210
1 ﺍﻹﻳﻀﺎﺡ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ- ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺰﻭﻳﲏ ﺍﻹﻳﻀﺎﺡ ﰲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺰﻭﻳﲏTo PDF: www.al-mostafa.com

Al-Idaah Fi Balagha

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 1

اإليضاح يف علوم البالغة

جالل الدين القزويين

To PDF: www.al-mostafa.com

Page 2: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 2

مقدمة

يف الكشف عن معىن الفصاحة والبالغة

واحنصار علم البالغة يف املعاين والبيان غين منها ما يصلح لتعريفها به وال ما يشري للناس يف تفسري الفصاحة والبالغة أقوال خمتلفة مل أجد فيما بل

إىل الفرق بني كون املوصوف ما الكالم وكون املوصوف ما املتكلم، فاألوىل أن نقتصر على تلخيص قصيدة : القول فيهما باالعتبارين فنقول كل واحدة منهما تقع صفة ملعنيني أحدمها الكالم كما يف قولك

شاعر فصيح أو بليغ وكاتب : و بليغة، والثاين املتكلم كما يف قولكفصيحة أو بليغة ورسالة فصيحة أ .كلمة فصيحة وال يقال كلمة بليغة: والفصاحة خاصة تقع صفة للمفرد فيقال. فصيح أو بليغ

فصاحة المفرد

أما فصاحة املفرد فهي خلوصه من تنافر احلروف والغرابة وخمالفة القياس اللغوي، فالتنافر منه ما تكون لمة بسببه متناهية يف الثقل على اللسان وعسر النطق ا، كما روي أن أعرابيا سئل عن ناقته فقال الك

: تركتها ترعى اهلعخع، ومنه ما هو دون ذلك كلفظ مستشزر يف قول امرئ القيس

غدائره مستشزرات إلى العال

من ينقر عنها يف كتب اللغة والغرابة أن تكون الكلمة وحشية ال يظهر معناها فيحتاج يف معرفتها إىلما لكم تكأكأمت : املبسوطة كما روى عيسى بن عمر النحوي أنه سقط عن محار فاجتمع عليه الناس فقال

أي اجتمعتم تنحوا، وخيرج هلا وجه بعيد كما يف قول . علي تكأكؤكم على ذي جنة افرنقعوا عين : احلجاج

وفاحما ومرسنا مسرجا

اد بقوله مسرجا حىت اختلف يف خترجيه فقيل هو من قوهلم للسيوف سرجيية منسوبة إىل فإنه مل يعرف ما أرقني يقال له سريج يريد أنه يف االستواء والدقة كالسيف السرجيي، وقيل من السراج يريد أنه يف الربيق

كالسراج، وهذا يقرب من قوهلم سرج وجهه، بكسر الراء، أي حسن، وسرج اهللا وجهه أي جه : سنه، وخمالفة القياس كما يف قول الشاعروح

Page 3: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 3

الحمد هللا العلي األجلل

فإن القياس األجل باإلدغام، وقيل هي خلوصه مما ذكر، ومن الكراهة يف السمع بأن متج الكلمة ويتربأ من مساعها كما يتربأ من مساع األصوات املنكرة فإن اللفظ من قبيل األصوات، واألصوات منها ما تستلذ

: فس مساعها ومنها ما تكره مساعه كلفظ اجرشي يف قول أيب الطيبالن

كريم اجرشي شريف النسب

.أي كرمي النفس وفيه نظر

مث عالمة كون الكلمة فصيحة أن يكون استعمال العرب املوثوق بعربيتهم هلا كثريا أو أكثر من استعماهلم .ما مبعناها

فصاحة الكالم

ه من ضعف التأليف وتنافر الكلمات والتعقيد مع فصاحتها، فالضعف وأما فصاحة الكالم فهي خلوصضرب غالمه زيدا فإن رجوع الضمري إىل املفعول املتأخر لفظا ممتنع عند اجلمهور لئال يلزم : كما يف قولنا

: وقيل جيوز لقول الشاعر. رجوعه إىل ما هو متأخر لفظا ورتبة

العاويات وقد فعلجزاء الكالب ربه عني عدي بن حاتم جزى

" اعدلوا فهو أقرب للتقوى : " وأجيب عنه بأن الضمري ملصدر جزى أي رب اجلزاء كما يف قوله تعاىل

.أي العدل

والتنافر منه ما تكون الكلمات بسببه متناهية يف الثقل على اللسان وعسر النطق ا متتابعة كما يف البيت : الذي أنشده اجلاحظ

وليس قرب قبر حرب قبر رفحرب بمكان ق وقبر

: ومنه ما دون ذلك كما يف قول أيب متام

ديمعي وإذا ما لمته لمته وح كريم متى أمدحه أمدحه والورى

.فإن يف قوله أمدحه ثقال ما ملا بني احلاء واهلاء من تنافر

جع إىل اللفظ وهو خيتل والتعقد أن ال يكون الكالم ظاهر الداللة على املراد به وله سببان أحدمها ما ير : نظم الكالم وال يدري السامع كيف يتوصل منه إىل معناه كقول الفرزدق

هاربأبو أمه حي أبوه يق وما مثله في الناس إال مملكا

Page 4: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 4

كان حقه أن يقول وما مثله يف الناس حي يقاربه إال مملك أبو أمه أبوه، فإنه مدح إبراهيم بن هشام بن وما مثله يعين إبراهيم املمدوح يف الناس حي : مي خال هشام بن عبد امللك بن مروان فقالإمساعيل املخزو

يقاربه أي أحد يشبهه يف الفضائل إال مملكا يعين هشاما أبو أمه أي أبو أم هشام، أبوه أي أبو املمدوح، و خربه حبي وهو أبو أمه وهو مبتدأ وأبوه وه: فالضمري يف أمه للملك ويف أبوه للممدوح، ففصل بني

أجنيب، وكذا فصل بني حي ويقاربه، وهو نعت حي بأبوه وهو أجنيب، وقدم املستثىن على املستثىن منه فهو كما تراه يف غاية التعقيد، فالكالم اخلايل من التعقيد اللفظي ما سلم نظمه من اخللل، فلم يكن فيه ما

إال وقد قامت عليه قرينة ظاهرة لفظية أو معنوية خيالف األصل من تقدمي أو تأخري أو إضمار أو غري ذلك .كما سيأيت تفصيل ذلك كله وأمثلته الالئقة به

والثاين ما إىل املعىن وهو أن ال يكون انتقال الذهن من املعىن األول إىل املعىن الثاين الذي وهو الزمه : واملراد به ظاهرا كقول العباس بن األحنف

عيناي الدموع لتجمدا وتسكب بواسأطلب بعد الدار عنكم لتقر

كىن بسكب الدموع عما يوجبه الفراق من احلزن وأصاب ألن من شأن البكاء أن يكون كناية عنه، : وكما قال احلماسي. كقوهلم أبكاين أضحكين، أي أساءين وسرين

أضحكني الدهر بما يرضي امر ويا ربالده أبكاني

ين عما يوجبه دوام التالقي من السرور باجلمود لظنه أن اجلمود خلو مث طرد ذلك يف نقيضه فأراد أن يكالعني من البكاء مطلقا من غري اعتبار شيء آخر، وأخطأ ألن اجلمود خلو العني من البكاء يف حال إرادة

: البكاء منها فال يكون كناية عن املسرة وإمنا يكون كناية عن البخل كما قال الشاعر

بجاري دمعها لجمود عليك جد يوم واسطأال إن عينا لم ت

ولو كان اجلمود يصلح أن يراد به عدم البكاء يف حال املسرة جلاز أن يدعى به للرجل فيقال ال زالت وعلى ذلك قول أهل اللغة . عينك جامدة؛ كما يقال ال أبكى اهللا عينك، وذلك مما ال يشك يف بطالنه

نب هلا، فكما ال جتعل السنة والناقة مجادا إال على معىن أن السنة سنة مجاد ال مطر فيها، وناقة مجاد ال لخبيلة بالقطر والناقة ال تسخو بالدر، ال جتعل العني مجودا إال وهناك ما يقتضي إرادة البكاء منها وما

جيعلها إذا بكت حمسنة موصوفة بأا قد جادت، وإذا مل تبك مسيئة موصوفة بأا قد ضنت، فالكالم يل عن التعقيد املعنوي ما كان االنتقال من معناه األول إىل معناه الثاين الذي هو املراد به ظاهرا حىت اخلا

Page 5: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 5

خييل إىل السامع أنه فهمه من سياق اللفظ كما سيأيت من األمثلة املختارة لالستعارة والكناية وقيل فصاحة : كما يف قول أيب الطيبالكالم وهي خلوصه مما ذكر ومن كثرة التكرار وتتابع اإلضافات

سبوح لها منها عليها شواهد

: ويف قول ابن بابك

حمامة جرعا حومة الجندل اسجعي

وفيه نظر ألن ذلك إن أفضى باللفظ إىل الثقل على اللسان فقد حصل االحتراز عنه مبا تقدم وإال فال خيل مي ابن الكرمي ابن الكرمي يوسف بن يعقوب الكرمي ابن الكر: بالفصاحة وقد قال النيب صلى اهللا عليه وسلم

.بن إسحاق بن إبراهيم

إياك واإلضافات املتداخلة فإا ال حتسن وذكر أا تستعمل يف : قال الصاحب: قال الشيخ عبد القاهر : اهلجاء كقول القائل

واهللا ثلجة في خيارة أنت بن حمزة بن عمارة يا علي

األكثر لكنه إذا سلم من االستكراه ملح ولطف، ومما حسن فيه مث قال الشيخ وال شك يف ثقل ذلك يف : قول ابن املعتز أيضا

الحدنانير الوجود م عتاق وظلت تدير الراح أيدي جآذر

: ومما جاء فيه حسنا مجيال قول اخلالدي يصف غالما له

دعلى أن يزيد مجته وهو ويعرف الشعر مثل معرفتي

المعاني الدقاق منتقد دينار ريض وزانفي الق وصير

وأما فصاحة املتكلم فهي ملكة يقتدر ا على التعبري عن املقصود بلفظ فصيح فامللكة قسم من مقولة . الكيف اليت هي هيئة قارة ال تقتضي قسمة وال نسبة وهو خمتص بذوات األنفس راسخ يف موضوعه

يئات الراسخة حىت ال يكون املعرب عن مقصوده بلفظ وقيل ملكة ومل يقل صفة ليشعر بأن الفصاحة من اهلفصيح فصيحا إال إذا كانت الصفة اليت اقتدر ا على التعبري عن املقصود بلفظ فصيح راسخة فيه، وقيل

.يقتدر ا ومل يقل يعرب ا ليشمل حاليت وعدمه، وقيل بلفظ فصيح ليعم املفرد واملركب

بالغة الكالم

Page 6: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 6

هي مطابقته ملقتضى احلال مع فصاحته، ومقتضى احلال خمتلف فإن مقامات الكالم وأما بالغة الكالم فمتفاوتة، فمقام التنكري يباين مقام التعريف، ومقام اإلطالق يباين مقام التقييد، ومقام التقدمي يباين مقام

باين مقام التأخري، ومقام الذكر يباين مقام احلذف، ومقام القصر يباين مقام خالفه، ومقام الفصل يالوصل، ومقام اإلجياز يباين مقام اإلطناب واملساواة، وكذا خطاب الذكي يباين خطاب الغيب، وكذا لكل كلمة مع صاحبتها مقام إىل غري ذلك كما سيأيت تفصيل اجلميع وارتفاع شأن الكالم يف احلسن

حلال هو االعتبار املناسب وهذا، والقبول مبطابقته لالعتبار املناسب واحنطاطه بعدم مطابقته له، فمقتضى االنظم : أعين تطبيق الكالم على مقتضى احلال هو الذي يسميه الشيخ عبد القاهر بالنظم حيث يقول

.تآخي معاين النحو فيما بني الكلم على حسب األغراض اليت يصاغ هلا الكالم

ريا ما يسمى ذلك فصاحة أيضا فالبالغة صفة راجعة إىل اللفظ باعتبار إفادته املعىن عند التركيب، وكثوهو مراد الشيخ عبد القاهر مبا يكرره يف دالئل اإلعجاز من أن الفصاحة صفة راجعة إىل املعىن دون

علمت أن الفصاحة والبالغة وسائر ما جيري يف طريقهما أوصاف : اللفظ، كقوله يف أثناء فصل منهاأللفاظ نفسها، وإمنا قلنا مراد ذلك ألنه صرح يف راجعة إىل املعاين وإىل ما يدل عليه باأللفاظ دون

مواضع من دالئل اإلعجاز بأن فضيلة الكالم للفظ ال ملعناه منها أنه حكى قول من ذهب إىل عكس ذلك فقال أنت تراه ال يقدم شعرا حىت يكون قد أودع حكمة أو أدبا أو اشتمل على تشبيه غريب ومعىن

جئنا إىل احلقائق وما عليه احملصلون ألنا ال نرى متقدما يف علم البالغة نادر، مث قال واألمر بالضد إذامربزا يف شأوها إال وهو تنكر هذا الرأي، مث نقل عن اجلاحظ يف ذلك كالما منه قوله واملعاين مطروحة

سهولة يف الطريق يعرفها العجمي والعريب والقروي والبدوي، وإمنا الشأن يف إقامة الوزن وختري اللفظ واملخرج وصحة الطبع وكثرة املاء وجودة السبك، مث قالت ومعلوم أن سبيل الكالم سبيل التصوير

والصياغة وأن سبيل املعىن الذي يعرب عنه سبيل الشيء الذي يقع التصوير فيه كالفضة والذهب يصاغ ورداءته أن تنظر إىل منها خامت أو سوار، فكما أنه حمال إذا أردت النظر يف صوغ اخلامت وجودة العمل

الفضة احلاملة لتلك الصورة أو الذهب الذي وقع فيه ذلك العمل، كذلك حمال إذا أردت أن تعرف مكان الفضل واملزية يف الكالم أن تنظر يف جمرد معناه، وكما لو فضلنا خامتا على خامت بأن تكون فضة هذا

هو خامت، كذلك ينبغي إذا فضلنا بيتا على أجود، أو فضة ذاك أنفس، مل يكن ذلك تفضيال له من حيثبيت من أجل معناه أن ال يكون ذلك تفضيال له من حيث هو شعر وكالم هذا لفظه وهو صريح يف أن

الكالم من حيث هو كالم ال يوصف بالفضيلة باعتبار شرف معناه، وال شك أن الفصاحة من صفاته فيما سبق بأا راجعة إىل املعىن دون اللفظ فاجلمع بينهما الفاضلة فال تكون راجعة إىل املعىن، وقد صرح

مبا قدمناه حيمل كالمه حيث نفى أا من صفات اللفظ على نفي أا من صفات املفردات من غري اعتبار

Page 7: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 7

.للتركيب، وحيث أثبت أا من صفاته على أا من صفاته باعتبار إفادته املعىن عند التركيب

إليه تنتهي وهو حد اإلعجاز وما يقرب منه، واسفل منه تبتدئ وهو ما إذا غري أعلى : وللبالغة طرفانالكالم عنه إىل ما هو دونه التحق عند البلغاء بأصوات احليوانات، وإن كان صحيح اإلعراب وبني

.الطرفني مراتب كثرية متفاوتة

ها وجوه كثرية راجعة إىل مطابقة وإذا قد عرفت معىن البالغة يف الكالم وأقسامها ومراتبها فاعلم أنه يتبع .مقتضى احلال وال إىل الفصاحة تورث الكالم حسنا وقبوال

بالغة المتكلم

.وأما بالغة املتكلم فهي ملكة يقتدر ا على تأليف كالم بليغ

وقد علم مبا ذكرنا أمران أحدمها أن كل بليغ، كالما كان أو متكلما، فصيح، وليس كل فصيح بليغا، لثاين أن البالغة يف الكالم مرجعها إىل االحتراز عن اخلطأ يف تأدية املعىن املراد وإىل متييز الكالم الفصيح ا

.من غريه

والثاين أعين التمييز منه ما يتبني يف علم منت اللغة أو التصريف أو النحو أو يدرك باحلس وهو ما عدا .التعقيد املعنوي

.طأ هو علم املعاينوما حيترز به عن األول أعين اخل

.وما حيترز به عن الثاين أعين التعقيد املعنوي هو علم البيان

وما يعرف به وجوه حتسني الكالم بعد رعاية تطبيقه على مقتضى احلال وفصاحته هو علم البديع، وكثري ان، والثالثة من الناس يسمي اجلميع علم البيان، وبعضهم مسى األول علم املعاين والثاين والثالث علم البي

قيل يعرف دون يعلم، . علم البديع، وهو علم يعرف به أحوال اللفظ العريب اليت يطابق مقتضى احلالرعاية ملا اعتربه بعض الفضالء من ختصيص العلم بالكليات املعروفة باجلزئيات، كما قال صاحب القانون

: الشيخ أبو عمر رمحه اهللاوكما قال. الطب علم يعرف به أحوال بدن اإلنسان: يف تعريف الطب

.التصريف علم بأصول يعرف ا أحوال أبنية الكلم

علم املعاين هو تتبع خواص تراكيب الكالم يف اإلفادة وما يتصل ا من االستحسان : وقاتل السكاكيتبع وغريه ليحترز بالوقوف عليها عن اخلطأ يف تطبيق الكالم على ما تقتضي احلال ذكره وفيه نظر، إذا الت

. ليس بعلم وال صادق عليه فال يصح تعريف شيء من العلوم به، مث قال وأعين بالتراكيب تراكيب البلغاء

البالغة : وال شك أن معرفة البليغ من حيث هو بليغ متوقفة على معرفة البالغة، وقد عرفها يف كتابه بقوله

Page 8: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 8

لتراكيب حقها وإيراد أنواع التشبيه هي بلوغ املتكلم يف تأدية املعىن حدا له اختصاص بتوفية خواص اوااز والكناية على وجهها، فإن أراد التراكيب يف حد البالغة تراكيب البلغاء وهو الظاهر فقد جاء الدور، وإن أراد غريها فلم يبينه على أن قوله وغريه مبهم مل يبني مراده به، مث املقصود من علم املعاين

. أحوال اإلسناد اخلربي:أوهلا: منحصر يف مثانية أبواب

.أحوال املسند إليه: وثانيها

.أحوال املسند: وثالثها

.أحوال متعلقات بالفعل: ورابعها

.القصر: وخامسها

.اإلنشاء: وسادسها

.الفصل والوصل: وسابعها

.اإلجياز واإلطناب واملساواة: وثامنها

سبته خارج تطابقه أو ال تطابقه، أو ال ووجه احلصر أن الكالم إما خرب أو إنشاء ألنه إما أن يكون لنيكون هلا خارج األول اخلرب والثاين اإلنشاء، مث اخلرب ال بد له من إسناد ومسند إليه ومسند؛ وأحوال هذه

مث املسند قد يكون له متعلقات إذا كان فعال أو متصال به أو يف معناه . الثالثة هي األبواب الثالثة األوىل وهذا هو الباب الرابع، مث اإلسناد والتعلق كل واحد منهما يكون إما بقصر أو بغري كاسم الفاعل وحنوه

مث اجلملة إذا قرنت بأخرى فتكون الثانية إما . واإلنشاء هو الباب السادس. قصر وهذا هو الباب اخلامسلى أصل املراد ولفظ الكالم البليغ إما زائد ع. معطوفة على األوىل أو غري معطوفة وهذا هو الباب السابع

.لفائدة أو غري زائد عليه وهذا هو الباب الثامن

تنبيه

اختلف الناس يف احنصار اخلرب يف الصادق والكاذب فذهب اجلمهور إىل أنه منحصر فيهما مث اختلفوا فقال األكثر منهم صدقه مطابقة حكمه للواقع وكذبه عدم مطابقة حكمه له، هذا هو املشهور وعليه

ال بعض الناس صدقه مطابقة حكمه االعتقاد املخرب صوابا كان أو خطأ وكذبه عدم مطابقة التعويل، وقأحدمها أن من اعتقد أمرا فأخربه به مث ظهر خربه خبالف الواقع يقال ما : حكمه له، واحتج بوجهني

فيمن شأنه كذلك ما كذب ولكنه : كذب ولكنه أخطأ، كما روي عن عائشة رضي اهللا عنها قالتورد بأن املنفي تعمد الكذب ال الكذب بدليل تكذيب الكافر كاليهودي إذا قال اإلسالم باطل . وهم

.وتصديقه إذا قال اإلسالم حق، فقوهلا ما كذب متأول مبا كذب عمدا

Page 9: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 9

كذم يف قوهلم إنك لرسول اهللا وإن كان مطابقا " واهللا يشهد إن املنافقني لكاذبون : " الثاين قوله تعاىلأحدها أن املعىن نشهد شهادة واطأت فيها قلوبنا ألسنتنا كما : ألم مل يعتقدوه وأجيب عنه بوجوهلواقع

يترجم عنه ان والالم وكون اجلملة امسية يف قوهلم إنك لرسول اهللا، فالتكذيب يف قوهلم نشهد وادعائهم .فيه املواطأة ال يف قوهلم إنك لرسول اهللا

تهم إخبارهم شهادة ألن اإلخبار إذ خال عن املواطأة مل يكن شهادة يف وثانيها أن التكذيب يف تسمي .احلقيقة

وثالثها أن املعىن لكاذبون يف قوهلم إنك لرسول اهللا عند أنفسهم العتقادهم أنه خرب على خالف ما عليه .املخرب عنه

صادق وال كاذب، وأنكر اجلاحظ احنصار اخلرب يف القسمني وزعم أنه ثالثة أقسام صادق وكذاب وغري ألن احلكم إما مطابق للواقع مع اعتقاد املخرب له أو عدمه وإما غري مطابق مع االعتقاد أو عدمه، فاألول

أي املطابق مع االعتقاد هو الصادق والثالث أي غري املطابق مع عدم االعتقاد هو الكاذب، والثاين والرابع عدم االعتقاد، كل منهما ليس بصادق وال كاذب، أي املطابق مع عدم االعتقاد، وغري املطابق مع

: فالصدق عنده مطابقة احلكم للواقع مع اعتقاده، والكذب عدم مطابقته مع اعتقاده، وغريمها ضربان

افترى على اهللا كذبا أم به : " مطابقته مع عدم اعتقاده وعدم مطابقته مع عدم اعتقاده، واحتج بقوله تعاىلالنيب صلى اهللا عليه وسلم الرسالة يف االفتراء واإلخبار حال اجلنون مبعىن فإم حصروا دعوى " جنة

امتناع اخللو وليس إخباره حال اجلنون كذبا جلعلهم االفتراء يف مقابلته وال صدقا ألم مل يعتقدوا صدقه .فثبت أن من اخلرب ما ليس بصادق وال كاذب

وع من الكذب فال ميتنع أن يكون اإلخبار حال وأجيب عنه بأن االفتراء هو الكذب عن عمد فهو ناجلنون كذبا أيضا جلواز أن يكون نوعا آخر من الكذب وهو الكذب ال عن عمد فيكون التقسيم للخرب .الكاذب ال للخرب مطلقا واملعىن افترى أم مل يفتر، وعرب عن الثاين بقوله أم به جنة ألن انون ال افتراء له

تنبيه آخر

ا جيب أن يكون على ذكر الطالب هلذا العلم قال السكاكي ليس من الواجب يف صناعة وإن كان وهو مماملرجع يف أصوهلا وتفاريعها إىل جمرد العقل أن يكون الدخيل فيها كالناشئ عليها يف استفادة الذوق منها

يل يف صناعة علم فكيف إذا كانت الصناعة مستندة إىل حتكمات وضعية واعتبارات إلفية فال على الدخاملعاين أن يقلد صاحبه يف بعض فتاواه إن فاته الذوق هناك إىل أن يتكامل له على مهل موجبات ذلك

Page 10: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 10

.الذوق

اعلم : وكثريا ما يشري الشيخ عبد القاهر يف دالئل اإلعجاز إىل هذا كما ذكر يف موضع ما تلخيصه هذا وال جيد لديه فبوال حىت يكون من أهل الذوق أنه ال يصادف القول يف هذا الباب موقعا من السامع

واملعرفة ومن حتدثه نفسه بأن ملا تومئ إليه من احلسن أصال فيختلف احلال عليه عند تأمل الكالم فيجد األرحيية تارة ويعرى منها أخرى وإذا عجبته تعجب وإذا نبهته ملوضع املزية انتبه فأما من كانت احلاالت

يتفقد من أمر النظم إىل الصحة املطلقة وإال إعرابا ظاهرا فليكن عندك مبرتلة من عنده على سواء وكان العدم الطبع الذي يدرك به وزن الشعر ومييز به زاحفه من سامله يف أنك ال تتصدى لتعريفه لعلمك أنه قد

.عدم األداة اليت يعرف ا

ن من اآلفة أيضا من زعم أنه ال سبيل إىل واعلم أن هؤالء وإن كانوا هم اآلفة العظمى يف هذا الباب فإمعرفة العلة يف شيء مما تعرف املزية نفيه وال يعلم إال أن له موقعا من النفس وحظا من القبول فهذا بتوانيه

.يف حكم القائل األول

واعلم أنه ليس إذا مل يكن معرفة الكل وجب ترك النظر يف الكل، وألن تعرف العلة يف بعض الصور .عله شاهدا يف غريه أحرى من أن تسد باب املعرفة على نفسك وتعودها الكسل واهلوينافتج

وكالم كثري جرى على ألسنة الناس وله مضرة شديدة ومثرة مرة فمن أضر ذلك قوهلم مل : قال اجلاحظ يدع األول لآلخر شيئا فلو أن علماء كل عصر مذ جرت هذه الكلمة يف أمساعهم تركوا االستنباط مل

.ينته إليهم عمن قبلهم لرأيت العلم خمتال

القول في أحوال اإلسناد الخبري

من املعلوم لكل عاقل أن قصد املخرب خبربه إفادة املخاطب إما نفس احلكم كقولك زيد قائم ملن ال يعلم لم أنك أنه قائم، ويسمى هذا فائدة اخلرب، وإما كون املخرب عاملا باحلكم كقولك ملن زيد عنده وال يع

.زند عندك، ويسمى هذا الزم فائدة اخلرب: تعلم ذلك

قال السكاكي واألول بدون هذه متتنع وهذه بدون األوىل ال متتنع كما هو حكم الالزم اهول املساواة، أي ميتنع أن ال حيصل العلم الثاين من اخلرب نفسه عند حصول األول منه المتناع حصول الثاين قبل

ع أن مساع اخلرب من املخرب كاف يف حصول الثاين منه، وال ميتنع أن ال حيصل األول من حصول األول ماخلرب نفسه عند مساع الثاين منه جلواز حصول األول قبل الثاين وامتناع حصول احلاصل، وقد يرتل العامل

كما يلقى على بفائدة اخلرب، والزم فائدته مرتلة اجلاهل لعدم جريه على موجب العلم فيلقى إليه اخلرب

Page 11: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 11

.اجلاهل بأحدمها

ولقد علموا ملن اشتراه ما له يف اآلخرة من خالق : " قال السكاكي وإن شئت فعليك بكالم رب العزةكيف جتد صدره يصف أهل الكتاب بالعلم على سبيل " ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعملون

وما رميت إذ : " مهم، ونظريه يف النفي واإلثباتالتوكيد القسمي وآخره ينفيه عنهم حيث مل يعلموا بعلوإن نكثوا أميام من بعد عهدهم وطعنوا يف دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إم ال : " وقوله تعاىل" رميت

".أميان هلم لعلهم ينتهون

اجلاهل ما هذا لفظه وفيه إيهام أن اآلية األوىل من أمثلة ترتيل العامل بفائدة اخلرب والزم فائدته مرتلةوليست منها بل هي من أمثلة ترتيل العامل بالشيء مرتلة اجلاهل به لعدم جريه على موجب العلم، والفرق

بينهما ظاهر، وإذا كان غرض املخرب خبربه إفادة املخاطب أحد األمرين فينبغي أن يقتصر من التركيب طريف اخلرب على اآلخر والتردد فيه على قدر احلاجة فإن كان املخاطب خايل الذهن من احلكم بأحد

استغىن عن مؤكدات احلكم كقولك جاء زيد وعمرو ذاهب، فيتمكن يف ذهنه ملصادفته إياه خاليا وإن لزيد : كان متصور الطرفية مترددا يف إسناد أحدمها إىل اآلخر طالبا له حسن تقويته مبؤكد كقولك

إين صادق ملن : فه وجب توكيده حبسب اإلنكار فتقولعارف، أو إن زيدا عارف، وإن كان حاكما خبالواضرب هلم مثال " ينكر صدقك، وال يبالغ يف إنكاره، وإين لصادق ملن يبالغ يف إنكاره وعليه قوله تعاىل

أصحاب القرية إذ جاءها املرسلون، إذ أرسلنا إليهم اثنني فكذبومها فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم نتم إال بشر مثلنا وما أنزل الرمحن من شيء إن أنتم إال تكذبون، قالوا ربنا يعلم إنا مرسلون، قالوا ما أ

ويؤيد ما . إنا إليكم مرسلون ويف الثانية إنا إليكم ملرسلون: حيث قال يف املرة األوىل" إليكم ملرسلون اهللا قائم، وإن إين أجد يف كالم العرب حشوا يقولون عبد: ذكرناه جواب أيب العباس الكندي عن قوله

عبد اهللا لقائم، واملعىن واحد بأن، قال بل املعاين خمتلفة، فعبد اهللا قائم إخبار عن قيامه، وأن عبد اهللا قائم جواب عن سؤال سائل، وإن عبد اهللا لقائم جواب عن إنكار منكر، ويسمى النوع األول من اخلرب

الكالم على هذه الوجوه إخراجا على مقتضى الظاهر وكثريا ابتدائيا والثاين طلبيا والثالث إنكاريا وإخراج ما خيرج على خالفه فيرتل غري السائل مرتلة السائل إذا قدم إليه ما يلوح له حبكم اخلرب فيستشرف له

وما أبرئ " وقوله " وال ختاطبين يف الذين ظلموا إم مغرقون " استشراف املتردد الطالب كقوله تعاىل : وقول بعض العرب" فس ألمارة بالسوء نفسي إن التن

إن غناء اإلبل الحداء وهي لك الفداء فغنها

Page 12: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 12

كان أبو عمرو بن : وسلوك هذه الطريقة شعبة من البالغة، فيها دقة وغموض، روى األصمعي أنه قالثت؟ فيخربهم العالء وخلف األمحر يأتيان بشارا فيسلمان عليه بغاية اإلعظام مث يقوالن يا أبا معاذ ما أحدما هذه : وينشدمها، ويكتبان عنه متواضعني له حىت يأيت وقت الزوال، مث ينصرفان، فأتياه يوما فقاال

القصيدة اليت أحدثتها يف ابن قتيبة؟ قال هي اليت بلغتكما، قاال بلغنا أنك أكثرت فيها من الغريب، قال : ماال يعرف، قاال فأنشدناها يا أبا معاذنعم إن ابن قتيبة يتباشر بالغريب، فأحببت أن أورد عليه

إن ذاك النجاح في التبكير صاحبي قبل الهجير بكرا

حىت فرغ منها فقال له خلف لو قلت يا أبا معاذ مكان إن ذاك النجاح بكرا، فالنجاح كان أحسن، فقال يون، ولو قلت بكرا بشار إمنا بنيتها أعرابية وحشة فقلت إن ذاك النجاح كما يقول األعراب البدو

فالنجاح كان هذا من كالم املولدين وال يشبه ذلك الكالم وال يدخل يف معىن القصيدة، قال فقام خلف فقبل بني عينيه، فهل كان ما جرى بني خلف وبشار مبحضر من أيب عمرو بن العالء وهم من فحولة هذا

ر مرتلة املنكر إذا ظهر عليه شيء من وكذلك يرتل غري املنك. الفن إال للطف املعىن يف ذلك وخفائه : أمارات اإلنكار كقوله

إن بني عمك فيهم رماح جاء شقيق عارضا رمحه

فإن جميئه هكذا مدال بشجاعته قد وضع رحمه عارضا دليل على إعجاب شديد منه واعتقاد أنه ال يقوم .إليه من بين عمه أحد كأم كلهم عزل ليس مع أحد منهم رمح

يرتل املنكر مرتلة غري املنكر إذا كان معه ما إن تأمله ارتدع عن اإلنكار كما يقال ملنكر اإلسالم، وكذلكومما يتفرع على هذين االعتبارين قوله تعاىل " ال ريب فيه . " اإلسالم حق وعليه قوله تعاىل يف حق القرآن

ات املوت تأكيدين وإن كان مما ال ينكر أكد إثب" مث إنكم بعد ذلك مليتون، مث إنكم يوم القيامة تبعثون " لترتيل املخاطبني مرتلة من يبالغ يف إنكار املوت لتماديهم يف الغفلة واإلعراض عن العمل ملا بعده، وهلذا

وأكد إثبات البعث تأكيدا واحدا وإن كان مما ينكر، . قيل ميتون دون متوتون كما سيأيت الفرق بينهماة كان جديرا بأن ال ينكر بل إما أن يعترف به أو يتردد فيه، فرتل املخاطبون ألنه ملا كانت أدلته ظاهر

مرتلة املترددين تنبيها هلم على ظهور أدلته وحثا على النظر فيها، وهلذا جاء تبعثون على األصل هذا كله وواهللا ليس اعتبارات اإلثبات وقس عليه اعتبارات النفي كقولك ليس زيد أو ما زيد منطلقا أو مبنطلق

زيد أو ما زيد أو مازيد منطلقا أو مبنطلق وما ينطلق أو ما أن ينطلق زيد وما كان زيد ينطلق وما كان .زيد لينطلق وال ينطلق زيد ولن ينطلق زيد وواهللا ما ينطلق أو ما ينطلق زيد

Page 13: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 13

فصل اإلسناد منه حقيقة

ومنه مجاز عقلي

ما هو له عند املتكلم يف الظاهر، واملراد مبعىن الفعل حنو املصدر أما احلقيقة فهي إسناد الفعل أو معناه إىلواسم الفاعل، وقولنا يف الظاهر ليشمل ما ال يطابق اعتقاده مما يطابق الواقع وما ال يطابقه فهي أربعة

.أنبت اهللا البقل وشفى اهللا املريض: أحدمها ما يطابق الواقع واعتقاده كقول املؤمن: أضرب

خالق األفعال . ا يطابق الواقع دون اعتقاده كقول املعتزيل ملن ال يعرف حاله وهو خيفيها منهوالثاين م .كلها هو اهللا تعاىل

. معتقدا شفاء املريض من الطبيب. شفى اهللا املريض: والثالث ما يطابق اعتقاده دون الواقع كقول اجلاهل

وال جيوز أن يكون جمازا، واإلنكار " الدهر وما يهلكنا إال" ومنه قوله تعاىل حكاية عن بعض الكفار وماهلم بذلك من علم إن هم " عليهم من جهة ظاهر اللفظ ملا فيه من إيهام اخلطأ بدليل قوله تعاىل عقيبه

.واملتجوز املخطئ يف العبارة ال يوصف بالظن وإمنا الظان من يعتقد أن األمر على ما قاله" إال يظنون

.شيئا منها كاألقوال الكاذبة اليت يكون القائل عاملا حباهلا دون املخاطبوالرابع ما ال يطابق

.وأما ااز فهو إسناد الفعل أو معناه إىل مالبس له غري ما هو له بتأويل

وللفعل مالبسات شىت يالبس الفاعل واملفعول به واملصدر والزمان واملكان والسبب فإسناده إىل الفاعل وقولنا ما هو له يشملها، وإسنادها إىل . قيقة كما مر وكذا إىل املفعول إذا كان مبنيا لهإذا كان مبنيا له ح

" ماء دافق " و " عيشة راضية " غريمها ملضاهاته ملا هو له يف مالبسة الفعل جماز، كقوهلم يف املفعول به

، ويف املكان طريق ويف عكسه سيل مفعم، ويف املصدر شعر شاعر، ويف الزمان اره صائم وليله قائم : سائر ور جار، ويف السبب بىن األمري املدينة وقال

إذا رد عافي القدر من يستعيرها

شفى الطبيب املريض، فإن إسناده الشفاء إىل الطبيب ليس بتأويل، : وقولنا بتأويل خيرج حنو قول اجلاهل : وهلذا مل حيمل حنو قوله الشاعر احلماسي

كر الغداة ومر العشي ر كبيأشاب الصغير وأفنى ال

على ااز ما مل يعلم أو يظن قائله مل يرد ظاهره، كما استدل على أن إسناد ميز إىل كذب الليايل يف قول : أيب النجم

عنم أصه للذنبا ك علي يدعيار تأصبحت أم الخ قد

Page 14: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 14

زعنن قا ععنه قنزع ميز من أن رأت رأسي كرأس األصلع

ي الليالي أبطئي أو أسرعجذب

: جماز بقوله عقيبة

حتى إذا واراك أفق فارجعي يقيل اهللا للشمس اطلع أفناه

ومسى اإلسناد يف هذين القسمني من الكالم عقليا الستناده إىل العقل دون الوضع ألن إسناد الكلمة شيء د بواضع اللغة بل مبن قصد إثبات حيصل بقصد املتكلم دون واضع اللغة فال يصري ضرب خربا عن زي

الضرب فعال له وإمنا الذي يعود إىل واضع اللغة أن ضرب اإلثبات الضرب، ال إلثبات اخلروج وأنه إلثباته يف زمان ماض، وليس إلثباته يف زمان مستقبل، فأما تعيني من ثبت له فإمنا يتعلق مبن أراد ذلك من

بأنه جماز يف مثل قولنا خط أحسن مما وشى الربيع من جهة أن املخربين، ولو كان لغويا لكان حكمنا الفعل ال يصح إال من احلي القادر حكما بأن اللغة أوجبت أن خيتص الفعل باحلي القادر دون اجلماد

.وذلك مما ال يشك يف بطالنه

وإمنا قلت ما عند وقال السكاكي احلقيقة العقلية هي الكالم املفاد به ما عند املتكلم من احلكم فيه، قالاملتكلم دون أن أقول ما عند العقل ليتناول كالم اجلاهل إذا قال شفى الطبيب املريض رائيا شفاء املريض من الطبيب حيث عد منه حقيقة مع أنه غري مفيد ملا يف العقل من احلكم فيه، وفيه نظر، ألنه غري مطرد

مع أنه ال يسمى حقيقة وال . اإلنسان حيوان: به كقولنالصدقه على ما مل يكن املسند فيه فعال وال متصالجمازا وال منعكسا خلروج ما يطابق الواقع دون اعتقاد املتكلم وما ال يطابق شيئا منهما، منه مع كوما حقيقتني عقليتني، كما سبق وقال ااز العقلي هو الكالم املفاد به خالف ما عند املتكلم من احلكم فيه

أنبت الربيع البقل وشفى الطبيب املريض : ن التأول إفادة للخالف، ال بوساطة وضع، كقولكلضرب مقال وإمنا قلت خالف ما عند املتكلم من احلكم فيه دون أن أقول خالف ما عند . وكسا اخلليفة الكعبة

البقل، رائيا إنباته العقل، لئال ميتنع طرده مبا إذا قال الدهري عن اعتقاد أجهل، وجاهل غريه، أنبت الربيع من الربيع فإنه ال يسمى كالمه ذلك جمازا وإن كان خبالف العقل يف نفس األمر، واحتج ببيت احلماسة

وقول أيب النجم على ما تقدم مث قال ولئال ميتنع عكسه مبثل كسا اخلليفة الكعبة وهزم األمري اجلند، فليس وال أن يهزم األمري وحده اجلند، وال يقدح ذلك يف يف العقل امتناع أن يكسو اخلليفة نفسه الكعبة

كوما من ااز العقلي وإمنا قلت لضرب من التأويل ليحترز به عن الكذب فإنه ال يسمى جمازا مع كونه كالما مفيدا، خالف ما عند املتكلم، وإمنا قلت إفادة للخوف ال بوساطة وضع ليحترز به عن ااز

إذا ادعى أن أنبت موضع الستعماله يف القادر ااز أو وضع لذلك وفيه نظر، ألنا اللغوي يف صورة وهي

Page 15: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 15

ال نسلم بطالن طرده مبا ذكر خلروجه بقوله لضرب من التأويل وال بطالن عكسه مبا ذكر، إذ املراد خبالف ما عند العقل خالف ما يف نفس األمر ويف كالم الشيخ عبد القاهر إشارة إىل ذلك حيث عرف

قيقة العقلية بقوله كل مجلة وضعتها على أن احلكم املفاد ا على ما هو عليه يف العقل واقع موقعه، احلفإن قوله واقع موقعه معناه يف نفس األمر وهو بيان ملا قبله وكذا يف كالم الزخمشري حيث عرف ااز

ن قوله يف احلقيقة معناه يف نفس العقلي بقوله أن يسند الفعل إىل شيء يلتبس بالذي هو يف احلقيقة له، فإاألمر، وحنو كسا اخلليفة الكعبة إذا كان اإلسناد فيه جمازا، كذلك مث القول بأن العقل موضع الستعماله

يف القادر ضعيف وهو معترف بضعفه، وقد رده يف كتابه بوجوه منها أن موضع الفعل الستعماله يف وترك القيد دليل يف العرف على اإلطالق فقوله إفادة اخلالف القادر قيد مل ينقل عن واحد من رواة اللغة

ال بوساطة وضع، ال حاجة إليه، وإن ذكر فينبغي أن ال يذكر إال بعد ذكر احلد على املذهب املختار، .على أن متثيله بقول اجلاهل أنبت الربيع البقل ينايف هذا االحتراز

تنبيه

يقة العقلية وااز العقلي على ما ذكره السكاكي هو الكالم ال اإلسناد قد تبني مبا ذكرنا أن املسمى باحلقوهذا يوافق ظواهر كالم الشيخ عبد القاهر يف مواضيع من دالئل اإلعجاز وعلى ما ذكرناه هو اإلسناد ال

الكالم، وهذا ظاهر ما نقله الشيخ أبو عمرو بن احلاجب رمحه اهللا عن الشيخ عبد القاهر وهو قول شري يف الكشاف وقول غريه وإمنا اخترناه ألن نسبة املسمى حقيقة أو جمازا إىل العقل على هذا الزخم

.لنفسه بال وساطة شيء وعلى األول الشتماله على ما ينتسب إىل العقل أعين اإلسناد

: ان، كقولنامث ااز العقلي باعتبار طرفيه، اعين املسند واملسند إليه، أربعة أقسام ال غري، ألما حقيقت

: أنبت الربيع البقل، وعليه قوله

فنام ليلي وتجلى همي

: وقوله

وشيب أيام الفراق مفارقي

: وقوله

ونمت وما ليلي المطي بنائم

Page 16: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 16

: أنبت البقل شباب الزمان، وكقولنا: وإما خمتلفان كقولنا. وإما جمازا، كقولنا أحيا األرض شباب الزمان

فقد جعل احلاصل . أحيتين رؤيتك؛ أي آنستين وسرتين: ه قول الرجل لصاحبهأحيا األرض الربيع وعلي : بالرؤية من األنس واملسرة حياة مث جعل الرؤية فاعلة له، ومثله قول أيب الطيب

ما تحيي التبسم والجدا ويقتل وتحيا له المال الصوارم والقنا

قتال له مث اثبت اإلحياء فعال للصوارم والقتل فعال جعل الزيادة والوفور حياة لو للعمال وتفريقه يف العطاء للتبسم مع أن الفعل ال يصح منهما، وحنوه قوهلم أهلك الناس الدينار والدرهم جعلت الفتنة إهالكا، مث

وإذا تليت عليهم آياته زادم : " اثبت اإلهالك فعال للدنيا والدراهم، وهو يف القرآن كثري كقوله تعاىلوذلكم ظنكم : " نسبت الزيادة اليت هي فعل اهللا إىل اآليات لكوا سببا فيها، وكذا قوله تعاىل"إميانا

الفاعل غريه ونسب الفعل إليه لكونه " يبح أبناءهم " ومن هذا الضرب قوله " الذي ظننتم بربكم أرداكم إىل إبليس ألن سببه أكل نسب الرتع الذي هو فعل اهللا تعاىل" يرتع عنهما لباسهم " اآلمر به، وكقوله

أمل تر إىل الذين بدلوا " الشجرة وسبب أكلها وسوسته ومقامسته إيامها إنه هلام ملن الناصحني، وكذا قوله نسب اإلحالل الذي هو فعل اهللا إىل أكابرهم ألن سببه كفرهم " نعمة اهللا كفرا وأحلوا قومهم دار البوار نسب الفعل إىل " يوما جيعل الولدان سيبا " ر، وكقوله تعاىل وسبب كفرهم أمر أكابرهم إياهم بالكف

وهو غري خمتص باخلرب " وأخرجت األرض أثقاهلا " اره صائم وكقوله تعاىل : الظرف لوقوعه فيه كقوهلمفأوقد يل يا هامان على " وقوله " وقال فرعون يا هامان ابن يل صرحا " بل جيري يف اإلنشاء كقوله تعاىل

".فال خيرجنكما من اجلنة فتشقى " وقوله " فاجعل يل صرحا الطني

أو غري لفظية كاستحالة صدور املسند من - كما سبق يف قول أيب النجم -وال بد له من قرينة إما لفظية هزم األمري اجلند : حمبتك جاءت يب إليك أو عادة كقولك: املسند إليه املذكور أو قيامه به عقال كقولك

.أشاب الصغري البيت: ليفة الكعبة وبىن الوزير القصر وكصدور الكالم من املوحد يف مثل قولهوكسا اخل

واعلم أنه ليس كل شيء يصلح ألن تتعاطى فيه ااز العقلي بسهولة بل جتدك يف كثري من األمر حتتاج : إىل أن يئ الشيء وتصلحه له بشيء نتوخاه يف النظم كقول من يصف مجال

زجاجة شرب غير مألى وال صفر اهأنين كالظلماء عله تجوب

يردي أنه يهتدي بنور عينه يف الظلماء وميكنه ا أن خيرقها وميضي فيها ولوالها لكانت الظلماء كالسد الذي ال جيد السائر شيئا يفرجه به وجيعل لنفسه فيه سبيال فلوال أنه قال جتوب له فعلق له بتجوب ملا تبني

التجوز يف جعل اجلوب فعال للعني، كما ينبغي ألنه مل يكن حينئذ يف الكالم دليل على أن اهتداء جهة

Page 17: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 17

صاحبها يف الظلمة ومضيه فيها بنورها، وكذلك لو قال جتوب له الظلماء عينه مل يكن له هذا املوقع، وال ن الفعل املبين للفاعل يف تقطع السلك من حيث كان يعيبه حينئذ ألن يصف العني مبا وصفها به، واعلم أ

ااز العقلي واجب أن يكون له فاعل يف التقدير، إذا أسند إليه صار اإلسناد حقيقة ملا يشعر بذلك أي فما رحبوا يف " فما رحبت جتارم " تعريفه، كما سبق، وذلك قد يكون ظاهرا كما يف قوله تعاىل

سرتين رؤيتك، أي سرين اهللا وقت : أمل، كما يف قولكجتارم، وقد يكون خفيا ال يظهر إال بعد نظر وترؤيتك، كما تقول أصل احلكم يف أبت الربيع البقل أنبت اهللا البقل وقت الربيع، ويف شفى الطبيب

املريض شفى اهللا املريض عند عالج الطبيب، وكما يف قولك أقدمين بلدك حق يل على فالن أي أقدمتين ن، أي قدمت لذلك، ونظريه حمبتك جاءت يب إليك أي جاءت يب نفسي بلدك ألجل حق يل على فال

نفسي إليك حملبتك أي جئتك حملبتك، وإمنا قلنا أن احلكم فيهما جماز ألن الفعلني فيهما مسندان إىل .الداعي، والداعي ال يكون فاعال

: وكما يف قول الشاعر

لحيني يضرب المثل هواك وبي وصيرني

. وحايل هذه، أي أهلكين اهللا ابتالء بسبب هواكأي وصريين اهللا هلواك

: وكما يف قول اآلخر وهو أبو نواس

ما زدته نظرا إذا يزيدك وجهه حسنا

.أي يزيدك اهللا حسنا يف وجهه ملا أودعه من دقائق اجلمال مىت تأملت

رة بالكناية جبعل وأنكر السكاكي وجود ااز العقلي يف الكالم وقال الذي عندي نظمه يف سلك االستعاالربيع استعارة بالكناية عن الفاعل احلقيقي بواسطة املبالغة يف التشبيه على ما عليه مبىن االستعارة، كما

سيأيت، وجعل نسبة اإلنبات إليه قرينة لالستعارة وجبعل األمري املدبر ألسباب هزمية العدو استعارة بالكناية نة لالستعارة، وفيما ذهب إليه نظر ألنه يستلزم أن يكون املراد عن اجلند اهلازم وجعل نسبة اهلازم قري

" خلق من ماء دافق" صاحب العيشة ال العيشة ومبا يف قوله " فهو يف عيشة راضية " بعيشه يف قوله تعاىل

ه فاعل الدفق ال املين ملا سيأيت من تفسريه لالستعارة بالكناية وأن ال تصح اإلضافة يف حنو قوهلم فالن ارصائم وليله قائم، ألن املراد بالنهار على هذا فالن ال نفسه وإضافة الشيء إىل نفسه ال تصح، وأن ال

يكون األمر باإليقاد على الطني يف إحدى اآليتني، وبالبناء فيهما هلامان مع أن النداء له، وأن يتوقف جواز إلذن الشرعي، لن أمساء اهللا تعاىل توقيفية أنبت الربيع البقل، وسرتين رؤيتك على ا: التركيب يف حنو قوهلم

فالن اره صائم، فإن اإلسناد فيه جماز : وكل ذلك منتف ظاهر االنتفاء، مث ما ذكره منقوض بنحو قوهلم

Page 18: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 18

وال جيوز أن يكون النهار استعارة بالكناية عن فالنة ألن ذكر طريف التشبيه مينع من محل الكالم على رأيت بفالن أسدا ولقيين منه أسد، تشبيها ال : لتشبيه وهلذا عد حنو قوهلماالستعارة ويوجب محله على ا

.استعارة كما صرح السكاكي أيضا بذلك يف كتابه

تنبيه

إمنا مل نورد الكالم يف احلقيقة وااز العقليني يف علم البيان كما فعل السكاكي ومن تبعه لدخوله يف .انتعريف علم املعاين دون تعريف علم البي

القول في أحوال المسند إليه

أما حذفه فإما رد االختصار واالحتراز عن العبث بناء على الظاهر، وإما لذلك مع ضيق املقام، وإما التخييل أن يف تركه تعويال على شهادة العقل، وأن يف ذكره تعويال على شهادة اللفظ من حيث الظاهر

السامع له عند القرينة أو مقدار تنبهه، وإما اإليهام أن يف تركه وكم بني الشاهدتني، وإما الختبار تنبهتطهريا له عن لسانك أو تطهري للسانك عنه، وإما ليكون لك سبيل إىل اإلنكار إن مست إليه حاجة وإما

ألن اخلرب ال يصلح إال له حقيقة أو ادعاء وإما العتبار آخر مناسب ال يهدي إىل مثله إال العقل السليم .لطبع املستقيموا

: كقول الشاعر

ويلزن طدائم وح سهر قال لي كيف أنت؟ قلت عليل

: وقوله

تلي جلم تمنن وإن ه أيادي ييتعمرا إن تراخت من سأشكر

.مظهر الشكوى إذا النعل زلت وال فتى غير محجوب الغنى عن صديقه

: وقوله

ى نظم الجزع ثاقبهدجى الليل حت ملهم أحسابهم ووجوهه أضاءت

بواككوكب تأوي إليه ك بدا بسماء كلما انقض كوك نجوم

وقول بعض العرب يف ابن عم له موسر سأله فمنعه وقال كم أعطيك مايل وأنت تنفقه فيما ال يعنيك عمه واهللا ال أعطيتك، فتركه حىت اجتمع القوم يف ناديهم وهو فيهم فشكاه إىل القوم وذمه فوثب إليه ابن

: فلطمه فأنشأ يقول

Page 19: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 19

ريعوليس إلى داعي الندا بس إلى ابن العم يلطم وجهه سريع

يعضلما في بيته بم وليس حريص على الدنيا مضيع لدينه

وقيام القرينة شرط يف " وما أدراك ماهيه، نار حاميه " وقوله تعاىل " صم بكم عمي " وعليه قوله تعاىل .اجلميع

ه األصل وال مقتضى حلذف، وإما لالحتياط لضعف التعويل على القرينة، وإما للتنبيه وأما ذكره فإما ألنعلى غباوة السامع، وإما لزيادة اإليضاح والتقرير، وإما إلظهار تعظيمه أو إهانته كما يف بعض األسامي

اء مطلوب احملمودة أو املذمومة، وإما للتربك بذكره، وإما الستلذاذه، وإما لبسط الكالم حيث اإلصغ .وهلذا زاد على اجلواب، وإما لنحو ذلك" هي عصاي " كقوله تعاىل حكاية عن موسى عليه السالم

قال السكاكي وإما لكون اخلرب عام النسبة إىل كل مسند إليه واملراد ختصيصه مبعني كقولك زيد جاء : وعمر ذهب وخالد يف الدار وقوله

ة الرجلوالبر خير حقيب هأنجح ما طلبت ب اهللا

: وقوله

ترد إلى قليل تقنع وإذا والنفس راغبة إذا رغبتها

وفيه نظر، ألنه إن قامت قرينة تدل عليه إن حذف فعموم اخلرب وإرادة ختصيصه مبعني وحدمها ال يقتضيان .ذكره وإال فيكون ذكره واجبا

كانت الفائدة يف اإلعالم به، وأما تعريفه فلتكون الفائدة أمت ألن احتمال حتقق احلكم مىت كان أبعدواملسند كلما ازداد ختصيصا . أقوى، ومىت كان أقرب كان أضعف، وبعده حبسب ختصيص املسند إليه

ازداد احلكم بعدا، وكلما ازداد عموما ازداد احلكم قربا وإن شئت فاعترب حال احلكم يف قولنا شيء ما .والتخصيص كما له بالتعريفموجود، ويف قولنا فالن ابن فالن حيفظ الكتاب

: مث التعريف خمتلف فإن كان باإلضمار فإما ألن املقام مقام التكلم كقول بشار

ذرت بي الشمس للقاصي وللداني دى أحالمرعث ال أخفي عل أنا

: وإما ألن املقام مقام اخلطاب كقول احلماسية

مواشمت بي من كان فيك يلو وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني

: وإما ألن املقام مقام الغيبة لكون املسند إليه مذكورا أو يف حكم املذكور لقرينة كقوله

اءواأنك تستضيء بهم أض لو اننالبيض الوجوه بني س من

Page 20: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 20

ومن حسب العشيرة حيث شاءوا ىلحلوا من الشرف المع هم

أي " وألبويه لكل واحد منهما السدس " ىل أي العدل وقوله تعا" اعدلوا هو اقرب للتقوى " وقوله تعاىل وألبوي امليت، وأصل اخلطاب أن يكون ملعني، وقد يترك إىل غري معني كما تقول فالن لئيم، إن أكرمته أهانك وإن أحسنت إليه أساء إليك، فال تريد خماطبا بعينه بل تريد أن أكرم أو أحسن فتخرجه يف صورة

" ملته غري خمتص بواحد دون واحد وهو يف القرآن كثري، كقوله تعاىل اخلطاب ليفيد العموم أي سوء معا

