990
ﻛﺘﺎﺏ: ﺍﳊﺴﻦ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻣﺎﻟﻚ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﻮﻃﺄ ﺍﳌﺆﻟﻒ: ﺍﻷﺻﺒﺤﻲ ﻋﺒﺪﺍﷲ ﺃﺑﻮ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻏﺪﺓ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﻋﺒﺪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺑﻘﻠﻢ ﺗﻘﺪﻣﺔ- ﺑﺈﳚﺎﺯ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻭﻫﻲ: ﻟﻠﺴﻨﺔ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﺣﻔﻆ ﻋﻦ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺼﻴﺐ ﺑﺄﻭﰱ ﺍﳌﻨﻮﺭﺓ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﲤﻴﺰ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺗﺪﻭﻳﻦ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻭﺳﺒﻖ ﻭﻋﻦ ﻟﻠﻤﻮﻃﺄ ﻣﺎﻟﻚ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺍﳌﻮﻃﺄ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻭﺗﺄﺭﻳﺦ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺻﻨﻒ ﻣﺎ ﺃﻭﻝ ﺍﳌﻮﻃﺄ ﻭﺃﻥ ﻭﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺑﲔ ﺍﳉﻤﻊ ﻭﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﳌﻮﻃﺄ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻭﻋﻦ ﺑﺎﻟﻔﻘﻪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﻭﺣﺪﻭﺩ ﺍﻷﻗﺪﻣﲔ ﺍﳊﻔﺎﻅ ﻛﺒﺎﺭ ﻭﻋﻦ ﺁﺧﺮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﻣﻌﻬﺎ ﲡﺘﻤﻊ ﻋﻠﻢ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻭﺃﻥ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻳﺴﺮ ﻭﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﳌﻮﻃﺄ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﻭﻋﻦ ﺍﳌﻮﻃﺄ ﻣﺰﺍﻳﺎ ﻋﻦ ﻭﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﳌﻮﻃﺄ ﺭﺍﻭﻱ ﺍﳊﺴﻦ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﺗﺮﲨﺔ ﻭﻛﻠﻤﺎﺕ ﻟﻺﻣﺎﻣﲔ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﻇﻠﻢ ﻭﻋﻦ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﺮﺍﻭﻱ ﺍﳉﺮﺡ ﺭﺩ ﻭﻛﻠﻤﺎﺕ: ﺍﻟﻔﻘﻴﻬﲔ ﻭﳏﻤﺪ ﻳﻮﺳﻒ ﺃﰊ ﺍﶈﺪﺛﲔ ﺑﺎﻟﺮﺃﻱ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﳉﺮﺡ ﺩﻓﻊ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﺑﻦ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﻭﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺑﻐﲑ ﺍﳌﺸﺘﻐﻞ ﻣﻦ ﻭﺿﻴﻘﻬﻢ ﺍﻟﺮﻭﺍﺓ ﺟﻞ ﲢﺠﺮ ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺗﻘﺪﳝﻪ ﺑﺪﻋﻮﻯ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺃﰊ ﻗﺪﺡ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﺮﺩ ﻛﺘﺎﺏ ﻃﺒﻊ ﻭﺃﳘﻴﺔ ﺍﻟﻠﻜﻨﻮﻱ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﺭﺡ ﺗﺮﲨﺔ ﻭﻛﻠﻤﺎﺕ" ﺍﳌﻤﺠﺪ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ" ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﷲ ﺑﺴﻢ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺑﺮﻭﺍﻳﺔ ﻣﺎﻟﻚ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﻮﻃﺄ ﺇﻣﺎﻡ ﻭﺗﻘﺪﻣﺔ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﳊﺴﻦ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﳏﻤﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﲟﻮﻃﺄ ﺍﳌﺸﻬﻮﺭ ﻭﻫﻮ: ﻟﻠﺴﻨﺔ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﺣﻔﻆ: - ﺳﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻨﱯ ﺳﻨﺔ ﺣﻈﻴﺖ ﻟﻘﺪ- ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﺃﺣﺎﺩﻳﺜﻪ ﻭﻫﻲ: ﻭﺗﻘﺮﻳﺮﺍﺗﻪ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﺃﻗﻮﺍﻟﻪ- ﻳﻮﻡ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﲔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻭﺍﳊﻔﻆ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﻧﻘﻼ ﻭﻧﻘﻠﺖ ﺗﺎﻣﺎ ﺣﻔﻈﺎ ﺤﻔﻈﺖ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﻟﻘﻮﻝ ﲢﻘﻴﻘﺎ ﺩﻗﻴﻘﺎ: } ﳊﺎﻓﻈﻮﻥ ﻟﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻧﺰﻟﻨﺎ ﳓﻦ ﺇﻧﺎ{ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻭﻣﺮﺍﻣﻴﻪ ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻪ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻪ ﻣﻔﺴﺮﺓ ﻓﺈ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺣﻔﻆ ﻓﻤﻦ: } ﺇﻟﻴﻚ ﻭﺃﻧﺰﻟﻨﺎ

ﻦﺴﳊﺍ ﻦﺑ ﺪﻤﳏ ﺔﻳﺍﻭﺭ ﻚﻟﺎﻣ ﻡﺎﻣﻹﺍ ﺄﻃﻮﻣ … · ﻢﻬﻴﻟﺇ ﻝﺰﻧ ﺎﻣ ﺱﺎﻨﻠﻟ ﲔﺒﺘﻟ ﺮﻛﺬﻟﺍ ﺯﺍﺰﻋﺇﻭ

  • Upload
    others

  • View
    16

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

  • احلسن: كتاب بن ية حممد وطأ اإلمام مالك روا ماألصبحي : املؤلف عبداهللا و أب بن أنس مالك

    تقدمة بقلم األستاذ عبد الفتاح أبو غدة

    : وهي تتضمن بإجياز - كلمات عن حفظ اهللا تعاىل للسنة

    ومتيز املدينة املنورة بأوىف نصيب منها وسبق علماء املدينة يف تدوين احلديث

    تأليف مالك للموطأ وعن وتأريخ تأليف املوطأ

    وأن املوطأ أول ما صنف يف الصحيح وعن مكانة املوطأ وصعوبة اجلمع بني الفقه واحلديث وعن كبار احلفاظ األقدمني وحدود معرفتهم بالفقه وأن اإلمامة يف علم جتتمع معها العامية يف علم آخر

    د وعن يسر الرواية وصعوبة الفقه واالجتها وكلمات عن مزايا املوطأ وعن روايات املوطأ عن مالك

    وكلمات يف ترمجة حممد بن احلسن راوي املوطأ أيب يوسف وحممد الفقيهني : وكلمات يف رد اجلرح للراوي بالعمل بالرأي وعن ظلم مجلة من احملدثني لإلمامني

    احملدثني وعن حتجر جل الرواة وضيقهم من املشتغل بغري احلديث وكلمات لإلمام ابن تيمية يف دفع اجلرح بالعمل بالرأي

    والرد على من قدح يف أيب حنيفة بدعوى تقدميه القياس على السنة " التعليق املمجد " وكلمات يف ترمجة الشارح اإلمام اللكنوي وأمهية طبع كتاب

    بسم اهللا الرمحن الرحيم حممد بن احلسن كلمة وتقدمة إمام موطأ اإلمام مالك برواية اإلمام

    : وهو املشهور مبوطأ اإلمام حممد

    حفظ اهللا تعاىل للسنة

    : من أول يوم -أقواله وأفعاله وتقريراته : وهي أحاديثه الشريفة -لقد حظيت سنة النيب صلى اهللا عليه و سلم -

    حفظت حفظا تاما ونقلت نقال بالعناية التامة واحلفظ والرعاية والعمل هبا من الصحابة الكرام والتابعني األخيار ف } إنا حنن نزلنا الذكر وإنا له حلافظون { : دقيقا حتقيقا لقول اهللا تعاىل

    وأنزلنا إليك { : فمن حفظ الذكر والكتاب الكرمي حفظها فإهنا مفسرة له ومعرفة بأحكامه ومراميه قال سبحانه

  • } الذكر لتبني للناس ما نزل إليهم رجاال تلقوا هذا الدين بفهم وبصرية وحب ووالء وإعزاز : القرون الثالثة األوىل اخلرية ولقد أقام اهللا سبحانه يف

    وتكرمي فآثروه على أنفسهم وأهليهم وأوالدهم وديارهم وهاجروا يف سبيل حتصيله وضبطه وتلقيه وتبليغه وهجروا تصل به من آثار السلف الصاحل الراحة واألوطان وطافوا القرى والبلدان لتحصيل احلديث النبوي الواحد وما ي

    } خري أمة أخرجت للناس { فبلغوا الغاية وأتوا على النهاية وكانوا حبق

    نصيب املدينة من السنة أوىف نصيب وسبقها يف تدوين السنة

    : وكان لكل بلد من البلدان اليت فتحها اإلسالم احلنيف واستقر فيها املسلمون نصيب من العلم خيتلف عن اآلخر -املدينة املنورة أوىف : لة وكثرة حبسب كثرة الصحابة الواردين عليه واملقيمني فيه فكان نصيب دار اهلجرة النبوية ق

    نصيب لتوفر وجود الصحابة الكرام فيها إذ كانت هي ومكة املكرمة بعد فتحها دار اإلسالم األوىل ومهوى أفئدة املؤمنني

    اإلسالم وتوارثها الناس جيال عن جيل وقبيال عن قبيل وكثر يف دار فعاشت فيها السنة وجاشت وانتشرت يف آفاقعرضت كتايب هذا على سبعني فقيها من فقهاء : اهلجرة الفقهاء واحملدثون كثرة بالغة فقد نقل عن مالك أنه قال

    فلما نشأ مالك كانت السنة قد أخذت طريقها إىل التدوين . املدينة ورة قبل كل األمصار فألف فيها اإلمام حممد بن شهاب الزهري املدين شيخ مالك املتوىف وكان تدوينها يف املدينة املن

    ، وحممد بن إسحاق املطليب املدين املتوىف ١٤١، وموسى بن عقبة املدين شيخ مالك أيضا املتويف سنة ١٢٤سنة ١٥٨، وابن أيب ذئب حممد بن عبد الرمحن املدين املتوىف سنة ١٥١سنة

    من هؤالء وبعدهم غريهم من أئمة احلديث والسنة يف مكة املكرمة والكوفة والبصرة وخراسان ولكن وألف يف زيف عداد الكتب اليت " املوطأ " السبق األول يف تدوين السنة كان لعلماء املدينة األعالم ويأيت تأليف اإلمام مالك

    " ول تصنيفا على األبواب الفقهية كما يستفاد من تدوينا واأل) الكتاب العاشر : ( دونت السنة يف املدينة وغريها للعالمة السيد حممد بن جعفر الكتاين رمحه اهللا تعاىل ص " ( الرسالة املستطرفة لبيان مشهور كتب السنة املشرفة

