102

حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

Embed Size (px)

DESCRIPTION

إنَّ غاية الصلاة هي أ ْ ن نت  حد بالآب السماوي، وأ ْ ن نكون واحدًا معه،كما يقول ربنا يسوع المسيح: "ليكونوا واحدًا فينا".وغايُة الصلاة، يعملها( ١) ال  روح القدس؛ لأننا لا يمكن أ ْ ن نكون مثل اللهبقدراتنا، بل بقوة وعطية ال  روح القدس الذي يسكن فينا؛ لكي يح  ولنا إلى صورةالله. ولكي ننال عطية الحياة الجديدة التي ص  ورها ربنا يسوع المسيح في تج  سده وصلبهوقيامته

Citation preview

Page 1: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس
Page 2: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

w w w . c o p t o l o g y . o r g

القديس صفرونيوسمن رسائل

Page 3: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٢

جدول احملتويات ٦ .................................................................... :مقدمة

٦ ...................................................... :سالةأسباب كتابة الر

-١- ٧ ................................................................ جوهر الصالة

-٢- ١٠ .......................................................... اإلميان يبدأ بالتوبة

-٣- ١٣ ............................................................... جوهر اإلميان

-٤- ١٥ ............................................... أنواع الصالة، وجوهر اإلميان

١٦ ..................................................... الصليب بداية الصالة

١٨ ................................................. صعوبات يف صالة املزامري

١٩ ........................................ وسل الكاذبالتوسل احلقيقي، والت

٢٤ ........................................................... الطلبة احلقيقية

٢٥ ......................................... الشكر احلقيقي، والشكر الكاذب

-٥- ٢٧ ................................................................ ضبط الفكر

٢٨ .................................... كيف كان الرب يضبط فكره كإنسان؟

Page 4: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٣

-٦- ٣١ ................................................. طهارة اجلسد، ونقاء املخيلة

٣٢ ........................................... جتلي اجلسد بنعمة الروح القدس

٣٤ ........................................................ املعمودية والصالة

٣٦ .......................................... صالة املمسوحني بالروح القدس

-٧- ٣٨ ............................................................... طهارة النيـة

-٨- ٣٩ ................................................... حمبة القريب، وحمبة النفس

٤٠ ..................................................... الصالة، وحمبة الذات

-٩- ٤٢ ........................... ي صليب يسوع املسيح بالروح القدس؟كيف نصل

-١٠- ٤٤ ....................................................... الصالة، وسر الشكر

٤٤ ............................................... اإلفخارستيا مدرسة الصالة

٤٥ ......................................................... التمجيد والشكر

٤٥ ...................................................... الروح يتحرك حنونا

٤٦ ..................................................... شفاعة الروح القدس

٤٨ ........................................... الكلمة اإلهلية، أي كلمة التعليم

٤٩ ............................................................. قبلة املصاحلة

Page 5: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٤

٥٠ ......................................... الكنيسة مع اخلليقةتسبحة وشكر

٥١ ............................................. حسب اجلسد وحسب الروح

٥٢ ...................................................... والدة حسب الروح

٥٣ ....................................................... حياة حسب الروح

٥٤ ...................................................... صالة حسب الروح

-١١- ٥٩ ...................................................... املذبح املقدس السمائي

٦٠ ...................................................... املذبح دعوة للصالة

٦٢ ...................................... املذبح شهادة حترر اخلليقة من الفساد

-١٢- ٦٤ ............ حتول اخلبز واخلمر باستدعاء الروح القدس يف الليتورجية السمائية

-١٣- ٦٥ ........................ملاذا أعطانا الرب جسده ودمه يف شكل اخلبز واخلمر؟

-١٤- ٦٧ ...................................... جتلي املسيح املحيي يف سر اإلفخارستيا

-١٥- ــ كمــذي ي ــو ال ــيح ه ــد املس ــي،جس ــداين والروح ــا اجلس ل وجودن

٧٠ ................................ وجيعلنا واحدا معه، ومع اآلب بالروح القدس

-٧٨ .................................................................... -١٦

٧٨ ............................................. الصالة، ومواهب الروح القدس

Page 6: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٥

٨٢ ................................................ والدة اإلله الكرمة احلقيقية

٨٣ .............................. عطايا الروح القدس اليت جيب أن نطلبها دائما

٨٤ ..................................... والدة اإلله واهليكل يف الكنيسة اجلامعة

٨٧ .................................... اإلنسان اجلديد يف املسيح هو هيكل اهللا

-٩٠ .................................................................... -١٧

٩٠ ........................... الذبائح الروحية اليت نقـدمهـــا كل يــوم

-٩٢ .................................................................... -١٨

٩٢ ............................................ الذبائح، وذبيحة سر اإلفخارستيا

-٩٧ .................................................................... -١٩

٩٧ .................................... اإلفخارستيا تكمل احملبة اإلنسانية الناقصة

-١٠٠ .................................................................. -٢٠

١٠٠ .................................. تناول اجلسد، وشركته يف األسرار اإلهلية

١٠١ ................................................................ :اخلامتة

Page 7: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٦

حياة الصالة األرثوذكسية

للمبتدئني

:مقدمة

صفرونيوس عبد يسوع املسيح، وخادم أسرار العهد اجلديد يسأل بركة الوحيد لتكون ابنهصلواتكم، ساجدا إلله املراحم اآلب السماوي الذي أعطانا حياة

س؛ لكي يرفعنا بقوة الروح من علينا من حمبته يف الروح القدصالة وخدمة لنا، وأفاض السمائية معطيا لنا رتبة احلياة اجلديدة، اليت جذرها يف احلياة األرضية الترابية إىل احلياة

.يسوع املسيح، أساس وصخرة كل ما هو أبدي

:)١(سالةأسباب كتابة الر

أكتب إليكم يف إجياز كاف عن أساس كل ما هو صاحل، أي اإلميان والصالة، .لكم، مكانا يف قلوبكمسائال من حمبتكم، بل متوسال أن تنال كلمات التعليم اليت أكتبها

ملئوية األوىل عن القيامة، تعد هذه الرسالة من أطول رسائل األب صفرونيوس، ويبدو أنه كتبها قبل كتابة ا) ١(

.والدراسة باالهتماموننوه إىل أن تعليم األب صفرونيوس عن اإلفخارستيا جدير . والثانية عن اإلفخارستيا

Page 8: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٧

-١- جوهر الصالة

الصالةالذي علم - الصالة حسب تعليم ربنا يسوع املسيح نفسه - ١ه دائم باآلب السماوي، الذي أعلنه ية، وتشبهي حتول دائم للطبيعة اإلنسان - هاومارسإن أباكم الذي فكونوا أنتم كاملني كما " :الوحيد ربنا يسوع املسيح، الذي قال ابنه

.)٤٨: ٥مت ( "يف السموات هو كامل

، معه إن غاية الصالة هي أن نتحد باآلب السماوي، وأن نكون واحدا - ٢ ."ليكونوا واحدا فينا" :كما يقول ربنا يسوع املسيح

س؛ ألننا ال ميكن أن نكون مثل اهللا الروح القد )١(يعملها ،الصالة ايةوغلكي حيولنا إىل صورة ؛الذي يسكن فيناالروح القدس قوة وعطيةبقدراتنا، بل ب

ولكي ننال عطية احلياة اجلديدة اليت صورها ربنا يسوع املسيح يف جتسده وصلبه .اهللامن جديد بتجسده من القديسة مرمي والدة اإلله وقيامته، فقد أعاد ربنا خلق اإلنسانية

س، رب إىل عطية احلياة بالروح القد لعدم الذي خلقت منهعندما نقل اإلنسانية من ا .احلياة وواهب كل العطايا

ومن يصلي ينتقل من الطبيعة اآلدمية القدمية الساقطة اليت خلقت من ال شيء، إىل الطبيعة اإلنسانية اجلديدة اليت كوا ربنا يسوع املسيح عندما جتسد من

ك آدم الثاين، رأس اخلليقة اجلديدة اليت نقلت من العدم إىل احلياة وصار بذل العذراء،فنقل بذلك حتاد الهوته بالناسوت اآلدمي الذي أخذه من العذراء، اعدمية املوت، ب

أنا " :أصلنا من هاوية العدم إىل األساس الراسخ والثابت، أي إىل أقنومه الذي قال

.الروح القدس أي يتممها) ١(

Page 9: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٨

."هو احلياة

هكذا نتكون حنن يف املسيح س، اجلديد بالروح القدكون آدم وكما ت - ٣نفسه الذي ينقلنا من العدم الذي هو أصل آدم األول الروح القدس بقوة وعمل

؛ لكي نصري فيه أطهارا باإلميان وبالتحول إىل املسيح الذي هو أصل اخلليقة اجلديدةيح ويعطي لنا احلياة اإلنسانية الذي يأخذ من املسالروح القدس إىل صورته، وبعمل

با الريسوع املسيح املقدسة اجلديدة اليت كو.

٤ - وح القدس هي أن ننتقل بقوة إن غاية الصالةل إىل الرمن آدم األوالفاسدة "؛ ألننا بكلمات الصالة، ومبعرفة اإلميان، ننتقل من احلياة القدمية آدم األخري

توبوا "اخلطية إىل احلياة اجلديدة اليت أعلنها الرب يف بداية اإلجنيل ، و"بشهوات الغرور .)١٥: ١مرقس (" وآمنوا باإلجنيل

أما جوهر اإلميان فهو الصالة، . أما غاية اإلميان، فهي التشبه باملسيح - ٥ ؛"تالسماواأبانا الذي يف " :ولذلك علمنا ربنا يسوع املسيح أن نبدأ الصالة بقولنا

، وهو ما ننطق به؛ ألن ألننا بنعمة البنوة ننتقل من رتبة آدم األول إىل رتبة آدم الثاينبالنعمة أنتم خملصون، وهذا "، ويقول أيضا "الكلمة قريبة من لسانك"الرسول يقول

.)٨: ٢أف (" باإلميان، وهو ليس منكم، بل هو عطية اهللا

حسب الطبيعة الساقطة إىل الوجود من الوجود -باإلميان -وحنن ننتقل –حسب احلياة اجلديدة بنعمة ربنا يسوع املسيح، وننتقل إىل هذه احلياة اجلديدة

: ١يوحنا ١( يسوع املسيح ربنا ابنهباإلميان، وبه ندخل شركتنا مع اآلب يف - عقليا

٣(.

ة نعيش احلياة القدمي -حسب اجلسد -وإذا قلنا عقليا، فهذا ألننا نظل الذي أخضعت له الطبيعة القدمية يف آدم " للبطل"اخلاضعة ألهواء الطبيعة القدمية، و

Page 10: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٩

وتدخل هذه . )وما بعده ١٨: ٨رو (األول، حسب كلمات رسول ربنا يسوع املسيح يف األمانة استلمناهالقلب بكلمات اإلميان وبالتعليم الرسويل الذي )١(الرؤية

).انقانون اإلمي(األرثوذكسية

راجع كتاب حياة الصالة .حياة التأمل إليهاالثاؤريا أو الثيؤريا حسب النص القبطي وهي رؤية داخلية تقود ) ١( .رثوذكسية لألب مىت املسكنياأل

Page 11: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

١٠

-٢- اإلميان يبدأ بالتوبة

وهو رفض تزرعه كلمة التعليم، أي أن .يبدأ اإلميان برفض الشر واخلطية - ١ .اإلميان يبدأ بالتوبة عن األعمال اليت تقود إىل املوت، واألفكار اليت هي بذرة اخلطية

لقه، ومع اخلليقة أن ينكر شركته مع اهللا خا لقد علم الشر اإلنسان األول ٢عندما مسع صوت غواية بدون شركة، اإللوهةفقد طلب جمد . اليت خلق لكي يرعاها

"يوم تأكالن منه تنفتح أعينكما، وتكونان كاهللا عارفني اخلري والشر" :احلية الذي قالري وهكذا علم الشر اإلنسان األول أن يكون هو ناموس وشريعة اخل .)٥: ٣تكوين (

، والشر، وأن حيتقر حدود الطبيعة املخلوقة اليت خلقها اهللا، وكوا حسب مسرتهفصار بذلك حيتقر مسرة اهللا وعطفه وحمبته، وحتول من رتبة الطاعة، وشركة القوات السمائية إىل رتبة الشيطان، وشركة األرواح الشريرة اليت قادها الشيطان عندما خاطب

.)١٤: ١٤أش ( " يفوق كواكب اهللا، أصري مثل العل أرفع كرسي" :ذاته قائال

ر لدى اخلري والش ال، مث بسقوط آدم، صارت شريعةوبسقوط الشيطان أوحيددها كل منهما حسب أهواء وفكر قلبه، ذاتية الشيطان واإلنسان، شريعة

ر حسب رغبات منهما اخلري والش فريفض كالمها ناموس خالقه، وحيدد كال .وشهوات اإلرادة والفكر، وليس حسب إرادة اخلالق

يبدأ اإلميان بالتوبة عن شريعة اخلري والشر اليت حددها وهكذا، - ٣فاهللا يعرف اخلري وال . الشيطان وآدم، أي الشريعة الذاتية اليت ال دخل هللا فيها

ر، بل خر؛ ألنه مل خيلق الشليعرف الشق وال اخلريا فساد اخلليقة، فهو صالحوحده، أموصار الشر الذي خلقه اإلنسان لنفسه هو . الشر الذي خلقه اإلنسان بغواية احلية

اخلليقة العلوية الساقطة أوال بغواية الشيطان، مث اخلليقة األرضية بسقوط احندار ستوى العاملحدث هذا على م. اإلنسان، حنو حكم ذاا بذاا واستقالهلا عن اهللا

Page 12: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

١١

وحي، مث بعد ذلك على مستوى اخلليقة األرضية، وامتزج عصيان القوات الساقطة الرمع آدم األول، وصار مزيج مبادئ اخلري وشريعة الصالح، مببادئ الشر وشريعة الشر،

.هو ما نراه يف احلياة

ال، كيف ندرك الفرقلكي يعلمنا أو ا يسوع املسيحلقد جاء ربن - ٤فأسس بذلك شريعة الصالح على أساس احملبة والطاعة اجلوهري بني اخلري والشر،

للوصايا، وغرس الصليب كجذر للتعليم الصحيح عن اخلري والشر؛ ألنه جعل عن التواين واالبتعاد، مقياس احملبة احلقيقية هو البذل، ومقياس الطاعة هو قبول األمل

االستيالء؛ ألن االستيالءد من خالل البذل، ال من خالل والكسل، والسعي إىل ا وهكذا . على جمد اهللا كان بذرة اخلطية اليت زرعت يف فكر اإلنسان األول بغواية احلية

الصليب، يتعلم كيف مييز بني اخلري والشر على أساس احملبة والبذل، ال كل من يقبل .االستيالءعلى أساس

، وهو ستقالل عن اهللاباحلياة هو االحتفاظندرك أن ومن الصليب - ٥، أي اخلوف من املوت؛ ألننا "اخلوف القدمي"الذي يقوي فينا ذلك االستقاللذلك

. عن اهللا نزرع يف ذواتنا بذرة املوت؛ ألننا نفقد رؤية مصدر احلياة، أي اهللا باالستقاللديد املوت، وهو ما يزرع بذرة اخلوف من عند ذلك، نرى حياتنا احملدودة اخلاضعة لته

.املوت، ومن مث تتحول احلياة إىل صراع من أجل البقاء

لقد جاء الرب يسوع املسيح يف اجلسد، وأخذ قضية املوت، وضمها إىل - ٦الصليب، أي أنه بدأ من اية احلياة، بعد ما بدأ من بداية احلياة متجسدا من القديسة

جتسد كبداية؛ لكي يصل إىل حدود احلياة اليت حددا اخلطية حسب . إللهمرمي والدة افقد حددت اخلطية ، "هي املوت"، اليت دفعتها اخلطية "أجرة اخلطية"قول الرسول

، )٢٣: ٦رو (" هبة اهللا، فهي حياة أبدية باملسيح يسوع ربنا"، أما قيمة احلياة باملوت .يسوع، أي موت الصليب إىل بداية حياة جديدةوعندها حتول املوت يف املسيح

إىل حياة عدم - باملوت مصلوبا - وهكذا أخذ الرب قضية املوت، وحوهلا

Page 13: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

١٢

، وكيف؟ بأن داس على املوت بقبول املوت، وأخذه يف "باملوت داس املوت"املوت؛ ألنه .ويقضي عليه جسده ونفسه لكي يبيده، مثل احملارب القوي الذي ميسك خبصمه ويصرعه

. وباملوت جعل الرب اية احلياة اآلدمية هي بداية احلياة حسب النعمة - ٧فقد مات الرب على الصليب لكي يرفع راية احلياة، أي الصليب مثل علم يرفرف على

وعندما قبل الرب املوت على الصليب ألجلنا، جعل قبول املوت هو . كل الدهوريدة، أي تلك احلياة اليت باإلميان تقبل أن منوت معه وحنن أحياء؛ بداية احلياة اجلد

لكي نغرس الصليب يف إرادتنا، أي نصلب اإلرادة، وذلك بقبول املوت إراديا، ونغرس الصليب يف فكرنا، أي نصلب العقل عندما جنعل البذل شريعة احلياة

طاعة لد طاعة املسيح، الهنا فقط تو. مه من احملبةالفكرية، ذلك البذل الذي نتعل .طاعة العبيد املسلويب اإلرادة احملبة املصلوبة، ال العامل، أي طاعة

٨ - ر فكريا باإلميان بقوة احملبةوبالصليب نتطهر العقل من طغيان ، ويتطهآخر؛ ألن هذه احملبة املفرطة يف احلرص على يءالذات، وحمبة الذات أكثر من أي ش

ينمو فينا حىت يطغى " احلس اخلفي"، وذلك "اخلوف القدمي"عل الذات هي اليت جت .حب الذات على حمبتنا خلالقنا اآلب السماوي، آب ربنا يسوع املسيح

٩ - ر، ، شريعةوهكذا يغرس الصليبن الشوذلك عندما إفراز اخلري معلنا يفرز لنا معرفة ذلك اخلوف القدمي الذي زرعته فينا الشهوات واخلطية، والذي جي

وخداع؛ ألننا نفشل يف إدراك نتوه م أننا منلك ينبوع حياة يف داخلنا، وهو وهم .وهي إن اهللا وحده هو ينبوع احلياة احلقيقة اخلفية اليت تعمي عيوننا عن رؤيتها،

Page 14: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

١٣

-٣- ر اإلميانجوه

واإليقانأما جوهر اإلميان، فهو الثقة مبا نرجوه، " :يقول الرسول بولس - ١إن هذا يعين أننا نظل نرى احلياة يف شكلها اآلدمي . )١: ١١راجع عب (" ر ال ترىبأمو

أي تلك : األول الغريب عن اهللا، إىل أن نؤمن باملسيح، فنرى احلياة اليت جاد ا املسيحاحلياة اليت جاد ا، وهلا جذر يف احلياة احلاضرة املرئية، أي حياتنا حنن اليت نراها،

نراها يف املسيح بواسطة كلمات التعليم، واليت غرسها الرب بتجسده، أي وتلك اليت اإليقان بأمور "حياة عدم املوت، أي القيامة وحياة الدهر اآليت، اليت قال عنها الرسول

. ؛ ألن ربنا صعد إىل السموات، ومل نعد نراه بعيون اجلسد، بل بعني اإلميان"ال ترىما أعلنه لنا ربنا يسوع املسيح له اد عن احلياة احلاضرة، ومن كلمة التعليم نعرف

.س، وشركتنا مع اآلبالروح القد انسكابواحلياة اآلتية، وعن

: وتطرد كلمة التعليم جهل اإلنسان الذي منه تدخل شرور كثرية مثل - ٢ .لى اهللا نفسهالتكاسل عن احملبة، وتفضيل أنفسنا عوالتهاون يف األمور الدائمة األبدية،

غرس الشر يف عقل اإلنسان تفضيل ما هو مرئي على ما هو غري مرئي، - ٣يف اختاللفحدث بذلك . وقبول ما هو منظور بسهولة أكرب من قبول ما هو غري منظور

حكمة وإدراك اإلنسان، وصارت العظمة الكاذبة نابعة من أوهام العقل، الذي يضع عن نفسه، وعن اهللا، وعن اخلليقة، مما جعله ينسى أنه صورة اهللا مقاييس ومعايري كاذبة

.ومثاله

٤ - ،بد؛ لكي خيلع فكر العظمة الكاذبة من قلب اإلنسان، ابنجاء الراهللا، الكلمة، وجتسعل هذه أراد أن جيبالطبيعة، االبنوملا قبل صورة العبد وهو )٧: ٢فيليب (وذلك بإخالء ذاته وقبول صورة العبد

وهر، حييا يف اآلب بالطبيعة وحسب اجل ابنلدى اإلنسان نفسه، إذ جعله يرى كيف وهو الصورة مقبولةعلنا لنا بذلك طريق احلياة اجلديدةصورة العبد، م.

Page 15: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

١٤

، االبن، وقبل إرادة اآلب مبحبة كابنمات وملا مات على الصليب، - ٥الطبيعة اإلنسانية من حتول بداية تجعل املوفحرر املوتى من العبودية للخوف، و

لكل الذين يسألون الروح القدس عبودية املوت إىل حرية الذبح بالصليب، وأعطى قوة ح بالروح وبالقوة السمائية معلنابذلك طريق احلياة اليت متسأن يصلبوا معه، وأعلن

.جد األبديقوة الروح بالصليب كطريق واحد حقيقي للم التصاقبذلك

؛ ألن "ال"، و "نعم"هذا هو إميان ربنا يسوع املسيح الذي ال يوجد فيه - ٦، "نعم"أي الفكر الذي يتزعزع بني قبول الصليب، وهو الـ )١(التردد وثنائية الفكر

احملبة هي " نعم"وصارت . ، ال وجود له يف الصليب"ال"ورفض الصليب الذي هو الـ .الشر" ال"

.الفكر انقسامأو ) ١(

Page 16: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

١٥

-٤- وجوهر اإلميان أنواع ،الصالة

، تبدأ الصالة عندنا حنن املتبدئني، بالتوبة. الصالة أنواع ودرجات - ١حنو معرفة ما ال يعرف وإدراك ما ال الروح القدس وترتفع بالشكر وحتلق يف آفاق

.سوالروح القد واالبنيدرك، وهو الثالوث القدوس اآلب

وبالصالة . ألننا نصلي سائلني من اهللا ما ال منلك ؛وبالتوبة نتعلم التوسل - ٢ومن يصلي يدرك من الطلبة أنه ال ميلك؛ . ندرك فقر طبعنا اإلنساين وحاجتنا إىل النعمة

هو بذرة اخلطية األوىل اليت شربت من العظمة الكاذبة، وكربت بغواية احلية االستيالءألن .القدمية

لكي ندرك من التوسل صالح اهللا، التوسل والطلبة؛ جاء الرب، وعلمنا - ٣ .، وبالثبات يف الطلبة، ندرك غاية حياتناوجود طبعه

اللجاجة يف الصالة ليست موجهة إىل اهللا، بل إىل القلب اإلنساين - ٤نفسه؛ ألننا باإلحلاح واللجاجة نتعلم كيف نغوص يف أسرار القلب، وندرك خفيات

.أكثر املرات اليت نطلب فيها ما ال يليق، وما ال جيوز وما. النية والدوافع

.اللجاجة هي ثبات القلب ورغبته اليت تزداد وضوحا مبرور الزمن

حقيقة - من شركتنا مع املسيح ويف املسيح -لنثبت يف الصالة حىت نتعلم ، الذي خيفى علينا )أي الروح اإلنساين(نوايا القلب، وخفيات الروح الذي فينا

والروح الذي فينا هو ما تكون فينا من أفكار وعادات، . جوهره وأسراره ومقاصدهوممارسات، ومشاعر، جتمعت كلها يف القلب، وصارت مثل القوة احملركة لكل ما

.فينا، ولكل ما نفعل يف احلياة

واألفكار واملشاعر اليت واالعتقاداتبالصالة نغوص يف أعماق العادات

Page 17: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

١٦

تنا، وجعلتنا نعيش حسب كل هذه األمور، اليت بعضها باطل وردئ، جتمعت يف حيا .ويصبح العائق الذي يؤخر توبتنا ل احلياةوبعضها ليس شرا، ومع ذلك قد يعط

الصليب بداية الصالة

صالة التائبني تبدأ بالصليب، وتنتهي بالقيامة، أي قيامتنا حنن يف اليوم - ٥ .األخري

، ليس فقط برشم الصليب، وإمنا بطلب دأ بالصليبالصالة اليت تب - ٦أقول هذا بيقني؛ ألن من . ال ميكن أن تتحول إىل طريق الشربالصليب، االلتصاق

يطلب أن يكون مع يسوع املصلوب ال ميكنه أن يصلي ضد أعداءه، أو يطلب الشر .رةللذين يكرهونه، أو يصلي من أجل جناح يف تنفيذ أمور شري

يءلنقف عند الصليب لكي نتعلم من يسوع املصلوب كيف نسلم كل ش الفكر واإلرادة واملشاعر والنفس واجلسد، وكل األمور اخلاصة باحلياة: لآلب

فالصليب . نقترب من معرفة األمور اآلتية -مبحبة -احلاضرة؛ ألننا عندما نفعل ذلك قتها املغفرة، وجعلت احملبة اإلهلية جوهرها هو نافذة احلياة اآلتية، أي تلك اليت خل

.هو احملبة والعطاء

أي قطيع (ال ختف أيها القطيع الصغري، " :أنظروا ماذا يقول الرب نفسه. )٣٢: ١٢لو (" أن يعطيكم امللكوت الرب قد سر؛ ألن )احلمالن، ال ختف من الصليب

وهذا هو طريق .)٣٣: ١٢راجع لو ( بيعوا ما متلكون وأعطوه صدقة: ولذلك قال بعدهااملصلوب الذي جترد من كل األشياء، حىت مالبسه أخذت منه بإرادته، لكي يصلب

.عاريا

أما هو فقد رأى جمده يف التحرر من القنية، أما جنود الرومان ورؤساء اليهود، ليهود عارا، هو ما ما حيسبه الرومان وا. هذا التعارض ةيا لغراب. هذا عارا اعتربوافقد

