جمع

وأسفل وهم يصفقون والزوج السعيد يرفرف بساقيه وقدميـه يخشى أن يسقط من بين أيديهم والجميع يراقب ما حدث فوق

" حسـن "صدقاء فع األ خشبه المسرح المجهز للعروسين ثم د وسط الحلقة للرقص بدورة ولكنه كان يدفعهم عنه إال إنه لـم يستطع فاستسلم أليديهم ودخل الحلقة وهـم يلتفـون حولـه يصفقون ويلهون وهو يأتى بحركات غريبة غيـر منتظمـة فهو ال يحسن الرقص ولم يجربه من قبل إال بعد الحركـات

خرين، ولم يجـد فوق جبهته وخصره اثارت ضحك األ هبيد .بداً إال الفرار من بين أيديهم والتخلص من هذا الموقف

تراقب الموقف وهى تكركر من الضـحك " حنان"كانت ومحاوالته التخلص من أيدى " حسن"للحركات التى يصدرها

.أصدقائه والهروب من هذا الموقفتغرافية للعروسين و راح األصدقاء يلتقطون الصور الف

قوف بجانبهم التخاذ الصور التذكاريـة وجـاء ويتناوبون الو تقف بجـوار " حنان"ليقف بجوار صديقه وكانت " حسن"دور

.العروس

١٠

الزوج والزوجة والتقت يده بيد حنان يهنئها " حسن" هنأ بالزواج السعيد وتالقت أعينهما وتصافحتا للحظات قطعهـا

صدقاء وهم يتدافعون ليتناوبوا دورهم فى التقاط الصـور األـ ن امع العروسين وبعد انتهاء مراسم الفرح اسـتقل العروس

.السيارة لمنزلهما بعـدها منـع . ممن ركبن مع العروسين " حنان"وكانت

تفضـلى يـا : أحد من الركوب غيرها وهو يقول لها " حسن" .آنسة عقبالك إن شاء اهللا

. شكرا وعقبالك : حنانكان موكب السيارات يسير خلف بعضه فـى المقدمـة السيارة التى يستقلها العروسين حتى وصل الركب المنـزل المعد لهما وهناك تدافع األقارب خلف العروسين لرؤيه شقة

وقف أمام الباب ومنع أحد من الدخول " حسن"الزوجية ولكن التى سمح لها بالدخول خلفهما بعد أن نصـحها " حنان"غير

.بااالسراع حتى يغلقا الباب علىالعروسينوأخذه الخيال الى التحليق فى السماء " بحنان" "نحس"هام

واالبتعاد عن األرض، ولكن الى متى يبقى الحب بـالنظرات ألن تترجم هذه النظرات إلى حديث ووصال يبثهـا لواعجـه

١١

. وأشواقهشاءت األقدار أن يلتقيا فى بيت صديقه فى اليوم التالى

هم يهنئون العروسين ويقدمون لهما الهـدايا ويسـمى عنـد ".الصباحية"

تالقت العيون تحدثتا ودار الكالم الرقيـق فـى حيـاء .وخجل

على فكرة عرفـت اسـمك " حنان"عقبالك يا : حسن اليوم فقط اسم علـى مسـمى بالفعـل ألن كـل

.واحد منا اسمه من طبيعتهعقبالك فعال كل اسـم مـن " حسن"متشكرة يا : حنان

طبيعته لقد قرأت عـن هـذا الموضـوع فـى .ى األسماءمعان

جانبا بعيدا عن طريق المارة من األهـل " حسن"تنحى .واألقارب وهو يتحدث معها

فى أى الكليات أنت ؟ : حسن .كلية اللغة العربية بجامعة األزهر: حنان

١٢

وأنا أقول ما هذه الفصاحة التـى تنطقـين بهـا : حسن. حـديثك المعسـول وما هذه الرقة التى تصـاحب

عر؟ بالطبع تطالعين الش

ا وأنا أعشق نزار قبانى لقـد قـرأت جميـع طبع: حنان .تقريبا دواوينه

تنظمين الشعر اذا؟: حسن، ليس شعرا ولكنـى أطلـق عليـه إرهاصـات : حنان

ـ هواجس ينقصـها اإلتقـان والمراجعـة والت يح نق .والتهذيب

أكون مزعجا اذا طلبـت منـك سـماع بعـض : حسن هذه االشعار؟

.هواجسبل مجرد " حسن" يااليست أشعار: حنان .أكون متطفال اكثر واستمع الى بعضها: حسن

اقتربت حنان من شرفة المنزل تنحى وجهها جانبا كـى تخفى خجلها واحمرار وجهها فهى لم تعتد إنشاد الشعر أمام أحد، وأخذت تبحث عن صوتها فلم يسعفها والكلمات خانتهـا ولكنها استجمعت شجاعتها فراحت الكلمات تخرج من بـين

١٣

ا خافتة رقيقة كهمس النسيم، تنطق الكلمتين وتصـمت شفتيهفى غايه السعادة لهذا " حسن"لحظة واحمرار وحهها يتزايد و

. الحياء المالئكى ويستحثها على أن تتابع القصيدة

: حنان الدمع فى عينيك.. تتألأل

كنغمات ناى شجى شجى وخفقان جفنيك صالة نبى ..فيا هذا

ئالمخلوق ذو الوجه الممتل المالئكى ..كفاك

لدىةدموعك عظيم تمزق قلبى ..تدغدغ فى

أحبك طائرا مغردا

١٤

..ذكى أحبك عمرا ورديا

..هنى أحبك

زهرا صبوحاً ..ندى

احبك خليالً أمينا ..وفى

أنت الحياة وفيها النجى كفكف دموعك

..غاليه على اهللا عليـك وتقـول إرهاصـات ... اهللا مصفقا: حسن

.وهواجسحتـى ال يسـتمع أحـد " حسن"يدها فوق فم " نحنا"وضعت

.لما يدور بينهما ماذا تفعل يامجنون ، أنت غـاوى فضـائح؟ مـاذا : حنان

تفعل؟ ثم رفعت يدها من فوق فمه وهى تقـول فـى .رقة وحنان وكأنها تعتب عليه

١٥

؟ يـاعزيزى هـذا الكـالم لـم "حسن"ماذا تفعل يا : حنانه الضـجة يستمع إليه من قبل غيرك فلماذا كـل هـذ

.التى تحدثها ، اآلن دعنى لحالى فى رفق دفعت ذراعة التى كان يمنع طريقها أن تمـر وانسحبت تاركه إياه فى الشرفة ولكن الصب تفضحه عينـاه

خارجة ووجهها يشبه العقيق ويكاد الدم ينبجس " حنان"كانت منه من شدة الحياء ولحساسيتها المفرطة وأن مـن حولهـا

ة جعلتها تتعثر وأوشكت على السقوط غير يشعرون بها لدرج الزوجـة الحديثـة كانـت قـد " فاتن" كما أن إنها تماسكت

.ساعدتها على النهوض وهى تداعبها بكلمات خفيفةإن مـن عثـر علـي " حنـان "أعتقد يـا : فاتن

نسى أصحابه وأنت منـذ ليلـةأمس هأحبابــن ــاً، وم ــى تمام ــغلة عن ــت منش وأن

ـ ى البلـد المفترض أننى أحـدث زوجـة فوالجميع فرحين سعداء بى وخاصـة أنـت أقرب الناس إلى ولكنـك تشـاغلتى عنـى

ياترى ما الذى شغلك عنى يا حنان؟ثم اخذتها فاتن فى أحضانها وهى تغمز بطرفهـا الـى

١٦

وهى تقبل وجنتيها وتنظر إلـى " حنان"شرفة المنزل أجابتها .الشرفة خفية

وهل يسـتطيع أحـد أن يشـغلنى عنـك : حناناحبيبتى ألم أبق معك مسـاء أمـس آلخـر ي

لحظة ثم أطرقت خجال وهى تهمـس فـى أذنيها أم كنت تـرغبين فـى بقـائى معـك

.يالك من شيطانه ماكره. طوال الليل صدقينى يا حنان الـزواج شـيئ جميـل : فاتن

الـزواج إسـتقرار وسـكينة . جدا وعقبالك كما قال المولى عز وجـل حيـث تجـدين

نسان يهمك أمـره وأنـت فى نهاية األمر إ كل شيئ فى حياته هـو مسـئوليتك وأنـت

ومسئوليته، تشـكين اليـه بآالمـك ويشـك ليك وما أروعها لحظـة تضـعين رأسـك ا

المثقلة بالهموم والمتعبة بالمشـاكل فـوق صدر رحيم حنون وتلقـى بهمومـك اليـه

كيتحملها عنـك أو علـى األقـل يشـارك .إياها

١٧

طلع نمـرة وإننـا " ذكى" أعتقد أن الواد : حنانلم نعرفه مـن قبـل كنـا نقـول مـؤدب

وفـى اآلخـر يطلـع . وملتزم وفى حالـه . نمرة

ياابنتى الموضوع ليس موضـوع نمـرة : فاتنالموضــوع والحمــد اهللا إننــا ، أو غيــرة

ــرام وأن ــالق واإلحت ــى األخ ــا عل تربينهناك رجـل وامـرأة وأن الرجـل رجـل

ـ أة مر أوالمر اذا ة ولكل دور فى الحيـاة فقام كل فـرد بـدوره علـى أكمـل وجـه وصلنا الـى السـعادة األسـرية المنشـودة التى اعتـدنا عليهـا فـى بيوتنـا، فلـيس

، للرجل أن يقوم بـدور المـرأة أو العكـس فلكل طبيعتـه التـى خلقـه اهللا لهـا وأنـا

ننـى طلعـت الحمد اهللا أحمـد اهللا علـى أ وإال . النهايـة أنثى حتى أتزوج بذكى فـى

.زوجنى اذا كنت رجالمن كان يتبـين الحـين " حنـان "انخرطنا فى الضحك والقبالت و

١٨

وتقبضها منها وهى تقـول " فاتن" والحين تنحنى على ساق ".من ركبتك أحصلك فى جمعتك"

دخلن المطبخ إلعداد الشراب للضيوف وهن يتهامسـن بكالم ال يصل إلى اآلذان ثم يتضاحكن ويظهر أثـر الكـالم

ذى يعكس مضمون الكالم والحوار الدائر ال" حنان"على وجه . بين الصديقتين

الـذى " حسن"ضاربا كتف صديقه " ذكى"يدخل الشرفة كان شارد الذهن ينظر إلى السماء يدقق فيها حتى إنـه لـم

. يشعر بدخول ذكى عليهماذا تفعل يابنى ؟ أحضـرت للتهنئـة؟ أم : ذآى

حضرت تقف فى شـرفة المنـزل تتطلـع ليس فـى منـزلكم شـرفة؟ أم الى السماء، أ

ــرفة ــن ش ــمعت ع ــك س ــى" أن أن " ذكهواءها طيب الرائحة وياحبـذا لـو كـان

. مع الهواء الطيب فتاة رقيقة جميلةلك حق تقول ما يحلو لك أنـت خـالص : حسن

. عاديت بعدما عثرت على نصـفك الحلـو الدور علينا نحن هل نصل اليه أم ال؟

١٩

نـات بتحبـك ولماذا ال يا أستاذ؟ كـل الب : ذآىثـم تنتظـر . وأنت تشير إلى من تريد فقط

. من يأتى إليك بعد ذلكثـم يحتضـنان " ذكـى "بكفه على كف " حسن"يصفق

.الذى يتحدث بصوت مرتفع" ذكى"فى أذن " حسن"ويهمس الـزواج رائـع ولكـن " حسن"صحيح يا : ذكى

أروع ما فيه األكل ياولـد الحمـام ياسـالم ـ ـ ةعلى الحمامة وهى مقدم ك محشـوة الي

باألرز البلدى ومتقمعة فى السـمن البلـدى تحملها إليك زوجـة وكأنهـا مـن الحـور ــيض ــا األب ــى ثوبه ــل ف ــين تتماي العالمالئكى، عندئذ تكـون فـى حيـرة مـن

.أمرك فأى الحمامتين تقبل عليهاولكن ال تأخذنى فى الكالم ماذا دهـاك سـرحان فـى

ظنى أنها كذلك السماء عما تبحث؟ أم تراها فتاة شغلتك وفى ولكن اخبر صحبك من هى التى اوقعتك وجعلتك تتخلى عن

.وقارك وفلسفتك وكتبك

٢٠

منـذ " ذكـى " ال أعلم ماذا دهـانى يـا : حسنرأيتها تبـدل حـالى مطلقـا وطـاب لـى النظر الى السماء فهـى تشـبهها وأسـتمع للبالبل التى تحاكى صوتها وأشـتم النسـيم

.الذى يحمل ريحهاأنـت وقعـت ولـم . مش فايـت يانهار: ذآى

. يتلقك أحد ولم يرك أحـد ليسـمى عليـك نفسى أراها هذه الفتاة التى قلبـت مـوازين

.حياتك وجعلتك تتحدث هكذا كالمجانين" ذكـى "صديقة زوجتك يـا " حنان مطاوع : " حسن

افندى .مسأظن منذ أمنذ متى يارميو : ذآىوكـأننى .. مـن أمـس " ذكـى "بالفعل يا : حسن

حث عنهـا منـذ ماليـين السـنين كنت أب أبحث عنها بين صفحات الكتـب ودواويـن الشعر ومغامرات الفرسان فـى العصـور

عــزة العربيــة ،ايــت فيهــأالوســطى روليلى، ومى وشـهرزاد وجوليـت، عنـدما

٢١

رايتهــا رايــت التــاريخ يســتيقظ أمــامى ورأيت البطالت الالئى قرأت عـنهن فـى المشرق والمغـرب وفـى األدب العربـى

.واإلنجليزيدب اإلنجليـزي جعلتـك ألاطبعا دراستك : ذآى

تسبح فيه كمـا تشـاء وخاصـة عصـور . الفرسان واللوردات

وكانها ملخـص النسـاء ومختصـرهن، : حسنصـرها خ ،وجهها، شعرها، فمها، عودهـا

تنى إلــى أريــج دعــاأ. دبارهــاإ،إقبالهــا الماضى العطـر الـذى حلمـت يومـا أن

حنـان "ود إليـه مـع وها أنا األن أع هأحيا ". مطاوع

على فكرة أنا مخطـئ أن أتحـدث إليـك : ذآىكان مـن المفتـرض أن أتحـدث عـن ،

إنسان عاقل واتحـدث معـه واألن دعنـى . أذهب إلى من هو أكثر منك عقـال ونفعـا

.ويلتفت إلى فاتن مداعبا إياها

٢٢

هو الـزواج بيبقـى كـده " فاتن"ما هذا يا : حسن هكـرة زوجـك د مطبخ منذ أول يوم على ف

ـ اهمينربنا يعينك عليه ال أعلـم كيـف تتف .معه

ولكـن أعتقـد أنـك تكسـبيه باألكـل فهـو ال يفكــر إال وهـى " حسـن "بزجاجة بيبسـى إلـى " حنان"مدت . بمعدته

تنظر فى وجهه لعلها تتبين ما تنم عنه عينـاه مـن حقيقـة .هذا االهتمام بها

ــل : حسن ــك مث ــا يوفق ــان وربن ــكرا ياحن شــديقتك ــى زوج ص ــل ذك ــون مث ويك .ال يهمه إال الطعام فقط. صديقتك

.تفضل البيبسى: حنان نشرب شرباتك يارب على فكـرة أنـا ال : حسن

أشرب البيبسى ولكنى أشـرب مـن يـديك .السم فيصير ترياق

.كلك ذوق" حسن" شكرا يا: حنانـ : حسن فأنـا ال أحـب ة ال ليست هـذه مجامل

يـرك تـأب المجاملة ولكن بالفعـل مـن

٢٣

عيناه أن ترى سـواك، ومـن تطلـع إلـى ــل ــاك، وإذا تأم ــكرتة عين ــك أس وجنتيشفتيك أسكرته خمر شـفتيك ومـا الحسـن

وهل يـاترى فـى قريتنـا ، إال من حظاياك .جمال عا داك، أعتقد أنه ليس فيها إالك

نفسها بل أسرعت بالخروج من المكان " حنان"لم تتملك اب من أمام وقع كلماتـه واالنسح" حسن"والهروب من أمام

الذى يشبه وقع الندى فوق األزهار إنه يذيبها يأسرها يجذبها .يلغى عقلها ويثير أنوثتها ومشاعرها

أعتقـد .. انتظـرى " حنـان "انتظرى يا :" فاتنإنك استرحت وهى تهرول بهـذه الطريقـة ــى نفســها مــن ــتم عل ال تســتطيع أن تلكالمك المعسـول ولكـن أخبرنـى مـاذا

. ك لقد انفكت عقده لسانك اليومحدث لبعـد مـا رأيـت " فـاتن "لماذا ال تنفك يا : حسن

صديقتك التى كنـت أبحـث عنهـا طـوال حياتى أنقب عنها بـين الوجـوة وأتفحـص

وال أريـد كـالم . من أجلها كـل العيـون

٢٤

ــه ــدث ب ــذى يتح ــخريه ال ــتهكم والس ال . زوجك

ـ عندك جديد أسـمعه منـك وأبتعـدى عـن ا فاق الش .لشفايف التى تتمتعون بها أيها النساءاة ومصمص

أنـك وقعـت مـع " حسـن "الحمد هللا يـا : فاتنــان" ــارب يجعلهــا مــن نصــيبك " حن وي

طيبـة ورائعـة " حنان"ويجعلك من نصيبها بالفعل ولكن أخشى عليهـا مـن المسـتقبل فالظروف من حولها ليسـت كمـا ينبغـى

قتصـادية فبالرغم مـن حالـة والـدها اإل ــه ــه ل مشــغوالمتيســرة إال أن عــن ابنت

بزوجته وخاصة بعد أن أنجبت لـه غالمـا صغيرا غير حياته وأصبح الوالـد كالطفـل

.بين يدى زوجتهوهو ال يسأل عن ابنته من أين أتـت وال أيـن ذهبـت ويعاملها معاملة قاسية ولذا تجدها تلجأ إلى دائما فأنا صديقتها

.ةالمقرب أمى بقـدر وألن أهلى يعاملونها مثلى تماما وتعوضها

٢٥

المستطاع عن حنان األم الذى أفتقدته وتحاول أن تخفف عنها . من والدها وزوجتةاالضيق والمعاناه التى تالقيه

قلبى معها لم أتخيـل كـل هـذا االقبـال : حسنال . علــى الحيــاة يخفــى أالمــاً ومعانــاه

تتخيلى يا فاتن الرجل الذى يتـزوج بعـد الخمسين من عمره وكيـف يتعامـل مـع

وجته إنه يعذب نفسه ويعـذب مـن معـه زويعذبها أيضـا معـه وخاصـة إذا كانـت

.صغيرة السن هذا مـا حـدث فزوجتـه " حسن"بالفعل يا : فاتن

ال تكبرنا إال بأعوام قليلة وهذا مـا يجعلهـا تتحكم فيه وهو رهن إشارتها ولـو طلبـت

.لبن العصفوروزادت سيطرتها عليه بعد أن أنجبت له طفـال ذكـرا

وأعـرض عنهـا وأصـبح الطفـل " حنان"ر ظهره إلى فأداالصغير هو كل حياته وزوجته مركز الكون وهذة الفتاة ليس

.لها إال اهللا والطيبون يقفـان هفى الكالم معاتبا زوجته وصـديق " ذكى"يتدخل

٢٦

.هاالديتحدثان ولم يقدما شيئا للضيوف يتحدثان عن حنان وو اسـى نقول للناس مع السالمه علشـانك ي : ذآى

ــت و" حســن" ــان"أن ــا " حن ونخســر إحنالتى نحتاج إليها من أجـل إعـداد ) النقطة(

أمـا أنـت فمـاذا نأخـذ . مكان لولى العهد ـ . منك ال شيئ اللهم إال وجع الـدماغ ىهم

ودعـك مـن هـذا الحـالم الـذى " فاتن"ياهمــى . يعــيش فــى العصــور الوســطى

وقدمى للنـاس الشـراب وإجمعـى مـنهم هم يخـرج بـدون الفلوس وال تجعلى أحـد

أما أنـت يـاحبيبى ألـم تشـرب . أن يدفع .البيبسى تفضل إذا ورينا عرض أكتافك

٢٧

٢٢ ال تستطيع أن تستسلم للنوم، فقد أصـابها " حنان" كانت

األرق فأخذت تتحرك فى الفراش ، ولما لم تجد مفـر مـن ف الغطـاء الهروب من األفكار أسندت ظهرها وجذبت طر ليه قوته إ تإلى صدرها وراحت تحلق بخيالها الذى تراه عاد

والكـالم " حسـن "ها مع ئوحيويته هذه األيام وخاصة بعد لقا الجميل الرقيق الذى سمعته منه والنظرات الحالمة التى ينظر بها اليها وكيف جعلها تنشده الشعر وكيف رأت أنفاسه المتقدة

عجابـا انعه مـن التهليـل عندما وضعت يدها تكتم فمه تم .بشعرها

وراحت تسأل نفسها يارب ماذا على أن أفعل ،وكيـف أتخلص من شبح الماضى اللعين الذى سيظل يطاردنى ولعله

.قبل أن يشب ويكبر" حسن"يقتل ما بينى وبين فجأة تعتدل وتنظر إلى نفسها فى المرآة المقابله لفراشها

ومخلوق رقيق أمـا إنسان طيب " حسن" "حنان"ماذا دهاك يا ترين الكلمات تنساب بين شفتيه كزخات المطر تقـع خفيفـة

فال تحاولى أن تخدعيه أو تكذبى عليـه تحـت اسـم . خفيفةالحب أو تذيقيه ماذقتى من قبل من مـرارة الحـب وقسـوة

٢٨

الهجر واألم الفراق فال بد أن تخبريه عن عالقتك السابقة مع قة تعود مسترخيه فـى حيث شفاك اهللا من هذه العال ) عطيه(

هذا " وعطيه"هذا " حسن"فراشها وتفكر ولكن ما الفرق بين .مؤكد أن الغدر يجرى فى دمهما معارجل وهذا رجل ومن ال

لن يفعل معك األفاعيـل ويغـدر " حسن"وما أدراك أن المتسرعة ةفيجب عليك أيتها الفتاة الغبي " عطية"ويخدع مثل

س مرة أ ال أتجرع مرارة الك أال تنساقى وراء العواطف حتى .أخرى

مختلف تماما عنه " حسن"تعود لتعتدل فى فراشها، ولكن آلمام االختالف فاألخر صنعته الكالم ال تأخذى منه غير ك مت

استغل فارق السن بينى وبينه حيث كنت ال أزال فـى سـن الطفولة حينئذ فكان يسحرنى بكالمة المرتب الجميل وشـكله

ألنيقة وكنت فى هذا الوقت كـأننى لـم أر ا هالوسيم ومالبس عتقد انه لم يكن حبا ولكن إعجاب طفلـه أرجال قط وبالفعل

كنـت . العقل يرفض ذلك فصغيرة بجارلها أما أن أسميه حبا أحب أن أجالسه أستمع إلى مغامراته فى الجامعة وكنت فـى المرحلة االعدادية أسمع فقط عن الجامعة وفى لحظة غيـاب

والدة والمتابعة من األهل كانت سـعادتى بالحـديث الوالد وال

٢٩

فجلبت لنفسى العار وسـوء السـمعة " عطية"عن أننى أحب فكنت أتحدث إلى صديقاتى حيث نتقابل فتقص كـل واحـدة

ونسيت أثناء ذلك أننا فى الريف . أخبارمن يحبها أو من تحبه .ومازلنا نتمسك بعادات وتقاليد تركتها خلفى

أعتقد أنه يعلم " حسن"ى الفراش ولكن تعود لالسترخاء ف فماذا يفعل؟" بعطية"إعجابى به من قبل

.تعتدل فى جلستهاياإلهى انقذنى مما أنا فيه من العذاب واألرق فليس هناك أحد حولى أسترشده أو أستعين به فهناك والدى يغط فى نوم عميق فى الحجرة المجاورة مع زوجته الجميلة التى غيـرت حياته وجعلته ينسى العالم أجمع حتى أنـا فهـو ال يـدخل حجرتى وال يعلم كيف أذهب إلى الجامعة، وهل هناك مشكلة

الصغير هفالعالم زوجتة وطفل . ما تواجهنى فى الجامعة أم ال بحجة " حسن"ياإلهى ماذا أفعل هل أذهب غدا إلى منزل . فقط

درسه هـذا العـام أم االستفسار عن كتاب اإلنجليزي الذى أ وأنا معها طوال الوقت وهى . أتحدث معها " فاتن"أذهب إلى

.تريد أن تسعد بزوجها ويسعد زوجها بهاإننى أريد أن أتحدث مع أحد أريد أن أتحدث بصـوت

٣٠

حب أم ماذا؟ أم أنه " حسن"مرتفع هل ما يتردد فى قلبى تجاه ى من جنس نتقام لنفس لإل ةمحاولة نسيان جرح قديم؟ أم محاول

اأيكون هو الضحية التى أنتقم منه " حسن"الرجال فى شخص جعلنى أحبه وأعشقه ثم لـم ؟معى " عطية"ردا على ما فعله نتقل إلى غيرى ولم يعبأ أو يهتم بمشاعرى أيلبث أن تركنى و

فأخبرنى أنه يحب غيرى كانت زميلة له فى الجامعـة وقـد .عة اتفقا على الزواج بعد االنتهاء من الجام

ماذا أفعل إننى فى حاجة إلى من أتحدث إليه أعترف له كل بعضى أحيـا فـى أأغضب أثور ولكنى وحيدة بعضى ي

وال ومتى دخلت هذه الدوامة وال لها دوامة ال بداية وال نهاية .متى الخروج منها

تتمدد فى الفراش وتجذب الوسادة فوق رأسـها ربمـا ن الدوامة ربمـا يمكنها أن تغمض عينيها عسى أن تخرج م

تحدث المعجزة وتستسلم للنوم فتخرج من الدوامة، ربما ولكن تقذف بالوسادة من فوق رأسها وتجلس معتدله ال بـد أن ..