اخرج يف صورة اخلطاب ملا أريد العموم للقصد إىل " ولو ترى إذ ارمون ناكسوا رؤوسهم عند رم تفظيع حاله وأا تناهت يف الظهور حىت امتنع خفاؤها فال ختتص ا رؤية راء بل كل من يتأتى منه رؤية

. هذا اخلطابداخل يف

قل هو اهللا أحد " وإن كان بالعملية فإما إلحضار بعينه يف ذهن السامع ابتداء باسم خمتص به كقوله تعاىل : وقول الشاعر"

على نفسه مشيع غناه مالك قاصر فقره أبو

: وقوله

حتى علوا فرسي بأشقر مزبد مهاليعلم ما تركت قت اهللا

. ، كما يف الكىن واأللقاب احملمودة واملذمومة، وإما للكناية حيث االسم صاحل هلاوإما لتعظيمه أو إلهانته

أي جهنمي، وإما إليهام " تبت يدا أيب هلب " ومما ورد صاحلا للكناية من غري باب املسند إليه قوله تعاىل .استلذاذه أو التربك به، وإما العتبار آخر مناسب

الذي كان معنا : علم املخاطب باألحوال املختصة به سوى الصلة، كقولكوإن كان باملوصولية فإما لعدم وراودته اليت هو " أمس رجل عامل، وإما الستهجان التصريح باالسم، وإما لزيادة التقرير حنو قوله تعاىل

فإنه مسوق لترتيه يوسف عليه السالم عن الفحشاء، واملذكور أدل عليه من امرأة " يف بيتها عن نفسه .زيز وغريهالع

: وقول الشاعر" فغشيهم من أليم ما غشيهم " وإما للتفخيم، كقوله تعاىل

ياقالزجاجة باق يطلب الب وفي مضى بها ما مضى من عقل شاربها

: وبيت احلماسة" فغشاها ما غشى " ومنه يف غري هذا الباب قوله تعاىل

دعل أبطاعاله قال للب فلما صبا ما صبا حتى عال الشيب رأسه

: وقول أيب نواس

Page 21: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 21

وأسمت سرح اللحظ حيث أساموا موهنهزت مع الغواة بدل ولقد

امل ذاك أثارة كصع فإذا هاببشما بلغ امرؤ ب وبلغت

: وإما لتنبيه املخاطب على خطأ كقول اآلخر

يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا مكوانم إخهالذين ترون إن

مث إنه " إن الذين يستكربون عن عباديت سيدخلون جهنم داخرين " ء إىل وجه بنار اخلرب حنو وإما لإلميا : رمبا جعل ذريعة إىل التعويض بالتعظيم لشأن اخلرب كقوله

ولو وأطدعائمه أع بيتا إن الذي سمك السماء بنى لنا

لسكاكي ورمبا جعل ذريعة إىل حتقيق قال ا" الذين كذبوا شعيبا كانوا هم اخلاسرين " أو لشأن غريه حنو : اخلرب كقوله

بكوفة الجند غالت ودها غول رةإن التي ضربت بيتا مهاج

البيت وفيه نظر إذ ال يظهر " إن الذين تروم " ورمبا جعل ذريعة إىل التنبيه للمخاطب على خطأ كقوله ل األول ذريعة إىل الثاين واملسند إليه يف البيت بني اإلمياء إىل وجه بناء اخلرب وحتقيق اخلرب فرق، فكيف جيع

الثاين ليس فيه إمياء إىل وجه بناء اخلرب عليه، بل ال يبعد أن يكون فيه إمياء إىل بناء نقيضه عليه وإن كان : باإلشارة، فإما لتمييزه أكمل متييز لصحة إحضاره يف ذهن السامع بوساطة اإلشارة حسا كقوله

في محاسنههذا أبو الصقر فردا

: وقوله

وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شهدوا انبقوم إن بنوا أحسنوا ال أولئك

: وقوله

ربسربال ليل أغ متسربل تأمل شخص ضيف مقبل وإذا

نحرتني األعداء إن لم تنحري إلى الكرماء هذا طارق أوما

: وقوله

د الحي والوتاألذالن عير إال هيم يراد بيقيم على ض وال

ده أحيشج فال يرثي ل وذا هذا على الخف مربوط برمسته

: وإما للقصد إىل أن السامع غيب ال يتميز الشيء عنده إال باحلسن، كقول الفرزدق

إذا جمعتنا يا جرير المجامع مهأولئك آبائي فجئني بمثل

Page 22: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 22

زيد وذاك عمرو وذاك بشر، ورمبا جعل وإما لبيان حاله يف القرب أو البعد أو التوسط، كقولك هذاوإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إال هزوا أهذا الذي يذكر " القرب ذريعة إىل التحقري، كقوله تعاىل

وما " وقوله تعاىل " وإذا رأوك إن يتخذونك إال هزوا أهذا الذي بعث اهللا رسوال " وقوله تعاىل " آهلتكم وقول " ماذا أراد اهللا ذا مثال " وعليه من غري هذا الباب قوله تعاىل " ولعب هذه احلياة الدنيا إال هلو

: يا عجبا البن عمرو هذا وقول الشاعر: عائشة رضي اهللا عنها لعبد اهللا بن عمرو بن العاص

أبعلي هذا بالرحا المتقاعس اودقت نحرها بيمينه تقول

وتلك " ذهابا إىل بعد درجته وحنوه " أمل ذلك الكتاب " تعاىل ورمبا جعل البعد ذريعة إىل التعظيم كقوله مل تقل فهذا وهو حاضر، رفعا ملرتلته يف " فذلكن الذي ملتنين فيه " ولذا قالت " اجلنة اليت أورثتموها

.احلسن ومتهيدا للعذر يف االفتتان به

للتنبيه إذا ذكر قبل املسند إليه مذكور ذلك اللعني فعل كذا، وإما : وقد جيعل ذريعة إىل التحقري كما يقالوعقب بأوصاف على أن ما يرد بعد اسم اإلشارة، فاملذكور جدير باكتسابه من أجل تلك األوصاف

: كقول حامت الطائي

ضي على األحداث والدهر مقدما ه ويممصعلوك يساور ه وهللا

امنوال شعبة إن نالها عد مغ فتى طلبات ال يرى الخمص ترحة

اتيمم كبراهن ثمت صمم ضت رارم أعكما رأى يوما م إذا

وذا شطب عضب الضريبة مخذما هنجه وملرمحه ونب ترى

اومعتاد أخي هيجا وطرفا مس هامجر ولسرج قات وأحناء

اموإن عاش لم يقعد ضيفا مذم اؤهنى ثنفذلك إن يهلك فحس

ال فاضلة من املضار على األحداث مقدما والصرب على أمل اجلوع واألنفة من أن فعدد له كما ترى خصافذلك، فأفاد : يعد الشبعة مغنما، وتيمم كربى املكرمات والتأهب للحرب بأدواا، مث عقب بذلك بقوله

" ن أولئك على هدى من رم وأولئك هم املفلحو" أنه جدير باتصافه مبا ذكر بعده، وكذا قوله تعاىل

أفاد اسم اإلشارة زيادة الداللة على املقصود من اختصاص املذكورين قبله باستحقاق اهلدى من رم .والفالح وإما العتبار آخر مناسب

جاءين رجل من قبيلة كذا : وإن كان بالالم فإما إلشارة إىل معهود بينك وبني خماطبك كما إذا قال قائلأي وليس الذكر الذي طلبت كاألنثى " وليس الذكر كاألنثى " اىل ما فعل الرجل، وعليه قوله تع: فتقول

Page 23: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 23

اليت وهبت هلا، وإما إلرادة نفس احلقيقة، كقولك الرجل خري من املرأة، والدينار خري من الدرهم، ومنه : قول أيب العالء املعري

الصفاء ويخفيها مع الكدر مع والخل كالماء يبدي لي ضمائره

أي جعلنا مبدأ كل شيء حي هذا " وجعلنا من املاء كل شيء حي " اب قوله تعاىل وعليه من غري هذا الباجلنس الذي هو املاء، روي أنه تعاىل خلق املالئكة من ريح خلقها من املاء، واجلن من نار خلقها منه،

قد يأيت واملعرف بالالم " أولئك الذين آتيناهم الكتاب واحلكم والنبوة " وآدم من تراب خلقه منه وحنوه أدخل السوق، وليس بينك وبني خماطبك سوق : لواحد باعتبار عهديته يف الذهن ملطابقته احلقيقة كقولك

: معهود يف اخلارج، وعليه قول الشاعر

ولقد أمر على اللئيم يسبني

وذلك وهذا يقرب يف املعىن من النكرة، ولذلك يقدر ما يسبين وصفا للئيم ال حاال، وقد يفيد االستغراق،إن اإلنسان لفي خسر، إال الذين " إذا امتنع محوله على غري اإلفراد وعلى بعضها دون بعض كقوله تعاىل

".آمنوا

أي كل غيب وشهادة وعريف، كقولنا " عامل الغيب والشهادة " واالستغراق ضربان حقيقي كقوله تعاىل .ب ال صاغة الدنيامجع األمري الصاغة، إذا مجع صاغة بلده أو أطراف مملكته فحس

ال رجل يف الدار، يف نفي اجلنس إذا كان : واستغراق املفرد امشل من استغراق اجلمع، بدليل أنه ال يصدقال رجال يف الدار، وال تنايف بني االستغراق وإفراد اسم اجلنس، ألن : فيها رجل أو رجالن، ويصدق

التعدد، وألنه مبعىن كل اإلفرادي ال كل احلرف إمنا يدخل عليه جمردا على الداللة على الوحدة والرجل كل فرد من أفراد الرجال ال جمموع الرجال وهلذا امتنع وصفه بنعت : اموعي، أي معىن قولنا

اجلمع، وحملافظة على التشاكل بني الصفة واملوصوف أيضا، فاحلاصل أن املراد باسم اجلنس املعرف بالالم عليه من األفراد وهو تعريف اجلنس واحلقيقة، وحنوه على اجلنس إما نفس احلقيقة، ألن ما يصدق

كأسامة، وإما فرد معني وهو العهد اخلارجي وحنوه العلم اخلاص كزيد، وإما فرد غري معني وهو العهد مضافا إىل النكرة - كل -الذهين وحنوه النكرة، كرجل، وإما كل اإلفراد وهو االستغراق وحنوه لفظ

.كل رجل: كقولنا

وقد شكك السكاكي على تعريف احلقيقة واالستغراق مبا خرج اجلواب عنه مما ذكرنا مث اختار بناء على ما حكاه عن بعض أئمة أصول الفقه من كون الالم موضوعة لتعريف العهد ال غري، أن املراد بتعريف

را يف الذهن لكونه حمتاجا احلقيقة ترتيلها مرتلة املعهود بوجه من الوجوه اخلطابية، إما لكون الشيء حاض

Page 24: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 24

إليه عن طريق التحقيق أو التهكم، أو ألنه عظيم اخلطر معقود به اهلمم على أحد الطريقني، وإما ألنه ال يغيب عن احلس على أحد الطريقني لو كان معهودا وقال احلقيقة من حيث هي هي ال واحدة وال

إن كانت ال تنفك يف الوجود عن أحدمها فهي متعددة لتحققها منع الوحدة تارة ومع التعدد أخرى و: صاحلة للتوحد والتكثر، فكون احلكم استغراقا أو غري استغراق إىل مقتضى املقام فإذا كان خطابيا مثل

على االستغراق بعلة - مفردا كان أو مجعا -املؤمن غر كرمي والفاجر خب لئيم، محل املعرف بالالم آخر مع حتقق احلقيقة فيهما ترجيح ألحد املتساويني، وإذا كان استدالليا إيهام أن القصد إىل فرد دون

.محل على أقل ما حيتمل وهو الواحد يف املفرد والثالثة يف اجلمع

: وإن كان باإلضافة فإما ألنه ليس للمتكلم إىل إحضاره يف ذهن السامع طريق أخضر منها كقوله

قوثجثماني بمكة مو جنيب هواي مع الكرب اليمانين مصعد

: وإما إلغنائها عن تفصيل معتذر أو مرجوح جلهة كقوله

أسود لها في غيل خفان أشبل مهمطر يوم اللقاء كأن بنو

: وقوله

فإذا رميت يصيبني سهمي يهم قتلوا أميم أخ قومي

أن املضاف عبدي حضر، فتعظم شأنك؛ أو لش: وإما لتضمنها تعظيما لشأن املضاف إليه كقولكعبد السلطان عند فالن، فتعظم : عبد اخلليفة ركب، فتعظم شأن العبد، أو لشأن غريمها كقولك: كقولك

.شأن فالن، أو حتقريا حنو ولد احلجام حضر، وإما العتبار آخر مناسب

أي فرد من أشخاص الرجال،" وجاء من أقصى املدينة رجل يسعى " وأما تنكريه فلإلفراد كقوله تعاىل

أي نوع من األغطية غري ما يتعارفه الناس وهو غطاء " وعلى أبصارهم غشاوة " أو للنوعية كقوله تعاىل ضرب اهللا مثال رجال فيه شركاء " التعامي عن آيات اهللا، ومن تنكري غري املسند إليه لإلفراد قوله تعاىل

أي نوع " حرص الناس على حياة ولتجدم أ: " وللنوعية قوله تعاىل" متشاكسون ورجال سلما لرجل ولتجدنه أحرص الناس وإن عاشوا ما عاشوا على أن : من احلياة خمصوص وهو احلياة الزائدة، كأنه قيل

يزدادوا إىل حيام يف املاضي واحلاضر حياة يف املستقبل، فإن اإلنسان ال يوصف باحلرص على شيء إال حلرص على شيء إال إذا مل يكن ذلك الشيء موجودا له إذا مل يكن ذلك الشيء موجودا له حال وصفه با

حيتمل اإلفراد والنوعية، أي خلق " واهللا خلق كل دابة من ماء " حال وصفه باحلرص عليه، وقوله تعاىل كل فرد من أفراد الدواب من نطفة معينة أو كل نوع من أنواع الدواب من نوع من أنواع املياه، أو

Page 25: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 25

حقري أي ارتفاع شأنه أو احنطاطه إىل حد ال ميكن معه أن يعرف كقول ابن أيب للتعظيم والتهويل أو للت : السمط

وليس له عن طالب العرف حاجب هينر يشحاجب في كل أم له

إن له إلبال وإن له لغنما، يريدون : أي له حاجب أي حاجب وليس له حاجب ما، أو للتكثري كقوهلمعليه، أو للتقليل كقوله " قالوا لفرعون أئن لنا ألجرا " ري يف قوله تعاىل الكثرة؛ ومحل الزخمشري التنك

وعد اهللا املؤمنني واملؤمنات جنات جتري من حتتها األار خالدين فيها ومساكن طيبة يف جنات " تعاىل أي وشيء ما من رضوانه أكرب من ذلك كله، ألن رضاه سبب كل سعادة " عدن ورضوان من اهللا أكرب

ح وألن العبد إذا علم أن مواله راض عنه فهو أكرب يف نفسه مما وراءه من النعم وإمنا نأ له برضاه وفالكما إذا علم بسخطه تنغصت عليه ومل جيد هلا لذة وإن عظمت، وقد جاء التعظيم والتكثري مجيعا كقوله

ام وأعمار طويلة أي رسل عددهم كثري وآيات عظ" وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك " تعاىل : وحنو ذلك، والسكاكي مل يفرق بني التعظيم والتكثري وال بني التحقري والتقليل، مث جعل التنكري يف قوهلم

خلالفه ويف كليها نظر، " ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك " شر أهر ذا ناب للتعظيم، ويف قوله تعاىل يم مستفاد من البناء للمرة ومن نفس الكلمة ألا إما أما األول فلما سيأيت، وأما الثاين فألن خالف التعظ

نفح الطيب، إذا فاح أي فوحة، كما يقال مشة، : من قوهلم نفحت الريح إذا هبت، أي هبة، أو من قوهلمواستعماله ذا املعىن يف الشر استعارة إذا أصله أن يستعمل يف اخلري، يقال له نفحة طيبة أي هبة من اخلري،

بالتنكري دون عذاب " يا أبت إين أخاف أن ميسك عذاب من الرمحن : " إىل أن قوله تعاىلوذهب أيضا الرمحن باإلضافة إما للتهويل أو خلالفه، والظاهر أنه خلالفه وإليه ميل الزخمشري فإنه ذكر أن إبراهيم صلى

لعذاب الحق له، اهللا عليه وسلم مل خيل هذا الكالم من حسن األدب مع أبيه، حيث مل يصرح فيه أن افذكر اخلوف واملس ونكر العذاب، " إين أخاف أن ميسك عذاب من الرمحن " الصق به، ولكنه قال

فيتحمل النوعية والتعظيم، أي لكم يف هذا اجلنس " ولكم يف القصاص حياة " وأما التنكري يف قوله تعاىل تل مجاعة بواحد مىت اقتدروا أو نوع من احلكم الذي هو القصاص حياة عظيمة ملنعه عما كانوا عليه من ق

من احلياة وهو احلاصل ملقتول والقاتل باالرتداع عن القتل للعلم باالقتصاص فإن اإلنسان إذا هم بالقتل تذكر االقتصاص فارتدع فسلم صاحبه من القتل وهو من القود فتسبب حلياة نفسني، ومن تنكري غري

ا، أي وأرسلنا عليهم نوعا من املطر عجيبا يعين احلجارة، أال وأمطرنا عليهم مطر. املسند غليه للنوعيةوأما وصفه فلكون الوصف " إن نظن إال ظنا " وللتحقري " فساء مطر املنذرين " ترى إىل قوله تعاىل

Page 26: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 26

اجلسم الطويل العريض العميق حمتاج إىل فراغ يشغله، وحنوه يف : تفسريا له كاشفا عن معناه كقولك : وسالكشف قول أ

اعقد رأى وقد سم كأن األلمعي الذي يظن بك الظن

إن اإلنسان خلق هلوعا، إذا مسه " حكي أن األصمعي سئل عن األملعي فأنشد ومل يزد، وكذا قوله تعاىل قال الزخمشري اهللع سرعة اجلزع عند مس املكروه وسرعة املنع " الشر جزوعا، وإذا مسه اخلري منوعا

ناقة هلوع، سريعة السري، وعن أمحد بن حيىي قال يل حممد بن عبد اهللا بن طاهر : ن قوهلمعند مس اخلري مزيد التاجر عندنا، أو : انتهى كالم الزخمشري؛ أو لكونه خمصصا له حنو.. ما اهللع؟ قلت قد فسه اهللا تعاىل

" وه من غريه قوله تعاىل لكونه مدحا له كقولنا جاء زيد العامل، حيث يتعني فيه زيد قبل ذكر العامل، وحن

ذهب : أو لكونه ذما له كقولنا" هو اهللا اخلالق البارئ املصور " وقوله تعاىل " بسم اهللا الرمحن الرحيم فإذا قرأت القرآن فاستعذ " زيد الفاسق، حيث يتعني فيه زيد قبل ذكر الفاسق وحنوه من غري قوله تعاىل

أمس الدابر كان يوما عظيما، أو لكونه بيانا له : أكيدا له كقولكأو لكمونه ت" باهللا من الشيطان الرجيم قال الزخمشري االسم احلامل ملعىن اإلفراد والتثنية " ال تتخذوا إهلني اثنني إمنا هو اهللا واحد " كقوله تعاىل

الذي على اجلنسية والعدد املخصوص، فإذا أريدت الداللة على أن املعىن به منهما و: دال على شيئنييساق له احلديث هو العدد شفع مبا يؤكده فدل به على القصد إليه والعناية به، أال ترى أنك لو قلت إمنا

وما من دابة " هو اهللا ومل تؤكده بواحد مل حيسن، وخيل أنك تثبت اإلهلية ال الوحدانية، وأما قوله تعاىل يف األرض وطائر يطري جبناحيه لبيان أن فقال السكاكي شفع دابة " يف األرض وال طائر يطري جبناحيه

وما من دابة قط : وقال الزخمشري معىن ذلك زيادة التعميم واإلحاطة كأنه قيل. القصد ما إىل اجلنسني .يف مجيع األرضني السبع وما من طائر قط يف جو السماء من مجيع ما يطري جبناحيه

خربية ألا يف املعىن حكم على صاحبها كاخلرب واعلم أن اجلملة قد تقع صفة للنكرة وشرطها أن تكون وقال السكاكي ألنه جيب أن يكون املتكلم يعلم حتقق الوصف . فلم يستقم أن تكون إنشائية مثله

للموصوف، ألن الوصف إمنا يؤتى ليميز به املوصوف مما عداه ومتييز املتكلم شيئا من شيء مبا ال يعرفه له ا للموصوف ميتنع أن جيعله وصفا له حبكم عكس النقيض ومضمون اجلمل حمال، فما ال يكون عنده حمقق

الطلبية كذلك ألن الطلب يقتضي مطلوبا غري متحقق المتناع طلب احلاصل فال يقع شيء منها صفة نعم الرجل زيد وبئس : لشيء والتعليل األول أعم ألن اجلملة اإلنشائية قد ال تكون طلبية كقولنا

ا يقوم بكر، وكم غالم ملكت، وعسى أن جييء بشر، وما أحسن خالدا، وصيغ الصاحب عمرو، ورمب

Page 27: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 27

العقود حنو بعت واشتريت، فإن هذه كلها إنشائية وليس شيء منها بطليب والمتناع وقوع اإلنشائية صفة : أو خربا قيل يف قوله

جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط

هل رأيت : ذق حيمل رائية أن يقول ملن يريد وصفه لهتقديره جاءوا مبذق مقول عنده هذا القول أي مبالذئب قط، فهو مثله يف اللون إليراده يف خيال الرائي لون الذئب لزرقته يف مثل قولنا زيد اضربه أو ال

.تضربه، تقديره مقول يف حقه اضربه أو ال تضربه

: توهم التجوز أو السهو كقولكوأما توكيده فللتقرير كما سيأيت يف باب تقدمي الفعل وتأخريه أو لدفع

. عرفت أنا وعرفت أنت وعرف زيد، أو عدم الشمول كقوله عرفين الرجالن كالمها، أو الرجال كلهم

كل رجل عارف وكل إنسان حيوان وفيه نظر، ألن كلمة كل تارة تقع تأسيسا : قال السكاكي ومنهله مستعمال يف غريه أما األول فهو أن تكون وذلك إذا مل تفده من أصله بل متنع أن يكون اللفظ املقتضى

وقوله " وكل شيء فصلناه تفصيال " وقوله " كل حزب مبا لديهم فرحون " مضافة إىل نكرة كقوله تعاىل وهي يف " فسجد املالئكة كلهم " وأما الثاين فما عدا ذلك كقوله تعاىل " وهم من كل حدب ينسلون "

ان من األول ال الثاين ألا لو حذفت منهما مل يفهم املشمول قوله كل رجل عارف وكل إنسان حيوقدم صديقك خالد، وأما اإلبدال منه : أصال، وأما بيانه وتفسريه فإليضاحه باسم خمتص به كقولك

فلزيادة التقرير واإليضاح حنو جاءين زيد أخوك وجاء القوم أكثرهم وسلب عمرو ثوبه، ومنه يف غريه ".صراط الذين أنعمت عليهم . الصراط املستقيماهدنا " قوله تعاىل

وأما العطف فلتفصيل املسند إليه مع اختصار حنو جاء زيد وعمرو وخالد أو لتفصيل املسند غليه مع جاء زيد فعمرو أو مث عمرو أو جاء القوم حىت خالد، وال بد يف حىت من التدريج كما ينبئ : اختصار حنو

: عنه قوله

بي الحال حتى صار إبليس من جندي ىم إبليس فارتفتى من جند وكنت

أو لرد السامع عن اخلطأ يف احلكم إىل الصواب كقوله جاءين زيد ال عمرو ملن اعتقد أن عمرا جاءك دون زيد أو أما جاءاك مجيعا، وقولك، ما جاءين زيد لكن عمرو ملن اعتقد أن زيدا جاءك دون عمرو، أو

م له إىل آخر حنو جاءين زيد بل عمرو، وما جاءين زيد بل عمرو، أو للشك فيه لصرف احلكم عن حمكوأو التشكيك حنو جاءين زيد أو عمرو، أو إما زيد وإما عمرو، أو إما زيد أو عمرو، أو لإليهام كقوله

أو لإلباحة أو التخيري وهو أن يفيد ثبوت احلكم " وإنا وإياكم لعلى هدى أو يف ضالل مبني " تعاىل

Page 28: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 28

والفرق بينهما واضح فإن . ليدخل الدار زيد أو عمرو: ألحد الشيئني أو األشياء فحسب، مثاهلما قولك .اإلباحة ال متنع من اإلتيان ما أو ا مجيعا

وأما توسط الفصل بينه وبني املسند فلتخصصه به كقولك زيد هو املنطلق أو هو أفضل من عمرو أو خري .منه أو هو يذهب

ه فلكون ذكره أهم، إما ألنه األصل وال مقتضى للعدول عنه، وإما ليتمكن اخلرب يف ذهن وأما تقدمي : السامع ألن يف املبتدأ تشويقا إليه كقوله

حيوان مستحدث من جماد يهحارت البرية ف والذي

أو املساءة وهذا أوىل من جعله شاهدا لكون املسند إليه موصوال كما فعل السكاكي، وإما لتعجيل املسرة لكونه صاحلا للتفاؤل أو التطري حنو سعد يف دارك والسفاح يف دار صديقك، وإما إليهام أنه ال يزول عن اخلاطر أو أنه يستلذ فهو إىل الذكر أقرب، وإما لنحو ذلك، قال السكاكي وإما ألن كونه متصفا باخلرب

د فيقول الزاهد يشرب ويطرب، وإما ألنه يكون هو املطلوب ال نفس اخلرب، كما إذا قيل له كيف الزاه : يفيد زيادة ختصيص كقوله

في عواتقهم سيوف سيوفا متى تهزز بني قطن تجدهم

ضيف ألم فهم خفوف وإن في مجالسهم رزان جلوس

واملراد هم خفوف، وفيه نظر ألن قوله ال نفس اخلرب يشعر بتجويز أن يكون املطلوب اجلملة اخلربية نفس هو باطل ألن نفس اخلرب تصور ال تصديق واملطلوب ا إمنا يكون تصديقا وإن أراد بذلك وقوع اخلرب و

اخلرب مطلقا فغري صحيح أيضا ملا سيأيت أن العبارة عن مثله ال يتعرض فيها إىل ما هو مسند إليه، كقولك ك مشروط بكون اخلرب وقع القيام مث يف مطابقة الشاهد الذي أنشده للتخصيص نظرا ملا سيأيت أن ذل

فعليا، وقوله واملراد هم خفوف تفسري للشيء بإعادة لفظه، قال عبد القاهر وقد يقدم املسند إليه ليفيد ختصيصه باخلرب الفعلي إن وىل حرف النفي، كقولك ما أنا قلت هذا، أي مل أقله مع أنه مقول فأفاد نفي

ء ثبت أنه مقول وأنت تريد نفي كونك قائال له، الفعل عنك وثبوته لغريك، فال تقول ذلك إال يف شي : ومنه قول الشاعر

وال أنا أضرمت في القلب نارا هي بمأنا أسقمت جس وما

إذ املعىن أن هذا السقم املوجود والضرم الثابت ما أنا جالبا هلما، فالقصد إىل نفي كونه فاعال هلما ال إىل وال أحد غريي وال يقال ما أنا رأيت أحدا من الناس وال ما أنا ضربت نفيهما، وهلذا ال يقال ما أنا قلت

إال زيدا بل يقال ما رأيت أو ما رأيت أنا أحدا من الناس وما ضربت أو ما ضربت أنا إال زيدا ألن املنفي

Page 29: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 29

يف األول الرؤية الواقعة على كل واحد من الناس ويف الثاين الضرب الواقع على كل واحد منهم سوى زيد وقد سبق أن ما يفيد التقدمي ثبوته لغري املذكور هو ما نفي عن املذكور فيكون األول مقتضيا ألن

إنسانا غري املتكلم قد رأى كل الناس، والثاين مقتضيا ألن إنسانا غري املتكلم قد ضرب من عدا زيدا منهم .وكالمها حمال

ين بأن نقض النفي بأال يقتضي أن يكون القائل له قد وعلل الشيخ عبد القاهر والسكاكي امتناع الثاضرب زيدا، وإيالء الضمري حرف النفي يقتضي أن ال يكون ضربه، وذلك تناقض وفيه نظر، ألنا ال

نسلم أن إيالء الضمري حرف النفي يقتضي ذلك، فإن قيل االستثناء الذي فيه مفرغ وذلك يقتضي أنه ال يستلزم أن ال يكون ضرب زيدا قلنا إن لزم ذلك فليس للتقدمي يكون ضرب أحدا من الناس وذلك

جلريانه يف غري صورة التقدمي أيضا كقولنا ما ضربت إال زيدا هذا إذا وىل املسند إليه حرف النفي وإال فإن كان معرفة كقولك أنا فعلت كان القصد إىل الفاعل وينقسم قسمني أحدمها ما يفيد ختصيصه باملسند

ى من زعم انفراد غريه به أو مشاركته فيه كقولك أنا كتبت يف معىن فالن وأنا سعني يف حاجته للرد علولذلك إذا أردت التأكيد قلت للزاعم يف الوجه األول أنا كتبت يف معىن فالن ال غريي وحنو ذلك ويف

قوة أنا فعلته الوجه الثاين، أنا كتبت يف معىن فالن وحدي وحنو ذلك فإن قلت أنا فعلت كذا وحدي يفال غريي فلم اختص كل منهما بوجه من التأكيد دون وجه؟ قلت ألن جدوى التأكيد ملا كانت إماطة شبهة خاجلت قلب السامع وكان يف األول أن الفعل صدر من غريك ويف الثاين أنه صدر منك بشركة

ي ألنه حمزه ولو عكست الغري أكدت وأمطت الشبهة يف األول بقولك ال غريي، ويف الثاين بقولك وحدومن أهل املدينة مردوا على " أحلت، ومن البني يف ذلك املثل أتعلمين بضب أنا حرشته وعليه قوله تعاىل

أي ال يعلمهم إال حنن وال يطلع على أسرارهم غرينا إلبطام الكفر يف " النفاق ال تعلمهم حنن نعلمهم احلكم وتقرره يف ذهن السامع ومتكنه كقولك هو يعطي سويداوات قلوم، الثاين ما ال يفيد إال تقوى

اجلزيل ال تريد أن غريه ال يعطي اجلزيل وال أن تعرض بإنسان ولكن تريد أن تقرر يف ذهن السامع وحتقق أنه يفعل إعطاء اجلزيل، وسبب تقويه هو أن املبتدأ يستدعي أن يستند إليه شيء فإذا جاء بعده ما يصلح

ه إىل نفسه فينعقد بينهما حكم سواء كان خاليا عن ضمريه حنو زيد غالمك، أو أن يستند إليه صرفمتضمنا حنو أنا عرفت وأنت عرفت وهو عرف أو زيد عرف، مث إذا كان متضمنا لضمريه صرفه ذلك الضمري إليه ثانيا فيكتسي احلكم قوة، ومما يدل على أن التقدمي يفيد التأكيد أن هذا الضرب من الكالم

يء فيما سبق فيه إنكار من منكر حنو أن يقول الرجل ليس يل علم بالذي تقول فتقول أنت تعلم أن جيألن الكاذب ال سيما " ويقولون على اهللا الكذب وهم يعلمون " األمر على ما أقول، وعليه قوله تعاىل

Page 30: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 30

فيه شك حنو أن تقول يف الدين ال يعترف بأنه كاذب فيمتنع أن يعترف بالعلم بأنه كذاب، وفيما اعترض وإذا جاءوكم قالوا " للرجل كأنك ال تعلم ما صنع فالن فيقول أنا أعلم، ويف تكذيب مدع كقوله تعاىل

فإن قوهلم آمنا دعوى منهم أم مل خيرجوا بالكفر كما " آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والذين يدعون من دون اهللا ال خيلقون شيئا "دخلوا به، وفيما يقتضي الدليل أن ال يكون كقوله تعاىل

فإن مقتضى الدليل أن ال يكون ما يتخذ إهلا خملوقا، وفيما يستغرب كقولك أن ال تعجب " وهم خيلقون من فالن يدعي العظيم وهو يعيا باليسري، ويف الوعد الضمان كقولك للرجل أن أكفيك أنا أقوم ذا

ن له أن يعترضه الشك يف إجناز املوعد والوفاء بالضمان فهو من األمر، ألن من شأن من تعده وتضمأحوج شيء إىل التأكيد، ويف املدح واالفتخار ألن من شأن املادح أن مينع السامعني من الشك فيما ميدح

: به ويبعدهم عن الشبهة وكذلك املفتخر، أما املدح فكقول احلماسي

هم يفرشون اللبد كل طمرة

:وقول احلماسية

هما يلبسان المجد أحسن لبسة

: وقول احلماسي

فهم يضربون الكبش يبرق بيضه

: وأما االفتخار فكقول طرفة

نحن في المشتاة ندعو الجفلى

إن وليي اهللا الذي " ومما ال يستقيم املعىن فيه إال على ما جاء عليه من بناء الفعل على االسم قوله تعاىل وقالوا أساطري األولني اكتتبها فهي متلى عليه بكرة " وقوله تعاىل " الصاحلني نزل الكتاب وهو يتوىل

فإنه ال خيفى على " وحشر لسليمان جنوده من اجلن واإلنس والطري فهم يوزعون " وقوله تعاىل " وأصيال عىن قد زال من له ذوق أنه لو جيء يف ذلك بالفعل غري مبين على االسم لوجد اللفظ قد نبا عن املعىن، وامل

أنت ال تكذب، فإنه أشد لنفي : عن احلال اليت ينبغي أن يكون عليها، وكذا إذا كان الفعل منفيا كقولكالكذب عنه، من قولك ال تكذب، وكذا من قولك ال تكذب أنت ألنه لتأكيد احملكوم عليه ال احلكم،

تأكيد يف نفي اإلشراك عنهم ما ال يفيد فإنه يفيد من ال" والذين هم برم ال يشركون " وعليه فوله تعاىل لقد حق القول " قوالن والذين ال يشركون برم، وال قولنا والذين برم ال يشركون، وكذا قوله تعاىل

وقوله تعاىل " فعميت عليهم األنباء يومئذ فهم ال يتساءلون " وقوله تعاىل " على أكثرهم فهم ال يؤمنون

Page 31: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 31

هذا كله إذا بين الفعل على معرف، فإن بين على " كفروا فهم ال يؤمنون إن شر الدواب عند اهللا الذينمنكر أفاد ذلك ختصيص اجلنس أو الواحد بالفعل كقولك رجل جاءين أي ال امرأة أو ال رجالن، وذلك

ألن أصل النكرة أن تكون للواحد من اجلنس فيقع القصد ا تارة إىل اجلنس فقط، كما إذا كان لكالم قد عرف أن قد أتاك آت ومل يدر جنسه أرجل هو أو امرأة أو اعتقد أنه امرأة وتارة املخاطب ذا ا

إىل الوحدة فقط، كما إذا عرف أن قد أتاك من هو من جنس الرجال ومل يدر أرجل هو أم رجالن، أو .اعتقد أنه رجالن، واشترط السكاكي يف إفادة تقدمي االختصاص أمرين

نه يف األصل مؤخرا بأن يكون فاعال يف املعىن فقط كقولك أنا قمت، فإنه جيوز أحدمها أن جيوز تقدير كو .أن تقدر أصله قمت أنا على أن أنا تأكيد لفاعل الذي هو التاء يف قمت فقدم أنا وجعل مبتدأ

وثانيهما أن يقدر كونه كذلك، فإن انتفى الثاين دون األول كاملثال املذكور إذا أجري على الظاهر، وهو أن يقدر الكالم من األصل مبنيا على املبتدأ واخلرب ومل يقدر تقيد وتأخري، أو انتفى األول بأن يكون املبتدأ

جاءين : امسا ظاهرا فإنه ال يفيد إال تقوي احلكم، واستثىن املنكر كما يف حنو رجل جاءين بأن قدر أصلهالذي هو الضمري املستتر يف جاءين كما رجل ال على أن رجل فاعل جاءين بل على أنه بدل من الفاعل

إن الذين ظلموا بدل من الواو يف أسروا وفرق بينه وبني " واسروا النجوى الذين ظلموا " قال اهللا تعاىل املعرف بأنه لو مل يقدر ذلك فيه انتفى ختصيصه، إذ ال سبب لتخصيصه سواه ولو انتفى ختصيصه مل يقع

وشرطه أن ال ميتنع من التخصيص : بتداء فيه وهو التعريف، مث قالمبتدأ خبالف املعرف لوجود شرط اال .مانع كقولنا رجل جاءين أي ال امرأة أو ال رجالن، دون قوهلم شر أهر ذا ناب

أما على التقدير األول فالمتناع أن يراد املهر شر األخري، وأما على الثاين فلكونه نابيا عن مكان استعماله خصيصه حيث تأولوه مبا أهر ذا ناب إال شر فالوجه تفظيع شأن الشر بتنكريه كما وإذ قد صرح األئمة بت

سبق هذا كالمه وهو خمالف ملا ذكره الشيخ عبد القاهر ألمن ظاهر كالم الشيخ فيما يليه حرف النفي القطع بأنه يفيد التخصيص مضمرا كان أو مظهرا، معرفا أو منكرا، من غري شرط لكنه مل ميثل إال

باملضمر، كالم السكاكي صريح يف أنه ال يفيده إال إذا كان مضمرا أو منكرا بشرط تقدير التأخري يف األصل فنحو ما زيد قام يفيد التخصيص على إطالق قول الشيخ وال يفيده على قول السكاكي، وحنو ما

.أنا قمت يفيده على قول الشيخ مطلقا، وعلى قول السكاكي بشرط

الشيخ أن املعرف إذا مل يقع بعد النفي وخربه مثبت أو منفي قد يفيد االختصاص مضمرا وظاهر كالمكان أو مظهرا وخربه مثبت أو منفي قد يفيد االختصاص مضمرا كان أو مظهرا ولكنه مل ميثل إال إطالق باملضمر، وكالم السكاكي صريح يف أنه ال يفيده إال املضمر فنحو زيد قام يفيد االختصاص على

Page 32: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 32

قول الشيخ وال يفيده عند السكاكي مث فيما احتج به ملا هذب إليه نظر، إذ الفاعل وتأكيده سواء يف امتناع التقدمي ما دام الفاعل فاعال والتأكيد تأكيدا فتجويز تقدمي التأكيد دون الفاعل حتكم ظاهر، مث ال

األصل مؤخرا فقدم جلواز حصول نسلم انتفاء التخصيص يف صورة املنكر لوال تقدير أنه كان يفالتخصيص فيها بالتهويل كما ذكر وغري التهويل، مث ال نسلم امتناع أن يراد املهر شر ال خري، قال الشيخ

عبد القاهر إمنا قدم شر ألن املراد أن يعلم أن الذي أهر ذا ناب هو جنس من الشر ال من جنس اخلري رجل ال امرأة، وقول العلماء أنه إمنا صلح ألنه مبعىن ما أهر فجرى جمرى أن تقول رجل جاءين، تريد أنه

ذا ناب إال شر بيان لذلك وهذا صريح يف خالف ما ذكره، مث قال السكاكي ويقرب من قبيل هو عرف يف اعتبار تقوي احلكم زيد عارف، وإمنا قلت يقرب دون أن أقول نظريه ألنه ملا مل يتفاوت يف التكلم

أنا عارف وأنت عارف وهو عارف أشبه اخلايل عن الضمري ولذلك مل حيكم على واخلطاب والغيبة يفعارف بأنه مجلة وال عومل معاملتها يف البناء حيث أعرب يف حنو رجل عارف رجال عارفا ورجل عارف

ا وأتبعه يف حكم اإلفراد حنو زيد عارف أبوه، يعين اتبع عارف عرف يف اإلفراد إذا أسند إىل الظاهر مفرد" كان أو مثىن أو جمموعا، مث قال ومما يفيد التخصيص ما حيكيه علت كلمته عن قوم شعيب عليه السالم

أي العزيز علينا يا شعيب رهطك ال أنت، لكوم من أهل ديننا، ولذلك قال عليه " وما أنت علينا بعزيز كان معناه ما عززت علينا مل يكن أي من نيب اهللا ولو " أرهطي أعز عليكم من اهللا " السالم يف جوام

من باب أنا عارف ال من باب أنا عرفت، والتمسك " وما أنت علينا بعزيز " مطابقا وفيه نظر، ألن قوله ولوال رهطك " باجلواب ليس بشيء جلواز أن يكون عليه السالم فهم كون رهطه أعز عليهم من قوهلم

، كأنه : النفي على أن الكالم يف الفاعل ال يف الفعلوقال الزخمشري دل إيالء ضمريه حرف" لرمجناك بل رهطك هم األعزة علينا وفيه نظر، ألنا ال نسلم أن إيالء الضمري حرف " وما أنت علينا بعزيز " قيل

النفي إذا مل يكن اخلرب فعليا يفيد احلصر، فإن قيل الكالم واقع فيه وأم األعزة عليهم دونه فكيف صح قلنا قال السكاكي معناه من نيب اهللا فهو على حذف املضاف وأجود " أعز عليكم من اهللا أرهطي " قوله

منه ما قال الزخمشري وهو أن اوم به وهو نيب اهللا اون باهللا فحني عوز عليهم رهطه دونه كان رهطه ز أن يقال ال شك أن وجيو" ومن يطع الرسول فقد أطاع اهللا " أعز عليهم من اهللا، أال ترى إىل قوله تعاىل

أرهطي أعز عليكم من " مهزة االستفهام هنا ليست على باا بل هي لإلنكار للتوبيخ فيكون معىن قوله إنكار أن يكون مانعهم من رمجه رهطه النتسابه إليهم دون اهللا تعاىل مع انتسابه إليه أيضا، أي " اهللا

بسبب انتسايب إليهم بأم رهطي ومل يكن رهطي أعز عليكم من اهللا حىت كان امتناعكم من رمجي .بسبب انتسايب إىل اهللا تعاىل بأين رسوله واهللا أعلم

ومما يرى تقدميه كالالزم لفظ مثل إذا استعمل كناية من غري تعريض كما يف قولنا مثلك ال يبخل وحنوه

Page 33: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 33

هو عليها كان من مما ال يراد بلفظ مثل غري ما أضيف إليه ولكن أريد أن من كان على الصفة اليت : مقتضى القياس، وموجب العرف أن يفعل ما ذكر أو أن ال يفعل ولكون املعىن هذا قال الشاعر

سواك يا فردا بال مشبه هولم أقل مثلك أعني ب

: وعليه قوله

هالدمع عن غرب ويسترد مثلك يثني المزن عن صوبه

لنك على األدهم مثل األمري محل على األدهم ألمح: وكذا قول القبعثري للحجاج ملا توعده بقولهواألشهب، أي من كان على هذه الصفة من السلطان وبسطة اليد ومل يقصد أن جيعل أحدا مثله،

وكذلك حكم غريه إذا سلك به هذا املسلك فقيل غريي يفعل ذاك على معىن أين ال أفعله فقط من غري : إرادة التعريض بإنسان وعليه قوله

كثر هذا الناس ينخدعغيري بأ

فإنه معلوم أنه مل يرد أن يعرض بواحد هناك فيصفه بأنه ينخدع بل أراد أنه ليس ممن ينخدع وكذا قول : أيب متام

عنده بيض األيادي ويشحب وغيري يأكل المعروف سحتا

ن من ذلك فإنه مل يرد أن يعرض بشاعر سواه فيزعم أن الذي قرف به عند املمدوح من أن هجاء كاالشاعر ال منه بل أراد أن ينفي عن نفسه أن يكون ممن يكفر النعمة ويلؤم ال غري، واستعمال مثل وغري

هكذا مركوز يف الطباع وإذا تصفحت الكالم وجدما يقدمان أبدأ على الفعل إذا حني ما حنو ما ميهما يفيد تقوي احلكم كما سبق ذكرناه، وال يستقيم املعىن فيهما إذا مل يقدما والسر يف ذلك أو تقد

هو احلكم، وأن -مثلك ال يبخل وغريك ال جيود : يف مثل قولنا-تقريره وسيأيت أن املطلوب الكناية الكناية أبلغ من التصريح فيما قصد ا فكان تقدميهما أعون للمعىن الذي جلبا ألجله، قيل وقد يقدم ألنه

يقم، فيقدم ليفيد نفي القيام عن كل واحد من الناس ألن دال على العموم كما تقول كل إنسان مل املوجبة املعدولة املهملة يف قوة السالبة اجلزئية املستلزمة تنفي احلكم عن مجلة األفراد دون كل واحد منها فإذا سورت بكل وجب أن تكون إلفادة العموم ال لتأكيد نفي احلكم عن مجلة األفراد ألن التأسيس خري

، ولو مل تقدم فقلت مل يقم كل إنسان كان نفيا للقيام عن مجلة األفراد دون كل واحد ألن من التأكيدالسالبة املهملة يف قوة السالبة الكلية املقتضية سلب احلكم عن كل فرد لورود موضوعها يف سياق النفي

تأكيد على فإذا سورت بكل وجب أن تكون إلفادة نفي احلكم عن مجلة األفراد لئال يلزم ترجيح ال

Page 34: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 34

التأسيس وفيه نظر، ألن النفي عن مجلة األفراد يف الصورة األوىل أعين املوجبة املعدولة املهملة كقولنا إنسان مل يقم، وعن كل فرد يف الصورة الثانية أعين السالبة املهملة كقولنا مل يقم إنسان إمنا أفاد اإلسناد

إليه فأفاد يف الصورة األوىل نفي احلكم عن مجلة إىل إنسان فإذا أضيف كل إىل إنسان وحول اإلسناد األفراد ويف الثانية نفيه عن كل فرد منها كان كل تأسيسا ال تأكيدا، ألن التأكيد لفظ يفيد تقوية ما يفيده

لفظ آخر وما حنن فيه ليس كذلك؛ ولئن سلمان أنه يسمى تأكيدا فقولنا مل يقم إنسان إذا كان مفيدا د كان مفيدا للنفي عن مجلة األفراد ال حمالة فيكون كل يف مل يقم كل إنسان إذا جعل للنفي عن كل فر

مفيدا للنفي عن مجلة األفراد تأكيدا ال تأسيسا كما قال يف كل إنسان مل يقم فال يلزم من جعله للنفي عن قوة سالبة كلية مع كل فرد ترجيح التأكيد على التأسيس مث جعله قولنا مل يقم إنسان سالبة مهملة يف

القول بعموم موضوعها لوروده نكرة يف سياق النفي خطأ ألن النكرة يف سياق النفي إذا كانت للعموم كانت القضية اليت جعلت هي موضوعها هلا سالبة كلية فكيف تكون سالبة مهملة، ولو قال لو مل يكن

ها مل يكن يف اإلتيان ا فائدة لثبت الكالم املشتمل على كلمة كل مفيدا خلالف ما يفيده اخلايل عنمطلوبه يف الصورة الثانية دون األوىل جلواز أن يقال إن فائدته فيها الداللة على نفي احلكم عن مجلة

واعلم أن ما ذكره هذا القائل من كون كل يف النفي مفيدة للعموم تارة وغري مفيدة . األفراد باملطابقةعبد القاهر وغريه، قال الشيخ كلمة كل يف النفي إن أدخلت يف أخرى مشهور، وقد تعرض له الشيخ

: حيزه بأن قدم عليها لفظا كقول أيب الطيب

ما كل ما يتمنى المرء يدركه

: وقول اآلخر

ما كل رأى الفتى يدعو إلى رشد

؛ أو وقولنا ما جاء القوم كلهم، وما جاء كل القوم، ومل آخذ الدراهم كلها، ومل آخذ كل الدراهمتقديرا؛ بأن قدمت على الفعل املنتفي وأعمل فيها ألن العامل رتبته التقدم على املعمول كقولك كل الدراهم مل آخذ توجه النفي إىل الشمول خاصة دون أصل الفعل وأفاد الكالم ثبوته لبعض أو تعلقه

في توجه النفي إىل أصل ببعض؛ وإن أخرجت من حيزه بأن قدمت عليها لفظا ومل تكن معمولة للفعل املنالفعل وعم ما أضيف إليه كقول النيب صلى اهللا عليه وسلم ملا قال له ذو اليدين، أقصرت الصالة أم

: نسيت يا رسول اهللا، كل ذلك مل يكن، أي مل يكن واحد منهما ال القصر وال النسيان، وقول أيب النجم

عنعلي ذنبا كله لم أص قد أصبحت أم الخيار تدعي

Page 35: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 35

مث قال وعلة ذلك أنك إذا بدأت بكل كنت قد بنيت النفي عليه وسلطت الكلية على النفي وأعملتها فيه، وقيل إمنا . وإعمال معىن الكلية يف النفي يقتضي أن ال يشذ شيء عن النفي فاعرفه هذا لفظه وفيه نظر

وق احملمول للموضوع، وصورة كان التقدمي مفيدا للعموم دون التأخري ألن صورة التقدمي تفهم سلب حلالتأخري تفهم سلب احلكم من غري تعرض للمحمول للموضوع، وصورة التأخري تفهم سلب احلكم من

غري تعرض للمحمول بسلب، أو إثبات، وفيه نظر أيضا القتضائه أن ال تكون ليس يف حنو قولنا ليس كل ه وإن تؤول بأن مراده أن التقدمي يفيد إنسان كاتبا مفيدة لنفي كاتب هذا إن محل كالمه على ظاهر

سلب حلوق احملمول عن كل فرد والتأخري يفيد سلب حلوقه لكل فرد اندفع هذا االعتراض، لكن كان .مصادرة على املطلوب

واعلم أن املعتمد يف املطلوب احلديث وشعر أيب النجم وما نقلناه عن الشيخ عبد القاهر وغريه لبيان ال يتوقف عليه واالحتجاج باخلرب من وجهني أحدمها أن السؤال بأم عن أحد السبب وثبوت املطلوب

األمرين لطلب التعيني بعد ثبوت أحدمها عند املتكلم على اإلام جوابه إما بالتعيني أو بنفي كل واحد يدين منهما، وثانيهما ما روي أنه ملا قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم كل ذلك مل يكن، قال له ذو ال

بعض ذلك قد كان، واإلجياب اجلزئي نقيضه السلب الكلي، وبقول أيب النجم ما أشار إليه الشيخ عبد .القادر وهو أن الشاعر فصيح والفصيح الشائع يف مثل قوله نصب كل وليس فيه ما يكسر له وزنا

لذلك والرفع غري مفيد وسياق كالمه أنه مل يأت بشيء مما ادعت عليه هذه املرأة فلو كان النصب مفيدا .مل يعدل عن النصب إىل الرفع من غري ضرورة

تقدمي على نية التأخري : ومما جيب التنبيه له يف فصل التقدمي أصل وهو أن تقدمي الشيء على الشيء ضربانوذلك يف شيء أقر مع التقدمي على حكمه الذي كان عليه كتقدمي اخلرب على املبتدأ واملفعول على الفاعل

ولك قائم زيد وضرب عمرا زيد، فإن قائم وعمرا مل خيرجا بالتقدمي عما كانا عليه من كون هذا كقمسند ومرفوعا بذلك وكون هذا مفعوال ومنصوبا من أجله وتقدمي ال على نية التأخري، ولكن أن ينقل

أن جيعل مبتدأ الشيء عن حكم إىل حكم وجيعل له إعراب غري إعرابه كما يف امسني حيتمل كل منهما واآلخر خربا له فيقدم تارة هذا على هذا وأخرى ذاك على هذا كقولنا زيد املنطلق واملنطلق زيد، فإن املنطلق مل يقدم على أن يكون متروكا على حكمه الذي كان عليه مع التأخري فيكون خرب مبتدأ كما

. يف تأخري زيدكان بل على أن ينقل عن كونه خربا إىل كونه مبتدأ وكذا القول

وأما تأخريه فالقتضاء املقام تقدمي املسند هذا كله مقتضى الظاهر وقد خيرج املسند إليه على خالفه فيوضع نعم رجال زيد وبئس رجال : املضمر موضع املظهر كقوهلم ابتداء من غري جري ذكر لفظا أو قرينة حال

Page 36: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 36

زيد نعم رجال وعمرو بئس : رى األصلنعم الرجل وبئس الرجل، على قول من ال ي: عمرو، مكانزيد العامل والقصة عمرو وشجاع ليتمكن : رجال، وقوهلم هو زيد عامل وهو عمرو شجاع مكان الشأن

يف ذهن السامع ما يعقبه فإن السامع مىت مل يفهم من الضمري معىن بقي منتظرا لعقىب الكالم كيف تكون و السر يف التزام تقدمي ضمري الشأن أو القصة، قال اهللا فيتمكن املسموع بعده يف ذهنه فضل متكن وه

وقد يعكس " فإا ال تعمى األبصار " وقال " إنه ال يفلح الكافرون " وقال " قل هو اهللا أحد " تعاىل فيوضع املظهر موضع املضمر فإن كان املظهر اسم إشارة فذلك إما لكمال العناية بتمييزه الختصاصه

: حبكم بديع كقوله

جاهل تلقاه مرزوقا وجاهل هبذاهعاقل أعيت م كم

وصير العالم النحرير زنديقا هذا الذي ترك األوهام حائرة

وإما للتهكم بالسامع كما إذا كان فاقد البصر أو مل يكن، مث مشار إليه أصال، وإما للنداء على كمال انته بأن غري احملسوس بالبصر عنده بالدته بأنه ال يدرك غري احملسوس، بالبصر، أو على كمال فط

كاحملسوس عند غريه، وإما الدعاء أنه كمل ظهوره حىت كأنه حمسوس بالبصر، ومنه يف غري باب املسند : إىل قوله

قتلي قد ظفرت بذلك تريدين تعاللت كي أشجي وما بك علة

ر إما لزيادة التمكني كقوله وإما لنحو ذلك، وإن كان املظهر غري اسم إشارة فالعدول غليه عن املضمفبدل " وقوله " وباحلق أنزلناه وباحلق نزل " ونظريه من غري قوله " اهللا الصمد . قل هو اهللا أحد" تعاىل

: وقول الشاعر" الذين ظلموا قوال غري الذي قيل هلم فأنزلنا على الذين ظلموا

إن تسألوا الحق نعط الحق سائله

دخال الروع يف ضمري السامع وتربية املهابة، وإما لتقوية داعي املأمور، مثاهلما بدل نعطكم إياه، وإما إلأمري املؤمنني يأمرك بكذا وعليه من غريه فإذا عزمت فتوكل على اهللا، وإما لالستعطاف : قول اخللفاء

: كقوله

إلهي عبدك العاصي أتاكا

ال ذا القدر بل التكلم واخلطاب والغيبة وإما لنحو ذلك، قال السكاكي هذا غري خمتص باملسند إليه ومطلقا ينقل كل واحد منهما إىل اآلخر ويسمى هذا النقل التفاتا عند علماء املعاين كقول ربيعة بن

: مقروم

Page 37: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 37

يداابنة الحر المواع وأخلفتك بانت سعاد فأمسى القلب معمودا

: فالتفت كما ترى حيث مل يقل وأخلفتين، وقوله

واصبح باقي وصلها قد تقضبا رى تهيجك زينباوالذك تذكرت

افحلت غمرة فمثقب وشطت انلبفلج فاألباتر أه وحل

فالتفت يف البيتني، واملشهور عند اجلمهور أن االلتفات هو التعبري عن معىن بطريق من الطرق الثالثة بعد بالنقل أن يعرب بطريق من هذه التعبري عنه بطريق آخر منها وهذا أخص من تفسري السكاكي ألنه أراد