.حيسبه الرب نفسه جمدا وخالصا وحمبة لآلب

Page 18: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

١٧

.هكذا قلب الصليب موازين ومقاييس كل األشياء

لنحيا حسب الصليب، ونلبس الصليب يف القلب، ويف النية الداخلية؛ والشعور االعتقادواستقر يف أرواحنا، وصار هو لكي إذا ما غاص الصليب

.أرواحنا إىل شبه يسوع املصلوب واإلرادة، حتولت

عن الشر؛ ألن االمتناعوالتوبة ليست يف .التائبني الصليب هو صالة - ٧ .هذه هي توبة األمم، وإمنا توبة املسيحيني هي يف قبول الصليب

من املسيح، بل واحدة إذ تركنا الشرور كلها بدون الصليب ال نقترب خطوةوجتعل سطوة الكربياء أعظم؛ ألننا ،م وصلوات تزيد العجرفةب عنه يف نسك وصوغرتن

الذي " برنا الذايت"خطايانا، بل - ) من األمم(أثناء هذه املمارسات األممية - ال نرىجيعلنا ال نرى خفايا القلب، بل حتت ستار التقوى الكاذبة من صوم وصالة، نصبح أمواتا

".ب واخلطاياأموات بالذنو"دون أن ندري أننا

هذا صعب علينا مجيعا، ولكننا . بالصفح عن األعداء واملسيئني تبدأ التوبة - ٨كما نرى يف الصالة الربانية، تتوسط هذه الطلبة باقي الطلبات، بل جعلها الرب مقياس احلياة احلقيقية مؤكدا بعد ما علمنا الصالة، إننا إذا مل نغفر للناس زالم، ال

.)١٥، ١٤: ٦مت (لنا اآلب السماوي زالتنا يغفر

ال عن الكراهية واألحقاد، ولنسامح بعضنا البعض حىت تكون صلواتنا لنتب أو .مقبولة لدى اهللا

وتتدرج التوبة بقوة الصليب واملصلوب ملواجهة التجارب؛ ألننا عندما - ٩اإلميان، امتحانأي ،"االمتحان"، أي ال تضعنا يف مواجهة "ال تدخلنا يف جتربة" :نقول

؛ ألن )٢: ٢٦مز ("ليتايقليب وك قن" :التنقية، الذي يقول عنه املزمور امتحانوهو غري بكشف وإعالن هذه النوايا الروح القدس ونقاوة القلب اليت يقوم فيها" النوايا امتحان"

.من أجل تنقية القلب، هي اليت تقودنا إىل الصالة النقية

Page 19: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

١٨

:يتميز مبا يليالروح القدس ا الذي يقوم بهالنواي امتحان

.الرجاء يف رمحة املسيح وغفرانه :ال أو

رغم - السالم الذي جيعل القلب منشغال، ليس بالصراع الداخلي :ثانيا ن الذي كشف لنا عن خبايا القلب، سوف يشفي وجيدد أبالثقة يف بل - وجوده

.حياتنا القدمية

١٠- ا فحصوح بنور كلمة اهللا، فهو أيضا يقودنا إىل فحص النية أمالرالذي أعطى كلمة اهللا احلية لألنبياء والقديسني واآلباء الرسل، فإذا قرأنا كلمة القدس

" روح احلياة، الذي أقام يسوع املسيح من األموات"الروح القدس اهللا احلية، سكب .قوة احلياة فينا لكي نقبل احلق الذي يف كلمة اهللا

صعوبات يف صالة املزامري

والثأر من األعداء وطلب االنتقاممن يقرأ املزامري وجيد فيها روح -١١ينقي القلب، ويكشف يف الروح القدس س؛ ألنمل يتنق بعد بعمل الروح القداخلراب،

.وانتقاممن بغضة وعداوة )١(صالة املزامري حقيقة مشاعر اإلنسان جتاه اآلخرين

قد وردت هذه العبارات بقصد واضح، وهو أن يرى فيها اإلنسان حقيقة وأن يرتفع بقوة الروح فوق هذه الطلبات الروح القدس ذاته وحقيقة حياته، ويطلب من

اليت تعبر أدق تعبري عن احلياة اإلنسانية الطبيعية غري امللتزمة بشريعة الصليب والكامنة حيث جيد املصلي إنه الروح القدس ع إىل فوق، إىل آفاقيف قلب كل إنسان، ونرتف

على اجللجثة مع يسوع ربنا ويصلب معه هذه األهواء، ويطلب سالم وحياة وصحة

حسب ترتيب آباء الكنيسة القبطية " صلوات السواعي"ختريت بعناية شديدة يف امن املعروف أن املزامري اليت ) ١( هي املزامري اليت ختلو من العبارات الشائكة اليت تطلب هالك األعداء، وهي لذلك حتصر الصلوات اليومية يف هذا

فيه حىت نصل إىل املستوى الذي جيعلنا نرتفع إىل قراءة مشاعرنا وأفكارنا الطبيعية ىاملستوى العام الذي جيب أن نبق .ونرتفع فوقها كما يقول األب صفرونيوس

Page 20: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

١٩

.وخالص األعداء كما يطلب سالم وصحة وخالص الذين حيبهم

حىت إذا وجدنا - أي أيام العمر كلها - املزامري يف زمان التوبة للنص - ١٢ا غارقني يف اجلهاد الروحي ضد العداوة والبغضة، وكشفت كلمات املزامري عن أنفسن

ال ينقطع من أجل خالص ضرع، حتولت الطلبة إىل توبة كاملة، وتاالنتقامرغبتنا يف .وسالمة قلوبنا من املرض القدمي، أي اخلوف الذي هو مصدر العداوة والبغضة

فإن العداوة تزيد قوة اخلوف، وجتعل وكما أن اخلوف هو مصدر العداوة، .اخلوف سيد العداوة، والعداوة خادمة اخلوف

لنربط اخلوف بالصليب حىت يشفي املسيح املصلوب القلب من العداوة باملغفرة، .ويكسر السلسلة القوية اليت جتمع السيد، أي اخلوف باخلادمة، أي العداوة

التوسل احلقيقي، والتوسل الكاذب

، أما التوسل الكاذب، فهو التوسل احلقيقي هو أن نكون مثل يسوع -١٣ .كما حنن، وأن جنعل رغباتنا وشهوات قلوبنا هي حمور الصالة وجوهرها ىأن نبق

- وال يتحول إىل املسيح وباملسيح - من يريد أن يظل كما هو -١٤أي أراد أن ،"ربح العامل كلهماذا ينتفع اإلنسان لو " :؛ ألن الرب قالشيءخيسر كل

.أي رفض أن يكون تلميذا للمسيح -وحسب العامل، وخسر نفسه -يصبح كما هو

أن نصبح مثل يسوع يف كل لنطلب بإصرار، وبكل ما منلك من قوة -١٥س ونصبح ح مثله بالروح القدإرادة اآلب، يف أن منس يف حمبته لآلب، يف قبول: )١(يءش

.س الذي نأخذه يف مياه األردن، أي املعمودية املقدسةمثله بالروح القد )٢(ممسوحني

طهر إنساننا الداخلي ...يا اهللا الذي أحبنا هكذا"راجع صالة خضوع لآلب قبل التناول يف القداس الكريلسي) ١(

".الوحيد ابنككطهر

مأخوذ من املسحة حسب اللغة اليونانية والقبطية، وهو بسبب مسحة " مسيحي" اسميف كل كتابات اآلباء ) ٢(

Page 21: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٢٠

لنصفح عن األعداء؛ ألننا بذلك ننال شركة مع الذي صلب، لكي ميد -١٦" بدم صليبه"، وال حظوا قول الرسول )٢٠: ١كو (يده لألعداء ويصاحل الكل بدم صليبه

دم الصليب الذي حنمله؛ لكي يصبح لنا )٤: ١٢عب (" جناهد حىت الدم"ألننا جيب أن .دم واحد، أي دم يسوع املسيح الذي زرع السالم واملصاحلة باملوت على الصليب

، فلنشرب بكل تقوى وورع؛ ألن ما )١(وعندما نتناول الكأس املقدسة -١٧صبح حياة واحدة يف نيف الكأس هو دم ربنا يسوع املسيح الذي يتحد بدمائنا لكي

يح ومن املسيح، وهو ما جيعل صالتنا هي شكر بالصليب بدم املصاحلة والسالم املس .الذي نناله يف كل قداس

من اغتسلنالنضع دم املصلوب أمام عيوننا، ذلك الذي به ،وكلما نصلي، ونسأل من ذلك الذي )٢(العداوة وجناسات اخلطية، ونرشم الصليب ونصافح أخوتنا

من يعطي لنا سالم ومصاحلة صليبه، لكي نغلق باب العداوة، وننال يديه للجميع، أ د .بقوة الصليب ترياق احلياة اجلديدة ضد سم اخلوف القاتل

يالتوسل الكاذب هو رياء ظاهر؛ ألننا نطلب جمد أنفسنا مثل الفريس -١٨؛ ألنه )١١: ١٨قا لو(" وقف يصلي يف نفسه"باملرة هللا، وإمنا كما قال الرب الذي مل يصل

ا العشفقد كان يشعر ،ارمل يكن يتكلم مع اهللا دائما، وإمنا كان خياطب ذاته، أموقف من بعيد ال يشاء أن يرفع عينيه "حبضور اهللا، وخبطاياه، ولذلك كما يقول الرب

.)١٣: ١٨لوقا (" أنا اخلاطئ ارمحينحنو السماء، بل قرع صدره قائال اللهم

قلبه وفكره ومشاعره احتياجاتكل من يصلي يف نفسه، جيد ف ،وهكذاوهكذا جند حياتنا فيما منلك، وتصبح شهواتنا هي . أهم وأعظم بكثري من وصية اهللا

.الروح القدس يف سر املسحة املقدسة، أي مسحة املريون اليت تعطى لنا بعد املعمودية

.كأس سر الشكر) ١(

.لصلحاملقصود هو قبلة السالم الرسولية بعد صالة ا) ٢(

Page 22: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٢١

ويدخل الرياء بقوة . غاية الوجود نفسه، عند ذلك تتحول توسالتنا إىل هذه الغايةولت حياتنا إىل البقاء يف الذات، أنفسنا الغاية، حتمن إىل حياتنا؛ ألننا مىت جعلنا

.ومن يبقى يف ذاته بدون الشركة مع اهللا، ميوت إىل األبد

القليب بالصليب، فهو مثل إحتاد وااللتصاقأما التوسل احلقيقي، -١٩وال امتزاجوال اختالطبدون "الالهوت بالناسوت يف أقنوم ربنا يسوع املسيح، أي

غري املختلطة بإرادة اهللا، وحياتنا غري املمتزجة حبياة ربنا يسوع إذ تطفو إرادتنا ". تغيريوهكذا يف . احلقيقي، بال رياء بيسوع املسيحاالحتاد املسيح، وغايتنا اليت ال تتغري، أي

الصالة تظهر حياتنا املختلفة عن حياة ربنا يسوع املسيح لكي تتحد به بالصليب، .)١(" الواحدة املتجسدة هللا الكلمةالطبيعة "وتصبح إرادة واحدة، أي مثال

ر لنا متايز إرادتنا فإننا نقصد أن صلواتنا تظه ،"اختالطبدون " :وعندما نقولفنحن ،"امتزاجبغري " :وعندما نقول .عن إرادة اهللا؛ لكي جيمع الصليب هذه اإلرادة

تصبح واحدا نقصد من ذلك إن حياتنا حنن ال متتزج حبياة الرب، بل تتمايز عنه حىت .معه بالغاية الواحدة اليت ال تتغري، أي الصلب واملوت مع املسيح

يتم كموت ال وعندما منوت مع املسيح، فإن موتنا مع املسيح وباملسيح -٢٠هكذا غير ألن الرب، . غري املؤمنني باملسيح الذين مل يتحدوا بالصليب واملصلوب

.)٢(ودور املوتاملوت طبيعة

املوت طبيعية كظاهرة مع املسيح وباملسيح املوت

هذه هي عبارة القديس كريلس عمود الدين، وهي أحدى العبارات األساسية اخلاصة باألسرار الكنسية والنعمة ) ١(

االبنوطبيعة الكنيسة جسد املسيح، وهي اليت تضبط لنا صلتنا باملسيح ألا تعلن االحتاد الكامل ألقنوم الكلمة ، وعدم وجود تغيري يف الناسوت، ومع ذلك يصبح امتزاجد ، وعدم وجواختالطاملتجسد مؤكدة لنا عدم وجود

.يف قداسنا القبطي األرثوذكسي االعترافاملتجسد، وواحدا معه حسب نص صالة االبنالناسوت هو ناسوت

مل يقدم األب صفرونيوس هذه املقارنة يف جدول، ولكن من أجل الفائدة وضعت املبادئ معا للمقارنة ) ٢( .وللوضوح

Page 23: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٢٢

املوت كظاهرة طبيعية، هو .اية للحياة اجلسدانية

املوت مع املسيح هو باملسيح، فهو ليس ظاهرة طبيعية تنتهي فيها ومع . أعظم من احلياة اجلسدانية جديدة حياة احلياة، بل هو بداية

وح تقوى وتزيد فيها أن اجلسد ينحل ويضعف، إال أن الر .األشواق للحياة السمائية

ألجرة اليت املوت هو ا: ٦رو (دفعتها اخلطية

٢٣.(

حيث املوت مع املسيح وباملسيح هو عطية اهللا يف املعمودية،أحياء هللا باملسيح "ولكن ،"أمواتا عن اخلطية"حنسب أنفسنا

).٢: ٦رو " (يسوع ربنا

املوت واخلطية مها وحدة ة، يقود أيهما واحد .لآلخر

ب يف الصليب ،عن اخلطية بالصليب انفصل املوتوأخذه الرن كال متل"لكي يقتل اخلطية، إذ يقول الرسول بولس وأعطاه هبة

اخلطية يف جسدكم املائت الذي صلب مع املسيح، لكي يبطل : ٦رو (لذي تعمل فيه اخلطية للموت ، أي اال ا"جسد اخلطية

).١٢: ٦رو وأيضا ٦

املوت باخلطية، التصقوصار املوت هو الذي حيرك اإلنسان للسقوط يف اخلطايا، إذ خدع اإلنسان، وظن أنه باخلطية يستطيع أن حييا ويدافع عن نفسه مبزيد من

.اخلطايا

املوت عن اخلطية بالصليب وصار املوت بالصليب قوة انفصلكأحياء من األموات، وأعضائنا " بذل؛ ألننا باملوت نقدم حياتنا

وبذلك فقدت اخلطية عالقتها باملوت ) ١٣: ٦رو " (آالت بر هللاوحتول اخلوف ). ١٤: ٦رو (سيادة نعمة مغفرة اخلطايا بسبب

وعلمنا ربنا يسوع إن مقاومة ذلك . من املوت إىل بذل للحياةس اخلوف القدمي، أي اخلوف من املوت، هو بقبول املوت لي

كظاهرة طبيعية، بل كنعمة اهللا يف يسوع املسيح؛ ألن الرسول مع املسيح صلبت، فأحيا ال أنا، بل املسيح حييا يف، فما " :يقول

اهللا الذي ابنأحياه اآلن يف اجلسد، فإمنا أحياه يف اإلميان، إميان ألنه لو كان . أحبين وأسلم نفسه ألجلي، لست أبطل نعمة اهللا

.)٢١-٢٠: ٢غال" (ذا مات، بال سببإفاملسيحبالناموس بر

Page 24: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٢٣

وقد صار الصليب نعمة اهللا؛ ألنه أبطل حكم الشريعة الذي حيكم وأعلن بر اهللا بدون وساطة وعمل الناموس حسب . مبوت اخلطاة

اآلن فقد ظهر بر اهللا بدون الناموس مشهودا له من "قول الرسول -٢١: ٣رو " (سوع املسيحالناموس واألنبياء، بر اهللا باإلميان بي

٢٢.(

كانت اخلطية هي سبب املوت، وصار اخلوف من املوت هو سبب وينبوع

.اخلطايا

صار املوت هو سبب اخلطية؛ ألن الرب مات دون أن يكون حقا محل الرب خطايانا يف . خاطئا، ودون أن تلوثه اخلطية

، وصار ريةأي الطبيعة القابلة للخطية، أي الطبيعة البشجسده، أرسل "، وملا مات على الصليب )٢١: ٥كو ٢(ذبيحة خطية

أي الطبيعة اإلنسانية اآلدمية اليت، (يف شبه جسد اخلطية، ابنهاهللا رو " ( ، وألجـل اخلطيـة دان اخلطيـة يف اجلسد)بال خطية

حكم على لقد يف اجلسد؟ الرب اخلطية )١(فكيف دان ). ٣: ٨وتقتل اخلاطئ؛ ألن الرب ألغى وساطة عجزها عن أن متيت

ملا "الناموس، وألنه أعلن قيامة اجلسد حسب كلمات الرسول أي تلك ،"ا يف اجلسد كانت أهواء اخلطايا اليت بالناموسكن

تعمل يف أعضائنا لكي نثمر "املمنوعات اليت يقول عنها الرسول لصليب اهللا، ومات على ا ابنولكن ملا جاء ). ٥: ٧رو " (للموت

أي من حكم املوت، إذ ماتت وساطة " حتررنا من الناموس"مات الذي كنا "الناموس مبوت الرب، كما يقول الرسول

-٥: ٧رو " (ممسكني فيه حىت نعبده جبدة الروح ال بعتق احلرف

وهكذا يظهر النص عند آباء " حكم الرب على اخلطية يف اجلسد"سب الترمجة القبطية للعهد اجلديد، ح) ١(

، ولكن ألجل تعود القارئ على الترمجة العربية البريوتية تركنا النص العريب املعروف وهو ال خيتلف اإلسكندرية .جذريا عن الترمجة القبطية

Page 25: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٢٤

وهكذا جاء روح احلياة، أي الروح الذي أعطى القيامة يف ). ٦ليس إن كان أحد"س املسيح، وهو الذي يقول عنه الرسول بول

، بل له املوت، وهو "املسيح"أي له روح املسيح، فهذا ليس له يعين كما قال قبل هذه الكلمات إن روح ربنا يسوع املسيح

بسبب حكم " فاجلسد ميت"املصلوب هو الذي مييت اجلسد احلياة ي أي موت اخلطاة، ولكن الروح يعطالناموس باملوت،

أما اآلن فقد صار لنا بالصليب ). ١٠: ٨و ر" (بر املسيح"بسبب قوة احلياة، باملوت مع يسوع، وبقوة روح حياة يسوع احلي

.الذي داس املوت بالصليب، وأباد سلطانه إىل األبد بالقيامة

حنن بالصالة منوت مع املسيح؛ لكي تنبعث فينا قوة املعمودية املقدسة -٢١لكي ننادي اآلب السماوي يف يسوع املسيح )٥ :٦رو (بشبه موته احتدنااليت فيها ولذلك حرصت الكنيسة على أن نرشم عالمة . )٤: ٤غال (" أبا أيها اآلب" :وحده

الصليب لكي نتأكد من أننا بالصالة ندخل الشركة السرية اليت أخذناها يف يسوع .املسيح ربنا

الطلبة احلقيقية

نكون مثل املسيح يف حمبته لآلب وطاعة إن التوسل أو الطلبة هو أن -٢٢اتنا ذبيحة حية روحانية، وصفها الرسول بولس وحمبته للحق، وخدمته، بل وتقدمي ذ

راجع (" أجسادنا ذبيحة حية مقدسة مقبولة عند اهللا"، وهي تقدمي "العبادة العقلية"بأا

م لتختربوا ما هي إرادة روا عن شكلكم بتجديد أذهانكتغي"مؤكدا بعد ذلك )١: ١٢رو وهكذا عندما نطلب شيئا، فإننا نطلب أن . )٢: ١٢رو (" اهللا الصاحلة املرضية الكاملة

.املؤدي إىل احلياة" الباب"، وأن ندخل من هذا "الضيق"نسري يف طريق الصليب

Page 26: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٢٥

وبالصليب تتطهر صلواتنا من طلبات، بال فائدة، وبال قيمة، وتؤدي -٢٣ .موض احلياة الروحيةإىل غ

صلي لنلبلكي نعرف كيف ن ،صالة حسنة، س الصليب كفكر وممارسةللنية الداخلية اليت تفصلنا عن حمبة املسيح لكي يكون لنا هذه اولنجعل الصليب ذحب

احلرية الكاملة اليت عاشها رسول الرب وشاهده مؤكدا أا احلرية احلقيقية اليت نذوق ز كل ما يف اخلليقة املرئية وغري املرئية عن أن يفصلنا عن حمبة اهللا يف يسوع فيها عج .)٣٩ - ٣٥: ٨رو (املسيح

لنطلب جبسارة ما هو الئق وحسب الروح؛ ألن الطلبة حسب اجلسد -٢٤. رتباك باألمور اجلسدانية اليت ال تشرق بالصليب، بل عادة ما ختفي جمد املصلوباهي

مور اجلسدانية اليت قال عنها الرسول إا صادرة عن الفهم اجلسداين وهذه هي األ، ذلك الفهم الذي خيفي يف داخله حمبة العامل، وترتيب احلياة حسب مقاييس )١٨: ٢كو(

يءومبادئ البشر، واليت جند فيها عظمة القوة، وحمبة املنظورات، واخلوف من أي ش" ذبيحة حية"ندرب أجسادنا لتكون يصيب اجلسد، وهو ما جيعلنا ال نفهم كيف

كه فاحلرص على احلياة قال عنه الرب يؤدي إىل املوت؛ ألن ذلك احلرص حير. بالصالةاخلوف، أما احلرص على احلياة اليت وهبها اآلب السماوي لنا يف يسوع املسيح، فهو

.نابع من حمبتنا هللا، وحتركه وتقوده احملبة حنو الصليب

الشكر احلقيقي، والشكر الكاذب

باسمالكل فاعملواوكل ما عملتم بقول أو فعل، " :يقول الرسول -٢٥شاكرين كل حني " :، ويقول أيضا)١٧: ٣كو (" الرب يسوع شاكرين اهللا واآلب به

.)٢٠: ٥أف (" ربنا يسوع املسيح هللا واآلب اسميف يءعلى كل ش

ر والتسبيح الذي تقدمه شفاهنا عندما ، أي الشك"ذبيحة التسبيح"هذه هي .)١٥: ١٣عب ( بامسهتعترف

Page 27: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٢٦

على كل ما حيدث لنا ويصل وبامسهوالشكر احلقيقي هو شكر يف يسوع، هو شكر على الصليب وبه، وعلى جمد القيامة، على اآلم اجلسد والروح، وعلى . إلينا

ذي جيعلنا نرى األشياء هذا الشكر احلقيقي هو ال. )١٤: ٢كو ٢(سرينا يف موكب نصرته بعني ال يعرفها العامل؛ ألننا نشكر على ما حيدث لنا من مصائب، وعلى الضيق الذي

.نرى فيه التصاقا أكرب بالصليب

أما الشكر الكاذب فهو من شفاه تنطق مبا ال يقصد القلب، وتقول ما ال به؛ ألننا ال نقدر شاكرين اهللا اآلب" يسوع املسيح باسم" :تقبل، لذلك يقول الرسول

.به حتاداو ربنا يسوع املسيح إال إذا كان لنا التصاق باسمأن نشكر

Page 28: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٢٧

-٥- ضبط الفكر

حنن ال منلك ضبط الفكر إال بنقاء املخيلة من الصور والرموز واألشكال - ١ل اليت قبلناها حنن بإرادتنا، أو اليت خلقناها حنن من خالل خربتنا وحياتنا، هذه مث

.الطيور اليت تعيش يف أعشاشها، وتطري مىت حيلو هلا

، أو مسعنا أو يءومتدنا املخيلة والذاكرة بالصور واألفكار كلما حدث ش - ٢من احلواس اخلمس، إذ سرعان مة واحدة، كلما أتت إلينا خربةملسنا، أو تذوقنا، وبكل

أو احلاضر، وبذلك يتشتت الفكر ما نتذكر ما حدث لنا يف املاضي البعيد، أو القريب .ويتشعب، ويتحول من فكرة إىل أخرى

ولكي ننقي خميلتنا، علينا أن حنول كل ما فيها إىل صلواتنا، وأن ندخل - ٣وهكذا علينا أن . مثل مصارع قوي ميسك بذراعي وقدمي خصمه وحيمله الصالة

جزءجنعل من كل الصور واألفكار اآلتية من املخي أو الذاكرة ،من صلواتنا الة.

