230

ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

  • Upload
    others

  • View
    1

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 2: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 3: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

باعنة الت الملوك سيرة

فصلا ثلاثين في

تأليفالحكيم عبد شوقي

Page 4: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

الحكيم عبد شوقي

هنداوي الناشرمؤسسة٢٦ / ١ / ٢٠١٧ بتاريخ ١٠٥٨٥٩٧٠ برقم المشهرة

المتحدة المملكة ،SL4 1DD وندسور، ستريت، شييت هاوس، يورك+ ٤٤ (٠) ١٧٥٣ ٨٣٢٥٢٢ تليفون:

[email protected] الإلكتروني: البريدhttps://www.hindawi.org الإلكتروني: الموقع

مؤلفه. آراء عن الكتاب يعبر وإنما وأفكاره، المؤلف آراء عن مسئولة غير هنداوي مؤسسة إن

سالم إيهاب الغلاف: تصميم

٩٧٨ ١ ٥٢٧٣ ١٢٩١ ٣ الدولي: الترقيم

.١٩٩٧ عام الكتاب هذا صدر.٢٠١٧ عام هنداوي مؤسسة عن النسخة هذه صدرت

هنداوي. لمؤسسة محفوظة الغلاف وتصميم الكتاب هذا بتصميم الخاصة النشر حقوق جميعشوقي الدكتور السيد لأسرة محفوظة الأصلي العمل بنص الخاصة النشر حقوق جميع

الحكيم. عبد

Page 5: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

المحتويات

7 الأول الجزء9 الأول الجزء مقدمة15 الصين في اليماني أسعد التبع حروب -١23 الجبل كاهنة وصية -٢37 اليمامة زرقاء قوم يفني حسان التبع -٣45 الأشجار بأغصان والتخفي الليلي الهجوم -٤51 وفلسطين الشام حصار -٥57 اليمامة زرقاء نبوءة تحقق -٦63 المتجبر التبع خديعة -٧69 الدامي العرس -٨77 حسان التبع ابن الصحصاح اغتيال -٩83 البسوس انتقام -١٠91 حمير يحكم اليزن ذو التبع -١١97 ومنابعه النيل كتاب عن البحث -١٢103 مستشاريه يجمع بعلبك ملك -١٣

109 الثاني الجزء111 الثاني الجزء مقدمة117 أفريقيا داخل التعريب -١٤123 اليزن ذو لقتل الحبشة ملك مؤامرة -١٥

Page 6: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

129 قمرية من اليزن ذو زواج -١٦135 الحبشة ملك جنون -١٧143 التبع عرس مراسم -١٨151 اليزن ذو مكان تأخذ قمرية -١٩157 المحتضر التبع اليزن ذو -٢٠163 الأفريقي القرن في الضروس الحرب -٢١169 النيل حروب -٢٢177 رأس بلا جثة ولدي يصرخ: أرعد سيف -٢٣183 التباعنة مهد -٢٤189 المنتظر حمير تبع يزن ذي بن سيف -٢٥195 أفراح مدينة حصار يفك سيف -٢٦203 قمرية موت -٢٧211 العدية مصر إلى الرحيل -٢٨217 أصفهان في يتوغل سيف -٢٩223 الدلتا بأحراش سيف الملك اغتيال -٣٠

6

Page 7: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الأول الجزء

Page 8: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 9: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الأول الجزء مقدمة

باعنة الت الملوك

مكتبة على خلالها أتردد كنت سنوات، ثماني نحو امتدت التي بريطانيا في إقامتي خلالالتباعنة» «للملوك الكبرى الملحمية السيرة هذه مخطوطة على عثرت البريطاني، المتحفوقعت أن إلى شيئا، عنهم نعرف ولا مرات، بضع الكريم بالقرآن ذكرهم ورد الذينالتاريخ ذلك على خلالها من وتعرفت دراستها، على فعكفت ، يدي بين السيرة هذهوعدن الخليج ودول اليمن في العربية الجزيرة جنوب وقبائل وكيانات لأقوام الغابرأو الغابرة حضاراتهم لهم كانت الذين التباعنة الملوك لسير نسور، وذي وسبأ وحضرموتالصين، تخوم حتى جحافلهم ووصلت آسيا، الأقصىوأواسط الشرق ربوع جابوا المندثرة،وأفغانستان، الهندية القارة شبه متضمنة: الآسيوية، القارة مناحي إلى التعريب وأوصلواتنتهي التي الإسلامية الكيانات وعشرات وبلوخستان، وأذربيجان وتركستان والباكستان،نجدهم كما القديم، السوفييتي الاتحاد منظومة داخل «ستان» بكلمة متعارفعليه هو بما

وغيرها. الشيشان فيالطريق مهد الذي هو بل الإسلام، من أسبق التعريب كان — جدال وبلا — هنا ومنبهذا واضطلعوا لعبوا من رأس وعلى والمغرب، المشرق في وانتشاره فتوحاته ليواصل لهدعتني «قد القول: منهم للتبع يحلو كان الذين «التباعنة» أو التبابعة ملوك هم الدور

الصين.» أنطح أن نفسي

Page 10: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

داخلها، فتوحاته ويواصل الصين، تخوم إلى الزاحفة الجيوش يعد كان وبالفعلوصول للشك، مجالا يترك لا بما أثبتت، التي الأركيولوجية الحفائر عنه كشفت ما وهووتراثها آثارها خلفت والتي البعد، في الموغلة البلاد تلك إلى المحاربة العربية الأقوام تلك«التباعنة» الملوك أولئك بين من أن معرفة القارئ ويكفي البلاد، هذه في والإثني الحضاريلاحقة، أحقاب في وهذا داود، بن سليمان الحكيم للملك ومعاصرتها سبأ» ملكة «بلقيسربوع في حفريا عليها ومتعارف موجودة كانت بكاملها حضارات أن معرفة يكفي كماللملوك ينتمين اللائي الملكات إحدى اسم وهو «تدمر» باسم وتعرف وفلسطين، الشامكان ما وهو اليمنين» «ذو باسم شعبيا عليه المتعارف اليماني حسان ابنة فهي التباعنة،

عليه. يطلق«زانوبيا» المعروفة: الملكة التباعنة للملوك أيضا المنتميات الملكات أولئك بين من أن كماهي كأسيرة وسحبت الأسر في وقعت أن إلى طويلا الرومانية الإمبراطورية قاومت التي

الميلاد. قبل ٢٠٠ عام حوالي في روما إلى وعرشهاابنه وكذلك الكبرى، بسيرته المعروف اليزن» «ذو الملك فهو التباعنة الملوك آخر أماالقارة داخل التعريب في الأكبر الدور لعبا بالذات الملكان وهذان يزن»، ذي بن «سيف الملكوإثيوبيا لليمن المتاخم الأفريقي بالقرن بدءا بالأصح أو والسودان، بمصر بدءا الأفريقية،الفتوحات جاءت ما إذا حتى عام، بشكل الأفريقية القارة ربوع وبقية ومصر، والسودانجانبها أو الأفريقية القارة في الإسلام وانتشار لاستنبات ممهدة الأرض وجدت الإسلاميةرحلات من تبعها وما الأوروبية الاستكشاف رحلات بداية مع إلا يندحر لم الذي الأعظم

المسيحية.1 إلى الأفريقية والأقوام البلدان هذه بعض وتحول تبشيرية،واسعة الأميرة تلك اليمامة»؛ «زرقاء أوفابيولة قصة في التباعنة مأثورات ترد كذلكالمدينة أبراج أعلى إلى صعدت حين التباعنة، الملوك غزو من قومها حذرت والتي البصيرة،

صارخة: بقومها تهيب وظلتحمير. وجاءتكم الأشجار إليكم مشت لقد قوم، يا جديس ياحمير. وجاءتكم الأشجار إليكم مشت لقد قوم، يا جديس يا

قبائل: مثل سابقة، كيانات أو وأقواما حضارات التباعنة الملوك أولئك أنهى وبالفعلفنيت وكيان قبيلة عشرة اثنتي حوالي أي ورائش؛ والعماليق وطسم وجديس وثمود عاد

عشر. الثامن القرن من بدءا 1

10

Page 11: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الأول الجزء مقدمة

وإن بالجاهلية، عليه تعارفنا ما أو للإسلام السابق المبكر الوقت ذلك في الوجود من بكاملهاالقدم، في الموغلة والفتوحات والحضارات الأحداث من بالعديد تزخر الجاهلية تلك كانتالرياضيات من نوعا والقتال، الحروب واعتبار والقبلي، العرقي والتطاحن العصبيات وفي— قحطان بن يعرب وهو الحميرية، الأقوام لهذه السالف الأب مقولة مع اتساقا القومية؛

العربية. تكلم من أول العرب أبو — يقطان أوقبل فقاتلوهم سبوكم؛ تسبوهم لم وإن قاتلوكم، الناس تقاتلوا لم إن الناس أيها –

جد. من خير جد ولكن جمع، من خيرا جمع فليس يقاتلوكم؛ أن

اليزن ذو الملك وهما: التباعنة، الملوك لآخر نتعرض الكتاب، هذا من الثاني الجزء وفييزن. ذي بن سيف التبع الملك وابنه

ربوع داخل التعريب في الهام الدور سيف الملك وابنه اليزن» «ذو الملك لعب فقديمكن ما وهو النيل»، «كتاب عن يبحث كان منهما كلا أن سيرتهما وتذكر الأفريقية، القارةتلك في حد أقصى إلى متفوقين كانا أنهما ذلك النيل؛ منابع عن للبحث مرادفا يكون أنأن نعرف أن ويكفي الزراعية، والتحصينات المائية للسدود بالنسبة القدم في الموغلة الفترةالجنوب وبلدان اليمنين ربوع في منتشرة ا سد وثلاثين ثمانية بين من واحدا كان مأرب سدوالفتوحات، والتجوال الحركة من لها يسر بما هائلة زراعية حضارة كانت فقد العربي،أو بلدانا وكانت العربي، الجنوب تشكل كانت التي هي أيضا البلدان هذه وأن وخاصةواتصاله العربي، الخليج أو العرب بحر على لوقوعها نتيجة بحرية صفة ذات شعوبا

الجنوبي».2 البحر «فينيقيو عليهم يطلق كان هنا من الهندي، بالمحيطكانوا فأولئك وفلسطين، الشام في المتوسط الأبيض البحر فينيقيو هناك كان ما فإذاالوسطى آسيا ربوع في التوغل من تمكنوا بحرية، كشعوب وكانوا الجنوبي البحر فينيقيي— المندثر — التاريخ يذكره ما أهمية والأكثر ذاتها، الصين تخوم حتى الأقصى والشرق

مصر.3 وحكموا منها خرجوا فراعنة سبعة أن «التباعنة» الملوك لأولئكوالجنوب باليمنين أن وهو مداه، بالتحديد أعرف لا بسيطا افتراضا أسوق ولعلنينحاس احتياطي أكبر اليوم إلى يمتلكون فهم هائلة، نحاس جبال توجد وعمان، العربي

الجنوبي. البحر وكيانات شعوب أي 2سيرتنا. في ذكره يرد ما وهو 3

11

Page 12: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

لاحتياطي العظمى الغالبية ولكن صغيرة، جزئية يمتلك العالم أن بمعنى كله، العالم فيالأبحاث عنه ستكشف بما العربي، والجنوب اليمنين في موجودة زالت ما العالم النحاسفيسيوف من الوقت ذلك في المستخدمة الأسلحة صناعة على يساعد كان ما وهو المستقبلية،

الآن.4 إلى ماثلة تزال ما وخناجروهي سبقا، أكثر حضارة أسلاف هم «التباعنة» الملوك هؤلاء أن القول خلاصةإنها قلت: ما إذا أغالي لا حضارة هي القديم، العهد في يذكر كما يقطان أو قحطان حضارةوعرفت والجنوبية، الوسطى أمريكا إلى الميلاد قبل الثاني الألف منذ ربما مبكرا انتقلتالشعائري الجسد معظم بها أن للنظر والملفت وبيرو، المكسيك بين فيما الاسم بنفسأنها يبدو أهرامات بها أن كما للعرب، — بعامة — التراثي أو والفولكلوري والعقائديمنذ النرويجيين الرحالة أو المستكشفين أحد دعا ما هذا وربما مصر، من بكاملها نقلتأهرامات وبخاصة الحضارة هذه انتقلت كيف إثبات محاولة إلى سنة عشرين حواليالملوك أسلاف يقطان أو قحطان حضارة بها المقصود وكان الجنوبية، أمريكا إلى مصر

«التباعنة».لتسعة اليماني» «أسعد التبع الملك بإعداد فتبدأ الملوك هؤلاء عن لسيرتنا بالنسبة أما«قد القائل: قراره متخذا طروادة حرب في أجاممنون مثل إمرته تحت متحالفة ملوك

الصين.» أنطح أن نفس دعتنيالأقصىوالصين، الشرق تخوم إلى — أجاممنون — الملوك كملك الزحف واصل وهكذاالطرقات وتعرف بالمساعدة إليه أوعز الذي الصين، ملوك أحد لخيانة فريسة وقع أنه إلاالمآزق من الكثير في وبجيوشه به أوقعت كبرى خيانة له يضمر كان بينما والمسالك،يحضر أن مساء كل اعتاد الغزوة، تلك في أبنائه من أربعة فقد إنه حتى والخسائرأن قبل نادبا يبكيهم ويظل بالرماد مغطاة الخالص الذهب من صينية على رءوسهم

فراشه. إلى يأويوضعه ثم دابره، من لسانه وقطع استقدمه الصيني الملك خيانة على تعرف وعندمايتعامل كان كما حكمه مجلس من مقربا وأجلسه الخالص الذهب من ضخم قفص فيفلا تذكر، فائدة بلا ليصبح مجالسحربه حتى اجتماعاته، من اجتماع كل في قبل من معهالعودة حربه مجلس قرر أن إلى النحو، هذا على للخيانة عبرة منه وجعل ينطق أو يتكلم

طوطمي. كشعار 4

12

Page 13: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الأول الجزء مقدمة

والجنوب اليمن إلى والرجوع الصين مجاهل من والانسحاب اليماني أسعد التبع بالملكالعربي.

على سيخلفه الذي التبع ابنه استقدم أسعد المتجبر التبع ذلك المنية توافي أن وقبلمن الشعبي الوجدان في عرف الذي اليماني» «حسان وهو التباعنة، وعلى حمير عرشادفنوني بل ملككم، فيضطجع تضجعوني لا له: قائلا اليمنين، بذي الخليج إلى المحيط

شامخا. ملككم ليظل واقفاالصخر. أعماق في واقفا أسعد السلف التبع ذلك دفن وهكذا

التي الغنائم وزعت أن بعد وحضرموت النسور وذي وسبأ عدن إلى الجموع وعادتهو كما المشورة، ثلث لها كان التي الجيوش قائدة أو الكبرى الأم الكاهنة عليها أشرفتحروب في والجازية طروادة، حرب في كأثينا المحاربات للكاهنات بالنسبة عليه متفق

«البسوس». وهي الهلالية،بضرورة والده، التبع مشوار ليكمل أسعد بن حسان البسوس استدعت مات وحينمشورة؛ من عليه تشير ما كل وتنفيذ ضهر» «جبل كاهنة إلى الذهاب وهي بوصيته الالتزامكاهنة إلى ذهب ما إذا حتى لقولها. اسمع ضهر جبل كاهنة به عليك تشير ما كل في قائلة:فمن حمير، حكم عن قالت: ماذا؟ عن فقال: كثيرا، تأخرت لقد قائلة: بادرته ضهر جبلمن كرسي على وأجلسته مصر، حكموا عظام فراعين سبعة خرج هذه ضهر جبل مغارةعليه وأشارت فجلس، اجلس، آمرة: له قائلة والعقارب؛ بالحيات مغطى الوهاج الذهبهو صادفه من أول وكان خارجا، مغارتها باب من خروجه حين يصادفه من أول بقتلإلى حاوطته حمى وأصابته قتله في تردد أنه إلا الأزعار» ذو «عمرو المدعو الوحيد أخوه

وقتله. جنبه في خنجره ووضع عمرو أخاه احتضن حتى منها فاق إن وما أيام،وزيرا واتخذ وتوابعها، حمير اليمنين ذو ولقبه اليماني حسان التبع ذلك حكم وهكذاوأنشد مساء ذات استقدمه أن إلى منه فقربه «يثرب» يدعى والعدل بالحكمة اشتهر له

قائلا:

زورا ل��ل��ق��ول ف��م��ا ب��ح��س��ان ال��م��س��م��ى ال��ي��م��ن��ي ال��ت��ب��ع ي��ق��ولس��ورا الأرض م��ل��وك ع��ل��ى وص��رت واق��ت��دارا غ��ص��ب��ا الأرض م��ل��ك��توال��ن��س��ورا ال��م��ع��ام��ع وف��رس��ان وال��ق��ب��ائ��ل ال��م��م��ال��ك وط��اع��ت��ن��يج��س��ورا ج��ب��ارا ال��ب��أس ش��دي��د ع��ن��ي��د ب��ط��ل ع��ن أخ��ب��رت ل��ق��د

13

Page 14: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

ودورا م��دن��ا ح��وى ق��د أم��ي��ر رب��ي��ع��ة ي��دع��ى إن��ه وق��ال��واق��ص��ورا ش��ي��د وك��م أخ��رب ف��ك��م وع��رض ط��ول ف��ي الأرض ت��ول��ىوب��ورا ق��ف��را أرض��ه وأت��رك ب��ج��ي��ش��ي أغ��زوه ال��ي��وم ف��ق��ص��ديول��ل��ق��ص��ورا ل��ل��ق��لاع وأم��ل��ك الأراض��ي ت��ل��ك إل��ى ب��ه��م أس��ي��رال��ك��دورا ب��ع��د خ��اط��ري وي��ص��ف��و وب��ح��را ب��را ل��ي ال��ح��ك��م وي��ب��ق��ى

«تباعنة» لدى المعروفة العملاقة النحاسية الطبول بدق حسان التبع ذلك أمر وهكذامن وهو الفحول، العبيد من عشر يدقه كان الطبول، أعظم وهو «بالرجروج» اليمن

وفلسطين. الشام افتتح أن إلى بالجيش سار وهكذا العظام، التباعنة ملوك صنعةالبلدان طول على المندثرة السيرة هذه — تتزاوج أو — تتشابك معروف هو وكماعلى والسير الشفهية للمأثورات جمعي سنوات خلال أثر على لها أعثر لم التي العربية،مع تتشابك البريطاني المتحف مكتبة مخطوطة في إلا أخرى سير مع عاما، أربعين مدىطول على عاما ٤١ امتدت التي الشهيرة، القبائلية البسوس لحرب تؤرخ أخرى سيرة

وفلسطين. والشام لبنان ربوعاليزن ذو الملك وهو التباعنة، آخر تاريخ فيتضمن السيرة هذه من الثاني الجزء أما

سيف. الملك وابنه

الحكيم عبد شوقي١٩٩٦ يوليو القاهرة،

14

Page 15: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الأول الفصل

الصين اليمانيفي أسعد بع الت حروب

للملك السالف الجد اليماني، أسعد — التبع — بالملك والمرض السقم استشرى حينوقادة أمراؤه آثر الصين تخوم الجرارة المتحالفة بجيوشه يغزو وهو يزن، ذي بن سيفومضى أسعد، التبع بملكهم نزل الذي الفادح المصاب ذلك في والتشاور الاجتماع فيالقهوالمنازلة القيادة على يقوى يعد لم إنه حتى يوم، بعد يوما حياته رحيق منه يمتصوأواسطها آسيا غرب طول على المدن لافتتاح المتلاحق الزحف ومواصلة القرار، واتخاذ

Page 16: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

أعلى إلى العربية جيوشه وصلت أن إلى والتركستان، وأذربيجان والسند الهند ببلاد مروراالصين. تخوم

قحطان. الأعلى جده عن المتوارث الراسخ الدفين معتقده عن لحظة يكف لا وكانلا غزوكم، تغزوهم لم وإن حاربوكم، الناس تحاربوا لم إن إنكم الرجال، أيها –

ودواب. بشر من عليها وما الأرض هذه ظهر على لمغلوب مكانأطرافه، وبردت لسانه ثقل لقد بل الكلام، مجرد على يقوى التبع الملك يعد لم الآنتتحركان اللتين الجاحظتين عينيه حدقتي سوى فيه، الحياة نبض إلى يشير يعد ولم«عمرو ولديه لوجهي حتى فراشه، على راقد وهو به، يحيط ما لكل واستطلاع ريبة في

وحسان».الملك ذلك باسم نطق الدفين، وحقده غله عن تعبيرا سوءا لسانه ونطق حدث وإنبه غرر أن فكان الصين، بلاد مجاهل داخل وجنوده يقوده دليلا، اتخذه الذي الصينيبوهادها المترامية، البلاد تلك داخل وأضاعه وهدفه طريقه أفقده أن إلى الحليف الدليل

الجرداء. وصحاريها وأنهارها الشاهقة وجبالهاالخسيس. الآسيوي الدليل ذلك –

به فأوقع حليفه، خيانة المطاف نهاية في بنفسه أدرك حسان، التبع أن ورغمذات استقدمه بأن وذلك وأبنائه، وجواريه وزوجاته وقبائله قومه من مرأى على انتقامه

العربي. الجيش أمر إليه انتهى وما وخداعه، بادعائه وواجهه ليلةاستل نفسه، عن الدفاع معاودة وحاول المتآمر، الدليل الملك ذلك يد في أسقط وحينواستخرج الجميع، من مرأى على منه وتقدم وسطه من خنجره فوره من حسان التبع

المشرع. بخنجره آخره عن وقطعه فمه من لسانهالكاذب. اللسان هذا من أريحك الآن –

للحكم الفولاذ من قفص أو محفة داخل سجنه اليمني التبع إن بل بهذا، يكتف ولميرقب يرزق حي بداخله وهو عرشه، قاعة جانب إلى القفص بوضع وحجابه حرسه وأمربكلمة ينطق أن دون — السابق في كان كما — وخطط اجتماعات من يحدث ما ويعي

بحرف. …الخطط مسار ويرى يسمع وهو وجهه تعبيرات بمراقبة أسعد الملك اكتفى هنا ومنبه وحل الملك حالة ساءت بعدها والحركة، النطق على يقوى أن دون لبلاده، الغازيةمنه يحصد ولم ثقته، كل أولاه الذي الحميم الصيني، صديقه من بدوره، هو السقم

طويلة. سنوات البلاد هذه مجاهل في والضياع والمرارة الخيانة سوى

16

Page 17: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الصين في اليماني أسعد التبع حروب

بالصديق! يصنع أهكذا –قاعة داخل وحدهما وشرابه طعامه يشاركه يمضي أسعد التبع كان ما فكثيراأمور من له يعن ما كل عليه طارحا أمره، افتضاح وقبل سابقا، كانا كما عرشه،

صديقي؟ رأي ما سائلا: حقيقية؛إيماءاته أو أقواله صحة بنفسه متلمسا وأصفاده سجنه داخل من إيماءاته متلقيا

الأخير. القرار طبعا وله أصيلها، من خسيسها مدركابها يدفع كان والبلدان، والمسالك الطرق ومعالم المعارك ومسار الخرائط فحتى

وإشارته. مشورته طالبا إليه،الصديق أيها لسانك قبل اكفهرارك طريق عن فأكثر أكثر أعرفك أصبحت لعلني –

الأخرس. الوفيأن منذ له، أخلص الذي وهو أسعد، التبع غليل يكف لم ذلك، كل أن ويبدوإليه ورد احتضنه أن فكان الصين، ملوك به فعله مما كمدا ينزف ذليلا مخلوعا جاءهوعشيرته أهله قبل الطوال السنوات منه وقربه وبلاده، وممتلكاته سلطاته وكامل ملكه

وحسان. عمرو ولديه وحتى بل القبائل: ورءوس ومستشاريهغريق، كمثل الصين، متاهات إلى قاده الذي الصديق وجه وجهه؛ له تكشف أن إلىبل فيالقه وقادة وجنوده هو رمالها، في الغوص إلى الهوجاء السموم رياح به تودي

كبده. فلذات أبنائه، من أمراء وأربعةبالصديق؟ يصنع أهكذا –

الصديق وجه مستطلعا واستدار به، حل لما الغافل المتجبر التبع استفاق ما إذا حتىالأربعة. وأولاده وجيشه رجاله أخلص أضاع قد كان الدليل، الحليف

الأربعة أبنائه رءوس بإحضار حجابه يأمر فكان الثقال، الهموم عليه حطت وهكذاتعتليه الذي بالرماد ومغطاة الإبريز الذهب من مصاغة صوان شكل على أوعية أربعة على

ندماه! وا الصديق: من مرأى على متحسرا باكيا الرءوسالمقربين قول حد وعلى — إنه حتى الدفينة، لأحزانه نهبا أسعد التبع تهاوى وهكذاالفعل إتيان على يقوى يعد لم — وحسان عمرو ذريته، من تبقى ما ومنهم منه،

ومعرفته.نحن؟ أين –

بضرورة مطالبين إمرته، تحت كانوا الذين التسعة الأمراء اجتماع جاء هنا ومنضرورة الأمر استدعى ولو به، لهم قبل لا الذي القاري المنزلق ذلك من للخروج شيء عمل

17

Page 18: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

موقع مجرد يعي لا أصبح — الغافل — الملك دام ما اليمن، ربوع إلى والعودة الانسحابكل من تلاحقهم أصبحت الخسائر دامت وما المتلاطمة، الصين بلاد بحار من جيشه

وغروب.» فجر مطلع كل انشقاقا عليهم الأرض وتنشق «بل وصوب، حدبالعرب جزيرة إلى والعودة الانسحاب ضرورة على الأغلبية رأي استقر ما إذا حتىالعودة، قرار تأييد من ا بد — وحسان عمرو — ولداه يجد لم وجنوبا، شمالا وربوعها

المريض. السقيم التبع لأوامر حاجة ودونالحروب تلك مغانم من إنقاذه يمكن ما إنقاذ هو القرار، هذا مثل في حكمة فالأكثروالعودة الصين، مداخل حتى والأناضول الوسطى آسيا ربوع في أمدها طال التي القارية

العرب. وجزيرة اليمن إلى بهاجثمانه لدفن المتجبر» «التبع باحتضار الواقع الأمر تقبل هو أهمية الأكثر أن كما

وصيته. في أشار كما التباعنة، أجداده رفات بين وصيته حسب منتصبا أو واقفاشامخا. ملككم ليظل واقفا ادفنوني بل ملككم، فيضطجع تضجعوني لا –

وموانئها العرب جزيرة ربوع إلى العودة لرحلة تمهيدا المراكب أعدت هنا ومنأبنائه ورءوس بعرشه الراقد التبع وحمل والأسلاب، الغنائم وحملت فسيقت البحرية،إعلامه دون السفن ظهر إلى اللسان مقطوع الآسيوي الملك وسجينه وأسراه، القتلى

المفاجئ.» والاندحار العودة «بقرارربوع إلى الرسل يسبقها العرب، وبحر الهندي المحيط باتجاه عائدة السفن وأقلعتوذي والحجاز وسبأ وعدن حضرموت إلى وجنوبا، شمالا وكياناتها العربية الجزيرة

نسور.اليمني التبع رأسهم وعلى المحاربين من الرجال لاستقبال والزينات الأفراح فأقيمت

وحسان. عمرو وولداه أسعد الغازيرأس القائد التبع عن العائد المنسحب الجيش تحركات إخفاء في الجميع أفلح وهكذاوخرجت العرب، بحر شواطئ على رحالها السفن حطت أن إلى العربي، القبائلي التحالفحينئذ العائدين، الرجال لاستقبال وعجائز وأبناء وأمهات زوجات من المنتظرة الجموع

حدث. ما الراقد التبع أدركوأكرم اللسان مقطوع الآسيوي الملك وأسيره صديقه وثاق حل أن إلا منه كان فما

بيته. وأهل هو وفادتهالصديق. أيها ضيفي، الآن أنت –

18

Page 19: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الصين في اليماني أسعد التبع حروب

رءوس على المضنية الطويلة الحرب وأسلاب الغنائم توزيع مراسم انتهت إن وماالتبع أخت «البسوس» الأميرة عليها أشرفت التي المشاركة والكيانات والعشائر القبائل

الصحية. الملك حالة تفاقمت حتى المريض،الأكبر ابنه استدعى منيته، اقتراب مدى — التبع أي — بدوره هو أدرك ما إذا حتىاذهب قائلا: الأخيرة بوصيته ضعف في إليه ا مسر طويلا وجهه في يتطلع ومضى حسان،وأبلغها «بنور»، بكهف الجبل سيدة باب وأطرق صنعاء من بالقرب «ضهر» جبل إلى

وموتي. منيتي باقترابعلى اليماني حسان الأكبر ابنه إطلاع في يجاهد وهو إعياء، في طويلا التبع تنهد— العظام اليمن ملوك — التباعنة عرش على ليخلفه اصطفاه قد وكان الأخيرة، وصيته

ضهر. جبل بسيدة تجتمع أن قبل مني، أذناك تسمعه بما أحدا تخبر لا بعده: منلقولها. اسمع لك، تقوله ما كل وفي إصبعه: بطرف مهددا أشار

أنوار تحت كئيبا متحسرا واهنا حسان لابنه أسعد، الوالد التبع الملك وجه بداوالقناديل. الشموع

عليه، احتلنا شيء كل لنفسه: يتمتم وهو أجله وانقضاء حاله يندب كمن له ظهرغلبنا. الموت إلا

بلهجة عليه مشيرا الأب اعترضه أبيه، رأس لإراحة أكثر الاقتراب حسان حاول وحينلقولها. اسمع التأكيد:

«ضهر». جبل سيدة بذلك يعني وهوشقيقه على عيناه لتقع القاعة، باب باتجاه مستديرا منسحبا، لوالده حسان أومأ

التبع. الوالد احتضار هول من مكفهرا مأخوذا بدا الذي «عمرو» الأصغركان «أتراه لنفسه: قائلا وجهه تعبيرات يستطلع كمن مواجهته في حسان توقف

أبينا.» وبين بيني جرى ما متلصصا يسمعاعترضه أبيه، حالة مستطلعا والدخول نظراته من الإفلات عمرو حاول وحين

ينام. دعه له: قائلا شخيره ارتفع الذي غطيطه إلى مشيرا مستديرا حسانكأنها التي اللحظة تلك هول من وعيه، عن الغائب كالتائه حسان الأمير اندفع وهناداخل وحده متجولا المتجبر» «التبع والده وصية إلى فيها أنصت والتي بحاله، دهرالملك حالة عن مستفسرا منه الاقتراب حاول من كل عنه مبعدا الشاهقة، القصر ردهات

ومستشارين. قبائل وشيوخ أمراء من

19

Page 20: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

الجسام المهام تلك وخلجاته، فكره كل على ويستولى حسان بال يشغل ما كل كانوهي الرجال، قبل الجبال أعلى هامات ثقلها تحت تتهاوى والتي كتفيه على ستلقى التيوأقوام، قبائل من المتنافرة، الجموع تلك قيادة في أبيه مكان آخذا ويصحو، الليل ينام أن

رحمة. أدنى دون النهار وضح في ويغتال يقتل وأنكيف؟ تساءل:

بقراءاته منشغلا والتسلط، الحكم شهوة عن الابتعاد طويلا جاهدا حاول الذي وهوطائل. دون لكن البعيدة، وأسفاره

كيف ضهر، جبل لسيدة الكئيب، القبيح الوجه وذلك أبيه، كلمات مسترجعا أعادجحرها أو كهفها داخل تقبع الملامح، قاسية متوحشة لامرأة قياده أو أمره يسلم أن له

يقولون. كما البشر»، بمخ «تتغذى رقطاء، حية كمثلونصائحها. وصاياها يتقبل أن له وكيف

كارثة. –كل من ارتفعت قد النائحة الأصوات كانت أفكاره طلاسم من حسان يفيق أن وقبل

أسعد. التبع والده موت تندب القصر جنباتالجبال سفوح وأعلى القصر خارج من العملاقة الطبول قرع دوى الفور وعلىمكان كل في يتردد الطبول دوي صدى وكان أسعد، التبع الملك موت معلنة المحيطة

كالهدير.إلى قبيلة مضارب ومن أخرى، إلى مدينة من الهشيم في كالنار الخبر وسرىالقبائل شيوخ بين اللقاءات وعقدت النائحات النساء أصوات فارتفعت يجاورها، ماالتبع مآثر عن تتحدث التي الجنائزية بالأشعار المنشدين أصوات وارتفعت وأمرائها،من لها تعرض التي الخيانة سوى عضدها في تفت لم التي وفتوحاته وطموحاته الراحلإلى القبائل، وشيوخ الأمراء ببعض والحنق الحماس وصل لقد بل الآسيوي، الدليل ذلكوعلى علنا منه والانتقام — اللسان مقطوع — الآسيوي الدليل ذلك بإحضار المطالبة حد

الأشهاد. رءوساقتلوه! اقتلوه، –

التي الثائرة الجموع وصول من حزم في حائلا «حسان» الوريث الأمير تدخل وهنادون نقمتها عليه لتصب الآسيوي الدليل ذلك مطمورة إلى القصر ساحات بها امتلأت

حذار. ارجعوا، بها: صارخا رحمة؛

20

Page 21: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الصين في اليماني أسعد التبع حروب

ستوارى مسجاة جثة التبع الملك وأصبح المكتوب نفذ بعدما الانتقام؟ فائدة فمالحظات. بعد الثرى

بذلك لحق ما بمدى الغاضبة المتزاحمة الجموع مذكرا عاد حسان الأمير إن بلإحدى في لسانه جز على الراحل والده إقدام إلى مشيرا عقاب، من سلفا الآسيوي الدليلأتسمعون! حمير، ضيف فهو الآن أما فيه، هو ما الآن يكفي صارخا: منه، غضبه نوبات

21

Page 22: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 23: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الثاني الفصل

الجبل كاهنة وصية

نهبا مكدودا «ضهر» جبل إلى مساء ذات وجهته حسان الجديد التبع الملك اتخذالجبل سفوح تضيء المشعلة والشموع المصابيح أضواء كانت المتضاربة، لخواطرهأتباع يؤمها والخيام، بالمضارب وتضاريسه وسفوحه متعرجاته تغطت الذي العملاق،

ومعلولين. ومجاذيب مرضى من — الجبل سيدة — السيدة تلكومن هنا من تعلو الشعائرية الدينية المسحة ذات الجماعي الغناء جوقات وكانتلكل المثيرة الطاغية الدفوف إيقاعات وإنشادهم غنائهم في يستخدمون وهم هناك،كل عن كامل غياب في وميسرة ميمنة الجموع عليها تتمايل حيث الجسدية؛ المشاعرومشعوذين ومعلولين وأتباع فقراء من الجبل، ذلك سكان من الجموع وهي وعي،

ومرضى. ودراويشيسلك، المسالك أي يعرف لا بحصانه، توقف حتى الجبل، حسان واجه إن وماالعنان وأطلق المستطلعة العيون عن ملامحه مبعدا بشاله وجهه فوره من وأخفى

والحياة. والغناء بالحركة المائج الجبل حول من راكضا لحصانهالراحل التبع أبيه على والعويل البكاء ذلك أصوات الأماكن بعض في استوقفته

الحمراء: فرسه إلى مشيرين

بتصيري حمرا» «يا كأنكالندابات رياح تحت

مقدارك يعرف اللي غابعبارك لحد لك يملأ

يزيدك. القمح من خست وإن

Page 24: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

حتى بالدم، المنتشية السيدة تلك مغارة حيث إلى المؤدي طريقه تلمس إن وماالموحشة المغارة ودخل مستطلعا توقف أن إلى شيء، على يلوي لا صاعدا فوره من مضى

شاهق. معبد كمثل العملاقة، والمرمرية الرخامية بالتماثيل المحاطة الحجرية،وربطه طاولته إلى الحصان اقتاد من الفور على منه وتقدم حصانه، عن ترجل

وقور. صمت في الطعام له مقدمانفيس من صيغت التي المنحوتات تلك تأمل في طويلا حسان التبع واستغرقعلى فيها تعرف وأشخاص، ورموز وثنية لمعبودات الكريمة، نصف الصلدة الأحجارعاد بن «شداد على تعرف البقاع، تلك طويلا حكموا الذين اليمنيين التباعنة جدودهأسعد التبع والده تماثيل من الكثير وعلى قحطان»، بن يعرب بن «يشجب وعلى الكبير»

بالذات.الحرب تلك بحياتهم أودت الذين الأربعة إخوته منحوتات شاهد حين عيناه ودمعتفيما الرئيسي السبب موتهم فكان الأقصى، والشرق الصين ربوع في المشئومة الأخيرةكان حين خاصة السقوم، وجسده ببصره أنزلت عاتية، ثقيلة أحزان من بأبيه حلحسرة في ويتأملهم الذهبية، أوعيتها على المحفوظة، — المحنطة — برءوسهم يجيءمهرب، دون والكوابيس الأحلام تحاصره نام إذا حتى الأخرى، بعد الليلة باكيا، نادما

الأوان. قبل بحياته أودت حتى وأسقامه أحزانه عليه واشتدتنيرانه له تبدت الذي الهائل الجبل ذلك منزلق يرقب وهو جالسا، حسان وتهاوى

متقد. هائل كجمر وأخاديده سفوحه طول على المشتعلةجحيم! … ليلة من لها يا –

حكم بعينه؛ الجحيم حيرة: في الاثنتين ساعديه بين رأسه آخذا مكتئبا لنفسه غمغمحمير.

موحشا المكان وبدا الاثنتين، أذنيه يصم الرباب وأنين العملاقة الدفوف قرع وكانللدخول. تأهبا وخنجره، حسامه تحسس إلى دفعا به دفع حد إلى

اللغز! المرأة تلك –الحرب نيران التهمتهم الذين الأربعة الفرسان إخوته منحوتات جديد من طالعته

منفرط. عقد كمثل الآخر، عقب الواحد المسعورة الأخيرةالرحمة! –

صورته طالعته حتى الرطب، الكهف ذلك أغوار إلى داخلا منفلتا تحرك إن وماوالنفيسة، الملونة الأحجار نادر من صيغت التي المشطوفة الحجرية جدرانه على المنعكسة

24

Page 25: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الجبل كاهنة وصية

الشديد والياقوت والسليماني والعقيق واليشب عاكسة، مرايا كمثل الأملس المرمر بين ماالاحمرار.

تعكس أبدا تكن لم التي المستنسخات، مئات عبر منطبعة وهيئته وجهه له تبدىأو يعرفها يكن لم التي والتبديات الانفعالات من مؤلفة آلاف عبر بل الآنية، حالته

نفسه. في قبل من يشهدهاغرائب! –

جدرانها تغطت التي والدروب المسالك المتعرجة المغارة تلك انفتحت ما وسريعايشابه بما يقطر بعضها يزال لا والتي بالجدران، المسمرة الحقيقية البشرية بالرءوسمتسائلا: لنفسه؛ حسان غمغم لتوه، وقع قد قتلهم حادث أن لو كما الأحمر، الدم

أسرى!وصلت ذاته الكهف ردهات داخل من والتوسل، والنحيب العواء أصوات إن بل

الخارجية. العملاقة الدفوف أصوات على طاغية مسامعه،المرأة. صوت جاءه أن إلى مأخوذا، ملتاعا توقف

حسان؟! –أجل! –

طويلا! تأخرت –البصر، يحده لا فسيح بهو داخل نفسه وجد أن إلى شيء، على يلوي لا داخلا اندفع

والتفاصيل. المعالم واضح جلي نهار إلى العملاقة النيران ألسنة أحالتهالعسجدي شعرها جدائل تناثرت وقد عملاق كمثل المرأة انتصبت المكان آخر وفيإلى يقود درج شبه على واقفة كله، جسدها يغطي ليكاد حتى الحمرة إلى الضاربهنا ومن مغرفة، بيدها ذاتهم، التباعنة عروش عن كثيرا يقل لا الذي الباهر عرشها

المكان. داخل المعبق البخور مع الشواء روائح تخالطت وهناككثيرا. تأخرت أقول –

ماذا؟ عن تأخرت سائلا: نطقحمير. حكم عن بصرامة: أجابت

حمير. تبع الآن أنا قال:ونفذته كلامي سمعت إذا إلا حمير تحكم لن حزم: في صرحها عن نازلة عاجلته

أسعد. بن حسان يا دقة بكل

25

Page 26: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

من هائلة رعدة اعترته حتى وقفته في عينيه الواسعتان عيناها اقتنصت إن وماالقدم. أخمص حتى الرأس قمة

تعال. –أنه جيدا تذكر إليه: تسر وهي مطرقا توقف أن إلى منوم، كمثل طائعا منها تقدموديارها.» مصر نيل حكموا عظام فراعنة سبعة «خرج ضهر جبل مغارة من هنا، من

جديد. من أذنيه مصدرا له يعرف يكن لم الذي الطاغي العواء أصما!؟ أحق –

في مثيرة بها وأحس وأطرافه، جسده في يشيع دفئا أحس المرأة قاربته وحينوطلاسمها. لهبها بألسنة محاطة القاني الأحمر فرائها

اجلس. –الثعابين بمئات يعج الكرسي أن وهاله جانبا، التكوين بديع كرسي إلى أشارتكمن ألسنتها، وتمددت وحلوقها، أفواهها انفتحت وقد قوائمها، على المنتصبة والحيات

دهر. منذ هائلا جوعا تعانياجلس. –

الدموية المرأة تلك بها واجهته التي المتوقعة غير المفاجأة هول من مأخوذا تراجعاللغز.

أين؟ –العظام. التباعنة كرسي على هنا –

فيها خطت التي اللحظة ذات في سيفه، مقبض متحسسا مبتعدا جديد من استدارالتي الزافرة، الجائعة الحيات رءوس وفوق نفسه الكرسي على ثقلها بكل جالسة المرأة

خافت. خوار مثل إلى مستحيلا فحيحها خفأسعد. بن حسان يا أقول ما جيدا اسمع –

تلك وكانت فيه، قبل من يعهدها لم بطريقة محذرا المحتضر أبيه صوت جاءهكلماته. آخر

جيدا. اسمع الجبل، سيدة لك تقول ما كل في –يحدث؟ ماذا مصدق: غير تساءل

قدرتها أمامه تستعرض — الكاهنة — المرأة وكأن فيه بدا طويل، صمت عمحليها وأكداس أمامه بالحيات المليء الكرسي على الجلوس في العادية غير المعجزةالقائم. البرنزي جسدها أسطح على متقد جمر كمثل وتلمع تضوي اللامعة، الذهبية

26

Page 27: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الجبل كاهنة وصية

خلاخيلها. ذراعاها، جيدها،منتصبة الحيات تلك استسلام هو حسان، التبع اندهاش من ضاعف ما إن بل

. وتحد جسارة بكل المشع النحو هذا على لجلستها الأفواه فاغرة الرقاب،يحدث؟ ماذا –

الكرسي ذلك على المرأة فيها اعتدلت التي اللحظة ذات في نفسه، وبين بينه تساءلحاكم من ما وأنه العظام»، التباعنة «كرسي بأنه هنيهة منذ ادعت الذي — المرعب —

والحيات. الثعابين رءوس ذات على عليه الجلوس عن توانى لحمير،أقول. لما جيدا اسمع –

به نطق ما آخر كانت ربما والتي له، الواهنة أبيه بوصية صوتها، اختلط جديد منالوجود. عن تلاشى أن إلى احتضاره غيبوبة في تائها عينيه، يغمض أن قبل كلمات من

لقولها. اسمع ضهر، جبل سيدة لك تقول ما كل في –يدها، بكف حياتها رءوس بتلميس ومتشاغلة صامتة، طويلا تأمله في توغل مضت

حنو. فيأسعد. بن حسان يا تقدم –

أمر. شبه في جاذبة إليه متجهة واقفة جديد من انتصبتاجلس! قلت اجلس، –

متراجعة ثعابينه رءوس تهاوت الذي الكرسي على جالسا فوره من تهاوىشراب. من به ما ليعب بإناء المرأة له دفعت بينما منكسرة، مستسلمة

اشرب. –تصادفه، من أول فورك من اقتل قائلة: عاجلته؛ جوفه في الإناء يفرغ أن وقبل

المكان. هذا من خارجا عني تتخلى حالماعلى وجهه صور طالعته بينما المغارة، بجدران مستندا عرقا، ينزف حسان انسلمن استل المغارة، مدخل قارب ما إذا حتى وتشويها، وحشة أكثر البلورية، الأحجار

داخلا. متسللا صادفه من أول من متقدما غمده من خنجره فورهمن؟! –

عمرو أنا صارخا: محذرا مشيرا ساعده ارتفع حين مداها أقصى دهشته ووصلتاحذر! … حسان يا … أخوك …

27

Page 28: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

أقصى له مطلقا فوقه، بكامله بجسده ملقيا حصانه عن باحثا خارجا منسلا اندفعسمعه، تحاصر العملاقة الدفوف طرقات بينما المشئوم، الجبل ذلك عن نازلا عدوه

مستعرة. همجية حرب طبول أو رجروج طبول كمثلأبيه لوصية تنفيذا وأحداثها، — الكابوس — الزيارة تلك من حسان أفاق إن ما

السوداء. المرعبة وهواجسه تصوراته عنه طاردا غمغم حتى الراحل، التبعلا. لا، –

بكامل بنفسه ملقيا نومه غرفة باتجاه قصره ردهات عابرا داخلا اندفع حتىعمرو إخوتي من تبقى من آخر أقتل مغمغما: محموما فراشه على ودروعه ملابسه

عيني؟! حدقة شقيقي،صغيرة كل في استشارتها اعتاد التي «تدمر» المقربة الوحيدة ابنته إليه تسللتالتي الموجعة الزيارة تلك بأحداث إليها ا مسر إياها محتضنا حدة في فجذبها وكبيرة،منذ — إقدامه جد إلى بها وصل أن إلى الراحل، الوالد وصية حسب الدقة بكل نفذها

«عمرو». الحبيب الوحيد أخيه قتل على — فقط هنيهةالجحيم. إلى حمير عرش وليذهب أفعل لن لا، لا، –

كمن العشر، بأناملها عينيها تخفي وهي أحضانه بين من «تدمر» ابنته انفلتتجائعا. ا شر مانعة لدغلا. عمي، عمرو، –

على «السيدة» كانت هل والدها: سائلة استدارت أن إلى مبتعدة، فورها من هبتإليها؟ قدومك بموعد علم

النهار. هذا إطلاقا أحدا أخبر لم فأنا تدمر، يا أنت حتى يعرف، أحد لا أبدا، –عصبية. في بقبضتها تدقه وهي الجدار تدمر واجهت

الساعة؟ تلك بعمرو أتى الذي وما –أعرف. لا –

المخدع. داخل ثقيل صمت عموحفيف خارجية أصوات اقتراب سماع — وابنته حسان — إليهما تناهى وحينمانعة المخدع، باب مغلقة خارجة فورها من تدمر اندفعت وجواريها، زوجته أقدامنهبا الحال؛ تلك على وهو التبع، الوالد غرفة من الاقتراب من أمها، حتى الجميع،هذا، من شيء ولا مريضا ليس أبي صرامة: في صارخة رأسه، تطحن التي لهواجسه

جميعا. ابعدوا الآن! الاقتراب من حذار لكن

28

Page 29: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الجبل كاهنة وصية

فراشة، على متقلبا مضى فوره من الذي المتوعك أبيها حيث إلى فورها، من عادتأحشاءه. يمزق معويا ألما يعاني كمن

الآن. ابعدوا –الإبريز، الذهب من المصاغ الاغتسال وإبريق طست عن باحثه جارية تدمر اندفعت

مسترجعا. وفمه حلقه في تزاحم الذي «القيء» لتلقي وفمه ذقنه تحت به دافعةالمرعبة. السيدة تلك يد من شربت ماذا أعرف لا يدها، من شربت –

آخرها. عن أحشاءه يستخرج وكأنه القيء معاودا جديد من يتلوى الملك عادعلقم! –

تجد. لم ولما الليمون من قطعة عن باحثة تدمر جرتليمونة. ليمونة، –

عادت أخرى ومرة بالمخدع، الملحق المطبخ إلى المفضي الباب إلى متجهة اندفعتمريضا، ليس أبي الليلة، حذار، أبيها: غرفة من الاقتراب حاول من كل وجه في تصرخ

ابعدوا.كل مكوما شاربا، التبع فتناولها الأعشاب وبعض الليمون بعصير إليه عادتوالألم، الصداع لإيقاف العرق، بحار في الغارق ووجهه رأسه فوق من المخدع وسادات

لا. وصراخه: غطيطه علا ما وسرعانومرضه كابوسه من اليماني، أسعد بن حسان الجديد — التبع — الملك أفاق إن ماالراحل، والده لوصية تنفيذا ضهر، جبل سيدة لمغارة المشئومة زيارته عقب به ألم ومابعيد أو قريب من فيه يثق من وكل ومقربيه أصدقاءه مستشيرا فوره من مضى حتى

الطاغية. المرأة تلك به أشارت بماأفعل؟ ماذا –

الوصية؟ أنفذ هلعمرو؟ أخاي أأقتل

الوصية! أنفذأبدا. يحدث لن مستحيل، مستحيل،

الوصية. إنها مهرب، لا أيدينا، في ماذا –لحمي. … أخي … الوصية –

الوصية. –

29

Page 30: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

من فقط ليس مأخذ كل والفزع الخوف منه أخذ الذي بالملك الجنون استبد حينئذيحيط أصبح ما كل من بل أنيابها، عن الكاشفة الأفاعي رءوس على والجلوس الوصيةمنذ بها، مطالبا فجأة نفسه وجد التي الجسام، المهام وتلك عليه، مقبل هو وما به،

الصين. ربوع في وتيهه جيشه ضياع كارثة عقب أسعد التبع والده رحيلأخي. –

هوة حيث إلى دفعا، به تدفع التي به، المحيطة الوجوه في متفرسا يمضي كانالأربعة إخوته فقد أن وبعد الخمسة، إخوته من تبقى من آخر من، ودم بالدم، الانتشاء

المعمورة. أقاصي في المستعرة الحرب التهمتهم الذينالمستسلم الصمت بذلك لائذين عنه، يتخلون وكأنهم بالجميع الصمت يحل هنا

المتآمر. الكتومالمطبق الصمت بذات كلتاهما لاذتا «البسوس» وعمته «تدمر» المقربة ابنته وحتى

الجميع. من مرأى على وحده يهذي لغريق العون يد مد محاولة أو نطق دونافتقاد باكيا نهار ليل ينزف زال ما الذي وهو غيره، أحدا يعني لا الأمر وكأن

الأربعة. إخوتهإزاء هزيلا بدا بل طعما، للنوم يذوق لا لشهور امتدت أياما هكذا حسان وظل

والأطماع. والسواعد القلوب القساة التباعنة لعرش وريث كتبع مهماتهالكلمة الدوام على لها التي ضهر» «جبل وسيدة نفسه نظر في حسان بدا هكذا

منيته. توافيه أن قبل أسعد، تبع والده قول حد على العليا،لقولها. اسمع ضهر، جبل سيدة لك تقول ما كل في –

أخي؟ … كيف –مذنب كمثل عينيه حدقتي في والتطلع عمرو، بأخيه الالتقاء عدم حسان وتعمدالتقائه لحظة حانت أن إلى ضهر، جبل مغارة عتبات على للحظة صادفه أن بعد أثيم،لها يرجئ يكن لم التي البسوس عمته طريق عن بنفسه عمرو إليه تسلل حين به

مطلبا.هل عني، نفسك تخفي لماذا سائلا: حنو؛ في معاتبا متضرعا عمرو منه فتقدم

حسان؟ أخي يا يسيء ما مني حدثبيده متحسسا الأصغر، شقيقه معانقا واقفا انتفض أن إلا حسان من كان فما

خنجره. مكمن اليمنى

30

Page 31: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الجبل كاهنة وصية

عيني. حدقة أنت عيني، في أنت عمرو، حبيبي متراجعا:بدلا الجديد الملك مهام ليأخذ يتقدم أن في بالرجاء عمرو على أثقل حسان إن بل

منه.أن متصورا وأشقه، البكاء أحر حسان الأكبر أخيه صدر على عمرو بكى عندئذكل له يحفظ الذي وهو حمير، حكم في طامعا ويتخيله ثقته يفتقد إنما الأكبر أخاه

العمر. مدى وإعزاز تقديردون ولكن كاهله، على يجثم وما فيه هو ما ثقل أخيه إفهام جاهدا حسان وحاولمحرقتها إلى طريقها تأخذ مستسلمة وديعة ضحية كمثل بدا «عمرو» أن إلا جدوى

صاغرة.أخي. … أخي أنت –

تنتظر «البسوس» عمتهما كانت الذي الموقف وهو الشقيقين، بين الموقف وتعقدبين اللقاء فيه جرى الذي قصرها أستار داخل خبائها خلف من الصبر، بفارغ نتائجهفي يعنيها شيء لا التباعنة سالف مثل مثلها البسوس كانت الأصغر. وأخيه حسان الملكشواطئ على المترامية القبائل تلك حكم في وغاياته الاستبداد سوى الواسع العالم ذلك

واليمنين. والجزيرة العربي الخليجالذي حمير» «تاج أمر وحسم استعجال في أيضا المرة هذه خطتها فشلت وهكذاالواحد، الدم إراقة حد إلى المهام ثقلت مهما بالوصية، الالتزام عقب إلا نصابه يكتمل لنوطيور بهائم من الأجساد في المحارق نيران إشعال أحيانا لها يروق كان التي وهي

وبشر.سنواتها في آثرت قد المتعددة، بأسمائها تعرف التي سعاد أو البسوس كانتفي تدخل من ذلك يتطلبه وما «التباعنة» عرش شئون لرعاية الكامل التفرغ الأخيرةالقبائل بين وتستجد تنشب ما عادة التي كتلك تنقطع، لا التي والقضايا المشاكل أدقوالتي وجنوبها، شمالها العربية الجزيرة طول على المترامية والأقوام والبطون والعشائر

القحطاني. أو الحميري القبائلي التحالف ذلك يضمهالذا التباعنة؛ عرش تقاليد على حفاظا الحماس شديدة كانت المبكر شبابها ومنذواسمه اليوم» «الأردن أي وعبادة»؛ «السرو بلاد أمراء أحد من زواجها رغم آثرتشق أن بعد سبأ، في للعيش معا والعودة بلاده، في للعيش البداية منذ وانتقالها «سعد»،

31

Page 32: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

وفي أقوامها، وصراعات حمير حكم مشاكل من يستجد ما متابعة عن الابتعاد عليهاللعيش وممتلكاته وكيانه ببيته الانتقال وهو ذاك مطلبها «سعد» زوجها رفض البدايةوفاة سبقت التي الأخيرة السنوات في فجأة به ألم ثقيلا مرضا أن إلا الزوجة، وطن في

الصين. ربوع في جيشه تشتيت كارثة عقب أسعد، التبع أخيهاحمير حكم شئون رعاية في ومنطقها لأطماعها واستجاب الزوج لها استسلم هنا— الاندهاش ووصل بها، والعيش سبأ إلى معها الانتقال على فوافق التبع، موت بعدبين يحدث ما وخبائها، ستائرها خلف من ترقب وهي مداه، أقصى البسوس — بالعمة

تعاطف. من وأخيه الأخالأصغر أخيه نحو حسان الأكبر الأخ يبديه الذي التراخي ذلك أكثر وأفزعهاالشمس فيه بدت الذي الأصيل ذلك في القصر، ردهات طول على مارين إياه محتضنا

متأجج. نار جمر كمثل الاحمرار قانية والنوافذ، الشرفات عبر الغاربة،ليأخذ التقدم في «عمرو» الأصغر شقيقه إلى يتوسل وهو حسان ضعف وأدهشهامن يعانيه أصبح وما شقائه عن جوارحه بكل معبرا «التباعنة» عرش ويعتلي مكانه

احتمالها. مقدوره في ليس آلامأخي. أنت –

وشفنا. عشنا غل: في تفح وهي البسوس غمغمتالمنتظر! حمير، تبع يجيء والسماحة الرقة من النحو هذا أعلى لنفسها: قالت

خارجا انسل حسان أن حد إلى ساخرة — المزري — القول بهذا البسوس وواجهتهرجعة. دون قصرها مناتركيني. عمتي، –

— النحو هذا على حسان أخيها ابن تصرفات من الغضب بالبسوس واستبدقصرها من الخروج في عزمه عن تثنيه أن تحاول لم إنها حتى الأرعن، — الحنون

حمير. ملك أنت انتظر، هو: له قالته ما وكل النحو، هذا على غاضبا رافضاالأصغر أخاه — الضحية — إليها استدعت التي الوليمة هذه دبرت ما التي وهي

القول. صح إن وقتيل قاتل من كليهما، طلب، على بناء إلا عمرو،الذنب إلى أقرب قاسية وحدة يعاني الأخيرة أيامه في أصبح الذي عمرو، خاصة

النحو. ذلك على عنه الأكبر أخيه إشاحة من

32

Page 33: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الجبل كاهنة وصية

أهل أكثر وكان الأعلى، ومثله صديقه الدوام على اتخذه الذي — عمرو أي — وهوأسعد. الراحل أبيهما مكان «التباعنة» عرش ليعتلي بتنصيبه وتوقدا حماسا حمير

ركبه إلى وصوله وقبل بأخيه، اللحاق عمرو الأصغر الأخ حاول عندما وحتى بلخصلات بأناملها تداعب وهي إياه محتضنة البسوس عمته منعته الخارجية، البوابة عند

المجعد. الفاحم شعرهعيني. حبة يا عمرو يا ارجع –

الوصية. هي بل الأصغر، للأخ حقدا أو كرها تكن البسوس تكن فلمحمير. حكم يوما أرتقي لن أنا –

لوعة. في صرخ هكذاالبسوس، من قربا الأكثر الدوام على كان عمرو، دوما الهائم الصغير فالأمير

بطوله. الليل عليه تحنو وجوانحها صدرها بين ونما شب أن إلى صغيرا أرضعتهالوصية! –

يجري ما يدري لا تائها — عادته على — لها بدا الذي عمرو، ساعدي بين بكتالأب. التبع افتقاد منذ حوله من ويحدثيعلم؟ من آخر ألعلني الخبر؟ ما –

والجميع. «تدمر» أخيه وابنة البسوس عمته من الانفلات ثانية حاولهاتين. بقدمي الليلة إليه سأذهب حسان؟ أخي دها ماذا –

عمرو. يا لا –صديقي؟ … أخي عن تمنعونني … لماذا –

يعي أن دون حوله من المشدوهة الوجوه إلى يتطلع وثورته انفعاله في عمرو مضىوحده هو بأنه الدفين إحساسه من ضاعف مما غموض، من كله الموقف يعتري ماأن إلا منه كان فما وتطاحن، نزاع من يجري ما لكل الرئيسي السبب غيره أحدا وليسعلى وانسحابه غضبته سبب واستجلاء بأخيه اللحاق على مصمما مسرعا خارجا انفلت

المكفهر. النحو هذاأن إلى إثره، في فرسانه لكوكبة العنان مطلقا — سحب — فرسه ظهر امتطيأصبح الذي القصر ردهات مقتحما مترجلا حسان، الحاكم التبع أخيه قصر وصل

وصراعاته. الجديد التبع لأحزان نتيجة بالأسى، المحمل الصمت فيه يشيعأرديته إعياء في يستبدل ساعتها وكان مخدعه، داخل حسان بأخيه لحق أن إلى

كالعادة. النوم يراوده أن دون للإغفاء استعدادا ولباسه،

33

Page 34: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

محملا مرتعدا حسان إليه استدار داخلا، فاتحا الباب عمرو طرق ما إذا حتىابتعد طحنا: يطحنه دفينا ألما يعاني كمن كفيه بين وجهه مخفيا صارخا غضب بكل

ابتعد! عني،الفادح. النحو هذا على بيته من له أخيه طرد قسوة من كالمشدوه عمرو تراجع

تطردني؟! أخي، يا حسان، يا عنك أبتعد –وجهك! ترني لا عني، اذهب اذهب، –

امنعوه. ملتاعا: التبع الملك صرخوهم المرتعد بعمرو محيطة الجدران عنها انشقت التي الحرس جوقة اندفعت هنا

التبع. لقصر الخارجية البوابة حيث إلى رفق في يسحبونهالليلة. هذه متعب فهو

الشمائل رقيق شاعرا وكان تباعا، تسوء الصحية عمرو الأصغر الأخ حالة وبدأتمشرقا القديم العالم متاهات في والترحال الأسفار على منكبا شبابه سنوات طيلة ظلإبداعات. من به يجيء ما كل من والاستفادة ودفائنها المعرفة كنوز عن بحثا ومغربا،عالمه من يبغي لا هائما متخليا تلك، القصور صراعات صباه منذ نابذا فهجرالصعاب، كل لتملكها احتمل قد كان التي المخطوطات مصادقة سوى جاها أو سلطة

