كسدةدات ا أسطورة مضا عجائب صغيرةسيم هيگز اً وأخيرا8/7 دان ـــ العد29 جلد ا2013 طسوليو/ أغس يJuly / August 2013 وشم إلكترونيواس لف اِ ح)لسيكوباتيا( ً نفسياعتلفة ا حصامضيات ا د أشجار حشرة تهدتي دينار كوي1.500 السعر: ــــ304/ 303 دان العد عن1986 نذ عاملة الكويت ما في دو شهري تصدر حشرة بسيمضيات اويةسي ا دبور متطفلقضيب لي لُ جشرة على ا

July August 2013 Oloom

Embed Size (px)

DESCRIPTION

arabic science magazine

Citation preview

Page 1: July August 2013 Oloom

أسطورة مضادات األكسدة

عجائب صغيرة

وأخيرا اجلسيم هيگز

املجلد 29 ـــ العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2013

July / August 2013

وشم إلكتروني

حلف احلواس

حصافة املعتلني نفسيا )السيكوباتيني(

حشرة تهدد أشجار احلمضيات تيوي

ر كينا

1 د.5

00ر:

سع ال

ــــ30

4/ 3

03ن

ددالع

ا

تصدر شهريا في دولة الكويت منذ عام 1986 عن

حشرة بسيال احلمضيات

اآلسيوية

دبور متطفل جلب ليقضي على احلشرة

Page 2: July August 2013 Oloom

جـائزة اإلنتاج العلمي لعام 2013إميانا من حضرة صاحب الســـمو أمير البالد - حفظه الله - بأهمية رعاية العلماء والباحثني وتش������جيع الكفاءات العلمية املتميزة في مختلف فروع املعرفة، وتش������جيعا حلملة الدكتوراه، من أبناء البالد على التفرغ للبحث والدراس������ة والتأليف والترجمة ص مؤسسة الكويت للتقدم العلمي جائزة في مختلف فروع اإلنتاج العلمي ودعما لروح التنافس البناء بني املختصني، تخص

باسم جائزة اإلنتاج العلمي متنح سنويا في كل من املجاالت اآلتية:1- العلوم الطبيعية والريـاضية: الفيزياء – الكيمياء – اجليولوجيا – الرياضيات – اإلحصاء – احلاسوب.

2- العلوم الهنــدسية: الهندسة الكيميائية - الهندسة املدنية - الهندسة الكهربائية - الهندسة الصناعية – الهندسة امليكانيكية - هندسة البترول - الهندسة الزراعية.

3- العلوم احلياتية: النبات - علم األجنة - علم احليوان - علم احلشرات - الكيمياء احليوية - الزراعة والثروة احليوانية )وتشمل البيطرة : إنتاج احلليب واأللبان - الدواجن واملاشية واألسماك( - الكيمياء الزراعية - األمراض الزراعية -

البستنة والبساتني - امليكروبيولوجيا.4- العلوم الطبية: التشريح - الصيدلة – وظائف األعضاء - امليكروبيولوجيا - علم األمراض - األمراض الباطنية - أمراض

النساء والتوليد - األطفال - العيادة النفسية - العالج باألشعة - اجلراحة - طب األسنان وطب العيون.5- العلوم االجتماعية واإلنسانية: علم اإلنسان - علم النفس – علم االجتماع - علم السياسة - التاريخ - اجلغرافيا -

التربية - اللغة العربية - اللغات األجنبية – الفلسفة - احلقوق والشريعة.6- العلوم اإلدارية واالقتصادية: إدارة األعمال - التسويق - إدارة صناعية - متويل واستثمار- محاسبة - اقتصاد -

تأمني - إدارة عامة.قيمة اجلائزة:

تتألف كل جائزة من مبلغ )10000 د.ك.( عشرة آالف دينار كويتي مع ميدالية ذهبية وشهادة تقديرية تبني مميزات اإلنتاج العلمي.

شروط الترشيح للجائزة:يشترط فيمن يرشح لنيل جائزة اإلنتاج العلمي ما يأتي:

1- أن يكون كويتي اجلنسية.2- أن يكون حامال للدكتوراه.

3- له أبحاث منشورة أو دراسات أو تقارير علمية أو كتب منشورة بعد حصوله على الدكتوراه، وأال يقل اإلنتاج املقدم عن ثمانية أعمال.

4- يعامل اإلنتاج املقبول للنشر معاملة اإلنتاج املنشور لغرض الترشيح للجائزة.5- أن يتم ترشيحه بنفسه أو من قبل الهيئة العلمية أو الوزارة التي يعمل فيها، وذلك في أحد املجاالت املذكورة سابقا.

6- أال يكون اإلنتاج املقدم قد نال عليه جائزة من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي أو أي مؤسسة كويتية أخرى ، وأال يكون قد فاز باجلائزة من قبل، كما ميكن للفائز بهذه اجلائزة التقدم باإلنتاج الفائز جلائزة الكويت.

7- أن يقدم ثالث نسخ من كل إنتاج منشور مع ثالث نسخ من سجله العلمي. 8- ال يعاد اإلنتاج املقدم إلى صاحبه سواء فاز أو لم يفز.

9- قرارات مجلس إدارة املؤسسة نهائية وال يجوز االعتراض عليها.10- تعبئة منوذج بيان السيرة الذاتية اخلاص باجلائزة.

11- تقبل الترشيحات حتى نهاية الشهر 2013/10.ترسل الترشيحات واالستفسارات بشأن اجلائزة إلى العنوان اآلتي:السيد مدير عام

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي[email protected] :ص.ب: 25263 الصفاة 13113 ، دولة الكويت ��� فاكس: 22270462 (965+) ��� هاتف: 22270465 (965+) ��� البريد اإللكتروني

www.kfas.org ملزيد من املعلومات ميكنكم زيارة موقع املؤسسة اإللكتروني

Page 3: July August 2013 Oloom

1

املجلد 29 ��� العددان 8/7 (2013)304/303

الهيئة االستشارية

شارك في هذا العدد

لينة أتاسيسعيد األسعدعلي األمير

إلياس البراجعمر البزريحسني ثابت

محمد حسن حتاحتابتسام حمد

عدنان احلمويعبدالقادر رحمو

قاسم سارةنضال شمعونجنيب الشهابي

إيهاب عبدالرحيمفؤاد العجلفوزي عوضإياد غامنعزت قرني

أحمد الكفراويحامت النجديشادن يافي

مراسالت التحرير توجه إلى: رئيس حتريرمؤسسة الكويت للتقدم العلمي

شارع أحمد اجلابر، الشرق - الكويتص.ب : 20856 الصفاة، الكويت 13069

www.oloommagazine.com :موقع الوب - [email protected] :عنوان البريد اإللكترونيهاتف: 22428186(965+) - فاكس : 22403895(965+)

اإلعالنات في الوطن العربي يتفق عليها مع قسم اإلعالنات باملجلة.Advertising correspondence from outside the Arab World should be addressed toSCIENTIFIC AMERICAN 415, Madison Avenue, New York, NY 10017 - 1111Or to MAJALLAT AL-OLOOM, P.O.Box 20856 Safat, Kuwait 13069 - Fax. (+965) 22403895

بزيارة موقع املجلة www.oloommagazine.com ميكن االطالع على مقاالت اإلصدارات املختلفة اعتبارا من العدد 1995/1. كما ميكن االطالع على قاموس مصطلحات باتباع التعليمات الواردة على الصفحة الرئيسية للموقع.

ميك�ن تزوي��د املش�تركني في بنس�خة مج�انية من قرص CD يتضمن خالصات مقاالت هذه املجلة منذ نشأتها عام 1986 والكلمات الدالة عليها. ولتشغيل هذا القرص في جهاز مدعم بالعربية، يرجى اتباع اخلطوات التالية:

Control Panel ثم اختر start من Settings 1- اخترRegional and Language Options 2- اختر

OK ثم اضغط Standards and Formats من قائمة Arabic 3- اختر

األردناإلماراتالبحرين

تونساجلزائرجيبوتي

السعودية

� للطلبة وللعاملني في سلكالتدريس و/أو البحث العلمي

� لألفراد� للمؤسسات

12

1632

45

56112

السودانسوريا

الصومالالعراقعمان

فلسطنيقطر

الكويتلبنانليبيا

مصراملغرب

موريتانيااليمن

BritainCyprusFranceGreeceItalyU.S.A.Germany

ديناردرهمدينارديناردينارفرنكريال

جنيهليرةشلندينارريال

U.S $ريال

دينارليرة

دينارجنيهدرهمأوقيةريال

₤CI€

$€

1.80020

1.8002.5

105206

20

5.4100

14971964

21.25

20

1.5002765

1.77

30889250

42.5

66666

سعر العدد

االشتراكاتترسل الطلبات إلى قسم االشتراكات باملجلة.

< مراكز توزيع في األقطار العربية )انظر الصفحة 84(.

مالحظة: حتول قيمة االشتراك بشيك مسحوب على أحد البنوك في دولة الكويت.

بالدوالر األمريكيبالدينار الكويتي

حقوق الطبع والنشر محفوظة ملؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ويسمح باستعمال ما يرد في شريطة اإلشارة إلى مصدره في هذه املجلة.

عدنان اأحمد �شهاب الدين

رئ��ي�س الهي�ئ����ة

عبداللطيف البدر

نائب رئيس الهيئة

عدنان احلموي

عضو الهيئة �� رئيس التحرير

Page 4: July August 2013 Oloom

2

علوم عصبيةحلف احلواس

<D .L. روزنبلوم>

ما تسمعه يتوقف إلى حد كبير على ما تراه وتشعر به.

املجلد 29 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2013

ابتكاراتر وجه العالم أفكار قد تغي

< حياة صنعية تعتمد على جزيئات زنا XNA. < رغوة غنية باألكسجني قابلة للحقن.

< وقاية مبكرة من داء ألزهامير. < طريقة رخيصة جدا لتنقية املياه. < فهرس االستدامة

األمثل. < التعاقب اجلينومي الكامل لألجنة. < استخراج دقيق للمعلومات من الهواتف الذكية. < أجهزة ناظمة لنبض القلب تعمل بطاقة الدم. < طائرات غير مأهولة في املنازل.

< الوشم مبحسات مرنة.

بيولوجيا النباتنهاية عصير البرتقال

<A. كوتشمينت>

مرض فتاك يصيب أشجار احلمضيات من فلوريدا إلى كاليفورنيا.

أمراض مستجدةتهديد جديد من ڤيروسات اجلدري

<S. شاه>

رمبا يكون اجلدري قد اندثر، ولكن أبناء عمومته من الڤيروسات - جدري القرود وجدري البقر - تتأهب للعودة.

تطور البشرأسالف مهشمة

<K. هرمون>

د أكثر العمل اجلبار القائم لتحديد أسالف االكتشافات األحفورية احلديثة تعقاإلنسان في مسيرة التطور.

فيزياءوأخيرا اجلسيم هيگز؟

<M. ريوردان> - <G. تونيلي> - <L .S. وو>

رمبا وجد العلماء اجلسيم املراوغ، ومن ثم قد يكون عصر جديد في الفيزياء على وشك البزوغ.

نضال شمعون

أحمد الكفراوي

فوزي عوض

قاسم سارة

��

��

26

4

34

18

40

48

��التحرير&

سعيد األسعدعمر البزري

التحرير&

عدنان احلمويعلي األمير ��

فؤاد العجلعبدالقادر رحمو ��

التحرير&ابتسام حمد ��إياد غامن

Page 5: July August 2013 Oloom

3

صحةخونة نوعا ما

<D. ستيپ>

خاليا في جسم اإلنسان كان يظن أنها حتافظ على صحته، تتهم اآلن بإمراضه.

علم النفسحصافة املعتلني نفسيا )السيكوباتيني(

<K. داتن>

قد يكمن النجاح في احلياة العملية في قساوة القلب والثقة بالنفس واجلاذبية الشخصية، وفي سمات أخرى مبهمة.

احملافظة على الفناملتالشية

قضية الصور الداگرية

<D. گروشكني>

كيف استطاع فريق غير مرجح إنقاذ صور ال تقدر بثمن، ترجع إلى األيام األولى من التصوير الفوتوغرافي، وتتالشى أمام أنظار رواد املتحف.

إلياس البراج��شادن يافي

علوم احلياةعجائب صغيرة

<K. وونگ>

تكشف املجاهر )امليكروسكوبات( الضوئية عن أعاجيب خفية لعالم الطبيعة.

ط�بأسطورة مضادات األكسدة

<W .M. موير>

هل تبقينا الڤيتامينات في ريعان شبابنا؟أدلة متزايدة تشكك في االعتقاد الشائع بأن الضرر التأكسدي يسبب التشيخ.

إيهاب عبدالرحيم ��محمد حسن حتاحت

عدنان احلموي

لينة أتاسي

حسني ثابت

جنيب الشهابي

��

��التحرير&

التحرير&

74

78

56

62

68

حامت النجدي��عزت قرني

Page 6: July August 2013 Oloom

4(2013) 8/7

املجلد 29 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2013

ة بأن تغير حياتنا. عشرة ابتكارات جوهرية، حري

ر وجه العالم)�( أفكار قد تغي

يحلم العلماء واملهندســـون بابتكارات كبرى من ش������أنها أن تغير العالم، ومن ثم فهم يسعون إلى جعلها حقيقة واقعة. وتكشف مجلتنا في الصفحات اآلتية، عن عشرة ابتكارات قد تغير قواعد اللعبة، من مثل: بديل صنعي للدنا DNA، وزيت لتنقية املياه، وأجهزة ناظمة لنبض القلب تعمل بطاقة دمائنا، وغير ذلك. وليست هذه األفكار االبتكارية وهما أو ضربا من اخليال، بل اختراقات علمية عملية جرى التثبت من وثوقيتها أو بلغت مرحلة النمذجة األولية، فباتت مهيأة لالنطالق على نطاق واس������ع؛ بل إن كال منها يحمل في طياته القدرة على جعل ما قد يبدو مستحيال اليوم ممكن التحقيق. محررو ساينتفيك أمريكان

WORLD CHANGING IDEAS )�(

Page 7: July August 2013 Oloom

5 (2013) 8/7

New Life-Forms, No DNA Required )�(artificial organisms )1(

DNA's backbone )2(anhydrohexitol nucleic acid )3(

أضح������ت جزيئات الدنا ش������يئا من ماض تق������ادم عهده، فق������د ابتكر علماء البيولوجي������ا التخليقي������ة منظوم������ة م������ن XNA، تتمتع اجلزيئات س������موها زنـــا بجمي������ع خصائص احلمـــض النووي (DNA) الريبــــي املنقوص األكســـجني ،(RNA) واحلمـــض النـــووي الريبــــيإضاف������ة إلى ق������درات خاص������ة أخرى. وتتيح جزيئات الزنا هذه للعلماء إمكان إنشاء أمناط حياتية ال تعتمد على الدنا

الستمرار بقائها وتطورها. ويب������ني <P. هوليگ������ر> ]م������ن مختبر البيولوجي������ا اجلزيئي������ة التاب������ع ملجلس األبحاث الطبية في كامبريدج بإنكلترا[ أن »احلياة ال ميكن أن تنش������أ من دون منظوم������ة لتخزي������ن ونس������خ املعلومات ولك������ن ،genetic information اجلينيـــة الدنا والرنا ليسا متفردين في ذلك، بل polymers )ميكن لپوليمرات )متماثراتأخرى مماثلة - س������تة على األقل - أن تقوم بالوظيف������ة ذاتها.« ويضيف قائال: flora النباتيـــة احليـــاة اعتم������اد »إن واحليوانيـــة fauna األرضية على الدنا والرن������ا دون غيرهما ناج������م عن حادث

عارض يعود إلى نشأة احلياة.«XNA صيغ������ة مختصرة واحلروف للكلم������ات xeno nucleic acid، أي حمض نووي زينو )xeno تعني »أجنبي«(. وكما في الدنا، فإن للحمض XNA بنية تشبه سلما ملتفا. ففي الدنا تؤلف أربعة أسس نووية مختلفة درجات السلم، ويرمز لها باحلروف A وC وG وT. في حني تؤلف

مجموعات فوس������فاتية وجذور س������كرية جانبي السلم اللذين يعرفان أيضا باسم الفقار )العمود الفقري عند اإلنســـان( backbone. ويعك������ف العلماء منذ ثالثني

عاما على تعديل اجلذور الس������كرية بغية تكوي������ن أحماض نووي������ة صنعية تصلح أدوات بح������ث في الط������ب لتطوير عقاقير

ميكنها االرتباط بالدنا.وفي الس������عي إلى صن������ع جزيئات الزن������ا، لم يكت������ف <هوليگ������ر> وزمالؤه بتعدي������ل الس������كاكر ف������ي فقـــار جزيء الدنـــا)2(، بل اس������تبدلوا به������ا جزيئات مختلف������ة متام������ا، كالهكســـان احللقي threose. وال والثريـــوس cyclohexane

يقل عن إجنازه������م هذا أهمية ابتكارهم إنزمي������ات ميكنها التفاع������ل مع جزيئات genetic زن������ا لتأليف منظومـــة جينيـــة

system متكاملة.

ن اإلنزميات جزيئات الزنا من ومتكالقيام مبا ال يستطيع أي من األحماض النووي������ة الصنعية القيام ب������ه: أال وهو التط������ور. فف������ي اخلاليا احلي������ة يعمل polymerase الپوليميراز يدعى إنزمي على قص ولصق ووصل مكونات الدنا للحصول على املعلومات اجلينية. ومن دون هذا التآثر يبقى الدنا معطال عطل موسوعات متروكة للغبار على الرفوف. وقد تولى <هوليگ������ر> برمجة مجموعة م������ن إنزميات الپوليمي������راز التي توجد في الطبيعة، لتحويل جزيئات الدنا إلى جزيئات الزنا، ثم بالعكس، منشئا بذلك منظومة مس������تحدثة لتخزين املعلومات

بال������ذات هو اجليني������ة ونقله������ا، وهذا أساس التطور. ومن بني أصناف الزنا املبتكرة حمض ن������ووي يتضمن جذور الهكســـيتول املنقـــوص الهدروجني، ،)3((HNA) تختصر تس������ميته باحلروف genetic أمكنه االحتفاظ بكوده اجلينيcode عل������ى نحو موثوق ب������ه، بل تطور

بحيث أضحى ق������ادرا على االلتصاق ببروتني معني بدقة متناهية.

ل�<هوليگر> حتسني وحاملا يتس������نى أداء جزيئات الزنا وإنزمياتها، سيتمكن من االستعاضة بها عن الدنا والرنا في خلية حية. وق������د يتناول الباحثون، على س������بيل املثال، بكتيرة بسيطة التكوين، ويستعيضوا بجزيئات الزنا عما حتويه

من جزيئات الدنا.ولرمب������ا قام العلم������اء، بدال من ذلك، بوض������ع جزيئ������ات الزنا ضم������ن خاليا أوليـــة protocells ق������د تصير أساس������ا ألمناط حياتية جدي������دة ميكن أن تتطور بطرائق ال ميك������ن التنبؤ بها. وفي حني أجنز بعض علماء البيولوجيا التخليقية، من أمثال <C .J. ڤنت������ر>، تقدما ملحوظا ف������ي إعادة كتابة الكود اجليني احلالي،

أمناط حياتية جديدة)�(DNA ال حتتاج إلى دنا

متعضيات صنعية)1(، تعتمد على جزيئات من عمل اإلنسان، بإمكانها أن تزدهر وتتطور.

Page 8: July August 2013 Oloom

6(2013) 8/7

م������ا ه������ي إال دقائق مع������دودات تلي توقف تنفس اإلنس������ان - س������واء أكان الس������بب قطعة حلم علقت في احللق أم نوب������ة ربو حادة أم أذي������ة رئوية - حتى يب������دأ الدم������اغ بالتوق������ف ع������ن العمل، ويصب������ح خطر اإلصاب������ة بنوبة قلبية ثم الوفاة قاب قوس������ني أو أدن������ى. وعندئذ ال يبق������ى أمام املس������عفني والعاملني في املستشفى س������وى سبيل واحد: إدخال أنبوب للتنف������س عبر فم املريض، مع ما ينط������وي عليه هذا اإلج������راء من مخاطر

واستنفاد لوقت نفيس.لكن ثمة محلوال جديدا قابال للحقن ميكن أن يبقي املصاب حيا مدة خمس عشرة دقيقة أو أكثر، تستغل لنقله إلى

املستش������فى أو إلجراء العمل اجلراحي الالزم له ف������ي غرفة العمليات. ويحتوي ه������ذا احمللول على فقاقيع أكســـجينية ميكرويـــة oxygen microbubbles ميكن أن ميتصه������ا ال������دم في غض������ون ثوان، إضافة إلى أنها م������ن الصغر بحيث ال حتدث انسدادا هوائيا - أي جيب غاز من ش������أنه أن يعطل جريان الدم، وبذلك

يحدث سكتة دماغية أو نوبة قلبية.وس������عيا إلى إيج������اد ه������ذه الرغوة املنق������ذة للحياة، ق������ام <J. كير> ]الطبيب االختصاص������ي بأم������راض القل������ب في مستشفى بوس������طن لألطفال[ وزمالؤه بتعدي������ل التقانة النانوية الطبية الراهنة. فلم������ا كان������ت اجلســـيمات امليكرويـــة

بأغشية شحمية املغلفة microparticles

تنقل األدوي������ة واألصباغ ف������ي عمليات التصوي������ر فوق الس������معي، عمد <كير> وفريقه إلى ضخ ش������حوم الفوس������فور )الفوسفاتيد( خالل حجيرة مؤكسجة، مس������تعملني املوج������ات الصوتي������ة حلفز الذات������ي لتكوي������ن للتجم������ع املكون������ات جس������يمات ميكروية. ومن ثم اس������تخدم centrifuge الباحثون طـــاردة)3( مركزيةلتركيز تلك اجلسيمات تركيزا فائقا في محلول حتوي كل فقاع������ة ميكروية منه )وهي بعرض 4 ميكرون( أكسجينا نقيا محاطا بغشاء شحمي ال يتعدى سمكه

بضعة نانومترات.ومب������ا أن الفقاع������ات حتت������وي على األكسجني عند ضغط أعلى من الضغط في مجرى الدم، فإن الغاز س������رعان ما ينتش������ر في خاليا الدم احلمراء مبجرد التالمس. وما أن تستنفد الفقاعة حتى

Foam That Restores Breathing )�()1( أو: صغرية

oxygen microbubbles )2()3( أو: نابذة

رغوة تعيد القدرة على التنفس)�(فقاقيع ميكروية)1( مؤكسجة)2( ميكن أن يحقن بها

املصابون بنوبات الربو وحاالت االختناق، فتمنحهم دقائق ثمينة قد تنقذ حياتهم.

فإن أح������دا ل������م يتمكن حت������ى اآلن من تكوي������ن حياة صنعية تام������ة - أي حياة ال تعتمد ب������أي صورة على ما أتاحه لنا تطور األن������واع، بل على ما يتوصل إليه

اإلنسان من مخترعات.ويؤكد <هوليگر> أن األمناط احلياتية املعتمدة على الزنا ما زالت بعيدة املنال، لكنه يدرك في الوقت نفس������ه ما مييزها؛ فهي ال تستطيع البقاء في الطبيعة فيما لو تسربت بعيدا عن املختبر، ما لم يوفر لها اإلمداد املستمر باإلنزميات اخلاصة بجزيئ������ات الزن������ا. وكذل������ك ال ميكن أن genomes يندمج الزنا ضمن جينوماتاملوج������ودة organisms املتعضيـــات ف������ي الطبيع������ة، ألن إنزميات������ه األصلية

ال تس������تطيع تعرفه������ا، إذ إن البكتيريا ر اس������تنادا إلى جزيئات الزنا التي تطوألغ������راض من قبي������ل تبديد بق������ع النفط املسكوبة أو استمداد الطاقة الكهربائية من املياه العادمة ل������ن تكون قادرة على

عرقلة عمل املتعضيات األصلية.وقد وجد أن جزيئ������ات الزنا متممة للدنا، ومع ذلك فهي متفردة بنيويا، وهذا يجعلها ذات فوائد جمة في أبحاث الطب والتقانة احليوي������ة والبيولوجيا. ويعتقد <هوليگ������ر> بإمكان حق������ن جزيئات من

الزنا في جسم اإلنسان للكشف املبكر ع������ن عالم������ات مرضية دقيق������ة تخطئها

التقانات الراهنة.وق������ام <S. بنر> ]زميل في مؤسس������ة

التطور اجلزيئي التطبيقي في گين�زڤيل بوالية فلوري������دا[ برفد أبحاث <هوليگر> عن طريق توس������يع األلفبائية اجلينية أساس������ني وإضاف������ة genetic alphabet

نووي������ني جديدين هما Z و P. وتس������مح ألفبائية تضم املزيد من احلروف بتطوير طيف أوس������ع م������ن اجلين������ات؛ ومن ثم تصنيع مجموع������ة أكبر من الپروتينات. وي������رى <بنر> أن »الغرض املنش������ود هو إيجاد نظم ميكن التحكم فيها كيميائيا، ولها س������لوك النظم البيولوجية من دون أن تكون نظم������ا بيولوجية بالفعل. وفي اعتقادن������ا أن بإمكان������ك عملي������ا حتقيق

جميع ما ميكنك تخطيطه على الورق.«<F. جبر>

Page 9: July August 2013 Oloom

7 (2013) 8/7

Early Treatment for Alzheimer’s )�(

يتح������ول غالفها إلى ق������رص ال يتجاوز س������مكه امليكرون، مير بس������هولة ضمن

جهاز الدوران.وفي أحد االختبارات، قام الباحثون بس������د املجاري التنفس������ية ألرانب حتت التخدير مدة خمس عشرة دقيقة، فوجدوا أن األران������ب التي حقنت باحمللول كانت أقل عرضة لإلصابة بالسكتة القلبية أو بأذيات أخرى لألعض������اء من تلك التي حقنت مبحلول ملحي - هذا مع أنها لم

تكن قادرة على التنفس إطالقا.وتعد ه������ذه الطريقة »فك������رة مبتكرة مقارنة مبا هو مت������اح لنا حاليا،« وذلك على حد ق������ول <R. كوهلر> ]من جامعة جون������ز هوپكن�ز[، الذي ال يش������ارك في العم������ل؛ ألن معظم اإلج������راءات الطارئة التي يدخل فيها األكس������جني تتطلب من

املنظومة الرئوية أن تعمل ضمن حدودها الدنيا على األقل.

على أن من عيوب هذه الطريقة أنها، وبس������بب أن الدم يس������تهلك األكسجني بس������رعة كبيرة، تس������توجب االستمرار باحلقن، وهذا يقتضي اس������تعمال قدر كبير من احمللول امللحي لتيس������ير حركة الرغوة في مجرى ال������دم. ومن ثم، فإن مق������دار ما يتلقاه املري������ض من احمللول بعد خمس عش������رة دقيقة قد يؤدي إلى اإلصاب������ة بوذمـــة edema، وهي تراكم غير سوي لس������وائل اجلسم قد يسبب قصورا قلبيا. ويسعى فريق <كير> إلى تطوير الصيغة بحيث تتطلب مقادير أقل

من احمللول امللحي.ومن عيوبها أيضا أن غياب التنفس الطبيعي يفضي إلى تراكم ثنائي أكسيد

الكربون في اجلس������م، وهذا قد يكون ذا أثر س������ام. ومع ذلك، يلحظ <كوهلر> أن جسم اإلنس������ان أقدر على التعامل مع فائض صغير من ثنائي أكسيد الكربون منه على حتمل غياب األكس������جني غيابا كام������ال. وإذا م������ا مت التحقق من جناح تقني������ة الفقاقيع امليكروي������ة في جتارب إضافية جت������رى عل������ى احليوانات )ثم يتي������ح احمللول على اإلنس������ان(، فق������د الطوارئ والتقنيني األكسجيني لطواقم في غ������رف العمليات اس������تغالل دقائق حاس������مة قب������ل أن يكون ف������ي إمكانهم اتخاذ إج������راءات عالجية أخرى إلنقاذ حياة املصابني. وفي مثل تلك احلاالت، وكم������ا يقول <كوهلر>: »ال بد من اعتماد

خطة إضافية احتياطية.«<K. هارمون>

العالج املبكر لداء ألزهامير)�(قد تسهم جتربة دوائية جترى على 300 فرد من سكان كولومبيا بالكشف عن طريقة للحيلولة دون حدوث املرض في حال من األحوال.

ما زال مرض ألزهامير مس������تعصيا عل������ى الع������الج عمليا. وقد فش������ل أكثر من مئة عق������ار جتريب�ي في إيقاف تقدم املرض الذي يس������لب الن������اس ذاكرتهم املط������اف، نهاي������ة وف������ي وعالقاته������م، ذاتيته������م. وينبري العلماء اليوم الختبار اس������تراتيجية جديدة متن������ع وقوع هذه احلالة املرضية املروعة أصال. وكما أن األصحاء يتناولون مركبات الســـتاتني statin لتخفيض نس������بة الكولس������تيرول

والوقاية من أمراض القلب، فإن بإمكان األش������خاص مم������ن لديهم االس������تعداد لإلصابة ب������داء ألزهامي������ر أن يتعاطوا

حبوبا طبية تدفع عنهم هذه اإلصابة.ويقوم الباحثون باختبار عقار يزيل ،amyloid پروتينا دخيال يدعى أميلويديش������تبه بأنه املس������بب األول لهذا الداء. فحت������ى وق������ت قريب لم يعث������ر على كتل األميلويد إال بتشريح الدماغ بعد الوفاة. غير أن عمليات مس������ح متطورة ألدمغة تس������تند املقطعي، بالتصوير األحي������اء إلى انبع������اث الپوزيترون - وهي ابتكار جدي������د - تظه������ر أن األميلوي������د ما برح يتراكم بصمت على مدى زمن قد يصل إلى عش������رين س������نة قبل ظهور أعراض املرض، ورمبا ص������ار الدماغ، عند تلك

املرحلة، تالفا على نحو غير عكوس وال يج������دي مع������ه أي دواء. على أن أحدا ال يعرف على وجه اليقني هل األميلويد هو املسبب للداء أو أنه أثر جانبي للمرض ال أكثر. ولعل الدراس������ة اجلديدة تقدم

جوابا عن هذا السر الغامض.ومن املقرر، إذا ما توفرت املوافقات الالزم������ة كاف������ة، أن تبدأ هذه الدراس������ة ف������ي هذا الع������ام، وتش������مل 300 فرد من عائالت تربط بينها أواصر نس������ب بعيدة في كولومبي������ا. ويتميز هؤالء األفراد بأن النوع النادر والفتاك للداء يصيبهم وهم في عنفوان شبابهم. ويالحظ أن كثيرين منه������م، ل������دى بلوغهم س������ن اخلمس������ني والستني، يصبحون في حال من العجز والضعف كاألطفال. وفي حني يتعذر - في األحوال االعتيادية - التنبؤ بالشخص الذي سيصاب باملرض، فإن حدوث أي

Page 10: July August 2013 Oloom

8(2013) 8/7

تنقية املياه بالزيت)�(من املمكن أن تؤدي حيلة كيميائية بسيطة إلى تنقية املياه

العادمة بتكلفة رخيصة جدا.

Water Purified with Oil )�()1( frostbite؛ أو: الصرد. )التحرير(

انطلق <A. باجپايي> يبحث عن طريقة أجنع حلفظ اخلاليا البشرية بتبريدها تبري������دا عميقا. عل������ى أن هذا احلفظ أن يج������ب cryopreservation ي القــــرر بالصقيع)1( - يتوخى تفادي التضرأي تشكل بلورات جليدية متزق جدران اخلاليا وتقتلها. وفي عام 2008، وبينما

كان <باجپاي������ي> يج������ري جتاربه في مستش������فى ماساتشوستس العمومي، أدخل الگليسرول glycerol، وهو مادة مقاوم������ة للتجمد، إل������ى داخل اخلاليا ممزوجا بزيت بذور الصويا ليس������اعد على زي������ادة تركيز الگليس������رول. وفي العام التالي، وأثن������اء أدائه لالمتحان

املؤهل للحصول عل������ى الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتقانة - مناسبة تتس������م عادة بالتوتر بال شك - جرت محادثة طريفة بينه وبني أعضاء جلنة االمتحان بعد اس������تعراضه ألثر زيت الصويا، وقد قيل له: ملاذا ال يستعمل زيت الصويا إلزالة الشوائب من املياه؟ بعدئذ قال <باجپايي>: »أعتقد أنه كان واحدا م������ن امتحانات التأهيل النادرة التي أفضت إلى التق������دم بطلب براءة

اختراع في هذا الشأن.«

طفرة جينية genetic mutation بني أولئك األفراد األباعد، ميكن اكتشافها بتحليل

الدم، يعني موتا محققا.وقد أدرك <E. رميان> ]املدير التنفيذي ملعهد بان������ر لداء ألزهامي������ر في فينكس بالوالي������ات املتحدة[ وزميل������ه <P. تاريو> وال��ب��اح���ث الك���ول��ومب��ي املش��ارك له��م��ا <F. لوپ�ي������را>، أن ه������ذه املجموعة أتاحت

فرص������ة فري������دة الختبار فوائ������د التدخل الطب������ي املبكر. ويزم������ع الباحثون إعطاء عق������ار جتريب�������ي يس������مى كرينيزوماب أف������راد م������ن مئ������ة إل������ى crenezumab

املجموع������ة، ممن ب������دأت أعراض املرض لديهم بالظهور، وإعطاء مئة آخرين منهم عقارا غفـــال placebo، وكذلك إعطاء هذا العقار الغفل إلى زم������رة ثالثة من أفراد

املجموعة ممن ال يهددهم املرض.وتقضي الدراس������ة املزمع������ة إعطاء أف������راد الزمر الثالث حقن������ا دوائية كل أس������بوعني على مدى خمس س������نوات، على أن يخضع املشاركون جميعا، كل بضعة أشهر، الختبارات شاملة تتضمن تصويرا بالرنني املغنطيسي بغية رصد مدى تقلص الدماغ، وفحص الس������ائل

الش������وكي لقياس محتواه م������ن پروتني تـــاو tau املرتبط مب������وت خاليا الدماغ، وتتضم������ن تلك االختب������ارات اختبارات للذاك������رة والق������درات الذهني������ة للوقوف على ظواهر التنكس اإلدراكي من مثل: نسيان مجموعة من الكلمات التي جرى حفظها من������ذ دقائق أو س������اعات فقط. وهذه جميعها من املؤشرات على ظهور

داء ألزهامير.وستش������مل الدراسة أيضا مجموعة تتأل������ف م������ن نحو 30 إل������ى 40 مريضا م������ن الواليات املتحدة. وس������يتوخى في هذه املجموعة املنتق������اة من األمريكيني، التي س������تتلقى العالج نفسه، أن تكون أقل جتانس������ا من نظيرتها الكولومبية، إذ حتم������ل طفرات ش������تى ف������ي أي من اجلينات الثالث املرتبطة بداء ألزهامير املبكر. ويأمل الباحثون بأن يتمكنوا من استقراء النتائج املتحصلة من املجموعة الكولومبية إلى اآلخرين املهيئني لإلصابة

بالعته dementia في سن الكهولة.وتتول������ى متويل الدراس������ة، التي تقدر تكلفته������ا مبئ������ة ملي������ون دوالر، الش������ركة Genentech الت������ي صنعت العقار، إضافة

إل������ى جهات اإلحس������ان اخليرية واملعاهد الصحية الوطنية. وجتدر اإلشارة إلى أنه حتى في حال جناح العق������ار، فليس ثمة ما يضمن أن النتائج س������تقود إلى عالج الشكل األكثر ش������يوعا من الداء، والذي يصيب املسنني. ومع ذلك، يأمل الباحثون بأن حتق������ق هذه التجربة ل������داء ألزهامير مثلما ميثل الكولستيرول وارتفاع ضغط ال������دم لألمراض القلبية الوعائية - أي أن تكون معالم هادية إلى الطريق ترفد مسار

البحث والتشخيص والعالج.وتش������ير البيان������ات الت������ي تتحصل للباحث������ني إلى أن������ه بدال م������ن االنتظار لس������نوات للتحقق من مدى جدوى عقار جتريب�ي على املرض������ى، فإن بإمكانهم تقييم النتائج بسرعة عن طريق استقراء البيولوجي������ة الدقيقة كتقلص التحوالت حجم الدم������اغ أو التغيرات في نس������بة پروتني تاو أو وجود رواس������ب أميلويد. وكما يقول <راميان>: »إننا بحاجة إلى تطوير طرائق أس������رع الختبار طيف من العالجات الواع������دة، واعتماد تلك التي

تعطي ثمارها في أقرب وقت ممكن.«<E. ليبر- وورن>

Page 11: July August 2013 Oloom

9 (2013) 8/7

اس������تحدث م������ا وس������رعان بس������يطة عملي������ة <باجپاي������ي>

تستخدم مجموعة غير مألوفة من الزيوت إلزالة امللوثات من املياه. وقد متثل العملية وس������يلة ممتازة للم������دن والفعالي������ات الصناعي������ة تخلف وجميعه������ا والزراعي������ة - مقادير هائلة من املياه العادمة - وذل������ك بتوفير طرائ������ق لتنقية تلك املياه الت������ي رمبا كانت أقل تطلبا الس������تهالك الطاقة، أو أقل تكلفة،

أو كليهما معا.يعد زيت بذور الصويا واحدا

من عدد محدود من الزيوت التي تؤدي دور م������ا يس������مى املذيبـــات االجتاهية directional solvents. أي إنها حتل املاء

من غير أن حتل ما يحويه من اجلزيئات األخرى كاألمالح، علما أن بإمكان زيت ن الصويا أن يتش������رب املاء إذا ما سخلدرجات ح������رارة ال تتج������اوز 40 درجة مئوي������ة، مخلفا اجلزيئ������ات امللوثة، التي تكشط فيما بعد وتستبعد. ويكفي تبريد املزي������ج الناجت قليال ليتح������رر املاء الذي جرت تنقيته، ويجمع بعدئذ الس������تعماله ر، ثاني������ة. وهكذا يبقى املذي������ب غير مكد

ومهيأ لتنقية املزيد من املياه امللوثة.ويتمثل األس������اس هنا في سلس������لة ذرات الكرب������ون الت������ي تؤل������ف العمود الفقري للزي������ت، الذي هو حمض دهني يقوم معظمه بطرد املاء. ولكن ثمة جزيئا عند إحدى نهايتي السلسلة الكربونية، الكربوكســـيل بزمـــرة حمـــض يعرف م������ا س������رعان ،carboxylic acid group

يؤلف رابطة هدروجينية مع املاء.]اختصاصي برادل������ي> .C-J> يقول الكيمياء العضوية من جامعة دريكسل[: »لق������د أدهش������ني جن������اح ه������ذه العملية بالفعل.« ويلحظ أيضا أن اكتشاف هذه الظاهرة كان ممكنا قبل قرن من الزمن، ويضي������ف: »إنها أكثر م������ا صادفت في

مضمار الكيمياء إثارة منذ زمن طويل.«على أن جتارب <باجپايي> أظهرت أن تنقية كوب واحد من املاء تس������تلزم مقدارا من زيت ب������ذور الصويا يكفي مللء بركة س������باحة. ولهذا السبب راح يبحث عن مذي������ب اجتاهي آخر أكثر كفاءة، واس������تقر رأيه على استخدام ،decanoic acid حمـــض الديكانـــويوهو م������ن مكونات احللي������ب، ويتمتع بق������درة أكب������ر عل������ى االرتب������اط باملاء ه������ذا احلمض وبإم������كان بس������هولة. الدهني أن يح������ول ماء البحر إلى ماء ع������ذب، لكن فاعليته فيم������ا يبدو تكون بأعل������ى درجاتها لدى اس������تعماله في حتلية املياه املاحلة األكثر تركيزا، مثل مخلف������ات عمليات التعدي������ن، أو املياه املثقلة بامل������واد الكيميائية التي تتدفق من آبار النفط والغ������از، ومن ضمنها آب������اء التشـــعير)fracking )1. ويق������ول <باجپاي������ي>: »إذا كان������ت مياه البحر

ماحلة، فإن ه������ذه املياه تفوقها ملوحة ثماني مرات،« ويضي������ف أن عمليات اس������تخراج النفط والغاز في الواليات املتحدة وحدها تولد تسعة باليني لتر

من املياه امللوثة كل يوم.ويقوم <باجپايي>، بعد أن ش������جعته ه������ذه النتائ������ج، باختب������ار أداء حم������ض

الديكان������وي على س������ت عينات من املي������اه العادم������ة املاحل������ة الناجمة ع������ن عملي������ات اس������تخراج النفط والغ������از، أخذت من مواقع مختلفة م������ن الواليات املتح������دة. ويذكر أن التقانات التقليدية املس������تعملة في معاجل������ة مثل ه������ذه األصناف من التناضح العادمة تش������مل: املياه العكســـي reverse osmosis، الذي يتطلب أغش������ية خاص������ة ميكن أن تفسد بس������هولة وتتعطل بانسداد مسامها؛ والتقطير، الذي يستهلك مقادي������ر هائلة م������ن الطاقة؛ وطرح املي������اه العادمة في بئ������ر خاصة بإتالف النفايات، وهي أكثر األس������اليب شيوعا. ويتعني على <باجپايي> أيضا أن يستنبط أس������لوبا يس������مح مبعاجلة املياه العادمة بس������رعة، وبصورة مس������تمرة، بدال من اختبار مقادير محدودة منها في األواني

املختبرية.ولكي يتسنى إحراز أثر ملموس في معاجلة املياه العادمة املتولدة من عمليات اس������تخراج النفط والغاز »يجدر بنا أن نتف������وق على أرخص األس������اليب املتبعة تكلف������ة، وتتمثل حاليا في التخلص منها بطرحها في بئر معطلة مثال،« كما يقول <باجپاي������ي>، مع أن أعدادا متزايدة من

املجتمعات تع������ارض التخلص من املياه العادمة بإلقائها في مواقع حتت أرضية وإضاعته������ا بتلك الطريقة. وفي غضون ذلك، ينتظر أن تكشف األبحاث العلمية ع������ن مدى قدرة زيت الديكانوي أو غيره م������ن املذيبات االجتاهية على تنقية املياه العادم������ة، أو حتلية مياه البحر بتكاليف أدنى من األساليب الراهنة، وبذلك تقدم

بعدا جديدا ملعاجلة املياه.<D. بيللو>

hydraulic 1( املصطلح الشائع لإلشارة إلى تقنية تدعى(fracturing تستخدم الستخراج الغاز احملتبس داخل

الصخر الرملي. )التحرير(

Page 12: July August 2013 Oloom

10(2013) 8/7

إل������ى أي م������دى ميكن تطبي������ق مبدأ »االستدامة البيئية« على علبة من املياه الغازي������ة أو قارورة من الش������امبو؟ إن عددا متزايدا من املس������تهلكني يود أن يبن������ي قراراته الش������رائية على اجلواب عن هذا الس������ؤال. ولك������ن إيجاد معيار ال���ذي ق���د ش������ام����ل لألث���ر الس���������لبي يحدثه تصنيع منتج ما على بيئة األرض أم����ر ص�ع����ب حق����ا. وث�م������ة ع�ش���رات sustainability »من »فهارس االستدامة������ص مراحل متميزة indexes التي متح

من سلســــلة التزويــــد supply chain أو آث������ارا مختلفة - مثل نفاي������ات املطامر املتولدة أو غاز ثنائي أكس������يد الكربون املنبعث - وتس������تعمل معايي������ر مختلفة تدعمه������ا مجموعات مختلفة. فاملس������ألة إذن ليست في نقص املعلومات، بل في

الفيض الهائل منها.وق������د يكون احلك������م عل������ى املنتجات أس������هل بكثير لو توفرت مجموعة واحدة م������ن املعايير لتقدي������ر التكالي������ف البيئية واالجتماعي������ة. وهذه بالضب������ط هي الفكرة الكامن������ة وراء إنش������اء ائتالف االســـتدامة Sustainability Consortium، ال������ذي يض������م

عش������ر جامعات رائدة ومؤسسات الربحية كب������رى وثمان������ني ش������ركة دولي������ة - منها: Walmart و Coca-Cola و Disney - اتفق������ت

على استحداث فهرس معياري يستغرق كامل سلس������لة التزويد. وقد كش������ف االئتالف أخيرا النق������اب عن املعايير التي سيس������تعملها أعض������اؤه لتقييم مجموعة أول������ى تضم 100 منتج، بدءا بحبوب الفطـــور)1( إلى املنظفات إلى

أجهزة التلفزة.

وي������رى بعض املؤيدي������ن للفكرة، من Walmart رايس> ]مدير متاجر .J> أمثالاملمارسات أن االس������تدامة[، لش������ؤون املستدامة عبر سلسلة التزويد لن تسهم في تنظيف البيئة فحسب، بل أيضا في تخفيض التكاليف، وعلى سبيل املثال، في تخفيض مقادير النفايات التي ينبغي التخل������ص منه������ا بنقلها بعي������دا. وتقوم الشركة Walmart حاليا بإدخال املعايير scorecards »بطاقـــات عالمـــات« ف������ي ب������دأت بتوزيعه������ا على نح������و 400 جهة ش������ارية متتلك منتجات بائعي التجزئة. وتزمع جهات الش������راء تطوير خطط مع جه������ات التزويد ترمي إلى التخفيف من اآلثار البيئية املترتبة على ذلك. أما مدى التزام جهات التزويد باملعايير املفروضة فسيكون مثار نقاش في مراجعات أداء

جهات الشراء. ،Dell وبالفع������ل، فقد طلبت ش������ركةالعض������و ف������ي االئت������الف، إل������ى منتجي شاشـــات العرض بالبلورات الســـائلة (LCD) أن تتحرى آلية متكنها من تقليص

الفلورية الكربونية املركبات انبعاثات املشبعة perfluorocarbons )وهي غازات احتباس حراري greenhouse gases قوية( التي تتولد في أثناء تصنيع الشاش������ات. يقول <S. أوكونيل> ]مدير الشؤون البيئية في ش������ركة Dell[: »إن بيانات االئتالف

أرشدتنا إلى حيث نوجه جهودنا.«ويعتقد االئتالف أن فهرس������ه سيحل ف������ي نهاي������ة املط������اف مح������ل منظوم������ات التصنيف األخرى؛ إذ يستطيع املستهلك اليوم دخ������ول متجر للغذائي������ات ويخرج الباركـــود ليمس������ح احملم������ول هاتف������ه

barcode املطب������وع على قارورة ش������امبو

مثال، ليحصل على تصنيف االس������تدامة الذي وضع وفقا لدليل االئتالف املسمى GoodGuide. ولكن هذا الدليل يستند إلى

معلوم������ات متاحة للجمه������ور، في حني أن تصنيفات االئتالف ستدخل في االعتبار بيانات س������رية عن االنبعاث������ات والنفايات وممارسات العمل واستعمال املياه وغير ذلك من العوامل احلساسة التي لن تصبح متاحة للجمهور إال عندما متارس اجلهات املؤسس������اتية الكبرى ضغطا على جهات التزويد للكش������ف عنها. وال ب������د للبيانات م������ن أن تكون قادرة عل������ى جعل الفهرس أش������مل من غيره. ومن ثم، فإن ش������ركات Dell و Best Buy و Walmart كبرى بحجمتتحكم في مئات بالي������ني الدوالرات التي تنفقها جهات التزويد س������نويا، »وهذا في حد ذاته حري بأن يجعل من االس������تدامة ها س������ائدا أكثر م������ن كل ما عداها،« توج

كما يقول <رايس>.وس������تنقضي س������نوات قبل أن يتمكن املس������تهلكون م������ن النف������اذ إل������ى بيانات الفه������رس. ويتطل������ع قادة االئت������الف إلى إتاحتها للجمه������ور، لكنهم لم ينتهوا بعد إلى الطريقة التي متكن املس������تهلكني من النفاذ إليها. وف������ي غضون ذلك قد يكون الفهرس حافزا على االبتكار؛ فقد أصدرت عدة جامعات، منها جامعة كاليفورنيا في بيركلي، تقري������را مفصال موثوقا ملصلحة االئتالف يستعرض مزايا استعمال مواد حيوية األساس)2( في صناعة احلواسيب احملمول������ة بدال من امل������واد اللدائنيـــة)3( . وكذلك يعكف فريق من العلماء في جامعة آركنسو على دراسة أفضل السبل لتقييم آثار اخلبرات املختلفة املتصلة باحملاصيل

الزراعية في شح املياه.<A. پـيوري>

فهرس االستدامة األمثل)�(تستغل منظومة تصنيف جديدة الضغط املؤسساتي لتنظيف

جميع مراحل سلسلة التزويد.

The Ultimate Sustainability Index )�(breakfast cereals )1(

)biobased materials )2 أو مواد بيولوجية األساس.)3( أو: البالستيكية

Page 13: July August 2013 Oloom

11 (2013) 8/7

إل������ى عهد قريب، أك������د الباحثون أنه بات بإمكانهم تكوين صورة جينية كاملة للجنني - تتضمن تفاصيل جينومه كله - استنادا إلى عينة دم تؤخذ من األم. ومن ش������أن هذا اإلجراء أن يحدث نقلة نوعية في مضمار املسح االستقصائي اجليني عن طريق الكش������ف عن اعت������الالت قبل والدة اجلنني بفترة طويلة، يسببها خلل في جـــني gene واحد فقط، مثل التليف الكيســـي cystic fibrosis أو مـــرض تاي -ساكس Tay-Sachs disease أو متالزمة

- fragile X syndrome الهشة X صبغيةمما مين������ح األطباء زمن������ا كافيا ملعاجلة املرض قب������ل الوالدة، ويعطي األس������رة الزمن الكافي كي تس������تعد الحتياجات

وليدها اخلاصة.ويعاني واحد في املئة من الس������كان single-gene الواحـــد اجلـــني اعتـــالل disorder. ومنذ عام 2011 صار باستطاعة

األطباء، عن طريق أخذ عينة من دم األم، أن يق������رروا عل������ى وجه الدق������ة هل ميتلك )كروموســـومات( صبغيـــات جنينه������ا chromosomes غير س������وية أم ال، مما قد

يدل على وجود أمراض كمتالزمة داون Down syndrome. على أن ذلك املستوى

من املعلومات التي يقدمها هذا االختبار ال يكفي للكش������ف عن معظ������م اعتالالت اجل������ني الواح������د، والتي يق������ارب عددها 3500. وبإمكان األطباء سحب عينات من

نسيج املش������يمة أو من السائل السلوي amniotic fluid لتحري هذه احلاالت. غير

أن اختب������ارات مبضعيـــة invasive كهذه حتمل مخاطر إجه������اض للجنني رمبا ال

ترغب األمهات في حصوله.

أما الطريقة اجلديدة، الالمبضعية noninvasive، فه������ي جدي������رة بأن توفر

لألمه������ات معلومات غير مس������بوقة عن أطفاله������ن دون تعريض حملهن للخطر، إضافة إلى أنها تستطيع الوصول إلى أعداد كبيرة من النساء في أنحاء العالم، ألنها ال حتتاج إلى طبيب توليد متمرس. حتى أن بع������ض الباحثني يتطلعون إلى ������ن األمه������ات من تطوي������ر أس������لوب ميكاحلصول على العينات بأنفسهن، ومن

ثم إرسالها إلى املختبر لتحليلها.ويع������ود تطبيق ه������ذا اإلج������راء إلى ق عام 1997، عندما كشف اكتشاف حتق<D. ل������و> ]االختصاص������ي بكيمياء علم

األمراض، من جامعة أكسفورد آنذاك[ وزمالؤه عن وجود جزيئات دنا جينية في مصل دم املرأة احلامل. ويعني هذا أن باإلمكان فصل منطي الدنا، واستعمال ذاك اجلزء اجلنيني لبناء جينوم كامل. وهكذا بدأ الباحثون بالتحري عن أمناط أحاديـــة haplotypes - وهي مجموعات

من السالس������ل اجلينية املتجاورة. وقد تس������مح طرائ������ق بحث مختلف������ة بتمييز تنوع األمناط األحادية في عينة املصل، وحتدي������د أيها يع������ود إل������ى األم أو إلى اجلنني. ومن ثم يع������اد جتميع األمناط

األحادية)2( لتكوين جينوم كامل.ولكن احلديث عن هذه الطريقة أيسر من تنفيذها؛ إذ يتطلب ذلك تقانة متطورة لم توضع في االستعمال العملي إال منذ وقت قريب. ففي عام 2011 طور <J. ش������نديور> ]عالم الوراثة في جامعة واشنطن[ تقنية اس������تتبعت سلســـلة sequencing جينوم األب واألم م������ن لع������اب األب ودم األم، ثم االس������تعانة بتل������ك البيان������ات للتمييز بني األمناط األحادية التي تعود إلى األم وتلك التي تعود إلى اجلنني في مصل دم األم. ن <ش������نديور> من وفي غضون ذلك، متك طفرات mutations تظهر في اجلنني تبنيتلقائيا. ومن ش������أن هذا أن يس������اعد على

اكتشاف حاالت مرضية نادرة.وجن�������ح ف�ري���ق م�ن العلم��اء ي��رأس������ه <S. كويك> ]مهن������دس أحيائي من جامعة

س������تانفورد[ ف������ي إع������ادة بن������اء اجلينوم اجلنين������ي باس������تخدام عينة م������ن دم األم

سلسلة جينوم األجنة)�(إجراء ال مبضعي)1( قد يكشف عن آالف االعتالالت الوراثية

التي يتعذر تعرفها حاليا من دون تدخل جراحي.