    فجاء اإلمام مالك وقد تعقد التأليف يف السنة بعض الشيء وبلغ مالك يف ) من الطبعة الرابعة ٤، وص ٣٢٧ " املوطأ : " للمسلمني مبلغا رفيعا فألف كتابه العظيم اإلمامة

    تأليف مالك املوطأ

    : عبد -إمنا كان باقتراح من اخلليفة العباسي إيب جعفر املنصور " املوطأ " وقد ذكر العلماء أن تأليف اإلمام مالك -

    ته إىل احلج دعاه املنصور لزيارته يف قدمة من قدما -رمحه اهللا تعاىل ١٥٨، وتويف سنة ٩٥اهللا بن حممد ولد سنة فزاره فأكرمه أبو جعفر وأجلسه جبانبه وسأله أسئلة كثرية فأعجبه مسته وعلمه وعقله وسداد رأيه وصحة أجوبته

    فعرف له مقامه يف العلم والدين وإمامة املسلمني أي مانعه مالك يف محل -ك ضع للناس كتابا أمحلهم عليه فكلمه مالك يف ذل: فقد جاء أن أبا جعفر قال ملالك

    فلم يفرغ منه حىت مات أبو جعفر " املوطأ " فقال ضعه فما أحد اليوم أعلم منك فوضع -الناس على كتابة

  • دخلت على أيب جعفر بالغداة حني وقعت الشمس باألرض وقد نزل عن سريره إىل بساطه : قال مالك : ويف رواية أنت أعلم : إكرام فلم يزل يسألين حىت أتاه املؤذن بالظهر فقال يل حقيق أنت بكل خري وحقيق بكل: فقال يل

    بلى ولكنك تكتم ذلك فما أحد أعلم منك اليوم بعد أمري املؤمنني : ال واهللا يا أمري املؤمنني قال : الناس فقلت ص ابن عباس ضع للناس كتبا وجنب فيها شدائد عبد اهللا بن عمر ورخ -كنية اإلمام مالك -يا أبا عبد اهللا

    وشواذ ابن مسعود واقصد أوسط األمور وما اجتمع عليه األمة والصحابة ولئن بقيت ألكتنب كتبك مباء الذهب فأمحل الناس عليها

    يا أمري املؤمنني ال تفعل فإن الناس قد سبقت هلم أقاويل ومسعوا أحاديث ورووا روايات وأخذ كل قوم : فقلت له انوا له من اختالف أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم وغريهم وإن ردهم عما مبا سبق إليهم وعملوا به ود

    لعمري لو طاوعتين على ذلك : " اعتقدوه شديد فدع الناس وما هم عليه وما اختار أهل كل بلد ألنفسهم فقال ) ٧٣ - ٧١: ٢للقاضي عياض " ترتيب املدارك " هذا وما قبله من ( انتهى " . ألمرت به

    انتصار الفقري السالك " ، و ١٨ - ١٧ص " ( مقدمته " ال العالمة املؤرخ القاضي اإلمام ابن خلدون يف أوائل وقأطال اإلمام ابن ( وقد كان أبو جعفر ملكان من العلم والدين قبل اخلالفة وبعدها ) " ٢٠٨للراعي األندلسي ص "

    ، فترجم له وذكر أخباره ١٥٨نة تاريخ وفاته سنة جرير الطربي يف ترمجة أيب جعفر املنصور أي إطالة يف س" ، ٩: ١" املوطأ " قال العالمة الزرقاين يف مقدمته لشرح . ١٠٨ - ٥٤: ٨صفحة من ٥٤يف ... ووصاياه

    " من مالك وأن الرشيد وبنيه األمني واملأمون واملؤمتن أخذوا عن مالك " املوطأ " وذكروا أن املهدي واهلادي مسعا انتهى " أ أيضا املوط

    فهكذا كانت نشأة امللوك يف العلم يف القرون اخلرية األوىل ومنه تدرك نشأة جدهم أيب جعفر املنصور يف القرن يا أبا عبد " : املوطأ " وهو القائل ملالك حني أشارعليه بتأليف ) األفضل واألعلم اليت أشار إليها اإلمام ابن خلدون

    رض أعلم مين ومنك وإين قد شغلتين اخلالفة فضع أنت للناس كتابا ينتفعون به جتنب فيه اهللا إنه مل يبق على وجه األفواهللا لقد علمين : ووطئه للناس توطئة قال مالك -وشواد ابن مسعود -رخص ابن عباس وشدائد ابن عمر

    انتهى " . التصنيف يومئذ وطؤ املوضع يوطؤ وطاءة : يقال يف اللغة ( ل امليسر املسه: على هذا املنهج فاملوطأ معناه " املوطأ " فألف مالك

    . املسهل امليسر : دمثه ودثره واملوطأ : الن سهل فهو وطيء ووطأ املوضع صريه وطيءا ووطأ الفراش : ووطوءة " ) املعجم الوسيط " و " القاموس " كما يف

    صنف موطأ أكرب من موطأ مالك حىت قيل قد -وذكر العلماء أن اإلمام ابن أيب ذئب معاصر اإلمام مالك وبلديه ) ٩ص " الرسالة املستطرفة " من ( ما كان هللا بقي : ما الفائدة يف تصنيفك ؟ فقال : ملالك

    تأريخ تأليف املوطأ

    : " املوطأ " ذكر العلماء أن أبا جعفر املنصور حني حج بالناس أيام خالفته طلب من اإلمام مالك أن يدون كتاب -

    ١٤٠فتبني أهنا كانت مخس حجات أوهلا يف سنة " تاريخ الطربي " رأت حجات أيب جعفر بعد خالفته يف وقد استق ، اليت تويف فيها مبكة حاجا حمرما ١٥٨، مث سنة ١٥٢، مث سنة ١٤٧، مث سنة ١٤٤مث سنة

    " وطأ امل" ومل يتعرض اإلمام ابن جرير عند ذكره هذه احلجات أليب جعفر للحديث عن تدوين كتاب

  • ، فذكر القصة عن املهدي ٦٥٩: ١١املطبوع بآخر تارخيه " ذيل املذيل " نعم تعرض لذلك ابن جرير يف كتابه أوال مث ذكرها عن أيب جعفر ثانيا برواية الواقدي

    على رواية أن املنصور هو" املوطأ " بتقدمي رواية أن املهدي هو املقترح لتأليف : وتابعه على ذكر ذلك كذلك ، فساق الروايتني من طريق ابن جرير األوىل بسنده إىل ٤٠ص " االنتقاء " اإلمام ابن عبد الرب يف : املقترح تأليفه

    والثانية بسنده إىل حممد بن عمر الواقدي عن مالك . إبراهيم بن محاد الزهري املدين عن مالك : وعلق عليه شيخنا العالمة الكوثري رمحه اهللا تعاىل ما يلي

    وصنيع ابن جرير يف لكن ابن -أن القصة مع املنصور -كما هنا يؤذن بترجيحه الرواية األوىل وحتاميه عن رواية الواقدي " ذيل املذيل

    بطرق عن مالك ما يؤيد رواية الواقدي وإن مل ختل واحد منها " كشف املغطا من فضل املوطا " عساكر خرج يف عن مالك ملا حج مع أيب يوسف " املوطأ " مساع الرشيد -" طى كشف املغ" أي يف -وفيه . عن مقال

    والذي يستخلص من خمتلف الروايات يف ذلك أن املنصور حتادث مع مالك يف تدوين علم أهل املدينة عام مثانية بن وأربعني ومئة حمادثة إمجالية وملا حج قبل حجته األخرية أوصاه أن يتجنب فيما يدونه شدائد ابن عمر ورخص ا

    عباس وشواذ ابن مسعود رضي اهللا عنهم انتهى " . وأما إخراجه للناس ففي سنة تسع ومخسني ومئة يف عهد املهدي فال تثبت روايته ممن تقدم على ذلك

    أحاديث املوطأ واتفاق الرواه عن مالك واختالفهم فيها " وقال شيخنا الكوثري أيضا رمحه اهللا تعاىل يف مقدمته جلزء ألف عبد العزيز بن عبد هللا بن أيب سلمة املاجشون كتابا فيما اجتمع عليه أهل املدينة وملا : " طين ما يلي للدار ق"

    اطلع عليه مالك بن أنس رضي اهللا عنه استحسن صنيعه إىل أنه أخذ عليه إغفاله ذكر األخبار واآلثار يف األبواب األخبار وعمل أهل املدينة يف أبواب الفقه فيدأ ميهد حىت قرر أن يقوم هو بنفسه جبمع كتاب حتتوي أبوابه صحاح

    السبيل لذلك األخرية يف التحقيق وأوصاه أن -قبل -وكان املنصور العباسي بلغه شيء مما عزم عليه مالك فاجتمع به يف حجته

    كان مجاعة يدون علم أهل املدينة جمتنبا رخص ابن عباس وشدائد ابن عمر وشواذ ابن مسعود رضي اهللا عنهم حيثمن أصحاب هؤالء ينشرون علومهم يف املدينة املنورة منهم الفقهاء العشرة يف أيام عمر بن عبد العزيز وهلم

    أصحاب وأصحاب أصحاب أدركهم مالك فتقوت عزمية مالك حىت جترد جلمع الصفوة من األحاديث واآلثار املروية عند أهل املدينة وجلمع العمل املتوارث

    أبو الزبري من مكة وإبراهيم بن أيب عبلة من : ا يف الرواية على شيوخ أهل املدينة سوى ستة وهم بينهم مقتصرالشام وعبد الكرمي بن مالك من اجلزيرة وعطاء بن عبد اهللا من خراسان ومحيد الطويل وأيوب السختياين من

    " . البن عبد الرب " االنتقاء " لى البصرة إىل أن أمت عمله يف عهد املهدي العباسي كما بينت ذلك فيما علقت ع انتهى

    ، بشأن تدوين علم أهل املدينة وأوصاه قبل ١٤٨وهذا الذي رجحه شيخنا من أن املنصور حتدث مع مالك يف سنة غري ظاهر فإن حجته األخرية اليت تويف فيها كانت سنة . . حجته األخرية أن يتجنب يف التأليف شدائد ابن عمر

    ، واليت قبلها سنة ١٤٤، واليت قبلها سنة ١٤٧واليت قبلها سنة ١٥٢يت قبلها كانت سنة ، واحلجة ال ١٥٨ " تاريخ ابن جرير " ، كما أسلفته عن ١٤٠

    سبق قلم عن ١٤٨، وإمنا حج بالناس ابنه جعفر كما يف غري كتاب فتكون سنة ١٤٨ومل حيج املنصور يف سنة

  • ١٤٧ يف تلك السنة وأوصاه بتجنب ما أوصاه بتجنبه يف احلجة اليت قبل األخرية إن املنصور حتدث مع مالك: مث قوله

    ، فيه بعد أيضا فإن املتبادر أن يقع ذلك من املنصور يف أول حجة له بعد ١٥٢سنة -كما عند ابن جرير -وهي ، أما يف ١٤٧، وميكن أن يكون ذلك يف ثالث حجة سنة ١٤٤، أو يف ثاين حجة سنة ١٤٠توليه اخلالفة سنة