تخرج ما بداخلها حتى تستطيع النوم مدت يدها إلـى ورقـة .وقلم بجوار الفراش وراحت تخط فى الورقة

٣١

أحالمك المجنونة الوردية خطب جوفاء وعنجهية فالحب يازهرتى البرية عطاء وفناء وتضحية الحب آيه سماوية

وتحرر من رق وعبودية الحب الحان شجية شجية

وليست حرب همجية عنتريةأذان الفجر وهى تحاور وتصارع إلى أن " حنان"تسمع

سيطر عليها فاستسلمت له واضعة قصائدها فـوق صـدرها ـ التـى ةعسى أن ترى فى منامها حلما يخرجها من الدوام

.تعيشها

٣٢

٣٣ مع زميالتها فـى " حنان"وفى صباح اليوم التالى وقفت

انتظار القطار فوق رصيف المحطة فى طريقهـا للجامعـة، ولكنها فى هذا اليوم كانت شاردة الذهن حائرة األعين تتطلع

لونهـا هنا وهناك وزميالتها ينكرن عليها حالها وشـحوب وزيغ أعينها واضطرابها ولكنها تحاول أن تثبت لهن عكـس

وسط الزحام فـوق الرصـيف " حسن"ذلك فهى تبحث عن تتفرس أوجه المارين تدور بأعينها بين حلقات الرفاق تحملق

. فى وجوه المارةفجأة علت الحمرة وجهها وكأن روحها عـادت إليهـا

تضـحك فـى فراحت تتحدث إلى زميالتها وتتحاور معهن و " حسن"حياء وخجل وهى تلقى بين الحين والحين نظرة على

فـى انتظـار .الذى توقف وسط حلقة من رفاقه يتحـدثون .القطار

وبعد دقائق توقف القطار وأندفعت إليه جموع الناس فى زحام رهيب يتدافعون األقوى يدفع األقل قوة حتـى يفسـح

ـ امين دفـع لنفسه الطريق إلى داخل القطار، والفتيـات يتح واحدة تمنح نفسها قـوة إلـى داخـل ةالشباب فيتجمعن كوم

٣٣

قليال حتى تعثر علـى حمايـة مـن " حنان"تخلف تالقطار و خذها من يديها يحميها بذراعيه القويتين من أكعادتة ي " حسن"

تدافع الناس إلى داخل القطار يفسح لها الطريق بين صفوف قعد داخل القطار المتزاحمين على األبواب ثم يبحث لها عن م

.أو مكاناً أمنا بعيدا عن االزدحام" حنـان "وفى أحد األركان من عربة القطـار وقفـت

يحيطها بذراعية مانعا أحد من االقتـراب " حسن"وبجوارها .منها نتيجة الدفع المستمر الزدحام العربة

؟ علـى فكـرة أنـا علـى " حسن"لماذا تأخرت يا : حنانولقد مـر قطـار ولـم الرصيف منذ أكثر من ساعة .أستقلة فى انتظار قدوم سيادتك

لقد استيقظت متـأخرا اليـوم، فقـد " حنان"أسف يا : حسنحضر إلى أمس بعـض األصـدقاء فجلسـنا لوقـت متأخر من الليل، ولم ينصرفوا حتـى طلبـت إلـيهم

فقد كنـت أخشـى أن أتـاخر فـى النـوم وال . ذلكب وإال كنــت أذهــ. ولكــن الحمــد هللا. أراك اليــوم

للجامعة بدون رؤيتى وجهك الجميـل الـذى يبعـث .األمل والتفاؤل

٣٤

نحـن مازلنـا أول النهـار . سطوانات البكش ابدأنا : حنان .فدع هذا الكالم األن وقل يا فتاح ياعليم

يا فتاح يا عليم يا رزاق يـاكريم ، أنـت تعلمـين : حسنأننــى ممــن ال يجيــدون فــن الــبكش " حنــان"يــا

يقـة أن وجهـك هـو الـذى ومعسول الكـالم والحق يبعث إلى الكالم الجميـل وبـدون ترتيـب منـى أو

.إعداد لهفأنت الحياة بالنسبة لى والباعث على التفاؤل باهللا عليك

هل هناك من يرى هذا الوجة الصبوح والعيون المالئكية .وهى تبتسم واضعه كفها فوق فمه" حنان"تقاطعة لوجـة والعينـين وال ثم ماذا يا أستاذ يكفيـك األن ا : حنان

.تترك لنفسك العنانمن بعيد وهى تقف بجـوار " حنان"كانت الفتيات يراقبن

يتغامزن ويتالمزن بعضهن حبا والبعض القليل حسدا " حسن"ذات قبول سريع يقع فى قلـب مـن " حنان"وغيرة فقد كانت

يراها أو يتحدث إليها فلم يكن حولها إال المعجبين ولكن أيضا وأعداء النجاح وبعض االتـى تشـتعل الغيـرة هناك حساد

.بقلوبهن فقالت أحداهن

٣٥

مثـل " حسـن "و" حنـان "هللا أتوقع نهايـة قصـة او: زميلةالتـى كانـت مشـغوفة بـه " عطيـة "قصتها مـع

وظنى بهـا أنهـا عاطفيـة زيـادة عـن " حسن"قبلاللزوم، أو قد يكون بعـد والـدها عنهـا سـببا فـى

بمـا تحـاول أن عالقاتها العاطفية مـع الشـباب فر تجد بديال لوالـدها متنفثـا لحرمانهـا مـن عاطفـة

.األبوة :، قائلةجابتها إحدى زميالتهاأف

قد يكون حديثك فيـه بعـض الصـواب : زميلة أخرىولكن لماذا نعلل األشـياء فهنـاك أمـور ال تعلل فالحب ال يعلل وقـد يفشـل االنسـان

فى قصـة حـب وخاصـة فـى مرحلـة ـ ا يتـدارك الخطـأ الصبا ولكنه سرعان م

. ويعود إلى رشدةولماذا تنظر إلى األشواك فى الـورد وإلـى الجوانـب

لماذا ال نرى النور؟ لماذا ال نبارك هـذا . المظلمة فى حياتنا " حنـان "إنسان ملتزم وتتمناه كل فتاة وكـذلك " فحسن"الحب

.نظرى إليهما واهللا االثنان كأنهما خلقا لبعضهما البعضا

٣٦

واالبتسامة تعلو وجهها " حسن"تحدث إلى ت" حنان"كانت تتطلع فى وجـه . المشرق وكأن الشمس أشرقت عليه وحده

الباعث على األطمئنان واألمان اللذان تنشدهما فى من " حسن"فهـى . تحب وهى مازالت تفكر كيف تعترف له بماضـيها

مقتنعة أن كل شيئ بنى على باطل فهو باطل وهى إنما تريد " حسـن "ح لهذا الحب والمحافظـة علـى االستمرار والنجا

.وعالقتها بهأطلـب منـك طلـب ،وأرجـو أن " حسن"ممكن يا : حنان

تسمعنى للنهاية وتفسح صـدرك لـى فأنـا لـم أنـم .الليلة الماضية

هـل تطلبـين . إن شـاء اهللا اخيـر " حنان"ماذا يا : حسنأنت ال تطلبـين ولكنـك تـأمرين . طلبا وال أسمعك

.وعلي تلبية أوامركأنت كالعادة تغيـر المواضـيع وتحـول أى شـئ : حنان

.الى سخريةعلـى العمـوم أنـا لـى ". حنان"هكذا رأيك فى يا : حسن

حق عندك ولذلك سـوف اصـطحبك إلـى الجامعـة فهناك ندوة اليوم فى قسم اللغـة االنجليزيـة تنظمهـا

٣٧

جماعة بداخل القسـم وكنـت قـد طلبـت إلـيهم أن هـذه المفاجـأة تقدمى إحدى قصائدك وكنت أخفـى

.عنك ولكن قد حان وقتهاأنت هكذا ولن تكون إال هكذا قلت لـك مـن قبـل : نحنا

وأنـا " حسـن "ندوة إيه يا . ال تأخذ األمور مأخذ الجد .لم أستعد ألى شيئ

ستعداد أيتها الشـاعرة المجنونـة لقـد رتبـت اأى : حسنكل شيئ وأنا معك هل تحتـاجين إلـى اسـتعداد أو

ليـك أن تلقـى القصـيدة التـى كـل مـا ع . إعداد .استمعت إياها أول لقاء بيننا

أنا المجنونـةأم أنـت األن المجنـون؟ تخطـط : حنان .وتنظم وتنفذ وأنا أخر من يعلم

لـك يزيـل بعـض أردت أن أنظم يومـا جمـيال : حسنالهموم التـى تحملينهـا وإال فمـا قيمـة وجـودى بجوارك إن لم أشعر بك وبأحزانـك وهمومـك ومـا

مة هذا الوجود إن لم أخفـف هـذه األالم وأرسـم قي .إبتسامة خفيفة على شفتى حبيبتى

أريد أن أسمع إبتسامتك، أن تسمع إبتسامتك الدنيا، هذه

٣٨

أحييهـا . الضحكة التى تشبه كركرة الصغير تبعث فى الحياة .فيك فتحيينى أخلقها على شفتك فتخلقنى من جديد

ـ : حنان ار منـذ وقـت أسرع ياأسـتاذ لقـد توقـف القطوغادر الركاب القطار وأنت مازلـت فـى أحالمـك

دفعتـه تجـاة البـاب خـارجين . المجنونة يامجنون :من القطار وهى تقول

وبرغم حنانك وجنونـك بحبـك ألن أروع " حسن: " حنان ما فيك جنونك وعقلك أيضـا كالهمـا يسـببان لـى

واألن ودائما أيها العبقـرى ونلتقـى أخـر . الجنونوأرادت أن تهـرب مـن . طريـق العـودة اليوم فى

يدة ولكنه كان قابضا عليها بشـدة ألنـه أدرك مـا تنــوى عليــه وأن تهــرب منــه فالفتيــات مــازلن

نظـر الـيهن " حسـن "ينتظرنها فى الطريق ولكـن منهمـا وطلـب " حنـان "ذن مـنهن أن يأخـذ تأواس

إليهن أن من ترغب فـى الحضـور معهـم للنـدوة وحنـان . هاب للجامعـة فلتتفضل ولكنهن أثروا الـذ

مـاذا : تنظر إليهن وال تنطق ولسـان حالهـا يقـول

٣٩

أفعل مع هذا المجنون الذى يجـذبنى مـن يـدى وال .أستطيع منه فكاكا

٤٠

٤٤ وفى مدرج الجامعة مكان انعقاد الندوة وكان المكان قد أعد الستقبال بعض الشعراء وكان الطلبه قد أخذوا أمـاكنهم

يحـدثها عـن " حسن"لس بجوار تج" حنان"فى القاعة وكانت بعض الشعراء المشاركين فى الندوة ويشاركها فـى إعـداد قصيدتها ودورها متى ستقدم قصـيدتها ويشـجعها ويزيـل

كان شباب قسم اللغـة . الخوف والتوتر اللذان سيطرا عليها االنجليزية ال يهدؤن فى تنظيم الحفل مـن إعـداد الزهـور

الجميـع فـى عمـل . عدوالميكروفونات والسماعات والمقا ونشاط الشباب والقتيات الجميع يد واحدة يعملون على انجاح المؤتمر األدبى الذى يقدمونه كل عام ويدعون إليـه أشـهر

.األدباء والمهتمين باألدب العربى والغربى والطالب الذين سيقدمون بعض أعمالهم يتدربون علـى

طريقة ممكنة، الوقوف إللقاء القصائد وتقديم أعمالهم بأفضل فمنهم من يقرأ على البعض واألخرين يصوبون لـه بعـض الكلمات أو الحركات الغير صحيحة والجميع فى تعاون تام ،

.وكأنهم خلية نحلفوق المسرح تردد أبيـات قصـيدتها " حنان"ومن بينهم

٤١

يتردد " حسن"على مسمع بعض الزمالء وهم يوجهونها وكان ويعدل ) الديجية(اعات ويجرب بين أرجاء القاعة يختبر السم

من وضع أكاليل الزهور ويصوب فى برامج الحفل ويتصـل على هاتفة المحمول ببعض الزمالء الذين يعدون مـا يقـدم

. للضيوفويميل على أذنها " حنان"وبين الحين والحين يتردد على

.يداعبها ببعض الكلمات الرقيقةاذة الواضـح عظمة على عظمة يا أسـت !!اهللا اهللا : حسن

أن طلبة األزهر سوف يتفوقون على طلبـة التعلـيم ــام ــة وحراســها . الع ــة العربي ــل اللغ ــا معق طبع

الساهرين عليهـا ومالئكتهـا وفراشـاتها وطيورهـا بــاهللا عليــك لمــاذا الخــوف والقلــق .. المغــردة

ـ وخيالـه ،بـل هياحبيبتى أنت الشعر موسيقا وبديع تخشـين أنت االلهام أنت الـوحى للشـعراء فكيـف

. الجمهورأنت من يجـب عليـه أن يقـدم " حسن"وحياتك يا : حنان

شعرا على المسرح فأنـت األجـدر واألروع خيـال

٤٢

الواألفصح واألرق كلمات واألقوى عاطفـة فلمـاذا .؟تقدم شيئا

ياسيدتى أنا أتذوق الشـعر وأحسـه فأنـا شـاعر : حسنبإالحساس فقط ولكنى ال أقرضه بـل أحفـظ جيـده

ــا ــوأردد ن ــى أن هدره وأدون غريب ــت أتمن وكنيمنحنى اهللا تعالى موهبـة الشـعر ولكـن الحمـدهللا

.الذى حرمنى منه لكى يعوضنى بكأنت ياحبيبى من عوضنى اهللا بـه فأنـت السـحر : حنان

وأنت هبة الشعر وما تمنيتـه مـن اهللا ومـا أتمنـاه ولى معك ياحبيبى كالم كثيـر ولكـن دع حبيبتـك

.تكرمك أمام الضيوفاألن تعد نفسها كى بعد لحظات كان الضيوف يتوافدون على القاعة والجميع يأخذون أماكنهم المعدة لهم وبدأ أحد الشعراء بالحديث عـن الشعر وفنونه ومدارسه وما وصل الية الشعر من نهضة وما يسمى بالحداثة فى الشعر واألدب على وجة العموم وبعـض

تتنـاول مـدارس الشـعر الدراسات اللغوية والبالغيه التى وتحدث أحد االساتذة عن األدب اإلنجليـزي وأهـم .الحديث

مدارسة وتـاثير األدب اإلنجليـزي علـى األداب العالميـة

٤٣

.والعربى منها بخاصةكما تحدث بعض الشعراء وقدموا الجديد من قصـائدهم والتى لم تنشر بعد، ثم جاء دور الطـالب ليقـدموا بعـض

يهتفون تحية إلى هـؤالء الشـباب انتاجهم األدبى والحضور الواعد الذى سوف يحمل لواء األدب فى األجيـال القادمـة فمنهم من ينبئ بموهبة رائعة وإن كان بعضهم يحتـاج إلـى

.القراءة والتوجيةالتى اعتلت خشـبة المسـرح لتقـدم " حنان"وجاء دور

قصيدة من نظمها وبالرغم من أنها من خـارج الجامعـة إال الترحيب والحفاوة الكافيين مما زاد ثقتها بنفسـها أنها القت

وقدرتها على مواجهة الجمهور وخاصة االطراء الذى قدمها .به مقدم البرنامجواألن جاء دور األزهر ليقدم لنـا بعـض : مقدم البرنامج

طيورة المغردة وحمائمـة المحلقـة والتـى لم تنقطع على مر تـاريخ اللغـة العربيـة

مـع . والمنـافح عنهـا وحاميها والمـدافع العاطفة النقية والشعر الصـادق والكلمـات العذبة الرقيقة كنيل مصـر المتـدفق مـع

٤٤

ــية ــر الرومانس ــل وعص ــزمن الجمي الالحالمة والـذى يتحـدى ماديـة العصـر والعولمــة مــع األرض الطيبــة ورائحــة

.الحقول وعبير الريف األصيلبتحية الحضور وشكر طلبة قسـم اللغـة " حنان"بدأت

قامة هذه الندوة التى تشارك فى تثقيف الطـالب نجليزية إل اإلونقل الثقافات بين األجيال والذين أتاحوا لهم فرصة االشتراك

.فى الندوة :حنان

ما أجمل لون عينيك وشكل الهالل وحاحبيك فقد غار التفاح من وجنتيك واستعار الورد حمرة شفتيك

يا قمرى والنجوم عذارى بجانبك والناس بين يديكأنت ملك

أبعد ذلك ال أغار عليك؟ كيف وأغار من الماء فى راحتيك هل فى عالم الجمال غيرك

٤٥

أم الجمال نفسة من حظاياك لقد عشقت ياحبيب عالمك

وطاق قلبى فى الصعود لسماك فهال تمنح من بحر جودك أو تمنح بعض عطاياك أم تبخل عنى بطيفك

ولكنى على عهدى أنا جيك حنانيكفيا من أحب

فلن أحب من األنام سواكلـن "فيق والهتاف واألصوات تردد صضجت القاعة بالت .ويهتفون بطلب المزيد من القصائد" أحب من األنام سواك

التى احمر وجهها مـن الخجـل شـكرت " حنان"ولكن الجميع على هذا التشجيع والهتاف وغادرت المسرح باحثـة

ن مـآ الظ هة إليه اتجا عن حبيبها الذى التقط يدها وهى متجه .إلى عين الماء

وهـو ه قبض كفيها إلى صدر ةوأفسح لها بجواره وبلهف .يهتف

٤٦

واهللا العظيم رائعـة أيـن كنـت " حنان"رائعة يا : حسنتخفين هذا الجمـال وهـذه الروعـة أتعلمـين يـا

لوال هذا الجمع الغفيـر مـن النـاس مـاذا " حنان" كنت فاعل؟

ماذا ياحبيبى؟: حنان كنت آخذك بين ذراعـى فأنـا سـعيد سـعادة ال : حسن

توصف ولكن أخبرينـى أيتهـا الحمامـة المحلقـة التى حملت عبق التاريخ وعبير الريف لمـن هـذا

.الشعرألـم تعلــم حتــى األن لمــن؟ وال أحــد غيــرك : حنان

يساوى بيت شعر فى نظرى فأنـت الـوحى إلـى ".حسن"وااللهام والحياة وأنت الحب يا

والدموع تتساقط فوق خـديها هتتحدث إلي " حنان"كانت وجسدها ينتفض كالعصفور بلله المطر لعلها تستطيع توصيل مشاعرها وحبها الصادق لحبيبها الذى تمنته ومنحها حبا ذكيا

وتخشى من ضـياع ه تريد االحتفاظ به والمحافظة علي ارائععترفت له بماضيها والذى تعده فى نظرها مراهقة االحب إذا صبيانية ال أساس لها من الحقيقة وأوهام البنات فى وهواجس

٤٧

.هذه السن المبكرةبهذه المناسبة دعنى أحتفـل بـك " حسن"هيا بنا يا : حنان

وبقلبك الكبير الذى منحه اهللا إلـى وأيضـا دعنـى أتعلق بذراعك الفتية دعنى أشـعر باألمـان الـذى كم افتقدتة بعيدا عنك واجعلنـى أحلـق معـك فـى

ئك الصـافية القويـة التـى تجـذبنى عالمك وسما بسـاعده وخرجـا إلـى " حنـان "تقهرنى تعلقـت

الطريق يضحكان كالعصـافير المغـردة يتبـادالن كلمات الحب ونظـرات الشـوق والهيـام يغنيـان كطفلين ال يشعران بالعـالم مـن حولهمـا وكـأن الدنيا ملك لهما وليس فيها سواهما وعلـى شـاطئ

بـان إحـدى النيل فـى ميـت غمـر دخـل الحبي الحدائق التى أقيمت علـى ضـفة النيـل وكانـت الحديقة قد عجت بزوارها وروادها مـن المحبـين وأكثرهم مـن شـبان الجامعـات القريبـة فكانـت

، والنيل شاهد علـى حـبهم ، الحديقة المتنفس لهم يتواعـدون علـى ، ومشاعرهم الرقيقـة العـذراء

استمرار الحب والوفاء لآلخـر مـنهم مـن أخـذ

٤٨

رائك المعدة للجلوس ومـنهم مـن عة فوق األ موضتحرر من قيود العادات والتقاليد والرقبـاء وتـرك األرائك وجلس فوق الحشائش متمتعـا بخضـرتها والرطوبــة التــى تبعــث البــرودة فــى القلــوب

ومـنهم تـه الملتهبة وقد أسند رأسه لصـدر محبوب يخشـى علـى همن وضع ذراعة يحيط عنقها وكأن

.حبة من الضياعنـا نأعتقد يا حبيبى أننا أسعد الموجـدين هنـا وأ : حنان

ــة وأرق ــل عاطف ــا وأنب ــا قلوب ــا وأنق أروع حبنظر يــاحبيبى إلــى جفــونى التــى ا فــامشــاعر

تقرضت من السـهاد وأنظـر إلـى حسـد الـذى .أضناه البعاد

بكفها الصغير وراح يقلب فية وهو يتأمل " حسن"أمسك سندت رأسها الصغير فأ ، ثم طبع قبله رقيقة عليه هدقته ورقت

".حسن"إلى صدره الفسيح وهى تتنهد تنهيدة قوية شعر بها ؟"حنان"ماذا بك يا : حسنأريد أن أحدثك فى أمر مضـى ولكنـى أخشـى : حنان

" حسـن "وحيـاة " حسـن "رد فعلك وصـدقنى يـا

٤٩

حبيبــى وأغرورقــت عيناهــا بالــدموع وراحــت لعظـيم انا بحبـك جـدا واهللا ا " حسن"تتهانف واهللا يا

ال أستطيع الحيـاة بـدونك لحظـة واحـدة اليـوم أصبحت ال أستطيع فراقـك والبعـد عنـك أريـد الحياة معك ال أريـد الـذهاب إلـى بيتـى أريـدك

واهللا أنا فى حالـة جنـون أتمنـى . معى نحيا سويا لو أن لنا بيت نذهب إليـه سـويا نمـارس حياتنـا دون تدخل أحد وبالرؤية أحد أنا وأنـت فقـط ،ثـم

عت رأسـها ونظـرت إليـه الـى متـى يـدوم رفالتخلــف العربــى أســمع أن فــى أروبــا يعــيش

.الحبيبان فى بيت واحد وال حرج فى ذلكلقـد شـعرت بـالقلق عليـك " حنان"ماذا بك يا : حسن