الأرض. متاهي في كانت ولوطرده حد إلى عليه الأكبر شقيقه تطاول عقب قصره داخل فراشه عمرو لزم لذا

مخدعه. من رجعة دونوليدهما صدرها بين حاملة الصغيرة، — عمه وابنة — زوجته وبكته أبعدوه! –غليلها، يشفي واحدا سببا المفاجئ لمرضه تدري أن دون اليزن» «ذو الصغير الطفل

بطوله. الليل هذيانه من تجيء شذرات بعض تلمس سوىأخي. يا حسان، يا تطردني –

وزيارة اليزن» «ذو الرضيع وحيدهما حمل الحزينة الزوجة قررت منه علم ودونالذي عمرو، الأصغر أخيه حالة إليه وصلت بما وإبلاغه — حسان تبع — الأكبر أخيه

الكلام. أو المشي مجرد على يقوى لا الوجه شاحب معلولا أصبحالأصغر شقيقه حالة إليه انتهت بما وعلم الجديد التبع استقبلها ما إذا حتىمضى أنه حد إلى جديد، من الدفينة أحزانه به وعصفت همومه تضاعفت المعلول،كمثل الاثنتين بقدميه يطؤها وهو وأرديته وتاجه الملكية حلته يمزق غضبه ثورة في

بيته. وأهل وحجابه حرسه من مرأى على مخبول

34

Page 35: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الجبل كاهنة وصية

على يقدم أن دون النحو، هذا على ثورته انفلات سبب الوادعة الزوجة تفهم ولمعلله. شفاء على قادر مداو طبيب استدعاء أو أخيه زيارة قرار

متآمرا. أو خائنا ليس فهو عمرو زوجها عن دفاعا البكاء سوى منها كان فماعليه؟ الجميع يتآمر فلماذا –

ضهر» «جبل إلى والتوجه حصانه امتطاء سوى مهربا، له حسان يجد لم وهناالآن أنه وكيف عليها، أخيه قضية طرح وإعادة تلك، الدموية سيدته غار واقتحام

الموت. سكرات يعاني الفراش طريحالمحقق. الموت أجل –

الوصية. من إعفائي هو منك، أطلبه ما كل ركبتيه: على جاثيا محتدا واجههاأملك. لا الاثنتين: يديها إلى مشيرة قالتأخي؟ عمرو؛ أجل انقضى ما وإذا سألها:

التباعنة. إرث في لك مكان لا حزم: في أجابتنازلا حصانه، ظهر على هائجا قفز أن إلى خارجا، شيء على يلوي لا غاضبا اندفعحواس لكل مهيجة تجيئه العنيفة الدفوف ودقات ومسالكه، ضهر جبل متعرجات

ذاتها. رأسه من صادرة وكأنهاسيدة كلمات ذات منها فتلقى فيه، هو لما مخرج إيجاد محاولا البسوس عمته زار

واحدة. لعملة وجهان — المرأتين — وكأنهما ضهر، جبلالتباعنة. حكم في لك مكان لا –

عمته من مرأى على أرديته تمزيق معاودا قواه، بأقصى صارخا حسان اندفع«تدمر». وابنته البسوس

الدهر. الوصية إنها لحمي، الوحيد، أخي دم بإراقة إلا أبي، إرث في لي مكان لا –سورات إحدى في أقدم أنه حد إلى المعنى، ذات ومقربوه أصدقاؤه إليه أعاد وهكذا

دمائهم. وإراقة منهم ثلاثة وجه في سلاحه إشهار على غضبهمهرب. لا –الوصية. –

زيارة مقررا سمع ما بكل الحائط عرض ضاربا حصانه ممتطيا جديد من اندفعالمعلول. المريض عمرو أخيه

35

Page 36: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

حتى فراشه، على عرقه بحار عبر يهذي معلولا شاحبا عليه، عيناه وقعت إن وماالأخيرة أنفاسه أخذ في يجاهد ساعتها وكان قواه، بكل محتضنا لاثما حسان منه تقدم

نطق. دونإلى الوريد من «عمرو» أخاه وذبح غمده، من خنجره حسان استل ما وسريعااليزن: ذو لوليدها المحتضنة زوجته من مرأى على جنونه أقصى في صارخا الوريد،

أخي! عمرو،

36

Page 37: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الثالث الفصل

اليمامة زرقاء قوم يفني بعحسان الت

الأشداء. الرجال من ثمانية قرعها في يشارك كان التي العملاقة «الرجروج» طبول دوتعرش على اليماني حسان الملك جلوس وهو الجلل، الكبير الحدث بذلك احتفالا

التباعنة.حمير، بقاع بقية إلى ومنه لصنعاء، المتاخم ضهر جبل من الأمر أول الخبر وسرى

العماد. ذات وإرم وصرواح الرمحين وذي وسبأ وحضرموت عدن فيوالبيارق الرايات ارتفعت المهاب، حمير تبع ا، حق اليماني حسان أصبح الآن –وماعز. وجمال نوق من الذبائح ونحرت مر، والس الرقص حلقات وامتدت والزينات،

إيذانا أبدا وليس كعويل، حسان الجديد التبع أذني في مدويا يحدث كان ذلك كلالعظام. «التباعنة» عرش باعتلائه واحتفالا

على إقدامه منذ تزايدت التي الدفينة أحزانه هول من بعد أفاق قد يكن فلمالوحيد وطفله زوجته من مشهد وعلى فراشه، في «عمرو» المريض الوحيد أخيه قتل

صدرها. على حرقة في يبكي اليزن» «ذوهاتين؟» بيدي عمرو، أخي «أأقتل –

بيديه يمس ألا جاهدا حاول بل طعما، للنوم يذوق لا لأيام الجديد التبع ظلشيء. أي الشقيق، بدم الملوثتين الاثنتين،

ما بكل حاولت التي «تدمر» ابنته عدا فيما منه المقربين من أي استقبال ورفضفيما يذكر له دخل لا أن مدعية والدها، عن التخفيف عقل ورجاحة حكمة من أوتيتشأن سعيا، الموت إلى يسعى جانبه من كان «عمرو» الحبيب الراحل عمها إن بل حدث،

والقتلى. الضحايا كل

Page 38: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

وساعديه — حسان — الفراش طريح والدها كفي حنان في تلثم «تدمر» وراحتشارك التي الشنعاء فعلته من يعانيه أصبح ما الصائبة ببصيرتها تدرك وهي حنو، في

دفعا. إليها دفعه في الجميعلي؟ بقي ماذا عمرو أخي –

تنصيبه، احتفالات من يحدث ما كل مقاطعة والدها شاركت تدمر، الأميرة إن بلوحدب صوب كل من وفرسان قبائل وشيوخ وأمراء ملوك بين ما الوفود وتوافدت

الجميع. استقبال رفض أنه إلا حسان التبع الملك قصر باتجاهردهاته داخل الموسيقى وعزفت البهيجة، بالزينات البسوس عمته قصر وزينالجنوبية بحاره وشواطئ العربي والجنوب اليمن في حمير كيانات كل الأفراح وعمتدوما المعزز الأمان بدفء الجميع فيه ينعم وأن بد، لا الذي المنشود باليوم ابتهاجا

الكبير. عاد بن شداد منذ وملوكها «التباعنة» بسطوةالميادين إلى طريقهم يأخذون القبائل فرسان وبدأ التحالفات، تجددت هنا ومنالتبع موت منذ طويلا، نكست التي الرايات انتصاب لإعادة استعدادا تمارينهم لمواصلةفي تمثلت وإن حتى كانت، أيا — المفزعة — لوصيته حسان ووريثه ابنه وتنفيذ أسعد

الحبيب. عمرو الأصغر لأخيه قتلهالقلب، القاسي المتجبر الجديد للتبع قيادها تسلم أن لحمير يمكن فقط فالآن

عناء. كثير دون يشاء حيث إلى يقودهاإلى وصلت التي القاتمة الأحزان لازمته فقد «حسان» الجديد التبع حال عن أماعلى راقد وهو عمرو، — الوحيد — الأصغر أخيه قتل على إقدامه عقب أعماقه أعمقووضعها الوريد، إلى الوريد من رأسه بقطع وذلك المسموم، بخنجره المرض، فراشأبنائه رءوس مع — أسعد — أبوه فعل مثلما بالرماد، مغطى الذهب من «طست» على

المساء. عم كلما البكاء أحر يبكيه الأربعةعمرو. الحبيب أيها بعضا، بعضي فيه يأكل ليوم سحقا ألا –

قصره داخل عزلته في نفسه حول صارما حصارا حسان الملك فرض وهكذاذاتها. نفسه من إليه أقرب هي التي تدمر ابنته حتى أحدا، يكلم يعد فلم الحصين

وفروض الهدايا لتقديم إليه سعت التي الوفود آلاف من لوفد يسمح لم إنه حتىالأطباء. مشورة حسب لفراشه ملازم مريض أنه مشيعا بمقابلته، الطاعة

38

Page 39: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

اليمامة زرقاء قوم يفني حسان التبع

من مفعولها أحدثت قد كانت نفسه، على فرضها التي الصارمة الوحدة أن إلاجديدا، آخر حسانا وقبائله، شعبه على بعدها ليخرج داخله، حدثت التي التحولات حيث

قدماه. إليه ساقته أينما للبطش، مستهدفا ضائقا الوجه عابسالوصية تلك بتنفيذ عليه أشاروا من جميع بقتل الانتقامية خطواته أولى بدأ وهكذا

عمرو. شقيقه بقتل المشئومةمنه. وقرابته صداقته درجة تعاظمت مهما واحدا، منهم يستثن فلم

عتبة قدماه تعبر أن وقبل مقابلته، طالبا بسيافه منهم الواحد إلى يبعث كاننحبه. قضى قد يكون الحاكم مقر داخل الثالث الديوان

حمير كبراء لها يحسب أصبح التي وهيبته بطشه تزايد في رئيسيا سببا هذا وكانحساب. كل صغارهم قبل

عيونها من أولا البسوس عمته مسامع تصل مقربيه، بأقرب بطشه أخبار وكانتمداه! أقصى الانتشاء بها فيصل ومضجعه، قصره داخل حتى عليه المنبثة

البأس. شديد الحقيقي حمير رأس هو ها –حتى فأكثر، أكثر حسان التبع أخيها ابن انتقام يزداد أن البسوس تمنت لكم بلذلك على الحفاظ وهي لمقربيها وصيتها أكدت أنها إلا الدور، ذاتها هي أصابها ولوعمرو، الضحية — الأمير ابن — اليزن ذو — رضيعا بعد يزال لا الذي الصغير الوليدبوادي قبائلها إلى تعود أن قبل أمه، صدر من انتزاعا انتزعته قد البسوس كانت والتي

والابن. الزوج من كل افتقاد في فجيعتها باكية الحجازرعايتها له مولية كنفها في اليزن ذو الرضيع تنشئة على البسوس عكفت وهكذامن اعتراه وبعدما حسان، التبع — عمه — عيني وبخاصة العيون، عن بعيدا القصوى،قيل حتى لرحمة، بادرة كل عنه نازعا المراق، بالدم الارتواء في جامحة ورغبة تحولات

ذاتها. نفسه حتى يرحم لا أصبح إنه عنهتريدونني! هكذا –

لنفسه. المريرة السخرية دائم كان فلقدالمسير. بي حمير أرادت فهكذا إعجابكم، قبل طاعتكم أحوز أن هو أبتغيه ما كل –يحادثها فقط لنفسه واصطفائه عزلته عن اليماني حسان التبع تخلى فشيئا وشيئا

صديق. أو عون بلا مناجيا

39

Page 40: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

لإعادة جهده من الأكبر القسط بإعطاء وبدأ وتجبرا، صلفا أكثر قومه على فخرجالطويلة الحروب فيالقه بمعظم وأودت أوهنتها التي جيشه قوات ورصصفوف تنظيم

الأوسط. والشرق آسيا أواسط في — أسعد التبع — والده خاضها التي المضنيةابنته وأولهم الجميع، مشورة أجمعت «حنظلة» يدعى حكيما وزيرا لنفسه واتخذ

عليه. «تدمر» سره ومكمن

اليمن وعشائر بقبائل واسعة معرفة على «حنظلة» الحكيم الوزير ذلك وكانبالقبائل معرفة على حنظلة كان كما والسرية، العلنية وتحالفاتها العربي، والجنوب

40

Page 41: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

اليمامة زرقاء قوم يفني حسان التبع

وتفكك الحميريين إضعاف في إليه تطمح وما — لحمير — والمتاخمة المجاورة والأقوامجيوشها إحباط كارثة عقب وخاصة عليهم، للوثوب الموعود اليوم بانتظار تحالفاتهم

ذاتها. الصين أسوار «نطح» إلى طموحه أوصله حين أسعد التبع قادها التيالصين.» أنطح أن نفسي دعتني «قد –

الآسيوي — الدليل — ذلك فيها تسبب التي المغامرة الغزوة تلك إليه انتهت ما ثمالكامل التيه حد إلى اتجاهه فأفقده وقياده، مشورته أسعد الملك له أسلم الذي الخائنجزيرة إلى العودة قرار اتخاذ ثم لسنوات والوهاد البلاد تلك غياهب في وجيشه هو

منه. غفلة في العربلسانه بقطع الخائن وحليفه دليله من أسعد التبع بانتقام الحملة تلك وانتهت

الموت. حتى كمدا والمرضالقبائل أخبار من يستجد ما حسان للتبع يسوق حنظلة، الوزير ذلك مضى وهكذا

التحديات. باستثارة ضعفه مكامن على متعرفا الطامعة، والأقوامبالأخطار والاستبصار أحزانه ودفائن عزلته عن بالتخلي إقناعه في أخيرا نجح أن إلىقبائل بين تدب بدأت التي الضاربة القوة تلك وأهمها حمير، بأمن والمحدقة المحيطةاليمامة». «زرقاء البصيرة عميقة الحكيمة وأميرتهم البائدة العرب من وهم «جديس»

في «طسم» قبائل مع الطويلة حروبها عقب أخيرا نجحت جديس قبائل أن وكيفطول على فلولهم وتشتيت «طسم» لقبائل فنائها حد إلى لجديس الساحق النصر إحداثزرقاء وكانت جديس»، أيدي بهم «لعبت فيهم: قيل حتى وغربا شرقا العرب جزيرة

المهد. منذ استفحاله ومدى بالخطر استبصارا أكثر اليمامةيرغب يكن لم الذي «الفتى» الجديد وتبعها حمير خطر مدركة الدوام على كانتيتاخمها فيما أو العرب، جزيرة وكيانات أقوام داخل سواء هامته تعلو أن الأمر أول أبدا

وأفريقيا. الرافدين بين وما الشام في أقوام منووصل علمت أن منذ الليل، تنام لا — سيرتها تروي وكما — اليمامة زرقاء وكانتخداع من حدث بعدما آسيا، أقاصي من وتقهقرهم الحميريين اندحار أخبار أسماعها

أسعد. التبع لملكهمتمهيدا طريق، عثرة أو كبوة من أكثر ليس لحمير، حدث ما بأن دراية على وكانتواستهداف والتفوق الغزو ومواصلة التطاول لإعادة توثبا والالتئام الشمل جمع لإعادةجلدتها، وبني عشائرها تسحق ما أول يوما تسحق وأن بد لا التي الدموية، الحروب

41

Page 42: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

تشكل الآن أصبحت «طسم» مناوئتها لطاقات امتصاصها وبعد «جديس» وأن خاصةوالجنوبي. الشمالي بشقيها العرب جزيرة طول على ضاربة فتية قوةوالبصر. السمع ملء مزدهرة، عامرة الآن اليمامة مدينة هي فها

تطأ أن قبل بال، أسعد بن حسان الجديد وملكهم للحميريين يهدأ فلن هنا ومنحروبها من جديد بكل محملة عادت وأنها سيما لا جديس، أرض الجرارة جيوشهمالمراق. والدم للفتح جديد من شهيتها فتح أعادت ما بقدر تطحنها، لم التي الآسيوية،مطالبة حولهم، من ويجري يحدث لما والعقول الأذهان اليمامة زرقاء نبهت ولكمباستئصالها انتهت التي طسم مع حربهم غنائم لذائذ إلى والخلود السلاح انتكاس بعدم

الوجود. منقدرنا. وهذا ترحم، لن حمير فعجلة –

جديس. في الساحق المعجل النصر نشوة تأخذهم والجميع ويرى، يسمع من لكنمدينة داخل الخفاقة الرايات انتكاس لحظة بل يوما، يصدق أن له يمكن من

جديس. على الساحق النصر إثر اليمامةعلى اعتقادهم في مبنيا صدى بلا يجيئهم اليمامة، لزرقاء المحذر الوحيد والصوتالذي وهو حسان، الجديد وتبعها حمير جانب من لها أساس لا وظواهر دلائل مجرد

وفيالقهم. بأمرائهم أودت التي الآسيويين، ضربات من بعد يفق لمويرى؟! يسمع من لكن

وعدوان، اجتياح من الخفاء في لهم حسان وملكهم، الحميريون يدبره الذي ذلكوعيناه صحوته الأخيرة أيامه في بدأ الذي حسان التبع جانب من بالفعل حدث ما وهوالعرب؛ بين الأمثال مضرب أصبحت التي اليمامة وعاصمتها جديس على تحطان الاثنتان

وسطوة. ثراء من به تتمتع ما إلى نظراالحيلة، إلى اللجوء «حنظلة» المقرب الأول ووزيره اليماني حسان التبع آثر لذابجيشها حمير قبائل وأن خاصة جديس، عاصمة اليمامة لاجتياح العدة يعدان وهماالتي الخسائر بعد القتال، لاستئناف وتوحدها استعداداتها استكمال من بعد تفرغ لم

الآسيويين. حروب في بها منيت كانتجديد كحاكم «حسان» غزوات كأولى تجيء المقبلة الغزوة هذه أن أكثر وخاصةالممكنة. الخسائر بأقل وعليها، عنها يترتب وما تجيء أن الأسلم ومن وتوابعها، لحميروإخفاء الزرقاء وحاكمتها «جديس» مهادنة الحالة، هذه مثل في الأرجح فمن لذاللعدو تسمح لا مفاجئة وبطريقة ليلا، يجري أن حسان التبع آثر الذي العدوان، نوايا

42

Page 43: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

اليمامة زرقاء قوم يفني حسان التبع

أشرعتها، تشرع تزال لا — جديس قبائل أي — وأنها خاصة وكتائبه، قواته لشحذطسم. قبائل من مناوئيهم على الساحق الانتصار عقب

اليمامة لسكان المعلنة الحسنة بالنوايا مصحوبا ا، سر للعدوان الإعداد أجرى وهكذاالنافذة. ببصيرتها اليمامة زرقاء أدركته ما وهو الزرقاء، وأميرتها

وأثارت إلا حمير، حكام من تتلقاها أصبحت — معسولة — رسالة من فمايطرق أصبح الذي القادم، المرتقب الخطر بإزاء الهمم، استنهاض في وطاقتها سخطها

يرجى. طائل دون من لكن جديس، في ومضرب وخباء بيت كلالغد. قبل الليلة حذركم خذوا –يرجى. سميع أو مجيب من ولا

طبول قرع منعت والمفاجأة، السرية في وإمعانا حسان الملك جيوش أن ذلكزحفها. تسبق كانت ما غالبا التي «الرجروج»

الزاحف الجيش تستر بحيث بكاملها غابة أشجار ليلا زحفها خلال اقتلعت هي بلجلبة. أدنى دون شديد بطء في تقدمه يواصل وهو فروعها تحت

بقومها أهابت الزاحف، المدجج الجيش خدعة اليمامة زرقاء شاهدت ما إذا حتىحمير! وأتتكم الشجر، إليكم سارت لقد قوم! يا جديس، يا قلاعها: أعلى معتلية صارخة

الأوان. فوات وبعد ا، جد متأخرة جاءت المحذرة اليمامة زرقاء صرخات لكنالوجود، عن أفناها أن إلى العظم حتى جديس أذل اليماني حسان إن ويقالالجاثم بالخطر التنبيه في ويقظتها لسنوات اليمامة زرقاء تحذيرات سدى وضاعتالموت عقب اليمن، «تباعنة» عرش جديد من استقام أن منذ ومدينتها، لقومها المهدد

مكانه. حسان الأكبر ابنه وتولي اليماني، أسعد للتبع المفاجئ الكمديالمعجل السابق النصر أعماهم قد اليمامة في والجميع ويعي، يسمع كان من لكنزرقاء منه تحذر كانت ما ووقع الكارثة حلت أن إلى طسم قبائل من مناوئيهم بقية على

اليمامة.

43

Page 44: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 45: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الرابع الفصل

الأشجار بأغصان والتخفي الليلي الهجوم

حسان والحواس» القلب «ميت اليمني التبع اجتياح جاء الفادح، المتآمر النحو ذلك علىزبدا. يقطع سكين نصل كمثل ميسرا سهلا اليمامة، سكان «جديس» لقبائل أسعد بنالرأس من بالتخفي جيشه قام وبعده الدامس المظلم الليل من الأخير الهزيع فمعأو الطبول لقرع محاولة أي بذل دون من وغصونها الأشجار بأفرع القدم أخمص حتىالجديسيين على حسان أطبق المكان، يلف كان الذي الرهيب وبالصمت جلبة، أية إحداثوحشية غابات كمثل الزاحف جيشه ليطحنهم مضاجعهم داخل وهم العاربة العرب منجند وسيوف والمضارب، والدور والبوابات الأسوار على وحدب صوب كل من مطبقة

حلوا. أينما والحرائق النيران مشعلين النائمة، الرقاب في تعمل حسان الملكعليها بالاحتيال جديس قبائل كلاب استدراج تعمدوا وجنده، حسان التبع إن بلساعدهم مما ليلا؛ وفرائسهم أعدائهم مضارب قاربوا حالما لها، المسموم اللحم فرموا

الخسائر. بأقل النصر اقتناص علىوأطفالا ونساء رجالا ليذبحوا جديس، بقبائل حلت التي الفاجعة كانت هنا ومنوجيشه المتجبر الملك ذلك جانب من الغادر النحو ذلك على غيلة ليلا مضاجعهم داخلكل أعيتها التي اليمامة» «زرقاء أميرتهم من مرأى على طحنا طحنهم الذي الزاحفوتصدت الخاص، وحرسها فرسانها رأس اعتلت التي الوحيدة فلعلها تبصيرهم، في حيلةومحاربيها جديس رجال بقية في صارخة أخرى جهة ومن جهة، من والقتال للحرب

حمير. وأتتكم الشجر، إليكم سارت لقد قوم! يا جديس، يا والغافلين: النائمينوقد النهار، انبلاج على السابقة الساعات تلك في ويعي يسمع أن له يمكن من لكنعمت، التي الليلية المذبحة تلك عبر رقابهم، في سيوفهم وعملت الحميريين، أسهم نفذت

Page 46: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

رحمة دون وخيامها ومنازلها ومضاربها وباحاتها اليمامة مدينة ساحات كالطاعون،شفقة. أو

من ووصيفاتها فرسانها من تذكر لا وثلة اليمامة زرقاء محاولات كل ورغممن كانت الهزيمة أن إلا العارم، حسان الملك لجيش والمقاومة التصدي في النساء،

نصيبهم.البنيان؟ متكامل غاز جيش مواجهة في كتيبة مجرد تجدي فماذا

الليلة تلك في ذاته حسان التبع أفزعت ورجالها اليمامة زرقاء مقاومة أن إلاالخطرة، المقاومة تلك مصدر عن بنفسه البحث إلى به دفعت لدرجة الظلمة، الحالكةأوقعها أن إلى وصولا بنفسه لها تصدى أن إلى سرية، احتياطات من اتخذه ما كل برغم

المدججة. خيله سنابك تحت سبابها، بأشنع تقذفه تزال لا وهي تنزف جريحةأعلى من إليها يرنو وهو الكبرى اليماني حسان الغازي الملك دهشة كانت ولكم

الحرب. لباس في عليها ليتعرف جواده، هامةامرأة؟! –

والأشجار. بالليل المدجج المتآمر، أيها امرأة، أجل –قفاه. على استلقى أن إلى طويلا، حسان التبع ضحك

زمن! منذ أضحك لم –حسان. يا فأكثر أكثر والليالي الأيام تضحكك غدا –

بنفسه: منعهم عليها والإجهاز اليمامة زرقاء على الاعتداء جنوده حاول وحينحليلتي! فهي دعوها

عينيه في راقت أن بعد قاربته، أن إلى زحفت أن إلا اليمامة زرقاء من كان فماملامحها يغطي الذي البديع التحدي وذلك المتوقد، وذكائها الباهر جمالها إلى نظرا

وخلجاتها.دمه. ونزف جرحه حد إلى بخنجرها طعنته منها، التقرب حاول ما إذا حتى

على نحبها الزرقاء قضت أن إلى جسدها في وفرسانه حرسه سيوف عملت عندئذبدمها. ترويه اليمامة مدينتها تراب

وبالتالي والغدر، بالخديعة المطلي اليمامة على الساحق اليماني حسان انتصار وجاءالمتعطشة لشهيته طريق فاتحة مجرد العرب، جزيرة طول على «جديس» شوكة كسر

«التباعنة». أسلافه سلطة على الحفاظ ثم ومن الآخرين، على والتفوق للدماء

46

Page 47: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الأشجار بأغصان والتخفي الليلي الهجوم

العرب، من وقبائل أقواما وأفنى والعجم، العرب بحر له ودان نجران فاجتاحوجرهم جديس، منهم وكيانا قبيلة عشرة اثنتي وكانوا بالبائدة، بعد فيما عرفت التي

طسم. فلول وبقايا ورائش والعماليقمواطن إلى الاكتفاء تعرف لا التي الشرهة أنظاره تطلعت بل بهذا، يكتف ولمعلى الإبقاء على منه حرصا وفلسطين، الشام في والعسل» «اللبن أرض أو والضرع الزرعالخفاقة وكهلان، حمير ملوك «التباعنة» من نسلهم من انحدر ومن السبئيين، رايات

خفاقة. مشرعةللتحالف؛ الثاني الشق من أما والكلابيين، قضاعة بني ملوك جاء حمير نسل فمنومذحج، طيء وهم: وأقوام، قبائل إلى تضخموا بطون، سبع انحدرت فقد كهلان، أي

والأزد. وأنمار، ومراد، وكندة، وهمدان،مأرب، سد خراب عقب — الشام ملوك — الغساسنة بعد فيما انحدر الأزد ومنكذلك — المنورة المدينة أو — يثرب ملوك والخزرج الأوس قبيلتا: منهم انحدرت كما

الإسلام. قبل فيما الكعبة «كهنة» أو سدنة خزاعة، قبائل انحدرترايات تحت انتظمت التي القرابية القبائلية البنية تلك على التعرف الأسلم فمنجزيرة خارج وفتوحاته حروبه نقل على إقدامه قبل اليماني، حسان الغازي التبع ذلكمصرع رأى الذي اليزن ذو نصيب من ستكون التي وأفريقيا وفلسطين الشام في العربحين «عمرو»، والده مصرع أمه، أحضان بين رضيعا كان أن منذ بعينيه وشهده أبيهخنجره استل أن إلى البداية، في محتضنا لائما حسان، التبع الأكبر أخوه أنفاسه على جثاالجنون لذلك حسان التبع الملك انقاد وبعدها الوريد، إلى الوريد من وذبحه غمده منبعدما — التباعنة عرش أي — عرشه ويهتك (الملكية) ملابسه يمزق فمضى الغاضب،

«عمرو». المقرب الوحيد أخيه لرقبة والاغتيال الغدر يد امتدتوالأقوام القبائل تلك معظم راياته تحت انتظمت أن وبعد حسان، الملك أن ذلكعرش واعتلى حمير عنه رضيت أن بعد سائلا، «حنظلة» الحكيم وزيره يشاور بدأفي مني أعظم هناك هل العربية: الجزيرة وكيانات أقوام له ودانت كاملا «التباعنة»

الأرض؟يقال الشجاعة، أهل من عرب البحار خارج يوجد متحرجا: حنظلة وزيره فأجابه

مضر. بنى من وهم القيسيون، أو قيس» «بنو لهم

47

Page 48: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

الذي المنكمش وزيره وجه في ثائرا عرشه عن قائما هائجا حسان الملك فاستشاطاسترضاء مخادعا، يوما يضلله لم الذي وهو حسان، للتبع صراحته من منزعجا تراجع

إلا. ليس الحقيقة إنها مليكي، يا عفوا لمروءته:على وزيره تجرأ ما على معترضا قصره، ردهات في المدوي صراخه حسان أعاد

الحقيقة؟ أتقول مجلسه: في به البوحالحرب مقررا حسان الملك اندفع بينما بالصمت، العجوز الوزير لاذ لحظتها

منشدا: البحار؛ وراء ما إلى والخروج

زورا ل��ل��ق��ول ف��م��ا ب��ح��س��ان ال��م��س��م��ى ال��ي��م��ن��ي ال��ت��ب��ع ي��ق��ولس��ورا الأرض م��ل��وك ع��ل��ى وص��رت واق��ت��دارا غ��ص��ب��ا الأرض م��ل��ك��توال��ن��م��ورا ال��م��ع��ام��ع وف��رس��ان وال��ق��ب��ائ��ل ال��م��م��ال��ك وط��اع��ت��ن��يج��س��ورا ج��ب��ار ال��ب��أس ش��دي��د ع��ن��ي��د ب��ط��ل ع��ن أخ��ب��رت وق��دودورا م��دن��ا ح��وى ق��د أم��ي��ر رب��ي��ع��ة ي��دع��ى إن��ه ف��ق��ال��واق��ص��ورا ش��ي��د وك��م أخ��رب ف��ك��م وع��رض ط��ول ف��ي الأرض ت��ول��ىوب��ورا ق��ف��را أرض��ه وأت��رك ب��ج��ي��ش��ي أغ��زوه ال��ي��وم ف��ق��ص��ديول��ل��ق��ص��ورا ل��ل��ق��لاع وأم��ل��ك الأراض��ي ت��ل��ك إل��ى ب��ه��م أس��ي��رك��ال��ب��دورا ب��ن��ات وأع��ط��ي��ه��م م��ك��اس��ب م��ن��ه��م ع��س��ك��ري وي��غ��ن��مال��ك��دورا ب��ع��د خ��اط��ري وي��ص��ف��و وب��ح��را ب��را ل��ي ال��ح��ك��م ف��ي��ب��ق��ى

مقبل هو ما أخطار مدى عليه ليطرح استوقفه؛ الانسحاب حنظلة حاول وحينأبناء وكذلك البلاد، تلك سكان ربيعة بني من التغلبيين أن ذلك الحملة؛ تلك في عليهيتم ولن بحرية، شعوب سوى هم ما بالبكريين، عرفوا الذين مرة» «بني عمومتهم

العصور. أقدم منذ سادته وهم البحر طريق عن إلا إليهم الوصولوطموحاته لرغباته المعارض وزيره في غضبا حسان التبع استشاط أخرى ومرة

المحبط. الصادم النحو ذلك علىوعورة ومدى الأقوام، أولئك أمر له شرح أن إلا حنظلة، الوزير من كان فماوغربا، شرقا ومحيطاته ببحاره القديم العالم ربوع جابوا الذين وهم إليهم، الطريق

وأغواره. بالبحر معرفتهم وعمق الواسعة تجارتهم بسبب

48

Page 49: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الأشجار بأغصان والتخفي الليلي الهجوم

«سكان عن علمه إلى ووصل يعرفه ما بكل التبع إخبار العليم الوزير وواصلوأخطاره. البحر مجالها وكبيرة صغيرة بكل علمهم واتساع تفوقهم ومدى الثغور»

بالخدع القيام على وموارنة» «تغلبيين من الشعوب تلك قدرة ذلك إلى يضافوثرواتهم. بلادهم في طامع كل على النصر قبل من أكسبتهم التي والحيل،

الإعداد أهمية وهو حنظلة، وزيره حديث مغزى حسان الملك تفهم النهاية وفيإلى بالإضافة لحصارهما، وفلسطين الشام إلى سيسيرها التي الحملة لتلك البحريبأس ومدى وطباع لظروف اليقينية بالمعرفة الاستزادة في والضرورية الملحة حاجته

غزوها. على مقبل هو التي الأقوام تلكالإقدام في وذلك الجسيم، الخطأ ذلك من تحذيره على حنظلة الحكيم الوزير وأبقىعلى الآسيويين حروب في حدث كما بها، معرفته تكتمل لا ومحاربتهم أقوام غزو على

وخسائر. إحباط من اليمني الجيش تكبده ما ومدى الصين، مشارفوطموحاته حسان التبع رغبات جماح كبح من الوزير تمكن الحصيف القول وبهذا

السابق. في حدث كما الرأس» في الفأس تقع «لا وحتىمسالكها ودقائق بأخبارها ليأتوه البلاد تلك إلى برسله حسان أرسل هنا ومن

وحكامها.التي البحرية والمراكب السفن تجهيز على بالانكباب فوره من حسان التبع أمر كمابناء استكمل ما إذا حتى وفلسطين، ولبنان الشام ربوع إلى وعتاده، وجنوده ستحملهوكبيرة صغيرة كل عن والمعلومات بالأخبار محملين الملك رسل وعاد والمراكب، السفنالرعيني الملك — أخته ابن إلى بنفسه حسان الملك وأرسل وفلسطين، الشام ربوع فيلإمداد والرجال المؤن تجهيز بأهمية يخبره والسودان، الحبشة على قبله من المعين —بحملته، للخروج الملك أمام مفتوحا الطريق أصبح ذلك وبعد وفلسطين، الشام في حملتهالصحصاح — الأكبر ابنه بتعيين البسوس، عمته رجحته الذي رأيه استقر أن بعد

غيابه. في حمير، حكم على مكانه ليخلفه — حسان بنفراغ ملء عليه يسهل بما وتعاليمها نصائحها وتلقينه بتعليمه البسوس وانشغلت

غيبته. في أبيهوهو المقتول عمرو الأمير أخيها ابن لابن رعايتها كل أولت قد البسوس وكانت

الصغير. اليزن ذو

49

Page 50: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 51: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الخامس الفصل

وفلسطين الشام حصار

عددها وصل التي ومراكبه سفنه إعداد من اليماني حسان الغازي التبع انتهى إن وماحتى وفلسطين، الشام مدن لمحاصرة المحاربة وكتائبه جنوده لنقل مئات بضع إلىحكم على ليخلفه «الصحصاح» ابنه لتنصيب البسوس» «الأميرة عمته بمساعدة تفرغ

والخداع. السيف بحد فتحها له تم التي العربية الجزيرة أقوام وبقية اليمن«السودان في: وولاته حسان الملك حلفاء إلى الرسل وإرسال الحملة، إعداد تم وهكذاوالده نصبه أن سبق الذي الرعيني، الملك — أخته ابن — خاصة والصومال» والحبشةالوسطى آسيا ربوع في حروبه على إقدامه قبل البلاد، هذه لحكم — أسعد تبع —فطالب وبجيشه، به يودي كاد الذي الآسيوي وحليفه دليله وخيانة الأقصى والشرقبلاد إلى طريقه في إنه حيث والرجال؛ بالمؤن الجيش بإمداد الرعيني واليه حسان التبع

لفتحها. الشامهذه عليه تنطوي ما بمدى علما إحاطته جانبه من الرعيني حاول البداية وفيجيش بها مني أن سبق التي الهزيمة أعقاب في تجيء وهي خاصة الكبرى، المخاطرةمطالبه في حسان التبع تشدد أن إلا بعد» تجف لم قتلانا «ودماء الصين، ربوع في والده

منقوصة. غير كاملة تلبيتها إلى بالأخير دفعت للرعينيوأحباش سودانيين من الأفارقة المحاربين وكتائب وحدات توافدت وهكذاعزم من عضد مما وأسلحتها، ومؤنها بعتادها حسان، الملك مقر على وصوماليينتدريبهم وإعادة مضاربهم، وتهيئة باستقبالهم قواده كبار فوره من فأمر حسان، التبعالشام ربوع في عليه، مقبلون هم الذي البحري والحصار الحرب أساليب على خاصة

وفلسطين. الأردن بوادي وعبادة» «السرو وبلاد

Page 52: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

من والقادمة المتدفقة المحاربة القبائل لإيواء والثكنات المضارب أقيمت جديد ومنمأرب. حول

البحري، للرحيل الاستعداد مسألة في «حنظلة» الأول وزيره حسان التبع واستشارالمطلوب المناطق إلى آمنة بصورة وجيشه ستقوده التي والمسالك الطرق أقصر عبرالمباغتة عنصري على اعتمادا ممكنة، خسائر وبأقل وفلسطين، الشام في فتحها

والحركة.عليه تنطوي وما الحرب، تلك على الإقدام من الحكيم الوزير توجس ورغمحيال نظره ووجهة مشاعره على الحذر التكتم — المرة هذه — آثر أنه إلا مغامرتها،حقيقية أسباب من هناك ليس وأنه خاصة تنتهي، لا التي وطموحاته التبع إصرارالكثير طياتها في تحمل ما عادة التي — البحار عبر — الحرب هذه مثل اندلاع إلى تدفع

تحملها. على لأحد طاقة لا التي الأخطار منلإثنائه حسان الملك من المقربين بالعقلاء التوسل المستشار الوزير حاول ولكمعلى «حمير» مصلحة مقدما الصريح، رأيه إعلان على منهم أحد يجرؤ فلم غرضه، عن

للتسلط. الجارفة وشهوته الشخصية التبع الملك أطماعالمغامرة — الحملة تلك حول مشاعره بدفائن حنظلة الوزير أفضى عندما فحتىالجليلة الأحداث هذه مثل في العليا الكلمة لها التي حسان، التبع عمة للبسوس، —تدارس وإعادة التروي مجرد أو الاعتراض من بدلا الصمت آثرت وحرب، هجرة منكل جهز وبعدما المسير، على التبع عزم بعدما ا، جد متأخرا الأمر أصبح قائلة: الأمر؛

شيء.وأقدارنا رجالها وأرواح حمير مصير يجيء النحو هذا على متوجسا: الوزير غمغم

جميعا.وتصلبه. حسان التبع معاندة معرفة على غيرك من الأقدر لعلك قالت:

يكون. ما ليكن إذن الأول: الوزير تنهد عندئذمودعا المقدمة، سفينة اليماني حسان الملك واعتلى الحرب طبول دقت ما إذا حتىوفلسطين الشام ساحل باتجاه السفن انطلقت بصر، يحدها لا التي الغفيرة الجماهيرمرة. وبني ربيعة بني من التغلبيين على الحرب وإعلان البحري الحصار فرض بغرضأمراء كبار من الزمان ذلك في — ربيعة بني أمير أي — ربيعة وكان الراوي: قالوالأعيان. الأمراء من — الموارنة أو مرة بني إلى انتسابا — «مرة» أخوه وكان العربان،

52

Page 53: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

وفلسطين الشام حصار

يحكمان — ومرة ربيعة أي — وكانا الشام، بلاد أطراف في منازلهم «وكانتوهم: الأقمار، مثل أولاد خمسة لربيعة ولد وقد وتغلب، بكر هما العرب من قبيلتينمن وغيرهم ودرعان وعدي بالزير، الملقب الشهير البطل وسالم الكرار، الأسد كليب

الشجعان.»وسلطان همام منهم: شجعان، أبناء عدة بدوره فله «مرة» الأمير أخوه وأما

«الجليلة». لها يقال جميلة نبيلة وبنت وجساس،المتبادل — السياسي وبالتالي — القبائلي التزاوج إلى بالنسبة متبع هو ما عادة وعلىمن «الضباع» ب مرة بن همام الأمير تزوج فقد العمومة، وأبناء المتحالفة القبائل بين

تغلب. بنيوالده فاتح أن بعد لزواجهما، التجهيز يجري وكان مرة، بنت الجليلة كليب وأحبإليه انتقل حين زواجهما، أمر في مرة الأمير — الجليلة والد أي — والدها — ربيعة —

والبقاع. بيروت إلى الأردن، ووادي فلسطين منكيفية في مفكرا الصمت لزم أنه سوى الأمر مباركة إلا مرة» «الأمير من كان فما

وإقناعها. — الجليلة — ابنته إلى الخبر حملاختيارها ودقة شخصيتها صلابة مدى الجليلة، الكبرى ابنته عن يعرف فهو

وزواج. حب من قلبها إليه يهفو بما متصلا الأمر كان ما إذا خاصة لمصيرهاكليب الأمير من بالزواج قلبها كل من رحبت مفاتحتها، على أقدم ما إذا حتىالمفزع الدامي الخبر بذلك الجميع فوجئ أن إلى بالغ. حنو في والدها محتضنة ربيعة بنالتبع للملك التابعة البحرية الحشود اقتراب وهو وفلسطين، الشام بلاد له روعت الذي

الأشداء. العرب جزيرة ملوك من عشرة إمرته تحت يعمل الذي اليماني حسانللجميع، صادمة مفاجئة كصاعقة حسان للتبع البحرية الغزوة خبر وقع وهكذاالقران لعقد يتأهبان وهما مرة، بنت الجليلة وحبيبته التغلبي ربيعة بن لكليب وبخاصة

وفلسطين. ودمشق لبنان ربوع في لخاصة عامة من البشر حديث أصبح الذيكبيرين؛ قسمين إلى انقسم أنه وكيف بعد، فيما الغازي الجيش أخبار وتوالتوبقاع مدن من يقابلهما ما الشواطئ طول على زحفهما خلال متملكين وميسرة، ميمنة

العباد.» وأطاعتهم البلاد معظم ملكوا إنهم حتى المهند، السيف «بحدبها فأحاط الشام، بلاد حول البحري حصاره الغازي المستبد التبع ضرب «هكذا

والكتائب.» بالمراكب الجوانب جميع من

53

Page 54: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

من واليها وكان برا، إتمامه جرى قد دمشق السورية العاصمة تملك أن إلامن الكثير وألحق مريرا، قتالا قاتل الذي علام»، بن «زيد يدعى ربيعة، الملك قبلدون ومحالفته استمالته والوسائل الطرق بكل حاول الذي حسان، التبع بجند الهزائم

جدوى.ربيعة بني لرأس أرسل دمشق، حصار في طويلا عانى بعدما حسان التبع أن كماحتى أو مفاوضات في معه الدخول تماما رفض ربيعة الأمير أن إلا مفاوضته، طالباواختراق حربه وواصل غازيا، جاءهم قد اليمني التبع أن دام ما به، اللقاء مجردإلى الغازي بالتبع دفع مما البحري، وعتاده بجنده الخسائر أفدح وإلحاق حصارهلاستمالتهم — لبنان في — مرة بني إلى فوره من فاتجه والمكيدة الحيلة إلى اللجوءجساس والد «مرة» الأمير فعين ولبنان، الحجاز في للقيسيين المرضية تنازلاته مقدما

والبقاع.» وبعلبك بيروت نواحي في قومه مع «يسكن وكان البلاد، تلك على والياوهي وعبادة، السرو وبلاد فلسطين على أميرا «عبس» القيسي الأمير واليه وجعل

الأردنيين. الأنباط العرب أو النبطيين مملكةالجزء أو الفرقة على «عدنان» المسمى الأمير واليه حسان، الغازي التبع أقام كما

والآفاق.» المنازل بتلك العراق في يقيم «أن على الغازي، جيشه من المتبقي الثالثفي فلولهم فشتت ربيعة بني من التغلبيين لمحاربة الغازي التبع تفرغ وهكذاالأمير وهو المدبر، برأسهم للحاق الطولى وأياديه طاقاته كل مجندا والوهاد، السهول

كليب. الأمير وولده ربيعةفي ممثلة مستعرة تزال ما المقاومة بذرة دامت ما بال، حسان للملك يهنأ فلم

بلادهم. على المتسلط لعدوانه الرافضون1 حولهما ومن كليب، الأكبر وابنه ربيعةالقبض بإلقاء رجاله أمر حين كليب، والد «ربيعة» أسر من تمكن التبع أن إلاالأمير وشنق والجنازير، الحديد في فقيدوهم الطناجير، قيس بني من معه «ومن عليه

دمشق». بوابات على وصلبه ربيعةأو ببيت يرثيه أو مصلوبا، يبكيه من على القبض بإلقاء وعيونه حراسه وأمر

شعر. من شطر

«المؤلف». الفلسطينيين من 1

54

Page 55: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

وفلسطين الشام حصار

«صفا «ربيعة»، التغلبي الأمير وهو المقاومة رأس من تخلصه وبعد فقط عندئذالذهب من أبوابه جعل البنيان، مرتفع حصينا قصرا لنفسه فشيد حسان، التبع بال

والفضة.»يشغل لا العظام، التباعنة كرسي معتليا رضاء وعن طويلا استرخى وهكذاالشام بلاد وتطرحها بها تفيض التي اللذائذ مختلف في والغوص البحث سوى باله

والعسل. اللبن أرض وفلسطين؛إليه تسلل ما كثيرا الذي «حنظلة»، الحكيم وزيره أبدا عنه يرض لم ما وهوالأفضل فمن حسان، التبع فيه أصبح الذي الاسترخاء عن إثنائه محاولة بهدف بالنقاشتغيب ألا على العربي، والجنوب اليمن ربوع إلى العودة الحملة، هدف تحقيق وبعد

والوهاد. البلاد هذه في وتعزيزه الفتح ذلك على الحفاظ على الساهرة العيونإلى رجحته التي البسوس، بعمته ذاك رأيه لتعزيز حنظلة الوزير توسل لقد بلعلى لإصراره حاولت عبثا ولكنها اليمن، ربوع إلى العودة طلب عليه كررت أنها حد

العودة. عدمخيله، سنابك تحت التبع أرداها التي اليمامة، زرقاء شاكلة على حنظلة كان فلقد

السباب. له تكيل وهيالخصي. أيها لله، الغلبة –

تبيته — أصبحت الذي الأفق في البادي المستتر الكامن بالخطر مستبصرا كانوالبوادي المتمرد، الهائج البحر بين ما التضاريس، المتضاربة الشاسعة البلاد هذه —واسترداد الغزاة بطرد إلا بال لأهلها يهدأ لن والتي الشاهقة، والجبال المدن وحياة

وزمانه. باله وصفا للتبع البقاء طال مهما وكياناتهم، أراضيهمحققت بما المفتون التبع عليه تمرد الذي تصوره في الحق كل الحكيم للوزير وكان

سواعده.على والمقصد النية عقدوا قد كانوا مرة، بني من ومجاوريهم التغلبيين أن ذلككل وتبيحه تشرعه الذي والخداع» «الحيلة مدخل من بلدانهم وتحرير لموتاهم الانتقامطائل لا أصبح والتي وجيشه الغازي التبع مع المتكافئة غير المواجهة من بدلا حرب،

منها.وفي علنا التبع ومداهنة الخضوع أظهروا بينما للانتقام، الخفاء في تربصوا وهكذا

النهار. وضح

55

Page 56: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

التبع أذني إلى وصلت حين يوم ذات عناء كثير دون سانحة فرصتهم وجاءتهمالتبع اغتال الذي ربيعة بن كليب الأمير بين — السياسي — الزواج ذلك أخبار حسانتحدث التي مرة، بنت الجليلة الأميرة عمه ابنة وبين دمشق، بوابات على صلبا والده

الآسرة. وفتنتها بجمالها الشعراءالأمر كلف مهما الزواج إتمام عدم وطلب غضبا استشاط أنه إلا التبع من كان فما

تضحيات. منمن للزواج — حسان — ذاته هو باستعداده والدها يخبر فوره من أرسل بل

كليب. المدعو «العاصي» ذلك من بدلا الجليلة،حرص، بكل تنفيذها موعد واقتراب التبع من «كليب» انتقام ساعة حانت هنا من— العرس بهذا التعجيل أهمية على حرصه مدى الجليلة، والد «مرة» للأمير معلناتهكم: في معلنا المنتصر، حسان الملك ذلك وبين الجليلة وحبيبته خطيبته بين — العجبالجليلة طالبته حين أكثر، مرة الأمير عجب وتزايد حسان؟! الملك عتبات من نحن أين

حسان. التبع من الزواج على موافقتها بإرسال التعجيل ذاتها،ودعما العرس، ذلك لإتمام خطتهما وضعا — والجليلة كليب أي — هما بل –بمحاسن التحدث سوى لهم هم لا الذين والدلالين الشعراء مختلف بإرسال خطتهماقبل الصداحة السماء طيور له تحن الذي النادر الشجي وصوتها ومفاتنها الجليلة

البشر.شمائلها وبديع حسنها ومدى الجليلة أخبار وصلته كلما فكان حسان التبع أما

هدفين: بذلك محققا حليلة، ليحوزها ولهفته لوعته تزايدتعلى وواليه حليفه مرة الأمير ابنة الجليلة بين الزواج ذلك إتمام دون الحيلولة أولهما:

ربيعة. والده صلب له سبق الذي «المارق» ذلك وبين والبقاع، وطرابلس بيروتمرة، بنت الجليلة والشمائل الجمال الباهرة الأميرة تلك على الاستحواذ هو وثانيهما:في بدمشق له راق الذي مقره من الشاسعة بلدانه حكم على النية عقد أنه دام ما

الشام. بلاد

56

Page 57: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

السادس الفصل

اليمامة زرقاء نبوءة تحقق

الأردن ووادي الشام ربوع على استيلائه عقب أسعد، بن حسان اليمني التبع الملك طغىمن إلا ليس مهرب مجرد تكون أن بها أراد غادرة، مباغتة حملة في وفلسطين، ولبنانالوحيد شقيقه قتل على إقدامه عقب عليه تسلط الذي الجذور عميق الغائر الذنب ذلك

عمرو.أغصان من متخذين ليلا جنوده اجتياح أعقاب في الحملة هذه جاءت كذلكحسان التبع اختلسه نصر من أحرزوه وما اليمامة» «زرقاء لقوم خباء، الأشجار

نيام. والناس اختلاسا،من وفلسطين دمشق في المعارضة الأصوات كل خفتت وبعدما له حق هنا منوطغيانه، عسفه يتضاعف أن لبنان، ربوع في مرة» «لبني مهادنته وبعد التغلبيين،

بالجشع. المتسمة ملذاته في وانحرافهحد إلى أقلقت التي اليماني، حسان الغازي التبع استرخاءة جاءت أيضا هنا ومناستسلم التي الحالة تلك بمغبة تبصيره جاهدا حاول الذي حنظلة الأول وزيره الفزعولا منه طائل لا بقاء ومن بل الغازي، جيشه جسد في بالتالي عدواها وسرت التبع لها

البلاد. تلك ربوع في نفعخاصة المهزومين، بطبائع — تقدير أقل على — المعرفة واسع الأول الوزير كانستفصح الخفاء، في ويحيكوه يدبروه أن يمكن وما والوهاد، البلاد تلك طول علىواجهته حين وسبابها «الزرقاء» اليمامة أميرة توقع بسحب الحبالى والليالي الأيام عنه

ليلا. اليمامة دروب في خيله سنابك تحت تنزف جريحة

Page 58: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

خباياها. من الكثير حسان يا الحبالى والليالي الأيام تريك غدا –دمشق في ورجاله، التبع تنتظر التي الكارثة فداحة بمدى دراية على الوزير كان

كارثة. من لها يا يحدث، ما ا أحق لنفسه: ا مسر وفلسطين ولبنانمغفل. أو غافل، كل — يوما — يصادفها وأن بد لا كارثة فعلا فهي

مشارف الزاحفة جيوشه واصلت حين أسعد التبع لأبيه تماما حدث مثلما –الذي الأسرى الآسيويين الملوك لأحد أموره، مقاليد مسلما استسلامه حين إلى الصينجيشه وضلل ضلله أن إلا منه كان فما هواه، على يسيره لأسراره وحافظا دليلا اتخذه

وكمدا. حزنا المبكر وموته انسحابه فكان الأقصى، الشرق ربوع في لسنواتغفلته في غرق الذي أسعد الأب مع حصل مثلما تماما نفسه يعيد التاريخ هو وهافي — حسان — الابن ليغرق ثم شاء، كما فيه يتحكم اللسان» «مقطوع دليلة وتركعنوة بالزواج مصاهرتها طالبا لها قياده أسلم التي مرة بني قبيلة مع مماثلة غفلةمضرب باتت التي حبها، بقصة الحائط عرض ضاربا مرة» بنت «الجليلة أميرتها مندمشق بوابات على والده صلب الذي ربيعة بن كليب الفلسطيني عمها لابن الأمثال،

الدمشقيين. سكانها من ومشهد مرأى على مسمرا عارياالجدوى؟ ما –

دمشق في الأقوام أولئك دموية مدى غيره من أكثر يعرف — التبع أي — وهوالزمن. طال مهما للانتقام وتربصهم وفلسطين

الوزير محاولات فشلت أن وبعد مرة»، «آل مصاهرة على حسان التبع عزم أن منذلا أصبحت التي ورغباته أوامره كل تلبية مجرد على النية عقد رأيه، تغيير في حنظلة

تنتهي.مشيرا! به، يأمر ما –

التي الهدايا وصناديق بأكياس المحملة والخيول الجمال قوافل تحضير من بدءاالهند مجاهل من المجلوبة الفيلة استخدام الجميع آثر بحيث الجمال، بثقلها تنوء كانتتكريما تنتهي لا التي والاستقبالات والحفلات بالعزائم مرورا والتركستان، والبنغالوإعداد الحفلات على فيه الأمر يقتصر لن الذي المرتقب بالعرس وانتهاء مرة، لآلاحتفالا وتزيينها وتأثيثها والسرايا القصور بناء أيضا سيشمل بل والمشروبات، المأكولاتواليمامة والقدس وعمان وبيروت دمشق في الجميع يترقبه أصبح الذي التبع» «بعرس

58

Page 59: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

اليمامة زرقاء نبوءة تحقق

ومعين وتعز وسبأ حضرموت في ومدنها اليمن عن ناهيك الحجاز، ووادي وتدمروقيتبان.

