220
ﻛﺘﺎﺏ: ﻭﺍﻟﻨﻮﺍﺩﺭ ﺍﳌﻠﺢ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮ ﲨﻊ ﺍﳌﺆﻟﻒ: ﺍﳊﹸﺼﺮﻱ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﷲ ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﻣﺮﺍﺭﺓ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﲝﻼﻭﺓ ﺍﻟﺘﺮﺡ، ﺷﺪﺓ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﺑﻠﺬﺓ ﻓﻌﺮﻓﻨﺎ ﻭﺃﺣﻴﺎ، ﻭﺃﻣﺎﺕ ﻭﺃﺑﻜﻰ، ﺃﺿﺤﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﳊﻤﺪ. ﺍﻟﻄﺎﺋﻲ ﻗﺎﻝ: ﻣﺎﻟﻚ ﺍﺑﻨﺔ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﻭﻣﺎ... ﺭﺳﻮﻣﻬﺎ ﺍﻟﺰﻓﲑ ﻛﻴﻒ ﻟﻪ ﺭﲰﺖ ﻭﺍﳊ ﺑﺆﺳﻬﺎ ﺃﺻﺎﺑﻚ ﻭﺇﻥ ﺎﺩﺛﺎﺕ... ﻧﻌﻴﻤﻬﺎ ﻛﻴﻒ ﺃﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻬﻮ ﻭﻗﺎﻝ: ﻓﻌﻠﻪ ﺣﺴﻦ ﺃﺫﻛﺮﺕ ﺩﻫﺮ ﺇﺳﺎﺀﺓ... ﺫﺍﺋﻘﻪ ﺍﻟﺸﻬﺪ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺸﺮﻱ ﻭﻟﻮﻻ ﻭﺑﻌﺚ ﺍﻟﻔﺴﺤﺔ، ﺇﱃ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﻣﻦ ﺃﺧﺮﺟﻨﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﳏﻤﺪ ﻭﻣﻮﺭﻭﺙ، ﻭﺍﺭﺙ ﻭﺃﻛﺮﻡ ﻣﺒﻌﻮﺙ، ﺧﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻭﺻﻠﻰ ﺃﻏﻼ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﻭﻟﺪ ﻋﻦ ﻟﻴﻀﻊ ﺍﻟﺴﻤﺤﺔ، ﺑﺎﳊﻨﻴﻔﻴﺔ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺍﻟﺴﻠﻢ، ﺩﺧﻞ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﻦ ﻟﲑﻓﻊ ﺑﻞ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ، ﺑﲏ ﺍﻟﻜﻠﻢ ﻭﺗﺼﻌﺪ ﻟﺪﻳﻪ، ﺗﺰﻟﻒ ﺻﻼﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺛﻘﻠﻪ، ﻭﺃﻇﻠﻊ ﲪﻠﻪ ﺃﺿﻠﻊ ﻣﺎ ﻭﺍﻟﻌﺠﻢ، ﺍﻟﻌﺮﺏ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺁﻟﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺇﻟﻴﻪ، ﺍﻟﻄﻴﺐ. ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺿﻊ ﺳﺒﺐ ﻭﻋﻼ ﻭﳕﺎ، ﺯﺭﻋﻪ ﻣﻮﺩﺗﻚ ﺑﺴﻘﻲ ﺯﻛﺎ ﻣﻦ ﺇﺧﺎﺀﻙ، ﻭﺣﺮﺱ ﺑﻘﺎﺀﻙ، ﺍﷲ ﺃﻃﺎﻝ ﺳﺄﻟﺖ ﻭﲰﺎ، ﻓﺮﻋﻪ ﳏﺒﺘﻚ ﺑﺮﻋﻲ ﺍﳌﻠﺢ، ﻭﳌﺢ ﺍﻟﻨﻮﺍﺩﺭ ﺟﻮﺍﻫﺮ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻟﻚ ﳚﻤﻊ ﺃﻥ ﺳﻘﺎﻡ ﺑﻐﲑ ﺣﺒﻪ ﻓﻴﻚ ﻭﺻﺢ ﺯﻣﺎﻡ، ﺑﻐﲑ ﻗﻠﺒﻪ ﺇﻟﻴﻚ ﻓﺎﻧﻘﺎﺩ ﻭﺗﺸﺤﺬ ﺍﻵﺫﺍﻥ، ﻓﻴﻪ ﻭﺗﻔﺘﻖ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻟﻪ ﻭﺗﻄﻴﺐ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ، ﺇﻟﻴﻪ ﺗﺮﺗﺎﺡ ﺍﳌﻀﺤﻜﺎﺕ، ﻭﻣﻨﺎﺯﻩ ﺍﻟﻔﻜﺎﻫﺎﺕ، ﻭﻓﻮﺍﻛﻪ ﻭﻳﻌﻴﺪ ﺭﺑﺎﻃﻬﺎ، ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻳﻄﻠﻖ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ، ﺑﻪ ﻗﻴﻞ ﻓﻘﺪ ﺍﻧﺒﺴﺎﻃﻬﺎ، ﺑﻌﺪ ﺍﻧﻘﺒﻀﺖ ﺇﺫﺍ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﻋﺎﺩﺓ ﻟﻴﻬﺎ: ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻤﻲ ﺃﻛﺮﻩ ﺇﺫﺍ. ﺍﳌﺰﱐ ﺍﷲ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺑﻜﺮ ﻭﻗﺎﻝ: ﻤﻠﻮﻫﺎ ﻭﻻ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻫﺬﻩ ﺗﻜﺪﻭﺍ. ﻭﻣﻦ ﲨﺎﻡ، ﻋﻘﻴﺐ ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺧﲑ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﺗﻴﺄﺳﻮﺍ ﻭﻻ ﺑﺎﳌﺬﺍﻛﺮﺓ، ﻭﺃﺷﺤﺬﻭﻫﺎ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻧﺒﻮﺍﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻭﻋﺎﻭﺩﻭﺍ ﻋﺸﻲ، ﺑﺼﺮﻩ ﺃﻛﺮﻩ ﺍﳊ ﻭﰿ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻗﺮﻉ ﺃﺩﻣﻦ ﻣﻦ ﻓﺈﻥ ﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻕ؛ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻣﺘﺤﻨﺘﻢ ﺇﺫﺍ ﻜﻤﺔ. ﻋﻨﻪ ﺍﷲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ ﺃﺑﻮ ﻭﻗﺎﻝ: ﺍﳊﻖ ﻋﻠﻰ ﳍﺎ ﺃﻗﻮﻯ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺑﺒﻌﺾ ﻧﻔﺴﻲ ﻷﺳﺘﺠﻢ ﺇﱐ. ﺍﷲ ﺭﲪﻪ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﺍﳊﺴﻦ ﻭﻗﺎﻝ: ﺍﻷﻧﻔﺲ ﻫﺬﻩ ﻭﺍﻗﺪﻋﻮﺍ ﺍﻟﺪﺛﻮﺭ، ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻓﺈ ﺍﷲ؛ ﺑﺬﻛﺮ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻫﺬﻩ ﺣﺎﺩﺛﻮﺍ ﻭﺇﻧ ﻃﻠﻌﺔ؛ ﻓﺈ ﻏﺎﻳﺔ ﺷﺮ ﺇﱃ ﺑﻜﻢ ﺗﻨﺰﻉ ﺗﻘﺪﻋﻮﻫﺎ ﺇﻥ ﻜﻢ. ﺑﺎﺑﻚ ﺑﻦ ﺃﺭﺩﺷﲑ ﻭﻗﺎﻝ: ﺍﺳﺘﺠﻤﺎﻣﺎ ﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﳊﻜﻤﲔ ﺑﲔ ﻓﻔﺮﻗﻮﺍ ﹰ؛ ﻣﻠﻼ ﻭﻟﻠﻨﻔﻮﺱ ﳏﺒﺔ، ﻟﻠﻘﻠﻮﺏ ﺇﻥ.

ﺭﺩﺍﻮﻨﻟﺍﻭ ﺢﻠﳌﺍ ﰲ ﺮﻫﺍﻮﳉﺍ ﻊﲨ ﺏﺎﺘﻛ … · ،ﻝﻮﺤﺘﻟﺍ ﺔﺒﳏ ﻰﻠﻋ ﺖﻠﺒﺟ ﺪﻘﻓ ،ﻝﺎﺣ ﱃﺇ ﻝﺎﺣ

  • Upload
    others

  • View
    37

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

لنوادر: كتاب هر يف امللح وا مجع اجلوا احلصري: املؤلف

املقدمة

بسم اهللا الرمحن الرحيم

. احلمد هللا الذي أضحك وأبكى، وأمات وأحيا، فعرفنا بلذة الفرح شدة الترح، وحبالوة احلياة مرارة الوفاة :قال الطائي

رمست له كيف الزفري رسومها... أوما رأيت منازل ابنة مالك فهو الذي أدراك كيف نعيمها... ادثات وإن أصابك بؤسها واحل :وقال

ولوال الشري مل يعرف الشهد ذائقه... إساءة دهر أذكرت حسن فعله وصلى اهللا على خري مبعوث، وأكرم وارث وموروث، حممد الذي أخرجنا من الضيق إىل الفسحة، وبعث

ل بين إسرائيل، بل لريفع عن كل من دخل يف السلم، إلينا باحلنيفية السمحة، ليضع عن ولد إمساعيل أغالمن مجلة العرب والعجم، ما أضلع محله وأظلع ثقله، صلى اهللا عليه صالة تزلف لديه، وتصعد يف الكلم

.الطيب إليه، وعلى آله وصحبه وسلم

سبب وضع الكتاب

برعي حمبتك فرعه ومسا، سألت أطال اهللا بقاءك، وحرس إخاءك، من زكا بسقي مودتك زرعه ومنا، وعال فانقاد إليك قلبه بغري زمام، وصح فيك حبه بغري سقام أن جيمع لك كتابا يف جواهر النوادر وملح امللح،

وفواكه الفكاهات، ومنازه املضحكات، ترتاح إليه األرواح، وتطيب له القلوب، وتفتق فيه اآلذان، وتشحذ القلب : ليها عادة نشاطه إذا انقبضت بعد انبساطها، فقد قيلبه األذهان، ويطلق النفس من رباطها، ويعيد إ

.إذا أكره عميوخري الكالم ما كان عقيب مجام، ومن . ال تكدوا هذه القلوب وال هتملوها: وقال بكر بن عبد اهللا املزين

أكره بصره عشي، وعاودوا الفكرة عند نبوات القلوب، وأشحذوها باملذاكرة، وال تيأسوا من إصابة .كمة إذا امتحنتم ببعض االستغالق؛ فإن من أدمن قرع الباب وجلاحل

.إين ألستجم نفسي ببعض الباطل ليكون أقوى هلا على احلق: وقال أبو الدرداء رضي اهللا عنهحادثوا هذه القلوب بذكر اهللا؛ فإهنا سريعة الدثور، واقدعوا هذه األنفس : وقال احلسن البصري رمحه اهللا

.كم إن مل تقدعوها تنزع بكم إىل شر غايةفإهنا طلعة؛ وإن .إن للقلوب حمبة، وللنفوس ملال؛ ففرقوا بني احلكمني يكون ذلك استجماما: وقال أردشري بن بابك

ال ينبغي للعاقل أن خيلي نفسه من أربع؛ من عدة ملعاد، وإصالح ملعاش، وفكر : وقال يف حكة آل داود .ة يف غري حمرم يستعني هبا على احلاالت الثالثيقف به على ما يصلحه ملا يفسده، ولذ

:وقال أبو الفتح كشاجم وكفاه الله ذالت الطلب... عجيب للمرء تعالت حاله

بني حالني نعيم وأدب... كيف ال يقسم شطري عمره من غذاء وشراب منتخب... ساعة ميتع فيها نفسه حني يشتاق إىل اللعب لعب... ودنو من دمى هن له

فنشيد وحديث وكتب... فإذا ما زال من ذا حظه فإذا ما غسق الليل انتصب... ساعة جدا وأخرى لعبا وقضى لله ليال ما جيب... فقضى الدنيا هنارا حقها

عامل يسعد ويرشد ويصب... تلك أعمال مىت يعمل هبا

منهج الكتاب

مه، بذهب يروق سبك إبريزه، ويرق حوك فأجبتك إىل ملتمسك بكتاب كللت نظامه، وثقلت أعالتطريزه، من نوادر املتقدمني واملتأخرين، وجواهر العقالء واجملانني، وغرائب السقاط والفضالء، وعجائب األجواد والبخالء، وطرف اجلهال والعلماء، وحتف املغفلني والفهماء، ونتف الفالسفة واحلكماء، وبدائع

واخلواص، وفواكه األشراف والسفلة، ومنازه الطفيليني واألكلة، وأخبار السؤال والقصاص، وروائع العوام .املخانيث واخلصيان، وآثار النساء والصبيان

وأتيت به على سبيل االختصار، وطريق االختيار؛ وجعلته بتنويع الكالم، كاملائدة اجلامعة لفنون الطعام؛ إذ حقيقة ما تستندره، وال حمض ما تؤثره؛ إذ ال حييط مهم الناس مفترقة، وأغراضهم غري متفقة، وال أعلم .بذلك إال عالم الغيوب، املطلع على ما يف القلوب

وقد جتنبت أن أهدي إليك، وأورد عليك، ما خيرج به قائله يف الدين عن اتباع سبيل املؤمنني، فمن أهل ويضحك خاصة أودائه، ويغر به اإلحلاد واألهواء، من يسر حسوا يف ارتغاء، ويطلب ما يشفى به من دائه،

من ضعفت حنيزته، وهفت غريزته، بألطف ما ميكنه، كمون األفعوان، يف أصول الرحيان، إذا قابله بشمه، .قتله بسمه

إىل : فقال. كما حكى اجلاحظ عن الشرقي بن القطامي أن ابن أيب عتيق لقي عائشة رضي اهللا عنها على بغلةعزمت عليك إال ما رجعت، فما غسلنا أيدينا من يوم : بني حيني تقاتال، فقالأصلح : أين يا أماه ؟ فقالت له

.اجلمل حىت نرجع إىل يوم البغلةوهذه حكاية أوردها الشرقي لغله ودغله على وجه النادرة؛ لتحفظ ويضحك منها، ويتعلق هبا من ضعف

.ؤمنني رضي اهللا عنهاعمله، وقل عزمه؛ فيكون ذلك أجنع وأنفع ملا أراد من التعرض لعرض أم امل

السامع أحد : الراوية أحد الشامتني، كما قيل: فقد قيل. ومثل هذا كثري مما لو ذكرته لدخلت فيما أنكرته .القائلني

وقد قال عبيد اهللا بن عبد اهللا بن عتبة بن مسعود وقد مر به عمر بن عبد العزيز والقاسم بن حممد بن أيب :بكر فلم يسلما عليه

فيها املعاد والرجوع إىل احلشر... األرض منها خلقتما مساء تراب فما حشي اإلنسان شرا من الكرب... وال تعجبا أن ترجعا فتسلما

:وقال آخر تعرف من صفحي عن اجلاهل... إن كنت ال ترهب ذمي ملا

فيك ملسموع خنا القائل... فاخش سكويت إذ أنا منصت املأكول كاآلكلومطعم ... فسامع السوء شريك له ذموه باحلق وبالباطل... ومن دعا الناس إىل ذمه أسرع من منحدر سائل... مقالة السوء إىل أهلها

مهما مر بك من كالم تنفر عنه نفسك، فال تعرض : وقد رام ابن قتيبة تسهيل السبيل يف مثل هذا، فقال .لهعنه بوجهك، فالقول منسوب إىل قائله، والفعل عائد إىل فاع

وليت شعري ما اللذة فيما يضحك منه من هو معرض عنه، إال أن يدخل يف حد املستهزئني، وحيز : قلت .نعوذ باهللا من احلور بعد الكور. املتالعبني

: أين أنت من أهل الطراز ؟ قال: وأنشد أبو نواس اجلماز شعرا من أعابيثه وجمونه كفر فيه، وقال للجماز .جنده حيرك علي منها ساكنا أو يسكن متحركا فأهلك أنا ال أتعرض ملن أعضائي

:وقد طرد اجلماز أصله يف التحرز مما تعلق عليه من شناعة، أو تلزمه فيه بباعة، فقال ميدح بذكره من دون أبيات... أقول بيتا واحدا أكتفي

أكرم أهل األرض من آت... إن علي بن أيب جعفر :اخلطاب عمرو بن عامر السعدي، وقد أنشد موسى اهلاديفقد سلم مما كاد يقع فيه أبو

وخري من قلدته أمرها مضر... يا خري من عقدت كفاه حجزته ومل يكن أبو اخلطاب استثىن أحدا، وإمنا ! إال من ؟ وحيك : فانقلبت عيناه يف رأسه، وامحر وجهه، وقال

لما رأى ما بوجه اهلادي من إرادة جرى على مذهب الشعراء يف تفضيل املمدوح على أهل العصر؛ ف :اإليقاع به قال ارجتاال

فخرا وأنت بذاك الفخر تفتخر... إال النيب رسول الله إن له .فسري عنه ووصله

تدرج الكتاب ولذة االنتقال من حال إىل حال

ى حمبة التحول، وقد جعلت ما عملت مدجبا مدرجا، لتلذ النفس باالنتقال من حال إىل حال، فقد جبلت عل .وطبعت على اختيار التنقل

إن عبد اهللا بن طاهر ملا أسر نصر بن شبث بكيسوم، وأنفذه إىل املأمون، جلس جملسا أنصف فيه : وقد قيلمن وجوه القواد، ومن أمراء األجناد، وضرب األعناق، وقطع األيدي، ورد كبار املظامل، مث قام وقد دلكت

فلما دخل دعا بنعل رقيقة فلبسها، مث رفع . ذ هذا سيفه، وهذا قباءه، هذا إزارهالشمس؛ فتلقاه اخلدم، فأخ :ثوبه على عاتقه وتوجه حنو البستان وهو يتغىن

نري وأطراف األكف عنم... النشر مسك والوجوه دنا و أتقعد بالغداة قعود كسرى أ: وكنت جريا عليه، فجذبت ثوبه من عاتقه وقلت له: قال عيسى بن يزيد

:قيصر أو ذي القرنني، مث تعمل الساعة عمل علويه وخمارق ؟ فرد ثوبه على عاتقه وهو يقول من أن تنقل من حال إىل حال... ال بد للنفس إن كانت مصرفة

كأنه ذهب إىل ما فعله أمري املؤمنني عمر ابن اخلطاب رضي اهللا عنه حني قام من : قال أبو القاسم بن جدارليلة اليت كان يدون فيها الدواوين وميصر األمصار، ويقمع األعداء، ويؤيد اإلسالم، فدخل بعض جمالسه اجل

:منزله مث رفع صوته وهو يقول قضى وطرا منها مجيل بن معمر... وكيف ثوائي باملدينة بعدما

: خل عليه، قالفلما د. عبد الرمحن يا أمري املؤمنني بالباب: فلحقه عبد الرمحن بن عوف فاستأذن عليه، فقيل .فإن الناس إن أخلوا قالوا! يا أبا حممد، إيها عنك : ما صوت مسعته منك آنفا يا أمري املؤمنني ؟ فقال

:وقد قلت ما كان لو قد شئت يأتلف... فرقت يف التأليف معتمدا

إال ليشرق حني خيتلف... والعقد ما اختلفت جواهره ويغض من هبائه؛ وخيلق من روائه؛ فقد زعموا أن اجملرة كواكب إن كان الشيء مع نظريه يذهب بنوره،

:وقال ابن الرومي. مضيئة جمتمعة؛ فكسف بعضها نور بعض؛ فصارت طريقا يف السماء بيضاء ويذكو هبا ياقوهتا والزبرجد... وبيضاء خيبو درها من بياضها

، فيكون اجلمع أزين من القطع، والتوصيل إال أن تندرج احلكاية يف احلكايات، ويتسلسل البيت مع األبيات .أحسن من التفصيل، فأقرهنا بأشكاهلا، وأمجلها مع أمثاهلا

الختيار املطايبات واملداعبات أصول

والختيار املطايبات واملداعبات وما اخنرط يف سلكها من امللح واملزح أصول ال خيرج فيها عنها، وفصول ال ولذلك قول . املنضج، والبارد املثلج؛ ألن إفراط الربد، يعود به إىل الضد خيرج هبا منها، وقد يستندر احلار

:أبو نواس أقلل وأكثر فأنت مهذار... قل للزهريي إن حدا وشدا

تى صرت عندي كأنك النار... سخنت من شدة الربودة ح كذلك الثلج بارد حار... ال يعجب السامعون من صفيت

اللجاج يف إسقاط ذي اهلمة والرأي وإزالته؛ فإنه إما شرس الطبيعة كاحلية إن ال ينبغي : ويف كليلة ودمنةوطئت فلم تلسع مل يغتر هبا فيعاد لوطئها، وإما سبح الطبع كالصندل البارد، إن أفرط يف حكه عاد حارا

.مؤذيا :وقد قال ابن الرومي يف اخلصيان. إمنا ملح القرد عند الناس إلفراط قبحه: وقالوا خالفوها يف خفة األرواح... را أشبهوا القرود ولكن معش

ألن العبد إذا خصي استرخت معاقد عصبه، وحدث يف طبعه نشاط يف اخلدمة؛ فيحصل بني حالني ال يطيق :وقد قال أبو متام. املبالغة فيهما فيضيق صدره، وتثقل روحه

عرموأنتم نصب سيل القنة ال... أمن عمى نزل الناس الرىب فنجوا حدا إليها غلو القوم يف اهلمم... أم ذاك من مهم جاشت وكم صفة

من التوقي ترك اإلفراط يف التوقي، وإمنا املوت احملبب والسقم املغيب، أن تقع النادرة فاترة : وكان يقالر فتخرج عن رتبة اهلزل واجلد، ودرجة احلر والربد، فيكون هبا جهد الكرب على القلب؛ كما قال أبو بك

أثقل من عذاب الفراق، وكتاب الطالق، وموت احلبيب، وطلعة الرقيب، وقدح اللبالب يف : اخلوارزميكف املريض، ونظرة الذل إىل البغيض ، وأشد من خراج بال غلة، ودواء بال علة، وطلعة املوت يف عني

، على إكاف يابس، حتت الكافر، وقد ختم عمره يف الكبائر، وأعظم من ليلة املسافر، يف عني كانون اآلخر .مطر وبرد قارس

وقال ابن الرومي يهجو أمحد بن . هو أثقل من مغن وسط، ومن مضحك وسط: ومن أمثال البغداديني :طيفور

وأطعمت فقدك من شاعر... فقدتك يا بن أيب طافر وما بني ذين سوى الفاتر... فلت بسخن وال بارد

تر اخلاثرس بغثية الفا... وأنت كذاك تغثي النفو

شرط املسامر واملنادر

ومن شرط املسامر واملنادر أن يكون خفيف اإلشارة، لطيف العبارة، ظريفا رشيقا، لبقا رفيقا، غري فدم وال ثقيل، وال عنيف وال جهول؛ قد لبس لكل حالة لباسها، وركب لكل آلة أفراسها، فطبق املفاصل، وأصاب

ق طالوته، يضع اهلناء مواضع النقب، ويعرف كيف خيرج مما يدخل الشواكل، وكان برائق حالوته، وفائ .فيه، إذا خاف أال يتسحسن ما يأتيه

أحسنت يا أمري : فقال. كما ذكر عن الفتح بن خاقان أنه كان مع املتوكل فرمى املتوكل عصفورا فأخطأه .لإىل الطائر حىت سلم؛ فضحك املتوك: فقال. فنظر إليه نظرة منكرة! املؤمنني

وذكر لبعض والة البصرة ملا وليها حالوة اجلماز، وأن أكثر نوادره على الطعام، فأحضره، وقدمت املائدة،

لعل األمري أنكر برد ما أتيت به ؟ وإمنا احتذيت : فقال. فأتى بنادرة فاخرة وأتبعها بأخرى فلم تستملح .حذوه يف تقدمي البوارد قبل احلوار

كلما طال كالمه احنل نظامه

وال حيب أن يكون كلما طال كالمه احنل نظامه؛ بل يأيت يف آخر ما أحكمه مبا ينسي ما تقدمه، وإال كان أن الرشيد أحب أن ينظر إىل شعيب القالل كيف يعمل ؟ فأدخل القصر، وأيت بكل ما : كما ذكر اجلاحظ

دونك وما دعيت له؛ فإين : ل لهفقا. حيتاج إليه من آلة العمل؛ فبينما هو يعمل إذ بصر بالرشيد فنهض قائماوأنا أصلحك اهللا مل آتك ليسوء أديب؛ وإمنا أتيتك ألزداد أدبا؛ : فقال. مل آتك لتقوم إيل؛ بل لتعمل بني يدي

يا سيدي، وما : بلغين أنك إمنا تعرضت يل حني كسدت صناعتك ؟ فقال: فأعجب الرشيد به، وقال له! ما رأيت أنطق منه وال أعيا منه : وقال. ىت غطى وجههفضحك الرشيد ح! كساد عملي يف خالل وجهك

.وكذلك كان. ينبغي أن يكون أعقل الناس وأجهل الناس

سر النادرة دون مطمطة وجممجة

وجيب إذا حكى النادرة الظريفة، واحلكمة اللطيفة، أال يعرهبا فتثقل، وال ميجمجها فتجهل، وال ميطمطها تقيأه : فقيل له. قائال حكى قول مزيد املدين، وقد أكل طعاما فأثقلهولو أن . فتربد، وال يقطعها فتجمد

: فلو أعطاه حقه من اإلعراب فقال. خبز نقي، وحلم جدي، واهللا لو وجدته قيا ألكلته: فقال. يذهب ما بك .خبز نقي، وحلم جدي، واهللا لو وجدته قيئا ألكلته، خلرج عن حده، وأفلج من برده

كما . تاج إىل اإلعراب من كالم الفصحاء واألعراب إىل اللحن الستغث واسترثوكذلك لو ذهب مبا حيذكروا أن احلجاج بعث إىل ويل البصرة أن اختر يل من عندك عشر فصحاء، فاختار رجاال فيهم كثري بن أيب

دخلت باللحن؛ فلما : مب أفلت من احلجاج ؟ مث قلت يف نفسي: فقلت: كثري وكان عربيا فصيحا قال كثريابن أبو كثري خفت أن : إن قلت: ابن من ؟ فقلت: قال. كثري: ما امسك ؟ قلت: عليه دعاين فقال

! اذهب فعليك لعنة اهللا وعلى من بعث بك، جروا يف عنقه : فقال. ابن أبا كثري: فقلت. يتجاوزها .فأخرجت

أغيلمة إن فهمناهم : فقال ما تقول يف رجل مات وترك أبيه وأخيه ؟: وقال رجل للحسن البصري رمحه اهللاقل ألبيه : فما ألباه وأخاه ؟ فقال احلسن: ترك أباه وأخاه، فقال له: مل يفهموا، وإن علمناهم مل يعلموا، قل

.أرى كلما تابعتك خالفتين: وألخيه، قالأقداحه حماجم ودعواته مالوم، وكئوسه : وذم رجل رجال فقال. ولكل صناعة آلة، ولكل بضاعة حالة

.بر، ونوادره بواردحماأيها األمري، إنه يريد أن يدخل : رؤي الغاضري ينازع أشعب الطمع عند بعض الوالة فقال: وقال الزبري

.علي يف صناعيت، ويشاركين يف بضاعيت، وهيئته هيأة قاض، واألمري يضحك

:وقال عمرو بن عثمان وأحاديثه الرقاق العذاب... واشتياقي إىل أيب اخلطاب

حركات املهجور عند العتاب... اليت استعارت وإشارتهوجيب على اللبيب املطرب أال يطيل فيمل، وال يقصر فيخل، فللكالم غاية، ولنشاط السامعني هناية، قال

كنت يوما عند العباس بن خالد، وكان ممن : أمحد بن الطيب السرخسي تلميذ أمحد بن إسحاق الكندي، وينتقل من حديث إىل حديث، وكان يف صحن منزله، فلما بلغتنا حبب إليه أن يتحدث، فأقبل حيدثين

فلما أكثر وأضجر، ومللت حسن األدب يف . الشمس انتقلنا من موضع إىل موضع آخر حىت صار الظل فيئاإذا كنت وأنا أمسع : إن حسن االستماع قوة للمحدث، فقلت له: حسن االستماع، وذكرت قول األوزاعي

إن الكالم حيلل الفضول الغليظة اليت : فة علي فيه؛ فكيف بك وأنت املتكلم ؟ فقالقد عييت مما ال كلما أراين معك يف إال أيارج الفيقرا إذ : تعرض يف اللهوات وأصل اللسان، ومنابت األسنان؛ فوثبت وقلت .أنت تتغرغر يب منذ اليوم، واهللا ال أجلس، واجتهد يب فلم أفعل

ة عند بعض إخواننا، فتكلم فأعجبه من نفسه الكالم، ومنا حسن االستماع، كنا مر: وقال أمحد بن الطيبإذا بارك اهللا يف شيء مل يفن، وقد جعل اهللا يف حديث أخينا : حىت أفرط؛ فعرض لبعض من حضر ملل؛ فقال

.هذه الربكة :وقال عبد اهللا بن سامل يف رجل كثري الكالم

ن واحلركهيزيد هذا السكو... يل صاحب يف حديثه بركه لردها باحلروف مشتبكه... لو قال ال يف قليل أحرفها

والتحفظ يف هذا الباب من أكرب األسباب؛ ألن املنادر واملهاتر واملسامر قد متر له النادرة املضحكة، والطيبة احملركة؛ فيستغرب اجمللس، وتطرب األنفس؛ فيدعوه ما استحسن منه، واستندر عنه، أن يعود إىل مثلها

.فينقص من حيث ظن أنه زاد، ويفسد عليه ما أراد

وقد كتب أبو الفضل حممد بن احلسني بن العميد إىل أيب عبد اهللا الطربي ملا استحضره عضد الدولة وقفت على ما وصفته من بر األمري بك، وتوفره عليك، وليس العجب أن يتناهى مثله يف الكرم : للمنادمة

أن يقصر يف مساعيه عن نيل اجملد كله، وحيازة الفضل بأمجعه؛ وقد رجوت أن إىل أبعد غاياته؛ وإمنا العجبيكون ما يغرسه أجدر غرس بالزكاء، وأضمنه للريع والنماء؛ فأرع ذلك، واركب يف اخلدمة طريقة تبعدك من املالل، وتوسطك يف احلضور بني اإلكثار واإلقالل، وال تسترسل كل االسترسال، فألن تدعى من بعيد

وليكن كالمك جوابا تتحرز فيه من اخلطل واإلسهاب، وال . رات، خري من أن تقصى من قريب مرةم .تعجنب بتأيت كلمة حممودة، فيلح بك اإلطناب توقعا ملثلها، فرمبا هدمت ما بنته األوىل

يفسد وبضاعتك يف الشرب مزجاة، وبالعقل يزم اللسان، ويلزم السداد؛ فال تستفزنك طربة الكرم على ما والشفاعة ال تعرض هلا فإهنا خملقة للجاه، فإن اضطررت إليها فال هتجم عليها حىت تعرف موقعها، . متييزك

وتطالع موضعها، فإن وجدت النفس باإلجابة مسحة، وإىل اإلسعاف هشة، فأظهر ما يف نفسك غري خمفف؛

انطالق وجهك إذا دفعت عن وليكن . وال توهم أن يف الرد عليك ما يوحشك، وال يف املنع ما يغيظكحاجتك، أكثر منه عند جناحها على يدك؛ ليخف كالمك وال يثقل على مستمعيه منك، أقول ما أقوله غري

واعظ وال مرشد، فقد كمل اهللا خصالك، وفضلك على كل حالك، لكن أنبه تنبيه املشارك، وأعلم .للذكرى موقعا لطيفا

يا هذا، : فقال. نادمة، فأحضره فأقبل يأيت باألشياء يف غري مواضعهاوذكر لعبد اهللا بن طاهر رجل يصلح للم .إما أقللت فضولك أو دخولك

احلاجة إىل اهلزل

وهذه النوادر أكرمك اهللا وإن وقع عليها اسم اهلزل، وأسقطت من عني العقل، عند من ال يعلم مواقع ا عند أهل العقول وأويل التحصيل الكلم، وال يفهم مواضع احلكم، فليس ذلك مبروجها، وال مببهرجه

العارفني مبعاقد املعاين، وقواعد املباين، وهل يستندر من املغمورين واملشهورين، ويستظرف من املغفلني واملعقلني، إال ما خرج عن قدر أشكاهلم، وبعد من فكر أمثاهلم، وإمنا يذكر ما يستظرف، خلروجه عما

.يعرفليس شيء من الكالم يسقط البتة، فسخيف : ستندار، وقد قال اجلاحظومنها ما يدخل يف باب الطيب واال :لكل مقام مقال، وقيل لبشار بن برد، كم بني قولك: وقد قيل. األلفاظ حيتاج إىل سخيف املعاين

وأقفر إال أن ترى مذمما... أمن طلل باجلزع لن يتكلما :يف نظائر هذه القصيدة من شعرك، ومن قولك

تبيع اخلل بالزيت... بيت لبابة ربة ال وديك حسن الصوت... هلا سبع دجاجات

إمنا القدرة على الشعر أن يوضع اجلد واهلزل يف موضعه، ولبابة هذه جارة يل تنفعين مبا تبعث يل من : فقال :بيض دجاجها، وهذا الشعر أحسن موضعا عندها من

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزلمعتز باهللا شخص إليه أبو العرب من ولد عبد الصمد بن علي فهنأه باخلالفة وتعرض وملا استقرت اخلالفة لل

:لصلته باجلد، وهجا املستعني كما فعل البحتري يف قصيدته اليت أوهلا ويبعد منا يف اهلوى من نقاربه... جيانبنا يف احلب من ال جنانبه

أيا أمحد : من غري تقومي وال إعراب منها قوله فلم يقبل عليها، فعمل أبو العرب قصيدة مزدوجة كلها هزلالرقيع، ومن أكلك الرجيع، أتنسى من كان، نصريك قهرمان، فيأتيك بالسويق، من السوق والدقيق،

فصرت اآلن يف الدار، على رتبة البزار، أما تعلم يا فار، بأن اهللا خيتار، ويعطي غريك امللك، عزيزا يركب .الفلك

ن محاقات واختالل، وبرد واحنالل، وكالم مرذول، غث مهزول؛ فضحك املعتز منها، وفيها ما ال يذكر م. وأمر له بألف دينار، فأحل على جعفر بن حممود اإلسكايف يف االقتضاء، وهو حينئذ وزير املعتز، فألط عليه

اهلزل؛ عهدي ببين هاشم يأخذون الصالت بشرفهم وعلومهم وجدهم، وأنت تأخذ باحملال و: فقال له جعفرصدقت أنا عجيب من بينهم، كما أنت عجيب يف أهل إسكاف، : فقال أبو العرب!! فأنت عجيب من بينهم

:مث أنشد أبو العرب قول مجيل. كلهم نواصب وأنت من بينهم رافضي، وكان جعفر ينسب إىل ذلك فقلت كالنا يا بثني مريب... بثينة قالت يا مجيل أربتنا ومن ال يفي بالعهد حني يغيب... انة وأريبنا من ال يؤدي أم

.فدفع إليه األلف دينار، واستعفاه أن يعاود مثل هذارفع إليه كتابا بأرزاقه وأرزاق : وكانت أليب العرب مع موسى بن عبد امللك قصة مثل هذه يف أيام املتوكل

:ركب أنشدهمجاعة من أهله ليوقع فيه وخيتمه؛ فدافعه به موسى مدة، فوقف له يوما فلما وكم وكم تتردد... موسى إىل كم تتربد حبق ربك األسود... موسى أجزين كتايب

يريد حممد بن علي بن موسى بن جعفر بن حممد بن علي بن احلسني بن علي رضي اهللا عنهم، واإلمامية دة الوليد بن عبيد وأنشد أبو عبا: تزعم أنه إمام وقته، فجزع موسى وسأله كتم ما كان عليه ومعاودة مثله

:البحتري املتوكل قصيدته وبأي طرف حتتكم... من أي ثغر تبتسم واحلسن أشبه بالكرم... حسن يضن حبسنه

ة وإن أساء وإن ظلم... أفديه من ظلكم الوشا ما : فإذا أنشد، قال. وهي حلوة الروي، مليحة العروض، حسنة الطبع، فكان البحتري فيه كرب وإعجاب

:فقام إليه أبو العنبس الصيمري وقد قال ذلك فقال! ال تعجبون، أما حسن ما تسمعون ؟لكم وبأي كف تلتطم... عن أي سلح تلتقم

أيب عبادة يف الرحم... ذقن الوليد البحتري أدخلت رأسك يف الرحم

.وعلمت أنك تنهزم: فوىل البحتري مغضبا، فقال أبو العنبس .برجليه وأمر باجلائزة أليب العنبسفضحك املتوكل حىت فحص

وقد حيتاج العاقل املميز، والفاضل املربز، إىل اهلزل كاحتياجه إىل اجلد، ويفتقر إىل اجلور كافتقاره إىل .القصد؛ وعلم الفىت يف غري موضعه جهل

وصحب اإلمام حممد بن إدريس الشافعي رضي اهللا عنه قوما يف سفره فكان جياريهم على أخالقهم،وخيالطهم يف أحواهلم، وهم ال يعرفونه، فلما دخل مصر حضروا اجلامع، فوجدوه يفيت يف حالل اهللا

وحرامه، ويقضي يف شرائعه وأحكامه، والناس مطرقون إلجالله، فرآهم فاستدعاهم، فلما انصرفوا سئل :عنهم فأنشد

إذا شئت القيت امرأ ال أشاكله... وأنزلين طول النوى دار غربة

ولو كان ذا عقل لكنت أعاقله... حامقه حىت يقال سجية أوقد خيرج الفطن اللبيب، وينتج الطنب األديب، من اهلزل السخيف، غرائب اجلد الشريف، فالنار قد تلتظى

.من ناضر السلم :وملا قال بشار بن برد

حذار البني لو نفع احلذار... كأن فؤاده كرة تنزى كأن جفوهنا عنها قصار... جفت عيين عن التغميض حىت

خمافة أن يكون به السرار... يروعه السرار بكل شيء ما رأيت اثنني يتساران إال ظننتهم يأمران يل : من قول أشعب الطماع: من أين أخذت هذا ؟ قال: قيل له .بشيء

!! يا أمحق، فلم سترناه : هما هذا ؟ فقال ل: ومر مزيد املديين مزبد املدين جبرة مغطاة، فقال له بعض جريانه مل تلزم العمة ؟: أخذه ابن الرومي، فقال ملن سأله

عين مل ال أزال معتجرا... يأيها السائلي ألخربه تعريفه السائلني ما سترا... أستر شيئا لو كان ميكنين

:وكان ابن الرومي أقرع الرأس، وقد أخرب بعلة ذلك يف قوله من القر يوما واحلرور إذا سفع... تعممت إحصانا لرأسي برهة فأزرى هبا بعد األصالة والفرع... فلما دهى طول التعمم لميت

لتستر ما جرت علي من الصلع... عزمت على لبس العمامة حيلة جعلت إليه من جنايته الفزع... فيا لك من جان علي جناية

وأعجب بأن نفع دوائي على عمد... وأعجب شيء كان دائي جعلته

اهلزل من اجلد

من حفر ألخيه : وقد يستجلب من اجلديات الصرحية، ظرائف اهلزليات املليحة، فقد قيل على وجه الذممل يقع سيف حيلته : من سل سيف البغي قتل به، وقال ابن املعتز يف الفصول القصار: حفرة وقع فيها، وقيل

:وأنشدوا لبعض األعراب. إال على مقاتله بريا ومن جال الطوي رماين... اين بأمر كنت منه ووالدي رم

يريد رماين مبا عاد عليه ضره . البئر: والطوي. الناحية: ومن أجل، واجلال واجلول: والذي أنشده سيبويهفانظر إىل هذا املعىن كيف أخذه عبادة املخنث ملا نكب املتوكل . وشره، كمن يرمي من بئر فيعود رميه عليه

بن عبد امللك الزيات ورماه يف تنور كان ابن الزيات اختذه البن أسباط املصري، وجعله كله مسامري، حممد فاطلع عليه . فإذا وقف الواقف مل يقدر يتحرك إىل ناحية إال ضربته املسامري، فال يزال قائما حىت ميوت

هذا يا : فقال عبادة. ملتوكلأردت أن ختبز يف هذا التنور، فخبزت فيه، فضحك ا: عبادة املخنث فقال له

أما علمت أنه من : أمري املؤمنني مثل رجل كان حفارا للقبور مات، فمرت به واحدة من أصحابنا فقالت .حفر ألخيه حفرة يسقط فيها

الظريف من اخلطاب خيلص من اهلالك

لمت من وكم ظريفة من اخلطاب، ومليحة من اجلواب، خلصت من اهلالك، من نصبت له األشراك، وس .احلتوف، من أصلتت له السيوف

يا : خرج احلجاج متصيدا، فوقف على أعرايب يرعى إبال وقد انقطع عن أصحابه، فقال: قال األصمعيفلو : قال احلجاج. غشوم ظلوم ال حياه اهللا وال بياه: أعرايب، كيف سرية أمريكم احلجاج ؟ فقال األعرايب

فبينا هو كذلك إذ : قال! هو أظلم منه وأغشم، عليه لعنة اهللا : ألعرايبشكومتوه إىل أمري املؤمنني ؟ فقال ااألمري احلجاج، : من هذا ؟ قالوا: أحاطت به جنوده، فأومأ إىل األعرايب فأخذ ومحل، فلما صار معهم قال

: يب ؟ قالما تشاء يا أعرا: قال: أيها األمري: فعلم أنه قد أحيط به، فحرك دابته حىت صار بالقرب منه، فناداه .أحب أن يكون السر الذي بيين وبينك مكتوما؛ فضحك احلجاج وخلى سبيله

كيف سرية احلجاج فيكم ؟ فشتمه أقبح من شتم األول حىت أغضبه، : فقال. وخرج مرة أخرى فلقي رجالن وم: أوتدري من أنا ؟ قال: أنا احلجاج، قال: ومن عسيت أن تكون ؟ قال: أتدري من أنا ؟ قال: فقال

.فضحك وتركه. أنا موىل بين عامر، أجن يف الشهر مرتني هذه إحدامها: أنت ؟ قال

املهدي وأحد املصلني

وقدم املهدي املدينة، فخرج ليلة إىل مسجد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم مستخفيا ليصلي، فبينما هو فعل ! نعم : أقدم خليفتكم؟ قال :كذلك إذ جاء مدين فقام إىل جانبه يصلي، فلما قضى صالته قال للمدين

يا ربيع؛ جلس إىل : اهللا به وفعل وأراحنا منه، وجعل يدعو على املهدي وانصرف؛ فدخل عليه الربيع؛ فقالمث ركب املهدي ! نعم، إذا رأيته : أتعرفه ؟ قال: فقال. جانيب البارحة مدين فما ترك دعاء إال ودعا به علي

يا ربيع؛ أال ترى الرجل الذي صفته كذا : قعت عينه على الرجل؛ فقالواجتمع أهل املدينة ينظرون، فويا هذا، هل أسأت إليك : فقال. هو ذاك صاحيب، فأمر به الربيع فأخذ، فلما رجع املهدي دعا به! وكذا

فما دعاؤك علي حني صليت إىل جانيب ؟ : ال، قال: فهل لك مظلمة تطالبين هبا ؟ قال: ال؛ قال: قط ؟ قالوعتق ما أملك؛ وامرأيت طالق إن مل أكن أغري كنييت يف اليوم مرتني وثالثا ! فديتك واهللا : املدينفقال .فضحك املهدي وأحسن صلته. للمالل

حسن التخلص

الساعة يسألونين من : وخرج ابن أمحد املدين أيام العصبية إىل أذربيجان، فلقيه فرسان، فسقط يف يده، فقاليا فىت، ممن : ضري وهم ميانية، أو مياين وهم مضرية، فيقتلونين؛ فقربوا منه، وقالواأنا ؟ وأخاف أن أقول م

فضحكوا منه، وأعطوه األمان، فأخربهم بنفسه، فأرسلوا معه من يوصله ! ولد زنا، عافاكم اهللا : أنت ؟ قال .إىل مقصده

من يعرف من يشبهه من خلفاء أمري املؤمنني يسأل: وخرج الربيع من عند أيب جعفر عبد اهللا املنصور فقالأنا أعرف ذلك، ولكن ال أقول إال مشافهة، : بين أمية أن يذكر ما عنده، فقال أبو بكر بن عياش املنتوف

قد علمت أنك إمنا تطلب الدخول لتتوسل إىل أموالنا، : أمري املؤمنني يقول لك: فدخل مث خرج فقالكيف قلت ذلك ؟ : قال. عبد امللك بن مروان: ية ؟ فقالمن أشبه من خلفاء بين أم: فدخل فقال له. فأدخلألن أول امسك عني وهو أول امسه عني، وأول اسم أبيه ميم، وأول اسم أبيك ميم، وقتل ثالثة أول : قال

عبد اهللا بن الزبري، وعبد الرمحن بن حممد بن األشعث، : ومن قتل ؟ قال: أمسائهم عني وكذلك أنت، قالعاص، وقتلت يا أمري املؤمنني عبد الرمحن بن مسلم يريد أبا مسلم اخلراساين وعبد وعمرو بن سعيد بن ال

وأردت أن أقول، وقتلت عبد اهللا بن علي عمك، فعرفت أنه يكره : اجلبار بن عبد الرمحن اخلارجي، قال ذلك؛ ألنه أسقط عليه البيت الذي كان فيه، وادعى أن البيت سقط، وقد كان عيسى بن موسى يسام يف

فاحلائط سقط عليه فما : قال. وسقط احلائط على عبد اهللا بن علي: نزع البيعة، وهو مضيق عليه، فقلتوها هنا حائط آخر مائل على عني أخرى وهو عيسى بن موسى إن . ال شيء يا أمري املؤمنني: علينا ؟ فقلت

.أوىل لك: فضحك مث قال. مل تدعموه بفضلكم خفت أن يسقطالرجاء هلذا اخلليفة، وقد : ما أقدمك يا أعرايب ؟ قال: فقال. دا فإذا بأعرايب فسلم عليهوخرج املأمون منفر

يا : يا ركيك، أوحيسن أن أنشدك ما أنشد امللوك ؟ فقال: أنشدنيها، قال: قلت أبياتا أستمطر هبا فضله، قالك أن تنحلنيها، وهذه ألف أعرايب، إنك لن تصل إليه ولن تقدر مع امتناع أبوابه وشدة حجابه، ولكن هل ل

لقد رضيت، فبينما مها يف املراجعة إذ أحدقت : دينار فخذها وانصرف ودعين أتوسل، لعلي أتوصل ؟ قاليا أمري املؤمنني؛ أحتفظ من لغات : اخليل به وسلم عليه باخلالفة، فعلم األعرايب أنه قد وقع، فقال األعرايب

لعنها اهللا من لغة ال : بنو احلارث بن كعب، قال: القاف كافا ؟ قالفمن يبدل : قال! نعم: اليمن شيئا ؟ قال .فضحك املأمون وأمر له بألف دينار. أعود إليها بعد اليوم

املأمون وخمارق

:وغىن خمارق حبضرة املأمون أبيات مسكني الدارمي وذهب عنه معناها وفيمن قيلت، وهي أجنم وسعود لكلك أناس... على الطائر امليمون والسعد إنه

ومروان أم ماذا يقول سعيد... أال ليت شعري ما يقول ابن عامر فإن أمري املؤمنني يزيد... إذا املنرب الغريب خلى مكانه

وابن عامر هو عبد اهللا بن عامر بن كريز، ومروان بن احلكم بن أيب العاص، وسعيد بن العاص، وهؤالء بعد معاوية، وعمرو بن سعيد بن العاص هو األشدق، وطلب اخلروج شيوخ بين أمية واملترشحون للخالفة

: فلما بلغ خمارق إىل آخر البيت األخري وهم أن يقول يزيد استيقظ، فقال. على عبد امللك بن مروان فقتله .لو قلت يزيد ما عشت: خمارق، فضحك املأمون وقال

امللح تصرف املخاوف وتنقذ امللهوف

أرسل يزيد بن معاوية إىل : قال عيسى بن يزيد بن دأب. ، وأنقذت من ملهوفوكم صرفت امللح من خموف: أمري املؤمنني يقرئك السالم ويقول لك: عبد اهللا بن جعفر يف جارية له مغنية يسأله إياها؛ فقال له الرسول

فقلت : بديحأي شيء يقول ؟ قال : فقال عبد اهللا ملواله بديح املليح. فالنة أعجبتين، وجيب أن تؤثرين هبا. أقرئ أمري املؤمنني السالم: يقول عبد اهللا: كيف بت يف ليلتك هذه ؟ قال: يقرئك السالم، ويقول: له

ما يقول ؟ فأعاد بديح القول، فخرج الرسول مغضبا : فقال. ليس كذا قلت وال له جئت: فقال الرسولىل جنبه رجل جمنون ما أدري كيف هو يا أمري املؤمنني، بلغت ابن جعفر رسالتك وإ: ومضى إىل يزيد فقال

تصنع هذا؟ : فذهب يب إليه، فلما دخلت شتمين وقال: علي به، قال بديح: فقال! حيكي خالف ما أقول يا أمري املؤمنني، مىت عهدك بابن جعفر ال يسمع ؟ إقباله علي يسألين منع جلاريته وخبل هبا؛ كره أن : فقلت

.لعل الشيخ ضنني جباريته: فضحك يزيد وقال! يعطيكها حملبته هلا فما ذنيب أنا ؟

املأمون يشدد يف الغناء

وكان املأمون قد حرم الغناء وشدد فيه فلقي علي بن هشام إسحاق بن إبراهيم املوصلي على اجلسر، فقال . قد زارتين اليوم فالنة، وهي أطيب الناس غناء، فبحيايت إال كنت اليوم عندي: إسحاق لعلي بكالم خيفيه

فوعده باحلضور وتفرقا، وإذا بطفيلي يسمع كالمهما فمضى من وقته، فلبس ثيابا حسنة؛ واستعار من بعض إخوانه بغلة فارهة بسرجها وجلامها، فركبها وأتى باب علي بن هشام بعد أن نزل من الركوب بساعة،

جب وخرج مسرعا عرف األمري أن رسول صاحبه إسحاق بن إبراهيم بالباب؛ فدخل احلا: فقال للحاجبتعلم ما اتفقنا : يا سيدي يقول لك أخوك: ادخل جعلت فداك، فدخل على علي فرحب به، فقال له: وقال

الساعة وحياتك نزلت من الركوب، والساعة أغري ثيايب وأوافيه، فاستوى : عليه فلم تأخرت عين ؟ فقال لهرسول علي بن هشام؛ فدخل احلاجب عرف األمري أين : على دابته وواىف منزل إسحاق؛ فقال للحاجب

الساعة : أخوك يقرئك السالم ويقول لك: جعلين اهللا فداك؛ فدخل فسلم وقال! ادخل : وخرج فقالقل له يا سيدي قتلتنا جوعا، : نزلت من الركوب، وقد غريت ثيايب وتأهبت للمسري فما ترى ؟ فقال

.تعرفه أن األمري أمرين أال أبرح أو جييء معي: فرجع إىل باب علي وقال للحاجب. فبحيايت إال ما حضرتفغري علي بن هشام ثيابه، وركب دابته، وتبعه الطفيلي حىت نزل بباب إسحاق بن إبراهيم، ونزل الطفيلي

معه، ودخال مجيعا فسلما وجلسا، وجيء بالطعام فأكلوا، وإسحاق ال يشك أنه أخص الناس بعلي، وعلي ال ، مث غسلوا أيديهم وقدموا الشراب، وخرجت جارية من أحسن الناس وجها يشك أنه أخص الناس بإسحاق

وزيا، فجلست وأتيت بعود، فغنت أحسن غناء، ودارت األقداح فلم يزالوا على ذلك إىل بعد العصر،

وأخذ الطفيلي البول حىت كاد يأيت على ثيابه فصرب جهده؛ فلما عيل صربه قام فدخل اخلالء، فقال علي فمن أي وقع لك ؟ قال أوليس هو صاحبك ! ا سيدي، ما أخف روح هذا الفىت وأحل نوادره ي: إلسحاق

فإنه جاءين برسالتك وقص قصته؛ وقص إسحاق مثلها، : ال وحياتك وال رأيته قبل يومي هذا، قال: قال! ؟خول إىل طفيلي يستجرىء علي وعلى النظر إىل حرمي والد: وداخله من الغيظ ما مل ميلك معه نفسه؛ وقال

فقامت يف الدار جلبة، وأحضروا مجيع ذلك، . السياط والعقابني، املقارع واجلالدين: يا غلمان! داري والطفيلي يسمع وهو يف اخلالء، مث إنه خرج رافعا ثيابه غري مكترث مبا فعلوه، وهو مقبل على تكة لباسه

فهل عرفتين مع هذا كله ! جهدك إيش يب من! جعلت فداك : يشدها، ويتمشى يف صحن الدار وهو يقولأنا صاحب خرب أمري املؤمنني، وعينه على سره، واهللا لوال حترمي : ومن أنت ؟ فقال: ؟ فقال إسحاق

بطعامك ومماحليت لتركتكما يف عمى من أمري، حىت كنت تعرف عاقبة حالك وإقدامك على ما فيه هالكك يا هذا، إننا مل نعرفك ومل نعلم حالك، ولك : ال لهفقام إليه إسحاق وعلي يسكتانه وقا! وفساد أمرك

.الفضل علينا، وأنت احملسن اجململ إلينا؛ ولكن متم إحسانك بسترك ما حنن عليهفأيت بثياب فاخرة فصبت عليه، وتقدم بإسراج دابة مهالج بسرج خمفف ! يا غالم، اخللع : مث قال إسحاق

عدمها كتمان أمرمها، وحضر وقت االنصراف فودعهما وجلام حسن؛ ومل يزاال به حىت طابت نفسه، وو .وانصرف، فأتبعه إسحاق خبادمه معه صرة فيها ثالمثائة دينار، فأخذها وركب الدابة ومضى

يا علي؛ كيف كان خربك أمس ؟ على حسب : فقال. فلما كان من الغد دخل علي بن هشام على املأمونيا أمري : أن احلديث رفع إليه؛ فأكب على البساط يقبله وقال ما جيري السؤال عنه فتغري لونه، ومل يشك يف

فضحك . فأخربه بالقصة من أوهلا إىل آخرها. لك األمان: قال. املؤمنني، العفو، يا أمري املؤمنني، األمانهيه : ووجه خلف إسحاق، فلما حضر قال. ما يف الدنيا أملح من هذا: املأمون حىت كاد يغشى عليه، وقال

يا إسحاق؛ : مث قال. ؟ كيف كان خربك أمس ؟ فأخربه كخرب علي بن هشام واملأمون يضحك يا إسحاق .حبيايت أطلب الرجل وجئين به، فلم يزل يطلبه حىت وجده، فكان أحد ندماء املأمون

اجلنايب وصاحب األمحال

لة ما أخذ أمحال فيها وملا ظفر سليمان بن حسن اجلنايب يوم اهلبري باحلجاج وقتلهم فأخذ أمواهلم، كان يف مجقال . علي بصاحب هذه األمحال: فقال. من رفيع البز والثقل وظريف الوشي واملصمت ما أعجبه وأهبته

لو علمت أن السوق هبذا : ما منعك أن يكون ما جئت به أكثر من هذا ؟ فقلت: فأتيته فقال: صاحبها .وأرسل معي من حيفظين حىت وصلت النفاق لفعلت، فاستظرفين ودفع إيل ماال ومجيع ما أخذ يل،

أمه رومية، وهلا من : وكان أبو الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات الوزير املعروف بابن حنزابة وحنزابةالعقل واحلزم ما نوه بامسها قد اقتطع يف أيام اإلخشيد قيمة مائة دينار يف أمور توالها له، فحاسب أبا زكريا

أعز اهللا األمري : ان على اخلراج، فألزمه عشرة آالف دينار وطالبه هبا، فقالالنصراين، املعروف حببوسة، وكإمنا هو لصيص، فضحك : فقال! هو ما أقول لك يا لص : وهل قامت علي حجة يلزمين هبا األداء؟ قال!

.وتركه

امللح تبلغ املطالب وترفع من ال قدم لقومه

.من ال قدم لقومه، وال أمس ليومهوكم أفادت من الرغائب، وبلغت من املطالب، ورفعت كان بالبصرة ثالثة إخوان يتعاشرون وال يفترقون؛ اثنان شاعران واآلخر : كما حكى أبو احلسن املدائين قال

منجم ال حيسن شيئا، ففين ما بأيديهم، فخرج الشاعران إىل بغداد، فمدحا من هبا من األشراف؛ فرجعا وقد ما يل صناعة وال عندي : لو ذهبت فتسببت ؟ فقال: حبهما يف فقره؛ فقاال لهاعتقدا أمواال نفيسة، وبقي صا

.على كل حال معك ظرف ولك لطف: فقاال. بضاعةما أتيت إليك بشيء، غري أين أكذب الناس، فضحك : فخرج إىل بغداد واتصل بيقطني بن موسى وقال

.وخف على قلبه؛ فكان يف مجلة حاشيتهبن مالك اخلزاعي؛ فأتاه الرجل وهو من املهدي يف أشد السخط، وقد ألزمه فغضب املهدي على عبد اهللا

رسول األمري يقطني بالباب، فدخل وخرج له باإلذن : استأذن على األمري، وقل له: داره؛ فقال للحاجباليوم كنت عند أمري املؤمنني فدكرته سالف حقوقك وقدمي خدمتك؛ فعفا : األمري يقول لك: وقال. فدخل .وأمرك بالركوب غدا ليخلع عليك وجيدد الرضا عنك مبحضر الناس عنك،

ما جاء : فلما دخل قال. فسر عبد اهللا بذلك، ودفع إىل الرجل ماال، وبكر إىل دار املهدي، فاستأذن عليهأوما رضيت عين يا أمري املؤمنني، وأمرت يقطينا : وقد أمرناك بلزوم دارك ؟ قال! بك ؟ قبحك اهللا

: علي بيقطني: قال. فرسوله أتاين بذلك: قال. إذا ال رضي اهللا عين، وال خطر هذا بقليب: ؟ فقال بإحضاريزعمت أين رضيت : وما ذاك يا أمري املؤمنني ؟ قال: أتكذب علي وحتكي علي ما مل أقله ؟ قال: فأيت به فقال

بل : قال عبد اهللا. من هذا أو قلته وأميان البيعة يا أمري املؤمنني إن كنت مسعت بشيء: فقال يقطني. عن هذايا : ما هذا الذي فعلت ؟ قال: فبعث خلف الرجل حبضرة املهدي، فلما حضر قال. أتاين رسولك فالن

ما يقول ؟ فأخربه : فقال املهدي. سيدي، هذا بعض ذلك املتاع، بدأت يف نشره خوفا عليه من السوسعن عبد اهللا بن مالك، ووصل الرجل بصلة جزيلة، يقطني بأول أمره معه، فضحك املهدي وجدد الرضا

.ووصله عبد اهللا بأوفر صلة؛ فانصرف إىل صاحبيه واسع النعمة عظيم املال

حاجة أهل األدب إىل ظريف املضحكات

وهل يستغين أهل األدب وأولو األرب عن معرفة ظريف املضحكات، وشريف املفاكهات، إذا الطفوا .بالعلم وصلنا وبامللح نلنا: فقد قال األصمعي ظريفا، أو مازحوا شريفا ؟

يا أبا علي؛ أنشدين بعض ما قلت؛ : دخل أبو نواس على حيىي بن خالد فقال له: وروى أبو هفان قال :فأنشده

لو قد نبذت به إليك لسركا... كم من حديث معجب يل عندكا ويزيد يف علمي حكاية من حكى... إين أنا الرجل احلكيم بطبعه كيما أحدث من أحب فيضحكا... أتتبع الظرفاء أكتب عنهم

:فقال ارجتاال يف معىن قول حيىي. يا أبا علي؛ إن زندك ليوري بأول قدحة: فقال له حيىي زند إذا استوريت سهل قد حكى... أما زند أيب علي إنه

قد صاغ جدك للسماح ومزحكا... إن اإلله لعلمه بعباده من أهلها وتعاف إال منحكا... مهيت وقرحييت تأىب الصنائع

وحضر اجلماز مع أيب نواس جملس قينة، فأقبل اجلماز مياحلها وميازحها وأبو نواس ساكت؛ فمالت إليه، فقال :اجلماز

وجذرنا حسن احلكايات... أبو نواس جذره شعره مدا على أهل املروءات... فجذرنا أكثر من جذره

:فقال أبو نواس أمك رأس يف املناحات... دقت ال ننكر هذا كما ص

وال : ما مسعت واهللا أحسن من هذا، فقال أبو نواس: فأقبلت القينة على أيب نواس وغنت، فقال هلا اجلمازوكان يصطحبان ومها حدثان، وأمه أذين النائحة وله يقول . نواح أمك إال أن يكون عليك فإنه واهللا أحسن

:أبو نواس من سالف الزرجون... أذين اسقين يابن

:وقال أبو ذؤيب يف امللح دماء ظباء بالنحور ذبيح... وسرب يطلى بالعبري كأنه

ملا شئته حلو الكالم مليح... بذلت هلن القول إنك واجد شقي لدى خرياهتن نطيح... فأمكنه مما يقول وبعضهم

:وقال أعرايب: يديريد أن املالحة نفعته عندهن حىت أمكنه مما ير غالم جوار ال غالم حروب... أال زعمت عفراء بالشام أنين

وإين بأطراف القنا للعوب... وإين ألهدى باألوانس كالدمى ولوثة أعرابييت ألديب... وإين على ما كان من عنجهييت

.ه الزلفىكأن األدب غريبة عند العرب؛ فافتخر مبا عنده منه، وأنه يرجو به القرىب ويأمل ب

من فقدت مؤانسته ثقل ظلمه

ورب جملس فض فيه ختام النشاط، ونشر بساط االنبساط، وفيه بغيض ال يفيض، بقدح يف مزح، قد ثقل ظله، وركد نسيمه، ومجد هواه، وغارت جنومه؛ فاستثقله من حضر، وعاد صفوهم إىل كدر، وأنكرت

:معه رواية، أو عنده حكاية، ما كان كما قال الشاعرجمالسته؛ إذ فقدت مؤانسته، ولو كانت له دراية، أو إليه بغضا حلظة الرامق... مشتمل بالبغض ال تنثين

أثقل من واش على عاشق... يظل يف جملسنا جالسا

:وال كما قال احلمدوين لبعض الثقالء وعلمي بأنك ال تصدق... سألتك بالله إال صدقت

فأنت إذا أمحقوإال... أتبغض نفسك من بغضها بعث إيل أمحد بن حرب املهليب يف غداة السماء فيها مغيمة، : حدثين احلمدوين قال: وقال أبو علي العتايب

فأتيته واملائدة مغطاة موضوعة، وقد وافت عجاب املغنية قبلي، فأكلنا مجيعا وجلسنا على شرابنا، فما راعنا ما : إنه فىت ظريف من آل املهلب؛ فقلت: فقال يل. الباب فالنب: فأتاه الغالم فقال. إال داق يقرع الباب

نريد غري ما حنن فيه، فأذن له، فجاء خيطر وقدامي قدح فيه شراب فكسره، وإذا رجل آدم أدمل ضخم، :فتكلم فإذا به أعيا الناس، وختطى وجلس بيين وبني عجاب، فدعوت بدواة وقرطاس وكتبت

ش وقد كان سائغا مستطابا. ..كدر الله عيش من كدر العي ث وقد طابق السماع الشرابا... جاءنا والسماء تؤذن بالغي

ي ضمت من املدام لعابا... كسر الكأس وهي كالكوكب الدر ره والدهر ما أفاد أصابا... قلت ملا رميت منه مبا أك

تدع الدار بعد شهر خرابا... عجل الله غارة البن حرب إمنا أردت أن : قلت: بعد حول ؟ قال: هال نفست ؟ فقلت! وحيك : إىل أمحد، فقرأها وقال ودفعت لرقعة

بل هو : آذيته، فقلت: فقال يل. وفطن الثقيل فنهض. أقول بعد يوم، ولكن خلفت أن تلحقين مضرته .آذاين

:وهذا لعمري وإن أساء يف قدومه وإقدامه، فقد أحسن يف هنوضه وقيامه، وقد قال الشاعر تدبر من ودك باملقبل... ملا ختوفت وال لوم أن و

من خاف أن يثقل مل يثقل... أقللت من إتيانكم إنه وكان جيالس أبا عبيدة معمر بن املثىن رجل ثقيل امسه زنباع، فكان كالشجا املعترض يف حلقه يتناكده

مم : فقال رجل أليب عبيدة. هويسيء خلقه؛ فال يتكلم أبو عبيدة بكلمة إال عارضه بكثرة جهله، وقلة عقل .من التثاقل والتباغض، ومنه مسي جليسنا هذا زنباعا: اشتقت الزنبعة يف كالم العرب ؟ فقال

:وامتحن أبو عبد الرمحن العتيب مبثل ذلك من رجل، فلما طال عليه أنشده وأنزل فرقانا وأوحى إىل النحل... أما والذي نادى من الطور عبده

علي أقاسيها وثقال من الثقل... اء منك بلية لقد ولدت حو

أتستثقل : واحندر خالد بن صفوان مع بالل بن أيب بردة إىل البصرة، فلما اقتربا من البطيحة قال بالل خلالدكدت واهللا أيها األمري تصدع قليب؛ حني دنونا من آجام البطيحة، وعكر البصرة، : عكابة النمريي ؟ قال

رت يل رجال هو أثقل على قليب من شارب األيارج مباء البحر بعقب التخمة، وساعة وغثاء البحر، ذك .احلجامة

ما أفره هذا : وكان عكابة بن غيلة هذا أهوج جاهال، ودخل على بالل فرأى ثورا جملال ناحية الدار فقال

.البغل إال أن حوافره مشققةأن يكون ما أحدث من الترك دعاه إىل زيادة النسك، وترك بعض الظرفاء النبيذ، فتحاماه معاشروه خوفا

:وأوجب له االنقباض واإلعراض عما كانوا معه فيه يفيضون وخيوضون فقال وقالوا يشرب املاء القراحا... حتاموين لتركي شرب راح

إذا ما كنت أكثرهم مزاحا... وما انفردوا هبا دوين لفضل وألطفهم مراحاوأظرفهم ... وأرقصهم على وتر وصنج

وإن صاحوا علوهتم صياحا... إذا شقوا اجليوب شققت جييب

الفكاهة من أسباب االقتراب

ما رأيت أحلى من ابن أيب دواد، كنت يوما أالعب املتوكل الشطرنج فاستؤذن له، : وقال الفتح بن خاقاناللة الشرف والعلم؛ فأمرنا بعض وهو يومئذ قاضي القضاة، مل يتغري عما كان عليه أيام الواثق بعد، وله ج

واهللا ما ترفع، وما كنت ألستتر من ابن أيب دواد بشيء ال : الغلمان برفعها استحياء منه، فقال له املتوكلأيها القاضي؛ إن الفتح استحيا منك، : أستتر به من اهللا عز وجل؛ فدخل وهي بني أيدينا، فقال له املتوكل

.تحيا مين؛ إمنا كره أن أعلم عليه، فاستحاله املتوكل، وخف على قلبهما اس: فأراد رفع الشطرنج، فقالوذكر أن روح . ورب مستثقل ازور له اجلناب، وطال به االجتناب، كانت له الفكاهة من أسباب االقتراب

بن زنباع بعد ما بينه وبني عبد امللك بن مروان حىت استثقل جانبه؛ وأحس روح منه التغري؛ فقال لبعض هل كان ابن عمر يسمع املزاح ؟ : إذا حضرنا جملس األنس عند أمري املؤمنني فسلين: عبد امللك جلساء

إن : قل، فقال: فقال عبد امللك. وإن أذن أمري املؤمنني حتدثت! نعم : فلما اجتمعوا سأل الرجل روحا فقالاف قريش، فغاضبته يف ابن أيب عتيق كان صاحب هلو وغزل وعلى عفافه وشرفه؛ وكانت له امرأة من أشر

:بعض األمر، فقالت وقمرت مالك أيما قمر... ذهب اإلله مبا تعيش به يف كل زانية ويف اخلمر... أنفقت مالك غري متئد

ما ترى فيمن هجاين يف هذا الشعر ؟ : فكتب ابن أيب عتيق الشعر وخرج به يف يده، فلقي ابن عمر فقالفأخذ ابن عمر األفكل، ولبط به األرض، ... واهللا لئن لقيت قائلهما أل: أرى أن تعفو وتصفح، قال: فقالبالقرب ومن فيه إال : ال أكلمك أبدا، مث لقيه بد ذلك؛ فلما أبصره ابن عمر أعرض عنه، فقال له: وقال

علمت يا أبا عبيد الرمحن أين لقيت قائل ذلك الشعر : مسعت مين حرفني، فواله قفاه، وأنصت له، فقالإهنا امرأيت : ؟ فصعق عبد اهللا وسقط على األرض، فلما رأى ابن أيب عتيق ما حل به دنا من أذنه، فقال ...و

.إنك كل يوم لتأتينا بطريفة! ما أملحك يا روح : فقال عبد امللك. فقام ابن عمر فقبله بني عينيه. أعزك اهللا

جنب روح

يا بين، : شرا على الكوفة أصحبه روحا، وقال لهوكان روح مفرطا يف اجلنب، فلما وىل عبد امللك أخاه باخرج مع ابن : وقال لروح. روح مثل عمك فال تقطع أمرا دونه لصدقه وعفافه وصحبته لنا أهل البيت

فخرج معه وكان بشر ظريفا أديبا، حيب الشعر والسمر والسماع والشرب؛ فراقب روحا، وقال . أخيكإىل أمري املؤمنني، فضمن له بعض ندمائه أن يكفيه أمره من غري سخط أخاف أن يكتب بأخبارنا: ألصحابه

وال الئمة، وكان روح غيورا إذا خرج من منزله أغلقه مث ختمه خبامته حىت يعود فيفضه بيده، فأخذ الفىت دواة وقلما، وأتى ممسيا فقعد بالقرب من دار روح مستخفيا، وخرج روح إىل الصالة، فتوصل الفىت حىت

:دخل الدهليز وكمن حتت درجة فيه وكتب يف احلائط إذا نعاك ألهل املشرق الناعي... يا روح من لبنيات وأرملة

فاحتل لنفسك يا روح بن زنباع... إن ابن مروان قد حانت منيته فامسع هديت مقال الناصح الداعي... فال تغرنك أبكار منعمة

رج روح من الغلس، وتبعه غلمانه خرج الفىت يف مجلتهم متنكرا مث رجع إىل مكانه من الدهليز، فلما خ .وخلص

ما كتب هذا إنسي، وما يدخل هذه الدار سواي، : فلما أسفر الصبح دخل روح فتأمل الكتابة فراعه وقاليابن أخي، أوصين مبا أحببت من : وال حظ يف املقام بالعراق؛ مث هنض من ساعته ودخل على بشر وقال

هل رأيت منا ما تكره؛ أو أنكرت شيئا من سريتنا فلم يسعك : فقال له. ب عند أمري املؤمننيحاجة أو سبال واهللا، جزاك اهللا عن نفسك وعن سلطانك خريا، ولكن حدث أمر ال بد يل من الشخوص : املقام ؟ فقال

ومن أين علمت : بشرفقال . إن أمري املؤمنني قد مات أو هو ميت: فقال. فأقسم عليه ليخربنه باخلرب. فيه: فقال بشر. ليس يدخل داري أحد غريي، وما كتبه إال املالئكة أو اجلن: ذلك ؟ فأخربه خبرب الكتابة، وقال

.فأىب. أقم فإين ألرجو أال يكون هلذا حقيقةال واهللا، وذكر حسن سريته، : ما أقدمك ؟ أنكرت شيئا من حال بشر ؟ قال: وقدم على عبد امللك فقال له

إن شئتم، وخال بروح فأخربه القصة، : فقال عبد امللك. إمنا جئت يف أمر ال ميكنين ذكره إال خاليا: لوقاثقلت واهللا على بشر؛ فاحتال عليك ليخلوا : وأنشد األبيات؛ فضحك عبد امللك حىت فحص برجليه، وقال

.له أمره

من مزح اجلادين

ذكرت يل جارية عند أيب فالن : بن خالد القرشيقال يل حممد : حدثين رجل من قريش قال: قال إسحاقألمر ما جئتم : فصرنا إليه واستأذنا فإذا هو يصلي؛ فلما فرغ من صالته قال: قال. القاضي، فامض بنا إليه

يا غالم، علي بفالنة لتخرج، فخرجت علينا جارية كأهنا مها تتثىن يف مشيتها؛ : قال لغالمه. فالنة: ؟ قلت :يف حجرها، فجسته واندفعت تغين فلما قعدت وضع عود

كيف الوقوف وأنتم سفر... عوجي علي وسلمي جرب

حىت يفرق بيننا النفر... ما نلتقي إال ثالث مىن احنروين فإين بدنة، أهدوين فإين بدنة، واهللا ال أبيعها مبال يكال، وال مبال : فقام القاضي على أربعة، قال .يا، انصرفوايوزن، وال باخلالفة، وال بالدن

ما : وأتى إسحاق بن إبراهيم املوصلي باب الفضل بن حيىي فحجبه خادم امسه نافذ مرات؛ فلقيه الفضل فقالال ميكنين، فأتى بعد : ، قال...ف : قال. أتيت أعز اهللا األمري فحجبين نافذ: لك ال تأتينا يا إسحاق ؟ فقال :ذلك فحجبه فكتب إىل الفضل إىل حسن رأيك أشكو أناسا... جعلت فداءك من كل سوء فلست أسلم إال اختالسا... حيولون بيين وبني السالم

فما زاده ذاك إال مشاسا... وأنفذت أمرك يف نافذ بعض ذلك أصلح اهللا األمري، فضحك وتقدم أال : يا إسحاق، أكان ما ذكرت ؟ فقال: فلقيه بعد ذلك فقال

ن الفضل استثقل إسحاق لبأو كان فيه، وكان الفضل أكرب الناس حيجبه أحد إن أراد الدخول، وإمنا كا :وقال بعض الشعراء. كربا، وأعظمهم تعاظما

يف لذة العيش ال عار وال حرج... وما على املرء ما مل يأت فاحشة عرج بلومك إين عنه منعرج... يأيها الالئمي فيما هلوت به

بعض من كرهوا املزاح

.املزاح يزيح هبجة األشراف: ح فلقول أكثم بن صيفيفإن كره قوم املزا .أنا أكره املزاح ألنه مزاح عن احلق: وقال أبو سليمان الداراين

.املزاح اختراع من اهلواء: وقال احلسن البصري .من كثر مزاحه قل إىل النباهة ارتياحه: وقال زياد

.ويورث الضغينةإياك واملزاح فإنه جير القبيحة، : وقال عمر بن عبد العزيز .لن يسود مزاح، ولن يعظم مفاكه: وقال األحنف

.ال متازح الشريف فيحقد عليك، وال الدينء فيجترىء عليك: وقال سعيد بن العاص البنه :وقال أبو نواس

رب جد ساقه اللعب... صار جدا ما مزحت به

مىت يكون املزاح مكروها

فإمنا ذلك إذا كان املزاح غالبا على . من استخفاف به، أو حقد عليه من كثر مزاحه مل خيل: وقال ابن املعتز

من : وقد قال عمر رضي اهللا عنه لألحنف. املرء، وكان املرء فيه غالبا جيريه يف كل مكان ومع كل إنسان

كثر ضحكه قلت هيبته، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر مزاحه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل .حياؤه، ومن ذهب حياؤه مات قلبهورعه، وذهب

.أو ينزله املمازح تعريضا باملعايب، وتنبيها على املثالب؛ فذلك املكروه الذميم وصاحبه امللوم

يسعط أحدكم أخاه مبثل اخلردل، ويقرعه مبثل اجلندل، ويفرغ عليه مبثل : وقد قال خالد بن صفوان .إمنا كنت أمزح: املرجل، ويقول :اقوقال حممود الور

يف حلن منطقه مبا ال يذكر... تلقى الفىت يلقى أخاه وخدنه هيهات نارك يف احلشا تتسعر... ويقول كنت ممازحا ومداعبا

أن املزاح هو السباب األصغر... أوما علمت وكان جهلك غالبا :وقال ابن الرومي

حجزت بينه وبني العقوق... حبذا حشمة الصديق إذا ما ه إىل ترك واجبات احلقوق... انبساط يؤدي حني ال حبا

من مسيغ الشجا شجى يف احللوق... أين منجاتنا إذا ما لقينا

من حسنوا املزاح

.ال بأس يف املزاح بغري ريبة: وإال فقد قالوا .املزاح من أخالق ذوي الدماثة: وكان يقال

املمازح : وقد قيل. فقد برىء من الكرب من كانت فيه دعاة: روي أن علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه قالوما زال األشراف ميزحون ويسمحون مبا مل يغض من . يقرب من ذي احلاجة إليه، وميكن من الدالة عليه

وقال عليه . بعثت باحلنيفية السمحة: دياناهتم، وال يقدح من مروءاهتم، وقد قال النيب صلى اهللا عليه وسلم .أقول إال حقا إين ألمزح وال: الصالة والسالم

من مزاح النيب صلى اهللا عليه وسلم

وكان له نغر . كان لنا أخ يكىن أبا عمري: فمن مزاحه صلى اهللا عليه وسلم ما روى أنس بن مالك قالمات نغره، فكان إذا : مال له ؟ قالوا: فدخل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فرآه حزينا فقال. يلعب به

أبا عمري ما فعل النغري ؟ وكان رجل من أشجع يقال له زاهر بن حرام ال يزال يأيت يا : رآه بعد ذلك قالإن : النيب صلى اهللا عليه وسلم باهلدية من البادية والطرفة، وكان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول

يه وسلم من ورائه فبينما هو يف بعض أسواق املدينة إذ أتاه النيب صلى اهللا عل. زاهرا باديتنا وحنن حاضروهفقبل . من يشتري مين هذا العبد ؟ فالتفت الرجل فإذا هو برسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: فاحتضنه وقال

.ال، لكنك عند اهللا ربيح: فقال. جتدين كاسدا يا رسول اهللا: يده وقال

: قال. بياض زوجك الذي يف عينه: فقال. وأتت إليه صلى اهللا عليه وسلم امرأة فذكرت زوجها بشيء. إن يف عينك بياضا: قال يل النيب صلى اهللا عليه وسلم: ما لك ؟ قالت: فمضت فجعلت تتأمل زوجها فقال

.بياض عيين أكثر من سوادها: فقال

مساع النيب صلى اهللا عليه وسلم للمزاح

ديه متر، فأقبل أن صهيبا دخل عليه وعينه وجعة وبني ي: وأما مساعه صلى اهللا عليه وسلم لذلك فقد رويإمنا آكل حبذاء العني الصحيحة، فتبسم صلى اهللا : أتأكل التمر وعينك وجعة ؟ فقال: صهيب يأكل؛ فقال

.عليه وسلمال أدعه : ال تكلمه وهو على هذه احلالة، فقال: وذكروا أن أعرابيا أتاه فألفاه مغموما ممتقع اللون؛ فقيل له

إن الدجال خيرج وقد هلك الناس جوعا ! رسول اهللا؛ بأيب أنت وأمي يا: مث جثا بني يديه فقال. أو يضحك: فيأتيهم بالثريد، فترى أن آكل من ثريده حىت إذا تضلعت كذبته ؟ فضحك صلى اهللا عليه وسلم وقال

.يغنيك اهللا مبا يغين به املؤمنني حينئذوفاة النيب صلى اهللا عليه وسلم، خرج أبو بكر رضي اهللا عنه يف جتارة إىل البصرة، قبل: وقالت أم سلمة

ومعه سويبط بن حرملة وكان قد شهد بدرا ونعيمان، وكان سويبط على الزاد، وكان نعيمان مزاحا، فقال أتشترون مين : أما ألغيظنك، فمروا بقوم فقال نعيمان: حىت جييء أبو بكر، فقال: أطعمين، فقال: له نعيمان

إنه حر، فإذا قال هذه املقالة تركتموه فال : عبد له كالم وهو قائل لكمإنه : فقال! نعم : عبدا ؟ فقالوافاشتروه مين بعشر قالئص، مث أخذوه فوضعوا يف عنقه حبال، : قال. بل نشتريه: فقالوا. تفسدوا علي عبدي

و قد خربنا خربك، فانطلقوا به، فجاء أب: فقالوا له. إين حر ولست بعبد وهذا يستهزىء بكم: فقال سويبطوملا قدموا على النيب صلى اهللا . بكر فأخربوه اخلرب، فاتبع القوم فرد عليهم القالئص وأخذ منهم سويبطا .عليه وسلم فأخربوه اخلرب، ضحك صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه حوله

من : وكان سويبط قد كف بصره بعد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، فلقيه نعيمان يف املسجد وهو يقولبل ههنا، : أنا، وأخذ بيده فمضى به إىل زاوية يف املسجد عامرة بالناس، فقال له: رجين حىت أبول ؟ قالخي

هللا علي لئن لقيته : نعيمان، فقال: من غرين ؟ قالوا: فقال. فلما كشف ثوبه صاح الناس عليه من كل ناحيةفأخذ ! نعم، هللا أبوك : يف نذرك ؟ قالأحتب أن أدلك على نعيمان لتو: ألضربنه بعصاي؛ فلقيه بعد أيام فقال

فرفع عصاه وضربه؛ فصاح به . هذا هو: بيده حىت أتى عثمان بن عفان رضي اهللا عنه وهو يصلي فقال .ال يغرين بعدها: نعيمان، قال: من قادين ؟ قالوا: أوجعت أمري املؤمنني، فقال: الناس وقالوا

أته؛ فبلغا ذلك فالتمست كونه عندها فأخربت بذلك؛ فلما وابتاع عبد اهللا بن رواحة جارية وكتم ذلك امرما : بلغين أنك ابتعت جارية وأنك الساعة خرجت من عندها، وما أحسبك إال جنبا ؟ قال: جاءها قالت له :فاقرأ آيات من القرآن فقال: فعلت، قالت

وأن النار مثوى الكافرينا... شهدت بأن وعد الله حق

وفوق العرش رب العاملينا... اء طاف وأن العرش فوق امل مالئكة اإلله مقربينا... وحتمله مالئكة شداد

.أما إذ قد قرأت القرآن فقد علمت أنك مكذوب عليك: فقالتاآلن : وافتقدته ليلة أخرى فلم جتده على فراشها، فلم تزل تطلبه حىت قدرت عليه يف ناحية الدار، فقالت

:اقرأ آيات من القرآن، فقال: فقالت. صدقت ما بلغين فجحدها كما انشق معروف من الفجر ساطع... وفينا رسول الله يتلو كتابه

به موقنات أن ما قال واقع... أرانا اهلدى بعد العمى فقلوبنا إذا أثقلت باملشركني املضاجع... يبيت جيايف جنبه عن فراشه

حمشور هناك فراجعإىل الله ... وأعلم علما ليس بالظن أنين هذا لعمري من : فأخرب بذلك النيب صلى اهللا عليه وسلم؛ فضحك وقال. آمنت باهللا وكذبت ظين: فقالت

.معاريض الكالم، يغفر اهللا يابن رواحة خياركم خريكم لنسائكم :أنشدت أبا هريرة: وقال العجاج

خيال سلمى وخيال تكتما... طاف اخلياالن فهاجا سقما ساقا خبنداة وكعبا أدرما... يك رهبة أن تصرما قامت تر

.قد كان حيدي هبا وحنن مع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فال ينكر: فقال أبو هريرة

زعم قوم أن إنشاد الشعر ينقض الوضوء

:إن قوما يرون أن إنشاد الشعر ينقض الوضوء؛ فقال: وقيل البن سريين عرقوهبا مثل شهر الصوم يف الطول ...نبثت أن فتاة كنت أخطبها

.اهللا أكرب ودخل يف الصالة: مث قال :وسئل عن ذلك مرة أخرى وقد استفتح الصالة فأنشد لألعشى

نباحا هبا الكلب إال هريرا... وتسخن ليلة ال يستطيع س بالصيف رقرقت فيه العبريا... وتربد برد رداء العرو

.مث كرب وصلىما نراك إال قد أحدثت فتوضأ، : كنت يف مسجد اجلهاضم فقرضت بيت شعر، فقالوا :وقال جرير بن حازم

: مهيم ؟ فعرفته، فقال: فقال! رويدك يا أبا بكر: فذعرين قوهلم؛ فأتيت ابن سريين وقد قام إىل الصالة فقلت :هال رددت عليهم

هبا عيشة األنعم األفضل... ديار لرملة إذ عيشنا ق مل تتغير ومل تتبدل... ي وإذ ودها فارغ للصد

ب والقرقفية بالفلفل... كأن الثلوج وماء السحا ل شيب به مثر السنبل... وماء القرنفل والزجنيب

قبيل الصباح ومل ينجل... يصب على برد أنياهبا .اهللا أكرب: مث قال

:أنشد القذع من الشعر وأصلي ؟ فقال: وقيل البن سريين صفراء مثل الفرس األشقر... ولة وأنت لو باكرت مشم

وقد بدا هنك من املئزر... رحت ويف رجليك ما فيهما

مساجلة بني ابن األنباري وابن املعتز

وها هنا مساجلة جرت بني أيب بكر حممد بن القاسم األنباري وأيب العباس عبد اهللا بن املعتز، هلا يف هذا :اجةاملوضع موقع وهي طويلة اختصرت منها موضع احل

جرى يف جملس األمري ذكر احلسن بن هاىنء والشعر الذي قاله يف اجملون وأنشده : كتب ابن األنباري إليهفكان حق . وهو يؤم قوما يف صالة؛ وهو إن لكل ساقطة القطة، وإن لكالم القوم رواة، وكل مقول حممول

، وال حيمله متقدمهم إىل متأخرهم؛ ألن شعر هذا اخلليع أال يتلقاه الناس بألسنتهم؛ وال يدونونه يف كتبهمذوي األقدار واألسنان جيلون عن روايته، واألحداث يغشون حبفظه، وال ينشد يف املساجد، وال يتحمل

