جامعة قسنطينة كلية الحقوق

قسم العلوم السياسية

أهمية العوامل الشخصية في السياسة 2004-1999الخارجية الجزائرية

:مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية و العالقات الدولية

.فرع العالقات الدولية و العولمة

:إشراف األستاذ الدكتور :إعداد الطالب بوقارة حسين محمد الطاهر عديلة

:أعضاء لجنة المناقشة

.رئـيسا –جامعة قسنطينة : حسنة عبد الحميد -د .مشرفا و مقررا -جامعة الجزائر: بوقارة حسين - د. أ

.واـعضـ – بسكـرةعة ـجام: فرحاتي عمر - د .ـواـعض – باتـنةجامــعة: حسين قادري - د

:السنة الدراسية

م 2005 – 2004 ـه 1426 – 1425

:الرقم التسلسلي :رقم التسجيـل

02.....................................................................................املقدمـة* 02........................................................ أمهية موضوع البحث وأسباب اختياره - 03....................................................................................اإلشكالية - 04...................................................................................الفرضيات - 04.......................................................................................املنهج - 05................................................................................خلطةملخص ا - 09..................................................... اإلطار النظري للدراسة: الفصل األول * 11...............................موقع العوامل الشخصية يف حتليل السياسة اخلارجية: املبحث األول* 11..........................................................مقترب التحليل اجلزئي: املطلب األول- 15...........................................................مقترب التحليل الكلي: املطلب الثاين- 21..............................................القرار اخلارجي البيئة النفسية لصانع:املبحث الثاين * 22....................................................................التصورات: املطلب األول - 24....................................................................اإلدراكات: املطلب الثاين - 27.......................................................................العقائد: املطلب الثالث - 33.......................أسباب تعظيم دور العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية :املبحث الثالث* 33.................................................األسباب املرتبطة بصانع القرار : املطلب األول - 36.................................................األسباب املرتبطة بالبيئة الداخلية: املطلب الثاين - 38.................................................األسباب املرتبطة بالبيئة الدولية: املطلب الثالث - 43............................. تأثري صانع القرار على السياسة اخلارجية اجلزائرية: اين الفصل الث* 45.................................املسرية السياسية واخلصائص الشخصية لبوتفليقة :املبحث األول* 45......................................................املسرية السياسية لبوتفليقة: املطلب األول - 47...................................................اخلصائص الشخصية لبوتفليقة: املطلب الثاين - 51...............................أهداف بوتفليقة وأسلوبه يف إدارة السياسة اخلارجية :املبحث الثاين* 51...........................................ن السياسة اخلارجيةم أهداف بوتفليقة: املطلب األول - 54.......................................أسلوب بوتفليقة يف إدارة السياسة اخلارجية: املطلب الثاين -

58.....................................................النمسق العقيدي لبوتفليقة :املبحث الثالث* 58..........................................رؤية بوتفليقة لطبيعة العالقات الدولية : املطلب األول - 61............................................رؤية بوتفليقة لعالقات اجلزائر الدولية: املطلب الثاين - ري على دور العوامل الشخصية يف السياسة تأثري النظام السياسي اجلزائ: الفصل الثالث*

68.............................................................اخلارجية اجلزائرية 70..................................................طبيعة النظام السياسي اجلزائري:املبحث األول* 70.........................................طبيعة الشكلية للنظام السياسي اجلزائري: لاملطلب األو - 74.......................................الطبيعة الوظيفية للنظام السياسي اجلزائري: املطلب الثاين - 79.................................مراكز صنع القرار يف السياسة اخلارجية اجلزائرية :املبحث الثاين * 79............................................................املؤسسة العسكرية : املطلب األول - 82...............................................................مؤسسة الرئاسة: املطلب الثاين - 86......................لسياسية يف صنع السياسة اخلارجية اجلزائريةدور األحزاب ا: املبحث الثالث* 86.........العوامل الداخلية احملددة لدور األحزاب يف صنع السياسة اخلارجية اجلزائرية: املطلب األول - 89.......ة العوامل اخلارجية احملددة لدور األحزاب يف صنع السياسة اخلارجية اجلزائري: املطلب الثاين - 94..تأثري البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية اجلزائرية: الفصل الرابع * ملا بعد احلرب الباردة و تأثريها على دور طبيعة التغريات الدولية : املبحث األول*

96.................................العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية اجلزائرية 96......................................طبيعة التغريات الدولية ملا بعد احلرب الباردة: املطلب األول - 99...................تأثريها على دور العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية اجلزائرية: املطلب الثاين - 104......ري الدول الكربى على دور العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية اجلزائريةتأث:املبحث الثاين* 104......................................بالنسبة لتأثري الواليات املتحدة األمريكية : املطلب األول - 107.................................................بالنسبة لتأثري الدول األوروبية: املطلب الثاين - 112..................................................................................اخلاتـمة* 115..............................................................................قائمة املراجع* احملتوى*

اإلھداء

إلى روح أبي الطاھرة إلى والدتي أطال اهللا في عمرھا

إلى أخي الذي كان وسیظل بمثابة أبي

تشكرات

ألستاذي المشرف الدكتور بوقارة حسین، على ما أتوجھ بالشكر والعرفان أواله من عنایة وبذلھ من جھد في أن ترى ھذه المذكرة النور، كما

رئیس قسم ( جھ بالشكر الجزیل إلى األستاذ شریط عبد الحفیظ أتوعلى تعھده إیانا ومدنا ) قسنطینة –العلوم السیاسیة بجامعة منتوري ومثلھ إلى األستاذین اللذین قدما لنا . مساعدتھ طوال الفترة الدراسیة

قسنطینة ، األستاذ یخلف عبد السالم بجامعة : مساعدات جلیلة .واألستاذة دامیة سكینة بجامعة الجزائر

شكري الخاص جدا إلى أخي مالح السعید رفیق دربي ، وإلى كل من .مدنا ید العون أحسبھم أصدقائي دون نسیان كل من

المقدمة

2

العامل الثالث بطغيان العوامل الشخصية على باقي العوامل لدولوسم السياسات اخلارجية ما ت كثريا

فإا دون شك الدول،وعلى اعتبار اجلزائر إحدى هذه ، عملية صنع السياسة اخلارجيةيفاألخرى املؤثرة سة اخلارجية اجلزائرية أمر مهم لذا نعتقد أن دراسة العوامل الشخصية يف السيا ،حتمل الكثري من خصائصها

.ائصـخصباب اليت جتعلها تتصف كذا ـاولة البحث عن األسـبل يتعدى ذلك إىل حم جدا،وإذا كان املسار العام للسياسة اخلارجية اجلزائرية قد عرف فترات متباينة من النشاط والتمثيل

قة أظهرت حتركا ملفتا آللية الدبلوماسية اجلزائرية، فإن املرحلة اليت تزامنت مع جميء الرئيس بوتفلي اخلارجيني،والعودة إىل واجهة األحداث الدولية، خاصة يف إطار مبادرة املكثف،على األقل من ناحية احلضور اخلارجي

.إخل...النيباد، وجهود الوساطة، والتحالف من أجل مكافحة اإلرهاب فيما خيص ارتباط هذا الوجه اجلديد للسياسة وذلك اإلجابة،إن هذا التزامن يطرح أسئلة تستحق

.اطـذا اإلرتبـاعدة على تقوية هـرى املسـوامل األخـذا العـوك الرئيس،اخلارجية اجلزائرية بشخص وميكن إدراج هذا املوضوع يف إطار النظريات اجلزئية يف العالقات الدولية، وحتديدا يف جمال السياسة

. النظري والعملي :اجلانبنيجة بني اخلارجية، كما أنه حياول املزاو

:اختيارهو أسباب أمهية موضوع البحث

إن أمهية أي حبث ترتبط بأمهية املشكلة أو اإلشكالية اليت يريد حلها، وبالتايل فإن البحوث اجلادة هي .اـمعكليهما و، أع العمليـري، أو الواقـع النظـاليت تطرح مشكالت أو إشكاليات جادة، ترتبط بالواق

وبالنسبة ملوضوعنا هذا، فإن احلركية الكبرية اليت عرفتها السياسة اخلارجية اجلزائرية من حيث النشاط أن يوال خنف ذلك،والعودة إىل مسرح األحداث الدولية، قد أثارت اهتمامنا، وجعلتنا نتساءل عن سر

.اعنا األويل قد ربط هذه احلركية مبجيء الرئيس بوتفليقةانطبما خلق لدينا شعورا حقيقيا بالرغبة يف معرفة ملاذا هذا الربط بني العوامل الشخصية والسياسة هذا

اخلارجية يف دول العامل الثالث من مثل اجلزائر من جهة، ومن جهة أخرى حماولة البحث عن األسباب .اجلزائريةالعميقة اليت تقف وراء شخصنة السياسة اخلارجية

من الناحيتني معاجلته،تبين لنا أن هذا املوضوع يعرف قصورا ونقصا يف ثية،البحويف أوىل خطواتنا النظرية والعملية، حبيث أن األدبيات املوجودة تتحدث بصفة عامة عن العوامل الشخصية كأحد احملددات

، كما أن ا، لكن ال تعاجل بالتفصيل أسباا ودواعيه ة يف دول العامل الثالثـللسياسة اخلارجية، خاص همةاملجعلها ال تأخذ نصيبها الكامل من الدراسة -رمبا يفسر جزئيا -غياب هذه الظاهرة تقريبا يف الدول الغربية

.والتحليل

المقدمة

3

لقد قوى هذا من رغبتنا يف إثارة النقاش ولفت اإلنتباه إىل موضوع جد مهم ال يزال يستحق املزيد

ى املستوى العملي نعتقد أن حباث العامل الثالث هم األوىل من البحث واإلهتمام على املستوى النظري، وعل .ويقع عليهم العبء األكرب يف التعرض هلكذا مواضيع، ألا ترتبط مباشرة بدوهلم

إن الوصول إىل معرفة األسباب الدفينة اليت تقف وراء شخصنة عملية صنع السياسة اخلارجية من ا بالنسبة إىل اجلزائر، سيدفعنا إىل فهم أفضل حلركية السياسة اخلارجية الناحية النظرية، وحماولة ترصدها عملي

.اجلزائرياجلزائرية، ويعطينا قدرة تفسري أكرب للسلوك اخلارجي :كما تكمن مزية البحث يف أنه يتيح العمل على جهتني

.معرفة األسباب والعوامل اليت تقف وراء شخصنة عملية صنع السياسة اخلارجية: األوىل ).ةـدوليـال(ة ـارجيـة واخلـداخليـال: نيـة البيئتـريـف وتعـكش: انيةـالث

:)*(اإلشكالية

تعترب اإلشكالية النقطة احملورية يف أي حبث علمي، وعلى أساسها تتحدد الكثري من األشياء األخرى ة بدقة، وتصاغ بطريقة املرتبطة بالبحث من مثل الفرضيات واملنهج املستخدم، لذا وجب أن تحدد اإلشكالي

ترتبط مبأزق ما، يسعى الباحث إىل حله، فإا ال تشترط صيغة حمددة، إذ –يف الغالب –وإذا كانت . علميةليس (قد تكون تساؤال أساسيا موضحا بأسئلة فرعية هلا عالقة مباشرة به، أو قد تطرح معضلة معينة

). بالضرورة يف شكل سؤالفإنه ميكن القول أن التفسري العلمي للسياسة اخلارجية ينطلق من حتديد وفيما خيص موضوع حبثنا،

الوزن النسيب لكل من متغرياا وحمدداا، بغية الوصول إىل معرفة أي منها ميتلك قدرة تفسريية أكرب، مع بالنسبة إىل دول اإلشارة إىل أن ما يعترب احملدد األساسي للسياسة اخلارجية لدولة ما ال يعين بالضرورة أولويته

وإذ يشري الباحثون إىل أن العوامل الشخصية تلعب الدور الرئيس يف عمليات صنع السياسات . أخرى :هواخلارجية لدول العامل الثالث مبا فيها اجلزائر، فإن التساؤل الذي نعتقده جديرا بالطرح

.؟ائريةملاذا تلعب العوامل الشخصية دورا كبريا يف السياسة اخلارجية اجلز -

.)Problème(يف مدلوهلا عن كلمة مشكـلة )Problématique(ة ـإشكالي كلمةلط بني اإلشكالية و املشكلة، حبيث ختتلف خي عادة ما )*(

يء، بينما املشكلة اليت تواجه ممارسة شيء ما، تأيت من خالل التعارض بني طبيعة إن إشكالية شيء معني تعين املشكلة القائمة يف ذاتية هذا الش .شيئيـن خمتلفيـن ارض بني ذاتييتـلة فتتعلق بالتعـأما املشك ، الـواحدلق بذات الشيء ـة تتعـمبعىن أن اإلشكالي. وخصوصية ذاتيتني

المقدمة

4

:الفرضيات

تعرف الفرضية على أا إجابة أولية حمتملة وافتراضية لألسئلة اليت طرحت، وهي عالقة بني متغيرين، .أحدمها مستقل واآلخر تابع، وميكن أن تكون فرضية نفي، أو فرضية إثبات

منا بصياغتها على وخبصوص إجابتنا عن التساؤل املطروح، فإننا متثلناها من خالل فرضيات ثالثة، ق :النحو التايل وامل الشخصية يف السياسة اخلارجية اجلزائرية تنبع من طبيعة ـمية العـميكن اعتبار أن أه - 1

.السياسي دـالقائ ادة دور العوامل الشخصية يف السياسةـر على زيـد كبيـام السياسي إىل حـيعمل النظ - 2

.اجلزائرية اخلارجية .من دور العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية اجلزائرية أن تزيدة ـة الدوليـميكن للبيئ - 3

.ونشري إىل أن هذه الفرضيات الثالثة يكمل بعضها البعض

:املنهج

بىن ا كل منهما يمن املعروف أنه ال توجد خطة ناجزة وال منهج جاهز يف البحوث اإلجتماعية، وإمنويتراءى لنا منذ البداية أننا . مع التقدم والتوسع يف البحث، كما أن هذا األخري يفرض طبيعة املنهج املستخدم

جبوانب املوضوع، نظرا لتعقد الظاهرة املدروسة، -حتليال وتفسريا -سنستخدم أكثر من منهج واحد لإلحاطة ومن جهة أخرى بالشؤون جهة،مبسائل السياسة الداخلية من وتشعب مستويات التحليل فيها، وارتباطها

:يليو عليه فإننا سنعتمد ما . الدولية، لتنضاف إليهما األمور الشخصية املتعلقة بصانع القرار

حبث أي أن ول من مستويات البحث العلمي، حيث ق باملستوى األـوالذي يتعل :املنهج الوصفي - .يبتدئ بوصف دقيق، وتشريح متكامل ملكونات الظاهرة املدروسة :ةـوذلك بغية رصد التطور احلاصل بشأن العديد من النقاط اليت تضمنتها الدراس: التارخيي املنهج -

.زائريـام السياسي اجلـث يف اإلمتدادات التارخيية للنظـالبح - .ي السياسةـور التارخيي ملؤسسة اجليش ودورها فـع التطـتتب -

.ورياـاسة دستـة الرئـدور مؤسسـي لـارخيـد التـالرص - .تطور املواقف الدولية من أزمة اجلزائر منذ بداية التسعينيات وحىت اآلن -

المقدمة

5

املتعاقبة،يف التمييز بني املراحل املختلفة دالتارخيي، ويفيوهو عادة ما يقرن باملنهج :املنهج املقارن -

.لثابت واملتغريوبالتايل معرفة ا إضافة إىل هذه املناهج الكربى املعروفة يف العلوم اإلجتماعية، سنستعني ببعض األساليب البحثية، من مثل أسلوب حتليل املضمون الذي يفيدنا يف حتليل مضمون خطب وتصرحيات الرئيس بوتفليقة، وذلك دف

ني ببعض املقاربات التحليلية واملفهومية، واليت كما سنستع .واإلدراكيةالوصول إىل معرفة منظومته املعرفية .الدراسةتزيد من قدرة الفهم والتحليل لدينا، وبالتايل تقربنا أكثر إىل فهم الظاهرة موضوع

فاإلعتماد على املقاربة الوظيفية يساعد على حماولة الربط بني البىن واهلياكل واملؤسسات بالوظائف واإلعتماد على مقاربة . دي إىل فهم أعمق، واقتراب أكثر من الواقع الفعلياليت أنشأت من أجلها، مما يؤ

املصلحة يساعد على تعرية الكثري من حقائق الواقع الدويل من جهة، ومن جهة أخرى كشف خمتلف .الرهانات املتعلقة بفواعله

:اخلطةملخص

ها تستجيب وتتوافق مع املنحى إن حماولة اإلجابة عن اإلشكالية املطروحة، اقتضت منا خطة حنسب

العام الذي ختتطه هذه الدراسة، وذلك باإلنتقال التدرجيي من مستويات التحليل األكثر جزئية إىل أكثرها عمومية، أو مبعىن آخر اإلنتقال من مستوى التحليل الفردي، مرورا بالنظام السياسي، ووصوال إىل البيئة

الذي كان النظري،املرشد واملوجه، وهو اإلطار ةار مرجعي، يعترب مبثابالدولية، وطبعا كل هذا يستند إىل إط .فصل البدء

ىل عناوين لقد آثرنا أن تكون الفرضيات الثالثة حتت طائلة اإلختبار والدرس، وذلك بتحويلها إعناوين يف منها متغريا تفسرييا ملوضوع البحث املراد دراسته، كما أا جتعل هذه ال للفصول، حبيث يشكل كل

.ارتباط مستمر مع إشكالية البحثوإذا كانت قناعتنا املبدئية تتجه إىل أن اخلصائص الشخصية لصانع القرار هي اليت جتعل من دوره

ذلك ال يكفي، إذ أن صانع القرار اخلارجي هو نعتقد أنيتعاظم يف عملية صنع السياسة اخلارجية، فإننا و على ،جتعل من دوره رهينا هلا) الدولية(من البيئتني الداخلية و اخلارجية حمكوم بأطر و ضوابط و قيود ترد

هذا األساس يصبح دور القائد السياسي يف صنع القرار السياسي اخلارجي غري حمكوم فقط خبصائصه .الشخصية، بل حيتاج إىل بيئة سياسية داخلية و بيئة دولية مالئمتني، و تعمالن يف اجتاه زيادة هذا الدور

المقدمة

6

وطبقا هلذا، جاء ترتيبنا للفرضيات و الفصول، حبيث أنه يف املقام األول ميكن تفسري الدور املتزايد للعوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية اجلزائرية باخلصائص الشخصية و اخلربة و درجة اإلهتمام للقائد

يف زيادة ) الدولية(ئتني الداخلية و اخلارجية السياسي، مث يف املقام الثاين حناول معرفة كيف تساهم كل من البي . هذا الدور

والذي ميثل الفصل األولففي . ألجل ذلك، جاء تقسيمنا للبحث رباعيا من حيث عدد الفصولمنها النقاش الدائر بني مقتريب املبحث األولاملدخل النظري، حاولنا معاجلته من خالل مباحث ثالثة، فعلنا يف

املبحث الثاينوتطرقنا يف . والتحليل الكلي حول مكانة العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية التحليل اجلزئيإىل خمتلف مكونات البيئة النفسية لصانع القرار اخلارجي، و كيف ترتبط بالبيئة العملية، و أمهية ذلك يف

ىل معرفة وحصر األسباب اليت تزيد ، فإنه وجه إاملبحث الثالثأما فيما خيص . عملية صنع السياسة اخلارجيةالسياسة اخلارجية، وفق ترتيب تصاعدي من جهة، وارتباطي من جهة أخرى، الشخصية يفمن دور العوامل

.الدوليةحيث بدأنا باألسباب املرتبطة بصانع القرار، مث األسباب املرتبطة بالبيئتني الداخلية و اإلطار النظري للدراسة، من خالل عملية إسقاطية، جتعل حاولنا يف الفصول الثالثة املتبقية ربطها ب

إىل تأثري صانع القرار على السياسة اخلارجية الفصل الثاين حبيث تعرض . جانبا تطبيقيا -الفصول -منهامنها إىل تتبع املسرية السياسية واخلصائص األول املبحثاجلزائرية من خالل مباحث ثالثة كذلك، اجته

يف شخص عبد العزيز بوتفليقة، وكيف ميكن أن تؤثر على دوره يف عملية لقرار املتمثالشخصية لصانع الإىل معرفة أهدافه وأسلوبه يف إدارة السياسة اخلارجية اجلزائرية، املبحث الثاينوسعى . صنع السياسة اخلارجية

أما . يف العشرية األخرية انطالقا من أن هذه األخرية تشكل أحد املخارج املهمة لألزمة اليت عرفتها اجلزائرفقد تضمن حماولة الكشف عن النسق العقيدي لبوتفليقة، بغية الوصول إىل حتديد رؤيته لطبيعة املبحث الثالث

.، و تصوره الرتباط اجلزائر بغريها من الدولةالعالقات الدولية الراهنلسياسي على دور العوامل ، ركزنا على معرفة الكيفية اليت يؤثر ا النظام االفصل الثالثيف

حتديد املبحث األولرمنا يف . الشخصية يف السياسة اخلارجية اجلزائرية، وذلك من خالل ثالثة مباحث دائماالشكلية و الوظيفية، وذلك دف الوقوف على خصائص النظام اليت -السياسي اجلزائري-طبيعيت النظام

حاولنا معرفة التموضع الذي املبحث الثاينويف . ار اخلارجيجتعل دور القائد السياسي يتعاظم يف صنع القرو كذا الفعلية، و التجاذب الذي ) الشكلية(يشغله الرئيس ضمن مراكز صنع القرار، من الناحية القانونية

كان موجها إىل الكشف عن أحد الفعاليات السياسية املبحث الثالثعلى أن . ميكن أن تثريه هذه املراكزاتمع املدين، و املتعلق باألحزاب السياسية، و ذلك دف معرفة املدى الذي تسهم به يف صنع املرتبطة ب

. القرارات السياسية اخلارجية

المقدمة

7

تعلق بفرضية تأثري البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية والفصل الرابعإىل حتليل وفهم طبيعة التغريات الدولية املبحث األولا وقد جتلى من خالل مبحثني فقط، حيث حن. اجلزائرية

اليت عرفها عامل ما بعد احلرب الباردة، وعالقتها بالترابط الوثيق بني احملددات الشخصية والسياسة اخلارجية فقد حاول فك اإلرتباط القائم بني الدول الكربى ورغبتها يف أن تظل العوامل املبحث الثاينأما . اجلزائرية

.لشخصية اإلطار األمثل الذي تصنع فيه السياسة اخلارجية اجلزائريةا

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

9

اإلطار النظري مبثابة الضابط املنهجي و املعريف، و احملدد العام للموضوع حمل البحث، حبيث يعترب حياول أن يرتع عن الظاهرة املدروسة طابعها التفردي، و حياول أن يربطها أكثر مبختلف املداخل النظرية،

طائها بعدا تفسرييا أكثر علمية، و سندا نظريا يزيد واملناهج و اإلقترابات اليت عاجلت مثيالا، و بالتايل إع .اإلقتراب من الظاهرة فهما و إدراكا

كما أنه يتيح إمكانية ربط النظرية بالواقع، و بالتايل فحصها و اختبار مدى مواءمتها التفسريية، و كذا لظاهرة املدروسة إىل جمال أو حيز وباملقابل تبين الدرجة اليت ميكن ا إخضاع الواقع أو ا. صالحيتها التعميمية

.بقية ما مياثلها عن مانظري معني، مع وجوب اإلعتراف باخلصوصيات اليت ميكن أن تثريها ظاهرة وإذا كانت العوامل الشخصية تشغل مكانا متميزا ضمن احملددات الرئيسية للسياسة اخلارجية، خاصة

. ة اال أو احليز النظري الذي تندرج ضمنه هذه العوامليف دول العامل الثالث، فإن األجدى بنا هو معرف : وأبعد من ذلك هو

.أين ميكن موقعة العوامل الشخصية يف الدراسات و الكتابات اليت تناولت السياسة اخلارجية؟ - .ي؟ـارجـرار اخلـانع القـلص ةيـة النفسـل البيئـن متثـف ميكـكي - .عاظم يف عملية صنع السياسة اخلارجية؟جيعل دور العوامل الشخصية يت يما الذ - .الفصل هذا اإلجابة عليه يف لهذا ما سنحاو

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

10

:المبحث األول

موقع العوامل الشخصیة فــــي السیاسة الخارجیة

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

11

ماء ومدى قدرم على حيتدم اجلدل والنقاش حول أمهية دراسة الدور الذي يقوم به القادة أو الزع

هل : " هذا اجلدل عندما تساءل لب (Sidney Hook) التأثري يف األحداث من حوهلم، وقد خلص سيدين هوكويف حماولة اإلجابة على هذا السؤال يواجه ، (1)"يصنع الزعماء األحداث، أم أن هذه األحداث هي اليت تصنعهم

.تناقضة أحياناالباحثون عددا من الطروحات املختلفة، وامليرون أن (Snyder)بدراسة السياسة اخلارجية وعلى رأسهم سنايدر من املهتمنيوإذا كان البعض

زعماء الدول يلعبون الدور احملوري يف السياسة اخلارجية لبلدام، فالزعماء على حد تعبري مارغريت هريمان (Margaret Hermann) م اويتمكنون تحمللية والدولية، يصنعون القرارايدركون ويترمجون القيود يف بيئا ،

فإن البعض اآلخر يعتقد أن اإلهتمام ، (2)من مواجهة الضغوط السياسية احمللية يف اختيارام للسياسة اخلارجيةغري ضروري وغري مهم، ذلك أن القيود الدولية بدراسة الزعماء والقادة يف نظريات العالقات الدولية هو أمر

لى الدول جتعل القادة خيتارون عددا حمصورا من إستراتيجيات السياسة اخلارجية اليت متنحها أو املفروضة ع .تتيحها هذه القيود

وميكن التحدث عموما عن عدة مقتربات متضاربة ملعاجلة هذا اجلدل الدائر بني الباحثني واملفكرين، بينما يتركز الثاين Micro-Oriented Approachاجلزئي يتمثل األول يف مقترب التحليل سنعتمد منها اثنني،

.Macro-Oriented Approachيف مقترب التحليل الكلي .مقترب التحليل اجلزئي: املطلب األول

يؤكد هذا املقترب على أمهية الدور الذي ميكن أن يلعبه الزعماء أو القادة يف رسم وتوجيه سياسات

حتليل السياسة اخلارجية لدولة ما البد أن يأخذ بعني اإلعتبار الطموحات واألهداف ويعترب أن ،دوهلم اخلارجيةوتكمن أمهية ذلك يف أن عملية صنع قرارات السياسة اخلارجية تتأثر باخلصائص .الشخصية لصانعي القرار

إىل أبعد من ذلك و ،والقيم الشخصية واخللفية اإلجتماعية واخلربة اليت يتمتع ا القائمون على هذه العمليةحىت يف اتمعات املفتوحة ميكن للشخصية القوية لرئيس الدولة :"أنه (Christopher Hill)يعتقد كريستوفر هيل

فسويضيف أصحاب هذا املقترب أن . (3)"ر نسبة كبرية من السلوك الدويل للدولةـووجهات نظره الشخصية أن ت

، 1ة العربية، طبريوت، مركز دراسات الوحد. دراسة يف موضوع الزعـامة: الدبلوماسية املصرية يف عقد السبعينات سلوى شعراوي مجعة، ( 1)

. 15ص . 1988 (2 ) Margaret G. HERMANN and Joe D. HAGAN, International Decision Making : Leadership Matters (The Frontiers of Knowledge). in site internet :

http: // articles. findarticles. com/ p/articles/ mi_m1181/is_ n 110/ai_20492570 .128،ص 1989، جويلية 125ف، املستقبـل العـريب، العـدد ـحسن العلكيم، السيـاسة السوفياتية جتـاه اخلليج يف عهـد غورباشي ( 3)

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

12

السياسية احلاكمة ينتج يف كثري من األحوال تغريات هامة يف اإلجتاهات ر يف أمناط الزعامات والقيادات التغي

اخلارجية للدولة، ويف بعض احلاالت يكاد يكون نفوذ القائد السياسي وتأثريه على حتديد أهداف السياسة امة روسيا ولعل التاريخ يؤكد دور هتلر يف زعامة أملانيا النازية، ودور ستالني يف زع ،(1)اخلارجية أمرا مطلقا

يف أندونيسيا، ومجال عبد الناصر يف وغانا، وسوكارنالسوفيتية، ودور غاندي يف زعامة اهلند، ونكروما يف .إخل...مصر

هذا ما عمق احلاجة والدوافع لدى الباحثني ملضاعفة اإلهتمام ذه احلاالت وغريها على الصعيدين ية لبلورة نظريات سياسية جديدة تسلط اهتماماا على دراسة الواقعي والنظري، وبذل املزيد من اجلهود العلم

.سلوك هذه الشخصيات القيادية وردود أفعاهلا، وذلك من أجل فهم أفضل لألحداث الدوليةيف "صنع القرار"مسي بنظرية تطوير ماولعل أهم إسهام يف هذا اال، تلك اجلهود اليت بذلت يف

رب من النظريات اجلزئية، فهي تركز على جانب جزئي من النظام السياسي ككل، السياسة اخلارجية، و اليت تعتوهذا ميثل يف احلقيقة حتوال يف دراسة العالقات الدولية، فبعد أن . وبالتحديد على وحدات معينة يف صنع القرار

الل كانت تدرس على أساس الدول أصبحت تدرس على أساس تشخيص الدول، أي دراسة الدولة من خولذا يعترب أصحاب هذه النظرية أا . (2)أشخاص معينني، واعتبار هؤالء األشخاص أحد أطراف النظام الدويل

أو باألحرى صناع القرار؟ وملاذا تعمل كما هي حيال موقف دويل الدول،تساعد على حتديد كيف تعمل من النظرياتقرار بشكل أفضل معني؟ إا تفيد يف البحوث اليت تسعى لدراسة األفراد بوصفهم صناع

يسمح أنه القرارأن النقطة املركزية يف مقترب صناعة ) John Spanier( ويضيف جون سبانري .(3)األخرى .(4)للمالحظ أن يفهم وحيلل قرارات الفرد ببعض التفصيل

ية تطبيق إن التركيز على سلوك األفراد واملسؤولني عن صنع القرار يف السياسة اخلارجية يتيح إمكانمبادئ ونظريات علم النفس وصوال إىل فرضيات جديدة يف جمال التحليل املتكامل حلقائق السياسة الدولية،

واملشاعر والتصورات، ع، كالدوافهو حمصلة العديد من العوامل النفسية املعقدة السلوك اإلنساينوذلك باعتبار .(5)الين وغري العقالينوأيضا باعتبار هذا السلوك جيمع بني اجلانبني العق

( 1) .178ص.1998اإلسكندرية، املكتبـة اجلامعيـة، . رـامل متغيـة يف عـات الدوليـم العالقـىل علل إـحممد نصـر مهـنا، مدخ

مة ـة للنشر والترجـترمجة وليد عبد احلي، الكويت، كاظم. جيمس دوغريت و روبرت بالتسغراف، النظريات املتضاربة يف العالقات الدولية ( 2) .308ص . 1985، 1و التوزيع، ط

.120ص. 2000، 1ر، طـاعة والنشـان، دار وائل للطبـعم. ةـات الدوليـادئ العالقـسعد حقي توفيق، مب ( 3)(4 ) John SPANIER, Games Nations Play. Congrissional Quarterly INC, Seventh Edition, 1990. p33.

.118سابـق، ص سعد حقي توفيق، مرجـع ( 5)

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

13

، ع، واألوضاكما تعترب هذه النظرية أيضا مبثابة املنظار الذي يمكننا من رؤية الفاعلني السياسيني

:وسريورة األحداث، ويمكن من حتديد .ورـاليت جتعل األعمال السياسية ترى الن Key Decisionsاملهمة )*(من هو صانع القرارات -1

.(1)تقدير األشخاص و الدوائر اليت يقيم معها صانع القرار اتصاالته لإلستعانة م يف اختاذ قراره -2 عبد، وير عنها يف احلقيقة إذن نقطة ارتكاز هذه النظرية هي كما ذهب إليه سنايدر من أن الدولة هي كيان جمر

و بالتايل فإن مفتاح تفسري سلوك الدولة هو ،اموظفون أو رمسيون هم صناع القرار، هلم سلطة التصرف بامسه .(2)مرتبط مبعرفة وفهم كيفية رؤية صناع القرار و تعريفهم ملختلف املواقف

:ويالحظ ضمن هذه النظرية تنويعات عديدة، ميكن حصرها يف توجهات ثالثة كما يلياليت يعرف ا صانع القرار يرتبط بالدراسات اليت اهتمت بالطريقة: النفسي -التوجه اإلدراكي: أوال

و على ،االجتماعيلذلك يتم التركيز على جمموعة املتغريات اليت أكدت عليها دراسات علم النفس ،املوقف .جدواها يف تفسري السلوك الفردي

روت ـارولد ومارغريت سبـكل من ه ه ارتكز على التمييز الذي قام بهوميكن القول أن هذا التوج (Harold and Margaret Sprout) اع القرار يستجيبون البني البيئة النفسية و البيئة العملية، حيث أن صن

على أساس العامل احلقيقي أو الواقعي، و لكن على أساس تصورام و إدراكام هلذا العامل ، و اليت ميكن أن رفون أو يسلكون وفق إدراكهم أي أن صناع القرار يتص ،تكون مطابقة أو غري مطابقة هلذا العامل احلقيقي

.(3)للواقع و ليس بالضرورة وفق الواقع نفسهوعليه فإن صانع القرار ميكن اعتباره حمور عملية صنع القرار، وأن خصائصه الشخصية ونسقه العقيدي

تار من هذا ما جيعل صانع القرار خي ،يلعبان دورا مهما يف حتديد سلوكاته وقراراته املتعلقة بالسياسة اخلارجيةبني البدائل املتاحة ما يوافق نسقه العقيدي ويرفض ما يتعارض معها تلقائيا، ويف هذا الصدد يقول كينيث

:(Kenneth Boulding)بولدينغ

، وإذا كان البعـض قد ذهب )Actions(والنشاطات )Decisions(يذهب جوزيف فرانكل إىل أن السياسة اخلارجية تتكون من القرارات) *(

ري، فإنه قد جاء يف قاموس ويبست)حسب هارولد و مارغريت سربوت(من النشاطات ) Sub-Category(إىل أن القرارات هي صنف فرعي )Webster's Dictionary ( تفريق هام بينهما يرتبط مبجاالت العملية)Sphers of Operation(، ا يف ذهن أو عقلفالقرارات تأخذ مكا : أنظر يف هذا الصدد. صانع القرار، على أن النشاطات تأخذ مكاا يف البيئة العملية

Joseph FRANKEL, The Making of Foreign Policy: An Analysis of Decision – Making. London, Oxford University Press, 1963. p01.

.98ص .1997، 1، طاألورويب -مركـز الدراسـات العـريب. منصف السليمي، صنـاعة القـرار السيـاسي األمـريكي ( 1)

(2 ) Bahgat KORANY & all , How Foreign Policy Decisions are Made in The Third World: A Comparative Analysis. Westview Press INC, 1986. p51. (3 ) Idem.

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

14

إن لكل إنسان مقياسا معينا يؤثر يف عقائده ويعطيه مقدرة على تقييم ومقاومة كل ماال يتالءم مع "

.(1)" فض شرب اخلمر ألنه ال يتالءم مع عقيدته عقائده، كالشخص املسلم الذي ير .اـارهـات يف إطـرار واملعلومـانع القـائد صـم بني عقـي تفاعل دائـرار هـع القـإذن عملية صن

إن النقد األساسي هلذا التوجه يتمثل يف إفراطه التركيز بصفة رئيسية على الشخص، كما أنه جيعل من أنـه (2) (Bahgat Korany)ويعتقد جت قوراين . وجود هلا يف البنائية القائمة البيئة العملية أو املوضوعية ال

رغم مالئمة هذا التوجه ألحوال العامل الثالث وشخصنة السلطة فيه، إال أنه ال ميكن اختزال عمليـة معقـدة طة القرار ومتشعبة يف آراء واجتاهات شخص واحد يف هرم السلطة، مهما كانت قدراته، ومهما كان تركيز سل

.بشلل هلا أهدافها ومصاحلها طبني يديه، نظرا ألن هذا األخري هو حماوذلك بغية ،النفسي -جاء كرد فعل لتوجه التحليل اإلدراكي: البريوقراطي -التوجه التنظيمي :ثانيا

عة القـرار توسيع جمال صناعة القرار ليشمل كذلك فئة أعلى البريوقراطيني، وألنه يرفض النظر إىل عملية صنايفترض هـذا و.تدار من طرف أي فرد، حىت لو كان الرئيس أو أعلى صانع قرار ،كإختيار متعمد ومدروس

التوجه أن احلكومة هي الوحدة األساسية للتحليل، واليت هي عبارة عن منظمات وأجهزة، هلا برامج وأنظمـة هذه األخرية تؤثر يف ،اإلجراءات والقواعد وقواعد وإجراءات روتينية، وعليه فإن سلوكها حمكوم أو تابع هلذه

وعلـى هـذا . سلوك األفراد وحتد من حرية اختيارام، مهما كانت درجة مسؤوليام وموقعهم يف السلطةاألساس فإن القرارات هي نتاج التفاعل، التسوية والتفاوض، ال نتاج حسابات عقالنية كما يفترض التوجـه

.(3)العقالينهو على النقيض مع التوجه السابق، إذ يعمد إىل إمهال وزن اخلصـائص الشخصـية إن هذا التوجه

ويالحظ أن . لصناع القرار، ويبالغ يف الدور الذي يلعبه البريوقراطيون يف جمال صنع القرار يف السياسة اخلارجيةإحساسا مبالغا فيه يف العمل احلكومي، ورمبا طوروا ةأغلب من يتبنون هذا التوجه كانت لديهم خربات سابق

.ألمهية دورهم يف صناعة القرار

يفترض هذا التوجه أن عملية صنع القرار تبىن على أسس عقالنية، ميكـن أن : التوجه العقالين :ثالثايقوم صانع القرار حبصـر شـامل . تكون مبثابة ثوابت أو عوامل موضوعية لتقييم وتفسري سلوكية دولة معينة

النتائج املترتبة عليه، مث بعد ذلك خيتار البديل الذي حيقق اوكذ حدةيدرس كل بديل على للبدائل املتاحة، مث .أكرب قدر ممكن من املنافع وأقل قدر ممكن من اخلسائر

.14ص.1983األردن، املنظمة العربية للعلوم اإلدارية، . ا يف عملية صنع القرار يف سياسة األردن اخلارجيةة، البيئة النفسية وأثرهأبو ديسعد ( 1) .10،ص2003، أكتوبر 154قراءة حلرب أكتوبر يف عيدها الثالثني، السياسة الدولية،العدد : جت قوراين، ما هي شروط صنع القرار الناجح ( 2) .165ص. 2002، 4اجلزائر، دار هـومة، ط. املفـاهيم، املنـاهج، اإلقتـرابات واألدوات: ة يف التحليل السياسيحممد شلبـي، املنهجي ( 3)

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

15

وتعترب احلكومة ضمن هذا التوجه كيانا متجانسا، يؤمن كل أفرادها بنفس األهداف كما أم يعتمدون

وعليه فإن هذا التوجه ينظر إىل وحدة صناعة القرار على أا متجانسة، ،(1)األسلوب ذاته يف تقييم البدائلوبالتايل تنعدم روح اإلبداع واخلصوصية والتغيري بالنسبة لكل فرد، ويصبح اإلهتمام باخلصائص الشخصية

.أمهيةلصناع القرار حينئذ غري ذي آلية أو ميكانيكية حبيث يستجيبون للبيئة ويبدو أن هذا التوجه ينظر إىل األفراد أو صناع القرار نظرة

خيتلف -العقالنية –كما أن مفهوم هذه األخرية ، العملية بطريقة عفوية وتلقائية، وفق حسابات عقالنية فقطعقالنيا قد ال - الذي هو خارج عملية صناعة القرار –وما يبدو للمراقب املوضوعي ،من شخص إىل آخر

مث مباذا نفسر اختالف السلوك بني الدول إزاء نفس املواقف، بل حىت يف ،قراريبدو كذلك بالنسبة لصانع ال سلوك الدول ذاا ؟

إن هذا املقترب مل يستطع أن ميلك القدرة التفسريية الالزمة لتفسري سلوك الدول اخلارجي، كما قد وا فيه مصداقية أكرب يف تفسري اعترته نقائص وشوائب عديدة، جعلت الكثري من الباحثني يتبنون مقتربا آخر رأ

.السياسات اخلارجية للدول

.مقترب التحليل الكلي: املطلب الثاين

يف سياسات يتجه هذا املقترب إىل التقليل من أمهية الدور الذي ميكن أن يلعبه القادة أو الزعماء السياسة –أن هذه األخرية (David Singer)ويعتقد أصحابه وعلى رأسهم ديفيد سينجر . دوهلم اخلارجية

يتحرك من للقائد أنهي التعبري الواضح عن املصاحل القومية، وبناء عليه فإن اإلطار الذي ميكن –اخلارجية خالله يكون قد حتدد إىل درجة كبرية، بطريقة ال تتيح لشخصيات الزعماء أو القادة أن تؤثر يف املوقف أو

قترب فإن صانعي القرار ليس لشخصيام تأثري يذكر يف السياسة إذن حسب هذا امل. تتحكم يف بلورتهإن األمساء والوجوه قد " ومبعىن آخر ،اخلارجية وتصرفام إمنا تعكس خصائص النظام أكثر من أن تؤثر فيه

.(2) "تتبدل، أما املصاحل والسياسات فال تتغري، ألا متأصلة يف السمات اهليكلية السياسية الدائمة Top-Down) حتت - فوق (حات هذا املقترب ترتكز على نظرة فوقية، أو مقتربات إن طرو

Approches واستنادا إىل هذه ،ر النظام الدويلامن منظ ،"فوقمن "تتكلم جمازا عن رؤية سلوك الدول واليت اليت )Standards( احلوافز، القيود، أو قواعد السلوك :النظريات أو الطروحات فإن مفتاح سلوك الدول هو

.480ص.1998، 2القاهرة، مكتبة النهضة املصرية، ط.حممد السيد سليم، حتليل السياسة اخلارجية ( 1) .16سلوى شعراوي مجعة، مرجـع سابـق، ص ( 2)

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

16

.(1)تكون خارجية بالنسبة ألي فاعل، وتلك اليت تكون نسقية يف األصل

إن هذه الطروحات ترى أن السياسة اخلارجية جتد حمدداا يف طبيعة النظام السياسي الدويل، هذا تركز على عملية األخري يعترب املتغري املستقل الذي ميكن أن يفسر سلوك الدول يف حميطها اخلارجي، كما أا مل

.(2)حيث اعتربا أكثر حمددة منها محددة القرار،صناعة ولقد حاولت الواقعية الكالسيكية الوصول إىل نظرية متكاملة لتفسري العالقات الدولية، بدت أكثر

، Nation-State" األمة -الدولة"متاسكا وحماكاة للواقع، ركزت على أن الفاعل األول يف النظام الدويل هو ويف هذا يعتقد ،ويف نظام دويل مسته الفوضوية فإا تتصرف بعقالنية من أجل الوصول إىل القوة وتعزيزها

أن كل نظرية يف العالقات الدولية جيب أن تتجنب األخذ بعني اإلعتبار ) Hans Morgenthau(هانز مورغانتوسياسة خارجية هي تلك اليت تقلل األخطار وتعظم أحسن وكذا أنالتربيرات اإليديولوجية ومشاعر الفاعلني،

أثناء عملية صنع ةويتضح من خالل هذا أن دور القائد السياسي ال يكون إال يف متثل هذه العقالني ،(3)الفوائدعية فإن املناقشات حول الطبيعة اإلنسانية بني املثالية والواق) Kenneth Waltz(وبالنسبة لكينيث والتز . القرار

ال مه، وإمنا ما يهم هو بنية النظام الدويل، كيف ترتبط الدولة بغريها من الدول، وأكثر أمهية من ذلك هو إذن مصادر السياسة اخلارجية توجد يف وضعية الدولة يف النظام .(4)القوة النسبية هلا مقارنة مع الدول األخرى

يف عملية صنع القرارات السياسية اخلارجية، وضمنيا فإن تأثري وهذا يلغي دور البيئة الداخلية وتأثريها ،الدويلمن خالل نظرة عقالنية لصناع القرار، اإلنعدام،اخلصائص الشخصية أو العوامل املتعلقة بالفرد يؤول إىل

وذلك حينما افترض الواقعيون أن قادة الدول ال يتصرفون وفق مبادئ أخالقية كاألفراد، ولكن يضعون دائما وعلى هذا األساس فإن القادة أحيانا ،اهتمامام املصلحة العليا للدولة، وإمهال كل اإلهتمامات األخرىيف

.يتصرفون بطرق ميكن اعتبارها ال أخالقية متاما بالنسبة لألفراد :نـن أساسيتيـز على نقطتيـعي الكالسيكي يركـرح الواقـوما ميكن القول أن الطـوعم

(1 ) Volker RITTBERGER, Approaches to The Study of Foreign Policy Derived From International Relation Theories. in site internet:

http://www.isanet.org/noarchive/ rittberger .html

(2 ) Steve SMITH, Theories of Foreign Policy : An Historical Overview, International Studies, vol 12, December 1986, p14.