الطرق عما عرب عنه بغريه أو كان مقتضى الظاهر أن يعرب عنه بغريه منها، فكل التفات عندهم التفات وما يل ال أعبد الذي فطرين " عنده من غري عكس، مثال االلتفات من التكلم إىل اخلطاب قوله تعاىل

ومن " إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك واحنر " اىل ومن التكلم إىل الغيبة قوله تع" وغليه ترجعون : اخلطاب إىل التكلم قول علقمة بن عبدة

يببعيد الشباب عصر حان مش طحا بك قلب في الحسان طروب

وبطعواد بيننا وخ وعادت ايهط ولليلى وقد ش يكلفني

ومن الغيبة إىل اخلطاب " سحابا فسقناه واهللا الذي أرسل الرياح فتثري" ومن اخلطاب إىل الغيبة قوله تعاىل : وقول عبد اهللا بن عنمة" مالك يوم الدين، إياك نعبد " قوله تعاىل

وبرهيراه بنو كوز وم كما ما إن ترى السيد زيدا في نفوسهم

محقبة والسيف مقروب والدرع تسألوا الحق نعط الحق سائله إن

: وأما قول امرئ القيس

دالخلي ولم ترق ونام دماإلثبتطاول ليلك

ذي العاثر األرمد كليلة يلةه لوباتت ل وبات

وخبرته عن أبي األسود ياءنمن نبأ ج وذلك

فقال الزخمشري فيه ثالث التفاتات وهذا ظاهر على تفسري السكاكي، ألن على تفسريه يف كل بيت ظاهر فال يكون يف البيت الثالث التفات لوروده على التفاتة ال يقال االلتفات عنده من خالف مقتضى ال

مقتضى الظاهر، ألن متنع احنصار االلتفات عنده يف خالف املقتضى ملا تقدم، وأما على املشهور فال التفات يف البيت األول، ويف الثاين التفاتة واحدة فيتعني أن يكون يف الثالث التفاتتان، فقيل مها يف قول

عتبار االنتقال من اخلطاب يف البيت األول واألخرى باعتبار االنتقال من الغيبة يف الثاين جاءين، إحدامها با

Page 38: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 38

وفيه نظر ألن االنتقال إمنا يكون من شيء حاصل ملتبس به وإذ قد حصل االنتقال من اخلطاب يف البيت لتكلم يف الثالث من الغيبة األول إىل الغيبة يف الثاين مل يبق اخلطاب حاصال ملتبسا به فيكون االنتقال إىل ا

-وحدها ال منها ومن اخلطاب مجيعا، فلم يكن يف البيت الثالث إال التفاتة واحدة، وقيل إحدامها يف قوله

ألنه التفات من اخلطاب إىل - جاءين - ألنه التفات من الغيبة إىل اخلطاب، والثانية يف قوله -وذلك .التكلم وهذا أقرب

ت من حماسن الكالم، ووجه حسنه على ما ذكر الزخمشري هو أن الكالم إذا نقل من واعلم أن االلتفاأسلوب إىل أسلوب كان ذلك أحسن نظرية لنشاط السامع وأكثر إيقاظا لإلصغاء إليه من إجرائه على أسلوب واحد، وقد ختتص مواقعه بلطائف كما يف سورة الفاحتة فإن العبد إذا افتتح محد مواله احلقيق

احلمد هللا الدال على اختصاصه باحلمد، وأنه : حلمد عن قلب حاضر ونفس ذاكرة ملا هو فيه بقولهباحقيق به وجد من نفسه ال حمالة حمركا لإلقبال عليه فإذا انتقل على حنو االفتتاح إىل قوله رب العاملني،

احملرك، مث إذا انتقل إىل الدال على أنه مالك للعاملني ال خيرج منهم شيء عن ملكوته وربوبيته قي ذلكقوله الرمحن الرحيم الدال على أنه منعم بأنواع النعم جالئلها ودقائقها تضاعفت قوة ذلك احملرك، مث

مالك يوم الدين الدال على أنه مالك لألمر كله يوم : انتقل إىل خامته هذه الصفات العظام وهي قوله .بتخصيصه بغاية اخلضوع واالستعانة يف املهماتاجلزاء تناهت قوته وأوجب اإلقبال عليه وخطابه

مل يقل " ولو أم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا اهللا واستغفر هلم الرسول " وكما يف قوله تعاىل واستغفرت هلم، وعدل عنه إىل طريق االلتفات، تفخيما لشأن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وتعظيما

.أن شفاعة من امسه الرسول من اهللا مبكانالستغفاره، وتنبيها على

أحدمها أن يكون قصد : وذكر السكاكي اللتفات امرئ القيس يف األبيات الثالثة على تفسريه وجوهاويل اخلطب واستفظاعه فنبه يف التفاته األول على أن نفسه وقت ورود ذلك النبأ عليها وهلت وله

-لى بعض التسلي إال بتفجع امللوك له وحتزم عليه وخاطبها الثكلى فأقامها مقام املصاب الذي ال يتس

تسلية، أو على أا لفظاعة شأن النبأ أبدت قلقا شديدا ومل تتصرب فعل امللوك فشك يف -بتطاول ليلك أا نفسه فأقامها مقام مكروب وخاطبها بذلك تسلية، ويف الثاين على أنه صادق يف التحزن خاطب أوال

ث على أنه يريد نفسه أو نبه يف األول على أن النبأ لشدته تركه حائرا فما فطن معه ملقتضى ويف الثالاحلال فجرى على لسانه ما كان ألفه من اخلطاب الدائر يف جماري أمور الكبار أمرا ويا، ويف الثاين على

يبة، ويف الثالث على ما سبق أو أنه بعد الصدمة األوىل أفاق شيئا فلم جيد النفس معه فبىن الكالم على الغنبه يف األول على أا حني مل تثبت ومل تتبصر غاظه ذلك فأقامها مقام املستحق للعتاب فخاطبها على

Page 39: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 39

سبيل التوبيخ والتعيري بذلك، ويف الثاين على أن احلامل على اخلطاب والعتاب ملا كان هو الغيظ والغضب الوجه وهو يدمدم قائال وبات وباتت له، ويف لثالث على وسكت عنه الغضب بالعتاب األول وىل عنها

.ما سبق

هذا كالمه وال خيفى على املصنف ما فيه من التعسف ومن خالف املقتضى ما مساه السكاكي األسلوب احلكيم وهو تلقي املخاطب بغري ما يترقب حبمل كالمه على خالف مراده تنبيها على أنه األوىل بالقصد

ما يتطلب بترتيل سؤاله مرتلة غريه، تنبيها على أنه األوىل حباله أو املهم له، أما األول أو السائل بغريألمحلنك على األدهم مثل األمري حيمل على األدهم : فكقول القبعثري للحجاج ملا قال له متوعدا بالقيد

يف السلطان وبسطة واأللقاب فإنه أبرز وعيده يف معرض الوعد وأراه بألطف وجه أن من كان على صفتهاليد فجدير بأن يصفد، ال أن يصفد، وكذا قوله له ملا قال له يف الثانية إنه حديد ألن يكون حديدا خري

: من أن يكون بليدا، وعن سلوك هذه الطريقة يف جواب املخاطب عرب من قال مفتخرا

يرأت الضيفان ينحون منزل وقد رىقتشتكي عندي مزاولة ال أتت

هم الضيف جدي في قراهم وعجلي اهالمت كت كأني ما سمعفقل

: ومساه الشيخ عبد القاهر مغالطة

قالوا ما بال اهلالل يبدو " يسألونك عن األهلة قل هي مواقيت للناس واحلج : " وأما الثاين فكقوله تعاىل" حىت يعود كما بدأ، وكقوله تعاىل دقيقا مثل اخليط مث يتزايد قليال حىت ميتلئ ويستوي مث ال يزال ينقص

سألوا " يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خري فللوالدين واألقربني واليتامى واملساكني وابن السبيل عن بيان ما ينفقون فأجيبوا ببيان املصرف، ومنه التعبري عن املستقبل بلفظ املضي تنبيها على حتقق وقوعه

ويوم ينفخ يف الصور ففزع من يف السماوات ومن يف األرض " كقوله تعاىل وأن ما هو للوقوع كالواقع وقوله " ويوم تسري اجلبال وترى األرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " وقوله " إال من شاء اهللا

جعل املتوقع الذي ال بد من " ونادى أصحاب األعراف " وقوله تعاىل " ونادى أصحاب النار " تعاىل .وعه مبرتلة الواقعوق

وعن حسان أن ابنه عبد الرمحن لسعه زنبور وهو طفل فجاء إليه يبكي فقال له يا بين مالك؟ قال لسعين ومثله التعبري عنه باسم . طوير كأنه ملتف يف بردي حربة، فضمه إىل صدره وقال له يا بين قد قلت الشعر

ذلك يوم جمموع له الناس " فعول كقوله تعاىل وكذا اسم امل" إن الدين لواقع " الفاعل كقوله تعاىل عرضت الناقة على احلوض، ورده مطلقا قوم وقبله مطلقا : ومنه القلب كقول العرب" وذلك يوم مشهود

: واحلق أنه إن تضمن اعتبارا لطيفا وإال رد، أما األول فكقول رؤبة. قوم، منهم السكاكي

Page 40: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 40

اؤهكأن لون أرضه سم اؤهومهمه مغبرة أرج

: أي كأن لون مسائه لغربا لون أرضه، فعكس التشبيه للمبالغة، وحنوه قول أيب متام يصف قلم املمدوح

وأرى الجنى اشتارته أيد عواسل هاباألفاعي القاتالت لع لعاب

: وأما الثاين فكقول القطامي

كما طينت بالفدن السياعا

: وقول حسان

يكون مزاجها عسل وماء

: عروة بن الوردوقول

فديت بنفسه نفسي ومالي

: وقول اآلخر

وال يك موقف منك الوداعا

ليس واردا على القلب، إذ ليس يف " وكم من قرية أهلكناها فجاءها باسنا " وقد ظهر من هذا قوله تعاىل اذهب بكتايب هذا " وكذا قوله تعاىل " مث دنا فتدىل " وكذا قوله تعاىل . تقدير القلب فيه اعتبار لطيف

أردنا إهالكها فجاءها بأسنا، أي إهالكنا، : فأصل األول" فألقه إليهم مث تول عنهم فانظر ماذا يرجعون ومعىن الثالث تنح . مث أراد الدنو من حممد صلى اهللا عليه وسلم فتدىل فتعلق عليه يف اهلواء: وأصل الثاين

ه مبسمع منك فانظر ماذا يرجعون فيقال إنه دخل عنهم إىل مكان قريب تتوارى فيه ليكون ما يقولون : عليها من كوة فألقى الكتاب إليها وتوارى يف الكوة، وأما قول خداش

وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر

فقد ذكر له سوى القلب وجهان أحدمها أن جيعل شقاء الرماح م استعارة عن كسرها بطعنهم ا، ء هلا حتقريا لشأم وأم ليسوا أهال ألن يطعنوا ا، كما يقال شقي اخلز والثاين أن جيعل نفس طعنهم شقا

: جبسم فالن إذا مل يكن أهال للبسه، وقيل يف قول قطري بن الفجاءة

دامارح اإلقيرة قالبص جذع ثم انصرفت وقد أصبت ولم أصب

جذع اإلقدام كما يقال إقدام غر مل أصب مبعىن مل أجرح أي قارح البصرية : إنه من باب القلب على أنمل اصب مبعىن مل ألف أي ألف ذه الصفة بل وجدت خبالفها جذع اإلقدام : وأجيب عنه بأن. أي جمرب

Page 41: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 41

قارح البصرية على أن قوله جذع البصرية قارح اإلقدام حال من الضمري املستتر يف مل أصب فيكون متعلقا : بأقرب مذكور ويؤيد هذا الوجه قوله قبله

اممالوغى متخوفا لح يوم امجيركنن أحد إلى اإلح ال

يعن يميني مرة وأمام من اح دريئةرملأراني ل فلقد

أكناف سرجي أو عنان لجامي خضبت بما تحدر من مي حتى

فإن اخلضاب مبا حتدر من دمه دليل على أنه جرح، وأيضا فحوى كالمه أن مراده أن يدل على جرح ومل .إعالما أن اإلقدام غري علة للحمام وحثا على الشجاعة وبغض الفرارميت،

القول في أحوال المسند

أما تركه فلنحو ما سبق يف باب املسند إليه من ختييل العدول إىل أقوى الدليلني ومن اختبار تنبه السامع : إما مع ضيق املقام كقولهعند قيام القرينة أو مقدار تنبهه ومن االختصار واالحتراز بناء على الظاهر،

فإني وقيار بها لغريب

: أي وقيار كذلك، وقوله

عندك راض والرأي مختلف امت ببما عندنا وأن نحن

أي وحنن مبا عندنا راضون، وكقول أيب الطيب

دهنتفأجبتها الم وتنهدت قالت وقد رأت اصفراري من به

طالب به هو املتنهد إن فسر مبن املطالب به ألن مطلوب السائلة على أي املتنهد هو املطالب به دون املهذا احلكم على شخص معني بأنه املطالب به ليتعني عندها ال احلكم على املطالب به بالتعيني، وقيل معناه

واهللا ورسوله أحق أن يرضوه: " من فعل به فيكون التقدير فعل به املتنهد، وأما بدون الضيق كقوله تعاىل

على وجه أي واهللا أحق أن يرضوه ورسوله كذلك، وجيوز أن يكون مجلة واحدة، وتوحيد الضمري ألنه " ال تفاوت بني رضا اهللا ورسوله فكانا يف حكم مرضي واحد، كقولنا إحسان زيد وإمجاله نعشين وجرب

ن احمليض من والالئي يئسن م" مين، وكقولك زيد منطلق وعمرو، أي عمرو كذلك، وعليه قوله تعاىل أي والالئي مل حيضن مثلهن، وقولك خرجت " نسائكم إن ارتبتم فعدن ثالثة أشهر والالئي مل حيضن

فإذا زيد، وقولك ملن قال هل لك أحد إن الناس ألب عليك أن زيدا وأن عمرا أي أن يل زيدا وأن يل دنيا وأن لنا مرحتال عنها إىل اآلخرة، وقوله عمرا، وعليه قوله إن حمال وان مرحتال أي إن لنا حمال يف ال

تقديره لو متلكون متلكون، مكرر لفائدة التأكيد فأضمر " قل لو أنتم متلكون خزائن رمحة ريب " تعاىل

Page 42: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 42

متلك األول إضمارا على شريطة التفسري وأبدل من الضمري املتصل الذي هو الواو ضمري منفصل وهو أنتم قال الزخمشري هذا ما يقتضيه . ظ، فأنتم فاعل الفعل املضمر وميلكون تفسريهلسقوط ما يتصل به من اللف

علم اإلعراب، فأما ما يقتضيه علم البيان فهو إن كنتم متلكون فيه دالئل على االختصاص وإن الناس هم : املختصون بالشح املتبالغ، وحنوه قول حامت لو ذات سوار لطمتين وقول املتلمس

دوا نقيصتيولو غير إخواني أرا

أفمن " وذلك ألن الفعل األول ملا سقط ألجل املفسر برز الكالم يف صورة املبتدأ واخلرب، وكقوله تعاىل أي كمن مل يزين له سوء عمله، واملعىن أفمن زين له سوء عمله من " زين له سوء عمله فرآه حسنا

ين له سوء عمله مث كان رسول اهللا صلى الفريقني اللذين تقدم ذكرمها الذين كفروا والذين آمنوا كمن زفإن اهللا يضل من يشاء ويهدي من يشاء فال تذهب : "ال، فقيل: اهللا عليه وسلم ملا قيل له ذلك قال

وقيل املعىن أفمن زين له سوء عمله ذهبت نفسك عليهم حسرات، فحذف " نفسك عليهم حسرات زين له سوء عمله كمن هداه اهللا، فحذف فال تذهب نفسك عليهم حسرات، أو أفمن : اجلواب لداللة

بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصرب : " فإن اهللا يضل من يشاء ويهدي من يشاء وأما قوله تعاىل: لداللةوأقسموا باهللا جهد أميام لئن أمرم ليخرجن قل ال " وقوله " سورة أنزلناها " وقوله تعاىل " مجيل

مل األمرين حذف املسند إليه وحذف املسند، أي فأمري صرب مجيل فكل منها حيت" تقسموا طاعة معروفة أو فصرب مجيل أمجل، وهذه سورة أنزلناها أو فيما أوحينا إليك سورة أنزلناها وأمركم أو الذي يطلب

منكم طاعة معروفة معلومة ال يشك فيها وال يرتاب كطاعة اخللص من املؤمنني الذين طابق باطن أمرهم تقسمون ا بأفواهكم وقلوبكم على خالفها أو طاعتكم طاعة معروفة أي بالقول دون ظاهره ال أميان

.الفعل أو طاعة معروفة أمثل وأوىل بكم من هذه الكاذبة

قيل التقدير وال تقولوا آهلتنا ثالثة ورد بأنه " وال تقولوا ثالثة " ومما حيتمل الوجهني قوله سبحانه وتعاىل النفي إمنا يكون للمعىن املستفاد من اخلرب دون معىن املبتدأ كما تقول ليس أمراؤنا تقرير لثبوت آهلة ألن

ثالثة فإنك تنفي به أن تكون عدة األمراء ثالثة دون أن تكون لكم أمراء وذلك إشراك، مع أن قوله تعاىل دأ حمذوفا مميزة ال يناقضه، والوجه أن ثالثة صفة مبتدأ حمذوف أي يكون مبت" إمنا اهللا اهللا واحد : " بعده

خرب مبتدأ، والتقدير وال تقولوا لنا، أو يف الوجود آهلة ثالثة أو ثالثة آهلة، مث حذف اخلرب كما حذف من ال اهللا إال اهللا، وما من اهللا إال اهللا، مث حذف املوصوف أو املميز، كما حيذفان يف غري هذا املوضع فيكون

إمنا اهللا اهللا : " س فيه تقرير لثبوت إهلني مع أن ما بعده أعين قولهالنهي عن إثبات الوجود آلهلة، وهذا لي

Page 43: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 43

ينفي ذلك فيحصل النهي عن اإلشراك والتوحيد من غري تناقض وهلذا يصح أن يتبع نفي االثنني " واحد ن وال تقولوا لنا آهلة ثالثة وال إهلان ألنه كقولنا ليست آهلتنا ثالثة وال اثنني وهذا فاسد وجيوز أ: يقال

لقد كفر الذين قالوا : " يقدر وال تقولوا اهللا واملسيح وأمه ثالثة، أي ال تعبدومها كما تعبدونه لقوله تعاىلفيكون املعىن ثالثة مستوون يف الصفة والرتبة فإنه قد استقر يف العرف أنه إذا أريد " إن اهللا ثالث ثالثة

هم ثالثة، كما يقال إذا أريد إحلاق واحد بآخر : إحلاق اثنني بواحد يف وصف وأما شبيهان له أن يقالواعلم أن احلذف ال بد له من قرينة كوقوع الكالم جوابا عن سؤال إما حمقق . مها اثنان: وجعله يف معناه

ولئن سألتهم من نزل من : " وقوله" ولئن سألتهم من خلق السموات واألرض ليقولن اهللا : " كقوله تعاىل : وأما مقدر حنو" ألرض من بعد موا ليقولن اهللا السماء ماء فأحيا به ا

لبيك يزيد ضارع لخصومة

كذلك يوحي إليك وإىل الذين من : " وقوله" يسبح له فيها بالغدو واآلصال رجال : " وقراءة من قرأببناء الفعل للمفعول، وفضل هذا التركيب على خالفه، أعين حنو لبيك يزيد " قبلك اهللا العزيز احلكيم

أحدها أن هذا التركيب يفيد إسناد الفعل إىل الفاعل : ضارع، ببناء الفعل للفاعل ونصب يزيد من وجوهمرتني إمجاال مث تفصيال، الثاين أن حنو يزيد فيه ركن اجلملة ال فضلة، الثالث أن أوله غري مطمع للسامع يف

.حيتسب وخالفه خبالف ذلكذكر الفاعل فيكون عند ورود ذكره كمن تيسرت له غنيمة من حيث ال

وجعلوا هللا : " ومن هذا الباب أعين احلذف الذي قرينته وقوع الكالم جوابا عن سؤال مقدر قوله تعاىلأحدمها ما ذكره : على وجه، فإن هللا شركاء أن جعال مفعولني جلعلوا فاجلن حيتمل وجهني" شركاء اجلن

من جعلوا هللا شركاء؟ : عليه سؤال مقدر كأنه قيلالشيخ عبد القاهر من أن يكن منصوبا مبحذوف دل فقيل اجلن، فيفيد الكالم إنكار الشرك مطلقا فيدخل اختاذ الشريك من غري اجلن يف اإلنكار دخول اختاذه من اجلن، والثاين ما ذكره الزخمشري وهو أن ينتصب اجلن بدال من شركاء فيفيد إنكار الشريك مطلقا

وفائدة التقدمي . هللا لغوا كان شركاء اجلن مفعولني قدم ثانيهما على األولأيضا كما مر، وإن جعلملكا كان أو جنيا أو غريمها، ولذلك قدم اسم اهللا على الشركاء ولو مل : استعظام أن يتخذ اهللا شريكا

أعلم، ينب الكالم على التقدمي، وقيل وجعلوا اجلن شركاء هللا مل يفد إال إنكار جعل اجلن شركاء واهللا .نعم وبئس على أحد القولني: ومنه ارتفاع املخصوص يف باب

وأما ذكره فإما لنحو ما مر يف باب املسند إليه من زيادة التقرير والتعريض بغباوة السامع واالستلذاذ منه والتعظيم واإلهانة وبسط الكالم وإما ليتعني كونه امسا فيستفاد منه الثبوت، أو كونه فعال فيستفاد

Page 44: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 44

قال األحوال وفيه نظر، حلصول . التجدد أو كونه ظرفا فيورث احتمال الثبوت والتجدد وإما لنحو ذلكوأما إفراده فلكونه غري سبيب مع عدم إفادة تقوي احلكم كقولك . التعجب بدون الذكر إذا قامت القرينة

كي وأما احلالة املقتضية إلفراده واملراد بالسبيب حنو زيد أبوه منطلق، قال السكا. زيد منطلق وقام عمروفهي إذا كان فعليا ومل يكن املقصود من نفس التركيب تقوي احلكم وأعين باملسند الفعلي ما مل يكن

مفهومه حمكوما به بالثبوت للمسند إليه أو باالنتفاء عنه كقولك أبو زيد منطلق، والكر من الرب بستني، ويف الدار خالد، إذ تقديره استقر أو حصل يف الدار على وضرب أخو عمرو، ويشكرك بكر أن تعطه،

أحدمها أن ما : أقوى االحتمالني لتمام الصلة بالظرف كقولك الذي يف الدار أخوك، وفيه نظر من وجهنيذكره يف تفسري املسند الفعلي جيب أن يكون تفسريا للمسند مطلقا، والظاهر أنه إمنا قصد به االحتراز عن

إذ فسر املسند السبيب بعد هذا مبا يقابل تفسري املسند الفعلي ومثله بقولنا زيد أبوه منطلق أو املسند السبيبانطلق، والرب الكر منه بستني، فجعل كما ترى أمثلة السبيب مقابلة ألمثلة الفعلي مع االشتراك يف أصل

ه كان قولنا الكر من الرب بستني املعىن، والثاين أن الظرف الواقع خربا إذا كان مقدرا جبملة، كما اختاروكذا إذا كان يف . تقديره الكر من الرب استقر بستني، فيكون املسند مجلة وحيصل تقوي احلكم كما مر

الدار خالد تقريره استقر يف الدار خالد كان املسند مجلة أيضا لكون استقر مسندا إىل ضمري خالد ال إىل وأما كونه فعال فللتقييد بأحد األزمنة الثالثة على . لى شيءخالد على األصح لعدم اعتماد الظرف ع

أخصر ما ميكن مع إفادة التجدد، وأما كونه امسا فإلفادة عدم التقييد والتجدد، ومن البني فيهما قول : الشاعر

قليمر عليها وهو منط لكن ال يألف الدرهم المضروب صرتنا

: وقوله

إلى عريفهم يتوسم بعثوا أوكلما وردت عكاظ قبيلة

إذ معىن األول على انطالق ثابت للدرهم مطلقا من غري اعتبار جتدده وحدوثه ومعىن الثاين على توسم وتأمل ونظريتجدد من العريف هناك، وأما تقييد الفعل مبفعول وحنوه فلتربية الفائدة كقولك ضربت ضربا

ك، وضربت تأديبا، وضربت بالسوط، شديدا، وضربت زيدا، وضربت يوم اجلمعة، وضربت أماموجلست والسارية، وجاء زيد راكبا، وطاب زيد نفسا، وما ضرب إال زيدا، وما ضربت إال زيدا،

. قائما ال كان- هو -واملقيد يف حنو كان زيد قائما

عرفة ما بني وأما ترك تقييده فلمانع من تربية الفائدة، وأما تقييده بالشرط فالعتبارات ال تعرف إال مبإن وإذا : أدواته من التفصيل، وقد بني ذلك يف علم النحو ولكن البد من النظر هاهنا يف أن وإذا ولو، أما

Page 45: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 45

فهما للشرط يف االستقبال لكنهما يفترقان يف شيء وهو األصل يف أن ال يكون الشرط فيهما مقطوعا ه يكرمك، واألصل يف إذا أن يكون بوقوعه كما تقول لصاحبك أن تكرمين أكرمك وأنت ال تقطع بأن

الشرط فيهما مقطوعا بوقوعه كما تقول إذا زالت الشمس آتيك، ولذلك كان احلكم النادر موقعا ألن النادر غري مقطوع به يف غالب األمر، وغلب لفظ املاضي مع إذا

هم احلسنة قالوا لنا هذه وإن فإذا جائت: "لكونه أقرب إىل القطع بالوقوع، نظرا إىل اللفظ، قال اهللا تعاىلأين يف جانب احلسنة بلفظ إذا ألن املراد باحلسنة احلسنة املطلقة " تصبهم سيئة يطريوا مبوسى ومن معه

: وجوز السكاكي أن يكون تعريفها للعهد، وقال. اليت حصوهلا مقطوع به ولذلك عرفت تعريف اجلنس

السيئة بلفظ إن ألن السيئة نادرة بالنسبة إىل احلسنة وأتى يف جانب . وهذا أقضى حلق البالغة وفيه نظروإذا أذقنا الناس رمحة فرحوا ا وإن تصبهم سيئة مبا قدمت : " املطلقة ولذلك نكرت، ومنه قوله تعاىل

أتى بإذا يف جانب الرمحة، وأما تنكريها فجعله السكاكي للتوعية نظرا إىل لفظ " أيديهم إذا هم يقنطون بلفظ إذا مع الضر، فللنظر إىل لفظ املس " وإذا مس الناس ضر : " ال أقرب، وأما قوله تعاىلاإلذاقة كما ق

وإىل تنكري الضر املفيد يف املقام التوبيخي القصد إىل اليسري من الضر وإىل الناس املستحقني أن يلحقهم حكم املقطوع به، كل ضرر، وللتنبيه على أن مساس قدر يسري من الضر ألمثال هؤالء حقه أن يكون يف

وإذا أنعمنا على اإلنسان : "بعد قوله عز وجل" وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض : " وأما قوله تعاىلأي أعرض عن شكر اهللا وذهب بنفسه وتكرب وتعظم، فالذي تقتضيه البالغة أن " أعرض ونأى جبانبه

ن مثله حيق أن يكون ابتالؤه بالشر يكون الضمري يف مسه للمعرض املتكرب ويكون لفظ إذا للتنبيه على أمقطوعا به، قال الزخمشري وللجهل مبوقع إن وإذا يزيغ كثري من اخلاصة عن الصواب فيغلطون، أال ترى

إىل عبد الرمحن بن حسان كيف أخطأ ما املوقع يف قوله، خياطب بعض الوالة وقد سأله حاجة فلم : يقضها مث شفع له فيها فقضاها

تولى سواكم أجرها واصطناعها د وأدركت حاجتيذممت ولم تحم

اأضاق اهللا بالخير باعه ونفس أبي لك كسب الحمد رأي مقصر

وإن همت بشر أطاعها عصاها رةهي حثته على الخير م إذا

فلو عكس ألصاب، وقد تستعمل أن يف مقام القطع بوقوع الشرط لنكتة كالتجاهل الستدعاء املقام إياه إن صدقت فقل ماذا تفعل، وكترتيله مرتلة اجلاهل : جزم املخاطب كقولك ملن يكذبك فيما ختربوكعدم

إن كان أباك فال تؤذه، وكالتوبيخ على الشرط : لعدم جريه على موجب العلم كما تقول ملن يؤذي أباه

Page 46: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 46

غرض قوله وتصوير أن املقام الشتماله على ما يقلعه عن أصله ال يصح إال لفرضه كما يفرض احملال لفيمن قرأ إن بالكسر لقصد التوبيخ " أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفني : " تعاىل

والتجهيل يف ارتكاب اإلسراف وتصوير أن اإلسراف من العاقل يف هذا املقام واجب االنتفاء حقيقي أن املتصف به، وجميء قوله ال يكون ثبوته له إال على جمرد الفرض، وكتغليب غري املتصف بالشرط على

بأن حيتمل أن يكون للتوبيخ على الريبة الشتمال املقام " وإن كنتم يف ريب مما نزلنا على عبدنا : " تعاىلعلى ما يقلعها عن أصلها، وحيتمل أن يكون لتغليب غري املرتابني منهم، فإنه كان فيهم من يعرف احلق

والتغليب باب واسع جيري يف " كنتم يف ريب من البعث إن : " وإمنا ينكر عنادا، وكذلك قوله تعاىلأدخل " لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن يف ملتنا : " فنون كثرية كقوله تعاىل

: شعيب عليه السالم يف لتعودن يف ملتنا حبكم التغليب إذ مل يكن شعيب يف ملتهم أصال، ومثله قوله تعاىل

عدت األنثى من الذكور حبكم التغليب، " وكانت من القانتني : " وكقوله تعاىل" لتكم إن عدنا يف م" بل أنتم : " عد إبليس من املالئكة حبكم التغليب، وكقوله تعاىل" فسجدوا إال إبليس : " وكقوله تعاىل" ملون وما ربك بغافل عما تع: " بتاء اخلطاب غلب جانب أنتم على جانب قوم، ومثله" قوما جتهلون

يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم : " فيمن قرأ بالتاء، وكذا قوله تعاىلغلب املخاطبون يف قوله لعلكم تتقون على الغائبني يف اللفظ واملعىن على إرادما مجيعا، ألن لعل " تتقون

جعل لكم من أنفسكم أزواجا : " تعاىلمتعلقة خبلقكم ال باعبدوا، وهذا من غوامض الغيب، وكقولهفإن اخلطاب فيه شامل للعقالء واألنعام فغلب فيه املخاطبون على " ومن األنعام أزواجا يذرؤكم فيه

أي يبثكم ويكثركم يف هذا التدبري وهو أن " يذرؤكم فيه : " الغيب والعقالء على األنعام، وقوله تعاىلان بني ذكورهم وإناثهم التوالد والتناسل فجعل هذا التدبري كاملنبع جعل للناس واألنعام أزواجا حىت كولكم يف القصاص : " ومل يقل به كما يف قوله تعاىل" يذرؤكم فيه : " واملعدن للبث والتكثري، ولذلك قيل

".حياة

يف كل واحدة واعلم أنه ملا كانت هاتان الكلمتان لتعليق أمر بغريه أعين اجلزاء بالشرط يف االستقبال امتنعمن مجلتيهما الثبوت ويف أفعاهلما املضي أعين أن تكون كلتا اجلملتني أو إحدامها امسية أو كال الفعلني أو

أحدمها ماضيا، وال خيالف ذلك لفظا حنو إن أكرمتين أكرمتك وإن أكرمتين أكرمك وإن تكرمين مس إال لنكتة ما مثل إبراز غري أكرمتك وإن تكرمين فأنت مكرم وإن أكرمتين اآلن فقد أكرمتك أ

يف وقوعه كقولك إن اشترينا كذا حال انعقاد . احلاصل يف صورة احلاصل، إما لقوة األسباب املتآخذةاألسباب يف ذلك وإما ألن ما هو املوقوع كالواقع، كقولك إن مت كان كذا وكذا كما سبق، وإما

حبسن العاقبة فهو املرام، فإن الطالب إذا تبالغت للتفاؤل، وأما إلظهار الرغبة يف وقوعه حنو إن ظفرت

Page 47: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 47

وال تكرهوا فتياتكم : " رغبته يف حصول أمر يكثر تصوره إياه فرمبا خييل إليه حاصال وعليه قوله تعاىلوقد يقوى هذا التخيل عند الطالب حىت إذا وجد حكم احلس خبالف " على البغاء إن أردن حتصنا

: مال أخرى، وعليه قول أيب العالء املعريحكمه غلطه تارة واستخرج له حم

ريأمامي وتأويبا على أث سرى ما سرت إال وطيف منك يصحبني

لكثرة ما ناجيت نفسي بك انتقشت يف خيايل فأعدك بني يدي مغلطا للبصر بعلة الظالم إذا مل : يقول بني يدي ارا، يدركك ليال أمامي، وأعدك خلفي إذا مل يتيسر يل تغليطه حني ال يدركك

وقوله " لئن أشركت ليحبطن عملك : " قال السكاكي أو للتعريض كما يف قوله تعاىل. وإما لنحو ذلكفإن زللتم : " وقوله تعاىل" ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا ملن الظاملني : " تعاىل

" وما يل ال أعبد الذي فطرين وإليه ترجعون : " ولهونظريه يف التعريض ق" من بعد ما جاءتكم البينات

ءأختذ من دونه آهلة إن يردن : " املراد وما لكم ال تعبدون الذي فطركم املنبه عليه ترجعون، وقوله تعاىلإذ املراد أتتخذون من دونه " الرمحن بضر ال تغن عين شفاعتهم شيئا وال ينقذون، إين إذا لفي ضالل مبني

كم الرمحن بضر ال تغن عنكم شفاعتهم شيئا وال ينقذونكم إنكم إذا لفي ضالل مبني، ولذلك آهلة إن يردقيل آمنت بركم دون بريب وأتبعه فامسعوين ووجه حسنة تطلب إمساع املخاطبني الذين هم أعداء املسمع،

ذلك ويعني واحلق على وجه ال يورثهم مزيد غضب وهو ترك التصريح بنسبتهم إىل الباطل ومواجهتهم بعلى قبوله لكونه أدخل يف احماض النصح هلم حيث ال يريد هلم إال ما يريد لنفسه ومن هذا القبيل قوله

فإن حق النسق من حيث الظاهر قل ال " قل ال تسألون عما أجرمنا وال نسأل عما تعملون : " تعاىلقال . لعلى هدى أو يف ضالل مبنيتسألون عما عملنا وال نسأل عما جترمون وكذا ما قبله وإنا أو إياكم

السكاكي رمحه اهللا وهذا النوع من الكالم يسمى املنصف ومما يتصل مبا ذكرناه أن الزخمشري قدر قوله إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء : " عطفا على جواب الشرط يف قوله تعاىل" ودوا لو تكفرون : " تعاىل

وقال املاضي وإن كان جيري يف باب " ا لو تكفرون ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوالشرط جمرى املضارع يف علم اإلعراب فإن فيه نكتة، كأنه قيل وودوا قبل كل شيء كفركم وارتدادكم

يعين أم يريدون أن يلحقوا بكم مضار الدنيا والدين مجيعا من قتل األنفس ومتزيق األعراض وردكم هلا لعلمهم أن الدين أعز عليكم من أرواحكم ألنكم باذلونه هلا دون كفارا أسبق املضار عندهم وأو

هذا كالمه وهو حسن دقيق لكن يف جعل . والعدو أهم شيء عنده أن يقصد أعز شيء عند صاحبهوودوا لو تكفرون عطفا على جواب الشرط نظر ألن ودادم أن يرتدوا كفارا حاصلة وإنلم يظفروا م

بالشرط فائدة فاألوىل أن جيعل قوله وودوا لو تكفرون عطفا على اجلملة الشرطية فال يكون يف تقييدها

Page 48: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 48

".وإن يقاتلوكم يولوكم األدبار مث ال ينصرون : " كقوله تعاىل

وأما لو فهي للشرط يف املاضي مع القطع بانتفاء الشرط فيلزم انتفاء اجلزاء كانتفاء اإلكرام يف قولك لو ل هي المتناع غريه ويلزم كون مجلتيها فعليتني وكون الفعل ماضيا، فدخلوها جئتين ألكرمتك، ولذلك قي

لقصد استمرار الفعل فيما مضى " لو يطيعكم يف كثري من األمر لعنتم : " على املضارع يف حنو قوله تعاىل: " وله تعاىلويف ق" إمنا حنن مستهزءون : " بعد قوله" اهللا يستهزئ م : " وقتا فوقتا كما يف قوله تعاىل

ولو ترى إذ : " ودخوهلا عليه يف حنو قوله تعاىل" فويل هلم مما كسبت أيديهم وويل هلم مما يكسبون لترتيله " ولو ترى إذ الظاملون موقوفون عند رم : " وقوله تعاىل" ارمون ناكسوا رؤوسهم عند رم

رمبا يود : " يف قوله تعاىل" ود " مرتلة " يود" مرتلة املاضي لصدوره عمن ال خالف يف أخباره كما نزل وجيوز أن يرد الغرض من لفظ ترى ويود إىل استحضار صورة رؤية ارمني ناكسي " الذين كفروا

الرؤوس قائلني ملا يقولون، وصورة رؤية الظاملني موقوفني عند رم متقاولني بتلك املقاالت وصورة ودادة واهللا الذي أرسل الرياح فتثري سحابا فسقناه إىل بلد ميت : " تعاىلالكافرين لو أسلموا كما يف قوله

إذ قال فتثري سحابا استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على القدرة " فأحيينا به األرض بعد موا الباهرة من إثارة السحاب مسخرا بني السماء واألرض تبدو يف األول كأا قطع قطن منتوف مث تنضام

: قلبة بني أطوار حىت يعدن ركاما، وكقول تأبط شرامت

انالقيت عند رحا بط بما مهيان فمن مبلغ فت أال

بسبب كالصحيفة صحصحان ويقد لقيت الغول ته بأني

يسفر فخلي لي مكان أخو و أرضلها كالنا نض فقلت

يانكفي بمصقول يم لها وتأهشدة نحوي ف فشده

رانجلليدين ولل صريعا رت دهش فخبال فأضربها

إذا قال فأضرا ليصور لقومه احلالة اليت تشجع فيها على ضرب الغول كأنه يبصرهم إياها ويتطلب منهم إن مثل عيسى عند : " مشاهدا تعجيبا من جراءته على كل هول وثباته عند كل شدة، ومنه قوله تعاىل

إذ قال كن فيكون دون كن فكان، وكذا قوله " قال له كن فيكون اهللا كمثل آدم خلقه من تراب مثوأما " ومن يشرك باهللا فكأمنا خر من السماء فتخطفه الطري أو وي به الريح يف مكان سحيق " تعاىل

تنكريه فإما إلرادة عدم احلصر والعهد كقولك زيد كاتب وعمرو شاعر، وإما للتنبيه على ارتفاع شأنه أو أي هدى ال يكتنه كنهه، وأما ختصيصه " هدى للمتقني " ى ما مر يف املسند إليه كقوله تعاىل احنطاطه عل

Page 49: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 49

باإلضافة أو الوصف فلتكون الفائدة أمت كما مر، وأما ترك ختصيصه ما فظاهر مما سبق، وأما تعريفه له كذلك وإما فإلفادة السامع إما حكما على أمر معلوم له بطريق من طرق التعريف بأمر آخر معلوم

.الزم حكما بني أمرين

كذلك تفسري هذا أنه قد يكون للشيء صفتان من صفات التعريف ويكون السامع عاملا باتصافه بإحدامها دون األخرى، فإذا أردت أن ختربه بأنه متصف باألخرى تعمد إىل الدال على األوىل وجتعله مبتدأ وتعمد

خربا فتفيد السامع ما كان جيهله من اتصافه بالثانية، كما إذا كان على اللفظ الدال على الثانية وجتعله للسامع أخ يسمى زيدا وهو يعرفه بعينه وامسه ولكن ال يعرف أنه أخوه وأردت أن تعرفه أنه أخوه فتقول له زيد أخوك سواء عرف أن له أخا ومل يعرف أن زيدا أخوه، أو مل يعرف أن له أخا أصال وإن عرف أن

أخا يف اجلملة وأردت أن تعينه عنه قلت أخوك زيد، أما إذا مل يعرف أن له أخا أصال فال يقال ذلك لهالمتناع احلكم بالتعيني على من ال يعرفه املخاطب أصال فظهر الفرق بني قولنا زيد أخوك وقولنا أخوك

.زيد

ن من إنسان انطالق ومل يعرف أنه وكذا إذا عرف السامع إنسانا يسمى زيدا بعينه وامسه وعرف أنه كاكان من زيد أو غريه فأردت أن تعرفه أن زيدا هو ذلك املنطلق فتقول زيد املنطلق وأن أردت أن تعرفه

.أن ذلك املنطلق هو زيد قلت املنطلق زيد

أن وكذا إذا عرف السامع إنسانا يسمى زيدا بعينه وامسه وهو يعرف معىن جنس املنطلق وأردت أن تعرفه زيدا متصف به فتقول زيد املنطلق وإن أردت أن تعني عنده جنس املنطلق قلت املنطلق زيد، ال يقال زيد

دال على الذات فهو متعني للخربية تقدم أو تأخر، ألنا نقول املنطلق ال جيعل مبتدأ إال مبعىن الشخص جيعل خربا إال مبعىن صاحب اسم زيد الذي له االنطالق وأنه ذا املعىن ال جيب أن يكون خربا، وزيد ال

.وأنه ذا املعىن ال جيب أن يكون مبتدأ

: مث التعريف بالم اجلنس قد ال يفيد قصر املعروف على ما حكم عليه به كقول اخلنساء

رأيت بكاءك الحسن الجميال يلتقبح البكاء على ق إذا

مل يكن أمري سواه وإما مبالغة لكمال معناه يف إذا- زيد األمري -وقد يفيد قصره إما حتقيقا كقولك أي الكامل يف الشجاعة فتخرج الكالم يف صورة توهم أن - عمرو الشجاع -احملكوم عليه كقولك

.الشجاعة مل توجد إال فيه لعدم االعتداد بشجاعة غريه لقصورها عن رتبة الكمال

ر تقييده بشيء كما مر، وقد يكون اجلنس مث املقصود قد يكون نفس اجلنس مطلقا، أي من غري اعتبا

Page 50: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 50

حني ال تظن نفس بنفس خريا فإن املقصور هو - هو الوايف -باعتبار تقييده بظرف أو غريه كقولك : الوفاء يف هذا الوقت ال الوفاء مطلقا، وكقول األعشى

إما مخاضا وإما عشارا ة هو الواهب المائة المصطفا

بل يف إحدى احلالتني ال هبتها مطلقا وال اهلبة مطلقا، وهذه الوجوه الثالثة أعين فإنه قصر هبة املائة من اإلالعهد واجلنس لقصر حتقيقا واجلنس للقصر مبالغة متنع جواز العطف بالفاء، وحنوها ما حكم عليه باملعرف

الشجاع زيد - وال - زيد األمري وعمرو - وال - زيد املنطلق وعمرو -خبالف املنكر، فال يقال .وعمرو

وأما كونه مجلة فإما إلرادة تقوي احلكم بنفس التركيب كما سبق وإما لكونه سببيا، وقد تقدم بيان ذلك وفعليتها إلفادة التجدد وامسيتها إلفادة الثبوت، فإن من شأن الفعلية أن تدل على التجدد ومن شأن

وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إال : " االمسية أن تدل على الثبوت، وعليهما قول رب العزةإذ أصل األول نسلم عليك سالما، " قالوا سالما قال سالم : " وقوله تعاىل" شياطينهم قالوا إنا معكم

وتقدير الثاين سالم عليكم، كأن إبراهيم عليه السالم قصد أن حيييهم بأحسن مما حيوه، أخذا بأدب اهللا وقد ذكر له وجه آخر فيه دقة غري أنه بأصول " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها : " تعاىل يف قوله

الفالسفة أشبه وهو أن التسليم دعاء للمسلم عليه بالسالمة من كل نقص وهذا أطلق، وكمال املالئكة ال ن يتصور فيه التجدد، ألن حصوله بالفعل مقارن لوجودهم فناسب أن حييوا مبا يدل على الثبوت دو

التجدد، وكمال اإلنسان متجدد ألنه بالقوة، وخروجه إىل الفعل بالتدريج، فناسب أن حييا مبا يدل على أي أحدثتم " سواء عليكم أدعومتوهم أم أنتم صامتون : " التجدد دون الثبوت وفيه نظر، وقوله تعاىل

عن دعائهم فقيل مل يفترق دعاءهم أم استمر صمتكم عنه، فإنه كانت حاهلم املستمرة أن يكونوا صامتني قالوا أجئتنا باحلق : " احلال بني إحداثكم دعائهم وما أنتم عليه من عادة صمتكم عن دعائهم، وقوله تعاىل

- أي أحوال الصبا -أي أحدثت عندنا تعاطي احلق فيما نسمعه منك أمن اللعب " أم أنت من الالعبني

يف جواب آمنا باهللا وباليوم اآلخر فإلخراج " ؤمنني وما هم مب: " بعد مسترة عليك، وأما قوله تعاىليريدون : " ذوام من جنس املؤمنني مبالغة يف تكذيبهم وهلذا أطلق قوله مؤمنني وأكد نفيه بالباء، وحنو

".أن خيرجوا من النار وما هم خبارجني منها

صح وأما تأخريه فألن ذكر وشرطيتها ملا مر وظرفيتها الختصار الفعلية إذ هي مقدرة بالفعل على األ .املسند أهم كما سبق

Page 51: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 51

: وقولك قائم هو، ملن يقول" لكم دينكم ويل دين : " وأما تقدميه فإما لتخصيصه باملسند إليه كقوله تعاىل

متيمي أنا، وعليه : ومنه قوهلم. زيد إما قائم أو قاعد فريدده بني القيام والقعود من غري أن خيصصه بأحدمهاأي خبالف مخور الدنيا فإا تغتال العقول وهلذا مل يقدم " ال فيها غول وال هم عنها يرتفون : "قوله تعاىل

لئال يفيد ثبوت الريب يف سائر كتب اهللا تعاىل وإما للتنبيه من أول " ال ريب فيه : " الظرف يف قوله تعاىل : األمر على أنه خرب ال نعت، كقوله

الصغرى أجل من الدهروهمته اارهبكله همم ال منتهى ل

وإما للتفاؤل وإما للتشويق إىل ذكر املسند إليه " ولكم يف األرض مستقر ومتاع إىل حني : " وقوله تعاىل : كقوله

شمس الضحى وأبو إسحق والقمر اهتجهثالثة تشرق الدنيا بب

: وقوله

وأولها دخان أواخرها وكالنار الحياة فمن رماد

.محه اهللا وحق هذا االعتبار تطويل الكالم يف املسند وإال مل وحيسن ذلك احلسنقال السكاكي ر

تنبيه

كثري مما يف هذا الباب والذي قبله غري خمتص باملسند إليه واملسند كالذكر واحلذف وغريمها مما تقدمت .أمثلته والفطن إذا أتقن اعتبار ذلك فيهما ال خيفى عليه اعتباره يف غريمها

أحوال متعلقات الفعلالقول في

حال الفعل مع املفعول كحاله مع الفاعل فكما أنك إذا أسندت الفعل إىل الفاعل كان غرضك أن تفيد وقوعه منه ال أن تفيد وجوده يف نفسه فقط كذلك إذا عديته إىل املفعول كان غرضك أن تفيد وقوعه

ملفعول يف أن عمل الفعل فيهما إمنا كان ليعلم عليه ال أن تفيد وجوده يف نفسه فقط فقد اجتمع الفاعل واالتباسه ما فعمل الرفع يف الفاعل ليعلم التباسه به من جهة وقوعه منه والنصب يف املفعول ليعلم التباسه

أما إذا أريد اإلخبار بوقوعه يف نفسه من غري إرادة أن يعلم ممن وقع يف نفسه أو . به من جهة وقوعه عليهكان ضرب أو وقع ضرب أو جد، أو حنو ذلك من ألفاظ تفيد : عبارة عنه أن يقالعلى من وقع فال

وإذا تقرر هذا فنقول الفعل املتعدي إذا أسند إىل فاعله ومل يذكر له مفعول فهو على . الوجود ارد

Page 52: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 52

كذلك وقولنا . ضربني األول أن يكون الغرض إثبات املعىن يف نفسه للفاعل على اإلطالق أو نفيه عنهلى اإلطالق أي من غري اعتبار عمومه وخصوصه وال اعتبار تعلقه مبن وقع عليه فيكون املتعدي حينئذ ع

مبرتلة الالزم فال يذكر له مفعول لئال يتوهم السامع أن الغرض اإلخبار به باعتبار تعلقه باملفعول وال يقدر .أيضا ألن املقدر يف حكم املذكور

جيعل الفعل مطلقا كناية عن الفعل متعلقا مبفعول خمصص دلت عليه وهذا الضرب قسمان، ألنه إما أن أي من حيدث له " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون : " قرينة أو ال، الثاين كقوله تعاىل

.معىن العلم ومن ال حيدث

ل بعلة إيهام أن القصد إىل قال السكاكي مث إذا كان املقام خطابيا ال استدالليا أفاد العموم يف أفراد الفعفرد دون فرد آخر مع حتقيق احلقيقة فيهما حتكم مث جعل قوهلم يف املبالغة فألن يعطي ومينع ويصل ويقطع

حمتمال لذلك ولتعميم املفعول كما سيأيت وعده الشيخ عبد القاهر مما يفيد أصل املعىن على اإلطالق من : تري ميدح املعتز باهللا ويعرض باملستعني باهللاغري إشعار بشيء من ذلك واألول كقول البح

أن يرى مبصر ويسمع واعي داهيظ عاده وغحس شجو

يقول حماسن املمدوح وآثاره مل ختف على من له بصر لكثرا واشتهاره . أي أن يكون ذا رؤية وذا مسعيعيها مسع لظهور داللتها ويكفي يف معرفة أا سبب الستحقاقه اإلمامة دون غريه أن يقع عليها بصر و

على ذلك لكل أحد، فحساده وأعداؤه يتمنون أن ال يكون يف الدنيا من له عني يبصر ا وأذن يسمع ا كي خيفي استحقاقه لإلمامة فيجدوا بذلك سبيال إىل منازعته إياها فجعل كما ترى مطلق الرؤية كناية

: اع أخباره، وكقول عمرو بن معديكربعن رؤية حماسنه وآثاره ومطلق السماع كناية عن مس

رتنطقت ولكن الرماح أج فلو أن قومي أنطقتني رماحهم

ألن غرضه أن يثبت أنه كان من الرماح أجرار وحبس األلسن عن النطق مبدحهم واالفتخار م حىت يلزم :وكقول طفيل الغنوي لبين جعفر بن كالب. منه بطريق الكناية مطلوبه وهو أا أجرته

تزلنعلنا في الواطئين ف بنا جزى اهللا عنا جعفرا حين أزلقت

تلمتالقي الذي لقوه منا ل انا ول أن أمونأبوا أن يمل

تلحجرات أدفأت وأظ إلى أواجخلطونا بالنفوس وأل هم

طلوبه بطريق الكناية، فإن األصل مللتنا وأدفأتنا وأظلتنا إال أنه حذف املفعول من هذه املواضع ليدل على مفإن قلت ال شك أن قوله أجلأوا أصله أجلأونا فألي معىن حذف املفعول منه؟ قلت الظاهر حذفه رد

.االختصار ألن حكمه حكم ما عطف عليه وهو قوله خلطونا

Page 53: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 53

إما : الضرب الثاين أن يكون الغرض إفادة تعلقه مبفعول فيجب تقديره حبسب القرائن مث حذفه من اللفظللبيان بعد اإلام كما يف فعل املشيئة إذا مل يكن يف تعلقه مبفعوله غرابة كقولك لو شئت جئت أو مل

لو شئت علم السامع أنك علقت املشيئة بشيء : أجئ أي لو شئت ايء أو عدم ايء فإنك مىت قلتجئت أو مل أجئ عرف فيقع يف نفسه أن هنا شيئا تعلقت به مشيئتك بأن يكون أو ال يكون، فإذا قلت

" فإن يشأ اهللا خيتم على قلبك : " وقوله تعاىل" فلو شاء هلداكم أمجعني : " ذلك الشيء، ومنه قوله تعاىل

".من يشأ اهللا يضلله : " وقوله تعاىل

: وقول طرفة

دصحمخافة ملوى من القد م فإن شئت لم ترقل وإن شئت أرقلت

: وقول البحتري

فحللت بين عقيقه وزروده ودةد عشئت بالد نج لو

: وقوله

دولم تهدم مآثر خال كرما لو شئت لم تفسد سماحة حاتم

فإن كان يف تعليق الفعل به غرابة ذكرت املفعول لتقرره يف نفس السامع وتؤنسه به، يقول الرجل خيربه م لقيته، وعليه قول لو شئت أن أرد على األمري رددت وإن شئت أن ألقى اخلليفة كل يو: عن عزه : الشاعر

ساحة الصبر أوسع وعليه ولو شئت أن أبكي دما لبكيته

: فأما قول أيب احلسني علي بن أمحد اجلوهري أحد شعراء الصاحب بن عباد

شئت أن أبكي بكيت تفكرا فلو فلم يبق مني الشوق غير تفكري

أفناين النحول : بكيت تفكرا ولكنه أراد أن يقولفليس منه ألنه مل يرد أن يقول فلو شئت أن ابكي تفكرا فلم يبق مين غري خواطر جتول حىت لو شئت البكاء فمريت جفوين وعصرت عيين ليسيل منها دمع مل

فاملراد بالبكاء يف األول احلقيقي ويف الثاين غري احلقيقي، فالثاين ال . أجده، وخلرج منها بدل الدمع التفكرلألول، وإما لدفع أن يتوهم السامع يف أول األمر إرادة شيء غري املراد كقول يصح ألن يكون تفسريا

: البحتري

أيام حززن إلى العظم وسورة وكم ذدت عني من تحامل حادث

إذ لو قال حززن اللحم جلاز أن يتوهم السامع قبل ذكر ما بعده أن احلز كان يف بعض اللحم ومل ينته إىل ئ السامع من هذا الوهم ويصور يف نفسه من أول األمر أن احلز مضى يف العظم فترك ذكر اللحم ليرب

Page 54: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 54

اللحم حىت مل يرده إال العظم، وإما ألنه أريد ذكره ثانيا على وجه يتضمن إيقاع الفعل على صريح لفظه، : إظهارا لكمال العناية بوقوعه عليه، كقول البحتري أيضا

ال والمكارم مثوالمجد دد قد طلبنا فلم نجد لك في السؤ

أي قد طلبنا لك مثال يف السؤدد واد واملكارم فحذف املثل إذا كان غرضه أن يوقع نفي الوجود على : صريح لفظ املثل وألجل هذا املعىن بعينه عكس ذو الرمة يف قوله