Genome Sequencing for Fetuses )�(ال = جراح������ي ال أو المبضع������ي :noninvasive )1(

يستدعي تدخل مبضع اجلراح.)2( haplotypes )التحرير(

Page 14: July August 2013 Oloom

12(2013) 8/7

ال أكث������ر. ولتحقي������ق ذلك فإنه������م يبدؤون بالتفتيش عن أمناط أحادية يرثها اجلنني من األم، ويرج������ح أن تكون أكثر األمناط األحادية توفرا في مصل دم األم بس������بب تشارك اجلنني واألم بها. ومن ثم يستعمل genetic markers كويك> واسمات جينية>

م������ن األم لتعرف بقية اجلينوم العائد لها، علم������ا بأن األمناط األحادية التي ال تظهر في جينوم األم هي أمناط خاصة باجلنني، وقد تك������ون عائدة إلى األب أو أنها طفرة

في حد ذاتها.وم������ع التقدم احلاصل كله، تبقى ثمة

لقد أضح������ى حل������م - أو كابوس - الرقابة ش������به املثالية حقيقة ماثلة بدأت تغير حياتنا بطرائ������ق لم يكن يتصورها س������وى قل������ة من������ا؛ فثمة ش������ركات تقوم بتحليل بيانات حتديد املوقع )التموضع( التي تبثه������ا هواتفنا اخللوية، وصار في إمكانها اليوم أن تتنبأ بدقة مبكان وجود كل من������ا في أي وقت م������ن أوقات اليوم، وأن تكتشف - اس������تنادا إلى سجالت هواتفنا - م������ن هم أصدقاؤن������ا وأفراد أسرتنا وزمالؤنا في العمل، ومتى يحتمل أن نص������اب بن�زلة ب������رد، والدميوغرافية التي تسود أي زاوية لشارع رئيسي في

املدينة في أية حلظة. ويعود هذا االنفجار املعلوماتي إلى تغلغ������ل الهواتف الذكي������ة، التي جتاوز انتشارها نسبة 50 في املئة في الواليات

حتديات تتمثل على وجه اخلصوص، في خفض التكاليف ورف������ع درجة الدقة في السلسلة. على أن التحدي األكبر يكمن في تفسير اجلينوم. وفي هذا الشأن تقول <B. فينوكني> ]رئيس������ة اجلمعية الوطنية

للمستش������ارين ف������ي مج������ال اجلينات[: »إن قدرتن������ا عل������ى اكتش������اف تغي������رات جينومي������ة فاقت قدرتنا عل������ى ربط كثير من تلك التغي������رات بأمراض وخصائص بشرية.« ويعتقد كثير من األطباء أن من الس������ابق ألوان�ه اعتماد وس������يلة املســـح االســـتقصائي screening قب������ل وض������ع

املتحدة ع������ام 2012؛ فكل واحد من تلك األجهزة تقريبا يبث تلقائيا سيال مطردا م������ن البيان������ات عن حتدي������د املواقع إلى مخدمـــات servers مركزية، ذلك ألن قلة قليلة فقط من مستخدمي هذه الهواتف يكلفون أنفس������هم مؤونة عدم املشاركة في جمع البيانات، ب������ل إنهم ال يعلمون أصال أن في إمكانهم أن يختاروا عدم املشاركة. ويس������عى العلماء والباحثون التجاريون إلى استنباط طرائق للغوص في باليني اإلحداثيات التي تكفي لرصد

حتركات ماليني الناس.وما زال������ت هذه الفعالية الس������تنباط الوقائ������ع - التي تعد حتدي������ا من الطراز األول »للبيان������ات الكبرى« - في بداياتها األول������ى. فالش������ركات بدأت للت������و تبيع البيانات للمسوقني؛ وبدأ مالكو الهواتف

توجيهات واضحة الستعمالها.كذلك يخش������ى النقاد م������ن احتمال أن يفض������ي هذا اإلجراء إل������ى عمليات إجه������اض عندما يعلم األب������وان بإصابة جنينهم������ا بحال������ة مرضية مس������تعصية على الع������الج. ومع ذل������ك، يعتقد بعض األطباء، ومنهم <D. بيانكي> ]من جامعة تافتس[، أن منافع املسح االستقصائي تفوق املخاوف منه - والسيما إذا أتاح توفير عالجات قب������ل الوالدة ميكنها أن

تغير مسار أمراض موهنة.<D. يوهاس>

اخللوية يصدرون إلى الباحثني مجموعات بيانات محدودة جدا، بعد إزالة ما يشير إلى هوي������ة أصحابها صونا خلصوصية األفراد. أما اجله������ات الثالث الكبرى - Google و Apple و Skyhook ف������ي مدينة

بوس������طن، وهي م������ن املزودين األصليني خلدمة حتديد املواقع - فتخطو بحذر في تعاملها مع هذه املعلومات، خشية أن تثير االستعماالت غير احملايدة لتلك البيانات

ردود فعل سلبية من املستهلكني.ومن املمكن أن توفر التقانة اجلديدة منافع شتى واسعة النطاق، منها تقليص باألساليب واإلعالم املزعجة اإلعالنات املثل������ى للحد م������ن تفش������ي األمراض. ولكن األمر بالنس������بة إلى املس������تهلكني القالئ������ل الذي������ن يدرك������ون حقيقة هذه التقان������ة »مخيف جدا - إنه أش������به بنار پروميثي������وس اليوناني������ة األس������طورية،« على حد قول <A. پنتالند>، الذي صاغ reality »مصطلح »اســـتخراج الوقائعmining، وال������ذي كان وطلبته من الرواد

في حتليل بيان������ات املواقع في الهواتف الذكية أواسط العقد املاضي.

وثمة اليوم ش������ركات تعن������ى بإعادة

استخراج دقيق للمعلوماتمن الهواتف الذكية)�(

ثروة من البيانات املستخرجة من الهواتف الذكية، من شأنها أن تغير حياتنا لو أننا سمحنا بهذه العملية.

Mining the Mobile Life )�(

Page 15: July August 2013 Oloom

13 (2013) 8/7

أجهزة ناظمة لنبض القلب تعمل بطاقة سكر الدم)�(

يستطيع الگلوكوز في دمنا أن ميد بالطاقة ما قد يزرع في أجسامنا من أجهزة طبية.

للمس������وقني، وتقدميها البيانات ترتيب من مث������ل Skyhook وPlaceIQ في مدينة نيويورك، وحترص على عدم إتاحة آثار املواقع لألجهزة الفردية. وتقول الشركة Google إنه������ا حتذف جمي������ع البيانات

املتصل������ة باملواق������ع بعد نحو أس������بوع. وكانت الشركة Apple قد ارتكبت خطأ بتخزين هذه البيانات على جهاز اآليفون نفسه، لكنها تداركت اخلطأ الحقا، غير أنه������ا ما زالت تتكتم عل������ى آلية تخزين هذه املعلوم������ات مركزيا، وعلى خططها

املستقبلية بشأنها.وإذا ما تس������نت معاجلة املخاوف والتي حتول باخلصوصي������ة، املتعلقة دون اس������تثمار أكب������ر للبيان������ات، فمن املمكن أن يصبح استخراج الوقائع)1( أساس������يا في توجيه حياتن������ا اليومية، إضافة إلى فوائده اجلمة للمؤسسات واحلكومات. فعلى سبيل املثال، أتاح اس������تخراج الوقائع لوكاالت اإلغاثة)2( إرسال رسائل نصية إلى مستخدمي ب������ني تاريخ الهوات������ف اخللوية الذين متوضعه������م خ������الل األزم������ة احتمال

تعرضهم للعدوى بالكوليرا.الوقائع يتسنى الس������تخراج ولكي أن ينطلق فعال، فال بد من أن يس������مح املس������تهلكون باس������تخدام املزي������د من بياناتهم. ولعل هذا من بني األس������باب الت������ي دع������ت <پنتالن������د> إل������ى الدفع باملناقش������ات الت������ي أدت إل������ى اقتراح مش������روع القان������ون اخل������اص بحقوق خصوصيـــة املســـتهلك)3( في الواليات املتح������دة، وحتدي������ث التوجيه اخلاص بحماية بيانات االحتاد األوروبي)4(. وإذا م������ا ش������عر املس������تخدمون بأنهم يتحكمون فع������ال في بياناته������م، كانوا أكث������ر ميال إلى الس������ماح للش������ركات واحلكوم������ات واألف������راد بالنف������اذ إلى املعلوم������ات على نح������و انتقائي لتقدمي اخلدم������ات. وكما يق������ول <T. مورغان> :]Skyhook املدير التنفيذي للش������ركة[»لن تستثنى أي ش������ريحة من املجتمع من اس������تعمال هذه البيانات، وسيؤدي ذلك إلى تغير أساس������ي في أس������لوب

نظرتك إلى السلوك اإلنساني.«وقد ي������ؤدي ذلك بالنتيجة إلى إمكان

اتس������اع مس������احات الرؤية في س������لوك املس������تهلكني. فقد وج������د الباحثون أن أكثر الناس ميال إلى استعمال إعالنات الهاتف الذكي - ومن ثم الذين يقدمون أعل������ى م������ردود للمعلن������ني - ه������م رواد صاالت الس������ينما في أثن������اء انتظارهم بدء عرض الفيل������م، واألفراد في املنازل صباح يوم األح������د، والصيادون الذين ينتظ������رون األس������ماك لتلتق������ط الطعوم. )تس������تطيع الشركة PlaceIQ مثال التنبؤ بأن األفراد ميارس������ون صيد األسماك coordinates تضعهم إحداثياتهـــم ألن في وس������ط بحيرة، ويتفق أنهم مطابقون

ملالمح دميوغرافية محددة.(ويعتق������د <پنتالن������د> أن اس������تخراج الوقائع سيفضي، متى توفرت البيانات الكافية، إل������ى تعزيز اخلدمات الصحية العامة والنقل وشبكة القدرة الكهربائية أوال ب������أول. لذا يق������ول <پنتالند>: »إنني معج������ب بفكرة وج������ود منظومة عصبية للمجتم������ع؛ فقد يتاح للبش������ر في نهاية

املطاف أن يتلمسوا ما يصنعونه.«<Ch. ميمز>

Sugar-Powered Pacemakers )�(reality minning )1(

)2( بعيد زلزال هاييتي عام 2010.Consumer Privacy Bill of Rights )3(

European Union’s Data Protection Directive )4(

من احملتمل أن تعم������ل أجهزة تنظيم نبض������ات القل������ب ومضخات اإلنس������ولني واألجه������زة الطبي������ة األخرى املس������تقبلية من دون بطاري������ات، فتتزود بدال من ذلك بالطاقة نفس������ها التي تغذي اجلسم: أال

وهي الس������كر. ولطاملا كان حلم الباحثني في س������تينات القرن املاضي زرع أجهزة في األجس������ام، تستخلص الطاقة الالزمة لعملها م������ن گلوكوز ال������دم. ولكن ظهور بطاري������ات الليثيوم في أواخر س������بعينات

الق������رن املاضي قدم حال أبس������ط وأكثر فعالي������ة. إال أن البطاريات غالبا ما كانت تعاني مثالب رئيسة، إذ ال بد من استبدالها جراحيا )كل 5-15 سنة في حالة األجهزة الناظمة للنبض(. أم������ا البطاريات القابلة إلعادة الش������حن فتكون موصولة بأجهزة إلكترونية خارج اجلسم بوساطة أسالك تخترق اجللد وتترك جسم حاملها عرضة

.infections لإلنتاناتز التق������دم الذي أح������رز في وق������د حف

Page 16: July August 2013 Oloom

14(2013) 8/7

هذا املضم������ار الباحثني على إعادة النظر في الگلوك������وز بصفته مص������درا للطاقة؛ فالگلوك������وز موجود بوف������رة في الدم وفي interstitial fluid اخلاللـــي الســـائل )املوج������ود بني الفرج������ات( ال������ذي يغمر خاليانا. ويذكر أن الدارات التي هي أكثر فاعلية ف������ي األجهزة املزروعة قد خفضت م������ن متطلبات الطاق������ة الكهربائية الالزمة لها. كذلك أضحت خاليا الوقود احليوي biofuel الت������ي تعمل بطاقة الگلوكوز أكثر

كفاءة وتالؤما مع اجلسم البشري.وفي معظم خاليا الوقود احليوي تقوم إنزميات عند املصع������د )القطب املوجب للخلية( بتجريد اإللكترونات من جزيئات الگلوك������وز. وحت������دث اإللكترونات تيارا كهربائيا بتدفقها نح������و املهبط )القطب السالب(، حيث تتفاعل اإللكترونات مع مولدة الهدروجني، وشوارد األكسجني مقادي������ر ضئيلة من امل������اء. ولكن خاليا الوق������ود، وخالف������ا للبطاري������ات، حتتاج إلى أن تكون مغمورة في وس������ط ميدها باس������تمرار بالطاقة - التي يوفرها الدم

أو السائل اخلاللي في احلال.وقد ب������دأ االهتمام بخالي������ا الوقود احلي������وي بالتزايد منذ عام 2003، حيث متكن������ت مجموع������ة م������ن الباحثني في جامعة تكس������اس بأوسنت من بناء خلية حيوية صغيرة قادرة على توليد الطاقة م عدد من حبة عنب. ومنذ ذلك احلني قدمن مجموعات البحث مناذج من أجهزة عملية مختلفة عن مناذج سبقتها كانت حتتاج لعملها إلى أوس������اط حمضية ال توجد في جسم اإلنسان. ولكن باحثني بجامعة جوزيف فوريي������ه في گرونوبل بفرنس������ا متكنوا من توضيب إنزميات متوافق������ة حيويا م������ع محيطها احليوي ،graphite على قاعدة م������ن الگرافيــــتلتوليد ش������روط كيميائية أكثر اعتداال. وال يتج������اوز قطر اخللي������ة - القرصية الشكل - التي طورها هؤالء الباحثون

نصف قطر قطعة نقدية من فئة العشرة سنتات، وهي أقل س������مكا منها بقليل، ومغلف������ة مبادة تس������تعمل ف������ي صناعة أكياس طبية لتنقية الدم تسمح بدخول لكنها الگلوكوز الصغي������رة، جزيئ������ات حتول دون خروج اإلنزميات من خاليا اجلس������م. وفي جتربة أجريت على فأر مختبر ع������ام 2010، جن������ح اجلهاز في س������حب الگلوكوز من السائل اخلاللي، وتولي������د خرج طاق������ة ثابت ق������دره 1.8

ميكروواط مدة أحد عشر يوما.وف������ي عام 2012 أح������رز باحثون في معه������د ماساتشوس������تس للتقان������ة نقلة أخرى باجتاه االستثمار التجاري لهذه التقنية، إذ بنى املهندس <R. سارپشكار> خلية وقود على شكل دارة متكاملة على شـــيبة ســـيليكونية silicon chip، وذلك »باآللية الس������هلة اإلنتاج ذاتها كما في »،semiconductors املوصـــالت أشـــباه حس������ب قوله. وينوي فريقه اس������تعمال السائل املخي- الشوكي لتغذية واجهات .brain-machine interfaces الدماغ- اآللةويحتوي هذا السائل الذي يقي الدماغ واحلبل الش������وكي من الصدمات، على مق���ادي���������ر واف���رة م��ن الگل��وك��وز، لكن���ه ال يتضم������ن س������وى القليل م������ن خاليا اجله������از املناعي، التي ق������د تعمل على رفض األجهزة املزروعة داخل اجلسم.

إلكترودات <سارپش������كار> وابتكر )مســـاري( electrodes م������ن البالتني ال تس������تثير ردود فعل حتسس������ية ضمن أنسجة اجلسم وال تتآكل، كما يشير إلى ذلك <S. كيرتسنماخر> ]مهندس كيميائي م������ن جامع������ة فرايبورگ بأملاني������ا[ الذي يستعمل هذه املادة أيضا في تصاميمه. ومع ذلك، فإن اجلسم يستطيع أن يبدي مقاومة ملثل ه������ذا االختراق. وكما يقول <كيرتسنماخر>، يبقى التوافق احليوي

biocompatibility العقبة الكبرى، ويقول

إن النم������وذج األولي خلليت������ه الوقودية يعمل بصورة حس������نة ضمن احملاليل الدارئــــة buffer solutions في املختبر، أما ف������ي االختب������ارات الت������ي تناولت سوائل اجلسم فإن األحماض األمينية في الدم أو املصل جعلت اجلهاز يفقد

من قدرته.وإذ متك������ن فريق بح������ث في جامعة كالركس������ون من زرع خلية وقود حيوي في حلزون، فإن فري������ق گرونوبل يبقى ه������و الوحيد الذي جنح ف������ي زرع خلية وقود تعمل بالگلوكوز في جسم حيوان فقـــاري)1(. ولم يخض������ع تصميم معهد ماساتشوس������تس لالختبار في س������ائل مخي- ش������وكي بعد، ب������ل أجريت عليه اختب������ارات ف������ي محل������ول دارئ يقارب

vertebrate )1(

Page 17: July August 2013 Oloom

15 (2013) 8/7

طائرات غير مأهولة في املنازل)�(طائرات صغيرة جدا من دون طيار تنبهك لالزدحام املروري،

أو تتجسس عليك وأنت في فناء بيتك.

Drones at Home )�()1( ج: إنسالة وهذه نحت من إنسان-آلي.

Conservation Drone )2(

ثم������ة أعني ترصد م������ن اجلو، وتغير م������ن آليات أداء العلم وخوض احلروب. ويوش������ك أس������طول جت������اري م������ن هذه الطائ������رات أن يغير مس������ارات حياتنا

تغييرا جذريا.ويسهم علماء من أمثال <P .L. كوه> السويس������ري االحتادي املعه������د ]من للتقانة[ و<S. ويتش> ]من جامعة جون مورز ف������ي ليڤرپول بإنكلترا[ في صنع ذلك املستقبل املثير، بل رمبا املخيف. فبعد أن قضيا س������نتني ونصف السنة وأنفقا 000 250 دوالر في سبيل رصد سلوك قردة من جنس أورانگوتان في جزيرة س������ومطرة اإلندونيس������ية سيرا على األقدام، متكنا من استنباط طريقة س������ريعة ورخيصة، إذ اشتريا منوذج داها بربان طائرة تعمل بالبطارية، وزوزاه ببرمجيات آلي رخيص التكلفة جهمفتوح������ة املصدر وآل������ة تصوير عالية متكنا، وهكذا .high-resolution امليـــز وبتكلفة ال تزي������د على 2000 دوالر، من ابت������داع طائرة غير مأهولة أس������مياها واملصـــادر البيئـــة حفـــظ رة »مســـيالطبيعية)2(« - وه������ي طائرة آلية يبلغ

مدى طول جناحها 4.5 قدم، وتستعمل (GPS) إشارات منظومة حتديد املواقعللتحليق وفقا ملسارات مبرمجة سلفا، والعودة بصور تفصيلية وبيانات الفتة عن م������آوي األورانگوتان؛ وعن مناطق جدي������دة تعرضت إلت������الف أحراجها. يق������ول <كوه>: »مازلنا مس������تغربني من الس������هولة الت������ي وجدناها ف������ي جمع

مكونات جاهزة.«وكان������ت االختب������ارات األولية، التي أجريت ف������ي مطلع ع������ام 2012 ناجحة إل������ى ح������د جع������ل آخرين م������ن أنصار احلفاظ عل������ى البيئة، يضجون مطالبني بتخصيص طائرات لهم. وبالتعاون مع شركة سويس������رية ناشئة، متكن <كوه> و<ويتش> حت������ى اآلن من بناء أكثر من

عشرين طائرة كشافة مسيرة.ويعتمد اجليش األمريكي اليوم على طائرات مس������يرة كبيرة، مثل پريداتور Predator، لتنفي������ذ مه������ام قتالية، وعلى

طائرات صغيرة ذاتية التحكم وحوامات أو للقواف������ل مس������ارات الستكش������اف للتح������ري ع������ن الكمائن، ويس������تعملها ضب������اط احل������دود أيضا للكش������ف عن

التح������ركات والفعاليات غي������ر القانونية على طول احلدود األمريكية - املكسيكية. على أن متحمس������ني من املدنيني دخلوا اليوم على هذا اخل������ط، فقاموا بتعديل ثي البيئة طائرات مس������يرة ملالحقة ملوومعاينة منصات حف������ر اآلبار والتقاط ص������ور أخاذة لألف������الم ولوائح األمالك العقاري������ة. يقول <M. وي������ت> ]صحفي سابق وأس������تاذ في جامعة نبراسكا - لنكولن حاليا، ويس������تطلع اس������تعماالت ال�مسيرات في مضمار الصحافة[: »إن هذه الطائرات توش������ك أن حتدث تغييرا

عميقا في العالم.«وال ري������ب في أن هذه الثورة العلمية تدف������ع قدم������ا بتطورات تقانية س������ريعة chips تصاحبها. فباستعمال شـــيباتقوي������ة لهواتف ذكية ومنص������ات عتادية ،Arduino مفتوحة املصادر مثل أردوينوبدأت مجموعات الهواة ببناء إنس������االت متطورة ورخيصة التكلفة، متثل ربابنة طائ������رات، بإمكانها حتوي������ل الطائرات الراديوي������ة التحكم إلى طائ������رات ذاتية التحكم. وتتجه الش������ركات التي تصنع مس������يرات ملصلح������ة اجلي������ش إلى بيع منتجاتها إلى دوائر الشرطة واإلدارات احلكومية؛ فقد حصلت وزارة الداخلية األمريكي������ة عل������ى 60 طائرة م������ن طراز

تركيب������ه التركي������ب الكيميائي لس������وائل اجلس������م. ومع ذلك، فإن <سارپشكار> متفائل بدخول خالي������ا الوقود احليوي إلى الس������وق في غضون عشرة أعوام، فجهازه الس������يليكوني يولد خرج طاقة موثوق������ا به ق������دره 3.4 ميك������روواط لكل س������نتيمتر مربع. أما ناظم������ات النبض

احلالية فتحتاج إل������ى 8-10 ميكروواط، وهو غرض ميك������ن حتقيقه. أما زرعات قوقعة األذن فتحتاج إلى بضع وحدات ميل������ي واط، في حني حتت������اج األعضاء

الصنعية إلى مقادير أكبر من ذلك.إن تنام������ي نطاق التق������دم في ميدان األجهزة املزروعة العاملة بالسكر، يفتح

الطريق أم������ام إمكان صنع أجهزة طبية غاية ف������ي الصغر. ولعلنا نش������هد يوما م������ا إنســـاالت)robots )1 نانوية األبعاد، تعمل بالگلوكوز وتتولى بنفسها تركيب األدوية، وبذل������ك ننتقل من حيز قصص

اخليال العلمي إلى عالم الواقع. <M. فيسندن>

Page 18: July August 2013 Oloom

16(2013) 8/7

وشم إلكتروني)�(محسات sensors مرنة فائقة الرقة ميكن أن تزين مواد

التغليف والكماليات، وحتى أجسامنا.

ريڤ������ن Raven، تزن الواح������دة منها 4.8 رط������ل إنكلي������زي، من ش������ركة الطيران AeroVironment الرائ������دة، وذل������ك بغية

اس������تعمالها ملهام عدة من بينها رصد س������لوك كراكي الكثبان عند تعشيشها وقي������اس درجة ح������رارة ج������داول املياه وتدفق الرواس������ب النهري������ة. وهنا تبدو االحتم������االت املس������تقبلية ب������ال حدود: فم������ع توفر آالت التصوير واحملس������ات املسيرة الطائرات تس������تطيع املتطورة، أن تنبه حلاجة احملاصيل الزراعية إلى السقاية، وأن حتدد مسار البقع النفطية املنس������كبة في البحار، وأن تبلغ بحدوث اختناق������ات مرورية على الطرقات. يقول <M. ه������ت> ]مدي������ر املش������روع الوطني

ملنظوم������ات الطائرات غي������ر املأهولة في األمريكية[: املس������ح اجليولوجي دائرة

جنح املهندس������ون في بن������اء دارات إلكترونية على مواد لدائنية )بالستيكية( مرنة، لك������ن اإللكترونيات قد تصل في القري������ب العاجل إلى عوالم أكثر مرونة بكثير، تتمثل ب������دارات إلكترونية ميكن أن نتقلدها على أجس������امنا، كالوشم، ملراقبة مؤشراتنا احليوية. ومن املمكن أن حت������اك ه������ذه الدارات في نس������يج مالبس������نا لتمد هواتفنا الذكية بالطاقة، وأن توضع في م������واد تغليف األطعمة

لتحذيرنا من تلوثها.وبدال م������ن البحث عن م������واد مرنة ق�����ادرة على نق�����ل الكه���رب����اء، ت��وج�����ه <J. روج������رز> ]االختصاص������ي في علم

»مازلنا أمام غيض من فيض االحتماالت املمكنة مستقبال.«

على أن االحتماالت املمكنة لن تظهر للعيان كاملة لعدة أعوام قادمة؛ ألن إدارة الطيران االحتادية حظرت االستعماالت التجارية للطائرات املس������يرة خوفا من ارتباكات وحوادث قد تقع إذا ما انطلقت آالف من هذه الطائرات غير املأهولة في س������ماء مزدحمة أصال. وتسمح إدارة الطي������ران االحتادية بصورة أساس������ية للهواة والباحث������ني واجلهات احلكومية بالتحلي������ق، م������ع حتدي������د االرتفاع������ات املس������موح بها ببضع مئات من األقدام. إال أن قان������ون التحدي������ث واإلص������الح، الذي أمضاه الرئيس األمريكي <باراك أوباما> في الشهر 2010/2 يقضي بأن تض������ع إدارة الطي������ران قواعد تس������مح

امل������واد بجامع������ة إلينوي[ نح������و تطوير دارات الس������يليكون املألوف������ة، بحي������ث تصبح طيعة للثن������ي أو الطي؛ فقام مع مجموعة من املهندس������ني من الش������ركة mc10 في كامبريدج )ماساتشوستس(

microchips بح������ك شـــيبات ميكرويـــةمصنوعة م������ن الس������يليكون، قد تصل ثخانتها عادة إل������ى بضعة ميليمترات، حتى غدت بثخانة 10-20 ميكرونا، وذلك باس������تخدام عمليات تصنيعية معتمدة. وكذلك قام������وا بابتداع أس������الك فائقة الرق������ة لوص������ل تلك الش������يبات بعضها ببعض، ومن ثم وصلها ببوابات الدخل واخلرج التقليدية - وهي أسالك ميكن

مبزيد من االس������تعماالت املدنية. وتعمل هذه اإلدارة حاليا مع عدد من الشركات على التقنية األساسية، وهي النظم التي تتيح للمس������يرات استش������عار األجسام الطائرة األخ������رى وتفاديها. ويتوقع أن يجري وض������ع القواعد املطلوبة في عام ������ع هائل في 2015، ليفت������ح الباب لتوس

التطبيقات التجارية.ويرى <وي������ت> أن التوقف احلالي، الذي يسبق التوسع املنتظر، ينطوي على ة بأن تطرح خير كثير؛ »فاملسيرات حريتساؤالت كبيرة ومهمة تتصل بالسالمة واألخالقي������ات والقانون واخلصوصية؛ ونحن اآلن أمام فرصة نادرة لكي نفكر في االستعمال املزمع لهذه التقانة قبل

أن نبدأ بذلك فعال.«<J. كيري>

ه������ا إلى حد قد يصل ثنيها وطيها ومطإلى ضعفي طولها األصلي.

ويش������به <K. داولينگ> ]نائب رئيس الشركة mc10 لشؤون البحث والتطوير[ هذه التشكيلة ب�»جزر )الشيبات( رست في خضم محيط من األسالك البينية« الرابط������ة بينه������ا والقابل������ة لالمتط������اط واالنثناء. ويتابع <روجرز> شارحا: »لو أخذت الدمي������ة ذات النابض الفوالذي، املعروفة باسم سلينكي Slinky، لوجدت أن الفوالذ نفس������ه ال ميت������ط كثيرا، لكن الدمية قابل������ة لالمتطاط من أربعني إلى خمس������ني ضعف طوله������ا األصلي، من غير أن تتجاوز احلدود البالس������تيكية المتط������اط الف������والذ. وبالطريق������ة ذاتها ميكنن������ا أن نصنع وص������الت بينية من

املعدن أو السيليكون.ويتنبأ <روجرز> ]وهو املؤس������س املشارك للشركة mc10، والذي يعد

Electronic Tattoos )�(

Page 19: July August 2013 Oloom

17 (2013) 8/7

مختبره مرك������ز البحث والتطوير في إلكتروني����ات بظه���������ور الش��������رك���ة[ م�رن�����������ة ال تتج������اوز ثخانتها ثخانة ضمادة الصقة، ف������ي غضون 10-5 سنوات. وقد يتسنى لهذه احملسات مراقبة احلالة الصحية حلاملها وبث النتائج الس������لكيا. وكانت الش������ركة mc10 قد أبرمت عقدا مع الش������ركة

Reebok إلنتاج جهاز مراقبة صحي

يدس في املالب������س، وعقدا آخر مع اجليش األمريك������ي للنظر في إمكان تطوي������ر خاليا شمس������ية مرنة ميكن إدخالها ضمن مالب������س اجلنود أو نسيج احلقائب التي يحملونها على ظهورهم. وفي الش������هر 2012/4 قام <P. هاراكا> ]سائق سيارات سباق

يعمل في اجلمعية الوطنية لس������باق ،NASCAR( القدمي������ة الس������يارات اختص������ارا([ باختب������ار رقعة جلدية hydration ه شفافة تقيس مستوى تيجس������مه في أثناء أحد الس������باقات. ويعد مستوى التميه من االعتبارات احليوية املهمة في ركن القيادة الذي قد »يشوي« السائق بحرارته العالية س������اعات طويلة. ويسعى مهندسون آخ������رون حاليا، من بينه������م <N. لو> ]من جامعة تكساس مبدينة أوسنت[ وفريق من جامعة كوريا في سيئول، إل������ى تطوير وش������وم طبيـــة حيوية

biomedical مرنة.

وثمة محس������ات تش������به الضمادات الالصق������ة، ميكنها البقاء على جس������م اإلنس������ان مدة قد تصل إلى أس������بوع، لتكون مبن�زلة »طابع حيوي« أو وش������م طبي يستطيع قياس معدل نبض القلب والتعرق، علما بأن الدارات اإللكترونية التي تتضمنها ه������ذه اللصاقات رقيقة وشفافة إلى حد تبدو معه غشاء شفافا

على جلد حاملها.ولرمبا س������يكون باإلمكان يوما زرع

هذه الدارات ضمن أنس������جة القلب أو الدماغ. وي������رى <روج������رز> أن القلوب التي تعان������ي اضطرابا في النظم ميكن أن تغل������ف بكي������س غش������ائي صنع������ي الوتيرة إلكترونيا ويصحح يتحس������س املختل������ة للقلب، فينق������ل تنبيها كهربائيا متغيرا إل������ى أي موضع عل������ى القلب، وبذلك يحدث تنظيما لنبض القلب أكثر دق������ة بكثير من ناظم القل������ب التقليدي. ويتطلع <روج������رز> أيضا إل������ى تطوير »جل������د صنعي يوضع ف������وق منطقة من اجلسم تعرضت للحرق، ليقوم بوظائف األوعية الدموية، وفي الوقت نفسه نقل تأثير الدواء وحفز األنسجة إلى تسريع

شفاء اجللد املصاب.«وإذا ما متكنت الشركة mc10 من أن تذهب بتقانتها إلى مستوى أعلى، فقد يكون من منتجاتها لفافة من اللصاقات، متث������ل كل واحدة منها محس������ا، بحيث يصبح في وس������ع امل������رء التنصت إلى غرف������ة باس������تعمال لصاق������ات مصممة اللتق������اط الصوت، ومن ث������م فإن كل ما تستطيع شيبة سيليكونية استشعاره - من انفعال واهتزاز وحقول كهربائية -

ميكن قياس������ه مبحسات صغيرة بسمك ورقة. ويش������ار إلى أن باإلمكان شحن ه������ذه األجه������زة، إذا م������ا وضعت على نت في املالبس، بحقول اجلسم أو ضمكهرطيس������ية ضعيفة، ثم استعمال تلك احلقول نفسها في إرسال التقارير عن

طريق الهواتف الذكية لألفراد.وس������يتوقف التطبيق الواسع للوشم اإللكتروني عل������ى االبتكارات التصنيعية لش������ركات صناع������ة اإللكتروني������ات التي متتلك الترخيص الستثمار تقنية الشركة mc10. وكما ه������ي احلال في االبتكارات

مضم������ار ف������ي األخ������رى التحويلي������ة اإللكترونيات - مثل ديودات اإلشـــعاع الضوئي (LEDs) املستعملة اليوم إلنارة كل ش������يء، م������ن املصابي������ح الكهربائية املن�زلية إلى متاجر الغذائيات - فإن من واجب آالف اجله������ات املصنعة لألدوات اإللكترونية االستهالكية في نهاية املطاف أن تتحرى الطرائ������ق املثلى لتطبيق هذه

التقانة األساسية.<Ch. ميمز>

Scientific American, December 2012

Page 20: July August 2013 Oloom

18(2013) 8/7

نهاية عصير البرتقال)�(مرض فتاك يقتل أشجار احلمضيات من فلوريدا إلى كاليفورنيا.

<A. كوتشمينت>

في أحد أيام عام 2005، وقبل أن يعصف إعصار كاترينا بوالية فلوري������دا ويدمر نيو أورليانز، وقفت <S. هلبرت> ]وهي عاملة حشرات تعمل في قسم الزراعة وخدمات املستهلك في فلوريدا (FDACS))1([ أمام شجرة بوميلو pomelo في مزرعة تقع خارج ميامي، وقد الحظت أن ش������يئا ما في هذه الشجرة ل������م يبد صحيحا؛ فقد بدت وكأنها تعاني من س������وء التغذية: كان������ت قليلة األوراق، وكان ش������كل ثمرتها الت������ي تبلغ حجم بطيخة مش������وها وغير منتظم )منوها غير متجانس في جميع االجتاهات(. ومع ذلك، كانت النباتات األخرى في البس������تان مزدهرة وبحالة جيدة، والس������يدة التي كانت تعتني بها زودت بات شجرة البوميلو حديثا بطبقة مفروشة بعناية من املخص)الســــماد( fertilizer. تقول <هلب������رت>: »من الواضح أن لها

معرفة جيدة بكيفية تنمية النباتات.«تفحصت <هلبرت> الش������جرة كما يتفحص التحري موقع اجلرمية، مس������تعرضة في ذهنها كل حالة ميكن لها أن تفكر فيها. لقد اس������تبعدت احتمال عفن اجلذور، الذي يتسبب به أحد الفطور، ألن الش������جرة لم تب������د أيا من األعراض املميزة لهذا املرض. وبعد ذلك، نظرت في احتمال أن يكون املس������بب مرضا فيروس������يا يسمى تريســـتيزا احلمضيات)2( - وهي كلم������ة تعني »احلزن« باللغتني اإلس������بانية والبرتغالية - وهو مرض يصيب األش������جار التي ج������رى تطعيمها )في كثير من األحيان ال ينش������ئ مزارعو احلمضيات أش������جارهم بدءا من

الب������ذور وإمنا غالبا ما ينش������ئونها بغرس فرع من ش������جرة في حلاء ش������جرة أخ������رى(، ولكن ش������جرة البوميلو املريضة لم يس������بق تطعيمها. في النهاية وصلت <هلبرت> إلى أسفل قائم������ة االحتماالت املتوفرة لديها، وهو املرض األكثر تدميرا للحمضيات في العالم - ويس������مى هوانگلونگبنگ)3(، وهي

التسمية الصينية ل� »مرض التنني األصفر.«يواصل م������رض هوانگلونگبنگ والذي يدعى أيضا املرض HLB أو اخض������رار احلمضي������ات انتش������اره ببطء ف������ي الهند

والصني وإندونيس������يا وجنوب إفريقيا. وقد ظهر في البرازيل الس������نة املاضية (2012). وهو يقتل األش������جار عن طريق سد ة الطعم وذات شكل مشوه. أنظمتها الدورانية مخلفا ثمارا مروتقوم بذلك بكتيريا تختبئ في الغدد اللعابية حلشرة صغيرة مجنحة تدعى بســـيال احلمضيات اآلســـيوية)4(، تقوم بحقن امليكـــروب germ في داخل النبات، بينما متتص النس������غ من أوراق������ه. وال يعرف حتى اآلن أي ع������الج - إذ ال توجد هناك مبيدات قادرة على قتل أعداد كبيرة مبا فيه الكفاية من حشرة

البسيال، وال يتوفر أي عالج فعال للمرض.قامت <هلبرت>، بحذر، بقطع بعض أفرع الشجرة وأخذتها

THE END OF ORANGE JUICE )�(the Florida Department of Agriculture and consumer services )1(

citrus tristeza )2(huanglongbing )3(

the Asian citrus psyllid )4(

باختصاريس������بب انسدادا في هذه األنظمة مؤديا إلى عرقلة انسياب العناصر

املغذية من األوراق إلى اجلذور.وم������ن أجل إضعاف ذلك املرض اس������تورد العلم������اء، كواحدة من مقاربات عديدة في هذا الش������أن، دبابير من آس������يا لتفترس )لتتطفل على( حشرات البس������يال. هذا وقد يكون التحوير اجليني هو أفضل حل على املدى البعيد، وهو حل يواجه طريقا طويلة ومكلفة من ناحية حصول������ه على الترخيص من قبل اجلهات التش������ريعية وحيازته على

القبول الشعبي.

حشرة بحجم ناموسة تعرف باسم بسيال احلمضيات اآلسيوية)4( آخذة في نشر مرض مميت للنبات في بساتني احلمضيات بأمريكا. وق������د أخفقت محاوالت مبك������رة الحتواء املرض الذي يعرف باس������م هوانگلونگبنـــگ)3(، وقد ص������ار املرض خطرا رئيس������ا على صناعة

احلمضيات في الواليات املتحدة األمريكية. Candidatus والعامل املس������بب لهذا ملرض هو بكتيريا تابعة للجنسLiberibacter، والتي حتملها حش������رة بسيال احلمضيات اآلسيوية في

غددها اللعابية. وتتسلل البكتيريا إلى أنظمة الدوران في النبات، مما

املجلد 29 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2013

Page 21: July August 2013 Oloom

19 (2013) 8/7

إلى املختبر لفحصه������ا. وخالل أيام قليلة تأكدت شكوكها، فقد حط مرض اخضرار احلمضيات رحاله في قلب

صناعة عصير البرتقال األمريكية.قرعت <هلب������رت> ناقوس اخلطر. واستجاب العلماء واملزارعون بالدفع بجمي������ع امل������وارد املتوف������رة من أجل احتواء املرض. فقد اقتلعوا النباتات املصابة، ورش������وا كمي������ات كبيرة من املبيدات، وأحاطوا مش������اتل بأكملها بس������ياج عازلة، واس������توردوا دبابير من آسيا لتفترس حشرات البسيال. وأخ������ذ الباحث������ون بحق������ن مضادات حيوية داخل جذوع األشجار وبحثوا عن جينات مقاوم������ة لهذا املرض من أج������ل تضفيرهــــا)1( داخل أش������جار البرتقال. ولكن املرض HLB يستمر باالنتش������ار. وفي الس������نوات الثماني

املاضي������ة أصاب امل������رض بالعدوى أكثر من نصف أش������جار احلمضي������ات في فلوري������دا، وخالل الفترة ب������ني عامي 2006 و2011، كلف الوالية 4.54 بليون دوالر وأكثر من 8200 فرصة عمل. ويقول <G .J. موريس> ]مدير معهد األمراض الطارئة في جامعة فلوريدا[: »خالل اخلمس سنوات القادمة قد ال يكون

هناك عصير برتقال من إنتاج فلوريدا.«ومنذ اكتشاف <هلبرت> له اجتاح املرض جورجيا وجنوب كاروالينا ولويزيانا وتكس������اس. وقد وجد املرض في ربيع عام 2012 بلوس أجنلس. وفي الش������هر 2012/11 وجد املفتش������ون

أولى حشرات البسيال - والتي قد تنبئ بوصول املرض - في بساتني احلمضيات التجارية بكاليفورنيا. وميكن للمرض أن يشل صناعة احلمضيات في الواليات املتحدة األمريكية ما لم

يتوصل العلماء إلى طريقة إليقافه.

ف حشرة البسيال)�( تعرمن أجل الوصول إلى مكتب <هلبرت> في گينزفيل بفلوريدا، مير الزوار عبر قاعة استقبال تضم صناديق زجاجية حتتوي yellow على مس������تعمرات من الدبابير ذات السترة الصفراءjacket وعناكب الرتيالء احلية. وإلى اجلهة املقابلة من القاعة

توج������د مجموعة مفصليات األرجل املنتمية إلى والية فلوريدا: وهي مؤلفة من نحو تس������عة ماليني حشرة، جرى جتفيف كل واحدة منها وحتميلها داخل أدراج خش������بية رقيقة موضوعة

في خزانات معدنية طويلة متأل عدة غرف. وكعاملة حش������رات ،FDACS في قط������اع الصناعة النباتية التابع لقس������م الزراعةتس������تخدم <هلبرت> املجموعة احلشرية كوسيلة مساعدة في تعريف العش������رات من احلشرات التي يجمعها مفتشو الوالية من املنتجات والنبات������ات املزروعة في أصص، ويضعونها في عبوات زجاجية حتوي الكحول، ثم يرس������لونها إلى <هلبرت> بالبريد ضمن مغلفات صفراء صغيرة، تتكدس في النهاية في

طبق على طاولتها.وميك������ن للمرء أن يحس������ب <هلبرت>، وهي في الس������تني م������ن عمرها وتضفر ش������عرها في جديلة على ش������كل كعكة، مس������ؤولة مكتبة لطيفة. ولكنها مقاتلة شرس������ة عندما يتعلق األمر ب�محاربة اآلفات التي تهدد صناعة املنتجات الزراعية ف������ي فلوريدا الت������ي تبلغ قيمتها عدة بالي������ني من الدوالرات. والعاملة <هلبرت> هي واحدة من ثمانية علماء حش������رات في الوالية، وأحد خبيري������ن مختصني برتبة نصفية األجنحة)2( كحش������رات املن ونطاطات الورق وحش������رات البس������يال التي متتص العصير من النباتات. وتكمن مس������ؤوليتها األساسية في تنبيه املزارعني والوكاالت التنظيمية إلى وصول أية آفات جديدة. وتقول <هلبرت>: »إن عملي هو اإلبقاء على كل شيء واضحا على راداري بحيث أمتكن من حتديد هوية الكائنات

MEET THE PSYLLID )�()splice )1؛ أو: قرنها، تأشيبها.

Hemiptera )2(

آفة متنامية: تنشر حشرة اجتياحية تعرف باسم بسيال احلمضيات اآلسيوية Asian citrus psyllid بكتيريا مميتة في بساتني احلمضيات في العالم مخلفة ثمارا غير ناضجة ومشوهة الشكل.

Page 22: July August 2013 Oloom

20(2013) 8/7

املسيئة الفاعلة في اخلارج.«لق������د كان م������رض االخضرار عل������ى رادار <هلب������رت> منذ منتصف التس������عينات من القرن املاضي، عندما سمعت للمرة األول������ى عن قدرة املرض التدميرية من قبل زمالئها في جنوب إفريقيا. وفي الشهر 1998/6، كانت تتفقد أشجار احلمضيات في مقاطعة بالم بيتش، حيث أصبحت أول ش������خص يكتشف حش������رة البس������يال في الواليات املتحدة األمريكية. وقد تعرفت هذه احلشرة من خالل وقفتها املميزة على النبات، حيث ترفع

مؤخرتها في الهواء بزاوية قدرها 45 درجة.وف������ي نظرة تأملي������ة، تقول <هلبرت> إن������ه كان يتعني عليها الش������عور أكثر باخلطر نتيجة الكتشافها هذا. ومع ذلك، فقد تعايش������ت البرازيل مع حشرة البس������يال منذ أربعينات القرن املاضي، وهي لم تشهد حالة واحدة من مرض االخضرار حتى عام 1998. لذلك قررت <هلبرت> وزمالؤها املراقبة واالنتظار.

وعندما عادوا إلى بالم بيتش مع فريق من املفتش������ني وتنقلوا بسيارتهم في كافة االجتاهات ليرصدوا مدى انتشار اآلفات؛ مس������لحني بعصي وأطباق بالستيكية بيضاء، قامت <هلبرت> وزمالؤه������ا حرفي������ا بضرب الش������جيرات بحثا عن حش������رات البس������يال: لقد قاموا بالبحث عن شجيرات وأشجار من عائلة احلمضي������ات، ثم قاموا بضربها بالعص������ي التي يحملونها ثم أحصوا عدد حشرات البسيال التي سقطت على األطباق التي بحوزتهم. فقد وجدوا أن أعداد البسيال تتناقص كلما اجتهوا بعيدا ع������ن مقاطعة بالم بيتش، إلى أن اختفت متاما بش������كل سريع. وتبني لهم أن اإلصابة كانت محدودة في نطاق 60 ميال من الشريط الساحلي، ولم تكن أي من حشرات البسيال التي

.HLB فحصوها حاملة ملسبب املرضكان ذلك مؤشرا جيدا. ومع ذلك بقيت <هلبرت> ومساعدوها متأهبني لظهور أي أعراض اخضرار وظلوا يقومون باختبارات

مراقبة دائمة: حشرة بسيال احلمضيات اآلسيوية ترفع مؤخرتها بزاوية 45 درجة )1(. يساريع nymphs احلشرة )ج: يسروع وهو طور احلشرة قبل اكتمال منوها( تفرز إفرازا نباتيا كالعسل )2(. وهو سم من الغدد اللعابية يفرز حتى من قبل حشرات البسيال السليمة ويؤدي إلى تشوه أوراق النبات )3(. أشجار في موقع جتارب حقلية تنمو داخل شباك

حامية تنع حشرات البسيال من الوصول إليها )4(.

1

3

2

4

Page 23: July August 2013 Oloom

21 (2013) 8/7

دورية حلشرات البسيال ولألش������جار. وفي عام 2005، قررت <هلبرت> القيام مبس������وحات أكثر شموال، موسعة مجالها إلى

أحياء لألقليات التي ينحدر قاطنوها من مناطق ينتش������ر فيها مرض االخضرار. وهكذا عثرت على شجرة البوميلو املريضة في ميامي، والتي كانت تنمو في حديقة خلفية ملنزل امرأة من

تايوان. وقالت <هلبرت >: »لقد كان حقيقة يوما سيئا آخر.«وبحلول الوقت الذي متكنت فيه <هلبرت> من تأكيد وجود هذا املرض، فإنه قد انتشر بسرعة ساحقة، وهذا يعود بشكل كبير إلى اخلصوبة املذهلة حلش������رة البس������يال. إذ تضع كل أنث������ى حت������ى 800 بيضة خالل فترة حياتها التي تبلغ ش������هرا واحدا، مما يؤدي إلى تكون مجتمعات على كل شجرة برتقال قد تزيد أعدادها على 000 40 حش������رة. وبوج������ود هذا العدد الكبير من احلش������رات التي تقفز وتطير م������ن مكان إلى آخر، فإنه حتى ولو اس������تخدمت املبيدات الت������ي حتقق معدل نفوق يصل إلى 99% س������يبقى هناك العديد من احلش������رات الناجية من املوت. وكما تبني، فإن إح������دى أكثر النباتات التي تفضل حشرة بس������يال احلمضيات اآلسيوية التغذي بها هي شجيرة ،orange jasmine واسعة االنتشار تسمى ياســـمني البرتقـــالوهي تنتج في ميامي وتباع بأسعار مخفضة في املشاتل وفي مخازن البيع املنتشرة في فلوريدا، كما يتم شحنها على نطاق

واسع مما يعطي حشرة البسيال إمكانية االنتقال بسهولة.قد تكون مواس������م األعاصير املدمرة في فلوريدا هي أحد العوامل املس������اهمة في انتش������ار هذه احلش������رة املدمرة. فمن احملتمل أن تكون رياح إعص������ار كاترينا والعواصف املدارية األخرى قد نشرت حش������رات البسيال إلى مسافات أبعد مما ميكن له������ا الوصول إلي������ه معتمدة على قدرته������ا الذاتية على الطيران. كما ميكن أن تكون العواصف قد أضعفت األشجار

وجعلتها أكثر حساسية للعدوى.إضافة إلى ذلك، هناك حقيقة أنها باعتبارها نوعا اجتياحيا، فإن ما يس������مح لبس������يال احلمضيات اآلس������يوية بالتكاثر بسرعة في الواليات املتحدة األمريكية هو عدم وجود مفترس������ات محلية متخصصة بهذه احلشرة. وتضع هذه احلالة علماء احلشرات في حالة بحث عن حشرة ميكن لها أن تعيث فتكا في مجتمع البسيال

متاما كما عاثت هذه احلشرة فتكا في بساتني احلمضيات.

أرسلوا الدبابير)�(ف������ي ي����وم ح���������ار من صي����������ف ع��������ام 2012 جه��ز <مارك وكرس������تينا هودل> سيارة فورد بيضاء مستأجرة وقاداها في رحلة استمرت س������اعة من بيتهما في ريڤر سايد بكاليفورنيا د إل������ى لوس أجنلس. وفي املقعد اخللفي للس������يارة وضع مبر

صغي������ر أزرق مصنوع من املطاط، كانت ف������ي داخله محفظة جليد ونصف دس������تة من القوارير حتتوي على دبابير تتغذى بقطرات صغيرة من العسل. وبينما كان <مارك> يقود السيارة كانت <كريس������تينا> تقلب في حزم������ة من األوراق تضم بيانات

عن مواقع البحث التي ميكن أن يزوراها.إن كاليفورنيا هي ثاني أكبر منتج للحمضيات في الواليات املتح������دة األمريكية بعد فلوريدا. وفي حني تس������تخدم الغالبية العظم������ى من كميات برتقال فلوريدا ف������ي إنتاج عصيره، فإن كاليفورنيا تزود أمريكا مبعظ������م كميات البرتقال التي يأكلها األمريكي������ون ثم������ارا طازجة. وعندما لوحظت أولى حش������رات بس������يال احلمضيات اآلس������يوية في منطقة س������ان دييگو عام 2008، أصبح������ت أولوي������ة الوالية إبقاء احلش������رات بعيدا عن

البس������اتني ذات القيمة التجارية بالشمال في الوادي املركزي بكاليفورنيا. لقد بدأ املسؤولون برش املبيدات في سان دييگو، ولكن حشرات البسيال سرعان ما انتشرت إلى لوس أجنلس واستمرت في التحرك على امتداد الساحل. لقد كانوا بحاجة

إلى خطة عمل جديدة.إن عائلة <هودل> هي عاملا حش������رات بجامعة كاليفورنيا، في ريڤر س������ايد، وهما خبيران في األنواع االجتياحية. وبعد فترة قصيرة من اكتشاف حشرة بسيال احلمضيات اآلسيوية ف������ي الوالية، قرأ <M. هودل> مقالة علمي������ة يعود تاريخها إلى ع������ام 1927 ملجموعة علماء من البنج������اب. يصف مؤلفو املقالة تأثيرات مرض االخضرار من حيث ش������دتها وقس������وتها )»إنه ليس مش������هدا غير مألوف أن ترى بساتني ذات قيمة إنتاجية عالية قد اختصرت إلى مزارع غير منتجة من هياكل أشجار جافة«(. كما يش������يرون في الدراس������ة إلى دبور متطفل محلي ميكن ل������ه أن يقتل 95% من بس������يال احلمضيات اآلس������يوية. والس������ؤال الذي تبادر إلى ذه������ن <M. هودل> كان: »هل ميكن

لهذه الدبابير أن تعيش وتزدهر في كاليفورنيا؟«لقد كان منطقيا وجود العدو الطبيعي لبسيال احلمضيات اآلسيوية في جنوب آسيا، الذي يعتبر مكان النشوء احملتمل لهذه احلشرة. ولكن مكان وزمن وكيفية التقاء مسبب املرض HLB بحشرة البسيال وأش������جار احلمضيات ما زال سؤاال

مفتوح������ا. ومنذ فترة طويلة، كان يعتقد أن جنس احلمضيات تط������ور في الصني، ولك������ن أبحاثا حديثة أجراه������ا <A. بيتي> وزمالؤه ]من جامعة سدني الغربية في أستراليا[ تشير إلى أن نش������أتها األولى كانت في القارة األس������ترالية منذ نحو 35 مليون سنة، ومنها انتشرت إلى آسيا. ومن احملتمل أن يكون ،HLB جنس البكتيريا الذي يعتقد بأنه املس������ؤول عن املرض

SEND IN THE WASPS )�(

Page 24: July August 2013 Oloom

22(2013) 8/7

View to a Kill )�(

كيف تعملنظرة إلى طريقة في القتل)�(

إن املـــرض هوانگلونگبنـــگ )HLB( هـــو واحد من أكثر األمـــراض فتكا في نباتات احلمضيـــات. فالبكتيريـــا املســـببة لهذا املرض تنقل حشـــرات صغيـــرة مجنحة، تدعى بســـيال احلمضيات اآلســـيوية، وذلك أثناء امتصاصها للنسغ )العصارة( من أوراق األشجار. في البداية عثر املفتشون على بسيال احلمضيات اآلسيوية في الواليات املتحدة األمريكية عام 1998، كما اكتشفوا املرض HLB للمرة األولى

عام 2005. وكانت فلوريدا هي املكان الذي مت فيه االكتشافان ألول مرة.

