مة،ك حم نصف سنويةجملة دراسات يف اللغة العربية وآداا، م٢٠١٦.ش/ه١٣٩٤ شتاءوخريف ، العشرونو الثاين العدد

١٣٦ -١١٥صص »أغاين مهيار الدمشقي«مقومات العاملية يف ديوان

حسب آراء حسام اخلطيب

شهرام دلشاد الدكتور سيد مهدي مسبوق امللخص

تاب الناقد العريب الشهري الدكتور كمنها ،زاا وأطرهاية األدب ومياملی حول عدراسات شت كهنااتب حبثا قيما عن كه الياملعنون بـ"األدب املقارن من العاملية إلی العوملة" الذي أورد ف حسام اخلطيب

القضية ألنه ينظر إلی هذه كة اخلطيب يف هذا املجال أمهية قصوی وذليعاملية األدب ومقوماا. ولنظرهذه حبثتحيث ،نظرة شاملة ويقسم هذه املقومات إلی ثالثة أقسام هي الذاتية، واللغوية واإلطارية

ديوان "أغاين مهيار الدمشقي" ألدونيس حسب آراء حسام اخلطيب. يفقومات امل تلك الدراسة عن ملية يف هذا الديوان.مقومات أخری إليضاح مؤشرات العا هاعت منزت علی املقومات وفركرقد و

ز معظم مقومات العاملية من وجهة نظر حسام اخلطيب ومتي كامتل ديوانتوصلت الدراسة إلی أن ال بعمق يف نعتربه ديوانا عامليا بسبب عرضه أفكارا عميقة تدفع اإلنسان إلی التفكر بسمات جتعلنا

خيلو نه كول ،ز بسمة التفرد واإلبداعيتمجتعله يموقفا إنسانيا جليا و هامن والوقوف االجتماعية القضاياق التوازن الدقيق بني املعاين املنشودة يهي: النكهة املحلية، واملقوم اإلطاري، وحتق ،ثالثة مقومات من

، كما أن انتباه القراء املحليني بالنسبة إلی املتخصصني ةراثإ يفنجح يفالشاعر مل ؛للخاصة والعامة عامة من قبل شعره يف الرمز واألسطورة والدالالت الصوفية تسبب يف صعوبة فهمأسلوبه املتوغل

.الناس مقومات العاملية، حسام اخلطيب، أدونيس، أغاين مهيار الدمشقي.كلمات مفتاحية:

- ا يف جامعة بوعليمهدان، إيران سينا،أستاذ مشارك يف قسم اللغة العربية وآدا. smm.basu@yahoo.com - ا يف جامعة بوعليالكاتب املسؤول. (مهدان، إيران سينا،طالب دكتوراه يف فرع اللغة العربية وآدا(.

sh.delshad@ymail.com: الربيد اإللكتروين م١٠/٠٥/٢٠١٦ش= ه. ٢١/٠٢/١٣٩٥م تاريخ القبول: ٢٧/١٢/٢٠١٤ش= ه.٠٦/١٠/١٣٩٣ريخ الوصول: تا

١١٦ م دلشادوشهرا سيد مهدي مسبوق - ..»أغاين مهيار الدمشقي« ديوان يف ةمات العامليمقو

املقدمةم، وجائزة ١٩٩٨ة منها جائزة اإلكليل الذهيب يف مقدونية سنة يجوائز أدبية سن أدونيسحصد

م واستطاع أن يرشح من قبل النقاد لنيل جائزة نوبل لآلداب يف عدة ٢٠١١فرانكفورت سنة غوتة يفمن أعمال أدونيس مرات وهذا األمر قد دعا بعض النقاد أن يطلقوا عليه لقب املرشح األبدي.

م بعد أن ٢٠١٤الذي ترشح لنيل جائزة نوبل لآلداب سنة "أغاين مهيار الدمشقي"وان الشعرية دينال شهرة طائرة ،إن مل حيصد هذه اجلائزةو ،الشاعروجم إلی عدة لغات والسيما اللغة اإلجنليزية. تر

اعتمدت هذه الدراسة علی نظرية حسام اخلطيب املعنونة وقد بسبب هذه الترشحيات املتعددة. ستوی عاملي. املقومات اليت تسببت يف ترشيح هذا الديوان علی مينيلتب» مقومات العاملية األدبية«بـ

والوصول إلی عاملية «إذ إن هناك صلة وثيقة بني األثر الذي يرشح لنيل جائزة نوبل ومقومات العاملية. ة وناقشوها ياألدب من أبرز طموحات األديب املعاصر وقد تناول بعض املقارنني العرب هذه القض

ب علی وجه العموم وإلی عاملية األدب نوا مقوماا. فهم نظروا إىل األدب العاملي، وعاملية األديوبالدين املناصرة، العريب علی وجه اخلصوص؛ منهم حممد غنيمي هالل وفؤاد املرعي وسعيد علوش، وعز

الذي حسام اخلطيبت يونبيل راغب، وعبده عبود. وعلی رأسهم الناقد واملقارن العريب الذائع الصكتابه . وخصص هلا يف١»العريب على وجه التحديد شغلته قضية عاملية األدب عامة، وعاملية األدب

. وبسبب شهرة نظرية اخلطيب عن ٢حبثا قيما فريدا يف بابه» األدب املقارن من العاملية إلی العوملة«أغاين مهيار «العاملية يف األقطار العربية فقد اعتمدنا عليها هنا للكشف عن مقومات العاملية يف ديوان

ألدونيس. »الدمشقيمن أبرز دواوين الشاعر وقد أورد فيه تأمالته عن احلياة والدنيا » أغاين مهيار الدمشقي«وان دي

ها اإلنسان يوالتراث األسطوري والعريب وحتدث عن احلرية والكرامة اإلنسانية وسائر القضايا اليت يعانتا يی واسعا وصشعره صد ي ولقنيزات إعجاب كثري من النقاد والدارسيقد أثارت هذه املو .املعاصر

طائرا علی الصعيدين الوطين والدويل. حتاول هذه الدراسة أن تكشف عن املقومات األساسية لفهم قضية العاملية وتركز اهتمامها علی رصد مقومات العاملية يف هذا الديوان. واملنهج املستخدم يف هذه

ة حسام اخلطيب حول عاملية يرعلی نظ -كما أسلفنا -الدراسة هو املنهج الوصفي التحليلي، وتقوم

.۲۰، ص والتنني" إلدوار اخلراطة "رامة مقومات العاملية يف روايشهرام دلشاد، و هادي نظري منظم -١ .۲۵۰-۲۳۰، ص األدب املقارن من العاملية إلی العوملة، بياخلط حسامأنظر: -٢

١١٧ عشرونالو الثاين، العدد السادسة، السنة جملة دراسات يف اللغة العربية وآداا

ألدونيس منوذجا للدراسة والتطبيق، دون أن تغض » أغاين مهيار الدمشقي«ألدب، وتتخذ ديوان

الطرف عما ألف حول هذا الديوان من الكتب واملقاالت.. ما هي أبرز مقومات العاملية يف ديوان أغاين مهيار ١حناول أن جنيب عنهما مها: سؤاالن هناك

ة األدب يدخل يف مشروع عاملي. هل يصلح هذا الديوان أن ٢قي حسب آراء حسام اخلطيب؟ الدمش ب؟ يحسب آراء حسام اخلط

يف الرد علی السؤال األول نری أن هذا الديوان قام علی أساس املوقف اإلنساين اجللي واملنتج احية املعنی واللغة التفرد واالبتكار من نكاالفكري الصايف وتليهما مقومات العاملية األخری

ة األدب يدخل ضمن مشروع عامليصلح أن يواألسلوب. ويف الرد علی السؤال الثاين نقول إن الديوان فقد يرغم احتوائه علی عدة خصائص العاملية ديوانألن ال كلكن بشيء من التسامح واحليطة وذل

ة التوازن واملقوم اإلطاري.يعملثرية حتدثت عن كدراسات كهناوعاملية يف أعمال أدونيس. مل جند دراسة مستقلة عن مقومات ال

تاب كزت علی فرادة الشاعر وعبقريته منها كدراسات ارت كما أن هناك الشعريةة وأغراضه يآرائه النقداتب كه اليم)، قد أورد ف٢٠٠٨بقلم عبدالقادر حممد مرزاق (» ري واإلبداعيكمشروع أدونيس الف«

شعر «تاب كرية واخلصائص اإلبداعية عنده. وكس ومصادره الفآراء قيمة حول شاعرية أدونيه الباحثة شعر أدونيس دراسة يم) ، درست ف٢٠٠٨( بقلم راوية حيياوي» أدونيس، البنية والداللة

بقلم عبدالرزاق عبد » عصر العوملة اا يفية وحتدياللغة العرب يف العامليةمقومات «ة. ومقالة يبنيوية داللون لغة كة اليت تؤهلها ألن تيز هذا البحث علی خصائص اللغة العربكق)، ر١٤٢٩الرمحن سعدي (