    بأقل من سبع سنوات ألنه قد مسعه " املوطأ " ، ففيه بعد شديد ألنه يلزم أن يكون مالك ألف ١٥٢رابع حجة سنة ، وحج اهلادي سنة ١٦٠، على ما ذكره شيخنا يف حني أن املهدي إمنا حج بالناس سنة ١٥٩منه املهدي سنة

    ، كما عند ابن جرير ١٦١يف سنني كثرية ذكر أهنا أربعون وذكر أهنا دون ذلك وعلى كل حال يستبعد أن " املوطأ " واملذكور أن مالكا ألف

    تكون مدة التأليف حنو سبع سنوات ملا عرف من إتقان مالك وضبطه وانتقائه وقلة حتديثه باألحاديث يف جمالسه فلم ، ١٤٧جزما أو بعد سنة ١٤٠بعد سنة " املوطأ " يكن حيدث يف جملسه إال ببضعة أحاديث معدودة فتأليفه

    جزما واهللا تعاىل أعلم ١٥٨وفراغه منه بعد سنة حديث رسول اهللا صلى -كما سبق نقل قوله -فقد مجع فيه اإلمام مالك " املوطأ " وهكذا مت تأليف هذا الكتاب

    فجمع احلديث بأوسع اهللا عليه و سلم وأقوال الصحابة وأقوال التابعني ورأيا هو إمجاع أهل املدينة مل خيرج عنها وما يتصل به من آثار الصدر األول ألهنا كانت املرجع األكرب يف األحكام العملية -معانيه

    املوطأ أول ما صنف يف الصحيح

    : وأطلق مجاعة على املوطأ اسم الصحيح ) : " ١: ١٢" ( املوطأ " قال العالمة الزرقاين يف مقدمته لشرح -

    الصحيح اجملرد لالحتراز عن املوطأ فلم : أول من صنف فيه البخاري وإن عرب بقوله : واعترضوا قول ابن الصالحال فرق بني املوطأ والبخاري يف : جيرد فيه الصحيح بل أدخل املرسل واملنقطع والبالغات فقد قال احلافظ مغلطاي

    ذلك لوجوده أيضا يف البخاري من التعاليق وحنوها وما يف البخاري قد حذف : " بأن ما يف املوطأ كذلك مسموع ملالك غالبا قال : ولكن فرق احلافظ ابن حجر

    تظهر أن ما يف البخاري من ذلك ال خيرجه عن كونه جرد فيه الصحيح " التغليق " إسناده عمدا ألغراض قررهتا يف أول من صنف الصحيح مالك : بل قال احلافظ مغلطاي " خبالف املوطأ عنده وعند من يقلده على ما اقتضاه نظره من االحتجاج باملرسل واملنقطع وغريمها ال هو صحيح : وقول احلافظ

    مع كوهنا حجة -تعقبه السيوطي بأن ما فيه من املراسيل : على الشرط الذي استقر عليه العمل يف حد الصحة ا اعتضد وما من مرسل هي حجة عندنا أيضا ألن املرسل حجة عندنا إذ -عنده بال شرط وعند من وافقه من األئمة

    يف املوطأ إال وله عاضد أو عواضد فالصواب إطالق أن املوطأ صحيح ال يستثىن منه شيء : ومجيع ما فيه من قوله : وقد صنف ابن عبد الرب كتابا يف وصل ما يف املوطأ من املرسل واملنقطع واملعضل وقال

    ن حديثا كلها مسندة من غري طريق مالك إال أربعة ال عن الثقة عنده مما مل يسنده أحد وستو: بلغين ومن قوله أن النيب صلى اهللا عليه و سلم أري أعمار الناس قبله : والثاين . إين ال أنسى ولكن أنسى ألسن : أحدها : تعرف

    ليلة أو ما شاء اهللا من ذلك فكأنه تقاصر أعمار أمته أن ال يبلغوا مثل الذي بلغه غريهم يف طول العمر فأعطاه اهللا وقد وضعت -آخر ما أوصاين به رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم : القدر خريا من ألف شهر والثالث قول معاذ

  • " إذا نشأت حبرية مث تشاءمت فتلك عني غديقة : والرابع . حسن خلقك إىل الناس : أن قال -رجلي يف الغرز وفيما ) : " ٦ - ٥ص " الرسالة املستطرفة " ما يف ك( وتعقب احلافظ ابن حجر أيضا الشيخ صاحل الفالين فقال

    نظر فلو أمعن احلافظ النظر يف املوطأ كما : قاله احلافظ ابن حجر من الفرق بني بالغات املوطأ ومعلقات البخاري أمعن النظر يف البخاري لعلم أنه ال فرق بينهما وما ذكره من أن مالكا مسعها كذلك غري مسلم ألنه يذكر بالغا يف

    رواية حيىي مثال أو مرسال فريويه غريه عن مالك موصوال مسندا مردود بأهنا حجة عند الشافعي وأهل : وما ذكر من كون مراسيل املوطأ حجة عند مالك ومن تبعه دون غريهم احلديث العتضادها كلها مبسند ذكره ابن عبد الرب والسيوطي وغريمها

    مردود بأن ابن عبد الرب ذكر أن مجيع بالغاته ومراسليه ومنقطعاته : يعرف وما ذكره العراقي أن من بالغاته ما الكلها موصولة بطرق صحاح إال أربعة فقد وصل ابن الصالح األربعة بتأليف مستقل وهو عندي وعليه خطه فظهر

    " عريب وغريه وصح أن مالكا أول من صنف يف الصحيح كما ذكره ابن ال" املوطأ والبخاري " هبذا أنه ال فرق بني

    وصعوبة اجلمع بني الفقه واحلديث" املوطأ " مكانة

    : تأليف احلديث ومجعه يف كتاب على األبواب الفقهية ال ينهض به إال فقيه يدري معاين األحاديث ويفقه مداركها -

    النظر إىل كثرة احملدثني ومقاصدها ومييز بني لفظ ولفظ فيها وهذا النمط من العلماء احملدثني الفقهاء يعد نزرا يسريا بالرواة واحلفاظ األثبات إذ احلفظ شيء والفقه شيء آخر أميز منه وأشرف وأهم وأنفع فإن الفقه دقة الفهم

    وتنزيلها منازهلا يف مراتب األحكام ال وكس -عبارة أو إشارة صراحة أو كناية -للنصوص من الكتاب والسنة وال شطط وال هتور والمجود

    اف عزيزة الوجود يف العلماء قدميا فضال عن شدة عزهتا يف اخللف املتأخر وخيطئ خطأ مكعبا من يظن وهذه األوصأويزعم أن جمرد حفظ احلديث أو اقتناء كتبه والوقوف عليه جيعل من فاعل ذلك فقيها عارفا باألحكام الشرعية

    صاحب -عبد الرزاق -شيخه -ن سألت أمحد بن حنبل ع: قال حممد بن يزيد املستملي . ودقيق االستنباط ( كما يف ترمجة ( ما أقل الفقه يف أصحاب احلديث : أكان له فقه ؟ فقال : -املصنف املطبوع يف أحد عشر جملدا

    ) ١: ٣٢٩البن أيب يعلى " طبقات احلنابلة " يف ) حممد بن يزيد املستملي مناقب اإلمام " ويف ) أمحد بن حنبل ( يف ترمجة ) ٢٩٣ص ( البن أيب حامت " تقدمة اجلرح والتعديل " وجاء يف

    أمحد ( من طريق ابن أيب حامت يف ترمجة -خمطوط -للذهيب " تاريخ اإلسالم " ويف ) ٦٣ص ( البن اجلوزي " أمحد : أيضا ما يلي ) بن حنبل

    نا نتذاكر احلديث من كنت أجالس بالعراق أمحد بن حنبل وحيىي بن معني وأصحابنا فك: قال إسحاق بن راهويه أليس قد صح هذا بأمجاع منا ؟ فيقولون : وطريق كذا فأقول : طريق وطريقني وثالثة فيقول حيىي بن معني من بينهم

    كلهم إال أمحد بن حنبل -أي يسكتون مفحمني -ما مراده ؟ ما تفسريه ؟ ما فقهه ؟ فيبقون : نعم فأقول : انتهى

    معرفتهم بالفقهكبار احلفاظ األقدمني وحدود

  • : ولو من أولئك األئمة الكبار أركان -هذا النص يفيدنا جبالء أن املعرفة التامة بعلم احلديث : قال عبد الفتاح -

    ( إذ لو كان االشتغال باحلديث جيعل ) فقيها جمتهدا ( ال جتعل احملدث احلافظ -علم احلديث يف أزهى عصور العلم لكان احلفاظ الذين ال حيصى عددهم والذين بلغ حفظ كل واحد منهم للمتون )فقيها جمتهدا ) : ( احلافظ

    أوىل باالجتهاد ولكنهم صاهنم اهللا تعاىل فما زعموه ألنفسهم : واألسانيد ما ال حيفظه أهل مصر من األمصار اليوم كان ال جيتهد يف : التعديل البصري إمام احملدثني وشيخ اجلرح و) حيىي بن سعيد القطان ( بل إن سيد احلفاظ اإلمام

    للحافظ " تذكرة احلفاظ " يف ) وكيع بن اجلراح ( استنباط األحكام بل يأخذ بقول اإلمام أيب حنيفة كما يف ترمجة قال ) : " أيب حنيفة النعمان بن ثابت ( يف ترمجة ) ١٠: ٤٥٠" ( هتذيب التهذيب " ويف ) . ١: ٣٠٧( الذهيب

    : مسعت حيىي بن سعيد القطان يقول : يقول -تلميذ حيىي القطان -مسعت حيىي بن معني : أمحد بن سعيد القاضي انتهى " . ال نكذب اهللا ما مسعنا رأيا أحسن من رأي أيب حنيفة وقد أخذنا بأكثر أقواله

    أيب حنيفة وكان إمام أهل احلفظ يف عصره وكيع بن اجلراح الكويف حمدث العراق ال جيتهد أيضا ويفيت برأي اإلمام ) : " ١٢٧ - ١١: ١٢٦" ( هتذيب التهذيب " و ) ١: ٣٠٧( للحافظ الذهيب " تذكرة احلفاظ " الكويف ففي

    ما رأيت أفضل من وكيع كان يستقبل القبلة وحيفظ حديثه : " -تلميذ وكيع -قال حسني بن حبان عن ابن معني " ويقوم الليل ويسرد الصوم ويفيت بقول أيب حنيفة

    ذلك هؤالء احلفاظ األئمة األجلة الذين عناهم اإلمام إسحاق بن راهويه يف كلمته املذكورة ومنهم حيىي بن معني وكما : كانوا ال جيتهدون وقد أخرب عنهم أهنم كانوا يفيضون يف ذكر طرق احلديث الواحد إفاضة زائدة فيقول هلم

    أمحد بن حنبل مراد احلديث ؟ ما تفسريه ؟ ما فقهه ؟ فيبقون كلهم إال وهذا عنوان دينهم وأمانتهم وحصافتهم وورعهم إذ وقفوا عند ما حيسنون ومل خيوضوا فيما ال حيسنون وذلك