HLB :املرض HLB يعتقد معظم العلماء أن املرضينجم عن ثالث بكتيرات من اجلنس

Candidatus Liberibacter، ومع أن الباحثني لم يبرهنوا على العالقة

بني هذه البكتيرات وإحداث هذا املرض بشكل ال يقبل

اجلدل فإن هذه البكتيرات Candidatus :الثالث هي ،Liberibacter asiaticus

وهي األكثر انتشارا وتوجد في الواليات املتحدة األمريكية؛ Candidatus Liberibacterو

africanus وتوجد بشكل رئيس Candidatusفي جنوب إفريقيا؛ وLiberibacter americanus وهي

توجد بشكل رئيس أيضا في البرازيل.

النتيجة: موت النباتاتميكن للمرض HLB أن يظهر على شكل عوز

غذائي يعانيه النبات. وتتضمن أعراض املرض أوراقا مصفرة مبرقعة )مرقطة، مبرقشة(

وثمارا شكلها غير منتظم )مشوهة(، صغيرة، ة الطعم تسقط قبل نضجها. خضراء اللون، ومرويضعف املرض النباتات ويجعلها أكثر عرضة

للتأثر باجلفاف والشدائد األخرى.

حترم هذه االنسدادات اجلذور من الغذاء، مما يؤدي إلى توقفها

عن امتصاص املواد الغذائية من التربة وإرسالها إلى ساق

وأوراق الشجرة عن طريق نظام الدوران املعروف باخلشب.

الناقل: بسيال احلمضيات اآلسيويةتضع حشرات البسيال البيض على الفروع واألوراق لدى بزوغها من البراعم.

وتتغذى اليساريع احلديثة الفقس والعدمية األجنحة حصريا بهذه النموات الغضة أثناء رحلة تطورها إلى حشرات كاملة. ومبا أن حشرات البسيال تتص النسغ من أوراق النبات خالل مراحل تطورها كافة، فإن بإمكانها نقل املرض HLB من غددها

اللعابية. كما ميكن للنباتات املصابة نقل املرض HLB إلى حشرات البسيال.

محاولة للتصدينتيجة لعدم وجود مفترسات محلية متخصصة في بسيال احلمضيات

اآلسيوية بالواليات املتحدة األمريكية، جلب علماء احلشرات دبابير

متطفلة صغيرة احلجم تدعى Tamarixia radiata من آسيا، وذلك ملساعدتهم على ضبط مجتمعات حشرة البسيال.

وتشير الدراسات املختبرية إلى أنه ميكن لكل واحد

من هذه الدبابير قتل مئات من حشرة البسيال، وذلك

عن طريق امتصاصه دمها ووضعه البيوض عليها. فهذه

البيوض تتطور إلى يرقات تقوم بالتهام حشرات البسيال

من داخلها إلى خارجها.

تصيب البكتيريا اللحاء، وهو نظام الدوران الذي ينقل السكريات من ساق

وأوراق الشجرة إلى اجلذور مسببة انسداده.

حلاء Phloem

خشب Xylem

حشرة بسيال احلمضيات اآلسيوية

دبور متطفل

Page 25: July August 2013 Oloom

23 (2013) 8/7

Candidatus يش������ير مصطلح( Candidatus Liberibacter وهوإل������ى أن العلماء ال يعرفون بالتأكي������د إذا كانت هذه البكتيريا هي مس������بب املرض، ألن البكتيريا لم يسبق أن متت زراعتها في بيئ������ة صنعية( قد تطور في إفريقيا وانتقل إلى أش������جار احلمضيات من نبات ذي صلة قربى باحلمضيات فقط خالل ال� 500 س������نة املاضية، وذل������ك وفقا لتقدي������رات درجة وبائية املرض. )لو كان التقاء أش������جار احلمضيات ومسبب املرض HLB قد حدث أبكر من ذلك لكانت أش������جار احلمضيات إما

طورت مقاومة لهذا املرض، أو أنها انقرضت.(يعتقد <بيتي> أن هذا االنتقال الس������ريع حدث في إفريقيا، عندما نقلت حش������رة بسيال احلمضيات البكتيريا إلى شجرة برتقال أو مندرين مستوردة، وجرى بعد ذلك شحنها إلى الهند باعتبارها جزءا من التجارة القائمة في عهد االستعمار حينها. وأيضا أدى استزراع اإلنسان للحمضيات دورا كذلك. تضع حش������رات البسيال بيوضها على األش������طاء الغضة لألشجار املتبرعمة، ألنها بذلك تؤمن سهولة في تغذي اليساريع. ويعود الفضل إلى الري واألس������مدة في جعل أش������جار احلمضيات تنمو وتتبرعم بس������رعة، مما يجعلها أش������به بطبق شهي لكافة

أعمار ومراحل حشرة البسيال التطورية. Tamarixia وحت������ى تتمكن الدبابي������ر، والتي تعرف باس������مradiata، م������ن العيش في الوادي املرك������زي بكاليفورنيا، حيث توجد معظم م������زارع احلمضيات في الوالية، فالبد من وجود تش������ابه بني من������اخ املنطقتني. لقد أدخل <م������ارك> بيانات إلى برنامجه احلاسوبي الذي يقوم مبطابقة للمناخ، واكتشف أن املنطقتني تتميزان بصيف حار جاف وش������تاء بارد ضبابي - تطابق ممتاز. وبعد ذلك اكتشف، مبحض الصدفة فيما يبدو، أن نائ������ب رئيس اجلامعة الزراعية الرئيس������ة في البنجاب هو خريج جامع������ة كاليفورنيا في ريڤرس������ايد. ويق������ول <مارك>، املتحدر أساس������ا من نيوزيالندا: »فج������أة فتحت هذه األبواب التي كنت أظن أن عبورها س������يكون صعبا مبكان.« وفي بداية ع������ام 2011 توجه <مارك> برفقة <كريس������تينا> إلى باكس������تان

.T. radiata ليتعلما كل شيء عن الدبورإن اس������تيراد الدبابير من باكس������تان ليس مهمة بس������يطة بعد أحداث 11 س������بتمبر. وبالتعاون مع القسم التابع لوزارة الغ������ذاء والزراعة في كاليفورنيا، حصل <مارك> على إذن من وزارة الزراع������ة في الواليات املتحدة األمريكية لتأس������يس آلية لتربي������ة الدبور حتت احلج������ر الزراعي، وذل������ك للتأكد من أن الدبابير املس������توردة خالية من األمراض. كما أمضى <مارك> بالتعاون م������ع أحد طلبته ]احلاصل على الدكتوراه[ أش������هرا وهما يختب������ران املضيف الذي ميكن له������ذا الدبور أن يتطفل

عليه عن طريق وضعه في مواجهة حش������رات البسيال احمللية على النباتات احمللية التي تصيبها، وفي مواجهة احلش������رات املفيدة التي تهاجم األعش������اب الضارة - وذلك للتأكد من أنها لن تفت������رس الفلورا والفونا احمللية ف������ي كاليفورنيا، كما أنها لن تخل بجهود مكافحة األعش������اب حيوي������ا. وفي النهاية قام <مارك> بالتعاون مع <كريس������تينا> بوضع سلسلة معقدة من

األقفاص داخل مجموعة م������ن مختبرات احلجر الصحي في جامعة كاليفورنيا، ريڤرس������ايد، وذلك من أجل إعطاء الدبابير الفرصة لتتكاثر على حش������رات بسيال احلمضيات اآلسيوية

التي تصيب نباتات حمضيات صغيرة احلجم.منذ الش������هر 2011/1 قام <مارك وكرستينا هودل> بإطالق آالف األفراد من دب������ور T. radiata في أكثر من 100 موقع في ل������وس أجنلس، ريڤر س������ايد وفي مقاطع������ة البرتقال )أوراجن كاونت������ي( ومقاطعة برناندينو. وفي ذل������ك اليوم الصيفي كانا ي������زوران مواقع اإلطالق في لوس أجنلس من أجل تفقد تطور أداء الطفيل. قال <مارك> الذي كان يجلس في مقعد الس������ائق في س������يارته: »هذه حرب م������دن،« وعلى الرغ������م من احلرارة املرتفعة، كان <مارك> و<كريستينا> يرتديان سروالني طويلني وقميص������ني ذوي كمني طويلني وهو لباس احلماية من أش������عة

الشمس الذي يلبسانه في جوالتهما احلقلية.ومع أن حش������رة بس������يال احلمضيات اآلس������يوية كانت قد لوحظت للمرة األولى في س������ان دييگو، لكن يبدو أن انتشارها األسرع كان في لوس أجنلس. وتلقى زراعة أشجار الليمون، والالمي )نوع من الليمون احلامض( في احلدائق املنزلية شعبية هنا، والعديد من الناس يجلبونها عبر احلدود من املكسيك أو أنهم يهربون عقال من هذه األش������جار في حقائب سفرهم لدى عودتهم بالطائرة من آسيا. وميكن بسهولة تطعيم فرع شجرة ليمون مصاب باملرض على ش������جرة المي أو بوميلو، وس������ينتج النبات املطعم كال النوعني من الثمار. ومبجرد وصول حشرات البس������يال إلى لوس أجنلس، فإنها تتكاثر بشكل محموم على هذه األش������جار املزروعة في احلدائق املنزلية، متاما كما فعلت

في فلوريدا.بدأ قس������م الغذاء والزراعة ف������ي كاليفورنيا برش املبيدات في لوس أجنلس من أجل مكافحة حش������رات البسيال ومنعها من االنتش������ار، ولكن س������رعان ما تبني عقم ه������ذا اجلهد. كل ما يحتاجه املرء هو أن يلق������ي نظرة على البيانات اإلحصائية لي������درك اخلطأ الذي حص������ل. إن 40% من بيوت لوس أجنلس التي يزي������د عددها على ثالثة ماليني من������زل لديها على األقل ش������جرة حمضيات واحدة في ع������ام 2010. وهذا يعني أن 1.2 ملي������ون منزل بحاجة إلى أن يتعام������ل باملبيدات. وتأثير الرش

Page 26: July August 2013 Oloom

24(2013) 8/7

باملبيدات يستمر من أس������بوع إلى عدة أشهر فقط، وبعد ذلك يجب إعادة الرش ثانية. وبحلول الشهر 2012/11 كانت الوالية قد رشت املبيدات في 941 46 منزال، أو ما يعادل 4% من العدد الكل������ي، وبتكلفة 4.7 مليون دوالر، أو ما يعادل 100 دوالر لكل منزل. يقول <مارك>: »ميكنك أن تدرك بس������رعة السبب الذي جع������ل هذه العملية عدمية اجلدوى،« فبمجرد أن علقت الوالية حملة رش املبيدات في لوس أجنلس، أصبح آمنا دخول عائلة

<هودل> ودبابيرها إلى املنطقة.

توقف������ت عائلة <هودل> ف������ي موقف س������يارات تابع لفندق مبنطقة آزوس������ا التابع������ة للوس أجنلس والت������ي يقطنها عمال ادته������م احملتوية على الدبابير. مكس������يكيو األصل، وتناولوا برلقد وجدا هذا املوقع من خ������الل تفحصهم بيانات الوالية عن عدد حشرات البسيال التي التقطت في مصايد صفراء الصقة ج������رى توزيعها في كافة أنحاء لوس أجنلس. لقد احتوت هذه

احلديقة على عدد كبير جدا. اجتهت <كريستينا> إلى شجرة كـــري curry )وهي ش������جيرة ذات صلة قرب������ى باحلمضيات( موجودة عل������ى حافة موقف الس������يارات. تفحص������ت أوراقها اخلضراء اللماعة لتالحظ فورا جتمعات كبيرة حلشرة بسيال احلمضيات اآلسيوية في كل مرحلة من مراحل حياتها. وعلى قمة األفرع، اكتس������ت البراعم احلديثة التفتح ببيوض برتقالية مصفرة، ويس������اريع ضارب������ة إلى البياض عدمي������ة األجنحة، وحشرات كاملة مرقطة باللون البني تقفز وتزحف هنا وهناك. وكان الثنائي <هودل> قد أطلق منذ ثالثة أسابيع بضع عشرات من الدبابير على بعض أشجار الليمون في اجلانب البعيد من هذه األشجار، وقد أرادا أن يريا إن كانت الدبابير قد متكنت من الوصول إلى هذه الش������جيرة، مما سيشير في هذه احلالة

إلى أن الدبابير قد بدأت بالتكاثر باالعتماد على نفسها.It Gets Around: How a Deadly Global Traveler Arrived in the U.S. )�(

كيف ينتشر

إنه يتنقل: كيف أمكن ملسافر عاملي مميتأن يصل إلى الواليات املتحدة األمريكية)�(

لقد كتب <R .T. گوتولد> ]من وزارة الزراعة األمريكية[ في مقال مراجعة طبع عام 2010: »منذ أن عرفت احلمضيات للمرة األولى على أنها فاكهة ميكن تناولها لكونها غذاء يحتوي على صفات غذائية إيجابية، انتقلت مع اإلنسان أينما حل، وكذلك فعلت اآلفات واألمراض التي تصيبها،« هذه هي قصة املرض HLB، ويعرف أيضا باســـم اخضرار احلمضيات، وقد ســـجل للمرة األولى في الهند خالل القرن الســـابع

عشر، وهو يهدد اآلن كل منطقة منتجة للحمضيات في العالم.

مكان النشوء؟قد تكون البكتيريا التي يعتقد أنها

العامل املسبب للمرض HLB، من اجلنس Candidatus Liberibacter، تطورت في

إفريقيا ولكنها على األغلب انتقلت إلى احلمضيات خالل الـ 500 سنة املاضية فقط،

وذلك بفضل حشرات البسيال والتجارة العاملية بالبرتقال واألنواع القريبة منه.

االستعداد لألسوأاليزال حوض البحر االبيض املتوسط،

مبا فيه الدول الرئيسة املنتجة للحمضيات وهي إسبانيا وإيطاليا وتركيا، واحدا من املناطق القليلة .HLB اخلالية من البسيال واملرض

تعيث فتكاتوجد بسيال احلمضيات اآلسيوية في

البرازيل، أكبر منتج للحمضيات في العالم، منذ أربعينات القرن املاضي،

HLB ولكن املفتشني لم يكتشفوا املرضهناك حتى عام 2004. وقد تكون البسيال انتشرت إلى فلوريدا عن طريق الكاريبي

وإلى كاليفورنيا عن طريق املكسيك.

الصني

الدول املهمةفي إنتاج احلمضياتمنتج برتقال رئيسيمنتج برتقال ثانوي

منتج ثمار حمضيات أخرى

HLB املرضواسع االنتشار

حاليا

الهند

البرازيلإندونيسيا

الواليات املتحدة

Page 27: July August 2013 Oloom

25 (2013) 8/7

التتمة في الصفحة 39

كانت األخبار جيدة، مع أنه من العس������ير مشاهدة هذه الدبابير، التي ال يزيد حجمها على نصف حجم حبيبة مس������حوق شوكوال، ف������إن آثار النف������وق والتخري������ب الناجمة عن وصولها كانت بينة. تقتل أنثى الدبور حشرة البس������يال عن طريق وضع بيضة حتت جدار بطنه������ا من الداخل حتدي������دا. وعندما تفقس البيضة، تبدأ يرقة الدبور - التي تبدو كدودة قصيرة غليظة - بالتهام األنس������جة الداخلية لبط������ن اليس������روع آتية على كاف������ة محتواها الداخلي في غضون أس������بوع، مخلفة قشرة رقيق������ة فقط. يقول <م������ارك>: »ما تتركه يرقة الدبور هو القش������رة اخلارجية للكائن الذي كان«. حتب������س يرق������ة الدبور نفس������ها داخل قش������رة البس������يال عن طريق غزله������ا خليوط حريرية تثبت قش������رة البس������يال بإحكام على

ورقة الش������جر. وبعد ذلك حتيك شرنقة، ثم تنبثق حشرة كاملة تقوم بقرض ثقب صغير في قمة قش������رة البس������يال لتتمكن من اخلروج. لقد الحظ <مارك> و<كريس������تينا> عدة قشور بسيال

مثقوبة على نبات الكري.تتلف الدبابير حشرة البسيال بطريقة أخرى أيضا - وهو ش������يء يس������ميه <مارك> »القتل اإلضافي.« تقف أنثى الدبور على ظهر حش������رة البس������يال، وجترحها عدة مرات بواس������طة أنب������وب وضع البي������ض الذي متتلكه، وبعد ذلك تقوم بش������رب دمها. ويقول <مارك>: »إن معان������اة تعرضها للجرح املتكرر، واس������تهالك دمها كاف لقتل يس������اريع بس������يال احلمضيات اآلسيوية تلك.« وميكن لدبور واحد من خالل استخدامه لهذا اجلم������ع القوي ب������ني تقنيتني من القت������ل أن يقضي على مئات حشرات البسيال. وقبل مغادرته، قام الثنائي <هودل> بتعليق عدد آخر م������ن القوارير الصغيرة على نب������ات الكري، وأزاال أغطيتها من أجل الس������ماح للدبابير بالطيران خارجها والبدء

بصيد حشرات البسيال.يقدر الثنائي <هودل> أنه منذ الش������هر 2012/12 استوطنت الدبابي������ر الت������ي أطلقاها نح������و 40% من مواق������ع إطالقها في كاليفورنيا، وأنها تتوسع في االنتشار مبناطق مجاورة حديثة اإلصابة بالبس������يال متت������د أحيانا إلى عدة أمي������ال. ومع ذلك، فإن الدبابير لن حتل املش������كلة. يقول <مارك>: »لن يكون احلل ناجزا،« ويضيف: »أظن أنه إذا أمكننا احلصول على نس������بة قتل 30%، فإن هذا س������يخفض من ضغط مجتمع احلشرة في

املناطق احلضرية وسيخفض معدل انتشارها.«

أفضل سبيل للمتابعة)�(بدأت جهود املكافحة احليوية في فلوريدا قبل مثيلته������ا بكاليفورنيا، فق������د أطلقت هذه الوالي������ة أول دفعة من الدبابي������ر املتطفلة عام 1999، وتخط������ط في فترة الحقة من هذا العام

إلى إطالق ماليني أخرى جلبت من باكستان وڤيتن������ام والصني في املناطق احلضرية التي أوقف������ت فيها الوالي������ة رش املبيدات )إن مناخ فلوريدا، على عكس مناخ الوادي املركزي في

كاليفورنيا، هو أكثر تشابها مبناخ ڤيتنام.(لقد تبن������ى بعض مزارعي فلوريدا مقاربة أكث������ر إثارة للج������دل، وتتمثل في مس������اعدة األش������جار على التعايش بش������كل أفضل مع امل������رض. فبكتيري������ا C. Liberibacter جتتاح منظومة ال������دوران في النبات، مما يؤدي إلى انسداد طريق عبور السكر واملغذيات األخرى من أوراقه إلى جذوره. ويقول <P. ستانلي> ]عالم احلشرات في معهد الغذاء والعلوم الزراعية بجامعة فلوريدا[: »إذا ما تدهورت اجلذور، فه������ي لن تكون قادرة على امتص������اص ونقل املغذيات الدقيقة وامل������واد األخرى من التربة إلى األوراق بش������كل فعال، وبهذا

يتشكل لدينا تأثير مركب.«واس������تجابة لذلك، بدأ العديد من مزارع������ي فلوريدا بتزويد األش���جار مبغ��ذي��ات إض��افي��ة ع�ن ط�ري�ق الرش الورقي. ويقول <T. ويليز> ]وه������و مزارع حمضيات من اجلي������ل الثالث ومدير

لش������ركة Mckinnon في منطقة وينترگاردن بفلوريدا، ويش������رف على إدارة بس������تان حمضيات[: »إنني أشبه هذه احلالة مبرض اإليدز، إنهم اآلن يبقون البش������ر املصابني بأمراض فتاكة أحياء لس������نوات عديدة. ملاذا ال ميكننا القيام بالش������يء نفسه لشجرة البرتقال؟« حتى قبل وصول حشرة البسيال إلى فلوريدا، وضع <ويليز> و <M. بويد> ]رئيس شركة McKinnon[ أشجارهما على

برنامج غذائي يسميه <ستانلي> »كاديالك« )تعبيرا عن تكلفته املرتفع������ة(، لقد كانا يغذيان النبات بكل ما أمكنهما من املنگنيز والزنك والب������ورون. ومع وصول امل������رض HLB، كانت نصيحة خبراء أمراض النبات للمزارعني هي اقتالع أي شجرة مصابة. ولكن في الوقت الذي اكتش������ف فيه املرض ف������ي فلوريدا، كان انتشاره قد صار واس������عا لدرجة أن اقتالع األشجار املصابة كان س������يفقد <بويد> و <ويليز> جتارتهما. ويقول <ويليز>: »لقد رعتني هذه األش������جار طوال حياتي، لقد مكنت ابني من إمتام

THE BEST PATH FORWARD )�(

لفترة طويلة، كان االعتقاد السائد أن جنس احلمضيات Citrus تطور في

الصني، ولكن بحثا جديدا يرجح أن

ظهوره األول كان في القارة األسترالية

منذ نحو 35 مليون سنة ومنها انتشر

إلى آسيا.

Page 28: July August 2013 Oloom

26(2013) 8/7

املجلد 29 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2013

تهديد جديدمن ڤيروسات اجلدري)�(

رمبا يكون اجلدري قد اندثر، ولكن أبناء عمومتهمن الڤيروسات - جدري القرود وجدري البقر - تتأهب للعودة.

<S. شاه>

منذ عشرة آالف سنة، عندما ظهر اجل������دري ألول مرة، لم يكن بوس������ع اجلن������س البش������ري أن يفعل أكثر من الصالة طلبا للعون. فقد بدأ الڤيروس الذي تس������بب في امل������رض ألول مرة )والذي عرف فيما بعد باسم ڤيروس اجلدري(، مبهاجم������ة بطانة األنف أو احللق أوال، لينتش������ر في جميع أنحاء اجلس������م، ثم ليظهر الطف������ح اجللدي املميز، ث������م يعقبه ظهور بث������ور مليئة بالڤيروس تنتش������ر على اجللد. وعلى مدى التاريخ املكتوب، قتل »الوحش األرقـــط«)1( نح������و ثلث البش������ر الذين أصابه������م. فخالل القرن العش������رين

وحده، أفن������ى أكثر من 300 مليون من الرجال والنساء واألطفال.

أواخ������ر وبحل������ول ذل������ك، وم������ع السبعينات، مت التخلص من هذا الوباء القات������ل من على ظه������ر األرض، وذلك بفضل حمالت التلقيح اجلماعي التي وف������رت الوقاية للمالي������ني وتركت ندبا صغيرة عل������ى أذرعهم العلوية. ونظرا لع������دم وجود مكان في الطبيعة يختبئ فيه الڤيروس، ألن اإلنسان هو املضيف الوحي������د له، فقد أمك������ن قهر اجلدري والتخلص منه نهائي������ا. واليوم يجري ن������ات الڤيروس������ية الوحيدة حفظ العياملعروف������ة فقط في اثنني من املختبرات احلكومية املتخصص������ة، واحد منهما في الواليات املتحدة األمريكية واآلخر ف������ي روس������يا. وفي غي������اب أي حادث كارثي في املختبرين أو إطالق متعمد أو إعادة الهندس������ة اجلينية للڤيروس، فإن اجلدري لن ينش������ر املوت والبؤس

مرة أخرى في أرجاء العالم.ف������ي ع������ام 1979، أعلن������ت منظمة الصح������ة العاملية، الت������ي نظمت حملة اس������تئصال اجل������دري، خل������و العالم رس������ميا من اجلدري وذلك بعد عامني من تسجيل آخر حالة فردية لدى أحد الصومالية. باملستش������فيات العاملني

ومن������ذ ذلك احل������ني، لم يق������م أي بلد بلقاح الروتين������ي ملواطنيه بالتطعي������م اجل������دري، إال أن الوالي������ات املتحدة األمريكية بدأت بتلقيح بعض األفراد الذي������ن يعملون في املج������ال الصحي وأعضاء مختارين من قواتها املسلحة بعد الهجمات اإلرهابية التي تعرضت لها في 11 سبتمبر 2001. وهكذا، فإن جيال كامال قد بلغ س������ن الرش������د من دون أن يتعرض ال للمرض وال للقاح، الذي قد يس������بب في بع������ض األحيان

آثارا جانبية خطيرة.ومكم������ن املش������كلة ف������ي أن لقاح اجلدري ال يقتصر على توفير الوقاية م������ن ڤيروس اجلدري فقط، بل إن كل م������ن كان قد تلقى لق������اح اجلدري قد طور لديه مناع������ة أيضا ضد العدوى بالڤيروس������ات التي هي أبناء عمومة ڤي������روس اجل������دري، مبا ف������ي ذلك ڤيروسات جدري القرود)2( وجدري االتس������اع إلى وبالنظ������ر البقـــر)3(. باجلدري اإلصابة لنطاق الواس������ع في ذلك الوق������ت، فقد كان ينظر إلى فائدة الوقاية الثانوية هذه على أنها

NEW THREAT FROM POXVIRUSES )�(speckled monster )1(

monkeypox )2(cowpox )3(

باختصارعندما مت اس������تئصال اجل������دري قبل 35 عاما، توقف تطعيم الناس باللقاحات

املضادة له. وق������د فق������د عام������ة الناس خ������الل تلك الس������نوات املناعة لڤي������روس اجلدري، بل ولغيره من ڤيروس������ات اجلدري التي كان

لقاح اجلدري يصدها. وبدأت أعداد ح������االت جدري القرود وج������دري البق������ر بالتزاي������د، لتزي������د من احتمال صولة وباء عاملي جديد ينتش������ر

بدال من اجلدري.

Page 29: July August 2013 Oloom

27 (2013) 8/7

فائدة ضئيلة.ونظ������را للتوقف عن إعط������اء لقاح اجل������دري على نطاق واس������ع، يصبح الس������ؤال: أال تشكل هذه الڤيروسات املس������ببة لألمراض الغامضة، والتي تش������به ڤيروس اجلدري في انتسابها إلى جنس ڤيروسات اجلدري القومية، خطرا جدي������دا على البش������ر؟ فهناك

أس������باب تدعو إلى القلق. فعلى عكس ڤيروس اجلدري، فإن ڤيروسي جدري البقر وج������دري القرود يكمنان طبيعيا في القوارض وغيرها من املخلوقات، ولذلك ال ميكن القضاء عليهما متاما. وقد ارتفع عدد حاالت جدري القرود وجدري البقر لدى البشر بشكل مطرد في الس������نوات األخي������رة. وبدأ كل من

مختلفة مخلوقات بعدوى الڤيروسني خارج نط������اق عوائلهما العادية، فزاد احتمال انتشارهما من خالل مسارات

جديدة في جميع بالد العالم.يع������رف كيف س������يتغير ال أح������د ڤيروسا جدري القرود وجدري البقر مبرور الوقت، ولكن علماء الڤيروسات يساورهم القلق من أنهما إذا أصيبا

ب اجلدري ندبا دامت مدى احلياة لدى هذا الطفل. وباء قدمي: عام 1915 سب

Page 30: July August 2013 Oloom

28(2013) 8/7

بالطف������رات التي جتعلهما ينتقالن بس������هولة أكثر من شخص إلى آخر، فإنهما قد يدمران أج������زاء كبيرة من العالم. وقد دفع هذا االحتمال القامت مجموعة صغيرة من علماء الڤيروسات ملعرفة املزيد عن هذين الڤيروسني أو ع������ن أي أوبئة جدري������ة أخرى تتأهب للظه������ور، وذلك ليدقوا ناقوس اخلطر إذا م������ا ظهرت عليه������ا دالالت التفاقم

إلى صور أكثر تهديدا.

شدة التحرس)�(اجل������دري ڤيروس������ات تاري������خ إن وم������ا يرتبط بها من عل������م األحياء يقدم بع������ض األدلة ح������ول ما ميك������ن توقعه من الڤيروس������ات ذات القربى بڤيروس اجلدري في املستقبل. فتاريخيا، نشأ 60 في املئة من مسببات األمراض التي

تصيب البش������ر، مبا في ذلك ڤيروسات اجل������دري، ف������ي أجس������ام الفقاري������ات األخ������رى. فأقرب قري������ب حي لڤيروس ڤيـــروس اجلـــدري اجل������دري، وه������و التاتـــري taterapox، قد مت اس������تفراده من فصيل������ة اليرابيع البرية في إفريقيا عام 1968. والتحليالت اجلزيئية تشير إل������ى احتمال أن يكون س������لف ڤيروس اجل������دري ف������ي التطور قد ب������دأ بأنواع

م������ن الق������وارض اإلفريقي������ة، التي رمبا تكون قد انقرض������ت اآلن. وباملثل، فإن ڤيروسي جدري البقر وجدري القرود، على الرغم من اس������ميهما، يعيشان في فئران احلقل والس������ناجيب وغيرها من

القوارض البرية.عندما قفز سلف ڤيروس اجلدري ألول مرة إلى البش������ر، رمب������ا لم يكن ش�����دي��د الس���راي���ة ج����دا، كم���ا يق��ول <M. بولر> ]عال������م األحياء الدقيقة من

جامعة س������انت لويس[. ومن ثم، انبثق عن������ه في إحدى مراح������ل تطوره، وفق ما يخمن <بولر> وغيره من الباحثني، ضرب مختل������ف كان أكثر قدرة بكثير فالتغي������رات احلرجة الس������راية. على سمحت للڤيروس بأن ينتشر عن طريق الس������عال والعطاس أو ه������واء الزفير الذي ينبعث من شخص مصاب. وفي الوقت نفس������ه بدأ البشر بالعيش في أماك������ن متقاربة أكثر بكثير مما كانوا عليه م������ن قبل، مما زاد م������ن احتمال سراية الڤيروس من شخص إلى آخر زي������ادة كبيرة. وقد أعط������ى هذا املزيج من التغيير البيولوجي والتغيير البيئي للڤيروس املستجد ما كان يحتاجه من

أسباب ليصبح وباء عامليا.إال أن مجرد قدرة ڤيروس ما على السراية من شخص إلى آخر بسهولة ال جتعل������ه مميت������ا بالض������رورة. وفي الواقع، ال يزال العلم������اء غير قادرين على تفسير س������بب االختالف الكبير في شدة اإلصابة بڤيروسات اجلدري. ففي معظم الناس، ال تسبب ڤيروسات جدري البقر وجدري اجلمال وجدري الراك������ون لديهم أكثر من طفح جلدي، يترافق مع بث������ور مليئة بالڤيروس، ثم تشفى من تلقاء نفسها دون أذى. ومن ناحية أخرى، ف������إن العدوى بڤيروس ج������دري القرود ميك������ن أن تكون قاتلة متام������ا في البش������ر. وحت������ى في ذلك،

فليس������ت جمي������ع ڤيروس������ات جدري القرود متساوية في اخلطورة. فأسوأ أنواعه������ا الفرعية موجودة في حوض الكونغ������و، وهي تقتل نحو 10 في املئة من الناس الذي������ن يصابون بها. وفي املقابل، فإن هناك نسخة أخرى منها في غرب إفريقيا، يندر بشكل عام أن تؤدي اإلصابة بها إلى املوت، مع أنه حدث بالفعل أن س������ببت ساللة غرب إفريقي������ا الوفاة، كما ح������دث في عام لت فيه أولى حاالت 2003 الذي س������ج

الوف������اة من الع������دوى بڤيروس جدري القرود في نصف الكرة الغربي. فقد the outbreak )1(أدت ه������ذه الفاشـــيةالتي وقعت في ست واليات بالواليات املتحدة إلى إدخال 19 ش������خصا إلى املستش������فيات، بينهم طفل كان يعاني الته������اب الدم������اغ وام������رأة أصيب������ت بالعم������ى، مم������ا اس������تلزم عملية زرع القرني������ة. وقد تعقب محققون مس������ار العدوى من القوارض املس������توردة من غان������ا التي مررت الڤيروس إلى كالب البراري األليف������ة، والتي نقلته بدورها إلى أصحابها من البش������ر. فمثل هذه احليوانات الوس������يطة تتيح للڤيروس، الذي يعي������ش عادة ف������ي حيوانات ال تتصل بالبشر إال قليال، أن يصل إلى

أعداد قد تكون كبيرة من الناس.قد تس������اعد االختالف������ات اجلينية الدقيقة على تفسير التحول في خطورة اإلصابة بعدوى اجلدري. فعلى سبيل املث������ال، إن ل������دى بعض ڤيروس������ات اجل������دري جينـــات genes للبروتينات التي تتدخل في قدرة اجلهاز املناعي عل������ى االس������تجابة للع������دوى بفعالية. وعندما ق������ارن الباحثون اجلينات من ڤيروسات جدري مختلفة، ركزوا على جني واحد عثروا عليه في أنواع عديدة

VARYING SEVERITY )�( )1( أو: اجلائحة

Sonia Shah

<شـــاه> صحفية علمية ومؤلف������ة لكتاب: »احلمى:

وكيف حكمت املالريا اجلنس البش������ري خمس������ني ألف س������نة،« وهي تؤلف حالي������ا كتابا جديدا حول

األمراض املستجدة.

املؤلفة

Page 31: July August 2013 Oloom

29 (2013) 8/7

مختلفة من ڤيروس������ات اجلدري. وفي الس������الالت األكثر فتكا من ڤيروسات اجلدري، أثار هذا اجلني إنتاج بروتني تشير األدلة إلى أنه مينع بعض اخلاليا املناعية من تنسيق هجماتها املضادة بكف������اءة ضد الڤي������روس. ولكن اجلني املكافئ له في سالالت حوض الكونغو من ڤيروس������ات جدري القرود )والتي هي أقل فتكا م������ن ڤيروس اجلدري( يقدم اإلرش������ادات الوراثي������ة لبروتني أقصر بكثير. وعندما أمعن الباحثون النظر في نس������خة غ������رب إفريقيا من ڤيروس جدري القرود األكثر اعتداال، لم يجدوا هذا اجل������ني بتاتا، ولم يكن من املمكن بالتال������ي تصنيع البروتني املذكور س������ابقا. وهكذا، تشير األدلة إلى أن البروتني في س������الالت حوض الكونغ������و، وهو أقصر م������ن مثيله في ڤيروسات جدري القرود، يجعل هذه الڤيروس������ات - على نح������و ما - أقل

فتكا من مرض اجلدري.وتش������ير تكهن������ات الباحثني حول كيفية اكتس������اب األنواع املختلفة من ڤيروس������ات اجلدري له������ذه اجلينات ولغيره������ا، إلى الس������بب الذي جعل لڤيروس������ات ج������دري الق������رود وأبناء تهديدا الڤيروس������ات م������ن عمومتها أكثر خط������ورة مما هي عليه اآلن. إن اجلينات غير الضرورية الستنس������اخ ڤيروس������ات اجلدري، تكون نس������خا طبق األص������ل من جينات ڤيروس������ية مت اكتس������ابها ف������ي مرحل������ة ما في م��اضيه���ا التط����وري واس������تمداده���ا من متعضيات organisms س������بق أن أصيبت بالعدوى. ومن الغريب حتى اآلن أن الڤيروس������ات ف������ي الس������ياق الع������ادي لدورة العدوى، ال تؤثر البتة في امل������واد اجلينية املخزونة في نوى

.the host cells خاليا العائلMonkeypox Cases Rise Faster Than Predicted )�(

1970 1980 1990 2000 2010

1970–1986 1987–1995 1996–1997 2003 2005 2006–2007

اجتاه مثير للقلقحاالت جدري القرود تزداد

بوتيرة أسرع مما كان متوقعا لها)�(إن اقتفـــاء إصابـــات البشـــر بالعدوى بڤيـــروس جدري القـــرود أمر صعب: فاملـــرض يهاجم في الغالب املناطق النائية البعيدة عن املســـاعدة الطبية، وليس من السهل أيضا تأكيد وجود إصابات العدوى في املاضي. وعلى كل حـــال، فإن عدد احلاالت قد ارتبط باالرتفاع بعد توقيف التطعيم الروتيني باللقاحـــات املضادة للجدري عام 1980، والذي كان يحمي الناس أيضا من اإلصابة بجدري القرود. ولكن نتائج دراسات استقصائية متقطعة أجريت على مدى الـ40 سنة املاضية تشير إلى أن هجمات جدري القرود قد وقعت بتواتـــر أكثـــر على خالف املتوقع. ويشـــتبه احملققون فـــي أن االضطرابات املدنية وإزالة الغابات دفعت باملزيد من الناس إلى التعامل مع احليوانات البريـــة أو أكل حلومهـــا مـــن دون أن يدركوا أنها كانـــت مصابة. وقد يكون للزيـــادة فـــي احلـــاالت عواقب بعيـــدة املدى ألنهـــا توفر املزيد مـــن الفرص

للڤيروس ليتكيف بسهولة أكبر مع البشر.

جمهورية الكونغو الدميقراطيةالكاميرونجمهورية إفريقيا الوسطىالغابونجمهورية الكونغوليبيرياسيراليون

404 حاالت 14 حالة 511 حالة� 58 حالة 10 حاالت 760 حالة

نيجيرياكوت دي فوار )ساحل العاج(الواليات املتحدةالسودان

� ال ميكن تأكيد جميع احلاالت في الفترة من 1996-1997 باستخدام فحوص مختبرية

: فترات الدراسة

Page 32: July August 2013 Oloom

30(2013) 8/7

ويفترض أحد التفسيرات احملتملة، وهو تفس������ير ش������ائع بني ڤيروس������ات اجل������دري، ح������دوث ع������دوى متزامنة والڤيروس������ات اجلدري بڤيروس������ات القهقرية لدى اإلنس������ان أو لدى غيره من الفقاريات. ويق������ول الباحثون إن مثل هذه العدوى املش������تركة قد تكون ش������ائعة إلى حد ما. ومن املعروف أن الڤيروسات القهقرية تدمج جيناتها في دنا DNA العائ������ل )يتكون نحو 8 في املئة من اجلينوم genome البش������ري من الدن������ا الذي يعود مص������دره إلى املمكن ومن القهقرية(. الڤيروس������ات أن يتيح النشاط البيولوجي الكيميائي غير العادي للڤيروس القهقري داخل اخللية الفرصة لڤيروس������ات اجلدري

لالستيالء على جينات العائل.ف������إذا كان ه������ذا صحيح������ا، فقد تك������ون ه������ذه الفرضية مبثاب������ة نذير ش������ؤم. فڤيروس������ات اجل������دري تكون مستقرة جينيا، وال تصاب بالطفرات بسرعة. فإذا كان بإمكانها أن تسرق م������ن العوائل اجلين������ات التي جتعلها أكثر ض������راوة، فل������ن ميكنن������ا التنبؤ بأي ڤيروس������ات جدري سيكون غير مؤذ نس������بيا، ناهيك عن أيها سيكون فتاكا إذا أتيحت له الظروف املالئمة. فالتحول من تهديد خفيف إلى تهديد خطير ميكن أن يحدث بس������رعة أكبر

مما قد يتوقعه أي شخص من قبل.

»ابن العم الصغير«لڤيروس اجلدري)�(

إن ڤي������روس جدري القرود هو في الوقت احلاضر، األكثر قدرة من بني أبن������اء عمومته من الڤيروس������ات على الظه������ور على ش������كل تهدي������د عاملي. فعلماء الڤيروسات يشيرون إليه على أنه »اب������ن العم األصغ������ر« للجدري، ويرج������ع ذل������ك جزئيا لكونه يس������بب

مرض������ا ال ميكن تفريقه س������ريريا عن اجلدري. وقد ظه������رت التقارير حوله ألول مرة في القرود التي مت أس������رها ع������ام 1957، وهو يعي������ش منطيا، كما تشير األدلة، في القوارض اإلفريقية، ورمب������ا ف������ي الس������ناجيب اإلفريقي������ة املخططة )س������ناجيب احلبل(. وظهرت معظم الفاشيات حتى اآلن في إفريقيا الوسطى، مع اس������تثناءين مهمني في الوالي������ات املتح������دة ع������ام 2003، وفي

السودان عام 2006.]وه������ي رميوي������ن> .W .A> وكان������ت متخصص������ة ف������ي عل������م الوبائي������ات من جامع������ة كاليفورني������ا بل������وس أجنلوس[ موج������ودة ف������ي كينشاس������ا بجمهوري������ة الكونغ������و الدميقراطية، ف������ي عام 2002، عندم������ا س������معت ألول مرة ع������ن إصابة الس������كان احملليني بجدري القرود. ولم تكن تع������رف عدد املصاب������ني، وال كيف تعرض������وا للڤي������روس، وال تع������رف مدى إمكانية انتشار الڤيروس إلى اآلخرين. ولكنه������ا عرفت أن امل������رض يهدد احلياة

وأرادت أن تعرف املزيد عنه.ول������م يكن يخف������ى عل������ى أحد من الس������كان احملليني في أدغال الكونغو

بش������عرها <رميوين> ������ز متي النائي������ة األش������قر وطالء أظافره������ا البرتقالي. غير أنها قد درس������ت سياس������ة البالد عندما كان������ت طالب������ة جامعية ضمن تخصص التاريخ اإلفريقي، كما أنها كانت جتيد اللغة الفرنس������ية والتي ما زال الناس يتكلمونها في املس������تعمرة البلجيكية الس������ابقة، إضافة إلى لغة اللينگاال وغيره������ا من اللغات احمللية. لقد بدأت تسأل من حولها، وكما تقول: »لقد صادفت األش������خاص املناسبني، وس������ألتهم األسئلة الصحيحة، وصار واضح������ا لي أنه من احملتمل أن تكون هن������اك ح������االت أكثر كثي������را مما يتم

اإلبالغ عنها.«ولك������ن كيف ميكن العثور على تلك احلاالت؟ فلن يثير الدهشة، إذا أخذنا ف������ي االعتبار ن������درة مراف������ق الرعاية الصحية في املناطق الريفية بالكونغو، أن يسعى عدد قليل من الناس الذين كان������وا مرضى إل������ى رؤي������ة األطباء. ولم يكن من الس������هل االس������تفادة من اختبارات الدم لتع������رف الذين تعافوا من املرض، إذ لم يكن هناك أي وسيلة للقول إن أضداد ڤيروس������ات اجلدري ه������ي نتيج������ة للتطعيم ض������د اجلدري ف������ي وقت س������ابق، أو لع������دوى بأحد ڤيروسات اجلدري األخرى. إن تقييم وق������وع حاالت جدري الق������رود يتطلب العثور على الن������اس املصابني به وهم في خضم العدوى احل������ادة بڤيروس جدري القرود، فعندها س������يكون من املمكن الكش������ف عن ذل������ك الڤيروس

نفسه في البثور اجللدية.بدأت <رميوين> س������عيها بإنش������اء موق������ع للبح������وث في عم������ق الغابات. ول������م تكن هناك ط������رق مواصالت وال إشارات هاتف خلوي وال بث السلكي، فاس������تأجرت طائرات خاصة للدخول

SMALLPOX’S “LITTLE COUSIN” )�(

مع اتساع فرص إصابة الناس بالعدوى، قد يتكيف

ڤيروس جدري القرود بشكل أفضل مع البشر. وقد ال يتطلب اإلنقاص الفعلي لسراية العامل

املسبب للمرض أكثر من قضم عدد قليل من مواقع

اخلالت )الصفات اجلينية( الڤيروسية احلالية.

Page 33: July August 2013 Oloom

31 (2013) 8/7

إلى املوقع وللخروج منه، وقضت أياما كثيرة س������يرا على األقدام وعلى منت القوارب النحيلة أو على دراجة نارية، وهي تتعقب حاالت جدري القرود بني القرويني الناطقني بلغ������ة اللينگاال في

أعماق الكونغو.وكانت النتائج مثيرة للقلق. فعند مقارنة <رميوين> للنتائج التي حصلت عليها ببيانات مقابلة جمعتها منظمة الصح���ة الع�املية ف������ي الفترة ما بني 1981-1986، وج������دت زيادة قدرها 20

ضعفا في عدد احلاالت البشرية من العدوى بڤيروس������ات جدري القرود. إال أنه������ا مع ذلك تعتق������د أن النتائج التي توصلت إليها، والتي نشرت في عام 2010، هي أقل من الواقع وأكدت »أنه������ا مج������رد ذروة جب������ل اجلليد.«

وعلى كل حال، لقد كان لدى منظمة الصح������ة العاملية قبل 30 عاما متويل أكبر وأفضل بكثير للبحث عن جدري القرود. فمن دون أدنى شك، لقد فات على فريق <رميوين> تشخيص عدد من احل������االت يفوق نس������بيا ما فات على اجلهد األس������بق واألكبر ملنظمة

الصحة العاملية.

ازدياد حاالت جدري القرود)��(عل������ى الرغ������م م������ن أن الزي������ادة ف������ي حاالت ج������دري القرود احلادة كانت أكبر من توقعات أي ش������خص، فإن تل������ك الزيادة لم تك������ن أمرا غير متوق������ع. فعلى الرغم من كل ش������يء، فإن معظم س������كان البالد ل������م يتلقوا لقاحات ضد ڤيروسات اجلدري )فقد

أوقفت جمهورية الكونغو الدميقراطية للجدري املضادة باللقاحات التطعيم

عام 1980(.وأش������ار املزيد م������ن البحوث إلى أن ش������يئا آخر كان يتواصل حدوثه أيضا. فعالم البيئة <J. لويد- سميث> ]وه������و أحد زم������الء <رميوي������ن> في جامعة كاليفورنيا[ يس������تخدم مناذج حاس������وبية لدراس������ة كي������ف انتقلت األمراض من احليوانات إلى البشر. فوفقا لتحليله لبيانات <رميوين>، فإن س������حب لقاح اجلدري وما يؤدي إليه من فقدان للمناعة جتاه ڤيروس������ات اجل������دري ذات الصل������ة ال ميكن أن يكون مس������ؤوال مس������ؤولية كاملة عن

Why Monkeypox Is Harder to Control Than Smallpox )�(RISE OF MONKEYPOX )��(

مسارات عديدة لإلصابة بالعدوىملاذا تكون مكافحة جدري

القرود أصعب من مكافحة اجلدري)�(لقـــد أمكن اســـتئصال اجلدري من العالم، ألنـــه كان ال يتطلب أكثر من كســـر سلســـلة واحدة فقط للسراية )الســـهم الرمادي(، وهي السراية بـــني النـــاس. أمـــا جـــدري القـــرود فيمكـــن أن ينتقل من شـــخص إلى آخـــر، وكذلـــك ضمن مجموعـــة تضم النـــاس، وبعض الرئيســـات من غيـــر البشـــر، والقـــوارض التي تعيـــش في األشـــجار أو على األرض. فالڤيـــروس لديه الكثير من طرق الهروب، وبالتالي فمن غير احملتمل

أن يتم استئصاله يوما ما.

جدري القرود اجلدري

الرئيسات غير البشرية

القوارضالشجرية

القوارضاألرضية

البشر البشر

Page 34: July August 2013 Oloom

32(2013) 8/7

هذا االرتفاع احلاد في عدد احلاالت. إذ يجب أن تك������ون هناك أيضا على األقل زيادة مقدارها خمسة أضعاف في األحداث »الفائضة«، كما يقول، وعندها ينتقل الڤيروس من القوارض

املصابة إلى البشر.ملاذا يعتبر احتمال قفز ڤيروسات جدري القرود إلى البش������ر على نحو أكثر تواترا مس������ألة تخم������ني. فلرمبا أدت العملي������ات املتواصل������ة إلخ������الء األرض متهي������دا الس������تخدامها ف������ي الزراعة وحلرق األخش������اب إلى زيادة التم������اس أكثر من ذي قبل بني الناس وبني السناجيب والفئران وغيرها من القوارض املصاب������ة بالعدوى. إضافة إلى ذل������ك، فلرمبا اضط������ر املزيد من السكان احملليني إلى أكل احليوانات للحرب نتيج������ة بالع������دوى املصاب������ة األهلية في الكونغو. ففي اس������تطالع أجري عام 2009، ونش������ر في الشهر 2011/10، تب������ني أن ثل������ث الن������اس في

املناط������ق الريفية بالكونغ������و قد أكلوا القوارض التي عثروا عليها نافقة في الغابات، ولعل في ذلك ما يش������ير إليه وقوع 35 ف������ي املئة من حاالت جدري القرود في مواس������م الصيد والزراعة. )فمعظ������م الناس يصاب������ون بالعدوى بجدري القرود نتيجة التماس الوثيق مع احليوان������ات املصاب������ة، كالتعامل

معها أو أكلها.( ويس������اور القلق <رميوين> وغيرها م������ن العلماء اآلخري������ن املتخصصني بالڤيروس������ات من أن يؤدي التوس������ع في ف������رص إصابة الن������اس بالعدوى إلى تكيف ڤيروس������ات جدري القرود على نحو أفضل مع جس������م اإلنسان. ويدرس <بولر> الطرق التي تسبب بها ڤيروسات اجلدري القومية األمراض ل������دى كل م������ن البش������ر واحليوانات. فڤيروس ج������دري القرود »اس������تطاع

بالفعل أن يقت������ل الناس«، كما يقول، وميكنه أن ينتشر بني األفراد أيضا، ولك��ن ليس بالكف����اءة نفس������ها. وق������د ال يتطل������ب اإلنقاص الفعلي لس������راية العامل املسبب للمرض أكثر من قضم عدد قليل من مواقع اخلالت )الصفات

اجلينية( الڤيروسية احلالية.