رسالة ماجستري غري منشورة، .راتيجية جـديـدة الحتواء جهـوي شامـلإستـ: عمار حجار، السياسة املتوسطية اجلديدة لإلحتاد األورويب ( 3) .06ص.2002 جامعة باتنة،

(4 ) NO NAME, Approaches to Internationl Relations. in site internet: http://www.yorku. ca/ dmuntimer/lect03.htm

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

17

، املستوى الداخليشئة اتمع املدين على ـة دور مركزي باعتبارها منـللدول -1

.املستوى اخلارجي اتمع علىالوحيد هلذا والوسيط .(1)الدولة تعترب الفاعل الوحيد يف اللعبة الدولية -2

االهتمام باحلوافز واالختيارات : خطأين أساسيني مهاوباملقابل يحذر مورغانتو من الوقوع يف ويف هذا إشارة . (2)مؤشرين للتنبؤ بالسياسة اخلارجيةكالعقائدية، فهذان العامالن حسبه ال ميكن أن يقدما

.واضحة إىل إمهال كل ما يتعلق بالفرد أو صانع القرار أثناء دراسة أو حتليل السياسة اخلارجيةظهرت كتيار فكري جديد ساير التطورات اليت عرفها Neorealism "عية اجلديدةالواق"من جهتها

املسرح الدويل يف الستينيات والسبعينيات، وهي يف احلقيقة تعترب امتدادا للواقعية الكالسيكية حينما افترضت أن مراعاة أو اإلعتراف الدولة تبقى الوحدة األساسية للتحليل أو الفاعل األساسي يف العالقات الدولية، لكن مع

.بوجود فواعل أخرىوتتبىن الواقعية اجلديدة وجهة النظر النسقية من أجل حتليل السياسة اخلارجية، وتركز على تأثري النظام

دد ـويذهب الواقعيـون اجل ،Unitary Actorوحـدوي الدويل يف سلوك الدولة، هذه األخرية تعترب كفاعل وعليه . تواجه العامل اخلارجي كوحدة مندجمة" مغلفة بقوقعة صلبة"الدولة وكأا إىل اعتبار -ألغراض حتليلية-

إذن الواقعية اجلديدة ورغم اعترافها بوجود . (3)فإن للدولة سياسة واحدة يف أي زمان ويف أية مسألة كانتويني الفردي والوطين، إال أا استغنت عن املست) فردي، وطين، دويل(مستويات حتليل ثالثة يف السياسة الدولية

ومنه ميكن القول أا أمهلت ، (4)باعتبارمها يقدمان تفسريات جتزيئية للظواهر الدولية بدل التفسريات الكلية .املتغريات الفردية لصناع القرار وتأثريها يف صنع قرارات السياسة اخلارجية

وداخل بيئة ،ويل يتسم بالفوضويةيفترض الواقعيون اجلدد أن الدول ترغب يف ضمان بقائها يف نظام ددولية عدائية وتنافسية، الدول كفواعل عقالنية هي جمربة على التأكد من أن ال خطر يتهدد أمنها من هذه البيئة

ويضيفون أنه ال ميكن أن يوجد أمن كامل أبدا للدول يف ظل هذه الفوضوية، لذا فإن الدول دائما ،الدوليةجل صيانة أو زيادة أمنها الداخلي، فاألمن هو املصلحة األساسية لكل دولة، وهو تبذل املزيد من اجلهود أل

ويالحظ أنه إذا كانت القوة كغاية لذاا عند الواقعيني الكالسيكيني، فإا وسيلة . (5) الذي حيدد سلوكها .لضمان غاية أكرب تتمثل يف األمن لدى الواقعيني اجلدد

.07ص عمار حجار، مرجـع سابـق، ( 1) . 26ص.1985، 1دار الكتاب العريب، ط. ناصيف يوسف حتى، النظرية يف العالقات الدولية ( 2) .08عمار حجار،مرجـع سابـق، ص ( 3) .11نفـس املرجـع، ص ( 4)

(5 ) Volker RITTBERGER, op.cit .

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

18

كلها تسعى Like Unitsا، الدول ترى على أا وحدات متماثلة وحسب الواقعية اجلديدة دائم

وعن سؤال يتعلق .Influenceلتحقيق نفس األهداف واملتمثلة يف توسيع األمن، االستقاللية، ومزيد من التأثري باختالف سلوك هذه الدول، فإا تربر ذلك باختالف الدرجة اليت ميكن ا أن تترجم الدول هذه األهداف

هي يف وضع صعب لتجنب التأثري املمارس عليها من طرف البيئة Weak Statesفالدول الضعيفة ،يف سلوكااأكثر احتماال للنجاح يف الدفاع أو حىت زيادة استقالليتها أو هي Strong Statesالدولية، بينما الدول القوية .(1)تأثريها على الدول األخرى

:ت فرعية ضمن الواقعية اجلديدةاجتاها ةوميكن التكلم عن ثالث Agressiveوأحيانا يطلق عليها الواقعية العدوانية :Offensive Realism :اهلجوميةالواقعية : أوال

Realism وترفض مطلقا دور العوامل األخرى مبا يف األهم،تؤكد على أن العوامل النسقية تلعب دائما الدوروبالتايل نادرا،ة عامة هي على الطريقة اهلوبزية، وهنا يكون األمن ذلك الشخصية، تفترض أن الفوضى الدولي

.الدول حتاول حتقيقه عن طريق تعظيم منافعها النسبيةترى أن النظام الدويل هو أقل فوضوية، وأن األمن هو :Defensive Realism :الدفاعيةالواقعية : ثانيا

فهم هذا أو تعلمه مع مرور الوقت ومن خالل ، والدول تستطيع)أو على األقل ميكن توفريه(متوفر .(2)التجربة

ويالحظ أن كال االجتاهني يعمدان إىل حصر احملددات أو املتغريات اليت تؤثر على السياسة اخلارجية يف .النظام الدويلتركز على أن املتغريات النسـقية تشـكل :Neoclassical Realism: الواقعية النيوكالسيكية: ثالثا

ريات مستقلة يف السياسة اخلارجية، ولكن هناك متغريات أخرى إىل جنب األوىل، تدعى باملتغريات الوسيطة متغاع وأول هذه املتغريات هو إدراكـات صـن ، وهي ذات طبيعة داخلية Intervening Variablesأو املتدخلة

، أي أن اإلدراكات هي واسطة بني )الدولية(القرار، واليت من خالهلا تترشح أو تتصفى الضغوطات النسقية ويبدو أن الواقعية النيوكالسيكية تعترف ولو جزئيا بالدور الذي ميكن . (3)هذه الضغوط النسقية وصناع القرار

.أن تلعبه العوامل الشخصية للفرد يف التأثري على صنع قرارات السياسة اخلارجية

(1 ) Ibid. (2 ) Rose GIDEON, Neoclassical Realism and Theories of Foreign Policy, World Politics, vol 51, n°1, October1998, p149. (3 ) Ibid, p157.

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

19

مقترب التحليل اجلزئي ومقترب التحليل -ربنينستطيع اإلستخالص مما سبق أن موقفي هذين املقتميثالن جانبني متطرفني يف مسألة دراسة العوامل الشخصية وأثرها يف السياسة اخلارجية، كما أنه ميكن -الكلي

ويذهب العديد من الباحثني خاصة . القول أن ال أحد من املقتربني ميكنه تقدمي إجابات قاطعة وكافية مبفردهسة احلالة، ال املهتمني بالتنظري، إىل أنه ال ميكن إمهال متغري أو حمدد للسياسة اخلارجية بالنسبة إىل املهتمني بدرا

يف حتديد الوزن النسيب لكل من هذه - السياسة اخلارجية -آخر، وإمنا يتمثل التفسري العلمي هلذه األخرية .املتغريات

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

20

:المبحث الثاني

القرار البیئة النفسیة لصانع الخارجي

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

21

يذهب أغلب الباحثني يف جمال السياسة اخلارجية إىل أن هناك تفاوتا بني الواقع كما هو موجود فعال، وكما يدركه أو يتصوره اإلنسان، وعلى أن الطريقة أو األسلوب الذي يشخص به اإلنسان هذا الواقع هي اليت

رولد و مارغريت سربوت بدراسة رائدة يف اخلمسينيات، أوضحا وقد قام كل من ها .حتدد سلوكه يف النهايةاليت كوا عرب مدة طويلة مـن (*)من خالهلا أن الفرد يترجم الواقع من خالل جمموعة من املتغريات املعرفية

.Psychological Environmentئة النفسية ـالزمن، هذه املتغريات املعرفية يف جمموعها تشكل ما يعرف بالبيا تم، وقيمهم، تتشري إىل اجتاها" عرف هذه األخرية على أم ومعتقداأعضاء وحدات القرار وتصورا

.(1) "وهلم النفسية، وهم يتخذون القراراتـام اإلجتماعية، وأصـابقة، ودوافعهم وخلفيـوخربام وآرائهم السئد واخلصائص املرتبطة بصانع القرار الذي والعقا) اإلدراكات(جمموعة املفاهيم " وتعرف كذلك على أا

يتصرف يف جمال السياسة اخلارجية بناء على رؤيته الذاتية للمتغريات املوضوعية، وليس بناء على األوزان احلقيقية لتلك .(2)"املتغرياتذا وفق ما يتصورونه عن العامل احمليط م، وليس بالضرورة أن يتطابق ه نفاألفراد يتصرفون أو يسلكو

التصور مع الواقع الفعلي أو احلقيقي، وبالتايل جيب أن نميز بني البيئة كما ندركها أو نتصورها وبني البيئة كما وعليه فإنـه ،Misperception" اإلدراكياخلطأ " ـهي موجودة فعال، وعدم املطابقة بينهما خيلق ما يسمى ب

صحيحة، فإن سياسام تكون خمتلفة ورمبا فاشلة عنـها إذا كانت تصورات صناع القرار للعامل خاطئة أو غري أو مبعىن آخر إن عوامل البيئة النفسية تحدد صحة قرارات السياسة ،(3)إذا كانت صورهم عن العامل صحيحة

اخلارجية إىل حد كبري، وذلك كلما زاد تطابق تصورات وإدراكات القائد مع البيئة العملية، أو كلـما قـل أنه إذا كانت البيئة النفسية هي (Joseph Frankel)فرانكل ويضيف جوزيف . ني التصور والواقعالتفاوت ب

السياسة اخلارجية، فإن مدى جناح أو فشل هذه األخرية يرتبط بالبيئة وسالمة قراراتاليت حتدد مدى صحة بينما جـون سبـانري . ات ذاا، أي أن القرار يتخذ بناء على تصور وفهم القائد السياسي للمتغري(4)العملية

و غريها، ، التعلـم، وتطويـر املفاهيم العقليةاملتغريات املعرفية تنصرف إىل كل العمليات الذهنية املتعلقة بالتفكري، التسبيب، حل املشكالت ) *(

:أنظر يف هذا الصدد. وحتتل الصور واإلدراكات والعقائد الصف األول ضمن هذه املتغريات اصري ، بريوت، مركز دراسات الوحدة العربية.دراسـة يف العقائـد والسيـاسة اخلـارجية: حممد السيد سليم، التحليـل السيـاسي الـن

.24ص. 1983، 1ط .162حممد شليب ، مرجـع سابـق، ص ( 1) .142سعد أبو دية، مرجـع سابـق، ص ( 2)

(3 ) Michael SULLIVAN, International Relations: Theories and Evidence. Prentice-Hall INC, 1976. p 43. (4 ) Joseph FRANKEL, op.cit, p04.

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

22

بني البيئةامل هي مهمة جدا لسبب واضح، ذلك أنـها تربط ـاع السياسة للعـيؤكد على أن إدراكات صن

. (1) أم ال ذا صحيحاـكان هواء ـس دركـالعـامل املهو فالعـامل احلقيـقي ،وقرارات السياسةاخلارجية لنفسية تلعب دور الوسيط أو الرابط املنطقي بني البيئة العملية وقرارات نستطيع القول أن البيئة ا

السياسة اخلارجية، ونشري إىل أا متتاز بالديناميكية ال باجلمود، وبالتايل فهي قابلة للتغري والتبدل بتغري تصورات .وإدراكات وعقائد القائد السياسي

اختاذ قرارات السياسة اخلارجية، بيد أن املشكلة اليت ويعتمد هذا األخري دائما على بيئته النفسية يف يواجهها الباحثون املهتمون ذا اال تتعلق بكيفية معرفة البيئة النفسية للقائد السياسي، وما األدوات اليت

:بنيولقد حاولوا إجياد طرق وأساليب حلل هذه املشكلة، تراوحت .نستعملها لذلك .القرارالشخصية مع صناع املقابلة - 1 .على مقابالت وأحباث اآلخرين الذين عرفوا صانع القرار أو كتبوا عنه اإلعتماد - 2 .(2)على حتليل املضمون ألقوال صانع القرار يف خالل فترة الدراسة اإلعتماد - 3

ثالث هو األفيد واألجنع، ذلك أن املقابلة مع صانعي القرار قد تقودنا إىل معرفة ورمبا يكون األسلوب الالنفسية أثناء مرحلة الدراسة، ألن تهالبيئة النفسية له أثناء فترة املقابلة، واليت ميكن أن ال تكون مطابقة لبيئ

.اختالف املواقفاإلدراكات والعقائد واملفاهيم قد تتغري مع مرور الزمن، كما أا قد ختتلف بوبالنسبة ألبعاد أو عناصر البيئة النفسية فإا حمل اختالف، ويرتبط كل تقسيم بالتعريف أو املفهوم

.دـالتصورات، اإلدراكات، العقائ: الذي يعطيه الباحث هلذه البيئة، ومن جهتنا سنعتمد التقسيم الثالثي التايل

.التصورات: املطلب األول

اإلنطباع األويل والعام للقائد السياسي عن موضوع معني دون " الصور، يقصد ا ويطلق عليها كذلكئة العملية بواسطة العديد من املتغريات املعرفية، من ـرد يرتبط بالبيـفالف ،(3)"تعمق يف حتليل ماهية املوضوع

.امـاهرة حمل اإلهتمـرا يف تفاصيل الظـة ال تتعمق كثيـاعات عامـها انطبـور اليت تتسم بأنـبينها الصويؤكد الباحثون على أن هناك عالقة ارتباطية بني الصور والسلوك، ويف هذا الصدد يقول كينيث : بولدينغ

(1 ) John SPANIER, op. Cit, p 33.

.49سعـد أبـو دية، مرجـع سابـق، ص ( 2) .423حممد السيد سليم، حتليل السياسة اخلارجية، مرجع سابق، ص ( 3)

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

23

إن من يصنعون القرارات اليت تحدد سياسات وسلوكيات األمم، ال يتصرفون بناء على احلقائق املوضوعية "

ويزيد دور التصورات لدى صناع .(1)" بناء على تصورام للموقفللموقف، بصرف النظر عما يعينه ذلك، ولكن القرار يف التأثري على سلوكيام وتصرفام وقرارام كلما ازداد مجود هذه التصورات، أي أنه كلما حافظ .الفرد على الصورة اليت حيملها عن موقف معني ملدة طويلة كلما ازداد تأثري هذه الصورة على جممل سلوكياته

:ويعتقد أن الصور أو اإلنطباعات اليت يطورها الفرد عن البيئة العملية حمكومة بعدة مؤثرات .السياسية واملرياث التارخيي لصانع القرار الثقافة -1 .ة لهـالشخصي زاياـامل -2 .ةـاإلجتماعي راتهـخب -3

ويضيف بولدينغ األمهية اخلاصة اليت تكتسبها املعلومات يف هذا اال، حيث أن هذه األخرية تعين احلقائق، بينما الصور هي تقييم اإلنسان لتلك احلقائق ونظرته الشخصية إليها، ويؤكد على أن املعلومات

، وعليه فإن صحة (2)ألحيان إىل تغيري جذري فيه وتدفقها يؤثر كثريا على طبيعة التصور، ورمبا أدى يف بعض اوسالمة التصور يتوقفان على صحة املعلومات اليت حيصل عليها صانع القرار من جهة، ومن جهة أخرى على

لدى صانع القرار، تنسبة تدفق هذه املعلومات، فإذا كانت النسبة كبرية جدا، فإن هذا جيعل التصور يتشتإلختيار الصحيح بني البدائل، وإذا كانت النسبة صغرية جدا فإن هذا جيعل التصور وتقل عنده القدرة على ا

.وغامضامشوها الدور أو املكانة اليت يشغلها صانع القرار وارتباط ذلك (Lloyd Jenson)ويزيد على هذا لويد جنسن

ات اليت ـم املعلومتصوراته متناسبة مع حجثـمة تكون ومن علومات اليت ميكن أن حيصل عليها،حبجم امل .(3)حيوزها

وفيما خيص أشكال تأثري التصورات أو الصور على السياسة اخلارجية، يذهب الباحثون إىل أن الصور ويفترض مفهوم الصور املتعاكسة أن شعوب الدول . تعد أهم هذه األشكال (Mirror Images)املتعاكسة

را مشوهة عن الطرف اآلخر، فيذهب كل طرف إىل املنخرطة يف مواجهة عدائية طويلة تطور كل منها صو املبالغة يف تصوير نفسه على أنه األفضل واألكثر حبا للسالم واحلامل لقيم اخلري، ويرى العكس متاما يف الطرف

.نفس املرجـع، نفـس الصفحة ( 1) .45سعد أبو دية، مرجع سابق، ص ( 2) .38ص . 1989، 1مجة حممد أمحد مفيت و حممد السيد سليم، السعودية، عمادة شؤون املكتبات، طتر. لويد جنسن، تفسري السياسة اخلارجية ( 3)

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

24

هذه الصور تأخذ وقتا طويال كي تتغري، ولذلك يعتقد الكثريون أن هذه الصور املتعاكسة هي اليت ،(1)خرآلا

.والواليات املتحدة األمريكية، وعملت على استمرارها -سابقا -رب الباردة بني اإلحتاد السوفيايتذكت احلونشري إىل أن هناك مشكلة تطرح لدى الباحثني عند حماولة حتديدهم أي عناصر التصورات تؤثر على

لعدو وقوته، ذهب السياسة اخلارجية، ففي حني ركز البعض على ضرورة حتليل تصورات القائد السياسي لالبعض األخر إىل وجوب التركيز على تصورات القادة للنظام الدويل، من حيث هيكله وأمناط التفاعالت

.احلاصلة فيه

.اإلدراكات: املطلب الثاين

تعبري عن وعي الفرد بالقضايا "يعترب اإلدراك املتغري املعريف الثاين، يلي التصور مباشرة، يعرف على أنه اع القرار أثناء ممارستهم حليام اليومية يستقبلون جمموعة من ـ، فصن(2) "ية املرتبطة مبوقف معنياملوضوع

املعلومات اليت ترتبط مبواقف البيئة العملية، واليت ختلق لديهم وعيا ذاتيا ذه املواقف، هذا الوعي الذايت يتجدد ط بني بيئة صناع القرار العملية وبيئتهم ـوظيفة ربر اإلدراك ـبالتعرض إىل املواقف اجلديدة، وبناء عليه يصي

.النفسيةويف هذا ،(3)" وسيطة بني احلافز واإلستجابة عملية"هي ومن الباحثني من ذهب إىل أن عملية اإلدراك

منوذجهم (Ole Holsti, R.North, and R. Brody) قدم خنبة من األساتذة يتقدمهم هولسيت، نورث و برودي The Mediated Stimulus- Response Model" ابةـافز واإلستجـط للحـوذج الوسيـالنم " الذي أمسوه

.لههو توضيح -01- والشكل رقم

.218جيمس دوغريت و روبرت بالتسغراف، مرجـع سابـق، ص ( 1) .398حممد السيد سليم، حتليل السياسة اخلارجية، مرجع سابق، ص ( 2) .415ع ، ص ـس املرجـنف ( 3)

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

25

)النموذج التفاعلي(واإلستجابة -النموذج الوسيط للحافز: 01الشكل

(S)

S = Stimulusحافز r = Perception إدراك

s = Expressionتعبري R = Response (Behavior)) سلوك(إستجابة

.414يل السياسة اخلارجية، ص حممد السيد سليم، حتل: راملصد

اليت -مى احلوافزيوضح هذا النموذج أن العملية اإلدراكية هي الرابط أو احللقة الواصلة بني ما يسواإلستجابة اليت -تعترب جمموعة الوقائع اليت حتدث يف البيئة العملية، بغض النظر عن طبيعتها املادية أو املعنوية

ويالحظ أن كال من احلافز واإلستجابة هلما طابع موضوعي، وعلى ، هي سلوك ترد به الدولة على هذه احلوافزودائما حسب هذا النموذج فإن ،طبيعة إدراكية) اإلدراك والتعبري(ة العكس من ذلك تكتسي العوامل الوسيط

، مث يعرب (r)من البيئة اخلارجية، هذا احلافز يدركه على شكل معني (S)صانع القرار يف الدولة أ يتلقى حافزا ليشكل حافزا (R)، بعد ذلك يقوم بترمجته إىل سلوك (s)عن نواياه وخططه واجتاهاته إزاء احلافز تعبريا معينا

مع مالحظة أن اإلستجابة للحافز ختتلف باختالف صناع القرار . جديدا لدولة أخرى، وهكذا دواليك .واختالف إدراكام

لقد أكدت دراسات عديدة أن اإلدراك هو احللقة األهم يف سلوكات أو استجابات الدول حمليطها ففي دراسة . واإلستجابة إال من خالل وعن طريق اإلدراك اخلارجي، وأثبتت انتفاء العالقة السببية بني احلافز

ؤدي إىل التعبري عن عداء ، قامت باختيار فرضية أن إدراك العداء يباإلدراك حاولت معرفة مدى ارتباط السلوك ائية،فإذا كان احلافز ذا طبيعة عد ،(1)مماثل، وتوصلت إىل أن هناك ارتباطا وثيقا بني اإلدراك والتعبري عن العداء

.س الصفحةنفس املرجع، نف ( 1)

(r) إدراك الدولة أ لسلوك ب الدولة

(s) التعبیر عــن

النوایا

(s) التعبیر عــن

النوایا

(r) إدراك الدولة أ لسلوك

الدولة ب

(S) (R) سلـوك

سلـوك

(R)

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

26

فليس بالضرورة أن تكون اإلستجابة ذات طبيعة عدائية كذلك، و لكن اإلستجابة ترتبط بإدراك صانع القرار

.دائي، والعكس صحيحـافز هو سلوك عـرار أن احلـانع القـة إذا أدرك صـكانت عدائي ا، فلرمبللحافز :وتساهم عوامل عديدة يف عملية اإلدراك نذكر منها التجربة السابقة لصانع القرار فيما خيص البيئة اليت يتفاعل معها، فهي حتدد بدرجة كبرية -1

.ما ننتظره من رد فعل أو سلوكية معينة تصدر منهاألهداف العامة لصانع القرار، واليت تؤثر بشكل متواصل ومستمر على إدراكه لألمور -2

ة من أهدافه، فأحيانا يرى اإلنسان ما يريد أن يراه وإن مل يكن حسب موقع هذه األخري .دـو وجـوده حىت ولـحب أو ال يتمىن وجـرى ما ال يـموجودا، وال ي

القناعات الراسخة لدى صانع القرار نتيجة تكوينه الثقايف واإلجتماعي والسياسي -3 .(1)وبة أحيانا ـت بالسرعة املطلاعاـب تغيري القنـائدي، ومن الصعـوالعق

وقد تتحدد عملية اإلدراك كذلك من خالل توقعات صناع القرار ملا حيدث يف العامل اخلارجي، فمثال القادة الغربيون حيكمون على الدول األخرى بالعدوانية مبجرد أن يصل إىل السلطة دكتاتور، يف حني يرون

.(2)م عن طريق انتخابات حرة التعاونية يف الدول اليت يصل فيها احلاكوملا كانت العالقة بني السلوك واإلدراك وثيقة كما أسلفنا، فإن صحة وسالمة السلوك من صحة وسالمة اإلدراك، لذا فإن اتباع سياسة خارجية سليمة تقتضي إدراكا سليما، بيد أن هذا ال يتأتى للكثريين من

ما يسمي باخلطأ اإلدراكي، هذا األخري تتعدد أشكاله، واليت صناع القرار، فقد حيصل هلم سوء اإلدراك أو : تعترب يف الوقت نفسه أسبابا له، منها

.مبالغة القائد السياسي يف تقدير مكانة دولته على الصعيد الدويل أو العكس، حتقري هذه املكانة -1 ن ـر ويعكس حقيقته، وأن السلوك احلسـدو ميثل الشـبأن كل ما يأيت من الع ادـاإلعتق -2

.وط خارجيةـة ضغـو نتيجـمنه ه .ن لهـاع آلييـرورة أتبـم بالضـدو هـاء العـإىل اإلعتقاد بأن حلف امليل -3 .(3) )نظرية املؤامرة(إىل تفسري كل األحداث الدولية يف ضوء سلوك العدو الرئيسي امليل -4

ألن جيعل اإلدراك مشوها، وجود أحدهاتكون هذه األسباب أو األشكال مجتمعة، بل يكفي وال يشترط أن .والذي يؤثر بدوره سلبا على السياسة اخلارجية

.182ناصيف يوسف حىت، مرجع سابق، ص ( 1) .37لويـد جنسن، مرجـع سابـق، ص ( 2) .420حممد السيد سليم، حتليل السياسة اخلارجية، مرجع سابق، ص ( 3)

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

27

.العقائد: املطلب الثالث

حكم احتمايل ذايت، "، ويشري مصطلح العقيدة إىل أا )*( وهي املتغري املعريف الثالث، تأيت بعد اإلدراك

عليه صراحة أو ضمنا يف شكل تأكيد أو مقولة، هذا احلكم يصف أو يوصي أو يقوم ظاهرة أو أسلوبا للعمل، نص .(1)" حبيث يربط بني هذه الظاهرة أو األسلوب وبني صفة حمددة

:ومن هذا التعريف نستطيع استخالص أربع خصائص تتعلق بالعقائد، احلكم موضععن الشيء قتعرب بصدفقد تكون سليمة الية،احتم ن العقائد هلا طبيعةإ -1

.وقد ال تكون كذلك، ودرجيت اإلحتمال واليقني هنا ختتلف باختالف األشخاص تأخذ شكل تأكيد أو مقولة صرحية أو ضمنية، وبالتايل فإن الفرد يعرب عن احلكم -2

.تمايل بطريقة علنية، أو تستشف من خالل تعبريهاإلح .تؤدي العقائد وظيفة سلوكية، إذ تعمل كأدوات لتوجيه السلوك الفردي -3 تعمل العقائد على إنشاء عالقة بني الشيء موضع العقيدة وبني صفة حمددة، قد تتضمن -4

.(2)أو تقييمه، أو التوصية بإتباع سلوك معني اجتاهه هذه العالقة وصف الشيءوتكتسي العقائد أمهية بالغة لدى صانع القرار يف ترمجة بيئته العملية إىل بيئة نفسية، ويف حتديد

قد يكون من املستحيل تفسري قرارات " أنه (Robert Jervis)وتفسري سلوكاته، إذ يؤكد روبرت جرفيس ، ويضيف كل من (3)" الرجوع إىل عقائد صانعي القرارات عن العامل وتصورام لآلخرين وسياسات أساسية بدون

لنقل املعلومات للربط العقائد أدواتيف عملية صنع القرار تشكل "أنه (Bonham and Shapiro)بوام وشابريو .(4)" رار ذاتهـع القـأهداف صانرى وبني ـبني البدائل املتاحة وبني إدراك صانعي القرار لنوايا وسلوك األمم األخ

هي اليت حتدث أوال )اعات العامةاالنطب( إن ترتيب املتغريات الثالثة ذا الشكل خيضع ملنطق التسلسل يف الوقوع و التكوين، حبيث أن الصور )*(

رات الثالثة هو نظري، بيد أنه من الناحية ـو يف احلقيقة إن هذا الفصل و الترتيب بني املتغي . و تتطور فيما بعد إىل إدراكات، بعدها إىل عقائد . ق ترتييبـاعها ملنطـاعلية، جتعل من الصعب إخضـات تفـعالقتدخل فيما بينها يف -راتـاملتغي -العملية يصعب التفرقة بينها، كما أا

.28حممد السيد سليم، التحليل السياسي الناصري، مرجع سابق، ص ) (1 .نفس املرجع، نفس الصفحة ( 2) .29نفـس املرجـع، ص ( 3) .نفس املرجـع، نفس الصفحة ( 4)

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

28

تتعلق -دائيةأوتنقسم عقائد القادة إىل عقائد فلسفية تتميز بطول اإلستقرار وصعوبة التغيري، وعقائد

وهي أقل استقرار وثباتا، إذ أا ترتبط مباشرة بالواقع، لذا قد يغري القادة عقائدهم -باإلستراتيجية و التكتيك .الواقعهلم أا ال تتفق مع حقائق بنيعندما يت األدائية

بصانع القرار إىل أن يطور لنفسه العديد هذا يؤديوإذا كانت البيئة العملية شديدة اإلتساع والتنوع، فإن املختلفة اليت متكنه من التعامل مع هذه البيئة، هذه العقائد يف تناسقها وتداخلها وترابطها تشكل )*(من العقائد رـرى فيتسنغـوي .والذي يساعد على اإلتساق املعريف لديه ،(Belief System)لنسق العقيدي ما يسمى با

)Vitsinger ( اإلتساق املعريف لدى الفرد فإن هذا يؤدي به إىل تقليص عدم اإلتساق الذي قد عدم حالةأنه يفعديل إحدى األسس الثالثة ومن مث يتم تقليصه بت ،بقيمه أو بيئته أو سلوكه ،حيدث يف معلوماته اخلاصة

.(1) )القيم، البيئة، السلوك(السابقة :وميكن القول أن النسق العقائدي يعمل على

عملية استيعاب املعلومات الواردة إليه من احمليط اخلارجي، وحماولة جعلها أكثر اتساقا تيسري -1

.وترابطالكم املعلومايت الذي ميكن قبوله واستيعابه من البيئة اخلارجية، حيث أن على حتديد ا يساعد -2

.الفرد مييل إىل قبول املعلومات اليت توافق نسقه العقيدي، ويرفض األخرى أو يتجاهلهاصانع القرار يف املفاضلة بني اخليارات العديدة، أو البدائل املطروحة أمامه، حبيث مساعدة -3

.يل إىل البدائل اليت تتفق مع نسقه العقيدييكون أمجمموعة من املبادئ أو املعايري األدبية أو األخالقية، واليت يركز عليها صناع القرار يف توفري -4

.(2)تقييم اإلجتاهات والتصرفات، سواء املتعلقة بالذات أو باآلخرين

الذي هو تقومي لظاهرة معينة )Attitude(اإلجتاه : مي التصور و اإلدراك، فإا ختتلف كذلك عنإضافة إىل اختالف مفهوم العقائد عن مفهو )*( اليت هي رمـوز تعبـر عن تصـور الشخص ملا) Values(و القيـم . يف شكل استعداد باطن يعبر عن املسافة العاطفية بني الشخص و الظاهرة

فالفـرد مثال قـد تكون لديه صورة لعبـد النـاصر. يد سليم مثاال يوضح به الفروق بني هذه املفاهيمويسوق حممد الس. احلياة املثالية يعتبـره

اصر للقـومية العربية )صورة(كزعيم قومي عريب فإذا أثيـر أمامه موضوع عبد الناصر تذكر). اجتاه(، رغم أنه حيب أو يكره مفهـوم عبد الـن

: انظر يف هذا. ، فإذا أكـد صحة استراتيجية عبد الناصر إزاء إسرائيل فإنه يعرب بذلك عن عقيدة)دراكإ( 1967تأميم قنـاة السويس، أو حرب .29، 28. حممد السيد سليم، التحليل السياسي الناصري، مرجع سابق، ص ص

.219ق، ص ـع سابـرت بالتسغراف، مرجـريت و روبـجيمس دوغ ( 1) .39ص .1999اإلسكندرية، املكتب اجلامعي احلديث، . ف بن حارب،السياسة اخلارجية لدولة اإلمارات العربية املتحدةعبد الرمحن يوس ( 2)

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

29

صحة ا، وكذوعلى حسب درجة متاسك أنساقهم العقيديةبيد أن هذا الدور خيتلف باختالف األفراد،

.املعلومات املستقاة من البيئة العملية :ونستطيع متييز بعدين يف النسق العقيدي

والذي ينتج The Cognitive Element of The Belief System :البعد املعريف للنسق العقيدي -أوالآثارا غري مباشرة يف السياسة اخلارجية، حيث أنه ينمط إدراكات القائد للمواقف، فيعمد هذا األخري إىل أخذ

.املعلومات اليت تتوافق مع نسقه العقيدي فقط، واإلعتماد عليها أثناء صنع القراروهذا The Affective Element of The Belief System :البعد التفضيلي للنسق العقيدي -ثانيا

ينتج آثارا مباشرة يف السياسة اخلارجية، حيث أن القائد السياسي له عقائده احملددة سلفا عن طبيعة النسق إخل، ...الدويل، والنظام السياسي، وطبيعة األعداء والعالقة بينهم، وكذا أهدافه والطرق األنسب لتحقيقها

.إىل هذه العقائد يف اختيار وتفضيل البديل املناسبوبالتايل عند صنعه واختاذه للقرار يستند :وقد أوضح هولسيت دور هذين البعدين يف الشكل التايل

.العالقة بني النسق العقيدي والسياسة اخلارجية: 02الشكل

.407ص : حممد السيد سليم، حتليل السياسة اخلارجية: املصدر

ر املباشر للنسق العقيدي يعمد القائد السياسي إىل إحداث إتساق معريف ـغي رـففي األث(Cognitive Consistency) بني نسقه العقيدي وبني ما يرد إليه من معلومات جديدة، أما إذا كانت األخرية

، (Cognitive Dissonance)املعريف لتتعارض وتناقض نسقه العقيدي فإن ذلك يؤدي إىل ما يعرف باإلختال :وحياول القائد التغلب عليه بإتباع إحدى الطرق التالية

النسق العقیدي )البعد المعرفي(

+ )البعد التفضیلي(

إدراك الواقع

معلومات

معلومات القــرار

غیر مباشر

مباشـر

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

30

.ورفض ما ال يتوافق مع النسق العقيدي من املعلومات جتاهل -1

.درهاـات ويف مصـة املعلومـيف صح نـالطع -2 .عن معلومات جديدة تتوافق مع النسق العقيدي البحث -3 .تفسري املعلومات املناقضة مبا جيعلها متوافقة ومنسجمة مع النسق العقيدي إعادة -4 .(1)تعديل يف النسق العقيدي مبا يتوافق مع املعلومات املناقضة اجلديدة إحداث - 5

ر من طريقة يف آن واحد، وإذا كانت الطرق األربعة األوىل رمبا تؤدي به إىل الوقــوع يف قد يتبع القائد أكث .اخلطأ اإلدراكي، فإن الطريقة اخلامسة ميكن أن تقوده إىل اتباع سياسة متوافقة مع معطيات املوقفقائد السياسي أما األثر املباشر للنسق العقيدي فيكمن يف وضع إطار عام موعة البدائل اليت ميكن لل

أن يفاضل بينها، وبالتايل فإنه من املفترض أن كل ما خيالف نسقه العقيدي فهو خارج اإلطار العام للبـدائل، وقد يطال هذا حىت األشخاص، حيث عادة ما يلجأ القادة إىل اختيار وتعيني مساعدين ممن تتشابه معتقـدام

.(2)الذين يناقضوم معتقدام مع معتقدات هؤالء القادة، ومييلون إىل التخلص مندراسة سلوك ، وبالتايلرغم تأكيد أغلبية الباحثني على أن سلوك الفرد يف أغلبه هو نتاج بيئته النفسية

صناع القرار يف السياسة اخلارجية جيب أن يتم من خالل فهم وحتليل بيئتهم النفسية، إال أن هناك من يعترضون :على هذا وحيتجون بـ