    لصعوبة الفقه الذي يعتمد على الدراية وعمق الفهم للنصوص من الكتاب والسنة واآلثار وعلى معرفة التوفيق بينها ما اختلف فيه وعلى معرفة اجلرح والتعديل وقدرة الترجيح بني وعلى معرفة الناسخ واملنسوخ وما أمجع عليه و

    ... األدلة وعلى معرفة لغة العرب ألفاظا وبالغة وحنوا وجمازا وحقيقة عبد ( عن احملدث احلافظ الكبري -كما تقدم -ومن أجل هذا قال اإلمام أمحد ملا سأله حممد بن يزيد املستملي

    وشيخ اإلمام أمحد نفسه وشيخ إسحاق بن " املصنف " التصانيف اليت منها صاحب) الرزاق بن مهام الصنعاين راهويه وحيىي بن معني وحممد بن حيىي الذهلي أركان علم احلديث وروايته يف ذلك العصر وشيخ خلق سواهم املتوىف

    " ما أقل الفقه يف أصحاب احلديث : أكان له فقه ؟ فقال اإلمام أمحد : " سنة ٨٥عن ٢١١سنة مسعت الشافعي يقول أليب : عن الربيع املرادي قال ) : " ٢: ١٥٢" ( مناقب الشافعي " وروى اإلمام البيهقي يف

    تريد حتفظ احلديث وتكون فقيها ؟ : -، اإلمام الفقيه ٢٣٤عبد العزيز بن عمران املتوىف سنة -علي بن مقالص -شاه ومل يكن هذا لبالدة فيه حا -هيهات ما أبعدك من ذلك

    وإمنا أراد به حفظه على رسم أهل احلديث من حفظ األبواب واملذاكرة هبا وذلك علم : -القائل البيهقي -قلت كثري إذا اشتغل به فرمبا مل يتفرغ إىل الفقه فأما األحاديث اليت حيتاج إليها يف الفقه فال بد من حفظها معه فعلى

    وفيق الكتاب والسنة بناء أصول الفقه وباهللا الت: أخربين أبو عبد اهللا حممد بن إبراهيم املؤذن قال : قال -هو احلاكم النيسابوري -وقد أخربنا أبو عبد اهللا احلافظ

    مسعت إسحاق بن إبراهيم : مسعت إبراهيم بن حممد الصيدالين يقول : مسعت عبد اهللا بن حممد بن احلسن يقول

  • لو كنت أحفظ كما حتفظ لغلبت أهل الدنيا : رت الشافعي فقال ذاك: يقول -هو إسحاق بن راهويه -احلنظلي وهذا ألن إسحاق احلنظلي كان حيفظه على رسم أهل احلديث ويسرد أبوابه سردا وكان ال يهتدي إىل ما كان

    يهتدي إليه الشافعي من االستنباط والفقه وكان الشافعي حيفظ من احلديث ما كان حيتاج إليه وكان ال يستنكف من انتهى " . لرجوع إىل أهله فيما اشتبه عليه وذلك لشدة اتقائه هللا عز و جل وخشيته منه واحتياطه لدينه ا

    ويف كل من هذين النصني الغاليني فوائد عظيمة جدا ففيه أن اجلمع بني الفقه واحلديث على رسم : قال عبد الفتاح هيهات : افعي يف هذا إذ قال الش -إال ملن أكرمه اهللا بذلك -أهل احلديث متعذر

    وفيه بيان اإلمام البيهقي هلذا املعىن جبالء ووضوح وهو إمام حمدث وفقيه فلكالمه مقام رفيع يف هذا الباب وفيه دعم اإلمام البيهقي رمحه اهللا تعاىل هذا الذي قاله يف تفسري كلمة الشافعي البن مقالص بكلمة الشافعي

    شكل يقطع لسان كل مشاغب على الفقهاء من رواة احلديث بدعوى أنه أهل إلسحاق بن راهويه رضي اهللا عنهما ب لالستنباط والفقه واالجتهاد يف األحكام

    فهذا حيىي بن معني إمام احلفظ للحديث وإمام اجلرح والتعديل يقف ساكتا يف مسألة جواز تغسيل املرأة احلائض واز ذلك ويذكر هلم دليله مما هو حمفوظ لديهم كل احلفظ من للمرأة امليتة حىت يأيت اإلمام أمحد بن حنبل فيفتيهم جب

    كما سيأيت نقله قريبا . عدة طرق وفيه بيان متيز . لو كنت أحفظ ما حتفظ لغلبت أهل الدنيا : وهذا اإلمام الشافعي يقول إلسحاق بن راهويه

    غ مبلغ الشافعي بالفقه مع إقرار الشافعي له الشافعي بالفقه ومتيز ابن راهويه باحلفظ ولكنه مل ميكي ابن راهويه أن يبلكان يسرد احلديث سردا مع أنه قد ذكره بعضهم يف عداد : بالتفوق العظيم الباهر يف احلفظ ألنه كما قال البيهقي

    من كان له مذهب فقهي أهال ينهضون غري فهمه واستنباط معنايه على وجهها إذ خلق اهللا تعاىل لكل علم : فسرد احلديث وحفظه وروايته

    به ويتميزون على سواهم

    اإلمامة يف علم جتتمع معها العامية يف علم آخر

    : وال غضاضة يف هذا فالعلم رزق وعطاء من اهللا تعاىل وهو كثري وكبري وثقيل وال ميلك كل إمام ناصية كل علم -

    : " لي يف بعض مباحث اإلمجاع يف كتابيهما أراد معرفته فقد قال اإلمام أبو حامد الغزايل وتبعه اإلمام ابن قدامة احلنب كم من عامل إمام يف علم عامي يف علم آخر : ما معناه " روضة الناظر " و " املستصفى

    " . واعلم أن بضاعيت يف علم احلديث مزجاة " : " قانون التأويل : " قال اإلمام أبو حامد الغزايل يف آخر رسالته انتهى

    ة بالتواضع ال يقوهلا هذا اإلمام العظيم واحملجاج الفريد حجة اإلسالم لوال ما كان عليه ومثل هذه الكلمة اململوء " أنتم أعلم بأمر دنياكم : " من السلوك السين واخللق السين واخللق السين

    ؟ فهل رأيت يف هؤالء األدعياء املدعني لالجتهاد من ينصف الواقع واحلق فيقول عن نفسه فيما ال حيسنه مثل هذا ورجاال لنفشة ودعاوي ... خلق اهللا للعلوم رجاال

    تعقيبا على قول اإلمام أمحد ) ٢: ١٦٠" ( جامع بيان العلم وفضله " وقال احلافظ اإلمام أبو عمر بن عبد الرب يف ق صد: من أين يعرف حيىي بن معني الشافعي ؟ هو ال يعرف الشافعي وال يعرف ما يقول الشافعي قال أبو عمر : "

  • وقد حكي عن ابن معني أنه سئل عن مسألة من التيمم فلم . أمحد بن حنبل رمحه اهللا إن ابن معني ال يعرف الشافعي يعرفها

    سئل حيىي بن معني وأنا : حدثنا ابن زهري قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال انتهى " . سل عن هذا أهل العلم : " ل حاضر عن رجل خري امرأته فاختارت نفسها ؟ فقا

    يف ) ٢: ٢٠٨( للعليمي " املنهج األمحد " و ) ١: ١٣١( للحافظ ابن رجب " ذيل طبقات احلنابلة " وجاء يف ماتت امرأة لبعض أهل العلم فجاء حيىي بن معني والدورقي فلم : قال فوران ) : " حيىي بن منده األصبهاين ( ترمجة

    ليس جيد : ما شأنكم ؟ فقال أهل املرأة : تغسلها إال امرأة حائضا فجاء أمحد بن حنبل وهو جلوس فقال جيدوا امرأة يا عائشة ناوليين : " أليس تروون عن النيب صلى اهللا عليه و سلم : غاسلة إال امرأة حائضا فقال أمحد بن حنبل

    انتهى " . ن تغسلها فخجلوا وبقوا جيوز أ" إن حيضتك ليست يف يدك : إين حائض فقال : اخلمرة قالت

    يسر الرواية وصعوبة الفقه واالجتهاد

    : فال شك يف يسر الرواية بالنظر ملن توجه للحفظ والتحمل واألداء وآتاه اهللا حافظة واعية فلهذا كان املتأهلون -

    حملدث الفاصل بني الراوي ا" للرواية أكثر جدا من املتأهلني للفقه واالجتهاد روى احلافظ الرامهرمزي يف كتابه أتيت الكوفة فرأيت فيها أربعة آالف يطلبون احلديث : " بسنده عن أنس بن سريين قال ) ٥٦٠ص " ( والواعي

    انتهى " . وأربع مئة قد فقهوا حيىي ( ويف هذا ما يدل على أن وظيفة الفقيه شاقة جدا فال يكثر عدده كثرة عدد النقلة الرواة وإذا كان مثل

    وأضراهبم مل جيرؤوا أن خيوضوا يف االجتهاد ) حيىي بن معني ( و ) عبدا الرزاق ( و ) وكيع بن اجلراح ( و ) طان الق والفقه فما أجرأ املدعني لالجتهاد يف عصرنا هذا ؟ مع جتهيل السلف بال حياء وال خجل نعوذ باهللا من اخلذالن

    واحملدثني األئمة اليت تبني منها أن احلفظ شيء والفقه وفهم وإمنا أكثرت من هذه الوقائع ألولئك احلفاظ الكبار النصوص شيء آخر ألن عددا من الناس يف عصرنا خييل إليهم أن كثرة الكتب اليت تقذف هبا املطابع اليوم ووفرة

    أمرا ميسورا ملن أراده وهو خيال باطل وتوهم خادع ) اإلجتهاد ( جتعل : الفهارس اليت تصنع هلا -لعجيب الذي كان عليه هؤالء احملدثون األكابر يف القرون األوىل الزاهرة مع سيالن أذهاهنم املسعفة فاحلفظ ا

    والبيئة اليت كانت جتيش فيها من حوهلم حلقات التحديث والتفقيه والسماع -وليست كالكتب اجلامدة الصماء غالطوا أنفسهم فصدقوا مع اهللا ومع أنفسهم والتدريس ووفرة احملدثني والفقهاء كل ذلك مل خيوهلم أن جيتهدوا وي

    ومع الناس يف هذا العصر بل كانوا أهل ذكاء مشهور وفطنة بالغة ) املتمجهدين ( ومل يكونوا حبال من األحوال أقل ذكاء من

    ووعي شديد وانقطاع للعلم ولكنهم مل يدخلوا أنفسهم فيما ال حيسنون واقتصروا على ما حيسنون فحمدت سريهتم مت مكانتهم يف النفوس ودل ذلك على حسن إسالمهم وفهمهم لواقعهم فرمحة اهللا تعاىل عليهم ورضوانه وعظ

    العظيم وليعلم أن اإلكثار من كتب احلديث وروايته ) : " ٢: ٨١" ( الفقيه واملتفقه " قال احلافظ اخلطيب البغدادي يف

    وساق الشواهد الكثرية الناطقة على ذلك " إنعام التفكر فيه ال يصري هبا الرجل فقيها إمنا يتفقه باستنباط معانيه و