٤ - بعن األمور السالفة اليت ال تزال يف لنشكر على كل ما نتذكر، ولنتوالتوبة، وإن كانت تبدأ برفض الشر، واحلزن على ما أصاب حياتنا، إال . ذاكرتنا

راقرها إشطهر الذاكرة، بل يطهوح القدس احملبة اإلهلية بنور أن هذا ال ييف الررق فينا حمبة اهللا، فإن اخلطايا واألفكار السمجة شوعندما ت. العقل والقلب معا

.حىت األمور الصاحلة تبدو لنا تافهة حقرية باملقارنة مبجد احملبة السالفة، بل

٥ - طهك وتثري رنا حمبة اهللا من اخلطيةتا ال تقهر، فقط امليول اليت حتر؛ أل، الذي ال ميوت، وال تقوى عليه ختلق فينا العطش والشوق إىل اهللاة واملخيلة، بل الذاكر .وحىت إذا ضعف فإنه يغلب كل امليول، ويصبح مثل النار، حترق امليول األخرى. اخلطية

،الروح القدس لنحب اهللا لكي تطهر هذه احملبة النارية، اليت يعطيها - ٦

Page 29: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٢٨

خذها القلب، حتولت كل امليول إىل اهللا، وصار امليل إىل القلب، واليت إذا طلبناها، وأ .التخلي، ليس عن القنية، بل حىت عن احلياة

٧ - سكاحلكماء والشيوخ؛ ألن الن ذرال يزرع - مهما كان - ليكن لنا ح، ويقدس النسك اإلرادة، إذ االرتباكحيرر النسك الفكر من . حمبة اهللا يف القلب

البذرة، فهي عمل الروح ها هللا، ولكن هذا مثل احملراث الذي يشق األرض، أماخيصص .فيناالروح القدس س، وهي تنمو بالصالة، وباحلياة اليت يسكبهاالقد

ال " :حذرنا اآلباء الرسل بصوت رسول املسيح وشاهده القديس بولس - ٨ذا التعليم من أجل نقاوة ، فأعطى اآلباء ه)٢٦: ٤أف (" الشمس على غيظكم بتغر

ت قدرة اإلنسان على الصالة، ، تشتواألحقادوضبط الفكر؛ ألن اخلصام، واملنازعات، الطريق، وأخذ يسأل الناس وتعمق الصراع الفكري، وجتعل من يصلي مثل إنسان ضل

ال هكذا كل من ال حييا حسب احملبة، ومن . عن املكان الذي يقصده دون جدوى .يعيش بروح مصاحلة ربنا يسوع املسيح، ال يقتين الصالة النقية

؟كإنسانيضبط فكره الربكيف كان

د لنا ، وبذلك حد)٣٣: ٦مت (" ال ملكوت اهللا وبرهاطلبوا أو" :قال الرب - ٩ ألنهتوبوا "اهلدف الذي كان يسعى إليه، وهو ذات القصد والغاية الذي بدأ به كرازته

منا، دون أن نقترب اقتربجاء بامللكوت معلنا إنه . )٢: ٣مت (" ملكوت السموات اقترب، كان يعيش مللكوت اهللا، وكان امللكوت يف قلبه. حنن منه؛ ألنه العطية السماوية الفائقة

اآلب احلال يف هو يعمل " :، وقال أيضا)٣٠: ١٠يوحنا (" أنا واآلب واحد" :ولذلك قالوهكذا كان يضبط فكره باهلدف الواحد الذي قال عنه ملرثا . )١٠ :١٤ يو( "األعمال

وإذا تعددت األهداف، فقد اإلنسان قدرته على )٢١: ١٠لو (" ولكن احلاجة إىل واحد"ضبط فكره، ال سيما إذا كانت هذه األهداف غري متفقة وغري متصلة، بل متفرقة

.واملخاوف واالهتماماتاء واخلطايا والفضائل بها األهوجتمعها وحدة، بل ترت ومضادة، ال

Page 30: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٢٩

احملدود االستخداممن خياف النار ال يقترب منها، ولكنه ال خياف من -١٠واملعروف مثل طهي الطعام، أو غلي املاء، أو طرق احلديد بعد تسخينه، ومع ذلك

ترب ذلك يبقى احلذر واخلوف هو أحد القوى اليت حترك اإلرادة والفكر عندما يقهكذا صراع الفضائل والرذائل، جيعل خوف اإلنسان وحذره، . اإلنسان من النار

مبا ميلكه اإلنسان من حذر، وشهوة، خوف عن الشر حمدودة االبتعادوقدرته على .ورجاء

.ال يتناقض الشر فقط مع اخلري، بل مع نفسه ومع كل مكوناته -١١

، ال ألن من يريد أن يزين قتل مع شر الزىن؛وعلى سبيل املثال ال يتفق شر ال .يقتل ضحيته، ولكن ما أكثر الذين بسبب الزىن قتلوا ضحاياهم

اهللا؛ ألن الكذاب حيطم شعوره بقداسة اهللا، باسمويتناقض الكذب مع القسم .اهللا، فهو خيطئ لكي يسند خطية الكذب باسموعندما حيلف

قد والبغضة؛ ألن كال منهم تغذي األخرى، وال ميكن مصاحلة الكربياء مع احلومع ذلك، متنع الكربياء اإلنسان املتكرب من التنازل عن أحقاده، وجتعل األحقاد الكربياء تشتعل مثل أتون نار، وكثريا ما يفقد اإلنسان قدرته على السيطرة على

يت، اإلنسان إىل كربيائه بسبب األحقاد، بل ويدفع اخلوف على فقدان الكرامة والص .مزيد من اخلطايا

١٢- اخلوف كالقدمي، ذلك الداء اخلفي، كل الرذائل يف وحيراجتاه ،واحدوهو احلفاظ على الذات، والذي بسببه نفقد قدرتنا على إجراء توازن بني الرذائل

حنن خناف من أن نفقد أي شيء، ومع ذلك تلزمنا احلياة بالتضحية ببعض ما . نفسهاوالتضحية، هو يف يد ذلك اخلوف القدمي، حىت نتحرر االمتالكوميزان . لك، أو نريدمن

.من سطوته بالصليب

ا دون د الذي مبحبته قدم ذاته عناملتجس االبنوهكذا لو نظرنا إىل حياة

Page 31: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٣٠

يل سلطان أن أضعها وسلطان أن آخذها، هذه الوصية قبلتها من " :ضعف، بل قالأمام عينيه، ولذلك يقول من وضع اآلب فقد صلب بسرور. )١٨: ١٠يوحنا (" أيب

له يسوع الذي من أجل السرور املوضوع ناظرين إىل رئيس اإلميان ومكم" :الرسولومل . )٢: ١٢عب (" الصليب مستهينا باخلزي، فجلس يف ميني عرش اهللا احتملأمامه،

باماذا يفعل، بل كان يف العزم ال يعرف خائر امثلنا متردد يكن الرتام بني حتادحتاد احملبة الكامل الذي ال احتاد الطبيعة اإلهلية بالطبيعة اإلنسانية، واالهوته وناسوته،

يقول يف دهشة، -بعد أن ذاق حمبة اهللا -وإذا كان الرسول . ميكن أن تفصله اخلطيةهو يف السماء كل ما بعد ذلك أنفإنه يؤكد من سيفصلنا عن حمبة املسيح؟ : ويسأل

حمبة اهللا اليت يف "عن أيضا املؤمنني والرسول، بل أي ه،أن يفصل وعلى األرض ال ميكن .)٣٩: ٨رو (" املسيح يسوع ربنا

وعندما توحدنا احملبة باهللا، جتمع احملبة الفضائل؛ ألن الفضائل ال -١٣ائل، فإن الصراع ليس أما إذا تصارعت الفض. تتعارض وال ختلق الصراع الداخلي

، بينما صراع "اخلربة، وقلة التمييز انعدام"بسبب التعارض بني الفضائل، بل بسبب القدمي على وقدرة اخلوف، الداء )١(الرذائل مصدره احلقيقي هو طبيعة الشر غري العاقلة

فائدة، رور واخلياالت، والذكريات القدمية، اليت ال جدوى منها والأن حيرك فينا الشل احلاضرك واليت فصر، قدرة " ال معقولية"والزمان بيننا وبينها، ولكن هكذا حترالش .ريرةيقوم بأعمال غري عاقلة، أي ش اإلنسان العقلية لكي

، "غياب الشر"هو -حسب العبارات الشائعة عند اآلباء مثل اوغسطينوس - إذا كان الشر مضاد للخري، أو) ١(

.فاخلري يصدر عن اإلدراك والتمييز، بينما يصدر الشر عن اجلهل وعدم التمييز وهو ما جيعل طبيعة الشر غري عاقلة

Page 32: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٣١

-٦- طهارة اجلسد، ونقاء املخيلة

س، ومسحة املريون، وبالشركة املقدسة قدس اجلسد بقوة الروح القديت - ١. باجلسد والروح )١(الذي جيعلنا أنقياء" جسد املسيح ودمه"أي ،السر اإلهلي الفائق يف

وعندما نصبح مع املسيح جسدا واحدا، فإن طبيعة اجلسد تتقدس، وتصبح مؤهلة .للقيامة من األموات يف املسيح

بال "تظل طبيعة اجلسد مقدسة؛ ألن عطية اهللا كما يقول الرسول بولس - ٢ولكن الذي يتدخل وجيعلنا نفقد . ، فهو ال يندم على ما يعطيه لنا)٢٩: ١١رو (" امةند

اجلسد واستخدامالشعور، بل واإلميان بقداسة اجلسد هو سقوطنا يف اخلطايا املتنوعة، أفكار وصور متنوعة عن اجلسد، اختزانبشكل يتفق مع األهواء، وهو ما يؤدي إىل

.لذاكرةجندها يف املخيلة، ويف ا

يقوم النسك بتطهري اجلسد، أي أعضاء اجلسد، وذلك خبدمة األخوة، - ٣وحمبة للثالوث القدوس، كل هذه دوي، ورفع اليدين، والسجود خبوفوالعمل الي

لصورة جسد اخلطية يف خميلة األعمال مع طقوس الكنيسة، ترسم صورة مغايرة .اإلنسان

يغرس يف النية الداخلية الشعور بضعف اجلسد ويطهر الصوم اجلسد؛ ألنه - ٤حنو الشر أقل بكثري عند الذين يصومون؛ ألن الشعور ندفاعوعجزه، وهو ما جيعل اال

صورة املارد اجلبار، بل صورة تبالضعف والعجز جيعل صورة اجلسد يف العقل، ليس .الضعيف واحملدود القوة

".الوحيد ابنكلكي نصري أطهارا كطهر "اليت تقول يالكريلسراجع صالة القداس ) ١(

Page 33: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٣٢

سيما اليدين والعينني، اجلسد، الملزامري اخلاصة بأعضاء تطهر كلمات ا - ٥مي هذه الصالة وسيلة تقدمن ألا جتعل هذه األعضاء؛ هوالقدمني، واللسان والشفا

والذاكرة تتغري باملمارسة وحركتها القابعة يف املخيلة األعضاء هللا، مما جيعل صورا .وبالثبات يف الصالة

من أعضاء أجسادنا، لكي علينا أن نصلي شاكرين اهللا على كل عضو - ٦ربنا يسوع، أي خدمة اسميس خبدمة نه حيتاج إىل تقدأية من اهللا، وندرك أنه عط

.اجات جسد املسيح، الكنيسة املقدسة اجلامعة الرسوليةيحتا

سي اجلسد بنعمة الروح القدجتل

احملبة اجلسد؛ ألن خدمة األخوة ومصافحة السالم، ورفع تطهر أعمال - ٧اليدين تطهر املخيلة من صورة اجلسد، أي تلك الصورة اليت تتكون يف عقل اإلنسان

ويستقر - وهكذا عندما نصوم ونشعر بضعف اجلسد. عن طبيعة جسده وحركاتهم الرأفة والشفقة جتاه الضعفاء، وهو ما يستقر يف املخيلة نتعل - هذا يف النية الداخلية

.رك الشعور حنو ما هو صاحلكصورة تلهم الفكر، وحت

وبنعمته، فهي صورة املسيح الروح القدس ى بنورأما الصورة اليت تتجل - ٨ .س، وبالصليب، وبالقيامة، ومبجد اآلب األزيلذي يتجلى مبسحة الروح القدال

ب على هذا النحو وقد جتلى املسيحالقديسة أخذ ناسوته من العذراء : الرأي : س، فجمع معا ما هو خملوق وآدمي، وما هو إهلي وخالقن الروح القدمرمي، وم

ألننا س، وبذلك أغلق هاوية املوت؛ ة، الرب احمليي الروح القدالناسوت، وروح احليااهللا كنا حتت رباط الوجود اآليت من العدم، أما بعد جتسده، فقد ابنقبل أن يتجسد

هذه . يف يسوع املسيح ربناالروح القدس جديدة نأخذها منصار لنا كيان وطبيعة تتجلى . الطبيعة اجلديدة ليست من العدم، بل من املسيح، أي اخلليقة اجلديدة الثانية

مثل ثبات األغصان " نثبت فيه"هذه الطبيعة الثابتة يف املسيح، والذي طلب منا أن

Page 34: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٣٣

ان أن ننتقل من العدم إىل الوجود، لنكون على ، أي أن نقبل باإلمي)٤: ١٥يو (بالكرمة ابنمثال أقنومه اإلهلي املتجسد، أو باحلري على مثال ناسوته املتأقنم باإلحتاد مع أقنوم

وحنن ال نتأقنم كما تأقنم ناسوت الرب، أي باإلحتاد به، بل نتأقنم على . )١(اهللا الكلمةعن أقنوم الكلمة، ولكنها ياة إنسانية متمايزةله ح االبنفهو باإلحتاد بأقنوم . مثال ذاكز وحياة مستقلة عن الهوت الرب، وعن ناسوته أيضا، أما حنن فلنا متاي. واحدة معه

.ولكنه التمايز الذي يقود إىل اإلحتاد، وليس التمايز الذي يقود إىل االنفصال

" املنعم"وطبيعتنا وهكذا حسب نعمة اهللا حنن نصلي، وبالصالة تعود إرادتنا صورة "إىل " صورة الترايب"الكلمة، الذي نقترب منه، ونتغير من االبنعليها إىل .حسب منو إمياننا وحسب قبولنا لنعمة املسيح الغنية" السمائي

واد الذي سطع على جبل تابور عندما جتلى الرب، هو جمد آدم اجلديد، - ٩فينا؛ ألن الر ٢٦: ١٧يو (" ليكون فيهم احلب الذي أحببتين به: "ب يقولوهو كامن( ،

يو (" جمدين أنت أيها اآلب عند ذاتك باد الذي كان يل عندك قبل كون العامل: "وأيضا

٥: ١٧(د الذي جتلى يف ، وهو جمد الالهوت الذي ختلى عنه عندما جتسد، وهو ذات ا

كانت مشكلة نسطور هي اعتقاده بأن الناسوت له أقنوم خاص به، وبالتايل يصبح يف املسيح أقنومني، إهلي ) ١(

بأن الناسوت هو ناسوت كامل، ليس له وجود اإلسكندريوكان رد اآلباء، ال سيما القديس كريلس . وإنساينوصار واحدا مع الهوته بغري "، االبنإلحتاد بأقنوم ؛ ألنه منذ البداية تأقنم بااالبنخاص مستقل ومنفصل عن أقنوم

هذا الوجود املتأقنم هو مثال وجودنا حنن بعد اإلميان وبعد نوال سر املعمودية الذي ". وال تغيري امتزاجوال اختالطوت إىل به ننتقل كيانا وحياة ووجودا من العدم إىل الوجود احلقيقي يف املسيح، ذلك الوجود الذي يتحول فيه امل

،أي وجود إنسانية املسيح متأقنمة بسبب enhypostsiaوتعبري القديس كريلس اإلسكندري ". خادم للخالص"االحتاد بأقنوم الكلمة، هو تعبري ضروري لفهم اخلالص؛ ألن تأقنم الناسوت، جيعل من كل إنسان مدعوا ألن يكون

، وأخوة الرب لنا هي أن نكون مثله، أي نتأقنم حسب "ينبكرا بني أخوة كثري"يسوع املسيح " للبكر" "األخ”وهو فرق خطري، وكبري جدا بني ما يعطى كهبة، وما هو كائن . النعمة، مبا تأقنم به ناسوت الرب حسب الطبيعة

بالطبيعة .واحدة له : وحىت ال يتعب القارئ يف التخمني، نقول يف عبارة بالطبيعة الوجود الثابت، إن ما هو كائنما ما يعطى كنعمة، فهو أ. فيها انفصال، وال انقساماحلياة الدائم، والوحدة الطبيعية اليت ال وانسكابغري املتغير،

، وحسب املمارسة، وحسب الرؤية، وال تصل الطبيعة االستيعابعالقة تتحول فيها الطبيعة بالتدريج، وحسب سيح يستطيع أن يعطي حياة للموتى، أما الذين تقدسوا، فهم ال ميلكون هذا إال بقدراا إىل ما هو طبيعي، فامل

.بقدرة وإرادة املسيح

Page 35: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٣٤

خدمة أثناء عالنية من أجسادهم أثناء الصالة، أواملسيح حياة اآلباء الذين سطع نورأي املعمودية املقدسة، ولكنه ،"سر النور اإلهلي"الليتورجية؛ ألننا مجيعا ننال هذا اد يف

ال يظهر أمام عيوننا إال يف مناسبات وحلظات خاطفة؛ ألن موعد ظهوره هو يوم الدينونة، ".اهللا ابناحلمل "رب، أي تصبح لنا ذات طبيعة عندما نقف مثل احلمالن على ميني ال

:خلري حىت نكتشف جمد املسيح فينالنتعب يف عمل الصالح وا -١٠

أي تلك العارية " املعرفة"بالثبات يف حمبة اهللا، وليس فقط يف احملبة غري :ال أو ي هبة املسيح، رار، ويف الزناة، ولكن حمألا توجد يف اخلطاة ويف األش عن حمبة اهللا؛

االبنعن استقاللالبقاء يف -بقوة الصليب - تلك اليت تلبس الصليب؛ لكي تطرد .فادينا وربنا يسوع املسيح

ف؛ ألننا منذ ف ونكتشال لكي ننال، بل لكي نتعر ،بالصالة الدائمة :ثانيا و ا عن عيوننا ، ولكنه يظل خفييءننال كل ش) املعمودية(األردن هحلظة خروجنا من ميا

حىت منارسه، وحمجوبا حىت نعيش فيه، أي شركة موت الرب وقيامته، وهي شركة .احلياة اجلديدة

املعمودية والصالة

انغمسواال يغيب نور املسيح عن الذين نالوا سر املعمودية، ولكن إذا -١١ي الباطين للخري هذا النور هو اإلدراك العقل. يف الشر تعذر عليهم أن يتعرفوا عليه

وحمبته وطلبه والتمسك به، والثبات عليه، وهو الذي حيرك القلب حنو احملبة، والشوق اليت تغلب االسميسوع املسيح يف الصالة، وحمبة ذلك باسمالدائم وااللتصاقإىل اهللا، الذي نطق به اآلب االسمإىل اآلب السماوي، وألنه األمساء؛ ألنه أحب يءكل شم به الصلوات ل" احملبوب" االسمس، وهو لذلك وح القدوالرآلب يف قوة الذي نقد

.سوقيادة الروح القد

الثالوث القدوس، فإننا ننال شركة روحية مع باسموعندما نعتمد -١٢

Page 36: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٣٥

الثالوث، جتعلنا حنب الصالة ونسعى هلا ونشتاق إىل الوجود يف الثالوث؛ ألن املسيح ا هو الذي يحركنا حنو اآلب، والروح الذي فينا هو الذي حيركنا حنو يسوع الذي فين

إليه نأيت"املسيح، وشوق اآلب لنا هو ذلك الشوق الذي يقول عنه ربنا يسوع املسيح .)٢٣: ١٤يو (" زالـوعنده نصنع من

وحيركنا إىل الثالوث نور سر -وكما نشتاق حنن إىل الثالوث -١٣يشتاق إلينا اهللا، وحيركنا نور الثالوث الذي أخذناه يف هذا السر اإلهلي -املعمودية

عندما يرسل روحه " أبا أيها اآلب"الفائق؛ ألن الروح حيرك قلوبنا، وجيعلنا نصلي .)٣٦: ١٤مرقس (الوحيد املتجسد االبنصارخا فينا ذات نطق

بنور املعمودية على هذا دسى اجلوبسبب نور املسيح الذي فينا يتجل -١٤ :النحو

الوث، إذ تتحرك أعضاء اجلسد يف نشاط وفرح بالسجود يف شوق للث :أوال ع ضالذي و )١("ختم املريون املقدس"نابع من القلب، ويشتعل يف كل أعضاء اجلسد .على كل عضو، وتفوح منه رائحة عطر املسيح

، أي نقف )٣("نقف حسنا"؛ ألننا )٢(امةبالوقوف يف الصالة، أي بالقي :ثانيا بصالح احلي القائم من األموات، وال نقف مثل األمم أو اليهود، بل مثل القوات

.ثيف حضرة الثالوث القدوس، ومعهم نسبح بالتقديس املثل" الوقوف"السمائية

من" :وهو عالمة التسليم الكامل الذي قال عنه الرسول ،برفع اليدين :ثالثا وهو رفع اليدين الذي .)٣٦: ٨رو(" سبنا مثل غنم للذبحأجلك منات طول النهار قد ح

.إىل الكنيسة اجلامعة، أي طقس املعمودية االنضمامبدأناه يف طقس

.رمشا حسب طقس كنيستنا ٣٦ ـرشومات املريون ال) ١(

.ويف القبطي واليوناين هو تعبري اجلسد عن القيامة مع املسيح ،القيام هو الوقوف) ٢(

.....".لوا بعضكم بعضاقب"اء الشماس راجع القداس اإلهلي يف ند) ٣(

Page 37: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٣٦

م ذواتنا، وإرادتنا للصلب وعندما نرفع أيدينا إىل فوق، فإننا نعلن أننا نقدوهكذا يسطع فينا . ح روحية هللالنكون ذبائ - حىت الصاحلات - يءرافضني كل شااللتصاقالكلمة، وجيعل االبنشرق بقوة الالهوت، أي الهوت نور املعمودية وي

احملبة اليت ال متوت مطلقا، حىت وإن أصاا الضعف وسكبنا على التصاقبالرب هو ٥يت ١(" وحال تطفئوا الر" :نارها مياه اإلمث الباردة اليت حذرنا منها الرسول بولس بقوله

:١٩(.

، فإن قوة املعمودية .".. كما نغفر" :وعندما نقول يف الصالة الربانية -١٥بشكل املسيح احمليي، عندما مند أيدينا بالسالم يءكنا لكي نغفر، لكي نضهي اليت حتر

واملصافحة، إذ نكمل بذلك عمل النعمة اليت فينا، واليت إذا حتركت إرادتنا حنو السالم، .وحياة الشركة، نكمل بالصالة، وباحملبة إشراق نور املسيح الذي فينا

سسوحني بالروح القداملمصالة

أي من املسيح، ،"سحة من القدوسأنتم لكم م" :يقول الرسول يوحنا -١٦د صالة املمسوحني بالروح تعرفون ما هي حدوأي أنكم ". يءوتعلمون كل ش"

ويقول بعدها وأنتم، فاملسحة اليت أخذمتوها من املسيح ثابتة . )٢٠: ٢يوحنا ١(س القد، )١٢: ٥راجع عب ( )أركان اإلميان باملسيح( حاجة لكم إىل أن يعلمكم أحدفيكم وال خاص باملسيح، وهي حق؛ ألا يءمكم هذه املسحة عينها عن كل شبل كما تعل

.)٢٧: ٢يوحنا ١(مسحة الذي قال أنا هو احلق

حسب حدود هذه املسحة، فهي ال تطلب اللعنة، بل الربكة؛ لنصل -١٧ع الضعفاء، ي النائحني، وتشج، وتطلب املغفرة، وتعز"باركوا وال تلعنوا"ألنه قال

ي الثابتني، وكل ما هو مرضي ومقبول لدى خملصنا اهللاوتقو.

إال -ة أي قوة هذه املسح - أما عن األمور اخلاصة بنا، فهي ال تطلب

Page 38: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٣٧

)١("النري احللو"االلتصاق التام بيسوع وبالصليب احللو الذي وصفه الرب نفسه بأنه الذي حيمله الرب معنا، لكي نسري متوازين معه، لنحمل ذلك النري الذي جيعلنا نلزم

.سلذين مسحوا بقوة الروح القدلالروح القدس حدود الصالة اليت حيددها

النري احللو حسب الترمجة القبطية، وهو النري أي قطعة طويلة من اخلشب توضع على رقبة بقرتني أو ثورين أو ) ١(

.وهنا الذي حيمل معنا ذلك النري هو املسيح ألن احليوان الواحد ال حيمل النري مبفرده. أي حيوانني جلر احملراث

Page 39: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٣٨

-٧- ـةيالن طهارة

إذا كان الرب قد ضبط فكره كإنسان بالبقاء يف طاعة حمبة اآلب، - ١به يف الربية، وعرض عليه شرور آدم رير عندما جروشركة احلياة الواحدة، فإن الش

برور؛ ألن نيته كانت نقيةكل هذه الش األول، رفض الر.