التركيز على البيئة النفسية لصانع القرار يف تفسري قرارات السياسة اخلارجية يوقعنا يف فخ إن -1التربير، حيث تصبح السياسة اخلارجية رهينة مزاجية ونفسية القائد السياسي وبالتايل فإن

.السلوك اخلارجي هو نتيجة آلية ملا يتصوره ويراهاخلارجية جيعل من ةئة النفسية يف حتليل وتفسري السياسالبياملبالغة يف التركيز على عناصر إن -2

صانع القرار أسري هذه العناصر، ومنه عدم قدرته على بناء استراتيجيات رشيدة تتجاوز .ذاتيةـوراته الـتص

د السياسي، ذلك أن الغالبية ـصعوبات مجة حتول دون معرفة البيئة النفسية احلقيقية للقائ هناك -3يلجأون إىل التزييف والتضليل والتقنع كما قد احلقيقية،شفون عن معتقدام من القادة ال يك

مببادئ وأفكار تكون آنية وظرفية تنتهي بتحقيق الغاية اليت وظفت ألجلها، و ينضاف إىل ذلك .ارب النفسية الستخالص بيئام النفسية احلقيقيةـادة للفحوص والتجـاستحالة إخضاع الق

.408حممد السيد سليم، حتليل السياسة اخلارجية، مرجع سابق، ص ( 1) .44سعـد أبـو ديـة، مرجـع سابـق، ص ( 2)

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

31

ن األحيان ال يتصرف القائد السياسي وفق ما متليه بيئته النفسية، ذلك أنه قد يف كثري م - 4

تعوقه قوى هيكلية ضخمة من ترمجة بيئته النفسية وجتسيدها يف خمرجات السياسة اخلارجية، ومثال ذلك أن حيمل القائد السياسي صورة سيئة جدا عن العدو، إال أن سياسته اجتاهه تكون

كما قد يتصرف عكس إدراكه ،فتراض أن ميزان القوى يف غري صاحلهدفاعية، وهذا على اللواقع حتت ظروف معينة، كأن يعترب أن دوال معنية هي عدوة له، ومع ذلك يقيم عالقات

.اقتصادية معهاإن اإلعتراف ببعض النقائض والصعوبات اليت يواجها تفسري السياسة اخلارجية من خالل فهم ومعرفة

لصناع القرار ال يعين التخلي عن هذا التوجه، ولكن يفرض على الباحثني بذل املزيد من اجلهود البيئة النفسية .لتطوير األساليب والوسائل اليت متكننا من جتاوز هذه الصعوبات

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

32

:المبحث الثالث

الشخصیةالعوامل أسباب تعظیم في السیاسة الخارجیة

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

33

يف السياسة اخلارجية هو حمدود جدا، وبالتايل غري مهم ة العوامل الشخصيهناك من يرى أن تأثري

لكن املهم هو حبث الظروف ،غ منهدراستها، وعلى العكس من ذلك يرى آخرون أن مسألة التأثري شيء مفروعها أفراد، أو األسباب اليت ميكن أن تزيد أو تنقص من هذا التأثري، إذ قرارات السياسة اخلارجية يف احلقيقة يصن

وهم الذين يترمجون املعلومات الواردة إليهم من البيئة اخلارجية وخيتارون كيفية التعامل معها، وعلى هذا األساس سنحاول يف هذا املبحث إبراز األسباب اليت تساعد على زيادة تأثري العوامل املتعلقة بصانع القرار على

.السياسة اخلارجيةهذه األسباب، فمنها من ركزت على كل ما يتعلق بصانع القرار من حاولت دراسات عديدة تناول

إخل، محاولة إجياد العالقة اليت تربط بني هذه األخرية وسلوك ...خصائص شخصية وأهداف وطموحات السياسة اخلارجية، فيما ركزت دراسات أخرى على متغريات البيئة الداخلية وكيف تؤثر على زيادة أو نقصان

صنع قرارات السياسة اخلارجية، يف حني أن الصنف الثالث من الدراسات ارتكز على ما تفرزه دور الفرد يف .البيئة الدولية وتأثري ذلك على دور صانع القرار يف جمال صنع القرار اخلارجي

.األسباب املرتبطة بصانع القرار: ولألاملطلب ا

ية يف السياسة اخلارجية يتم من خالل فهم يؤكد أصحاب هذا الطرح أن تفسري تأثري العوامل الشخص

لألفراد، فحينما نرى للقادة أمهية كبرية يف توجيه أو قيادة السلوك )*(ومعرفة طبيعة اخلصائص الشخصية اخلارجي للدولة فإنه حتت هذه النظرة ميكن القول أن حرية العمل أو النشاط اليت يتمتع ا القادة حتددها

والفرضيات اليت وضعت يف هذا اال تؤكد . (1)وليس العوامل اخلارجية ،شخصيةخصائصهم أو ميزام الواليت أهم مساا الرتعة إىل السيطرة على املرؤوسني، وكذا استعمال -وتدلل على ذلك، فالشخصية التسلطية

ا متيل إىل تفضيل عادة م - املفاهيم النمطية، مع رؤية ثابتة للعامل السياسي على أنه مكون من أصدقاء وأعداء ة ـا الشخصية اليت تتسم بصفـأم اإلختيارات الواضحة واحملددة، كما أا متيل إىل استعمال القوة العسكرية،

عة اخلصائص املرتبطة بالتكوين املعريف و العاطفي و السلوكي لإلنسان، كأن يكون الفرد ذا شخصية تعرف اخلصائص الشخصية على أا جممو ) *(

:انظر يف ذلك. تسلطية، أو يكون مياال إىل االنفتاح على األفكار اجلديدة .385حممد السيد سليم، حتليل السياسة اخلارجية، مرجع سابق، ص

(1 ) Daniel S. MOREY, Presidential Foreign Policy Activity : President – Centered , Presidency – Centered , Or International Pressure? p 03. in site internet :

http :// www.qaa.ac.uk/crntwork/benchmark/politics.pdf

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

34

اإلنفتاح وعدم اإلنطواء فإمنا متيل إىل تفضيل سياسات التعاون اليت تشمل اإلعتراف بالدول األخرى،

.(1)الرتاعاتوالتجارة، ومؤمترات القمة و املفاوضات حلل وتلعب الشخصية الكاريزمية دورا مهما يف عملية صنع قرارات السياسة اخلارجية، ذلك أن الكاريزما

الثقة يف معتقداته وأفكاره وآرائه وتصوراته ملا ينبغي أن تكون عليه السياسة خيلق يف نفوس مجاهريه ميال إىلفروض يعطي جماال واسعا للقائد الكاريزمي يف أن يرسم اخلارجية، وبالتايل فإن هذا اإلنصياع اإلرادي أو امل

ـنه . (2)ويقرر السياسة اخلارجية وفق ما يراه ويعتقده مناسبا وتتسم الشخصية الكاريزمية مبيـزات ثالثة متك :مما سبق

إذ عادة ما يظهر (تصور احلل األمثل للخروج من األزمة اليت مير ا اتمع : القدرة على التصور -1 ).الكاريزما يف األوقات اليت مير ا اتمع بأزمة

أي القدرة على توصيل آرائه وأفكاره وتصوراته اليت يسعى إىل تطبيقها من :اإلتصالالقدرة على -2خالل األفراد، كذا القدرة على التعامل مع املشاكل املختلفة اليت م كل فئة من فئات اتمع على

.هلمطموحام وآما عحدة، وممن خالل تقدمي األسانيد القوية ألفكاره ورسالته اليت قام من أجلها، : القدرة على تدعيم السلطة -3

. (3)وجيب أن يستمر يف تقدمي تلك األسانيد طيلة وجوده يف مركزه يف احلياة السياسية

:أخرى، نوجزها فيما يلي ابيد أن هناك أسبابحيث أن اإلهتمام املتزايد لصانع القرار مبسائل الشؤون : خلارجيةدرجة اإلهتمام بالسياسة ا -1

اخلارجية، يعمل على تعظيم دوره فيها، وجيعله يضطلع جبميع املهام أو الصالحيات يف هذا اال، وبالتايل يقل وختتلف درجة اإلهتمام هذه باختالف صناع القرار، وكذا اختالف احلاجة أو الداعي إىل ذلك،. التفويض

والذي ميكن أن يكون زيادة أو تأكيد الشعبية، أو اإلعتقاد بأن أمن الدولة هو مهدد من اخلارج، أو يرى ويذهب كل من . القادة أن السياسة اخلارجية هي الوسيلة األنسب لتحقيق أهداف السياسة العامة للبالد

م قدرة القادة على التأثري يف إىل أن عد (Edwards George, Stephen Wayne)ادوارد جورج و ستيفن واين حيث الحظا أن كلينتون مثال، يف ،(4)تراجع السياسة الداخلية يؤدي م إىل زيادة اإلهتمام بالشؤون اخلارجية ومع الرقابة املفروضة 1994لكن بعد سنواته األوىل يف الرئاسة انفق وقتا قليال يف اإلهتمام بالسياسة اخلارجية،

.59ص . 1983، اكتوبر74مل الشخصية يف صنع السياسة اخلارجية، السياسة الدولية، العدد حممد إبراهيم فضة، أثر عا ( 1)اسة اخلـارجية، مرجـع سابـق، ص ( 2) .378حممد السيد سليم، حتليـل السـي .289 ص. 1999اإلسكندرية، املكتب اجلامعي احلديث، . حممد نصر مهنا، يف تاريخ األفكار السياسية و تنظري السلطة ( 3)

(4) Daniel S. MOREY, op.cit, p03.

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

35

يف الكونغرس فإن كلينتون حول اإلهتمام إىل الشؤون اخلارجية من خالل حضوره من طرف اجلمهوريني

.القمم، وزيارة بلدان أجنبية، واستقبال العديد من الرؤساء يف واشنطنكما ميكن أن نتبين درجة اإلهتمام من خالل خطب السياسة اخلارجية، وكذا األسفار إىل اخلارج،

ه اإلهتمام حنو األحداث املهمة خارج السياسة الداخلية، وغالبا ما يستعملوا حيث تسمح األوىل للقادة بتوجيللتنبيه على أخطار ما، أو بغرض إعالم اجلمهور عن بعض األشياء املهمة، كما قد يستطيعون إحداث تغيريات

ون اخلارجية هامة يف التوجه اخلارجي من خالل هذه اخلطب، لذا فإن الزيادة يف النشاط أو اإلهتمام بالشؤ، فيما يعترب السفر الطريق الثاين للقادة والذي يركزون فيه اإلنتباه (1)يصاحب بزيادة خطب السياسية اخلارجية

.وجيلبونه حول املسائل اخلارجيةتلعب اخلربات السابقة للقائد السياسي يف جمال الشؤون اخلارجية دورا مهما يف زيادة : اخلربة -2

لية صنع قرارات السياسة اخلارجية، ويصدق هذا بالدرجة األوىل على الذين عملوا ذا ميله وتأثريه على عماال قبل وصوهلم إىل السلطة، حيث أن خربم تسمح هلم بتكوين آراء وعقائد واضحة عن األسلوب األمثل

كجندي يف مشاة فلقد تأثرت سياسة هتلر اخلارجية والعسكرية مباضيه وخرباته ،إلدارة السياسة اخلارجيةاجليش األملاين، باملقارنة مع روزفلت الذي تأثر بالبحرية، إذ عمل كمساعد لوزير البحرية أثناء احلرب العاملية

.لذا فإن اخلربة تزيد من فعالية صانع القرار ويزداد معها دور خصائصه الشخصية. (2)األوىلاسيته للمعلومات الواردة إليه من بيئته مرونة القائد السياسي تشري إىل حس: املرونة واجلمود -3

بينما اجلمود يعين تصلبه يف ،(3)العملية، ومدى استعداده لتغيري سياسته وفق ما يتطابق مع هذه املعلومات وعموما ميكن القول أن القائد املتصلب مييل إىل تكييف . تكييف بيئته النفسية وفق ما يتلقاه من البيئة العملية

واردة إليه وفق معتقداته ومفاهيمه، وبالتايل درجة تغيري سياسته تبدو أقل، يف حني أن القائد املرن املعلومات الهو أميل إىل إعادة تشكيل تصوراته ومفاهيمه وفق معلومات البيئة املوضوعية، وهذا ما يضعف تأثريه

.الشخصي يف السياسة اخلارجية) املادية واملعنوية(ة باحلاجات األساسية طالعوامل املرتبجمموعة "تعرف الدوافع على أا : الدوافع -4

ماء، واحترام الذات والرتعة تلإلنسان، واليت تدفع الفرد إىل التصرف بشكل معني، كالدافع حنو القوة واحلاجة إىل اإلن .(4)"حنو السيطرة أو اخلضوع وغريها

(1 ) Ibid, p 15.

.56حممد إبراهيم فضة، مرجـع سابـق، ص ( 2) .380حممد السيد سليم، حتليل السياسة اخلارجية، مرجع سابق، ص ( 3) .385نفـس املـرجع، ص ( 4)

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

36

إذ يقتضي ،القادة أمر صعب جدا ويتفق الباحثون على أن احلصول على دوافع سلوكات وتصرفات

تعلق بالقادة تاألمر اإلحاطة جيدا بالبيئة النفسية هلم، هذا الذي ال يتأتى يف كثري من األحيان ألسباب ذاتية أنفسهم، حيث ال يعتقدون أن خيضعوا لإلختبارات النفسية، وأسباب موضوعية تتمثل يف صعوبة وصول

خاصة يف دول العامل الثالث، أين حيتجب القائد أو الرئيس عن ، اسيالباحث إىل املبحوث أو القائد السي .مرؤوسيه

لقد اعترب البعض أن احلاجة إىل القوة جتعل األفراد أكثر تطلعا من غريهم إىل املراكز القيادية وإىلء السيطرة على اآلخرين، يف مقابل ذلك يرى آخرون أن سلوكات القادة تقف وراءها احلاجة إىل اإلنتما

.(1)والرغبة يف اإلجناز، حيث يسعى القادة إىل ربط أمسائهم مبا أجنزوه لدوهلم وما حققوه لشعومأو ما يعبر عنه بالشعبية، ومتثل أداة مهمة ألي قائد، فعندما تتحسن شعبتيه : اإلستحسان الرئاسي -5

ه هامش تصرف كبري، وتعمل على فإن ذلك يؤدي إىل املزيد من الدعم واملساندة من البيئة الداخلية وتعطيالتخفيض من حدة املعارضة، هذه األخرية تشعر أو تدرك أن معارضة قائد يتمتع بشعبية كبرية هو أمر خطري،

لذا فإن زيادة شعبية القائد تقلل من القيود . (2)ألن هذا يعترب عرقلة ملهام وعمل قائد أو رئيس من ورائه شعب .ون اخلارجيةاملفروضة عليه يف جمال الشؤ

.األسباب املرتبطة بالبيئة الداخلية: املطلب الثاين

يؤكد هذا الطرح على أن أسباب ازدياد تأثري العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية جتد مصدرها يف البيئة الداخلية وهي اليت حتدد ما ميكن أن يقوم به صناع القرار يف رسم وتوجيه السلوك اخلارجي للدولة،

ضروريا إذا ما أردنا الوصول إىل تفسري أكثر مصداقية للسياسة ابالتايل يعد فهم وحتليل طبيعة هذه البيئة أمرو :وتتلخص أهم هذه األسباب فيما يلي. اخلارجية

يف النظم التسلطية يتمتع القادة امش كبري من حرية التصرف، خاصة يف : طبيعة النظام السياسي -1ية، فهم الذين يرمسون ويوجهون السياسة العامة للبالد، هذا ما جيعل القيود املفروضة جمال الشؤون اخلارج

وهذا ما ،عليهم جد حمدودة، كما يقل عدد القوى املعارضة املنظمة اليت ميكن أن تؤثر يف عملية صنع القراربينما يف ،ارجي للدولةيؤدي بنا إىل القول باحتمال زيادة تأثري خصائص صانع القرار على توجيه السلوك اخل

ومنه احنسار ،يزداد حجم املشاركة باملشورة والرأي عند كل مرحلة من مراحل اختاذ القرار النظم الدميقراطية

.24لويد جنسن، مرجـع سابـق، ص ( 1)

(2 ) Daniel S. MOREY, op.cit, p07.

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

37

الفرص أمام استقاللية صناع القرار يف إدارة شؤون السياسة اخلارجية، لتصبح هذه األخرية جمرد عملية

لذا ذهب عدد من الباحثني إىل أن حتليل عملية . (1)لكن موجه حنو اخلارجملسرح السياسة الداخلية، و" إسقاط" . (2)ن وجدتإصنع القرار السياسي تساعد على معرفة طبيعة النظام السياسي ومدى دميقراطيته

ففي األنظمة التسلطية . وهي ترتبط بطبيعة األنظمة السياسية، و ختتلف باختالفها: درجة املأسسة -2لدرجة املأسسة، يقابله ازدياد سلطة اختاذ القرار اليت يتمتع ا القادة، مع غياب نيضعفا واضحو نشهد تدن

مشاركة فاعلة من طرف القوى و املؤسسات السياسية األخرى إن وجدت، وهذا ما يؤدي إىل املزيد من تأثري راطية أكثر مأسسة، وهذا ما القادة على سلوكات السياسة اخلارجية، وعلى العكس من ذلك تبدو الدول الدميق

وجمال حرية صانعي القرار يضيق، تزيد،رف املؤسسات السياسية ـجيعل درجة املشاركة يف صنع القرار من طلصناع القرار ال حيدد فقط سلطام، ولكن يفرض عليهم املؤسسيعلى أن الوضع و يؤكد جوزيف فرانكل

.(3)العديد من القيوديث أنه كلما ارتفع مستوى صانع القرار يف السلم اهلرمي احلكومي فإن ح: مركز صانع القرار -3

املسؤوليات تصبح أكثر و أدق، و أن الضوابط أو القيود تقل عليه، ومن مثة زيادة تأثريه الشخصي على صناعة تأثري موقع صنع القرار، و يفقد هذا ال بوجوده يفقرارات السياسة اخلارجية، و عليه فتأثريه الشخصي مرتبط

.مبجرد خروجه من موقعه هذاكما حيدد مقدار السلطة اليت حيوزها القائد مدى تأثريه الشخصي على السياسة اخلارجية، فمىت كان

بيد أن هناك من ذهب إىل إن سلوك صانع القرار هو حمكوم . (4)كبريا فإن الشخصية تلعب دورا أكثر أمهيةتأثري العوامل الشخصية على السياسة اخلارجية، لكن هذا يرتبط بالدول الذي يعمل على إلغاء )*(بعامل الدور

و احلياة السياسية أكثر مأسسة، بينما يف الدول غري الدميقراطية جيري واضحة،الدميقراطية أين تكون األدوار .تطويع الدور وفق مايراه و يعتقده صانع القرار

.342ص . 1986، 1ترمجة حسن نافعة، القـاهرة، دار املستقبـل العـريب، ط. مارسيل ميـرل، سوسيـولوجيا العالقـات الدوليـة ( 1) ، السياسة الدولية، 1973تركي بن طالل بن عبد العزيز آل سعود، التحليـل السيـاسي لقـرار تطويـر اهلجـوم يف حـرب أكتـوبر ( 2) .37، ص 2000، أفريل 140العدد

(3 ) Joseph FRANKEL, op.cit, p 10. (4 ) Michael SULLIVAN, op.cit, p 32.

فالوظيفة حتـدد . عن آرائه يشيـر إىل جمموعة السلوكيات اليت يفترض أن يقوم ا كل شخص كان يف مركز معني يف السلطة بغض النظر) *(

أن ال عالقة لعامل الشخصية بالسياسة اخلارجية )Sidney Verba(ويعتقد سيدين فريبا . سلوكيات و تصرفات معينة تسمى مبحصلتها الـدور سؤولية، باإلضـافة إىل املصلحة القومية، كلها ممارسة الفرد لتدريبه ومهاراته، و حتليل املعلومات و استعماهلا يف البيئة البريوقراطية و موقع امل نأل : للمزيد انظر. عوامل تعمل على احلد من تأثري اخلصائص الشخصية يف صنع القرارات

.60حممد إبراهيم فضة، مرجع سابق، ص

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

38

وف أن األحزاب السياسية تنشأ من أجل الوصول إىل املعر :األحزاب السياسية و الرأي العام -4

براجمها اإلنتخابية، أي تركز على اإلجتماعية يفالسلطة، لذا تويل اهتماما كبريا لإلصالحات اإلقتصادية و مسائل السياسة الداخلية اليت تعترب أقرب للمواطنني من املسائل املتعلقة بالسياسة اخلارجية، و ال حتتل هذه

إال موقعا ثانويا، وهذا ما يقلل القيود اليت ميكن أن تفرض على صانعي القرار يف جمال السياسة األخرية اخلارجية، لكن األمر خيتلف ما بني النظم الدميقراطية و النظم غري الدميقراطية، إذ يفترض يف األوىل أنه كلما

، بينما يف الثانية فإن (1)السياسة اخلارجية زادت األغلبية الربملانية للحزب السياسي زادت إمكانية تأثريه علىو مسيطرا -حىت يف الدول اليت اختارت نظام احلزب الواحد -األحزاب عادة ما تكون ضعيفة وغري فعالة

.أو عسكرية ةعليها يف الكثري من احلاالت من طرف زعامات كاريزميارجية يبقى حمدودا مقارنة بقضايا و بالنسبة للرأي العام فإن املالحظ أن تأثريه على السياسة اخل

السياسة الداخلية، إذ يتميز بافتقاره للمعلومات و احلقائق األساسية املتعلقة بالشؤون اخلارجية، و يف الدول املتخلفة مييل إىل اإلهتمام بقضايا املعيشة و األمور احمللية، وهذا من شأنه أن يخفف الضغوط على صانعي

.القرار اخلارجيالقرار فيما خيص صنع هناك دراسات عديدة دللت على أنه يف ظل اإلنقسام احلكومي يتناقص مقدار : اإلنقسام احلكومي -5

التشريعات اهلامة يف السنة، وذلك بتقلص نشاط كل من السلطتني التنفيذية و التشريعية، و تزيد الرقابة عليهما ية الداخلية فإن القادة يكونون أكثر ميال إىل الشؤون و إزاء هذه املشكلة السياس، من طرف خمتلف األحزاب

أي أن اهتمامهم و تأثريهم على السياسة اخلارجية يزداد كلما زادت درجة اإلنقسام احلكومي، ،(2)اخلارجيةلكن هناك حبوث أخرى أفضت إىل أنه ميكن أن يؤدي إىل اخنفاض نشاط و اهتمام القادة بالشؤون اخلارجية،

نه إذا كانت احلكومة املنقسمة تعرف عدم التطابق يف اإلختيارات أعلى يؤكد (David Clark) فديفيد كالرك .(3)أو التفضيالت السياسية فإن ذلك يؤدي إىل ختفيض نشاط و اشتراك القادة يف السياسة اخلارجية

.األسباب املرتبطة بالبيئة الدولية: املطلب الثالث

لدولية يعتقدون أن القادة يستجيبون للحوافز اخلارجية مىت جلأوا أو بعض الباحثني يف حقل العالقات ا

رالية ـو الليب Neorealismديدة ـعية اجلـل من الواقـؤكد كـاسة اخلارجية، و تـاشتغلوا بالسي فبدال من أن ام الدويل،ـحمدد أو موجه من طرف النظ وعلى أن سلوك الدول ه Neoliberalism ديدة ـاجل

.155لويـد جنسـن، مرجـع سابـق، ص ( 1)

(2 ) Daniel S. MOREY, op.cit, p 06. (3 ) Idem.

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

39

حرية اختيار طريقها اخلاص، الدول جيب أن تستجيب لألحداث يف النظام الدويل ألجل تأمني أو تكون هلا

ـد لسلوك ،ضمان بقائها ويشرح ولتز هذه النقطة بوضوح، حينما يؤكد على أن النظام الدويل يعمل كمقيدولة فقط، ال ضمنها أو من اخلارجية ميكن تفسريه من خارج ال سلوك القادة يف السياسةالدول، و بالتايل فإن

و عليه فإن زيادة أو نقصان اشتراك القادة و اهتمامهم بالشؤون اخلارجية يرتكز على حالة العالقات . (1)داخلها .الدولية، و طبيعة القضايا اليت تطرحها

القادة يف و ملزيد من التوضيح سنعرض لبعض احلاالت املتعلقة بالوضع الدويل و كيفية تأثريها على مكانة :صنع قرارات السياسة اخلارجية

دقيقا لألزمة، أوضح فيه أن تعريفا Hermann)(Charlesقدم تشارلز هريمان : األزمة الدولية -1 : وضع األزمة يتسم بـ ).أو الدولة( األهداف الرئيسية لصناع القرار ديد -1 .تغيري يف الوضعاحملدود املمكن لصناعة القرار قبل أن حيدث الوقت -2 .(2)دثـرار باحلـاع القـصن مفاجأة -3

ديد كبري، وقت قصري و املفاجأة يعمل على زيادة سلطة صانع : إن اجتماع هذه العوامل الثالثةالقرار، و كذا يؤدي إىل زيادة تأييد الرأي العام له، كتعبري منه عن التضامن القوي ملواجهة األزمة، كذلك

-األزمة –ة على التقليص من عدد املشاركني يف صنع قرارات السياسة اخلارجية، ألا تعمل هذه األخريوهذا ما جيعل دور القائد يتعاظم يف ،تتطلب اختاذ قرارات سريعة ملواجهة املوقف، و قدرا كبريا من السرية

القرار وقت األزمات هو إن أحد أهم ميزات صناعة" التأثري على سلوك السياسة اخلارجية، لذا يقول جون سبانريالدور احملوري للرئيس الذي يترجم األحداث و ي(3)"م املخاطرقي.

إذن فترة األزمة ختلق ديدا للدولة، و تولد قلقا كبريا لدى صانع القرار، و حتت ضغط إجياد احلل يف أسرع ومن هذا كله -على قلتها - ناسبةوقت يلجأ صانع القرار هنا إىل مفاهيمه و خرباته الختيار أفضل البدائل امل

. يفترض أن تعكس القرارات اليت تتخذ أثناء األزمات شخصية القائد السياسي إىل حد كبريويفترض أنه يؤدي إىل تعظيم العوامل الشخصية للقائد السياسي يف عملية : غموض املوقف الدويل -2

أن املواقف الغامضة هي أحد )Stanley Budner(و يعتقد ستانلي بودنر . صنع قرارات السياسة اخلارجية :أشكال ثالثة

(1 ) Ibid, p11.

.183ناصيف يوسف حىت، مرجـع سابـق، ص ( 2)(3 ) John SPANIER, op.cit, p 278.

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

40

.يكون املوقف جديدا متاما، مبعىن مل حيدث من قبل للقائد السياسي أن -1 .رـد كبيـدا إىل حـف معقـيكون املوق أن -2 .(1)يتضمن املوقف معلومات متناقضة حبيث يصعب معها تفسري املوقف أن -3

ذلك حالة أن تكون املعلومات متفردة، أو نادرة إىل درجة صعوبة إىل رمانـهيو تضيف مارغريت .التعرف على املوقف

. و يف احلاالت مجيعها يعمد القائد السياسي إىل توظيف قدراته الذاتية للتوصل إىل القرار املناسب لشديدة للمعلومات خبصوص موقف القلة الشديدة أو الوفرة ا -وميكن أن يواجه القائد حبالة عدم اليقني اهليكلي

عتقد أن املعارضة يف هكذا مواقف ال تعارض خيار و ي ،بالنسبة خليارات و مواقف السياسة اخلارجية -معني .ذه املواقفـرار بشأن هـول إىل القـهم الشخصية يف الوصـيعتمدون على قدرات ن، الذيرارـصانعي القيف هذا الصدد جند أن الواقعية اجلديدة تركز و: التوترتوزيع القوى يف النظام الدويل و درجة - 3

ففي عهد احلرب الباردة أين . على منط توزيع القوى يف النظام الدويل كمتغري تفسريي أول لسلوك الدولأدى إىل متيز و ،كانت الثنائية يمن على مسرح العالقات الدولية، متيز النسق الدويل بدرجة عالية من التوتر

ات اخلارجية للدول بالشك و احلذر، وهذا من شأنه أن يزيد من درجة املركزية يف صنع قرارات السياسعلى أن اية احلرب الباردة ميكن أن يكون هلا تأثري على ضعف قوة القادة أو تراجعها .(2)السياسة اخلارجيةو هذا دائما حسب الواقعية ، (3)استنادا إىل تراجع و تقلص خماطر األمن الرئيسية اخلارجية،يف جمال الشؤون

.اجلديدةانتقد هذا االجتاه من حيث تركيزه يف فهم سلوك و نشاط السياسة اخلارجية على دراسة سلوك

بيد أن هذا قد يؤدي إىل تضليالت كبرية، لذا يفضل العديدون التركيز على دراسة ،الدولة يف فترة األزمات .العاديةيف الفترات الدول سلوك

سواء تعلق بالفرد أو بالبيئة الداخلية - شري إىل أنه ليس بالضرورة وجود عامل من العوامل السابقة ونكما أنه ال يشترط اخلارجية،مبفرده يؤدي إىل زيادة تأثري العوامل الشخصية يف السياسة -بالبيئة اخلارجيةأو

قدرا حمددا من العوامل أو األسباب السابقة يف اليت تشترط ةذلك، احلالبل يقتضي ،مجيعها كي يزيد هذا التأثري .التأثريا ذتفاعلها التباديل ختلق أو تنتج ه

.383حممد السيد سليم، حتليل السياسة اخلارجية، مرجع سابق، ص ( 1) .300لويـد جنسـن، مرجـع سابـق، ص ( 2)

(3 ) Daniel S. MOREY, op.cit, p 12.

ل اإلطار النظري للدراسة الفصل األو

41

به الفرد يف عملية صنع علح أن مسألة الدور الذي ميكن أن يبوضو تقدم نستجليمن خالل ما

الكثري من القيود السياسة اخلارجية ال تزال حمل خالف وجدل، بني من يعتقدون بانتفاء هذا الدور، حيث ترد على صانع القرار حتول دون تفرده بعملية صنع القرار اخلارجي، من ضمنها القيود الداخلية املتمثلة يف األجهزة

يرمسها عامل الدور، وعلى الصعيد اخلارجي فإن النظام الدويل يتالبريوقراطية املختلفة، و احلدود و الضوابط الوبني من يؤكدون . املستقل بالنسبة للسياسة اخلارجية كما يفترض الواقعيونيعترب احملدد األساسي و املتغري

املكانة اهلامة اليت يتمتع ا صناع القرار يف جمال صنع السياسة اخلارجية، حيث أن القائد السياسي ليس جمرد و دوافعه آلة منتجة للقرارات و السلوكيات اليت صنعت من قبل قوى أخرى، و لكنه يتأثر خبصائص شخصيته

.الذاتية و بيئته النفسية يف كيفية صنع و تنفيذ السياسة اخلارجية إن التصورات و اإلدراكات و العقائد متثل املنظـار الذي يدرك به صانـع القرار العامل اخلارجـي،

حدد بدرجة إا ت. و بيئته النفسية Operational Environmentوبالتايل فهي وسيلة ربط بني البيئة العملية كبرية سلوكاته و تصرفاته وكل عالقاته بالعامل اخلارجي، و من باب أوىل سلوكاته و تصرفاته املهنية، و هذا

.ما يؤدي إىل أن يتزايد تأثري خصائصه الشخصية يف عملية صنع السياسة اخلارجيةار يف حد ذاته، كاهتمامه و جتتمع عوامل كثرية تسهم يف تزايد هذا التأثري، منها ما يرتبط بصانع القر

ومنها ما . إخل...اشخصيته مجاهريي ةالكبري و خربته و سلطته يف ميدان السياسية اخلارجية، و مدى كاريزمييرتبط ببيئة النظام السياسي، فاألنظمة التسلطية عموما تزيد من درجة تأثري القائد السياسي على عملية صنع

على أن مواقف األزمة الدولية و تلك اليت . لدميقراطية متنع هذه الزيادةالسياسة اخلارجية، بينما األنظمة ا .تتسم بالغموض، تعمل على أن تكون القرارات السياسية اخلارجية أكثر شخصنة

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

43

درجت األدبيات السياسية اليت اهتمت بتحليل السياسات اخلارجية لدول العامل الثالث على اعتبار أن شخص رئيس الدولة يلعب الدور املركزي يف صنع وتنفيذ السياسة اخلارجية لبالده، وعلى هذا األساس فإا

يت ميكن أن تؤثر يف نظرته إىل العامل نحت إىل معرفة كل ما يتعلق بنمط تفكريه وتوجهاته، وكذا العوامل ال .احمليط به داخليا، إقليميا ودوليا

ولتحقيق هذا الغرض يعترب املختصون باال، أن الوسيلة األنسب لذلك تتمثل يف حتليل اخلطاب السياسي لرئيس الدولة، وكذا تتبع ظروف تنشئته السياسية واإلجتماعية، باإلضافة إىل اإلحاطة خبصائصه

إذ يمكن كل ذلك من الوصول إىل اخلريطة املعرفية أو اإلدراكية للرئيس، واليت تكشف بدورها . شخصيةالعن منظومة الوعي باحمليط اإلقليمي والبيئة الدولية اليت يتحرك يف إطارها، إضافة إىل أسلوبه وتصوره إلدارة

.)1(السياسة اخلارجيةعلى السياسة اخلارجية على أعلى قمة يف هرم )*(ثري صانع القرارلذا سنعتمد يف حتليلنا لكل ما يتعلق بتأ

واملتمثل يف شخص عبد العزيز بوتفليقة، حماولني بإجياز التعرض ،النظام السياسي اجلزائري، أال و هو الرئيس، إىل نشأته ومسريته السياسية، وأهم خصائصه الشخصية، وكذا أسلوبه وإدارته للسياسة اخلارجية اجلزائرية

.فضال عن أهم معتقداته عن البيئة اخلارجية

، 142العـدد يـة،ة الدولـي زهران، النمط العقالين لتحليل صنع القرار يف السياسة اخلارجية املصرية يف عهد الرئيس مبارك، السياسلمجال ع) 1

.51ص .2000أكتوبر زيـة للمقـابل اإلجنليـربية، وهـو ترمجـهو مصطلح غربـي خالص، دخيل على األدبيـات السياسية الع "صانـع القـرار"مصطلح )*(

"Decision Maker"ترجـم البعض ، ويعرب يف احلقيقة عن املشاركة يف عملية اختاذ القرار ألكثر من طرف يف إطار عام يتميز باملأسسة، لذا يويف السياق العريب ينحو ألن يعرب عن النخبة احلاكمة أو السلطة اآلمرة، وداخل هذه األخيـرة تتمحور ". صانعي القرارات"هـذا املصطلح بـ

. رب جيسد األحاديةإذن املصطلح يف الغرب ينطوي على التعددية، بينما عند الع. سلطة اختاذ القرار يف شخص واحد هو امللك أو الرئيس أو األمري : أنظـر يف ذلك

.6،7ص ص .1984، جوان 64سعد الدين إبراهيم، جتسري الفجوة بني املفكرين وصانعي القرارات يف الوطن العريب، املستقبل العريب، العدد

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

44

:المبحث األول

المسیرة السیاسیة والخصائص الشخصیة لبوتفلیقة

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

45

ذكرنا سابقا أن احلصول على املعلومات املتعلقة حبياة الرؤساء ونشأم وتكوينهم وبيئام النفسية هو

هذا لثالث، أين يكاد يستحيل وصول الباحث إىل املبحوث، كما أن أمر صعب جدا، خاصة يف دول العامل ا وإجتماعي،ال يكتب أو يتحدث عن نفسه كثريا، فضال عن عدم تصوره اخلضوع إىل حتليل نفسي األخري

ورغم . وإذاك جيد الباحث نفسه مضطرا إىل حتليل خطبه وتصرحياته، و اإلعتماد على كتابات اآلخرين عنهبأهم جوانب حياته الشخصية، وأفكاره، -ولو بالرتر اليسري - هذا إال أنه ال مينع اإلحاطةعدم كفاية كل .وخمتلف معتقداته

.املسرية السياسية لبوتفليقة: املطلب األول

، مبدينة وجدة املغربية، فيها تلقى تعليمه من اإلبتدائي حىت الثانوي، 1937مارس 02هو من مواليد بعيدا عن اجلزائر، إال أنه كان دائما يشعر -إىل غاية التاسعة عشر من عمره - ألوىلوإذ عاش سنوات عمره ا

واستغل أول فرصة أتيحت له ليلتحق بصفوف جيش التحرير الوطـين بعد ويستحضر أصوله اجلزائرية، . )1(1956مضي عامني على انطالق ثورة أول نوفمرب ايدة، أي سنة

ف وجيز أن يتقلد مناصب عدة أثناء الثورة التحريرية، حيث عمل مراقبا مكنته خربته وحنكته يف ظر ، بعدها ضابطا يف املنطقتني الرابعة والسابعة بالوالية اخلامسة، ليلتحق بعد 1958و 1957للوالية اخلامسة سنيت

.يادة األركان العامةمث يئة قيادة األركان بالغرب، فلدى هيئة ق ذلك يئة قيادة العمليات العسكرية بالغرب،على حدود البالد اجلنوبية، وذلك بغرض إحباط مساعي " جبهة املايل" ألن يقود 1960ومحلته سنة

أنيطت به مهمة اإلتصال بالزعماء 1961ويف عام . )2(النظام اإلستعماري الذي كان يروم تقسيم البالد .يف سرية تامة الفرنسية، وذلك" أولنوا " التارخييني املعتقلني مبدينة

أما فترة ما بعد اإلستقالل . تلك هي أهم حمطات تارخيه الثوري وهو ال يتجاوز اخلمس والعشرين سنةوزيرا للخارجية، 1963فقد استهلها بعضوية الس الوطين التأسيسي، مث وزيرا للشباب والسياحة، ليعين سنة

.1979يء الشاذيل بن جديد سنة أين بقي يف هذا املنصب حىت وفاة الرئيس بومدين وجمإن السنوات الستة عشر اليت قضاها بوتفليقة على رأس اخلارجية اجلزائرية جعلته يسخر هلا كامل

اهتمامه وإمكاناته وخرباته، ويتمسك ا إىل درجة رفضه التنازل عن هذا املنصب مقابل منصب نائب رئيس .)3(اجلمهورية املعروض عليه من طرف بومدين

: نترنيتامأخوذ من موقع . نبذة رمسية عن حياة بوتفليقة: أنظر يف ذلك ) 1(

http:// www.el-mouradia.dz/arabe/ president/presidentar.htm .نفـس املرجـع ) 2( .122ص. ط س اجلزائر، دار املعـرفة، د. رابح لونيسي، اجلـزائـر يف دوامـة الصـراع بني العسكرييـن والسياسييـن ) 3(

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

46

لقد جعل من منصب وزير اخلارجية منربا يدافع من خالله عن املصاحل العليا للبالد، ومناصرة القضايا العادلة بإفريقيا وآسيا وأمريكا الالتينية وكل العامل الثالث، ومكنه هذا من أن ينتخب باإلمجاع رئيسا للدورة

بالنسبة للدورة اإلستثنائية السادسة املخصصة للطاقة ، وكذا 1974التاسعة والعشرين جلمعية األمم املتحدة سنة .واملواد األولية اليت كانت اجلزائر أحد البلدان املنادين النعقادها

ساهم هذا املنصب يف إثراء جتربته السياسية ومكنه من أن يتواصل مع العديد من األطراف لقد يل تعزيز موقعه السياسي داخليا، وباألخص على إخل، وبالتا... ااخلارجية، دوال وحكومات ومؤسسات وأفراد

د عن سباق ععالقاته اخلارجية الوطيدة استب باملستوى اخلارجي، لذا هناك من يذهب إىل أن بوتفليقة وبسب .)1(1978من خيلف بومدين إثر وفاته سنة

غادر اجلزائر إىل أن ي ضطراوبعد جميء الشاذيل بن جديد إىل السلطة استقال بوتفليقة من منصبه، إثر األحداث اليت عرفتها اجلزائر آنذاك، 1988متجوال بني بعض العواصم العربية واألوروبية، ليعود سنة

، داعني من خالله الشاذيل بن جديد )2(ويوقع بيانا مع سياسيني جزائريني آخرين، أطلق عليه بيان السبعة عشر .إىل فتح جمال الدميقراطية ولو بشكل حمدود