  • تأليف حمدث فقيه وإمام جمتهد بارع كبري متيز مبزايا ال توجد يف سواه من الكتب املصنفة يف " املوطأ " فكتاب احلديث الشريف

    "املوطأ " مزايا

    : : الشريف أتعرض هنا إىل مجلة منها باختصار مزايا كثرية متيز هبا عن سواه من كتب احلديث" املوطأ " لكتاب -

    " املوطأ " فمزية أنه تأليف إمام فقيه حمدث جمتهد متقدم كبري متبوع شهد له أئمة عصره ومن بعدهم باإلمامة يف الفقه : أوال

    ديين عن علي بن امل) " ٢٥: ١/ ١" ( اجلرح والتعديل " روى احلافظ ابن أيب حامت يف . واحلديث دون منازع " كان حديث الفقهاء أحب إليهم من حديث املشيخة : قال

    معرفة : قال أمحد بن حنبل ) : " من طبعة بوالق ٤: ١١٥" ( منهاج السنة النبوية " وقال اإلمام ابن تيمية يف عرفة أشرف العلم الفقه يف متون األحاديث وم: وقال علي بن املديين . احلديث والفقه فيه أحب إيل من حفظه

    انتهى " . أحوال الرواة حديث يتداوله الفقهاء خري من حديث : قال األعمش ) : " ٨ص ( تدريب الراوي للحافظ السيوطي " ويف

    وما ٢٣٨ص ) ( فضل من مجع بني الرواية والدراية ( وعقد احلافظ الرامهرمزي بابا طويال يف " . يتداوله الشيوخ باب القول يف ترجيح ) : ( ٤٣٣ص " ( الكفاية " البغدادي يف آخر كتابه وعقد بعده احلافظ اخلطيب) بعدها

    وذكر فيه ما يتصل بتفضيل حديث الفقيه على غريه ) األخبار أنه أطبق العلماء على الثناء عليه وتبجيله وكثر كالمهم يف مدحه وتقريظه وأكتفي هنا بكلمات قاهلا : ومزيته ثانيا

    ث اجملتهد املتبوع اإلمام الشافعي رضي اهللا عنه وحسبك به وكفى إمام األئمة الفقيه احملدماعلى األرض كتاب هو : ويف لفظ آخر . ما على ظهر األرض كتاب أصح بعد كتاب اهللا من كتاب مالك : قال

    ظ ويف لف. ما بعد كتاب اهللا تعاىل أكثر صوابا من موطأ مالك : ويف لفظ آخر . أقرب إىل القرآن من كتاب مالك ما بعد كتاب اهللا كتاب أنفع من املوطأ : آخر

    وتنوع هذه العبارات يفيد تكرار ثناء اإلمام الشافعي رضي اهللا عنه على كتاب املوطأ أكثر من مرة يف أوقات متعددة

    ابه أنه من مؤلفات منتصف القرن الثاين من اهلجرة فهو سابق غري مسبوق مبثله إذ هو أول كتاب يف ب: ومزيته ثالثا وللسابق فضل ومزية إذ هو اإلمام الذي سن التأليف احلديثي على أبواب الفقه واقتدى به املؤمتون من ورائه مثل

    عبد اهللا بن املبارك والبخاري ومسلم وسعيد بن منصور وأيب داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وسواهم مستوجب ثناءنا اجلميال ... فهو بسبق حائز تفضيال

    أنه يرويه عن مؤلفه إمام فقيه حمدث جمتهد كبري متبوع مشهود له باإلمامة يف الفقه واحلديث والعربية : ه رابعا ومزيتاإلمام حممد بن احلسن الشيباين الزم شيخه مالكا ثالث سنني ومسع منه الكتاب بلفظه فتمأل وتروى وهنل وعب من

    ر والفطنة التامة وفقاهة النفس والبدن فقهه وعلمه وروايته مع ما كان عليه من الذكاء النادأنه من رواية اإلمام حممد بن احلسن الشيباين تلميذ اإلمامني أيب حنيفة وأيب يوسف وشيخ اإلمام : ومزيته خامسا

    الشافعي وقد أتقن روايته عن شيخه مالك وأضاف بعد روايته أحاديث الباب بيان مذهبه يف املسألة موافقا أو خمالفا

  • ذهب شيخة اإلمام أيب حنيفة فيها وموافقته له أو خمالفته وبيان مذهب شيخة اإلمام مالك أحيانا ومذهب وبيان م عامة فقهائنا أيضا

    . ويعقب يف كثري من األبواب ببيان معىن احلديث وتوجيهه وما يستحسنه أو يستحبه أو يكرهه من وجوه املسألة مذهبه ومذهب شيخة اإلمام أيب حنيفة أو مذهب شيخه اإلمام مالك وقد يفصل تفصيال وافيا األقوال والفروق بني وقد يسوق تأييدا ملا ذهب إليه ) . باب الوضوء من الرعاف ( ١٨ويبني أحوال املسألة وأحكامها كما يف الباب

    عن أيب حنيفة وغريه -عن غري مالك -خمالفا مجلة أحاديث يف الباب باب الوضوء من مس الذكر ( ٥ديثا من غري طريق مالك كما يف الباب ستة عشر ح ١٦وذكر يف بعض األبواب

    وهذا عدد كبري جدا يف الباب . تأييدا ملذهبه من عدم نقض الوضوء مبسه ) ستة أحاديث أو سبعة أحاديث أو أكثر أو أقل من غري طريق مالك -لتأييد مذهبه -وقد يورد يف بعض األبواب

    ) باب االغتسال يوم اجلمعة ( ١٧أيضا كما تراه يف الباب وهذا عدد كبري يف الباب أيضا

    ولكثرة ما رواه من األحاديث فيه من غري طريق مالك ولكثرة ماذكره فيه أيضا من اجتهاده وفقهه وفقه أيب حنيفة ) مد موطأ اإلمام حم( وغريه يف كل باب تقرييا ومذاهب بعض الصحابة يف بعض األبواب اشتهر هذا الكتاب باسم

    جمرد كتاب يروى حبروفه كما مسعه راويه من مؤلفه دون زيادة أو ) موطأ حممد ( وال غرابة يف ذلك إذ مل يكن تعليق أو استدراك بل هو كتاب فيه فقه اإلمام حممد وفقه شيخه اإلمام أيب حنيفة وفقه عامة أصحابنا احلنفية قبل

    ملا ذهب إليه مالك أو غريه اإلمام حممد ومذاهب بعض الصحابة ومناقشته أيضا فهو مدونة من فقه أهل احلديث واالجتهاد والرأي يف احلجاز والعراق مع املوازنة بني تلك اآلراء واملذاهب يف

    املسألة هذا إىل روايه ألنه من طريقه ) املوطأ ( وهذه ميزة غالية جدا عند من يدركها ويعرف قيمتها فال غرابة أن يضاف

    ف إليه أحاديث كثرية وأدخل فيه علما زائدا غري قليل يتصل بفقه احلديث وأحكام الباب ومقابلة يروى وألنه أضا االجتهاد مبثله

    كلمة عن روايات املوطأ عن مالك

    : أحاديث : " قال شيخنا العالمة الكوثري رمحه اهللا تعاىل يف املقدمة اليت كتبها جلزء احلافظ الدارقطين املسمى -

    : ما يلي " الرواة عن مالك واختالفهم فيها زيادة ونقصا املوطأ واتفاقألف عبد العزيز بن عبد اهللا بن أيب سلمة املاجشون كتابا فيما اجتمع عليه أهل املدينة وملا اطلع عليه مالك بن أنس

    أن يقوم هو رضي اهللا عنه استحسن صنعه إال أنه أخذ عليه إغفاله ذكر األخبار واآلثار يف األبواب حىت قرر مالكبنفسه جبمع كتاب حتتوي أبوابه صحاح األخبار وعمل أهل املدينة يف أبواب الفقه فألف املوطأ وأخذ يلقيه على

    ومل يكن تأليفه الكتاب ليعطيه الناس فينسخوه ويتداولوه بينهم كعادة أهل الطبقات . أصحابه فيتلقونه منه مساعا وكان تأليفه الكتاب لنفسه خاصة لئال يغلط . نذاك على السماع فقط املتأخرة يف تصانيفهم بل كان التعويل حي

    فيما يلقيه على اجلماعة كعادة أهل طبقته من العلماء يف تآليفهم ولذا كان يزيد فيه وينقص منه حسب ما يبدو له وإرساال على يف كل دور من أدوار التسميع املختلفة فاختلفت نسخ املوطأ ترتيبا وتبويبا وزيادة ونقصا وإسنادا

  • فأصبح رواهتا على اختالف اخلتمات هم مدونوها يف احلقيقة فمنهم من مسع عليه املوطأ . اختالف جمالس املستملني سبع عشرة مرة أو أكثر أو أقل بأن الزمه مددا طويلة تسع تلك املرات ومنهم من جالسه حنو ثالث سنوات حىت

    ه عليه يف مثانية أشهر ومنهم من مسعه يف أربعني يوما ؟ ومنهم من متكن من مساع أحاديثه من لفظه ومنهم من مسعومنازل هؤالء . مسعه عليه يف أيام هرمه يف مدة قصرية ومنهم من مسعه يف أربعة أيام إىل آخر ما فصل يف موضعه

    ع املستملني تتفاوت فهما وضبطا وضعفا وقوة فتكون مواطن اتفاقهم يف الذروة من الصحة عن مالك ومواضوقد ذكر أبو القاسم . اختالفهم وانفرادهم متنازلة املنازل إىل احلضيض حسب ماهلم من املقام يف كتب الرجال

    الغافقي اثين عشر راويا من رواة املوطأ يف واستدرك . له فيهم عبد اهللا بن يوسف التنيسي وحممد بن املبارك الصوري وسليمان بن بردة " مسند املوطأ

    اويني نسختامها من أشهر النسخ السيوطي عليه رأسانيد املوطأ من أربع وعشرين طريقا وكذلك أبو الصرب أيوب اخللويت " الفهرس األوسط " وساق ابن طولون يف

    من طريق ابن طولون ومن غري طريقه " ثبته " حيث ساق أسانيده يف : -ه وتاب عليهم وعليه وأحسن إليهم وإليه غفر اهللا ملشاخيه ولوالدي -قال عبد الفتاح بن حممد بن بشري أبو غدة

    إين أروي املوطأ إجازة بطريق شيخنا احلافظ احملدث الناقد العالمة حممد زاهد الكوثري رمحه اهللا تعاىل وهو يروي : إجازة بطريق احلجار روايات

    حممد بن احلسن - ١ - وحيىي بن حيىي النيسابوري - ٢ - وقتيبة بن سعيد - ٣ - وعبد اهللا بن عمر بن غامن - ٤ - وعبد العزيز بن حيىي اهلامشي - ٥ - وعبد امللك بن عبد العزيز بن املاجشون - ٦ - وابن القاسم - ٧ - وعبد اهللا بن نافع الزبريي - ٨ -