لئيما أن يكون أصاب ماال ولم أمدح ألرضيه بشعري

يف صريح لفظ اللئيم والثاين الذي هو أرضى يف ضمريه، إذ كان فإنه أعمل الفعل األول الذي هو أمدحغرضه إيقاع نفي املدح على اللئيم صرحيا دون اإلرضاء وجيوز أن يكون سبب احلذف يف بيت البحتري قصد املبالغة يف التأديب مع املمدوح بترك مواجهته بالتصريح مبا يدل على جتويز أن يكون له مثل، فإن

ب إال ما جيوز وجوده، وإما للقصد إىل التعميم يف املفعول واالمتناع عن أن يقصره السامع العاقل ال يطلقد كان منك ما يؤمل أي ما الشرط يف مثله أن : على ما يذكر معه دون غريه مع االختصار، كما تقول

وإما . أحدأي يدعو كل " واهللا يدعو إىل دار السالم : " وعليه قوله تعاىل. يؤمل كل أحد وكل إنسانأي " والضحى، والليل إذا سجى، ما ودعك ربك وما قلى : " للرعاية على الفاصلة كقوله سبحانه وتعاىل

ما رأيت منه وال رأى : وإما الستهجان ذكره كما روي عن عائشة رضي اهللا عنها أا قالت. وما قالكومنه . وأغضيت عليه أي بصريوإما رد االختصار كقولك أصغيت إليه أي أذين . مين، تعين العورة

أي بعثه اهللا وقوله " أهذا الذي بعث اهللا رسوال : " أي ذاتك وقوله تعاىل" أرين أنظر إليك : " قوله تعاىلأي أنه ال مياثل، أو ما بينه وبينها من التفاوت، أو أا ال " فال جتعلوا هللا أندادا وأنتم تعلمون : " تعاىل

وحيتمل أن يكون " قل هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء " :تفعل كفعله، كقوله تعاىلاملقصود نفس الفعل من غري تعميم، أي وأنتم من أهل العلم واملعرفة مث ما أنتم عليه يف أمر ديانتكم من

وملا ورد: " جعل األصنام هللا أندادا غاية اجلهل، ومما عد السكاكي احلذف فيه رد االختصار قوله تعاىل

ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دوم امرأتني تذودان قال ما خطبكما قالتا ال واألوىل أن جيعل إلثبات املعىن يف نفسه للشيء " نسقي حىت يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبري، فسقى هلما

هو الفعل ال املفعول، على اإلطالق كما مر وهو ظاهر قول الزخمشري، فإنه قال ترك املفعول ألن الغرضأال ترى أنه إمنا رمحهما ألما كانتا على الذياد وهم على السقي، ومل يرمحهما ألن مذودمها غنم

.ومسقيهم إبل مثال، وكذلك قوهلما ال نسقي حىت يصدر الرعاء املقصود منه السقي ال املسقى

Page 55: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 55

قل ادعوا : " معىن الفعل كما يف قوله تعاىلواعلم أنه قد يشتبه احلال يف أمر احلذف وعدمه لعدم حتصيل فإنه يظن أن الدعاء فيه مبعىن النداء فال يقدر يف " اهللا أو ادعوا الرمحن أيا ما تدعوا فله األمساء احلسىن

الكالم حمذوف وليس مبعناه ألنه لو كان مبعناه لزم إما اإلشراك أو عطف الشيء على نفسه ألنه إن كان سمى اآلخر لزم األول وإن كان مسمامها واحد لزم الثاين، وكالمها باطل، تعاىل مسمى أحدمها غري م

كالم اهللا عز وجل عن ذلك فالدعاء يف اآلية مبعىن التسمية اليت تتعدى إىل مفعولني، أي مسوه اهللا أو " اءة من قرأ كما يقال فالن يدعى األمري، أي يسمى األمري يف قر. الرمحن أيا ما تسموه فله األمساء احلسىن

بغري تنوين على القول بأن سقوط التنوين لكون االبن صفة واقعة بني " وقالت اليهود عزير ابن اهللا علمني، كما يف قولنا زيد بن عمرو قائم، فإنه قد يظن أن فعل القول فيه حلكاية اجلملة كما هو أصله

ديق والتكذيب إمنا ينصرفان إىل اإلسناد ال فقيل تقدير الكالم عزير ابن اهللا معبودنا وهذا باطل ألن التصإىل وصف ما يقع يف الكالم موصوفا بصفة، كما إذا حكيت عن إنسان أنه قال زيد بن عمرو سيد، مث كذبته فيه مل يكن تكذيبك أن يكون زيد بن عمرو ولكن أن يكون زيد سيدا، فلو كان التقدير ما ذكر

وفيه تقدير أن عزيرا ابن اهللا، تعاىل اهللا عن ذلك فالقول يف اآلية لكان اإلنكار راجعا إىل أنه معبودهممبعىن الذكر ألن الغرض الداللة على أن اليهود قد بلغوا يف الرسوخ يف اجلهل والشرك إىل أم كانوا

إنين : كما تقول يف قوم تريد أن تصفهم بالغلو يف أمر صاحبهم وتعظيمه! يذكرون عزيرا هذا الذكر .قد اعتقدوا أمرا عظيما، فهم يقولون أبدا زيد األمري، تريد أنه يكون كذلك ذكرهم له إذا ذكروهأراهم

واعلم أن حلذف التنوين من عزيز يف اآلية وجهني أحدمها أن يكون ملنعه من الصرف لعجمته وتعريفه حبذف التنوين " الصمد قل هو اهللا أحد، اهللا" كعاذر والثاين أن يكون اللتقاء الساكنني كقراءة من قرأ

حبذف التنوين من سابق " وال الليل سابق النهار " وكما حكي عن عمارة بن عقيل أنه قرأ . منن أحدونصب النهار، فقيل له ما تريد، فقال سابق النهار، فاملعىن على هذين الوجهني كاملعىن على إثبات

.واهللا أعلمالتنوين، فعزير مبتدأ وابن اهللا خربه، وقال على أصله

زيدا عرفت ملن اعتقد أنك عرفت إنسانا : وأما تقدمي مفعوله وحنوه عليه فلرد اخلطأ يف التعيني كقولك ولذلك ال - زيدا عرفت ال غريه -وأنه غري زيد، وأصاب يف األول دون الثاين، وتقول لتأكيده وتقريره

ض دالليت األول والثاين، وال أن تعقب الفعل وال أحدا من الناس، لتناق- ما زيد ضربت -يصح أن يقال ألن مبىن الكالم ليس على أن اخلطأ يف - ما زيدا ضربت ولكن أكرمته -املنفي بإثبات ضده كقولك

الضرب فترده إىل الصواب يف اإلكرام، وإمنا هو على اخلطأ يف املضروب حني اعتقد أنه زيد فرده إىل .ولكن عمرا: الصواب أن تقول

فإن قدر املفسر احملذوف قبل املنصوب أي عرفت زيدا عرفته فهو من - زيدا عرفته - حنو قولك وأما

Page 56: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 56

. أفاد التخصيص- زيدا عرفت، عرفته -باب التوكيد أعين تكرير اللفظ وإن قدر بعده أي

تناع تقدير إما، فيمن قرأ بالنصب فال يفيد إال التخصيص الم" وأما مثود فهديناهم : " وأما حنو قوله تعاىلبزيدمررت أفاد أن سامعك كان يعتقد مرورك بغري زيد فأزلت عنه اخلطأ : فهدينا مثود، وكذلك إذا قلت

: " خمصصا مرورك بزيد دون غريه، والتخصيص يف غالب األمر الزم للتقدمي، ولذلك يقال يف قوله تعاىل

ك وخنصك باالستعانة ال نستعني غريك، ويف معناه خنصك بالعبادة ال نعبد غري" إياك نعبد وإياك نستعني لتكونوا شهداء على : ويف قوله تعاىل. معناه إن كنتم ختصونه بالعبادة" إن كنتم إياه تعبدون : " قوله تعاىل

أخرت صلة الشهادة يف األول وقدمت يف الثاين ألن الغرض يف " الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا : " ويف قوله تعاىل. مم ويف الثاين اختصاصهم بكون الرسول شهيدا عليهماألول إثبات شهادم على األ

معناه جلميع الناس من العرب والعجم على أن التعريف لالستغراق ال لبعضهم " وأرسلناك للناس رسوال املعني على أنه للعهد أي للعرب، وال ملسمى الناس على أنه للجنس، لئال يلزم من األول اختصاصه

دون العجم، الحنصار الناس يف الصنفني، ومن الثاين اختصاصه باإلنس دون اجلن الحنصار من بالعربيتصور اإلرسال إليهم من أهل األرض فيهما، وعلى تقدير االستغراق ال يلزم شيء من ذلك ألن التقدمي

يدا لنفي كونه ملا كان مفيدا لثبوت احلكم للمقدم ونفيه عما يقابله كان تقدمي للناس على رسوال مف .رسوال لبعضهم، خاصة ألنه هو املقابل جلميع الناس ال لبعضهم مطلقا، وال غري جنس الناس

إىل أنه تعريض بأن اآلخرة اليت عليها أهل " وباآلخرة هم يوقنون : " وكذلك يذهب يف معىن قوله تعاىل وأنه ال متسهم النار فيها إال أياما الكتاب فيما يقولون إنه ال يدخل اجلنة إال من كان هودا أو نصارى

معدودات وأن أهل اجلنة فيها ال يتلذذون يف اجلنة إال بالنسيم واألرواح العبقة والسماع اللذيذ ليست أي ذلك وراء التخصيص . باآلخرة وإيقام مبثلها ليس من اإليقان باليت هي اآلخرة عند اهللا يف شيء

" إقرأ باسم ربك : " احملذوف يف قوله بسم اهللا مؤخرا وأورد قوله تعاىلاهتماما بشأن املقدم، وهلذا قدر

وأجاب السكاكي بأن . فإن الفعل فيه مقدم وأجيب بأن تقدمي الفعل هناك أهم ألا أول سورة نزلتباسم ربك متعلق باقرأ الثاين ومعىن األول افعل القراءة وأوجدها على حنو ما تقدم يف قوهلم فالن يعطي

.نع، يعين إذا مل حيمل على العموم وهو بعيدومي

وأما تقدمي بعض معموالته على بعض فهو إما ألن أصله التقدمي وال مقتضى للعدول عنه كتقدمي الفاعل على املفعول حنو ضرب زيد عمرا وتقدمي املفعول األول على الثاين حنو أعطيت زيدا درمها، وإما ألن

فيقدم املفعول على الفاعل إذا كان الغرض معرفة وقوع الفعل على من وقع عليه ذكره أهم والعناية به أمت

Page 57: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 57

ال وقوعه ممن وقع منه، كما إذا خرج رجل على السلطان وعاث يف البالد وكثر منه األذى فقتل وأردت الذي أن خترب بقتله فتقول قتل اخلارجي فالن بتقدمي اخلارجي إذ ليس للناس فائدة أن يعرفوا قاتله وإمنا

يريدون علمه هو وقوع القتل به ليخلصوا من شره ويقدم الفاعل على املفعول إذا كان الغرض معرفة وقوع الفعل ممن وقع منه ال وقوعه على من وقع عليه، كما إذا كان رجل ليس له بأس وال يقدر فيه أن

لقاتل ألن الذي يعين الناس من يقتل فقتل رجال وأردت أن خترب بذلك فتقول فالن قتل فالن رجال بتقدمي اشأن هذا القتل ندوره وبعده من الظن ومعلوم أنه مل يكن نادرا وال بعيدا من حيث كان واقعا على من

وال تقتلوا أوالدكم من إمالق حنن : " وقع عليه بل من حيث كان وقاعا ممن وقع منه، وعليه قوله تعاىل: " ىل دون الثانية ألن اخلطاب يف األوىل للفقراء بدليل قوله تعاىلقدم املخاطبني يف األو" نرزقهم وإياكم

. فكان رزقهم أهم عندهم من رزق أوالدهم، فقدم الوعد برزقهم على الوعد برزق أوالدهم" من إمالق

فإن اخلشية إمنا تكون مما مل يقع فكان رزق " خشية إمالق : " واخلطاب يف الثانية لألغنياء بدليل قولهم هو املطلوب دون رزقهم ألنه حاصل، فكان أهم، فقدم الوعد برزق أوالدهم على الوعد أوالدهوقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم : " وغما ألن يف التأخري إخالال ببيان املعىن كقوله تعاىل. برزقهمم يفهم أن الرجل لتوهم أن من متعلقة بيتكم فل" يكتم إميانه " عن " من آل فرعون " فإنه لو أخر " إميانه

وإما العتبار آخر " فأوجس يف نفسه خيفة موسى : " من آل فرعون، أو بالتناسب كرعاية الفاصلة حنو .مناسب

وقسم السكاكي التقدمي للعناية مطلقا قسمني أحدمها أن يكون أصل ما قدم يف الكالم هو التقدمي، وال دمي على اخلرب حنو زيد عارف، وكذا احلال املعرف فإن مقتضى للعدول عنه كاملبتدأ املعرف فإن أصله التق

اصله التقدمي على احلال حنو جاء زيد راكبا، وكالعامل فإن اصله التقدمي على معموله حنو عرف زيد عمرا وكان زيد عارفا وإن زيدا عارف، كالفاعل فإن اصله التقدمي على املفعوالت وما يشبهها من احلال

يد اجلاين بالسوط يوم اجلمعة أما بكر ضربا شديدا تأديبا له ممتلئا من الغضب، وامتأل والتميز حنو ضرب زاإلناء ماء، وكالذب يكون يف حكم املبتدأ من مفعويل باب أعطيت وكسوت حنو أعطيت زيدا درمها

ه بواسطة حنو وكسوت عمرا جبة، وكاملفعول املتعدى إليه بغري واسطة فإن أصله التقدمي على املعتدى إليوثانيهما أن تكون العناية بتقدميه . ضربت اجلاين بالسوط، وكالتوابع فإن أصلها أن تذكر بعد املتبوعات

واالعتناء بشأنه لكونه يف نفسه نصب عينك والتفات خاطرك إليه يف التزايد كما جتدك قد منيت جر أي على " وجعلوا هللا شركاء : " تعاىلحبيبك وقيل لك ما تتمىن، تقول وجه احلبيب أمتىن وعليه قوله

كما إذا تومهت أن خماطبك ملتفت اخلاطر . القول بأن هللا شركاء مفعوال جعلوا أو لعارض يورثه ذلك

Page 58: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 58

إليه ينتظر أن تذكره فيربز يف معرض أمر يتجدد يف شأنه التقاضي ساعة فساعة فمىت جتد له جماال للذكر قدم فيه ارور الشتماله ما قبله " جاء من أقصى املدينة رجل يسعى و: " صاحلا أوردته حنو قوله تعاىل

على سوء معاملة أهل القرية الرسل من إصرارهم على تكذيبهم، فكان مظنة أن يلعن السامع على جمرى العادة تلك القرية ويبقى جميال يف فكره أكانت كلها كذلك أم كان فيها قطر، دان أم قاص، منبت خري

ملام احلديث به خبالف ما يف سورة القصص أو كما إذا وعدت ما تبعد وقوعه من جهتني منتظرا إلإحدامها أدخل يف تبعيده من األخرى فإنك حال التفات خاطرك إىل وقوعه باعتبارمها جتد تفاوتا يف

يف القصد إنكارك إياه قوة وضعفا بالنسبة والمتناع إنكاره بدون القصد إليه يستتبع تفاوته ذلك تفاوتاغليه واالعتناء بذكره، فالبالغة توجب أنك إذا أنكرت تقول يف األول شيء حاله يف البعد عن الوقوع

لقد وعدنا هذا " هذه أىن يكون لقد وعدت أنا وأيب وجدي هذا فتؤخر وعليه قوله تعاىل يف سورة النمل ءإذا كنا " فإن ما قبل األوىل " وآباؤنا هذا لقد وعدنا حنن : " وقوله تعاىل يف سورة املؤمنني" حنن وآباؤنا

فاجلهة املنظور " ءإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا ملبعوثون " وما قبل الثانية " ترابا وآباؤنا أئنا ملخرجون فيها هناك كوم أنفسهم وآباؤهم ترابا واجلهة املنظور فيها هنا كوم ترابا وعظاما وال شبهة أن األوىل

" خل عندهم يف تبعيد البعث أو كما إذا عرفت يف التأخري مانعا، كما يف قوله تعاىل يف سورة املؤمنون أد

بتقدمي ارور على الوصف ألنه لو " وقال املأل من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء اآلخرة وأترفناهم متامه وأترفناهم يف احلياة الدنيا وأنت تعلم أن متام الصوف بتمام ما يدخل يف صلة املوصول و-أخر عنه

واشتبه األمر يف القائلني أم من قومه أم ال، خبالف قوله تعاىل يف . الحتمل أن يكون من صلة الدنيا-فإنه جاء على األصل لعدم املانع، وكما يف قوله " فقال املأل الذين كفروا من قومه " موضع آخر منها

للمحافظة على الفاصلة خبالف قوله تعاىل يف سورة " وموسى آمنا برب هرون" تعاىل يف سورة طه - على - اهللا -أحدمها أنه جعل تقدمي : وفيما ذكره نظر من وجوه" رب موسى وهرون " الشعراء

للعناية واالهتمام وليس كذلك فإن اآلية مسوقة لإلنكار التوبيخي فيمتنع أن يكون تعلق جعلوا -شركاء اعتبار تعلقه بشركاء إذ ال ينكر أن يكون جعل ما متعلقا به فيتعني أن يكون إنكار باهللا منكرا من غري

تعلقه به باعتبار تعلقه بشركاء وتعلقه بشركاء كذلك منكر باعتبار تعلقه باهللا فلم يبق فرق بني التالوة باعتبار تعلقه وعكسها، وقد علم ذا أن كل فعل متعد إىل مفعولني مل يكن االعتناء بذكر أحدمها إال

باآلخر إذا قدم أحدمها على اآلخر مل يصح تعليل تقدميه بالعناية، وثانيها أنه جعل التقدمي لالحتراز عن اإلخالل ببيان املعىن والتقدمي للراعية على الفاصلة من القسم الثاين وليسا منه، وثالثها أن تعلق قومه بالدنيا

.على وجه بعيدعلى تقديره تأخره غري معقول املعىن إال

Page 59: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 59

القول في القصر

القصر حقيقي وغري حقيق وكل واحد منهما ضربان قصر املوصوف على الصفة وقصر الصفة على املوصوف، واملراد الصفة املعنوية ال النعت، واألول من احلقيقي كقولك ما زيد إال كاتب إذا أردت أنه ال

كالم ألنه ما من متصور إال وتكون له صفات تتعذر يتصف بصفة غري الكتابة، وهذا ال يكاد يوجد يف الاإلحاطة ا أو تتعسر، والثاين منه كثري كقولنا ما يف الدار إال زيد، والفرق بينهما ظاهر، فإن املوصوف

يف األول ال ميتنع أن يشاركه غريه يف الصفة املذكورة، ويف الثاين ميتنع وقد يقصد به املبالغة لعدم االعتداد ذكور، فيرتل مرتلة املعدوم، واألول من غري احلقيقي ختصيص أمر بصفة دون أخرى أو مكان بغري امل

أخرى، والثاين منه ختصيص صفة بأمر دون آخر أو مكان آخر، فكل واحد منهما ضربان واملخاطب باألول من ضريب كل أعين ختصيص أمر بصفة دون أخرى وختصيص صفة بأمر دون آخر منن يعتقد

اتصاف ذلك األمر بتلك الصفة وغريها مجيعا يف األول واتصاف ذلك األمر وغريه مجيعا الشركة أيبتلك الصفة يف الثاين فاملخاطب بقولنا ما زيد إال كاتب، من يعتقد أن زيدا كاتب وشاعر، وبقولنا ما

إفراد لقطعه شاعر إال زيد من يعتقد أن زيدا شاعر، لكن يدعي أن عمرا أيضا شاعر، وهذا يسمى قصرالشركة بني الصفتني يف الثبوت للموصوف أو بني املوصوف وغريه يف االتصاف بالصفة، واملخاطب

أما من يعتقد . بالثاين من ضريب كألعين ختصيص أمر بصفة مكان أخرى وختصيص صفة بأمر مكان آخر ذلك األمر بتلك العكس أي اتصاف ذلك األمر بغري تلك الصفة عوضا عنها يف األول واتصاف غري

الصفة عوضا عنه يف الثاين وهذا يسمى قصر القلب لقلبه حكم السامع، وأما من تساوى األمران عنده أي اتصاف ذلك األمر بتلك الصفة واتصافه بغريها يف األول واتصافه ا واتصاف غريه ا يف الثاين وهذا

عتقد أن زيدا قاعد ال قائم أو يعلم أنه ما قاعد يسمى قصر تعيني، فاملخاطب بقولنا ما زيد إال قائم من يأو قائم وال يعلم أنه مباذا يتصف منهما بعينه، وبقولنا ما قائم إال زيد من يعتقد أن عمرا قائم ال زيدا أو يعلم أن القائم أحدمها دون كل واحد منهما، لكن ال يعلم من هو منهما بعينه، وشرط قصر املوصوف

عدم تنايف الصفتني حىت تكون املنفية يف قولنا ما زيد إال شاعر كونه كاتبا أو منجما أو على الصفة افراداحنو ذلك ال كونه مفحما ال يقول الشعر ليتصور اعتقاد املخاطب اجتماعهما، وشرط قصره قلبا حتقق

و ذلك ال كونه أسود أو تنافيهما حىت تكون املنفية يف قولنا ما زيد إال قائم كونه قاعدا أو جالسا أو حنأبيض أو حنو ذلك ليكون إثباا مشعرا بانتفاء غيها وقصر التعيني أعم ألن اعتقاد كون الشيء موصوفا

.بأحد أمرين معينني على اإلطالق ال يقتضي جواز اتصافه ما معا وال امتناعه

Page 60: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 60

قلب يصلح أن يكون مثاال لقصر وذا علم أن كل ما يصلح أن يكون مثاال لقصر األفراد أو قصر الالتعيني من غري عكس، وقد أمهل السكاكي القصر احلقيقي وادخل قصر التعيني يف قصر اإلفراد فلم

يشترط يف قصر املوصوف إفرادا عدم تنايف الصفتني وال يف قصره قلبا حتقق تنافيهما، وللقصر طرق منها زيد شاعر ال كاتب أو ما زيد كاتبا بل شاعر، وقلبا العطف كقولك يف قصر املوصوف على الصفة افرادا

زيد قائم ال قاعد أو ما زيد قاعدا بل قائم ويف قصر الصفة على املوصوف إفرادا أو قلبا حبسب املقام زيد ، ومنها النفي واالستثناء كقولك يف قصر املوصوف على الصفة :قائم ال عمرو أو ما عمرو قائما بل زيد

وما أنزل الرمحن من شيء إن أنتم إال " ا زيد إال شاعر وقلبا ما زيد إال قائم، وتعيينا كقوله تعاىل إفرادا مأي لستم يف دعواكم للرسالة عندنا بني الصدق والكذب كما يكون ظاهر حال املدعي إذا " تكذبون

ا قائم أو ما من قائم أو ادعى، بل أنتم عندنا كاذبون فيها، ويف قصر الصفة على املوصوف باالعتبارين مال قائم غال زيد، وحتقيق وجه القصر يف األول أنه مىت قيل ما زيد توجه النفي إىل صفته ال ذاته ألن أنفس

الذوات ميتنع نفيها، وإمنا تنفى صفاا كما بني ذلك يف غري هذا العلم، وحيث ال نزاع يف طوله وقصره را أو كاتبا تناوهلما النفي، فإذا قيل إال شاعر جاء القصر ويف وما شاكل ذلك، وإمنا الرتاع يف كونه شاع

الثاين أنه مىت قيل ما شاعر فأدخل النفي على الوصف املسلم ثبوته أعين الشعر لغري من الكالم فيهما كزيد وعمرو مثال توجه النفي إليهما، فإذا قيل إال زيد جاء القصر ومنها إمنا كقولك يف قصر املوصوف على

لصفة إفرادا إمنا زيد كاتب وقلبا إمنا زيد قائم، ويف قصر الصفة على املوصوف باالعتبارين إمنا قائم زيد اإمنا حرم عليكم : " والدليل على أا تفيد القصر كوا متضمنة معىن ما، وإال لقول املفسرين يف قوله تعاىل

و املطابق لقراءة الرفع ملا مر يف باب املنطلق زيد بالنصب معناه ما حرم عليكم إال امليتة وه" امليتة والدم ولقول النحاة إمنا إلثبات ما يذكر بعدها ونفي ما سواه، ولصحة انفصال الضمري معها كقولك إمنا

.يضرب أنا، كما تقول ما يضرب إال أنا

: قال الفرزدق

يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي االذائد الحامي الذمار وإنم أنا

: عمرو بن معديكربوقال

اما قطر الفارس إال أن قد علمت سلمى وجاراتها

وقال السكاكي ويذكر لذلك وجه لطيف يسند إىل علي بن عيسى الربعي وهو أنه ملا كانت كلمة إن لتأكيد إثبات املسند للمسند إليه مث اتصلت ا ما املؤكدة ال النافية كما يظنه من ال وقوف له على علم

ناسب أن يضمن معىن القصر ألن القصر ليس إال تأكيدا على تأكيد فإن قولك زيد جاء ال عمرو النحو

Page 61: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 61

ملن يردد ايء الواقع بينهما يفيد إثباته لزيد يف االبتداء صرحيا ويف اآلخر ضمنا ومنها التقدمي كقولك يف وقلبا قائم هو ملن يعتقده قاعدا، قصر املوصوف على الصفة إفرادا شاعر هو ملن يعتقده شاعرا أو كاتبا

مبعىن وحدي ملن يعتقد أنك وغريك كفيتما - أنا كفيت مهمك -ويف قصر الصفة على املوصوف إفرادا مبعىن ال غريي ملن يعتقد أن غريك كفى مهمه دونك كما تقدم، - أنا كفيت مهمك -مهمه، وقلبا

.ثة األوىل بالوضع دون الرابعاألول أن داللة الثال: وهذه الطرق ختتلف من وجوه

الثاين أن األصل يف األول أن يدل على املثبت واملنفي مجيعا بالنص فال يترك ذلك إال كراهة اإلطناب يف مقام االختصار كما إذا قيل زيد يعلم النحو والتصريف والعروض والقوايف أو زيد يعلم النحو وعمرو

ال غري ويف معناه ليس إال، أي ال غري النحو وال غري زيد، وأما بكر وخالد، فتقول فيهما زيد يعلم النحو .الثالثة الباقية فتدل بالنص على املثبت دون املنفي

الثالث أن النفي ال جيامع الثاين إال شرط املنفي بال أن يكون منفيا قبلها بغريها وجيامع اآلخرين، فيقال إمنا وألن النفي فيهما غري مصرح به، كما يقال امتنع زيد عن زيد كاتب ال شاعر وهو يأتيين ال عمرو،

ايء ال عمرو، قال السكاكي شرط جمامعته للثالث أن ال يكون الوصف خمتصا باملوصوف كقوله تعاىل فإن كل عاقل يعلم إن االستجابة ال تكون إال ممن يسمع، وكذا قوهلم " إمنا يستجيب الذين يسمعون "

لفوت، وقال الشيخ عبد القاهر ال حتسن جمامعته له يف املختص كما حتسن يف غري إمنا يعجل من خيشى اإمنا أنت مذكر، لست عليهم مبصيطر " قيل وجمامعته له إما مع التقدمي كقوله تعاىل . املختص وهذا أقرب

.ما جاءين زيد وإمنا جاءين عمرو، ويف كون حنو هذين مما حنن فيه نظر: وإما مع التأخري كقولك"

الرابع أن أصل الثاين أن يكون ما استعمل له مما جيهله املخاطب وينكره كقولك لصاحب وقد رأيت وما من " ما هو إال زيد، إذا وجدته يعتقد غري زيد ويصر على اإلنكار، وعليه قوله تعاىل : شبحا من بعيد

وما حممد إال " له الثاين إفرادا حنو وقد يرتل املعلوم مرتلة اهول العتبار مناسب فيستعمل" اهللا إال اهللا أي أنه صلى اهللا عليه وسلم مقصور على الرسالة ال يتعداها إىل التربي " رسول قد خلت من قبله الرسل

وما أنت مبسمع من يف القبور إن أنت إال " من اهلالك نزل استعظامهم هالكه مرتلة إنكارهم إياه وحنوه م كان لشدة حرصه على هداية الناس يكرر دعوة املمتنعني على اإلميان وال فإنه صلى اهللا عليه وسل" نذير

يرجع عنها، فكان يف معرض من ظن أنه ميلك مع صفة اإلنذار إجياد الشيء فيما ميتنع قبوله إياه أو قلبا بني أي أنتم بشر ال رسل، نزلوا املخاط" إن أنتم إال بشر مثلنا : " كقوله تعاىل حكاية عن بعض الكفار

مرتلة من ينكر أنه بشر العتقاد القائلني أن الرسول ال يكون بشرا مع إصرار املخاطبني على دعوى إن حنن إال بشر مثلكم ولكن اهللا مين على من يشاء من : " وأما قوله تعاىل حكاية عن الرسل. الرسالة

Page 62: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 62

عى عليه خصمه اخلالف يف أمر فمن جماراة اخلصم للتبكيت واإللزام واإلفحام فإن من عادة من اد" عباده هو ال خيالف يه أن يعيد كالمه على وجهه كما إذا قال لك من يناظرك أنت من شأنك كيت وكيت فتقول نعم أنا من شأين كيت وكيت ولكن ال يلزمين من أجل ذلك ما ظننت أنه يلزم، فالرسل عليهم

قلتم ال ننكره ولكن ذلك ال مينع أن يكون هو كما" أنا بشر مثلكم " السالم كأم قالوا إن ما قلتم من اهللا تعاىل قد من علينا بالرسالة، واصل الثالث أن يكون ما استعمل له مما يعلمه املخاطب وال ينكره على

عكس الثاين كقولك إمنا هو أخوك وإمنا هو صاحبك القدمي ملن يعلم ذلك ويقربه وتريد أن ترققه عليه : وعليه قول أيب الطيب. األخ وحرمة الصاحبوتنبهه ملا جيب عليه من حق

طع أحنى من واصل األوالد اقأنت والد واألب ال إنما

مل يرد أن يعلم كافورا أنه مبرتلة الوالد وال ذاك مما حيتاج كافور فيه إىل اإلعالم ولكنه أراد أن يذكره منه هول مرتلة املعلوم الدعاء املتكلم ظهوره فيستعمل باألمر املعلوم ليبين عليه استدعاء ما يوجبه، وقد يرتل ا

أال إم هم " ادعوا أن كوم مصلحني ظاهر جلي ولذلك جاء " إمنا حنن مصلحون : " له الثالث حنوللرد عليهم مؤكدا مبا ترى من جعل اجلملة امسية وتعريف اخلرب بالالم وتوسيط الفصل " املفسدون

: ومثله قول الشاعروالتصدير حبرف التنبيه مث بإن

عن وجهه الظلماء تجلت إنما مصعب شهاب من اهللا

ادعى أن كون مصعب كما ذكر جلي معلوم لكل أحد على عادة الشعراء إذا مدحوا أن يدعوا يف كل ما : يصفون به ممدوحيهم اجلالء وأم قد شهروا به حىت أنه ال يدفعه أحد، كما قال اآلخر

وما قلت إال بالتي علمت سعد ميهلوتعذلني أفناء سعد ع

: وكما قال البحتري

داهيه عيسلمها إل حتى ال أدعي ألبي العالء فضيلة

واعلم أن لطريق إمنا مزية على طريق العطف وهي أنه يعقل منها إثبات الفعل لشيء ونفيه عن غريه دفعة وقعا إذا كان الغرض ا التعريض بأمر واحدة خبالف العطف، وإذا استقريت وجدا أحسن ما يكون م

فإنه تعريض بذم الكفار " إمنا يتذكر أولو األلباب : " هو مقتضى معىن الكالم بعدها، كما يف قوله تعاىلوأم من فرط العناد وغلبة اهلوى عليهم يف حكم من ليس بذي عقل فأنتم يف طمعكم منهم أن ينظروا

وقوله " إمنا أنت منذر من خيشاها : " ويل األلباب وكذا قوله تعاىلويتذكروا كمن طمع يف ذلك من غري أ

Page 63: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 63

املعىن على أن من مل تكن له هذه اخلشية فكأنه ليس له أذن " إمنا تنذر الذين خيشون رم بالغيب : " تعاىل : ومثال ذلك من الشعر قوله: قال الشيخ عبد القاهر. تسمع وقلب يعقل فاإلنذار معه كال إنذار

للعبد ما رزقا إنما أرزق محبتهاأنا لم

: فإنه تعريض بأنه قد علم أنه ال مطمع له يف وصلها فيئس من أن يكون منها إسعاف به وقوله

وإنما يعذر العشاق من عشقا

يقول ينبغي للعاشق أن ال ينكر لوم من يلومه فإنه ال يعلم كنه بلوى العاشق ولو كان ابتلي بالعشق مثله : يه فعذره وقولهلعرف ما هو ف

ابباألمور بقوة األس نجح اما أنت بالسبب الضعيف وإنم

يدعى الطبيب لساعة األوصاب اميك وإنا إلحاجتن فاليوم

يقول يف البيت األول إنه ينبغي أن أجنح يف أمري حني جعلتك السبب إليه ويف الثاين أنا قد طلبنا من من احلاجة وعولنا على فضلك كما أن من عول على الطبيب فيما جهته حني استعنا بك فيما عرض لنا

يعرض له من السقم كان قد أصاب يف فعله مث القصر كما يقع بني املبتدأ واخلرب، كما ذكرنا يقع بني الفعل والفاعل وغريمها، ففي طريق النفي واالستثناء يؤخر املقصور عليه مع حرف االستثناء كقولك يف

ما ضرب زيد إال عمرا، وعلى الثاين ال األول قوله : املفعول إفرادا أو قلبا حبسب املقامقصر الفاعل على إين مل أزد على ما -ألنه ليس املعىن " ما قلت هلم إال ما أمرتين به أن اعبدوا اهللا ريب وربكم : " تعاىل

لكن املعىن أين مل أترك ما أمرتين إذ ليس الكالم يف أنه زاد شيئا على ذلك أو نقص منه و-أمرتين به شيئا إنك يا عيسى تركت ما أمرتك أن تقوله -به أن أقول هلم إىل خالفه، ألنه قاله يف مقام اشتمل على معىن

فإين أمرتك أن تدعو الناس إىل أن يعبدوين مث إنك دعوم إىل أن يعبدوا -إىل ما مل آمرك أن تقوله ويف قصر املفعول على " ت للناس اختذوين وأمي إهلني من دون اهللا ءأنت قل: " غريي، بدليل قوله تعاىل

الفاعل ما ضرب عمرا إال زيد ويف قصر املفعول األول على الثاين يف حنو كسوت وظننت، ما كسوت زيدا إال جبة، وما ظننت زيدا إال منطلقا، ويف قصر الثاين على األول، ما كسوت جبة إال زيدا، وما

ويف قصر احلال على ذي . إال زيدا، ويف قصر ذي احلال على احلال ما جاء زيد إال راكباظننت منطلقااحلال ما جاء راكبا إال زيد، والوجه يف مجيع ذلك أن النفي يف الكالم الناقص أعين االستثناء املفرغ

مقدر هو مستثىن أما توجهه إىل. يتوجه إىل مقدر هو مستثىن منه عام مناسب للمستثىن يف جنسه وصفتهمنه فلكون إال لإلخراج واستدعاء اإلخراج خمرجا منه، وأما عمومه فليتحقق اإلخراج منه، ولذلك قيل

Page 64: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 64

تأنيث املضمر يف كانت على قراءة أيب جعفر املدين إن كانت إال صيحة بالرفع، ويف ترى مبنيا للمفعول : نهم، ويف بقيت يف بيت ذي الرمةيف قراءة احلسن فأصبحوا ال ترى إال مساكنهم، برفع مساك

فما بقيت إال الضلوع الجراشع

للنظر إىل ظاهر اللفظ واألصل التذكري القتضاء املقام معىن شيء من األشياء، وأما مناسبته يف جنسه ما -وصفته فظاهرة، ألن املراد جبنسه أن يكون يف حنو ما ضرب زيد إال عمرا أحدا، ويف حنو قولنا

- ما جاء زيد إال راكبا كائنا على حال من األحوال، ويف حنو - ويف حنو -ا إال جبة لباسا، كسوت زيد

: ومنه قول السيد احلمريي-ما اخترت رفيقا منكم من مجاعة من اجلماعات

ما اختار إال منكم فارسا هخير المنبر فرسان لو

واملراد بصفته كونه فاعال أو مفعوال أو -ر فارسا إال منكم ما اختا-ملا سيأيت إن شاء اهللا تعاىل أن أصله ذا حال أو حاال، وعلى هذا القياس وإذا كحان النفي متوجها إىل ما وصفناه فإذا أوجب منه شيء جاء

ما ضرب إال عمرا : القصر، وجيوز تقدمي املقصور عليه مع حرف االستثناء حباهلما على املقصور كقولكب إال زيد عمرا وما كسوت إال جبة زيدا وما ظننت إال زيدا منطلقا وما جاء إال راكبا زيد زيد وما ضر

وما جاء إال زيد راكبا، وقولنا حباهلما احتراز من إزالة حرف االستثناء عن مكانه بتأخريه عن املقصور الختصاص إمنا يقع يف الذي عليه كقولك يف األول ما ضرب عمرا إال زيد فإنه خيتل املعىن بالضابط أن ا

ولكن استعمال هذا النوع أعين تقدميها قليل الستلزامه قصر الصفة قبل متامها كالضرب - إال -يلي ما ضرب عمرا إال زيد، : ما ضرب زيد غال عمرا، والضرب الواقع على عمرو يف: الصادر من زيد يف

ما ضرب إال عمرو زيدا فهو : املرفوع كقولنا وقدم - إال -وقيل إذا أخر املقصور عليه واملقصور عن ما ضرب إال عمرو، أي ما وقع ضرب إال منه، مث : على كالمني، وزيدا منصوب بفعل مضمر، فكأنه قيل

من ضرب؟ فقيل زيدا، أي ضرب زيدا، وفيه نظر القتضائه احلصر يف الفاعل واملفعول مجيعا، وأما : قيلقول إمنا زيد مث وإمنا ضرب زيد وإمنا ضرب زيد عمرا وإمنا ضرب زيد يف إمنا فيؤخر املقصور عليه، ت

عمرا يوم اجلمعة وإمنا ضرب زيد عمرا يوم اجلمعة يف السوق، أي ما زيد إال قائم وما ضرب إال زيد وما ضرب زيد إال عمرا وما ضرب زيد عمرا إال يوم اجلمعة وما ضرب زيد عمرا يوم اجلمعة إال يف السوق

لواقع أخريا هو املقصور عليه أبدا، ولذلك تقول إمنا هذا لك وإمنا لك هذا، أي ما هذا إال لك وما لك فاغال هذا، حىت إذا أردت اجلمع بني إمنا والعطف فقل إمنا هذا لك ال لغريك وإمنا لك هذا ال ذاك وإمنا أخذ

إمنا خيشى اهللا من عباده : " قوله تعاىلزيد ال عمرو وإمنا زيد يأخذ ال يعطي ومن هذا تعثر على الفرق بني

Page 65: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 65

وقولنا إمنا خيشى العلماء من عباد اهللا، فإن األول يقتضي قصر خشية اهللا على العلماء، والثاين " العلماء يقتضي قصر خشية العلماء على اهللا، واعلم أن حكم غري حكم إال يف إفادة القصرين أي قصر املوصوف

ما : ملوصوف ويف امتناع جمامعة ال العاطفة تقول يف قصر املوصوف إفراداعلى الصفة وقصر الصفة على اال شاعر غري زيد، وال : ما زيد غري قائم، ويف قصر الصفة باالعتبارين حبسب املقام: زيد غري شاعر، وقلبا

.ما زيد غري شاعر ال كاتب وال ال شاعر غري زيد ال عمرو: تقول

القول في اإلنشاء

طلب وغري طلب، والطلب يستدعي مطلوبا غري حاصل وقت الطلب المتناع حتصيل : اإلنشاء ضربان وال - ليت -التمين واللفظ املوضوع له : احلاصل وهو املقصود بالنظر هاهنا، وأنواعه كثرية، منها

: يشترط يف التمين اإلمكان، تقول ليت زيدا جييء وليت الشباب يعود، قال الشاعر

رواجعايا ليت أيام الصبا

وقد يتمىن ا كقول القائل هل يل من شفيع يف مكان يعلم أنه ال شفيع له فيه فرباز املتمين لكمال العناية وقد يتمىن " فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا " به يف صورة املمكن، وعليه قوله تعاىل حكاية عن الكفار

.بلو كقولك لو تأتيين فتحدثين بالنصب

كأن حروف التندمي والتخصيص وهي هال وأال بقلب اهلاء مهزة ولوال ولوما مأخوذة قال السكاكي ومنهما مركبتني مع ال وما املزيدتني لتضمينهما معىن التمين ليتولد منه يف املاضي التندمي حنو هال أكرمت

ج فأزورك لعلي أح: وقد يتمىن بلعل فتعطي حكم ليت حنو. هال تقوم: زيدا، ويف املضارع التحضيض حنولعلي ابلغ األسباب، أسباب : " بالنصب لبعد املرجو عن احلصول، وعليه قراءة عاصم يف رواية حفص

ومنها االستفهام واأللفاظ املوضوعة له اهلمزة وهل وما ومن . بالنصب" السموات فأطلع على اهللا موسى م زيد، أزيد قائم، أو التصور وأي وكم وكيف وأين وأىن ومىت وإبان، فاهلمزة لطلب التصديق كقولك أقا

أزيد قائم وأعمرا : أدبس يف اإلناء أم عسل؟ وأيف اخلابية دبسك أم يف الزق؟ وهلذا مل يقبح: كقولكعرفت واملسؤول عنه ا هو ما يليها فتقول أضربت زيدا إذا كان الشك يف الفعل نفسه، وأردت

ا كان الشك يف الفاعل من هو، وتقول أزيدا باالستفهام أن تعلم وجوده وتقول أأنت ضربت زيدا إذهل قام زيد وهل : ضربت إذا كان الشك يف املفعول من هو، وهل لطلب التصديق فحسب كقولك

هل زيد قام أم عمرو، وقبح هل زيدا ضربت، ملا سبق أن التقدمي يستدعي : عمرو قاعد، وهلذا امتنع

Page 66: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 66

ومل يقبح هل زيدا ضربته، جلواز تقدير احملذوف حصول التصديق بنفس الفعل والشك، فيما قدم عليه املفسر مقدما كما مر، وجعل السكاكي قبح حنو هل رجل عرف لذلك، أي ملا قبح له، هل زيدا

هل زيد عرف، المتناع تقدير التقدمي والتأخري فيه عنده على ما سبق، : ضربت، ويلزمه أن ال يقبح حنون تكون مبعىن قد إال أم تركوا اهلمزة قبلها لكثرة وقوعها يف وعلل غريه القبح فيهما بأن أصل هل أ

: هل تضرب زيدا وهو أخوك، كما تقول: االستفهام وهل ختصص املضارع باالستقبال فال يصح أن يقال

كان - أعين اختصاصها بالتصديق وختصيصها املضارع باالستقبال -أتضرب زيدا وهو أخوك، وهلذين أما الثاين فظاهر، وأما األول فألن الفعل ال يكون إال . كونه زمانيا أظهر كالفعلهلا مزيد اختصاص مبا

صفة التصديق وحكم بالثبوت أو االنتفاء والنفي واإلثبات إمنا يتوجهان إىل الصفات ال الذوات وهلذا فهل : فهل تشكرون، وقولنا: أدل على طلب الشكر من قولنا" فهل أنتم شاكرون : " كان قوله تعاىلألن إبراز ما ستجدد يف معرض الثابت أدل على كمال العناية حبصوله من إبقائه على . أنت تشكرون

فأنتم شاكرون، وإن كانت صيغته للثبوت ألن هل أدعى للفعل من اهلمزة، فتركه : أصله، وكذا من قولنابسيطة، : وهي قسمانمعه أدل على كمال العناية حبصوله وهلذا ال حيسن هل زيد منطلق إال من البليغ

وهي اليت يطلب ا وجود : هل احلركة موجودة، ومركبة: وهي اليت يطلب ا وجود الشيء كقولناهل احلركة دائمة، واأللفاظ الباقية لطلب التصور فقط، أما ما فقيل يطلب به إما : شيء لشيء كقولنا احلركة، والقسم األول يتقدم على قسمي ما: ما العنقاء، وإما ماهية املسمى، كقولنا: شرح االسم كقولنا

وقال . هل مجيعا، والثاين يتقدم على هل املركبة دون البسيطة فالبسيطة يف الترتيب واقعة بني قسمي ماالسكاكي يسأل مبا عن اجلنس تقول ما عنك أي أي أجناس األشياء عندك، وجوابه إنسان أو فرس أو

أي أي أجناس " فما خطبكم : " ة وما الكالم، ويف الترتيلكتاب أو حنو ذلك، وكذلك تقول ما الكلماخلطوب خطبكم، وفيه ما تعبدون من بعدي، أي أي من يف الوجود تؤثرونه للعبادة أو عن الوصف

تقول ما زيد وما عمرو وجوابه الكرمي أو الفاضل وحنومها وسؤال فرعون وما رب العاملني إما عن اجلنس ىل أن ال موجود مستقال بنفسه سوى األجسام كأنه قال أي أجناس األجسام هو العتقاده جلهله باهللا تعا

وعلى هذا جواب موسى عليه السالم بالوصف للتنبيه على النظر املؤدي إىل معرفته، لكن ملا مل يطابق مث ملا وجده " أال تستمعون : " السؤال عند فرعون عجب اجلهلة الذين حوله من قول موسى بقوله هلم

: استهزأ به وجننه بقوله" ربكم ورب آبائكم األولني " على اجلواب بالوصف إذ قال يف املرة الثانية مصرا

وحني رآهم موسى عليه السالم مل يفطنوا لذلك يف املرتني غلظ " إن رسولكم الذي أرسل إليكم نون " ن يسلك موسى عليه السالم يف وإما عن الوصف طمعا يف أ" إن كنتم تعقلون : " عليهم يف الثالثة بقوله

اجلواب معه مسلك احلاضرين لو كانوا هم املسؤولني مكانه لشهرته بينهم برب العاملني إىل درجة دعت

Page 67: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 67

السحرة إذ عرفوا احلق أن أعقبوا

نفيا الامهم أن عتوه وجهله حبال موسى " رب موسى وهرون : " بقوهلم" آمنا برب العاملني : " قوهلمقال فائت به إن كنت " أو لو جئتك بشيء مبني : " ن مجيعهما قبل ذلك جملس بدليل أنه قالإذا مل يك

لئن اختذت : " فحني مسع اجلواب تعداه عجب واستهزأ وجنن وتفيهق مبا تفيهق من قوله" من الصادقني ".إهلا غريي ألجعلنك من املسجونني

لعلم تقول من جربيل؟ مبعىن أبشر هو أم مالك وأما من فقال السكاكي هو للسؤال عن اجلنس من ذوي اأي " فمن ربكما يا موسى : " أم جين، وكذا من إبليس؟ ومن فالن؟ ومنه قوله تعاىل حكاية عن فرعون

أملك هو أم بشر أم جين منكرا ألن يكون هلما رب سواه الدعائه الربوبية لنفسه ذاهبا يف سؤاله هذا إىل " ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه مث هدى : " وسى عليه السالم بقولهمعىن ألكما رب سواي فأجاب م

كأنه قال نعم لنا رب سواك هو الصانع الذي إذا سلكت الطريق الذي بني بإجياده ملا أوجد وتقديره إياه على ما قدر واتبعت فيه اخلريت املاهر وهو العقل اهلادي عن الضالل لزمك االعتراف بكونه ربا وأن ال

اه وأن العبادة له مين ومنك ومن اخللق أمجع حق ال مدفع له وقيل هو للسؤال عن العارض رب سواملشخص لذي العلم وهذا أظهر أنه إذا قيل من فالن جياب بزيد وحنوه مما يفيد التشخيص وال نسلم

.صحة اجلواب بنحو بشر أو جين كمما زعم السكاكي

أمر يعمهما يقول القائل عندي ثياب فتقول أي الثياب هي وأما أي فللسؤال عما مييز أحد املتشاركني يفأي حنن " أي الفريقني خري مقاما : " فتطلب منه وصفا مييزها عندك عما يشاركها يف الثوبية ويف الترتيل

وأما كم فللسؤال عن . أي اإلنسي أم اجلين" أيكم يأتيين بعرشها : " أم أصحاب حممد عليه السالم وفيهقلت كم درمها لك وكم رجال رأيت فكأنك قلت أعشرون أم ثالثون أم كذا أم كذا وتقول العدد إذا

كم درمهك وكم مالك أي كم دانقا أو كم دينارا وكم ثوبك أي كم شربا أو كم ذراعا وكم زيد ماكث أي كم يوما أو كم شهرا وكم رأيتك أي كم مرة وكم سرت أي كم فرسخا أو كم يوما قال

كم لبثتم يف األرض عدد سنني : " أي كم يوما أو كم ساعة وقال" قال قائل منهم كم لبثتم : " تعاىلاهللا : ومنه قول الفرزدق" سل بين إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة : " وقال"

فدعاء قد حلبت على عشارى الةعمة لك يا جرير وخ كم

وأما كيف فللسؤال عن احلال إذا قيل . االستفهامية واخلربيةفيمن روى بالنصب وعلى رواية الرفع حتتمل وأما أين فللسؤال عن املكان إذا قيل . كيف زيد فجوابه صحيح أو سقيم أو مشغول أو فارغ وحنو ذلك

Page 68: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 68

وأما أىن فتستعمل تارة مبعىن كيف قال . يف الدار أو يف املسجد أو يف السوق وحنو ذلك: أين زيد فجوابهأىن لك هذا : " أي كيف شئتم وأخرى مبعىن من أين قال اهللا تعاىل" فأتوا حرثكم أىن شئتم : " اهللا تعاىل

وأما مىت وأيان فللسؤال عن الزمان إذا قيل مىت جئت أو أيان جئت قبل يوم اجلمعة أو . أي من أين لك" ع التفخيم يوم اخلميس أو شهر كذا أو سنة كذا وعن علي بن عيسى الربعي أن أيان تستعمل يف مواض

مث هذه األلفاظ كثريا ما تستعمل يف " يسألونك أيام يوم الدين " " يسأل أيان يوم القيامة : " كقوله تعاىلحىت : " كم دعوتك، وعليه قوله تعاىل: معان غري االستفهام حبسب ما يناسب املقام منها االستبطاء حنو

ومنها " ما يل ال أرى اهلدهد : " لتعجب حنو قولهومنها ا" يقول الرسول والذين آمنوا معه مىت نصر اهللا أمل أؤدب فالنا إذا كان : ومنها الوعيد كقولك ملن يسيء األدب. التنبيه على الضالل حنو فأين تذهبون

: فهل أنتم مسلمون وحنو: " ومنها األمر حنو قوله تعاىل" أمل لك األولني : " عاملا بذلك وعليه قوله تعاىل

ومنها التقرير، ويشترط يف اهلمزة أن يليها املقرر به، كقولك أفعلت إذا أردت أن " ر فهل من مذك" تقرره بأن الفعل كان منه، وكقولك أأنت فعلت إذا أردت تقرره بأنه الفاعل، وذهب الشيخ عبد القاهر

الشيخ مل من هذا الضرب قال " ءأنت فعلت هذا بآهلتنا يا إبراهيم : " والسكاكي وغريمها إىل أن قولهيقولوا ذلك له عليه السالم وهم يريدون أن يقر هلم بأن كسر األصنام قد كان ولكن أن يقر بأنه منه كان

بل فعله كبريهم هذا : " وقال عليه السالم" ءأنت فعلت هذا : " وكيف وقد أشاروا له إىل الفعل يف قوهلم فعلت أو مل أفعل وفيه نظر جلواز أن تكون ولو كان التقرير بالفعل يف قوهلم أأنت فعلت لكان اجلواب"

اهلمزة فيه على أصلها إذ ليس يف السياق ما يدل على أم كانوا عاملني بأنه عليه السالم هو الذي كسر األصنام وكقولك أزيدا ضربت إذا أردت أن تقرره بأنه مضروبه زيد ومنها اإلنكار، إما للتوبيخ مبعىن ما

عصيت ربك أو مبعىن ال ينبغي أن يكون كقولك للرجل يضيع احلق أتنسى قدمي كان ينبغي أن يكون حنو أإحسان فالن وكقولك للرجل يركب اخلطر أخرج يف هذا الوقت أتذهب يف غري الطريق والغرض بذلك

تنبيه السامع حىت يرجع إىل نفسه فيخجل أو يرتدع عن فعل ما هم به وإما للتكذيب مبعىن مل يكن كقوله أو مبعىن " اصطفى البنات على البنني : " وقوله" أفأصفاكم ربكم بالبنني واختذ من املالئكة إناثا : " تعاىل

: وعليه قول امرئ القيس" أنلزمكموها وأنتم هلا كارهون " ال يكون حنو

ومسنونة زرق كأنياب أغوال والمشرفي مضاجعي أيقتلني

: وقول اآلخر. فيمن روى أيقتلين باالستفهام

ئيملي إذا لزيارته إن ترك إن قلت دراهم خالدأأ

Page 69: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 69

" " أغري اهللا أختذ وليا " " أغري اهللا تدعون : " واإلنكار كالتقرير يشترط أن يلي املنكر اهلمزة كقوله تعاىل

وقالوا لوال نزل هذا القرآن على رجل من القريتني عظيم أهم : " وكقوله تعاىل" ابشر منا واحدا نتبعه أي ليسوا هم املتخريين للنبوة من يصلح هلا املتولني لقسمة رمحة اهللا اليت ال يتوالها " رمحة ربك يقسمون

" أفأنت تكره الناس حىت يكونوا مؤمنني : " وعد الزخمشري قوله. إال هو بباهر قدرته وبالغ حكمته

أفأنت تقدر على من هذا الضرب على أن الضرب املعين" أفأنت تسمع الصم أو دي العمي : " وقولهإكراههم على اإلميان أو أفأنت تقدر على هدايتهم على سبيل القسر واإلجلاء أي إمنا يقدر على ذلك اهللا

ومحل السكاكي تقدمي االسم يف هذه اآليات الثالث على البناء على االبتداء دون تقدير التقدمي أو . ال أن: " قوي اإلنكار ومن جميء اهلمزة لإلنكار حنو قوله تعاىلالتأخري كما مر يف حنو أنا ضربت فال يفيد إال ت

: وقول جرير" أليس اهللا بكاف عبده

العالمين بطون راح وأندى ألست خير من ركب المطايا

أي اهللا كاف عبده وأنتم خري من ركب املطايا، ألن نفي النفي إثبات، وهذا مراد من قال إن اهلمزة فيه مبا دخله النفي ال للتقرير وإنكار الفعل خمتص بصورة أخرى وهي حنو قولك أزيدا للتقرير، أي للتقرير