ر النية؛ ألننا عندما فإن الصالة هي أحدى الوسائل اليت ا تتطه ،إما حنن - ٢ر الفكر واإلرادة، وتفتح عيين تطه - سبقوة الروح القد -إن الكلمات نصلي، ف

حسب الرغبات واألهداف اليت نسعى هلا ونشتاق القلب، وجتعل نيتنا الداخلية نقية .إليها

والثبات، إذ تفتح الطلبة عيون ذا تعمل الصالة فينا حسب اللجاجةوهك - ٣، ونسعى للصليب الذي يطهر )١: ٣غال (بنا لكي نرى يسوع املسيح وإياه مصلوبا قلو

.نيتنا الداخلية

، يءإرادته، فهو يصلي بنقاء، أما من جعل إرادته فوق كل ش حبمن ذ - ٤س وبالصالة بالروح القد -ىل زمان طويل حىت حىت الوصية املقدسة، فهو حيتاج إ

.مشيئة اهللا ويصبح نقيايطلب - الدائمة

Page 40: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٣٩

-٨- حمبة القريب، وحمبة النفس

١ - بب إهلك من كل قلبك وقريبك أ: بفمه اإلهلي عندما قال الرب الرحد لنا أن احملبة احلقيقية تظهر أمام عيوننا عندما ، فقد حد)٣١، ٣٠: ١٢راجع مت (كنفسك

.نرى كيف حنب أنفسنا

اليت ال عيب فيها، وهي أن نقدم ذواتنا هذه هي حمبة النفس الكاملة - ٢ .سبل لكي تصبح حية بالروح القدقربانا لآلب، ال لكي لك بالتقدمي،

، الذي جيعل "املوت"حنن ال ننكر ذواتنا إال عندما نكتشف ذلك الداء اخلفي ين، الذي خيلص كثري )١(، وهو ما جيعل الطريق الوسطاعتدالبال هي حمبتنا ألنفسنا، .غامضا مشوشا

:وحمبة النفس اليت فيها كل العيوب، أي عيوب اخلطية هي - ٣

.آخر حىت أقرب األصدقاء يءتفضيل الذات والشهوة على كل ش :ال أو

.أن جنعل مطالبنا يف احلياة فوق كل مطالب :ثانيا

ة ومن حركات الكربياء ندرك أن حمب .ختتلط هذه احملبة بالكربياء :ثالثا باألمور التافهة، مثل كلمة نقد أو شتيمة، أو بعض لالحتفاظالذات اليت تدفعنا

قال عن حمبة الذات ، وحمبة كاذبة؛ ألن الربمزيفة ذات املمتلكات التافهة، هي حمبة: ٦راجع مت (" أليست احلياة أفضل من الطعام، واجلسد أفضل من املالبس" :احلقيقية

اة أفضل من األمور التافهة مبا فيها املالبس، فكيف نعكر صفو فإذا كانت احلي. )٢٥حياتنا بالتافهات؟ أليس ألن الكربياء قد زيفت حمبتنا ألنفسنا، وجعلتنا غري أنقياء يف

.الذي ال يعرف اإلفراط والتهور االعتدالد العبارات املأثورة يف األدب النسكي، أي طريق هذه أح) ١(

Page 41: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٤٠

.حمبة ذواتنا

أي حياتنا يف ،أما حمبة الذات احلقيقية، فهي تتحرك حنو تفضيل احلياة - ٤، وتسعى وراء امللكوت، أي أن يكون املسيح هو امللك املسيح على األمور األرضية

.الذي ميلك علينا

بعطية باالستهانةال تبدأ حمبة الذات احلقيقية بالتفريط يف احلياة، أو - ٥الوجود، وال بتحقري الذات، وإمنا تبدأ حمبة الذات احلقيقية بإدراك عظم نعمة اهللا،

كانة اليت أخذناها يف املسيح يسوع، هذه حترك ومجال الشركة يف الهوته، واحلظوة واملا كل لكي نطرح عنالروح القدس فينا كل األشواق الطبيعية، وتلك اليت حيركها

وعلى قدر حتررنا من احملبة . يف الصالة االنطالقاألمور الزائلة الوقتية، اليت حترمنا من .الكاذبة تكون نقاوة صلواتنا، وثباتنا يف الطلبة

الصالة، وحمبة الذات

، ال لكي حنيا حسب العامل، ونطلب األمور الزائلة من امللك لنصل - ٦وعندما نطلب . )٣٣: ٦مىت (" أطلبوا ملكوت اهللا وبره"املسيح، بل كما قال هو

، وتقوى فينا اإلرادة للسعي ملكوت اهللا، فإن صلواتنا تتحرر من عدم ضبط الفكر .فينا العزم على البقاء يف حياة الشركة ىبتنا، ويقوحنو اهللا الذي يرى رغ

عزم اإلنسان، إذ جيعله يرفض أن يفرط يف إميانه، أو الروح القدس يؤله - ٧آخر، يءهذا نراه فينا بشكل جزئي عندما نفضل الصالة على كل ش. يترك املسيح

.طلبا للمسيح يسوع وحده ليس هربا من املسئولية، أو سعيا حنو مديح الناس، بل

٨ - كلما ثبت على البقاء يف املسيح، كانت صلواتنا هي وسيلة هذا العزمالبقاء، وهي ليست الضمان الكامل؛ ألن الضمان الكامل هو يسوع املسيح نفسه

.)٢٢: ٧عب (حسب كلمات الرسول بولس

Page 42: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٤١

ل هو عندما ندرك أن يسوع هو الضمان الكامل لكل عطية صاحلة، ب - ٩: ٤، ٢: ٢يو ١راجع (" كفارة ألجلنا ابنهأرسل "نفسه عطية اآلب، فإن حمبتنا لآلب الذي

س، وتصبح والروح القد واالبنجتعلنا حنب أنفسنا باحملبة اإلهلية الكاملة اليت لآلب )١٠قيمة ومكانة حياتنا ليس فيما نعمل أو منلك أو نقول، بل مبا أخذناه، أي عطية التبين

.سوع املسيحيف ي

لآلب حىت وكأبناءم الطاعة، لنحب أنفسنا كعبيد للمسيح حىت نتعل -١٠ندرك قيمتنا، وكوعاء وهيكل للروح القدس حىت نعرف أن الذي فينا يفوق كل ما

.يف العامل كله، وهو ما جيعلنا حنب أنفسنا بشكل صحيح، ومبحبة نقية

و نعمة، ومل نسمع صوت اآلب ومل إذا سألنا اآلب أن يعطي لنا شيئا أ -١١أو اإلميان؛ ألننا أعظم وأكرب جتعلنا ال نفقد الثقة ت احلقيقيةحمبة الذانأخذ شيئا، فإن

اهللا، أي الشركة يف أبناءلدى اهللا من كل عطية إال تلك العطية الواحدة اليت جتعلنا .الطبيعة اإلهلية

ن أن العطية أعظم، وإن ما مل نأخذه ، فهي جتعلنا نظحمبة الذات الكاذبةأما هو خسارة حقيقية، وهو ما جيعل احلزن ومعه صغر النفس يدخالن إىل حياتنا،

.وجيعالنا نشعر بفقدان الرجاء

ليكن لنا ثقة يف حمبة اهللا؛ ألن هذه احملبة وحدها هي اليت جتعل لنا قيمة حقيقية .لدى اهللا، وترفع عنا أثقال صغر النفس

Page 43: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٤٢

-٩- كيف نصلي صليب يسوع املسيح

س؟بالروح القد

يف صليب ربنا يسوع املسيح؛ ألننا ندفن الروح القدس باملعمودية يغرسنا - ١ .صلي الصليب، ال أن نرمشه فقطويا ليتنا نتعلم كيف ن. معه، لكي نقوم معه

ت الرب على أن جنعل كلما: وهذه هي الطريقة اليت ا نصلي الصليب - ٢الصليب قريبا من الفكر فقد جعلت هذه الكلمات. الصليب هي صلواتنا الشخصية

وباالهتماموباملغفرة، وبامللكوت " يا أبتاه"رنا بالصالة الربانية بدرجة فائقة، فهي تذك، "أنا عطشان"اجلسد احتياجاتيوحنا بوالدة اإلله، وبكل اهتمباألقارب كما

.يف الصليب )١(تغرسنا هذه الكلماتوعموما

لنصل ،)٣١: ١٢كور ١(" أنا أريكم طريقا أفضل"وكما قال الرسول - ٣ :الصليب على هذا النحو

أن نبدأ بقبول املوت، أي موتنا اجلسداين كحقيقة، وحنمل معنا هذا :ال أو ت نعمة املصلوب، املوت إىل اإلميان باملسيح املصلوب، وحنول املوت الطبيعي إىل مو

ى من كل فكر، ونتجرد من كل شهوة وقت الصالةأي موت الصليب، عندما نتعر .س، امللك السمائي أن جيعل نظرنا ثابتا على معاين أن نسأل الروح القد :ثانيا

، بل تركت كل يء، ومل حتفظ أي شيءالصليب، أي احملبة الباذلة اليت قدمت كل ش، واألمساء، وحىت صفات اد والقوة، وقبلت العار، واجللد، واملوت، األشياء، واأللقاب

وماذا ميكن أن نضيف إىل هذا، أليس هذا هو .. واهلزء، وتنكر األصدقاء، وقساوة األعداء

.املقصود كلمات أو عبارات الرب السبع على الصليب) ١(

Page 44: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٤٣

!جمال احلياة اليومية؟

من كل هذه األمور، وجنعلها مسامري الروح القدس لكي نقترب بقوة لنصل .سوم مع الرب مبجد الروح القدعقلية، وجراح احملبة، لكي نقاحلياة ال

Page 45: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٤٤

-١٠ - الصالة، وسر الشكر

ال تستطيع كلماتنا مهما كانت، أن تعبر عن عطاء حمبة اهللا، اآلب - ١. وال أن تشرح هذا السر اإلهلي الفائق الذي يفوق قدرة العقل .سوالروح القد واالبن

ألنه هو سر احملبة اإلهلية، واحملبة تعلو على كل قدرات العقل، سر جميد وفائق؛ وه .ومقاييس الفكر

د الذي يعطي لنا الكلمة املتجس االبننأخذ حياة وأقنوم - الأو - إننا - ٢ألننا ،ثانياو .د الذي ال ينفصل الهوته عن ناسوتهالهوته وناسوته؛ ألنه الكلمة املتجس

س الذي ينري عقولنا، ويرتب لنا كيف نشترك يف حيد بالروح القدالو االبننأخذ حياة فيه هو بالتقديس، وبإعالن األسرار اإلهلية؛ ألنه روح النبوة اشتراكنا، مثل االبن

.الذي يكشف لنا أسرار اهللا. واحلكمة

ومن هذا السر الفائق نتعلم كيف نصلي، وكيف تقوم شركة الصالة؛ - ٣كل املؤمنني معا بالرب رأس اجتماعوحدة الكنيسة جسد املسيح، وهو ألنه هو سر

.اجلسد، ومخلص كل األعضاء

اإلفخارستيا مدرسة الصالة

، واحدة ، وهي مجيعها هلا حياةأعضاء حنن نصلي كجسد واحد له عدة - ٤ا لنا؛ ألننا بدونه ال معا باحلياة الواحدة اليت يعطيه اهللا، الذي جيمع الكل ابنهي حياة

الفرد انضمامتولد من املعمودية، وتتغذى وتنمو من سر والصالة. لنا يف ذواتنا حياة االسمالواحد إىل الشركة يف املعمودية، إىل سر حياة الشركة يف اإلفخارستيا، وهي

ه واحدا؛ ألنه الرسويل، أي سر الشكر الذي فيه نقترب من الثالوث القدوس لنكون مع .هو ينبوع وأصل كل وحدة حقيقية

Page 46: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٤٥

حنن نصلي لكي يكون لنا شركة مع بعضنا يف يسوع املسيح، وألننا - ٥نأخذ جسد ودم ربنا يسوع نصبح أعضاء بعضنا البعض، وتصبح صالتنا هي صالة

ب يف يسوع املسيحاجلماعة، وألجل حياة اجلماعة، اليت توه.

التمجيد والشكر

اهللا اآلب " زلـمن"هي ألن الكنيسة؛ )١(أ القداس بتمجيد الثالوثيبد - ٦ ابنهتوجد الكنيسة جسد -حسب وعده -اهللا وحيث حيل. سوالروح القد واالبنالوحيد لكي يتجسد، وحيل بيننا ويصنع له االبن وكما أرسل اهللا اآلب. الوحيد

، االبن" مسكن"حه القدوس الذي بىن وشيد ن رومسكنا، أو بيتا بني البشر، يرسل اآلأي ناسوته احلقيقي الذي أخذه من سيدتنا العذراء والدة اإلله؛ لكي جيمع كل الذين

ذي حلاحلقيقي، أي ربنا يسوع املسيح، ال" املسكن"يرغبون يف شركة، ويقرم من اء جسده، أي جيمع حوله أعضالروح القدس س، وجعلوسكن بيننا بالروح القد

.)٢(الكنيسة

ك حنوناالروح يتحر

االعترافيف قلوبنا " بيرت"س؛ ألنه هو الذي حنن نصلي بالروح القد - ٧وخملص، وهو الذي يعطي لنا الشركة الواهبة املسيح كرب احلسن باإلميان بيسوع

لذي أقام يسوع نا روح احلياة، الروح اوقد أخذ. احلياة يف جسد ربنا يسوع املسيحمن األموات، لذلك نطلبه قبل بداية الليتورجية املقدسة، سائلني أن مينح لنا قوة الطلبة،

القلب، لكي نعرف كيف نقف يف حضرة الثالوث احمليي، وننال من نبع احلياة وانتباه

".والروح القدس واالبنجمدا وإكراما للثالوث القدوس اآلب ) "١(

".واحدة الوحيدة، املقدسة اجلامعة الرسوليةسالما وبنيانا لكنيسة اهللا ال"راجع عبارة القداس ) ٢(

Page 47: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٤٦

يف الروح القدس األبدية، فيض اخلالص الذي أعلن يف يسوع املسيح، والذي بشرنا به .بشارة الرسل

وحنن نشكر لكي نقدم .تبدأ صلواتنا بالشكر بعد متجيد الثالوث - ٨الطاهر على وجودنا يف البيعة املقدسة، وعلى عطية الوجود يف حضرة االعتراف

الثالوث، وعلى سائر النعم اإلهلية، وعلى عطية احلياة هنا على األرض؛ ألن عناية اهللا والصالة املرتبة على إميان اآلباء الرسل تبدأ بتمجيد . )١(اعةقد حفظتنا إىل هذه الس

الثالوث والشكر، لكي ال نبدأ صلواتنا بطلبات وتوسالت وشفاعات حىت ال نفقد .ترتيب الصالة، أي نفقد اإلميان جبود اهللا وصالحه

سشفاعة الروح القد

الساكن يف قدس الروح ال بالتمجيد والشكر ندخل ر النار اإلهلية، أي - ٩الكنيسة جسد املسيح، والذي مسس مبسحته، "املسيح"يسوع ليكون حلكي يؤس ،

فقط، بل لكي يفتح ينابيع العطايا وميسح اجلسد الذي يتكون من جسد االسمليس .املسيح املولود من البتول، أي حنن مجاعة املؤمنني

ها اإلميان الذي فينا؛ ألننا حنن ندخل بالتمجيد والشكر هذه النار اإلهلية، حيركالوحيد صارت لنا حركة متبادلة بني الالهوت والناسوت، فقد االبنبسبب جتسد

جاء إلينا، لكي جنئ حنن إليه، هو جاء إلينا بأقنومه، وعندما يتعذر علينا أن جنئ إليه وح نفسه ألننا لسنا نعلم ما نصلي ألجله كما يليق، ولكن الر"بسبب الضعف واجلهل

فهو قريب جدا، أقرب مما نظن، ليس فقط؛ ،)٢٦: ٨رو (" يشفع فينا بأنات ال ينطق اأين أذهب من "ألنه ميأل املسكونة وكائن يف كل مكان، بل كما يقول املزمور

فإذا كان داود النيب يعرف أنه ال . )٧: ١٣٩مز(" روحك، ومن وجهك أين أهرب

.يبدو ملن يقرأ أن األب صفرونيوس يكتب وصالة الشكر يف ذاكرته) ١(

Page 48: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٤٧

يهرب من الروح الذي مسحه ملكا على إسرائيل، أن" مسيح الرب"يستطيع، وهو حسب أبدية سحوا مسحةفلماذا نتصور أن الروح يهرب من الذين يف يسوع قد م ،

وهو " أنا أطلب من اآلب، فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إىل األبد"قول الرب .)١٧-١٦: ١٤يوحنا (" يكون فيكم"ليس فقط معنا، بل هو كما يقول الرب

حنونا؛ حتركه احملبة -ليكون معنا - س الذي جاء من عند اآلب فالروح القدألا طبيعته الفائقة اليت ترى خدمته ورعايته، واليت جتعل أشواقه النارية تندفع حنونا

وإذا كان الروح . حىت يف الصالة، لكي تفتح قلوبنا ملعرفة سر احملبة الذي ال يدركك معنا وفينا عندما نسعى حنن حنوه ينطق ا، فكم باحلري يتحريشفع فينا بأنات ال

.بالشوق واحملبة اليت سبق هو فغرسهما يف قلوبنا

فينا، ليس فقط بإعالن حمبة اهللا، بل؛ ألنه يأخذ الروح القدس ويشفع -١٠من قداسته امللتهبة بنار احملبة والشوق احلقيقي اإلهلي خلالص اإلنسان، ذلك الشوق

، وجاء مع ويف االبنالذي كان يف تدبري اهللا قبل خلق العامل، والذي جتسد بتجسد الالهوت بالناسوت يف احتدإنسانيا مثل هليب نار عندما شتعلوااملتجسد، االبنأقنوم

)٥: ٥رو (أحشاء البتول، فصار نار احملبة الواحدة األزلية، اليت يأخذ منها روح احملبة .سوالروح القد واالبناآلب حمبة ويسكب فينا

أما حنن الذين ال نفهم ما هو فائق، بل أحيانا ال ندرك ما جيب أن نقوله يف بشوق احملبة الذي يف قلب يسوع، وهو ذات الشوق الروح القدس كنايحرفالصالة،

جسداملت االبنالذي كان منذ األزل، وسكن يف قلب الرب كإنسان، ونقل من أقنوم .س، وبشوق الثالوث الواحد ليكون قوة حياة يف الكنيسةإىل الكنيسة بقوة الروح القد

تأمبإلينا، وكيف أراد أن يعطي كل ما له لوا أيها األخوة كيف يشتاق الرحىت جسده ودمه، وكيف سلم هذا الشوق للروح القدس الذي مسحه وسكب فيه

اغ ذلك الشوق الواحد غري املنقسم وجعله يف إنسانية أشواق اآلب، وأشواقه هو، وصليكون فيه هو كإله وأقنوم متجسد، ذلك الشوق اإلهلي وهلب احلب غري االبن

Page 49: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٤٨

آدم اجلديد، أي شوق يءلوا كيف عاد شوق اإلنسان إىل اهللا مبجوتأم. املنقسم .الصورة اإلهلية إىل أصلها، أي الثالوث القدوس

اليت ال تدرك إال مبا ذكرناه، وهو أقل الروح القدس ةهذه هي بداية شفاع .بكثري مما هو كائن يف جوهر احملبة، أي الثالوث القدوس

الكلمة اإلهلية، أي كلمة التعليم

قبل أن ندخل شركة جسد الرب ودمه، نسمع كلمة التعليم الرسويل، -١١س، وأعلن ا حقائق التعليم والروح القد واالبنأي كلمة اهللا احلية، اليت نطق ا اآلب

اليت جتعلنا نرى ذواتنا )١(بكلمة التعليم االستنارةوهكذا ندخل مرحلة . وأساس احلقك ا حنو احلق، ويدرك ا ، يتحر)٢(كما يف مرآة؛ ألن كلمة اهللا هي مرآة العقل

ويدرك ما هو ناقص، أو األشياء، ويرى العقل قدراته ورغباته عندما يدرس كلمة اهللا، .)٢٠: ٣أف (" الذي يعطي أكثر مما نطلب أو نفتكر"غري معروف، لكي يطلبه من اهللا

١٢- اليت )٣(عندما نسمع كلمة اهللا؛ ألن صلوات الكنيسة اجلامعة صللنس، بل والشهادة ى الصالة وطلب نور الروح القدتسبق تالوة كلمة اهللا حتثنا عل

.ربنا لنكون مثل الرسل والقديسني والشهداء األطهارليسوع املسيح

مث باالستنارة، وينتهي ،حسب التعليم اآلبائي يسري ترتيب احلياة الروحية يف اجتاه واحد حنو اهللا، ويبدأ بالتطهري) ١(

، بل هي مرحلة واحدة هي النمو والتدرج الدائم حنو اهللا، أي حنو هذه ليست مراحل منفصلة متباعدة. باإلحتادألريوباغي وعظات ديونيسيوس اوهذه املراحل الثالثة تظهر بشكل واضح يف كتاب رئاسة الكهنوت ل. اإلحتاد

وهي األقسام الروحية للقداس اإلهلي الذي يبدأ . ورجيينوس على سفر النشيد، ويف مؤلفات كل اآلباءأالعالمة باالستنارة بالكلمة واالعتراف باإلميان، ويصل بعد ذلك إىل االحتاد بالتناول الذي يسبقه برفع البخور، مث بالتطهري

.حلول الروح القدس

ورجيينوس فالعقل اإلنساين يرى ذاته فيما ينطق أمن التعبريات اهلامة عند آباء القرن الرابع ويعود إىل العالمة ) ٢( .ويقول

.صلوات السرية اليت تسبق البولس وباقي القراءاتراجع ال) ٣(

Page 50: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٤٩

بلة املصاحلةق

١٣- ر من ما أمجل وأعظم هذا الترتيب اإلهلي؛ ألننا باملصاحلة نتطهالوحيد، أي الشيطان وقواته الداخلية، واحلروب اليت يزرعها عدو احملبة االنقسامات

.ريرةالش

خدمة "ننا عندما ندخل لنتعلم كيف نتطهر بالسالم السمائي؛ أل -١٤فإن الكاهن والشماس ينذر )١٨: ٥كو ٢(اليت أعطانا إياها ربنا يسوع املسيح " املصاحلة

، يطلب كالمها عن املسيح نفسه أن نتصاحل مع اهللا؛ ألن )١(الشعب بالصالة وباإلنذار .)٢٠: ٥كو ٢(اهللا يعظ ؤالء، وهم يطلبون يف الصالة عن املسيح، تصاحلوا مع اهللا

لنطلب بإميان دون تردد أن نكون يف سالم مع اهللا بيسوع املسيح، ومع .إخوتنا، لكي يكون لنا سالم كامل يف قلوبنا

أريد أن يصلي الرجال يف كل مكان رافعني أياد " :يقول الرسول -١٥ر للصالة، ، ولذلك ال نستطيع أن نتطه)٨: ٢تيمو ١(" طاهرة بدون غضب وال جدال

.بنا أحقاد وكراهيةويف قلو

لنتعلم هذا الدرس الرسويل الذي هو أساس كل األشياء السمائية؛ ألن من ال ، وهو ما جيعل )٣٥: ١٨مىت راجع (يغفر زالت الناس، ال يغفر له اآلب السمائي زالته

.)٣٥: ١٨مىت (رنا قائال أن نترك من قلوبنا كل واحد ألخيه زالته الرب يسوع حيذ

ن حنترس؛ ألن زلة األحباء موجعة ومؤملة بسبب احملبة، ولكن علينا أن وعلينا أجنعل احملبة تنهض وتقف بقوة الصليب أمام األمل، وتصفح متشبهة باملسيح الذي صفح

.عن الكل

".اخل.. قبلوا بعضكم بعضا "هو نداء الشماس اإلنذار) ١(

Page 51: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٥٠

تسبحة وشكر الكنيسة مع اخلليقة

من صالة املزامري نتعلم أن نسبح مع كافة املوجودات العاقلة، وغري -١٦ل والتسبيح والشكر ينهض عزم ااهدين ويقوي الرجاء؛ ألننا عندما نتأم. لعاقلةا

استغرقوكلما . رها، يزداد إمياننا بقدرة اخلالق وحمبته وصالحهخليقة اهللا، وكيف يدب الفكر يف اإلميان بقدرة اهللا، كلما ضعفت فينا شوكة الكربياء وحدة الغضب؛ ألن

عظمة الكون ال تبعث يف اإلنسان صغر النفس، بل ختلق يف ضآلة اإلنسان أمام .مبحبة اهللا اإلنسان ثقة

١٧- ح وتشكر الكنيسةتسب السموات واألرض، خالق كل األشياء يف ربفهو الكلمة . ، واهب الوجود واحلياة واحلركة لكل املوجوداتابنهيسوع املسيح اخلالق، الذي جي حيفظ اخلليقة، وبدونه تعود إىل العدم، كل األشياء، وهو الذ لب

.وهي باقية بقدرة الكلمة

حامل األشياء بكلمة "بقوة كلمته؛ ألنه - من األرض أخرج الكلمة -١٨هو الذي يرسل ماء املطر، وينبت العشب على . كل الكائنات - )٣: ١عب (" قدرته

.)١٤٧مزمور (اجلبال، ويعطي طعاما لكل كائن حي

ر أن يأكلوا من طعام لكل كائن حي، أعطى البش مةولي الرب أقام -١٩خريات األرض، وهو الذي أخرج اخلبز لكي يشبع اإلنسان من الطعام، وأعطاه اخلمر

ومل يكن هذا . )١٥: ١٠٤مزمور (" مخر تفرح قلب اإلنسان"كما يقول املزمور بركةمر، مثل الذين مل يفهموا كل وال للخطية، والذين مل يفهموا عطية اخل عطاء للشر

واألخشاب، كلها عطايا صاحلة، ولكن ما ايا اهللا للخليقة، فالنار واملاء واملعادنعطأبشع وأفظع األدوات اليت عملها اإلنسان لكي يدما إخوته الذين ر خليقة اهللا، ويدم ر

.ينتمون إىل نفس النوع

٢٠- بويعطي الر يفتح يده فتشبع اخلليقة من "بل ،"يف حينه"اخلليقة قوت

Page 52: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٥١

١تكوين (، وهو الذي يدعونا لكي نأكل من الطعام، ولكي نشبع )٢٧: ١٠٤مزمور (" اخلري

.امسه، ونبارك )٢٩:

حسب اجلسد وحسب الروح

" البطل"كانت بركة اخلليقة األوىل، أي تلك اليت قادها آدم األول إىل -٢١من "لفساد املوت، بل " ليس طوعا"الرسول ، وقد أخضعت كما يقول )٢٠: ٨رو (

ومبوته ،جميء آدم الثاين الذي سوف يتجسد" وعلى رجاء"، بل "أجل الذي أخضعها .)٢١: ٨رو (" حرية جمد أوالد اهللا"إىل " عبودية الفساد"اخلليقة من " يعتق"وقيامته

أقنومه حتادامن عبودية فساد املوت ب ده اخلليقةبتجس االبنوهكذا أعتق ، بل "حسب اجلسد"بالناسوت املأخوذ من هذه اخلليقة أي القديسة مرمي، ليس

جاء خالق كل األشياء، وكون أمه العذراء بكلمته اخلالقة، وجعلها ."حسب الروح"ن جمد احلياة يت يريد أن يسكن فيها، لكي يعلاألرض اجلديدة البكر، والسماء الثانية ال

،فهو وحده احلياة، وهو وحده الواهب لكل األشياء، ولذلك. وبهاألبدية اآلتية فيه منها ما بعطية احلياة للقديسة مرمي، أي خبلقها مساء ثانية، وبشرا، وأما حقيقية، أخذ

اختالطل، وقدسه وطهره، وجعله واحدا مع الهوته بغري هو خملوق حسب آدم األو .وال امتزاج وال تغيري

حتاد بأقنومه؟ة باالوكيف حرر اخلليق

ت منه أوال إىل أقنومه الواهب احلياة، قلها من العدم الذي خعندما رد :أوال دهفأغلق هاوية العدم بتجس.