كان التي مرة بنت الجليلة من التبع عرس إلى متلهفة تتطلع الجموع هي فهاالعالم: نساء بين وفروسيتها ندرتها عن يتحدثان والكبير الصغير

وال��ص��دود ال��ع��ن��ا ت��ري��ح م��ل��ي��ح��ة ش��اه��دت ال��ت��ي ال��ع��ج��وزة ت��ق��ولوال��س��ع��ود ل��ك ال��خ��ي��ر وأق��ب��ل ��ع��ود ال��س ف��ي��ه��ا ي��داك ت��ب��ع أم��ي��ر ي��اال��ن��ق��ود ث��م ال��خ��ي��ل ل��ك وج��اب��وا ال��س��م��اح أه��ل ق��ي��س» «ب��ن��و أت��وكس��ود وع��ي��ن��ي��ن ح��م��ر ب��خ��دي��ن ح��ل��ي��ل��ة ل��ش��خ��ص��ك «ال��ج��ل��ي��ل��ة» وج��اب��واال��ج��ع��ود ت��رخ��ي ال��ك��ت��اف ف��وق ال��ق��ن��ا ك��ع��ود ط��وي��ل��ة وق��ام��ةالأس��ود ت��ص��ي��د م��ي��ل ج��ر ب��لا ك��ح��ي��ل ورم��ش ط��وي��ل ب��ش��ع��رال��ن��ك��ود ت��زي��ل ط��راي��ف ع��ق��اي��ل ن��ظ��اف رق��اق ش��ف��اي��ف وذاتال��ورود ك��م��ا ح��م��ر ووج��ن��ات ق��در ب��ل��ي��ل��ة ك��ب��در وج��ه ل��ه��اال��ورود س��ب��ت (ل��ول��و) وأس��ن��ان رح��ي��ق وري��ق رق��ي��ق وج��س��موق��ود ي��وق��د ال��ذه��ب وط��وق ال��غ��زال ك��ع��ن��ق ع��ن��ق ل��ه��اال��زن��ود ف��وق م��واج وال��ن��ق��ش ال��زج��اج ك��م��ث��ل ك��ال��ع��اج ك��ت��افال��س��ع��ود ي��ن��ال ح��واه��ا ق��د م��ن ال��ي��اس��م��ي��ن م��ن أط��رى وك��ف��ان

عروسه حسن مدى عن بجديد يأتيه لمن حواسه، كل حسان الملك أسلم وهكذاوروعتها. مرة بنت الجليلة المرتقبة

الجليلة بمحاسن متغنية تلهج التبع قصر على صوب كل من الوفود توافدت لذاعقلها رجاحة حيث من بل البدنية، الجماليات عند بحال تقتصر لا التي ومآثرهالبنان أرز غابات عبر والقنص، الصيد في وفروسيتها وغنائها وشعرها حكمتها وصائب

بالأشجار. المكتظة ومروجهالغازي: التبع قصر عتبات على المرتقبة بالعروس الجميع تغنى وهكذا

عروسا لك قيس بنو زين قدوقود هم كل لأجلك تجليأحضروا قد ا حق للملك

59

Page 60: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

الحقود تزيل خلالها مليحةالمحال وخل وراءها فأرسل

الصدود. وأجل كلامي واسمع

الجليلة شأن من للإعلاء والإنشاد بالغناء المستعرة الحمى تلك تصاعد وخلالالحكيم الوزير يجد لم التبع، قصر وأعتاب بوابات على ليلة كل ومحاسنها، مرة بنتالأطراف. المترامية البلاد تلك حكم لشئون الملك اهتمامات اجتذاب لإعادة منقذا «حنظلة»الشام، بلاد ربوع طول على سواء حلول، بلا متراكمة المشاكل، تزايدت هنا ومن

الأفريقي. والقرن والسودان الجزيرة وجنوب اليمن في صراعات من يستجد ما أورغبات وتلبية المرتقب عرسه لإقامة للاستعداد بكامله وقته تكثيف آثر التبع إن بلوالبساتين القصور وإقامة الهدايا على مقصورة تعد لم فهي تنتهي، لا التي العروسمقربيها بتعيين ذاته، الحكم خصائص أخص إلى لتصل هذا كل تعدت بل الطرق، وشقإلى «حنظلة» بالوزير دفعت درجة إلى والحصون، والبوادي والثغور المدن طول علىالحكم، شئون كل في العشرة أصابعها وإرساء مد في المرأة تلك أحقية عن الملح، التساؤلستفعله الذي ما ترى تساءل: — الحاكم — القصر هذا جنبات خارج بعد تزال ما وهي

التباعنة؟ عرش هامة على تتربع حين يوما،التي المخيمة المنتظرة الكارثة بأهوال النطق مجرد له يمكن من بل يدري، من

الجميع. رءوس على ستحلعن مرة بني سيطرة وأهداف بأبعاد يدري من متحسرا: لنفسه الوزير غمغمبه مني الذي الفشل ذلك ثم وعرضها، البلاد طول على وأعوانهم رجالهم تدعيم طريق

السابق. بخطيبها حل ما لاستطلاع الأخيرة، الشهور مدى على والجميع التبعربيعة! بن كليب –

يكن لم الذي اسمه يعد فلم غرة، حين على أخباره تقطعت الذي الكبير اللغز ذلكلسان. أي به ينطق أو يسمع دوي له لينقطع

الخفاء؟ في يحدث الذي ما –أن دون نفسه، وبين بينه تساؤلاته طرح «حنظلة» الوزير واصل النحو هذا علىتبصيره، في الحيل كل أعيته أن بعد بعيد من ولا قريب من لا حسان للتبع عنها يفصحاليمامة. زرقاء المقتولة: الأميرة تلك قول حد على والليالي، الأيام تخبئه ا حق أصبحت بما

60

Page 61: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

اليمامة زرقاء نبوءة تحقق

بأخبار يجيئه من لكل — شيء كل وقبل — سمعيه حسان الملك أعطى وهكذاتخاطبه كتبت ما إذا حتى عنها، المتداولة ومعلقاتها وشعرها عقلها ورجاحة الجليلةنقائه ومدى صوتها ذلك من والأدهى وموسيقاه، شعرها برصانة صوابه أطارت مرة،

الجميع: بهذا حدثه كما وطلاوته،

مرة بنت الجليلة مقالاتالسرايا قيدوم أنت حسان،والعشائر القبائل في تحكم

والقرايا المدائن كلأرض كل في نافذ وحكمك

الرعايا. مع القبائل وتخدمك

عنه معلقتها ليلا له تغني الجليلة» «أي يسمعها بأن حسان التبع حلم لكملبنان. أرز شموخ نبرته في يشمخ الذي الشجي بصوتها

من الصناديق بمئات محملة إليه الطريق في أصبحت بذاتها الجليلة هي وهاالتبع. قصر عتبات على لتحط وهوادجها، وخيولها وممتلكاتها هداياها

العروس انتظار على وتصحو تبيت أبيها بكرة عن دمشق العاصمة انشغلت وهكذاتنتهي. لا التي ومباهجه وسموه بصخبه بعدها العرس ليأتي تحمله، وما

المرتقبة. الليلاء، الليلة تلك –دون حنظلة، الوزير أفكار هاجس أصبحت بعدما ليلاء ليلة ستكون فعلا ولعلها

واضحا. سببا لذلك يعرف أنهذا على والذئاب الأغنام بين القلوب تصفو أن ويجري، يحدث ما ا حق هل –

النحو؟!التي وأوامره تعليماته صادرا الشاهق القصر جنبات في يدور وهو الوزير تساءلالكاملة اليقظة مراعاة مع وحزم، دقة بكل تنفيذها يجري بحيث التبع من تلقاها

الجمر. من أحر على الجميع يتوقعها أصبح التي المنتظرة الليلة تلك لخباياالمترامي ملكه طول على له حلم لا أصبح وإدراك، وعي كل عن الغائب فالتبع

مرة. بنت بالجليلة ستأتيه التي الليلة تلك انتظار سوى

61

Page 62: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

مرة بنت الجليلة على استحواذه أولهما واحد، بحجر هدفين حقق قد يكون وهناالتي البلاد هذه طول على بها تتمتع التي الجارفة الشعبية ومدى ومواهبها بجمالها

فاتحا. غازيا جاءهاوبين مرة» «بني بين التحالف ذلك عقد وفرط ضرب في نجاحه هو ثانيهما

الفلسطينيين. التغلبيين ربيعة» «بنيالجميع. يدركه لم ما وهو –

لعرسه التحضير استعدادات على انكبابه مدى مبررا لنفسه، حسان الملك أسر هكذامرة. آل ابنة من وزواجه

في «حنظلة» المقرب وزيره حسان التبع واجه نفسه المتعقل المنطق وبهذا بلواعدا اللائق، بالشكل الزواج هذا ومراحل خطوات إنجاح من بأهدافه لتبصيره محاولةفلول تشتيت بالطبع رأسها وعلى مشاكل، من استجد ما كل لحل بالتفرغ ومتعهدا

المحيطة. الجبال شعاب في المتمرد وأميرهم ربيعة» «بنيسالم. الزير أو بسالم الملقب الأصغر وشقيقه ربيعة، بن كليب –

خاصة له، المبيت الانتقام وذلك كليب، عن لحظة يغفل أن حسان، للملك فكيفدمشق. بوابات على ربيعة والده صلب له سبق — حسان أي — الذي وهو

كليب أخبار لترصد وصوب حدب كل من وعيونه بقواده فعلا أرسل التبع إن بلالعربية. الجزيرة شمال أو وفلسطين الأردن وادي أو لبنان في كان، أينما وتصيده

والوهاد، البقاع تلك كل من له أثر وكل كليب أخبار انقطاع هو الغريب لكنأهلها وموافقة — السابقة كليب خطيبة — الجليلة من الزواج التبع إعلان عقب خاصة

ذلك. على ذاتها هي وموافقتهاما معرفة مجرد حتى أو بكليب، للإيقاع حسان التبع محاولات كل فشلت وهكذاالارتباط مفضلة عنه، مرة بنت الجليلة تخلي عقب أو والده، مقتل عقب سواء به، حل

المنتصر. الغازي بالملك والزواجالندم. ينهشه لأحقاده نهبا الآن، فلعله –

هو طليقا، حرا ربيعة بن كليب دام ما بالا، يهدأ أن حسان للتبع كيف لكنربيعة. بني من ورجاله

باستثناء وإخوته بأبيه التمثيل له سبق الذي وهو بالا، ويصفو يهدأ أن له كيفعلى ويصحو ينام أصبح التي مرة، بنت الجليلة قلبه، حبيبة يسلبه اليوم هو وها هو

الساحرة. وغوطتها دمشق إلى إليه الطريق في وهي محاسنها، أخبار

62

Page 63: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

السابع الفصل

المتجبر بع الت خديعة

«الجليلة حبيبته مع وخطواتها أبعادها رسم التي «كليب» الفلسطيني الأمير خطة كانتحسان. التبع الملك من بالزواج الشديد وترحيبها قبولها في أولا تتمثل مرة» بنت

شخصي إلى تمتد أن مني؛ حظا وأرفع أحسن هي من كله، الوجود في فليس –حسان». التبع الملوك «ملك أنامل الضعيف

مقررا. الجليلة كليب باغتقبل. من نلتق لم أننا لو وكما تماما، تنسيني أن وأرجو –

كيف؟ –الأنظار. كل عن سأختفي –

الأنظار كل مصدقة: غير اللانهائي الأفق عبر ببصرها تتطلع وهي الجليلة، تساءلتأين؟ …

في جليلة يا سأخبرك حنو: في كفيه بين أناملها يأخذ وهو مهونا كليب قاربهاسأكون؟ وأين بمخبئي الملائم الوقتوحدك؟ التساؤل: الجليلة أعادت

حذر. بكل المرة هذه اختيارهم سأعيد الذين ورجالي أنا بل لا، –غيرك، من أكثر كليب يا تعرف لكنك يحدث: مما فزعة الجليلة قاربته جديد منوعيونه ورجاله عنك، بحثا الليل ينام لا فالتبع منه، مهرب لا الذي الكبير الخطر بمدى

رجالك. وعن عنك، بحثا الأرض في شبرا يتركون لا أصبحوا وبصاصوهمخرجة الأركان، أحد من صغيرة حقيبة مختطفة عنه قليلا الجليلة ابتعدتإليه توصل ما وهذا قائلة: كليب؛ إلى بها دفعت — الجلدية — الأوراق من مجموعة

Page 64: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

عقب بنفسك تتصور أن ولك ذاته، الحاكم القصر داخل من رسلي به إلى وعاد رجالنا،بك. للإمساك جنونه إليه وصل ما مدى المدونات، هذه كل قراءة

بها ليدفع إليه مرة بنت الجليلة بها دفعت التي المخطوطات لفة كليب تناولحراسته معاودا جاريا متعجلا تناولها الذي و«ناطورجيته» حرسه أحد إلى بدورهتلك في لقائمها مكان على مشرفة ربوة أعلى معتليا الأربع، الأفق جهات عبر وتطلعه

قمرها. غاب التي الليلةعلى الشجر، قصيرة حديقة به تحيط كشك داخل البحر، شاطئ على يجلسان كاناالملك مراكب قوس شبه في تحده الذي المتلاطم الهادر البحر على مشرفة عالية ربوةوالجليلة كليب لقاء وجرى كافة، الجهات ومن البصر مرمى طول على حسان الغازيكل في المندسين وبصاصيه الملك، عيون عن بعيدا والسرية» «الحيطة درجات بأقصىربيعة الأمير لوالده حسان التبع صلب بعد كليب، عن — شيء كل وقبل — بحثا شق،

ضرير. نصف كان أنه رغم الرأس مقلوب عاريا «أمية» بوابات علىإليها قدمت التي بالذات عكا مدينة في فلسطين، أقاصي في بينهما اللقاء تم كما

حمارا. ممتطية متخفية ا سر الجليلةأنساك؟ –

المجعد وشعره رأسه فروة على أنظارها تركز وهي مكمنه في هذا بسؤالها واجهتهبعلامات والطافح المشع الذكاء بذلك المتوقد وجهه حول حلقات على المسترسل الأسود

نظر. أي منها يكل لا التي والرجولة الجمالبأضوائها البحر في الراسية التبع سفن وبين كليب بين نظرها تنقل الجليلة عادتبعضها طاول التي بحارتها أوقدها التي النيران نتيجة المياه؛ صفحة على المنعكسةانعكاسات فبدت منها، الاقتراب على أحد يجرؤ لا كي تلك؛ الصيف ليلة في السماء عنان

ضوء. من بسياط البحر ظهر تلهب مجنونة أفعى بمليون أشبه اللهبكيف؟ الكثيرة»، ألقابه «أحد محفوظ يا أنساك تسأل: الجليلة وعادت

عكا؟ في هنا حتى أزورك ولنالليلة. بعد عكا، في تجديني لن –كنت. أينما معك قلبي سيظل –

فغدا. اليوم يكن لم إن معا سنقتل هكذا ولكن –نقتل؟ متسائلة: وسباتها؛ حبها من تستيقظ كمن بذلك الجليلة فوجئت

64

Page 65: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

المتجبر التبع خديعة

تخافي، لا جليلة الدافئتين: كفيه بين اليقظ المعبر وجهها احتوى أن إلى كليب قاربهابيننا. ما الآن من انسي لك أكرر دعيني وبإيجاز

يعاني كمن الكامل الذعر من حالة في وهي الماء، نحو جارية يديه بين من انفلتتغرة. حين على جاء حاد نزيف من

ونسائه حريمه ضمن لأصبح التبع ذلك أحضان في بي ستلقي أنك ذلك معنى –محفوظ؟1 يا كذلك أليس وخصيانه،

اضطراب من يعتريها وما قصدها عرف وقد موضحا، مقاربا كليب إليها اندفعفهم. وسوء

حسان. الطاغية، ذلك من خسائر بأقل نخلص الأول –وبعدها؟ واجهته:

جليلتي. يا معا، العالم هذا نحكم –غامر بحب تشعر وهي الرحب والأفق الهادر البحر نحو ببصرها الجليلة تطلعت

حقيقي. تيه في وكأنها كليب عمها ابن نحو عارم وشوقالجمال ذلك جانب إلى شخصيتها دفتي بين تجمع مرة بنت الجليلة كانت فلقدومعلقات، أشعار من عنها وعرف أنشدته فيما المعرفة باتساع المجلل الباهر، الأنثويومنظوماتها: أقواها رصانة من عنها عرف ما وبكل البشر جموع بين إيقاعاتها انتشرت

ت��س��أل��ي ح��ت��ى ب��ال��ل��وم ت��ع��ج��ل��ي ف��لا ل��م��ت إن الأق��وام اب��ن��ة ي��اوأع��دل��ي ف��ل��وم��ي ال��ل��وم ي��وج��ب ال��ذي ت��ب��ي��ن��ت أن��ت ف��إذاف��اف��ع��ل��ي ع��ل��ي��ه م��ن��ه��ا ش��ق��ق ع��ل��ى ل��ي��م��ت ام��رئ أخ��ت وإذا

قاله بما الاكتفاء آثرت لذا عندها؛ تقف حدود مرة بنت الجليلة لطموحات تكن لمالمحفوفة مسيرتها ستواصل بموجبها التي الضمانة من نوعا اعتبرته حيث لها؛ كليبالطاغية. التبع ذلك سلطة على الاستحواذ منها والتي كافة غاياتها تنفذ كي بالأخطار؛الطاغية سلطة وجه من والفار ربيعة بني أمير أبيه مصرع في المنكوب كليب أماحل الذي الظلم نير من للخلاص مناورته وبالتالي ودهاء، حيلة الأكثر بالطبع فهو

كليب. أسماء أحد 1

65

Page 66: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

حلت التي المفاجئة الضارية الغزوة إثر وبحارها، ووهادها بجبالها البلاد، هذه بربوعلعرسهما الأخيرة الأسابيع مشارف على وهما به، لأحد قبل لا ثقيل كابوس مثل

أجله. طال قد كان الذي وزواجهمافي ربيعة وبني لبنان، في مرة بني — القومان عليه تعاهد الذي الزواج وهوكانت التي والغزوات والمنازلات الحروب لتلك ونهاية المطاف آخر ليكون — فلسطين

الأمرين. الفريقان منها عانى سوداء، طويلة لسنوات بينهما، مستعرةعلى تعاهدا حين — ومرة ربيعة — والديهما خاصة الجميع، أذهان عن غاب ما أماالجليلة — معهما ولد الذي معا الجارف حبهما حكاية هو — السياسي — الزواج ذلكحيث البقاع؛ ومروج صور، ووهاد بيروت، مشارف على شبابهما، مطلع منذ — وكليبوالغزوات والمناوشات الحروب تلك يتحديان إنما بهذا وكأنهما معا، لقاؤهما يتم كان

قوميهما. بين الملفقةداعب كليبا إن بل طويلا، معا فضحكا زواجهما على الاتفاق مناسبة حانت أن إلىوتقبل الرضوخ له كيف إذ المصطنع؛ الزواج ذلك برفضه البداية في قبائله وشيوخ والده

قلبه. إليها يهفو أو بها يسمع أو يرها لم — بيروتية — فتاة من الزواجالشاعرة بالعروس لقائه أمر عمومته وأبناء قومه شيوخ بعض له دبر وهناحتى وعرضها، البلاد طول على بمحاسنها والأفواه الشفاه تلهج التي الجمال الباهرة

ظهريهما. على استلقيا حتى معا طويلا ضحكا لقاؤهما تيسر ما إذامرة كل في لها تتيح التي طويلا، اللعبة تلك استعذبت مرة بنت الجليلة إن بلالزواج من اقتناع عن ترضى حتى الجميع، من مرأى على كليب — بحبيبها — الالتقاء

به. الأزلي مصيرها وربطجثتي! على الحرب رحى لإيقاف بضاعة أو سلعة لست فأنا –

الصعداء الجميع تنفس وعبثهما لعبتهما أمر النهاية في افتضح ما إذا حتىفأنشد الواحد»، «البيت أبناء بين والمنازعات الغزوات لتلك حد بوضع مستبشرينمن بدلا للسلم المرادفة وكليب، مرة بنت الجليلة حب بقصة وتغنوا الجوالون الشعراء

والعدوان. الحربفجاء اليماني، حسان التبع قاده الذي الغاشم العدوان ذلك بالجميع حل أن إلى

الجميع. بأمن مؤذيا ضارياالجليلة بتجهيز كلمته أعطاه قد التبع مع المتعاون «مرة» الأمير الجليلة والد كان

إليه. ستزف الجليلة هي وها له

66

Page 67: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

المتجبر التبع خديعة

جاهزة. أنا ها لكليب: قائلة بأكمله؛ البحر هواء تحتضن كمن الجليلة انتصبت هنامعلنة. إثرها في المتنمر كليبا مقاربة كمدها أقصى في استدارت

العروس. –أحد. يعرف فلن إذن قائلا: بدوره كليب واجهها

العروس! سوى غمغمت:جنبا والرياحين الورود بأشجار المزين الكشك ذلك إلى يدها من كليب اجتذبها هنا

الخطة. بتفاصيل إليها ليزف العيون عن بعيدا اللبلاب مع جنب إلىوزينة والجمال الصيت ذائعة الفاتنة العروس تجهيز يجري بأن الخطة وتقضيمحملة دمشق، في حسان التبع عاصمة حيث إلى بيروت من تأتي بحيث النساء كلبما وغلمانها، وصيفاتها من جوقة مع الثقيلة وصناديقها المطهمة وخيولها بهوادجهامعظم سينتشر الذي الوقت في الممتازين، المقاتلين كليب رجال من الكثير بتسلل يسمحله يريد كما شيء كل وسيتم بدمشق، المحيطة التلال على — التغلبيين من — جيش

طبيعية. بطريقة ويتم يجري أن التبعطبيعي. –

رجاله بتسلل جهة من تسمح دمشق، مشارف على معركة سيفتعل كليبا أن سوىبتسلل الوقت ذات في وتسمح العملاقة، وأثاثاته العرس محتويات صناديق داخل إلىيضحك الذي المقرب، الجليلة الأميرة خصي أو مهرج أو مضحك باعتباره ذاته، كليباسم متخذا والأصباغ، الحيوانات وجلود هلاهيله تحت بكامله متنكرا البشر، قبل الحجر

الآن. ذات في والحجر بالبيضة يلعب الذي غرة» بن «قشمرورجاله الخاص حرسه معظم إرسال إلى حسان التبع اضطرار ذلك، إلى يضاف

لتأديبهم. وعصاباتها الطرق قطاع أيدي من الجليلة العروس لتخليصحبا الليل ينام لا الذي التبع لتسلية العرس حفلة إلى للتسلل الجو لنا سيخلو هنا

والسمر. اللهو فيعمره. ليلة وهذه –

التي تردد: ودون بثقة القول إلى بها دفع حد إلى كليب خطة من الجليلة بهرتعمره. سنقصف فيها

ودمشق والبقاع بيروت في أهدره الذي للدم انتقاما مشجعة: لكليب استدارتبالغة. صعوبة في مشاعره يكبت كمن الجدار كليب واجه فلسطين، في وأسدود والقدس

67

Page 68: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

دمشق. بوابات على معلق الرأس مقلوب عريان أبي –مرة. آل من فتاة وأربعون أعمامي، وأولاد أعمامي الجليلة: قاربته

وصوله. منذ مأتم، بيت كل في معاهدة: بيده الجليلة أخذتالوحيدة فرصتنا فهي إذن حزم: في قائلا ذاك الكبير وحلمه يقظته كليب استرد

جليلة. ياتخف. لا –

الوحيد الشيء أنت رأسها: عن خباءها أسقط إنه حتى رأسها، مطوقا كليب واجههاعليه. الخائف

يوم كل وفي ليله، ينام لا أصبح فلقد تخف، لا مسرة: ضاحكة الجليلة لكزتهالنفس. تشتهيه مما والأفيال، الجمال قطعان من هداياه تصلني

إذا. الأمر هكذا كليب: ضاحكهاأصبح وهكذا أوتيت ما بكل سحرا أسحره أن به؟ تطالبني ما هذا أليس داعبته:

إصبعي. في خاتم مجرد أسعد بن حسان — المفترس — التبعهائل. –

خلال ومسالكها خطته تفاصيل دقة بكل شارحا الجليلة مع كليب واستطردوحتى والكتمان، السرية ببالغ رجاله إعداد وكيفية المرتقب الدامي العرس هذا مراسيم

الجميلة. العروس وخصوصيات العرس جهاز صناديق تصميم كيفيةبيروت بين الطريق طول على المرابطة لكتائبه إعداده مدى عن حادثها وكذلك

مطبقة. بسرية ودمشقالاحتمالات، ظروف مختلف طارحة مستوضحة تستوقفه ما كثيرا الجليلة وكانتكليب حمية كل يثير نحو على السرية بالغة لخطتهما والفشل الانكشاف إمكانات ومنهامتخذا جزا ليجزها الغازي؛ الطاغية التبع رأس إلى الوصول لاحتمالات وإحكامه وتوقدهأتت الذي الغازي ذلك سطوة وإنهاء وفلسطين، الشام حكم في الجليلة جانب إلى مكانهبين التفريق حد إلى تسلطه به يصل والذي بلادهم، في ويابس أخضر كل على جيوشه

قوميهما. بين والعداوات الحروب كل به تحديا أن سبقا اللذان وهما حبهماوطواهما نهايته ربيعة بن كليب أو ومحفوظ الجليلة بين اللقاء شارف ما إذا حتىهائمان وهما الزرقة، قاتم المتلاطم البحر على المشرف الكوخ ذلك داخل الطويل الصمتبين حملا حملها أن إلى مودعا الجليلة كليب احتضن وتفاصيلها، خطتهما أبعاد في

المخيمين. والظلام الصمت عبر المطهم، حمارها ليركبها ذراعيه،

68

Page 69: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الثامن الفصل

العرسالدامي

منذ بإنجازها كلفه التي تلك حسان، التبع وزير بها اضطلع عملية أصعب كانت لعلهاالليلاء. الليلة تلك زواجه لمراسيم الإعداد عملية وهي بخدمته، التحق أن

لوزيره والقسوة بالعصبية المتسمة وأوامره الملك وطلبات النهار، مطلع فمنذوالقواد، والأمراء والعشائر القبائل ممثلي من المدعوين اختيار بين ما تنتهي لا «حنظلة»بالهدايا، المحملة الوفود واستقبال وقوم، وقبيلة ولقب اسم كل أمام طويلا والتوقفومغنين شعراء من الفنانين، كبار واستقدام الضيافة، قصور وإعداد الذبائح ونحر

اليمن. وربوع وفلسطين وسورية مصر من الحفل، لإحياء وراقصين ومنشدينالأيام في أصبحت التي — مرة بني — وأهلها ذاتها، العروس مطالب عن ناهيك

ومطمع. حد عند تقف لا الأخيرةلم «التبع» أن إلا وشك، سخط كل إلى تدفع غريبة مطالب أنها الأمر في والملفت

سواها. بسيط رأي مجرد أو نصحا لأحد يسمع يعدالطاغية. ومعلقاتها ومراسيلها مرة بنت الجليلة –

محاسنها، قبل قولها، ومعسول بشعرها سحرته التي — اللبنانية — الأميرة تلكالعين قبل تعشق «والأذن المأثور: بالقول أخذا يراها أن قبل من التبع أحبها أن فكان

أحيانا.»للمرة ساحرة مباغتة بطريقة رؤيتها — العاشق للتبع — سنحت ما إذا حتى

وعشقها. هواها صريع فورها من أردته الأولى،حسان، التبع قلب تملك في — خطتها من وكجزء — مرة بنت الجليلة أن ذلكفارس أمير هيئة على متنكرة به لتلتقي أخطار، من تخلو ولا مفاجئة ذكية خطة دبرت

Page 70: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

للصيد المقربين قوداه وكوكبة بفرسانه محاطا التبع أثناءه خرج نهار مطلع مع شابلبنان. مروج أحد في والقنص

الحيوانات أحد يطارد وهو بالتبع، للالتقاء اللحظة تلك — الجليلة — تحينت وهنامن كان فما بسهمها، فريسته أردت أن بعد الأشجار، بين من له فبرزت البرية،قاربه الذي المجهول الماهر الفارس ذلك مواجهة من مندهشا الترجل سوى التبع الملك

أنت؟ من مواجها:الملك. أيها قدرك، أنا –

لو كما حسامه، استل النحو هذا على المفاجأة هول من حسان التبع فاق وبعدمامباغتة. غادرة اغتيال لحظة مع موعد على كان

قدري؟! –مليكي. يا أجل، –

شعرها خصلات مرخية الجمال الباهر وجهها عن خباءها كشفت ما إذا حتىمرة! بنت الجليلة أنا، مغمغة: حياء في متقدمة الحمرة، إلى الضارب العسجدي

الجليلة؟ أميرتي –أجل. –

المهجورة. المروج أحد إلى العنان لخصيانيهما يطلقان وهما طويلا وضحكابها أرادت التي العذبة المفاجأة تلك من نشوته أقصى في منبهرا حسان الملك توقف

الملك. قلب على السرور تدخل أن الجليلةعمرنا؟ طيلة جليلة يا معا لنسعد شيء كل ينتهي متى –

مليكي. يا يمينك طوع أنا –تغمره لم كما غمرته التي السعادة مقدار ينسى لا حسان، والملك اللحظة تلك ومنذالحب يضفيه الذي وحبورها بالحياة ينتشي جعلته التي تلك الفرح لحظة إثر قبل من

آخر. شيء أي قبلحين المفاجئ، الخاطف اللقاء ذلك إنهاء تعمدت الجليلة أن ذلك لقاؤهما، يطل ولممسابقة حصانها عنان فأطلقت الملكية قلادته عليها خلع بعدما تنكرها معاودة ودعتههائم طائر كمثل وفرسانه، بركبه ليلحق العاشق، التبع تاركة مختفية، الصباح، ريح

السماء. عنان إلى شموخه في المتعانق الساحر لبنان أرز بين محلق

70

Page 71: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الدامي العرس

أثار مما منتشيا، فرح في يضحك ظل به حسان الملك فرسان لحق ما إذا حتىمحملين دمشق إلى للعودة تمهيدا الشمس غروب مع فاجئوه عندما مرافقيه، فضول

صيدهم! بأسراباليوم. التبع صيد نعرف أن نريد –

صيد. أروع –الأميرة، لعلها سعادته: من ضاعف مما الملك، أذن في هامسا أحدهم نطق أن إلى

الجليلة؟!دمشق، إلى بيروت من وتوابعها العروس موكب وصول موعد اقترب كلما فكانبالمطالب عليه المتوتر التبع الملك أثقال نتيجة — حنظلة — الوزير أعباء تضاعفت كلما

الاستعدادات. واستكمالمهرب؟ من أما اليوم؟ ننتهي ألن –

بل عرقها، قبل دمائها سيول في الغارقة المذعورة الرسل وفود تدافعت ما إذا حتىموكب تعرض عن السوداء الأنباء معلنين عائدين جذوره، من لسانه قطع من ومنهمدمشق بيروت طريق على وأسرها بل كنوزها، ونهب الطرق، قطاع لعصابات «العروس»

مداه. أقصى إلى الوزير توجس ووصلالجليلة؟ هذا، حدث كيف –

الخبر، وصله حين وقلاعه قصره جنبات طول على وماج حسان التبع الملك وهاجغضبه من يسلم فلم وحاشيته، مساعديه لبعض بالقتل والتعدي بل التطاول حد إلى

ذاته. حنظلة الوزير حتى أحد، الجارفهذا! كل يحدث حليلتي، لزوجتي، –

ينتظره بما وتبصيره الغازي، التبع لمواجهة ذهبية فرصة وجدها حنظلة إن بل— عليه الواجب فمن والتغلبيين، والبكريين مرة آل من البلاد هذه أهل ألاعيب منالتلال تلك مشارف على وسفح أريق الذي الدم على ولو والحرص التنبه — التبع أي

وحكمها. فتحها بعد الأمن له استتب حتى الأدوميين، وصحاري والبقاع والوديانمنتقم جمل كمثل هياجه مواصلا واحدة عاقلة كلمة لوزيره يتح لم الملك أن إلا

جبروت. من أوتي ما بكل سعيا، حتفه إلى يسعى وهو العيار، مفلوتلزوجتي؟! حدث ما يحدث كيف –

من وكل الخاص، وحرسه وفيالقه قواده لكبار ونواهيه أوامره فوره من صادراكانت. أينما وإحضارها العروس لإنقاذ يداه، طالته

71

Page 72: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

ولا الساعات تمضي ثم الريح، بسرعة وحامية قوة كل تغيب أن ذلك من والأدهىبخبر. تعود

الخبر؟ ما –أعقابها. في أخرى بمجموعة مرسلا فأكثر أكثر وانتظاره التبع غضب يشتعل هنا

اليقين؟ بالخبر أحد منهم يعود ولا يرحلون، قواد ثلاثة –بعرس متندرة أبيها بكرة عن دمشق مدينة وضجت جاثما، المساء حط ما إذا حتى

كارثة. إلى استحال الذي الغازي التبعفضيحة! –

والفوضى الذعر من حالة في الهائل، وموكبها العروس عن فجأة الأرض انشقتالشديدين.

التبع قصر عتبات داخل إلى بأحمالها وخيول جمال من موكبها تسلل ما إذا حتىمراهقة كمثل باكية أحضانه بين فورها من العروس ارتمت رقابة أدنى دون الحصين

غريرة.العذبة وإيماءاتها زينتها وكامل وروعتها جمالها من حسان التبع انبهار وأماموحشم، خدم من وتوابعها ووصيفاتها عرسها صناديق بإدخال فوره من أمر وتدللها،

الأفراح. أقيموا مشيرا:الطعام، وموائد سماطات وامتدت الدفوف، ودقت والغناء الزغاريد علت الفور وعلىاختلط أن إلى والعرس، العروس بمحاسن ولسان ولكنة لهجة بكل الألسن ولهجتينبئ بما النهار، مطلع منذ والمفاجآت التوتر اعتراها التي الليلة تلك في بالنابل، الحابل

جلل. بحادث اختتامها عنسينتهي وما الرهيب اليوم هذا أمور مجريات يرقب وهو للوزير الأمر بدا هكذا

إليه.وحشمها وخدمها وأقاربها العروس أهل وجوه في متطلعا يرقب وهو الوزير تساءل

الجيش! هذا كل متسائلا: ومهرجيها؛حد إلى للجليلة، استسلم الذي التبع، مخدع مشارف على يحدث ما يرقب مضىمضحكيها تتبع من فوره من ويستغرق التباعنة» «عرش على جانبه إلى إجلاسهاالموسيقى أصداء على وهناك هنا عابثين متراقصين يقفزون وهم الستة وسمارها

الصاخبة.

72

Page 73: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الدامي العرس

الجليلة العروس قلب إلى وقربا حركة أبرزهم وكان أحدهم عن السؤال للوزير وعنمرة. بنت

الأميرة. مضحك وهو غرة» بن «قشمر اسمه إن له فقيلله أغلظ أنه إلا منه كان فما يجري لما التبع انتباه جذب محاولا الوزير انسحبتغفل لا وعيناها ساعتها للوزير بدت التي الجليلة أمام شأنه من الإقلال حد إلى القول،وجهه، ماء على حفاظا الانسحاب إلى بالوزير دفع مما غرة» بن «قشمر مهرجها عن

يحدث. مما بجلده وهروباالذكية وتهكماتهم مهرجيها ومداعبات نكات التبع على تروي الجليلة وراحت

الملمس. البض اللون الخمري بساعدها إليه مشيرة «القشمر»، هذا وخاصةمتمنطقا ثيابه، رقع تحت هازلا راقصا قافزا فوره من غرة» بن «قشمر فاندفع

«كبش». كمثل مدلاة وسوالفه الخشبي سيفه ومتقلدا النمر جلدمن؟ … من … يناديني من –

قشمر. يا اسمع –مولاتي. سيدتي، –

مغوار فارس كمثل الجريد عصاة ممتطيا الخشبي، سيفه مشهرا المهرج مضىهزل. في يجري

في لها ساندة التبع يد امتدت الارتماء حد إلى الضحك في الجليلة أغرقت وحينجليلة. يا الأرض طوب يضحك إنه ا حق حنو:

نادر. بهلول ا حق –الكرب. ويفرج الغم يزيل –

أن إلى الطريق، خلال رعب من لها حدث عما المنتشي التبع تحادث واندفعتهذه. العمر وليلة والغناء والمرح البهلول حيث إلى فأعادها السبل بها ضاقت

حبيبتي. يا جليلة يا مضى ما لننس –في الاستغراق حالات أقصى إلى والجميع الجليلة أوصل قد قشمر المهرج كان هناالخوف تصنعه بعد نفسه عن معبرا تجرأ أن إلى مجون، من يخل لم الذي الضحك

وتاجه. وهيبته التبع من طويلا والهلعالأرض ويدق عينيه، يبحلق تارة وكان الخشبي، بسيفه راقصا فوره من «فمضى

عطبول؟» ابن أين الفحول؟ الفرسان أين يقول: وتارة ويديه، برجليه

73

Page 74: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

اندهش أن إلى القصب، الفرس راكب وهو سبب، بلا ويضحك يرقص ما «وكثيراوأقواله.» أحواله واستغرب أعماله، من التبع

وهي الجليلة شاغلته هنا يجده، فلم حنظلة وزيره عن بعينيه فجأة التبع بحثتعبانة. تلاطفه:

سيدتي فمر الآن، الطرب تريد كنت إن قائلا: مضاحكا عابثا «قشمر» تدخل عندئذفصيح. ولفظها مليح صوتها فإن لك، تغني الجليلة

وأشعارها صوتها سماع الجمر من أحر على ينتظر فهو تغني، أن منها التبع وطلبوإنشادها.

مطالبة الموجودين، جموع من والخجل الحياء مدعية تدللها الجليلة واصلت هناأحد. يسمع لا حتى الأبواب بإغلاق

هنا بالحنجلة قشمر تطوع حتى التبع، عين من بإيماء المدعوون انسحب إن وماهزل. في بنفسه المخدع أبواب مغلقا وهناك

ساحرا: شجيا مغنيا صوتها ارتفع التي للجليلة مذهبة قيثارة مقدما عاد ثم

المسمى الملك تبع بحضرةغاره شن ما إذا بحسان

يديه قبضة في أمسيت وقدبناره قلبي شغل حبي ومنصنه البستان حارس يا ألاطاره. الطير في فرطت وإن

مطالبة حد إلى والغرام، الوجد به زاد مداه، أقصى إلى بالتبع الطرب وصل وحينالنساء بين نادر جليلة يا ا حق مثلك قائلا: عاجلها أن إلى توقف، دون بالغناء الجليلة

المساء. هذا سرورنا زاد فقد«قشمر الأميرة مضحك وهيئة وأصباغ جلد تحت المتنكر — كليب — أيقن هناالتبع بمشاغلة ا سر للجليلة مومئا هزله، يواصل فمضى حان، قد الوقت أن غرة» بن

وعيه. عن الغائبمخرجا وخفة سرعة في فاتحا والجهاز، العرس صناديق باتجاه انسحب ثم

المختبئين. فرسانه

74

Page 75: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الدامي العرس

درعه. تقلد وقد به إليه فخرج ذاته، التبع سيف على عثر أن إلىأباه، تذكر حين عيناه، احمرت وقد الأكبر، الملك إلى فجأة كليب «خرج وهكذا

المفاجأة.» هول من ألجم الذي التبع وجه في وجال فصالوالوقوع بالهلاك، وأيقن التبع تعرفه أن إلى هاجما، التبع مقاربا كليب قفز «ثم

العقال.» شرك فيالغناء، أو الموسيقى تتوقف أن دون من التبع مخدع داخل جاريا كليب واندفع

الكبرى: الشهيرة مرثيته منشدا تعرفه وقد كالمجنون التبع فهب

اليماني الملك التبع يقولفؤادي في تشعل النار لهيبربيعة فارس يا كليب أميرالطراد يوم النسا حامي ياشيئا أعلمك أن اليوم أريدالعباد. أخبار حال لتعرف

قتلك من بد «لا صارخا: عليه فهجم مرثيته، ليكمل ربيعة بن كليب يمهله ولمبثأري.» أخذت قد فأكون والدي، قتلت كما

رماحه! أسنة على عاليا رأسه وشهر عنقه ودق منه وتقدم

75

Page 76: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 77: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التاسع الفصل

بعحسان الت ابن الصحصاح اغتيال

اليماني حسان التبع أقامه الذي الدامي العرس ذلك جاء المأساوي، النحو ذلك علىأن بعد التبع، رأس الفلسطيني كليب قطع فيه والذي مرة، بنت الجليلة من لزواجه

وطراده: بكليب فيها، اعترف التي الشهيرة مرثيته لإنشاد أمهله

ربيعة فارس يا كليب أميرالطراد. يوم النسا حامي يا

الملحمي». «بالتراكم يعرف لما الرواة بإضافات العصور عبر حملت التي المرثية وهيالدامي: بمصيره دراية على كان القتيل التبع أن يتضح ففيها

بالملاحم تبين قد وعنديالعباد دون قاتلي بأنك

عليكم تنزل شاعرة وبعديالجماد. بين يذبحك وعبدي

يصلها حينما «البسوس» المنتقمة الشاعرة عمته بالشاعرة، يعني التبع أن ويبدوالمستقبل أبعاد كشفت المرثية، هذه أن كما الشام، ربوع في كليب بيد اغتياله خبرسيضطلع الذي الكبير الفاتح بالدور مبشرة القديم، الأردني الشرق لبلدان السياسيقتله حسان للتبع سبق الذي عمرو أخيه ابن — اليزن ذو — الرضيع الطفل ذلك بهالمتآمرة: الجليلة من مرأى على الكبرى التراجيدية مرثيته في ذكر كما بالوصية، التزاما

يظهر بعدك يزن ذو وسيفالعباد في السعادة تصحبه

Page 78: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

عاما سبعين ملكه ويبقىالوهاد في يطوي ذلك وبعد«دمر» يدعوه ولد له ويظهرالعماد مرفوع البأس شديدبعده الشام بلاد في فيملكالبلاد. أقصى من الماء يجلب

التغلبيين ربيعة بني فصائل وتشتيت حسان، التبع مقتل أعقاب في حدث ما وهورءوس على نفسه معلنا مكانه، كليب اتخذ أن إلى اليمنيين، من حسان الملك لجيشحبيبته على قرانه وعقد حسان، الغازي التبع رأس مشهرا الجديد» «التبع أنه الأشهادالعرب «ملك بكليب متسميا عليه، أقدم ما مخاطرة قاسمته التي مرة» بنت «الجليلة

والعجم».إلى موطن من وشاع، اليماني حسان التبع الملك مقتل خبر تواتر إن ما لكنالفادح النبأ هول من ثيابها شقت حتى البسوس»، «الشاعرة عمته أسماع ووصل آخروانتهى — أسعد التبع — بوالدهما وألم حدث مما بعد تبرأ لم التي وهي وجسامته،

واندحارا. ا وغم كمدا بموتهمن انتزعته كانت الذي الصغير الغلام ذلك حتى شيء كل عن البسوس تخلت هنا

اليزن. بذو والملقب له، حسان أخيه قتل عقب «عمرو» زوجة الحجازية أمهالتغلبيين من الثأر، وأخذ بالانتقام اليمنيين أقوامها في المناداة فورها من وقررتتلك دبروا الذين كل ومن بل واحد، آن في — اللبنانيين — مرة وآل والفلسطينيين

الأليم. الغادر النحو ذلك على الغادرة المؤامرةحسان! لثارات يا للدناءة، يا –

طول على — الرجروج — العملاقة والانتقام الحرب طبول قرعت الفور وعلىانتقاما والقتال للخروج والاستعداد الفادح، الخبر معلنة العربي، والخليج اليمن أقوام

والبقاع. وبيروت دمشق ربى على المسفوح التبع لدمالبسوس أبيه عمة وأخبرته جرى، بما الإلمام الصبي، اليزن» «ذو حاول وحين

حربها. في لمصاحبتها استعداده الصغير أبدى الحدث، نادبة

78

Page 79: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

حسان التبع ابن الصحصاح اغتيال

وفيالقه التبع لجيش حدث بما الأخبار جاءتها حين أكثر نكبت البسوس أن إلاانتقامية كارثة أكبر في منه، الأكبر الجزء وتشتيت بعضه، إفناء في التغلبيون نجح التي

بسبأ. الملقب شمس عبد بن حميد التبع منذ التباعنة، عرش لها تعرضعلى قادرة إبحار، وسفن عتاد من يلزم ما بإعداد الإسراع يجدي يعد لم وهكذا

وأقوامه. قبائله بين القتيل التبع دم ويجف يبرد أن قبل الردع،عاجزا بدا اليمن، حكم في أبيه مكان أخذ قد كان الذي «الصحصاح» ابنه فحتى

والبقاع. وفلسطين الشام ربوع في وجنوده بالتبع حلت التي الكارثة فداحة إزاءأخيها بابن حل ما على الأسود الانتقام سوى لها هدف لا البسوس ظلت ذلك ورغم

الأمد. طال مهماهذا. عبدي بيد الرأس مقطوع ممدد وكليب إلا قلبي، نيران تخبو لن أبدا، –

الثأر وأخذ الحرب في تكاسل أو تقاعس من كل على لعنتها تصب مضت هي بلوالخيانة. الغدر نتيجة المنكوبين، للحميريين

المضاجع. في الدس –وأكثر، أكثر أحقادها نيران التهبت المعزين، وفود قصرها إلى تدافعت كلما وكانت

أين؟ الرجال؟ أين حمير؟ في رجال هناك يعد ألم مهددة:غيرهن. ولا النساء، دور جاء الآن

بمقتل الأخبار تواترت ما سرعان إذ البسوس؛ تمهل لم وتوقيتها المصائب أن إلاحلفاء أيدي على المنعزل قصره في بأبيه ليلحق ذاته، حسان أخيها ابن «الصحصاح»اليمن ربوع إلى يتطلعون أصبحوا الذين وعيونهم والدمشقيين الفلسطينيين التغلبيين

ذاته.ذاتها. النكبة –

مما ورثاء، وتخوف مخاطر كل إلى يدعو وأصبح حمير، عقد لوهلة، انفرط وهكذاأي قبل المضني، والبحث الصدع، برأب التعجيل إلى القبائل وشيوخ بالبسوس دفع

التباعنة. بعرش واحدة دفعة حلت التي الكارثة تلك أهوال من مخرج عن شيء،قد ساعتها يكن لم الذي الصبي اليزن» «ذو رأس على لتحط الأنظار تطلعت هناالكبار، حكمة يحوي متماسكا صغره منذ كان أنه إلا عمره، من عشرة الحادية بلغ

«سبأ». أو شمس عبد منذ التباعنة، عن عرف الذي البأس عن ملامحه وتنبئالمغدور — عمرو ابن اليزن» «ذو وهو الجديد المنقذ على الآراء أجمعت الفور وعلىإنقاذا المبكرة، السن تلك في التباعنة عرش ليعتلي الممزق، أو «مزيقيا» ب اشتهر الذي —

79

Page 80: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

التفكك من الحال تلك على وهي بأكملها العرب وجزيرة بل العربي، والجنوب لليمنوالاضطراب.

احتفالات دون من مبسطة خافتة اليزن ذو الجديد الملك تنصيب مراسيم فجرتعلموا عندما بالجميع ألم الذي الحزن بسبب وذلك الرجروج، طبول وقرع وصخب

التباعنة. بعرش ألم ولما الصحصاح، وولده حسان التبع بمصرعقد كانت التي البسوس كنف في يتيما وتربى ولد الذي اليزن لذو ر قد وهكذابالحجاز، قومها إلى عائدة بجلدها فرت التي أمه، أحضان بين من اقتناصا اقتنصته

الطفل. والد لزوجها حسان التبع قتل عقببين من — اليزن ذو — الرضيع الطفل اغتصاب في البسوس استماتت بعدهاويشب، لينمو الفروسية ومعلمي والحكماء المربين كبار إلى به ودفعت أمه أحضان

أقوام. من فلكها في يدور وما «حمير» لحكم جدارة عن متمرساعلى التباعنة تاج الاثنتين بيديها وضعت حين سانحة، فرصتها حانت قد هي وهاتتويج حفل مراسم صاحبت التي الجنائزية الأحزان طقوس عبر اليزن»، «ذي رأس

الجديد. التبعاليزن. ذو –

وعاقدة مبيتة فورها من تفرغت ذلك من البسوس أبيه عمة انتهت ما إذا حتىوالفتن المكائد إلى اللجوء الأمر استدعى ولو حتى حسان، التبع لمقتل الانتقام على النيةالانتقام في وغاياتها أغراضها تحقيق إلى المؤدية والخداع المناورة أساليب كل واستخدام

المهدور. التبع لدم الأسودمرة» «آل وحلفاؤهم التغلبيون إليه لجأ الذي — الدنيء — الأسلوب ذاته فهو

بدمشق. عرسه ليلة التبع الملك لقتلمن حسان، التبع بحياة أودت التي المكيدة تفاصيل إلى استمعت كلما فكانتحقدها نيران أكثر اشتعلت التبع، قصر داخل — العيان شهود — وبصاصيها عيونها

الليل. تنام لا أصبحت أنها حد إلى وتأججتبشعة! خيانة من لها يا –

داخل المشئومة الليلة تلك حدث ما تفاصيل حول والشائعات الأقاويل نسج إن بلفي الجديدة خطتها طريق لها ممهدا سمعها، إلى بكامله وصل ولبنان، الشام قصورالصحصاح، ابنه عقبه وفي أخيها ابن حياة أنهت التي «والوتيرة» النمط ذات على الانتقام

واللاعودة. التأزم نقطة إلى التباعنة بعرش الأمر يصل أن وكاد

80

Page 81: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

حسان التبع ابن الصحصاح اغتيال

الخراب. –الخداع وتر أي الوتر، ذات على الحرب إلى البسوس» «الأميرة لجوء كان هنا ومنمرة بني بيت أركان تقويض شأنه من ما وكل والتحريض، الفتن وإيقاع والتآمر

ربيعة. وبنيفي وأغوارا وعمقا باعا وأكثر البسوس من أجدر هو فمن الحالة، هذه مثل وفي

الذمم. وشراء والأحقاد البغضاء زرع وفي الإيقاع، فن صنوف مختلف اختلاقلها؟! حمير في الأجدر هو من –

مضرب غدت التي وسطوتها ثرائها إلى بالإضافة هذه لقدرتها نهاية ولا حد فلاالشام بلاد من والملفقين البصاصين استخدام أو استئجار لها يتيح بما الأمثال،

وعرضا. طولا وفلسطينصاحبة العريقة الشاعرة وهي والإقناع الحديث على قدرتها ذلك كل إلى يضاف

والمدائح. والمراثي والموثبات والمحرضات المعلقاتوالإيقاع المخادعة حرب أسلوب في متفوقا يتفرد أن له يمكن البسوس غير فمن

والرجال؟ الأسلحة أعتى عنه تعجز دمار، كل إلى المفضيمحصلة وبعد خاصة غيرها، بثأره يأخذ لن القتيل التبع ودم حمير فكبوة هنا ومنومدنه، حضره قبل وبواديه الشام مدن من جاهدة جمعتها التي والشواهد المعلوماتالتغلبيين وبين لبنان، في مرة آل بين الجديد التحالف ذلك ووقائع أخبار وبخاصةحمير عرش ووراثة مرة، بنت بالجليلة كليب، الجديد، التبع زواج عقب الفلسطينيين،

جهارا. نهارا«ملك ب: متعاليا يتسمى أصبح الذي «كليب» جانب من الجائر الاستحواذ ذلك ثمأوغر مما اللبنانيين؛ حلفائه على والتسلط السلطة بمقاليد ممسكا والعجم»، العرب

التبع. اغتيال لدى السابق الضمني الاتفاق يرع لم باعتباره عليه، الأخيرين قلوبمعرفتها حد إلى فيها مبالغا البسوس أذني إلى وصلت والأقاويل الأخبار إن بلالمدعو الجليلة زوجته وأخي كليب بين المتفاقم الخفي الوليد الصراع بتفاصيل الدقيقة

مرة». بن «جساسبكل محاولة وشقيقها، زوجها بين الصراع لذلك نهبا أصبحت الجليلة أن وكيفوقبيلتها زوجها، قبائل بين المهدد الجديد الصدع ذلك رأب عقل، رجاحة من أوتيت ما

شيء. كل ضياع إلى بها الأمر ينتهي لا وحتى — مرة آل — هي

81

Page 82: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

ذروة على التربع إلى طموحها أوصلها أن إلى وصبرت طويلا حلمت التي وهيوتوابعهما. وفلسطين دمشق في السلطة

واصلت السمات الواضحة والقسمات والمتعرجات المسالك تلك خضم ووسطمن بثروتها للانتقال الدامية، خطتها أبعاد ورسم تحركاتها — سعاد أو — البسوسربوع إلى بيتها وأهل حرسها كوكبة إلى بالإضافة وأموال، أغنام ورءوس وجمال خيول

ولبنان. الشامتلقتها جديدة، أخبار وصلتها حين ورحيلها، خطتها تنفيذ وأخرت تمهلت أنها إلاهذه إليها حملوا الذي الرسل، على خلعت إنها حتى مصدقة، غير مستبشرة رسلها من

والهدايا. الأموال من الكثير الأخبار،«عمران بالأمير والمدعو وحضرموت عدن على حسان القتيل التبع والي أن ذلكوفلسطين بالشام حسان التبع مصرع مكيدة من والضيق الغضب به وصل القصير»،للإبحار استعدادا وفيالقه جيشه فوره من فجهز مداه، أقصى إلى الغادر، النحو ذلك علىبالتبع وألم حدث لما انتقاما وحلفائهم، ربيعة بني من التغلبيين ومحاربة البلاد تلك إلى

الذبيح.تلك عن — ربيعة بن كليب — الجديد التبع إلى الأخبار وصلت ما إذا حتىقومه، فوره من استنفر وحضرموت، بعدن القصير» «عمران يجريها التي الاستعداداتفي البلاد وتسقط الرأس»، في الفأس «تقع أن وقبل يحدث، لما التنبه وضرورة لأهمية

ثانية. مرة اليمن تباعنة أيديجاءهم الذي القصير عمران جيش للقاء وعتاده عدته كامل في كليب خرج وهكذا

المرة. هذه منتقما بجيشهيفتك كليب وظل الأهوال، عظمت «حتى الحرب، لهيب واشتعلت الجيشان والتقىذاته اليمانية قائد منازلة من تمكن أن إلى ضار، ليث كمثل وبفرسانهم وبأفيالهم بهمصريعا.» كليب أرداه أن إلى وقتال، حرب في فظلا طوالا، أياما — القصير عمران —

بالعز محاط صقر كمثل أو «كالبازك»، فدخلها الشام، إلى راجعا كليب وعادوالنصر.

الأسود للانتقام استعداداتها مواصلة سوى منفذا، لها «البسوس» تجد لم وهناا! سر المبيت

82

Page 83: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

العاشر الفصل

البسوس انتقام

التباعنة، عرش اليزن» «ذو الجديد التبع باعتلاء العربي والجنوب اليمن أقوام استبشرتالذبيح. عمرو ابن وهو

والتي الأخيرة، السنوات في الحميريين لملك مقوضة كبوات من حدث ما كل وكأن— عمرو اغتيال عن تكفير من أكثر يكن لم بدمشق، حسان التبع بمصرع اختتمت

الذبيح. أو بالممزق تسمى الذي — اليزن ذو والدوأدماها أصابها بعدما حمير، يحكم — اليزن ذو — الوحيد ابنه أخيرا هو وها

يداها. اقترفت قد ما على كعقاب متلاحقة جاءت جسيمة، كبوات منالجميع عرفه الذي المزن»، «ماء أو اليزن بذو مستبشرين الجميع استراح وهكذاتنضب، لا التي ومخطوطاته كنوزه أغوار في والبحث للعلم شيء كل وقبل أولا محباخوضه مثل شبابه، مطلع منذ أيضا عنه شاعت التي فروسيته ينفي لا وبما لكنعامة والحرب بل والنزال، الطراد عن كثيرا تبعد لا والتي العربية، الفروسية مباريات

القومية. العرب رياضة باعتبارهايفيد وما الناس بأمور وانشغاله سماحته مدى هو الجميع، عليه اتفق ما أن إلافي التحكم وكيفية وتصريفه الماء استجلاب وطرق لسدود إنشاءات من حياتهم وييسر

والدواب. للناس والاخضرار الرخاء يحقق بما ومجراه مسارهحياة لكل مصدرا باعتبارها المياه مناسيب في والتحكم السدود مشرعات وهي

ونمو.وأخصهم الجميع، أراح بلسم إلى أقرب التباعنة عرش اليزن» «ذو اعتلاء فجاءقدوم في فلعل مستبشرين، معضدين حوله فورهم من التفوا الذين العلم أهل بالطبع

Page 84: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

تكن لم التي وطموحاتهم تباعنتهم تسلط من قليلا يحد ما العف الصلد الشاب هذاالسواء. على والمغرب المشرق طول على حد، عند لتقف

تتخذ والتي — وهجرات حروب من الكبيرة الأعمال تلك تنتهي كانت ما وعادةالصين مجاهل من وموطن، شمس أي تحت الآمال، لبلوغ مطايا مجرد طموحاتها منتلك أي — أنها سوى عنده، تقف مدى أحد لها يعرف لا بكارثة — مصر تخوم حتى

صغير. إلى كبير من استثناء بلا الجميع تصيب كانت — والانتكاسات الكبواتعمن مخالفا شيئا اليزن»، «ذو الجديد التبع في اليمانية القبائل توسمت هنا ومنالتباعنة أسلافه عن غابت التي الشورى أو بالمشورة سيأخذ فلعله أسلاف، من سبقوهالذي الأول وناصحه وزيره عليه أصر ما بذاته هذا إن بل الغابر، تاريخهم طول علىوالشاعر المعلم وهو ذاتها، أبيه عمة عن بمعزل — اليزن ذو — بنفسه هو اتخذه

«يثرب». الحكيمخاصة وإسدائه، النصح عند التوقف مجرد من أكثر بيثرب اليزن ذو علاقة فكانتوقع حين عمره من عشرة التاسعة يتعد لم السن، حديث يزال لا كان الجديد، والتبعالعرب جزيرة تخطت التي وسطوتها حمير حكم في المنقذ دور ليلعب الاختيار، عليه

وجنوبا. شمالاتخطت يثرب، المتمرس الشيخ وزيره وبين — الشاب — الجديد التبع بين فالعلاقةغايتها التي الأمور معظم في الواحد والرأي الواحدة النظرة عند لتلتقي النصح، دور

فأكثر. أكثر عراه وتوثيق التحالف إفادةكملك اليزن» «ذو واجهها كارثة أول منذ أو الأولى، الوهلة منذ للجميع هذا واتضحالتي الدعوة صدى واتساع غدرا، وابنه — حسان — عمه اغتيال كارثة وهي لحمير،

والانتقام. بالثأر مطالبة البسوس عمته — الجميع قبل — تبنتهاضاعف ما وهو يثرب، ووزيره اليزن ذو من كل نظر وجهتا تطابقت فقط هنا

«يثرب». وزيره وعلى عليه غضبها إعلان حد إلى البسوس أحقاد نيران اشتعال منحمير؟ دها ماذا المزري! للخنوع يا –

لمرافقتها الرغبة فيه أبدى الذي السابق، بموقفه البسوس واجهته ما إذا حتىأيامها حزم: في اليزن ذو أجابها وابنه، حسان التبع عمه مغتالي من الثأر وأخذ للنزال

لحمير. تبعا أكن لموالآن؟ –

84

Page 85: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

البسوس انتقام

حمير. تأمرني المكان، هذا وفي الآن –حمير! أنا له: صدرها شاهرة حدة، في مواجهة البسوس عمته اندفعت

عمتي. أنت الملك: غمغمقصره شرفات من مشيرا بساعدها، آخذا حنو، في اليزن ذو الشاب التبع قاربها

عمتي! يا الناس حمير، هي ها الأربع: الجهات على المنفتحأعماق اليزن ذو وحفيدها البسوس بين متفجرا جاء الذي الموقف ذلك وخز ولكمحمير، حكم له مهدت التي وهي يبرأ، لا غائرا جرحا منها وجعل ومشاعرها قلبهاأن منذ الدوام على اعتادت كما أولا، هي به تشير وما رأيها على قرار أول ومنذ ليخرجحقد: في البسوس زفرت شيئا، الأمر في أن بد فلا لذا وأصغر؛ بل سنه مثل في كانت

الأفعى. رأس يثرب، الأرقط، العجوز ذلكاليزن ذو وزير على وأحقادها غضبها نيران البداية منذ البسوس صبت وهكذا

شيا. يشويها أصبح الذي قرارها عن شيء يثنيها أن دون «يثرب» المقربحسان. دم –

يأخذ يعد لم الذي الجديد التبع من أيديها نفض البسوس واصلت فشيئا وشيئاالانتقام في بغيتها وجدت ما إذا حتى حسان، لعمه انتقاما للحرب الخروج في برأيهامن المزيد هي أضرمت وعدن»، «صنعاء في أكثر اشتعل لهيبه أن يبدو الذي الثأر وأخذمن حملة تجهيز إلى القصير» «عمران المدعو الأمير حسان عم بابن دفعت أن إلى النار

الشام.» بلاد إلى مقاتل، ألف «مئةوالتقى القصير»، «عمران للقاء وخرج والقتال، للحرب استعد قد كليب وكانيفتك كليب فظل الأهوال، عظمت حتى والحرب، المعارك لهيب واشتعل الجيشانالذي المشين النحو ذلك على فصرعه ذاته، القصير عمران من تمكن أن إلى بأفيالهم،

وتباعنتها. حمير حكم لطخوأرض ولبنان دمشق روابي على مراق ودم ثأر أي يمحوها لن كارثة من لها يا –

الدهر. مدى وفلسطين، وعبادة السروقصرها ردهات عبر تسير وهي كله وعيها فقدت كمن مذهولة البسوس تساءلتفي حسان التبع أخي ابن ليستقر يوما، غليلي سيشفي الذي ذلك دم أي هدى: غير علىشاهرة القبائل وفود إلى متطلعة المحيطة، الشرفات عبر ببصرها شردت الأخير. مثواهأخيرا: عمه وابن الصحصاح وابنه المغتال، التبع لدم بالثأر مطالبة والحراب الرماح

القصير. عمران

85

Page 86: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

الثأر. … الثأر … الدم … الدم –الثكلى والليالي الأيام تخبئه ما وتقرأ تستشف وكأنها يديها كفي البسوس مدت

المبيت. بالثأر حبلى جسام أحداث منربيعة. بن كليب رأس –

الأخيرة الأخبار فداحة من يائسة، يدها في أسقط كمن منكسة، ذراعيها فجأة أرختالأخير الانتصار إثر أدراجهم عادوا الذين الفارون وبصاصوها رسلها إليها حملها التي

وصنعاء. عدن جيش على ربيعة بن كليب أحرزه الذي الجديدللعار. يا –

الجثمان؟ أين وصيفاتها: في صارخة فورها من البسوس اندفعتمولاتي. يا الغربية بالقاعة –

ونساء، رجال من المعزين صفوف عابرة الأسود بخبائها متشحة فورها من مضتالأمير جثمان فيه ووري الذي الجرانيتي الحجري التابوت حيث إلى وصلت أن إلىعلى البسوس عينا وقعت إذا حتى الغطاء برفع للحراس مشيرة القصير» «عمران

الرأس؟ أين المشهد: رهبة من كالمشدوهة تراجعت رأس، بلا المسجى الجثمانحسان. التبع رأس جوار إلى دمشق بوابات على كليب ره سم –

أين؟! أين؟! حمير؟! في الرجال أين والرجال، فورها: من صرختوتحسر. خفوت في وعويلهن النساء نهنهة سوى يقطعه لم طويل، صمت عم

جميع من المبيت انتقامها تنفيذ على العزم عاقدة مضجعها، إلى فورها من عادتاللبنانيين. مرة وآل الفلسطينيين التغلبيين

مرة. بنت الجليلة الرقطاء، الحية الملعونة، وتلك كليب من غليلي أشفي –تحمل كانت أنها المعروف ومن المقبل، لانتقامها تخطط البسوس بدأت وهكذاإلى بالإضافة والبسوس، وهند، يخت، وتاخ سعاد، منها: والألقاب الأسماء من العديد

«الهيلة». الكلاسيكي العربي الأدب في يرد الذي الاسمهالات عليها أضفت كثيرة ملاحم البسوس عن لتنسج التباعنة ملاحم قامت وقدوزواجها حبها قصة مثل «كاساندرا»، الطروادية الشاعرة المتنبئة مع دتها وح أسطورية

النهاية. في بزواجهما وانتهى وكاساندرا» «أبولو بين وقع لما المشابهةفصيحة الجمال باهرة فاتنة شبابها مطلع منذ البسوس أو سعاد كانت فلقد

الترحال. دائمة البأس شديدة اللسان

86

Page 87: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

البسوس انتقام

يقهرها من إلا تتزوج ألا واشترطت الفرسان، وتبارز الميدان في الخيل تركب كانتالقتال. ميدان في

— السرو بلاد ملك وكان اليماني سعد اسمه عظيم ملك بخبرها سمع أن وكانبالغلبة، له فأقرت سرجها فوق من اقتلعها أن إلى وبارزها، إليها فركب — الأردن أي

أيام. سبعة لمدة عظيما حفلا لها وأقام وتزوجها«سعد أصيب أن إلى أعوام، عشرة البلاد معه تحكم وظلت بلاده، إلى بها عاد بعدهاالسرو بلاد في العليا هي وكلمتها الملكة، هي فأصبحت البصر، وفقدان بالعمى اليماني»

وعبادة.التبع أخيها تغيب فترة خلال بلادها إلى الضرير بزوجها العودة آثرت أنها إلابها دفعت التي الدامية، الأخيرة الأحداث وقعت أن إلى الشرق، أقاصي في وحروبه أسعدعاشت أن لها سبق التي الشام، بلاد ربوع إلى والعودة بنفسها، للانتقام التصدي إلى

عشرا. سنوات فيها وحكمتالسرو وبلاد بالشام الأمور بمجريات دقيقة واعية دراية على البسوس فإن لذاللانتقام وأقصرها الطرق أوسع من أغراضها تحقيق سبل لها يسر بما وفلسطين،

شك. أي يخالجها لا أكيدة وبصورة وبشع رهيب بشكلوبناتها وبيتها الأعمى وبعلها هي ركبت حتى ا، سر رحيلها يوم حددت إن فما«حلة من بالقرب والبقاع بيروت في رحالها حطت أن إلى وسارت ممتلكاتها وثمين

مرة». بنيما إذا حتى مرة»، بن «جساس للأمير الهدايا بغالي وفودها أرسلت الفور وعلى— البسوس — إليه فسعت مقابلتها، طلب إليه، هداياها رفيع جساس استحسنقدرك ملوك على ورفع مرة، بن جساس الأمير أيام «بدوام أشعارها: أبلغ وأنشدته

وأعدائك.» حسادك على ونصرك ومكانك،شاعرة «أنا قالت: حتى حالها عن وسألها فصاحتها من جساس تعجب إن وما

والأكابر.» الجود وذوي السادات أمدح والعشائر، القبائل أطوفمعتد. كل من وحمايتها دياره في للعيش بها جساس رحب هنا

من «البكريين بين الفتنة تنشر فورها من فمضت مرادها، البسوس بلغت وهكذاكليب. المتجبر وملكهم ربيعة بني أو التغلبيين وحكامهم مرة»، آل

والكلأ. الماء عليكم حرم الذي ذلك –

87

Page 88: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

جساس أميرهم مسامع إلى الأمر ووصل القبائل، تحريض في ذروتها بلغت وعندماالاجتماع بضرورة طالب قومه، على وتعديها التغلبيين ضد صدره أوغرت بعدما مرة، بن

وجورها.» وجورهم أقوامه «بتعديات وإعلامه — كليب — الجليلة أخته بزوجذاته، كليب الملك أسماع وصلت أن إلى استفلحت قد كانت البسوس فتنة أن إلاالشاعرة العجوز وإخراج الفتنة بإيقاف يطالبه جساس إلى فأرسل لها، مرة بني وتبني

القبيلة. منالطرفين. بين التوجسات وأزهرت المخاوف ونمت الانقسام، تحقق وهكذا

يدعى كان التي — المطلسمة البسوس ناقة قتل على يوما كليب أقدم ما إذا حتىبستانه — الناقة — اقتحمت حين بسراب، والملقبة صالح النبي ناقة سلالة من أنهادفع مما الدنيا» متنزهات أحسن «من كان إنه يقال الذي دمشق، غوطات وسط البهيجفي معتدلا ليستقر — السائبة — البسوس ناقة ضرع نحو سهمه إطلاق إلى بكليب

واللبن». «الدم ب وليشخب ضرعهابدمها وتخضبت ناقتها بجلد وتلفحت حصل ما البسوس أدركت ما إذا حتىاستبد هنا يديه، بين الذبيحة الناقة بجلد وألقت مرة بن جساس على نائحة دخلت

الغضب. بجساسلناقتها؛ فداء تطلب بما وتعويضها البسوس تهدئة جساس حاول ما إذا حتى

أشياء: ثلاثة من واحدا أريد أجابت:

بالنجوم حجري تملأ أن إمالتقوم جثتها على الناقة جلد تضع أو

يعوم. بالدماء كليب رأس أو

كليب استقبله إن وما بدمشق، كليب الملك مقر قاصدا جساس الأمير خرج وهكذافي كان أنه له زاعما راوغه جساس أن إلا تعرفه، حتى حربه، عدة بكامل عليه قادماضيفته لناقة رعيانه لقتل ومعاتبا مسلما جاءه حتى بدمشق مر إن وما للصيد، طريقه

الأعمى.» وبعلها الشاعرة «العجوز ونزيلتهالعجوز ناقة عن عوضا ناقة أربعمئة عليه عارضا خاطره، كليب طيب حينسباقين معك ألعب أن «مرادي قائلا: الموضوع مغيرا خداعه جساس واصل الضيفة،

بالجريد.»