.حدثينى عما بداخلك وال تخشى شيئاــا : حنان ــرف ي ــل تع ــن"ه ــاب " حس ــة "الش عطي

الذى يقيم بأخر الناحية؟" الجنزورى ماذا به؟ " حنان"نعم يا : نحس هكنت طفلة فـى المرحلـة الثانويـة وكنـت أرا : حنان

يسير فى الطريق عائدا من الجامعة وكنـا نجلـس

٥٠

ى نتحدث عن الشـباب وهـذا لطيـف تقايأنا وصد وذاك سخيف وهكـذا فأخبرتـه إحـدى صـديقاتى أننى أحبه فكـان يـأتى إلـى البيـت بـاى حجـة

ــ ــأنس إلي ــدى ي ــان وال ــة وك ه ويســتمتع مختلقفكـان يخـتلس الفرصـة . بالجلوس والتحدث إليـه

..ويقدم لى بعض األوراق وبها كالم فى الحبمن حديثها فهب واقفا والدماء تكاد تندفع " حسن"انزعج

وكأن . فعى لدغته قد شعر بضيق فى صدره أمن وجهه وكأن ياهللا ما قرأت هقلبه يكاد يتوقف عن النبض وهو يقول فى نفس

سمعت بين الناس ومالم اتمنه فى حياتى ها أنا اليوم عنه وما .أسمعه عنـه ايكفـى اليـوم مـا تحـدثن " حنان"هيا بنا يا : حسن

نعود ولنكمل الحديث عـن هـذا الموضـوع يـوم .خرآ

وهـى تتوسـل إليـه هراعيذ وتعلقت ب " حنان"تساندت بدموعها وقلبها وإنتفاضة أعضائها وحياتها التى أصبحت بين

.يديه

٥١

" . حسـن "هل تشك فى حبى لك لحظة واحدة يـا : نحناكنت أخشى مـن هـذا الموقـف وأخشـى عليـك

صـدقنى أخشـى عليـك مـن . وعلى قلبك الكبير األلم والمرار اللـذان تشـعر بهمـا األن فحيـاتى

وأنـا أسـفه يـاحبيبى لمـا . أهون عندى من ذلك نتحـار وال أسـبب لـك أى سببته لك فقد تمنيت اإل

الحـزن معـى، وكنـت أشـفق ألم أو يذوق قلبك عليك من سـماع هـذا الحـديث ولكننـى فضـلت

عتراف لك حتـى ال تسـمع مـن أحـد غيـرى اإلوهذا أيضا من حبـى لـك وقلقـى عليـك وعلـى نفسى أن تضيع منى خشيت أن يتحـدث بـه أحـد

واألن اصـنع بـى مـا شـئت أخـرج مـا . إليكبداخلك من غضـب علـى اقـذف، حطـم، هشـم

أرى هــذه المــرارة والعنــى ولكــن ال أحــب أنفأنا لم أخنك فى طرفة عـين وإنمـا ذلـك . بداخلك

أوهام الفتيات فى مرحلة المراهقـة، وكأنمـا كنـت أحتفظ لـك ببكـر مشـاعرى وعـذرة إحساسـى وكأنى أعلم أنك لى وكم تمنيـت أن أقبـل التـراب

٥٢

الذى تسير عليـه وأحسـد الهـوى الـذى تتنفسـه .يكوالثياب الذى تالمس جسدك أغار منها عل

الذى يقطر حزنا وأحاسـيس " حنان"لحديث " حسن"رق صادقة ومشاعر مرهفة كالندى الذى يتساقط على األزهـار

على كتفها وهـو " حسن"ناعم الملمس رقيق الحواشى، ربت يهم باألنصراف

يكفـى األن ذلـك، النـاس مـن " حنـان "هيا يا : حسن حولنا تتساءل ماذا بهما؟

حـرك اجلـس بجـوارى وال ال تت " حسـن "ال يا : حنانتتركنى هكذا أخذتة من يده وأجلسـتة فـوق أريكـة قريبة وجلست بجواره تحيط ذراعهـا حـول عنقـه

بكفها على صدره وهـى تحـاول أن تزيـل توتربالحزن الذى يشعر بـه واأللـم الـذى رأتـه فـى

.عينيه ياولد أنـت صـغير أوى وأنـا بحبـك أوى أوى : حنان

لـك حكـم .. تشـاء عنقى فداء لك أفعل بهـا مـا األمير على الرعايا ألـم تسـتمع لميـادة الحنـاوى

أنا بعشقك أنا أنا كلى لـك أنـا، يـامن ملـك "بتقول

٥٣

قلبى فى هـواه، أنـا فـى سـهادى وفـى منـامى .."بأعشقك

حبيبى أنا فى حاجة البتسامتك وال أحب أن أرى غيرها نت حسن فعال ابتسم لو أ . لو كان لى خاطر عندك أحب أراها

ضحك يا ولد أنت غالى قوى على وأنت ال تعرف قـدرك اارتسمت ابتسـامة فى نظرى بل أنت نظرى وكل الدنيا إلى

خفيفة على شفتى حسن واخذ يمسح الدموع بيده التى تتساقط على خدى حبيبته فقد كان يعشقها ويتالم اللمها ولكنـه كـان

هيـا :حنـان يريد أن يمتحن حبها له وما مقدار هذا الحـب حبيبى نعود الى البيت فقد تاخرنا كثيرا وسوف أنـال مـا يا

.يجرحنى وانت تعلم الظروف التى اعيش فيها

٥٤

٥٥ الذى لم يلقاه منذ " ذكى"فى المساء ذهب لزيارة صديقه

" حنان"لسعيد وليطمئن على فترة وليطمئن عليه بعد الزواج ا ويتنسم أخبارها من صديقتها وما قد فعله والدها بعد تأخيرها

.اليوم وعدم ذهابها إلى الجامعةوماذا فعلت مع زوجة والدها التى تتمنى لها الزوال من فوق األرض ومن تحتها فهى تريد األمور جـاهزة لطفلهـا

" حنـان "ة فالرجل قد تزوجها بعد وفـاة والـد . الصغير ولها لخدمته واختارها بسيطة معدمه كى تساعده وتخدمه وتخـدم ابنته الوحيدة، ولكن يتمسكن حتى يتمكن وبعد أن فهمت كـل شئ فى فترة بسيطة لذكائها المشتعل وجـأت لـه بالوريـث الذكر الذى ما زال الريف يحلم به فوجوده يفتح بيوتا ويغلق

األحوال وأصبحت بيوتا ويبنيها ويهدمها فسرعان ما تغيرت . الخادمة مخدومة والمطيعة تأمر وتنهى والجميع فى طاعتها

مـن الجامعـة وتسـتقبلها " حنان"فكانت تنتظر عودة بموشحات السب واللعن والبرطمة والهمـز واللمـز وهـى جالسة فى مدخل البيت تهز ساقيها لتساعد طفلها على النـوم

.واإلقالع عن البكاء

٥٥

" حنان"ل الرضيع أسعد حظاً من هذا الطف " وسيم"وكان أمه التى كانت ةوربما كان سبب تعاستها وكان سببا فى سعاد

ال تتضعه فوق األرض أو فراش ال يترك صدرها وال يغادر لتعود وتقوم بإعداد وترتيب البيت " حنان"فهي تتنتظر . ساقيها

وكانت " وسيم"من طعام وغيره، واألم متفرغة تماما لرعاية :وهى عائدة من الجامعة قائلة" حنان"بل األم تستق. الـدكتورة أختـك حضـرت .. اصمت ياوسـيم : أم وسيم

. لها الطريق يا أرض احفظـى مـا عليـك -أفسحبرنسيسة واهللا كل هذا يـا وسـيم ال داعـى لـه

كلـه بيتسـاوى . كليه ايه وتعليم ايه اليـومين دول فى األخر وليس للبنـت غيـر الـزواج وياريـت

نيا تغيرت وال عـاد فيهـا تعيـين تجد عريس الد . وال عرسان وكأن خيرها أتعدم

تمر عليها وال تلقى عليها السالم وال تنطق " حنان"كانت حاولـت فـى . بكلمه فكانت العالقة بينهما فتاه وزوجة أبيها

بادئ األمر أن تستسلم للواقع وتعاملها علـى إنهـا والـدتها ".وسيم"ولكنها تغيرت بعد أن أنجبت

٥٦

لم تعدم حيلة لتعكر صـفو زوجـة أبيهـا " حنان"ولكن مستخدمة المكر النسائى والدهاء األنثوى فكانت أثناء تنظيفها

لو كان فيه الخير ما كان رمـاه "البيت تتمتم ببعض الكلمات .ما يجى من الغرب يسر القلب" الطير

وكثيرا ما تنشب الصراعات وتتحفز إحداهما لألخـرى وال يـنفض األشـتباك إال . شتباك باأليدي وقد تصل إلى اال

.بتدخل أوالد الحالل من الجيرانال ستطيع فعل شئ فماذا يفعل " مطاوع"كل هذا والحاج

وريث أل " وسيم"مع ابنته ومع زوجته الجميلة أم السبع ولده فكان يكتفي بتوجيه اللوم البنته وقد يتعدى اللـوم ". الدينارى"

اإلصـرار علـى تزويجهـا ويتطور إلى الضرب والسب و وسـماعه مـا ال . للخالص منها وما تسببه له من صـداع

يرضى من زوجته فهو فى غنى عن كل هذا ويقـول بينـه وبين نفسه ياحيط داريني أنا رجل كبير فى السن ولم يعد لى

ولـك أن تفهـم مضـمون . جهد على الحديث والقيل والقال ".كبرت"مة الكالم وسبب خوف الرجل من زوجته وإيحاء كل

ال تجد متنفسا عما بداخلها سوى صديقتها " حنان"كانت فكانت بعد االنتهاء من عملها تسـارع بتـرك البيـت " فاتن"

٥٧

ـ " وسيم"لزوجة أبيها وطفلها ةوتقضى بقية الوقت فـى معيفما أجمل " حسن"وخاصة هذه األيام بعدما تعرفت على " فاتن"

".فاتن"الحديث عنه مع صديقتها لك فى ما حدث لحنان فى هذا اليـوم عنـدما وتسبب ذ

" فـاتن "لصـديقتها : أخبرت والدها أخر اليوم أنهـا ذاهبـه ب وهى ألا ةوسرعان ما أنفجر كل شئ وأنفجرت معه زوج

: تقوليومــاتى علــى اهللا رايحــة جايــة عنــد : أم وسيم

"فاتن"وما المشكلة فى ذهـابى لفـاتن؟ ومالـك : حنان

انت بذلك؟ تبقى تملك يـا قليلـة األدب النـاس ملة: أم وسيم

وجههـا " حنـان "جميعها بتـتكلم صـكت .بكفها وهى تصرخ

ناس مين يا مجنونة ، وبيتكلمـوا عـن : حنان يه؟أ

.بيتكلموا عنك: أم وسيم . قطع لسان من يتحدث عنى بمكروه: حنان

٥٨

.إذا لم تستحى فأفعل ما شئت: أم وسيم :تصرخ وهى تقول" حنان"أخذت

. أنا عديمة الحيـاء، أنـا قليلـة التربيـة : حنانتفرجـى علـى مـا يحـدث اتعالى يا أمى

البنتــك مــن بعــدك البيــت بيــت أبونــا .والغرب بيطردونا

الشـقة مـن . بيت أبوك مـين يادلعـدى : أم وسيمحق الزوجة طالما أنـا حاضـنة وبيقولـوا

.متعلمين ومتنورين أن يتدخل والدها ويجيب علـى حـديث " حنان"حاولت

. زوجته ما رأيك ياوالدى فى هذا الكالم؟: حنان

أنا عايز أعرف فعـال سـبب اختالطـك : الدينارىهـذه األيـام علـى درجـة " بفاتن"الزائد

الخصوص؟ تريد أن تأخذك ألخوها؟يا والدى أخوهـا مـين وأخوهـا طالـب : حنان

فى المرحلة اإلعداديـة وبيفكـروا يلحقـوه .بالجيش عن طريق التطويع

٥٩

عز الطلب بعد سـنة يأخـذ راتـب كـام : دينارىالأم . أفضل من ستميت واحـد مـن عينتـك

تريدين واحد من إياهم؟ من هؤالء يا والدى إياهم؟: حنان

اللي يتحدثوا باللغـة العربيـة ويتحـذلقوا : الدينارىــالم ــول الك ــدقوا بمعس ــذلكوا ويتش ويتف

.وجيوبهم خاوية على عروشها .د أفهمه ويفهمنى يا والدى واح: حنان

. هــو أنــت كميــا وال حســاب يفهمــك: الدينارىدانتوا جيل فارغ ال تعرفـوا غيـر اللـبس

.والكالم الفارغ فقطكلمنـى منـذ يـومين " جنـزورى "على العموم الحاج

وأنا قلت له ال نتحدث فى شئ إال فى ". عطية"وبيطلبك البنه .الصيف بعد إالمتحانات

ـ " عطية: " حنان دي وأي صـيف مـين يـا وال .تتحدث عنه؟البد يا والدى أكمل تعليمى

تعليم أية يا بنتي الناس خـالص شـبعوا : الدينارىتعليم وعملوا إيه بالتعليم النهـاردة عنـدك

٦٠

فاطمة بنت عمك رشـاد دكتـورة وتعـدى سنها األربعين ومعاها فلوس قـد دماغهـا

وعنـدك . ومفيش حد خـبط علـى بابهـا ة هندسـة سيده بنت عمك مصـطفى واخـد

وقاعدة فى البيت عاجبـك منظرهـا بعـد الجواز مـن موظـف كانـت بتحبـه وال

.كأنها معاها دبلوم زراعة ..ياوالدى أنا: حنان

أنت الزم تفهمى الجـو حوليـك أتغيـر : الدينارىوأصبحت الفلوس كل شـئ معـك قـرش

أبـن عمـك " محمـد "شفتى . تسوى قرش رشاد ال معـاه كليـه وال يحزنـون سـافر

خارج وأرسل يخطـب واحـده زميلتـك ال .معاها كليه وكان أبوها طاير من الفرح

ن بنته هتشوف الدنيا وتعيش سعيدة وسيبك من التفاهم أل .كم دىغت دماظكتب اللى بولوالكميا وادى يا حاج فى دماغها واد غلبـان ابـن : أم وسيم

.الجحش

٦١

ابن الجحش مين ده؟: الدينارىـ االواد : أم وسيم ين الجحـش يـا حـاج دا بن حس

الناس كلها ملهمـش سـيرة غيـر ابنتـك والواد ده وحبهم لبعضـهم ولقـاؤهم عنـد ذكى الجابرى وزوجته فاتن بيسـهلوا لهـم

.كل شئكيف هذا يا أم وسـيم وأنـا أخـر مـن : الدينارى

يعلم؟واهللا يا حاج حاولـت أنصـحها وأقـول : أم وسيم

لها ولكنها كما ترى ال تسـمع كالمـى وال وهـى يـا . تتقبل لسانى يخاطـب لسـانها

حاج فى سن أوالدى وفـى غالوتهـم، وال أقولك ما أسمعه فـى الشـارع مـن كـالم

.الناس ؟"وسيم" ايه يا أم وابيقول: الدينارى

يخلع الطاقية من فوق رأسه ويلقى بها على األرض ثم :يشق الجلباب وهو يقول

٦٢

. الحق عليه قلـت تـتعلم تبقـى حاجـة : الدينارى. تمرمغى رأسي فى التراب يا ابنـه األيـه

وجحش مين اللى أنـت رايحـة تخفضـي وده يمـين بطـال إن : رأسـنا مـن أجلـة " فاتن"مفيش كليه ومفيش

البنت مالهاش غيـر بيـت زوجهـا يـا : أم وسيمحاج وإن كان قلبها ميـال البـن الجحـش

.يحضر أهلهأنت قلتيهـا حكمـة " وسيم"أهل مين يا أم : الدينارى

البنت مالهاش غيـر بيـت الـزوج وأنـا .خالص أعطيت الناس كلمة

وانت يا أم وسيم أذهبى الى الحاج جنزورى وأخبريـة .إن الموضوع اللى كلمنى فيه أنا موافق عليه

يا والدى لماذا كـل هـذه القسـوة وأنـا : حنانابنتــك وجــزء منــك وال يمكــن أخفــض

.رأسك ال عاش وال كان من يفعل ذلك

٦٣

وانـت عارفـه أن " حنـان "ابن الجحش يا : الدينارىهذا الرجل بينـى وبينـه مطـارق الحـداد

.ومش بينزلى من زوريا والدى بالش جـواز دلـوقتى وأذهـب : حنان

.للجامعة وأنهى تعليمى مثل سائر البناتتتوسل الى والدها أن يرجع عن قراراتـه " حنان"كانت

ا فـى التى أصدرها ويرحم ضعفها والسنوات التـى قضـته .التعليم وعقلها الراجح الذى ينم عن فتاة متميزة بين أقرانها

بكراهيتهـا " وسـيم "ولكن الوالد الغلـيظ والـذى أذكتـه أم ومحاولتها التخلص منهـا وتعاليهـا عليهـا النهـا " لحنان"

".وسيم"متعلمه وحتى تضمن كل شئ لولدها تتضرع لزوجة والدها بـأن تتركهـا " حنان"كما أخذت

ولكـن . تعليمها فهى أخت لولدها وقد تساعده يوما ما تكمل قلب أم وسيم لم يرق ولم يرحم توسالتها ،ولـم تشـفع لهـا

التى سـمعت " فاتن"دموعها المنهمرة فعندما رأتها صديقتها الحوار فأسرعت لتنجدها وبكت لما رأت صديقتها عليه مـن األسى والحزن ففى لحظة واحدة أنهى والدها كل شـئ فقـد

. الذكرةلدام مستقبلها ليرضى كيد زوجته أم وسيم وحط

٦٤

تهدئ من روع الحاج مطاوع محاولـة أن " فاتن"أخذت تثنيه عن قراراته ولكنها لم تفلح بل لعلها وبدون قصد منهـا

: أشعلت حفيظة الرجل الذى قال لهامـع السـالمة " فـاتن "وأنت يـا سـت : لدينارىا

وعيـب . وشكرا لك أنت واألستاذ جـوزك .عليك إن تفتحى بيتك للكالم الفارغ ده

..ياعم: فاتنبال عم بـال بتـاع تفضـلى : مقاطعا لها : الدينارى

ياست من غير استئذان ولـك والـد نعتـب عليه بس من النهارده كل واحد فـى حالـه

.وصباح الخير يا جارى وكان " حنان"روايتها لما حدث مع صديقتها " فاتن"أنهت

تمعان إليها وكل منهما يضرب كفا كيـف يس" حسن"و" ذكى"يفكر هذا الرجل؟ ولماذا يحطم حياة ابنته الوحيدة؟ وما سبب

؟ "حسن"كراهية لعائلة ما رأيك يـا أسـتاذ كنـا : ملتفتا لصديقه : ذآى

فى غنى عـن كـل هـذه المشـاكل مـع الرجل ولكن ماذا تفعـل صـديقى وأحبـه

٦٥

ومن أجل نصره هذا الحـب والحـب فـى ولكن ماذا ماذا سـتفعل؟ وهـب .كل مكان

.حسن واقفا وكأنما حشرة لدغتهلـن أقـف عـاجزا .. ال بد أن أفعل شيئاً : حسن

مكتوف األيدي وهى تتحمـل قسـوة هـذا كيـف " فـاتن "ولكن أخبريني يـا ...الرجل

حالها األن؟ــا: فاتن ــن"واهللا ي ــدو وال " حس ــر ع ال يس

.حبيب يضرب بيده على الحائط وهو يقول

با له والويل لى إن وقفت عـاجزا عـن ت: حسنلما سـببته لكمـا " فاتن"وأسف يا . مساعدتها

ولكنى مازلت أطمـع فـى قلبـك الكبيـر وإنك لن تعـدمى حيلـه لالطمئنـان علـى

وهيا بنـا يـا ذكـى نأخـذ والـدي " حنان"لعلنـا نجـد " حنـان "ونذهب إلـى بيـت

مخرجاً ممـا هـى فيـه أو نزيـل عنهـا والــدى وأنــا أثــق فــى ذكــاء . حرجــا

٦٦

وحنكتـه فـى ، معتـادة وفصاحته الغيـر إدارة األمور والسيطرة على المشاكل

هيـا بنـا يـا حسـن : يهم باالنصراف : ذآى نذهب الى والدك الجحش الفصيح

من عائلة صغيرة بالقريـة " حسين الجحش "حاج ال -٥ضعيفة الحال قليلة األفراد عكس العائالت الكبيرة من شـأن

كان له مكانة بين " حسين" إال أن الحاج وهيبة ةوبأس وسطو الناس وموضع مشورتهم واحترامهم فقد كان إلى عهد قريب المكلف بخطبة الجمعة وما زال حتى األن يتقدم الناس فـى الصالة إلتقانه علوم القرأن والدين فقد كان حاصـال علـى الثانوية األزهرية القديمة أو كانوا يطلقون عليها العالمية كان

كعادته يجلس بعد صالة العصر أمام منزلـه " حسين"حاج ال .فيتجمع إليه الناس يستفتونه فى شئون الدين والحياة

حوله كعادته " حسين"جلس مجموعة من أصدقاء الحاج يشكون شظف العيش وشدة الحياة فى هذه األيام وخاصة بعد إرتفاع األسعار وضعف الراتب والدخل بالنسـبة للمـوظفين

لمزارعين أنفسهم ومن ال ينتظرون راتب الحكومـة كما أن ا والوظيفة أصبحوا يعانون من تدهور الزراعـات الرئيسـية

٦٧

والتى كانوا يعتمدون عليها فى معيشتهم فقد اشتكى أحـدهم :قائال

الذى كنا نعتمد علية فـى " حسين" حتى القطن يا حاج -حصول حياتنا نزوج منه أبناءنا ونبنى مساكننا لم يعد يأتى بم "

ولم تعد وزارة الزراعة تلقى له باال وخاصة بعد خصخصـة .يامألى بيقولوا عليها هذه الالشركات والمؤسسات ال

وال البطاطس ياحاج المحصول الثانى الذى كنا نعتمد -متنـاع اعليه بعد القطن وقد أصابه ما أصابه وخاصة بعـد

الدول الغربية من استيراد محصـول البطـاطس المصـرية وال أعلم لماذا ال تـولى وزارة الزراعـة . ولوا فيها عفن بيق

.اهتماما بالمحصول طالما يدر دخال للفالح وللبلد ولكنهم بيقولوا يا جماعة إن سعر البطاطس سـوف -

والظاهر واهللا أعلم إحنا داخلين . يتبعه هبوط أسعار كل شئ وكل حاجة فى البلد هتبقى . على فترة من الرخاء االقتصادى

.يصة والفالح يستحمل شوية فى سبيل البلدرخ بالفعل البلد هذه األيام فى سـبيلها للديمقراطيـة بيقولـوا -

عليها حاجة كويسة ولكن أيه حكايـة الديمقراطيـة دى يـا ولماذا لم نسمع عنها منذ زمن؟ " حسين"حاج

٦٨

وكان ال يتحدث إال باللغة العربيـة " حسين"أجابه الحاج سمته وعادته حتى اشتهر عنه ذلك بين المتقعرة وهذه كانت

أهل القرية الفالح الفصيح الـذى يرتـدى الجلبـاب ولكـن .فصاحته ال تتخلى عنها

هواهللا يا أساتذة الديمقراطيـة مبـدأ نشـر : الحاج حسين اإلسالم ونزل به القرآن واتسـعت الدولـة اإلسالمية شـرقا وغربـا وكـان منهجهـا

هـذه الديمقراطية وسـرعان مـا اختفـت الكلمة حتى أعادها الغـرب إلينـا مـدعين أنهم مبـدعوها وحـاملوا رايتهـا وسـوف

ها فى كل مكـان ويزعمـون أنهـم نينشروــق ــل تحقي ــن أج ــراق م ــوا الع دخل

.الديمقراطية يعنى يا حاج مش حكاية القنابل اللـى كانـت عنـد -

؟ "صدام"كان هذا ذريعتهم وهى أوهـام اختلقوهـا : الحاج حسين

وبعـدما علـم العـالم . منا عليها وصدقنا وأ ــذب ــراءاتهم وك ــالن افت ــوم بط الي