عندما جعل ناسوته يوجد وحييا ويتحرك كواحد مع الهوته، فجعل :ثانيا اجلديدة، ورأس ينبوع احلياة -بذلك - احلياة اإلنسانية حياته هو، وصار جسده

حسب "وليس " حسب الروح"وقد مت كل هذا . اجلنس اجلديد، وبداية اخلليقة الثانيةله اد مل يؤسس النعمة اإلهلية حسب قانون ونظام االبنوهذا يعين أن ، "اجلسد

Page 53: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٥٢

الطبيعة اإلنسانية الساقطة، وال حسب قانون ونظام الطبيعة قبل السقوط، بل .ق فيه وبهن وتأل، أي قانون احلياة اجلديدة، الذي تكوحسب قانون ونظام الروح

وما هو هذا القانون وهذا النظام؟

كان آدم . على من يقارن بني آدم األول وآدم الثاين واجلواب ليس عسرياوأكثروا أمثروا"ل ميلك قوة التوالد حسب الطبيعة اجلسدانية اليت نالت بركة الرب األوومع ذلك كانت اخلطية وخضوع اإلنسان لفساد املوت، سببا يف ،"األرض وائملاو

وهكذا . ن كانوا غري قادرين على اإلجنابوكثري ورجاال تعطيل هذه الربكة؛ ألن نساء. حمدودة، وعاجزة" حسب اجلسد"وكانت قدرة اإلجناب . ليصاباتأكانت سارة و

قادرة على اإلجناب، واليت قدرة وحنن مجيعا ندخل احلياة حاملني فينا ذات طبيعة آدم ال .، هذا هو قانون احلياة حسب اجلسد"نولد لكي منوت. "احلياة فيها مستعبدة للموت

ولكن عندما جاء آدم الثاين باحلياة احلرة اليت ال ختضع لعبودية الشيطان، وال ، ولكن ال منوت"منوت لكي نولد باملوت ميالدا جديدا"للموت، وال للفساد، صرنا

، بل منوت باملسيح، وفيه ومعه تتكون فينا حياةيءموت الطبيعة الذي ال يؤدي إىل شل مع فارق جوهري، وهو أا من العدم يف آدم األو نت حياةكومن املوت، كما ت

.والقيامة" احلياة"اآلن صارت ثابتة يف املسيح الذي هو

والدة حسب الروح

، والدة من الشركة يف املسيح )١(ليةحنن نولد حسب الروح والدة عق -٢٢هذه الوالدة ليست مادية وال منظورة، ورغم أن مياه املعمودية ". حياتنا"الذي هو

نابع من الروح، وما هو " عقلي"؛ ألن ما هو "عقل"و " روح"يوجد ترادف واضح يف كل مؤلفات اآلباء بني ) ١(

" عبادتكم العقلية"الرسول بولس ذات الكلمة استخدموهكذا . ، مبعىن أنه غري حمسوس أو مادي"عقلي"روحي هو .مبعىن الوالدة غري املادية، غري احملسوسة" عقلي"وهنا يستعمل األب صفرونيوس كلمة . أي الروحية

Page 54: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٥٣

الروح منظورة وحمسوسة، إال أا تنال القوة العاقلة للروح القدس، وتصبح بقوة .على أن تغسل اجلسد والنفس القدس، قادرة

مثل والدة إسحق، ووالدة يوحنا السابق، أي " روححسب ال"وكما ولد ربنا كل مولود ليس حسب قانون اإلجناب اجلسداين، بل حسب الوالدة الروحية اليت جتعل

ة، فهو خيلق من حياة ، من احلياة القدميجديدة س، الذي خيلق حياةهو مثرة الروح القدر والفاسد إىل جديد، ويتغيل ويف داخلها احلياة اجلديدة، لكي يتحول القدميآدم األو

حسب املسيح، من الفساد إىل عدم الفساد، ومن املوت الطبيعي الذي متوت فيه الطبيعة حسب اجلسد، إىل املوت الذي متوت فيه الطبيعة اآلدمية حسب الروح يف ح املسيح، حنن نتغير باملوت من احلياة اآلدمية اليت يبلعها الفساد، إىل احلياة حسب املسي

.اليت جيددها املسيح مبوت الصليب

تأملوا أيها األخوة كيف قدمنا أعضاء أجسادنا آالت خطية وجناسة، وكيف ر النية واخليال والفكر تصبح هذه األعضاء آالت برطهللمسيح؛ ألن موت املسيح ي

ن الفساد، واإلرادة والعواطف، وجيعلنا نرى يف موت الرب ألجلنا، املوت الذي حيرر موح القدجه حنو اآلب الوينقلنا إىل حياة املسيح اليت تتسسماوي، بقوة وحمبة الر.

حياة حسب الروح

.وأما احلياة حسب الروح، فهي تلك احلياة اليت يكوا املسيح فينا -٢٣ .ليست حياة جسدانية، بل حياة روحية يف الروح، أي يف الفكر واإلرادة واملشاعر

س، حىت تتحول احلياة اإلنسانية القدمية وتسعى حنوه بنعمة الروح القد طلب اهللا،حياة ت .إىل حياة املسيح نفسه، بالسلوك وليس بالتأمل وحده، باملمارسة وليس بالقول

وكمثال لوالدته، الروح القدس وحنن نتشبه باملسيح عندما نولد مثله منموته، أي عندما نفضل أن نعيش لآلب، ومنوت مثله مصلوبني كل يوم على مثال

فننقل حمبتنا لذواتنا من حمبة الذات املغلقة على الذات، إىل حمبة الذات املنسكبة يف حمبة

Page 55: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٥٤

الوحيد ربنا يسوع ابنهاهللا، واليت تبذل مبحبة، وليس عن قهر إىل اآلب قربانا يف قربان .املسيح

صالة حسب الروح

اة اجلديدة حدود الصالة وجوهرها، فهي ال تعطى وترسم لنا هذه احلي -٢٤، واالنتقامحسب اجلسد، أي صالة من أجل هالك األعداء وفناء األشرار، لنا صالة

واحلصول على متع العامل الزائلة؛ ألن كل هذه األمور ختلق فينا شهوات، وشرور .تزداد حسب نوع احلياة اليت حنياها

:هيأما الصالة حسب الروح ف

ترى أن كل األشياء املنظورة صادرة عن غري املنظور، وكل املرئيات :أوال فأصل العامل . احملسوسة خلفها قوة وإرادة إهلية، ونعمة روحية حتفظها وتعطي هلا البقاء

وعمله الذي الروح القدس املادي احملسوس هو العامل الروحي، أي قوة احلياة، قوة .الكائناتيعطي هبة احلياة لكل

تكشف الصالة حسب الروح القوة غري املنظورة اليت حترك املنظور؛ :وثانيا س، أي عامل املالئكة والقوات روحي الذي حيركه الروح القدألننا نقف مع العامل ال

لمنظورات، ال سيما ل ورعاية خاصة خدمةالروح القدس الروحية السمائية اليت يعطيهاوما أعظم أن نرى يد اهللا وهي . ر الذين جند أنفسنا يف معسكر املالئكةلنا حنن البش

ك اخلليقة املنظورة حنو مقاصد اهللاحتر.

السماء اجتماعهذا ما تغرسه فينا الليتورجية املقدسة؛ ألننا نرى فيها واألرض معا حتت رأس واحد هو يسوع املسيح، وبه ومن أجل الوحدة اليت أسسها

دة اليت مجع فيها الالهوت والناسوت يف أقنومه، فوحد بني املنظور ملتجسهو حبياته افيه، بل ألنه مجع حتت رأسه، أي حتت سلطانه االثننيوغري املنظور، ليس فقط بإحتاد

د األبدي يف كل ما هو أرضي، وكل ما هو مسائي، ووحوهو ا ،واحد دمها هلدف

Page 56: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٥٥

.دةالشركة يف احملبة اإلهلية الواح

ولذلك السبب نطلب". ننقاد بروح اهللا"حنن نصلي حسب الروح، عندما يف اخلدمة لكي يعطي لنا جسد ودم ربنا يسوع، كما أعطاه له عندما الروح القدس

وجتسس، ح القدد من البتول القديسة مرمي، فهو الذي يعطينا ذات اجلسد حسب الرأي كنعمة وعطية، ال ختضع حلدود الطبيعة واحلياة حسب اجلسد، أي اخلليقة األوىل

.اليت فسدت باخلطية

، أي أن "جسدا واحدا وروحا واحدا"وهكذا حنن نصلي لكي نصبح -٢٥ر، الذي وإن تنوعت أفراده وأعضاؤه، إال أنه نصبح اإلنسان اجلديد املخلوق حسب الب

ن ألنه املسيح، أي مأخوذ من املسيح، وحي باملسيح، ومتحد به؛ ألنه يتكوواحد؛ .ساب، بل بقوة وعمل الروح القدجديدا من آدم الثاين، ليس بقوة التوالد واإلجن

ا سعيويتكون هذا اإلنسان بالصالة؛ أل ل دائموالتجديد لنكون على للتحوليقة اجلديدة احلية بقوة الكلمة، أي كلمة اهللا، واليت صورة املسيح، ونصبح فيه وبه اخل

س، وتأكل خبز احلياة، أي جسد الرب ودمه، وهي ب من مياه احلياة، الروح القدتشرمجيعا ينابيع احلياة الفائقة اليت تنسكب من املسيح وحتيا به وحده؛ ألا ليست ينابيع

ن يشاء أن يصل إليها، بل هي ينابيع حياة آتية من اخلليقة القدمية، حيث يستطيع م .ستعطى باإلميان وبالروح القد احلياة اليت من اخلليقة اجلديدة اليت

٢٦- دنا الروحباإلفخارستيا، وهو ما جيعل صالة يوح ،واحد معا يف جسدا هي صالة اجلماعة، وصالة اجلماعة هي صالة الفردكل فرد من.

وحسب الروح حنن .ا له جسدهد، كل منوحسب اجلسد حنن عدة أفراأعضاء جسد واحد، إذ يتحول الفرد إىل عضو، والعضو هو وجود أقل من وجود

.الفرد، ولكنه الوجود األعظم

حد باملسيح لكي تصبح أقل مما كانت عليه حنن نترك حياتنا القدمية عندما نت

Page 57: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٥٦

."وأخذ صورة عبدأخلى ذاته "على مثال الذي ،قبل التجديد، لكي تصبح أعظم

.. .حقول وبيوت "الدنيوية، وكما قال الرب االهتماماتأما حنن فإننا نترك صبح اخلليقة اجلديدة اليت ال متلك شيئا باملرة يف اخلليقة القدمية، ولكن ما نلكي " اخل

.متلكه يف اخلليقة اجلديدة هو أعظم من كل ما هو كائن يف اخلليقة القدمية

وعرض، ولون وسائر الصفات املنظورة اليت ختلق لنا طول "وحسب اجلسد"، إال ما هو مقبول حسب "قوة ونعمة توحد"التنافر؛ ألن اخلليقة األوىل ال متلك

أما اخلليقة اجلديدة فطوهلا وعرضها وقوا هي املسيح، الذي ال يقاس مبا . الطبيعة، وال يوزن، بل هو يءي يقيس كل شنعرفه عن اجلسد، فاملسيح ال يقاس، بل هو الذ

وهو رب. الذي يزن كل األشياء، وال يقيم، بل هو الذي يعطي قيمة كل ما هو كائنواحد ،وابن واحد متجسع )٨: ١٣عب (" هو هو أمس واليوم وإىل األبد"، دوزولكنه ي

ثر وينمو دون أن يف كل واحد، يتكا حياته على املؤمنني، وجيعل حياته هو كائنةينقص، جيمع دون أن ينقص أو يزيد، تزداد أعضاء جسده عرب الزمان، ويظل اجلسد

كل هذا ال حيدث حسب اجلسد، بل حسب الروح، ولذلك كل ما هو .الواحدهو عطية ونعمة ال تنتمي إىل الطبيعة وما يعطى بالصالة حسب الروح يعطى بالصالة،

بالطول وبالعرض، واملسافة والسرعة، واحلركة يءشالقدمية اليت تعرف وتفهم كل إخل ....

الطبيعة اليت تولد ومتوت حسب قانون الطبيعة األوىل القدمية، أما هي هذه - خيدمها املوت بل الطبيعة اجلديدة، فهي تولد لكي تأسر املوت، وحتيا دون موت،

لص يسوع املسيح، وتوجد وتتحرك بقوة وعمل الفادي واملخ -كما ذكرنا سابقا .وليس بالقوى الطبيعية اليت أودعها اهللا يف اجلسد

س، وتصبح ب، فإننا نصلي بالروح القدعندما نصلي من أجل نقاء القل -٢٧ .صالتنا حسب مشيئة اهللا؛ ألنه يريد نقاوة قلوبنا

أن حنب كل الناس وكل الكائنات : وهذه هي الصالة من أجل نقاء القلب

Page 58: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٥٧

بها اهللا، أي حمبة ال تسعى وراء منفعة، وتعلو على كل الواجبات والعرف كما حياحملبة ال تطلب ما "حىت احلقوق اليت يقررها الناموس؛ ألن الرسول قال ووالتقاليد، بل

.)٢: ٣كور ١(" لنفسها

ويبدأ نقاء القلب مبطاردة األفكار الشريرة النابعة من املخيلة، أو تلك -٢٨ .ا يف الذاكرةاليت حفظناه

د، وخيلق املتجس االبنش ألن ميأل حياتنا حبياة املتعطالروح القدس لنطلب قوة .فينا اإلنسان اجلديد

لننظر إىل يسوع املسيح ربنا الذي هو آدم الثاين، لكي نرى كيف تولد وحتيا س يف بالروح القدفقد خلقت . يدةاجلد) الطبيعة اجلديدة اليت خلقها آدم الثاين(آدميتنا

اجلديدة اهللا احلية، احلياة مياه املعمودية، وتكونت بكلمة اهللا احلية لكي تقود كلمةمن فوق، أي من املاء والروح، ومن الصليب ايد، الذي هو باب احلياة؛ ألنه املولودة

، ومن ال يسمح مبرور احلياة القدمية املتشاخمة" الباب الضيق"، أو مثل "رحم"مثل القيامة اإلهلية، أي عدم الفساد وعدم املوت؛ ألننا بالقيامة نولد حلياة عدم املوت، اليت

عطي برجاء، وتسعى حنو ما هو جميد ومقدل دون تردد، وتم دون خوف، وتبذقدست.

وإذا تأميف حياة املسيح، وسعى حنوها، فإن الفكر القدمي يضعف ل القلبقابعة يف الذاكرة واملخيلة متوت بسبب قوة احلياة اليت يعطيها لنا ويتالشى، والصور ال

ربنا يسوع، وهي تطرد احلياة القدمية وتستويل عليها، لكي حتوهلا إىل حياة جديدة، أو حياته السابقة قبل اعتربحسب قول رسول الرب، بولس الذي " نفاية"تلفظها مثل

.املسيح ويوجد فيهمن أجل أن يربح " نفاية"اإلميان

؛ ألنه يقودها إىل أن تدرك قوة احلياة اآلتية اليت وهبها املخيلة يطهر التأمل أي كلمات صلوات األنبياء - ي كلمة اهللا احليةوتنق. املسيح لنا مبوته وقيامته

وى احلق فيها ليال وارا حىت يق" وذ"الذاكرة اليت حتفظ هذه الكلمات - والقديسنييف الذاكرة، فتقف كلمة اهللا مثل الروح القدس الكامن يف هذه الكلمات والذي يبثه

Page 59: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٥٨

سيف ناري حيرس الذاكرة، ويبيد آالم اخلطية وشهوات وجهل الصبا وحركات .الطفولة، وطياشة الفكر

Page 60: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٥٩

-١١ - املذبح املقدس السمائي

ع املسيح الذي لدينا مذبح واحد يعطي ذبيحة واحدة، وهو ربنا يسو - ١بالنية والفكر واإلرادة قدم ذاته لنا معطيا حياة لكل من يأكل جسده، وقيامة من املوت

.لكل من يشرب كأس العهد اجلديد، أي دمه املقدس

حنن ندخل الكنيسة لكي نأكل من مثرة شجرة احلياة، التناول املقدس اإلهلي يقة يف التسبيح والشكر نؤهل ألن نأكل ، وعندما نشترك مع اخلليءالكامل يف كل ش

.الكامل باملسيحاالحتاد طعام احلياة األبدية، ذلك الطعام الذي ننال به

؛ ألا هي اليت فاملسيح هو الكاهن، والذبيحة، وإرادته هي املذبح - ٢أعطت لنا ذلك الطعام السري الفائق الذي ال ندركه حسب اجلسد، بل حسب

.الروح

حيث يتوسط املذبح هيكل الرب ألنه مثل القلب اهليكلإىل وهكذا ندخل يتم التقديس معلنا أن السر خفي، اهليكليف الصدر أو العقل يف الرأس، وخلف ستارة الرب الذي فيه سوف ينري خفايا يءوأن احلقيقة سوف تعرف سريا إىل يوم جم

.ن سر حمبتهويعلالقلوب،

نفسه أن الطريق إىل الروح القدس قبل أن نتقدس بكلمة التعليم، معلنا لنا اهليكلوحنن ال ندخل لعهد مغلق على الذين مل يستنريوا بنور كلمة اهللا، أي رسائل معلمنا بولس، واإلجنيل املقدس، وأسفار ا اهليكل

د، املتجس االبنل هذه العطية الفائقة، أي حياة رنا ذا السر العظيم، وتؤكد لنا أننا نناالقدمي؛ ألن كلمة اهللا تبش .)١(ع علينا جسده ودمه، كما أعطى تالميذه القديسني يف علية صهيونهو الذي يوز، فلتكون حياته فينا

".اعطنا حنن أيضا.. يا الذي أعطى يف ذلك الزمان "راجع القداس الغريغوري ) ١(

Page 61: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٦٠

املذبح دعوة للصالة

يدعونا املذبح للصالة؛ ألنه خلف أيقونات القديسني، وهم شهود حمبة - ٣ آالمهم، وأشركهم يف آالمه وجمده، وصاروا معه اهللا الذي أحبهم وشاركهم يف ابن

.ذبائح روحية

فاملذبح ينال جمد الذبيحة، وهو وإن كان من اخلشب أو احلجر، إال أنه ناطق مسائي؛ ألنه رغم أنه من مادة غري ناطقة، إال أنه مثل خشبة الصليب، والقرب

يعرس األبدي، املقدس، ومياه املعمودية، وزيت املريون، كل هذه دإىل وليمة الع ت .سص، وتتجلى بقوة الروح القدلكي ا تدخل اخلليقة غري العاقلة تدبري اخلال

أخذ ربنا يسوع املسيح جسدا آدميا وبشريا، فأخذ ذلك العنصر األرضي وجعله آنية مقدسة يسكن فيها، ويتحد ا الهوته، وصار بذلك الرأس الذي جيمع

وغري املنظور، وفيه تنال اخلليقة غري الناطقة، بلغة البشر، قوة وبركة حمبته املنظور .هليةاإل

لإلنسان، وجعلها طعامه، وشرابه، ومسكنه املؤقت لقد خلق اهللا املادة خادمةالذي يشري إىل طعام وشراب مسائي، وسكن أبدي دائم، ليس من هذه اخلليقة، وذلك

ت واألرض، وجعل األرض لسكن البشر، لكي تكون السماء بعد ألن اهللا خلق السمواذلك سكنا أبديا هلم، يدخلون إليها بالعناصر املادية اليت حيملوا معهم يف أجسادهم

الوحيد، أي تلك اليت أخذها هو من االبنوأرواحهم، أي تلك اليت تتجلى بنعمة وهبة ها يف جسده، لكي تنال هبة البقاء يف جمد؛ ألا ريقة وجمدها باإلحتاد به، وصيهذه اخلل

.سومسحة احلياة من الروح القد ،االبنخدمت إرادة اآلب، فنالت بركة

، جعل لنا املادة خادمة"منا كواحد"اهللا، وصار ابنوعندما جتسد - ٤ية أعظم للتجديد، فهو قد جاء لكي يكمل اخلليقة األوىل، وجيعل اخلليقة الثان

وأكمل، ال لكي تباد األوىل، بل لكي تتحول فيه جميدة، بال غضن، أو عيب، فزرع

Page 62: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٦١

عليها مياه احلياة، ده من البتول كحبة احلنطة، مث سكب اآلببتجس الكاملة اخلليقةيف األردن، وماتت يف األرض على الصليب، وقامت حتمل معها الروح القدس أي

.جلي بنور احلياة اليت ال تغيب، أي تلك اليت بعثت من القرباألرضي املت

وقدم لنا هذه احلياة خبزا للحياة على مذبح حمبته األزلية، أي تلك - ٥اليت كانت تراقب الدهور، حىت جاء ميعاد العهد يف العلية، وقدم فيه جسده ودمه

ا ومعطى باحملبة األزلية اليت ال يقف مسفوكا روحيا، ومذبوحا باإلرادة، وموهوب .أمامها عائق

حتوال يف كيان -كما ذكرت سابقا -بذلك وصارت الصالة - ٦ الروح القدس اإلنسان، يشهد له املذبح والذبيحة، ويعلنه روح حمبة يسوع، أي

.)٥: ٥رو (الذي يسكب حمبة اآلب يف قلوبنا

يشهد املذبح يسو لنا بأن عهدفنحن نأت ،إليه، وجنده يف املوضع يع قائم .املقدس، أي هيكل اهللا اآلب، باقيا، يدعونا أن نتقدم لنأكل خبز احلياة

هو الشاهد ) أي املذبح(لنصبح مثل املذبح، يف ثبات نقدم الصالة، وليكن .ري حىت وإن أخطأناعلى حمبة الرب لنا، احملبة الثابتة اليت ال تؤثر فيها خطايانا، وال تتغ

نه ال يستحي أن يدعونا أخوة إيقول الرسول بولس عن ربنا يسوع املسيح ، فقد جاء ربنا )١٢: ٢عب (" كحإخويت، ويف وسط الكنيسة أسب بامسكأخرب " :قائال

اآلب السماوي، ويشركنا يف حياة اآلب، أي احلياة األبدية باسميسوع لكي خيربنا الوحيد الذي االبنهذه احلياة هي حياة . )٢: ١يو ١(وقد أظهرت لنا اليت عند اآلب

" أن تكون له حياة يف ذاته االبنكما أن اآلب له حياة يف ذاته، هكذا أعطى " :قال وأشركنا يف هذه احلياة لكي يكون لنا فيه هو حياة، االبنوهكذا جاء )٢٦: ٥يوحنا (

وإقامتنا يف النعمة تبدأ . )٢: ٥رو (" اونقيم فيه"وبه ندخل إىل هذه النعمة بامليالد الذي من فوق بسر محيم امليالد اجلديد، املعمودية املقدسة، مث بالطعام

Page 63: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٦٢

من يأكل "قوله اإلهلي حسب اهللا ابندائمة يف " إقامة"السمائي الذي يحيي ويعطي - ٥٤: ٦راجع يو (" وأنا أكون فيه يكون يف"وأيضا " رب دمي يثبت يفجسدي ويش

٥٦(.

من الفساد ر اخلليقةحتر شهادة بحاملذ

وخضعت " البطل"ل إىل مع اإلنسان األو احندرتإذا كانت اخلليقة قد - ٧لاخلليقة ورأسها اإلنسان األوللفساد ألن م كر اخلليقة من ل خضع للفساد، فإن حتر

اهللا كابن، أي سلطانه رأسه الواحد فهو الذي مجع حتتاهللا، ابند بدأ بتجس" البطل"كل ما يف السماء وما على األرض، وجعل الكل واحدا، أي ملكوتا )١٠: ١أف (

اإلنسان الواحد من وابناهللا، ابنواحدا مللك واحد هو ربنا يسوع املسيح نفسه .إله مساو لآلب حسب وحدة اجلوهر، وإنسان مساو لنا حسب التدبري اثنني

اإلنسان، فإن كلمة وابناهللا ابنأقنوم واحد متجسد : ما نقولوعند - ٨حسب هرطقة اثننيإىل االحتاد اهللا بعد ابن انقسامرغم أا تؤكد عدم " واحد"

ةهي إعالن مصاحل" واحد"إال أن كلمة -نسطور الفاسدة اليت مل متيز التدبري اإلهلي وسقوط آدم إىل بعد سقوط املالئكة انقسمذي اهللا مع اخلليقة، وعودة ملكوت اهللا ال

ملكوت واحد حتت رأس واحد، هو يسوع املسيح ربنا الذي له اد الدائم إىل األبد .آمني؛ ألنه ملك كل الدهور

أي ،"يطهر"د من القديسة والدة اإلله لكي اهللا، وجتس ابنوهكذا جاء - ٩ي العامل املادي املنظور، وهو ما يدعونا إىل وجاء لكي يفد. يفتدي اخلليقة من الفساد

)مجع مغطس(" ومغاطس"اإلشارة إىل عمله كرأس اخلليقة عندما نقدس املذابح املعمودية، واأليقونات املقدسة، وزيت املوعوظني، واملسحة السمائية امللوكية املريون

.اإلهلي، مث اخلبز واخلمر

على ذبيحة امللك العظيم القدس الروح استدعاءوحنن نقول يف أوشية

Page 64: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٦٣

رب حنن عبيدك اخلطاة غري املستحقني أن ترسل علينا روحك القدوس، نسألك يا"ومن الضروري ". رها ويظهرها قدسا لقديسيكوعلى هذه القرابني لكي ينقلها ويطه

ق نعتااومشتقاا يف صلواتنا، فإن التطهري هو " يطهر"أن نعلم أنه عندما نقرأ كلمة على اخلبز واخلمر، فإن الروح القدس وهكذا بسبب حلول. من الفساد والبطل

قابلة فاسدة طهري السمائي، أي ال تعد طبيعةالطبيعة املادية للخبز واخلمر تنال التحسب طبيعة األشياء الساقطة اخلاضعة للبطل، بل تصبح مسائية مثل طهارة لالحنالل

.ناسوت ربنا يسوع

هو حتاد الالهوت بالناسوتافإن ما تنتقل من األرض إىل السماء؛ وعند الذي ينقل كل ما هو أرضي إىل السماء، ويفتح ينابيع احلياة اليت ال متوت ويظهر لنا

كما يقول القديس وجتعل املذبحجمد العطية السمائية اليت توضع على املذبح، هو الروح القدس ألن؛ "سوح القدهو الر"الرسولية الرسويل يف القوانني أثناسيوس

وهو الذي ينقل كل األشياء حسب طهارة وقداسة كل ما هو مادي يف الكنيسة، .إىل جماالت إحتاد الالهوت بالناسوت قانون التدبري اإلهلي

اليت تتم يف الكنيسة ) مجع تقديس(وأحد هذه ااالت هو التقديسات عيت بكل س الذي ناله الرب يسوع املسيح إذ داملقد االسماملقدسة، اليت تنال ذات

لالشتراكأقنومه اإلهلي؛ ألا دعيت أمساء، واشتركت معه يف أحد "جسد املسيح"حق الواحد الذي االسم؛ ألن اجلسد هو "جسد املسيح"يف جمد ملكوته اإلهلي، ودعيت

اإلنسان الواحد يسوع املسيح يطلق على الرب، وعلى القديسني؛ ألم من واحد، أي الذي هو أيضا رب اد، فهو بالربوبية رب اد، وبالناسوت الواحد معنا؛ لكي ننال

.بالوحدة معه جمد ألوهيته

١٠- نعتاق اخلليقة، ويصبح هو مكان التقديس اشاهدا على ويظل املذبحراجع رو (" حرية أوالد اهللا"د وعالمة حضور الرب يف اخلليقة، ومبثابة دعوة إىل معاينة جم

.نعتاق من الفساد بالقيامة من األموات، عندما ينال الكل اال)٢١: ٨

Page 65: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٦٤

-١٢ - حتول اخلبز واخلمر

يف الليتورجية السمائيةالروح القدس باستدعاء

على قربان الكنيسة اجلامعة الرسولية، فإن اخلبز الروح القدس عندما حيل - ١ية لنة يف عوبسبب دعوة الرب يسوع املسيح، أي بإرادته املعلبالصالة، -واخلمر .ينتقالن إىل جسد الرب ودمه -صهيون

" عنصرين أرضيني"وهذا التحول السري والسمائي ينقل اخلبز واخلمر من - ٢الذي يدعونا إىل تناول جسده - وينال كل منهما من املسيح ". جسد الرب ودمه"إىل

الذي كون جسد الرب يف أحشاء البتول والدة اإلله - ومن الروح . ه اهلبةهذ - ودمه ، ويف تأسيس االبنالتقديس؛ ألن وحدة عمل أقانيم الثالوث تتجلى يف جتسد - مرمي

حياته إلينا، كما ينقل الروح تقديسه - بالروح القدس - االبن األسرار السمائية إذ ينقل ، وخيتم الطبيعة )٢٦: ١٥يوحنا (، ولذلك قيل إنه من عند اآلب ينبثق )١(إلينا وبنوته لآلب

دة يف يسوع املسيحاملستعبدة خبتم البنوة لتصري طبيعة ممج.