88

Page 89: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

البسوس انتقام

الملك لاغتيال مباغتة لحظة جساس تحين أن إلى صفاء في طويلا ولعبا وضحكاظهره.» من يلمع خرج حتى صدره في وطعنه الرمح يده في «وهز ظهره، من

وعارضيه، لحيته في وقبله إليه وتقدم جساس فندم دمه، في يتخبط كليب فسقطحلت فقد اليمامة، أبا يا «سلامتك وقال: ركبتيه، على رأسه ووضع صدره، إلى وضمه

الندامة.» بيمتحسرا: مرثيته وأنشد ماء بشربة كليب فطالبه

عمي ابن يا اسمع كليب يقولدمي أهرقت قد جساس أيا

برمح تطعنني غدار أياخصمي الميدان في أنت ولست

عمك ابن تقتل ناقة علىودمك لحمك من كريم أميرهمك يزيل كان الضيق بيومالنزال. يوم في الضد ويردي

جساس ارتعد حتى الدامي، شعره من — كليب — القتيل الملك فرغ إن وماالبسوس لعبد هاربا، مجندلا تركه ثم مروعا، ليسقيه عنه يبعده وهو أطرافه وذبلتالبسوس أو «الهيلة» سيدته إلى به ويعود الرأس ليجز الجثمان من تقدم الذي المختبئ،مرة آل بين الشهيرة حربها فتيل وأشعلت حسان، التبع قاتل من انتقامها حققت التياشتهرت والتي عاما، ٤١ لمدة استمرت التي الانتقامية القبلية الحرب تلك والتغلبيين،

البسوس! حرب اليوم: حتى باسمها

89

Page 90: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 91: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

عشر الحادي الفصل

ير حم اليزنيحكم ذو بع الت

اليزن» «ذو الشاب الجديد بالملك العرب جزيرة في والأقوام القبائل احتفاء نتيجة كانتالمياه سدود مشروعات بناء إعادة في طاقاته بكل انخراطه هي له، الجارف وحبهمزاهرة بساتين من الاخضرار ونشر والرخاء الزراعة للناس تتيح التي العملاقة،

وحبوب.هدمته، أن للحرب سبق ما واستقامة بناء إعادة إلى هذا من يهدف الملك كانبالآلاف ليساقوا والرعي، الزراعة عن التخلي على أجبروا رجال، من تتطلبه لما وذلكبمساعدة التبع الملك تمكن أن إلى البحار، وراء ما إلى والمراكب السفن تحملهم أو المؤلفةالسيول، هدمتها قد كانت التي «مأرب» سدود بناء إعادة من «يثرب» الحكيم وزيرهالجزيرة وشمال آسيا قارة ربوع في والحرب بالغزو انشغالا عنها الرجال سواعد وتخلىللملك بالدعاء الأيدي ارتفعت الرخاء، عم ما إذا حتى الرافدين، بين ما وفي العربيةكل في بالنصر له تلهج وهي حوله، للالتفاف فأكثر أكثر وفودهم وتجمعت الشاب،

خطواته.أنه إلا النحو، ذلك على الجموع يشهد وهو «يثرب»، الأول الوزير فرحة وتضاعفتحضرة في المرتفعة الأصوات سمعه إلى تهاوت حين والاندهاش، التغير اعتراه ما سرعانودرج اتبعه بما أسوة والفتح، الغزو إلى بالخروج تطالبه أصبحت التي التبع، الملك

التباعنة. من أسلافه عليهالتباعنة. راية تحت القتال ومواصلة والفتح للغزو الدعوة تزايدت ما وسرعان

الضاربة. وأذرعها حمير سيوف تنكس لا وحتى –

Page 92: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

انتقاما والصنعانيين، العدنيين على والأشهر الأيام توالي مع الدعوة تلك تقتصر فلمكل من ووزيره الملك أسماع إلى تواترت بل القصير، عمران — المنتقم — أميرهم لمصرع

خاصة. وحضرموت وصنعاء عدن داخل نبرتها علت والتي وقبيلة، وموطن كياندعوة إلى يسمع بدأ اليزن ذو الجديد التبع أن «يثرب» الوزير عجب من وزادوالزراعة التعمير في السابقة آرائه عن متخليا يوم، بعد يوما والطراد بالغزو المطالبين

الرخاء. ونشركل من وكتائبهم وفيالقهم المقاتلين جماعات توافدت حتى طويل، وقت يمض ولمللقتال. والخروج بالحركة إشارته بانتظار التبع، عاصمة إلى سلاحها، مشهرة مكان

مقربا التبع؛ الملك عليهم أثنى واشتد، المحاربين حماس تضاعف كلما وكانالعطاء عليهم مغدقا مؤنه، ومخازن وبساتينه وقلاعه ذراعيه لهم فاتحا مستبشراالشاسع. «حمير» حكم تحت وموطن قبلية كل من جديدة وفود لقدوم المشجع السخيالملك قاربه وعواقبه، الأمر هذا في الملك مفاتحة «يثرب» الوزير حاول ما إذا حتىالناس، إلى مشيرا الحاكم القصر شرفات باتجاه بذراعه رفق في ممسكا عرشه، عن نازلاجموع تسير حيث أسير؛ أنا «إنما قائلا: البسوس عمته مع سابقا فعله ما بنفس

الناس.»عندما خاصة جانب، كل من الوساوس به أحاطت وقد مفكرا الوزير تراجعضاقت حتى تواصل، لها ينقطع لا الأخيرة الأيام في وفيالقهم المحاربين وفود أصبحتإرث إنه ا حق أسى: في لنفسه الوزير غمغم بهم، رحابتها، من الرغم على التبع، مدينة

دم. وأنهار قتال أو حرب بلا حياة لا منه، مهرب لا الذي التباعنةإشعال في البسوس فعلته ما يكفي ألا حسرة: في نفسه وبين بينه يثرب وتساءلبفتنتها بينهم أوقعت بعدما وفلسطين، ولبنان الشام ربوع في الضارية الحرب نيرانتحصد التغلبي، ربيعة بن لكليب مرة بن جساس مقتل وبعد اليوم أصبحت التي

يكفي؟ ألا حصدا؟ الجميعومنظما مشرفا المتعاظم جيشه صفوف بين بنفسه انخرط ما سرعان التبع أن إلا

مكان. كل من والعتاد السلاح جالبا ومؤنهم تدريباتهم علىذلك. كل نهاية بصيرته ببعد يستشف «يثرب» الحصيف والوزير

الوزير، حدس تحقق وهكذا أوارها من مهرب لا التي تلك الدم، وأنهار الحرب –قصره قاعات شغل كبيرا حفلا اليزن ذو الملك فيه أقام الذي المشئوم اليوم ذلك بحلول

طوالا. أياما له الإعداد واستغرق «الحصن»

92

Page 93: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

حمير يحكم اليزن ذو التبع

والحكام، والأمراء القبائل وشيوخ ومستشاريه قواده كبار الحفل هذا إلى ودعيداخل ويجري يحدث ما حول الجميع، بين والمشورة الآراء وتبادل السمر فيه امتد

المستقبل. في خطرا يشكل قد بما لها، والمناوئة لحمير المتاخمة الأقوام مختلفمظهره وينم سائل، أو مسكين هيئة في غريب، شخص الحفل ذلك إلى قدم وفجأة

قبل. من عين تألفه لم غريب، أنه على — الجميع أجمع وكما — بكاملهبأنه أخبره حاله، عن وسؤاله بالغريب الترحيب إلى بالملك السماحة دفعت وحينماما أخبار مدونا والعباد، البلاد أحوال خبر الشاسعة، الله بلاد في جوال سائح مجرد

أكثر. ولا ويراه، يسمعهمنا؟ منزلة أعلى هم من صادفك وهل بالسؤال: الملك عاجله هنا

يجب. ولم السائل صمتأسالك؟ إني –

يسمع. لم كمن بصمته لائذا طعامه تناول في السائل انهمك عندئذمجيبا واقفا انتصب التبع، على بالرد مطالبينه الحاضرين بعض تدخل وحين

أجل. عليه:إذن؟ من –

بعلبك. ملك –بلاده؟ زيارة لك سبق هل –

أجل. –الصديق. أيها أخبرني اليزن: ذو الملك واجهه

وقلاعه وحصونه وخصائصه تاريخه ساردا السائل، الغريب ذلك اندفع وهناوثرائه. سطوته وعن — الأرز حراس من — جيشه وكتائب

للغرابة! يا –والبقاع بعلبك إلى المسير على العزم عقد النهاية وفي يفكر، وظل التبع ينم لم ليلتهاالدوام على «تباعنتها» أخذ التي وتحصينها الطولى حمير ذراع لتأمين الأمر؛ كلف مهما

الدفاع». وسائل خير الهجوم «أن بمنطقغزوكم. تغزوهم لم وإن هاجموكم، الناس تهاجموا لم إن الناس، أيها –

موطن كل من عالية مدوية سمعت حتى الرجروج، بطبول كثيرا الوقت يطل ولمالشاسع. حمير ملك طول على وقوم،

93

Page 94: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

«وادي له يقال موطن في رحله حط أن إلى شمالا طريقه اليزن ذو جيش واتخذالكعبة. في الله» «بيت مشارف على فزان»

قدمت التي المؤلفة والآلاف وشموخها، وبنائها الكعبة من منبهرا اليزن ذو وتوقفوكيان. وقوم موطن كل من لزيارتها

صدر أوغل مما الله، بيت إلى والحج للزيارة فوره من توجه فقد «يثرب» الوزير أماالذي إياه، محذرا حكمته غاية الوزير وبذل متجبرا، الله بيت مهاجمة فحاول التبع،مريضا، مكفهرا فراشه فلزم مضاربه إلى واهنا انسحب ثم متخاذلا، فوره من تراجع

قرار. أي اتخاذ على قادر غيرعن حكماؤه وعجز به، ألمت التي المبرحة آلامه من يعاني أياما فراشه الملك ولزمبوزيره، ومستنجدا طالبا طائل، بلا يهذي وأصبح المرض عليه ثقل أن إلى شفائه،

دهاني؟ بما أخبرني يثرب، الخبير العاقل الوزير أيها له: شاكيا يثرب المقربالله بيت على تطاوله بسبب عضال مرض من اعتراه ما بأن الوزير، أخبره وهنافللبيت مزيدا: — العرب أبو — إسماعيل وبكره الخليل إبراهيم شيده الذي الحرام،

الملك. أيها يحميه، ربمثل مثله إليها فأومأ الكعبة حيث إلى طريقه متخذا اليزن، ذو الملك تحامل هنا

حجه. أتم أن إلى الله، خلق بقيةالكريمة الأحجار ونفيس والفضة بالذهب وتزيينها الديباج بغالي بكسوتها أمر ثم

التباعنة. حوزة في كانت التيالكعبة كسوة على دأب وآلامه، أمراضه عنه وزالت عافيته، الملك إلى عادت وحين

ومنشآتها. زينتها من يلزم ما واستكمالالعزم عاقدا العطور؛ رحيق يعبقه الذي المتاخم المزهر الوادي الوزير طاف بينما

صفاءها. للنفس تعيد التي الربوع تلك في بالبقاء الملك إقناع علىدون الله»، «بيت رحاب في البقاء بمواصلة وزيره رأى إلى اليزن ذو التبع ورجع

المسير. استعجالله تعرض أن سبق وما الله، بيت بتاريخ مطولا الملك أخبر فقد «يثرب الوزير أما«يعرب ومنهم خشوع، دون منه الاقتراب مجرد حاولوا الذين أسلافه من اليمن تباعنة

قحطان». بن

94

Page 95: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

حمير يحكم اليزن ذو التبع

هذا على تشرف مدينة بناء وهو طويلا، أجهده حلم استغرقه فقد الوزير أماأساساتها، وشق وعمارتها، تخطيطها في واجتهد العزم، عقد فوره ومن البهيج، الواديأنهارها. من أجراه وما وأسواقها ومضاربها ودورها قصورها وتعمير أسوارها ورفع

أن سكانها ورأى وأسواقها، وأروقتها ساحاتها وازدهرت المدينة عمرت وهكذا«يثرب». الحكيم الوزير اسم عليها يطلقوا

كل باذلا اسمه، أعطاها التي المدينة تعمير في وزيره اليزن ذو التبع الملك وساعدوعطاء. عمرانا تفيض زاهرة، «يثرب» استقامت أن إلى عون،

على دونت التي اليزن، ذو للملك الشهيرة معلقته كتب أن إلى الوزير من كان فما«يثرب». الوزير يقول وفيها الشريفة، بالكعبة وعلقت الذهب رقائق

سما قد الأرض هذه في ملك أيامزركشا خزا الله بيت جللتما مرق الناظرين عيون يحير

مدينتي بنيت حتى وساعدتنيوالسما الأرض سيد إليها يهاجر

ومغربا. شرقا الحق دين — يوما — ويظهر

بأهلها واختلاطه الأرض، هذه ربوع نزوله وعقب «يثرب»، الوزير كان فلقدبها. يوما سيحل هائلا جللا أمرا يستشف كمن ووديانها، بواديها طول على وطوافه

كان أنه إلا به، امتلأ الذي الانطباع ذلك أبعاد من يقين على يكن لم أنه صحيحذاك. تصوره من ويقينه رؤيته تضاعفت الوقت، به مر وكلما

الإحساس. ذلك شاركوه قد ومقربيه أصدقائه من كثيرين أن هنا الغريب إن بلبمولد الإرهاص حول التصور ذلك في كثيرا فاتحه اليزن، ذو التبع الملك وأنهذه ربوع بين من مولده وسيجيء الأرض، وجه يوما يغير قد منتظر، كبير شخص

البلاد.عنه عرف ما عادة وعلى — اليزن ذو الملك أن «يثرب» الوزير تصور البداية وفيمسامعه على كرر الملك أن إلا فحسب، المجاملة باب من هذا، تصوره في يوافقه إنما —صدق من التيقن إلى به دفع مما مختلفة، مناسبات وعبر ذاك إحساسه مشاركته كثيرا

إحساسه.

95

Page 96: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

وتخطيطها لبنائها يلزم ما واستجلاب يثرب ببناء التعجيل في التبع حماس إن بلذاته. حماسه فاق قد الخاصة، نفقته وعلى والشام والعراق مصر بنائي خيرة من

المدينة يثرب أي — يعطيها أن إلى التبع الملك يدفع أن يثرب، الوزير حاول ولكمبها. تكريمه على ا مصر رفض اليزن ذو أن إلا منه، بدلا اسمه —

به يرد — متكافئ — شيء عن بحثا الليالي سهر مواصلة إلى بالوزير دفع مماجدوى. دون صنيعه، وحسن الملك جميل

وقصائده، أشعاره آخر بسماع اليزن ذو الملك فيه طالبه يوم جاء ما إذا حتىمحاولة في يثرب الوزير عانى ولكم عنه، «معلقته» فيها ليكتب أيام بضعة الوزير أمهلهالخير سوى يحدوه لا الذي التبع، الملك لذلك الجارف وتقديره حبه مدى عن التعبير

عصماء. قصيدة في وصفه أن إلى قدماه، وقادته اتجه أينما الناس لبسطاء والعطاء

96

Page 97: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

عشر الثاني الفصل

ومنابعه النيل كتاب البحثعن

مقربة على العاطرة، البلاد هذه في المقام به يطول أن «يثرب» الحكيم الوزير تمنى لكمالله». «بيت من

جارفا، عميقا به الإحساس اليزن، ذو التبع الملك شاركه الذي بالارتياح، شعر فلقدالكعبة. كسوة على إقدامه عقب بلائه من شفي وبعدما خاصة

بدت الذي المطرد النمو ذلك هو الأول، الوزير قلب انشراح من ضاعف ما إن بلأسواقها وعمرت عمرانها تلاحق والتي «يثرب»، تشييدها على أقدم التي المدينة عليه

والحبشة. وقرطاج ومصر الشام وبلاد والهند والعجم العرب بلاد منتجات بكلضفاف على الخيل سباق وملاعب الحدائق وأنشئت الطرقات وشقت المباني فأقيمت

مكان. كل من الحجيج ووفود الزائرين اجتذبت التي وبساتينها أنهارهانفسه التبع الملك أن حد إلى وعطائها بهائها ذروة إلى وصلت المدينة إن بلرأس على زحفه ليواصل وسمرها، لياليها وحلو يثرب فراق على بقادر يعد لم اليزن ذووعبادة السرو ببلاد مرورا وفتوحاته، زحفه رحلة عبر آماله محط لبنان بقاع إلى جيشه

والحبشة. السودان إلى ووصولا فلسطين وأرضصباه. منذ للملك الأزلي الحلم هي المضنية، الشاقة الرحلة تلك كانت فلقد

النيل. كتاب عن البحث –كيف؟ –

النيل. مصادر –النهر؟ يجيء أين من أتقصد مرة: ذات الوزير سأله

رقائق على صفحاتها دونت مخطوطة استكمال على بكامله منكبا اليزن، ذو أجابهالمنابع. قائلا: البرية الأيائل جلود من

Page 98: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

كهواية معه نبت ونمو، حياة كل مصدر بالماء الملك قبل من الاهتمام ذلك ولعلبالوزير دفع ما وهو عمره، من عشرة الحادية في أيامها وكان المبكر، صباه ومنذالذي معلمه منه أكثر ابنه كان لو وكما السن، تلك منذ وتبنيه إياه، احتضانه إلى يثرب

القتيل. عمرو ابن وهو اصطفاه،هو الناس لخدمة وتطويعه فيه التحكم وطرق ومكوناته ومصادره الماء كان فلقدوالقراءة عنه الحديث يمل لا الذي موضوعه فهو حل، أينما اليزن لذو الأول الاهتمام

فيه.اليزن. ماء ابن أي اليزن؛ ذو فهو –

مصادر من إليه توصل ما كل مسخرا عنه، باحثا ذاته، بالماء متحد أنه لو كما هوتملكه. لإعادة قوة،

الماء. –لم وإذا حياته، ومصدر مائه مصادر عن وبحث إلا فيه، نزل مكان من كان فما

القول. له يحلو كان كما شيء»، أي قبل بسواعدنا «نجدها تتواجدأي — فجرته التي ومشاريعه بسدوده ينعم السعيد، اليزن ذو «يمن» هو وها

وسهلا. جبلا بالعطاء، — اليمنعامرة عروس، كمثل تبدو، معالمها بنفسه الملك أرسى التي «يثرب» هي وها بل

وتستعذبه. الأنفس تشتهيه ما بكل زاخرةالمنتظر. النور مدينة يثرب، –

أعلى على المشرف مقره من — المدينة أي — يرقبها وهو منتشيا الأول الوزير وبداحبيبه! فراق يطيق لا كمن روابيها،

طبول سمعت قد وكانت الرحيل، على العزم عقد قد اليزن ذو التبع الملك كانبذلك مخالفة الفراق، حدوث قرب عن تنم المتكاسلة، رتابتها لها بإيقاعات الرجروج

والغزوات. الحروب عن الإعلان لدى كالهدير المعتاد إيقاعهاالبلاد تلك ربوع في طويلا وجيشه اليزن ذو الملك مكوث طال بعدما وذلك

وجنوبا. شمالا الجزيرة أبناء بين والعلاقات الروابط نمو على ساعد مما ووهادها،صداقات بين ما والمنافع، والأغراض المسالك متشعبة وعلاقات روابط وهيمدينة بزوغ مع وأثمرت نمت وعمرانية تجارية ومصالح حب، وقصص ومصاهرات

يوم. بعد يوما وحوانيتها عمرانها واتساع يثرب

98

Page 99: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

ومنابعه النيل كتاب عن البحث

نجد في الشمالية العربية والعشائر القبائل قبل من الحماس وصل لقد بلجيش بفيالق والالتحاق التطوع إلى بشبابهم دفع حد إلى وعسيران، وينبع والطائف

بلدانهم. في طامعا أو غازيا منه أكثر حليفا ونزل عليهم حل الذي اليزن، ذو التبعحسان — تباعنة — وأسلاف جدود من سبقوه من مع يعتادوه لم ما وهوبلدانهم طول على حسان أحدثها والتي يوما، تغيب لن التي النكبات وتلك أسعد، بنمدينتهم وتهديم جديس، قبائل وإفناء اليمامة» «زرقاء قوم مع حدث وكما ومضاربهم،

مثيل. له يسبق لم حد إلى اليمامةالحس منفتحة المحبة الشاعرة لأميرتها وسبيه حسان أهوال تناسي له يمكن من

إقدام. في بقيودها وتصفعه تلعنه وهي قيودها، في مكبلة «الزرقاء» والبصيرةالكأس. ذات من حسان، يا الحبالى والليالي الأيام تسقيك غدا –

الغدر. أسلوب بذات المتكبر، عنقك عن رأسك تجز أراه، الذي ذلك غدا، –حسان. التبع الملك عمه مصير إليه وانتهى حدث ما بذاته هو ولعله

حسان. عمه وبين اليزن، ذو البناء السمح الملك ذلك بين ما شتان لكنمكتسح جارف نهر كمثل فجأة، تفجر الذي الجارف الحماس ذلك كان هنا ومنتجيء بالرحيل الإيذان طبول سمعت حين حولها، وما يثرب في القبائل جموع بينوالزحف، الرحيل مهام لاستكمال الاستئذان، تود وكأنها استحياء على بطيئة دقاتهاسرى حين الشماليين، العرب من وتخومها يثرب سكان من أحد يصدقه لم ما وهووشمال يثرب عن للرحيل الاستعداد على وجنده اليزن ذو التبع إقدام حول سريعا الخبرأفريقيا. أواسط حتى «العدية» ومصر الشام ربوع في أهدافه رحلة لاستكمال الجزيرة،العلاقات وازدهرت الروابط توثقت بعدما غفوتها من تستيقظ كمن الجموع وبدت

والمصاهرات.العطاء الجزيلة المشاريع تلك هي اليزن، ذو لفراق الجميع أحزن ما إن بلمن ومقربيه، حاشيته وبقية «يثرب» الحكيم ووزيره اليزن ذو خلفها التي والفائدة

البلاد. طول على والترع الأنهار وشق يثرب، مدينة وإنشاء الله، لبيت تكريمعن معبرة وجيشه اليزن ذو مودعة المتوهجة بمشاعلها الوفود تجمعت قد وكانت

والغياب. الفراق مرارةالسلامة. تصحبكم –

أن إلى أياما استغرق الذي الزحف جيشه، رأس على اليزن، ذو واصل وهكذاالفراغ بضخامتها تقطع التي الحصينة وقلاعها بأسوارها «بعلبك»، مدينة شارفوا

99

Page 100: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

بالسلاح المدججون الحراس يعلوها التي العالية النحاسية ببواباتها مشرئبة المحيط،اللامعة. المعدنية الحرب وخوذات

العدوان. على الحكمة مفضلا بعلبك غزو أو الحرب إعلان اليمني التبع يشأ ولمأخبار وصلته حين قتال، أو حرب إعلان مبادرة بعلبك ملك عن يصدر لم كذلك

المدينة. تخوم عن الغور البعيدة والتلال بالسهول الجرار اليزن ذي جيش نزولالمدينة، روابي أعلى من مشرفا وقف — «بعلبك» أيضا واسمه — الملك أن إلامن والمقترب به، لمخلوق قبل لا الذي الزحف ذلك على بصيرتها تخيب لا عينا مسلطا

سلاحا. أحد يشهر أن دون لكن المدينة،ضيفي! هذا –

قمة على المشرفة العليا النافذة جدار عن قليلا متراجعا بعلبك الملك بذلك نطقبمثلها. قبل من له قبل لا التي الكارثة هول من ا مرتج البروج»، «برج

والعتاد. الجيش هذا كل –المطهمة العربية الخيول لقطعان مستطلعا بكامله يومه أمضى قد بعلبك الملك كانمن تنتهي لا التي المؤن وقطعان المشاة، جيش وفيالق الجمال، وقوافل الملكية والعربات

والماعز. والجمال الأبقار رءوسهول من الأطراف بارد مأخوذا زال ما وهو التالي الليل دخول قارب ما إذا حتىمن حوله لمن النبرات واضح بصوت لنفسه مؤكدا عاد قبل، من يشهد لم وما يشهد، ما

المسلطة. وعيونه ومستشاريه قواده كبارضيفي! هذا –

سلاح. أي فيها يرفع لم أسابيع، إلى امتدت أياما الحال هذا على الوضع واستمرويلي! ويلي، –

جيش ضخامة من رأي ما هول من عين له تغفل لم «بعلبك» الملك أن صحيحهو. عنه يبحث أصبح ما أن إلا بأحد، تحرشهم وعدم حرصهم، ومدى اليمني، التبع

التصرف؟ كيف –تفيض بكثرة وإعدادها الضيافة واجبات بإرسال فوره من بعلبك الملك أمر وهكذاوأمهات زوجات من معيتهم في ومن بهم يليق وما رجال من الجيش، ذلك حاجة عن

وأطفال. وشيوخاستضافة واجبات من يلزم ما كل بإعداد أبيها بكرة عن المدينة انشغلت إن وماجيراننا وبلاد ببلادنا مرورا يمر «ربما الآن إلى عدوان منه يبدر لم الذي التبع جيش

100

Page 101: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

ومنابعه النيل كتاب عن البحث

هيئة في مسالمة كتيبة من المكون الحرس حمل حتى الملك، أمر كما أقوام»، من وغيرنا«بعلبك» الملك قبل من اليزن» «ذو الملك بالتبع للترحيب المطهية الذبائح وآلاف رسول

النازلين. العرب لضيوفهالحال هذا واستمر بعلبك، للملك اليزن ذو التبع بشكر محملين فورهم من وعادواالانتقال بعلبك ملك قرر أن إلى أيام، بضعة بعلبك ملك قبل من «العشاء» تقديم في

التبع. لملاقاة بنفسهيحدث؟ وما الخبر؟ ما لنعرف –

إلى لاستقبالهم يثرب الوزير فهب بسيط، حرس في بعلبك ملك إليه انتقل وهكذاطريقه في وهو ضيافته، حسن شاكرا به رحب الذي اليزن ذو الملك على أدخلهم أن

وخاصة. الماء، مصادر عن وفكره باله يشغل عما بحثاالنيل. كتاب –

عناء: طول بعد الإغفاء، من نفسه يمنع كمن جبهته متحسسا بعلبك ملك غمغمالنيل.

النيل. منابع جانبه: إلى عرشه ليعتلي بيده يأخذ وهو مودة في اليزن ذو الملك قاربهوكان توهجه، كامل بعلبك ملك استجمع حتى العربية، القهوة أقداح دارت إن ومامفتونا للحظة وبدا ومباهجها، للحياة محبا والحاجبين، الشوارب كث البنيان، ضخمالحقيقة في هو موضوع، من يشغله وما ذهنه وصفاء اليزن ذو التبع الملك مشهد من

وسياسة. وحرب سلم من الوجود في حياة كل قوامومصادره. الماء –

اليزن. ذو محييا فوره من اندفع

بالملك. يليق موضوع من له يا –والأنهار البحار عالم حول وتدفقا صفاء يفيض عذبا بينهما الحديث وامتد

بال. كل يشغل موضوعها سيظل التي وأسرارهمن هدفه مستوضحا بالحديث فعرج التبع، غاية حسن بعلبك، ملك تفهم أن إلىكل يشيع الذي العميق بصوته مازحا اليزن ذو الملك فأخبره بعلبك، تخوم على النزول

صاحبه؟ منا كل يعرف لا لم سامعيه: آذان في طمأنينةوأدركت علينا تعرفت الآن ولعلك له: قائلا بعلبك الملك طمأنة اليزن ذو أعاد ثم

نوايانا. حقيقة

101

Page 102: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

على — بعلبك ملك أي — الآن أنه وكيف ومرماه، التبع غرض بعلبك ملك فهم هناوعتاده. التبع جيش بحجم معرفة

التبع. الحكيم الملك أيها ا حق يشرفنا مطلب هذا مرحبا: ممتنا بعلبك ملك فبادرهعسكرك.» أنظر أن «مرادي اليزن: ذو قال

ا. حق لنا كبير شرف هذا –استعراض على اتفقا منصرفا، اليزن ذو التبع مودعا بعلبك ملك يهب أن وقبل

التالي. اليوم في الأول عسكروترعاه. جيشنا تبارك الكريم، الملك أيها فلعلك –

102

Page 103: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

عشر الثالث الفصل

مستشاريه بعلبكيجمع ملك

الهائلة بعلبك ملك وعتاد وكتائب لجند استعراضه عقب اليزن ذو التبع انصرف إن ماحتى وقادتهم، الجيش أفراد به اتسم الذي المظهر وحسن التنظيم وذلك والعدة، العدد

دلوني! أفعل؟ ماذا متسائلا: بعلبك؛ بملك جديد من والهواجس المخاوف أحاطتمسترجعا مشاعره، في غارقا فوره، من اندفع شاف، بجواب أحد يسعفه لم وعندمافي وكتائبه جنده ساحات على المشرف البناء فوق من يطل وهو اليزن ذو وجه تعبيرات

لجموعهم. بالتحية يده يرفع كان الأحيان بعض وفي ملفتين، وتقدير إعجابومصدر جيشي يشهد أن الغريب، المطلب هذا مني طلب ولماذا يقول؟ ماذا ترى –

لماذا؟ قوتي،جيش مستعرضا قلاعه كوة أعلى من بنفسه أطل أن لحظة مسترجعا تساءلالغريبة بملابسهم وقواته عسكره عن البعيد الأفق انشق حالما التبع، اليمني الملك ذلكصفوفهم. تنظيم ودقة حربهم، وأسلحة التكوين الدقيقة الجافة الناحلة وأجسادهمالمقبلة. والليالي الأيام الخبيء وجهه عن ستكشف شيئا، الأمر في أن بد لا –

الرأي ومشورتهم مشاركتهم طالبا مستشاريه جموع إلى فوره من اتجه جديد منإنذار. سابق دون هكذا جاء والذي وبقاعها بعلبك في ويجري يحدث ما في

الأوان؟ فوات قبل غد، قبل الآن فعله يمكن الذي وما يحدث، ماذا أخبروني –أو وزير كل حاول حين ولأهوالها، لها حد لا فاتحة نفسه على الملك فتح وهكذا

وخططه. ومشورته برأيه الإدلاء قواده، من قائد أو أميرجاء فلماذا وإلا البلاد، بهذه ا شر يبغي — اليزن ذو — التبع الملك رأى من فمنهموادي أي وعبادة؛ السرو بلاد إلى وجهته م ييم لم ولماذا بالذات، لبنان وبقاع بعلبك إلى

وفلسطين؟ الأردن

Page 104: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

يتخذ لم فلماذا «أفريقيا»، قارة وأواسط الحبشة بلاد وغايته طريقه كان وإذامن بدلا الأفريقي، القرن إلى عبورا العرب، جزيرة وجنوب اليمن من الطرق أقصر

لبنان؟ وشمال بعلبكوسائل كخير الهجوم واتخاذ للحرب الاستعداد أهمية إلى البعض ذلك آراء وانتهتعن تعرف بعدما خاصة هجومه، — التبع أي — هو يبدأ أن من بدلا والدفاع، الردع

قتاله. وأساليب وعتاده الجيش حجم على قربلعل يدري؟ فمن الرأي، بهذا والأخذ الاندفاع من بعلبك الملك مخاوف وتزايدتكل له يركب الذي بحثه يشغله ا حق وأنه ونواياه، قوله في صادق اليمني التبع ذلك

ومنابعه. النيل كتاب عن: بحثا والمخاطر، الصعابوما اليمنيين، مع حربنا في شيء كل نخسر فقد يدري؟ من بعلبك: ملك تساءل

والقتال. المنازلة على وجلد بأس من عنهم عرفمع حروبه في وتجبره اليماني حسان تبعهم سيرة الأذهان إلى الجميع وأعادتخضب تزال ما رقاب وقطع صلب من يداه عليه أقدمت وما والتغلبيين، مرة» «آل

دمشق. بوابات آثارهامن معا الجميع تلتهم البسوس، عمته فتنتها أشعلت التي الحرب ذي هي ها ثم

متفاقما. مستعرا أوارها يتزايد عام كل وفي والتغلبيين، مرة آلالبسوس. حرب –

فلول على المطلة الشمالية قصره شرفة حيث إلى كالمأخوذ متجها بعلبك، ملك غمغمالبيت أبناء بين البسوس حرب البقاع: سهول في النازلة وقبائله التبع جيش مضارب

البقاع. هذه ربوع في هنا سيصلنا وشررها لهيبها لعل يدري؟ ومن الواحدوجهه جانب بكفه ساترا وقواده، مستشاريه وفد حيث عائدا جديد من استدارإنسان إلى مشدوهة تتطلع إنما وكأنها إليه، المتطلعة المحيطة العيون تلك عن المكفهرالاكفهرار من النحو هذا على مليكهم يروا أن قبل من يعتادوا لم فهم غيره، آخر

يدري؟! من المؤرق: تساؤله يكرر وهو والتخاذلإلى بجيوشه التبع مجيء هو فأكثر أكثر بعلبك ملك شكوك من ضاعف ما إن بلربيعة بن كليب من عمه ثأر لأخذ وفلسطين دمشق إلى وجيشه نزوله من بدلا البقاع،المطالب المتصلب الرأي أصحاب تسرع حين غاضبا بعلبك ملك انفجر ثم مرة، وآل— نحن فأين مراهنة، لعبة في لسنا نحن صائحا: اليمنيون يبدأه أن قبل بالهجوم

وتباعنتها؟ حمير من — الأرز حراس

104

Page 105: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

مستشاريه يجمع بعلبك ملك

أمير هيئة متذكرا يحدث، ما هول من اختناقا يعاني كمن كرسيه، عن الملك هبفي المنحبس دمه عنه غاب وقد دمشق، مدخل على أسفل إلى الرأس مصلوب ربيعة بني

المبرحة. وآلامه صمته في غارقا العينين جاحظ عروقه،بالتروي ناصحيه فطالب ذهنه، صفاء عاوده حتى عافيته بعلبك ملك استرد إن وماجموع بين المنبثين وبصاصيه عيونه عودة حين إلى النفس وضبط صمت في والعمل

يحدث. ما حقيقة ومعرفة الليل آخر في ومضاربهم اليمنيينالخبر؟ ما –

فيها يجد لم أنه إلا أخبار، من طلبه ما كل لديه تجمع قد كان الليل آخر وفيلبنان وعن بل البقاع، عن اليزن ذو التبع رحيل اقتراب عن ينبئ ما وهو مبتغاه، أبداالغزاة البدو لأولئك يطب ألم النوبة: اعترته وقد جديد من الملك صرخ بأكمله، والشام

بواباتنا؟ عتبات وعلى هنا سوى الواسعة، الله بلاد في والمقام الإقامةالنحو؟ هذا على نهار ليل أنفاسنا أتكتم بكف: ا كف ضاربا استدار

وجيشه التبع نزول منذ بالصمت، وحكامه لعماله أوامره أصدر قد بعلبك ملك كانودبكات أفراح من به اشتهرت وما وصخبها لهوها المدينة جنبات كل في يسمع يعد فلم

فجر. كل مطلع حتى وغناء ورقصالمطبق التوجس جنباتها في يشيع مترقبة، صامتة الأخيرة الأيام في المدينة بدت لذا

غيره. شيء ولامتى؟ إلى –

إنه وقواد: ومستشارين وزراء من منه المحيطين وجوه في متفرسا الملك تساءلأسوارنا. داخل فيه وأمسينا أصبحنا ما بعينه، الأسر الحبس،

حيلة؟ من أما التساؤل: معاودا وتماسكه هدوءه عاوده أخرى مرةالتبع. شرف على حفلة –

مسمومة! مفكرا: الملك تفوهوحذر بدقة شيء كل معدا فوره من الملك اندفع عاجله البر خير بمقولة وأخذا

شديدين.حيث إلى فوره من توجه الجديدة، خدعته دقائق على بنفسه أشرف ما إذا حتىودعوة للحفل، لدعوته اليزن ذو التبع مضارب إلى المسير على عزمه عاقدا حرسه يربضبعلبك سهول ستشهدها التي العمر لحفلة جنده كبار وحتى وأمرائه قواده وكل وزرائه

الليلة. تلك

105

Page 106: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

الليلة! والمحبة، الصداقة عرى وتتوثق الجميع، ليفرح –جلي نهار إلى بعلبك، وبساتين وقصور ومنحدرات روابي ليل استحال ما وسريعاوالمشاعل الفوانيس وأضيئت والطهي الشواء نيران محارق انتشرت بعدما وواضح،الرقص حلقات وانتشرت الجموع البهجة وعمت الثمانية، الأفرع ذات والشمعداناتالسماطات ومدت المغنيات، وصاحت الموسيقى وعلت (الدبكة) العملاقة الجماعي

والمرمرية. والنحاسية الخشبية والموائد والأبسطةالتبع الملك موكب غبار قلاعه، أبراج أعلى كوة من بنفسه يشهد بعلبك ملك وتوقفالحكيم العاقل وزيره، موكب إثره وفي فرسانه، وكواكب بهوادجه محاطا جبروته في

يثرب.فيها يضع أن قرر التي الليلاء، الليلة هذه سيحدث مما قلبه دقات تدافعت وهنا

ومخاوفه. لهواجسه ا حدللمدينة الأمامية الحصون مشارف اليزن ذو التبع الملك موكب قارب ما إذا حتىاليمانية والأعلام الزينات نشر وقد ومقربيه، بحاشيته متبوعا مسرعا بعلبك ملك نزل

اليزن. ذو بالتبع مرحبا وجنوبا شمالاديارك. شرفت –

منزلة. منه أعلى وأجلسه الهائل عرشه معه اعتلى حيث إلى فوره من واصطحبهبعلبك الملك ازداد ذلك كل وخلال السمر، وعذب والشراب، الطعام موائد ومدت

الطعام. موائد حيث إلى مرحبا للتبع يشير أن على يجرؤ لم إنه حتى شحوبامن أيا أو يثرب ووزيره اليزن ذو الملك أن لاحظ حين أكثر، اكفهراره وتزايد

شرابا. أو طعاما أيضا يقرب لم مرافقيهفوره من تواتر يسمع، لم بشيء له وأسر مقربيه أحد نادى «يثرب» الوزير إن بل

الحازم. الصمت ذات في الضيوف جموع إلىيعرف أن دون من يحدث، ما يرقب وهو المضيف، الملك هواجس تزايدت هنا

المسمومة! الوليمة هذه بأهوال عرفوا قد تراهم وتساءل: فحواه،إلى اهتمامه جاذبا والطرب، الغناء في المشاركة إلى اليزن ذو الملك دفع وحاولالقدم، منذ عنهم عرف متناغم تناسق في الأرض يدقون وهم الراقصين حلقات مهارةمدى عن صفاء في مؤكدا، اليزن ذو التبع وشاركه القديمة، والأسفار الكتب به وجاءت

وإيقاعهم. غنائهم وحسن مهارتهم

106

Page 107: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

مستشاريه يجمع بعلبك ملك

صرعى اليمنيين بعض سقوط قطعها أن إلى ثقيلة امتدت وجوم لحظة الحفل وعمدفع مما مكبوتة، وأصوات صمت في يعانون المسموم الطعام وأكلوا تسرعوا بعدماالملك أيها أنازلك أن مرادي قائلا: أذنه في ا مسر بعلبك ملك مقاربة إلى اليزن، ذو بالتبع

الميدان! فيجيشه وقادة أمرائه من المدعوين وبقية يثرب ووزيره الملك التبع انسحب ثم

بعلبك. تلال مشارف على التالي اليوم في المنازلة على اتفقا بعدما وحاشيته،من بصر يحدها لا عظيمة جموع اجتمعت النهار، مطلع مع المحدد اليوم وفي

بعلبك. وملك اليزن ذو بين النزال لمشاهدة مبكرين الجانبينومهارشة»، وطراد ورد «صد بين طويلا، الميدان في وجالا صالا تواجها وحين

شاهدهما. من كل انبهر حتىعلى وافترقا فتصافحا ومغلوب، غالب دون الشمس غربت أن إلى هكذا وظلاوظلا بخصمه، منهم كل خبرة داخلها بعدما المبارزة وجرت التالي اليوم في اللقاءجبال أعالي الظلمة حطت أن إلى اليوم طيلة ويفران ويكمنان ويتباعدان، يتلاقيان

جديد. لقاء على وافترقا وروابيها، بعلبكأيام. سبعة بينهما المنازلة وامتدت

ملك من تمكن أنه إلا والتعب، الوهن داخله قد اليزن ذو كان الثامن اليوم وفيوتكريم. مهابة في دفنه على بنفسه وأشرف قتيلا، فأرداه الجثة الهائل بعلبك

البلاد، تلك عن الرحيل يثرب المقرب وزيره بمشورة اليزن ذو الملك قرر وبعدهاوفضته الإبريزي وذهبه وجواهره بعلبك ملك مال من حملا عشرين أخذ بعدما

الفينيقية.واديا نزلوا أن إلى السودان، وبلاد الحبشة أرض طالبا بجيشه اليزن ذو وارتحل

أشجار. ذا

107

Page 108: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 109: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الثاني الجزء

Page 110: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 111: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الثاني الجزء مقدمة

يزن ذي الملكسيفبن باعنة: الت آخر

إلى اليزن، ذو التبع الملك رحيل عند التباعنة للملوك المندثرة السيرة أحداث بنا توقفتأنهارها شق التي مدينته بناء على وإقدامه النيل، — منابع أو — كتاب عن بحثا أفريقيا

«الحمراء». أو أحمرا وسماها، أسوارها وبنى قلاعها وشيدإلى أفزعه، الذي أرعد» «سيف الأحباش ملك وبين بينه الصراع ذلك نشوب لحينوتهديد الحبشة، بلاد من بالقرب العربي بجيشه اليزن ذو الملك نزول الجنون، حدوالقبائل والكيانات الأقوام معظم وعلى النيل، منابع على المهيمنة الطولى ويدها سطوتهاوبلاد السودان في شمالها أو الأفريقي، للقرن المتضمن أفريقيا شرق في سواء الأفريقية،

والمغرب. مصر وصعيد النوبةوتبعهم العرب سطوة تعالي يشهد وهو بالا، يهدأ أن «أرعد» الحبشة لملك فكيفورد كما إثيوبيا، عاصمته بجانبها تضاءلت التي الجديدة مدينتهم وازدهار اليزن ذو

«يثرب». الحكيم الوزير معلقات في

ك��ب��را ب��ه��ا ع��م��ي اب��ن ب��ع��ل��ب��ك إل��ى ع��م��اره��ا ب��ع��د س��رن��ا ق��د ي��ث��رب وم��نوال��زه��را ال��م��اء ��ه ع��م ب��واد ن��زل��ن��ا ب��ج��ي��ش��ن��ا ال��ح��ب��وش أرض إل��ى وس��رن��االأن��ه��را وأج��رى ب��الأس��وار ح��ص��ن��ه��ا أح��م��را ع��م��ر ال��ي��زن ذو م��ل��ي��ك��ن��ا

Page 112: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

التبع الملك من للتخلص والمكائد الحيلة إلى اللجوء سوى أرعد سيف من كان فماجواريه وأذكى وأجمل بأخلص فأرسل أفريقيا، آفاق شهرته عمت الذي اليزن ذو

عليه. لتقضي الزعاف ها بسم محملة «قمرية»ما سرعان اليزن، ذو الملك وفروسية وحضور روعة من بهرت التي الجارية أن إلا

قدميه. عند باكية بخطتها إليه فأفضت لقاء، أول منذ حبه في وقعتلإنشاء العلمية لأبحاثه المنقطع الزاهد التبع الملك بين الصداقة توطدت وهناالجارية وبين الناس، وخير الاخضرار هدفها وخزانات سدود من المائية المشروعات

لتقتله. جاءته التي والذكاء الجمال الباهرةلحكم وريثا يخلف أن دون الكهل، الملك جسد يغزو بدأ قد المفاجئ المرض وكانوريثا الأوان، فوات وقبل منها، ليخلف قمرية، من الزواج فقرر بعده، من التباعنة

التباعنة. آخر مولد سيف»؛ وندعوه «هيكل، هو: لحمير،فارق بعدما يتيما يزن ذي بن سيف أو «هيكل» ولد السوداء القارة أعماق وفيهي تعتلي أن موجزها التي بوصيته قمرية لزوجته مفضيا الحياة، اليزن ذو الملك والده

سلطاته. لتسلم هيكل) (أو سيف الوحيد ولده ساعد اشتداد لحين التباعنة عرشوالقبائل. الأقوام بين بالعدل ليحكم –

النيل. كتاب حول: وأبحاثه ومدوناته بمخطوطاته الوالد، الملك له أوصى وكذلكملك لهيبها أضرم التي الهائلة المخاطر من الكثير صاحبه سيف مولد أن إلاكان فما «سقرديون»، الساميين للعرب المعادي ووزيره أرعد، سيف المتجبر الأحباشللعرب ا سر الموالية البلدان أحد وغابات بأحراش الخفاء في ربته أن إلا قمرية، الأم من

«أفراح». مملكة وتدعى الصومال) أو السودان يكون أن المرجح (منعلى الموجودة وعيونه أرعد سيف من مطاردا يتيما بمنفاه يزن ذي بن سيف ونمامن خائفا مرتعدا أرعد سيف بات نفسه الوقت وفي الأفريقية، والبلدان الأقوام طول

الخفاء: في المدهش وعيشه مولده

ح��اك��م��ا ال��ب��ري��ة ج��م��ي��ع ع��ل��ى وي��ب��ق��ى أرض��ه��م ي��م��ل��ك ي��أت��ي��ك وم��ول��ود

يزن، ذي بن سيف طفولة خلال وحروبه مطارداته أرعد الحبشة ملك واصل وهكذاهاجر حتى مصر، صعيد في وتوغلت العربية، الجزيرة وشمال اليمن الحبشة فغزتساعد اشتد أن إلى والمنذر، الودود عبد حكم تحت تلمسان إلى أنفسهم اليمنيون

112

Page 113: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الثاني الجزء مقدمة

وتسلطها للحبشة المعادية القبائل فرسان أخلص من كوكبة فجمع اليزن، سيفوغربا شرقا المهجورة والقلاع البلدان طول على والمغامرات المخاطر من سلسلة وخاضمخاطراته عبر سنوات بضع اصطحبته التي «شامة»، أفراح ملك بنت وأحب أفريقيا، فيملك ابن مخالب بين من لها إنقاذه عقب بها تزوج أن إلى واليمن، أفريقيا ربوع في تلكشعبي، كبطل أدواره أبرز يزن ذي بن سيف ولعب بها، الزواج يبغي كان الذي الحبشةعلى أرعد سيف مليكها فأقدم ذاتها، الحبشة بلاد داخل إلى وفرسانه بأتباعه تسلل حينملكتها وأسر تخريبها بهدف ذاتها، — أحمرا — أفريقيا في التباعنة عاصمة حصار

قمرية.إلى الحبشة، داخل النيل ومنشآت سدود تخريب من هيكل) (أو سيف وتمكنجيش معا طاردا ثم أمه، أسر وفك أحمرا، حول ذاته الحصار تخريب من تمكنه حد

وقتله. به أوقع أن إلى أرعد سيف وملكهم الأحباشالمنتظر. حمير تبع يزن: ذي بن سيف أصبح وهنا

بأسرها، العربية والجزيرة اليمن ربوع في والأمان الأمن وتوثق الأفراح وعمتحيث العدية»؛ «مصر بالطبع وأهمها النيل، نهر يجمعها التي البلدان بقية إلى بالإضافةالأمصار أبو — سيف الملك بزيارة مطالبة مصر، ربوع من أحمرا على الوفود توافدتملك من مصر أهل أراح بعدما الفاتحين، الأبطال استقبال استقبل بها التي لمصر —داخل الأسمر النهر مناسيب في لتحكمه نتيجة وأرضهم؛ لرقابهم وتهديده الحبشةحبها طاقات أقصى يزن، ذي بن لسيف أعطت التي مصر، ففي وتخومها، الحبشةبها فأقام الأخير، مبتغاه سيف الملك وجد العمرانية، ومشاريعه ولأفكاره له واحتضانهاالأمصار. أبو عليه: فأطلقوا والجارف، المتدفق بحبهم المصريون أحاطه بعدما طويلا،أخطار من خاصة لحمايتها، لجيشه والحصون القلاع المقطم بجبل أنشأ وحينذاته سيف الملك على وتعارفوا «الجيوشي» الجبل على أطلقوا الطامعين، الفرس

الجيوش. أبو ب:شامة، «أفراح» ملك ابنة صباه ورفيقة زوجته يزن ذي بن سيف الملك واصطحبمصر لحماية استعداده وبدأ طويلا بها فأقاموا مصر إلى «دمر»، سمياه الذي وابنهماومطارداته حروبه واصل حكمها، في الفرس أطماع تجددت ما إذا حتى الطامعين، منأحسن قد كان الذي العربي بجيشه أصفهان في توغل بعدما خراسان، داخل لفلولهم

الجيوشي». «جبل اليوم، إلى اسمه يحمل الذي بالجبل بنفسه تدريبه

113

Page 114: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

الفرس، نوايا لاستطلاع السرية، ومخاطره أسفاره ومواصلة التنكر له يحلو وكانسليمان. والملك سبأ ملكة بلقيس جدته كنوز عن بحثه بحجة

من واتخذ الشمالية، لسورية حاكما نصبه — دمر — شامة من ابنه كبر وعندمادمر، أسر من تمكنت الطامعة الفارسية الأقوام غزوات أن إلا له، عاصمة بانياس ميناء

الجنون. إلى بها أفضى حد إلى شامة، بأمه الثقيلة الأحزان أوقع مماومنازلتهم الفرس مطاردة من مهربا يزن ذي بن سيف التبع الملك يجد لم وهناضد ومضنية، طويلة حروب وهي الهندية، القارة وشبه والأناضول الصغرى آسيا عبرمصر دلتا فدخل و«عاد بلخ» نهر وراء «ما إلى تعقبه واصل الذي «الهدهاد» يدعى ملك

كأرجوان.» جبينه على النازف بالدم مخضبا بالنصر، مظفرا دمياط طريق عنأن إلى «بهرام»، الفارسي الملك وبين بينه الحرب جديد من اندلعت ما سرعان لكنيزن ذي بن سيف التبع الملك أقدم بهدنة، انتهى الذي الأخير، نصره سيف الملك حققدون مصر، إلى بها وعاد «مهردكار» الجمال الباهرة بهرام بابنة الاقتران على خلالهااضطلعت حيث الخسائر؛ بأقل منه للتخلص الفرس دبرها التي المؤامرة لأبعاد إدراكشاطئ على لهما بحرية رحلة خلال طعامه في الزعاف السم بوضع «مهردكار» زوجته

أثر. على لها يعثر فلم الدلتا، أحراش عبر بعدها هربت النيل،الطرقات في أياما فبكوه — سيف — المحبوب المنقذ مليكهم بموت المصريون وفجع

والشوارع.أعطاه قد كان الذي بالجبل وكنوزه بمدفنه ودفن يزن ذي بن سيف الملك ن وكفأربعة مصر على «فركب العاطرة، وسيرته الغادرة موته فاجعة وانتهت الجيوشي اسمهودمنهور دمياط وبين بينهم الطاحنة الحروب ووقعت العجم، خراسان أرض من ملوكالسيرة مخطوطة نص حسب وفلسطين»، إيليا ملك أسيوط لنجدتهم وهرع الوحشي،

المرفقة. البريطاني المتحف بمكتبة المحفوظة

والفولكلور التاريخ بين السيرة

امتداد هو والنثر، الشعر فيها يتعاقب التي الملحمية السيرة هذه له تؤرخ ما أبرز ولعلمن اتخذت التي الطاحنة القبائلية الحروب تلك ثم والحاميين، الساميين بين الصراعحيث إلى ومصر بفلسطين مرورا بلبنان والبقاع بعلبك منطقة وبالتحديد ميدانا، الشام

114

Page 115: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الثاني الجزء مقدمة

هذه تعريب بهدف الأفريقي، القرن إلى بالإضافة والسودان، والحبشة الوسطى أفريقياالأقوام.