إن ابتعاده عن اجلزائر ملدة طويلة نسبيا، مل يكن ليمنعه أن يتقاعد من السياسة، بل ظل يتابع باهتمام فيمن يرجى توليهم مقاليد احلكم يف اجلزائر، واشترط على 1994كل ما يدور يف اجلزائر، ولقد تردد امسه سنة هذا قوبل بالرفض، وعاد أدراجه إىل املنفى غري أن اشتراطه ،)3(النظام آنذاك أن يكون صاحب القرار الفعلي

.اإلختياريليقرر العودة بعدها مرة ثانية، ولكن هذه املرة بصفة رئيس للجمهورية، وفق ما أفرزته اإلنتخابات

من األصوات املعرب عنها، وتتجدد ثقة الشعب فيه، % 70، حيث فاز بوتفليقة بنسبة 1999الرئاسية لسنة من األصوات %85، واليت كشفت عن نسبة 2004استنادا إىل اإلنتخابات الرئاسية لسنة مبنحه عهدة ثانية .املعرب عنها كذلك

إن هذه املسرية مكنته يف النهاية ألن ميتلك رصيدا كبريا من اخلربة و التجربة و اإلطالع الواسع على و سامهت يف أن تكون له . لدوليةخمتلف القضايا و الشؤون السياسية، خاصة ما تعلق منها مبجال السياسة ا

جتاهات العامة للسياسة اخلارجية الدولية من جهة، و من جهة أخرى ا و حمددة لطبيعة العالقات ةرؤية واضح . سنرى فيما بعد ا، كماجلزائرية، وأهدافها، وكيفية إدارا

. 194نفـس املرجـع، ص ) 1( : نترنيتامأخوذ من موقع . حيي أبو زكرياء، اجلـزائر يف عهـد بوتفليـقة ) 2(

http://www.arabtimes.com/mixed 3/ doc 82. html . 256رابح لونيسي، مرجع سابق، ص ) 3(

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

47

.اخلصائص الشخصية لبوتفليقة: املطلب الثاين

أن الفهم الكايف للشخصية، واكتشاف أهم (Joseph De Revera)يعتقد جوزيف دي ريفريا

:ة، ذلك أن هذه املعضلة أو الصعوبة تنبع منـة الصعوبـها هو أمر يف غايـها و حمدداتـمتغريات )1("دم معرفتنا األسس اليت تدور حوهلا العديد من ديناميكيات الشخصيةـع"

را التفسريية للسلوك الدويل، فوجود واستمرار احلرب الباردة ال وعليه فإن اخلصائص الشخصية تضمحل قديعين أا نتاج خالص لتأثري جوزيف ستالني على السلوك الدويل، كما أن الزعم بأن ريتشارد نيكسون له

. عدوانية ليس وسيلة تفسري الستمرار احلرب أثناء سنواته األربع يف الرئاسة -شخصية تنافسيةن يذهب خالف ذلك، حبيث تؤثر اخلصائص الشخصية لصانع القرار يف منط ونوع إال أن هناك م

اإلستراتيجية السياسية اخلارجية اليت سيتبعها، أي فيما خيص تصوره لنمط العالقات اليت تربط دولته بغريها من أسلوب التعامل أو الدول، أو باألحرى بالعامل اخلارجي، وكذا برنامج العمل املوجه حنوه، باإلضافة إىل حتديد

يف تنفـيذ السياسـة املمكن استخدامهاالوسائـل و األدوات توجهه إىلويف هذا إدارة السياسة اخلارجية، ومع أنه من الصعب حتديد أي اخلصائص تؤثر يف سلوك صانع القرار أثناء صنعه السياسة .)2(اخلارجية.اليت هلا أثر ظاهر يف سلوك السياسة اخلارجية املباشرة أوفإننا سنعتمد على اخلصائص ذات العالقة اخلارجية، :وميكن تلخيص أهم اخلصائص الشخصية لبوتفليقة فيما يلي شخصية ذات توجه ليربايل، ميال إىل اإلنفتاح وعدم اإلنطواء، وهذا ما يترمجه تفضيله لسياسات إنه -

. إخل...ومؤمترات القمة، واملفاوضات حلل الرتاعاتالتعاون اليت تشمل اإلعتراف بالدول األخرى، والتجارة، واليت تبدي نشاطا واهتماما كبريين بالتعاطي (The Participater) "الشخصية املشاركة"يصفه البعض بأنه ميثل بينما يضعه آخرون يف خانة الزعامات الكاريزمية، على أساس أن تعريف الزعامة .)3(مع السياسة الدولية

بصفات موهوبة وشخصية -وهنا الرئيس -محور حول اإلعتقاد من جانب اجلماهري بتمتع الزعيمالكاريزمية يتويالحظ أن األساس هو اإلعتقاد اجلماهريي يف موهبة الزعيم وصفاته الشخصية، سواء متتع ،)4(ثاقبة حاذقة

ول الزعيم أو ويزيد على ذلك حسن صعب أن ما يدفع الناس إىل اإللتفاف ح ،فعال بتلك الصفات أم ال دـده يف تعهـذا ما جنـوه ،)5(م ومصاحل عزيزة عليهم ـن على قيـه األميـورهم بأنـائد هو شعـالق

Michael SULLIVAN, op.cit, p 27. )1 (

.44، 43سعد أبو دية، مرجع سابق، ص ص ) 2(Michael SULLIVAN, op. cit, p 32. )3 (

.285ص .مرجع سابق. حممد نصر مهنا، يف تاريخ األفكار السياسية وتنظري السلطة ) 4(اعة والتوزيـع والنشـر، طبري . حسن صعب، املفهـوم احلـديث لرجـل الـدولة ) 5( .13ص . 1959، 1وت، املكتب التجـاري للطـب

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

48

هذه احملاور -بوتفليقة بأن يعيد للجزائر أمنها الداخلي، وصورا اخلارجية، وعزة وكرامة مواطنيها، واعتربها

علها قضية الشعب اجلزائري كله، يسعى بإخالص ليست قضيته الشخصية فقط، وإمنا حاول أن جي - الثالثة .ضرورة اإللتفاف وتقدمي الدعم واملساندة للرئيس -يف نفوس املواطنني -وتفان لتحقيقها، مما يؤدي إىل إشاعة

أنه رجل دولة حقيقي، حيرص على إقامة العالقات ( William Quandt)عنه ويليام كونت يقول - ظفا يف ذلك عالقاته الشخصية اليت نسجها مع خمتلف دول العامل أثناء توليه وزارة مو ،)1(مع العامل اخلارجي

اخلارجية أيام الراحل هواري بومدين، وعلى رغم أن العالقات الشخصية كانت دوما من أهم العوامل ي تعيشه املساعدة على ربط صالت قوية بني الدول، وهذا ما فعله بوتفليقة إلجياد خمارج للوضع املتأزم الذ

.)2(البالد، فإا من ناحية أخرى كانت نقطة انتقاد الرئيس من طرف خصومهيوصف بأنه براغمايت، إذ ما فتئ يؤكد على أن عالقات اجلزائر مع غريها من الدول حتكمها -

: يقول ث، حياملصاحل واملنافع املتبادلة، وال شيء غري ذلكمع الغري، ومبا أننا نتعامل أعتقد أن احملن قد علمتنا كيف نتعامل"..

)3(" مع الغري، وال شيء يربطنا مع الغري إال املصاحلهي -فترة التسعينيات-ويضيف أن اجلزائر اليت ختلت عنها اموعة الدولية يف أسوء الظروف اليت مرت ا

.لها اإلجتماعيةحباجة ماسة تتجاوز السند السياسي إىل اإلسهام يف إنعاش اقتصادها، وحل مشاكويف هذا الصدد يؤكد الكثريون ،من امليزات اللصيقة ببوتفليقة هي اعتماده الكثيف على اخلطب -

على أن الطابع القويل هو السمة الرئيسية للسياسات اخلارجية للدول املتخلفة، وحجمه يزيد عن حجم وهذا ما ،)4( ية لترمجة ما يقولونه عمليااألفعال، إذ ال ميلك رؤساء هذه الدول الوسائل واإلمكانات الكاف

.ينتقد فيه املعارضون لبوتفليقة خطبه وأحاديثه بأا جوفاء ال يستتبعها التجسيد امليداين، واعتبار العمل السياسي )5(القضايا اهلامة، وكسر الطابوهات يعرف عنه كذلك اجلرأة يف طرح -

من التناقض، وقد جتلى هذا يف كثري من مواقفه و سلوكاته، ملف فن املمكن املتاح، واملراوغة وعدم اخلوف .إخل... خلصوم يف الداخل واخلارج اإلسرائيلية، التعامل مع ا -التعريب، ملف العنف، العالقات اجلزائرية

William QUANDT, Flirt Contrarié entre Washington et Alger, in site internet:)1 (

diplomatique. Fr/ 2002/07/ quandt/ 16698 -http :// www.monde . 30/12/2003ن ، م53أسبوعية األيـام اجلـزائـرية، العـدد ) 2( .1999جويلية ANN( ،8(يف حديث للرئيس عبد العزيز بوتفليقة مع شبكة األخبار العربية ) 3(

mouradia.dz/ arabe/president/ intrview / recherche.htm-http ://www.el اسية يف الـدول النامية، ) 4( .40، ص1986، أكتوبر 86السياسة الدولية، العدد حسنني توفيق إبراهيم، السيـاسة اخلـارجية والشرعيـة السـي :مأخوذ من موقع انترنيت. سياسة ارتكاب احملرمات.. شريف عبد الرمحن، بوتفليقة ) 5(

: // www. islamonline. net .arabic/ politics/ 2000/11/article3.shtml http

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

49

، إذ كما أنه أميل إىل املتابعة الشخصية لكل ما يتعلق بالسياسة اخلارجية اجلزائرية والتزاماا الدولية -

:يؤكد ذلك يف قولهلست مسؤوال عن تصرحيات صدرت عن مسؤول يف يوم من األيام، نعم "

أحتمل املسؤولية يف كل ما يتعلق بالقرارات السياسية وخاصة ذات الصبغة )1("خرآالدولية، واإللتزامات واإلتفاقيات املربمة بني بلدي وبلد

:جندلة غري منقوصة، ومن ضمنها على الصعيد اخلارجي وكثريا ما أكد على أنه سيمارس صالحياته كام

مجيع املؤمترات الدولية اليت تتم على أعلى املستويات ومؤمترات القمة أو افتتاح دورات حضور -1 ".دبلوماسية القمة" م املتحدة، وهذا ما يطلق عليه بـماجلمعية العامة لأل

.توطيد العالقات معها األخرى قصد مع الدولتبادل الزيارات الرمسية - 2 .)2(املشاركة يف حل الرتاعات الدولية بالقيام باملساعي احلميدة أو الوساطة أو التوفيق - 3

تأثري كبري فيما خيص أهداف بوتفليقة وأسلوبه يف -دون شك-إن هذه اخلصائص وغريها كان هلا .إدارة السياسة اخلارجية، وكذا يف توجهاا وأهدافها

.اينـمه ما سنتناوله يف املبحث الثـوهذا يترج

:أنظر يف ذلك. ييـن أكـدوا أنـه مت القضـاء على اإلرهـابوذلك ردا على سؤال يـدور حول تصريح ملسؤوليـن جـزائر ) 1(

.1999جويلية 28اللندنية، " احلياة"حديث عبد العزيز بوتفليقة مع صحيفة http ://www.el-mouradia.dz/ arabe /president / interview/ recherche.htm

.74ص .2001، 1ط األردن، دار الشروق للنشر والتوزيع،. نشأا، مؤسساا، قواعدها، قوانينها: ماسية عالء أبو عامر، الوظيفـة الدبلـو ) 2(

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

50

:المبحث الثاني

أھداف بوتفلیقة وأسلوبھ في إدارة السیاسة الخارجیة

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

51

.أهداف بوتفليقة من السياسة اخلارجية: املطلب األول

:ها بأاـقة وصفة عميـأزم فيها اجلزائرإن جميء بوتفليقة إىل السلطة قد مت يف ظروف عرفت

.)1("أزمة وطنية متعددة األوجه، كادت د كيان الدولة الوطنية، والنظام اجلمهوري" وانعكست سلبا على مجيع مناحي احلياة الداخلية يف اجلزائر، وكلفها مكانتها ومسعتها على املستوى اخلارجي،

:بوتفليقةإذ يقول بالدنا منذ التسعينات، قد كانت إيذانا إن األزمة اليت عصفت ب"

بتراجع دبلوماسيتنا، ذلك أن جهودنا آنذاك كانت موجهة أساسا .)2("إىل التصدي لوضعية داخلية مأساوية

ورغم أن هذه األزمة هي يف طريقها إىل الزوال، إال أن تأثرياا اجلانبية تستغرق وقتا طويال للتخلص منها وحمو .ارهاـكل آث

وم بوتفليقة اموعة الدولية على موقفها السليب إزاء تعاملها مع األزمة اليت عرفتها اجلزائر، فإنه وإذ يل من جهة أخرى يرى أن مكانة اجلزائر على الصعيد اخلارجي هي مرتبطة أشد اإلرتباط بتحقيق اإلستقرار على

أو مرآة انعكاساسة اخلارجية ما هي إال ية احلقيقية، فالسيداملستوى الداخلي، إضافة إىل اإلنطالقة اإلقتصا : للسياسة الداخلية، حيث يقولإن سياستنا اخلارجية تندرج كامتداد منطقي للتوجهات الكربى "

.)3(" لسياستنا الداخلية، والقدرة على التنافس يف املضمار الدويل :خليـةوأكثر من ذلك جعل بوتفليـقة السياسـة اخلارجيـة يف خدمـة السياسـة الدا

غري أن السياق اخلاص الذي متر به بالدنا يفضي على هذه ".. السياسة صبغة خاصة، ومن مثة إا معبأة مجلة وتفصيال يف خدمة

.)4("املسعى العام للتقومي الوطين

. 2002مارس 12عبد العزيز بوتفليقة يف خطاب إىل األمة، اجلزائر، ) 1(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm .2001أكتوبر 18عزيز بوتفليقة مبعهد جنوب إفريقيا للشؤون الدولية، جوهانسبورغ، مداخلة عبد ال ) 2(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm .1999نوفمرب 17كلمة عبد العزيز بوتفليقة مبعهد دراسة السياسة اخلارجية مليالنو، إيطاليا، ) 3(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm .1999سبتمرب 21كلمة عبد العزيز بوتفليقة أمام منتدى العالقات اخلارجية، نيويورك، ) 4(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

52

أي أا وسيلة مثلى لتحقيق التغيري السياسي واإلقتصادي واإلجتماعي، أو مبعىن آخر تشكل أحد احللول .لخروج من األزمةل

وتنتظم السياسة اخلارجية حسب بوتفليقة على مبادئ لطاملا دافعت، وتدافع عنها اجلزائر يف مجيع فمن مبدأ عدم التدخل يف الشؤون ،احملافل الدولية، وتعتربها الدعامة اليت تبين عليها عالقاا مع الدول األخرى

عاون املشترك مع كافة شعوب املعمورة، العمل على إرساء سالم الداخلية للدول، إىل اإلحترام املتبادل، والتكل هذه املبادئ وغريها يشكل مرشد أودليل . )1(عاملي عادل وثابت، التشاور السياسي والتوازن بني املصاحل

.اجلزائر يف تعاملها مع العامل اخلارجيأن عصر الزعامات قد ولى، وفيما خيص تصوره لدور اجلزائر اخلارجي، فإن بوتفليقة يؤكد على

:ولسـنا حباجـة إىل بريستيج وال أبـهة .)2("نريد فقط أن نكون موجودين، وأن يكون وجودنا حمترما"

وعموما ميكن القول أن البعض يعتقد أن السياسة اخلارجية كأداة إلصالح الداخل وخمرج لألزمة، :ما يلي يهدف منها بوتفليقة إىل

فلقد أدرك بوتفليقة أن الصورة السيئة واملشوهة اليت حيملها : اخلارجية )* (حتسني صورة اجلزائر -1اجلزائر هوكان ال بد أن تتج. الكثري من األجانب عن اجلزائر تسهم بقسط وافر يف أزمتها ويف عزلتها الدولية

:حنو تصحيح هذه الصورة لبالدنا علـى مجيـع األصـعدة، ال بد من تغيري نظرة اآلخرين"

السياسية منها واإلقتصادية واإلجتماعية، مع حتميل املسؤولية ملـن وهي أن األزمة .. جيب أن تحمل له، ألننا نطلق من حقيقة أساسية

اخلانقة اليت عانت منها بالدي ذات خيوط متشعبة، منها ما تولـد جدت هلا قد نتحدث عنها، وأوضاع خارجية و عن أوضاع داخلية

.)3("منفذا إىل جسم اتمع، فسامهت يف تفجريه وإضعافه

.2003ماي 30ألمة، اجلزائر، عبد العزيز بوتفليقة يف خطاب إىل ا ) 1(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm .اللندنية، مرجع سابق" احلياة"حديث عبد العزيز بوتفليقة مع صحيفة ) 2( .وهو هـدف وأداة يف ذاتـه، كما سنـرى فيما بعـد )*(

.1999نوفمرب 29اللندنية، " الوسط"مع أسبوعية يف حديث لعبد العزيز بوتفليقة ) 3(http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president / interview/ recherche.htm

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

53

أكثر من ساهم يف رسم -خاصة العاملة يف جمال حقوق اإلنسان-وإذا كانت املنظمات غري احلكومية

هذه الصورة القامتة، واليت طاملا عربت عن شكوكها وانطباعاا السيئة عما حيدث يف اجلزائر، فإن بوتفليقة على حتسني الصورة من خالل دعوته هذه املنظمات بايء إىل اجلزائر، مؤكدا على أن اجلزائر بيت من عمل

:بذلك إىل ا، هادف"ختفيهليس للجزائر ما " وأنه" زجاج" .إزالة الشكوك واإلنطباعات السيئة ملنظمات حقوق اإلنسان - 1 سخت لدى األجانب عن اجلزائر، وكانت السبب يف حرماا من حتطيم تلك الصورة اليت تر - 2

.)1(اإلستثمارات األجنبية، ومن مصادر التسليح، وحىت من السياح فالسياسة اخلارجية النشيطة للدولة تستطيع أن : تعبئة موارد خارجية وجلب اإلستثمارات األجنبية -2

وهذا .)2(ومن مصادر متعددة املمكنة،بأفضل الشروط حتصل على املساعدات اإلقتصادية والقروض األجنبيةخاصة أمام الواليات املتحدة ،وفتح اال واسعا ،ما أدركه بوتفليقة حينما سعى إىل تنويع عالقات اجلزائر

األمريكية من خالل التعاون األمين واإلقتصادي، كذلك تعريف املستثمر األجنيب بقوانني وقواعد اإلستثمار يف .إخل...وما تقدمه من ضمانات وتسهيالت الداخل

لكن اإلعتماد املفرط على تعبئة املوارد اخلارجية لتنمية الداخل خيلق مفارقة حقيقية، فالعديد من الباحثني يؤكد على سلبية العالقة اليت تربط الرغبة يف القيام بدور استقاليل نشط باحلاجة إىل القروض

احلاجة إىل القروض واملساعدات اخلارجية، كلما قلت درجة اإلستقاللية واملعونات اخلارجية، فكلما زادت .)3(وحرية احلركة اليت يتمتع ا النظام السياسي

وهو يف احلقيقة هدف عام تسعى إليه مجيع : تدعيم هيبة ومكانة الدولة يف اتمع الدويل -3 املكانة الالئقة اليت تشغلها دولة ما على طبيعة السياسات اخلارجية لدول العامل، إذ تنعكس السمعة الطيبة و

فعادة ما يشعر ،العالقات اليت حتكمها مع الدول األخرى، وكذا على مواطنيها يف الداخل أو يف اخلارجاملواطن العادي بالفخر واإلعتزاز لزيادة هيبة دولته ومكانتها، أما تدهورها فإنه غالبا ما يؤدي باملواطنني إىل

ولقد تعهد بوتفليقة يف هذا أن يعمل ما بوسعه إلعادة اهليبة واملكانة . )4(ستياء وعدم الرضى إلالشعور با .الدولية للجزائر، وللمواطن عزته وكرامته

.أسبوعية األيام اجلزائرية، مرجع سابق ) 1( .45 حسنني توفيق إبراهيم، مرجع سابق، ص ) 2( .46ع ،صـنفـس املرج ) 3( .42ع، صـنفـس املرج ) 4(

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

54

من السياسة اخلارجية هي - عموما -والرؤساء بينما يذهب البعض اآلخر إىل أن أهداف القادة

م احلاجة إىل اإلنتماء والرغبة يف اإلجناز، وبالتايل فإم عادة ما أهداف شخصية بالدرجة األوىل، حيث تحركه ل، ـلينعكس بدوره على شعبيتهم بالداخ ،)1(يسعون إىل ربط أمسائهم مبا أجنزوه لدوهلم، وما حققوه لشعوم

حلياة وهذا ما يفسر إصرار بوتفليقة على أن ينجح يف سياسته اخلارجية، خاصة إذا انعكس هذا النجاح على ا .اليومية

ويضيفون أنه إذا كانت السياسة اخلارجية متثل وسيلة تعبئة وتكتيل املواطنني خلف النظام السياسي، اسة واملشكالت ـل اهتمامهم عن السيـأي حتوي جهة نظر أخرى جماال إلهلاء املواطنني، وفإا متثل من

خاصة -عيبون عليه فرط اإلهتمام بالسياسة اخلارجية وهذا ما يردده املناوئون لبوتفليقة عندما ي. )2(الداخلية .إخل...وإمهال الشؤون الداخلية والتغطية عنها - كثرة األسفار

ولتحقيق هذه األهداف والرؤى، ال بد من تصور واضح و حمدد لألدوات والوسائل واألساليب اليت لوب بوتفليقة يف إدارة السياسة ميكن ا ترمجة ما سبق إىل واقع عملي ملموس، وكل هذا يعتمد على أس

.اخلارجية .أسلوب بوتفليقة يف إدارة السياسة اخلارجية: املطلب الثاين

ال يقل شأنا عن النجاح يف السياسة الداخلية، بل جعل ةإميانا منه بأن النجاح يف السياسة اخلارجي

دبلوماسي وحىت عالقاته الشخصية، األوىل يف خدمة الثانية، سعى بوتفليقة إىل توظيف خرباته وإرثه المن إرجاع اهليبة 1999وتطويعها لغرض حتقيق ما وعد به الشعب أثناء محلته اإلنتخابية لرئاسيات أفريل

:، ولقد متثل أسلوبه يف ذلك كالتايلإخل. ..واملكانة اخلارجية للدولة، ووض باإلقتصاد الوطينتربها املفتاح الرئيسي والقاعدة األساس، واليت ينبين عليها إذ يع: حتسني الصورة اخلارجية للجزائر -1

، ونقل الصورة )3(كل عمل السياسة اخلارجية فيما بعد، إذ ال بد من التعريف بشكل أفضل بالواقع اجلزائريو لقد عمل على اإلضطالع الشخصي . احلقيقية له، مث بعد ذلك تأيت املشاركة دون عقدة يف النشاط الدويل

ود الوساطة اليت بذهلا يف إطار رئاسته ملنظمة الوحدة ـوجه ، )*(خالل السفريات العديدة اليت قام ا ذا من

.24لويـد جنسـن، مرجـع سابـق، ص ) 1( .53صحسنني توفيق إبراهيم ، مرجع سابق، )2( .2003ديسمرب 7اللبنانية، " احلوادث"عبد العزيز بوتفليقة يف حديث صحفي مع جملة ) 3(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president / interview/ recherche.htm زيارة إىل اخلارج، وكان اهلدف األساسي من هذه الزيارات هو إاء احلصار الدويل غري املعلن واملفروض 200بأزيد من حيث قام بوتفليقة )*(

اجة إىل اإلستثمـارات األجنبـية :أنظر يف ذلك.على اجلزائر، وكذا تسويق صورة اجلزائر املنعتـقة من األزمـة واحملـت .03/2004/ 17، 4036جريـدة اخلبـر، العـدد

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

55

اإلريتري، لذا اعتربت النجاحات احلقيقية اليت حققها بوتفليقة هي -اإلفريقية، وخاصة يف إطار الرتاع اإلثيويب .)1(فقط على صعيد املبادرات الدبلوماسية

: فليـقة كثـريا على األسفـار فإن أحـدهم علق قائـالوإذ ركـز بوت إا املرة األوىل يف التاريخ أين يكون الرئيس يف الوقت نفسه وزير "

الشؤون اخلارجية، إذ مل يتخلف عن أي مؤمتر دويل، ولقد أمضى .)2("معظم الوقت يف اخلارج مقارنة بداخل البلد

توجب حذرا وحيطة كبريين، ذلك أن اخلطأ فيها غري مسموح، وقد بينما يرى آخر أن السياسة اخلارجية تس فعلى حـد تعبري جـون كينيدي البقـاء،احلها الوطنية أو القوميـة وعلى رأسـها ـة مصـيكلف الدول

.)3(" فإن السياسة اخلارجية ميكن أن تقتلنا إذا كانت السياسة الداخلية ميكن أن زمنا،"بقي لألجهزة األخرى وعلى رأسها وزارة أن يضطلع شخصيا مبهام السياسة اخلارجية، ويلذا حياول بوتفليقة

.اخلارجية مهمة التنفيذ، واإلنفتاح اهلادف إىل اإلستفادة القصوى من كل ما العمل على تنويع عالقات اجلزائر الدولية -2

:بوتفليقـةول ـن، إذ يقـرف معيـة لطـعيـص التبـذا تقليـويع، وكـذا التنـه هـيتيح .)4(" ال أخفيكم أين أرى استقالل بالدي من خالل تعدد األطراف" ..

وتنبين استرتيجية بوتفليقة يف هذا التنويع على إقامة العالقات مع الدول احملورية، سواء يف القارة كذلك ال يفاضل بني ،اإلفريقية أو خارجها، إضافة إىل تلك اليت ميكن أن تستفيد منها اجلزائر اقتصاديا وماليا

:الدويلاملسارات الثنائية أو املتعددة يف العمل السياسي إن اجلزائر تواصل جهودها، على الصعيد الثنائي واملتعدد األطراف "

.)5(" التحوالت اإلقتصادية العاملية سواء ملواجهةعلى حد

International Crisis Group, La crise Algérienne n'est pas finie. in site internet )1 (

ligence. Free. Fr/bdAlger crise pas finie.htmlhttp : // medinte L'ahouari ADDI, L’armée, la nation et la politique. In site internet )2 (

http:// www.algeria-watch.org/Fr/article/analyse / armee_nation_politique.htm Daniel S, MOREY, op.cite, p 03 )3 (

. ، مرجع سابق) ANN(العربية عبد العزيز بوتفليقة يف حديث مع شبكة األخبار ) 4( . 2004فيفري 12كلمة عبد العزيز بوتفليقة يف إفتتاح أشغال الندوة األوىل لوزراء الطاقة لبلدان إفريقيا وأمريكا الالتينية، اجلزائر، ) 5(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

56

ئر، وخدمة مصاحلها، فإدراكا منه أن للتعبري عن رؤى وأهداف اجلزا: استغالل املنابر الدولية -3

العامل حتكمه القوة، انتبه بوتفليقة إىل ضرورة التكتل واستغالل املنظمات الدولية، فهو يرى أن الدبلوماسية 77اجلزائرية خالل السبعينيات من القرن العشرين ظهرت كذلك من خالل حركة عدم اإلحنياز وجمموعة الـ

انشغاالتنا ومطالبنا، واليوم هناك فرصة أخرى وجب أن تستغل يف إطار النيباد، اللتني كانتا آنذاك حتمالن : واإلحتاد اإلفريقي، وحىت جملس األمن

واآلن وقد تبوأت اجلزائر مقعدها ضمن جملس أمن األمم املتحدة، " يف املنافحة عن... فإا يف موقع ميكنها من املشاركة أكثر فعالية

.)1("ز السلم واإلستقرار يف أرجاء إفريقيا كافةمصاحل قارتنا وتعزي إذ تشغل حيزا كبريا يف برنامج الرئيس اخلارجي، ولقد عرب : املراهنة على الديبلوماسية االقتصادية -4

:لك بقولهذعن راهنت سياستنا اخلارجية على اإلستجابة حلتميات الدبلوماسية "

ارة العالقات الدولية، االقتصادية اليت يستوجبها إحالل اإلقتصاد صدإا تصب نشاطها على إعالم املتعاملني معنا وإقناعهم وطمأنتهم

رجعة صارت الفيما خيص مصداقية اإلصالحات اإلقتصادية اليت .)2("فيها

" دافوس" دى ـو منت" نتاناوكروس م" ديد من املنتديات اإلقتصادية ـذا حضوره املكثف يف العـد هـوأك .إخل"...قات اخلارجيةمنتدى العال"و

وسائل وأدوات لتحقيق ما يصبوا إليه من أهداف يف السياسة منها بوتفليقةكل هذه احملاور جعل .اخلارجية اجلزائرية

.2004ماي 25بوتفليقة يف اإلجتماع اإلفتتاحي لقمة جملس السلم واألمن لإلحتاد اإلفريقي، أديس أبابا، كلمة عبد العزيز ) 1(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm .عبد العزيز بوتفليقة يف كلمة أمام منتدى العالقات اخلارجية، مرجـع سابـق ) 2(

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

57

:المبحث الثالث

النسق العقیدي لبوتفلیقة

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

58

السياسة اخلارجية تدخل يف عالقة من املؤكد أن اخلصائص الشخصية لبوتفليقة وأسلوبه يف إدارة

تفاعلية تبادلية مع رؤيته وتصوراته لطبيعة العالقات الدولية الراهنة واملنطق الذي حيكمها، وكذا منط العالقات أو -من الناحية العملية - اليت حتكم اجلزائر بباقي أطراف اتمع الدويل، إذ ال ميكن فصل أحدمها عن اآلخر

كرب تأثريا يف اآلخر، وعلى هذا األساس كان لزاما علينا تبيان الصور والرؤى اليت حيملها املفاضلة يف أيهما أ .طبيعة العالقات الدولية، وكذا عالقات اجلزائر مع غريها من الدول بوتفليقة عن

. رؤية بوتفليقة لطبيعة العالقات الدولية: املطلب األول

على شاكلة سابقيه، إذ تتداخل فيه عالقات الصراع يذهب بوتفليقة إىل أن العصر الذي نعيشه هو

واليت هي حبسبه ال ختلق إلا العدوانية، وامليل املفرط إىل " صراع املصاحل" والتعاون، فلئن كانت األوىل حيركها ت اهليمنة على اآلخرين، فإن الثانية تتمظهر يف انتشار املنتوجات الصناعية واملعارف العلمية ووسائل املواصال

.)1(واإلتصال والتواصللكن هذا ال مينع من مالحظة أن العامل الراهن كذلك يشهد تغريات سريعة وعميقة، أفضت إىل

:حتديات ذات طابع مشويل، ال قبل للدولة الواحدة ا، إذ يصف الظرف الدويل السائد بقوله إنـهة ظرف مييزه يف اآلن نفسه، التصميم اجلديد للعالقات الدولي"..

والتحوالت السريعة والعميقة النامجة عن العوملة، فإىل التهديدات والشروخ التقليدية انضافت حتديات وخماطر جديدة ذات طابع مشويل وعابر للحدود من مثل اإلرهاب واملتاجرة باملخدرات واإلجرام املنظم، ناهيك باألضرار اليت تؤذي بيئتنا وعن األوبئة

فيه إقصاء أكثر الناس فقرا، وتزداد فيه هذا يف وقت يتم. الفتاكة .)2("قوة أكثرهم ثراء

وهو إذ يعترف أن بعض مسات العالقات الدولية ملا قبل اية احلرب الباردة ال تزال جتد هلا حضورا قويا، من ها ذلك التفاقم ينضاف إلي مثل الرتعات القدمية إىل اهليمنة الثقافية واإليديولوجية، واألنانيات اجلهوية والوطنية،

. 2003فيفري 24مة عبد العزيز بوتفليقة يف القمة الثالثة عشر لبلدان عدم اإلحنياز، ماليزيا ، كل ) 1(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm . 2003أفريل 12لوجيا والبيئة، وهران، كلمة عبد العزيز بوتفليقة يف إفتتاح األسبوع العلمي الوطين الثاين للجامعات، العلوم ،التكنو ) 2(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

59

يعترب أن كل هذه السمات تؤسس ملنظومة ،)1(الصارخ يف مظاهر التفاوت اإلقتصادي بني الشمال واجلنوب

.املـواع التوترات يف العـم لشىت أنـدولية تتضاعف فيها قيم الالمساواة بني الدول، وتشكل املصدر الدائ :قضية اإلرهاب، الذي يرى بأنهويطرح بوتفليقة ضمن املصادر اجلديدة لالإستقرار

شكل من اإلحتجاج على وضع يتسم بالظلم وانعدام التفهم وحل "يصل حد التضحية بالنفس مثلما هو احلال . يرفضه اليأس والقنوط

.)2("يف العمليات اإلنتحارية الصدارة واإلرتكاز للمجتمع الدويل، الذي ينحو إىل إحالل احلاجيات املادية حمل ةويربطه باحلالة الفوضوي

:مة حيثـعلى حب الكسب وقواعد الربح اليت ال ضابط هلا، كما يربطه كذلك بالسلبيات اليت أفرزا العول .)3(" هو شكل من األشكال املشوهة للعوملة، اليت يتجذر فيها عميق التجذر.. أن اإلرهاب"

ما أكد أن اجلزائر قد عانت لعشرية من وإذ يركز بوتفليقة على الطابع الشمويل لإلرهاب، فإنه كثريا :عنهاالزمن ويالته، دون أن يحرك ذلك اموعة الدولية، اليت قال

من املؤسف أن يكتب التاريخ أن اموعة الدولية أعوزا ".. ار، أمل يسبق هلا بفعل النظرة السياسية الثاقبة وأعوزها العزم واإلصر

نقص التبصر أو التخاذل أن أخلت بواجب التضامن مع الشعب اجلزائري الذي كابد سنوات طوال مغبة اإلرهاب، وهو حماط بسوء

.)4(" بعدم اإلكتراث ؟ لالفهم، باليت مست الواليات املتحدة األمريكية حىت يكتشف أن 2001سبتمرب 11لينتظر العامل أحداث

.هاب ال جنسية له، وال حتصره حدوداإلروبالنسبة إىل حماربة هذه اآلفة، فإن بوتفليقة يرى أن هناك أمورا وجب التعامل معها حبذر شديد،

كعدم اخللط بني اإلرهاب والكفاح املشروع للشعوب، ولذا فإن أوىل شروط مكافحة اإلرهاب تقوم على ن ـوينال إمجاع الدول والشعوب، كذلك عدم اخللط بي دية، وضع تعريف دقيق له، يتحرى املوضوعية واحليا

السماح ذا اخللط ال ميكنه إال أن يزيد من سوء التفاهم بني الشعوب، كما أنه يعين "و اإلسالم واإلرهاب، رى فإنـهذا من جهة، ومن جهة أخ ) 5(" حرمان مكافحة اإلرهاب العابر لألوطان من طابع العاملية الضروري هلا

.2003مارس 24كلمة عبد العزيز بوتفليقة يف إفتتاح أشغال امللتقى الدويل حول احلـوار املثمر بني الثقـافات واحلضـارات، اجلزائر، ) 1(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm ا للشؤون الدوليـة، مرجع سابق ) 2( .مداخلة عبد العزيز بوتفليقة مبعهد جنوب إفريقـي . 2002مارس 16كلمة عبد العزيز بوتفليقة يف مؤمتر قمة املنظمات غري احلكومية لبلدان اجلنوب، اجلزائر، ) 3(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm .عـنفـس املرج ) 4( .عـنفـس املرج ) 5(

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

60

القوة العسكرية غري كفيلة بدحره، بل ينبغي أن تتم حماربته يف إطار أمشل يتوخى القضاء على مسبباته

.)1(اإلقتصادية واإلجتماعية قد غريت كثريا يف جوهر ومضمون األمن القومي، –وعلى رأسها اإلرهاب -إن التحديات اجلديدة

:أن إذ يعتقد بوتفليقة .)2(" وصارت الغيةتصورات األمن السائدة حلد اآلن أصبحت غري مالئمة، بل جتاوزها الزمن "

وأصبحت احلاجة إىل أمن مجاعي يرتبط فيه أمن الدولة الواحدة بأمن باقي الدول أكثر من ملحة، بل ضرورة يات تعجز الدولة ال مفر منها، فالتهديدات واألخطار اجلديدة أضحت تتسم بطابع مشويل، وغدت تفرض حتد

ها مهما كانت قوة مكانتها وإمكاناا، مبا يف ذلك الواليات املتحدة األمريكية، و لعل عن رد -مبفردها -إذن صار األمن العاملي كال ال يتجزأ، وطرق حتقيقه باتت . خري دليل على ذلك 2001سبتمرب 11أحداث

: تفرض رؤية مجاعية تشترك فيها مجيع الدولبادرات األحادية الطرف لتحقيق هذا األمن هي عدمية إن امل"

املفعول وغري جمدية، وجيب أن تفسح اال لسياسة معززة .)3("لألمن الدويل، تبىن على أساس من التنسيق والتضامن

.يف العامل ركائز ذلك السياسي واإلقتصادي واإلجتماعي بل ومتتد إىل إرادة سياسية جتعل استعادة اإلستقرار :وإذ نعيش عصر ما يسمى بالعوملة اليت يقول بشأا بوتفليقة أا

الشر " تفرض نفسها تدرجييا على سائر بلداننا، وسواء أنعتناها بـ ".. أو اعتربناها حاملة للتقدم، أو نعتناها باآلفة، فإا قد " الذي ال مفر منه

.)4("أضحت أمرا ال مناص منه غريات السريعة والعميقة اليت مست حياة الشعوب والدول على حد سواء، جعلت وتتجلى أكثر مساا يف الت

يسمى العامل مبوجبها أرحب وأوسع وأكثر تعقيدا، ويف الوقت ذاته مالت إىل جعله أضيق رقعة ممكنة، أو ما .، بسبب التطور اهلائل الذي شهدته تكنولوجيات اإلعالم واإلتصال اجلديدة"الكونية القرية"

.كلمة عبد العزيز بوتفليقة يف افتتاح أشغال امللتقى الدويل حول احلوار املثمر بني الثقافات واحلضارات، مرجع سابق ) 1( .2002ماي 4ن، اجلزائر، ـوملة واألمـول العـدويل حـى القـقة يف امللتـعزيز بوتفليـمة عبد الـكل ) 2(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm .نفـس املرجع ) 3( بترول، اجلزائر، دول املصدرة للـمة الـلوزراء منظ 129ن يف الندوة ـأدبة عشاء على شرف املشاركيـة يف مـزيز بوتفليقـكلمة عبد الع ) 4(

.2004فيفري 09http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

61

ترتبط العوملة أكثر ما ترتبط باجلانب اإلقتصادي حيث تعمل على تعومل اإلقتصاد العاملي من جهة، و

ومن جهة أخرى تسهم يف زيادة اهلوة اإلقتصادية وما يستتبعها بني الشمال واجلنوب، وإذاك ينبغي علينا كذلك، على أن هذا يبقى مرهونا مبا تقليل ما هو سليب فيها غالل ما هو إجيايب فيها، وحماولة ف معها باستالتكي

.نستطيع توفريه من أدوات وإمكانات هذا التكيفم املتحدة أن تلعب الدور املنوط ا، بصفتها متثل مو يف خضم كل ما سبق فإن على منظمة األ

:الشرعية الدولية، ومرجعية الدول والشعوب يف حل مشاكلها، وأن حترص علىليت تزيد من تفاقم الفقر واإلقصاء، وعلى تقليص الشروخ العاملية ا"

من املواءمة بني األعمال الرامية أوىف قدرتشجيع العمل على حتقيق .)1("إىل خدمة التنمية والقضاء على الفقر

من هنا وجب التأكيد على ما تكتسيه املنظمة من أمهية يف معاجلة شؤون العامل، واعتبار أن دعمها وزيادة هي مسؤولية تشترك فيها مجيع الدول األعضاء، يتصدرها يف ذلك باخلصوص، أعضاء جملس فعاليتها وجناعتها

:الدويلاألمن إن األمم املتحدة يف حاجة أكثر من أي وقت مضى إىل اإللتزام "

السياسي لكل الدول األعضاء، وال سيما تلك اليت هلا مسؤوليات .)2(خاصة مبوجب ميثاق املنظمة

ما انفك دور املنظمات غري احلكومية يتزايد يوما بعد يوم، بل وأصبحت أطرافا وإىل جانب املنظمة، هلا مكانتها وتأثريها يف اتمع الدويل، وينبغي أن يكون عملها مكمال جلهود األمم املتحدة يف استتباب األمن