اخلبز واخلمر إىل جسد الرب ودمه، حىت إن من الروح القدس وحيول - ٣سيح احلي، وينال ، أي حييا حسب صورة املاحمليي morveيتناوهلما يصري له الشكل وعند حتول القرابني على املذبح، ترتفع عقولنا ملشاهدة جمد . بذلك احلياة اليت ال متوت

الروح القدس بالرؤية اليت يعطيها لنا -احلياة اليت ال متوت، وعندما نرى ذلك، نتحول باإلحتاد إىل إحتاد بعطية جسد ودم ربنا يسوع املسيح نفسه، وننتقل إىل جمد املسيح -

.جبسده احمليي ودمه الكرمي

.االبنأي بنوة ) ١(

Page 66: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٦٥

-١٣ - ملاذا أعطانا الرب جسده ودمه يف شكل اخلبز واخلمر؟

وهو مثرة . كان اخلبز هو أحد مسات الربكة يف عهد الرب مع البطاركة - ١تق، أي تتطهر بالتقديس كما سبق وقلنا، وبذلك تنتقل من رتبة األرض اليت تنال الع

ح قلب واخلمر الذي يفر. ضي إىل رتبة احلياة وعدم املوت السمائيةالفساد واملوت األر، يعطى اآلن كأسا لفرح أبدي، هو فرح لقاء املؤمنني بالعريس )١٠٤مزمور (اإلنسان .السمائي

وكما ميتزج اخلبز واخلمر بالنفس واجلسد، وتنال منه احلياة اإلنسانية قوامها تنال النفس واجلسد قوام احلياة اجلديدة، أي -س بعد التقدي -، كذلك )أو جوهرها(

.وينال اجلسد عربون القيامة. يسوع املسيح

أما النفس فإا تتغذى حبياة الرب يسوع وتتحول إليه، وتصبح منه حية إىل .األبد ال يقوى عليها املوت، وال يناهلا سلطان الفساد

يتحول سريا إىل جسد القيامة ونراه أما اجلسد، فألنه خاضع للحياة األرضية،ه يف حاالت س، وحنس بى بنعمة الروح القديسني وتتجلأحيانا عندما تلمع أجساد القد

ترفع س عندما ينعدم ثقل اجلسد، ويالزم الروح أو النفس حىت الفرح بالروح القد .رح السماويالنعمة عنا لكي ال نفقد حريتنا، ولكي نعود حبرية وشوق ونطلب الف

وعندما ننال عطية الشركة، فإن شركتنا نفسها هي اليت جتعل اخلروج - ٢من اجلسد مصدر تعزية وفرح؛ ألن الشوق إىل لقاء الرب جيعل حلظة املوت، أي حلظة

Page 67: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٦٦

.)١(يف السر ايد اشتراكناالنياح هي كمال

٣ - روح إىل عامل قه يف سر الشكر، تنتقل الوبسبب الفرح الشديد الذي نتذووحسب - ولذلك السبب .النور، ومساكن األبرار دون أن تالحظ أا فارقت اجلسد

نتذكر القديسني الراقدين، ونسأل أن ننال معهم -) الليتورجية(ترتيب اخلدمة اإلهلية ، وهذا يسبق تناولنا من األسرار "السماوية، كورة األحياء أورشليميف "ذات املرياث ي مع مجاعة القديسني ندخل مرياث امللكوت السماوي، ولذلك السبب املقدسة، لك

؛ ألننا باملسيح يسوع ربنا، وبذات "جممع القديسني" باسمعينه دعيت هذه الصلوات كون الكل جسدا واحدا، أي معهم باملسيح، لكي ي" جنتمع"الذبيحة اليت تقدسوا ا

.وليةرس عةجام سةمقد وحيدة واحدة كنيسة

وقربان اخلبز واخلمر يعطى لنا غذاء روحيا؛ ألن ربنا يسوع املسيح جاء - ٤ فدىده، وبذلك الطغمات السماوية بتواضعه وجتس" وثبت" ،اخلليقة كلها يفتديلكي

اإللوهةرئيس طغمة التسبيح الذي سقط بشهوة " حسد"كل القوات السماوية من .جمد اهللا وباختطاف مستقال عنه، عندما أراد أن يصري مثل اهللا

اإلنسانية مبوته على الصليب من املوت، وفدىسائر عناصر الكون وفدىعندما جمع املياه إىل تقديس الروح، ومثار األرض، أي اخلبز واخلمر إىل عطية احلياة،

ملنظور، العامل العلوي والعامل ا وفدىكل العناصر، طهرأي جسده املقدس، وبذلك .وجعل نور حياة جديدة يشرق بقيامته من األموات

.أي آخر ما يناله اإلنسان قبل املوت أو النياح" الزاد األخري"ا القدمية جدا اإلفخارستي أمساءكانت أحد ) ١(

Page 68: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٦٧

-١٤ - جتلي املسيح املحيي

اإلفخارستيار يف س

ال تبقى العناصر الروح القدس وبعمل -سريا -بتحول اخلبز واخلمر - ١الوحيد، وتصبح مثل ثياب الرب االبناألرضية كما هي، بل تتقدس، وتنال قوة حياة

التصق"تغيرت على جبل طابور، أي تشع بنور وجمد الالهوت؛ ألن كل من اليت .)١٧: ٦كور ١(" روحا واحدا"صار معه " بالرب

، )األفضل، العنصرين أي اخلبز واخلمر( بالصالة تتجلى هذه العناصروهكذا، - الوحيد لالبنبسبب قوة احلياة اليت -وتنال اء وجمد الالهوت، وتصبح

جسدا ونفسا يف جتسده، االبنوكما أخذ أقنوم . ده ودمه، أي حياته اإلهليةجسيأخذ إليه اخلبز واخلمر وجيعلهما جسده ودمه، وبذلك ينتقل شكل املسيح احمليي إىل اخلبز واخلمر، ويصبح ما نقدمه على املذبح هو جسد الرب ودمه؛ ألن القيامة

، دت الفساد، وأشرقت بنور حياة ال تغيبمن األموات هدمت سلطان املوت، وأباوجمد حىت أن كل ما يقترب منها ينال ذات وهكذا تشرق حياة الرب وتتجلى ببهاء

البهاء وذات النور البهي، مثل املياه اليت إذا وضعت على النار، أخذت حرارة النار .وقوا ونقلت احلرارة إىل كل جسد يتصل ا أو يغمر فيها

ى ربنا يسوع املسيح على املذبح محوال بقوته قربان الكنيسة كذا يتجلوهإىل جسده ودمه حىت أننا حنن الذين نتناوهلما نتحول بدورنا إىل شكل املسيح احمليي

مبجد احلياة اليت ال متوت، أي احلياة اإلهلية اليت أعطاها الرب جلسده يءاملض .بالهوتهاالحتاد املقدس بسبب

ألن قيامة الرباألقنومي، والقيامة بشكل خاص؛ االحتاد هذا فعل من أفعال

Page 69: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٦٨

وعندما أبادت املوت نقلت كل .جعلت كل ما هو متصل باملوت عدمي اجلدوىعناصر الكون إىل جمال احلياة اليت ال متوت، ونقلت حدود املوت من الكائنات إىل

يف محيم امليالد اجلديد، والزيت إىل ختم " حميية هميا" ههكذا جعلت امليا. جمد القيامة، فلم يعد "خبز احلياة النازل من فوق"امللكوت يف سر املسحة، واخلبز واخلمر إىل

يعطي الغذاء والسكن واملالبس لطبيعة متوت، أي -حتت سيطرة الفساد -الكون الغذاء واملسكن الطبيعة اإلنسانية، وبعد أن تتحلل ترقد يف التراب، بل يعطي

من حياة لكل االبنس، وحسب ما أعطاه حسب القيامة بقوة الروح القد واملالبس .من خيدم التدبري اخلاص باخلالص

على املوت، فقد جعل هذه احلدود قاصرةوعندما نقول إن الرب نقل حدود عدم، أي فكر الشر واخلطية، وبذلك أباد شر اإلنسان كله، حيث ينتهي الشر إىل ال

٥: ٦مزمور (" يتبدد عند اهلاوية"ث باخلطية، والذي يقول عنه املزمور اإلنسان امللو( ."ال تقوم عندك أفكارناقد عرفت أن "والذي رآه النيب فقال

وحنن نرى هذه احلدود .أما حدود احلياة، فهي يف إحتاد الالهوت بالناسوت ح الربلعابه، ولود األعمى بتراب األرض املمزوجب عيين املوقد جتلت ببهاء عندما فت

وبربكة اخلبزات والسمكتني، وبالسري على املياه؛ ألن عناصر الطبيعة خضعت له على .رجاء أن يعلن خضوعها يف يوم جمده، أي يوم الدينونة

وكما نرسم أشكال القديسني ورموز حيام على اخلشب واحلجر، فإننا ينتقل من covragic) حرفيا ختمه(الوحيد ورمسه االبنأن شكل بذات الفعل نؤكد

ع استطاعتهتة لكي حييها حسب قدرة احلياة القائمة من األموات إىل احلياة امليأن خيض .يءلنفسه كل ش

مع اخلليقة العلوية، ومع الكون الذي وهكذا علينا أن نتناول األسرار بفرح - ٢ .جسد الرب ودمه، ونال فيه، أي يف املسيح بداية اخلالص األبدينال عربون الفداء بسر

ودية لكي تعود كما وبعد صالة املعمودية يصلي الكاهن على مياه املعم - ٣

Page 70: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٦٩

ح أرضي، معلنا بذلك أمام الشعب اية اخلدمة، وبأن شكل املسي كانت، أي عنصرمعلى املع متوبذلك أخذ من املياه عنصر احلياة )١(دين يف مياه األردناملحيي قد خ ،

وقدسه، وبه خلق الطبيعة اجلديدة املساوية له حسب التدبري، فيعود العنصر األرضي الوحيد منتظرا معنا يوم االبنإىل ما كان عليه، حىت ينال التقديس الكامل يف يوم جمد

خيلص الكون بدوننا، بل أجسادنا يوم القيامة، إذ ال انتظارمن العبودية مثل االنعتاق .معنا يف نفس اليوم

لتجلي املسيح يف سر الروح القدس علينا أن ننتظر نعمة إعالن - ٤اإلفخارستيا، وال نرغم أنفسنا أو حنصر خيالنا فيها؛ ألن هذا غري نافع، بل ضار ال

.سيما للمبتدئني

.جرن املعمودية القدمي اسماألردن هو ) ١(

Page 71: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٧٠

-١٥ - جسد املسيح

حي،هو الذي يكمل وجودنا اجلسداين والرو سا معه، ومع اآلب بالروح القدوجيعلنا واحد

١ - بليس حسنا أن يكون آدم وحده "اإلله آدم وحواء قال عندما خلق الرأما يف . مرأةامن ضلع آدم وسواه ، وأخذ الرب)١٨: ٢تكوين (" أصنع له معينا نظريه

اء اجلديدة، أي الكنيسة اليت التجديد، فقد أخذ الرب يسوع من ضلعه هو، وسواه حول حبواء، وأكمل الرب أكمل الرب خلق آدم األو. )٣٠: ٥أفسس (" حلمه وعظامه"من

اليت أخذت من جنبه املطعون فداء اجلنس البشري حبواء الثانية أي الكنيسة املقدسة .ة اجلامعةالذي جرى منه املاء والدم معلنا القوة اجلديدة اليت ا خلقت الكنيس

الروح من اآلب، وتكلم آدم بنعمةاالحتاد ناال نعمة آدم وحواء احتدوملا - ٢، فأعلن السر )٢٣: ٢تكوين (" هذه عظم من عظامي وحلم من حلمي: "وقالالقدس

؛ ألن ألن املوت كان هو عائق اإلحتاداملزمع أن يكمله الرب يسوع مبوته احمليي؛ وملا رفع الرب املوت . بني البشراالحتاد اء عن األموات، ويهدماملوت يفصل األحيلبالصليب؛ ألنه صب دم اخلليقة القدمية املوت له إىل قوة؛ نفسه، أو أباده، حو

وهكذا جاء الرب لكي يرفع املوت، وينقل . )٤٢: ١٥كو ١(" يف عدم فساد"لكي تقام يعة، إىل نعمة احلياة اجلديدة اليت تنال فيها احلياة حدود احلياة من احلدود حسب الطب

وملا نقل الرب احلياة من املوت إىل . حدود عدم املوت بقيامة الرب من األمواتاحلياة حسب إحتاد أقنومه اإلهلي باملائت، أي اجلسد الذي أخذه من والدة اإلله،

:؛ ألنهجعل ذلك اجلسد ينبوع كل النعم

جبل التجلي حسب (شكله حسب إعالن جمد قوته على جبل طابور غير :أوال

Page 72: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٧١

.)التقليد الكنسي

مجد الناسوت بعدم املوت، وهذا جيعل الرب ينقل الناسوت من :وثانيا ألننا حسب طبيعة ياة حسب قوة وعمل الروح القدس؛ احلياة حسب الطبيعة إىل احل

وتستمر احلياة فينا مبا نتنفسه من هواء ل حنيا مبا نأكله من مثرات األرض،آدم األوأما آدم الثاين، فهو بعد قيامته يشرب من املياه . وما نشربه، وبشكل خاص املاءنسمة "الكلمة الذي هو واحد معه، ويتنفس االبناحلية، أي تلك النابعة من أقنوم

سري مثلنا على حتاد للحياة؛ ألنه ال يا، وبذلك صار قوة ، أي الروح القدس"احلياةقدمني، بل يتحرك بقوة الالهوت، وال يرى ويسمع باحلواس اإلنسانية اليت كان يرى ويسمع وحيس ا قبل قيامته وصعوده؛ ألن هذه احلواس صارت مغمورة يف جمال احلياة

باإلهلية غري املنقسمة، وهكذا صار الر "من االحتاد اخلليقة اجلديدة، ونقل" رأسحسب الروح الواحد الذي االحتاد ي حسب قوة الفكر واإلرادة إىلارجاخل االلتصاق

.يعطي احلياة والبقاء لكل الكائنات

الذي جيمع كل "هو الرأس الواحد -بسبب التدبري -صار الرب :وثالثا ، وهكذا جاء لكي جيمع وينقل )١٠: ١راجع أفسس (ما يف السماء وما على األرض يءش

املوت، إىل سيادة نعمة احلياة األبدية، ولذلك مجع كل ما هو للحياة، احلياة من سيادة س، وهو الوجود الذي ينقله إىل الكنيسة د الدائم يف اآلب بالروح القدأي الوجو

ليس بإحتاد جسداين حسب طبيعة اجلسد املادي " جيمع أعضاء جسده"اجلامعة ألنه يت دخلت مملكة املوت، أي املأخوذ من عناصر األرض، بل حسب جسد احلياة ال

أي العوائق اليت كانت جتعل احلياة حتت سيطرة " املتاريس"اهلاوية وهدمت وحطمت .املوت

أن ال -بسبب حمبتنا للرب -وبقيامة املسيح صار لنا حنن الذين أردنا - ٣ة من روح القيام"حتادنا اجلسداين باملسيح حسب ا لأن ننال كما بامرأةحد نت

بآخر، وهي رغبة طبيعية تؤدي االحتاد يف لنا رغبةوإناث حنن مجيعا ذكور. "األموات

Page 73: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٧٢

حتاد، وهذا امليل فينا، يعمل بة ال تشبع وال متتلئ إال باالبنا حنن البشر إىل الزواج، فاحمل. الكرازة بالزواج املقدس حسب إرادة ربنا يسوع املسيح وانتشارمن أجل منو الكنيسة

بالرب االحتاد عدم الزواج بسبب حمبتهم للرب، فهؤالء ينالون كمال اختاروا أما الذينأي جسد الرب على مستوى اجلسد، وعلى مستوى الروح، فعلى مستوى اجلسد،

وعلى مستوى الروح، أي احلياة ،يسوع املسيح نفسه الذي به يتحدون يف السر ايد .اجلديدةاجلديدة اليت يعطيها الرب يسوع للخليقة

وهكذا أخذنا من الشيوخ الذين سبقونا وساروا يف طريق القديسني أن البتولية ت اجلسد اليت تسود هي زواج النفس بالرب؛ لكي ينقل هذا الزواج كل قوانني وشهوا

بالرب، فننال بذلك سالم القيامة الذي يسود على االحتاد على آدم األول إىل نعمة؛ ألن اجلسد الذي )الشهوة اجلنسية(لصراع ضد شهوة اجلسد قلوبنا حىت يف حلظات ا

اجلنسي، هو نفسه باالتصاليسعى لكي يتكاثر بالزواج وينمو وميتد إىل ما بعد املوت والبنات الروحانيني األبناء، وإمنا ينمو خبدمة ومنو )بالتوالد(اجلسد الذي ال يتكاثر

.لقيامة من األمواتوالروحانيات، وميتد إىل ما بعد املوت بنعمة ا

٤ - ب إذ نشبع روحيا بطعام احلياة وكأس اخلالص، ونتحد بالرحد هكذا نتوقوة . بالرب لاللتصاقبنعمة احلياة يف املسيح، فتتحول الشهوة اجلسدية إىل قوة

بة، وفتيلة بالرب مثل حبل مثلث مفتول من ثالثة فتائل، فهو من فتيلة احمل االلتصاقإما حسب قوة الشهوة والفكر ،هذه الثالثة تنمو معا فينا .حتادة، وفتيلة االالشرك

س، وتنال الفداء يف الرب، وتكمل باإلحتاد أا تتجلى بنعمة الروح القد واإلرادة، وإما .)١(بالرب يف سر جسده ودمه

ر أن ؛ فإننا جيب على الفو)جنسية(وإذا وجدنا يف قلوبنا رغبات جسدانية - ٥نبحث عن األمور العظيمة العالية اليت كنا نظن، أو الزلنا نظن أا سامية وعالية؛ ألن

.الرابعة يف الفصل التاسع عشر من هذه الرسالة راجع أيضا الفقرة) ١(

Page 74: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٧٣

هذا حيرك فينا شهوات مستترة جتعلنا نندفع حنو هدف وغاية عزيزة علينا، الزلنا نظن أا هدف وغاية لوجودنا يف هذه احلياة، ويف أغلب األحوال تلتصق هذه الرغبة اخلفية

.باجلسد

نكشف فكرنا للرب وللشيوخ - انسحاقوبكل - لنجلس يف هدوء - ٦أي الذين ذاقوا وهم الزالوا يف هذا اجلسد املائت، حياة عدم املوت اختربواالذين املثلث الذي فينا، فلم يعد هؤالء ، وشفت هذه احملبة احلبلمن حبر حمبة املسيح قطرة

املرتفعة العالية حسب ظنون وشهوات يتحركون بقوة حياة اجلسد، أي طلب األمورراجع لوقا (" املستعلي عند الناس رجس عند الرب"عنها الروح القدس البشر واليت قال

، بل صاروا يتحركون بالتواضع، أي تواضع املصلوب الذي نراه يف عدم )١٥: ١٦وح؛ هؤالء هم أطباء الر. آخر يءالرغبات العالية، ويف تفضيل الرب على كل ش

.ألم نالوا حكمة املسيح

ألن أن نصل إىل جوهر احلبل املثلث، فال حناول قطعه؛ استطعناومىت - ٧ال يءهو أن القطع ختلص من ش االثنني، والفرق بني "صلب"املسيح مل يقطع، بل

نريده، أما الصليب، فهو الذي ثبت الطبيعة القدمية، وغرسها يف قوة احلياة لكي تحول، ولكي يبتلع احلي املائت الذي فينا، وهكذا، باملسامري يثبت الرب الطبيعة ت

.القدمية لكي تقوم حية

ى فتائل احلبل املثلث بقوة املسيح احمليي، يف السر ايد تتجل باالشتراك - ٨ى من أي نوع من ويف املسيح نر ."حتادفتيلة اال"، و"فتيلة الشركة"، و"فتيلة احملبة"أي

ل حبحتاد، والشهوة تصنع فتيلة فالكربياء تصنع فتيلة اال. ملثلثا نالهذه الفتائل قد فت .احملبة، واخلوف من املوت يصنع فتيلة الشركة

حيث تظهر كل ضعفات الطبيعة كل مستويات االحتاد " الكربياء"تصنع - ٩ حدمالقدمية يف األمور اليت نريد أن نت حدا، واألشخاص الذين نت.

بكل أنواعها، فهي ختلق فينا تصور احملبة على النحو الذي " الشهوة"أما -١٠

Page 75: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٧٤

.نريده، أي حسب شهواتنا

واخلوف من املوت يظهر يف اخلوف من الوحدة، وهو ما جيعلنا نطلب -١١ .حسب ظنون وأوهام اخلوف" الشركة"

.إلهلية وجودنا وكياننايكمل التناول من األسرار ا -١٢

حنن نأخذ بداية وجودنا يف املسيح يف سر امليالد الثاين أي املعمودية املقدسة، ونأخذ ثباتنا يف املسيح يف سر املريون اإلهلي، وننمو بغذاء احلياة والطعام

نولد ونثبت يف . هكذا يكمل وجودنا وكياننا اجلديد. السماوي يف اإلفخارستياننمو إىل فوق، إىل الرأس الذي منه كل األعضاء تنمو معا يف ثبات ويف الوالدة، و

.)١٩: ٢راجع كولوسي (فاعلية وقوة روح احلياة، أي روح يسوع املسيح

اهللا ابنوحنن نكمل يف احلياة؛ ألننا نعود إىل أصلنا وسبب وجودنا، وهو إلهلي، أي احلدود الكلمة ربنا يسوع املسيح، وفيه نبقى حسب حدود ختم املريون ا

اهللا يسوع املسيح، وهي حدود ابناليت رسمت وطبعت يف اخلليقة اجلديدة بواسطة بني احلياة واملوت، وبني الفساد وعدم فقد فصل الصليب. ورسم الصليب احمليي

فالرأس من فوق نازلة إىل . إذ أعلن يف شكله، هيئة وصورة احلياة اجلديدة ،الفسادحتول ما هو سفلي إىل مسائي، واليمني والشمال معا يف وحدة، أو يف أسفل؛ لكي

ذراع واحد يتقاطع مع السمائي واألرضي مؤكدا أن الرب يسوع سوف جيمع القدمي واجلديد لكي يبتلع احلي املائت، وحيول الشمال إىل ميني، أي ما هو حتت الدينونة وهو

ن لنا إن ما علوتقاطع الذراعني ي. ما هو يف رمز اليمني الشمال إىل ما هو ممجد فيه أيهو مسائي يفصل بني الدينونة والتربير، وما هو أرضي ثابت يف األرض؛ ألن األرض،

.)٢١: ٨راجع رو (أي اخلليقة األوىل سوف تعتق من الفساد بقوة ربنا يسوع املسيح

من عند اآلب، وهي أما هيئة وصورة اإلنسان اجلديد، فهي من فوق -١٣

Page 76: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٧٥

هنا على األرض، وهي جتمع ما هو حتت الدينونة، وما هو جديد وجميد؛ ألننا بقوة وتعلن اخلدمة املقدسة هذا . )١(ننتقل من الشمال إىل اليمنيالروح القدس وعمل

جمدا وإكراما للثالوث : التحول عندما يرفع الكاهن القربان إىل فوق ويقولحول املذبح ومعه الشماس مؤكدا بذلك نزول الطعام السمائي القدوس، ويدور

من فوق من عند اآلب خمتوما بعالمة الصليب، وموزعا على كل أرجاء األرض؛ والذي تدور ألن املذبح املقدس هو روحيا، نبع احلياة الذي يغذي كل اخلليقة،

لب الذي يوزع احلياة حسب رتبته؛ ألنه املركز أو الق حوله كل الكائنات، كلإنه هو : الرسويل أثناسيوسوحسنا قال معلمنا القديس . على كل أعضاء اجلسد

الوحيد على االبناملذبح الناطق السمائي، أي روح اهللا القدوس الذي يوزع حياة .كل الذين يأتون إليه

لصعيدة وبعد أن يدور الكاهن حول املذبح يعود إىل ناحية الشرق، ويرشم ا . الثالوث مؤكدا بذلك نوالنا نعمة احلياة اجلديدة وباسمالسماوية بعالمة الصليب،

ويرتب بعد ذلك الصالة املقدسة اليت ترافق إعالنات الكلمة اإلهلية من األسفار املقدسة ا مؤكدا أن إنساننا اجلديد يعلن بكلمة اهللا اليت ا خلقت كل األشياء، مث يكشف شيئ