٦٩

تخرصاتهم وادعاءاتهم قـالوا نحـن دعـاة .الديمقراطية

بس بيقولوا يا حاج أن يوم خمسة وعشـرين مـايو -هـو ده ) ٧٦(الحكومة أجرت استفتاء من أجل تغيير المادة

كان أيه؟ــى : الحاج حسين ــول ف ــة تح ــيدى نقط ــذا ياس ه

طيــة المصــرية وخطــوة جريئــة الديمقراعلى طريق الحضارة ،حيـث يـتم اختيـار الرئيس باالنتخاب بـدال مـن االسـتفتاءات

.القديمةماعة أن نتيجة االستفتاء كانت غير كـل ج سمعت يا -

ولكن بعد دخـول الديمقراطيـة % ٩٩,٩مرة كانوا بيقولوا يعنى فى يوم مـن األيـام % ٨٢,٨٦أصبحت نتيجة عادية

.قمة الديمقراطيةسوف نصل ل ولكن أنا سمعت إن الجماعة بتوع المعارضة كـانوا -

كعادتهم معارضين وقاطعوا االستفتاء هو مش هيجـى يـوم بتوع المعارضة يرضوا؟

ة أسكتوا يا جماعة أنا كنت يومها رئيس لجنة فى قري -

٧٠

. من القري المجاورةناس كثير يا أستاذ حضـرت أنـا شـفت فـى أكيد -

وهم بينقلوا من البالد كل بلد يروحوها تالقى طبل التليفزيون .وزمر

يومها حضرت ثالث نسوة طوال اليوم وأنا بقة نعم -فاهم الباقى قفلت أوراقى حضر سـتمائه موافـق خمسـمائة ومائة رافض وأحمل يا بنى الصندوق أنت وهو بعد ما أخذنا

.كل واحد فى يدة مبلغ خمسين جنيهرضة كـالم احدى صحف المع إى اسكتوا أنا قريت ف -

مؤلفة ةأن هذا اليوم كان فضيحة للديموقراطية وأنه كان قص وغيـر . باإلضافة إلى تعديهم على الناس فـى الشـوارع

.الصور المنشورةاخـى "خر جريدة معارضة بتقـول اآل دانا قريت أنا -

نعم، ال؟" الموطن هل توافق على استهبالك واستغفالك ان دوركم أيه؟ نتم ياجماعة كأ و-حنا مالناش دعوة وال صوت لنا اللـى همـا إ ياعم -

أحنـا عـايزين نأكـل . عايزينه يعملوه اللى شايفينه صالح .وخايفين على العيال عايزين نربيهم وخالص

٧١

على مجلس الحاج حسـين فألقيـا " ذكى"و" حسن" أقبل مكانا لهمـا وجلسـا يسـتمعان االسالم على الجلوس واتخذ

دائر بين الناس لعلهما يجدا الفرصة سانحة للحديث للحوار ال .مع الحاج حسين

:وكان أحد الجلوس يتحدث فقال وما حكاية أمر أمريكا فى المنطقة العربية أيضـا إال -

تدخل سافر وال معنى له إال تقييد يد العرب لصالح إسـرائيل الطايحه فى فلسطين تفعل ما تشاء وغدا لبنان ولماذا يعنـى

طيب ما تخـرج إسـرائيل مـن ؟ وريا من لبنان خروج س فلسطين وال أمريكا تخرج من العراق واهللا أن قلبى يتمـزق

.واكيد هذه ديمقراطية أمريكاخـر واعيـين فوتـوا لكن السوريين طلعوا فـى اآل -

. الفرصة على األمريكان الموضوع أصلة مش كدة ده مخطط كبير والعـرب -

هم لن يفيقوا لمـا تفعلـه مخطط من المخططات األمريكية و .أمريكا ماذا يعنى ذلك؟-المشكلة أكبر أمريكا دخلت العراق وغدا الدور يـدور -

٧٢

ومين عليه الدور وما زال العرب ينتظرون أدوارهم وأمريكا . االخرىتمر عليهم الواحدة تلو

وصديقه وهما صامتين " حسن"الى " حسين" انتبه الحاج نازلة ألمت بهما فالتفت إليهما الوجه وكأن ىواجمين ممتقع

:قائال ماذا بك يا ذكى؟ وأنت يا حسن؟: الحاج حسين

ولكـن المشـكلة " حسـن "ال شئ يا حاج : ذآى .بسيطة ال داع للقلق

باالنصـراف "حسين"ذن الحاضرون من الحاج أاست حتى يستطيع أن يتحدث مع ولده وذهب كل منهم الى حـال

. سبيله التـى ةإلى ابنه ليعرف المشـكل " حسين" التفت الحاج

أن " حسين" وغيرت وجهيهما وتمنى الحاج هألمت به وبصديق تكون المشكلة بسيطة وتمنى من اهللا أال تكون مشكلة مع أحد فالرجل منذ فترة طويلة يعيش خيره يكفى شره ال يتدخل مع أحد فى أى مشكلة وكان ذلك سبب حب الناس له وعلم ابنـه

ى مشكلة أ م للناس الخير وحذره من التسبب فى ذلك بأن يقد اللسان الطيب رأس مال اإلنسان كما علمة نمع أحد وعلمة أ

٧٣

أن حب الناس ثروة باالضافة الى أسرته صغيرة بالمقارنـة على أخالق والده موضـع حـب " حسن"بأسر القرية فنشأ

حترام وتقدير الكبيـر والصـغير أراد حسـن أن اللجميع و : الده ولكنه ال يعرف من أين يبدأ فقاليتحدث مع و

ياوالدى قـد علمتنـى أن أتحـدث معـك : حسنكصديقين ، وأن أقـص عليـك كـل مـا

..الموضوع... الموضوع. يحدث لىأدرك " ذكـى "ولم يكمل الحـديث ولكـن " حسن"تلعثم

فتناول الحوار ليقصر المسافة علـى هصعوبة موقف صديق : فقال" حسن"

يـام زمـان مـاذا أعم الحاج عن حدثنا يا : ذآى ــاج ــين الح ــك وب ــان بين ــاوع "ك مط

؟"الدينارىوامتقع لما يراه مـن أسـلوب " حسين"تغير وجه الحاج

:ماه فقال متجهابنه وصديقمن المؤكـد أنكمـا لـم تتأدبـا جيـدا، : الحاج حسين

تدخالن علـى بهـذه الهيئـة وتطلبـان أن أحدثكم فيمـا كـان بينـى وبـين الحـاج

٧٤

ما الموضـوع ؟ تحـدثا " الدينارى مطاوع" .واال هل حدث بينكما وبينه شئ؟ تحدثا

ارتعدت فرائص الصديقين لما رأه ارتسم علـى وجـه ":قائال" ذكى"من الغضب فتحدث " حسين"الحاج حضــرتك يــاعم الحــاج تعلــم أن ابنــة : ذآى

" حسـن "زميلـة " الحاج مطاوع الـدينارى .فى الجامعة

افندى ال علم لى بـذلك وادخـل " ذكى"اليا: الحاج حسين فى الموضوع من فضلك بـال مواربـة وال

.مقدماتأن القلق قد أصاب والده فعليه أن يتحدث " حسن"أدرك

نـواع التـى تـدرك ان الخـط حتى ال يغضب فهو من األ وازدرد المستقيم أقرب مسافة للوصول بين نقطتين فتماسـك

: وتحدث فائالهريقابنـة " حنـان "أن الموضوع يـا والـدى : حسن

زميلة لى بالجامعـة ومنـذ " مطاوع"الحاج خر وتعاهـدنا علـى فترة ارتبط كل منا باآل

أن يكون كل منـا لالخـر وعنـدما علـم

٧٥

بذلك أزبـد وأرعـد وهـدد " مطاوع"الحاج وأوعد وحرمهـا مـن الـذهاب للجامعـة وأقسم علـى تزويجهـا مـن أول عـريس يطـرق بابهــا وكــان ذلــك نتيجــة انهــا

" حسـين الجحـش "بـابن الحـاج مرتبطة ــوع ــو الموض ــذا ه ــديم ه ــه الق غريمباختصار يا والدى فالرجـاء أن تفعـل مـا

.تراه صالحاوصمت قليال يتدبر ما أخبـره بـه ه زد رد الرجل ريق ا

ولده ويفكر ما هو صانع فالتاريخ يعيد نفسـة بنفسـة مـرة .أخرى والدنيا صغيرة وال بد أن يلتقى البعيد بالقريب

لقد وضعتنى يا بنى موضـع ال أحسـد : سينالحاج حعليه وكأن الدنيا أمامك صغيرة فلـم تجـد

فيتعلـق " مطـاوع الـدينارى "فيها إال ابنه قلبك بها وأنا أب يا بنـى وأعـرف تمـام المعرفة وكأنك شغفت بهـا حبـا تصـيبك التباريح واألب ال يستطيع أن يـرى ولـدة

. يعيتألم ولكن اهللا يقدم ما فيه الخير للجم

٧٦

نشر الهدوء جناحه فوق الجميع فقد هدأ الحاج بعدما علم

لها حل وإن كانت هـذه ةالموضوع وهو يدرك أن كل مشكل المرة من أصعب المشاكل التى واجهته فمنذ اكثر من عشرين عاما كانت مشكلته هو واليوم مشكلة ولده وهل يتحمل ولكن

ما عسى ولده أن يفعل؟ " حسـن "ريجيا على مالمح وجـه كما تسرب الهدوء تد

فى المشكلة وهما " حسين"بعدما أشركا الحاج " ذكى"وصديقه يدركان أن كل مشكلة تبدو ضـخمة ولكنهـا سـرعان مـا

.تتضاءل وتنتهىأن يزيل الصمت المخيم على المكان فبادر " ذكى"حاول

:قائال" حسين"الحاج لو سمحت لى ياعم الحـاج أسـالك عمـا : ذآى

" مطاوع" وبين الحاج كان بينكــا : الحاج حسين ــة قاله ــة القديم ــابنى الحكم ــم ي أتعل

ى يخاف من العفريت ؟لالسابقون ال ؟"مطاوع"وهل تخشى يا عم الحاج : ذآى

٧٧

ماذا أقول لك يا ذكى أفندى؟ أنـت اسـم : الحاج حسين علــى مســمى لقــد كنــت أتقــى الحــاج

وأدعو اهللا أال يجمعنى وإيـاه فـى " مطاوع"قف من المواقف وهـا أنـتم تحشـرونى مو .معه

ما القصة يا والـدى؟ مـاذا كـان بينـك : حسن وبينه؟

برهة من الزمن ينظر إلى السماء " حسين"يصمت الحاج ثم يتنهد طويال كأنه يحمل ثقال فوق صدره فقد حان الوقـت

على الجرح القديم الذى عفى عليـه هليضغط ابنه وفلذة كبد ل وكأن الدنيا تأبى له أن يحيـا فـى الزمن وأوشك أن يندم

سعادة بعد أن وهبه اهللا الزوجة الصالحة التى أنجبت له ابنه ـ إلـى هالوحيد الذى يرجوه من الدنيا ثم ما لبثـت أن فارقت

ـ ةباريها تاركة له غالما صغيرا جعـل همـه تربيتـه تربي .صالحة

من غفوته وخرج من صمته قـائال " حسين"انتبه الحاج :فى مرارة

٧٨

كانـت لنـا ةمنذ أكثر من عشـرين سـن : الحاج حسين جارة فتاة جميلـه رقيقـة وحيـدة أبويهـا وكانت عالقة الجار مع جارة قـديما غيـر

ـ هذه األ تعلـق قلبـى ا واحـد ايام كنـا بيتبالفتاة وتعلق قلبها بى كنـا ال نفتـرق فـى

البيت وفى الحقـل وكـان والـدها رجـالً يـر والـدى تقياً ورعاً ال عالقة له بأحد غ

وبالرغم من عائلتة الكبيـرة إال أنـه كـان ال يختلط بهم كان يشـعر بـأنهم يتمنـون موته كـى يرثـوا البضـع فـدادين التـى يمتلكها وبالفعل كان لهم ذلك كانـت الفتـاة

وقـد " مطـاوع الـدينارى "بنه عم الحـاج افعل المستحيل حتى يتزوجهـا طمعـا فـى

أكثـر الفدادين بعد وفاه عمه تقدم لخطبتهـا من مرة وهى ترفض فقـد كانـت تفضـل الموت على زواجه منهـا وكانـت تـدرك

.ما يفكر فيه أهلها

٧٩

بـن أخيـه اوكان والدها يدرك ذلك ولكنه اتقاء شرور حاول أن يضغط على ابنته ولكنها رفضت، فقد كنا متواعدين

.على الزواجمن رفض ابنـة عمـه لـه فحـاول " مطاوع"لم ييأس

.طرقمستخدماً شتى الكان يذهب إليها يهددها ويتوعدها ويهدد عمه بقتلها فهى

سرة لعائلة الجحش الفقيرة فلن يسمح هـو ألتريد نقل أرض ا .وأخوته بذلك

ليس هذا فحسب ذهب ليالً وأخوته إلى حقلنا ووضـعوا فلم يبق منها عود واقـف إال أتـى ةمناجلهم فى أرض الذر

.عليهمن يحميـه ويـدافع وكان والدى رجال مريضا ليس له

.عنه فأثر الصمتذهب وجماعة من عائلته " مطاوع"ولما لم يجد ذلك مع

إلى حقولنا المزروعة بالقطن وكنا نعتمد عليه فـى حياتنـا .وقاموا بجنى المحصول وبيعه

ولم ينصفنا أحد من أهل القرية عندها رفضت صـمت والدى وثرت لهذا الوضع وفى يوم أخذت رفاقى وكانوا من

٨٠

خلص األصدقاء وقد آلمهم ما نحن فيه وذهبنا إلى حقـولهم أمعون من تفعندما ذهبوا فى الصباح وجدوها خاوية فكانوا يج

.يجترئ ويفعل معهم ذلكفما كان إال أن تربصوا فى الحقل وأعدوا عدتهم وبيتوا

يخرج من حقل الذرة المجاور لنا " مطاوع"للغدر فأذا بى أجد عندما ضغط عليها لم يخـرج منهـا ولكنه " مقروطة"وبيده

وكان واقفا فوق رأسى ولكما أن تتخيال من رأى . عيارا ناريا .الموت بعينه

نهضت إليه بكل غيظ وأنهلت عليه ضربا حتى أغشـى .عليه

وكأنه يستريح من الضرب ةبره" حسين"صمت الحاج يلتقط أنفاسه المتالحقة فقد كان صدره يعلوا ويهبط والمرارة

نسان فى القتـل كلماته فهو ال يتخيل كيف يفكر اإل تظهر فى ومتى تظهر هذه الفكرة وتسيطر عليه ولكنه أدرك أن الطمع

.يؤدى إلى كل شئثــم مــاذا يــاعم الحــاج؟ أيــن أخوتــه : ذآى

وأسرته؟

٨١

على مقربة منه فـإن تـم هكانوا ينتظرون : الحاج حسين ضـد الحـادث لهم ما أرادوا هربوا ويقيـد

.مجهولفى مهمته يتدخلوان هم وبالفعل بعد " مطاوع"اذا فشل و

مغشيا عليه ينزف دما من وجهه ورأسه فقد " مطاوع"ما سقط بعـدما " المقروطـة "كنت أضرب بعنف وحنـق مسـتخدما

علـى ةكلخوته على كما تنقض األ أنقض ا.نتزعتها من يده اقصعتها وحاولت أن أخلص إلى بعضهم ولكن الكثرة تغلـب

.الشجاعةس والعصى ولم يتركوننى إال بعـدما ونهالوا على بالفؤ ا

.ظنوا أننى قد فارقت الحياةوقد عثر على بعض الفالحين مدرجا فى دمائى بعـدما

.ناتى فنقولونى للمستشفىأاستمعوا إلى وعندما حضرت النيابه للتحقيق فى واقعة االعتداء على

فأقفـل . و يتهم أحـد أنفى والدى أن يكون له عداء مع أحد .المحضر وقيدت الواقعة ضد مجهول

التى أحببتها ياعم الحاج؟ةوالفتا: ذآى

٨٢

خشى والدها الرجل الصالح علـى وبعـد : الحاج حسين بـن أخيـه اأن أجتمع عليه أهله بــأحقية

فى الزواج مـن ابنتـه واننـى بعـد هـذا الحادث الذى تعرضت لـه لـن تقـوم لـه قائمة وأشـاعوا أن بعـض النـاس كـان

بنتهم فصـمم علـى الديهم ثأر لى لعالقتى ب .نتقام منى فأراد قتلىاإل

وكان الرجل يعلم الحقيقة هو وفتاتى ولكنها خوفاً علـى وحقناً للدماء فليس لى ولوالدى من ينصـرنا علـى عائلـة

ثرت أن تضحى بنفسها من أجلى وللمحافظة على آالدينارى ف .حياتى

قريبا فودعت الدنيا بن عمها بعد شهر ت افحملت الى بيت نتقام لتفضيلها لـى إلابن عمها الذى أذاقها الهوان و اإلى بيت

تحضن جراحها داخلها فسـرعان ةعليه فعاشت تعيسة حزين ما انشب المرض أنيابـه بجسـدها الضـعيف فمالبثـت أن

الـذى " مطاوع"أستسلمت لمخالبه الحادة هربا من حياتها مع ولـى وطفلة فى شهورها األ طار فرحاً النتقال األرض إليه،

".حسن"يا" فاتن"

٨٣

والشهقات تشق صدره ولمحـت " حسين"صمت الحاج هدمعة محبوسة فى عينه منع من سقوطها الحياء مـن ولـد

. وصديقههذه ما قلت فيها شـعرا يـا ولـدى؟ لقـد : حسن

حدى قصائدك وأعتقـد إنهـا لهـذه إقرأت . الفناة

ماذا قلت فيها ياعم الحاج؟: ذآى أتذكر أننى قلت فيها كالما جمـيال كمـا : لحاج حسين ا

كانت جميلة رائعـاً كمـا عاشـت وأنهـت حياتها من أجلى، فلم أعـرف حبـا كحبهـا

.وال ودا كودها

:قلت فيها الليــل ســاعات تنقضــى

ــرمدى ــق س ــل العاش ولي

ــاً ــاً حزن ــت مهموم أبي

ــد ــرات الحس ــى نظ أتق

أتصفح النجـوم أخـدانك

وجاع عـودى والحمى واأل

ــى ــك حبيبت ــداً عن فبعي

ــى و ــد ملك ــؤدفق دىس

فهــل تــأذنين يومــا

ــد ــارة للمعب ــيدتى بزي س

ــالح ــال س ــد ب لمجاه

ضل عنه المدد

٨٤

يبحث عن حـب قدسـى

فى عصـر مجـرم مـادى

ــه ــياء عين ــت ض فأن

ــد ــت روح الجسـ وأنـ

ــه ــغاف قلب ــت ش وأن

ــد ــد الكبـ ــت كبـ وأنـ

ــور ــرا مــن بلل ــا قم في

ــا ــجد ممزوج ــى العس ف

أنهارك خمـر وشـموس

ــ ــدك تعبــد ةورخام ق

فيـــا امـــرأة رائعـــة

ــد ــدة كالفرق ــالحلم بعي ك

ــة كالــ ــاتذ جميل كري

ــهي ــدةش ــار الفرص كثم

ـــل ــة كالسيـ جامحـ

ــرد ــواد ش ــدة كج عني

ــه ــر ب ـــارب أق في

ــول ــر ط ــاألوقص دم

فيا حوريـة فـى لحـدها

اسمعى من فى كهف الجسد

من كل الظـروف مولده إنه بالرغ " سينح" وعد الحاج وضيق ذات اليد إال إنه سوف يعمل المستحيل ويدبر أمـره

.السعاد ابنه حتى ال تتكرر المأساة القديمة

٨٥

٧٧ فى حزن وألم وكأن روحه قـد " حسن"وبعد أيام قضاها

ف والده إال إن ما فارقته فهو بالرغم من ثقته فى حسن تصر .سمعه منه ال يبشر بخير أبداً يقضى الليل معهـم يتحـدثون ئهكان يذهب إلى أصدقا

ويتسامرون حتى الصباح كالطائر المذبوح الذى يرقص ألما .واألصدقاء يشفقون عليه مما هو فيه

يخشى أن يقضى الليـل وحيـداً حتـى ال " حسن"كان ب عليها بالسهر مـع حزان فكان يتغل كريات واأل ذ تفترسه ال

األصدقاء ثم يعود إلى البيت فيلقى بجسـده الضـعيف إلـى الفراش يتقلب ذات اليمين وذات الشمال وكأنـه ينـام علـى

.فراش من األشواكعبـد "والشـيخ " مصـطفى "الحاج " حسين"جمع الحاج

من أصحاب الحل والعقد بالقريـة " محمود"واالستاذ " السالم قطعة أرض لديه حتى يستطيع وذلك بعد أن تصرف فى بيع

".مطاوع الدينارى"أن يقدم مهراً لولده فى حالة موافقة الباب فإذا بأم وسيم تفـتح البـاب " حسين"طرق الحاج

ومن " حسين"وهى هاشة الوجة باشة القسمات ترحب بالحاج

٨٦

غير متواجد بالبيت فأرسـلت أم " مطاوع"كان الحاج .معه" حسـين "عتذر الحـاج اعة ،و وسيم فى طلبه على وجه السر

بأنه قد حضر بال موعد مسبق فقد طلب من الناس معـه أن .يتناولون الشاى عنده" مطاوع"يذهبوا للحاج

حاولت أم وسيم بدهائها أن تزيل الشـعور بـالحرج الـذى : قائله " حسين"سيطر على الحاج

أهال وسهال ياحاج البيـت بيتـك ياخويـا : أم وسيم ، لسـت فـى حاجـة ، أنت صاحب بيـت

. ذن أو موعد سابقإلاهللا يكرمك يا أم وسيم هذا عشـمى فيـك : الحاج حسين

أال تعلمين بأننا أقـارب منـذ زمـن بعيـد كـان ابـن عـم " موسى"فاهللا يرحمه جدك

.جدتى مباشرة .اهللا يرحمهم ويجعل مثواهم الجنة: أم وسيم

ود لـم أرهـا " حنـان "ما هى أخبار ابنتنا : االستاذ محممنــذ أيــام؟ هــل ممكــن أن تخبريهــا أن

بالخارج يريد رؤيتك؟" محمود"أستاذك

٨٧

واهللا يا أستاذ محمود البنيـة بعافيـة منـذ : أم وسيم أيام وقد تناولت العالج منذ قليـل ونامـت وياعيب الشوم يا أسـتاذ هـى تيجـى لـك

.على رقابتها بس ربنا يشفيها ماذا بها يأم وسيم كفانا الشر؟: ج مصطفىالحا

الدكتور بيقـول حالـه نفسـيه واهللا يـا : أم وسيم أخويا ما أعـرف يعنـى أيـه؟ الكـالم ده

.عرفناه اليومين دول بسيلهث متجهم الوجه موجهاً كالمه " مطاوع"يدخل الحاج

: لزوجتهلماذا أرسلت إلى للحضـور بسـرعة يـا : الحاج مطاوع

لم تعلمـى أننـى مـع التـاجر ست هانم؟ أ .لبيع محصول القطن

حراج عن الحاضرين والذى أرادت أم وسيم أن تزيل اإل .سببه زوجها بحديثها الفج الخارج عن الذوق

هـو أصـلة مـش " حسين"آسفة يا حاج : أم وسيم .واخد باله

. النهاردة بالزيارةاالحاج يا أبو وسيم شرفون

٨٨

اخـذه السـالم علـيكم لو مؤ ) فى ضيق : ( الحاج مطاوع أمال البنت حنان فين يا أم وسيم؟.