بذكره يف املشاهد؛ فإن صنع فيه غناء كان أعظم لبليته؛ ألنه إمنا يظهر يف غلبة سلطان اهلوى، فيهيج ديئة؛ واإلنسان ضعيف يتنازعه على ضعفه سلطان القوى؛ ونفسه الدواعي الدنيئة، ويقوي اخلواطر الر

األمارة بالسوء، والنفس يف انصباهبا إىل لذاهتا مبنزلة كوة منحدرة من رأس رابية إىل قرار فيه نار، إن مل .حتبس بزواجر الدين واحلياء أداها احندارها إىل ما فيه هلكتها

الذي ذكرناه شطار كشفوا للناس عوارهم، وهتكوا عندهم واحلسن بن هاىنء ومن سلك سبيله من الشعر .أسرارهم، وأبدوا هلم مساويهم وخمازيهم، وحسنوا ركوب القبائح

فعلى كل متدين أن يذم أخبارهم وأفعاهلم، وعلى كل متصور أن يستقبح ما استحسنوه، ويتنزه من فعله تعاىل حض على املعاصي أن يتقرب إىل اهللا ترك ركوب املعاصي إزراء بعفو اهللا: وقول هذا اخلليع. وحكايته

عز وجل هبا تعظيما للعفو، وكفى هبذا جمونا وخلعا داعيا إىل التهمة لقائله يف عظم الدين، وأحسن من هذا :وأوضح قول أيب العتاهية فكيف ترى حال من ال يتوب... خياف معاصيه من يتوب

جواب ابن املعتز

ل أبو نواس ترك املعاصي إزراء بعفو اهللا تعاىل، وإمنا حكى ذلك عن متكلم غريه، مل يق: فأجابه ابن املعتز :والبيت الذي أنشد له حبضرتنا

فإن حظركه بالدين إزراء... ال حتظر العفو إن كنت امرأ حرجا يدانه وهذا بيت جيوز للناس مجيعا استحسانه والتمثل به، ومل يؤسس الشعر بانيه على أن يكون املربز يف م

من اقتصر على الصدق ومل يغو بصبوة، ومل يرخص يف هفوة، ومل ينطق بكذبة، ومل يغرق يف ذم، ومل يتجاوز يف مدح، ومل يزور الباطل ويكسبه معارض احلق؛ ولو سلك بالشعر هذا املسلك لكان صاحب لوائه من

كثر تذكريا وحتذيرا ومواعظ يف املتقدمني أمية ابن أيب الصلت الثقفي، وعدي بن زيد العبادي؛ إذ كانا أ :فقد قال امرؤ القيس. أشعارمها من امرىء القيس والنابغة

مسو حباب املاء حاال على حال... مسوت إليها بعدما نام أهلها عليه القتام سيىء الظن والبال... فأصبحت معشوقا وأصبح بعلها

بقتال ليقتلين واملرء ليس... يغط غطيط البكر شد خناقه :وقال النابغة

متحيزا مبكانه ملء اليد... وإذا ملست ملست أخثم رابيا وايب اجملسة بالعبري مقرمد... وإذا طعنت طعنت يف مستهدف

وهل يتناشد الناس أشعار امرىء القيس واألعشى والفرزدق وعمر بن أيب ربيعة وبشار وأيب نواس على إال على مأل الناس ويف حلق املساجد ؟ وهل يروي ذلك إال العلماء تعيهرهم، ومهاجاة جرير والفرزدق

وقد نفى حسان بن ثابت أبا سفيان بن احلارث بن عبد املطلب فما بلغنا أن النيب صلى . املوثوق بصدقهم :اهللا عليه وسلم أنكر ذلك عليه يف هجائه حيث يقول

ح الفردكما نيط خلف الراكب القد... وأنت ربيط نيط يف آل هاشم وما هنى النيب صلى . أنت من خري أهلي: وقد زعم بعض الرواة أن النيب صلى اهللا عليه وسلم قال للحارث

.اهللا عليه وسلم وال السلف الصاحل من اخللفاء املهديني بعده عن إنشاد شعر عاهر وال فاجريعين . أكله أكله: يقولولقد أنشد سعيد بن املسيب وغريه من نظرائه هتاجي جرير وعمر بن جلأ فجعل

.أكله جرير ومل ينكر شيئا مما مسعه

رد ابن األنباري

قد صدق سيدنا أيده اهللا يف كل ما قاله من األشعار اليت عدل قائلوها عن سنن املؤمنني : فأجابه ابن األنباريكتابيت ما كتبت املتقني، ومل أكن أجهل أكثر ذلك، إال أنه مل خيطر ببايل ذكر ما كنت أعرف منه يف وقت

به، وما كل ما يعرف اإلنسان حيضره، وال تتواتى كل وقت خواطره؛ على أن الذي جرى يف هذا األمر إمنا فيحتج له، وعليه فيه حجة قد تركها، . يذكر الذاكر شيئا قد تقدم صوابه. هو على سبيل التعلم والتفهم

حلق ضالته وجد ما ابتغى، وغنم ما وجد، وإن فيكشف السامع هلا غطاءه مستبصرا أو مذكرا، فإن كان اأنف من الرجوع، واشتد عليه النزوع، جحد ما علم، واحتج ملا جهل؛ ألن كل مطالب بباطل ال خيلو من جهل مبا يدعي، أو جهل مبا يعرف، ومل يعقد أعز اهللا األمري جملس ملناظرة يف علم يعطى النظر فيه حقه إال

.اب كان جيهله، ورجوع عن خطأ كان يعتقدهفاز املرء فيه باستفادة صوولست أعز اهللا األمري مبعصوم، ومن مل يكن معصوما مل يكن صوابه مبضمون، وال زهللا مبأمون، وعلى حسب

ما جرى تعلق قليب مبعرف ما تضمنته رقعيت هذه من األمري، فإن كان المتنانه بتعريفي ذلك يف جواب عنها .وفضله إن شاء اهللا وجيه جرى فيه على عادة طوله

جواب ابن املعتز

إمنا أحببت أعزك اهللا أن تكون من اإلخوان الذين يتجانون مثر التناصح فيتذاكرون : فأجابه ابن املعتزفيتذكرون، ويتدارسون فيفيدون ويستفيدون، ففتحت بيين وبينك هذا الباب آذنا بالولوج علي منه، واثقا

وصنت مودتنا على استحسان مزور، وتعمد اجلحد يف إقراره، وملق بكمال عقلك يف املسارعة إليه، وال يزال اإلخوان يسافرون يف املودة حىت يلقوا الثقة فتلقى عصا التسيار، . مكاشر يظهر التصديق بال إنكار

وتطمئن هبم الدار، وتقبل وفود النصائح، وتؤمن خبايا الضمائر، وتلقى مالبس التخلق، وحتل عقد التحفظ، د أبعدك اهللا تعاىل من اخلطأ ملا أشرق نور الصواب، ومل ال وبلى يصطرعان على احلق، وبالتعب وطىء وق

.فراش الراحة، وبالبحث تستخرج دفائن العلوم، وال فرق بني إنسان يقاد وهبيمة تنقاديا يتنافسون فيها، ولوال أن الناس اختلفوا متفرقني الختلفوا متشاحني، وملا قصدوا بالسكىن إال بقعة من الدنكما روي أن . ويتفانون عليها؛ وخري االختالف ما اجتنب معىن التمادي على الباطل فاهتدي فيه بالتبصري

قد : عليا رضي اهللا عنه حاج عمر رضي اهللا عنه يف املرأة اليت وضعت لستة أشهر، فأراد عمر رمجها فقال له .فرجع عن ذلك عمر وأمضاه" . شهرا وحمله وفصاله ثالثون: " قال اهللا تعاىل

وقال " . إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون : " وبالتقليد هلك مترفو الكفار القائلونليس شيء أضر باملرء من : وقال عمر رضي اهللا عنه. إذا سرك أن تعرف خطأ مؤدبك فجالس غريه: بعضهم

ان يكره رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم املسائل والبحث لشفقته على أمته من وإمنا ك. جلاجة يف جهلنزول معترض يثقل عليهم فيما يسألون عنه، مث كره عمر وعلي رضوان اهللا عليهما ما كان جيري على

.سل تفقها وال تسل تعنتا: ولذلك قال علي رضي اهللا عنه البن الكوا. سبيل التعنت، ويفارق سبيل التفقه

ظرف أهل املدينة

ما رأيت أشبه بأهل املدينة من ابن سريين، وأهل املدينة أرق الناس أدبا، وأحالهم طربا، : وقال مالك :وقال إسحاق بن إبراهيم املوصلي. دل حجازي، وعشق مياين: وأبرعهم شيما، وأطبعهم كرما، ويقال

زيمع ظيب من الظباء اجلوا... إن قليب بالتل تل عزاز مع ظرف العراق دل احلجا... شادن مل ير العراق وفيه

:وقال أبو متام واكنت يف كنفي ذراه املنطق... من شاعر وقف الكالم ببابه

منه احلجاز ورققته املشرق... قد ثقفت منه الشآم وسهلت من الفقه فيمله علي، لقد كنا باملدينة وإن الرجل حيدثين باحلديث: وكان عبد امللك بن املاجشون يقول

.ال أعطيك ملحي، وأهبك ظريف وأديب: ويقول. ويذكر اخلرب من امللح فأستعيده فال يفعلإين ألمسع الكلمة املليحة وما يل إال قميص واحد فأدفعه إىل صاحبها وأستكسي اهللا عز : وقال ابن املاجشون

أما من يؤمن باهللا واليوم اآلخر : يب ؟ قالأترى أحدا ال يتمىن النس: وقيل أليب السائب املخزومي. وجل .فال

أبو السائب وفكاهاته

وكان جده يكىن . وكان أبو السائب كثري الطرب، غزير األدب، وله فكاهات مذكورة، وأخبار مشهورةأبا السائب أيضا، وكان خليطا للنيب صلى اهللا عليه وسلم قبل اإلسالم؛ وأقبل اإلسالم فكان النيب صلى اهللا

واسم أيب السائب عبد اهللا، . نعم اخلليط كان أبو السائب ال يداري وال مياري: عليه وسلم إذا ذكره يقولكانت سليمة : قال الزبري بن بكار. وكان أشراف املدينة يقدمونه ويعظمونه لشرف منصبه، وحالوة طربهحدثيين، هل أتاك من حبيبك : مي فقالاملشاوبية عاشقة ألفلح موىل الزهريني، فأتاها يوما أبو السائب املخزو

:نعم، مث أنشدته: فهل قلت يف ذلك شعرا ؟ قالت: قال. ال: رسول ؟ قالت يبلغه التسليم مث يقول... أال ليت يل حنو احلبيب مبلغا من الشوق والشوق الشديد قتول... سليمة نضو ما ترجى حياهتا ا تلقاه فيك جهولوأنت مل... تعاجل أحزانا وتبكي صبابة

أنا واهللا رسولك؛ فحفظ الشعر وتوجه حنو أفلح يف يوم صائف شديد حره، فلقيه رجل : فقال أبو السائبوإىل أين تريد ؟ : قال. من عند سليمة املشاوبية: يا أبا السائب؛ من أين أقبلت ؟ قال: من األنصار فقال

إليك يابن أخي ؟ فإن اجلنة : يف مثل هذا الوقت ؟ قالأ: قال. أريد أفلح موىل الزهريني أبلغه رسالتها: قال .حفت باملكاره؛ وما عبد اهللا إال بالصرب على ما ترى

: أتاين أبو السائب املخزومي يف ليلة بعدما رقد الناس، فأشرفت عليه وقلت: حدثين جدي قال: وقال الزبريا سواك، فلو مضيت بنا إىل العقيق سهرت فذكرت أخا يل أستمتع به فلم أجد أحد: هل من حاجة ؟ فقال

:فنزلت فما زال يف حديث إىل أن أنشدته يف بعض ذلك بييت العرجي! نعم : فتناشدنا وحتدثنا ؟ قلت صبح تلوح كاألغر األشقر... باتا بأنعم ليلة حىت بدا

أخذ الغرمي بفضل ثوب املعسر... فتالزما عند الفراق صبابة وامرأيت طالق إن نطقت حبرف حىت أرجع إىل بييت غريه، فمضينا ! أحسنت واهللا : الأعده، فأعدته فق: فقال

كيف أنت يا أبا : فقال. فتلقانا عبد اهللا بن احلسن بن علي بن أيب طالب وهو منصرف من ماله يريد املدينة :السائب ؟ فقال

أخذ الغرمي بفضل ثوب املعسر... فتالزما عند الفراق صبابة مث . هللا أي كهل أصيبت به قريش: منذ الليلة، قال: مىت أنكرت عقل صاحبك ؟ قلت: وقال فالتفت إيل،

مضينا فلقينا حممد بن عمران التيمي قاضي املدينة يريد ماال له على بغلة، وكان أثقل الناس جسما، ومعه :ئب ؟ فقالكيف أنت يا أبا السا: غالم له على عنقه خمالة فيها قيد البغلة، فسلم عليه مث قال

أخذ الغرمي بفضل ثوب املعسر... فتالزما عند الفراق صبابة أفتدعه هكذا؟ ما آمن : آنفا؛ فتركين وانصرف، فقلت: مىت أنكرت عقل صاحبك ؟ قلت: فالتفت إيل وقال

صدقت، يا غالم، هات قيد البغلة، فوضعه يف رجله وهو ينشد البيت : أن يتهور يف بعض آبار العقيق، قاليا غالم، امحله على بغليت وأحلقه بأهله؛ فلما كان : دافع بيده؛ فلما أطال نزل الشيخ عن البغلة وقالوي

قبحك اهللا ماجنا فضحت شيخا من قريش وعذبتين : وقال. حبيث علمت أنه قد فاته أخربته اخلرب فضحك .وأنا ال أقدر أن أحترك

:بن أذينة نازال يف دارى بالعقيق فسمعته ينشد لنفسهكان عروة : وروى مصعب بن الزبري عن عبد اهللا، قال خلقت هواك كما خلقت هوى هلا... إن اليت زعمت فؤادك ملها

أبدى لصاحبه الصبابة كلها... فيك الذي زعمت هبا فكالكما يوما وقد ضحيت إذا ألظلها... ولعمرها إن كان حبك فوقها

الضمري إىل الفؤاد فسلها شفع... فإذا وجدت هلا وساوس سلوة بلباقة فأدقها وأجلها... بيضاء باكرها النعيم فصاغها أخشى صعوبتها وأرجو ذلها... ملا عرضت مسلما يل حاجة ما كان أكثرها لنا وأقلها... منعت حتيتها فقلت لصاحيب

يف بعض رقبتها فقلت لعلها... فدنا وقال لعلها معذورة

أبيات لعروة بلغين ! نعم : ألك حاجة ؟ قال: السائب املخزومي فقلت له بعد الترحيب والبشر فأتاين أبوهذا واهللا الصادق : فدنا وقال لعلها معذورة، طرب وصاح، وقال: أنك مسعته ينشدها ؟ فلما بلغت إىل قوله

:العهد، الدائم الود، ال الذي يقول يب أضن وأرغبعين فأهلي ... إن كان أهلك مينعونك رغبة حدبوا علي وعندي املستعتب... أوليس يل قرىب إذا أقصيتين

ولئن نأيت ملا ورائي أرحب... فلئن دنوت ألدنون بعفة رأي أعيش به وقلب قلب... يأىب وعيشك أن أكون مقصرا

األوىل حلسن الظن لقد عدا هذا األعرايب طوره، وجتاوز قدره، وإين ألرجو أن يغفر اهللا لصاحب األبيات أوحيسن الظن مبثلي أن يأكل طعاما بعد ! سبحان اهللا : فعرضت عليه الطعام فقال. هبا، وطلب العذر هلا

.مساع هذه األبيات ؟ واهللا ما كنت ألخلط هبا طعاما حىت الليل، وانصرف :واألبيات اليت أنشدها أبو السائب لبعض اهلذليني هي من مليح الشعر أوهلا

حبطيم مكة والندى يتصبب... زينب والركاب مناخة طرقتك خفق السماك وعارضته العقرب... بثنية العلمني وهنا بعدما

ومع التحية والكرامة مرحب... وحتية وكرامة خلياهلا محل فقلة عاذب فاملرقب... أىن اهتديت ومن هداك ودوننا

السماعارتياح أهل املدينة إىل املزاح وانقطاعهم إىل

قال عبد اهللا . وألهل املدينة من االرتياح إىل املزاح، واالنقطاع للسماع ما هو مشهور عندهم، مأثور منهم .أنا يل عند السماع هزة لو سئلت عندها ألعطيت، ولو قاتلت معها ألبليت: بن جعفر

املدينة من ولد الزبري يكىن مررت بدار الزبري بالبصرة، فإذا بشيخ من أهل : قال األصمعي: وقال أبو العيناءأبا رحيانة جالس بالباب وعليه مشلة تستره؛ فسلمت عليه وجلست إليه؛ فبينا أنا كذلك إذ طلعت علينا

إن موايل أعجلوين، : غنين صوتا، فقالت: سوداء حتمل قربة، فلما نظر إليها مل يتمالك أن قام إليها وقال هلافأخذ القربة منها فحملها : فأنا أمحلها: ربة على كتفي فال، قالأما والق: ال بد من ذلك، قالت: قال

:واندفعت تغين تقضى وأحزاين عليك تطول... فؤادي أسري ال يفك ومهجيت

إليك وأجفاين عليك مهول... ويل مقلة قرحى لطول اشتياقها بعيد وأشياعي لديك قليل... فديتك، أعدائي كثري وشقيت

!فأفنيت عاليت فكيف أقول ... ئت بعلة وكنت إذا ما جئت جما هذا جبزائي منك، شفعتك يف : فطرب وصرخ، وضرب بالقربة فشقها؛ وقامت اجلارية تبكي، وقالت

ال تغتمي فاملصيبة علي حصلت، ونزع الشملة، ووضع يدا : فقال! حاجتك، فعرضتين ملا أكره من موايل قربة وقعد بتلك احلال؛ فاجتاز به رجل من ولد علي رضي اهللا من قدام ويدا من خلف، وباعها وابتاع هلا

فما رحبت جتارهتم وما : " يا أبا رحيانة؛ أحسبك من الذين قال اهللا عز وجل فيهم: عنه، فعرف حاله فقال فبشر عبادي الذين يستمعون: " ال، يابن رسول اهللا، ولكين من الذين يقول اهللا هلم: قال" . كانوا مهتدين

.فضحك وأمر له بألف درهم" . القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو األلباب كنا ! سبحان اهللا : يا أبا احلكم؛ الرجل الذي يشدو باألصوات ما ترى فيه ؟ قال: وقال رجل البن جعدبة

.بقيع الغرقد يعين املوتى إذا أتت على الرجل أربعون سنة ال حيسن عشرة أصوات عددناه من أهليا هذا؛ شربت حراما، وأيقظت : ومر باألوقص املخزومي وهو قاضي املدينة يتغىن بليل فأشرف عليه، وقال

.نياما، وغنيت خطأ، خذ عين وأصلح له الغناء

غناء يف مسجد الرسول صلى اهللا عليه وسلم

ان يصلي مذ طلعت الشمس إىل أن قارب النهار حدثت أن مدنيا ك: وقال أبو العباس حممد بن يزيد املربدأن ينتصف، ومن ورائه رجل يتغىن، ومها يف مسجد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، فإذا برجل من الشرط

فأخذه؛ ! أترفع عقريتك بالغناء يف مسجد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : قد قبض على الرجل فقالأتدري مل شفعت فيك ؟ : يطلب إليه فيه حىت استنقذه، مث أقبل عليه فقالفانفتل املدين من صالته، فلم يزل

إذا قطعها : قال. فأحسبك عرفت قرابة بيننا: قال. إذا فال رمحين اهللا: ال، ولكين إخالك رمحتين، قال: قاليت آنفا مسعتك تغن: قال. فأخربين: قال. واهللا وال عرفتك قبلها: فليد تقدمت مين إليك، قال: اهللا، قال

.فأقمت واوات معبد، أما واهللا لو أسأت التأدية لكنت أحد األعوان عليك :والصوت الذي ينسب إىل واوات معبد شعر األعشى الذي يعاتب فيه يزيد بن مسهر الشيباين وهو: قال

غداة غد أم أنت للبني واجم... هريرة ودعها وإن الم الئم قضى لبانات ويسأم سائمت... لقد كان يف حول ثواء ثويته

لقد غنيت خبمسة أصوات هن أشد من : ويروى أن معبدا بلغه أن قتيبة بن مسلم فتح مخس مدائن؛ فقالهريرة : أحدها، لألعشى يعاتب يزيد بن مسهر الشيباين: واألصوات قال املربد. فتح املدائن اليت فتحها قتيبة

:قوله يعاتبه: والثاين. فأنشد البيتني. ودعها وإن الم الئم وهل تطيق وداعا أيها الرجل... ودع هريرة إن الركب مرحتل

متشي اهلوينا كما ميشي الوجي الوحل... غيداء فرعاء مصقول عوارضها :والثالث، للشماخ بن ضرار بن مرة بن غطفان يقوله لعرابة بن أوس

إىل اخلريات منقطع القرين... رأيت عرابة األوسي ينمى تلقاها عرابة باليمني... ما راية رفعت جملد إذا

عرابة فاشرقي بدم الوتني... إذا بلغتين ومحلت رحلي :والرابع، لعمر بن أيب ربيعة واسأل فإن قليله أن تسأال... ودع أمامة قبل أن تترحال فعسى الذي خبلت به أن يبذال... أمكث لعمرك ساعة فتأنها

إن بات أو ظل املطي معقال... حاجة لسنا نبايل حني ندرك :وهو لعروة بن أذينة الليثي: قلت. والشعر اخلامس ال أعرف قائله: قال أبو العباس

ببني وصردان العشي تصيح... غراب وظيب أعصب القرن نادبا لقد كنت من خوف الفراق أليح... لعمري لئن شطت بعثمة دارها أحص املخنثني، فوقعت فوق احلاء نقطة فأخذهم : إىل عثمان بن حيان املرى وكتب سليمان بن عبد امللك

! أوقد خصي الدالل ؟ إنا هللا : وخصاهم وفيهم الدالل؛ فبلغ ذلك ابن أيب عتيق وقد قام إىل الصالة فقال :لقد كان حيسن أن يغين

ش أمسى دارسا خلقا... ملن طلل بذات اجلي السالم عليكم، وكان حيسن خفيف هذا الشعر وال : ن قراءة أم الكتاب قالمث دخل يف الصالة؛ فلما فرغ م

.حيسن ثقيله

من طرف ابن أيب عتيق

والبن أيب عتيق عجائب ظريفة، أذكر لك منها ما يصلح وميلح؛ منها أنه مسع وهو باملدينة قول ابن أيب :ربيعة

البسكالنا من الثوب املطارف ... فما نلت منها حمرما غري أننا

أبنا يلعب ابن أيب ربيعة ؟ فأي حمرم بقي ؟ فركب بغلته متوجها إىل مكة، ودخل أنصاب احلرم، وقيل : فقالأما زعمت أنك مل تركب حمرما قط ؟ : فلقي ابن أيب ربيعة؛ فقال. إن ذا احلاجة ال حيرم: قال! أحرم : لهإين أخربك؛ خرجت بعلة املسجد، : له البيت ؟ فقال... كالنا من الثوب: فما قولك: قال! بلى : قال

وخرجت زينب تريده، فالتقينا فاتعدنا، فصرنا إىل بعض الشعاب، فأخذتنا السماء، فأمرت مبطريف فسترنا هذا ! يا عاهر : هال استترت بسقائف املسجد ؟ فقال له ابن أيب عتيق: الغلمان لئال يروا هبا بلة فيقولوا هلا

:بن أيب عتيق الذي مسع قول ابن أيب ربيعةالبيت حيتاج إىل حاضنة ؟ وا أحتب القتول أخت الرباب... قال يل صاحيب ليعلم ما يب

ء إذا ما فقدت برد الشراب... قلت وجدي هبا كوجدك باملا مهجيت، ما لقاتلي من متاب... أزهقت أم نوفل إذ دعتها بني مخس كواعب أتراب... أبرزوها مثل املهاة هتادى

يف أدمي اخلدين ماء الشباب... ي مكنونة حتير منها وه عدد الرمل واحلصى والتراب... مث قالوا حتبها قلت هبرا

ضقت ذرعا هبجرها والكتاب... من رسويل إىل الثريا بأين .إياي أراد ويب هتف ونوه؛ واهللا ال ذقت طعاما أو أشخص إليها وأصلح بينهما: فلما مسع هذا البيت قال

فنهض وهنضت معه حىت خرج إىل سوق الضمرتني، فأتى قوما من بين الديل من حنيفة : قال موىل لبين متيم: بكذا وكذا، فقلت لبعض التجار: بكم تكرونين راحلتني إىل مكة ؟ قالوا: يكرون النجائب، فقال

ركب واحدة وركبت إن املكاس ليس من أخالق الناس، مث! وحيك : استوضعوا شيئا؛ فقال ابن أيب عتيقأبادر حبل الوصل أن يقتضبا وما أملح الدنيا إذا : وحيك: فقال. ارفق بنفسك: األخرى وأجد السري، فقلت! أجل : قال. واهللا ما كنت لنا زوارا: فقدمنا مكة، وأتى باب الثريا، فقالت. مت الوصل بني عمر والثريا

فقال ابن أيب . فالمه عمر. عا هبجرك والكتابضقت ذر: ولكين جئت برسالة؛ يقول لك ابن عمك عمر .إمنا رأيتك مبادرا تلتمس رسوال فخففت يف حاجتك، فإمنا كان ثوايب أن أشكر: عتيق

:ومسع ابن أيب عتيق قول العرجي وال ليلة األضحى وال ليلة الفطر... وما ليلة عندي وإن قيل ليلة

مثلها ليلة القدر يكون سواء... معادلة اإلثنني عندي وباحلري خلادمها قومي سلي يل عن الوتر... وما أنس م األشياء ال أنس قوهلا

وال تعجلي عنه فإنك يف أجر... فجاءت تقول الناس يف تسع عشرة .هذه أفقه من ابن شهاب، وهي حرة هللا عز وجل من مايل إن أجاز أهلها ذلك: فقال

مع احلسن بن علي

فإن دفعتها إليك أتقضي يل : إين مشغوف ببغلة للحسن بن علي، قال له: يوماوقال له مروان بن احلكم فإذا اجتمع الناس عندك يف العشية فإين آخذ يف مآثر : ثالثني حاجة ؟ ومروان يومئذ أمري املدينة، قالفلما أخذوا يف جمالسهم أفاض يف أولية قريش؛ فقال له . قريش، فأمسك عن احلسن فلمين على ذلك

إمنا كنا يف ذكر األشراف ولو كنا يف : أما تذكر أولية أيب حممد، وله يف هذا ما ليس ألحد ؟ فقال: نمروا: فقال له احلسن وتبسم: فلما خرج احلسن لريكب البغلة تبعه ابن أيب عتيق. ذكر األنبياء لقدمنا أليب حممد

.ذكرت البغلة ؟ فنزل احلسن ودفعها إليه! نعم : ألك حاجة ؟ قالظريف أخباره أن عثمان بن حيان املري ملا دخل املدينة واليا عليها اجتمع إليه األشراف من قريش ومن

ففعل وأجلهم ثالثا، فقدم . إنك ال تعمل عمال أجدى وال أوىل من حترمي الغناء والرثاء: فقالوا. واألنصار. بدأت بك قبل أن أصري إىل منزيل: هلا ابن أيب عتيق يف الليلة الثالثة فحط رحله بباب سالمة الزرقاء، فقال

مث . أقيمي إىل السحر حىت ألقاه، وال بأس عليك: فقال. أو ما تدري ما حدث ؟ وأخربته اخلرب: فقالتمن أفضل : مضى إىل عثمان بن حيان فاستأذن عليه، وأخربه أن أجل ما أقدمه حب التسليم عليه، وقال له

فإنك قد وفقت، ولكين رسول : قال. إن أهلك أشاروا علي بذلك: قالف. ما عملت به حترمي الغناء والرثاءكانت هذه صناعيت فبنت منها، وأنا أسألك أيها األمري أال حتول بيين وبني جماورة قرب : امرأة إليك تقول

ولكن تدعوها . إذا ال تدعك الناس: قال. إذا أدعها لك: فقال عثمان. رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمفأمرها ابن أيب عتيق فتقشفت وأخذت سبحة يف . فادع هبا: قال. إليها فإن كانت ممن يترك تركتها فتنظر

اقرئي لألمري، ففعلت فأعجب : فقال ابن أيب عتيق. يديها، وصارت إليه، فحدثته عن مآثر آبائه، ففكه هلامري، فجعل يعجب بذلك، غربي لأل: مث قال هلا. فاحدي لألمري ففعلت، فأعجب حبدائها: فقال هلا. بذلك

:فأمرها فغنت! قل هلا فلتقل : فكيف لو مسعتها يف صناعاهتا؛ فقال: فقال له ابن أيب عتيق بكل بنان واضح وجبني... سددن خصاص اخليم ملا دخلنه

فقال له ابن أيب . واهللا ما مثلك خيرج عن املدينة: فنزل عثمان عن سريره حىت جلس بني يديها، مث قال .قد أذنت هلم مجيعا: فقال عثمان! يقول الناس أذن لسالمة يف املقام ومنع غريها : قعتي

هو عبد اهللا بن حممد بن عبد الرمحن بن أيب بكر الصديق رضي اهللا عنهم، وكان أجل أهل : وابن أيب عتيقيف املوت، : تقال! كيف أنت يا أماه ؟ جعلت فداك : زمانه، وذكر أنه دخل على عائشة وهي مل هبا، فقال

!ما تدع مزحك حبال : فال إذا، إمنا ظننت أن يف األمر فسحة، فضحكت وقالت: قال

معاوية يداوي أذنه بالغناء

كان عبد اهللا بن جعفر إذا قدم على معاوية أنزله داره وأظهر له من إكرامه وبره ما : وقال ابن جريجمرو بن نوفل بن عبد مناف زوج معاوية، يستحقه؛ فكان ذلك يغيظ فاختة بنت قرظة بن عبد بن ع

هلم فامسع ما يف منزل هذا الذي جعلته : فسمعت ذات ليلة عند عبد اهللا غناء، فجاءت إىل معاوية فقالتفجاء معاوية مسع وانصرف، فلما كان آخر الليل مسع معاوية : قال! بني حلمك ودمك، وأنزلته مع حرمك

مث إنه أرق ذات ليلة فقال جلريج !! امسعي مكان ما أمسعتين : قالقراءة عبد اهللا، فجاء فأيقظ فاختة واذهب فانظر من عند عبد اهللا وأخربه أين يف أثرك، فأتاه فأعلمه ذلك، فأقام عبد اهللا من عنده، مث : خادمه

جع فمره أن ير: جملس فالن، قال: جملس من هذا ؟ قال: دخل معاوية فلم ير يف اجمللس أحدا، فقال لعبد اهللافمره أن يرجع إليه؛ فرجعوا حىت مل يبق إال جملس : جملس فالن، قال: جملس من هذا ؟ قال: إليه، مث قالمره فلريجع فإن بأذين علة، فأمر عبد : قال. جملس واحد يداوي اآلذان: جملس من هذا ؟ قال: واحد، قال

هي مسدودة وحتتاج : ظر ما ترى فيها ؟ قالأن: وقال. اهللا بدحيا املليح فخرج؛ فأدناه معاوية منه وأراه أذنه: قال عبد اهللا. شأنك أمكنتك منها، وال تضع يدك عليها إن كنت غري حاذق بعالجها: إىل فتح وتنقية، قال

وشهد شاهد من أهلها، فاندفع يغين من : فقال معاوية. يا أمري املؤمنني؛ هو حاذق، ما يعاجل يف دارنا غريه :شعر زهري بن أيب سلمى

حبومانة الدراج فاملتثلم... أمن أم أوىف دمنة مل تكلم : يعريك اجلهل يا أمري املؤمنني، فقال: فجعل عبد اهللا بن جعفر يلحظ معاوية وهو حيرك يديه ورجليه، فقال

إن اجلهل مين لعلى بعد يابن جعفر، قبح اهللا ضيافة يكون الضيف فيها حبيث ال يساعد املضيف على .لقد فتحت جارحة ال تأمل أبدا؛ مث هنض وخرج: قال لبديحأخالقه، مث

من طرف بديح

يا بديح؛ خذ بنا يف األماين، فإين : وكان بديح أحلى الناس وأذكاهم، وهو الذي قال له الوليد بن يزيديبلغ إليه يا أمري املؤمنني، أنا أغلبك ألين فقري وأنت خليفة، وإمنا يتمىن املرء ما عسى أن: أغلبك فيها، فقال

فإين أمتىن كفلني من العذاب : قال. ال تتمىن شيئا إال متنيت ما هو أكثر منه: قال. وأنت قد بلغت اآلمال .اعزب لعنك اهللا دون خلقه: وأن يلعنين اهللا لعنا وبيال، فقال

ني، إن موالي يا أمري املؤمن: ودخل عبد اهللا بن جعفر على عبد امللك بن مروان وقد اشىت عرق النسا، فقالأجتيئين به ؟ فجاءه به فرقا؛ فبات تلك الليلة هادئا، فلما أصح سأله عبد اهللا : بدحيا أحذق الناس برقيته، قال

ال : اكتب لنا هذه الرقية لتكون عندنا، قال: بن جعفر عن حاله، فأخربه مبا وجد من العافية؛ مث قال لبديح :بأقسمت عليك لتفعلن، قال اكت: أفعل، قال

مضني لنا مل أدر ما أمل اهلجر... أال إن أيامي وأيامك اليت فهل لك فيها إن تولني من عذر... مضني وما شيء مضى لك عائد

رأيت لذيذ العيش مستقبل العمر... دعي ما مضى واستقبلي العيش إنين فأعتبه إال بقاصمة الظهر... فما نازع الدهر امرأ يف انقالبه

استر علينا، ! وحيك : قال! امرأيت طالق إن كنت رقيتك إال هبذه : فأي شيء هذا ؟ قال: امللكفقال عبد !كيف أستر ما سارت به الركبان : قال

يتغىن يف مسجد األحزاب

أتيت عبد العزيز بن املطلب أسأله عن بيعة اجلن للنيب : حدثين أيب عن أبيه قال: قال أبو مسلم اهلاليل املكي :يه وسلم مبسجد األحزاب وما كان بدؤها ؟ فوجدته مستلقيا يتغىنصلى اهللا عل

ميج الندى جثجاثها وعرارها... فما روضة باحلزن معشبة الثرى إذا أوقدت باملندل الرطب نارها... بأطيب من أردان عزة موهنا

ويف احلسب املكنون صاف جنارها... من اخلفرات البيض مل تلق شقوة

وإن تبد يوما مل يعمك عارها... ت لعينك قرة إذا خفيت كان :مثلك أصلحك اهللا يتغىن ؟ أما واهللا ألحدون هبا ركبان جند، فعاود يتغىن: فقلت له

جتوب بطفليها متون اخلمائل... فما ظبية أدماء خفاقة احلشا وأدمعها جيرين حشو املكاحل... بأحسن منها إذ تقول تدلال

رهني بأيام الشهور األطاول... القصري فإنه متتع بذا اليومحدثين أيب أنه دخل على سامل بن عبد اهللا ! نعم : أحتدثين يف هذا بشيء ؟ قال: فندمت على قويل وقلت :وأشعب الطماع يغنيه

مطهرة األثواب والدين وافر... مغريية كالبدر سنة وجهها ا عن تقى الله شاعرومل يستزهل... من اخلفرات البيض مل تلق ريبة وعن كل مكروه من األمر زاجر... هلا حسب زاك وعرض مهذب

:زدين، فغىن: فقال سامل جناح غراب عندما نفض القطرا... ألمت به والليل داج كأنه

وما محلت ليلى نشرها عطرا... فقلت أعطار ثوى يف رحالنا .واة ألحسنت جائزتك؛ ألنك من هذا األمر مبكانأما واهللا لوال أن تداوله الر: فقال له سامل

غناء ومزاح يف مسجد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

حججت مع أمري املؤمنني الرشيد فدخلت مسجد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم؛ : وقال إبراهيم احلراينحاله؛ فحانت مين التفاتة فإذا فبينا أنا بني القرب واملنرب إذ أنا برجل حسن اهليئة خاضب، ومعه رجل يف مثل

أيف مسجد : هو يقوس حاجبه ويفتح فاه، ويلوي عنقه ويشري بعينه، فتجوزت يف صاليت مث سلمت فقلتبلى : أما يف اجلنة غناء ؟ قلت! قنعك اهللا خزية، ما أجهلك : فقال! رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم تتغىن ؟

: قال! ال : أما حنن يف روضة من رياض اجلنة ؟ قلت: قال لعمري فيها ما تشتهي النفس وتلذ األعني،فنحن ! بني قربي ومنربي روضة من رياض اجلنة : أترد على رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قوله! واحرباه

بالقرب واملنرب ملا أنصت إيل ؟ فتخوفت أال أنصت؛ : قال! قبح اهللا شيخا ما أسفهه : قلت. يف تلك الروضة :ين بصوت خيفيهفاندفع يغ

إليك، ولكن خل عينيك تدمعا... فليست عشيات احلمى برواجع

عن اجلهل بعد احللم أسبلتا معا... بكت عيين اليسرى فلما زجرهتا .الشعر للصمة بن عبد اهللا القشريي

ابت يا بن أم، أرى نفسك قد استج: فواهللا إن قمت إىل الصالة ملا دخل قليب؛ فلما رأى ما نزل يب قالأنا واهللا : قال!! يف مسجد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ! وحيك : وطابت، فهل لك يف زيادة ؟ قلت

:أعرف باهللا ورسوله منك، فدعنا من جهلك؛ مث تغىن وداري بأقصى حضرموت اهتدى ليا... فلو كان واش باملدينة داره

يلى حباليامن الشأن يف تصرمي ل... وماذا هلم ال أحسن الله حفظهم .الشعر جملنون بين عامر امللوح

يا بن أم؛ أحسنت واهللا، وعتق أهلك، لو كان أمري املؤمنني الرشيد يف هذا املوضع خللع : فقال له صاحبه: فقمت ومها ال يعلمان من أنا، فدخلت على أمري املؤمنني فأعلمته اخلرب؛ فقال: قال. عليك ثيابه طربا

.أدركهما ال يفوتانكيا : هت من جاء هبما، فلما دخال عليه دخال بوجوه قد ذهب ماؤها، وأنا قائم على رأسه، فقالفوج

سعاية يف جوار رسول اهللا صلى اهللا عليه : فنظر إيل املغين منهما وقال. نعم: إبراهيم؛ هذان مها ؟ قلتفماذا اخلري ؟ : قال. خرييف : ما كنتما فيه ؟ قاال: وسلم ؟ فسري عن أمري املؤمنني بعض غضبه، وتبسم فقال

يا أمري املؤمنني، هذا ابن جريج فقيه مكة، : من أنت ؟ فابتدره مجاعة فقالوا: فقال للمغين منهما. فسكتايا أمري املؤمنني؛ مل يكن ذلك مين : قال!! فقيه مكة يتغىن يف مسجد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : فقال

ملخزومي يعين صاحبه صوتني، فلم يزاال يف قليب حىت التقينا، بالقصد للغناء ولكين كنت أمسعت هذا افأحببت أن يأخذمها عين، فأخذمها، وحلف أين قد أحسنت، وأنه لو كان يف املوضع أمري املؤمنني خللع علي

.وسكتيا : قال. واهللا لتقولن: قال. ما تركت شيئا يا أمري املؤمنني: تركت من احلديث شيئا ؟ قال: فقال الرشيد

.أمري املؤمنني، زعم أنك لو كنت يف موضعه خللعت علي ثيابا مشقوقة طربا

مث دعا بثياب فلبسها ونبذ ثيابه، . أما هذا فال، ولكن خنلعها عليك صحيحة فهي خري لك: فتبسم وقالحيج إال أن : فقال صاحبه. ال تعودن هلذا: وقال. وأمر له بعشرين ألف درهم ولصاحبه بعشرة آالف درهم

.أحلقوه بصاحبه يف اجلائزة: فضحك وقال. أمري املؤمنني ثانية

يف سوق القسي

مث قدمنا مكة فإين لفي سوق القسي أساوم بقوس عربية بكنانتها، إذ بإنسان عن مييين : قال إبراهيم احلراينفصرت إليه، فعندي بغيتك إئت املنزل، : أريد أبسط منها قليال ؟ قال: قلت. نعم القوس يف يدك: يقول

يا : عشرة دنانري، قلت: هذه أريد، فكم مثنها ؟ قال! نعم : فأخرج إيل قوسا جيدة لينة حسنة الصنعة، قلتوآتيك؛ : فأحد النظر، وقال. قلت بدينارين. هذا سومي، فهات سومك أنت: هذا، أغرقت يف النزع، قال

غضب اهللا عليك، تطلق لسانك يف حرم اهللا :فقلت. فالذي كان جيب للطبيعة أن تأيت به حتول فصار ضحكاهو ما قلت لك، إمنا هو بيع وشراء، : فقال!! وأمنه يف أيام عظيمة؛ فأنت مبثل هذه السن تتكلم هبذا الكالم

.فال تغضب؛ فإين مل أغضب من عطيتكوحدثته ! يا سيدي؛ ههنا خرب أعجب من خرب ابن جريج : ففارقته، ودخلت على أمري املؤمنني، فقلت: قال

ارجع وجئين به، فوجهت غالما كان معي وأنا أساومه ومعه أعوان؛ فجاءوا به، فلما دخل : احلديث، فقالماذا قلت هلذا حني ساومك : فقال الرشيد! نعم يا أمري املؤمنني : هذا صاحبك يا إبراهيم ؟ قلت: عليه قال

فماذا قال : قال. لست مين على سوم فأخربك: الق. أخربين به: قال. قد دار بيين وبينه كالم: بالقوس ؟ قالبكم : يا أمري املؤمنني؛ أخرج إيل قوسا عربية بكنانتها، فقلت: فقال إبراهيم. هو أعلم مبا قال: لك ؟ قال: كذا كان ؟ قال: قال الرشيد. وآتيك: قال. أسرفت فخذ مين دينارين: قلت. بعشرة دنانري: هذه ؟ قال

آخذ : إمنا هذا شراء وبيع ومل يتم يل بيعها مبا أعطاين، وظننت أن بضاعته قليلة فقلت نعم يا أمري املؤمنني؛ .دينارين وعروضا بالباقي

.ووصله! فما أقبح جمونك ! قاتلك اهللا : مث قال. فضحك الرشيد حىت تبسطى يف تيك ما تر: فقال. فلما انصرفنا خارجني عن مكة مررت به، فوقفت عليه وسلمت عليه: قال إبراهيم

فال بأس فخذها مين بدينارين وغن يل : قال. أما على شريطتك األوىل فال: القوس ؟ ألك فيها رأي ؟ قلتثالثة أصوات، أو خذها خبمسة وأغنيك أربعة أصوات، ثالثة ملعبد، وواحد البن عائشة كان يفعل فيه ما

:فاندفع يغين. هذا وحده: أحل اهللا وحرم، قلت وردا على عيين فضل ردائيا... نة مضجعي وخطا بأطراف األس

لوال أن أمري املؤمنني قد قدمت له دابته : فقلت. الشعر ملالك بن الريب املازين فأجاده ما شاء وحسنهامض عليك السالم وإن كان يف القلب ما فيه؛ إذ خبلت على أخيك بضمة أو : فقال. لوقفت عليك

يا إبراهيم، جتد بالعراق طوال : ، وحدثت أمري املؤمنني مبا قال فقالوفارقته! ما لك لعنك اهللا : قلت. ضمتني .ال أعرف موضعه: وعرضا واحدا له ما ألهل احلرمني من الذكاء والظرف ؟ قلت

األشراف تعجبهم امللح

:أنشدت حممد بن عمران قاضي املدينة وكان أعقل من رأيته: وقال األصمعي باخلان على نفسي نزلت... يأيها السائل عن منزيل

ال يقبل الرهن وال ينسي... يغدو علي اخلبز من خابز حىت لقد أوجعين ضرسي... آكل من كيسي ومن كسويت

: أصلحك اهللا؛ هذا ال يشبه مثلك، إمنا يروي مثل هذا األحداث، قال: فقلت. اكتب يل األبيات: فقال .اكتبها يل، فاألشراف تعجبهم امللح

: عمرو بن طوق التغليبوقد قال الطائي يف مسح وال جد ملن مل يلعب... اجلد شيمته وفيه فكاهة

ال خري يف الصهباء ما مل تقطب... شرس ويتبع ذاك لني خليقة :وقال يف احلسن بن وهب

يف ظله باخلندريس السلسل... لله أيام خطبنا لينها ري معللال خري يف املعلول غ... مبدامة نغم السماع خفريها

باز ويغفل وهو غري مغفل... يعشو عليها وهو جيلو مقليت خشن الوقار كأنه يف حمفل... ال طائش هتفو خالئقه وال ينضى ويهزل عيش من مل يهزل... فكه جيم اجلد أحيانا وقد

:وقال أبو الفتح علي بن حممد البسيت

بشيء من املزحبراح وعلله ... أفد طبعك املكدود باهلم راحة مبقدار ما تعطي الطعام من امللح... ولكن إذا أعطيته ذاك فليكن

بدء الكتاب

وهذا حني أبتدىء متصرفا بك من بالغة خطاب، إىل براعة جواب، وصريح منادرة، إىل مليح مهاترة، لقلوب، وغريب مراجعة، إىل عجيب منازعة، وتشبيه واقع، إىل مثل صادع، وغري ذلك مما حيي موات ا

.ويشفي جني الكروب، مما جتذل له اخلواطر، وترتاح إليه السرائر، وتنفتح به األمساع، وتنشرح له الطباعفما مر به من هذه النوادر فال تنظر إليها نظر املنكر فتعرض عنها صفحا، وتطوي دوهنا كشحا، إذا وقعت

: عزيز رمحه اهللا لغالمه ورأى روث دابةقد قال عمر بن عبد ال: وتقول. فيها كلمة قذف، أو لفظة سخف .عرضت يل دمل حتت يدي فآملتين، ومل يقل حتت إبطي: وقال. نح ذلك النقيل تصونا عن اسم الروث

وقد قال ملن اهتمه مبال ابن . وكان احلجاج على قبح أفعاله، وسوء أحواله، يتنزه عن أن ينطق بلفظة سخيفة .وإمنا أراد أن يقول حتت استك. ت ذيلك، مل يكن بد من إخراجهحت: لو خبأته حتت، حىت قال: األشعث

وكانا إذا أرادوا قضاء احلاجة . وأكثر القاذورات وردت بالكنايات؛ كالغائط وهو املطمئن من األرضوكذلك االستنجاء أيضا مأخوذ من . ذهبوا إىل ذلك املوضع؛ فسمي ما خيرج من اإلنسان باسم موضعه

وكذلك وصفهم . فناء الدار: والعذرة. البستان: واحلش. املرتفع؛ الستتارهم وراءهالنجو، وهو املكان .لطيب األردان، وهي األكمام، وإمنا يراد ما حتتها، وإمنا ذلك كله للفرار من النطق بأمساء األقذار

وليس يف كل موضع أعزك اهللا حتسن الكنايات عن لفظ فحش، وال بكل مكان جيمل اإلعراض عن معىن أن رجال بعث غالمه إىل غرمي له، فأساء الغالم خطابه، فخرق الغرمي : فيكون كما حكى اجلاحظ. حش

شتمك يا موالي، فلم أحتمل الصرب، فرددت عله، فحل يب ما : ما لك ؟ قال: ثيابه؛ فرجع إىل مواله، فقالدعين : فقال له مواله .أدخل هن احلمار يف حر أم من أرسلك: قال يل: ترى، قال؛ وما كان شتمه ؟ قال

فلو ! عنك مما جرى، ولكن مل مل جتعل يل من الوقار ما جعلته ألير احلمار حني كنيت عن ذا ومل تكن عن ذا .صرح باجلميع لكان أسلم له من الذنب، وآمن من العتب

و

تبني أبو وقد قال أبو فراس احلمداين لرسول أرسله إىل من يهواه، فجفا يف جوابه، فلطف الرسول رسالته ف :فراس ذلك فأنشده

ولئن كىن فلقد علمنا ما عىن... وكىن الرسول عن اجلواب تظرفا ال بد منه أساء يب أم أحسنا... قل يا رسول وال حتاش، فإنه

مكنته من مهجيت فتمكنا... الذنب يل فيما جناه ألنين :أخذه بعض املتأخرين فقال كنت رسوالرف إن ... يا رسويل خل عنك الظ

واشف بالصدق الغليال... ال تقل ما مل يقله :وهذا وإن مل يكن من حمض هذا الباب، إذ كان إمنا يستطاب، ألنه من األحباب، كقول اآلخر

أليس جرى بفيك امسي فحسيب... أتاين عنك شتمك يل وسبي :وكما قال منصور النمري

خبمس خصالب خللق إال ... ال يطيب اهلوى وال حيسن احل وعتاب وهجرة وتقال... بسماع اهلوى وعذل نصيح

:وكقول اآلخر فإن األذى ممن حيب سرور... دع احلب يصلى باألذى من حبيبه

إذا ما تال آثارهن ذرور... غبار قطيع الشاء يف عني ربها :وقول اآلخر

فتطاردي يل بالوصال قليال... لوال طراد اخليل مل تك لذة من لذة حىت يصيب غليال... ا الشراب أخو احلياة وما له هذ

.فهو يلم ببعض جهاته، ويتطرف بإحدى جنباتهويف مثل التهاتر ميكن قول العتيب فيما سهل سبيله من ترك اإلعراض عما كان مثله بالقول لقائله كالولد

وإمنا تلزم عمدته، وتعود عهدته، . سكاما على مبصره أن يراه شريرا فاتكا، دون أن يراه وقورا نا: لناجله :وقد قال بعض الظرفاء. يف سخفه وجهله، على نفسه وأهله

حسن خلق ومزاح... إمنا للناس منا من فساد أو صالح... ولنا ما كان فيا

عنها ولو كنت هنا إمنا آيت مبا فيه ركانة وأصالة، دون ما فيه سخافة ورذالة، لزال عن امللح امسها، وارتفعوال بد من توشيحه بلطئاف من اجلد، وظرائف من . ومسها، وخرجت عن حدودها، وأفلتت من قيودها

القصد، تتعلق بأغصانه، وتتشبث بأفنانه؛ ليكون استراحة للناظر، وإمجاما للخاطر؛ وكما ميل اجلد، فيدخل ه اخلاطر، وأتعب له الناظر، وصرف واهللا أستغفر مما شغل ب. فيه اهلزل؛ كذلك ميل الرقيق فيحتاج إىل اجلزل

.إليه الفكر، واستخدم فيه السر، مما غريه أعم فائدة، وأمت عائدة؛ فهو الرؤوف الرحيم، واجلواد الكرمي

من ملح أشعب

لقد لقيت التابعني وكثريا من الصحابة، فهل رويت مع علو سنك حديثا عن النيب : قيل ألشعب الطماعخلتان : نعم، حدثين عكرمة عن ابن عباس عن النيب صلى اهللا عليه وسلم قال: الصلى اهللا عليه وسلم ؟ فق

.نسيت واحدة، ونسي عكرمة األخرى: وما مها ؟ قال: قيل. ال جتتمعان يف مؤمن .ثالمثائة وثالثة عشر رطال: كم كان أصحاب النيب صلى اهللا عليه وسلم يوم بدر ؟ قال: وقيل له

.أربعة أرغفة: اثنني يف اثنني ؟ قال كم: وهذا كما قيل لطفيلي .اذكري أنك سألتين فمنعتك: قال. أذكرك به: وسألته صديقة له خامتا وقالت له

واهللا لو كنت إذا رميت هبا طائرا وقع مشويا بني رغيفني : بدينار، فقال: وساوم بقوس بندق، فقال صاحبها .ما اشتريتها بدينار

كل يا أشعب، : إىل إمساعيل األعرج فالوذجة وأشعب حاضر فقال وأهدى رجل من ولد عامر بن لؤيالطالق يلزمه إن مل تكن عملت قبل أن يوحي ربك إىل النحل، أي : كيف تراها ؟ قال: فأكل منها، فقال له .ليس فيها حالوة

:قال الشاعر. وبأشعب هذا يضرب املثل يف الطمع يك وتكذبمن طول تردادي إل... إين ألعجب من مطالك أعجب

فأجيء من طمع إليك وأذهب... وتقول يل تأيت وحتلف كاذبا قالوا مسيلمة وهذا أشعب... فإذا اجتمعت أنا وأنت مبجلس

نعم كلبة آل أيب فالن، رأت شخصا ميضغ علكا، فتبعته فرسخا تظن أنه : أرأيت أطمع منك ؟ قال: وقيل له .يرمي هلا بشيء من اخلبز

فما فائدتك ؟ : قال. أريد أن تزيد فيه طوقا أو طوقني: عمل طبقا من اخليزران؛ فقال لهومر أشعب برجل ي .لعل أحدا من أشراف املدينة يهدي لنا فيه شيئا: قال

لو سألته شيئا ؟ فأتاها يوما : وكان أشعب يعشق امرأة باملدينة ويتحدث فيها حىت عرف هبا، فقال هلا جاراهتامث أتاها فأخرجت له قدحا فيه . فخرج عنها ومل يقرهبا شهرين. قلن ما يصلك بشيءإن جارايت ي: فقالت

.بل أنت اشربيه للطمع، ومضى فلم يعد إليها: فقال! اشرب هذا للفزع : ماء، فقالت له .هو أشعب بن جبري موىل عبد اهللا بن الزبري، وكان أحلى الناس مفاكهة: وأشعب هذا

تغري كل شيء من الدنيا إال ملح أشعب، وخبز أيب الغيث، ومشية : ملدينة يقولونأهل ا: قال الزبري بن بكاروكان أبو الغيث يعاجل اخلبز باملدينة؛ وبرة بنت سعد بن األسود؛ وكانت من أمجل النساء وأحسنهن . برة .مشية

فلم : عبقال أش. وكان أشعب قد نشأ يف حجر عائشة بنت عثمان بن عفان رضي اهللا عنه مع أيب الزناد .يزل يعلو وأسفل حىت بلغنا الغاية

نصف العمل وبقي نصفه، قالت : وأسلمته عائشة إىل من يعلمه البز؛ فسألته بعد سنة أين بلغت ؟ قال: قال

.تعلمت النشر وبقي الطي: كيف ؟ قال: له. تعاىلوكان أشعب أطيب الناس غناء، وأكثرهم ملحا، ونسك يف آخر عمره ومات على ذلك رمحه اهللا

.وكان يوم قتل عثمان غالما يسقي املاء وبقي إىل خالفة املهديوخرج سامل بن عبد اهللا متنزها إىل ناحية من نواحي املدينة ومعه أهله وحرمه، فبلغ أشعب اخلرب، فوافاهم

يت معي بنا! ويلك يا أشعب : فقال له سامل. يريد التطفيل؛ فصادف الباب مغلقا، فتسور احلائط عليهمفضحك منه وأمر له . لقد علمت ما لنا يف بناتك من حق، وإنك لتعلم ما نريد: فقال له أشعب! وحرمي

.بطعام أكله ومحل منه إىل منزلهما أحسست قط جبار يل يطبخ قدرا إال غسلت الغضار، وكسرت اخلبز، وانتظرته حيمل إيل : وكان يقول

.قدره

ليس معنا ثالث : أخاف أن جييء ثقيل، قال: ية نتحدث ؟ فقاللو صرت إيل العش: وقال له بعض أصحابهترى أنا قد : فلما صلينا الظهر ودعونا بالطعام إذا بشخص يدق الباب، فقال أشعب: قال. فمضى معه

: قال. إنه صديق وفيه عشر خصال إن كرهت واحدة منهن مل آذن له: صرنا إىل ما نكره ؟ قال فقلت له .التسع لك، إئذن له: ال يأكل وال يشرب، قالاألوىل أنه : قلت. هات

إين عصيت اهللا ! جعلت فداك : فقال. وهذا نظري حديث الغاضري وقد أتى احلسن بن زيد وهو أمري املدينةوما آتاكم الرسول فخذوه " ألن اهللا عز وجل يقول : وكيف ذاك ؟ قال! بئس ما صنعت : ورسوله، قال

وأنا أطعت . ال يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة: ول اهللا صلى اهللا عليه وسلموقال رس" وما هناكم عنه فانتهوا ! بأيب أنت : اختر واحدة من ثالث؛ إن شئت مثن الغالم، فقال: امرأيت فاشتريت غالما فأبق، فقال احلسن

.ال، حسيب هذه: أعرض عليك اخلصلتني ؟ قال: قال. قف عند هذه فال جتاوزهافقال له . زوجه عائشة بنت طلحة، فاشتد ذلك عليه وشكا أمره إىل خاصته وغاضبت مصعب بن الزبري

يابنة عم رسول اهللا صلى اهللا : عشرة آالف درهم؛ فأتى إليها فقال: فما يل إذا هي كلمتك ؟ قال: أشعبال سبيل : قالت. عليه وسلم، تفضلي بكالم األمري؛ فقد استشفع يب عندك، وأجزل يل العطية إن أنت كلمته

كلميه حىت أقبض عشرة آالف درهم، مث ارجعي إىل ما ! جعلت فداك : فقال. ىل ذلك يا أشعب؛ وانتهرتهإ .عودك اهللا من سوء اخللق، فضحكت فقامت فصاحلته

عبد امللك بن مروان وعمر بن بالل

؛ فغاضبته كان عبد امللك بن مروان حمبا لعاتكة بنت يزيد بن معاوية. والشيء يذكر بالشيء، أي مبا قاربهيوما، وسدت الباب الذي بينها وبينه؛ فساءه ذلك وتعاضله، وشكا إىل من يأنس به من خاصته، فقال له

فأتى إىل باهبا، وقد مزق . حكمك: إن أنا أرضيتها لك حىت ترى فما الثواب؟ قال: عمر بن بالل األسديفأذنت له؛ فلما دخل رمى . ه عظيمأعلموها أن األمر الذي جئت في: ثوبه وسوده؛ فاستأذن عليها وقال

يل ولدان مها من اإلحسان إيل يف الغاية، وقد عدا أحدمها على : ما لك يا عم ؟ قال: فقالت. بنفسه وبكى

ال بد من : يبقى يل ولد أتسلى به؛ فأخذه أمري املؤمنني وقال: أخيه فقتله، وفجعين به؛ فاحتسبته وقلتففتحت الباب ودخلت على عبد ! تل، وهو قاتله إال أن يغيثين اهللا بك القود، وإال فالناس جيترئون على الق

يا أمري املؤمنني؛ قد تعلم فضل عمر بن بالل، وقد عزمت على : امللك وأكبت على البساط تقبله وتقولما كنت بالذي أفعل؛ فأخذت يف التضرع واخلضوع حىت وعدها : قتل ابنه؛ فشفعين فيه ؟ فقال عبد امللك

.ه وصلح ما بينهما؛ فوىف لعمر مبا وعده بهالعفو عن

إفهام من الفىت وفهم من املنصور

ابغين فىت من أهل املدينة : ملا حج أبو جعفر املنصور قال للربيع: وعلى ذكر عاتكة بنت يزيد، قال املدائينف عليها؛ فالتمس له أديبا ظريفا عاملا بقدمي ديارها، ورسوم آثارها فقد بعد عهدي بديار قومي، وأريد الوقو

الربيع فىت من أعلم الناس باملدينة، وأعرفهم بظريف األخبار، وشريف األشعار؛ فعجب املنصور منه؛ وكان يسايره أحسن مسايرة، وحياضره أزين حماضرة، وال يبتدئه خبطاب إال على وجه اجلواب؛ فإذا سأله أتى

ادفع إليه عشرة آالف : اإلعجاب، وقال للربيعبأوضح داللة، وأفصح مقالة؛ فأعجب به املنصور غاية درهم؛ وكان الفىت مملقا مضطرا؛ فتشاغل الربيع عنه واضطرته احلاجة إىل االقتضاء، فاجتاز مع املنصور

:يا أمري املؤمنني؛ هذا بيت عاتكة بنت يزيد بن معاوية الذي يقول فيه األحوص بن حممد: بدار عاتكة؛ فقال حذر العدا وبه الفؤاد موكل... أتعزل يا بيت عاتكة الذي

من أن خيرب مبا مل يستخرب عنه، وجييب مبا مل يسأل عنه ؟ مث أقبل : ما هاج منه ما ليس هو طبعه: فقال املنصور :يردد أبيات القصيدة يف نفسه إىل أن بلغ إىل آخرها وهو

مذق اللسان يقول ما ال يفعل... وأراك تفعل ما تقول وبعضهم : أخرته علة كذا يا أمري املؤمنني، قال: هل دفعت للمدين ما أمرنا له به ؟ فقال: بالربيع وقال لهفدعا

.أضعفها له وعجلها .وهذا أحسن إفهام من الفىت، وأدق فهم من املنصور، ومل أمسع يف التعريض بألطف منه

جت أنا واألحوص بن حممد خر: قال. ولقول األحوص هذا سبب ذكره عبد اهللا بن عبيدة بن عمار بن ياسرلو أرسلت إىل سليمان بن أيب : مع عبد اهللا بن احلسن إىل احلج، فلما كنا بقديد قلنا لعبد اهللا بن احلسن

:دباكل اخلزاعي، فأنشدنا من رقيق شعره ؟ فأرسل إليه، فأنشدنا قصيدة له يقول فيها ذهب الزمان وحبها ال يذهب... يا بيت خنساء الذي أجتنب

قسما إليك مع الصدود ألجنب... صبحت أمنحت الصدود وإمنا أ وأصد عنك وأنت مين أقرب... ما يل أحن إذا مجالك قربت

ملتيم أم هل لودك مطلب ؟... لله درك هل إليك معول ملوكل هبواك لو يتجنب... فلقد رأيتك قبل ذاك وإنين

ن، كالكما ال يرقبمتجاورو... إذ حنن يف الزمن الرجي وأنتم

ويروح عازب مهي وختصب... تبكي احلمامة شجوها فتهيجين شوقا إليك مسيك املتقرب... وأرى السمية بامسكم فيزيدين

إن كان ينىبء عنك أو يتنسب... وأرى العدو يودكم فأوده وهم علي ذوو ضغائن دوب... وأحالف الواشني فيك جتمال

حىت غضبت ومثل ذلك يغضب... ليجة مث اختذهتم علي وفلما كان من قابل حج أبو بكر بن عبد العزيز، فلما مر باملدينة دخل عليه األحوص بن حممد فاستصحبه

ما تريد بنفسك ؟ تقدم الشام باألحوص وفيها من تبعك : فلما خرج األحوص قال له بعض من عنده. ففعلفلما رجع أبو بكر من احلج دخل عليه األحوص منتجزا ما ! من بين أبيك وهو من السفه على ما علمت

يا خال؛ إين نظرت فيما ضمنت لك من الصحابة، : وعده من الصحابة، فدعا له مبائة دينار وأثواب وقالال حاجة يل بعطيتك، ولكين سعيت عندك، مث : فقال األحوص. فكرهت أن أهجم بك على أمري املؤمنني

عزيز إىل األحوص وهو أمري املدينة فلما دخل عليه أعطاه مائة دينار وكساه خرج، فأرسل عمر بن عبد الهو لك، مث خرج األحوص وهو يقول يف عروض : يا خال؛ هب يل عرض أخي، قال: ثيابا، مث قال له

:قصيدة سليمان بن أيب دباكل ميدح عمر حذر العدا وبه الفؤاد موكل... يا بيت عاتكة الذي أتعزل

فلقد تفاحش بعدك املتعلل... بك يف زمانك راجع هل عيشنا قسما إليك مع الصدود ألميل... أصبحت أمنحك الصدود وإنين

أخشى مقالة كاشح ال يغفل... فصددت عنك وما صددت لبغضة أرضي البغيض به حديث معضل... وجتنيب بيت احلبيب أزوره

سر وجنذلكنا بلذته ن... إن الزمان وعيشنا ذاك الذي أسفا يعل به الفؤاد وينهل... ذهبت بشاشته وأصبح ذكره

:حىت انتهى إىل قوله لنداك، إن احلازم املتوكل... فسموت عن أخالقهم وتركتهم

ووفيت إذ كذبوا احلديث وبدلوا... ووعدتين يف حاجيت فصدقتين اوعدوا مواعد أخلفت إذ حصلو... ولقد بدأت أريد ود معاشر

يأسا وأخلفين الذين أؤمل... حىت إذا رجع اليقني مطامعي عجلى وعندك عنهم املتحول... زايلت ما صنعوا إليك برحلة

مذق احلديث يقول ما ال يفعل... وأراك تفعل ما تقول، وبعضهم .ما أراك أعفيتين مما استعفيك: فقال عمر بن عبد العزيز

دة سليمان، فقد أرىب عليه يف اإلحسان، وكان كما قال ابن واألحوص وإن كان ممن أغار على قصي :املرزبان؛ وقد أنشد البن املعتز قصيدته يف مناقضة ابن طباطبا العلوي اليت أوهلا

وال تدخلوا بني أنياهبا... دعوا األسد تكنس يف غاهبا

:قد أخذه من قول بعض العباسيني: قال وها وأشباهلاوال تقرب... دعوا األسد تسكن أغياهلا

.أخذ ساجا ورده عاجا، وغل قطيفة، ورد ديباجا

طرف مستملحة

أنت وأنا : أي شيء عندك آكل ؟ قال: قال. صر إيل اليوم لنأنس بك: قال سذابة املغين أليب العباس املربد .يريد حلما مربدا وعليه سذاب. عليك

أنت املربد، وأنا برد اخليار، واليوم : فقال. يوم باردولقي برد اخليار الكاتب أبا العباس املربد على اجلسر يف .بارد؛ اعرب بنا لئال يصيب الناس الفاجل

يا غالم، املائدة؛ فقد : لقيت باذروجة املغين وسكباج الراقص بسر من رأى، فصحت: وقال عون بن حممد .وافت األلوان، فضحكوا؛ وأقسم علينا باذروجة؛ فكنا يومنا عنده يف أطيب عيش

من طرف ابن جدار وشعره

وكان ابن جدار كاتب العباس بن أمحد بن طولون بارد املشاهدة، فعاد أبا حفص بن أيب أيوب ابن أخت .أجدك: قال! ما جتد ؟ جعلت فداك : فقال. الوزير، فوافاه وقد أصابته قشعريرة

:ان فقالوكان أبو حفص أديبا شاعرا بليغا وهلا، وقد رأى وردا قريبا من أقحو من الورد خمضر النبات نضيد... أرى أقحوانات يطفن بناصع

ثغور دنت شوقا للثم خدود... مييله ريح الصبا فكأنه أعزك اهللا؛ إمنا : وكان ابن جدار ينقل أخبار أيب حفص إىل العباس بن أمحد بن طولون، فصار إليه يوما فقال

ذاد هم، ومرتع هلو، ومهد سرور؛ وإمنا توسطته عند من ال يتهم جملس املدام حرمة أنس، ومسرح لبانة، وم :وأنشد. غيبه، وقد بلغين ما تنهيه إىل أمرينا أيب الفضل من أخبار جمالسي

قول ساع بالنصح لو مسعوه... ولقد قلت لألخالء يوما للمودات بينهم وضعوه... إنما جملس املدام بساط من نعيم ولذة رفعوه... وا فإذا ما انتهوا إىل ما أراد

:وأنشد. فاعتذر إليه وحلف أنه ما فعل، وقام عن جملسه فأنست بعد وداده بفراقه... كم من أخ أوجست منه خيفة

فتركته مستمتعا خبالقه... مل أمحد األيام منه خليقة ر إسحاق بن دينار بن عبد وكان ابن جدار قبل تعلقه بالعباس يتكسب بالشعر ويقنع باليسري، فصار إىل دا

:اهللا وامتدحه، فلم يهب له شيئا؛ فقال فيه ر فلم جيزين على مدحيه... عجب الناس أن مدحت ابن دينا

م عجيبا منه وال منه أخيه... قلت ال تعجبوا فما قدم اللؤ د من الناس المرىء بأبيه ؟... إن ديناره أبوه، ومن جا

:وهو القائل يف القلم أغرى به احلرية فقدان... شق حتت رواق الدجى وعا

حيل عقد السر إعالن... أهيف ممشوق بتحريكه بالغة حتكى وبرهان... حيوك وشيا مل حيك مثله

ففيه ماذي وخطبان... وربما أحيا وأهدى الردى يكسو عراة وهو عريان... وفيه للناظر أعجوبة

فات القد أقرانخمتل... جتري به مخس مطايا له من ريقة الكرسف ريان... له لسان مرهف حده

للقول يف التدقيق أذهان... يف دقة املعىن إذا أغرقت حرك منه الرأس نشوان... إذا احتسى كأسا كلون الدجا

در وياقوت ومرجان... كأنما ينثر من لفظه نشخصا له حد وجثما... ترى بسيط الفكر يف نظمه

ذيال من احلكمة سحبان... كأنما يسحب يف إثره وال مسا بامللك ديوان... لوال ما قام منار اهلدى

بني ابن مكرم وأيب العيناء

واهللا ما قدمت إال يف : ما لك مل هتد إلينا شيئا ؟ فقال: قدم حممد بن مكرم من اجلبل؛ فقال له أبو العيناءإن زدت : وأكثر عليه أبو العيناء من املهاترة، فقال. ت روحككذبت، ولو قدمت يف خف خف: خف، قال

.أراك تتهددنا بالعافية: علي قمت، قالإذا : أقوم إىل اخلالء؛ فقال أبو العيناء: وكانا يشربان يوما عند صديق هلما، فقال ابن مكرم لصاحب الدار

.ال يعود إلينا منك شيءفجسه أبو . مهنئا، فوضع بني يدي أيب العيناء حجرا وانصرف وولد أليب العيناء مولود فأتاه ابن مكرم

لعنه اهللا؛ إمنا عرض بقول : تركه ابن مكرم ملا قدم، قال: من وضع هذا ؟ فقالوا: فقال. العيناء فوجده حجرا .الولد للفراش وللعاهر احلجر: النيب صلى اهللا عليه وسلم

قل، فواهللا لئن أحسنت ألخلعن عليك : عر ؟ فقالإين قد هجوتك بش: وأتى حممد بن مكرم شاعر فقال :خلعة، فأنشده

ر فما مكرم وما دينار... يا فىت مكرم تنح عن الفخ

ن فذا كودن وذاك محار... ال تفاخر إذا فخرت هبذي .أحسنت، ولكين أكسوك من ثيابنا، يا غالم، ارم عليه جال وبرذعة: فقال

عود إىل الطرف املتفرقة

أبناء امللوك على املربد وعنده سلة حلوى قد أعدها لبعض إخوانه، فوجد ابنه الفرصة يف اشتغال دخل بعض :فنظر إليه املربد فأنشده. أبيه فأقبل يأكل منها

ورحى املنية تطحن... الناس يف غفالهتم : األمري ؟ قالما يف هذا أيها : فقال. ودخل أبو احلارث محري على بعض امللوك فرأى بني يديه سلة حلوى

.وكان أبو احلارث يكره الباذجنان كراهية شديدة. باذجنانوأصلح حممد بن حيىي بن خالد دعوة، وأمر الطباخ أن جيعل الباذجنان يف مجيع الطعام، وحضر أبو احلارث

اء ال اسقوين م: فكلما قدم لون وهم باألكل منعه ما يراه إىل أن ضاق فأقبل يأكل بدقة املائدة فعطش فقال .باذجنان فيه

ودخل على حممد بن حيىي وبني يديه مزورات وكان حمميا، فأكل معه وخرج من عنده، فلقيه بعض إخوانه، . أكلت عند حممد بن حيىي بقوال كثرية: ما لك يا أبا احلارث ؟ قال: فغطى رأسه منهم واستخفى فقالوا

.خضراء فال يقبلوا مين مظلمة أخاف أن مير املساح فيمسحين: فما ختاف ؟ قال: قالواأنه مر ببعض إخوانه بعقبة النجارين، : وهذا كما حكي عن احلسني بن عبد السالم املصري املعروف باجلمل

قف علي، فخاف أن تكون نزلت به نزلة، فأتاه إىل الدار فخرج : وهو يعدو بأكثر مما يقدر عليه، فقال لهأما علمت أن السخرة وقعت يف اجلمال ؟ فما يؤمنين أن يقال : ؟ قالما لك يا أبا عبد اهللا: فقال. مستخفيا

.وكان اجلمل حلوا ظريفا. هذا اجلمل، فأؤخذ فال أختلص إال بشفاعة

ابن املدبر جييز بالصالة

وكان أبو احلسن أمحد بن املدبر إذا مدحه شاعر فلم حيسن وكل به من ميضي معه إىل اجلامع فال يفارقه حىت :ائة ركعة؛ فتحاماه الشعراء، فأتاه اجلمل فأنشدهيصلي م

كما باملدح تنتجع الوالة... أردنا يف أيب حسن مدحيا ومن كفاه دجلة والفرات... فقلنا أكرم الثفلني طرا

جوائزه إىل الناس الصالة... فقالوا يقبل املدحات لكن زكاةإنما الشأن ال! عيايل ... وما تغين صاليت : فقلت هلم

وعاقتين اهلموم الشاغالت... فأما إذ أىب إال صاليت لعلي أن تنشطين الصالت... فيأمر يل بكسر الصاد منها ويصلح يل على هذي املمات... فيصلح يل على هذي حيايت

.فأمر له مبائة دينار :من قول أيب متام: من أين اهتديت إىل هذا ؟ قال: وقيل له

من حائهن فإنهن محام... ت عيافة هن احلمام فإن كسر

برمكي خبيل

وكان حممد بن حيىي الربمكي يبخل، ومل يكن خبيال إال باإلضافة إىل أخويه الفضل وجعفر؛ وكان أبو احلارث أما خوانه فعدسة، وأما صحافه فمنقورة : كيف مائدة حممد ؟ فقال: محري يكثر وصفه بذلك، فقيل له يوما

أكرم اخللق وأألمهم يريد : فمن حيضرها ؟ قال: قيل. وبني الرغيف والرغيف فترةمن خشب اخلشخاش، .وقد ذكر غري هذا واحلكايات ختتلف. املالئكة عليهم السالم والذباب

عليه الطالق إن مل يكن أقام ثالثة أيام وبطنه يظن أن رأسه قطع؛ ألنه مل : كيف كنت عنده ؟ قال: وقيل له .ال شرابيدخل إليه آثار طعام و

من مستجاد ما قيل يف البخل

:ومن مستجاد ما قيل يف البخل مما مجع إىل اخلالعة براعة قول أيب نواس يف إمساعيل بن نيبخت فقد حل يف دار األمان من األكل... على خبز إمساعيل واقية البخل ولسنا نراها يف احلزون وال السهل... وما خبزه إال كآوى يرى ابنها

تصور يف بسط امللوك ويف املثل... زه إال كالعنقاء مغرب وما خب سوى صورة ما إن متر وال جتلي... حيدث عنها الناس من غري رؤية

لبايل حيمي عزه منبت البقل... وما خبزه إال كليب بن وائل وال الصوت مرفوع جبد وال هزل... وإذ هو ال يستب خصمان عنده

أصاب كليبا مل يكن ذاك عن ذل... به الذي فإن خبز إمساعيل حل حبيلة ذي دهي وال مكر ذي عقل... ولكن قضاء ليس يسطاع رده

وأبيات أيب نواس على أنه مولد شاطر أشعر من شعر املهلهل يف إطراق اجمللس بكليب أخيه إذ : قال اجلاحظ :يقول

لسواستب بعدك يا كليب اجمل... نبئت أن النار بعدك أوقدت لو كنت حاضر أمرهم مل ينبسوا... وحتدثوا يف أمر كل عظيمة

.وكان كليب إذا جلس يف ناديه مل يرفع أحد طرفه، وال ينطق بكلمة إجالال له :وقال أبو نواس

وقدر الرقاشيني زهراء كالبدر... رأيت قدور الناس سودا من الصلى ها على طرف الظفروخيرج ما في... يضيق حبيزوم البعوضة صدرها

ثالث كخط الثاء من نقط احلرب... يبينها للمعتفي بفنائهم أمامهم احلويل من ولد الذر... إذا ما تنادوا للرحيل سعى هبا :وهذا القدر ضد قدر القائل

برابية ما بني ميث وأجرع... وبوأت قدري موضعا فوضعتها أثايف دوهنا مل تنزعوغوال... جعلت هلا هضب الرجام وطخفة

ترى الفيل فيها طافيا مل يقطع... بقدر كأن الليل شحنة قعرها :وجيب أن يأكل ما يف هذا القدر من ذكر الفرزدق يف قوله

بأكثر خريا من خوان العذافر... لعمرك ما األرزاق حني اكتياهلا عساكروحل على خبازه بال... ولو ضافه الدجال يلتمس القرى

ألشبعهم يوما غداء عذافر... بعدة يأجوج ومأجوج كلهم

طرف مليحة

لعل : قال. محدان: وما صناعتك ؟ قال: قال. قطان: ما امسك ؟ قال: ودخل رجل على املتوكل فقال له .نعم يا أمري املؤمنني، ولكين دهشت هليبتك: امسك محدان وصناعتك قطان ؟ قال

! واخالفاه : عروة، قال: وما اسم كلبك ؟ قال: قال. وثاب: ا امسك ؟ قالم: وقال رجل آلخر معه كلب. بركة من اهللا صاحبها: كنا مناشي ابن املغتاب القاضي، فمررنا مبقربة، فإذا عليها مكتوب: وقال ابن قادم

.هذه بتلك: فقلت. كل نفس ذائقة املوت: وكنا يف إمالك فإذا على منارة مكتوبى الغلط فأحسن االستدراك مطيع بن إياس احلارثي، فإنه دخل على اهلادي يف حياة وممن وقع له هذا عل

.بعد أمري املؤمنني: فقال! مه : السالم عليك يا أمري املؤمنني، فقيل له: املهدي وهو ويل عهد، فقال

يتعمدان املقلوب

انة، وأبو العرب هو الذي كتب وأما أبو العرب وحممد بن حكيم الكنتجي فقد كانا يتعمدان املقلوب رقاعة وجمأما قبل فأحكم بنيانك على الرمل، واحبس املاء يف اهلواء، حىت يغرق الناس من العطش؛ : لبعض أصحابه

.فإنك إذا فعلت ذلك أمرت لك كل يوم بسبعة آالف درهم ينقص كل درهم سبعة دوانيقوله مثل هذا . سط سنة عشرين إال مائتنيوكتب يوم إال تسعا خلمس وأربعني ليلة خلت من شهر ربيع األو

:وهو القائل. كثري من منظوم ومنثور والطيلسان قرابة اخلفان... اخلوخ يعشق وكنة الرمان

فشممت منه محوضة الكتان... يا من رمى قليب فعرقب أذنه ريدون قلب األشياء، أول ما ت: كنا خنتلف وحنن أحداث إىل رجل يعلمنا اهلزل، فكان يقول: وقال أبو العرب

تعال نتأخر إىل خلف؛ : كيف أصبحت ؟ وإذا قال: كيف أمسيت ؟ وإذا أمسى: فكنا نقول إذا أصبح

. وكانت له أرزاق تعمل كتابتها يف كل سنة، فعمل مرة وأن معه الكتاب، فلما فرغ من التوقيع وبقي اخلتمما حنن فيه طول : ما صنعت ؟ قلت! وحيك : أتربه وجئين به، فمضيت فصببت عليه املاء فبطل، فقال: قال

.واهللا ال تصحبين بعد اليوم فأنت أستاذ األستاذين: قال! النهار من قلب األشياء .وكان نقش خامت أيب العرب تويف جحا يوم األربعاء

وتعرض للمتوكل واملتوكل مشرف على مظهر يف قصره اجلعفري وقد جعل يف رجليه قلنسوتني وعلى رأسه أنت شارب ؟ : علي هبذا املثلة؛ فدخل عليه فقال: وقد جعل سراويله قميصا، وقميصه سراويل، فقالخفان ضع يف رجلي األشهب : إين أضع األدهم يف رجليك وأنفيك يف فارس، قال: قال. ما أنا إال عنفقة: قال

.، فضحك ووصلهبل ماء بصل يا أمري املؤمنني: أتراين يف قتلك مأثوم؟ قال: قال! وانفين إىل راجل

:وأبو العرب القائل يف اجلد فبه أقوى على عدمي... ليس يل مال ويل كرم كيف أشكو غري متهم... ال أقول الله يظلمين

ومتشت يف العال مهمي... قنعت نفسي مبا رزقت فهي من فرقي إىل قدمي... ولبست الصرب سابغة لنعممل جتدين كافر ا... فإذا ما الدهر عاتبين

:وله يف الرقيق رقة واجلفون ترنو بسحر... رق حىت يكاد خدك جيري

ل بديع اجلمال مغرى هبجر... يا قليل الشبه مستظرف الشك ن فقد عيل من صدودك صربي... كف عين الصدود يا واحد احلس

:وله أيضا بكيت عند الرضا خوفا من الغضب... أبكي إذا غضبت حىت إذا رضيت

أنى يرجى سلو، عشت يف تعب... وت إن رضيت واملوت إن غضبت فامل :وهذا قريب من قول فضل الشاعرة، وقيل سعيد بن محيد

عين بذاك الرضا مبغتبط... ما كنت أيام كنت راضية منك التجني وكثرة السخط... علما بأن الرضا سيتبعه

غلطمنك وما سرين فعن ... فكل ما ساءين فعن خلق هذا البيت األخري كقول أيب العيناء، وقد سأله املتوكل عن ميمون بن إبراهيم صاحب ديوان الربيد وكان

يد تسرق، مثله مثل يهودي سرق نصف جزيته، فله إقدام مبا أدى، وإحجام مبا بقي، إساءته : يبغضه فقال .طبيعة، وإحسانه تكلف

أبو حمجن الثقفي وطرف من أدبه

فواهللا لقد كنت قليل املراء، ! رمحك اهللا أبا حمجن : جن الثقفي وقف رجل على قربه، فقالوملا مات أبو حم .جيد الغناء، غري نعاس، وال عباس، وال حابس للكاس

واسم أيب حمجن عروة بن حبيب، وكان فارسا شاعرا، وكان مشتهرا بالشراب كثريا يقول فيه؛ فحده عمر ىل العراق، فشرب، فحده سعد بن أيب وقاص وسجنه يف قصر العذيب، رضي اهللا عنه مرات، مث أخرجه إ

وكان سعد مريضا يف القصر، وأقام املسلمون يف حرب القادسية أياما، فوجهت األعاجم قوما إىل القصر ليأخذوا من فيه، فاحتال أبو حمجن حىت ركب فرس سعد من غري علمه فخر فأوقع هبم؛ فرآه سعد، فلما

.فإين ال أذوقها أبدا: ال أضربك بعدها يف الشرب، قال: وقال. خلى سبيله انصرف بالظفر أبوك الذي يقول ؟: ودخل ابن أيب حمجن على معاوية فقال له

تروي عظامي بعد مويت عروقها... إذا مت فادفني إىل جنب كرمة أخاف إذا ما مت أال أذوقها... وال تدفنني يف الفالة فإنين

:أمري املؤمنني؛ لو شئت لذكرت من شعره ما هو أحسن من هذا وأنشديا : فقال وسائلي القوم عن بأسي وعن خلقي... ال تسأيل القوم عن مايل وكثرته

إذا تطيش يد الرعديدة الفرق... القوم أعلم أين من سراهتم وعامل الرمح أرويه من العلق... أعطى السنان غداة الروع حصته

وأكتم السر فيه ضربة العنق... النجالء عن عرض وأطعن الطعنة .لئن كنا أسأنا املقال، ال نسيء الفعال؛ وأمر له بصلة: فقال

احلجاج يضحك يف جنازة رجل من أهل الشام

مات رجل من أهل الشام، فحضر احلجاج جنازته، وكان عظيم القدر، وله عز وجاه؛ : وقال ابن عائشةلينزل قربه بعض إخوانه، فنزل نفر منهم، فقال أحدهم وهو : قربه، وقالفصلى عليه وجلس على شفري

رمحك اهللا يا أبا فالن؛ فإن كنت ما علمت لتجيد الغناء، وتسرع رد الكأس، ولقد : يسوي التراب عليه .وقعت مبوضع سوء ال خترج منه إال يوم الدكة

هذا موضع هذا : هزل، مث قال للرجلفما متالك احلجاج أن ضحك، وكان ال يضحك يف جد وال يف : قال :أصلح اهللا األمري، فرسي حبيس يف سبيل اهللا لو مسعه األمري يتغىن: ويلك ؟ قال. األمر

إن من هتوين قد جارا... يا لبيىن أوقدي النارا تقضم اهلندي والغارا... رب نار بت أرمقها عاقد يف اخلصر زنارا... عندها ظيب يؤججها

! أخرجوه من القرب يا أهل الشام، ما أبني حجة أهل العراق يف جهلكم : فقال. مليت يسمى سعنةوكان ا .وكان امليت أقبح خلق اهللا وجها، فلم يبق أحد ممن حضر إال استغرق ضحكا

أهل الشام

له، ودخل رجل من أهل العراق الشام يف أيام عبد امللك يف حوائج. وأهل الشام غاية يف اجلهل والغباوة :ما معىن قول الشاعر: فحجب عنه، فدخل يف غمار الناس، فقال عبد امللك جللسائه

وأتبعن بالظفر وحفا طويال... إذا ما املواشط باكرهنا كعقل العسيف غرابيب ميال... ختذن القرون فعقلنها

. يريد عناقيد الكرماألجري، والغرابيب الشديدة السواد؛ : البشام، والعسيف: يصف شعر امرأة، والوحف .وروي عراجني ميال فسكتوا عن آخرهم

أرأيتك إن أخربتك مبعناه وحصل لك احلظ عند أمري : فقال العراقي لرجل من أهل الشام له بزة وهيئةإمنا يصف البطيخ، فوثب الشامي، وقال : قال. لك ذلك: املؤمنني أتقربين منه حىت أسأله حاجيت ؟ قال

هذا العراقي ابن : من أين لك هذا العلم ؟ قال: فقال له عبد امللك. وانقلب اجمللس ضحكاذلك، فافتضح أخرج من : ما أدخلك ؟ أذكر حاجتك ؟ فذكرها فقضاها له وقال: فقال عبد امللك. اللخناء قال يل ذلك

.الشام ال تفسدها علي مبجاورتك

مما مجع التصرف يف اإلحسان

:وبديع االفتنان، قول مسلم بن الوليد األنصاري ومما مجع التصرف يف اإلحسان كأن دجاها من قرونك ينشر... أجدك ما تدرين أن رب ليلة

كغرة حيىي حني يذكر جعفر... نصبت هلا حىت جتلت بغرة :وقال ابن املعتز. يريد حيىي بن خالد بن برمك وجعفرا ابنه

ها بغري رقيبشبيهة خدي... سقتين يف ليل شبيه بشعرها ومشسني من مخر وخد حبيب... فأمسيت يف ليلني بالشعر والدجى

:وقال أبو الطيب يف ليلة فأرت ليايل أربعا... نشرت ثالث ذوائب من شعرها فأرتين القمرين يف وقت معا... واستقبلت قمر السماء بوجهها

من أعجب ما قيل يف وصف الشعر

لشعر ما مجع فيه وصف سواده ومتامه، وأتى بالتشبيه الواقع، والوصف ومن أعجب ما قيل يف وصف ا :الرائع؛ قول أيب احلسن علي بن العباس الرومي

شاه إذا اختال مسبال غدره... وفاحم وارد يقبل مم منحدرا ال يذم منحدره... أقبل كالليل من مفارقه يلثم من كل موطىء عفره... حىت تناهى إىل مواطئه حتى قضى من حبيبه وطره... كأنه عاشق دنا شغفا

بيضاء للناظرين مقتدره... يغشى غواشي قرونه قدما بعد غمام وحاسر حسره... مثل الثريا إذا بدت سحرا

:وقد أخذه منه بعض أهل العصر وهو حممد بن مطران فقاربه يف اإلحسان أعارهتا العيون اجلآذركما قد ... ظباء أعارهتا املها حسن مشيها

مواطىء من أقدامهن الضفائر... فمن حسن ذاك املشي جاءت فقبلت

بنو أمية وأهل العراق

وكان بنو أمية يكرهون أهل العراق لفطنتهم ورقتهم؛ إذ سياسة األغبياء أسهل عليهم؛ فقد قال اإلسكندر ال وجدهتم قد سبقوين إىل اخلالص، قد أعياين أهل العراق، ما أجري عليهم حيلة إ: ألرسطا طاليس

إذا قتلتهم فهل تقدر على قتل اهلواء : فقال. فتخلصوا قبل إيقاعها هبم؛ وقد عزمت على قتلهم عن آخرهمما الرأي ؟ : فقال. الذي غذى طباعهم وخصهم هبذا الذكاء ؟ فإن ماتوا ظهر يف موضعهم من يشاكلهم

ومحية وشراسة خلق، وقلة رضا بالضيم؛ فاقسمها طوائف، وول من كان فيه هذا العقل كانت فيه أنفة : قالفأقاموا خمتلفني أربعمائة عام حىت . على كل طائفة أمريا، فإهنم خيتلفون، فإذا اختلفوا فلت شوكتهم فغفلوا

.إن كلمة فرقت بيننا أربعمائة سنة ملشؤومة: مجعهم أردشري بن بابك وقال

إياس بن معاوية أمام القاضي

إياس بن معاوية بن قرة الشام وهو صغري؛ فخاصم شيخا إىل القاضي وأقبل يصول عليه، فقال ودخلقال . إن احلق أكرب منه: إنه شيخ كبري، قال: فمن ينطق حبجيت ؟ قال: فقال. اسكت يا صيب: القاضي: ك فأخربه فقالفركب القاضي من وقته إىل عبد املل. ال إله إال اهللا: ما أراك تقول حقا؛ فقال: القاضي

.عجل بقضاء حاجته وأخرجه من الشام لئال يفسدها :وبإياس يضرب املثل يف الذكاء قال الطائي

يف حلم أحنفي يف ذكاء إياس... إقدام عمرو يف مساحة حامت

أحزم امللوك

هزله، من ملك جده و: خرج بعض ملوك الفرس متنزها، فلقيه بعض احلكماء فسأله عن أحزم امللوك ؟ فقال: فقال امللك. وقهر لبه هواه، وأعرب لسانه عن ضمريه، ومل خيتدعه رضاه عن سخطه، وال غضبه عن صدقه

أيها امللك؛ قد : فقال له. ال، بل أحزم امللوك من إذا جاع أكل، وإذا عطش شرب، وإذا تعب استراحاهلند، وكان هذا نقش كان يل معلم من حكماء: أجدت الفطنة، أهذا لك علم مستفاد أم غريزي ؟ قال

علمين من : مث قال امللك. ومن أين يوجد هذا عند رجل واحد: فهل علمك غري هذا ؟ قال: قال. خامتهصقلك لسيف : صدقت، فهات، قال: احفظ عين ثالث كلمات؛ قال! نعم : قال. حكمتك أيها احلكيم

جهل، ومحلك الصعب السري ليس له جوهر من طبعه خطأ، وبذرك احلب يف األرض السبخة ترجو نباته :ومن هنا أخذ أبو متام قوله. على الرياضة عناء

ميمونة اإلدبار واإلقبال... يف دولة غراء معتصمية طفو القذى وتعقب العذال... فتعمق الوزراء يطفو فوقها

من طبعه مل ينتفع بصقال... والسيف ما مل يلف فيه صقل

ضاةمن نوادر امللوك والعمال والق

وكان القلهمان أحد حكماء اهلند وفيلسوف أطبائهم وترمجان علومهم، وكان ترمجان ملك من ملوكهم ما العلم األكرب ؟ : يقال له ياكهثر بن شربام، وكان ركيكا إال أنه من أهل بيت اململكة، فقال يوما للقلهمان

املوت حىت : املربسم أيها امللك ؟ قال فما دواء: قال. فإين أعلم من الطب أكثره: قال. معرفة الطب: قالليس : أيها امللك، من حيييه بعد املوت ؟ قال: قال القلهمان. تقل حرارة صدره مث يعاجل بعد باألدوية الباردة

ومل أنظر يف شيء منه إال يف باب احلياة، فإين وجدهتا . هذا علم آخر يوجد يف كتاب النجوم. هذا من الطبلو نظر اجلاهل يف : قال. أيها امللك، على كل حال خري للجاهل: قال القلهمان. وتخريا لإلنسان من امل

.باب املوت لعلم أين قلت احلقال : سألت أيب فقال: على اخلبري سقطت، سألت عنها أيب فقال: وسألت أبو عون رجال عن مسألة فقال

.أدرين أنس بن مالك وهو قاض فادعت مهرها استعدت امرأة على زوجها عند مثامة بن عبد اهللا ب: قال أزهر

إنه فاجر حيلف؛ ولكن ابعث إىل : أفأحلفه لك ؟ قالت: ال، قال: ألك بينة ؟ قالت: ألف درهم، فقال: قال له. قال فأرسل إىل إسحاق بن سويد فلما حضر. إسحاق بن سويد الفقيه فسله أن حيلف يل عنه

فيبطل حق هذه املرأة ؟ : قال! ما أنا وهذا : قال إسحاق احلف هلذه املرأة ما هلا على زوجها ألف درهم ؟ال ألومك على حبسك إسحاق، ولكن : فأتاه ابن سريين فقال. لتحلفن هلا أو ألحبسنك، فلم حيلف فحبسه

كنت أنا أكذب ؟ : قال. كنت تعلمه أنك ال حتسنه: قال. أكرهين عليه السلطان: مل وليت القضاء ؟ قالالوزير على الرقة عامال هلارون الرشيد، فأخذ بعض أصحابه رجال ينكح شاة، وكان نصر بن مقبل بن

فضحوا منه وخلوا . يا قوم؛ إهنا واهللا ملك مييين: وأمجعوا الذهاب به إىل نصر، وكان الرجل ظريفا فقالوإن كانت :إهنا هبيمة ؟ قال: سبيله، وذهبوا بالشاة إىل نصر؛ فأمر أن تضرب احلد، فإن ماتت تصلب، قالوا

.هبيمة؛ فإن احلدود ال تعطل، وإن عطلتها فبئس الوايل أنافانتهى حديثه إىل الرشيد ومل يكن رآه، وكان نبيل القد، حسن املنظر، جليل القدر؛ فدعا به فوقف بني

كيف بصرك يف احلكم ؟ : مث قال. موىل لبين الكلب يا أمري املؤمنني، فضحك: من أنت ؟ قال: يديه، فقالالبهائم يا أمري املؤمنني والناس عندي سواء، ولو وجب احلكم على هبيمة وكانت أمي أم أخيت حلددهتا، : قال

فأمر هارون أال يستعمل، فلم يزل معطال حىت ويل املأمون، فرفع يسأله . ومل تأخذين يف اهللا لومة الئم .يزل على ذلك حىت ماتاالستعانة به، فواله طربناباذ، وأمره أن يكون على العصري هبا، فلم

أنت : ال أعرف اجلواب، فقال: فقال. وكان مقاتل بن حسان على قضاء البصرة، فسأله رجل عن مسألة: قال. ألن الثور أعظم من احلمار وال حيسن أن يركض ركض احلمار! نعم : قاض وال حتسن املسألة ؟ قال

أنبلهما وأعظمهما يعين : فأيهما أنت ؟ قال: قال. بل هذا مثلي ومثلك: أيها القاضي؛ فهذا مثلك ؟ قال .الثور

حسن مظهر وسوء خمرب

كان خيتلف إيل فىت من أهل املوصل حسن السمت، نري الوجه، تقي الثياب؛ فكان : قال أبو اهلذيل العالف فنبل يف عيين، والط: قال. أستغفر اهللا يل وللمتكلم، مث ميضي: يصمت يف اجمللس، وإذا أتاه النهوض قال

حيرم على السامع تكذيب القائل إال : بقليب، وحال يف صدري؛ فذكرت قول احلكيم يف كتاب جاودان خرد .يف ثالث هن غري احلق؛ صرب اجلاهل على مضض املصيبة، وعاقل أبغض من أحسن إليه، ومحاة أحبت كنة

ماذا ذاك ؟ يرمحك اهللا : لنافاشرأببنا إليه وق! لوال حفظي لنظري هذه الكلمات ومساعهن من ثقة : فقال الفىتليس اجلائع : حدثين أيب عن جدي أنه قرأ يف بعض كتب احلكماء: فقال. وظننا أنه سيأيت بأحسن منهن!