.والسلم الدوليني

. رؤية بوتفليقة لعالقات اجلزائر الدولية: املطلب الثاين استراتيجي، والرصيد التارخيي، ثرية ومتشعبة، حبكم املوقع اجليون عالقات اجلزائر اخلارجية هلي كإ

واإلمكانات الطبيعية اليت تزخر ا، ولئن كانت الظروف الداخلية واخلارجية اليت عرفتها جزائر سبعينيات فإن هذه األخرية حمكومة كذلك مبا ة،الدولياجلزائر معينة لعالقاتومثانينيات القرن العشرين قد رمست دوائر

للمجـالس اإلقتصـادية واإلجتماعيـة واملؤسسات املماثلـة، كلمة عبد العزيز بوتفليقة يف افتتـاح اللقـاء الثامـن للرابطـة الدوليـة ) 1(

.2003جوان 24اجلزائر، http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm

.، مرجع سابق كلمة عبد العزيز بوتفليقة يف امللتقى الدويل حول العوملة واألمن ) 2(

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

62

وإذا نظرنا إليها مبنظار بوتفليقة فإننا نستطيع . استجد يف جزائر التسعينيات على املستويني الداخلي واخلارجي

الغربية، دائرة - دائرة العالقات اجلزائرية: متييز ثالث دوائر كربى لعالقات اجلزائر مع غريها من الدولوهذا لسبب األمهية واملكان الذي يشغله كل . العربية - اإلفريقية، دائرة العالقات اجلزائرية -يةالعالقات اجلزائر

.منها يف خطاباته وتصرحياته )*(الغربية –دائرة العالقات اجلزائرية : أوال

يف عصرما بعد احلرب الباردة أضحى اإلرتباط مع الواليات املتحدة األمريكية، وإقامة عالقة متينة ها مطمح ومطمع العديد من الدول، مبا يف ذلك اليت كانت حتسب من التيار املعادي هلا، وذلك ملا فرضه مع

:القطبيةالوضع الدويل اجلديد الذي يتسم باألحادية إن التعددية املتبعة على الصعيد الداخلي ال جتد مع األسف امتدادا "

.)1("هلا على مستوى عامل يعتمد بالعكس على أحادية القطباألمريكية وترقيتها إىل أفضل مستوى ممكن، واعترب أن -لذا سعى بوتفليقة إىل توطيد العالقات اجلزائرية

اإلنفتاح على الغرب وخصوصا الواليات املتحدة هو أكثر من ضرورة استوجبتها الظروف الدولية اجلديدة، بل طة، والقاضي بإعادة اجلزائر إىل مكانتها الالئقة، يصب مباشرة يف املسعى العام الذي توخاه منذ جميئه إىل السل

ويشترط بوتفليقة لقيام .وجلب اإلستثمارات اخلارجية، ويف هذا تشكل الواليات املتحدة حجز الزاوية :اإلقتصاديةأمريكية قوية أن ترتكز أساسا على املسائل -عالقات جزائرية

يف نوفمرب بلدينا الذين وصفهما بوش العالقات بنيإن ترقية " هي مهمتنا ومهمة اإلدارة األمريكية، وحىت " احلليفني" بـ 2001

يكون صرح التفاهم اجلزائري األمريكي دائما، فإنه جيب أن يقوم .)2(" على أسس اقتصادية فيها املنفعة املتبادلة والدائمة

ف األمين، طمعا يف املساعدة وال تتوقف براغماتية بوتفليقة عند هذا احلد، بل تتجاوز اإلقتصاد إىل املل :األمريكية للقضاء على اإلرهاب الذي تعاين منه اجلزائر

نقاسم اليوم إذن، وبطريقة تلقائية، إرادة التعاون مع الواليات املتحدة " .)3(" لتجنيب العامل مطامع اجلماعات اإلرهابية املزعزعة لإلستقرار

، ألما ميثالن حلقتنيدة األمريكية واإلحتاد األورويبـات املتحـر على الواليـونقصد بالغربية الغرب اجلغرايف ال الغرب احلضاري، وسنقتص )*(

.بالنسبة لعالقات اجلزائر اخلارجية حسب بوتفليقةمهمتني .ابق ـع سـالنو، مرجـارجية مبيـاسة اخلـة السيـدراسد ـقة مبعهـزيز بوتفليـمة عبد العـكل ) 1( .2003سبتمرب 22كلمة عبد العزيز بوتفليقة يف اجتماع جملس األعمال اجلزائري األمريكي، نيويورك ، ) 2(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm

.نفـس املرجـع ) 3(

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

63

ويعترب اخليار ،رة يف التاريخائر بدوله هي عريقة ومتجذوخبصوص اإلحتاد األورويب، فإن عالقات اجلز

كما قال بوتفليقة، وإذا كان اتفاق الشراكة )1(األورويب خيارا إستراتيجيا، وهو مبرتلة الرهان بالنسبة ملستقبلنا املتعددة يشكل إطارا مالئما لتوسيع وتعزيز العالقات 2002أفريل 22املوقع بني اإلحتاد األورويب واجلزائر يف

ة واألوروبية على الصعيد ـالربط احلقيقي بني اجلزائر واموع" رسـاألشكال القائمة بينهما، فإنه يكفهو ميثل فرصة حقيقية إلنعاش اإلقتصاد اجلزائري، كما أنه يتيح اإلندماج التدرجيي واملنسجم ، )2( "اإلقتصادي

.ي على صعيد أوسعضمن اموعة األورومتوسطية، ويف اإلقتصاد العاملوضمن الفضاء األورويب حتتل فرنسا موقعا متميزا يف األجندة اخلارجية للجزائر، حبكم املصاحل

:فيؤكد بوتفليقة على أن. واجلغرافيا والتاريخالعالقات اجلزائرية الفرنسية تقوم وتتطور على أساس املصلحة املتبادلة، "

رية معتربة بفرنسا دورا مهما يف ويلعب القرب اجلغرايف ووجود جالية جزائ .)3("ذلك

.اإلفريقية- دائرة العالقات اجلزائرية : ثانيااإلفريقية من خالل جهوده املبذولة يف إطار -لقد أوىل بوتفليقة عناية خاصة لترقية العالقات اجلزائرية

إخل، ويعترب أن ...يف فض الرتاعات منظمة الوحدة اإلفريقية، مث بعدها اإلحتاد اإلفريقي، مبادرة النيباد، الوساطةمثلما يؤكد أن إفريقيا اليت مزقتها . )4(إفريقيا تشكل حبق، إطارا مالئما وامتدادا طبيعيا لسياسة اجلزائر اخلارجية

احلروب والرتاعات الداخلية، وتفاقمت فيها مشاكل الفقر والتخلف، انضافت إليها قضايا الدميقراطية وحرية لراشد، مدعوة ألن تتلمس طريق اخلروج من هذا الوضع عن طريق تكفل األفارقة أنفسهم التعبري واحلكم ا

مبصريهم، واإلضطالع بكامل مسؤوليام لتحقيق ذلك، على أن تلقى الدعم اخلارجي الالزم، الذي يتمثله :بوتفليقة أساسا يف الدعم اإلقتصادي

من إن إفريقيا، وجدت نفسها يف صف من يساند قضايا هي "

صميم اهتماماتنا مثل الدميقراطية وحرية التعبري، ومل جتد يف صفها

. 2002أفريل 22العزيز بوتفليقة مبناسبة التوقيع على اتفاق الشراكة بني اجلزائر واإلحتاد األورويب، إسبانيا ، كلمة عبد ) 1(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm . 2003جوان 03، فرنسا،عبد العزيز بوتفليقة، خطاب أمـام البـرملان األورويب) 2(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm .اللبنانية، مرجع سابق " احلوادث"عبد العزيز بوتفليقة، حديث صحفي مع جملة ) 3( .1999نوفمرب 07عبد العزيز بوتفليقة، كلمة ، املنتدى اإلفريقي للسلم، اجلزائر، ) 4(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

64

من يدعم جهودها يف حماربة الفقر والعنف املسلح، لذلك بقيت

.)1("دون بلوغ اهلدف املنشودوانطالقا من أن العامل اليوم، خاصة يف شقه اإلقتصادي، يتجه حنو سياسة الكتل فإن بوتفليقة يرى أن

شراكة حقيقية ما بني األفارقة لبلوغ تكامل واندماج إفريقي، : يباد متثل فرصة ساحنة لتحقيق أوالمبادرة الن .موقعا متميزا ملواجهة التحديات اإلقتصادية اليت باتت تفرضها العوملة والظروف الدولية اجلديدة: وثانيا

ى اعتزام إفريقيا املشاركة الفاعلة ويف اجلانب اآلخر يعد إنشاء اإلحتاد اإلفريقي مؤشرا سياسيا قويا عل أمثال تتوحد وتعمل من خالل وكذا إطارا، )2(يف صنع القرارات املتعلقة خاصة مبسار التطورات اجلهوية

.الدول اإلفريقية على استتباب السلم واألمن يف القارة، وضمان التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية .ربيةالع -دائرة العالقات اجلزائرية: ثالثا

يف البداية ننطلق من رؤية بوتفليقة لألوضاع العربية الراهنة، حبيث يرى أن العامل العريب يقبع يف حالة من التشتت والتهميش، يرافقها عدم اإلستقرار واخلالفات املتنوعة، وعدد من األزمات الداخلية، تذكيها

ففي الشرق األوسط ال تزال . م التوتراألطماع والتدخالت اخلارجية، كل هذه وغريها أسست لوضع دائإسرائيل متارس إرهاب الدولة على الشعب الفلسطيين، وتصادر جزءا من أراضي سوريا ولبنان، وغري بعيد عنها يرزح العراق حتت وطأة اإلحتالل األمريكي، بينما ال يزال احتاد املغرب العريب يراوح مكانه، واجلامعة العربية

.قيحباجة إىل إصالح حقييف اجلوار القريب تروم اجلزائر بناء مغرب عريب موحد مستقل، ومزدهر، لكن تظل قضية الصحراء

طرفاها مها املغرب والشعب الصحراوي ممثال جببهة ،)3(الغربية هي قضية تصفية استعمار مل تستكمل احلل بعد تسند وتدعم كل مبادرة أو حل يصب يف هذا البوليزاريو، وجماهلا هو األمم املتحدة، وال يتبقى للجزائر إال أن

.جتاهإلاوالعراقي، فإنه ويف الشرق األوسط، وإذ يعرب بوتفليقة عن تضامنه املطلق مع الشعبني الفلسطيين

يشترط لعودة األمن يف املنطقة تسوية سلمية نزيهة وعادلة، متر عرب إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة عاصمتها ه يدعم ـكما أن ،)4(الء عن األراضي السورية واللبنانية الواقعة حتت اإلحتالل اإلسرائيليالقدس الشريف، واجل

.عـنفـس املرج ) 1( .عبد العزيز بوتفليقة، كلمة ، افتتاح أشغال الندوة األوىل لوزراء الطاقة لبلدان إفريقيا وأمريكا الالتينية، مرجع سابق ) 2( .2004سبتمرب 21تحدة، نيويورك، للجمعية العامة لألمم امل 59عبد العزيز بوتفليقة ، خطاب ، الدورة ال ) 3(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ / recherche/ recherche.htm .2004فيفري 03عبد العزيز بوتفليقة ، كلمة ، مأدبة عشاء على شرف الرئيس الصيين هوجينتاو، اجلزائر، ) 4(

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

65

مسار السالم العادل والشامل والدائم، السالم القائم على الشرعية الدولية، هذه األخرية اليت جيب أن تمكن

.العراق من استرجاع سيادته على أراضيه واحلفاظ على وحدته الترابيةالعربية، لخبصوص جامعة الدول العربية، فإنه ال مناص من جعلها تستجيب أكثر ملا تصبوا إليه الدوو

من انسجام سياسي وتعاون مثمر، بصفتها احملرك األساسي للعمل العريب املشترك، وإطاره األوسع، وال يتأتى من لة بذلك، ويئة الظروف املثلى هذا إال عن طريق إصالحها وحتديثها ودمقرطتها، وإمدادها بالوسائل الكفي

.)1("جتمعنا احليوية اليت الكامل باملصاحلالعربية، وتوظيف فصائل التضامن، والنهوض –تنقية العالقات العربية .. "وال خيتلف وضع العامل اإلسالمي كثريا عما يعرفه العامل العريب، إذ ما يزال العمل اإلسالمي املشترك

ستوى املطلوب، وعليه أن يساير ما ترفعه التغريات الدولية اجلديدة من حتديات سياسية، هشا وبعيدا عن امل .إخل... واقتصادية، وضة علمية وتكنولوجية

وأخذا بعني اإلعتبار لكل ما سبق فإن بوتفليقة يوضح األسس اليت ينبغي أن تقوم عليها عالقات :يفعربية حقيقية، هذه األسس يتمثلها -عالقات عربيةالعربية، واليت بفضلها ميكن أن نؤسس ل -اجلزائر

إن هذه العالقات جيب أن تتحول إىل عالقات ذات جدوى تتجاوز املستوى العاطفي، ليصبح هلا -1 .منافع اقتصادية، ومصاحل متبادلة بني أطرافها مبا يضمن استقرارها

ن يتعارض مع مصاحلها جيب أ إن احتفاظ اجلزائر مبواقفها من بعض القضايا اإلقليمية ال -2 :ويف هذا الصدد يقول.اإلقتصادية

أنا أدافع عن املصاحل القومية على أن ال تتعارض هذه املصاحل " فأنا أوال منتخب من طرف الشعب . القومية مع املصاحل الوطنية

اجلزائري وليس من طرف الشعوب العربية، وبالتايل، أنا أمني على .)2("العليا الشعب اجلزائري ومصاحله

.2004ماي 22امعة الدول العربية، تونس، عبدالعزيز بوتفليقة، كلمة ، القمة السادسة عشر جل ) 1(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president/ recherche/ recherche.htm .1999نوفمرب 09، "املستقبل"عبد العزيز بوتفليقة، حديث مع قناة التلفزيون اللبنانية ) 2(

http://www.el-mouradia.dz/ arabe /president / interview/ recherche.htm

الفصل الثاني تأثير صانع القرار على السياسة الخارجية الجزائرية

66

من خالل ما سبق نستطيع القول أن هناك عوامل عدة سامهت يف التأثري املتزايد لدور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على صنع السياسة اخلارجية اجلزائرية، حيث أن شخصيته الليربالية واملنفتحة وامليالة إىل إقامة

ه مع غريه من البلدان، من حيث تعددها، وتنوعها، وقيامها العالقات مع اآلخرين، عكست رؤيته لعالقات بلدإضافة إىل اخلربة الكبرية يف جمال إدارة الشؤون اخلارجية اليت . على أسس عقالنية براغماتية بعيدا عن العواطف

كل ما اكتسبها أثناء توليه وزارة اخلارجية يف عهد الراحل هواري بومدين، واليت تدفعه إىل املتابعة الشخصية ل .يتعلق بالشؤون اخلارجية

ويتجلى هذا التأثري كذلك من خالل اإلهتمام الكبري الذي أبداه بوتفليقة بالسياسة اخلارجية وأهدافه منها، حيث جعلها يف مقدمة احللول لألزمة املتعددة اليت عرفتها اجلزائر يف العشرية األخرية، وهذا ما أدى به

السياسة اخلارجية اجلزائرية، ويوجه كل جهده وطاقاته وخرباته إىل أن ينجح إىل أن حيرص شخصيا على إدارة وجاء أسلوبه ليدعم كل هذا من خالل األسفار الكثرية اليت قام ا وحضوره الدائم للقمم . يف مهمته هذه

.إخل...واملنتديات وكذا تصوره الواضح ملا كما أن رؤيته الواضحة لطبيعة العالقات الدولية واملنطقيات اليت حتكمها،

للجزائر من جهة، ةينبغي أن تكون عليه عالقات اجلزائر الدولية، قد سامها يف سهولة حتديد األهداف اخلارجيوهذا طبعا، يف غياب أو انعدام تصور عقائدي . وات والوسائل املمكنة لتحقيق ذلكومن جهة أخرى األد

ية، وبالتايل تصبح التصورات الشخصية هي املهيمنة على وطين عام حول أهداف و منطلقات السياسة اخلارج .السياسة اخلارجية اجلزائرية

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

68

وضمنها السياسة اخلارجية، وميثل العامة،يعترب النظام السياسي مبثابة اإلطار العام الذي حيكم السياسة وبالتايل يفترض أن النظام السياسي مبختلف مكوناته اخلارجية،البيئة الداخلية بالنسبة لعملية صنع السياسة

وكذا تراتبية اخلارجية،عملية صنع السياسة يلعب دورا مهما يف التأثري على الشكل الذي ميكن أن تتخذه .حمدداا، اليت تعترب العوامل الشخصية إحداها

وعليه فإننا سنحاول يف هذا الفصل معرفة الكيفية اليت يؤثر ا النظام السياسي اجلزائري على دور بيعة النظام السياسي العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية اجلزائرية، وذلك من خالل التعرض إىل حتديد ط

مث التطرق إىل أهم مراكز صنع القرار، وأخريا حماولة معرفة دينامية احلياة السياسية، وذلك بأخذ اجلزائري، .اجلزائريةمنوذج األحزاب السياسية وارتباطها بالسياسة اخلارجية

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

69

:األولالمبحث

طبیعة النظام السیاسي الجزائري

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

70

ويؤكدون على أن اجلزائري،يفيد كثري من الباحثني أنه من الصعب جدا حتديد طبيعة النظام السياسي

شواهد نالدميقراطية، فإحني يبدو أنه تنصل عن طبيعته التسلطية وبدأ خيطو حنو ىحقيقية، فعلمثة مفارقة :طبيعة النظام السياسي اجلزائري، إذ تقرر يف هذا الشأن ازدواجية )1(وقرائن كثرية تقول بعكس ذلك

.خلإ...واجهة دميقراطية شكلية تتشدق باملؤسسات واإلنتخابات وفتح اال للتعددية بينما اجلوهر يعرب عن الثبات الوظيفي، وظيفة النظام التسلطي الذي كان سائدا منذ اإلستقالل وإىل اآلن، حىت

.ائق واألشكال اليت يعرب وإن خفت هلجته، أو تنوعت واختلفت الطرايعتقد أن اإلعتماد فقط على بىن وهياكل ومؤسسات النظام يف التحليل النظام،وألجل حتديد طبيعة

وظيفيا، - لذا ال بد أن يكون التحليل بنيويا ،لهكما أنه ال يعكس احلقيقة الفعلية مضللة،قد يؤدى إىل نتائج . فةـوبالتايل ربط البنية بالوظي واقعيا،نظام مدخال، مث يرصده ميدانيا أو يتخذ من الطابع الرمسي أو الشكلي لل

على الفهم األعمق لطبيعة النظام، زيادة على أنه يتيح كشف مكامن العطب واخللل دإن هذا يساع .لهيف أبنيته وأجهزته، كما أنه يشكل يف الوقت نفسه أداة تقييمية

.ظام السياسي اجلزائريالطبيعة الشكلية للن :األولاملطلب

بدءا جيب اإلعتراف بأن الوضع احلايل جيد له امتدادا كبريا يف املاضي، وبالتايل فإن فهم وتفسري ما

هذا األساس فإنه ميكننا متييز مرحلتني أساسيتني مر ى، وعلجيري حاليا ال بد أن ميتد إىل اإلحاطة حبقائق املاضيحلة األحادية السياسية، اليت انربى فيها النظام لبناء مؤسسات تستجيب ما النظام السياسي اجلزائري، مر

التنمية اإلقتصادية دقوية، تنشيف تسيري الدولة واتمع، قاصدا بذلك بناء دولة مركزية يللطابع الواحدخمتلف على شخصنة للسلطة جيسدها الرئيس يف تربعه على :أوالأحادية اقتضت اإلتكاء االجتماعية،والعدالة

احلزب الواحد واملتمثل يف :كاملة، وثانيابلغت يف عهد بن بلة تسعة مناصب عدة،السلط وتقلده ملناصب اتسمت كذلك ة، أحادي)2(جبهة التحرير الوطين اليت اعتربت املؤسسة الرمسية األوىل وتتصدر بقية املؤسسات

، وعلى )3(والوحيد بالنسبة لكثري من الفضاءاتبأن تكون الدولة يف النهاية هي الفاعل السياسي الرئيسي ورية أوىل ذات طابع ـاليت اعتربت فيصال بني مجه )*(ومرحلة التعددية السياسية .اتمع املدين رأسها فضاء

. العريبقطيعة أم استمرار؟ يف كتاب وعي اتمع بذاته عن اتمع املدين يف املغرب : حممد هناد، النظام السياسي اجلزائري: أنظر يف ذلك )1(

.84ص. 1998 ،1املغرب، دار توبقال للنشر، ط .50ص. 1999، 1القاهرة، دار األمني للطباعة و النشر و التوزيع،ط.عنصر العياشي، سوسيولوجيا الدميقراطية والتمرد باجلزائر: كذلك

.60، ص1997، نوفمرب 225دد ـريب، العـل العـزائر، املستقبـم يف اجلـعة احلكـولة وطبيدـايل دبلة، الـعلي بوعناقة وعبد الع )2( عن اتمع املدين يف املغرب : يف كتاب وعي اتمع بذاته. اتمع املدين بني األزمة واإلنتقال: عبد الناصر جايب، النظام السياسي اجلزائري )3(

. 202مرجع سابق، ص. العريب .ام السياسيـوضع فيه النظـديد الذي يتمـداخلي اجلـاق الـر عن السيـها تعبـرة الدراسة، كونـوهي ما يهم فت )*(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

71

لربلة قيل بشأا أا عرجاء، كوا قامت على تقومي خاطئ، غري اللربلة،اشتراكي ومجهورية ثانية على طريق

موضوعي لألوضاع املتأزمة اليت عرفتها اجلزائر اية الثمانينيات، وذلك حينما اختزلتها يف فشل غري، وجدي .)1( أغفلت ضرورة أن تشمل اللربلة االني السياسي واالجتماعي ، وبالتايلمنط التنظيم اإلقتصادي

لسياسي اجلزائري وإذا اختلف الباحثون حول ضرورة أو عدم ضرورة التعددية السياسية للنظام القد .كليهمافإم يتفقون اآلن على أا وصفة اخلالص لكل ما يعانيه النظام واتمع اإلستقالل،مباشرة بعد

وإتاحة ،اإلجتاه حنو تداول السلطة وتغيري النخب احلاكمة، مبعىن تعدد مراكز القوة والتأثري يبات من الضرور العام،والرأي ،وأندية الرأي والفكر ،ونقابات ،تمع املدين من أحزابالفرص أمام التطور املستقل ألبنية ا

.اخل...ومجاعات حقوق اإلنسان :ويف هذا استكملت اجلزائر، إجراءات التحول إىل الدميقراطية عن طريق

يكرس التعددية )1989فيفري 03 (تعديل الدستور، حيث مت اعتماد دستور جديد -1 .احلزبية والسياسية

.جديدةرفع احلظر عن تشكيل أحزاب سياسية -2 .)2(إجراء انتخابات على أساس التعدد احلزيب - 3

فإن هناك من الباحثني من يذهب إىل التعددية،كان فاحتة لتجسيد عهد 1989وفيما يبدو أن دستور ذلك إىل جتديد نفسه، واإلبقاء على سلطته، إذ ال ميكن نعت ما قام به إال أن النظام هدف من كل

بإرادة نالسياسي، ير حوإذاك ال عجب من أن تتيح هامشا حمدودا من اإلنفتا ،)*(" الدميقراطية الدفاعية"بـ .مستقلوجمتمع مدين فعالة،السلطة، وليس بأطر قانونية دميقراطية، وتنظيمات سياسية

الذي تظهر فيه التعددية مقيدة )3(التعددية يف اجلزائر من منوذج التعددية السياسية املقيدة وتقتربللنظام الذي نظرته" عدياهلواري "وعلى هذا يؤسس بقوانني كثرية ال جتعلها متارس العمل السياسي بسهولة،

التحرير الوطين هي احلزب أو مراقبة، واليت تكون فيها جبهة مقيدة،حاول جتديد نفسه من خالل تعددية ، أين دور احلزب املهيمن أصبح رقادت إىل تطور آخ -التشريعية 1991انتخابات -لكن اإلنتخابات املهيمن،

.)4(شكال ضد النظام، بل ويهدد النظام نفسه

.10ابق، صـع سـعنصر العياشي، مرج )1( .33، ص2001ف ـ، خري04ددـراطية، العـجلة الدميقـاسية، مـاركة السيـزبية واملشـم احلـمحدي عبد الرمحن، النظ )2( .لطةحيث تعترب اإلجراءات اليت اختذها النظام يف سبيل الدمقرطة، هي إجراءات ذات طابع دفاعي، غايتها ضمان استمراره وبقائه متفردا بالس )*(

.11، ص2000، أكتوبر 142ددـلعالدولية، ا ةاسـحسنني توفيق إبراهيم، التطور الدميقراطي يف الوطن العريب، السي: أنظر يف ذلك .79، ص2002، جوان 02انية ، العددـوم اإلنسـجلة العلـم السياسية العربية بني سلبية الثبات وإجيابية التغيري، مـعمر فرحايت، النظ) 3(

(4) L'haouari ADDI, Les partis politiques en Algérie et la crise du régime des "grands électeurs". in site internet :

http://www.algeria- watch.org/ Fr/article/analyse / addi_partis.htm.

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

72

أنه يف الثالثني ث، حيمسألة التداول على السلطة، نالحظ تطورا إجيابيا بالنسبة للجزائر صفيما خي

سنة اليت أعقبت اإلستقالل، تداول ثالث رؤساء جزائريون على احلكم، فيما شهدت الفترة املمتدة بعد ذلك، لكن من وجهة نظر أخرى، يرى البعض أن هذا .احلكمتعاقب أربعة رؤساء على 1999إىل 1992أي من

طرف الفئة احلاكمة، ومل تنتقل التداول أفرغ من حمتواه احلقيقي ، حيث أن أمر هذا التداول هو حمتكر من ،مث انقلب النظام عليها بتوقيف املسار 1991السلطة من النظام إىل املعارضة أبدا ، إال مرة واحدة سنة

أن هذه الفئة احلاكمة تريد أن تبقى يف السلطة بشىت الطرق، وتبقى " برهان غليون"ويضيف . )1(االنتخايبغري قابلة "ن السلطة هي أ، إا ببساطة ال تؤمن ب)2(لة الطوارئ مثالتستخدم كل الوسائل اإلستثنائية، كحا

ميكننا التحدث ن، إذ)3(حد تعبري املفكر الفرنسي كلود لوفور على" لإلستحواذلإلمتالك، وجماهلا فارغ غري قابل .عن توارث للسلطة، بدل التداول عليها

ة يقول بشأنـهاـعن السلطة ذاا، سلط إن احلديث عن التداول على السلطة، يقودنا إىل احلديث :اهلواري عدي"

أا تتسم بالطابع املزدوج حيث وضعت اجلزائر منذ اإلستقالل نظاما يوجد فيه " سلطة عسكرية نصبت نفسها مصدرا للشرعية، وسلطة تنفيذية تعتمد على : سلطتان

، اكتفت اليااألوىل، وبينما امتنعت سلطة اجليش عن وضع مؤسسات إلدارة مسؤوهي )اخلفية(إن السلطة احلقيقية. السلطة التنفيذية بإضفاء الطابع املؤسسايت على أجهزا

تلك اليت متارسها اهليئة العسكرية، أما السلطة الظاهرة فيتوالها رئيس اجلمهورية .)4("واحلكومة

اليت يكتسبها بواسطة شرعية الرئيس :للشرعيةلقد أفضى هذا الطابع املزدوج للسلطة إىل مصدرين وشرعية الصناديق اليت بواسطتها يكتسب صاحب األغلبية اإلنتخابية العام،والذي ينتخب باإلقتراع اجليش،

ةاجليش خيتار الرئيس، واحلكومة تختار بواسط:فالنظام إذن له شرعيتان ،صفة الوزير األول وخيتار وزراؤهلدولة هذه، يبقى اجليش هو الوحيد السلطة الفعلية، والذي له اليد الطوىل وبرغم ثنائية سلطة ا. األغلبية الربملانيةوإذا كان ذلك غري صحيح، فلما كان بوتفليقة دائما يصرح بأنه سيمارس صالحياته ،)5(يف تعيني الرئيس

.كاملة غري منقوصة، وملا كان يصر على أن يعود اجليش إىل الثكنات وينصرف إىل مهامه الدستورية

.78ابق، صـع سـايت، مرجـر فرحـعم )1( .2004ماي 13برهان غليون يف حوار مع اخلرب، ) 2( :مأخوذ من موقع انترنيت. نورالدين ثنيو، األحزاب السياسية يف اجلزائر والتجربة الدميقراطية )3(

http://www.rezgar.com/ debat/ show. art. asp? aid= 9562 .30، ص1999ريل ـ، أف242ددـريب، العـل العـ، املستقبيـروع العصـاملش.. زائرية ـدولة اجلـيو، الـدين ثنـنورال )4(

(5) L'haouari ADDI, op.cit.

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

73

نه إذا كان الوصول إىل احلكومة يتم أ ي، وهيبقى أن نشري إىل نقطة على غاية من األمهية يف هذا اال

ي ـختوضها األحزاب، والفائز فيها يقدم مرشحه ملسؤولية احلكومة، فإن ذلك ينتف برملانية عن طريق انتخاباتولقد عرب ،ة عن طريق الترشح بواسطة أحزاببالنسبة ملؤسسة الرئاسة، حيث أن الرؤساء مل يأتوا إىل السلط

عن هذا الوضع الغريب والشاذ عن الدميقراطيات والتعدديات احلديثة يف الستينيات عندما H.C. Moore "مور" .)1(وصف الدولة يف اجلزائر بأا دولة غري قائمة على حزب

السياسي اجلزائري يف على النظام Nair" ناير"ومتشيا مع ما سبق، فإن الوصف الذي أطلقه تلعب األحداث املتعاقبة يف ث، حيالثمانينيات ال يزال يصلح إطارا حتليليا وتفسرييا لطبيعة النظام يف التسعينيات

إذ الرئيس ما هو يف احلقيقة إال مسري سياسي خيضع ملصاحل . هذه الفترة على إعطائه القدرة التفسريية لذلكطة، هذه اجلماعة يف حتالفها مع البريوقراط والتكنوقراط شكلت أو أفضت إىل أساسية جلماعة أتت به إىل السل

وإذا كان هذا هو الواقع الفعلي لطبيعة النظام حسب الكثريين، فإن . )2(بريوقراطية للنظام - طبيعة عسكريةيف (Luka et Vatin)" لوكا و فاتان"الذي حتدث عنه )3(هناك واقعا منشودا، يتمثل يف منط الدولة السلطانية

وينحو صاحبها ألن يتحرر من قيود أية فئة أو قوة ،السبعينيات، منط تتفوق فيه الوظيفة الرئاسية على ما عداهاويبدوا أن هذا ما . من القوى املشكلة للنظام، وبالتايل يعمل على استقالليته يف تسيري وتصريف أمور الدولة

رجاع كامل صالحياته املخولة له دستوريا، وضمنيا استبعاد الدوائر يسعى إليه بوتفليقة من خالل املطالبة باست .املتنفذة يف صنع القرار وعلى رأسها اجليش

، أما بشان العالقة بني السلطات الثالث، فإا تعرب عن خلل واضح بني السلطتني التنفيذية والتشريعيةنوحة للرئيس، و املخولة له احلق يف التشريع نالحظ هيمنة األوىل على الثانية، من خالل الصالحيات املم ثحي

هذا يف . أو يف حالة االستثناء العاديتني،بأوامر يف ظل شغور الس الشعيب الوطين، أو بني دوريت انعقاده مل يكن يثبت له هذه الرخصة إال يف حالة اإلستثناء 1989فيفري 03، بينما دستور1996نوفمرب 28دستور ة كليا يف ـأا مستقل املفروض - السلطة التنفيذية متتد حىت إىل السلطة القضائية هيمنةنالحظ كما .)4(فقط

من خالل ترأسه للمجلس األول للبالدحيث أن الدستور جيعل من الرئيس القاضي - مجيع أنواع النظم .خلإ...مونقله القضاة،األعلى للقضاء، وتعيني

.84ص حممد هنـاد، مرجـع سابـق ، (1)

.56ص ،علي بوعناقة وعبد العايل دبلة، مرجع سابق (2) .54ع، صـس املرجـنف (3) ،ربيةات الوحدة العـز دراسـبريوت، مرك .رـرار والتغييـايا اإلستمـقض: ربيةـاسية العـم السيـعلي الدين هالل ونيفني مسعد، النظ (4)

.142ص. 2002، 2ط

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

74

فعلى حني يضعه الكثريون يف خانة النظم شبه الرئاسية، إن هذا أدى إىل عدم وضوح طبيعة احلكم،

بسبب الصالحيات الكبرية املمنوحة لرئيس الدولة على حساب الربملان، يرى آخرون أن تضخيم .إىل حد كبري جيعلنا نتكلم عن نظام رئاسي )*(الصالحيات

ق يف آخر املطاف، ألن فختعندما قال إنه مهما كانت الدساتري فإا " مولود محروش"وهذا ما انتقده . الطاغي فيها هو هيمنة السلطة التنفيذية اليت ترفض التعددية، تعدد مراكز القرار، وترفض عمل املؤسسات

. )1(وهلذا فالنظام وصل إىل حدوده وجيب البحث عن قواعد حكم أخرى لوظيفية له ؟هذا عن الطبيعة الشكلية للنظام السياسي، فماذا عن الطبيعة ا

.اجلزائريللنظام السياسي )**(الطبيعة الوظيفية :الثايناملطلب

ت العديد من األنظمة التسلطية يف العامل على الرغم من التغريات والظروف الدولية اجلديدة اليت مس

تزال تراوح مكاا، وترفض وقادا حنو ولوج الدميقراطية، فإنه ميكن موقعه النظام اجلزائري ضمن اليت القياداا التكيف مع هذه الظروف اجلديدة، وأقصى ما تفعله أو تبديه هو أشكال من اإلنتخابات وظيفتها

هدف كل "، ليتحقق بذلك ما كان يقوله ميكيافيلي من أن )2(إعادة إنتاج نفس النظام وإبقاء نفس األشخاص .، بغض النظر عمن يكون احلاكم فردا أم مجاعة)3("حاكم هو حتقيق متعة السلطة واحلفاظ عليها

ف ـحيث ترتبط بشخصية الرئيس ومنط وصوله إىل السلطة، وعلى أساسها تقوى أو تضع إن تضخيم صالحيات الرئيس له طبيعة ازدواجية، )*(

:ومنيز هنا حالتني ختصان اجلزائر. مؤسسة الرئاسة حيث تتبع املؤسسة فإن مؤسسة الرئاسة متيل إىل الضعف، س إىل السلطة عن طريق اجليش ويكون ذا شخصية ضعيفة،عندما يصل الرئي - 1

.الشاذيل بن جديد، علي كايف، واليمني زروال: العسكرية، وحدث هذا مع الرؤساءإىل أن تقوى، وتدخل يف صراع مع الرئاسة متيلفإن مؤسسة عندما يصل الرئيس إىل السلطة عن طريق اجليش ويكون ذا شخصية قوية، -2

.املؤسسة العسكرية، وحدث هذا مع الرئيس بوتفليقة . زائرـن اجلـريبة عـ، وهي غةيـريق اإلرادة الشعبـطة عن طـس إىل السلـل الرئيـى حالة أخرى، أين يصـوتبق

.2001/ 07/ 01إىل 06/ 25،من 121وعي، العدد ـر األسبـاخلب )1(ة ـوظيفي يف طبيعة النظام السياسي اجلزائري، فهيمنة السلطة التنفيذية على السلط وشكلي وما ه ويف بعض األحيان يصعب التمييز بني ما ه )**(

ة، بعيدا عن املؤسسات التشريعية مثال ، تعرب عن الشكل اخلارجي للنظام ، بيد أا ختفي هدف النظام املتمثل يف اإلنفراد بتسيري وتصريف أمور الدول .التمثيلية للشعب وعلى رأسها الربملان، وهكذا يتحول الشكل يف حد ذاته إىل وظيفة

واإلعالمية، العدد األول ، ةربية ، الة اجلزائرية للعلوم السياسيـابة العـات واإلستجـالتجلي: وملة ـات العـوى ومؤسسـعمار جفال، ق )2( .175، ص 2002-2001شتاء

.107ق، صـع سابـرابح لونيسي، مرج )3(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

75

لقد تسيد اإلقصاء والغلق النظام السياسي منذ اإلستقالل وحىت بداية التعددية، فتبعا لألحادية

اتمع ملنظماتوميش ،وتضييق على حرية التفكري والتعبري ة،ـوالعامالتعسفية، هناك خنق احلريات الفردية إىل ذلك صفة رئيسية جتذرت يف النظام منذ اإلستقالل كذلك، وأصبحت لصيقة به، أو إن املدين، انضاف

شئنا قلنا أا أصبحت مكونا أساسيا ترتكز عليه هوية هذا النظام، وبالتايل يصعب فصلها عنه خارجيا، أو ، وطرق التعامل )1(أو خارجياميكن أن يأتيه داخليا دالتخلي عنها طواعية، وهي أنه ال يقبل أية منافسة أو دي

.)اجلسديةوصلت حد التصفية (تراوحت بني السلمي منها والعنيف أو املنافساتمع هذه التهديدات ويبدو أن النظام ال ميلك اجلدية وال اإلرادة السياسية يف الذهاب بعيدا حنو التعددية السياسية واحلزبية،

، إنه يرفض تبادل )2(ات احلزبية كشريك فعلي يف العملية السياسيةفهو ال يعترف من الناحية الفعلية بالتنظيماملواقع بني السلطة واملعارضة من خالل ما يقرره الشعب عن طريق انتخابات حرة ونزيهة، لذا جنده يفرض

أجل الوصول نقيودا ويرسم حدودا ألدوارها وطموحاا، ويصبح دور احلزب حسب النظام ليس النضال م . وإمنا إضفاء مسحة دميقراطية على النظام نفسه ة،السلطإىل

وهذا ما أسس لتقاليد سياسية تؤمن باألحادية يف العمل والنشاط السياسي واالجتماعي خل، كل هذا يضطلع به النظام، بينما يغلق الباب يف وجه مؤسسات اتمع املدين، وما وجد إ...واالقتصادي

إذن هناك خنق للمجال السياسي املمتد بني . هو آلية من آليات عمل النظام -على قلته وعدم فعاليته –منها .الدولة واتمع، واملفترض أنه خمصص للجمعيات الوسيطة أو ما يطلق عليه مبنظمات اتمع املدين

إن كل هذا و غريه زكى طروحات الذين يعتقدون بالطبيعة الالدميقراطية للنظام السياسي اجلزائري، أبعد من ذلك هناك من يعتقد أن النظام يلعب دور الكابح ملسرية الدميقراطية باجلزائر، إذ يعمل على استمرار و

أا تسهم يف إنتاج واستمرار نظام سياسي ا، كمالفئات املهيمنة اليت تستخدم النظام خلدمة مصاحلها الشخصية ك، وذلهي السمة األكثر متيزا هلذا النظام Etatism الدوالنية غري متجانس ويفتقد التخصص املؤسسايت، لتبقى

.)3(من خالل سعيه إىل التنظيم الكلي للمجتمعإال يف هذا اإلطار، 1992فإنه ال ميكننا أن ندرج توقيف املسار اإلنتخايب سنة دائما،وحسب هؤالء

سار دميقراطي، إذا مل حيث أوضح ذلك أن الدميقراطية هي لعبة يف أيدي األنظمة، وأن األنظمة تلغي كل م .يكن يف صاحلها

. 51ابق،صـع سـعلي بوعناقة وعبد العايل دبلة، مرج )1( .71ابق، صـع سـعلي الدين هالل ونيفني مسعد، مرج )2( .129ص. 2002، 1ت، مركز دراسات الوحدة العربية، طبريو. إمساعيل قرية وآخرون، مستقبل الدميقراطية يف اجلزائر ) 3(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

76

بل تابع النظام سياسة اإلقصاء، إقصاء كل قوة سياسية تطرح بديال ملا ،ومل يقف األمر عند هذا احلد

ليخلصوا إىل أنه ، )1(يعتربه النظام األنسب واألمثل حلل األزمة اليت عرفتها اجلزائر بعد توقيف املسار االنتخايب فإن ما عرفته اجلزائر يف ،1988قد طرحت بشدة بعد أحداث أكتوبر الدميقـراطية ةاملسألإذا كانت

ن، مجعل مسألة الدميقراطية تتراجع لصاحل مسائل أخرى، اعتلت األولوية حسب النظام هلا،السنوات التالية خصوصا ما تعلق وقد انعكس هذا سلبا على باقي املؤسسات، ،واحلفاظ على مؤسسات الدولة األمن،استعادة