النقوش تؤيده ما وهي الجنوبي، العربي النفوذ مناطق حدود حقيقة تنتهي وهناالطريق طول على أو اليمنين، في سواء السامية، اللغات علماء عليها عثر التي والمدوناتويثرب المكرمة بمكة مارا شمالها، إلى العربية الجزيرة جنوب من الممتد التجاري

دمشق. حتى ومعان وتبوك وتيماء صالح ومدائنوتخومها، الحبشة بلاد في — الأركيولوجية — الحفائرية الاكتشافات أثبتت كذلكاليمني. السياسي أو الثقافي أو التجاري للنفوذ ما يوما خاضعة كانت البلاد هذه أن

الإسلامية، التاريخية المصادر أكدتها والأحباش العرب بين الطاحنة فالحروبوهي البطولة، وأعمال الحياة عرض في تستطرد الحروب: تلك عن حديثها في فالسيرةأفريقيا، في لأبيه ولد الذي يزن، ذي بن فسيف كبير، حد إلى العرض، هذا في صادقةوبعد البطولة أعمال من بالكثير صباه منذ وأتى الفلاة، في البراري في تربى والذيالعربية الجيوش قاد الذي اليمني التبع هو محققة، ماثلة تاريخية كشخصية النظر،عنه، هشام» «ابن تحدث وقد بلاده، من سطوتهم وأنهى الأحباش وطرد الجنوبية،لحروبه تعرض كما عنه، قيلت أو إليه تنسب التي والمعلقات الأشعار من الكثير وذكرالكثير وانتساب الهندية، القارة شبه في ومآثره وحروبه ودوره الطامعين، الفرس ضد«بوروناي»، في الحاكمة للأسرة السالف الجد فهو إليه، الآسيوية الحاكمة الأسر من

ملاحمهم. أبطال من وبطليزن ذي بن بسيف احتفت التي بمصر خبير السيرة، هذه راوي أن يبدو وأخيراحيث آخر؛ جانب من والفرس جانب، من الأحباش أطماع صد في وبطولاته وخوارقهوإسنا أسوان مثل بلدانها ملامح تفاصيل أدق وعاداتها ولغتها جغرافيتها، من يذكروقلعة الوطاويط، وحارة والجيزة، وحلوان وأهناسيا وملوي ومنفلوط وأسيوط وإخميمسيف، الملك الجيوش» «أبو باسمه تسمى الذي الجيوشي، وجبل والروضة، الجبل

البريطاني. المتحف مخطوطة نص حسب أيضا وذلك اليوم، إلى به ومدفنه

115

Page 116: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 117: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

عشر الرابع الفصل

أفريقيا التعريبداخل

النزول على اليزن ذو التبع رأي استقر الذي والإثمار الشجر هائل الأخضر الوادي كانالزرقة العميقة العذبة أنهاره وضفاف الحانية، السندسية وروابيه جباله رءوس على

الشجي. الخرير ذاتأنواع بمختلف ويموج يفيض الأليف الباهر جماله إلى بالإضافة الوادي وكان

برية. وأيائل وأغنام وأبقار جمال من الماشية وقطعان والطيور الحيواناتعندما هربا الأدبار فروا فإنهم فرادى، رعاة بضعة من إلا السكان، من خلوه ورغم

بالسلاح. المدجج الجرار اليزن ذو جيش على عيونهم وقعتمما أفريقيا، إلى بعلبك من الطريق طيلة يعاني يزال لا اليزن ذو التبع وكانعلى بحسامه قتيلا أرداه أن إلى ومنازلته بعلبك ملك تحديات إلى دفعا ودفعه اضطرهأنه إلا الموت، حتى ينازله أن الإطلاق على فكر فما وذويه، وأقاربه أمرائه من مرأىأدرك حتى الليلاء، الليلة تلك في السم أكلهم نتيجة صرعى يهوون رجاله رأى إن مابدلا الحلول أسلم معه والمبارزة بالتحدي المبادرة فكانت بعلبك، ملك قبل من الخيانةوالروابي السهول على مدرارا الدم لها يسيل رهيبة مجزرة وإحداث السلاح رفع من

الأعداء. قبل الأبرياء ضحيتها ويذهبالأمر تهوين جرى، ما أمر في مفاتحته الملك حاول كلما «يثرب» الوزير حاول ولقد

الظالم». عادة هو بالشر «البادئ بأن عليه،دون معدودة، أيام بعد بعلبك عن بجيشه الرحيل ينوي كان ذاته التبع إن بلخير البداية في بهم رحب الذي الشمائل، الكريم ملكها تجاه سيئة نية أو أطماع أدنىتفصح الذي بالعطاء المتفجرة الحارة البلاد هذه استهوته ما سرعان أنه إلا ترحيب،

السخية. طبيعتها عنه

Page 118: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

الوادي، ذلك طول على ومجاريه الماء كثرة مدى له تبين حين أكثر الحماس وتملكهالذي النيل» «كتاب عن بحثه خاصة أهدافه وتحقيق هوايته ممارسة له يسهل بما

وألغازه. طلاسمه وحل عنه البحث يؤرقهالماء حول ملاحظات من له يعن ما وأسفاره أبحاثه في اليزن ذو الملك فانشغل

النيل. نهر العظيم، النهر خاصة فيه، التحكم وكيفية ومصادره،والغابات، البلاد تلك ربوع في رحاله حط من اليزن ذو ركب انتهى ما إذا حتىعلى يثرب ووزيره التبع قصر بتشييد وبدأ الشعر، وبيوت والخيام المضارب أقيمت

الكثيفة. وغاباته الفسيح بالوادي المحيطة الجبال أعلى سفوحسافر حيث النيل؛ منابع عن المضنية أبحاثه في مستغرقا فوره من الملك وانخرطتوصل وما ملاحظاته تدوين كتبته وسأل ومساعديه، حراسه بصحبة الطويلة المسافاتوسبأ مأرب من السابقة ومدوناته ومخطوطاته مراجعه بعض بإحضار بعث بل إليه،

وصنعاء.للسنوات واحتياجه إليه، يطمح فيما تفكيره زاد وبحث، ورحل سافر كلما وكان

لاستكماله. الطوالآخر. شيء أي وبعد قبل الحياة الماء؛ فهو

مدينة، بناء ضرورة وهو «يثرب» المقرب وزيره فيه فاتح الذي رأيه استقر أن إلىفيه. نزلوا الذي المكان من أكثر الجنوب إلى تقع التبع بالملك تليق

جدرانها وبنو أساسها فحفروا والمهندسين، الصناع بإحضار أمر الفور وعلىالمنيعة. وحصونها وأسوارها

أنهارها بشق فأمر إليها المياه تحويل كيفية في بنفسه، اليزن ذو الملك وانشغلالنيل. كتاب به: منشغل هو وما أبحاثه يحقق بما العذبة،

حتى سنوات، الوسطى أفريقيا في الجديدة المدينة إقامة في والبناء العمل واستغرق«أحمرا». بنفسه وسماها ومقربيه عشائره أسكن اكتملت، ما إذا

والصناع التجار اجتذاب في «يثرب» لسابقتها منافسة «أحمرا» مدينة وجاءتالكبير والمغرب وقرطاج والسودان مصر من صوب: كل من والزائرين الحرف وأرباباليزن ذو التبع الملك أخبار وصلت أن إلى الصومال، أو «بنط» وبلاد الحبشة وبلادوالذي والجاه السطوة بالغ الجبار مليكها إلى الحبشة، أرض مشارف على التي ومدينته

أرعد. سيف الملك اسمه: ذكر عند القلوب له ترعد

118

Page 119: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

أفريقيا داخل التعريب

تقف حيث السودان؛ متضمنة بلدان من حولها وما الحبشة بلاد يحكم الذي وهوالعليا. مصر عند حدوده

ونزلوا الكبير وتبعهم اليمن عرب جاء كيف لأحد، يوما تغتفر لن التي للغفلة يا –غافلين؟ نزال لا ونحن مدينتهم وشيدوا واستوطنوها، بلادنا

حربه، مجلس أعضاء وجوه في وصرخ غضبا أرعد سيف الحبشة ملك استشاطومستشارين. وقواد وحكام قبائل وشيوخ أمراء من

هذا؟! حدث كيف –وكانوا إليه، دعا قد كان الذي حربه مجلس إلى وفد قدم حين فجأة، الملك توقف

أرعد. سيف الملك قصر حيث إلى فورهم من صاعدين البحرية، بمراكبهم يتوافدونحصينة وكانت البر، في الآخر ونصفها البحر في نصفها يقع الملك ذلك مدينة وكانتالأسلحة مختلف صنع ومصانع البحرية والمنشآت والموانئ القلاع فيها الأطراف، متراميةمما ومنازعات، حروب لها لتهدأ تكن لم التي أفريقيا، بلدان كل في بها اشتهرت التياشتهرت التي أرعد سيف الملك مدينة ثراء من وضاعف رائجة الأسلحة تجارة جعل

الأطراف. المترامية السوداء القارة أقوام بين الفتن بزرع أيضالهم هم لا المدينة تجار كبار ومعه الإبريز الذهب في يرفل الذي الأحباش ملك وكانحد إلى بالجميع الغفلة تصل أن أما عليه، الحصول كيفية عن النظر بغض الثراء، سوىوالشكيمة والعلم الشهرة واسع وتبعهم المشرق عرب بدو وتخومهم بلادهم ينزل أنبلا النحو، هذا على نزولهم يجيء أن والأدهى شك، ولا الكوارث كارثة فتلك اليزن، ذووحصونهم، مدنهم فيشيدوا البال لهم يهنأ أن إلى مقاومة، أو قتال أو معارك أو حربالمتطلعة الأنظار كل عام، بعد عاما تجتذب، أصبحت التبع، عاصمة «أحمرا» هي وها

وبساتينها. وأنهارها ومبانيها ومنتجاتها لمصنوعاتهابالجميع؟ الغفلة تصل الحد هذا إلى –

جميعا مقتلنا من ليفت السهم نفذ وبعدما الدوام، على ا جد متأخرين نصل أهكذااستثناء؟ دون الكبير، قبل الصغير

لم اليمني التبع أن بحجة أرعد، سيف الملك ثائرة تهدئة الحاضرين بعض وحاولأحد. ضد سلاحا يرفع

الكارثة. كل الكارثة هي تلك صراخه: الملك عاودالنيل، وكتاب بالمياه منشغل اليزن ذو الملك أن إلى مشيرة الأصوات بعض وتدافعت

حياتنا! … النيل … الماء قائلا: الجميع قاطع أرعد الملك أن إلا قتال، أو غزو دون

119

Page 120: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

حقيقيا. اختناقا يعاني كمن عنقه، حول قبضته يضع وهو موضحا واقفا هبالنيل. … الماء … مقتلنا … رقابنا –

يدعى أحدهما وزيران؛ أو حكيمان — أرعد سيف — الملك ذلك لدى وكانريفة». «أبو أو الريف» قفقاف «بحر فيدعى الثاني الوزير أما «سقرديس»،

أحدا يحبون لا الذين — سام أولاد — العرب يكره «سقرديس» وهو أولهما كانالتبع ضد متحاملا فوره من سقرديس اندفع لذا الأفريقيين؛ الحاميين أو حام ذرية منومنابعه. النيل» «كتاب عن ببحثه يسترها التي أفريقيا في ومآربه وجيشه اليزن ذو

أطماعه. لتغطية خادع قناع مجرد إنه –الغازي، العربي جيشه وإفناء وقتله بحربه المبادرة لنا الأفضل ومن يؤكد: عاد ثملنا الأفضل ومن — أرعد الملك قول حد على — جميعا منا غفلة في بلادنا استباح الذيمن الماء إليها وجلب اليمني، التبع شيدها التي — أحمرا — المدينة تلك على القضاءالأمن في الأمثال مضرب أصبحت التي المدينة تلك من الخطر، كل فالخطر، مكان، كل

ومغربها. الأرض مشرق من والزائرين التجار اجتذبت حتى والأمان،إليه انتهت ما ترون ألا قصره: شرفات عبر رثاء في مشيرا أرعد الملك قاطعه هناعين غمضة في ساحاتها امتلأت التي العربية المدينة تلك إنشاء جراء من وتجارتنا مدنناأصبحت حتى العربية الخيول وتربية السلاح وصنع الحديد وصهر الحدادة بورشوتبدلت عيناه احمرت وقد أرعد، الملك صرخ صدورنا؟ إلى موجهة وحربة ترسانة اليوم

بالماء. خدمه إليه فجرى آخرها، عن سحنتهوتشهدون؟ ترون ألا –

التباعنة بتاريخ كاملة دراية على سقرديس، — العرب عدو — الوزير وكانفي التباعنة أساليب الأذهان إلى فأعاد وفتوحاتهم، وتجبرهم البعيد، الشرق في وحروبهمحين — اليزن ذو عم — اليماني حسان التبع مع حدث مثلما الخداع، على القائم الغزوحذرت التي الزرقاء أميرتها وأسرت اليمامة مدينة بالأشجار المتسترة جيوشه اجتاحت

الآن. يحدث ما بذاته وهو جدوى، دون طويلا الغافلين قومهاذلك رفض فقد ريفة» «أبو وهو أرعد، سيف للملك الثاني الحكيم الوزير أمااليمن» «تباعنة سليل مع والحرب بالقتال الاندفاع قبل الأمر وتدبر التروي وآثر المنطق

بأس. من عنهم عرف ومايعبد كان وما عربيا، لسانه يزال ما الحجاز، بلاد من وأصله ريفة» «أبو كانصوته رفع البداية منذ آثر لذا منهم؛ متقربا للعرب محبا وكان كالأحباش، «زحل»

120

Page 121: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

أفريقيا داخل التعريب

العرب ضد والحرب بالهجوم المبادرة عدم محبذا أرعد، للملك برأيه الهادئ والإدلاءالنازلين.

دماء. وأنهار وويلات حرب بلا يوما، يرحل النازل، فلعل –أذنيه له أسلم فقد أرعد، الملك من مقربا ريفة» «أبو الحكيم الوزير كان ولماعلى وهيمنتهم وبلادهم بالأحباش حلت التي العصيبة الظروف هذه في لمشورته، منصتا

أفريقيا. مشارفللملك يزين فوره من واندفع صبرا، العرب نزول على يطق لم الأول، الوزير أن إلافلم خدعة، ذاتها في هي الحرب دامت ما اليزن، ذو التبع ضد والمبادرة الحركة سرعة

والخداع؟ المكيدة إلى تلجأ لاكيف؟ –

حليلة. «قمر» بالجارية له نرسل –الملك أيها ولعلك مفكرا: منصتا «سقرديس» وزيره لرأي أرعد الملك استكان هنا

غيرك. من أكثر الأذية» سكة «قمرية، معرفة على الأقدرداهية أنها كما والكلام، والغناء الحضور باهرة الجمال بديعة نادرة، جارية فهي

الزعاف. سمها بمنقوع الكثيرين بحياة أودت أفعى هي بل أفعى، كمثل الدواهيمن هب «سقرديس»، وزيره مكيدة من أرعد، سيف الأحباش ملك انتشى وحينالجارية بتلك للاجتماع حريمه يقيم حيث إلى طريقه بإخلاء خدمه إلى مشيرا عرشه

قمرية. المسمومةتدخل دون للحيلولة أرعد، سيف بالملك اللحاق ريفة أبو الثاني الوزير وحاولفي ولهجة، لسان بكل والناطقة والتلون الطموح شديدة — الداهية — الجارية تلكديوانها: يقارب وهو هاتفا مصغية، آذانا يعطه لم أرعد سيف أن إلا الخطر، الأمر ذلك

الأذية. أيتها قمرية،

121

Page 122: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 123: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

عشر الخامس الفصل

اليزن ذو لقتل الحبشة ملك مؤامرة

والمتوقدة الجمال الباهرة الجارية مخدع إلى المفضي الستار طرف أرعد الملك رفع إن مازيارته من مرماه عرفت كما فكره، يشغل ما فورها من أدركت حتى «قمرية»، الذكاء

لها. هذهكذلك؟ أليس اليزن، ذو الغازي، اليمني التبع قائلة: ومرحبة مبتسمة قمرية هبت

أخبرك؟ من وسألها: مندهشا، وواجهها أرعد الملك وقفعيناك. –

اليزن. ذو إنه قمرية؛ يا أجل –السوداوين عينيها في عينيه مسلطا بخاطره يجول فيما إياها مفاتحا قاربها

الفروسية. فيهما وتتجلى بالتحدي تنطقان اللتين الذكاء المتوقدتي الواسعتينإليه أشارت التي اللحظة ذات في الذهبية، بالأساور بأكمله المغطى ذراعه رفع ثمويعقبه إلا دامس ليل من فما هكذا، بالك تشغل لا الملك، أيها استرح بالجلوس: قمرية

نهار.النوم عاداهما اللتين المثقلتين عينيه في والغوص مواجهته المرة هذه هي أعادت

زمن. منذبعد بزيارتي فعلت وحسنا الغد؟ يخبئه ما يدري فمن كثيرا، بالك تشغل لا –

غياب. طولكيف؟ –

بين تخبئها التي اللون، الخضراء ساعته» «ابن الزعاف سمها قارورة إلى أشارتقمرية! يا معنا كنت وكأنك الاحمرار: الضارب الطويل شعرها جدائل

معك! دائما أنا –

Page 124: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

أدى ولو عليه مقدم هو ما تبرير محاولا استرخاء، في شاردا أرعد الملك غمغمأسراره وأدق وشكواه سره موضع المقربات، نسائه وأذكى بأجمل التضحية إلى الأمروأنا بأكملها، أمة بل جيش، مجرد معه يصطحب لا التبع ذلك إن أفعل، ماذا وخباياه:تعرفينه. الذي النحو على الجميع استسلم بعدما وحدي، مفردا بمواجهته لي قبل لا

قمرية؟! أتسمعينني، تودد: في أكثر قاربهابمجرد وأعصابه رأسه قمرية به ألهبت الذي بالحماس متوقدا كرسيه عن هبالمريرة وحدته في أزره وشد لمساندته هب قد بأكمله جيش هي وكأنما بها، لقائهالبلدان هذه تعيشه الذي والتخلف والتكاسل الغباء ذلك وحدي أحتمل أعد لم أنا هذه:

وحدي. أحتمل لن أبدا السوداء، المسترخية القارة هذه طول على والقبائل والأقوامأخرج أن الدافئة: الحنون أمه هدهدة يبغي طفل كمثل قمرية مقاربا استدار

وحدي؟! ذاتها الشمس عين يسد الذي وجيشه اليمني التبع ذلك للقاء بجيشيبنزوله اليزن ذو جلبها التي الأخطار معرفة على الأقدر ولعلك تلصص: في واجهها

بلادنا. وقبائلهسياسية قدرات من «قمرية» به تتمتع ما بمدى كاملة دراية على أرعد الملك كانبصيرة إن بل وكيانات، أقوام من حولهما وما والسودان الحبشة عند حدودها تقف لاأن ومنذ ولعلها الدوام، على وطموحا تطلعا أكثر واهتماماتها، المولد الأعجمية الجاريةذروة في نفسها فيه ترى الذي باليوم تزال، ولا تحلم إثيوبيا، إلى الأناضول من بها جيء

حلت. أينما والمجد الشهرة هالات بها تحيط والتسلط، السلطةوراء ما إلى كلل، دون التطلع، في هذا الكبير حلمها أرعد سيف شاركها ما وكثيرا

البحار.إليها وأفضى الكارثة. هذه من قمريتي يا سواك منقذ ولا أرعد: سيف قاربهاالهدايا غالي ومعها التبع إلى — بقارورتها — التسلل في خطته بتفاصيل الحبشي الملكالثياب وفاخر وذهب ومال ضأن، وقطعان وخيول جمال وصنف: نوع كل من وثمينهاالوقت في بالباقي، ستتكفلين ولعلك قائلا: لها كلامه وختم الحبشة، منتجات وأبدع

سواك. أحد ولا قمرية، يا أنت تحددينه الذي والمكان— المؤامرة — الأمر انكشاف كارثة من قمرية محذرا تلك، ليلته أرعد الملك وقضى

بأكملها. أفريقيا ضياع بل وأجداده، آبائه وملك ملكه بضياع حتما سينتهي الذي

124

Page 125: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

اليزن ذو لقتل الحبشة ملك مؤامرة

كما أمرهما، انكشف لو اليزن ذو التبع انتقام ضراوة من مرارا، الملك حذرهابمهابة ودفنه رأسه، وقطع اليزن ذو نازله حين قتيلا، مات الذي بعلبك ملك مع حدث

شهورا. ومقربيه ذويه من مرأى على يبكيه وظل وصديق، بملك تليقذلك علم واتساع ومنطق سحر مدى من — بخاصة — مطولا الملك حذرها كمابمدى معرفة على الملك كان فلقد البشر، قبل الأحجار له تلين الذي اليزن، ذو الملك

حد. عند مطامعها تقف لا التي الشكيمة ذات القوية السيدة تلك طموحوالسودان للحبشة الحاكم الملك وهو طموحه، تجاوز ما كثيرا طموحها إن بل

الوسطى. وأفريقياالكلمات. سحر من حذار –

من بدءا المختلفة ولهجاتها العربية دراية عن تتقن التي — قمرية — فهيبالآرامية، مرورا بالحبشة، نشرها لليمنيين سبق التي — حضرموت لهجة — الجعزيةبالإضافة الغزاة، الأعراب أولئك لغات وهي والسبئية، والمعينية والحميرية والقحطانية

وهررية. وأمهرية نيجرية من الأفريقية، اللهجات ببقية معرفتها إلىببالغ شيء كل أعد قد كان بقمرية، أرعد الملك لاجتماع التالي اليوم صبيحة وفي— الجارية ستحملها التي والرسائل والعبيد الهدايا قوافل بين ما والكتمان، السريةالحبشة ملك قبل من «أحمرا»، بمدينته اليزن ذو الملك قصر حيث إلى — قمرية السفيرة

أرعد». «سيفريفة» «أبو الوزير وبين بينها سرية أكثر لقاء عقد عليها يغيب يكن لم قمرية أن إلا

بالمخاطر. المحفوفة هذه مهمتها أمر لاستجلاءوالنصائح، التحذير عند معها كلامه الحكيم، — الحجازي — الوزير يقصر لم وهناالمغتالة — بالجارية دفعت لدرجة اليزن، ذو بالملك حقيقي يقين عن الثقة إلى دعاها بلالملك ذلك تفكير عمق من منبهرة مفكرة التروي إلى — الوقت ذات في المحتالة أو

بمهمتها. التعجيل إلى دفعا بها دفع مما وسماحته،عنه. أسمعه بما مبهورة أصبحت فلقد قرب، عن أراه لكي فقط –

أياما، استغرق الذي الوعر الطريق طيلة ظلت الرحيل، موعد حان ما إذا حتىعنه يشاع وكما — الذي الباهر، الملك ذلك وحضور شخصية تصور في بكاملها غارقةأو الضاربين من يوما يكن ولم والتسلط، الظلم صف في يقف أو مظلوما، يقهر لم —

وتجبر. ظلم من التباعنة أسلافه عن عرف ما رغم الباطشين،

125

Page 126: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

الأبراج وذات الأسوار العالية التبع، عاصمة على مشرفة قافلتها حطت ما إذا حتىوبعدما الجارية، تمنت وقبابها، وبساتينها الجارية أنهارها ورأت والقصور، والحصون

أحمرا. في هنا حياتها بقية تقضي أن نفسها، استراحتللبهاء! يا للروعة! يا –

الأحمر النحاس من قبابها صيغت التي والحصون، الأبراج العالية المدينة بدتسمعتها التي الغابرة القديمة الأساطير مدن كمثل قمرية، نظر في الاحمرار، القاني

الشفاه. على تروىالبياض الناصعة الواجهات ألوان متناسقا: شيء كل الذكيتين لعينيها وظهروالنقوش اليزن ذو التبع الملك حياة مراحل عن تعبيرا تفيض التي الجدارية والرسوموالميادين الساحات تزين التي والجلود والمعادن الأحجار أصلب على المدونة العربيةفاخر من الأنفس، تشتهيه ما بكل الخاصة والأسواق والأعلام، العلم ودور والبساتينالتي والفضية الذهبية الحلي وتلك والهند، فارس ونفائس صور أرجوان مثل الديباج

النفيسة. الموشاة أزيائهن مع النساء، جيد تزينحد إلى «أحمرا»، ل اليومية الحياة مشاهد من الانبهار بها وصل قد قمرية كانت

حد. له يعرف لا الذي والتملك الثراء من القديم حلمها استعادة إلى بها دفعالقديم! حلمي يا أحمرا، –

حتى بالإبطاء مطالبة حرسها، رئيس إلى مشيرة هودجها خباء من أطلعت هناالعطور تلك مستنشقة جمالها، من عينيها تملأ وأن المدينة في شيء كل ترى أن لها يتاحالعسيرة مهمتها صاحب توتر كل أنساها حد إلى ملامحها، لها استرخت التي الذكية

المشاق. تلك كل بسببها وتحملت أجلها من قدمت التيمتنهدة العسجدي، شعرها طيات بين خبأتها التي سمومها قارورة تحسست

وصلنا. اليزن: ذو التبع قصر حيث إلى ببصرها مشيحةأرعد» «سيف الحبشة ملك بجارية اليزن ذو التبع الملك لقاء لحظة حانت أن إلىوأخصهم الزيارة، تلك من غرضها لمعرفة بها رجاله لقاءات من طويلة سلسلة عقبورجاحة الباهر بجمالها أعجب بعدما بمقابلتها عليه أشار الذي «يثرب»، الحكيم وزيرهالمتعالية السيدة تلك من وأفصح بأروع قبلها ألتق لم أنني أشهد وفصاحتها: عقلها

الذكاء. المتوقدةقمرية إليه وقدمت تصافحا، ما إذا حتى بإدخالها، اليزن ذو الملك أشار أن وكانإلى بها دفع مما ثقة، في يده إليها ا ماد قاربها مسرعا، وفضها الحبشة، ملك رسائل

126

Page 127: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

اليزن ذو لقتل الحبشة ملك مؤامرة

جدائل إلى مشيرا بيده اتجه ثم قليلا، مبتسما باتجاهها الخطو يواصل وهو التراجع،من مخرجة شعرها، إلى يدها ترفع أن إلى بقمرية دفع مما المنسدل، العسجدي شعرها

تخبئها. حيث شعرها جدائل بين من الاخضرار الضاربة السم قارورة فورهاهي! ها –

التبع بالملك انبهارها بالغ من عليها حط صمت في مستسلمة مطرقة له ناولتهااليزن. ذي

مولاي. –فرشه. من مقربة على الملك أجلسها

استريحي. –معرفة على وكأنهما خداع أو شائبة أي دون متوقدا، صافيا بينهما الحديث وامتد

طويل. زمن منذ بالآخر أحدهما وثيقةالمختلفة وأقوامها بكياناتها السوداء القارة طول على ويجري يحدث فيما تحادثا

الحبشة. وبلاد ونيجيريا الأفريقي والقرن الكبير والمغرب مصر فيكما النيل وأخصها والأنهار والتربة الماء عن عميق حديث في قمرية معه وأفاضتواهتماماتهم اليمن تباعنة عن بينهما الحديث تعرج حين التبع إعجاب على استحوذت

مأرب. بسد الشهير وسده سبأ» بن شمس «عبد منذ الماء ومجاري بالسدودالأبرياء قتل سوى تحقق لا التي والعدوان الحروب كراهية على رأيهما تطابق كما

الآمنين. الناس منيومي. وتطاحن آلام من فيه هم ما الناس فيكفي –يوم. إثر يوما تقتلنا ذاتها فالحياة أجل، أجل، –

قائلة: ثبات؛ في الملك عيني في تتطلع وأخذت الحديث مجرى قمرية غيرت أن إلىوعن عنك سمعته بما بنفسي وأتحقق أراك لكي إلا — القذرة — المهمة هذه قبلت ما

رحمتك. سعةسمعت؟ ماذا اليزن: ذو التبع ابتسم

محبيك. قبل أعداءك يبهر ما سمعت قالت:أتصدقين؟ ا؟ أحق مستريحا: الملك زفر

تواضعه من انبهار في وتتطلع ركبتيه، عند منكبة جاثية فورها من قمرية اندفعتالكفاية. هذا في بيتك، في اجلسي إليها: يده اليزن ذو فمد الجم،

127

Page 128: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

من وغناء خافت موسيقى عزف أصوات فيه ارتفعت بينهما، ثقيل صمت وعمبيتك. في أنت مكررا: العشاء إلى التبع فدعاها الطعام قاعة

محرزة عينيه، في راقت بعدما بها معرفته من زاد قد اليزن ذو التبع الملك كانقبل. من بلغتها أن لامرأة يسبق لم قلبه في مكانة فورها من

بعدما والانعزال، للوحشة نهبا الأخيرة الفترات في أصبح قد اليزن ذو الملك وكانلعرش وريثا له يخلف لم وهو خاصة الجميع، عن كتمانه جاهدا حاول مرضا أحس

التباعنة.طول على تتفجر أن يمكن التي الأخطار لمدى تحسبا وأحزانه، آلامه كتمان آثر لذابه. ألم وما المفاجئ مرضه خبر وتواتر أشيع ما إذا المترامي، ونفوذه حكمه مناطق

كارثة. –راجح عقل يزينه الذي الجمال الباهرة الحكيمة السيدة تلك وصول جاء هنا ومن

فيه. هو لما التوفيق كل متوافقا بصيرة، وبعدوقتك. في جئتني قمرية، –

الأوان. فوت وقبل تردد دون من بها الاقتران على العزم عقد قد كانالدهر؟ يخبئه ما يدري من –

أثناءها أفضى العشاء، وقت انقضى بعدما للملك الفرصة سنحت ما إذا حتىالطاغية المتأججة ورغبته قمرية نحو بإحساسه «يثرب» المقرب لوزيره اليزن ذو

وسعادة. حماسه أقصى في مباركا فوره من الوزير رحب بها، للاقترانمنها ليخلف وعجل بسرعة بقمرية الاقتران على اليزن ذو التبع الملك أقدم وهكذا

التباعنة. لعرش وريثا«سيف». وندعوه: هيكل، –

الأمصار، بأبي ي سم الذي التباعنة، الملوك آخر يزن، ذي بن سيف الفاتح الملك وهوالفرس. وبلاد والهند أفريقيا في وفتوحاته وحروبه

الكتاب. هذا من الثاني بالجزء سيرته، ستطالعنا ما وهو

128

Page 129: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

عشر السادس الفصل

قمرية من اليزن ذو زواج

الجمال الباهرة الفتاة بتلك اليزن ذو التبع الملك فيها التقى التي الأولى اللحظة منذوقبل أولا تبغي — كمغتالة متسللة — جاءته قد كانت التي «قمرية» الذكاء المتوقدةيعرف يعد ولم شيء كل عن تخلى ل، المعج ترياقها طريق عن حياته، إزهاق شيء كل

طعما. للنوميحلو وكان فراشه، جانب إلى هي كما الزعاف السم بقارورة احتفظ التبع إن بلبعدما مجددا وتأملها والصغر الدقة المتناهية القارورة تلك تناول الليالي بعض في لهالاحمرار، إلى الضارب العسجدي شعرها جدائل بين من — خلسة — قمرية استخرجتهاعرشه قاعة داخل لقائهما لحظة منذ تلقائية بطريقة إياه، فتناولتها له يدها مدت ثم

شفة. ببنت تنطق أن دون ومناستريحي! –

لقاءاتهما، تعدد رغم الأمر في مفاتحتها عدم إلى اليزن ذو بالملك دفعت درجة إلىملك تدبير من ذلك كل فراشه، في اغتياله إلى تهدف التي المؤامرة تلك أبعاد وتعرفتعمد اليزن ذو إن بل الأثيم، النحو هذا على معه علاقته بدأ الذي أرعد» «سيف الحبشةأنوي كنت قائلا: أرعد سيف الملك عن لقمرية بسؤاله بكامله الموضوع تغيير جانبه من

حيلة. باليد ما لكن مبتعدا» «أطرق منها، بأفضل هداياه على الرد جانبي مننبل أمام عنها، اشتهر الذي ذكاؤها يسعفها أن دون بدورها، «قمرية» ألجمتسوى أنا ما مغمغمة: مطرقة تململت أنها إلا العقل الراجح العربي الملك ذلك شمائل

الملك. أيها رسول

Page 130: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

أعرف. –البداية. منذ قراري يكن لم هذا ولعل قالت:

الفسيحة الشرفات حيث إلى معاناة في متجهة انفعالاتها مقاومة فورها من هبتالتبع الملك وقصر «أحمرا» مدينة على المطلة قممه على شيد الذي السهل على المشرفة

الحصين.قراري. هذا يكن لم أبدا –

اغتيالي؟ تقصدين –يوما. أراك أن سوى شيئا أقصد لم –

الطاغي. جمالها من منبهرا التبع قاربهاقمرية. عيني من السخية الدموع تدفقت لحظتها

قبل. من أبدا أبك لم أنا –أعرف. –

كاملة سابقة معرفة على كانت لو كما انبهارها، حالات أقصى في تتأمله اندفعتوجهه. وقسمات بمعالم ودقيقة

وإحساسا. طعما للنحيب أعرف لم أبدا، –أعرف. أجل، –

أهدابها تحت من إياه متأملة أكثر تقاربه وهي طاغية طفولية عفوية في سألتهكيف؟ تعرف! ا حق المبللة:

قمرية. يا أبدا يبكي لا مثلك –الأذية. ضاحكها:

لم كما أعماقها، من تضحك فاندفعت مشاعرها على السيطرة قمرية تتمالك لم هناالتي الأولى براءتها لتعاود أسلحتها، كل عنها أسقطت درجة إلى حياتها، في أبدا تضحك— مملوكية كجارية — طريقها تأخذ أن وقبل «الأعجمية»، طفولتها في يوما عاشتهاالترف وحياة والسياسة، الحكم ودسائس والمؤامرات القصور تتقاذفها الصيت ذائعةبها انتهى أن إلى والأمراء، الملوك أعتى ومصائر أعناق على التسلط وشهوات والثراءاليزن. ذو إلى بها بعث الذي أرعد» «سيف الأحباش ملك لدى الذرى أعلى في المطاف

الشاسعة البقعة هذه ملك مواجهة في يوما تقف وهي عيناها، تصدقها لم وهكذاالمشاعر. العميق الآسر السمح بوجهه اليزن ذي الأرض من

130

Page 131: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

قمرية من اليزن ذو زواج

التبع. مليكي يا الدهر، اللحظة هذه أغوار في سابحة أحلم زلت ما لعلني –أيتها النهار، وضح في زلنا ما نحن قصره: شرفات عبر بذراعه اليزن ذو أشار

قمرية. الأميرمدهشة: متسائلة مدرارة، دموعا الجمال الباهرتا قمرية عينا انهمرت أخرى ومرة

أميرة؟على التباعنة عرش قاعة باب وانفتح بالدخول، الاستئذان جرس رنين علا هناأدهشه وقد توقف أنه إلا مهابته، في داخلا «يثرب» الأول الوزير واندفع مصراعيه،

الجليلة. الأمور من الكثير عن عناء كثير دون المفصح مشهدهايحدث؟ ماذا –

الملك أشار أن إلى يقف، حيث مكانه في جمد وقد لنفسه، متسائلا يثرب غمغميثرب. الوفي صديقي بالدخول: له التبع

الوفود. مواكب وصلت الحفل: بموعد للملك ا مسر يثرب الوزير تقدممنسحبا لمساعديه الملك أشار وصلوا، الوقت: يقرأ وكأنه السماء إلى الملك تطلعوعباءته تاجه فألبسوه مساعديه من أربعة الفور على وأحاط قمرية، يدي على مربتالها ا ماد «قمرية» تقف حيث إلى اليزن ذو اتجه مهمتهم، من انتهوا وحين وطيلسانه،

قمرية؟ يا الليلة معنا الحفل هذا تحضرين لا لم نبيل: استئذان في ذراعههذا على لها التبع الملك مفاجأة هول من القدم حتى الرأس من قمرية ارتعدت

لها. مدت التي الملك بيد تمسك وهي حواسها على السيطرة بسرعة وحاولت النحو،الذي التباعنة الأسلاف حفل إنه قائلا: معلقا اندهاشه غالب فقد يثرب الوزير أماوالسفراء والأمراء الملوك ويحضره عام، كل من القمري الشهر لهذا الموافق موعده يحلوالمغرب ودمشق بنط وبلاد وفارس النبط وبلاد ومصر ويثرب وحضرموت سبأ من

الكبير.الهتافات تتخللها موسيقى طغت إذ الحفل؛ عن حديثه يثرب الوزير يكمل ولمبدت التي القصر، قاعات فيها انفتحت التي اللحظة ذات في التبع، الملك بحياة المدويةحركة اتجاه مع مهدهد وديع بطء في تدور مسحورة دائرية قاعات كانت لو وكما

قانية. حمراء بدت التي البعيد الأفق في الشمسباتجاه بأعناقها المشرئبة بالوفود غاصة الروعة المتناهية الفسيحة القاعات وبدتأدركت ولكنها يحدث، ما مصدقة غير ذراعه متأبطة جانبه إلى وقمرية اليزن، ذو الملك

131

Page 132: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

بها دفعت درجة إلى النحو، هذا على جهارا لها التبع الملك اصطحاب مغزى النهاية فيسمومي! فسأتجرع اليوم بعد عني تخليت إذا بالغة: جدية في القول إلى

يحدث. لن –ونساء رجالا الوفود هامات انحنت عرشه، درجات أولى عن النزول الملك بدأ وحيناليزن ذو الملك وتقدم الشراب وكئوس الطعام أطباق ودارت الموسيقى، وصدحتبساطة في «لقمرية» تقديمه معلنا بالغ حنو في إياهم ممازحا بالجميع مرحبا محيياأتقبلينني بالغة: بعفوية يدها يطلب أن قبل الجميع من مرأى على يضاحكها وهو

زوجا؟الملك ذلك وصفاء روعة من خجلا منزوية تراجعت أن إلا قمرية من كان فماالعاتية الليلة هذه أحدثتها التي المتتالية الصدمات أبعاد يدرك لم الذي الطلعة البهيالذي الملك أيها أنك يبدو قائلة: بالغ؛ بخجل تمتمت التي «لقمرية» الأحداث المتلاحقة

الأوان. قبل الليلة، باغتيالي ستعجلبواحدة. واحدة مازحا: اليزن؛ ذو أجابهاأتقبلينني؟ جدية: في بغتة واجهها أن إلى

أقبلك! –خجلا. أطرقت ثم

بأزيائهم الأرض، بقاع مختلف من مدعويه لكبار المرة هذه حديثه موجها قاليتحقق أن أتمنى والمجوهرات: الألوان المتضاربة والتنوع الاختلاف الشديدة الغريبة

أمنية. مجرد التباعنة، لعرش وريثا قمرية من لأخلف يوما أمليقائلا: أردف؛ ثم بالأسى يفيض تعبير من وجهه اعترى ما مخفيا جانبا الملك تنهد

الأوان. فوات قبلالتبع، الملك تمجيد في الشعراء وتبارى والغناء الموسيقى وعلت المدعوون، صفقالملك أخرجها أن إلى مشاعرها على للسيطرة طاقاتها أقصى تبذل قمرية اندفعت بينما

أحلامها. من«هيكل». وريثي، يوما منك أخلف لعلني –

إلى آخر إلى فم ومن أخرى إلى مجموعة من متلاحقا الجموع بين الاسم سرى هناوالشواء، والشراب الطعام وموائد والمشاعل بالشموع الغاصة الواسعة الصالات عم أن

والمجوهرات. النادرة الهدايا ثمين من المكدسة والأكداس الموسيقية الفرق ومختلف

132

Page 133: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

قمرية من اليزن ذو زواج

هيكل. هيكل، –«سيف». وسأدعوه «هيكل»، هو موضحا: اليزن، ذو الملك قال

التبع، الملك وجه إلى مرة تتطلع وهي وصوب حدب كل من أكثر الوفود وتدافعتلذلك المحبة اللاغطة الملامح عنه أفصحت الذي الذهول اعتراها وقد قمرية إلى ومرةونرى، نسمع ما ا أحق سيف، هيكل، الخير: عن بمعزل يخطو أبدا يعهدوه لم الذي الملك

سيف! هيكل،يحدث؟! ما ا أحق وهناك: هنا همس في الجميع تساءل

قضت التي وهي أبدا، تعهده لم الأغوار عميق غريب حزن اعتراها قمرية أن إلاالأيام من يوما تصدم أن دون مشابهة قصور ومحارم ساحات داخل بكاملها حياتها

الأحداث. المتلاحقة الليلة هذه صدمتها كما ذرة بمثقالقد التي الغرابة من النحو هذا على الجميع ليصدم الليلة، الملك اعترى الذي ما –الموت الزؤام، الموت إلى وتؤدي سريانه، عن والدم نبضاته عن القلب توقف إلى تفضي

لماذا؟ اندهاشا،بين من منخلعا سيقفز لعله أو قلبها، يتوجه حيث الملك يد على تشد مشت لقدلترديه الزعاف سمها تتأبط مغتالة متآمرة معدودات أيام منذ جاءته لقد جوانحها،عنها، وتخلت حدث لو التي يده ممسكة أميرة الآن هي ها ثم عين، غمضة في قتيلا

فورها. من بأسرها الحياة لفارقتالليلة! هذا، معنى ما –

سيف! وسأدعوه: هيكل –قمرية؟ جاريتك من تساءلت:

أجل. برفق: يدها ممسكا تردد دون أجابتساءلت: لما حالا الآن إشراقها أعادت لتوها الغاربة الشمس أن لو ببصرها: شردت

شاف. جواب على عثرت كانت ولما لماذا،إليه اتجهت «يثرب» المقرب وصفيه وزيره فيها قاربهما لحظة سنحت ما إذا حتى

لماذا؟ وخلجاتها: وجهها بكل معبرة الأزلي بسؤالها قمريةاليزن. ذو لأنه يثرب: الوزير أجابها

اعتراها الذي المكبل الطاغي الحب لذلك أفكارها عنان مطلقة لحظة استكانتاليزن. ذو بعده: مرددة القدمين حتى الرأس من إنذار سابق ودون فجأة

133

Page 134: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

مهللة، مهنئة العملاقة القاعة جنبات كل من إليهما المتطلعة الوفود تدافعت هناأساورهن عنهن يخلعن الرجال قبل النساء أقدامهما، تحت الهدايا بنادر تلقي وهييحملونه وما الإبريزية خناجرهم والرجال والزمرد بالياقوت المرصعة الذهبية وأقراطهن

مهنئين. الكريمة الأحجار ثمين منقمرية، اسمها: علا الفور وعلى أميرتنا، يا مبروك الأوان، وحل الوقت، حان –

قمرية!

134

Page 135: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

عشر السابع الفصل

الحبشة ملك جنون

إليها انتهت التي الكيفية سمعه إلى تنامى حين أرعد» «سيف الأحباش ملك جنون جنمنذ القصوى ذروتها بلغت والتي «قمرية»، ا سم تغل كانت التي الجارية تلك مهمةترديه أن من فبدلا «أحمرا» اليزن، ذو الغازي اليمني التبع مدينة إلى وصولها لحظة

منها. الزواج على إقدامه حد إلى حبائلها في أوقعته الناقع، الزعاف بسمها قتيلاكارثة. من لها يا أسمع؟! ما ا أحق –

بالآخر، الواحد مقارنا وبصاصيه، عيونه تقارير ويقرأ يسمع وهو الملك وجه اربدالتباعنة «لعرش وريثا منها ليخلف قمرية، من الزواج على تلتقي جميعها أنها وأزعجه

العظام».عرش جارف: مندفع غضب في يداه عليه تقع ما كل فوره من محطما الملك تساءل

إثيوبيا! من منا، مقربة على هنا؟! أفريقيا قلب في هنا العظام؟! التباعنةثورة من به ألم ما تهدئة محاولا ملهوفا العرب يمقت الذي المقرب وزيره به لحق

تقارير. من تلقاه ما بكومة إليه دافعا الملك إليه استدار حين غاضبة،سقرديون! يا اقرأ مشورتك، إنها –

حرفا. حرفا بكاملها قرأتها –الأحمر الإبريزي الذهب من المصاغة والأساور بالأختام المغطى ذراعه الملك رفع

قمرية. من يتزوج تصور، التبع سيتزوجها صارخا:عند هنا وهنا، التباعنة، لعرش وريثا منها ليخلف مهددا: مشهرا صولجانه رفع

يهوذا. أسعد أعتاب على أعتابناالتقارير. أحد قراءة مسرعا أعاد

Page 136: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

ليشهره «سيف»، وسيدعونه «هيكل» «الأذية» أمه بطن في يزال لا وهو حدد لقد –أنا؟! غير هو من بالطبع سواي، أحد وليس أنا مقتلي في وجهي، في

صارخا إليه، انتهت وما المسمومة، بعلبك ملك مائدة أرعد، الملك تصور الفور وعلىجديد من برأسها تطل القديمة، الحكاية بذاتها هي سقرديون: المأخوذ وزيره وجه في

رأسه. بقطع وانتهى بعلبك ملك مع حدث مثلما تماما،ساعديه. بين رأسه آخذا — يهوذا أسد عرش — عرشه على جالسا فوره من تهاوى

هنا. أنا، دوري جاء والآن هه، القديمة، الحكاية –انتقاما. بل حربا، يبغي لا فالتبع ساخرا: غمغم

لو كما واحدة، دفعة كلها تهاوت قد الأحباش ملك وأحلام أطماع أن لو وكماله مهرب لا مروعة محاصرة كوابيس إلى فجأة استحالت أحلام، أضغاث مجرد كانت

منها. فكاك ولاأين؟ إلى –

قد كان بل وتوابعها، إثيوبيا حكم مجرد عند فقط تقف لا وأطماعه أحلامه كانتإلى بصره يمد فكان مصبه، حتى ومنابعه النيل على السيطرة أسلافه عن بدوره ورثوبلاد بكامله الكبير والمغرب بل ومراكش وأريتريا والصومال الأفريقي والقرن السودانالأبيض البحر مشارف على حدوده مؤمنة الأطماع تلك لتنتهي العليا، ومصر النوبة

بعد. فما الإسكندرية أصبحت التي «فاروس»، ومنارته المتوسطأجداده عن أرعد» «سيف الملك توارثها وأطماع، أحلام مجرد أبدا تكن لم هي بلوزاد تحقيقها، على فعلا عمل أيضا شخصية أطماعا كانت بل جيل، إثر جيلا وأسلافهذلك ومنبع منبت العرب جزيرة جنوب في ذاته التبع بلاد في الآسيوية أطماعه عليها

وأمنها. بلاده على دوما الجاثم الخطرينقطع يكن لم التي الزاحفة المحاربة فيالقه إعداد الدوام على أرعد الملك واصل لذاإثيوبيا، إلى جديد من العودة ثم البلاد، تلك ومدن حدود على الخاطفة وغاراتها هجومهاللزحف العدة لإعداد تمهيدا البيضاء»، البشرة «ذوي من والغنائم والأسرى بالأسلاب

وغربا. شمالا عليها الحبشة قبضة وإحكام الكبيرذلك وهو أعدائه، وأصلب أقوى من الانتهاء بانتظار دوما الزحف ذلك يرجئ وكان

وأطماعه. أحلامه وقبائله، بجيشه نزوله منذ بدد الذي اليزن، ذو اليمني التبع

136

Page 137: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الحبشة ملك جنون

اغتياله خطة لأبعاد باكتشافه المنافذ كل عليه سد قد — التبع أي — أخيرا هو وهابسفيرته إليه أرسل حين الجوار، وحسن المودة ورسائل الهدايا بثمين المغلفة الخسيسة

قمرية.قصره، وردهات جنبات طول على متحركا منتصبا جديد من أرعد سيف انتفضبخطته إليه ليفضي ثائرته، تهدئة لحظة يتحين إثره، في سقرديون المتنمر ووزيرهوشرورهم. الغزاة العرب أولئك من وأنجعها الطرق بأسرع التخلص كيفية حول الجديدةوقلعته مقره بين الموصل الجسر عابرا خلوته، حيث إلى فوره من أرعد الملك اتجهإلى حصينة، جزيرة شبه إلى حوله والذي جهات، ثلاث من المطوق الميناء داخل الواقعة

بهواجسه. إليه مفضيا سقرديون لوزيره مستديرا توقف أنبخطتنا. عرف أنه بد لا –

إليها الطريق أصبح التي الجديدة الحبيبة قمرية، من باقتضاب: الوزير أجابهالتباعنة. عرش لتعتلي مفتوحا

الجارية تلك حد، عند أبدا أطماعها تقف لا مغموما: الماء إلى أرعد الملك نظرالبيضاء.

أعجمية. رقطاء، حية –بالجنس المليء العالم هذا من أبدا مهرب من أما بالغة: بمرارة مهموما الملك غمغم

أقدامها. عند زاحفا لها قدمته ما كل وبعد قمرية هي ها هه، وشروره، الأبيضعنها. تحذيراتي كل أهملت حين وزيره: عاتبه

الرياح. لتذره مضى، ما لننس –لحظة، ثأره ينسى لا التبع المكان، هذا وفي الآن، هنا نحن مهددا: الملك صوت علا

الخراب. حيث إلى أبدا يمشي ولا حربا يبدأ لا أنه وهو بالسماحة، تظاهر مهماالملبد البحر وسط أصبحا أن إلى عائمة «ذهبية» إلى يقود جانبيا ممشى عبراالبحر أغوار داخل طويلا وغابا المحيطة، الشاهقة الجبال سفوح مع المتعانقة بالغيوم

المحيط.جحيم. وانتظاره، اليمني التبع جحيم –

الذي الأحباش ملك من انتقامه السمحة عادته على أرجأ فقد اليزن، ذو التبع أما— قمرية — الفتاة تلك من الجديد بحبه منشغلا الغادر، النحو ذلك على به علاقته بدأدموعها أمامه ذرفت حين قلبه، أعماق فورها من فتملكت ومغتالة، قاتلة جاءته التي

137

Page 138: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

ضارب عميق حب إلى أمرها إليه وانتهى البداية، في عليه أقدمت ما على ندما مدراراوفروسيته. بسماحته أسرا أسرها الذي الطلعة البهي الضحية للملك والأبعاد الجذور

المكاشفة من صلبة أرض على — وقمرية التبع — البداية منذ معا تلاقيا هنا ومنوالتآمر. البغضاء من بدلا الحب جذور رسخا أن فكانا والصراحة،

عميق نتيجة قمرية وقدرات طاقات مدى للتبع تكشف جديد، يوم مر كلما وكانغابرا كان ما منها سواء والأحداث، والمعارف الأمور من بالكثير الواسعة معرفتهاالأخير. ومنتهاه مثواه إلى يوما ليصل اليومي وسريانه جريانه يواصل ماثلا أو مندثرا،أحداث من فيها يعتمل وما وجنوبا، شمالا العرب بجزيرة واسعة معرفة على كانت

وعشائرية. وعرقية قبائلية ومنازعات وحروب قارية وهجرات وصراعاتوالقنص للصيد معا رحلاتهما خلال أو الليالي، إثر الليالي معه استفاضت هي بلمدن من حولها يستجد بدأ وما «أحمرا»، وحصون وقلاع بساتين عبر واللهو والتريضسماتهم وأخص وسيرهم التباعنة جدوده تاريخ حول معا يتحادثان وليدة، ومضاربقبوريات، أو ومراث أشعار من فيهم قيل وما ومآثرهم وشعائرهم وغزواتهم وحروبهم«قبل العربية، تكلم من أول كان أنه إليه ينسب الذي «يعرب» السالف جدهم من بدءابالعربية أي — وبها بها»، الألسنة وتبلبل الكبير، وبرجها بابل مدينة بناء حادث— اليمامة زرقاء قوم — وجديس وطسم وثمود عاد مثل: القبائل؛ بقية نطقت —

ورائش. والعماليقيسميهما اللتين وثمود، عاد مدينتي عن خاصة مطولا قمرية معه واستفاضتمدينة لكل كان إذ عامرتين؛ كانتا أنهما وكيف وبرجيسيا، مرقسيا مدينتي الأحباش

باب. آلاف عشرةأعجمية من العربية وغير بل — العربية بالأنساب معجزة دراية على قمرية وكانتالذي سبأ، بن الشمس عبد التبع الملك أولهم وكان سبأ، ملوك يعرب أبناء من بدءا —كهلان ومن وكهلان، حمير ملوك انحدر نسله ومن أعداءه، يسبي كان لأنه سبأ؛ ي سمأهمها وكان اليمن، سدود خراب عقب تفرقوا الذين الأزد، قبائل بطونها، أشهر جاءتقبل اليزن ذو الملك بناءه أعاد الذي ريعان وسد بصعدة الخانق وسد مأرب، سدأعاد التي السدود بقية إلى بالإضافة وجيرة، وعنس سنان وسد البلاد، هذه إلى مجيئه«سحر سدود: مثل المياه، من منسوباتها مضاعفة أو تعليتها أو بناءها اليزن ذو الملك

ولطاف.» والمنهاد، والشبعاني، وهران، ومفاضة، ولحج، رعين، وذي سمال، وذي

138

Page 139: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الحبشة ملك جنون

على الخارقة قدرتها هو قمرية، في اليزن ذو التبع الملك إعجاب يثير ما أكثر كانأسهم التي المائية والمنشآت السدود هذه لمثل الغابرة، التاريخية للمراحل الدقيق حفظهاعنه غابت التي والمعلومات المعارف من الكثير مضيفة اليزن، ذو ترميمها أو بنائها في

التاريخية. بخلفيتها متبحرا يكون أن قبل — كبناء —به دفعت لدرجة ا، سد وثلاثين ثلاثة حول الحديث في قمرية معه أفاضت وهكذاحتى بعضها في العمل لاستكمال رسله بإرسال كلامها من والتحقيق الاهتمام إعادة إلى

قمرية. سد أحدها على أطلق إنهالملك إعجاب تزايد جديد، آخر منحى حول بينهما الحديث تعرج ما إذا حتىالمندثرة أو الغابرة العرب معتقدات عن ومعارفها معلوماتها مخزون في خاصة بها،العبسي، سنان بن وخالد الصلت أبي بن أمية الشاعر وأهمهم وغيرهم، الموحدين مثلمعاف، بن والحارس قيدار، بن ثابت بن وإسماعيل أنمار، بن والشق طريفة، والشاعرة

لقومه: الجراهمة أو جرهم قبائل هزيمة عقب القائل هو والأخير

ظ��اه��ر وال��ع��ز ال��ب��ي��ت ب��ذاك ن��ط��وف ث��اب��ت ب��ع��د م��ن ال��ب��ي��ت ولاة وك��ن��اال��غ��واب��ر ال��س��ن��ون ع��ص��ت��ن��ا ك��ذل��ك ب��غ��ب��ط��ة وك��ن��ا أح��ادي��ث وص��رن��اال��م��ش��اع��ر ف��ي��ه��ا ال��ل��ه أم��ن الأم��ن ب��ه��ا ل��ب��ل��دة ت��ج��ري ال��ع��ي��ن دم��وع ف��س��ح��ت

المكرمة، مكة في «البيت» زيارة لها ييسر أن اليزن ذو الملك على قمرية تمنت ولكمالذي الزواج وهو منها، زواجه مراسيم إتمام من الانتهاء حالما بذلك، اليزن ذو فوعدها

الواضح. الاستعجال حد إلى نافد، بصبر يتعجله أصبحخلوتها لحظات في وحدها التفكير وإطالة التساؤل، إلى بقمرية يدفع كان ما وهو

تعطشها. به تشفي جواب إلى التوصل دونبالزواج؟ العجلة لماذا –

حكم لمواصلة المثلى الكيفية في معها يستفيض الأخيرة أيامه في بدأ الملك إن بليوصيها إنما وكأنه والحكمة، العدل سيادة أهمية على مشددا المفتوحة، والبلاد حمير

غيرها. قبل بذلك هييبغيه؟! الذي وما بالذات؟! هي لماذا –

139

Page 140: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

هو فما سواه، آخر مخلوق في تفكر لا الأول، لقائهما لحظة ومنذ أصبحت، لقدانقطاعه وفي المجدبة، العطشى صحراءها يروي الذي الحي الماء سوى — اليزن ذو —

ذكرت. أن سبق كما المحقق موتها عنها،سمومي. فسأتجرع اليوم بعد عني ابتعدت إذا –

ملكه. في طامعة يتصورني تراه كالمذهولة: العاكسة مراياها أمام تساءلتوسواء عنه، يغنيني الفاني العالم هذا في آخر شيء ولا فيه طامعة ا حق أنا أضافت:ظمئي لشفاء الكفاية هذا وفي جلي، الوحيد، عالمي فهو معدما صيادا أو اليزن ذو أكان

حييت. ما أنساها لن التي الأول اللقاء لحظة منذ المتحرقهذه لتساؤلاتها شاف جواب على تعثر أن دون يوما الخناق بها ضاق ما إذا حتىسائلة: به؛ مختلية «يثرب»، وصفيه الأول وزيره إلى يوما اتجهت لها، جواب لا التيملكه، في طامعة جئته إنما وكأنني لي، الملك فهم سوء حول التساؤل، يراودني ما كثيرا

سراب. عداه وما ذاته، هو فيه لكن طامعة، فعلا أنا الحق لك أقولأنا التساؤل: ذات إليها أعاد ولدهشتها أنه إلا روعها، من يثرب الوزير هدأ عندئذدهشتها: أقصى في الوزير إلى تطلعت الأيام؟ هذه في التبع اعترى الذي ما أعرف لا ا حق

أيضا! أنتأعرف! لا غموض: في قال

تعرف؟ لا كيف –جميعا. عنا شيئا يخفي أنه إلي يخيل غموضا: أكثر أضاف

عنا؟ يخفيه الذي الشيء هو ما مناشدة: قمرية قاربتهالمترامي. لملكه وريث عن الحديث كثير الأخيرة الآونة في أصبح يثرب: أضاف

تفكيرها. في غائبة قمرية شردتعصبية في تدق وهي فجأة بالبكاء أجهشت … سوى له، حديث لا أصبح فعلا، –

المواجه. الجدارلنكبتي! يا لنكبتي! يا

إبعاد استطعت ما وحاولي روعك من أميرتي يا هدئي حنو: في يثرب الوزير قاربهاحللت منذ بك الاستبشار شديد والملك خير، كل سوى سيحدث شيء لا الخاطر، هذا مثل

النساء. عن بزهده الناس أعرف فأنت موحشة، كانت التي حياته فيالملك إسعاد استطعت ما حاولي قائلا: بمنديله الغزيرة دموعها لها يجفف مضى

حاولي. هو، نفسه في لحظة يفكر ولم للناس حياته كل أعطى الذي التبع

140

Page 141: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الحبشة ملك جنون

كيف؟ مجددا: انهمرت التي دموعها خلف من التساؤل معاودة إليه اتجهتفي سواه أريد لا عرس أي أريد ولا إشارته، رهن أنا قالت: معا؛ عرسكما في فكري

المظلم. العالم هذاحدة. في والنحيب البكاء واصلت

لماذا؟ لماذا؟ –ماذا؟ النبرات: الهادئ بصوته قائلا اليزن ذو الملك وتوقف فجأة الباب فتح

الآن؟ من أتبكياننيالجسد. هذا في زلت ما الآن أنا ها ممازحا: منها تقدم

دموعها. في غارقة ثانية وجهها قمرية أدارت

141

Page 142: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 143: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

عشر الثامن الفصل

بع عرسالت مراسم

أحمرا — الجديدة التباعنة عاصمة إلى أفواج إثر أفواجا المهنئين وفود وصلت إن ماحتى اليزن، ذو التبع الملك عرس حفل في للمشاركة والكنوز الهدايا بثمين محملين —والملحقة لهم، أعدت التي الضيافة بقصور نزولهم على «يثرب» الأول الوزير أشرف

التبع. بقصر

Page 144: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

اليمن من القبائل وشيوخ والحكام والأمراء الملوك من المشاركة الوفود وجاءتالكبير. والمغرب والعراق ومصر والشام العرب جزيرة وشمال العربي والجنوب

من اليزن ذو التبع يخلف بأن استبشارا الكبير، الحدث بهذا الجميع وابتهجتمنى: أن للملك سبق كما التباعنة، لعرش وريثا عليها اختياره وقع التي قمرية زوجته

سيف. وكنيته: هيكل،— العفوف الرحيم الملك ذلك ينال بأن الأماني وعلت الدعوات ارتفعت وهكذاالمعادي المتآمر وملكهم الأحباش أطماع تكاثرت وقد خاصة مبتغاه، يوما — اليزن ذو

«سقرديون». الشرير ووزيره أرعد سيف للعربوالمغرب النهرين بين وما ومصر والجزيرة اليمن ربوع في الجميع استبشر لذاالزواج في التفكير في زهد طول بعد التبع، عليها أقدم التي الخطوة بتلك الكبيرآمنة كمظلة الجميع تحته استقر الذي الرمز ذلك على الحفاظ مدخل من ولو والإنجاب،

مبيت. عدوان أي ضد أزرهم تشدشيء يشغله لا والعدوان، للحرب رافضا الأخيرة سنواته في بدا ذاته اليزن ذو فالملكوالمنشآت والخزانات السدود بتشييد الماء واختزان الأنهار شق مشاريع إنشاء سوىنشر في أحلامه إلى بالإضافة والازدهار، والنمو الحياة الجائعة الأفواه لتلك تتيح التي

له. والثناء بالحب الأرض أقاصي من الأفواه لهجت حتى للجميع، والأمن العدلباحتفالات التبع عرس مراسيم وجرت الضارب، الرحيم اليزن ذو ساعد الله شدد –لما ومباركة حبورا الجميع أكثر وكان وعرضها، — أحمرا — مدينة طول على باهرةفصاحتها ومدى للتبع «قمرية» حب من تيقنه عقب «يثرب» المقرب وزيره يحدث،ثقيلة لأحزان نهبا ظلت قمرية أن إلا عقلها، ورجاحة ومعارفها وعلمها بصيرتها وعمق

واحدا. سببا ولا أصلا تعرف ولا التبع من بزواجها جميعها تتصل مخيمةلماذا؟ –

تأكيد الملك عاود وتعرج، الحديث بينهما وامتد اليزن ذو بالملك اجتمعت كلما وكانتوإدارة تسييسها وكيفية المترامية البلدان حكم شئون إلى بالنسبة سواء لها، وصاياهبحماية يتصل فيما أو — أنثى أو كان ذكرا — منها المرتقبة ذريته إلى بالنسبة أو دفتها،والحكمة، العقل وتسييد المظلوم نصرة في معها التشدد في أو والزراعية، المائية مشاريعه

سببا. لها تعرف لا التي الدفينة الغامضة أحزانها إلى تعيدها الأحداث هذه وكانت

144

Page 145: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التبع عرس مراسم

التي ودموعي أحزاني إثارة الملك يتعمد لماذا وحدتها: في نفسها تساءل كانتالتي وهي نفسها، في الضعف هذا تمقت أصبحت أنها درجة إلى تنقطع؟! لا أصبحتالجارف ذلك حبها قبل — النساء كعادة — طعما الدموع ونزف للبكاء تعرف تكن لم

المتفجر.وزيره حتى القبائل وشيوخ وحكماء أمراء من مقربيه من الكثير هذا، في وسألت،

تعيشه. الذي الغموض بحر في والافتقاد التيه إلا الأمر يزدها فلم «يثرب»،به، ما لمعرفة قلبه مكنونات إلى التسلل حاولت الزواج، مراسيم انتهت عندما حتى

هيهات! لكنالتوتر إلى أكثر بها دفع مما والذرية، الخلفة هو منها، يتعجله ما كل كان فلقدوالذي كثيرا، يكبرها لا الذي الزوج الملك ذلك أطوار غرابة حول التساؤل ومعاودة

بانتظاره. لأحد قبل لا مجهولا ينتظر كمن أصبحمولودهما. بانتظار لهفته تضاعفت والليالي، الأيام بهما مرت كلما فكانت

أين؟ القادم، درعي سيف، –شعورهم إزاء وحكمائهم اليمن تباعنة عن عرفت التي الكلمات بتلك يتفوه ويمضيالذي النسور» «ذي لقمان أو النسور صاحب عاد بن لقمان الحكيم مثل الأجل باقترابهي: التوالي؛ على النسور تلك أسماء وكانت السبعة، نسوره آخر وفناء موته بين ربطيتسمى كان لذا وإنسي؛ — الميسرة أو — واليسر ومغبغب، وخلف وعوض، المصون،

«لبد». النسر هو سابعهم وكان الإنسي، بلقمانأن يقدر ولم الموت، على مشرفا فسقط «لبد» السابع النسر ذلك المنية وافت وحين

لقمان. ناداه يقولون، كما ريشه» و«تفسخ ينهض،الأبد. أنت لبد، انهض –

نفسه: يبكي لقمان أنشد بجناحيه، محلقا جديد من ويطر ينهض لم ولما

لبد يا اليوم أموت إني موتيالأبد تعرم قد أن حسرتي وا

أبدا سالما كنت كما فطرونحتفد. معا ونحيا تحيا

145

Page 146: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

كما وحدتيهما، في — الدهريين — التباعنة بأشعار اليزن ذو لها تندر ما فكثيراوهو الكندي المرار آكل الحارث بن المقصور حجر بن القيس امرؤ قاله ما لها ذكر

الحميري: مراتد ذي بن الصعب القرنين ذا يرثي

غول الدهر أن يخبرك ألمالرجال. يلتهم العهد ختور

متغنيا: ينشد ثم

يدفنونني وهم تبعد لا يقولونمكانيا. إلا البعد مكان وأين

وأحزانها تمزقها من وضاعف عروسا بعد تزال ما وهي قمرية آلم ما إن بلأمر موكلا الحكم في وزهده بالملك، حل الذي المتلاحق السريع التحول وهو وعذاباتها،

وحدها. هي إليها الجوهرية، قرارته من العسيربالأميرة. عليكم –

بأصول معرفتها بعدم الآسية، الحزينة لمشاعرها نهبا متعثرة واجهته كلما وكانتبخالد. لست أنا تمرسي، تعلمي، زوجتي أنت لا؟ ولم أجابها: الحكم

يثرب، الأول الوزير وهو منجدها، إلى الحالات هذه مثل في تلجأ كانت أنها صحيحوشق الجيوش وتسيير المعاهدات وعقد والسلم بالحرب تتصل بقرارات لها أين ولكنووادي الكبير والمغرب ومصر والتركستان وأندونسيا الهند، شمال في والسدود الطرق

ودمشق؟ ويثرب وحضرموت الرافدينوأقنعتها أستارها تحت يوما جاءته التي وهي وتنهى، لتحكم هذا كل من هي أين

والاغتيال. للقتل ساعية المعجلة بسمومها محملةطويلا؛ يمهله فلم اليزن، ذو بالملك المرض وهن وحل «قمرية» حدث تحقق أن إلى

يبرحه. لا فراشه ألزمه إذأحشاء في — كجنين — ابنه تحرك مع موعد على وكأنه متوافقا توقيته وجاءقاربته حين فراشه، على الوجه ذابل معلول وهو الكبرى فرحته كانت وكم قمرية، أمهالرحيمة الحنونة يده آخذة فراشه على راقد وهو ركبتها على إليه تسعى وهي زوجته،

بطنها. على تضعها أن قبل لاثمة

146

Page 147: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التبع عرس مراسم

قمرية؟ يا ماذا –ابنك. –

تقولين؟ ما ا أحق –الأبية. جبهتك يلثم لو ويود معاتبا يلهو هو ها سيف، هيكل، –

لتقبل نفسه على مجاهدا المبرحة آلامه من يعاني وهو واهنة ابتسامة وجهه علتفرح. لحظة

وحيدي! سيف، آه أراه، أن إلى العمر بي يمتد فقط ليتني ابني، –العميق. النوم يأخذه أن قبل أحلامه في مستسلما عينيه أغمض

واكفهراره الملك انزواء بعينيها تشهد وهي تتصرف، كيف قمرية تعرف لم بعدهاالأرض. ومطببي حكماء جميع حيرت التي العاتية علته ثقل تحت

من قصره على تزاحموا الذين والهند، واليمن والشام مصر حكماء له استقدمواشاف. دواء من لا ولكن صوب، كل

يسأل لا الثقيلة والشهور الأيام العضال مرضه غيبوبة عبر تائها اليزن ذو وظلالمنتظر. ابنه عن إلا شيء عن

قمرية. يا أحضانك بين برؤيته عيناي تكتحل أن قبل أموت لن –هو ها للدموع: تلجأ فكانت أحزانها يروي أو قمرية يسعف يكن لم الجواب وهذا

أعماقي. من لك يضحكوهن. في الملك ابتسم

متى؟ سيف، سيف، –أعماق أعماق من أحبته الذي الملك تشهد وهي لونها، عنها وغاب قمرية اكفهرتوحيده رؤية يتعجل سمعته بعدما خاصة النحو، هذا على المبرحة آلامه يعاني قلبها

الملح. الشكل هذا علىمتى؟ –

عرقه خيوط الحانية، يدها بكف عنه تمسح وهي انفعال، في محتضنة قاربتهعنه مخفية تضاحكه وهي قائلة سمو، في المشرئبة العالية وجبهته وجهه على النازف

عنه. الإفصاح على تقدر لا وأصبحت سمعته مما ومعاناتها آلامهاعزك وفي هذه، العابرة آلامك من حالا ستشفى أنك على تراهنني متى، أتقول –

وينمو. سيف سيتربى ومجدك

147

Page 148: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

كله. بعرشي أراهنك أجل، له: تحديها متقبلا المعهودة بفروسيته اليزن ذو غمغمنبتة، مجرد جانبك إلى أنمو أن سوى العالم هذا في مجدا ولا عرشا أبغي لا أنا –

الفناء. تعادي أرزة سنديانة، أحضان في برية زهرة القول ويمكنالفناء. الفناء، –

الإفلات قبل له قدر ومن أحشائها: في النابض وذلك بطنها تحسس معاودا تساءلالرجال. يلتهم الذي الختور الغول ذلك الدهر، الفناء قبضتيه من

وحيث الشرقية، القاعة مدخل حيث إلى متجهة برأسها قمرية عنه استدارت عندئذالذين والرسل والسفراء الأمراء من كوكبة خلفه ومن «يثرب» الوزير منكمشا يقف كان

الجمر. من أحر على انتظارها في كانواطيات بين المطوية الرسالة تلك الأخرى بيدها وتحسست جبهته، تحسس واصلت

حية. كمثل ملابسها،صوب. كل من بانتظارك الجميع –

جوابا. له يعرف لا مشيحا، عينيه الملك أغلقإليه لتفضي إقدام من عنها عرف وما شجاعتها استجماع قمرية حاولت عندئذ

الرسل. حملها التي الخطيرة الأنباء تلك بمحصلةسواك. ورعيتك لشعبك منقذ لا

قمرية. يا بقادر ليتني … آه … النحو هذا على … كيف أنا، –الفراش. عن مبتعدة نعومة في قمرية انسلت للنعاس جفنيه أسلم وحين

نام. –الموسيقيين جوقات إلى صوت دون بيدها وأشارت الشرفات، ستائر فورها من أرختيخلو لا الأخيرة أيامه في أصبح رتيب تنسيق في الملك بمآثر يتغنون الذين والمنشدين،غنائهم من فورهم من فأخفتوا والبكائيات، المراثي إيقاعات إلى تحول الذي الحزن من

تماما. أصواتهم تلاشت حتى وإنشادهم، الجماعيحيث إلى فورها من متجهة التبع، الملك مخدع قاعة باب مغلقة قمرية واندفعتالتابعة والأقوام البلدان رسل من هائل ورهط والأمراء، البلاط رجالات وكبار يثرب يقفبانتظار جميعهم الطير رءوسهم على حط وقد والعشائر، القبائل وشيوخ والحكماء

ردها.كمدها أقصى في له مشيرة ملابسها طيات بين من المطوي المكتوب استخرجت

وحيرتها.