.نايمة يا حاج: أم وسيم . رجل عزيزة ياجماعةفى ضيق: الحاج مطاوعبهـام إلاالحديث محاوال إزالـة " عبد السالم "بدأ الشيخ

" مطـاوع "ومخففاً أحقاد عفى عليها الزمن فأثنى على الحاج الناس وحسن تربيته وشهامته ومرؤته وكرمه المعروف بين

مستشهداً فى حديثة بآيات من القـرآن " حنان"البنائة وخاصة الكريم وسنة رسوله عليه السالم والتى تحث علـى المـودة وحسن المعاملة بين الناس وعالقة المسـلم بأخيـه المسـلم

.والحث على التسامح بين الناسأول مـا أخـذنا الحـاج : الشيخ عبد السالم : ثم قال

إنه ينوى زيارتك ياحاج قلنا ال بد لنا أن نرافقه على " حسين" .هذا الشرف

.فيه الخير) متبرما(: الحاج مطاوع تأكيـدا للـروابط " حسـين "ورأى الحاج : االستاذ محمود

والمودة أن يطلـب يـد ابنـتكم الكريمـة ".حسن"البنه " حنان"

٨٩

مكنش يتعز يـا أسـتاذ ) الحاج مطاوع فى ضيق وحنق " جنـزورى "تخطبت من يومين البن الحـاج انت محمود الب

. لشراء الشبكة بعد يوميننوسوف يذهبو ..ولكن يا حاج مطاوع البنت : الحاج مصطفىــا حــاج ) مقاطعــاً: ( الحاج مطاوع البنــت مــا لهــا ي

أنت رجـل كبيـر فـى السـن .. مصطفى .وبالش تلكن على بنات الناس

.أنت فهمت غلط يا حاج: الحاج مصطفىال غلـط وال صـح يـا حـاج ) مقاطعا: ( مطاوعالحاج

مصطفى كل واحد حر فـى بيتـه يسـيره هـل أحضـرتى الشـاى يـا أم .كما يريد وسيم؟

)يهم بالقيام: ( الحاج حسينوآسـفين ، شربنا الشاى يا حاج مطاوع ويجعله عـامر

شكرا يا أم وسيم ونشرب شربات أوالدك إن شـاء . لإلحراج .اهللا

.مة يا حاجبالسال: الحاج مطاوع بنه اومن معه يفكر كيف يعود إلى " حسين"خرج الحاج

٩٠

لم لولده وبماذا يخبره هل يخبره بفشل مسعاه ويتسبب فى األ نتصـارات أم يكذب عليه ويمنحه األمل بأنه أصاب بعض اإل

ـ أن ةولكن األيام سوف تكشف الحقيقة وغدا يعلم أهل القري ".الجنزورى" قد تم خطبتها البن ةالفتا

" حسـين "أن يخفف حزن الحاج " مصطفى"حاول الحاج :وخيبه أمله فى إسعاد ولده قائالً

إن جئت للحق يا حسين يـا خويـا هـذا : الحاج مصطفى الرجل ال يصاهر كان يـذوق ابنـك المـر

.وولدك ليس له قوة لهذا الرجلماذا أفعل يا حـاج مـن أجـل ولـدى ال : الحاج حسين

.أتحمل أن أراه حزيناواهللا البنت مسـتحيل تكـون ابنـه هـذا : ستاذ محموداأل

الرجــل خســاره فيــه مــالك فــى بيــت واهللا أنا أتـألم مـن أجـل الفتـاه، . طانيش

وقـال . هى التى تحصـد شـرور والـدها .على رأى المثل يعملوها الكبار

واهللا يا أستاذ قلبـى ينفطـر مـن أجـل : الحاج حسينن الفتاة والولد نفسـى أسـعدهم ال تتخيـل أ

٩١

يكون بمقدورك إسعاد مخلـوق هـذا شـئ .عظيم

د السالم ولكن يا حاج هناك من يـرون إتعـاس : الشيخ عب ابنـك لهـا ةومشكل. مخلوق شئ أعظم

حل يـا حـاج يسـافر هنـا أو هنـاك المشـكلة اآلن . ئه يتسلى مع أصـدقا

.الفتاةالشجاعة التى يذهب بها إلى البيت " حسين"لم يجد الحاج . يحمله من أخبارويواجه ولده بما

وجد نفسه يسير بالقرب من جدول الماء الـذى يشـق األرض الذى كان يهرب إلى حماه قـديما ويجلـس علـى

.شاطئية يجتر أحزانه وأحالمه الضائعةوها هى أقدامه تحمله إلى نفس المكان ليجتر نفس اآلالم

م ولده وفشله وتحطم أحـالم الأبل وأضعاف مضاعفة أنها .أحالمه فيه أن يجده سعيدا كبده وةفلذ

لمح خيال اثنين يسيران على حيد الطريق وكلما اقترب هضطرب وشعر بقشعريرة تسـرى فـى جسـد االخيال منه

. يعلو ويهبطهوصدر

٩٢

السالم علـيكم مـن الجـالس فـى هـذا : الخيالالمكان؟ وفى هـذا الوقـت المتـأخر مـن

الليل؟ى أتـى عليكم السالم والرحمـة مـا الـذ : الحاج حسين

بكما إلى هذا المكان وفى هذه السـاعة يـا ؟"حسن"

عندما فوجئ بوالده فى هذا المكان فى هذه " حسن"أدرك التـى يحملهـا ةالساعة من الليل ما يعانيه والده وفهم الرسال

ن يخبـره أوالده وأنه جاء الى هنا هربا منه فهو ال يستطيع .بنتيجة مسعاه

فى قلب ولده وها هـو ما وقع " حسين"كما أدرك الحاج يهرب إلى المكان الذى كان يهرب هو نفسه إليه منذ أكثر من عشرين عاما يا اهللا يا ملجأ المستغيث يا ناصر المظلوم يـا رحيما بالضعفاء من لهذه القلوب العاشقة أن يجمعهـا إلـى

.بعضها ويؤلف بينهاوحاول أن يخفى حزنه أمام والده حتـى " حسن" تشجع

كثر من ذلك، فيتجمـع عليـه أحـزان الماضـى ال يتعذب أ .والحاضر

٩٣

يسرى عن والده ويظهـر أن الموضـوع " حسن"جلس

أبسط مما يتخيل وأنه يعلم تمام العلم أن سعيه لن يكلل بنجاح .وأنه سوف ينساها وفى غيرها يغنى عنها ويشغل فراغها

ولده وضمه إلى صدره بعنـف " حسين"حتضن الحاج اط الدموع على الوجهين متخذة من سـتر وهو يتهاتف فتتساق

جسام بعضها بـبعض وتعانقـت الظالم حجابا وامتزجت األ .قلوب الحنان مع قلوب الرحمة

:وأخذ بذراع والده قائال" حسن"تشجع .هيا ياوالدى نعود إلى البيت: حسن

سار حسن ووالده واضعا ذراعه فوق كتفه يبـث كـل معنى السعادة المنشـودة خر معانى الحب والتفانى و منهما لآل

.الطيب يتهانف من البكاء" ذكى"ومن خلفهما واختفوا فى بحر الظالم وأقبل صوت المذياع من تجـاه

.القريةزاى أنا اوقابلتك أنت لقيتك بتغير كل حياتى، معرفشى

زاى ياحياتى من همسة حب لقتنى بحب اعرفشى احبيتك، ما .وأدوب فى الحب وصبح وليل على بابه

٩٤

٨٨ األيام وهى ال تدرى شيأ فهـى تفيـق " حنان ، قضت

د إلى غيبوبتها مرة ثانية وشخص الطبيب الحاله بأنهـا لتعوهروب من الواقع الذى تعيش فيه وخاصة بعدما علمت بـأن

عطيـه "والدها أنهى كل شـئ وتمـت خطبتهـا لجارهـا هالذى سرعان ما شرع يعد عدته ويـتمم أشـياء " الجنزورى

ـ ةالخاصة بأمور الزواج ويرسل الدعاوى للجيـران واألحبرضـاء إبما هي فيه عرض الحـائط المهـم واألهل ضاربا

وازع نفسى بداخله وهو نيل ما كان يطلبه والفوز بـه ولـو .بطريق غير مشروع أو كان فيها تحطيم القلوب البريئة

للذهاب بـين وقـت الخـر ةال تعدم حيل " فاتن"وكانت أثناء تغيب والدها عن البيـت تحـاول أن " حنان"لصديقتها

. من أزرها على نوائب الدهرتواسيها فى مصابها وتشدلها أن ذلك ليس نهاية العالم فعليها " فاتن"وكانت نصيحة

فالدنيا ال تتوقف لحسن " حسن"أن تحاول نسيان حبها ونسيان وليسـتبد هطالما والدها ال يتراجع عن قرار " حسن"وال غير

" عطية الجنزورى "برأيه وينظر إلى سعادة ابنته بزواجها من مؤكـده بـأن " حسن"وولده " حسين الجحش "حاج مكيدة فى ال

٩٥

ليس كل زواج فى الدنيا ال بد وأن يقوم على الحب وال كـل نسان بيـده أن يصـنع زواج عن حب كان ناجحا، ولكن اإل

السعادة فى أى مكان وبيده إسعادها او تعاسـتها إذا فلسـف األمور ونظر اليها بنظرة أخرى ومـن جوانـب مختلفـة ،

الـزوج الـذى " عطية الجنزورى "عل من وعسى اهللا أن يج ".وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم"يسعدها بقوله تعالى

ال تسمع شيئا من حديث من حولها ولكنها " حنان"كانت إذا أفاقت تجول بنظراتها فى أرجاء حجرتها ووجـوه مـن

.حساس بكل شئحولها فاقده اإل :لةتبكى وهى تضمها بين ذراعيها قائ" فاتن"كانت

أنـت هكـذا " حنـان "حرام عليك نفسك يا : فاتنأنــت تنتحــرين وال أحــد . تكفــرين بــاهللا

أنظرى إلـى وجهـك وجسـدك . يشعر بك وجميع حالك، أنت تحطمـين نفسـك بهـذه

.الطريقة فى الفراش شبح إنسان ال شكل لـه ةممتد" حنان"كانت

ال يكسوها ةوال هيكل وكأنها تختفى داخل الفراش عظام بالي ضراب عـن الطعـام الثياب فقد أصابها الذبول نتيجة اإل إال

٩٦

طيله هذه االيام ولم يجد دواء الطبيب فالطبيب يداوى الجسد أما كيف له أن يداوى الروح فليس للروح طبيب إال طبيـب

.رواح فاهللا تعالى يأخذها بيدها ويتوالها برحمتهاألوجلسـت " حنـان "علـى " فـاتن "وفى ذات يوم دخلت

فترة تداعب وجهها وتمسح العرق الذى ينصب منها بجوارها نـاء إنتيجة ضعفها وعدم مقاومتها فكانت تضع كفهـا فـى

فحركت عينهـا وراحـت " حنان"بجوارها وتمسح على وجه نخرطت فـى البكـاء اكأنها تشتاق إليها ثم " فاتن"تتطلع إلى

:متسائلةخبرينى بـاهللا عليـك أكيف حاله يافاتن؟ : حنان

ن؟ وكيف يعيش؟ اآلماذا يفعلــى: ( فاتن ــنها وتبك ــى ) تحتض ــى احبيبت هتم

.بنفسك أنت أوالهتمـى اوأنت تقـولين " فاتن"هو نفسى يا : حنان

بنفسك، أتدرين لماذا أفضـل الغيـاب عـن النـه يكـون معـى فـى " فـاتن "الوعى يا

الالوعى أهرب معـه فـى حـدائق غنـاء

٩٧

مليئة بالحمام واألشـجار واألنهـار لـيس .أنا وهو فقطال إفيها

هونى عليكـى يـا حبيبتـى وال تقسـى : فاتن . على نفسك بهذه الطريقة

ــدون : حنان ــم ب ــاة طع ــل للحي ــن"وه " حس؟ ال تكذبى علـى واصـدقينى هـل "فاتن"يا

يكون للحياة طعم بعيدا عنه؟ ".حنان"الحياة ال تتوقف الحد يا: فاتنــتطاعتى : حنان ــان باس ــرا ك ــك س ال أخفي

ا مـا فكـرت ولكـن مـا االنتحار وكثيـر يمنعنى فقط كيف أتركه وحيـدا فـى هـذه

ــببا أل ــون س ــف أك ــدنيا، وكي ــه ال الموأحزانه؟ وهـل يسـتطيع الصـبر علـى

لـم أفكـر يومـا أن أكـون " فاتن"وفاتى يا ولكن حياتى بعيـدا عنـه .. سببا فى شقائة تعلـوا أنفاسـها وتتالحـق . شقاء الشـقاء

يرتفع صدرها وينقطع منهـا الحـديث ثـم عان ما تتماسك أنفاسها وتتـابع حـديثها سر

٩٨

أن تحـدثها " فـاتن " مـن صـديقتها ةراجيومــاذا يفعــل بــدونها وأن " حســن"عــن

تصف لها يوما مـن أيامـه بعيـدا عنهـا .وهو ممتنع عن رؤيتها

الم التى أصابته بعد رفض والـدها تسألها عن حجم اآل : وعن حاله بعدما علم بنبأ خطوبتها قائلة. له

حــدثينى عنــه " فــاتن"هللا عليــك يــابــا: حنانفروحــى تعــود إلــى وأشــعر بوجــودى

شـتم رائحـة أسـمه ف اعندما أسمع ذكـر ى ن حدثينى ياحبيبتى لعـل اهللا يشـفي هأنفاس

. سمه، لعل اهللا يشفينى من أجلهابسحر : ثم أشارت بيدها إلى موضع بجانب فراشها وهى تقول

أشياءهىاستخرج" فاتن"انظرى يا: حنان" وحنـان "فاتن تفرغ لها الرسائل وتفتح أشـياءه أخذت

:تقولهـذه رسـائله " فـاتن "هذه أشـياءه يـا : حنان

وذلـك .. الولهى إلى تقطر دمـا ودموعـا قلما كان مداده المشاعر واألشـجان التـى

٩٩

.. وتلـك .. ةوتلك رسـال .. كان يخطها إلى .. أراه حيا فيها ساكنا بـين طياتهـا .. وتلك

ــا ــا ي ــاتن"اقرئيه ــىاق".. ف ــا عل . راتيه .وأخبرينى وحدثينى عنه

مغـادرة القريـة وهـو " حسـن "لقد قرر : فاتنحـدى األن يعد عدتـه للسـفر للخـارج إل

.الدول األوربية : شهقة كاد صدرها أن ينشق وهى تقول" حنان"شهقت

أه يا حبيبى لقد ضاقت بك الدنيا، وحسرتاه علينـا يـا ا وعسـى أن رض وأنا أفـارق الـدني حبيبى فأنت تفارق األ .يجمعنا اهللا يوم القيامة

:ثم غابت عن الوعى وهى تتمتم يكلمات :حنان

ويستعذبه شجوى وأنى وكأن القدر يبخل عنى عهدى معه بغير منى فمن يخبر المحبوب أنى إن أمت لن يفنى فنى هاتى لى العود وغنى

فى البكاء لمـا رأت صـديقتها عليـه " فاتن"انخرطت باء الذين ال يهتمون بابنـائهم وخرجت وخلفتها وهى تلعن األ

١٠٠

فها هـو . هوائهمويستبدون بأرائهم ويخططون حياتهم وفقا أل منزل الزوجية وهـى تقضـى أنفاسـها هذا الرجل يعد لفتات

: خرجت فاتن تردد قائلة. األخيرةلعنة اهللا على االستبداد ،لعنـة اهللا علـى : فاتن

علـى الكراهيـة ،لعنـة االستبداد لعنة اهللا .حقاداهللا على األ

١٠١

٩٩ السفينة تشق عباب البحر وسط الظالم الدامس أرخـى

واألمواج التى تتالطم هنا وهناك وكأنها .. سدوله على الكون أو لعلها عازمـه علـى .. سعيدة بالسفينة فى عرض البحر

طم بالسفينة فتهدأ لتعود فتثور تتحطيمها فهى تأتى من بعيد تر . انيةمرة ث

وسط هذا الظالم الرهيب السرمدى المرعب وفى أحـد القرفصاء واضعا يده أسفل خده " حسن"مخازن السفينة جلس

ليمة التى مر بها عصفت بقلبـه فأدمتـه كريات األ ذيجتر ال والمشاعر فأحرقتها فترك األرض لعله يسـلى هـذا الحـب

.المدمر، ترك األرض سابحا فى بالد اهللاخزن ملئ باألدوات التى يسـتخدمها حجرة صغيرة ، م

تحتوى على مصـباح . البحارة من أدوات الغطس وغير ذلك صغير حقير فهم ليسوا فى حاجة الى ضوئه، حتى ال يستدل على من فى المخزن إذا اضطرتهم الحاجة للتفتيش فى إحدى

.الموانئومجموعة من أصـدقاء السـفر الجـأتهم " حسن"جلس

وضيق اليـد لهجـر الـوطن العيش فظروف الحياة وشذ

١٠٢

.والبحث عن أوطان جديدة خلف البحارديثهم فيما بينهم همس الهمس فمنهم من اضطر اكانت أح

مرارا لمعاودة السفر متخذا شتى الطرق وأوعرها واالصدقاء :الم والمخاطر هم المخزن واأل" حسن"الذين يشاركون

سامح الشافعى من دمياط حاصل على كليـة الهندسـة نتهاء من الدراسة حاول أن يحصل ة اسكندرية وبعد اإل جامع

لدى أحـد المقـاولين اعلى فرصة عمل فلم يجد فعمل مشرف ـ همشرف عمال ولكن طموحه أبى أن يستسـلم فـأوحى الي

سامه إبراهيم من طنطا بالسفر الى الخـارج فهـو أصديقه حمـادة "وهـام الحـاج يعرف أحد أصحاب شركات بيع األ

سكندرية عليـك فقـط كة سفريات فى األ صاحب شر " قرعاألحضار جواز السفر وأربعين ألفا من الجنيهات ثـم تنتظـر إ

.بضعة أشهر بعدها يمكنك السفر لما وراء البحارأيمن الغمرى من دسوق حاصل على كليـة الزراعـة جامعة كفر الشيخ باع القراريط التى كـان يمتلكهـا والـده

السفر أروع هوايته فهو محاوال جمع المبلغ المطلوب للسفر ف يهوى السفر وركوب الوعر فله العديد من المحاوالت عبـر البحر وعبر الحدود ويشاركه هذه المخاطر صديقه المرسـى

١٠٣

.ةسكندريأحمد المرسى من األ" قلب االسد "صدقاء حول أيمن الغمرى جلس حسن واأل

:كما يطلقون عليه يروى لمن حوله مغامرات السفر فقاليـام أهـوى جعلتنى األ :لهجة بحراوى ب: أيمن

لى بال فـى أالسفر فال يقر لى قرار وال يهن فقد تركت . البقاء وكانت ظروفى وراء ذلك

الجامعة أكثر من عامين حيث قامت الجامعة بإلغاء أمتحانى وحرمانى لمدة عامين وعندما علم والدى حرمنى من المساعدة وأرغمنـى

فـاق على ترك البيت وأرجع ذلـك إلـى ر .السوء

ومن أجل توفير المال التمام دراستى ومحاولة أثبـات ال بد لى من ركوب الوعر والصـبر نجاحى أمام والدى كان

.على المكارهسافرت إلى ليبيا عن طريق الحدود متخفياً مـع أحـد األعراب من يسمون بأبناء على وهناك تـم القـبض علـى

النجاح ورفيق ليتأكد لدى والدى أنى عدو . وعدت إلى دسوق .الفشل

١٠٤

بعدها كتبت على نفسى لصاحب شركة سـفريات فـى دمياط وصل أمانة بمبلغ أربعين ألفا من الجنيهـات وهنـاك

صدقاء سامح الشافعى وأسامة إبـراهيم والمرسـى ألألتقى با .المرسى

وكانت دهشتهم وهم أمام السـفينة وقلـبهم يـرقص وهـم

لحـدود يلقـون على سلم تحقيق االحالم إذا هـم برجـال ا القبض عليهم وعلموا فيما بعد أن صـاحب الشـركة هـو

.من أبلغ عنهمجلس األصدقاء يتذكرون مغامراتهم فى السفر لتحقيـق

.أحالمهم فى بالد تحقيق االحالمأتذكر يا أيمن يوم أن هبطنـا الشـواطئ : المرسى

وأصبح حلمنـا قريـب المنـال . االيطاليهولنديـة فـى عندما كنت تغـازل الفتـاة اله

الطريق وهى تبتسـم مـن لونـك الـداكن ومالبسك المهلهلـة وعنـدما تـدخل أحـد الضباط االيطاليين لمنعـك يومهـا جعلـت وجهه ينزف دما عندها توقفـت الشـوارع

١٠٥

وانشقت االرض عن العديد مـن سـيارات ولكـن علـى .. البوليس وحملنا إلى السجن

فكرة هؤالء البشـر فـى قمـه التحضـر جن ولكنه مصـحة حديقـة سجن ليس كالس

سرائر وطعـام وإذا أمتنـع أحـد النـزالء .عن الطعام قامت الدنيا ولم تقعد

وكعادتنا عدنا كعب دائر إلى بيوتنا فى مصـر وكأننـا لسنا وجوه تسافر ولم يكتب علينا السفر وكأننا عمله برانى ال

.بد لها أن تعود لصاحبهافى سماء وشرودة وتطلعه " حسن"انتبه الحضور لذهول

.المكان والصمت الرهيب الذى يلزمهفتـدخل أسـامة . فأراد االصدقاء إخراجة مما هو فيـه

.أبراهيم قائالًأما أنت يا بلدينا ما حكايتك ومـا سـبب : اسامة

ركوبك البحر وتحملك ويالت السفر؟ :من شروده وقال" حسن"أنتبه

١٠٦

دعك منـى االن يـا أسـامة ودع أيمـن : حسنلنا مغامراتـه ولمـاذا سـمى الغمرى يكمل

؟"قلب االسد" : ابتسم أيمن الغمرى فى دهاء وقال

أونطجى بالرغم من أن هـذه تبـدوا أول : أيمن وكـأنى بـك . محاوله لك لتـرك قريتـك

عانيت مـن مشـاكل قلبيـة وألمـت بـك ــالم وشــاب ــت رجــل ح المصــائب فأنرومانسى تعيش فى الماضـى يـا سـيدى

مخــاطر هــذه حيــاه الرجــال الســفر والوالمغامرة أما النـوم والتأمـل فـى سـقف الحجــرة والتغــزل فــى النســاء وتقبيــل ــازل ــول المن ــواف ح ــاب والط االعت

كل هـذا مضـى .. والوقوف على االطالل .عليه الزمن

من ذكاء أيمن فقـد اسـتطاع أن يـدخل " حسن"ابتسم .أعماقة ويكشف أغوارة بخبرته وأقدامه

١٠٧

وتحـدث دعك يا أيمن من علـم الـنفس : حسنوالواضـح أن .. فى أشياء تكون فالح فيهـا

مغامراتك فى النهاية ال تسـفر علـى شـئ .أكمل... أكمل يا . سوى الفشل

والظـروف التـى " حسـن "أدرك أيمن بخبرته معدن اضطرته للسفر فهو شاب فى مقتبل العمر قهـره المجتمـع وقهرته الظروف فيئس وسلك طريق الهرب والفرار لعـالم

. ون علية عالم الحريةجديد يطلق : تابع أيمن حديثة قائالً

منذ بضعة أعـوام سـافرت الـى شـرم : أيمنالشيخ وهناك التحقت بمعهـد تعلـيم اللغـة االيطالية كعـادة معظـم المصـريين فـى

وهنـاك التقيـت بإحـدى الفتيـات . الشرمااليطاليات كنا نسهر معـا ونتحـدث معـا وكانت يعجبها منى لهجتـى فـى التحـدث

االيطاليــة وأنــا ال أجيــد النطــق بكلمــة بتزوجتهـا وسـافرت معهـا إلـى . واحدة

خـر فهـى ايطاليا ، وهناك ظهر الوجه األ

١٠٨

تريد سهر كل يـوم مـع أحـد أصـدقائها ونحـن كشـرقيين ال : راجل -وأنت تصبح

مـور وبعـد أن ضـقت نقبل مثل هـذه األ يهذه التصـرفات فمـا كـان منـى إال أن

لرجولـة عادت بـى الزكريـات الشـرقية الشرق أيام كان جدى يجعـل قفـا جـدتى

وبالفعـل تـم القـبض . يقمر رغيف عيش على وكعادتى بعد شـهور السـجن عـدت

وكـأننى أعشـقها .. إلى حضن أمى مصر وكأنها تعشقنى وتقسم أال تفـارفنى وأقسـم

وكـانى ابنهـا البـار وكأنهـا . اال افارقها .. وضعت الجنة تحدت قدميها

بخبث إلى حسن وسـأله عـن صمت أيمن برهه ونظر قصته فأخبرهم بها كاملة وكان بين الحين والحـين يصـمت