.منها باتمع املدينوفيما خيص املؤسسات التمثيلية وعلى رأسها الربملان، فإا من الضعف ما جيعلها غري قادرة على التعبري

إن هذا . ، ومن مثة املسامهة يف صنع القرارات السياسية اليت ختصهم)2(عن انشغاالت املواطنني ومطالبهمالصفة التمثيلية لإلرادة ؤسسات ذاا، اليت ال تعكس يف الكثري من األحاينيالضعف مرده إىل طبيعة هذه امل

الشعبية من جهة، ومن جهة ثانية، القيود الدستورية اليت ترد عليها، إذ يتساءل الكثريون يف هذا الصدد عن التصويت فيها ثالثة ثلث أعضائها يعينهم الرئيس ، وقاعدة )جملس األمة (معىن إنشاء غرفة برملانية ثانية

فعندما تنأى األطر املؤسساتية عن العمل السياسي، جيري استعاضة دورها بأطر أخرى .!أرباع األعضاء ؟ .السياسية، ويصبح احملرك األساسي للعملية )3(حيتل فيها الفرد موقعا متميزا

اه النظام حنو الشرعية تبقى نقطة مهمة جدا، وهي إشكالية الشرعية اليت ال تزال مطروحة رغم اجتبدأت )*(إن هذه اإلشكالية اليت مل تكن مطروحة بقوة يف الستينيات والسبعينيات. الدستورية أو املؤسساتية

تطفو إىل السطح مع بداية الثمانينيات، أين بدأ خيبو بريق الشرعية الثورية والتارخيية، نظرا ألن جيل الذي أدى إىل ءكذا فشل النظام يف عملييت التنمية والتحديث، الشيالثمانينيات بعيد نوعا ما عن الثورة، و

ودفعت فيما بعد إىل البحث عن منط ،أحد مظاهر هذا التأزم 1988تأزم األوضاع، وكانت أحداث أكتوبر .1989فرباير 23جديد للشرعية، تمثله النظام يف الشرعية القانونية واملؤسساتية من خالل دستور

الباحثني على ضرورة املطابقة بني الشرعية الدستورية والتجسيد امليداين هلا ، وأن أي ويتفق أغلب :اإلستقرار السياسي من خالل متضاؤل يف هذه الشرعية، أو قصور يف فعاليتها، يؤدى حتما إىل عد

. 07، ص1997، ديسمرب 226دد ـريب، العـل العـاق، املستقبـع واآلفـالواق: زائريةـة اجلـعبد احلميد مهري، األزم )1( . 72، ص1997، سبتمرب 223 حسني علوان البيج، املشاركة السياسية والعملية السياسية يف الدول النامية، املستقبل العريب،العدد )3( . 76رجع،صـس املـنف )1( : حبكم أن اجليل آنذاك عايش الثورة، وبسبب الشعارات الكربى اليت كانت مرفوعة وكذا املشاريع و الورشات اليت فتحتها اجلزائر )*(

.إخل ...الزراعية، الثورة الصناعية الثورة

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

77

.احلكومي ستقراردم اإلـة عويتضمن ذلك أساسا ظاهر: استقرار املؤسسات السياسية عـدم -1 مبعىن شيوع عدم التكامل بني النخبة احلاكمة واجلماهري، فضال عن عدم : السياسي التفكك -2

.يةـوية واإلقليمـايا الوالءات اجلهـرز قضـجتمع، حيث تبـتوى املـالتكامل على مسه إىل اتمع والقوى السياسية واإلجتماعية ويتضمن العنف احلكومي املوج :السياسيالعنف -3

الناشطة فيه من جهة، والعنف الشعيب الذي يتمثل يف جلوء القوى السياسية واإلجتماعية واجلماهري غري املنظمة يف شكل عام، إىل استخدام الوسائل العنيفة بقصد التأثري على احلكومة،

.ة أخرىمن جه)1(أو إضعاف مواقفها، أو اإلطاحة ا كلية .وهذا ما عاشته اجلزائر خالل العشرية األخرية

ال ديكتاتورية ختص اجلانب الشكلي للنظام، وال اجلزائري بنيإذن ميكننا مراوحة النظام السياسي

و هذا ينعكس على عملية صنع القرار ككل، و كذا املراكز اليت تتوالها من .دميقراطية تعكس طبيعته الوظيفيةسة ااحية أخرى تبقي القيود و الضوابط اليت ميكن أن حتد من الدور املتزايد لصانع القرار يف السيناحية، ومن ن

.اخلارجية ضعيفة و عدمية الفعالية

.271ص. 1987، 1بريوت، مركز دراسات الوحدة العربية، ط. قضية الوحدةجمدي محاد، العسكريون العرب و )2(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

78

:الثانيالمبحث

مراكز صنع القرار في السیاسة الخارجیة الجزائریة

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

79

نع القرار قد تتعدد وتتنوع، وختتلف درجة أمهية وتأثري كل يف البداية ال بد أن نشري إىل أن مراكز ص

منها حسب موقعه يف النظام السياسي، وحسب ما حيوزه من صالحيات وإمكانات، وكذا مدى اهتمامه . لـوعلى هذا األساس تتراتب القوى واملؤسسات يف التأثري من األكثر إىل األق ،ذاامبجال السياسة اخلارجية

الصعوبة وضع معايري لقياس هذا التأثري، فإنه ينضاف إليها عدم الوضوح واملعرفة احلقيقية وإذا كان من للفاعلني املسامهني يف صنع قرارات السياسة اخلارجية، كما أن تنوع وتعقد مسائل هذه األخرية، يؤثر على

.األقل من الناحية النظريةعلى -تراتبية هؤالء الفاعلني أنفسهم، وبالتايل هذه التراتبية نفسها غري ثابتةاخلارجية أمر ةإذن وتأسيسا على ما سبق، فإن حتديد أي الفاعلني أكثر تأثريا يف صنع قرارات السياس

يف غاية الصعوبة، بيد أن عددا من الباحثني املهتمني بالشؤون اجلزائرية يتكلمون عن مؤسستني تتجاذبان عملية لعسكرية ومؤسسة الرئاسة، األوىل بصفتها الصانع الفعلي للقرار صنع القرار السياسي عموما، املؤسسة ا

السياسي، والثانية حتاول أن تنتزع هذا املركز لتتطابق سلطتها الرمسية أو الشكلية مع السلطة الفعلية، وخاصة .الرئيس بوتفليقة ءبعد جمي

.املؤسسة العسكرية: ملطلب األولا

سسات الدولة، وليس جهازا أو أداة بإمرة السلطة، إنه مؤسسة يعترب اجليش بالتعريف، مؤسسة من مؤ

لألمة وليس للنخبة احلاكمة، شأنه يف ذلك شأن مؤسسات السيادة األخرى، كالقضاء مثال أو رئاسة وعليه فإنه ميتنع عن اإلشتغال بالسياسة والسلطة داخل اتمع، ويفترض أن يكون حمايدا وملتزما ،)1(الدولة

.نوطة به دستوريامبهامه املإن هذا احلياد يقتضيه متوقعه ضمن املؤسسات اليت تعرب عن جمال السيادة، وهو جمال التعبري عن كيان

بعكس جمال . )2(األمة والدولة برمتها، وجمال السعي إىل صون هذا الكيان ومحايته، وبالتايل هو جمال إمجاعة السياسية مبعناه الواسع، حيث يتيح للمواطنني تقرير مصريهم السياسة واملنافسة الذي يتحقق فيه مبدأ املشارك .السياسي وفق إرادم املشمولة بضمانات القانون

إذن ميكن القول أن العالقة بني اجليش والسلطة هي عالقة انفصالية، حبيث يكون اجليش تابعا للدولة وهذا ما يؤدي به إىل أن ينأى عن إال يف إطار ما حدده الدستور، - للسلطة-ال للسلطة،وال خيضع هلا

.الصراعات واخلالفات السياسية اليت تعتري جمال السلطة

بريوت،. ش والسياسة والسلطة يف الوطن العريبـيف كتاب اجلي. طةـش والسلـالقة بني اجليـزان العـاسة يف ميـعبد اإلله بلقزيز، السي) 1(

.16 ،15 ص ص.2002، 1مركز دراسات الوحدة العربية، ط .19نفس املرجع، ص 2)(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

80

إذا كان هذا هو الوضع اإلعتباري للجيش يف الدول الدميقراطية احلديثة، فإن ما عرفته اجلزائر شأن

.آخر، سنراه فيما بعدبتفوقها على باقي املؤسسات -قراطيةخاصة يف الدول غري الدمي –تتميز املؤسسة العسكرية أو اجليش

:األخرى، بسبب مجلة من اخلصائص والعوامل، يتجلى أمهها فيما يلي .القوة احتكار -1 .أكثر املؤسسات الوطنية تطورا من ناحية التكامل القومي أا -2

)1(أكثر املؤسسات تقدما من الناحية العصرية، التكنولوجية، والتنظيمية أا -3 الضعف السياسي للطبقة الوسطى وقواها املدنية وأحزاا، وغياب مؤسسات اجتماعية -4

.حديثة ومنظمة

ي نقطة أوىل يشكل عدم إن هذا وغريه، أدى باملؤسسة العسكرية ألن تتدخل يف شؤون السياسة، ففالتوازن املؤسسي أحد مداخل الظاهرة العسكرية، ويف نقطة ثانية وبسبب موقعها املتفرد، تعترب املؤسسة

وجب -خارج نطاق مسؤولياا العسكرية اخلالصة -العسكرية أن هلا رسالة اجتماعية و وظيفة سياسيةيف أن تدخل .S) (Huntingtonغتوننوهنت (S. Finer)فاينر أما النقطة الثالثة فيتمثلها كل من ،)2(تأديتها

املؤسسة العسكرية يف أمور السياسة ينم عن عجز السلطة املدنية يف محاية النظام السياسي عن طريق األمناط ذي يتيح ـافة السياسية هو الـالثق اضـوليس صحيحا أن اخنفرى للسيطرة، ـمية، واألدوات األخالنظا .)3( ذا التدخلـه

وباملقابل فإن ما مينع املؤسسة العسكرية من التدخل يف الشؤون السياسية، ليس اإلحتراف العسكري .ةـ، وإمنا وجود تقاليد راسخة من اإلستقالل العسكري مقترنة بشكل دقيق من أشكال السيطرة السياسيفقط

.131جمدي محاد، مرجع سابق ، ص ) 1( .150 ع، صـس املرجـنف ) 2(

.نفس املرجع ، نفس الصفحة ) 3(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

81

ليس حكرا على فترة دون أخرى، حىت يف السياسة )*(عتقد أن تدخل اجليش يف اجلزائر املستقلة، ي

وإن اختلف شكل هذا التدخل ومداه، وتثبت قرائن وشواهد عديدة صحة هذا، فمن الناحية الدستورية أو :قد أناط باجليش ثالث مهمات رئيسية 1986ويف 1976القانونية، جند أن امليثاق الوطين الصادر يف

.لتراب الوطينالدفاع عن سالمة ا -1 .الذود عن الثورة اإلشتراكية -2 .)1(املسامهة يف تنمية البالد، وبناء جمتمع جديد -3

وواضح أن املهمة األوىل تشترك فيها أغلب جيوش العامل، بينما ما تبقى ال ميكن أن يدرج إال يف .إطار تدخل اجليش يف السياسة :يفأربعة هلذا التدخل تتبدى اهناك صيغ و حسب الياس بوكراع، فإن من الناحية العملية

1989ارس ـاجليش الوطين الشعيب كان ممثال يف السلطة السياسية إىل غاية شهر م -1

).بهة التحرير الوطينانسحب من املكتب السياسي جل التجربة الدميقراطيةمع بداية ( .اء اجلمهوريةـيش مهمة اختيار رؤسـيتوىل اجل -2 .اسيةـراعات السيـل يف الصـم ويفصـحيس -3 داخليـرار الـالل حمافظته على االستقـسياسيا من خ ااجليش ميارس أيضا دور -4

.)2(اقبة النمط السياسي ومر إن هذه النقطة األخرية أدت إىل أن تصبح مهمة اجليش تتمحور حول قضايا األمن الداخلي، رغم أن تنتظم الطاقة الدفاعية " منه 25جعل مهمات اجليش ختتص بالدفاع اخلارجي، حيث جاء يف املادة 1996دستور

يب، تتمثل املهمة الدائمة للجيش الشعيب الوطين يف احملافظة على لألمة، ودعمها وتطويرها، حول اجليش الوطين الشعاإلستقالل الوطين، والدفاع عن السيادة الوطنية، كما يضطلع بالدفاع عن وحدة البالد وسالمتها الترابية، ومحاية جماهلا

".الربي واجلوي، وخمتلف مناطق أمالكها البحرية

، 1949اليت أنشأت عام ) O.S(ر ترجع نواة تكوينه إىل املنظمة السرية ـيعترب اجليش الوطين الشعيب امتدادا جليش التحرير الوطين، هذا األخي )*(لكنها مل تدم طويال، حيث مت اكتشافها من طرف ،) MTLD(واليت اعتربت مبثابة اجلناح العسكري حلزب حركة االنتصار للحريات الدميقراطية

اول أعضاؤها بعثها من جديد، لكن اصطدمت رغبتهم بالقيادة السياسية للحزب بدعوى احلفاظ عليه، ـح. ومت حلها 1950اإلستعمار يف مارس بني رئيس )MTLD(وعقب األزمة اليت عرفها حزب .ازي واملتآمر واجلبانـوبذلك تشكلت نظرة احتقار العسكري للسياسي ووصفه باإلنته

صة احلزب مصـايل احلاج وأعضـاء اللجنة املـركزية الذين أرادوا حتديد صالحيات الرئيس، تدخل العسكريون املتمثلون يف أعضاء املنظمة اخلاليأخذوا بذلك زمام املبادرة واإلعالن عن الثورة املسلحة وإجبار األطراف ) CRUA(وشكلوا اللجنة الثـورية للوحدة والعمل ) احمللة ( القدماء

. املتصـارعة على اإللتحـاق ا، بالتـايل حسـم الصـراع السيـاسي العقيـم بني املركزيـني واملصـاليني، أين أقرت أولوية السياسي على العسكري، حبجة وجود 1956أوت 20ة الثورة إىل غاية انعقاد مؤمتر الصـومام يف تسيد العسكريون قياد

اعتربه الكثريون عدوال عما قرره مؤمتر الصومام، وبدايـة 1957اتصاالت جد متقدمة مع السلطة الفرنسية، إال أن اغتيال عبان رمضان يف ديسمرب . 18إىل ص 11رابح لونيسي، مرجع سابق، من ص: أنظر يف ذلك. الثورة ومصري اجلزائر فيما بعد لتسلط العسكريني على

. 94ابق، صـع سـاد، مرجـد هنـحمم ) 1( . 34، ص2001، ديسمرب461جملة اجليش، العدد . هل اجلزائر بلد ذو نظام عسكري؟: العسكرية يف اجلزائر-إلياس بوكراع، العالقات املدنية ) 2(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

82

ياسة يبدو أا متوزعة بني أسباب متعلقة باجليش ذاته، من بالنسبة إلمكانية انسحاب اجليش من الس

حيث موقعه الداخلي وروابط القوة السائدة فيه، إذ يعتقد أن اجليش املتماسك واملترابط داخليا، هو أقدر على :وأسباب أخرى ترتبط بالبيئة اخلارجية له، متثل يف . ضبط واحلد من تدخله يف السياسة إذا رغب

درجة منو الوعي السياسي للجماهري، ودرجة تطور منظماا السياسية احلزبية والنقابية، -1 .و مدى تدعم ومنو خربة القوى املؤيدة للمشاركة السياسية

ضرورة اإلستجابة ملطلب التنمية اإلقتصادية، وهذا يتطلب خربات فنية وتكنوقراطية متخصصة -2 .دى ضباط اجليش يف الغالب رصيد كبري منهاليس ل

.)1(وجود خنبة مدنية مالئمة لتسليمها السلطة أو لدخوهلا معترك استرداد السلطة وانتزاعها نزعا -3 .وعادة ما ترجح األسباب األوىل مع عدم إمهال الثانية

.جند مؤسسة الرئاسةإىل جانب املؤسسة العسكرية كأحد مراكز صنع القرار

.الرئاسةمؤسسة : املطلب الثاين

يؤكد البعض على خصوصية السياسة اخلارجية بالنسبة إىل السياسات األخرى اليت تتبعها الدولة يف إدارة نشاطاا املختلفة، وبالتايل فإن الرقابة الدميقراطية عليها قد حتد من فعاليتها، لذا وجب أال ختضع لنفس

ألا تتعلق باملصلحة القومية واألمن واملصاحل ،)2(لسياسية اليت ختضع هلا املبادرات احلكومية األخرى الرقابة اوتأسيسا على هذا يحبذ أن تضطلع السلطة التنفيذية مبجال ،اإلستراتيجية للدولة، يف حميط دويل مليء باخلصوم

.الشؤون اخلارجية :إن هذا التحبيذ جيد أساسه كذلك يف

تعقد وتزايد أمهية الشؤون الدولية، إضافة إىل السرعة اليت تتم ا خمتلف التفاعالت الدولية، أدى - 1 .مركزيةإىل ضرورة أن تكون عملية صنع السياسة اخلارجية أكثر

أن يرسم السياسة اخلارجية بصورة أفضل من هيئة -كرئيس اهليئة التنفيذية -ميكن لشخص واحد - 2 .)3(مجاعية كالربملان

.السرية اليت عادة ما تتسم ا الشؤون اخلارجية - 3

.294جمدي محاد ، مرجع سابق، ص ) 1(

(2 ) Maria Rogina Soares DE LIMA, Foreign Policy and Democracy : A Priliminary Analysis of The Brazilian Case.in site internet:

http://www.isanet.org/noarchive/ Lima .html .135لويد جنسن، مرجع سابق، ص ) 3(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

83

الحقا، إذ ال يأخذ اخلارجية تدخالوينتج عن هذا أن يكون تدخل الربملان يف اال اخلاص بالشؤون

السياسة اليت تقترحها املبادرة يف قرارات السياسة اخلارجية، وإمنا يقتصر دوره على املوافقة أو اإلعتراض علىالسلطة التنفيذية، وضمن هذه األخرية جند أن مؤسسة الرئاسة تلعب الدور املركزي يف صنع قرارات السياسة

اليت تعترب أن عملية صنع القرار هي حكر على الذين حيتلون قمة اهلرم " اال احملجوز"اخلارجية، وفق نظرية الرئاسة أكثر حيادية واستقرارا نسبيا مقارنة باحلكومة، وأبعد عن جمال وألن مؤسسة ،)1(السلطوي يف الدولة

.اخلالفات والصراعات السياسية اليت تثريها األحزاب، خاصة إذا كانت احلكومة عبارة عن إئتالف حزيبيف اجلزائر نستطيع القول أن جمال الشؤون اخلارجية ختتص به السلطة التنفيذية، وختصيصا مؤسسة للربملان إمكانية فتح نقاش حول ى، ملا أتيح لرئيس اجلمهورية من صالحيات كبرية يف ذلك، ويبقالرئاسة

من 130السياسة اخلارجية بناء على طلب رئيس اجلمهورية، أو رئيس إحدى الغرفتني، كما أوردته املادة .1996نوفمرب 28دستور

سياسة اخلارجية، حسبما يبدو من خالل وتظهر الرئاسة بشكل خاص وكأا تتحكم كلية يف صنع ال الدساتري اليت عرفتها اجلزائر، حيث متنح سلطات واسعة لرئيس اجلمهورية يف حتديد وتوجيه السياستني الداخلية

منح لرئيس اجلمهورية حق حتديد سياسة احلكومة )58(يف مادته الثامنة واخلمسني 1963واخلارجية، فدستور الذي 1976سيق السياستني الداخلية واخلارجية للبالد، واستمر على منواله دستور وتوجيهها وتسيريها، وتن

منه أن رئيس 74فنصت املادة 1989مبوجبه يقرر الرئيس السياسة العامة لألمة وقيادا وتنفيذها، أما دستور مهورية واملبعوثني فوق العادة يعني سفراء اجل" وبذلك فإنه ،)2( "يقرر السياسة اخلارجية لألمة ويوجهها" اجلمهورية

ونفس " إىل اخلارج وينهي مهامهم، ويتسلم أوراق اعتماد املمثلني الدبلوماسيني األجانب، وأوراق إاء مهامهم .77من خالل ما عربت عنه املادة 1996الشيء نلحظه يف دستور

وفق ما خول له من إذن من الناحية الدستورية، يتفرد الرئيس بصنع سياسة اجلزائر اخلارجيةصالحيات، لكن من الناحية الفعلية يبدو األمر على غري هذا النحو، إذ يرتبط أوال بطبيعة العالقة اليت تربط

تشغل منصب رئيس اجلمهورية، ومدى استعدادها بالشخصية اليتالعسكرية والرئاسة، وثانيا : املؤسستني .نصبملمارسة كامل الصالحيات اليت يتيحها هذا امل

بالنسبة للنقطة األوىل، يصورها البعض على وجهني يصعب الفصل بينهما، فمن ناحية تظهر العالقة وكأا تعاونية، إذ ما فتئ الرئيس يؤكد احترامه للجيش، وامتنانه للدور الكبري الذي لعبه يف مقاومة اإلرهاب

ام، ـو الصورة السلبية اليت ارتسمت حول النظوكذا سعيه احلثيث حمل واحملافظة على الطابع اجلمهوري للدولة،

. 327ابق، صـع سـرل،مرجـرسيل ميام) 1( .248ص.1990ع، ـر والتوزيـاعة والنشـدى للطبـاجلزائر، دار اهل. زائريـاسي اجلـام السيـسعيد بوالشعري، النظ ) 2(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

84

ومترير أطروحات هذه األخرية يف حل األزمة واخلارج،وخصوصا املؤسسة العسكرية، يف الداخل

ومن ناحية أخرى تكشف عن الطابع الصراعي بينهما، إذ ما انفك الرئيس كذلك يؤكد على أنه .)1(اجلزائريةاع، والقائد األعلى للقوات املسلحة، وأن اجليش ما هو إال مؤسسة من مؤسسات رئيس اجلمهورية، وزير الدف

ولقد أعرب عن استعداده للموت من أجل وقف ،، دوره حمكوم بإطار دستوري ال ينبغي جتاوزه)2(اجلمهورية :قالتدخل املؤسسة العسكرية يف عمله، إذ

ما ميليه علي أنا ال أخشى أحدا يف أي موقع كان، وسأمضي يف تنفيذ " ضمريي، ألنه لن ميوت اإلنسان أكثر من مرة، ولن يتأخر أجله أو يتقدم

)3(".دقيقة واحدةعن توظيف مؤسسة الرئاسة يف خدمة املؤسسة -حسب الوجه األول- وهكذا ميكننا أن نتحدثة، وهذا يعين أن صانع القرار احلقيقي هو اجليش، والرئيس ما هو إال معبر عما العسكرية، أي تبعية األوىل للثاني

ألن اونظر ،يقرره اجليش، قد يترك له احلرية يف بعض القضايا واملسائل دون أن يتجاوز احلدود اليت يرمسها لهأو تفاقم الصراعات املؤسسة العسكرية ال تم كثريا بالشؤون اخلارجية إال يف حاالت ديد األمن القومي

.فإن الرئيس يترك له هامش كبري من احلرية يف صنع وتنفيذ السياسة اخلارجية ،)4(الدوليةأما حسب الوجه الثاين، فإن قوة شخصية الرئيس وحنكته تدفعه إىل أن حيقق مزيدا من احلرية

ا اجته إىل اكتساب شرعية جديدة واإلستقاللية يف صنع القرار السياسي عموما، وهذا ما حاوله بوتفليقة عندمغري شرعية اجليش، فإضافة إىل الشرعية القانونية اجته إىل الشعب من خالل اإلستفتاء للتسلح بالشرعية الشعبية،

إذن حاول بوتفليقة املطابقة بني السلطتني . وهذا خلدمته يف مواجهته مع اجليش الذي أتى به إىل السلطةة من خالل حتجيم دور اجليش يف احلياة السياسية، وهذا يعين له استقاللية أكرب يف والفعلي) الشكلية(الرمسية

تقرير السياسة العامة للبالد وعلى رأسها السياسة اخلارجية، يف ظل غياب أو ضعف القوى السياسية األخرى .وعلى رأسها األحزاب

: مأخوذ من موقع انترنيت. تعاون وصراع وتعايش.. نورالدين العويديدي، الرئاسة والعسكر باجلزائر) 1(

http://www.islamonline .net/ iol_arabic/dowalia/q politc_act_2000/q politic 10.asp : Une initiative de paix manquée. in site internet : International Crisis Group, la concorde civile )2 (

watch.de / pdf /pdf_fr/icg_rapport. pdf -http ://www.algeria :مأخوذ من موقع انترنيت !العسكريون يف احلكم حىت إشعار آخر..مجال عرفة، انتخابات اجلزائرحممد ) 3(

http://www.islamonline.net/arabic/politics/2002/06/article 01.shtml .56جع سابق، صالرمحن يوسف بن حارب، مر عبد ) 4(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

85

: المبحث الثالث

صنع السیاسیة فيدور األحزاب اسة الخارجیة الجزائریةالسی

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

86

يف عملية صنع السياسة اخلارجية يثري (*)يكاد جيمع الباحثون على أن دور األحزاب السياسية

إشكاالت نظرية حقيقية، جتعل الوصول إىل منوذج نظري موحد حيكم ويفسر هذا الدور أمرا متعذرا، ويرجع ركزت كثريا على الدولة -خاصة قبل الثورة السلوكية - ت الدوليةذلك إىل أن األدبيات املختلفة يف العالقا

كفاعل وحدوي ووحيد يف صنع السياسة اخلارجية، وأمهلت باقي الفاعلني، وفيما بعد الثورة السلوكية ركزت ، وتزداد )1(القوميني، وأمهلت نوعا ما الفاعلني عرب القوميني أو حتت مستوى الدولة -على الفاعلني فوق

بة أكثر من الناحية العملية، حبيث أنه إذا كان من املستطاع تتبع دور األحزاب يف صنع السياسة الصعواخلارجية يف دول أوروبية و أمريكية، فإن ذلك بالغ الصعوبة بالنسبة لألحزاب يف العامل الثالث، على اعتبار

عبئة السياسية واملشاركة وغريها من هشاشة التجربة احلزبية فيها، ومتيز دورها املنصب حول التحديث والت .)2(قضايا التنمية السياسية

:كما يتحدثون عن منطني هلذا الدور ا، وتعمل على تنفيذها خاصة وفيه تتكفل األحزاب برسم ووضع سياسة خارجية: الدور املباشر -

.مباشرة، دون واجب املرور على الدولة للحصول على موافقتهاوفيه ال تعمد األحزاب السياسية إىل وضع سياسة خارجية خاصة ا، وإمنا تسهم : ر غري املباشرالدو -

وهذا النمط . يف التفاعالت الدولية، عن طريق املشاركة يف عملية صنع السياسة اخلارجية اليت ختتص ا الدولة .هو الذي سنعتمده :املطلب األول

.اب السياسية يف صنع السياسة اخلارجية اجلزائريةالعوامل الداخلية احملددة لدور األحز .إخل...أدوارها ،وهي عوامل متعلقة باألحزاب ذاا، من حيث نشأا وتطورها، خصائصها

إن األحزاب يف اجلزائر مل تعرف املنشأ والتطور الذي عرفته بقية األحزاب يف النظم الدميقراطية لوطين الذي اعترب منذ اإلستقالل احلزب الطالئعي الوحيد، وحزب احلديثة، إذ ماعدا حزب جبهة التحرير ا

فإن بقية األحزاب األخرى غري املعترف به والذي كان ميثل حزب املعارضة، (FFS)جبهة القوى اإلشتراكية

اة السياسية ـجند هناك مؤسسات اتمع املدين والرأي العام واجلماعات الضاغطة، واليت يفترض ا أن تشارك يف احلي إىل األحزاب، باإلضافة )*(

رب ـالسياسية، وبوصفها األقفإننا ركزنا على دور األحزاب بوصفها األكثر اهتماما بالشؤون عموما، ونظرا لعدم امتالكنا معلومات كافية عنها، .إىل مراكز صنع القرار عن طريق تسلمها أو مشاركتها السلطة بواسطة اإلنتخابات

وبني تلك ) املعارضة(ونثري اإلنتباه إىل أنه عند دراسة دور األحزاب يف صنع السياسة اخلارجية، جيب أن منيز بني تلك اليت خارج السلطة أى ـراستنا هذه سنفترض اإلستواء بينهما، نظرا للضعف الواضح الذي تشهده األحزاب السياسية اجلزائرية، والذي ينعلى أننا يف د. اليت يف السلطة

.ا عن املشاركة الفعلية يف صنع قرارات السياسة اخلارجية، سواء كانت يف السلطة أو خارجها .55، ص2001، خريف 04ددـمقراطية، العـجلة الديـ، مأي دور؟ : ارجيةـاسة اخلـزاب والسيـع، األحـاشم ربيـرو هـعم ) 1( . نفس املرجع، نفس الصفحة) 2(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

87

سبة إذ بلغت ما يقارب الستني حزبا مبنا، 1989كانت وليدة اإلنفتاح على التعددية السياسية الذي أقره دستور

وإذا كان من املعروف أن األحزاب متثل تعبريا عن اإلجتاهات السياسية . )1( 1990اإلنتخابات البلدية لسنة واإلجتماعية والثقافية للمجتمع، وبالتايل هلا امتدادات شعبية تصون بقاءها، فإن تطورات العشرية األخرية أفضت

اليت أظهرت أن 1991وديسمرب 1990تخابات جوان إىل تقلص هذا العدد بشكل كبري، وكانت البداية مع انوحزب ،(FFS)لقوى اإلشتراكية اوجبهة ،) FLN(التحرير الوطين ، وجبهة (FIS)اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ

هي وحدها اليت حصلت على مقاعد، بينما األحزاب األخرى ،(RCD)التجمع من أجل الثقافة والدميقراطية مث توالت األحداث بعد ذلك لتكشف حبق، ليس . )2(ا مل حتظ بدعم الشعب ومل حيتضنها أمهلت أو أقصيت، أل

فقط عن العدد احملدود لألحزاب اليت ميكنها البقاء واملنافسة يف احلياة السياسية، وإمنا عن الضعف الواضح الذي ن ومسيطر، وبالتايل ميكننا يعتريها، وجيعلها على هامش اللعبة السياسية اليت ظهرت فيها السلطة كمركز مهيم

.القول أن األحزاب السياسية ليس هلا القدرة الكافية ألن تؤثر يف عملية صنع السياسة اخلارجية :إن عدم القدرة هذه ترجع يف جزء منها إىل خصائص وميزات تتعلق باألحزاب ذاا، منها

زب وقاعدته، حيث كثريا ما يالحظ أن القيادات اإلنفصام الواضح، واتساع اهلوة بني قيادة احل -1 ، وهذا ما يؤدي باحلزب إىل أن يتنصل عن )3(تنفرد بقرارات ال تعكس طموحات أو على األقل آراء القاعدة

.وظيفة التعبري عن آمال ومطالب مناضليه ومؤيديه، ويؤدي به يف النهاية إىل أن يفقد قاعدته الشعبيةب الدميقراطية داخل األحزاب السياسية ويف سلوكها السياسي، حيث ما تفهمه األحزاب غيا -2

من الدميقراطية والتعددية هو ذلك اجلانب الذي يسمح هلا ببلوغ سدة احلكم، وإال فإا تنفي اآلخر وتنكر على السلطة مل يكن وهناك من جيد هلذا مربرا تارخييا، حيث جند يف الفكر السياسي العريب أن الصراع. وجوده

أبدا يعين احلد من تسلطها أو تقييدها، وإمنا كان يعين احللول حمل احلكام كأشخاص، وليس تغيري السلطة من إن خري جتسيد هلذا، هو . أي غلبة فكرة من حيكم على فكرة شكل احلكم ،)4(حيث هي شكل للحكم مجيع قواه ألن تلغى نتائج انتخابات الدورة األوىل (RCD)، أين استنفر حزب 1991اإلنتخابات التشريعية لسنة

على أي مقعد، ومل يقف األمر (RCD)اليت فازت فيها اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ بأغلبية املقاعد، ومل حيصل فيها .)5(من الوصول إىل احلكم (FIS)عند هذا احلد، بل دعا اجليش بشكل علين، إىل منع الفيس

L'haouari ADDI, Les partis politiques en Algérie et la crise du régime des grands électeurs, op.cit. )1 (

Ibid. )2 ( بريوت،.يف كتاب املسألة الدميقراطية يف الوطن العريب. راهن وأزمة ممارسة الدميقراطيةأمحد األصفر اللحام، مكونات الواقع العريب ال ) 3( .129ص. 2000، 1مركز دراسات الوحدة العربية، ط . 11،ص2001 ، نوفمرب273ريب، العدد ـل العـريب، املستقبـن العـمقراطي يف الوطـاء الديـعبد النور بن عنتر، إشكالية اإلستعص ) 4( ريب، ـل العـ، املستقب) ددي ـار تعـيف إط ةطـراع على السلـإشكاليات الص(زائر ـوى يف اجلـات القـوازنـهدى ميتكيس، ت ) 5(

.41، ص1993وان ـ، ج172دد ـالع

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

88

ة داخل األحزاب، ارتبط مبسألة التداول على قيادة احلزب، واملالحظ يف هذا إن غياب الدميقراطي

الشأن أنه كثريا ما ترتبط نشأة احلزب واستمراره بشخص مؤسسه، وإذاك ال عجب أن ترتبط الشخصنة وتصبح والءات األعضاء واملناضلني واملؤيدين للحزب ترتبط بقيادته، ال بربامج وأهداف ،)1(باألحزاب كذلك

وكمثال على ذلك حزب حركة . الوخيمة عند رحيل مؤسسه أو قائده جاحلزب، ومن هنا تكون النتائ .النهضة، بعد رحيل عبد اهللا جاب اهللا وتأسيسه حلزب آخر هو حركة اإلصالح الوطين

إىل حوايل التشرذم و اإلنشقاق، فبالنسبة للتيار اإلسالمي مثال، يف بداية التسعينيات انقسم -3 الرئاسية فإن قضية مرشح اإلمجاع قد أدت بالكثري 1999حزبا يتنافسون على متثيله، وبالنسبة النتخابات 16

الذي توىل قيادته (RND)من األحزب إىل اإلنقسام على نفسها، بدءا من حزب التجمع الوطين الدميقراطي وحدث نفس الشيء ،لرافض آنذاك لدعم مرشح اإلمجاعأمحد أوحيي بعدما أبعد أمينه العام الطاهر بن بعيبش ا

ونفس األمر بالنسبة جلبهة التحرير الوطين ،مع حركة النهضة عندما عزل عبد اهللا جاب اهللا من قيادة احلزب .)2(فيما يتعلق بترشيح مولود محروش للرئاسة

املواقف املتقلبة اليت تبديها األحزاب اإلنتهازية وعدم الثبات على املواقف، ويتجلى ذلك يف -4 حيال ما حيدث يف احلياة السياسية الوطنية، إذ بات من الصعب تصنيف هذه األحزاب يف أي إطار تتموقع،

أحزاب اإلئتالف (؟ وينطبق هذا على عد معترب من األحزاب هل هي مشاركة يف احلكم أم أا يف املعارضةولكل حزب تربيراته اخلاصة به، . فضل لعبة اإلنتقال بني مواقع السلطة واملعارضةممن ت) احلكومي احلايل مثال

، بينما )3(مثال يربر مشاركته يف احلكومة بضرورة وضع حد للقيادة اإلسالمية للمؤسسات (RND)فالـ جيد له مربرا يف إرادته وقف مسار علمنة الدولة من جهة، ومن جهة (MSP)حزب حركة جمتمع السلم

أخرى، إستراتيجية اخليارات املفتوحة اليت ينتهجها احلزب من خالل دراسته كل البدائل اليت تتيحها احلياة ، حىت أن الكثريين وصفوا هذا املوقف باملائع أحيانا، )4(السياسية، والتعامل معها وفق منطقي عقالين

.والرباغمايت أحايني أخرىها الداخلي، إذ يبدوا أا تفتقد إىل برامج واضحة وحمددة وبديلة عما ضعف براجمها وتنظيم -5

تعرضه السلطة احلاكمة، كما أا تتسم بضعف التنظيم الداخلي، حلداثة عهدها بالتجربة احلزبية، وال متلك زاب يف تنسيقية العروش مثال أضحت بديال عن األح( قدرة التعبري عن مطالب ومصاحل القوى الشعبية املختلفة

وبالتايل ما زالت األحزاب غري قادرة على أن تشكل معارضة حقيقية وفاعلة ). طرح مطالبها ومتثيل مصاحلها .للسلطة احلاكمة

. 176ابق، صـع سـد، مرجـني مسعـالل ونيفـن هـعلي الدي ) 1( .251، ص 2001ف ـ، خري04ددـمقراطية، العـجلة الديـريب، مـرب العـمقراطية يف املغـي، الديبدر حسن شافع ) 2(

L'haouari ADDI, Les partis politique en Algérie et la crise du régime des grands électeurs, op.cit. )3 ( .ة حلركة جمتمع السلموهي جريدة تابع. 2004مارس 01، 376جريدة النبأ، العدد ) 4(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

89

إن هذه اخلصائص وامليزات جعلت األحزاب السياسية من الضعف ما مينعها من بلورة برامج وأهداف

إذا ة، خاصة وتسهم يف صنع القرارات السياسية اخلارجيةحقيقية، جتعل منها قوى فاعلة يف احلياة السياسي يف -على األقل -إال أن هذا يبقى بعيدا .م الدميقراطية تفترض ذلكـوصلت إىل السلطة، على أساس أن النظ

ن صاحب األغلبية يف املدى املنظور، ذلك أن الرئيس ال ميثل أي حزب سياسي، ورئيس احلكومة قد ال يكو .، وعليه فإن هناك عوامل أخرى محددة لدور األحزاب يف صنع السياسة اخلارجية)ي مثالحيأو(الربملان

اجلزائريةالعوامل اخلارجية احملددة لدور األحزاب يف صنع السياسة اخلارجية : املطلب الثاين

ورؤيته لألحزاب،ونقصد ا العوامل املتعلقة بالنظام، من حيث القيود أو التسهيالت اليت مينحها

.لدورها يف الساحة السياسية، وكذا فهمه ونظرته للمعارضة عموماحيلل عدد من الباحثني العالقة اليت تربط بني النظام واألحزاب يف إطار التفاعل التباديل، مع التركيز

م املأزومة على تأثري أكرب لألول يف الثانية، لذا يعتربون أن جزءا مما تشهده األحزاب هو انعكاس لبيئة النظابأن النظام السياسي 1992ولئن فسر توقيف املسار اإلنتخايب عام . )1(مبختلف عناصرها منذ التسعينييات

فإنه اعترب كذلك بداية ألزمة ، )2(اجلزائري ليس مستعدا إلدماج األحزاب املستقلة يف وظيفته أو خدمتهإىل، ذلك عندما عمد النظام مع املدين، وعلى رأسها األحزابتانسحبت على منظمات ا:

حل كل اجلمعيات والنقابات املرتبطة باجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ أو التابعة هلا، بعد حل اجلبهة -1

.1992نفسها يف مارس سياسية أمنيا بسبب الظروف ال -وضمنها األحزاب -التضييق على منظمات امع املدين -2

ي، ومعلوماتيا بسبب الرقابة احلكومية الصارمة على واقتصاديا بسبب اإلقتصاد املترد ،املتأزمة . )3(حرية تدفق املعلومات

28من دستور 42ومل يكتف النظام ذا، بل سعى إىل التقييد القانوين لألحزاب، من خالل املادة

ي ـلكن ذلك ال يعن اب السياسية معترف به ومضمون،، واليت نصت على أن حق إنشاء األحز1996نوفمرب

.70،ص2000،سبتمرب259، املستقبل العريب، العدد) نةـار ، الفتـرة، احلصـاحلج(زائرـدين يف اجلـع املـدسوقي، اتمـأمين إبراهيم ال ) 1(

L'haouari ADDI, Les partis politiques en Algérie et la crise du régime des grands électeurs, op.cit. )2 ( .73أمين إبراهيم الدسوقي، مرجـع سـابق،ص ) 3(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

90

تأسيسها على أساس ديين أو لغوي أو عرقي أو مهين أو جهوي، كما ال جيوز هلا أن تتخذ كافة أشكال التبعية