148

Page 149: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التبع عرس مراسم

أقدر. لم –العمل؟ وما –

التحدي. سوى جميعا وينقذنا الملك ينقذ لن يثرب: قاربهامهددا. مشيرا القلعة، للقصر، الجنوبية الشرفات باتجاه بها اختلىالأحباش. بيارق فيه: نحن ما بعينيك تشهدي أن يمكن هنا من –

أرعد. الخسيس ذلك وتمزقها: حنقها أقصى في زفرتالطحلب. المتسلق، ذلك غيظها: حالات أقصى في صارخة عاليا ذراعيها رفعت

جديد وتلقي الرسل، باستقبال مشيرة آلامها تكبت وهي نفسها قمرية تمالكتمدينة بمحاصرة تكتفي لا أرعد» «سيف الأحباش ملك جيوش أن وكيف معلوماتهم،إلى النوبة وبلاد السودان ربوع في متوغلة النيل أعالي وصلت طلائعها إن بل «أحمرا»

العليا. مصر شارفت أنالكبير المغرب في توغلهم عن المعلومات وجديد بالتقارير حولها الرسل وتزاحم

اليزن. ذو الملك موت خبر بينهم فيما أشاعوا بعدما «تلمسان»، ونزولهمحال. أحسن وفي معافى التبع الملك الدنيء، للغدر يا أعماقها: من صرخت

الأرض. هذه عن ويغيبهم — الشهباء — ظهر سيمتطي الغد وفيعلى تلوي لا انسلت أن إلا منها كان فما هذا، بادعائها تكذب إنما أنها تعرف كانتمرتدية ملابسها، عنها نازعة جناحها وصلت أن إلى يثرب، الوزير أعقابها وفي شيء،إلى جديد من منسلة مشيته، متمثلة ودروعه ولحيته بل وهيئته اليزن ذي حرب عدةداعية جثت التي المنذهلة الجموع على خارجة المعلق، سيفه فانتزعت مخدعه، حيث

التبع. للملكمن للخروج الجميع واستعد «الرجروج» الحرب طبول بدق أشارت فورها ومن— من للخروج الجيش واستعد المعجزة وحلول التبع شفاء خبر سرى أن بعد خلفها،

المعتدي. الجبار أرعد سيف وملكهم الأحباش عدوان لملاقاة — خلفه

149

Page 150: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 151: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

عشر التاسع الفصل

اليزن ذو مكان تأخذ قمرية

فجأة قادتها التي الضارية الانتقامية الحملة تلك في «قمرية» الأميرة شجاعة ظهرتمدى بعينها شاهدت حين وذلك عواقبها، في التفكير مجرد حتى أو إعداد سابق ودونسنحت حين أرعد»، «سيف الأحباش ملك إليه استحال الذي الأسود العدوان أو الخسةفراشه. ألزمه مرض من اليزن ذو التبع الملك على حط ما مستغلا بالانتقام فرصته

وبيارقه راياته رفع إلى والعدوان، بالشر المبادرة إلا «الأرعد»، ذلك من كان فما«أحمرا». التباعنة عاصمة على الحصار لإطباق محاولة في سهامه وإشهار

ودروعه تاجه ووضع اليزن ذو حرب عدة ارتداء سوى قمرية أمام يكن لم هنالرد بالجيش وخروجها متنكرة هيئته كامل اتخذت بعدما حسامه، وحمل وشاراته،

محدق. خطر من يمثله وما — الحبشي — العدوانما أرعد، سيف وبصاصي عيون أن ذلك تلك، الانتقامية مكيدتها في الحظ وحالففارين مندحرين، فورهم من تراجعوا حتى النحو، ذلك على عليها أبصارهم وقعت إنوهو يمت، لم اليمني: التبع أن كيف وكيان، ووطن مدينة كل عبر مشيعين بجلدهم

التباعنة. تاج رأسه وعلى محاربا جيشه فيالق يتقدمسريان من بأسرع يتاخمها ما إلى مدينة كل من متواترا الخبر سرى ما وسرعان

الهشيم. في النارمحاربا. فاتحا جيشه ويتقدم الشهباء، جواده، صهوة يعتلي معافى التبع الملك –فلولهم فركضت الأحباش، جيش وكتائب فيالق ساد ما أول والفزع الذعر وساد

إثيوبيا. باتجاه عائدة الرياح تسابقما إذا حتى بهم، والدمار والموت الرعب موقعة زحفها واصلت «قمرية» أن إلاوجباله غاباته طول على لها تعقبها واصلت النيل، عابرة الأحباش جيوش تراجعت

Page 152: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

بل الخاصة، رعايته اليزن ذو الملك يوليها كان التي النشابة فرق مستخدمة المشرفة،بهم. ذاتها هي أوصاها ما وكثيراالحامي. درعي هم النشابة –

الجبال سفوح قمم أعلى من المذعورين الفارين الأحباش جيش يمطرون فمضواالمروعة والهزيمة بالخبر عادت التي القلة سوى منهم يفلت فلم رحمة، دون المحيطةموت بادعائه وافتراءه — أرعد — الملك خداع معلنة «إثيوبيا» أرعد سيف عاصمة إلى

هنا. إلى تقدمه الباسل بجيشه يواصل التبع الملك هو وها التبع،جيش معظم وأسر قتل بعدما الشهباء ظهر على هو ها يمت، لم اليمني التبع –

الحبشة.أقصى إلى مسرعة تقدمها مواصلة فائقة بضراوة تحارب «قمرية» الأميرة كانتيتصل ما منها سواء والمخاوف، العنيفة التوجسات من للعديد نهبا كانت أنها ذلك حد،ما أو منه، أحشائها في وما بحملها يتصل ما أو الفراش، الطريح اليزن ذي الملك بصحةسيحدثه ما مدى ثم استشارته، دون الحرب قرار مثل مصيري لقرار باتخاذها يتصلأيام بضعة عنه باختفائها ويعلم فجأة — اليزن ذو — به يسمع حين القرار، هذا مثلأخطار من فعلا هذا يشكله أن يمكن وما حملها لآلام مراعاة دون أسابيع، إلى تصل قد

ونفاده. الصبر ببالغ ينتظره الذي بوحيده تتصلسيف. هيكل، –

واقتحامها انتصارها ثم إجهادها، حد إلى مهمتها، من الانتهاء قاربت إن ما لذا،الشديد. الإعياء تملكها حتى ذاتها، وتوابعها الحبشة حدود بجيشها

الجبان. أرعد سيف من علينا المبيت للعدوان ا حد لنضع –مما تخوفا انتصار، من تحقق بما المرة هذه الاكتفاء آثر «يثرب» الوزير أن إلاعلى بالطبع وتخوفا بطنها، في بما وعنفوانها الحرب تودي أن وقبل حمل، من عليه هي

المتردية. المريض التبع حياةوملكهم. للأحباش الكفاية هذا ففي –

الأخبار وصلته إن ما أرعد سيف أن ذلك «يثرب»، الوزير به نطق ما ا حق وكانقاربت التي المعارك وضراوة جيشه لإفناء وخروجه اليزن، ذو التبع موت صحة بعدمسقرديون لوزيره أعماقه، من يصرخ فمضى الجنون، تولاه حتى ذاتها، بلاده حدودما مصدق غير أفريقيا، وجنوب غرب طول على وحلفائه ومستشاريه وزرائه وبقية

واندحارات. هزائم من ويقع ويجري يحدث

152

Page 153: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

اليزن ذو مكان تأخذ قمرية

— الشرير — وزيره رأس على وسبابه غضبه حمم أرعد، سيف صب وكالعادةومشورته. سقرديون

للأكاذيب! يا اليمني، التبع مات الحقوا، –أبوابنا الأبواب يدق اليمني التبع هو ها سقرديون: وجه في وثورته صراخه أعاد

سقرديون! يا إثيوبيا مخادعنا، ذاتها،جيشي إفناء تود إنما كأنك أنا، لي حتى خداعك يصل النحو هذا على ا: محتد واجهه

يهوذا. صلب من المنحدرين ذاتهم وأجدادي آبائي بعرش وتوديالجميع. من مرأى على تحديه واصل

اليزن، ذو لملاقاة إذن اخرج العجوز، سقرديون يا لمواجهته اخرج إليه، اخرج –اخرج!

الريف»، «أبو المدعو — المولد الحجازي — العاقل الوزير حاول جانبه ومنالعسيرة المواقف هذه مثل في المفيد من قائلا: أرعد» «سيف الملك ثائرة لتهدئة التدخل

له. قوام لا فالكذب أخطائنا؛ من الاستفادة هو إفادة والأكثر النفس، ضبطبدلا النفس، وضبط التروي حلفائه وجميع الملك الريف» «أبو الميمنة وزير وناشد

والعدوان. والكذب الافتراء منبحسب — أحمرا — العاصمة إلى العربي الجيش بعودة الجميع فطمأن مضى ثم

الأخيرة. رجاله تقارير من تلقاه مامحاولة في أرعد» «سيف إلى به ودفع ادعاه فيما كاذبا الريف أبو الوزير يكن ولم

الجميع. إلى الاطمئنان لإعادةيمكن ما إنقاذ بهدف أحمرا، إلى أمكنها ما مسرعة العودة آثرت قمرية أن ذلكفي ما على حفاظا أو المريض، اليزن ذو لزوجها ملازمتها إلى بالنسبة سواء إنقاذه

منه. أحشائهاالحراس أخلص من وكوكبة يثرب الوزير بصحبة أمكنها ما السير جدت لذاغيبتهم في له حدث وما التبع صحة على للاطمئنان العودة طريق عبر متلهفين مسرعينمن هناك يكن لم التي التأديبية، الحملة هذه استغرقتها التي الأخيرة، الأسابيع خلال

بها. القيام من مهربلاقتحام انتصارها وملاحقة التقدم مواصلة قلبها أعماق من «قمرية» ودت ولكمالذي — أرعد سيف — الشرير الطور ذلك من والتخلص وعاصمتها ذاتها الأحباش بلاد

153

Page 154: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

سمها ذاته هو تذيقه أن قلبها من أيضا ودت ولكم الكره، سوى يوما له تحمل تكن لمبه. لقائهما لحظة منذ منه فلات لا أسرا أسرها الذي اليزن ذو الملك من بدلا الزعاف،الأحاسيس من للعديد نهبا أحمرا إلى عائدة الطريق تقطع تزال لا وهي كانت

مخيلتها. في هوادة دون تعتمل التي العاصفة والهواجسجنينها، على «يثرب» الوزير مخاوف تضاعفت الإسراع، في أكثر بالغت كلما وكانتوليدها بفقدانها سماعه سوى اليزن، ذو التبع وآلام مرض من سيضاعف شيء من فما

المريض. إلى منه المحتضر إلى أقرب فراشه على يعاني وهوأحدثته الذي الساحق الانتصار بذلك ودراية وعي أقل على تكن فلم قمرية، أماالمسجى الملك عن الأخطار كل ودرء التباعنة، عاصمة حدود لتأمين الأحباش، جيش علىونضوج شبابه مرحلة بعد يتخط لم وهو به ألم الذي العضال الداء ذلك صرعه الذي

عطائه.أرعد. الشرير، المتسلق الطحلب ذلك –

حتى يتحرك لم اليزن ذو أن الغريب «أحمرا»: تخوم على مشرفة وهي تساءلت— أرعد سيف — منها اتخذ حين اغتياله، لمؤامرة اكتشافه عقب منها الانتقام لمجرد

السوداء. وأحقاده أطماعه لتنفيذ نمر ومخلب أداة مجردالشهباء. لحصانها العنان تطلق وهي معاينه بصقت

والتآمر. العتمة سوى الخسيس، الأرعد ذلك فيه يقف مكان لا –أنا، فمني اليزن، ذو من يكن لم إن القريب، يومه سيجيء لكن تتوعده: مضت

يومك. سيجيء أرعد يا أجلالأنهار، عابرة والجبال، والسهول الروابي تقطع الثقيلة، معاناتها رغم مضتالملك حيث إلى العودة طريق لاختصار قدم، قبل تطرقها لم التي الغابات أعتى مقتحمةأرعد سيف شوكة كسر في وأمانيها لأفكارها العنان آخر جانب من مطلقة المريض

السواء. على والعجم العرب ضد الدوام على المشهرةدمه. من لتشرب منه الأيام تمكنها أن تمنت فلكم

أرعد؟ يا اليوم هذا سيجيء هل –توصلت التي الطويلة وأذرعه جيوشه على الطريق قطع في تتركز خطتها وكانتأواسط وكل الأفريقي والقرن الكبير والمغرب والسودان العدية مصر صعيد إلى اليومحتى أرعد استغلها التي الأخيرة مرضه كارثة بسبب اليزن ذي عن غيبة في أفريقية،

العظم.

154

Page 155: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

اليزن ذو مكان تأخذ قمرية

ثمرات، وبضع لبن رشفة لتتجرع توقفت حين مداه، الفرح بقمرية ووصلأحشائها. في يتحرك بمولودها فأحست

ولدي! سيف، –ما تفاصيل عليه تسرد وهي لها يصغي حين التبع فرح فورها من وتصورتأن لك ويمكن مثلك، معافى قوي هو ها أجابت: وحيده، عن سألها ما إذا حتى حدث،

اسمع. اسمع، بأذنيك، تسمعهجنينها أن وكيف الخاطر، بهذا فورها من حادثته حتى يثرب، قاربها إن ومافي هاتفا الوزير غمغم بطنها، في معافى حيا يزال لا اليوم، السادس شهره أكمل الذي

هيكل. فرح:سيف. أعماقها: من ضحكت

آخرها عن المدينة فتحت حتى الغروب مع — أحمرا — مدينة على أشرفا إن وماتمجيدا الآذان يصم عاليا المؤلفة، الآلاف وتكبير هتاف ووصلهما النحاسية، أبوابها

مظفرا. وعودته المنتصر الفاتح «الملك» لاستقبالوالجماهير والرياحين، بالورود المزدانة النصر أبواب عابرة خيولهما جاست إن ومالحيتها «قمرية» تحسست حتى المنتصر، «الملك» يخطو حيث إلى تجثو الجانبين علىبها تحيط وخوذته، دروعه تحت اليزن ذو هيئة متخذة الشهباء، ظهر على معتدلةما تصدق لا والظفر بالنصر المهللة المبتهجة العيون بينما المسدلة، وبيارقه أعلامه

الدهر. أبد والنصر العمر بطول اليزن، ذي التبع للملك تدعو وهي تشهدهالقصر باتجاه وصوب جانب كل من الجميع محيية — متنكرة — هي واندفعت

رأسها. النصر أدار وقد الحصين،اتخاذها في دورها تكمل أن تعمدت ذاته، القصر ساحات شارفت ما إذا حتىللجميع مدعية للقصر، الخلفية والمداخل الجانبية الساحات عابرة اليزن، ذي الملك هيئةأن إلى والكلام، النطق من بدلا اليد بإشارات مستعينة الراحة، إلى وحاجتها إرهاقهاهيئتها بكامل فورها من متجهة الخفية، القصر سراديب من داخلة مسرعة انفلتتإعياء، في توقفت حتى المخدع، باب انفتح إن وما مخدعها، جناح صوب وتنكرهاما مرجعة بها، ما تخفي وهي ركبتيها على جثت ثم المرمرية، الأعمدة أحد على مستندة

لمساعدتها. محاولة في جواريها بها ولحقت طعام، من تناولتهحبي. اليزن، ذو –

155

Page 156: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

مسرعة فخطت نفسها تتمالك أن إلى بها ما تدري لا طويل، تراخ في نهضتالوجوه تصفحت الغربي، المخدع باب فتح على تجرؤ أن وقبل الملك، جناح حيث إلى

مستطلعة. حولها من المحيطةالخبر؟ ما –

من اليزن ذو إيقاظ لعدم محاولة في الفراش من ثقيل صمت في قمرية وتقدمتوغفوته. سباته

ومالت اليزن، ذو التبع الملك وجه عن الغطاء كاشفة حرص في يدها امتدت إن وماما سرعان الذي يثرب، الوزير عن باحثة استدارت حتى أنفاسه متحسسة لاثمة عليه

نائم؟ الوجه: ممتقع مذهولا بدوره قاربهاالملامح، الصافي الهادئ المستكين الملك وجه عن معا الغطاء جديد من كشفا إن وما

اليزن! ذو … مات مات! قمرية: صرخت حتى

156

Page 157: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

العشرون الفصل

المحتضر بع الت اليزن ذو

التبع الملك مخدع داخل «يثرب» والوزير «قمرية» على مربكا عسيرا الموقف أصبحالأحباش ملك عدوان لرد غيبتها، في أنفاسه آخر ولفظ المنية وافته بعدما اليزن ذي

أرعد. سيفالملك بقصر محيطة وهتافا وتكبيرا حماسا — أحمرا — مدينة اشتعلت بينما إذفي المنتصر العائد التبع للملك تمجيدا ومنافذه ساحاته مغلقة الجوانب كل من الحصين

الحياة. فارق قد — الحقيقي — الملك كان الوقت، ذلكمعيدة لتمازحه ولحيته، ودروعه حربه عدة تحت متنكرة قمرية يد امتدت إن وماخلال عليه أقدمت ما فورها من له حاكية السمح، المسجى وجهه إلى الصافية الابتسامةومفارقته أنفاسه انقطاع فورها من اكتشفت حتى لاثمة وقاربته عنه، غيابها فترة

مات! صارخة: ثيابها شقت أن إلا منها كان فما الحياة،بينما أنفاسها، وكتم عليها الارتماء سوى نفسه يثرب الحكيم الوزير يتمالك ولمالذي بالنصر استبشارا جهة كل من مدوية الآذان كل تصم وهتافاتهم الجماهير تكبير

المعافى. المنتصر الرحيم مليكهم حققهالشرفات كل بإغلاق بالإسراع الجواري لأقرب مشيرا فوره من أسرع الوزير إن بلعن عيناه تغفل أن دون اليزن ذو التبع موت كارثة تسرب خشية والأبواب، والمنافذفي أظافرها ناشبة فمضت طور، كل عن وحبيبها زوجها فاجعة أخرجتها التي قمريةهنا ولحيته، ذاته الملك دروع هي التي دروعها شعرها، المجهد، وجهها صادفها، ما كل

الناس. مشاعر … الناس حذر: في يثرب صرخالساحق النصر أسكرها التي الجموع مشاعر معرفة على الأقدر هو الحكيم فالوزير

بالعرب. تلحق ضعف ثغرة لكل المتحين المعتدي — أرعد — الحبشي الملك ذلك على

Page 158: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

إلى الطامعين بأعدائه دافعة الملك، دور بمهارة وأدت تقمصت التي قمرية أن إلاعلى تبقي لا كالمخبولة واندفعت يثرب الوزير تصرف فورها من تع لم المحقق، الدمار

بطنها. إلى مشيرة لاهثة بدموعها أغرقته الذي المسجى الجثمان تحتضن وهي شيءيدك، ضع أحشائي، في يتحرك هو ها وليدنا؟ ترى أن إلى بالانتظار تعدني ألم –

اليتيم! وحيدك، سيف، هو هاتكبير دوي إلى مشيرا وتبصيرها تعقيلها إعادة الوزير حاول صوتها، ارتفع وكلما

بالنصر. وجنونها الجماهيرحد إلى يثرب، العجوز الوزير إزاحة إلى بها دفعت وثورتها قمرية أحزان المهم –

باكيا. منتحبا مكانه فجلس أرضا، إسقاطههكذا. –

احتضانها سوى منه كان فما نادبة، جانبه إلى تسقط وهي ملتاعة، قمرية قاربتهتصرفك وهذا بهم، معرفة منك أكثر أنا أوانه، هذا ليس مستوضحا: مهدئا أبوة فيمن فجأة أفاقت كمن وجهها، قمرية تحسست هذه، هذه، التبع ولحية بملابسك أنتترددت التي العاتية المدوية الهتافات آذانها ت صم حتى الصمت، حل إن وما غفوتها،

الواسعة. المدينة أرجاء في أصداؤهاابنتي؟! يا أتسمعين –

أسمع. –بين بكامله وجهها واضعة الوقوف، محاولة نفسها تسند وهي بتخاذل نطقت

بداخلي! أقتلها أن علي أحزاني حتى الحياة؟! بنا تمضي أهكذا راحتيها:مجرد فقط، الآن … الآن … ذكراه … حبيبك الملك، على حفاظا يثرب: أردف

غير. لا … اسمعيني معدودة ساعات … غير لا ساعاترأسه آخذة الملك فراش على وجلست يثرب للوزير مقاليدها قمرية أسلمت هنا

صوت. بلا بها ما تندب ساعديها، بين مهدهدةإلى وتمددت متخففة، ولحيته الملك وتاج دروعها عنها فخلعت فجأة هبت ثم

واضح. إعياء في تنعيه جواره،والأقوام الجموع لمواجهة البحرية، الشرفة إلى ، منسلا يثرب الوزير اتجه بينمافوره من خلد الذي التبع، الملك لمرض نظرا الهدوء فناشدهم الملك، برؤية المطالبة

مرضه. إلى نظرا للنوم،

158

Page 159: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

المحتضر التبع اليزن ذو

الهدوء. ولزم بالشفاء، له دعا اليزن ذو أحب فمن جميعكم، تعلمون كما –التبع جثمان ولزمت الحداد، ثياب فيها ارتدت قمرية، على ثقيلة أيام بضعة ومرتمقربيه، أقرب إلى اليزن ذو التبع موت خبر تسرب أن إلى همس، في نادبة تفارقه لاوملكهم الأحباش إلى الخبر يتسرب لا حتى يثرب، الوزير، عليه الإبقاء في ق وف تكتم في

الطامع.ذاته اليزن ذو وصية حسب التباعنة، بمقابر ا سر الجثمان دفن موعد حان أن إلىتسلم لحين وتوابعها، حمير حكم في مكانه العرش قمرية تعتلي أن على فيها ركز الذي

الحكم.» مقاليد بطنها في «ماللعرب المعادي الوزير أذن عن المرة هذه تغب لم حدث ما أخبار أن ويبدوالذي أرعد» «سيف بلاط داخل — المهتزة — مكانته استرداد فرصة فحانت سقرديون،أحشائها، في وما الأذية» «قمرية من والتخلص للانتقام سانحة، فرصة بدوره وجدهامنذ — سيف — المنتظر التبع قتل بضرورة ومقربوه كهنته عليه أشار وقد خاصة

وتوابعها. الأحباش بلاد ضد خطوه يستفحل أن وقبل المهدوالمتنبئون: الشعراء أنشده حين وذلك

أرضهم يملك يأتيك ومولودحاكما البرية جميع على ويبقىأحمرا مدينة تخرب عصره في

وتهدما. جميعا تدمى وأسوارها

يسمعه ما كان فربما يتصرف، كيف يعرف لا مرتعدا طويلة فترة أرعد الملك وظلوملكه، جيشه من تبقى ما على للقضاء قمرية، الأذية تلك جانب من تالية خدعة مجرد

السابق. في حدث كمامتعجل قرار اتخاذ قبل التروي أهمية على أرعد، سيف رأي استقر هنا ومن— التبع عاصمة داخل ويحتدم يجري ما رصد على عيناه تغفل أن ودون بالحرب

مكان. كل في المنبثين وبصاصيه عيونه عبر — أحمراالتبع موت حقيقة على صوب كل من والمعلومات الأخبار أجمعت ما إذا حتىلابنه وضعها لحين الأطراف المترامي ملكه بوراثة قمرية وانفراد ودفنه، اليزن ذو

النبوءة. بعينها هي لنفسه: غمغم ووريثه،

159

Page 160: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

تلك خلال وقواته، جيشه لمعظم بتبديده العاثر، حظه يندب جديد من عاد أنه إلاحين الدامية خدعتها طريق عن قمرية توقع، كل فاق بنجاح بها، اضطلعت التي المهمةكمثل ت وانقض اللون، الكهرمانية لحيته وحتى وسيفه، ودروعه هيئته متخذة تنكرتالشهباء ظهر على وهي وأشرفت آخرهم، عن أفنتهم أن إلى مطاردة، قواته على نمربحرابها أبوابها فخلعت إثيوبيا، أسوار على اليزن ذو فرس وهي عين، تخطئها لا التيأذهان في رسخت بعدما الخاصة، بقواته الهرب إلى — أرعد سيف — هو دفعه حد إلى

أن. الجميعالجميع. يتحدى هو وها يمت، لم اليمني التبع –

الخدعة، بتفاصيل علم بعدما «سقرديون» المقرب وزيره مكانة تزايدت هنا ومنسواه. يسمع لا وأصبح الاعتبار إليه رد بعدما علنا، له الاعتذار إلى بالملك دفع حد إلى

الحكيم؟ سقرديون يا ترى ماذا والآن –الملك: تساءل غد، قبل اليوم قطافها أوان حان قد الذهبية فرصتنا أن أرى –

والتشتت. الضعف من الوضع هذا على وجيشناحين؟ إلى ولو الكبير والمغرب والنوبة النيل أعالي من كتائبنا نسترجع لا لم –

ونستسلم البقع، هذه حكم عن إذن نتخلى مفكرا: خائفا عرشه عن أرعد الملك هبللعرب. المؤيدة لثوراتها

اختطاف أو اغتيال أو قتل هو الآن هدفنا ثبات: في الملك سقرديون الوزير واجهالأمر. كلف مهما التبع وإجهاض قمرية

بعدما أذنيه، في الكلام يصب وهو الملك حول الطواف يواصل سقرديون اندفعالمرة. هذه مستكينة كفريسة له استسلم

يمكن مخلوق أضعف فهي هنا ومن الأخيرة، شهورها في حامل الآن قمرية –فراشة. من أضعف هي تصوره،

الحية. تلك ممازحا: سقرديون أردفهي بالمعضلة: أشبه معقدة معادلة له يشرح وكأنه للملك يشرح سقرديون مضىهكذا. تصيدها وعلينا فراشة، إلى أحشائها في وما حملها تحت استحالت رقطاء، حية

كيف. –المستسلم المحبط الملك مشهد من قفاه، على استلقى حتى طويلا، سقرديون ضحك

له.

160

Page 161: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

المحتضر التبع اليزن ذو

لي. الأمر دع كيف؟ أقول –لاختطافها، أرعد، سيف جانب من متتالية مؤامرات ثلاث قمرية أحبطت ما إذا حتىمن دفين وغل سخط في غمغمت فقط، واحد أسبوع في إجهاضها، الأحوال أسوأ وعلىكما هشة ضوء فراشة لست أنا لنفسها: قائلة سقرديون ووزيره أرعد» «سيف خسة

يدعون.ألف وقرار وفعل خطوة لكل تحسب الثامن حملها شهر تعبر وهي بدأت هنا ومنالتبع الملك وصية على بل أحشائها، في ما على ولا بل حياتها، على خوفا ليس حساب،

جواره. إلى تسعد أن من والليالي الأيام تمكنها ولم أحبته، الذي الراحلتوقع كانت ما وكثيرا بل السلطة، كل قمرية تملكت اليزن، ذو وصية وبحسبجند وقادة وأمراء قبائل وشيوخ لحكام ملكه، وخاتم باسمه ومراسلاتها مكاتباتهاوبعلبك النوبة وبلاد والسودان مصر، دلتا في الحليفة، أو حمير لحكم التابعة البلدانالبلدان من والكثير وجنوبا، شمالا العرب جزيرة كيانات ومجمل وصور، وفلسطين

الصين. وتخوم الأقصى الشرق حتى الآسيويةوأخصهم — الراحل — الملك وزراء مع استشاراتها تجري خطواتها كل في وكانت

يثرب. الحكيم الوزير قلبها إلى وأقربهمولو حتى والحرص، السرية من بالكثير والمصيرية الكبرى قرارتها قمرية وأحاطت

فراشها. على ممددة وهي الراحل، التبع مخدع داخل اجتماعاتها عقد الأمر تطلبالشديد حرصها والتكتم، السرية من الأسلوب ذلك إلى اللجوء إلى بها دفع ومماالمسرح، على تظهر بدأت الحاقدة العناصر بعض وأن خاصة حملها، شهور إتمام على

امرأة. حمير تحكم أن رفضت والتيعنها، اشتهرت التي التاريخية محصلتها إلى لاجئة ادعاءاتهم على الرد حاولت وقدشرحبيل بن الهدهاد بنت بلقيس من لحمير، النساء شهيرات حكم الأذهان إلى معيدةأسعد، بن حسان التبع ابنة «تدمر» بالملكة وانتهاء وتوابعها، لحمير المترامي وحكمهاالجليلة وخطيبته ربيعة، بن كليب — بالحيلة — الدامي عرسه ليلة اغتاله الذيالاغتيال، ذلك بسبب نشبت التي الانتقامية البسوس حرب هي وها بقولها: مرة؛ بنت

والبقاع. وفلسطين الشام مشارف على رحالها تدورتحكم بأن فيها يوصي التي ذاته، اليزن ذو التبع وصية أشهرت ما كثيرا هي بل

أحشائها.» في ما الحكم تسلم أن لحين قمرية الأميرة «امرأتي

161

Page 162: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

معا؛ وآشور لبابل «سميراميس» الملكة حكم الأذهان إلى أعادت أيضا مرة من وكمإلى ثورتها بها تصل الأحيان، بعض وفي بكاملها، الصغرى وآسيا الرافدين وادي في أي

هذا. كل من حل في لتصبح الراحل، التبع وصية من بإحلالها المطالبة حدالتي والمنغصات والمكائد الفتن تلك أن — خفي طرف من — تعرف كانت«سيف وملكها إثيوبيا مصدرها نفسه، الحاكم بلاطها داخل حتى ضدها تثار أصبحتالطرق مختلف استخدام طريق عن بها والإيقاع لإجهاضها «سقرديون»، ووزيره أرعد»

والمصائد.تفهم ودون رحمة دون الأخيرة، معاناتها أيام في حامل وهي لها يجري ذلك وكلأوارها يستعر مؤامرات، من — أحمرا — الجديدة التباعنة عاصمة ضد يحاك ما لأبعادلقتلها خداع من تباعا أمره وينكشف يقع ما إزاء خجل حتى أو هوادة، دون نهار ليلعينيها على حرصها عليه تحرص هي بينما أحشائها، داخل في ما إجهاض أو واغتيالها،

منقوصة. غير كاملة الأمانة تسلم لكي ذاتهماعليها أوصد لذا حملها؛ وسلامة قمرية على الجميع أحرص يثرب الوزير وكانوأشجع جنده وأخلص عيونه بث طريق عن الآخر، بعد الواحد القصر، دواوين بنفسه

لرصدها. الحساسة الأماكن في وقحطان حمير فرسانورؤية الخروج المولود محاولة بسبب قمرية آلام فتزايدت الموعود، اليوم جاء أن إلى

لمعاناتها. حد ووضع النور،على الشديد الطلق تجدد الفجر، انبلاج ومع التالي، اليوم مساء حل ما إذا حتىمن و«الدايات» بالوصيفات محاطة وهي ذاتها، بحياتها تودي أن كادت لدرجة قمرية،

القصر. جنبات صراخها ملأ حين في جانب كلكل من طاغية الزغاريد فعلت صراخها على غطى الذي المولود صراخ علا أن إلى

النوم. إلى الشديدة حاجتها إلى أشارت قمرية أن إلا جانب،أمانتها. وضعت بعدما عميق نوم إلى فورها من واستسلمت

الأولى، للمرة وليدها لترى لهفة في استدارت التالي، اليوم ضحى في استيقظت وحينتجده. لم ولكنها

سيف! وحيدي، ابني صرخت:

162

Page 163: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

والعشرون الحادي الفصل

الأفريقي القرن الحربالضروسفي

اليزن ذو التبع الملك وأرملة أرعد» «سيف بين المستعرة الضارية الحرب نيران اندلعت«قمرية».

اليمن إلى الموصل وقرنها أفريقية أواسط طول على رحاها امتدت التي الحرب وهيالعربي. والجنوب

الفاجعة والملابسات الظروف إلى نظرا طويلا، تأجلت قد كانت حرب أنها كماقد كانت التي قمرية من زواجه عشية اليزن، ذو للتبع المفاجئ المرض مرجعها التيحدث بعد يتيما الوجود إلى به دفعت الذي سيف، بابنه المتعثر بحملها بدورها انشغلتكتائبهم شارفت الذين الأحباش فلول تدفع وهي غيبتها، في الفاجع اليزن ذو موت

ذاتها. «أحمرا» أسوار المخربة المتربصةالكاذبة — إشاعته بعد المبيت أرعد سيف عدوان إجهاض في قمرية نجحت وهكذاالطريق أن «سقرديون» للعرب المعادي المتآمر ووزيره هو متصورا اليزن، ذي لموت —نبتت التي السوداء القارة بوسط التباعنة عاصمة لتقويض مفتوحا أمامهما أصبح قد

مبكرا. أفريقيا تعريب إلى ترمي شوكة كمثلالمبيت الأسود والانتقام أحمرا بتخريب مرماه عن عيناه تغفل لم أرعد سيف أن إلاحينما اليزن، ذو الملك تخون أن قبل خانته التي قمرية — مملوكته أو — جاريته من

به. بالاقتران مهمتها أنهت محبة إلى فاستحالت مغتالة، جاءته«ديب». أباك لأن صحيح؛ الذئبة، تلك حقد: في أرعد ترنم

— يدعوه كان كما — اليمني التبع مواراة من أرعد سيف استوثق ما إذا حتىالإكثار إلى قومه وداعيا مشجعا جيشه، نواة تكوين إعادة باتجاه المستحيل بذل الثري،حلم يحدوه كان التي البلاد من كتائبه فلول بعض ومستقدما والإنجاب، النسل من

Page 164: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

بدءا — الساميين — العرب أيدي في تسقط أن من بدلا بتملكها يهوذا» «أسود أسلافهالتي تلمسان وبخاصة الكبير، بالمغرب وانتهاء النوبة، وبلاد والسودان العليا، مصر من

السرطاني. نفوذه وتمدد لسيطرته خاضعة شبه كانتسقرديون، الشرير ووزيره هو المتكررة مؤامرته نيران تخمد لم الأثناء، تلك في

الشبل. ثم والرضيع الطفل يزن ذي بن سيف اغتيال أو قتل أو لاختطافعن بعيدا الخفاء في وتربيته رعايته تقتضي الحكمة أن لقومه، تراءى أن إلىعن بمأمن أخرى، إلى ومدينة وقبيلة وكيان، موطن من متنقلا ذاتها، أمه حتى العيونسباتها، في الغارقة السوداء القارة تلك في المتوغلة الطويلة السرطانية أرعد سيف أذرع

أفريقيا.يكن لم إن — مواجهتها قمرية على وكان كأخطبوط، تمددت التي الأيدي وهيفي سواء التباعنة، ميراث من شيء كل لضاع وإلا استئصالها، لإعادة — فغدا اليوم

السواء. على وشمالا جنوبا العرب جزيرة ربوع في أو أفريقيا،الأحقاد، ونبذ الشمل وجمع الصحوة ضرورة التابعة الأقوام بجميع أهابت هنا ومن

بنفسها. محرضة متنقلة مسافرةومصر وإخميم ويثرب والبحرين وعمان وعدن وصنعاء وحضرموت سبأ فزارتجيش فلول جامعة وأطماعه، أرعد سيف من محذرة ولبنان؛ وبعلبك وتونس وقرطاج

غفلة. دون بالحرب والمبادرة التباعنةالذي الاستبسال حد إلى الحسن البلاء قمرية أبلت الحرب، نشبت ما إذا حتىتكون أن إلى الأقرب وهي أنثى، كامرأة منها النيل في الطامعة الألسنة كل أخرس

منه. وخلفها الراحل بالتبع اقترانها رغم عربية تكون أن إلى منها «أعجمية»الحكيم ملكهم على دخولها بين ربطت التي الغيبية التصورات إلى طبعا بالإضافةهنا ومن العضال، مرضه ثقل تحت بمنيته، التعجيل قضاء وبين اليزن، ذو الحبيبباعتبارهم وحضارة، ولغة جنسا للعرب المعادين الأحباش خطر مواجهة من بد ولا كاناللعنة.» أبناء السوداء، البشرة «ذوي الحاميين: ومتاخميهم جيرانهم في طامعين ساميينومذريا مثيرا الأفارقة، أقوامه شمل جمع في نجاحاته أرعد سيف حقق هنا ومن— العصور مخلفات وركام واللغة باللون تتصل وعرقية، عنصرية وقضايا، مشاكلالأحباش ملك وساعد الأزل، منذ الجلد تحت المتأججة القديمة — والخرافية الأسطوريةالهلينية ثقافته إلى نظرا سقرديون، الحاقد — العنصري — وزيره هذا في أرعد،

معا. والأفارقة العرب على الدخيلة اليونانية

164

Page 165: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الأفريقي القرن في الضروس الحرب

سيف بالفعل ساعد قد واللونية» «العنصرية للدعوات المستنفر المدخل هذا أن كماوحلفائه لأقوامه ادعاءاته هذا إلى وأضاف والتعريب، العرب ضد حشوده تدعيم في أرعدمن حياة، وكل والاخضرار الزرع مصدر الماء بمصادر واهتمامه اليزن ذي هدف أنفي رغبته مرجعها المياه، وتصريف تخزين وكيفية التربة و«كيميا» الماء ومجاري سدودالتبع أي — تستره كان هنا ومن النيل: نهر وهو بأسرها أفريقيا شريان على السيطرة

النيل. كتاب عن: — السرية الخفية — وكتاباته بحثه وراء — اليزن ذو الراحلالأقوام حمية مستثيرا قوائمها، مرسيا هذه، العدوانية دعوته أرعد سيف ودعمعاصمة على حملاته مواصلا إثيوبيا، في راياته تحت وتجميعها السوداء أفريقيا وقبائل

ذاتها. التباعنةوقطع بالحرب لتقويضها، المعجل الإسراع وسائل كل هذا في أرعد واستخدمقد كان التي وحصونها منشآتها في النار وإضرام سدودها وتخريب أنهارها شرايينأيضا هنا ومن القصير، عمره لحظات آخر حتى وتأمينها إيجادها في اليزن ذو عانىملك وجه في التباعنة العرب حصون عن والدفاع الصمود في قمرية الملكة معاناة جاءتالخاطفة الحرب وسائل إلى باللجوء والتآمر، والخداع القوة وسائل بكل المدجج الأحباشدون والفرار — بأحمرا — الدامية الخدوش إحداث للأحباش تتيح ثغرة كل واختراق

شبحية. بأنها المخادعة الحرب تلك وصف إلى بقمرية دفع مما مواجهة،بقدرة أعدائها وردع بدورها، حربها أساليب تغيير في قمرية نجحت ذلك ورغمالغليان، إلى أرعد بسيف دفع ما كثيرا ماهر، — أنثوي — خداع من تخلو تكن لم فائقةفي صارخا انقطاع، دون ومطببيه حكمائه واستدعاء الفراش وملازمة الهذيان حد إلى

سقرديون. وزيره حتى الجميع، وجوهورعيتها ربيتها التي الرقطاء، أحمرا، حية من مسقوم فقط أنا مريضا، لست أنا –لسمومها يا المقتل، في أنا لتلدغني جلدها، مغيرة اليوم فاستدارت إثيوبيا، في بنفسي هنا

المستشرية!الهجوم له عن كلما يوجع، وأينما المقتل، في تلدغه كيف تعرف قمرية كانت

الغادر.بواقعة. واقعة –

الثاني الفك بإطباق بنفسه هو يضطلع اليزن، سيف — ابنها — كان ما وكثيرالأمه يستكمل إنما وكأنه ذاتها، الحبشة بلاد داخل من أرعد، سيف على القاتلة للكماشة

165

Page 166: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

دون ومن منها أو منه علم دون خططها وإطباق إحكام — يعرفها أن دون — قمرية— جسد في وخططه سهامه يسدد إنما منهما، كلا أن سوى بينهما جارية اتصالات أية

واحد. عدو — ومقتلعن النيل مياه قطع سلاح استخدام على أرعد سيف الملك أقدم كلما فكانإلى المياه تلك بإعادة سواء محاولاته، الداخل من اليزن سيف أجهض وتوابعها، أحمرا

ذاتها. الحبشة مناطق بعض بإغراق أو مجاريها،تحدث. واقعة كل عقب فأكثر، أكثر وتوجسه أرعد جنون من ضاعف ما وهو

للدناءة! يا المستشرية، للخيانة يا –بالنيل أكثر ومعرفة دراية على كانا — قمرية وأمه سيف أي — كليهما أن كماوأبحاث مشاغل على معا لاطلاعهما نتيجة وانقطاعاته؛ وشحه فيضه ومناطق ومنابعهوالقراءات بالأبحاث منكبا الطوال السنين استغرقته التي اليزن، ذي الراحل التبع الملك

العظيم. الشريان أسرار أدق على للوقوف الهائلة والمخاطر الطويلة والأسفارعلى ومصبه منتهاه وحتى أفريقيا وأواسط الحبشة في منابعه من بدءا النيل: –

بعد. فيما الإسكندرية أصبحت التي ومناراتها «فاروس» ساحلوكتاباته مدوناته بالحرصعلى وصاياه اليزن ذو الراحل للملك تحفظ قمرية كانت

شبابه. سنوات وخيرة عمره فيها أفنى أن سبق التيوسدودهما ومأرب سبأ ربوع في — يتيما بدوره — اليزن ذو تربى أن منذ وذلكربوع إلى أوصلتها التي حضارتهما لليمن وحققت القديم، العالم أعجوبة كانت التي

الأقصى. أو البعيد الشرق مجاهل وحتى الرافدين بين وما آسيااليزن، ذو بحياة أودى الذي المعجل الموت عقب خاصة لقمرية، يحلو وكانالبرية، الأيائل جلود من خرائط على الملونة التخطيطية ورسوماته كتاباته استخراجاستغراق في قارئة وملغزاتها طلاسمها فك لتعاود الذهب، ورقائق العاج على والمنقوشة

وتلهف.سيف — الوحيد وابنه الأب بين موصلة هذه معارفها تنقل أن لها يحلو كان كما

منفاه. قبل كنفها في يزال لا كان عندما —الملك وخزائن وكنوز مخازن حيث إلى — الطفل — سيف اقتادت ما وكثيرا بلأن ومنذ أودع حيث السرية؛ قلاعه أعماق أعمق في العيون عن تخفيها كانت التي التبع

المرض. داهمه

166

Page 167: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الأفريقي القرن في الضروس الحرب

النيل. كتاب –والده وأحجار الذهبية وسواراته بقلائده — سيف — ابنها تلاعب قمرية فتروحالذي الزرقة القاتم حجره خاصة الكثير، هو إليها وأضاف أسلافه جمعها التي القيمةالياقوت يفوق قد الذي اليزن ذو حجر وهو لازلي» «لابس التاريخ في باسمه اشتهر

قيمة. والزمردإلى — المنفى إلى به تدفع أن وقبل — سيف ابنها اهتمام قمرية تجذب أن إلى

النيل. ونهر والتربة، الماء عن ومدوناته وخرائطه الملك كتاباتالمعرفة على منفتحا الذكاء متوقد فرحا سعيدا يبدو بدوره الطفل سيف وكانالقصر في من كل ينام أن وبعد معا، الانسلال أمه هو طالب ما وكثيرا بل والاستزادة،

النيل. كتاب يحفظ حيث إلى إليهما، المقربين أقرب وحتى والمدينةومكوناته النيل حول اليزن، ذو مخطوطات على بالذات تحرص قمرية فكانتوزيرها حتى خزائنها على أحدا تطلع فلم هي، عينيها حدقتي على حرصها وأسراره

أمنيته. حسب بطنها في ما إلى بإيصالها الملك وصية على حفاظا «يثرب» الأولولدي. سيف، هيكل، –

معه قراءاتها بدأت القراءة، على قادرا وأصبح — سيف — الغلام شب ما إذا حتىقلب. ظهر عن ميسرا ليحفظه صبا أذنيه في الكلام تصب وهي الخطية، والده لمدوناتمن فيها الطفل سينتزع الذي المرتقب اليوم لذلك تتحسب حالاتها كل في كانتعلى الطولى وأذرعه أرعد سيف بطش عن بعيدا الخفاء في ليربى صدرها، أحضان بين

ومنافيها. أفريقيا غابات طولمنذ منه حرمت التي وليدها رؤية إلى والحنين الشوق بها يستبد ما كثيرا وكان

بسيطة. أم كأي وصباه، طفولتهوحيدي. سيف، –

عدوان بسبب والضيق الشدة أيام في خاصة الطاغي، الحنين ذلك بها يشتد وكان— الانتقام بسبب فرضا؛ عليها فرضه الذي الكبير التحدي وذلك الأحباش، ملك

منها. — الشخصيالرقطاء. أحمرا حية –

السؤال بإعادة إلا مخرجها تجد قمرية تكن لم العصيبة، اللحظات تلك مثل وفيسنين. منذ عنها المنقطعة وأخباره ومصيره ولدها عن — يثرب لوزيرها —

167

Page 168: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

يرزق. حيا زال أما سيف، –اهدئي قائلا: نظر وبعد حكمة من عنه عرف وما بهدوئه يثرب يقاربها هنا –

حال. أحسن في يحيا سيف فالأمير اهدئي الملكة، أيتهاأين؟ –

أمه، هي، لها حتى الإفصاح على يقدر فلا الحكيم بالوزير الصمت يستبد هناومخبئه. بمكانهأين؟! –

168

Page 169: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

والعشرون الثاني الفصل

النيل حروب

في له يحدث أصبح مما التوجس به وصل قد أرعد، سيف الأحباش ملك كانأبنائه وساعد ساعده يشتد يكاد فما بعينه، الجنون حد إلى قمرية مع المستعرة معاركهالسوداء، القارة أقطار مختلف داخل المتعددة — السياسية — زيجاته من الكثيرين

Page 170: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

أحمرا — بتقويض الداء، أصل على يده وضع من أدنى أو قوسين باب على يصبح حتىأسيرته. مليكتها وإعادة —

ذاتها بلاده حدود داخل من حتى المتوقعة، غير الخطرة الأحداث تداهمه هنامصدرا. لها يعرف لا التي وتخومها، الحبشة

«إثيوبيا» ذاتها عاصمته إغراق حد إلى بخطورتها تصل قد أحداث أنها والغريبوكيفية ذاتها، الحبشة داخل من أعدائه تفوق مدى عن وبصيرة عينين ذي لكل وتكشف

وشرايينه. قنواته ودقائق النيل بأسرار والمعرفة الإلمام على المتعاظمة قدرتهمأدنى دون يحصل مما والهوس، بالهلع المشبع بالتراجع الإسراع سوى يملك لا هنافي ويتسبب يسمع مما وصراخه تساؤله فيتزايد ظهره، خلف من يحدث مما توقع

رجاله. بين الرعب إشاعةووجه. ولون جلد من أكثر للحرباء إن هكذا، –

سيف. — الغامض — وابنها قمرية الملكة — طبعا — بالحرباء يقصد وكانأكثر يزن ذي بن لسيف كان أنه ذلك كثيرا، ذلك في أرعد سيف يخطئ لم وبالطبعداخل مواقعه تغيير على قدرته منها متعددة، قدرات يملك كان إذ ولون؛ وجلد وجه منالخماسين رياح هبوب من بأسرع وأقوام بلدان من يجاورها وما ذاتها الحبشة حدود

الشيطانية.مختلف تحت والتخفي لونه، وتغيير نفسه إخفاء لقدرات متملكا كان أنه كماباللهجات النطق على قدرته هذا إلى مضافا والوجوه، والسحن والهيئات الأشكالالأقوام مختلف داخل طوافه مواصلا متحركا بكامله إيقاعه وتغيير بل المختلفة،الخارجون الكثيرون وأتباعه هو حل، أينما والعدل، بالأمن مبشرا الأفريقية، والقبائل

وظلمه. وبطشه أرعد سيف سلطان علىفي ذاته موطنه وزار الأفريقي، الشمال وزار مرارا، والسودان العليا مصر فزارتمكنه التي قوته ومصادر وقلاعه ومؤنه لقواته تجميعه مواصلا العرب، وجزيرة اليمنداخل العرب التباعنة عاصمة بتقويض المتوعد الأحباش ملك محاولات كل إحباط من

أفريقيا.تعانيه أصبحت وما — أحمرا — عن واحدة لحظة الساهرة عينه تسه لم هنا ومنتقويض إلى الداعية وأطماعه أرعد، سيف وجه في للصمود خارق مضن جهد من ملكتها

الثمن. كلف مهما العربية، العاصمة تلك وإغراق وإحراق

170

Page 171: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

النيل حروب

سقرديون وزيره بمساعدة وزحفه خططه الأحباش ملك وضع ما إذا حتىعاصمة بتطويق جانبه من — وجيشه — هو التف وتطويقها أحمرا أسوار إلى للوصول

قدميه. عند أنفاسها آخر تعاني فريسة مجرد لتصبح إثيوبيا، الأحباشبين الفزع وينشر ويسمع يحدث مما ألما وجهه جلد يمزق أرعد الملك يمضي هنامن إنقاذه يمكن ما لإنقاذ عائدا، المزري التقهقر سوى يملك ولا وجنوده، وأبنائه قادته

طائل. دون الداخل من بأعدائه بالإمساك متوعدا وحرائق، غرقغيرهم. أحد ولا وأعوانه، الجديد التبع –

سيف — فيها تربى الذي أفراح» مدينة «ملك بالطبع الأعوان أولئك أقرب وكانصباه. ومطلع طفولته وأمضى —

نيران واقعة كل وعقب مناسبة، كل في يضرم «سقرديون» المقرب الملك وزير وكانرفضها حد إلى «شامة» للتبع العاشقة وابنته أفراح ملك على فأكثر أكثر أرعد حقدالجنون. حد إلى بدوره يحبها الذي الأكبر، أرعد سيف الملك ابن من جهارا بيانا الزواجتخريب في التأني أهمية في سقرديون، وزيره مع أرعد سيف الملك قرار توافق وهنابلاد تطهير من الانتهاء حين إلى قمرية، ملكتها وأسر — أحمرا — التباعنة عاصمةحد إلى الظهور في الطعن تحسن التي والمتآمرة، المقوضة الجيوب من ذاتها الحبشة

القتل.الخفي». «التبع موطن إلى تقودهما قد التي وابنته أفراح ملك هنا وأولهم خونة، –

سيف. –المتلاطمة النيل أمواج ليواجه ينهض وهو سقرديون وزيره ممرورا الملك سأل هنا

أفراح؟ عن الماء قطع جديد من أنعاود العمل؟ ما أمامه:البلاد تلك في الناس حب ويتزايد التبع جديد من ليعيده حزم: في سقرديون أجابه

فأكثر. أكثر شعبيته ستتزايد وبالتالي والجفاف، العطش من لمنقذهمسقرديون؟ يا ترى ماذا إذن منفعلا: الملك واجهه

ذاتها. شامة اقتطاع أرى –كيف؟ –

الوسائل. بكل ومكمنه أسراره لمعرفة اختطافها –بن بسيف اتصالاتها من الأخيرة الأيام في قللت قد أفراح ملك ابنة شامة وكانتتضاعفت الذي أبيها ومخاوف لطلب استجابة وذلك السابق، في اعتادت كما يزن، ذي

171

Page 172: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

«سيف ابن من الزواج رفضها عقب خاصة الأحباش، وملك سقرديون مؤامرات عليهووريثه. أرعد»

لم إذ جهارا؛ عيانا ورجاله سيف إلى الانضمام إعلانها حد إلى الغضب بها ووصلالأحباش، ملك ابن من الأسر إلى الأقرب والزواج بالرضوخ مطالبتها عن والدها يكف

نفسها. حرق إلى أيضا بها يدفع قد مماالمدلل الزوج ذلك من وروحي بدني على رحمة أكثر ستكون النيران فسياط –

الفاجر.على قدرتها يعرف كما — شامة — ابنته عن الأب يعرفه الذي التهديد هذا وإزاء

برفضها. سقرديون وإبلاغ التراجع، سوى يملك لم تنفيذه،سيجلبه ما ومدى الزواج، هذا لمثل رفضها ومخاطر لأبعاد مدركة شامة كانت ولمابل المثقل، والدها كاهل على بكاملها ستحط بشعة انتقامية أحداث من هذا تعنتهاالتي وهي السوداء، الثقيلة الأحزان عليها حطت فقد أبيها، بكرة عن جميعها المدينةأن منذ قلبها، إليه يهفو بمن يوما الزواج أمل بصيص حتى أو طائل دون تنتظر

عليه. عيناها تفتحت

اليزن. سيف –ورعاية. حماية بكل شامة إحاطة عن يوما تغفل لم يزن، ذي بن سيف عين أن إلاالجديدة المتغيرة ومخابئه بمكامنه يخبرها إليها، ورسائله رسله عنها تنقطع فلم

الشر.» أحارب شامة، يا عينيك أجل «فمن إليها: الجارف وبحنينه بأول، أولاوعدوانه أرعد من خلاصنا «عقب قائلا: منها بالزواج لها عهده الدوام على مجددا

معا.»باليوم طويلا تحلم نفسها، على فرضتها التي الجديدة وحدتها في شامة وكانتسيف الظالم الشرير الكابوس ذلك على انتصاره — سيف — حبيبها فيه يحقق الذي

الواسع. العالم هذا في مكان لحبهما يصبح لكي أرعد،وإذلاله أرعد سيف مستنقع في وتينع تنبت أن ووروده الحب لأزهار «فكيف

وظلمه.»ا، حق ويجري: يحدث مما وحسرتها آلامها تعاني فراشها على ممددة تساءلتما سرعان «شامة» أن إلا ذاك؟ والعطش الجوع ناشر مع يزهر أن نبت لأي كيفأصبح التي المتواترة الانتصارات أخبار وصلتها كلما واستبشارها، تفاؤلها تعاود كانت

سقرديون. المتآمر العجوز ووزيره أرعد سيف ضد يزن ذي بن سيف يحرزها

172

Page 173: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

النيل حروب

يصل الذي وجنونه ورعونته أرعد من السرية مدينتها جماهير تشارك وكانتحدود داخل من ورجاله سيف عليه تفوق كلما «بالنعال»، وزيره ضرب حد إلى بهمكان كل في الجميع ينشدها أصبح أمل ومنارة معجزة إلى أحاله ما وهو ذاتها، الحبشة

وموطن.— وأتباعه بسيف — الناس واستبشار حب مدى إليه ناقلة تراسله شامة فكانت

لرؤياه. متشوقة الضارب، ساعده من مشددة معنوياته من رافعةمن مخابئه أقرب إلى إليه تنقلها رجاله، من بكتيبة سيف، إليها يبعث كان هنابعدها هي تعود خاطفة لحظات معا، فيمضيان مسرعا، بها ليلتقي أفراح، مدينة

لنفسها: منشدةعلى عيشتي اللي وأنا حول، سنه آدي الدم عن صبح قلبي أنا الشوق مظني «ياالجروح أنا مني طابت الله، أذن وإن الدم ع الكلام وسمعني طبيبي جاني الدم،فتحت روح قوم هنا من أقوللو: عزولي جا وإن الروح، منه تشع الهنا ثياب ألبس حا

الدم.» ع كاتمة وكانت لجروحلنفسها: وتنشد

وأنفيه أتركه لجل الفتن من وكتروا فيه العوازل وسبوني زين جميل حبيتفيه. وروحي عقلي وأنا وأنفيه أتركه أنا وكيف

لي: وقال حبيبي شيع

غيرك وسيد عبدك أنافيه العوازل خطروا إذا الكرم على عينك

والعزول حسادها عنها تبعد لوعتها في كانت لو وكما وتغنييجازيك الغرام في عليه لايم» «يا يجازيك

فيه تلومني إياكوالعة نار له الحب دافيه وشاعلة المهجة في

فيه ودادي هيا السنط زارع يامنافع كله السنط دا

نرميه الأرد أما

173

Page 174: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

انخرق اللي والمركبفيه. تعدي إياك

من الدامي الانتقام تدبير عن تغفل لم دوما بالشر المشعة سقرديون عين أن إلافي ووريثه أرعد الملك ابن رفض على تجاسرت أن سبق التي شامة، وابنته أفراح ملك

يهوذا». «ليوث عرش اعتلاء«وفاء أعياد: موعد يحين حين فقط شامة، من آماله بتحقيق الملك ابن فتوعد

النيل.»لهذا «قرعتهم» بإيقاع وكهنته لمساعديه أوعز العيد، موسم أوان حان ما إذا حتىقبل تعلمون، كما أرعد، سيف الملك رغبة وهي مردفا: «شامة» أفراح أميرة على العام

رغبتي. تكون أنوتوابعهما وأفراح الحبشة مدن واستعدت «شامة»، على الاختيار وقع ما إذا حتىفي عام، كل من واحد وقت في حدوثه يجري كان الذي — الشعائري — الاحتفال لذلكوبلاد والسودان وأوغندا كالحبشة جريانه عبرهما النيل نهر يواصل وكيان موقع كل

ومصر. النوبةصاعدة مشرئبة متجهة العام، ذلك بعيد احتفالا صوب كل من الجماهير وتجمعتوفرق والأعلام بالزينات ازدانت التي المدينة جبال أعلى فوق المهجورة القلعة تلك إلى

الذبائح. ونحر الشعبية والألعاب والطرب الموسيقىيعقبها بالسلاح، مدججة أرعد سيف الملك فرسان من كوكبة الغروب مع ووصلتبوقوع — بشارتهم — إليه يسوقون وهم أفراح، ملك قصر إلى والمنجمين الكهنة وفد

الجميلة. البلاد أميرة على متتالية مرات ثلاث «القرعة» اختيارأفراح. الصون، صاحبة –

على تلوي لا الجند كتيبة صعدت بينما عليه، مغشيا طوله من الوالد سقط هنافي وتبصق تقاوم وهي جانب كل من بها فأحاطوا «شامة» جناح حيث إلى شيء،

وجوههم.والخرافة. الظلام لصوص يا قتلة، يا ابعدوا –

أسر كيفية مشدوهين يشهدون وهم آخرهم عن المدينة جماهير الصمت وعموهي بها اختفوا أن إلى النهر، على المشرف الشاهق الجبل بها يصعدون وهم أميرتهم،

عصابات. … لصوص … قتلة مقاومة: صارخة

174

Page 175: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

النيل حروب

لها، العاشق أرعد سيف الحبشة ملك ابن قدمي عند مقيدة بها ألقوا ما إذا حتىمن ضاحكا وجهه عن — الحجم هائل — قناعه فوره من خلع رفضه، لها سبق والذي

حبي! … شامة مقهقها: أعماقه«الخرافي» الجسد ذلك عن رأسه ففصلت عنقه، أعلى على ضاربة ذراع هوت هنا

المتهتك.