اتساع نطاقاإلصابة بجدري البقر)�(

لق������د تزايدت أع������داد التقارير عن الناس واحليوان������ات املصابة بجدري البقر املنقول بالقوارض أيضا، وفي

هذه املرة، في أوروبا.وعدوى ج������دري البقر خفيفة لدى معظم الن������اس. فبعد دخول الڤيروس إل������ى اخلالي������ا وتعطيله لالس������تجابة املناعية األولية للعائل، فإن وابال من األضداد املتصي������دة للڤيروس والتي يصنعه������ا اجلهاز املناع������ي للمصاب مينع مس������ببات املرض من االنتشار إلى النسج في جميع أنحاء اجلسم. إال أن ذل������ك ال ينطب������ق عل������ى الذين لديه������م ضعف في اجله������از املناعي، مثل املصاب������ني بعدوى ڤيروس العوز املناع������ي البش������ري (HIV)، أو الذين يتلقون العالج الكيميائي للسرطان، أو يتلقون العالج الذي مينع اجلسم من رفض األعضاء املزروعة فيه. »فهؤالء قد يصابون مبرض شبيه باجلدري، وقد ميوتون،« بحسب قول <M. بينيت> ]م������ن جامعة ليڤرپول ف������ي إنكلترا[. فمنذ عام 1972، يقدر خبراء الصحة العام������ة، أن ع������دد املصابني بضعف املناعة ف������ي الواليات املتحدة، والذين هم اآلن مس������تعدون لإلصابة مبرض خطير بسبب العدوى بڤيروس جدري البقر وبغيره من ڤيروس������ات اجلدري

قد ازداد مبقدار 100 ضعف.ويدرس <بينيت> ]وهو باثولوجي

متخصص في األم������راض البيطرية[ اجلوانب املرتبطة بعلم البيئة وبتطور ڤي������روس ج������دري البقر ف������ي احلياة البرية. ويقول إن ڤيروس جدري البقر يس������كن في اململكة املتحدة في فئران وفئران احلق������ل وفئران الش������واطئ الغابة من دون أن يسبب لها ضررا. وتلتقط القط������ط املنزلية الڤيروس من القوارض الت������ي تصطادها، لتعرض من يرعاها من الن������اس )وغالبا على نطاق ضيق( للعدوى بڤيروس جدري البقر، وهي سلس������لة م������ن األحداث تكون مس������ؤولة عن نص������ف مجموع حاالت ج������دري البقر الت������ي تصيب

اإلنسان في اململكة املتحدة.وقد بدأ ڤيروس جدري البقر، بعد ڤيروس جدري القرود، بش������ن غزواته على مخلوق������ات بعيدة ع������ن العوائل الطبيعية التي تستضيفه. فمع ازدياد أعداد فئران الش������اطئ بفضل الشتاء املعت������دل والظروف املناخي������ة املواتية األخ������رى، بدأت اجل������رذان بأداء دور الوس������يط في نقل ڤيروس������ات جدري البق������ر، وهو دور مياثل ال������دور الذي أدته من قبل كالب البراري في تفشي جدري الق������رود ع������ام 2003 بأمريكا. املرتبط������ة التقاري������ر ازدادت »وق������د بالفئران، سواء ما يتعلق منها بحديقة احليوان������ات أو باحليوان������ات األليفة،« كما تقول <M. رينولدز> ]املتخصصة بعلم الوبائي������ات في املراكز األمريكية ملكافح������ة األمراض والوقاي������ة منها[. فهي تنب������ه إلى أن ه������ذا التوجه: »قد يك������ون مقلق������ا متام������ا ألن اجل������رذان الس������وداء واجلرذان البنية تتجول في جميع أرج������اء العالم بكثافة.« فإذا ما قارنا بني ترسخ ڤيروس جدري البقر في الفئ������ران وبني اقتصار ترس������خه في فئران احلقل وفئران الغابة فقط،

SPREAD OF COWPOX )�(

Page 35: July August 2013 Oloom

33 (2013) 8/7

فسنجد أن املاليني من الناس ميكن أن يصابوا بس������هولة عن طريق العض أو عن طريق مالمس������ة فضالت الفئران،

على سبيل املثال.وف������ي الواق������ع، ف������إن ڤيروس������ات اجل������دري القومية تش������تهر ببراعتها في استعمار أنواع جديدة. فڤيروس لق������اح اجل������دري، على س������بيل املثال، وال������ذي اس������تخدم إلنت������اج لقاح������ات اجلدري احلديثة، ينتش������ر اآلن بحرية تام������ة في األبقار احللوب������ة بالبرازيل، وكذلك في اجلواميس بالهند. وهناك »طي������ف من ڤيروس������ات اجلدري التي ل������م تعزل أو تعرف خواصها بش������كل كام������ل،« كما يش������ير <رينولدز>. وإذا ما أعطيت الفرص املناس������بة، فيمكن لهذه السالالت من ڤيروسات اجلدري املعروف������ة بدرجة أقل م������ن غيرها، أن توسع نطاقاتها لتشمل مناطق وأنواعا »سيسبب <بينيت>: ويضيف جديدة. لدى األم������راض الڤيروس������ات بعض الناس، غي������ر أنها لم تنجح حتى اآلن

في القفز من نوع إلى آخر.«

مسلحون ويقظون)�(وم������ع تزايد حش������ود الناس الذين لم يس������بق لهم أن تلقوا التطعيم بلقاح يتوق������ع املتخصصون بعلم اجلدري، ڤيروس������ات اجلدري أن وقوع حاالت بش������رية من جدري الق������رود وجدري البقر وڤيروس������ات اجل������دري األخرى

سيستمر في االرتفاع.ف������إذا ما أصبح أي من ڤيروس������ات اجل������دري ماهرا ف������ي إن������زال الكوارث بالبش������ر، فإننا س������نحتاج إلى األدوية واللقاحات اجلدي������دة )واملوارد الالزمة الس������تخدامها( الحتواء ه������ذا التهديد. وبس������بب مخ������اوف اإلط������الق املتعم������د لڤيروس������ات اجلدري التي تلت احلادي عشر من س������بتمبر، فإنه يجري تطوير

مجموعة كبيرة من اللقاحات والعقاقير اجلديدة ملكافحة اجلدري. ومن املرجح أن هذه األدوية سوف توفر احلماية ضد ڤيروس������ات اجلدري املس������تجدة بشكل طبيعي أيضا. ولكن إنتاجها وتوزيعها، وكذلك احلماي������ة من آثاره������ا اجلانبية التي ال مفر منها، سيكون مهمة معقدة ومكلفة. لق������د صممت لقاحات اجلدري اجلديدة، مثل Imvamune، في ش������ركة Bavarian-Nordic’s، بحيث تعطى بأمان

حتى ملن لديهم ضعف في املناعة، ولكنها يجب أن تعطى بجرعات أكبر وأن توزع في جرعتني بدال من جرعة واحدة، مما يجعلها أكثر تكلفة من لقاحات اجلدري التقليدي������ة. وهن������اك دواء جديد صنعته شركة Siga Technologies ويعرف باسم ST 246، مينع انتقال ڤيروسات اجلدري

القومية من خلية إلى أخرى في العائل. وعل������ى الرغم م������ن عدم موافق������ة إدارة الغذاء والدواء األمريكية (FDA))1( على هذا ال������دواء حتى اآلن، ف������إن احلكومة الفدرالية قد اشترت بالفعل كمية كبيرة من الدواء ST 246 وأضافته إلى املخزون

الدفاعي البيولوجي الوطني.وفي بع������ض األماك������ن التي يكون فيه������ا التموي������ل الصح������ي ألح������دث واألدوية محدودا، اللقاحات أصناف مث������ل املناط������ق الريفية حل������وض نهر الكونغو، ف������إن أفضل أمل في الوقت الراهن هو تعزيز الترصد، إلى جانب برامج تثقيف املجتمع. وعلى س������بيل التعليم اخلاص املثال، فإن برنام������ج بج������دري القرود الذي تدي������ره مراكز مكافح������ة األم������راض، بالتع������اون مع واملنظمات الصحة احملليني مسؤولي غير احلكومية التطوعية في جمهورية ن من الكونغ������و الدميقراطي������ة، قد متكزيادة نسبة السكان احملليني القادرين عل������ى تعرف حاالت جدري القرود من 23 إل������ى 61 في املئة. كم������ا يتواصل

الترص������د الص������ارم جل������دري القرود الذي تقوم به <رميوين>، مع دراسات جديدة ته������دف إلى تعرف تسلس������ل اجلينات في ضروب الڤيروسات التي تصيب احليوانات والبش������ر بالعدوى الي������وم ملعرفة الكيفي������ة التي قد يتبدل الڤيروس وفقها. والكش������ف األفضل للح������االت يعني زيادة ف������رص رعاية وعزل املصابني بالع������دوى، وتضاؤل ف������رص الڤيروس ف������ي الطف������رة إلى أشكال جديدة تنتش������ر بفعالية أكبر

بني الناس.ڤيروس������ات بني القدمية واحل������رب اجلدري والبشر، رمبا لم تأذن باالنتهاء بعد عندم������ا انتهت عدوى اجلدري عام 1977 لدى عامل يبلغ من العمر 21 عاما

في أحد املستشفيات الصومالية. وألن العلماء مزودون بأدوات جديدة وبترصد أفضل، فإنه������م اآلن أفضل تس������ليحا وأكثر يقظ������ة من أي وقت مضى. ولكن من������ع أي ڤيروس آخر من ڤيروس������ات اجل������دري من مهاجمة البش������ر، يتطلب من املجتمع احلفاظ على تلك الدفاعات

لبعض الوقت في املستقبل. <

ARMED AND VIGILANT )�( the U.S. Food and Drug Administration )1(

Scientific American, March 2013

مراجع لالستزادة Extended Interhuman Transmission of Monkeypox in a Hospital Community in the Republic of the Congo, 2003. Lynne A. Learned et al. in American Journal of Tropical Medicine andHygiene, Vol. 73, No. 2, pages 428–434; August 2005. www.ajtmh.org/content/73/2/428.full Monkeypox Virus and Insights into Its Immunomodulatory Proteins. Jessica R. Weaver and Stuart N. Isaacs in Immunology Reviews, Vol. 225, pages 96–113; October 2008. www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2567051 Major Increase in Human Monkeypox Incidence 30 Years after Smallpox Vaccination Campaigns Cease in the Democratic Republic of Congo. Anne W. Rimoin et al. in Proceedings of the National Academy of Sciences USA, Vol. 107, No. 37, pages 16,262–16,267; September 14, 2010. www.pnas.org/content/107/37/16262.full Anne W. Rimoin’s U.C.L.A. laboratory Web site, including photo gallery, publications and press: www.ph.ucla.edu/epi/faculty/rimoin/rimoin.html

Page 36: July August 2013 Oloom

34(2013) 8/7

حلف احلواس)�(حواسنا املختلفة أكثر تعاونا بكثير مما كنا نعتقده سابقا.فما نسمعه يتوقف إلى حد كبير على ما نراه ونشعر به.

<D .L. روزنبلوم>

في أواخر سبعينات القرن العشرين تعاقدت الوكالة (FBI))1( مع <S. توماس> وثمانية أشخاص صم آخري������ن للقي������ام بتحليل ط������رز البصمات. وقد س������وغت الوكالة ه������ذا التعاقد بأن الصم قد

قدرة أكثر يكونون عل������ى التركي������ز من القيام أثناء غيرهم

املعروفة املهمة بهذه بدقته������ا البالغة. بيد أن

وج������دت في هذا <توماس> العمل منذ اليوم األول رتابة ال تطاق، وكثيرا ما كانت تعبر عن تذمرها أمام رؤس������ائها إلى حد أنها كانت ذات مرة على أهبة االستعداد للتخلي عن وظيفته������ا وحتمل أعباء البطالة عندما دعاها رئيسها مع غيرها من العاملني إلى

اجتماع في مكتبه.A CONFEDERACY OF SENSES )�(

)Federal Bureau of Investigation )1: مكتـــب التحقيقات الفيدرالي.

املجلد 29 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2013

Page 37: July August 2013 Oloom

35 (2013) 8/7

باختصارالعصبية عن أن الدماغ هو عضو متعدد احلواس إلى حد بعيد، ال يتوقف

عن خلط املعلومات الواردة إليه من احلواس املختلفة بعضها ببعض.ولم تغير ث������ورة احلواس املتع������ددة طريقة فه������م العلماء لوظائف الدماغ فحس������ب، بل أوح������ت أيضا طرقا جديدة ملس������اعدة العميان

والصم وأسهمت في حتسني برمجيات تعرف الكالم.

كان علم������اء اجله������از العصبي يفكرون في الدم������اغ، كما يفكرون في »س������كني جيش سويسري«، بوصفه عضوا يحوي مناطق مختلفة مخصصة حصرا ألش������كال متباينة من اإلدراك احلواسي، كالبصر

والسمع والشم والذوق واللمس.وفي العقود الثالثة املاضية كشفت دراسات علم النفس وأبحاث العلوم

بيد أن <توماس> لم تسرح من عملها، بل متت ترقيتها إلى حد ما، فقد عرض عليها وكالء ال� FBI ش������ريط ڤيديو صامت يظهر اثنني من املش������تبه بهم جنائيا يتحدثان معا، وطلب إليها

فك شيفرة decipher حديثهما.وق������د الحظ هؤالء ال������وكالء أثناء تعاملهم الش������خصي مع <توم������اس> كم ه������ي بارعة في قراءة لغة الش������فاه. وكما توقع

زمالؤه������ا في العمل، فقد قامت <توماس> بفك ش������يفرة حوار املش������تبه بهما بال عناء، حي������ث أفادت بأنه يفش������ي تورطهما م������ع عصابة مقام������رة خارجة عن القان������ون. ومنذ ذلك احلني و<توماس> مت������ارس مهنتها لدى ال�وكال������ة FBI كأبرز خبيرة

صماء في قراءة لغة الشفاه.ال ريب في أن اعتماد <توماس> طوال حياتها على قراءة لغة الش������فاه وس������يلة للتواصل هو ما ش������حذ مهارتها تلك. غي������ر أننا جميع������ا نعتمد إلى حد يف������وق تصورنا على هذه املوهب������ة. فقدرتنا على فهم ال������كالم تتضاءل بالفعل، إذا لم نتمكن من رؤية ش������فاه املتكلم، وخاصة في وسط صاخب، أو إذا كان املتكل������م يتحدث بلهجة ثقيلة غريبة عنا. إن تعلم إدراك ال������كالم بأعيننا وآذاننا هو عام������ل حيوي في عملية التط������ور النموذجي للكالم: ومن النتائ������ج املترتبة على ذلك هو أن العميان من األطفال، نظرا ألنهم ال يس������تطيعون رؤية أف������واه املتكلم������ني، غالبا ما يحتاجون إل������ى زمن أطول مما يتطلبه املعدل الوس������طي لألطفال لتعل������م جوانب معينة من الكالم. فنحن ببس������اطة ال ميكننا س������وى أن ندمج الكلمات التي نراها على ش������فاه اآلخرين بالكلمات التي نس������معها.

وقد أس������همت األبحاث العلمية التي أجريت في الس������نوات األخي������رة حول موض������وع إدراك متعـــدد احلـــواس للكالم multisensory speech perception في إحداث ثورة في فهمنا

للكيفية التي ينظم به������ا الدماغ املعلومات التي ترد إليه من حواسنا املختلفة.

وبص������ورة عامة، تخل������ى علماء اجله������از العصبي وعلماء النفس، عن األفكار الس������ابقة التي كانت تقسم الدماغ - على غرار بنية ســـكني جيـــش سويســـري)2( - إلى مناطق مميزة، مس������خرة حلواس مختلفة. وبات������وا اآلن يعتقدون، عوضا عن ذلك، ب������أن الدماغ قد تطور - باملعن������ى التطوري االرتقائي - لتحفيز أكبر قدر ممك������ن من احلوار بني احلواس، وأصبحوا يدركون أيضا أن هناك تش������ابكا بنيويا ب������ني مختلف مناطق

الدماغ احلواسية.وحواس������نا يتنصت بعضها على بعض بصورة مستمرة، ودائما يتدخل كل منها في شؤون األخرى. فالقشرة البصرية، مثال، مع أنها معنية أساس������ا بالرؤية، فهي قادرة أيضا على تفس������ير املعلومات احلواس������ية األخرى بدق������ة مطلقة. وإذا ما عصبنا عيني ش������خص س������ليم بصريا ملدة 90 دقيقة، فإن هذا الشخص يصبح حساسا للمس عبر قشرته البصرية. إضافة إلى ذلك، فإن مس������وح الدماغ قد أكدت أن القش������ور البصرية عند العميان تعيد بناء أنفسها بطريقة جتعلها صاحلة للسمع. وعندما نتناول وجبة خفيفة من رقائق البطاطا، فإن قرمشتها ونحن نطحنها بأس������ناننا هي ما يح������دد جزئيا كيف نفكر في طيب مذاقها. وميكن للباحث������ني أن يحرفوا نتائج االختبارات الذوقية من خالل إدخال تعديالت على ما يسمعه األشخاص قيد االختبار. وعندما نقف مكتوفي األيدي ال نفعل شيئا، فإن كل ما ننظر إليه وما نراه يس������هم ف������ي حتديد كامل الوضعية التي تتخذها أجس������امنا. وميكننا القول ببساطة، إن األبحاث العلمية التي أجريت في الس������نوات اخلمس عش������رة األخيرة أثبت������ت أن أيا من أعضاء احل������واس ال يعمل وحده، وأن ثورة احلواس املتعددة قد أوح������ت إلينا أيضا طرقا جديدة لتطوير

See What Iʼm saying :The Extraordinary Power of Our Five Senses )1(Swiss Army Knife )2(

Lawrence D. Rosenblum

<روزنبلوم> أستاذ علم النفس بجامعة كاليفورنيا - ريڤرسايد، ومؤلف كتاب

.(W. W. Norton.2010) »)1(انظر ما أقوله: القدرة اخلارقة حلواسنا اخلمس«

املؤلف

Page 38: July August 2013 Oloom

36(2013) 8/7

،cochlear )1(أجهزة ملساعدة العميان والصم، كغرس احللزونعلى سبيل املثال.

مقاطع صامتة)�(من بواكير األمثلة وأكثرها متاس������كا عل������ى إدراك متعدد McGurk effect »احلواس هو ما يعرف باسم »أثر ماك گوركالذي أبلغنا عنه <H. ماك گورك> و<J. ماكدونالد> أول مرة عام 1976: فإذا كنت تش������اهد شريط ڤيديو لشخص يلفظ بصمت

وبص������ورة متكررة املقطع »ga«، وتس������تمع في الوقت ذاته إلى تسجيل صوتي له وهو يلفظ املقطع »ba«، فإنك سوف تسمعه يلفظ املقطع »da«. فاملقطع الصامت »ga« يغير إدراكك للمقطع املس������موع »ba« ألن الدماغ يدمج ما يسمعه اجلسم وما يراه معا. إن أثر ماك گ������ورك ميكنك إثباته في جميع لغات العالم، وه������و ال يزال صاحلا حت������ى ولو كنت تدرس������ه منذ 25 عاما،

وأشهد بذلك.والكالم الذي تس������معه يتأثر أيضا بالكالم الذي تشعر به. ففي عام 1991 أجرت <C. فاولر> ]من معهد دارمتاوث العالي آن������ذاك[ وزمالؤها اختبارا على متطوعني عاديني، حيث طلبت إليهم القيام مبحاولة اس������تخدام ما كان يعرف باس������م تقنية تادومـــا Tadoma technique، وهي طريقة تقوم فيها بتفس������ير كالم ش������خص ما من خالل وضع أصابعك على شفتيه وخده وعنق������ه، وهي أيض������ا الطريقة التي يعتمده������ا كثير من الصم العمي������ان - مب������ن فيه������م <H. كيلر> - قب������ل خضوعهم لعملية غ������رس حلزون األذن. فاملقاطع الكالمية التي كان يش������عر بها املتطوعون كانت تغير كيفية تفسيرهم للمقاطع التي يسمعونها

من مكبرات صوت على مسافة قريبة.واملتطوع������ون الذين ليس������ت لديهم خب������رة منهجية في قراءة الش������فاه أمكنه������م بصمت قراءة ش������فتي وجه وهو يلف������ظ ببطء األرق������ام من واحد إلى تس������عة. وفي عام 1997، قامت <G. كالڤرت> ]من جامعة أكس������فورد في ذلك الوقت[ برس������م خريطة للدماغ تظهر املناطق األكثر نش������اطا أثناء قراءة الشفاه. وقد اكتشفت <كالڤرت> وزمالؤها أن قراءة الش������فاه تهيج القشرة السمعية - وهي منطقة في الدماغ مسؤولة عن معاجلة األصوات - كما تهيج مناطق دماغية أخرى معروفة بأنها تنشط عندما يسمع الشخص كالما منطوقا. وكان ذلك واحدا من أول البراهني على وجود تأثير حلواس متعددة في باحة دماغي������ة يعتقد أنها مخصصة لنوع واحد فقط من احلواس. وقد أس������همت الدراس������ات احلديثة ف������ي التوصل إلى مزيد م������ن البينات على وجود ظاهرة الدمج احلواس������ي. فعلى سبيل املثال، بات العلماء

اآلن يعرفون أن اجلزء السمعي من جذع الدماغ يستجيب لبع������ض جوانب الكالم البصري، في ح������ني أنهم كانوا من قب������ل يعتقدون أن هذا اجلزء ال يش������ارك س������وى في عملية معاجل������ة األصوات معاجلة بدائية. وكما أظهرت دراس������ات املسح الدماغي، التي كانت تبحث في أثر ماك گورك - أي س������ماع »da« مع أن الصوت املسجل هو »ba« - أن الدماغ يتص������رف كما لو كان املقط������ع »da« يصل فعليا إلى أذني

الشخص ال�مجرب عليه.وتوح������ي هذه النتائج أن الدماغ قد يعطي وزنا متس������اويا لل������كالم الذي تلتقطه األذن والعني وحتى اجللد. بيد أن هذا ال يعني أن املعلومات الواردة من احلواس املتباينة هذه متساوية من حيث الكم: فالسمع يلتقط، بالفعل، كما أكبر من التفاصيل التلفظي������ة مقارنة بالرؤية أو اللم������س. والدماغ يبذل، في واقع األمر، جهدا تنسيقيا يراعي مختلف أنواع املعلومات الكالمية

الواردة إليه، بصرف النظر عن كيفية ذلك.

مكتوبة على وجهك كله)��(تت������آزر احلواس املختلفة في ح������االت أخرى ملعاجلة النوع نفس������ه من املعلومات. وميدنا األسلوب الفريد التي يتحدث به كل منا، مثال، مبعلومات تس������مح لن������ا بتحديد هوية املتحدث، وذلك بغ������ض النظر عما إذا كنا نرى كالمه أو نس������معه. وقد قمت مع زمالئي، بتصوير فيلم ألشخاص يتحدثون ثم أدخلنا تعديالت عل������ى الفيلم إلزالة كافة قس������مات الوجه التي ميكن كش������فها، وذلك من خالل حتويل الوجوه، كلما ظهرت ش������فتا املتحدث ووجنتاه، إلى من������اذج مكونة من نقاط متوهجة تقفز فجأة وتهتز - كاخلنافس املضيئة. وعندما نعرض هذا الفيلم على متطوعينا، فإنهم يتمكنون من قراءة لغة الشفاه لدى هذه

الكتل النقطية املجهولة الهوية، والتعرف على أصدقائهم.وميكن أيضا لألصوات البسيطة الصادرة عن الكالم، أن توحي إلينا هوية الش������خص. فقد قام <R. رمييز> ]من جامعة كولومبيا[ وزمالؤه باختزال تس������جيالت ال������كالم العادي إلى موجات جيبية لها صوت يش������به صفير ونغمات اإلنســـالة)2( R2-D2 ف������ي فيلم ح������رب النج������وم. وعلى الرغم م������ن افتقار

ه������ذه املوجات للخصائص النموذجية الت������ي تتيح التمييز بني األصوات، كخصيصتي طبقة الصوت واجلرس املوس������يقي، فإنه������ا حتتفظ باملعلوم������ات املتعلق������ة بأس������لوب التكلم، وهي

SILENT SYLLABLES )�(WRITTEN ALL OVER YOUR FACE )��(

)1( أو: قوقعة األذنrobotics إنسالة وهذه نحت من إنسان-آلي ومنها نشتق إنسالية = robot )2(

Page 39: July August 2013 Oloom

37 (2013) 8/7

معلومات متكن املس������تمعني من تع������رف أصدقائهم. وأكثر ما يدعو للدهشة في هذا السياق هو قدرة املتطوعني على املطابقة بني املوج������ات اجليبية ومقاطع ڤيديو النق������اط املتوهجة لكالم

الشخص نفسه.واحتفاظ الكالم املس������موع وال������كالم املرئي في صيغتهما املختزلة بأدنى حد ممكن من املعلومات املتماثلة عن أس������لوب التكلم، هو واقعة تدل على أن هذين الش������كلني املتمايزين من اإلدراك مرتبطان بعالق������ة متداخلة صميمية في الدماغ. وهو أمر تدعمه أيضا أبحاث التصوير العصبي: فاالستماع لصوت شخص نعرفه يولد لدينا نشاطا عصبيا في التلفيف املغزلي fusiform gyrus، وهو باحة من الدماغ البش������ري تش������ارك في

عملية التعرف على الوجوه.وتلهمنا هذه االكتشافات بتنبؤ يدعو إلى االستغراب فعال. فإذا كانت أش������كال اإلدراك هذه يختلط بعضها ببعض، فإن تعلم قراءة لغة ش������فاه شخص ما عندئذ، يجب أن يفضي، بصورة متزامنة، إلى حتسني قدرتنا على فهم الكلمات التي ينطقها هذا الشخص. وقد طلبنا إلى متطوعني، ليس لديهم خبرة مس������بقة في قراءة لغة الش������فاه، أن يقرؤوا شفاه أحد

األش������خاص ملدة ساعة واحدة وهو يتكلم على أشرطة ڤيديو صامتة. بعد ذلك، أس������معنا ه������ؤالء املتطوعني مجموعة من اجلمل املنطوقة على خلفية من الضوضاء العش������وائية. ومن دون علم املتطوعني، أس������معنا نصفه������م األول جمال ينطقها الشخص الذي قاموا بقراءة لغة شفاهه قبل قليل، وأسمعنا نصفه������م الثاني جمال ينطقها ش������خص آخ������ر. فاملتطوعون الذين قاموا بقراءة لغة الشفاه ثم استمعوا للشخص نفسه، كانوا أكثر جناحا في اس������تخالص اجلمل من الضوضاء،

وفي فهم تلك اجلمل.

إدراك مختلط)��(لقد س������اعدت أبحاث اإلدراك الكالمي املتعدد احلواس على إلهام العلماء دراسة مختلف أشكال التآثر احلواسي التي لم تس������تقص بع������د. فمثال، معظمنا يعرف أن الش������م يشكل أحد املكونات الرئيسية حلاسة الذوق. ولكن األبحاث العلمية بينت أن هناك من املرئيات واألصوات أيضا ما يؤثر

إدراك

A Multisensory Makeover )�(PROMISCUOUS PERCEPTION )��(

بـــات العلمـــاء منذ عقود قليلة يدركون أن هناك مناطق معينة في الدماغ تقوم بدمج املعلومات التي تـــرد إليهـــا مـــن حـــواس متمايزة، وأن إحدى هـــذه املناطق ميكنهـــا أن تقوم مثال، بخلـــط املعلومات البصريـــة بـــاإلدراك البدنـــي احلســـي، كاللمس واحلـــرارة. وقد ثبت فـــي النهايـــة أن اإلدراك املتعدد احلـــواس، بوصفـــه يشـــكل جانبا من جوانب هندســـة الدماغ العصبية، هو أكثر شـــيوعا بكثير مما كان يعتقده الباحثون ســـابقا، األمر الذي يشـــير إلى أن الدماغ تطور لدى اجلنس البشـــري لتحفيز

احلوار املتعدد احلواس.

سمعيإدراك متعدد احلواس)�(

بدني-حسي

مخطط قيد النشوءمخطط تقليدي

بصري

Page 40: July August 2013 Oloom

38(2013) 8/7

ف������ي إدراكنا للنكهة فيغيره. وأحد أوضح األمثلة على ذلك، هو ما أثبته العلماء في دراس������تهم لش������راب برتقالي املذاق وأن طعم������ه يتغير إلى طعم الكرز بعد تلوينه باللون األحمر، والعك������س بالعكس. وفي عام 2005 أثبت <M. زامپيني> ]من جامع������ة ترينتو في إيطالي������ا[ وأعضاء فريقه، أن إس������ماع متطوع������ني ميضغون رقائق م������ن البطاطا جرس������ا مختلفا لصوت املضغ يحدد جزئيا كيفية إدراكهم الذوقي لطزاجة وقرمش������ة ما ميضغون. والنظر إل������ى بنيان بصري يتحرك من األعلى إلى األس������فل بصورة متواصلة، كالشالل مثال، يجعل الناظر، الذي يتلمس بيديه بنيانا ما، يقتنع بأن سطح هذا البنيان يتحرك إلى األعلى. وهناك بينة أخرى تثبت أن مدخالت متعددة احلواس تغير س������لوكنا بصورة الواعية. فقط طلب <T. ستوفريگن> ]من جامعة مينيسوتا[ وزمالؤه، إلى متطوعني الوقوف منتصبي القامة وتوجيه أنظارهم من هدف قريب إلى هدف بعيد، فالحظ هؤالء الباحثون أن هذا التحول الطفيف في التركي������ز البصري كان كافيا إلحداث

تبدالت شاملة في وضعية أجسام املتطوعني.لقد أصبح في حوزتنا عدد وفير من مثل هذه االكتشافات، بحيث إن العديد من الباحثني باتوا اليوم يعتقدون أن مناطق الدماغ احلواس������ية هي مناطق متعددة احلواس بطبيعتها. ل للدماغ هو بينة بالستية وما يتسق مع هذا النموذج املعدق������ادرة الدمـــاغ)brain plasticity )1 املذهل������ة: فالبالس������تية عل������ى تغيير الوظيفة األصلية ملنطق������ة دماغية بعد تعرضها حلرمان حواس������ي، حتى وإن كان ه������ذا احلرمان طفيفا أو قصير األجل. فأبحاث التصوير، مثال، أكدت في السنوات األرب������ع املاضية، أن تغطية عيني ش������خص ملدة ال تزيد على س������اعة ونصف الساعة، تعد قش������رته البصرية لالستجابة للمس. وإن اس������تخدام القش������رة البصرية يرفع فعال درجة احلساس������ية للمس. وجتدر اإلش������ارة في هذا الصدد إلى أن قصر النظر غالبا ما يعزز املهارات الس������معية ومهارات اإلدراك الفضائ������ي عند املصابني ب������ه، حتى وإن كان هؤالء يرتدون النظارات )التي تضفي ضبابية على جزء ال بأس به من محيط س������احة الرؤية(. وبصورة عامة، ميكننا القول إن التعويض املتعدد احلواس هو أكثر ش������يوعا بكثير مما كنا

نعتقده من قبل.لق������د بدأت ث������ورة تعددية احلواس مبس������اعدة أولئك الذين فقدوا إحدى حواسهم األساسية. وخير مثال على ذلك، هو أن األبحاث العلمية كشفت عن أن غرسات implants احللزون تكون أقل جناحا عند األش������خاص الذين تطلبت أدمغتهم زمنا أطول مما يجب في إعداد القشرة السمعية املهملة الستخدامها من

قبل أش������كال اإلدراك األخرى، كالرؤية واللمس. ولهذا السبب ينص������ح عموما بإجراء عملي������ة غرس احلل������زون عند األطفال املصاب������ني بصمم خلقي في أق������رب وقت ممكن. وهناك أبحاث مماثلة أخرى حتث على أن يقوم األطفال الصم، الذين أخضعوا لعملية غرس احللزون، مبش������اهدة أش������رطة ڤيديو ألشخاص يتحدثون كي يتعلموا كيفية دمج الكالم الذي يش������اهدونه على

شفاه املتكلمني بالكالم الذي يسمعونه.ومن بني الذين استفادوا أيضا من أبحاث اإلدراك املتعدد احلواس، كان مهندس������و تطوير أجه������زة التعرف على الوجوه والكالم. وجتدر اإلش������ارة إلى أن نظم تعرف الكالم غالبا ما يكون أداؤه������ا ضعيفا إذا ما واجهت مس������تويات معتدلة من الضجيج في خلفية الكالم. بيد أن تدريب مثل هذه النظم على حتليل حركات فم ش������خص على مقاطع ڤيديو يزيد من دقتها بصورة ملحوظ������ة - وميثل هذا التدريب اس������تراتيجية فعالة ب عادة في الهواتف حتى بالنس������بة إلى الكاميرات الت������ي ترك

واحلواسيب احملمولة.و بشكل أو بآخر، قد يتراءى للمرء أن هناك تعارضا بني فكرة اإلدراك املتعدد احلواس وبني خبراتنا اليومية. غير أن غريزتنا تقضي بتنظيم احلواس على أس������اس تقسيمها إلى أنواع مختلفة، إذ يب������دو أن كل واحدة منها متخصصة في إدراك جانب مختلف جدا من جوانب عاملنا. فنحن نستخدم عيونن������ا لرؤية اآلخري������ن وآذاننا لنس������معهم وأيدينا لتلمس صالبة التفاحة، ولكن ألسنتنا لتذوقها. بيد أن هذا التصنيف سرعان ما يتالش������ى مبجرد أن تصل املعلومات احلواسية إل������ى أدمغتنا. فأدمغتنا ال تص������رف املعلومات البصرية من أعيننا إلى أحد الصناديق العصبية، وال املعلومات السمعية م������ن آذاننا إلى صندوق عصبي آخر منفصل، كما لو كانت تفرز قطع������ا من النقود، بل تس������تخلص املعن������ى من العالم بجميع الطرق املمكنة من خالل مزج مختلف أشكال اإلدراك احلواسي بعضها ببعض. <

)1( البالس������تية تعريب للمصطلح plasticity وف������ي اللغة العربية ثمة مقابالت للمصطلح plasticity، مث������ل اللدونة واملرونة والتكيفية، لكن كال منها ال يغطي س������وى جانب واحد

من مفهوم البالستية.

Scientific American, January 2013

مراجع لالستزادة Speech Perception as a Multimodal Phenomenon. Lawrence D. Rosenblum in Current Directionsin Psychological Science, Vol. 17, No. 6, pages 405–409; December 2008.The New Handbook of Multisensory Processing. Edited by Barry E. Stein. MIT Press, 2012.

Page 41: July August 2013 Oloom

39 (2013) 8/7

دراسته اجلامعية، فال ميكن للمرء أن يستسلم بسهولة.«وهك������ذا ع������ززت ش������ركة McKinnon برنامجه������ا التغذوي وانخرطت مع مزارعني آخري������ن في تطبيق نظام رش مبيدات منتظ������م ومنس������ق. وعندما رف������ض <بويد> و <ويلي������ز> اقتالع أش������جارهما، أبلغهما اخلبراء أن أش������جارهما ستموت خالل خمس س������نوات. ولكن األش������جار التزال باقية حتى اآلن بعد

مضي سبع سنوات، وحتى اآلن لم يتراجع إنتاجها.وفي الشهر 2012/11، قاد <ويليز> سيارته البيك أب في جولة استكشافية روتينية داخل بس������اتينه. كانت األشجار مخضرة ومحملة بثمار ناضجة وكبيرة من برتقال هاملني Hamlin، وهو طراز مبك������ر يقطف في أواخر اخلريف وبداية الش������تاء. وعلى ،HLB الرغم من أن 100% من األش������جار كانت مصابة باملرضف������إن عددا قليال م������ن األوراق واألش������جار كان يحمل أعراض املرض الكالس������يكية: وهي أوراق مرقطة وثمار خضراء مبكرة السقوط تفترش األرض حتت األشجار. ومع ذلك، ال أحد يعلم كم سيطول حظه اجليد هذا. يقول <ويليز>: »عندما غرسنا هذه األش������جار، كنا نعد الشجرة س������تبقى هنا ألجيال.« ويضيف: »اآلن يعتبر كثير من الناس، أنني إذا ما حصلت على إنتاجها

ملدة 10 أو 15 عاما، فإن هذا سيكون جيدا.«وحتى اآلن أخفقت الدراس������ات املنش������ورة ف������ي تبيان أنه بإم������كان برامج التغذي��������ة كالتي يتبعها <بوي������د> أن تقدم أي فائ������دة. ويقول <R .T. گوتولد> ]عال������م وبائيات يعمل في وزارة الزراعة األمريكية[: »ال ميكن لك من خالل التس������ميد أن حتل هذه املش������كلة«. وقد نشر مع العديد من زمالئه دراسات حتت ظ������روف مضبوطة تظهر أن برامج التغذية املعززة ليس لها أي تأثير في صحة الش������جرة، ونوعية الثمرة أو احملصول. وفي احلقيق������ة، فإن <گوتولد> يرى أن ه������ذه البرامج قد تكون ذات ت�أثير س������لبي ألنها تخفي آثار املرض وحتول األش������جار إلى

بؤرة Typhoid Marys)1( لنقل املرض وانتشاره.فمزارع مج������اور، وهو مال������ك مزرعة حمضي������ات احلدائق اجلنوبية ويزود ش������ركات العصائ��ر الرئيس��ة بعصير البرتقال، Southern كرس> ]رئيس شركة .R> س������لك طريقا مختلفا. يقولGardens[ إن الشركة تعمل على االستعاضة عن 000 650 شجرة

مصابة - ما ميثل ربع ما متتلكه الشركة من األشجار - بأشجار نظيفة من مش������اتل زرعت داخل شباك عازلة حلشرات البسيال. ويس������تمر عمال هذه الش������ركة في مراقبة البساتني بحثا عن أي مؤش������رات على وجود أعراض اخض������رار الثمار، مع أنه ميكن لألش������جار أن تكون حاملة لبكتيريا C. Liberibacter ألش������هر أو سنوات قبل أن يصبح ممكنا اكتشاف البكتيريا في الفحوصات املختبرية أو قبل أن تبدأ بالتسبب في ظهور أعراض مرئية على

النبات، مما يجعل املرض صعب االستئصال. وفي الوقت الذي متك������ن فيه <كرس> من تخفيض معدل إصابة أش������جاره إال أن

التكلفة لديه ارتفعت بنسبة 40 إلى %50.يس������عى العلماء جاهدين إلى إيجاد مقاربات جديدة. وقد أظهرت بعض الدراس������ات أن تغذية أشجار البرتقال املريضة بالبنس������يلني من خالل جذورها وعن طريق حقن اجلذع ميكن ر جذورا أكثر أن يساعدها على جتاوز هذه األعراض وأن تطوقوة. وفي عام 2011، وج������د <J. گراهام> ]من جامعة فلوريدا[ أنه ميكن ملبيد البكتيريا سلفات النحاس أن يجتاز تشريعات وكالة حماية البيئة األمريكية بسهولة أكبر من البنسلني ألنه ال يستخدم في عالج البشر. ولكن النباتات ستكون بحاجة إلى

حقنها بهذه املركبات طوال حياتها وبتكلفة باهظة جدا.وقد يكون التعديل اجليني أفضل اآلفاق على املدى البعيد. فق������د قام <E. ميرگ������وڤ> ]وهو عالم أم������راض نبات في جامعة A & M بتكس������اس[ بنق������ل جينني من الس������بانخ إلى أش������جار

احلمضيات، مس������بغا بذلك على هذه األش������جار صفة املقاومة للم������رض HLB. ويق������وم الباحثون في جامع������ة كورنيل بتطوير أشجار حمضيات طاردة لبسيال احلمضيات اآلسيوية )مبعنى أنها غير مستس������اغة من قبل هذه احلش������رة(، وميكن في نهاية املطاف اجلمع بني هاتني التقنيتني. ويجري متويل املش������روعني من قبل مزارع Southern Gardens، والتي أنفقت س������تة ماليني دوالر عل������ى األبحاث التي تهدف إل������ى إيقاف مرض اخضرار رة جينيا تواجه طريقا طويلة احلمضيات. ولكن املنتجات احملوومكلفة قبل أن حتصل على ترخيص اجلهات التشريعية وعلى قبول الشارع لها. والكثيرون قلقون من أنها لن تصل إلى هذه املرحلة في الوقت املناس������ب إلنق������اذ صناعة احلمضيات. تقول

<هالبرت>: »إننا بحاجة إلى شيء لم نفكر فيه بعد.« <

)1( وهو مصطلح للتعبير عن بؤرة لنقل مرض ما، واملصطلح مش������تق من اسم طباخة إيرلندي������ة تدعى <M. ماللون> كانت حاملة ملرض التيفوئيد وقامت بنقل هذا املرض

إلى أمريكا، وتوفيت عام 1938.

<A. كوتشمينت> محررة رئيسة في ساينتفيك أمريكان. The Forgotten Cure وهي مؤلفة كتاب العالج املنسيالذي نشرته دار Copernicus Books، عام 2012.

Scientific American, March 2013

مراجع لالستزادة Oranges. John McPhee. Farrar, Straus and Giroux, 1967. Current Epidemiological Understanding of Citrus Huanglongbing. Tim R. Gottwald in Annual Review of Phytopathology, Vol. 48, pages 119–139; September 2010.

تتمة الصفحة 25 )نهاية عصير البرتقال(

Page 42: July August 2013 Oloom

40(2013) 8/7

أسالف مهشمة)�(د االكتشافات األحفورية احلديثة العمل اجلبار تعق

املستمر لتحديد أسالف اإلنسان في مسيرة التطور.<K. هرمون>

SHATTERED ANCESTRY )�(

املجلد 29 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2013

عن بعد، قد تفترض أنه من البشـــر. فمع أن طوله لم يتجاوز املتر الواحد وذراعيه الطويلتني ورأســـه الصغير، كان ميشـــي منتصبا - مشـــية غير متناســـقة تقريبا - على قدمني مثلما منشـــي نحن الوحيدون من بني الثدييات جميعها. وهذا الفرد املعهود هو لوسي Lucy أحد أفراد النوع أوســـترالوبيثيكوس عفارنســـيس Australopithecus afarensis الذي عاش قبل نحو 3.2 مليون ســـنة. ولوسي هي إحدى أقدم الكائنات التي يفترض أنها شاركت في مسيرة التطور نحو النوع الذي

.Homo sapiens ننتمي إليه، اإلنسان العاقل

Page 43: July August 2013 Oloom

41 (2013) 8/7

باختصاروالشيمبانزي لم يبد بصورة خاصة مبظهر الشيمبانزي وأن أسالفنا

لم يكونوا وحدهم في إفريقيا. وهذه املكتشفات تدفع بالباحثني إلى إعادة النظر مباهية السمات التي تش������ير إلى نوع م������ن األنواع على اخلط التط������وري الذي يقود إلينا - وإلى التس������اؤل حول إمكانية الوص������ول يوما ما إلى حتديد

سلفنا األخير املشترك مع الشيمبانزي.

اعتقد علماء اإلنس������ان القدمي لفترة طويلة أن البشر انحدروا من سلف ش������بيه بالش������يمبانزي وأن تلك األحافير املبكرة لإلنس������ان تعود إلى ساللة تطورية واحدة. ووفقا لوجهة النظر هذه، تنوعت أسالفنا فيما بعد فقط إلى فروع متعددة متداخلة من البشر بقي منها نوعنا الوحيد على قيد احلياة. وقد قلبت اكتش������افات أحفورية حديثة تلك القصة غير أنها وف�رت أدلة مثيرة لالهتمام بأن الس������لف املش������ترك األخير ألفراد اإلنسان

عندما مت اكتش������اف لوسي عام 1974 كان الدليل على قدرة التنق�ل على قدمني هو ال������ذي أك�د عمليا أن نوعها يحتل مكانا في شجرة عائلة اإلنسان التطورية. ومع أن معرفة العلماء كانت محدودة حول وجود فروع بش������رية أخرى أحدث كانت تتعايش م������ع فرعنا الذي ننتمي إليه، يبدو أن تطور البش������ر املبكر كان عملية بسيطة، وأن لوسي والكائنات القدمية األخرى التي كانت متش������ي على قدمني والتي اكتشفت مؤخرا تنتمي إلى الساللة الوحيدة نفسها. وهكذا يبدو أن هذه االكتشافات تدعم فكرة أن تطور البشر كمسيرة تقدم march of progress مستمرة من شكل املشـــية البرجميـــة knuckle-walking املس������تندة على األصابع كالتي لدى الش������يمبانزي إلى شكل مش������يتنا املنتصبة - وهذه paleoanthropology اخلطة هيمنت على علم اإلنســـان القـــدميفي القرن املاضي. ومع ذل������ك عندما يقوم الباحثون مبزيد من التنقي������ب عن أصولنا تتح������ول هذه األصول مع م������رور الزمن

لتصبح أكثر تعقيدا مما توحي إليه تلك الصورة األيقونية.ثمة اكتش������افان حديثان عمال على حتطيم ما اعتقده العلماء ح������ول معرفتهم لنش������وء البش������ر: األول هو هي������كل عظمي كامل بش������كل مدهش يعود إلى ما قبل 4.4 مليون سنة والثاني هو قدم ������رة تعود إلى ما قبل 3.4 مليون س������نة. تبني هذه األحافير مكس)املســـتحاثات( fossils املوصوف������ة حديثا أننا رمبا نش������أنا عن شجرة نسب معقدة - وأن تلك السمة املميزة املفترضة لإلنسان احلالي واملتمثلة باملشي املنتصب ميكن أن تكون قد تطورت أكثر من مرة - وبأكثر من شكل في مخلوقات لم تكن أيضا تنتمي إلى أسالفنا املباشرين. وبسبب هذه االكتشافات بدأ الباحثون بإعادة النظر اآلن في تعرف السمات التي حتدد نوعا ما كسلف مباشر لإلنسان وتعرف سرعة تطور اإلنس������ان وفيما إذا كان باإلمكان

حتديد دقيق للسلف األخير املشترك مع قرود الشيمبانزي.وحسب قول <V .C. وورد> ]من كلية الطب بجامعة ميسوري[:

»كلم������ا حصلنا عل������ى املزيد من األحافي������ر ازداد إدراكنا بأن ش������جرة التطور هي في الواقع ش������ديدة التشعب.« إذ تكشف البقايا أيضا أن اخلط التطوري البش������ري ليس الوحيد الذي خضع لتكيفات مدهشة في عدة ماليني من السنني املنصرمة. فساللة قرد الش������يمبانزي قد خضعت أيضا لتغييرات كثيرة في الفترة ذاته������ا، وأصبحت على درجة عالية من التخصص للحياة على األش������جار - وهذا الكش������ف ميك������ن أن يضع في النهاية حدا للفكرة الثابتة بأن الشيمبانزي احلالي هو منوذج جيد لس������لفنا القدمي. وهذا التغير »يعطينا وجهة نظر مختلفة

متاما حول أصولنا،« حسب قول <وورد>.

»هومني« صغير، حتول كبير)�(ال ش������يء عق�د قصة حت������ول القرد األحدب إلى اإلنســـان احلالي Homo مثل قصة املخلوق الصغير املعروف باسم أردي Ardipithecus فوصف هيكل أرديبيثيكوس راميدوس .Ardi

ramidus العظمي الكامل بش������كل مدهش الذي يعود عمره إلى ما قبل 4.4 مليون س������نة في عدد كبير من األبحاث عام 2009 أحدث إرباكا في علم اإلنس������ان القدمي. إذ يبدو أن أردي التي Afar اكتش������فت في موقع يس������مي أراميس في منطق������ة عفاراإلثيوبية تش������به قليال ما توقعه الباحثون ألحد أفراد الهومني من تلك الفت������رة الزمنية، )أفراد الهومينينـــات hominins هم رئيس������ات أقرب إلى البش������ر من أفراد الش������يمبانزي - الذي هو أقرب أقربائنا الذين يعيش������ون ف������ي الوقت احلاضر(. لقد توقع معظم علماء اإلنسان القدمي أن فردا من أفراد الهومني، الذي يع������ود إلى تلك الفترة الزمنية، رمب������ا يحوز على الكثير من الس������مات التي ترى في أفراد الشيمبانزي وقرود إفريقية أخرى حديثة تتضمن أس������نانا كبيرة نابية الشكل تفيدها في املنظومة االجتماعية العدوانية، وتتضمن أذرعا وأصابع طويلة لتسلق األش������جار وتكيفات رسغية تس������مح باملشية البرجمية

وغيرها من السمات.وعوض������ا عن ذلك، فق������د امتلك أرديبيثيك������وس راميدوس،

SMALL HOMININ, BIG SHIFT )�(

أجزاء األحجية: قلب الهيكل العظمي Ardipithecus املجزأ ألرديبيثيكوس راميدوس

ramidus األفكار حول أفراد البشر األقدم.

Page 44: July August 2013 Oloom

42(2013) 8/7

الكائ������ن الضئيل وفق������ا لوص������ف <D .T. وايت> ]م������ن جامعة كاليفورني������ا في بيركل������ي[، الذي قاد الفريق الذي اكتش������ف أردي، صف������ات متعض متنـــوع mosaic organism متثلت في كل من س������مات األفراد األكثر تطورا من الهومينينات وسمات القردة القدمي������ة - ولكنها ال متتلك الكثير من س������مات أفراد الشيمبانزي. ومثل البشر امتلكت أردي أنيابا منضمرة وهذا داللة على ما يعتقده الباحثون على حتولها من نظام اجتماعي يس������يطر عليه الذكور إلى نظام أكثر تعاونا يدور حول أزواج يشكلون روابط عائلية طويلة األمد. إضافة إلى ذلك، وبخالف القردة احلديثة اإلفريقية، يش������ير اتساع رسغ أردي إلى أنها كانت تدعم نفس������ها عندما كانت متشي على أطرافها األربعة من خالل االستناد إلى كفيها وليس على الرسغ. وفي الوقت نفس������ه، كانت أصابعها طويلة نسبيا ومنحنية - مفيدة لتسلق األش������جار - إال أن معصميها ويديها منعتها من التأرجح بني

أغصان األشجار مبهارة كما تفعل الشيمبانزي.تبدو أطراف أردي السفلى مركبة بطريقة شبيهة بالسمات التي لدى البش������ر والقرود القدمي������ة معا. ففي حني أن قدميها املس������طحتني نس������بيا وإبهام قدمها الكبير قد س������اعدتها على التنقل على الش������جر، عمل كل من ثبات قدمها وقدرة إصبعي قدميها الضعيفة على االنثناء إلى اخللف على تسهيل املشي املنتصب. لقد كان عظم حوض أردي مهمش������ا جدا وهذا مما أبق������ى بعض تفاصيل تنقله������ا مجه������وال. إال أن <W. يانگرز> ]من جامعة س������توني ب������روك[ يقول إن الدالئل تش������ير إلى أن املس������افة القصيرة ب������ني عظم ورك أردي وعظ������م العجز )وهو

العظم املثلث في قاعدة العمود الفقري( متاثل تلك املوجودة لدى أفراد البشر احلاليني ولدى أف������راد الهومينينات األخرى املعروفة باملش������ي املنتصب. إضافة إلى ذلك، فإن الثقبة العظمى، وهي الفتحة ف������ي قاعدة اجلمجمة التي يخرج من خاللها احلب������ل النخاعي، تقع بعيدة متاما إلى األمام لدى أردي - وهذه س������مة يعتبرها الكثير من العلماء مؤش������را على قامة منتصبة )وإلمكانية املش������ي على قدم������ني( عندما كانت متش������ي على األرض. ومع ذلك يتساءل بعض الباحث������ني فيما إذا كانت، ب������دال من ذلك، تقف منتصب������ة فقط من حني إلى آخ������ر، وذلك على س������بيل املثال، عندما كانت حتت������اج إلى حمل

شيء ما بيديها.وم������ع ه������ذا اخللي������ط املذهل من الس������مات التشريحية حتدت أردي العلماء في إعادة النظر في تعريف الهومني. وهي س������مات كانت ت�لزم تقليديا ضرورة املشي املنتصب. ومع ذلك ت�بني أن إمكانية املشي على قدمني ال تتعارض مع قدرات جيدة لتس������لق األش������جار. وحتى أفراد البشر لديهم بعض املرونة في التنقل. وبحسب قول <يانگرز>: »أعتقد أن الناس احلاليني ينس������ون مدى قدرتهم على تس������لق األشجار مبهارة.« قد ال نكون قادرين على التأرجح مبهارة بني أفرع األش������جار كأفراد الشيمبانزي والقرود األخرى، إال أن تسلق األشجار ما زال يعد طريقة مهمة في جمع الطعام لدى الكثير من مجتمعات البش������ر األصليني. إضافة إلى ذلك، ومع قدرة النوع لوسي - أوس������ترالوبيثيكوس عفارنسيس - على املشي على قدمني، فإنها كانت حتتفظ بأذرع طويلة نسبيا تدل على أنها مازالت قادرة أحيانا على تس������لق األشجار. ويشير حتليل حديث ألحافير فرد فتي من النوع أوس������ترالوبيثيكوس عفارنسيس وجد في عام 2000 مبنطقة ديكيكا في إثيوبيا إلى أن������ه كانت لهذا النوع أكتاف ش������بيهة بأكتاف القرود وهذا ما يجعله على ما يبدو متسلقا ماهرا. وهكذا رمبا كان للوسي مثل أردي وغيرهما من األنواع التي أتت قبلهما وبعدهما »أفضل

ما هو متاح في كال العال�مني،« بحسب قول <يانگرز>. وضع <وايت> وزم������الؤه الن������وع أرديبيثيكوس راميدوس كس������لف محتمل ألوس������ترالوبيثيكوس عفارنسيس أي كسلف مباشر لإلنس������ان العاقل. واستنادا إلى عمر أردي وتفاصيل تشريحية أخرى، يستبعد الكثير من الباحثني مع ذلك انتمائها إلى خط البشر التطوري املباش������ر. وبحسب <D. بيگان> ]من جامعة تورونت������و[: »رمبا كانت أردي ف������ردا مبكرا من أفراد

إثيوبيا في Burtele بيورتيل موقع من مشظية أحفورية قدم كانت منفصلة: قدم أجزاء )إلى اليسار( فيها إصبع قدم مبتعدة وسمات أخرى تيزها عن أقدام أفراد اإلنسان احلديث )إلى اليمني( وأسالفه، وهذا ما يكشف أن هناك ساللة ثانية من الذين ميشون على قدمني رمبا كانت

.Australopithecus afarensis تتعايش مع سلفنا احملتمل أوسترالوبيثيكوس عفارنسيس

Page 45: July August 2013 Oloom

43 (2013) 8/7

الهومني انطلقت في وجهة تطورية خاصة بها.« فقد عاش������ت أردي قبل 200 ألف س������نة م������ن النوع أوســـترالوبيثيكوس أنامنســـيس Australopithecus anamensis ال������ذي كان يتمتع بأداء أفضل منها في املشي على قدمني، وقد يعتبره الكثير من اخلبراء أنه سلف أوسترالوبيثيكوس عفارنسيس. إن التطور الس������ريع من أرديبيثيكوس راميدوس إلى أوسترالوبيثيكوس أنامنس������يس )الذي قاد ف������ي النهاية إلى أوس������ترالوبيثيكوس عفارنس������يس( رمب������ا كان ممكنا، إال أن معظ������م الباحثني مبا فيهم <بي������گان> متفقون على أن التفس������ير األكثر احتماال هو أن هذه األنواع ال تنتمي إلى س������اللة كبيرة واحدة وإمنا إلى ساللتني مختلفتني أو أكثر. ويقول <بيگان>: »أعتقد أن النوع أرديبيثيكوس راميدوس رمبا ميثل فرعا تطوريا جانبيا، وحتى موقع لوس������ي كس������لف مباشر لإلنس������ان لم يحل حتى اآلن؛« بحس������ب <Y. هيالسيالس������ي> ]من متحف كليڤالن������د للتاريخ الطبيعي[، الذي تولى العمل بأبحاث أردي عام 2009، ويتابع: »كم������ا أن ندرة أحافير أفراد الهومني ف������ي الفترة الواقعة بني نهاية أوس������ترالوبيثيكوس عفارنسيس وظهور اإلنسان املبكر

جعلت هذا التساؤل مطروحا.«وم������ع أن اخلليط الغريب لس������مات أردي - كاملش������ية التي تس������تند فيها عل������ى راحة يديه������ا وإبهامي رجليه������ا القابلني لالنحناء إلى الوراء وأسنانها الصغيرة النابية - التي سببت جدال كثيرا حول موقعها في شجرة نسب العائلة، فإن بقاياها وفرت معلومات مهمة حول أصول اإلنس������ان حتديدا ألنها ال تشبه الشيمبانزي وال تتناسب مع التصور التقليدي لفرد من أف������راد الهومني. فإذا كانت فردا مبكرا من أفراد الهومني في اخلط التطوري الذي يقود إلى اإلنس������ان، فإن سلفنا املشترك رمبا اليش������به حينئذ أحد أفراد الش������يمبانزي. أما إذا كانت أردي متثل ساللة هومني متميزة عن ساللتنا أو رمبا أنها قرد منقرض، فإنها بذلك ت�ظهر أن س������مة املشي املنتصب لم تكن الس������مة املميزة خلطنا التطوري فقط. وفي كلتا احلالتني، فإن

فهم العلماء لتطور اإلنسان يحتاج إلى تعديل.