    : وبطريق أيب هريرة بن الذهيب روايات مطرف بن عبد اهللا اليساري - ٩ - ريي ومصعب بن عبد اهللا الزب - ١٠ - وعلي بن زياد التونسي - ١١ - وأشهب - ١٢ -

    : وبطريق حممد بن عبد اهللا بن احملب رواية : عبد اهللا بن وهب ورواية - ١٣ - إسحاق بن عيسى الطباع - ١٤ -

    : وبطريق إبراهيم بن حممد األرموي رواية عبد اهللا بن مسلمة القعنيب - ١٥ -

    : ة روايات وبطريق زينب بنت الكمال املقدسي

  • الشافعي - ١٦ - وحممد بن معاوية األطرابلسي - ١٧ - وأسد بن الفرات - ١٨ -

    : وبطريق ابن حجر روايات حيىي بن حيىي الليثي - ١٩ - وأيب مصعب أمحد بن أيب بكر الزهري - ٢٠ - وحيىي بن عبد اهللا بن بكري املصري - ٢١ - وسويد بن سعيد - ٢٢ - بن كثري بن عفري وسعيد - ٢٣ - ومعن بن عيسى القزاز - ٢٤ -

    وهؤالء أربعة وعشرون راويا من أصحاب مالك : " قال شيخنا الكوثري وأمحد يكثر من طريق ابن مهدي

    وأبو حامت من طريق معن بن عيسى والبخاري من طريق عبد اهللا بن يوسف التنيسي

    ومسلم من طريق حيىي بن حيىي النيسابوري اود من طريق القعنيب وأبو د

    والنسائي من طريق قتيبة بن سعيد وقد أوصل احلافظ حممد بن عبد اهللا الدمشقي املعروف بابن ناصر الدين رواة املوطأ إىل ثالثة ومثانني راويا يف كتابه

    " إحتاف السالك برواة املوطأ عن مالك " شارقة ورواية حيىي الليثي بني املغاربة وأشهر رواياته يف هذا العصر رواية حممد بن احلسن بني امل

    متتاز ببيان ما أخذ به أهل العراق من أحاديث أهل احلجاز املدونة يف املوطأ وما مل يأخذوا به ألدلة أخرى : فاألوىل ساقها حممد يف موطئه وهي نافعة جدا ملن يريد املقارنة بني آراء أهل املدينة وآراء أهل العراق وبني أدلة الفريقني

    متتاز عن نسخ املوطأ كلها باحتوائها على آراء مالك البالغة حنو ثالثة آالف مسألة يف أبواب الفقه : والثانية وهاتان الروايتان نسخهما يف غاية الكثرة يف خزانات العامل شرقا وغربا

    د ورواية أيب مصعب ورواية سويد بن سعي. وتوجد رواية ابن وهب يف مكتبيت فيض اهللا وويل الدين باآلستانة وأطراف املوطأ للداين يف مكتبة الكربيلي يف اآلستانة . الزهري يف ظاهرية دمشق

    عن -وطالب احلديث إذا عين بادئ ذي بدء مبدارسة أحوال رجال املوطأ فاحصا عن األسانيد واملتون فيه تدرج سبحانه فيصبح على نور من ربه يف باقي يف مدارج معرفة احلديث والفقه يف آن واحد بتوفيق اهللا -دوق وخربة

    " حبوثه يف احلديث راقيا على مراقي االعتالء يف العلم نافعا بعلمة منتفعا به واهللا سبحانه ويل التسديد

    كلمات يف ترمجة حممد بن احلسن راوي املوطأ وكلمات يف العمل بالرأي الذي

    : يغمز به شيوخ اإلمام حممد بن احلسن ومكانته يف احلديث إىل جانب مكانته يف سيظهر للمطالع من قراءة هذا املوطأ وفرة

  • الفقه واالجتهاد فقد ظلمه مجلة من احملدثني ظلما شديدا ملا كان عليه من االجتهاد والعمل بالرأي والرأي عند و كان إماما ثقة كل الكثري منهم أو أكثرهم من خوارم الثقة بالراوي يذكرونه يف ترمجة الراوي يف مجلة املغامز له ول

    الثقة يف احلديث مع أنه ال فقه بال رأي وال أحد من األئمة املتبوعني واملعتربين مل يعمل بالرأي فهم يف نقد الراوي الذي لديه رأي ميشون على طريقة من مل يكن مثلنا فهو خصم لنا إنا هللا

    مناقب أيب حنيفة " املطبوع مع جزء " اجلزء " فأذكر هنا مجال يسرية أقطفها من ترمجة اإلمام حممد بن احلسن يف، من ٩٤، ٩٣، ٨٤، ٨٢، ٨١، ٨٠، ٧٩ص ( للحافظ الذهيب " وصاحبيه أيب يوسف وحممد بن احلسن

    للتعريف بطرف من سرية هذا اإلمام اجلليل ) ١٤٠٨الطبعة الثالثة يف بريوت سنة ويل قضاء . قه به أئمة وصنف التصانيف وكان من أذكياء العامل انتهت إليه رياسة الفقه بالعراق بعد أيب يوسف وتف

    احتج به الشافعي يف احلديث حيكى عنه ذكاء مفرط . القضاة للرشيد ونال من اجلاه واحلشمة ما ال مزيد عليه يف ( وعقل تام وسؤدد وكثرة تالوة

    لو أن حممد : مسعت الشافعي يقول : " ي بالسند إىل الربع املراد ١٦٥: ٢البن مفلح احلنبلي " اآلداب الشرعية " ) بن احلسن كان يكلمنا على قدر عقله ما فهمنا عنه لكنه كان يكلمنا على قدر عقولنا فنفهمه

    أقمت على باب مالك ثالث سنني : قال حممد بن احلسن : حممد بن عبد اهللا بن عبد احلكم وغريه ثنا الشافعي قال ونيفا لفظا ومسعت منه لفظا سبع مئة حديث

    نزل القرآن بلغة حممد بن احلسن لقلته لفصاحته : لو أشاء أن أقول : الربيع بن سليمان املزين مسعت الشافعي يقول مارأيت مسينا أخف روحا من حممد بن احلسن وما رأيت أفصح منه كنت إذا رأيته يقرأ : ومسعت الشافعي يقول

    القرآن كأن القرآن نزل بلغته ما رأيت أعلم بكتاب اهللا من حممد بن احلسن كأنه عليه نزل : ف القراطيسي مسعت الشافعي يقول إدريس بن يوس

    ما مسعت أحدا قط كان إذا : الطحاوي مسعت أمحد بن أيب داود املكي مسعت حرملة بن حيىي مسعت الشافعي يقول تكلم رأيت أن القرآن نزل بلغته غري حممد بن احلسن وقد كتبت عنه محل خبيت

    محلت عن حممد احلسن محل خبيت كتبا وما ناظرت أحدا إال : حممد بن إمساعيل الرقي ثنا ؟ ؟ الربيع ثنا الشافعي قال تغري وجهه ما خال حممد بن احلسن

    محلت عن حممد بن احلسن محل خبيت ليس عليه إال مساعي قال عبد : ابن أيب حامت ثنا الربيع مسعت الشافعي يقول اجلمل الطويل العنق الضخم اجلسم ؟ وكم هي قيمة هذه : كون من األحاديث يف محل هذا البخيت كم ي: الفتاح

    الشهادة الغالية من الشافعي ؟ " اجلامع الصغري " كتبت عن حممد بن احلسن : عباس بن حممد مسعت ابن معني يقول

    ن احلسن قج انقطع قلبه من فكره يف كان حممد ب: أبو خازم القاضي ثنا بكر العمي مسعت حممد بن مساعة يقول حىت كان الرجل يسلم عليه فيدعو -يعين يقع له استغراق فكر وخاطر يف مسائل الفقه يأخذه عمن حوله -الفقه

    له حممد فيزيده الرجل يف السالم فريد عليه ذلك الدعاء بعينه الذي ليس من جواب الزيادة يف شيء : احلسن كثريا ما يتمثل هبذا البيت كان حممد بن : حممد بن مساعة قال

    من عاش يف الناس يوما غري حمسود ... حمسدون وشر منزلة انتهى ما قطفته من جزء احلافظ الذهيب يف ترمحة حممد بن احلسن رمحهما اهللا تعاىل

    عارضني أورد هذه ومصداقا ملا وصفه به اإلمام الشافعي من سعة الصدر وكثرة احللم يف املناظرة وعلى املخالفني وامل

  • الواقعة وفيها أكثر من شاهد وفائدة للقاضي أيب " أخبار أيب حنيفة وأصحابه " ، ويف ١١: ١٥٨" ( تاريخ بغداد " روى احلافظ اخلطيب البغدادي يف

    كان عيسى " حممد بن مساعة قال " احملدث الفقيه عن ) عيسى بن أبان ( يف ترمجة ) ١٢٨عبد اهللا الصيمري ص هؤالء قوم خيالقون احلديث وكان : حممد بن احلسن فيقول -جملس -أبان يصلي معنا وكنت أدعوه أن يأيت بن

    عيسى حسن احلفظ للحديث فصلى معنا يوما الصبح وكان يوم جملس حممد فلم أفارقه حىت جلس يف اجمللس دقة الكاتب ومعه ذكاء ومعرفة هذا ابن أخيك أبان بن ص: أدنيته إليه وقلت -من اجمللس -فلما فرغ حممد

    يابين ما الذي رأيتنا : وقال له -حممد -إنا خنالف احلديث فأقبل عليه : باحلديث وأنا أدعوه إليك فيأىب ويقول خنالفه من احلديث ال تشهد علينا حىت تسمع منا

    ه مبا فيها من املنسوخ ويأيت فسأله يومئذ عن مخسة وعشرين بابا من احلديث فجعل حممد بن احلسن جييبه عنها وخيربكان بيين وبني النور ستر فارتفع عين ما ظننت أن يف ملك : فالتفت إيل عندما خرجنا فقال . بالشواهد والدالئل

    انتهى " . اهللا مثل هذا الرجل يظهره للناس ولزم حممد بن احلسن لزوما شديدا حىت تفقه به عن اإلمام مالك رضي اهللا عنهما وجزامها عن العلم والدين " ملوطأ ا" هذه ملعة من ترمجة حممد بن احلسن راوي

    واملسلمني خري اجلزاء

    كلمات يف العمل بالرأي الذي يغمز به حممد بن احلسن واحلنفية وغريهم

    : أشرت يف أول الترمجة املوجزة حملمد بن احلسن أنه كان يغمز بالعمل بالرأي -

    والضبط ال جيرح صحة الرواية وال يضعفها وال خيل بصدق الراوي ألن األمانة يف العمل بالرأي مع العدالة: وأقول النقل منه قائمة تامة وورع العدل مينعه أن يزيد حرفا أو ينقص حرفا يف احلديث الذي يرويه لديانته بروايته وحلفظ

    مسعته بسالمته بل . ملدينة والكوفة والبصرة والعراق وغريها وقد عمل بالرأي من ال حيصى كثرة من احملدثني والفقهاء من أهل االتابعي ) أيب عثمان ربيعة بن أيب عبد الرمحن ( اشتهر بعضهم بقرن الرأي يف امسه نعتا له مثل اإلمام ربيعة الرأي