ن كامل، أي يسوع املسيح، فهو يعلفشيئا حسب ترتيب الكنيسة إعالن اإلنسان المع الرسل يف اجتماعهحسب طقس الكنيسة املقدسة أوال بتجسده وصلبه وموته، مث

العلية لتوزيع جسده ودمه قبل آالمه احمليية مؤكدا بذلك عزمه على عطاء جسده ودمه .آلب، وليس حسب مكر اليهودبإرادته وحده، وحسب تدبري ا

.يعلن رأس اخلليقة اجلديدةالروح القدس استدعاءوبعد

من فوق، أوالفهو

اهللا، ابن وثانيا

.اعتمد املؤلف على تسليم رشم الصليب ونقل اليد من الشمال إىل اليمىن) ١(

Page 77: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٧٦

ما هو أبدي، رأس وثالثا

.، وهو قد جاء لكي جيمع الكل معهخملص ورابعا

يسوع ابنهوحنن على هذا املثال نرى اإلنسان اجلديد هبة وعطية اآلب يف .املسيح، أي حياتنا اجلديدة

من فوق، أوالفهي

رتبة بنوة، وثانيا

غرست يف أبدية يسوع املسيح، وثالثا

وفينا مجيعا، وليس يف فرد واحد . نعتاق اخلليقةاحنن بداية خالص و ورابعا .يعلن خالص اهللا يف يسوع املسيح

م يوزعه، فهو يقس اهللا احلي لكي ابنوعندما يقسم الكاهن جسد -١٤اجلسد من اليمني، من رمز إعالن اخلالص األبدي، ويرفع الثلث ويضعه فوق الثلثني

بل حكمنا بذلك مصاحلة الشعب القدمي مع األمم لكي يعلل اخلالص املثلث الذي فيه مع القدمي واجلديد معا، وصمالكل احلاملسيح رأس الزاوية وقوة اخلالص، والذي فيه ج

يف جسد بشريته لكي يكون اخلالص ليس حسب اجلسد، ولكن حسب الروح، وال اهللا، بل املولود من الروح كمثال والدة إسحق، ابنيصبح من هو مولود إلبراهيم هو

.ستم بروح املوعد، الروح القداملوعد الذي خ ابنهو

لثلثني، بل يبقى وحسب ترتيب اآلباء الشيوخ ال يفصل الثلث عن ا -١٥اجلسد مقسما بعالمة الصليب كاملة يف اجلسد كله، ويعطى املتناول مرياثه حسب

ننا أو. )١(أننا من املصلوب نأخذ مرياث احلياة األبدية -الطقس بذلك -الطقس معلنا

تفوق التعبري؛ ألن طقس تقسيم اجلسد كان يسلم شفويا، وينقل -وحنن نترجم هذا اجلزء -انت سعادتنا ك) ١(

.وهذه أول مرة نرى فيها شرحا مكتوبا. شفويا وال يدون باملرة

Page 78: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٧٧

كل عن اآلخر، نعود بالصليب إىل احلياة اجلديدة يف وحدة واحدة انفصلناحنن الذين .مع املسيح وباملسيح الواحد الذي ال ينقسم، لكي ننال معا قيامة واحدة

النفس؛ ألنه عالمة هو مرياث. النفس وقوة اجلسد الصليب هو مرياث -١٦وهو قوة اجلسد، ألنه نقل اجلسد من الفساد إىل . املصاحلة، والعالمة اليت قتلت العداوة .ةعدم الفساد، ومن املوت إىل القيام

حد مبجد املسيح، أي الصليب، لنأخذ هذا الثبات يف السر املقدس الذي فيه نتوهكذا بالصليب نال وجودنا اإلنساين كماله، أي باملصاحلة مع . وننال قوة القيامة

.ينبوع احلياة الوحيد، أي الثالوث املقدس، وبالوعد بالقيامة من األموات

راجع لو (" غي أن نصلي كل حني وال نفترينب" :قال الرب بفمه اإلهلي -١٧

،والفتور حيدث لنا عندما نسكب املاء البارد على املاء احلار، أي الشهوات .)١: ١٨ولكثرة اإلمث تربد " :وقال الرب أيضا. حىت الصاحل منها جتعل نار حرارة حمبتنا هللا تربد

.يوم الدينونة راباقت، مؤكدا أا أحد عالمات )١٢: ٢٤مت (" حمبة كثريين

لكي ننال الروح الناري الذي أوصانا الكبري أنطونيوس أن نطلبه ليال لنصل .وارا؛ لئال تربد حمبتنا هللا، وحنيا ألنفسنا مثل آدم األول وخنسر مرياث احلياة األبدية

Page 79: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٧٨

-١٦ - الصالة،

سومواهب الروح القد

ينا، وهو الذي يعلمنا الصالة فالروح القدس ننال مجيعا نعمة سكىن - ١فهو يقودنا لقراءة الكتب املقدسة، وكتب تعاليم اآلباء القديسني، ويزرع فينا . احلقيقية االبناحلياة املسيحية، أي احلياة حسب إرادة اآلب السماوي، ومبثال اقتناءرغبة

.سالوحيد، وبنعمة الروح القد

من أجل بناء جسد الرب، أي وينال الكل مواهب وعطايا خمتلفة - ٢س، أي ذات الروح الذي بنى، أو يبين هذا اجلسد هو الروح القدالكنيسة؛ ألن الذي

.كون جسده يف أحشاء البتول والدة اإلله القديسة مرمي

وليس من )١: ٥كور ٢(" بناء من اهللا" الكنيسة؛ ألن الكنيسة ويبين الروح ،ولدون من جديد يف سر حىت اية الدهور من األعضاء الذين يالناس، وهي تبين دائما

وهم يأتون من . إىل الكنيسة، أي سر املعمودية املقدسة وسر املسحة اإلهلية االنضماميف الكنيسة؛ لكي الروح القدس كل مكان وزمان حسب دعوة اهللا اآلب، ويغرسهم

.ينال كل مرياثه السماوي يف املسيح يسوع ربنا

جيعل شركتنا يف املسيح، وشركتنا يف الروح القدس تنوع مواهبو - ٣سه حسب الرب نفسه، وأس اختارهالعطايا السماوية هي طريق اخلالص امللوكي الذي

.مسرته

هو الذي حيرمنا -بشكل خاص - واالرتدادلنبقى يف الشركة؛ ألن اخلطية ، فهو املوت احلقيقي الذي االرتدادأما أما اخلطية، فألا عمى روحي،. من الشركة

.عاقبته النار األبدية

Page 80: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٧٩

، )١٦: ٣كور ١راجع (" سهيكل الروح القد"ا هو من واحد وإذا كان كل - ٤فإن ما يقال عن الواحد يقال عن اجلماعة؛ ألن الروح يسكن يف الكل ويف كل واحد

كناه فينا، ومواهبلكل عضو يف جسد املسيح خمتلفة على حدة، نعمة واحدة هي سع مقصود؛ ألن املواهب املختلفة تبين األعضاء هو تنو واختالف. الكنيسة املقدسة

فيه هي اليت جتعله الروح القدس كل مؤمن لسكىن واستجابةاجلسد بكل أعضائه، مساوية، لذلك ال يفتخر أحد، واحدة خيتلف عن مؤمن آخر، مع أن الكل نال نعمة

،ععلى آخر، بل لنسجد للثالوث الواحد غري املنقسم الذي تواض وال يرتفع أحد .وسكن فينا حسب مسرة صالحه

الروح اليت )١(وحنن نصلي يف الكنيسة املقدسة من أجل املواهب وعطايا - ٥جل أن وهكذا نصلي من أ. توهب للكل؛ لكي ندرك من الصالة مصدرها وغايتها

وطلب جتديد سكىن الروح . "ده يف أحشائناجد"س، ونقول نا الروح القديتجدد فيال يعين أن الروح قد فارقنا، وإمنا حنن الذين نتركه وننصرف عنه، وعندما نعود إليه

ال الروح القدس واألحشاء هي داخل اإلنسان؛ ألن ."جدد سكناك فينا"نقول كل أعضاء اجلسد، إذا كان هذا اجلسد يسكن فقط يف الروح، بل يسكن أيضا يف

.قد نال مسحة املريون اإلهلية

، فنحن نؤكد بذلك أن وجودنا "ال تطرحين من قدام وجهك"وعندما نقول حضرة الثالوث، هو وجود نعمة، ولذلك حنن نوجه صالتنا للوسيط الذي منه يف

ل البارقليط يف الساعة الثالثة ، فهو الذي أرسربنا يسوع املسيحالروح القدس أخذنا .على التالميذ، وهو رأس الكنيسة جسده الذي ميسحه هو بالروح القدس

أي الروح الذي ال يعرف الكذب والنفاق ،لنطلب الروح املستقيم - ٦. والرياء والغش واخلداع؛ ألنه روح احلق وروح احلياة الذي أقام يسوع من األموات

.هذه الفقرة هي أطول وأقدم فقرة تشرح لنا طلبات الساعة الثالثة يف الكنيسة) ١(

Page 81: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٨٠

حنتاج إىل تعليم األنبياء يف العهد اجلديد، أي الذين ؛ ألننا"النبوة"ولنطلب روح لقد نال روح النبوة آباء الكنيسة . يعرفون كلمة اهللا احلية اليت تعطى لكل جيلونال القديس كريلس روح النبوة . اجلامعة مثل معلمنا أثناسيوس والكبري انطونيوس

وة الذي به دبر ونال القديس باخوميوس روح النب. الذي حارب به بدعة نسطوروحنن لنا أنبياء يف كل جيل، وهم معلمو احلق . األديرة، وعلم األخوة حياة الشركة

.الذين ينالون من فيض روح احلق، شهادة احلق ليسوع املسيح، احلق املتجسد

لنطلب روح النبوة ونسمع األنبياء إذا كان لدينا تعليم مضاد لكلمة اهللا؛ ألن وح التمييز الذي به ينطقون كلمة احلق، ليس فقط ملقاومة البدع، بل األنبياء لديهم ر

.للشهادة ملا هو صحيح

:وهذه هي عالمات احلق لروح النبوة حسب احلق - ٧

.يتفق مع احلق املعلن يف الكتب السماوية تعليم :أوال

.الكنيسة ال سيما األسرار املقدسة استلمتهملا شهادة :ثانيا

.وسلوك حسب اإلجنيل ةقداس :ثالثا

.بالصليب كشريعة حياة التصاق :رابعا

أما الكربياء أم كل الرذائل والعجرفة والتشامخ والتعايل، وهذه أمور ال حتتاج والذين يسلكون حسب هذه الرذائل هم أنبياء كذبة ومعلمو املوت . إىل فحص

.وهالكهم واضح

ل الذين خيتلفون معه روحيا وجسدانيا إذا اب الضعفاء، ويقتالكذ يفترس النيب، فهو ذئب يف جلد خروف، ولكن أنياب الذئب ال ميكن أن ختتفي؛ ألا استطاع

.تظهر واضحة بعدم املغفرة وحفظ اإلساءة وتعيري اآلخرين بسقطام

٨ - سك الذي يرفعنا فوق األمور األرضية لنطلب روح العفة، أي روح النسيح وبالروح يسوع امل ابنهحية عقلية لآلب يف سة؛ لكي نكون ذبائحالصاحلة واملقد

Page 82: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٨١

.سالقد

لنطلب روح القداسة، أي العطية اليت جتعلنا قديسني حقا، أي معرفة - ٩. أنفسنا حسب حق املسيح، وليس حسب حكمة هذا الدهر وحكماء هذا الدهر

الرب يسوع املسيح هكذا سلك القديسون؛ ألم أدركوا أن القداسة هي سلوكنفسه، وهو مل يسلك حسب حكمة العامل؛ ألنه لو سلك حسب العامل أو حسب

ولكنه سار إىل اجللجثة حكمة العامل لكان قد جلس مع بيالطس أو هريودس حيكم، ، وعندما جتسد جعل ناسوته بقلب ثابت؛ ألنه كان منذ األزل واحدا مع اآلب

.اجلديدة مع اآلب من خالل طاعته وقداسته واحدا معه لكي يؤسس الوحدة

حنن لسنا قديسني حسب منطق الدهر الذي حيكم بالقوة؛ ألنه ال يعرف - ١٠حمبة املصلوب، وحنن ال نسلك بقوة الدهر، بل بقوة امللك احلقيقي ربنا يسوع املسيح

ونال ه دلدرك العامل قالذي جموته اعتربوته، بل زأ اجلنود ومات؛ ألنه كان قويا، ومل ي .ضعفا

، فهو تقديس حمفوظ لنا يف سيس من الروح القدوعندما نأخذ التقد -١١العهد اجلديد، وهو يضمن هذا العهد بقوة الهوته " ضمان"املسيح؛ ألن الرب هو

وذا الرجاء حنن .سيف ذات جوهر اآلب والروح القدوحمبته للخطاة، وشركته ال ميكن أن تنال منه اخلطية، حىت تلك اليت ترتكب الروح القدس ديسعاملني أن تق

، ولذلك قال بعد تناول األسرار، أو حىت بإرادة واعية؛ ألن النعمة أقوى من اخلطية .)٢٠: ٥رو (" ألنه حيث كثرت اخلطية زادت النعمة"الرسول املبارك

قد ضاعت، وإن خطايانا أقوى ةاب، وقال لنا إن النعموإذا جاء احملتال الكذ ب اإلله، وليتفرق مجيع أعدائك، "من نعمة اهللا، فلنقل بكل جسارةقم أيها الر

ألن أعداء اهللا احلقيقيني هم ؛ "القدوس امسكوليهرب من أمام وجهك كل مبغضو .الذين ينكرون نعمته وحمبته للخطاة

، ولذلك نطلب )١٢: ٥٠ مزمور(" بروح رئاسة أعضدين"يقول املزمور -١٢

Page 83: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٨٢

، ولكي نطرد األرواح "ندوس احليات والعقارب"السلطة اليت وعد ا الرب لكي للكنيسة، ولكل من يطلب حسب يعطالذي أالروح القدس هذا سلطان. النجسة

.سإرادة وعمل ومسرة الروح القد

أننا نعود يف النهاية ليكن لنا حكمة الشيوخ؛ ألننا رغم أننا نطلب مرياثنا إال -١٣فيه هو، وألنه هو نور حياتنا، كاملة استنارةإىل نور احلياة ربنا يسوع املسيح الذي أعطانا

.أنا هو نور العامل: لكي نسري مع الذي قالالروح القدس ننال النور احلقيقي، أي نور

والدة اإلله الكرمة احلقيقية

د ربنا يسوع اخلالص، وهو جتسبعد هذه الطلبات نعود إىل أصل -١٤املسيح، وحنن نذكر والدة اإلله الكرمة احلقيقية؛ ألا هي الكرمة اليت غرسها الرب يف

وع املسيح، صار كل ملك إبراهيم وإسحق ويعقوب، وملا أمثرت عنقود احلياة ربنا يس .الربحيسب غصنا جديدا يضاف إىل كرمة " مثار الكرمة"رب من من يأكل ويش

وحلت العذراء حمل شعب بين إسرائيل؛ ألا أم الشعب اجلديد اليت ولدت لنا د وألن الرب جتس. الوحيد االبنأصل احلياة آدم اجلديد، وإسرائيل اجلديد، أي كنيسة

.ت حمل الكرمة األوىل، أي الشعب القدميمنها، صارت هي الكرمة احلقيقية اليت حل

نا له اد بأنه هو الكرمة، فهو قول إهلي يؤكد وحدة الرأس، أي أما قول ربد تؤكد حقيقة جتس" هي الكرمة احلقيقية تأن"سوع باجلسد، وعبارات الصالة ربنا ي

ربنا يسوع من والدة اإلله، ودخول األمم يف مرياث إبراهيم وإسحق ويعقوب، وهو الوحيد الذي منه ولد الشعب اجلديد ميالدا االبنما جيعل العذراء األم اليت ولدت

.سح القدفائقا بالرو

١٥- ابند ويف كل مرة نذكر والدة اإلله يف صلواتنا، نؤكد أننا نؤمن بتجس .اهللا، ونعزل أنفسنا عن تعاليم نسطور وأوطاخي

Page 84: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٨٣

وتكرمي ومتجيد والدة اإلله هو تكرمي ومتجيد للمسيح يسوع ربنا؛ ألنه هو أيضا عن ، وهو متجيد يقال)٧: ٢فيليب (د منها وأخذ صورة العبد وجاء وجتس تنازل

ا، جيعل اهللا ر اليت أظهرها الرب حنو جنسنا الساقط الذي مل يفعل صالحنعمة حمبة البشق يف جناسات الوثنية، وأوحال اخلطية، وحتول من عدم املوت إىل يشفق عليه، بل غر

.رة اهللا إىل عبودية اخلطيةاملوت، ومن حرية صو

من نعمة سكىن الالهوت يف امتالئهاإننا حقا منجد والدة اإلله بسبب -١٦االبند أحشائها، وجتس كىن الالهوت فينا حنن، الوحيد؛ ألن هذا يدعونا إىل اإلميان بس

.عن اهللا واالغترابوتقديسنا وانتشالنا من ربقة اخلطية وجناسات املوت،

١٧- تت الكنيسة اجلامعة هذه الصلوات، وبشكل خاص صالة وهكذا ربمع الرسل يف الروح القدس من امتألتالساعة الثالثة لكي تؤكد أن والدة اإلله اليت

الروح وسكىن ديسني شهادة على دوام نعمة حلولهي مع الرسل الق. يوم العنصرة .فينا، حنن الذين صرنا جسد يسوع املسيحالقدس

اليت جيب أن نطلبها دائماالروح القدس عطايا

١٨- لنطلب سعطي لنا قداسته، ولكي كىن روح احلق املعزي فينا؛ لكي ي .ننمو بقوته حنو ما أخذناه يف سر املعمودية، ومسحة املريون اإلهلية

فينا عندما نغتسل يف مياه احلميم اجلديد، وننال الروح القدس يسكن -١٩ .وع املسيح ربنا يف أختام املريون اإلهليةمسحة يس

ختم ال "وال تضيع النعمة باملرة؛ ألا حسب ترتيب كنيستنا املقدسة .)١("ينحل

.ملعمودية املقدسةراجع صالة خدمة ا) ١(

Page 85: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٨٤

يد ال يشبه ما أعطي ؛ ألن ما رتبه آدم اجلدوال تقوى اخلطية على نعمة اهللاد سبب جتس، فقد تفاضلت نعمة اهللا، وفاضت علينا حنن البشر بيءآلدم األول يف ش

الوحيد كلمة اهللا الكائن يف حضن اآلب االبنالوحيد، وصار رأس إنسانيتنا هو االبن، الذي له الثبات اإلهلي يف الصالح، )، وصالة قسمة عيد امليالد١٨: ١راجع إجنيل يوحنا (دائما

ب ومعر، وأزلية القداسة، ونقاء احملبة، والوحدة التامة مع اآلوالبقاء يف عدم التغي وهكذا صار لنا رأس خالص ال ميكن . يف اجلوهر الواحد غري املنقسمالروح القدس

الوحيد االبنمقارنته مبن سبقوه من األنبياء وامللوك واألبرار؛ ألن كل هؤالء هم خدام .ربنا يسوع املسيح

يف أصلها وينبوعها ربنا يسوع -اليت آلت إلينا -وهكذا ثبتت النعمة -٢٠، أي الروح "ز الصاحلاتـكن"املسيح نفسه، إذ صار هو الوسيط الذي أشركنا يف

نفسها؛ ألنه بدون هذه الشركة ال خالص لنا الروح القدس املعزي لكي ننال قداسةوال رجاء يف احلياة السماوية األبدية مع الثالوث القدوس، الذي يعطى لنا من قداسته،

الروح القدس يسوع املسيح، وبنعمة ابنهئمة مع اآلب يف لكي نبقى يف شركة دا .املعزي

يف الكنيسة اجلامعة واهليكلوالدة اإلله

الوحيد، حنن نبين الكنائس لكي االبن )حرفيا طقس(وحسب ترتيب -٢١س بالروح القد -ألن الثالوث تكون عالمة على سكىن الالهوت فينا ويف كل اخلليقة؛

- ١(يف كل مكان، ومالئ الكلحاضر(.

املقدس ويف وسطه املذبح، هو سكىن اهللا مع شعبه اخلاص، واملذبح واهليكلهو شهادة البذل والعطاء الفائق، ولذلك السبب يغطى بقبة خاصة شهادة ملكانة البذل

.القطع الثانية من صالة الساعة الثالثة) ١(

Page 86: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٨٥

.والذبح الذي مت حسب التدبري، والذي أصله يف جوهر الالهوت

حضور اهللا يف العامل، ويفصله عن خورس املوعوظني وخورس املؤمنني شهادةباب املوعوظني؛ ألن خورس املوعوظني هو شهادة للراعي الصاحل الذي جيمع اخلراف

.ويأيت ا إىل احلظرية، لكي تنال القوت السماوي، وحتيا حسب مسرة اآلب

يكلاهلللمؤمنني، ليس ألن اهليكلاإلهلية خارج وحنن نقدم الذبيحة -٢٢إىل خورس اهليكلبل ألن خروج الذبيحة من أكثر قداسة من خورس املؤمنني،

اهللا، وسرعة حركة حمبته وتنازله لكي يطلب خرافه ابناملؤمنني هو شهادة لتواضع .ويعطي هلا طعام احلياة

إذا وقفنا يف هيكلك املقدس حنسب مثل : وهكذا نقول يف صلواتنا -٢٣ألننا حنن حنمل عرش اهللا مع تب السماوية؛ مثل الر القائمني يف السماء، أي

م عليهم بسبب جتسالوحيد الذي رفع االبند الشاروبيم والسارافيم، بل حنن نتقدالوحيد نفسه، االبنرتبة البشر، وجعلها أعظم من رتبة املالئكة مبقدار عظمة وجمد

وت بالناسوت يف أحشاء فنالت اإلنسانية هذه الكرامة الفائقة بسبب إحتاد الاله .القديسة مرمي

وملا تنبأ حزقيال النيب وقال إنه رأى بابا يف املشرق دخل منه رب القوات ، صارت والدة اإلله هي باب )٢: ٤٤حزقيال (وخرج وظل الباب كما هو مل ينثلم بناالسا إىل العامل، وصارت شهادة على تنازل السماء الذي دخل منه ربنا يسوع متأن

.الوحيد

٢٤- بل هيكل للشعب اجلديد هو والدة اإلله نفسها؛ ألن الرنفسه وأوسكن فيها مبلء حريته وسلطانه، معلنا حريته وحمبته وقبوله الدائم األبدي لإلحتاد

وجاء الرب لكي يبين بيته ."العهد اجلديد"بالطبيعة اإلنسانية واضعا بذلك أساس ، أي الشعب املختار للتبين ووراثة املواعيد اليت سبق الرب )٦-١ :٢راجع عب (اجلديد

.وتكلم عنها بواسطة األنبياء القديسني

Page 87: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٨٦

د من البتول ظل يف أحشائها حسب حدود الطبع اإلنساين تسعة ا جتسوملوحقا . فيها ضيق األحشاء املقدسة، وذاق فيها حمدودية الطبع اإلنساين احتملأشهر،

له هيكل العهد القدمي، هو هيكل العهد اجلديد الذي يعلن زمالذي ر كلاهليظل ذلك .لنا حمبة البشر

ب حبكم امللك البار قسطنطني، رت االضطهادوملا بىن اآلباء الكنائس بعد زوال من العذراء، وتأكيدا على حمبته للبشر وتنازله؛ االبند بتجس اعترافا اهلياكلاآلباء بناء إن : املذبح املقدس الذي يعلن لنا بصوت تسمعه اخلليقة كلها اهليكلعلوا يف ألم ج

.واهب احلياة اجلديدة للخطاة، وباعث املوتى من القبور، ومن أسر اخلطيةهو اهللا

٢٥- كناه يف هيكل هذه الثقة يف مراحم اهللا اليت أعلنها يف جتسده، ويف سسة مرمي، ويف هيكل شعبه، أي ذلك الذي يصنعه هو العهد اجلديد، والدة اإلله القدي

لنا يف ىالوحيد، أي الطبيعة اجلديدة اليت تعط ابنهمن جديد، ويبنيه من جسد ودم يف سر املسحة باملريون، هذه الطبيعة اليت الروح القدس املعمودية املقدسة، وتنال ختم

يف جتسد ي مثرة زواج، بل معلنةن، وال همل تولد من حلم ودم، وال جاءت مبشيئة إنسا .)١٤-١: ١يوحنا (الوحيد حسب كلمات اإلجنيلي يوحنا االبن

لنا باب افتحييا والدة اإلله " :وإذا كان لنا هذا اد الفائق، فلماذا نقول واجلواب هو أننا نطلب أن ندخل معها يف ذات اد الذي نالته بعد صعودها ؟"الرمحة

.احلبيب بعد رقادها ابنها إىل السموات مع

حنن ال نزال نعيش يف العامل، رغم أننا ملوكا وكهنة، ولنا مرياث القديسني، ن فينا الثالوث، لكننا مل ندخل بعد الكمال، أي كورة األحياء إىل األبد، لذلك كوس

اب نصلي لكي ننال ذات اد الذي أخذته والدة اإلله، ولكي تفتح لنا الباب، أي ب .معها الرمحة بشفاعتها املقدسة لكي يكون لنا شركة

Page 88: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٨٧

اإلنسان اجلديد يف املسيح هو هيكل اهللا

٢٦- بوحلوملا سكن الر ، د منها حسب التدبري، يف أحشاء البتول وولومن العذراء القديسة مرمي، وأسس الروح القدس أعلن لنا الوالدة الروحية مبيالده من

.رتقاء حنو عطية البنوةامن املاء والروح؛ ليكون لنا " الفوقاين"بذلك امليالد

وسر امليالد من فوق يف املعمودية املقدسة يأخذ جذوره من ميالد الرب نفسه إىل ابنهأرسل اهللا روح أبناءوألنكم "من العذراء مرمي، وعن هذا يقول الرسول

ويف ملء : "هذه الكلمات الرسولية قال وقبل .)٦: ٤غال (" ا أيها اآلبقلوبكم صارخا أب، وأعلن "مولودا حتت الناموس لننال التبين ،مولودا من امرأة ابنهالزمان أرسل اهللا

بذلك أصل والدتنا الروحية؛ ألننا نولد من أب وأم حسب اجلسد، ولكن نولد من اهللا األساس لألقنوم سلم هذا ألن الرب ملا جتسدحسب الروح؛ الروح القدس من

هو بداية وجودنا حنن يف الروح القدس وجعل وجوده اإلنساين الذي كونهالثالث، املتجسد، وملا ولد من العذراء القديسة مرمي، االبنس، أي يف وم الروح القدأقن

كوسيط االبنهو للوالدة من فوق بواسطة الروح القدس صار وجودنا اإلنساين يفأعطانا الرب الروح القدس وبوالدة ربنا يسوع املسيح من. ديد لإلنسانيةورأس ج

أن ننال ميالدا مثل ميالده، الروح القدس الذي غرس اجلنس البشري اجلديد يف .أي حسب املثال املعلن يف سر ميالده

س، ليكون لنا ذات جمد آدم، وبه من الروح القد)املسيح( حنن نولد فيه -٢٧، )٣٠: ٥أف (الثاين، ولكي نصبح هيكال هللا اآلب يبنيه يسوع املسيح من حلمه وعظامه

رو (س، ويؤهله لتقدمي القربان السمائي الروحاين، أي حياتنا العقلية وح القدومبسحة الر

١: ١٢ (.