رفيق للوسي)�(في حني أن الكثير م������ن الباحثني ما زالوا يعانون تداعيات أردي، ظهر ش������يء تش������ريحي جديد غامض في املوقع املسمى بيورتيل Burtele الذي يقع أيضا في وسط منطقة عفار Afar في إثيوبيا. فقد مت العثور على هذه اللقى التي وصفت في عام 2012 والت������ي تتكون من ثمانية عظام قدم صغيرة فقط - وعددها أقل من أن تستحق اسما لنوع جديد ولكنها كافية للعلماء ليؤكدوا بكل ثقة أن هذه العينة ال تشبه أي شيء شوهد من قبل. إن هذه

الق������دم ت�كرر فكرة أن عملية تط������ور أفراد الهومني كانت معقدة أكثر مما توحي إليه حتى بعد االستناد إلى أردي.

ومع وج������ود عدد قليل م������ن العظام التي تخبرن������ا عن عينة بيورتي������ل يعلن <يانگرز> بأن العينة »هي لفرد من أفراد الهومني بالتأكيد« مش������يرا إلى أن »إصبع القدم الكبيرة لعينة البيورتيل هي لإلصبع الكبيرة في ق������دم أحد أفراد الهومني،« إال أن قدم الهوم������ني هذه أقدم كثيرا من قدم ذلك النوع الذي تأكد أنه كان ميش������ي منتصبا كنوع لوسي. في الواقع، فهي تشبه قدم أردي في حوزتها على إصبع قدم كبيرة قادرة على اإلمس������اك مشيرة بعي������دا إلى الطرف مما يدل على األقل جزئيا على طريقة التنقل على األش������جار. وهذه الس������مة قد ال تكون مقلقة للغاية فيما لو كان������ت مماثلة في العمر إلى عمر أردي، إال أنها ليس������ت كذلك. فعمر القدم يعود إلى ما قبل 3.4 مليون سنة مما يجعل صاحبها معاصرا إلى عمر أوس������ترالوبيثيكوس عفارنس������يس الذي كان

يجوب املنطقة ذاتها منذ ما قبل 3.6 إلى 2.9 مليون سنة.لقد كان حيوان البيورتيل قبل أردي ميشي مثله على الطرف اخلارجي من قدمه عندما كان ميش������ي منتصبا )متفاديا إصبع القدم الكبيرة ألنه������ا لم تكن توفر له دفعا إلى األمام كما توفره إصبع������ا قدمينا(. لم يطور أي من املخلوقني تكيفات م�ثلى فعالة للمشي على القدمني إال أن كليهما ما زاال قادرين على اإلمساك بفروع األشجار بقدميهما. وبحسب <J. دي سيلڤا> ]من جامعة بوس������طن[ يصعب من دون العظم اإلسفيني اإلنسي )وهو عظم كبي������ر في منتصف قدم بيورتيل( معرفة مدى تباعد إصبع قدمه الكبيرة. إضافة إلى ذلك، رمبا تس������اعد ركبة أو حوض أو رأس لبيورتيل على الكشف عن الكيفية التي تتالءم فيها عينة بيورتيل

مع القصة املعقدة على ما يبدو للتجارب التطورية في التنقل.وق������د ميث������ل حي������وان البيورتي������ل س������ليال منقرض������ا للنوع أرديبيثيكوس رامي������دوس وأحد الفروع اجلانبية التطورية الذي كان موج������ودا لبعض الوقت إلى جانب س������اللتنا اخلاصة بنا. يق������ول <B. التيمر> ]من جامعة كيس وس������ترن ريزيرڤ[: »يفكر املرء في لوس������ي عندما ينظر إلى األعلى إلى الشجر ويرى هذه األش������ياء،« ويتابع: »رمب������ا كانت هذه احليوان������ات تتالقى فيما بينه������ا.« وبالفعل، يقع موق������ع البيورتيل على مس������افة نحو 48 كيلومترا من املكان الذي مت العثور فيه على لوسي. إن اكتشاف أحفورة توحي لنا أنها ال تنتمي إلى أحد أس������الفنا املباش������رين ه������و ذو أهمية أيضا. يقول <وورد>: »وه������ذا يعطينا وجهة نظر أكثر واقعية حول تاريخنا البشري،« ويضيف قائال: »ميكننا أن نس������تفيد علميا من كائن قريب لنا كاستفادتنا من سلف مباشر

لنا - ونرى ما هي اخليارات التي لم يتابعها أسالفنا.« COMPANY FOR LUCY )�(

Page 46: July August 2013 Oloom

44(2013) 8/7

??

أوريوبيثيكوس بامبوليي)1(لدى هذا القرد القدمي عدة سمات دالة على

الوقفة املنتصبة تتضمن وركا قصيرا وثـقبة عظمى متقدمة املوقع )الثقب في قاعدة

اجلمجمة الذي مير منه احلبل النخاعي(. ومع

ذلك قد يكون قد استخدم هذه الوقفة املنتصبة قرود الگنب gibbon احلالية.فقط على أفرع األشجار كما هو احلال لدى

بامبولييأوريوبيثيكوس

8 ماليني سنةمنذ ما قبل

من اجلنس غير محدد نوع راميدوس أرديبيثيكوس بيورتيل

عفارنسيس أوسترالوبيثيكوس

سيديباأوسترالوبيثيكوس

أنامنسيسأوسترالوبيثيكوس

تروكلوديتسبان

)خط منقط(اتصال مؤقت

املنتصب اإلنسان

اإلنسان احلالي املبكر

هومو إرگاستر )اإلنسان العامل(

اتصال شبه مؤكد )خط مستمر(

كينياتروبوس بالتيوبس

ساللة غير مكتشفة؟

أورورين توكينـنـسيسساحالنتروبوس تشادنسيس

أوسترالوبيثيكوس كارهي

)اإلنسان املاهر(هومو هابيليس

أوسترالوبيثيكوس عفارنسيس)4( إن آلية عمل الورك و الركبة تكشف أن أفراد

النوع لوسي كانوا ميشون منتصبني، مع

أنهم حافظوا على بعض السمات التكيفية في

األطراف العلوية من أجل تسلق األشجار. يتفق

معظم الباحثني على أن أوسترالوبيثيكوس

مباشرا لإلنسان.عفارنسيس هو مرشح قوي ألن يكون سلفا

أوسترالوبيثيكوس سيديبا)5(يبني هذا النوع تغييرات في حوضه وأقدامه

التي تشير إلى التنقل على قدمني على الرغم

من أن تفاصيل الكاحل وأوسط القدم تدل

على أنه كان ميشي بصورة مختلفة عن باقي

األنواع األخرى في جنسه. ومع ذلك ال يزال

أوسترالوبيثيكوس سيديبا ميتلك ذراعني

طويلتني كان يستخدمهما في التسلق.

أرديبيتيكوس راميدوس)3(تعرضت عينة عظم حوض أردي إلى ضرر كبير وهذا

ما أبقى بعض تفاصيل تنقلها مجهولة. إال أن األقدام

metatarsal غير القابلة للثني والرؤوس املشطية

املقببة توحي أنها كانت قادرة على التجول على قدمني

عندما كانت تشي على سطح األرض. وفي املقابل

ال يزال جسمها األعلى ميتلك سمات ملتسلق جيد

لألشجار ويشمل ذلك ذراعني وأصابع طويلة نسبيا.

بان تروكلوديتس)6(

قرود الشيمبانزي متخصصة بتسلق األشجار وتتلك أذرعا

وأصابع طويلة وأصابع قدم كبيرة قادرة على اإلمساك مما

يساعدها على االنتقال على أغصان الشجر. على الرغم من

اعتقاد العلماء سابقا أن أفراد الشيمبانزي كانت منوذجا جيدا

للسلف املشترك األخير للبشر وأشباه الشيمبانزي فإن اكتشاف

أحافير مثل أردي – والتي ال تبدو مشابهة كثيرا للشيمبانزي -

توحي أن أفراد الشيمبانزي قد تعرضت للتطور بقدر ما تعرض له البشر منذ أن افترقت ساللتانا.

ساحالنتروبوس تشادنسيس)2(عرف هذا النوع فقط من دليل جمجمة قدمية،

ولذلك هناك القليل جدا ميكن حتديده حول كيفية تنقله. إال أن املوقع املتقدم لثـقبته

على أغصان األشجار. العظمى تـلمح إلى وقفة منتصبة - على األقل رئيسات أخرىأفراد الهومينينات

7 ماليني سنة

6 ماليني سنة

3 ماليني سنة

2 مليون سنة

مليون سنة

الوقت احلاضر

Oreopithecus bambolii )1( Sahelanthropus tchadensis )2(

Ardipithecus ramidus )3(

Australopithecus afarensis )4(Australopithecus sediba )5(

Pan troglodytes )6(

Page 47: July August 2013 Oloom

45 (2013) 8/7

Our Tangled Family Tree )�(

??

مكتشفاتشجرة نسبنا العائلية املتشابكة)�(

كان ينظر إلى تطور اإلنسان العاقل منذ زمن طويل على أنه مسار بسيط متدرج ابتدأ من قرد بدائي شــــبيه بالشــــيمبانزي ومر عبر أشباه البشر الذين توســــطوا هذه العملية وانتهى أخيرا بأفــــراد منتصبــــة وذكية من البشــــر. حتولت الســــمات فــــي كل محطة تطورية إلــــى اجتاه وحيد: تناقــــص طول األصابــــع، وانتقل إصبع القدم الكبيرة إلى تراص أمامي وانزاح الرأس ليســــتقر على أعلى الظهر. ومع ذلك بينت االكتشافات احلديثة أن مسيرة التقدم هذه هي خطوة خاطئة. إذ ظهرت األصابع بأطوال متنوعة وبقيت إصبع القدم املبتعدة )لتسلق األشجار( موجودة إلى جانب إصبع القدم املتراصة إلى األمام )املتكيفة للمشي املنتصب(. وهناك حتى للقرود القدمية

معالم تكيف للمشي املنتصب.هــــذا اخلليــــط من الســــمات األحفوريــــة يؤكد أن التطــــور عملية فوضوية، وهو يشــــير إلى أن تطور اإلنســــان املبكر شــــمل عدة سالالت متوازية )املســــار البرتقالي واملسار األزرق( تاما كما شمل فيما بعد التطور البشري. وهكذا، فإن معرفة النوع الذي تنتمي إليه األحافير مع سالالت األســــالف املفــــرزة مــــن الفــــروع املنتهية املنقرضة ســــيكون أصعب مما كان يظن مــــن قبل. وتبني األشــــكال علــــى هذه الصفحات كيف أن توزع بعض الســــمات املهمة املرتبطــــة بالتنقل لدى قرود

وأقرباء البشر احلديثني واملنقرضني تعقـد قصة أصل اإلنسان.

)اإلنسان العاقل( هومو سابيانس

أوسترالوبيثيكوس أفريكانوس

هومو أنتسيسورهومو هايدلـبرگنسيس

هومو نياندرتالينسيس

هومو رودولـفنسيس

روبوستوس أوسترالوبيثيكوس

أوسترالوبيثيكوس إثيوبيكوس

أوسترالوبيثيكوس بوازيي

هومو فلورسيانسيس

أورورين توكينـنـسيس)1(هناك فقط بعض األحافير املتفرقة التي

توضح لنا شكل هذا احليوان. ويدل عظم الفخذ على أن هذا النوع قد يكون متكيفا جزئيا على األقل للمشي منتصبا. إال أن

مرتكز عضلة ذراعه القوية وعظم إصبعه املنحنية تبدوان مناسبتني لتسلق األشجار.

نوع غير محدد من اجلنس بيورتيل)2(على الرغم من وصف ثمانية عظام من عظام

هذا احليوان، فإن الباحثني على ثقة بأنه ميثل

نوعا جديدا من الهومني - نوع كان ال يزال يالزم األشجار بكل وضوح على الرغم من

كونه معاصرا ألوسترالوبيثيكوس عفارنسيس

احملتمل املباشر لنا.الذي كان ميشي على قدمني ويعتقد أنه السلف

هومو سابيانس )اإلنسان العاقل()3(

لدى البشر العديد من التكيفات للمشي املنتصب

وتتضمن أقداما مقوسة arched وأصابع قدم

كبيرة متراصة. لقد احتفظنا ببعض قدرتنا على

تسلق األشجار ولكنـنا غير قادرين على التأرجح

بني األغصان كأفراد الشيمبانزي، كما أننا ال

نستطيع التنقل على األشجار باملهارة مثلما استطاع أسالفنا أقرباء البشر.

??

??

دليل التكيف للعيش على

األشجار

دليل على التكيف للمشي

املنتصب

متوسط

متوسط

??

??

قوي

قويOrrorin tugenensis )1(

Burtele species )2(Homo sapiens )3(

Page 48: July August 2013 Oloom

46(2013) 8/7

أجزاء أكثر، أحجية أصعب)�(إن ق������دم البيورتي������ل تؤك������د أن اعتب������ار وضعن������ا كأفراد م������ن الهوم������ني الوحيدين الباق������ني على قيد احلي������اة )انقرض النياندرتاليون منذ ما قبل 28 ألف سنة تقريبا، وانقرض أيضا هومو فلوريسيانس������يس القزم منذ ما قبل 17 ألف سنة( رمبا يكون االس������تثناء في تطور الهومني وليس القاعدة. متاما مثلما احتوت أبحاث تطورنا احلديثة س������الالت متعددة معاصرة من الهومينين������ات، تبعث������ر كذلك أيضا على األرج������ح ما تبقى من تاريخنا مع أقارب تربطهم صالت قربى مختلفة. واآلن وبعد أن اتضح للباحثني أن هناك فردين من أفراد الهومينينات مختلفني بشكل كبير - حيوان البيورتيل ولوسي - كانا يعيشان سوية ف������ي الوقت نفس������ه تقريبا، أدركوا أنه يج������ب عليهم أن يعيدوا دراسة كلتا األحفورتني القدمية واجلديدة للهومني بدقة لتحديد الن������وع الذي تنتميان إليه عوضا ع������ن حتديد عمرهما وحتديد الهومني الس������ائد في تلك احلقبة الزمني������ة التي ينتميان إليها. »وهذا يتطلب العديد من األطروحات وكما ضخما من العمل،« بحس������ب قول <دي س������يلڤا>. ومع ذلك، وعوضا عن كون هذا

األمر مزعجا، يضيف <دى سيلڤا>: »فإن ذلك مثير للغاية«.ويدرك العلم������اء تدريجيا أن هذه االكتش������افات ال ينبغي أن تكون وكأنها غير متوقعة كما كانت عليه من قبل. ويقول <وورد>: »عندما جتد شيئا مثل قدم البيورتيل التي تختلف بشكل واضح عن قدم أوسترالوبيثيكوس عفارنسيس علينا أن نقول بطريقة ما: هذا متوقع!« ففي عصر امليوسني، أي منذ ما قبل 23 مليون سنة حتى ما قبل 5 ماليني س������نة، كانت تعيش في جميع أنحاء العالم املئات من أنواع القرود الكبيرة. واالعتقاد أن هذا التنوع اختفى فجأة هو اعتقاد غير صحيح، حسب قول <وورد>، وتضيف: »إن ما ننظر إليه بطرفة عني في السجل األحفوري ما هو إال ومضة خاطف������ة للتنوع القدمي«. ومع ذلك لس������وء احلظ، فإن هذا التنوع يجعل من الصعب علينا حتديد البواكر من أسالفنا املباشرين، وكذلك الس������لف األخير املشترك ألفراد البش������ر والشيمبانزي. وال������ذي يعق�د األمور أكثر هو الس������جل األحفوري الفقير ألفراد

الشيمبانزي والقرود األخرى اإلفريقية.فهل سيكون باإلمكان استنتاج عالقات ق�ربى تطورية بدقة كافية لبناء ش������جرة نس������ب عائلتنا بكل ثقة؟ رمبا ال نس������تطيع ذل������ك أو على األق������ل على املدى املنظور. ففي بحث ن�ش������ر في مجل������ة نيتشـــر)Nature )1 ذك������ر اثنان من علماء اإلنس������ان أن االس������تنتاج ميكن أن يقضى عليه بس������بب تشـــابه الســـمات ر األنواع املختلفة بصورة مس������تقلة homoplasy، حي������ث تط������و

س������مات متشابهة. فالتطور املس������تقل يعني أن وجود سمة من

السمات كاملشي املنتصب - حتى في األنواع التي تنفصل عن ر مباشرة بعضها مباليني الس������نني - ال يؤكد أن نوعا ما حتدمن نوع آخر. »فالسمات املشتركة ال ميكن أن تقودك بعيدا في حتديد العالقات التطورية،« حس������ب قول عالم األنثروبولوجيا البيولوجية <T. هاريس������ون> ]من مركز دراسات أصل اإلنسان في جامعة نيويورك[، الذي ش������ارك مع <B. ووود> ]من جامعة جورج واش������نطن[ في تأليف البحث املنشور في مجلة نيتشر. فعلى سبيل املثال، كان لدى القرد أوريوبيثيكوس بامبوليي Oreopithecus bambolii املنقرض، الذي كان يعيش فيما يسمى اليوم بإيطاليا منذ ما قبل 7-9 ماليني س������نة، أس������نان صغيرة نابية الش������كل مقارن������ة بقرود عصر امليوس������ني األخرى ووجه قصير وث�قب������ة عظمى متوضعة إلى األم������ام ووركان قصيران وعريضان - وجميعها س������مات مرتبطة بأف������راد الهومينينات. ومع ذلك، فقد افت�رض أن يكون قردا كبيرا بدائيا بدال من قرد مبكر من الهومني وذلك جزئيا بس������بب أسلوبه املختلف للتنقل منتصبا )الذي ميكن أن يكون مقتصرا على األشجار - بشكل مماثل إلى أفراد قرد الگنب gibbon احلالي( جنبا إلى جنب مع خصائ������ص قدميه وأصابعه وذراعيه التي تبدو أنها قد تكيفت

بشكل جيد للتسلق على أغصان األشجار والتأرجح بينها.وتضي������ف قدم البيورتي������ل دليال آخر على ظاهرة تش������ابه الس������مات في حالة املش������ي املنتصب. ويتساءل <دي سيلڤا>: »متاما مثلما لديك عدة أس������اليب للتسلق وعدة أشكال للمشي على األقدام األربعة في عال�م الرئيسات، فلماذا ال تكون هناك عدة صيغ مختلفة للمش������ي على قدم������ني أيضا؟ فالتطور ذكي ويستطيع باس������تمرار إيجاد حلول للمشكالت.« وهو يقر بأنه كان من نقاد النظريات التي جتادل في أمناط املشي املنتصب املختلفة ف������ي املخلوقات مثل أوســـترالوبيثيكوس ســـيديبا Australopithecus sediba املكتشف ح��دي�ث���ا. وه��و ن��وع يع�����ود عم��������ره إلى م���ا ق�ب����ل مليوني س������نة تقريبا، وقد عثر عليه في جنوب إفريقيا وكانت له بنية تشريحية فريدة من نوعها ممثلة بعقب قدم وكاحل وأوسط قدم وركبة. وكان االعتقاد في البدء أن االختالفات التشريحية في هذا النوع قد ال تؤدي إلى مزيد من االخت������الف في التنق�ل مما هو مرئي في اختالف مش������ية أفراد اإلنس������ان احلديث. إال أن عظام البيورتيل ساعدت على تغيير وجهة نظره وحسب قوله: »ال يوجد أي عظم من العظام يشبه تلك العظام،« ويتابع قائال: »إننا مجبرون على استنتاج

أنه كانت توجد استراتيجيات سابقة مختلفة للتكيف.«إال أن ه������ذا الفهم ليس مريحا دوما. »فكلنا يريد أن يعتقد

MORE PIECES, HARDER PUZZLE )�()1( إن مجلة ساينتفيك أمريكان هي جزء من مجموعة نيتشر للنشر.

Page 49: July August 2013 Oloom

47 (2013) 8/7

أن البشر حالة خاصة،« حسب قول <التيمر>. ولكن إذا كانت أردي وغيره������ا من األفراد املبكرة من الهومينينات حتوز على nonchimplike هذا العدد الكبير من السمات غير الشيمبانزيةوكانت سمات أفراد الش������يمبانزي نفسها مختلفة جدا فرمبا كان سلفنا املشترك األخير ال يشبه الشيمبانزي. وفي الواقع ميكن أن يكون أكثر شبها بفرد من أفراد الهومني. وبحسب ما يشير إليه <التيمر> رمبا كانت لدى السلف املشترك األخير بني اإلنسان والشيمبانزي أصابع أقصر كأصابع أرديبيثيكوس راميدوس وأوسترالوبيثيكوس عفارنسيس. واألغلب كان لديه دماغ أصغر من دماغ الش������يمبانزي. وبحسب <يانگرز> يبدو أن ألفراد الش������يمبانزي أدمغة أكبر من بعض األفراد املبكرة

من الهومينينات.ويبدو أن التحدي املتمثل في فهم ش������كل السلف املشترك األخير وكيفية تنقله يتعاظم بالتأكيد. وإذا كان علماء اإلنسان القدمي قد تعلموا في العقد املاضي أي شيء فإنهم تعلموا أن فروع أس������الف البشر ستس������تمر غالبا في املزيد من التعقيد وخصوصا عند الرجوع في الزمن أكثر إلى الوراء. وحس������ب قول <التيمر>: »س������يؤدي هذا إلى الفوض������ى عند العودة في

الزمن إلى الوراء.«

مأزق السلف)�(إن م������ا يجعل األم������ور أكثر تعقيدا هو أن الس������لف األخير املش������ترك لم يعش ليكون فردا وحيدا كما يشير <دي سيلڤا>، وإمنا وج������د ليعيش في جماعة. وله������ذه اجلماعة أبناء عمومة، وسيكون لهؤالء أيضا أبناء عمومة، »وسيكون من الصعب تعرف

السلف املشترك من دون معرفة دنا DNA هذا السلف.«إن تقدم التحليل اجليني ألفراد البشر والقرود في العصر احلالي، ساعد العلماء على تقدير الزمن الذي عاش فيه سلفنا األخير املش������ترك مع الشيمبانزي. إال أن الفترة الزمنية - من 6 ماليني س������نة حتى 10 ماليني س������نة - ما زال������ت كبيرة وأن سلســـلة sequencing الدن������ا وحدها ال ميكن أن تكش������ف عن ش������كل هذا الس������لف. ومع ذلك، فقد بدأ بحث حالي بتحسني تقديرات سرعة الطفرة، مما سيساعد على تقصير هذا الزمن وسيساعد علماء األحافير على توجيه انتباههم إلى الرواسب

اجليولوجية التي من املتوقع أن تكشف أحافير السلف. وميكن أن تؤدي عملية ضم الدليل األحفوري مع التحليل اجليني إلى genome تق������دم العلم من خالل إضافة التغيرات في اجلينومالتي كانت تفصل خطنا التطوري عن خط أفراد الشيمبانزي

عندما ابتدأنا ألول مرة بالتباعد.إال أن������ه م������ن دون جينومات ه������ؤالء األف������راد القدماء من الهومينينات س������يكون من الصعب وضعهم في شجرة نسب العائلة - أو على ش������جرة من أشجار »العليق«. وهذا املسعى صعب بش������كل خاص »ألن هذه األش������ياء أكثر ارتباطا بنا من أي ش������يء آخر يعيش على وجه األرض حاليا،« بحس������ب قول <دي س������يلڤا>. وهكذا، على س������بيل املثال، عند محاولة معرفة

م������ا هي أصغر التغيرات في ش������كل عظم من عظام القدم عبر الزم������ن، أي معرفة العالقات التطوري������ة للمخلوقات املمثلة في الس������جل األحف������وري، فمن غير املفاجئ أنه������ا كانت، كما هو

متوقع، صعبة جدا وغالبا مثيرة للجدل.ومع أن الكثير من الباحثني يش������ك في قدرتهم على تش������كيل صورة مكتملة ألس������الف الهومني، فمن غير احملتمل أن مينعهم ذل������ك القلق من احملاولة. ولكن هذه الصورة املتغيرة باس������تمرار ستحتاج إلى االس������تعداد ملواجهة املزيد من أفراد أردي واملزيد الكثير من أفراد بيورتيل الذين يزعزعون ش������جرة نسب العائلة احملددة. »لنكن مستعدين إلثبات أننا على خطأ،« وفقا لقول <دي س������يلڤا>، ويتابع: »لنتقبل ذلك - ألن في هذا دليل يظهر بأن تلك

األمور أكثر إثارة لالهتمام والدهشة إلى أبعد احلدود.« <

»ما ننظر إليه بطرفة عني في السجلاألحفوري ما هو إال ومضة خاطفة للتنوع القدمي.«

<V .C. وورد>، جامعة ميسوري كلية الطب

ANCESTRAL QUAGMIRE )�(

<K. هرمون> محررة لدى مجلة ساينتفيك أمريكان.

سيصدر كتابها حول األخطبوط هذا اخلريف من قبل مؤسسة Penguin’s Current imprint. وقد قدمت<Sh. بيگلي> تقارير إضافية عن هذا املقال.

Scientific American, February 2013

مراجع لالستزادة Ardipithecus ramidus and the Paleobiology of Early Hominids. Tim D. White et al. in Science, Vol.326, pages 64 and 75–86; October 2, 2009.A New Hominin Foot from Ethiopia Shows Multiple Pliocene Bipedal Adaptations. Yohannes Haile- Selassie et al. in Nature, Vol. 483, pages 565–569; March 29, 2012.

Page 50: July August 2013 Oloom

48(2013) 8/7

وأخيرا اجلسيم هيگز؟)�(بعد بحثهم عنه لثالثة عقود، يبدو أن العلماء قد وجدوا

هذا اجلسيم املراوغ. ويظهر أن خصائصه الغريبةاملميزة تشير إلى بزوغ فجر حقبة جديدة في الفيزياء.

<M. ريوردان> - <G. تونيلي> - <L .S. وو>

في وقت متأخر من مساء 2012/6/14، مجموعات من طلبة الدراس������ات العليا والباحثني في مرحل������ة ما بعد الدكتوراه، الذين يعملون في املصادم الهادروني الكبير (LHC))1( بدأت بإمعان النظر في مخزن للبيانات data مت فتحه للتو. وهذه اآللة الضخمة في املختبر س������يرن، وه������و املختبر األوروبي لفيزياء اجلس������يمات الواقع بالقرب من مدينة جنيڤ، واظبت على إنتاج مقادير هائلة من البيانات خالل األشهر التي تلت استيقاظ اآللة بعد نومها الشتوي الطويل. ولكن الفيزيائيني العاملني في التجربتني الكبريني للمصادم LHC والذين يزيد عددهم على ال�6000 كانوا حذرين من إدخال انحيازات معينة بشكل غير مقصود إلى حتليالتهم. وقد وافقوا على أن يبقوا غي������ر مدركني للنتائج - منجزين ما يعرف باس������م حتليالت »عمياء« - لغاية منتصف الشهر 6، عندما مت الكشف فجأة

عن مجمل النتائج ضمن نوبة من الفعالية الليلية.وط������وال تلك الليلة، عمل العديد من العلماء الش������باب من أج������ل فك عقد الدالئ������ل احملررة حديثا. وعل������ى الرغم من أن املصادم LHC مصادم ضخم يغذي عدة جتارب، فإن جتربتيه الكبري������ني - ATLAS و CMS - قد أنيطت بهما دون غيرهما مهمة إيجاد البوزون هيگز، هذا اجلسيم الذي طال البحث عنه

والذي س������وف يكمل النموذج املعياري لفيزياء اجلسيمات - التوصي������ف النظ������ري للعال������م دون الذري. ويس������جل كل من الكاش������فني الضخمني احلطام دون الذري املنطلق بال هوادة من حوادث الصدم بني البروتونات التي تقع في وس������طهما؛ ورمبا يظهر حتليل مستقل وتفصيلي خلصائص هذه البقايا ظواهر جديدة عابرة، مبا فيها، رمبا، اجلسيم هيگز املراوغ. ومع ذلك، ينبغي على الكاش������فني أن يغربال وينتقيا مسارات هذا اجلس������يم وفي نتاجاته الطاقية مع تكبد حصار دائم من جس������يمات اخللفية ذات الطاقات املنخفضة التي تهدد بغمر وإخفاء إشارات كامنة مثيرة لالهتمام. يشبه هذا األمر حالة الش������رب من خرطوم كبير إلطفاء النيران بينما نحاول البحث

عن حبيبات مخبأة صغيرة من الذهب بأسناننا.وحلس������ن احلظ، كان العلماء يعرف������ون عما يبحثون. فبعد البداي������ة الكارثية للمص������ادم LHC - حيث س������خنت ضفيرة كهربائية بني مغنطيس������ني وانصهرت بعد تسعة أيام فقط من انطالق اآللة عام 2008 مطلقة ش������رارة ضخمة تس������ببت بثقب الوعاء احمليط، فحررت أطنانا من الهليوم واقتلعت العديد من

THE HIGGS AT LAST? )�(Large Hadron Collider )1(

باختصارأخفى الفيزيائيون البيانات الناجمة عن تش������غيل الربيع حتى عن أنفسهم »معتمني« حتليالتهم من أجل أال يدخلوا حتيزا فيها. وألقوا

النظرة األولى على األدلة اجلديدة في منتصف الشهر 2012/6.وللجس������يم »الش������بيه بالهيگز« الذي بزغ من البيان������ات كثير من اخلصائ������ص التي كان الفيزيائيون يفتش������ون عنها، ولكنه حمل معه أيض������ا بعض املفاجآت املبكرة التي ميك������ن أن تبني لنا الطريق نحو

مستقبل الفيزياء.

لعقود عديدة، متلص البوزون هيگز، وهو القطعة األخيرة املفقودة من بناء النموذج املعياري لفيزياء اجلسيمات، من الكشف عن وجوده

مع مجهودات الفيزيائيني التي ما انفك تعقيدها عن االزدياد.وقد وج������دت جتربتان ضخمتان في املصادم LHC التابع للمختبر سيرن في أواخر سنة 2011 إش������ارات مغرية توحي بوجود اجلسيم هيگز. وقته������ا، أمل الفيزيائيون بأن تش������غيل املصادم في ربيع عام

2012 سوف يقود إلى اكتشاف ما.

املجلد 29 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2013

Page 51: July August 2013 Oloom

49 (2013) 8/7

املغان������ط احمليطة ذات املوصلية الفائقة superconducting من أماكن تثبيتها - كان املصادم يجمع رزما كبيرة من البيانات خ������الل ع������ام 2011 تكفي اللتقاط أثر ضئيل مبكر يش������ير إلى

اجلسيم هيگز.بعد االنتهاء من دورة تش������غيل اآللة تلك في الش������هر 10، حيث يحني موعد توقفها املجدول خالل فصل الش������تاء، قامت <F. جيانوتي> ]الناطق الرسمي لتجربة الكاشف ATLAS[ مع

واح������د منا )<G. تونيلي>( ]الذي كان حينها الناطق الرس������مي لتجرب������ة الكاش������ف CMS[ بإلقاء محاض������رة خاصة جلمهور غفير من احلضور في قاعة احملاضرات الرئيسية في املختبر س������يرن. فقد وجدت في كل من الكاش������فني وبش������كل مستقل الواحد عن اآلخر نتوءات وقفزات توحي بوجود ش������يء ما في

جسم البيانات.

يضاف إل������ى ذلك، أن هذه اإلش������ارات املوحي������ة واملبلغة ع��ن اجل��س��������يم ه�ي�گ��ز واآلتي��ة م��ن الك��اش������فني كان��ت ت��ؤي��د وتكمل بعض�ه��������ا بع�ض��ا. فق����د أع��ل��ن في ك��ال الك��اش�������فني ATLAS و CMS عن بضع دستات من احلوادث فوق اخللفية

املتوقع������ة يظهر فيها فوتونان يتطايران بطاقة كلية قدرها 125 بليون إلكت������رون ڤلط، أو 125 جيــــڤ GeV )اجليڤ GeV هو الوحــــدة املعياريــــة standard unit للكتل������ة والطاقة في فيزياء اجلس������يمات، وتساوي تقريبا كتلة بروتون واحد(. وإذا كانت تصادم������ات البروتونات قد ولدت بوزونات هيگز لفترة وجيزة ف������إن هذه األخي������رة ميكن أن تكون قد تفكك������ت لتعطي هذين الفوتونني. كما وجد في كل من التجربتني كذلك بضعة حوادث إضافية ألربع������ة لپتونــــات leptons مش������حونة )إلكترونات electrons أو ميونــــات muons( حتم������ل طاق������ات كلية مماثلة.

Page 52: July August 2013 Oloom

50(2013) 8/7

وميك������ن لهذه احلوادث األخيرة أيضا أن تنجم عن اجلس������يم هيگز ]انظر املؤطر في الصفحة 52[. هذا ولم يحدث من قبل أن حصل مثل هذا التوافق في اإلشارات، مما أوحى بوجود

شيء حقيقي بدأ يظهر ضمن البيانات.ومع ذل������ك، واعتمادا على القواع������د الصارمة املتبعة في فيزياء اجلس������يمات، لم يك������ن أي من اإلش������ارات التي متت مالحظته������ا ع������ام 2011 قوي������ا بش������كل كاف يس������مح بادعاء »اكتش������اف« ما. إذ كثيرا ما ثبت في املاضي تالشي ذروات وقفزات مماثلة في جس������م البيان������ات، فهي لم تكن إال مجرد تراوحات وتقلبات عشوائية. وبإمكان التشغيل الناجح لآللة في ربيع عام 2012، الذي ولد خالل 11 أس������بوعا تصادمات بروتوني������ة أكثر مم������ا ولده في مجمل ع������ام 2011، أن ميحي بس������هولة هذه ال������ذروات الوليدة في جس������م البيانات مخمدا

إياها ضمن ضجيج اخللفية.وبالطب������ع، كان من املمكن لألمر املعاكس أن يحدث أيضا. ف������إذا كانت النتوءات والقفزات نتيجة لوجود اجلس������يم هيگز احلقيقي، وليس مجرد خدعة إحصائية قاس������ية، يكون مجمل هذه البيانات اجلديدة قد أعطى الباحثني فرصة جيدة تخولهم االدعاء بأنهم حققوا اكتش������افا رس������ميا - منهني بذلك البحث الذي اس������تغرق عقودا طواال ومس������تهلني عص������را جديدا في

فهمنا للمادة وللكون.

بحث استغرق ثالثة عقود)�( ال يع������د الب������وزون هيگز البتة مجرد جس������يم آخر، بل هو حجر الزاوية لص������رح فكري ضخم يعرف بالنموذج املعياري

الذي ميثل مجموعة من النظريات املتش������ابكة تش������كل فيزياء اجلسيمات احلديثة. لقد اقترح وجود هذا اجلسيم عام 1964 من قبل <W .P. هيگز> ]من جامعة إدنبره[ نتيجة آللية حذقة - ابتكرها <F. إنگليرت> و<R. براوت> في بروكسيل، إضافة إلى ثالثة نظريني في لندن بش������كل مس������تقل أحدهم عن اآلخر - تكسب اجلسيمات األولية كتلها. وميثل اجلسيم هيگز التجلي الفيزيائي ملائع أثي������ري )يدعى احلقل هيگز( يتخلل وينفذ في جميع أرج������اء هذا الكون ويصبغ اجلس������يمات األولية بكتلها املميزة. ومع اكتش������اف الكواركات والگليونات )الگريونات( Z و W خالل س������بعينات القرن املاضي، والبوزونات gluons

الثقيل������ة احلاملة للقوى الضعيفة م������ع بدايات ثمانينات القرن املاضي اتس������قت أغلبية قطع النموذج املعياري وبشكل متقن

في أماكنها. وعلى الرغم م������ن تأكيد النظريني وجوب وجود اجلس������يم هيگز - أو ش������يء مماثل له - فإنهم لم يستطيعوا التنبؤ بقيمة كتلته. ولهذا السبب وألسباب أخرى كان لدى الباحثني بضع إش������ارات مفتاحية ال غير يبحث������ون عنها. ففي عام 1984 وفي مص������ادم اإللكترون- الپوزت������رون ذي الطاق������ة املنخفضة الذي مت جتديده، في مدينة هامبورگ بأملانيا ظهر جس������يم مرش������ح يزن أقل بقليل من تس������ع مرات كتلة البروتون ليكون اجلسيم هيگز، ومع ذلك فإن أدلة وجوده ما لبثت أن خمدت وذوت بعد

متحيص إضافي.وقد اتفق أغلب النظريني على أن كتلة اجلسيم هيگز يجب أن تفوق القيمة الس������ابقة بنحو 10 إل������ى 100 مرة. وإذا كان األمر كذلك فإن اكتش������افه يتطلب مصادم جسيمات أكبر وذا طاق������ة أعلى بكثير حتى من املص������ادم تيڤاترون Tevatron في مختبر فيرم������ي الوطني، وهو مصادم بروتون- بروتون مضاد بقط������ر 6 كيلومترات مت إجنازه عام 1983. وفي هذه الس������نة نفس������ها، بدأ املختبر سيرن ببناء املصادم الكبير لإللكترون والپوزيترون )LEP()1( بتكلفة بليون دوالر، داخل نفق دائري محيط������ه 27 كيلومترا، مت حفره حتت األرض مجتازا احلدود السويس������رية الفرنس������ية أربع مرات بالقرب من جنيڤ. ومع أنه توجد أهداف فيزيائي������ة أخرى مهمة للمصادم LEP، فإن الكش������ف عن اجلس������يم هيگز تبوأ موقعا متقدم������ا في قائمة

األهداف املنشودة.ج فيزيائيو اجلس������يمات في الواليات املتحدة بتش������جيع روم������ن إدارة الرئيس <ريگان> »للتفكير الطم������وح الكبير« خلطط LEP ضخم������ة مدهش������ة تتضمن بناء آل������ة أكبر من املص������ادم

A THREE-DECADE SEARCH )�(Large Electron Positron Collider )1(

Michael Riordan

<ريـــوردان> مختص بتاريخ العلوم ومؤلف العديد من الكتب، منها

كتاب »تصيد الكوارك« )سيمون وشوستر 1987(. يقوم اآلن بكتابة ».SSC التاريخ املشؤوم للمصادم«

Guido Tonelli

<تونيلي> أستاذ في جامعة بيزا بإيطاليا، كما أنه باحث في املعهد

الوطني للفيزياء النووية في إيطاليا. وهو عضو في فريق عمل جتربة الكاشف CMS في املختبر سيرن منذ عام 1993، وعمل ناطقا رسميا

عن هذه التجربة في عامي 2010 و2011.

Sau Lan Wu

<وو> أمضت أكثر من 20 س������نة في البحث عن اجلسيم هيگز، أوال

ف������ي جتربة املص������ادم LEP، ثم كعضو في فري������ق جتربة ATLAS في املختبر س������يرن. تشغل مقعد األس������تاذية املميز إلنريكو فيرمي في

.Wisconsin-Madison الفيزياء بجامعة ويسكونسن - ماديسون

املؤلفون

Page 53: July August 2013 Oloom

51 (2013) 8/7

بتكلف������ة عدة باليني دوالر، ه������ي آلة املصادم - )1((SSC) العمـــالق ذي املوصليـــة الفائقةوذلك ف������ي أواخر ثمانين������ات القرن املاضي. لق������د مت تصميم املص������ادم SSC بطاقة صدم للبروتون- بروتون قدرها 40 تريليون إلكترون ڤلط )40 تيڤ TeV أو GeV 40 000( ليستطيع أن يقتفي أثر البوزون هيگز، حتى ولو قاربت

.GeV 1000 كتلتهولكن بعد أن تضاعفت التكلفة التقديرية للمصادم SSC حتى وصلت 10 باليني دوالر، صوت الكونغرس إلنهاء املش������روع وقتله عام 1993. وبعد ذلك، عاد متصيدو اجلسيم هيگز

في الواليات املتحدة، وقد مألهم اإلحباط إلى املختبر فيرمي وإلى املختبر س������يرن من أجل

متابعة هذا البحث عن اجلس������يم هيگز. وس������رعان ما اقتضت LEP االكتش������افات والقياس������ات الدقيقة املنجزة ف������ي املصادمواملصادم تيڤاترون بأن كتلة اجلسيم هيگز ال تتجاوز قيمة 200 GeV، مما جعل������ه في متناول هذين املصادمني من حيث املبدأ.

غي������ر أنه، وألكثر من عقد من الزمن م������ن البحث والتفتيش، لم يج������د الفيزيائيون أي بينة ثابتة على وجود نتوءات وقفزات في

جسم البيانات تشبه تلك التي للجسيم هيگز. وخالل التشغيالت النهائية آللة املصادم LEP في صيف عام 2000، قرر الفيزيائيون أن يرفعوا طاقة الصدم لتتجاوز ما كان������ت اآللة قد صمم������ت لتتحملها، وفق������ط عندها بدأت إش������ارات على وجود اجلس������يم هيگز بالظهور. ففي الشهر 9، أعلنت جتربتان من جتارب املصادم LEP األربع عن أدلة على وجود حفنة من احلوادث تتضمن البوزون Z مع جسيم آخر غامض تفكك ليعطي كواركني سفليني مما يجعله يشبه كثيرا الب������وزون هيگز بطاق������ة GeV 115. وفي ذلك اخلريف، سمح مدير املختبر س������يرن وقتها <L. ماالني> بتأجيل تنفيذ إغالق اآللة ملدة س������تة أسابيع إضافية، ولكن الباحثني خالل هذه الفترة اكتش������فوا حادثة إضافية واحدة فقط تخص هذا اجلس������يم املرشح، فلم يكن ذلك كافيا. ومن ثم قرر <ماالني> بعد مناقش������ة حامي������ة إغالق املص������ادم LEP والبدء بتحويله املخطط له س������ابقا إلى املصادم LHC، وهي آلة صممت من

أجل إيجاد البوزون هيگز.

اقتراب من االكتشاف)�( ميثل املصادم LHC جتميعا مدهشا من التقانات املتقدمة مت وضعه������ا معا. فقد بني������ت هذه اآللة داخ������ل نفق املصادم

LEP األصل������ي من قبل املئ������ات من فيزيائيي

املسرعات ومهندسيها يقودهم مدير املشروع <L. إيڤانس>، ولم يستعمل إال قليل مما تبقى من

ذلك املصادم. وتضم مكونات اآللة الرئيسية أكثر من 1200 مغنطيس فائق املوصلية ثنائي القطب - كل منها عبارة عن أس������طوانة ملاعة طولها 15 مترا وبتكلفة مليون دوالر لكل منها. وه������ذه املكونات التي تعد رمبا أعقد مكونات مت إنتاجها على نطاق واسع من قبل شركات في فرنس������ا وأملانيا وإيطاليا، تؤوي أنبوبني توأمني حلزمتني تطوقهما وشائع مغنطيسية مصنوعة من خليطة نيوبيوم- تيتانيوم مغمورة في الهليوم الس������ائل بدرجة حرارة 1.9 كلڤن أو - 271 درج������ة س������يلزية. وداخل األنبوبني تدور حزمتان بروتونيتان توأمان في كال االجتاهني وبطاقات

تصل إلى TeV 7 وبسرعات تقترب من سرعة الضوء. وتش������به هاتان احلزمتان حزمتي لي������زر نبضي أكثر من شبههما حزمتي ضوء ومضي، ألن كل حزمة تتألف من نحو 1400 »باق������ة«، حتوي كل منها بروتون������ات يصل عددها إلى

150 بليون - أي ما يس������اوي تقريبا ع������دد النجوم في مجرة

درب التبان������ة. ويحصل في حالة العم������ل العادية من 10 إلى 30 حادث������ة صدم بروتوني عند كل تقاطع باقتني. غير أن ذلك

يواف������ق، من ناحية ثانية، نح������و نصف بليون حادثة صدم في الثانية الواحدة.

إن ح������وادث ص������دم البروتونات أعقد بكثي������ر من حوادث صدم اإللكت������رون - والپوزيت������رون، ولقد ش������بهها الفيزيائي النظري الش������هير <R. فاينمان> ]من معهد كاليفورنيا للتقانة[ م������رة مثل عملية حتطيم علب النفايات عبر رميها بعلب نفايات مماثل������ة، وه������ذا يعني أن كثي������را من املخلفات س������وف يخرج منه������ا. إن البروتون������ات أجس������ام مركبة تتألف من كـــواركات quarks وگليونـــات gluons؛ وفي أكثر احلوادث لفتا لالنتباه،

GeV 100 يصط������دم گليونان أحدهما باآلخر بطاقات أعلى منوأحيانا تصل طاقة الصدم إلى TeV 1. ومبس������اعدة كواشف معق������دة وإلكترونيات مصممة وفق احلاجة وحواس������يب ذات تقانة حاضرة يح������اول الفيزيائيون أن يغربلوا بضعة حوادث منتخبة موافقة لفيزياء مثيرة لالهتمام من بني باليني احلوادث

املضجرة غير املهمة. CMS والكاش������ف ATLAS ال ميكن في جتربتي الكاش������ف

CLOSING IN ON DISCOVERY )�(the Superconducting Super Collider )1(

أوحت احملادثات الهامسة في

كافتيريا املختبر سيرن أو في ممراته

أن شيئا كبيرا كان بصدد الظهور والتنامي، وازداد

الضغط بشكل كبير إلعالن ذلك على

العموم.

Page 54: July August 2013 Oloom

52(2013) 8/7

واضح وتصمد بني إش������ارات اخللفيات العديدة التي ميكنها بسهولة غمر أي إشارة للهيگز.

إن تأجيل تش������غيل آل������ة املصادم LHC ملدة س������نة الناجم عن كارث������ة املغانط ع������ام 2008 منح فيزيائيي مختب������ر فيرمي إمكانية إجراء محاولة أخيرة بهدف اكتشاف اجلسيم هيگز. فقبل إغالق

The Delicate, Rare Fingerprints of the Higgs )�()1( أو: مقياس السعرات.

مكتشفات

البوزون هيگز جسيم غير مستقر للغاية، يتفكك سريعا عبر عدد من إجرائيـــات وعمليـــات مختلفة، أو »أمناط«. ولســـوء احلـــظ، كثير من أمنـــاط التفكك تلـــك غير قابل للتمييز عـــن الضجيج املدوي حلوادث

البصمات املرهفة والنادرة للجسيم هيگز)�(اخللفيـــة العاديـــة التي تنجم عن الـ 500 مليـــون اصطدام بني البروتون والبروتـــون فـــي كل ثانيـــة. وقد صممت التجربتـــان CMS و ATLAS كي تســـتطلعا احلـــوادث النادرة الالفتـــة لالنتباه التي ميكـــن أن تنجم عن

مش������اهدة اجلسيم هيگز مباشرة بس������بب تفككه السريع جدا إلى جس������يمات أخرى. بل يتم البحث عن دالئل تشير إلى أن اجلسيم هيگز قد ولد في الداخل. واعتمادا على كتلة البوزون هيگز ميكنه أن يتفكك إلى جسيمات أخف وفق طرائق متنوعة ]انظر اإلطار في األعلى[. وفي عام 2011، بدأ االهتمام ينصب عل������ى تفككات الهيگز النادرة إلى فوتونني وإلى أربعة لپتونات مشحونة، ألن اإلش������ارات املوافقة لهذه التفككات تبرز بشكل

املتوقع

املالحظ

البوزون هيگز

مساعر

فوتون

فوتون

فوتون

فوتون

ميونZ بوزون

ميون

إلكترون مضاد

إلكترون

ميون

ميون

البوزونات Zالفوتونات ،)calorimeter )1(يحتوي كل كاشف على عدة مساعر)جمع مسعر

وهي أجهزة لقياس طاقة اجلسيمات. إن املسعر األبعد إلى الداخل حساس بشكل خاص للكشف عن الفوتونات التي يتم امتصاصها

في داخله فتخلق إشارات كهربائية صغيرة. فإذا تفكك اجلسيم هيگز إلى فوتونني فإن الكاشف يستطيع قياس طاقتهما الكلية بدقة

عالية جدا، مما يساعد على إعادة إنشاء كتلة اجلسيم املكتشف حديثا بشكل دقيق.

ميكن للهيگز أن يتفكك إلى زوج من البوزونات Z، حيث ميكن ألي من الزوجني أن يتفكك بدوره إلى إلكترون مقترن بإلكترون مضاد ذي شحنة

معاكسة لشحنة اإللكترون، أو إلى ميونني. يقيس مسعر وجهاز تقفي أثر في داخل الكاشف اإللكترونات، في حني تطير امليونات للخارج مخلفة

مسارات شبيهة ببصمات األقدام مع طيرانها. وحتني حقول مغنطيسية شديدة مسار اإللكترونات وامليونات خالل رحلتها، مما يسمح بقياس

عالي الدقة والفصل لطاقتها ولكتلة اجلسيم هيگز األصلي.

املتوقع

املالحظ

إلكترون

إلكترون مضاد

Z بوزون

Page 55: July August 2013 Oloom

53 (2013) 8/7

املص������ادم تيڤاترون املجدول ف������ي الش������هر 2011/9 متاما، أعلنت التجربتان CDF وD-zero في هذا املصادم زيادة طفيفة في عدد احلوادث املوافقة لظهور أزواج من الكوارك الس������فلي عند طاقات مركبة تقع بني 125 و GeV 155. ولكن كما كان احلال عند إغالق املصادم LEP، لم يس������تطع الباحث������ون إقناع مدير املختبر منحهم تأجيال ملوعد اإلغالق، وس������رعان م������ا مت إطفاء املصادم تيڤاترون ]انظر: »في انتظار جس������يم هيگز«، ، العددان 4/3 (2012)،

صفح������ة 46[. )قدم هؤالء الفيزيائيون في الش������هر 2012/3 تقريرا حتليليا أكثر تفصيال يبني نتوءا متمركزا عند GeV 125، مما يعزز

نتائج املختبر سيرن(.

اجتياز خط النهاية)�( وبحلول الش������هر 2012/5، كان املصادم LHC يولد بيانات

CROSSING THE LINE )�(

تفكك اجلســـيم هيگز وترمي باحلوادث املتبقية بعيدا. وتبني الرســـوم أدنـــاه أربعة من أكثر أمنـــاط التفكك أهمية تســـتخدمها التجربتان من أجـــل البحث عن اجلســـيم هيگـــز، إضافة إلى صور لإلشـــارات الفعلية

الشـــبيهة بإشـــارات اجلســـيم هيگز التي الحظها الكاشف CMS خالل تشـــغيلي 2011 و2012. )مبا أن طبيعة االكتشـــاف إحصائية، فال ميكن

حلدث منفرد أن يستخدم برهانا قاطعا عليه.(

بوزونات Wكواركات سفليةميكن للجسيم هيگز أن يتفكك أيضا إلى كوارك سفلي ومضاده، حيث يتفكك كل منهما إلى »دفق نفاث« من جسيمات ثانوية تدعى هادرونات

hadrons )وهي جسيمات مركبة تتكون من كواركات(. تطير هذه الهادرونات عبر الطبقات الداخلية للكاشف وتودع طاقاتها في املساعر اخلارجية. ولسوء احلظ، يولد كثير من حوادث الصدم االعتيادية أيضا

دفقات نفاثة من الهادرونات ناجتة من كواركات سفلية، مما يجعل تييز احلوادث اخلاصة باجلسيم هيگز عن اخللفية أمرا صعبا.