.كالشبعان، وال املكسي كالعريان، وال النائم كاليقظان: همفقال له بعض. فطأطأت رأسي، وجعل أصحايب ينظرون إيل وإليه، وكرهت أن أسأله عن شيء بعد هذا

من : فمن العرب أم من املوايل ؟ قال: قال. من فوق األرض ومن حتت السماء: من أنت يا فىت ؟ قالفما بالك ال تنهض ؟ : فما الكنية ؟ قال أبو السراج، قال: جلام، قال: فما االسم ؟ قال: أوسطهما، قال

حيث أجلس إىل أمثالكم وال ليس البحث منكم، ولكن مين : وقال. فواهللا ما أنت إال محار، فوثب قائما .تعرفون ما طحاها

من كتب الفرس

وكتاب جاودان خرد من أجل كتب الفرس، وكان سببه على ما ذكر اجلاحظ أن بعض األكاسرة كان زاهدا يف كتب األدب، راغبا يف التكرب عن النظر فيهما، والتعظم عن االشتغال بشيء منها، وكان له وزير

نديار، فصنع ترمجة لكتاب مل يعلمها أحد، وجعلها يف ورقة، وألقاها إىل امللك يقال له كنجور بن أسفهذا كتاب تصفية األذهان، ونقاء الفكر، وسراج القلوب، من كتاب واضح عمود : وكانت الترمجة

.احلكمةت لقد غلبت هذه الترمجة على هواي، وقاد: فلما نظر امللك إىل هذه الترمجة شغفه حسنها، فقال لكنجور

عزمي، وبعثت رأيي على هذا الكتاب؛ فسل عنه سؤاال حفيا يرجع جبلية اخلرب، وابعث احلكماء األدالء، على تفتيش منازل احلكماء، فإن وجدته يف شيء من مملكيت، كنت أوىل الناس باصطناع صاحبه، وإن

ي بدفع نسخة منه، وكافأته وصف أنه يف شيء من أقاليم اهلند، كتبت إىل ملك ذلك اإلقليم، وسألته املن عل .هبدية مكافأة مثلي على وجود طلبته

وصار إىل منزله ومل خيرج منه حىت . أيها امللك، لست أفزع باستفراغ جمهودي واهللا املعني: فقال كنجور .صنع كتابه املعروف جباودان خرد

راسان باخلالفة جاءتنا ملا دعي للمأمون بكور خ: قال الفضل بن سهل: حدثين الواقدي قال: قال اجلاحظهدايا امللوك سرورا مبكانه من اخلالفة، ووجه ملك كابلستان شيخا يقال له ذوبان، وكتب يذكر أنه وجه

سل الشيخ ما معه من : فعجب املأمون وقال. هبدية ليس يف األرض أسىن وال أرفع وال أنبل وال أفخر منهارأي ينفع، وتدبري يقطع، : وأي شيء علمك ؟ قال: تما معي شيء أكثر من علمي، فقل: اهلدية ؟ فقالفسر املأمون به وأمر بإنزاله وإكرامه وكتمان أمره؛ فلما أمجع على التوجه إىل العراق لقتال . وجاللة جتمع

رأي دقيق، وحزم مصيب، وملك : ما ترى يف التوجه إىل العراق ؟ قال: حممد األمني أخيه دعا بذوبان، فقالالفىت األعور، الطاهر األطهر، الظاهر : فمن نوجه ؟ قال: قال. اض، فاقض ما أنت قاضحريب، والسبب م

.األظهر، يستر وال يفتر؛ قوي مرهوب، مقاتل غري مغلوبأربعة آالف، صوارم األسياف، ال ينقصن يف العدد، وال حيتجن إىل : فمن نوجه معه من اجلند ؟ قال: قال .وره ذلك اليومفما رأيت املأمون سر كسر: قال. مدد

مع طلوع الفجر جيمع : يف أي وقت خيرج من النهار ؟ قال: فوجه بطاهر؛ فلما هتيأ له اخلروج سأل ذوبان .لك األمر، وتصري إىل النصر

قد قرب صاحبنا من العدو : فخرج يف ذلك الوقت، فلما كتب بذكر مقدمه الري دعا املأمون بذوبان فقالقد تعرفت شانه، إذ أتى فسطاطه، كان نصر : بو بينة تكون لنا أو علينا ؟ قالوقربوا منه، فما عندك داللة أ

.سريع، وقتل ذريع، وتفرقت تلك اجلموع، والنصر له ال عليه، مث يرجع األمر إليك وإليه

فكتب املأمون بذلك إىل طاهر ليقوي عزمه، فلما كتب بقتله علي بن عيسى ابن ماهان واستيالئه على وخرب ما أوىل اهللا املأمون يف أوليائه؛ من النصر والظفر بأعدائه، دعا ذوبان وأمر له مبائة عسكره وأمواله،

أيها امللك؛ إن ملكي مل يوجهين إليك هدية لينقصك مالك؛ فال جتعل ردي : وقال. ألف درهم فلم يقبلهاو كتاب يوجد يف نعمتك سخطا؛ فليس عن استخفاف بقدرها؛ وسوف أقبل ما يفي هبذا املال ويزيد، وه

العراق فيه مكارم األخالق، وعلوم اآلفاق، وهو كتاب عظيم للفرس، فيه شفاء النفس، به من صنوف .اآلداب، ما ال يوجد يف كتاب، عند عاقل لبيب، وال فطن أريب، يوجد يف خزائن، عند اإليوان باملدائن

وأمر أن تكتب القصة واملوضع الذي يشري فلما قدم املأمون بغداد، واستقر هبا ملكه اقتضاه ذوبان حاجته،سر إىل وسط اإليوان، من غري زيادة وال نقصان، واجعل القسمة بالذرعان، مث احفر املدر، : إليه، فكتب

فاقلع احلجر؛ فإذا وصلت إىل الساجة، فاقتلعها جتد احلاجة، فخذها وال تعرض لغريها، فيلزمك غب .ضريها

صيفا، فسار إىل املوضع، ففعل ما قيل له؛ فوجد صندوقا صغريا من زجاج فوجه املأمون يف ذلك رسوال ح .أسود عليه قفل منه، فحمله ورد احلفرة إىل حاهلا األول

إين لعند املأمون إذ وصل ذلك الصندوق، فجعل يتعجب : فحدثين احلسن بن سهل قال: قال عمرو بن حبر

أيها امللك، لست ممن تنقض رغبته ذمام عهده، وال ! نعم : هذه بغيتك ؟ قال: منه، مث دعا بذوبان فقال لهحيل طمعه عقدة وفائه، مث تكلم بلسانه، ونفخ يف القفل فانفتح، فأدخل يده وأخرج منه خرقة ديباج فنشرها

أيها امللك، هذا الصندوق يصلح لرفيع خبيات : مث قال. فسقط منها أوراق، فرد األوراق يف اخلرقة وهنض .به فرفعخزائنك، فأمر

يا حسن، أفر من : ترى يا أمري املؤمنني أن أسأله ما يف هذا الكتاب ؟ قال: فقلت: قال احلسن بن سهيلاللؤم مث أرجع إليه ؟ أمرته أال يفتحه بني يدي قطعا للطمع فيه، وصمتة باملسألة عنه، وحتريا للرغبة فيه، واهللا

.ال كان هذا أبداهذا كتاب جاودان خرد تأليف كنجور : لته عنه مسألة راغب فيه، فقالفلما خرج صرت إىل منزله فسأ

وأسرجت هلا ذهين، . فأعطاين فوقعت عليها عيين. أعطين ورقة منه أنظر فيها: ملك سرباشهرا، فقلتوأجلت فيها فكري؛ فلم أزدد منه إال بعدا؛ فدعوت باخلضر بن علي، وذلك يف صدر النهار، فلم ينتصف

راءهتا بينه وبني نفسه؛ مث جعل يفسرها وأنا أكتب، مث رددت الورقة وأخذت منه حنو ثالثني حىت فرغ من قجيوز أن : يا ذوبان؛ يكون يف الدنيا من حيسن مثل هذا الكتاب ؟ قال: ورقة، فدخلت عليه يوما فقلت

فهل : قلت. يكون فيها من حيسن ترمجة هذا الكتاب، وال جيوز أن يكون فيها من حيسن مثل هذا الكتابنعم، وأصفه لك، هو طوال أنزع، إن تكلم تتعتع، يفوق أهل زمانه، مبا يكون من : تعرف من يترمجه ؟ قال

شأنه، امسه خضري، يقوم بأمر خطر، لو كان له عمر، ولوال أن العلم سبيل الدنيا واآلخرة، وهو الكرامة .امه، ولكن ال سبيل إىل أكثر مما أخذتالفاخرة، ومن معرفة قدره الضن به، لرأيت أن أدفعه إليك بتم

ومل تكن األوراق اليت أخذهتا على التأليف؛ ألنا أصبنا ورقة فيها عالمات فيها الكنوز، وآخر الورقة دليل هذا الباب يف الورقة اليت تليها؛ ومل جند غري هذا بتا؛ غري أنا وجدنا أبوابا من احلكمة تشهد : مكتوب

.ة، وحتلف طيها األلسن بغاية النهايةهلا القلوب حبقيقة الصح :هذا من كالم احلسن بن سهل كقول أيب متام يصف شعره

فتصدر إال عن ميني وشاهد... وحملفة ملا ترد أذن سامع

: أي كتب العرب أنبل ؟ قال قلت املبتدأ ؟ قال: قال يل املأمون: وحدثين احلسن بن سهل قال: قال اجلاحظ: مث قال. تفسري القرآن، ألنه ال شبه له، وتفسريه ال شبه له: ال، فسكت، فقال: ؟ قال فالتاريخ: قلت. ال

. إيتين به معجال: هذا كتاب ذوبان، وقد كتبت بعضه، فقال: أي كتب العجم أنبل ؟ فاستعرضتها فقلتي احنرف عن فلما رآين مقبال والكتاب مع: فقال. فوجهت يف محله، فوافاين الرسول وقد هنض يريد الصالة

ال إله إال اهللا، فلما طال ذلك عليه قعد : القبلة، وأخذ الكتاب وجعل ينظر فيه، فإذا فرغ من باب قالصدقت غري أين أخاف السهو يف الصالة الشتغال : قال. الصالة تفوت وهذا ال يفوت: وجعل يقرأ؛ فقلت

إنك ميت وإهنم ميتون : " وت فجعل يقرأقليب بلذيذ ما يف هذا الكتاب، وما أجد للسهو حائال غري ذكر املأين متامه ؟ : مث قال. وقام فكرب؛ فلما فرغ من صالته نظر فيه حىت أتى على آخره. مث وضع الكتاب" .

لوال أن العهد حبل أحد طرفيه بيد اهللا واآلخر بأيدينا ألخذته منه، : فقال. عند ذوبان مل يدفعه إيل: قلت .ن فيه من يل ألسنتنا يف فجوات أشداقنافهذا واهللا الكالم، ال ما حن

من احلكم

العداوة بني : ثالث ال يصلح فسادهن بشيء من احليل: قرأت يف هذا الكتاب: قال احلسن بن سهلالعبادة يف : وثالث ال يستفسد صالحهن بنوع من املكر. األقارب، وحتاسد األكفاء، والركاكة يف العقول

احلياة، والعافية، : وثالث ال يشبع منهن. ن، والسخاء يف ذوي األخطارالعلماء، والقنوع يف املستبصري .الشدة مع احليلة، والعجلة مع التأين، واإلسراف مع القصد: وثالث تبطل مع ثالث. واملال

يأيها الشديد؛ احذر احليلة، : رأيت بعدن حجرا مكتوبا عليه باحلمريية: وهذا كما قال اخلضر بن علياحذر التأين، ويأيها احملارب؛ ال تأمن من التفكر يف العاقبة، ويأيها الرائد موجودا ال تقطع ويأيها العجول؛

.أملك عن بلوغ مثله .من فكر يف العواقب مل يشجع: أما قوله للمحارب، فقد قال علي بن أيب طالب رضوان اهللا عليه

شجاعة وحسن بالء

:وقال سعد بن ناشب الغنوي تراث كرمي ال خياف العواقبا... فإنها عليكم بداري فاهدموها

ونكب عن ذكر العواقب جانبا... إذا هم ألقى بني عينيه مهه ومل يرض إال قائم السيف صاحبا... ومل يستشر يف رأيه غري نفسه :مهمت مرات كثرية بصفني أن أخيس فلم يردين إال أبيات ابن اإلطنابة: وقد قال معاوية رضي اهللا عنه

وأخذي اجملد بالثمن الربيح... يل عفيت وأىب بالئي أبت مكانك حتمدي أو تسترحيي... وقويل كلما جشأت وجاشت وضريب هامة البطل املشيح... وإقدامي على املكروه نفسي

وأمنع بعد عن نسب صريح... ألدفع من مآثر صاحلات األغر اخلزرجي، وهو فارس مشهور معروف، وابن اإلطنابة هو عمرو بن عامر بن زيد مناة بن مالك بن

.واإلطنابة أمه :وقد أحسن قطري بن الفجاءة يف هذا املعىن حيث قال

من األعداء وحيك ال تراعي... وقويل كلما جاشت لنفسي أىب األجل املقدر أن تطاعي... فإنك لو سألت مزيد يوم

احليلة خري : فيه صورة أسد من حجر عليه مكتوب فتحنا حصنا من بالد الروم، فرأينا: وقال بعض الغزاةمن الشدة، والتأين أفضل من العجلة، واجلهل يف احلرب أحزم من العقل، والتفكر يف العاقبة من أمارة

.اجلزعأيها املقاتل؛ امحل : ووجه ملك الروم إىل الرشيد بثالثة أسياف مع هدايا كثرية، على سيف منها مكتوب

التأين فيما ال ختاف عليه الفوت، أفضل من العجلة إىل إدراك : وعلى الثاين. العاقبة هتزمتغنم، وال تفكر يف .إن مل تصل ضربة سيفك، فصلها بإلقاء خوفك: وعلى اآلخر. األمل

:وهذا كقول كعب بن مالك األنصاري قدما وحنلقها إذا مل تلحق... نصل السيوف إذا قصرن خبطونا

:وكقول هنشل بن حري حد السيوف وصلناها بأيدينا... لكماة تأبوا أن يناهلم إذا ا

.الصرب أقرب من تلك اخلطوة: فقال له. صله خبطواتك: وأعطى بعض األمراء سيفا لرجل فقال لهفهذا أمر أال : خذه، فالسيوف مأمورة، قال: قال. هو غري ماض: وأعطى آخر لرجل سيفا فسأله بدله، وقال

.يقطع

لئن : فقال! أعطيت بيدك وهربت، ومل توغل وال صربت : ل على أمريه فشتمه وقالواهنزم رجل، فدخ .تشتمين أصلحك اهللا وأنا حي خري من أن تترحم علي وأنا ميت

!.أنا واهللا أكره املوت على فراشي، فكيف أمشي إليه ركضا ؟: فقال! اخرج إىل الغزو : وقيل ألعرايبل مستطردا ميدح أبا دلف القاسم بن عيسى العجلي واالستطراد أن أخذ هذا املعىن أمحد بن أيب فنن فقا

يريك الفارس أنه وىل، وإمنا وىل لتتبعه فيكر عليك كذلك الشاعر يريك أنه يصف شيئا، مث يعن له معىن :فيأيت به، وكأنه ليس من قصده ومل يقصد غريه

قفمحل السالح وقول الدارعني... ما يل وما لك قد كلفتين شططا أمسي وأصبح مشتاقا إىل التلف... أمن رجال املنايا خلتين رجال

فكيف أمشي إليها بارز الكتف ؟... أرى املنايا على غريي فأكرهها أو أن قليب يف جنيب أيب دلف ؟... أخلت أن سواد الليل غيرين

.ألنه كان شديد السوادال يضره سواده، أعزكم اهللا تعاىل؛ فإن بيض أباديكم : ؟ قال هذا الشاعر األسود: وملا دخل على املعتز قال

.عنده: أخربين أي أصحايب كان أشد إقداما يف مبارزتكم ؟ فقال: وقال املنصور لبعض اخلوارج وقد أيت به أسريا

.ما أعرف وجوههم مقبلني، وإمنا أعرف أقفاءهم؛ فمرهم أن يدبروا ألعرفك أشدهم إدبارا :ي فقال يف سليمان بن عبد اهللا بن طاهر وكان قد خرج يف بعض الوجوه فهزمأخذه ابن الروم

شوق إىل وجهه سيدنفه... قرن سليمان قد أضر به أصبح شيء عليه يعطفه... أعرض عن قرنه وفر فما

يكذب يف وعده وخيلفه... كم يعد القرن باللقاء وكم

عرفهقفاه من فرسخ في... ال يعرف القرن وجهه ويرى :وله يف هذا املعىن أهاج كثرية فمن ظريفها

ولكنه حتم عليه اهلزائم... سليمان ميمون النقيبة حازم عسى أن ترد العني عنه التمائم... أال عوذوه من توايل فتوحه

:وقال فاجتاح معتز بين املعتصم... جاء سليمان بين طاهر

تدمطلعته نائحة تل... كأن بغداد لدن أبصرت وجه خبيل وقفا منهزم... مستقبل منه ومستدبر

من ملح أيب دالمة

:فقال. اخرج معي وهذه عشرة آالف درهم: وقال روح بن حامت أليب دالمة إىل احلمام فتشقى يب بنو أسد... إين أعوذ بروح أن يقربين

وما ورثت اختيار املوت من أحد... إن املهلب حب املوت أورثكم .أبو دالمة شاعرا فصيحا، وماجنا مليحا، وامسه زند بن اجلون األزديوكان

:ودخل على أيب جعفر املنصور فأنشده وذكر زوجته !أأنت تتلو كتاب الله يالكع ؟... فاخرنطمت مث قالت وهي مغضبة

كما جلارتنا خنل ومزدرع... قم كي تبيع لنا خنال ومزدرعا إن اخلليفة للسؤال ينخدع... ة خادع خليفتنا عنها مبسأل

الذي ال : وما الغامر يا أمري املؤمنني ؟ قال: فقال. قد أمرنا لك مبائة جريب عامر، ومائة جريب غامر: قال: فضحك وأمر له باجلميع عامرا، فقال. فإين أقطعك عشرة آالف جريب من فيايف بين أسد: ينبت، قال

ما منعت عيايل شيئا أسهل عليهم من : أما هذه فدعها، فقال: منني ؟ فقالإئذن يل يف تقبيل يدك يا أمري املؤ .هذه

:ودخل أبو دالمة يوما على أيب جعفر املنصور فأنشده م وأنت تعطيين خياره... إني رأيتك يف املنا

وعليك تأويل العباره... مملوءة بدراهم : ما هذا ؟ قال. فمضى فأتى بأعظم دباءة توجد .امض فأتين خبيارة أملؤها لك دراهم: فقال له املنصور

.يلزمين الطالق إن كنت رأيت إال دباءة، ولكين نسيت، فلما رأيت الدباءة يف السوق ذكرهتاتأذن يل أصلحك اهللا أن : وهذا إمنا أخذه من ابن عبدل األسدي، وقد دخل على بعض بين مروان، فقال

:هات؛ فأنشد: أقص عليك رؤيا رأيتها ؟ فقال يف ليلة ما كنت قبل أنامها... أغفيت قبل الصبح نوم مسهد

فتذانة حسن علي قيامها... فرأيت أنك رعتين بوليدة

دمهاء ناجية يصل جلامها... وببدرة محلت إيل وبغلة عوضا يصيبك بردها وسالمها... فدعوت ريب أن يثيبك جنة

امرأيت طالق إن كنت رأيتها إال شهباء، ولكين : فقال. عندنا شهباء عندي كل شيء إال البغلة فإهنا: فقال .غلطت

وذلك أنه كان متصال به، منقطعا إليه، فأغفله، فغاب عنه أياما مث : والبن عدل ظريفة مع بشر بن مروانوج بابنة خرجت أيها األمري إىل البادية أطلب التز: أين غبت، فقد طلبتك فلم أقدر عليك ؟ قال: أتاه فقال

يل أموال متفرقة على الناس، وأنا امرأة ال قيم يل، فاقتضها يل وأنا أتزوجك؛ فاقتضيت هلا : عم يل أمي فقالت :مجيع أمواهلا، فلما فرغت كتبت إيل

بقطع حبال وصلك من حبايل... سيخطئك الذي أملت مني وكنت تعد ذلك رأس مال... كما أخطاك معروف ابن بشر

.ما أحسن ما تلطفت :فضحك وقالولدت يل : ما هذا يا أبا دالمة ؟ فقال: ودخل أبو دالمة يوما على املنصور وبني أصبعيه خرقة، فقال له

:الباحة صبية وقد قلت فيها ومل يكفلك لقمان احلكيم... فما ولدتك مرمي أم عسى يقوم بأمرها بعل لئيم... ولكن قد ولدت ألم سوء

أمألوها : فقال املنصور. ملء هذه اخلرقة أستعني هبا على تربيتها: ما تريد ؟ قال: الفضحك املنصور وق .دراهم، ففتحوها فإذا هي رداء رقيق كبري، فمألوه؛ فأخذ عشرة آالف درهم

.وكان املنصور خبيال، وإمنا كان أبو دالمة يستنزله بامللح لشدة خبله، فقد كان يتجاوز الغاية يف ذلك

خبل املنصور

ما أقدمك : فقال. وكان املنصور قبل أن يلي اخلالفة ينزل على أزهر السمان، فلما استخلف صار إليه أزهرفأمر له باثين . حاجة أمري املؤمنني؛ علي أربعة آالف درهم، ويل دار متهدمة، وأريد البناء البين حممد: ؟ قال

.علأف: قال. يا أزهر؛ ال تأتنا طالب حاجة: وقال. عشر ألف درهمإنه ليقع يف : جئت مسلما على أمري املؤمنني، قال: يا أزهر؛ ما جاء بك ؟ قال: فلما كان بعد قليل عاد فقال

ال تأتنا طالب حاجة : وقال. نفسي أن ما أتيت إال ملا أتيت له يف املرة األوىل، وأمر له باثين عشر ألف درهمدعاء كنت مسعت أمري املؤمنني : أزهر؛ ما جاء بك؟ قاليا : مث ما لبث أن عاد فقال! نعم : قال. وال مسلما

ال تكتبه فإن غري مستجاب، ألين دعوت اهللا به أن : فقال. يدعو به فجئت مستمليا آلخذه عن أمري املؤمنني .مث صرفه ومل يعطه شيئا. يرحين منك فلم يستجب يل

ابن هرمة ميدح املنصور فيجيزه

:هرمة أنشده قصيدته اليت يقول فيها وملا دخل عليه إبراهيم بن علي بن إذا كرها فيها عقاب ونائل... له حلظات يف حفايف سريره وأم الذي حاولت بالثكل ثاكل... فأم الذي أمنت آمنة الردى

ال تتلفا طمعا يف مثلها، فما : يا إبراهيم: مث قال. فرفع احلجاب له، وأقبل عليه وأمر له بعشرة آالف درهم. ألقاك هبا يا أمري املؤمنني يوم العرض خبتم اجلهبذ: فقال. قت تصل إلينا، وال يصلك منا مثلهاكل و

تكتب يل إىل عامل املدينة أال حيدين إذا أيت يب إليه وأنا سكران، : اذكر حوائجك ؟ فقال: وقال. فضحكني، فكتب إىل عامر املدينة؛ من حتتال يل يا أمري املؤمن: فقال. هذا حد من حدود اهللا ال ميكن تعطيله: فقال

فكانوا ميرون به . فتحاماه الشرط. أتاك بابن هرمة وهو سكران فاضربه احلد، واضرب الذي يأتيك به مائة !من يشتري مثانني مبائة ؟: مطروحا يف سكك املدينة فيقولون

مدحة وعطاء

امتدحته فأمر يل بعشرين ألف درهم، قدمت على املهدي وهو إذ ذاك ويل عهد أبيه، ف: وقال املؤمل بن أميلفكتب ذلك صاحب الربيد إىل املنصور وهو مبدينة السالم خيربه أن األمري أمر لشاعر بعشرين ألف درهم،

إمنا كان ينبغي لك أن تعطي الشاعر إذا أقام ببابك سنة أربعة آالف : فكتب إليه يعذله ويلومه، ويقولالشاعر، فطلب فلم يقدر عليه، فكتب إليه أن قد توجه إىل مدينة درهم، وكتب إىل كاتبه أن يوجه إليه ب

.السالم

فأجلس قائدا من قواده على جسر النهروان، وأمره أن يتصفح الناس رجال رجال، فجعل ال مير به قافلة إال : ي، قالاملؤمل بن أميل من زوار املهد: من أنت ؟ قال: تصفحهم، فمرت القافلة اليت فيها املؤمل، فقال له

سر، فسرت معه : فكاد واهللا قليب ينصدع خوفا من أيب جعفر، فقبض علي، وقال: إياك أردت، قال املؤمل: قال. أدخلوه: قال. هذا الشاعر قد ظفرنا به: فسلمين إىل الربيع، فدخل الربيع على املنصور فقال له

نعم : أنت املؤمل بن أميل ؟ قلت: ليس ههنا إال اخلري، فقال: فقلت. فدخلت عليه فسلمت فرد السالمبل أتيت كرميا : فقلت!! أتيت غالما غرا فجدعته فاخندع : أصلح اهللا أمري املؤمنني، أنا املؤمل، فقال :أنشدين ما قلت فيه، فأنشدته: فكأن ذلك أعجبه، فقال: فخدعته فاخندع، والكرمي خيدع، قال

املنري مشابه صورة القمر... هو املهدي إال أن فيه أنارا يشكالن على البصري... تشابه ذا وذا فهما إذا ما

وهذا يف الظالم سراج نور... فهذا يف الضياء سراج عدل على ذا باملنابر والسرير... ولكن فضل الرمحن هذا وما ذا باألمري وال الوزير... وبامللك العزيز فذا أمري

نقصان الشهور منري عند... ونقص الشهر خيمد ذا، وهذا به تعلو مفاخرة الفخور... فيابن خليفة الله املصفى

إليك من السهولة والوعور... لئن فت امللوك وقد توافوا أتوا ما بني كاب أو حسري... لقد سبق امللوك أبوك حتى وما بك حني جتري من فتور... وجئت وراءه جتري حثيثا بني اخلليق من اجلدير كما... فقال الناس ما هذان إال

فذا فضل الكبري على الصغري... لئن فات الكبري مدى الصغري فقد خلق الصغري من الكبري... وإن بلغ الصغري مدى الكبري

يا ربيع، : هوذا، قال: واهللا لقد أحسنت، ولكن ال تساوي عشرين ألف درهم، فأين املال ؟ قلت: فقال .ذ الباقيانزل معه فأعطه عشرة آالف درهم وخ

فلما صارت اخلالفة إىل املهدي وويل ابن ثوبان املظامل، وكان جيلس للناس بالرصافة، فإذا مأل ثوبه رقاعا دفعها إىل املهدي؛ فدفعت إليه رقعة، فلما دخل هبا ابن ثوبان وجعل املهدي ينظر يف الرقاع حىت نظر يف

منني، ما رأيتك ضحكت من شيء إال من هذه الرقعة أصلح اهللا أمري املؤ: رقعيت ضحك، فقال له ابن ثوبان .هذه رقعة أعرف سببها، ردوا عليه العشرة آالف، فردت: ؟ فقال

:أخذ قوله يف القمر علي بن اجلهم فقال فلم أدر أيهما أنور... رأيت اهلالل على وجهه وهذا قريب ملن ينظر... سوى أن ذاك بعيد احملل وما من يغيب كمن حيضر... وذاك يغيب وذا حاضر :وقال إبراهيم بن العباس

لبدر الدجى حاشاك أن تشبهي البدرا... وعابك أقوام فقالوا شبيهة لقد قارفوا الشنعاء واقترفوا الوزرا... لئن شبهوك البدر ليلة مته

ضياء منريا يطلع الشهر والدهرا ؟... أيشبه بدر آفل نصف شهره كنا : قال الربيع بن يونس احلاجب: يف موازنة املهدي باملنصور قول زهري بن أيب سلمىوإمنا نقل املؤمل

وقوفا على رأس املنصور يف يوم عيد وقد طرحت وسادة بني يديه؛ فجلس املهدي عليها، والناس مساطان وأحسن مث على مراتبهم، إذ أقبل صاحل بن املنصور امللقب باملسكني وهو حدث فوقف بني السماطني فسلم

إيل يا : فلم يبلغه ذلك اليوم خطيب؛ فمد املنصور يده فقال: قال الربيع. استأذن يف الكالم فأذن له فتكلم! بين، فلما دنا منه اعتنقه وأقعده قدامه، مث نظر يف وجوه القوم هل منهم أحد يصف كالمه وما كان منه

قام عندك يا أمري املؤمنني، ما أفصح لسانه، هللا در خطيب: فكلهم هاب املهدي، فقال عقال بن شبة فقالوحق ملن كان أمري املؤمنني أباه، ! وأبني بيانه، وأمضى جنانه، وأبل ريقه، وأغمض عروقه، وأسهل طريقه

:واملهدي أخاه، أن يكون كما قال زهري على تكاليفه فمثله حلقا... هو اجلواد فإن يلحق بشأومها فبالذي قدما من صاحل سبقا... أو يسبقاه على ما كان من مهل

فقال يل أبو عبد اهللا وكان إىل جانيب ما رأيت مثل عقال بن شبة قط؛ أرضى أمري املؤمنني، : قال الربيع .ومدح الغالم، وسلم من مذمة املهدي

.ال ينصرف التميمي إال بثالثني ألف درهم: فقال املنصور للربيعإنه ال يعد شاعرا إال هبا ما : حسان ال أعرف له خريا منها، ولو قلت وأبيات املؤمل: قال أبو بكر الصويل

:أبعدت، وما كان يعرفها الناس، وإمنا شهر بقصيدته اليت أوهلا ليت املؤمل مل خيلق له بصر... شف املؤمل يوم احلرية النظر

ومن أحسن ما قاله . ت يف شعركهذا ما متني: إنه ملا قال هذا عمي، فرأى يف منامه إنسانا يقول له: ويقال :املؤمل قوله

وتركتين صبا بكم مطواعا... أهبار قد هيجت يل أوجاعا وحش الفالة به جلئن سراعا... حبديثك احلسن الذي لو حدثت

أضحت مسيته لطال ذراعا... والله لو علم البهار بأهنا

أبو دالمة واملنصور

فسيكفيكهم الله وهو : " قالنس طوال، وأن يكتبوا يف ظهور ثياهبموكان املنصور قد أخذ الناس بلباس كيف حالك يا : فدخل أبو دالمة عليه يف ذلك الزي، فقال. ، وأن يطيلوا محائل سيوفهم" السميع العليم فأمر !! ما حال من صار وجهه يف وسطه، وسيفه يف استه، وقد نبذ كتاب اهللا وراء ظهره : أبا دالمة ؟ فقال

.صور بتغيري ذلك الزياملنودخل أبو دالمة على أم سلمة بنت يعقوب بن مسلمة املخزومية زوجة أيب العباس السفاح يعزيها عنه

:فبكى وأنشد قصيدة منها ال تستطيع من البالد حويال... أمسيت باألنبار يابن حممد

ويال وهوال يف احلياة طويال... ويلي عليك وويل أهلي كلهم وليبكني لك الرجال عويال... ني لك النساء بعربة فلتبك

فجعلته لك يف التراب عديال... مات الندى إذ مت يابن حممد صربي وال جلدي عليك مجيال... إن أمجلوا يف الصرب عنك فلم يكن

لو عشت دهري ما وجدت بديال... جيدون منك خالئفا وأنا امرؤ فوجدت أمسح من وجدت خبيال. ..إين سألت الناس بعدك كلهم يدع العزيز من الرجال ذليال... ألشقويت أخرت بعدك للذي يدع السمني من العيال هزيال... ألشقويت أخرت بعدك للذي

وال سواي، أنت لك ولد منه : يا زند، ما أصيب أحد بأمري املؤمنني غريي وغريك ؟ قال: فقالت له أم سلمةيا زند، : فضحكت أم سلمة ومل تكن ضحكت منذ مات أبو العباس، وقالت. د يل مهتتسلني به، وأنا ال ول

!.ما تدع أحدا إال أضحكته

لئن : وقال. وأنشد أبو دالمة املنصور هذه القصيدة فأبكى الناس مجيعا، وغضب املنصور غضبا شديدابا العباس كان يل مكرما وهو الذي يا أمري املؤمنني؛ إن أ: مسعتك بعد اليوم تنشدها ألقطعن لسانك، فقال

ال تثريب عليكم اليوم " جاء يب من البدو كما جاء يوسف عليه السالم بإخوته، فقل كما قال اهللا عز وجل " .يغفر الله لكم وهو أرحم الرامحني قد يا أمري املؤمنني، إن أبا العباس: قد أقلناك فسل حاجتك ؟ فقال: فسري عن املنصور وضحك، وقال

هؤالء : ومن يعلم ذلك ؟ قال: فقال املنصور. كان أمر يل بعشرة آالف درهم وهو مريض ومل أقبضهافقال . حنن نعلم ذلك: فوثب سليمان بن جماهد وأبو اجلهم، فقاال. كلهم، وأشار إىل مجاعة ممن حضر

بن علي، وكان قد خرج ادفعها إليه وسريه إىل هذا الطاغية يعين عبد اهللا: املنصور أليب أيوب املورياين .وأظهر اخلالف عليه بناحية الشام، ومجع مجعا كثريا من بقايا بين أمية وقوادهم، وأهل البأس والنجدة

إن ميين : فقال املنصور. يا أمري املؤمنني؛ إين أعيذك باهللا أن أخرج معهم، فإين واهللا مشؤوم: فقال أبو دالمةواهللا ما أحب يا أمري املؤمنني، وال أرى أن جترب؛ فإين ال أدري :فقال. يغلب شؤمك، فاخرج مع اجليش

يا أمري املؤمنني؛ واهللا ألصدقنك، إين : فقال. دعين فال بد من مسريك: فقال. على أي املنزلتني تكونحضرت تسعة عساكر هزمتها كلها، وإن شئت بينتها لك؛ فاستفرغ املنصور ضحكا، وأمره بالتخلف مع

.بالكوفة عيسى بن موسى

تأهب حىت خترج معي يف هذا الوجه، وأعطاه : وأراد موسى بن داود اخلروج إىل احلج، فقال أليب دالمةخلف لعيالك ما يكفيهم واخرج؛ وإمنا أراد أن يأنس به يف طريقه حبديثه : عشرة آالف درهم، وقال له

.وأشعاره ونوادرهفة، فجعل يشرب من مخرها ويتمتع يف نزهها، فلما حضر خروج موسى هرب أبو دالمة إىل سواد الكو

دعوه إىل : فسأل عنه فأخربوها باستتاره، فطلبه فلم يقدر عليه، وخاف أن يفوته احلج؛ فلما يئس منه قالفلما شارف القادسية إذا هو بأيب دالمة قد خرج من قرية يريد أخرى، فبصر . النار وحر سقر وأليم عذابه

الكذاب، فر من احلق إىل الباطل، ومن احلج إىل حانات اخلمارين، قيدوه وألقوه ائتوين بعدو اهللا: فقال. به :ففعل ذلك به، فلما ولت اإلبل، صاح أبو دالمة بأعلى صوته. يف بعض احملامل

صلى اإلله على موسى بن داود... يأيها الناس قولوا أمجعني معي ه السودإذا تشرف يف أثواب... كأن ديباجيت خديه من ذهب

وأنت أشبه خلق الله باجلود... أما أبوك فعني اجلود نعرفه من الطالء وما شريب بتصريد... نبئت أن طريق احلج معطشة

يف املسلمني وما ديين مبحمود... والله ما يف من خري فتطلبه من أن أحج بكره يابن داود... إين أعوذ بداود وتربته

.ن احململ، فعليه لعنة اهللا، ودعوه يذهب إىل سقر وحر نارها، فألقوهألقوه ع: فقال موسىومضى موسى لوجهه، فما زال أبو دالمة يتمتع بالنزه، ويشرب اخلمر حىت أتلف العشرة آالف رهم،

واهللا ما : أتدري ما فاتك من اخلري ؟ فقال: وانصرف موسى من حجه، فدخل أبو دالمة يهنئه، فلما رآه قال . ليال وال هنارا يريد الشرب والقصف فضحك ووصلهفاتين خري

ودخل أبو دالمة على املهدي وعنده عيسى بن موسى، والعباس بن حممد، وناس من بين هاشم، فقال اهج من شئت ممن ضمه هذا اجمللس ولك اجلائزة؛ : قال. لبيك يا أمري املؤمنني: قال. يا أبا دالمة: املهدي

:أنا أحد من يف اجمللس مث أنشده: شريفا قريبا من املهدي، فقالفنظر يف القوم فلم ير إال فليس من الكرام وال كرامه... أال أبلغ إليك أبا دالمه

وخنزير إذا نزع العمامه... إذا لبس العمامة قلت قرد فال تفرح فقد دنت القيامه... فإن تك قد أصبت نعيم دنيا

يا أمري املؤمنني؛ تأمر : فقال. متن: مل يسود بأحد منهم، فقال له املهديفضحك املهدي، وسر القوم، إذ : قال. إن كانت احلاجة يل فليس لك أن تعرض فيها: يابن الفاعلة؛ وما تصنع به ؟ فقال: يل بكلب صيد، فقال

فأمر له بغالم. ال بد هلذا الكلب من كالب: يا أمري املؤمنني: فقال. صدقت أعطوه كلبا، فأعطي: فقالومن يسوس الدابة ؟ : أعطوه دابة، فقال: يا أمري املؤمنني، أو يتهيأ يل أن أصيد راجال ؟ فقال: مملوك، فقال

ومن يأويهم ؟ : فقال. أعطوه طباخا: ومن ينحر الصيد ويصلحه ؟ فقال: فقال. أعطوه غالما سائسا: فقاليكتب له إىل البصرة مبائة جريب : لهم ؟ فقالومن ميون هؤالء ك: أعطوه دارا، فبكى أبو دالمة وقال: فقال

فأنا أعطيك مائيت ألف : قال. اليت ال نبات فيها: وما الغامرة ؟ قال: فقال. عامرة، ومائيت جريب غامرة: قال. على أن أخرج املال منه: قال. بيت املال: ما تريد ؟ قال: جريب من فيايف بين أسد، فضحك وقال

يا أمري املؤمنني؛ ائذن : فقال. اذهب فقد جعلناها لك كلها عامرة: غ ضاحكا وقالفإذا يصري غامرا، فاستفر. واهللا ما متنع عيايل شيئا أهون عليهم من هذا، فناوله يده فقبلها: فقال. أما هذه فدعا: يل أن أقبل يدك، قال

.ره بالنسبوقد تقدم له بعض هذا حكاية مع املنصور، والرواة خيتلفون، وهو أدب ال خيطب أبكاوخرج أبو دالمة مع املهدي وعلي بن سليمان إىل الصيد، فعن هلم ظيب؛ فرماه املهدي فأصابه، ورمى علي

:قل يف هذا شيئا فأنشد: بن سليمان فأصاب كلب الصيد، فضحك املهدي وقال أليب دالمة شك بالسهم فؤاده... قد رمى املهدي ظبيا

فصاده ن رمى كلبا... وعلي بن سليما ل امرىء يأكل زاده... فهنيئا هلما ك

.فاستفرغ املهدي ضحكا وأمر له جبائزة

وكان أبو العباس السفاح مولعا بأيب دالمة، ال يفارقه ليال وال هنارا لكثرة نوادره وجودة شعره، ومعرفته ين فيشرب مع إخوانه من بأيام الناس وأخبارهم؛ وكان أبو دالمة يهرب منه جهده، ويأيت حانات اخلمار

واهللا يا أمر املؤمنني؛ إن الفضل والشرف والعز : الشعراء، وكان حيب جمالستهم وهترب من مؤانستنا ؟ فقالواخلري كله يف الوقوف ببابك ولزوم خدمتك، ولكن نكره كما ذكرت، وال مللتك قط، وإنك لتعلم ذلك،

مث أمره بلزوم قصره، ووكل به من مينعه . ونولكنك قد اعتدت حانات اخلمارين، وجمالسة أهل اجمل

:اخلروج، وأمره مبالزمة املسجد الذي يصلي فيه السفاح، حىت أضر به فقال !مبسجده والقصر، ما يل وللقصر ... أمل تعلموا أن اخلليفة لزين

فويلي من األوىل وويلي من العصر... أصلي به األوىل مع العصر آيسا أعلل فيه بالسماع وباخلمر... أستلذه وحيبسين عن جملس

وال الرب واإلحسان واخلري من أمري... ووالله ما يل نية يف صالته لو أن ذنوب العاملني على ظهري... وما ضره، والله يصلح أمره

.دعوه وشأنه، فواهللا ما أفلح قط: فلما بلغت األبيات السفاح قالاستنكهوه؛ ففعلوا فوجدوا رائحة اخلمر، : فأتى املهدي بأيب دالمة فقال وشرب أبو دالمة مع محاد عجرد،

فأحب أن يعبث به؛ فأمر الربيع أن حيبسه يف بيت الدجاج ويطني عليه الباب، ففعل؛ مث أمر بعد يومني ، وال يا عدو اهللا؛ أتشرب اخلمر ؟ أما إين ألقيمن عليك احلد: فأخرج ملببا بطيلسانه، فأقيم بني يديه، فقال

:تأخذين فيك لومة الئم، فأنشأ أبو دالمة عالم حبستين وخرقت ساجي... أمري املؤمنني، فدتك نفسي كأين بعض عمال اخلراج... أقاد إىل السجون بغري جرم

ولكين حبست مع الدجاج... ولو معهم حبست لكان خريا اجترقرق يف اإلناء لدى املز... ريح املسك فيها ! أمن صهباء

كأن شعاعها هلب السراج... عقار مثل عني الديك صرف لقد صارت من النطف النضاج... وقد طبخت بنار الله حىت بأني من عقابك غري ناجي... وقد كانت حتدثين ذنويب خلريك، بعد ذاك الشر، راجي... على أين وإن القيت شرا

يا أمري املؤمنني، أما مسعت : آالف درهم، فلما وىل قال الربيع فأمر به فأقيم عليه احلد، مث أمر له بأربعة :قوله

لقد صارت من النطف النضاج... وقد طبخت بنار الله حىت : فلما حضر قال له املهدي. ردوه نسأله عن ذلك: قال. يعين به الشمس: بلى، فما يعين بذلك ؟ قال: قال

نار اهللا املوقدة، اليت تطلع على فؤاد : ال يا أمري املؤمنني، ولكن: ما تعين بنار اهللا ؟ أتعين هبا الشمس ؟ قال .الربيع مؤصدة، وعلى من أخربك أين عنيت هبا الشمس مطبقة؛ فضح املهدي وجلساؤه وعفا عنه، فذهب

أمري املؤمنني يقرئكم : وخرج الربيع إىل أصحاب املنصور وهم بالباب، وقد هرب منه سلم غالمه، فقال هلمإن غالمي سلما قد هرب، وحمال أن يهرب أحد من غلماين إال وقد أسند أمره إىل : م، ويقول لكمالسال

.واحد منكمأما سلم فال نعرف خربه وال : قال! نعم : قال. بلغ عنا أمري املؤمنني كما بلغتنا عنه: فقام أبو دالمة فقال

ذه، وكان بينه وبني بديع تباعد، فبلغ ذاك قصته، ولكن هذا بديع يريد اهلروب، فرأي أمري املؤمنني يف أخ .املنصور فهرب

وماتت محادة بنت علي بن عبد اهللا بن عباس، فصار املنصور إىل شفري قربها ينتظر اجلنازة، وكان أبو دالمة .عمة أمري املؤمنني يؤتى هبا الساعة: ما أعددت هلذه احلفرة يا أبا دالمة ؟ فقال: حاضرا فقال

خبري، : كيف خلفت احلاج ؟ قالت: زنا وطيف هبا على مجل، فمرت ببعض اجملان فقال هلا أخذت امرأة يف .وقد كانت أمك معنا، فخرجت يف النفر األول

من ملح اجلماز

.انظر يف املرآة فإنك تراه: فقال له. أشتهي أن أرى الشيطان: وقال رجل للجمازكذبت؛ ألين ال : قال. يف أخس موضع مين: ؟ قال وأين هي: قال له. أنا وجع من دمل يف: وقال له رجل

.أرى يف وجهك شيئا

يا أبا عبد اهللا؛ أنا رجل جامد العني، لو مات أيب ما بكيت، ولكن إذا مسعت الصوت الفريح : وقال له رجل .على أنك ال تلفح أبدا: فعالم يدل هذا ؟ قال. من الوجه املليح، بكيت حىت أغمي علي

ت أن أمحل أمي إىل بغداد، فخفت إن محلتها يف البحر أن تعطب، وإن محلتها يف الرب أن أرد: وقال له رجل .فخذها يف سفتجة: قال. تتعب

فلما دخل . كنا نكثر عنده ذكر اجلماز حىت اشتاقه، فكتب يف محله من البصرة: قال بعض جلساء املتوكلحبيضة أم حبيضتني يا أمري املؤمنني ؟ : الفق. تكلم فإين أحب أن أستربئك: فقال له املتوكل. عليه أفحم

فامسع يل وأطع، فأنت : قال. قد والك أمري املؤمنني على الكالب والقردة: مث قال له الفتح. فضحك املتوكلأنا أعرف من نفسي ما حتتاج : إذا وهب لك أمري املؤمنني جارية، فما تصنع هبا ؟ فقال: فقال له. من رعييت

فضحك املتوكل، وأمر له بعشرة آالف درهم، فمات فرحا ومل يصل إىل . قود عليهاواهللا جارية إال أن أ .البصرة

وكان اجلماز ال يدخل بيته أكثر من ثالثة لضيقه، فدعا ثالثة من إخوانه فأتاه ستة، ووقف كل واحد على الباب رجل وقرعوا الباب، فنظر من كوة أسفل الباب وكذلك كان يعمل فعد ستة أرجل، فلما فتح

.اخرجوا عين فإين دعوت أناسا ومل أدع كراكي: دخلوا؛ فقالواجلماز هو أبو عبد اهللا حممد بن عمرو بن محاد بن عطاء بن ياسر، وكانوا يزعمون أهنم من محري صليبة

. وكان اجلماز صاحبا أليب نواس حىت ماتا. ناهلم سباء يف خالفة أيب بكر وهم مواليه، وسلم اخلاسر عمهكان أظرف الناس منطقا، وأغزرهم أدبا، وأقدرهم على الكالم، وأسرعهم جوابا، : ف أبا نواس، فقالووص

وأكثرهم حياء؛ وكان أبيض اللون، مجيل الوجه، مليح النغمة والشارة، ملتف األعضاء، بني الطويل ف واألطراف، والقصري، مسنون الوجه، قائم األنف، حسن العينني واملضحك حلو الصورة، لطيف الك

وكان فصيح اللسان، جيد البيان، كثري النوادر؛ وكان راوية لألشعار، وعالمة باألخبار، وكان كالمه شعرا .غري موزون

وأقبل أبو شراعة واجلماز يف حديثه وكانت يد أيب شراعة كأهنا كربة خنل وكان أقبح الناس وجها، فقال

.تم حسنهفلو كانت أطرافه على أيب شراعة ل: اجلماز .فغضب أبو شراعة، فبصق الناس يف وجهه

من أدب أيب شراعة

:وأبو شراعة شاعر جميد وهو القائل خري املعاد وأسقى ربعكم دميا... بين رياح أعاد الله نعمتكم يكاد ينهل من أعطافه كرما... فكم به من فىت حلو مشائله

إخواهنم نعماإال تلبسها ... مل يلبسوا نعمة لله مذ خلقوا وكان أبو شراعة حليما مألوفا، مجيل اخللق، كرمي العشرة، وكان يقول من الشعر ما : قال أبو العباس املربد

جيانب به مذاهب احملدثني، ويقترف طريق املاضني وأهل البادية؛ فشعره عريب حمض، وامسه أمحد بن حممد بن :شراعة القيسي ومن شعره

هزيال وبعض اآليبني مسني... أؤوهبا تقول ابنة البكري حني فإنك يف القوم الكرام مكني... لك اخلري ال يدخل ألهلك رحله

هلا يف وجوه السائلني غضون... ذريين أمت من قبل حلي حملة مبا فيه من ماء احلياة ضنني... وأفدي مبايل ماء وجهي فإنين

واين الكرام عيونإلخ: فقلت... حلاك الله ال تنأ جانبا : فقالت :وله يهجو أمحد بن املدبر وأخاه إبراهيم

كذاك حجاب كسرى أردشري... حجاب ابن املدبر كسروي سلوه هل شهدت له بزور... شهدت بأنه من آل كسرى

تضاحك من أرى حول السرير... كفاك شهاديت باحلق لوال رفلست بذاكر أهل القبو... فإن يكن املدبر جرمقيا

:وكتب إىل سعيد بن موسى بن سيد بن سلم الباهلي، يستهديه نبيذا، ووجه إليه بقرابة يف غالف جمللة يضفو عليها جالهلا... إليك ابن موسى اخلري أعملت ناقيت سواء عليها موهتا واعتالهلا... كتوم الوجى ال تشتكي أمل السرى يبد منها هزاهلاوإن ظمئت مل ... إذا سقيت أبصرت ما جوف بطنها

وإن حط عنها مل أبل كيف حاهلا... وإن محلت محال تكلفت محلها

إليك وما خيشى عليها كالهلا... بعثنا هبا تسمو العيون وراءها مىت راجع من أم عمرو خياهلا... وغنى مغنينا بصوت فشاقين

ويعجبين فرساهنا ورجاهلا... أحب لكم قيس بن عيالن كلها أبوك هلا بدر وأنت هالهلا... يل ال أهوى بقاء قبيلة وما

من مليح شعر اجلماز

وللجماز مقطعات مالح، يف ضروب اهلجاء واالمتداح، منها قوله يف خصي كان يكايده على قينة؛ يسمى :رباح

وللغواين املالح... ما للخصي رباح غاز بغري سالح... أليس زان خصي :الرومي ويف مثله يقول ابن

خالفوها يف خفة األرواح... معشر أشبهوا القرود ولكن كونيم الذباب يف اللفاح... منشة فوق صفرة فتراه

مل خيرج من ظهره مؤمن، وال خرج من ظهر مؤمن، وهو : يف اخلصي عشرة أحوال متضادة: قال اجلاحظم على طعام، وهو أسوأ الناس أدبا، أكثر الناس غرية، وأشدهم قيادة، وهو أضعف الناس معدة، وأشرهه

وهو يعلم األدب، وهو أغزر الناس دمعة، وأقساهم قلبا، وما خال قط مع امرأة إال حدثته نفسه أنه رجل، .وال خال مع رجل إال حدثته نفسه أنه امرأة

:وقال اجلماز لبعض املسجديني والترك له ريبه... تركت املسجد اجلامع

وال تشهد مكتوبه ...فال نافلة تأيت على األعالم منصوبه... وأخبارك تأتينا

زدناك من الغيبه... فإن زدت من الغيب :ومثله قول أيب القاسم إمساعيل بن عباد، يف مغن يعرف بابن عذاب

يقبله كل من يعيه... أقول قوال بال احتشام فإنين منه يف أبيه... ابن عذاب إذا تغنى :توكلوقال اجلماز يف امل

أخاف أال أحده بصفه... قالوا امتدحت اإلمام قلت هلم كان أبو السمط عنده طرفه... وكيف يعطي على املدائح من

أنصاف كتب ليست مبؤتلفه... كأن إنشادنا مدائحه :أخذه من قول أيب متام

بالعذل وهنا أخت آل شهاب... أذكت عليك شهاب نار يف احلشا قرأت به الورهاء نصف كتاب... نون كأنما عذال شبيها باجل

بني علي بن اجلهم وأيب السمط

وكان أبو السمط بن أيب حفصة أثريا عند املتوكل؛ وكان علي بن اجلهم يقع فيه ملنزلته عند املتوكل وحسده . حليي أسدينيا أمري املؤمنني؛ طرحتين بني: أيهما أشعر ؟ فقال: له؛ فأغرى بينهما يوما فقال حلمدون الندمي

علم : قال. يا علي، قد حكم محدون عليك: فقال املتوكل. أعرقهما بالشعر أشعرمها: قال. لتقولن: قالقد كظين الشراب، فإذا أفقت قلت؛ فقال أبو : فقال علي. هتاجيا: فقال املتوكل. رأيك فيه فساعدك

:السمط بديها إذا القاين ويقول يل حسنا... إن ابن جهم يف املغيب يسبين لو كان يرمحها ملا عاداين... إن ابن جهم ليس يرحم أمه

:فضحك املتوكل، واخنذل ابن اجلهم؛ فقال أبو السمط وهذا علي بعده يصنع الشعرا... لعمرك ما جهم بن بدر بشاعر

فلما تعاطى الشعر أمرا... ولكن أيب قد كان جرا إلمه :ن سكره قالوملا أفاق علي بن اجلهم م

عداوة غري ذي حسب ودين... بالء ليس يشبهه بالء ويرتع منك يف عرض مصون... يبيحك منه عرضا مل يصنه

العجم والشعر

: ممن تكون ؟ قال: ودخل الضيب على عبد اهللا بن طاهر، فأنشد شعرا حسنا وحبضرته أعرايب؛ فقال األعرايب. منا الشعر للعرب، وكل من قاله من العجم فإمنا نزا على أمه أعرايبوما للعجم والشعر وإ: قال. من العجم

.وكذلك من ال يقول الشعر منكم، فإمنا نزا على أمه أعجمي إذا ؟ فأفحمه: فقال

من شعر اجلماز

:ودخل اجلماز على بعض والة البصرة فأنشده ما كان هذا أملي فيكا... أثكلتين الرب وعنيتين

فإنين بعض أياديكا... رشتين ال تتفني بعد ما .ثوب مسرقندي هو، أنشدك إياه مزارعة: مث ماذا ؟ فقال: فضحك، مث قال

. وقيل آلخر مثل ذلك. يكفي من القالدة ما أحاط بالعنق: مل تقصر شعرك ؟ فقال: وقيل لعقيل بن علفة .مل أر املثل السائر إال بيتا واحدا: فقال

:ل، وإمنا كان يقول البيتني والثالثة، وإمنا قال بيتا واحداومل يكن للجماز حظ يف التطوي على خزي من اخلزي... وقعنا من أيب خزي

احذر منصورا إذا رمح : واملصريون يقولون. مل يقل غري هذا، وكذلك ابن بسام، ومنصور بن إمساعيل الفقيه :وهو القائل ملا ذهب بصره وجفاه اإلخوان والرفقاء. بالروح

بعظم نازلة نالته مضرور... قال مات ومل يستوف مدته من به هناية ما خيشى املقادير... وليس يف احلق أن حييا فىت بلغت

أو سوء مذهبه قد عاش منصور... فقل له غري مرتاب بفعلته :ومن ظريف شعره

إذا حنن قلنا خرينا الباذل السمح... تكاد تضيق األرض عنه برحبها على شرط كتمان احلديث هو الفتح... من هذا البغيض أقل لكم فإن قيل

:وقال منصور جال وإن كانت بال مهر... يا من يرى املتعة يف دينه تبني منها ربة اخلدر... وال يرى تسعني تطليقة

فاجتهدوا يف احلمد والشكر... من ههنا طابت مواليكم :وقال

م األدمي سليم النسبسلي... أىب الناس أن يدعوا موسرا بعرضك نفسا فطب بالذهب... وقد خبروك فإن مل تطب

:وقال لنا اجلفا وتبدل... يا من تولى فأبدى من مل ميت فسيعزل... أليس منك مسعنا

:وأتى باب بعض األشراف الرئيسيني، فحجبه خادم امسه شقيف فقال مصابفقد وقع املصاب على ... إذا وقع الضرير على خصي

:وكانت أم هذا الشريف أمة مثنها مثانية عشر دينارا؛ فعتب على منصور فقال ومل يفتين بأمه... من فاتين بأبيه

سكت عن نصف شتمه... ورام شتمي ظلما .اسكت عن اجلميع: وقال. فدفع إليه مائة دينار

.ىفانظر أعزك اهللا البليغ إذا شاء كيف جيعل اجلد هزال، واملعرى حمل :هذا املعىن إمنا اهتدى إليه من قول عنترة بن شداد العبسي وأمه أمة سوداء امسها زبيبة

شطري وأمحي سائري باملنصل... إين امرؤ من خري عبس منصبا .وسأستقل إن شاء اهللا، ذكر ابن بسام، ونقل ظريف ما له يف غري هذا املوضع

طرف وأخبار متفرقة

رب إىل املتوكل أن املعروف بابن املغريب القائد اجتاز البارحة باجلسر سكران، وكتب ابن الكليب صاح اخل .أنا الكركدن فاعرفوين: فشخر وخنر، وبربر وزجمر وجرجر، وبأبأ بفيه، وخرق الشرحية، ومر منصلتا، وقال

.قد عرفنا ما كتب به البغيض إال حرفا واحدا فعلي به: فضحك املتوكل حىت استلقى، وقال

فقال له . بب بب: يا موالي؛ ملا توسط اجلسر قال بفيه: بأبأ بفيه ؟ قال: ما معىن قولك: ما جاء قالفل .انصرف يف غري حفظ اهللا: املتوكل

وركب املأمون ليال فإذا بثمامة بن أشرس سكران، فلما علم باملأمون توارى عنه، فقصده املأمون حىت وقف : قال. ال أدري واهللا: فمن أنا ؟ فال: قال. ال واهللا: أسكران ؟ قال: قال .إي واهللا: مثامة ؟ قال: فقال. عليه

.فضحك وتركه. تترى إن شاء اهللا: قال. عليك لعنة اهللا

فراسة املهدي

وملا فرغ املهدي من قصره بعيساباذ ركب يف مجاعة للنظر إليه، فدخله مفاجأة، وأخرج كل من هناك من من أنت ؟ : فقال. ر األعوان؛ فرأى املهدي أحدمها وهو دهش ال يعقلالناس، وبقي رجالن خفيا عن أبصا

ألك حاجة ؟ : قال. ال أدري ال أدري ال أدري ال أدري: قال! من أنت ؟ ويلك : فقال. أنا أنا أنا أنا: قالاتبعه إىل منزله، وسل : فلما خرج قال املهدي لغالمه. أخرجوه، أخرج اهللا روحه: قال. ال ال ال ال: قال

.عنه، فإين أراه حائكا، فخرج الغالم يقفوه

فما جاء : قال. رجل من أبناء دعوتك: مث رأى اآلخر فاستنطقه فأجابه بقلب جريء، ولسان طلق؛ وقالجئت ألنظر إىل هذا البناء، وأمتتع بالنظر إليه، وأكثر الدعاء ألمري املؤمنني بطول البقاء، : بك إىل هنا ؟ قال: خطبت ابنة عمي فردين أبوها وقال يل! نعم : أفلك حاجة ؟ قال: قال. العز، والسالمة ومتام النعمة، ومناء

. قد أمرت لك خبمسني ألفا: قال. ال مال لك، والناس إمنا يرغبون يف األموال، وأنا هلا وامق، وإليها تائقرك أكثر من ماضيه، يا أمري املؤمنني؛ قد وصلت فأجزلت الصلة، وأعظمت املنة؛ فجعل اهللا باقي عم: قال

.وآخر أيامك خريا من أوهلا، وأمتعك مبا أنعم به عليك، وأمتع رعيتك بكسل عن مهنته، فإين أراه كاتبا، فرجع الرسوالن حبصة ما : فأمر بتعجيل صلته، ووجه بعض خدمه فقال

.تفرسه املهدي

بدن بال رأس

مل مل تقل يل قلع اهللا : اهللا عنك القذى، فقال لهقطع : وأخذ رجل من حلية مديين شيئا، فانتظر أن يقول له: إين نظرت فلم أر شيئا أقبح من وجهك، فكرهت أن أقول! بأيب أنت وأمي : عنك األسواء ؟ قال املديين

.قلع اهللا عنك األسواء؛ فأكون قد دعوت عليك فيتركك اهللا بدنا بال رأسة زنبق فجحده إياها، وقام يصلي هبم شهر رمضان استودع رجل عند إمام حلته قارور: قال أبو العيناء

.قارورة زنبق: فقال الرجل. وكررها" قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون : " وقرأ

املهدي ينفرد من عسكره

وقدم إليه سفرة كانت ! نعم : ألك طعام ؟ قال: انفرد املهدي من عسكره فاجتاز برجل على ماء، فقال! نعم : معي شراب فهل لك فيه؟ قال! أصلحك اهللا : فقال له الرجل. يدهمعه، فأكل املهدي مث غسل

أنا صديق لوزير أمري املؤمنني، وسأسأله يف أن : قال. ال: أتعرفين ؟ قال: فشرب، فلما انتشى قال للرجلزير لقد قلت إنك صديق لو: أتعرفين من أنا؟ فقال: يسبب لك أسبابا تنتفع هبا؛ مث شرب قدحا ثانيا، وقال

: قال. قل لكي أرى: أتدري من أنا ؟ فقال: وقال. مث شرب ثالثا. أنا وزير أمري املؤمنني: فقال. أمري املؤمننيشربت : ما لك عجلت برفعها ؟ قال: فسد الرجل ركوته وحناها ناحية، فقال له املهدي. أنا أمري املؤمنني

فضحك املهدي . لنبوة، فليس بيين وبينك عملثالثة أقداح فادعيت اخلالفة؛ فإن شربت الرابعة ادعيت اوأدركته اخليل فجعلوا يترجلون ويسلمون عليه باخلالفة، مث ركب املهدي وأمرهم بالتحفظ على الرجل؛

يا أمري املؤمنني، نصيحة، : فقال. فلما تيقن الرجل األمر سأهلم أن يقربوه من أمري املؤمنني، فقربوه منهفضحك املهدي . ق منك يف دعواك، وغن ادعيت الرابعة، فأنا أول مؤمن بكما رأيت أصد: فأدناه، فقال

.منه وأمر له بصلة وضمه إىل ندمائه

من شعر إمساعيل بن جامع

لقد أثرى هذا : قال سفيان بن عيينة وقد رأى إمساعيل بن جامع السهمي وعليه بزة وأثواب حسان؛ فقالمباذا يغنيهم ؟ أحتفظون شيئا مما يقول ؟ : هؤالء امللوك، قالإنه يغين : الفىت، فعالم حييا ويعطى ؟ قالوا

:فأنشده بعضهم وأرفع من مئزري املسبل... أطوف هناري مع الطائفني

:أحسن، مث ماذا ؟ فأنشدوه: قال وأتلو من احملكم املنزل... وأسجد بالليل حىت الصباح

:مث ماذا ؟ فأنشدوه. أجاد واهللا: قال يسخر يل ربة احململ... ن يوسف عسى فارج الكرب ع

.أمسك عليك، اللهم ال تسخرها له! آه آه آه : فقال

ابن جامع أطيب الناس غناء

ضمين : حكى عن نفسه قال. وكان ابن جامع أطيب الناس غناء، فاعتقد بغنائه عقدا نفيسة، وأمواال جزيلةنة، فأصبحت يوما وما أملك إال ثالثة دراهم، فهي يف الدهر ضما شديدا وأنا مبكة، فانتقلت بعيايل إىل املدي

إنه ليبلغنا أن الرشيد يتشوق : كمي، وأنا جالس مع بعض أهل املدينة على مناقشة ومذاكرة إذ قال بعضنافقمت موليا فإذا جبارية محرياء على . حنن ننهضك: قالوا. فما يل من هنوض: قال. إليك وأنت ضائع يف بلدنا

:يد الركي، وهي تسعى بني يدي وتترمن بصوت شج يف غنائها وتقولرأسها جرة تر فقال لنا ما أقصر الليل عندنا... شكونا إىل أحبابنا طول ليلنا

جزعنا وهم يستبشرون إذا دنا... إذا أقبل الليل املضر بذي اهلوى سريعا وال يغشى لنا النوم أعينا... وذاك ألن النوم يغشى عيوهنم

نالقي لكانوا يف املضاجع مثلنا... كانوا يالقون مثلما فلو أهنميا جارية؛ ما أدري أوجهك أحسن أم صوتك ؟ فلو : فقلت. فأخذ غناؤها مبجامع قليب، ومل أدرك منه حرفا

مث أسندت ظهرها إىل احلائط مث غنته، فواهللا ما دار يل منه . حبا وكرامة: قالت. شئت أعدت علي الوصفحبا وكرامة، مث أسندت ظهرها : قالت. جارية؛ فلو شئت أعدت علي الصوت مرة أخرى يا: فقلت. حرف

يا جارية؛ لقد أحسنت وتفضلت، : فقلت. إىل اجلدار ووضعت اجلرة مث غنته؛ فواهللا ما دار يل منه حرفما أعجب أحدكم يأيت إىل اجلارية عليها : فلو شئت أعدت الصوت مرة أخرى؛ فغضبت وكلحت وقالت

: أعيدي علي، فضربت بيدي إىل الثالثة دراهم فدفعتها إليها فأخذهتا شبيهة املتكرهة؛ وقالت: فيقولغلة أرجو أن : فقلت. أنت تريد أن تأخذ مين صوتا أحسبك تأخذ عليه ألف دينار وألف دينار وألف دينارالصوت وفهمته، يؤول األمر إىل ما حتسبني، فانبعثت تغين، وأعملت فكري يف غنائها حىت داري يل

فانصرفت مسرورا إىل منزيل أردده حىت خلف على لساين، مث أقبلت أريد بغداد، فنزل يب املكاري على باب احملول أوال وال أدري أين أتوجه، وال من أقصد ؟ حىت انتهى يب السري إىل اجلسر، فرأيت الناس

فرأيت هناك مسجدا . الفضل بن الربيعيعربون؛ فعربت معهم، حىت انتهيت إىل شارع امليدان، إىل باب هذا مسجد قوم سراة، وحضر املغرب فلم ألبث أن جاء املؤذن، فأذن وأقام الصالة : فقلت. مرتفعا

فصليت، مث أقمت مكاين حىت عاد املؤذن للعشاء، فأقام الصالة فصليت على تعب وجوع، مث انصرف عة من اخلدم جلوس، وقوم ينتظرون فراغه، فصلى الناس وبقي يف املسجد رجل، فصلى خلفه مجاعة، ومجا

أجل، وليس يل هبذا البلد معرفة، وليست : قلت. أحسبك غريبا: مليا مث انصرف إيل جبمع جسده، وقال يلفوثب مبادرا ووكل يب . الغناء: وما صناعتك ؟ قلت: قال. صناعيت من الصنائع اليت يتيمم هبا إىل أهل اخلري

مث انتهى إىل دار من دور اخلالفة؛ فمشى . سالم األبرش: من هذا ؟ قال: لموكل يببعض من معه، فقلت ليب يف دهليزها ساعة، حىت انتهى إىل مقصورة من مقاصريها، فأدخلين فيها، ودعا يل بطعام؛ فأتينا مبائدة

ذا إنسان عليها من كل طعام، فأقبلت على األكل حىت ترادت نفسي إيل؛ مث مسعت ركضا يف الدهليز، وإ. ادعوا له بغسول وطيب وخلعة حسنة، ففعل ذلك يب وخلقت: فقال. هوذا: أين الرجل ؟ فقيل: يقول

وأخذ بيدي الرجل ومحلين على دابته، وأتى يب إىل دار اخلالفة، فلم يزل جياور يب دارا بعد دار، حىت انتهى إىل تلك األسرة، أمرين بالصعود إىل دار قوراء، فيها أسرة منصوبة بعضها إىل بعض، فلما انتهى يب

فصعدت، وإذا رجل جالس وعن ميينه ثالث جوار يف حجورهن العيدان، ويف حجر الرجل عود، فرحب يب ذلك الرجل، وإذا جمالس قد كان فيها قوم فقاموا عنها، مث مل ألبث أن أخرج خادم من وراء الستر؛ فقال

:اء وال أحسن الصوت، وهو هذاتغن؛ فغىن الصوت فواهللا ما أحسن الغن: للرجل ومل تر الشمس إال دوهنا الكلل... مل متش ميال ومل تركب على مجل

تغين؛ فغنت بصوت لني كانت فيه أحسن من الرجل حاال، مث : فقام اخلادم إىل اجلارية اليت تلي الرجل، فقال

فغنيت بصوت ! تغن رمحك اهللا : قال للثانية فغنت، وللثالثة فغنت بصوت حلنني؛ مث عاد اخلادم فقال يلملن هذا الغناء ؟ ! وحيك : الرجل على غري ما غناه، فإذا حنو من مخسني خادما حيضرون إىل األسرة، فقال يل

فسكت، مث دار : قال. كذبت، هذا الغناء إلمساعيل بن جامع: يل، فانصرفوا وخرج اخلادم فقال: قلتأي شيء أنتظر، فاندفعت أغين : فقلت يف نفسي! تغن رمحك اهللا : الدور، فلما انتهى إيل خرج اخلادم فقال

:بصوت ال يعرف إال يل كيف الوقوف وأنتم سفر... عوجي علي فسلمي جرب

حىت يفرق بيننا الدهر... ما نلتقي إال ثالث مىن

، هذا غناء كذبت: فقال. يل: ملن هذا الغناء ؟ فقلت: فزلزلت عليهم الدار، وخرج اخلادم فقال: قالإمساعيل بن جامع، فما شعرت إال وأمري املؤمنني وجعفر بن حيىي قد أقبال من وراء الستر الذي كان خيرج

فلما صعد السرير وثبت على قدم أمري . هذا أمري املؤمنني قد أقبل عليك: فقال يل الربيع. منه اخلادماجلس يابن جامع، وجلس أمري : قال. اهللا فداكابن جامع، جعلين : ابن جامع ؟ قلت: املؤمنني أقبلها، فقال

غن : مث قال يل. يابن جامع؛ أبشر وابسط أملك؛ فدعوت له: فقال يل. املؤمنني وجعفر يف املواضع اخلاليةأمسعت كذا قط ؟ : يابن جامع، فخطر ببايل صوت اجلارية املدنية فغنيته، فنظر أمري املؤمنني إىل جعفر، وقال

كيس فيه ألف : فرفع الرشيد رأسه إىل خادم وقال له. أمري املؤمنني، ما خرق مسعي مثل هذاال واهللا يا : قاليا إمساعيل؛ غن : مث قال. دينار، فمضى اخلادم فلم يلبث أن جاء بكيس فيه ألف دينار، فصريته حتت فخذي

يا : لفقا. ما حضرك؛ فأقبلت أقصد إىل الصوت بعد الصوت، فلم أزل كذلك إىل أن عسعس الليلإمساعيل، قد أتعبناك هذه الليلة للسرور بغنائك؛ فأعد على أمري املؤمنني الصوت الذي تغنيت أوال، فغنيته؛

إين أحسبك تأخذ فيه ألف : كيس فيه ألف دينار، فذكرت قول اجلارية يل: فرفع رأسه إىل اخلادم، فقال لهدري أين أقصد يف ذلك الوقت؛ فما هو إال أن انصرف، فبقيت ال أ: مث قال. دينار وألف دينار وألف دينار

نزلت عن األسرة حىت وثب إيل فراشان فأخذ أحدمها بيدي، فمضيا يب وال أدري إىل أين يتوجهان، حىت وقفا على باب داري هذه، فإذا أمري املؤمنني قد أمر سالما األبرش فابتاع دارا، وحشاها باجلواري واخلدم

هذا . ادخل، بارك اهللا لك: فقال. ورفع إيل أحدمها إضبارة مفاتيح. والشرابوالوصفاء والفرش والطعام مفتاح بيت مالك، وهذا مفتاح حجر جواريك، وهذا مفتاح بيت فرشك وآنيتك؛ فدخلت الدار وأنا أيسر

.أهل بغداد وأحسنهم حاال، واحلمد لرب العاملني

من مليح ما جاء يف املغنيات والغناء

:يف املغنيات والغناء قول بشار بن بردومن مليح ما جاء على وجه صفراء الترائب رود... وصفراء مثل الزعفران شربتها وما كنت لوال حسنها حبسود... حسدت عليها كل شيء ميسها

تؤمل رؤياه عيون وفود... كأن مليكا جالسا يف ثياهبا

حداج قعود سواما ومل ترتفع... من البيض مل تسرح على أهل ثلة صياح جنود وجهت جلنود... إذا نطقت صحنا وصاح هلا الصدى

مرارا وحتييهن بعد مهود... متيت به ألبابنا وقلوبنا كأنا من الفردوس حتت خلود... ظللنا بذاك الديدن اليوم كله

شهود وما ألبابنا بشهود... وال بأس إال أننا عند أهلها :وقال

لفي منظر منها وحسن مساع... ها الصيد إننا لعمر أيب زوار إذا ما التقينا والقلوب دواعي... تصلي هلا آذاننا وعيوننا

:وقال ببؤس ومل تركب مطية راعي... وصفراء مثل اخليزرانة مل تعش

لزوارها من مزهر ويراع... جرى اللؤلؤ املكنون فوق لساهنا قلوبا دعاها للوساوس داع.. .إذا قلدت أطرافها العود زلزلت

حماسنها من روضة ويفاع... كأهنم يف جنة قد تالحقت نشاوى وما تسقيهم بصواع... يروحون من تغريدها وحديثها أضيع التقى والغي غري مضاع... لعوب بألباب الرجال إذا رنت

:فيه كل شيء مليح، فمن ذلك قولهوالشعر يف هذا املعىن واسع الذرع، سابغ الدرع؛ وأليب الفتح كشاجم فما يرى فيه إال الوهم والشبح... جاءت بعود كأن احلب أحنله صوتا به النار يف األحشاء تنقدح... فحركته وغنت يف الثقيل لنا

وإن نأت عنك غاب اللهو والفرح... بيضاء حيضر طيب العيش إن حضرت ما تتغنى فيه مقترح وكل... كل اللباس عليها معرض حسن :وهذا مقول عبد اهللا بن املعتز ن وارتج بالطرب اجمللس... وغنت فأغنت عن املسمعي

ومعرضها كل ما تلبس... حماسنها نزهة للعيون :وأليب الفتح

صوت فتاة تشكو فراق فىت... جاءت بعود كأن نغمته اكأنما الزهر حوله نبت... حمفف حفت النفوس به

مثل اختالف اليدين شبكتا... دارت مالويه فيه واختلفت على بريد لعاج والتفتا... لو حركته وراء منهزم

أختان يف صنعة تراسلتا... يا حسن صوتيهما كأهنما طورا وعنه تنوب إن سكتا... تراه عنها ينوب إن سكتت

:وله قاعلفتاة موصولة اإلي... آه من حبة بغري انقطاع

تعب الصوت راحة األمساع... أتعبت صوهتا وقد جيتىن من طبقات األوتار بعد ارتفاع... فغدت تكثر الشحاج وحطت

صوت شكواه شدة األوجاع... كأنني احملب ضعف منه :وله

ناعم الصوت متعب مكدود... أشتهي يف الغناء حبة حلق لضرب الزما للعمودأشتهي ا... ال أحب األوتار تعلو كما ال

للمبادي موصولة بالنشيد... وأحب اجملنبات كحبي بني حالني شدة وركود... كهبوب الصبا توسط حاال

:وله أيضا أمسو إىل األفالك أو أرقى... غنت فخلت أظنين طربا

كان اهلواء يعيده نطقا... لو مل حتركه أناملها الطبيب ملدنف عرقا جس... جسته عاملة جبستها

رعدا وخلت يسارها برقا... فحسبت ميناها، وقد ضربت وأبو الفتح كشاجم هذا امسه حممود بن احلسن بن السندي، من أهل هذه الصناعة، وله يف الغناء كتاب

:وقد دل على فعاله مبقاله. مليح بالعود حىت شفين إطرابا... أفدي اليت كلف الفؤاد من أجلها