.ليأخذ نفسا عميقا وكأنه يتنفس الصعداءأشفق عليه األصدقاء من حداثة سنه وتركـه الجامعـة

إن شـاء اهللا .فكان أيمن الغمرى يداعبة ويقول له أنت وريثى تمامـا مـن ولكنهم أخبروة بأن الحياة قد خلت .. فاشل أيضا

١٠٩

الحب العذرى ومن يقتل نفسه فى سبيل المحبوبة والحيـاة ال تتوقف الحد ، فالحياة تسير وعلينا أن نسايرها ونسير معهـا

.حتى ال نتختلف عن الحياةوأنه قد " إذا لم تجد ما تحب أحب ما تجد "والحكمة تقول

وأنه لم يقصر من أجلهـا ولكـن . يعثر يوما على خير منها التى تفوقت عليكم وقهرتكم وكثيرا مـا تكـون الظروف هى

يسـتمع لحـديث " حسـن "الظروف أقوى من االنسان كان أصدقائة ويحدث نفسه أنه لن يستطيع أن ينساها النه بـدون وجهها سوف يضل فى متاهات الحياة فهـى المينـاء الـذى تتوقف عنده سفينته وعيناها المنارة التـى تهـدى الطريـق

يستظل بظاللها فحبيبتـه حواديـت وجيدها أشجار مصرية مصرية يفوح منها عطر الماضى وعبق الحاضـر وروعـة

.المستقبلكانت السفينة تظهر فى البحر كحوت صغير فى بحـر ليس له قرار وبين الحين والحين تشتد العواصـف وتثـور

. األمواج ويغضب البحر فيظن من بالسفينه انهم غارقونديث يتغلبـون علـى واألصدقاء يتجاذبون أطراف الح

الذعر الذى يسيطر عليهم خشيه الغرق وخشية القبض عليهم

١١٠

راجيين اهللا أن يسهل لهم الوصول ويشـغل عـنهم أعـين وبعد بضعة أيام قاضاها األصدقاء فى قاع السـفينه . الرقباء

بداخل ظلمات بعضها فوق بعض أخبرهم البحارة أنهم علـى .مسافة يوم واحد من الشواطئ االيطالية

فعليهم أن يستعدوا لمغادرة السفينة وركـوب اللنشـات .التى سوف تصل بهم الى الحدود االيطالية

وفى ساعة مبكرة صباح اليوم التالى كأن النهار ولد من جديد وكأنهم يبعثوا مرة أخرى وقف االصـدقاء يتعـانقون

.. أملين اللقاء مرة أخرى فى بالد العم سام

١١١

١٠١٠ الى فرنسا ومن ثـم هسن القطار الدولى المتج استقل ح

إلى انجلترا لعله يعثر فى صديقه وابن قريته والذى يـدرس دب اإلنجليزي يستعين به على مصاعب بجامعة اكسفورد األ

.السفر ووعورة الطريق فى بلد ال يعرف فيه أحدأسند ظهره للخلف واضعا يده أسفل ذقنه يستند رأسـه

ها الهموم المتزاحمة بداخله ماذا يفعل المتعب وكأنه يحمل عن فى هذه البالد وبعدما ترك كل شئ خلفه وصورة حبيبته التى

..تطارده وفى كل مكان فكلما نظر من نافذة القطار رآها تعدوا أمامه تسـتغيث به حاصرة ثيابها عن ساقيها تصيح بـه إلـى أيـن تـذهب

ـ . وتتركنى وحيدة التفكير وكلما حاول التغلب على صورتها بفى مستقبله الذى ينتظره والمخاطر والصعاب المقبل عليهـا

.عاد طيفها يلح عليه. فى هذا العالم الغريب وقلبه يضطرب كلما ،يشعر بمرارة فى فيه " حسن"كان

وتركه محبوبتـه ؟رأى طيفها فهل ما أقبل عليه هو الصواب لمصيرها الذى تواجهه وحيـده، تركهـا فريسـة المـرض

.ووالد متسلط ال يعرف الحلم طريقا إلى قلبهوالوحدة

١١٢

ولكن ماذا عساه أن يفعل؟ هل يقف فى وجـه والـدها هل يهرب بها بعيـدا عـن ..والعادات البالية والتفكير العقيم

.. قريته ويجعل حبيبته موضع القيل والقال؟ وهذا ما ال يقبله أم ينتحر وراءها ويتركها تنتحر ويجلس يبكى فـوق ثراهـا

مر أيسـر ى لو كان والدها يدرك مصير قراره لكان األ وتمنمن ذلك، وأدرك أن العلم نور فالعالم ال يستبد برأيه ثم توقف قليال متسائال ولكن ليس العلم هو المقياس فكم مـن مـتعلم يستبد برأيه وستعصب له ما أمكنه ذلك فى أامـور الـزواج

أو جهـل إذا ليس علـم ةتتوقف قوانين العلم والجهل فالقضي . ولكنها تفتح عقل يضئ لصاحبه الطريق

ويغازل عقله ويـوخز " حسن"يطارد " حنان"ظل طيف قلبه حتى غلبه النعاس فاستسلم له، متمنيا رؤيه حبيبته فـى

كان القطار يشق الطريق كالبرق ويمر كالسحاب بين . منامهمارا بالجبال والغابات متجها فـى طريقـه . المدن األوربية

". دنلن" إلىقـد " حسـن "توقف القطار بعد ساعات طويلـة كـان

استرخى خاللها مستغرقا فى النوم حتى أخذ قسـطا وفيـرا .يعينه على متابعة المشوار

١١٣

القطار وكان أول مشهد وقع بصره عليه " حسن" غادر الجرين بارك فتوقف أمامها وكان الوقت ال يزال فـى ةحديق

هذه الحديقة وهـا هـو عن" حسن"وكثيرا ما قرأ . أول الليل ةن يقف أمامها ويمأل عينه منها ويتجول فى أرجائها الممتد اآل

فمنها ركن الخطباء وركن للساسة وأخر للمطـربين حريـة تحلم بها الشعوب الشرقية فالجميع يفعل ما يحلو له ووسـائل االعالم تتابع هذه التجمعات وتتناقلها عند ذلك تذكر ما يدور

األمن تحيط بكل مكان داخل بالدنا نتمنـى فى بالدنا وقوات . ةأن نمارس هذه الحري

على أحـد المقاعـد يسـتريح ويسـتمتع " حسن"جلس بمشاهدة المناظر البديعة ويتناول بعض البسكويت كان معـه والبرودة تسرى فى أعضائه وبرغم الـثلج وبـروده الجـو فالناس تسير غير عابئة بذلك بل مستمتعه بـه فهنـاك مـن

س الرياضة ومن يغنى وفتيات يرقصن قصيرات الثياب يمارجسـام الجو ولعل ذلك سبب ميل هذه األ ة ببرود ةباليمغير

الى االستقامة واعتدال العود فنادرا مـا تقـع عينـه علـى أصاحب الكروش التى تمأل بالدنا فهو يسير مرتـديا ثيابـا بسيطة غير متكلفه تكلف الشرقى فهو يرتدى ثيابـا أبسـط

١١٤

والفتيات يرتدين ثيابا أبسط من . ب ولو ذهبا الى الجامعة الثياالبساطة كاشفة عن ساقيها وصدرها هذه السيقان التى تشـبه أقماع السكر وتذكر الفتيات فى بالدنا والسيقان التـى تشـبه

. أقماع الجاز بداخلـه فحمـل ءنتشاء وسرى الدف باإل" حسن"شعر

الحديقة يدفعه حب حقيبته وترك مقعده وأخذ يسير فى أرجاء االستطالع للتعرف على كل شئ فى لندن ولكنه قرر البحث عن صديقه الذى يسكن فى أحد أحياء لنـدن بـالقرب مـن

.الجامعة .وذلك قبل انقضاء الليل تاركا المتعه لوقت الحق

الجرين بارك فوجد نفسـه فـى شـارع " حسن"غادر بد أن وعندما سأل عن عنوان صاحبه كان ال " ساوث أودلى "

" أوكسـفورد "المتقاطع مع شارع " ساوث أودلى "يسلك شارع القـاطن بـه " ولـز "ثم شـارع " مرجريت"ومنه الى شارع

.صديقه يسـجل ةيسير كأنه يحمل كاميرا غير عادي " حسن"كان

كل شئ وتنقلب عيناه لكل شئ العمارات الشاهقه والشـوارع حتى ة المالئك الدائرية واألنوار الرائعة والبشر الذين يشبهون

١١٥

أنه لم يفكر لحظه أنه من الممكن أن يعثر على صديقه اوال، .فى زحمة المناظر الجميلة التى تشبه األحالم

فى نفس الشارع توقف ليسأل على ١٣وأمام البيت رقم ولكن مديرة بيت الطلبه أخبرته أنـه " ابراهيم موسى "صديقة

عود اال بعـد غادر المكان الى جامعة اخرى ليتم بحثه ولن ي .فترة طويله

جهـاد وبعدما تأملت وجهه وما يظهر عليه من أثار اإل وسألته عن صلته بإبراهيم موسى وتبينت أنه عربـى ومـن

ـ حـق " ابراهيم" وأنه يعرف ةنفس القري سـألته أن ة المعرفالسيد علـى "ينتظر لحظه لتخبر صديقيه المقربين إليه وهما

ـ ثم غ ". عبد اهللا جون "و" إبراهيم ةابـت فتـرة ليسـت طويلوحضرت بصحبتها شاب عربى عندما وقعت عينـاه علـى

: تهلل وجهه وهو يقول" حسن"وجه خ العزيـز أهال ومرحبـا بـك أيهـا األ : السيد على

لـى هـذا إلعلك واجهت الصعاب للوصول المكان ويبد أنك أول يوم فى لنـدن تفضـل

.معى

١١٦

حسـن فـى القشة التى تعلق بها ةكان السيد على بمثاب فقد شعر باالرتياح وكأن هموم الدنيا غادرت صـدرة ةالغرب

ه نورا وأمال يشرق من قلبه بعدما فشل فى تبتساماوقد خلقت ". إبراهيم"العثور على صديقه

ةمتجها الى حجرته المشـترك " حسن"أخذ السيد على يد وطلـب منـه أن يبـدل " وابراهيم موسى "مع عبد اهللا جون لحين اعداد بعض األطعمه والمشـروبات مالبسه ويستريح

التى تبعث الحيويه الى جسده المنهك من أثر السفر وبـرودة .الجو

مديرة البيت كما يناديهـا " ماريا"وبعد لحظات حضرت السيد على وطلب منها نجدة المصـرى المتعـب فابتسـمت

: وقالت بالعربيه التى تجيد بعض كلماتها. سـتر إبـراهيم أهال وسـهال بصـديق م : ماريا

بـو أهـرام ؟و كيف حال أهل مصـر ؟ واأل الهول؟

كانت ماريا جميلة بيضاء برغم سـنها الـذى تجـاوز وحـب يشـبه وجـوه ةالخامسة واألربعين يعلو وجهها طيب

.المصريين فى بلدنا

١١٧

العضـو العربـى " حسن"جلس السيد على يتحدث مع خـرج الجديد فى لندن وحدثه عن نفسه وحياته فى لندن منذ ت ـ األدب ةمن الجامعة فى السودان وانتقل الـى لنـدن لدراس

. العربىكان السيد على كريما كرم السودان معطاء عطاء النيل

فـى حياتـه ةالزاخر مبتسما دائماً وكأنه ال يعانى أى مشكل عيناه تلمعان وتشعان وميضا رائعا وسط الوجه الذى يشـبه

علـى " حسـن "طمئنـه و ةالليل وأسنان تشبه النجوم المتاللئ وجوده فى لندن فال يخشى شيئا فهذه البالد ال تبحث عن أى

إلى أن تـذهب ةأنسان داخلها بطريقة شرعيه أو غير شرعي .أنت اليهم

ـ " ماريا"دقائق وعادت وعليهـا بعـض ةنييتحمل ص : الخفيفة وهى تقولةطعمالعصائر واأل

ــرأت : ماريا أهــال مســتر حســن الشــاطر قالشـاطر حسـن وأنـه قصص كثيرة عن

" حسـن "كان بطال وأنت أيضا بطل ابتسـم طـراء الجميـل وشكر ماريا على هـذا اإل

.فقال السيد على

١١٨

ومـن .. ماشـيا معـاك يـاعم ،مداعبا،: السيد على ترض عنـه ماريـا يكـن موضـع حـب

ن أتركـك لتنـام واآل. الجميع فى هذا البيت بعض الوقت وسـوف أذهـب للعمـل ألن

قد حان وسـوف أوصـى موعد بدء عملى عبد اهللا اال يعكر صـفوك ويتركـك لنـوم هادئ فهـو مولـع بالشـرق والمصـريين

.فى رعايه اهللا. ومصر خاصة .فى رعاية اهللا شكرا على هذا الكرم: حسن

نحن جميعـا واحـد ،ال شكر على واجب : السيد على وبخصـوص العمـل ال تقلـق .فى هذا البلد

أعمـل فاليوم سوف أحدث الرجـل الـذى معه عنك وسوف يوافق إن شـاء اهللا فهـو ليبى مهاجر منذ زمن بعيـد وهـو يسـاعد العرب فأنا اعمل لديه بعض الوقـت كـى أستطيع العـيش فـى هـذا البلـد وكـذلك إبراهيم قبل تركـه لنـدن وسـوف يعـود

. للعمل بعد عودته

١١٩

واألن هيا الى النوم واترك طريقة المصريين واحساسهم فال فرق بين عربى هنا وسوف تجـد مـا . ءباألنفه والكبريا .يسرك إلى اللقاء

فى الفراش علـى بركـة اهللا الـى د يتمد: حسن .اللقاء

رهاق الذى سيطر بالرغم من التعب الذى أنهك قوته واإل نه شعر باألمان بعد لقائه بأخيه السـودانى إال إ" حسن"على

وتـوفير فى اللقاء ةالسيد على وما خلفه له من أمان وأريحي فهل ياترى سوف تكون الحياة فى لندن . جميع سبل الراحه له

بهذه الطريقه من األمان واليسر؟ أم أن األيام تخبئ له شيئا؟ مما يساوره من التفكير ولماذا نفكر فى غـد " حسن"تخلص

. طالما االمور تسير على ما يرامبل من هـول غلبه النوم فاستسلم له راح يغط غطيط اإل

التى حاول أن يتخلص عبرهـا ةى عبر رحلته الطويل ما رأ . من همومه وأوجاعه التى عاشها داخل قريته وفراق حبيبته

عندما ةداخل الغرف " عبد اهللا جون "حتى إنه لم يشعر بحركه . دخل

ولم يستيقظ اال بعدما شعر بيد تتحـرك علـى وجهـه

١٢٠

: وصوت ينادى عليه بالعربيه الركيكه قائالأيها العربـى مـن أنـت؟ .. انت –أنت : عبد اهللا جون

وكيف دخلت هذا المكان؟ أخذ حسن يفرك عينيه بكلت يديه ويتفحص فـى وجـه

: الواقف أمامه ثم ابتسم ابتسامه خفيفه قائالعبد اهللا جون مسـلم انجليـزى يتحـدث : حسن

.ةالعربي اهللا اهللا وتعلـم عنـى بعربيته الضـعيفة : عبد اهللا جون

من أنت باهللا عليك؟ امور كثيرةــى ) يبتســم: ( حسن ــك الســيد عل حــدثنى عن

ولذلك عرفتـك مـن ةبراهيم بما فيه الكفاي إأول نظره، ولقد أخبرنى أنـك تـأتى فـى الصباح بعد أنتهاء عملـك ،كمـا أخبرنـى

.بحبك للعرب والمسلمينلهجتك تخبرنى أنـك مصـرى وقريـب : عبد اهللا جون

ــاه ــار الق ــا أخب ــى م ــراهيم موس رة إبواألهرامات واألزهـر والحسـين والنيـل والســيد البــدوى ، ال تتعجــب لقــد زرت

١٢١

. هذه األماكن وأتمنى ان أراها مـرة ثانيـة بتقول مـن يشـرب مـن ةمش عندكم حكم

أنـا شـربت .. ماء النيل ال بد يرجـع لـه رانـب والملوخيـة باأل ةوشربت وأكلت الفت

ــرم ــك والك ــا مصــر وأهل ــك ي اهللا عليفـانطلق " حسـن "اثـك الصعيدى لـم يتم

: ضاحكا قائالوعارف الكرم الصـعيدى كمـان أنـت : حسن

الظاهر انجليزى حكاية عــالم لــديكم المشــكلة يــا مصــرى اإل: عبد اهللا جون

مازال مقصر فى تعريف العالم بكـم وانـا حزين لذلك فكل ما يعرفـه الغربـى عـن مصر أهرامـات فقـط فـأنتم ال تحسـنون

بالدكم الترويج النفسكم وعرض واهللا أنت محق يا عبـد اهللا وأنـا معـك : حسن

فى كل ما تقوله ولكن قل لى مـا أعجبـك سالم؟ فى اإل

لقد اشتغلت كثيرا بالبحث فى الكون وشـغلتنى : عبد اهللا

١٢٢

قضيه الموت والحياة فقرأت فى ديانات شتى حتى شـرح اهللا سالم فهدأت نفسى ورست سفينتى وأنزلت شـراعى قلبى باإل سالم ومنذ ذلك الوقت وأنا أهتم به وأحـاول أن اء اإل فى مين

يكون لى دور فى تعريف اإلنجليزي باالسـالم وذلـك مـع من الكراهيه التـى ةبعض المسلمين هنا وخاصة بعد الموج

تعرض لها المسلمون فى الغرب بعد أحـداث سـبتمبر فـى رهـاب بالمسـلمين قترن اإل ا العداء لهم فقد ةأمريكا وموج

سـالم لـدى لنشر وتصحيح مفهـوم اإل ةشكيل جمعي فقمنا بت لى شئ ، وال يغريـك إن نصل أالغرب والحمد هللا استطعنا

ةفى الغرب فهنا مـا تـزال العنصـري ة والحري ةالديمقراطي ولم يتخلص الغرب منها تماما وسرعان مـا تظهـر ةمتأصل

. عند أى موقفكيــف حــال المســلمين والعــرب بعــد : حسن

أحداث سبتمبر؟ لك أن تتخيـل التعـب والمشـاكل التـى : عبد اهللا

واجهها هـؤالء العـرب والمسـلمون فـى الشــوارع والمواصــالت فكــان الغربــى ــى ــى ف ــه العرب ــح الوج ــرد يلم مج

١٢٣

المواصالت فال يمكنـه الجلـوس بجـوارة ولكـن األن هـدأت حـدة هـذا . او يعامله

التعصب وخاصة بعـدما أدرك الغـرب أن اق ومسـاندة اعتداء امريكـا علـى العـر

انجلتــرا لهــا ومســاندتها الســرائيل فــى .رهاب بعينهفلسطين هو اإل

رهاب فكيف نقـول ذا كانت الدول الكبرى تمارس اإل إ ف .لصاحب األرض ال تدافع عن أرضك

ننـى أوهذا نفس إحساسى ودليـل ذلـك : عبد اهللا ـ ألن انام وسوف فـى ةصطحبك فـى نزه

أنحاء لندن وأقوم معـك بواجـب صـعيدى . لى طريقتكم ولكن ال تعتاد ذلكع

. ن استعد لذلكواآل

١٢٤

١١١١ وفى شوارع لندن كان يسير عبد اهللا مـع حسـن

يشرح له ويفسر هنا جامعة أكسفورد ، وهنا متحف الـدمى جريـت "وهنا المتحف البريطانى بشارع " تخليفالند"بشارع ملكيـه وفيه أكادمية الفنـون ال " بيكاديللى"وهذا ميدان " راسل

ومتحف الجنس البشرى ويشير الى قصر بيكنجهام وبالقرب .منه محالت هارودز لصاحبها المصرى أنت تعلم ذلك

كان الشبان يسيران مستمتعان بالسير معا وحسن مبهور بروعة العمارة فى لندن وشوارعها ومتاجرها وبعدما وصل

أن" حسـن "من " عبد اهللا "صابهما التعب طلب أمنهما الجهد و يقدم له وجبه على الطريقة المصرية فـدخال مطعمـا يعـد

". سلون"الوجبات الشرقية بشارع وبعد دقائق كان عبد اهللا وحسن يتناوال طعامهما وفجأة توقفت فتاة رائعة الجمال ملفوفة القوام مرسلة الشعر علـى ظهرها كالفرس الجامح خمريه اللون تـنم قسـماتها علـى

أمامهما محييـة ةتوقفت الفتا . ة شامي القسمات الشرقية وغالبا .عبد اهللا

١٢٥

كيف حالك يا عبد اهللا؟ أيـن أنـت منـذ : الفتاةفترة وأنـت منقطـع عـن زيارتنـا فـى المطعم؟ فما الذى أتـى بـك اليـوم أظنـه

. أمر عظيم؟ وما أخبـار أختـك "ليلى"كيف حالك يا : عبد اهللا

الجميلة؟ " سها"الصغيرة صرى قريب إبراهيم موسـى أقدم لك صديقى حسن الم

.وصل من يوم فقطأهـال بيـك يـا حسـن ) بلهجة شامية : ( ليلى

حمد هللا على سالمتك واهللا عدت بنـا الـى مصر وسـوريا والشـرق بكـل مـا فيـه

ليـرد علـى تحيـه ليلـى " حسـن "نهض : ممسكا بيدها قائال

أهال بيك ياليلى وأنت الشرق نفسـه فـى : حسننيـل وشـجر لندن أنت الشـمس وأنـت ال

األرز، أنت الدفء وريثة أجـدادى وريثـة عرش كليوباترا ونفرتـارى أنـت تـاريخ

١٢٦

بالدنا هنا اسما ورسـما وروحـا وريحـا وإقباال

طـراء العربـى شكرا يا حسن علـى اإل : ليلى والكرم المصرى يـأذن لـى عبـد اهللا أن ــى ــون أخــى المصــرى ضــيفى عل يك

نهض عبد اهللا من مقعـده ضـاحكا . الطعام : هو يقولو

سمعت يامستر حسـن وبتقولـوا الغـرب : عبد اهللا األن ظهــرت العنصــرية ةفيــه عنصــري

أبناء العرب يتحـدون ضـد ابـن الغـرب . المسلم مثلهم

ليس ذلك يا عبـد اهللا ولكـن مـن وجـد : حسن .أحبابة نسى أصحابة

" ليلـى "يتحدث ومازال قابضا على كـف " حسن"كان مرة " حنان"بل عثر على حبيبته وكأنه فجأه وبعد أن ضل الس

ثانية فها هى أمامه حية بجسـدها اوابتسـامتها وحضـورها .ولونها وكل شئ فيها

ويسأل نفسه أنا فى حلـم أم هفراح يفرك عينيه بكلتا يدي

١٢٧

فى علم؟كأن اهللا أرسل إليها قيس من الشرق ليأخذ " ليلى"وكانت

. يـان بهـا بيدها ويعيدها الى العصور الماضية التى كانا يح ا وطراوة الشـرق الـذى مفأسلمت يدها بين يده تشعر بدفئه

فارقته منذ سنوات هى وأختها الصغرى بصحبة والدها الذى توفى بعد وصولهما الى لندن مباشرة فراحتا تعملن من أجل

المنتشـرة فـى ةيلذالمحافظة على حياتهما والبعض عن الر . المجتمع الغربى

" ليلى"وهو يحتضن كف " حسن"كان عبد اهللا ينظر الى : بين يديه فداعبهما قائال

أنت يا حسـن محظـوظ وربنـا بيحبـك : عبد اهللا ورزقك فى رجليـك كمـا تقولـون أبنـاء

.الشرق . بدأنا النأ: حسن ضاحكا وما النأ يا حسن؟ : عبد اهللاطــراء فــى النــأ يعنــى اإل. ةوال حاجــ: حسن

" ليلــى"الشــرق ابتســم حســن وابتســمت

١٢٨

خروج من المـأزق الـذى وضـعه فيـه لل .عبد اهللا

لحظه لتعود بأختها الصـغرى الجميلـة " ليلى"أستأذنت سها والتى كانت ال تتجاوز الثامنة عشر من عمرها ولكـن