175

Page 176: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 177: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

والعشرون الثالث الفصل

رأس بلا ولديجثة يصرخ: سيفأرعد

أرعد سيف الأحباش ملك ابن — مقلقل — عنق على فجأة هوت التي اليد تكن لمسوى الاختيار عليها وقع التي — شامة — النيل» «لعروس احتضانه لحظة بحسامها،

الضاربة. يزن ذي بن سيف يدهس. … شامة –

ذاتها اللحظة في خاطف، وبشكل فجأة حدث مما فزعها أقصى في شامة استدارتعبر خارجين وانسلا إليه، جذبها ثم به، ملقيا وجهه عن قناعه سيف فيها رفع التي

شيء. على يلويان لا مسرعين الخلفية المهجورة القلعة تلك وأطلال ومسالك ردهاتالموسمية أو السنوية — الماجنة والاحتفالات والموسيقى الغناء أصوات دوت بينما

الآذان. تصم حولهما من صاخبة عالية النيل بعروس —الحجم هائل تاج شكل على الملون الحريري رأسها غطاء شامة العروس نزعتيقفزان وهما لسيف، ذراعها مسلمة سرعة، بأقصى والجري الحركة عن أعاقها الذي

عبره. للإفلات منفذ عن باحثين المظلمة السراديب حول ويدورانوعندما — مقلقل — الأحباش ملك ابن حرس من شلة فجأة اعترضتهما أن إلىأعمل حدث، لما منهم إدراك أو دراية دون جانب، كل من الجند كتيبة بهما أحاطتالقلعة أسوار فوق من ببعضهم ملقيا الآخر، بعد الواحد رقابهم في حسامه اليزن سيف

الخربة.مدججين جنود، سبعة قرابة وكانوا منهم يزن ذي بن سيف انتهى ما إذا حتىمواصلين يدها من — شامة — حبيبته اجتذاب جديد من أعاد والحراب، بالسيوفالمتعددة، مسالكها درس قد سيف كان التي للقلعة الخلفية السراديب باتجاه عدوهما،

أسوارها. أعلى في الواقعة الحصن أبراج فوق الرابضة الجند كتيبة تضليل بهدف

Page 178: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

بهما محيطة الجند من أخرى كتيبة اعترضته حيث مسرعا مستديرا توقف أنه إلاأن إلى الآخر، بعد الواحد لهم قتاله فواصل حصارها، مشددة جانب كل من المرة هذه

والهول. البراري عبر عدوا الباقون وفر منهم، ثلاثة من بحسامه تمكنأحدهم قاربها وكلما غمده، من سيف خنجر بدورها شامة اختطفت ما وسرعان

صريعا. بخنجرها أردته اختطافها، إعادة محاولامستخرجا فوره من سيف توقف حتى للقلعة، الحجرية الدرجات نزلا إن ومابأناملها وجبينه عرقه عنه تمسح شامة بينما لهفة، في متأملا الجلد من صغيرة رقعة

معصمها. من جذبها أعاد حتى صوت، دون إليه ببصرها تشرئب وهي الحانيةأسرعي. هيا يمينا، يمينا هنا، من –

تنفس حتى الجنوبية أسوارها إلى الموصل القلعة سرداب من خارجين انسلا إن ومابعيدا وحراسه جنده من كوكبة تقف حيث إلى عدوه يواصل وهو بعمق اليزن سيفالجنوبية، القلعة أسوار تسلق على ساعدهما بحبل إليهما ألقوا ما وسريعا بانتظارهما،من أخرى مجموعة عن صادرة جلبة أسماعهما إلى وصل التي ذاتها اللحظة نفس فياللامعة والسيوف الضخمة المشاعل وبأيديهم — القتيل — الأحباش ملك ابن حراس

بهما. للإمساك القلعة أسطح فوق من دائرين بهما اللحاق يحاولون وهم المشهرة،يمينا. يمينا، هم، ها –

وامتطى أحضانه، بين بنفسها ألقت التي شامة أنزل قد اليزن سيف كان لحظتهاأن إلى العملاقة، الكثيفة الغابات أشجار وسط عدوا وغابوا خيولهم، ظهور الجميعحصانه، عن اليزن سيف فنزل إليه، الحراس قادهما النيل، على «جانبيا» مرفأ شارفواالأحراش بين مختبئ صغير مركب إلى دلفا أن إلى ذراعيه، بين فحملها شامة إلى متجهابهما. اللحاق عن لإعاقتهم الأحباش ملك ابن حرس باتجاه الركض حرسه واصل بينماأعطت والأحراش، الغابات وسط التحما حيث الجانبين بين حامية معركة ودارتالفضية النيل مياه وسط — وشامة سيف — مركبتهما لتحرك الكافي الوقت من المزيد

البعيد. الأفق في اختفيا أن إلىشامة. يا العظيم النيل عبرنا أخيرا، –

من أخرى مجموعة بصحبة بانتظارهما كانا عربيين جوادين ظهري امتطيابقوله: يداعبها يزال ما اليزن وسيف القرى، إحدى باتجاه تلال بضع وتسلقا الحرس،

منه؟ بدلا خطيبا أتقبلينني

178

Page 179: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

رأس بلا جثة ولدي يصرخ: أرعد سيف

من؟ عال: بصوت تساءلتالنيل! –

جهد من بذلاه وما تعبهما من أبدل مرح في عدوهما يواصلان وهما طويلا ضحكاالليلة. هذه شامة بحياة تودي أن كادت التي المكيدة تلك من للإفلات خارقأرعد؟ ابن — مقلقل — الأبله «الفحل» ذلك عروس أم النيل، عروس –

أرحم! النيل قالت:كافية لحظة بهما المحيط الفسيح الخلاء في يتوقفان وهما سيف وضاحكها

شامة؟ يا حدث ما تصور يمكن هل قائلا: واللبن التمر بتناول ريقهما» «لتغييرأرعد. سيف وريث من البلاد هذه ربوع تخليص في معا ننجح أن واصل:

طويلا. تحلم كمن عينيها مسبلة أحضانه بين برأسها ألقتمتى؟ ذاته؟ أرعد من نخلص متى –

من الشيخ والدها سينتظر الذي المظلم المصير ذلك من المخاوف بها واستبدتالمتهتك. «الفحل» ذلك مقلقل ووريثه، ولده لمصرع الأحباش ملك انتقامات

هو الآن والمهم حسابه، شيء لكل وضع قد بأنه قائلا يزن ذي بن سيف وطمأنهاأفريقيا طول على وملكهم، بالأحباش سيستبد الذي الجنون ذلك من معا هما أمنهما

ومغربا. مشرقاهيا. اليقظة، هو المهم الآمن، المرفأ حتى الطريق، مواصلة هو المهم –

والفرح، بالأضواء غاصة ضخمة مدينة باتجاه جديد، من عدوهما واصلا –وانفتحت قدومهما معلنة الأبواق فدوت الغسق، مع وصلاها أن إلى البعيد، الأفق تسدأصبح ما إذا حتى داخلة، الحرس جوقة أعقابهما وفي واحتوتهما اتساعها على البوابات،

أرعد. سيف ابن رأس فوره من شهر ساحاتها، أفسح وسط يزن ذي بن سيفمقلقل. رأس –

كل من المنتصر التبع للملك والهتافات والدعاء والتكبير بالفرح المدينة دوت هناجانب.

اليزن! سيف اليزن، سيف –حملت حين عينيه، أمام اتساعها على الدنيا غابت فقد أرعد، سيف الحبشة ملك أمااحتفال فيها جرى التي الحصينة القلعة تلك داخل ووريثه ابنه مصرع الأخبار إليه

النيل. بعروس العام هذا

179

Page 180: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

مجهول. أثيم، خارج بأيدي –مجهول؟ أتقولون مجهول! قصره: عمدان يدق وهو أعماقه، من أرعد سيف صرخروحه إزهاق يحاول كمن المرتعد، وزيره بخناق ممسكا كالمخبول فوره من اتجه

جسده. عنمجهول؟ أتقول اللعين، سقرديون يا أيضا وأنت –

سواه! أحد لا معلوم، معلوم، بل الوجه: شاحب سقرديون أردفقائلا: بكف ا كف يدق وهو هياجه، حالات أقصى في جانبية أريكة على الملك به ألقى

غيره. وليس سقرديون، يا يزن ذي بن سيف الجديد التبع إنه معلوم، أجليعد فلم إذن الجديدة، مشورتك تلك المرتعد: المأخوذ وزيره إلى جديد من استدار

كذلك؟ أليس عليه، لتراهن سواي،صارخا الخالص الذهب من المصاغ عرشه سلالم درجات صاعدا كالمجنون جرىعرش حتى شيء، كل على اليمانية العرب ليقضي شيء، كل لينتهي مبهورا: يتأمله وهو

هذا. … هذا يهوذابذراعيه. رأسه مطوقا عرشه كرسي على حسرة في جالسا انحط

المشورة؟ صاحب يا سقرديون، يا كذلك أليس –بجوقات محاطين الحداد، ثياب مرتدين الحراس من مجموعة تدافعت ما إذا حتىعرشه عن أرعد هب مقلقل، لولده المسجى الجثمان يحملون وهم والنادبات، النساء

لحمي. … وريثي … ولدي باكيا: مذعوراكاشفا بالرسوم، المحلى المطعم الذهبي التابوت من بطيئة بخطى تقدم إن وما

رأس! بلا جثة … ولدي رأى: ما هول من مذعورا جرى حتى غطاءه،والدمار. والانتقام بالثأر يصرخ وهو قصره ساحات عبر هائجا صاخبا اندفع

رأس، بلا جثة النحو هذا على هكذا أرعد، سيف ابن رأس، بلا جثة ابني، رأس –أساس. لها نعرف منين

تعالوا تعالوا، محرضا: ناديا الكثيرين وأبنائه وأمرائه وقبائله بقومه باكيا أهابرأسها. عنها نزعت جثة مقلقل ابني جميعا اشهدوا

النساء جوقات خلفهم ومن والأمراء القبائل وشيوخ والأقوام الوفود تدافعت«يصرخون الزرقاء بالنيلة وجوههن لطخن وقد السواد، في النائحات النادبات

ويتوعدون».

180

Page 181: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

رأس بلا جثة ولدي يصرخ: أرعد سيف

«أساس». لها نعرف منين رأس: بلا جثة –وريثي، ابني جنون: في ذقنه شعيرات وينتزع ثيابه ويمزق ويرعد يصرخ والملك

اشهدوا. قربوا، تعالوا يهوذا، أسدالوزير انسل النساء، وعويل النادبات وبكائيات بالحزن الملبد الجو ذلك كل وخلالوحده فهو اتهام، بكل إليه المشيرة المتطلعة العيون عن منزويا متخاذلا سقرديونرفضت التي — شامة — وابنته «أفراح» بملك نكاية الأخيرة، المكيدة ومدبر صاحبولو الغزاة، الطامعين العرب صف في وقوفها ويعني يشير بما القتيل، الابن من الزواج

ذاك. بوقوفهما علنا يجهرا لمتضاعف يحدث، ما مشهد هول من اختفائه ومحاولة سقرديون انزواء إن بلالريف» «أبو الحجازي — الميسرة — وزير على الجموع، بين عيناه ووقعت حيرة، أكثربرقائق المغطى الملكي التابوت حيث إلى طريقه الجميع له فأفسح ثيابه في تقدم الذيالتابوت. حول من كالهدير المتدافعة الوفود هدوء في مانعا غطائه، غلق فأعاد الذهب،

الأخير. مثواه في الميت روح لتهدأ –بالثأر. إلا تهدأ لن أرعد: سيف الملك صرخ

مترددة وخارجه، القصر داخل من العاتية الحرب طبول دقات تعالت الفور وعلووحدات بالكتائب تهيب رتيب، بإيقاع يجاورها، ما إلى مدينة ومن آخر، إلى كيان من

للحرب. والتأهب التجمع والمحاربين الجنودتعليماته مصدرا للقصر الخارجية الساحة حيث إلى منسحبا سقرديون وانسلإحساس من يخل لم الذي الإحباط ذلك على للتغلب محاولة في والكتائب الوحدات لقادة— العرب من الخطر كل الخطر بأن للجميع يوحي وهو حدث، مما بالذنب دفين

وعاصمتهم. — اليمانيةلأحمرا. والدمار الموت –

— غدا وليس الآن — بالتوجه مطالبة جانب، كل من الهتافات دوت ما وسريعاغيره. أحد ولا اليزن، سيف ابنه: برأس والمطالبة اليزن، ذو التبع لمدينة

الجهود كل وتجميع المشاعر، لإلهاب سانحة فرصته سقرديون وجدها وهكذاأرعد سيف الملك يولها لم التي السابقة خطته بحسب العربي، النفوذ من للتخلصحاميات عن التخلي الأمر استدعى ولو شيء، كل وقبل أولا أحمرا تدمير وهي اعتبارا

الآن. النوبة وبلاد والسودان مصر وصعيد تلمسان في الأفريقي: الشمال في الحبشة

181

Page 182: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

الجثمان. بدفن المتوقدة النيران إطفاء وقبل –جثمان لدفن الأولوية إعطاء في الريف أبو — الحكيم — الوزير عارضه وهناوكما الذي الواحد بالرأي الانفراد من بدلا المشورة، أخذ قبل التسرع وعدم الملك، ابن

للجميع. تأكدبالبلاد. تحل أصبحت التي الكوارث تلك في والأخير الأول السبب هو –

بالشر المستعرة الرغبات جماح كسر ذلك وراء من يقصد الريف، أبو الوزير وكانسقرديون. زميله جانب من

— السياسي — تصوره فرض من الجولة هذه حالا أضعف سقرديون، كان ولماترونه. ما لكم مشيرا: الريف؛ أبو الوزير مهادنة آثر فقد بالحرب،

الحرب طبول وهدأت — العهد ولي — جثمان دفن من الحبشة انتهت ما إذا حتىأرعد. سيف أذني في لهيبها إذكاء سقرديون أعاد حين، إلى والعدوان

المعتدين. للعرب والدمار الحرب –إلى طريقها آخذة والعدوان، للانتقام الأحباش جيش صفوف انتظمت الفور وعلىيزن. ذي بن سيف وابنها «قمرية» وملكتها — أحمرا — العربية المدينة أسوار حيث

الجديد. الغازي، التبع –

182

Page 183: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

والعشرون الرابع الفصل

باعنة الت مهد

الأحباش، ملك أرعد سيف بن لمقلقل بقتله انتصاره يزن ذي بن سيف حقق إن ماباتجاه النيل عبر حتى براثنه، بين من «شامة» وصباه طفولته رفيقة لحبيبته وإنقاذه

أرعد. سيف وعيون وحلفاء جنود من بها هروبه مواصلا الأفريقي، القرنأفريقية، حكم في ووريثه ابنه رأس بقطع وانتهى حدث مما جنونه جن الذي وهو

الغدر. من السافر النحو ذلك علىوسط وشامة رحاله حط حين فوره من اليزن سيف شهرها التي الرأس هي ثمعانوا الذين ومن الجميع، بين الحمية فأثارت والتباعنة، للعرب الموالية والقبائل الأقوامالملك والد المنية وافت أو منذ وبخاصة وملكهم، الأحباش وتجبر عدوان من الأمرين

اليزن. ذي التبعالمتاخم وشمالها غربها وبخاصة أفريقيا في للعرب الحماس جديد من تدفق وهكذااليمن ربوع وصلت أن إلى آخر، إلى كيان من حدث ما أخبار فتواترت العربي، للجنوب

بأسرها. العرب جزيرة بل ذاته،وأهمية ضرورة على استقر وحليفاتها العربية الأقوام بين المشورة إجماع أن إلاوالجنوب اليمن باتجاه العدد، القليلة وكتائبه وخطيبته بالزحف اليزن سيف إسراعتهادن أو تهدأ لن التي الطويلة وأذرعه وبطشه أرعد سيف عيون من هربا العربي،

رأس. بلا المسجى، ابنه جثمان وصله أن وبعد حدث، فيمارأس. بلا جثة –

أساس. لها نعرف منين –

Page 184: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

السري زحفه مواصلا العربية، المشورة لإجماع الامتثال يزن ذي بن سيف آثر لذاربوع في أفراح ملك ابنة شامة خطيبته وبرفقته رحاله حط أن إلى آخر، إلى مخبأ من

والعشائر. الأهل دفء حيث اليمن؛

التباعنة مهد

جهاده عبر حققهما اللذين والظفر بالنصر مجللا وعشائره قبائله بين استقباله وجرىيتيما وتربى ولد الذي وهو السوداء، القارة مجاهل في التباعنة حكم لتثبيت الطويل،وملكهم الأحباش جانب من ضده المبيت العدوان ذلك من تحسبا والمخابئ المنافي عبرمنذ — القابلات أو — الدايات طريق عن بالفعل اختطفه قد كان الذي أرعد، سيف

قمرية. أمه رحم فيها فارق التي اللحظةتلهج الأمثال، مضرب أصبحت التي وبطولاته الآن يزن ذي بن سيف هو وهاوالده بموت وهجه شحب قد كان الذي العربي، للنصر المتعطشة والجباه الشفاه بهاولده برؤية عيناه تكتحل أن وقبل الأوان، قبل العضال المرض به أودى الذي اليزن ذو

الوحيد.

سيف هيكل،

أخيه بيد الذبيح — مزيقيا بن عمرو — وجده اليزن ذو أبيه قصر دخل ما إذا حتىسرى الفور وعلى الكفاح، بمواصلة جديد من والتهبت مشاعره تدفقت حسان، التبعطريق عن ولو اقتناصا اقتنصه الذي بالنصر المجلل يزن، ذي ابن وصول نبأ وانتشرأو أفريقيا، في سواء وأحلافهم، التباعنة عرش في وأطماعها الحبشة مواجهة في الخداع

آسيا. غرب في أو الرافدين، بين فيماصوب كل من وقحطان، حمير من قبائل وشيوخ أمراء من القبائل وفود وتدفقت

بالنصر. للتهنئة سبأ إلى وكيان، وقومطويلا الجميع انتظرها صحوة من لها يا معجزة! من لها يا يزن! ذي بن سيف –

طويلا!محملا أجداده أرض قدماه ووطئت يزن ذي بن سيف وصل النحو هذا وعلى

الأحباش. ملك ابن يهوذا» «عرش وريث برأس

184

Page 185: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة مهد

عرش على تبعا بتنصيبه المطالبة حد إلى الجميع بين متدفقا الحماس وسرىأجداده.

أوانه، يحين أن إلى المتعجل، المطلب لهذا المثول رفض يزن ذي بن سيف أن إلامواجهة في الضارب، ذراعها من معليا حمير جيش فلول لتجميع الأولوية معطياوهو — أحمرا — أفريقيا في التباعنة عاصمة ضد المتزايد الحبشي والبطش العدوان

وتوابعها. اليمن في هنا الجميع يصل وأن بد لا الذي العدوانفغدا. اليوم، يكن لم إن

أن لحظة منذ للقتال والاستعداد للتجمع الأولوية إعطاء سيف استطاع وهكذاإبطاء. أو تردد دون التباعنة، عاصمة أقدامه وطئت

على برحاله يحط أن إلى جفن له يهدأ ولن الأبواب، كل الآن يطرق أرعد فسيف –دكا. ليدكها التباعنة حصون

وصلته التي والمعلومات الأخبار محصلة فوره من مشهرا دعواه، اليزن سيف ودعموكتائبه فيالقه أرعد الملك استدعى الذي الجرار المدجج الجيش ذلك ضخامة حولللمسير تمهيدا إثيوبيا في وحشده النوبة، وبلاد وتلمسان العليا ومصر السودان من

تساؤلاته. مواصلا والعدوانغيرنا. أحد ولا العربية، أحمرا في هنا لصدورنا لمن؟ –

المشاعر إلهاب في والسياسية الخطابية مهارته باستخدام سيف نجح وهكذاطويلا. تبددت قد كانت التي طاقاتها وتجميع العربية

وصول سرعة من معا، وانبهارها اندهاشها حالات أقصى إلى بشامة دفع ما وهووتدفق المشهرة، وسيوفهم بخيولهم المتطوعين، الشباب من العربية، والفيالق الإمداداتدفعت درجة إلى يزن، ذي بن سيف حول وكيان، صوب كل من العربي الحماس ذلكمنه يفلت لن الذي المحقق الخطر ذلك من ومخاوفها هواجسها تناسي إلى بشامة،ليلة أرعد ابن بقتل سيف حبيبها قيام جراء من وذلك وقومها، — أفراح ملك — والدهاالحياء. أو بالذنب شعور أدنى دون دمائها سفك طقوس لإجراء قبله من اختطافها

إلا يتحقق لن والخلاص الحل بأن اليزن سيف لدعوى استجابتها جاءت هنا ومنأقوام. من يتاخمها وما أفريقيا في استشرائه وقبل الداء، أصل على للقضاء بالجهاد

الجيش ذلك نواة تشكيل بعينيها تشهد وهي ومخاوفها، أحزانها توارت هنا ومنوبقية التباعنة عاصمة طول على اليومية وتدريباته سلاحه قرقعة تعالت الذي العربي،

185

Page 186: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

سيف المنتظر التبع بصحبة شامة وزارتها فيها تنقلت التي العربية، والمعالم المدنيزن. ذي بن

— العماد ذات — وإرم وعدن، رعين، وذي وصعدة، حضرموت، برفقته، فزارتإلى محرضة واليمامة ويثرب صالح ومدائن ومأرب، وصرواح، والبحرين، وصنعاء،تأخر قد يكن لم إن اندلاعه أوان حان الذي للقتال والصحوة التأهب ضرورة على جانبه

تعبيرها. حد على كثيراوالطاقات الجهود تجميع غمرة في تناسته قد كانت الذي حدسها تحقق أن إلى

العربية.سيف بدأ الذي — أفراح ملك — بوالدها حل بما يوما الأخبار وصلتها حين وذلك— هي بتسليمها مطالبا قصره ومحاصرة بلاده عاصمة باقتحام منه انتقامه أرعد

ميتة. أو حية — شامةوالدها بسياق إلا غليله يشف ولم ووريثه ابنه قاتل مع فرارها من تحقق أن إلىوصلبه الجميع، من مشهد على إثيوبيا، وميادين شوارع عبر مقيدا القدمين عاري أسيرا

بواباتها. علىالدم! شراب الأرعن ذلك –

في النساء، عادة على واحدة دمعة تذرف أن ودون أعماقها، من شامة صرختعاقدا صدره، إلى يضمها وهو لها، وإكباره حبه تضاعف الذي اليزن، سيف مواجهةالقريب في قائلا: صخب أو عرس ودون هادئ بسيط اجتماع في عليها قرانه فوره من

حبيبتي. يا شامة، يا الحقيقي عرسنا سيحل العاجلأرعد. سيف الأحباش ملك على انتصاره يوم بهذا يقصد وكان

المنشود! اليوم يحين حين –الوقت من متسعا شامة، وعروسه يزن، ذي بن لسيف الدامية الأخبار تترك ولمحشود توجه أنباء تواترت ما سرعان بل وزواجهما، القديم حبهما نهر من للارتواءالعربية العاصمة باتجاه سقرديون، ووزيره بنفسه أرعد رأسه وعلى الأحباش، جيش

قمرية. ملكتها استسلام لحين وحصارها عليها للانقضاض — أحمرا —المسير إلى بدورهما يتأهبان وهما اليزن، لسيف أعماقها من شامة زفرت هناأسيرة ليسوقها قمرية الملكة تلك تستسلم أن وقبل غل: في قائلة أفريقيا؛ إلى والعودةأبي. مع فعله ما بنفس إثيوبيا شوارع عبر وقيوده سلاسله في والرأس القدمين عارية

186

Page 187: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة مهد

غرضها تفهم محاولا والأبعاد، الأعماق غائرة بنظره اليزن سيف رمقها عندئذقمرية. أحمرا ملكه عن قط حدثها أن له سبق قد يكن فلم الأخير،

جيش بنواة المسير قرار تجمع للحظة استعدادا وصخبها الأحداث توالي إن بلجيش ومواجهة وأواسطها، أفريقيا شرق باتجاه سريعا للزحف دفعهم التكوين، حديث

وملكها. الحبشةيهوذا. عرش وريث –

الأقدر وهو كثيرا، تأخيره على الرأي عقد قد اليزن ذو بن سيف كان قرار وهوأيضا إليه مضافا أفريقيا، مجاهل في ورسوخها الحبشة قوة مدى معرفة على بالطبعمن وحضارة بل وجنسا لونا الساميين العرب ضد — الدعائي — العنصري الدور

الغزاة. بالبدو إياهم واصفا أرعد، جانبوملكتها أحمرا حصار حول الأسماع كل تطرق الوصول المتوالية الأخبار وبدأتقرار اتخاذ إلى النهاية في به وأفضى الفزع، حد إلى سيف مضاجع أقلق ما وهو قمرية،

أحمرا. ثم ذاتها الحبشة باتجاه الطرق أقصر من عبورا المسيرسيره اليزن سيف فيها واصل طويلة أسابيع بضعة استغرق الذي المسير وخلال

نهار. ليل المؤرقبلادها اتخاذ عليه اقترحت أن إلى أعبائه من التخفيف في شامة جهود كل وفشلتالذي الدفين هدفها بذلك محققة قربها إلى نظرا العربي؛ للجيش منطلقا وموطنهامقيدا أسير الأحباش اقتاده الذي الطيب لوالدها الانتقام وهو عضدها، في يشدد أصبحعلى عقب على رأسا مقلوبا صلبه تم أن إلى والقدمين الرأس عاري خيولهم بذيول

إثيوبيا. بواباتفيلقين: إلى جيشه مقسما خطته، من التعديل إلى بسيف دفع مما

الماهرة حيله مستخدما بقيادته ذاتها، الحبشة بلاد شرق إلى اتجاهه اتخذ أولهمايتبعها وما «أحمرا» باتجاه الثاني الفيلق سار بينما النيل»، «حرب في عنه عرفت التي

أفريقية. أقوام منالخلفية تهديداته لتنفيذ شامة عن مسرعا بفيالقه الافتراق لحظة حانت ما إذا حتىالفور على طريقه اتخذ تحقيقها، يمكن سرعة بأقصى منها والانتهاء الحبشة لجيش

«قمرية». المحاصرة وملكتها العربية المدينة نجدة إلى المتجهة بالفيالق للحاقالطاغي الغرام ذلك سيف ودعت عندما شامة على هذه الافتراق لحظة صعبت ولكم

جسام. أحداث من بها مر ما توالي منذ لهيبه وتضاعف أكثر تملكها الذي

187

Page 188: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

سيف ابن — مقلقل — براثن بين العاهر الموت ذلك من أنقذها حين فتذكرتالشر. من للخلاص والمخاطرات المعارك وهج عبر معا إفلاتهما ثم أرعد،

كلية هيئته اليزن ذو بن سيف غير حين المعارك، سريعا اندلعت ما سرعان وهكذادخل ثم بكامله، وبدنه ويديه وجهه بلون وانتهاء الجعد «الأكرت» رأسه شعر من بدءالا نقيضين باستخدام مقتلها على منقضا بمسالكها، كبرى دراية على وهو الحبشة،

والعطش. الغرق غيرهما:وصلت إن ما التي المترامية، البلاد ربوع في الجارف الذعر وأحدث انتصاره، فحققالطاغي، وحلمه نصره تحقيق مشارف على وهو أرعد، سيف ملكها أسماع إلى أنباؤهماكل تهدم حتى «قمرية» الأفعى برأس والإمساك المشرق» «بدو عاصمة أسوار باقتحام

الكبيرة. رأسه على تهاوى قديم معبد كمثل شيءالخيانة! … الخيانة … جنون –

السيطرة إعادة محاولا الأنباء إليه حملته ما هول من أرعد سيف يفيق أن وقبلمن والإطباق جيشه ببقية للحاق طريقه يأخذ اليزن ذو ابن كان وفيالقه، جيشه علىمن بقمرية ودفع «أحمرا» عن الجسيم الحمل خفف مما ذاته، أرعد سيف على الخلفجيش على الكماشة فكي إطباق تحكم إنما بهذا وكأنها والمواجهة، التشدد إلى جانبها

أرعد. سيف بقيادة الحبشةسيف دخلها حين خاصة ذاتها، أحمرا داخل إلى امتد الذي القتال وطأة واشتدتذاته. أرعد بسيف والإمساك للحاق محاولة في وتنكره، خداعه مواصلا بجنوده، اليزنابنها مجيء استبعدت قد كانت التي قمرية أمه مع لوجه وجها أصبح أن إلى

الأحباش. جانب من المباغت والهجوم الحصار هذا في لمناصرتهامن سيف فر بعدما رأسه، وقطع لتصديه محاولة في بفيالقها عليه أطبقت أن إلى

أمامها.مشهد على — أسود — كحبشي وتنكره زيه خلع أن إلا اليزن سيف من كان فماهيكل اليزن، سيف أنا معلنا: لونه حتى عنه سحا ما لقتله، المتوثبة قمرية أمه من

أماه! يا

188

Page 189: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

والعشرون الخامس الفصل

المنتظر ير حم تبع يزن ذي سيفبن

أرض مادت بعدما نفسه على يزن ذي بن سيف فيها وعي التي الأولى، المرة هي تلكآخره. عن الفاه المفتوح — الملغم — الفخ ذلك في فسقط تحته، من الرخامية القلعة

جانب، كل من جنودها رأس على عليه — قمرية — أحمرا ملكه إطباق لحظة وذلكرأسه. على بها لتهوى وحرابها، وقواطعها سيوفها مشهرة هائج، مفترس نمر كمثل

اقتلوه! –مجندل وهو آخرهما عن عينيه سيف فيها فتح التي الأولى، المرة هي تلك كانتقمرية المحاربة الملكة أمه وجه في صارخا فزعا والجنازير و«الكلابات» بالحديد مقيداستعدادا حسامها شاهرة حربه عدة متقلدة اليزن ذو فرس الشهباء ظهر على وهي

ابنك. … هيكل … سيف أنا … حذا وجهها: في فصرخ رأسه على به تهوي لكيحركة، كل عن للحظة شلت كمن فتراجعت الضاربة المشهرة الذراع عجزت هناعلى وبالتحديد وجهه، في متفرسة حصانها عن فزعة مسرعة فورها من قمرية ونزلتعن الأصباغ وأزال تنكره أقنعة هو خلع بينما جبينه، على الخضراء التباعنة شامة

سيف! … هو مسرعا: العاري وصدره وجههالمدققة — قمرية الأم — نظرات اقتنصت خاطف برق كمثل سريعة وللحظةحنو: في إياه محتضنة عليه منكبة النبل، الفائقة السمحة — والده — اليزن ذو ملامح

ولدي. … سيف … هيكلحدث. ما وحقيقة أبعاد يصدق لا انبهار في لحرسها تعلن كمن استدارت

حذار. … يزن ذي بن سيف –

Page 190: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

قائما قيوده عنه نافضا اندفع قد هو كان فخاخه من لتخلصه يد تمتد أن وقبليحيي وكأنما فرسانها وجوه في متطلعا أمه، مصافحا حيوية في قدميه على منتصبا

قدامى. أعزاء أصدقاء الصافية بابتسامتهالحبيبة. أمي … مرحبا … عدنا –

طوال على الدائرة الضارية الطاحنة المعارك سير فوره من مستطلعا استدارالقصر شرفات عبر والجانبية المتقاطعة — أحمرا — شوارع في الواسعة الساحاتالسهول طول على شيء كل رؤية ووضوح بجلاء يسمح بما البنيان، المرتفع الشاهق

الشمال. إلى جاريا المتدفق العريض الفضي النهر طول وعلى والوديان،ذاته اليزن ذو لقصر المستهدف وحلفائهم الأحباش هدف للعيان واضحا وبدا

أحمرا. أفعى الملكة: حيثانتبهوا صارخة: مشيرة — سيف — ابنها عن التخلي إلى بقمرية دفعت درجة إلى

غربا. … غربا …جديد من إليها أعاد ضاحكا، مستبشرا أحضانها بين من منفلتا ابنها تراخي أن إلا

تقدموا. المرتقب: للخطر مشيرة تنهدهافي مقهقها معاركه غبار عنه ينفض وهو سيف ضحكات أكثر تزايدت لحظتهامما جوادها، صهوة فوق من إنزالها إعادة محاولا مجددا قمرية يقارب وهو عنف،جنودي، إنهم موضحا: يزن؛ ذي بن سيف قال أن إلى عليه، سخطها من ضاعف

انتبهي. «ضاحكها» المنتصرة، الأم، الملكة أيتها جنودكلقصر الغربي المدخل باتجاه العدو المسرعة الجند حشود بين قمرية بصر ترددلفيالق مشيرا حصانه ظهر فوره من ممتطيا واستبشاره سيف ضحكات وبين القلعة،

تعال. في جانب كل من به محيطة بالنصر، مهللة المقتربة، الجنودالمنتظر. حمير لتبع المجد –

وإكبار. زهو بكل المحمل الحسد إلى أقرب قمرية، الأم الملكة عين في المشهد بدا هناولدي! … المنتظر حمير تبع –

فيالقه وبين سيف — العائد — ابنها بين يحدث ما تشهد وهي ابتسامتها فاتسعتوالأحمر القاني، الزمردي الأخضر فيها يخالط التي بالألوان المزين بلباسهم وكتائبه،

أبيه. وقصر مدائنه يزن ذي بن سيف يدخل هكذا سيوفهم؛ شهروا وقد الصارخوعبر الآن يشهدون إنهم مصدقين: غير يشهدونه مما بدورهم أحمرا جنود وبهر

المنتظر. تبعهم شهورا، امتدت التي الضارية المستعرة المعارك أجيج

190

Page 191: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

المنتظر حمير تبع يزن ذي بن سيف

التباعنة. أعلام تحت يزن ذي بن سيف –شارات عنهم خالعين — سيف أي — حوله من بخيولهم يدورون الفرسان كانأناشيدهم علت وقد التباعنة، وبيارق رايات رافعين الحبشية، بالأزياء والتستر التمويهأوهنته الذي قمرية جسد في بعث صاخب مثير مشهد في بالانتصار، احتفالا المدويةعبر له، وتصدت واجهته أن لها سبق ما كل في قبل، من تعرفها تكن لم رعدة المعارك

عاشتها. التي الجسورة حياتهاسيف. العائد ولدي –العائد. حمير تبع –

سيف ابنها وكتائب فيالق توافد من يحدث، ما بعد عن تشهد قمرية مضتأزياء تحت تنكرها شارات الأخرى هي عنها نازعة وصوب، جهة كل من يزن، ذي بنملك على — والأمام الخلف من — المطبقة الكماشة خطة ليحكموا وحلفائهم، الأحباشقمرية غمغمت بالنصر، عجلوا أن فكان ذاتها، أحمرا داخل بجنوده حط منذ الأحباش،

اقتنصوه. هم بل لنفسها:في مشاركا وجنوده، وكتائبه فيالقه حلقات وسط يدور وهو عليه ببصرها حطتعودة خبر عم أن إلى وبيارقهم، التباعنة بأعلام جانب كل من مجللا انتصاراتهم، أغانيالجموع فتوافدت الهزيمة، بالأحباش وأوقع أحمرا، مملكة حصار فك الذي العائد التبع

مكان. كل في متفجرة وأفراحه النصر أغاني وتزايدت مصدقة، غير جانب كل منجنوده لتحية بالخروج إياها مطالبا أمه باتجاه الاندفاع إلى بسيف دفع مماإصدار معاودا الكبير اليوم هذا في النصر احتفالات في والمشاركة والجميع، وفرسانهباتجاه ومطاردتهم بل الأحباش، وجيوب قلاع آخر تصفية لمواصلة وهناك، هنا تعليماته

التالي. اليوم صباح مطلع قبل — بجنوده أي — بهم يلحق لأن تمهيدا الجنوبتخوم داخل إلى أرعد سيف جيش مطاردة متابعة من يزن ذي بن سيف وانتهىخاصة المقاومة، طاقات أقصى الجانبان فيها استخدم معارك عبر ذاتها، بلاده وحدودوادعائه بتنكره، لهم يزن ذي بن سيف خداع أفجعهم الذين الأحباش جانب من

الصارم. النحو ذلك على محالفتهمالغضب بهما وصل اللذين سقرديون ووزيره أرعد سيف الأحباش ملك فاجعة أماخوض إلى بهما دفع حد إلى بهما، المتواصل وغدره الجديد اليمني التبع على والحقدخطره استشراء وقبل كان، أينما به للإيقاع محاولات في مهادنة أو رحمة دون المهالك

قمرية. أمه مع وتحالفه الحبشة، لمنازلة جهارا عيانا عودته عقب فأكثر أكثر

191

Page 192: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

الأفريقيين. وكل الأحباش رءوس على أذيتين الأذية ستصبح –بلاد داخل إلى المعارك نقل في ابنها لمساندة قمرية إمدادات بوصول تحقق ما وهو

أحمرا. من بدلا الحبشةرفضه الذي القتال، ووقف بالهدنة مطالبا الإسراع إلى أرعد سيف اضطر ممابين أو بينهما الخلاف أوعز مما أحمرا، ملكة تقبلته بينما يزن، ذي بن سيف بحدة

المتضاربين. قراريهماتزايد حد إلى — وابنها الأم — بين الخلاف ذلك بتعميق لسقرديون سمح ما وهذاتقبله ثم المقاومة، سيف روح من وأوهنت المستعرة الحرب مسار جمدت التي القطيعة

أحمرا. إلى والعودة الحرب، بوقف والدته لقرار النهاية فيعن ذراعيها فتحت التي التباعنة عاصمة إلى يزن ذي بن سيف عاد ما إذا حتىالذي قرارها سلفا اتخذت قد قمرية كانت طويل وغياب نفي بعد لاستقباله آخرهماسلطاته بتسليمه اليزن» «ذو الراحل الوالد وصية تنفيذ في وحدها، طويلا منه عانت

التباعنة. عرش ليعتلياليزن ذو عرش عن قمرية تخلت حين تكريم، من يليق بما بتنصيبه، الاحتفال وتموالعشائر القبائل وشيوخ ووزرائها، حمير أمراء من مشهد على درجاته نازلة الباهر،سبأ منذ المتوارث أجداده لعرش يزن ذي بن سيف اعتلاء لتشهد جاءت التي والجموع

وحضرموت.مقبلة. رأسه على اليزن ذو تاج تضع وهي أمامها ركبتيه على هو وجثى

اقتادته لتنصيبه التالي اليوم وفي مثواه، من اللحظة تلك شهد الراحل التبع لعل –النيل»: «كتاب عن ودراساته ومخطوطاته حربه وعدة اليزن ذو كنوز حيث إلى أمه

عيني. حدقتي تحفظ كما قلبي، في سأحفظهصفحات بتصفح انشغل حين بغيته على وقع قد يزن، ذي بن سيف أن لو وكماالملونة. وخرائطه ومدوناته التوضيحية رسوماته تأمل في مستغرقا حرص، في الكتاب

فيه. بكامله عمره استغرق –أبي! … أماه يا أعرف –

سلطاته تسلم بعد ابنه: على الراحل التبع ومدونات كتابات استحوذت وهكذاالذي — النيل كتاب — وطلاسم رموز وحل قراءتها على شيء، كل وقبل بكامله، فانكبوإخصابه ومجراه بكامله النيل في يتحكم يمتلكه من أن غيرهم قبل العرب أعداء يعرف

ومجاعاته.

192

Page 193: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

المنتظر حمير تبع يزن ذي بن سيف

الأحباش إرهاب باب من ولو تطبيقاته، إجراء يزن ذي بن سيف حاول ما إذا حتىوبعدما لسلطاتها، باعتزالها الأحداث إليه انتهت عما متغاضية أمه منعته الأعداء،الجديد. التبع بتنصيب انتهى ما وهو ذلك — قمرية — هي وأولهم الجميع ارتضى

الملك تلقاه ما وابنها العرش عن المتنازلة الملكة بين الخفي الصراع أغوار من وعمقحين «يثرب» المقرب الأول والده وزير إليه بها بعث رسائل من يزن ذي بن سيف التبعمراسيم لحضور أحمرا إلى يثرب من المجيء على قدرته عدم من وشاكيا مهنئا له أرسلإلى رحيله في تسببت التي قمرية أمه من تخوفا المنشود، يومها ينتظر كان التي تنصيبهالشهرية: معلقته من أجزاء له منشدا — بعد فيما المنورة المدينة أي — يثرب مدينته

ع��ب��را ب��ه��ا ع��م��ي اب��ن ب��ع��ل��ب��ك إل��ى ع��م��ره��ا ب��ع��د ص��رن��ا ق��د ي��ث��رب ف��م��نوال��زه��ر ال��م��اء ع��م��ه ب��واد ن��زل��ن��ا ب��ج��ي��ش��ن��ا ال��ح��ب��وش أرض إل��ى وس��رن��االأن��ه��را وأج��رى ب��الأس��وار ح��ص��ن��ه��ا أح��م��را ع��م��ر ال��ي��زن ذو م��ل��ي��ك��ن��ازم��را ح��ول��ه��ا م��ن وال��ن��اس ش��ي��دت ب��ه��ا وق��لاع��ه��ا ح��ول��ه��ا م��ن أب��راج��ه��ا

وموضع والده، وزير مع خلافها جذور عن أمه من يستوضح أن سيف يشأ ولممصيري، بقرار يستأثر أن يشأ لم أنه كما مشاعرها، جرح من تحرجا يثرب سرهعليه. عز مهما قمرية، والدته عنه ترضى لا أرعد سيف ومهادنة والسلم بالحرب يتصل

بي. حبلت من أمي، فهي –وأن خاصة الشأن، هذا في قراراته خطورة من الدفين تيقنه من الرغم على ذلكيسعى التي الحشود حول بالكثير تجيئه وبصاصوه، عياروه يرصدها التي الأخبارمستخدما التباعنة، عاصمة وضد ضده كلها والمبيتة الخفاء، في أرعد سيف الملك إليهاوأطماعهم البيضاء» البشرة «ذوي الساميين العرب ضد العنصرية النعرات كل ذلك في

الزنجية. أفريقيا فيمؤكدة به إليه بعثت ما خطر، بكل المتسمة المعلومات هذه وتحقق صدق من ودعم

أفراح. ملكة «شامة» وزوجته حبيبتهجنون حول وشفهية، خطية من له ومراسلاتها مكاتباتها تراكمت ما إذا حتىأفريقيا غرب وغطت شملت حتى مداها اتسع التي الخفية وتحالفاته أرعد سيف

الحرب. معارك في التفكير سيف بدأ وجنوبها،

193

Page 194: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

تملكه برغم الحركة على قادر غير محاصرا نفسه يزن ذي بن سيف وجد وهكذاالقصور حياة على قبل من يعتد لم الذي وهو اليمن، وعرش لحمير كتبع لسلطاتهمؤثرة والسلم، الحرب بقرار استأثرت التي قمرية أمه يد في دمية كمثل الرخوة، الوادعة

الأحباش. مع الهدنة صكوك احترامحد. يحدها لا التي وأطماعه أرعد سيف مع الهدنة هي وأين –

ومقاييسه، النيل في جديد من السري الأحباش، عبث حول الأخبار، تواترت أن إلىالسودان. وأعالي وأفراح مصر ضد وخاصة

النوبة بلاد في حامياته لبعض سيف استقدام الأمر، خطورة من وضاعف بلالكبير. والمغربلماذا! –

أنملة قيد ولو تتزحزح أن دون مرارا قمرية والدته على طرحه الذي السؤال وهووأهوالها. الحروب على السلم مؤثرة قرارها عن

الحرب بتجدد المحملين شامة زوجته برسل يزن، ذي بن سيف الملك روع أن إلىالعاصمة، باتجاه البلاد اجتاحت التي الهائلة الحشود وتلك أفراح، ومملكة الأحباش بينببلاد أولا «التبلغ ا: مستخف ويذكر يقول وكما أولا، التخلص على أرعد سيف وتصميم

زوجته. أنها يعلم وهو أفراح»، أي شامةقمرية — والدته قرار كسر مقررا يزن، ذي بن سيف التبع الملك صبر نفد هنااحتدام معارضتها والدته أعادت ما إذا حتى الأحباش، لملاقاة جديد من والخروج —المتكافئة غير بفيالقه وحده وخروجه العربي، الجيش بانقسام وانتهى بينهما، الخلافتقدر لم التي شامة وزوجته حبيبته عن والإفراج أفراح حصار لفك الحبشة، جيش مع

أرعد. سيف أسر في وقعت أن إلى الله، خلق كبقية معاشرتها المتوالية الأحداث لهحبي! … شامة –

194

Page 195: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

والعشرون السادس الفصل

أفراح مدينة سيفيفكحصار

الأحباش ضد المستسلم بقرارها والضرب قمرية أمه مناوأة إلى يزن ذي بن سيف اضطر«جيش صفوف في الانقسام أو الصدع ذلك إحداث إلى اضطر كما عليه، والخروج

التباعنة».الحرب، إعلان بعدم لقرارها امتثالا أحمرا؛ في البقاء الأم الملكة فيالق آثرت حيثلتخليص أفراح مملكة تجاه والعدة، العدد القليل بجيشه وحده الخروج على أجبره مماشامة. وصباه: وطفولته كفاحه وزميلة زوجته وهي طويلا، عانت التي محاربتها أسرحتى معا، ويدرسان ويلهوان يلعبان عليها عيناه تفتحت التي — شامة — وهيوعبوديته عربي هو ما لكل الحبشة ملك أرعد سيف كراهية على طوقهما عن شبا ما إذااضطر مما ضده، خاضاها التي المستعرة المعارك وهج على حبهما توقد للآخرين،والانتماء بل طريقه، في بالسير أفراح ملك والدها إرادة على تخرج أن الفتاة، وهي شامة،عليها قرانه ليعقد العرب، وجزيرة اليمن إلى سيف مع هروبها حد إلى إليه بكاملهاسيف كان أرعد، وأسر قيود في وحدها ترزح شامة هي وها والعشائر، الأهل بين رسمياأحمرا بوابات لفظته أن منذ العزم عاقدا غاضبا وألويته جنده رأس يعتلي يزن ذي بنلتردده نفسه على باللوم يلقي يزال لا وهو الأفريقي، المشرق إلى وجنوده هو التوجه علىالمعارك لاستكمال بالخروج الإسراع عارضت التي — قمرية أمه رغبات أمام الطويلاتفاقات على التباعنة ملك خاتم الملكة وضع عشية — المجهضة أو الموءودة السابقةما البلاد هذه أرض تكفي قائلة: أرعد سيف الأحباش ملك مع الأخيرة الملفقة الهند

بعد. تقيحها يجف لم عربية، دماء من رشفته

Page 196: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

وغاباتها وبواديها وشلالاتها وأخاديدها بجبالها الأرض ينهب الشاب، التبع اندفعوالضباع البرية الأيائل بين ما الأرض وزواحف والطيور الحيوانات بقطعان المأهولة

الحصين. بأبي منها الواحد تسمية على العرب تعارف التي آوى وأبناءوممارستها وفصائلها بأشكالها والقردة والسناجب الوحشية الحمير قطعان وكانتبأشكالها النظر تلفت والتي قوائمها، على المنتصبة المختلفة بأحجامها البراري، عبرالتي البرية والزهور والثمر الشجر غريب من تقتات وهي العجيبة، وتصرفاتها الغريبةوسوداء وخضراء وقرمزية وحمراء صفراء من وتكويناتها بألوانها البصر، يحدها لا

الأحمر. المسترسل شامة كشعر وعسجدية،لمجتمعات ورؤياهم زحفهم عبر به فيتندرون جنوده، مخيلة يثير ما أكثر وكانوتضرمها النار تشعل كانت أنها وكيف «بالغيلان»، يسمونها التي العملاقة القردةترويضها إلى أرعد بسيف دفعت درجة إلى الوحشية، وغاراتها حروبها في بالنفطبلا مرتزقة كمحاربين العرب ضد كتائب إثر كتائب بها والدفع وتدريبها، ومحالفتها

أكلا. وتأكلهم لتنهشهم الجوع أضناها قد هوية،عنك؟ أتخلى أن لي كيف … شامة –

— المتوارث وتاجهم التباعنة وبيارق أردية متشحا زحفه اليزن سيف واصلالقول ويمكن — لمملكة منها الموالية تلك حتى الأفريقية، البلدان طول وعلى — علناأرعد. سيف العرب ضد التعصب أعماه الذي المتسلط وملكها الحبشة — إمبراطورية

باتجاه بجيشه زحفه واصل الشاهقة أفراح أراضي إلى داخلا تسلل ما إذا حتىشامة. عن الحصار لفك عاصمتها

للعيش متنفسا لهما تترك لم التي نضالهما رحلة عبر معه طويلا عانت لكم –كصديقين معا الشباب ووهج الطفولة مرحلة عاشا بعدما كزوجين، قصيرة لفترة ولو

متلازمين.ميمنة الأحباش، وأبطال بقادة موقعا السيف بحد طريقه يزن ذي بن سيف وشقالأشجار بغابات الأربع جهاته من المحاط المتعالي الشامخ شامة قصر حيث إلى وميسرةيطلقها كان التي ومغربه ومشرقه وخلفه حوله من ذاتها كجهنم المشتعلة العملاقة

والغيلان. الأحباش جيشالتي الأنهار حرب أنصاره فيها حرك التي اللحظة ذات في القصر حصار ففكشامة، قصر إلى الخاطف كالبرق عبوره لحظة الحرائق فخفتت الصغر، منذ يجيدها

196

Page 197: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

أفراح مدينة حصار يفك سيف

واستطاع والالتفاف، والهبوط الصعود المتناهية والمخابئ السراديب إلى بدوره المفضيسيف. تأخرت بسرور: تصرخ وهي بالأحضان أخذته التي شامة إلى الوصول جهد بعدبتوتر: قائلة التحصين؛ المحكمة السراديب كوات عبر الخارج إلى فورها من أشارت

جهنم. انظرإثر ومذعورة فارة أسلحتها تلقي وهي الأحباش فلول يحدث، ما التو في وهالها— الأسود — بجلدها لتنجو البعيد، الأفق عبر بدورها الأدبار تولي كانت التي قياداتها

ورجاله. يزن ذي بن سيف مقدم مجرد من شيء أي وقبلإيقاعه جاء تواتر في الجميع ومسامع أفواه على رجاله مع وصوله خبر وشاع

والنبرات. واللهجات اللغات بمختلفسيف. … المنتظر التبع –

سيف. … هيكل … العائد الجديد حمير تبع –التي الشرفات على الجميع وتزاحم براءة، في وجنتاها واحمرت شامة وفرحتمرة تكرر أنه سيف تذكر الذي المشهد، ذلك لمشاهدة ساتر» وكل «ستائرها انتزعت

بعد. ثقتها تهبه لم ذلك ومع قمرية، أمه عيني أمامبي! حبلت من أمي، تعرفني؛ لا الملكة –

وبقية شامة يشارك وهو ذاتها، نفسه عن غائبا لنفسه يزن ذي بن سيف غمغمومتعرجات البراري طول على الأحباش لجيش وشتات ذعر من يحدث ما حاميتهافي صارخة نهبا الأرض العارية بأقدامها تنهب وهي النظر، مدى على الممتدة السهول

المائي. التبع جماعي: فزعنأخذ الصعداء: أخيرا متنفسة أهدابها تحت من تراقبه وهي فرحة شامة ضاحكته

الليلة! لحظة نفسناالكفاية. سمعته فيما فلعل حبيبتي، يا اعذريني شامة؟ يا ا أحق –

ليس جاذبة: هواجسه من أخرجته شامة أن إلا والدته، مع خلافه بهذا يعني وكانهذا. من أعذب هناك

القاني الإبريزي الذهب من المصاغة بالدروع المغطى ذراعها بكل مشيرة اندفعتالنصر. الاحمرار:

الظلم. … العدوان رد –السعيدة. نهايته حبهما شهد المتأخر اليوم ذلك مساء ولعل

197

Page 198: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

الحرية. –التباعنة لعرش الجديد بالوريث يزن، ذي بن سيف من شامة حملت الليلة تلك وفي

السالفين. أجداده باسم بعد فيما ب لق الذيعلى السابقة تدمر الملكة وهي «تدمر» هو الاسم ومؤنث لأعدائه، المدمر أي دمر؛ –

سبأ. ملكة بلقيسطويلا، — شامة — المحبة زوجته ودفء أحضان في يزن ذي بن سيف يسترح ولمالأحباش جيش على والمنافذ الطرق سد باتجاه محاربيه، طاقات استجمع ما فسرعان

مندحرة. عائدة إثيوبيا فلولهم تستطلع أن وقبلللعودة سانحة فرصة — سقرديون وزيره باستشارة — وجدها أرعد سيف أن إلاقمرية والملكة عنها، بعيد اليزن وسيف خاصة «أحمرا» ذاتها التباعنة عاصمة باتجاهنفذها التي الحصار وأعمال الحروب إثر منهكة الأخيرة سنواتها في أصبحت قد والدته

بها. أرعد سيفمضرما بأحمرا والخسائر الحصار وأوقع غايته، الأحباش ملك نفذ ما إذا حتىشق بعدما متعثرة، لملاقاته فخرجت الملكة جنون جن وقراها ومضاربها مدنها في نيرانهأن بحجة السابقة، المرة في عنه تخلت بعدما خاصة — هيكل — بابنها الاستنجاد عليهاالمرة.» هذه بسهولة يخرقوها لن طويلا الهدنة عقد وراء وحفوا «سعوا الذين الأحباشبخدعة المدينة الأحباش جيوش استباحت وبعدما الأوان، فوات بعد ندمت لكنها

واحد. آن وفي صوب كل من وحربا وغرقا حرقا وتدميرها المملكة مباغتة هدفهاعانت أنها إلا طور كل عن وأخرجها الغضب أعماها بعدما قمرية صمود ورغم

ذاك. المباغت حصارها في الكثيرفوق الويلات أقسى تحمل حد إلى الانتقام في الدامية والرغبة الغضب بها ووصلكبدها. فلذة ابنها من والمساندة العون طالبة برسلها الإرسال على تجرؤ أن دون كاهلها

أنحني. لن يحدث، لن –فاستجمع حدث، بما وتيقن علم عندما صبرا يطق لم يزن ذي بن سيف أن إلازوجها سيف لافتقاد وحرارة أسى إلى بهجتها تحولت التي شامة عن التخلي مقررا قواتهويلات بسبب وانتقام عنف بكل الحبلى والليالي الأيام تخبئه ما يدري من جديد، من

اتفاق. أو لهدنة مراعاة تعرف لا التي وحلفائهم الأحباش عدوانالثقيلة الحمل آلام من تعاني كانت أنها رغم بجهودها مصاحبته شامة قررت لذا

زوجها. عن إخفاءها آثرت التي

198

Page 199: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

أفراح مدينة حصار يفك سيف

بطنها: في ما الجمر من أحر على يترقب وكان مصاحبتها بإصرار سيف رفض هنادمر.