كربا لذاك وأعجبت إعجابا... مع صناعتني فأظهرت باهت جب تشدو، وكنا مثلكم كتابا... قالت فضلتك بالغناء وأنت ال

نغما ومل أعقل هلن حسابا... فعبثت باألوتار حىت مل أدع قلمي وعاتبها عليه عتابا... وألفتها فأغار ذاك على يدي

زه مضراباوجعلت جانب عج... فجعلت للقرطاس جانب صدره وكان كامل آالت الظرف، جامعا خلالل األدب واللطف، وله تآليف مالح، تدل على معرفته وتوسعه، وقد

ذكروا أنه مسى نفسه كشاجم ملا يعلمه؛ فالكاف من كاتب، والشني من شاعر، واأللف من أديب، واجليم .من منجم، وامليم من مغن

:وقال أبو عثمان سعيد بن احلسن الناجم وزاد كما زاد تغريدها... د جاد من عابث ضرهبا لق

ء أنشدنا شعرها عودها... إذا نوت الصوت قبل الغنا :وقد قال أستاذه ابن الرومي يف حنوه

عن حاله، والعود يف الضرب... ضربك يف عودك مل خيرجا

وقع احليا يف زمن اجلدب... كأنما وقعهما يف احلشا :بن يونس املصري فقالأخذ هذا أبو احلسن املنجم

فكأنما الصوتان صوت العود... غنت فأخفت صوهتا يف عودها أبدا ويتبعها اتباع ودود... غيداء تأمر عودها فيطيعها

وأرق من نشر الثنا املعهود... أندى من النوار صبحا صوهتا ماء الغمامة وابنة العنقود... فكأنما الصوتان حني متازجا

:ومثل هذا جييد حث الراح... سالمة بن سعيد عليه باألقداح... إذا تغنى زمرنا :وقال الناجم

أبدا بأفراح النفوس... تأيت أغاين عابث س هلا وتزمر الكؤوس... تشدو فترقص الرؤو

:وقال إال وثقنا باللهو والفرح... وما صدحت عابث ومزهرها

السقام والترح أضناه طول... هلا غناء كالربء يف جسد إبريقنا ساجدا إىل القدح... تعبدها الراح فهي ما صدحت

:وقال ء ميزهتا األحذق األطيبا... إذا أنت ميزت بني الغنا

كما هزت الغصن ريح الصبا... هتز القريض بأحلاهنا :وقال

عن فؤاد وأقلعت أحزان... ما تغنت إال تكشف هم مثل ما يفضل السماع العيان... وطيبا تفضل املسمعني حسنا

:وقال إال ظللنا للراح نعملها... ما نطقت عابث ومزهرها تارها فما تستفيق تقتلها... تطلب أوتارها اهلموم بأو

:وقال يفعل ما تفعله اخلمره... هلا غناء مطرب معجب

تشوق العني إىل اخلضره... تشوق األذن إىل شدوها فرحة من طارت له القمره... من زارها كأمنا فرحة

خللت من يسمع يف سحره... لو أن إسحاق شدا شدوها

ال كاليت حتسن يف الندره... مندرة يف كل أحلاهنا :وقال

وزادت فأربت على البارع... لقد برعت عابث يف الغنا وأصواهتا سبحة السامع... يسبح سامعها معجبا

:وقال ء العني يف إغفائها... دا شدو ألذ من ابت

نفس وصدق رجائها... أحلى وأشهى من مىن :وقال ابن الرومي يف بستان جارية أم علي بنت الراسيب

على مجيع األنام مقتدر... واها لذاك الغناء من طبق سكىن الغوايل مداهن السرر... أضحت من الساكين حفائرهم

ا كان يل بال سهريا مسر... يا مشربا كان يل بال كدر عنه وقد ترجحني بالبدر... أصبحت بالترب غري راجحة

:وتبعه الناجم، فقال يف عجاب جارية أيب مروان عطر املسالك واملسارب... أضحى الثرى جبوارها

ل املسك يف سرر الكواعب... حلت حفريهتا حلو ء لناظري من كل جانب... يا درة كانت تضي :روهذا من قول بشا

ومشم من حيث ما شم فاحا... درة حيثما أديرت أضاءت ين فكانت روحا وروحا وراحا... وجنان قال اإلله هلا كو

:وله وتستفز حشا الرائي بإرعاد... تلقى بتسبيحة من حسن ما خلقت

فكل جارحة وجه مبرصاد... كأنما صورت من ماء لؤلؤة .قدم نظريه من قول الناجموالبيت األول من هذين قد ت

من ظن به خري فانكشف عن شر

كنت باحلرية فرأيت شيخا عليه : ممن ظن به خري فانكشف عن شر، قال يزيد بن هارون: رجع ما انقطعيا شيخ؛ عندك : طيلسان، وعلى رأسه طويلة، وله مست حسن، فرجوت أن يكون عنده حديث فقلت

.دي قدمي طيب؛ فإذا هو مخارأما حديث فال، ولكن عن: حديث ؟ فقالوسال العقيق يف بعض السنني، فخرج الناس إىل الصحراء وفيهم سفيان الثوري؛ فلما كثر الناس انكفأ يريد منزله، فبصر بشيخ ضرير قد أهدف على املائة وبيده عصا خيترق صفوف النساء، وهو يبكي بكاء شديدا؛

ر إليه حىت إذا صار يف آخر الصفوف جنح على حمجته فظن سفيان أن بكاءه ملا فرط له معهن، فنظ

:واستقبلهن بوجهه، وكفكف عن عربته وأنشأ لكن فدعنين غري السالم... عليكن السالم فليس مني

وجترب عثري عند القيام... حتالفت العصا لتشد ظهري متنعين ! بأيب أنت : فقال أما كان لك فيما مضى من عمرك عظة عن معاصي اهللا عز وجل ؟: فقال له سفيان

من تلك احلوراء الطرف، الوافية الردف، احلسنة التبختر، الوانية التكسر، كالظيب الغرير، واملهاة عند :الغدير، اليت يقول يف صوحيباهتا الشاعر

فإذا عطلن فهن خري عواطل... يأخذن زينتهن أحسن ما يرى ين مقاتليإال الصبا أ... يرمينين ال يستترن جبنة

وجير باطلهن حبل الباطل... يلبسن أردية الشباب ألهلها .فمضى سفيان يستعيذ باهللا منه

:ومثل قوله قول كشاجم وصوت املثاين واملثالث عايل... يقولون تب والكاس يف يد أغيد وعاينت هذا يف املنام بدا يل... فقلت هلم لو كنت عاينت توبة

من ظريف الصفات

:قال أشجع بن عمرو. ههنا شوطا يف ظريف الصفات، يطيب مغناه وحيسن معناه وما جرى مييل هبا شطر ويعدهلا شطر... وماجت كموج البحر بني ثياهبا

غالئلها ردت شهادهتا األزر... إذا وصفت ما فوق جمرى وشاحها

:البحتري اما يف املآزر فاستثقلن أرداف... رددن ما خفقت منها اخلصور إىل

قشرن عن لؤلؤ البحرين أصدافا... إذا نضون شغوف الريط آونة :ابن الرومي

واملاء من برديه يطرد... النار يف خديه تتقد دمعي يسح ولوعيت تقد... ضدان قد مجعا كأنهما

:وقال ودر زانه حسن اتساق... صدور فوقهن حقاق عاج

من تلك احلقاق ؟ أهذا الدر... يقول القائلون إذا رأوه :أخذه من قوله عبد اهللا بن السمط

وزان العقزد هبن النحورا... كأن الثدي إذا ما بدت محلن يف الدر شيئا يسريا... حقاق من العاج مكنونة

:أبو النجم الكاتب عالها بياض الشمس يف صفرة القمر... فيا عجيب من صورة آدمية

ورحيانة البستان للشم والنظر... هنا فجاءت كمثل الدر يشرق لو جرت بنسيم الروض يف غلس السحر... يذكرين رؤياك رحيا مريضة

:ابن الرومي والقلب ال ينفك من فكر... فالعني ال تنفك من نظر

فماللتيك مالليت بصري... وحماسن األشياء فيك معا :وقال

تنتقل فالعني منه إليه... ال شيء إال وفيه أحسنه كأمنا أخرياهتا األول... فوائد العني فيه طارفة

:وقال عبد القادر بن شعيب السلمي حور الظباء سقيت صوب املاطر... يا حصن مسلمة الذي أهدى لنا

عن حسن أهلك يف الزمان الغابر... قد كان يبلغين فكنت مكذبا اوريف احلي بني خالخل وأس... حىت رأيت الشمس أشرق نورها

يبسمن عن كاألقحوان الزاهر... ورأيت غزالن اخلدور سوافرا ومشمت من ورق السرور الناضر... فجنيت من مثر الصبابة واهلوى

يا من رأى ليثا قتيل جآذر... فرمني مني مقتال فقتلنين :ومر أعرايب بأيب نواس وهو ينشد بعض األمراء

البطون ن النهد والقب... ويلي على جنل العيو ر لنا بألسنة اجلفون... الكاتبات عن الضمي

ويلك أنت وحدك من هذا ؟ بل ويلي أنا وويلي أيب وأمي وبين عمي، وهذا الفاعل القائم : فقال األعرايب .بني يديك

التقعر يف الكالم

ما به، ومما كان كان رجل من التجار له ولد يتقعر يف كالمه، ويستعمل الغريب؛ فجفاه أبوه استثقاال له وتربأشتهي أن أرى ولدي، فأحضروهم بني يديه : فقال. يأيت به، فاعتل أبوه علة شديدة أشرف منها على املوت

هو واهللا يقتلين بكالمه، : ندعو لك بأخينا فالن ؟ فقال: وأخر هذا مث أخر حىت مل يبق سواه، فقالوا لهالسالم عليك يا أبت، قل أشهد أن ال : فلما دخل قال. قد ضمن أال يتكلم بشيء تكرهه؛ فأذن هلم: فقالوا

. كالمها جائز، واألوىل أحب إىل سيبويه: إله إال اهللا، وإن شئت قل أشهد أن ال إله إال اهللا؛ فقد قال الفراءواهللا يا أبيت ما شغلين غري أيب علي، فإنه دعاين باألمس، فأهرس وأعدس، وأرزز وأوزز، وسكبج وسبج،

.وأبصل وأمصل، ودجدج وافلوذج ولوزج وزربج وطبهج،

السالح السالح، صيحوا يل جبارنا الشماس ألوصيه أن يدفنين مع النصارى وأستريح : فصاح أبوه العليل .من كالم هذا البندق

اشدد قصب احملاجم، وأرهف ظبات املشارط، وأسرع : وهاج بأيب علقمة النحوي دم فأتوه حبجام؛ فقال له .، وليكن شرطك وخزا، ومصك هنزا، وال تكرهن أبيا، وال تردن أتياالوضع، وعجل النزع

.ابعث خلفي عمرو بن معديكرب، وأما أنا فال طاقة يل باحلرب: فقال احلجامما لكم : وهاج به مرار فسقط فأقبل قوم يعضون إهبامه، ويؤذنون يف أذنه؛ فقام من غمرات غشيته، فقال

.اتركوه فإن جنيته تتكلم باهلندية: فقال بعضهم. نة؛ افرنقعوا عينتكأكأمت علي كتكأكئكم على ذي ج

كنت أماشي أبا جعفر بن النحاس حىت وقفنا على بائع متر، : وقال أبو العباس أمحد بن عبد الرمحن بن اليتيمثالثة : قال. قل ثالثة ونصف بدرهم: قال له. ثالثة ونص بدرهم: كيف تبيعين ؟ قال: فقال له أبو جعفر

ونصف، أفرغ لسانك فنحن يف بيع : قل ثالثة ونصف بالكسر، فضجر وقال: فقال له. نصف بدرهموأدر : أفعل يا بغيض، فوزن له بدرهم؛ فقال له أبو جعفر: فاجعله أربعة ؟ قال: قال. وشراء لسنا يف حنو

أبيت أن : م فقلت لهأنا أعرف ابن النحاس فإنه أمحقكم، قال ابن اليتي: الصنجة من الكفة إىل الكفة، فقال .تنصرف إال مصفوعا

:وكان أبو العباس مليح الشعر وهو القائل ك ولكن بذاك جيري لساين... ال ألين أنساك أكثر ذكرا

ح وأنت املىن وأنت األماين... أنت يف القلب واجلوانح والرو ق بعني غنية عن عياين... كل عضو مني يراك من الشو

:بن املاذرائي فعلق بثوبه غصن ورد فقالودخل بستان حسني ن وعندي روائح األحباب... علق الورد يب وقال إىل أي أتروى من الثنايا العذاب... قلت آليت ال أمشك حتى

:وقال ليل البهيم على وجل... يا زائري يف ظلمة ال ع على النهار من اخلجل... حاف وقد جعل القنا ي فكان يضرب يب املثل ...هال انتعلت بوجنت

د عذاب قليب واملقل... سبحان من جعل اخلدو

الفرزدق وخالد بن صفوان

يا أبا فراس، لو رأتك صوحيبات يوسف ملا أكربنك وال قطعن أيديهن ؟ : قال خالد بن صفوان للفرزدقجرت القوي يا أبت استأجره إن خري من استأ: وأنت يا خالد، لو رأتك صاحبة موسى ملا قالت: فقال .األمني

.شغلتنا أموالنا وأهلونا: ووهب رجل البن سيابة دينارا، مث بعث إليه ليأنس به، فكتب إليهفمن أذل من : أنت مريب، قال: ومل خترجوين من جواركم ؟ قالوا: فقال. وجاور ابن سيابة قوما فأزعجوه

.مريب وأحسن جوارا :وفيه يقول عتبة األعور يرمحه الله أيما رجل... مهتضم يابن الذي عاش غري

ما بني حاف منهم ومنتعل... له رقاب امللوك خاضعة كم من كمي أردى ومن بطل... أبوك أوهى النجاد عاتقه مل ميس من دائر على وجل... يأخذ من ماله ومن دمه

يقد أعناق سادة نبل... يف كفه صارم يقلبه .وهذا بديع يف وصف حجام

:ال آخر يصف حجاماوق مناقريها بيض وأجوافها محر... له جونة فيها ثالثون خملبا

فليس مبعوج له أبدا سطر... إذا عوج الكتاب يوما سطورهم

وصف بعض املزينني

:وقد قال بعض املزينني وأجريت شرط البني يف جبهة الود... قصصت مبوسى الغدر ناصية العهد

فجبهة وجه الود مكشوفة اجللد... ا طرة الوفا قططت مبقراض اجلف أخا النأي يف العتىب على القرب والبعد... وما زلت مصاصا جبمجمة القلى

كالم مستطرف ألهل الصناعات من طريق صناعاهتم

وألهل الصناعات من طريق صناعاهتم كالم مستظرف؛ ورمبا اتفقت االستعارة مطردة للشاعر على معىن يف ، حىت كأنه عاىن تلك الصناعة مبا جرى على لسانه من الرباعة، يف وصف حقائقها، ونعت طرائقها؛ صناعة

.كقول عبد اهللا بن العباس بن الفضل بن الربيع فأينع يف أغصانه مثر الوصل... غرست اهلوى حىت إذا أورق اهلوى

فأصبح ملتف احلدائق باحلمل... وحفت به أهناره يف غياضه سرور التصايف واملودة والبذل... إال اجملتىن من مثاره ومل يبق

سحابة هجران تكف على رسل... أطاف بنا ريح الوشاة فهيجت غصون اهلوى والود منا بال دخل... فمالت عزاليها عليه فأحرقت

فأغصانه فاستقلعته من األصل... ودبت سيول اهلجر حول أصوله

:وقال علي بن هشام طبع املناجل من حديد البني... وصالنا مبناجل حصد احلبيب

والعني تعجنه مباء العني... والشوق يطحنه بأرحية اهلوى والنفس تأكله بلون لون... والقلب خيبزه بنريان األسى

عيشي أضيق من حمربة، وجسمي أدق من مسطرة، وجاهي : سألت وراقا عن حاله ؟ فقال: قال اجلاحظجهي عند الناس أشد سوادا من احلرب بالزاج، وحظي أخفى من شق القلم، وجسمي أرق من الزجاج، وو

. أضعف من قصبة، وطعامي أمض من احلرب، وشرايب أمر من العفص؛ وسوء احلال ألزم يب من الصمغ .لقد عربت ببالء عن بالء: فقلت

ض على تعليم أوالده ضروب وللجاحظ يف هذا النوع رسالة كتب هبا إىل املعتصم، وقيل إىل املتوكل يف احلعلم بنيك من أنواع األدب ما أمكن؛ فإنك إن أفردهتم بشيء : يا أمري املؤمنني: العلوم وأنواع األدب وهي

: واحد مث سئلوا عن غريه مل يعرفوه؛ وذلك أن حزاما صاحب خيلك حني سألته عن الوقعة ببالد الروم، قالمبقدار ما حيس الرجل دابته حىت قتلناهم؛ فتركناهم يف مثل نثري لقيناهم يف مقدار اإلصطبل، فما كان إال

.السرجني، فلو طرحت روثة ملا سقطت إال على ذنب برذون :وكان قد أنشد يف الغزل

فإن قليب بقت الصرب معمور... غن يهدم الصد عن قليب مذاوده جلام هجر على األسقام مقرور... ويح امرىء يف وثاق احلب يكبحه

حسن الرقاد فإن النوم مأسور... أنل خليلك نيال من وصالك أو ومبضع احلب يف كفيه مطرور... أمنت فتل شكايل حني ودعين

إصطبل ود فروث احلب منثور... لبست برقع هجر بعد ذلك يف مبقدار ما لقيناهم يف مقدار ساحة البيمارستان؛ فما كان إال: وسألت خبتيشوع الطبيب عن مثل ذلك فقال

.خيتلف الرجل مقعدين حىت تركناهم يف حمقنة مث قتلناهم، فلو طرحت مبضعا ملا وقع إال على أكحل رجل :وكان قد قال يف الغزل

لق بطن الوصال باإلسهال... شرب الوصل جبنح اهلجر فاستط د وقليب معلق باملطال... ففؤاد احملب ينحله السه

يابن ماسويه ضاق احتيايل... وفؤادي مربسم ذو زحري نوس ماتا منه بأسوأ حال... لو ببقراط بعض ما يب وجايل

لقيناهم يف مثل سوق اخللقان؛ فما كان إال بقدر ما خييط الرجل : وسألت جعفر اخلياط عن مثل ذلك فقال .درزا، حىت تركناهم يف أضيق من جربان، فلو طرحت إبرة ملا وقعت إال على درز رجل

:قد قال يف الغزل وكان بإبرة من إبر الصد... فتقت باهلجران درز اهلوى

يعثر يب يف تكة اجلهد... فالقلب من ضيق سراويله منه على سوء شقا جدي... حسدتين يا طيلسان اهلوى بعروة الدمع على خدي... أزرار عيين فيك موصولة وعدعذبين الدركنز بال... يادستبان القلب يا زيقه

مقراض بني مرهف احلد... قد قص ما أعرف من وصله ما يل من وصلك من بد... يا حجزة النفس ويا ذيلها

جيب غرامي حلت عن عهدي... ويا جربان سروري ويا لقيناهم يف مثل جريب من األرض؛ فما كان إال : وسألت إسحاق بن إبراهيم عن ذلك وكان زارعا فقال

مشارة حىت قتلناهم عن آخرهم، فلو طرحت منجال ملا سقط إال على رأس رجل؛ بقدر ما يسقي الرجل .فصاروا مثل أكوام التنب إذا خرج عن احلب

:وكان قد قال يف الغزل وأسقيته ماء الدوام على العهد... زرعت هواه يف جريب مثلث وأفرك حب احلب يف سنبل الود... فلما تعاىل النبت واخضر يانعا

فأسرعن فيه حني أدرك باحلصد... أتته أكف اهلجر فيها مناجل ويا ويح ثوري صار معلفه كبدي... فيا شؤم مايل إذ يعطل للشقا

لقيناهم يف مثل مقدار جفنة، فما كان إال بقدر ما : وسألت فرجا الرخجي عن مثل ذلك وكان خبازا فقالم يف أضيق من جحر التنور، فلو طرحت جردقا ملا وقع إال يعجن الرجل قفيزا أو خيبز أرغفة، حىت صريناه

.يف خوان اخلبز على كثرة القتلى :وقد كان أنشد يف الغزل

يف جفنة من خشب الصد... قد عجن اهلجر دقيق اهلوى تزجي بشوك اهلجر من بعدي... فاختمر البني فنار اهلوى

يفحص عن أرغفة الوجد... وأقبل الصد هبجرانه مثرودة يف قصعة اجلهد... دقا للوعد مسمومة جرا

لقيناهم يف مقدار كنف، فما كان إال : وسألت عبد اهللا بن عبد الصمد عن مثل ذلك وكان مؤدبا فقالمبقدار ما يقرأ الصيب إمامة، حىت تركناهم يف أضيق من فم الرقم، فلو طرحت دواة ملا سقطت إال على

.حجر قتيل :غزلوقد كان قال يف ال

ففؤادي موله ذو خبال... قد أمات اهلجران صبيان قليب مع ممن هويته يف وصال... كسر البني لوح وصلي فما أط ق موالي حبله من حبايل... وقع الرقم عن دوايت فمذ أطل

ن فأغرى جواحني بالسالل... مشق احلب من فؤادي لوحي ي ذو اهنمالعني مذ صد مالك... الق كبدي دواته فمداد ال

لقيناهم يف مثل بيت االبتذال، فقاتلناهم : وسألت اجلهم بن بدر عن مثل ذلك وكان صاحب محام ت فقالبقدر ما ختلف النورة، مث أجلأناهم إىل أضيق من األبزن، فهزمناهم بقدر ما يغسل الرجل وجهه؛ فلو طرحت

.ليفة ملا وقعت إال على ظهر رجل :وقد كان قال يف الغزل

مبا بدا من ليفة الصد... نورة اهلجر غلفت الصفا يا تنقع يف حوض من اجلهد... يا مبذر األسقام حتى مىت منك بزنبيل من الود... انقل ذيول الوصل يل مرة

هيج قليب مشلح الوجد... فالبني مذ أوقد محامه حباله الناقض للعهد... أفسد خطمي اهلوى والصفا

لقيناهم بقدر ما يكنس الرجل زنبيال، حىت تركناهم : أيب قماش وكان أبوه كناسا فقالوسألت احلسن بن .يف أضيق من جحر املخرج، فلو رميت بنت وردان ملا وقعت إال على ظهر قتيل

:وكان قد قال يف الغزل تسلح فيه فقحة اهلجر... أصبح قليب للهوى خمرجا عرضا صربينومي فولى م... خنافس اهلجران أثكلنين

عقلي فما أعقل ما أمري... وبنت وردان اهلوى تيمت لقيناهم يف مقدار بيت شراب، فلم يكن إال مبقدار ما يبزل الرجل دنا، حىت : وسألت أمحد الشرايب، فقال

.تركناهم يف أضيق من رطلية، مث سالت دماؤهم كالدردي، فلو طرحت كأسا ملا وقع إال يف كف رجل : الغزلوكان قد قال يف

ورقرقت مخر الوصل يف قدح البني... شربت بكأس اللهو من راحة اهلوى وكرت قرابات دمعي على عيين... فسالت دنان احلب يدفقها الصبا

لقيناهم يف مقدار مطبخ أمري املؤمنني، فما كان إال مبقدار ما : وسألت عبد اهللا الطاهري وكان طباخا فقالدبا، أو يفرغ من طبخ ثالثة ألوان، أو يعقد فالوذجة، حىت تركناهم يف أضيق من يشوي الرجل محال أو ج

.أثايف القدر، فلو طرحت ملعقة ملا وقعت إال على بطن قتيل :وكان قد قال يف الغزل

د ولوزينج النفوس الظماء... شبه الفالوذج يف محرة اخل راءن كلني اخلبيصة الصف... أنت جوزينج الفؤاد ويف اللي

بعد جوزابة جبنب شواء... أنت مستهتر بسكباج ود وشبيها بشهدة بيضاء... يا قتار القدور يف يوم عرس

د مع الربسيان وقت الغداء... أنت أشهى إىل الفؤاد من الزب

يف قصاع األحزان والضراء... أطعم احلاسدين ألوان غم ور بعد الصالءغليان القد... قد غال القلب مذ خلت منك داري

ت سروري مفارق الشحناء... هام ملا كسرت فيك غضارا من رقيق األحزان أي شفاء... إن إسفيداج وجهك يشفي

ورد يكبت قلوب العداء... فتفضل على العميد مباء لقيناهم يف مثل تربيع الفسطاط، فما كان إال بقدر ما يفرش : وسألت داود الفراش عن مثل ذلك قال

ل بيتا أو بيتني، حىت تركناهم يف أضيق من صاريات مث قتلناهم، فلو رأيت جنار التراب عليهم وقد الرج .سالت دماؤهم يف محرة األرمين

:وكان قد أنشدين يف الغزل عثر البني يف وجوه صفائي... كنس اهلجر ساحة الوصل ملا

حتت خدي وسائدا لضنائي... فلقد بث يف فراش مهومي ل ألثوابه ستور إخاء... أت بيت حسن من الوص حني هي

متكاها مطارح احلصباء... فرش اهلجر يل بيوت مسوح قد ختالسنه صباح مساء... رق للصب من بواعث وجد

إمنا ينطق اللسان مبا يتصور اجلنان، ويظهر يف الكالم ما خيطر على األوهام، فمن مل يعرف : يا أمري املؤمننيحدا مل يتكلم إال عليه، ومن كثر علمه كثرت خواطره، واتسعت مذاهبه، ورب هزل أنفع من إال شيئا وا

.جد؛ إذا أصيب به موضع احلاجة إليه، ووضع حبيث تقع مهم النفوس عليه، والسالمروى أبو مسلم . واجلاحظ صنع هذه األشعار ملا وضع هذه األخبار، وكان قديرا على الشعر سراقا له

:مدحين محاد بن أبان الالحقي بشعر فيه هذان البيتان: حدثين إبراهيم بن رباح قال :الكشي قال ففلل فيهم شباة العدم... بدا حني أثرى بإخوانه

فبادر قبل انتقال النعم... وذكره احلزم غب األمور فاحتملت ذلك فروي هذا الشعر وعرف بالبصرة، مث جاءين اجلاحظ فمدحين بشعر أدخل فيه هذين البيتني،

وأثبته؛ فبينما أنا جالس يوما يف جملس أمحد بن أيب دواد واجلاحظ يف جملسه، إذ قال يل أمحد ما وصفت إن مادحك أعزك اهللا جيد فيك مقاال : فقلت. بشيء أحسن مما مدحين به أبو عثمان، وأنشدين البيتني

.واجلاحظ مأل عينيه مين وال يستحي مين :الفرج حممد بن جناح قصيدة مستحسنة أوهلا وله يف رسالة إىل أيب

وذو احلظ يسري حيث ال أحد يسري... أقام يدا واخلفض راض حبظه ودون الرضا كأس أمر من الصرب... يظن الرضا بالقوت شيئا مهونا

شقي هو يف أحد: وقد طعن أبو الفضل أمحد بن احلسني اهلمذاين بديع الزمان على بالغة اجلاحظ فقالالبالغة يقف، ويف اآلخر يقتطف، والبليغ من مل يقصر نظمه عن نثره ومل يزر كالمه بشعره، أفترون للجاحظ

فهلموا إىل نثره جتدوه قريب العبارات، بعيد اإلشارات، قليل االستعارات، : قال. ال: شعرا رائقا ؟ قالوا .منقاد لعريان الكالم يستعمله، نفور من بديعه يهمله

.هذا موضع الكالم على بالغته، وإال فكنت أنبه على معايب كالمه ومقاحبه، وحماسن خطابه وممادحه وليس

وهذه أوصاف بليغة يف البالغات، على ألسنة قوم من أهل الصناعات

أحسن الكالم نظاما : فقال اجلوهري: اجتمع قوم من أهل البالغات، فوصفوا بالغاهتم من طريق صناعاهتم .الفكرة، ونظمته الفطنة، ونضد جوهر معانيه يف مسوط ألفاظه، فاحتملته حنور الرواة ما ثقبته يدأطيب الكالم ما عجن عنرب ألفاظه مبسك معانيه؛ ففاح نسيم نشقه، وسطت رائحة عبقه؛ : وقال العطار

.فتعلقت به الرواة، وتعطرت به السراةته مبشاعل النظر، وخلصته من خبث اإلطناب، خري الكالم ما أمحيته بكور الفكرة، وسبك: وقال الصائغ

.فربز بروز اإلبريز يف معىن وجيزخري الكالم ما نفدته يد البصرية، واجتلته عني الروية، ووزنته مبعيار الفصاحة، فال نظر : وقال الصرييف

.يزيفه، وال مساع يبهرجهنار البصرية، مث أخرجته من فحم خري الكالم ما نصبت عليه منفخة الروية، وأشعلت فيه : وقال احلداد

.اإلفحام، ورققته بفطيس اإلفهامخري الكالم ما أحكمت جنر معناه بقدوم التقدير، ونشرته مبنشار التدبري، فصار بابا لبيت : وقال النجار

.البيان، وعارضة لسقف اللساننزهت يف زرايب حماسنه أحسن الكالم ما لطفت رفارف ألفاظه، وحسنت مطارح معانيه؛ فت: وقال النجاد

.عيون الناظرين، وأصاخت لنمارق هبجته آذان السامعنيأبني الكالم ما علقت وذم ألفاظه بكرب معانيه، مث أرسلته بقليب الفطن، فمنحت به سقاء : وقال املاتح

.يكشف الشبهات، واستنبطت به معىن يروي من ظمأ املشكالتيان، وجيبه املعرفة، وكماه الوجازة، ودخاريصه اإلفهام، ودروزه البالغة قميص فجربانه الب: وقال اخلياط

.احلالوة، والبسه جسد اللفظ، وروحه املعىنأحسن الكالم ما مل تنصل هبجة إجيازه، ومل تكشف صبغة إعجازه، وقد صقلته يد الروية من : وقال الصباغ

.كمود اإلشكال، فراع كواعب اآلداب، وألف عذارى األلبابأحسن الكالم ما صدق رقم ألفاظه، وحسن نشر معانيه، فلم يستعجم عنك نشر، ومل يستبهم : زازوقال الب

.عليك طي .أحسن الكالم ما اتصلت حلمة ألفاظه بسدى معانيه، فخرج مفوفا منريا، وموشى حمربا: وقال احلائك

بعد الرياضة؛ وكان كاملهر خري الكالم ما مل خيرج عن حد التخليع إىل منزلة التقريب إال: وقال الرائض .الذي أطمع أول رياضته، يف متام ثقافته

البليغ من أخذ خبطام كالمه فأناخه يف مربك املعىن، مث جعل االختصار له عقاال، واإلجياز له : وقال اجلمال .جماال، مل يند عن األذهان، ومل يشذ عن اآلذان

.ت أعطافه، وكان لفظه حلة، ومعناه حليةخري الكالم ما تكسرت أطرافه، وتثن: وقال املخنثأبلغ الكالم ما طبخته مراجل العلم، وصفاه راووق الفهم، وضمته دنان احلكمة، فتمشت يف : وقال اخلمار

.املفاصل عذوبته، ويف األفكار رقته، ويف العقول حدتههل، فطاب حساء فطنته، خري الكالم ما روحت ألفاظه غباوة الشك، ورفعت رقته فظاظة اجل: وقال الفقاعي

.وعذب مص جرعتهخري الكالم ما إذا باشر بيانه سقم الشبهة، استطلقت طبيعة الغباوة؛ فشفي من سوء التفهم، : وقال الطبيب

.وأورث صحة التوهمكما أن الرمد قذى األبصار، فالشبهة قذى األبصار، فاكحل عني اللكنة مبيل البالغة، واجل : وقال الكحال .لة مبرود اليقظةرمص الغفأمجعوا كلهم على أن أبلغ الكالم، ما إذا أشرقت مشسه، انكشف لبسه، وإذا صدقت أنواؤه، : مث قال

.اخضرت أمحاؤه .وهذا املعىن كثري، وإمنا آخذ من كل فن اليسري

من مستطرف األخبار

رى له دارا بني التمس يل دارا ال تكون جبوار مسجد فإين أحب األفراح، فاكت: وقال رجل لغالمهيا موالي، ال تدري املعىن؛ أهل هذا املسجد يظنونك يف هذا، وأهل ذا : قال! ما هذا ؟: فقال له. مسجدين

.يظنونك يف ذا، وأنت قد ظفرت مبا حتب :وقال أبو اجلهم أمحد بن بدر للمتوكل وذكر جناح بن سلمة أو غريه

العاملني حممد ومنهج خري... إمام اهلدى وابن الدعاة إىل اهلدى علي عسوف الظلم غري مؤيد... أعني على وال جيوز تعبدا عليم مبا خيتار لليوم والغد... وما يل ذنب عنده غري أنين

وال للمريب الفعل يف قرب مسجد... وال خري للطرار يف قرب نائب م؛ أطعمنا دجاجة، فأتى هبا يا غال: صحب الغاضري رجال من قريش من مكة إىل املدينة فقال القرشي

. يا غالم، عشاءنا: ورفع غداؤهم ومل يؤت بالدجاجة، فلما كان العشاء قال. وحيك أسخنها: باردة، فقالأخربوين عن : فقال الغاضري. أسخنها: هات تلك الدجاجة، فأتى هبا باردة، فقال: فلما أتاهم العشاء قال

.تعرض على النار غدوة وعشيا دجاجتكم هذه أمن آل فرعون هي ؟ فإين أراها .واهللا مما كنت ألبيعها بشيء: فقال. وحيك يا غاضري اكتمها علي، ولك مين مائة دينار: فقال

طيلسان ابن حرب

:أخذه احلمدوين فقال يف طيلسان ابن حرب طيلسانا قد كنت عنه غنيا... يابن حرب أطلت ظلمي برفوي ض على النار بكرة وعشيا. ..هو يف الرفو آل فرعون يف العر

فتغنيت إذ رأوين زريا... زرت فيه معاشرا فازدروين وعلى الباب قد وقفت مليا... جئت يف زي سائل كي أراكم

وكان أمحد بن حرب املهليب من احملسنني إليه، املنعمني عليه، وله فيه مدائح كثرية، فوهبه طيلسانا أخضر، فأنشدنا فيه عشر مقطعات ضمن أواخرها أبيات أغان : قال أبو العباس املربد. هفوجد فيه فزرا ومل يرض

:مالحا، فاستحلينا مذهبه فيها فجعلها مخسني شعرا فطارت كل مطري، وسارت كل مسري، حىت قال ذو أياد ليس حتصى... طيلسان البن حرب

س إذا ما الشعر نصا... أنا فيه أشعر النا بعد ما قد كنت أقصى... وأراين صرت أدىن

دوا على شعري حرصا... واتقاين الناس وازدا أردية تترى وقمصا... ولكم قد حاز يل

مث قد أصبح شصا... كان دهرا طيلسانا وقال ابن الرومي يف هجائه عمرا الكاتب امللقب خبرطوم، وكان من خاصة القاسم بن عبيد اهللا بن سليمان

:بن وهب الوزير ل كساده وفتحت عمرا... قت حانويت لطو أغل

ي شفعت يف وكنت وترا... يا طيلسان احلمدن يل مكسبا فأفدت وفرا... عمرا أخوك جعلته

ن لقيتما ضعة وفقرا... ال تبعدا من صاحيب

ألي شيء : قال. مر احلمدوين بابن حرب وهو جالس على باب داره وعلى كتفه وسادة: قال ابن أيب عون !!.ما تزال هتجونا منثورا وموزونا : قال. أرقع هبا طيلسانك: يا محدوين ؟ قال هذه

:ومن طريف شعره فيه تودي جبسمي كما أودي بك الزمن... يا طيلسان ابن حرب قد مهمت بأن

قد أوهنت حيليت أركانك الوهن... ما فيك من حيلة تغين وال مثن كأنين يف يديه الدهر مرهتن... فلو تراين لدى الرفاء مرتبطا كأنما يل يف حانوته وطن... أقول حني رآين الناس ألزمه

فاألقحوانة منا منزل قمن... من كان يسأل عنا أين منزلنا ؟ .البيت للحارث بن خالد املخزومي

:وقال

نك قوم نوح منه أحدث... قل البن حرب طيلسا قبل يورثعمن مضى من ... أفىن القرون ومل يزل

فكأنه باللحظ حيرث... فإذا العيون حلظنه وإذا رفوت فليس يلبث... يودي إذا مل أرفه

ه الدهر أو تتركه يلهث... كالكلب إن حتمل علي :وقال

يزيد املرء يف الضعة اتضاعا... وهبت لنا ابن حرب طيلسانا له وأقد يف ردي ذراعا... يسلم صاحيب فيقد شربا

وعرضا ما أرى إال رقاعا... لطرف يف طرفيه طوال أجيل ا لنوح يف سفينته شراعا... فلست أشك أن قد كان قدما

جوانبه على بدين تداعى... فقد غنيت إذ أبصرت منه وال يك موقف منك الوداعا... قفي قبل التفرق يا ضباعا

:وقال فيه: البيت للقطامي عمري بن شييم التغليب أوهى قواي بكثرة القدم... بن حرب طيلسانك قد قل ال

آثار رفو أوائل األمم... متبين فيه ملبصره يف يا شقيق النفس من حكم... فكأنه اخلمر اليت وصفت

اهندم: قد صح قال له البلى... فإذا رممناه فقيل لنا نكس فأسلمه إىل سقم... مثل السقيم برا فعاوده ومن العناء رياضة اهلرم... ين أنشدت حني طغى فأعجز

:واخلمرة اليت وصفت فيما ذكر أليب نواس منت عن ليلي ومل أمن... يا شقيق النفس من حكم

خبمار الشيب يف الرحم... فاسقين اخلمر اليت اعتجرت بعد أن جازت مدى اهلرم... مثت انصات الشباب هلا دموهي تلو الدهر يف الق... فهي لليوم الذي بزلت بلسان ناطق وفم... عتقت حىت لو اتصلت مث قصت قصة األمم... الحتبت يف القوم مائلة

خلقت للكأس والقلم... فرعتها باملزاج يد أخذوا اللذات من أمم... يف ندامى سادة جنب

كتمشي الربء يف السقم... فتمشت يف مفاصلهم الظلم كصنيع الصبح يف... صنعت يف البيت إذ مزجت

كاهتداء السفر بالعلم... فاهتدى ساري الظالم هبا

بل الشعر : وقال غريه. وزعم ابن قتيبة أن هذا الشعر لوالبة بن احلباب، وإمنا خياطب به أبا نواس احلكمي :أليب نواس وإمنا أغار على والبة يف قوله

مل تنم عيين ومل تكد... يا شقيق النفس من أسد :وقال احلمدوين

قد قضى التمزيق منه وطره... سان البن حرب جاءين طيل سامري ليس يألو حذره... أنا من خويف عليه أبدا

يشتري عجال بصفر عشره... يابن حرب خذه أو فابعث مبا إن ضربناه ببعض البقره... فلعل الله حيييه لنا

عنده من علم نوح خربه... فهو قد أدرك نوحا، فعسى أئذا كنا عظاما خنره... رأ من أبصره أبدا يق

:وقال. أنا ابن قويل، يريد أنتسب إليه كما أنتسب إىل أيب: وكان يقول مل من صحبة الزمان وصدا... يابن حرب كسوتين طيلسانا س إىل ضعف طيلسانك سدا... فحسبنا نسج العناكب إذ قي

د قداأو تبسمت منه ينق... إن تنسمت فيه ينجر جرا لو بعثناه وحده لتهدى... طال ترداده إىل الرفو حىت

:أنا ابن قويل: وكان أبو متام يقول ما احلب إال للحبيب األول... نقل فؤادك أين شئت من اهلوى وحنينه أبدا ألول منزل... كم منزل يف األرض يألفه الفىت :وقال احلمدوين يف الطيلسان

تيقنت أن الدهر يفىن وينقرض... ملت شخصه ويل طيلسان إن تأ وأظهرت األيام من عمره الغرض... تصدع حتى قد أمنت انصداعه ملاروك فيه وادعوا أنه العرض... فلو أن أصحاب الكالم يرونه

:وقال أمرضته األوجاع فهو سقيم... يابن حرب كسوتين طيلسانا

العظام وهي رميمنك حتيي ... فإذا ما لبست قلت سبحا ح عليه مبنكيب مهيم... طيلسان له إذا هبت الري

ر عليه ألندبته الكلوم... لو يدب احلويل من ولد الذ :وقال

ثوبا يطيل احنرافه... إن ابن حرب كساين

وأتقي كل آفه... أظل أدفع عنه ييت عليه الشقافه... فقد تعلمت من خش

من امللح

. إنه يصلي: إنه يصلي فانصرف، مث عاوده، فقيل له: يناء على باب صاعد بن خملد فقيل لهوقف أبو العوكان صاعد نصرانيا مث ارتقت به احلال أن توزر للموفق بن أمحد بن املتوكل، وكان . لكل جديد لذة: فقال

عليه أخوه األمر، أو قيل أخوه املعتمد اخلليفة ومل يكن له مع املوفق أمر وال هني، وقد قال املعتمد ملا ملك :على لسانه

يرى ما قل ممتنعا عليه... أليس من العجائب أن مثلي وما من ذاك شيء يف يديه... وتؤخذ بامسه الدنيا مجيعا

وملا أجاب الصويل أبا القاسم بن عبد اهللا ملك املغرب اقتضى ذكر ولد العباس واخللفاء خليفة خليفة حىت :تمد فقالانتهى إىل املع

يردد من إرث اخلالفة ما ذهب... ومعتمد من بعدهم وموفق وإن مل يكن يف العد منهم ملن حسب... مواز هلم يف كل فضل وسؤدد

وملا احتاج الصويل إىل ذكر املوفق لشهامته وحزامته، وكأن القصيدة إمنا أجاب هبا على املقتدر بن جعفر بن . يذكره النقطع عليه ما أراداملعتضد بن املوفق، فلو مل

:وكان املعتمد مضعوفا، وكان أمره قبل متكن املوفق يف يد وصيف حىت قال باذجنانة الكاتب كاسفة ما تبتغى... يا دولة بائرة

بني وصيف وبغا... خليفة مستضعف كما تقول الببغا... يقول ما قاال له

يا يزيد؛ ما أراك تعدو : ت، فأنشده قصائد على الدال؛ فقالودخل أبو خالد يزيد املهليب على املعتمد مراوكيف أعزك اهللا يا أمري املؤمنني وامسي يزيد، وأيب حممد وأكىن بأيب خالد، وأنت املعتمد، : الدال ؟ فقال

وتسمى بأمحد، ومن صفاتك السيد واملاجد واجلواد، فأين أدع الدال؟ وهذا كقول أيب صدقة املدين وقد تلومونين على ذلك وأنا امسي مسكني، وكنييت أبو صدقة، واسم أيب صدقة، : أشد إحلافك ؟ فقال ما: قيل له

.واسم امرأيت فاقة

من طرف أيب العيناء

إذا شغل بكأس ميناه، وحبر يسراه، : فقال. هو مشغول: ووقف أبو العيناء على باب إبراهيم بن رباح فقيل .جاب من أتاهوانتسب إىل أب ال يعرف أباه، مل حيفل حب

أفهم وأفهم، وآخذ من اجمللس ما حوى، مرة : أي شيء حتسن ؟ قال: ودخل أبو العيناء على املتوكل؛ فقالفما تقول : قال. أعجز عن قليله وافتضح عند كثريه: كيف شربك للنبيذ ؟ قال: قال. أغلب ومرة أغلب

ارفع : قال. ت الذي تطيب فيه جهنمماؤها أجاج، وحرها عذاب، وتطيب يف الوق: يف بلدك البصرة ؟ قال. حنب أن تلزم جملسنا: قال. قد رفعتها إىل اهللا، فما أحب جناحه فليس ينفعين شرحه: قال. حوائجك إلينا

يا أمري املؤمنني، إن أجهل الناس من جيهل نفسه؛ أنا امرؤ حمجوب واحملجوب ختتلف إشارته، وقد جيوز : قالويقبل حبديثه على غري من يسمع منه، وجائز أن يتكلم بكالم غري راض، قصده، فيصغي إىل غري من حيدثه، كل من يف جملسك خيدمك، وأنا أحتاج أن أخدم، ومل أقل هذا : وأخرى. ومىت مل أفرق بني هذين هلكت

يا : قال الفتح بن خاقان. جهال مين مبا يف هذا اجمللس من الفائدة، ولكين اخترت العافية على التعرض للبالءفيلزمنا يف كل األوقات لزوم الفرض : قال. مري املؤمنني، هذا رجل عاقل عارف بنفسه وحبق امللوكأ

.الواجبإن أعفاين أمري املؤمنني من رؤية : فقال. لوال أن أبا العيناء ضرير لنادمناه: وبلغ أبا العيناء أن املتوكل قال

ا تولع منه بلسانه؛ واقتدار على الكالم، وإال وإمنا هذ. األهلة وقراءة نقش الفصوص فأنا أصلح للمنادمة .فقد تعاىف من ذلك املقام

يف باب هذا : فقال للمعلم. ودخل على إبراهيم بن املدبر وعنده الفضل اليزيدي معلم ولده وإبراهيم جالس .فغضب اليزيدي وهنض. هذا بايب وباب الوالدة أعزها اهللا: فقال. ؟ قال يف باب الفاعل واملفعول به

:أخذه البحتري فقال إلبراهيم بن املدبر ء وظل للعيش فيها ظليل... أي شيء أهلاك عن سر من را

وهو مستكره كثري الفضول... إقتصار على أحاديث فضل حك كانت لفقا لروح الثقيل... مل تكن هنزة الوضيع وال رو

ل معار احلذاق نزر القبول... فعالم اصطنعت منكسف البا ب الغواين ومن تعفي الطلول... رده جتده أخلق من شي إن ت

ح إدالجا للجس والتطفيل... مسرجا ملجما وما متع الصب قليلي التمييز ضعفي العقول... غري أن املعلمني على حال م

من مبني األشعار أو جمهول... فإذا ما تذكر الناس معىن ل واملسؤولغيبه للسؤا... قال هذا لنا وحنن كشفنا

اخلليل... مر أم حلقوا... ضرب األصمعي فيهم أم األح عل من والديه واملفعول... أبدا شأنه التردد يف الفا

ظريف مملق

أال : أال تدعوننا ؟ فقال هلم: كان بالبصرة رجل مهليب ظريف مملق، وكان له إخوان فقالوا له: قال الصويلة له على دراهم، فاشترى هلم ما يصلحهم، ودعا مغنية فكان اقتراحهم تدعونين ؟ فأحلوا عليه فارهتن قطيف

:عليها أما أنا فأضر يب احلزن... ليت الذين حتملوا أحنوا

.أما هذا الذي تقولونه فما أدري ما هو ؟ أما أنا فقطيفيت رهن؛ فضحكوا وغرموا له ما أنفق: فقال املهليب: فقال هلم. أراد انصرافهم، وأرادوا املقام عده، فاقتضوه يف السراج ودعا رجل قوما، فما كان مع املغرب

" .وإذا أظلم عليهم قاموا : " أما مسعتم قول اهللا تعاىل

من نوادر املتنبئني

أن أعلم ما انعقد عليه : ما دليل نبوتك ؟ قال: وادعى رجل النبوة يف أيام املأمون، فأحضره املأمون وقال له .يف نفسك أصلحك اهللا أين كاذب؛ فضحك منه وتركه: و ؟ قالما ه: فقال. ضمريك

فألق عصاك تكن ثعبانا مبينا ؟ : قال. آية موسى: ما آيتك ؟ قال: فقال. وأيت املعتصم برجل ادعى النبوة .أنا ربكم األعلى: حىت تقول: قال

: قال! نيب حائك؟: قال حائك،: ما صناعتك ؟ قال: فقال. وادعى آخر النبوة بالكوفة، فأدخل على واليها .فأردت نبيا صريفيا ؟ اهللا يعلم حيث جيعل رسالته

ومن نوادر الفقهاء واملغفلني واملرائني وغريهم

: قال. تكره للشاب ويرخص فيها للشيخ: وسأل رجل بعض الفقهاء عن القبلة للصائم يف رمضان ؟ فقال .يابن أخي، هذا يكره يف شوال: إهنا يف معشوقة ؟ قال

.وما أبايل؛ إين أشتري اخلبز من السوق: فقال. قد غال الدقيق: يل ملغفلق

أريد أن أبيع نصف حصيت من الدار وأشتري : قال حيان بن غضبان العجلي وقد ورث نصف دار أبيه .الباقي، فتصري الدار كلها يل

. فيكم وإحسانه إليكم كذبتم عليه، قد صح عندي عدله: وشكا أهل بدلة إىل املأمون واليا عليهم؛ فقاليا أمري املؤمنني؛ فما هذه احملبة لنا دون سائر رعيتك، قد عدل فينا مخس سنني فانقله إىل : فقال شيخ منهم

.غرينا حىت يشمل عدله اجلميع، وتريح معنا الكل؛ فضحك منهم وصرفه عنهم .جوتين ألخرجن أمك يف اخليالواهللا لئن ه: قال. واهللا ألهجونك: ما غلبين إال خمنث؛ قلت له: قال دعبل

مثل هذا الدرهم بني : ورئي بعض املرائني على باب بعض امللوك، وبني عينيه سجادة عظيمة، فقيل له .إنه ضرب على غري السكة: فقال! عينيك، وأنت حمتاج إىل أبواب امللوك

ونام؛ فتحركت العصابة؛ وعمل بعض املرائني بني عينيه سجادة دلكها بنواة وثوم، وعصب الثوم بني عينيهأصبح أبوك ممن يعبد اهللا على : ما هذا يا أبت ؟ فقال: فقال له ابنه. فصارت يف ناحية صدغه سجادة كبرية

.حرف :ومن أملح ما يف هذا قول أيب نواس وقد هناه األمني عن اخلمر

عقد احلذار بطرفها طريف... عني اخلليفة يب موكلة دين الضمري له على حرف. ..صحت عالنييت له وأرى إين عليك خلائف خلفي... ولئن وعدتك تركها عدة

:وقال ابن املعتز ليس جتنيك من الظرف... يأيها اجلاين ويستخفي

يؤمن بالله على حرف... إنك والشوق إلينا كمن غري آثارك يف الصحف... حموت آثارك عن ودنا املت على ضعفيوما حت... فإن حتاملت لنا زورة

:وأتى ابن عائشة إىل بعض امللوك فأنشده قد غلق الرهن ومل املسلف... اعطف علي فالكرمي يعطف وارهتين الدف وبيع املصحف

.اتكلت يف املصحف أعزك اهللا تعاىل وأجلك: قال! يا فاسق، أترهن دفا وتبيع مصحفا : فقال

من نوادر هبلول

.فهل أخذت نصيبك: فقال له هبلول. أمر أمري املؤمنني لكل جمنون بدرمهني قد: قال رجل لبهلول اجملنونوأودع هبلول بعض األفنية بالكوفة عشرين درمها ورجل خياط ينظر إليه من حيث ال يعلم به هبلول؛ فلما

: فقال فمر به. انصرف أخذ اخلياط الدراهم، فعاد هبلول يطلبها فلم جيدها، فعلم أنه مل يؤت إال من اخلياطوزدها عشرين كم يكون : قال. حىت بلغ املائة... يا فالن؛ خذ بيدك عشرة دراهم وخذ ثالثني وخذ كذا

ما أظنه إال ميضي هبذه الدراهم اليت : فقال اخلياط يف نفسه. أصبت ومضى: قال. مائة وعشرين: املال ؟ قالها أخذت اجلميع ففعل؛ فكر هبلول إىل حسبها ليزيدها على العشرين فألردهنا إىل موضعها، فإذا زاد علي

املوضع، فأخذ الدراهم وأحدث يف موضعها مث مضى؛ فقام الرجل مسرعا، فلما أدخل يده امتألت حدثا، ما يف : قال. مائة وعشرون: كم يف يدك ؟ قال. خذ يف يدك كذا وكذا: ومل جيد شيئا؛ فعارضه هبلول، وقال

.ولع الصبيان فيه حىت هرب من الكوفةيدك إال حدث، فانتشر خرب اخلياط، وأما : أميا أفضل أبو بكر أم علي رضي اهللا عنهما ؟ فقال له: ولبهلول هذا حكم؛ وكان يتشيع فقيل له يوما .وكندة بالكوفة من غالة الرافضة، وبنو ضبة أهل سنة. وأنا يف كندة فعلي، وأما وأنا يف ضبة فأبو بكر

من اجملترىء علي يف هذا املوضع : فقال. لناس للنظر إليه، فناداه هبلول ثالثاوملا دخل الرشيد الكوفة خرج ا: لبيك يا أمري املؤمنني، روينا عن أمين بن نائل قال: هبلول ؟ قال: فرفع السجافة وقال. هبلول اجملنون: ؟ قيل

ي مجرة العقبة ال رأيت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يرم: حدثنا قدامة عن ابن عبد اهللا العامري قال: قال. ضرب وال طرد وال قيل بني يديه إليك إليك؛ وتواضعك يف سفرك هذا خري لك من جتربك وتكربك

.أحسنت يا هبلول، زدنا يرمحك اهللا: فبكى الرشيد حىت جرت دموعه على األرض، وقال

وسلطانا فأنفق يف ماله وعف أميا رجل آتاه اهللا ماال ومجاال: وروي أن النيب صلى اهللا عليه وسلم قال: قالأحسنت يا هبلول، وأمر له جبائزة : قال. يف مجاله وعدل يف سلطانه كتب يف خالص ديوان اهللا من األبرار

يا هبلول؛ إن كان عليك : فقال. يا أمري املؤمنني؛ ردها على من أخذهتا منه؛ فال حاجة يل هبا: سنية، فقال. ، هؤالء أهل الرأي بالكوفة أمجعوا على أن قضاء الدين بالدين ال جيوزيا أمري املؤمنني: قال. دين قضيناه

يا أمري املؤمنني؛ أنا وأنت يف عيال اهللا، وحمال : فنجري عليك ما يكفيك؛ فرفع رأسه إىل السماء وقال: قال .أن يذكرك وينساين؛ فأرسل الرشيد السجف وسار

.فسهإن هبلوال كان يستعمل اجلنون سترا على ن: وقيل

من نوادر اجملانني

بل أنت : هذا أنت تأكله، ويقول اآلخر: رأيت جمنونني يتنازعان رغيفا يقول أحدمها: وقال هارون املخزوميوما أدمه ؟ : فقلت. يا أمحق، إنه مع أدم: فقاال. أنا آكله: فقلت هلما وأنا أظن أن أربح عليهما : قال. تأكله .يا جمنون؛ لوال بشاعة األدم لكنا أكلناه منذ حني: ت عنهما، فقاالفولي. وجء احللق وصفع العنق: قاال

فإين بعتك مايل كله حببة : قال. لقد حظيت بكثرة املال: وقيل لسعيد العامري وكان من أصحاب النوهباري رأيته يوما وقد وقف عليه رجالن أحدمها : وأي شيء رأيت من عقله ؟ قال: قلت. من عقل غفار املوسوس

: مل ال تشتم الذي يشتمك ؟ قال: ن، فجعل السكران يفتري عليه وهو يفتري على الصاحي؛ فقلت لهسكرايابن الفاعلة؛ أحترضه علي ؟ ورفع رجله من : ألن معه شيطانا ال أقوى عليه، فالتفت إيل السكران وقال

.من هذا فررت: فقال غفار. األرض فشيعين هبا موضحة ومر يعدو

من نوادر أيب نواس

ومر عثمان بن حفص الثقفي بأيب نواس وقد خرج من علة وهو مصفر الوجه، وكان عثمان أقبح الناس وما ذكر ذنوبك : قال. رأيتك فذكرت ذنويب: ما يل أراك مصفرا ؟ فقال أبو نواس: فقال له عثمان. وجها

.خفت أن يعقابين اهللا فيمسخين قردا مثلك: عند رؤييت ؟ فقالأبا نواس دخل عليه خال الفضل بن الربيع، وكان يتعهد احملبوسني، ويسأل عنهم وكانت وملا حبس األمني

. معاذ اهللا: ما جرمك حىت حبست يف حبس الزنادقة ؟ أزنديق أنت ؟ قال: فيه غفلة، فأتى أبا نواس وقالا من بغضها، واهللا ما أجلس فيه: أتعبد الشمس ؟ قال: قال. ولكين آكله بصوفه: أتعبد الكبش ؟ قال: قال

ال واهللا، بل آكله، ولقد ذحبت ألف ديك، ألن ديكا نفرين مرة، : أفتعبد الديك ؟ قال: قال! فكيف أعبدها ألين أشرب شراب أهل اجلنة، وأنام خلف : فألي شيء حبست ؟ قال: قال. فحلفت أال أجد ديكا إال ذحبته

ما حتسون جوار اهللا حتبسون من ال ذنب له، : لوأنا أيضا أفعل ذلك، مث خرج إىل الفضل فقا: قال. الناسسألت رجال يف احلبس عن خربه، فقال كذا وكذا، وعرفه بكل ما جرى بينه وبني أيب نواس، فضحك

.ودخل على األمني فأخربه اخلرب، فأمر بتخليته للحال

األمني حيبس أبا نواس

:األمني قولهوكان أبو نواس حبس يف أيام األمني مرتني؛ إحدامها أنه بلغ لبست له كربا أبر على الكرب... ومستعبد إخوانه بثرائه

رأى جانيب وعرا يزيد على الوعر... إذا ضمين يوما وإياه جملس على املنطق املنزور والنظر الشزر... أخالفه يف شكله وأجره

إىل أحد حىت أوسد يف قربي... فوالله ال ألوي لساين حباجة أراين أغناهم وإن كنت ذا فقر... زادين تيها على الناس أنين وقد

فمي عن مجيع الناس حسيب من فخر... فلو مل أنل فخرا لكانت صيانيت وال صاحب التاج احملجب يف القصر... فال يطمعن يف ذاك مني طامع

هو واهللا يا أمري : ان بن أيب جعفرفقال سليم! وبلغ بك األمر إىل أن تعرض يب يف شعرك يابن اللخناء : فقالألشرب : مل فعلت ذلك ؟ قال: املؤمنني زنديق، وقد شهد عندي مجاعة أنه شرب ماء مطر مع مخر، فقيل له

:املالئكة فإنه كان مع كل قطرة ملك، فأمر حببسه فقال وبال اقتراف خطيئة حبسوين... يا رب إن القوم قد ظلموين

بالزور والبهتان قد نسبوين... وييت وإىل اجلحود مبا عليه ط عني فمن يل اليوم باملأمون... أما األمني فلست أرجو دفعه

.واهللا لئن أدركته ألحسنن إليه، فمات قبل دخول املأمون بغداد: فقال املأمون ملا بلغه ذلكتويف، : بن هاىنء؟ قالوا ما فعل أبو علي احلسن: وملا دخل هبا سنة أربع ومائتني وأتاه الشعراء ميدحونه قال

.لقد ذهب ظرف الزمان مبوته، واحنطت رتبة الشعر بذهابه: فلم يسمع منهم شعرا وتوجع وقالوكان أبو نواس يف آخر أيام األمني مستخفيا فلم يظهر حىت قتل؛ ألنه كان أملح الناس وجها، وكان أبو

:نواس إذا نظر إليه بقي باهتا فقال فيه أخاف من ال خياف من أحد... أقول مبن عذب قليب وال

مسست رأسي هل طار عن جسدي... إذا تفكرت يف هواي له آلمل أن أناله بيدي... إين على ما ذكرت من فرقي

:وقال وسالبا عز املليك... يا قاتل الرجل الربي

لفتيك أو تقبيل فيك... كيف السبيل للثم سا وأشتهيك أهوى هواك... الله يعلم أنين

تقع الظنون علي فيك... وأصد عنك حذار أن .فظهر الشعر، فلم يزل أبو نواس مستخفيا

وذلك ألن املأمون ملا خلعه خبراسان ووجه طاهر بن احلسني إليه ليحاربه، كان : وحبسه األمني قبل ذلك

احتبس شاعرا ماجنا كافرا : قاليعمل بعيوب األمني كتبا لتقرأ على املنابر خبراسان، وكان مما عابه به أنه :يقال له احلسن بن هاىنء، واستخلصه معه لشرب اخلمر وارتكاب املآمث وانتهاك احملارم، وهو القائل

وال تسقين سرا إذا أمكن اجلهر... أال فاسقين مخرا وقل يل هي اخلمر سترفال خري يف اللذات من دوهنا ... وبح باسم من أهوى ودعين من الكىن النظر : إن املالذ باحلواس اخلمس وهي: هذا معىن ظريف، يقول: قال أبو علي حممد بن املظفر احلامتي

والسماع والشم والذوق واللمس؛ فقد استمتعت حاسة البصر بالنظر إليها، وحاسة الشم بتضوعها وطيب وقل يل هي : فقال. طلةنكهتها، وحاسة الذوق بطعمها، وحاسة اللمس بلني اللمس، وبقي حاسة السمع مع

.اخلمر؛ لتلتذ حاسة السماع فيكمل االستمتاعأهل فسق ومخور وفجور وماخور، ويقوم رجل بني يديه فينشد : مث يذكر األمني يف خطبة العراق، فيقول

:أعابيس أيب نواس كقوله قم سيدي نعص جبار السموات... يا أمحد املرجتى يف كل نائبة

جيلي التبسم عن غر الثنيات... نهار كما فقام والليل جيلوه الفقال يصف . ومن هنا أخذ ابن الرومي، فجاء بأبدع عبارة، وأنصع استعارة، وأصح تشبيه، وأملح تنبيه

:سوداء من ثغرها كالآلىلء اليقق... يفتر ذاك السواد عن يقق ليل تعرى دجاه عن فلق... كأنها واملزاح يضحكها

خرب املأمون، فأغراه الفضل بن الربيع بأيب نواس فحبسه، فكتب أبو نواس إىل الفضل من فاتصل باألمني :احلبس

ر وعودتنيه واخلري عاده... أنت يابن الربيع علمتين اخلي مي وأحدثت رغبة وزهاده... فارعوى باطلي وعاودين حل ري يف حال نسكه أو قتاده... لو تراين شبهتين احلسن البص

حف يف لبي مكان القالده... بيح يف ذراعي واملص املسا جب منها مليحة مستفاده... فإذا شئت أن ترى طرفة تع

فتأمل بعينك السجاده... فادع يب ال عدمت تقومي مثلي توقن النفس أنها من عباده... ترى أثرا من الصالة بوجهي

لشهادهالشتراها يعدها ل... لو رآها بعض الرائني يوما أدركتين على يديك السعاده... ولقد طاملا شقيت ولكن

من علم أن السجادة تصلح للشهادة بعد؛ وكلم فيه األمني فتركه : فلما بلغ الشعر الفضل ضحك، وقال :بعد أن أخذ عليه أال يشرب اخلمر فقال

كيدي أيب العباس موالها... ما من يد يف الناس واجدة وسرى إىل نفسي فأحياها... عهم نام الثقات على مضاج

من أن أخافك خوفك الله... قد كنت خفتك مث أمنين وجبت له نقم فألفاها... فعفوت عني عفو مقتدر :ومن قوله يف ترك الشرب ال أذوق املدام إال مشيما... أيها الرائحان باللوم لوما

ماما أرى يل خالفه مستقي... نالين باملالم فيها إمام لست إال على احلديث ندميا... فاصرفاها إىل سواي فإني

قعدي يزين التحكيما... فكأين وما أزين منها ب فأوصى املطيق أال يقيما... كل عن محله السالح إىل احلر

. املعىنوزعم املربد أنه مل يسبق إىل هذا . فرقة من اخلوارج يأمرون الناس باخلروج وهم ال خيرجون: والقعد :وقال يف ذلك أيضا

واسقنا نعطك الثناء الثمينا... غننا بالطلول كيف بلينا يتمنى خمير أن تكونا... من سالف كأهنا كل شيء وتبقى لباهبا املكنونا... أكل الدهر ما جتسم منها

مينع الكف ما تبيح العيونا... فإذا ما اجتليتها فهباء لو جتمعن يف يد القتنينا... عن آلل مث شجت فاستضحكت

دائرات بروجها أيدينا... يف كئوس كأهنن جنوم فإذا ما غربن يغربن فينا... طالعات مع السقاة علينا

قلت قوم من قرة يصطلونا... لو ترى الشرب حوهلا من بعيد ناعمات يزيدها املزج لينا... وغزال يديرها ببنان

يترك القلب للسرور قرينا... لين برضاب كلما شئت ع عفته مكرها وخفت األمينا... ذاك عيش لو دام يل غري أين

:وقال أيضا وأعربت عما يف الضمري وأعربا... أعاذل أعتبت اإلمام وأعتبا

ليأىب أمري املؤمنني وأشربا... وقلت لساقيها أجزها فلم يكن إىل األفق األعلى شعاعا مطنبا... فجوزها عين سالفا ترى هلا

يقبل يف داج من الليل كوكبا... إذا عب منها شارب القوم خلته وما مل تكن فيه من البيت مغربا... ترى حيثما كانت من البيت مشرقا

على مستدار اخلد صدغا معقربا... يدور هبا رطب البنان ترى له إىل قليب ألذ وأطيبافكانت ... سقاهم ومناين بعينيه منية

بني أيب نواس واحلسني بن الضحاك

:أنشدت أبا نواس قويل: قال احلسني بن الضحاك سكرة شاب اجملون بالنسك... وشاطري اللسان خمتلف الس

:فلما بلغت فيه يكرع يف بعض أجنم الفلك... كأنما نصب كأسه قمر

هذا املعىن أنا أحق به، ولكن سترى ملن يروى مث أنشدين :فقال! ما لك فقد رعتين : فقلت. نعر نعرة منكرة :بعد أيام

يقبل يف داج من الليل كوكبا... إذا عب منها شارب القوم خلته وقال فيه ابن الرومي ! أتظن أنه يروى لك معىن مليح وأنا يف احلياة : فقال. هذه مطالبة يا أبا علي: فقلت

:فجاء بأحسن منهما حىت جتاوز منية النفس... حته ومهفهف كملت مال

وتضج يف يده من احلبس... تصبو الكئوس إىل مراشفه منه وبني أنامل مخس... أبصرته والكأس بني فم

قمر يقبل عارض الشمس... وكأهنا وكأن شارهبا

من غزل بشار

مني مذهب أيب معاذ بشار وإمنا اتبع أبو نواس يف هذه األشعار اليت وصف فيها ترك الشرب وطاعته ألمر األ :بن برد وذلك أنه ملا قال

قول تغلظه وإن جرحا... ال يؤيسنك من خمبأة والصعب يركب بعدما مجحا... عسر النساء إىل مياسرة

فقال له خالد بن يزيد . حيرض الناس على الفجور، ويسهل هلم السبيل إليه: فبلغ ذلك املهدي فغاظه، وقال :يا أمري املؤمنني، ق افتنت النساء بشعره، وأي امرأة ال تصبو إىل مثل قوله: يبن منصور احلمري

هل جييد النعت مكفوف البصر... عجبت فطمة من نعيت هلا بني غصن وكثيب وقمر... بنت عشر وثالث قسمت

مازها التاجر من بني الدرر... درة حبرية مكنونة ولوع الكف ركاب اخلطرمن ... أذرت الدمع وقالت ويليت

ووشاحي حله حىت انتثر... أميت بدد هذا لعيب علنا يف خلوة نقضي الوطر... فدعيين معه يا أميت

واعتراها كجنون مستعر... أقبلت يف خلوة تضرهبا دمع عيين غسل الكحل قطر... بأيب والله ما أحسنه

م ما طعم السهروسلوين اليو... أيها النوام هبوا وحيكم

:فأمره املهدي أال يتغزل؛ فقال أشعارا يف ذلك منها من وجه جارية فديته... يا منظرا حسنا رأيته

ما أن غدرت وال نويته... والله رب حممد عرض البالء وما اتقيته... أعرضت عنك وربما

وإذا أىب شيئا أبيته... إن اخلليفة قد أىب ب إذا غدوت وأين بيته... يب ويشوقين بيت احل

ن بكى علي وما بكيته... وخمضب رخص البنا فصربت عنه وما قليته... قام اخلليفة دونه

م عن النساء فما عصيته... وهناين امللك اهلما عهدا وال وأيا وأيته... بل وقد وفيت فلم أضع

وإذا غال احلمد اشتريته... وأنا املطل على العدا :وقال

أعطيت ضيما علي يف شجين... والله لوال رضا اخلليفة ما ح واملزهر يف ظل جملس حسن... قد عشت بني الندمان والرا

نفسي صنيع املوفق اللقن... مث هناين املهدي فانصرفت :وقال

بني احلميا واجلواري األواب... أفنيت عمري وتقضى الشباب ورمبا طبت حلب وطاب... فاآلن شفعت إمام اهلدى صوت أمري املؤمنني اجملاب... هلوتن حىت راعين داعيا

ونام عذايل ومات العتاب... هجرت الصبا ! لبيك لبيك ورمبا ذلت هلن الرقاب... أبصرت رشدي وتركت املىن

:ويف هذه الكلمة يقول سبقت بالسيل سيل السحاب... يا حامد الفعل ومل يبله

ما جاءه من خطأ أو صواب... أوىل بثناء الفىت الفعل ينيب عن اللقحة ما يف احلالب... دع قول واء وانتظر فعله وراح يف آل الرسول الغضاب... إذا غدا املهدي يف جنده

كالظلم جيري يف الثنايا العذاب... بدا لك املعروف يف وجهه :ومن شعره املطرب يف الغزل قوله

واسقياين من ريق بيضاء رود... يان صبا شرايب أيها الساق شربة من رضاب ثغر برود... إن دائي الصدى وإن شفائي

زفرات يأكلن قلب اجلليد... عندها الصرب عن لقائي وعندي

وحديث كالوشي وشي الربود... وهلا مبسم كثغر األقاحي ستزيدب ونالت زيادة امل... نزلت يف السواد من حبة القل

والليايل يبلني كل جديد... نلقاك بعد ليال : مث قالت إن قضى الله منك يل يوم جود... ال أبايل من ضن عني بوصل

:وقوله كرميا سقاه اخلمر بدر حملق... لو عاينوها مل يلوموا على البكا بأذين وإين غيبت قرط معلق... فكيف تناسى من يكون حديثه

:وقوله فارتج أسفلها واهتز أعالها... ها حني الحت يف جماسدها كأن

كالشمس طلعتها واملسك رياها... حوراء جاءت من الفردوس تفتنه من ثوبه احلسن سرباال فرداها... من اللوايت غدت فردا وشق هلا

منها ولو سألته النفس أعطاها... راحت ومل تعطه برءا لقرحته حىت لو اجتمعت يف الكف ألقاها... صبوهتا تغمه نفسه من طول

وال خال ساعة إال متناها... ما شاهد القوم إال ظل يذكرها :عجبت فطمة من نعيت هلا قد احتذاه حممد بن مناذر: وقول بشار

ذو راحة من تعب... قد جد يب يف اللعب أشرب ماء الذهب... جسم من الفضة قد

باللعبمشغولة ... جارية صغرية بقبلة واحريب... صاحت وقد روعتها

تريد أن تصنع يب... أنت وربي يا فىت ك اليوم أمي وأيب... إياك أن يدعو علي

حىت علوت مركيب... فلم أزل أختلها يح به مضطرب... وهي كغصن مالت الر

ري دمعها املنسكب... جتود عيناها جبا

من مليح ما قيل يف الصغار

:ح ما قيل يف الصغار قول أيب نواس احلسن بن هاىنءومن ملي مل يطل عهد أذنه بالشنوف... حني أوىف على ثالث وعشر

حبة االحتالم للتشريف... وبه غنة الصبا تعتليها وثىن أختها من التخويف... حني رام أنسنا منه بعني

:وقال عبد اهللا بن احلسني الكاتب ا يقول اهلائم الصبعم... جارية أذهلها اللعب

فأقلت تسأل ما احلب... شكوت ما ألقاه من حبها :وقال ابن املعتز

وزاد أخرى وشاب احلب باخلدع... اآلن زاد على عشر بواحدة وجرر الوعد بني اليأس والطمع... وجاوب اللحظ منه حلظ عاشقه

دعواآلن بدع يف قتلي على الب... وكان غرا بقتلي ليس حيسنه :وقال غريه

هيفاء جائلة الوشاح... إين بليت بطفلة ماذا لقيت من املالح... ومليحة يا ويليت

بيضاء كالقمر اللياح... ما جاز عشرا سنها :وقال أعرايب يف جارية صغرية وعده أبوها أن يزوجها منه

مليحة العينني عذب فوها... أعلقين بعشقها أبوها ال حتسن السب إذا سبوها... وها قليلة األيام إن عد

:وقال قيس بن امللوح ومل يبد لألتراب من ثديها حجم... وعلقت ليلى وهي غر صغرية

إىل اآلن مل نكرب ومل تكرب البهم... صغريين نرعى البهم يا ليت أننا

من نوادر مزيد املديين

. النبيذ، فعملته، فأتاها برجل معه درهم واحد مزيد املديين، قالت له امرأته يوما ليس شيء أربح من عمل: إن امرأيت عندها نبيذ؛ فوجه احلرس، وقال: ال أبيعه إال مجلة، فأتى صاحب الشرطة فقال له: فقالت له

.كونوا معه، فإن كان يف بيته نبيذ فاطرحوه وامرأته يف احلبس، وإن مل يكن فيه شيء فردوه إيلقد جئتك مبن يأخذه مجلة، فكسروا جرار النبيذ : فقال المرأته. نبيذفجاءوا فدخلوا منزله فوجدوا ال

. وأزيدك فائدة حنن فيه مل ختطر ببالك: وجلدومها مجيعا، ومضوا هبما إىل احلبس، فلما حصال فيه قال المرأته .استرحنا من كرى البيت: وما هي يا مشؤوم ؟ قال: قالت

.قد حنلتها تطليقة: قال. احنلها شيئا: فقالت وزفت إليه امرأة فأتته املاشطة وهي جتلي،. ليس هذا قميصي؛ قميصي أمت من هذا شربا: فقال. ودفع قميصه إىل الغسال، فرده إليه وقد نقص شربا

اقعد حاسبين، يف كم غسلة يرجع : فقال له مزيد. إمنا تقلص يف الغلس ألنه قطن! جعلت فداك : قال .جرمازا

وكان املوىل ذا مال كثري وهو على سرير ممتد، وبني يديه ولد من ولد أيب بكر ودخل على بعض املوايلقبحك اهللا يا مزيد، فما أكثر : فتجهمه وقال. الصدق وآخر من ولد عمر بن اخلطاب ومها على األرض

ول مل آتك يف مسألة، وإمنا أتيتك أسألك عن معىن ق: قال! كل يوم تأتيين سائال ! إحلافك، وأشد إجحافك :احلارث بن خالد املخزومي

عند اجلمار تؤودها العقل... إني وما حنروا غداة مىن سفال وأصبح سفلها يعلو... لو بدلت أعلى منازهلا

.فلما رأيتك فوق ورأيت هذين حتتك عرفت معىن البيتني .اعزب عليك لعنة اهللا، وارتج اجمللس ضحكا: فقال

خزوميشعر ابن أيب ربيعة واحلارث امل

ISLAM ICBOOK.WS ين| ٢٠١٠ م لمسل احة لجميع ا مت ق لحقو ع ا جمي

لنوادر: كتاب هر يف امللح وا مجع اجلوا احلصري: املؤلف

وذكر حبضرة ابن أيب عتيق شعر عمر بن أيب ربيعة واحلارث بن خالد املخزومي؛ فقال رجل من ولد خالد فلشعر ابن أيب ربيعة ! بعض قولك يابن أخي : صاحبنا أشعر يعين احلارث فقال ابن أيب عتيق: بن العاص

لق بالنفس، ودرك للحاجة، ليس لشعر احلارث، وما عصري اهللا قط بشعر أكثر مما عصي لوطة بالقلب، وعأشعر قريش من رق معناه، ولطف مدخله، وسهل خمرجه، : بشعر ابن أيب ربيعة، فخذ عين ما أصف لك

صاحبنا : فقال الذي من ولد خالد بن العاص. وتعطفت حواشيه، وأنارت معانيه، وأعرب عن صاحبه :يقول عند اجلمار تؤودها العقل... ي وما حنروا غداة مىن إن

سفال وأصبح سفلها يعلو... لو بدلت أعلى منازهلا فريده اإلقواء واحملل... فيكاد يعرفها اخلبري هبا

مني الضلوع ألهلها قبل... لعرفت مغناها مبا احتملت حملاضر مبثل هذا؛ أما تطري عليها احلارث، يابن أخي، استر على صاحبك، وال تشاهد ا: فقال ابن أيب عتيق

ابن أيب . حني قلب ربعها، فجعل عاليه سافله؛ ما بقي عليه إال أن يسأل اهللا حجارة من سجيل وعذابا أليما :ربيعة كان أحسن للربع خماطبة وأمجل مصاحبة حيث يقول

هجت شوقا لنا الغداة طويال... سائال الربع بالبلي وقوال ر هبم آهل أراك مجيال... أهل حلوك إذ أنت مسرو أين

وبكرهي لو استطعت سبيال... قال ساروا وأمعنوا واستقلوا واستحبوا دماثة وسهوال... سئمونا وما سئمت مقاما .البيت من قول امرىء القيس... لعرفت مغناها مبا احتملت: وإمنا أخذ احلارث قوله

أتعرف المرىء القيس أبياتا سينية قاهلا عند موته يف : قال يل أبو حملم: يب حملمقال علي بن الصباح وراق أ :قروحه واحللة املسمومة، غري القصيدة اليت أوهلا

كأين أنادي أو أكلم أخرسا... أملا على الربع القدمي بعسعسا :أنشدين مجاعة من الرواة، وأنشد أبياتا أوهلا: فقال. ال أعرف غريها: فقلت

وغيره سالف األحرس... ملن طلل درست آيه ويعرفه شغف األنفس... تنكره العني من حادث

حديث األطالل والدمن

:وأخذه طريح بن إمساعيل الثقفي فقال وأحسن لترد أخبارا على مستخرب... تستخرب الدمن القفار ومل تكن

:فأخذه أبو نواس، إال أنه قلبه فجعل اإلنكار للقلب فقال تعرفه عيين ويلفظه ومهي... أال ال أرى مثلي امترى اليوم يف رسم

فظني كال ظن وعلمي كال علم... أتت صور األشياء بيين وبينه تنكره عينني ويعرفه ومهي، لكان كاألول وكان أجود فلعل أبا نواس قصد اخلالف وأعجبه : قال ولو قال

.ويلفظه ومهي؛ ألهنا لفظة جرت ملحية: قوله :وقد ملح احلسن بن وهب يف هذا املعىن إال أنه أمل به وأمجله ومل يذكر القلب فقال

فما تكاد العيون تبصره... أبليت جسمي من بعد جدته تعرفه العني مث تنكره... كأنه رسم منزل خلق

:وزعم حيىي بن منصور الذهلي أنه يعرف معهد أحبابه بقلبه ويكتمه عينه فقال تذكر طيف من سعاد ومربع... القلب إال انربى له أما يستفيق

مىت تعرف األطالل عيين تدمع... أخادع عن عرفانه العني إنه :وقال غريه

ف أم ال تعرف الدارا... هي الدار اليت تعر ك أعالما وآثارا... ترى منها ألحباب

وتبدي العني إنكارا... فيبدي القلب عرفانا

من التقعري

أكلت من حلوم : ما جتد ؟ قال: فقال. ت أليب علقمة النحوي علة، فدخل عليه أعني الطبيب يعودهوحصلهذه اجلوازل، فطسئت طسأة، فأصابين وجع ما بني الوابلة إىل دأية العنق، فما زال يزيد وينمى حىت خالط

.غسله مباء روث واشربهخذ خربقا وسلفقا وشربقا فزهزقه وزقزقه وا: اخللب والشراسف، فما ترى ؟ قالوحيك : قال. وصفت يل من الداء ما ال أعرف، فوصلت لك من الدواء ما ال تعرف: ما تقول ؟ فقال: فقال

.لعن اهللا اقلنا إفهاما لصاحبه: قال. فما أفهمتين

من نوادر النحويني

. أن امسك ال ينصرفتعلم : علمين مسألة من النحو ؟ قال: وقال رجل امسه عمر لعلي بن سليمان األخفشأوليس قد زعمت : قال. عمر اليوم ينصرف: قال. عمر: قال. من بالباب: فقال. فأتاه يوما وهو على شغل

سكر هارون الندمي عند املعتضد : وقال الصويل! ذاك إذا كان معرفة وهو اآلن نكرة : أنه ال ينصرف ؟ قالأمري املؤمنني : فقال. انصرف: دم املوكل بالندماءسكرا شديدا، وهنض اجللساء كلهم سواه فقال له اخلا

.ال ينصرف: قال. يا أمري املؤمنني؛ هارون ينصرف: فقال. أمرين باملبيت هاهنامىت تقدم : فقال للخادم املوكل بالندماء. هارون بن علي: من هذا ؟ قيل: فلما أصبح رآه املعتضد، فقال

.إمنا أردت النحو! إنا هللا : هارون ال ينصرف، قال: قلتأنت أعزك اهللا : للجلساء املبيت هنا ؟ فقالإن كان مشويا على : الظيب معرفة أو نكرة ؟ فقلت: قال يل أبو العباس أمحد بن حيىي ثعلب: قال أبو العرب

.ما يف الدنيا أعرف منك بالنحو: فقال. املائدة فمعرفة، وإن كان يف الصحراء فهو نكرةكتب إىل بعض إخوانه يستعري دابة ودابة ال جتيء بوزن الشعر؛ ألنه مجع بني أبو احلسن علي بن سليمان

:ساكنني فجد يل بفاعلة من دببت... أردت الركوب إىل حاجة :فأجابه الفىت وكان ظريفا

فكن أنت يل فاعال من عذرت... زيد هبا وجع غامز :ومن ملح النحويني

!!حيرم ما دون الرضا شاعر مثلي و... أيف احلق أن يعطى ثالثون شاعرا وضويق باسم الله يف ألف الوصل... كما ساحموا عمرا بواو مزيدة

:وقال أبو الفتح البسيت كأني نون اجلمع حني تضاف... حذفت وغريي مثبت يف مكانه

املتوكل وعبادة املخنث

ل عليه وهو نائم مع سواد كان وكن املتوكل قد بسط من عبادة املخنث للدخول معه على كل حال، فدخوبلغ فضولك إىل ! ويلك : يا أمري املؤمنني؛ ومن معك ؟ قال: فقال. حيبها؛ فلما رآه أمرها أن تغطي وجهها

فقال . يا أمري املؤمنني؛ تنام ورجلك يف اخلف: فقال. ، ومدت اجلارية رجلها فبانت سوداء!هذا املوضع .أمر له بصلة فأخذها وانصرفوضحك و! قم عليك لعنة اهللا : املتوكل

وما : يا عبادة؛ ما تدري ما يقول الناس ؟ قال: فقال. وكان عبادة يشرب بني يديه ويترك يف القدح فضلةيقولنه إن شارب النبيذ إذا شرب وعبس وجهه وفضلت يف القدح فضلة فإن إبليس يضرب قفاه : هو ؟ قال .اشرب فضلة ما استطبت: ويقول

يا أمري : فقال. بح املتوكل وعبادة حاضر، وشرب قدحا كان يف يديه وفضلت فضلةفمضت األيام واصط .املؤمنني، جاءك الرجل

اجر معها حىت ننظر من : فقال املتوكل لعبادة. وجتارى اجلواري حبضرة املتوكل فسبقتهن جارية ممشوقةفجرت معه اجلارية . تكهي لك، وإن سبقتك صفع: إن سبقتها فما يل ؟ قال: فقال عبادة. يسبق صاحبه

يا أمري املؤمنني؛ كيف ال تسبقين وهي جتري مبدادين وأنا أركض خبرجني؛ : فسبقته مرة بعد أخرى، فقال .فضحك املتوكل ووهبها له

عبادة حيج ؟ علي به، فلما دخل : وقال. وغفل عنه املتوكل مرة فكتب له رقعة يسأذنه يف احلج فضحكيا أمري املؤمنني؛ لقد تواضعت حىت ما آكل إال اخلشكار، وال أشرب إال نبيذ : ما خربك ؟ فقال: عليه قال له

.الدردي، وال أمسع إال غناء حواء، فأمر له بصلة

جحظة يصف ضيق العيش

:أمل جحظة الربمكي هبذا املعىن فقال بشراب متر كالعقيق... إني رضيت من الرحيق

يقذ بأكل مسود الدق... ورضيت من أكل السمي ن مبنزل ضنك وضيق... ورضيت من سعة الصحو

مة منزيل عند الشروق... وجعلت تغريد احلما إيوان والعيش األنيق... فغدوت كسرى صاحب ال

ب الباخلني ذوي الطريق... وحجبت نفسي عن حجا إنفاق أسباب الصديق... القاطعني خمافة ال

جريان يتشممون األماين

متنيت أن يهدى إلينا مسلوخ، فنتخذ من الطعام لون كذا ولون كذا، فسمعته : مرأتهقال ابن أيب عتيق المشمت : جارة له، فظنت أنه أمر بعمل ما مسعته، فانتظرت إىل وقت الطعام، مث جاءت فقرعت الباب، وقالت

لدار اليت أنت طالق إن أقمنا يف هذه ا: فقال ابن أيب عتيق المرأته. رائحة قدوركم فجئت لتطعموين منها .جرياهنا يتشممون األماين

التمين واحللم أخوان

ومل؟ وحيك ؟ : قيل. وأضرب عشرين سوطا! نعم : أتتمىن أن تكون لك ؟ قال: ولبس مزيد جبة فقيل له .ال يكون شيء إال بشيء: قال

ين مثل هذا يا ليت: فقال. طلب احلجاج رجال فهرب منه، فمر بساباط فيه كلب نائم يف ظله: قال األصمعيجاء كتاب احلجاج وبه يأمر : الكلب، فما أتت ساعة حىت مر به الكلب ويف عنقه حبل، فسأل عنه فقالوا

.بقتل الكالبأبيع هذه اجلرة بعشرة دارهم : ويف كتاب للهند أن ناسكا كان له مسن وعسل يف جرة؛ ففكر يوما فقال