ميكن للهيگز كذلك أن يتفكك إلى بوزونني W، حيث يستطيع كل واحد منهما أن يتفكك إلى إلكترون، وإلكترون مضاد أو ميون، إضافة إلى نترينو ومضاد نترينو. ومن املستحيل تقريبا الكشف عن النترينوهات، فهي تطير

بسرعة إلى خارج الكاشف كما لو أنها لم توجد البتة هناك، آخذة معها حفنة من طاقة حادثة التفكك. ويستخدم الباحثون هذه الطاقة الضائعة كي

يستدلوا على وجود النترينوهات، ولكن هذه الطاقة الضائعة تنعهم من ناحية أخرى من إعادة إنشاء كتلة البوزون هيگز األصلي بشكل دقيق.

دفق نفاثكوارك سفلي

كوارك مضاد سفلي

ميون

ميون

طاقة ضائعة

نترينو

W بوزون

W بوزونإلكترون مضاد

املتوقع

املالحظ

املتوقع

املالحظ

دفق نفاث

نترينو مضاد

إلكترون مضاد

دفق نفاث

دفق نفاث

Page 56: July August 2013 Oloom

54(2013) 8/7

أو جالسا على األرض. وقلة منهم نامت بعمق الليلة السابقة، فالتوتر واالنفعال خيما على احلجرة.

ناقش املتحدث األول طريقا ممكن������ا - أو »قناة« - لتفكك اجلس������يم هيگز إلى أزواج من البوزون������ات W. فظهرت زيادة طفيف������ة من احلوادث في منطقة الكتل������ة املنخفضة األكثر لفتا لالهتمام، ولكن اإلش������ارة الضعيفة هذه ل������م تولد إثارة كبيرة ل������دى احلضور. وبعد ذل������ك، تعاقبت عروض ع������ن التفككات النادرة إلى أربعة لپتونات وإلى فوتونني. بدا األمر اآلن وكأن البوزون هيگز قد بدأ فعال بالظهور أخيرا. وكانت اإلش������ارات املتأتي������ة م������ن بيانات ع������ام 2012 تقع مرة أخ������رى في اجلوار نفس������ه - بالقرب من GeV 125 - ذلك الذي حير الباحثني قبل ستة أشهر. فأدرك العلماء بشكل فوري تقريبا أنهم لو ضموا البيان������ات اجلدي������دة إلى نتائج عام 2011 ف������إن الفرصة كبيرة ليس������تطيع الكاش������ف CMS االدعاء بتحقيق اكتشاف الهيگز.

وهلل اجلمع مبتهجا عند نهاية العرضني املفتاحني.لق������د حصلت أنواع مماثلة من الكش������وفات ف������ي التجربة ATLAS. فانطلق������ت احتفاالت آنية ذاتي������ة في عدة مجموعات

عندما ش������اهد أعضاؤه������ا البيانات اجلديدة. وم������ع ذلك فقد استغرق األمر أكثر من أسبوع من أيام العمل الطويلة والليالي الس������اهرة قبل أن يتأكد ه������ؤالء الفيزيائيون أنهم قادرون على االس������تنتاج أن فرصة كون هذه احل������وادث نتيجة لتراوحات وتقلب������ات عش������وائية أقل م������ن واحد من ثالث������ة ماليني - مبا

Five Decades of the Higgs )�(

أس������رع ب�15 مرة من أعلى معدل إنت������اج بيانات بلغه املصادم تيڤاترون في حياته، وذلك بفضل جهود الفيزيائيني واملشغلني بقيادة مدير املس������رع <S. مايرز>. وجسد هذا التشغيل بلوغ ذروة عقدي������ن من العمل قام به آالف من فيزيائيي الكاش������فني ATLAS و CMS الذين بنوهما ويقومون اآلن بتشغيلهما، وكذلك

الذين صمموا منظومة حاس������وبية يقومون اآلن بإدارتها لتقوم بتوزي������ع البيانات حول العالم، فابتك������روا عتاديات وبرمجيات حاس������وبية جدي������دة من أجل تع������رف حوادث الص������دم األكثر منفعة وجدارة باالهتم������ام، وكتبوا اخلوارزميات القادرة على اس������تخالص احلوادث األكثر صل������ة مبوضوع البحث من بني الكتلة الضخمة للبيانات املسجلة. لقد عمل هؤالء جميعا بشكل محموم متوقعني حتقيق اكتشاف. لذلك، عندما فتح الباحثون أقفال مجموع������ات البيانات التي لديهم في منتصف الش������هر 2012/6 وج������دوا وابال جارفا من احل������وادث عليهم التمحيص

في������ه وغربلته. وبع������د عمل طلبة الدراس������ات العليا ومرحلة ما بعد الدكتوراه بتلهف طوال تلك الليلة كانوا مستعدين بترقب

ليكشفوا عما وجدوا.كان الطق������س ح������ارا في فترة م������ا بعد الظهي������رة من يوم 2012/6/15، عندما بدأ فيزيائيو الكاش������ف CMS بالتجمع في

احلج������رة 222 من مبنى املختبر س������يرن املنقى كي يس������معوا تقارير الفيزيائيني الش������باب. وس������رعان م������ا امتألت احلجرة مبئات من األعضاء املش������تركني في التعاون العلمي - من بني نحو ال�3000 عض������و باإلجمال - حيث بقي الكثير منهم واقفا

خط متابعة زمنيخمسة عقود في البحث

عن اجلسيم هيگز)�(ميثـــل اكتشـــاف هذا الصيف جلســـيم شـــبيه بالهيگـــز ذروة النجـــاح لبحث أدرك فقـــد طـــواال. عقـــودا اســـتمر الباحثون في الســـنوات التي ســـبقت صياغـــة النمـــوذج املعيـــاري لفيزيـــاء اجلســـيمات أال تفســـير لديهم لســـبب امتـــالك اجلســـيمات الكتـــل التي لها. واقترحت سلســـلة من األفكار النظرية املبصـــرة واخلالقة وجـــود نوع جديد مـــن احلقول – يدعى اآلن باســـم حقل ميكنـــه إبطـــاء اجلســـيمات – هيگـــز ومنحهـــا عطالتهـــا الكتليـــة. وينبغي مقابـــل لـــه يكـــون أن احلقـــل لهـــذا جســـيمي، وهكـــذا ابتـــدأ البحـــث عن

اجلسيم هيگز.

1979/8اكتشاف الگليون

الحظ العلماء وألول مرة الگليون، وهو اجلسيم

املسؤول عن القوى النووية، في مختبر ديزي مبدينة

هامبورگ بأملانيا. وأظهرت حسابات النظريني أن اندماج

الگليونات سوف يخلق بوزونات هيگز أكثر من أي

عملية أخرى.

1989/7مصادم جديد يصبح جاهزا

أنشأ املختبر سيرن، بهدف اصطياد طرائد

LEP أكبر، املصادمضمن نفق دائري

طوله 27 كيلومترا.

1964/8الورقات العلمية

نشر <F. إنگليرت> و<R. براوت> أولى ورقات ثالث مقترحني وجود جسيم مع آلية سوف حتمل الحقا اسم <W .P. هيگز> )الصورة إلى اليمني( مؤلف الورقة الثانية التي

نشرت بعد الورقة األولى بأسبوعني، ثم نشر <G. گورالنيك> و<C. هاگن>

و<T. كيبل> الورقة الثالثة في الشهر 11.

1983/1W اكتشاف البوزون

مت الكشف عن واحد من آخر القطع املفقودة للنموذج املعياري عندما التقطت جتربة في

Super Proton املواقت البروتوني الفائقSynchrotron في املختبر سيرن بالقرب من

جنيڤ البوزونات W ألول مرة.

Page 57: July August 2013 Oloom

55 (2013) 8/7

يوافق املعيار الصارم لل�»خمسة سيگما« five sigma )سيگما ه������و االنحراف املعي������اري اإلحصائي( الذي يص������ر فيزيائيو اجلس������يمات عليه قبل ادعاء اكتشاف ما. وقد استقبلت حلظة

هذا التمييز بالتصفيق الصاخب وبهتافات االبتهاج. وبحلول هذا الوقت، كانت األخبار قد تسربت عن اكتشاف ما. فبدأ االهتم������ام العاملي بالنمو لدرجة ش������ديدة مما وضع الس������رية في املقام األول. إذ تعني منع أي تسرب إضافي قبل إعالن اخلبر رس������ميا، وخاصة ألن احملت������وى الدقيق للوثائق موض������ع التحضير قد يتغير. فقد طلب إلى أعضاء الكاش������ف ATLAS أال يتحدثوا عن النتائج اجلديدة مع فيزيائيي الكاشف

CMS، والعكس بالعكس. غير أنه لم يستطع الفيزيائيون فرادى

مقاومة مناقشة هذه األخبار التي طال انتظار الكثير لها. وقد أوحت احملادثات الهامس������ة في كافتيريا املختبر سيرن أو في ممراته أن ش������يئا كبيرا كان بصدد الظهور والتنامي، وازداد

الضغط بشكل كبير إلعالن ذلك على العموم. ألق������ى مدير املختبر س������يرن <R-D. هوير> نظرة مبكرة على نتائ������ج البحوث وخالل اجتماع عقد يوم 6/22 مع <جيانوتي> و<J. إنكانديال> ]من جامعة كاليفورنيا في س������انتا بربارا[ - خلفي <تونيلي> الناطق الرس������مي باسم التجربة CMS. فقرر <هوير> أن األدلة كانت قوية كفاية لكي تعلن على املأل. وأخبر

فورا مجلس إدارة املختبر س������يرن )هيئته الرئاس������ية( بهدف إطالعهم وجعلهم يس������ايرون التطورات السريعة. حينئذ، قرر <هوير> إقامة ندوة مش������تركة في املختبر سيرن يوم 2012/7/4

لتتزامن مع افتتاح املؤمتر الدولي السادس والثالثني لفيزياء الطاق������ات العالية في مدينة ملبورن بأس������تراليا، يليها مؤمتر

صحفي في املختبر سيرن. وف������ي الليلة التي س������بقت الندوة، نام مئ������ات الفيزيائيني نوما خفيف������ا غير منتظم في األروقة خارج قاعة احملاضرات الرئيس������ية املقفلة، آملني باس������تماتة بأن يحصلوا على مقعد م������ن املقاعد غير احملجوزة املتبقية في الداخل. جلس <ماير> و<إيڤانس> وأربعة مديرين س������ابقني للمختبر س������يرن كانوا على صل������ة كبيرة باملصادم LHC منذ إنش������ائه، في الصف األول. توج������ه <P. هيگز>، الذي كان ق������د وصل للتو بالطائرة إلى جنيڤ، إلى داخل القاعة فاس������تقبله احلضور بتصفيق

حار ومستدمي، وجلس إلى جانب <إنگليرت>. ع������رض <إنكانديال> ثم <جيانوتي> س������ريعا مجموعة كبيرة من ش������رائح العرض عن البيانات والنتائج اجلديدة التي تغطي بشكل أساسي قياسات عام 2012. وكما كانت احلال في الشهر 12، أظهرت مخططات بيانات الفوتونني ذروات الفتة للنظر تبرز

في املج������ال بني 125 و GeV 126. وفي هذه املرة، احتوت نتائج التجارب أكثر من دستة من حوادث إضافية تفجر فيها جسيم ثقيل ليعطي أربعة لپتونات مشحونة عند الطاقة GeV 125. كما

بدأت ذروات دقيقة بالتشكل في تلك القناة أيضا.هذا األمر حس������م املسألة، إذ بضم هذه النتيجة إلى نتيجة الفوتونني، استنتج بواسطة الكاشفني CMS و ATLAS وبشكل مستقل أحدهما عن اآلخر أن فرصة كون هذا الظهور صدفة

2012/7/4وجد جسيم شبيه بالهيگز

أعلن علماء املختبر سيرن أنهم اكتشفوا جسيما شبيها بالهيگز

.GeV 125 كتلته

2008/9/19كارثة حصلت

سخنت ضفيرة كهربائية بني مغنطيسني وانصهرت مطلقة شرارة

ضخمة ثقبت الوعاء احمليط مبغنطيس وحررت أطنانا من الهليوم السائل.

واقتلع أكثر من 50 مغنطيسا من أماكن تثبيتها، أو أضحت معطلة.

2000/11/2نهاية حقبة

أغلق املصادم LEP للبدء بإنشاء LHC املصادم الهادروني الضخمفي املختبر سيرن، وهو اآللة التي

سوف جتد اجلسيم هيگز في آخر األمر.

2008/9/10بدأت جميع النظم بالعمل

أطلقت احلزم البروتونية األولى لتدور ضمن املصادم LHC الذي انتهى بناؤه حديثا.

2000/9دفعة أخيرة للكشف عن اجلسيم هيگز

اكتشف العلماء في املصادم LEP إشارات عن البوزون هيگز عندما حان موعد إغالق اآللة بشكل دائم بالضبط. عرض

اإلداريون تديد عمل اآللة مهلة قدرها ستة أسابيع ودفعوا بطاقتها مبا يتجاوز حدود طاقة تصميمها، ولكن هذه اجلهود

ذهبت هباء. نعرف اآلن أن اإلشارة الضعيفة تلك لم تكن في نهاية األمر موافقة للجسيم هيگز، ألنها تقع عند الكتلة اخلطأ.

إعداد <M. فيسندن>

التتمة في الصفحة 83

Page 58: July August 2013 Oloom

56(2013) 8/7

عجائب صغيرة)�(مجهر )ميكروسكوب( ضوئي

يكشف عن أعاجيب العالم الطبيعي.<K. وونگ>

دوام������ة زجاج ملون م������ن خاليا نبات الصبار، غاب������ة معمرة من اخلاليا العصبية بش������بكية فأر، بحر جنوم من الشعيرات على ورقة شجيرة بحديقة متعضيات organisms لديها طريقة مذهلة إلعادة تكوين نفسها حتت املجهر مما يعطي الباحثني تقديرا جديدا ملا أس������ماه <Ch. داروين> »أشكال الطبيعة

الالنهائية األكثر جماال.«وف������ي هذه العوالم الدقيقة ينش������أ اجلم������ال عن كل م������ن أملعية احللول التطوري������ة على نطاقها الصغير ملواجهة حتديات احلياة ومن التقانات التي يس������تخدمها العلماء في تصوير البن������ى البيولوجية والعمليات. وحني متعن النظر من خالل العدس������ة تكتش������ف كونا في جنني أو عضو أو خلية. وكما قال <I. س������يڤانوفيتش> ]من معهد هوارد هي������وز الطبى[ ]انظر الصور في الصفحتني 59 و 61[: »يس������مح املجهر لي بأن أرى ما وراء البش������رة، وأن استكش������ف الترتيب الفخيم لأللياف العضلية أو شبكة العصبونات املعقدة التي تش������بة الكس������ور، وأن أقدر أن اجلمال )رمبا ف������ي أكثر معانيه( ليس فقط في عمق اجللد. لقد كان <س������يڤانوفيتش> من بني الفائزين في مسابقة ش������ركة Olympus العاملية للتصوير الرقمي للمش������اهد احليوية لعام 2012 والتي ترحب باملس������اهمات من العلماء والهواة على حد سواء. وصوره مع غيرها من املس������اهمات والتي قد راق ملجلة ساينتفيك أمريكان أن تزين بها صفحاتها. ونحن نأمل بأن تس������تمتع وأنت في مقعدك بهذه الس������فاري في

هذا العالم املصغر الذي يلتقي فيه العلم والفن. <

SMALL WONDERS )�()aloin ،ALOIN CELLS )1 = مادة مرة املذاق تذوب في املاء وتس������تخرج من نبات الصبار وتستخدم بشكل

. أساسي ك�ملني

خاليا األلوين)1(: كان <I .A. ميخالتسوڤ> ]عالم النبات من مركز األطفال البيئي واحليوي في أومســــك بروســــيا[ يدرس تشــــريح الصبار من النوع Aloe erinacea، وهو من األنواع املهددة باالنقراض وموطنه األصلي ناميبيا، عندما التقط هذه الصورة خلاليا األلوين )باللون األزرق(، وهذه اخلاليا تفرز مكونا من مكونات عصير هالمي الشكل يرشح من أوراق الصبار املقطوعة. وقد اســــتخدم <ميخالتســــوڤ> أســــلوب تصوير ملون قــــام بتطويره. وعرض عنقــــود من خاليا

ألوين يبلغ 300 ميكرون.

املجلد 29 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2013

Page 59: July August 2013 Oloom

57 (2013) 8/7

Page 60: July August 2013 Oloom

58(2013) 8/7

)1( الدياتوم������ات: هي مجموعة متنوعة من الطحالب الوحيدة اخللية ويص������ل عدد أنواعه������ا إلى 1200 ن������وع وتتراوح حجومه������ا ما بني 5 إلى 200 ميكرون غير أن أنواعا قليلة

منها يصل حجمها إلى 2 ملليمتر.Rhizosolenia setigera )2(

binary fission )3(

اخلاليا النجمية في الشبكية: نسيج من اخلاليا في شبكية )عني( الفأر توضح شبكة من اخلاليا النجمية العنكبوتية الشكل )باللون

األسود(، وهذه الشبكة تعمل على التوازن بني كمية األيونات واملاء في الفراغ احمليط بالعصبونات

)باللون البرتقالي( ومحاورها )باللون األخضر(. تلتف أذرع اخلاليا النجمية حول األوعية الدموية والتي تبدو كقضبان عمودية سوداء تكون حائال

ماديا وكيميائيا يحدد أيا من اجلزيئات يصل إلى العصبونات. وقد أنتجت الباحثة في علم

بيولوجيا األعصاب بجامعة يوتا <A.بوسكو> هذه الصورة للشبكية مبقياس 0.1x5 ملليمتر كجزء من بحثها حول دور اخلاليا النجمية في أمراض مثل

الگلوكوما )املاء الزرقاء(.

تكاثر الدياتومات)1(: يقوم الدياتوم البحري)2( باالنشطار الثنائي)3(، وهو نوع من أنواع التكاثر

الالجنسي وفيه تنقسم اخللية األم إلى خليتني بنتني golden structures فالبنى الذهبية .daughter cells

هي البالستيدات اخلضراء، وهي اجلسيمات التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي. والصدفة الشفافة

لهذا املتعضي مكونة من سيليكات الزجاج. ولتكوين هذه الصورة مت استخدام 15 صورة مجهرية تظهر

نحو 300 ميكرون من اخلاليا احلديثة االنقسام.

جناح الفراشة: إن اجلمال الصافي جلناح الفراشة يظهر في هذه الصورة التي التقطتها <S. خوداڤيردي>

التي حصلت على املاجستير في بيولوجيا النبات من جامعة تبريز بإيران. وتغطي أجنحة الفراشة قشور

scales دقيقة. إن لون وتقزح األجنحة ينشأ عن كل من الصبغات في هذه القشور، ومن الطريقة التي يتفاعل

بها الضوء مع البنى الدقيقة لهذه القشور.

Page 61: July August 2013 Oloom

59 (2013) 8/7

األكياس البوغية للســـراخس)1(: بفحص اجلانب الســـفلي لســـعفة الس������رخس fern، رمبا جتدها مغطاة ببقع ســـوداء تســـمى اللطع sori. وتتكون كل لطعة من Polypodium virginianum أو جرثومة خاصة بالتكاثر. وتختلط هنا األكياس البوغية للسرخس املسمى spore مجموعات من األكياس البوغية والتي حتتوي على بوغة)بنـــى متعـــددة األلوان( بشـــعيرات متخصصة تســـمى باحلوافظ paraphyses )باللـــون األحمر( والتي يعتقد أنها حتمي اجلراثيم من العناصـــر. وقد قام الباحث في علم بيولوجيا األعصاب <I.ســـيڤانوفيتش> ]من معهد هوارد هيوز الطبي في أشـــبورن بوالية فيرجينيا[ بتصوير هذه اللطع التي بلغ طولها ملليمترا واحدا باســـتخدام

الصبغة الفلوريسنتية نفسها التي استخدمها للحيوانات الالفقارية.

)1( السراخس: هي نباتات وعائية بسيطة التركيب ال تنتج زهورا، معظمها عشبي والقليل منها شجيرات أو أشجار وأشهرها سرخس كزبرة البئر.

Page 62: July August 2013 Oloom

60(2013) 8/7

ZEBRA FISH EMBRYO )1()W .K> )2. ديهنيرت> و <T .S. لولني> و <H. آرون> و <R .C. بيرتوزي>

جنـــني ســـمكة الزرد)1(: لقـــد حصل على هـــذه الصـــورة الباحثون)2( فـــي جامعة كاليفورنيا وهي صورة جلنني س������مكة زرد zebra fish حي منذ 19 ســـاعة )في األعلى(، باســـتخدام قـــوة تكبيـــر بلغت عشـــر مرات بينمـــا كانوا يدرســـون كيف يتغيـــر توزيع مجموعـــة مـــن الكربوهيـــدرات احملتوية على ســـكر مثـــل الفيكوز أثناء التطـــور. وتعد

إضافة سكر الفيكوز ضرورية لتطور اجلنني بشكل مناسب.

شـــعيرات األوراق: شـــعيرات جنمية الشـــكل تغطي أوراق نبات الزينـــة، الدودزيا Deutzia scabra )فـــي اليمـــني(. وتقـــوم هذه الشـــعيرات والتي هي بطـــول 0.25 ميللمتر بحمايـــة النبات من احليوانات الراعية والرياح والصقيع واألشـــعة فوق البنفســـجية. ففي اليابان يســـتخدم النجارون األوراق اخلشـــنة للتلميع الناعم. وإللقاء الضوء على هذه الكثافة من الشعيرات املتباينة الطول قام مصور امليكرو احلر <S. لوري> بالتقاط سلسلة من الصور مبحارق foci مختلفة، ومن ثم قام بتجميع هذه املعلومات باستخدام

برنامج حاسوبي إلنشاء صورة مجمعة واحدة.

يرقـــات العثة: فـــي صورة مجهريـــة ثانية التقطت بواســـطة <ســـيڤانوفيتش> )في الصفحة املقابلة(، يرقة عثة رخوة تعد نفسها لتتدثر فى شرنقة حريرية كمرحلة أخيرة مـــن مراحـــل حتولها إلى فراشـــة بالغة. وكل واحدة من عيونها البســـيطة حتوي ســـت عدســـات قبابيـــة الشـــكل. وفي املقابل، للفراشـــات البالغة عيون كبيـــرة مركبة ومتعددة األوجـــه. ولتعويـــض فقـــر الرؤية الذي تســـببه عيونها البســـيطة، فـــإن اليرقات مغطاة

مبستقبالت حلواس أخرى. وعرض رأس اليرقة يبلغ تقريبا 0.5 ميللمتر.

Scientific American, January 2013

مراجع لالستزادة For more information about the Olympus BioScapes competition, visit www.olympusbioscapes.com

Page 63: July August 2013 Oloom

61 (2013) 8/7

Page 64: July August 2013 Oloom

62(2013) 8/7

املجلد 29 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2013

أسطورة مضادات األكسدة)�(يشوب الشك اآلن الفكرة القائلة إن األذى الذي تسببه األكسدة

يؤدي إلى التشيخ aging وأن تناول الڤيتامينات قد يحافظ على شبابنا.<W .M. موير>

ف�ي ع���������ام 2006، ان��ق��ل��ب��ت ح��ي����اة <D. جيمس> رأس������ا على عقب بس������بب

مجموعة من الديدان التي استمرت في احلي������اة، مع أنه كان م������ن املفترض أن متوت. وكمدير مس������اعد ملعهد التشيخ ف������ي كلية لندن اجلامعية، فإن <جيمس> يق������وم بانتظ������ام بإجراء جت������ارب حول ،Caenorhabditis elegans الدودة األنيقةوه������ي دودة م������دورة تس������تخدم ع������ادة لدراس������ة بيولوجيا التش������يخ. وقد كان <جيمس> في ه������ذه احلالة يختبر فكرة

مفادها أن تراكم الضرر اخللوي الذي

تتسبب به األكس������دة - وهي فنيا عبارة عن عملية إزالة اإللكترونات من اجلزيء بالطريق������ة الكيميائية بواس������طة مركبات ش������ديدة التفاع������ل مثل اجلـــذور احلرة free radicals - هي اآللية الرئيسية التي

تس������بب التش������يخ. وطبقا لهذه النظرية، فإن األكس������دة املتفشية تفسد املزيد من الده������ون والبروتينات وقصاصات الدنا DNA وغيره������ا م������ن مكون������ات اخلاليا

الرئيس������ية عبر الزمن، مم������ا يؤدي إلى إضعاف األنسجة واألجهزة ومن ثم إلى

أداء اجلسد ككل. قام <جيمس> بإجراء هندسة جينية للديدان املذكورة بحيث توقفت عن إنتاج بع������ض اإلنزمي������ات التي تعمل بش������كل طبيع������ي عمل مضادات أكس������دة، وذلك عن طريق إيقاف عم������ل اجلذور احلرة. ومما ال شك فيه أنه في غياب مضادات األكسدة، فإن مس������توى اجلذور احلرة في الديدان ق������د ارتف������ع ارتفاعا كبيرا وأدى إلى تفاعالت أكس������دة قادرة على

أن تسبب تلفا بأجسام الديدان.توقع������ات نقي������ض عل������ى أن������ه إال <جيمس> فإن الديدان املتحولة لم متت

قبل أوانها، بل عاش������ت مثل أية ديدان أخرى؛ وأصابت احليرة الباحث؛ »قلت ال ميك������ن أن يكون هذا صحيحا،« كما تذكر، ث������م أضاف: »م������ن الواضح أن ش������يئا خاطئا قد حدث هن������ا.« ومن ثم

طل������ب إلى باحث آخر ف������ي مختبره أن يتأكد من النتائج ويعيد إجراء التجربة مرة أخرى؛ لكن لم يتغير ش������يء، إذ لم الديدان تلك املضادات لألكسدة تنتج ولكنها كدس������ت اجلذور احل������رة كما ت في س������ن توقعن������ا، غي������ر أنها لم متمبك������رة على الرغم م������ن أنها تعرضت

لضرر هائل من األكسدة. وقد وجد علماء آخرون نتائج محيرة مشابهة باس������تخدام حيوانات مختبر غير الديدان. فف������ي الواليات املتحدة األمريكي������ة، قام <A. ريتشاردس������ون> ]وهو مدير معهد بارش������وب لدراسات التعمي������ر والتش������يخ في مرك������ز علوم الصحة التابع جلامعة تكساس بسان أنتوني������و[ بإج������راء عمليات هندس������ة جيني������ة على ثماني عش������رة س������اللة مختلف������ة من اجل������رذان، أنتج بعضها أكث������ر من إنزمي������ات معين������ة مضادة لألكس������دة تزيد عما ينت������ج عادة، كما أنت������ج بعضها اآلخ������ر إنزميات معينة مضادة لألكس������دة تقل ع������ن اإلنتاج العادي. فإذا كان الضرر الذي تسبب به إنتاج اجل������ذور احلرة وما تبعه من األكس������دة مس������ؤوال عن التشيخ، فإن اجلرذان التي ارتفعت نسبة مضادات األكس������دة في أجسامها كان يجب أن تعيش مدة أطول من اجلرذان التي لم

THE MYTH OF ANTIOXIDANTS )�(

باختصارعل������ى مدى عقود، افت������رض الباحثون أن جزيئ������ات ش������ديدة التفاعل تس������مى »جذورا حرة« تس������بب التشيخ بتخريبها خلاليا اجلسم، ومن ثم فهي تقوض عمل

األنسجة وأعضاء اجلسمإال أن التج������ارب التي أجريت مؤخرا تبني أن الزيادات في بعض اجلذور احلرة في اجلرذان والديدان ترتبط بفترة حياة أطول. وف������ي الواقع، في بعض الظروف، يبدو أن اجلذور احلرة تشير إلى شبكات

إصالح خلوي.وإذا تأكدت هذه النتائج، فقد تش������ير إل������ى أن تناول املواد املضادة لألكس������دة على ش������كل ڤيتامينات أو مكمالت غذائية أخرى ميكن أن يضر باألفراد األصحاء

أكثر مما ينفعهم.

Page 65: July August 2013 Oloom

63 (2013) 8/7

تكن لديها إنزميات أكس������دة. وقد قال <ريتشاردس������ون>: »ولكنن������ي رصدت

تل������ك املنحنيات العمري������ة االفتراضية امللعونة ولم أجد أي فرق بينها يصل إلى بوصة.« وقد نش������ر نتائجه املثيرة للدهشة بازدياد مضطرد في سلسلة

مقاالت بني عامي 2001 و 2009. وف������ي غض������ون ذلك، وف������ي مكان ال يبع������د س������وى بضع������ة أب������واب عن <ريتشاردس������ون> ف������ي ذات البه������و،

الس������نوات بافنس������تاين> .R> أمضت اإلحدى عش������رة األخيرة وهي حتاول أن تفهم ملاذا استطاع أحد القوارض األط������ول عمرا، وهو ج������رذ اخللد ذو البـــدن العاري naked mole rat احلياة ملدة تتراوح بني 25 و 30 س������نة - وهذا العم������ر يزيد ثماني م������رات على جرذ مياثله باحلجم. وق������د أظهرت جتارب <بافنس������تاين> أن جرذان اخللد ذات

الب������دن العاري متتلك مس������تويات من مضادات األكس������دة الطبيعية أقل من

تلك التي متتلكها الفئران وتتراكم أذية األكس������دة في أنسجتها في عمر مبكر عن مثيالتها م������ن القوارض، ولكن من املفارق������ات أنها تعيش حي������اة هي في واقع األمر خالي������ة من األمراض حتى

متوت وقد بلغت عمرا مديدا.وليس������ت هذه النتائج سوى هرطقة فارغ������ة في رأي أنص������ار النظرية التي دام������ت طويال ب������أن التش������يخ ينتج من تلف طويل األمد مرده األكس������دة. غير أنه������ا قد صارت تبتعد عن كونها حالة خاصة وتقترب من أن تصبح القاعدة. وخالل العقد املاض������ي، فإن التجارب العديدة، التي كانت مصممة لتقدمي دعم إضافي للرأي القائل إن اجلذور احلرة واجلزيئ������ات التفاعلي������ة األخرى تدفع عجلة التش������يخ، قد قامت على العكس م������ن ذل������ك بتحديها مباش������رة. إضافة إلى ذلك، يبدو أن������ه في بعض املقادير واحل������االت، فإن ه������ذه اجلزيئات ذات الطاقة العالية قد ال تكون خطرة، بل إنها

قد تكون مفي������دة وصحية تؤجج آليات الدفاع التي تبقي أجسادنا في أفضل أحوالها. وليس لهذه األفكار فقط آثار بالغة في التطبيقات املستقبلية ملقاومة التش������يخ بل إنها أيضا تثير تساؤالت حول احلكمة العامة من تناول جرعات م������ن الڤيتامينات املضادة لألكس������دة. فإذا كانت نظرية األذى من األكس������دة خاطئة، عند ذلك يكون التش������يخ أكثر تعقي������دا مما كان يعتق������ده الباحثون - وقد يحتاجون ف������ي نهاية املطاف إلى مراجعة مفاهيمهم عن واقع التش������يخ

الصحي على املستوى اجلزيئي.يقول <جيمس >: »تنزلق على مسار عل������م التش������يخ مجموع������ة م������ن مناذج، أفكار ح������ول ماهية التش������يخ، تلك إلى حد ما انتزع������ت من اله������واء،« ويردف قائال: »رمبا ينبغ������ي علينا أن ننظر في النظري������ات األخرى ونقدر بعمق أننا قد نحتاج إلى النظر بش������كل مختلف متاما

في علم األحياء.«

Page 66: July August 2013 Oloom

64(2013) 8/7

والدة نظرية أساسية)�( إن الضرر الذي تس������ببه األكس������دة، أو نظرية اجلذور احلرة حول التشيخ، ميكن أن يعزى إل������ى <D. هارمان>، الذي وجد دعوت������ه احلقيقية في الش������هر 1945/12، Ladies’ Home املجل������ة بفض������ل وذل������ك Journal، فق������د جلب������ت زوجت������ه <هيلني>

نسخة من هذه املجلة إلى املنزل وأشارت إلى مقالة فيها حول املس������ببات احملتملة

للتشيخ فقرأها وفنت بها.يومئ������ذ كان ه������ذا الكيميائي البالغ من العمر تسعة وعش������رين عاما يعمل في قس������م التطوير، وهو ذراع األبحاث لش������ركة Shell للنف������ط، ول������م يكن عنده وقت للتأمل في ه������ذا األمر، ولكن بعد مرور تس������عة أعوام، أي بعد أن تخرج في مدرسة الطب وأنهى تدريبه، حصل على عمل صار فيه باحثا مش������اركا في جامع������ة كاليفورنيا ببيركلي، حيث أخذ ميعن النظر في علم التش������يخ بش������كل أكث������ر جدية. وفي صب������اح أحد األيام، وبينم������ا كان جالس������ا ف������ي مكتبه جاءه إله������ام وصفه بعد ذل������ك في مقابلة عام 2003 بقول������ه: »أتى م������ن حيث ال أدري:

يجب أن يكون التشيخ مدفوعا من قبل اجلذور احلرة.«

وم������ع أن اجلذور احلرة لم تقرن قط قبل اآلن بالتشيخ، فقد كان من املنطقي بالنس������بة إلى <هارم������ان> أنها قد تكون

املسبب. وذلك لسبب واحد، هو أنه كان يعلم بأن اإلش������عاع املؤين من األش������عة السينية والقنابل املشعة، والتي ميكن أن تكون مميتة، تش������عل فتيل إنتاج اجلذور احلرة في اجلس������م. وقد دلت الدراسات التي أجري������ت في ذلك الوق������ت على أن األطعمة الغنية باملواد املضادة لألكسدة منعت اآلثار الس������يئة لإلشعاعات؛ مما أوحى ب������أن اجلذور احل������رة كانت أحد مس������ببات هذه اآلثار، وق������د ثبتت صحة ذلك، كم������ا اتضح فيما بعد. إضافة إلى ذلك، كانت اجلذور احلرة نتاجا طبيعيا للتنف������س والتمثيل الغذائ������ي، وتراكمت في اجلس������م مع مرور الوق������ت. لقد ظن <هارمان> - مبا أن كال من تلف اخلاليا

ومس������تويات اجلذور احلرة زاد مع تقدم العم������ر، فإن اجلذور احل������رة يحتمل أن تكون سبب األذى الذي كان مسؤوال عن التش������يخ، وعلى األرجح فإن مضادات

األكسدة جعلته يتباطأ.بدأ <هارم������ان> باختب������ار فرضيته؛ فف������ي واحدة من جتارب������ه األولى، أطعم اجلرذان املواد املضادة لألكسدة وبرهن على أنها عاش������ت فترة أطول. )أطعمها بنس������ب تركيز عالية، ومع ذلك، فإن آثار املواد املضادة لألكس������دة كانت ضارة.( وسرعان ما بدأ علماء آخرون باختباره أيضا، ففي عام 1969 اكتش������ف باحثون في جامعة ديوك اإلن������زمي األول املضاد لألكسدة والذي أنتج داخل اجلسم وهو superoxide ديســـموتاز أكســـيد فائـــقdismutase، وظن������وا أن اجلس������م صنعه

من أج������ل مواجهة اآلثار الضارة لتراكم اجل������ذور احل������رة. وم������ع ه������ذه البيانات اجلديدة، بدأ علم������اء األحياء بقبول هذه الفكرة بش������كل أكبر. يق������ول <جيمس>: »إذا كن������ت تعمل في مضمار التش������يخ، فإن نظرية اجلذور احلرة هي مثل الهواء الذي تتنفس������ه،« ثم يضي������ف: »إنها في كل مكان، إنها في كل كتاب. وكل ورقة

بحث يبدو أنها تشير إليها، إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.«

مع ذلك ومب������رور الوقت وجد العلماء صعوبة في تكرار بعض نتائج <هارمان> التجريبي������ة. وبحل������ول س������بعينات القرن »ليس <ريتشاردسون>: قال العش������رين، ثمة أدلة قوية عل������ى أن إطعام احليوانات املواد املضادة لألكسدة كان له تأثير في العمر في واقع األم������ر.« وقد افترض أن التجارب املتناقضة الت������ي قام بها علماء آخرون س������ابقا لم جتر الس������يطرة عليها بشكل جيد لدرجة كبيرة. وهذا هو السبب بكل بساطة. رمبا لم تتمكن احليوانات من امتصاص املواد املضادة لألكسدة التي يجري إطعامها لها، ومن ثم، فإن املستوى العام للجذور احلرة في دمائها قد تغير. ولكن بحلول التسعينات، سمح التقدم في علم الوراثة للعلم������اء باختبار تأثير املواد املض������ادة لألكس������دة بطريقة أكث������ر دقة، وذلك من خالل دولبة مباش������رة ملجموعة كمي������ة لتغيي������ر genomes اجلينومـــات اإلنزميات املضادة لألكس������دة التي كانت احليوانات قادرة على إنتاجها. وأظهرت اجلرذان على <ريتشاردس������ون> جتارب املعدلة جينيا مرارا وتكرارا أن مستويات اجلزيئات احلرة األساسية)1( التي جتري في أجساد احليوانات والضرر التأكسدي ال������ذي تعرضت له الحقا، لم يكن له تأثير

في طول املدة التي عاشتها.وحديث������ا أكث������ر، ق������ام <S. هكيمي> ]عال������م األحياء في جامع������ة ماك گيل[ بإنتاج الديدان املس������تديرة التي حتفز على إنتاج جزيء حر أساس������ي يعرف باسم أكســــيد فائق superoxide. وقال <هكيم������ي>: »اعتقدت أنه������ا كانت في

طريقها ملس������اعدتنا على إثبات النظرية oxidative القائلة إن إجهاد األكســــدة

)�( THE BIRTH OF A RADICAL THEORY: أو والدة نظرية راديكالية )جذرية(.

)1( أو: الراديكالية.

Melinda Wenner Moyer

<موير> كاتبة في العلوم ومساهمة ناشطة، تعيش

ف������ي بروكلني- نيوي������ورك، وهي اآلن تش������غل مركز معاون أس������تاذ مساعد في معهد الدراسات العليا

التابع جلامعة املدينة بنيويورك.

املؤلفة

Page 67: July August 2013 Oloom

65 (2013) 8/7

stress يسبب التشيخ،« وكان <هكيمي>

ق������د توقع ب������أن الديدان س������وف متوت وه������ي فتي������ة. وبدال من ذل������ك، ذكر في بحثه الذي نش������ر عام 2010 في مجلة PLOS Biology أن الدي������دان املنتج������ة هندسيا لم تتسبب مبس������تويات عالية من الض������رر التأكس������دي وأنها كانت تعيش، في املتوس������ط، 32 في املئة مدة أطول من الديدان العادية. وفي الواقع، إن ع������الج هذه الدي������دان املعدلة جينيا بواس������طة ڤيتامني C املضاد لألكسدة منع ه������ذه الزي������ادة في ط������ول العمر. ويخمن <هكيمي> أن األكس������يد الفائق يعمل ليس كجزيء مدمر ولكن كإشارة حماية في أجس������اد الديدان، ليكتشف ما يدل على اجلينات التي تساعد على

إصالح تلف اخلاليا.وفي جتربة الحق������ة عرض <هكيمي> الدي������دان العادي������ة، من������ذ ال������والدة، إلى مس������تويات متدنية من مبيدات األعشاب التي تتحكم في األعشاب الضارة والتي تنت������ج اجلذور احل������رة ف������ي احليوانات والنبات������ات. وفي ورقة البحث ذاتها بعام 2010 أفاد بالنتيجة املتوقعة ذاتها، وهي

أن الديدان الس������ابحة بالسم عاشت مدة أط�ول ب�58% م������ن ال�ديدان غير املعاجلة. ومرة أخرى، ألغت تغذية املواد املضادة لألكس������دة للديدان آثار الس������م النافعة. وأخيرا، في الشهر 2012/4، بني <هكيمي> وزم������الؤه أن القض������اء عل������ى أو تعطيل، code جميع اجلينات اخلمسة التي تكودإلنزميات ديسموتاز األكسيد الفائق في الديدان ليس لها من الناحية العملية أي

تأثير في العمر االفتراضي للدودة.فه������ل تعني ه������ذه االكتش������افات أن نظرية اجل������ذور احلرة خاطئة بش������كل قطعي؟ يعتقد <S. ميل������وڤ> ]وهو عالم في الكيمياء احليوية مبعهد باك ألبحاث التش������يخ في نوڤاتو بوالية كاليفورنيا[

When Vitamins Kill )�(

0.01 0.1 1.0 10 100

دليل من البشرعندما تتسبب الڤيتامينات بقتل متناوليها)�(

تظهـــر الدراســـات اخلاصة بعل������م األوبئة epidemiology أن األشـــخاص الذين يأكلـــون الكثير من الفواكـــه واخلضـــراوات، وهي غنية بالڤيتامينـــات وغيرها من مضادات األكســـدة، مييلون إلى العيـــش فتـــرة أطول، وهم أقل عرضة لإلصابة بالســـرطان مقارنة بأولئـــك الذين ال يفعلون ذلك. وهكذا بدا واضحا أن اســـتكمال النظام الغذائي بواســـطة تناول املواد املضادة لألكسدة ينبغي أن يؤدي إلى صحة أفضل. ولكن نتائج معظم الدراســـات املصممة بدقة ال تدعم هذا االفتراض؛ واحلـــق أن األدلـــة بينت أن بعـــض الناس الذين يتناولون مكمالت غذائيـــة معينة هم في الواقع

أكثر عرضة ألمراض تهدد احلياة، مثل سرطان الرئة وأمراض القلب.

النتيجة: إن تناول بعض الڤيتامينات ميكن أن يقصر فسحة العمرفي عام 2007 راجع الباحثون 68 من الدراسات األكثر صرامة علميا حول الڤيتامينات، وأفادوا أن جتميع البيانات من 47 جتربة، بأدنى مستوى من التحيز العلمي، أظهر زيادة بنسبة 5 في املئة في معدل الوفاة

.E وڤيتامني A املبكرة. وربط حتليل الحق هذا اخلطر املتزايد بتناول بيتا كاروتني وڤيتامني

دالئل مبكرة على أن املواد املضادة لألكسدة ميكن أن تسبب بعض املشكالت الصحيةوجدت دراسة أجريت عام 1996 على 1800 رجل وامرأة أن حاالت سرطان الرئة زادت مبعدل 28% ومبعدل

17% من الوفيات لدى األشخاص الذين اعطوا بيتا كاروتني beta-carotene ورتينول retinol مقارنة باألشخاص الذين لم يتلقوا مضادات األكسدة. وقد صار واضحا وجود خطر متزايد بعد 18 شهرا، ال سيما بني املدخنني الشرهني، وكان أقوى بني املدخنني الذين تعرضوا للحرير الصخري )لألسبستوس(، املادة املسرطنة املعروفة.

السنوات بعد بدء الدراسة

مدخنون تعرضوا للحرير الصخري

هذه اخلطوط تساوي 95% من فاصل الثقة

تثل كل نقطة جتربة واحدة

أعلى معدل وفياتملستخدمي مضادات األكسدة

أخفض معدل وفيات ملستخدمي مضادات األكسدة

ئةالر

ن طا

سرت

اال ح

وثحد

ية(ئو

مبة

س)ن

00

1

2

3

1 2 3 4 5 00

1

2

3

1 2 3 4 5

خطر املوت املبكر النسبي للمجموعات التي تلقت عالجا مضادا لألكسدة)خطر أدنى( )خطر متساو( )خطر 10 أضعاف( )خطر أعلى(

)اإلجمالي(

مضادات األكسدة

دواء غفل

مدخنون شرهون

ئةالر

ن طا

سرت

اال ح

وثحد

ية(ئو

مبة

س)ن

00

1

2

3

1 2 3 4 5 00

1

2

3

1 2 3 4 5

مضادات األكسدة

دواء غفل

السنوات بعد بدء الدراسة

Page 68: July August 2013 Oloom

66(2013) 8/7

أن������ه من غير املرجح أن تكون املس������ألة بسيطة جدا، إذ قد تكون اجلذور احلرة مفيدة في بعض السياقات وخطيرة في غيره������ا، وقد ثب������ت أن حجما كبيرا من الضرر التأكس������دي يس������بب السرطان وتلف األعض������اء، وأن العديد من األدلة تش������ير إلى أن الضرر بسبب التأكسد يؤدي دورا في حدوث بعض األمراض املزمنة، مثل أمراض القلب. إضافة إلى ذلك، أثبت الباحثون في جامعة واشنطن أن اجلرذان تعيش فترات أطول عندما يت������م إنتاجها جينيا إلنتاج مس������تويات عالية من مضادات األكس������دة املعروفة باسم الكاتليز catalase. ومع ذلك، فإن القول إن شيئا مثل الضرر التأكسدي يس������هم في حدوث التش������يخ في بعض احلاالت هو »ش������يء مختلف متاما عن القول إنه يدفع عل������م األمراض،« هكذا

قال <ميل������وڤ>، وأضاف بأنه في غالب األحيان ليس التش������يخ كيانا متجانسا له مسبب واحد وعالج واحد، وقد كان ضرب������ا من التمني االفت������راض أنه كان

كذلك في أي وقت من األوقات.

حتول املنظور)��(إذا افترضن������ا أن اجلذور احلرة تتراكم أثناء حدوث التش������يخ ولكنها ال تسببها بالض������رورة، فما ه������ي آثارها؟ لقد أدى هذا السؤال حتى اآلن إلى تكهنات أكثر

من كونها بيانات أكيدة.وقد ق������ال <هكيمي> مؤك������دا: »إنها ف������ي الواقع جزء من آلية الدفاع،« وعلى س������بيل املثال ميكن للج������ذور احلرة في بع������ض احلاالت أن تنتج اس������تجابة إلى اإلض������رار باخلاليا باعتبارها وس������يلة تومئ إلى آليات اجلسم إلصالح نفسه.

إن اجلذور احلرة في هذا السيناريو هي نتيجة للضرر املتعلق بالعمر، وليس������ت س������ببا له. أما عند وجود كميات كبيرة، فيق������ول <هكيمي>، إن اجلذور احلرة قد

ن أذى كبيرا هي أيضا. تكوإن االعتقاد العام بأن األذى الطفيف رمبا يس������اعد اجلس������م على حتمل أذى أكبر منه ليس جديدا. وفي الواقع، هذه هي الطريقة التي تنمي العضالت لتصبح أقوى ردا على الزيادة املطردة في مقدار الضغ������ط الذي يتم وضع������ه عليها. ومن ناحية أخرى، تعلم العديد من الرياضيني الطارئني من التجربة املباشرة املؤملة بأن زيادة مفاجئة في اإلجهادات اجلس������دية الت������ي يضعونه������ا على أجس������ادهم بعد أس������بوع طويل من اجللوس على مكتب فإنه من ش������به املؤكد أن يؤدي ذلك إلى متزيق ربلة الساق وأوتار الركبة، إضافة

إلى إصابات مهمة أخرى.وفي ع������ام 2002 قام باحثون يعملون ف������ي جامع������ة كول������ورادو ف������ي بول������در، بتعري������ض الديدان للح������رارة أو للمواد الكيميائي������ة التي تس������بب إنتاج اجلذور احل������رة لفترة وجيزة، مظهرين أن جميع الضغوطات البيئية عززت قدرة الديدان على االستمرار في احلياة ومقاومة أذى أكبر ف������ي وقت الحق. كم������ا زادت هذه التدخالت من متوس������ط العم������ر املتوقع حلياة الديدان بنسبة 20 في املئة. إال أنه من غي������ر الواضح كيف أثرت التدخالت في املستويات العامة للضرر الناجت من التأكس������د، ذلك أن الباحث������ني لم يجروا تقييما لتلك التغي������رات. وفي عام 2010 ذكر باحث������ون من جامع������ة كاليفورنيا، س������ان فرانسيس������كو، وجامعة پوهانگ للعلوم والتكنولوجيا في كوريا اجلنوبية في مجلة علم األحياء احلالي)1( أن بعض ،HIF-1 اجلذور احلرة تولد جينا يسمى

Insight from Mutant Worms )�( SHIFTING PERSPECTIVE )��(

Current Biology )1(

00

20

40

100

60

80

10 20 30 40 50

دليل من احليواناتمعرفة مستقاة من ديدان متحولة)�(

عوضا عن التســـبب بالتشـــيخ )من خالل التفاعالت الكيميائية املؤكسدة التي تؤدي إلى تلف اخلاليا(، قد تكون بعض اجلذور احلرة مفيدة. وثمة احتمال واحد، يدعمه ما عمل عليه كل من <هكيمي> و <W. يانگ>، وهو أن عددا معينا من اجلذور احلرة حتفز آليات اإلصالح الداخلية

للمتعض������ي organism لكي تبدأ عملها. وفي جتربتهم علـــى الديدان املدورة roundworms، التي نشـــرت عـــام 2010، قام <هكيمي> و <يانـــگ> بإجراء تعديل جيني ملجموعـــة من الديدان بحيث تنتج مســـتويات عالية من جذور حرة معينة. إال أنهما فوجئا عندما عاشـــت الديدان املتحولة حيـــاة أطـــول من الديدان العادية. وعندمـــا قام الباحثان بضخ مضادات األكســـدة في الديدان

املتحولة، اختفت ميزة طول العمر لديها.

ديدان متحولة أنتجت مستويات عالية من اجلذور احلرة

ديدان متحولة أعطيت مضادات االكسدة

ديدان عادية

عاشت الديدان ذات العدد األكبر من اجلذور احلرة حياة أطول

ية(ئو

مبة

س )ن

ياةحل

ي ات ف

مرست

ي االت

ن يدا

الد

األيام

Page 69: July August 2013 Oloom

67 (2013) 8/7

وهي في حد ذاتها املس������ؤولة عن تفعيل عدد م������ن اجلينات التي تصلح اخلاليا، مبا في ذلك تلك اجلينات التي تس������اعد

على إصالح احلمض النووي املتحول.إضافة إلى ذلك، قد تفس������ر اجلذور احل������رة جزئيا س������بب فائدة ممارس������ة الرياض������ة. فلس������نوات ع������دة، افترض الباحثون أن ممارس������ة الرياضة جيدة على الرغم من حقيقة أنها تنتج اجلذور احلرة، وليس بسببها. إال أنه في دراسة أجري������ت عام 2009 ونش������رت في دورية للعلوم في الواليات األكادميية الوطنية املتحدة األمريكية، أجرى <M. ريستو> ]أس������تاذ التغذية في جامعة فريدريش ش������يلر جينا بأملانيا[ وزم������الؤه مقارنة الذين للمتمرنني الفس������يولوجية لآلثار تناول������وا املواد املضادة لألكس������دة مع املتمرنني الذين لم يتناولوها. وكصدى لنتائج <ريتشاردسون> حول اجلرذان، وج������د <ريس������تو> أن الذي������ن يقوم������ون بالتمارين وال يبتلعون الڤيتامينات بغير ������ة هم أكثر صحة م������ن أولئك الذين روييفعلون ذل������ك. ومن بني أم������ور أخرى، أظهر الرياضيون غي������ر املدعمني عددا أقل م������ن الدالئل على أنهم قد يصابون بالداء السكري من النمط 2. وقد أظهر البحث الذي كتبت������ه <B. ليڤاين> ]وهي امليكروبيولوجي������ا بجامعة ف������ي خبيرة تكساس الطبية، مركز ساوث ويسترن[ أن ممارس������ة التمارين الرياضية حتفز أيضا عملية بيولوجية تسمى االلتهام الذاتي autophagy، وفيها تقوم اخلاليا بإع������ادة تدوير أجزاء م������ن البروتينات خلويـــة حتـــت وأج������زاء املهترئ������ة أما subcellular أخرى. )حتتخلويـــة( األداة التي تس������تخدم لهضم اجلزيئات القدمية وتفكيكها، فهي اجلذور احلرة. ولك������ن من أج������ل تعقيد األم������ور قليال فحس������ب، ف������إن بحث <ليڤاين> يش������ير إل������ى أن االلتهام الذاتي يقلل أيضا من

املستوى العام للجذور احلرة، مما يدل على أن أنواع اجلذور احلرة ومقاديرها في أجزاء مختلفة من اخللية، قد تؤدي

أدوارا مختلفة تبعا للظروف.