ضربت أم عمرا ملن يدعي أنه ضرب إما زيدا وإما عمرا دون غريمها ألنه إذا مل يتعلق الفعل بأحدمها ن حرم أم األنثيني قل آلذكري: " والتقدير أنه مل يتعلق بغريمها فقد انتفى من أصله ال حمالة وعليه قوله تعاىل

: " أخرج اللفظ خمرجه إذ كان قد ثبت التحرمي من أصله وكذا قوله" أم ما اشتملت عليه أرحام األنثيني

إذ معلوم أن املعىن على إنكار أن يكون قد كان من اهللا تعاىل إذن فيما قالوه من غري أن " آهللا أذن لكم اهللا إال أن اللفظ أخرج خمرجه إذا كان األمر كذلك يكون هذا اإلذن قد كان من غري اهللا فأضافوه إىل

ليكون أشد لنفي ذلك وإبطاله فإنه إذا نفي الفعل عما جعل فاعال له يف الكالم وال فاعل له غريه لزم نفيه أنا ضربت : قال السكاكي رمحه اهللا وإياك أن يزول عن خاطرك التفصيل الذي سبق يف حنو. من أصله

من احتمال االبتداء واحتمال التقدمي وتفاوت املعىن يف الوجهني فال حتمل حنو وأنت ضربت وهو ضرب، على التقدمي فليس املراد أن اإلذن ينكر من اهللا دون غريه ولكن امحله على " آهللا أذن لكم : " قوله تعاىل

ما يكون االسم االبتداء مرادا منه تقوية حكم اإلنكار وفيه نظر، ألنه إن أراد أن حنو هذا التركيب اعينالذي يلي اهلمزة فيه مظهرا ال يفيد توجه اإلنكار إىل كونه فاعال الفعل الذي بعده فهو ممنوع وإن أراد أنه يفيد ذلك إن قدر تقدمي وتأخري وإال فال على ما ذهب إليه فيما سبق فهذه الصورة مما منع هو ذلك

: يف غري ما ذكرمت كما يف قولهفيه على ما تقدم ال يقال قد يلي اهلمزة غري املنكر

Page 70: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 70

أيقتلني والمشرفي مضاجعي

: فإن معناه أنه ليس بالذي جييء منه أن يقتل مثلي بدليل قوله

والمرء ليس بقتال ليقتلني يغط غطيط البكر شد خناقه

ا حيتاج ألنا نقول ليس ذلك معناه ألنه قال، واملشريف مضاجعي فذكر ما يكون منعا من الفعل، واملنع إمنأصالتك : " غليه مع من يتصور صدور الفعل منه دون من يكون يف نفسه عاجزا عنه ومنها التهكم حنو

ومنها التحقري كقولك من هذا وما هذا، " تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل يف أموالنا ما نشاء إسرائيل من العذاب املهني، من فرعون ولقد جنينا بين: " ومنها التهويل كقراءة ابن عباس رضي اهللا عنهما

بلفظ االستفهام ملا وصف اهللا تعاىل العذاب بأنه مهني لشدته وفظاعة شأنه أراد أن يصور كنهه فقال " من فرعونه أيت أتعرفون من هو يف فرط عتوه وجتربه ما ظنكم بعذاب يكون هو املعذب به مث عرف حاله

أىن هلم الذكرى قد جاءهم رسول مبني، مث : " ومنها االستبعاد حنو" إنه كان عاليا من املسرفني: " بقولهكيف تكفرون باهللا وكنتم : " ومنها التوبيخ والتعجيب مجيعا كقوله تعاىل" تولوا عنه وقالوا معلم جمنون

صة أي كيف تكفرون واحلال أنكم عاملون ذه الق" أمواتا فأحياكم مث ميتكم مث حيييكم مث إليه ترجعون أما التوبيخ فألن الكفر مع هذه احلال ينبئ عن االماك يف الغفلة أو اجلهل وأما التعجيب فألن هذه احلال

تأىب أن ال يكون للعاقل علم بالصانع وعلمه به يأىب أن يكفر، وصدور الفعل مع الصارف القوي مظنة ".لكتاب أتأمرون الناس بالرب وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون ا: " تعجي ونظريه

ومن أنواع اإلنشاء األمر واألظهر أن صيغته من املقترنة بالالم حنو ليحضر زيد وغريها حنو أكرم عمرا ورويد بكرا موضوعه لطلب الفعل استعالء لتبادر الذهن عند مساعها إىل ذلك وتوقف ما سواه على

قوهلم صيغة األمر ومثال األمر والم قال السكاكي وإلطباق أئمة اللغة على إضافتها إىل األمر ب. القرينةاألمر وفيه نظر ال خيفى على املتأمل مث إا أعين صيغة األمر، قد تستعمل يف غري طلب الفعل حبسب

مناسبة املقام كاإلباحة، كقولك يف مقام اإلذن جالس احلسن أو ابن سريين ومن أحسن ما جاء فيه قول : كثري

تلوال مقلية إن تق ينالد أسيئي بنا أو أحسني ال ملومة

أي ال أنت ملومة وال مقلية ووجه حسنه إظهار الرضا بوقوع الداخل حتت لفظ األمر حىت كأنه مطلوب أي مهما اخترت يف حقي من اإلساءة واإلحسان فأنا راض به غاية الرضا فعامليين ما وانظري هل

اعملوا ما " مواله وقد أدبه اشتم موالك وعليه تتفاوت حايل معك يف احللني والتهديد كقولك لعبد شتم

Page 71: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 71

" فأتوا بسورة من مثله " والتعجيز كقولك ملن يدعي أمرا نعتقد أنه ليس يف وسعه افعله وعليه " شئتم

ذق : " وقوله تعاىل" كونوا حجارة أو حديدا : " واإلهانة حنو" كونوا قردة خاسئني : " والتسخري حنواصربوا أو : " وقوله" أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم : " والتسوية كقوله"إنك أنت العزيز الكرمي

: والتمين كقول امرئ القيس" ال تصربوا

أال أيها الليل الطويل أال انجلي

وااللتماس إذا " رب اغفر يل ولوالدي : " والدعاء إذا استعملت يف طلب الفعل على سبيل التضرع حنو: " بيل التلطف كقولك ملن يساويك يف الرتبة افعل بدون االستعالء واالحتقار حنواستعملت فيه على س

، مث األمر قال السكاكي حقه الفور ألنه الظاهر من الطلب ولتبادر الفهم عند األمر "ألقوا ما أنتم ملقون ا تبني يف أصول بشيء بعد األمر خبالفه إىل تغيري األمر األول دون اجلمع وإرادة التراخي واحلق خالفه مل

الفقه، ومنها النهي وله حرف واحد وهو ال اجلازمة يف قولك ال تفعل وهو كاألمر يف االستعالء وقد يستعمل يف غري طلب الكف أن الترك كالتهديد كقولك لعبد ال ميتثل أمرك ال متتثل أمري واعلم أن هذه

ا قرينة دالة على تقدير الشرط بعدها األربعة أعين التمين واالستفهام واألمر والنهي تشترك يف كوكقولك ليت يل ماال أنفقه، أي إن أرزقه؛ وقولك أين بيتك أزرك، أي إن تعرفنيه، وقولك أكرمين

باجلزم فأما قراءة الرفع فقد " فهب يل من لدنك وليا يرثين : " أكرمك، أي إن تكرمين، قال اهللا تعاىلاكي األوىل محلها على االستئناف دون الوصف هلالك حيىي وقال السك. محلها الزخمشري على الوصف

قبل زكريا عليها السالم، وأراد باالستئناف أن يكون جواب سؤال مقدر تضمنه ما قبله فكأنه ملا قال فهب يل وليا، قيل ما تصنع به فقال يرثين فلم يكن داخال يف املطلوب بالدعاء، وقولك ال تشتم يكن

أال ترتل تصب خريا، أي إن ترتل؛ : تشتم؛ وأما العرض كقولك ملن تراه ال يرتلخريا لك، أي أن ال فمولد من االستفهام وليس به ألن التقدير أنه ال يرتل، فاالستفهام عن عدم الرتول طلب للحاصل وهو

إن أرادوا أي" فاهللا هو الويل : " حمال وتقدير الشرط يف غري هذه املواضع بالقرينة جائز أيضا كقوله تعاىلما ختذ اهللا من ولد وما كان معه من اهللا إذا لذهب : " وليا باحلق فاهللا هو الويل باحلق ال ويل سواه، وقوله

أي لو كان معه اهللا إذن لذهب، ومنها النداء وقد تستعمل صيغته يف غري معناه كاإلغراء يف قولك ملن " فعل كذا أيها الرجل وحنن نفعل كذا أيها القوم واغفر يا مظلوم، واالختصاص يف قوهلم أنا ا: اقبل يتظلم

اللهم لنا أيتها العصابة أي متخصصا من بني الرجال ومتخصصني من بني األقوام والعصائب مث اخلرب قد يقع موقع اإلنشاء، إما للتفاؤل أو إلظهار احلرص يف وقوعه كما مر، والدعاء بصيغة املاضي من البليغ

لالحتراز عن صورة األمر كقول العبد للموىل، إذا حول عنه وجهه ينظر املوىل إىل حيتمل الوجهني، أو

Page 72: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 72

ساعة أو حلمل املخاطب على املطلوب بأن يكون املخاطب ممن ال حيب أن يكذب الطالب أو لنحو .ذلك

تنبيه

كم اخلرب، ما ذكرناه يف األبواب اخلمسة السابقة ليس كله خمتص باخلرب بل كثري منه حكم اإلنشاء فيه ح .يظهر ذلك بأدىن تأمل، فليعتربه الناظر

القول في الوصل والفصل

الوصل عطف بعض اجلمل على بعض والفصل تركه ومتييز موضع أحدمها عن موضع اآلخر على ما تقتضيه البالغة فن منها عظيم اخلطر صعب املسلك دقيق املأخذ ال يعرفه على وجهه وال حييط علما

أويت يف فهم كالم العرب طبعا سليما ورزق يف إدراك أسراره ذوقا صحيحا، وهلذا قصر بكنهه إال من بعض علماء البالغة على معرفة الفصل من الوصل وما قصرها عليه ألن األمر كذلك إمنا حاول بذلك

قه على التنبيه على مزيد غموضه وأن أحدا ال يكمل فيه إال كمل يف سائر فنوا فوجب االعتناء بتحقيأبلغ وجه يف البيان فنقول واهللا املستعان إذا أتت مجلة بعد مجلة فاألوىل منها إما أن يكون هلا حمل من اإلعراب عطفت عليها وهذا كعطف املفرد على املفرد ألن اجلملة ال يكون هلا حمل من اإلعراب حىت

قبوال يف املفرد أن يكون بني تكون واقعة موقع املفرد، فكما يشترط يف كون العطف بالواو وحنوه ميعلم ما يلج يف األرض وما خيرج منها وما : " املعطوف واملعطوف عليه جهة جامعة كما يف قوله تعاىل

يشترط يف كون العطف بالواو وحنوه مقبوال يف اجلملة ذلك، كقولك " يرتل من السماء وما يعرج فيها وهلذا عيب " واله يقبض ويبسط وإليه ترجعون : " ىلزيد يكتب ويشعر أو يعطي ومينع وعليه قوله تعا

: على أيب متام قوله

صبر وأن أبا الحسين كريم والذي هو عالم أن النوى ال

إذ ال مناسبة بني كرم أيب احلسني ومرارة النوى وال تعلق ألحدمها باآلخر وإن مل بقصد ذلك ترك عطفها مل " م قالوا إنا معكم إمنا حنن مستهزئون اهللا يستهزئ م وإذا خلوا إىل شياطينه: " عليه كقوله تعاىل

يعطف اهللا يستهزئ م على إنا معكم ألنه لو عطف عليه لكان من مقول املنافقني وليس منه، وكذا قوله : " وكذا قوله" وإذا قيل هلم ال تفسدوا يف األرض قالوا إمنا حنن مصلحون أال إم هم املفسدون : " تعاىل

" ل هلم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء أال إم هم السفهاء ولكن ال يعلمون وإذا قي

Page 73: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 73

وعلى الثاين إن قصد بيان ارتباط الثانية باألوىل على معىن بعض حروف العطف سوى الواو عطفت عليها دخول زيد من ذلك احلرف فتقول دخل زيد فخرج عمرو، إذا أردت أن خترب أن خروج عمرو كان بعد

غري مهلة، وتقول خرجت مث خرج زيد، إذا أردت أن خترب أن خروج زيد كان بعد خروجك مهلة، وتقول يعطيك زيد دينارا أو يكسوك جبة، إذا أردت أن خترب أنه يفعل واحد منهما ال بعينه، وعليه قوله

لألوىل حكم مل يقصد وإن مل يقصد ذلك فإن كان " سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبني : " تعاىلوإذا خلوا إىل شياطينهم قالوا إنا معكم إمنا حنن مستهزئون اهللا : " إعطاؤه للثانية تعني الفصل كقوله تعاىل

مل يعطف اهللا يستهزئ م على قالوا لئال يشاركه يف االختصاص بالظرف املقدم وهو " يستهزئ م هللا تعاىل م وهو إن خذهلم فخالهم وما سولت هلم فإن استهزاء ا" وإذا خلوا إىل شياطينهم : " قوله

أنفسهم مستدرجا إياهم من حيث ال يشعرون متصل ال ينقطع بكل حال خلوا إىل شياطينهم أم مل خيلوا إليهم، وكذلك يف اآليتني األخريتني فإم مفسدون يف مجيع األحيان قيل هلم ال تفسدوا أوال وسفهاء يف

آمنوا أوال وإن مل يكن لألوىل حكم كما سبق فإن كان بني اجلملني كمال مجيع األوقات قيل هلم االنقطاع وليس يف الفصل إيهام خالف املقصود كما سيأيت أو كمال االتصال أن كانت الثانية مبرتلة املنقطعة عن األوىل أو مبرتلة املتصلة ا فكذلك يتعني الفصل، أما يف الصورة األوىل فألن الواو للجمع واجلمع بني الشيئني يقتضي مناسبة بينهما كما مر، أما يف الثانية فألن العطف فيها مبرتلة عطف الشيء

على نفسه، مع أن العطف يقتضي املغايرة بني املعطوف واملعطوف عليه، وأما يف الثالثة والرابعة فظاهر مما األول أن ختتلف اجلملتان خربا : همر، وأما كمال االنقطاع فيكون ألمر يرجع إىل اإلسناد أو إىل طرفي

وإنشاء، لفظا ومعىن، كقوهلم ال تدن من األسد يأكلك، وهل تصلح يل كذا أدفع إليك األجرة، بالرفع : وقول الشاعر. فيهما

فكل حتف امرئ يجري بمقدار اهرائدهم أرسوا نزاول وقال

: ليزيديمات فالن رمحه اهللا، وأما قول ا: أو معىن ال لفظا كقولك

ألقاه من زهد على غاربي هنكي ولحبل ملكته

اذبكن الاهللا م انتقم إني في الهوى كاذب وقال

فعده السكاكي رمحه اهللا من هذا الضرب ومحله الشيخ عبد القاهر رمحه اهللا على االستئناف بتقدير، قلت أن : األول: مال االتصال فيكون ألمور ثالثةوأما ك. الثاين أن ال يكون بني اجلملتني جامع كما سيأيت

أن ترتل : تكون الثانية مؤكدة لألوىل واملقتضى للتأكيد دفع توهم التجوز والغلط وهو قسمان، أحدمها

Page 74: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 74

: " الثانية من األوىل مرتلة التأكيد املعنوي من متبوعه يف إفادة التقرير مع االختالف يف املعىن كقوله تعاىل

فإن وزان ال ريب فيه يف اآلونة وزان نفسه يف قولك جاءين اخلليفة نفسه " ريب فيه آمل، ذلك الكتاب الفإنه ملا بولغ يف وصف الكتاب ببلوغه الدرجة القصوى من الكمال جبعل املبتدأ ذلك وتعريف اخلرب بالالم

يه نفيا لذلك إتباع كان عند السامع قبل أن يتأمله مظنة أنه مما يرمي به جزافا من غري حتق فأتبع ال ريب ف: " اخلليفة نفسه إزالة ملا عسى أن يتوهم السامع أنك يف قولك جاءين اخلليفة متجوز أو ساه وكذا قوله

إنا معكم إمنا حنن : " الثاين مقرر ملا أفاده األول وكذا قوله" كأن مل يسمعها كأن يف أذنيه وقرا ليهودية، وقوله إمنا حنن مستهزئون رد لإلسالم ودفع ألن قوله إنا معكم معناه الثبات على ا" مستهزئون

له منهم ألن املستهزئ بالشيء املستخف به منكر له ودافع له لكونه غري معتد به ودفع نقيض الشيء وثانيهما أن . تأكيد لثباته، وحيتمل االستئناف، أي فما بالكم إن صح أنكم معنا توافقون أصحاب حممد

ذلك الكتاب ال : " رتلة التأكيد اللفظي من متبوعه يف احتاد املعىن كقوله تعاىلترتل الثانية من األوىل مفإن هدى للمتقني معناه أنه يف اهلداية بالغ درجة ال يدرك كنهها حىت كأنه " ريب فيه هدى للمتقني

يف هداية حمضة وهذا معىن قوله ذلك الكتاب ألن معناه كما مر الكتاب الكامل، واملراد بكماله كمالهسواء عليهم أأنذرم : " اهلداية ألن الكتب السماوية حبسبها تتفاوت يف درجات الكمال وكذا قوله تعاىل

معىن ما قبله وكذا ما بعده تأكيد ثان، ألن عدم - ال يؤمنون -فإن معىن " أم مل تنذرهم ال يؤمنون ليه حق ومسع تدرك به حجة التفاوت بني اإلنذار وعدمه ال يصح إال يف حق من ليس له قلب خيلص إ

. خربا إن، فاجلملة قبلها اعتراض- ال يؤمنون -وبصر تثبت به عربة وجيوز أن يكون

أن تكون الثانية بدال من األوىل واملقتضى لإلبدال كون األوىل غري وافيةبتمام املراد خبالف الثانية، : الثاين نفسه أو فظيعا أو عجيبا أو لطيفا وهو ضربان أحدمها واملقام يقتضي اعتناء بشأنه لنكتة ككونه مطلوبا يف

أمكم مبا تعلمون، أمدكم بأنعام : " أن ترتل الثانية من األوىل مرتلة بدل البعض من متبوعه كقوله تعاىلفإنه مسوق للتنبيه على نعم اهللا تعاىل عند املخاطبني وقوله أمدكم بأنعام وبنني " وبنني وجنات وعيون

ن أوىف بتأديته مما قبله لداللته عليها بالتفصيل من غري إحالة على علمهم مع كوم معاندين، وجنات وعيوواإلمداد مبا ذكر من األنعام وغريها بعض اإلمداد مبا يعلمون وحيتمل االستئناف، وثانيهما أن ترتل الثانية

ني اتبعوا من ال يسألكم أجرا وهم اتبعوا املرسل: " من األوىل مرتلة بدل االشتمال من متبوعه كقوله تعاىلاتبعوا من ال يسألكم أجرا وهم : " فإن املراد به محل املخاطبني على اتباع الرسل وقوله تعاىل" مهتدون ال ختسرون معهم شيئا من دنياكم وترحبون صحة دينكم فينتظم : أوىف بتأدية ذلك ألن معناه" مهتدون

: الشاعرلكم خري الدنيا وخري اآلخرة، وقول

Page 75: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 75

وإال فكن في السر والجهر مسلما ادنله ارحل ال تقيمن عن أقول

ال تقيمن عندنا أوىف بتأديته : فإن املراد به كمال إظهار الكراهة إلقامته بسبب خالف سره العلن، وقوله وزان لداللته عليه باملطابقة مع التأكيد خبالف ارحل، ووزان الثانية من كل واحد من اآلية، والبيت

حسنها يف قولك أعجبتين الدار حسنها ألن معناها غاير ملعىن ما قبلها وغري داخل فيه مع ما بينهما من .املالبسة

أن تكون الثانية بيانا لألوىل وذلك بأن ترتل منها مرتلة عطف البيان من متبوعه يف إفادة اإليضاح : الثالثفوسوس إليه : " مع اقتضاء املقام إزالته كقوله تعاىلواملقتضى للتبيني أن يكون يف األوىل نوع خفاء

فصل مجلة، قال عما قبلها لكوا " الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة اخللد وملك ال يبلى : تفسريا له وتبيينا، ووزانه وزان عمر يف قوله

أقسم باهللا أبو حفص عمر

فيحتمل التبيني والتأكيد أما التبيني فألنه ميتنع أن " ك كرمي ما هذا بشر إن هذا إال مل: " وأما قوله تعاىلخيرج من جنس البشر وال يدخل يف جنس آخر، فإثبات امللكية له تبيني لذلك اجلنس وتعيني، وأما

التأكيد فألنه إذا كان ملكا مل يكن بشرا، وألنه إذا قيل يف العرف إلنسان ما هذا بشرا حال تعظيم له هال نزلتم : شاهد منه من حسن خلق أو خلق كان الغرض أنه ملك بطريق الكناية فإن قيلوتعجب مما ي

الثانية مرتلة بدل الكل من متبوعه يف بعض الصور ومرتلة النعت من متبوعه يف بعض قلنا بدل الكل ال أكيد ينفصل عن التأكيد إال بأن لفظه غري لفظ متبوعه وأنه مقصود بالنسبة دون متبوعه، خبالف الت

والنعت ينفصل عن عطف البيان إال بأنه يدل على بعض أحوال متبوعه ال عليه وعطف البيان بالعكس وهذه كلها اعتبارات ال يتحقق شيء منها فيما حنن بصدده، وأما كون الثانية مبرتلة املنقطعة عن األوىل

: ثال قول الشاعرفلكون عطفها عليها مومها لعطفها على غريها ويسمى الفصل لذلك قطعا، م

بدال أراها في الضالل تهيم سلمى أنني أبغي بها وتظن

مل يعطف أراها على تظن لئال يتوهم السامع أنه معطوف على أبغي لقربه منه مع أنه ليس مبراد وحيتمل االستئناف، وقسم السكاكي القطع إىل قسمني أحدمها القطع لالحتياط وهو ما مل يكن ملانع من العطف

" اهللا يستهزئ م : " ما يف هذا البيت، والثاين القطع للوجوب وهو ما كان ملانع، ومثله بقوله تعاىلك

وكالمها ال يصح ملا مر، - إنا معكم -قال ألنه لو عطف لعطف إما على مجلة قالوا وإما على مجلة نظر جلواز أن يكون املقطوع وفيه" أال إم هم السفهاء : " وقوله" أال إم هم املفسدون : " وكذا قوله

Page 76: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 76

يف املواضع الثالثة معطوفا على اجلملة املصدرة بالظرف وهذا القسم مل يبني امتناعه وأما كوا مبرتلة املتصلة ا فلكوا جوابا عن سؤال اقتضته األوىل فترتل مرتلته فتفصل الثانية عنها كما يفصل اجلواب عن

مرتلة الواقع مث قال وترتيل السؤال بالفحوى مرتلة الواقع ال يصار إليه وقال السكاكي فيرتل ذلك . السؤالإال جلهات لطيفة أما لتنبيه السامع على موقعه أو إلغنائه أن يسأل أو لئال يسمع منه شيء، أو لئال ينقطع

ذلك كالمك بكالمه، أو للقصد إىل تكثري املعىن بتقليل اللفظ وهو تقدير السؤال وترك العاطف، أو لغريمما ينخرط يف هذا السلك ويسمى الفصل لذلك استئنافا، وكذا اجلملة الثانية أيضا تسمى استئنافا،

: واالستئناف ثالثة اضرب ألن السؤال الذي تضمنته اجلملة األوىل إما عن سبب احلكم فيها مطلقا كقوله

ويلزن طسهر دائم وح قال لي كيف أنت قلت عليل

: ال أو ما سب علتك، وكقولهأي ما بالك علي

ارضمعط حياتي لعز بعدما غ غرضت من الدنيا فهل زمني وقد

لي التجارب في ود امرئ غرضا تدهري وأهليه فما ترك جربت

أي مل تقول هذا وحيك، وما الذي اقتضاك أن تطوي احلياة إىل هذا احلد كشحك، وإما عن سبب خاص كأنه قيل هل النفس أمارة بالسوء فقيل إن " نفسي إن النفس ألمارة بالسوء وما أبرئ : " له كقوله تعاىل

النفس ألمارة بالسوء، وهذا الضرب يقتضي تأكيد احلكم، كما مر يف باب أحوال اإلسناد، وإما عن . كأنه قيل فماذا قال إبراهيم عليه السالم؟ فقيل قال سالم" قالوا سالما قال سالم : " غريمها كقوله تعاىل

: ومنه قول الشاعر

صدقوا ولكن غمرتي ال تنجلي رةالعواذل أنني في غم زعم

فإنه هلما أبدى الشكاية من مجاعات العذال كان ذلك مما حيرك السامع ليسأل أصدقوا يف ذلك أم كذبوا .فأخرج الكالم خمرجه إذا كان ذلك قد قيل له، ففصل

: ومثله قول جندب بن عمار

بجنوب خبت عريت وأجمت ناقة جندبالعواذل أن زعم

تج وذلقلن ل بالقادسية العواذل لو رأين مناخنا كذب

وقد زاد هنا أمر االستئناف تأكيدا بأن وضع الظاهر موضع املضمر من حيث وضعه ال حيتاج فيه إىل ما : ومن األمثلة قول الوليد. قبله وأتى به مأتى ما ليس قبله كالم

والمن بعد أح عفا اليعرفت المنزل الخ

الوبل هطال عسوف اننل حك عفاه

Page 77: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 77

فإنه ملا قال عفا وكان العفاء مما ال حيصل للمرتل بنفسه كان مظنة أن يسالب عن الفاعل ومثله قول أيب : الطيب

من حدا بهم وساقا عفاه وما عفت الرياح له محال

ة أن يسأل عن الفاعل، وأيضا من االستئناف ما يأيت فإنه ملا نفى الفعل املوجود عن الرياح كان مظنبإعادة اسم ما استؤنف عنه كقولك أحسنت إىل زيد زيد حقيق باإلحسان، ومنه ما يبىن على صفته

أحسنت إىل زيد صديقك القدمي أهل لذلك، وهذا أبلغ النطوائه على بيان السبب، وقد حيذف : كقولكفيمن قرأ يسبح مبنيا " يسبح له فيها بالغدو واآلصال رجال : " عاىلصدر االستئناف لقيام قرينة كقوله ت

للمفعول، وعليه حنو قوهلم تعلم الرجل أو رجال زيد وبئس الرجل أو رجال عمرو، على القول بأن املخصوص خرب مبتدأ حمذوف، أي هو زيد كأنه ملا قيل ذلك فأم الفاعل جبعله معهودا ذهنيا مظهرا أو

سئل عن تفسريه فقيل هو زيد مث حذف املبتدأ، وقد حيذف االستئناف كله ويقام ما يدل عليه مضمرا : مقامه كقول احلماسي

لهم إلف وليس لكم إالف أن إخوتكم قريش زعمتم

حذف اجلواب الذي هو كذبتم يف زعمكم وأقام قوله هلم إلف وليس لكم إالف مقامه لداللته عليه، له هلم إلف وليس لكم إالف جوابا لسؤال اقتضاه اجلواب احملذوف، كأنه ملا قال وجيوز أن يقدر قو

وقد حيذف . املتكلم كذبتم قالوا مل كذبنا؟ فقال هلم إلف وليس لكم إالف، فيكون يف البيت استئنافانا عليه، أي أيوب، أو هو لداللة ما قبل اآلية وما بعده" نعم العبد : " وال يقام شيء مقامه كقوله تعاىل

: أي حنن، وإن مل يكن بني اجلملتني شيء من األحوال األربع تعني الوصل" فنعم املاهدون : " وحنوه قوله

إما لدفع إام خالف املقصود كقول البلغاء ال وأيدك اهللا وهذا عكس الفصل للقطع، وإما للتوسط بني ا خربا أو إنشاء، لفظا ومعىن كقوله أن يتفق: حاليت كمال االنقطاع وكمال االتصال وهو ضربان أحدمها

خيرج احلي من امليت وخيرج امليت من : " وقوله" إن األبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم : " تعاىلوالثاين أن يتفقا " كلوا واشربوا وال تسرفوا : " وقوله تعاىل" خيادعون اهللا وهو خادعهم : " وقوله" احلي

وإذ أخذنا ميثاق بين إسرائيل ال تعبدون إال اهللا وبالوالدين إحسانا : " عاىلكذلك معىن ال لفظا كقوله ت ألنه مبعىن - ال تعبدون - على قوله - وقولوا -عطف قوله " وذوي القرىب واليتامى واملساكني وقولوا

-ا وإم- وحتسون مبعىن وأحسنوا - إما - فتقديره - وبالوالدين إحسانا - وأما قوله - ال تعبدوا -

وهذا أبلغ من صريح األمر والنهي ألنه كان سورع إىل االمتثال واالنتهاء فهو خيرب عنه، وأما -وأحسنوا

Page 78: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 78

فقال الزخمشري فيه فإن قلت عالم عطف هذا األمر ومل " وبشر الذين آمنوا : " قوله يف سورة البقرةمر حىت يطلب له مشاكل من يسبق أمر وال ي يصح عطفه عليه، قلت ليس الذي اعتمد بالعطف هو األ

أمر أو ي يعطف عليه إمنا املعتمد بالعطف هو مجلة وصف ثواب املؤمنني فهي معطوفة على مجلة وصف عقاب الكافرين، كما تقول زيد معاقب بالقيد واإلرهاق وبشر عمرا بالعفو واإلطالق، ولك أن تقول هو

ا عقوبة ما جنيتم، وبشر يا فالن بين أسد يا بين متيم احذرو: كما تقول- فاتقوا -معطوف على " وقال أيضا يف قوله تعاىل يف سورة الصف . بإحساين إليهم، هذا كالمه وفيه نظر ال خيفى على املتأمل

أنه معطوف على تؤمنون ألنه مبعىن آمنوا، وفيه أيضا نظر ألن املخاطبني يف تؤمنون هم " وبشر املؤمنني عليه السالم، مث قوله تؤمنون بيان ملا قبله على سبيل االستئناف فكيف يصح املؤمنني ويف بشر هو النيبوذهب السكاكي إىل أما معطوفان على قل مرادا قبل يا أيها الناس ويا أيها . عطف بشر املؤمنني عليه

كثرية الذين آمنوا ألن إرادة القول بواسطة انصباب الكالم إىل معناه غري عزيزة يف القرآن وذكر صورا وإذا أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور : " وقوله" وأنزلنا عليكم املن والسلوى كلوا : " منها قوله تعاىل

أي وقلنا أو قائلني واألقرب أن يكون األمر " وإذا جعلنا البيت مثابة لناس وأمنا واختذوا : " وقوله" خذوا يف اآلية األوىل فأنذر أو حنوه أي فأنذرهم وبشر يف اآليتني معطوفا على مقدر يدل عليه ما قبله وهو

الذين آمنوا ويف اآلية الثانية فأبشر أو حنوه، أي فابشر يا حممد وبشر املؤمنني، وهذا كما قدر الزخمشري معطوفا على حمذوف يدل عليه قوهلألرمجنك، أي فاحذرين واهجرين ألن " واهجرين مليا : " قوله تعاىل

وتقريع، واجلامع بني اجلملتني جيب أن يكون باعتبار املسند إليه يف هذه واملسند ديد- ألرمجنك -يشعر زيد ويكتب ويعطي ومينع، : غليه يف هذه، وباعتبار املسند يف هذه واملسند يف هذه مجيعا، كقولك

و وقولك زيد شاعر وعمروكاتب وزيد طويل وعمرو قصري إذا كان بينهما مناسبة كأن يكونا أخوين أنظريين خبالف قولنا زيد شاعر وعمرو كاتب إذا مل يكن بينهما مناسبة، وقولنا زيد شاعر وعمرو طويل

إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرم أم مل تنذرهم ال : " كان بينهما مناسبة أوال وعليه قوله تعاىلشأن القرآن وأما ما يشعر به قطع عما قبله ألنه كالم يف شأن الذين كفروا وما قبله كالم يف " يؤمنون

ظاهر كالم السكاكي يف موضع من كتابه أنه يكفي أن يكون اجلامع باعتبار املخرب عنه أو اخلرب أو قيد من قيودمها فإنه منقوض مبا مر، وبنحو قولك هزم األمري اجلند يوم اجلمعة، وخاط زيد ثويب فيه، ولعله

خامتي ضيق - على قوله - خفي ضيق -ف قول القائل سهو، فإنه صرح يف موضع آخر منه بامتناع عط مع احتادمها يف -

اخلرب، مث قال اجلامع بني الشيئني عقلي وومهي وخيايل، أما العقلي فهو أن يكون بينهما احتاد يف التصور ملعلول أو متاثل فإن العقل بتجريده املثلني عن التشخص يف اخلارج يرفع التعدد أو تضايف كما بني العلة وا

Page 79: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 79

والسبب واملسبب والسفل والعلو واألقل واألكثر، فإن الفعل يأىب أن ال جيتمعا يف الذهن، وأما الومهي فهو أن يكون بني تصوريهما شبه متاثل كلون بياض ولون صفرة، فإن الوهم يربزمها يف معرض املثلني

: ولذلك حسن اجلمع بني الثالثة اليت يف قوله

شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر اهتجهتشرق الدنيا بب ثالثة

أو تضاد كالسواد والبياض، واهلمس واجلهارة، والطيب والننت، واحلالوة واحلموضة، واملالسة واخلشونة، وكالتحرك والسكون، والقيام والقعود، والذهاب وايء، واإلقرار واإلنكار، واإلميان والكفر،

كالسماء واألرض، والسهل : ، واملؤمن والكافر، أو شبه تضادكاألسود واألبيض: وكاملتصفات بذلكواجلبل، واألول والثاين، فإن الوهم يرتل املتضادين والشبيهني ما مرتلة املتضايقني فيجمع بينهما يف الذهن، ولذلك جتد الضد أقرب خطورا بالبال مع الضد، واخليايل أن يكون بني تصوريهما تقارن يف

سبابه خمتلفة، ولذلك اختلفت الصور الثابتة يف اخلياالت ترتبا ووضوحا، فكم صور اخليال سابق، وأ .تتعانق يف خيال وهي يف آخر ال تتراءى، وكم صورة ال تكاد تلوح يف خيال وهي يف غريه نار على علم

كما حيكى أن صاحب سالح ملك وصائغ وصاحب بقر ومعلم صبية سافروا ذات يوم ووصلوا سري بسري الليل، فبينما هم يف وحشة الظالم ومقاساة خوف التخبط والضالل طلع عليهم البدر بنوره النهار

فأفاض كل منهم يف الثناء عليه وشبهه بأفضل ما يف خزانة صوره، فشبهه السالحي بالترس املذهب يرفع ألبيض خيرج من قالبه عند امللك، والصائغ بالسبيكة من اإلبريز تفتر عن وجهها البوتقة، والبقار باجلنب ا

.طريا واملعلم برغيف امحر يصل غليه من بيت ذوي مروءة

عيشي أضيق من حمربة، وجسمي أدق من مسطرة، وجاهي أرق من : وكما حيكى عن وراق يصف حالهالزجاج، وحظي أخفى من شق القلم، وبدين أضعف من قصبة، وطعامي أمر من العفص، وشرايب أشد

ء احلال يل ألزم من الصمغ، ولصاحب علم املعاين فضل احتياج إىل التنبه ألنواع سوادا من احلرب، وسواجلامع ال سيما اخليايل، فإن مجعه على جمرى اإللف والعادة حبسب ما تنعقد األسباب يف ذلك كاجلمع

اء أفال ينظرون إىل اإلبل كيف خلقت وإىل السم: " بني اإلبل والسماء واجلبال واألرض يف قوله تعاىلبالنسبة إىل أهل الوبر فإن جل " كيف رفعت وإىل اجلبال كيف نصبت وإىل األرض كيف سطحت

انتفاعهم يف معاشهم من اإلبل، فتكون عنايتهم مصروفة إليها وانتفاعهم منها ال حيصل إال بأن ترعى وحصن وتشرب، وذلك برتول املطر فيكثر تقلب وجوههم يف السماء، مث ال بد هلم من مأوى يؤويهم

يتحصنون به، وال شيء هلم يف ذلك كاجلبال، مث ال غىن هلم لتعثر طول مكثهم يف مرتل عن التنقل من أرض إىل سواها، فإذا فتش البدوي يف خياله وجد صور هذه األشياء حاضرة فيه على الترتيب املذكور،

Page 80: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 80

حمسنات الوصل تناسب خبالف احلضري فإذا تال قبل الوقوف ما ذكرنا ظن النسق جلهله معيبا ومن اجلملتني يف االمسية والفعلية ويف املضي واملضارعة إال ملانع، كما إذا أردي بإحدامها التجدد وباألخرى

.الثبوت كما إذا كان زيد وعمرو قاعدين مث قام زيد دون عمرو، وقلت قام زيد وعمرو قاعد، كما سبق

حاال منتقلة فإا جتيء تارة بالواو وتارة بغري الواو، ومما يتصل ذا الباب القول يف اجلملة إذا رفعتاألول أن إعراا ليس يتبع وما ليس إعرابه يتبع ال : فنقول أصل احلال املنتقلة أن تكون بغري واو لوجوه

الثاين أن احلال يف املعىن حكم . يدخله الواو وهذه الواو وإن كانت تسمى واو احلال فإن أصلها العطفال، كاخلرب بالنسبة إىل املبتدأ، إال أن الفرق بينه وبينها أن احلكم به حيصل باألصالة ال يف على ذي احل

ضمن شيء آخر، واحلكم ا إمنا حيصل يف ضمن غريها، فإن الركوب مثال يف قولنا جاء زيد راكبا الفه يف قولنا زيد حمكوم به على زيد، لكن ال باألصالة بل بالتبعية بأن وصل بايء وجعل قيدا له خب

الثالث أا يف احلقيقة وصف لذي احلال فال يدخلها الواو كالنعت، فثبت أن أصلها أن تكون . راكببغري واو لكن خولف األصل فيها إذا كانت مجلة ألا بالنظر إليها من حيث هي مجلة مستقلة باإلفادة

لضمري والواو صاحل للربط، واألصل الضمري فتحتاج إىل ما يربطها مبا جعلت حاال عنه، وكل واحد من ا .بدليل االقتصار عليه يف احلال املفردة واخلرب والنعت

أما . خالية عن ضمري ما تقع حاال عنه وغري خالية: اجلملة اليت تقع حاال ضربان: وإذا متهد هذا فنقوللة خالية عن ضمري ما جيوز األوىل فيجب أن تكون بالواو لئال تصري منقطعة عنه غري مرتبطة به، وكل مج

أن ينتصب عنه حال يصح أن تقع حاال عنه إذا كانت مع الواو إال املصدرة باملضارع املثبت كقولك جاء زيد ويتكلم عمرو، على أن يكون، ويتكلم عمرو حاال عن زيد ملا سيأيت أن ارتباط مثلها جيب أن يكون

ن بالواو وتارة ميتنع ذلك، وتارة يترجح أحدمها وتارة وأما الثانية فتارة جيب أن تكو. بالضمري وحده: يستوي األمران، والواو غري مناف للضمري يف إفادة الربط فتعني التنبيه على أسباب االختالف فنقول

" ونذرهم يف طغيام يعمهون : " اجلملة إن كانت فعلية والفعل املضارع مثبت امتنع الواو كقوله تعاىل

ألن أصل احلال املفردة " وسيجنبها األتقى الذي يؤيت ماله يتزكى : " وقوله" تستكثر وال متنن: " وقولهأن تدل على حصول صفة غري ثابتة مقارن ملا جعلت قيدا له واملضارع املثبت كذلك، أما داللته على

.حصول صفة غري ثابتة فعل مثبت والفعل املثبت يدل على التجدد وعدم الثبوت كما مر

لته على املقارنة فلكونه مضارعا فوجب أن يكون بالضمري وحده كاحلال املفردة، وهلذا امتنع وأما دالقمت، وأصك عينه أو : جاء زيد ويتكلم عمرو كما مر، وأما ما جاء من حنو قول بعض العرب: حنو

: وجهه، وقول عبد اهللا بن مهام السلويل

Page 81: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 81

نجوت وأرهنهم مالكا خشيت أظافيرهم فلما

وقال الشيخ . لى حذف املبتدأ أي وأنا أصك عينه وأنا أرهنهم، وقيل األول شاذ والثاين ضرورةفقيل ععبد القاهر ليست الواو فيهما للحال بل هي للعطف، وأصك وأرهن مبعىن سككت ورهنت، ولكن

الغرض من إخراجهما على لفظ احلال أن حيكيا احلال يف أحد اخلربين ويدعا اآلخر على أصله، كما يف

: قوله

فمضيت ثمت قلت ال يعنيني يأمر على اللئيم يسبن ولقد

ويبني ذلك أن الفاء قد جتيء مكان الواو يف مثله كما يف خرب عبد اهللا بن عتيق فإنه ذكر دخوله على أيب رافع اليهودي حصنه مث قال فانتهيت إليه فإذا هو يف بيت مظلم ال أدري أين هو من البيت، قلت أبا

قال من هذا؟ فأهويت حنو الصوت فأضربه بالسيف وأنا دهش، فإن قوله فأضربه مضارع، عطفه !رافعبالفاء على ماض ألنه يف املعىن ماض، وإن كان الفعل مضارعا منفيا فيجوز فيه األمران من غري ترجيح

يئه بالواو فكقراءة ابن لداللته على املقارنة لكونه مضارعا، وعدم داللته على احلصول لكونه منفيا، أما جمكنت وال أخشى بالذيب، وقول : فاستقيما وال تتبعان، بتخفيف النون، وقول بعض العرب: ذكوان

: مسكني الدرامي

ولقد كان وال يدعى ألب الورق البيض أبا أكسبته

: وقول مالك بن رفيع وكان قد جىن جناية فطلبه مصعب بن الزبري

يدأحيد عنهم ال أح ينفأ يهمصعب وبنو أب بغاني

وكنت وما ينهنهني الوعيد من دمي وتوعدوني أقادوا

: وقول عكرمة العبسي" وما لنا ال نؤمن باهللا : " وأما جميئه بغري واو فكقوله تعاىل

من الدهر أسباب جرين على قدر ممضوا ال يريدون الرواح وغاله

: وقول خالد بن يزيد بن معاوية

دخلوا السماء دخلتها ال أحجب يلةباع ق الرتفأن قوما لو

: وقول األعشى

يمعوكنا قبل ذلك في ن انتأصبهان فهزل أتينا

مسيري ال أسير إلى حميم الوكان سفاهة مني وجه

Page 82: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 82

وكان سفاهة مين وجهال أن سرت غري سائر إىل محيم، وإن كان ماضيا لفظا أو معىن، : كأنه قالأىن يكون يل غالم وقد بلغين الكرب : " جيوز األمران من غري ترجيح، أما جميئه بالواو فكقوله تعاىلفكذلك

: وقول امرئ القيس" أىن يكون يل غالم وكانت امرأيت عاقرا : " وقوله تعاىل"

كما شعف المهنوءة الرجل الطالي اؤادهت ففعأيقتلني وقد ش

: وقوله

لدى الستر إال لبسة المتفضل ايابهوقد نضت لنوم ث فجئت

": أىن يكون يل غالم ومل ميسسين بشر : " وقوله" أو قال أوحي إيل ومل يوح إليه شيء : " وقوله تعاىل

: وقول كعب

أذنب وإن كثرت في األقاويل متأخذني بأقوال الوشاة ول ال

".لذين خلوا من قبلكم أم حسبتم أن تدخلوا اجلنة وملا يأتكم مثل ا: " وقوله تعاىل

: وقول الشاعر

منها بوصل وال إنجاز ميعاد قطام ولما يحظ ذو مقة بانت

".أو جاءوكم حصرت صدورهم : " وأما جميئه بال واو فكقوله تعاىل

: وقول الشاعر

كما انتفض العصفور بلله القطر زةراك هذكوإني لتعروني ل

: وقوله

فنلتم بنا أمنا ولم تعدموا نصرا دامن قد عمكم حذر الع أتينا

: وقوله

يلقد مزقت عنه السراب والليل متى أرى الصبح قد الحت مخايله

ورد اهللا الذين كفروا بغيظهم : " وقوله" فانقلبوا بنعمة من اهللا وفضل مل ميسسهم سوء : " وكقوله تعاىل ".مل ينالوا خريا

: وقول امرئ القيس

لم يثن شأوهفأدرك لم يجهد و

: وقول زهري

مبه حب الفنا لم يحط نزلن كأن فتات العهن في كل منزل

Page 83: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 83

والسبب يف أن جاز األمران فيه إذا كان مثبتا داللته على حصول صفة غري ثابتة لكونه فعال، وعدم داللته إىل احلال فيصبح على املقارنة لكونه ماضيا، وهلذا اشترط أن يكون مع قد ظاهرة أو مقدرة حىت تقربه

. وقوعه حاال، وظاهر هذا يقتضي وجوب الواو يف املنفي النتفاء املعنيني، لكنه مل جيب فيه بل كان مثله

أما املنفي بلما فألا لالستغراق، وأما املنفي بغريها فألنه ملا دل على انتفاء متقدم وكان األصل استمرار خبالف املثبت، فإن وضع الفعل على إفادة التجدد وحتقيق ذلك حصلت الداللة على املقارنة عند إطالقه

هذا أن استمرار العدم ال يفتقر إىل سبب خبالف استمرار الوجود كما بني يف غري هذا العلم وإن كانت اجلملة امسية فاملشهور أنه جيوز فيها األمران، وجميء الواو أوىل، أما األول فالعكس ما ذكرناه يف املصدرة

وال : " وقوله" فال جتعلوا هللا أندادا وأنت تعلمون : " ملثبت، فمجيء الواو كقوله تعاىلباملاضي ا : وقول امرئ القيس" تباشروهن وأنتم عاكفون يف املساجد

ومسنونة زرق كأنياب أغوال والمشرفي مضاجعي أيقتلني

: وقوله

وأعين من أهوى إلى رواني هليالي يدعوني الهوى وأجيب

كلمته فوه إىل يف ورجع عوده على بدئه بالرفع وما أنشده أبو علي يف : و منها كما رواه سيبويهواخلل : اإلغفال

جعفر سرباله لم يمزق إلى ولوال جنان الليل ما آب عامر

: وقول اآلخر

ما بال عينك دمعها ال يرقأ

: وقول اآلخر

ثم راحوا عبق المسك بهم

المسية على عدم الثبوت مع ظهور االستئناف فيها الستقالهلا بالفائدة فتحسن وأما الثاين فلعدم داللة ا: وقال الشيخ عبد القاهر إن كان املبتدأ ضمري ذي احلال وجب الواو، كقولك. زيادة رابط ليتأكد الربط

جاء زيد وهو يسرع أو وهو مسرع ولعل السبب فيه أن أصل الفائدة كان حيصل بدون هذا الضمري بأن ل جاءين زيد يسرع أو مسرعا فاإلتيان به يشعر بقصد االستئناف املنايف لالتصال فال يصلح ألن يقا

على كتفه سيف، بتقدمي الظرف حاال عن : وقال أيضا إن جعل حنو. يستقل بإفادة الربط، فتجب الواو :جاء زيد على كتفه سيف، كثر فيها أن جتيء بغري واو كقول بشار: شيء، كما يف قولنا

خرجت مع البازي علي سواد اهأنكرتني بلدة أو نكرت إذا

Page 84: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 84

.يعين على بقية الليل

: وقول أيب الصلت عبد اهللا الثقفي ميدح ابن ذي يزن

وفي رأس غمدان دارا منك محالال اقهنيئا عليك التاج مرتف فاشرب

: وقول اآلخر

قضيبتقوم عليها في يديك صبرت للذل أعواد منبر لقد

مث قال والوجه أن يقدر االسم يف األمثلة مرتفعا بالظرف، فإنه جائز باتفاق من صاحب الكتاب وأيب احلسن العتماده على ما قبله، مث اختار أن يكون الظرف هاهنا خاصة يف تقدير اسم فاعل وجوز أيضا أن

لعله إمنا اختار تقديره باسم يكون يف تقدير فعل ماض مع قد، ومنع أن يكون يف تقدير فعل مضارع، وفاعل لرجوع احلال حينئذ إىل أصلها يف اإلفراد، وهلذا كثر جميئها قليال، وإمنا منع التقدير بفعل مضارع ألنه لو جاز التقدير له المتنع جميئها بالواو مث قال ورمبا حيسن جميء االمسية بال واو لدخول حرف على

: املبتدأ كما يف قوله

واردحوالي األسود الح بنى ن تبصريني كأنمافقلت عسى أ

فإنه لوال دخول كأن عليه مل حيسن الكالم إال بالواو كقولك عسى أن تبصريين وبىن حوايل األسود مث : قال وشبيه ذا أن تقع حاال بعقب مفرد فيلطف مكاا خبالف ما لوا أفردت كقول ابن الرومي

بجيل وتعظيمبرداك ت ايبقيك لنا سالم واهللا

فإنه لو قال واهللا يبقي كلنا برداك تبجيل مل حيسن هذا كله إذا مل يكن صاحبها نكرة مقدمة عليها، فإن : " وأما حنو قوله تعاىل. كان كذلك حنو جاءين رجل وعلى كتفه سيف وجب الواو لئال تشتبه بالنعت

وهلا كتاب معلوم : " جه فيه عندي هو أنفقال السكاكي الو" وما أهلكنا من قرية إال وهلا كتاب معلوم من القرى ال وصف، ومحله على " وما أهلكنا قرية " حال للقرية لكوا يف حكم املوصوفة نازلة مرتلة "

الوصف سهو ال خطأ وال عيب يف السهو لإلنسان وال ذام والسهو ما يتنبه له صاحبه بأوىف تنبيه واخلطأ ولكن بعد إتعاب وكأنه عرض بالزخمشري حيث قال يف تفسريه هلا كتاب ما ال يتنبه له صاحبه أو يتنبه

وما أهلكنا من قرية إال هلا : " مجلة واقعة صفة لقرية والقياس أن ال يتوسط الواو بينهما كما يف قوله تعاىلجاءين زيد عليه ثوب : وإمنا توسطت لتأكيد لصوق الصفة باملوصوف كما يقال يف احلال" منذرون من عرف السبب يف تقدمي احلال إذا أريد إيقاعها عن النكرة : زيد وعليه ثوب، مث قال السكاكيوجاءين

تنبه جلواز إيقاعها عن النكرة مع الواو يف مثل جاءين رجل وعلى كتفه سيف، وملزيد جوازه يف قوله عز كاكي بىن كالمه يف على ما تقدمت، واعلم أن الس" وما أهلكنا من قرية إال وهلا كتاب معلوم : " امسه

Page 85: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 85

اجلملة الواقعة حاال على أصول مضطربة ال خيفى حاهلا على الفطن ال سيما إذا أحاط علما مبا ذكرناه .وأتقنه فآثرنا اإلعراض عن نقل كالمه والتعرض ملا فيه من اخللل لئال يطول الكتاب من غري طائل

القول في اإليجاز واإلطناب والمساواة

إلجياز واإلطناب فلكوما نسبيني ال يتيسر الكالم فيهما إال بترك التحقيق والبناء على قال السكاكي أما اشيء عريف مثل جعل كالم األوساط على جمرى معارفهم يف التأدية للمعاين فيما بينهم، وال بد من

يذم االعتراف بذلك مقيسا عليه ولنسمه متعارف األوساط وأنه يف باب البالغة ال حيمد منهم وال فاإلجياز هو أداء املقصود من الكالم بأقل من عبارات متعارف األوساط، واإلطناب هو أداؤه بأكثر من

مث قال االختصار لكونه من . عباراته سواء كانت القلة أو الكثرة راجعة إىل اجلمل أو إىل غري اجلملخليقا بأبسط مما ذكر أخرى وفيه األمور النسبية يرجع يف بيان دعواه إىل ما سبق تارة وإىل كون املقام

نظر ألن كون الشيء نسبيا ال يقتضي أن ال يتيسر الكالم فيه إال بترك التحقيق والبناء على شيء عريف مث البناء على متعارف األوساط والبسط الذي يكون املقصود جديرا به رد إىل جهالة فكيف يصلح

عبري عن املعىن هو تأدية أصل املراد بلفظ مساو له أو للتعريف، واألقرب أن يقال املقبول من طرق التناقص عنه، واف أو زائد عليه لفائدة، واملراد باملساواة أن يكون اللفظ مبقدار أصل املراد ال ناقصا عنه

حبذف أو غريه كما سيأيت وال زائدا عليه بنحو تكرير أو تتميم أو اعتراض كما سيأيت، وقولنا واف : ل، وهو أن يكون اللفظ قاصرا عن أداء املعىن كقول عروة بن الورداحتراز عن اإلخال

ومقتلهم عند الوغى كان أعذرا ملهم إذ يقتلون نفوسه عجبت

.إذ يقتلون نفوسهم يف السلم: فإنه أراد

: وقول احلارث بن حلزة

ل النوك ممن عاش كدا الخير في ظ والعيش

ل النوك خري من العيش الشاق يف ظالل العقل فأخل كما ترى، وقولنا فإنه أراد العيش الناعم يف ظال : لفائدة احتراز من شيئني أحدمها التطويل وهو أن ال يتعني الزائد يف الكالم كقوله

وألفى قولها كذبا ومينا

:فإن الكذب واملني واحد، وثانيهما ما يشتمل على احلشو، واحلشو ما يتعني أنه الزائد وهو ضربان

: أحدمها ما يفسد املعىن كقول أيب الطيب

الفتى لوال لقاء شعوب وصبر وال فضل فيها للشجاعة والندى

Page 86: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 86

فإن لفظ الندى فيه حشو يفسد املعىن ألن املعىن أنه ال فضل يف الدنيا للشجاعة والصرب والندى لوال املوت لد يف الدنيا مل خيش اهلالك يف وهذا احلكم صحيح يف الشجاعة دون الندى ألن الشجاع لو علم أنه خي

إذا : اإلقدام فلم يكن لشجاعته فضل، خبالف الباذل ماله فإنه إذا علم أن ميوت هان عليه بذله وهلذا يقول .عوتب فيه كيف ال أبذل ماال أبقى له إين أثق بالتمتع ذا املال

: وعليه قوله طرفة

لكت يديفذرني أبادرها بما م كنت ال تسطيع دفع منيتي فإن

: وقول مهيار

الزاد يبقى وال اآلكل فال فكل إن أكلت وأطعم أخاك

فلو علم أنه خيلد مث جاد مباله كان جوده أفضل، فالشجاعة لوال املوت مل حتمد والندى بالضد، وأجيب : عنه بأن املراد يف البيت بذل النفس ال بذل املال كمال قال مسلم بن الوليد

والجود بالنفس أقصى غاية الجود ا الجواد بهبالنفس إن ضن يجود

ورد بأن لفظ الندى ال يكاد يستعمل يف بذل النفس وإن استعمل فعلى وجه اإلضافة، فأما مطلقا فال : والثاين ما ال يفسد املعىن كقوله. يفيد إال بذل املال

صداع الرأس والوصب يأخي فعاودن ذكرت

.ائدة فيه ألن الصداع ال يستعمل إال يف الرأس وليس مبفسد للمعىنفإن لفظ الرأس فيه حشو ال ف