٢٨- هو إرادتنا، وهيكل روحاين هو كياننا كله، وكاهن مسائي لنا مذبحيسنا خلدمة الرب حيث نقدم القربان كل يوم، وهو ذبائح احلمد خاص هو تقد

Page 89: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٨٨

رئيس الكهنة وأسقف نفوسنا اسموالشكر اليت يسر ا اهللا واليت نرفعها كل يوم يف .)٥-١: ٢بطرس ١(يسوع املسيح

وذبائح الصالة واحلمد والتسبيح تأخذ قوا وأصلها من الذبيحة -٢٩لكاهن والذبيحة، وتنال قوا يف املسيح؛ ألنه قرب األعظم ربنا يسوع املسيح ا

س، وجدد الطبع دس اإلنسان يف الروح القداإلنسان إىل اهللا مبصاحلة موته احمليي، وقحرفيا، (القدمي، فصارت كل خدمة الرب الكهنوتية خاصة باحلياة العقلية الناطقة

.)الناطقة، وأضيفت كلمة العقلية لإليضاح

ب خدمة تقدمي الذبائح اليومية يف هيكل سكن الروح فينا لكي يرتي -٣٠بر الرسب، وهو ما يب إن السماء . ويفرحبه حياتنا الذي بناه الروعندما قال الر

اجلديد يف خدمة اهليكل، فقد كشف عن شركة )٧: ١٥لو (تفرح خباطئ واحد يتوب ا ويشتركون معنا يف كل أفراح وأتعاب احلياة، وتسبيح السمائيني الذين يراقبون سريتن

قربانا على املذبح الناطق بنقروحيملون ذبائحنا إىل اآلب؛ ألننا حنن منذ معموديتنا القديسني، ومنذ ذلك نبقى يف )١(السمائي بواسطة خدمة املالئكة ورؤساء املالئكة

.يتشركة مع السمائيني حىت ننال كمال الشركة يف الدهر اآل

٣١- بن به، وملا بىن الرركة يسوع هيكله يف كل نفس تؤموأعادنا إىل شس، وغرسنا من جديد يف الطبع السمائي العقلي الذي ال ميوت، صارت الروح القد

ذبائحنا ترافق ذبيحة سر الشكر، وتأخذ ترتيب الرب هلذا السر الفائق كمثال لذبائح .يح ربناالصالة املقبولة يف يسوع املس

ألننا يف اخلدمة اإلهلية نبدأ بصالة الشكر حسب ترتيب أبينا القديس -٣٢

والروح القدس وشكر واالبناآلب باسم"األب صفرونيوس على صالة املعمودية حيث تقول الصالة اعتمد) ١(

اقبلهم بواسطة خدمة مالئكتك ورؤساء.. وعبيدك الذين قدموا لك بنيهم على مذحبك املقدس السمائي .. شعبك حيث يظهر ذات النص يف أورجيينوسوهذا النص قدمي جدا وكان مستخدما يف زمن العالمة " مالئكتك األطهار

.العظة على سفر حزقيال النيب

Page 90: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٨٩

، مث التوسل بصالة املزامري اليت )٥٠املزمور (مار مرقس، وبعد ذلك بطلب مراحم اهللا الروح القدس واحندارا ندخل حياة ربنا يسوع املسيح وجتسده وموته احمليي وقيامته،

.يف الساعة الثالثة

تسبق " أيها امللك السمائي املعزي"وحسب تسليم الشيوخ كانت صالة .)١(واستنارةأن نرتل بفهم الروح القدس صالة املزامري لكي يعطي لنا

وحسب ترتيب السر السمائي تسبق تالوة األسفار املقدسة شركتنا يف السر، ل شركة إحتادنا برئيس ولذلك نقرأ األسفار املقدسة، والقطع املختارة قبل أن ندخ

.لآلب القدوس بامسهالكهنة لكي نرفع قربان التسبيح، واحلمد

ومبقارنة ما يكتبه األب . يطلب الكاهن حلول الروح القدس يف صلوات االستعداد يف القداسات الثالثة) ١(

.م األرثوذكس جند أن صالة أيها امللك السمائي املعزي تسبق صالة املزامريصفرونيوس لصلوات السواعي عند الرو

Page 91: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٩٠

-١٧ - الذبائح الروحية

اليت نقـدمهـــا كل يــوم

كانت الذبائح احليوانية هي مسة العهد القدمي، وتقدمة الشريعة املوسوية، - ١تكن عبادة روحية ومل. وقربان من احليوانات والدقيق والزيت حسب أسفار موسى

.)١١: ١راجع أشعياء (إىل أن جاء األنبياء وتنبأوا بزواهلا

عن الذبيحة املقبولة، تلك اليت تقدم بالطاعة واحملبة، وأخرب األنبياء - ٢ولذلك يعترف داود بعد خطئه بأنه لن . باإلميان وسيادة خالق كل األشياء واالعتراف

أما ". سهو"ذبائح كانت تقدم عن اخلطايا اليت ترتكب عن يقدم ذبيحة حيوانية؛ ألن الخطية داود، فقد كانت قتال وزىن يف آن واحد، أي خطية باإلرادة وعن عمد، ولكنه

، وإن الذبيحة احلقيقية ليست "القلب املنكسر"وهو يف حفرة املوت، أدرك إن اهللا يقبل أي األعمال اليت تصدر عن طاعة، " ذبائح العدل" ، وإن"الروح املنسحق"احملرقات، بل

هذه األعمال هي أعمال احملبة، هي مثرة . هي أفضل ما ميكن أن يقدمه من يعبد اهللا .حلول روح احملبة يف القلب، وهي النعمة اليت حترك اإلنسان حنو البذل

لكي تصبح لنقدم ذبائح احملبة، وهي أن نصلي من القلب، صالة يسوع - ٣باإلميان والبذل، فننال بذلك هبة تقدمي اعتراف، "يسوع املسيح يا ريب"هذه الكلمات

.أول الذبائح الروحية

، فنقدم ذبيحة عن خطايانا، أي الذبيحة "أنا اخلاطئ ارمحين"لنصرخ قائلني .اليت ا ننال الرمحة باإلميان بيسوع املسيح

دما نعبد مع اخلليقة، وحنمد الرب الذي جاد لنقدم ذبائح التسبيح عن - ٤ح مع اخلليقة، جمد الثالوث القدوس، فإننا ننال نعمة التسبيح؛ وعندما نسب. علينا باحلياة

Page 92: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٩١

ألن معاينة جمد وعظمة اهللا اآلب هي إعالن روح يسوع املسيح الذي يقودنا إىل .اآلب

ح ويشكر اهللا، فإننا يسب - يحمن غري املؤمنني باملس -وهكذا إذا مسعنا غرينا وا يف وإذا ظل. جيب أن ندرك على الفور أن روح يسوع يقودهم إىل معرفة اآلب

جهل، وعاشوا يف عدم معرفة، فإن تسبيح هؤالء هو ذبيحة محد وشكر تشهد لنا، نا من البقاء يف عدم معرفة اآلب نعمة اهللا على الكل، وحتذر بانسكابوتشهد

.ماويالس

عن يسوع، حىت تكون حياتنا لنذبح نية البقاء بدون يسوع، أو بعيدا - ٥ .بقوة صليبه احمليي ظةيف يسوع املسيح، وحمفو مقبولة

Page 93: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٩٢

-١٨ - الذبائح،

وذبيحة سر اإلفخارستيا

فإن السر اإلهلي جيمع ذبائح احلياة، وجيعلها ،عندما ننال سر الشكر - ١ موح القدذاته لآلواحدة يف سر الذي قدس، الذي وصفه الرسول ب ذبيحة كاملة بالر

مؤكدا أزلية الذبح، حسب تدبري اهللا املعلن يف يسوع )١٣: ٩عب (" بالروح األزيل" .املسيح

ء، فهو الرأس، وهو احلياة، وهو الرجاء، يوألن يسوع املسيح هو كل ش - ٢ممسوحا الروح القدس أيوهو الكاهن، وهو الذبيحة، وهو على مذبح روح اآلب،

من اآلب السماوي ثابتا يف طاعة وحمبة اآلب، ولذلك ميسح كرأس اإلنسانية اجلديد جديدا حسب تدبري اهللا اآلب الذي جاء لكي يرد وبقاء تافيه ثبا يءلكي ينال كل ش

.الوحيد يسوع املسيح ابنهاخلليقة إىل الراعي الصاحل

عمال بإميان هي من يسوع املسيح رأس اخلالص، وكل ما نقوم به من أ - ٣نقدمه بواسطة رأس اجلسد، أي ربنا اعترافحىت باخلطية، إمنا هو اعترافوكل

هو إعالن عن االسم؛ ألن "امسه"وهذا ما نقصده بكلمة -يسوع املسيح؛ ألننا به اسممد والتسبيح يف لنقدم ذبائح احل. مهدنق - االسماألقنوم، كما أن األقنوم هو قوة .رئيس الكهنة ربنا يسوع املسيح

وعندما نقدم القربان املقدس، فإن كل اخلليقة املنظورة وغري املنظورة - ٤تجمع معا يف تقدمة الكنيسة اجلامعة، أي تقدمة ربنا يسوع املسيح؛ ألا صادرة عن

.سبالروح القد - أي التقديس - ااهلالوحيد، وتنال كم ابنهإرادة اآلب، ومعلنة يف

حتت السماء، أي ما يءكل ش ابنهفهي من إرادة اآلب الذي سر أن جيمع يف

Page 94: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٩٣

على األرض، وما يف السماء، أي القوات السمائية، لكي يكون رأس اخلالص لكل هي . هذه اإلرادة هي القوة، وهي مصدر قربان الكنيسة. املنظورين وغري املنظورين

ليت جتمع حسب تدبري الثالوث، وهي مصدر قربان الكنيسة؛ ألن اآلب سر أن القوة ا .)٩: ٢راجع كولوسي (يسوع املسيح ابنهحيل ملء الالهوت يف

حتت رأس، أي حتت قيادة وهكذا حسب إرادة ومسرة اآلب جيمع اآلبود الطبائع، د حدوسيادة كاهن اخلليقة كلها ربنا يسوع املسيح كل األشياء؛ ألنه حد

أعطى الرب " زمان التجديد"وملا جاء ال ميكن أن تتعداها، وفرض عليها طبيعةبقوة ومسرة ذاك الذي منه كل للخليقة اجلديدة طبيعة جديدة فيه، فصارت كائنة

من االنعتاقمن املوت إىل احلياة، وأعطى للخليقة فرح كينونة، ونقل الطبيعةيف املياه نعمة الوالدة من فوق، وأعطى للخبز أن يكون رباطات الفساد، وغرس

من الوجود إىل فنقل الطبيعة. مثاال يعطي به حياته الواهبة الوجود والبقاء إىل األبدالعطاء بقوة روح التقديس، ومجع حدود الطبائع، وأعاد رسم حدودها لكي تصبح

.فيه جديدة خليقة

، مل يطلب )٦: ١عب (" البكر إىل العامل"وعندما يقول الرسول عند دخول - ٥ذبائح وقربان من اخلليقة األوىل، بل طلب ذبيحة واحدة، وهي ما يقول عنه الرسول

على إرادته ظاهرة هو عالمة االبنفصار جسد ، )٥: ١٠عب (" لكن هيأت يل جسدا"شيئة حنن وذه امل"م من فوق ، ولذلك يكمل الرسول قوله امللهخلالص كل البشر

.)١٠: ١٠عب (" مقدسون بتقدمي جسد يسوع مرة واحدة

،واحد ذبيحة واحدة، مذبح ،واحد ورب ،واحد مشيئة واحدة، وجسد .والوحدةاالحتاد قربان واحد، مسحة واحدة، ثالوث واحد، كل هذه هي ينابيع

٦ - م الذبائح الروحية يف ذبيحةالواحد ربنا يسوع وحنن لذلك عينه نقدحدين به باإلرادة، أي املسيح، الذي به نتقدتم إىل اآلب، حاملني فينا رسم صورته، م

س، ثابتني فيه بفضل أمانته ال بسبب نقاوتنا؛ هو، ممسوحني فيه بالروح القد إرادته

Page 95: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٩٤

.، بل على هبة احلياة اليت أعطيت لنا فيه"ال نتكل على برنا"ألننا

لى الصليب، حدة قدست الطبع اإلنساين باإلحتاد به، وباملوت عمشيئة وا - ٧ .س، وبالقيامة أعطت حياة عدم املوتومبسحة الروح القد

٨ - بجيمعه الر واحد ١عب (بإرادته احلية اليت ال متوت وبكلمة قدرته جسد

.حتاده بنا، وبفيض احلياة اإلهلية اليت فيها، وب)٣:

.املسيح الذي يف الكل، رأس واحد جلسد واحد رب واحد يسوع - ٩

ذبيحة واحدة هي تقدمي جسده ودمه باإلرادة وباحملبة وباحلرية، وهو -١٠ال االبنقربان واحد، أكمله بالطاعة وبالتقدمي احلر غري املقيد؛ ألن القيد على حرية

.)٣٦: ٨يوحنا (" البنني أحرارا"جيعل

على مثال الوحدة هو مؤسس .و ينبوع كل شيءثالوث واحد ه -١١س املنبثق بالروح القد وحدة جوهره، منه تفيض احلياة، توهب يف عطية التبين، وتتقدس

.من اآلب لكي يعود إليه كل الذين نالوا التبين والتقديس

ولد وكما يوح القدس من اآلب أزليا، وينبثق االبنا من اآلب أزليا، هكذالرس، أي يكون لنا، أي لكل ، ونتقدس بالروح القداالبننولد حنن على مثال والدة

بالروح االبنواحد منا الشركة اخلاصة به يف املسيح، والشركة الفريدة اليت تعطى يف س لكي يبقى كل عضو متمايزا عن غريه من األعضاء، متايز تقديس، ال متايز القد

.ضو يف اجلسد الواحد الذي هو مثال وحدة جوهر الثالوث القدوسكع ، متايزانفصال

١٢- ب يسوع املسيح واحدوح القدوكما أن الرس؛ ألن مع اآلب والرد الذي له اإلرادة املثلثة للثالوث القدوس هي إرادة واحدة، هكذا هو أيضا اإلله املتجس

بيعتني، إذ حتفظ كل طبيعة إرادا يف إرادة واحدة من إرادتني، كما هو طبيعة من طفهو د بالطبع البشري، املتجس االبنالرب الواحد حسب مسرة وحسب إحتاد أقنوم

بغري "حتاد، وتبقى فيه الطبيعة اإلنسانية من بعد اال اثننيال ميكن أن ينقسم إىل واحد

Page 96: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٩٥

لطبع البشري، لكي ينقل حمبته األزلية لآلب، ل" وال تغيري امتزاجوال اختالطإىل حمبة لآلب، وينقل آدم االنفصالوحيول حمبة اإلنسان لذاته اليت هي سبب

األول من حمبة خاصة ناقصة لذاته إىل حمبة كاملة مقدسة لآلب، فيرتع العداوة من الطبع اإلنساين باإلحتاد به، ويضع البذل يف الطبع اإلنساين بالصليب الذي قبله

، فرسم بذلك سر التدبري اإلهلي، إذ جعل جسده يقبل )١("طانه وحدهبإرادته وسل"يل سلطان "املوت، وذاق بروحه وفكره املوت؛ ألنه قبله بإرادته حسب قوله اإلهلي

لسة إىل الطبع اإلنساين ، لكي يغلب املوت الذي دخل خ)١٨: ١٠يوحنا (" أن أضعهاالوحيد على الصليب، أعلن لنا االبن ، ولكن ملا قبله)١٤: ٥رو (وساد عليه كملك

تجسال متوت، ولذلك قبل املوت حقيقة جتسده، فقد قبله إهلا م دا، أي ينبوع حياةبسلطان إرادته، وهو ذات السلطان الذي حيفظ اخلليقة من العدم، ويعطي هلا

أجل الوجود واحلياة، سلطان اإلرادة اليت تحيي وال ميكن أن متوت، ولكن منعظم حمبته للبشر، قبل ذلك الغريب، أي املوت لكي يضع املوت حتت سلطانه، وحيوله إىل خادم بعد أن كان لصا يسرق احلياة، وحيول املوت إىل عدو للخطية بعد أن كان املوت هو عرش اخلطية، وينقل املوت إىل سر محيم امليالد اجلديد، أي

وخيلع املوت الط املعمودية، لكي يبيد املوت ،البشرية بيعة القدميةجسم.

، فإننا نعين أن سلطان الرب على "باملوت داس املوت"وحقا عندما نقول دخل املوت إىل عندما قبل املوت، االبنألن الصليب جعل الذبح يؤدي إىل احلياة؛

االبنبسلطان ، ودخلاالبنالطبيعة اإلنسانية، اليت ال ميكن أن تنفصل عن الهوت بقوة الهوته، فتحول فيه إىل قوة دم القدمي، لكي تؤسس االبنوإرادته، وقبله

، إىل نور اخلالص والفداء؛ ألن واالحناللاجلديد، وانتقل املوت من ظالم الفساد جعل الطبيعة اإلنسانية تنال الغلبة على اختالطإحتاد الالهوت بالناسوت بدون

نقل احلياة اإلهلية غري املائتة إىل الناسوت، وبغري تغير إذ قامت امتزاج املوت، وبغري

".واملوت الذي قبله بإرادته وسلطانه وحده"راجع عبارة القداس الكريلسي ) ١(

Page 97: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٩٦

.قيامة أبدية هي أساس قيامتنا االبنالطبيعة اإلنسانية يف

والفساد إىل نور خالص؛ ألنه قال االحناللاملوت من ظلمة االبننقل -١٣ميذا، فلينكر نفسه، أي يقبل إن أراد أحد أن يأيت ورائي، وأن يصري يل تل: بفمه اإلهلي

حيمل صليبه ويتبعين، أي يصري مثلي أن قلبه دائما، أي يفاملوت، وحيمل مذبح حمبته وهكذا صار املوت العدو القدمي، خادم اخلالص، وصارت ذبائح . قربانا دائما لآلب

.سوح القداإلهلية بقوة وفعل الرحياتنا تبدأ بقوة موت الرب الذي نناله يف األسرار

Page 98: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٩٧

-١٩ - اإلفخارستيا

تكمل احملبة اإلنسانية الناقصة

توجد احملبة يف كل إنسان مهما كان طبعه، ولكنها ناقصة يف كل - ١إنسان؛ ألا دائما تضع الذات أوال، وترفض شريعة الصليب، فتسقط يف النقص، أي

ن أجل الشركة، ولكن من الذات م تفقد غايتها إذ تتجه إىل الذات رغم أا نابعةركة تطوعندما ترفض الشل اإلنسان حبالذات يف بئر اخلطايا، وحتو إىل عبد.

على صورته ومثاله، وهي ذات هي عطية اهللا الذي خلق اإلنسان احملبة - ٢العطية الكاملة اليت جتعل اإلنسان شريكا للثالوث يف حمبته، ولكن اخلطية حولت احملبة

بالذات، فقتلت قوة احملبة يف اإلنسان، وجعلته خياف من االحتفاظركة إىل من الش .احملبة ويرهب العطاء

اهللا لكي جيدد احملبة، وحيوهلا من جديد بعطية ابنمن أجل ذلك جاء - ٣إن وصية احملبة اجلديدة هي : احلياة اجلديدة إىل حمبة جديدة فيه، ولذلك يقول اإلجنيلي

جديدة بسبب عطية الروح ألوىل القدمية، ولكنها اآلن صارت وصيةذات الوصية ا .س، وبسبب إعالن الصليب والقيامة كشريعة وأساس احلياة اجلديدةالقد

٤ - ل جتسب، أي قبل الرب، قبا بعد الرده، كانت احملبة تعمل للموت، أمجتددت فتائل الوجود اإلنساين ده وصلبه، صارت احملبة تعمل للحياة، إذأي بعد جتس

.حتاددمية، وفتيلة الشركة، وفتيلة االاملثلثة، أي فتيلة احملبة الق

احتدعندما االحتاد س، وأشعلالشركة بعطية الروح القدأشعل الرب نار لقد ار احملبة،ووحد يف نفسه ن. بالطبع اإلنساين جسدا وروحا وعقال ناطقا وإرادة بشرية

جئت لكي "حتاد، فصارت نارا واحدة، أشعلها الرب، وقال عنها ونار الشركة ونار اال

Page 99: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٩٨

، وكان يقصد تلك النار اليت ظهرت مثل ألسنة يف )٤٩: ١٢لو (" ألقي على األرض نارا .يوم اخلمسني

مبواهب وعطايا جديدة مل تعط لألنبياء، وكانت عطية الروح القدس جاء، )٥: ٥رو (اإلهلية يف القلوب احملبةالروح القدس العطايا كلها، وسكب احملبة هي جوهر

بالرب من الرب نفسه وفيه هو، وصارت الشركة من الرب نفسه، االحتاد فصار .سفيه هو ويف اآلب بالروح القد وشركة

٥ - وح القدس سوهكذا يقدا قربان الكنيسة اجلامعة؛ ألنه جيمع الكل معالرجسد املسيح الواحد، أي املؤمنني به، أعضاءاإلهلية، إذ جيمع ) الليتورجية(يف اخلدمة

العقلي نوهؤالء هم الذين نالوا ختم املعمودية ومسحة املريون اإلهلي وتغذوا بامل .السماوي، أي جسد الرب ودمه

صد أن الصالة يقدس قربان الكنيسة، فإننا نقالروح القدس وعندما نقول إنوكلمة اهللا، وقراءة األسفار وتقدمي القربان هو عمل جيمع املؤمنني معا، وخدمة توحد

، أي )١٤: ٩عب (" األعمال امليتة"إرادة ومشيئة الكل، ومناسبة املصاحلة، وتوبة عن تلك اليت تؤدفيها ي إىل املوت، أو اليت املوت كامن.

اكتشاف ىلإاملؤمنني إىل وحدة بتقدمي القربان، والروح القدس وهكذا يقودأصل حياتنا يف املسيح؛ ألن الرب أسس سر الشركة يف جسده ودمه لكي ننمو يف

ا وال هي كائنة فينا بقوة اإلرادة، الفهم واإلدراك ونعرف أن حياتنا يف املسيح ليست من .لنا يف املسيح يسوع ربناالروح القدس بل هي عطية

:وعندما جنتمع معا يف القداس اإلهلي، فإننا ننال كمال حمبتنا الناقصة - ٦

ندرك من دعوة الرب لنا أنه هو الذي أحبنا، فهو الذي يقول لكل ألننا :ال أو خذوا كلوا هذا هو جسدي" :اواحد من."

ين ألننا ندرك أنه هو وحده الطعام الذي يقوي ويقوت كياننا اإلنسا :وثانيا

Page 100: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

٩٩

.املنظور وغري املنظور، اجلسد والروح

، فنحن نتعلم احملبة من طقس اإلفخارستيا، أي ألن حمبتنا ناقصة :ثالثا د إرادتنا، وبالتناول معا الطقس الذي به نتناول سر الشكر؛ ألننا باحلضور معا نوح

.يف املسيحاالحتاد نبلغ سر

من نعمة سر الشكر، فندرك أن ما فينا وبالتناول نستمد كياننا اجلديد :رابعا .هو عطية اهللا، فال نصل إىل كربياء النفس اليت فيها مذلة اخلطية

Page 101: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

١٠٠

-٢٠ - تناول اجلسد،

وشركته يف األسرار اإلهلية

.نتناول جسد الرب ودمه باجلسد وبالروح - ١

.يةحد وتشتعل فينا نار احملبة اإلهلوبالروح؛ ألننا نت .باجلسد؛ ألننا نأكل

نتناول باجلسد؛ ألن اجلسد مدعو إىل حياة الدهر اآليت بعد القيامة، - ٢ولذلك يعطي جسد الرب ودمه باخلبز وباخلمر، ومها من عناصر األرض؛ ألن الترايب

.حتول ومتجد، وصار مسائيا

Page 102: حياة الصلاة الأرثوذكسية للمبتدئين - القديس صفرونيوس

١٠١

:اخلامتة

م لقد كتبت يف إجياز شديد كل ما وصلنا من الشيوخ الذين ال زال بعضه .ولنا رجاء يف أن يكمل القارئ ما نقص. يعيش معنا

نسخ هذه الرسالة املطولة األب زكريا عن نسخة األب تيموثاوس املتوحد، وهي النسخة األصلية املدونة خبط األب صفرونيوس، نيح الرب روحه الطاهرة يف

.فردوس املسيح

.من تعليمسالم ونعمة للقارئ والناسخ والعامل مبا فيها

+ + +

متت ترمجة هذا النص مبساعدة نيافة األنبا مكسيموس مطران القليوبية املتنيح، ، ١٩٨٩ديسمرب ١٧ومتت إعادة كتابة النص يف . ١٩٨٤يناير ٢ومتت املراجعة يف

.١٩٩٨ديسمرب ٢