أسطورة مضادات األكسدة)�(إن لم تكن اجلذور احلرة دائما س������يئة، فإن الترياق������ات اخلاصة بها ومضادات األكس������دة، ال تكون دائم������ا جيدة، وهذا احتم������ال مثي������ر للقلق نظ������را ألن 52 في املئة م������ن األمريكي������ني يتناولون جرعات كبيرة من مضادات األكسدة يوميا، مثل ،beta-carotene وبيتا كاروتني E ڤيتامنيوڤيتامينات على ش������كل مكمالت غذائية. وفي ع������ام 2007 نش������رت مجلة اجلمعية الطبية األمريكية )1( مراجعة منهجية ل�68 جتربة س������ريرية، الت������ي خلصت إلى أن مضادات األكسدة التكميلية ال تقلل خطر امل������وت. وعندما اقتص������ر كتاب األبحاث مراجعته������م على التج������ارب التي كانت أقل احتماال ب������أن تتأثر باالنحياز - تلك التجارب التي مت فيها تخصيص كل فرد من املشاركني إلى مسنده البحثي كانت عش������وائية، فال الباحثون وال املشاركون كانوا يعرف������ون من الذين كانوا يتناولون احلبوب وم������ا هي تلك احلب������وب. وعلى س������بيل املثال، وجد الباحثون أن بعض املواد املضادة لألكس������دة تقترن بزيادة خطر املوت، وفي بعض احلاالت بنس������بة

تصل إلى 16 في املئة.وحاليا ينصح العديد من املنظمات األمريكي������ة، مب������ا فيهم جمعي������ة القلب األمريكية وجمعية السكري األمريكية، الناس بأال يتناولوا مضادات األكسدة التكميلية باستثناء عالج نقص ڤيتامني مت تش������خيصه. ويق������ول <D. ألبانس> ]وهو باحث كبير في فرع علم األوبئة Nutritional التي تنتــــج من التغذيــــةEpidemiology ف������ي املعه������د الوطن������ي

للسرطان[: »إن العلم يقدم أدلة متزايدة

عل������ى أن هذه املكمالت الغذائية، وعلى وج������ه اخلصوص في جرع������ات عالية، ليست لها بالضرورة اآلثار املفيدة التي كان يعتقد أنها تقدمها،« ويتابع قائال: »لقد صار لدينا وعي تام بالس������لبيات

احملتملة« بدال من االعتقاد السابق.ولك������ن من الصع������ب أن نتصور بأن املواد املضادة لألكس������دة سوف تسقط بش������كل كامل من بؤرة اهتم������ام الناس أكثر من أي وق������ت مضى؛ أو أن معظم الباحثني الذين يدرسون التشيخ سوف يش������عرون حقا باالرتياح لفكرة اجلذور احلرة املفي������دة دون دليل أكثر صرامة. ولكن عل������ى ما يبدو، وببطء، بدأت األدلة تش������ير إلى أن التش������يخ أكث������ر تعقيدا وإش������كاال مما تخي������ل <هارمان> قبل ما يقرب من س������تني عام������ا. أما <جيمس>، م������ن بني أناس آخرين، فه������و يعتقد بأن األدلة تش������ير إل������ى نظري������ة جديدة في التش������يخ تنبع م������ن فرط نش������اط بعض العمليات البيولوجية املشاركة في النمو والتكاث������ر. ولكن بغض النظر عن الفكرة )أو األفكار( الت������ي يتفق عليها العلماء، فإن »مض������ي العلماء قدم������ا في البحث عن الوقائع قد ح������ول امليدان إلى مكان غريب قليال، ولكنه أكثر واقعية،« هذا ما يقوله <جيمس>، ثم يضيف: »إنها نسمة

مدهشة من الهواء النقي.« < THE ANTIOXIDANT MYTH )�(

American Medical Association )1(

Scientific American, February 2013

مراجع لالستزادة Is the Oxidative Stress Theory of Ageing Dead? Viviana I. Pérez et al. in Biochimica et Biophysica Acta, Vol.1970, No. 10, pages 1005–1014; October 2009. Biology of Aging: Research Today for a Healthier Tomorrow. National Institute on Aging. National Institutesof Health, November 2011. www.nia.nih.gov/health/ publication/biology-aging Alternative Perspectives on Aging in Caenorhabditis elegans: Reactive Oxygen Species or Hyperfunction? David Gems and Yila de la Guardia in Antioxidants & Redox Signaling. Published online September 24, 2012.

Page 70: July August 2013 Oloom

68(2013) 8/7

خونة نوعا ما)�(ظلت اخلاليا التي تتوقف عن االنقسام بصفة مستدامة مبثابة

إحدى الطرق الدفاعية للجسم ضد السرطان. أما اآلن، فينظر أحيانا.aging إلى تلك اخلاليا أيضا كمتهمة بإحداث السرطان وكسبب للتشيخ

<D. ستيپ>

في ع������ام 1999، أراد <M .J. ڤان دويرس������ن> وزمالؤه ]في مستشفى مايو كلينيك في روشستر بوالية مينيسوتا[ أن يعرفوا chromosomes )ما إذا كانت الصبغيات )الكروموســـوماتاملشوهة تسبب السرطان. ولذلك قاموا بهندسة فأر يفتقر إلى بروتني يس������اعد على احلفاظ على سالمة الصبغيات. وكانت لفائف الدنا DNA لدى تلك القوارض مشوهة على نحو كاف. وم������ع أن احليوانات لم يكن لديها اس������تعداد خاص لإلصابة بالس������رطان، كانت املفاج������أة إصابتها مبجموع������ة غريبة من األمراض املزعجة، مثل الســـاد cataract والضمور العضلي، وترقق النسيج الشحمي حتت اجللد، وازدياد مترق في انحناء العم������ود الفقري، مما جعل الفئران تبدو وكأنها جمال وحيدة

السنام، كما أصبحت تنزع إلى الوفاة املبكرة.لم يكن لدى <ڤان دويرسن> أدنى فكرة عن سبب ظهور هذه التشوهات اخلاصة. وفي عام 2002، اكتشف تقريرا عن فئران مصابة بالتشيخ املبكر وأدهشته الصور التي أبدت ظهوره وقد ص������ارت هذه الفئران محدودبة مع تقدمها في الس������ن. وفجأة، التمعت الفكرة التالية في ذهنه: ففئرانه احملدودبة الظهر كانت تشيخ كذلك بسرعة غير معتادة. وعند سبر املشكلة بعمق أكبر، اكتش������ف فريق عمل مايو كلينيك أن خاليا العديد من أنس������جة هذه القوارض ق������د انزلقت إلى حالة تدعى التشـــيخ اخللوي

cellular senescence، والتي تفقد فيها بش������كل دائم قدرتها على

االنقسام وتبدو شاذة بصورة ما. وفشل اخلاليا في االنقسام يفس������ر الش������ذوذات العظمية والعضلية والعينية واجللدية التي

الحظها فريق <ڤان دويرسن>. وبعد ذلك، جتاوز الباحثون التفسيرات وقاموا بأمر يتعلق باألع������راض: فعن طريق إضافة تبديل جيني ثان إلى فئرانهم، استطاعوا التخلص من اخلاليا املتشيخة كلما تشكلت، وبذلك بدت مظاهر مختلفة للتشيخ السريع لدى تلك احليوانات. وهذا االكتش������اف، الذي أعلن عنه في الشهر2011/11 ، أدى إلى دفع حقل التشيخ اخللوي إلى طليعة علم التشيخ، وأعاد الروح إلى فكرة خالفية طرحت قبل أكثر من خمس������ني عاما، مفادها أن فقدان اخلاليا لقدرتها على االنقسام يؤدي إلى تدهور اجلسم مبرور الزمن. وهناك أبحاث أخ������رى حديثة تلفت االنتباه إلى تلك العملية لس������بب ذي عالقة باملوضوع. فالتش������يخ اخللوي الذي اعتقد ملدة طويلة أنه وس������يلة دفاعية ضد الس������رطان بدا وكأنه ذو وجهني - فهو يثب������ط منو األورام بطرق معينة، بينما

يقوم بتحفيز منوها بطرق أخرى. تشير النتائج البحثية احلديثة إلى أن إبطاء دخول اخلاليا

QUIET LITTLE TRAITORS )�(

باختصاربعض الدعم مؤخرا.

وتش������ير األبحاث احلديثة إلى أن اخلاليا ميكن أن تس������هم في التشيخ بالطريقة املقترحة بداية، وكذلك عن طريق حتفيز االلتهاب. إضافة إلى ذلك، من املمكن أن تسبب هذه اخلاليا األذى للخاليا

املجاورة بطرق تساعد على نشوء السرطان.وتش������ير بعض األدلة في الفئ������ران إلى أن تأخير التش������يخ اخللوي قد

يساعد على إبطاء التشيخ وتأجيل حدوث بعض األمراض املرافقة له.

لقد افترض سابقا أن اخلاليا املتشيخة senescent cells - أي التي فقدت قدرتها على االنقس������ام - تسهم في التشيخ عن طريق إضعاف عملية إصالح األنس������جة. وكان م������ن املعتقد أن اخلاليا تتحول إلى مرحلة التش������يخ لتتجنب التحول إلى خاليا سرطانية

عندما تعرضها خلطر التكاثر غير احملكوم.أما فكرة أن اخلاليا املتشيخة تؤدي دورا في تشيخ األنسجة واألجس������ام، فقد تالش������ى االهتمام بها الحقا، إال أنها اكتس������بت

املجلد 29 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2013

Page 71: July August 2013 Oloom

69 (2013) 8/7

مرحلة التش������يخ قد يس������اعد على تأجيل حدوث السرطانات واألم������راض األخرى الت������ي تقع في أواخر احلي������اة. ومبا أن اس������تئصال اخلاليا املتش������يخة لدى فئران التجارب في مايو كلينك تطلب حتويرات جينية genetic manipulations معقدة، فإن طرح العالج نفس������ه لالستخدام البشري لن يكون ممكنا في القريب العاجل. ولكننا لم نخسر كل شيء، لذا فإن عددا

من التدخالت األبسط رمبا أمكنها أن تفي بالغرض منها.

خاليا مسنة متعبة)�(مثلت دراس������ة اخلاليا املتش������يخة قصة حفل������ت بالعديد من املفاج������آت املثيرة واملراجعات الواس������عة. فف������ي البداية، ظن علم������اء البيولوجي������ا أن هذه اخلاليا فقدت ببس������اطة قدرتها على التكاثر. وفي ع������ام 1961 أثبت <L. هايفليك> ]وهو أحد مكتش������في حالة التشيخ اخللوي[ أن ثمة عدادا جزيئيا يقدح زناد التش������يخ بعد 50 دورة من التنسخ في اخلاليا البشرية. ووضع نظرية مفادها أن حد التنس������خ هذا، واملعروف باسم حـــد هايفليـــك Hayflick limit، ق������د تكمن وراءه آلية تش������يخ اجلسم بكامله ألن تباطؤ التكاثر قد مينع اخلاليا من أن حتل محل خاليا األنسجة التالفة. وأكد كذلك أن اخلاليا مبرمجة بحيث تتالش������ى قدرتها على االنقس������ام بع������د عدد معني من دورات التنســـخ replication cycles، ألن وج������ود حد داخلي لالنقس������ام قد مينع اخلاليا التالف������ة من التكاثر بصورة غير محكومة، ومن أن تصبح خاليا س������رطانية. وبعبارة أخرى، فإن التش������يخ اخللوي الذي يس������هم في حدوث التشيخ كان يعتبر الثمن الذي ندفعه مقابل مس������اعدته لنا في دفاعنا عن

أنفسنا ضد السرطان.وقد ش������اعت النظرية القائلة إن اخلاليا املتش������يخة توجه التش������يخ بعد أن اكتشفت دراسات بدأت في سبعينات القرن العشرين وجود ساعة جزيئية وراء حد هايفليك. ففي كل مرة

- telomeres تنقس������م فيها اخللية، فإن القســـيمات الطرفيـــةوه������ي امتدادات م������ن الدنا توجد عند أط������راف الصبغيات - تقصر، وتتوقف اخلاليا عن االنقسام عندما تقصر القسيمات الطرفية إلى طول محدد. ويبدو األمر وكأن خاليانا قد برمجت

حتى تتشيخ إذا عشنا زمنا كافيا لذلك.وعل������ى أية حال، فق������د قللت األبحاث الالحق������ة من قيمة هذه النظري������ة. فقد أعلن العديد من املختبرات في نهاية التس������عينات أن ق������درة خالي������ا اجلل������د على التكاث������ر ال تتراجع كثي������را بتقدم الس������ن – وهذه إش������ارة إلى أنه ال يتم بالض������رورة الوصول إلى حد هايفليك بتوات������ر كاف حتى يؤدي إلى تعطيل كبير في عملية إصالح األنسجة خالل حياة اإلنسان. ويؤيد هذه الفكرة ما أثبته آخرون بأن الفئران متتلك قسيمات طرفية طويلة للغاية، يبدو أنها متنع خالياها املتكاثرة من دق س������اعة توقف االنقسام قبل نفوق احليوان. وفي عام 2001، أعلن اثنان من علماء طب التشيخ، هما: <H. و D. غيرش������ون> في مقالة استعراضية أن نظرية القسيمات

الطرفية لتفسير التشيخ يجب اعتبارها غير ذات صلة.وفي الوقت الذي كانت فيه نظرية دقات الس������اعة للتش������يخ تتراجع، تراكمت األدلة املؤيدة لثمة دور آخر للتشيخ اخللوي cell senescence´s - وهو الدفاع عن اجلس������م ضد السرطان. وبحلول التس������عينات، كان من املعروف جيدا أن بعض أنواع األذى ال������ذي يصيب اخللية مثل الطف������رات الوراثية ميكن أن يحرض حدوث تكاثر غير مس������يطر علي������ه للخاليا وغيره من التغيرات املميزة للس������رطانات. وقد تبني أن أش������كاال مختلفة من األذية اخللوية ميكنها أن تس������بب التشيخ اخللوي - على افتراض أن ذلك مينع اخلاليا املتأذية من أن تتحول إلى خاليا

OLD, TIRED CELLS )�(The Youth Pill: Scientist at the Brink of an Anti-Aging Revolution )1(

David Stippكات������ب علمي مقيم في مدينة بوس������طن، تترك������ز كتاباته على طب التش������يخ منذ نهاية تس������عينات القرن العش������رين. والكتاب الذي ألفه حول هذا املوضوع، واملعنون »حبة الش������باب: علماء على حدود الثورة املضادة للتش������يخ )1(«، فقد طبعته مجموعة النشر Current/ Penguin في عام 2010. يكتب <س������تيپ> بانتظام مدونات حول علم التش������يخ

www.davidstipp.com على املوقع

املؤلف

رؤية اخلاليا: يتعرف الباحثون اخلاليا املتشيخة - التي فقدت قدرتها على االنقسام - عن طريق لونها. يتحول لون هذه اخلاليا إلى

األزرق عند تعرضها ملادة كيميائية بعينها.

Page 72: July August 2013 Oloom

70(2013) 8/7

س������رطانية. فإغراق اخلاليا بكيميائيات مؤكسدة متلفة للدنا، على سبيل املثال، ميكنه أن يسبب توقف االنقسام املميز لها. وفي عام 1997، اكتشف فريق يقوده <M. سيرانو>، الذي يعمل حاليا في املركز اإلس������باني ألبحاث السرطان في مدريد، أن التش������يخ قد يحدث بفعل موجة مستمرة من اإلشارات ضمن - oncogenes اخللية تدفعها إلى االنقسام. فاجلينات الورميةوه������ي جينات طافرة تس������اعد على توجيه تكاث������ر غير املكبوح

لألورام - معروفة بدقها هذه الدقات احملفزة املتواصلة.وتشير هذه االكتش������افات وغيرها إلى وجود آلية مضادة للس������رطان داخل اخلاليا ترصد باس������تمرار إشارات التلف التي قد تدفعها نحو النمو غير احملكوم. وإذا اس������تمر إصدار هذه اإلش������ارات وجتاوز عتبة حرجة، ف������إن هذه اآللية ميكنها إيقاف انقسام اخللية بصفة مستدامة عن طريق حتفيز عملية التش������يخ، التي تس������مح للخلية بإصالح التلف، إذا كان ذلك

ممكنا، ومن ثم االستمرار بحالة تشبه التقاعد.

محفزات السرطان)�(وم������ن ثم جاءت صدمة: فقد اكتش������ف الباحث������ون أن اخلاليا املتش������يخة ميكنها أحيانا أن حتفز نشوء السرطان. ومن بني هؤالء الباحثني <J. كامبيس������ي> ]التي تعمل حاليا في مؤسسة بوك ألبحاث التشيخ مبدينة نوفاتو، في والية كاليفورنيا[ والتي وضعت حينئذ نظرية س������اعدت على دحض الفكرة القائلة إن اخلاليا املتشيخة تظل هادئة في شيخوختها وحسب. وتقول النظري������ة إن ه������ذه اخلاليا ميكنها أن تعزز من������و األورام وأن

تسبب تلفا واسع االنتشار في أنواع اخلاليا األخرى.إن أول������ى التلميحات على أن اخلاليا املتش������يخة ميكنها أن ت������ؤدي مثل هذا الدور اخلف������ي برزت إلى الوج������ود في أواخر التسعينات، حيث ظهرت أدلة على أن اخلاليا املتشيخة ميكنها إت������الف اخلاليا واألنس������جة الواقعة ضم������ن محيطها القريب - أي ف������ي »بيئاتها امليكروية)1(« – رمب������ا عن طريق حتويل هذه املناطق إلى جوار س������يئ ميكنه أن يح������رض على منو األورام. وفي عام 2001 عزز هذه الفكرة مختبر <كامبيس������ي> بدراس������ة مبدع������ة أظهرت أن اخلاليا املتش������يخة املزروعة في طبق ميكنها أن حت������رض اخلاليا احملتملة التس������رطن املوجودة في وس������ط الزرع نفس������ه لتشكل أوراما ش������ديدة العدوانية عند حقنها في الفئ������ران. وق������د بدا أثر احمليط الس������يئ وكأنه ينش������أ عن نزوع العديد من اخلاليا املتش������يخة إلى إف������راز خليط من اجلزيئات احملتمل������ة اخلطورة، مبا في ذلك جزيئات حترض تكاثر اخلاليا extracellular وأخ������رى حتط������م البروتينـــات خـــارج اخللويـــةproteins التي حتيط باخلاليا وتدعمها )يعتقد أن خاليا األورام

املنتش������رة تس������تخدم اإلنزميات املخربة نفس������ها لتنساب خالل احلدود البنيوية لألنسجة.( وفي عام 2008، نشرت <كامبيسي> مزي������دا من الدعم لنظريتها القائلة بوجود »منط إفرازي مرتبط باخلاليا املتشـــيخة«)2( أو اختصارا SASP. وباس������تخدام هذا املصطلح لتأكيد النظرية، ضمن س������ياقات بعينها، فإن اخلاليا املتش������يخة تفرز جزيئات مؤذية تسلك سلوك السم املتقاطر من

الزومبي zombie املصاب باجلمود.وقد تس������اءل العلماء: ملاذا أن اخلالي������ا التي اعتبرت ملدة طويل������ة أنها تقي من الس������رطان، حترض بقوة املرض نفس������ه الذي بدا أنها تطورت ملنع حدوثه؟ وقد استعانت <كامبيسي> بدراسات متعلقة باندمال اجلروح، إضافة إلى أبحاث أخرى،

لتشرح كيف اكتسبت اخلاليا املتشيخة هذا الدور.لق������د أظهر أحد اجتاهات األبحاث أن الس������رطان واندمال اجلروح متش������ابهان إلى حد ما، وهذا ما يدعو إلى الدهشة. فاألورام واجلروح امللتئمة جزئيا كلتاهما مربوطتان بحزام من البروتينات الليفية التي تتشكل عندما تتسرب طالئع بروتينات matrix التخثر من األوعية الدموية وتتبلمر على شكل مصفوفةلدعم إع������ادة البناء. وفي عام 1986، ونتيجة لدهش������ته البالغة من هذا التش������ابه، تخيل <H. دفوراك> ]عال������م الباثولوجيا في كلية طب هارڤارد[ أن األورام تلجم وتدمر اس������تجابة اجلسم لشفاء اجلروح تدعيما لنموها الشاذ. واستنتج أنه بسبب هذه اخلدعة املكيافيلية تبدو األورام ألجس������امنا وكأنها »سالسل غير منتهية من اجلروح التي تبدأ االندمال باستمرار، ولكنها

ال تندمل أبدا.«لق������د أبدى توجه بحثي آخر بالعمل أن اخلاليا املتش������يخة تس������هم في اندمال اجلروح. فعندما تصاب األنس������جة باألذى تس������تجيب بعض اخلاليا املوجودة ف������ي جوارها بالتحول إلى خاليا متش������يخة، وحترض بعدها مرحلة التهابية تبدأ بعملية االندمال. وتتضمن هذه املرحلة إفراز مراسيل كيميائية تدعى الســـيتوكينات cytokines جتذب اخلاليا املناعية وتنش������طها ملكافح������ة العداوى وإزالة اخلاليا امليت������ة واحلطام. وبعد ذلك، تتكاثر اخلاليا الس������ليمة لتستبدل اخلاليا املفقودة، ثم تفسح املرحل������ة التكاثرية املج������ال ملرحلة إعادة التش������كل التي تفرز خاللها اخلاليا املتشيخة إنزميات تدركية degradative متزق البروتينات الليفية التي توضعت س������ابقا كسقالة أولية؛ ويحد

هذا التدمير من تشكل الندوب.وبجمع هذه األفكار معا، افترضت <كامبيسي> أنه إضافة

CANCER PROMOTERS )�(microenvironments )1(

senescence-associated secretory phenotype )2(

Page 73: July August 2013 Oloom

71 (2013) 8/7

إلى تس������خير التش������يخ اخللوي لكبح التكاث������ر املفرط للخاليا املتض������ررة، فقد اس������تخدم التطور ه������ذه العملية في إصالح اجلروح، األمر الذي يتطلب إضافة منط إفرازي إلى مجموعة األدوار التي تؤديها اخلاليا املتش������يخة. ولسوء احلظ، جتعل اآللي������ة اإلفرازية من اخلاليا املتش������يخة ش������ركاء مثاليني في اجلرمية وذلك في األورام املصممة على تسخير برنامج اندمال اجلروح لنموها اخلاص. ومن املؤسف أيضا أن قدرتها على إحداث االلتهاب قد حتول اجلسم كله إلى جوار سيئ - يعتقد أن االلتهاب املعتدل الشدة يحرض انتشار السرطان، إضافة إلى التصلب العصيدي ومرض ألزهامير والداء السكري من

النوع 2، والعديد من أمراض التشيخ األخرى.

عوامل التشيخ، بعد كل شيء)��(

عندما أدرك الباحثون أن اخلاليا املتش������يخة ميكنها أن تسلك طريقا ميكنها من أن حتفز السرطان، بدؤوا كذلك بتجميع أدلة جديدة على دورها في حدوث التشيخ. وعلى وجه اخلصوص، وجدوا أن اخلاليا املتش������يخة تظهر بكثرة مريبة في أنس������جة القوارض والبش������ر حيث تسير األمور بقوة نحو الشذوذ، كما هو األمر في األجس������اد املتش������يخة ككل. وعلى سبيل املثال، أظه������ر الباحثون في عام 2006 أن التراج������ع الطبيعي جلهاز

املنظور اجلديد

Good Cells Gone Bad )�(AGING AGENTS, AFTER ALL )��(

حتول اخلاليا اجليدة إلى سيئة)�(إن اخلاليا املتشيخة senescent cells - أي التي ال تستطيع االنقسام بشـــكل دائم - كانت تعتبر خاليا هادئة ذات وجهني )يسار الشكل(: فهي من ناحية تدافع ضد الســـرطان )ألنها ال تستطيع االنقسام بال نهاية(، ومن ناحية أخرى تسهم في التدهور الذي مييز التشيخ )ألن انقســـام اخلاليا ضروري إلصالح األنســـجة(. وكال الدورين مقبول حاليا، مع أن مســـاهمة اخلاليا في التشـــيخ ظلت محل شـــك لفترة مـــن الزمن. إضافة إلـــى ذلك، يعرف الباحثون أن اخلاليا تســـتطيع إفـــراز مواد حتفز منو األورام فـــي محيطها، ومن ثم حترض

االلتهاب في األنسجة )ميني الشكل(.

خلية طبيعية

جزيء مفرز

ورم

خلية متشيخة غير مفرزة

خاليا سرطانية

أو قبل خلية قبل سرطانية

سرطانية

سيئة: تسبب املفرزات حدوث االلتهاب

خاليا التهابية مفعلة في األنسجة

تلف نسيجي ميكن لاللتهاب املساهمة في حدوث السرطان، إضافة إلى

االضطرابات املرتبطة بالسن مثل مرض ألزهامير والداء السكري

والتصلب العصيدي

سيئة: حتفز املفرزات السرطان في اخلاليا األخرى

حترض اإلفرازات االنقسام املفرط

سيئة: يحرض التشيخ اخللوي تشيخ األنسجة

ال تستطيع اخللية أن تخضع لالنقسام الالزم إلصالح األنسجة

جيدة: تتجنب اخللية نفسها التحول إلى خلية

سرطانية

تتوقف اخللية قبل السرطانية في مسارها وذلك قبل

انقسامها بشكل غير محكوم

خلية متشيخة مفرزة

خلية متشيخة غير قادرة على االنقسام

النتائجالنتائج

فهم قدمي

صورة جديدة

Page 74: July August 2013 Oloom

72(2013) 8/7

املناعة في الفئران املس������نة يح������دث بالتوازي مع زيادة متعلقة بالعمر في تشيخ اخلاليا اجلذعية التي تولد باستمرار أنواعا

مختلفة من اخلاليا املناعية.جرى التوصل إلى عدد من ه������ذه النتائج، جزئيا، بفضل اكتش������اف املظاهر التي حتدد تش������يخ اخلاليا. ومن بني أكثر مؤش������رات التش������يخ فائدة، جند ازدياد تركيز بروتني يكوده encode جني اس������مه p16INk4a )أو اختص������ارا p16(. وقد تبني

الحق���ا أن فع�����الي���ة اجل���ني p16، ال���ذي اكتش������ف��ه ع���ام 1993 <D. بيت������ش> ]من جامعة كوين م������اري التابعة جلامعة لندن[،

تس������اعد على إجبار اخلاليا على التوقف عن االنقسام عندما تستشعر وجود أنواع مختلفة من الضرر.

أجرى <E .N. ش������اربلس> وزمالؤه ]في كلية طب جامعة نورث كارولينا في تش������ابل هيل[ عددا من الدراسات التي تربط بني مستويات اجلني p16 والتشيخ. وعلى سبيل املثال، فقد أظهروا أن مس������توياته ترتفع مع التقدم في الس������ن في خاليا القوارض والبشر، وأن هذا االرتفاع املسبب للتشيخ يرتب������ط بانخفاض ق������درة اخلاليا على االنقس������ام وإصالح األنس������جة التالفة. وفي عام 2004، نش������ر الفريق أن اجلني p16 يزداد بصورة ملحوظة في الغالبية العظمى من أنسجة

القوارض م������ع التقدم في العمر، وأنه ميك������ن كبحه بتقييد الكالوريـــات )الســـعرات احلراريـــة( calories - وهو نوع من احلمية الصارمة معروف منذ ثالثينات القرن العشرين بإطالته للعمر وتعزيزه للتش������يخ الصح������ي لدى العديد من أن������واع الكائنات احلي������ة. وبعد خمس س������نوات من النتائج املنش������ورة عام 2004، أظهر مختبر <ش������اربلس> أن التقدم p16 في الس������ن يترافق مع زيادة كبيرة في مستويات اجلنيفي اخلاليا التائية املوجودة في اجلهاز املناعي البش������ري. ومن احملير أن مس������تويات اجلني p16 ف������ي اخلاليا التائية تكون أكبر لدى املدخنني واألش������خاص الذين ال ميارس������ون الرياضة، مما يشير إلى أن هذين السلوكني ميكنهما تعزيز التش������يخ اخللوي. وللطرافة، أخبرني <شاربلس> مبرح أنه بع������د أن طور مختبره اختبارا س������هل االس������تخدام لقياس مستويات اجلني p16، اكتشف أن مستويات هذا اجلني في جسمه كانت ضعف املستويات املوجودة في أجسام طلبته الذين يدرس������هم، على الرغم من مظهره الشاب وعمره الذي

ال يتجاوز 45 عاما.وإضاف������ة إلى ربط اجلني p16 والتش������يخ اخللوي مبظاهر التش������يخ، نش������ر <ش������اربلس> وزمالؤه سلس������لة من النتائج التجريبية التي تدعم فكرة إسهام التشيخ اخللوي في تشيخ األنسجة واألعضاء. ففي عام 2006، ذكر تقرير لهم أن الفئران املس������نة التي يكون اجلني p16 لديها معطال، ومن ثم يفترض أن ينخفض اس������تعدادها لتش������كيل اخلاليا املتشيخة، تشبه الفئران الش������ابة في قدرتها على جتديد اخلاليا البنكرياسية املتض������ررة بفعل تعرضها لذيفان؛ وأن الفئران املس������نة التي ل عندها اجلني p16 تستطيع جتديد العصبونات في بعض عطأجزاء دماغها بشكل أفضل من أندادها األصحاء؛ وأن إعادة تفعيل اجل������ني p16 في اخلاليا اجلذعي������ة للجهاز الدموي - وهي اخلاليا الت������ي تتحول إلى اخلاليا املناعية وكريات الدم احلمراء - تؤخر التراجع املرتبط بالتش������يخ في قدرة اخلاليا

اجلذعية على التجدد. وأشارت دراسات أخرى أجريت خالل السنوات اخلمس األخي������رة إلى وجود اختالفات جيني������ة تؤثر في كمية البروتني p16 التي يصنعها البشر - ومن ثم في معدل حتول خالياهم

إلى خاليا متش������يخة مع التقدم في السن - مما يساعد على حتديد اس������تعدادهم لإلصابة بالعديد م������ن األمراض املرتبطة بالتش������يخ، مبا في ذلك التصلب الشرياني ومرض ألزهامير. ويقول <شاربلس> إن هذه االكتشافات »الشيقة للغاية« أحيت اهتمام الباحث������ني الطبيني باجلني p16، وأنه������ا متثل »املفتاح ملعرفة أن شيئا حقيقيا يحدث« في األبحاث التي تتهم التشيخ

أدلة على تأدية دور في التشيخ: تبقى الطبقة الشحمية في اجللد مكتنزة لدى الفئران القادرة على التخلص من اخلاليا املتشيخة

)اللون األبيض في الصورة العليا(، ولكنها تتضاءل في الفئران األخرى مع مرور الوقت )الصورة السفلى(.

Page 75: July August 2013 Oloom

73 (2013) 8/7

اخللوي بكونه املتسبب في التدهور املرتبط بالتشيخ.وفرت دراسة مستشفى مايو كلينيك في عام 2011 الدليل األكثر وضوحا على كون التدخل في عملية التش������يخ اخللوي ق������د يكون أمرا مفي������دا، كما قام فريق <دويرس������ن> بذلك عن طريق االستفادة من دور اجلني p16 كبطاقة تعريف شخصية لهذه اخلاليا. قام الفريق بهندس������ة فئرانه جينيا بحيث متتلك نقائص صبغية أدت إلى حدوث تشيخ خلوي مبكر في العديد من األنس������جة، كما حتمل جينا يجعل اخلاليا عرضة للموت باس������تخدام عقار معني إذا مت تفعيل اجلينات p16 لديها؛ أما اخلاليا غير املتش������يخة التي مت تفعي������ل اجلني p16 اخلاص به������ا فلم تتأثر. وق������د أدى العالج الدوائي م������دى احلياة إلى التخلص من اخلاليا املتش������يخة وتأخير ضمور الشحم حتت اجللدي وضمور العضالت وحدوث الس������اد وظهور الترديات األخرى املتعلقة بالسن، والتي حدثت قبل األوان لدى الفئران الت������ي لم تعالج. وأدى العالج الذي ب������دأ في وقت متأخر من حياة الفئران إلى إبطاء فقدان الش������حوم وضمور العضالت

املرتبطني بالسن. وبق������در ما كانت نتائج مستش������فى ماي������و كلينيك مثيرة فإنها بح������د ذاتها لم تبرهن عل������ى أن التخلص من اخلاليا املتشيخة خالل التشيخ الطبيعي سيكون مفيدا لدى البشر أو يطيل العمر. وحذرت <كامبيس������ي>، على س������بيل املثال، من أن الدراس������ة لم تثبت بشكل قاطع أن اخلاليا املتشيخة توجه عملية التش������يخ الطبيعي؛ فالفئران املشمولة بالدراسة عانت تش������يخا متسارعا. كما لم تكن جميع مظاهر تشيخها املتسارع تنطوي على تشيخ خلوي سريع. ففي احلقيقة، لم يس������اعد التخلص من اخلاليا املتشيخة على تفادي السبب الرئي������س لنفوق تلك الق������وارض - وهو الب������دء املبكر خللل وظائف القلب واألوعية الدموية – ومن ثم فإن بقياها لم تزد

إلى حد كبير.

خطوات بسيطة)�(وحت������ى ل������و افترضن������ا أن العلماء وج������دوا في وق������ت ما أن إنقاص التش������يخ اخللوي عند البشر ال يؤدي بالضرورة إلى تأجيل التش������يخ أو على األقل يؤخر ظه������ور التجاعيد وبعض االضطراب������ات األكثر أهمية املرتبطة بالتش������يخ، فكيف ميكن

للمرء أن يتدخل بصورة مأمونة في عملية التشيخ؟إن تكرار جتربة مستش������فى مايو كلينيك بحذافيرها لدى البش������ر يتطلب حتوير جينوماتهم قبل الوالدة، ولذلك فإن هذا اخليار لن يكون قابال للتطبيق في القريب العاجل. فإذا اقتصر األمر ببس������اطة على تعطيل نشاط اجلني p16 باستخدام عقار

ما، فإن ذلك قد يؤدي إلى نتيجة عكسية بزيادة احتمال حدوث تكاثر خلوي غير مرغوب فيه وزيادة احتمال وقوع السرطان. وفي جميع األحوال، فإن خيارات بسيطة على نحو مدهش قد

تكون متاحة لنا في هذا املجال.إن وجود مس������تويات أعلى من اجل������ني p16 لدى املدخنني واألش������خاص الذي������ن ال ميارس������ون الرياضة يش������ير إلى أن االمتناع عن التدخني وممارس������ة الرياضة بانتظام قد يساعد على منع حدوث التلف اجلزيئي الذي يحرض التشيخ اخللوي. وق������د يكون فقدان الوزن طريقة أخ������رى لتنفيذ هذه اآللية. فقد افترض <دويرس������ن> وزميله <J. كيركالند > ]من مايو كلينيك[ أن طالئع اخلاليا الدهنية املسماة طالئع اخلاليا الشحمية preadipocytes ق������د تس������بب حدوث حالة ش������بيهة بالتش������يخ

املتس������ارع في احليوانات والبش������ر البدناء؛ ألن اخلاليا متيل إلى أن تتش������يخ بأعداد كبيرة، وبحس������ب نظرية <كامبيسي> فإنها حترض حدوث حالة التهاب مزمنة منخفضة الدرجة في

كافة أجزاء اجلسم.وتشير بعض األدلة املبكرة إلى أن دواء يدعى رابامايسني)1( ميكنه تثبيط التش������يخ اخللوي من دون أن يعزز السرطان. وقد تب������ني أن تناول الفئران للرابامايس������ني بش������كل دائم أدى إلى إطالة أعمارها. وقد أظهر مختبر <كامبيسي> حديثا أن بعض األدوية املضادة لاللتهاب تثبط النمط اإلفرازي املدمر للخاليا املتش������يخة. وعلى الرغ������م من ذلك، فإن <ش������اربلس> يقول إن الطريقة األكثر حصافة ملكافحة التش������يخ اخللوي املؤذي اآلن

هي: »ال تدخن، وكل باعتدال، ومارس الرياضة.« ال أحد يعرف حتى اآلن ما إذا كان كبح التشيخ اخللوي ميكنه إبطاء التش������يخ الطبيعي. فالنظرية القائلة إن اخلاليا املتش������يخة متثل عوامل مس������اهمة مهمة في حدوث التدهور املرتبط بالتش������يخ على مستوى األنس������جة واألعضاء، وهي بحد ذاتها تتعرض للتشيخ الواضح. ويبدو من املرجح على نحو متزايد أن هذا التبصر العميق في املوضوع س������يؤدي في يوم من األيام إلى اكتش������اف وسائل جديدة قوية لتحفيز

التشيخ الصحي. <SIMPLE STEPS )�(

rapamycin )1(

Scientific American, August 2012

مراجع لالستزادة Four Faces of Cellular Senescence. Francis Rodier and Judith Campisi in Journal ofCell Biology, Vol. 192, No. 4, pages 547–556; February 21, 2011. www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/21321098Clearance of p16Ink4a-Positive Senescent Cells Delays Ageing-Associated Disor-ders. Darren J. Baker et al. in Nature, Vol. 479, pages 232–236; November 10, 2011.

Page 76: July August 2013 Oloom

74(2013) 8/7

حصافة املعتلني نفسيا )السيكوباتيني()�(بإمكاننا تعلم الكثير من املعتلني نفسيا. فبعض جوانب شخصياتهم

وقدراتهم على التعليل املنطقي متثل غالبا سمات مميزة للنجاح.<K. داتن>

إن السمات الشائعة بني السفاحني من املعتلني نفسيا)1(، ومنها: الشعور بالعظمة وبأهمية الذات، والقدرة على اإلقناع، واجلاذبية الس������طحية )القائمة على حالوة اللسان(، والقسوة وانعدام الرحمة والندم، والقدرة على التالعب باآلخرين، شائعة أيضا بني السياسيني وزعماء العالم، أي أولئك الذين ال يهربون من الش������رطة، بل يس������عون إلى املناصب. وتسمح تلك السمات للذين يتصفون بها بأن يفعلوا ما يشاؤون وقتما يشاؤون، غير آبهني بالعواقب االجتماعية أو األخالقية أو القانونية ألفعالهم.

وإذا كن������ت من موالي������د البرج املالئم، على س������بيل املثال، وامتلكت سلطة على العقل البشري كسلطة القمر على البحر، فلرمبا أم������رت بإبادة جماعية ملئة ألف ك������ردي وجر متمردين س������ريني إلى املش������انق لتنتزع بذلك حتى من أعتى مناوئيك،

احتراما بصمت خالفا جلميع األعراف.»ال تخ������ف، يا دكتور، إمنا هذا للرجال،« هذا ما قاله صدام

حسني وهو أمام حبل املشنقة قبيل حلظات من إعدامه.وإذا كنت عنيفا وماكرا، على غرار <R. مودسلي>، هانيبال لكتر)2( احلقيقي، فلرمبا أخذت زميلك في السكن رهينة، وهشمت رأس������ه، ولعقت دماغه مبلعقة ببرودة أعصاب وكأنك تلعق بيضة نصف مسلوقة من خالل فتحة في قشرتها. )وباملناسبة، سجن <مودس������لي> منفردا في زنزانة مقاومة للرصاص طوال األعوام

الثالثني املاضية في قبو سجن واكفيلد بإنكلترا(.أو إذا كنت جراح أعصاب المعا وبارد اإلحساس إلى حد انعدام الرحمة لديك، وأسيرا للضغوط املستحوذة عليك، فلرمبا حاولت، على غرار الرجل الذي سأدعوه الدكتور <جيرافتي>، اختب������ار حظك في مجال مختلف كليا عن مجال اختصاصك، وهو املجاهل النائية من طب القرن احلادي والعش������رين، حيث

تندفع الرياح بس������رعة تس������اوي مئة ميل في الساعة، وتقترب كثافة األكس������جني من العدم. قال لي <جيرافتي>: »ال تأخذني شفقة بالذين أجري لهم عمليات جراحية، فذاك ببساطة ترف ال أق������در عليه. فأنا أولد من جديد في غرفة العمليات، وأحتول زا اهتمامي كليا في املشرط إلى آلة صماء عدمية الشفقة، مركواملثقب واملنشار. وحينما تطلق العنان لنفسك متحاشيا املوت عند أعلى خطوط التماس ف������ي الدماغ، تصبح العواطف غير مالئمة. فالعواطف عش������وائية، وهي معيق������ة فعال للعمل. وقد

صارعتها عبر السنني حتى قضيت عليها.«<جيرافتي> هو واحد من أهم جراحي األعصاب في اململكة

املتحدة، وعلى الرغم من أن كلماته تسبب لنا قشعريرة تصل حتى النخاع أحيانا، إال أنها، في أحيان أخرى، تكون مفعمة باملغزى. وإذا توغلنا عميقا في املناطق املغلقة في بعض أشد مناطق الدماغ خطورة، رأينا املعتل نفس������يا على هيئة وحش منع������زل مفترس ال يعرف الرحمة، أو نوع متفرد من اجلاذبية العابرة القاتلة. وقبل النطق بأي كلمة، تنسل صور السفاحني واملغتصبني واملجانني ومفجري القنابل االنعزاليني لتهبط على

أرصفة عقولنا.ولك������ن، ماذا تقول لو وضعت أمامك صورة مختلفة ؟ ماذا تق������ول لو أخبرتك بأن مش������عل احلرائق عم������دا، أي ذاك الذي يح������رق بيتك، ميك������ن أن يصبح أيضا، في عال������م مواز، بطال قادرا على حتدي خطر اخلشب امللتهب ملبنى يتهاوى وقد أتت علي������ه النيران من كل جانب، مقتحم������ا إياه بحثا عن أحباء لك إلنقاذه������م؟ أو أن الصبي القابع في الظل خلف دار للس������ينما وفي يده س������كني ميكن أن يظهر بعد س������نوات مسيطرا ببراعة

على سكني من نوع مختلف، خلف مسرح من نوع مختلف؟ THE WISDOM OF PSYCHOPATHS )�(

)Psychopathic )1: املعتل نفس������يا هو ش������خص يعاني اضطرابا عقليا مزمنا وسلوكا اجتماعيا عنيفا شاذا.

)Hannibal Lecter )2: ش������خصية خيالي������ة لطبيب قاتل في رواي������ات الرعب التي كتبها الروائي <T. هاريس>. )التحرير(

اقتبست هذه املقالة من كتاب املؤلف نفسه <كڤن داتن> حصافة املعتلني نفسيا The Wisdom of Psychopaths باالتفاق بني مجلة ساينتفيك أمريكان ودور النشر

املختلفة التي نشرت الكتاب في عدة دول.

املجلد 29 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2013

Page 77: July August 2013 Oloom

75

ويج������ب االعتراف بأنه من الصع������ب تصديق ادعاءات من ه������ذا النوع، مع أنها صحيحة. فاملعتلون نفس������يا ال يخافون، وهم واثقون بأنفس������هم وجذابون وعدميو الشفقة ويعرفون ما يريدون. ومع ذلك، وخالفا لالعتقاد السائد عنهم، فهم ليسوا بالض������رورة عنيف������ني. وليس االضطراب النفس������ي حالة جلية ذات وجهني، أي إما أنك معتل نفس������يا أم ال - ثمة مناطق من االضطراب، منها الداخلي ومنها اخلارجي، على نحو مشابه إلى حد ما ملناطق تعرفة الركوب على خرائط قطارات األنفاق. فهناك طيف لالعتالل النفس������ي ل������كل منا موقعه فيه، مع أقلية

صغيرة فقط من »ذوي الشأن« تقيم في »املدينة الداخلية.«تخيل س������مات االعتالل النفسي على أنها مفاتيح التوليف الصوتي في مازج موسيقى في استوديو تسجيل. فإذا أزحتها جميعا إلى األعلى، حصلت على تسجيل صوتي ال فائدة منه. أما إذا كان التس������جيل متدرجا، وكان بعضه أعلى من بعضه ة الذهن، اآلخر - كانعدام اخلوف والتركيز وقلة التعاطف وحد

على سبيل املثال، فلرمبا كنت جراحا ال نظير له.طبعا، ليس������ت اجلراحة إال مثاال واحدا ميكن أن تظهر فيه فائدة »موهبة« االعتالل النفس������ي، ولكن هناك حاالت أخرى. فف������ي عام 2009، على س������بيل املثال، قررت القيام ش������خصيا ببحث لتحدي������د وجود تطبيقات لكون املعتلني نفس������يا أفضل حقا في كش������ف نقاط الضعف عند اآلخرين )وفقا ملا ورد في بعض الدراس������ات(. إذ ال بد من أن تكون ثمة طرق تكون فيها ه������ذه القدرة مفيدة، بدال من أن يكون هؤالء املرضى عبئا على

املجتمع. وال بد أن تكون هناك طرق لدراستها.ومل������ع احلل في ذهني عندما قابلت صديقا في املطار. فقد خطر ببالي أننا جميعا نشعر بشيء من االرتياب حني دخولنا منطقة اجلمرك، حتى ولو كنا أبرياء متاما. ولكن تخيل الشعور الذي قد يساورنا إذا كان لدينا شيء نريد إخفاءه فعال، وإذا

كان ضابط اجلمرك بارعا في كشف ذلك الشعور.الستقصاء األمر، قررت القيام بتجربة، اشترك فيها ثالثون طالب������ا جامعيا، نصفه������م احتل مرتبة عالية في اختبار ســـلم التقديـــر الذاتي لالعتالل النفســـي)1(، واحتل نصفهم اآلخر

مرتبة منخفضة. وكان خمس������ة أيضا بينهم أم������ا »مس������اعدين.« مهمة الطلبة فقد كانت في اجللوس س������هلة: ومراقبة الدرس قاعة املس������اعدين حركات حني دخوله������م القاعة من باب وخروجهم من باب آخ������ر، مارين في أثناء ذلك فوق منصة صغيرة. وثمة ش������يء

آخر أيضا، إذ على الطلبة معرفة »املذنب« من بني املساعدين: من منه�م يخفي من��ديال قرمزي اللون؟

ول��زي�ادة اه��ت����مام املش������ارك��ني وتش������جي���ع املراقبني على القي������ام بأدوارهم، أعطي املس������اعد الذي يخف������ي املنديل مئة جنيه إس������ترليني. فإذا قرر احمللف������ون )أي املراقبون( أنه هو ب(، أي الذي يأتي في املرتب������ة األولى حني عد املذنب )امله������رأصواتهم، وجب������ت عليه إعادة املبلغ. وإذا اس������تطاع النجاة، واجته������ت أصابع االتهام إل������ى غيره، كان جدي������را باملكافأة،

وأمكنه االحتفاظ باجلنيهات املئة.فأي من مجموعتي الطلبة املذكورتني س������وف تقوم بوظيفة »ضابط اجلمرك« األفضل؟ وهل تثبت غرائز »التوحش« املميزة لالعتالل النفسي أنه ميكن االعتماد عليها؟ أم إن قدرتهم على

كشف نقاط الضعف سوف تخونهم؟لقد استطاع أكثر من 70% من أولئك الذين أحرزوا درجات عالية في اختبار سلم التقدير الذاتي لالعتالل النفسي كشف ب للمنديل على نحو صحي������ح، وذلك مقارنة ب� املس������اعد املهر30% فق������ط من ذوي الدرجات املنخفضة. فتركيز االهتمام في

نقطة ضعف الضحية، قد يكون جزءا من عدة عمل الس������فاح، ولكنه قد يكون مفيدا أيضا في جمرك املطار.

مشكلة العربة)�(الحظ <J. گرين> ]أستاذ علم النفس في جامعة هارڤارد[ كيف أن املعتلني نفس������يا ينجحون في ح������ل ألغاز املآزق األخالقية. فوفق������ا ملا أوردته ف������ي كتابي اإلقناع الســـريع)2( الصادر عام

)�( TROLLEYOLOGY: دراسة املآزق األخالقية)Self Report Psychopathy Scale )1: اختب������ار يتأل������ف من 26 س������ؤاال يجيب عنها املرء بإجابات تت������درج بني املوافقة وعدم املوافقة على س������لم من خمس درجات، وحتدد

النتيجة موقع الشخص )أيا كان( ضمن طيف االعتالل النفسي.)2( Split-Second Persuasion )التحرير(

Kevin Dutton

باح������ث في علم النفس لدى مركز أبحاث كاليڤا لعلوم اإلنس������ان والتطور بكلية ماگدالن في جامعة أوكسفورد.

املؤلف

Page 78: July August 2013 Oloom

76(2013) 8/7

2011، كشف <گرين>، عرضا أمرا الفتا: التعاطف مع اآلخرين

ليس متجانس������ا، بل فصاميـــا)1(. فثمة ضربان متمايزان منه: حار وبارد.

انظ������ر، مثال، في األحجية التالية )احلال������ة 1( التي اقترحتها أول مرة الفيلسوفة الراحلة <P. فوت>:

هناك عربة قطار مندفعة بسرعة على سكة حديد. ويوجد في طريقها خمس������ة أشخاص محتجزون على السكة وال يستطيعون الفرار. ومن حسن الطالع أنه بإمكانك الضغط على زر يقوم بتحويل خط س������ير العربة عند تفريعة للس������كة يبعدها عن االصطدام بأولئك األشخاص اخلمسة - ولكن لذلك ثمن. فهناك ش������خص آخ������ر محتجز في اجلانب الثاني من التفريعة، وس������وف تقضي

العربة عليه بدال منهم. فهل تضغط الزر؟إن معظمن������ا يعان������ي صعوب������ة اتخاذ قرار بشأن ما عليه فعله في هذه احلالة. صحيح أن

مسألة الضغط على الزر ليست مسألة مريحة متاما، إال أن اخليار العملي، أي قتل شخص واحد بدال من خمسة، ميثل

»أقل اخليارات سوءا«. أليس كذلك؟انظر اآلن في التعديل التالي للمش������كلة ) احلالة 2( الذي

اقترحته الفيلسوفة <J. تومسون>:على غرار احلالة السابقة، تندفع عربة قطار فقدت السيطرة عليها بسرعة نحو خمس������ة أشخاص. ولكنك تقف اآلن خلف ش������خص غريب ضخم اجلثة على جسر للمشاة فوق السكة. والطريقة الوحيدة إلنقاذ األش������خاص اخلمس������ة هي أن ترمي ذلك الشخص من أعلى اجلس������ر. طبعا سوف يكون مصيره املوت األكيد، غير أن ضخامة جس������مه س������وف توقف العربة

منقذة حياة اخلمسة. والسؤال هو: هل تقوم بدفعه؟هنا، ميكن������ك القول إننا أمام معضل������ة »حقيقية«. فمع أن النتيجة، من حيث عدد الذين س������وف يفقدون حياتهم، متماثلة في احلالتني )واحد بدال من خمس������ة(، إال أن الدخول في هذه

اللعبة يجعلنا أكثر حذرا وتوترا إلى حد ما. فلم ذلك؟يعتقد <گرين> أنه ميتلك اجلواب، وأن هذا اجلواب يتعلق

مبناطق مختلفة من الدماغ.فه������و ي������رى أن احلال������ة 1 ميكن أن تنط������وي على ما نسميه معضلة أخالقية غير ش������خصية، وتشتمل على مناطق الدماغ التالية: اللحاء قبل اجلبهي)2(، واللحاء اجلـــداري اخللفـــي)3( )وعلى وج������ه اخلصوص اللحاء شـــبه الطوقي األمامي)4(، والقطـــب الصدغي)5(، وثلم العظم الصدغي العلوي)6((، وهي املناطق املنغمسة من

حيث املبدأ في جتربتنا املوضوعية للتعاطف البارد: أي في االستدالل املنطقي والتفكير العقالني.

أما احلالة 2، فهي ما ميكننا تسميتها املعضلة األخالقية الش������خصية. فه������ي تقرع باب مركز املش������اعر ف������ي الدماغ

املعروف باللوزة)7(، وهي دائرة التعاطف احلار.عل������ى غرار معظ������م الناس العاديني، يحل املعتلون نفس������يا معضلة احلالة 1 س������ريعا. وفي املقابل، وخالفا للناس العاديني، حيث ي������زداد التعقيد واإلثارة، فإنهم يحلون احلالة 2 س������ريعا أيضا. فاملعتلون نفس������يا، ودون أن يرف لهم جفن، سوف يكونون في منتهى السعادة وهم يقذفون بالرجل الضخم

من أعلى اجلسر.وملزيد من تعقيد األمور، ينعكس هذا السلوك في الدماغ عل������ى نحو جلي. فنمط االس������تثارة العصبونية هو نفسه لدى كل من املعتلني نفسيا والعاديني من الناس في حالة املعضلة األخالقية غير الش������خصية، إال أنه يختلف كثي������را حينما تصبح األمور

شخصية أكثر. تخيل أنني وضعتك في آلة للتصوير بالرنني املغنطيسي الوظيفي)8( وطرحت عليك املعضلتني السابقتني. فماذا أرى في عينيك وأنت تفاضل فيما بني ألغامهما األخالقية؟ في اللحظة الت������ي تعبر فيها طبيعة املعضلة احلدود من حيز الش������خصي إلى حيز شخصي، سوف أرى لوزة دماغك وما يتصل بها من دارات دماغية، ومنها اللحاء األوســـط األمامي التجويف)9( على سبيل املثال، تتوهج كآلة الكرات والدبابيس)10(. فسوف أش������هد اللحظ������ة التي تضع فيها املش������اعر نقودها في ش������ق

حصالة اآللة.أما في حالة املعتلني نفس������يا، فال أرى سوى ظلمة. ويبدو الكازين������و الكهف������ي العصبوني مهجورا وق������د أوصدت أبوابه باأللواح. فاالنتقال من غير الشخصي إلى الشخصي يحصل

من دون أن يترك أي أثر.

schizophrenic )1(prefrontal cortex )2(

posterior parietal cortex )3(anterior paracingulate cortex )4(

temporal pole )5(superior temporal sulcus )6(

amygdala )7(functional MRI machine )8(

medial orbitofrontal cortex )9()pinball machine )10: آلة تس������لية في املقاهي وغيرها، يدفع الالعب فيها بكرة صغيرة على س������طح منحدر ذي أرضية فيها عوائق على شكل دبابيس، وتبدأ اآللة بالعمل

حني يدخل الالعب نقودا في حصالتها. )التحرير(

تخيل سمات االعتالل النفسي

على أنها مفاتيح التوليف

الصوتي في مازج موسيقى.