أرعد سيف كان الذي أفراح، جيش فلول وبقايا حاميتهم بقاء على أصر بلأفريقي أمير وهو «الميمون» سوى البواسل قادته من يبق ولم معظمه على أتى قدصفوفهم، بين الرعب توقع أصبحت بطولات الأحباش ضد وحربه منازلاته عبر أثبتهذه حربه في معه اصطحب قد كان الذي ذاته ملكهم أرعد سيف قلب في وخاصةويدعى أولهما المحاربة بفيالقهما كبيرين قائدين — أحمرا — التباعنة عاصمة ضدأعدائه من ثلاثة رقاب يقطع كان لأنه ذلك الثلاثي»؛ «سياس بلقب واشتهر «ميهوب»

الوحشي». «دمنهور ويدعى الثاني والقائد سيفه، من واحدة بضربةمطولا؛ المدينة حصار واستمر يزن، ذي بن سيف على طويلا القتال استعصى لذاأرعد لسيف تنازلاتها مواصلة مرارا، طورها عن وأخرجها قمرية، والدته أفزع ممامراعاته إياها مطالبا بمكاتبتها المبادرة إلى يزن ذي بن بسيف دفع مما والأحباش؛

قراراتها. اتخاذ في التسرع وعدم — راياتها تحت — تواجده ومراعاةالمتسرعة. المفردة –

أحمرا، في وضراوتها المعارك سير إليه انتهى ما بدورها أزعجها فقد شامة أماوفيالقه. «الميمون» بقائدها إليه فأرسلت

أبطالها وتحدي الأحباش مواجهة في التشدد سوى يزن ذي بن سيف من كان فمامنشدا:

معتكر وهو المنايا بحر أخوضوالجزع بالرعب العدا قلوب وأرمي

المنايا سوق الشتا في أعشقالصيافي وفي الربيع في كذلكلأنني الملوك عني فأخبروا ألا

هياجها يوم الحرب في ازدحموا إذالحربي أمير يا اليوم فاثبت

سهام. بضرب جاهلا تكن إن

199

Page 200: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

ونازله الثلاثي» «سياس الأحباش حلفاء القائد يزن ذي بن سيف تحدى وهكذامنه، تمكن حين رأسه يقطع أن من وبدلا ساعده، أضعف أن إلى متتالية أيام بضعة

بفيالقه. أسيرا وأخذه عليه أبقىبينما جانب كل من عليه فتشددوا أرعد وملكهم الأحباش مخاوف من ضاعف ممافوق من ويجول يصول وهو صوت بأعلى قائلا تحديه يواصل — سيف أي — هوجيش قواد كبير منازلة فرصة له سنحت أن إلى اكتفى، فقد عرفني من الجبال: رءوسوجنده — عليه استحوذ حين بالسابق، فعل كما به وفعل الوحشي» «دمنهور الأحباش

دمه. سفك من بدلا أسيرا —كمثل بالنصر، ومخضبا مجللا أقوامه إلى منتصرا عائدا يزن ذي بن سيف كر ثم

قان. أحمر أرجوانالمعارك سير يشهدان وهما سقرديون، الشرير ووزيره أرعد سيف جنون جن بينمالصفوفهم إضعاف من الجديد التبع ذلك يحرزه أصبح ما ومدى أحمرا، حول منانفراط إلى أقرب الأمر بدا حتى — الأحباش حلفاء أي — حلفائهم على باستحواذه

عقاله.منسحبا بجنوده التراجع سوى مخرجا أرعد سيف الأحباش ملك يجد لم وهناوسبقه خلفه من بالالتفاف المباغتة اليزن سيف أحابيل من تخوفا الحبشة؛ باتجاه

إثيوبيا. إلى بجيوشهعن «عيروض» تابعه إليه حملها التي بالأخبار بوغت يزن ذي بن سيف أن إلاطيلة الفراش وألزمها — قمرية — أمه كاهل على فجأة حط الذي العضال المرض ذلكالملكة رأسهم وعلى الجميع آثر والذي الطاحنة، معاركه شهدت التي الأخيرة الشهور

عنه. إخفاءه ذاتهاأمه. لزيارة ا سر متسللا فزعا يزن ذي بن سيف هرع فوره ومن

من حالتها إليه وصلت ما هاله جبينها لاثما منحنيا فراشها قارب ما إذا حتىشديد. تدهور

بك أفرح لم ولدي، … سيف مغمغمة: ابنها رأس محتضنة تثاقل في عينيها فتحتمولدك. منذ لحظة

هيكل. … أم كلتلهف. في يديها وراحة وجهها لاثما منكبا هو اندفع

200

Page 201: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

أفراح مدينة حصار يفك سيف

عرشها. أنت لتعتلي قريبا، جنب إلى جنبا إثيوبيا سندخل الحبيبة، أمي –آخر لاقطة العميق سباتها في وغابت كطفلة، عينيها وأسبلت وهن، في ابتسمت

الحلم. ذلك أصداء على أنفاسهاهيكل؟! سيف ولدي … متى –

201

Page 202: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 203: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

والعشرون السابع الفصل

موتقمرية

جاءه الذي — قمرية — أمه موت عقب يزن ذي بن سيف على الثقيلة الأحزان حطت— العدائية والعمليات والمعارك الأحداث تمكنه لم الذي وهو مفاجئا، صادما نبؤهاواكتساب أحضانها في والعيش النشوء من توقف أو رحمة بلا المتوالية — الحبشية

قرب. عن ومعرفتها حنانهاعلى الأخير نصره عذوبة بتذوق له تسمح لم درجة إلى العميقة، الأحزان تملكتهأي — إشاعته لمجرد منسحبين مهزومين عادوا الذين أرعد سيف وملكهم الأحباشوجيشه بدخوله وأخرى لحظة بين سيفاجئهم أنه وهو صحيح، غير لنبأ — اليزن سيف

ذاتها. إثيوبياجانب إلى الحرب ظروف إلى نظرا عجلة؛ في قمرية الأم الملكة دفن مراسم وجرت

قمرية. أي هي، وصيتها حسب اليزن ذو الراحل التبع زوجهاقدميه. موضع عند ادفنوني –

الشاب، التبع قلب إلى البهجة أعاد ما سرعان وحلوها، بمرها الحياة تدفق أن إلاوهي — مجبرا — عنها تخلى قد وكان شامة، الحبيبة زوجته مكاتبات وصلته حين

التباعنة». «عاصمة معارك يخوض لكي الثالث شهرها في حاملبكري. … دمر –

الأول. لمولدهما وضعها إليه تحمل مشرق صباح ذات مستبشرة شامة أخبار جاءتهدمر. –

الجديد، مولوده لرؤية أفراح، لملكة خاطفة سرية بزيارة القيام فوره من فقرراندفع حين شامة، — أفراح ملكة — زوجته يزن ذي بن سيف إليها اشتاق التي وشامة

Page 204: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

التي التباعنة — حسنة أو — شامة مستطلع ابنه فوره من حاملا مقبلا منكبا إليهاولدي. دمر المنتظر، بالتبع مرحبا قائلا: إليها وأسر جبينه تعلو

لاستقباله: هاشة أغطيتها، عنها تنفض وهي قلبها شغاف من شامة وضحكتحب. … راحة لحظة من أما حرب، … حرب

أمسكت أن إلى العملاقة الشموع ضوء على حب في الوليد الغلام يتأملان مضيابلحظة أحلم كنت سأجيء، كنت قائلة: بحنان؛ له تهمس وهي سيف بساعدي شامة

لكن. — قمرية — الراحلة بوالدتنا لقائيحبيبتي. يا شامة يا أعرف أعرف، –

لمولوده وقته بعض معطيا شامة، زوجته بلاد في لفترة يزن ذي بن سيف واستقرهذه ومنافي ربوع في تربى الذي وهو فيه، الحماس متدفق دفئا دفع الذي الجديد،

معوزا. يتيما البلادربوع عن ولا «أحمرا» التباعنة عاصمة عن لحظة تغفل لم اليزن سيف عين أن إلا— العليا — مصر وديار الكبير المغرب بلدان وبعض الأفريقي والقرن والجزيرة اليمن

آنذاك. الحاكم اليمني والبيت للعرب موالية كانت التيبين الطريق تأمين من تمكن بعدما وأحمرا، أفراح بين ما الترحال دائم فكانفي كان كما نفوذهم وفرض مسالكه قطع الأحباش بمقدور يعد فلم العاصمتين،

السابق.وأولوية وكتائب فيالق توحيد استكمال عن يزن بن سيف يتوان لم ذلك ورغم بلذاتها. إثيوبيا على المباغت للوثوب تمهيدا أمه؛ المنية وافت بعدما خاصة الجديد جيشه

إثيوبيا. ومنبته، الداء أصل باستئصال البال، يهدأ وحتى –سماعه عقب وبالتحديد ذاته، أرعد سيف الحبشة ملك منه يقين على أصبح ما وهوالسائدة والمخاوف اللائقة عامل عن فضلا بالقرار، سيف ابنها وتفرد قمرية، لموتفي وهو للغنم، يصفو أن إذن للذئب فكيف اليزن، وسيف أرعد سيف بين أي بينهما؛

أرعد. سيف نظرالأذية! لقمرية البكر الابن –

وقت أي من وبراحا اتساعا أكثر الآن اليزن سيف الجديد التبع فرصة فلعلمضيا. وظرف

عينيه أمام الأفق في المتلاطمة البحر مياه يراقب وهو لنفسه أرعد سيف غمغمالخائبتين.

204

Page 205: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

قمرية موت

رأسي. ليقطع إثيوبيا؛ حمير تبع لدخول –ذاك. بقوله الرؤية واضح جليا مستقبلا يستشف الأحباش ملك أن لو وكما

عرش لاقتحام يزن ذي بن سيف أمام بالفعل مفتوحا أصبح الطريق أن ذلكالدوام. على للعرب المعادي العرش ذلك وريث أرعد من والانتقام يهوذا،

«منية تدعى الجمال باهرة مصرية أميرة تصدرته مصر أهل من وفدا أن ذلكلهم الحبشة ملك معاملة من له يشتكون وهم يزن، ذي بن سيف التبع زار النفوس»وانتقاما تنكيلا أرعد، سيف عنهم منعه الذي النيل ماء حصة في لمطلبهم الإنصات وعدم

التباعنة. ضد حربه في مناصرته لعدم منهشهرته عمت وقد خاصة ومساندتهم، لإنصافهم اليزن، سيف إلى لجئوا قد وكانوامصبه. وحتى بمنابعه بدءا ومجراه النيل مياه في وتحكمه الواسعة معرفته حول الآفاقأصل على بالقضاء عهدا أمامهم نفسه على قطع أن إلا اليزن، سيف من كان فماالسودانيين ولجيرانهم لهم المياه وإعادة وشروره، أرعد سيف من الجميع وتخليص الداءنشر يستهدف الذي المؤلم المحزن الشأن هذا بخصوص أيضا جاءوه قد كانوا الذين

والعطش. المجاعةالناس. حياة –

أن إلى الحبشة بلاد يطلب وسار الموحد، وجيشه عدته اليزن سيف أعد وهكذاعرش على الأصغر «مقلقل» ابنه منه بدلا با منص وعزله أرعد سيف وأسر إثيوبيا، دخل

يهوذا.التي أحمرا إلى سيف الملك عاد حتى الحبشة في التباعنة حكم استقر إن وما

له. والدعاء بالثناء تلهج عروس كمثل المدينة زينت وقد لاستقباله وفودها خرجتأرعد سيف على يزن ذي بن سيف التبع انتصار باحتفالات مصر وفد وشاركحد. أقصى إلى منبهرة نصره حفلات سيف الملك النفوس» «منية شاركت كما وأسره،

ولده منها ليخلف منها، — السياسي — الزواج فآثر عينيه، في راقت قد وكانت«مصر». تيمنا سماه الذي

أفريقيا شريان النيل ماء تدفق إعادة يزن، ذي بن سيف واجبات أولى فكانت –والتفافهم له الناس وحب شعبيته أوصل مما العدية، بمصر الأخير مصبه حتى آمنا

مداه. أقصى إلى راياته وتحت حولهالنفوس» «منية المصرية الأميرة زوجته بصحبة زائرا مصر سيف الملك دخل وهكذاربوعها بين الاستقرار إلى به حدا مما الفاتحين، استقبال فاستقبل «مصر» وابنهما

205

Page 206: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

وأسيوط إسنا زار كما — الكبير وسدها — وأسوان إخميم فزار طويلا؛ أهاليها وبينوحلوان المدينة، أهناسيا فزار الوسطى، مصر بمدن طويلا وأقام وملوي، ومنفلوطحارة مثل — والحواري الصغيرة القرى وحتى وبولاق، والروضة الجبل وقلعة والجيزة

ذاكرته. من تخل لم التي — الوطاويط«دمر» ابنه فنصب ذراعيها له فاتحة بدورها به رحبت التي الشام بلاد وزارحكمه عاصمة دمر واتخذ وفلسطين، الشام حكم على — شامة — الأولى زوجته من

للاذقية. المتاخمة بانياس مدينة في العليا، بسوريةوالكتابة، والعلم القراءة على والانكباب للعزلة، محبا كأبيه يزن، ذي بن سيف وكانسدود من وزراعية عمرانية مشاريع من يتبعهما وما والتربة» «الماء مواضيع في خاصة

والنمو. الاخضرار هدفها وخزانات ومصارفكان حيث سرية؛ في يجريها التي والتنقلات الأسفار كثير سيف الملك كان كماوساسة جوالين، وشعراء وعلماء وطلبة ونوتية فلاحين من العاديين الناس بأزياء يتنكرليتعرف والمشعوذين؛ والمغربلين والطهاة القبائل وشيوخ القرى وأطباء العربية، الخيول

الناس. أحوالعلى الوقوف له يحقق بما دراية، عن المهن هذه شخصيات تقمص يتقن وكانالمتناهي حكمه عبر حلها في بعد فيما والإسهام ومشاكلهم، وقضاياهم الناس نبضأحمرا، التباعنة وعاصمة والسودان ومصر والشام العربية الجزيرة ربوع امتداد علىالحبشة، على يده وضع عقب بكاملها، أفريقيا تكن لم إن الأفريقية، البلاد من والعديد

والقبائل. والكيانات الأقوام من يتبعها كان وماوأعمال الأخطار تحسس إلى الدوام على به تدفع كانت وغيرها المهام هذه كل أن إلا

يستهدف. ما أول يستهدف عربي، رمز أو كتبع ضده، المبيتة العدوانالناس. وخير العدل –

ما أو ومسبوتاميا الصغرى وآسيا الأناضول من المرة هذه تجيء الأخطار وكانتالفرس. بلاد ومن الرافدين، بين

يعد أنه به للمحيطين والشام مصر حكم في استتبابه عقب سيف الملك ادعى لذا«بلقيس وجدتنا سليمان» «الملك كنوز عن للبحث وفلسطين: اليمن إلى للعودة العدة

سبأ». ملكة

206

Page 207: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

قمرية موت

ا سر دخلها التي الفرس وبلاد والهند آسيا في أخباره، انقطعت ما إذا حتىالشعبية الحياة متاهات في غوصه واصل والعرب، مصر ضد المبيتة النوايا لاستطلاع

الناس. لبسطاءبديار و«مصر» بالشام «دمر» ولديه إلى برسله الإرسال عن يتوان لم فوره ومنالأعم طابعها كبيرة حملة بتجهيز إياهما آمرا — غيبته في مصر حكم ولي الذي — مصرالمترامي، لملكه عاصمة منها اتخذ قد كان التي مصر إلى عاد وحين بحرية»، تكون «أن

الفرس. وبلاد الهند في ليحارب جيشه اصطحبعدوانه مجهضا البهلوان» «بصارخ الملقب «الكسرى» قتل من تمكن أن إلى –

وأكاسرتهم. الفرس جانب من والعرب مصر ضد المبيتبالخداع سيوة واحة طريق عن — مصر أي — دخولها للفرس سبق وقد خاصة

الزمن. من طويلا ردحا بها وبقوا والمناورةجانب من الفاتحين استقبال فاستقبل مظفرا مصر إلى يزن ذي بن سيف وعادالعدوان على النصر احتفالات في للمشاركة صوب كل من قدموا الذين المصريين فئات

الفرس. جانب من ضدهم المبيتأن سبق الذي وهو يزن، ذي بن سيف الملك شعبية ارتفعت العدية مصر ففييتصدى هو وها النيل ماء قاطع أرعد، سيف الأحباش ملك المتجبر عدوهم من أنقذهمديارهم إلى الطاحنة المعارك لينقل الكبير بجيشه إليهم فيرحل الفرس من الجدد للغزاة

بالنصر. مظفرا ويعود وحصونهمالأمصار. أبو –

المبيت، — الفارسي — للعدوان تحييده من يزن ذي بن سيف انتهى ما إذا حتىأنحاء كل في وخزاناته وسدوده أنهاره مجريا النيل، كتاب على فانكب صفاؤه عاودهارتفاع تزايد بعدما البلاد، الرخاء فعم والوسطى، ومصر والصعيد الدلتا في البلاد،

النيل. ماء منسوبوالنمو. الاخضرار يحقق بما المياه وتصريف تخزين في التحكم وتم

الموحد، لجيشه رعاية كل تقديم عن يزن ذي بن سيف يتوان لم ذلك ورغموالأفارقة العربية، الجزيرة عرب مع جنب إلى جنبا لوائه تحت المصريون انتظم الذي

الجيوش. أبو لقب: المصريون عليه أطلق فقد هنا ومن والمغاربة،نسبة الجيوش بجبل الأعلى جزؤه عرف الذي المقطم بجبل تدريباته يجري فكانمن أو الأحباش، جانب من يوما يجيء قد عدوان لأي تحسبا وذلك سيف، الملك إلى

207

Page 208: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

انتصاره رغم وأطماعهم جانبهم يأمن لا حياته طوال كانوا الذين خاصة الفرس، جانبخراسان. على عربيا واليا وتعيينه بالبهلوان، الملقب الكسرى وقتله عليهم الأخير

التجنيد نظام المصريين على فرض من أول يزن، ذي بن سيف التبع الملك فكانالمصريين على بل المرتزقة، على معظمه في يقوم لا جيش لبناء العدة وإعداد الإجباري،عاصمة في بعضه على أبقى الذي — سيف أي هو جيشه مع جنب إلى جنبا أنفسهم،

بأفريقيا. — أحمرا التباعنةوأخصهم ومستشاريه، قادته بكبار محاطا جيشه تدريبات بنفسه يحضر وكانزوجته به بعثت قد كان والذي — الميمون — منه مقربا أصبح الذي الأفريقي الأميرالمهام من بالكثير بعد فيما الأحباش، ضد حروبه في ساعده من ليعضد — شامة —قائلا: امتدحه يزن ذي بن سيف إن حتى خراسان، في الأخيرة حربه ومنها الجسيمة،

الضارب. ساعدي هو الميمونإصابته أثر من ينزف جريحا الفرس ضد الحملة تلك من عاد الميمون أن إلاصدر أوغر مما الفارسي، البهلوان» «صارخ ضد ومعاركه منازلاته جراء من البليغةعلى الجزية وفرض وقتله خراسان في بنفسه هو منازلته حد إلى ضده، سيف الملك

قومه.عصره وأطباء حكماء أشهر — الميمون — المسجى لقائده سيف الملك واستقدممهامه رغم له زياراته عن يكف لا وكان علاجه، على للإشراف ومصر والهند الشام منمناطق من كثير في اندلعت التي المستجدة الأحداث تلك إلى بالنسبة خاصة الكثيرة،للإقامة حمير تبع عودة بضرورة مطالبة العربي، والجنوب اليمن في التباعنة» «موطن

أفريقيا. أو مصر في وليس باليمن، الدائمةاليمن مناطق طول على لهيبها وأضرموا الفرس، إليها لجأ التي الفتنة وهيوذلك شمالا، يثرب وحتى رعين، وذي وسبأ وصنعاء وحضرموت عدن في والجنوب،بما للتباعنة، جديدة عاصمة واتخاذه مصر حكم عن التخلي على التبع يرغموا لكي

حكمها. إعادة عليهم يسهلجزيرة إلى — سرية — زيارة من أكثر إجراء إلى يزن، ذي بن بسيف دفع مماوبلدانهم العرب على الخطر أن: إلى ومشيرا ذاكرا الجديدة الفتنة بأخطار مبصرا العرب،

منه. مهرب ولا واحد، وأقوامهمالتباعنة. موطن عن التخلي بعدم واعدا العربية، للجزيرة زيارته وأنهى

208

Page 209: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

قمرية موت

قائده أجل بانقضاء الجديدة الأخبار صدمته حتى مصر، إلى عاد إن ما أنه إلاطويلا. فبكاه غيبته، في «الميمون» المقرب

خاصة الفادح، بالنبأ «شامة» صباه ورفيقة زوجته ليخبر برسله أرسل فوره ومنالعرب. نصير الأفريقي القائد لذلك وتبجيلها تعلقها مدى يعرف وهو

الذكر. الطيب الميمون، –

209

Page 210: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F
Page 211: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

والعشرون الثامن الفصل

إلىمصرالعدية الرحيل

زيارته عقب له فاجعا سيف الملك من القريب «الميمون» الأفريقي القائد موت جاءالعرب جزيرة ربوع في الفرس نشرها التي الفتنة لهيب لإخماد العربي؛ والجنوب لليمنييسر بما اليمن، في التباعنة موطن لعاصمته والعودة مصر، عن التبع بتخلي مطالبين

اجتياحها. إعادة — المجوس الفرس أي — لهم«شامة» وكفاحه صباه ورفيقة زوجته هو سيف الملك ذهن إلى تبادر ما أول وكاناتخذت قد كانت التي وهي ورسله، مكاتيبه تصلها حين عليها الخبر وثقل فداحة ومدىأرعد» «سيف صلبه الذي لوالدها افتقادها عقب جيشها، لقادة وكبيرا أبا الميمون منحين شامة إلى بالنسبة تحقق ما وهو الطير، جوارح لتنهشه إثيوبيا أشجار على معلقافي العزاء وتقبلت السوداء، الحزن بأردية واتشحت حسرة، ثيابها فشقت النبأ، وصلهاغلبها بعدما العدية، مصر ديار إلى للسفر العدة تعد وهي بقصرها، «الميمون» أميرهاأسرة ورعاية وعزاء «دمر» البكر ابنهما عن والسؤال سيف الملك لرؤية الجارف التشوق

«الميمون».أرسل سيف، التبع الملك رغبة حسب مصر إلى الرحيل يوم صباح حان ما إذا حتىلتقلع الحبشة بلاد مواني أقرب إلى حرسه بأخلص الملأى البحرية بسفينته فوره من

العليا. مصر إلى بشامة منهاالحبشي الميناء ذلك إلى بلدها من — البري — بركبها شامة وصلت ما إذا حتىاليزن سيف الملك عينه الذي الجديد الأحباش ملك الأصغر «مقلقل» استقبالها في وجدتيزن ذي بن سيف قطع أن سبق الذي أرعد سيف والده ليخلف إثيوبيا؛ دخوله عقب

بيمينه. عنقه

Page 212: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

ذهب من يهوذا» «عرش هدايا بثمين محملا جاثيا يجيئها وهو شامة، واستقبلولزوجها. لها ومال وجواهر

الأمصار. أبو التبع، الملك الحكيم ملكنا –مسترجعة مفكرة شاردة — الأصغر مقلقل — الحبشة ملك هدايا شامة وتقبلتالموالية — بلادها بين الطويلة، الخطرة السابقة الرحلة تلك أحداث ومخيلتها رأسها فيذبح في هي شاركت وكيف — أرعد سيف — السابق وملكها الحبشة وبين — للعربمقدرا كان التي النيل بعروس الاحتفال ليلة الجبل قلعة داخل — سيف مع — ابنهوتماسيحه البحرية لحيتانه حية النيل مياه في وإغراقها عليها الاعتداء ليلتها فيها

مائه. وأفراسكوة عبر تتطلع ساهمة شاردة وهي النيلية رحلتها طيلة ذلك كل شامة تذكرتالرصاصي الماء صفحة تضرب النوتية، مجاديف لطرقات وتنصت تشهد وهي سفينتها،أصواتهم على منغمة المكتمل، النصف القمر ضوء مبعثها فضية بسياط المطعمة اللون

بالأحزان. المشبع الجماعي الشجي وغنائهمعلى تعودت أن منذ يزن، ذي بن سيف مع رحلتها ومتعرجات أحداث تذكرتيعيش مطاردا، وحيدا يتيما الملكي» «الكتاب ب صباح كل شمس مطلع مع به الاجتماعلهذه المتملكين الأحباش جانب من ترد قد وواردة شاردة لكل يقظا متوقدا حذرا حياته

البلاد.ويشتد وتنمو تتربى أن المشهرة أظافره من مهرب لا محدق خطر من له فيا

الأعداء. أرض على ساعدكالمشهرة. ورماحهم الراصدة وعيونهم –

تغادر وهي شامة تذكرت وهكذا أيامها، شبلا كان الذي سيف تعبير حد علىيزن ذي بن لسيف كزوجة حاكمة، فترة منذ دخلتها التي الحبشة بلاد وأطلال حدود

بكره. وأمدمر. –

الحنين غلبها الذي سيف الملك قبل من — أشوريا بلاد أو — العليا سوريا حاكملمعاناة المبددة الصافية معا ضحكاتهما تطغى كانت حيث السابق؛ في كما معا لرؤيتهمالتخليص الكفاح آثرا منذ معا، فيها وقعا التي المصائد وكذا وكفاحهما، حبهما رحلة

أرعد. سيف عبودية من بلادهما

212

Page 213: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

العدية مصر إلى الرحيل

والمجاعة. العطش حروب مبتكر –أيام! كانت –

على الجند، ومركبات بزوارق المحاطة — بذهبيتها — تشرف وهي شامة زفرتالأفق. تسد وهي مصر، أهرامات

مصر. أرض –بأن معا يحلمان وهما وليالي، أياما سيف مع استغرقها ما كثيرا حلم من له ياحلم من له يا الأمصار، بقية لحكم وموطئا موطنا العدية مصر أرض من يوما يتخذ

ساخر!مستطلعة. فجأة شامة انتبهت

النيل. فضاء تشق يزن، ذي بن سيف التبع الملك سفن أشرعة هي ها –كلما كله شامة كيان في عدواها تسري محبيه رهبة يثير الملك أسطول تقدم وكان

فأكثر. أكثر النهري الملك موكب اقتربصباه. ومطلع حبه لاستقبال النيلي موكبه في أقبل قد التبع كان

مصر. ربوع في هنا … حبي … شامة –إرهاقا يعاني بشري مخلوق كمثل كتفها على مستريحا يغفو وهو طويلا عانقها

الأعباء. ثقيل الجلد يؤججهشامة. يا طويلا طويلا إليك اشتقت –

ا. مسر محتضنا بذراعه إليها أشارلاستقبالك. تهفو العدية مصر هي ها –

معا. القديم حلمنا هي هابه تحف الذي بالنيل، المحيطة والمنشآت المباني ضخامة من منبهرة تطلعتموطن في الحياة قطاعات يطبع الذي الكبير الإشراق ذلك وسط النضرة، البرية الزهور

الفراعنة. الأسلافالميمون. الأمير بعد وأبي زوجي فأنت وأمجادك؛ بقاءك الله أطال –

والروعة، البنيان المتعالية المشرفة القصور أحد مربض على سفينتها رست وحينالذين وكبرائها، وشيوخها مصر أمراء من مشهد على بيدها آخذا سيف الملك أنزلهاالهدايا وثمين القمح وسنابل بالزهور محملين الملكة لاستقبال صوب كل من قدموا

العالمين. في مصر بها وعرفت اشتهرت التي الباهرة والفنون

213

Page 214: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

شامة. يا وقصرك بلدك في بك أهلا مرحبا: قائلا سيف الملك خاطبهاتذكرت لها، أقيمت التي والتعارف الاستقبال واحتفالات مراسيم انتهت ما إذا حتىوهو السابقة، الفترة طوال عذب كحلم لازمتها والتي بها، جاءت التي خطتها فورها منيتملكك ألم فعاجلته: ابنهما، لزيارة الشام بلاد إلى رحلة عبر سيف بالملك تستفرد أن

غياب؟ طوال بعد دمر ولدنا لرؤية الحنينمعا الرجال سنشد قريبا شامة، يا أجل أعبائه: من يتخفف وكأنه الملك، زفر هنا

ويثرب. الحرام» «البيت زيارة إلى معا بعدها لنعرج بانياس إلىالليل. آخر في متسامرين يتحدثان وهما ضاحكها

يثرب. العجوز، أبي صفي أقصد –تدريباته مواصلة بالطبع وأهمها بمصر، واجباته بإنهاء سيف الملك عجل وبالفعلالأخبار إليه ترامت قد وكان «الجيوشي»، اليوم، إلى اسمه يحمل الذي بجبله، لجيشه

جديد. من مصر لغزو بإعدادها الفرس يقوم التي الانتقامية الحملة عنأن ودون ا سر وبانياس العليا لسورية زيارته مراسيم إجراء سيف الملك آثر لذا

مقربيه. أقرب إلى تفاصيلها تصلمع زيارته عجل على انتهت إن فما المرة، هذه النجاح لها يقدر لم خطته أن إلانزول الأخبار عليه نزلت حتى ويثرب، المكرمة مكة إلى وعرجا دمر، لبكريهما شامة،

الصواعق.يزن. ذي بن سيف التبع عن غيبة في الجرار بجيشه الأهرام على ينزل الفرس ملك –الفرس أمراء أحد أسر في وقع أنه إلا عاصمته، إلى عائدا سيف الملك أسرع وهكذا

«الهدهاد». ولقبه «بلامه»، واسمهمعا. والشام مصر ديار على جديد من الثقيلة الكوارث حلت هنا

من الإفلات استطاعت التي «شامة» جانب من المرة هذه جاء الأمل بصيص أن إلامجمعة حربها، عدة مرتدية الأم، الملكة لباس فورها من وخلعت الفارسي» «بلامة كمينالسوري، دمر جيش ومن بلادها من معظمه استقدمت جيش نواة دمر ابنها مععلى المحقق الصلب شفا على وهو أسره، وفك سيف الملك مخبأ اقتحام في ونجحتويثرب اليمن من جيشه تجميع وواصل الفارسي، بلامه سيف الملك فقتل الفرس، أيديمواصلا النيل، عابرا الغزاة الفرس على الحصار لفرض مصر إلى طريقه متخذا وأفريقيا

السويس. وبرزخ سيوة واحة حتى صفوفهم في الذعر موقعا واجههم أن إلى تقدمه

214

Page 215: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

العدية مصر إلى الرحيل

تنفسه عشية سيف، الملك بجسد استبد قد القسمات الواضح الإرهاق وكانحين عاناه لما نتيجة مصر؛ عن الفرس فلول آخر مطاردة من الانتهاء بعد الصعداءالوسطى مصر طول على ضدهم خاضها التي المعارك ولضراوة الغادر أسرهم في وقوعهالحقيقي جيشه وبين عجل، على جمعه الذي جيشه نواة بين التكافؤ عدم رغم والدلتا،

الجيوشي. بجبلاستطاعت التي «شامة» زوجته وكتائب فيالق تدافعت حصونه إلى عاد ما إذا حتى

واليمن. أفريقيا في الموالية والأقوام البلدان وبقية بلدها من استجلابها«بلاد أو «مسبوتاميا» باتجاه راجعا كر الذي سيف، الملك ساعد من عضد مما«السبع أو «المدائن» دخل أن إلى الفرس صفوف في الهزائم وموقعا مطاردا الرافدين»

الزمن. من فترة لها حصاره طال بعدما مدائن»اللذين بانياس، من دمر وابنه شامة زوجته لإحضار برسله فوره من وبعثالتي الصلح لشروط سيف، الملك صك عقب المدائن عمت التي النصر احتفالات شاركاه

يتبعها. وما «السبع» الفارسية المدن تلك حكم له تتيحالأكاسرة عرش اعتلاء الملك مشاركة لحظة بشامة الانبهار وصل أخرى ومرةالطاعة فروض لتقديم صوب كل من قدمت التي المتلاطمة الجموع مشهد على الفرس،

يزن. ذي بن سيف التبع للملكحييت. ما شامة مخيلة عن أصداؤها تغيب لن لحظة هي

الجسد. هذا في حييت ما أجل –الخاطف البريق ذلك استطلع حين أعماقها يقرأ كان لو وكما سيف، الملك أن إلاأسره وفك له مساعدتها مقدار مكرما ا مسر «فبادرها الباهرتين، السوداوين عينيها في

الحرب.» ومواصلة… الآن لكنت وجسارتك؛ دأبك فلولا شامة، يا أنت نصرك إنه –

غرضه أدركت وقد الجموع، من مشهد على جانبه إلى وقفتها في شامة انتفضتساعده من شددت التي جندها، بكتائب مؤازرته ثم أسره، من له بإنقاذها أي الأخير؛

هنا. حتى الغزاة الفارين الفرس فيالق تعقب فيالداء. منبت على للقضاء –

دمر — وابنهما بلادها، إلى شامة عودة بعد حتى للمدائن، سيف الملك حكم وطالكثير في — الوقائية — الحروب من سلسلة فقاد «بانياس» العليا بسوريه موطنه إلى —

215

Page 216: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

أسلافه عادة على آسيا أواسط باتجاه متوغلا والهند، الفارسية» «الشعوب عواصم منالتباعنة.

ومكنونه سره وموضع وحبه صباه رفيقة إلى الجارف الحنين استغرقه كلما وكانفيما المشورة أيضا ولتشاركه الجديدة، انتصاراته لتشاركه طلبها، في بعث «شامة»

العليا. سورية أو اليمن أو السودان أو الحبشة أو مصر في سواء أمور، من يستجدتملكا، ولا حربا يبغي لا الذي التبع، الملك بأهداف دراية على فكانت شامة أماوأساليب الطامعين الفرس دسائس خاصة العدوان، إثر العدوان صد في يرغب ما بقدرالأخيرة الحملة تلك في حدث كما المباغتة، عنصر على تعتمد ما أول تعتمد التي غدرهميثرب. إلى بعدها والعروج بانياس في لولدهما السرية زيارتهما إثر معا باغتتهما التيكمن أصفهان، حتى التوغل إلى به دفع حد إلى سيف بالملك التوجس استبد هنا منله حملت حين جديد، من باغتاه ما سرعان مبينا، وعدوانا ا شر وقومه بنيه عن يدفعويلقب «جهينة» يدعى آخر فارسي ملك وصول وبصاصوه عيونه جمعها التي الأخباروعتاده جيشه على شيء كل وقبل أولا للقضاء غيبته، في مصر، نيل إلى «الهدهاد» ب أيضا

السابقة. الحملة في حدث كما الجيوشي بجبلشامة، زوجته فيه استشار ما إذا حتى سيف، الملك على منهكا ثقيلا الخبر ووقعجانب من المبيت الشر ذلك من للتخلص مصر أرض إلى بالعودة فورها من أشارت

الفرس.الموقف شارحا استفاض ثم كيف؟ بها: يحيط ما كل عن غائبا شاردا سألها

لشامة.من التسلل في الفرس نجح بعدما مقطوعا أصبح مصر، إلى البحري والطريق –

الحائط. عرض الأخيرة الهدنة بشروط ضاربين ظهرينا، خلفالآن. الوحيد المنفذ لعله … التسلل مهدئة: حنوها في شامة قاربته

أجل. اليزن: ذو غمغم… الناس مع هناك مكاننا مصر: إلى — ا سر — والعودة للرحيل العدة ا معد أردف

الأهل!

216

Page 217: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

والعشرون التاسع الفصل

أصفهان في سيفيتوغل

«الهدهاد» ولقبه «جهينة» ويدعى الفرس أمراء أو ملوك أحد اجتياح خبر وقع هكذاأصفهان في توغل بعدما له، مفاجئا صادما يزن، ذي بن سيف التبع الملك على لمصر،

العربي. بجيشهمعينا يجد اليزن سيف التبع يكن لم المصيرية، والمعضلات الأمور هذه مثل وفيساحل عبر مصر إلى بحرا بالعودة عليه أشارت التي «شامة» زوجته سوى له، وناصحا

الفارسي. العدوان صد في — دمر — ابنها لمعاونة وذلك ببانياس، مرورا الشاممن سيف الملك على استولت اللاذقية، بميناء ومراكبهم سفنهم مارست إذا حتىمصر، دلتا وحتى وفلسطين الشام في الفرس يجريها التي الضارية المعارك أنباء فورهتقديره وتزايد الأمصار»، «هذه معظم لدخول غيبته في الفرصة لهم سنحت بعدماالغزاة الفرس بحملة ملفتة جسيمة خسائر أوقفت التي العربيات الأميرات لإحدىغيبته. في تقدمهم لعرقلة منها محاولة في الأحمر» الملك بنت «سعيدة واسمها الطامعين،دمر، ابنه أخبار على للوقوف بانياس إلى برسله سيف الملك أرسل ما إذا حتىعن المفزع التساؤل تملكها التي شامة، أمه أزعج مما شاف، جواب بلا الرسل وعادت

فزع. في صرخت به حل وما ولدها مصيردمر. … وحيدي … ابني –

انقطاع على أجمعت رسلهما أفواه من وصلتهما التي المتضاربة الأخبار أن إلافلم الغازي، الفارسي الجيش مطاردا وكتائبه بحملته خروجه منذ دمر، الأمير أخباربأيدي أسيرا وقع أنه أم يرزق، حيا يزال لا كان إذا وما عنه، شيئا أحد يعلم يعد

المصادر. بعض إلى استنادا قتله يرجح بما الفرس،

Page 218: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

وما الوحيد، ابنها على وأحزانها لمخاوفها فريسة — الأم — شامة وقعت هناالفرس أرادها التي المستعرة، الهمجية الحرب لهيب وسط الغامض مصيره إليه انتهىالبلاد هذه جميع على التسلط إعادة في لأغراضهم محققة حاسمة تكون أن المرة هذهوتبصيرها شامة تهدئة سيف الملك حاول ولقد ذاتها، أفريقيا داخل حتى توغلا والأقوام،أبنائي كل مثل مثله فدمر قائلا: وعدوانهم الفرس جانب من بالجميع المحدق بالخطر

ومصر. واليمن الشام في القتلىلنفسها: مرددة ذاته الملك مقولة في التشكيك حد إلى شامة المخاوف اقتادت وهنا

مصيره! عني يخفي والملك قتل قد فهو إذن القتلى»، … أبنائي كلأخلص حضرتها في سيف الملك استحضر عندما إلا شامة الأم مشاعر تهدأ ولمضد قتال أرضها على يجري التي والأماكن البقع كل إلى بهم وأرسل وبصاصيه، رسلهأسرع في اليقين بالخبر والعودة — شيء أي قبل — دمر الأمير مصير لمعرفة الفرس؛

ممكن. وقتمصيره، عن معلومة أو جواب دون جديد من الرسل وفود عادت ما إذا حتى

بدموعها. شامة اختنقتبوحيدها. أم كأي بك أفرح لم ولدي، –

مصر، أرض إلى جنده وتسلل دمياط ميناء على سيف الملك سفن أشرفت إن ومابفيالقها تطارد وهي الألسن، بها لهجت بطولات إلى شامة الأم أحزان استحالت حتىبمنازلة سيف الملك تكفل بينما الصحراء، باتجاه الغزاة الفرس فلول — الأفريقية —

الباقون. وفر أسره، في معظمه أوقع أن إلى ذاته، الهدهاد جيش ومطاردةالأحمر بالدم مخضبا الأبطال دخول مصر— — عاصمته بجنده سيف الملك ودخلالأفراح أقيمت جديد ومن شامة، — المحاربة — زوجته به ولحقت كالأرجوان، النازفالمنتصر. العائد التبع للملك والتحرير النصر بأغاني الموسيقى وصدحت الزينات وعلقتحول أحزانها الفور على تجددت حتى حربها، عدة عنها خلعت إن فما شامة أماهو المرجح كان وإن متضاربة، غامضة هي كما ظلت التي وأخباره دمر ابنها مصيرإلى مقيدا به عاد الذي — الهدهاد — الفارسي الملك ذلك أسر في — دمر أي — وقوعهيهدأ فلم أحزان، إلى النصر أفراح وأبدل سيف، الملك صدر أوعز مما بلخ» نهر وراء «ماببلاد — المدائن أو — السبع مدنه إلى للعودة جديد من العدة يعد وهو إلا بال، لهجذوره من الداء واستئصال الأسير ولده لتحرير القتال ومواصلة منها للانطلاق الفرس

كبير. حد على

218

Page 219: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

أصفهان في يتوغل سيف

يده بوضع غليله يشفي أن دون الآفاق، أو البلاد بتلك سيف الملك حروب وطالتواتشحت الأخيرة سنواتها في أصيبت التي شامة، أمه في الطمأنينة لبعث الأسير ابنه علىدمر، ولدها وممتلكات ملابس مفارقة عن لحظة تكف أن دون السوداء، الحزن بأردية

بطوله. الليل مولولة باكية وتتحسسها تشمهاسحلية. قبرك في — دمر يا — يعملني مين يا –

صبحية. كل في ولدي يا جبينك أمسحالثأر في ورغبته أحزانه جديد من جاشت تلك أحزانها في الملك شاهدها ما إذا حتى

طائل. دون لكن الفارسية، المدن محاصرا الحرب، أمد مطيلا والانتقامحصن أو مدينة اجتياح لجيوشه يقرر حينما سيف، الملك حرب عادات من وكانومسلحين أسرى من ومنافيها سجونها به تكتظ ما لتحرير جنده من كتيبة يبعث أن

القانون. على وخارجين طرق وقطاعوأساليب طرق على وتدريبهم تأهيلهم ويعيد فيهم ويخطب يجمعهم الملك فكانقائلا: … بجنده ويلحقهم العطاء عليهم يغدق ثم عنه، اشتهرت التي والقتال الحربالأسرى أولئك وجوه تتفرس تروح بدورها فكانت شامة أما الأشقياء، … أبنائي أخلصطائل. دون بينهم، «دمر» — البكري — ولدها وجه تستطلع فلعلها — والأشقياء —

أين؟! … وحيدي … ولدي –بصرها، وضعف السقوم عليها فحلت أحزانها لعميق النهاية في استسلمت أن إلىللراحة ولو بلادها إلى مصر عن ترحيلها في سيف الملك رغبة تقاوم ظلت ذلك ورغم

والعلاج.النازف الدم وسيول المعارك أنباء وتوالي الحرب تكره أيضا أصبحت أنها ذلك

عليه. وشبت تربت الذيبالنيران المشتعلة والمدن العفنة الجثث أكوام من مهرب ولا … دم … دم –

المظلم.» الوحشي العالم هذا في مغيث أو مهرب «لا والخراب،باكية رفضت المعارك، ساحات عن بإبعادها عليها التحايل الملك حاول ما إذا حتى

عيني! حدقة … ولدي؟ أأترك … وولدي الذاتية: وبكائياتها ونحيبها ندبها معاودةعليها يحنو فوره من يروح الذي ذاته سيف الملك أردية بأطراف باكية متشبثةأو وادع لكائن فيها مكان لا التي الغابة تلك بقوانين تبصيرها محاولا محتضنها،حاربوكم الناس تحاربوا لم إن إنكم الرجال أيها القائلين: التباعنة أصدق فما مستسلم،

سبوكم. تسبوهم وإن …

219

Page 220: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

الهادئ: بصوته ا مسر السكينة، إليها معيدا ساعديه بين رأسها على يضغط كانالأحباش جانب من بلادنا؛ على عدوانيتين حربين أحداث بنفسك شهدت شامة، يا ولعلك

ثانية. الطامعين الطغاة الفرس أولئك جانب ومن مرة،كظيم: تساؤل في يديه كفي تأمل حد إلى ذاته سيف بالملك الإجهاد يصل ما وكثيرا

دلوني! أفعل؟ ماذاوالمطاردة القتال عليه كتب الذي الملك أعماق في يعتمل ما على شامة تتعرف عندئذ

بلادها. في اليتيمة طفولته بل صباه، منذهنا. عنك أتخلى لن أبدا تصميمها: مواصلة فتبادره

نهر وراء وفيما الفرس، بلاد داخل الحرب تطلبتها التي الجسيمة المهام أن إلالأقرب راحتها على والسهر حراستها موكلا شامة عن التخلي إلى سيف بالملك دفعت بلخ،

وحراسه. مستشاريهأكثر تدهورت يزن، ذي بن سيف التبع الملك وحروب معارك تشعبت كلما وكانتومخاوفه الملك أحزان من يضاعف كان مما معا، والعقلية الصحية شامة حالة فأكثرله تبدت ما كثيرا التي الفرس بلاد في حروبه في بكامله منشغل عنها بعيد وهو عليها،

نهاية. ولا لها أول لا عاتيةأسود. قدر كمثل –

دام ما مصر، ديار إلى بها والعودة شامة ترحيل الأسلم من أنه الملك رأى لذاعن التخلي استحالة حد إلى منه، مهرب لا ماثلا واقعا أصبحت وبينها بينه الفرقة أن

خاطف. سريع وبشكل ا سر ولو زيارتها، إلى والعودة مهامهحصاره تجميد قرر أصفهان حدود مساء ذات جيوشه شارفت ما إذا حتىمريضة فراشها في وهي ليلا، فزارها — بالمدائن — شامة توجد حيث إلى ا سر والتسلل

الغامض. ومصيره ابنها باسم تلهجولدي! … شيئا عني تخفوا لا أعلم … قتلوه … ولدي … دمر –

للراحة مصر إلى بها والعودة ترحيلها ضرورة من مفرا سيف الملك يجد لم وهكذاوالعلاج.

الأمن درجات أقصى على مشددا مصر إلى — البحرية — عودتها رحلة بنفسه فرتبوالمرض، والهذيان الإعياء من الحال تلك على وهي اختطافها من تخوفا لها؛ المرافقمن السيدة تلك أسدته أن سبق ما متذكرا سيف الملك ودعها ركبها تحرك ما إذا حتى

220

Page 221: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

أصفهان في يتوغل سيف

ومضحية مغامرة وواقعة، كبوة كل من عليه حفاظا الخوارق، عداد في أصبحت بطولاتبين نادر فمثلك ا حق أسى: في يودعها وهو زافرا أجله، من طاقتها وكل ومملكتها بأبيها

الحياة. مدى القلب حبيبة يا السلامة تصحبك شامة، يا النساءنلتقي متى ترى أصفهان: أسوار تخوم على الضاري قتاله جبهة إلى متسائلا وعاد

ثانية؟الملك تشدد بعدما — بهرام — أصفهان ملك ابن جانب من مغايرة أحداث وجدتعماله يعود ألا على والهدنة الصلح طالبا الأول إليه فأرسل بلاده، حصار في سيفومهما أخرى، مرة مصر مهاجمة إلى الفرس بلاد وكيانات أقاليم على قبله من المعينون

الأسباب. تعددتالملك تقبل أن إلى بهرام الملك وابن سيف الملك بين والمفاوضات المراسلات وطالت

الأسير. دمر ابنه سراح إطلاق رأسها وعلى الهدنة، شروط سيفالأخير له أقسم بهرام، الفرس ملوك ملك ابن وبين بينه اللقاء تحقق ما إذا حتىفعل وأنه مقتولا، أو مختطفا كان إذا وما ابنه بمصير معرفته بعدم ولحيته بشرفه

طائل. دون الصدد هذا في المستحيلالوقت، ذلك في — أصفهان — الفرس بلاد عاصمة يزن، ذي بن سيف الملك ودخلشهرته سبقته فقد لاستقباله، أبيها بكرة عن هبت التي الشرق مدن عروس وكانت

الآفاق. عمت التيمهردكار — ابنته فيها له قدم اليزن، ذو بن لتكريم كبيرة حفلة بهرام وأقامكزوجة تقبلها من مهربا سيف الملك يجد فلم الذكاء، متوقدة الجمال بادرة وكانت —بناء أهدافه، من كان والذي السياسي، الزواج تملي كانت التي والشروط للظروف وفقا

المتحاربين. بين الثقة جسوردمر، ابنه مصير حول وأحزانه لخواطره نهبا سيف والملك الزواج، احتفالات وجرتالجارفة، أحزانها نتيجة «شامة» وجهاده صباه ورفيقة بزوجته حلت التي الأمراض وتلك

أمرها. إليه انتهى وماإلى انتقالها منذ جاهدة حاولت فقد بهرام، ابنة — مهردكار — الجديدة زوجته أماتحقق أن دون وهواجسه، أحزانه من لإخراجه وملاطفته منه التقرب سيف، الملك قصربل التباعنة، بتاريخ الواسعة معرفتها وبرغم الطاغي، المتوقد جمالها برغم يذكر ظفرا

ومآثرهم. وأشعارهم القدماء العرب وبلغه

221

Page 222: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

ولهجاتها، وآدابها للعربية العليا — المنظمة — لدراستها نتيجة هذه ثقافتها وكانتبالملوك المعروفون — اليمنيون الملوك نشرها التي حضرموت لغة السبئية، اللغة وخاصةنطقا يمارسها التي اللهجة أو اللغة بذاتها وهي — أفريقيا وغرب الحبشة في السكاسك

سيف. الملك وكتابةكتاباتها أو أشعارها من أبيات ببضعة وآخر وقت بين إليه تبعث مهردكار فكانت— الفارسية والزخارف والأشكال بالرسوم ومزينة السبئية باللغة مدونة وخواطرها

إليه. تأجج من بها ما يلاحظ الملك لعل — المنتورمن دمر بابنه حل لما نتيجة جانب كل من أغرقته التي سيف الملك أحزان أن إلاالجسدية لصحتها سريع تدهور من أمرها، إليه انتهى وما شامة، المبكر صباه حبيبةما تتنقل وهي أخبارها آخر عن سمعه إلى وصل ما خاصة شيء، كل أنسته والعقلية،تغفل أن دون بانياس، ثم … الحبشة لحدود المتاخمة — أفراح — وبلادها مصر بين

الغامض: المبهم ذاك ومصيره — دمر — المفقود ابنها عن البحث عن لحظةأين؟ … ولدي … أين

في تلك، أحزانه عن الملك مفاتحة مساء من أكثر في بنفسها مهردكار حاولت ولقدبسبب الثقيل الحزن هذا وهل الدفينة، وأغواره أمره مكنون لاستشفاف منها محاولةإلى يصل خبل من أصابها وما — شامة — زوجته حالة تدهور بسبب أم لابنه، افتقاده

المطلق. الجنون حدمكتفيا البليغ، وجرحه العميق صمته عبر يرمقها كان سيف التبع الملك أن إلاودون وتوقده، ونزقه الشباب بذكاء المشعتين الباهرتين عينيها في طويلا بالتحديق

شأنا. الفرس نساء أرفع وهي لتساؤلاتها شاف جواب عن الإفصاحمساء استدعائها إلى — بهرام الكسرى — بعد فيما أصبح الذي ذاته بأبيها دفع ممامهردكار؟ يا بعد يذكر، اهتماما التبع ثم بعلك، يعرك ألم الأمر: في وفاتحها للزيارة

على الاثنتين بيديه أطبق ثم مخدعه، عند جاثية فتقدمت بهرام، والدها إليها أشاروصيفة. سوى أنت ما صارخا: عنقها

… النيران إلى … النيران إلى الأرقط العنق بهذا سألقي متوعدا: مهددا استطرد ثمتسمعين؟! هل

222

Page 223: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الثلاثون الفصل

الملكسيفبأحراشالدلتا اغتيال

رأسا كله كيانها قلبت التي العاصفة، الزيارة تلك من مهردكار، الأميرة عادت إن ماأحوالها عن ليسألها مساء ذات استدعاها حين بهرام، الملك والدها لقصر عقب؛ علىفوجئت حتى يزن، ذي بن سيف التبع الملك من زواجها بعد أمورها إليه انتهت وما

سيف. الملك زوجها قصر داخل تأججا أشد بعاصفة مهردكارمصر. ديار إلى العودة قرر سيف الملك –

الرخامية القلعة أو — التاريخي — القصر سلالم تصعد وهي مهردكار توقفتالفارسية. الطنافس بفاخر فرشت والتي لحكمه، مقرا سيف الملك اتخذها التي

إلى استحال الذي القصر، ساحات طول على يجري لما رهبة في متطلعة مضتوالوصيفات، والوزراء اب والحج التبع وجند الحراس لحركة نتيجة هائلة نحل خلية

سيف. الملك سباها التي والعروش الكنوز بنفيس المحملة المركبات وهديرعلى والبحارة الناضورجية ونداءات الجياد قطعان صهيل هذا كل يقطع وكان

والمراكب. السفن ظهروجهه طالعها أن إلى الملك، لجناح الملاصق جناحها شرفات باتجاه ببصرها تطلعتبأبيها لقائها بعد المنكسرتين الذابلتين عينيها في النظر يمعن وكان حضورا، المشع

قاس. حديث من جرى وما بهراممخدعها على العينين دامعة بنفسها ألقت وبعدما غرفتها، احتوتها حين وتمنتالليلة — بهرام — والدها لملاقاة تذهب لم أنها لو الاحمرار، القاني المخملي البديع

بها. عاملها التي المذلة ومدى

Page 224: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

التبع. ركب في وصيفة سوى أنت ما –بالحرق. لها تهديده ثم

صوت على فراشها، منتصف في وهي متطلعة جالسة فجأة مهردكار استدارتنرحل عريضة: ابتسامة ثغره وعلى قائلا بادرها ثم للرقاد، استعدادا سيف الملك دخول

مصر. ديار إلى … مهردكار يا غداقلبها. كل من فرحة احتضنته

القديم. حلمي … مصر … ا أحق –مليكي يا يوما، جانبك إلى النيل عباب سأمخر هل تلاطفه: وهي جانبها إلى أجلسته

الجميل؟زوجته وخبل ابنه اختفاء بسبب أحزانه من يعاني يزال لا سيف الملك كان ولمامستلزمات استكمال بحجة أتى؛ حيث من عائدا مهردكار من الاستئذان آثر فقد شامة،من المعينين بعماله والاجتماع السفن وتجهيز المهام نقل أعباء من يتطلبه وما الرحيل،

العدية. مصر ديار إلى إيران من المضنية الرحلة تلك مسار ثم قبله،مصير حول بأسداس أخماسا يضرب يزال لا — ذاته — سيف الملك كان

الأليم. الغامض النحو ذلك على دمر المفقود ابنهأولادي. من والأشبال، الرجال أشجع من قتلوا من مثل أمره وانتهى قتل فليته –شملت التي الواسعة الاستعداد حركة على مطلا العليا قصره كوة من لنفسه غمغم

والعودة. للرحيل تمهيدا بأكملها أصفهان منطقةأين؟ العودة، –

عن أخرى مرة مفتشا بأكملها الشمالية بسوريا بانياس ميناء على بنفسه وعرجالذي بعد خاصة هذا، المؤلم مصيره ومعرفة له، حدث ما حقيقة وتحرى دمر، ولده

المفجع. النحو هذا على وانهيارها شامة أمه أصابفم كل من الإجابة جاءته بدئها نقطة حيث إلى البحث مسيرة انتهت ما إذا حتى

وصوب.نعلم! لا –

أيام اقتربت كلما وكان الفلسطيني، الساحل عبر مصر إلى طريقه التبع الملك اتخذشامة. زوجته في التفكير أكثر غلبه الوصول، وساعات

بمهردكار؟ ستلتقي كيف –

224

Page 225: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الدلتا بأحراش سيف الملك اغتيال

كيف؟ تساءل:فيما الإسكندرية أصبح الذي «فاروس» مينا على سيف الملك ركب أشرف وحين

باهرة. عتيدة وأسوارها، وحصونها بفناراتها المدينة طالعته بعد،تجر لم كما بالنصر، المظفر العائد وجنده سيف الملك استقبالات طقوس وجرت

قبل. من فاتح أو لملكيزن. ذي ابن بعودة مرحبا –الأمصار. أبو بعودة مرحبا –

مصر ديار طول على سيف الملك استقبالات حرارة من مهردكار انبهار ووصلعقلها. يصدقه لم حد إلى الضفتين على ونيلها

للروعة. يا –لتكاد حتى ركبتيها، ارتعاش وبخاصة بدنها في يسري كان خفيا رعبا أن إلافي توازنها لها تحفظ إليها سارعت التي الحانية سيف الملك ذراع لولا أرضا، تسقطعلى الناس وسط يتحرك كان إذ النصر؛ بأكاليل العائد وهو له، المحبة الجموع مواجهة

والمعاشرة! الخلق وطيبة التواضع من الواضح النحو هذاالأمصار. أبو –

مهيضة وهي لاستقباله هبت شامة بزوجته سيف الملك لقاء موعد حان ما إذا حتىالفراش. طريحة الجناح

معا. بالسلم سننعم أحزان؛ هناك تعد لم … حبي شامة –وديعة. حمامة كمثل يده كف على الأحمر بخدها ملقية بادرته

أين؟ … ولدي … دمر –وصولي قبل عنه بحثا شامة يا بأسرها الشام قطعت مجيبا: سيف الملك أطرق

إليك.ماذا؟ –

يعلم. أحد لا –العائد، الملك عن بسرعة بأفكارها وتوارت ذاته صمتها مبتلعة شامة، وجه امتقع

لهواجسها. نهباالزوجة مقابلة رافضة تملصت الملك، بصحبة شامة قضتها الزمن من برهة وبعد

الجديدة.

225

Page 226: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

مهردكار! –سيف. يا تهذي … مريضة سوى أنا ما –

بعد. عن سيف الملك بمراسلة واكتف — أفراح — بلادها إلى عائدة شامة قفلت ثم«لتبيض الجو لها خلا أن بعد سيف، الملك من التقرب واصلت فقد مهردكار أماعزلة، وأكثر وحيدة، الآن فهي تكريمها؛ على جاهدا يعمل الملك وكان وحدها»، وتفرخالجميع على فقدمها مصر، أرض إلى بمصاحبته ترحيبها مدى فيها أكبر الذي وهو— باسمه سمي الذي المفضل لجبله زياراته في بل واستقبالاته، حفلاته في واصطحبها

الجيوش. أبو فهو: — الجيوشيكاهلها على ألقاها قد كان التي مهمتها على إقدامها من طويلا مهردكار وعانت

بهرام. الملك والدهابعد كنت، أينما مهردكار يا السم تتجرعين أنت أجعلك أن وإما تسمميه، أن إما –

اليوم. منذ بتمامها أشهر ثمانيةتجرع مهردكار وحاولت الدامية، لمهمتها المحدد الأخير الأسبوع حل ما إذا حتى

سيف. الملك ودخل مصراعيه على مخدعها باب انفتح سمومها،الهادئ. النيل ليل في البحري مشوارنا موعد الليلة محتضنة: فورها من بادرته

شرفاتها. تحت الأسرار العميق النهر يتلوى حيث إلى كله بذراعها أشارتتأمل. –

الزمن. من ساعة معا لنهرب … هيا تفكير، دون بنا هلمي مهردكار، يا ا حق –على انزلقت التي سيف، الملك «ذهبية» داخل مقصورتهما احتوتهما ما إذا حتىإلى مهردكار أشارت الحانية، العطرة البرية وزهوره أدغاله وعبر الملساء النيل صفحةقائلا: عليه المتفق المرسى حيث إلى الملك سفينة ربابنة كبير لها وأومأ قريب، محدد دغل

جاهز. العشاء للهدوء، ياواهنة إغفاءة من يفيق وهو عشائه من شيء تناول في رغبته عدم الملك أبدى وحين

أجفانه. داعبتالليلة. للطعام رغبة بي ليس –

بنفسي. لك أعددتها تحبها، التي الكعكة تلك فقط –من الماء في ثقيل بشيء ملقية براءة في يديها كفي تفرد وهي مقاربة ضاحكته

سيف. الملك يتبينه لم السفينة جانب

226

Page 227: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الدلتا بأحراش سيف الملك اغتيال

هاتين. يدي بكلتا –يدها من آكلا «المسمومة» الحلوى طبق له تقدم وهي وهن في سيف الملك ابتسم

النوم. خدر يسبقه نعاسا يقاوم كمن مستريحاالجميل. مليكي يا استرح –

نعومة في انسلت مهردكار، يدي بين نعاسه لخدر سيف الملك استسلم ما إذا حتىظلام في أثر دون واختفت الثلاثة، البحارة عن غفلة في جانبي باب عبر هاربة طاغيةالذين لها، التابعين الفرس فرسانها من شلة حاوطتها أن إلى «الكمين»، الدغل ذلك

العالمان. لها اهتز التي اللحظة تلك بانتظار كمنواللخيانة! يا يزن، ذي بن سيف الملك مات –

سيف المحبوب بملكهم الفارسية» الجارية «تلك غدر خبر على مصر ديار روعتطوال على فم إلى فم من سرت التي والشائعات والآراء الأقاويل وكثرت يزن، ذي بن

وعرضها. البلادالقاتلة. الفارسية تلك –

الرقطاء؟ الحية لتلك سيف الملك قدمه ما كل وبعد الحد، هذا إلى الغدر أيصل –قبول منذ التدبير، قديم أمر الليلة سيف للملك حدث ما أن إلى البعض وذهب

الأخيرة. للهدنة والدها رأسهم وعلى الفرسالقاتلة الفارسية هرب برغم نسائية، مكيدة مجرد أنها إلى الآخر البعض ذهب كماوخبايا أبعاد شهد الذي النيل، لشط القريبة بالأدغال الكامنين حراسها إلى ووصولها

يزن. ذي بن سيف — النيل أي — أقربائه أقرب فيها قضى التي المأساة تلكالمصير لذلك وعبادة، الشرق وبلاد واليمن والشام مصر في الجميع ع رو وهكذاأن دون اليزن، سيف والأحياء، للناس المحب المناضل الملك ذلك حياة أنهى الذي الفاجع

بالقتلة. الإيقاع من أحد يتمكنوالملح.» للعيش … «الخونة –

إلا المخطط، ذلك أبعاد حقيقة معرفة حول والشام، بمصر كثيرا الأمر يطل ولمثم أصفهان، بلاد عمت التي وحراسها مهردكار عودة المتواترة الأخبار حملت عندماالمرأة تلك نفذتها التي المهمة بنجاح ابتهاجا الفرس بلاد عمت التي الاحتفالات أخبار

والمجابهة. القتال ساحات في جيوشهم أعتى تحقيقها في فشلت بينما الأفعى،

227

Page 228: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

التباعنة الملوك سيرة

للدناءة. يا … للغدر يا –المبيتة، نواياه عن تكشف ما سرعان إذ مداه؛ يطل لم الفارسي المخطط إن بل

العرب. وبلاد مصر ربوع إلى الغزاة الفرس جحافل بعودةشهد الذي بجبله المقام بمدفنه سيف الملك جثمان دفن مراسم انتهت ما إذا حتىفرسانه تعاهد للمقطم، المتاخم الجيوشي» «جبل باسمه دعي والذي جيشه، تدريبات

الأمد. طال مهما وأطماعهم للفرس التصدي في بوصيته العمل على قادته وكبارمصر ديار على حصارهم المتحالفين وأمرائه الفرس ملوك من أربعة ضرب إن فماوالمدعو سيف الملك من مقربا كان الذي الوحيد والقائد دمياط، أمير لهم تصدى حتى

الوحشي». «دمنهور

الانتصار لهم حقق سيف الملك غياب بعد المرة، هذه وعتادهم الفرس، سطوة أن إلاسيف. الملك جيش فلول بقايا وتشتيت حصونها وتخريب مصر بدخول

المقاومة ساعد من فشدد وفلسطين» إيليا ملك «أسيوط لنجدتهم هرع أن إلىسيف الراحل ملكها مدفن نهب محاولة عقب خاصة الفرس، ضد نمت التي الشعبية

الجيوشي. بجبل اليزن ذونفذوا بعدما حتى التبع، للملك المبيت الحقد مدى من غضبا مصر استشاطت هنا

مهردكار. الشريرة: الفارسية تلك بها اضطلعت التي الغادرة مكيدتهم فيه

228

Page 229: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F

الدلتا بأحراش سيف الملك اغتيال

الموتى جثث ناهشي الفرس، أولئك ضد ثورته الشعبي الغضب ذلك فجر أن إلىالشام بلاد تعاني كانت بينما لمطامعهم، نهبا أصبحت التي مصر، طول على الأحياء قبلالبسوس بحرب عرفت التي القبائلية، الانتقامية الحرب تلك أبعاد بدورها وفلسطين

عاما. ٤١ استمرت والتي سالم الزير المحارب الشاعر ذلك قادها التي

229

Page 230: ÍLôÉN ÌLÐ*A ¢*, â ]n F F