وارئ حبجة هشاشة الوضع األمين،ـانون الطـدها باإلعمال الفعلي لقـكما قي ،للمصاحل أو اجلهات األجنبيةوبالتايل بات حمظورا على األحزاب التجمعات . )1(ن شيوع عدم اإلستقرار وتقويض أركان الدولة واخلوف م

.واملظاهرات واملسريات إال بتراخيص متنحها وزارة الداخليةإذن النظام مل مينع وجود األحزاب السياسية، ولكن سعى إىل أن تكون امتدادا له، ويف خدمته، ألنه

ه هي يف ضعف مؤسسات اتمع املدين وعلى رأسها األحزاب، وقوا واستقالليتها كان يدرك أن قوته وبقاء : تعين إضعاف مركزه، لذا كان من الواجب عليه لتفادي هذا األمر اللجوء إىل

.املعارضة السياسية وإن اقتضى األمر إلغاءها إضعاف - 1

املادية للعديد من مؤسسات اتمع املدين، ومن أمثلة هذا التأميم القضاء تأميم القاعدة -2 .)2(على العديد من وسائل اإلعالم اليت تستغلها هذه املؤسسات لتعرب عن نفسها

ببساطة لقد حاول تدجينها وابتالعها، وجنح يف ذلك إىل حد كبري، حىت إن بعضها حتول إىل جلان

ا اآلخر هو امتداد لإلدارة احلكومية، تتمثل مهمته يف الدفاع عن السياسات وبعضه ،)3(مساندة للرئيس .)4(احلكومية، وضبط قوائم املترشحني ملختلف املواعيد اإلنتخابية

وطبقا ملا يراه حممد اذوب من أن السلطة التنفيذية يف األنظمة العربية هي أقوى السلطات، ومن مث ، )5(األحزاب حىت وإن كان يفتقد للتأثري اجلماهريي أو الفاعلية السياسية فإن احلزب الذي تسنده هو أقوى

نرى أن هناك بعض األحزاب ليس هلا دور فاعل يف احلياة السياسية سوى أا ديكور تزين به خمتلف املواعيد على املستوى اإلنتخابية، تستعملها السلطة وتستخدمها لذلك، وهي ال متتلك امتدادا على املستوى الشعيب وال

احلكومي، باملقابل هناك أحزاب شعبيتها حتددها السلطة وهي اليت تقيسها، وتعبر عنها كيف ما تشاء من يفقد 1997خالل خمتلف املواعيد اإلنتخابية، وإال مباذا نفسر أن حزب األغلبية يف الس الشعيب الوطين لسنة

! دا ؟ـمقع 156دا إىل ـمقع 15ر يرتفع من ـزب آخـح بينما التشريعية، 2002مقاعد يف انتخابات 108

. 148ابق، صـع سـعلي الدين هالل ونيفني مسعد ، مرج ) 1( ،09ة لبناء وترسيخ التعددية يف العامل العريب، جملة العلوم اإلجتماعية واإلنسانية، العددـدين كآليـع املـاق اتمـع وآفـزياين صاحل ، واق ) 2(

.79، ص2004جانفي :مأخوذ من موقع انترنيت. بومدين بوزيد، قراءة يف التجربة الدميقراطية املتعثرة باجلزائر ) 3(

http :// aldemokrati.com/ index. php? eption= content & task= view & 193 & itemid=0 L'ahouari ADDI : Les partis politiques en Algérie et la crise du régime des grands électeurs, op.cit )4 (

. 76فرحايت عمر، مـرجع سابـق، ص ) 5(

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

91

هذا النمط القدمي الذي . )1(ال تزال التعبئة السياسية متثل أحد أدوار األحزاب وفق ما يراه النظام و

كان سائدا يف عهد األحادية السياسية، والذي كان يقوم به حزب جبهة التحرير الوطين، أريد له أن يستمر يف عددية، وبالتايل بدل أن تكون األحزاب أطرافا فاعلة يف احلياة السياسية، تصبح أجهزة للدعاية والترويج عهد الت

.للسياسات اليت يقوم بوضعها النظام السياسيكذلك أريد لألحزاب أن تكون مجسدة إلجراءات دميقراطية، يسعى النظام ألن يتقنع ا، دون أن

قيم تقتضي أن تكون األحزاب اليت هي خارج احلكم متثل املعارضة، ،طية حقيقيةتكون تعبريا عن قيم دميقراغري أن النظام ،، وبالتايل تؤدي دورا كبريا يف جمال اإلستقرار السياسي)2(وتعمل كقوة توازن مكملة للسلطة

.الرافد األساسي ألزمة املعارضة - النظام- وبذلك يبقى ،يعتربها مصدر إزعاجتتقلص فرص األحزاب السياسية يف صنع القرارات السياسية عموما إىل أضيق نطاق وإزاء كل هذا،

.اخلارجيةص السياسة ـدام فيما خيـؤول إىل اإلنعـممكن، و ت

.42،ص2001، خريف 04دد ـراطية ، العـلة الدميقـامية، جمـدمة والنـدول املتقـن الـزاب بيـاألح د أبو عمود، ـحممد سع ) 1( بريوت، مركز دراسات ا لوحدة العربية، . أزمة املعارضة السياسية العربية: يف الوطن العريب عبد اإلله بلقزيز وآخرون ، املعارضة والسلطة ) 2(

.11ص.2001، 1ط

ية الجزائريةالفصل الثالث تأثير النظام السياسي الجزائري على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارج

92

من خالل ،د احلد األدىن دميقراطيا من الناحية الشكليةجساجلزائري ي السياسي إذا كان النظام ،إذنية السياسية واحلزبية، وإجراء انتخابات بانتظام، وإقرار مبدأ التداول على السلطة، واستكمال دتعدفتح اال لل

ه بعض النقائص ورعتإخل، فإنه ليس كذلك من الناحية الوظيفية، حيث ال تزال ت...بناء الصرح املؤسسايت ، وتفرغ األطر املؤسسية من حمتواها، وذلك واملمارسات اليت جتعل البنية الوظيفية للنظام ال تساير بنيته الشكلية

.عندما تصبح العملية السياسية حمكومة باإلطار املؤسسي يف ظاهرها، وباألطر الفردية يف باطنهاإن هذا يفسح اال الزدياد تأثري السمات الشخصية لصانع القرار يف مقابل تراجع تأثري عامل الدور

رار، وبالتايل ال يزال يعمل النظام السياسي اجلزائري على بقاء عملية الذي حيكم سلوكات وتصرفات صانع الق .صنع السياسة اخلارجية حمكومة باألطر الفردية

املهمة يف صنع القرار السياسي، فإنه يف جمال ةوإذا كانت املؤسسة العسكرية أحد الفواعل الداخلياهتمامها بالشؤون اخلارجية إال ما اتصل السياسة اخلارجية ينحصر دورها إىل أبعد احلدود، وذلك لعدم

على عكس املؤسسة الرئاسية اليت حتاول أن تستفرد ذا اال، وذلك من خالل . بشؤون األمن القوميالصالحيات الواسعة اليت منحتها الدساتري املختلفة لرئيس اجلمهورية، واملخولة له احلرية الكاملة يف تقرير

بوتفليقة من أجل التجسيد امليداين هلذه الكبرية اليت يبذهلاة، وكذا من خالل اجلهود السياسة اخلارجية لألم .الصالحيات

وتبقى األحزاب السياسية احللقة األضعف يف مكونات النظام السياسي اليت ميكن أن تؤثر على عملية اب ذاا، من حيث حداثة صنع السياسة اخلارجية اجلزائرية، حيث يرن ضعفها بعوامل داخلية تتعلق باألحز

نشأا، وعدم نضجها، وانقسامها على نفسها، واهتمامها بالشؤون الداخلية اليت متس املواطن، وغياب برامج إخل من جهة، ومن جهة أخرى بالقيود الشكلية ...حقيقية بديلة عما يعرضه النظام وبعدها عن مراكز السلطة

وهكذا تنأى . ن تأسيسها وهيكلتها، وصوال إىل أهدافها وأدوارهاوالوظيفية اليت يفرضها النظام انطالقا م .اخلارجيةاألحزاب السياسية عن مقامسة الرئيس مهمة صنع السياسة

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

94

من الصعب جدا الدفاع عن فرضية أن البيئة الدولية تدفع إىل زيادة دور العوامل الشخصية يف السياسة من الوهلة -اخلارجية، وسط ما استجد يف عامل ما بعد احلرب الباردة من متغريات و مؤشرات تدعوا كلها

القرار يف رسم وتوجيه السياسات اخلارجية للقول بتراجع وتقلص الدور واملكانة اليت يتمتع ا صناع -األوىلت الشخصية ادر جدل ونقاش، حبيث ال تزال احملدلدوهلم، إال أن هناك من النماذج ما جيعل هذه القضية مثا

.حتتل موقعا متميزا ضمن السياسة اخلارجية للعديد من الدول، خاصة احلديثة منها بعهد الدميقراطيةيفية اليت تؤثر ا خمتلف مكونات البيئة الدولية ملا بعد احلرب وعلى هذا األساس سنبحث يف الك

طبيعة التغريات اجلزائرية، من خالل حماولة معرفةالباردة على دور العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية رية، وتأثريها على دور صانع القرار يف إدارة وتوجيه السياسة اخلارجية اجلزائ باجلديدة،الدولية اليت توصف

.وكذا جممل ما ميكن أن تقرره الدول الكربى خبصوص هذا الدور

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

95

:المبحث األول

طبیعة التغیرات الدولیة لما بعد الحرب الباردة

وتأثیرھا على دور الشخصیة فيالعوامل

السیاسة الخارجیة الجزائریة

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

96

دويل والقواعد العامة اليت حتكمه ال تؤثر على السياسات يكاد يتفق الباحثون على أن طبيعة النسق ال

اخلارجية للدول فقط، وإمنا تتجاوزه إىل حمدداا، وبالتايل فإن التغريات اليت قد حتدث يف هذا النسق، من وضمن هذه األخرية جند ،املفروض أن ترافقها تغريات متس السياسات اخلارجية للدول وحمدداا كذلك

.تتأثر مبا يطرأ على النسق الدويل من تغيري –حتما –وصوفة بالعوامل الشخصية، واليت احملددات املإن هذا التأثر يف الغالب حيصل بطريقة غري مباشرة، حيث أنه يف املقام األول تضغط البيئة الدولية على

البيئة الدولية يتم من األنظمة السياسية للدول، اليت بدورها تضغط على دور العوامل الشخصية، أي أن تأثري . خالل ما حتدثه من تغيريات يف طبيعة األنظمة السياسية

.طبيعة التغريات الدولية ملا بعد احلرب الباردة: ملطلب األولا

إن أهم ما مييز الواقع الدويل يف اية القرن العشرين عموما، هو هذه السرعة اهلائلة اليت تتسم ا

واليت باتت تفرض على الدول تثريها،ة، يف حدوثها وانتشارها وردود األفعال اليت األحداث السياسية الدوليولقد عرب ،أنظمة وحكومات وشعوبا ضرورة مسايرا والتكيف معها، ألجل أن تضمن هلا موقعا يؤمن بقاءها

، أما يف العهد الضعيف القدمي القوى يأكليف العهد السياسي " بقوله (Kenneth Waltz)عن هذا كينيث ولتز .)1("البطيء"ع يأكل ـاإلقتصادي اجلديد السري

يف -باألخص –هذه السرعة يف احلقيقة، ما هي إال أحد املظاهر العديدة اليت اتسم ا الواقع الدويل أعقاب اية احلرب الباردة، واقع قيل بشأنه أنه ال يزال قيد التشكل أو باألحرى قيد التشكيل، وال تزال

:ه مل تستقر بعد، لكن هذا مل مينع الباحثني من حماولة حتديد أهم مساته، اليت تبدو كالتايلمالحم ، )2( القطبيةاليوم أن النظام الدويل يتجه حنو األحادية إن املالحظ: على مستوى البىن واهلياكل - 1

ول الغربية األخرى مبوقع احلليف، أما هي مركز القوة، وتكتفي الد أحادية تقتضي أن تكون الواليات املتحدة :وتعمل الواليات املتحدة على ضمان بقاء هذه املكانة من خالل . الدول املتخلفة فتمثل حميط دائرة هذا النظام

احملافظة على تفوقها العسكري دون منافس أو مزاحم، إىل جانب سيطرا العسكرية يف - 1

.ملمرات اإلستراتيجية والفضاءالبحار واحمليطات وا

Kenneth D.WALTZ, Globalisation and Governance. in site internet: )1 (

Http: // www.findarticles .com /cf_ dls/ m2139/4_32/59136258/p1/article.jhtml ? terme= .218، ص2002، جوان 17د، جملة العلوم اإلنسانية ،العددـديـمي جـام عالـو نظـعبد الكرمي كيبش، حن) 2(

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

97

منح حلف مشال األطلسي مهمات حفظ السالم يف مناطق الرتاع، وتوسيع دوره ملا يتجاوز - 2

.مهمة األمن األورويب .رىـدول الكبـوحصره فقط بال يع انتشار السالح النووـمن - 3

.)1(األخذ على عاتقها حماربة اإلرهاب الدويل ونشر حقوق اإلنسان والدميقراطية - 4 ن يعطي معىن آخر هلذا األحادية القطبيـة، حبيث أضحت املنظومة الرأمسالية يف ـبيد أن هناك م

تشكل قلب النظام العاملي كله، وأصبحت تتحكم يف مساره، وتتكامل عناصر ثالثة - منافس حقيقي -غيابوالشركات املتخطية القوميات، وكذا املؤسسات ،(G7)الدول الرأمسالية السبع املتقدمة : لتحريك هذه املنظومة

.)2(اإلقتصادية واملالية الدولية وعلى صعيد آخر، نسجل الضعف الواضح يف فاعلية وفعالية املنظمات الدولية، وعلى رأسها األمم

، الذي أصبح شبه سلطة تنفيذية عاملية، تستخدمه الواليات )3(جملس األمن املتحدة بأجهزا املختلفة، مبا فيهااملتحدة وحلفائها لتحقيق ما يرومونه من أغراض ومصاحل، يف غياب أية معارضة، حىت من أولئك الذين

وإىل جانب اإلستحواذ على سلطة جملس األمن، فإن . ميتلكون حق النقض يف جملس األمن، الصني وروسيا . )4(صغريا لدور اجلمعية العامة عن طريق التشتيت واإلغراء واملناورة والتهديدهناك ت

على أن التفاعالت الدولية نيتحدث كثري من الباحثني واملفكري: على مستوى تعدد الفاعلني - 2 ويل كما كان يف تشهد يف جمملها ميال متزايدا إىل تقليص مكانة الدولة كفاعل وحيد يدير شؤون اتمع الد

وبالتايل فالدولة أصبحت جمرد وحدة ضمن شبكة من العالقات والوحدات الكثرية يف عامل يزداد ، )5( السابقيف حني أن هناك قوى صاعدة أضحت تنافس الدولة حىت يف اال السياسي، منها املنظمات ، انكماشا وترابطا

إخل، واملؤسسات املالية اإلقتصادية الدولية كمنظمة ...بيئةغري احلكومية، واملهتمة بقضايا حقوق اإلنسان، والالتجارة العاملية، وصندوق النقد الدويل، والبنك الدويل لإلنشاء والتعمري، وكذا خمتلف الشركات املتخطية

.)*(ركات اإلقتصادية القطاعيةـى بالشـسمار ما يـاجها وتكتلها يف إطـار اندمـالقوميات، خاصة يف إط

: مأخوذ من موقع انترنيت. املشروع الصهيوين فيه عمنري احلمش ، النظام العوملي اجلديد وموق ) 1(

http: // www. awu- dam.org/politic/ 11-12/ fkr 11-12-005.htm :مأخوذ من موقع انترنيت. العاملية على قضية الوحدة العربيةجمدي محاد، أثر املتغريات ) 2(

002.htm-dam.org/politic/a3/fkr3-http: //www. awu .7ص. 2003، 1طالقاهرة، مكتبة مدبويل، . يف كتاب األمن القومي العريب يف عامل متغري.حامد محود، نظرة شاملة لألمن القومي العريب ) 3( .260ص.1998اجلزائر،ديوان املطبوعات اجلامعية، . والته ؟ـن من حتـر فيه؟ وأين حنـماذا تغي: لد خليفة، النظام العامليحممد العريب و ) 4( .53ص.2002 ،1كان، طـة العبيـاض، مكتبـالري .يةـوية الوطنـوملة واهلـغازي بن عبد الرمحن القصييب، الع ) 5( مل يف قطاعات اقتصادية متشاة أو متماثلة إىل اإلندماج والتوحد يف شكل شركة أو مؤسسة ركات واملؤسسات اليت تعـحيث تعمد الش )*(

.كربى يمن على قطاع اقتصادي معني وعلى أوسع نطاق، بغية احتكاره فيما بعد على املستوى العاملي

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

98

هذا ال يعين أن الدولة قد فقدت مركزها الريادي ضمن الفواعل األكثر تأثريا يف سري العالقات لكن

وإمنا يعين حتجيم اهلوة اليت كانت موجودة سابقا بني األدوار اليت تلعبها الدول وباقي أدوار الفاعلني الدولية، . اآلخرين

األمن مطروحة بشدة، سواء على مستوى تزال إشكالية ال: على مستوى القضايا املطروحة - 3 أو إقليمي، أو عاملي، من خالل التهديدات املتنامية اليت تفرضها الرتاعات العديدة بشىت ،) الدولة(وطين

أنواعها، ويف خمتلف أحناء العامل، رغم تأكيد الكثريين على الطابع التحويل هلا من نزاعات دولية أو بني الدول دينية، لكن الثابت كما يفترضه عدد من -دول أو داخلية، ومن إيديولوجية إىل اثنيهإىل نزاعات داخل ال

:الباحثني هو أن العامل ال يزال يتسم بالثقافة اهلوبزية دوام حالة احلرب يف اتمع الدويل، والذي تعتمد فيها الدول -1

.هاـائـان بقـل ضمـرية ألجـوة العسكـعلى الق .ل األقوىـفشل السلوك التوازين لصاحل هيمنة وسيطرة الفاع -2 .)1(ادـاز أو احليـدم اإلحنيـالة عـإستح -3

الدويل الذي اصطلح على أنه جديد، لن يكون أقل أن هذا النظام (R.J.Dupuy)ويؤكد دوبوي ل كلينتون جلريدة لومونـدـأزماتيا من سابقه، ولئن انتهت احلرب الباردة، فإن احلروب مل تنته كما صرح بي

"Le Monde " 2(1994جانفي 11الفرنسية بتاريخ( . ن، هو هذه النسب اليت تثبت ويضيف وليد عبد احلي أن ما يدلل على توتر وال استقرار الوضع الراه

5.3سنة اليت سبقتها، وذلك مبعدل ةكانت األكثر اضطرابا قياسا باملائ 2000و1991أن الفترة املمتدة ما بني ، 1.1 :هي) 1994- 1968( ،)1967- 1948( ،)1947 - 1898(حرب يف السنة، بينما كانت يف الفترات

اخلطر األكرب، الذي ميكن أن يشكل املصدر واألبرز، السمة و تبقى ظاهرة اإلرهاب .)3(على التوايل 2.7، 4.3 .املزمن لعدم االستقرار

أن عامل ما بعد احلرب الباردة ينحو ألن -على قلتهم - لكن من جانب آخر، هناك من يعتقدون معه مجيع و ولت ذلك أن الصراعات ذات الطابع الكوين انتفت بانتفاء الثنائية القطبية، يكون أكثر استقرارا،

Andrea Ribeiro HOFFMANN, A Synthetic Approach to Foreign Policy. in site internet : )1 ( http:// www. Isanet.org/noarchive / hoffmann. html

: مأخوذ من موقع انترنيت. موسى الزعيب، اية احلرب الباردة وإعادة فحص األمن ) 2( 005.htm-dam .org/ politic /17 / fkr 17-http ://www. awu

. 24ص.2002، 1، دار الشروق للنشر والتوزيع، طعمان. اصرةـة املعـوالت الدوليـاق التحـآف وليد عبد احلي وآخرون ، ) 3(

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

99

أشكال الصراع اليت كانت قائمة بني القطبني ملا يقرب من اخلمسني سنة، وما هو موجود اآلن هو نزاعات يف

.)1(إطار ضيق وحمدود، ال ترقى ألن تزعزع حالة االستقرار يف العامل اتمع ويالحظ أن هناك مشكالت جديدة تكتسي طابعا إقليميا و دوليا باتت تفرض نفسها حبدة على

البطالة، التضخم، ( نقص املوارد الطبيعية، واملشاكل اإلقتصادية األخرىويل ككل، مثل مشاكل البيئة، والدهذا يف اجلانب اإلقتصادي، أما يف اجلانب السياسي فهناك قضايا الدميقراطية، واحلكم ..) تقلص األسواق

.إخل...الراشد، ودولة القانون، وحقوق اإلنسان،شاكل وغريها تنضوي حتت السريورة اجلديدة لواقع العالقات الدولية، واليت تشكل فيها كل هذه امل

.)2(" داخلي"لكل ما هو" خارجي"العوملة حجر الزاوية، عوملة تبشر لعامل بال حدود، يتزايد فيه اختراق ما هو ها على دور العوامل إذا كان هذا يف طبيعة التغريات الدولية ملا بعد احلرب الباردة، فماذا عن تأثري

الشخصية يف السياسة اخلارجية اجلزائرية ؟

. تأثريها على دور العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية اجلزائرية: املطلب الثاين

ذكرنا آنفا، أن التغريات الدولية تؤثر على دور العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية بطريقة غري السياسي وسيطا بينهما، وتأسيسا على هذا فإنه من املهم جدا معرفة كيف تتأثر مباشرة، حيث يكون النظام

. النظم السياسة ذه التغريات الدوليةوإذا كان البعض يعتقد أن هذه األخرية باتت تفرض قيودا كثرية، حتد من نشاطات الدول وحتدد

ية، وبالتايل تدفع إىل دمقرطة األنظمة السياسية، تصرفاا وسلوكاا، خاصة يف إطار القيم الليربالية والدميقراطفإن البعض اآلخر يرى أن ذلك ال يتعدى مستوى الشعارات واخلطابات الرمسية، حيث أن هذه الظروف

.الدولية اجلديدة ال تدفع حبق عملية الدميقراطية إىل أقصى مداهاواإلمكانيات اليت تتيحها التغريات الدولية وعليه فإنه ميكننا مالحظة اجتاهني خمتلفني، يتناوالن األبعاد

.ملا بعد احلرب الباردة يف حتول األنظمة السياسية حنو املزيد من الدميقراطية أو عدمه

بريوت، . يف كتاب الوطن العريب بني قرنني. امليـاسي العـد السيـاملشه: عبد اخلالق عبداهللا على ورقة كلوفيس مقصود: يف تعقيب لـ ) 1(

. 2000. 1لوحدة العربية، طمركز دراسات ا .ق ـع سابـش، مرجـر احلمـمني ) 2(

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

100

يشري إىل أن األوضاع الدولية اجلديدة اليت أفرزها عامل ما بعد احلرب الباردة سوف : اإلجتاه األول

جماالت احلياة، هو مبثابة النموذج الذي تسعى الواليات املتحدة تؤدي إىل فرض منط قيمي واحد ميس مجيعاألمريكية إىل فرضه على أوسع نطاق ممكن من أرجاء العامل، هذا النموذج يتضمن يف شقه السياسي الدميقراطية الليربالية بكل أبعادها من حكم راشد، واملشاركة السياسية، والتداول على السلطة، واحترام حقوق

ويتوقع أن الدول غري الدميقراطية ال متلك إال اإلنصياع واخلضوع هلذا . )1(إخل ...ان، واحلريات الفرديةاإلنسالنموذج، وبالتايل ميكننا التكلم عن مزيد من الدميقراطية بالنسبة هلذه الدول وعلى رأسها اجلزائر، وضمنيا يعين

.ذلك اإلجتاه قدما حنو املأسسة والتراجع عن الشخصنةعتقد أن الدول الغربية الكربى وعلى رأسها الواليات املتحدة األمريكية هي جادة يف هذا املسعى، وي

" باملشروطية السياسية"تتعامل حيث أصبحتوتستخدم كل الوسائل املمكنة لذلك، خاصة اإلقتصادية منها، Political Conditionality هريمان " صرح 1990ملنح القروض واملعونات للدول، ففي أفريل من عام

إضافة إىل سياسة اإلصالح اإلقتصادي وحقوق " مساعد وزير اخلارجية األمريكية للشؤون اإلفريقية بأنه " كوهنيويف جوان من العام نفسه . )2(" اإلنسان، فإن التحول الدميقراطي قد أضحى شرطا ثالثا لتلقي املساعدات األمريكية

إن املساعدات الربيطانية سوف : " املعىن السابق حينما قال نفس" هريدالس دوغ" أكد وزير اخلارجية الربيطاين وأكد على نفس . )3(" متنح للدول اليت تتجه حنو الدميقراطية، وحتترم القانون، وحقوق اإلنسان، ومبادئ السوق

ح مستقبال عندما أوضح أن املساعدات الفرنسية سوف متن" فرانسوا ميتريان" الشيء الرئيس الفرنسي السابق .للدول اليت تتجه حنو الدميقراطية

ويعتقد كذلك أنه إذا كانت مرحلة احلرب الباردة قد فرضت على هذه الدول التفرغ ملواجهة الشيوعية، وبالتايل تركت هامشا كبريا من احلرية لألنظمة التسلطية، فإن مرحلة ما بعد احلرب الباردة كانت

ضغط ا، وكذأضيق نطاق ممكن، حتت وطأة ضغط الرأي العام يف الدول الغربيةإيذانا بتقليص هذا اهلامش إىل . )4(منظمات حقوق اإلنسان، واملؤسسات املالية الدولية

. 219ق،صـع سابـعبد الكرمي كيبش، مرج ) 1( اسة الدولية، ـل، السيـاق املستقبـاذج وآفـايا والنمـالقض: ريقيا ـمقراطي يف إفـول الديـرة التحـمحدي عبد الرمحن حسن ، ظاه ) 2(

.14، ص1993، جويلية 113دد ـالع .حة ـس الصفـع ، نفـس املرجـنف ) 3( . 140،ص 1997، ماي 219العوائق واملمكنات، املستقبل العريب، العدد : ريب ـن العـراطي يف الوطـال الدميقـعبد اإلله بلقزيز ، اإلنتق ) 4(

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

101

إذن حتت هذا الضغط الكبري الذي تفرضه البيئة الدولية على األنظمة السياسية، ستتحول هذه األخرية

ملؤسسايت، وتنأى باملمارسة السياسية عن كل األطر اليت تؤدي إىلإىل أنظمة دميقراطية، ترسخ تقاليد العمل اشخصنتها، إن هذا يؤدي إىل احلد من إفراط الدور الذي ميكن أن تلعبه العوامل الشخصية لصانع القرار يف تقرير وتوجيه السياسة العامة عموما، والسياسة اخلارجية باخلصوص، ومنه فإن هذه الظروف اجلديدة تعمل

.التقليل من دور العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية اجلزائريةعلى ويبقى هذا الكالم على رغم صحة ما فيه، ال ميثل احلقيقة كاملة، لذا برز اجتاه آخر يستقرئ الظروف

. الدولية اجلديدة بطريقة مغايرةدميقراطية حقيقية، دميقراطية وهو الغالب، ويفيد أن هذه التغريات الدولية ال تقود إىل : اإلجتاه الثاين

ى التعددية مقتصرة عل( )1(جتسد قيم احلرية السياسية واحلريات املدنية، وإمنا تقود إىل دميقراطيات انتخابية ، وهذا ما جتسد إىل حد اآلن يف العديد من دول العامل الثالث اليت هي يف طريق )احلزبية وحق اإلنتخاب

.الدميقراطيةبية غري جدية يف مشروع الدمقرطة بالنسبة هلذه الدول، وباألخص العربية منها، كما أن الدول الغر

ومن هنا فإن الدول .)2(ألنه لو مت فعال، قد يعرض مصاحلها للخطر، خاصة إذا تبوء اإلسالميون مقاعد احلكمتوسيع دائرة الغربية تعمل فقط على حتسني وجتميل واجهة احلكم يف األنظمة العربية، من خالل العمل على

احلكم شكليا من خالل إجراءات دميقراطية كاإلنتخابات، وكذا متكني الشعب من بعض املزايا لتفادي إذن تعمل الدول الغربية على صون واحملافظة على األنظمة القائمة، .الثورات اليت يقوم ا ضد هذه األنظمة

.ل لديهاوباملقابل تعمل هذه األنظمة على صون وحفظ مصاحل هذه الدوتضغط بقدر كبري على الدول العربية يف جمال اإلنفتاح اإلقتصادي كذلكوإذا كانت الدول الغربية

، واملنتديات )كمنظمة التجارة العاملية(من خالل املؤسسات املالية الدولية، ومن خالل املنظمات العامليةحيث ختف الضغوطات، وأحيانا تقع يف ،)3(اإلقتصادية، فإا ال تفعل ذلك بالنسبة إىل اال السياسي

مفارقات عجيبة تكشف عن طبيعة تعاملها اإلزدواجي مع األنظمة العربية، فهي تغض الطرف، بل وتدعم أنظمة ال دميقراطية من جهة، وتشن محالت عسكرية ضد أخرى باسم الدميقراطية من جهة أخرى، وهكذا

.ريا، بالقدر الذي تسهم فيه على تغييبها عمليابالقدر الذي تسهم فيه يف نشر الدميقراطية نظ

. 23لدولية املعاصرة، مرجع سابق، صوليد عبد احلي ، آفاق التحوالت ا ) 1( .برهان غليون يف حوار مع جريدة اخلرب، مرجع سابق ) 2( . 11ق ،ص ـع سابـر، مرجـور بن عنتـعبد الن ) 3(

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

102

لتؤكد أن قضية الدميقراطية ليست ضمن أولويات الدول الغربية 2001سبتمرب 11وجاءت أحداث

ميكن أن متس استقرار " اإلرهاب" يف تعامالا اخلارجية، ولقد اعتربت هذه األحداث جزءا من ظاهرة عامليةيات املتحدة األمريكية اليت اعتربت مكافحته أحد الركائز األساسية لسياستها وأمن الدول، وعلى رأسها الوال

اخلارجية بعد هذه األحداث، ويتمثل جزء من مكافحته يف دعم احلكومات واألنظمة اليت مسها اإلرهاب يف حالة وصوهلم إىل –ومحايتها من السقوط يف أيدي من أمستهم باملتطرفني، حيث ميكن ) اجلزائر مثال(

إذا كانت الدولة - أن يشكلوا خطرا على استقرار بلدام، ورمبا يف استقرار مناطق بأكملها –السلطة ولكن بشكل " الدومينو " لذا جلأت الواليات املتحدة إىل إحياء نظرية . ومن مثة استقرار العامل كله -حمورية

يف نظرية (Hilly, Chass, Keneedy)امييلي هيلي روبرت شاس،كينيدي، من بولآخر، شكل يراه كل ، اليت تفترض أن مصاحل الواليات املتحدة تتطلب االستقرار يف املناطق احليوية يف العامل، )1(الدول احملورية

وبالتايل ينبغي مضاعفة جهودها ومساعداا للدول اليت يؤثر مصريها ومستقبلها بعمق يف اجلهات احمليطة ا، ساعدات األمريكية هلذه الدول تقلصت إمكانية ايارها، وهذا ما خيدم بشكل أفضل وعليه فإنه كلما زادت امل

.املصاحل األمريكية عرب العامل، وضمن هذا املنظار فإن اجلزائر تعد إحدى هذه الدول احملوريةهذه الظروف الدولية اجلديدة هو ممارسات شكالنية للدميقراطية هإذن، ميكن القول أن أقصى ما تتيح

ا عن الدميقراطية احلقيقية، اليت ال تزال مؤجلة ت غلف واجهات األنظمة السياسية يف العامل الثالث، وتنأى .دى املنظورـعلى األقل يف امل - وبالتايل ال ميكننا وصف هذه األنظمة بأا دميقراطية وطريقها شاق وطويل،

األكرب كأحد األطر الفاعلة يف رسم وبذلك فإن العوامل الشخصية لصانع القرار يبقى هلا الدور .وتوجيه وتنفيذ السياسة اخلارجية

،236،العدد ارات، املستقبل العريبـدام احلضـروحة صـوذج أطـمن: ريكي ـراتيجي األمـر اإلستـوب يف التفكيـحممد سعدي ، اجلن ) 1(

.63، ص1998وبر ـأكت

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

103

: المبحث الثاني

تأثیر الدول الكبرى على دور العوامل الشخصیة في السیاسة الخارجیة

الجزائریة

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

104

ة كيف تؤثر الدول الكربى على دور العوامل الشخصية يف السياسة سنحاول يف هذا املبحث معرف

السابق من أن تأثري البيئة الدولية ضاخلارجية اجلزائرية، بالزيادة أو بالنقصان، وذلك دائما يف إطار اإلفترالدول هل تدفع ا: وبالتايل فإن ما سنبحثه هنا هو. ، أي من خالل األنظمة السياسيةةغري مباشر يكون بطريقة

الكربى إىل نظام سياسي جزائري يزيد أو ينقص من دور صانع القرار يف رسم وتوجيه السياسة اخلارجية ؟سنعتمد على منوذجني للدول الكربى، األول يتعلق بالواليات املتحدة األمريكية، والثاين يتعلق بالدول

أكرب الدول فاعلية يف توجيه وتسيري العالقات األوروبية املنضوية حتت لواء اإلحتاد األورويب، وذلك باعتبارمها .الدولية الراهنة، وكذلك حبكم طبيعة العالقات اليت تربطهما باجلزائر خاصة اإلقتصادية منها

.بالنسبة لتأثري الواليات املتحدة األمريكية: املطلب األول

قع السياسي العريب عموما، أن الواليات املتحدة كانت جد حريصة على تغيري الوا يبدو للوهلة األوىل

مبا يتماشى وخمتلف التغريات اليت عرفتها العشرية األخرية من القرن العشرين وبدايات القرن الواحد ، واليت اعتربت نقطة 2001والعشرين، وأكثر حتديدا، بعد األحداث اليت عرفها احلادي عشر من سبتمرب

:املتحدة اجتاه العامل العريب، واليت تضمنت ما يلي حامسة يف رسم السياسة اخلارجية اجلديدة للواليات العمل على إصالح النظم السياسية العربية وفق ما تقتضيه الدميقراطية الليربالية من -1

.مـن أساليب احلكـاسية، وحتسيـو التعددية السي ة،ـالشعبياركة ـتعزيز املش اإلقتصادية، وفتح األسواق وتعزيز دور تبين إصالحات عميقة على مستوى البىن -2 .اصـاع اخلـالقط

.ونـة املؤسسات والقانـإحداث إصالحات يف البيئة التشريعية، واإلرتكاز على دول -3 ، ةحتديث مناهج التعليم يف الدول العربية، وإدخال تغيريات على املفاهيم الثقافية السائد -4

.)1( )ر األمريكياوفق املنظ(واليت حتض على العنف واإلرهاب وكراهية اآلخر يها الواليات املتحدة اجتاه العامل العريب، يتبدى له إال أن املتأمل واملتفحص ملختلف السلوكات اليت تبد

. بوضوح ذلك اخللل والتناقض بني املبادئ أو الشعارات اليت تدعو إليها، وبني املصاحل اليت تعمل على حتقيقها ، نشر يف (Foreign Relations Council)األمريكي " جملس العالقات اخلارجية " ولقد أكد تقرير صادر عن

:يف اخلطاب األمريكي إزاء العامل العريب، مأخوذ من موقع انترنيت ةماجد الكيايل، إشكالية الدميقراطي ) 1( http : // www.falasteen. com/ imprimersans. php3 ? id _ article = 1776

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

105

أن الواليات املتحدة ال " إلعادة تنشيط الدبلوماسية العامة األمريكية ةاستراتيجي" حتت عنوان 2003سبتمرب

: زالـت .ةتدعم أنظمة حكم غري دميقراطي -1 .)1( تدعم إسرائيل من غري حق، وال تبايل مبعاناة الفلسطينيني -2

ها اإلستراتيجية، ـراطية كأولوية ضمن مصاحلـدعم الدميقـفالواليات املتحدة يف احلقيقة، ال ت 1999ام ـدولية عـات الـاغو للعالقـذي قام به، جملس شيكـحسبما أظهره استطالع الرأي ال

(Chicago Council of Foreign Relations)، شرحية كبرية من قادة الرأي والقادة السياسي ني يف ومسالواليات املتحدة، ومن بينهم حىت أعضاء يف حكومة كلينتون، حيث أظهر أن حتسني الظروف املعيشية للدول

وإمنا دف . )2(األكثر فقرا يف العامل وإقامة نظم دميقراطية يف دول أخرى هي آخر القضايا املثرية الهتمامهم مصاحلها، وذلك عن طريق إعادة تشكيل خنب إىل محاية وتأمني -خاصة يف العامل العريب –من خالهلا

.)3(سياسية وأنظمة حليفة، أو موالية هلا وبالنسبة إىل اجلزائر، فإنه ميكن مالحظة أن املوقف األمريكي يتسم بنوع من احلذر والتردد من جهة،

.وباملنطق الرباغمايت من جهة أخرى، كما أنه خيتلف ما بني اجلمهوريني والدميقراطيني، كثريا ما أكدت الواليات املتحدة أن على اجلزائر ةالناحية النظرية، وعلى مستوى اخلطابات الرمسي من

التوجه صوب الدميقراطية، وفتح اال للتعددية احلزبية والسياسية، وإجراء اإلنتخابات و احترام حقوق التشريعية لسنة اء اإلنتخاباتإجروأيدت ،الذي أقر التعددية 1989إخل، فلقد باركت دستور ...اإلنسان

:تضمنت 1994، ووجهت مذكرة رمسية للحكومة اجلزائرية سنة 1991 .ضرورة تطوير احلكم يف اجلزائر ليكون أكثر دميقراطية - 1 .إستئناف العملية اإلنتخابية - 2 .حات اإلقتصاديةإجراء املزيد من اإلصال- 3 .)4(احترام حقوق اإلنسان - 4

، وأثنت ةواليت أتت بزروال على رأس اجلمهوري 1995مث بعد ذلك باركت اإلنتخابات الرئاسية لسنة ، 2002اليت أفضت إىل أن يتوىل بوتفليقة احلكم، ورحبت باإلنتخابات التشريعية لعام 1999على انتخابات

م هذه اإلنتخابات ـإن بالده مرتاحة لتنظي" ريتشارد باوتشر"قال بشأا الناطق باسم اخلارجية األمريكية واليت

. عنفـس املـرج ) 1( . 61،ص2001، ماي277وليد عبد احلي، عالقة السياسة اخلارجية األمريكية بالتحوالت الدميقراطية يف الوطن العريب،املستقبل العريب، العدد ) 2( . 27ق، صـع سابـحسنني توفيق إبراهيم،مرج ) 3( .124،ص1994وبر ـ،أكت118ددـة، العـاسة الدوليـرنسي،السيـالف-ريكيـر األمـابة، اجلزائر حتت اهـمد مهـأح ) 4(

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

106

يف اجلزائر اليت هي يف طريق تعزيز الدميقراطية، وأن على الرئيس بوتفليقة وحكومته بذل املزيد من اجلهود

ذا املنحى العام، حينما أبرقت الواليات يف ه 2004وصبت اإلنتخابات الرئاسية لعام . )1(لتحقيق ذلك .)2(املتحدة يف تصرحيها أن فوز الرئيس بوتفليقة هو انتصار ملسرية الدميقراطية يف اجلزائر

آليات جتسيدإن الواليات املتحدة عملت على دعم خمتلف اإلنتخابات اليت عرفتها اجلزائر، كأحد والدميقراطيني يف هذا الشأن، لكن هناك بعض املواقف اليت الدميقراطية، وكان هناك توافق بني اجلمهوريني

عرت على حقيقة أن الواليات املتحدة ال تدعم دميقراطية دد مصاحلها، وجتلى ذلك يف تفاعلها مع ما أفرزته رة اليت فازت فيها اجلبهة لإلنقاذ اإلسالمية بأغلبية املقاعد، حيث أن اإلدا 1991اإلنتخابات التشريعية لسنة

، وذلك 1992اجلمهورية بقيادة جورج بوش األب، ساندت بشكل غري مباشر وقف املسار اإلنتخايب عام إن موقفها فسر آنذاك مبعاداا الشديدة .)3(عندما اكتفت بالتأسف عن وقف العملية الدميقراطية يف اجلزائر