النتاج يف سنتني مائتني، وأبتاع بكل أربع بقرة، فأشتري مخس أعنز، فأولدهن يف كل سنة مرتني، فيبلغوأزرع وينمى املال يف يدي، فأختذ املساكن والعبيد، ويولد يل ولد، فأمسيه كذا وآخذه باألدب، فإن هو عصاين ضربت بعصاي رأسه، وكانت يف يده عصا فرفعها كالضارب، فأصابت اجلرة، فانكسرت وتبدد

.السمن والعسلسرعة اجلواب، وطول التمين، : ثالث خيلقن العقل، وفيهن دليل على الضعف: يةقال يزيد بن معاو

األمل رفيق مؤنس، إن : وقالوا يف نقيض ذلك. التمين واحللم أخوان: وكان يقال. واالستغراب يف الضحك :وأنشدوا. مل يبلغك فقد أهلاك

سقتين به ليلى على ظمأ بردا... أتاين من ليلى جواب كأنما وإال فقد عشنا هبا زمنا رغدا... إن تكن حقا تكن أحسن املىن مىن

:وقال أعرايب فما أسأل الدنيا وال أستزيدها... رفعت عن الدنيا املىن غري حبها تطلع سرا ال ينادى وليدها... وحتت جماري الصدر منا مودة

ومغالطة الرقيب، وأمان تقطع هبا أيامك، ممازحة احلبيب، : ما أمتع لذات الدنيا ؟ فقال: وقيل ألعرايب :وأنشد

وامطلي ما حييت به... علليين مبوعد ك بنجوى تطلبه... ودعيين أفوز من ن حبظي فينتبه... فعسى يعثر الزما

عزة توازن بني شعر األحوص وكثري

ألين : ومل ذلك؟ قالتقال . ما ينبغي أن نأذن لك يف اجللوس: ودخل كثري بن عبد الرمحن على عزة؛ فقالت :رأيت األحوص ألني جانبا عند القوايف منك يف شعره، وأضرع خدا للنساء وأنه الذي يقول

أكثرت لو كان يغين عنك إكثار... يأيها الالئمي فيها ألصرمها ال القلب سال وال يف حبها عار... أقصر فلست مطاعا إذ وشيت هبا

:ويعجبين قوله بأبياتكم ما درت حيث أدور... ى أم جعفر أدور ولوال أن أر

إذا مل يزر ال بد أن سيزور... وما كنت زوارا ولكن ذا اهلوى وإين إىل معروفها لفقري... لقد منعت معروفا أم جعفر

:ويعجبين قوله ولو صحا القلب عنها كان يل تبعا... كم من دين هلا قد صرت أتبعه

أويصنع احلب يب فوق الذي صنعا... تها ال أستطيع نزوعا عن حمب حىت إذا قلت هذا صادق نزعا... أدعو إىل هجرها قليب فيتبعين

أشهى إىل املرء من دنياه ما منعا... وزادين رغبة يف احلب أن منعت :وقوله

فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا... إذا أنت مل تعشق ومل تدر ما اهلوى وإن الم فيه ذو الشنان وفندا... وتشتهي وما العيش إال ما تلذ

كما يشتهي الصادي الشراب املربدا... وإين ألهواها وأهوى لقاءها فأبلى وما يزداد إال جتددا... عالقة حب جل يف سنن الصبا

.هذان البيتان أحلقهما الضيب وغريه هبذا املوضع من شعر األحوص، وأنشدمها أبو بكر بن دريد ألعرايب

:فذلك قولك: واهللا لقد أجاد فما استجفيت من قويل ؟ قالت: فقال هلا كثري وأظهرن مين هيبة ال جتهما... وكنت إذا ما جئت أجللن جملسي

قدميا فما يضحكن إال تبسما... حياذرن مين غرية قد عرفنها مبؤخر عني أو يقلنب معصما... تراهن إال أن يؤدين نظرة

رجيعة قول بعد أن تتفهما... ينطقن إال حمورة كواظم ما أسر الرضا يف نفسه وجترما... وكن إذا ما قلن شيئا يسره

:وقولك هجان وأين مصعب مث هنرب... وددت وبيت الله أنك بكرة

على حسنها جرباء تعدي وأجرب... كالنا به عر فمن يرنا يقل يرعانا وال حنن نطلب فال هو... نكون لذي مال كثري مغفل

علينا فما ننفك جنفى ونضرب... إذا ما وردا منهال صاحب أهله .لقد أردت يب الشنعاء، ما وجدت أمنية أوطأ من هذه ؟ فخرج من عندها خجال! وحيك ؟

:وكثري إن قبح يف هذا فقد ملح يف قوله بقيد ضعيف غر منها فضلت... فليت قلوصي عند عزة قيدت

وكان هلا باغ سواي وندت... ر يف احلي املقيمني رحلها وغود وأخرى رمى فيها الزمان فشلت... وكنت كذي رجلني رجل صحيحة

على ظلعها بعد العثار استقلت... وكنت كذات الظلع ملا حتاملت إذا ما أطلنا عنده املكث ملت... أريد ثواء عندها وأظنها

ودخل عليه نفر من قريش يعودونه وهو عليل . وجودة شعره أمحق الناسوكان كثري على حدة خارطه : هل مسعتم الناس يقولون شيئا ؟ قلت: مث قال. خبري: كيف جندك ؟ قال: ويهزأون به؛ قال بعضهم فقلت له

.أما لئن قالوا ذلك إين ألجد يف عيين اليمىن ضعفا مذ أيام: قال. إنك الدجال: نعم مسعتهم يقولون

ادر احلمقى واملمرورينمن نو

كان ممرور يأيت ساقية لنا سحرا فال يزال ميشي مع دابتها ذاهبا : حدثين مثامة بن أشرس قال: قال اجلاحظاللهم اجعل لنا من هذا اهلم فرجا وخمرجا، مث : وراجعا يف شدة احلر والربد، فإذا أمسى توضأ وصلى وقال

.انصرف إىل بيته؛ فكان كذلك إىل أن ماتمررت يف غب مطر، واألرض ندية، والسماء مغيمة، والريح مشالية، وإذا شيخ : قال وحدثين مثامة قال

أصفر كأنه جرادة، وقد جلس على قارعة الطريق وحجام زجني حيجمه، وقد وضع على كاهله وأخدعيه تجم يف مثل يا شيخ، مل حت: فوقفت عليه وقلت: قال. حمجمة كأهنا قعب وقد مص دمه حىت كاد يستفرغه

.ملكان الصفار الذي يف: هذا اليوم ؟ فقال

من عالمات احلمق

.ما رأيت رجال عظيم اللحية إال وجدته كوسج العقل: قال اجلاحظعظم رأسك، فبعد فهمك؛ وانسدلت حليتك، فانشمر عقلك، وما رأيت : وقالت أعرابية لقاض قضى عليها

.ميتا يقضي بني حيني قبلكفقرأ " البلد الطيب خبرج نباته بإذن ربه والذي خبث ال خيرج إال نكدا : " ى، فقرأوعاب كوسج أحل

" .قل ال يستوي اخلبيث والطيب ولو أعجبك كثرة اخلبيث : " الكوسجبطول حليته وشناعة كنيته، ونقش : يعرف محق الرجل خبصال أربع: قال هشام بن عبد امللك يوما يف جملسه

هذه واحدة، : فقال. مث رمى بصره إىل رجل طويل اللحية يف أقصى اجمللس فدعا به. تهخامته، وإفراط شهو: ، فقال" وتفقد الطري : " وما نقش خامتك ؟ قال: فقال. كنييت أبو الياقوت األمحر: مث سأله عن كنيته فقال

" .مايل ال أرى اهلدهد أم كان من الغائبني " :أيها األمري، إين قد قلت بيتا، وأنشد: وخرج مهزم بن الفرج القبعسي فقال

وأين مبرو الشاهجان بال فرو... كفى حزنا أن الفراء كثرية :وقال. أنا أوىل بإجابة نفسي: فقال مهزم. هذه واهللا قافية شرود، أجيزوا؛ فأرتج عليهم: فقال طاهر

ولكنها عند الكرام أويل الثرو... صدقت لعمري إهنا لكثرية أما لئن أغفلناك حىت محلناك على سوء القول لنفسك سنستدرك، وأمر له بعشر : قالفضحك طاهر، و

.أثواب من وبر اخلز والوشي؛ فباع منها تسعا بتسعني ألف درهم وأمسك واحدة

من األجوبة املضحكة

كان جعيفران املوسوس مياشي رجال من إخوانه على قارعة الطريق، فدفع الرجل جعيفران : قال اجلاحظفمع من أنا منذ الغداة؟ شرب طوقان املغين عند : قال. أردت أن أقرنك به: ما هذا ؟ قال: لى كلب فقالع

! سبحان اهللا : فقال له الشريف. قد سرق ردائي: الشريف الرضي فسرق رداؤه، فلما أصبح افتقده؛ فقالىت آخذ ردائي واطووه إىل انشروا بساطكم ح: فقال. من تتهم منا ؟ أما علمت أن النبيذ بساط يطوى عليه

.يوم القيامة: وقال اآلخر. عجبت من أكله وسرطه: فقال أحدهم. ودخل رجل أكول على قوم، فأكل أكال ذريعا

.كأن جالينوس حتت إبطه: وقال آخر. وأكله دجاجة وبطة: وشقه دجاجة ببطة، وقال آخرلكي يناوله اجلوارشن : ينوس حتت إبطه ؟ قالكأن جال: أما الذي قلناه فمفهوم، فما معىن قولك: فقالوا له .لئال يتخم

.أربعة أشهر وعشرا يريد العدة: كم ورثت أختك من زوجها ؟ قال: قيل ملخنثاللهم صل على حممد وعلى آل : يقتضي وقد أمرت بالصالة علي أن تقول: قال بعض العلويني أليب العيناء

.ر خرجت أنت منهمالطيبني األخيا: فإذا قلت! نعم : قال. حممد :أخذه يزيد بن حممد املهليب فقال يف صاحب الزنج بالبصرة

رة أبشر من بعدها بدمار... أيها اخلائن الذي دمر البص ت من الطيبني واألخيار... إن تقل جدي النيب فما أن

حني كان ابنه من الكفار... قد نفى الله يف الكتاب ابن نوح .له قبل أن ينكشف أمره أن دعي وإمنا قال املهليب هذا

صاحب الزنج

: وحدثين حممد بن أيب األزهر وقد أذكرته خرب علي ابن حممد صاحب الزنج، فقال: قال أبو بكر الصويلادعى أنه علي بن حممد بن أمحد بن عيسى بن زيد بن علي بن احلسني بن علي رضوان اهللا عليهم، فنظرت

دعاه فكان بينهما ثالث سنني، وكان حملمد بن أمحد ولد امسه علي مات مولده ومولد حممد بن أمحد الذي ابعد هذا املدعي امسه ونسبه بزمان، مث رجع عن هذا النسب فادعى أنه علي بن حممد بن عبد الرمحن بن

مل يكن ليحىي ولد : قال أبو عبد اهللا حممد بن علي بن محزة. رحيب بن حيىي املقتول خبراسان من زيد بن عليوقال بشر بن حممد بن السري بن عبد . قال له رحيب وال غريه ألنه قتل ابن مثاين عشرة سنة وال ولد لهي

هو ابن عم أيب حلا وهو علي بن حممد بن عبد الرمحن بن رحيب، ورحيب رجل من : الرمحن بن رحيبن قتل ألف ألف وكانت مدته من حني جنم إىل أن قتل أربع عشرة سنة، ومجلة م. العجم من ضياع الري

ومخسمائة ألف، وله شعر حسن مطبوع، وزعم أبو بكر بن دريد أنه عمل له أكثره وما أرى هذا يصح؛ :فمنه: ألنه ال يشاكل طريق ابن دريد

ما جتلي مضاحك الصبح عني... ما تغطي عساكر الليل مني صدر إنس من حتته قلب جين... جسم سيف يف جوف غمد ثياب

س يرى مشيها بعني التظني... وحي نفس كما الشم ميت حس مل يعرج بليتين ولو أني... مشري إذا استقل بعزم

حسوة الطائر الذي ال يثني... ما ينال الكرى سويداه إال فيه روع النجا وحكم التأني... إن رماه خطب قرى اخلطب رأي

ليب جمنيصاحيب مهيت وق... كم ظالم جعلته طيلساين تاركا ما أخاف من سوء ظني... كم حبال قطعت يف وصل أخرى

مل أمسع نداميت قرع سني... مستخف بذا وذاك وهذا فيلسوف الزمان يف كل فن... أنا روض الربيع يف كل زهر

:وقال صباح الوجوه غداة الصياح... لقد علمت هاشم أننا

ذيول الرياح ذبول الرماح ...وأنا إذا زعزعت يف الوغى

وننكي اجلراح بكف اجلراح... نسوق السيوف بدفع احلتوف بقسم رماح وبيض صفاح... ونسمو مساحا أكف السماح

بكل أقب وهند وقاح... وقرم صبحناه يف داره ضجيع النجيع مرح اجلراح... فغودر بعد عناق املالح

السالح مهيض اجلناحمهني... كليل األنني مذال اجلبني وراح األكف مباء وراح... صلى نور عيين بنور األقاح

مبشتغل عن صياح الصباح... فما طول عشقي مزاح املالح :وقال

وصياح العريانة العيطموس... أمسعاين الصياح باإلمليس واختالف الكئوس باخلندريس... واتركاين من قرع مزهر ريا

لكن الضرب عند أزم الضروس... وهذا ليس تبىن العال بذاك ومست حنو غري ذلك حدوسي... عيفت عن كل اللبانات نفسي كخلو الطلول بعد األنيس... وخال من هواجس النأي قليب ت وصارت نفوسهم يف الرؤوس... واسبطرت محالق القوم للمو

وجيلي ظالم ليل اخلميس... رب سيد حيمي اخلميس بعضب تركت جنبه كجنب العروس... ىن يدي بعضب عممته مي

يف غداة الوغى أبا قابوس... ختربنك الكماة عن غدوايت أن لقوا بالفجور والتدليس... فسلوا عامرا وعارض ملا يا عبيد الصليب والناقوس... أتروين أقر بالنوم غمضا

:وقال إذا ما اصطبحنا بيوم سفوك... وإنا لتصبح أسيافنا

وأغمادهن رؤوس امللوك... ا برهن بطون األكف من وال يف اكتساب العال من شريك... وما يل يف اخللق من مشبه :وقال خياطب بين العباس

بطيء على مر الليايل مخودها... بين عمنا ال توقدوا نار فتنة تضمنها من راحتيها عقودها... بين عمنا إنا وأنتم أنامل

بديئا وأعقابا وحنن شهودها... تم الترك أمرنا بين عمنا ولي فبلغه عيش أو يبار عميدها... فأقسم ال ذقت القراح وإن أذق

:وقال د وما قد حوته من كل عاص... هلف نفسي على قصور ببغدا

ورجال على املعاصي حراص... ومخور هناك تشرب جهرا اخليل بني تلك العراصأقحم ... لست بابن الفواطم الزهر إن مل

وقتله املوفق بعد أن جرت له معه مواقعة عظيمة، وجرح املوفق جرحا يف صدره أشرف منه على املوت، :ولذلك قال ابن املعتز وشفى حزازات اإلحن... شق الصفوف بسيفه

ورد تفتح يف غصن... دامي اجلراح كأهنا

ومن ملح النوادر

الذي يقطع : وأي شيء الزنديق ؟ قال: قال. ضربنا الساعة زنديقا: آلخر مسعت رجال يقول: قال اجلاحظ .رأيته يأكل التني باخلل: وكيف علمت أنه يقطع املزيقة ؟ قال: قلت. املزيقة

. أعرفه، ذاك الذي حيلق وسط رأسه مثل اليهود: أتعرف فالنا اجملوسي ؟ قال: وهذا كما قال النظام لرجل .وال يهوديا وصفتال جموسيا عرفت : قال

باع مزيد املديين دابة، فلما كان من الغد أتاه النخاسون طمعا، فلما نظر إليهم قد أقبلوا حنوه قام يصلي يا عبد اهللا؛ قد ذهب يومنا، فأطمعهم طول قيامه، وكان أحسن : فأطال الصالة، فقالوا له وهم ال يعفرونه

قد ظهر : فقالوا له. ما بالكم ؟ فقد قطعتم علي صاليت: ه فقالالناس مستا وأظهرهم هديا، فانفتل من صالتخصلة : ال أعرفه هبذه الصفة؛ فماذا تريدون ؟ قالوا: قال. خيلع الرسن: وما عيبه قالوا: قال. بالدابة عيب

.من ثالث؛ إما احلطيطة، وإما رد الثمن وأخذ الدابة، وإما اليمني باهللا أنك ما تعرف هذا فيهلثمن فقد فرقناه، وأما احلطيطة فما متكننا، وأما اليمني فإين ما حلفت قط على حق وال على أما ا: فقال

فقام معهم، . ما من ذلك بد؛ فانطلق بنا إىل الوايل: قالوا. باطل، فاعفوين منها؛ فإهنا أصعب اخلطط عندي. قد أنصفك القوم :فقال. ما جاء بك أبا إسحاق ؟ فقص عليه القصة: فلما بصر به الوايل ضحك، وقال

ما حلفت على حق : وقال. أعز اهللا األمري، أحلف وأنا يف هذه السن، وضرب يده على حليته وبكى: فقالأصلح اهللا األمري فإن محلت نفسي على اليمني : ال بد، فالتوى ساعة؛ مث قال: قال. وال على باطل والتوى

بلغت : ما مسع ذلك استقبل القبلة وقالفل. أوجعهم ضربا، وأحبسهم: وحلفت وأعنتوين بعد ؟ قالالسماء، وكورت الشمس، ونثرت الكواكب، وشربت البحر، ولطعت ما يف املصحف من الذكر احلكيم،

أنا ربكم : وتوليت عاقر الناقة، وسرقت عصا موسى عليه السالم، ولقيت اهللا بذنب فرعون يوم قالدواب كلها ختلع أرساهنا، فكان هذا احلمار يقوم األعلى؛ وغري ذلك من حمرج األميان، لقد كان عندي

فضحك الوايل حىت فحص برجليه، وهبت النخاسون، وعجبوا منه . فيعديها عليها ويصلحها بفمه قليال قليال .وانصرفوا عنه

:وقال بعض الشعراء كي يغروا بذلك االرتياع... سألوين اليمني فارتعت منها

هتادى من احملل اليفاعل ... مث أرسلتها كمنحدر السي قاض دفع ماال ملن توجه إليه باليمني

كنت يوما بني يدي أمري املؤمنني الراضي باهللا إذ دخل : ومن ظريف ما يف هذا الباب ما حكاه الصويل قالعليه بعض اخلدم برقعة دفعها صاحب اخلرب املالزم جمللس أيب عمر القاضي، يذكر أن رجال أحضر خصما

، وادعى عليه مائة دينار؛ فألزم القاضي الغرمي اليمني؛ إذ مل جيد اخلصم بينة؛ فأخذ الدواة وكتب للقاضي :بيتني فدفعهما إىل القاضي، فأمر القاضي غالمه فأحضر مائة دينار ودفعها إىل الرجل، والبيتان مها

إذا ما اضطررت ويف األمر ضيق... وإين لذو حلف كاذب يدافع بالله ما ال يطيق... م وهل من جناح على مسل

فعجب الراضي من الرجل وديانته، خلالصه من احلكم؛ وعجب من كرم القاضي وحسن ما فعله، مث أمرين فلم نزل أياما حىت حصل لنا، . بالركوب إىل القاضي ومسألته يف البحث عن صاحب البيتني وإحضاره إليه

ر ومخس خلع ومركوب حسن، وأمره مبالزمة الدار؛ مث قلده فجئنا به إىل دار السلطان، فمر له بألف دينا .األهواز وأعماهلا

من نوادر اللصوص

وخرج أبو سعيد احلريب مرة وهو شارب، فجلس يبول وعليه طيلسان خلق إبريسمي، فمر به بعض اهللا عنك أصرف : ما تريد ؟ قال: فقال له الفىت: املكارين يف الليل، وتناول طيلسانه، فصاح به أبو سعيد

.األذىودخل على أيب سعيد اللصوص فأخذوا كل ما يف داره، فلما مضوا محل أبو سعيد البارية ومضى يف أثرهم

نطلب بيتا نتحول فيه مبرة، فضحك اللصوص وردوا : أي شيء تصنع معنا ؟ قال: فنظر إليه أحدهم فقال .عليه ما أخذوه منه

من نوادر األطباء

:نعمان ال ينجح مريض على يديه، فقال فيه بعض الشعراء وكان ببغداد طبيب امسه نفوسا نفيسات إىل داخل األرض... أقول لنعمان وقد ساق طبه

حنانيك بعض الشر أهون من بعض... أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا :وقال كشاجم لعيسى بن نوح النصراين

فأنت طوفان نوح... عيسى الطبيب ترفق فراق جسم لروح... يأىب عالجك إال

وبني عيسى املسيح... شتان ما بني عيسى وذا مميت صحيح... هذاك حمي مليت

هذا منقول من قول رجل من بين متيم، ملا دخل هالل بن أحوز البصرة بعد إيقاعه بين املهلب، وقد أطافت هذا ضد : فقال التميمي. بن مرميرجاهلم يطيفون به كما يطيفون بعيسى ا: به بنو متيم، فقال شيخ من األزد

.عيسى ابن مرمي؛ فإن ذاك حييي املوتى وهذا مييت األحياء

من نوادر الفقهاء

احلمد : ما تقول يف رجل أدخل أصبعه يف أنفه فخرج عليه دم، أترى له أن حيجم ؟ فقال: قال رجل للشعيب .هللا الذي نقلنا من الفقه إىل احلجامة

إن قال لك يا : رجل شتمين يف أول يوم من شهر رمضان، أتراه يؤجر ؟ قالما تقول يف : وقال له رجل .أمحق رجوت له ذلك

مث ذكر . التحيات هللا الطيبات الصلوات هللا: دخل زاهر بن العالء على احلجاج فنسي التسليم، فقال .السالم عليك أيها األمري ورمحة اهللا وبركاته: التسليم فقال

من طرف املعزين

يا أمري املؤمنني، أحسن اهللا عزاك، وربك عزاك، وأحاله : فقال. اهلامشيني على الرشيد معزياودخل بعض آمر ! نعم : علينا وعليك خبري، ورحم فالنا وال عرفه قليال وال كثريا، تأمر بشيء يا أمري املؤمنني ؟ قال

.أهلك أن يدفنوك؛ فإن موتك حياة وحياتك موت: ما كانت علته ؟ فقال الغالم: فقال. فأتى ابنه يعلم أبا علقمة مبوت أخيه مات أخ أليب علقمة النحوي،

لقد شق : فقال الغالم. إىل ركبتيه: حلنت؛ فقل: فقال أبو علقمة. تورمت رجاله فانتهى الورم إىل ركبتاه !عليك موت أيب حيث مل تدع بغضك ساعة

من نوادر احملبني

لوال ما رأيت عليك من سيماء اخلري مل : فقال. قام يتبعها حىت أدركهاومرت بداود بن املعتمر امرأة مجيلة، فإمنا مينع مثلك من الطمع يف مثلي ما يرى من سيماء : فقالت. أتبعك، فضحكت حىت استندت إىل احلائط

.اخلري، فإذا كان هذا هو الذي يطمع يف النساء فإنا هللا وإنا إليه راجعون

. حضر عندي إخوان فابعثي إيل جبام لوزينج آكله على ذكرك: بعث إليهاوتعشق أبو القماقم السقا قينة فجعلت : فقالت. أرسل يل بطبق مازاورد آكله على ذكرك: فلما كان من الغد بعث إليها. فبعثت إليه به

. فداك، ذكروا أن منبع احلب من القلب، فإذا تناهى بلغ إىل الكبد، وأنا أرى حبك ال يتجاوز معدتك :فعلت هذا ألقوى على حمبتك، أمل تسمعي قول الشاعر إمنا: فقال

وإن جعت مل ختطر ببايل وال فكري... إذا كان يف قليب طعام ذكرهتا

فقبح من يهواك يا ربة اخلدر... وإن كان هذا العام قد قل بقله وإن جعت يوما مل تكوين على ذكري... ويزداد حبي إن شبعت جتددا

ا الباب أن أبا مسعود األعمى كان جالسا يف صحن داره، فأشرفت عليه جارية ظريفة، ومن مليح ما يف هذ :فتناوهلا وقال. فعضت تفاحة ورمت هبا يف حجره

فؤادي للهوى رما... أيا تفاحة رمت وأهداك ألمر ما... لقد أهداك إنسان

إىل من عض أو مشا... ليهدي العج الشوق : مواليت تقرئك السالم وتقول لك: فت جارية هلا، معها جام لوزينج وهي تقولفلم تكن إال ساعة حىت وا

. قد مسعت شعرك، ورأيتك بدأت بالعض قبل الشم، فعلمت أنك جائع؛ فتبلغ هبذا اجلام حىت يدرك طعامنا :كنت تقول: وكيف كنت أقول ؟ قالت: قال

فؤادي للهوى رضا... أيا تفاحة رضت وأهداك ملا يرضى ...لقد أهداك إنسان

إىل من شم أو عضا... ليهدي العج الشوق وكان أمحد بن أيب طاهر قبيح الوجه، وكان له جارية من أحسن النساء، فضحك إليها يوما فعبست يف

نظرت أنت إىل ما سرك فضحكت : أضحك يف وجهك فتعبسني يف وجهي ؟ فقالت: وجهه، فقال هلا .ونظرت إىل ما ساءين فعبست

إين ألرجو أن نكون مجيعا يف : س هذا كقول محرة امرأة عمران بن حطان وكان قبيحا وكانت مجيلةوليألنك أعطيت مثلي فشكرت، وأعطيت أنا مثلك فصربت؛ فالصابر والشاكر يف : ومل ؟ قالت: فقال. اجلنة .اجلنة

:وخطبت بعده فلبس بعض ثيابه وخرجت تتمثل بقوله إذا قيل هذا يا محرية خاطب... تلبس يوما عرسه من ثيابه

.فانصرفوا عنهاوكان أبو احلسن جحظة الربمكي أطيب الناس غناء، وأحسنهم جمالسة، وأمتهم مؤانسة، وكان قبيح املنظر

:جدا جاحظ العينني وفيه يقول ابن الرومي من فيل شطرنج ومن سرطان... نبئت جحظ يستعري جحوظه

أمل العيون للذة اآلذان... يا رمحيت ملنادميه حتملوا

!وعد بكفن بعد أيام

جارك فالن تويف وال كفن له فتأمر له بكفن، : جاء رجل إىل جار له من األشراف فقال له: قال املدائين !فنملحه أصلحك اهللا إىل أن يتيسر الكفن : قال. واهللا اآلن ما عندي شيء، ولكن تعاودنا بعد أيام: فقال

دينار يلد

ادفعيه إيل حىت يلد لك يف كل أسبوع درمهني، فدفعته إليه، : أشعب دينارا فأتته به، فقالوجدت امرأة مات يف النفاس، : فصار يدفع إليها يف كل أسبوع درمهني؛ فلما كان يف األسبوع الرابع طلبته منه، فقال هلا

صدقني بوالدته كيف ت! الويل لك على أهلك : كيف ميوت الدينار ؟ فقال هلا! ويلي عليك : فقالت .وتنكرين موته يف نفاسه

ال تفعلوا فالذي جاء شر : سقط أحدب يف بئر، فذهبت حدبته وصار آدر، فدخل إليه جريانه يهنئونه، فقال .من األول

.أيش، فاشتريتها: أبكر أنت أم أيش ؟ قالت: استعرضت جارية فقلت هلا: قال ابن خالويه

من نوادر املعزين أيضا

علم فالنا تعزية يعزي هبا ولد سعيد لفىت : ملا مات سعيد بن مسلم الباهلي قال يل الرشيد: اليةقال أبو الع

: قال. عظم اهللا أجركم، وأحسن عزاءكم، ورحم سعيدا: إذا صرت للقوم فقل: فقلت للفىت. من بين هاشمقال . من ذاك هذا أطول: قال. أعظم اهللا أجركم، وختم بالصرب على قلوبكم: فقلت فقل. هذا طويل

أعظم اهللا أجركم وكررته عليه يومني، فلما كان اليوم الثالث ركب وركبنا معه، فلما قرب من باب : فقلتجيد وما أظن ذلك، : مات، قال: ما فعل سعيد ؟ قالوا: القوم خرجوا إليه حفاة إعظاما له، فلما رآهم قال

.فمث انصر. أحسنتم: قال. دفناه: فإيش عملتم به ؟ قالوا

مات : ملا مات سليمان بن وهب لقي الناس عبيد اهللا بن سليمان يعزونه، فأتاه بعض أوالد األشراف؛ فقالهذا : قال! نعم : ومات أبومها ؟ قال: قال! نعم : ومات أبو علي قبله ؟ قال: وقال! نعم : سليمان ؟ قال

وبئس " ، " فأوردهم النار " ؛ " ا مقضيا وإن منكم إال واردها كان على ربك حتم: " كما قال اهللا تعاىل " .القرار

بنو وهب من الظرفاء والكتاب

:وبنو وهب من ظرفاء الكتاب وأدبائهم، وهلم الرسائل احلسان، والشعر اجليد، وفيهم يقول أبو متام فهو شعيب وشعب كل أديب... كل شعب كنتم به آل وهب

قليب لغريكم كالقلوبرى و... إن قليب لكم كالكبد احلر أن الواثق تقدم إىل إيتاخ : وكان احلسن بن وهب يهوى بنان جارية ابن محاد، وكان من ظريف أخباره معها

باختاذ حلتني من رفيع الوشي على صفة دفعها إليه وأمره بتعجيلهما؛ فتقدم إيتاخ يف ذلك إىل سليمان بن ع وأحضرتا، فعرضتا على الواثق فاستحسنهما وأمر وبه كاتبه، فجد يف احللتني حىت فرغ منهما الصان

بقطعهما، فتشاغل عن قطعهما، وسأل أخاه احلسن بالنيابة عنه يف ذلك، فقطع احلسن منهما قميصا لبنان واتصل اخلرب بسليمان، فقامت عليه . وانصرف إىل منزله فأحضرها وخلعه عليها وجلس يشرب معها

ب شكال هلما فتعذر عليه، فابتاع حلة تقارهبما خبمسة آالف درهم القيامة وأمر بإحضار الوشائني وطلوصدق إيتاخ عن خربه، فطلبهما الواثق فدافعه إيتاخ هبما، وتعلل عليه إىل أن فرغ اخلياطون من احللة اليت ابتاعها سليمان بن وهب، وأحضرت للواثق، فلما لبسها أنكرها، ودعا إيتاخ فسأله عن السبب فصدقه،

ضحكا كثريا، ودعا خادما فأمره بإحضار احلس وبنان على الصورة اليت جيدمها عليها، فأحضرمها فضحك أنت يا أمري املؤمنني : ويلك تأخذ ثويب تقطعه هلذي بغري أمري؛ قال: يف قبة، فلما رآمها الواثق قال للحسن

فضحك ووصله . قربت منها بهتقدر على مثله، وأنا ال أقدر عليه، وأنا واهللا أحبها وأعجبين الثوب فت .وصرفهما

:وفيها يقول احلسن ويب رعدة أهتز منها وأسكن... أقول وقد حاولت تقبيل كفها لدى احلرب إال أنين عنك أجنب... ليهنئك أين أشجع الناس كلهم

:وحضرت عنده يوما وقرب منها نارا فتأذت منها؛ فقال احلسن فعلمت ما معناك يف إبعادها... بأيب كرهت النار حىت أبعدت وهبوب نفحتها لدى إيقادها... هي ضرة لك يف التماع هبائها

بسياهلا وأراكها وعرادها... وأرى صنيعك يف القلوب صنيعها وضيائها وصالحها وفسادها... شركتك يف كل األمور بفعلها

أنشدين مما حتفظه من شعر عمي أيب علي : قال يل عبيد اهللا بن سليمان بن وهب وهو وزير: قال أبو فراس :فأنشدته

حمكمة أجفانه وحماجره... بنفسي وأهلي ساحر الطرف فاتره . لقد كان رمحه اهللا كثريا ما يضع خده على خدي وأنا غالم وينشد هذا الشعر ويبكي: فقال عبيد اهللا

ت البارحة على وجه اجلوزاء، فلما شرب: ومن طبع كالمه قوله. يا سيدي، كان يتعشقها ليقول شعرا: فقلت .انتبه الفجر منت، فما أفقت حىت لفحين قميص الشمس

تضمني أبيات مالك بن الريب

:وأنشدونا يف تضمني أبيات مالك بن الريب املازين يف قصيدته بذات الغضا أزجي القالص النواجيا... أال ليت شعري هل أبينت ليلة

:أخلق هبا أن تكون لهومسعت من ينشدها البن الرومي و وأظهر فضال بعد ما كان جافيا... تعرض يل بعد القطيعة مالكي فأصبح رنقا بعد ما كان صافيا... وقد كدر اإلنبات ماء شبابه

فقال أجل كل العيال رثى ليا... فقلت له جرعت بالشعر نسوة

وباكية أخرى هتيج البواكيا... فمنهن أخيت وابنتاها وخاليت حريفان عن بعد فصاح مناديا... فبينا يعاطيين الكالم بدا له

فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا... خذاين فجراين بدمعي إليكما

معاوية بن مروان ومحار الرحى

كان معاوية بن مروان أخو عبد امللك بن مروان مغفال؛ فبينا هو واقف بباب دمشق ينتظر عبد امللك على مل جعلت يف عنق احلمار : فقال للطحان. نظر إىل محار يدور بالرحى، ويف عنقه جلجلباب طحان إذ

فقال . لرمبا أدركتين سآمة أو نعسة، فإذا مل أمسع صوت اجللجل علمت بأنه قد قام فصحت به: قال. جلجالومن : انأرأيت إن قام ومال برأسه هكذا وهكذا وحرك رأسه ما علمك أنه قائم ؟ فقال الطح: له معاوية

!حلماري مبثل عقل األمري أعزه اهللا تعاىل

يف مرض اجلاحظ

كنت بالسند، فاتصل يب أين صرفت عنها، وكنت كسبت ثالثني ألف دينار؛ فخفت أن : قال بعض الربامكةجيفوين الصارف ويسعى إليه باملال، فصغته عشرة آالف إهليلجة، كل إهليلجة ثالثة مثاقيل، وجعلتها يف

ج، ومل أبعد أن جاء الصارف، فركبت البحر واحندرت إىل البصرة؛ فأخربت أن هبا اجلاحظ وأنه محل إهليلعليل؛ فأحببت أن أراه قبل وفاته؛ فصرت إليه، فأفضيت إىل باب دار لطيف؛ فقرعته، فخرجت إيل جارية

أدت اجلارية شيخ غريب؛ أحب أن أدخل إىل الشيخ فأسر بالنظر إليه؛ ف: من أنت ؟ قلت: صفراء، فقالتما يصنع بشق مائل ولعاب سائل : ما قلت، وكانت املسافة قريبة لقصر الدهليز واحلجرة؛ فسمعته يقول

هذا رجل اجتاز بالبصرة، فسمع يب وبعليت، : فقال. ال بد من الوصول إليه: ولون حائل ؟ فأخربتين، فقلت .أراه قبل موته ألقول قد رأيت اجلاحظ: فقال

رحم اهللا : من تكون أعزك اهللا ؟ فانتسبت إليه، فقال: د ردا مجيال، واستدناين وقالفدخلت فسلمت، فرآباءك وقومك السمحاء األجواد، الفصحاء األجماد، فلقد كانت أيامهم روض األزمنة، ولقد اجنرب هبم قوم

عر أذكره به، أنا أسأل الشيخ أن ينشدين شيئا من ألذ الش: فدعوت له وقلت. كثري، فسقيا هلم ورعيا :فأنشدين

مشيت على رسلي فكنت املقدما... لئن قدمت قبلي رجال لطاملا فتربم منقوضا وتنفض مربما... ولكن رأيت الدهر تأيت صروفه

أنا ينفعين : قال! ال : يا فىت، أرأيت مفلوجا ينفعه اإلهليلج ؟ قلت: مث هنضت، فلما قاربت الدهليز صاح يبوخرجت مفرط التعجب من وقوفه على خربي . السمع والطاعة: فقلت. ك فأهد لنا منهاإلهليلج الذي مع

.حىت كأن بعض أحبايب كاتبه حبايل وقت أن صغته، فأنفذت إليه مائة إهليلجةوهذا يدل على كثرة حبثه وتنقريه؛ إذ كان وهو يف هذه السن العالية والفاجل الشديد تنشر عنده األخبار،

سرار، فكيف كان قبل هذا ؟ ومن إحدى عجائبه أنه ألف كتاب احليوان وهو على تلك وال تطوى عنه األ .احلال

ليت شعري أي شيء كان اجلاحظ ال : ليت شعري؛ أي شيء كان اجلاحظ حيسن ؟ فقال: وقيل أليب العيناء :حيسن ؟ وفيه يقول الشاعر

ما ما حواه الالفظ... ولقد رأيت العلم يو عمرو بن حبر اجلاحظ. ..حىت أقام طريقه

ال ! نعم : فقال. وأتى أبو العيناء اجلاحظ يسأله يف رجل أن يكتب له كتاب عناية إىل صاحب البصرةافضضه : تنصرف إال به، وكتب له اجلاحظ الكتاب وختمه ودفعه إليه، فأتى إىل أيب العيناء بالكتاب؛ فقال

كتايب إليك سألين فيه من أخافه ملن ال : ه فإذا فيهواقرأه علي؛ ألرى ما كتب وأعيده إليه ليختمه، ففتحأعرفك باعتنائي هبذا الرجل : فغضب وهنض إىل اجلاحظ، فقال. أعرفهن فافعل يف أمره ما تراه، والسالم

بل أنت ولد زنا مل : فقال. ال تنكر ذلك فإهنا أمارة بيين وبينه إذا عنيت برجل: فقال! فكتبت له مثل هذا .ال، إهنا أمارة يل عند الثناء على إنسان: أتشتمين ؟ قال: لقا. تك قط لرشدة

ومن نوادر املتنبئني

: قال. إىل من بعثت: قال! نعم : أنت نيب ؟ قال: فقال. ادعى رجل النبوة يف زمن املهدي وأدخل عليه وضحك منه! صدقت، أعجلناك : فقال. أوتركتموين أن أبعث إىل أحد ؟ بعثت بالغداة وحبست بالعشي

.ووصله وأطلقه

طمع أشعب

ما رأيت عروسا تزف إال وظننتها يل، وال رأيت جنازة إال وظننت : ما بلغ من طمعك ؟ قال: قيل ألشعبفأضجروين، ! يا أشعب ! يا أشعب : ولقد أطاف يب مرة صبيان فنادوا. أن صاحبها أوصى يل بشيء .لوا ظننت أين صادق، فتبعتهمفلما و. دار فالن هتب، فبادروا: فدفعتهم عين بأن قلت هلم

من نوادر الوالة

رأيت بالعراق أربعة أشياء مل أر مثلها؛ رأيت جدة بنت إحدى وعشرين سنة، ورأيت قلنسوة : قال الشافعيقاض وسعت مثانية نوى، ورأيت شيخا ابن نيف وتسعني سنة ميشي على القيان يعلمهن الغناء وضرب

: مل ال جيتمع الناس على بايب ؟ فقال: يت واليا سأل بعض من يلم بهالعود، وإذا صلى صلى قاعدا، ورأألنك عدل ال تضرب أحدا؛ فوجه إىل إمام مسجد اجلامع، فأمر بضربه بالسياط؛ فاجتمع الناس على بابه

.مجلين بنفسك قليال يا شيخ: ما ذنيب، أيها األمري؟ واألمري يقول له: وأقبلوا يتزامحون، والرجل يقول

إن األمري أوصاين عليكم؛ وواهللا ال أحسن أن أقضي بني : ىل احلجاج أعرابيا على تبالة فجمع أهلها وقالوو .خصمني مرتني، وواله ال أوتى بظامل وال مظلوم إال وضربته حىت أقتله، فتناصف الناس بينهم

من ملح أيب األسود

جيلس فيه وحده، ويضع بني يديه مائدة ويدعو كان أليب األسود الدؤيل دكان إىل صدر الرجل : قال املدائين .إليها كل من مير به، وليس ألحد أن جيلس؛ فينصرفون عنه

هلم إىل الغداء يا فىت؛ فأتى إليه، فلم ير : وكان أخبل الناس، فمر به صيب من األنصار؛ فقال له أبو األسودا األسود، إن كان لك يف الغداء حاجة يا أب: موضعا جيلس فيه، فتناول املائدة فوضعها يف األرض مث قال

فانزل؛ وأقبل الفىت يأكل حىت أتى على مجيع ما يف املائدة، وسقطت آخر الطعام من يده لقمة على األرض واهللا ما تدعها للمالئكة املقربني، فكيف تدعها : فقال أبو األسود. ال أدعها للشيطان: فأخذها وقال

أهلك كانوا أعلم زماهنم إذ مسوك هبذا : فقال أبو األسود. لقمان: الما امسك ؟ ق: مث قال له! للشياطني .االسم، ومل يعد بعد إىل ما كان يصنع

واسم أيب األسود ظامل بن عمرو من بين الدئل من كنانة، وكان قد أدرك حياة النيب صلى اهللا عليه وسلم، يب طالب رضي اهللا عنه على البصرة وسافر إىل البصرة على عهد عمر رضي اهللا عنه، واستعمله علي بن أ

:وكان شيعيا، وهو أول من وضع العربية وهو القائل ولكنه يف الود غري مريب... أمنت على السر امرءا غري حازم

بعلياء نار آذنت بثقوب... أذاع به يف الناس حىت كأنه وما كل مؤت نصحه بلبيب... وما كل ذي لب مبؤتيك نصحه

فحق له من طاعة بنصيب... مجعا عند واحد ولكن مىت ماما حنن رمجناك، اهللا : وكان جماورا لبين قشري وهم عثمانية وكانوا يرمجونه، فإذا أصبح شكاهم؛ فيقولون

كذبتم يا فعالء، أنتم ترمون فتخطئون ولو كان اهللا رماين ما أخطأين؛ مث باع داره : فيقول. تعاىل رمجك :بل بعت جاري، وفيهم يقول: أبعت دارك ؟ فقال :فقيل له. وانتقل عنهم

طوال الدهر ما تنسى عليا... يقول األرذلون بنو قشري وعباسا ومحزة والوصيا... أحب حممدا حبا شديدا

ولست مبخطىء إن كان غيا... فإن يك حبهم رشدا أصبه " .إنا أو إياكم لعلى هدى أو يف ضالل مبني و: " مما شك اهللا تعاىل إذ يقول: أشككت ؟ فقال: فقالوا له

على : ملا وقعت الفتنة أيام ابن الزبري بالبصرة مر أبو األسود على جملس ابن قشري، فقال: وقال عمر بن شبةألخالفكم، فإن اهللا مل جيمعكم على : مل تسألنا يا أبا األسود ؟ قال: ماذا أمجع أمركم يف هذه الفتنة ؟ قالوا

.حق :شد ابن شبة يف هذا املعىن لبعض احملدثنيوأن

علي فلم أعرف صوابا ومل أدر... إذا أشبه األمران يوما وأشكال

فقلت له ما تستحب من األمر ؟... سألت أبا بكر خليل حممد ألن خالف احلق قول أيب بكر... فإن قال قوال قلت شيئا خالفه

يبرسالة أيب العيناء يف أمحد بن اخلص

لو تأمل أحد أخالقه فاجتنبها الستغىن عن اآلداب : ومن هنا أخذ أبو العيناء قوله يف أمحد بن اخلصيب .يطلبها

. وهذا مما يقرأه أبو العيناء يف كالم طويل عمله على ألسنة القواد والكتاب والرؤساء وغريهم ملا نكب أمحدوقال ابن . ختطى ما ال يقدره، فحل به ما حيذرهغدر مبن آثرهن و: قال حممد بن عبد اهللا بن طاهر: فقاللوال أن القدر يغشى البصر ملا هنى ابن اخلصيب : وقال موسى بن بغا الكبري. تكرب وجترب ودبر فدمر: طالون

: وقال سليمان بن حيىي بن معاذ. مل تتم له نعمة، ألنه مل تكن له يف اخلري مهة: وقال فارس بن بغا. فينا وال أمرأحسن حسناته سيئة : وقال جعفر أبو عبد الواحد. وال يأمتر، وينهى وال يزدجر، ويعرب وال يعترب كان يأمر

.وأصغر سيئاته كبرية

وقال أبو . كانت دولته دولة اجملانني، خرجت من الدنيا والدين: وقال مروان بن عيسى بن جعفر اهلامشيوقال إسحاق بن . رب من ضده فمال إليهبعد من الشرف؛ فتحامل عليه؛ وق: عبد اهللا حممد بن زبيدة

وقال داود بن إسحاق بن حممد بن . كان إذا دنوت منه غرك، وإذا بعدت عنه ضرك: إبراهيم الطاهريوقال . نعمته أعجب من نكبته: وقال ابن أيوب. ما أحسن قط إال أخطأ، وال أصاب إال تعدى: العباس

وقال احلسن بن حممد بن . ا الستغىن عن اآلداب أن يطلبهالو تأمل أحد أخالقه فاجتنبه: ميمون بن إبراهيموقال عيسى بن . كان حيسد احملسنني وجيتنب أفعاهلم، ويذم املسيئني ويعمل أعماهلم: أيب الشوارب القاضي

ما كان أقرب وليه مما يكره وعدوه مما : وقال برد اخليار. أعقل منه جمنون، وأجن منه ال يكون: فرخان شاهما علمت أن خدمة : وقال أمحد بن أيب األصبغ. لئن منحته القدرة لقد محلته النكبة: ل ابن محدونوقا! حيب

وقال إبراهيم بن . الشياطني أيسر من خدمة اجملانني؛ كان غضبه إذا أطعناه أكثر من غضبه إذا عصيناهناصح ويأمنه الغاش، وال كان خيافه ال: وقال سعيد بن محيد. كان ال يفهم وال يفهم، وينقض ما يربم: رباح

. ما زال يستوحش من النعمة حىت أنس بالنقمة: وقال جعفر بن الفضل اجلرجرائي. يبايل أن يراه اهللا مسيئاجمامعه ردية وأوانيه : وقال حممد بن جممع. كان إذا أحسن اعتذر، وإذا أساء امنت: وقال إبراهيم بن اجلراح

كنت أرثي للسلطان يف قربه، كما أرثي لألمة من : هللا بن منصوروقال عبد ا. دنية، ضاعت بينهما الرعيةوقال . لئن كان حكمه باخلطإ نافذا، لقد اصبح احلكم فيه بالصواب ماضيا: وقال إبراهيم بن املدبر. ظلمه

عرف نصيحيت فعاداين : وقال سلمة بن سعيد. قد عرف غب ما صنع وما حصد إال ما زرع: عطية الكاتبوقال حممد بن داود . كنت إذا نصحته زناين، وإذا أخشنته مناين: وقال ابن فراشة. فاينواجتهادي فنا

كان ال يعلم وال : وقال أيوب بن سليمان. كان ال يرى درمها يف يد سواه إال حسبه حقا له ختطاه: التستري

قال ابن ثوابة و. كان وليه على وجل وعدوه على أمل: وقال يعقوب بن أمحد. يتعلم ويستصغر من يتعلممل جياور النعمة بالشكر فحل به ما استحقه : وقال عريب. أساء عشرة األحرار فأصبح مقفر الديار: الكاتب: قال املعتصم: وقال حممد بن الزيات! ما أنور بفقده األيام وأسر هبالكه اإلسالم : وقال شاربه. بالكفر

. لقد رحم اهللا عباده إذ طهر منه بالده: وقال سعيد بن هارون. لسان بذيء وخلق رديء وطبع مسيءكتب اهللا له البالء صراحا : وقال ميمون بن هارون. اشتد طغيانه فبعدت أوطانه: وقال سليمان بن بشاروقال . كان سفلة احملضر، سىيء املنظر، رديء املخرب: وقال سليمان بن وهب. فأنبت له كالنملة جناحا

وقال بعض . يف الشرف أسباب متان، وال يف اخلري عادات حسان واهللا ما كان له: حجاج بن هارونوقال متام بن كثري اهلامشي . ما رأيته مسى على طعام قط، وال استثىن يف ميني، وال محد اهللا على نعمة: الندماء

. كان البذاء عنده عادة، والسخف مروءة، وقذف احملصنات فرض: ندمي املتوكل من ولد احلارث بن العباسال يسعى إليه حر وإن مسه : وقال صاحل احلريري. محل حتفه بكفه ورمى نفسه بسهمه: ل سعيد الصغريوقا: وقال أبو الفرج بن جناح. تعرض لسخط اهللا فأصبح يف لعنة اهللا: وقال إسحاق بن صاحل بن مرشد. الضر

قال حممد بن نصر بن منصور بن و. ما مسعته قط إال زاريا على الزمان، عاتبا على اإلخوان، آمنا من احلدثانجهله عامر : وقال أمحد بن عبد الرمحن الكليب. صار سلطان البغي إليه فحلت دائرة السوء عليه: بسام

. إن من عجائب الدهر أن يكون له يف األمة هني أو أمر: وقال إبراهيم بن سعيد. الغفلة، وسفهه قاهر احلملةوقال ابن . ابة لكدح بلجامه، وتقاعس يف عنانه، وحرن يف ميدانهلو كان ابن اخلصيب د: وقال منرة الرائض

ما أكثر : وقال أبو عبد اهللا الصفار. كنت إذا وقع شعره على صدري أحسست النقصان يف عقلي: مزينةكنت أرى قلم ابن اخلصيب : وقال بعض كتابه. خطإ ابن اخلصيب، وأحوجه إىل ما حنن فيه حىت يصيب

.أطول من هذا يكتب مبا ال يصيب وهو

الكلمات اليت قيلت بعد وفاة اإلسكندر

:وهذا ضد هذه الكلمات اليت قيلت بعد وفاة اإلسكندر نبه هبا حكماء زمانه، اخترت منها هنا قطعة

. كان اإلسكندر خيبأ الذهب فقد صار الذهب اآلن خيبؤه: ملا جعل يف تابوت ذهب تقدم إليه أحدهم فقالقد : ودخل عليه آخر فقال. م النائم كيف انقضى وإىل ظل الغمام كيف اجنلىانظر إىل حل: وقال اآلخر

ما لك ال تقل عضوا من : وتقدم آخر فقال. أمات هذا امليت كثريا من الناس لئال ميوت، وقد مات اآلنما لك ال ترغب بنفسك عن اجلحر الضيق، : ودخل آخر فقال. أعضائك، وقد كنت تستقل مبلك العباد

كان ال يقدر عنده على الكالم، فاآلن ال يقدر : ودخل آخر فقال! ترغب هبا عن رحب البالد وقد كنت ما كان أقبح : وقال آخر. كان غالبا فصار مغلوبا، وآكال فصار مأكوال: وقال آخر. عنده على السكوت

. أيب يغلبما ظننت غالب : وقالت بنت دارا بن دارا. إفراطك يف التجرب أمس مع شدة خضوعك اليوموقال . نضدت النضائد، وألقيت الوسائد، ونصبت املوائد، ولست أرى عميد القوم: وقال رئيس الطباخني

.كان امللك أمس أنطق منه اليوم، وهو اليوم أوعظ منه أمس: وقال آخر. حركنا امللك يسكونه: آخر

:حركنا بسكونه أبو إسحاق بن القاسم أبو العتاهية، فقال: أخذ قوله صاحب جل قدره يوم بنتا... علي بن ثابت بان مني يا

ت وحركتين هلا وسكنتا... قد لعمري حكيت يل غصص املو :وأخذ قوله اآلخر فقال

نفضت تراب قربك عن يديا... كفى حزنا مبوتك مث إين وأنت اليوم أوعظ منك حيا... وكانت يف حياتك يل عظات

أمحد بن اخلصيب وبعض أخباره

وكان أمحد بن اخلصيب القائم بأمر املنتصر بعد قتله أباه املتوكل واستيالئه على اخلالفة، فلما مات املنتصر .أقره املستعني أمحد بن املعتصم على ما كان، ومل يطل عمر املنتصر بعد أبيه

س للبيعة، أن املنتصر ملا أصبح يف اخلالفة وجل: ومن عجائب االتفاقات ما حكاه بعض أصحاب التواريخفرش يف الدار بساط جليل كسروي، فوقف أحد رجال املنتصر على بعض صنائعه، وقد نظر إىل دارة فيها صورة رجل ميت مسجى على سريره، وقدامه ملك منتصب على سرير امللك، على رأسه التاج، واملرازبة

قرأ ما عليها دمعت عيناه، فدعا قيام بني يديه، وعلى رأسه سطور بالفارسية؛ فلما نظر الرجل إىل الصورة وطرفت عيين : فلم بكيت ؟ قال: قال. ال شيء يا أمري املؤمنني: ما هذا الذي تنظر إليه ؟ قال: به وقال له

وقعت عيين يا أمري املؤمنني على هذه الصورة، فبقيت : قال. ال بد من الصدق عما رأيت: قال. بثويبهذه صورة شريويه بن كسرى قتل أباه : مكتوب فإذا هوأعجب من حسن تصويرها، مث قرأت ما عليها

.فلم يعش بعده إال تسعة شهور. فاخنذل املنتصر ووجم، ومل يعش إال هذا القدر، فأقام أمحد بن اخلصيب مع املستعني على ما كان عليهه وكانت حال أوتامش التركي قد توافت يف أيام املستعني فاستخف به ابن اخلصيب، وجاءه بعض كتاب

فأمسعه ما كره فجاء إىل صاحبه فعرفه ما جرى، فكرب إىل املستعني، فحمله إىل مكروهه، فأمر هبدم داره .واستصفاء أمواله وبعثه إىل أقريطش

كنت يوما عنده فقدم الطعام وفيه هليون فأكب : قال إبراهيم بن املدبر. وكان ابن اخلصيب غبيا جاهالبلغين أنه يزيد يف السهاد، ويؤيد يف الباه، مث جلسنا للشرب : ليون، فقالأراك راغبا يف اهل: عليه، فقلت

:فغنت بعض القيان قتلننا مث مل حييني قتالنا... إن العيون اليت يف طرفها حور

وهن أضعف خلق الله أركانا... يصرعن ذا اللب حتى ال حراك به وماتت له بنية، فخرج إىل ! كان أسرقه لشعر أبيك قاتل اهللا جريرا ما : فقلت. هذا الشعر أليب: فقال

:قد قلت يف هذه الصبية: جلسائه يعصر عينيه، وقال ماذا لقيت من اهلوى ولقينا... غيضن من عرباهتن وقلن يل

.لعله وافقه: فقال. أعز اهللا الوزير هذا مشهور يف شعر جرير: فقال له بعض جلسائه

وابن اخلصيب عنده سحبان وائل، وكان شجاع أميا ال يقرأ وال وكان كاتب أوتامش شجاع بن القاسم،وصفين حممد بن عبد اهللا بن : قال احلسن بن خملد. يكتب وال يفهم، وإمنا علم عالمات يكتبها يف التواقيع

طاهر للمستعني وسأله أن يدخلين يف مجلة من ينادمه؛ فدعاين ملنادمته يوما، فإنا لقعود بني يديه ومعنا امش إذ دخل شجاع بن القاسم ومعه شيء يريد عرضهن فنظرت إليه، وقد أخرج سراويله من خفه، أوت

ووقع على قدميه، ودخل حتت عقبه من إحدى رجليه وهو يسحبه ويدوسه، فغمزت حممد بن عبد اهللا سل احلسن يا: فقال له. حبيايت: فقال له. فضحك، ورأى املستعني ذلك؛ فسأله عن سبب ضحكه فدافعه

ويلك يا : فأومأت إىل سراويل شجاع؛ فضحك حىت استلقى، وقال!! هيه يا حسن : سيدي، فنظر إيل وقالالساعة يا سيدي داسين كلب فخزقت سراويله وثيابه، فازداد ضحك املستعني : ما هذا؟ قال!! شجاع

.وأهل اجمللس، وضجر أوتامش من ضحكهم بكاتبهليس األمر فيها إيل وهو لألمري يعين أوتامش وهو جيلس أول : ل هلموسأل شجاعا بعض اهلامشيني حاجة؛ فقا

.من أمس يعين بعد غد .وكانت مجيع أتباع شجاع ختاليط، ومجلة كالمه أغاليط

عملت شعرا رائجيا ال معىن له، وواقفت سعيد بن عبيد على أن يروي الشعر رجال من : قال ابن عمارجلدا شهما، على أن ينشده شجاع بن القاسم ويعرفه أنه مدح له، اهلامشيني، وكان لنا صديقا، وكان :والشعر. وضمنا له على ذلك ألف درهم كجلمود صخر حطه السيل من عل... شجاع جلاع كاتب التب معا

كثري أثري ذو مشال مهذب... خبيص لبيص مستمر مقوم ا عن القول فاسكتفإن كنت مسكات... بليغ لبيغ كلما شئت قلته حصيف لصيف كل ذلك يعلم... فطني لطني آمر لك زاجر عليم بشعر حني أنشد يشهد... أريب لبيب فيه فهم وعفة إذا جئته يوما إىل البذل يسمح... كرمي حليم قابض متباسط

مبا أوجب شكرك، أيها الوزير؛ ليس العشر من صناعيت، ولكنك أحسنت إيل وإىل أهلي: وقال. فوقف إليهال بد أن : فقال. قد أغناك شرفك وحالك عن الشعر: فقال. فتكلفت أبياتا مدحتك فيها، فتفضل بسماعها

يتفضل األمري بسماعها، فأنشد األبيات فشكره عليها وسر هبا سرورا زائدا؛ ودخل إىل املستعني فأخرج له أنتما أوصلتما ذلك إيل، : فقال هلما الطاليب. صلة عشرة آالف درهم، وأجرى له ألف درهم يف كل شهر

.واهللا ال أخذت منكما شيئا، ولوال اتساعكما لوصلتكما مبا وصلت بهقد سبق إيل من الوزير وعد وتاله شكر، والوزير حقيق بإجناز وعده وقبول : وقدم إليه شاعر حمسن فقال له

:شكري وأنشده واعد واملقالويصدق يف امل... أبو حسن يزيد امللك حسنا

جريء يف العطية والنوال... جبان عن مذمة آمليه فأعطاه املهابة باجلالل... أجل الله يف سر وجهر

أعزك اهللا، إمنا قلت إنك جتنب عن البخل وال تبخل . فقال. ومل يفهم معناه! وما يدريك أين جبان : فقال لهك على هذا الشعر شيئا، ولكن على ميلك وشكرك، ما أعطي: فقال. بشيء، وإال فأنت شجاع كامسك

.ووقع له بألف دينار، ولو فهم ما قال جلعل مكان األلف ألوفا :ويف املستعني يقول البحتري من قصيدة طويلة

جبالبة خريا على من يناسبه... وما حلية القصار حني تنفشت جهل كاتبهويغدو شجاع وهو لل... جيوز ابن جالد على الشعر عنده

احلسني بن خملد مل يكن كاتبا وال منادماوكان احلسن بن خملد مضطلعا بأمر الدواوين عاملا بالدخل واخلرج، ومل تكن له صناعة يف الكتابة وال

.استحقاق للمنادمةين مجعين واحلسن بن خملد جملس فيه أيب، فسألين عن سين فأخربته وأخرب: قال أبو الفضل أمحد بن سليمان

كانت العرب تقول العشرة بني : قال يل الزبري بن بكار: فقلت له. عن سنه، فرأيته أكرب مين بعشر سننييا أبا أيوب، ليس كل من علم شيئا من : فغضب وظن أين قد شتمته، والتفت إىل أيب فقال. املشايخ لدة

، وإمنا أراد التقرب منك، ومعىن لدة إنه مل يرد مكروها: فقال له أيب. العربية يطلق لسانه يف الناس بالشتم .ترب؛ فلم يسكن إىل أن افترقنا

من نوادر أيب احلارث

ال تسأل عن شيء ؟ استطبت برد : أكان السطح مرتفعا ؟ قال: سقط أبو احلارث محري من سطح؛ فقيل له .اهلواء قبل الوصول إىل األرض

.ة فجعلها تلقاء وجههفجاءه أبو احلارث مبرآ. أشتهي أن أرى خلفي: وقال رجل .الوفاء هبذا: ما تشتهي يا أبا احلارث ؟ فقال: فقالوا. وتشهى قوم ضروبا من الطعام

ظننتكم ناسا : مالك ؟ قال: فقالوا. وأكل يوما مع قوم رؤوسا، فتبادروا إىل األعني ليقتلعوها فتنحى ناحية .فإذا أنتم نسور

. يت خبوان عليه ثالثة أرغفة، فأكل أبو احلارث رغيفه قبلهماوجلس يتغدى مع الرشيد وعيسى بن جعفر فأأريد أن أركب إىل ذلك الرغيف الذي : مالك ؟ قال! ويلك : ففزع الرشيد وقال! يا غالم، فرسي : وقال

.بني يديك، فضحك الرشيد وأمر له جبائزةاسقوا أبا احلارث : فقال. ومال أبو احلارث على زفر بن احلارث وعنده جوار يغنني وأبو احلارث جائع

:حبيايت غنني: فقال. وغنينه ما يقترح فمن ذا يداوي باطنا... خليلي داويتما ظاهرا

:غنني: فقال زفر وسائل الله ال خييب... من يسأل الناس حيرموه

:ونظر أبو احلارث إىل برذون يستسقى عليه املاء فقال

األخالق نفسك فاجعل ففي صاحل... وما املرء إال حيث جيعل نفسه .لو أن هذا الربذون مهلج ملا فعل به هذا

حتتاج إىل ملح، ونشل : فلما تلهوجت نشل بعضهم قطعة وقال. ونصب مع رفقاء له قدرا وجعل فيها حلما: حتتاج إىل بصل، فرفع أبو احلارث القدر وقال: حتتاج إىل أبزار، ونشل آخر قطعة وقال: آخر قطعة وقال

.تاج هذه القدر إىل حلمواهللا حت

طرف متفرقة

: قال. بعت القميص: وسرق مدين قميصا فبعثه مع ابنه يبيعه، فسرق منه يف الطريق، فلما رجع قال أبوه .برأس املال: بكم ؟ قال: قال! نعم

السياط يا : وقال. دعا بعض امللوك بأيب علقمة املمرور وآخر جمنون ليضحك منهما، فشتماه فغضب .كنا جمنونني فصرنا ثالثة، فضحك وأجزل صلتهما: فقاال .جالدين

أي : قالت! ما أطيب هذا القدر لوال الزحام : فقال. وطبخ بعض البخالء قدرا فقعد هو وامرأته يأكالن .كنت أحب أن أكون أنا والقدر: قال! زحام ها هنا إمنا أنا وأنت

أبو األغر يظن الكلب لصا

شل يكىن أبا األغر على بنت أخت له من قريش بالبصرة، وذلك يف شهر نزل شيخ أعرايب من بين هن

رمضان؛ فخرج الناس إىل ضياعهم؛ وخرج النساء يصلني يف املسجد، ومل يبق يف الدار إال اإلماء؛ فدخل كلب فرأى بيتا فدخله وانصفق الباب، فسمع اإلماء احلركة فظنن لصا دخل الدار؛ فذهبت إحداهن إىل أيب

إين بك لعارف، فهل أنت من لصوص ! إيها واهللا : فقال. ر فأخربته، فأخذ عصا ووقف على باب البيتاألغ: بين مازن، وشربت نبيذا حامضا خبيثا حىت إذا دارت األقداح يف رأسك منتك نفسك األماين، فقلت

واهللا ما يفعل ! أطرق دور بين عمرو، والرجال خلوف، والنساء يصلني يف مسجدهن فأسرقهن، سوءة لك فاخرج بالعفو عنك، وإال دخلت بالعقوبة عليك، وأمي اهللا لتخرجن أو ! هذا حر، بئسما منتك نفسك

ألهتفن هتفة يلتقي فيها احليان عمرو وحنظلة، ويصري زيد زيدا، وجتيء سعد بعدد احلصى وتسيل عليك .متيم الرجال من هاهنا وهناها؛ ولئن فعلت لتكونن أشأم مولود يف بين

اخرج بأيب أنت منصورا مستورا، إين واهللا ما أراك تعرفين، ولئن : فلما رأى أنه ال جييبه أخذه باللني، فقالعرفتين لوثقت بقويل، واطمأننت إيل، أنا أبو األغر النهشلي، وأنا خال القوم وجلدة ما بني أعينهم، ال

وعاتقي، فاخرج أنت يف ذميت، وإال فعندي يعصون يل رأيا، وأنا خفري كفيل أجعلك شحمة بني أذينوكان الكلب . قوصرتان أهدامها إيل ابن أخيت البار الوصول، فخذ إحدامها فانتبذها حالال من اهللا ورسوله

يا أألم الناس، أراين : إذا مسع هذا الكالم أطرق، وإذا سكت وثب يريد اخلروج، فتهافت أبو األغر مث قال

يف آخر، وأنت يف داري أقلب البيضاء والصفراء، فتصيح وتطرق، وإذا سكت بك الليلة يف واد وأنت .عنك وثبت تريد اخلروج، واهللا لتخرجن أو ألجلن عليك

واهللا ما أرى يف البيت أحدا، ودفعت الباب، فخرج ! أعرايب جمنون : فلما طال وقوفه جاءت جارية وقالتاحلمد هللا الذي مسخه : فقال. فإنه كلب! قم وحيك : لهالكلب مبادرا، ووقع أبو األغر مستلقيان فقلن

.كلبا وكفى العرب حربا

أبو حية النمريي يتوهم الربذون لصا

وقد روى ابن قتيبة وغريه هذا املقام أليب حية النمريي، وامسه اهليثم بن الربيع، وعليه عول أبو علي حممد . على أستاذه علي بن هارون وأتى فيها بكل مليحة نادرةبن احلسن املظفر احلامتي يف احلكاية اليت وضعها

: وزعم أنه أحس حس برذون يف إصطبله فراعه وتومهه لصا وهي طويلة يف حنو أربعة أجالد وقال يف أوهلاهذه حكاية أيب احلسن علي بن هارون مع اللص الذي ختيل أنه دخل داره، أخربين هبا أبو القاسم القنطري

يب احلسن، ولفظ بعضهم يزيد على بعض؛ فجمعت الروايات على اختالفها، ونظمت وغريه من حاشية أشتيتها، وهذبت العبارة عنها، وأوردت املعاين مكسوة من النثر الرائع، والتشبيه الواقع، مما يطرب سامعه،

وحنلت أبا احلسن ومجاعة ولده قطعا من بارع . ويروق متصفحه؛ ليكون وروده أغرب وحفظه أقربلشعر، تناسب قطع الرياض بنت القطر، صنعتها على ألسنتهم، ونسبتها إىل ارجتازاهتم، ومتثلت عنهم بفقر ا

من أشعار العرب أمسيت قائلها؛ لئال تلتبس مبا اختصصت يف نظمه، وما توفيقي إال باهللا عليه توكلت وإليه .أنيب

هذا ومل تقترح فيها األقران، . وتذكرة ملتذكرلقد كان يف نبأ هذه الكرمية تبصرة ملستبصر، : وقال يف آخرهاوال تنازلت فيها الفرسان، وال استبهمت فيها البهم، وال أريق فيها ملء حمجم دم؛ وإمنا هو ختييل جبان،

ولقد عزونا إىل هذه الطائفة من التشبيهات الباهرة واألمثال النادرة ما يبعد جدا عن مثلها؛ . وتسويل جنانذلك أشر الشبيبة، ومرح الصبا، ولني الغصن، وفضل القدرة، واستجابة ملا تدعيه من أفانني وإمنا بعثنا على

.الكالم؛ ونستغفر اهللا من فضول العمل

من شعر أيب حية النمريي

:وأبو حية النمريي من أحسن الناس شعرا وأرقهم فيه طبعا، على لوثة كانت به؛ وهو القائل سقتك الغوادي من أهاضيب فوق... نطق أال أيها الربع القواء أال ا

جرار الصبا يف العارض املتألق... مرابيع ومسي تسوق نشاطه يد احلي يف زي بعيين مونق... وما أنت إال ما أرى بعد ما أرى صحيح وال الشعب الذي انصاع ملتقي... غراب ينادي يوم ال القلب عقله

ت بتحجال الغراب املنعقشقي... جزيت غراب البني شرا لطاملا كنور األقاحي طيب املتذوق... ورقراقة تفتر عن متبسم

أنابيب من عود األراك املخلق... إذا امتضغت بعد امتناع من الضحى فضيضا خبرطوم العراق املصفق... سقت شعث املسواك ماء غمامة

نطقبعطفي خبنداة رداح امل... فإن ذقت فاها بعدما سقط الندى ونور األقاحي يف الندى املترقرق... مشمت العرار الغض غب مهيمة

العراق املعتق... شرقت بدار... شرقت بريا عارضيها كأمنا هذا شعر ظريف الصنعة حسن الوشي والسبك؛ وقد ملح ما شاء يف وصف الثغر وطيب النكهة، وهو معىن

.حسن مجيل

أحسن ما قيل يف وصف الثغر

:أحسن ما قيل يف وصف الثغر قول ذي الرمة: لعباس بن الفرج الرياشي مسعت األصمعي يقولقال أبو ا من العنرب اهلندي واملسك يصبح... وجتلو بفرع من أراك كأنه

إليه الندى من راحة املتروح... ذرى أقحوان واجه الليل وارتقى فصحألخرس عنه كاد بالقول ي... هجان الثنايا مغرب لو تبسمت

:وكتب كشاجم إىل بعض القينات وأهدى إليها سواكا واضحا كاللؤلؤ الرطب األغر... قد بعثناه لكي جتلي به

كان من ريقك يسقى يف الشجر... طاب منه العرف حىت خلته برد أنيابك يف كل سحر... ليتين املهدى فريوي عطشي

حظه منك ألثىن وشكر... وأما والله لو يعلم ما :د أحسن عبيد اهللا بن عبد اهللا بن طاهر إذ يقولوق

أخشى عقوبة مالك األمالك... وإذا سألتك رشف ريقك قلت يل من أن أكون خليفة املسواك... ماذا عليك دفعت قبلك للثرى

صب حببك دون عود أراك... أجيوز عندك أن يكون متيم :وقال ابن الرومي

وبات كالنا من أخيه على وحر ...أال طاملا سؤت الغيور ساءين

ينابيع مخر حصبت لؤلؤ البحر... وقبلت أفواها عذابا كأهنا :وقال

ويشفي القلوب احلائمات الصواديا... تعلك ريقا يطرد النوم برده يصادف إال طيب الطعم صافيا... وهل ثغب حصباؤه مثل ثغرها

:وقال وم إال أهنا تتخثرمن الن... وما تعتريها علة بشرية

تطيب وأنفاس الورى تتغير... كذلك أنفاس الرياض بسحرة :وقال ابن املعتز

يل واصال فازور جانبه... بأيب حبيب كنت أعهده من فيه ترضي من يعاتبه... عبق الكالم كمسكة نفحت

:وقال العطري نني مبا فيهما من التفاح... ذات خدين ناعمني ضين

من عقار وروضة من أقاح... ريقة كغدير وثنايا و

طرف وملح متفرقة

.أيها األمري؛ عدل العجة: أكل احلجاج مع رجل بيضا، فأقبل يأكل املح ويرمي إليه بالبياض؛ فقال الرجلمل حبستين : وكان بعض األكاسرة يتطري، فلقيه رجل أعور، فأمر حببسه، فأقام مدة مث أطلقه فتعرض له فقال

فأنت أشأم مين؛ خرجت من قصرك فلقيتين فلم تر إال خريا؛ وخرجت أنا : قال. تشاءمت بك :؟ قال .صدق وأمر له بصلة: فقال امللك. فلقيتك فحبستين .إنك إذا لعظيم الربكة علي: قال! لئن رفستك ألقيمن حدبتك : قال رجل ألحدب

لناس مهة وآلة وغناء، وكان ناقص كان حممد بن نصر بن منصور بن بسام أشد ا: قال الفضل اليزيدياألدب، وكنت أختلف إىل ولده علي يقرأ علي الشعر؛ فدخلت يوما وهو يشرب وعنده عبد اهللا بن حممد

:بن إسحاق، وكان مثله يف اجلهل، وقد مدت الستارة فغنت القينة أحب حلب من سكن الديارا... أال حي الديار بسعد إين فهاجوا صدع قليب فاستطارا... أراد الظاعنون ليحزنوين

ال : فقال له حممد. لوال جهل األعراب ما جرى ذكر السعد هاهنا: فقال عبد اهللا بن حممد بن إسحاق حملمد .تفعل، فإنه يقوي معدهم ويصلح أسناهنم

وكان علي بن حممد مليح املقطعات، حلو الشعر، خبيث اهلجاء، وليس له حظ يف التطويل، إمنا يسنح له :املعىن، فإذا أراد أن يركب عليه معىن آخر استهدم بناؤه، وهو القائل يف أيب حيىي املنجم يرثيه

ولك الزيارة من أقل الواجب... قد زرت قربك يا علي مسلما فلطاملا عني محلت نوائيب... ولو استطعت محلت عنك ترابه

بيسقي ثراك سقاه صوب الصائ... ودمي فلو أين علمت بأنه وجعلت ذاك مكان دمع ساكب... لسكبته أسفا عليك وحسرة

جلميل ما أبقيت ليس بذاهب... ولئن ذهبت مبلء قربك سؤددا :وقال. وقد أنشد هذه األبيات أبو بكر حممد بن القاسم األنباري لغريه

نطف املياه هبا سواد الناظر... كم قد قطعت إليك من دميومة سوداء مظلمة كقلب الكافر... مرذة يف ليلة فيها السماء

:وقال يف جحظة الربمكي أنت، وبيت الله، أهجانا... يا من هجوناه فغنانا

أو مر جمنون بنا فزنانا... سيان إن غنى لنا جحظة :وقال يف املعتضد وقد خنت ولده

يرعون من جوعهم خزامى... انصرف الناس من ختان فهكذا ختنت اليتامى... فقلت ال تعجبوا هلذا

:وقال يستطرد باملعتضد وما كان ضرك أال تعد... وعدت بوعد فأخلفته

وما مت ذلك للمعتضد... حتب الثناء وتأىب العطاء :وقال يف العباس بن احلسن ملا ويل الوزارة

تستقلع الدولة من أسها... وزارة العباس من حنسها يف خلع خيجل من لبسها.. .شبهته حني بدا مقبال

ثياب موالها على نفسها... خازنة الكسوة قد قدرت :وقال ابن بسام يف أبيه، وكان مولعا هبجائه

وبرمة تطبخ من قنربه... خبيصة تعقد من سكره يطبخ قدرين على جممره... عند فىت أمسح من حامت لكنه يف الدعوة املنكره... وليس ذا يف كل أوقاته

مهاجاة بني ابن املعتز وابن بسام

:وكان ابن املعتز يهاجيه، فمن ذلك قوله فيه

ن هلا أيقنت بطول اجلهاد... يا ثقيال على القلوب إذا ع ن التراقي حزازة يف الفؤاد... يا قذى يف العيون يا حرقة يب يا غرميا واىف على ميعاد... يا طلوع العذول ما بني إلف

يا وجوه التجار يوم الكساد... ا يف يوم غيم وصيف يا ركود واو عمرو أو كاحلديث املعاد... خل عنا فإمنا أنت فينا :فأجابه ابن بسام بقوله

دخلت من الدناءة كل باب... فقدتك يا قذاة يف شراب وضيع القدر أطفل من ذباب... لئيم الفعل أشأم من غراب

وأكذب حني تنطق من سراب... يب وأثقل حني تبدو من رق وأنكى للقلوب من العتاب... وأغدر للصديق من الليايل

من ملح املهاجاة

:ومن ملح هذا الباب قول جحظة يا وقفة التوديع بني احلمول... يا لفظة النعي مبوت اخلليل منزل يا وجه العذول الثقيل... يا شربة اليارج يا أجرة ال

أقفر من بعد األنيس احللول... ا منزال يا طلعة النعش وي يا نعمة قد آذنت بالرحيل... يا هنضة احملبوب عن غضبة

للوعد مملوءا بعذر طويل... ويا كتابا جاء من خملف مستودع فيها عزيز الثكول... يا بكرة الثكلى إىل حفرة لصرفه القينات عند األصيل... يا وثبة احلافظ مستعجال

على أخي سقم مباء البقول... طبيبا قد أتى باكرا ويا ليس إىل إخراجها من سبيل... يا شوكة يف قدم رخصة ويا صعود السعر عند املعيل... يا عثرة اجملذوم يف رجله

ونكسة من بعد برء العليل... يا ردة احلاجب عن قسوة .ىي بن خالد بن برمكوجحظة هذا أبو احلسن أمحد بن جعفر بن موسى بن حي

أبو العرب لقيين : سألت جحظة من لقبك هبذا اللقب ؟ فقال: قال أبو احلسن حممد بن حممد بن مقلة الوزير: فقال. علق إذا نكسوه صار قلعا: فقلت. ما هو حيوان إن نكسوه أتانا آلة للمراكب البحرية: فقال

. حسن املسموع؛ إال أنه ثقيل اليد يف الضربوكان طيب الغناء . أحسنت يا جحظة؛ فلزمين هذا اللقب .وكان حلو النادرة كثري احلكاية صاحل الشعر، وال تزال تندر له األبيات اجليدة

:أنشدت سكينة بنت احلسني رضي اهللا عنها قول الشاعر وعهد النوى يوم الفراق ذميم... فما للنوى ال بارك الله يف النوى

نمن ملح النحويني املتقعري

ما : يا خريدة؛ أخالك عروبا، فما بالنا منقك وتشنئينا ؟ فقال: قال أبو علقمة النحوي جلارية كان يهواها .رأيت أحدا حيب أحدا ويشتمه سواك

.املتحببة إىل زوجها: الناعمة اللينة، والعروبة: اخلريدةإسحاق بن عبد اهللا بن احلارث ما العروب من النساء ؟ فماجوا، وأقبل: وقال بالل بن أيب بردة جللسائه

:هي اخلفرة املتبذلة لزوجها، وأنشد: فقال. قد جاءكم فسلوه: فقالوا

فإذا خرجن فإهنن خفار... يعربن عند بعوهلن إذا خلوا .احملبة: واملقة

.وقد حكى قول أيب علقمة عبد الرمحن الطلحيإنه ابتاعين عنجرا واستنسأته : ما تقول ؟ قال: قالوأيت اهليثم بن العريان بغرمي قد مطلب غرميه دينارا؛ ف

فمن أكفائهم من : قال. ال: أمن بين أمية أنت ؟ قال: فقال اهليثم. حوال فصار ال يلقاين يف لقم إال اقتضاين: فلما جرد قال! ويلي على ابن الفاعلة، فعلى من تتكلم هبذا الكالم ؟ السياط : قال. ال: بين هاشم ؟ قال

.دعوه، فلو ترك التثاقل بالغريب يف وقت لتركه اآلن: فقال. هللا؛ إن إزاري مرعبلةأصلحك ا .اخللقة: الطريق، واملرعبلة: واللقم. عجم الزبيب: العنجر

ابن منارة وأبو العيناء

أحب أن أعبث : فقال البن منارة. دخل أبو العيناء على ابن منارة الكاتب وعنده أبو عبد اهللا بن املرزبانيا أبا عبد اهللا؛ مل لبست : فأىب إال العبث به، فلما جلس أبو العيناء قال له. ال تقوم به: فقال له. العيناءبأيب

وما صفدمي : قال. ألنك صفدمي: قال أبو العيناء. اليت ما بني جبة ودراعة: وما اجلباعة ؟ قال: جباعة ؟ قال .الذي هو ما بني صفعان وندمي: ؟ قال

عض ندماء كافورسيبويه املصري وب

أيها : فقال. ودخل أبو بكر سيبويه املصري نافلة البصرة على كافور اإلخشيدي وعنده بعض ندمائهيا أبا بكر، ما حد : قال. شأنك: قال. ال بد من ذلك: قال. إنك ال تطيقه: فقال. االستاذ، دعين أهاتره

فخجل الرجل، وضحك . فيه إخوانكما أحاط به جربانك، وأدبك عليه سلطانك، والعبك : الرأس ؟ قال .كل من حضر

وكان الناس يتبعونه . وكان سيبويه هذا يشبه بأيب العيناء يف سرعة جوابه، وجودة بديهته، وكثرة روايته .ويكتبون ما يقول، وكان قد شرب البالذر فعرضت له حدة مفرطة

ك للناس، وقبيح معاملتك بلغي بالء لسانك، وكثرة أذا: وأحضره أبو بكر حممد بن اخلازن، فقال .لألشراف؛ فاحذر أن تعود؛ فينالك مين أشد العقوبة، وصال عليه بالكالم

اخرج عليه فيغضب؛ فقال له ذلك يوما ! يا خازن ! يا خازن : وكان الصبيان يتولعون به إذا مر ويصيحونكما ضرب رسول اهللا ضرب اهللا عنق اخلازن: صيب وأبو بكر املعيطي حاضر فضحك املعيطي؛ فقال للصيب

صلى اهللا عليه وسلم عنق عقبة بن أيب معيط يوم يدر على الكفر، وضرب ظهر أبيك بالسوط كما ضرب فقام . علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه ظهر الوليد بن عقبة على شرب اخلمر، وأحلقك يا صيب بالصبية

.املعيطي كأمنا نشر من قرب

فمن : قول النيب صلى اهللا عليه وسلم لعقبة بن أيب معيط وقد قال له وأحلقك بالصبية: يريد بقوله للصيب .النار والعياذ باهللا منها: للصبية يا حممد ؟ قال

سيبويه يريد دخول احلمام

دخل مفلح احلسين احلمام وكان من مجلة أصحاب احلسن بن عبد اهللا بن طغج بن جف الفرغاين، وإليه أومثلي مينع الدخول ؟ ال أنقى : فقال. األمري مفلح أخاله فاصرب ساعة: ينسب، فأتى سيبويه ليدخل فقيل له

إن احلمام ال خيلى : فقال له. وجلس حىت خرج. اهللا مغسوله، وال بلغه سوله، وال وقاه من العذاب مهولهنا أ: مبتلى يف قله، أو مبتلى يف دبره، أو سلطان خياف من شره، فأي الثالثة أنت ؟ قال: إال ألحد ثالثة

.املغروم أعزك اهللا

جماورة

وهذا كجواب أمشول اإلخشيدي، وكانت له دار مشرفة على النيل يتنزه إليها يف زمان املد وطيب اهلواء، إهنا مبنية يف فناء : وكان جياوره العباس بن البصري يف راقوبة له، فاحتسبت يف تلك الدور، وقيل لكافور

:لى كافور فأنشدهالنيل فأمر هبدمها، فدخل ابن البصري ع مهته أعلى من الكوكب... يأيها األستاذ يا ذا الذي

وارث لضعفي وملا حل يب... انظر إيل وإىل فاقيت أضيق من قارورة احمللب... فإن يل بالشط راقوبة عرض سرير جاء يف مركب... صغرية ضيقة عرضها

أو زيزب... أخرجها... كأهنا رجل مسارية وقد أحاطوا بأيب تغلب... يت الزنج يف شطنا لو رأ

وفاس ذا معتدل احملرب... عمة ذا محراء مصقولة يا رب سلمين من احمللب... يف يد ذا حلب هائل

رأيتين أرقص كاألحدب... إن أخذتين ضربة منهم بالشط باألقرب فاألقرب... قد أحدق الصفع جبرياننا

خشيت أن أدخل يف اللولب ...وإن متاديت وخليتين .أنا ما يل دار أعز اهللا األستاذ قد سلمت: أنت جبواره ؟ قال: وقال: فضحك كافور، والتفت إىل أمشول

تيه وكرب

أشم الوزير أيده اهللا رائحة : وكان أبو الفضل بن حنزابة رمبا رفع أنفه تيها؛ فقال له وقد رآه فعل ذلك .كريهة فشمر أنفه ؟ فخجل فأطرق

من عند الزاهي بنفسه املدل : من أين يا أبا بكر ؟ فقال: واستعمل أبو بكر النهوض فلقيه رجل فقال .املدل بعرسه: وكانت بنت اإلخشيد حتته، فلذلك قال. بعرسه، التائه على أبناء جنسه

إىل قولوا له يرجع: فقال. وأتى مسلم بن عبد اهللا احلسيين وهو من أهل احلجاز وأوطن مصر فحجب عنه .لبس العبا، ومص النوى، وسكىن الفال، فهو أشبه به من نعيم الدنيا

دار شؤم

وكانت دار أيب جعفر أمحد بن نصر التاجر املغريب مبصر معروفة بالشؤم من قبل أيب جعفر، فكان أبو بكر مير .وأخباره كثرية. يا سيديت تعودين إىل عادتك اجلميلة: هبا فيقول

من نوادر املخنثني

ا جعل عيسى بن موسى ويل العهد بعد املهدي وكان ويل عهد املنصور، قال ملخنث قدم إليه وقد جىن ملبلى واهللا أيها األمري، إين بك لعارف؛ فأنت الذي : ما أراك تعرفين فكنت تفعل هذا الفعل ؟ قال: جناية

.كنت غدا فصرت بعد غد. لكم الليل ولنا النهار: يه أحد، فلقيه رجل فقالخرج خمنث يف شدة اهلاجرة ببغداد وهو وقت ال يتصرف ف

.صدقت، ولكن رأيت وجهك فظننته قطعة من الليل: فقال

أبو العرب وامرأته

فغمزها أبو العرب : مرض رجل فجاء أبو العرب يعوده وقد ثقل، فصاحت امرأته؛ من يل بعدك يا سيدي ؟ قالعدهتا تزوجها أبو العرب، فأقامت عنده حينا؛ مث وأومأ إليها أنا لك بعده، فلما مات الرجل وانقضت

ال يغمزها إال من : حضرت أبا العرب الوفاة، فجاء عواده؛ فصاحت من يل بعدك يا سيدي ؟ ففتح عينيه وقال .تكون أمه زانية

عجوز وشابة

صلح اهللا القاضي أنا أ: فقالت الشابة. وبينا ابن أيب ليلى يف جملس القضاء إذ تقدم إليه امرأتان عجوز وشابة: فقالت العجوز. امرأة مبدنة، وقد هبرين النفس؛ فإن رأى القاضي أن يأذن يل فأحسر عن وجهي فليفعل