كة خصوصا واألمم األخری عموما. هناية واسعة االنتشار تؤدي دورها يف حضارة األمة اإلسالميعاملة حسام يمقومات العاملية يف رواية "رامة والتنني" إلدوار اخلراط يف ضوء نظر« ااأيضا مقالة عنو

ش) بقلم هادي نظري منظم وشهرام دلشاد. هذه املقالة اعتمدت علی نظرية حسام ١٣٩٢( »اخلطيب يف رواية رامة والتنني. العامليةب وحبثت عن مواصفات ياخلط

الدمشقي" وحبثت عن مدی مهيار"أغاين ديوانزت علی كوا ركزت يف يأما هذه الدراسة فتماليت اتصفت ا العامليةثبت مسة يب لية حسام اخلطيلی ضوء نظرع العامليةملقومات ديوانال كامتال

،من هذه اجلهة ،ل جائزة نوبل لآلداب فدراستنايته باملرشح األبدي لنيأعمال الشاعر وتسببت يف تسم ها أحد.يجديدة مل يتطرق إل

١١٨ م دلشادوشهرا سيد مهدي مسبوق - ..»أغاين مهيار الدمشقي« ديوان يف ةمات العامليمقو

نظرة علی آراء حسام اخلطيب

. الذاتية تأيت ١لذاتية واللغوية واإلطاريةمقومات العاملية حسب آراء حسام اخلطيب ثالثة أنواع: اإن األساس األول لعاملية األدب، هو املقياس املوقفي أو «علی مخسة أقسام: أوهلا املوقف اإلنساين:

املضموين أو الفكري. أي ماذا يقدمه الديوان الشعري أو الرواية أو الكتاب النقدي من فهم لقضية . والقسم الثاين من الذاتية هو النكهة ٢»اص أم يف إطار الكون واملصرياإلنسان سواء يف إطار جمتمعه اخل

مع أن قضية املوقف اإلنساين تعد الشرط األساسي للرقي باألدب إلی مستوی العاملية فإنه «املحلية جيب عدم أخذ هذا احلكم علی إطالقه، وينبغي أن نقرر أيضا أن هناك أعماال أدبية خالدة اليعود

إلی طبيعة املوقف الذي تقترحه من قضية اإلنسان، ولكن إلی ما تتمتع به من نكهة حملية خلودها وشخصية قومية أو إقليمية خاصة، ومقدرة علی التعبري عن روح منطقة معطاة من العامل يف مرحلة

قيق بني يبدو أن املطلوب هو عملية توازن د«ة التوازن؛ ي. والثالث من الذاتية هو عمل٣»تارخيية معينةاملنشودة للخاصة والعامة، ما خيص جمتمعا معينا يف فترة معطاة وما خيص اإلنسانية باملعنی املطلق املعاين

وكذلك بني املتحول والثابت، أي بني ما هو الطارئ والضمين وبني ما هو جوهري ومتكرر علی قد حيظی عمل ما «ميزة التفرد واإلبتكار . والرابع من الذاتية هو٤»املدی فيما يتعلق باحلقيقة اإلنسانية

بشهرة فائقة بسبب ما فيه من لون نوعي جدا ومميز جدا قد خيتلف اختالفا كبريا عن روح املنطقة . أما اخلامس من الذاتية فهو ميزة اإلتقان. ٥»األجنبية اليت يشتهر فيها أو عن املناخ األديب السائد عامليا

توفر شرط اإلتقان الفين بوصفه شرطا الزبا ال غنی عنه «املية واملراد به هنا يعد اإلتقان من مقومات العيف عملية الترشيح للعاملية، وأن مفهوم هذا الشرط مرن جدا ومتراوح مماط ومستعص علی التحديد

كلما ارتقی العمل الفين تعذر الفصل بني عناصره، لكن هذا الفصل يبدو أسهل يف حالة . «٦»القاطع .٧»األقل شأنا وإذا البد من توافر شرط اإلتقان الفين ألي عمل يرشح نفسه للعاملية األعمال

.۲۳۰ص ر نفسه،املصد -١ .۲۳۱، ص املصدر نفسه -٢ .۲۳۲، ص نفسه املصدر -٣ .۲۳۴، ص املصدر نفسه -٤ .۲۳۳، ص املصدر نفسه -٥ .۲۳۷، ص املصدر نفسه -٦ .۲۳۶ص املصدر نفسه، -٧

١١٩ عشرونالو الثاين، العدد السادسة، السنة جملة دراسات يف اللغة العربية وآداا

انتباهنا إليه حسام اخلطيب يف معرض يالنوع الثاين من املقومات هو املقوم اللغوي الذي يسترع

تمتع ت من الواضح جدا أن األعمال املكتوبة باللغات احلية هي اليت«ثه عن عاملية األدب بقوله: يحدبفرص أكرب للعاملية، أو ذات انتشار واسع، متسعة الصدر لإلبداعات اليت ترفدها من أفراد متميزين ينتمون لشعوب وأعراق متعددة كانت فرص إشعائها العاملي أقوی، رمبا ألن هذا االنفتاح يوسع مدرج

١»ألديبانتقاء األعمال اجليدة من جهة ويقوي من جهة أخری اجلوهر اإلنساين للعمل اعلی أنه الينبغي االعتقاد إطالقا بأن كل «قول عنها اخلطيب: ي أما املقوم األخري فهو اإلطارية اليت

عمل فين جيد حيمل خواص املوقف اإلنساين يستطيع بالضرورة أن يرقی إلی دائرة العاملية. إن املسألة رية من احلظ واملصادفة وليست ليست مفتوحة هكذا وال هي آلية. إن مبدأ العاملية خاضع لنسبة كب

األعمال ذات الشهرة العاملية هي بالضرورة أفضل ما أنتجه اجلنس البشري من إبداع. وإلی جانب املصادفة هناك مقاييس أخری دنيوية أو فوق أدبية، كاملقياس السياسي وهناك وسائل اتصال ثقايف

.٢»حمددة تشكل األقنية الطبيعية لبلوغ العاملية ة والتحليلالدراس .١

ونتاوهلا بالدرس والتحليل.» أغاين مهيار الدمشقي«هنا نقف عند مقومات العاملية يف ديوان املوقف اإلنساين .أه "أغاين مهيار الدمشقي" أهم القضايا اإلنسانية كاحلياة واملوت، احلب ديوانيتناول أدونيس يف

لي:يما ي، اجلرح واألمل نستعرضها فاالنتظارو هوم االنتظارمفأوال.

دائم طيلة حياته كون يف عراكمن مظاهر املوقف اإلنساين اجللي يف األدب. اإلنسان ي االنتظاركموضوعة (تيمة) دخلت بعمق يف صلب النص األديب، فشكلت ظاهرة عاملية «. وهو االنتظارب

ن شعر ومسرح يتعاطاها األدباء كموضوعة من موضوعات األدب العاملي يف خمتلف األنواع األدبية م . ٣»وقصة ورواية

.۲۳۸، ص املصدر نفسه -١ .۲۴۵ص املصدر نفسه، -٢ .).imamreza.netwww(اخلليفة: - ٣

١٢٠ م دلشادوشهرا سيد مهدي مسبوق - ..»أغاين مهيار الدمشقي« ديوان يف ةمات العامليمقو

ليشفي ا غليل اإلنسان بعد أعوام االنتظارنری يف املقطع اآليت أن الشاعر يتحدث عن مفهوم

كثرية مضت بالتربص والتصرب. هذا املوضوع مشترك وأثري بني الديانات والعقائد منذ أقدم العصور حتی يومنا احلاضر:

خضر فوق النار/ وحنن يف انتظار/ موعدك اآليت من ويا صديق اليأس والرجاء/ احلجر األ« .١»السماء

نستشف يف املقطع أن الشاعر يريد أن يسلي اإلنسان الذي يتحرك بني اليأس والرجاء فيجلس حزينا وفرحا يف انتظار من يأيت وال يأيت. لكن يری الشاعر أنه يأيت ألنه وعد وموعده السماء والبد أن

الشاعر معاين شعره مفتوحة أمام التفاسري والتأويالت فال يتحدث عن هذا يأيت من السماء. جعل املفهوم يف ضوء دين أو مسلك حمدد بل يتمتع به اإلنسان يف لواء كل مسلك وطريق. وبه يتسلی

املحرقة. االنتظاراإلنسان من لوعة

ثانيا. مفهوم الدهرالذي يعانيها اإلنسان وهي موضوعة لكوی من الدهر تعد متردا علی الظروف واملشاكإن الش

ه يعرب عن معاناة اإلنسان املعاصر فيي وكقف منه موقف الشاية عند األدباء ومنهم شاعرنا الذي ميقد ما نری يف مقطعه الشعري املسمی بـ"األيام":ك

أ هنا تعبت عيناه من األيام/ تعبت عيناه بال أيام/ هل يثقب جدارن األيام/ يبحث عن يوم آخر/ أ« .٢»لك يوم آخر؟ كهنا

ضاهي موقف الشعراء الفالسفة واحلكماء كاخليام، وأيب يهذا املوقف السليب من الدهر واأليام العالء املعري، واملتنيب وشكسبري وغريهم عرب العصور. وهذا املوقف املؤسس علی احلكمة خلد شعرهم