    ١٣٦املدين شيخ مالك والثوري وشعبة والليث بن سعد وهذه الطبقة املتوىف سنة للحنفية أصحاب " أصول الفقة " قال اإلمام فخر الدين البزدوي يف مقدمة كتابه وأما غمز احلنفية بالعمل بالرأي ف

    وهم الربانيون يف علم الكتاب والسنة ومالزمة -أي الفقه -وأصحابنا هم السابقون يف هذا الباب : " الرأي القدوة وهم أصحاب احلديث واملعاين

    وتسمى كتب : قال ابن تيمية -لرأي والرأي اسم للفقه أما املعاين فقد سلم هلم العلماء حىت مسوهم أصحاب ا - ١٨: ٧٤" جمموع الفتاوي " الفقه كتب الرأي كما يف

    وهم أوىل باحلديث أيضا أال ترى أهنم جوزوا نسخ الكتاب بالسنة لقوة منزلة السنة عندهم وعملوا باملراسيل متسكا الرأي ومن رد املراسيل فقد رد كثريا من السنة وعمل بالسنة واحلديث ورأوا العمل هبا مع اإلرسال أوىل من

    وقال حممد رمحه تعاىل . بالفرع بتعطيل األصل وقدموا رواية اجملهول على القياس وقدموا قول الصحايب على القياس كالم . انتهى " . ال يستقيم احلديث إال بالرأي وال يستقيم الرأي إال باحلديث " : أدب القاضي " يف كتاب

    بزدوي ال

  • معناه ال يستقم احلديث إال باستعمال : " ١: ١٧" كشف األسرار : " قال العالمة عالء الدين البخاري يف شرحه وال يستقيم إال باحلديث أي ال يستقيم العمل بالرأي . الرأي فيه بأن يدرك معانيه الشرعية اليت هي مناط األحكام

    " واألخذ به إال بانضمام احلديث إليه على علماء الكوفة وفقهائها من قبل أناس من رواة ) أصحاب الرأي : ( وقد أطلق هذا اللقب : عبد الفتاح قال

    احلديث كان علمهم أن خيدموا ظواهر ألفاظ احلديث وال يرومون فهم ما وراء ذلك من استجالء دقائق املعاين قله يف فهم النص وحتقيق العلة واملناط وجليل االستنباط وكان هؤالء الرواة يضيقون صدرا من كل من أعمل ع

    وأخذ يبحث يف غري ما يبدو ألمثاهلم من ظاهر احلديث ويرونه قد خرج عن اجلادة وترك احلديث إىل الرأي فهو مذموم منبوذ الرواية -يف زعمهم -هبذا

    ال احلديث وخذ منها وقد جرحوا هبذا اللقب طوائف من الرواة الفقهاء األثبات كما تراه يف كثري من تراجم رج : بعض األمثلة

    ١٦١" ( هدي الساري " عند احلافظ ابن حجر يف ) حممد بن عبد اهللا بن املثىن األنصاري ( جاء يف ترمجة - ١ -ما يضعفه عند أهل احلديث : من قدماء شيوخ البخاري ثقة وثقه ابن معني وغريه قال أمحد : " قول احلافظ ) ٢:

    ) ١: ٣٧١( للذهيب " تذكرة احلفاظ " انظر ترمجته يف : قلت . انتهى " وأما السماع فقد مسع إال النظر يف الرأي ) ٢٧٦ - ٩: ٢٧٤" ( هتذيب التهذيب " و ) : الوليد بن كثري املخزومي ( يف ترمجة ) ٢: ١٧٠" ( هدي الساري " وقال احلافظ ابن حجر أيضا يف - ٢ -قد كان ثقة ثبتا حيتج حبديثه مل يضعفه أحد إمنا عابوا : ني وأبو داود وقال الساجي وثقه إبراهيم بن سعد وابن مع"

    " عليه الرأي معلى بن منصور الرازي إمام مشهور موثق قال أبو ) : " ٢: ٦٧٠" ( املغين " وقال احلافظ الذهيب يف - ٣ -

    كان يكتب الشروط : يف مل تكتب عنه ؟ قال ك: قيل ألمحد : كان أمحد ال يروي عنه للرأي وقال أبو حامت : داود " من كتبها مل خيل أن يكذب

    ويف آخر ) ٢٤٠ - ١٠: ٢٣٨" ( هتذيب التهذيب " و ) ١: ٣٧٧" ( تذكرة احلفاظ " انظر ترمجته يف : قلت نقل معلى بن منصور من كبار أصحاب أيب يوسف وحممد ومن ثقاهتم يف ال: قال أمحد بن حنبل : " ترمجته فيه فيكون أمحد ترك الكتابة عنه من أجل الرأي فقط . أنتهى " . والرواية

    وقد كثر هذا النبذ ألهل الرأي والنبذ لروايات كثري منهم حىت أثار مثل اإلمام أيب الوفاء بن عقيل احلنبلي وغريه مسودة آل تيمية يف أصول " من أئمة احلنابلة أن يتكلم بسبب هذا القول فيهم أو بأويله على وجه حمتمل جاء يف

    تكلم عليه ابن عقيل بكالم ) ال يروى عن أهل الرأي : ( وقال والد شيخنا يف قول أمحد : " ٢٦٥ص " الفقه وهذا حممول : -أبو يعلى -قال القاضي ) أصحاب الرأي ال يروى عنهم احلديث : ( كثري قال يف رواية عبد اهللا

    ية وحنوهم على أهل الرأي من املتكلمني كالقدرص ) ( املبتدع ( ليس كذلك بل نصوصه يف ذلك كثرية وهو ما ذكرته يف : -القائل الشيخ ابن تيمية -قلت أنه نوع من اهلجرة فإنه قد صرح بتوثيق بعض من ترك الرواية عنه كأيب يوسف وحنوه " ) املسودة " يف ٢٦٤

    انتهى " . ولذلك مل يرو هلم يف األمهات كالصحيحني

    مجلة من احملدثني أليب يوسف وحممد الفقيهني احملدثني ظلم

  • : وقد جتاىف ) : ٢٤ص " ( اجلرح والتعديل : " قال العالمة الشيخ مجال الدين القامسي رمحه اهللا تعاىل يف كتابه -

    نن أرباب الصحاح الرواية عن أهل الرأي فال تكاد جتد امسا هلم يف سند من كتب الصحاح أو املسانيد أو السولعمري مل " ميزان االعتدال " كاإلمام أيب يوسف واإلمام حممد بن احلسن فقد لينهما أهل احلديث كما ترى يف

    ينصفومها ومها البحران الزاخران وآثارمها تشهد بسعة علمهما وتبحرمها بل بتقدمهما على كثري من احلفاظ اإلمام حممد" موطأ " أليب يوسف و " اخلراج " وناهيك كتاب

    وإن كنت أعد ذلك يف البعض تعصبا إذ يرى املنصف عند هذا البعض من العلم والفقه ما جيدر أن يتحمل عنه ويستفاد من عقله وعلمه ولكن العصبية

    ولقد وجد لبعض احملدثني تراجم ألئمة أهل الرأي خيجل املرء من قراءهتا فضال عن تدوينها وما السبب إال ختالف خالف ورفض النظر يف املآخذ واملدارك اليت قد يكون معهم احلق يف الذهاب إليها فإن احلق املشرب على توهم الت

    يستحيل أن يكون وقفا على فئة معينة دون غريها واملنصف من دقق يف املدارك غاية التدقيق مث حكم ماء الرأي مل نعم كان ولع جامعي السنة مبن طوف البالد واشتهر باحلفظ والتخصص بعلم السنة ومجعها وعل

    يشتهروا بذلك وقد أشيع عنهم أهنم حيكمون الرأي يف األثر وإن كان هلم مرويات مسندة معروفة رضي اهللا عن انتهى " . اجلميع وحشرنا وإياهم مع الذين أنعم اهللا عليهم

    أبو يوسف ) : " ١٣: ١١" ( مسند اإلمام أمحد " وقال شيخنا العالمة أمحد شاكر رمحه اهللا تعاىل يف تعليقه على " تركوه وقال يف : ، وقال ٢: ٣٩٧/ ٤" الكبري " ثقة صدوق تكلموا فيه بغري حق ترمجه البخاري يف : القاضي لسان " ، واحلافظ يف ٤: ٤٤٧" امليزان " تركه حيىي وابن مهدي وغريمها وترمجه الذهيب يف : ٣٨ص " الضعفاء ، وأعدل ما قيل فيه قول ٢٦٢ - ١٤: ٢٤٢ترمجة حافلة " ريخ بغداد تا" ، واخلطيب يف ٦: ٣٠٠" امليزان

    انتهى " ومل خيتلف حيىي بن معني وأمحد بن حنبل وعلي بن املديين يف ثقته يف النقل : أمحد بن كامل عند اخلطيب

    كلمات لإلمام ابن تيمية يف دفع اجلرح بالعمل بالرأي

    : مام ابن تيمية كالما حسنا جلى فيه شأن الرأي وما يذم منه وما ال يذم وقد رأيت للشيخ اإل" قال عبد الفتاح -

    فأحببت إيراده هنا استيفاء للمقام وإن طال الكالم فإنه قاطع للشغب على العمل بالرأي من كل مشاغب " ) : " ربى الفتاوى الك" ، ضمن ٣: ٢٢٧" ( إقامة الدليل على إبطال التحليل : " قال رمحه اهللا تعاىل يف كتابه

    ما ورد يف احلديث واألثر من ذم الرأي وأهله فإمنا يتناول احليل فإهنا أحدثت بالرأي وإهنا رأي حمض ليس فيه أثر عن الصحابة وال له نظري من احليل ثبت بأصل فيقاس عليه مبثله واحلكم إذا مل يثبت بأصل وال نظري كان رأيا حمضا

    باطال ن عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن عمر وغريهم وكذلك عن التابعني بعدهم ويف ذم الرأي آثار مشهورة ع

    بإحسان فيها بيان أن األخذ بالرأي حيلل احلرام وحيرم احلالل ومعلوم أن هذه اآلثار الذامة للرأي مل يقصد هبا اجتهاد الرأي على األصول من الكتاب والسنة واإلمجاع يف حادثة

    وال إمجاع ممن يعرف األشباه والنظائر وفقه معاين االحكام فيقيس قياس تشبيه ومتثيل أو مل توجد يف كتاب وال سنة قياس تعليل وتأصيل قياسا مل يعارضه ما هو أوىل منه فإن أدلة جواز هذا للمفيت لغريه والعامل لنفسه ووجوبه على

  • اهللا سبحانه وال حترمي ملا حلله اهللا احلاكم واإلمام أشهر من أن تذكر هنا وليس يف هذا القياس حتليل ملا حرمه ما عارض الكتاب والسنة أو ما كان عليه : وإمنا القياس والرأي الذي يهدم اإلسالم وحيلل احلرام وحيرم احلالل

    : مث خمالفته هلذه األصول على قسمني . سلف األمة أو معاين ذلك املعتربة فهذا ال يقع من مفت إال إذا كان األصل مما مل يبلغه علمه . خر أن خيالف أصال خمالفة ظاهرة بدون أصل آ: أحدمها