: وقول زهري

ولكنني عن علم ما في غذ عم هعلم اليوم واألمس قبل وأعلم

.فإن قوله قبله مستغىن عنه غري مفسد

: وقول أيب عدي

اباألذنوام كألقالمجد ل في نحن الرؤوس وما الرؤوس إذا سمت

قوام حشو ال فائدة فيه مع أنه غري مفسد، واعلم أنه قد تشتبه احلال على الناظر لعدم حتصيل فإن قوله لأل : معىن الكالم وحقيقته فيعد من الزائد على اصل املراد ما ليس منه كما مثله بعض الناس بقول القائل

حومسح باألركان من هو ماس اجةقضينا من منى كل ح ولما

ينظر الغادي الذي هو رائح ولم رحالناوشدت على دهم المهارى

بأعناق المطي األباطح وسالت انبأطراف األحاديث بين أخذنا

Page 87: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 87

يبني أنه ليس منه ما ذكره الشيخ عبد القاهر يف شرحه، قال أول ما يتلقاك من حماسن هذا الشعر أنه قال ننها بطريق العموم الذي هو أحد وملا قضينا من مىن كل حاجة، فعرب عن قضاء مجيع املناسك فرائضها وس

طرق االختصار مث نبه بقوله ومسح األركان من هو ماسح على طواف الوداع الذي هو آخر األمر، وشدت البيت فوصل بذكر مسح األركان ما وليه من : ودليل املسري الذي هو مقصوده من الشعر، مث قال

فة ختتص هلا الرفاق يف السفر من التصرف زم الركاب وركوب الركبان، مث ذل بلفظ األطراف على الصيف فنون القول وشجون احلديث أو ما هو عادة املتطرفني من اإلشارة والتلويح والرمز واإلمياء، وأنبا

بذلك عن طيب النفوس وقوة النشاط وفصل االغتباط كما توجبه ألفة األصحاب وأنسة األحباب ويليق رجا حسن اإلياب وتنسم روائح األحبة واألوطان واستماع التهاين حبال من وفق لقضاء العبادة الشريفة و

وسالت بأعناق املطي األباطح : والتحايا من اخلالن واإلخوان، مث زان ذلك كله باستعارة لطيفة حيث قالفنبه بذلك على سرعة السري ووطاءة الظهر، ويف ذلك ما يؤكد ما قبله ألن الظهور إذا كانت وطيئة

ال سريعا زاد ذلك فنشاط الركبان فيزداد احلديث طيبا، مث قال بأعناق املطي ومل يقل وكان سريها سهباملطي ألن السرعة والبطء يف سري اإلبل يظهران غالبا يف أعناقها ويتبني أمرها من هواديها وصدورها

.وسائر أجزائها تستند إليها يف احلركة وتتبعها يف الثقل واخلفة

القسم األول

واةالمسا

وإذا رأيت الذين خيوضون يف آياتنا فأعرض " وقوله " وال حييق املكر السيئ إال بأهله : " كقوله تعاىل : وقول النابغة الذبياين" عنهم حىت خيوضوا يف حديث غريه

عك واسنوإن خلت المنتأى ع فإنك مدرك كالليل الذي هو مدركي

القسم الثاني

اإليجاز

فإنه ال " ولكم يف القصاص حياة " وهو ما ليس حبذف كقوله تعاىل : إجياز القصر: اوهو ضربان، أحدمهحذف فيه مع أن معناه كثري يزيد على لفظه ألن املراد به أن اإلنسان إذا علم أنه مىت قتل قتل كان ذلك

س لبعضهم داعيا له قويا إىل أن ال يقدم على القتل فارتفع بالقتل الذي هو قصاص كثري من قتل النا

Page 88: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 88

لبعض، فكان يف ارتفاع القتل حياة هلم وفضله على ما كان عندهم أوجز كالم يف هذا املعىن وهو قوهلم أحدها أن عدة حروف ما يناظره منه وهو يف القصاص حياة عشرة يف : القتل أنفى للقتل من وجوه

هو احلياة بالنص عليها التلفظ وعدة حروفه أربعة عشر، وثانيها ما فيه من التصريح باملطلوب الذي ما يفيد تنكري حياة من التعظيم أو : فيكون أزجر عن القتل بغري حق لكونه أدعى إىل االقتصاص، وثالثها

اطراده، خبالف قوهلم فإن القتل الذي ينفي القتل هو ما كان على وجه : النوعية كما سبق، ورابعها: و من عيوب الكالم خبالف قوهلم، وسادسهاسالمته من التكرار الذي ه: القصاص ال غريه، وخامسها

أن القصاص : استغناؤه عن تقدير حمذوف خبالف قوهلم فإن تقديره القتل أنفى للقتل من تركه، وسابعهاجعل القصاص كاملنبع واملعدن للحياة بإدخال يف : ضد احلياة فاجلمع بينهما طباق كما سيأيت، وثامنها

أي هدى للضالني الصائرين إىل اهلدى بعد الضالل " هدى للمتقني " عليه على ما تقدم؛ ومنه قوله تعاىل" وحسنه التوصل إىل تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه وإىل تصدير السورة بذكر أولياء اهللا تعاىل؛ وقوله

، وكذا قوله أي مبا ال ثبوت له وال علم اهللا متعلق بثبوته نفيا للملزوم بنفي الالزم" أتنبئون اهللا مبا ال يعلم : أي ال شفاعة وال طاعة على أسلوب قوله" ما للظاملني من محيم وال شفيع يطاع : " تعاىل

على الحب ال يهتدي بمساره

: أي ال منار وال اهتداء وقوله

وال ترى الضب بها ينحجر

" ه الصالة والسالم أي ال ضب وال احنجار، ومن أمثلة اإلجياز أيضا قوله تعاىل فيما خياطب به النيب علي

فإنه مجع فيه مكارم األخالق ألن قوله خذ العفو أمر " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن اجلاهلني : بإصالح قوة الشهوة فإن العفو ضد اجلهل، قال الشاعر

خذي العفو مني تستديمي مودتي

غضب أي أعرض عن أي خذ ما تيسر أخذه وتسهل وقوله وأعرض عن اجلاهلني أمر بإصالح قوة الالسفهاء واحلم عنهم وال تكافئهم على أفعاهلم هذا ما يرجع إليه منها وأما ما يرجع إىل أمته فدل عليه

بقوله وأمر بالعرف أي باملعروف واجلميل من األفعال وهلذا قال جعفر الصادق رضي اهللا عنه فيما روي وليس يف القرآن آية أمجع هلا من هذه اآلية ومنها أمر اهللا نبيه صلى اهللا عليه وسلم مبكارم األخالق: عنه

: قول الشريف الرضي

أيدي الطعان إلى القلوب تخفق مالوا إلى شعب الرحال وأسندوا

Page 89: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 89

فإنه ملا أراد أن يصف هؤالء القوم بالشجاعة يف أثناء وصفهم بالغرام عن ذلك بقوله أيدي الطعان ومنه به إىل بعض العمال حيث أمره أن خيتصر كتابه ما أمكن كتايب عمرو بن مسعدة عن املأمون لرجل يغىن

.إليك واثق ممن كتب إليه معىن مبن كتب له ولن يضيع بني الثقة والعناية حامله

الضرب الثاني

إيجاز الحذف

" وهو ما يكون حبذف واحملذوف إما جزء مجلة أو مجلة أو أكثر من مجلة واألول إما مضاف كقوله تعاىل

أي تناوهلا ألن احلكم الشرعي إمنا يتعلق " حرمت عليكم امليتة " أي أهلها، وكقوله تعاىل " القرية وأسال أي تناول طيبات أحل هلم تناوهلا، " حرمنا عليهم طيبات أحلت هلم : " باألفعال دون األجرام وقوله

: لة ما حرمت عليهم وقولهوتقدير التناول أوىل من تقدير اآلكل ليدخل فيه شرب ألبان اإلبل فإا من مج

أي منافع ظهورها، وتقدير املنافع أوىل من تقدير الركوب ألم حرموا " وأنعام حرمت ظهروها " أي عذاب " خيافون رم : " أي رمحة اهللا وقوله" ملن كان يرجو اهللا : " ركوا وحتميلها، وكقوله تعاىل

: معاملتها موصوف كقوله" ته وخيافون عذابه يرجون رمح: " رم، وقد ظهر هذا املضافان يف قوله

أنا ابن جال وطالع الثنايا

أي كل سفينة " وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا " أي أنا ابن رجل جال، وإما صفة حنو صحيحة أو صاحلة، أو حنو ذلك بدليل ما قبله وقد جاء ذلك مذكورا يف بعض القراءات، قال سعيد بن

وإما " وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صاحلة غصبا " ابن عباس رضي اهللا عنهما يقرأ جبري كانوإذا : " أحدمها أن حيذف رد االختصار كقوله تعاىل: شرط كما سبق، وإما جواب شرط وهو ضربان

نوا عنها إال كا" أي أعرضوا بدليل قوله بعده " قيل هلم اتقوا ما بني أيديكم وما خلفكم لعلكم ترمحون أي " ولو أن قرآنا سريت به اجلبال أو قطعت به األرض أو كلم به املوتى : " وكقوله تعاىل". معرضني

قل أرأيتم إن كان من عند اهللا وكفرمت به وشهد شاهد من بين إسرائيل : " لكان هذا القرآن وكقوله تعاىل ".إن اهللا ال يهدي القوم الظاملني " ده أي ألستم ظاملني، بدليل قوله بع" على مثله، فآمن واستكربمت

والثاين أن حيذف لداللة على أنه شيء ال حييط به الوصف، أو لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن فال يتصور مطلوبا أو مكروها إال جيوز أن يكون األمر أعظم منه، ولو عني شيء اقتصر عليه ورمبا خف أمره

م إىل اجلنة زمرا حىت إذا جاؤوها وفتحت أبواا وقال هلم خزنتها وسيق الذين اتقوا ر" عنده كقوله

Page 90: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 90

ولو ترى إذ وقفوا " " ولو ترى إذ وقفوا على النار : " وكقوله" سالم عليكم طبتم فادخلوها خالدين ".ولو ترى إذ ارمون ناكسوا رؤوسهم عند رم " " على رم

الصلة من قوهلم جاء بعد اليت واليت أي املشار إليه ما وهي وقال السكاكي رمحه اهللا وهلذا املعىن حذفت احملنة والشدائد قد بلغت شدا وفظاعة شأا مبلغا يبهت الواصف معه حىت ال حيري ببنت شفة، وإما غري

أي ومن أنفق من بعده وقاتل بدليل " ال يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل " ذلك كقوله تعاىل يا رب إين : ألن أصله" رب إين وهن العظم مين واشتعل الرأس شيبا " ومن هذا الضرب قوله ما بعده

وعده السكاكي من القسم الثاين من اإلجياز على ما فسره ذاهبا إىل . وهن العظم مين واشتعل الرأس شيباكر أن فيه لطائف أنه وإن اشتمل على بسط فإن انقراض الشباب وإملام املشيب جديران بأبسط منه، مث ذ

يا ريب قد شخت، فإن : يتوقف بياا على النظر يف أصل املعىن ومرتبته األوىل مث أفاد أن مرتبته األوىلالشيخوخة مشتملة على ضعف البدن وشيب الرأس، مث تركت هذه املرتبة لتوخي مزيد التقرير إىل

ىل الكناية بوهنت عظام بدين، ملا ضعف بدين وشاب رأسي، مث ترك التصريح بضعف بدين إ: تفصيلها يف: سيأيت أن الكناية ابلغ من التصريح مث لقصد مرتبة رابعة أبلغ من التقرير بنيت الكناية على املبدأ فحصل

إين وهنت عظام بدين، : أنا وهنت عظام بدين، مث لقصد مرتبة خامسة ابلغ أدخلت إن على املبتدأ فحصل: قصد مرتبة سادسة وهي سلوك طريقي اإلمجال والتفصيل، فحصلمث لطلب تقرير أن الواهن عظام بدنه

إين وهنت العظام من بدين، مث لطلب مزيد اختصاص العظام به قصد مرتبة سابعة وهي ترك توسيط البدن إين وهنت العظام مين، مث لطلب مشول الوهن العظام فردا فردا قصدت مرتبة ثامنة وهي ترك : فحصل

.صحة حصول وهن اموع بوهن البعض دون كل فرد فحصل ما ترىاجلمع إىل اإلفراد ل

وهكذا تركت احلقيقة يف شاب رأسي إىل االستعارة يف اشتعل شيب رأسي ملا سيأيت أن االستعارة ابلغ . من احلقيقة مث تركت هذه املرتبة إىل حتويل اإلسناد إىل الرأس وتفسريه بشيبا ألا أبلغ من جهات

االشتعال إىل الرأس إلفادة مشول الشيب الرأس إذ وزان اشتعل شيب رأسي واشتعل رأسي إحداها إسنادشيبا وزان اشتعل النار يف بييت واشتعل بييت نارا، والفرق بني، وثانيتها اإلمجال والتفصيل يف طريق التمييز،

لتقرير إىل اشتعل الرأس مين شيبا وثالثها تنكري شيبا إلفادة املبالغة مث ترك اشتعل رأسي شيبا لتوخي مزيد اعلى حنو وهن العظم مين مث ترك لفظ مين لقرينة عطف اشتعل الرأس على وهن العظم مين ملزيد التقرير

وهو إيهام حوالة تأدية مفهومه على العقل دون اللفظ، مث قال عقيب هذا الكالم واعلم أن الذي فتق لوب هو أن مقدمة هاتني اجلملتني وهي رب اختصرت ذلك أكمام هذه اجلهات عن أزاهري القبول يف الق

االختصار بأن حذفت كلمة النداء وهي يا وحذفت كلمة املضاف إليه وهي ياء املتكلم واقتصر من

Page 91: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 91

جمموع الكلمات على كلمة واحدة فحسب وهي املنادى واملقدمة للكالم كما ال خيفى على من له قدم ساس للبناء فكما أن البناء احلاذق ال يرى األساس إال بقدر ما يقدر صدق يف ج البالغة نازلة مرتلة األ

من البناء عليه كذا البليغ يصنع مببدأ كالمه، فمىت رأيته قد اختصر املبدأ فقد آذنك باختصار ما يورد .انتهى كالمه

ر، ألنا ال وعليك أن تنتبه لشيء وهو أن ما جعله سببا للعدول عن لفظ العظام إىل لفظ العظم فيه نظنسلم صحة حصول وهن اموع بوهن البعض دون كل فرد فللوجه يف ذكر العظم دون أسر ما تركب

إمنا ذكر العظم ألنه عمود البدن وبه قوامه وهو أصل بنائه : منه البدن وتوحيده ما ذكره الزخمشري قال ما وراءه أوهن ووحده ألن وإذا وهن تداعى وتساقطت قوته، وألنه اشد ما فيه وأصلبه، فإذا وهن كان

الواحد هو الدال على معىن اجلنسية، وقصده إىل أن هذا اجلنس الذي هو العمود والقوام وأشد ما تركب منه اجلسد قد أصابه الوهن، ولو كان مجع لكان قصد إىل معىن آخر وهو أنه مل يهن بعض عظامه ولكن

.كلها

لته حىت ال يبقى من السواد شيء أو ال يبقى منه إال ما ال واعلم أن املراد بشمول الشيب الرأس أن يعم مجأي " ليحق احلق ويبطل الباطل : " يعتد به، والثاين أعين ما يكون مجلة إما مسبب ذكر سببه كقوله تعاىل

ليدخل " أي اخترناك وقوله " وما كنت جبانب الطور إذ نادينا ولكن رمحة من ربك " فعل ما فعل وقوله : أي كان الكف ومنع التعذيب ومنه قول أيب الطيب" ته من يشاء اهللا يف رمح

فسرهم وأتيناه على الهرم أتى الزمان بنوه في شبيبته

فتوبوا إىل بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خري لكم عند بارئكم فتاب " أي فساءنا أو بالعكس كقوله تعاىل أي فضربه ا " رب بعصاك احلجر فانفجرت فقلنا اض" أي فامتثلتم فتاب عليكم، وقوله " عليكم

على " فنعم املاهدون " فانفجرت، وجيوز أن يقدر فإن ضربت ا قد انفجرت أو غري ذلك كقوله تعاىل .ما مر

أي فاضربوه ببعضها فحيي فقلنا " فقلنا اضربوه ببعضها كذلك حيي اهللا املوتى " والثالث كقوله تعاىل أي فأرسلوين إىل يوسف ال ستعربه " أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون، يوف " قوله كذلك حييي اهللا ملوتى، و

فقلنا اذهبا إىل القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم : " الرؤيا فأرسلوه إليه فأتاه وقال له يا يوسف وقولهإنا رسول رب فأتيا فرعون فقوال " أي فأتياهم فأبلغاهم الرسالة فكذبومها فدمرناهم وقوله " تدمريا

" أي فأتياه فأبلغاه ذلك مث يقدر فماذا قال فيقع قوله " العاملني، أن أرسل معنا بين إسرائيل، قال أمل نربك

Page 92: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 92

اذهب بكتايب هذا فألقه إليهم مث تول عنهم فانظر ماذا يرجعون، " استئنافا، وحنوه قوله " قال أمل نربك اب فقرأته مث كأن سائال سال قال فماذا قالت فقيل قالت أي ففعل ذلك فأخذت الكت" قالت يا أيها املأل

فقال الزخمشري يف تفسريه " ولقد آتينا داود وسليمان علما وقاال احلمد هللا " يا أيها املأل، وأما قوله تعاىل هذا موضع الفاء كما يقال أعطيته فشكر ومنعته فصرب، وعطفه بالواو إشعارا بأن ما قااله بعض ما

وقال . ا العلم، كأنه قال فعمال به وعلماه وعرفا حق النعمة فيه والفضيلة، وقاال احلمد هللاأحدث فيهمالسكاكي حيتمل عندي أنه تعاىل أخرب عما صنع ما وعما قاال كأنه قال حنن فعلنا إيتاء العلم ومها فعال

.قم فإنه يدعوك: لقم يدعوك بد: احلمد من غري بيان ترتبه عليه، اعتمادا على فهم السامع كقولك

أحدمها أن ال يقام شيء مقام احملذوف كما سبق، والثاين أن يقام مقامه : واعلم أن احلذف على وجهنيليس البالغ هو اجلواب لتقدمه " فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به عليكم " ما يدل عليه كقوله تعاىل

أبلغتكم، أو فال عذر لكم عند ربكم ألين قد على توليهم، والتقدير فإن تولوا فال لوم علي ألين قدأي فال حتزن واصرب فإنه قد كذبت رسل من " وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك " أبلغتكم وقوله وأدلة احلذف . أي فيصيبهم مثل ما أصاب األولني" وإن يعودوا فقد مضت سنة األولني " قبلك، وقوله

حرمت " املقصود األظهر على تعيني احملذوف كقوله تعاىل كثرية منها أن يدل العقل على احلذف واآلية فإن العقل يدل على " حرمت عليكم أمهاتكم " اآلية وقوله " عليكم امليتة والدم وحلم اخلرتير

احلذف ملا مر واملقصود األظهر يرشد إىل أن التقدير حرم عليكم تناول امليتة وحرم عليكم نكاح أمهاتكم ر من هذه األشياء تناوهلا ومن النساء نكاحهن، ومنها أن يدل العقل على احلذف ألن الغرض األظه

هل ينظرون إال أن يأتيهم اهللا يف " أي أمر ربك أو عذابه أو بأسه، وقوله " وجاء ربك " والتعيني كقوله كقوله أي عذاب اهللا أو أمره، ومنها أن يدل العقل على احلذف والعادة على التعيني" ظلل من الغمام

دل العقل على احلذف فيه ألن اإلنسان إمنا يالم " فذلكن الذي ملتنين فيه " تعاىل حكاية عن امرأة العزيز : " وان يكون يف مراودته لقوله" قد شغفها حبا " على كسبه فيحتمل أن يكون التقدير يف حبه لقوله

عادة دلت على تعيني املراودة ألن احلب وأن يكون يف شأنه وأمره فيشملهما، وال" تراود فتاها عن نفسه املفرط ال يالم اإلنسان عليه يف العادة لقهره صاحبه وغلبته إياه وإمنا سالم على املراودة الداخلة حتت

لو نعلم " كسبه اليت يقدر أن يدفعها عن نفسه، ومنها أن تدل العادة على احلذف والتعيني كقوله تعاىل كانوا اخرب الناس باحلرب فكيف يقولون بأم ال يعرفوا فال بد من حذف، مع أم " قتاال لتبعناكم

قدره جماهد رمحه اهللا مكان قتال، أي أنكم تقاتلون يف موضع ال يصلح للقتال وخيشى عليكم منه ويدل ومنها عليه أم أشاروا على رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أن ال خيرج من املدينة وأن احلزم البقاء فيها،

كما إذا قلت عند الشروع يف القراءة بسم اهللا " بسم اهللا الرمحن الرحيم " الشروع يف الفعل كقول املؤمن

Page 93: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 93

فإنه يفيد أن املراد بسم اهللا أقرأ وكذا عند الشروع يف القيام والقعود أو أي فعل كان فإن احملذوف يقدر بالرفاء : إنه يفيد تقديره كقولك ملن أعرسما جعلت التسمية مبدأ له، ومنها اقتران الكالم بالفعل ف

.والبنني، فإنه يفيد بالرفاء والبنني أعرست

القسم الثالث

اإلطناب

وهو إما باإليضاح بعد اإليهام لريى املعىن يف صورتني خمتلفتني أو ليتمكن يف النفس فضل متكن، فإن مع إىل معرفته على سبيل التفضيل واإليضاح املعىن إذا ألقي على سبيل اإلمجال واإلام تشوقت نفس السا

فتتوجه إىل ما يرد بعد ذلك، فإذا ألقى كذلك متكن فيها فضل متكن وكان شعورها به أمت، أو لتكمل اللذة بالعلم به فإن الشيء إذا حصل كمال العلم به دفعة مل يتقدم حصول اللذة به أمل، وإذا حصل

العلم باهول فيحصل هلا بسبب املعلوم لذة وبسبب حرماا الشعور به من دون وجه تشوقت النفس إىلعن الباقي أمل، مث إذا حصل هلا العلم به حصلت هلا لذة أخرى، واللذة عقيب األمل أقوى من اللذة اليت مل

فإن قوله " قال رب اشرح يل صدري ويسر يل أمري " يتقدمها أمل أو لتفخيم األمر وتعظيمه كقوله تعاىل ويسر " يفيد تفسريه وبيانه، وكذلك قول " صدري " يفيد طلب شرح لشيء ما له، وقوله " يل اشرح "

وقضينا إليه " واملقام مقتض للتأكيد لإلرسال املؤذن بتلقي املكاره والشدائد، وكقوله تعاىل " يل أمري له، ومن اإليضاح ففي إامه وتفسريه تفخيم لألمر وتعظيم " ذلك األمر أن دابر هؤالء مقطوع مصبحني

بعد اإلام باب نعم وبئس على أحد القولني، إذ لو مل يقصد اإلطناب لقيل نعم زيد وبئس عمرو، ووجه أحدمها إبراز الكالم يف مرض االعتدال نظرا إىل إطنابه : حسنه سوى اإليضاح بعد اإلام أمران آخران

والثاين إام اجلمع بني املتنافسني ومنه من وجه وغلى اختصاره من آخر وهو حذف املبتدأ يف اجلوابوهو أن يؤتى يف عجز الكالم مبعىن مفسر بامسني أحدمها معطوف على اآلخر كما جاء يف : التوسيع

: احلرص وطول األمل، وقول الشاعر: يسيب ابن آدم، ويشيب فيه خصلتان: اخلرب

يبير رقغخديها ب شبيهة ارهسقتني في ليل شيبه بشع

وشمسين من خمر ووجه حبيب زلت في ليلين شعر وظلمة فما

: وقول البحتري

دوده وققضبان ب أعطاف مشين بذي األراك تشابهت لما

Page 94: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 94

وشيان وشي ربي ووشي برود حلتي حبر وروض فالتقى في

ورد جنى وورد خدود وردان افامتألت عيون راقه وسفرن

لى فضله حىت كأنه ليس من جنسه ترتيال للتغاير يف الوصف مرتلة وإما بذكر اخلاص بعد العام للتنبيه ع" وقوله تعاىل " من كان عدو هللا ومالئكته ورسله وجربيل وميكال " التغاير يف الذات كقوله تعاىل

حافظوا على الصلوات " وقوله " ولتكن منك أمة يدعون إىل اخلري ويأمرون باملعروف وينهون عن املنكر كال سوف تعلمون، مث كال " وإما بالتكرير لنكتة كتأكيد اإلنذار يف قوله تعاىل " طى والصالة الوس

ويف مث داللة على أن اإلنذار الثاين ابلغ واشد، وكزيادة التنبيه على ما ينفي التهمة " سوف تعلمون رشاد، يا قوم وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل ال" ليكمل تلقي الكالم بالقبول يف قوله تعاىل

مث إن ربك للذين " وقد يكرر اللفظ لطول يف الكالم كما يف قوله تعاىل " إمنا هذه احلياة الدنيا متاع مث " ويف قوله تعاىل " عملوا السوء جبهالة مث تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم

وقد يكرر " ا إن ربك من بعدها لغفور رحيم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا مث جاهدوا وصربوألنه تعاىل ذكر نعمة بعد نعمة " فبأي آالء ربكما تكذبان " لتعدد املتعلق كما كرره اهللا تعاىل من قوله

وعقب كل نعمة ذا القول، ومعلوم أن الغرض من ذكره عقيب نعمة غري الغرض من ذكره عقيب نعمة يرسل عليكما شواظ من نار وحناس " ما ليس بنعمة كما يف قوله قد عقب ذا القول: أخرى فإن قيلقلنا العذاب " هذه جهنم اليت يكذب ا ارمون، يطوفون بينها وبني محيم آن " وقوله " فال تنتصران

وجهنم وإن مل يكونا من آالء اهللا تعاىل فإن ذكرمها ووصفهما على طريق الزجر عن املعاصي والترغيب ألنه تعاىل ذكر قصصا خمتلفة واتبع كل " ويل يومئذ للمكذبني " من آالئه تعاىل وحنوه قوله يف الطاعات

ويل يومئذ للمكذبني ذه القصة، وإما باإليغال، : قصة ذا القول فصار كأنه قال عقب كل قصة : قول اخلنساءواختلف يف معناه فقيل هو ختم البيت مبا يفيد نكتة يتم املعىن بدوا كزيادة املبالغة يف

علم في رأسه نار كأنه وإن صخرا لتأتم الهداة به

مل ترض أن تشبهه بالعلم الذي هو اجلبل املرتفع املعروف باهلداية حىت جعلت يف رأسه نارا، وقول ذي : الرمة

كأخالق الرداء المسلسل رسوما قف العيس في أطالل مية وأسال

لكتبذير الجمان المفص دموعا اهأظن الذي يجدي عليك سؤال

: وكتحقيق التشبيه يف قول امرئ القيس

وار حلنا الجزع الذي لم يثقب عيون الوحش حول خبائنا كأن

Page 95: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 95

فإنه ملال أتى على التشبيه قبل ذكر القافية واحتاج إليها جاء بزيادة حسنه يف قوله مل يثقب ألن اجلزع إذا : ومثله قول زهري.كان غري مثقوب كان أشبه بالعيون

مبه حب الفنا لم يحط نزلن كأن فتات العهن في كل منزل

فإن حب الفنا أمحر الظاهر ابيض الباطن فهو ال يشبه الصوف األمحر غال ما مل حيطم، وكذا قول امرئ : القيس

سنا لهب لم يتصل بدخان هردينيا كأن سنان حملت

وأما " اتبعوا من ال يسألكم أجرا وهم مهتدون " فوله تعاىل كما سيأيت، وقيل ال خيتص بالنظم مثل بالتذليل وهو تعقيب اجلملة جبملة تشتمل على معناها للتوكيد وهو ضربان ضرب ال خيرج خمرج املثل

ذلك جزيناهم مبا كفروا وهل جنازي إال " لعدم استقالله بإفادة املراد وتوقفه على ما قبله كقوله تعاىل وقال الزخمشري وفيه وجه آخر وهو أن اجلزاء عام . قلنا إن املعىن وهل جيازى ذلك اجلزاءإن " الكفور

لكل مكافأة يستعمل تارة يف معىن املعاقبة وأخرى يف معىن اإلثابة، فلما استعمل يف معىن املعاقبة يف قوله وهل يعاقب، فعلى هذا قيل وهل جيازى إال الكفور مبعىن- مبعىن عاقبناهم بكفرهم -جزيناهم مبا كفروا

: يكون من الضرب الثاين، وقول احلماسي

زلأركبه إذا لم أن وعالم فدعوا نزال فكنت أول نازل

: وقول أيب الطيب

هادمك عقمر ما واجد ل إلى وما حاجة األظعان حولك في الدجى

: وقوله أيضا

يك ليقول لشيء ليت ذل فما تمسي األماني صرعى دون مبلغه

: وقول ابن نباتة السعدي

تركتني أصحب الدنيا بال أمل هيبق جودك لي شيئا أؤمل لم

قيل نظر فيه إىل قول أيب الطيب وقد أرىب عليه يف املديح واألدب مع املمدوح حيث مل جيعله يف حيز من " لباطل كان زهوقا وقل جاء احلق وزهق الباطل إن ا" متىن شيئا، وضرب خيرج خمرج املثل كقوله تعاىل

: وقول الذبياين

على شعث أي الرجال المهذب هملولست بمستبق أخا ال ت

: وقول احلطيئة

Page 96: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 96

ديعط أثمان المكارم يحم ومن تزور فتى يعطي على الحمد ماله

وما جعلنا لبشر من قبلك اخللد أفئن مت فهم اخلالدون كل نفس " وقد اجتمع الضربان يف قوله تعاىل من األول وما بعده من الثاين وكل منهما تذييل على " أفئن مت فهم اخلالدون " فإن قوله " ذائقة املوت

اآلية وإما لتأكيد مفهومه " وقل جاء احلق " ما قبله، وهو أيضا إما لتأكيد منطوق كالم كقوله تعاىل ك وقرره بعجزه، وغما كبيت النابغة، فإن صدره دل مبفهومه على نفي الكامل من الرجال فحق ذل

: وهو أن يؤتى يف كالم يوهم خالف املقصود مبا يدفعه، هوهو ضربان: بالتكميل ويسمى االحتراس أيضا

: ضرب يتوسط الكالم كقول طرفة

صوب الربيع وديمة تهمى ديارك غير مفسدها فسقى

: وقول اآلخر

االحسن عند موفق لقضى له في لو أن عزة خاصمت شمس الضحى

: وقول ابن املعتز: إذ التقدير عند حاكم موفق، فقوله موفق تكميل

فطارت بها أيد سراع وأرجل اعليها ظالمين سياطن صبينا

فسوف يأيت اهللا بقوم حيبهم وحيبونه أذلة على املؤمنني أعزة " كقوله تعاىل : وضرب يقع يف آخر الكالملة على املؤمنني لتوهم أن ذلتهم لضعفهم، فلما قيل أعزة فإنه لو اقتصر على وصفهم بالذ" على الكافرين

: على الكافرين علم أا منهم، تواضع هلم، ولذا عدى الذل بعلى لتضمينه معىن العطف، كأنه قيل

عاطفني عليهم على وجه التذلل والتواضع، وجيوز أن تكون التعدية بعلى ألن املعىن أم مع شرفهم وعلو : ومنه قول ابن الرومي فيما كتب به إىل صديق له. ؤمنني خافضون هلم أجنحتهمطبقتهم وفضلهم على امل

إين وليك الذي ال يزال تنقاد إليك مودته عن غري طمع وال جزع وإن كنت لذي الرغبة مطلبا ولذي : وكذا قول احلماسي. الرهبة مهربا

فوق شكري للشكور مزيد وما رهنت يدي بالعجز عن شكر بره

: ل كعب بن سعد الغنويوكذا قو

مع الحلم في عين العدو مهيب هلإذا ما الحلم زين أه حليم

إذا ما احللم زين : فإنه لو اقتصر على وصفه باحللم ألوهم أن حلمه عن عجز فلم يكن صفة مدح فقالن أهله من كونه إذا ما احللم زي: أهله فأزال هذا الوهم، وأما بقية البيت فتأكيد لالزم ما يفهم من قوله

غري حليم حني ال يكون احللم زينا ألهله فإن من يكون حليما حني ال حيسن احللم ألهله يكون مهيبا يف : ومنه قول احلماسي. عني العدو ال حمالة فعلم أن بقية البيت ليست تكميال، كما زعم بعض الناس

Page 97: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 97

طل منا حيث كان قتيل وال وما مات منا سيد في فراشه

ه لو اقتصر على وصف قومه بشمول القتل إياهم ألوهم أن ذلك لضعفهم وقلتهم فأزال هذا الوهم فإن : وكذا قول أيب الطيب. بوصفهم باالنتصار من قاتلهم

وأسرع في الندى منها هبوبا من الرياح الهوج بطشا أشد

ده فأزال هذا الوهم فإنه لو اقتصر على وصفه بشدة البطش ألوهم ذلك أنه عنف كله وال لطف عنبوصفه بالسماحة ومل يتجاوز يف ذلك كله صفة الريح اليت شبهه ا وقوله إنه أسرع يف الندى منها

كان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أجود الناس : " هبوبا، كأنه من قول ابن عباس رضي اهللا عنهماالتتميم، وهو أن يؤتى يف كالم ال وهم وإما ب". وكان أجود ما يكون يف رمضان، كان كالريح املرسلة

أي مع حبه، " ويطعمون الطعام على حبه " خالف املقصود بفضله تفيد نكتة كاملبالغة يف قوله تعاىل لن تنالوا الرب حىت " وكذا " وآتى املال على حبه " والضمري للطعام أي مع اشتهائه واحلاجة إليه وحنوه

: عياض على حب اهللا فال يكون مما حنن فيه، ويف قول الشاعروعن فضيل بن ": تنفقوا مما حتبون

أعرف من أين تؤكل الكتف على ما ترين من كبري إني

: ويف قول زهري

يلقى السماحة منه والندى خلقا يلق يوما على عالته هرما من

أو أكثر ال حمل هلا من وإما باالعتراض وهو أن يؤتى يف أثناء الكالم أو بني كالمني متصلني معىن جبملةوجيعلون هللا البنات " اإلعراب بنكتة سوى ما ذكر يف تعريف التكميل كالترتيه والتعظيم يف قوله تعاىل

: والدعاء يف قول أيب الطيب" سبحانه وهلم ما يشتهون

يرى كل ما فيها وحاشاك فانيا ربالدنيا احتقار مج وتحتقر

: وضعه وحنوه قول عوف بن حملم الشيباينفإن قوله وحاشاك دعاء حسن يف م

قد أحوجت سمعي إلى ترجمان اهتغلين وبانإن الثم

: والتنبيه يف قول الشاعر

أن سوف يأتي كل ما قدرا هعفعلم المرء ينف واعلم

ه محلته ووصينا اإلنسان بوالدي" وختصيص أحد املذكورين بزيادة التأكيد يف أمر علق ما كقوله تعاىل واملطابقة مع االستعطاف يف قول أيب " أمه وهنا على وهن وفصاله يف عامني أن اشكر يل ولوالديك

: الطيب

Page 98: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 98

جنتي لرأيت فيه جهنما يا وخفوق قلب لو رأيت لهيبه

: والتنبيه على سبب أمر فيه غرابة كما يف قول اآلخر

هارمكوصله يبدو لنا فن وال فال هجره يبدو وفي اليأس راحة

فإن قوله فال هجره يبدو يشعر بأن هجر احلبيب أحد مطلوبيه، وغريب أن يكون هجر احلبيب مطلوبا فال اقسم مبواقع " يف قوله " لو تعلمون " ويف اليأس راحة لينبه على سببه، وقوله تعاىل : للمحب، فقال

اعتراض، ألنه اعترض به بني اعتراض يف" النجوم، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم، إنه لقرآن كرمي بني القسم واملقسم عليه، ومما جاء " وإنه لقسم لو تعلمون عظيم " املوصوف والصفة، واعترض بقوله

فأتوهن من حيث أمركم اهللا إن اهللا حيب التوابني وحيب املتطهرين، " بني كالمني متصلني معىن قوله فأتوهن من حيث " بيان لقوله " م حرث لكم نساءك" فإن قوله " نساءكم حرث لكم فأتوا حرثكم

يعين أن املأتى الذي أمركم به هو مكان احلرث داللة على أن الغرض األصلي يف اإلتيان هو " أمركم اهللا طلب النسل ال قضاء الشهوة، فال تأتوهن إال من حيث يتأتى فيه هذا الغرض، وهو مما جاء يف أكثر من

قالت رب إين وضعتها أنثى واهللا أعلم مبا وضعت " ر من مجلة قوله تعاىل وحنوه يف كونه أكث. مجلة أيضاليس " واهللا أعلم مبا وضعت وليس الذكر كاألنثى " فإن قوله " وليس الذكر كاألنثى وإين مسيتها مرمي

لوا أمل تر إىل الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضاللة ويريدون أن تض" من قول أم مرمي وكذا قوله السبيل، واهللا أعلم بأعدائكم وكفى باهللا وليا، وكفى باهللا نصريا، من الذين هادوا حيرفون الكلم عن

ألم يهود ونصارى، أو " أوتوا نصيبا من الكتاب " بيان للذين " من الذين " إن جعل " مواضعه اعتراضا، " اهللا نصريا وليا وكفى ببأعدائكم وكفى باهللا " ألعدائكم، فإنه على األول يقول قوله واهللا أعلم

اعتراضا، وجيوز أن يكون من الذين صلة لنصريا أي " وكفى باهللا " " كفى باهللا " وعلى الثاين يكون " وأن يكون كالما مبتدأ على أن " ونصرناه من القوم الذين كذبوا " ينصركم من الذين هادوا كقوله

: قوم حيرفون، كقولهصفة مبتدأ حمذوف تقديره من الذين هادوا" حيرفون

أموت وأخرى أبتغي العيش اكدح امهالدهر إال تارتان فمن وما

وقد علم مما ذكرنا أن االعتراض كما يأيت بغري واو وال فاء قد يأيت بأحدمها، ووجه حسن االعتراض على مثل احلسنة تأتيك من اإلطالق حسن اإلفادة مع أن جميئه جميء ما ال معول عليه يف اإلفادة فيكون مثله

حيث ال ترتقبها، ومن الناس من ال يقيد فائدة االعتراض مبا ذكرناه بل جيوز أن تكون دفع توهم ما

Page 99: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 99

فرقة ال تشترط فيه أن يكون واقعا يف أثناء كالم أو بني كالمني متصلني : خيالف املقصود، وهؤالء فرقتانو يليه كالم غري متصل به معىن، واذ يشعر كالم معىن، بل جيوز أن يقع يف آخر كالم ال يليه كالم أ

الزخمشري يف مواضع من الكشاف، فاالعتراض عند هؤالء يشمل التذييل، ومن التكميل ما ال حمل له من اإلعراب، مجلة كان أو أكثر من مجلة، وفرقة تشترط فيه ذلك لكن ال تشترط أن يكون مجلة أو أكثر من

شمل من التتميم ما كان واقعا يف أحد املوقعني، ومن التكميل ما كان مجلة، فاالعتراض عند هؤالء يواقعا يف أحدمها وال حمل له من اإلعراب، مجلة كان أو اقل من مجلة أو أكثر، وإما بغري ذلك كقوهلم

ك أي هذا اإلف" إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم " رأيته بعيين ومنه قوله تعاىل ليس إال قوال جيري على ألسنتكم ويدور يف أفواهكم من غري ترمجة عن علك يف القلب كما هو شأن

إلزالة توهم اإلباحة كما يف حنو فولنا " تلك عشرة كاملة " املعلوم إذ ترجم عن اللسان، وكذا قوله فيتأكد العلم، ويف جالس احلسن وابن سريين، وليعلم العدد مجلة كما علم تفصيال ليحاط به من جهتني

أمثال العرب علمان خري من علم، وكذا قوله كامل تأكيد آخر، وقيل أي كاملة يف وقوعها بدال من اهلدى، وقيل أريد به تأكيد الكيفية ال الكمية حىت لو وقع صوم العشرة على غري الوجه املذكور مل تكن

ن حبمد رم ويؤمنون به ويستغفرون الذين الذين حيملون العرش ومن حوله يسبحو" كاملة، وكذا قوله فإنه لو مل يقصد اإلطناب مل يذكر ويؤمنون به ألن إميام ليس مما ينكره أحد من مثبتيهم وحسن " آمنوا

إذا جاءك املنافقون قالوا نشهد إنك لرسول اهللا واهللا " ذكره إظهار شرف اإلميان ترغيبا فيه، وكذا قوله فإنه لو اختصر لترك قوله واهللا يعلم أنك لرسوله ألن " يشهد إن املنافقني لكاذبون يعلم إنك لرسوله واهللا

مساق اآلية لتكذيبهم يف دعوى اإلخالص يف الشهادة كما مر وحسنه دفع توهم أن التكذيب للمشهود هي عصاي أتوكأ عليها" هكذا قوله تعاىل . ال وأصلحك اهللا: به يف نفس األمر، وحنوه قول البلغاء

وحسنه أنه عليه السالم فهم أن السؤال يعقبه أمر عظيم " وأهش ا على غنمي ويل فيها مآرب أخرى نعبد " وكذا قوله . حيدثه اهللا تعاىل يف العصا فينبغي أن يتنبه لصفاا حىت يظهر له التفاوت بني احلالني

مبواظبتها ليزداد غيظ السائل، واعلم وحسنه إظهار االبتهاج بعبادا واالفتخار" أصناما فنظل هلا عاكفني أنه قد يوصف الكالم باإلجياز واإلطناب باعتبار كثرة حروفه وقلتها بالنسبة إىل كالم آخر مساو له يف

: اصل املعىن، كم الشطر األول من قول أيب متام

ولو برزت في زي عذراء ناهد ودن سيا إذا عيصد عن الدن

: وقول اآلخر

إذا كانت العلياء في جانب الفقر ى إلى جانب الغنبنظار ولست

Page 100: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 100

: ومنه قول الشماخ

ينعرابه باليم تلقاها إذا ما راية رفعت لمجد

: وقول بشر حازم

مبتغوها عن نداها وقصر إذا ما المكرمات رفعن يوما

اأوس إليها فاحتواه سما أذرع المثرين عنها وضاقت

: وقول احلماسي" ال يسال عما يفعل وهم يسألون " تعاىل ويقرب من هذا الباب قوله

ولينكرون القول حين نق وال وننكر إن شئنا على الناس قولهم

.الثقة بكل أحد عجز: وقول العرب" احلزم سوء الظن : " وكذا ما ورد يف احلديث

الفن الثاني

في علم البيان

تلفة يف وضوح الداللة عليه وداللة اللفظ إما على ما وضع وهو فن يعرف به إيراد املعىن الواحد بطرق خمله أو على غريه، والثاين إما داخل يف األول دخول السقف يف مفهوم البيت، أو احليوان يف مفهوم

اإلنسان، أو خارج عنه خروج احلائط عن مفهوم السقف، أو الضاحك عن مفهوم اإلنسان، وتسمى من األخريتني داللة عقلية، وختتص األوىل بداللة املطابقة والثانية األوىل داللة وضعية، وكل واحدة

بالتضمن، والثالثة بداللة االلتزام، وشرط الثالثة اللزوم الذهين، أعين أن يكون حصول ما وضع اللفظ له إليه يف الذهن ملزوما حلصول اخلارج فيه، لئال يلزم ترجيح أحد املتساويني على اآلخر لكونه نسبة اخلارج حينئذ كنسبة سائر املعاين اخلارجة، وال يشترط يف هذا اللزوم أن يكون مما يثبته العقل، بل يكفي أن

يكون مما يثبته اعتقاد املخاطب، إما لعرف أو لغريك إلمكان االنتقال حينئذ من املفهوم األصلي اخلارجي، م الذهين يف داللة االلتزام وهو بعيد وقد وقع يف كالم بعض العلماء ما يشعر باخلالف يف اشتراط اللزو

جدا وإن صح فلعل السبب فيه توهم أن املراد باللزوم الذهين اللزوم العقلي إلمكان الفهم بدون اللزوم الذهين هلذا املعىن حينئذ كما سبق، مث إيراد املعىن الواحد على الوجه املذكور ال يتأتى بالداللة الوضعية،

ا بوضع األلفاظ مل يكن بعضها أوضح داللة من بعض، وإال مل يكن كل واحد ألن السامع إن كان عليممنها داال، وإمنا يتأتى بالدالالت العقلية جلواز أن يكون للشيء لوازم، بعضها أوضح لزوما من بعض مث

ة، مث اللفظ املراد به الزم ما وضع له إن قامت قرينة على عدم إرادة ما وضع له فهو جماز وإال فهو كناي

Page 101: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 101

ااز منه االستعارة وهي ما تبتىن على التشبيه فيتعني التعرض له فاحنصر املقصود يف التشبيه وااز والكناية وقدم التشبيه على ااز ملا ذكرنا من أبناء االستعارة اليت هي جماز على التشبيه، وقدم ااز على

.الكناية لرتول معناه من معناها مرتلة اجلزء من الكل

القول في التشبيه

التشبيه الداللة على مشاركة أمر آلخر يف معىن واملراد بالتشبيه هاهنا ما مل يكن على وجه االستعارة التحقيقية وال االستعارة بالكناية وال التجريد فدخل فيه ما يسمى تشبيها بال خالف، وهو ما ذكرت فيه

زيد، لقيام قرينة، وما يسمى تشبيها على املختار أداة التشبيه كقولنا زيد كاألسد، أو كاألسد حبذفكما سيأيت وهو ما حذفت فيه أداة التشبيه وكان اسم املشبه به خربا للمشبه أو يف حكم اخلرب كقولنا زيد

: أي هم، وحنوه قول من خياطب احلجاج" صم بكم عمي " أسد، وكقوله تعاىل

ير الصافرفتحاء تنفر من صف علي وفي الحروب نعامة أسد

وإذا قد عرفت معىن التشبيه يف االصطالح فاعلم أنه مما اتفق العقالء على شرف . وكقولنا رأيت زيدا حبراقدره وفخامة أمره يف فن البالغة وأن تعقيب املعاين به ال سيما قسم التمثيل منه يضاعف قواها يف حتريك

تخارا، أو غري ذلك، وإن أردت حتقيق هذا فانظر إىل النفوس إىل املقصود ا، مدحا كانت أو ذما أو اف : قول البحتري

عن كل ند في الندى وضريب ععلى أيدي العفاة وشاس دان

ريبد قلعصبة السارين ج كالبدر أفرط في العلو وضوؤه

: أو قول ابن لنكك

وررأيت صورته من أقبح الص إذا أخو الحسن أضحى فعله سمجا

ررمنها إذا مالت إلى الض نفر س في حسن ألم ترناكالشم وهبه

: أو قول ابن الرومي

بعد ذاك بذل العطاء وأبى الوعد لإلخالل سمحا بذل

ن ويأبى اإلثمار كل اإلباء كالخالف يورق للعي فغدا

: أو قول أيب متام

ودسأتاح لها لسان ح طويت يلةضر فشأراد اهللا ن وإذا

Page 102: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 102

ما كان يعرف طيب عرف العود اورتا جيمار فنال لوال

: أو قوله أيضا

ددجترب تتفاغ لديباجته وطول مقام المرء في الحي مخلق

الناس أن ليست عليهم بسرمد إلى بةرأيت الشمس زيدت مح فإني

ليه ووقفت عليه تعلم وقس حالك وأنت يف البيت األول ومل تنته إىل الثاين على حالك وأنت قد انتهيت إبعد ما بني حالتيك يف متكن املعىن لديك وكذا تعهد الفرق بني أن تقول الدنيا ال تدوم وتسكت وأن

تذكر عقيبه ما روي عن النيب صلى اهللا عليه وسلم أنه قال من يف الدنيا ضيف وما يف يده عارية والضيف : مرحتل والعارية مؤداة، أو تشدد قول لبيد

ودائعوال بد يوما أن ترد ال واألهلون إال ودائعوما المال

: أرى قوما هلم منظر وليس هلم خمرب وتقطع الكالم وأن تتبعه حنو قول ابن لنكك: وبني أن تقول

رمرواء وما له ث له في شجر السرو منهم مثل

احلالة األوىل ولذلك أسباب منها وانظر يف مجيع ذلك إىل املعىن يف احلالة الثانية كيف يتزايد شرفه عليه يف ما حيصل للنفس من األنس بإخراجها من خفي إىل جلي كاالنتقال مما حيصل هلا بالفكرة إىل ما يعلم

: بالفطرة أو بإخراجها مما مل تألفه إىل ما ألفته كما قيل

ما الحب إال للحبيب األول

إىل احملسوس فإنك قد تعرب عن املعىن بعبارة تؤديه أو مما تعلمه إىل ما هي به أعلم كاالنتقال من املعقول يوم كأقصر ما يتصور، فال جيد السامع له من األنس ما : وتبالغ حنو أن تقول، وأنت تصف اليوم بالقصر

: أيام كأباهيم القطا، وقول الشاعر: جيده لنحو قوهلم

بيوم مثل سالفة الذباب ظللنا عند باب أبي نعيم

إذا هم بالشيء مل يزل ذاك عن ذكره وقصر خواطره على إمضاء عزمه فيه ومل يشغله فالن : وكذا تقولإذا هم ألقى بني عينيه عزمه امتألت نفسه سرورا : عنه شيء، فال يصادف السامع له أرحيية حىت إذا قلت

ما وأدركته هزة، ال ميكن دفعها عنه، ومن الدليل على أن لإلحساس من التحريك للنفس ومتكني املعىنليس لغريه أنك إذا كنت أنت وصاحب لك يسعى يف أمر على طرف ر وأنت تريد أن تقرر له أنه ال

حيصل من سعيه على طائل فأدخلت يدك يف املاء مث قلت له انظر هل حصل يف كفي من املاء شيء لى القول فكذلك أنت يف أمرك كان لذلك ضرب من التأثري يف النفس ومتكني املعىن يف القلب زائد ع

Page 103: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 103

ارد، ومنها االستطراف كما سيأيت، ومن فضائل التشبيه أنه يأتيك من الشيء الواحد بأشباه عدة حنو أن يعطيك من الزند بإبرائه شبه اجلواد والذكي والنجح يف األمور وبإصالده شبه البخيل والبليد واخليبة يف

: السعي ومن القمر الكمال عن النقصان كما قال أبو متام

لو أمهلت حتى تصير شمائال على تلك الشواهد فيهما لهفي

ائالية نوتلك األريح حلما سكوتهما حجى وصباهما لغدا

ذاك الطل جودا وابال ولعاد ديمةالنجم المرذ ب وألعقب

أن سيصير بدرا كامال أيقنت وهمالهالل إذا رأيت ن إن

: ملعريوالنقصان عن الكمال كقول أيب العالء ا

اولطفعند التناهي يقصر المت وإن كنت تبغي العيش فابغ توسطا

لالنقصان وهي كوام ويدركها لةالبدور النقص وهي أه توقى

وتتفرع من حاليت كماله ونقصه فروع لطيفة كقول ابن بابك يف األستاذ أيب علي وقد استوزره، وأبا : ادالعباس الضيب فخر الدولة بعد وفاة ابن عب

في شطر المسافة يكمل والبدر وأعرت شطر الملك شطر كماله

: وقول أيب بكر اخلوارزمي

مقيما وإن أعسرت زرت لماما اإذا أيسرت خيمت عندن أراك

ااموإن زاد الضياء أق أغب أنت إال البدر إن قل ضوءه فما

ب أن يتخلل بني وقيت احلضور وقت خيلو املعىن لطيف وإن مل تساعده العبارة على ما جيب، ألن اإلغبامنه، فإمنا يصلح ألن يراد أن القمر إذا نقص نوره مل يوال الطلوع يف كل ليلة بل يظهر يف بعض الليايل دون بعض وليس األمر كذلك ألنه على نقصانه يطلع كل ليلة حىت تكون السرار، وكذا ينظر إىل بعده

مضى من بييت البحتري، وغلى ظهوره يف كل مكان كما يف وارتفاعه وقرب ضوئه وشعاعه يف حنو ما : قول أيب الطيب

ايهدي إلى عينيك نورا ثاقب كالبدر من حيث التفت وجدته

إىل غري ذلك، مث النظر يف أركان التشبيه وهي أربعة طرفاه ووجهه وأداته ويف الغرض منه ويف تقسيمه سيان كما يف تشبيه اخلد بالورد، والقد بالرمح، والفيل باجلبل يف ذه االعتبارات، أما طرفاه فهما إما ح

Page 104: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 104

املبصرات، والصوت الضعيف باهلمس يف املسموعات، والنكهة بالعنرب يف املشمومات، والريق باخلمر يف . وإما خمتلفان. املذوقات، واجللد الناعم باحلرير يف امللموسات، وإما عقليان كما يف تشبيه العلم باحلياة

ملعقول هو املشبه كما يف تشبيه املنية بالسبع، أو بالعكس كما يف تشبيه العطر خبلق كرمي، واملراد وا : باحلسي املدرك هو أو مادته بإحدى احلواس اخلمس الظاهرة فدخل فيه اخليايل كما يف قوله

دإذا تصوب أو تصع ق يقشمحمر ال وكأن

جدن على رماح من زبر رشوت نياق المأع

: وقوله

دينيلوفر ن نحو يدط الباس كلنا

قضبها من زبرجد دجعس كدبابيس

واملراد بالعقلي ما عدا ذلك، فدخل فيه الومهي، وهو ما ليس مدركا بشيء من احلواس اخلمس الظاهرة، : مع أنه لو أدرك مل يدرك إال ا، كما يف قول امرئ القيس

ومسنونة زرق كأنياب أغوال

وكذا ما يدرك بالوجدان كاللذة واألمل والشبع " طلعها كأنه رؤوس الشياطني " وعليه قوله تعاىل واجلوع، وأما وجهه فهو املعىن الذي يشترك فيه الطرفان، حتقيقا أو ختييال واملراد بالتخييل أن ال ميكن

: وجوده يف املشبه به إال على تأويل، كما يف قول القاضي التنوخي

الح بينهن ابتداع سنن النجوم بين دجاهاوكأن

فإن وجه الشبه فيه اهليئة احلاصلة من حصول أشياء مشرقة بيض يف جوانب شيء مظلم أسود فهي غري موجود يف املشبه به إال على طريق التخييل، وذلك أنه ملا كانت البدعة والضاللة وكل ما هو جهل جيعل

ال يهتدي إىل الطريق وال يفصل الشيء من غريه فال يأمن أن صاحبها يف حكم من ميشي يف الظلمة فيتردى يف مهواة أو يعثر على عدو قاتل أو آفة مهلكة شبهت بالظلمة، ولزم على عكس ذلك أن تشبه

وشاع " خيرجهم من الظلمات إىل النور : " السنة واهلدى وكل ما هو علمبالنور، وعليهما قوله تعاىلل بالسواد كما يف قول القائل شاهدت سواد الكفر من جبني فالن، ذلك حىت وصف الصنف األو

والصنف الثاين بالبياض كما يف قول النيب صلى اهللا عليه وسلم أتيتكم باحلنيفية البيضاء وذلك لتخيل أن السنن وحنوها من اجلنس الذي هو إشراق أو ابيضاض يف العني وأن البدعة وحنوها على خالف ذلك،