عرب الدهور كقول األعشی األكرب يف سب لة الدهور إذ لغة احلكمة لغة مجيع األعصار اليت ال تبلی يط الدهر:

٣لعمرك ما طول هذا الزمن علی املرء إال عناء معن وكقول املعري:

.۲۳۸، ص األعمال الشعرية الکاملةأدونيس، -١ .۱۴۹، ص املصدر نفسه -٢ .۱۵، ص ديواناألعشی األکرب، -٣

١٢١ عشرونالو الثاين، العدد السادسة، السنة جملة دراسات يف اللغة العربية وآداا

يسوسون األمور بغري عقل فينفذ أمرهم ويقال ساسه

١سهوأف من احلياة وأف مني ومن زمن رئاسته خساإن اإلنسان عند أدونيس البد أن يثقب جداران األيام ليبحث عن يوم آخر غري مشحون بالعناء واحلزن، فهذه الدنيا التليق باحلياة فرييد الشاعر أن يكشف أفقا آخر فيمزج شعره هنا بني الواقعية

. ٢البحور والرومانسية وكما أن الشاعر الرومانسي الفارسي سهراب سبهري يبحث عن مدينة خلف فأدونيس يبحث عن األيام خلف اجلدران ويفتش عن يوم مفقود وزمن ضائع.

ثالثا. التصوف والفلسفة

هذا الديوان يتغذی بالتصوف الشرقي واآلراء الفلسفية الغربية وذلك ألن الشاعر استأنس يف صغره ء قد أثرت علی رؤيته الفكرية وهذه اآلرا» أزهار الشر« يف كتابه ريبكبار األدباء الفرنسني منهم بودل

فمن مث جند يف دواوينه والسيما هذا الديوان املدروس تزامحا لآلراء القيمة اليت يعرضها أدونيس كفيلسوف واليت جتعل صلة وثيقة بني ديوانه والقضايا اإلنسانية. فهذا الديوان يقوم علی املوقف

سان وقضيته فال ينسی شاعرنا اإلنسان ساعة اإلنساين وفيه تساؤالت وأجوبة أساسية ترتبط باإلن ويتحدث دائما عن مشاكله وقضاياه املعاصرة كقضية "اجلرح":

.٣أمطر علی صحرائنا/ يا عاملا مزينا باحللم واحلنني/ أمطر، ولكن هزنا، حنن، خنيل اجلرحقربه إلی التصوف اخلالص د أدونيس أن جيرد اإلنسان من احلياة املادية الدنسة احلافلة بالدنايا فييري

الذي ميثل مهيار منوذجا منه:ذاك مهيار قديسك الرببري/ يا بالد الرؤی واحلنني/ حامل جبهيت، البس شفيت/ ضد هذا الزمان

.٤الصغري علی التائهنييام اخلنری أنه يتحدث عن آالم اإلنسان وآماله وتبتعد آراؤه عن األحادية واالحنياز فهو يظهر ك

ألا متتزج بالديانات واألفكار كتمتع بقول عام والتقتصر آراؤه علی بلد حمدد وذليعامليا شاعرا

.۵۶۰ص املجلد األول، ،ديوان لزوم ما اليلزمأبوالعالء املعري، -١دور خواهم قايقي خواهم ساخت، خواهم انداخت به آب، . يقول: ۲۲۷ ، صهشت کتابسهراب سبهري، -٢

شد از اين خاك غريب. .۱۷۱، ص األعمال الشعرية الکاملة أأدونيس،-٣ .۱۶۴ص ، املصدر نفسه -٤

١٢٢ م دلشادوشهرا سيد مهدي مسبوق - ..»أغاين مهيار الدمشقي« ديوان يف ةمات العامليمقو

والعقائد املخلتفة وال تنصب يف وعاء خاص. فهو خيلع علی مهيار ثوب الشخصيات األسطورية اليت

ربيا أو عود القارئ من قرائته خايل الوفاض، وال خيتلف أن يكون القارئ عيحتمل رمز النجاة فال أروبيا أو صينيا أو فارسيا. فهم يقرؤونه من كل أحناء العامل إذ يتبنی أدونيس يف هذا الديوان موقفا

يترك اإلنسان أبدا وهو يتحدث دائما عن القضايا اهلامة اليت يعانقها اإلنسان يف هذه إنسانيا جليا والخلالقة املسؤولة، وقد أضفی الشاعر علی هو الذات املفردة، ا واإلنسان عند أدونيس«الكرة األرضية.

اإلنسان بعدا إنسانيا يتجاوز القومية واجلنس اىل اإلنسان مبا هو إنسان، وهو يرتع نزوعا إنسانيا إىل القيم اإلنسانية اخلالصة، فهي نزعة كانت واضحة لدى الشعراء من أمثال بشار بن برد وأيب نواس،

.١»عريوأيب العتاهية وابن الرومي، وامل اللون املحلي ونكهته اخلاصة .ب

اللون املحلي هو الثاين من املقومات الذاتية لعاملية األدب حسب آراء حسام اخلطيب. ينبغي لألثر ه وارتوت منه. يأال يبتعد عن اجلذور اليت نشأت ف -فضال عن موقفه اإلنساين اجللي-األديب القيم

أغاين مهيار «لثاين لالرتقاء باألدب حنو العاملية. جند يف ديوان فاللون املحلي لألثر األديب هو الشرط األدونيس أضواء تربطه بالنكهة املحلية وتطبعه بطابعها فهو مل يفارق موطنه األصلي العريب » الدمشقي

السوري، لكن هذه النكهات كانت قليلة األصداء والشاعر ال يسعي سعيا بالغا يف تأصيل أشعاره. هنا ی بعض مظاهر املحلية يف ديوان:نشري إل

أوال. شخصية مهيار الدمشقييظهر هذا اللون من عنوان الديوان؛ فهذا الديوان يشتمل علی أغاين مهيار الدمشقي. أي مهيار

يسكن يف دمشق وله أغاين وأشعار يتحدث من خالهلا عن األحداث املرتبطة بآمال شعبه العريق اء بلده وينشر الزهور علی رؤوسهم. لكن من هو مهيار ومن أين أخذه وآالمهم. فهو الذي يغين ألبن

أدونيس؟ أ من التراث األديب العريب أو التراث التارخيي أو الديين العريب؟ قد يطلق أدونيس علی هذه الشخصية اسم امللك:

.۱۱۷، ص األدونيس منوذجا ؛الشعر والفکروائل غايل، -١

١٢٣ عشرونالو الثاين، العدد السادسة، السنة جملة دراسات يف اللغة العربية وآداا

يف ملك مهيار/ ملك واحللم له قصر وحدائق ونار/ ملك مهيار/ حييا يف ملكوت الريح/ وميلك«

. ١»أرض األسرار وقد يطلق عليها أمساء أخری:

مهيار وجه خانقوه عاشقوه/ مهيار أجراس بال رنني/ مهيار مكتوب علی الوجوه/ أغنية تزورنا « .٢خلسة/ يف طرق بيضاء منفية/ مهيار ناقوس من التائهني/ يف هذه األرض اجلليلة

يال هلا يف التراث العريب فاستوحاها الشاعر من فهو يضفی علی مهيار صورا خمتلفة شعرية ال جند مثراين عاش يف العصر العباسي ونظم بالعربية أشعارا كثرية وما هو إال مهيار يشاعر احندر من أصل إ

(ع) وعارض اخللفاء يالديلمي الذي يذكرنا عنوان الديوان به. فمهيار رجل فارسي، تشيع لإلمام علان تابعا أستاذه الشريف رضي الذي أسلم مهيار علی يده. لكن الثالث األولی أيب بكر وعمر وعثم

يف شعر أودنيس يسيطر حلمها إلعادة إلی رحاب «مهيار الدمشقي يريد استعادة احلضارة الفينيقة احلضارة الفينيقية القدمية، حيث تعانق روحه طقوس الفينيق، فتستشعر روح البعث واليقظة علی أخبرة

ة هياكلها، ويسخر احلضارات األخری اليت بسطت سلطاا علی األرض معابد بعلبك وحتت عظميبدأ الشاعر برسم صورة مهيار ويظهر تأثره «. لكن بوجه عام ٣»السورية يف العهود التارخيية املتأخرة

جليا وشامال بأساليب الصوفية فهو لذلك يصطنع لغة زئبقية تفلت من الفهم وخترج من حدود » ٤الدالالتمث تقوم هذه الشخصية املستدعاة بوظيفتني تربطاا باملحلية، ومها ثورته الستعادة احلضارة فمن

ا. والصوفية اليت يتحدث عنها الشاعر عرب هذه الشخصية، تظهر يا صوفيا شرقيالفينيقية وارتداؤه زلصوفية اليت اليبتعد عن الرمزية ا» فارس الكلمات الغريبة«بوضوح يف الفصل األول من الديوان فهو

كانت متفشية يف الشرق منذ القدم كما جند يف املقطع اآليت:

.۱۴۵، ص األعمال الشعرية الکاملة أأدونيس، -١ .۱۴۶ ص ،املصدر نفسه -٢ .۱۱، ص أدونيس بنية القصيدة القصرية يف شعر، شرع علي -٣ .۷۷ص . التطور الشعري عند أدونيس ،يوسف داودأمحد -٤

١٢٤ م دلشادوشهرا سيد مهدي مسبوق - ..»أغاين مهيار الدمشقي« ديوان يف ةمات العامليمقو

يرسم قفا النهار/ يصنع من قدميه ارا ويستعري حذاء الليل/ مث ينتظر ما اليأيت/ إنه فيزياء األشياء «

والظل يعرفها ويسميها بأمساء اليبوح ا/ إنه الواقع ونقيضه/ واحلياة وغريها/ حييث يصري احلجر حبرية .١»مدينة/ حييا/ وميشي يف اهلاوية وله قامة الريح

تصدون ألعمال يتظهر ومضات صوفية فيها بوضوح وتذكرنا بأئمة الصوفية يف الشرق الذين خارقة. فنجد مهيار يرسم قفا النهار ويستعري حذاء الليل ويلبسه، إنه الواقع ونقيضه واحلياة ونقيضها

نة فأدونيس ال ينسی هذه القضية يف الشرق وهذه احلياة الروحانية اليت يصير احلجر حبرية والظل مديفيكتسب مهيار بنتيجتها مسات بارزة ال «يعانقها املشارقة ختتلف متاما عن احلياة املادية يف الغرب.

تفارقه، أمهها الرفض والتحول أو الصريورة الدائمة والسفر، مث التجدد والقدرة علی التولد الذايت مثل .٢»الفنيق

جند النكهة املحلية يف اسم الديوان والفصل األول من الديوان مفعم بالقضايا الصوفية الشرقية. وله ؛ ٤»أليب نواس«؛ الثانية: ٣»لعمر بن اخلطاب«يف هذا الديوان أربع مراثي لشخصيات حقيقية إحداها

.٦»لبشار بن برد«والرابعة ٥»حلالج«والثالثة

الشرقيةثانيا. األسطورة وحتدث يف» إرم ذات العماد«شعره األسطورة العربية الشهرية املسماة بـ قد تناول الشاعر يف

فصل من ديوانه عن هذه األسطورة ومدينة إرم البائدة يف القرون اخلالية واليت مل يبق منها إال ذكرها يف ة. ومل يعثر علماء اآلثار القرآن الكرمي ويف سورة الفجر بنص قصصي رشيق ويف كتاب ألف ليلة وليل

علی موقع هذه املدينة ورمبا كان يف دمشق أو األردن. يتحدث أدونيس عن هذه املدينة األسطورية بقوله:

.۱۴۳، ص األعمال الشعرية الکاملةأأدونيس، -١ .۳۱۳ صألسطورة يف الشعر العريب املعاصر، ا، حالوي يوسف -٢ .۳۰۸، ص األعمال الشعرية الکاملة، أدونيسأ -٣ .۳۰۹ص ، املصدر نفسه -٤ .۳۱۰ص ، املصدر نفسه -٥ .۳۱۲ص ، املصدر نفسه -٦

١٢٥ عشرونالو الثاين، العدد السادسة، السنة جملة دراسات يف اللغة العربية وآداا

عاد شداد عاد/ فارفعوا رأية احلنني/ واتركوا رفضكم اإلشارة/ يف طريق السنني/ فوق هذه «

سوقون أعمارهم يائسني/ كسرو خامت احلجارة/ باسم ذات العماد/ إا وطن الرافضني/ الذين يالقماقم/ واستهزؤوا بالوعيد/ جبسور السالمة/ إا أرضنا ومرياثنا الوحيد/ حنن أبناءنا املنظرين ليوم

.١»القيامةوأضفی عليها نفخة عصرية وصورها مبلكها شداد »إرم ذات العماد«ی قصة كنری أن الشاعر ح

ألسطورة أعطی الديوان ميزة العاملية إذ جند كثريا من األدباء وأبناء وطنه الرافضني. توظيف هذه االعامليني الشهريني كأمثال جيمس روليرت، فرانك هربرت، شون مكمولني اقتبسوا من هذه القصة األسطورية يف روايام وأعماهلم. لكن امللفت هو توظيف هذه اخلصائص املحلية اليت ترتبط بالوطن

ألن هذه األسطورة لدی الشاعر السوري املسلم ذات بعدين: البعد األول هو الذي نظم فيها الديوان استخدام اسطورة تعد عاملية ألن بعض األساطري وامليثولوجيا اجتاحت احلدود وخرجت من دائرة وطنها الضيقة ودخلت يف األساطري العاملية. والبعد الثاين استخدام األسطورة املحلية الشرقية من قبل

ال متت بوطنها األم بصلة. لشرقي إذ إنه مل يستخدم األساطري اإلغريقية اليتالشاعر اال تكون النكهات املحلية حكرا علی ما أشرنا اليه فإمنا انتشرت األلوان املحلية يف تضاعيف ديوانه

».مزامري داود« مقتبسا إياه من »مزمور«كما جند الشاعر يبدأ عدة أشعاره بفصل خاص مسمی بـ عل عدة املزامري يف ديوانه ويعنوا باألغاين لينطبع ديوانه بطابع األناشيد الدينية أو امليثولوجيا وهو جي

الشرقية. فمن مث جيعل شاعرنا صلة بني ديوانه ومزامري داود ويضفي عليه طابع القدسية واإلجالل. كتابام، تتجلی هذه الوظيفة ة واإلستشهادية يفيوالواقع أن كثريا من األدباء يقومون بالوظيفة التوثيق«

.٢»حينما جيد املؤلف املصدر الذي استقی منه معلوماته أو املشاعر اليت توقظها حادثة ما من وطنهنستطيع أن نصنف النكهة املحلية يف ديوان أدونيس يف ثالثة حماور: أ: اختيار رموز وأساطري عربية

ري عربية يطبعها الشاعر بالطابع العريب واملحلي مثل حالج و أيب نواس. ب. توظيف رموز وأساطري غكأا أساطري منبثقة من البيئة العربية، كمزاميز داود وأسطورة إرم ذات العماد. ج. ملحات إلی وضع

الشعب السوري املأساوي الذي احندر يف التدهور والفشل بعد سقوط احلضارة الفينيقة.

.۲۶۵ص املصدر نفسه، -١ .۱۰۷، ص السارد يف السرديات احلديثة وسواس، جناة -٢

١٢٦ م دلشادوشهرا سيد مهدي مسبوق - ..»أغاين مهيار الدمشقي« ديوان يف ةمات العامليمقو

ة التوازن بني العامة واخلاصةيج. عمل

حسب آراء حسام اخلطيب، األثر األديب العاملي هو ما يتمتع به مجيع القراء، املتخصصون منهم .١وغري املتخصصني

احلب الذي له دالالت كثرية ك كاليت حتبذها الشرائح املختلفة من الناس وذل بعض املعاين كهنادركه من منظور آخر. يتمتع به القارئ من كل طبقة، فالعامي يدرك احلب حسب إدراكه والعارف ي

تنهها كيستغلق فهمها علی القارئ العادي وال ية اليت ية واملعاين الصوفيإن شاعرنا قد يغوص يف الرمزستمتع منه املتخصصون يإال حسب ظاهر ألفاظها فريجع منها خايل الوفاض. هذا القسم من أشعاره

النموذج التايل:ون متعة العامة منه أقل بالنسبة إلی اخلاصة كما نری يف كوتخرساء أو خمنوقة احلروف/ أو ال صوت أو لغة حتت أنني األرض/ أغنييت للموت/ للفرح املريض «

.٢»يف األشياء لألشياء/ أغنييت للرفض/ يا كلمات الرعب والدواء يا كلمات الداءرض، ون أغنية خرساء، الصوت هلا، كأا أنني خفي يف عمق األكيصف الشاعر هنا أغنيته اليت ت

ته للموت والعدم، أو للفرح املريض أي الغم واحلزن، واحلزن الذي تواری يف بطن األشياء يوإن أغن اليراه أحد، وإنه رفع أغنيته للرفض واستوحی كلمات شعره من الرعب والداء.