عرب ولقد ،)4(م أو حىت أن يشارك فيهلظاهرة اإلسالم السياسي، حيث رفضت مجلة وتفصيال أن يصل إىل احلكيشري فيه (Middle East Quarterly)هذا الصحفي األمريكي دانيال بالست، حينما نشر مقاال له يف جملة عن

أن على الواليات املتحدة أن تقف ضد تسلم اإلسالميني احلكم يف اجلزائر، وأن عليها أن تقف مع احلكومة .)5(املطاف ال تشكل ديدا ملصاحلها اجلزائرية، اليت هي يف اية

إذن وفق هذا املنظار الذي اعترب أمنيا بالدرجة األوىل، وقفت الواليات املتحدة إىل جانب النظام رغم عالته، أو باألحرى إىل جانب مصلحتها اليت كانت تقتضي بقاء النظام حىت ولو كان على حساب

.الدميقراطية، حاولت اإلدارة األمريكية ج خط بديل عما 1993لرئاسة سنة بعد وصول بيل كلينتون إىل ا

انتهجته اإلدارة اجلمهورية من قبل، حيث ركزت أكثر على املسائل اإلقتصادية يف تعاملها مع اجلزائر، وارتأت ع ـموبالتايل أبدت مرونة يف التعامل ضرورة التعامل حبكمة مع خمتلف ما تفرزه األوضاع الداخلية اجلزائرية،

.قـع سابـحممد مجال عرفة، مرج )1( :فهمي هويدي، شهادات الغرب لالنتخابات اجلزائرية مشكوك يف مصداقيتها، مأخوذ من موقع انترنيت ) 2(

http://www.algeria-voice.org/errai/errai21-40/errai22/ :مأخوذ من موقع انترنيت ! من االقتصادي لألمين..الرؤية األمريكية للجزائر شريف عبد الرمحن، ) 3(

shtmhttp://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/10/article11. بريوت، . و الثقافية اخللفيات السياسية و اإلجتماعية و اإلقتصادية: لفة، يف كتاب األزمة اجلزائريةـددية املكـزائر و التعـنعم العمار،اجلم ) 4(

.56، ص1999، 2مركز دراسات الوجدة العربية، ط ، 202ددـالع دولية،املستقبل العريب،ـاده اإلقليمية و الـأبع: اسي يف اجلزائرـالم السيـاإلسرنسي من ـف الفـناظم عبد اجلاسور،املوق ) 5(

.56ص ،1995رـديسمب

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

107

من جهة، ومن جهة اخلمينيةاإلسالميني العتقادها بإمكانية وصوهلم إىل السلطة، وحىت ال يتكرر سيناريو إيران

.، وظل املوقف يشوبه احلذر الترقب)1(أخرى دعم النظام يف مواجهة من أمستهم باألصولينيعملت على أن تكون أكثر إن اإلدارة الدميقراطية إذ ركزت على اجلانب اإلقتصادي كثريا، فإا

وهذا ما . )2(حتفظا يف اجلانب السياسي، خاصة كل ما من شأنه أن يعد تدخال يف الشؤون الداخلية للجزائر .أدى إىل أن ختف ضغوطها يف دفع النظام السياسي اجلزائري إىل أن يكون أكثر دميقراطية

ذي اختطه الدميقراطيون، حيث أن على انتهاج نفس اخلط ال -االبن -وعملت إدارة جورج ولكر بوش، مل يثر معه فيها أي أسئلة تتعلق باألوضاع الداخلية 2001املقابلة اليت اختص ا بوش الرئيس بوتفليقة يف سنة

ليستمر بذلك غض الطرف عن الضغط الذي ميكن أن تفرضه . )3(اجلزائرية، وإمنا آثر فتح امللفات اإلقتصادية .لنظام اجلزائري فيما خيص قضايا الدميقراطية واحلريات الفردية وحقوق اإلنسانالواليات املتحدة على ا، جاءت لتؤكد عودة املنظار األمين كعامل رئيسي حمدد لسياسة 2001سبتمرب 11لكن أحداث

كل ما ميكن أن يهدده، ويف مقدمته القائم ضدالواليات املتحدة اخلارجية، ومعها حسم املوقف لصاحل النظام .إلسالم السياسيا

وبناء على ما سبق فإن الواليات املتحدة األمريكية ال تدعم حبق الدميقراطية يف اجلزائر، وإمنا تسهم إا تعمل على تأجيل أن تكون التقاليد املؤسسية هي وحدها اليت حتكم . فيها بالقدر الذي خيدم مصاحلها

القول أا تعمل يف األخري على أن تظل األطر الفردية العمل السياسي واحلياة السياسية ككل، وبذلك ميكننا .هي املتحكم يف صنع السياسة اخلارجية اجلزائرية

.بالنسبة لتأثري الدول األوروبية: املطلب الثاين

على منوال الواليات املتحدة أكدت الدول األوروبية منفردة ويف إطار اإلحتاد األورويب، أن اجلزائر ال

توجه صوب الدميقراطية، وأن تلقي املساعدات األوروبية مرهون ذا التوجه، وهذا ما أعلنته مناص هلا من ال، املنشأ على أساسـها اإلتـحاد 1992، وإتفاقيـة ماسترخيت عام 1994نوفمرب 28اجلماعة األوروبية يف

الـتلقتها دول الشماعدات اليت ـجممل املس من %70ر ما يقارب الـ ـذا األخيـدم هـوق. )4(األورويب

.شريف عبد الرمحن، مرجع سابق ) 1( .رجعـس املـنف ) 2( . رجعـس املـنف ) 3( :مأخوذ من موقع انترنيت. راتيجية لألهرام، أوروبا و دعم الدميقراطية يف إفريقيامركز الدراسات السياسية و االست ) 4(

http ://ahram.org.eg/acpss/ahram/2001/1/1/read87.html

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

108

.على اعتبار أن هذه الدول حتتل مكانة هامة يف سياسته املتعلقة بدعم الدميقراطية وحقوق اإلنسان ،)1(اإلفريقي

لكن هناك من يرى أن صدقية هذا املوقف مرتبطة بأشياء أخرى، تتمثل أساسا يف مفهوم املصلحة، فاستنادا . وبية بشأن ما عرفته اجلزائر يف العشرية األخريةالذي يشكل مدخال مهما لفهم خمتلف املواقف األور

إىل املدرسة الواقعية فإن اهلدف األول واألساسي الذي تتمحور حوله السياسة اخلارجية ألي بلد، هو املصلحة ةيالقومية، وأكثر حتديدا هو تلك املسائل املتعلقة باألمن القومي، وترتب املسائل األخرى من قبيل الدميقراط

وحقوق اإلنسان ضمن املسائل الثانوية، وعلى هذا األساس فإن املواقف األوروبية جاءت لتصب يف هذا اإلطار :حيث

، حيث مل تتعد ردودها 1992وقفت موقفا سلبيا ضد توقيف املسار االنتخايب عام -1مية االستنكار، بل اعتربت أن احلكم القائم أقل خطرا أو ديدا من حكم اجلبهة اإلسال

.لإلنقاذ، اليت أعلنت مسبقا رفضها للمفهوم الغريب للدميقراطيةدعمت ضرورة احلفاظ على النظام ومراقبة العنف، والتسامح مع اإلستراتيجية الفضة -2

، وبالتايل بدل قطع املعونة واملساعدات )2(للنظام يف سياسته إلستئصال التهديد اإلسالمي 122ن قيمتها، حيث ارتفعت املساعدات الفرنسية من عن النظام القائم، فإا زادت م

، ووصلت التسهيالت 1994مليون دوالر عام 209إىل 1990مليون دوالر أمريكي عام بينما ، 1994مليون دوالر عام 40اإلئتمانية اليت قدمتها الدول األوروبية األخرى إىل

.)3( 1990ماليني دوالر عام 10كانت ال تتعدى الـ ت على التنسيق املشترك فيما بينها، خاصة يف جمال تبادل املعلومات، والتعاون األمين، عمل -3

واإلتفاق على ضرورة منع وصول اإلسالميني إىل احلكم، خاصة بعد تزايد عمليات العنف .)4(اليت مست رعاياها يف اجلزائر

القائم وعدم الضغط عليه، وذلك إن هذا أدى باملوقف األورويب العام إىل أن يتجه إىل مساندة النظام .بغض النظر عما ميثله وجيسده من قيم الدميقراطية

مع . وخبصوص املوقف الفرنسي، فإنه ال يبتعد كثريا عما عربت عنه املواقف األوروبية األخرى ائر، األخرية كانت يف أغلب األحيان تتشكل وتعتمد على الرؤية الفرنسية ملا حيدث يف اجلز ذه ـمالحظة أن ه

.نفـس املـرجع ) 1(

est pas finie, op. cit.‘ International Crisis Group, La crise Algérienne n)2 ( .ات السياسية و االستراتيجية لألهرام، مرجع سابقمركز الدراس ) 3( . 86ابق،صـع سـار ، مرجـمنعم العم ) 4(

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

109

، )1(حيث أناط اإلحتاد األورويب بفرنسا مهمة تشكيل سياساته اجتاه اجلزائر، ملا جيمعهما من روابط تقليدية

.ونظرا لإلهتمام الكبري الذي تبديه فرنسا مبستعمرا السابقةتقليدية ويبقى مفهوم املصلحة إطارا مالئما لفهم املوقف الفرنسي إزاء اجلزائر، ويعترب من احملددات ال

، وجتلى ذلك من خالل دعمها النظام السياسي القائم يف )2(ككل العريب للسياسة الفرنسية يف منطقة املغربان أن رياجلزائر ومده باملساعدات، خاصة اإلقتصادية منها، حيث أكد الرئيس الفرنسي األسبق فرانسوا ميت

.)3(رفرنسا ال ميكنها الذهاب أكثر مما فعلت يف مساعدة اجلزائلقد عملت فرنسا على مساعدة النظام القائم، رغم حتفظاا حول بعض التجاوزات واإلنتهاكات اليت كان يرتكبها خاصة يف جمال حقوق اإلنسان واحلريات العامة، واليت يبدو أا كانت ال تنم عن إرادة سياسية

.واإلقتصادية حقيقية يف دفع النظام إىل أن يتبىن املزيد من اإلصالحات السياسيةوهكذا على شاكلة الواليات املتحدة، مل تكن الدول األوروبية تعمل كقوة ضاغطة تدفع النظام السياسي اجلزائري إىل أن يلتزم بالقواعد الدميقراطية واألطر املؤسسية يف املمارسة السياسية، على حنو جيعل

العكس هو الذي كان مرجوا، حيث أن توجيه القرارات السياسية ومنها اخلارجية تصنع يف إطار موسع، بل من توجيه القرارات اخلارجية اليت تصنعها مؤسسات، خاصة إذا كان لصاحلها أيسرالقرارات اخلارجية الفردية

.هذا الفرد مواليا هلا، وبالتايل تبقى األطر الفردية البديل األفضل هلذه الدول

. مركز الدراسات السياسية و االستراتيجية لألهرام،مرجع سابق ) 1( :مأخوذ من موقع انترنيت. ! شراكة الوالء للمستعمر.. خالد الشوكات، فرنسا و املغرب العريب ) 2(

tp ://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/12/article9.shtmlht . 126أمحد مهابـة،مرجـع سابـق، ص ) 3(

الفصل الرابع تأثير البيئة الدولية على دور العوامل الشخصية في السياسة الخارجية الجزائرية

110

دور العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجية هي يف غاية التعقيد وعدم يبدو أن مسألة تأثري البيئة على نظرا لصعوبة الربط املباشر بني ما تفرزه البيئة الدولية وانعكاسه على أدوار صناع القرار يف جمال . الوضوح

رجات معايري ومؤشرات على أساسها ميكن قياس املدى الذي تؤثر به خم دالسياسة اخلارجية، وكذا صعوبة إجيا .هذه البيئة على هذه األدوار

لكن ميكن القول، إن العالقات الدولية ملا بعد احلرب الباردة جتنح إىل عدم اإلستقرار وال تزال بعيدة .داخل الدول، دون أن يستتبع ذلك عالقاا البينية باطرادعن املمارسات الدميقراطية، اليت باتت تتزايد

ط قيمي واحد يف مجيع ااالت، وسياسيا يسعى إىل تكريس املبادئ وفيما يتجه العامل حنو فرض منالدميقراطية، فإن اجلدل يثور حول املدى الذي تساهم به األوضاع الدولية اجلديدة يف دمقرطة األنظمة السياسية، حيث أن اخلطابات الرمسية والشعارات واملبادئ املزعومة، ال ميكنها أن تصمد أمام قوة ما يقرره

-غري الدميقراطية -وبدل أن تتجه األنظمة السياسية . واقع، الذي يكتسي فيه مفهوم املصلحة جاذبية خاصةالإىل قيم احلرية والدميقراطية، فإا تتجه حنو أشكال تزاوج بني الزينة املؤسسية من جهة، واألطر الفردية اليت

اع الدولية اجلديدة تعمل على أن تظل عملية حترك العمل السياسي من جهة أخرى، مبعىن آخر أن هذه األوض .صنع السياسة اخلارجية يف الدول العاملثالثية ومن بينها اجلزائر، رهينة األطر الفردية، ال األطر املؤسسية

ويف هذا املنحى ميكن إدراج مواقف كل من الواليات املتحدة األمريكية والدول األوروبية، على اعتبار م الضغط بشدة على النظام السياسي اجلزائري لتبين املزيد من الدميقراطية، وبالتايل أن مصاحلهم تقتضي عد

املزيد من املؤسسية، بل حاولت متديد عمر هذا النظام إىل أقصى ما ميكن، وهكذا ارتأت أن حتقيق مصاحلها .بشكل أفضل مير عرب األشخاص، ال عرب املؤسسات

.اجلزائريةلعوامل الشخصية احملدد الرئيسي للسياسة اخلارجية إذن البيئة الدولية تعمل على أن تظل ا

حاولت هذه الدراسة مقاربة ظاهرة الشخصنة يف عملية صنع السياسة اخلارجية اجلزائرية مـن خـالل على إشكالية متحورت حول معرفة مصادر و أسباب هذه الظاهرة، وذلك يف الفترة املمتدة مـا بـني التركيزل، وتنطوي علـى حركـات ويف حماولة البحث وتقصي تبني لنا أا تتعدد وتتنوع وتتداخ .2004 - 1999

.الشخصنةذه ـد األساسي هلـدد أو الرافـية جتعل من الصعب احلسم يف أيها يعترب احملـتبادل –تفاعلية الـداخلي ورغم اإلعتراف بوجود إطار نظري صارم يقر ارتباط العوامل الشخصية بطبيعـة النظـامني

ا اجتهنا إىل بعض احلاالت املتميزة، لذا تعاملنا حبذر مع إال أن قدرات التعميم تتراجع كلموالدويل، )الوطين(الداخلية، والدولية يف السـلوك اخلـارجي النفسية، :البيئاتاستجابة لتداخل مجيع التحليل،مجيع مستويات

.اجلزائري :وانطالقا من اهودات املقدمة طوال الدراسة توصلنا إىل ما يلي

:النتائج النظرية

ميمات نظرية يف السياسة اخلارجية ال تستطيع تقدمي تفسريات عميقة للسلوكات اخلارجيـة هناك تع -

يف السياسـة جاهزة حول زيادة دور العوامل الشخصية فرضياتفبالرغم من وجود الدول،لبعض ه إال أنه توجد استثناءات جتعل من هذ الدميقراطية،اخلارجية يف األنظمة التسلطية، وقلتها يف األنظمة

ونفس الشيء بالنسبة للفرضيات اليت تربط زيادة هذا الدور بطبيعـة النظـام . النماذج حمل تساؤلحبيث أن طبيعة البيئة الدولية احلالية ال تساعد على بروز العوامل الشخصية يف السياسـات الدويل،

.اخلارجية، غال أن الواقع يطالعنا بنماذج رائدة يف خمتلف دول العاملمن الغموض، الكثريفيه -Daniel S.Moreyكما فعل -وامل الشخصية بالبيئات الثالثةإن ربط الع -

والدولية حبيث أن إثبات زيادة دور العوامل الشخصية انطالقا من بيئة صانع القرار النفسية، الوطنية،خاصـة –تزداد صعوبة يف وجود توجهات خمتلفة هلذه البيئات، كما أن املوروث النظري املوجـود

.ال يعترف ذه املقاربات يف التفسري –الواقعي منه لفترة ما بعد احلرب البـاردة حيتـاج إن البحث يف العوامل الشخصية وتأثريها يف السياسة اخلارجية -

سواء يف طبيعة البيئة والنظام الدوليني، أو يف عميقة،وذلك يف وجود تغريات جديدة،هودات نظرية ويف هذا اإلطار ميكننا استنتاج أن زيادة دور العوامـل . خاصة التسلطية منها طبيعة األنظمة الداخلية

ما بعد ةالدولية لفترالشخصية يف مرحلة كهذه يعترب مفارقة حقيقية مع توجهات التنظري يف العالقات .احلرب الباردة دائما

:النتائج العملية

توصـلنا إىل أن البيئـات، على أا تنتمي ملختلف اخلارجية اجلزائرية ةالسياسمن خالل التعامل مع -يف فترة الدراسة تقف وراءها املعادلة الشخصـية –السياسة اخلارجية اجلزائرية –املظهر احلقيقي هلا

لرئيس الدولة، حبيث أن ادراكات وصور وعقائد الرئيس كانت كلها عوامل حمددة لتوجيه مـوارد .اخلارجية الدولة اجلزائرية يف خدمة سياستها

خاصة وأن اجلزائر إخل، ...وقد ساعدته يف ذلك طبيعة النظام السياسي اجلزائري ووضعية املؤسسات -صالحيات واسعة، مرت بأعقد مراحل أزمتها الداخلية، وكل هذا أعطى للرئيس عبد العزيز بوتفليقة

.زائر إقليميا ودولياخاصة وأنه سيوظف السياسة اخلارجية كأهم وسيلة إلعادة موقعة وانتشار اجلذلك ميثل دفاعا عن نالدولية أليصعب التحدث عن ربط زيادة دور العوامل الشخصية بطبيعة البيئة -

مفارقة ليس من اهلني الفصل فيها، لكن ميكن أن نتحدث عن حتكم كبري لشخص الرئيس بوتفليقة يف لية على أنه شخص حيمل تصـورا اخلطاب الدبلوماسي، حبيث أنه استطاع أن يقدم نفسه للبيئة الدو

كثريا من تقل امسه التارخيي يف السياسة داجلزائرية، وعن األوضاع الدولية، واستفاواضحا عن األزمة .الدولية

لذلك فالبيئة الدولية مل تساهم يف زيادة دور العوامل الشخصية يف السياسة اخلارجيـة اجلزائريـة نظرية، ولكن ميكننا أن نتحدث عن مسامهتها يف حالة واحدة، وهـي إذا انطالقا من زوايا أو اعتبارات

تعاملنا معها على أا جمموعة من الدول أو الكتل، وهنا سنكون أمام اإلعتبارات السياسية واإلستراتيجية، :إذن نستطيع التكلم عن موقفني. وليس أمام الصرامة النظرية

.مل الشخصية يف عملية صنع السياسة اخلارجية اجلزائريةموقف نظري حيول دون زيادة دور العوا – 1 .موقف سياسي يرتبط باحلسابات واملصاحل املختلفة للدول – 2

:وكنتيجة عامة هد الرئيس بوتفليقة ظلت رهينة السياسة اخلارجية اجلزائرية يف ع

ووظفت املعطيات الداخلية واخلارجية من الشخصية،معادلته .وة خطااأجل زيادة ق

قائمة المصادر و المراجع

I-باللغة العربية: :املصادر -1 .1996ر ـنوفمب 28ة، ـة الشعبيـراطيـرية الدميقـزائـورية اجلـور اجلمهـدست :املراجع -2 : الكتب -أ

- ة ـاملنظم األردن، .البيئة النفسية وأثرها يف عملية صنع القرار يف سياسة األردن اخلارجيةة سعد، أبو دي .1983العربية للعلوم اإلدارية،

دار الشروق للنشر األردن،. نشأا، مؤسساا، قواعدها، قوانينها: الوظيفة الدبلوماسيةأبو عالء عامر، - .2001، 1، طوالتوزيع

.2003، 1ويل، طـكتبة مدبرة، مـالقاه. األمن القومي العريب يف عامل متغريأيوب مدحت و آخرون، - بريوت، . أزمة املعارضة السياسية العربية: املعارضة و السلطة يف الوطن العريببلقزيز عبد اإلله و آخرون، -

.2001، 1، طمركز دراسات الوحدة العربية املكتب اإلسكندرية، . ةالسياسة اخلارجية لدولة اإلمارات العربية املتحدبن حارب عبد الرمحن يوسف، -

.1999 ،اجلامعي احلديث .1990ع،ـاعة والنشر والتوزيـدى للطبـاجلزائر، دار اهل. اسي اجلزائريـالنظام السيبوالشعري سعيد، -. 2000، 1ط، دار وائـل للطباعـة و النشـر عمـان، .مبادئ العالقات الدوليـة توفيق سعد حقي، - زبريوت، مرك. دراسة يف موضوع الزعامة: الدبلوماسية املصرية يف عقد السبعيناتمجعة شعراوي سلوى، -

.1988، 1، طدراسات الوحدة العربية .1985، 1ريب، طـاب العـبريوت، دار الكت. يةـات الدولـرية يف العالقـالنظحتى ناصيف يوسف، - .1987، 1بريوت، مركز دراسات الوحدة العربية، ط. رب و قضية الوحدةـالعسكريون العجمدي، محاد - توبقال املغرب، دار . عن اتمع املدين يف املغرب العريب: وعي اتمع بذاته محودي عبد اهللا و آخرون، -

. 1998، 1ر، طـللنش ترمجة وليد عبد احلي، . اربة يف العالقات الدوليةـالنظريات املتضروبرت، دوغريت جيمس و بالتسغراف -

.1985، 1الكويت، كاظمة للنشر والترمجة والتوزيع، ط . الثقافيةاخللفيات السياسية و اإلجتماعية و اإلقتصادية و : ة اجلزائريةـاألزمالرياشي سليمان و آخرون، -

.1999، 2بريوت، مركز دراسات الوحدة العربية، ط

قائمة المصادر و المراجع

.1998، 2ة، طـة املصريـرة، مكتبة النهضـالقاه. يةـة اخلارجـاسـل السيـحتليسليم حممد السيد، - بريوت، .ةاسة اخلارجيـائد والسيـة يف العقـدراس: اصريـاسي النـيل السيـتحل، ال/ -

.1983، 1مركز دراسات الوحدة العربية، ط .1997، 1األورويب، ط -مركز الدراسات العريب. رار السياسي األمريكيـة القـصناعالسليمي منصف، - اجلزائر، دار هومة، .ج، اإلقترابات واألدواتـاملفاهيم، املناه: املنهجية يف التحليل السياسيشليب حممد، -

.2002، 4ط بريوت، املكتب التجاري للطباعة والتوزيع والنشـر، . ةـل الدولـوم احلديث لرجـاملفهصعب حسن، - .1959، 1ط ، التوزيعان، دار الشروق للنشر وـعم. اصرةـة املعـاق التحوالت الدوليـآفعبد احلي وليد وآخرون، -

.2002. 1والنشر والتوزيع، ط القاهرة، دار األمني للطباعة والنشر والتوزيـع، . سوسيولوجيا الدميقراطية والتمرد باجلزائرعنصر العياشي، -

.1999، 1ط .2002، 1ة العبيكان، طـاض، مكتبـالري. ةـة الوطنيـواهلوية ـالعوملالقصييب غازي بن عبد الرمحن، - روت، مركز دراسات الوحدة العربية،ـبي. زائرـة يف اجلـل الدميقراطيـمستقبقرية إمساعيل وآخرون، -

.2002، 1ط كز دراسات الوحدة بريوت، مر. ن العريبـة يف الوطـاملسألة الدميقراطيالكواري علي خليفة وآخرون، -

.2000، 1العربية، ط .اجلزائر، دار املعرفة، د س ط. ريني والسياسينيـراع بني العسكـة الصـاجلزائر يف دواملونيسي رابح، - ودية، ـد سليم، السعـترمجة حممد أمحد مفيت وحممد السي. ةـاسة اخلارجيـر السيـتفسيلويد جنسن، -

.1989، 1، طاملكتباتعمادة شؤون 1993اإلسكندرية، املكتب اجلامعي احلديث، . يف تاريخ األفكار السياسية وتنظري السلطةمهنا حممد نصر، - .1998اإلسكندرية، املكتبة اجلامعية، .م العالقات الدولية يف عامل متغريـل إىل علـمدخ ، / - ن نافعة، القاهرة، دار املستقبل العريب، ـترمجة حس. ةـات الدوليـولوجيا العالقـسوسييل، مريل مارس -

. 1986، 1ط بريوت، مركز دراسات . قضايا اإلستمرار والتغيري:النظم السياسية العربيةهالل علي الدين ومسعد نيفني، -

.2002، 2ط ،الوحدة العربية ، ديوان املطبوعاتاجلزائر. ؟ماذا تغري فيه؟ وأين حنن من حتوالته: ام العامليـالنظولد خليفة حممد العريب، -

.1998اجلامعية،

قائمة المصادر و المراجع

بريوت، مركز دراسات الوحدة . اجليش و السياسة و السلطة يف الوطن العريبولد دادة أمحد و آخرون، - .2002، 1، طةـالعربي

، 1مركز دراسات الوحدة العربية، ط بريوت، .الوطن العريب بني قرننيمياين أمحد زكي و آخرون، -2000.

: الدوريات/ ب

،السياسة الدوليةاسية يف الدول النامية، ـة السيـارجية والشرعيـاسة اخلـالسيإبراهيم حسنني توفيق، - .1986 ،، أكتوبر86العدد

أكتـوبر ، 142، العـدد السياسة الدوليـة ، ن العريبـالتطور الدميقراطي يف الوط، / -2000.

،املستقبل العريب، ر الفجوة بني املفكرين وصانعي القرارات يف الوطن العريبـجتسيإبراهيم سعد الدين، - .1984، جوان 64العدد

.2001خريف ،04، العدد الدميقراطية، جملة زاب بني الدول املتقدمة والناميةـاألحأبو عامود حممد سعد، - ، املستقبل العريب، كناتمق واملـالعوائ: ريبـن العـراطي يف الوطـال الدميقـاإلنتقبلقزيز عبد اإلله، -

.1997، ماي 219د العد ،273، العدد املستقبل العريب، ن العريبـاء الدميقراطي يف الوطـة اإلستعصـ، إشكاليبن عنتر عبد النور -

.2001نوفمرب ،225، العدد ل العريبـاملستقب، زائرـم يف اجلـة احلكـة وطبيعـالدولعبد العايل، بوعناقة علي ودبلة -

.1997نوفمرب ، املستقبل العريب، اميةـدول النـاسية يف الـاسية والعملية السيـاركة السيـاملشالبيج حسني علوان، -

.1997، سبتمرب 223العدد ، 1973 التحليل السياسي لقرار تطوير اهلجوم يف حرب أكتوبرتركي بن طالل بن عبد العزيز آل سعود، -

.2000، أفريل 140، العدد السياسة الدولية أبعاده اإلقليمية والدولية،: اسي يف اجلزائرـاملوقف الفرنسي من اإلسالم السياجلاسور ناظم عبد الواحد، -

.1995، ديسمرب 202العدد ،املستقبل العريب الة اجلزائرية للعلوم السياسية، اإلستجابة العربية و التجليات: ةـومؤسسات العومل وىـقجفال عمار، -

.2002-2001، العدد األول، شتاء واإلعالمية

قائمة المصادر و المراجع

، ريبـل العـاملستقب ،)ةـالفتناحلجرة، احلصار، (زائر ـدين يف اجلـع املـاتمالدسوقي أمين إبراهيم، - .2000، سبتمرب 259العدد

.2001، خريف 04، العدد الدميقراطيةجملة ؟ أي دور: والسياسة اخلارجيةربيع عمرو هاشم، األحزاب - ، ، النمط العقالين لتحليل صنع القرار يف السياسة اخلارجية املصرية يف عهد الرئيس مباركزهران مجال علي -

.2000، أكتوبر 142، العدد السياسة الدولية جملة العلوم اإلجتماعية، ، واقع وآفاق اتمع املدين كآلية لبناء وترسيخ التعددية يف العامل العريبزياين صاحل -

.2004، جانفي 09، العدد واإلنسانية ، " صدام احلضارات" وذج أطروحةـمن: ريكيـمر اإلستراتيجي األـنوب يف التفكيـاجلسعدي حممد، -

.1998، أكتوبر 236العدد ،املستقبل العريب .2001، خريف 04دد ـ، العراطيةـقالدمي، جملة ريبـرب العـقراطية يف املغـالدميشافعي بدر حسن، - ،يف الوطن العريب والت الدميقراطيةـبالتحريكية ـارجية األمـاسة اخلـة السيـعالقعبد احلي وليد، -

.2001، ماي 267العدد ،املستقبل العريب .2001، خريف 04، العدد الدميقراطية، جملة اركة السياسيةـية واملشـم احلزبـالنظعبد الرمحن محدي، - ،اذج وآفاق املستقبلـايا والنمـضالق: اـراطي يف إفريقيـول الدميقـرة التحـظاه، / -

.1993، جويلية 119، العدد السياسة الدولية ،125العدد ،العريباملستقبل ، اه اخلليج يف عهد غورباتشيفـاتية جتـاسة السوفيـالسيالعلكيم حسن، -

.1989جويلية ، اإلنسانية جملة العلوم، رـابية التغييـات وإجيـربية بني سلبية الثبـعة الياسـم السيـ، النظفرحايت عمر -

.2002، جوان 02العدد ، 74، العدد السياسة الدولية، اسة اخلارجيةـع السيـل الشخصية يف صنـأثر عام ،إبراهيم فضة حممد -

.1983أكتوبر ، السياسة الدولية، قراءة حلرب أكتوبر يف عيدها الثالثني: ما هي شروط صنع القرار الناجحقوراين جت، -

.2003، أكتوبر 154العدد .2002، جوان 17، العدد انيةـوم اإلنسـجملة العل، دـمي جديـام عالـو نظـحنكيبش عبد الكرمي، - .1994، أكتوبر 118، العدد السياسة الدولية، الفرنسي -ريكيـهر األمـئر حتت اازـاجلمهابة أمحد، - .1997، ديسمرب 226، العدد املستقبل العريب، ع واآلفاقـالواق: زائريةـة اجلـاألزممهري عبد احلميد، - ، )ة يف إطار تعدديـراع على السلطـإشكاليات الص(زائر ـوى يف اجلـتوازنات القميتكيس هدى، -

.1993، جوان 172، العدد املستقبل العريب

قائمة المصادر و المراجع

:الرسائـل -د ، واء جهوي شاملـإستراتيجية جديدة الحت: اد األورويبـدة لإلحتـديـاسة اجلـالسي حجار عمار، -

.2002رسالة ماجستري غري منشورة، جامعة باتنة، :االت واجلرائد -ج

.2001ر ـ، ديسمب461دد ـجيش، العـال - .30/12/2003، من 53، العدد )أسبوعية(ام اجلزائرية ـاألي - .01/07/2001إىل 25/06، من 125اخلرب األسبوعي، العدد - .01/03/2004، 376دد ـ، الع)ةـيومي(أ ـالنب - .17/03/2004، 4036، العدد )ةـيومي( ر ـاخلب -

:مواقع اإلنترنت - هـ

.ةـد بوتفليقـر يف عهـزائـي، اجلـرياء حيـو زكـأب -

http// www. arabtimes.com / mixed 3/ doc 82. htm .1999ر ـسبتمب 21ورك، ـويـ، نيةـات اخلارجيـدى العالقـام منتـ، كلمة أمبوتفليقة عبد العزيز - .1999ر ـنوفمب 07ر، ـزائـم، اجلـريقي للسلـدى اإلفـنتـة، املـكلم، / - .1999ر ـنوفمب 17اليا، ـالنو، إيطيارجية ملـة اخلـة السياسـ، كلمة مبعهد دراس/ - .2001توبر أك 18ة، جوهانسبورغ، ـؤون الدوليـ، مداخلة مبعهد جنوب إفريقيا للش/ - .2002ارس ـم 12ر، ـزائـة، اجلـى األمـاب إلـ، خط/ - .2002مارس 16، كلمة، مؤمتر قمة املنظمات غري احلكومية لبلدان اجلنوب، اجلزائر، / - حتاد األورويب، إسبانيا، زائر واإلـراكة بني اجلـالش قـااتفع على ـ، كلمة، التوقي / -

.2002ريل ـأف 22 .2003فيفريي 24از، ماليزيا، ـدان عدم اإلحنيـر لبلـالثة عشـة الثـ،كلمة، القم/ -

قائمة المصادر و المراجع

واحلضارات، افات ـر بني الثقـ، كلمة، إفتتاح أشغال امللتقى الدويل حول احلوار املثم/ - .2003مارس 24اجلزائر، العلوم، التكنولوجيا، والبيئة، : ، كلمة، إفتتاح األسبوع العلمي الوطين الثاين للجامعات/ -

.2003أفريل 12وهران، .2003اي ـم 30ر، ـزائـة، اجلـألمى اـاب إلـ، خط/ - .2003وان ـج 03ا، ـي، فرنسـان األوروبـرملـام البـاب أمـ، خط/ - ة للمجالس اإلقتصادية واإلجتماعية ـة الدوليـن للرابطـ، كلمة، إفتتاح اللقاء الثام/ -

.2003جوان 24ت املماثلة، اجلزائر، واملؤسسا .2003سبتمرب 22األمريكي، نيويورك، -س األعمال اجلزائريـاع جملـ، كلمة، إجتم/ -فيفـري 03رف الرئيس الصيين هوجينتـاو، اجلزائـر، ـة على شـة، مأدبـ، كلم/ -

2004. لوزراء منظمة الدول 129ة عشاء على شرف املشاركني يف الندوة ـة، مأدبـ، كلم/ -

.2004فيفري 09املصدرة للبترول، اجلزائر، اح أشغال الندوة األوىل لوزارة الطاقة لبلدان إفريقيا وأمريكا الالتينية، اجلزائر، ـ، إفتت/ -

.2004 فيفري 12 . 2004ماي 22، كلمة، القمة السادسة عشر جلامعة الدول العربية، تونس، / - أديس أبابا، : ، كلمة، اإلجتماع اإلفتاحي لقمة جملس السالم واألمن لإلحتاد اإلفريقي/ - .2004ماي 25 .2004سبتمرب 21للجمعية العامة لألمم املتحدة، نيويورك، 59،خطاب، الدورة الـ / -

:كل هذا على املوقع http.// www. el-mouradia.dz /arabe/ president/ recherche/ recherche . htm

.1999ة ـويليـج 08، (ANN)ة ـربيـار العـة األخبـكـع شبـديث مـبوتفليقة عبد العزيز، ح - .1999ة ـويليـج 28ة، ـدنيـنـالل" اةـاحلي" ة ـيفـع صحـث مـديـ، ح/ - .1999ر ـنوفمب 29ة، ـدنيـنـالل" طـالوس" ة ـوعيـع أسبـث مـديـ، ح/ - .2003ر ـديسمب 07ة، ـانيـبنـالل" وادثـاحل" ة ـلـع جمـث مـيدـ، ح/ -

:كل هذا على املوقع httP:// www . el- mourdia. dz / arabe/ president/ interview / recherche.htm

قائمة المصادر و المراجع

.ةـليقـاة بوتفـية عن حيـذة رمسـنب -http:// www. el- mouradia. dz / arabe/ president/ presidentar. htm

.ةـراطيـمقـة الديـربـر والتجـجزائـي الـة فـاسيـزاب السيـاألحثنيو نور الدين، -http:// www. rezgar. com/ debat/ show. art. asp ? aid= 9562.

.ةـربيـدة العـة الوحـة على قضيـامليـرات العـيـر املتغـدي، أثـمحاد جم -http:// www awu- dam.org/ politic/03/fkr 3-002.htm

.هـوين فيـروع الصهيـع املشـد وموقـوملي اجلديـام العـر، النظـاحلمش مني -http:// www. awu- dam.org / politic / 11-12 / fkr 11-12-005. htm

.نـص األمـادة فحـاردة وإعـرب البـة احلـايـى، ـيب موسـالزع -http:// www. awu- dam.org / politic/ 17 / fkr 17-005. htm

!رـعمـوالء للمستـة الـراكـش.. ربـا واملغـسـد، فرنـالـات خـالشوك -http://www. islamonline. net / arabic/ politics /2001/ 12 article 9. shtml

! ينـادي إىل األمـمن اإلقتص.. ر ـزائـة للجـريكيـة األمـف، الرؤيـن شريـعبد الرمح -http// www. islamonline. net /arabic/ politics/ 2001/ 10/ article 11.shtm

! رـار آخـم حىت إشعـون يف احلكـالعسكري.. ات اجلزائرـعرفة حممد مجال، انتخاب -http : // www. islamonline. net /arabic/ politics/ 2002/06/article 01. shtml

.ايشـراع و تعـاون و صـتع. .زائر ـر باجلـاسة و العسكـالعويديدي نورالدين، الرئ -:// islamonline.net/iol_arabic/dowalia/qpolitic_act_2000/qpolitic10.asp http

.ريبـامل العـالع ءريكي إزاـاألماب ـراطية يف اخلطـالية الدميقـد، إشكـالكيايل ماج -http ://www.falasteen.com/imprimersans.php?id_article=1776

. اـريقيـة يف إفيـراطـم الدميقـلدراسات السياسية و اإلستراتيجية لألهرام، أوروبا و دعمركز ا - http://ahram.org.eg/acpss/ahram/2001/1/1/read87.html

.هاـوك يف صدقيتـرية مشكـزائـادات الغرب لإلنتخابات اجلـدي، شهـي هويـفهم-40/errai22-voice.org/errai/errai21-://algeria http

قائمة المصادر و المراجع

II - باللغة األجنبية: ):باإلجنليزية(الكتب -1

- FRANKEL Joseph, The Making of Foreign Policy : Analysis of Decision Making.

London, Oxford University Press, 1963.

- KORANY Bahgat & all, How Foreign Policy Decisions are Made in The Third

World : A Ccomparative Analysis. Westerview Press

INC, 1986.

- SPANIER John, Games Nations Play. Congressional Quarterly INC, Seventh Edition,

1990.

- SULLIVAN Michael, International Relations : Theories and Evidence. Prentice-Hall,

INC, 1976.

):باإلجنليزية( الدوريات –2 - GIDEON Rose, Neoclassical Realism and Theories of Foreign Policy, World Politics

Vol 51,n°1,October1998.

- SMITH Steve, Theories of Foreign Policy: An Hitorical Overview, International

Studies, Vol 12, December 1986.

:ع االنترنيتمواق –3 :باإلجنليزية -3-1

- DE LIMA Maria Regina Soares, Foreign Policy and Democracy: A Preliminary

Analysis of The Brazilian Case.

http:// www.isanet.org/noarchive/ lima. html

قائمة المصادر و المراجع

- HERMANN Margaret.G and HAGAN Joe.D, International Decision Making:

Leadership matters (The Frontiers of Knowledge).

http:// articles.findarticles.com/p/articles/mi_m1181/is_n11/ai_20492570

- HOFFMANN Andrea Rebeiro, A Synthetic Approach to Foreign Policy.

http://www.isanet.org/noarchive/hoffmonn.html

- MOREY Daniel.s, Presidential Foreign Policy Activity: President- Centered,

Presidency- Centered, or International Pressure?

http://www.qaa.ac.uk/crntwork/benchmark/politics.pdf

- RITTBERGER Volker, Approaches to The Study of Foreign Policy Derived from

International Relations Theories.

http://www.isanet.org/noarchive/ritberger.html

- WALTZ Kenneth.D,Globalisation and Governance.

http:// www.findarticles.com/cf_dls/m2139/4_32/59136258/p1/article.jhtmc?term= - NO NAME, Approaches to International Relations.

http://www.yorku.ca/dmuntimer/lect03.htm

.فرنسيةبال 2- 3

- ADDI L’haouari, L’armée, la nation et la politique.

http://www.Algeria-watch.org/fr/article/analyse/armee_nation_politique.htm

- / , Les partis politiques en Algérie et la crise du régime

des « grands électeurs ».

http://www.algeria-watch.org/fr/article/analyse/addi_partis.htm

- International Crisis Group (ICG), La Crise Algérienne N’est Pas Finie.

http:// www.Medintellogence.free.fr/bd Alger crise pas finie.htm

- / , La concorde civile : une initiative de paix manquée. http://www.Algeria-watch-de/pdf/pdf-fr/icg-rappot-pdf

- QUANDT William, Flirt contrarié entre Washington et Alger.

http://www.mond-diplomatique.fr/2002/07/quandt/16698