نجوم ما بني الدياجي بالسنن ما بني االبتداع كتشبيه النجوم يف الظالم ببياض الشيب يف فصار تشبيه السواد الشباب وباألنوار مؤتلقة بني النبات الشديد اخلضرة، فالتأويل فيه أنه ختيل ما ليس مبتلون متلونا،

Page 105: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 105

جوم حسنا فإنه ملا كان وحيتمل وجها آخر وهو أن يتأول بأنه أراد معىن قوهلم إن سواد الظالم يزيد النوقوف العاقل على عوار الباطل يزيد احلق نبال يف نفسه وحسنا يف مرآة عقله جعل هذا األصل من

املعقول مثاال للمشاهد املبصر هناك غري أنه ال خيرج مع هذا عنت كونه على خالف الظاهر، ألن الظاهر : قولهأن ميثل املعقول يف ذلك باحملسوس كما فعل البحتري يف

أصفار من المجد خيب خالئق زادها إفراط حسن جوارها وقد

طوالع في داج من الليل غيهب وحسن دراري الكواكب أن ترى

: ومن التشبيه التخييلي قول أيب طالب الرقي

يوم النوى وفؤاد من لم يعشق هأنذكرتك والظالم ك ولقد

توسعا فيقال اسود النهار يف عيين وأظلمت الدنيا علي وكان فإنه ملا كانت أيام املكاره توصف بالسوادالغزل يدعى القسوة على من مل يعشق والقلب القاسي يوصف بالسواد توسعا ختيل يوم النوى وفؤاد من

: مل يعشق شيئني هلما سواد، وجعلهما أعرف به وأشهر من الظالم فشبهه ما، وكذا قول ابن بابك

وقد كحل الليل السماك فأبصرا قطعتهاكأخالق الكرام وأرض

فإن األخالق ملا كانت توصف بالسعة والضيق تشبيها هلا باألماكن الواسعة والضيقة ختيل أخالق الكرام : شيئا له سعة وجعل أصال فيها فشبه األرض الواسعة ا وكذا قول التنوخي

تفقافي العين ظلم وإنصاف قد ا اهبنار إلى فحم كأن فانهض

فإنه ملا كان يقال يف احلق إنه منري واضح فيستعار له صفة األجسام املنرية ويف الظلم خالف ذلك ختيلهما شيئني هلما إنارة وإظالم، فشبه النار والفحم جمتمعني ما جمتمعني وكذا ما كتب به الصاحب إىل

: القاضي أيب احلسن وقد أهدى له الصاحب عطر القطر

قرب عهد لقائه مشتاقه مع قاضي الذي نفسي لهيا أيها ال

هالقأهجى له أخ فكأنما أهديت عطرا مثل طيب ثنائه

فإنه ملا كان الثناء يشبه بالعطر ويشتق له منه ختيله شيئا له رائحة طيبة وشبه العطر به ليوهم أنه أصل يف : الطيب وأحق به منه، وكذا قول اآلخر

وعد وقمن البأساء بع نجاء ت غيمهكأن انتضاء البدر من تح

Page 106: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 106

فإنه ملا رأى اخلالص من شدة يشبه خبروج البدر من حتت الغيم باحنساره عنه قلب التشبيه لريى أن صورة النجاء من البأساء لكوا مطلوبة فوق كل مطلوب أعرف من صورة انتضاء البدر من حتت غيمه، وإذا

النحو يف الكالم كامللح يف : رفان علم فساد جعله يف قول القائلعلم أن وجه الشبه هو ما يشترك فيه الطالطعام، كون القليل مصلحا والكثري مفسدا ألن القلة والكثرة إمنا يتصور جرياما يف امللح وذلك بأن جيعل منه يف الطعام القدر املصلح أو أكثر منه دون النحو فإنه إذا كان من حكمه رفع الفاعل ونصب

مثال، فإن وجد ذلك يف الكالم فقد حصل النحو فيه وانتفى الفساد عنه وصار منتفعا به يف فهم املفعول املراد منه وإال مل حيصل، وكان فاسدا ال ينتفع به فالوجه فيه هو كون االستعمال مصلحا واإلمهال مفسدا

: بن رشيق قولهالشتراكهما يف ذلك، ومما يتصل ذا ما حكي أن ابن شرف القريواين أنشد ا

دمنتمسبابة ال فكأنني غيري جنى وأنا المعاقب فيكم

مسعته وأخذته أنت وأفسدته، أما األخذ فمن النابغة : وقال له هل مسعت هذا املعىن؟ فقال ابن رشيق : الذبياين حيث يقول

ائعوهل يأثمن ذو إمة وهو ط ك ريبةسفلم أترك لنف حلفت

كذا العر يكوي غيره وهو راتع هتركلكلفتني ذنب امرئ وت

وأما اإلفساد فن سبابة املتندم أول شيء يتأمل منه فال يكون املعاقب غري اجلاين وهذا خبالف بيت النابغة فإن املكوى من اإلبل يأمل وما به عر البتة وصاحب العر ال يأمل مجلة، وهو إما غري خارج عن حقيقة

متام حقيقتهما كما يف تشبيه إنسان بإنسان يف كونه إنسانا أو جزؤمها كما الطرفني أو خارج، واألول إمايف تشبيه بعض احليوانات العجم باإلنسان يف كونه حيوانا، والثاين صفة إما حقيقية أو إضافية، واحلقيقة

يتصل إما حسية وهي الكيفيات اجلسيمة مما يدرك بالبصر من األلوان واألشكال واملقادير واحلركات وماا من احلسن والقبح وغري ذلك، أو بالسمع من األصوات القوية والضعيفة واليت بني بني، أو بالذوق من أنواع الطعوم، أو بالشم من أنواع الروائح، أو باللمس من احلرارة والربودة والرطوبة واليبوسة واخلشونة

إما عقلية كالكيفيات النفسية من الذكاء واملالسة واللني والصالبة واخلفة والثقل وما ينضاف إليها؛ ووالتيقظ واملعرفة والعلم والقدرة والكرم والسخاء والغضب واحللم وما جرى جمراها من الغرائز واألخالق

.واإلضافية كإزالة احلجاب يف تشبيه احلجة بالشمس

تقسيم آخر باعتبار آخر

Page 107: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 107

و عقلي وغري الواحد إما مبرتلة الواحد لكونه ووجه الشبه إما واحد أو غري واحد، والواحد إما حسي أمركبا من أمرين أو أمور، أو متعدد غري مركب، واملركب إما حسي أو عقلي، واملتعدد إما حسي أو عقلي أو خمتلف، واحلسي ال يكون طرفاه إال حسيني المتناع أن يدرك باحلس من غري احلسي شيء،

تلفان جلواز أن يدرك بالعقل من احلسي شيء، ولذلك يقال والعقلي طرفاه إما عقليان أو حسيان أو خمالتشبيه بالوجه العقلي أعم من التشبيه بالوجه احلسي، قال الشيخ صاحب املفتاح وههنا نكتة ال بد من

التنبه هلا وهي أن التحقيق يف وجه الشبه يأىب أن يكون غري عقلي، وذلك أنه مىت كان حسيا وقد عرفت موجودا يف الطرفني وكل موجود فله تعني، فوجه الشبه مع املشبه متعني فيمتنع أن أنه جيب أن يكون

يكون هو بعينه موجودا مع املشبه به المتناع حصول احملسوس املعني هاهنا، مع كونه بعينه هناك حبكم لورد أو الضرورة وحبكم التنبيه على امتناعه، إن شئت، وهو استلزامه إذا عدمت محرة اخلد دون محرة ا

بل يكون مثله مع املشبه به لكن املثلني ال يكونان . بالعكس كون احلمرة موجودة معا، وهكذا يف أخواا. شيئا واحدا، ووجه الشبه بني الطرفني كما عرفت واحد فيلزم أن يكون أمرا كليا مأخوذا من املثلني

ن يقال فاملراد بوجه الشبه حصول املثلني يف بتجريدمها عن التعني، لكن ما هذا شأنه فهو عقلي وميتنع أالطرفني فإن املثلني متشاان فمعهما وجه تشبيه، فإن كان عقليا كان املرجع يف وجه الشبه العقل يف

املال، وإن كان حسيا استلزم أن يكون مع املثلني مثالن آخران، وكان الكالم فيهما كالكالم فيما ظه، وميكن أن يقال املراد بكونه حسيا أن تكون أفراده مدركة باحلس سوامها، ويلزم التسلسل هذا لف

كالسواد، فإن من أفراده مدركة بالبصر وإن كان هو نفسه غري مدرك به وال بغريه من احلواس الواحد احلسي كاحلمرة واخلفاء وطيب الرائحة ولذة الطعم ولني امللمس يف تشبيه اخلد بالورد والصوت الضعيف

والنكهة بالعنرب والريق باخلمر، واجللد الناعم باحلرير، كما سبق، والواحد العقلي كالعراء عن باهلمس، الفائدة يف تشبيه وجود الشيء العدمي النفع بعدمه، وجهة اإلدراك يف تشبيه العلم باحلياة فيما طرفاه

صحاب النيب صلى اهللا معقوالن واجلراءة يف تشبيه الرجل الشجاع باألسد، ومطلق االهتداء يف تشبيه أعليه وسلم ورضي عنهم بالنجوم فيما طرفاه حمسوسان، واهلداية يف تشبيه العلم بالنور وحتصيل ما بني

الزيادة والنقصان يف تشبيه العدل بالقسطاس فيما املشبه فيه معقول واملشبه به حمسوس، واستطابة النفس النجوم بالسنن فيما املشبه فيه حمسوس واملشبه به يف تشبيه العطر خبلق كرمي، وعدم اخلفاء يف تشبيه

معقول قال الشيخ صاحب املفتاح ويف أكثر هذه األمثلة يف معىن وحدا تسامح، واملركب احلسي طرفاه : إما مفردان كاهليئة احلاصلة من احلمرة والشكل الكري واملقدار املخصوص يف قول ذي الرمة

Page 108: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 108

راا وكهعوهيأنا لموق هاأبا وسقط كعين الديك عاورت صاحبي

وكاهليئة احلاصلة من تقارن الصور البيض املستديرة الصغار املقادير يف املرأى على كيفية خمصوصة إىل : مقدار خمصوص يف قول أحيحة بن اجلالح أو قيس بن األسلت

وراين نية حالحم كعنقود وقد الح في الصبح الثريا كما ترى

ة احلاصلة من هوى أجرام مشرقة مستطيلة متناسبة املقدار متفرقة يف جواب شيء وإما مركبان كاهليئ : مظلم يف قول بشار

ليل تهاوى كواكبه وأسيافنا كأن مثار النقع فوق رؤوسنا

وكاهليئة احلاصلة من تفرق أجرام متأللئة مستديرة صغار املقادير يف املرأى على سطح جسم أزرق صايف : طالب الرقيالزرقة يف قول أيب

درر نثرن على بساط أزرق اعأجرام النجوم لوام وإن

وإما خمتلفان كما يف تشبيه الشاة اجلبلي حبمار أبتر مشقوق الشفة واحلوافر نابت على رأسه شجرتا غضا، .وكما مر يف تشبيه الشقيق والنيلوفر

يت تقع عليها احلركة ويكون على ومن البديع هذا النوع أعين املركب احلسي ما جييء يف اهليئات ال : أحدمها أن يقرن باحلركة غريها أوصاف اجلسم كالشكل واللون كما يف قوله: وجهني

والشمس كالمرآة في كف األشل

ومن اهليئة احلاصلة من االستدارة مع اإلشراق واحلركة السريعة املتصلة وما حيصل من اإلشراق بسبب طراب حىت يرى الشعاع كأنه يهم بأن ينبسط حىت يفيض من جوانب تلك احلركة من التموج واالض

الدائرة مث يبدو له فريجع من االنبساط الذي بدا له إىل االنقباض كأنه جيتمع من اجلوانب إىل الوسط فإن الشمس إذا أحد اإلنسان النظر إليها ليتبني جرمها وجدها مؤدية هلذه اهليئة، وكذا املرآة إذا كان يف يد

: شل ومثله قول املهليب الوزيراأل

باجا حليس له مشرقة والشمس من مشرقها حقد بدت

ب ذائبا ذهيهول فيج يتمقة أحوتب اهكأن

فإن البوتقة إذا أمحيت وذاب فيها الذهب تشكل بشكلها يف االستدارة وأخذ يتحرك فيها جبملته تلك يفيض من جوانبها ملا خفي طبعه من النعومة، مث يبدو له فريجع احلركة العجيبة كأنه يهم بأن ينبسط حىت

Page 109: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 109

إىل االنقباض ملا بني أجزائه من شدة االتصال والتالحم، ولذلك ال يقع فيه غليان على الصفة اليت تكون : يف املاء وحنوه مما يتخلله اهلواء، وكما يف قول الصنوبري

حواجبا ظلت تمط افي غدرانه كأن

دو يف صفحة املاء من أشكال املاء كأنصاف دوائر صغار مث متتد امتدادا ينقص من احننائها أراد ما يبفينقلها من التقوس إىل االستواء وذلك أشبه شيء باحلواجب إذا امتدت ألن احلاجب كما ال خيفي فهناك تقويسا ومده ينقص من تقويسه، والوجه الثاين أن جترد هيئة احلركة عن كل وصف غريها للجسم

أيضا ال بد من اختالط حركات كثرية للجسم إىل جهات خمتلفة له كأن يتحرك بعضه إىل اليمني وبعضه إىل الشمال وبعضه إىل العلو وبعضه إىل السفل فحركة الرحا والدوالب والسهم ال تركيب فيها الحتاد

: احلركة، وحركة املصحف يف قول ابن املعتز

امرة وانفتاح اقافانطب وكأن البرق مصحف قار

وكلما كان التفاوت يف اجلهات . فيها تركيب ألنه يتحرك يف احلالتني إىل جهتني يف كل حالة إىل جهةاليت تتحرك أبعاض اجلسم إليها اشد كان التركيب يف هيئة املتحرك أكثر، ومن لطيف ذلك قول األعشى

: يصف السفينة يف البحر وتقاذف األمواج ا

ينزو الرياح خالله كرع بجانبيه كماالسفين تقص

الرياح الفصيل، وقيل القرد، والكرع ماء السماء، شبه السفينة يف احندارها : قال الشيخ عبد القاهروارتفاعها حبركات الفصيل يف نزوه، فإنه يكون له حينئذ حركات متفاوتة تصري هلا أعضاؤه يف جهات

ترتيب وحبيث يدخل أحدمها يف اآلخر فال يتبينه الطرف خمتلفة، ويكون هناك تسفل وتصعد على غريمرتفعا حىت يراه متسفال، وذلك أشبه شيء حبال السفينة وهيئة حركاا حني تتدافعها األمواج، ومنه قول

: آخر

خضر الحرير على قوام معتدل تفبسرو كالقيان ولح حفت

لمنعها الخجتبغي التعانق ثم ي اهيلاء يمفكأنها والريح ج

فإن فيه تفصيال دقيقا وذلك أنه راعى احلركتني، حركة التهيؤ للدنو والعناق، وحركة الرجوع إىل أصل االفتراق، وأدى ما يكون يف الثانية من سرعة زائدة تأدية لطيفة ألن حركة الشجرة املعتدلة يف حال

ها من مكاا من االعتدال، وكذلك رجوعها إىل اعتداهلا أسرع ال حمالة من حركتها يف حال خروجحركة من يدركه اخلجل فريتدع أسرع من حركة من يهم بالدنو، ألن إزعاج اخلوف أقوى أبدا من

Page 110: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 110

.إزعاج الرجا

: ومما مذهبه السهل املمتنع من هذا الضرب قول امرئ القيس

كجلمود صخر حطه السيل من عل اعر مدبل ممفر مقب مكر

لفرس لفرط ما فيبه من لني الرأس وسرعة االحنراف ترى كفله يف احلال اليت ترى فيها لببه يقول إن هذا افهو كجلمود صخر دفعه السيل من مكان عال فإن احلجر بطبعه يطلب جهة السفل ألا مركزه فكيف

أيب إذنا أعانته قوة دفع السيل من عل فهو لسرعة تقلبه قد يقع يف هيئة السكون؛ فمن لطيف ذلك قول : الطيب يف صفة الكلب

يقعي جلوس البدوي المصطلي

إمنا لطف من حيث كان لكل عضو من الكلب يف إقعائه موقع خاص، وللمجموع صورة خاصة مؤلفة .من تلك املواقع

: ومنه البيت الثاين من قول اآلخر يف صفة مصلوب

يوم الوداع إلى توديع مرتحل هتكأنه عاشق قد مد صفح

للتمطيه من الكس مواصل هئم من نعاس فيه لوثتقا أو

والتفصيل فيه انه شبهه باملمتطي إذا وصال متطيه مع التعرض لسببه وهو اللوثة والكسل فيه، فنظر إىل هذه اجلهات الثالث، ولو اقتصر على أنه كاملتمطي كان قريب التناول، ألن هذا القدر يقع يف نفس الرائي

.نه من باب اجلملةللمصلوب ابتداء أل

: وشبيه ذا القول قول اآلخر

تسعين منهم صلبوا في خط أر صفا مثل صف الزط لم

طتفي جذعه المش كأنه طكل عال جذعه بالش من

طم يغخامر النوم ول قد يأخو نعاس جد في التمط

ستدامة هلا دون بلوغ الصفة غاية ما والفرق بني هذا واألول أن األول صريح يف االستمرار على اهليئة واال .ميكن أن يكون عليها، والثاين بالعكس

: قال الشيخ عبد القاهر وشبيه باألول يف االستقصاء قول ابن الرومي يف املصلوب أيضا

إذا مال انقضى حبل أتيح له حبل هوعله في الجو حبال يب كأن

Page 111: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 111

واصل لتمطيه من الكيل يف التنبيه على استدامة الشبه، إذا ما انقضى حبل أتيح له حبل كقوله م: فقولهألنه إذا كان ال يزال يبوع حبال مل يقبض باعه ومل يرسل يده، ويف ذلك بقاء شبه املصلوب على

.االتصال

والذين : " واملركب العقلي كاملنظر املطمع مع املخرب املؤيس الذي هو على عكس ما قدر يف قوله تعاىلكسراب بقيعة حيسبه الظمآن ماء حىت إذا جاءه مل جيده شيئا ووجد اهللا عنده فوفاه حسابه كفروا أعماهلم

شبه ما يعمله من ال يقرن اإلميان املعترب خب األعمال اليت حيسبها تنفعه عند اهللا وتنجيه من عذابه مث " لبه عطش يوم القيامة خييب يف العاقبة يف أمله ويلقى خالف ما قدر بسراب يراه الكافر بالساهرة وقد غ

فيحسبه ماء فيأتيه فال جيد ما رجاه وجيد زبانية اهللا عنده فيأخذونه فيعتلونه إىل جهنم فيسقونه احلميم والغساق، فهو كما روعي من الكافر فعل خمصوص وهو حسبان األعمال نافعة له، وأن تكون لألعمال

تعاىل بالثواب عليها بشرط اإلميان به وبرسله صورة خمصوصة وهي صورة األعمال الصاحلة اليت وعد اهللا عليهم السالم، وأا ال تفيدهم يف العاقبة شيئا وأم يلقون فيها عكس ما أملوه وهو العذاب األليم، وكذا

" يف جانب املشبه به وكحرمان االنتفاع بأبلغ نافع مع حتمل التعب يف استصحابه، كما يف قوله تعاىل

فإنه أيضا منتزع من أمور جمموعة قرن " وراة مث مل حيملوها كمثل احلمار حيمل أسفارا مثل الذين محلوا التبعضها إىل بعض وذلك أنه روعي من احلمار فعل خمصوص وهو احلمل وأن يكون احملمول شيئا خمصوصا

.وهي األسفار اليت هي أوعية العلوم وأن احلمار جاهل مبا فيها وكذا يف جانب املشبه

أنه قد تقع بعد أداة التشبيه أمور يظن أن املقصود أمر منتزع من بعضها فيقع اخلطأ لكونه أمرا :واعلم : منتزعا من مجيعها كقوله

ترأوها أقشعت وتجل فلما كما أبرقت قوما عطاشا غمامة

ملقصود به ظهور فإنه رمبا يظن أن الشطر األول منه تشبيه مستقل بنفسه ال حاجة به إىل الثاين على أن اأمر مطمع ملن هو شديد احلاجة غليه، ولكن بتأمل يظهر أن مغزى الشاعر يف التشبيه أن يثبت ابتداء

مطمعا متصال بانتهاء مؤيس وذلك يتوقف على البيت كله، فإن قيل هذا يقتضي أن يكون بعض ار على أحد اخلربينب يبطل زيد يصفو ويكدر تشبيها واحدا ألن االقتص: التشبيهات اتمعة كقولنا

الغرض من الكالم، ألن الغرض منه وصف املخرب عنه بأنه جيمع بني الصفتني وأن إحدامها ال تدوم، قلنا الفرق بينهما أن الغرض يف البيت أن يثبت ابتداء مطمع متصل بانتهاء مؤيس كما مر، وكون الشيء

صفو ويكدر أكثر من اجلمع بني الصفتني، ونظري ابتداء آلخر زائد على اجلمع بينهما وليس يف قولنا ي

Page 112: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 112

البيت قولنا يصفو مث يكدر إفادة، مث الترتيب املقتضي ربط أحد الوصفني باآلخر، وقد ظهر مما ذكرنا أن التشبيهات اتمعة تفارق التشبيه املركب يف مثل ما ذكرنا بأمرين أحدمها أنه ال جيب فيها الترتيب الثاين

ا ال يتغري حال الباقي يف إفادة ما كان يفيده قبل احلذف، فإذا قلنا زيد كاألسد باسا، أنه إذا حذف بعضهوالسيف مضاء، والبحر جودا ال جيب أن يكون هلذه التشبيهات نسق خمصوص بل لو قدم التشبيه بالبحر

الف املركب، أو التشبيه بالسيف جاز، ولو أسقط واحد من الثالثة مل يتغري حال غريه يف إفادة معناه خبفإن املقصور منه خيتل بإسقاط بعض األمور واملتعدد احلسي كاللون والطعم والرائحة يف تشبيه فاكهة بأخرى، واملتعدد العقلي كحدة النظر وكمال احلذر وإخفاء الفساد يف تشبيه طائر بالغراب واملتعدد

.املختلف كحسن الطلعة ونباهة الشأن يف تشبيه إنسان بالشمس

م أن الطريق يف اكتساب وجه الشبه أن مييز عما عداه فإذا أردت أن تشبه جسما جبسم يف هيئة واعلحركة وجب أن تطلب الوفاق بني اهليئة واهليئة جمردتني عن اجلسم وسائر أوصافه من اللون وغريه كما

دها العني من انبساط فعل ابن املعتز يف تشبيه الربق فإنه مل ينظر إىل شيء من أوصافه سوى اهليئة اليت جتيعقبه انقباض وأما أداته فالكاف يف حنو قولك زيد كاألسد وكأن يف حنو قولك زيد كأنه أسد ومثل يف

حنو قولك وزيد مثل األسد وما يف معىن مثل كلفظه حنو وما يشتق من لفظه مثل وشبه وحنومها، واألصل يتأتى التشبيه به وذلك إذا كان املشبه به مركبا يف الكاف وحنوها أن يليها املشبه به وقد يليها مفرد ال

واضرب هلم مثل احلياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات األرض فأصبح " كقوله تعاىل إذ ليس املراد تشبيه حال الدنيا باملاء وال مبفرد آخر يتمحل لتقديره بل املراد تشبيه " هشيما تذروه الرياح

ارا وجتها وما يتعقبها من اهلالك والفناء حبال النبات يكون أخضر وأرقا مث يهيج فتطريه حاهلا يف نضيا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار اهللا كما قال عيسى ابن مرمي " الرياح كأن مل يكن، وأما قوله عز وجل

كان احلواريون أنصار عيسى فليس منه ألن املعىن كونوا أنصار اهللا كما" للحواريني من أنصاري إىل اهللا علمت زيدا أسدا : حني قال هلم من أنصاري إىل اهللا وقد يذكر فعل ينبئ عن التشبيه كعلمت يف قولك

وحنوه، هذا إذا قرب التشبيه فإن بعد أدىن تبعيد قيل خلته وحسبته وحنومها، وأما الغرض من التشبيه فيعود ه به أما األول، فريجع إىل وجوه خمتلفة منها بيان أن وجود املشبه يف األغلب إىل املشبه وقد يعود إىل املشب

: ممكن وذلك يف كل أمر غريب ميكن أن خيالف فيه ويدعي امتناعه كما يف قول أيب الطيب

فإن المسك بعض دم الغزال مهفإن تفق األنام وأنت من

ون واحدا منهم بل صار نوعا آخر برأسه أراد أنه فاق األنام يف األوصاف الفاضلة إىل حد بطل معه أن يكأشرف من اإلنسان وهذا أعىن أن يتناهى بعض أفراد النوع يف الفضائل إىل أن يصري كأنه ليس منها أمر

Page 113: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 113

غريب يفتقر من يدعيه إىل إثبات جواز وجوده على اجلملة حىت جييء إىل إثبات وجوده يف املمدوح فقال ال يعد يف الدماء ملا فيه من إىل صاف الشريفة اليت ال يوجد شيء أي و- فإن املسك بعض دم الغزال -

منها يف الدم وخلوه من األوصاف اليت هلا كان الدم دما، فأبان أن ملا ادعاه أصال يف الوجود على اجلملة، يان ومنها بيان حاله كما يف تشبيه ثوب بثوب آخر يف السواد إذا علم لون املشبه به دون املشبه، ومنها نب

: مقدار حاله يف القوة والضعف والزيادة والنقصان كما يف قوله

مداد مثل خافية الغراب

: وعليه قول اآلخر

على الماء خانته فروج األصابع من ليلى الغداة كقابض فأصبحت

مبا أي بلغت يف بوار سعيي يف الوصول إليها وأن أمتع ا أقصى الغايات حىت مل أحظ منها مبا قل والكثر، ومنها تقرير حاله يف نفس السامع كما يف تشبيه من ال حيصل من سعيه على طائل مبن يرقم على

فإنه بني ما مل جتر به العادة مبا جرت به " وإذ نتقنا اجلبل فوقهم كأنه ظلة " املاء وعليه قوله عز وجل و به أشهر وهلذا ضعف قول العدة، وهذه الوجوه تقتضي أن يكون وجه الشبه يف املشبه به أمت وه

: البحتري

دادممة بمن ظل جوانبه على باب قنسرين والليل الطخ

: فإنه رب مداد فاقد اللون والليل بالسواد وشدته أحق وأحرى، وهلذا قال ابن الرومي

يلوان أي سإلخ يسيل حبر أبي حفص لعاب الليل

كأنه نظر إىل قول العامة يف الشيء األسود هو كالنفس فبالغ يف وصف احلرب بالسواد حني شبهه بالليل فمث تركه للقافية إىل املداد، ومنها تزيينه للترغيب فيه كما يف تشبيه وجه أسود مبقلة الظيب، ومنها تشويهه

للتنفري عنه، كما يف تشبيه وجه جدور بسلحة جامدة قد نقرا الديكة، وقد أشار إىل هذين القرضني ابن : قولهالرومي يف

وإن تعب قلت ذا قيء الزنابير ههذا مجاج النحل تمدح تقول

ومنها استطرافه كما يف تشبيه فحم فيه مجر موقد ببحر من املسك موجه الذهب إلبرازه يف صورة املمتنع عادة، ولالستطراف وجه آخر وهو أن يكون املشبه به قادر احلضور إما مطلقا كما مر وإما عند حضور

: كما يف قولهاملشبه

بين الرياض على حمر اليواقيت اهتتزهو بزرق والزوردية

النار في أطراف كبريت أوائل اهفوق قامات ضعفن ب كأنها

Page 114: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 114

فإن صورة اتصال النار بأطراف الكربيت ال يندر حضورها الذهن ندرة صورة حبر من املسك موجه نفسج فإذا أحضر مع صحة الشبه استطرف ملشاهدة الذهب وإمنا النادر حضورها عند حضور صورة الب

: عناق بني صورتني ال تتراءى نارمها، ومما يؤيد هذا ما حيكى أن جريرا قال أنشدين عدي

عرف الديار توهما فاعتادها

: فلما بلغ إىل قوله

تزجى أغن كأن إبرة روقه

: قالرمحته وقلت وقد وقع ما عساه يقول وهو أعرايب جلف جاف فلما

قلم أصاب من الدواة مدادها

استحالت الرمحة حسدا فها كانت رمحته يف األوىل واحلسد يف الثانية إال ألنه رآه حني افتتح التشبيه قد ذكر ما ال حيضر له يف أول الفكر شبه وحني أمته صادفه قد ظفر بأقرب صفة من ابعد موصوف، وذكر

يف تشبيه البنفسج بنار الكربيت وجها آخر وهو أنه أراك شبها الشيخ عبد القاهر رمحه اهللا لالستطرافلنبات غض يرف وأوراق رطبة من هلب نار يف جسم مستول وعليه اليبس ومبىن الطباع وموضوع اجلبلة

على أن الشيء إذا ظهر من مكان مل يعهد ظهوره منه وخرج من موضع ليس مبعدن له كانت صبابة ف به أجدر، وأما الثاين فيكون يف الغالب إيهام أن املشبه به أمت من املشبه يف النفوس به اكثر وكان الشغ

: وجه الشبه وذلك يف التشبيه املقلوب وهو أن يكون األمر بالعكس كقول حممد بن وهيب

وجه الخليفة حين يمتدح الصباح كأن غرته وبدا

والضياء، واعلم أن هذا وإن كان يف الظاهر فإنه قصد إيهام أن وجه اخلليفة أمت من الصباح يف الوضوحيشبه قوهلم ال أدري أوجهه نور أم الصبح وغرته أضوأ أم البدر، وقوهلم إذا أفرطوا نور الصباح خيفى يف

ضوء وجهه أو نور الشمس مسروق من نور جبينه وحنو ذلك من وجوه املبالغة، فإن يف األول خالبة هو كأنه يستكثر للصباح أن يشبهه بوجه اخلليفة ويوهم أنه احتشد له وشيئا من السحر ليس يف الثاين، و

واجتهد يف تشبيه يفخم به أمره فيوقع املبالغة يف نفسك من حيث ال تشعر ويفيدها من غري أن يظهر ادعاؤه هلا ألنه وضع كالمه وضع من يقيس على أصل متفق عليه ال يشفق من خالف خمالف وكم

وردت على النفس هذا املورد كان هلا نوع من السرور عجيب فكانت كالنعمة اليت ال متهكم واملعاين إذا يدركها املنة وكالغنيمة من حيث ال حتتسب ويف قوله حني ميتدح فائدة شريفة وهي الداللة على اتصاف

ه املمدوح مبا ال يوجد إال فيمن هو كامل يف الكرم من معرفة حق املادح على ما احتشد له من تزيين

Page 115: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 115

وقصده من تفخيم شأنه يف عيون الناس باإلصغاء إليه واالرتياح له والداللة بالبشر والطالقة على حسن فإن مقتضى الظاهر أن " إمنا البيع مثل الربا " موقعه عنده، ومنه قوله تعاىل حكاية عن مستحلي الربا

ا جلعلهم الربا يف احلل أقوى حاال من البيع إمنا الربا مثل البيع، إذ الكالم يف الربا ال يف البيع فخالفو: يقالفإن مقتضى الظاهر العكس ألن اخلطاب " أفمن خيلق كمن ال خيلق " وأعرف به، ومنه قوله عز وجل

للذين عبدوا األوثان ومسوها آهلة تشبيها باهللا سبحانه وتعاىل فقد جعلوا غري اخلالق مثل اخلالق فخولف يف ادا وغلوا حىت صارت عندهم أصال يف العبادة، واخلالق سبحانه فرعا فجاء خطام ألم بالغوا يف عب

اإلنكار على وفق ذلك، قال السكاكي عندي أن املراد مبن ال خيلق احلي العامل القادر من اخللق تعريضا أرأيت من " تنبيه توبيخ عليه وحنو قوله تعاىل " أفال تذكرون " بإنكار تشبيه األصنام باهللا عز وجل وقوله

بدل أرأيت من اختذ هواه إهله وقد يكون الغرض العائد إىل املشبه به بيان االهتمام به " اختذ إهله هواه كتشبيه اجلائع وجها كالبدر يف اإلشراق واالستدارة بالرغيف إظهارا لالهتمام بشأن الرغيف ال غري وهذا

ليه إال يف مقام الطمع يف تسين املطلوب، كما يسمى إظهار املطلوب، قال السكاكي وال حيسن املصري إ : حيكى عن الصاحب أن قاضي سجستان دخل عليه فوجده الصاحب متفننا ميدحه حىت قال

وعالم يعرف بالسجزى

وأشار للندماء أن ينظموا على أسلوبه ففعلوا واحدا بعد واحد إىل أن انتهت النوبة إىل شريف يف البني : فقال

س من الخبزأشهى إلى النف

فأمر الصاحب أن تقدم له مائدة هذا كله إذا أريد إحلاق الناقص يف وجه الشبه حقيقة أو ادعاء بالزائد فإن أريد جمرد اجلمع بني شيئني يف أمر فاألحسن ترك التشبيه إىل احلكم بالتشابه ليكون كل واحد من

: يني على اآلخر كقول أيب إسحاق الصايبالطرفني مشبها ومشبها به احترازا من ترجيح أحد املتساو

فمن مثل ما في الكأس عيني تسكب يتدامدمعي إذ جرى وم تشابه

ربجفوني أم من عبرتي كنت أش تلبما أدري أبالخمر أس فواهللا

: وكقول اآلخر

رل األمفتشاك وتشابها رق الزجاج وراقت الخمر

رم وال خقدح وكأنما دحر وال قمخ فكأنما

وجيوز التشبيه أيضا كتشبيه غرة الفرس بالصبح وتشبيه الصبح بغرة الفرس مىت أريد ظهور منري يف مظلم : أكثر منه وتشبيه الشمس باملرآة الوة أو الدينار اخلارج من السكة كما قال

Page 116: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 116

جلته حدائد الضراب ر وكأن الشمس المنيرة دينا

ينار اخلارج من السكة بالشمس مىت أريد استدارة متأللئ متضمن خلصوص يف وتشبيه املرآة الوة أو الداللون وإن عظم التفاوت بني بياض الصبح وبياض الغرة وبني نور الشمس ونور املرآة والدينار وبني

اجلرمني فإنه ليس شيء من ذلك مبنظور إليه يف التشبيه وعلى هذا ورد تشبيه الصبح يف الظالم بعلم أبيض : ديباج أسود يف قول ابن املعتزعلى

من الصباح طراز غير مرقوم هبوالليل كالحلة السوداء الح

فإنه تشبيه حسن مقبول وإن كان التفاوت يف املقدار بني الصبح والطراز يف االمتداد واالنبساط شديدا فرد وهو ما طرفاه مفردان أما غري وأما تقسيم التشبيه فباعتبار طرفيه أربعة أقسام األول تشبيه املفرد بامل

فإن قلت ما وجه " هن لباس لكم وأنتم لباس هلن " مقيدين كتشبيه اخلد بالورد وحنوه وعليه قوله تعاىل الشبه يف اآلية قلت جعله الزخمشري حسيا فإنه قال ملا كان الرجل واملرأة يعتنقان ويشتمل كل واحد منها

: املشتمل عليه، قال اجلعديعلى صاحبه يف عناقه شبه باللباس

افكانت عليه لباس تثنت إذا ما الضجيع ثنى عطفها

وكل قيل شبه كل واحد باللباس لآلخر ألنه يصونه من الوقوع يف فضيحة الفاحشة كاللباس الساتر اء، للعورة، وإما مقيدان كقوهلم ملن مل حيصل من سعيه على شيء هو كالقابض على املاء، وكالراقم يف امل

فإن املشبه هو الساعي ال مطلقا بل مقيدا بكون سعيه كذلك واملشبه به هو القابض أو الراقم، ال مطلقا بل مقيدا بكون قبضه على املاء أو رقمه فيه ألن وجه الشبه فيهما هو التسوية بني الفعل وعدمه يف عدم

د على الشيء أن حيصل فيها، فإذا كان مما الفائدة والقبض على املاء والرقم فيه كذلك ألن فائدة قبض اليال يتماسك فقبضها عليه وعدمه سواء، وكذلك القصد بالرقم يف الشيء أن يبقى أثره فيه، فإذا فعل فيما

هو كمن جيمع : ال يقبله كان فعله كعدمه، فالقيد يف هاتني الصورتني هو اجلار وارور، وحنومها قوهلمهو كاحلادي : بتغي الصيد يف عريسة األسد، وقد يكون حاال كقوهلمهو كم: سيفني يف غمد، وقوهلم

: ومما طرفاه مقيدان قول الشاعر. وليس له بعري

زيردرا على خن كمعلق إني وتزييني بمدحي معشرا

داخل - أعين قوله مبدحي -فإن املشبه فيه هو املتكلم بقيد اتصافه بتزيينه مبدحه معشرا فمتعلق التزيني املشبه واملشبه به من يعلق درا بقيد أن يكون تعليقه إياه على خرتير، فالشبه مأخوذ من جمموع املصدر يف

قالوا : وما يف صلته وهو أن كل واحد منها يضع الزينة حيث ال يظهر هلا أثر، ألن الشيء غري قابل للتزيني

Page 117: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 117

تزييين كذا، ألنه ليس معنا شيئان يكون إين كذا، وإن: أو يف قوله وتزييين مبعىن مع، إذ ال ميكن أن يقالأحدمها خربا عن ضمري املتكلم واآلخر عن تزييين، ال يقال تقديره إين كمعلق درا على خرتير وإن تزييين مبدحي معشرا كتعليق در على خرتير، ألنه ال يتصور أن يشبه املتكلم نفسه من حيث هو مبعلق درا على

: ه نفسه باعتبار تزيينه مبدحه معشرا وإما خمتلفان واملقيد هو املشبه به كقولهخرتير بل ال بد أن يكون يشب

والشمس كالمرآة في كف األشل

فإن املشبه هو الشمس على اإلطالق واملشبه به هو املرآة ال على اإلطالق بل بقيد كوا يف يد األشل، أو تشبيه املركب باملركب، وهو ما طرفاه : الثاين. على عكس ذلك كتشبيه املرآة يف كف األشل بالشمس

: كثرتان جمتمعتان، كما يف قول البحتري

صعود البرق في الغيم الجهام يهدن فعترى أحجاله يص

ما يريد به تشبيه بياض احلجول على االنفراد بالربق بل مقصوده اهليئة اخلاصة احلاصلة من خمالطة أحد بيت بشار، ولذلك وجب احلكم بأن أسيافنا يف حكم الصلة اللونني باآلخر، وكذلك املقصود يف

للمصدر، ونصب األسياف ال مينع من تقدير االتصال، ألن الواو فيها مبعىن مع قوهلم لو تركت الناقة اوى كواكبه، مجلة وقعت صفة لليل، فإن الكواكب : وفصيلها لرضعها، ومما ينبه على ذلك أن قوله

: ليل، ولو كانت مستبدة بشأا لقال ليل وكواكب، وأمابيت امرئ القيسمذكورة على سبيل التبع ل

لدى وكرها العناب والحشف البالي اسا ويابقلوب الطير رطب كأن

فهو على خالف هذا ألن أحد الشيئني فيه بالطرفني معطوف على اآلخر، أما يف طرف املشبه به فبني، ملتفق كالعطف يف املختلف، فاجتماع شيئني أو أشياء يف لفظ تثنية وأما يف طرف املشبه فألن اجلمع يف ا

أو مجع ال يوجب أن أحدمها أو أحدها يف حكم التابع لآلخر، كما يكون ذلك إذا جرى الثاين صفة لألول أو حاال منه، أو ما أشبه ذلك، وقد صرح بالعطف فيما أجراه بيانا له من قوله رطبا ويابسا، وهذا

: ربان أحدمها ما ال يصح تشبيه كل جزء من أحد طرفيه مبا يقابله من الطرف اآلخر كقولهالقسم ض

كطرف أشهب ملقى الجالل ادوالصبح تحت الليل ب غدا

: فإن اجلالل فيه يف مقابلة الليل ولو شبهه به مل يكن شيئا وكقول اآلخر

في شامخ الرفعه قدامه ريكأنما المريخ والمشت

أسرجت قدامه شمعه قد ف بالليل عن دعوةمنصر

Page 118: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 118

فإن املريخ يف مقابلة املنصرف عن الدعوة، ولو قيل كأن املريخ منصرف بالليل عن دعوة كان خلفا من القول، والثاين ما يصح تشبيه كل جزء من أجزاء أحد طرفيه مبا يقابله من أجزاء الطرف اآلخر، غري أن

: احلال تتغري، ومثاله قوله

در بسطن على بساط أزرق اأجرام النجوم لوامع نوكأ

فإن لو قيل كأن النجوم درر وكأن السماء بساط أزرق كان تشبيها صحيحا، لكن أين يقع من التشبيه الذي يريك اهليئة اليت متأل القلوب سرورا وعجبا من طلوع النجوم، مؤتلفة متفرقة يف أدمي السماء، وهي

. تشبيه املفرد باملركب كما مر من تشبيه الشاة اجلبلى والشقيق والنيلوفر: الثالث! يةزرقاء زرقتها الصاف

: تشبيه املركب باملفرد كقول أب متام: الرابع

تريا وجوه األرض كيف تصور امريكصاحبي تقصيا نظ يا

رمالربا فكأنما هو مق زهر هابد شنهارا مشمسا ق تريا

شدة خضرته مع كثرته وتكاثفه قد صار لونه إىل االسوداد فنقص من ضوء الشمس يعين أن النبات من حجى صار كضوء القمر، وأيضا إن تعدد طرفاه فهو إما ملفوف أو مفروق، فامللفوف ما أتى فيه

: باملشبهني مث باملشبه ما كقول امرئ القيس

موأطراف األكف عن نير كأن قلوب الطير رطبا ويابسا

: امللفوف خبالف ذلك، كقول املرقش األكربوغري

نير وأطراف األكف عنم االنشر مسك والوجوه دن

: ومنه قول أيب الطيب

وفاحت عنبرا ورنت غزاال قمرا ومالت خوط بان بدت

: وإن تعدد طرفه األول أعين املشبه دون الثاين مسي تشبيه التسوية، كقول اآلخر

ييالهما كاللكال صدغ الحبيب وحالي

يكالآلل وأدمعي اءفي صف وثغره

: وإن تعدد طرفه الثاين، أعين املشبه به دون األول مسي تشبيه اجلمع، كقول البحتري

منضد أو برد أو أقاح ؤيبسم عن لؤل كأنما

: ومثله قول امرئ القيس

وريح الخزامى ونشر القطر اممكأن المدام وصوب الغ

Page 119: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 119

رطرب الطائر المستح إذا اهيابرد أنه بل بيع

.إال أن فيه شوبا من القصد إىل هيئة االجتماع

ما : التمثيل. متثيل وغري متثيل، وجممل ومفصل، وقريب وبعيد: وأما باعتبار وجهه فله ثالث تقسيمات مثل ا وجهه وصف منتزع من متعدد أمرين أو أمور، وقيده السكاكي بكونه غري حقيقي ومثل بصور

: غريه أيضا، منها قول ابن املعتز

هلاتفإن صبرك ق د اصبر على مضض الحسو

هلأكلم تجد ما ت إن اهسفتأكل ن فالنار

فإن تشبيه احلسود املتروك مقاولته مع تطلبه إياها لينال ا نفثة مصدور بالنار اليت ال متد باحلطب يف أمر و إسراع الفناء النقطاع ما فيه مدد البقاء، ومنها قول صاحل بنت عبد حقيقي منتزع من متعدد، وه

: القدوس

كالعود يسقي الماء في غرسه ابصمن أدبته في ال وإن

هالذي أبصرت من يبس بعد رااضا نقحتى تراه مون

ون املؤدب يف صباه فإن تشبيه املؤدب يف صباه بالعود املسقى أو أن غرسه فيما يلزم كل واحد من كمهذب األخالق محيد الفعال لتأديبه املصادف وقته، وكون العود املسقى أو أن غرسه مونقا بأوراقه " ونضرته لسقيه املصادف وقته، من متام امليل وكمال االستحسان بعد خالف ذلك، ومنها قوله تعاىل

" بنورهم وتركهم يف ظلمات ال يبصرون مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب اهللا

فإن تشبيه حال املنافقني حبال املوصوف بصلة املوصول يف اآلية يف أمر حقيقي منتزع من متعدد وهو وغري . الطمع يف حصول مطلوب ملباشرة أسبابه القريبة مع تعقب احلرمان واخليبة النقالب األسباب

ما مل يذكر وجهه، فمنه ما هو : وامل. ثلة املذكورةما كان خبالف ذلك كما سبق يف األم: التمثيلزيد أسد، إذ ال خيفى على أحد أن املراد به التشبيه يف : ظاهر يفهمه كل أحد حىت العامة، كقولنا

الشجاعة دون غريها، ومنه ما هو خفي ال يدركه إال من له ذهن يرتفع عن طبقة العامة، كقول من له عنهم وأن أيهم أجند، كانوا كاحللقة املفرغة ال يدرى أين طرفاها، وصف بين املهلب للحجاج ملا سأ

أي لتناسب أصوهلم وفروعهم يف الشرف ميتنع تعيني بعضهم فاضال وبعضهم أفضل منه، كما أن احللقة املفرغة لتناسب أجزائها ميتنع تعيني بعضها طرفا وبعضها وسطا، هكذا نسبه الشيخ عبد القاهر إىل من

املهلب، ونسبه الشيخ جار اهللا العالمة إىل األمناري، قيل هي فاطمة بنت اخلرشب، سئلت عن وصف بين

Page 120: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 120

بنيها أيهم أفضل فقالت عمارة ال بل فالن ال بل فالن مث قالت ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل هم املشبه به، كاحللقة املفرغة ال يدرى أين طرفاها، وأيضا منه ما مل يذكر فيه وصف املشبه وال وصف

: كاملثال األول، ومنه ما ذكر فيه وصف املشبه به وحده كاملثال الثاين، وحنوه قول زياد األعجم

لكالبحر مهما تلق في البحر يغرق انوتجوما تلقي لنا إن ه وإنا

: وكذا قول النابغة الذبياين

إذا طلعت لم يبد منهن كوكب بواكوك كلوالم فإنك

: ذكر فيه وصف كل واحد منهما كقول أب متامومنه ما

بوعاوده ظني فلم يخ عني عنه ولم تصدف مواهبه صدفت

وإن ترحلت عنه لج في الطلب هاك ريقكالغيث إن جئته واف

: ما ذكر وجهه كقول ابن الرومي: واملفصل

النوفي بعد الم ن يا شبيه البدر في الحس

زاللاء اللمبا رة خفقد تنفجر الص جد

: وقول أيب بكر اخلالدي

االنوم وضياء شبيه البدر حسنا يا

داالواعت وقواما الغصن لينا وشبيه

الالوم اونسيم أنت مثل الورد لونا

بالقرب زاال سرنا ازارنا حتى إذا م

ال تثقل على اللسان لتنافر وقد يتسامح بذكر ما يستتبعه مكانه، كقوهلم يف وصف األلفاظ إذا وجدوها حروفها أو تكررها وال تكون غريبة وحشية تستكره لكوا غري مألوفة وال مما تبعد داللتها على معانيها

هي كالعسل يف احلالوة وكاملاء يف السالسة وكالنسيم يف الرقة وقوهلم يف احلجة إذا كانت معلومة ب، هي كالشمس يف الظهور واجلامع يف احلقيقة الزم األجزاء يقينية التأليف بينة االستلزام للمطلو

احلالوة، وهو ميل الطبع والزم السالسة والرقة، وهو إفادة النفس نشاطا وروحا والزم الظهور، وهو إزالة احلجاب فإن شأن النفس مع األلفاظ املوصوفة يتلك الصفات كشأا مع العسل الذي يلذ طعمه

ليه وحيب وروده عليه، أو كشأا مع املاء الذي يسوغ يف احللق، ومع فتهش النفس له ومييل الطبع غالنسيم الذي يسري يف البدن فيتخلل املسالك اللطيفة منه فيفيدان النفس نشاطا وروحا، وشأا مع

Page 121: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 121

الشبهة اليت متنع القلب إدراك ما شبهة فيه كشأا مع احلجاب احلسي الذي مينع أن يرى ما يكون من .ذلك توصف بأا اعترضت دون الذي يروم القلب إدراكهورائه ول

قال الشيخ صاحب املفتاح وتساحمهم هذا ال يقع غال حيث يكون التشبيه يف وصف اعتباري كالذي حنن فيه، وأقول يشبه أن يكون تركهم التحقيق يف وجه الشبه على ما سبق التنبيه عليه من تساحمهم هذا انتهى

.كالمه

بتذل وهو ما ينتقل فيه من املشبه إىل املشبه به من غري تدقيق نظر لظهور وجهه يف بادئ والقريب املاألول كون الشبه أمرا مجليا فإن اجلملة أسبق أبدا إىل النفس من التفصيل، : الرأي، وسبب ظهوره أمران

مث على التفصيل، أال ترى أن الرؤية ال تصل يف أول أمرها إىل الوصف على التفصيل، لكن على اجلملة،ولذلك قيل النظرة األوىل محقاء وفالن مل ينعم النظر وكذا سائر احلواس فإنه يدرك من تفاصيل الصوت والذوق يف املرة الثانية ما مل يدرك يف املرة األوىل، ومن يروم التفصيل كمن يبتغي الشيء من بني مجلة

يد أخذ الشيء جزافا وكذا حكم ما يدرك بالعقل يردي متييزه مما اختلط به، ومن يروم اإلمجال كمن يرترى اجلمل أبدا تسبق إىل الذهن والتفاصيل مغمورة فيها ال حتتضر إال بعد إعمال الروية، والثاين كونه قليل التفصيل مع غلبة حضور املشبه به يف الذهن، إما عند حضور املشبه لقرب املناسبة بينهما كتشبيه

ء باإلجاصة يف الشكل ويف املقدار، واجلرة الصغرية بالكوز كذلك، وإما مطلقا العنبة الكبرية السودالتكرره على احلس كما مر تشبيه الشمس باملرآة الوة يف االستدارة واالستنارة، فإن قرب املناسبة

فيه والتكرر كل واحد منهما يعارض التفصيل القتضائه سرعة االنتقال، والبعيد الغريب وهو ما ال ينتقلأحدمها كونه كثري : من املشبه إىل املشبه به إال بعد فكر خلفاء وجهه يف بادئ الرأي، وسبب خفائه أمران

التفصيل كما سبق من تشبيه الشمس باملرآة يف كف األشل، فإن ما ذكرناه من اهليئة ال يقوم يف نفس ره متمهال، والثاين ندور حضور الرائي للمرآة الدائمة االضطراب إال أن يستأنف تأمال ويكون يف نظ

املشبه به يف الذهن إما عند حضور املشبه لبعد املناسبة بينهما كما تقدم من تشبيه البنفسج بنار الكربيت، وإما مطلقا لكونه ومهيا أو مركبا خياليا أو مركبا عقليا كما مضى من تشبيه نصال السهام بأنياب

ياقوت منشورة على رماح من الزبرجد وتشبيه مثل أحبار اليهود مبثل األغوال، وتشبيه الشقيق بأعالم احلمار حيمل أسفارا، فإن كال سبب لندرة حضور املشبه به يف الذهن أو لقلة تكرره على احلس، كما مر

من تشبيه الشمس باملرآة يف كف األشل، فإنه رمبا يقضي الرجل دهره وال يتفق له أن يرى مرآة يف يد الغرابة يف هذا التشبيه، من وجهني، واملراد بالتفصيل أن ينظر يف أكثر من وصف واحد لشيء األشل، ف

Page 122: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 122

واحد أو أكثر، وذلك يقع على وجوه كثرية، واألغلب األعرف منها وجهان أحدمها أن تأخذ بعضا : وتدع بعضا كما فعل امرؤ القيس يف قوله

سنا لهب لم يتصل بدخان هردينيا كأن سنان حملت

: ففصل السنا عن الدخان وأثبته مفردا، والثاين أن يعترب كما فعل اآلخر يف قوله

وراين نية حالحم كعنقود وقد الح في الصبح الثريا كما ترى

فإنه اعترب من النجم الشكل واملقدار واللون واجتماعها على املسافة املخصوصة يف القرب مث اعترب مثل ر من املالحية، وكلما كان التركيب من أمور أكثر كان التشبيه ابعد وابلغ كقوله ذلك يف العنقود املنو

إمنا مثل احلياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات األرض مما يأكل الناس واألنعام حىت " تعاىل ارا فجعلناها إذا أخذت األرض زخرفها وازينت وظن أهلها أم قادرون عليها أتاها أمرنا ليال أو

فإا عشرمجل إذا فصلت وهي وإن دخل بعضها يف بعض حىت صارت " حصيدا كأن مل تغن باألمس كلها كأا مجلة واحدة فإن ذلك ال مينع من أن تشري إليها واحدة واحدة، مث إن الشبه منتزع من

باملغزى من جمموعها من غري أن ميكن فصل بعضها عن بعض حىت لو حذف منها مجلة أخل ذلك: التشبيه، ومن متام القول يف هذه اآلية وحنوها أن اجلملة إذا وقعت يف جانب املشبه به تكون على وجوه

الناس : أحدها أن تلي نكرة فتكون صفة هلا كما يف هذه اآلية، وعليه قول النيب صلى اهللا عليه وسلم" موصول فتكون صله هلا كقوله تعاىل كإبل مائة ال جتد فيها راحلة، والثاين أن تلي معرفة هي اسم

اآلية، والثالث أن تلي معرفة ليست باسم موصول فتقع استئنافا كقوله " مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ومن أبلغ االستقصاء يف " مثل الذين اختذوا من دون اهللا أولياء كمثل العنكبوت اختذت بيتا " عز وعال

: التفصيل وعجيبه قول ابن املعتز

ونوادم جا ذا قغراب نطير كأنا وضوء الصبح يستعجل الدجى

شبه ظالم الليل حني يظهر فيه ضوء الصبح بأشخاص الغربان مث شرط أن يكون قوادم، ريشه بيضاء، ألن تلك الفرق من الظلمة تقع يف حواشيها من حيث يلي معظم الصبح وعموده ملع نور يتخيل منها يف العني

دم بيض، ومتام التدقيق يف هذا التشبيه أن جعل ضوء الصبح لقوة ظهوره ودفعه لظالم الليل كشكل قواكأنه حيفز الدجى ويستعجلها وال يرضى منها بانت تتمهل يف حركاا، مث ملا راعى ذلك يف التشبيه ابتداء

ن واقعا يف مكان فأزعج نطري غرابا ومل يقل غراب يطري، وحنوه، ألن الطائر إذا كا: راعاه آخرا حيث قالوأطري منه أو كان قد حبس يف يد أو قفص فأرسل كان ذلك ال حمالة أسرع لطريانه وأدعى له أن يستمر

Page 123: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 123

على الطريان حىت يصري إىل حيث ال تراه العيون، خبالف إذا ما طار عن اختيار فإنه حينئذ جيوز أن ال : ألول، وكذا قول أيب نواس يف صفة منقار البازييسرع يف طريانه وأن يصري إىل مكان قريب من مكانه ا

كعطفة الجيم بكف أعسرا

غري خاف أن اجليم خطان أوهلما الذي هو مبدؤه وهو األعلى، والثاين الذي يذهب إىل اليسار، وإذا مل مث دقق يوصل ا فلها تعريق واملنقار وإمنا يشبه اخلط األعلى فقط فلهذا قال كعطفة اجليم ومل يقل كاجليم