هذا املقطع حاول إرضاء خمتلف طبقات الناس فمن حيث اللفظ اختار ألفاظا سهلة إن الشاعر يفيسهل فهمها علی عامة الناس وابتعد عن األلفاظ العويصة واملصطلحات احلوشية والتراكيب رشيقة

الغامضة كما ابتعد عن األلفاظ السوقية العامية اليت تنفر منها طبقة العلماء واملثقفون واليسف إسفافا ت والعدم ث املعنی فقد جعل أغنيته خمنوقة خرساء تغين للمويحيط من مكانته األدبية. أما من ح

والرفض واحلزن. فهل ميكننا اآلن أن نقول إن هذا الشعر خيتص باملثقفني والعلماء فقط؟ أو بعامة الناس؟ أال ينشغل اإلنسان املعاصر من كل طبقة بقضية املوت والرفض؟ فأدونيس يف هذا املقطع وسائر

حية. مقاطعه الشعرية يعاجل خواجل اإلنسان املعاصر ونوازعه من كل طبقة وشروظف الرموز واألساطري ويغوص فيهما ية اليت نراها يف شعره، قد نراه يمع هذه السذاجة اللغو

ه يصعب عليوميزج بني الواقعية والسريالية اليت يستغلق فهمهما علی القارئ العادي ويرفضهما حني كما جند يف فهما فهنا يبقی فهم شعره حكرا علی اخلاصة يفهمهما وال يفهم مرمی الشاعر من توظ

وصف أغنيته خبرساء أو خمنوقة احلروف وجعلها للفرح املريض يف األشياء لألشياء. إذا ال ندعي بأن

.۲۳۵، ص ملةواألدب املقارن من العاملية إلی الع، بيحسام اخلط -١ .۲۱۹ ، صاألعمال الشعرية الکاملة ،أدونيسأ -٢

١٢٧ عشرونالو الثاين، العدد السادسة، السنة جملة دراسات يف اللغة العربية وآداا

تبادر إلی األذهان: إن كان شعر يبتعد عنه متاما. ولكن هناك سؤال يل إلی الغموض ويميالشاعر ال

ءة أشعاره من خمتلف علی قراريوف هذا العدد الغفكأدونيس غارقا يف الغموض فما هو سبب ع لشعره نيل علی أن ظاهرة الغموض يف شعره ال حتول دون املتلقي دلريالشرائح والطبقات؟ وهذا خ

ه الرفيعة اليت تروق عامة الناس. يق وألفاظه الرشيقة ومعانيومرده إلی أسلوبه الش

اإلتقاند. وحتظی بشروط إتقان العمل القصيدة عند أدونيس شكل متكامل من األساليب واألفكار املختلفة

الفين؛ وأهم هذه الشروط هي:

أوال. الكشفمقولة الكشف واإلحياءات املختلفة حيث تكون قصيدته مفتوحة أمام العديد من التساؤالت

والتأويالت وأدونيس يكون يف عداد الذين جتاوزوا مفهوم الشعر باعتباره تعبريا عن موقف، إلی جديدا. فاحلداثة لديه هي الكشف وليس التصوير والتعبري التقليدي ومن مث مستوی جديد جيعله كشفا

المندوحة عن جتاوز القدمي للتوصل إلی هذا الكشف ولعل انتاج أدونيس الشعري طوال مسريته يؤكد فاإلبداع ». «كتاب التحوالت«و» املسرح واملرايا«و» أغاين مهيار الدمشقي«ذلك كما يربز ذاك يف

هو قائم، بل هو حماولة للتجوز من أجل الوصول إيل شيء جديد باستخدام لغة تتناسب ليس صدی ملا .١»مع هذا اهلدف وهو ما ميكن أن نطلق عليها لغة الكشف

انبثقت من أشعار هذا الديوان مقولة الكشف بأبعادها وجتلياا املختلفة فالكتابة اإلبداعية اليسهل لی القارئ آنا، فإمنا املهم أن يسعی القارئ لرصد الزوايا الغامضة التوصل إلی معانيها وكنه درجاا ع

. فالنص األدونيسي عامة حيتوي االنتظارواخلفية يف النص بالتعمق والتدرب واملمارسة بعد التربص وعلی هذه امليزة ويبتعد كثريا عن املعاين السهلة اليت ال تقتضي فاعلية الكشف. فهذا املفهوم ال يناقض

التوازن ألن القارئ العادي بعد حماولة للكشف عن املعاين الغامضة للنص يتفهم ويتلذذ من مفهوم معناه. علی سبيل املثال يف املقطع التايل من الديوان نلحظ ميزة الكشف والتزايد:

.١٥٠، ص مساخل أدونيس بني مهيار الدمشقي وقصائده، موسی مشس الدين -١

١٢٨ م دلشادوشهرا سيد مهدي مسبوق - ..»أغاين مهيار الدمشقي« ديوان يف ةمات العامليمقو

يضربنا مهيار/ حيرق فينا قشرة احلياة/ والصرب واملالمح الوديعة/ فأستسلمي للرعب والفجيعة/ يا « ١»/ يا زوجة اإلله والطغاة/ واستسلمي للنارأرضنا

من املحقق أن القارئ هلذا املقطع من ديوان أغاين جيد قيامه علی الدعوة إلی املوت علی يد مهيار الذي حيرق قشرة حياة الشاعر وميزقنا، وكأن مهيار هو الذي ينقل الشاعر من احلالة اإلجيابية إلی احلالة

ملوت ومن املاء إلی النار ومن املخاض إلی الركود. لكن القارئ املتأمل يف السلبية ومن احلياة إلی احماولته االكتشافية عن املقطع يربط الشعر بالتصوف ويری أن الشاعر يسعی أن خيلق فضاء أو عاملا جديدا. وفيزياء األشياء عند الشاعر تتسلخ من جلدها الكوين فهي احلياة نفسها النقيضها فهو حياول

خيرج من العامل األرضي حنو املعرفة واالنطالق. واملقطع كسائر املقاطع يف الديوان حيتوي علی طاقة أنوإذا فكرة البحث عن املجهول أو الالمرئي هي «كشفية الميكن حصوهلا إال بالدرس والتحليل.

يف الصوفية إحدی وظائف الشعر الكشفي امليتافيزيقي أو إحدی تطلعاته فإن هذه الوظيفة تواجهنا . ٢»بوصفها خاصية من خصائصها ألن البحث عن ماوراء املحسوس هو من أهم خصائص التصوف

وأدونيس من هوالء الشعراء الذين يعتقدون مبقولة الكشف ووظيفتها اإلبداعية ألنه يريد أن يتفاعل مع القارئ حنو اجتاه جمهول و يرسم مصريا معلوما بعد حماولة جدية.

زياحثانيا. اإلن

ظاهرة اإلنزياح يف «ية أيضا مقولة االنزياح بشكل واسع. دونيسانبثقت من الكتابة اإلبداعية األشعر أدونيس قد أدت إلی تقوية لغته الشعرية وابتعادها عن الكالم العادي واملألوف كما أدت إلی

املعاصرين الذين فهموا أدونيس أحد الشعراء . «٣»لفت انتباه املتلقي وإثارة ذهنه وإيصاله إلی اللذةاحلداثة من حيث أا إبداع ورغبوا يف انتهاك قواعد اللغة العادية وثاروا علی قيودها وأرادوا أن خيرجوا

. هذه املقولة ٤»من أطرها، وهو يعتقد أن اللغة الشعرية حباجة إلی اخلروج عن الكالم العادي واملألوفلشاعر خيرج من اللغة املعيار ويسوق قصيدته حنو اإلبداع تضاعف امليزة اإلبداعية يف الديوان فنجد ا

.۱۵۰ص ، األعمال الشعرية الکاملةأأدونيس، -۲ .۱۳۳ص ،مالمح وأصول مقولة الکشفت، يتاو بشري - ٢ .۱۰۵، ص ظاهرة اإلنزياح يف شعر أدونيس، ئييونس ولينظري و علي - ٣ .۹۷، ص أدونيس در عرصه شعر و نقد، عرب عباس - ٤

١٢٩ عشرونالو الثاين، العدد السادسة، السنة جملة دراسات يف اللغة العربية وآداا

خرساء أو «قول: ي. و يف موضع آخر ١»يستعري حذاء الليل«نا يف حديثه عن مهيار: يواإلتقان كما رأ

. وكثريا ما جند املعاين انزاحت عند الشاعر ٢»خمنوقة احلروف، أو ال صوت أو لغة حتت أنني األرض النموذج التايل:كمن الدالالت املعجمية إلی اإلبداعية يف هذا الديوان وجتاوزت

٣»ق األفولريفة/ رافعا بيتخطی ختوم اخلليفة/ هو ذا يحترق أرض النجوم األل«ألن كالم العادي وذلكفاجئ القارئ خبروجه علی اليق األفول" ريإن الشاعر يف قوله "رافعا ب

لمة االنتصار والظفر فهذه كأيت الشاعر بعده بيتوقع أن رفع إال عند االنتصار والغلبة فمن امليق ال ريالب اح يف قوله: ياملفارقة أضفت علی شعره الطراوة والروعة وزادت من مجاله. وجند منوذجا آخر من االنز

صرخ والشمس له مظلة/ مىت، مىت تضرب ياجبلة/ وياصديق اليأس يصوت بال وعد وال تعلة/ « . ٤»والرجاء

ن أن تضلل الشمس اإلنسان ففي إسناد املظلة إلی كميستظل ا اإلنسان وال يلة نعرف أن املظلة آلق التروي واملتعة لدی خيرق العادة وخياح واخلروج علی قواعد اللغة الذي يالشمس نوع من االنز

املتلقي.د البحث عن اإلبداعية لدی أدونيس ليس حبثا جديدا مل يسبقه أحد وهناك عدد غري قليل من النقا