    وأما األصول املشهورة فال خيالفها مسلم . كما هو الواقع لكثري من األئمة مل يبلغهم بعض السنن فخالفوها خطأ خالفا ظاهرا من غري معارضة بأصل آخر فضال عن أن خيالفها بعض املشهورين بالفتيا

    ف األصل بنوع تأويل وهو فيه خمطئ بأن يضع اإلسم على غري موضعه أو على بعض موضعه ويراعي أن خيال: الثاين فيه جمرد اللفظ دون اعتبار املقصود ملعىن أو غري ذلك

    وكان عظم علمهم . فقه كويف وعبادة بصرية : وإن من أكثر أهل األمصار قياسا وفقها أهل الكوفة حىت كان يقال وعبد اهللا بن مسعود رضي اهللا عنهم وكان أصحاب عبد اهللا وأصحاب عمر وأصحاب علي مأخوذا عن عمر وعلى

    من العلم والفقه باملكان الذي ال خيفى إين : مث كان أفقههم يف زمانه إبراهيم النخعي ؟ ؟ كان فيهم مبنزلة سعيد بن املسيب يف أهل املدينة وكان يقول

    وكان الشعيب أعلم باآلثار . ومل يكن خيرج عن قول عبد هللا وأصحابه .ألمسع احلديث الواحد فأقيس به مئة حديث وأهل املدينة أعلم بالسنة منهم . منه

    وقد يوجد لقدماء الكوفيني أقاويل متعددة فيها خمالفة لسنة مل تبلغهم ومل يكونوا مع ذلك مطعونا فيهم وال كانوا سرية السلف وذلك ألن مثل هذا قد وجد ألصحاب مذمومني بل هلم من اإلسالم مكان ال خيفى على من علم

    ومن خالف ما مل . رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم ألن اإلحاطة بالسنة كاملتعذر على الواحد أو النفر من العلماء انتهى " . يبلغه فهو معذور . اجلارح هبا مبتانة وإقناع وهللا در اإلمام ابن تيمية كيف جلى هذه املسألة واستوفاها ورد قول : قال عبد الفتاح

    مردود وال يصح غمز الثقات األثبات ) من أهل الرأي ( وهبذه البيان الشايف الوايف يتبني أن جرح الراوي بأنه واألعالم الكبار به

    حتجر الرواة وضيقهم من املشتغل بغري احلديث

    : ل احلديث متوجهة إىل الرواية والسماع أنه كانت مهة أكثر أه: ومأتى جرحهم الراوي هبذا اجلرح املردود -

    ويرفضون النظر يف املآخذ واملدارك كما أشار إليه الشيخ القامسي رمحه اهللا تعاىل فيما تقدم من كالمه بل كان أولئك الرواة يرون العلم كل العلم رواية احلديث ومتنا ال حبثا وفقيا ويرون إعمال الرأي يف فهم األثر

    هم عن فقيه أنه تكلم يف مسألة باحثا جمتهدا أو عن متكلم قال يف صفة من صفات اهللا تعاىل خروجا عليه فإذا بلغثارت لذلك حفيظتهم ونقموا : قوال أو عن مذكر حتدث عن حال النفس كاشفا منقبا أو عن حمدث روى شعرا

    عليه ما صنع وقالوا فيه من اجلرح ما يرونه مالقيا للجارح الذي اتصف به يف نظرهم : " ما نصه ) ١٧: ٢٩٩( لياقوت احلموي " معجم األدباء " قد جاء يف ترمجة اإلمام الشافعي رضي اهللا عنه يف و

    ال تعلم هبذا : كان أيب والشافعي يتناشدان فأتى الشافعي على شعر هذيل حفظا وقال : عن مصعب الزبريي قال انتهى " . أحدا من أهل احلديث فإهنم ال حيتملون هذا

  • " احللية " بل إن أهل احلديث مل حيتملوا أقل من هذا بكثري مل حيتملوا تصنيف احلديث على األبواب جاء يف : قلت أيب عبد الرمحن : ( يف ترمجة اإلمام اجلليل القدوة عامل خراسان الفقيه احملدث العابد اجملاهد ) ٨: ١٦٥( أليب نعيم

    : اهللا تعاىل ما يلي رمحه ١٨١املتوىف سنة ) عبد اهللا بن املبارك مررت بعبد : يقول -هو احلافظ اإلمام احلجة محاد بن أسامة الكويف -مسعت أبا أسامة : قال أمحد بن أيب احلوارى يا أبا عبد الرمحن إين ألنكر : وهو حيدث فقلت -ثغر من ثغور اجلهاد يف وجه األعداء -اهللا بن املبارك بطرسوس

    ي وضعتمون ما هكذا أدركنا املشيخة هذه األبواب والتصنيف الذ انتهى

    عبد اهللا بن املبارك وكل : فإذا كان هذا شأن أحد كبار احملدثني مع شيخ احملدثني والزهاد وإمام اجملاهدين والعباد فال شك أن شأهنم أشد إنكارا مئة ) األبواب والتصنيف عليها ( الذي صنعه هو أنه مجع األحاديث حتت عناوين

    الذي يعمل رأيه يف فهم النص أو يؤوله لدليل يقتضي ذلك عنده مرة مع آفات العلم وبيان عالمات علماء اآلخرة والعلماء السوء ( يف مبحث ١: ٧٩" ( اإلحياء " وقال اإلمام الغزايل يف

    ن وعن كان األولون يكرهون كتب األحاديث وتصنيف الكتب لئال يشتغل الناس هبا عن احلفظ وعن القرآ) ) : " ابتدع ما مل يفعله الصحابة رضي : ويقول " املوطأ " التدبر والتذكر وكان أمحد بن حنبل ينكر على مالك يف تصنيفه

    انتهى " . اهللا عنهم مناقب اإلمام أمحد " يف -يف هذا الصدد أيضا وعلى غرار ما نقله اإلمام الغزايل -وانظر أقواال أخرى لإلمام أمحد

    الباب الثامن والعشرون يف ذكر كراهيته وضع الكتب املشتملة على الرأي ليتوافر االلتفات إىل ( البن اجلوزي يف" ) من الطبعة األوىل ١٩٢من الثانية احملققة وص ٢٤٩وذلك يف ص ) ( النقل

    الرد على من قدح يف أيب حنيفة بدعوى تقدميه القياس على السنة

    : اخلريات احلسان يف مناقب : " اهليتمي الفقيه الشافعي رمحه اهللا تعاىل يف كتابه قال اإلمام احملقق ابن حجر املكي -

    الفصل السابع والثالثون يف الرد على من قدح يف أيب حنيفة لتقدميه ) : ( ٩٨ص " ( اإلمام أيب حنيفة النعمان ) : القياس على السنة

    : ١٤٨" ( جامع بيان العلم وفضله " املالكي األندلسي يف اإلمام احملدث الفقيه [ قال احلافظ أبو عمر بن عبد الرب باب ( يف " ) جامع بيان العلم " هو من زياديت على كالم ابن حجر اهليتمي من [ ] وما تراه بني هاتني املعكوفتني ٢

    ض احملدثني بعد أن نقل طائفة من أقوال بع) ما جاء يف ذم القول يف دين اهللا بالرأي والظن والقياس على غري أصل : ما يلي ] يف الغمز بأيب حنيفة

    وأكثر أهل العلم . أفرط أصحاب احلديث يف ذم أيب وجتاوزوا احلد يف ذلك لتقدميه الرأي والقياس على اآلثار وكثري منه قد . وكان رده ملا من أخبار اآلحاد بتأويل حمتمل . إذا صح احلديث بطل الرأي والقياس : يقولون

    ] ممن قال بالرأي [ ه وتابعه عليه مثله تقدمه إليه غريوجل ما يوجد له من ذلك تبع فيه أهل علم بلده كإبراهيم النخعي وأصحاب ابن مسعود إال أنه أكثر من ذلك هو

    وغريه إمنا يوجد له ذلك قليال . وأصحابه لك املذهب سنة أخرى وما أعلم أحدا من أهل العلم إال وله تأويل يف آية أو مذهب يف سنة فرد من أجل ذ[

  • ] بتأويل سائغ أو ادعاء نسخ إال أن أليب حنيفة من ذلك كثريا وهو يوجد لغريه قليال أحصيت على مالك سبعني مسألة قال فيها برأيه وكلها خمالفة لسنة رسول اهللا صلى اهللا عليه : قال الليث بن سعد

    و سلم ولقد كتبت إليه أعظه يف ذلك : أليس مالك تكلم بالرأي ؟ قال : ما الذي نقمتم على أيب حنيفة ؟ قال الرأي قيل : د بن حنبل ومن مثة ملا قيل ألمح

    فهال تكلمتم يف هذا حبصته وهذا حبصته ؟ فسكت أمحد : بلى ولكن أبو حنيفة أكثر رأيا منه قيل و سلم مث رده إال حبجة ومل جند أحدا من علماء األمة أثبت حديثا عن رسول اهللا صلى اهللا عليه : قال أبو عمر

    ولو رده أحد من غري . كادعاء نسخ بأثر مثله أو بإمجاع أو بعمل جيب على أصله االنقياد إليه أو طعن يف سند حجة لسقطت عدالته فضال عن إمامته ولزمه اسم الفسق ولقد عافاهم اهللا من ذلك

    قياس على األصول ما يطول ذكره وكذلك ولقد جاء عن الصحابة رضي اهللا عنهم من اجتهاد الرأي والقول بال وعدد ابن عبد الرب منهم خلقا كثريين . التابعون

    واحلاصل أن أبا حنيفة مل ينفرد بالقول بالقياس بل . انتهى كالم ابن عبد الرب وفيه جواب شاف عن ذلك القدح " . من جهل فجعل ذلك عيبا على ذلك عمل فقهاء األمصار كما قاله ابن عبد الرب وبسط الكالم عليه ردا على

    انتهى كالم ابن حجر اهليتمي إىل جانب كالم اإلمام -ابن حجر املكي الشافعي ابن عبد الرب األندلسي املالكي : وهذا القدر من كالم اإلمامني

    كاف يف جتلية رد جرح الراوي بالعمل بالرأي واهللا سبحانه وتعاىل أعلم -ابن تيمية احلراين احلنبلى

    ات يف ترمجة الشارح اإلمام اللكنويكلم

    : النافع الكبري ملن يطالع اجلامع " ترجم اإلمام اللكنوي رمحه اهللا تعاىل لنفسه يف ستة كتب من كبار تآليفه يف خامتة -

    السعاية لكشف ما يف " يف آخر الفائدة التاسعة ويف مقدمة " التعليق املمجد : " ويف مقدمة كتابه هذا " الصغري ويف " التعليقات السنية على الفوائد البهية " ويف " عمدة الرعاية حلل شرح الوقاية " ويف مقدمة " الوقاية شرح

    لإلمام املرغيناين " اهلداية " مقدمة الرفع والتكميل يف اجلرح " وقد مجعت له ترمجة مطولة مستفيضة من هذه الكتب الستة وأثتبها يف أول كتابه

    ته يف