أصلح اهللا القاضي، إهنا من أحسن الناس وجها، وإمنا تريد أن ختدع القاضي، ال أمتعها اهللا مبا وهبها من .فشأنك ووجهك إذا أنت شددت قناعك: فقال هلا ابن أيب ليلى. اجلمال

أصلح اهللا القاضي، إن هذه عميت وأنا أمسيها أمي لكرب سنها، وإن : مث قالت. فحسرت الفتاة عن وجه مجيلأيب مات وخلف ماال، وخلفين يف حجرها؛ فجعلت متونين وحتسن التدبري يف املال وتوفريه علي، إىل أن

وبه من احلب ما ال يوقف على صفته، مث إن بلغت مبلغ النساء فخطبين ابن عم يل فزوجتين منه، فكان يب

لست أزوجكها : فقالت. ابنة لعميت أدركت، فجعلت هذه ترغب زوجي فيها؛ فتاقت نفسه إليها فخطبهاعمتك تقرئك : فلم أشعر حىت أتاين رسوهلا فقال! قد فعلت : فقال هلا. حىت جتعل أمر بنت أخي يف يدي

، وإين أبيت أن أزوجها منه حىت جيعل أمرك يف يدي ففعل ذلك إن زوجك خطب ابنيت: السالم وتقول لك .فأنت طالق، فحمد اهللا تعاىل على ما بليت به

على ! نعم : تزوجيين نفسك ؟ فقلت: وإن زوج عميت هذه قدم من سفر، فسألين عن قصيت فأخربته فقالقد : قال. أن أعفو وإما أن أقتص ذلك إيل؛ إما: فما تصنعني إذا ؟ قلت: قال يل. أن جتعل أمر عميت يف يدي

! فعلت، فأرسلت إىل عميت أن زوجك خطبين وأين أبيت عليه حىت جيعل أمرك يف يدي، ففعل؛ فأنت طالق مث : فقالت الشابة. ال تضحك أيها القاضي، فالذي بقي أكثر وأعظم: فقالت العجوز! فضحك ابن أيب ليلى

هو زوجي وأنا أحق مبرياثه، فأغرت ابن عمي : فقلت هلا إن زوج عميت مات فجعلت ختاصمين يف مرياثه، .ووكلته خبصوميت ففعل

يابن العم؛ إن احلق ال يستحى منه وقد صلحت لك إذ نكحت زوجا غريك، فهل لك يف مراجعيت ؟ : فقلت على أن: أوتفعلني ؟ قلت: مث قال. كان ما كان وال ذنب يل فيه، بل كنا على أشد رغبة وأعظم حمبة: فقال

فأرست إىل بنت عميت أن زوجك خطبين وأين أبيت عليه حىت . قد فعلت: قال. جتعل أمر بنت عميت بيدي .جيعل أمرك يف يدي ففعل، فأنت طالق

نعم، التعس والنكس : أصلح اهللا القاضي؛ أحيل هذا، أطلق أنا وابنيت ؟ فقال ابن أيب ليلى: فقالت العجوز .لك

.أبعد اهللا العجوز وال فرج عنها: ضحك وفحص برجليه، وقالمث ركب إىل املنصور فأخربه حىت

محار عاقل

اشتر يل محارا ليس بالصغري احملتقر، وال الكبري املشتهر، إن أشبعته شكر، وإن أجعته : أتى رجل خناسا فقال، صرب، وإن خال الطريق تدفق، وإن كثر الزحام ترفق، ال يصدم يب السواري، وال يدخل يب حتت البواري

أنظرين قليال، فإن مسخ اهللا ابن أيب ليلى القاضي : فقال له النخاس. إن ركبته هام، وإن ركبه غريي نام .محارا اشتريته لك

جارية

وإن بني كل أمر يطالبه الرجاء وبني املطلوب إليه ذريعة يتوصل : وكتب بعض الكتاب إىل حممد بن منصوربفضلك، وكذا الوسيلة، وما كنت متوسال إليك بشيء هو أرجى يف هبا إىل معروفه، ويل بارجتائك ملعرفيت

حاجيت، وال أصلح لطلبيت من التوسل إليك حبسن الظن فيك، وحاجيت أكرمك اهللا ظريفة من اجلواري مل تتداوهلا أيدي التجار، وال تبذهلا معاودة العرض، ويل فيها شريطة أعرضها عليك لترى رأيك فيها، أحربها

إذا اختذت اجلارية فاستجد شعرها؛ فإن الشعر أحد الوجهني؛ وتكون رائقة البياض، تامة : يقال فرعاء فإنه

القوام؛ فإن البياض والطول نصف احلسن؛ وتكون مليحة املضحك، فإنه أول ما جيلب احملبة، ويكسب قول ولست من . احلظوة، ولست أكره االنكسار يف الثدي، ألنه ليس للناهد عندي سوى لذة النظر

:الشاعر رمان ثدي ليس يقطف ناهد... جال الوشاح عن قضيب زانه

وأكره العجيزة العظيمة وأريدها وسطا؛ ألن خري األمور أوسطها، هلا طرف أدعج، وحاجب أزج، . يف شيءوكفل مرتج، وما وافقت هذه الصفة، وكانت رخيمة الكالم، شهية النغمة، فهي حرة قبل أن ترسلها،

.وأنا باإلضعاف حري، وأنت باإلسعاف قمني. اك اهللا حيملها قدرك ويستحقها شكركوحاجيت أبققد سألت أكرمك اهللا عن هذه الصفة فلم أجدها، : فأنفذ إليه حممد بن منصور مخسمائة دينار، وكتب إليه

.فالتمسها أنت؛ فإن وجدهتا فهذه مخسمائة دينار تدفعها عربونا حىت أبعث إليك بالثمن، والسالم

خطبة النكاح

فلما كان من الليل ! نعم : يا بين، تعلم خطبة النكاح، فإين أريد أن أنكح أخاك، قال: قال أبو سودة البنهاحلمد هللا أمحده وأستعينه، وأؤمن به، وأتوكل عليه، : قال. هات: قال! نعم : أتعلمت شيئا ؟ قال: قال

. حي على الصالة حي على الفالح. مدا عبده ورسولهوأشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له، وأن حم .يا بين، ال تقم الصالة حىت أذهب وأجيء، فإين على غري وضوء: فقال أبوه

:وهذا كقول ابن أيب حفصة ملا قال علي بن اجلهم قصيدته اليت أوهلا الله أكرب واخلليفة جعفر

امبدح أمري املؤمنني فأذن... أراد علي أن يقول قصيدة وال أنا: فلست على طهر فقال... فقلت له ال تعجلن إقامة

كيف خلفت قارون ؟ : فقال له. من أسفل األرض: من أين أقبلت ؟ قال: قال يزيد بن أيب حبيب لرجل .أبين لك صرحا: أين تذهب يا هامان ؟ قال: وقال عبد اهللا بن خزمية لصاحب شرطته

صيب يتعلم اهلجاء

: علمه اهلجاء، وال تشغله بغريه، فطال ترداده إىل املكتب؛ فقال أبوه: املعلم وقال لهأسلم رجل ابنه إىلما هجاء مسكة ؟ : ط أ س ر أ أ ح أال ي أ، قال: ما هجاء طري ؟ قال: قال! نعم : تعلمت اهلجاء ؟ قال

تعلم هذا تقدمت إليك أن ! وحيك : فقال له. س م ك أ ه أ خ ح د د، فأرسل إىل املعلم فحضر: فقالفقال . كذا وكذا: الصيب اهلجاء، وقد سألته عن هجاء طري، فقال كذا وكذا، وسألته عن هجاء مسكة، فقال

هجه : فقال! جتيء إىل صيب صغري هتجيه شيئا يطري يف اهلواء وشيئا يغوص يف قعر البحر كيف يتهجاه : املعلم .د ك س، فانتهره أبو الولد وانصرفح م : فقال. هج: أهجي لك محاد ؟ قال: فقال املعلم. أنت

أنت : فقلت! ما أثقل رأسك: وضعت رأسي يف حجر امرأيت فقالت: أبو حممد النوهباري أتاه رجل فقال

ألن القصابني أمجعوا على أن : ومل ؟ فقال: تطلق عليك، فقيل له: فقال. طالق إن كان رأسي أثقل من رأسك .رأس الكبش أثقل من رأس النعجة

غرية بن عبد الرمحن بن احلارث بن هشام أصيبت عينه عام غزوة مسلمة القسطنطينية، وكان يطعم وكان املإنه : ما لك يا أعرايب ؟ فقال: فقال له. فجاء أعرايب فجعل يدمي النظر إىل املغرية وال يأكل. الطعام حيث نزل

أعور تطعم الطعام، وهذه صفة أراك : وما يريبك منها ؟ فقال: قال. ليعجبين كثرة طعامك، وتريبين عينك .كل يا أعرايب فإن الدجال ال تصاب عينه يف سبيل اهللا: فضحك املغرية وقال. الدجال

من شعر أيب العتاهية

:فقال هلا غين. اقترح: حضر يعقوب بن إسحاق الكندي جملسا فيه قينة، فقالت له لوجدت الفؤاد قرحا تفقا... لو جتسني يا عتيبة عرقي

.إن أردت جس العروق والنظر إىل األبوال فعليك بالبيمارستان: تفقال :هذا البيت يف أبيات أليب العتاهية إمساعيل بن القاسم ويكىن بأيب إسحاق وأبو العتاهية لقب وفيها

أحتب الغداة عتبة حقا... قال يل أمحد ليعلم ما يب اها جرى يف العروق عرقا فعرق... فتألمت مث قلت نعم

عواد مين مما أعنى وأشقى... قد لعمري مل الطبيب ومل ال أبدا ما حييت منها ملقى... ليتين مت فاسترحت فإين

شعر أيب : وكان أبو العتاهية سهل الشعر لينه، وتندر له األبيات على صحة شعره فتحسن، وكان يقالألفيته أملس املتون ليس له : جلاحظ شعره فمجه فقالالعتاهية سباطة امللوك جتد فيها الدرة واخلرفة، وأنشد ا

.عيونحنن أعزك اهللا : وقد قال ابن الرومي لرجل أنشده شعرا سليما من العيوب مطبوعا عاريا من تدقيق املعاين

.حنب مع السالمة الغنيمةلرشيد بذم، وكان ذكرت عند ا: قال إسحاق بن إبراهيم املوصلي. وكان الرشيد مغرما بشعره مستظرفا له

هو يا أمري املؤمنني على حداثة سنه وقصر معرفته خيالفك؛ فيقدم العباس بن األحنف على أيب : فيه أن قيل: أبو العتاهية: من أشعر عندك أبو العتاهية أم العباس ؟ فعرفت ما أراد فقلت: العتاهية، فاستحضرين وقال

:أنشدين للعباس فأنشدته أحسن ما أعرف له: فقال نال به العاشقون من عشقوا... أحرم منكم مبا أقول وقد تضيء للناس وهي حتترق... صرت كأين ذبالة نصبت

:فأنشدين أليب العتاهية فأنشدته أحسن ما أعرف له: فقال دمية قس فتنت قسها... كأن عتابة من حسنها يف جنة الفردوس مل أنسها... يا رب لو أنسيتنيها مبا

دائرة يف طحنها كدسها... ذا مثل اليت مل تزل إين إ حفنة بر خنقت نفسها... حىت إذا مل يبق منه سوى

:هذا الذي أنشدت أليب العتاهية من أعابيثه اليت ال يلقى هبا باال، ولكن هال أنشدتين قوله: فقال أحتب الغداة عتبة حقا... قال يل أمحد ومل يدر ما يب

ال يا أمري املؤمنني وما أحفظ : قلت. نعم: فتنفست مث قلت: أحيسن أحد أن يقول: قال وأشد األبيات، مث .وكنت أعرف به منه! احفظه : قال. الشعر

من جيد شعره

:ومن جيد شعر أيب العتاهية قوله ألمحد بن يوسف، وكان له صديقا قبل الوزارة، فلما وزر للمأمون جفاه ناهيه من دون األخالء بالوفرت... أبا جعفر إن الشريف يهينه

فإن عزائي بالتجمل والصرب... فإن هتت يوما بالذي نلت من غىن وأن الغىن خيشى عليه من الفقر... أمل تر أن الفقر يرجى له الغىن

:وقوله له وقد أتاه فقيل له إنه نائم سأصرف وجهي حني تبغى املكارم... لئن عدت بعد اليوم إني لظامل

ونصفك حمجوب ونصفك نائم... يظفر الغادي إليك حباجة مىت :وقوله

ش مقيم يف ظل عيش ظليل... ميت مات وهو يف وارف العي يا أبو جعفر أخي وخليلي... يف عداد املوتى ويف ساكين الدن

مات عن كل صاحل ومجيل... مل ميت ميتة الوفاء ولكن :وهذا القول لعمرو بن مسعدة

وضيعت عهدا كان يل ونسيتا... ن العهد القدمي عييتا عييت ع أبر وأوىف منك حني قويتا... وقد كنت يف أيام ضعف من القوى

ومت عن اإلحسان حني حييتا... جتاهلت عما كنت حتسن وصفه له حاجة فلم وكان عمرو بن مسعدة صديقا له قبل ارتقاء حاله، فلما بلغ يف أيام املأمون إىل رتبة الوزارة سا

:يقضها، فتأخر عنه فغضب عمرو وحجبه فكتب إليه وجربت حىت أحكمتين جتاريب... بلوت إخاء الناس يا عمرو كلهم

فمن يزر أو يغضب فليس بصاحب... فلم أر ود الناس إال رضاهم .واحندر إىل واسط فلم يعد حىت تغريت حال عمرو

:راء وبز النظراء؛ وغزله يلني كثريا ويشاكل كالم النساء، كقولهفأما شعره يف الزهد فقد فاق فيه الشع تبارك الله ما أجفاك يا ملكه... جلت عتيبة يف هجري فقلت هلا

حقا على عبدك املسكني باهللكه... إن كنت أزمعت يا سؤيل ويا أملي ها قد هلكت على اسم الله والربكه... فقد رضيت مبا أصبحت راضية

:بلغ بلينه إىل اإلضحاك كقوله ورمبا كحالء باحلسن غري مكتحله... عتابة النفس كاعب شكله وأنت ال تقصرين يف احلجله... بالله هل تذكرين يا سكين

نلعب هاال مهلهال هلله... أيام كنا وحنن يف صغر :وهذا وإن قصد به اهلزل فليس يف حالوة قول العباس

أبدا أو تضمين أرماسي... لست أنسى مقاهلا لرسويل من يف خيفة ويف إجياس... هات قل يل كتاب من ذا فإين

فتبدى العنوان من عباس... فنبذت الكتاب سرا إليها ما بقى للقرود إال الكراسي... فرمت بالكتاب زهوا وقالت

:وال كمالحة قوله ومثلها يف اخللق مل خيلق... جارية أعجبها حسنها

فأقبلت تضحك من منطقي... تها أني حمب هلا عرف كالرشأ األغيد يف قرطق... وانصرفت حنو فتاة هلا

انظر إىل وجهك مث اعشق... قالت هلا قويل هلذا الفىت

من نوادر اجلهالء واللكن

ار وكان بالرملة شيخ نظري أليب بكر النابلسي يف طريق الزهد، وكان ألكن اللسان؛ فنزل بعض اجلند دصديق له، فخاف طول مكثه، وأن تصري الدار نزال للجند، وسار بذلك إىل الشيخ، وسأله أن يبعث إليه من

. يعرفه بالرجل أنه من خاصته لينتقل عنها؛ فأنفذ معه رسوال، مث رأى الشيخ أن قيامه آكد فنهض فلحقه واهللا أقيم أكثر من يومني ألتمس أيها الشيخ اجلليل سيدي؛ أتاين رسولك، وال: فقام اجلندي إليه؛ فقال

يا سيدي وشهرين إذا شئت، وما هذا التضييق على نفسك ؟ فقال ! نعم : فقال الشيخ. منزال وأنتقليا هذا، إنك إن تقول، إن : فقال. واهللا أعزك اهللا لئن أقام هبا عشرة أيام لتصرين داري نزال: صاحب الدار

فسر يل أكرمك اهللا : فقال. دارك، لسبب ما، فليس األمر كما زعمتهؤالء، إمنا أحب إليك أن يأتوا إىل .هذا الكالم، وأنا أهب له الدار

وكان بالرملة أيضا كاتب جاهل ألكن، فأرسل غالمه إىل الصوارف يبتاع له شرابا، فاشترى له ركوة ا، فامتنع، فأرجلوه زن درمه: فقبض عليه أصحاب املصاحل، فقالوا. شراب، ومحلها على محار وأتى الرملة

فكتب إىل متويل النظر يف . عن احلمار فضربوه مخسني مقرعة، وأخذوا الشراب واحلمار؛ فأتى مواله فأخربهأما بعد، فإن غالما، وإن محارا، ألبسبله، فضرباه مخسني رطال يف ركوة، فرأيك يف إطالق احلمار، : أمرهم

.وأبقاكما عندي اليوم شراب نبيذ، فاجلس حىت أكتب إىل صديقي : ، فقالكنت عند فاحتجم: وقال بعض إخوانه

أما بعد : فكتب. أنت مطول يف كتبك فاعمل على االختصار: فقلت له. فالن يبعث يل بقنينة أشرهبا معكومثل هذا يف االختصار، قيل إن شاعرا مدح نصر بن ! وال هذا كله : احتجمت قنينة والسالم، فقلت له

ما تركت معىن ظريفا وال : فقال له نصر. ها مائة بيت كلها نسيب، وإمنا املدح منها يف بيتنيسيار بقصيدة في :غدا أغدو عليك بغري هذا؛ فغدا عليه بقصيدة أوهلا: فقال. نسيبا مليحا إال أوردته يف نسيبك دون مدحك

دع ذا وحبر مدحة يف نصر... هل تعرف الدار ألم الغمر اشتهيت وليس عندي إال، وليس حيلو إال من عندك، وهو : تابا إىل بعض إخوانهوكتب هذا الكاتب ك

.الدمكسك أصلحك اهللا، يطرح احلشمة، فأرسل إىل ممسا منفصال والسالمأراد النمكسود وهو حلم يقطع طوابيق ويشد بامللح يف ألواح وينشر حىت يذهب ماؤه وينشف؛ فإذا احتيج

الزينيب : ولذا قال أبو العيناء. ؛ وإمنا يستعمل كذا ليسافر به وال يفسدإىل شيء منه بل باملاء وأصلح .منكسود اخلمر

إن الذي مل جير بينهما غري مفهوم، وقد أردت : وكتب رجل إىل قاض يف أمر قوم من جريانه اختصموافقال . ااالستصالح فعاد استفسادا؛ فإن رأى القاضي أدام اهللا عزله أن يصفح عن كتايب فإن فيه نقص

.ال، بل فيه زيادة الم، كفانا اهللا شرها. القاضي

من معاريض الكالم

من رآين فال يغتر بالدنيا، فإين كنت من ملوكها، أصرف الريح كيف : ورثي قربان مكتوب على أحدمها .كذب، إمنا كان حدادا ينفخ بالزق: وعلى اآلخر مكتوب. شئت

:من أنت ؟ فقال: ليال فأخذه سكران؛ فقال وكان بالكوفة رجل باقالين، فخرج الطائف وإن نزلت يوما فسوف تعود... أنا ابن الذي ال تنزل الدهر قدره

فمنهم قيام حوهلا وقعود... ترى الناس أفواجا إىل ضوء ناره لما ف. جتاوزوا عن ذوي اهليئات؛ خلوا سبيله: قد جاء عن النيب صلى اهللا عليه وسلم أنه قال: فقال الطائف

.إن مل يترك لنسبه فقد ترك ألدبه: فقال. أصبح سأل عنه فإذا هو ابن باقالينإن له شرفا وقدما وبيتا، فنظر فإذا هو : ومثله من املعاريض قول ابن شربمة؛ وقد سئل عن رجل، فقال

ن له بيت أذناه وقدمه اليت ميشي عليها، وال بد أن يكو: شرفه: ما كذبت: فقال. فقيل له يف ذلك. ساقط .يأوي إليه

رزين اجمللس، نافذ الطعنة؛ فحسبوه سيدا، فإذا هو خياط طويل اجللوس نافذ : وسئل آخر عن رجل؛ فقال .اإلبرة

من طرف النوادر

أوالد الزمان فسدوا فأردت أن أذهلم باليتم، : فقال. طلب العتيب بعد مثانني سنة أن يتزوج، فقيل له يف ذلك .ققبل أن يذلوين بالعقو

بعث بعض ولد عيسى بن جعفر إىل مجاعة من املخنثني فأتوه، فجعلوا يلعبون ويرقصون وبقي خمنث منهم ال فلم دخلت يابن الفاعلة ؟ يا غالم ائتين بسكرجة مملوءة : قال. ال أحسن شيئا: ما لك ؟ قال: فقال. يتحرك

يا : قال. حدمها أو ألضربنك حىت متوتواهللا لتأكلن من أ: فقال. روثا وأخرى مملوءة مجرا، فأتاه هبمايابن الفاعلة، إىل كم تصلي ؟ قد : فقال له. قم فصل؛ فقام يصلي فأطال: قال. موالي؛ دعين أصلي ركعتني

يا سيدي؛ أنا دائب أدعو اهللا أن ميسخين نعامة فأقوى على أكل : فقال! صليت أكثر من عشرين ركعة را، فلم يستجب يل بعد؛ فدعين أصلي وأدعو، فلعله يستجاب يل؛ اجلمر، أو خنزيرا فأقوى على أكل اخل

.فضحك منه ووصلهيا محقاء؛ القيامة هكذا على البارد بال : فقال ربدة املخنث. قامت القيامة: هبت ريح شديدة، فقال الناس

.دابة وال دجال وال دخان وال يأجوج وال مأجوج .صر ابن هبرية ذهب رمسه وبقي امسهعدمته، كأنه ق: ورأى خمنث شيخا هرما، فقال

من نوادر األعراب

.فالوذج؛ إال أنكم أمحضتموه: يا أعرايب ؟ ما هذا ؟ قال: فقيل له. قدم قوم ألعرايب قريسا فأمعن يف أكلهإن : قال: يبول يف الفراش: ما هو ؟ قالوا: قال. إنا نربأ إليك من عيب فيه: وابتاع أعرايب غالما؛ فقالوا له

.فراشا فليفعل وجدألنا نطيل كده، ونعري : أباعك اهللا يف األعراب قال: مل إذا غضبنا على غالم لنا قلنا له: وقيل ألعرايب

.جلده، وجنيع كبده :وقال أبو متام لرجل سرق شعره

بال رئبال كل خيس وغاب... إمنا الضيغم اهلصور أبو األش راتع يف كتايبوهو للحني ... من عدت خيله على سرح شعري

فاستحلت حمارم اآلداب... غارة أسخنت عيون القوايف دي سبايا تبعن يف األعراب... يا عذارى الكالم صرتن من بع

فمر يعدو ورماه؛ فلقيه رجل !! ورأى أعرايب سراويل يف فالة، فأخذه يظنه قميصا مل يعرف كيف يلبسه مل أخذت قميصي ؟: للشيطان، وأخاف أن يلحقين فيقولأصبت قميصا : ما لك يا أعرايب ؟ قال: فقال

أعرايب يف عرس

دخلت حضرتكم بعد عيد األضحى، فإذا أنا جبمع عظيم عليهم : مسعت أعرابيا يقول: وقال اهليثم بن عديهذا العيد الذي يذكر أصحابنا : فقلت يف نفسي. أنواع الثياب من بيض ومحر وصفر، فكأهنا زهر البستان

وأي عيد هو ؟ وقد خرجت بعد األضحى، فبينا أنا باهت : زينون فيه، مث رجعت إىل عقلي فقلتاحلضر يتفدخلت فإذا مبجلس منضد بالنضائد، . ادخل يا أعرايب: فقال. أفكر يف أمري إذ أخذ بيدي رجل منهم

: فسيفقلت يف ن. موسد بالوسائد، ويف صدره سرير، وعليه رجل جالس، والناس صموت عن ميينه ومشاله: فقيل. السالم عليك يا أمري املؤمنني ورمحة اهللا وبركاته: هذا اخلليفة الذي يذكرون، فقبل األرض وقلت

فقدمت هنات . اسكت يا أعرايب، هذا عروس وحنن يف عرسه؛ فهىيء يل موضع يف اجمللس، فجلست فيه: فقيل يل. قع به إزاريمدورات من خشب عليها ثياب متالمحة النسج، فهممت أن أسند يف ثوب منها أر

مد يدك يا أعرايب وكل، فإذا هو ضرب من اخلبز ال أعرفه، مث قدمت أنواع من الطعام حلوة وحامضة وحارة وباردة، فأكلت؛ مث أيت بأوان فيها ماء أمحر فجعلوا يصبون يف أقداح ويشربون، فناولين منه قدحا؛

ضم ما يف بطنك، فشربته فحدث يف قليب طرب ال أعرفه، يا أعرايب؛ إنه يه: فقالوا. أخاف أن يقتلين: فقلتأمتعنا : فأقبلوا يسألون رجال، ويقولون! يابن الزانية : ومهمت أن أهشم الذي جبانيب، وأن أقول لآلخر

بنفسك، فأتى هبنات هلا رأسان مشدودان باخليوط احملصدة؛ فأقبل يضرب رأسه، فيخرج منها رعد كهزمي وأقبل آخر ينتخ حىت . أخرج رجل من كمه شيئا كفيشلة احلمار، فأقبل يردد عليه بهو. الرعد وزئري األسدمث أقبلوا يضرعون إىل آخر ويرغبون إليه؛ فأتاهم بدابة من !! جمنون ورب الكعبة : فقلت. كبح به األرض

خشب عينها ف صدرها إذا فتلت أذهنا تكلم فوها؛ فطرب كل من حضر وطربت حىت تقدمت إليه، آمنت باهللا وبالرببط، مث : فقلت. يا أعرايب؛ هذه يقال هلا الرببط: يا سيدي؛ ما هذه الدابة ؟ فقال: وقلت

.سقوين قدحا آخر، فأخذتين نومة مل يوقظين منها إال حر الشمس من الغد

البحتري يهجو علي بن حيىي

:ويف علي بن حيىي يقول البحتري يهجوه لي بن حيىي جار أهل املقابرع... وأكثرت غشيان املقابر زائرا

من اللؤم ميت اجلود ميت املآثر... فإال يكن ميت احلياة فإنه .حممد بن مكرم والعباس بن رستم تعجال اجلنة يف الدنيا، يشربان اخلمر وال يصليان: قال أبو العيناء

من مكارم أيب الصقر

تاهللا لقد آثرك اهللا : عد دخل عليه ابن ثوابة فقالومما يعد من مكارم أيب الصقر أنه ملا ويل الوزارة بعد صا .ال تثريب عليك يا أبا العباس يغفر اهللا لك وهو أرحم الرامحني: قال. علينا وإن كنا خلاطئني

أريد أن يكتب يل الوزير إىل أمحد : فقال. وملا ويل أبو الصقر الوزارة خري أبا العيناء فيما حيب حىت يفعله به

فكتب إليه كتابا خبطه فأوصله إىل الطائي، . عرفه مكاين، ويلزمه قضاء حق مثلي من خدمهبن حممد الطائي ي .فسبب له يف مدة شهر مقدار ألف دينار، وعاشره أمجل عشرة؛ فانصرف بأمجل ما حيب

كتاب أيب العيناء إىل أيب الصقر

، ونقيذك من البؤس، أخذت بيدي أنا أعز اهللا الوزير طليقك من الفقر: وكتب إىل أيب الصقر كتابا متضمنهمن عثرة الدهر، وكبوة الفقر؛ وعلى أية حال حني نفدت األولياء واألشكال، واإلخوان واألمثال الذي

يفهمون يف غري تعب؛ وهم الناس كانوا غياثا للناس، فحللت عقدة اخللة، ورددت إيل بعد النفور النعمة، إليك، أتيته وقد استصعبت علي األمور، وأحاطت يب النوائب، وكتبت إىل الطائي كتابا، فكأمنا كان منه

فكثر من بشره، وأعطى من ماله أكرمه، ومن بر أحكمه، ومل يزل مكرما يل مدة ما أقمت، ومثقال يل من فوائده ملا ودعت؛ حكمين يف ماله فتحكمت، وأنت تعرف جوري إذا متكنت، وزادين من طوله فشكرت؛

أعظم حباءك، وقدمين أمامك، وأعاذين من فقدك ومحامك، وقد أنفقت علي ما فأحسن اهللا جزاءك، و؛ فاحلمد " لينفق ذو سعة من سعته : " واهللا عز وجل يقول. ملكك اهللا، وأنفقت من الشكر ما يسر اهللا يل

دلك، وبث فيها هللا الذي جعلك اليد العليا، والرتبة السامية؛ ال أزال اهللا عن هذه األمة ما بسط هلا من ع .من رفدك

أبو العيناء أول من أظهر العقوق لوالديه

: " إن اهللا قد قرن طاعته بطاعيت؛ فقال: قال أيب. أنا أول من أظهر العقوق بالبصرة لوالديه: قال أبو العيناءدكم وال تقتلوا أوال: " فقال. يا أبت؛ إن اهللا أمنين عليك ومل يأمنك علي: فقلت" . اشكر يل ولوالديك

" .خشية إمالق حنن نرزقكم وإياهم يا أبت، إن كبري حقك علي ال يبطل صغري حقي عليك، والذي متت به إيل أمت مبثله، : وقال أعرايب ألبيه

.ولست أزعم أنا سواء ولكن ال حيل االعتداء

ابناك كعينيك

يف أيام املقتدر رجال من جلة وحكى أبو احلسن حممد بن جعفر بن لنكك البصري عن أبيه أنه جاور ببغداد الكتاب، ونشأ له ولدان فتنا بغداد حبسنهما، فبلغ األكرب منهما، فنقله من املكتب إىل الديوان، وأراد أن

ال تعلم أخاك فإنه يصغر عن ذلك، فنمت داية األصغر األمر : حيصنه جبارية فابتاعها له بألف دينار، وقالهو إليها أحوج : قال. جبارية: مب خصه ؟ قالت: فقال هلا. يء دونكإن أباك خص أخاك بش: إليه، وقالت

وأنا عنها أغىن، غري أين أشفق أن يتسع اخلرق، وما علمت أنه فضل مذ نشأ علي بشيء، وأنا أجله عن :املشافهة، ولكن هايت دواة، فكتب إليه

مشتكى إال إليكا... ليس يل بعد إهلي

يف يديكاوكالنا ... وأخي يف الفضل مثلي باحلبا من ناظريكا... ال تفضله علي

ك فداوي مقلتيكا... إمنا ابناك كعيين هاجت األخرى عليكا... إن أذقت العني كحال

.فابتاع له جارية بثمن جارية أخيه وأنفذها إليه

خبور غري طائل

:غري طائل فقالوحضر أبو احلسن بن لنكك عند أيب الفتح نصر بن أمحد اخلبزأرزي فربخه ببخور يفوق به على كل الصحاب... تبصر يف فؤادي فضل حب

من السقف املدخن بالتهاب... أتيناه فبخرنا بشيء يريد بذاك طردي أو غيايب... فقمت مبادرا وحسبت نصرا

فقلت له إذا اتسخت ثيايب... فقال مىت أراك أبا حسني ؟

بني أيب علي البصري وأيب العيناء

فلذلك : قال. طلوع الشمس: يف أي وقت ولدت من النهار ؟ قال: ال أبو علي البصري أليب العيناءقإين ! كال : بيين وبينك مناسبة العمى، قال: فقال له أبو العيناء. خرجت مكديا؛ ألنه وقت انتشار املساكني .من عميان الدواب، وأنت من عميان العصا

أستزيد اهللا يف بقائك؛ وأستمتعه : ناء قوارص بظهر الغيب؛ فكتب إليهبلغت أبا علي البصري عن أيب العيرب مزح أعزك اهللا قد بعث جدا، وجور قد أحدث قصدا، ورب أمر . بإخائك، وأستحفظه النعمى عندك

صغري خطره، قد أعقب أمرا كبريا آخرهن وحنن باستزادتنا بعهدك، وحماماتنا على ودك، ومتسكنا بعرى بيننا وبينك، واحتراسنا من جناية الدهر علينا فيك، ال نقتصر على االستظهار باحلجة، األسباب اليت

واإلبالغ يف املعذرة، دون استفراغ اجملهود، وبلوغ الغاية يف التأين، واحليلة يف استرجاع ما شذ عنا منك، الغيب، فال يزال أخ لك مد وإبطال ما منت به األخبار إلينا عنك، من حتليك بنا يف العيب، وتناولت إيانا يف

اهللا يف عمرك تعد له، على نفسك، وثوقه لك وعليك، قد ساقط إيل أحاديث عنك بطبائعها صالح القلوب قليال هبا بقاء املودة، سريعة يف حل عقدهتا وقطع مودهتا، أحاديث، أكره لنفسي بدأها ولك عاقبتها، وكنت

وحسن الظن مبعناك، والتماس العذر لك على ضيق خمرجه، ال أزال أرد ما يرد علي منها بتأول لفظك وصعوبة مطلبه؛ وأغلب رأيي هلواك، وأقف غضيب على عتباك، وأحفظ قصدك إيل متنصال مبا بلغين عنك؛

إىل حرم بيين وبينك، ال جيب حفظها علي دونك، حىت عاد تعريضك تصرحيا، ومتريضك تصحيحا، ويف حلمي إىل الضعف، إىل أن يئس الصديق من نصري، ملا رأى من إغضائي يف نسبته يف صحيت إىل العمى، ويف

أمر نفسي، وقد بقي مع فضلة من أدايت أنت متلكها دوين، فإن صنتها يل ووفرهتا على من أساء االختيار؛

.وال أعدم أنصارا من األحرار، أسعد مبؤازرهتم ومكاشفتهم، وأستغين بنفسي عنهم :ىن بأبيات هي ملا قبلها وملا يكون بعدها، فرأيك يف تفهمها نفعك اهللا هباوقد كتبت يف هذا املع

قوال يكون لدائه حسما... أبلغ أبا العيناء إن القيته وإذا التقينا كنت يل سلما... نبئت أنك يف املغيب تسبين

سفها أراه باديا حلما... فتروم هجوي جاهدا ونقيصيت واعلم بأنك واجد حلما... ة ال تغتنم حلمي فليس بأكل لسهام رام إن رمى أصمى... إين أعيذك أن تكون رمية

شتم ورد

إنا واهللا ما نعيا من جوابك، وال نعجز عن مساءتك، ولكنا : وشتم أبا علي البصري بعض الطالبيني، فقالك باجلهل علينا حلمنا نكون خريا لنسبك منك، وحنفظ ما أضعفت، فاشكر توفري ما وفرنا منك، وال يغرن

.عنك

من شعر أيب علي البصري

:وأبو علي هو القائل فأضرم نريان اجلوى النظر اخللس... ألمت بنا يوم الرحيل اختالسة

كما تتأبى حني ترتعد الشمس... تأبت قليال وهي ترعد خيفة وأبلست حىت لست يسمع يل حس... فخاطبها صميت مبا أنا مضمر

طوت دوهنا كشحا على يأسها النفس... ا ولى الشباب لطية وولت كم :وقال ميدح الفتح بن خاقان إذا عض متنيه الثقاف تأودا... مسعنا بأشعار امللوك فكلها

يكون إذا مل يشعر الفتح أوحدا... سوى ما مسعنا المرىء القيس إنه ى وأصلداوحنسبه إن رام أكد... أقام زمانا يسمع القول صامتا وسار فأضحى قد أغار وأجندا... فلما امتطاه راكبا ذل صعبه

:وقال يصف ليلة مطر أرقت هلا إىل الصبح الفتيق... وليلة عارض ال نوم فيها

كأن مساءها عني املشوق... محى فيها الكرى عيين ببيت وصدت وهو قارعة الطريق... تواصلت السحائب وهو بيت

:املعتز وهذا كقول ابن

وأنت على ما يف الضمري شهيد... روينا فما نزداد يا رب من حيا وحيطان داري ركع وسجود... سقوف بيويت صرن أرضا أدوسها

من نوادر اللصوص

أنا أعلم، أنا أعلم، واللص يسمعه؛ ففزع وظن أنه قد فطن به؛ : ذهبت ثياب رجل يف احلمام، فجعل يقول .أعلم أنه إن عدمت ثيايب مت من الربد: أنا أعلم، فما الذي تعلم ؟ قال: مسعتك تقولإين : وقال له. فردها

مستميح ولص

فأخذه أبو الندى . زار رجل اخلصيب بن عبد احلميد وهو أمري على مصر مستميحا فلم يعطه شيئا فانصرفربه مائيت مقرعة يقرره مل يعطين شيئا، فض: قال. هات ما أعطاك اخلصيب: اللص وكان يقطع الطريق فقال

تكتب ! جعلت فداك : فقال: مث قدم على اخلصيب بعد ذلك زائرا فلم يعطه شيئا. على ما ظن أنه ستره عنه .إىل أيب الندى أنك مل تعطين شيئا لئال يضربين، فضحك ووصله

من طرائف األجوبة

هذه الشيبة واهليئة : ان فقال له ساملومر سامل بن أيب العقار مبحمد بن عمران الطلحي وكان سامل أحد اجمليا أبا سليمان؛ إين ألهم بذلك، فإذا مررت مبنزل ابن : فقال!! احلسنة واخلضاب، وال تنزع عما أنت فيه

.عمك طلحة بن بالل فرأيت على حاله مل خيسف به علمت أن يف األمر فسحة بعد، فكم من حمصنة قد قذفت، ومن سيئة قد اتق اهللا: فقال. وملا مرض أبو نواس دخل عليه اجلماز يعوده

خمافة أن : ومل ؟ قال: قال! ولكن ال أفعل . صدقت: فقال. اقترفت، وأنت على هذه احلال؛ فتب قبل املوت .تكون توبيت على يد واحد مثلك

فكتب يف رأس ! أراد أن يكتب أبو نواس إىل إخوان له دعاهم، فلم جيد قرطاسا يكتب فيه : وقال اجلمازفضحكوا منه وتركوا للغالم جلدة . فإذا قرأت كتايب، فأحرقوا القرطاس: الم له أصلع ما أراد، مث قال فيهغ

.رأسه

نوادر البن اجلصاص

ما أخرك : فقال. تقدم الوزير علي بن عيسى إىل ابن أيب عبد اهللا بن اجلصاص يف البكور، فأتاه نصف النهاراألمري كالب تنبح الليل أمجع، فأسهرتين البارحة، فلما كان مع وجه يا أبا عبد اهللا ؟ قال مبحليت أعز اهللا

: وما لك يا أبا عبد اهللا ال تتقدم يف قتلها ؟ قال: السحر سكن نباحها، فنمت فغلبتين عيين إىل اآلن، فقال له .ومن يستطيعها أيها الوزير ؟ وكل واحد منها مثلي ومثل أبيك رمحه اهللا

ليلة باردة، فأعادها إىل جسده بثقل النوم فأيقظته، فقبض عليها بيده األخرى، وخرجت يده من الفراش يفهذا اللص جاء ينازعين وقد قبضت عليه، أدركوين لئال يكون يف يده حديدة ! اللصوص اللصوص : وصاح

.يضربين هبا، فجاءوا بالسراج فوجدوه قد قبض بيده على يده. كفاك اهللا يا بين الليلة مؤنة هاروت وماروت: سه، وقالودخل على ابن له وقد احتضر، فبكى عند رأ

وما يأجوج : قالوا. لعن اهللا النسيان، إمنا أردت يأجوج ومأجوج: وما هاروت وماروت ؟ قال: قالوا!! واهللا ما أردت إال غريمها : قال. فلعلك أردت منكرا ونكريا: قالوا. فطالوت وجالوت: ومأجوج ؟ قال

.ايريد ما أردت غريمهما لك ؟ قال؛ فكرت يف كثرة : فقالوا. وغفل عنه أهله يوما فسمعوا صياحه؛ فأتوه فوجدوه يف بيت كامليت

مايل وشدة مصادرة السلطان للتجار يف هذا الوقت وتعذيبه هلم بالتعليق، فعلقت نفسي ونظرت كيف .صربي، فزحلت فلم أختلص حىت كدت أموت

.إىل غريه، واحملدثون خمتلفون يف حكاياهتم ومضطربون يف رواياهتم وهذه احلكايات عن ابن اجلصاص تنسبوكان أوسع الناس دنيا، له من املال ما ال ! هذا األمحق املرزوق : وكان املعتضد إذا رأى ابن اجلصاص يقول

اشتر التمر من : متنيت أن أخسر، فقيل يل: وبلغ من جده أنه قال. ينتهى إىل عده، وال يوقف على حده .كوفة وبعه بالبصرة، ففعلت ذلك؛ فاتفق أن خنل البصرة مل حيمل يف ذلك العام؛ فرحبت رحبا واسعاال

وكان املعتضد ملا زفت إليه قطر الندى بنت مخارويه بن أمحد بن طولون بعث أبوها إىل ابن اجلصاص مائيت ل إىل أيدينا، فاشتر ما تراه؛ ألف دينار، وكتب إليه قد جهزناها مبا قدرنا عليه، وبالعراق طرائف مل تص

.فاحتجز املال ومل يسأل عنهوكان ابن املعتز ملا خلع املقتدر مل يقم يف اخلالفة إال يومني غري تامني، مث اضطرب حبله، فهرب إىل دار بن

.اجلصاص فأخرج منها، أخرجه املقتدر بعد أيام إىل القضاة والعدول ميتا

سبب طلب ابن املعتز للخالفة

أن املقتدر وهو جعفر بن املعتضد وأمه أمة سوداء وامسها شعب ملا : ن سبب طلب ابن املعتز للخالفةوكاكيف يلي اخلالفة من مل يبلغ احللم ؟ وكانت سنه : وقالوا. استخلف أرجف الناس فيه وتكلموا يف أمره

.ال بد من خلعه ألنه سادس: يومئذ ثالث عشرة سنة وشهرا وعشرين يوما، وقالواوقد جرى يف السادس أمر طريف من االتفاق؛ وذلك أن اهللا تبارك وتعاىل أورث األرض سيد : قال الصويل

واستخلف بعد علي رضي اهللا عنه . األولني واآلخرين صلى اهللا عليه وسلم، واخللفاء الراشدين بعه أربعةوية مث إىل معاوية بن يزيد مث وسلم األمر إىل معاوية مث إىل يزيد بن معا. احلسن ابنه وهو السادس فخلع

مروان بن عبد احلكم مث عبد امللك بن مروان مث بويع ابن الزبري يف أيامه أو بعدها وهو السادس فخلع، مث انقضت دولة بين أمية ومل يكمل بعد الوليد ستة، وإمنا ويل يزيد بن الوليد الناقص وإبراهيم بن الوليد بن

مث استفتح ملك بين العباس بأيب العباس السفاح وأيب . لوك بين أميةمروان ومروان بن حممد وهو آخر مجعفر املنصور وحممد بن املنصور املهدي وموسى اهلادي بن املهدي وهارون الرشيد بن املهدي واألمني بن

الرشيد بن املهدي وهو السادس فخلع، مث ويل املأمون بن الرشيد واملعتصم أخوه والواثق بن املعتصم .كل بن املعتصم واملنتصر بن املتوكل واملستعني أمحد بن املعتصم فخلع وهو السادسواملتو

وويل القاهر حممد بن املعتضد والراضي أبو العباس بن املقتدر واملتقي أبو إسحاق بن املقتدر : قلت أنا. سادس فخلعواملستكفي واملطيع الفضل بن جعفر املقتدر والطائع أبو بكر عبد الكرمي بن املطيع وهو ال

وويل بعده أبو العباس القادر وهو اخلليفة يف هذا الزمان، وكان اإلرجاف يف أول والية املقتدر شديدا من اخلاصة والعامة، فلما قتل العباس وزيره أخذ حممد بن داود بن اجلراح البيعة على الناس لعبد اهللا بن املعتز،

غريه زهاء مخسة آالف سوى األتباع، فأظهر هلم حممد بن ووجه إىل القضاة والعدول، فاجتمع من القواد وداود عبد اهللا بن املعتز، وكتب كتابا خلع فيه املقتدر، واحتج بأن إمامته ال جتوز لقصوره من بلوغ احللم وصغره عن اخلالفة، واستحقاق عبد اهللا إياها لكماله وحنكته ومعرفته يف أمور املسلمني وعلمه بشرائع

العدول على ما يف الكتاب ومن حضر من أشراف بغداد، وبايعوا ابن املعتز ولقبوه املنتصف، الدين، فشهدويقال الراضي، ويقال القائم باحلق، وتقلد ابن اجلراح الوزارة، وتكلم عبد اهللا بن املعتز وذكر املقتدر وأنه

ن يفتضح، وقام وكيع قد آن للحق أن يتضح، وللباطل أ: وقال. ال صالة للناس معه وال حج وال غزو :فقرظه وذكر حماسنه وذكر شعر أيب العتاهية يف هارون الرشيد وهو

إليه جترر أذياهلا... أتته اخلالفة منقادة ومل يك يصلح إال هلا... فلم تك تصلح إال له لزلزلت األرض زلزاهلا... ولو رامها أحد غريه

وهر بعضهم إىل ابن املعتز، فسعى مؤنس اخلازن وسوسن يف ومل يبق يف دار املقتدر حينئذ إال نفر يسري،نقض هذا العقد يف اليوم الثاين، وجددا للناس بيعة املقتدر، وأخرجا األموال فزادا يف األعطية، فاجنفل الناس

إليهما، ومل يبق مع ابن املعتز أحد؛ فهرب إىل دار ابن اجلصاص، وهذا خرب طويل ليس هذا موضع .خلع املقتدر بعد ذلك وقتل يف احلرب، ومل يقتل يف اإلسالم خليفة بني الصفني غريهمث . استقصائه

:وملا ظهر ابن املعتز ميتا رثاه الناس؛ فقال ابن بسام ناهيك يف العلم واآلداب واحلسب... لله درك من ميت مبضيعة

وإمنا أدركته جرفة األدب... ما فيه لو وال ليت فتنقصه يا أمري املؤمنني؛ إنه ابن عمك، وقد جلأ إىل : فقال. صاص بالتجائه إليه، وأراد املقتدر قتلهوطولب ابن اجل

داري، وأنا غائب عنها، فكتمت أمره لعل رأيك حيسن فيه، ولست مبضاد يف خالفة وال قادح يف مملكة، يوم ألف دينار؛ فترك أدفع إليك كل: وما فائدة حياتك ؟ قال: قال. وقتلي ال ينفعك؛ ويف حيايت لك فائدة

.ووىف يف ذلك مدة

رثاء ابن بسام البن املعتز

.وقد استحسن البن بسام رثاؤه البن املعتز على سوء رأيه فيه ومهاجاته له

كتاب للبديع يف مرض اخلوارزمي

وقد أحسن بديع الزمان يف هذا املعىن كل اإلحسان، وقد كتب إليه إبراهيم بن أمحد بن محزة يهنئه مبرضاحلر أطال اهللا : أيب بكر اخلوارزمي وكان بينهما من املهاجاة واملهاترة واملنازعة واملنافرة ما يطول به الشرح

بقاءك ال سيما إذا عرف الدهر معرفيت، ووصف أحواله صفيت، إذا نظر علم أن نعم الدهر ما دامت فتستنفد، وإن مل تصب فكأن قد؛ معدومة فهي أماين، فإذا وجدت فهي عواري، وأن حمن األيام وإن مطلت

وإن مل . والشامت إن أفلت فليس يفوت. فكيف يشمت باحملنة من ال يأمنها يف نفسه، وال يعدمها يف جنسهميت فسوف ميوت، وما أقبح الشماتة مبن أمن اإلماتة، فكيف مبن يتوقعها بعد كل حلظة، وعقيب كل لفظة،

فهل يشمت املرء بأنياب آكله، أو يسر العاقل بسالح . حراروالدهر غرثان طعمه اخليار، وظمآن شربه األقاتله ؟ وهو الفاضل شفاه اهللا، وإن ظاهرنا بالعداوة قليال، فقد باطناه ودا مجيال، واحلر عند احلمية ال

يصطاد، ولكنه عند الكرم ينقاد، وعند الشدائد تذهب األحقاد؛ فال تتصور حايل إال بصورهتا من التوجع .، والتحزن ملرضته، وقاه اهللا املكروه، ووقاين اهللا مساع املكروه فيهلعلته

اخلوارزمي رافضي

وكان اخلوارزمي رافضيا غاليا؛ أخربين من رآه بنيسابور وقد خرج سكران وقد كظه الشراب فطلب فقاعا فكيف به مع تفزيع العلل، فإذا كان يهتف هبذه اجلملة لغري علة، . أيعوزين الفقاع ملا طلبته: فلم جيده، فقال

وكان فاحشا بذيئا، مستخفا جريئا على ذوي . وتوسيع األمل، ممن يطابقه على كفره، ويوافقه يف سره :اإلنعام عليه، واإلحسان إليه، قال إمساعيل بن عباد ملا بلغه موته

!نعم : أمات خوارزميكم ؟ قال يل... سألت بريدا من خراسان مقبال أال لعن الرمحن من يكفر النعم... ا باجلص من فوق قربه فقلت اكتبو

وسع قبيح يف جبهة اخلوارزمي

وكان هجا بعض امللوك فظفر به فومسه يف جبهته سطرين فيهما شطران بأقبح هجاء، فكان يشد العمامة :املغين حبضرتناولذلك قال البديع يف مناظرته إياه وقد ذكر جملسا طويال غىن . على حاجبيه سترا عليهما بقايا اللطم يف اخلد الرقيق... وشبهنا بنفسج عارضيه

رواييت ختالف روايتك، وإذا : فقلت. أنا أروي الشعر الذي منه هذا البيت وهذا ال يرويه: فقال للحاضرين :وكيف روايتك ؟ قال قلت: قال. أنشدتكها على رواييت ساءتك يف استماعها، ومل يسرك مصنوعها

بقايا الوسم يف الوجه الصفيق... بنفسج عارضيه وشبهنا .فلما أضجرته النكتة، أخذته السكتة، فخمدت ناره، ووقف محاره

بني البديع واخلوارزمي

. قد أشرقه بريقه، ووعر عليه ما سهل من طريقه: وكان البديع رمحه اهللا، وهو أبو الفضل أمحد بن احلسني :اهللا عليه، ويشنع علي بذلك ويغري به الطالبيني وكان اخلوارزمي يرميه ببغض علي رضوان

فقلت الثرى بفم الكاذب... يقولون يل ال حتب الوصي ؟ وأختص آل أيب طالب... أحب النيب وآل النيب

وأجري على سنن الواجب... وأعطي الصحابة حق الوالء فإين كما زعموا ناصيب... فإن كان نصبا والء اجلميع

فال برح الرفض من جانيب... رفضا والء الوصي وإن كان ولله من عجب عاجب... فلله أنتم وهبتانكم

على العجب كنت على الغارب... وإن كنتم من والء الوصي فلم حتكمون على الغائب... يرى الله سري إذا مل تروه

وال هتتدون إىل الله يب... أال تبصرون لرشد معي فما املرء إال مع الصاحب... وأصحابه أعز النيب

بل املثل السوء للضارب... أيرجو الشفاعة من سبهم ؟ ولبيك من أمل كاذب... حنانيك من طمع بارد

ويف الشبهات يد احلاطب... له يف املكاره قلب اجلبان

كتاب البديع إىل بعض الرؤساء

ألوم هذا الفاضل على نشر شر طواه، وموقد حرب ما: وكتب البديع إىل بعض الرؤساء وذكر اخلوارزميقد ضرب فأين اإلجياع : وأقول. اجتواه، ولكين ألومه على ما نواه، ومل يتبع فيه هواه، ورامه، ومل يبلغ متامه

؟ وأنذر فأين اإليقاع ؟ وهذه بوارقه، فأين صواعقه ؟ وذاك وعيده، فأين عديده ؟ وتلك بنوده، فأين :جنوده ؟ وأنشد

معاهده فأين عهود هذياللهم ال كفران، أراه أشفق لغريب أن يظهر عواره، وإن طار طواره، فإن ! ما أهول رعده، لو أمطر بعده

كان قصد هذا القصد فقد أساء إىل نفسه من حيث أحسن إيل، وأجحف بفضله من حيث أبقى علي، ن لقائه، بعد أن فزعن بإميائه، فبينا وأوهم الناس أنه هاب البحر أن خيوضه، واألسد أن يروضه، وشجعين ع

ما لقليب : طاب ليلي وطاب فيه شرايب، وبينا كنت أقول: إن جنيب عن الفراش لنايب إذ أنشدت: كنت أنشد .أين من كان موعدا يل بأين: كأنه ليس مين إذ قلت

من مساجالت البديع واخلوارزمي

ريفة ومقامات، يف ابتداء وجواب، أخذت وبني البديع واخلوارزمي مراسالت ومساجالت، وجمالس ظ .بوصل احلكمة وفصل اخلطاب، ومن اهلزل واجلد

تواضع لنا رمحك اهللا، فإن التواضع خلق من : فمن ظريف ما أليب بكر من رسالة طويلة يهزأ هبا بالبديعفإن أخالق السلف، وشبكة من شباك الشرف، وتصدق علينا ببشرك، فإن اهللا جيزي املتصدقني، وأحسن ولوال . اهللا حيب احملسنني، والين إخوانك يف قولك وفعلك، ولو كنت فظا غليط القلب النفضوا من حولك :أين رمحك اهللا ال أقول بالرجعة، وال أذهب مذهب التناسخية، لظننت أنك يونس بن فروة إذ قيل فيه

من كربه ذاك احلمار القائم... أما ابن فروة يونس فكأنه والناس عندك ما عداك هبائم... ك غري نفسك وحدها ما الناس عند

فلقد أعجبت بنفسك اخلسيسة اليت ال تستحق العجب، وأحببت ما ال يساوي احلب، حىت كأن كسرى أنو شروان حامل غاشيتك، وكأن قارون وكيل نفقتك، وحىت كأنك بنيت منارة اإلسكندرية من آجر دارك،

ك؛ وكأن خامت الدنيا يف خصرك، وحساب خرجها ودخلها يف وشدت ملعب سليمان من بقايا رخام صحنبنصرك، وحىت كأن الشمس تطلع من جبينك، والغمام يندى من ميينك، وكأن كسرى أنو شروان صاحب

نفقة إصطبل دوابك، ومنرود بن كنعان قهرمانك على ولدك وأهلك، وحىت كأن الكربيت األمحر خزف .دارك، والدرة اليتيمة يف أخس سوارك

دع لليونانية من احلكمة ما ينفق به سوقهم، واترك لبين العباس من التملك ما متشي به ! رمحك اهللا أمورهم، وأبق للشمس والقمر من احلسن مبقدار ما يلوحان به، ويطلعان فيه؛ وانظر إىل النساء من وراء

حاشا هللا، وال حتمل حجاب، ومن خلف برقع، وإال خرجن يف عشقك من ستر اهللا، وقطعن أيديهن وقلن .احلرائر على خشونة الطالق، وال تذق املماليك مرارة العناق

يل حوائج إن قضيتها فقد تسلفت شكري وثنائي، وإن رددتين عنها فقد رأيت أمنوذج سخطي ! رمحك اهللا مياء والكي! وشكواي، قد اتفق الناس على ضياع النسخة األوىل من كتاب العني فأملها علينا رمحك اهللا

فقد أنفقت فيها األموال، وتعب فيها الرجال، مث مل حيصوا منها إال على مواعيد مزخرفة، وأماين مسوفة، فما عليك لو علمتناها، وأغنيت الفقراء، وزدت األغنياء، وأرحت الناس من الضرب يف البالد، ومن الكد

.واالجتهاد، ومن أن خيدم فقري غنيا، ويتخذ بعضهم بعضا سخريافاعمل على . والزيج األكرب فقد انقطع أصله، ومات أهله، وهو من مفاخر الروم علينا، ومن حماسنهم دوننا

ومسجد دمشق فهو حسنة يباهي أهل املغرب . إصالحه، وال تدع النصارى يفضلون املسلمني يف إبداعهوجزء نستعمله من أجزاء أهل املشرق، فابن لنا مثله، وال تثبت علينا فضله؛ فإمنا هي ساعة من هندستك،

.حكمتكأنا لو سلمت أنك إنسان لنفيت عن نفسي اإلنسانية، وقضيت عليها بالبهيمية، وصرت أعلى منك يف

وإذا أردت أن تعلم أين يف ذمك جاد، ويف مدحك العب، ويف الشهادة . النقص حكمة، ويف اجلهل طبقةمي إذا الينتك وجاملتك، وإصابيت الغرض عليك صادق، ويف الشهادة لك كاذب، فانظر إىل هتافت كال

وحزي املفصل إذا كاشفتك وباينتك، وذلك أن الصادق معان مأخوذ بيديه، والكاذب خمذول مغضوب عليه، وما كان اهللا ليوفقين وأنا أجامل من ال يعرف قط إمجاال وال جتميال، وأفضل من مل يناسب مذ كان

.إفضاال وال تفضيالأكرمك اهللا تطاول أهل العراق بعبد اهللا بن هالل اهلجري صديق إبليس؛ فأرنا رمحك اهللا وليس خيفى عليك

من عجائب صنعتك، ولطائف شعبذتك، وأظهر من كتبك ما حتاكي به كتب اليونانية، وتكسد شعرهم وهتدم فخرهم؛ فإن إبليس تلميذ لك، تعلم منك وأخذ عنك؛ وشتان بني من يدعي أن إبليس من أعوانه،

وهل استنظر إبليس إىل يوم الوقت املعلوم إال ليدرك زمانك، ويرى برهانك، . وبني من يدعي أنه من غلمانه :وال أحسن يف عين، أما مسعت قول علي بن جبلة يف أيب دلف! أي وفقدك فال شيء أعز علي منه

بني بادية وحمتضره... إمنا الدنيا أبو دلف دنيا على أثرهولت ال... فإذا ولى أبو دلف

:إال غضبت عليه، واعتقدت أنه أخذ صفتك، وأعار أبا دلف مدحتك، وال مسعت قوله وعطاياه اجلسام... إما الدنيا محيد فعلى الدنيا السالم... فإذا ولى محيد

:إال متنيت لو عرفت قربه فرمجته، أو عرفت بيته فهدمته، وال مسعت قول ليلى األخيلية وأشجع من ليث خبفان خادر... من فتاة حيية فىت كان أحىي

:وال أنشدت قول أيب السعالء يف الرشيد. كيف لو رأت ليلى أخانا، فتعلم أين دعواها من دعوانا: إال قلت ة أم حتمل هارونا... أغيثا حتمل الناق

أم الدنيا أم الدينا... أم الشمس أم البدر كيف مل ترم جهنم بشرارها، والشياطني بأحجارها، وأعجب من قول فإين واهللا أتعجب حني قاله يف غريك،

:من قال يف معن بن زائدة ملا جرى وجرى ذوو األحساب... مسحت معد وجه معن سابقا

كيف يسبق غريك يف حلبة وأنت يف عدادها، أم كيف يكون غريك سابق جيادها ؟ أنت أيدك اهللا بني هؤالء ك عالك وهي حالك، وحنلوها قوما سواك، واملدح الكاذب ذم، والبناء على الشعراء مرحوم مظلوم، سلبو

.غري أساس هدموإمنا احتذى يف أثرها مثال رسالة أيب عثمان عمرو بن حبر . وهي طويلة جدا، مر له فيها إحسان كثري

ير ورسالة اجلاحظ ألمحد بن عبد الوهاب املعروفة برسالة الطول والعرض وتعرف برسالة التوسع والتدو .املفاكهات، واتبع أيضا طريق أيب الفضل بن العميد يف رسالته البن مسكة النحوي

بني اخلوارزمي والبديع

وقد مجع بديع الزمان جوامع ما جرى بينه وبينه يف كتاب أنفذه إىل بعض األشراف، أنا أكتب منه ها هنا ألبسه من حلل البالغة، وحلل الرباعة، وجدته يف قطعة على اختصار، وهو وإن كان طويال فليس مملوال، ملا

اآلذان، وحالوته يف األذهان؛ وفيه أنواع تنفتح هلا األمساع، وتنشرح هلا الطباع، مما ألف هذا الكتاب له من .امللح الظريفة، والفكاهات الشريفة

أيب بكر اخلوارزمي أعزه اهللا سأل السيد أمتع اهللا ببقائه إخوانه أن أملي جوامع ما جرى بيننا وبني : وأوهلامن مناظرة مرة، ومنافرة أخرى، وموادعة أوال، ومنازعة ثانيا، إمالء جيعل األمساع له عيانا؛ فتلقيته بالطاعة، على حسب االستطاعة، ولكن للقضية سبب ال تطيب إال به، ومقدمات ال حتسن إال معها، وسأسوق بعون

إنا وطئنا خراسان، فما اخترنا إال : وأوهلا: ساق املاء إىل األرض اجلرزاهللا صدر حديثنا إىل النجز، كما ينيسابور دارا، وإال جوار السادة جوارا، ال جرم إنا حططنا هبا الرحل، ومددنا عليها الطنب، وقدميا كنا

ضه، نسمع حبديث هذا الفاضل فنتشوقه، وخنرب به وخنربه على الغيب فنتعشقه، ونقدر أنا إذا وطئنا أرووردنا بلده، خيرج لنا يف العشرة على القشرة، ويف املودة عن اجللدة، فقد كانت كلمة الغربة مجعتنا،

.وحلمة األدب نظمتنا، وقد قال شاعر القوم غري مدافع وكل غريب للغريب نسيب... أجارتنا إنا غريبان ها هنا

تالف، وقد كان اتفق علينا يف ذلك فأخلف ذلك الظن كل اإلخالف، واختلف ذلك التقدير كل االخووردنا . الطريق من العرب اتفاق، مل يوجبه استحقاق، من بزة بزوها، وفضة فضوها، وذهب ذهبوا به

نيسابور براحة أنقى من الراحة، وكيس أخلى من جوف محار، وزي أوحش من طلعة املعلم، بل اطالعة عتبة داره، هذا بعد رقعة قدمناها، وأحوال أنس الرقيب، فما حللنا إال قصبة جواره، وال وطئنا إال

نظمناها؛ فلما أخذتنا عينه، سقانا الدردي من أول دنه، وأجنانا سوء العشرة من باكورة فنه، من طرف نظر بشطره، وقيام دفع يف صدره، وصديق استهان بقدره، وضيف استخف بأمره؛ لكنا أقطعناه جانب أخالقه،

اه إذ جاذب؛ وواصلناه إذ جانب، ولبسناه على خشونته، وشربناه على كدورته، ووليناه خطة رأيه، وقاربنورددنا األمر يف ذلك إىل زي استغثه، ولباس استرثه، وكاتبناه نستلني قياده، ونستميل فؤاده، ونقيم مناده،

وجده يضرب بسم اهللا الرمحن الرحيم األستاذ أبو بكر واهللا يطيل بقاءه، أزرى بضيفه إذ : مبا هذه نسختهإليه آباط القلة، يف أطمار الغربة؛ فأعمل يف ترتيبه أنواع املصارفة، ويف االهتزاز له أصناف املضايقة، من .إمياء بنصف الطرف، وإشارة بشطر الكف، ودفع يف صدر القيام، ومضغ للكالم، وتكلف لرد السالم

بطته شرا، ومل آله عذرا، فإمنا املرء باملال، وقد قبلت ترتيبه صعرا، واحتملته وزرا، واحتضنته نكرا، وتأفلو أين صدقته العتاب، . وثياب اجلمال، ولست مع هذه احلال، ويف هذه األمسال، أتقذر صف النعال

إن بوادينا ثاغية صباح، وراغية رواح، وناسا جيرون املطارف، وال مينعون : وناقشته احلساب، لقلت :املعارف

وأندية ينتاهبا القول والفعل... جوههم وفيهم مقامات حسان و

فلو طرحت بأيب بكر إليهم طوائح الغربة لوجد منال البشر قريبا، وحمط الرحل رحيبا، ووجه املضيف .خصيبا

ورأي األستاذ أيب بكر أيده اهللا يف الوقوف على هذا العتاب الذي معناه ود، واملر الذي يتلوه موفق إن شاء .اهللا تعاىلوصلت رقعة سيدي ورئيسي، أطال اهللا بقاءه، إىل آخر : بسم اهللا الرمحن الرحيم: مبا يف نسخته فأجاب

السكباج، وعرفت ما تضمنه من خشن خطابه، ومؤمل عتبه وعتابه، وصرفت ذلك منه إىل الضجرة اليت ال .ما يف نفسه خيلو منها من مسه عسر، ونبا به دهر، واحلمد هللا الذي جعلين موضع أنسه، ومظنة مشتكى

أما شكاة سيدي ورئيسي من مضايقيت إياه كما زعم يف القيام، فقد وفيته حقه أيده اهللا سالما وقياما على قدر ما قدرت عليه، ووصلت إليه، ومل أرفع عليه إال السيد أبا الربكات العلوي، وما كنت ألوثر أحدا على

جنيل، وناصره التأويل والتنزيل، والبشري به جربيل من أبوه الرسول وأمه البتول، وشاهده التوراة واإلحسن عشرة، وسداد طريقة، وكمال تفصيل : فأما القوم الذين صدر عنهم سيدي فكما وصف. وميكائيل

:ومجلة، ولقد جاورهتم فأمحدت املراد، ونلت املراد فما عهد جند عندنا بذميم... فإن أك قد فارقت جندا وأهله

على بعض ما يف نفسي بلغت له بعض لألحرار كافة، ولسيدي من بينهم خاصة؛ فإن أعانين واهللا يعلم نييت ما فيه النية، وجاوزت به مسافة القدرة، وإن قطع علي طريق عزمي باملعارضة، وسوء املؤاخذة، صرفت

:عناين عن طريق االختيار، بيد االضطرار إذا مل تكدر كان صفوا غديرها... وما النفس إال نطفة بقرارة

ا عتبا، واقترفنا ذنبا؛ فأما أن يسلفنا العربدة، فنحن نصونه عن فحبذا عتاب سيدي إذا استوجبن: وبعدولكين أسأله . استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئني: ذلك، ونصون أنفسنا عن احتماله؛ ولست أسومه أن يقول

.ال تثريب عليكم اليوم يغفر اهللا لكم وهو أرحم الرامحني: أن يقولتركناه بعره، وطويناه على غره وعمدنا لذكره فسحوناه، ومن فحني ورد اجلواب، وعني العذر رائدة

. صحيفتنا حموناه؛ وصرنا إىل امسه فأخذناه ونبذناه، وربكنا خطته، وجتنبنا خطته، فال طرنا إليه وال طرنا بهومضى على ذلك األسبوع ودبت األيام، ودرجت الليايل، وتطاولت املدة، وتصرم الشهر، وصرنا ال نعري

كره، وال نودع الصدور حديثه، وجعل هذا الفاضل يستزيد ويستعيد، بألفاظ تقطفها األمساع من األيام ذأنا أرد من : لسانه، وتوردها إيل، وكلمات حتفظها األلسنة من فمه وتعيدها علي، فكاتبناه مبا هذه نسخته

، وقصاراي أن أكيله سيدي األستاذ أطال اهللا بقاءه شرعة وده وإن مل تصف، وألبس حلة بره وإن مل تضفضيق املضطرب، : صاعا عن مد؛ فإين وإن كنت يف األدب دعي النسب، ضعيف السبب، سىيء املنقلب

أمت إىل عشرة أهله بنيقة، وأنزع إىل خدمة أصحابه بطريقة، ولكن بقي أن يكون اخلليط منصفا يف الوداد، فأما . ول أوال، وصارفين يف اإلقبال ثانياوسيدي أيده اهللا ناقشين يف القب. إن زرت زار، وإن عدت عاد

حديث اإلقبال، وأمر اإلنزال، فنطاق الطمع ضيق عنه، غري متسع لتوقعه منه، وبعد، فكلفة الفضل هينة، وفروض الود متعينة، وأرض العشرة لينة، وطرقها بينة، فلم أختار قعود التغايل مركبا، وصعود التعايل

شجر العشرة، وذاق احللو من مثرها؛ فقد علم اهللا تعاىل أن شوقي إليه قد كد مذهبا، وهال ذاد الطري عنالفؤاد برحا إىل برح، ونكأه قرحا على قرح، ولكنها مرة مرة ونفس حرة، مل تقد إال باإلعظام، ومل تلق إال

إال غصص باإلجالل واإلكرام، وإذا استعفاين من معاتبته، وأعفى نفسه من كلف الفضل يتجشمها، فليس الشوق أجترعها، وحلل الصرب أتدرعها، ومل أعره من نفسي، وأنا أعلم لو أين أعرت جناحي طائر ملا طرت

:إال إليه، وال وقعت إال عليه وإن المين فيك السها والفراقد... أحبك يا مشس املعايل وبدرها وليس ألن العيش عندك بارد... وذاك ألن الفضل عندك باهر

ردت عليه الرقعة؛ حشد تالميذه وخدمه، وزم عن اجلواب قلمه، وحبس لإلجياب قدمه، وطلع مع فلما واآلن تشرق احلشمة وتنور، وتنجد يف العشرة : فقلت. ونظمت حاشيتنا دار اإلمام أيب الطيب. الفجر علينا

مشناه، وآال وردناه، وتغور، وقصدناه شاكرين ملأتاه؛ وانتظرنا عادة بره، وتوقعنا مادة فضله، فكان خلبا :وصرفنا األمر يف تأخره، وتأخرنا عنه إىل ما قال عبد اهللا بن املعتز

لنلتقي بالذكر إن مل نلتق... إنا على البعاد والتفرق :وقول آخر وقد أحسن وزاد ولكني أحبك من بعيد... أحبك يف البتول ويف أبيها

، حىت جعلت عواصفه هتب، وعقاربه تدب، وهو ال يرضى وبقينا نلتقي خياال، ونقنع بالذكر وصااللو أن هبذا البلد : بالتعريض حىت يصرح، وال يقنع بالنفاق حىت يعلن، وأفضت احلال به وبنا معه إىل أن قال

:رجال تأخذه هزة اهلمم، ومتلكه أرحيية الكرم، جلمع بيين وبني فالن يعنيين أم محارأفرس حتيت... مث أرى إذا اجنلى الغبار

وود فالن بوسطاه، بل بيمناه، لو رحلنا وقلنا يف املناخ له، وأتى بكلمات حتذو هذا احلذو، وتنحو هذا الصدق ينىبء عنك ال : وقلنا. بعض الوعيد يذهب يف البيد: النحو، وألفاظ أتتنا من علو، فكان من جوابنا

.إن أجرأ الناس على األسد أكثرهم له رؤية: وقلنا. الوعيدأمثلي يغب وعندي دفتر جملد، : قال. ال تناظر فالنا فإنه يغلبك: قلت لفالن: وقد قال بعض أصحابنا

:ووجدنا عندنا دفاتر جملدة، وأجزاء جمودة، وأنشدناه قول حجل بن نضلة إن بين عمك فيهم رماح... جاء شقيق عارضناه رحمه حأم هل رفت أم شقيق سال... هل أحدث الدهر لنا توبة

:إنا نقتحم اخلطب، ونوسط احلرب، فنردها مفحمني ونصدر بلغاء: وقلنا ولكنها بعد النزال تطول... وألسننا قبل النزيل قصرية

ب وأال يصاب فقد ظن عجزا... فمن ظن أن قد يالقي احلرو :قائلفإنك مىت شئت لقيت منا خصما ضخما، ينهشك قضما، ويأكلك خضما، ومحلناه على قول ال

واحلرب تأخذ من أنفاسها جزع... السلم تأخذ منها ما رضيت به

:وقلنا له طعاما إن حلمي كان مرا... نصحتك فالتمس يأويك غريي

بكاظمة غداة لقيت عمرا... أمل يبلغك ما فعلت ظباه :وجعل الشيطان يثقل بذلك أجفان طرفه، ويقيم به شعرات أنفه

وخالفين كأني قلت هجرا... وحىت ظن أن الغش نصحيواتفق أن السيد أبا علي أدام اهللا عزه نشط للجمع بيننا؛ فدعاين فأجبت، وعرض علي حضور أيب بكر

.هذه عدة مل أزل أتنجزها، وفرصة ال أزال أنتهزها: فطلبت ذلك، وقلتال وال كرامة : فقلت. تأخرفتجشم السيد أبو احلسن أعزه اهللا مكاتبته يستدعيه، فاعتذر أبو بكر بعذر يف ال

وكتبت أنا له أشحذ عزمته على البدار، وألوي رأيه عن . للدهر أن نقعد حتت ضيمه، أو نقبل خسف ظلمهاالعتذار، وأعرفه ما يف ذلك من ظنون تشتبه، وهتم تتجه، وتناذير ختتلف، واعتقادات ختلف، وقدنا إليه

:حلة؛ فجاءنا بطبقة أف، وعدد تفمركوبا لنكون قد ألزمناه احلج، وأعطيناه الرا وأنفه مخس أشبار... كل بغيض طوله أصبع

مع أصحاب عانات، وأرباب جربانات، وسرحنا الطرف منه ومنهم يف أمحى من است النمر، وأعطس من .أنف النغر، فرأينا رجاال جوفا، قد حلقوا صوفا، فأمنا املعرة، ومل خنش املضرة

كرها، ويعظم قدرها، وخيرج هبا الكتاب عن حده؛ ولكين أملع منها باليسري، إذ لو واملناظرة بينهما يطول ذ .ذكرت مجيع املعارضات واملناقضات، واملبادهة واملواجهة، ألضعفت على ما كتبت

اقترح علي غاية ما يف طوقك، وهناية ما يف وسعك، حىت أقترح عليك : فمن ذلك أن البديع قال قلت له .لترسل؛ فإن سرت فيها برجلني، ومل أطر جبناحني، فلك فيها السبقأربعمائة صنف من ا

اكتب كتابا : اكتب كتابا يقرأ جوابه منه؛ هل ميكنك أن تكتب ؟ أو أقول لك: مثال ذلك، أن أقول لك على املعىن الذي أقترح، وانظم شعرا وافرغ منهما فراغا واحدا؛ هل كنت متد هلذا ساعدا ؟

ب كتابا يف املعىن الذي أقول وأنص عليه، وأنشد من القصائد ما أريده من غري تثاقل وال اكت: أو أقول لكتغافل، حىت إذا كتبت ذلك قرىء من آخره إىل أوله، وانتظمت معانيه إذا قرىء من أسفله؛ هل كنت

من أوله إىل اكتب كتابا إذا قرىء: تفوق هلذا الغرض سهما، أو جتيل قدحا، أو تصيب جنحا ؟ أو قلت لكآخره كان كاتبا، وإذا عكست سطوره خمالفة كان جوابا؛ هل كنت يف هذا العمل واري الزند، قاصد

اكتب كتابا على املعىن الذي أقترح، ال يكون فيه معىن متصل من واو تتقدم الكلمة، : القصد ؟ أو قلت لكخاليا من األلف والالم، ال تصب معانيه اكتب كتابا: أو منفصل عنها بديهة، هل كنت تفعل ؟ أو قلت لك

إال على قالب ألفاظه، وال خترجه من جهة أغراضه، هل كنت تقف من ذلك موقفا مشهورا ؟ أو يبعك اكتب كتابا أوائل سطوره كلها ميم، وآخرها جيم، على املعىن الذي : ربك مقاما حممودا؟ أو قلت لك

اكتب كتابا خيلو من احلروف : ختطو يف أرضه خطوة ؟ أو أقول لكأريد، هل كنت تغلو يف قوسه غلوة، أو اكتب كتابا إذا قرىء معوجا، : العواطل، هل كنت حتظى منها بطائل ؟ أو تبل هلاتك بناطل ؟ أو أقول لك

أو سرد معرجا، كان شعرا، هل كنت تقطع يف ذلك شعرا ؟ بلى، واهللا تصيب ولكن من بدنك، وتقطع .ولكن من ذقنك

اكتب كتابا إذا فسر من وجه كان مدحا، وإذا فسر من وجه آخر كان قدحا، هل كنت تقدر : أو أقول لكاكتب كتابا كنت قد حفظته من دون أن : على هذه العمدة ؟ أو خترج من هذه العهدة ؟ أو أقول لك .حلظته، هل كنت تثق من نفسك به ؟ بل است البائن أعلم

وهذا القول طرمذة، فما الذي حتسن أنت من الكتابة وفنوهنا، : واب شعبذة فقلتهذه األب: فقال أبو بكرالكتابة اليت : فقال. حىت أباحثك عن مكنوهنا، وأكاثرك مبخزوهنا، وأثري فيها قلمك، وأسرب لسانك وفمك

.يتعاطاها أهل الزمان، املتعارفة بني الناسلساذجة، وهذا النوع الواحد املتداول بكل قلم، املتناول أليس ال حتسن من الكتابة إال هذه الطريقة ا: فقلت

.بكل يد وفم، وال حتسن هذه الشعبذةهات اآلن حىت أطاولك هبذا احلبل، وأنابلك هبذا النبل، مث تقاس ألفاظي بألفظاك، : فقلت! نعم : فقال

كسادها ووقوفها، ويعارض إنشائي بإنشائك؛ فأقترح كتابا يكتب يف النقود وفسادها، ويف التجارات و .والبضاعات وانقطاعها، واألسعار وغالئها

بسم اهللا الرمحن الرحيم، الدرهم والدينار مثن الدنيا واآلخرة؛ هبما يتوصل إىل : فكتب أبو بكر مبا نسختهخذ من أمواهلم صدقة تطهرهم وتزكيهم هبا وصل : " جنات النعيم، وخيلد يف نار اجلحيم، قال اهللا تعاىل

وقد بلغنا من فساد النقود ما أكربناه أشد اإلكبار؛ " . عليهم إن صالتك سكن هلم والله مسيع عليم وأنكرناه أعظم اإلنكار، ملا نراه من الصالح للعباد، وننويه من اخلري للبالد، وتعرفنا يف ذلك مبا يربح الناس

.يف الزرع والضرع إىل كلمات مل تعلق حبفظنار واإلكبار، والبالد والعباد، وجنات النعيم ونار اجلحيم، والزرع والضرع، قد نبت عن إن اإلنكا: فقلت

العد، وزلت عن اليد، وقد كتبت كما ترى مبا ساوق فيه اللسان القلم، وسابقت اليد الفم، وال أطالبك .ةفاقرأه ولك اليد، وناولته الرقعة فبقي وبقيت اجلماعة، وهبت وهبتت الكاف. مبثل ما أنشأت

اهللا شاء أن احملاضر صدور هبا ومتأل املنابر، ظهور هلا : بسم اهللا الرمحن الرحيم: وهذا ما كتب البديع ارجتاالوتفرع الدفاتر، وجوه هبا ومتشق احملابر، بطون هلا ترشق آثارا، كانت فيه، آمالنا مقتضى على أياديه، يف

عن الثقل هذا ويرفع الدين، أهل عن الكل هذا حيط أن تأييده اهللا أدام األمري جرى، وإذا املسلمني ظهور يف إليه نتضرع، وحنن واقفة، والتجارات زائفة، والنقود صيارفة، أمجع الناس صار فقد كرميا نظرا إلينا لينظر شيمه، مصاب وانتجعنا كرمه، بارقة ومشنا مهمه، على آمالنا رقاب وعلقنا أحوالنا، وجوه له وكشفنا آمالنا،

إليه بعثنا فقد نظره جبميل يتداركنا أن ونعماءه تأييده وأدام بقاءه اهللا أدام احلال اجلليل األمري رأى أن وفود .وصلى اهللا على النيب حممد وآله وصحبه وسلم

فلما فرغت من قراءهتا انقطع ظهر أحد . فجعلت أقرؤه منكوسا، وأسرده معكوسا، والعيون تربق وحتارقد عرفنا الفاضل من املفضول، مث ملنا إىل اللغة والعروض والنحو والشعر واحلفظ، : وقال الناس. اخلصمني

فلما برد ضجر الناس وقاموا يفدونين باألمهات، ويشتمون الفرس املنبت؛ وقام أبو بكر فغشي عليه، :وقمت إليه فقلت

قتلت مناسيب جلدا وقهرا... يعز علي يف امليدان أني سواك فلم أطق يا ليث صربا... يرمه ولكن رمت شيئا مل

وخرجت وقد اجتمع الناس؛ فتلقوين بالشفاه تقبيال، وباألفواه تبجيال، وانتظروا خروجه إىل أن غابت .الشمس فلم يظهر أبو بكر، حىت خفره الليل جبنوده، وخلع عليه الظالم خلع بروده

عود إىل النوادر مع الشق

. اس يعرف بأيب جعفر الشق، شبيه بابن اجلصاص يف الغفلة واجلد والنعمةكان مبصر شريف من ولد أيب العببعثين أيب إليه من قرية تعرف بتال يستقرضه عشرة أرداب قمحا وثالثني : قال أبو القاسم بن حممد التنوخي

ذكرت أباك خبري : فقال. زوج بقر، وكتب معي بذلك رقعة؛ فأتيت إليه وسلمت عليه ودفعت إليه الرقعة. بقرية تال أعز اهللا سيدي الشريف: حرس وأسعده، فهو صاحيب وصديقي وخليطي، وأين هو اآلن ؟ قلتو

ال يا سيدي هو : قلت. حفظه اهللا ه بالفسطاط معنا؛ وقد انقطع عنا كذا، ما كنت أظنه إال غائبا! نعم : قاليا سيدي، قد دفعت إليك : قلت. فما لك ما قلت يل ؟ فما كان سبيله أن يؤنسين برقعة من قبله: قال. بتالقل يل اآلن؛ كان لك أخ أعرفه حار : حتت البساط، فأخذها وقرأها وقال: وأين هي ؟ قلت: قال. رقعته

كربت : قال. أنا هو أعزك اهللا: الرأس حاد الذهن، حيسن النحو والعروض والشعر، فما فعل اهللا به ؟ قلتوما الذي : قال. أيد اهللا الشريف! نعم: قلت. عقة قردالشكذا، وعهدي بك تأتيين معه وأنت بزقة خمطة ل

: قال. والدي بعثين إليك برقعة يسألك فيها قرض عشرة أرادب قمحا وثالثني زوج بقر: جئت به ؟ قلت لهال، أنا هو، : وإمنا ذاك الفىت أخوك ؟ قلت! نعم : قال. ال يا سيدي هو بتال: وهو اآلن بالفسطاط ؟ قلت

لكالم، وقد ضجرت من شدة غفلته وكثرة نسيانه ملا أقول له، حىت أقبل كاتبه أبو احلسني، فهو يراجعين ا. نفذ له حاجته، فوقع يل الكتاب مبا أراد: فسألين فعرفته فأخربه فقال له. سل هذا الفت ما أراد: فقال .تلقاين للقبض بالديوان، فشكرت الشريف وهنضت: وقالمثل مطبخي : وقدم الطعام وفيه حصرمية غري حمكمة، فرفع يده وقال. منااصرب يا بين فقد حضر طعا: فقال

يا سيدي؛ إمنا أنا صانع وعلى : ما هذا العمل ؟ فقال: علي بالطباخ، فأتى، فقال له! يكون فيه مثل هذه قدر ما أعطى أعمل، وقد سألت املنفق يشتري يل ما أحتاج إليه فتأخر عين فعملت على غري متكن؛ فجاء

.تقصري كما ترىالفما لك : قال. ال يا سيدي، بل عندك نعم واسعة: مايل قليل ؟ قال: فقال. علي باملنفق فأحضر: فقال

يا سيدي، إمنا أنفق ما أعطى، وقد سألت اجلهبذ أن : تضايقنا يف النفقة وال توسع كما وسع اهللا علينا ؟ قالمل يوقع يل : ما لك مل تدفع للمنفق شيئا ؟ قال: فقال. علي باجلهبذ فأيت به: فقال. يدفع يل فتأخر عين

قف ها : فقال للكاتب. مل مل تدفع إليه شيئا ؟ فتلعثم يف الكالم ومل يكن عنده جواب: فقال للكاتب. الكاتبنفيت من العباس : وقال. هنا فوقف، ووقف خلفه اجلهبذ، ووقف خلف اجلهبذ املنفق، وخلف املنفق الطباخ

.حد منكم من يليه بأكثر ما يقدر عليه، فتصافعواإن مل يصفع كل وا .فخرجت وأنا متعجب من غباوته ودقته يف هذا احلكم: قال

إذا ذهب احلمار بأم عمرو

ما : فقلت! واإنقصام ظهراه، واهالكاه : ودخل عليه كاتبه أبو احلسني فوجده يبكي بكاء شديدا، ويقول! نعم : ماتت ؟ قال: فقلت. لكبرية يريد أمه وكان بارا هباماتت ا: للشريف ال أبكى اهللا عينه ؟ فقال

مث إين أنكرت احلال إذ مل أجد لذلك دليال، ال أحد يعزيه، . فشققت جييب وأظهرت من اجلزع ما جيب ملثليإيش : الكبرية تقرئك السالم، وتقول لك: فقالت. وال يف الدار حركة؛ فبقيت حائرا حىت أتت اخلادمة

: يا سيدي، والكبرية يف احلياة ؟ فقال: قويل هلا، ومىت أكلت قط بغري شهوتك ؟ فقلت: ؟ قالتأكل اليوم وإيش تظن أهنا ماتت من حق ؟ إمنا رأيت البارحة يف املنام كأهنا راكبة على محار مصري تسقيه من النيل،

.البيت املشهور..... إذا ذهب احلمار بأم عمرو: فذكرت قول الشاعر

!أمك امرأة لقد أنسيت أن

ماتت كبرييت ومربييت، وهو : وأتيت إليه يوما وقد مات والديت فعرفته فبكى، وقال: وقال أبو احلسني كاتبهخذها فاشتر : فقال. يا بشرى، قم فجئين بعشرين دينارا فأتاه هبا: مث قال لغالمه. كان أكرب منها بأربعني سنة

القرب، وأقبل يصرف اخلمسة الباقية فيما حيتاج إليه من بعشرة دنانري كفنا وتصدق خبمسة دنانري علىيا : وقلت. امض أنت يا لؤلؤ إىل فالن صاحبنا ال يفوتك يغسلها، فاستحييت منه: مث قال لغالم آخر. جتيزها