ن اندهشوا أمام كتابة الشاعر اإلبداعية وقاموا بدراستها. علی سبيل املثال تناولت الناقدة يوالباحثني الذالراوية حيياوي املنتج الشعري األدونيسي، وذلك من خالل دراسة بنية لغته الشعرية عرب مستويات

ذلك من خالل دراسة بنية وك» لغة الغياب، والثنائيات الضدية، واملعجم الشعري«ثالثة تتأطر يف ويف » التكثيف، والتفاعل النصي، والرمز واألسطورة«صوره الشعرية عرب مستويات ثالثة أخری هي

الوزن والقافية، التكرار والتدوير وهندسة «الفصل الثالث درست الناقدة بنية اإليقاع الشعري للشاعر أكثر. واملهم عندنا إبداعية الشاعر مضمونا . وحنن النبتغي هنا أن نفصل القول عن اإلبداع٥»القصيدة

ح لنيل جائزة نوبل لآلداب.يوشكال ألا تعد شرطا الزبا لعد األثر عامليا صاحلا للترش

.۱۴۳، ص األعمال الشعرية الکاملة ،أدونيسأ - ١ .۲۱۹ ص ،املصدر نفسه - ٢ .۱۵۸، ص املصدر نفسه - ٣ .۲۳۸، ص املصدر نفسه -٤ .۱، ص شعر أدونيس، البنية والداللةاوي، يحيراوية -٥

١٣٠ م دلشادوشهرا سيد مهدي مسبوق - ..»أغاين مهيار الدمشقي« ديوان يف ةمات العامليمقو

التفرد واالبتكار ه.

سبق أن قلنا إن التفرد واالبتكار يعدان أحد الشروط لالرتقاء باجلنس األديب إلی مستوی العاملية. كر متاما وذلكد بيأن نقول إننا نواجه شاعرا فذا أو شعرا ذا مضمون أو أسلوب فروز لنا جيوهنا ال

تسنی لنا أن نبحث عن ميزة يس يف وسعنا. فكيف يقتضي أن ندرس أشعار جل الشعراء وهذا ليألنه االبتكار والتفرد يف ديوان أدونيس لنصفه ديوانا عامليا؟

ة دخول الشاعر يف املوضوع يالصياغة واألسلوب وكيفثر يف كيالتفرد يف املضمون قليل جدا وإن أدونيس ظاهرة متميزة يف الشعر العريب بل «قول اخلري ياق يوطريقة بيان املضمون، ويف هذا الس

أحد مهندسي القصيدة احلديثة والذي صنع منها معجزة خارقة وأعجوبة من العجائب اليت مل يسبقها ئد األول الذي طور الشعر العريب املعاصر من حيث الشكل واملضمون أحد. والنبالغ إذا قلنا إنه الرا

علی التفرد كعود ذليعين أنه فاق سائر الشعراء يف صياغة شعره وبناء قصائده وي ك. وذل١»واللغةواإلبتكار يف ديوان "أغاين" وعلی لغته الشعرية الساحرة واألنيقة وأسلوبه الشيق واملتوغل يف الرمز

أحيانا إلی أفكاره العميقة والفلسفية املمتزجة بومضات صوفية.واألسطورة و لننظر إلی املقطع التايل من الديوان حتی جند الفكرة العظيمة اليت عرضها الشاعر: ما مهيت املمكن أفرح أو أمل/ ففي تراتيلي، أبدأ إجنيلي/ أحبث عن خمبأ، عن عامل يبدأ/ يف طرف « .٢»العامل

هذا العامل املشغوف بالدنايا واملكتنف باآلالم واملشاكل ويريد أن يبدأ إجنيله من قد سئم الشاعر منجديد ليبين عاملا جديدا فأصبح خمبوال يفتش عن خمبأ جديد. إنه قد خلع علی هذا املعنی املطروق

ر الذي حيتل حيزا واسعا يف شع» العامل اجلديد«واملعهود لدی الشعراء مفهوما جديدا وحتدث عن الشاعر والسيما يف ديوانه هذا. وسآمة الشاعر من الدهر مل حتمله علی التضجر والكآبة ليشتم الدهر وميزق وجهه بأظفاره فإمنا ينهض ويفتش عن طريق آخر ليواصل حياته يف عامله اجلديد ويبحث عن

خمبأ يف طرف العامل.طاب السحراين، خالب اخل«صفه بـيدعا بعض النقاد أن أدونيسومثل هذه املعاين عند

ألنه أول من طور كم احلداثة يف العصر احلديث، وذليملنا أن نعتربه زعحي.وهذا األسلوب ٣»العقول

.۱، ص أدونيس، شاعر الدهشة وکثافة الکلمةهاين اخلير، -١ .۳۹۶، ص األعمال الشعرية الکاملة أأدونيس، -٢ .۱۱۵ص الفکري واإلبداعي، مشروع أدونيس مرزاق، عبدالواحد -٣

١٣١ عشرونالو الثاين، العدد السادسة، السنة جملة دراسات يف اللغة العربية وآداا

من غري استفاف أن نقول، بأن أدونيس «الشعر احلديث وجسد خصائص احلداثة الشعرية يف آثاره و

جتاهات مساءلة احلداثة الشعرية عرب هو الشاعر العريب احلديث الذي رافق، بضوء املعرفة واحلساسية، ااستقصاء نادر، يف كل من الثقافتني، العربية والغربية، وهو يعيد قراءة الشعر العريب، مبدال قراءات مسافات اإلبداع الشعري، كاشفا عن أسرار اإلبداع الشعري يف ما غري شعري، وعن التدمري يف

ت نفسه هو خيترق الشعر الغريب، واصال بني غرب يبحث اإلحنطاط، وعن اخلطابة يف الثورية، ويف الوقعن شرقه، وغرب يهدم عن غربه، مفيدا من ثقافته املوسوعية، ورؤيته الكونية، يقوده هلب احلرية و

١»تأسيسة اإلبداع ننظر هنا إلی املقطع التايل لنجد هذه الطريقة اجلديدة يف بيان املضمون:

أحلم أن أسقط يف املكان، أعيش يف جزيرة األلوان، أعيش كاإلنسان، ملرة واحدة، ملرة أخرية، « .٢»أصاحل اآلهلة العمياء واآلهلة البصرية، ملرة أخرية

يف هذه القطعة الشعرية يری الشاعر أن هناك مرة واحدة وهي نفسه تكون مرة آخرة. يف هذه املرة ش فيها، ألن العيش يف ذلك املكان هو عيشة يريد الشاعر أن يدخل يف مكان ما أو جزيرة األلوان ليعي

ع أن يتعامل مع اآلهلة العمياء والبصرية.يستطيإنسانية إذن هذه امليزة األسلوبية واحلداثية يف الصياغة واملضمون هي اليت متخضت عن ارتقاء شاعرنا إلی

قواعده العلمية، وإن مبنأى عن األسلوب العريب السائد و«مستوی التفرد يف أسلوبه اجلديد الذي يكون شعره قد أثبت أنه يغاير قواعد البيان العريب اليت يقاس األسلوب على ضوئها، فضال عن أن أسلوبه التعبريي خمتلف ال يعطي املدلول العريب الفصيح، وأن أسلوبه تفكيكي يقرؤه اإلنسان فال جيد فيه

.٣»ظواهر

املقوم اللغويو. لرابع عامليا من حيث عدد املتكلمني ا كلغة أم، بينما تعترب ثاين أكثر لغة حتتل اللغة العربية املركز ا

وهي لغة مرنة حية ومن أغنی اللغات من .٤انتشارا يف العامل، من حيث عدد الدول اليت تتحدث ا

.۱۱۳ صحداثة السؤال، س،يحممد بن -١ .۲۲۰، ص األعمال الشعرية الکاملة ،أدونيسأ -٢ .۱۱۵، ص الشعر والفکر؛ األدونيس منوذجاوائل غايل، -٣ .)ar.qantara.deقنطرة، ( - ٤

١٣٢ م دلشادوشهرا سيد مهدي مسبوق - ..»أغاين مهيار الدمشقي« ديوان يف ةمات العامليمقو

حيث املفردات والتراكيب ومتمرنة للتعبري عن الشؤون النفسية واالجتماعية. ومن الطبيعي أن يساعد

وسائر الدواوين والروايات اليت تكتب ذه اللغة. وكتابة الرواية » أغاين«األمر علی عاملية ديوان هذاعلی شهرة هذه اللغة ساعدم، قد ١٩٨٨ائزة نوبل لآلداب سنة جبلنجيب حمفوظ الفائزة » الشحاذ«

العاملية. نقول إن أول ما يستوقف جيب أن »أغاين مهيار الدمشقي«يف البحث عن املقوم اللغوي يف ديوان

القارئ عند قراءته لشعر أدونيس وخباصة هذا الديوان، هو لغتها الفخمة واجلزلة اليت حتتوي طاقات أدونيسإحيائية كثرية، وهي لغة فصيحة بعيدة عن العامية قادرة على تصوير أحاسيس وأفكار الشاعر. و