ختها أيبدو عليها أكبر من ذلك لفرط ذكائها ، ونزولها هى و والدها فسـاعدها الرجـل ةوان بعد وفا ميدان العمل قبل األ

ن صديقا لوالدهما فعمال فى المطعم الـذى يـديرة الليبى وكا . إبراهيم موسى المصرى

كان األصدقاء يتناولون الطعام وهم مسرورون بـأخيهم وصديقهم الجديد الذى راح يحـدثهم عـن أحـوال الشـرق ويسألهم عن أحوالهم وارتباطهم ببعض فى هذا البلد الغربـى

.الغريبد تقفـز مـن برهه ثم انتبهت وهى تكـا " ليلى" صمتت

: مكانها صائحةأنت مرزوق يـا حسـن ورزقـك فـى : ليلى

رجليك

١٢٩

ماذا بكم أيهـا الشـباب ) مندهشا( ضاحكا: حسن منذ لحظات قال عبد اهللا هذا الكـالم وهـا

ماذا دهاكما؟ . ن ياليلى تعيدينهأنت اآللقد غادر إبـراهيم موسـى لنـدن منـذ : ليلى

مـل يومين فقط وترك العمـل ويمكنـك الع معنا فى هذا الفرع فـإن للمطعـم فروعـا

بـراهيم إعده ومنها الذى يعمل بـه السـيد السودانى إذا يمكنك تسـلم العمـل صـباح

.غدا ان شاء اهللاهكذا ال يكون هو صاحب الحـظ ولكـن : سها

نكون نحن اصحاب الحظ أن يعمـل معنـا شـعر عبـد اهللا " حسـن "أخ مصرى مثل

ذن أ واسـت بالرغبه فى النوم فـراح يتثـأب للذهاب الى سكنه للنوم قليال فهـو لـم يـنم منــذ ليلــة أمــس وفضــل أن يصــطحب

فــى ةصــديقة المصــرى الجديــد لفســحأرجــاء لنــدن علــى الطريقــة المصــرية

أن يعـود معـه الـى " حسـن "وطلب من

١٣٠

البيت ولكن األختين طلبـا منـه أن يبقـى معهما قليال فهما قد انتهيـا مـن أعمالهمـا

صـطحبونه لفسـحة على الفور وسـوف ي . أخرى فى أرجاء المدينة

: ذن عبد اهللا وهو يقولأعلى الفور است" حسن"وافق بالعربى كده أخرج منهـا أنـا أصـبحت : عبد اهللا

الغريب يا أبناء العرب بيـنكم ولـن أنسـى وال تحـاول أن " حسـن "هذا لك يا شـاطر

تفزعنــى مــن نــومى عنــد عودتــك اذا قـى القمـر رغبت فى العودة مفيش حد يال

" ليلـى "طلبـت . إلى اللقـاء . ويرجع للنوم لحظات لتبـديل مالبـس العمـل وخـالل لحظات كانـت واضـعة يـدها فـى يـد

: وهى تقول له" حسن"ــا شــاطر حســن الــى فســحة : ليلى ــا ي هي

الشرقيين فى لندن ولكـن فجـأه اسـتمعت الى صوت أختها الصـغرى منبعثـا مـن

. داخل المطعم

١٣١

ـ أتذهبان وتتركـا : سها إذا؟ ةنى؟ لمـاذا الخيانلحقت سها بهمـا وكـان بصـحبتها فتـاه شرقية المالمح ، عربيـة، سـوداء الشـعر خمرية الوجـه بـارزة الـوجنتين قصـيرة

.القامة تتحدث العربية بطالقة : إليهم قائلة" سها"قدمتها

أقدم لكـم صـديقتى المخلصـة الوحيـدة : سهاــدعى ــة مســلمة وت ــدن عربي " رشــا"بلن

ذ زمن بعيد وأجلس إليهـا أتعلـم عرفتها من سـالم وهـى مثقفـة منها الكثير عـن اإل

وهى تعمل معنـا فـى ،شئكل تتحدث فى نفس المطعم، ولكنها كثيـرة التـردد علـى

. فلسطين وطنها . أهال بك يارشا: حسن أهال بك بين أخوتك وأرومتك فنحن سوف : رشا

نساعدك بكل طاقتنا وسوف تسعد معنـا إن لـى إميـل مالبسـها " حسن"الحظ شاء اهللا

فوقع شيئا فى قلبه تجاههـا ،السفور والعرى

١٣٢

كما . وكيف تكون مسلمة بهذه الثياب العارية أنها تتحدث وهى تنظر فى عينه وكأنها تريد .أن تقيم عالقة صداقة معه وبأسرع ما يمكن

صدقاء يسيرون بـين الشـوارع فـى صـخب كان األ وكـان حسـن وليلـى " رشا"وضجيج خلفته سها وصديقتها

منطلقان فى خيال أموى محلقان فى الصحراء العربية وليالى بسؤال عـن " رشا"خر تتدخل معاوية ويزيد وبين الحين واآل

فكان ال . هل هى فسحة أم تحقيق " حسن"مصر وهذا لم يرح .يمنحها االهتمام الكافى

سار األصدقاء متوجهين الى متحف فيكتوريا ومتحـف " رشـا "وكانـت " ميلنر"يخ الطبيعى عبر شارع العلوم والتار

ماكن وشـرح مـا بـداخل المتحـف تتولى التعليق على األ وبالفعل هى مثقفة أكثر من الالزم تعلم عن كـل ،صدقاء لألمارين بدار البرلمان " سنتمينستر"ثم عادوا أدراجهم الى .شئ

.وساعة بيج بن جهاد وشعر بأن الوقـت قـد قد بلغ منه اإل " حسن"كان

تأخر فهو منذ الصباح وهو يتجول فى شوارع لندن وعليه أن ذن من الفتيات حتى يعود الى أيام القادمة فاست يترك شيئا لأل

١٣٣

". ولز"سكنه بشارع أن تأخذه فى طريقها بسـيارتها ولكنـه " رشا"عرضت

ولكنها أصرت على طلبهـا . أعتذار مفضال السير الى هناك نها سوف تصطحبه إشارع و نها تسكن فى نفس ال إمعللة ذلك

". سلون"لى العمل بشارع وإكل يوم من وكانت الصغرى تضـحك " حسن"وأختها " ليلى"ودعت

:وتقول رزقك فى رجليك يا عم حسـن توصـيلة : سها

" رشـا "ببالش تحركت السـيارة وتقودهـا بمهارة فائقة تمرق بين شوارع لنـدن ممـا

أنهـا فعـال فتـاة غيـر " حسـن "أكد لدى " حسـن "لـى إتتحـدث " رشا"انت عادية ك

ــي ــود الس ــى تق ــاد ا وه ــا تك رة وعيناهسـالم تستشف ما بداخلـة حدثتـه عـن اإل

وما يحدث له فـى العـالم وعـن مصـر والديمقراطية الجديدة التـى تعيشـها هـذه

يام وعن النيـل وليـالى القـاهرة فقـد األقضت بعض الوقـت ولهـا الكثيـر مـن

١٣٤

صدقاء بهـا، وعـن الممارسـات التـى األمريكـا علـى أتمارسها الـدول الغربيـة و

وأكـدت لحسـن أنهـا . الشرق والمسلمين تعمل أقصى جهـدها لمسـاعدة المسـلمين

ــدينى اإل ســالمى فــى ونشــر الــوعى الــى تصــحيح ــام ف ــا دور ه ــرب فله الغ

. المفهوم الغربى عن االسـالم والمسـلمين . وحسن ال ينطق بكلمة واحدة

أمـام البيـت وتوقفت" ولز"وصلت السيارة الى شارع الذى يسكنه أصدقاء حسن وودعته بحرارة غيـر مسـبوقة وأخبرته أنها سوف تنتظره صباحا للذهاب معا الى المطعم

".سلون"بشارع السيارة متمنيا لرشا ليلة سعيدة وشـكرها " حسن"غادر

على هذا الذوق واعترف لها أنها فتاة عربية ال مثيل لها فى . ا وعقليتها وثقافتهاكل شئ من االسم وحتى قدرته

بـاب " حسن"تحركت السيارة تمرق فى الشوارع ودق ببهو البيت متهلله الوجه مندهشة مـن " ماريا"استقبلتة . البيت

تأخرة طوال هذا الوقت لقد خشيت عليه من الضياع فى هذا

١٣٥

البلد ونصحته أال يتحرك وحيدا وخاصة فى بداية اقامته فى . شوارعلندن حتى يتقن االماكن وال

شكر لها حسن ذوقها الرفيع وإحساسها الرائع الذى تدفق تجاهه مماثال مشاعر االمومة المتدفقة فطبع قبله على جبينها وتركها وصعد السلم متجها الى حجرته متشـوقا أن يقـص

. السيد على وعبد اهللا ما حدث له فى هذا اليومهعلى صديقي

١٣٦

١٢١٢ تها أمـام البيـت تتوقف بسيار " رشا"فى الصباح كانت

يغـادر " حسـن "وفى نفس اللحظة كان " حسن"الذى يسكنه ـ " رشا"البيت تجاه السيارة التى تقودها ةيلقـى عليهـا تحي

. الصباح فترد عليها وهى منشرحة القلـب مشـرقة الوجـه التـى " رشا"و" حسن"وهكذا نشأت صداقة وعالقة قوية بين ع بـه وخاصـة تمستاترافقه كل يوم ذهابا وإيابا للعمل الذى

".وسهاخورى""ليلى خورى"لمرافقته لكل من سها الصغيرة بطيشها وثورتها وخفتها كالفراشة التى ال

ستمتاع بكل لحظـة تهدأ وقلبها المتفائل دوما وكأنها تريد اإل . ستمتاع بلحظة فيـه تمر بها تخشى من فوات العمر دون اإل

فرصـة ن ينتهـز كـل أنسان فلسفتها العمر قصير فعلى اإل .ولحظة للمتعة فهى مشرقة دائما متوهجة طوال الوقت

وليلى العقل والحلم والهدوء والرويـة والحكمـة التـى . الم واصهرتها المتاعب والمخاطراكتسبتها من األ

" ليلـى "الحلم العربى الكبيـر " ليلى"القلب الحالم " ليلى"بـل السماء العربية الصافية والغابات اللبنانيـة أنشـودة البال

حقول القمح والبيادر تحلم بفارسها العربى يعيدها الى " ليلى"

١٣٧

الثرى المقدس واالرض الطيبة وها هى تعثر أخيـرا علـى بغيتها على فارسها النبيل الذى جاء من العصور الوسـطى

رض الطيبة التى انبتـت عنتـرة سابقا الزمن شاقا باطن األ وكثيـر بتت شهداء الحب قيس ومعمر نوصالح الدين التى ا

. عزةهذه األرض الذى جاء منها حسن، أرضى أنـا التـى

تذوق قطـرة مـن مائهـا أهى يثراها و جتمنيت وأن أغبر و .وأتنسم بعض نسيمها

خوة العربية والعمل معا نشأت قصه حـب وسط جو األ فكل منهما وجد حلمه الذى " ليلى"و" حسن"عربية خالصة بين

عر كاالعصار تجرف يحلم به وعثر على بغيته فكانت المشا وال هى تصبر " ليلى"ما يقابلها فكان حسن ال يصبر على بعد

. على ذلكنتهاء من العمل يخرجان للسير سـويا فـى فكانا بعد اإل

شوارع لندن يسيران بال هدى المهم تكون األيدى متالحمـة والعواطف ثائرة والمشاعرة متأججه وكـأن جـذوة النـار

ا األوان أن تشتعل بين مهجتـين الخامدة طوال القرون آن له . رائعتين متماتلثين داميتين

١٣٨

وكأن هذه النار ارادت للمهجتين ان تصهرهما وتكشف

.الذهب الذى ران عليه التراب طوال السنين الماضيةوكباريه العلوية " التايمز"قصة حب عربية على شاطئ

ومقاهيه وكان الحبيبان يعودان مساء كل يوم مترعان بخمر حب منتشيان بسحر العواطف المتأججة ولكن هيهات لمدمن ال

الخمر أن يفيق ولكنه يتلذذ بالزيادة وهل هنـاك أروع مـن خمر المشاعر وسكر الحب وسحر العواطف التى جمعت بين

. العاشقين فى بالد ال تعرف للعواطف معنىبما يدور فى أروقة المطعم والعالقة التى " رشا"شعرت

فراحت تنسج خيوطها الفساد هـذه " ليلى"و" حسن"تربط بين " حسـن "العالقة فهى ال تستطيع أن تخرج بكامة واحدة مـن

وبسرعة البرق نشأت عالقة حميمة بينه وبين ليلى ، فعزمت .على افياد هذه العالقة

فى يوم طلبت من حسن وهما فى طريق العودة بعد و ةة بمناسب انتهاء العمل، ان يزورها فى مسكنها فهى تقيم حفل

عيد ميالدها وسوف يحضر الكثيرون من األصدقاء وبخاصة . ليلى وسها

١٣٩

بهذه الدعوة بعد أن هنأها بعيـد ميالدهـا " حسن"رحب واعترف لها انه فى غاية السرور أن يحضر حفل عيد ميالد صديقة حميمة لها الكثير من الفضل عليه على األقل تحمـل

إنها لها دور كبيـر فـى عنه مؤونه نقله من والى البيت كما .إكسابه بعض المهارات والثقافات من خالل وجوده بجوارها

والكـائن " رشـا "الى مسكن " حسن"وفى المساء ذهب ".ولز"المتفرع من شارع " مورتيمر"فى

وكان عبارة عن شـقة " رشا"إلى مسكن " حسن"صعد رائعة فسيحة مليئة بالتحف والمقتنيات األثرية وكانت مليئـة

ألصدقاء من العرب واألجانب وكانت الموسـيقى تعـزف باوكان الخمر المشروب المفضل لـدى جميـع . ألحان شرقية

لصديقته هدية رمزية وهنأها بعيد " حسن"بعد أن قدم . الزواروقعت عينه على أحد أركان المكان وكانت جالسـة . ميالدها

. منعزلة عن األصدقاء " ليلى" : قائال" رشا"قدمته إليه كأس الخمر الذى " حسن"رفض

أن أرد يـديك فـال أحـد " رشـا "أسف يا : حسن يستطيع أن يرد هـذين الكفـين الرخـاميين

ولكنـك تعلمـين . العاجيين ولو مدا بالموت

١٤٠

أسف للمـرة الثانيـة . أننى ال أشرب الخمر . ولكن يمكننى تنـاول أى مشـروب بـارد

فـى " ليلـى "إلى حيث جلست " حسن"اتجه التـى لـم " سـها "ا عن أخبار انتظاره فسأله فأخبرته إنها جالسـه فـى . نآلايراها حتى

ــذين ركــن خــاص بأصــدقاء الســوء اليعكفون على شرب الخمـر وغيـر ذلـك

ــئمت ــد س ــن"ولق ــا حس ــذه " ي ــن ه مالتصرفات الطائشة التى تصـل إلـى حـد

. الجنون وال أستطيع السيطرة عليهان وأعتقد أن عالقتها بى أضعف ما تكـون عالقـة بـي

أختين فنحن مختلفتان تمام االختالف، وأنا متأكدة أن تـأثير فهى تقلد فى . عليها أكثر مليون مرة من تأثيري عليها " رشا"

كل شئ فى الملبس والطعام والشراب حتى ترديـد بعـض . األلفاظ واألفكار والمبادئ أصبحت نسخة مصغرة منها

ا جلس الحبيان يتناجيان ويكمالن أحالمهما من بعضـهم وذلك على أنغام الموسيقى الشرقية التى أذكت مشاعر الحب

. سييناوأعادت عهود الرشيد والعب

١٤١

وتقضى ما تبقى مـن " حسن"أن تكون مع " ليلى"تمنت عمرها بجواره وبين يديه وتتمنى أن تكون الـدنيا أخيـرا ابتسمت لها بعد كم النكبات والهزائم التى توالت على رأسها

. منذ الصغر إلى قريتها ويقيمـا مشـروعا انى الحبيبان أن يعود وتم

صغيرا يدر عليهم مبلغا صغيرا يفى حياتهما ويسـاعد فـى . خدمة أهل القرية

قة يترقص بين المدعوين بطر " سها" لحظات برزت دوبع" فما كان من . جها األذواق وكانت الخمر قد لعبت برأسها مت

ن النـاس ثـم ليها واجتذبتها مـن بـي إاال أن أسرعت " ليلىصفعتها على وجهها وانهالت عليها ضربا ووكزا ولم تكتف

أن يخلصها من " حسن"بل جذبتها من شعرها ولكن استطاع . عليهـا ةباكية ، وسقطت مغشـي " ليلى"نهارت ابين يديها ف

أن ينبهها مستخدما بعض الروائح حتى انتبهت " حسن"حاول تهم وأسـتأذن الجميع وأعتذر لهم على قطع حفل" حسن"،شكر

.أن يذهب بهما الى مسكنهما" رشا"من وقبل يدها وجبينها ثم انصرف وكل من " حسن"ودعها

األختين متعلقة بذراع وتبكى وكانت ليلى تتهانف مـن شـدة

١٤٢

:البكاء وتقول خائفة عليـك فلـيس لـى ا يا سها أن ةسفآ: ليلى

فى العالم غيـرك أخشـى عليـك ثورتـك ـ وف تـؤدى وجموحك ورعونتك التـى س

بنا للهالك وكأنـك تسـابقين الـزمن الـى والحكمة تقـول بكـرة الخـيط إذا . النهاية

. قاربت على النهاية تسير بسرعةفى ضياعك ضـياعى ، أنت الصغرى " سها"أنا أحبك يا

فأنا ال أتحمل البكاء فروحـى متعلقـة بروحـك ومسـتقبلى حـافظى علـى ىمرهون بمستقبلك وحياتى بحياتك فمن أجل

. ى أو تحبين نفسكنك إن كنت تحبيننفسعـين الصـواب " ليلـى "كل مـا تقولـه : حسن

نها تحبـك أكثـر إفال تشكى لحظة " سها"يا .. من الدنيا وأكثر من نفسها

ذن إلقد أتفقتمـا علـى ). معترضة ثائرة : ( سها نك تحبها وهى تحبـك فمـا تقولـه هـى أل

عين الصواب وما تقوله أنت كبـد الحقيقـة فـال يمكننـى أن أميـز الصـواب أما أنا

١٤٣

والخطأ وبين الحقيقـة والخيـال، مجنونـه ـ .. أنا ـ ةهذه وحه ـ ا نظركم لهـا ة وال قيم

" رشـا "عندى فأنا فى نظر نفسـى ونظـر ــا ــة اجتماعي ن آلا و،فائقــة الحســن مقبول

. دعونى أسير بمفردى ال أريد كمـا معـى دعونى .. دعونى

" شـا ر"فجأة توقفت سيارة بمحاذاتهم وسمعوا صـوت : تنادى بهم

وأعقلـى " سـها "أركبـى يـا .. أركبوا : رشا نشوية لـم أسـتطع أن أتـرككم تغـادرو

ــن ــتأذنت م ــال فاس ــذا الح ــان به المك . الضيوف وأسرعت خلفكم

كيـف " رشـا "هذا ذوق ال نستطيع عليه يا : حسن أتمنـى أن . تتركين ضـيوفك مـن أجلنـا . تعودى إليهم وسوف ندبر أمرنا

أنـت أغلـى مـن أى ضـيوف ال يمكن : رشالالطمئنـان " حسـن "البد أن أذهب معك يـا

. عليها حتى مسكنها

١٤٤

استقل الجميع السيارة التى انطلقت كالبرق فى شـوارع ختـين لندن وفى دقائق قليلة كانت تقف بهم أمام مسـكن األ

غادرتا السيارة متعانقتين متشابكتين االذرع فقد هدأت ثـورة ".رشا "ةبصحب" حسن"لها وعاد " رشا"نتيجة نصائح " سها"

كالكسـيح وبـدأت ءكانت السيارة هذه المرة تسير ببط : رشا الحديث قائلة

؟ ال أسـتطيع " حسـن "ماذا أفعل معك يـا : رشا طـوار أأنـت غريـب اال .. العثور عليـك

.أقترب أليك وأتودد لك وال أجدكفأنـا ؟ ال تجـدينى " رشا"كيف يا ). متعبا( : حسن

.معك باستمراربالش مراوغة أنت تفهـم مقصـدى مـن : رشا

وأنـت ال " حسـن "أنا أحبـك يـا ،الحديث وهـى " ليلـى "تشعر بى وأراك تعدو خلف

فقيرة، أما أنا فأسـتطيع أن أقـدم لـك ةفتا . ما تحلم وتتمنى

كصديقة وأخـت لهـا " رشا"وأنا أحبك يا : حسن . أياد على

١٤٥

أنا ال أقصد هـذا الحـب أنـا ) غاضبة: ( رشا فعـال لـيس حـب أخويـا أو حـب أحبك

. هصديق لصديقالسـيارة تسـير بـبطء )يغير الموضوع ( : حسن

هل أصابها عطل؟ قـل نعـم " حسـن "ال تغير الموضوع يـا : رشا

. وأنا أقولك شبيك لبيكأنـا كـل مـا " رشـا "أنا ال أريد أحالم يا : حسن

ال أريـد شـبيك ،أريده قلبى والسعادة لـه حى لـى بـالنزول سما" رشا"أسف يا . لبيك

فى هـذا المكـان يجـب المـرور علـى صديقى السودانى السـيد علـى لموضـوع

. هامكمـا تحـب ولكـن ". حسن"على كيفك يا : رشا

الـى . سيأتى يوم وتدرك مـا أقولـه لـك السيارة وأخـذ يسـير " حسن"غادر . اللقاء

فى الطريق حتى وصل الى البيـت الـذى . يسكنه

١٤٦

بـراهيم إوجد السيد علـى لى بهو البيت إوبعدما د لف السيد : قائال " حسن"ه بادر آ فعندما ر ،يتناول بعض األطعمة

.ال كالقمر كل فترةإالرجل الذى لم نعد نراه : على مساء الخير ياسيد كيف حالك؟ : حسن

بخير والحمد هللا طمئنى أنت عليك؟: السيد على لـى إتحمل بعض العصائر وقـدمتها " ماري" خرجت

لى صديقه وقص له ما حدث إيتحدث " حسن"ين جلس الصديقومحاوالتها للتقرب منه ومـا " رشا"اليوم وعن شعوره تجاه

.ال أن شيئا ما ينفر منهاإتعرضه عليه وبرغم كل ذلك باالستماع الى قلبه فما يقولـه " حسن" "السيد على "نصح

دون الفتيات العربيات التى ال يرتاح إليها ةصواب فهذه الفتا طوار تتدخل فى كل شئ وتريد أن ترسم ة األ بحد فهى غري أ

على كل فرد تغير السيارات والسكن كما تغير لون شـعرها . حذرهاا مريبة فةفتا. ومالبسها

ونصـحه باالهتمـام بنفسـه هصديق" السيد على "ودع ن فى هذه و فالعرب والمسلمون مستهدف ،والحذر أكثر من ذلك

. الباللى حسـن بمعسـول الكـالم إتودد " رشا"مرت األيام و

١٤٧

ال ةيقاع به ولكن مكائد الحي ولكنه يروغ منها فال تستطيع اإل . تنتهى

ذات يوم وأثناء العمل تعرض أحد زبائن المطعم بالقول ولكنها ردته شر رد فكالت لـه " يلىل"عتداء على الفاحش واإل

فلـم يحتمـل ،الضرب والصفع ولكنه هددها بالقبض عليها وليه فأوسعه ضربا ولكما إما حدث فوجد نفسه مندفعا " حسن"

الدماء تنساب على وجهه وهو يقول تحتى هشم رأسه فجعل : له

.بالسةسجن بسجن يا ابن األ: حسن ول ويسـقط نهض الرجل من فوق األرض يعدو ويهر

".حسن "ة أنطلق من قبضهوينهض ال يعتقد أنالتى " ليلى"على أحد المقاعد بالقرب من " حسن" جلس

جلست تبكى وتتمنى أن يتوب اهللا عليها من هذه العيشة ولكن أخذ يربت على كتفها ويواسيها ويهدئ مـن روعهـا " حسن"

: قائالال تخافى يا حبيبتى وأنـا بجـوارك أمـا : حسن

. موتى فاهللا يحميكبعد

١٤٨

فال اهللا وال فالك يـا حسـن مـوت أيـه : ليلى المشـكلة . بس يا أخى أفتكر حاجـة حلـوة