يا أبا احلسني، ما تدع عقلك يف فرح وال حزن، كأن : قال. سيدي، ابعث خلفك فالنة جارة لنا تغسلهاال واهللا ما : قال. تأذن يل بذلك! نعم : قلت. كيف يدخل عليها من ال نعرفه! ي حرمك ما هي حرم

!وإمنا أمك امرأة، واهللا لقد أنسيت : وكيف يغسل رجل امرأة ؟ قال: فقلت! يغسلها إال فالن

!خدعنا عابر الرؤيا

ع خفق أوتار وغناء يف وكان يوما عند أيب بكر املادراين مث خرج وهو طيب اخللق، فاجتاز بابن زنبور فسميا موالي : وقال. داخل الدار، فوقف يسمع؛ فرآه غالم البن زنبور فدخل فأعلم مواله فخرج حافيا

نعم، فدخل فقدم له طعاما فأكل وشرب ثالثة أقداح وغىن ثالثة : قال! الشريف، تشرفين بالدخول : عة بأيب شامة العابر، فأتاه به فقاليا بشرى؛ جئين السا: أصوات وانصرف، فنام ليلته فلما أصبح قال

رأيت البارحة كأين خرجت من دار إخواين فاجتزت بدار حسنة، فسمعت خفق العيدان، وغناء القيان، فخرج إيل صاحب الدار، فأدخلين فأفضيت إىل بستان يف الساحة، أمامه هنر جليل، يف صدره شاذروان،

ت ستارة فيها غرائب الصور وعجائب الصنائع، وفيها قيان وقد فرش اجمللس بأنواع الديباج املثقل، وضرببأيديهن العيدان وهن يغنني أحسن األغاين؛ فقدم يل خوان عليه من كل األلوان فأكلت وشرب وغنيت

.وانصرفت. ففسر له الرؤيا على ما يسره؛ فأمر له خبمسة دنانري، مث مر بعد أيام بابن زنبور وهو جالس على باب داره

ومىت : قال. تثين إىل عادة حضورك: إذا ماذا ؟ قال: قال. يا سيدي الشريف، ما تشرفين بعودة: فقال لهامضوا إليه وردوا اخلمسة ! وإمنا خدعنا العابر وأخذ متاعنا بالباطل : قال. ليلة كذا: تقدم إىل ذلك ؟ قال

!دعوه لعله أنفقها وهو فقري : دنانري منه؛ مث فكر ساعة، وقال با وحاضراتشتمين غائ

وشرب مرة أخرى عند ابن زنبور الكاتب ومعه ابن املادراين، وحضر القيان فغنني أطيب غناء؛ فقام الشريف إىل قضاء احلاجة، فأتت دابة ابن املادراين فانصرف، والشريف يف اخلالء، فقضى حاجته وعاد إىل

يا أبا بكر؛ هذا : إليه الشريف، وقال موضعه، وكان ابن زنبور ملا انصرف أبو بكر رجع يف دسته، فالتفتفقال . الكلب ابن زنبور عنده مثل هذا السماع الطيب، وال ميتعنا به كل وقت إمنا يدعونا من مدة إىل مدة

ما ! ال واهللا : قال. هو على قدر ما يتفق له من الفراغ وهو مشتغل مع سلطانه يف أكثر أيامه: له ابن زنبور: فقال له! أعز اهللا الشريف؛ أبو بكر انصرف وأنا ابن زنبور : فقال له. نعهو إال كلب جتلب فاعل صا

!أراك تشتمين غائبا وحاضرا : اعذرين واهللا ما ظننتك إال ابن املادراين ؟ فقال

أنا أبكر إليك

: فقال. أحب أن تبكر إيل بالغداة يف حاجة لألمري، أيده اهللا، وذكر احلاجة: وقال له بعض أصحاب اإلخشيدأنا آتيك أول الناس كلهم، فمضى وأكل وشرب أقداحا، ونام القائلة فاستيقظ بالعشي، فقام مذعورا؛

اعذرين أعزك اهللا فقد ضربين النوم، واهللا ما : فلبس ثيابه، وركب إىل الرئيس؛ فاستأذن عليه فدخل، وقال. عليها؛ فضحك حىت استلقىصليت الصبح من السرعة، ولقد آثرت اجمليء إليك عليها، وأنا أستغفر اهللا

.فأنا أبكر إليك على كل حال، وانصرف: قال. قد احتجنا إىل تأخري األمر إىل الغد إن شاء اهللا: وقال له

من ملح األعراب

خرجنا نريد البصرة فنزلنا على ماء لبين سعد، فإذا أعرابية نائمة فأنبهناها للصالة؛ فأتت : قال بعض الرواةاللهم قمت وأنا عجلى، : دا فتوجهت إىل القبلة قاعدة ومل متس املاء، فكربت مث قالتاملاء فوجدته بار

: قالت! ما جتوز لك الصالة وما هذه بقراءة : فعجبنا وقلنا: قال. وصليت وأنا كلى؛ فاغفر يل عدد الثرى .واهللا إن هذه لصاليت منذ أربعني سنة

: وقال. مث تقدم فكرب. ل الصاحل، قد قامت بالفالححي على العم: وقام أعرايب وقد حضرت الصالة فقال .اللهم احفظ يل حسيب ونسيب، واردد علي ضاليت، واحفظ مهلي، والسالم عليكم

وصلت أعرابية يف شهر رمضان فقرأ اإلمام السجدة فسجد وسجدت الناس؛ فخرجت حتضر وتنادي، أفلح ! اهللا أكرب : لفه قوم جلوس، فقالوقام أعرايب يصلي وح! صعق الناس ورب الكعبة، وقامت القيامة

من هب إىل صالته، وأخرج الواجب من زكاته، وأطعم املسكني من خنالته، وحافظ على بعريه وشاته؛ .أمن هينميت ضحكتم ؟ أشهد عند اهللا على عميت أهنا مسعت ذلك من يف مسيلمة: فقال. فضحك القوم

أعلمك سورة : ما هو ؟ قال: لك يف خري مما تطلب ؟ قال يا أعرايب؛ هل: وقف أعرايب يسأل فقال له رجل: ؟ أحسن منه مخس سور، فاستقرأته فقرأ!ال واهللا؛ إين ألحسن ما إن عملت به لكفاين : فقال. من القرآن

إين وهبتهما البن عمي وعلمته : هذه ثالث، فأين االثنتان؟ قال: فقلت. احلمد، والنصر، والكوثر وسكت .ال أرجع يف شيء أبدا إيامها، وال واهللا

:دخل أعرايب احلمام فلما أحس بوهجه أنشأ يقول قد ضربوه بالرخام األملس... أدخلت يف بيت هلم مهندس وقلت يف نفسي بالتوسوس... فسك مسعي واستطار نفسي أدخلت يف النار وملا أرمس

ألعرايب يف الطالء بالنورة

:وقال أعرايب يف الطالء بالنورة سرابيل خضر ليس فيها بنائق... عليهم كسوة ال جتنهم أناس

ببيعهم تلك السرابيل حاذق... يبيعهموها تاجر ال يقيلهم

ولكشاجم يف ذلك

:وقال أبو الفتح كشاجم مبجرد يكسوه ما ال ينسج... وجمرد كالسيف أسلم نفسه

ويذوب من نظر العيون وينهج... ثوبا متزقه األنامل رقة نصفان ذا عاج وذا فريوزج... ملا استقل جبسمه فكأنه

ومن نوادر األعراب

وهب سليمان بن أيب جعفر ألعرايب كساء شامية؛ فلما أتى أهله وأبصره صبيانه تطايروا فزعا من بني يديه، :لقد أصابت أبانا داهية، فأنشد: وقالوا

على عنقي له ذنب طويل... طرحت عماميت ولبست تاجا وقالوا جاء سعالة وغول... صبييت ملا رأوه تصايح

: وكيف ال أعرفه وهو متربع على كبدي؟ وقيل آلخر: أتعرف أبا عمرة يريد اجلوع ؟ قال: قيل ألعرايب .وما التخمة ؟ إن كانت اليت يدور منها الرأس فما تفارقنا يريد اجلوع: أتتخمون ؟ قال

ما طرحك أهلك : هه فيها، فإذا هو مسج بغيض، فرمى هبا وقالومر أعرايب مبرآة ملقاة يف مزبلة، فنظر وج

.من خري .احلمد هللا الذي مل حيمد على املكروه سواه: فقال. ونظر مزيد وجهه يف املرآة فرآه قبيحا

.والشيء يذكر مبا قاربه

من هجاء احلطيئة

:رأى احلطيئة وجهه يف بئر فقال من وجه وقبح حاملهفقبح ... أرى يل وجها قبح الله خلقه : أن الزبرقان بن بدر استعدى على احلطيئة عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه وقال: وهلذا خرب؛ ذكرت الرواة

:هجاين بقوله واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي... دع املكارم ال ترحل لبغيتها

فقال . ء احلدود بالشبهاتما أرى هذا هجاء؛ وكان أعلم بذلك من كل أحد، ولكنه أراد در: فقال عمرما هجاه يا أمري املؤمنني ولكن : فقال. علي حبسان، فأنشده الشعر: فقال. هذا حسان بن ثابت: الزبرقان

هات الشفرة أقطع لسانه ؟ فاستشفع فيه فحبسه، فكتب إليه من : فأحضر احلطيئة، وقال! سلح عليه :احلبس

ال ماء وال شجرزغب احلواصل ... ماذا تقول ألفراخ بذي مرخ فاغفر هداك مليك الناس يا عمر... غادرت كاسبهم يف قعر مظلمة

ألقت إليك مقاليد النهى البشر... أنت اإلمام الذي من بعد صاحبه لكن ألنفسهم كانت هلا األثر... مل يؤثروك هبا إذ قدموك هلا

وكيف ذلك ؟ قال : قال. وامرأيت وأميقد واهللا يا أمري املؤمنني هجوت أيب : فقال. فبكى عمر وأحضره :قلت أليب

وأبا بنيك فساءين يف اجمللس... ولقد رأيتك يف املنام فسؤتين :وقلت ألمي

أراح الله منك العاملينا... تنحي فاجلسي مين بعيدا وكانونا على املتحدثينا... أغرباال إذا استودعت سرا

:وقلت المرأيت إىل بيت قعيدته لكاع... آوي أطوف ما أطوف مث

:واطلعت يف بئر فرأيت وجهي قبيحا فقلت بسوء فال أدري ملن أنا قائله... أبت شفتاي اليوم إال تكلما فقبح من وجه وقبح حامله... أرى يل وجها قبح الله خلقه

! ؤمنني، وعلي بذلك عهد اهللا ال يا أمري امل: فإن عفونا عنك، أهتجو بعدها أحدا ؟ قال: فتبسم عمر، وقال

: قال. لكأين بفىت من قريش قد نصب لك منرقة، فاتكأت عليها، وأقبلت تنشده يف أعراض املسلمني: فقال .أعوذ باهللا يا أمري املؤمنني

لكأن أمري : فواهللا لقد رأيته عند عبيد اهللا بن زياد على احلال اليت ذكر عمر، فقلت له: قال بعض الرواة !رحم اهللا ذلك املرء، فما أصدق فراسته : وقال. ني عمر كان حاضرا لك اليوم، فتأوهاملؤمن

من مليح ما قيل يف املرآة

:ومن مليح ما قيل يف مرآة، قول كشاجم يصف مرآة أهداها راق غري اإلعشاء لألجفان... أخت مشس الضحى يف الشكل واإلش

لعقيانأجريت فيه صفرة ا... ذات طوق مشرف من جلني ر لست مضني بعد مثان... فهو كاهلالة احمليطة بالبد

ببزاة تعدو على غزالن... وعلى ظهرها فوارس تلهو حسن خمرب بنيل األماين... لك فيها إذا تأملت فأل

حاصر نفسة بغري أوان... مل يكن قبلها يف املاء جرم الح فيها فأنتما مشسان... هي مشس فإن مثالك يوما خائف فانثىن بغري أمان... فالقها منك بالذي ما رآه

:وقال ابن املعتز وناصحيت مع فقد كل صديق... مبينيت يل كلما رمت نظرة

بلجة ماء وهو غري غريق... يقابلين منها الذي ال عدمته :أشار يف البيت األول إىل قول ذي الرمة وذكر ناقته

وخد كمرآة الغريبة أسجح... هلا أذن حشر وذفرى أسيلة .يريد أن الغريبة ال ناصح هلا، فهي جتلو مرآهتا وحتافظ عليها

ابن يونس يصف غالما

:وقال أبو احلسن بن يونس املصري يصف غالما

وأرق منه ما مير عليه... جيري النسيم على غاللة خده فعكست فتنة ناظريه إليه... ناولته املرآة ينظر وجهه

لتذكرين هبا كلما نظرت : من أين وقع اختيارك عليها ؟ قال: وأهدى بعض الكتاب إىل رئيسه مرآة؛ فقال .إىل وجهك احلسن

بني سقراط وامرأته

.لوال أنك من املرايا الصدئة لتبني لك حسن وجهي: قال! ما أقبح وجهك : وقالت امرأة سقراط لهتشتمه وهو ملح ينظر يف كتاب وال يلتفت إليها، وهي تغسل وكانت امرأته كثرية األذى له؛ أقبلت يوما

.ما زلت تربقني وترعدين حىت أمطرت: فقال. ثوبا، فأخذت الغسالة وأراقتها عليهأكان يسرك أن أقتل ظاملا ؟ ومر هو وغريه من : فقال. وامظلوماه: وملا مضي به ليقتل أقبلت تبكي وتصيح

.يثمر لنا مثل هذا الثمر ليت: احلكماء بامرأة مصلوبة، فقال

من ملح أيب العيناء

. سرق محاري: ما خلفك عنا يا أبا عبد اهللا ؟ قال: فقال له. سرق محر أيب العيناء فتخلف عن أيب الصقرأقعدين عن : قال. ما منعك أن تأتينا على غريه: قال! مل أكن مع اللص فأخربك : وكيف سرق ؟ قال: قال

.ن الكراء دالة املكاري، وعن اإلعارة منة العواريالشراء قلة ذات يساري، وع !إال يف بئر : ما بقي أحد حيب أن يلقى، قال: وقيل له

األنوف الكبرية

كأن أنوفهم قبور نصبت على غري : وذكر له ولد عيسى بن موسى، وكانت أنوفهم كبارا معوجة فقال .القبلة

.نفه كنيف مملوء شسوعاكأن أ: فقال. ونظر خمنث رجال كبري األنف فيه شعرأتضحكون من : فقال. قدم علينا أعرايب كأن أنفه كوز يف عظمه، فضحكنا منه: قال أبو حامت السجستاين

.أنفي ؟ وأنا وهللا ما امسي يف قومي إال األفطس :وقال حممد بن عبد امللك الزيات يف عيسى بن زينب

أنفه ضعف لضعفه... إن عيسى أنف أنفه ج وقد مال بعطفه... يف السر لو تراه وهو

ج وعيسى مثل ردفه... حلسبت األنف يف السر

رجع إىل ملح أيب العيناء

.اليتم: أي شيء تشتهي ؟ قال: قال أبو العيناء البنه وهو مريض

: قال! بسم اهللا : وكان يف جملس إمساعيل بن إسحاق القاضي، فدخل رجل ومشى على رجله فصاح؛ فقال .بسم اهللا: قولالقصاب يذبح وي

ما عىن من : فقال. ال تعن يا أبا عبد اهللا: فقال. وكان يوما على بابه فمر به رجل فسلم عليه وقام ميشي معهذاك أشد : قال. إن يل يف بصري لشغال: قال. ال تكثر الوقيعة يف الناس: وقال له املتوكل! أبعدك عن داره

.حلنقك على أهل العافيةيا أمري املؤمنني، ما رأيت أحدا يسأل أعمى : هل رأيت طالبيا قط حسن الوجه ؟ قال: وماوقال له املتوكل ي

رأيت ببغداد منذ ثالثني سنة ! نعم : قال. مل تكن ضريرا فيما سلف، وإمنا سألتك عما تقدم: قال! عن هذا فقال أبو . تقود عليهجنده كان مؤاجرا وكنت : فقال املتوكل. فىت ما رأيت أمجل منه، وال ألطف مشائل

. اسكت يا مأبون: فقال له املتوكل! معاذ اهللا يا أمري املؤمنني أتراين أترك موايل، وأقود على الغرباء : العيناء .موىل القوم منهم: فقال له

.أردت أن أشتفي منه فاشتفى مين! قاتله اهللا : وكان والء أيب العيناء أليب العباس، فقال املتوكل .يف داء يتمناه الناس: كيف أصبحت يا أبا عبد اهللا ؟ قال: وقال له مرة

.يريد ثالثا وتسعني سنة. قبضة: وكم سنك ؟ قال: قيل لهإن جده األكرب لقي علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه فأساء خماطبته، فدعا عليه وعلى ولده بالعمى، : ويقال

.لوكان قبل العمى أحو. فكل من عمي منهم فهو صحيح النسب :ذكرت لبعض القينات فاستظرفتين واستحسنتين على السماع؛ فلما رأتين استقبحتين فقلت هلا: قال

وقالت قبيح أحول ما له جسم... وشاطرة ملا رأتين تنكرت أريب أديب ال غيب وال فدم... فإن تنكري مين احوالال فإنين

.أنا مل أردك ألوليك ديوان الزمام: فقالت

اء مع املتوكلأبو العين

حدثين : قال الصويل. وهذا جملس له مع املتوكل من طريق الصويل، وله جمالس يدخل الرواة بعضها يف بعض. بلغين أن فيك بذاء: أدخلت على املتوكل، فدعوت له وكلمته فاستحسن كالمي، وقال: أبو العيناء قال

سن بإحسانه، واملسيء بإساءته، فقد زكى اهللا يا أمري املؤمنني؛ إن يكن الشر الذي بلغك عين ذكر احمل: قلت :وقال الشاعر. مهاز مشاء بنميم، مناع للخري معتد أثيم: وقال. نعم العبد إنه أواب: تعاىل وذم؛ فقال

ومل أذمم اجلبس اللئيم املذمما... إذا أنا مل أمدح على اخلري أهله مع والفماوشق يل الله املسا... ففيم عرفت اخلري والشر بامسه

وإن كان الشر الذي بلغك عين كفعل العقرب الذي تلدغ النيب والذمي بطبع ال بتمييز؛ فقد صان اهللا وكيف أكون رافضيا وبلدي البصرة، ومنشئي يف مسجد : قال. بلغين أنك رافضي: قال. عبدك عن ذلك

يا، فإن كانوا أرادوا الدين فقد وليس خيلو القوم إن كانوا أرادوا دينا أو دن. جامعها، وأستاذي األصمعيأمجع املسلمون على تقدمي من أخروا وإميان من كفروا؛ وإن كانوا أرادوا الدنيا فأنت وآباؤك أمراء ال دين

رأيت الناس بنوا دارهم يف الدنيا، وأنت : فكيف ترى داري هذه؟ قال: قال. إال بكم، وال دنيا إال معكمنعم العبد هللا ولك، مقسم بني طاعته : قول يف عبيد اهللا بن حيىي ؟ قالفما ت: قال. بنيت الدنيا يف دارك

. قد أردتك جملالسيت: قال. وخدمتك، يؤثر رضاك على كل فائدة، وما عاد بصالح ملكك على كل لذة .فوصلين بعشرة آالف درهم: أنا رجل حمجوب وقد تقدم هذا قال: قال

سى بن عبد امللك مبال عظيم للمتوكل؛ فاحتال عبيد اهللا وكان جناح بن سلمة قد ضمن احلسن بن خملد وموبن حيىي حىت يضمناه بذلك وعاد عليه األمر، مث اغتال موسى بن عبد امللك فقتله، فبلغ األمر املتوكل،

فأكربه وهم باإليقاع مبوسى، فتلطف عبيد اهللا بن حيىي وعمه الفتح بن خاقان حىت سكن غضبه، واتفق ذلك ز فاشتغل باللهو والسرور بذلك، فدخل أبو العيناء بعد ذلك على املتوكل، وكان واجدا على يف والدة املعت

فوكزه موسى فقضى : ما قاله اهللا عز وجل: ما تقول يف جناح بن سلمة ؟ قال: موسى بن عبد امللك ؟ فقاللم جتد حيلة إال إدخال أيها الوزير، أردت قتلي ف: فقال. واتصل بذلك مبوسى فلقيه عبيد اهللا بن حيىي. عليه

ما استعذبت الوقيعة : أيب العيناء على أمري املؤمنني مع عداوته يل؛ فعاتب عبيد اهللا أبا العيناء على ذلك فقال .فيه حىت ذممت سريرته فيك، فأمسك عنه

يف أحوال خمتلفة خريها رؤيتك، : كيف كنت بعدي ؟ فقال: فقال له. مث دخل بعد ذلك على املتوكلإمنا يشتاق العبد ربه؛ ألنه يعتذر عليه لقاء مواله، وأما السيد : قال. قد واهللا اشتقتك: فقال. غيبتك وشرها

تأيت إىل رجل قد : فقال له املتوكل. من أسخى من رأيت ؟ قال ابن أيب دواد: فقال له. فمىت أراد عبده دعاهيف موضع أنفق منه يف جملسك، وإن الناس إن الصدق يا أمري املؤمنني ليس : قال. رفضته فتنسبه إىل السخاء

يغلطون فيمن ينسبونه إىل اجلود؛ ألن الربامكة منسوب إىل الرشيد، وجود احلسن والفضل ابين سهل منسوب إىل املأمون، وجود ابن أيب دواد منسوب إىل املعتصم، وإذا نسبت الناس الفتح بن خاقان وعبيد اهللا

موسى بن : فمن أخبل من رأيت ؟ قال! صدقت : قال. أمري املؤمنني بن حيىي إىل السخاء فذاك سخاؤك يارأيته حيرم القريب كما حيرم البعيد، ويعتذر من اإلحسان كما : وما رأيت من خبله ؟ قال: قال. عبد امللك

قد وقعت فيه عندي مرتني، وما أحب ذلك لك؛ فالقه واعتذر إليه، وال يعلم أين : قال. يعتذر من اإلساءةعلي االحتراس من : قال. لن ختاف: قال. يا أمري املؤمنني؛ تستكتمين حبضرة ألف: قال. بك وجهتوسار إىل موسى، فاعتذر كل واحد منهما إىل صاحبه وافترقا عن صلح، فلقيه بعد أيام باجلعفري . اخلوف. ا قتلت نفسا باألمسأتريد أن تقتلين كم: يا أبا عبد اهللا؛ قد اصطلحنا، فما لك ال تأتينا ؟ قال: فقال له

.ما أرانا إال كما كنا: قال موسىولن ترضى عنك اليهود وال النصارى حىت : فقال. إبراهيم بن نوح النصراين واجد عليك: وقال له املتوكل

:فقال. إن مجاعة الكتاب يلومونك: تتبع ملتهم، وقال له فال زال غضبانا علي لئامها... إذا رضيت عين كرام عشرييت

ومن نوادره

مرحبا بك، أطال اهللا : رجل من بين آدم، قال: من هذا ؟ قال: فقال. ووقف به رجل من العامة فأحس به .بقاءك، وبقيت يف الدنيا، ما أظن هذا النسل إال قد انقطع

يا إنسان، قل للحمار الذي فوقك : وقال. وزمحه رجل على محار باجلسر، فضرب بيده على أذن احلمارلو كان يف بين إسرائيل ونزل ذبح البقرة ما : وسئل أبو العيناء عن مالك بن طوق فقال! طريق ال: يقول

فما : قيل. كسراب بقيعة حيسبه الظمآن ماء، حىت إذا جاءه مل جيده شيئا: فأخوه عمر ؟ قال: قيل. ذبح غريه .رب من نفعهمامها اخلمر وامليسر إمثهما أك: تقول يف حممد بن مكرم والعباس بن رستم ؟ قال

.يا سيدي؛ لو وجدك لترشفك: إن ابن الكليب تعجبه الرائحة اخلبيثة، قال: وقال له ابن مكرم .يا هذا؛ دعوتك رمحة، فصريتين رمحة: فقال له. ودعا ضريرا يعشيه فلم يدع شيئا إال أكله

جعلت فداك، هذه قدر :فقال. وقدم إليه أبو عيسى بن املتوكل سكباجة، فجعل ال تقع يده إال على عظم أو قرب ؟

قصيدة البن طباطبا يف دعوة

وهذا كلما ذكر ابن طباطبا العلوي وقد دعاه بعض إخوانه فتأخر عنه الطعام إىل أن اشتد به اجلوع، مث قدم :إليه جديا هزيال فقال كأهنا من سفرة قادمه... يا دعوة مغبرة قامتة

لى إسالمها نادمهأضحت ع... قد قدموا فيها مسيحية أيد وأيد حوهلا حائمه... وبعد شطرجنية مل تزل

مث رفعناها على قائمه... فلم نزل يف لعبها ساعة :وكرر األرز، فقال هو اإليطاء يتخذ اختاذا... أرز جاء يتبعه أرز

وإيطاء الطعام يكون هذا... فإيطاء القريض كما علمنا :تعالوا حىت تروا الشطرجنية، فكتب إليه: جنيني، وقالفدعا الرجل مجاعة من الشطر

نشرهتا ملا طويناها... ورقعة كنا رفعناها لو أمكن القمر قمرناها... أعددت للعاب شطرجنها ما ميز الفرزان والشاها... والله لو أحضرهتا زيريا

اإليطاء

:سواإليطاء تكرار القوايف بتكرار معانيها، كقول امرىء القي بأسفل ذي ماوان سرحة مرقب... عظيم طويل مطمئن كأنه

:وليس بإيطاء قول األمري أيب الفضل عبيد اهللا امليكايل فمرجتع مبوت أو زوال... وكل غىن يتيه به غين

أليس املوت يزوي ما زوى يل... وهب جدي طوى يل األرض طرا :وقوله

ادلكبؤسى ونعمى ع... أخوك من إن كنت يف

بالرب منه عادلك... وإن بداك منعما :وقوله

ح وخل املزامحه... جامل الناس يف املزا يتعاطى املزاح مه ؟... وتفاصح وقل ملن

الطعام واملوائد

جاءنا فالن مبائدة كأهنا زمن الربامكة على العفاة؛ مث جاءنا بشراب كأنه : قال اجلماز. وعلى ذكر الطعام :باب القاضي دمعة اليتيم على

فاقرأ عليهم سورة املائده... قد جن أضيافك من جوعهم :وقال ابن الرومي يصف طعاما أكله عند أيب بكر الباقطاين

مثنا ولونا زفها لك حزور... ومسيطة صفراء دينارية وهوت فكاد إهاهبا يتفطر... عظمت فكادت أن تكون أوزة

وكأن تربا عن جلني يقشر... ظلنا نقشر جلدها عن حلمها مثل الرياض مبثلهن يصدر... وتقدمتها قبل ذاك ثرائد

بالبيض منها ملبس ومدثر... ومرققات كلهن مزخرف ترضى اللهاة هبا ويرضى احلنجر... وأتت قطائف بعد ذاك لطائف

دمع العيون من الدهان يعصر... ضحك الوجوه من الطربزد فوقها :ا قيل يف القطائف، قول علي بن حيىي بن منصور بن املنجمومن ملح م

والسكر املاذي حشو املوز... قطائف قد حشيت باللوز سررت ملا وقعت يف حوزي... تسبح يف آذي دهن اجلوز سرور عباس بقرب فوز

:ومل يقل أحد يف اللوزينج أحسن من قول ابن الرومي أعجب أو عجبا إذا بدا... ال خيطئين منك لوزينج إال أبت زلفاه أن حيجبا... مل تغلق الشهوة أبواهبا

لسهل الطيب له مذهبا... لو شاء أن يذهب يف صخرة دورا ترى الدهن له لولبا... يدور بالنفخة يف جامه مستحسن ساعد مستعذبا... عاون فيه منظر خمربا

الصباأرق قشرا من نسيم ... مستكثف احلشو ولكنه من أعني القطر إذا قببا... كأمنا قدت جالبيبه

شارك يف األجنحة اجلندبا... خيال من رقة خرشائه ثغر لكان الواضح األشنبا... لو أنه صور من خبزه

أن جيعل الكف هلا مركبا... من كل بيضاء يود الفىت شهباء حتكي األزرق األشهبا... مدهونة زرقاء مدفونة

وطيبت حىت صبا من صبا... عني وفم حسنت ملذ مرت على الذائق إال أىب... ذيق له اللوز فما مرة وشاوروا يف نقده املذهبا... وانتقد السكر نقاده

وال إذا الضرس عاله نبا... فال إذا العني رأته نبت وجه تلقاءكم املطلبا... ال تنكروا اإلدالل من وامق

وهلا يف قصيدة طويلة ميدح هبا أبا العباس أمحد بن حممد بن عبيد اهللا بن بشر املرثدي ويهنيه هذه األبيات يق :بابن له ولد، أوهلا

أقسمت بالله لقد أجنبا... بدر ومشس ولدا كوكبا لو تفاءلت أليب العباس : دخلت على أيب احلسن وهو يعمل هذه القصيدة؛ فقلت له: وقال أبو عثمان الناجم

:من الولد؛ ألن عباس جييء منكوسا سابع، فلو تصور ذلك جلاء املعىن ظريفا؛ فقال بديها بسبعة كنيته ال زاجرا ثعلبا... وقد تفاءلت له زاجرا

إذا بدا مقلوهبا أعجبا... إني تأملت له كنية وذاك فأل مل يعد معطبا... يصوغها العكس أبا سابع

ظرهم ستة غيبافلننت... وقد أتاه منهم واحد جيعلها الله له ترتبا... يف مدة تغمرها نعمة

أجل من رضوى ومن كبكبا... حىت تراه جالسا بينهم بني جنوم سبعة فاختبا... كالبدر واىف األرض من نوره

فإنها من بعض ما بوبا... وليشكر الناجم عن هذه بباأشكر ما أسدى وما س... أسدى وأحلمت فىت مل أزل

:وقال يصف الرؤوس والرغفان نعتده لفجاءة الزوار... ما إن رأينا من طعام حاضر

شبها من األبرار والفجار... كمهيئني من الطعام أصبحا قد أخرجت من جاحم فوار... روس وأرغفة ضخام فخمة

مقرونة بوجوه أهل النار... كوجوه أهل اجلنة ابتسمت لنا :ومن تشابيهه العقم

يدحو الرقاقة وشك اللمع بالبصر... ما أنس ال أنس خبازا مررت به وبني رؤيته قوراء كالقمر... ما بني رؤيتها يف كفه كرة يف صحفة املاء يرمى فيه باحلجر... إال مبقدار ما تنداح دائرة

عده أبو العباس املرثدي أن وكان ابن الرومي منهوما يف املآكل وهي اليت قتلته، وكان معجبا بالسمك، فو :يبعث إليه كل يوم بوظيفة ال يقطعها، فبعث إليه منه يوم سبت مث قطعه، فكتب إليه

أخلف الزائرون منتظريهم... ما حليتاننا جفتنا وأنى من حفاظ عليه ما يكفيهم... جاء يف السبت زورهم فأتينا

مفكأنا اليهود أو حنكيه... وجعلناه يوم عيد عظيم ر فلم يسخطون من يرضيهم... وأرهم مصممني على اهلج يوم ال يسبتون ال تأتيهم... قد سبتنا فما أتتنا وكانوا

:فاتصل ذلك بالناجم فكتب إليه ل حيمد يف الفضل رجحانه... أبا حسن أنت من ال تزا

وقد قلل الله إحسانه... فكم حتسن الظن باملرثدي إذا وعد اخلري إخوانه... سراب م أمل تدر أن الفىت كال

فقل يف طالبك حيتانه... وحبر السراب يفوت الطلوب م وخرج ابن الرومي مع بعض إخوانه يف حداثته إىل بعض املتنزهات، وقصدوا كرما رازقيا، فشربوا هناك

ال ترميوا : فقال. إن كان ما تنشدنا لك فقل يف هذا شيئا: فقالوا. عامة يومهم، وكانوا يتهمونه يف الشعر :حىت أقول، مث أنشد بديها كأنه خمازن البلور... ورازقي خمطف اخلصور

ويف األعايل ماء ورد جوري... قد ضمنت مسكا إىل الشطور إال ضياء يف ظروف نور... مل يبق من وهج احلرور

قرط آذان احلسان احلور... لو أنه يبقى على الدهور له مذاق العسل املشور... ذور بال مزيد وبال ش

ونكهة املسك مع الكافور... وبرد مس اخلصر املقرور باكرته والطري يف الوكور... ورقة املاء على الصدور

أمأل للعني من البدور... بفتية من ولد املنصور قبل ارتفاع الشمس للذرور... حىت أتينا خيمة الناطور

بطاعة الراغب ال املقهور ...فاحنط كالطاوي من الصقور حىت أتانا بضروع حور... واحلر عبد احللب املشطور

والطل مثل اللؤلؤ املنثور... مملوءة من عسل حمصور بني مساطي شجر مسطور... ينساب مثل احلية املذعور فنيلت األوطار يف سرور... ناهيك للعنقود من ظهور من يومنا املنظورتعلة ... وكل ما يقضى من األمور

ومتعة من متع الغرور

استوت بديهته وفكرته

قوما عندي نتحدث : جلست معه على باب داره وقد أبل من علة، فمر بنا احلاجب، فقال: قال الناجم .اليوم، وعندي مصوص وأشياء لطيفة ال تضرك؛ وأشرب مع أيب عثمان حبضرتك ونتآنس يومنا

مان فامض وحنن يف أثرك؛ فمضى وحلقناه فحجب عنا، فانصرفنا وأبو إنا نأتيك الساعة وأبو عث: فقال :احلسن مغضب، فدخلت على أيب احلسن يف ذلك اليوم، فوجدت بني يديه قصيدة طويلة جدا أوهلا

وأين ينجو مني اهلارب... جنذاك يابن احلاجب احلاجب هي : وأين مسودهتا ؟ قال: قلت. ةالساع: أعزك اهللا؛ مىت عملتها ؟ قال: وقلت. فعجبت من سرعة عمله

.قد استوت بديهيت وفكريت، فما أعمل شيئا فأكاد أصلحه: قال. وما فيها حرف مصلح: قلت. هذه

سبب موته

وكان سبب موته أنه كان منقطعا إىل القاسم بن عبيد اهللا بن وهب؛ وكان القاسم مغرما بشعرهن مستظرفا أردت أن أرى من روميك هذا ؟ فأحضره وحضر أبوه، فلما انفض اجمللس قد: فقال له أبوه. له، حمسنا إليه

أرى ما يسوءين وال يسرين، أرى رجال صحيح الشعر، سقيم العقل، ومثل هذا : كيف رأيته ؟ قال: قال لهوكيف ذلك : ال تؤمن بوادره؛ وأقل غضبة يغضبها تبقي يف أعراضنا ما ال يغسله الدهر، والرأي إبعاده، قال

:يا بين؛ اتبع فيه قول أيب حية: اتصاله ؟ أخاف أن يظهر ما أضمره، قال بعد صحيحا وإال تقتليه فأملم... يقلن هلا يف السر هديك ال يرح

إمنا أشار عليك باغتياله، : فقال. فأخرب القاسم بقول أبيه ابن فراس، وكان أشد الناس عداوة البن الرومي. جة وقدم له اجلام وهي يف أعاله، فلما تناوهلا أحس باملوت وهنض قائماوأنا أكفيك أمره، فسم له لوزين

اصرفوه، فقد غلب عليه السكر؛ فخرج وهو : قال. إىل حيث أرسلتين: إىل أين يا أبا احلسن ؟ قال: فقال له :ملا به؛ فلقي الناجم فقال

وجودك للعشرية دون لؤمك... أبا عثمان أنت عميد قومك يراك وال تراه بعد يومك... ما أراه متتع من أخيك ف

وكان شديد التغري، سريع االنقالب، ضيق الصدر، قليل الصرب، مفرط الطرية غاليا فيها، وكان عظيم .التخوف، كثري التجسس؛ يراه من يلقاه كاملتوجس املذعور

شدة خوفه

رجل عن دابته بسرعة، كنت أسايره وحنن سائرون، فلم أنشب أن تراءيته قد ت: ذكر بعض أصحابه قالما بالك يا أبا احلسن ؟ وإذا : وجلأ إىل بعض الدكاكني وأسلم الدابة؛ فأمرت من أمسكها وأتيت إليه فقلتما الذي هاجك ؟ : فقلت له. هو يضطرب اضطرابا شديدا؛ فأمسكت عنه حىت سكن وقام فركب الدابة

. أراه: فقلت. هي عصا يف طرفها حديد بشعبتنيأما ترى ذاك ؟ وإذا برجل من العامة حيمل ذوبينا و: قال

.أوما ترى الربكار الذي بيده، ما يؤمنين أن يلويه على عنقي فيفتله: فقالوكنت معه، : قال بعض إخوانه. أنه سأل املوفق أو غريه يف قدح حمكم رآه فأعجبه فوهبه إياه: وحكي عنه

. رعة مث وضعه على ركبته، مث رمى به فكسرهوقد خرج من دار السلطان، فوضعه على رأسه مث أزاله بسوصل إيل هذا القدح وما على وجه األرض أحب إيل منه، فوضعته : ما هذا اخلاطر الفاسد ؟ قال: فقلت له

إن الصاعقة إذا قابلت الشيء الشفاف احندرت إليه، : مث ذكرت قول بعض احلكماء! على أشرف أعضائي وضعته على ركبيت، فخفت أن تصدمين دابة فينكسر فيدخل يف فخفت أن تقع علي صاعقة فتهلكين، مث

جسمي فيكون سبب علة مزمنة، وخفت أن يكون الذي دعاين إىل طلبه ما أراده اهللا يب، فرأيت الراحة يف .كسره

حكايات عن تطريه

ترفا، وأديبا وكان أبو احلسن علي بن سليمان األخفش غالم أيب العباس املربد يف أيام ابن أيب أوىف شابا ممرة بن : قولوا أليب احلسن: من بالباب ؟ فيقول: فيقال له. مستظرفا، وكان يعبث به فيقرع عليه الباب

.حنظلة؛ فيتطري لقوله ويقيم أياما ال خيرج من داره، وكان ذلك سبب هجائه إياهسخطة احلي : من هذا ؟ فقال: إن البحتري وجه إليه من قرع عليه بابه فقال: وقرع عليه الباب يوما وقيل

القيوم، واملهل والغسلني والزقوم، والشيطان الرجيم، وكل بالء كان أو يكون، إىل يوم الدين؛ فأقام مدة مل !هو يف حبس البحتري : خيرج، فسأل عنه املوفق، فقيل

من ؟ : فقيل. وختلف أياما عن بعض األشراف بسبب طرية عرضت له، فبعث إليه غالما مجيال فقرع البابموالي يرغب يف حضورك، : فقال له. إقبال؛ فخرج فرأى وجها مستحسن الصورة حسن اهليئة: قال

فمشى معه مث توجس وبقي باهتا مطرقا ال ينصرف، مث مشى قليال؛ فلما قارب اجلسر انفتل بسرعة شديدة، ختلفت أطال اهللا بقاءك عن حظي :مث مضى على وجهه إىل داره، فأغلق الباب على نفسه، وكتب إىل الرجل

من لقائك، العدمته يل أياما، وأنا أتقلى على مجاجم الضجر، مبا جرى به القدر، من كالم مسعته وأمر هذا حسن، فخرجت معه، مث فكرت أن إقباال إذا نكس كان ال : توقعته؛ فأتاين غالم مجيل امسه إقبال؛ فقلت

هذا من ذاك؛ : فقلت! فكرت أن إقباال إذا نكس كان ال بقاء هذا حسن، فخرجت معه، مث: فقلت! بقاء فمشيت معه مقدما رجال ومؤخرا أخرى حىت صرت باجلسر، فرأيت حباال مفتولة قد التوت، فصار كل

ال ال، فما حصلت يف الدار، : هذه حتقق ما ظننت من ال بقاء بقوهلا: واحد منها يف صورة الم ألف، فقلت .ي املقدار، فابسط العذر يف التأخر، والسالمإال بعد خوف مض

كنت بداري جالسا بباب الشعري على أسرة نصبت يل يف : وقال علي بن إبراهيم كاتب مسرور البلخيصحن الدار؛ فإذا حجارة قد سقطت علي، فبادرت هاربا، وأمرت الغالم بالصعود إىل السطح والنظر إىل

اتقوا اهللا فينا، : امرأة من دار ابن الرومي الشاعر قد أشرفت وقالت :كل ناحية من أين تأتينا ؟ فقال يلواسقونا جرة من املاء وإال هلكنا؛ فقد مات من عندنا عطشا؛ فتقدمت إىل امرأة عندنا ذات عقل ومعرفة

ذكرت : مث عادت وقالت. وبادرت باجلرة وأتبعتها بشيء من املأكول. بأن تصعد إليها وختاطبها ففعلتأة أن الباب مقفل عليها منذ ثالث بسبب طرية ابن الرومي، وأنه يلبس ثيابه كل يوم ويتعوذ، مث يصري املر

إىل الباب واملفتاح بيده، مث يضع عينه على ثقب يف خشب الباب، فتقع على جار له كان نازال بإزائه، وكان فعجبت من حديثها؛ . تح أحد البابال يف: وقال. أعور يقعد كل غداة على بابه؛ فإذا رآه رجع وخلع ثيابه

وتقدمت إىل بعض غلماين . وبعثت خبادم يل كان يعرفه فأمرته بأن جيلس بإزاء بابه، وكانت العني متيل إليهأن يدعو اجلار األعور؛ فلما حضر عندي أدى الغالم إىل ابن الرومي رساليت يستدعيه احلضور، فإين جلالس

الطرسوسي ومعه برذعة املسوس صاحب املعتضد؛ ودخل ابن الرومي وعندي األعور إذ واىف أبو حذيفة فلما ختطى عتبة باب الصحن عثر فانقطع شسع نعله فدخل مذعورا، وكان إذا فاجأه الناظر رأى منه منظرا

يا أبا احلسن، ما لك ؟ أيكون شيء يف : فقلت له. يدل على تغري حاله، فدخل وهو ال يرى جاره املتطري منهقد حلقين ما رأيت من العثرة؛ ألين : أحسن من خماطبتك للخادم ونظرك إىل وجهه اجلميل ؟ فقالخروجك

ومن هو؟ : قال. ويفرط! نعم : وشيخنا يتطري ؟ قلت: فقال برذعة. فكرت أن به عاهة وهي قطع أنثييه :فأقبل عليه وأنشده! نعم : الشاعر ؟ قلت: قال. أبو احلسن بن الرومي: قلت

بتفريق ما بيين وبني احلبائب... الدهر يؤذن صرفه وملا رأيت ركوب مجيل الصرب عند النوائب... رجعت على نفسي فوطنتها على

فأيامه حمفوفة باملصائب... ومن صحب الدنيا على جور حكمها وكن حذرا من كامنات العواقب... فخذ خلسة من كل يوم تعيشه

تطير دار أو تفاؤل صاحب... ودع عنك ذكر الفأل والزجر واطرحفبقي ابن الرومي باهتا؛ ومل أدر أنه شغل قلبه حبفظ ما أنشده، مث قام أبو حذيفة وبرذعة معه، فحلف ابن

. وهذا الفكر أيضا من التطري، فأمسك: فقلت. الرومي أال يتطري أبدا من هذا وال من غريه، وأومأ إىل جارهاكتبه فقد حفظته، وأماله : فقال. ليتنا كتبناه: فقلت له. حسن مأتاه وعجب من جودة الشعر ومعناه يف

.علي

ومن الدليل على شدة حذره وعظم تطريه

ومن الدليل على شدة حذره، وعظم تطري، قوله أليب العباس أمحد بن حممد بن ثوابة، وقد ندبه إىل اخلروج :وركوب دجلة

حتذيري شرار احملاطبلك اخلري، ... حضضت على حطيب لناري فال تدع، من الشوك يزهد يف الثمار األطايب... ومن يلق ما القيت من كل جمتىن

إيل وأغراين برفض املطالب... أذاقتين األسفار ما كره الغىن

رهبت اعتساف األرض ذات املناكب... ومن نكبة القيتها بعد نكبة ر بعد التجاربعلي من التغري... وصربي على اإلقتار أيسر حممال

لقيت من البحر ابيضاض الذوائب... لقيت من الرب التباريح بعدما شغفت لبغضيها حبب اجملادب... سقيت على ري به ألف مطرة

حتامق دهر جد يب كاملالعب... ومل أسقها بل ساقها ملكيديت برحلي أتاها بالغيوث السواكب... أيب أن يغيث األرض حىت إذا ارمتت

متايل صاحبها متايل شارب... قى األرض من أجلي فأضحت مزلة س مميل غريق الثوب هلفان الغب... فملت إىل خان مرث بناؤه

ويف سهر يستغرق الليل واصب... فما زلت يف خوف وجوع ووحشة من الوكف حتت املدجنات اهلواضب... يؤرقين سقف كأين حتته

تصر نواحيه صرير اجلنادب... تراه إذا ما الطني أثقل متنه كما انقض صقر الدجن فوق األرانب... وكم خان سفر خان فانقض فوقهم بسوطي عذاب جامد بعد ذائب... وما زال ضاحي الرب يضرب أهله

من الضح يودي لفحها باحلواجب... أال رب نار بالفضاء اصطليتها خاف هول البحر شر املهاوب ملن... فدع عنك ذكر الرب، إني رأيته حيوم على قتلي وغري موارب... وما زال يبغيين احلتوف مواربا

وطورا ميسيين بورد املشارب... فطورا يغاديين بلص مصلت طواين على روع مع الروح واقب... وأما بالء البحر عندي فإنه

ائبولكنه من هوله غري ث... ولو ثاب عقلي مل أدع ذكر بعضه لوافيت منه القعر أول راسب... ومل ال ولو ألقيت فيه وصخرة سوى الغوص، واملضعوف غري مغالب... ومل أتعلم قط من ذي سباحة أمر به يف الكوز مر اجملانب... فأيسر إشفاقي من املاء أنين

فكيف بأمنيه على نفس راكب... وأخشى الردى منه على نفس شارب له الشمس أمواجا طوال الغوارب... ته ريح وألألت أظل إذا هز

يليحون حنوي بالسيوف القواضب... كأين أرى فيهن فرسان هبمة ودجلة عند اليم بعض املذانب... فإن قلت يل قد يركب اليم طاميا

ترائي حبلم حتته جهل واثب... لدجلة خب ليس لليم، إهنا وما فيه من آذيه املتراكب... وللبحر إنذار بعرض متونه

من الطرائف

: ما هذا ؟ قالت: فقيل هلا. صوم يوم عرفة كفارة ذنوب سنة؛ فصامت إىل الظهر وأفطرت: قيل لقينة .يكفيين ستة أشهر

ادفعي إىل هذا : اجلس، مث صاح جبارية عند فقال: فقال له. قعد رجل على باب داره، فأتاه سائل يسأله

: قال. ما بقي عندنا دراهم: قالت. فأعطيه درمها: قال. ما بقي عندنا حنطة: قالت. مكوكا من حنطةسبحان : فقال السائل. انصرف يابن الفاعلة: وما عندنا رغيف، فالتفت إليه وقال: قالت. فأطعميه رغيفا

.أحببت أن تنصرف وأنت مأجور: قال! اهللا حترمين وتشتمين يا رب، أنت تعلم أنه ال مال يل، : فقال. دق ويعتق ما أمكنهورأى أعرايب الناس مبكة وكل واحد يتص

وكان يف زمن املهدي رجل ادعى النبوة فأحضروه إىل ! وأشهدك أن امرأيت طالق لوجهك يا أرحم الرامحني : إيش عليك ؟ قال! ما أكثر فضولك : إىل من بعثت ؟ فقال له: قال. نيب: ما أنت ؟ قال: فقال له. املهدي

ما معي نفقة، فضحك : ومل مل تسافر إليهم ؟ قال: قال. بعثت إىل أهل خراسان: قال. مرت بقتلكقل، وإال أ .هذا قد غلبت عليه املرة: منه وأمر له بنفقة، وقال

: فقال له أبو ضمضم. وجاء رجل إىل أيب ضمضم يستعدي على رجل يف دابة اشتراها منه، وظهر هبا عيبثل الرمانة، ويف ظهرها مثل التفاحة، ويف عجيزهتا مثل اجلوزة، ويف بطنها يف أصل ذنبها م: وما عيبها ؟ قال

مر عنا يا بارد، هذه صفة بستان ليست بصفة : فقال له أبو ضمضم. مثل املوزة، ويف حلقها مثل األترجنة .دابة

، وقد محل شرب ابن محدون الندمي مع املتوكل وحبضرته غالم مليح الوجه؛ فتأمله ابن محدون تأمال شديدا. أن تقطع أذنه: يابن محدون، ما احلكم يف الرجل إذا نظر إىل غالم فىت ؟ قال: فقال املتوكل. الشراب إليه

فلقيه إسحاق بن . ليحكم عليك حبكمك، فأمر أن تعرك أذنه حىت ختضر مث تقطع، وأمر بنفيه إىل بغداد: قالأحد ندمائه ابن عمرو البازيار؛ فسأله : فقال. كل معهإبراهيم املوصلي هبا فسأله عن حاله، وعمن ينادم املتو

أكثر ما يقول للخليفة؛ أبقاك اهللا يا أمري املؤمنني إىل يوم القيامة : فقال له. إسحاق عن حمله من العلم والفهماعمل على أنه كان لك كر آذان فقطعت؛ أليس ذلك أسهل من : فقال له إسحاق. وبعد القيامة بشيء كثري

.تقاسي فيه ابن عمرو البازيار حضور جملسالزئبق من أين : فقال يوما. وكان ابن محدون أخف الناس روحا وأحالهم دعابة، وكان املتوكل يستملحه

قد وليتك إياها فاخرج إليها، فضاقت به : قال. من الشيز، وأنا أعرف الناس هبا: جياء به ؟ فقال ابن محدون :الدنيا، وأنشده

والعزل عنها واليه... والية الشيز عزل إن كنت يب ذا عنايه... فولين العزل عنها

.وذكر الصويل أن أخاه أمحد عمل له البيتني. فضحك املتوكل وأعفاه

بني أيب العيناء وابن الزيات

إن من حق : فقال. دخل أبو العيناء على حممد بن عبد امللك الزيات الوزير، فجعل ال يكلمه إال بأطرافه عليك، ملا قد أهلك له يف هذه احلال اليت أنت عليها، أن جتعل البسطة ألهل احلاجة إليك؛ فبقضاء نعمة اهللا

.احلاجات تدوم النعم

أما إين أعرفك فضوليا كثري الكالم، أوترى أن طول لسانك مينع مع أن أؤدبك إذا زللت؛ وأمر : فقال حممد .به إىل احلبس

حلبس مل يكن تقدم إليك، ولكنك أحببت أن تريين مقدار قدرتك قد علمت أن ا: فكتب إليه من احلبس .علي؛ ألن كل جديد يستلذ؛ وال بأس أن تريين من عفوك مثلما أريتنا من قدرتك، فأمر بإطالقه

ما يل ال أراك يا أبا عبد اهللا تواصلنا : فقال. وانقطع عنه مدة فلقيه، فحبس حممد بن عبد امللك دابته عليهأما املعرفة بعنايتك فمناكرة، ولكنين أحسب الذي جدد استبطاءك : لك ؟ فقال له أبو العيناءحسب إجيابنا

.فراغ حبسك ممن كان فيه، فأحببت أن تغمرين فيه

لؤم ابن الزيات

وكان حممد بن عبد امللك على علمه وأدبه أألم الناس، فمن عجيب لؤمه أنه كان له جار يف اخنفاض حاله، كون بني اجلريان من التباعد؛ فلما بلغ حممد ما بلغ شخص الرجل إىل سر من رأى، فورد وكان بينهما ما ي

ما : بابه وهو يتغدى، فوصل إليه وهو على طعامه، فتركه قائما ال يرفع طرفه إليه، فلما فرغ من أكله قال، وقد علمت ما قد أصارك اهللا أيها الوزير إىل أجل اآلمال فيك، وصرف أعناق الناس إليك: خربك ؟ قال

.كنت تنقمه علي، وقد غري الدهر حايل؛ فوردت إليك مستقيال عثرايت، مستعطفا على خاليتفوىل الرجل؛ فلما صار يف صحن الدار دعا به، فلما . قد علمت هذا، فانصرف وعد إيل يف غد: فقال له

إمنا رددته وآيسته : ه، فقالواهللا ما لك عندي شيء، مث أقبل على بعض من كان بني يدي: صار بني قال له .خبال عليه بفسحة األمل بقية يومه

:وهذا كقول بعضهم وصفا ملثلك زائدا يف احلال... إن قلت إنك كالسحاب لكان ذا

وخبلت باملوعود واألفعال... إن السحاب لذو مواعد مجة .وكان حممد بن عبد امللك واحدا يف صناعته، مفردا يف براعته

أيب السمراء وعبد اهللا بن طاهربني

وكان أبو السمراء العالء بن عاصم بن عصمة العسكري ندمي عبد اهللا بن طاهر يأنس به، وجياريه الشعر، :فكتب إليه

سلوه بالله مم يبكي ؟... تقول ملا جعلت أبكي عما قليل يكون منك... فقلت أبكي ملا أراه

على الدهر يأمتنك قلب... قالت فال ختش قلت ما يل قالت وال غرين التبكي... ال غرين الدهر منك ود

:فوقع ابن طاهر يف ظاهرها بديها

إليك لو ينفع التشكي... ال أشتكي من هواك إال أزول إال إليك عنك... حلفت جهد اليمني أن ال وعر قليل األنيس ضنك... كلفتين السعي يف طريق

مث تشاغلت عند فكي... ليب فرحت يب يف إسار ق :ومن جيد شعره يف جارية له توفيت

وهل غري الفؤاد له قرب: فقلت... يقول يل اخلالن لو زرت قربها ومل أبلغ السن اليت معها صرب... على حني مل أحدث فأجهل فقدها

هللا بن علي عند وهذا مأخوذ من قول أيب مسلم عبد الرمحن بن سلم، يف فصل من كتاب كتبه إىل عبد األنزلنك موارد ضيقة، حىت أبدلك باحلالوة علقما، متج من متطقها : حماربته إياه، ملا خلع أبا جعفر املنصور

:دما؛ أمنت صوليت، وقد كربت عن صغر، وصغرت عن كرب، فأنا كما قال األول كبري السن والضرع الصغري... وهل خيشى وعيد الناس إال

د بن عبد امللكشراب عتيق من حمم

:أهدى إلينا حممد بن عبد امللك وحنن بالبدندون شرابا عتيقا وكتب رقعة فيها: قال ابن محدون الندمي أندى يدا وأدر جودا... ما إن ترى مثلي أخا مل يسق فيها املاء عودا... أسقي الصديق ببلدة

ن على جوانبها العقودا... صفراء صافية كأ أوجبت بالشكر املزيدا... شكرها فإن استقل ب

عة بالتقادم أن تبيدا... فإذا خشيت على الصين فتركتها غضا جديدا... أنشأت أخرى غريها

كسيت زجاجتها فريدا... خذها إليك كأمنا م بشكرها أبدا عهودا... واجعل عليك بأن تقي

امللك مضطر إىل كفاية منه

ق عشرة آالف درهم، يستعني هبا على أمره ويصلح هبا ما حيتاج إىل وكان املعتصم أمر بأن يعطى الواثيا أمري : فقال. إصالحه، فدافعه بذلك مدافعة متصلة أحوجته إىل شكايته إىل املعتصم؛ فأنكر عليه تأخر املال

املؤمنني، العدل أوىل بك وأشبه بقولك وفعلك، ولك عدة أوالد أنت يف أمرهم بني خلتني؛ إما أن تسوي قد رهنت لساين فما : فقال. بينهم يف العطية فتجحف ببيت املال، وإما أن ختص بعضهم فتحيف على الباقني

تأمر لباقي ولدك بإقطاعات وصالت، وتطلق هلارون صدرا من املال، فأدافعه بباقيه ويتسع : تصنع ؟ قال .األمري قليال، وتدبر األمر بعد ذلك مبا تراه

زلت أعرف الصواب يف مشورتك؛ وتأدى اخلرب إىل هارون، فحلف بعتق عبيده وفقك اهللا فما: فقال لهومماليكه، وحببس عدة خيل ووقف عدة ضياع، وصدقة مال جليل، لئن ظفر مبحمد ليقتلنه؛ وكتب اليمني

.خبطه وجعلها يف درج وأودعها دابتهفيقول الناس بادر بشفاء وكره أن يعاجله. ومرت مدة وأفضى األمر إىل هارون، وكان ذا أنات وعقل

غيظه؛ مث عزم على اإليقاع به، فتقدم بأن جيمع له من وجوه الكتاب من يصلح لوالية الدواوين والوزارة فاعتزل وكتب وعرض الكتاب عليه فلم . اكتب كذا يف أمر رمسه له: فجمعوا، ودعا بواحد منهم؛ وقال له

حممد ابن عبد امللك، فجيء به : من امللك مضطر إليهأدخل : يرضه حىت امتحن اجلميع، فأمر حاجبه فقالفأخرج من كمه نصفا . اكتب إىل صاحب خراسان يف كذا وكذا: وهو واجم مضطرب؛ فلما وقف قال له

ومن خفه دواة، وابتدأ يكتب بني يديه حىت فرغ من الكتاب، مث أخرج خريطة فيها حصى فأترب الكتاب اختمه فأخرج : وقال. ه قد أتى على مجيع ما يف نفسه؛ فأعجب به جداوأصلحه وتقدم فناوله إياه، فوجد

.من اخلريطة طينا فوضعه عليه وتناوله فختمه وأنفذه من ساعتهتوجه إيل بالدرج الفالين؛ فمضى اخلادم فجاء به، فأخرج : امض إىل دابيت وقل هلا: فقال هارون خلادم لهمنني؛ أنا عبد من عبيدك، إن وفيت بيمينك فأنت حمكم، وإن كفرت يا أمري املؤ: فقال. الرقعة فدفعها إليه

ما مينعين من الوفاء بيميين إال النفاسة على أن خيلو امللك من ! ال واهللا : قال. وصفحت كان أشبه بك .مثلك، وأمر بعتق من حلف بعتقه، ووقف الضياع، وحبس اخليل، وأنفذ صدقة املال

ا من هذا بأيب إسحاق إبراهيم بن هالل الصايب، وذلك أنه كان كاتب وقد فعل أبو شجاع فناخسرو قريبخبتيار بن معز الدولة أمحد بن بويه الديلمي، وبني أيب شجاع وبني خبتيار منافسة بالرياسة، فلما خلع الفضل

توىل على بن جعفر وهو املطيع هللا، وأقيم ابنه أبو بكر عبد الكرمي الطائع هللا سنة أربع وستني وثالمثائة اسمجيع أموره فناخسرو، وصار إليه تدبري اململكة، وليس للخليفة سوى االسم، وقتل خبتيار وحمي أمره،

قد علمت ما كنت تعاملين به من قبيح املكاتبة، وقد : وقال. فأحضر أبو شجاع عضد الدولة أبا إسحاقمقدما يف صناعتك، ولكن ال أحفظين ذلك ودعاين إىل قتلك، فرأيت قتلك من الفساد يف األرض إذ كنت

تعمل يل عمال، واستصفى أمواله وحبسه، ووىل ديوان اإلنشاء مكانه أبا منصور بن املرزبان الشريازي، .وكان غاية يف البالغة والفصاحة وحسن آالت الكتابة

الصايب يف حبسه

قع، وأنت طائر، وعلى حنن يف الصحبة كالنسرين لكين وا: وكتب أبو إسحاق من احلبس إىل بعض إخوانه .الطائر أن يغشى ويراجع

:وزاره أبو الفرج الببغاء الشاعر زورة مث قطعه، فكتب إليه يزيدك صرف الدهر حظا إذا نقص... أبا الفرج اسلم وابق وانعم وال تزل

فأرخصته والبيع غال ومرختص... مضت مدة أستام ودك غاليا

قرما من صاحب لك قد خلصشفت ... وآنستين يف حمبسي بزيارة فواقا كما يستفرض السادة الفرص... ولكنها كانت كحسوة طائر

وعادك عيد من تذكرك القفص... وأحسبك استوحشت من ضيق حمبسي ومن بندق الرامي ومن قصة املقص... من املنسر األشفى ومن حزة املدى

الطعان هبا قعصلفرسانكم عند ... ومن صعدة فيها من الدبق هلذم إذا الدهر من أحداثه جرع الغصص... فهذي دواهي الطري، وقيت شرها

:فأجابه أبو الفرج وبدر متام مذ تكامل ما نقص... أيا ماجدا قد ميم اجملد ما نكص هالل توارى يف السرار فما خلص... ستخلص من هذا السرار وأيما

يف أعايل قبة املشتري خصصله ... بدولة تاج امللة امللك الذي أظن بأن املرء بالرب يقتنص... تقنصت أنصايف وما كنت قبل ذا

وقلبك يل وكر ورأيك يل قفص... وبعد فال أخشى تقنص جارح

من شعر الصابئ

:وقال أبو إسحاق الصاىبء وهيواله سخيفه... مجلة اإلنسان جيفه قيل للنفس الشريفه... فلماذا ليت شعري

قدرة الله اللطيفه... إمنا ذلك فيه :وقال

بالصفع من درجاته... وأحق من نكسته وسفاله من ذاته... من جمده من غريه

من النقد

. فقام غري مرتاع منه وال ملتفت إليه! قم : وقال. أخذه من سقراط، وقد مر به بعض امللوك فركله برجله: أرى فيك طبع الكالب فهي تركل بأرجلها، فغضب، وقال ولكن! ال : أما عرفتين ؟ قال: فقال امللك

ألن شهواتك ملكتك وأنا : وكيف ذلك؟ قال: قال. بل أنت عبدي! ال : فقال. أتقول يل هذا وأنت عبديفإين امللك ابن األمالق السادة، ولنا كذا وكذا ألف فيل، وكذا وكذا ألف مركوب، وأقبل : قال. ملكتها

أراك تفخر علي مبا ليس من جنسك، وإمنا : فقال. العروض واجلواهر والعقاريعدد عليه ما ميلكه من سبيلك أن تفخر علي بنفسك، ولكن تعاىل خنلع ثيابنا ونلبس مجيعا ثوبا من ماء يف هذا اليم ونتكلم، فحينئذ

.يتبني الفاضل من املفضول؛ فانصرف خجال

الصايب وعضد الدولة

:يف يوم مهرجان اصطرالبا بقدر الدرهم، وكتب معه، وكان حينئذ معتقالوأهدى الصاىبء إىل عضد الدولة يف مهرجان جديد أنت تبليه... أهدى إليك بنو احلاجات واحتشدوا

مسو قدرك عن شيء يساميه... لكن عبدك إبراهيم حني رأى أهدى لك الفلك األعلى مبا فيه... مل يرض باألرض يهديها إليك فقد

.وأخرجه من السجنفرضي عنه :وقال الصاىبء أليب القاسم إمساعيل بن عباد الصاحب

يعوذ العبد به املوىل... الله حسيب فيك من كل ما

أنت هبا من غريك األوىل... واسلم وعش ال زلت يف نعمة

من ملح مزيد

بك من اليت كانت قبلي واهللا ألنا أرعى : فقالت. أنت غري شفيقة علي، وال راعية يل: قال مزيد المرأتهفدعته . أنت طالق ثالثا، لقد كنت آتيها باجلرادة فتطبخ يل منها أربعة ألوان وتشوي جنينها: قال. وأشفق

ال عليك إن أشكلت املسألة فهي طالق ! أصلحك اهللا : إىل القاضي، فجعل القاضي يطلب له املخرج فقال .ثالثني

جل أصيبا يف بيته وأنا على شرطة املدينة، فحبسته وخليت أتيت مبزيد وامرأة ور: قال حممد بن حرب .أطلقتم الزوج محام وحبستم الزاجل: ما خربك ؟ قال: سبيلهما، مث دعوت به وقلت

أنا أزرع ! بأيب أنت: فقال له مزيد. وكان أبو حبيب مضحك املهدي حيفظ نوادر مزيد وحيكيها له فيصله .وأنت حتصد

يا بين، كان أبوك عظيم اللحية، فما بالك أجرودي ؟ فقال : فقال. ألبيه ولقي مزيد رجال كان صديقا .أنا خرجت ألمي: مزيد

أترينه أخشن من الطالق ؟: وكسا امرأته قميصا فشكت إليه غلظه وخشونته، فقال

من األجوبة الطريفة

فقال . يوت النريانمن فضلنا حنن الفرس أن لنا ب: ناظر سعيد بن محيد الدهقان بعض آل أيب هلب؛ فقال .وجهنم قطيعة جلدي: اللهيب

!احلطب رطب : رمي فضويل يف النار؛ فقال

من ملح البخالء

أغلق الباب : يا موالي؛ هذا خطأ، إمنا يقال: فقال. هات الطعام وأغلق الباب: وقال بعض البخالء لغالمه .أنت حر لوجه اهللا ملعرفتك باحلزم: فقال له. وهات الطعام

خذ هذا : مث قال لغالمه. أتينا اليمامة فنزلنا على مروان بن أيب حفصة فأطعمنا مترا: بن خلفقال جهم أخذته لنفسك : وكيف أخونك يف فلس ؟ قال: فقال. خنتين: فقال له. الفلس فاشتر به زيتا، فأتى الغالم به

.واستوهبت الزيتليكم برأي خري من مائة ألف درهم ؟ فقال يا بين متيم، أتبخلونين ورمبا أشرت ع: وقال األحنف بن قيس

.تقوميك الرأي عليه غاية البخل: بعض من مسعه

من أظرف ما قيل يف خبيل

:ومن أظرف ما قيل يف خبيل مثلما مسين من اجلوع قرح... وأخ مسه نزويل بقرح

رة باهلم طافح ليس يصحو... قال إذ زرت وهو يف شدة السك ه والقول منه نصح وجنح... ل الل مل تغربت قلت قال رسو

ل متام احلديث جوعوا تصحوا... سافروا تغنموا فقال وقد قا

غفلة

. مر رجل بإنسان وعلى عاتقه عصا يف طرفيها زنبيالن قد كادا حيطمانه، يف أحدمها بر ويف اآلخر ترابحد جنيب؛ فأخذ الرجل زنبيل عدلت الرب بالتراب، ألنه كان قد أمالين إىل أ: مل فعلت هذا ؟ قال: فقال

ما أعقلك من : اآلن فامحل، فحمله فخف عليه؛ فقال: وقال. التراب وقلبه وقسم الرب نصفا يف الزنبيلني !.شيخ

يتماوت ليسأل الكفن

وشرب أمحد بن أيب طاهر مع أيب هفان حىت فين ما معهما، وكانا جبوار املعلى ابن أيوب؛ فقال ابن أيب طاهر أصلحك اهللا، نزلنا يف : فسجاه ومضى إىل املعلى فقال. متاوت حىت اسأل املعلى يف كفنك :أليب هفان

أمض إليه لتشاهده وادفع له : فقال لوكيله. جوارك فوجب عليك حقنا، وقد مات أبو هفان وليس له كفنبقية روحه أصلحك اهللا: ما هذا؟ قال ابن أيب طاهر: فأتى فوجده مسجى فنقر أنفه فضرط، فقال له. كفنا

.كرهت نكهته فخرجت من دبره، فأخرب املعلى فضحك وأمر هلما بدنانري كثرية

متجسس متماوت

وكان أمحد بن طولون قد نابذ املوفق وباينه بالعداوة وخلعه، وكان قد ضبط مصر من اجلواسيس وكان فأحضروه، . لنعش ومن فيهعلي با: فقال. متيقظا فهما، فأشرف من قصره يوما، فإذا جبنازة قد مرت عليه

أنت متجسس من : اضربه، فقام امليت من نعشه، فقال له: قم يا متماوت، مث دعا بالسياف وقال: فقال. لو مل أتقدم إليك لقتلتك وقتلت من معك، وأمر من أخرجهم عن عمل مصر: قال! ناحية أمحد ؟ قال نعم

يهم كآبة من مات له ميت، ورأيتهم يطوفون رأيت القوم ليس عل: من أين علمت ذلك ؟ فقال: فقيل لهبالقصر، ونظرت إليه يف النعش فرأيت رجليه قائمتني ورجل امليت تسترخي؛ فحكمت أنه حي، فلما حضر

.رأيته يسارق النفس فصحت القضية

من الطرف

ما لكم مل: فقال. وحضر علي بن بسام مع جحظة الربمكي دعوة، فتفرق اجلماعة املخاد، وبقي جحظة .عن قليل تصري إليك كلها: تدفعوا إيل خمدة ؟ فقال له ابن بسام

.إن دام هذا كانت بيوتنا التنانري: واشتد الربد سنة؛ فقال أبو العيناءما رزق أحد مثلما رزقنا، فدعياه فجاء، فقال له : قالت. احلمد هللا الذي رزقنا ولدا طيبا: وقال رجل المرأته

فشقت . حممد بن احلجاج: من بلطه ؟ قال: قال. موسى بن عمران: بحر ؟ قالاألبك يا بين، من حفر ال .ما يعيش ابين مع هذا الذكاء: ما لك ؟ فقالت: فقال أبوه. املرأة جيبها ونشرت شعرها وأقبلت تبكي

ابن املعذل واملخنث

خياطب القمر رأى عبد الصمد بن املعذل خمنثا ليلة أربعة عشر من شهر رمضان، وهو مضطجع على ظهرهال أماتين اهللا منك حبسرة، أو تقع يف احملاق، فما كانت ليلة سبعة وعشرين رأى عبد الصمد اهلالل، : ويقول :فقال

من بعد ما صيرين كاخلالل... يا قمرا قد صار مثل اهلالل حتى أرانيك هبذا السالل... احلمد لله الذي مل أمت

الصوم يف الربيع

:لكاتبوقال أبو عون ا اختار ربعا من سائر األرباع... جاءنا الصوم يف الربيع فهال

كالعقابيل من دم املرتاع... وتولى شعبان إال بقايا فوق حنر غطاه فضل قناع... فكأن الربيع يف الصوم عقد

شعبان ورمضان

:وقال البحتري قطع الغمام وشارفت أن هتطال... الحت تباشري اخلريف وأعرضت

شهرا ميانعنا الرحيق السلسال... فترو من شعبان إن وراءه :وقال

بآخر شعبان على أول الورد... ومما دهى الفتيان أهنم أتوا

يوم الشك

:وكتب كشاجم إىل بعض إخوانه يف يوم شك ي وأمره مذ كان حيذر... هو يوم شك يا عل

كة ومطرفه معنرب... واجلو حلته ممس ص وطيلسان األرض أخضر... ضي القمي واملاء ف

يف األرض قطر ندى حتدر... نبت يصعد نوره ن ليومنا قوتا مقدر... ولنا فضيالت تكو رك عمرها كسرى وقيصر... ومدامة صفراء أد

كاساتنا ما كان أكرب... فاهنض بنا لنحت من إن قلت إنك سوف تعذر... أو ال فإنك جاهل

مرأة رعناءتشبيب با

ما لك ال تشبب يب كما : كانت لرجل من العرب امرأة رعناء؛ فدخل عليها يوما وهي مغضبة، فقالت :وأنشدها! إين أفعل : يشبب الرجال بنسائهن ؟ فقال

واحلسن منها حبيث الشمس والقمر... متت عبيدة إال يف مالحتها جليد والنظرإال سوالفها وا... ما خالف الظيب منها حني تبصرها

أقصر فرأس الذي قد عيب واحلجر... قل للذي عاهبا من حاسد حنق .فضحكت ورضيت عنه

مما يشك هل هو مدح أو هجاء

ومما يشكل هل هو مدح أو هجاء، أن أبا الينبغي دفع إىل خياط أعور امسه زيد طيلسانا يقوره له، فلما جاءه وأنا أقول فيك : فقال. ا ال تدري أهو طيلسان أو هو دواجقد خطت لك شيئ: ليأخذه دفعه إليه، وقال له

:وأنشده. بيتا ال تدري أو هو مدح أو هجاء ليت عينيه سواء... خاط يل زيد قباء

.يكونان صحيحتني أو ذاهبتني: يريد بسواء :ومن هنا اهتدى أبو الطيب املتنيب إىل قوله

البصري وإن تفخر فيا نصف... فيابن كروس يا نصف أعمى وتبغضنا ألنا غري عور... تعادينا ألنا غري لكن

ودخل عليه وقد حبس، . وكان أبو الينبغي ضعيف الشعر، قلما يصح له الوزن، إال أنه كان ظريفا طيبا .قلت ما ال ينبغي ففعل يب ما ينبغي: ما كان خربك ؟ قال أبو الينبغي: فقيل له

:و مدح أو هجاءومما يسأل عنه أصحاب املعاين هل ه بفضلهما، والبخل باملرء يزري... تكامل فيه البخل واجلود فاعتلى

.وهذا ميدحه؛ يريد أن جيود مباله ويبخل بعرضه :وقد قال محاد عجرد ميدح حممد بن أيب العباس

يقال له عندها جيهل... حليم جهول فأما اليت شعلإذا احلرب أشعلها م... فعند الوغى واشتجار القنا

على كل حال به يبخل... جواد خبيل فأما الذي مي ذي الرأي والعرض ال يبذل... فدين وعرض، ودين الكر

من البحر يف وجوده يعدل... وليس مبا ملكت كفه وطعنته يف الوغى الفيصل... يداه احليا يف حفوف الثرى بأمسائهم فامسه األول... إذا ذكر الناس أهل الندى

ت ذي املعم لك املخول... نت الذي إن مسو حممد أ وحيمدك الرمح واملنصل... يذمك كبش الوغى يف الوغى

!أعجزتك القافية

:لوال بغضكم لنا يا بين خمزوم ما قلت: وذكر أن هامشيا قال لعمر بن أيب ربيعة أبوها وإما عبد مشس وهاشم... بعيدة مهوى القرط إما لنوفل

ال بأس بتقدمي املفضول على الفاضل : نوفل وبين أمية؛ فتومهه ابن أيب ربيعة عاقال، فقالفقدمت علينا بين :يف اللفظ، قال حسان بن ثابت

مكارم صدق ال تعد ومفخر... وما زال يف السادات من آل هاشم علي ومنهم أمحد املتخير... هباليل منهم جعفر وابن أمه وكيف أحتال : فأعجزتك احليلة ؟ قال: قال. لم ميكن يف القافية، إال ما قلت لكوأيضا فالشعر على امليم، ف

:؟ قال تقول

أبوها وإما عبد مشس ونوفل ميم... بعيدة مهوى القرط إما هلاشم .وهنا لقد عجزت عن هذا: فضحك وقال

نقد لشعر امرىء القيس

ة رجل من أهل بغداد يعرف باملبحث، ومن عجيب ما يتعلق هبذا الباب إنه وصل إىل حضرة سيف الدولوكان ينقر على العلماء والشعراء مبا مل يدفعه اخلصم وال ينكره الوهم، فتلقاه سيف الدولة باليمني؛

:أخطأ امرؤ القيس يف قوله: وأعجب به إعجابا شديدا؛ فقال يوما ومل أتبطن كاعبا ذات خلخال... كأين مل أركب جوادا للذة

خليلي كري كرة بعد إجفال... الزق الروي ومل أقل ومل أسبأ :إمنا سبيله أن يقول: وكيف ذلك ؟ قال: فقيل. وهذا معدول عن وجهه ال شك فيه

خليلي كري كرة بعد إجفال... كأين مل أركب جوادا ومل أقل ومل أتبطن كاعبا ذات خلخال... ومل أسبأ الزق الروي للذة

للذة يف : ويكون قوله. يل مبا يشاكلها يف البيت كله، ويقترن ذكر الشرب واللهو بالنساءفيقترن ذكر اخل .الشرب أطبع منه يف الركوب

فقال بعض احلاضرين من العلماء ! فبهت احلاضرون، واهتز سيف الدولة، وقال؛ هذا التهدي وحق أيب : وكيف ذلك ؟ فقال: الدولةأنت أخطأت وطعنت على القرآن إن كنت تعمدت ؟ فقال سيف : للمبحث

وعلى قياسه جيب . إن لك أال جتوع فيها وال تعرى، وأنك ال تظمأ فيها وال تضحى: قال اهللا تبارك وتعاىلوإمنا عطفه امرؤ القيس بالواو اليت . إن لك أن ال جتوع فيها وال تظمأ، وال تعرى فيها وال تضحى: أن يكون

.خجل وانقطعال توجب تعقيبا، وال ترتب ترتيبا؛ ف

يف جملس الوليد

. قدمت على الولد بن يزيد يف جملس ناهيك من جملس، فألفيته على سريره وبني يديه معبد: وقال خالدومالك بن أيب السمح، وابن عائشة، وأبو كامل عذيل الدمشقي؛ ومالك بن أيب السمح، وابن عائشة، وأبو

:بة إيل فغنيتكامل عذيل الدمشقي؛ فجعلوا يغنون حىت بلغت النو وغاب النجم إال قيد فتر... سرى مهي وهم املرء يسري

تعرض أو على البحرات جيري... أراقب يف اجملرة كل جنم كأن القلب أبطن حر مجر... هبم ما أزال به قرينا

وأي العيش حيسن بعد بكر... على بكر أخي فارقت بكرا وأي العيش يصلح بعد : فقال. عروة بن أذينة الليثي: من يقوله ؟ قلت: فقال. أعد يا صاح، فأعدت: فقال

.بكر ؟ هذا الذي حنن فيه، واهللا لقد حتجر واسعا على رغم أنفه

ذاك : فقالت. ومن بكر ؟ فوصف هلا: وأنشدت سكينة بنت احلسني رضوان اهللا عنهما هذا الشعر؛ فقالت !شيء بعده حىت اخلرب والزيت األسود الذي كان مير بنا، واهللا لقد طاب كل

السماع وما ينبغي له من الشعر

وليت شعري إذا كان السماع داعية األنس، وعشيق النفس، الذي ينهكها إذا أسرها اهلم، : قلت أناويبسطها إذا قبضها الغم، وهو املستأذن على القلب، املنقذ له من الكرب، الداخل عليه من غري تعب،

ملا حددنا املنطق وجدنا فيه ما ال يبلغه اللسان إال آلة، : نصب، وقد قال أرسطا طاليسوالوارد إليه بغري فركبنا العود على الطبائع، الستخراج تلك الودائع، فلما قابلت النفس استماع ما ظهر منه عشقته

.بالعنصرذات املعاين الدقيقة كل شراب بال مساع الدن أوىل به؛ فما باله ال تستخرج له األشعار الرقيقة،: وقالوا

األنيقة، واأللفاظ الناعمة الشكلة، يف األبيات الغزلة، اليت تطرب بالتكلم قبل الترمن، ويتجنب ما كان من :صفات اجليوش واملقانب، والغارات والكتائب، واألحزان واملصائب؛ فألن يسمع من كان مثال جذال

لى حذاروكنت من الرقيب ع... ظفرت بقبلة منه اختالسا ومن برد النسيم على مخار... ألذ من الصبوح على غمام

:أحب إليه من أن يسمع حلدثا عنك يوم الروع بالعجب... إن السنان وحد السيف لو نطقا

يا متلف الفضة البيضاء والذهب... أنفقت مالك تعطيه وتبذله ارث بن شهاب؛ هذا على أن هذا الشعر إال أن يكون سامعه كمهلهل، وربيعة بن مكدم، وعتيبة بن احل

ليس بتحسني احلظ يف فصاحة اللفظ، وال قاصر املرمى عن إدراك املعىن، كقول مروان بن صرد أخي أيب :بكر بن صرد يف يزيد بن يزيد فيه يقول

وكان عمك معن سيد العرب... أما أبوك فأندى العاملني يدا نبع وليس النبع كالغرب عيدان... عيدانكم خري عيدان وأطيبها

وأنتم قالة للشعر واخلطب... وإنكم سادة أوليتم حسبا .ولكن لكل مكان ما يليق مبوضعه، وحيسن مبوقعه؛ فأشبه أوقات اللهو والشراب، ذكر التغزل باألحباب

ص نعيم أهل لوال العشق واهلوى، مل توجد لذة الصبا، ومل يكن الطرب والغناء، ولنق: وقد قال بعض البلغاء .الدنيا

:لو ملكت األمر وأدركت ملحن هذا الشعر لقتلته: وكان ابن الرومي يقول وأيسر جرما منك ضرج بالدم... كليب لعمري كان أكثر ناصرا

كحاشية الربد اليماين املسهم... رمى ضرع ناب فاستمرت بطعنة احلاجب يستأذن لعمري املأموين، فكرهت ذلك، ورأى كنت عند املأمون يوما إذ جاءه : وقال مثامة بن أشرسيا أمري املؤمنني إنا إذا غنانا عمري ذكر مواطن اإلبل، : يا مثامة، ما لك ؟ قلت: فقال. الكراهة يف وجهي

كم يا أمري . وكثبان الرمل، وإذا غنتنا فالنة انبسط أملي، وقوي جذيل، وانشرح صدري، وذكرت اجلنانيك جارية غادة، كأهنا غصن بان، مبقلة وسنان، كأمنا خلقت من ياقوتة، أو خرطت من املؤمنني بني أن تغن

:درة، بشعر عكاشة العمي من فضة قد طرزت عنابا... من كف جارية كأن بناهنا تلقي على يدها الشمال حسابا... وكأن ميناها إذا ضربت هبا

:خشن الكف، بشعر ورقاء بن زهريوبني أن يغنيك رجل ملتف اللحية، غليظ األصابع، فأقبلت أسعى كالعجول أبادر... رأيت زهريا حتت كلكل خالد

إن الفرق : وقال. وكم بني من حيضرك من تشتهي النظر إليه، وبني من ال يقف طرفك عليه ؟ فتبسم املأمون .متع يومفظللنا يف أ: قال. وأحضر قينة! لواضح، وإن املنهج لفسيح، يا غالم؛ ال تأذن له

من طيبات األغاين ومطربات القيان

: وقد كتبت جرءا مما قيل يف طيبات األغاين ومطربات القيان، وأنا أعيد منها هنا قطعة ترتاح إليها األرواح :أنشد أبو العباس أمحد بن حممد األنباري الناشىء يف مثل قول عكاشة

صنوفا يد كاتب يلقي عليك... وإذا بصرت بكفها اليسرى حكت قلم ميجمج يف الكتاب حروفا... وكأنما املضراب يف أوتاره

يف النقر ينفي هبرجا وزيوفا... وجيسه إهبامها فكأنه :أخذ هذا البيت من قول أيب شجرة السلمي وذكر ناقته

كما تنوقد عند اجلهبذ الورق... يطري عنها حصا الظران من بلد :وأصله من قول امرىء القيس

صليل زيوف ينتقدن بعبقرا... صليل املرو حني تطريه كأن :وقال ابن العجاج

أيدي نساء يتعاطني الورق... كأن أيديهن بالقاع القرق :وقال أبو نواس

له حظان من دنيا ودين... وأهيف مثل طاقة يامسني وتنبعث الطبائع للسكون... حيرك حني يشدو ساكنات

.ة اجلوانح للغناء، وسكون اجلوارح لالستماعوهذا مليح، يريد حرك

صفة القيان والعيدان

.ومن عجيب ما قيل يف صفات القيان والعيدان قول ابن الرومي عاطفات على بنيها حواين... وقيان كأنها أمهات

مرضعات ولسن ذات لبان... مطفالت وما محلن جنينا الرمان ناهدات كأحسن... ملقمات أطفاهلن ثديا

وهي صفر من درة األلبان... مفعمات كأهنا حافالت بني عود ومزهر وكران... كل طفل يدعى بأمساء شتى

وهو بادي الغىن عن الترمجان... أمه دهرها تترجم عنه :وأنشد أبو علي احلامتي أليب بكر الصويل

ب وشكوى املتيم املهجور... وغناء أرق من دمعة الص فهو يصغي بظاهر وضمري... لفهم عن تظن وفهم يشغل ا

فأذاق النفوس طعم السرور... صافح السمع بالذي يشتهيه راض نغما وال الشنيع اجلهري... ليس بالقائل الضعيف إذا ما جتتين العني من وجوه البدور... جيتين السمع منه أحسن مما

إبليس ينادم إبراهيم املوصلي

استأذنت الرشيد يف أن يهب يل يف كل أسبوع يوما، أخلو فيه مع جواري، فأذن يل : وصليقال إبراهيم املهو يوم أستثقله؛ فلما كان يف بعض اآلحاد أتيت الدار، فدخلت احلجاب أال يأذنوا : يف يوم األحد وقال

.ألحد علي وأغلقت األبوابرأسه قلنسوة الطئة، ويف رجله فما هو إال أن جلست حىت دخل علي شيخ حسن السمت واهليئة، على

.خفان أمحران، ويف يده عكازة مقمعة بفضة، وعليه غاللة سكبلعلهم علموا من : فأفكرت وقلت. أمل آمر احلجاب أال يأذنوا ألحد، فسلم: فلما رأيته امتألت غيظا، وقلت

يا إبراهيم أال : لس، وقالالشيخ ظرفا وهيئة، فأحبوا أن يؤنسوين به يف هذا اليوم؛ فلما أمرته باجللوس جتغنيين صوتا ؟ فامتألت عليه غيظا ومل أجد إىل ردة سبيال؛ ألنه يف منزيل، ومحلته منه على سوء أدب العامة؛

مل قطعت هزارك ؟ فزادين غيظا، وقلت ال : فقال يل. فأخذت العود وضربت وغنيت ووضعت العودأحسنت، فكدت واهللا أشق : لعود فغنيت الثانية، فقال يلفأخذت ا! أحسنت : يسيدين وال يكنيين وال يقول

ناولين العود، فواهللا لقد استجابه، فوضعه يف : مث قال! أحسنت يا سيدي : فقال. ثيايب، فغنيت متام اهلزار :حجره، مث جسه من غري أن يكون ضرب بأمنلة، فواهللا لقد خلت زوال نعميت يف حبسه، مث ضرب وغىن

لقد زادين مسراك وجدا على وجد... هجت من جند أال يا صبا جند مىت على فنن غض النبات من الرند... أإن هتفت ورقاء يف رونق الضحى جليدا وأبديت الذي مل أكن أبدي... بكيت كما يبكي الوليد ومل أكن