معنی مباشرا ، ولكنها يف الشعر تتجاوزه إىل إن للكلمة عادة،« يف شعره: ريقول عن لغة التعبينفسه معىن أوسع وأعمق. ال بد للكلمة يف الشعر من أن تعلو على ذاا، وأن تزخر بأكثر مما تعد به، وأن تشري إىل أكثر مما تقول. فليست الكلمة يف الشعر تقدميا دقيقا أو عرضا حمكما لفكرة أو موضوع ما،

إن اللغة ليست كيانا مطلقا، بل عليها أن ختضع حلقيقة اإلنسان اليت ولكنها رحم خلصب جديد. مثجيهد للتعبري عنها تعبريا كليا. فهي إذا ليست جاهزة حبد ذاا بل تشرق وتنري. علينا يف الشعر أن

١»خنرج الكلمات من ليلها العتيق؛ أن نضيئها؛ فنغري عالئقها ونعلو بأبعادهاالمه السابق فاللغة عنده حتظی بدالالت خمتلفة كيف أدونيس عند ريعبة التيزات شعريتبدو م

أدونيس يبين تنظرياته الشعرية على «وطاقات إحيائية كبرية بناها الشاعر علی الكشف والغموض. حداثة اللغة الشعرية اليت تری أن الشعر ليس تعبريا وإمنا تأسيس. واللغة عنده ال تنسخ الواقع وال

، إا خالقة ملمارسات نصية متنوعة، وهي لغة ابتعدت عن وعي األشياء، ووعت تصنف بالغيااحلضور اإلنساين وجتربته اإلنسانية، فمن مث استعار يف أدواته الشعرية أدوات اللغة الصوفية، ألا حتوي

نظرياته يف فقد جتاوزت اللغة األدونيسية من التعبري إىل اخللق. وهلذا يركز أدونيس ت ٢».أبعادا مشوليةمفهومه » زمن الشعر«حداثة اللغة الشعرية على تفجريها الذي يتجاوز مفهوم االنزياح، ويوضح يف

إن هذه الثورة تكمن يف دمي وظيفة اللغة القدمية، أي إفراغها من القصد «هلذه الثورة اللغوية بقوله: . ومن ٣»تشع بعالقات غري مألوفة العام املوروث، هكذا تصبح الكلمة فعال ال ماضي هلا، تصبح كتلة

. ۱۵۷، ص زمن الشعرأدونيس، -١ .۷، ص ذجاالشعر والفکر؛ األدونيس منو وائل غايل، -٢ .۱۲۶، ص زمن الشعرأدونيس، -٣

١٣٣ عشرونالو الثاين، العدد السادسة، السنة جملة دراسات يف اللغة العربية وآداا

الديوان لغة خصبة قادرة علی بيان مفاهيم كالالفت أن اللغة اإلبداعية اليت حتدثنا عنها تسببت يف امتال

الشاعر.ال ميكن أن يلج عمل أديب يف «وحري بنا هنا أن نقول إن للترمجة دورا رياديا يف عاملية األدب و

اللغات األجنبية، وإلی األنكليزية والفرنسية علی وجه اخلصوص. إن دائرة العاملية ما مل يترجم إلیالترمجة هي أكرب وأهم مؤشر لعاملية العمل األديب، فالترمجة األدبية إلی اللغات األجنبية عموما وإلی لغة أجنبية عاملية بشكل خاص تضمن للعمل األديب أكرب قدر ممكن من اإلنتشار والتلقي العامليني ومتكنه

.١»بالتايل من ولوج دائرة العامليةديوان "أغاين مهيار الدمشقي" حظي بأمهية بالغة وشهرة طائرة ملا نقل إلی اللغة اإلجنليزية والسويدية واألملانية والفرنسية وإخل. وخباصة إلی اللغتني اإلجنليزية والفرنسية. ومن املعلوم أن اآلثار

اب إال بعد ترمجتها إلی اللغات األجنبية وخباصة اللغة اإلجنليزية األدبية مل تعثر علی جائزة نوبل لآلداليت ترشحت لنيل جائزة نوبل لآلداب بعد ترمجتها إلی » الشحاذ«الدولية كما هو احلال يف رواية

اإلجنليزية. فديوان أغاين ميتلك هذا املقوم اللغوي فمن مث كان ترشيحه أمرا مقبوال. ز. املقوم اإلطاري

من املقوم اإلطاري عوامل خارجية متهد طريق األثر للوصول إلی العاملية.مل ميتلك ديوان نعينهذا املقوم حيت يرتقي إلی مستوی العاملية بسرعة وهذا الضعف ال يرجع إلی » أغاين مهيار الدمشقي«

هامات ستقي من اإلسيالشاعر فحسب. قد ولد شاعرنا يف سوريا ال يف نيويورك أو لندن أو باريس ل احلضارية واإلتصالية لتلك املدن املتقدمة.

املقوم اإلطاري اليوم يتوقف علی العامل السياسي واحلضاري. هناك دواوين و روايات عربية كثرية متتلك املقومات الذاتية واللغوية، لكن التخلف البني للدول العربية علی األصعدة السياسية واالقتصادية

م امتالكها وسائل اإلعالم القوية وقنوات االتصال املتطورة حيول دون بلوغها والثقافية والتقنية وعد . ٢مرتبة العاملية بسرعة

.۱۰۵، ص األدب املقارن، مشکالت و آفاقعبده عبود، -١ .۳۵، ص مقومات العاملية يف رواية رامة والتننيهادي نظري منظم وشهرام دلشاد، -٢

١٣٤ م دلشادوشهرا سيد مهدي مسبوق - ..»أغاين مهيار الدمشقي« ديوان يف ةمات العامليمقو

جةيالنت

ها هذه الدراسة هي:يأهم النتايج اليت توصلت إلاحلقول املعرفية املختلفة اليت تغذی ا كما أن ،للعامليةديوان أدونيس ميتاز بعدة مقومات نإ .١

علی الصعيدين الوطين والعاملي. وهذه احلقول الفكرية جعلت ديوانه عامليا منه متفكرا تأدونيس صنع ،الدمشقي" يتسم مبنحی إنساين وعاملي حيث جند صلة وثيقة بني الشاعر وقضية اإلنسان مهيار"أغاين

احليوية والذات اإلنسانية املتفردة. بأناشيد تنبض أغانيهوحضور هلا ا األصليما مبنبتهمتربطه اليت شاراتاإلدالالت والية وهة املحلكاللون الوطين والن .٢

ه بسبب ومضات من التاريخ واألسطورة العربية ينلمسها فوخفيف يف ديوان أغاين مهيار الدمشقي والتصوف الشرقي.

ق التوازن يمن ناحية حتق ، وذلكننا أن نعترب الديوان عامليا حسب آراء حسام اخلطيبكمي .٣مع حديث جيألن شعره مل كن مع شيء من التسامح والتحفظ وذلكلو ،العامة واخلاصة املنشود عند

سلوب الشاعر املتوغل يف الرمز أل قد يعود السببالعامة واخلاصة ولغتهما مجعا مقبوال ومتوازنا، وة ك عامجعل الديوان خياطب طبقة املثقفني ويتر ما واألسطورة والسريالية واملعاين الفلسفية والصوفية

. الناسعد من أفضل دواوين ي الشعر احلداثي بأسلوبه الفذ ونشر أثرا إبداعيا هديوان أدونيس يف طور .٤

ف التقنيات اإلبداعية احلديثة باإلضافة إلی لغته وظ ، حيثثرها انتشاراكالشعر العريب احلديث وأ لشعري. ه من حيث إبداعية النص اياألنيقة الساحرة وأسلوبه الشيق فتفرد ف

ن اجترارا ملا قاله األقدمون كأما من حيث التفرد واالبتكار فقد بلغ الديوان مرتبة العاملية ومل ي .٥التصوف واألسطورة واملدينة الفاضلة كانت موضوعاته كأو املعاصرون فتفرد شكال ومضمونا. وإن با.يثوبا قش هايدة وأضفی عليرة فركدة وفيمطروقة من قبل اآلخرين فإنه تناوهلا بلغة جد

أما من جهة املقوم اللغوي فيمكن أن نعترب الديوان ناجحا بسبب لغته الرشيقة وكتابته باللغة .٦ ة.يواألدبية وترمجته إلی عدة لغات ح العامليةالعربية كأبرز اللغات

مع عين العوامل السياسية واالقتصادية واالتصالية اليت تساهم يف عاملية األدب وياملقوم اإلطاري .٧ظ بوسائل اإلعالم القوية حيه مل نلكرم من الترمجة، هذه القناة اإلتصالية املهمة، حيأن هذا الديوان مل

هذا األمر دون بلوغه مرتبة العاملية. حال وقنوات االتصال املتطورة ورمبا

١٣٥ عشرونالو الثاين، العدد السادسة، السنة جملة دراسات يف اللغة العربية وآداا

قائمة املصادر واملراجع

أ. الكتب:(د.ط)، اين مهيار الدمشقي وقصائد أخری، األعمال الشعرية؛ أغد إسرب، يأمحد سع يأدونيس، عل -١