ن فى هذا الرجل الـذى ضـربته ربمـا األ . يحضر الشرطة

فــى .. ومــا المشــكلة شــرطة شــرطة: حسن .سبيلك كل شئ يهون ياحبيبتى

وبعد لحظات كانت سيارة الشرطة تتوقف ويخرج منها وثالثة من رجال الشرطة يتقدمون " حسن"يشير تجاه و،رجل إلىالسيارة " حسن"كما أشار الرجل وأصطحبوا " حسن"تجاه

" بلجريفيا "ةوأنطلقت بهم السيارة الى قسم شرط" سـها "خلف السيارة وعنـدما رأتهـا " ليلى"أسرعت

ولكن لـم تلتفـت . ليلى.. ليلى : أسرعت خلفها تصيح بها ةقد يواجه تهم " حسن"مر جد خطير وأن أن األ " سها"أدركت

الشروع فى القتل وال بد لصديقتها الحميمة أن تتدخل فهـى . لهاالكثير من المعارف والعالقات فى لندن

فى قسم الشرطة وأستأذنت علـى " رشا"بعد قليل كانت مدير القسم وبعد دقائق كانت خارجة من مكتبه وهو يشـيعها

: لدى الباب ويقول لها

١٤٩

سفين يـا مسـز راشـيل آ: نجليزية إلبا: الشرطة مدير

خطأ غير مقصـود ونحـن فـى الخدمـة وتحــت أمــرك دقــائق نغلــق المحضــر

.ويذهب معكه وسمعه داخل قسـم الشـرطة آلما ر " حسن"لم يندهش

فلقد تحققت لديه الظنون التى دارت بعقله فهذه الفتاة تعمـل لها مهـام قل أن لم يكن نجليزية على األ لحساب الشرطة اإل

؟أخرى ولكن ما هذا االسم الذى ناداها به مـدير الشـرطة وما العالقة بـين رشـا ة مسلم ة عربي ةراشيل ، أليست الفتا

. ورشيلوالصـمت يسـيطر " رشا"ستقل األصدقاء السيارة مع ا

.ةعلى المكان فال أحد ينبت بكلمقسـم " رشـا "هـا بليلى تفكر فى الطريق التى دخلـت

من بين أيديهم ، وتوديـع مـدير " حسن"الشرطة وتخليص وحسن يفكر فيما رآه وما سمعه وراح يجمـع . الشرطة لها

.الخيوط ويوصلها لبعضها البعض تفكر كيف تخرج من المأزق الذى وضعها فيـه " رشا"و

١٥٠

. مدير الشرطة وهو يودعها باسمها الحقيقىلقد تكشفت األمور وسفر النقـاب وال بـد للمصـارحة

خلص من تالمكشوف ، وال بد فى أسرع وقت لل واللعب على وصديقتها ومجموعة المسلمين داخل لنـدن بأقصـى " ليلى"

. سرعة

١٥١

١٣١٣ مبكـرة الـى " راشيل" وصلت ،فى صبيحة اليوم التالى

المطعم ودون أن تمر بحسن كعادتها وجلسـت علـى أحـد فوجدتها بهذه الهيئة " ليلى"المقاعد تنتظر وبعد دقائق وصلت

-:لقة فسألتها قائلةالق؟ لمـاذا لـم يحضـر "رشا"يا" حسن"أين : ليلى

معك؟ هل حدث له شئ؟ هل به مكروه؟ هذا الصـباح " حسن"بأنها لم تمر على " راشيل"تعللت

وكانت لدى بعض أقاربهـا فـى ةالنها لم تبت فى بيتها الليل " حسـن "لندن فحضرت إلى المطعـم دون أن تمـر علـى

ن على وشك الوصول وسوف أرسـل لـه نتها أنه األ أوطم على تليفونه المحمول للتعتذر له ولتنبهـه لالسـتيقاظ ةرسال

حتى ال يتأخر وحاولت أن تتصل به على المحمـول ولكـن . ة ثانيةالرد دائما الهاتف مغلق حاول مر

فهى ال تعـرف " حسن"أما ليلى فقد اعتراها القلق على ا ال يجيـب علـى ولماذا لم يحضـر؟ ولمـاذ ،ن أين هو اآل

التليفون؟ ولكنها أقنعت نفسها أن الغائب حجته معه، وأخذت تؤدى بعض أعمالها فهى أقدم موظفى المطعم ويعتمد عليهـا

١٥٢

خـرهم آ و اصاحبه فى كل شئ فهى أول العمـال حضـور . للتأكد من أن كل شئ على ما يراماانصراف

فهـى ،ةأن راشيل تبدو قلقة مضـطرب " ليلى"الحظت مينا وشماال وتنظر فى سـاعتها وشـعرت انقباضـا تتلفت ي

وطلبت من . بصدرها فأكدت أن هذا اليوم لن يمر على خير اهللا أن يمر هذا اليوم على خير وأن يستر على حبيبها وأختها

.الصغرى وعليها وعلى الناس أجمعينلى التاسعة صباحا فجأة شاهدت ع كانت الساعة تقارب

من فوق مقعدها وتنظـر فـى تهب مفزوعة " راشيل" "ليلى" .. ساعتها وتتحرك تجاه الشارع

نفجارات وأصـوات هائلـة تمـأل إسمع صوت دوى أختـى " سها"على صدرها صارخة " ليلى"الشوارع تضرب فاحتضـنتها " ليلـى "عائدة إلـى " راشيل"أين أنت؟ أسرعت

وضمتها إلى صدرها وهى تحاول أن تهدئ من روعهـا ال . نفجار بسيطإهذا ف" ليلى"تخشى شيئا يا

وكان بعض رواد المطعم قد أتخذوا أماكنهم لتناول طعام فطار فترك كل منهم مكانه وأسرع إلى الشارع لينظر مـا اإل

.نفجارسر هذا اإل

١٥٣

العويل وعم الهرج فى كل مكـان ثـم و الصراخ الع

عالم من صمتها بعد دقائق لتعلن أن يـد خرجت محطات اإل ماكن ومحطات المتـرو أى مجموعة باغية إرهابية وصلت ال

.توبيسات ، وراحت تعد الخسائر وتحصيهاواألمن والسياسة يـدينون هـذه وبعد دقائق ظهر رجال األ

.منينلتى تروع اآلارهابية األعمال اإلنفجـارات إنباء عن وقـوع سـبعة أعلنت وكاالت األ

سـات فـى توبياألمروعة تستهدف محطات مترو األنفاق و ةقتل ثالث م،ساعة الذروة فى لندن والشرطة البريطانية تعلق

ةة وخمسين ومنهم خمس ائوثالثين شخصا وإصابة أكثر من م ـ أو قطـارات ةربعين أصابتهم خطيرة وأعلنت وقـف خدم . سواقتوبيسات وإغالق األنفاق واألاأل

" اسكتلنديارد"كما أعلن متحدث بسم الشرطة البريطانية أديجوررود ، وكنجيز " فجارات وقعت فى محطات نإ ةأن ست

كروس ، وليفربول ستريت ، ورارس سكوير ، أولد جيـت نفجار داخل حافلة ركاب فى اكما وقع " ايست ، ومورجيت نباء وال تكـف لى هذه األ إتستمع " ليلى"راسل سكوير كانت

١٥٤

وكل منهما غيـر " حسن"وحبيبها " سها"تصال بأختها عن اإل . مة وال يجيب على تليفونموجود بالخد

وشعرت بأن قلبها تمزق فهى تسمع وكأن مطرقة تـدق فوق صدرها وخاصة بعدما سمعت عن الحافلة التى تفجرت

القريب من مسكنهما حيـث يقيمـون ،رسل سكوير ،بميدان القريب مـن الميـدان ، فأخـذت تـدعو اهللا " برناد"بشارع

. ه التفجيـرات ليه أن ينجى أختها وحبيبها من هذ إوتتضرع ولشد ما أفزعها أنها شاهدت قوات الشرطة تحيط بـالمطعم

" راشيل"ويتقدم قائدهم ويسأل ؟ "سها خـورى "وأختها " ليلى خورى " أين : قائد الشرطة

أن تفهم شيئا من الضـابط " راشيل"فحاولت ولكن رفض الحديث معها وهى تسير خلفـه

-: قائلةهوتحدثاك خطأ فـى الموضـوع هن: نجليزيةباإل: راشيل

ختهـا ال عالقـه أو" ليلى" الضابط ةياحضر .لهما بهذه التفجيرات

١٥٥

الضـابط ةماذا تريد ياحضـر : فى فزع : ليلى " ليلى"أنا ؟

جـراءات عاديـة إال تقلقى يا ليلى هـذه : راشيل فى مثل هذه المواقف فهم يتوقعـون دائمـا

فهـم سـوف ،أن وراء كل تفجيـر مسـلم لمتـين فـى قسـم الشـرطة يأخذون منك ك

" حسـن "وتعودين ، وسـوف أبحـث عـن ليــك واطمئنــى لــن إوأحضــر " ســها"و

. أترككمع السيد على السـودانى " ليلى"وفى داخل القسم تقابلت

. وعبد اهللا جونفبادرتهما بسؤال عن حبيبها أين هو؟ وسط كـل هـذه

وعلينا؟ هاألحداث والدنيا منقلبة عليبعيدا تماما عن هذه " حسن"ا بأن ولكن الصديقين أخبراه

تصـل انجلترا فقد الى خارج إحداث فلقد سافر مساء أمس األ ة عمل فى فرنسا لمـد ةبه صاحب العمل ليصطحبه فى رحل

يومين وهما األن مستقران فى فرنسا منذ سـاعات وربمـا ـ هأغلق الموبيل لشده التعب والرغبة فى النوم حتى ال يزعج

١٥٦

جتماع مع بعض العمالء فكان لزاما ا او ربما كانوا فى . أحد . عليه أن يغلق الموبيل

ن قلبها على حبيبهـا أالصعداء، األن اطم " ليلى"تنفست فقد تدخل القدر وكثيرا ما يتدخل لصالحه بأن ينقذه صـاحب

لى فرنسا وتذكرت أن جميع إالعمل وأصطحبه معه فى رحلة أنـت ن ذلك دعـاء والـدك لـك إمن حوله كانوا يحدثونه ف

. محظوظختها أباستمرار " ليلى" التى تطرق رأس ةوتبقى المشكل

ثـر أن ، ولـم يظهـر أى لم تظهر حتى اآل " سها"الصغرى التى وعدتها بعدم التأخير عليها ووعـدتها " راشيل"لصديقتها

. باللحاق بها فى أسرع وقت يدها فوق خدها ومن حولها السيد ةواضع" ليلى"جلست

ومـا " سها"على وعبد اهللا وهما يدوران ويفكران أين ذهبت مصيرهااألن؟

والسيد علـى بـأن هـذه " ليلى "وكان عبد اهللا يطمئن جراءات بسيطة ولكن السيد على أنكر ذلك بأن هذه المرة اإل

بسالم فالمرات السابقة كانت تفجيرات لها نظام أخر ولن تمر لينـا ويوجهـون إا يتحدثون نفكانوا يجمعون ،خارج بريطانيا

١٥٧

أما هذه المرة ففى قلب انجلترا فـى لنـدن ،بعض النصائح عـات ا األكبـر أن بعـض الجم فليس فيها سالم والمشـكأل

. سالمية قد أعلنت مسؤليتها عن هذه التفجيراتاإل ةى الداخل والخارج فكل مصـيب سالماه من أعدائه ف إوا

سالم حتى ساءت سمعتنا تحدث فى العالم ال بد وأن تمس اإل فى الدنيا كلها فإذا سقطت طائرة فى البحر لعطل فنى كـان أحد ركابها من المسلمين وإن تفجرت حافلة أكتشف أن أحـد

سالم برئ مـن كـل ذلـك هذا واإل ..ركابها من المسلمين سـالم وكـل تعريف محـدد لإل وأمريكا مازالت تبحث عن

المسلمون يعلمون أن ترويع األمن يعد إرهابا وهم يـدركون فقد قال تعالى ،دراك وال يقدمون عليه مهما حدث هذا تمام اإل

" ال يحـب المعتـدين اهللا نإوال تعتـدوا "فى كتابه الحكـيم سالم ويتسترون تحـت فمن أين لمن يدعون اإل )١٩٠البقرة(

. همماسمه بتعاليلـى إن أين استقوا هذه التعاليم حتى ينسبوا تعاليمهم وم

برئ منهم ونحن بريئون منهم و اإلسالم سالمية الجماعات اإل . ولكن هذا نصيبنا..

وهى تستأذن علـى " راشيل"بعد لحظات رأى االصدقاء

١٥٨

قائد الشرطة وبعد دقائق خرجت من مكتبـه وألقـت نظـرة . غـادرت المكـان و ةبطرف عينها على األصدقاء من النافذ

،وراء ما حدث " رشيل"غضبا وأدركت أن " ليلى"استشاطت نهم جميعا لن يفـارقوا هـذا المكـان أوأن أختها لن تعود و

وكيـف لـم .. ولسوف يقضون بقية حياتهم داخل السـجن تكشف سر اليهودية المزيفة التى أوحت إلـيهم أنهـا رشـا

ـ المسلمة التى كانت تعلمهم أمور دينهم وتركت أخ ةتها فريسلعلها توقعه والحمـد هللا " حسن"لها وكانت تلقى حبائلها حول

. الذى أنقذه من براثنها : دخل قائد الشرطة على األصدقاء وسألهم قائال

أيـن صـديقكم حســن؟ : )نجليزيـة باإل(: قائد الشرطة وأين ذهب؟

ة أمس فى فرنسـا بصـحب ةحسن منذ ليل : السيد على . صاحب العمل

إذا فعلهـا وهـرب ، ) وكأنه ظفر بنصر : ( لشرطة قائد اوسوف نلقى القبض عليه ولـو كـان فـى

فأنتم أعـداء البشـرية أنـتم . ةبروج مشيد لـى إسـالمكم يـدعوكم إنسانية ف أعداء اإل

١٥٩

رهاب وقد تأكـد لنـا ذلـك مـن القتل واإل خالل قرأتنا لبعض مـا فـى هـذه الكتـب

كانـت " سـها "والدليل على ذلك أن أختـك ركاب الحافلة التـى انفجـرت فـى إحدى

وبصـحبتها صـديق لهـا " رسل سـكوير "بـذلك فقـد حـدثتها " راشيل"ولقد أخبرتنا

أختك أمس أنها على موعـد مـع صـديق ولقـد . لها فى الصباح فـى هـذا الميـدان

نالت جزاءهاما قاله قائد الشرطة فسـقطت علـى " ليلى"لم تحتمل

.ةرض ال تنطق بكلماألولية لهـا سعافات األ وعبد اهللا عمل اإل حاول السيد على .ولكنهما فشال فى ذلك

أكمل قائد الشرطة حديثه لم يتوقف وكأن طـائر سـقط .أمامه

مهما تفعلين فالسـجن جـزاؤكم جميعـا : ةقائد الشرطوغـاد وسـوف نسـتطيع القضـاء أيها األ

١٦٠

عليكم ومالحقـتكم فـى كـل مكـان فـى . العالم

انلـم يتماسـك الصـديق ف. ثم ركلها بقدمه وبثق عليها ـ انفانقضا عليه انقضاض النسور على فريستها وطفقا يوجه

لى الحائط إلى وجهه ومعدته وأمسكا برأسه وألقياه إاللكمات فقد تجاوز كـل الحـدود . فسقط صريعا مضرجا فى دمائه

الحريـة ةسالم والمسلمين وهم مع ذلك دعـا وسخر من اإل . نسانيةواإل

ـ ا قد حانت فعليهم ايتهمأدرك الصديقان أن نها ا أن يعلمقائد الشرطة درسا لن ينساه ومـن حولـه طالمـا السـجن

رهاب بال شئ مصيرهم الموت ينتظرهم وما دامت تهمتنا اإل . رهابا بالشئإفليكن

دارت معركة شرسة بين الجنود داخل قسـم الشـرطة اال إنهما صـمما علـى ةوالصديقين وبرغم إنها غير متكافئ

داخل قسم شرطة فى ةولك أن تتخيل معرك . ايةالمضى للنه وأعدائهم المسلمين الذين أصبحوا فى ةلندن بين أنصار الحري

نظرهم تسببوا فى قتل المئات من أبنـاء ةقبضتهم ومن وجه . بيض فلهم الويل والثبور وعظيم األمورالجنس األ

١٦١

ال فى اليوم التالى على يد خفيفة رقيقة إلم يفق األصدقاء نسـانية أرسـلها اهللا فوها منذ زمن قليل يد الرحمة واإل قد أل

وهو فى فرنسا ما حدث فـأدرك " حسن"تعالى اليهم فقد سمع فطلـب مـن " راشـيل "أن أصدقاءه فى خطر وتذكر مكائد

لى لندن وبالفعل اسـتطاع أن إ العودة ةصاحب العمل سرع ليهم فى اليوم التالى فأسرع الى قسم الشرطة وقدم لهم إيصل

. فسه بأنه الرجل الذى يبحثون عنهنمازال على قيد الحياة " حسن"نفسها بأن " ليلى"لم تصدق

فبـرغم شـوقها ة يعمه الحب والتضحي لفغابا فى عناق طوي . لرؤيته فقد جزعت لعودته الى لندن وتسليم نفسه للشرطة

فكيف لها أن تقبل لقلبها أن يحيا أسيرا سجينا وهى تعلم . ا السجون ، وتمنع غناءها أقفاص الحديدأن الطيور تقتله

يستمع لما حدث من أصدقائه منذ تـركهم " حسن"جلس وحتى ألقت الشرطة القبض عليهم فى ذلك اليوم المشئوم وهم

" راشيل"نائمون فى مساكنهم وأن هذا الفعل ال بد وأن وراءه تمولها فهى البد تعمل لصالح أحـد أجهـزة ةومن خلفها جه

فقـد " سـها "نها تسببت فى مقتل إضافة الى بإل. المخابراترتبت لها موعدا مع أحد الشباب فى المكان الذى حدث فيـه

١٦٢

االنفجار وبذلك تكون الخيط الذى يوقع بنا جميعا كما إنها لم دت اعتاتمر عليك فى صباح ذلك اليوم السابع من يوليو كما

. على وجودك معهاةحتى ال تكون شاهددقاء على إنها هى سبب ما هم فيـه صواستقر رأى األ

وعليهم أن يتحدوا فى مواجهه الخطر المحيط بهم ويتخلصوا .من هذا القيد

.يمد يده الى حبيبته مداعبا وجنتها" حسن"كان أتذكرين يوم أخبرتنـى بتمنـى العـودة : حسن

للوطن والحيـاة وسـط الخضـرة وأهـل مصر الطيبين وإنشاء متجر صـغير يـدر

. قليال يكفى حياتناعلينا ربحا ـ األ ةلى وكال إستمع األصدقاء اأثناء ذلك ةنبـاء اللندني

وأحد المسئولين الكبار يذيع بيانا هاما بطرد المسـلمين فـى . نجلتراا

: وهو يقول ةواقفا فجأ" حسن"هب لقد طرأت على عقلـى فكـرة ال بـد أن : حسن

نخرج من هذا المكـان فـورأ وأن نتفـرق

١٦٣

يصـعب مالحقـتهم لنـا فى الشوارع حتى . ونلتقى فى مطار باريس

ذان آصدقاء متقـاربين يسـتمعون وجمـيعهم ألجلس ا " السـيد علـى " بأن يقوم ةوهو يشرح الخط " لحسن"صاغية

بدور المريض بمغص كلوى ويرفع صوته بالصراخ ويلقـى " عبـد اهللا "نفسه على األرض ويلتوى من شدة األلم ويخرج ب

ـ ةالحراسالى الجندى المنوط له ب السـيد "ة ويستيدعيه لروئي ". على

ويرتدى هعند ذلك بجذب الجندى الى الداخل وتشد وثاق عبد اهللا زى الجندى عند ذلك يمكننا الخروج متسترين خلف

.عبد اهللااستعد األصدقاء لتنفيذ الخطة وكل منهم عزيمـة قويـة على التخلص من هذا القيد والخروج من المكيدة التى نصبتها

. وأوقعتهم فيها" راشيل"م لهيتلـوى فـى األرض " السـيد علـى "وبعد دقائق كان

بطنى .. بطنى بطنى تنفجر . كاألفاعى ويصرخ ما سكا بطنه ..تنفجر

وخرج عبد اهللا يصرخ فى الحارس الذى أسـرع اليـه

١٦٤

. لينظر الى المريض ويتفحصهوفى لحظات كان األصدقاء يغادرون قسم الشرطة وكل

. لى أحد الشوارع الجانبيهمنهم متجه اصدقاء يجلسـون فـى مقاعـد أل يوم تقريبا كان ا عدوب

ت على كتف صاحبه ويهنئه بنجـاح بمتجاورة وكل منها ير الخطة والخروج بسالم من المأزق الذى أعدته لهم راشـيل

التى خلفوها رمـادا تـذروه ريـاح " سها"وأتباعها يتذكرون .لندن

: ائال ق" ليلى"يهمس فى أذن " حسن"ولـى وأنـت تعلمـين إكانت تسعى راشيل : حسن

ةذلك ولمحت فى حبك حبا وخوفـا وشـفق لقـد كانـت تريـد تطبيـع .. على منهـا

ولكن كيـف ذلـك ؟ وأنـا .. عالقتى معها ـ مرأه مـن لحمـى اأريد تطبيع عالقتـى ب

.. ودمى .. النيل شريان الحياه .. الطائرة تحلق فى سماء القاهرة

فى مصر والمصـريين ةف السنين باعثا الحيا يتدفق منذ أال ـ ةنوار المتأللئ األ هوعلى ضفاف ة كـالنجوم وأضـواء خافت

١٦٥

ـ كأعنـاق ةكالكواكب البعيدة تنبعث مـن العمـارات العالي فتعيـد فنولى األإ تنبعث بةرض الطي األ ةالمصريين ، رائح

ذن الشاهقة التى تشهد علـى بقـاء آوالم .. ةالحياه مرة ثاني . لمينمصر والمس

: والصديق اإلنجليزي يداعب أصدقاءه قائال ألم أقل لكم من يشرب من مـاء النيـل ال : عبد اهللا

.بد أن يعد إليهحلقت الطائرة فى المطار دورتين ونظر حسن من نافذة

ة رحل ةالطائرة فإذا به وهو المتشوق الى أهله بعد هذه الرحل هم قبل أن يستقل المخاطر يبصر والده وبعض أقاربه فقد أعلم

الطائرة من فرنسا أنه عائد فهرعوا الستقباله كى يحنوا عليه وأثنـاء . بعدما نبذته األرض الغربية وكادت أن تقضى عليه

هتز لـه قلبـه اهو يدور بصره بين أقاربه لمح بينهم إنسانا : وكاد أن يصرخ قائال

لـى إمتشـوق .. لى صدرك إعائد .. ليك إها أنا عائد التى افتقدتها شهورا بل دهورا بعيدا عنك .. الغالية أحضانك

نسان نفسه فأنت نفسـى فهل ينسى اإل . ولم أنساك لحظة .. أضاعتنى األيام منك وأضاعتك .. وروحى ودمى من أجلك

١٦٦

اجتماع ال فراق بعـده ةمنى وها هو القدر يجمعنا مرة ثاني .. قيـا وقد يجمع اهللا الشتيتين بعدما يظنان كل الظـن اال تال

ودتى كما أننـى ع لحظة من ىعدت إليك وأعتقد أنك لم تيأس على ة أنك منتصر بدلم أشك لحظة أنك فى أنتظارى دائما وال

لم ينتبـه . عثرتك وقائمة من كبوتك أنا قادم إليك حبيبتى ال على تهليل األصدقاء بفرحة وصـولهم القـاهرة إ" حسن"

ا الـى التـراب فراحوا يتعانقون ويصفقون عدنا الى أرضن ..المقدس والسماء الطاهرة أرض الحرية أنها أرضى أنا

امتزج تهليل األصدقاء بصوت قائد الطائرة وهو ينبـه فالطائرة تهبط فـى مطـار ةالركاب بضرورة ربط األحزم

. القاهرة تمتتمت

م م ٢٠٠٥٢٠٠٥//٧٧//١٧١٧القاهرة القاهرة