ميل وأن النأي يسلي من الوجد... وقد زعموا أن احملب إذا دنا على أن قرب الدار خري من البعد... شف ما بنا بكل تداوينا فلم ي

:فواهللا لقد خلت كل شيء يف احلضرة يتغىن معه حىت األبواب والستور، مث ضرب وغىن

فإين إىل أصواتكن حزين... أال يا محامات اللوى عدن عودة وكدت بأسراري هلن أبني... فعدن فلما عدن كدن ميتنين شربن محيا أو هبن جنون... دعون بترداد اهلدير كأمنا

بكني ومل تدمع هلن عيون... فلم تر عيين مثلهن محائما :مث ضرب وغىن

وقل لنجد عندنا أن يودعا... قفا ودعا جندا ومن حل باحلمى على كبدي من خشية أن تصدعا... وأذكر أيام حلمى مث أنثين

ل عينيك تدمعاإليك ولكن خ... فليست عشيات احلمى برواجع وتأىب إليها النفس إال تطلعا... وأعذر فيها النفس إن حيل دوهنا

يا أبا : فواهللا لقد تغىن كل شيء معه باحلضرة، حىت النمارق والوسائد وقميصي الذي على بدين؛ فقالفلم أره، هذا الغناء املاخوري، تعلمه وعلمه جواريك، مث وضع العود من حجره وقام إىل الدار ! إسحاق

! نعم : وحيكن هل مسعنت ما مسعت، أو رأينت ما رأيت ؟ قلن: فدفعت أبواب احلرم فإذا هي مغلقة؛ فقلتمل يدخل عليك أحد حىت : مسعنا وأعدن األصوات علي وقد لقنها؛ فسألت احلجاب عن الرجل؛ فقالوا يل

أمل تنصرف : ت؛ فلما رآين قالخيرج، فأمرت بدابيت فأسرجت، فركبت من فوري إىل دار اخلليفة واستأذنيا سيدي؛ جئت بغريبة؛ وقصصت عليه القصة من أوهلا : آنفا على نية املقام يف منزلك واخللوة بأهلك؛ قلت

كان ندميك اليوم أبو مرة، وددت أنه لوم متعنا : إىل آخرها، فضحك حىت رفع الوسائد برجليه، وقال يل .بنفسه كما متعك

:طريق، واشتهته الناس فلم تبق جارية لقنته من إبراهيم إال زيد يف مثنها؛ قال الالحقيواشتهر إبراهيم هبذا ال حاق عنا خريا وال إحسانا... ال جزى الله املوصلي أبا إس طان أغلى به علينا القيانا... جاءنا مرسال بوحي من الشي

حب يصغي القلوب واآلذانا... من غناء كأنه سكرات ال

س يستميل سيف الدولة إىل الغناءأبو فرا

كان سيف الدولة ال يشرب النبيذ وال يسمع القيان وحيظرمها، فوافت : ومن مليح هذا املعىن قول أيب فراسظلوم الشهرامية، وكانت إحدى احملسنات، وكان حبضرته ابن املنجم أحد احملسنني، فتاقت نفسي إىل مساع

هما جمتمعني؛ فوعدين بإحضارمها جملسه من يومه، فانصرفت وأنا غري ظلوم؛ فسألت األمري أن حيضرمها ألمسعواثق بذلك لعلمي بضعف نيته يف مثله، ووجهت إىل ظلوم أتقدم إليها باالستعداد، وحصلت عندي ابن

:املنجم، وأقمت أنتظر رسوله إىل أن غربت الشمس، فكتبت إليه وصدرك الدهناء بل أوسع... حملك اجلوزاء بل أرفع

للجد واهلزل به موضع... وقلبك الرحب الذي مل يزل

قرع العوايل جل ما يسمع... رفه بقرع العود مسعا غدا فبلغت هذه األبيات أبا حممد احلسن بن حممد بن هارون املهليب؛ فأمر هبا فلحنت وغين هبا، فلم يشرب بقية

.يومه ذلك إال عليها

من شعر أيب فراس

:ث بن سعيد بن محدان؛ ويف أيب فراس يقول القاضي ابن اهليثموأبو فراس هو احلار ت رهني شكر احلارث... أيقنت أين ما بقي ورثت ذاك لوارثي... فإذا املنية أشرفت

يدنا وليس لثالث... رقي له من بعد سي :فحاولت جوابه على هذه القافية فما أمكنين شيء أرتضيه، فكتبت إليه: قال أبو فراس

فإن هلا عندي يدا ال أضيعها... مجعتنا غدوة أرض يابس لئن إيل، ودار حتتويك ربوعها... أحب بالد الله أرض حتلها

جترع نفسي حسرة وتروعها... أيف كل يوم رحلة بعد رحلة ويل أبدا نفس قليل نزوعها... فلي أبدا قلب كثري نزاعه

إليك وعينا ال تفيض دموعها.. .حلى الله قلبا ال يهيم صبابة .وكان أبو فراس حسن الشعر، جيد النمط، ولقوته من الطالوة واحلالوة ما يشهد به ما أنشد له

بدىء الشعر مبلك، وختم مبلك؛ بدىء بامرىء القيس، وختم بأيب : وكان أبو القاسم الصاحب يقول .فراس

بني أيب فراس وسيف الدولة

كتايب أطال اهللا بقاء األمري من منزيل، وقد وردته : لدولة وقد سار إىل منزلهوكتب أبو فراس إىل سيف ا :ورود السامل الغامن موقر الظهر وفرا وشكرا؛ فاستحسن سيف الدولة بالغته فقال

حة والعال عني حميد... هل للفصاحة والسما د من العالء وأستفيد... يف كل يوم استقي يف الندى خلق جديتك ... ويزيد يف إذا رأي

وأهدى الناس إىل سيف الدولة يف بعض األعياد فأكثروا؛ فاستشارهم أبو فراس فيما يهديه إليه، فكل أشار :بشيء، فخاهلم وكتب إليه

ت مبهجيت بيد الرسول... نفسي فداؤك قد بعث يهدى اجلليل إىل اجلليل... أهديت نفسي، إمنا

ر بالقبولبشرى املبش... وجعلت ما ملكت يدي :ووقع بني أيب فراس وبني بين عمه عداء وهو صغري؛ فمزح سيف الدولة معه بالتعصب عليه فقال

ويدي إذا خان الزمان وساعدي... قد كنت عديت اليت أسطو هبا واملرء يشرق بالزالل البارد... فرميت منك بضد ما أملته ضرب الوالدأغضى على مضض ل... فصربت كالولد التقي لربه

:وقال يفخر بعيد مذاهب األكناف سامي... لنا بيت على طنب الثريا وتفرشه الوالئد بالطعام... تظلله الفوارس بالعوايل

.وقال يصف السيب وعلى بوادر خيلنا مل تكرم... وخريدة كرمت على آبائها

كرها وكان صداقها للمقسم... خطبت حبد السيف حىت زوجت يرضي اإلله وأهلها يف مأمت... حبها بعرس حاضر راحت وصا

:وقال ليست مؤاخذة اخلالن من شاين... ما كنت مذ كنت إال طوع خالين

حىت أدل على عفوي وإحساين... جيين الصديق فأستحلي جنايته عمدا فأتبع غفرانا بغفران... ويتبع الذنب ذنبا حني يعرفين

ال شيء أحسن من حان على جان... كرما جيين علي فأحنو صافحا :وقال

ووالله ما حدثت نفسي بالصرب... فوالله ما أضمرت يف احلب سلوة وإنك يف قليب ألحلى من النصر... وإنك يف عيين ألهبى من الغىن

ويا ثقيت املأمون جرت مع الدهر... فيا حكمي املأمول جرت مع اهلوى :وقال

وما بالنوم عن عيين متايله... من مدامته سكرت من حلظه ال وال الشمول ازدهتين بل مشائله... وما السالف دهتين بل سوالفه وغل صدري ما حتوي غالئله... ألوى بصربي أصداغ لوين له

:وقال إذا كنست عني الفالة وحورها... وظيب غرير يف فؤادي كناسه

عصياهنا ونفورها ومن خلقه... فمن خلقه لباهتا وحنورها :وقال

وجل يف اهلجران والعتب... ألزمين ذنبا وال ذنب يل

والصرب حمظور على الصب... أحاول الصرب على هجره عيين له عني على قليب... من يل بكتمان هوى شادن فاستشهدا يف طاعة احلب... عرضت صربي وعلوي له

:وقال إىل أن تردى رأسه مبشيب... لبسنا رداء الليل، والليل راضع

مع الصبح رحيا مشأل وجنوب... وبتنا كغصين بانة عطفتهما مبادي نصول يف عذار خضيب... إىل أن بدا ضوء الصباح كأنه ويا صبح قد أقبلت غري حبيب... فيا ليل قد فارقت غري مذمم

:وقال املاللدرجونا على احتمال ... قل ألحبابنا اجلفاة رويدا

مل يدع يف موضعا للوصال... إن ذاك الصدود من غري جرم ال عدمناكم على كل حال... أحسنوا يف هواكم أو أسيئوا

:وقال وإن لسانه العضب الصقيل... ومغض للمهابة عن جوايب كما تقول: فدمع مث قال... أطلت عتابته عنتا وظلما

:وقال خبمرتني من الصهباء واخلد... ا بتنا نعلل من ساق أغن لن

سكرا وأسبل فضل الفاحم اجلعد... كأنه حني أزكى نار وجنته مباء ما محلت خداه من ورد... يعد ماء عناقيد بطرته

:وقال مقيم بوجنته مل يزل... أيا سافرا ورداء اخلجل أخاف عليك جراح املقل... بعيشك رد عليك اللثام

وال حق وجهك أن يبتذل... أن جيتلى فما حق حسنك كما قد أمنت علي امللل... أمنت عليك صروف الزمان

:وقال أحلاظ فاترة اجلفون... ال غرو إن فتنتك بال بني الفتور إىل الفتون... فمصارع العشاق ما

صرب الضنني على الضنني... اصرب فمن سنن اهلوى :وقال

يا بدر، غيثان منهل ومنبجس ...سقى ثرى حلب، ما دمت ساهنا

وربعها دوهنن العامر األنس... كأنما البدر والولدان موحشة حىت يعود إليها اخلدر الكبس... أسري عنها ألمر ما فيزعجين

إىل السماء فترقى مث تنعكس... مثل احلصاة اليت يرمى هبا أبدا نة، فأمر سيف الدولة بالركوب بالسالح، فركب وقال أبو فراس يف رسول ملك الروم إذ جاء يطلب اهلد

من داره ألف غالم مملوك بألف جوشن مذهب على ألف فرس عتيق بألف جتفاف، وركب الناس والقواد :فقلت. على تبعيتهم وسالحهم وراياهتم، حىت طبق اجليش جبل جوشن وما حوله

وأثبت عند مشتجر الرماح... علونا جوشنا بأشد منه ظننت الرب حبرا من سالح... الفرسان حتى جبيش جاش ب

ختاطبنا بأفواه الرياح... فألسنة من العذبات محر وغرته عمود من صباح... وأروع جسمه ليل هبيم قليل الصفح ما بني الصفاح... صفوح عند قدرته كرمي وهيبته جناح للجناح... كأن ثباته للقلب قلب

طرف من أخبار املهليب

وعلى ذكر املهليب أذكر طرفا من ظريف أخباره، وشريف آثاره، وإمنا أسلسل أخبار أمثاله من أشراف العصر، وأفراد الدهر، تعمدا للذة اجلدة، ورونق احلداثة؛ إذا كان ما مل يقرع اآلذان، أدعى إىل

.االستحسان، مما تكرر حىت تكدرم بن عبد اهللا بن يزيد بن حامت بن قبيصة بن املهلب بن أيب واملهليب هو أبو حممد احلسن بن حممد بن إبراهي

صفرة، وكان املطيع هللا الفضل بن جعفر املقتدر، ملا ويل اخلالفة بعد املستكفي، قام جبميع أموره معز الدولة أمحد بن بويه الديلمي، وصحبه أمجل صحبة من أول واليته إىل سنة موته وهي سنة ست ومخسني وثالمثائة،

وكان املهليب من سروات الناس وأدبائهم . الديلمي أمر وزارته للمهليب سنة تسع وثالثني وثالمثائة وعقد :وأجوادهم وأعزائهم، وفيه يقول أبو إسحاق الصاىبء

لف إال أخايرا نساكا... نعم الله كالوحوش وما تأ رت هلا الرب والتقى أشراكا... نفرهتا أيام قوم وصي

:وفيه يقول قد أعجزت كل الورى أوصافه... قل للوزير أيب حممد الذي

ويسوغ يف أذن األديب سالفه... لك يف اجملالس منطق يشفي اجلوى وكأمنا آذاننا أصدافه... وكأن لفظك لؤلؤ متنخل

:وفيه يقول أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن نباتة السعدي وقد طلعت على األشهاد غربت... أنا عبد من لو قال للشمس اغريب

إشراقها فوق اخلالفة بادي... املستقل من الوزارة رتبة وهم لطاعته من األوالد... عق الكماة خلوفه هيجاءهم

حىت ظنناهم من الزهاد... وتقنعوا بالنزر من أيامهم مما حيطم من قنا وجياد... ومن التراب عجاجهم وعجاجه

أسد خمالبها صدور صعاد... القائد اخليل العتاق كأهنا عن خندف وربيعة وإياد... كذب احملدث بالشجاعة والندى

واخليل راوية النحور صوادي... لو أبصرت عيناه آل مهلب أسيافهم خرجت من األغماد... خيرجن من رهج العجاج كأمنا

متوسعا لتضايق الرواد... أوما رأيت جناهبم متدفقا قد قنعت مشس الضحى بسواد... ن إشراقها ووجوههم للبذل م

جلج البحار وآنف األطواد... لرأيت أو كادت جفونك أن ترى ذهبوا بكل ندى وكل جالد... وعلمت أهنم على رغم العدى

ملك امللوك وماجد األجماد... يا من نصغره إذا قلنا له واملوت يف ثوب من الفرصاد... وذباب سيفك إنه قسم الوغى

ختتال بني الشدو واإلنشاد... ألطرزن بك الزمان مدائحا عند الرواة تشد باألصفاد... تدع املسامع والقلوب حلسنها

:وقال فيه ألرفع من زهر النجوم وأثقب... ألكين إىل آل املهلب إهنم

أغار عليها اجملتدون ليسلبوا... إذا سلبوا األموال من شن غارة فتدىن وتعطى فوق ما تتطلب... طلب رفدهم فال زالت األمالك ت

إىل بأسهم يوم الوغى تتحزب... وال برحت محر املنايا وسودها وال استصرخوا للطعن إال تلببوا... فما استمطروا للجود إال تدفقوا عزمية صبح بالدجى تتجلبب... إليك أمني الله يف األرض مشرت وآماله مغلوبة وهو أغلب... يرى حظه مستأخرا وهو أول

إليه ووجه للذي خاب ملحب... وأنت شباب للذي شاب مقبل إليك أسارى يف األزمة جتنب... تقود أبيات األمور كأنها

كأنك يف صدر الدواوين تكتب... وتطعن يف صدر الكتائب معلما وأبطاهلا باملشرفية ختطب... نداؤك أملى واجلياد منابر

أي الرجال املهذب: ويف قوله... زيادا يف ركاكة رأيه أذم أرق من املاء الزالل وأعذب... وهل حيسن التهذيب منك خالئقا

وكل مليك عند نعمان كوكب... تكلم والنعمان بدر مسائه ألبصر منه مشسه وهي غيهب... ولو أبصرت عيناه شخصك مرة يم وقيس والرباب وتغلبمت... إذا ذكرت أيامك الغر أظلمت وقد عرضوا بالقول يل وهو موجب... لقد صرحوا باملال يل وهو مبهم

ولكنها منك املودة تطلب... ويل مهة ال تطلب املال للغىن فما أنا فيه يف امتداحك مذنب... فإن كان قويل دون قدرك قدره سهبفغري ملوم أن يقصر م... إذا كانت األشياء دونك قدرها

:هو النابغة الذبياين؛ وإمنا عىن قوله يف اعتذاره للنعمان بن املنذر: زياد على شعث أي الرجال املهذب... ولست مبستبق أخا ال تلمه ترى كل ملك دوهنا يتذبذب... أمل تر أن الله أعطاك سورة

إذا طلعت مل يبد منهن كوكب... بأنك مشس وامللوك كواكب :ذ النابغة هذا من قول شاعر من كندة قدميوإمنا أخ

لعمرو بن هند غضبة وهو عاتب... تكاد متيد األرض بالناس إن رأوا على كل نورس وامللوك كواكب... هو الشمس وافت يوم دجن فأفضلت

من حياة املهليب

ه حببل السلطان سائحا وكان قبل تعلق. واملدح يف أيب حممد املهليب كثري، وإمنا يؤخذ من كل شيء ما اختريكنت معه يف بعض أوقاته، أماشيه يف بعض : قال أبو علي الصويف. يف األرض على طريق الفقر والتصوف :طرقاته؛ فضجر لضيق احلال، فقال

فهذا العيش ما ال خري فيه... أال موت يباع فأشتريه تصدق بالوفاة على أخيه... أال رحم املهيمن روح حر

فاجتزت : مث تصرف بنا الدهر وبلغ املهليب مبلغه؛ قال أبو علي. ت له رطل حلم وطبخته لهفاشتري: قالملن هذا ؟ : فقلت. البصرة واجتزت بأسلمان، فإذا أنا بناشطيات وحراقات وزيارب وطيارات يف عدة وعدة

واحتلت حىت للوزير أيب حممد املهليب، فنعتوا يل صاحيب، فتوصلت إليه حىت رأيته، فكتبت رقعة: فقيل :دخلت، فسلمت وجلست، حىت إذا خال اجمللس رفعت إليه الرقعة، وفيها

مقال مذكر ما قد نسيه... أال قل للوزير بال احتشام أال موت يباع فأشتريه... أتذكر أن تقول لضيق عيش

؛ وقدم الطعام وهنض وأهنضين معه يف جملس أنسه، وجعل يذكر يل كيف توافت حاله! نعم : فنظر إيل، وقالفأطعمنا، وأقبل ثالثة من الغلمان على رأس أحدهم ثالث بدر، ومع آخر ختوت وثياب رفيعة، ومع آخر

يا أبا علي؛ تفضل بقبول هذه، وال تتأخر عن حاجة : طيب وخبور؛ وأقبلت بغلة رائعة بسرج ثقيل؛ فقال يل :ين وأنشدين بديهاتعرض لك، فشكرته وانصرفت؛ فلما مهمت باخلروج من الباب استرد

ورثى لطول حترقي... رق الزمان لفاقيت وأجار مما أتقي... فأنالين ما أرجتي

م من الذنوب السبق... فألغفرن له القدي فعل املشيب مبفرقي... إال جنايته ملا

العباس بن احلسني وآثاره

يستوزر أحدا بعده، وبلغ منه أبو الفضل العباس وملا مات املهليب وجد عليه أمحد بن بويه وجدا شديدا ومل بن احلسني بن عبد بن فاخر بعد املهليب مبلغا عاليا؛ للمصاهرة اليت كانت بينه وبني املهليب؛ وألنه كان خيلفه

.يف الدواوين؛ فكان خيطب درجة املهليب يف الوزارة فلم يبلغهارس وسبقه، وكان بنو بويه خياطبونه بالشيخ؛ وملا وكان العباس ممن تعظمه امللوك وتعرف قدره يف الف

حصلوا بأرض العراق استدعوه من فارس اشتياقا إليه، وحاجة إىل رأيه؛ ملا كانوا يعرفون من ثقته، وكان .يتخذ من الزي وتفخيم شأن امللك ما كان حيسن به يف عني أمحد بن بويه؛ إذ كان حيب من أصحابه ذلك

املغيض الذي بظاهر السندية، الذي ينزع من هنر عيسى بن موسى اهلامشي النازع من وكان مما عمله العباس الزاب األعظم بناحية البثق املعروف ببثق الروبانية وهو الذي تعمره ملوك العراق، وحتوط به األعمال اليت

.ومتام خراجها ترد إىل كل ناحية حظها من الشرب الذي تكون به عماراهتا واستقامة ربوعها ووفور أمواهلاوهذا املغيض عملته األكاسرة لينتفع به عند زيادة املياه وكثرهتا؛ فإهنا حني ختشى البثق املقدم ذكره وغريه من البثوق أن تزيد املياه عليها فتخرقها فينصرف املاء عن سائر الضياع، فإذا خشي ذلك فتح هذا املغيض

إليه، حىت يصب يف هنر يعرف بصرصر حىت يفرغ يف دجلة، فانصرف ما يزيد من املاء عن قدر ما ينتفع به وسائر هذه البثوق تسترم بعد مخسني عاما من بعد . فعمل هذا املغيض من ماله بعد فساد ما كان قبله

.عمارهتا إىل السبعني، أكثره على ما يذكروننت جتاورها بشاطىء دجلة، مث عمر الدار املعروفة خباقان، وهي يف ملك ولده وما يليها من الدور اليت كا

وهذه الدار معروفة عند امللوك معظمة يف نفوسهم، وهي دار هلا حدان، فاجلبلي منها ينتهي إىل دجلة، والشرقي منها ينتهي إىل هنر الصراة النازع من هنر عيسى النازع من الفرات األعظم، حىت يلتقي هذان

.النهرانملوك الروم؛ وصف له أن بالعراق دارا جيتمع فيها دجلة وقد كان يف قدمي الزمان بلغ أمرها بعض

مث كشف عن ذلك لعظمه عنده فوجده حقا، فعمر . والفرات، فأعظم ذلك وأكربه، وأكذب من أخربه بهالعباس هذه الدار على أحسن مما كانت عليه، بل أزيد من ذلك، وانتهى خربها إىل أمحد بن بويه فأحب

عاما ورتب الناس على أحسن ما يكون من ترتيب مثله، وفرش جمالسها وقباهبا النظر إليها؛ فاصطنع له طوحماهلا وخباءها ورحاهبا وخورنقاهتا وجريياهتا، بألوان املثقل باملذهب، واألرمين الرفيع على أصنافه، واخلزو

األرمين، وغري ذلك املقطوع املرقوم املثقل بالذهب على أجناسه وألوانه، واحملفور الدجلي القدمي واحملفور .من أصناف الفرش مما أحدثه العراقيون

وكان ذلك على حني طيب الزمان، واجتماع خريات كل أوان، يف زمن الورد ووقت النريوز الفارسي، .وهو حني تكامل النبت وزيادة املياه، وطلوع الثمار، وزهر األشجار

ها اجلبلي والشرقي دجلة والفرات قصرا مبنيا من واصطنع يف البستان األعظم على الربكة اليت جيتمع بفنائالسكر على أربع طبقات، بأبواب تدور به، وأبواب تغلق عليها من فوقها طبقة فطبقة، تطلع من تلك

األبواب صور من السكر على هيئة اجلواري الغلمان بصنوف املالهي يف أحسن املالبس واحللل، وجعل ور أنواع الطري واحليوان والوحش، وجعل من ورائها رجاال تنفخ على شرفاهتا وطبقاهتا وحناياها ص

بالبوقات واملزامري، كل صنف خيرج منه صوت يليق بصورته صوت مثله؛ وكل ذلك من السكر املموه مث نصب القيان وأصحاب املالهي على طبقاهتم مفترقني يف تلك . بصنوف األصباغ والنقوش والذهب

.اجملالسكل منهم يف قواده وجنده وكتابه ووجوه رجاله : ه وولده خبتيار وإبراهيم وحممدوحضر أمحد بن بوي

فمد من جانبها الغريب الذي هو الركن اجملتمع فيه دجلة والفرات إىل اجلانب . وأمر بعرض دجلة. وحاشيتهاآلخر، إال الشرقي الذي بإزائه حبل مفتول، ونثر على املاء من الورد ما غطى دجلة من اجلانب إىل اجلانب

ما خرقته أنواع املراكب من الطيارات والزالالت واحلديديات والزبازب والسماريات اليت ركبها أمحد وأصحابه إىل من سواهم من العامة، وانتظمت هذه املراكب جانيب دجلة من حد هذه الدار وما بإزائه من

لك الورد يستقبل املنحدر إىل الدار اجلسر الذي بباب الطاق، وصار املسلوك من دجلة يف وسطها، وصار ذ .مينعه احلبل املعترض من اجلري مع املاء من حتته

مث تلقى أمحد وبنيه مبا أعد هلم من الكرامة واحلباء؛ فكان من صنوف ذلك دنانري ودراهم ضرهبا يف كل الفضة يف دينار منهما ودرهم مخسة دنانري ومخسة دراهم عليها صنوف الصور يف أواين الذهب والفضة،

الذهب، والذهب يف الفضة، وأنواع البز من صنوف احلرير والنسيج واخلز والشرب وأصناف املتاع، وأعد .من اخليل واملراكب والغلمان بصنوف املالبس بقدر ما يقتضيه ما قدمنا ذكره

فأتى إىل أن وصل ذلك بأصحاب السفن، . مث اخذ يف إطعام اجلميع؛ حىت عم سائرهم صغريهم وكبريهم .على سائرهم طعاما وشرابا

وملا حضر االنصراف قدم بني يدي أمحد من تلك الصواين الذهب والفضة من كل صنف صينيتني، يف كل واحدة ألف دينار وألف درهم، ومن اخللع والدواب واملراكب ما يشاكل ذلك، وجعل لبختيار بن أمحد ما

ائر القواد والرؤساء على أقدارهم من كسوة يشاكل ذلك، ولكل واحد من إخوته نصف ذلك؛ وعم س .وغريها، كل إنسان بقدره؛ مث أمر بنهب القصر السكر، فنهبه احلشم والغلمان والعامة حىت أتوا على آخره

وقد حكى منصور بن عيسى بن سوادة الكاتب، وكان يلي دواة العباس وكان خصيصى به قدمي الصحبة له بو الفضل مقدار ما لزمه على إصالح املغيض، وبناء الدار، وما أنفقه يف قدم سيدنا أ: خبريا بأمره؛ قال

الدعوة من ماله سوى ما عضده به الكتاب والعمال والصناع، فكان مبلغه ستمائة ألف دينار، فسئل عن ومل يكن للعباس علم وال ضرب ! هو واهللا أكثر من أن أحصيه : مقدار ما كان أعانه من قدمنا ذكره؛ فقال

: ويقال. الكتابة بسهم، ولكن كانت له دراية باألعمال، وتصرف يف أمور السلطان؛ وكانت له مهة عاليةيف .إن جده فاخرا كان إسكافا

زوج العباس بنت املهليب

وكان العباس تزوج زينة بنت املهليب، وكانت قد بلغت هبا احلال إىل أن اختذت اجلواري األتراك حجابا يف ا جرى به رسم السلطان، وكان هلا كتاب من النساء؛ مثل سلمى النوخبتية، وعائشة بنت زي الرجال على م

نصر القسوري حاجب املقتدر، وغريمها من القهارمة؛ ومن يتصرف يف األعمال تصرف الرجال، وكان هلا .كرم وجود يف األموال

د صارت الوزارة حملمد بن بقية فلما قبض على زوجها أيب الفضل بعد وزارته الثانية لبختيار بن أمحد، وقاختفت زينة بنت احلسن وسائر أسباهبا؛ فجعلت عليها العيون يف كل مكان، واستقصى على أيب الفضل

زوجها؛ وسلم إىل حممد بن عمر بن حيىي بعد طاهر العلوي، فخرج به من بغداد إىل الكوفة؛ فأقام عنده مدة .رب علي بن أيب طالب كرم اهللا وجههيسرية مث مات، ودفن هناك يف النجف جبوار ق

ومل يزل خبتيار يطلب زينة وأسباهبا، فعثر على أكثر أسباهبا فلم جيد هلا موضعا؛ وكان سبب اختفائها منه أنه راسلها يف حني القبض على أيب الفضل، وأعلمها أنه يسومه الترك ليتزوج هبا؛ فردت أقبح رد، وأنكرت

وكان هلا من الذخائر والودائع يف أيدي مجاعة مما كان يغين كثريا من ذلك؛ فكان ذلك سبب اختفائها، .الناس، فلما بلغ هبا األمر طمع كل واحد فيما يف يده والغدر به

وملا كان بعد اليأس من وجودها، ظهر بظاهر اخللد بقرب حملة تعرف بالدسترقني فرد حممل مغطى، فيه فيها زينة بنت احلسن بن حممد املهليب الوزير؛ فاشتهر ذلك عند امرأة يف أخالق وعند رأسها رقعة مكتوب

اخلاصة والعامة، وواىف القاضي أبو متام احلسن بن حممد اهلامشي املعروف بالزينيب، فاحتملها لداره وتوىل من .أمرها ما جيب ملثلها، ودفنها يف مقابر قريش؛ وقد كانت أختاها حتت ولديه أيب احلسن وأيب القاسم

ب والطعاماحل

يا : فقال. وكان أبو احلارث حسني يظهر جلارية من احملبة أمرا عظيما فدعته وأخرت الطعام إىل أن ضاقأما يكفيك النظر إيل وما ترغبه يف من أن تقول ! يا سبحان اهللا : فقالت. سيديت؛ ما يل ال أمسع للغداء ذكرا

ة إىل هذا الوقت ال يأكالن طعاما لبصق كل واحد يا سيديت؛ لو جلس مجيل وبثينة من بكر: هذا ؟ فقال .منهما يف وجه صاحبه

شركة

ما عليك أنت : وقالوا. علي الشراب: وقال أحدهم. علي الطعام: أراد قوم من البصرة اجلمع؛ فقال أحدهم .لعنة اهللا علي إذا مل آكل وأشرب معكم؛ فضحكوا منه ومضوا به: يا أبا إسحاق ؟ فقال

يلولكن اللجام

أجريت اخليل يف احللبة؛ فجاء فرس من اخليل سابقا، فجعل رجل من النظارة يكثر الفرح : قال أبو عبيدة !.ولكن اللجام يل ! ال : يا فىت؛ الفرس لك ؟ قال: فقال له رجل إىل جانبه. ويكرب ويصفق

طفيلي يف عرس

كتب فيه شيئا، وسأل عن العروس، دخل طفيلي عرسا فلم يقدر على الدخول، فأخذ قرطاسا وأدرجه ومل ي. فكتب عنوان الكتاب من فالن بن فالن إىل أخيه، وجاء فدق الباب. أخوه: هل له قرابة غائب ؟ فقيل

معي كتاب من أخي العروس، فخرج العروس مبادرا فأدخله وأحضر له الطعام؛ فلما قرأ العنوان : وقالوأعجب من هذا أنه مل يكتب : على الكتاب ؟ فقال الطفيلي تراه نسي امسي إذ مل يكتبه! سبحان اهللا : قال

.داخله شيئا من العجلة، فعلم مراده وأدخله :وأنشد بعضهم أليب حممد بن وكيع

مقدما فيه بني السوق والليت... بينا أنزل أمري أن جيي فرج فملت مستمعا أصغي إىل الصوت... إذا بصرت بباب الدار مستلما

نادى أنا فرج زن يل كرى بييت... جا بباب الدار يقرعه فقلت من

عتاب طفيلي على التطفيل ورده

واهللا ما بنيت املنازل إال لتدخل، وال نصبت املوائد إال لتوكل، وإين : عوتب طفيلي على التطفيل؛ فقالعابسا، وال أتكلف ألمجع يف التطفيل خالال، أدخل جمالسا، وأقعد مستأنسا، وأنبسط وإن كان رب الدار

.مغرما، وال أنفق درمها، وال أتعب خادما

وصية طفيلي ألصحابه

ال يهولنكم غلق األبواب، وال شدة احلجاب، وال عنف البواب، وحتذير : قال ابن دراج الطفيلي ألصحابهواحتملوا العقاب، ومبارزة األلقاب؛ فإن ذلك صائر بكم إىل حممود النوال، ومغن لكم عن ذل السؤال،

الوكزة املوهنة، واللطمة املزمنة، يف جنب الظفر بالبغية، والدرك لألمنية، والزموا الطوزجة للمعاشرين، والتملق للملهني واملطربني، والبشاشة باخلدم واملوكلني؛ فإذا وصلتم إىل . واخلفة بالواردين والصادرين

ق بالطعام ممن دعي إليه، وأوىل ممن صنع له؛ مرادكم فكلوا حمتكرين؛ وادخروا لغدكم جمتهدين؛ فإنك أح :فكونوا لوقته حافظني، ويف طلبه متمسكني، واذكروا قول أيب نواس

وذي بطنة للطيبات أكول... ليخمس مال الله من كل فاجر

تقاصر لينالك الضرب

. تقاصر لينالك الضرب :جلد بعض الشرط رجال وكان اجلالد قصريا دميما واجمللود طويال؛ فقال له اجلالدإىل أكل الفالوذج تدعوين ؟ واهللا لوددت أن تكون أنت أقصر من يأجوج ومأجوج، وأنا ! ويلك : فقال

.أطول من عوج

أمنية املبغض

دخل أعرايب من ثقيف على خالد بن عبد اهللا القسري، فشكا إليه قلة املطر، وجفوف الشجر، وكثرة أما ما ذكرته من قلة املطر فوددت أن اهللا جل امسه : بغضا لثقيف، فقالوكان خالد م. العيال، وعدم املال

. ضرب بينكم وبني السماء صفائح من حديد؛ وجعل مسيلها مما يلي البحر، فال تصل إليكم قطرة من مائهاوأما ما ذكرت من قلة املال . وأما ما ذكرت من يبس الشجر فوددت أن اهللا أحرق ما لديكم من ذلك

.عيال فوددت أن اهللا قطع يديك ورجليك ومل جيعل ألهلك كاسبا غريكوكثرة الأيها األمري؛ أصلحك اهللا، وطئت أرضك، وأملت رفدك، فال تصرفين حبسرة احلرمان، واجعل قراي : فقال

.يا غالم، أعطه بدرة، مث زاده أخرى: قال. منك بقدر أملي فيك، ال بقدر نسيب عندك

نة الشريكالنكث يف البيع خري من خيا

وجلس مالك بن طوق يف قصره يف شباك مطل على رحبته، ومعه جلساؤه، إذ أقبل أعرايب ختب به ناقته؛ ما أقدمك يا : ولعل معه أدبا ينتفع به، مث أمر بإدخاله؛ فلما مثل بني يديه قال. إياي أراد، وحنو قصد: فقال

نعم ؟ أربعة أبيات : ام رغبتك وسيلة ؟ قالهل قدمت أم: قال. سيب األمري ورجاء نائله: أعرايب ؟ قالفهل لك أن : قال. قلتها بظهر الربية، فلما رأيت ما بباب األمري من اهليبة واجلالل استحقرهتا واستصغرهتا

تنشدنا أبياتك على أن جنيزك عليها ألف درهم، فإن كنت ممن أحسن رحبنا عليك، وإال فقد نلت مرادك، :أنشدهرضيت، و: قال. ورحبت علينا

يداي مبن ال يتقي الدهر صاحبه... وما زلت أخشى الدهر حىت تعلقت رأى مرتقى صعبا منيعا مطالبه... فلما رآين الدهر حتت جناحه

تظل الورى أكنافه وجوانبه... رآين حبيث النجم يف رأس باذخ إذا قحطوا جادت عليهم سحائبه... فىت كسماء الغيث والناس حوله

فإن يل : قال. قد واهللا ظفرنا يا أعرايب، ورزقنا الفلج عليك، واهللا ما قيمتها إال عشرة آالف درهم: لفقانعم ؟ وجدت : أتراك حدثتك نفسك بالنكث ؟ قال: قال. صاحبا شاركته فيها، وما أراه يرضي ببيعي .فأمر له بعشرة آالف دينار. النكث يف البيع خريا من خيانة الشريك

وقطاطةاملتوكل

وركب املتوكل زالال ومعه قطاطة وعبادة املخنثان، وكان قطاطة طويال جدا؛ فجعل يغين إىل أن هبت ريح يا سيدي؛ أفزعين ما أرى؛ فرفع : ما لك ؟ قال: فقال له املتوكل. شديدة وثارت دجلة، فأمسك عن الغناء

.يطولك تتوهم أن يف دجلة ماء! يابن الفاعلة : عبادة يده وصفعه، وقال

لبيد بن ربيعة يف جملس النعمان

ملا أراد لبيد بن ربيعة أهله على إحضاره جملس النعمان، ومقاولة ابن زياد العبسي على ما خاطب به أهله حبضرة النعمان، أراد أهله أن خيتربوه ألهنم استصغروه؛ فنظر عمه إىل بقلة الصقة باألرض وهي جدير

إن هذه البقلة رذلة دقيقة اخليطان، ذليلة : فقال لبيد. ة حىت أمسعصف لنا هذه البقل: األرض فقالاألغصان، ال تذكي نارا، وال تستر جارا، وال تؤهل دارا، عودها ضئيل، وخريها قليل، وبلده شاسع، ونبتها

جلارها خاضع، وآكلها جائع، واملقيم عليها قانع، أقصر البقول فرعا، وأخبثها مرعى، وأصعبها قلعا، فحربافلما قدم على ! سر : فقال له. وجدعا، فالقوا إيل أخا عبس، أرجعه عنكم بتعس، وأتركه من أمره بلبس

:النعمان وعنده الربيع أنشده الضاربون اهلام حتت اخليضعه... حنن بنو أم البنني األربعه واملطعمون اجلفنة املدعدعه

من طرف بشار

. أصحاب ابن أخي هؤالء أتراك: فقال. فمر به ابن أخيه مع أصحاب له وكان بشار جالسا على باب داره، .ألين ال أمسع هلم حس نعال: من أين علمت ؟ قال: قيل

صدق؛ ألنه يفر من الواحد كما يفر من : فقال. إن فالنا يزعم أنه ال يبايل بلقاء واحد أو ألف: وقيل لبشار .األلف

يطحن مكان احلمار

كان يف املدينة امرأة مجيلة عفيفة ذات زوج، وكان فىت من أهل املدينة يتبعها كلما : حكى املدائين، قالقد فكرت يف : قالت! فما عندك يف أمره حيلة : فقال هلا. خرجت ويعرض هلا؛ فلما أذاها شكته إىل زوجها

كثر مما بقلبك إن الذي بقليب منك أ: فبعثت جاريتها إليه تقول. فأنا أساعدك: قال. شيء إن ساعدتين عليهفلما بلغته الرسالة استطار . مين، ولكين امرأة مستورة وال أعرف الفساد؛ فكنت أمتنع عليك ويف قليب النار

: ما أدري كيف أؤدي شكرك إذ جرى هذا األمر على يدك، فبلغيها السالم وقويل هلا: فرحا، وقال للجاريةفقالت . ليلته حىت أصبح فوجه إليها جبدي وفاكهةوطالت . إين صائر إليك غدا، ووهب للجارية دينارا

: قال. قد وجب علي شكرك إلجابتك إياي يف حاجة مواليت، وأنال أشري عليك حبيلة هبا يتم أمرك: اجلاريةسيديت فيها حشمة وخجل وانقباض عن الرجال، فإذا جلست معك فال تتعرض هلا بكالم : وما هي ؟ قالت

وصعدت اجلارية فعاونت سيدهتا على إصالح اجلدي ! نعم : قال. احاوال بغريه، حىت تشرب معك أقدوالطعام؛ فلما أحكمتاه نزلت اجلارية وبسطت لسيدهتا مصلى وجاءت فسلمت وقعدت، وجاءت اجلارية

.بالطشت واملاء فغسلت أيديهما، ووضعت املائدة بينهما، وجاءت باجلدي والطعاممه جاء الزوج فقرع الباب؛ فوضعت املرأة يدها على رأسها فحني أخذ املخذول اللقمة فوضعها يف ف

ما أعرف : قالت. دعي اجلزع واحتايل يف موضع أكمن فيه إىل خروجه: فقال. افتضحت وهلكت: وقالتفجاءت اجلارية إىل ! افعلي : فقال. موضعا خيفى عليه إال أن حتل احلمار الذي يف الدهليز وتقوم يف مكانه

اطحن مكان احلمار وال : وقالت. ليز مشدود العينني فنحته وربطت املغرور مكانهمحار يطحن يف الدهمتسك فيفطن بك؛ فإين أرجو أن خيرج سريعا وترجع إىل سرورك، مث فتحت الباب ودخل الزوج، فقالت

كنت عزمت على ذلك فمر يب إخوان : فما الذي جاء بك الساعة ؟ قالت! خرجت على أن تقيم أياما : لهال ميكننا اليوم، ولكننا إن شاء اهللا تعاىل نصري إليك غدا؛ فأردت : فقالوا. ضت عليهم املقام يف الضيعةفعر

أن يكون جميئهم إىل البيت أسهل علي؛ فبادرت إليك لتصلحي ما حيتاجون إليه وخاصة الدقيق، فينبغي أال .يفتر احلمار يف الدقيق

هايت العصا : ذا وجعال يشربان، والزوج يقول ساعة بعد ساعةفجلسا يأكالن واملخذول يطحن، مث وضعا نبياهللا : لكي أقوم هلذا احلمار امللعون، فإين أراه كسالن؛ وحنن حنتاج إىل الدقيق كثريا، فتقوم اجلارية فتقول له

.ال تفتر؛ فإين أخاف أن يقوم فرياك! اهللا يف نفسك أن طلع الفجر، فقام الرجل فتهيأ للصالة وخرج إىل فلم يزل يطحن دائبا والرجل يشرب مع امرأته إىل

.طر إىل بيتك لئال يراك إنسان فتفتضح: املسجد، فحلت املغرور وقالتفخرج يعدو على وجهه عريان ويده على سوءته، فدخل إىل منزله وبقي مسبوتا مطروحا على وجهه ال

.حيرك عضوافبعثت إليه . شأنك: قال. ي علينا شيء من الولع باملخذولقد بق: فلما كان بعد مدة قالت املرأة لزوجها

اهللا يعلم ما تداخل قليب مما نزل بك؛ ولوددت أن أقيك بنفسي، : مواليت تقرئك السالم وتقول لك: وقالولكن املقادير تنزل من السماء، وإين إليك ملشتاقة، فأحب أن تصري إلينا، فإن زوجي قد خرج إىل موضع له

.عسى قد فرغ دقيقكم ؟: ، فنستأنس مجيعا ونسترجع ما فاتنا؛ فالتفت إليها سريعا، وقالفيه مقام شهر

بشار وخال املهدي

ما صناعتك : ودخل بشار على املهدي ينشد شعرا وعنده خاله يزيد بن منصور احلمريي وكان مغفال؛ فقالأقول ملن يرى شيخا أعمى ينشد شعرا أهتزأ خبايل ؟ وما : فقال املهدي. أنظم اللؤلؤ: أيها الشيخ ؟ قال

!فيسأله عن صناعته

بشار وجواري املهدي

إن بشارا ألطيب الناس مفاكهة، وهو ضرير البصر، وال غرية بك علينا معه إذ : وقالت جواري املهدي لهسرى؛ فبلغ وحنن على دين ك: فقال. إنك أبونا: فبادرنه وطايبنه وقلن. ال يرانا، فلو أدخلته إلينا ؟ ففعل

.ذلك املهدي فمنعه فيما بعد من الدخول عليهن :أخذه املتنيب فقال

ألخوك مث أرق منك وأرحم... يا أخت معتنق الفوارس يف الوغى إن اجملوس تصيب فيما حتكم... يرنو إليك مع العفاف وعنده

بشار أحد األعاجيب

ابيه اليت مل يسبق إليها، مما ال يدركه البصري، وبشار بن برد، أحد األعاجيب، خلق أكمه، وهو يشبه التش .وقتله املهدي سنة سبع وستني ومائة. وهو أول من فتق البديع للمحدثني

سبب قتله

وكان سبب قتله أن املهدي قدم البصرة، فأعطى الشعراء ومل يعط بشارا شيئا، فأتى بشار إىل جملس يونس :فأنشده! ال : واأههنا أحد حيتشم منه ؟ قال: النحوي، فقال

كان مجيعا يف حر اخليزران... فليت ما أنفقت يف مصرنا يا أمري املؤمنني، قد بلغ : فبلغ ذلك يعقوب بن داود مع ما بلغه من هجائه إياه؛ فدخل على املهدي، فقال له

املؤمنني من تعفيين يا أمري: وما قال ؟ قال! وحيك : من هذا األعمى املشرك أن يهجو أمري املؤمنني ؟ قالفأىب عليه فأنشده ما قال؛ فوجه يف محله؛ فخاف يعقوب أن يقدم على املهدي فيمدحه فيعفو . إنشاد ذلك

أزعجتين؛ أما علت ! ويلك : عنه، فوجه إليه من لقيه يف البطيحة فضربه بالسياط حىت مات، وجعل يقولويلك، أثريد : قال! ال تقول بسم اهللا يا زنديق، تضرب و: فقال له. أين شاعر وليي العهد موسى وهارون

.هو فأمسي اهللا عليهفوجد صندوقا : قال. لعلنا جند شيئا تقام به احلجة: فأرسل املهدي إىل منزل بشار من يفتشه وهو يقول: قال

. بسم اهللا الرمحن الرحيم: مقفال بقفل وثيق؛ فظنوا أن فيه بعض ما اهتم به، فإذا فيه طومار مكتوب فيهت هجاء آل سليمان بن علي إلساءهتم إيل، وطلبهم يل، مث ذكرت قرابتهم من رسول اهللا صلى اهللا عليه أرد

:وسلم؛ فتركتهم هللا ولرسوله؛ ولكين قد قلت وأنا أستغفر اهللا تعاىل كالبابليني حفا بالعفاريت... دينار آل سليمان ودرمههم

وت وماروتكما مسعت هبار... ال يبصران وال يرجى لقاؤمها

من جيد شعر بشار

:ومن جيد شعره قوله أصبحت من سكرات املوت نشوانا... أمن جتني حبيب بات غضبانا

واألذن تعشق قبل العني أحيانا... يا قوم أذين لبعض احلي عاشقة األذن كالعني تويف القلب ما كانا... قالوا مبن ال ترى هتوى فقلت هلم

أو كنت من قضب الرحيان رحيانا... براحتها يا ليتين كنت تفاحا وحنن يف خلوة حولت إنسانا... حىت إذا استنشقت رحيي وأعجبها

نشوان هل يعذل الصاحون سكرانا... ال تعذلوين فإني من تذكرها وقد هلوت هبا يف النوم أزمانا... مل أدر ما وصفها يقظان قد علمت

جنية زوجت يف النوم إنسانا... باتت تناولين فاها فألثمه :وقال

أكين بأخرى أمسيها وأعنيك... يا قرة العني إين ال أسميك أو سهم غريان يرميين ويرميك... أخشى عليك من اجلريان واحدة

إال شهادة أطراف املساويك... يا أطيب الناس ريقا غري خمترب ي وال جتعليها بيضة الديكعود... قد زرتنا مرة يف الدهر واحدة

حسيب برائحة الفردوس من فيك... يا رمحة الله حلي يف منازلنا كف متسك أو كف تعاطيك... إن الذي بات مغبوطا بنعمته

وإن توليت راعتين تواليك... يسرين وجهك املعشوق مقبلة ما بني حجلك أو أعلى ذفاريك... كأن مسكا ورحيانا وغالية

:قالو ونفى عين الكرى طيف أمل... مل يطل ليلي ولكن مل أمن

أنين يا عبد من حلم ودم... رفهي يا عبد عين واعلمي لو توكأت عليه الهندم... إن يل جسما ضعيفا ناحال

موضع اخلامت من أهل الذمم... ختم احلب هلا يف عنقي ال ونعمخرجت بالصمت من ... وإذا قلت هلا جودي لنا جعلين اهللا فداك أبا : أنشدين بشار هذه القصيدة فلما بلغ هذا البيت قلت له: قال مروان بن أيب حفصة

!أتطنز علي من أن أجيب باخلرس ! فض اهللا فاك؛ إين إذا لفي عقلك : خرست، قال يل: هال قلت! معاذ

نسب بشار

.وبشار موىل لعقيل بن كعب، وهو يفتخر يف شعره باملضرية :أما اللسان فعريب، وأما األصل فكما قلت: فيمن تعتد ؟ قال: وملا دخل على املهدي يف أول دخالته قال

يقولون ماذا وأنت العلم... ونبئت قوما هلم إحنة ليعرفين أنا أنف الكرم... أال أيها السائلي جاهال

فروعي وأصلي قريش العجم... منت يف الكرام بين عامر وأصيب الفتاة وال تعتصم... ين مقام الفىت وإين ألغ

:البيت األول يشبه قول مجيل ومهوا بقتلي يا بثني لقوين... فليت رجاال فيك قد نذروا دمي ولو ظفروا يب ساعة قتلوين... يقولون يل أهال وسهال ومرحبا

من هذا ؟ وقد عرفوين: يقولون... إذا ما رأوين مقبال من ثنية هذه القصيدة يقول بشارويف

ولكنه نصب هم وغم... أصفراء ليس الفىت صخرة فباح وأعلن ما قد كتم... صببت هواك على قلبه

ب يف وجهها لك إذ تبتسم... وبيضاء يضحك ماء الشبا أطفن حبوراء مثل الصنم... دوار العذارى إذا زرهنا

:وفيها يقول ميدح عمر بن العالء فنبه هلا عمرا مث من... ب العدى إذا أيقظتك حرو

وال يشرب املاء إال بسم... فىت ال ينام على دمنة وقول العشرية حبر خضم... دعاين إىل عمر جوده

ملدح رحيانة قبل شم... ولوال الذي ذكروا ملن أكن ويغدو على نقم أو نعم... يلذ العطاء وسفك الدماء

اف احلجيج ببيت احلرمطو... تطوف العفاة بأبوابه بدا بالعطايا وضرب البهم... إذا عرض اللهو يف صدره

يدوم كاملضرحي القرم... وجال اللواء على رأسه :وقال بشار

واحذرا طرف عينها احلوراء... حييا صاحيب أم العالء ه ملا تشتهي من األهواء... عذبتين باحلب عذهبا الل

حملب، والداء قبل الدواء... وداء إن يف عينها دواء :يقول فيها ميدح عقبة بن سلم اهلنائي

د كما انشقت الدجا عن ضياء... مالكي ينشق عن كفه اجلو يف عطاء لراغب أو لقاء... إمنا لذة اجلواد ابن سلم

ف ولكن يلذ طعم العطاء... ليس يعطيك للرجاء وال اخلو ب وتغشى منازل الكرماء... ط احل يسقط الطري حيث يلتق

.وكان بشار سجاعا خطيبا صاحب منثور ومزدوج ورجز ورسائل خمتارة على كثري من الكالمهذا : ودخل على عقبة بن سلم وعنده عقبة بن رؤبة بن العجاج فأنشده أرجوزة، مث أقبل على بشار، فقال

مث غدا على عقبة من الغد . منك ومن أبيك ومن جدكواهللا ألنا أرجز : فقال. طراز ال حتسنه يا أبا معاذ :فأنشده أرجوزة أوهلا

بالله خبر كيف كنت بعدي... يا طلل احلي بذات الصمد مث انثنت كالنفس املرتد... بدت خبد وجلت عن خد

محلته يف رقعة من جلدي... وصاحب كالدمل املمد ما رغبيت وزهدي وما درى... حىت اغتدى غري فقيد الفقد

وليس للملحف مثل الرد... احلر يلحى والعصا للعبد :يقول فيها

والبس طرازا غري مسترد... اسلم وحييت أبا امللد لله أيامك يف معد

أنا وأيب وجدي فتحنا الغريب، وإين : فأجزل صلته؛ فلما مسع ابن رؤبة ما فيها من الغريب قال. وهي طويلةأتستخف يب وأنا شاعر ابن شاعر ابن شاعر ؟ : قال! ارمحهم رمحك اهللا : فقال بشار! ه عليهم خليلق أن أسد

.فإذا أنت من أهل البيت الذين أذهب اهللا عنهم الرجس وطهرهم تطهريا: قال

من نوادر جامع بن وهب

إنه : ا، فقيل لهكان جامع بن وهب الصيدالين من أكرب الناس دنيا، وأعظمهم غفلة، اشترى مرة ثلجا كثري .أريد أن أمصه وأرمي بثفله: فقال. كثر

اغرس يل بصال : ودخل بستانا له؛ فقال لوكيله! ما للعقار ببغداد قيمة : وأعطي ببغل له مثنا خسيسا، فقال .خبل؛ فإنه نافع للصفراء

.من ذاك الذي كتب إيل: وكتب إليه بعض الكتاب كتابا، فأجابه عنه، وعنوانهيا : انظر هل سال من أصبعها دم ؟ وكتب إىل ابنه وقد خرج من مكة: ت به البغلة؛ فقال لغالمهوعثر

يا بنية، ال : وسقطت ابنته يف البئر، فقال! ولدي، إن قدرت أن تضحي عندنا فافعل، لنفرح بك يف العيد !تربحي من مكانك حىت أجيء مبن خيرجك منها

من نوادر املغفلني

.اب نفيسة فاحترقت، فحلف بالطالق ال يتبخر بعدها إال عريانوتبخر مغفل يف ثي .كل شيء يفر من املوت حىت البهائم أيضا: فقال. وأتى آخر ليكسر لوزة؛ فزلقت عن احلجر

واعظ فيه غفلة

وكان مبصر واعظ يقال له أبو عبد اهللا اخلواص، من أشد الناس غفلة؛ وقف به رجل من العامة يقال له أصلحك اهللا، يل نفس معلولة ال جتيب إىل شيء من اخلري؛ فما يصلحها يل ؟ : اين اخلباز، فقال لهحممد القمق

ما أحفظ غري احلمد، وقل هو اهللا أحد، وقد قرأهتما مرات كثرية، : قال. اقرأ القرآن وأكثر منه: قالفأكثر : قال. نها شيءقد فعلت فما خشعت، وال جاء م! لك اهللا : قال. فاذكر املوت: قال. ونفسي حباهلا

لعن : قال. من أين أجد ؟ وقد تركت شغلي ولزمت اجملالس، ونفسي كما هي: قال. حضور جمالس الذكراهللا نفسك فإهنا مشؤومة ملعونة كما قلت؛ والرأي أن متضي هبا إىل جرمان بن مطهر صاحب الشرطة

.يؤدهبا لعله جييء منها بشيء

خليفة بيطار

ك أحول قبيح املنظر، فعرضت عليه خيل اجلند، فعرض رجل من أهل محص فرسا كان هشام بن عبد امللاعزب : فقال. أصلحك اهللا هو فاره، ولكنه ظن أنك حيزون البيطار: ما هذا ؟ قال: فقال له هشام. نفورا

.يف لعنة اهللا

تغفل أهل محص

.أبيعه وأعرف مثنه: قال! عرفه : أصاب محصي مجال؛ فقيل لهكان يبلغين عن أهل محص تغفل فأظن أكثره تشنيعا، حىت دخلتها؛ فإذا برجل : عيسى الوزيرقل علي بن

بني يدي حجام وقد مص عنقه مبحجمتني مل أر أكرب منهما، وهو يشرط يف وسط عنقه؛ فلما رآين أقبلت يف لدم يسيل على هذا الوزير علي بن عيسى؛ فقام، واحملجمة يف عنقه وا: من هذا ؟ فقال احلجام: موكب قال

خريا، وانصرف؛ فحلفت أال : السالم عليك؛ إيش كان خربك أيها الوزير ؟ قلت: كتفيه وظهره، وقال .أدخل محص ونزلت بظاهرها حىت أجنزت ما أتيت فيه

بيع قرد

ISLAM ICBOOK.WS ين| ٢٠١٠ م لمسل احة لجميع ا مت ق لحقو ع ا جمي

لنوادر: كتاب هر يف امللح وا مجع اجلوا احلصري: املؤلف

احذر لئال يرحمك، فدنا : وأتى رجل بقرد يبيعه؛ فجاء عبادي فنظر إليه، فقال صاحبه له وقد دنا من رجلهمل : احذر لئال يعضك؛ فتباعد العبدي ناحية فقيل له: احذر لئال خيبطك، فدنا من فمه؛ فقال: من يده؛ فقال

.أحذر لئال يرميين حبجر: ؟ فقالتباعدت

يشغله عن األكل

: كيف مات أبوك ليشغله بالكالم عن األكل؟ فقال: قعد عبادي وأعرايب يأكالن فقال العبادي لألعرايبوأنت كيف مات أبوك ليشغله : أصابه كذا وكذا، فأخذ يف حديث طويل والعبادي يأكل، مث قال األعرايب

.م، فماتاخت: بالكالم عن األكل ؟ فقالأردت أن آخذ : ما دعاك إىل هذا ؟ فقال: قيل له! الغريق ! الغريق : ودخل عبادي املاء إىل الكعب فصاح

.باحلزم يبيع رحما برغيف

: قال. برغيف: فبكم تريده ؟ قال: قال! نعم : فقال أتبيعه ؟ قال. ومر عبادي برجل ومع الرجل رمح .ى اهللا شرمها يف اجلوفأخز: قال! سبحان اهللا تطلب هذا برغيف

دابة أيب العيناء

أبعث إليك خبري منها، فتأخر : محل عبيد اهللا بن حيىي بن خاقان أبا العيناء على دابة، فأخذها منه ابنه، وقالأنا أنفذ إليك بغال فارها : فقال. ما خربك ؟ فقال؛ خبري، يا من أبوه حيمل وهو يرجل: فقال. عنه ذلك، فلقيه

فضحك وأنفذ ! راجل أصلحك اهللا : كيف حالك يا أبا عبد اهللا ؟ قال: فقال. فتأخر عنه مث لقيه بغري تأخر؛أن أبا علي حممدا أراد أن ! أعلم الوزير أعزه اهللا : إليه بغال زعم أبو العيناء أنه غري فاره، فكتب إىل أبيه

بالبعرة، كالقضيب اليابس عجفا، يربين فعقين، وأن يركبين فأرجلين، أمر يل بدابة تقف للنثرة، وتعثروالعاشق اجملهود دنفا؛ قد أذكرت الرواة عروة العذري، واجملنون العامري، مساعد أعاله ألسفله، حباقه مقرون بسعاله؛ فلو أمسك لترجيت، ولو أفرد لتعزيت، ولكنه جيمعهما علي يف الطريق املعمور، واجمللس

شد، تضحك من فعله النسوان، ويتناغى من أجله الصبيان، فمن املشهور، كأنه خطيب مرشد، أو شاعر منصائح يصيح داوه بالطباشري، وقائل يقول نقوا له الشعري، قد حفظ األشعار، وروى األخبار، وحلق العلماء

باألمصار؛ فلو أعني بنطق، لروى حبق وصدق، عن جابر اجلعفي، وعامر الشعيب؛ وإمنا أتيت من كاتبه اختار لنفسه أطاب وأكثر، وإن اختار لغريه أخبث وأنزر، فإن رأى الوزير أن يبدلين عنه، األعور، الذي إن

ويرحيين منه، مبركوب يضحكين كما ضحك مين، ميحو حبسنه وفراهته، ما سطره العيب بقبحه ودمامته؛

.ولست أذكر أمر سرجه وجلامه؛ ألن الوزير أكرم من أن يسلب ما يهديه، أو ينقض ما ميضيه: فقال عبيد اهللا. جه إليه عبيد اهللا بربذون من براذينه بسرجه وجلامه؛ مث اجتمع مع عبيد اهللا عند ابنهفو

أعز : فقال! شكوت دابة حممد وقد أخربين أنه يشتريه اآلن منك مبائة دينار، وما كان هذا مثنه ال يشتكى اآلن حصحص : ه لكما قالت امرأة العزيزاهللا الوزير لو مل أكذب مستزيدا، مل أنصرف مستفيدا، وإين وإيا

يا أبا عبد اهللا؛ حجتك الداحضة : فضحك عبيد اهللا؛ وقال. احلق أنا راودته عن نفسه وإنه ملن الصادقني .مبالحتك وظرفك أبلغ من حجة غريك البالغة

وصف محل مهدى

احلسني بن صربة، عن رقعة ويشبه هذا رسالة أليب اخلطاب الصاىبء، أجاب هبا عن أيب العباس بن سابور إىلوأبو اخلطاب هذا هو عم أيب إسحاق إبراهيم بن : وصلت منه يف صفة محل أهداه، كتبتها على اختصار

:هالل الصاىبء

وصلت رسالتك ففضضها عن خط مشرق، ولفظ مونق، وعبارة مصيبة، ومعان غريبة، واتساع يف البالغة خطابته، وتصرف بني جد أمضى من القضاء والقدر، وهزل يعجز عنها عبد احلمد يف كتابته، وسحبان يف

أرق من نسيم السحر، وتقلب يف وجوه اخلطاب، اجلامع لفنون الصواب، إال أن الفعل قصر عن القول؛ ألنك ذكرت محال جعلته بصفتك مجال، وكان كاملعيدي تسمع به ال أن تراه، وحضر فرأيت كبشا متقادم

قد أفنته الدهور، وتعاقبت عليه العصور، فظننته أحد الزوجني اللذين محلها نوح امليالد، من نتاج قوم عاد،يف سفينته، وحفظ هبما جنس الغنم لذريته، صغر عن الكرب، ولطف عن القدم، فبانت دمامته، وتقاصرت

على املثالب، قامته، وعاد ناحال ضئيال، باليا هزيال، بادي السقام، عاري العظام، جامعا للمعايب، مشتمالاحلياة به، وتأيت احلركة له؛ ألنه عظم جملد، وصوف ملبد، ال جتد فوق عظامه . يعجب العاقل من حلول

سلبا، وال تلقى يدك منه إال خشبا، لو ألقي للسبع ألباه، ولو طرح للذئب لعافه وقاله، وقد طال للكأل .رف الشعري إال حاملافقده، وبعد باملرعى عهده، مل ير القت إال نائما، وال ع

وقد خريتين بني أن أقتنيه فيكون فيه غىن الدهر، أو أذحبه فيكون فيه صب الرحل؛ فملت إىل استبقائه ملا تعرفه من حمبيت للتوفري، ورغبيت يف التثمري ومجعي للولد، وادخاري للغد؛ فلم أجد فيه مستمتع لبقاء، وال

بفىت ينسل، وال بصحيح يرعى، وال بسليم يبقى؛ فملت إىل الثاين مدفعا لفناء؛ ألنه ليس بأنثى حتمل، والأذحبه فيكون وظيفة للعيال، وأقيمه رطبا مقام قديد : من رأييك، وعملت على األخري من قوليك، وقلت

:الغزال؛ فأنشدين وقد أضرمت النار، وحدت الشفار، ومشر اجلزار م فيمن شحمه ورمأن حتسب الشح... أعيذها نظرات منك صادقة

وما الفائدة لك يف ذحبي، وأنا مل يبق يف إال نفس خافت، ومقل إنساهنا باهت؛ ولست بذي حلم فأصلح لألكل، ألن الدهر قد أكل حلمي، وال جلدي للدباغ يصلح؛ ألن األيام قد مزقت أدميي؛ وال صويف يصلح

ب أبقى من ناري، وال تفي حرارة للغزل؛ ألن احلوادث قد حصت وبري، فإن أردتين للوقود فكف حط

.مجري بريح قتاري، فلم يبق إال أن تطالبين بذحل، أو بيين وبينك دمفوجدته صادقا يف مقالته، ناصحا يف مشورته؛ فلم أعلم من أي أمريه أعجب؛ من مماطلته الدهر بالبقاء، أم

الصديق به مع خساسة قدره ؟ ويا صربه على الضري والبالء، أم قدرتك عليه مع إعواز مثله، أم تأهيلك ليت شعري إذ كنت وايل الغنم، وأمرك ينفذ يف الضأن واملعز، وكل كبش مسني، ومحل بطني، جملوب إليك، مقصور عليك، تقول فال ترد، وتريد فال تصد، وكانت هديتك هذا الذي كأنه ناشر من القبور، وقائم عند

ال من عرض الكتاب، كأيب علي وأيب اخلطاب، ما كنت النفخ يف الصور؛ فما كنت مهديا لو كنت رج .هتدي إال كلبا أجرب، أو قردا أحدب

احلمدوين يصف أضحية

:وقال احلمدوين يف أضحية أهداها إليه سعيد بن أمحد جوسبنداد مكثت زمانا عندكم ما تطعم... أسعيد قد أهديتين أضحية

يها كي متوت فيوملواشدوا عل... نضوا تغامزت الكالب هبا وقد ال هتزؤوا يب وارمحوين ترمحوا... فإذا املالح ضحكوا هبا قالت هلم

عنه وغنت واملدامع سجم... مرت على علف فقامت مل ترم متأخر عنه وال متقدم... وقف اهلوى يب حيث أنت فليس يل

:وقال بعرجاءت وليس هلا بول وال ... أبا سعيد لنا يف شاتك العرب

طعامها األبيضان الشمس والقمر... وكيف تبعر شاة عندكم مكثت غنت له ودموع العني تنحدر... لو أهنا أبصرت يف نومها علفا إين ليمتعين من وجهك النظر... يا مانعي لذة الدنيا مبا رحبت

:وقال ملا أتتنا قد مسها الضرر... شاة سعيد يف أمرها عرب

حسيب مبا قد لقيت يا عمر... حالتها وهي تغني لسوء قوم فظنت بأنها خضر... مرت بقطف خضر ينشرها

حىت إذا ما تبين اخلرب... فأقبلت حنوها لتأكلها يأسا تغنت والدمع ينحدر... وأبدلتها الظنون من طمع

حىت إذا ما تقربوا هجروا... كانوا بعيدا وكنت آملهم :وقال

سلها الضر والعجف... لسعيد شويهة رجال حامال علف... قد تغنت وأبصرت

برء ما يب من الدنف... بأيب من بكفه فأتته لتعتلف... فأتاها مطمعا

تتغنى من األسف... فتولى فأقبلت عذب القلب وانصرف... ليته مل يكن وقف

احلامتي واللص

:لي احلامتي يف حكاية اللصومن الظريف يف هذا الباب ما أنشده أبو ع خيل وال تركب إال النجبا... يعجبين أنك ال تربط من

ملكت منها أشقرا حمنبا... ملا رأيت الشقر خيال سبقا يعرف من أقرهبا املهلبا... به مسات من قرون سلفت

ملا دعاهم أجل قد قربا... فللكالب حوله هتاوش مستعمال فيه العزا والعقبا... تشييعه ال تيأسن ما عشت يف

قرون ضأن جعلت ملء العبا... خلناه حتت اجلل إذ جللته وهو على جردانه قد شطبا... يف كل رجل ويد زائدة فخلته باحلائط منه القبقبا... كم مرة رأيته يف جرمه يف رأسه مرقعا معتصبا... حتير البيطار ملا أن أرى

قد رم منه زورقا أو زبزبا... موصال كأمنا مقيرا طاقة كربيت به اللتهبا... فهو لنار شعلة لو لصقت

كتب التباريح ملن تطيبا... كم فيه من فائدة قد صححت ومن نبات البحر خلقا عجبا... قد خلق الله لنا من بره

خببا لكن إىل املعلف ينزو... ميشي إىل اإلسراج مشي القهقرى حتسبه جمدرا حمصبا... من كثرة القردان يف صهوته

مل يأل أن عذره وأدبا... لو أن سلطانا رأى راكبه أن أنبت املاء عليه الطحلبا... أقام طول الصيف يف املاء إىل مشس الضحى ومل حتل الغيهبا... ظننته والشمس مل تبيض من

يح إذ هبت له ريح الصبابالر... من بعض أكواخ النواطري سرى إذا رأى القت بكى وانتحبا... بالغ فيه اجلوع حىت إنه

كاد له املقود أن ينجذبا... وجاذب املقود جمهودا وما مث تغنى طربا وأطربا... مححم للقت وقد مر به

ترحم صبا كلفا معذبا... يأيها الباخل بالوصل أما

أمان العيناء من الغداء

: أيف هذا الوقت تعطش ؟ قال: أبو العيناء على بعض الرؤساء بكرة، فاستسقى ماء؛ فقال له الرجل دخل .أصلحك اهللا، هذا أمان لك من الغداء

أبو عباد وزير املأمون وضيق صدره

ولكنه : فقال. ما شيء أشد من محل الغضب: إن لقمان قال: وكان أبو عباد وزير املأمون ضيقا جدا، قيل لهواهللا ما يقوى على : فقال. إمنا عىن لقمان أن احتمال الغضب ثقيل: قيل له. عندي أخف من الريشة

.الغضب أحد من الناس إال اجلملوالذين إذا ما : صدق اهللا حيث يقول: فقال. وغضب يوما على بعض أصحابه، فشجه بدواة كانت بني يديه

: قال. ال حتسن تقرأ آية من كتاب اهللا تعاىل! ويلك :فقال. غضبوا هم يغفرون، فبلغ ذلك املأمون فضحكومل يكن . فضحك املأمون وأمر بإخراجه. يا أمري املؤمنني؛ واهللا إين ألحسن أقرأ من سورة واحدة ألف آية

.وإمنا كان جيري عليه الغلط لفرط غيظه. جاهالهو واهللا أحد من سيف سعيد : فقال. صف يل ثابت بن حيىي يريد أبا عباد: وقال املأمون ألمحد بن أيب خالد

.إن حركته تبني لك األمر: واهللا ما أتبني من هذا شيئا ؟ فقال: فقال. بن العاص

فعرض أبو عباد يوما عليه كتابا وخرج، فلما قرب من الباب أمر املأمون برده؛ فرجع وقد تغري، فخاطبه الساعة : ل تناول الدواة من غالمه، وقالفلما عرف الرسو. فلما كاد يركب أمر برده. وتركه ينصرف

: ورجع، فقال له املأمون. واهللا أضرب هبا وجهك يابن اخلبيثة، كان ينبغي لك أن تقول قد ذهب إىل الناروقل كل ما تريد فلست أرجع إليك اليوم بعد هذا، ! نعم : قال. اعرض فيما تعرض علي حوائج اهلامشيني

:قاتل اهللا دعبال يريد قوله: ون، وقالفضحك املأم! ولو قمت أنت بنفسك أمر يدبره أبو عباد... أوىل األمور بضيعة وفساد

حرجا جير سالسل األقياد... وكأنه من دير هرقل خارج :إن دعبال هجاك فقال: وقيل للمأمون

أوما رأى باألمس رأس حممد... أيسومين املأمون خطة ظامل ترىب اجلبال على رؤوس القردد... ثلما يرىب على رأس اخلالئق م

قتلوا أخاك وشرفوك مبقعد... إين من القوم الذين هم هم واستنقذوك من احلضيض األوهد... شادوا بذكرك بعد طول مخوله

.هو يهجو أبا عباد وال يهجوين يريد أبا عباد حرج حديد، واملأمون حليم متساهل: فقالذين هو وقومه ما يف الدنيا أصفق وجها من دعبل وال أهبت، كيف يستنق: عروقال املأمون ملا مسع هذا الش

ألن طاهر بن : من احلضيض األوهد، وأنا يف حجر اخلالفة ربيت، وبدرها غذيت، وإمنا قال هذا دعبل

.احلسني قتل أخاه، وطاهر موىل خزاعة قوم دعبلأنشد شاعر أبا عباد قصيدة طويلة، فضاق ضيقا عظيما، مث جتمل معه يف استماعها حىت أمتها؛ فقام رجل من

:بالغاليب؛ فأنشد قصيدة أخرى فسمعها، وقد بلغ الضيق به منتهاه؛ فقال فيهاأصحابه يعرف وأفاض فيها العدل واإلحسانا... ثبتت رحى ملك اإلمام بثابت والناكثني مهندا وسنانا... يقري الوفود طالقة وبشاشة

فضحك احلاضرون، . لطوسيمهال مهال، إمنا أنا كاتب ليست هذه صفيت، هذه صفة محيد ا: فقال أبو عباد.... ما زلت للعافني غيثا ممرعا متخرقا يف جوده: فقال. وزاد ضيق أيب عباد لضحكهم وخجل الرجل

قل قرنانا صفعانا، : فقل. وأنسي من الدهش من غيظه أيب عباد باقي البيت، فأقبل يردد متخرقا يف جوده .، فأمر له بعشرة آالف درهميا سيدي معوانا، وخرج موليا: فقال. ودعنا نستريح

لو وزنت كلمات النيب صلى اهللا عليه وسلم إنكم لن تسعوا الناس : قال إبراهيم بن العباس الصويلبأموالكم فسعوهم بأخالقكم بكالم أهل األرض لرجحت، هذا أبو عباد مل يكن يف زمانه أكرم منه، وما

.يكاد يرى له شاكرا لسوء خلقه .ما جلس أحد بني يدي، إال ظننت أين سأجلس بني يديه: كان أبو عباد يقول

ضجر سليمان األعمش

لوال أين أخاف : وكان سليمان األعمش من الضجر حبيث اشتهر وانتشر؛ قال له اإلمام أبو حنيفة النعمان .فأنت تشق علي واهللا وأنت يف دارك! ال تفعل : فقال. أن أشق عليك ألكثرت زيارتك

.عن حيىي بن وثاب: حلدة ؟ قالعمن أخذت ا: وقيل له .هذا سنده: وسأله رجل عن إسناد حديث، فقام وأخذ حبلقه وأسنده إىل احلائط خينقه، وقال

وأتى األعمش رجل من أصحابه يدعوه إىل طعام صنعه له، فأدخله احلمام قبل ذلك، وأتاه مباء حار فسكبه مث صنع له طعاما بعد ذلك . ، وال آكل طعامك اليومواهللا ال أدخل إليك! أحرقتين أحرقك اهللا : فقال. عليه

أردت أن تقلبين يف : فقال. ومضى يقوده، فوقعت إهبام رجله يف مسداة يف الدار يلعب فيها الصبيان بالبندق .بئر، هللا علي إن أقمت عندك أو أكلت طعامك

: عليه؛ مث قال له آخركيف بت يا أبا حممد ؟ فرد : وسلم عليه رجل من أصحابه وقد وجد علة؛ فقال !كذا بت : كيف بت ؟ فأخرج مضربته وخمدته فوضع رأسه عليها؛ وقال

شهادة طريفة

نازع بعض التميميني رجال من بين عمه يف حائط بينه وبينه، فبعث إىل قوم ليشهدهم، فأتاه مجاعة من !.أشهدكم مجيعا أن نصف هذا احلائط يل : القبائل، فوقف هبم عليه، وقال

كتب اإلنكارا

: قال. اكتب يل أصلحك اهللا إنكاره: فقال للقاضي. وقدم رجل آخر إىل القاضي يف شيء يدعيه عليه فأنكر .ذلك يف يدك مىت شئت

من طرائف احملاورة

ألين ولدت : مل كنوك أبا خارجة ؟ قال: كان عندنا رجل يكىن أبا خارجة، فقلت له: قال عبد اهللا بن املبارك .ن بن علي البصرةيوم دخل سليما

: رأيت أشعب بسوق املدينة ومعه قطيفة يبيعها، وهو يقول: حدثين إبراهيم بن القعقاع قال: قال األصمعيأخاف : وما هو ؟ قال: قال. أبرأ إليك من عيب فيها: فقال. من يشتري مين الوصيدة ؟ فأتاه رجل يساومه

.فضحك، واشتريت بثمن جديدة. أن خترق إن لبستها

ف األكلةمن طر

امض فاشتر يل حلما بدانقني، وبدانقني خبزا؛ : دعا رجل ابن أمحد، فلما صار إىل منزله قال الرجل لغالمه .يابن أم وال كل هذا االستئناس مبرة: فقال ابن أمحد. فإنه ليس من صديقنا ابن أمحد حشمة

ا الكالم على جماز ما يقول الناس، صر إيل نأكل خبزا وملحا؛ فقام معه وهو يظن هذ: وقال رجل لصديق لهواهللا لئن : فقال له. بورك فيك، فأحل السائل باملسألة: ووقف سائل بالباب، فقال له. فقدم إليه خبزا وملحا

اذهب فواهللا لو علمت من صدق إيعاده ما علمت أنا من : فقال له الضيف. قمت إليك ألوجعنك ضربا .صدق وعده مل تقف ساعة

: وقال. اقعدي نأكل، فأخذت رأسها فوضعته خلفها: وقال. رأسني فوضعهما بني يدي امرأتهاشترى مزيد ضعي رأس : فماذا نأكل ؟ قال: قالت. هذا أليب: هذا ألمي، فأخذ مزيد الرأس اآلخر ووضعه خلفه، وقال

.أمك وأضع رأس أيبن فأفطر عنده، فقدم جدي، دخل أشعب على بعض الوالة وكان خبيال، وذلك يف أول ليلة من شهر رمضا

يا أشعب، إن أهل السجن سألوين أن أوجه إليهم من يصلي هبم يف : فقال. فأمعن فيه أشعب وضاق الوايلأحلف : وما هي ؟ قال: أيها األمري؛ أوخلة أخرى ؟ قال: فقال. هذا الشهر؛ فامض وصل هبم واغنم ثواهبم

.حك منه وأعفاهفض. بالطالق والعتاق أال آكل جديا ما عشت أبداوهذا كما ذكروا أن بعض امللوك أتته سلل خبيص فظنها فاكهة، فبعث إىل مساكني املسجد فحضروا، مث

بلغين : ما ذنبنا ؟ فقال: فقالوا. فتح السلل فوجد فيها خبيصا، فندم وبقي متحريا، مث أمر هبم إىل السجنخل سبيلنا، فواهللا ال أكلنا خبيصا : فقالوا. وضوء أنكم تنامون يف املسجد مث تقام الصالة فتصلون على غري

.أبدا، فضحك وعلم أهنم علموا بأمره، فأمر هلم بدراهم وخلى سبيلهم

قرشي واحلمد هللا

.التحميد ها هنا ريبة! بأيب أنت : قال! قرشي واحلمد هللا : ممن تكون ؟ قال: قال رجل آلخر

من ظريف ما قيل يف األدعياء

:يف األدعياء قول خملد بن بكار املوصلي يف أهل بلده ومن ظريف ما قيل جيوز بعد العشاء يف العرب... هم قعدوا فابتغوا هلم نسبا

ميز ستوقهم من الذهب... حىت إذا ما الصباح الح هلم أعرف شيء ببهرج النسب... والناس قد أصبحوا صيارفة

:وقال يف أيب متام الطائي أصل ما فيك كالم... أنت عندي عريب ال ك خزامى ومثام... شعر ساقيك وفخذي

رك نبع وبشام... وضلوع السلو من صد ونواصيك ثغام... وقذى عينيك صمغ

ويرابيع عظام... وظباء خاضبات ذبين فيك األنام... أنا ما ذنيب إذا ك

نبطيات لئام... وبدت منك سجايا امعرفت فيه الكر... وقفا خيلف ما إن عريب ما ترام... كذبوا ما أنت إال

وحواليه سالم... بيته يف وسط سلمى عريب والسالم... عريب عريب

:وقال يف حممد بن البعيث أطناب حجرته النجوم الكنس... حملمد بيت بناه بسيفه

بيضا تسيل على ظباها األنفس... جعل السبيل إىل العالء حممد خزرية منها املنية تفرس... دية وجنومها إمياضها هن

ثوالء خمرفة وذئب أطلس... تلقى األمان على حياض حممد هتدى الرعية ما استقام الريس... ال ذي ختاف وال لذلك جرأة

سيف ميج دما وعز أقعس... قد شذب األعداء عن عرصاته مقرطسفسهام فخرك كلهن ... وإذا تناضلت امللوك خبرها

فاملوت يف قسماته يتفرس... وإذا صرفت الطرف عن ذي خنوة يف البعد منك وال الثناء األشرس... متملق القيباح مينع هاربا

كانت بأشعار اللئام تدنس... طهرت أشعاري بعرضك بعدما

ومن شعر خملد بن بكار

:وهو القائل فإذا واجه بدرا أفال... يطلع النجم على صعدته

أوردوهن جماجات الطلى... معشر إن ظمئت أرماحهم حني يستنكر للرعب احللى... حتسن األلوان منهم يف الوغى ورضاه يتعدى األمال... سخط عبد الله يدين األجال

وإذا حارب روضا أحمال... يعشب الصلد إذا سامله ومتشى يف نداه اخليزىل... حط رحلي يف ذراه جوده

:يف الرقيقوقال فلم يبق منها غري عظم جملد... أقول لنضو أنفد السري نيها

وشاقك حتنان احلمام املغرد... خدي يل ابتالك الله بالشوق واهلوى تشق هبا املوماة يف كل فدفد... فمرت سريعا خوف دعوة عاشق

دفكانت هلا سوطا إىل ضحوة الغ... فلما ونت باليسري ثنيت دعويت

تعست العجلة

وبعت عائشة بنت سعد بن أيب وقاص موالها فندأ يأتيها بنار وهي باملدينة؛ فمضى إىل مصر فأقام هبا سنة، مث !تعست العجلة : جاء بنار وهو يعدو مسرعا، فعثر فبدد اجلمر فقال

إذ بعثناه جيي باملشعله... ما رأينا لغراب مثال حوال وسب العجله فثوى... غري فند أرسلوه قابسا

الذنب للجبل والقمر

يا جبل؛ ما أصنع بك ؟ أأضربك ؟ ال : فقال. صعد ابن زهري اخلزاعي جبال، فأعيا وسقط كاملغشي عليه .يوجعك، أأشتمك ؟ ال تبايل، يكفيك يوم تكون اجلبال كالعهن املنفوش

:اطب بعريهفقال خي. وهذا ضد قول أعرايب آخر سرى يف قمر، فلما غاب ضل الطريق أن عسينا أن نرى علما... اسق ما أسأرته األكما

عاد طفال بعدما هرما... كيف ال تغوى هداية من ويريد . أسرع يب حىت تعرق فتسقي األكم بسؤر عرقك، وهو بقيته لعلنا نرى علما هنتدي به: يقول لهكالطفل ينشأ حىت يتكامل، مث يدخله ألنه يف أول الشهر يكون: عاد طفال بعدما هرما يريد القمر: بقوله

.النقص حىت ميحق، مث يعود كأول نشأته؛ يذمه بذلك

وصف الشمس

:ومن عجيب ما يف هذا املعىن قول رجل من بين احلارث بن كعب يصف الشمس فتخفى وأما بالنهار فتظهر... خمبأة أما إذا الليل جنها

لليل واجناب احلجاب املستردجا ا... إذا انشق عنها ساطع الفجر واجنلى على األفق الغريب ثوب معصفر... وألبس عرض األرض لونا كأنه ومل يعل للعني البصرية منظر... جتلت وفيها حني يبدو شعاعها شعاع تالال فهو أبيض أصفر... عليها كردع الزعفران يشبه

يح املشهروجالت كما جال املن... فلما علت وابيض منها اصفرارها حبر هلا منه الضحى يتسعر... وجللت اآلفاق ضوءا وأسعرت

تراه إذا زالت عن األرض ينشر... ترى الظل يطوى حني تبدو، وتارة تعود كما عاد الكبري املعمر... كما بدأت إذ أشرقت يف مغيبها

يبني إذا ولت ملن يتبصر... وتدنف حىت ما يكاد شعاعها متيت وحتيي كل يوم وتنشر... ونا وهي يف ذاك مل تزل وأفنت قر

بالدة كيسان

كان يكتب غري ما يسمع، ويقول غري : قال اجلاحظ. وكانت كيسان مستملي أيب عبيدة، موصوفا بالبالدة .ما يكتب، ويستملي غري ما يقرأ، وميلي غري ما يستملي، أميت عليه يوما

عمرومبعتمر أبا ... قلت ملعشر عدلوا .فكتب أبا بشر، وقرأ أبا حفص، واستملى أبا زيد، وأملى أبا نصر

.واهللا ما فهم، ولو فهم لوهم: وذكر أبو عبيدة كيسان يف شيء، فقال

نوادر حتكى عن غري الناس

التعلم ينسيهم وهم : ماذا لقيت من املتعلمني ؟ قال: قيل إلبليس لعنه اهللا: نوادر حتكى عن غري الناس .يلعنوين

.من كثرة إحساين إليهم يف الصيف: مل ال تشمسني يف الشتاء مع الناس ؟ قالت: قيل للعقرب

مثل هذا : كانت أفعى نائمة على حزمة شوك فحملها السيل، واألفعى عليها، إذ نظر إليها ثعلب، فقال .املالح يصلح هلذه السفينة

أنا أخطأت، ألين تعلقت مبا يتعلق بكل : فقال. أراد ثعلب أن يصعد حائطا، فتعلق بعوسجة فعقرت يده .شيء

.مل تشتمين؛ إمنا شتمين املكان الذي أنت فيه: فقال له. وقف جدي على مكان فمر به ذئب فشتمه .يا بنية، حلسنك تعوذين: قالت. ما مررت بأحد إال بصق علي: قالت اخلنفساء ألمها

.فإن تركتك فابلغ إىل مرو: قال. انإىل النهرو: إىل أين ؟ قال: نظر كلب إىل رغيف، فقال لهواهللا لئن قمت إليك ألرمينك هبذا الكرش، فلم يربح؛ : وقف كلب على قصاب فآذاه، فقال له القصاب

.ترمينا بالكرش أو ننصرف: فتغافل عنه القصاب، فلما طال وقوف الكلب قال للقصاب :وهذا كقول القائل. خايل الفرس: من أبوك ؟ قال: قيل للبغل

فقال خايل شعيب... لته من أبوه ؟ سأ إال ومث سبيب... وما كنى عن أبيه

.هذا آخر الكتاب واهللا أعلم بالصواب وباهللا املستعان ونعود باهللا من الزيادة والنقصان: قال مؤلفهقد أمتمت أكرمك اهللا هلذا الكتاب مجيع شروطه، ومل أخل بتحريره وضبطه، وجعلته كاملسامر الذكي،

نادر اللوذعي، الذي إذا هزل عزف، وإذا جد رمز، فأمضى بك يف العجائب املضحكة، والغرائب واملاملونقة، مث أصلها وال أفصلها، من تعلق بأخبار ظريفة، وأشعار شريفة، وقد خفت أن أكلفك نصبا، وأمحلك

وزيادة أفضت إىل تعبا، فقطعت إذ الزيادة يف احلدود نقصان يف احملدودة، ورب ربح أدى إىل خسران،نقصان؛ فنعوذ باهللا ونستغفره مما جرى به اللسان، ونصلي على سيدنا حممد سيد ولد عدنان، وعلى آله

.وأصحابه السادة األخيار واألعيان، صالة دائمة بدوام األزمان، آمني

ISLAM ICBOOK.WS احة | ٢٠١٠ مت ق لحقو ع ا ينجمي م لمسل لجميع ا