م.١٩٩٦دمشق: دار املدی للثقافة والنشر، . الطبعة األولی، بريوت: دار الساقي للطباعة والنشر، زمن الشعر، ---------------- -٢

م.٢٠٠٥ز: مكتبة ي(د.ط)، اجلمام، شرحه حممد حممد حسنيديوان، األعشي األكرب، ميمون بن قيس، -٣

هـ ق.١٣٥٠ اآلداب،(د.ط)، بريوت: املركز حداثة السؤال خبصوص احلداثة العربية يف الشعر و الثقافة، بنيس، حممد، -٤

م.١٩٨٨الثقايف العريب، م.١٩٩٤، (د.ط)، لبنان: دار اآلداب، األسطورة يف الشعر العريب املعاصرحالوي، يوسف، -٥الطبعة األولی، الدوحة: املجلس الوطين لعوملة،األدب املقارن من العاملية إلی ااخلطيب، حسام، -٦

م.٢٠٠١للثقافة والفنون والتراث، م.٢٠٠٦، (د.ط)، دمشق: دار رسالن أدونيس شاعر الدهشة وكثافة الكلمةاخلير، هاين، -٧ م.٢٠١٠هـ ش/ ١٣٨٩شه معاصر ي، (د.ط)، ران: گفتمان اندهشت كتابسبهري، سهراب، -٨، (د.ط)، دمشق: إحتاد الكتاب العرب، قصيدة القصرية يف شعر أدونيسبنية الشرع، علي، -٩

م.١٩٨٧ م.١٩٩٩(د.ط)، دمشق: إحتاد الكتاب العرب، األدب املقارن، مشكالت وآفاق، عبود، عبده، -١٠مشهد: انتشارات دانشگاه (د.ط)،أدونيس در عرصه شعر و نقد معاصر عرب، عرب، عباس، -١١

م.٢٠٠٥هـ ش/ ١٣٨٣فردوسي، ، (د.ط)، الشعر والفكر أدونيس منوذجا، جتربة رموز وإشارات وقطيعة وحدسغايل، وائل، -١٢

م.٢٠٠٤القاهرة: اهليئة العامة للكتاب، ا: يني(د.ط)، فرجة، ية معرفيمشروع أدونيس الفكري واإلبداعي؛ رؤ مرزاق، عبدالواحد حممد، -١٣

م.٢٠٠٨املعهد العاملي للفكر العريب، ، شرح كمال اليازجي، (د.ط)، بريوت: دار اجليل، ديوان لزوم ما ال يلزم، أبوالعالء، يعرامل -١٤ م.٢٠٠١ م.١٩٨١، (د.ط)، أدونيس بني مهيار الدمشقي وقصائده اخلمسموسی، مشس الدين، -١٥ م.٢٠٠٨، (د.ط)، دمشق: إحتاد الكتاب العرب، شعر أدونيس؛ البنية والداللةحيياوي، راوية، -١٦

١٣٦ م دلشادوشهرا سيد مهدي مسبوق - ..»أغاين مهيار الدمشقي« ديوان يف ةمات العامليمقو

ات:يلدورب. ا

. ٥٠٩. العدد ٤٤، جملة املعرفة، السنة مالمح وأصول مقولة الكشف عند أدونيستاوريت، بشري، -١ ,١١٨ -١٠٦م، ص ٢٠٠٦، دراسات األدب املعاصر، السنة ظاهرة اإلنزياح يف شعر أدونيسنظري، علي ووليئي، يونس، -٢

,١٠٦ -٨٥م، ص ٢٠١٤هـ ش/ ١٣٩٢اخلامسة. العدد السابع عشر، مقومات العاملية يف رواية رامة والتنني إلدوار ). ١٣٩٢نظري منظم، هادي وشهرام دلشاد، ( -٣

,٣٨-١٩م، ص ٢٠١٤هـ ش/ ١٣٩٢، ٣٤عدد جملة اجلمعية العلمية اإليرانية للغة العربية وآداا، اخلراط، غة و األدب، جملة خمرب، أحباث يف اللالسارد يف السرديات احلديثة)، ٢٠١٢وسواس، جناة ( -٤

,١١٥ -٩٧م، ص ٢٠١٢اجلزائري. اجلزائر: جامعة حممد خضر، م، ص ١٩٧٩، ٢٠٧جملة املعرفة، أيار، العدد التطور الشعري عند أدونيس، يوسف داود، أمحد، -٥

١١٥-٨٢. املواقع اإللكترونية: ت.

لرضا (ع)، ، شبكة اإلمام االشاعر أبو فراس احلمداين ومفهوم االنتظاراخلليفة، حسني، -١www.imamreza.net/arb/imamreza )م). ٢٩/٠٢/٢٠١٦هـ.ش / ١٣٩٤/ ١٠/١٢

هـ.ش ١٢/١٢/١٣٩٤( ar.qantara.de/contentموقع قنظرة للحوار مع العامل اإلنساين، -٢ م).٠٢/٠٣/٢٠١٦/

١٧٠ چکیده هاي فارسی

هاي جهانی شدن در دیوانبررسی مؤلفه

در پرتو آراء حسام الخطیب "أغانی مهیار دمشقی" **شهرام دلشاد *بوقدکتر سید مهدي مس

چکیدهها و مطالعات پرشماري دربارة پدیده جهانی شدن ادبیات نگاشته شده تاکنون پژوهش

به » العالمیۀ إلی العولمۀاألدب المقارن من «است. در این میان حسام خطیب در کتاب شمارد و هاي مختلفی را براي آن بر میقضیه جهانی شدن نگاهی جامع دارد و مؤلفه

هاي دورن متنی، زبانی و فرامتنی. از کند: ویژگیها را به سه دسته تقسیم میاین مؤلفهویژگی کند بههاي درونی و ذاتی یک اثر توجه میاین دور او عالوه بر اینکه به ویژگی

فرامتنی و زبانی آن نیز می پردازد. مجموعه اشعار ادونیس زمینه مناسبی براي بررسی و کوشد با کند. بدین ترتیب پژوهش حاضر میهاي جهانی شدن فراهم میشناخت مؤلفهدر پرتو نظریات حسام "أغانی مهیار دمشقی"هاي جهانی شدن در دیوان بررسی مؤلفه

هاي هاي جهانی شدن را بسنجد. یافتهي این دیوان از مؤلفهمندالخطیب میزان بهرهتوان آن ها برخوردار است و میتر این مؤلفهدهد که این دیوان از بیشپژوهش نشان می

ها رویکرد انسانی شاعر است. از نظر را اثري جهانی قلمداد نمود. از جمله این مؤلفهمند، و سبکی متمایز از هان قوي و شکوهاي هنري و ادبی نیز این اثر داراي زبویژگی

هاي مبتکرانه در آن به قدري است که او را نماینده اصلی دیگران است و میزان شیوهرنگ کنند. اما با این وجود در این دیوان مظاهر اصالت کمشعر معاصر عربی قلمداد می

سازد. کما اینکه عدم است و گاه غموض و ابهام، فهم آن را براي مردم عادي دشوار میهاي فرا متنی نظیر وسایل ارتباطی قوي، وابستگی شاعر به مندي این دیوان از مؤلفهبهره

- کشوري پیشرفته، راه شهرت آن را ناهموار نموده است. از این رو این اثر با وجود بهره ها کم بهره است.هاي جهانی شدن از برخی ویژگیمندي از بسیاري از مؤلفه

هاي جهانی، حسام خطیب، آدونیس، اغانی مهیار الدمشقی.: مؤلفههاواژهکلید

.همدان سینازبان و ادبیات عربی دانشگاه بوعلیگروه دانشیار -*

(نویسنده مسئول) همدان زبان و ادبیات عربی دانشگاه بوعلی سیناگروه دانشجوي دکتري - ** sh.delshad@ymail.com

177 Studies on Arabic Language and Literature

Globalization in the Collection of Poems by Mahyar Damascene

In light of Husam Khatib’s Idaes

Dr. Seyed Mehdi Masboogh*, Shahram Delshad**

Abstract There are various studies on the globalization of literature. Among other Arab literary figures, Dr. Hussam Al Khatib pays especial attention to globalization and enumerates many components for it and divides them into three categories: intra-textual, linguistic, and extra-textual or contextual. The collection of poems by Adonis is a suitable playground for investigating the elements of globalization. This study aimed to examine the collection of «Songs by Mahyar Damascene» Adonis in the light of the views of Hussam al-Khatib and consider the degree this collection enjoy global ingredients. The study showed that this collection includes most of the elements and can be regarded as a global work. Among the outstanding features of the work one can mention its attention to human values, strong artistic language and high discourse, and its distinct style. Nevertheless, This Divan does not have much originality, and is difficult to understand by ordinary people. Among other things, lack of resort to contextual elements, such as using strong communication tools has stood in the way of its becoming universally known.

Keywords: global elements, Hossam al-Khatib, Adonis, songs of Mahyar Damascus.

.Iran, Hamedan, Bu Ali Sina University Arabic Language and Literature niprofessor Associate - * ** - PhD student of Arabic Language and Literature. Bu Ali Sina University, Hamadan, Iran.