Page 79: July August 2013 Oloom

77 (2013) 8/7

وصفة اعتالل نفسي)�(ليست مسألة ما يلزم للنجاح في مهنة معينة، أو توصيل بضاعة أو إجناز مهمة، بتل������ك الصعوبة حينما يتعلق األمر بها ذاتها فقط. فإلى جانب مجموعة امله������ارات التخصصية الضرورية للقي������ام بواجبات معينة، في مجال القانون أو األعمال مثال أو ف������ي أي مجال آخر يخطر على بال������ك، ثمة مجموعة معينة من

السمات املختارة تنطوي على حتقيق جناح كبير.فف������ي عام 2005، قامت <B. ب������ورد> و <K. فريتزن> ] اللتان كانتا آنذاك في جامعة سري بإنكلترا[ بإجراء استطالع يهدف إل������ى احلصول على معلومات دقيقة عم������ا يجعل كبار مديري الشركات ينجحون في أعمالهم. وما رغبتا في معرفته: جوانب الش������خصية املفتاحية التي متيز الذين يتجهون يسارا)1( من

أولئك الذين يتجهون ميينا حني صعودهم الطائرة. وقد أخذت <بورد> و <فريتزن> ثالث مجموعات: مديرو أعمال ومرضى نفس������يون، ومجرمون قيد العالج )منهم من كان معتال نفسيا، وآخرون يعانون أمراضا نفسية أخرى(، وقامتا باملقارنة

بني مستويات جناحهم في اختبار الهيئة النفسية)2(.وقد كش������ف حتليلهما عن أن عددا من س������مات االعتالل النفسي كان أكثر شيوعا فعال بني كبار مديري األعمال منه بني من يسمون مجرمني مضطربني)3(، ومن تلك السمات: اجلاذبية السطحية واألنانية والقدرة على اإلقناع وانعدام التعاطف مع اآلخرين واالس������تقاللية ووضوح الهدف. والفارق الرئيس������ي بني املجموع������ات الثالث كان في اجلوان������ب »الالاجتماعية« antisocial م������ن تلك األعراض: معدالت عالية خلروج املجرمني

على القانون واعتداءاتهم اجلسدية وانفعاالتهم الذاتية )جميع مفاتيح مازج املوسيقى مزاحة إلى األعلى، وفقا للتشبيه الذي

استعملناه آنفا(.ويب������دو أن هناك دراس������ات أخرى تؤكد التش������بيه مبازج املوس������يقى، مبعنى أن احلدود الفاصلة بني االعتالل النفسي املفيد، وذاك الناجم عن خلل وظيفي، تعتمد، ليس على وجود أعراض االعتالل النفس������ي ذاتها، بل على مستوياتها، وعلى الطريق������ة التي تتضافر بها. وحديث������ا، أثبت <محمد محمود> وزمالؤه في جامعة مكواري بسدني أن أمناط اخللل الوظيفي في الدم������اغ )وحتديدا أمناط عمل اللحاء الوس������طي األمامي التجويف، وه������ي منطقة الدماغ التي تنظم مدخالت العواطف في اتخاذ القرار( التي شوهدت عند املعتلني نفسيا املجرمني وغير املجرمني، تبدي اختالفات في احلجم، ال أكثر من كونها متمي������زة بعضها عن بع������ض. ويرى <محم������ود> أن ذلك يعني أن������ه يجب عدم النظر إلى املجموعت������ني على أنهما مجموعتان

بشريتان متمايزتان، بل باعتبارهما حتتالن موقعني مختلفني ضمن املجموعة البشرية نفسها.

وضم������ن هذا التوجه نفس������ه ) لكن مبس������توى تقني أقل(، طلب������ت إلى طلبة في الس������نة اجلامعية األولى أن يتخيلوا أنهم مديرون في شركة توظيف، وقلت لهم: »افترضوا أنه قد جاءكم زبون باملواصفات التالية: عدمي الرحمة، ال يعرف اخلوف، ذو شخصية جذابة، ال يكترث بالقيم األخالقية، ويعرف ما يريد.

فما نوع العمل الذي ترون أنه مالئم له؟«ل������م يكن م������ن املمكن له������م أن يكونوا أفض������ل تبصرا في إجاباتهم مما كانوا عليه. فقد ذك������روا الوظائف التالية: كبير مديري������ن تنفيذيني، جاس������وس، جراح، سياس������ي، ضابط في اجليش... لقد ظهرت جميع تلك الوظائف في الوصفة. وظهر

ضمنها سفاحون وقتلة مأجورون ولصوص مصارف. لق������د قال ل������ي مدير تنفي������ذي ناجح: »ليس������ت القدرة على التفكير املنطقي بذاتها س������وى طريقة أنيقة لتضمن لنفس������ك املركز الثاني في الس������باق. تذكر أنهم ال يطلقون على النجاح صف������ة العمود الزلق عبثا. فالطريق إل������ى القمة صعب، ولكنه يصبح س������هال إذا ركبت على أكتاف اآلخرين. ويصبح أكثر

سهولة إذا ظنوا أنهم سيحصلون على شيء من ذلك.«ويوافق������ه عل������ى ذل������ك <J. مولت������ون>، وهو واح������د من أكثر الرأس������ماليني املغامرين جناحا في لندن. ففي مقابلة صحفية حديثة مع صحيفة الفاينانشال تاميز، اعتبر اإلرادة والفضول وبرودة األعصاب هي أعلى ثالث سمات قيمة في شخصيته.

وال عج������ب في ذكره للس������متني األوليني. ولك������ن ما مغزى ب������رودة األعصاب؟ يق������ول <مولتون> إن الش������يء العظيم في برودة األعصاب هو أنها صفة »تدعك تنام، حينما ال يستطيع اآلخرون فعل ذلك.« <

THE PSYCHOPATH MIX )�(http://www.guardian.co.uk/travel/2012/jan/10/ :1( أي إلى مقاعد الدرجة األولى. انظر(jumbo-stay-stockholm-hostel-sweden?newsfeed=true. وثم������ة مجموعة س������ياحية تس������مي نفس������ها Turn Left On The Plane Group، وتقدم خدمات لألشخاص الذين يحب������ون الرفاهية في أثناء الس������فر على الطائرة ويتطلع������ون إلى االعتناء بهم جيدا

بعد وصولهم. )psychological profiling test )2: فالهيئة النفس������ية هي وصف لشخصية املجرم العنيف وسلوكه واهتماماته، ويحدد هذا االختبار تلك الهيئة. )التحرير(

disturbed criminals )3(

Scientific American, October 2012

مراجع لالستزادة What “Psychopath” Means. Scott O. Lilienfeld and Hal Arkowitz in Scientific American Mind, Vol.18, No. 6, pages 80–81; December 2007/January 2008. Inside the Mind of a Psychopath. Kent A. Kiehl and Joshua W. Buckholtz in Scientific AmericanMind, Vol. 21, No. 4, pages 22–29; September/October 2010. How to Act Like a Psychopath without Really Trying [Excerpt]. John Whitfield. Published onlineDecember 9, 2011, at www.ScientificAmerican.com/article.cfm?id=how-to-act-like-a-psychopath

Page 80: July August 2013 Oloom

78(2013) 8/7

قضية الصورالداگرية)1( املتالشية)�(

صور ال تقدر بثمن ترجع إلى األيام األولى من التصوير الفوتوغرافيتتحلل أمام أنظار رواد املتحف، وفريق غير اعتيادي يبدأ بإنقاذها.

<D. گروشكني>

في املرك������ز الدولي للتصوير الضوئي)2( مبدينة نيويورك وحيث تس������ود عتمة تشبه عتمة املس������ارح، ومن وراء األطر املصنوعة من الزج��اج وخش������ب الورد، حت�دق أطياف سود وبيض ل�<B. براهمني>، أحد وجهاء نيو إنگالند في أواس������ط القرن التاسع عشر. إنها أعمال املصورين <S .A. ساوثورث> و<J .J. هاوز>)3(، وهما يعادالن في عالم التصوير الداگري - أول األش������كال العملية للتصوير الفوتوغرافي - ثنائي فرقة رامبرانتس)4( املوسيقية. وفي إحدى الصور عروس محتشمة ترتدي ثوبا حريريا أبيض من الكريب تتحسس شرائطها، بينما تبرز صرامة وتغطرس رجل الدولة <D. وبس������تر> من حاجبيه في صورة أخ������رى. وعندما افتتح معرض »أمريكا الفتية« عام 2005، عرضت صور عمرها 150 سنة لرموز من أمريكا ف������ي الفترة التي كانت تتحول فيها من املراهقة إلى قوة عاملية. وقد كتبت صحيفة نيويورك تاميز بحماس شديد عن ذلك املعرض: »كل صورة تتألق على اجلدار مثل حجر

في خامت تتغير ألوانه حسب درجة احلرارة)5(.« ولكن بعد مضي ش������هر على املعرض بدأت الصور املثبتة على األل������واح الفضية بالتحلل. فقد ظهرت بقع بيضاء على نص������ف صورة المرأة ترتدي تنورة بطول س������تارة. وتش������كلت هاالت قزحية األلوان على صورة

ق. وبدت البثور على <H .I. بوديتش> املنادي بإبط������ال الر

صور أخرى. ومع نهاية املعرض الذي اس������تمر ش������هرين ونص������ف حلق الضرر بخمس وعش������رين صورة داگرية،

منها خمس أصابها أذى بالغ.لقد أوقع ه������ذا التلف املفاجئ الذعر ف������ي عالم التصوير الداگ������ري الصغير. وعلى خالف فن التصوير الذي يتيح طبع نسخ متعددة من نسخة سلبية)6( واحدة، فإن كل داگرية هي صورة فريدة من نوعها وغير قابلة للنس������خ. ما أن تتالش������ى الصورة مرة، فإنها تفقد إلى األبد. وتش������ير الصور املتالشية

THE CASE OF THE DISAPPEARING DAGUERREOTYPES )�()Daguerreotypes )1 و Daguerreotypy: نس������بة إلى التصوير الشمس������ي على األلواح الفضية الذي اكتش������فه الفرنسي <L. داگر> في ثالثينات القرن التاسع عشر، وهو

يعتبر أول أشكال التصوير الفوتوغرافي.the International Center of Photography )2(

)Albert Sands Southworth )3 و Josiah Johnson Hawes: هما من أوائل الرواد األمريكيني في التصور الداگري، وأسسا سويا شركة تصوير (1843-1863) حملت اسميهما.

)The Rembrandts )4: هي فرقة روك/بوب أمريكية ش������هيرة أسس������ها الثنائي <فيليب سولم> و<داني وايلد> في لوس أجنلوس عام 1989.

a stone in a mood ring )5(negative print )6(

)7( ]انظر: »كثافة بوز- آينشتاين«، ، العدد 11 (2000)، ص 54[، تكاثف )أو مكثفات( »بوز- آينش������تاين« في الفيزياء هو تكاثف تنبأ به كل من <ساتيندرا ناث بوز> و<ألبرت آينش������تاين>، ويتعلق بطور من أطوار املادة الذي يحصل عند تدني احلرارة حتت ما يسمى »الدرجة احلرجة.« انظر كذلك: »أبرد غاز

في الكون«، العدد 5 (2001)، ص 42.

باختصارالبح������ث عن تفاعل كيميائي مبقياس النانو الذري قد يكون مس������ؤوال

عن اخلراب احلاصل. ل������م تؤثر نتائج أبحاثهما فقط ف������ي طريقة تخزين وعرض األعمال الفنية التي ال تقدر بثمن، وإمنا أيضا في إضاءة السبيل أمام عمليات

فيزيائية أساسية ميكن أن تستعمل في الهندسة النانوية.

الح������ظ القيم������ون على معرض لص������ور داگرية عمرها 150 س������نة أن الص������ور تت������وارى أمام أعينهم. وبدا أن أضواء املعرض تس������بب

ابيضاضها، ولم يعرف أحد سر ذلك.اش������ترك القيم املس������ؤول عن الصور مع عال������م فيزياء يعمل عادة عل������ى مكثفـــات بوز-آينشـــتاين)Bose-Einstein condensates )7، في

املجلد 29 العددان 8/7يوليو/ أغسطس 2013

Page 81: July August 2013 Oloom

79 (2013) 8/7

إلى أن أية صورة داگرية ميكن أن تتفتت تلقائيا. ولهذا خشي جامعو الصور الداگرية أن يخس������روا مجموعاتهم التي تقدر قيمته������ا مباليني الدوالرات. كما خش������ي القيمون على حفظ الفنون)2( أن هذه النوافذ املطلة على القرن التاس������ع عشر قد

تختفي ببساطة وإلى األبد. وفي تلك األثناء لم يكن لدى القيمني على حفظ الفنون وال لدى خبراء الصور الداگرية أدنى فكرة عما ميكن أن يحدث. ومع أن معظم هذه الص������ور كانت موجودة دائما في خزائن معتمة مبتحف جورج إيستمان الدولي للتصوير واألفالم)3( في

بنيويورك، روتشس������تر لك������ن ب������دا أن عرضها في مناسبات سابقة مر دون أن تصاب بضرر؛ أما في ه������ذه املرة فقد ظهر بوضوح أن عرض بها أحلق ق������د الصور عنده������ا بالغ������ا. تلف������ا إيس������تمان متحف قرر صوره س������حب هاوس الداگرية م������ن العرض. متحف يكتف������ي واليوم املتروبوليت������ان للفنون)4( ف������ي مدين������ة نيوي������ورك بعرض ص������ورة داگرية من ولكن فق������ط واحدة خلف س������تار. أما مركز البريطاني)5( للف������ن ييل الذي كان ينوي أن ينظم لصور كبي������را معرضا ل ذلك داگرية، فق������د أجالقيمون يستطيع ريثما الفنون حفظ مجال في إتاحته������ا يتدب������روا أن للمشاهدة بطريقة آمنة.

العمل ذلك وقع وقد ويگانت> .R> عاتق على أم������ني متحف في ]وهو ه������اوس«[ »إيس������تمان وكان قد صمم اإلضاءة وصنادي������ق التخزين ف������ي معرض »أمريكا الفتي������ة«. وهو رجل ودود بش������عر أشعث ومحب لالستطالع. لقد وجد نفسه يواجه مش������كالت كيميائي������ة تتجاوز خبراته. ويقول مش������يرا إلى تلف الصور الداگرية: »على م������دى 30 عاما، كنت أمني متحف لكن هذا األم������ر قضية أخرى«، ثم يتابع: »إن معناه العام يكمن في

Disappearing Sitter )1(Conservators )2(

the George Eastman House International Museum of Photography and Film )3( the Metropolitan Museum of Art )4(

the Yale Center for British Art )5(

تالشي حاضنة)1(: هذه الصورة الداگرية )في األعلى( المرأة لم يذكر اسمها، تثل أحد أول أشكال التصوير الفوتوغرافي. وخالل شهر من عرضها عام 2005 بدأت غشاوة تظهر

في الصورة )في األعلى( وحتجبها.

Page 82: July August 2013 Oloom

80(2013) 8/7

طبقة جزيئية واح������دة أو اثنتني«. وبس������بب التركيب الفيزيائي املعقد للس������طح الفضي في الصور الداگرية، استدعت األزمة

تعاونا غير مسبوق.واحتاج <ويگانت> إلى التعاون مع علماء فيزياء. وفي أثناء الس������عي إلى فهم خبو اللون في الصور كشف هو وشركاؤه تأثيرات جزيئية جديدة مفاجئة مبقياس النانو. وأثناء قيامهم بذلك، ظهر أن البقايا واآلثار العرضية لتقانة عمرها 150 عاما

قد تلهم رمبا مستقبل علم الهندسة.

صور ثابتة)�(كان <N. بيگل������و> ]رئيس قس������م عل������وم الفيزياء في جامعة روتشستر[ يعيش قريبا جدا من متحف إيستمان هاوس. كان <بيگلو> قد س������مع عن املعرض الرئيسي، وفي عام 2009 دعا

<ويگانت> إلى التحدث عن مشكلته الفريدة في اجتماع لعلوم

الفيزياء يعقد في روتشستر. وعادة، يعمل <بيگلو> في مجال مكثفات بوز-آينش������تاين وس������حب الذرات في درجات حرارة تق������ارب الصفر املطل������ق - حالة كمومية مج������ردة في ظروف يصعب تخيلها. إال أن حديث <ويگانت> خلب لبه فعرض عليه خدماته تطوعا، موضحا أنه يريد أن يساعد على »شيء يترك

بصمة في اجلانب اإلنساني من احلياة.« رأى <بيگلو> أن الص������ور الداگرية غيرت الطريقة التي نرى في�ه�ا العال��م. لق���د ق���دم الفن��ان والع��ارض الب��اريس�ي <M .J .L. داگر> هذه الوسيلة عام 1939 بعد عقد من البحث

ع������ن طريقة لتثبيت الصور على أل������واح فضية. وكما تقول القصة، كس������ر <داگر> في يوم من األيام وبالصدفة ميزان حرارة ووضعه س������هوا ف������ي خزانة مع ألواح������ه الفضية. وف������ي اليوم التال������ي وجد أن بخار الزئب������ق جعل على نحو ما الصورة ثابتة ودائمة على اللوح الفضي. لقد اكتش������ف <داگ������ر> كيمياء صنع الصور. لذا يق������ول <بيگلو>: »إن ما

كان يح������دث فعال حينها هو جتميع تلقائ������ي لبنى نانوية«. ويضيف قائال: »لقد كان <داگر> يعمل بالهندسة النانوية،

سواء أكان يقصد ذلك أم ال.« كان عل������ى <بيگلو> و<ويگانت> إعادة تش������كيل الهندس������ة النانوي������ة التي وقع عليها <داگر> )وظ������ل غافال عنها(، ولكن لفعل ذلك كان عليهما البدء بشيء من هندسة املاكرو)1(. وفي يوم دافئ بش������كل غير اعتيادي من الشهر 2 جثا <ويگانت> و<بيگل������و> و<B. ماكينتاير> ]وه������و اختصاصي مجاهر في جامعة روتشس������تر[ على أرض قسم الفيزياء حيث حشروا شيئا داخل ميكروســـكوب إلكترونـــي)2( مع مقبض مطرقة. لقد كان جهاز القفل الهوائي)3( في الغرفة املفرغة مشدودا وتطل������ب بضع ضرب������ات. وعندما مت ذلك أظهر احلاس������وب مستطيال بطول بضعة سنتيمترات من الفضة داخل الغرفة، إن������ه مقطع من ص������ورة داگرية كان <ويگانت> قد اش������تراها من موقع eBay)4( للمزاد العلني على ش������بكة اإلنترنت مببلغ 60 دوالرا، وقس������مها إلى أج������زاء مربعة األضالع. كان على

س������طح املقطع نصف وجه لرجل بعينني مغمضتني. وقد قال عت ذلك الرجل إربا، س������أحتمل لي <ويگانت>: »أعلم أني قط

تبعات ذلك.« عند تكبير القياس اثنتني وثالثني مرة بدا وجه الرجل مثل خارطة من القرن التاس������ع عشر - فالتآكل قرب شعره يشبه بقعة نفط في احملي������ط والبثور تبدو كأرخبي������ل. وعند التكبير عش������رين ألف مرة، بدا السطح الفضي محززا تبعا حلبيبات املادة التي استعملت لتلميعه. وكشف التركيز على أجزاء مثل البياض في عيني الرجل، عن بنى نانوية خفية تش������به عناقيد بالغ������ة الصغر من البي������ض األبيض - إنها بل������ورات متماثلة م������ن خليط الفضة والزئبق)5( يح������دد توزعها اللونني األبيض

والرمادي في الصورة.إن صن������ع ص������ورة داگرية يتطل������ب ثالث خط������وات. أوال، يع������رض الفنان لوح الفضة لبخار الي������ود أو البروم، وكالهما م������ن العناصر الش������ديدة التفاعل تدع������ى الهالوجينـــات)6(. ويلتصق البخار بالفضة ليصنع س������طحا متجانسا حساسا

FIXED IMAGES )�(macro-engineering أو macro engineering وتكتب أيضا :macroengineering )1(

)2( electron microscope: مجه������ر )ميكروس������كوب( إلكترون������ي (EM)، وهو أدق بكثير من املجاهر التي تستخدم الش������عاع الضوئي، ويستعمله الفيزيائيون للنظر داخل

الذرة. )the airlock )3: جهاز يستخدم ملرور األشياء أو األشخاص بني بيئات مختلفة الضغط

والغازات.)4( موقع شركة eBay على شبكة اإلنترنت واملتخصص في املزادات وعمليات التسوق

املباشر بني البائع واملشتري. silver-mercury )5(

)halogens )6 أو halogen elements: الهالوجينات أو عناصر الهالوجني وهي سلس������لة كيميائية تضم إضافة إلى الكلور والبروم كال من الفلور واليود واألستاتني واألنون،

وهي جميعها تتميز بنشاط كيميائي عال.

Daniel Grushkin Nature ومجلة Businessweek گروشـــكني> كاتب في مجال العلوم والتقانة ملجل������ة>Medicine ومطبوعات أخرى وهو مؤسس شريك للمختبر Genspace، اخلاص مبجتمع

محلي في مدينة نيويورك يركز على التعليم في مجال التقانة احليوية واالبتكار.

املؤلف

Page 83: July August 2013 Oloom

81 (2013) 8/7

للضوء م������ن هاليد الفضة)1(. وعندم������ا يعرض املصور اللوح تط������رد الفوتونات )جســـيمات الضـــوء( photons الهاليدات وتبقى الفضة النقي������ة. وحيث تكون الصورة قامتة يظل هاليد الفضة على حاله. وفي اخلط������وة التالية يعرض الفنان اللوح إل������ى بخ������ار الزئبق، فتلتص������ق ذرات الزئب������ق بالفضة النقية وتش������كل بلورات من الفضة والزئبق. وف������ي اخلطوة األخيرة يغسل الفنان اللوح مبادة ثيوسلفات الصوديوم)2( - يدعوها املصورون »هيبو«)3( - وهي تزيل الهالوجني من سطح اللوح لتترك س������طح الفضة النقية مرقطا ببل������ورات الفضة والزئبق. إذ تنعكس الفضة اخلالصة فتعطي اللون األس������ود، في حني تكس������ر بلورات الفضة والزئبق ش������عاع الضوء كلون أبيض مولدة تأثيرا غريبا - فيشع الوجه املوجود في الصورة متاما

خلف السطح الفضي الذي يكاد يشبه املرآة.ونظ������را للتفاعل الش������ديد ج������دا للفضة، كان������ت الصور الداگرية تعاني دائما تش������ويها. ولهذا الس������بب كان صانعو هذه الصور يلجؤون إلى وضعها فورا ضمن قوالب زجاجية مقفلة بإحكام حلمايتها. وبدا أن هذه الطريقة بقيت س������ارية بنجاح ملدة تصل إلى مئة وخمسني سنة إلى أن أظهر معرض

»أمريكا الفتية« حساسية تعرضها للضوء دون حماية.

بقع المعة)��(

كان <ويگانت> و<بيگلو> يعمالن على حل هذه املش������كلة مع اختصاصيني في صون الفنون من متحف املتروبوليتان مم������ن وجدوا بقايا من غاز الكلور في البقع البيضاء املتآكلة م������ن الص������ور. وألن األلواح كانت تعرضت قب������ل ذلك لهواء بوس������طن املالح، تغلغلت الكلوريــــدات)4( في ألواح الصور.

كيف تعمل

Trouble under the Surface )�(BRIGHT SPOTS )��(

)silver halide )1: هالي������د أو هالي������دات الفض������ة وهي مركبات تنتج م������ن ارتباط الفضة بأح������د الهالوجينات وتتميز بحساس������يتها للضوء وتس������تعمل الهاليد في التصوير الفوتوغرافي. وتش������مل هالي������دات الفضة كال من كلوريد الفض������ة وبروميد الفضة

ويوديد الفضة، إضافة إلى فلوريد الفضة. )sodium thiosulfate )2: مركب بلوري ش������فاف، يس������تخدم كعامل تثبيت في التصوير

الفوتوغرافي وكعامل تبييض أيضا. Hyposulphite of 3( كان ثيوس������لفات الصوديوم يسمى سابقا هيبوس������يلفات الصودا(

.hypo ومنه جاء االختصار ،Soda)chlorides )4: يتش������كل أيون الكلوريد عندما يكس������ب عنصر الكل������ور إلكترونا واحدا

ويتحول إلى أنيون أو أيون بشحنة سالبة.

يكشف هذا املقطع العرضي لصورة داگرية الفراغات الصغيرة حتت السطح، والتي يعزى إليها تلف الصورة. وفي أثناء إظهار الصورة الداگرية تندمج الفضة املوجودة في أســـفل اللوح مع الزئبق وبخار الذهـــب علـــى الســـطح. ويعتقـــد العلمـــاء أن هـــذه العمليـــة تســـحب

اضطراب حتت السطح)�(الفضة إلى الســـطح مشـــكلة فراغات حتت الســـطح. وفي حالة صور <ســـاوثورث> و<هاوز> فقد تكون هذه الفراغات احتبســـت الكلورين من هواء بوســـطن املالح. ومن ثم كشف الضوء ثانية كلوريد الفضة

احلساس فتشكلت غشاوة فوق الصورة.

فراغات حتت السطحلوح فضي

خليط من الفضة والزئبق والذهب

Page 84: July August 2013 Oloom

82(2013) 8/7

إن الكل������ور هو هالوجني مثل اليود ويتفاعل مع الفضة. ومن ش������أن بقعة ضوء مركزة على صورة داگرية في معرض أن تكشف اللوح مرة ثانية، وتولد بلورات من الفضة والكلوريد

مسببة غمامة فوق الصورة األصلية.إال أن اله������واء البح������ري لم يكن وحده الس������بب. فقد وجد <ويگانت> و<P. راڤينس> ]وهو حاليا مدير قس������م حفظ الفنون

بجامعة الوالية في بوفل������و)1([ أن كامل الصور الداگرية كانت ق������د تضررت أيض������ا من حتت س������طح اللوح������ات. وبالتعاون مع باحثني من ش������ركة كوداك)2(، وباس������تخدام أشـــعة األيون املركـــزة)3(، اختار فري������ق <ويگانت> مس������تطيال بطول ثالثني ميكرونـــا)4( م������ن فوق س������طح عينة لصورة داگري������ة. ومن ثم فحصا طبقات املستطيل عرضيا. وفوجئا عندما شاهدا حتت الس������طح مباشرة فراغات بعرض ثالثمئة نانومتر - تشكل ما

يشبه شبكة أنفاق متتد حتت الصورة متاما. وقد اعتقد الفريق عندها أن هذا التحول الناجم عن الضوء ينتج من شيء يدعى عامل <كيركندل>)5(، الذي يحصل عادة في أثناء صناعة الس������بائك املعدني������ة. فعندما ينصهر معدنان مختلفان الواحد منهما في اآلخر، وبوتيرة مختلفة، تتش������كل فراغ������ات صغيرة أو عيوب في س������طحهما البينـــي)6(. وعلى األغل������ب، فقد تكون������ت الفراغات في الص������ور الداگرية عندما عرض������ت ألول مرة، وحينها س������حبت بل������ورات مزيج الفضة

والزئبق الفضة اخلالصة من حتت سطح اللوح.وميكن للفراغات أن تش������رح سبب الضرر الذي ظهر على الصور الداگرية في املعرض. وبعد مرور مئة وخمس������ني عاما ق������د يكون غاز الكلور أو ملوثات أخرى، قد تس������ربت إلى هذه الفراغات. ولدى بدء عرض الصور، قد يكون الضوء أدى إلى تفاعالت بني الكلور والفضة حتت مس������توى السطح مما جعل

الصور تنبت بقعا من داخلها.ومن وجهة نظر إيجابية، قد يكون الكتش������اف الفريق هذا أهمية في صناعات أخرى. ويس������عى كثي������ر من الباحثني إلى إنتاج جس������يمات متجانس������ة مجوفة الس������تخدامها في مجال إيصال ال������دواء مثال. ويعتقد <بيگلو> أنه������م إن تعلموا كيفية التحكم في عامل <كيركن������دل> إلنتاج جتويف واحد متجانس في جسيم معدني، فإن هذه التقنية ميكن أن تستعمل لهندسة

كبسوالت دوائية نانوية في الطب.

قضايا ال يعرف لها سر)�( ال يس������تطيع <ويگان������ت> أن يصلح الض������رر الذي حلق س������ابقا بالصور، إال أنه يس������تطيع أن يس������تعمل ما تعلمه حلماية الصور الباقية في مجموعة <ساوثورث> و<هاوز>.

وق������د ابتكر ف������ي مختب������ره مبتحف إيس������تمان منوذجا من اإلطارات املصنوعة من األملني������وم والبيركس)7( مع صمام يقفل األلواح ف������ي جو من غاز األرگـــون)8(. فغاز األرگون، وه������و من فصيلة الغازات النبيل������ة، يحمي الصور الداگرية من األكسجني ومن ملوثات الهواء التي تسبب تفاعالت مع السطح الفضي. ويقول <ويگانت> إنه استطاع أن يخفض تكلف������ة كل صندوق من األرگون إلى خمس������ني دوالرا وذلك

باستعمال مواد متوافرة وجاهزة.إن������ه يعم������ل اآلن على إنت������اج كمية م������ن صناديق غاز األرگون تكفي مجموعة <س������اوثورث> و<هاوز> املوجودة في املتحف. ولكن هذا ال يعني بالضرورة أنها س������تعرض ثانية. ويقول: »ال أعلم إن كان بوس������عي أن أقول هيا، لنقم بذلك،« فالرجل أمضى الس������نوات الس������بع الس������ابقة في حتليل وتعداد الوسائل - من الفوتونات إلى الفطريات - التي تخرب سطوح الصور الداگرية احلساسة، لذا ميكن تفهم تردده عندما يصرح: »س������أقول إن الصور الداگرية، س������واء في املخزن أو في املعرض، ينبغي أن تكون في جو

غاز األرگون.«قد ال يدرك رواد املتاحف ما ال ينس������اه القيمون على حفظ الفنون - وهو أن كل حتفة فنية، س������واء كانت رسما أو حجرا أو فضة، لها عمر افتراضي معني. وحتى في أجواء املتاحف العريقة تبهت الصور وتتكس������ر احلجارة وتتخلخل جسيمات الفضة النانوية وال يس������تطيع القيم������ون على املتاحف إنقاذها إل������ى األبد. ويقول <ويگانت>: »إن كل متحف يركز على أمرين اثنني، هما حفظ محتوياته وارتياد زواره.« ونادرا ما كان هذان

األمران مباشرة على طرفي نقيض بهذا الشكل. <CLOSED CASES )�(

Buffalo State University )1()2( كوداك Kodak، ش������ركة أمريكية متعددة اجلنس������يات تشتهر بإنتاج أفالم التصوير

الفوتوغرافي، ومقرها الرئيسي في نيويورك.)focused ion beam )3: وتعرف أيضا بتقنية FIB وهي تستخدم حزمة أيونات مركزة.

)micron )4: امليكرون يعادل جزءا من ألف من املليمتر.Kirkendall effect )5(

interface )6()Pyrex )7: م������ن أنواع الزجاج الصل������ب الذي يتميز مبعامل مت������دد منخفض ومقاوم

للحرارة.)Argon )8: غاز األرگون وهو من فصيلة الغازات املكتفية باإللكترونات اش������تق اس������مه من اليونانية اإلغريقية من apyóv التي تعني اخلامل أو الكسول، إشارة إلى خموله الكيميائي. واسمه بالعربية الرهون املشتق من الرهو أي السكون. )التحرير(

Scientific American, December 2012

مراجع لالستزادة Young America: The Daguerreotypes of Southworth and Hawes. www.eastmanhouse.org/icp/pages/young_america.html

Page 85: July August 2013 Oloom

83 (2013) 8/7

مزيف������ة تنجم عن تراوحات وتقلب������ات إحصائية تقل عن واحد م������ن ثالثة ماليني. ومن ثم كان على هذه اإلش������ارات أن متثل شيئا حقيقيا. وعندما سلطت الكاميرا على الفيزيائي <هيگز>

شوهد وهو يسحب منديال ليمسح دمعات ذرفتها عيناه. ابته������ج <هوير> قائ������ال: »أعتقد أننا حصلن������ا عليه،« منهيا بذل������ك الندوة مع تصفيق احلضور املطول. وتابع قائال: »لدينا اكتش������اف هنا،« مضيفا بحذر كلمة »االكتش������اف« أخيرا، ثم أكمل: »لقد الحظنا جسيما جديدا متسقا مع البوزون هيگز.«

عصر جديد في الفيزياء؟)�(ال يتس������رب الش������ك اآلن إال إلى قلة من الفيزيائيني في أن جس������يما جديدا قد ظهر. ولك������ن ما هي على وجه الدقة طبيعة ونوع هذا اجلس������يم؟ حتدث فيزيائيو املختبر سيرن بحذر عن هذا الس������ؤال مطلقني عليه تس������مية »البوزون الشبيه بالهيگز« ومصرين على ضرورة وجود بيانات إضافية من أجل حتديد خصائصه بدقة. ولم يبرهن املختبر س������يرن بعد بشكل قاطع ونهائ������ي أن للجس������يم اجلديد خاصي������ة امتالكه الســـبني)1( spin صف������ر، كما يتطلبها النموذج املعي������اري، مع أن املقارنة

بالبيان������ات األخيرة للمصادم تيڤاترون )التي مت نش������رها يوم 7/2 ف������ي محاولة واضحة ملش������اركة املختبر س������يرن في بريق

الش������هرة( توحي بصحة هذه اخلاصية في اجلسيم اجلديد. كذلك، تقوم كلت������ا التجربتني CMS و ATLAS بالتقاط حوادث خاص������ة بالتفكك لفوتونني أكثر مم������ا كان متوقعا. فهل هناك ش������يء مفقود هنا؟ أو أن هذه التخمة في احلوادث تشير إلى

فيزياء جديدة تأسر عقولنا؟وينصب االهتمام الراهن نظريا وجتريبيا على تقرير ما إذا كان اجلس������يم اجلديد فعال هو الب������وزون هيگز »الذي« يتنبأ به النم������وذج املعياري أو ال. وميكن اإلجابة عن هذا الس������ؤال عبر حتصيل بيانات أكثر وقياس������ات دقيقة ح������ول كيفية تفكك هذا اجلس������يم اجلديد إلى جس������يمات أخرى. وقد احتوت البحوث الرس������مية التي جرى إرس������الها للنش������ر أواخر الشهر 7 على قنوات تفكك إضافية ال تتناقض مع النموذج املعياري. وحافظ الكاشف CMS على إعالنه االكتشاف مبستوى خمسة سيگما، بينما تعززت نتائج الكاش������ف ATLAS وازدادت قوة، وقد أشار حتليل مبكر لبيانات الكاشف ATLAS واملصادم تيڤاترون معا أجراه نظريا املختبر سيرن <J. إليس> و <T. يو> أن هذا اجلسيم

اجلديد، كما قاال: »ميشي ويقرقر فعال مثل البوزون هيگز.« لق������د أث������ارت العالقة بني هذا اجلس������يم اجلديد وبني زوج م������ن الفوتونات ذات الطاقة العالي������ة، االهتمام واحليرة، إذ إن حقل اجلس������يم هيگز يصبغ اجلسيمات األولية بكتلها، ومن ثم

عليه أن يتآثر بش������كل أكبر مع اجلسيمات األثقل، والفوتونات ال متتل������ك أي������ة كتلة، لذلك ال بد للب������وزون هيگز أن يصدر هذه الفوتونات عبر آلية تتضمن جس������يمات أخرى ذات كتلة كبيرة. وميكن جلس������يمات ثقيلة إضافية )تس������تلزمها نظرية التناظر الفائ������ق ونظريات أخ������رى( أن تعزز هذه العملي������ة - كما يبدو حدوث������ه فعال اعتمادا على بيانات مبكرة. وإذا اس������تمرت هذه النزعة بالصمود، فإنها سوف تشير وبقوة إلى فيزياء تتجاوز تلك التي يصفها النموذج املعي������اري ]انظر: »الثورات القادمة في فيزياء اجلسيمات«، ، العددان 7/6(2008)، ص 64[.

يسم االكتشاف اخلطير لهذا اجلسيم نهاية حقبة طويلة في فيزياء اجلسيمات وبداية طور جديد مثير يدرس الظواهر ذات الطاقات من رتبة TeV. وبعد عقود من الركود، ها قد دب النشاط من جديد في هذا احلقل من البحوث عبر الوصال الشديد بني النظرية والتجربة. وهناك أس������ئلة كثي������رة ميكن أن جتد أجوبة عنها عبر إجراء بحوث إضافية على هذا اجلس������يم اجلذاب أو على ش������ركائه املمكنني. مثل: هل يؤدي دورا في آلية التضخم the التي تعد القوة احملركة ملنشأ الكون وفق االنفجار األعظم dark matter )2(؟ وهل يتآثر مع جسيمات املادة املعتمةbig bang

التي نعتقد بأنها تسكن كوننا؟ وماذا عن تلك اآللية ذات الطاقة العالية أو العملية الت������ي تقي، في حال وجودها، اخلالء الهش

من عدم االستقرار الذي ميكن أن يهدد وجودنا؟ مع أننا نحتفل بانتصار النموذج املعياري، فإن مثل اجلسيم هيگز هذا ذي الوزن اخلفيف ال بد وأن يكون حساسا بدرجة كبيرة للفيزياء التي تتجاوره. فهذا اجلسيم يفتح أمامنا مختبرا رائعا من أجل إجراء جتارب إضافية. فهل تتوافق خصائصه متاما مع ما نتنبؤه ل������ه؟ ميكن للتباينات الظاهرة في البيانات األولية أن تكون تراوحات وتقلبات عشوائية سوف تختفي في األش������هر القادمة؛ أو رمبا تزودنا بإش������ارات حذقة عن فيزياء جديدة آسرة للعقول. <

Scientific American, October 2012

مراجع لالستزادة The Mysteries of Mass. Gordon Kane in Scientific American, Vol. 293, No. 1, pages 40–48;July 2005. The Coming Revolutions in Particle Physics. Chris Quigg in Scientific American, Vol. 298, No. 2,pages 46–53; February 2008. The Discovery Machine. Graham P. Collins in Scientific American, Vol. 298, No. 2, pages 39–45;February 2008. The ATLAS experiment: http://atlas.ch The CMS experiment: http://cms.cern.ch

A NEW ERA IN PHYSICS? )�()1( أو: التدومي)2( أو: املظلمة

تتمة الصفحة 55 )وأخيرا اجلسيم هيگز(

Page 86: July August 2013 Oloom

84(2013) 8/7

مجلة العلوم اإللكترونيةمنذ عام 2007 ميكن قراءة مقاالت »مجلة العلوم« قراءة كاملة على موقعها اإللكتروني:

www.oloommagazine.com

وقد ضم هذا املوقع إصدارات مجلة العلوم منذ الشهر 1995/1، التي بلغت 138 إصدارا.وبلغ عدد متصفحي مقاالت مجلة العلوم اإللكترونية في الشهر الواحد أكثر من خمسة آالف.

وميكن لزائر موقع مجلة العلوم اإللكترونية: البحث عن كلمة معينة في عناوين املقاالت ونصوصها.

البحث عن مقاالت مؤلف معني.البحث عن مصطلح معني في معجم مصطلحات مجلة العلوم التي بلغت ما يقرب

من 10 آالف مصطلح، حيث ميكن حتديد آخر موقعني في املجلة لذلك املصطلح.وعلى موقع مجلة العلوم اإللكترونية هناك رابط بعنوان:

»إصدارات مجلة العلوم للقراءة فقط«، ينقل القارئ إلى املوقع اإللكترونيملؤسسة الكويت للتقدم العلمي:

www.kfas.org

وعلى ه������ذا املوقع ميك�ن قراءة مقاالت مجلة العلوم بدءا من الشهر 5 / 2011.Flipping Flash Technique باستخدام تقنية فالش لتقليب الصفحات

في عالـمها الرقمي

MAJALLAT AL-OLOOMIN ITS DIGITAL WORLD

<

<

<

مراكز توزيع في األقطار العربية:> اإلمارات: شركة اإلمارات للطباعة والنشر والتوزيع - أبوظبي/

دار احلكمة - دبي > البحرين: الشركة العربية للوكاالت والتوزيع - املنامة > تونس: الشركة التونس�ية للصحافة - تونس

> السعودية: تهام�ة للتوزيع - جدة - الرياض - الدمام >

سوريا: املؤس�سة العربية السورية لتوزيع املطبوعات - دمشق > عمان: محالت الثالث جنوم - مسقط > فلسطني: وكالة الشرق األوسط للتوزيع - القدس > قطر: دار الثقافة للطباعة والصحافة

والنشر والتوزيع - الدوحة > الكويت: الش�ركة املتحدة لتوزيع الصحف واملطبوعات - الكويت > لبنان: الشركة اللبنانية لتوزيع

الصحف واملطبوعات - بيروت > مصر: األهرام للتوزيع - القاهرة > املغرب: الشركة الشريفية للتوزيع والصحافة - الدار البيضاء

> اليمن: الدار العربية للنشر والتوزيع - صنعاء.

عن حاجتها إلى مدقق لغوي

يجيد اللغة العربية ولديه:> خبرة عملية في التدقيق اللغوي

> إملام جيد باللغة اإلنكليزية > خلفية علمية

تعلن

ترسل الطلبات إلى : مجلة العلوم ص.ب : 20856 الصفاة، الكويت 13069

فاكس: 22403895 )965+(e-mail: [email protected] :العنوان اإللكتروني

Page 87: July August 2013 Oloom

85 (2013) 8/7

)قسيمة اشتراك / جتديد اشتراك في (

� أرجو تسجيل / جتديد اشتراكي في ملدة ) ( سنة

اعتبارا من الشهر ......................... عام ...........................

االسم : ..................................................................................................................................................................................

الوظيفة/ املهنة )اختياري( : ......................................................................................................................................

العنوان البريدي : ..............................................................................................................................................................

...................................................................................................................................... فاكس : ...........................................

العنوان اإللكتروني : .....................................................................................................................................................

هاتف : نقال .............................................. عمل .............................................. منزل ..............................................

مرفق القيمة وقدرها ).............................................................................................................................................(

.................................................... بتاريخ )................................................................................( رقم حوالة شيك/

.............................................................................................................................................................. على مسحوب

التوقيع ....................................................

بالدوالر األمريكي بالدينار الكويتي

ترسل طلبات االشتراكات إلى المجلة مرفقة بشيك أو حوالة باسم »شركة التقدم العلمي للنشر والتوزيع« مسحوبين على أحد البنوك الكويتية التالية.

� للطلبة وللعاملين في سلكالتدريس و/أو البحث العلمي

� لألفراد� للمؤسسات

12

1632

45

56112

� بنك الكويت الوطني� البنك التجاري الكويتي

� البنك األهلي الكويتي� بنك الخليج� بنك برقان

� البنك األهلي المتحد� بيت التمويل الكويتي

� National Bank of Kuwait� The Commercialk Bank of Kuwait� Al Ahli Bank of Kuwait� The Gulf Bank� Burgan Bank� Ahli United Bank� Kuwait Finance House

االشتراكات

Page 88: July August 2013 Oloom

86(2013) 8/7

)قسيمة إهداء اشتراك في (لقريب أو صديق أو مؤسسة

� أرجو تسجيل اشتراك في كإهداء ملدة ) ( سنة

اعتبارا من الشهر ......................... عام ...........................

Name:............................................................................................................................................ : اسم املهدى إليه

الوظيفة/ املهنة )اختياري( : ......................................................................................................................................

Mailing Address: .................................................................................................................. : العنوان البريدي

................................................................................................................................ فاكس : ..................................................

e-mail: ................................................................................................................................... : العنوان اإللكتروني

هاتف : نقال .............................................. عمل .............................................. منزل ..............................................

مرفق القيمة وقدرها )....................................................................................................................................................(

شيك/ حوالة رقم ).........................................................................................( بتاريخ ...................................................

مسحوب على ....................................................................................................................................................................

اسم مقدم اإلهداء : ..........................................................................................................................................................

العنوان : ..............................................................................................................................................................................

................................................................................................................................. فاكس : ................................................

هاتف : نقال .............................................. عمل ........................................... منزل .....................................................

التاريخ .........................................................

التوقيع .............................................................

شارع أحمد الجابر، الشرق - الكويتص.ب : 20856 الصفاة، الكويت 13069

e-mail: [email protected] :العنوان اإللكترونيهاتف: 22428186 (965+) - فاكس: 22403895 (965+)

Page 89: July August 2013 Oloom

87 (2013) 8/7

MEDICINEThe Myth of Antioxidants By Melinda Wenner Moyer

Do vitamins keep us young? Growing evidence has cast doubt on the popular belief that oxidative damage causes aging.

HEALTHQuiet Little Traitors By David Stipp

Cells in the human body once thought to keep us healthy may instead do damage.

PSYCHOLOGYThe Wisdom of Psychopaths By Kevin Dutton

Career success may lie in ruthlessness, confidence, charisma and other dark traits.

ART CONSERVATIONThe Case of the Disappearing Daguerreotypes By Daniel Grushkin

How an unlikely team saved priceless images from the earliest days of photography.

EDITOR IN CHIEF: Mariette DiChristina MANAGING EDITOR: Ricki L. Rusting CHIEF NEWS EDITOR: Philip M. Yam SEnIor writeR: Gary Stix EDITORS: Davide Castelvecchi, Graham P. Collins, Mark Fischetti, Steve Mirsky, Michael Moyer, George Musser, Christine Soares, Kate WongCONTRIBUTING EDITORS: Mark Alpert, Steven Ashley, Stuart F. Brown, W. Wayt Gibbs, Marguerite Holloway, Christie Nicholson, Michelle Press, John Rennie, Michael Shermer, Sarah Simpson

ASSOCIATE EDITORS, ONLINE: David Biello, Larry Greenemeier NEWS REPORTER, ONLINE: John MatsonART DIRECTOR, ONLINE: Ryan Reid

ART DIRECTOR: Edward Bell ASSISTANT ART DIRECTOR: Jen Christiansen PHOTOGRAPHY EDITOR: Monica Bradley

COPY DIRECTOR: Maria-Christina Keller

EDITORIAL ADMINISTRATOR: Avonelle Wing SENIOR SECRETARY: Maya Harty

COPY AND PRODUCTION, NATURE PUBLISHING GROUP: SENIOR COPY EDITOR, NPG: Daniel C. Schlenoff COPY EDITOR, NPG: Michael Battaglia EDITORIAL ASSISTANT, NPG: Ann Chin MANAGING PRODUCTION EDITOR, NPG:  Richard Hunt SENIOR PRODUCTION EDITOR, NPG: Michelle Wright

PRODUCTION MANAGER: Christina Hippeli ADVERTISING PRODUCTION MANAGER:  Carl Cherebin PREPRESS AND QUALITY MANAGER:  Silvia De Santis CUSTOM PUBLISHING MANAGER:  Madelyn Keyes-Milch

PRESIDENT: Steven Inchcoombe VICE PRESIDENT, OPERATIONS ANDADMINISTRATION: Frances Newburg

VICE PRESIDENT, FINANCE AND BUSINESS DEVELOPMENT: Michael Florek BUSINESS MANAGER: Marie Maher

Letters to the EditorScientific American 75 Varick Street, 9th Floor, New York, NY 10013-1917 or [email protected] Letters may be edited for length and clarity. We regret that we cannot answer each one. Post a comment on any article instantly at www.ScientificAmerican.com/sciammag

LIFE SCIENCESmall Wonders By Kate Wong

Light microscopy reveals hidden marvels of the natural world.

ADVISORY BOARD

Adnan A. Shihab-EldinChairman

Adnan HamouiMember - Editor In Chief

Abdullatif A. Al-BaderDeputy

74

78

56

62

68

Page 90: July August 2013 Oloom

88(2013) 8/7

INNOVATIONWorld Changing Ideas

Artificial life based on “XNA.” Injectable oxygen-rich foam. Early Alzheimer’s prevention. A ridiculously cheap way to purify water. Full genome sequencing for fetuses. Blood-powered pacemakers. Flexible sensor tattoos. And more.

PLANT BIOLOGYThe End of Orange JuiceBy Anna Kuchment

A devastating disease is killing citrus trees from Florida to California.

EMERGING DISEASESNew Threat from PoxvirusesBy Sonia Shah

Smallpox may be gone, but its viral cousins—monkeypox and cowpox—are staging a comeback.

NEUROSCIENCEA Confederacy of Senses By Lawrence D. Rosenblum

What you hear depends to a surprising extent on what you see and feel.

HUMAN EVOLUTIONShattered Ancestry By Katherine Harmon

Recent fossil finds have made identifying our ancient progenitors even more difficult.

PHYSICSThe Higgs at Last? By Michael Riordan, Guido Tonelli and Sau Lan Wu

Scientists have found the elusive particle (maybe). A new era of physics could be about to dawn.

July / August - 2013 Volume 29 Number 7/8

26

4

34

18

40

48

Page 91: July August 2013 Oloom

89 (2013) 8/7

صدر حديثا عنم�ي �ل��لل�ع��لو�م� ��س�لا ل�إ �م ا

�ل �ل�ع�ا �ي���م��ي��ي ا د ك�ا

إا

طبعة عربية مزيدة ومنقحة من كتاب

االكتشافات العلمية في الحضارة اإلسالمية

Les decouvertes en pays d’ Islam :نش������ر هذا الكتاب أول مرة من قبل األكادميية الفرنســــية للعلوم في باريس حتت عنوانوذلك بهدف التعريف ببعض إجنازات احلضارة اإلس������المية في مجال العلوم واإلس������هام في إحياء الثقافة العلمية في أوساط الناشئة

في دول منظمة التعاون اإلسالمي.يس������تهدف الكتاب تالميذ الس������نة األخيرة من املرحلة املتوسطة والس������نوات األولى من املرحلة الثانوية، ويقترح عليهم أن يعيدوا اإلنتاج

انطالقا من مواد بسيطة، الكتشاف رئيسي أو الختراع تقني أجنز في »العصر الذهبي للعلوم العربية« )من القرن 8 إلى القرن 16(.ويستند الكتاب إلى فكرتني أساسيتني: أوالهما هي أن املنظور التاريخي يتيح للقارئ الوقوف على مقدار اجلهود التي ارتبطت بتفسير قانون أو مفهوم أو حل مش������كلة تقنية؛ والفكرة الثانية، هي أن نقل الس������يرورة التاريخية إلى الصف الدراس������ي، مع ما تطرحه من تساؤالت

علمية و أنشطة جتريبية، يقرب التلميذ من هوية العلم نفسها.والكتاب يعرض ثمانية اكتش������افات، كل واحد منها موضوع في سياقه التاريخي ويشهد لتنوع العلوم العربية، كما يشهد لبداية النظام

التجريبي في أعمال العلماء.وتتيح لنا النصوص التاريخية املعروضة في الكتاب إعادة تش������كيل األصول العلمية لكل اكتش������اف ضمن س������ياقاتها العلمية والثقافية واالجتماعية. وعلى الرغم من املس������افة الزمنية الشاس������عة بني عالم من القرن العاشر وتلميذ مدرسة متوسطة حديثة، فإن التجربة بالنسبة

إليهما ستكون في نهاية املطاف واحدة، وذلك فيما يتعلق بالتساؤالت العلمية والتعثرات واحلوارات التي ميكن للتلميذ بدوره أن يعيشها.والش������ك في أن املنظور التاريخي في أنش������طة الصف الدراسي ال يغير طريق االستكش������اف القائم على »التعلم باملمارسة« الذي يحفز

التلميذ على التساؤل واملالحظة وتقدمي الفرضيات، وعلى املناقشة وممارسة التجربة.ومن خالل تقدمي هذه احلقبة التاريخية للعلوم في املدرس������ة، فإن الكتاب يحيي بذلك اإلنتاج العلمي والتقني االس������تثنائي في الثقافة العربية -

اإلسالمية ويعرف به، آخذا بعني االعتبار والتقدير إسهامات الثقافات األكثر حداثة في إنتاج معرفة يتقاسمها الناس في العالم كله.

� هاتف: 5522104-6-(962)+ ، فاكس: 6-5511803-(962)+ص.ب. 830036 عمان 11183 – األردن

www.ias-worldwide.org :املوقع اإللكتروني[email protected] :البريد اإللكتروني

تأليف: اأ. د. اأحمد جبار د. �شي�شيل دي هو�شون

م. داڤيد جا�شمني

تعريب: اأ. عمر امل�شلح

حتـرير: هيئة األمانة العامة لألكادميية، برئاسة : م. د. منيف الزعبي

Page 92: July August 2013 Oloom

90(2013) 8/7