بأن جعلها بكف أعسر، ألن جيم األعسر يقال إنه أشبه باملنقار من جيم األمين، مث أراد أن يؤكد أن : الشبه مقصور على اخلط األعلى من اجليم فقال

لو زادها عينا إلى فاء ورا رامن فيها بعقل فك يقول

شبيه ألن الوصل يسقطه أصال وال اخلط فاتصلت باجليم صارت جعفرا، فأبان أنه مل يدخل التعريق يف التاألسفل وإن كان ال بد منه مع الوصل ألنه قال فاتصلت باجليم أي بالعطفة املذكورة ومل يقتصر على

: قوله

لو زادها عينا إلى فاء ورا

: وألجل هذا التدقيق قال

يقول من فيها بعقل فكرا

ن فكره فكر من يراجع عقله، وغذ قد حتققت ما فنبه على أن باملشبه حاجة إىل فضل فكر وأن يكو : ذكرنا من التفصيل علمت أن قول امرئ القيس يف وصف السنان أعلى طبقة من قول اآلخر

بأبيض كالقبس الملتهب يرهي غال يبتغ يتابع

خللو الثاين عن التفصيل الذي تضمنه األول وهو قصر التشبيه على جمرد السنا وتصويره مقطوعا عن

الدخان، ومعلوم أن هذا ال يقع يف اخلاطر أول وهلة بل ال بد فيه من أن يتثبت، وينظر يف حال كل من الفرع واألصل حىت يقع يف النفس أن يف األصل شيئا يقدح يف حقيقة التشبيه وهو الدخان الذي يعلو

: رأس الشعلة وكذا قوله

رقدرر ثنرن على بساط أز اأجرام النجوم لوامع وكأن

: أفضل من قول ذي الرمة

كأنها فضة قد مسها ذهب

Page 124: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 124

ألن األول مما يندر وجوده يف دون الثاين، فإن الناس أبدا يرون يف الصياغات فضة قد موهت بذهب وال : يكاد يتفق أن يوجد درر قد نثرن على بساط أزرق، وكذا بيت بشار أعلى طبقة من قول أيب الطيب

بواكفي جانبيها الك أنسته جاجةيزور األعادي في سماء ع

: وكذا من قول اآلخر

كواكبه البيض المباتير سقفا تبنى سنابكها من فوق أرؤسهم

ألن كل واحد منهما وإن راع التفصيل يف التشبيه فإنه اقتصر على أن أراك ملعان األسنة والسيوف يف على هيئة السيوف وقد سلت من إغمادها أثناء العجاجة خبالف بشار فإنه مل يقتصر على ذلك بل عرب

وهي تعلو وترسب وجتيء وتذهب، وهذه الزيادة زادت التفصيل تفصيال ألا ال تقع يف النفس إال بالنظر إىل أكثر من جهة واحدة وذلك أن للسيوف عند احتدام احلرب واختالف األيدي ا يف الضرب

ات جهات خمتلفة تنقسم بني االعوجاج واالستقامة اضطرابا شديدا وحركات سريعة، مث لتلك احلركواالرتفاع واالخنفاض، مث هي باختالف هذه األمور تتالقى ويصدم بعضها بعضا، مث أشكاهلا مستطيلة

فنبه على هذه الدقائق بكلمة واحدة وهي قوله اوى ألن الكواكب إذا اوت اختلفت جهات حركتها، : وكذا قول اآلخر يف اآلذريون. تداخل، مث استطالت أشكاهلامث كان هلا يف التهاوي تواقع وت

بقايا غالية فيها مداهن من ذهب

: أعلى وأفضل من قوله فيه

ككأس عقيق في قرارتها مسك

ألن السواد الذي يف باطن اآلذريونة املوضوع بإزائه الغالية واملسك فيه أمران أحدمها أنه ليس بشامل له، يستدر يف قعرها بل ارتفع منه حىت أخذ شيئا من مسكها من كل اجلهات وله يف منقطعه هيئة والثاين أنه مل

تشبه آثار الغالية يف جوانب املدهن إذا كانت بقية بقيت عن األصابع، وقوله يف قرارا مسك يبني األمر ون يف القرارة، األول ويؤمن من دخول النقص عليه كما كان يدخل لو قال فيها مسك ومل يشترط أن يك

وأما الثاين فال يدل عليه كما يدل قوله بقايا عالية ألن من شأن املسك الشيء اليابس إذا حصل يف شيء مستدير له قعر أن يستدير يف القعر وال يرتفع يف اجلوانب االرتفاع الذي يف سواد األذريونة خبالف الغالبة

نها أن يرتفع عن القرارة ذلك االرتفاع، مث هي لنعومتها فإا رطبة مث تؤخذ باألصابع فال بد يف البقية مترق فتكون كالصبغ الذي ال يظهر له جرم وذلك أصدق الشبه، والبلغي من التشبيه ما كان من هذا

Page 125: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 125

النوع أعين البعيد لغرابته وألن الشيء إذا نيل بعض الطلب له واالشتياق إليه كأنه نيله أحلى وموقعه من : أوىل، وهلذا ضرب املثل لكل ما لطف موقعه بربد املاء على الظمأ كما قالالنفس ألطف ومبسرة

مواقع الماء من ذي الغلة الصادي هن ببوهن ينبذن من قول يص

ال يقال عدم الظهور ضرب من التعقيد والتعقيد مذموم، ألنا نقول التعقيد كما سبق له سببان سوء ملعىن األول إىل املعىن الثاين الذي هو املراد باللفظ، واملراد بعض ترتيب األلفاظ واختالل االنتقال من ا

الظهور يف التشبيه ما كان سببه لطف املعىن ودقته أو ترتيب بعض املعاين على بعض كما يشعر بذلك قولنا يف بادئ الرأي، فإن املعاين الشريفة البد فيها يف غالب األمر من بناء ثان على أول، ورد تال إىل

: ق كما يف قول البحتريساب

البيتين... دان على أيدي العفاة

فإنك حتتاج يف تعريف معىن البيت األول إىل معرفة وجه ااز يف كونه دانيا وشاسعا مث تعود إىل ما يعرض البيت الثاين عليك من حال البدر، مث تقابل إحدى الصورتني باألخرى وتنظر كيف شرط يف العلو

ل قوله شاسع، ألن الشسوع هو الشديد من البعد مث قابله مبا يشاكله من مراعاة التناهي يف اإلفراط ليشاكجد قريب، فهذا وحنوه هو املراد باحلاجة إىل الفكر وهل شيء أحلى من الفكر إذا صادف : القرب فقال

وأين تقع لذة البهيمة قال اجلاحظ يف أثناء فصل يذكر فيه ما يف الفكر من الفضيلة . جا قوميا إىل املرادبالعلوفة ولذة السبع بلطع الدم وأكل اللحم من سرور الظفر باألعداء ومن انفتاح باب العلم بعد إدمان

منها أن يكون : قرعه، وقد يتصرف يف القريب املبتذل مبا خيرجه من االبتذال إىل الغرابة وهو على وجوه : كقوله

ياءيه حيس فبوجه ل إال لم تلق هذا الوجه شمس نهار

: وقوله

بشمس لهم من جانب الخدر تطلع معلينا الشمس والليل راغ فردت

ألمت بنا أم كان في الركب يوشع ائمالم نا أدري أأحم فواهللا

فإن تشبيه وجوه احلسان بالشمس مبتذل لكن لكل واحد من حديث احلياء يف األول والتشكيك مع ذكر : الثاين، أخرجه من االبتذال إىل الغرابة وشبيه باألول قوله اآلخريوشع عليه السالم يف

ايهنداك فقاسته بما ف إلى إن السحاب لتستحي إذا نظرت

: ومنها أن يكون قوله

لم يكن للثاقبات أفول لو عزماته مثل النجوم ثواقبا

Page 126: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 126

: وقوله

لالخط إال أن تلك دواب قنا مها الوحش إال أن هاتا أوانس

: وقوله

اكان طلق المحيا يمطر الذهب لو ابيكاد يحكيك صوب الغيث منكس

الو لم تصد والبحر لو عذب واألسد والبدر لو لم يغب والشمس لو نطقت

: وهذا يسمى التشبيه املشروط، ومنها أن يكون كقوله

نصيب من تثنيها وللقضيب في طلعة شيء من محاسنها

: وقول ابن بابك

لحمسروق ووصفك منت نسيمك يا رياض الحسن من أبرق الحمىأال

لله صدق الهوى ولك المل ولكن رهشرك نشأبا سعد فن حكيت

: وقد خيرج من االبتذال باجلمع بني عدة تشبيهات كقوله

منضد أو برد أو أقاح ؤليبسم عن ل كأنما

: كما يزداد بذلك لطفا وغرابة كقوله

وإرخاء سرحان وتقريب تتفل امةبي وساقا نعأيطال ظ له

" وهي متر مر السحاب : " وأما باعتبار أداته فإما مؤكد أو مرسل، واملؤكد ما حذفت أداته كقوله تعاىل

وقول " يا أيها النيب إنا أرسلناك شاهدا مبشرا ونذيرا وداعيا إىل اهللا بإذنه وسراجا منريا : " وقوله : احلماسي

اللقاء إذا تلقى بهم بهم وفي البحور عطاء حين تسألهمهم

: إىل غري ذلك كما سبق ومنه حنو قول الشاعر

اءاألصيل على لجين الم ذهب والريح تعبث بالغصون وقد جرى

: وقول اآلخر يصف القمر آلخر الشهر قبل السرار

فرهمن أشهب والصبح ألقى نعل حا اجين نالم حأدهم األظ كأنما

: وقول الشريف الرضي

عالمزن في أجداثكم تض حوامل ترحالنسيم بواديكم وال ب أرسل

Page 127: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 127

على قبوركم على العراضة الهمع هعرضيزال جنين النبت ت وال

عرضها : " وقوله عز وجل" مثلهم كمثل الذي استوقد نارا : " واملرسل ما ذكرت أداته كقوله تعاىل : وقول امرئ القيس " كعرض السماء واألرض

أساريع ظبي أو مساويك إسحل برخص غير شئن كأنه وتعطو

: وقول البحتري

فيها خيال كواكب في الماء ااألسنة خالطتها خلته وإذا

.إىل غري ذلك كما تقدم

ف شيء وأما باعتبار الغرض فإما مقبول أو مردود، املقبول الوايف بإفادة الغرض كأن يكون املشبه به أعربوجه الشبه إذا كان الغرض بيان حال املشبه من جهة وجه الشبه أو بيان املقدار، مث الطرفان يف الثاين إذ تساويا يف وجه الشبه فالتشبيه كامل يف القبول وإال فكلما كان املشبه به أسلم من الزيادة والنقصان كان

الشبه إذا قصد إحلاق الناقص بالكامل، أو أقرب إىل الكمال، أو كأن يكون املشبه به أمت شيء يف وجهكأن يكون املشبه به مسلم احلكم معروفه عند املخاطب يف وجه الشبه إذا كان الغرض بيان إمكان

.الوجود واملردود خبالف ذلك، أي القاصر عن إفادة الغرض

ل من مراتب التشبيه يف املشبه واملشبه به وأداة التشبيه ووجهه، فاحلاص: قد سبق يف أركان التشبيه أربعةزيد كاألسد : ذكر األربعة كقولك: إحداها: القوة والضعف يف املبالغة باعتبار ذكر كلها أو بعضها مثان

كاألسد يف الشجاعة، أي زيد، وهي : ترك املشبه كقولك: وثانيتها. يف الشجاعة وال قوة هلذه املرتبة. زيد أسد يف الشجاعة، وفيها نوع قوة: ه كقولكترك كلمة التشبي: وثالثتها. كاألوىل يف عدم القوة

. أسد يف الشجاعة، أي زيد، وهي كالثالثة يف القوة: ترك املشبه وكلمة التشبيه كقولك: ورابعتها

. زيد كاألسد، وفيها نوع قوة لعموم وجه الشبه من حيث الظاهر: ترك وجه الشبه كقولك: وخامستها

ترك كلمة : وسابعتها. كاألسد، أي زيد وهي كاخلامسة: كقولكترك املشبه، ووجه التشبيه : وسادستهاأسد : إفراد املشبه به بالذكر، كقولك: وثامنتها. زيد أسد وهي أقوى اجلميع: التشبيه، ووجهه كقولكواعلم أن الشبه قد ينتزع من نفس التضاد الشتراك الضدين فيه مث يرتل مرتلة . أي زيد، وهي كالسابعة

.هو حامت: ماأشبهه باألسد، وللبخيل: لميح أو كم فيقال للجبانالتناسب بوساطة ت

القول في الحقيقة والمجاز

Page 128: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 128

: الكلمة املستعملة فيما وضعت له يف اصطالح به التخاطب، فقولنا: وقد يقيدان باللغويني، احلقيقة

فيما وضعت له : املستعملة احتراز عما مل يستعمل، فإن الكلمة قبل االستعمال التسمى حقيقة، وقولناخذ هذا : ما استعمل يف غري ما وضعت له غلطا، كما إذا أن تقول لصاحبك: أحدمها: احتراز عن شيئني

.الكتاب، مشريا إىل كتاب بني يديك فغلطت فقلت خذ هذا الفرس

أحد قسمي ااز وهو ما استعمل فيما مل يكن موضوعا له ال يف اصطالح به التخاطب وال يف : والثاينريه، كلفظة األسد يف الرجل الشجاع، وقولنا يف اصطالح به التخاطب، احتراز عن القسم اآلخر من غ

ااز وهو ما استعمل فيما وضع له ال يف اصطالح به التخاطب كلفظ الصالة يستعمله املخاطب يعرف ه احتراز من تعيني بنفس: الشرع يف الدعاء جمازا والوضع تعيني اللفظ للداللة على معىن بنفسه، فقولنا

اللفظ للداللة على معىن بقرينة أعين ااز، فإن ذلك التعيني اليسمى وضعا، ودخل املشترك يف احلد ألن عدم داللته على أحد معنييه بال قرينة لعارض أعين االشتراك ال ينايف تعيينه للداللة عليه بنفسه، وذهب

وهو ما ال يتجاوز معنييه، كالطهر واحليض غري جمموع السكاكي إىل أن املشترك كالقرء معناه احلقيقي بينهما،

فهذا ما يدل عليه بنفسه ما دام منتسبا إىل الوضعني، أما إذا خصصته بواحد إما صرحيا مثل أن تقول : قال بنفسه القرء مبعىن الطهر، وإما استلزاما مثل أن تقول القرء ال مبعىن احليض، فإنه حينئذ ينتصب دليال داال

وأما ما يظن باملشترك : على الطهر بالتعيني، كما كان الواضع عينه بإزائه بنفسه، مث قال يف موضع آخرمن االحتياج إىل القرينة يف داللته على ما هو معناه فقد عرفت أن منشأ هذا الظن عدم حتصيل معىن

اه احلقيقي ذلك، وما الدليل على أنه املشترك الدائر بني الوضعني وفيما ذكره نظر، ألنا ال نسلم أن معنالقرء مبعىن الطهر أو ال مبعىن احليض فهو دال بنفسه على الطهر : مث قوله إذا قيل. عند اإلطالق يدل عليه

بالتعيني سهو ظاهر فإن القرينة كما تكون معنوية تكون لفظية، وكل من قوله مبعىن الطهر وقوله ال مبعىن للفظ على معناه لذاته وهو ظاهر الفساد القتضائه أن مينع نقله إىل ااز وجعله احليض قرينة، وقيل داللة ا

عاما ووضعه للمضادين كاجون لألسود واألبيض فإن ما بالذات ال يزول بالغري والختالف اللغات باختالف األمم، وتأوله السكاكي رمحه اهللا على أنه تنبيه على ما عليه أئمة علمي االشتقاق والتصريف

من أن للحروف يف أنفسها خواص ا ختتلف، كاجلهر واهلمس والشدة والرخاوة والتوسط بينها وغري ذلك مستدعية أن العامل ا إذا أخذ يف تعيني شيء منها ملعىن ال يهمل التناسب بينهما قضاء حلق احملكمة

ف الذي هو حرف كالفصم بالفاء الذي هو حرف رخو لكسر الشيء من غري أن يبني، والقصم بالقاوأن التركيبات كالفعالن والفعلي بالتحريك، كالرتوان واحليدي، وفعل . شديد لكسر الشيء حىت يبني

مثل شرف وغري ذلك خواص أيضا فيلزم فيها ما يلزم يف احلروف ويف ذلك نوع تأثري ألنفس الكلم يف

Page 129: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 129

.اختصاصها باملعاين

ملستعملة يف غري ما وضعت له يف اصطالح به التخاطب وااز مفرد ومركب، أما املفرد فهو الكلمة ااملستعملة احتراز عما ال يستعمل ألن الكلمة قبل : على وجه يصح مع قرينة عدم إرادته، فقولنا

يف اصطالح به اخلاطب ليدخل فيه حنو لفظ : االستعمال ال تسمى جمازا كما ال تسمى حقيقية، وقولناف الشرع يف الدعاء جمازا، فإنه وإن كان مستعمال فيما وضع له يف الصالة إذا استعمله املخاطب بعر

على وجه يصح : اجلملة فليس مبستعمل فيما وضع له يف االصطالح الذي به وقع التخاطب، وقولنا .مع قرينة عدم إرادته احتراز عن الكناية كما تقدم: احتراز عن الغلط كما سبق وقولنا

خاصة أو عامة، ألن واضعها إن كان واضع اللغة فلغوية وإن كان الشارع واحلقيقة لغوية وشرعية وعرفيةفشرعية وإال فعرفية، والعرفية إن تعني صاحبها نسبت إليه، كقولنا كالمية وحنوية وإال بقيت مطلقة، مثال

اللغوية لفظ أسد إذا استعمله املخاطب بعرف اللغة يف السبع املخصوص، ومثال الشرعية لفظ صالة إذا استعمله املخاطب بعرف الشرع يف العبادة املخصوصة، ومثال العرفية اخلاصة لفظ فعل إذا استعمله املخاطب بعرف النحو يف الكلمة املخصوصة، ومثال العرفية العامة لفظ دابة إذا استعمله املخاطب

فظ أسد إذا بالعرف العام يف ذي األربع، وكذلك ااز املفرد لغوي وشرعي وعريف، مثال اللغوي لاستعمله املخاطب بعرف اللغة يف الرجل الشجاع، ومثال الشرعي لفظ صالة إذا استعمله املخاطب

بعرف الشرع يف الدعاء، ومثال العريف اخلاص لفظ فعل إذا استعمله املخاطب بعرف النحو يف احلدث، .سانومثال العريف العام لفظ دابة إذا استعمله املخاطب بالعريف العام يف اإلن

واحلقيقة إما فعيل مبعىن مفعول من قولك حققت الشيء أحقه إذا أثبته، أو فعيل مبعىن فاعل من قولك حق الشيء حيق إذا ثبت، أي املثبتة أو الثابتة يف موضعها األصلي، فأما التاء فقال صاحب املفتاح هي عندي

ري جمرأة على املوصوف، وهو الكلمة للتأنيث يف الوجهني لتقدير لفظ احلقيقة قبل التسمية صفة مؤنث غ إن التاء - أكيلة ونطيحة -وفيه نظر، وقيل هي لنقل اللفظ من الوصفية إىل االمسية الصرفة كما قيل يف

.فيهما لنقلهما من الوصفية إىل االمسية، فلذلك ال يوصف ما، فال يقال شاة أكيلة أو نطيحة

إذا تعداه أي تعدت موضعها األصلي وفيه نظر، والظاهر أنه من وااز قيل مفعل من جاز املكان جيوزه على أن معىن جاز املكان سلكه على ما فسره - أي طريقا له -قوهلم جعلت كذا جمازا إىل حاجيت

اجلوهري وغريه، فإن ااز طريق إىل تصور معناه واعتبار التناسب يف التسمية يغاير اعتبار املعىن يف نسان له محرة بأمحر ووصفه بأمحر، فإن األول لترجيح االسم على غريه حال وضعه له، الوصف كتسمية إ

.والثاين لصحة إطالقه فال يصح نقض األول بوجود املعىن يف غري املسمى كما يلهج به بعض الضعفاء

Page 130: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 130

مرسل واستعارة ألن العالقة املصححة إن كانت تشبيه معناه مبا هو موضوع له فهو : وااز ضرباناستعارة وإال فهو مرسل، وكثريا ما تطلق االستعارة على استعمال اسم املشبه به يف املشبه فيسمى املشبه

به مستعارا منه واملشبه مستعارا له واللفظ مستعارا، وعلى األول ال يشتق منه لكونه امسا للفظ ال .للحدث

يه وما وضع له مالبسة غري التشبيه، كاليد وهو ما كانت العالقة بني ما استعمل ف: الضرب األول املرسلإذا استعملت يف النعمة ألن من شأا أن تصدر عن اجلارحة ومنها تصل إىل املقصود ا، ويشترط أن يكون يف الكالم إشارة إىل املوىل هلا فال يقال اتسعت اليد يف البلد أو اقتنيت يدا، كما يقال اتسعت

ة وإمنا يقال جلت يده عندي وكثرت أياديه لدي وحنو ذلك، ونظري هذا النعمة يف البلد أو اقتنيت نعمقوهلم يف صفة راعي اإلبل إن له عليها أصبعا أرادوا أن يقولوا له عليها أثر حذق فدلوا عليه باإلصبع ألنه ما من حذق يف عمل يد إال وهو مستفاد من حسن تصريف األصابع واللطف يف رفعها ووضعها كما يف

أي جنعلها " بلى قادرين على أن نسوي بنانه : " النقش، وعلى ذلك قيل يف تفسري قوله تعاىلاخلط وكخف البعري فال يتمكن من األعمال اللطيفة، فأرادوا باإلصبع األثر احلسن حيث يقصد اإلشارة إىل

عىن له أثر رأيت أصابع الدار وله أصبع حسنة وأصبع قبيحة على م: حذق يف الصنعة ال مطلقا حىت يقالضربته سوطا، ألم عربوا عن الضربة الواقعة بالسوط : حسن وأثر قبيح وحنو ذلك، وينظر إىل هذا قوهلم

باسم السوط فجعلوا أثر السوط سوطا، وتفسريهم له بقوهلم املعىن ضربته ضربة بالسوط، بيان ملا كان أسرعكن حلوقا : " اهللا عليه وسلم آلزواجهالكالم عليه يف أصله، ونظري قولنا له على يد قول النيب صلى

أطولكن، نظري ترشيح االستعارة، وال بأس أن يسمى ترشيح : وقوله" أطولكن يدا - ويروى حلاقا يب -أطولكن، من الطول مبعىن الفضل، يقال لفالن على فالن : ااز، واملعىن بسط اليد بالعطاء، وقيل قوله

لوجهني مبعىن النعمة وحيتمل أن يريد أطولكن يدا بالعطاء أي أمدكن، طول أي فضل، فاليد على هذين افحذف قوله بالعطاء للعلم به وكاليد أيضا إذا استعملت يف القدرة ألن أكثر ما يظهر سلطاا يف اليد وا يكون البطش والضرب والقطع واألخذ والدفعوالوضع والرفع وغري ذلك من األفعال اليت تنبئ عن وجوه

املؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم : " لقدرة ومكاا، وأما اليد يف قول النيب صلى اهللا عليه وسلمافهو استعارة، واملعىن أن مثلهم مع كثرم يف وجوب االتفاق بينهم ". أدناهم وهم يد على من سواهم

ف فيها اجلهة يف التصرف مثل اليد الواحدة فكما ال يتصور أن ختذل بعض أجزاء اليد بعضا وأن ختتلكذلك سبيل املؤمنني يف تعاضدهم على املشركني ألن كلمة التوحيد جامعة هلم، وكالرواية للمزادة مع

كوا للبعري احلامل هلا حلمله إياها وكاحلفض يف البعري كونه ملتاع البيت حلمله إياه، وكالسماء يف الغيث : ، كاإلكاف يف قول الشاعركقوله أصابتنا السماء لكونه من جهة املظلة

Page 131: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 131

يأكلن كل ليلة إكافيا

أي علفا بثمن اإلكاف، وهذا الضرب من ااز يقع على وجوه كثرية غري ما ذكرنا، منها تسمية الشيء باسم جزئه، كالعني يف الربيئة لكون اجلارحة املخصوصة هي املقصود يف كون الرجل ربيئة إذا ما عداها

أي صل، " قم الليل إال قليال : " ها، فصارت كأا الشخص كله وعليه قوله تعاىلال يغين شيئا مع فقدمن قام رمضان إميانا واحتسابا غفر له ما : " وحنوه ال تقم فيد أبدا أي ال تصل، وقول النيب عليه السالم

.، أي من صلى"تقدم من ذنبه

املهم، وعليه قوهلم قطعت السارق وإمنا أي أن" جيعلون أصابعهم يف آذام : " ومنها عكس ذلك حنو .قطعت يده

ومنها تسمية املسبب باسم السبب كقوهلم رعينا الغيث، أي النبات الذي سببه الغيث، وعليه قوله عز مسى جزاء االعتداء ألنه مسبب عن " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه مبثل ما اعتدى عليكم : " وجل

جتوز بالبالء عن العرفان ألنه مسبب عنه، كأنه قيل ونعرف " نبلو أخباركم و: " االعتداء، وقوله تعاىل : وعليه قول عمرو بن كلثوم. أخباركم

فنجهل فوق جهل الجاهلينا اينال يجهلن أحد عل أال

" وجزاء سيئة سيئة مثلها : " اجلهل األول حقيقة والثاين جماز، عرب به عن مكافأة اجلهل، وكذا قوله تعاىل

وز بلفظ السيئة عن االقتصاص ألنه مسبب عنها قيل وإن عرب ا عما ساء أي أحزن مل يكن جمازا ألن جتجتوز بلفظ املكر عن عقوبته " ومكروا ومكر اهللا : " االقتصاص حمزن يف احلقيقة كاجلناية وكذا قوله تعاىل

فيما يضر اخلصم وهذا حمقق من ألنه سببها، قيل وحيتمل أن يكون مكر اهللا حقيقة ألن املكر هو التدبري .اهللا تعاىل باستدراجه إياهم بنعمه مع ما أعد هلم من نقمة

كما تدين تدان أي كما : وعليه قوهلم. أمطرت السماء نباتا: ومنها تسمية السبب باسم املسبب كقوهلم : وكذا لفظ األسنمة يف قوله يصف غيثا. تفعل جتازى

اآلبال في سحابه مةأسن أقبل في المستن من ربابه

بإنزال املاء على " وأنزل لكم من األنعام مثانية أزواج : " وكذا تفسري إنزال أزواج األنعام يف قوله تعاىلوجه ألا ال تعيش إال بالنبات، والنبات ال يقوم إال باملاء وقد أنزل املاء فكأنه أنزهلا، ويؤيده ما ورد أن

أمل تر : " اهللا تعاىل إىل الصخرة مث يقسمه، قيل وهذا معىن قوله تعاىلكل ما يف األرض من السماء يرتله وقيل معناه وقضى لكم ألن قضاياه وقسمه " أن اهللا أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع يف األرض

Page 132: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 132

موصوفة بالرتول من السماء حيث كتب يف اللوح كل كائن يكون، وقيل خلقها يف اجلنة مث أنزهلا، وكذا إمنا يأكلون يف : " أي مطرا هو سبب الرزق، وقوله تعاىل" ويرتل لكم من السماء رزقا : " قوله تعاىل

: فالن أكل الدم أي الدية اليت هي مسببة عن الدم قال: وقوهلم" بطوم نارا

بعيدة مهوى القرط طيبة النشر رةضك بأكلت دما لم أرع

أي أردت القراءة بقرينة الفاء مع استفاضة السنة بتقدمي " باهللا فإذا قرأت القرآن فاستعذ : " وقوله تعاىلوكم من قرية : " أي أراد بقرينة فقال رب، وقوله تعاىل" ونادى نوح ربه : " االستعاذة وقوله تعاىل

ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها : " أي أردنا إهالكها بقرينة فجاءها بأسنا وكذا قوله تعاىل" أهلكناها أفهم يؤمنون، : وفيه داللة واضحة على الوعيد باإلهالك إذ ال يقع اإلنكار يف" افهم يؤمنون " ينة بقر"

.وحنن على أن لكهم: يف ااز إال بتقدير

أي الذين كانوا يتامى، " وآتوا اليتامى أمواهلم : " ومنها تسمية الشيء باسم ما كان عليه كقوله عز وجلمساه جمرما باعتبار ما كان عليه يف الدنيا من " إنه من يأت ربه جمرما : " هإذ ال يتم بعد البلوغ وقول

.اإلجرام

".إين أراين أعصر مخرا : " ومنها تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه كقوله تعاىل

أما : " أي أهل ناديه، ومنها عكس ذلك حنو" فليدع ناديه : " ومنها تسمية احلال باسم حمله كقوله تعاىل .أي يف اجلنة" ذين ابيضت وجوههم ففي رمحة اهللا ال

أي بلغة قومه، " وما أرسلنا من رسول إال بلسان قومه : " ومنها تسمية الشيء باسم آلته كقوله تعاىلأي ذكرا مجيال وثناء حسنا، وكذا غري ذلك مما بني " واجعل يل لسان صدق يف اآلخرين : " وقوله تعاىل

قال صاحب املفتاح وللتعلق بني الصارف عن فعل . موضوع له تعلق سوى التشبيهمعىن اللفظ وما هو ما منعك أال تسجد إذ : " الشيء والداعي إىل تركه حيتمل عندي أن يكون املراد مبنعك يف قوله تعاىل

ه قال الراغب رمح" ما منعك إذ رأيتهم ضلوا، أال تتبعن " دعاك وال غري صلة قرينة ااز وكذا " أمرتك اهللا قال بعض املفسرين إن معىن ما منعك ما محاك وجعلك يف منعة مين يف ترك السجود، أي يف معاقبة تركه وقد استبعد ذلك بعضهم بأن قال لو كان كذا مل يكن جييب بأن يقول أنا خري منه فإن ذلك ليس

وميكن أن يقال يف "ما منعك أن تسجد : " جبواب السؤال على ذلك الوجه وإمنا هو جواب من قيل لهجواب ذلك أن إبليس ملا كان ألزم ما مل جيد سبيال إىل اجلواب عنه إذ مل يكن له من كالئ حيرسه وحيميه

.عدل عما كان جوابا كما يفعل املأخوذ بكظمه يف املناظرة، انتهى كالمه

Page 133: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 133

عن الفائدة ما وقسم الشيخ صاحب املفتاح ااز املرسل إىل خال عن الفائدة ومفيد وجعل اخلايل : استعمل يف أعم مما هو موضوع له كاملرسن يف قول العجاج

وفاحما ومرسنا مسرجا

فإنه مستعمل يف األنف ال بقيد كونه ملرسن مع كونه موضوعا له ذا القيد ال مطلقا وكاملشفر يف حنو غري، وقال مسي هذا الضرب غري مفيد قولنا فالن غليظ املشافر إذا قامت قرينة على أن املراد هو الشفة ال

لقيامه مقام أحد املترادفني من حنو ليث وأسد وحبس ومنع عند املصري إىل املراد منه، وأراد باملفيد ما عدا والشيخ عبد القاهر رمحه اهللا جعل اخلايل عن الفائدة ما استعمل يف . اخلايل عن الفائدة واالستعارة كما مر

ا لذلك الشيء بقيد آخر من غري قصد التشبيه ومثله ببعض ما مثله الشيخ شيء بقيد مع كونه موضوعصاحب املفتاح وحنوه مصرحا بأن الشفة واألنف موضوعان للعضوين املخصوصني من اإلنسان فإن قصد

كأن شفته يف الغلظ : التشبيه صار اللفظ استعارة كقوهلم يف مواضع الذم غليظ املشفر فإنه مبرتلة أن يقال : ر البعري وعليه قول الفرزدقمشف

زنجي غليظ المشافر ولكن فلو كنت ضيا عرفت قرابتي

: أي ولكنك زجني كأنه مجل ال يهتدي لشريف؟ وكذا قول احلطيئة خياطب الزبرقان

وقلص عن برد الشراب مشافره هجارك العيمان لما جفوت قروا

فسه بنوع من سوء احلال ليزيد يف التهكم بالزبرقان، فإنه وإن عىن نفسه باجلار جاز أن يقصد إىل وصف ن : ويؤكد ما قصده من رميه بإضاعة الضيف وإسالمه للضر والبؤس وكذا قول اآلخر

ققملك أظالفه لم تش إلى سأمنعها أو سوف أجعل أمرها

قيد بالتحقيقية االستعارة، وهي ما كانت عالقته تشبيه معناه مبا وضع له وقد ت: الضرب الثاين من اازلتحقق معناها حسا أو عقال أي اليت تتناول أمرا معلوما ميكن أن ينص عليه ويشار إليه إشارة حسية أو عقلية فيقال إن اللفظ نقل من مسماه األصلي فجعل امسا له على سبيل اإلعارة للمبالغة يف التشبيه، أما

: وعليه قول زهرياحلسي فكقولك رأيت أسدا وأنت تريد رجال شجاعا

لدى أسد شاكي السالح مقذف

ومن لطيف هذا الضرب ما يقع التشبيه فيه يف احلركات كقول أيب دالمة يصف . أي لدى رجل شجاع : بغلته

يدينالوتخبز ب برجليها أرى الشهباء تعجن إذ غدونا

Page 134: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 134

حنو يديها حبركة يدي شبه حركة رجليها حيث مل تثبتا على موضع تعتمد ما عليه وهوتا ذاهبتنيالعاجن فإما ال تثبتان يف موضع بل تزالن إىل قدام لرخاوة العجني وشبه حركة يديها حبركة يدي

اخلابز، فإنه يثين يده حنو بطنه وحيدث فيها ضربا من التقويس كما جتد يف سد الدابة إذا اضطربت يف وأن تشد اعتمادها حىت تثبت يف املوضع الذي تقع سريها ومل تقو على ضبط يديها وأن ترمي ا إىل قدام

.عليه فال تزول عنه وال تنثين

وأما العقلي فكقولك أبديت نورا وأنت تريد حجة فإن احلجة مما يدرك بالعقل من غري وساطة حس، غذ " :املفهوم من األلفاظ هو الذي ينور القلب ويكشف عن احلق ال األلفاظ أنفسها وعليه قوله عز وجل

فعلى ظاهر " فأذاقها اهللا لباس اجلوع واخلوف : " أي الدين احلق وأما قوله تعاىل" اهدنا الصراط املستقيم قول الشيخ جار اهللا العالمة استعارة عقلية ألنه قال شبة باللباس الشتماله على الالبس ما غشي اإلنسان

اح حسية ألنه جعل اللباس استعارة والتبس به من بعض احلوادث، وعلى ظاهر قول الشيخ صاحب املفتملا يلبسه اإلنسان عند جوعه وخوفه من امتقاع اللون ورثاثة اهليئة، فاالستعارة ما تضمن تشبيه معناه مبا

وضع له، واملراد مبعناه ما عىن به أي ما استعمل فيه فلم يتناول ما استعمل فيما وضع له وإن تضمن ا وحنو رأيت أسدا الستحالة تشبيه الشيء بنفسه على أن املراد بقولنا التشبيه به حنو زيد أسد ورأيته أسد

ما تضمن جماز تضمن بقرينة تقسيم ااز إىل االستعارة وغريها، وااز ال يكون مستعمال فيما وضع له ناه وههنا شيء ال بد من التنبيه عليه وهو أنه إذا أجرى يف الكالم لفظ دلت القرينة على تشبيه شيء مبع

رنت لنا ظبية وأنت : أحدمها أن ال يكون املشبه مذكورا وال مقدرا كقولك: فيكون ذلك على وجهنيتريد امرأة ولقيت أسدا وأنت تريد رجال شجاعا وال خالف أن هذا ليس بتشبيه وأن االسم فيه استعارة،

ا أو يف حكم اخلرب كخرب كان وإن، والثاين أن يكون املشبه مذكورا أو مقدرا فاسم املشبه به إن كان خربواملفعول الثاين لباب علمت واحلال فاألصح أنه يسمى تشبيها وأن االسم فيه ال يسمى استعارة ألن

زيد أسد، : االسم إذا وقع هذه املواقع فالكالم موضوع إلثبات معناه ملا يعتمد عليه أو نفيه عنه، فإذا قلتعىن األسد لزيد وإذا امتنع إثبات ذلك له على احلقيقة كان فقد وضعت كالمك يف الظاهر إثبات م

إلثبات شبه من األسد له فيكون اجتالبه إلثبات التشبيه فيكون خليقا بأن يسمى تشبيها، إذ كان إمنا جاء ليفيده خبالف احلالة األوىل، فإن االسم فيها مل جيتلب إلثبات معناه للشيء كما إذا قلت جاءين أسد

ا، فإن الكالم يف ذلك موضوع إثبات ايء واقعا من األسد والرؤية واقعة منك عليه، ال ورأيت أسدإلثبات معىن األسد لشيء، فلم يكن ذكر املشبه به إلثبات التشبيه وصار قصد التشبيه مكنونايف الضمري ال

لضمري وهو أنه إذا مل يعلم إال بعد الرجوع إىل شيء من النظر، ووجه آخر يف كون التشبيه مكنونا يف ا

Page 135: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 135

يكن مذكورا جاز أن يتوهم السامع يف ظاهر احلال أن املراد باسم املشبه به ما هو موضوع له، فال يعلم قصد التشبيه فيه إال بعد شيء من التأمل خبالف احلالة الثانية فإنه ميتنع ذلك فيه مع كون املشبه مذكورا

.أو مقدرا

م يف احلالة الثانية استعارة إلجرائه على املشبه مع حذف كلمة التشبيه، ومن الناس من ذهب إىل أن االسوهذا اخلالف لفظي راجع إىل الكشف عن معىن االستعارة، والتشبيه يف االصطالح وما اخترناه هو

األقرب ملا أوضحنا من املناسبة وهو اختيار احملققني كالقاضي أيب احلسن اجلرجاين والشيخ عبد القاهر جار اهللا العالمة والشيخ صاحب املفتاح رمحهم اهللا، غري أن الشيخ عبد القاهر قال بعد تقرير ما والشيخفإن أبيت إال أن تطلق اسم االستعارة على هذا القسم فإن حسن دخول أدوات التشبيه ال حيسن : ذكرناه

فإنه حيسن أن يقال إطالقه وذلك كأن يكون اسم املشبه به معرفة، كقولك زيد األسد وهو مشس النهار زيد كاألسد وخلته مشس النهار وإن حسن دخول بعضها دون بعض هان اخلطب يف إطالقه وذلك كأن يكون نكرة غري موصوفة كقولك زيد أسد فإنه ال حيسن أن يقال زيد كأسد وحيسن أن يقال كأن زيدا

م وكان إطالقه أقرب لغموض أسد ووجدته أسدا وإن مل حيسن دخول شيء منها إال بتغيري لصورة الكالفالن بدر يسكن : تقدير أداة التشبيه فيه وذلك بأن يكون نكرة موصوفة مبا ال يالئم املشبه به كقولك

: األرض وهو مشس ال تغيب، وكقوله

وبدر والصدود كسوفه عنا شمس تالق والفراق غروبها

هو : وها إال بتغيري صورته، كقولكفإنه ال حيسن دخول الكاف وحنوه يف شيء من هذه األمثلة وحنكالبدر، إال أنه يسكن األرض، وكالشمس إال أنه ال يغيب، وكالشمس املتألقة إال أن الفراق غروا،

وكالبدر إال أن الصدود كسوفه؛ وقد يكون يف الصفات والصالت اليت جتيء هذا النحو ما حييل تقدير : ثل قول أيب الطيبأداة التشبيه فيه فيقرب إطالقه أكثر وذلك م

موت فريص الموت منه يرعد هدم األسد الهزبر خضاب أسد

فإنه ال سبيل إىل أن يقال املعىن هو كاألسد وكاملوت، ملا يف ذلك من التناقض ألن تشبيهه جبنس السبع نه املعروف دليل على أنه دونه أو مثله، وجعل دم اهلزبر الذي هو أقوى اجلنس خضاب يده دليل على أ

: فوقه، وكذلك ال يصح أن يشبه باملوت املعروف مث جيعل املوت خياف منه وكذا قول البحتري

رحلي منه اسود مظلم وموضع وبدر أضاء األرض شرقا ومغربا

Page 136: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 136

إن رجع فيه إىل التشبيه الساذج حىت يكون املعىن هو كالبدر لزم أن يكون قد جعل البدر املعروف هر أنه إمنا أراد أن يثبت من املمدوح بدرا له هذه الصفة العجيبة اليت مل تعرف موصوفا مبا ليس فيه، فظ

للبدر فهو مبين على ختييل أنه زاد يف جنس البدر واحدا له تلك الصفة، فالكالم موضوع ال إلثبات الشبه لكن زيد رجل كيت كيت مل تقصد إثبات كونه رجال، : بينهما ولكن إلثبات تلك الصفة، فهو كقولك

إثبات كونه متصفا مبا ذكرت، فغذا مل يكن اسم املشبه به يف البيت جمتلبا إلثبات الشبه تبني أنه خارج عن األصل الذي تقدم من كون االسم جمتلبا إلثبات الشبه، فالكالم فيه مبين على أن كون املمدوح بدرا

ميتنع دخول الكاف يف هذا وحنوه ميتنع أمر قد استقر وثبت وإمنا العمل يف إثبات الصفة الغريبة وكما دخول كأن وحنوه حتسب القتضائهما أن يكون اخلرب واملفعول الثاين أمرا ثابتا يف اجلملة إال أن كونه

كأن : كأن زيدا منطلق أو خالف الظاهر، كقولنا: متعلقا باالسم واملفعول األول مشكوك فيه، كقولناغري ثابتة، فدخول كأن وحتسب عليها كالقياس على اهول، وأيضا هذا زيدا أسد والنكرة فيما حنن فيه

النحو إذا فليت عز سره وجدت حمصوله أنك تدعي حدوث شيء هو من اجلنس املذكور، إال أنه اختص بصفة عجيبة مل يتوهم جوازها على اجلنس، فلم يكن لتقدير التشبيه فيه معىن وإن مل يكن اسم املشبه به

رأيت بفالن أسدا ولقيين منه أسد مسي جتريدا، كما سيأيت إن : به، وال يف حكم اخلرب كقوهلمخربا للمششاء اهللا تعاىل، ومل يسم استعارة ألنه إمنا يتصور احلكم على االسم باالستعارة إذا جرى بوجه على ما

ا غري جار على املشبه يدعي أنه مستعار له، إما باستعماله فيه أو بإثبات معناه له، واالسم يف مثل هذهلم فيها : " بوجه، وألنه جييء على هذه الطريقة ما ال يتصور فيه التشبيه فيظن أنه استعارة كقوله تعاىل

: إذ ليس املعىن على تشبيه جهنم بدار اخللد إذ هي نفسها دار اخللد، وكقول الشاعر" دار اخللد

اليشرب كاغسا بكف من بخ خير من يركب المطي وال يا

فإنه ال يتصور فيه التشبيه وإمنا املعىن أنه ليس ببخيل، وال يسمى تشبيها أيضا ألن اسم املشبه به مل جيتلب .فيه إلثبات التشبيه كما سبق وعده الشيخ صاحب املفتاح تشبيها، واخلالف أيضا لفظي

وال ألمر أهم منهما كاألسد والدليل على أن االستعارة جماز لغوي كوا موضوعة للمشبه به ال للمشبهفإنه موضوع للسبع املخصوص ال للرجل الشجاع وال للشجاع مطلقا، ألنه لو كان موضوعا ألحدمها

لكان استعماله يف الرجل الشجاع من جهة التحقيق ال من جهة التشبيه، وأيضا لو كان موضوعا .للشجاع مطلقا لكان وصفا ال اسم جنس

جماز عقلي مبعىن أن التصرف فيها يف أمر عقلي ال لغوي، ألا ال تطلق على املشبه إال بعد وقيل االستعارة

Page 137: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 137

ادعاء دخوله يف جنس املشبه به ألن نقل االسم وحده لو كان استعارة لكانت ابلغ من احلقيقة، ألنه ال دا، يعين زيدا أنه جعله رأيت أس: بالغة يف إطالق االسم ارد عاريا عن معناه، وملا صح أن يقال ملن قال

أسدا، كما ال يقال ملن مسى ولده أسدا إنه جعله أسدا، ألن جعل إذا تعدى إىل مفعولني كان مبعىن صري فأفاد إثبات صفة للشيء، فال تقول جعلته أمريا إال على معىن أنك اثبت له صفة األمارة، وعليه قوله

املعىن أم اثبتوا صفة األنوثة واعتقدوا وجودها " لرمحن إناثا وجعلوا املالئكة الذين هم عباد ا: " تعاىلفيهم، وعن هذا االعتقاد صدر عنهم للمالئكة إطالق اسم اإلناث عليهم ال أم أطلقوه من غري اعتقاد

وإذا كان نقل االسم تبعا لنقل املعىن كان االسم " أشهدوا خلقهم : " ثبوت معناه هلم، بدليل قوله تعلى : مال فيما وضع له، وهلذا صح التعجب يف قول ابن العميدمستع

نفي أعز عليب من نفسي تظللني من الشمس قامت

شمس تظللني من الشمس تظللني ومن عجب قامت

: والنهي عنه يف قول اآلخر

قد زر أزراره على القمر هتعجبوا من بلي غاللت ال

: وقوله

ايهمن البدر أحيانا فيبل نور االثياب من الكتان يلمحه ترى

والبدر في كل وقت طالع فيها افكيف تنكر أن تبلى معاجره

واجلواب عنه أن ادعاء دخول املشبه يف جنس املشبه به ال خيرج اللفظ عن كونه مستعمال يف غري ما وضع قضاء حلق املبالغة، فإن قيل له، وأما التعجب والنهي عنه فيما ذكر فلبناء االستعارة على تناسي التشبيه

إصرار املتكلم على ادعاء األسدية للرجل ينايف نصبه قرينة مانعة من أن يراد به السبع املخصوص، قلنا ال منافاة، ووجه التوفيق ما ذكره السكاكي وهو أن تبىن دعوى األسدية للرجل على ادعاء أن أفراد جنس

ي له غاية اجلراءة واية قوة البطش مع الصورة األسد قسمان بطريق التأويل متعارف وهو الذاملخصوصة، وغري متعارف وهو الذي له تلك اجلراءة وتلك القوة ال مع تلك الصورة بل مع صورة

أخرى على حنو ما ارتكب املتنيب هذا االدعاء يف عد نفسه ومجاعته من جنس اجلن وعن مجاله من جنس : الطري حني قال

طير لها شخوص الجمال فوق ي ناسنحن قوم من الجن في ز

مستشهدا لدعواه هاتيك باملخيالت العرفية وأن ختصص القرينة بنفيها املتعارف الذي يسبق إىل الفهم : ليتعني اآلخر ومن البناء على هذا التنويع قوله

Page 138: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 138

تحية بينهم ضرب وجيع

: ومنه قوله" من أتى اهللا بقلب سليم يوم ال ينفع مال وال بنون، إال: " وقوهلم عتابك السيف وقوله تعاىل

إال اليعافير وإال العيس يسا أنليس به وبلدة

بناء : وإذ قد عرفت معىن االستعارة وأا جماز لغوي فاعلم أن االستعارة تفارق الكذب من وجهنيا من التأويل الدعوى فيها على التأويل ونصب القرينة على أن املراد ا خالف ظاهرها، فإن الكاذب ترب

وال ينصب دليال خالف زعمه، وأا ال تدخل يف األعالم ملا سبق من أا تعتمد إدخال املشبه يف جنس املشبه به، والعلمية تنايف اجلنسية، وأيضا ألن العلم ال يدل إال على تعني شيء من غري إشعار بأنه إنسان

يف جمرد التعني وحنوه من العوارض العامة اليت ال يكفي أو فرس أو غريمها فال اشتراك بني معناه وغريه إال شيء منها جامعا يف االستعارة، اللهم إال إذا تضمن نوع وصفية لسبب خارج كتضمن اسم حامت اجلواد

.در البخيل وما جرى جمرامها

: وقرينة االستعارة إما معىن واحد كقولك رأيت أسدا يرمي أو أكثر، كقول بعض العرب

ايرانفي إيماننا ن فإن فوا العدل واإليمانافإن تعا

: أي سيوفنا تلمع كأا شعل نريان، كما قال اآلخر

على أيديهم تتلهب شعل ناهضتهم والبارقات كأنها

فقوله تعافوا باعتبار كل واحد من تعلقه بالعدل وتعلقه باإلميان قرينة لذلك لداللته على أن جوابه أم : لى الطاعة بالسيف، أو معان مربوط بعضها ببعض كما يف قول البحتريحياربون ويفسرون ع

على أرؤس األقران خمس صحائب اهي بمن نصله تنكف وصاعقة

عىن خبمس سحائب أنامل املمدوح فذكر أن هناك صاعقة مث قال من نصله فبني أا من نصل سيفه مث .ابع اليد فبان من جمموع ذلك غرضهقال على أرؤس األقران مث قال مخس فذكر عدد أص

مث االستعارة تنقسم باعتبار الطرفني وباعتبار اجلامع وباعتبار الثالثة وباعتبار اللفظ وباعتبار أمر خارج عن ذلك كله، أما باعتبار الطرفني فهي قسمان ألن اجتماعهما يف شيء إما ممكن أو ممتنع ولتسم األوىل

فإن املراد " أومن كان ميتا فأحييناه : " لوفاقية، فكقوله تعاىل أحييناه يف قولهوفاقية والثانيةعنادية، أما ابأحييناه هديناه، أي أومن كان ضاال فهديناه، واهلداية واحلياة ال شك يف جواز اجتماعهما يف شيء، وأما

لوها مما هو العنادية فمنها ما كان وضع التشبيه فيه على ترك االعتداد بالصفة وإن كانت موجودة خلمثرا، واملقصود منها وإذا ما خلت منه مل تستحق الشرف كاستعارة اسم املعدوم للموجود إذا مل حتصل

Page 139: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 139

منه فائدة من الفوائد املطلوبة من مثله فيكون مشاركا للمعدوم يف ذلك أو اسم املوجود للمعدوم إذا للموجود يف ذلك أو اسم امليت للحي كانت اآلثاراملطلوبة من مثله موجودة حال عدمه فيكون مشاركا

اجلاهل ألنه عدم فائدة احلياة، واملقصود ا أعين العلم فيكون مساركا للميت يف ذلك، ولذلك جعل النوم موتا ألن النائم ال يشعر مبا حبضرته كما ال يشعر امليت أو احلي العاجز ألن العجز كاجلهل حيط من

.قدر احلي

بلني للشدة والضعف كااستعارة اسم األشد لألضفع أوىل، فكل من كان أقل علما مث الضدان إن كانا قاوأضعف قوة كان أوىل بأن يستعار له اسم امليت، وملا كان اإلدراك أقدم من العقل يف كونه خاصة

للحيوان كان األقل علما أوىل باسم امليت أو اجلماد من األقل قوة، وكذا يف جانب األشد فكل من كان أومن كان : " ثر علما كان أوىل بأن يقال له إنه حي، وكذا من كان أشرف علما وعليه قوله تعاىلأك

فإن العلم بوحدة اهللا تعاىل وما أنزله على نبيه صلى اهللا عليه وسلم أشرف العلوم، ومنها ما " ميتا فأحييناه تناسب بوساطة كم أو تلميح على ما استعمل يف ضده معناه أو نقيضه بترتيل التضاد أو التناقض مرتلة ال

وخيص هذا النوع باسم التهكمية أو التلميحية؛ " فبشرهم بعذاب أليم : " سبق يف التشبيه كقوله تعاىلوأما باعتبار اجلامع فهي قسمان أحدمها ما يكون اجلامع فيه داخال يف مفهوم الطرفني كاستعارة الطريان

: ارث ترثي قتيالللعدو كما يف قول امرأة من بين احل

الحق اآلجال نهد ذو حصل يعه ذو ميشأ طار ب لو

وكما جاء يف اخلرب كلما مسع هيأة طار إليها فإن الطريان والعدو يشتركان يف أمر داخل يف مفهومهما : وهو قطع املسافة بسرعة ولكن الطريان أسرع من العدو، وحنومها قول بعض العرب

ااأليد يخبطن السريح دوام فطرت بمفصلي في عمالت

يقول إنه قام بسيفه مسرعا إىل نوق فعقرهن ودميت أيديهن فخبطن السيور املشدودة على أرجلهن، : وكاستعارة الفيض النبساط األفجر يف قوله

كالفجر فاض على نجوم الغيهب

بسط، وللفجر فإن الفيض موضوع حلركة املاء على وجه خمصوص وذلك أن يقارف مكانه دفعة فين: " انبساط شبيه ذلك، وكاستعارة التقطيع لتفريق اجلماعة وإبعاد بعضهم عن بعض يف قوله تعاىل

فإن القطع موضوع إلزالة االتصال بني األجسام اليت بعضها ملتصق ببعض، " وقطعناهم يف األرض أمما طع أشد، وكاستعارة اخلياطة لسرد فاجلامع بينهما إزالة االجتماع اليت هي داخلة يف مفهومها وهي يف الق

: الدرع يف قول القطامي

Page 140: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 140

منا عشية يجري بالدم الوادي تلق قوما هم شر إلخوتهم لم

ما كان خاط عليهم كل زراد اهد بلهذميات نق نقويهم

فإن اخلياطة تضم حرق القميص والسرد يضم حلق الدرع، فاجلامع بينهما الضم الذي هو داخل يف : ما وهو يف األول األشد، وكاستعارة النثر إلسقاط املنهزمني وتفريقهم يف قول أيب الطيبمفهومه

كما نثرت فوق العروس الدراهم رةثيدب نوق األحف نثرتهم

ألن النثر أن جتمع أشياء يف كف أو وعاء مث يقع فعل تتفرق معه دفعة من غري ترتيب ونظام، وقد استعاره رق على الوجه املخصوص وهو ما تفق من تساقط املنهزمني يف احلرب دفعة من غري تريب ملا يتضمن التف

ونظام ونسبه إىل املمدوح ألنه سببه والثاين ما يكون اجلامع فيه غري داخل يف مفهوم الطرفني كقولك وتنقسم رأيت مشسا وتريد إنسانا يتهلل وجهه، فاجلامع بينهما التأللؤ وهو غري داخل يف مفهومهما،

باعتبار اجلامع أيضا إىل عامية وخاصية، فالعامية املبتذلة لظهور اجلامع فيها كقولك رأيت أسدا ووردت حبرا، واخلاصية الغريبة اليت ال يظفر ا إال من ارتفع عن طبقة العامة كما سيأيت يف االستعارات الواردة يف

: الترتيل، كقول طفيل الغنوي

يقتات شحم سنامها الرحل ةوجعلت كوري فرق ناجي

وموضع اللطف أو الغرابة منه أنه استعار االقتيات إلذهاب الرحل شحم السنام مع أن الشحم مما يقتات، : وقول ابن املعتز

ارالصبح لنا في األبص وأذن حتى إذا ما عرف الصيد الضار

: بح إذنا منه وقول اآلخروملا كان تعذر األبصار منعا من الليل جعل إمكانه عند ظهور الص

نسيم ال يروع الترب وان يهبعرض تنوفة للريح ف

: وقوله

فتختصم اآلمال واليأس في صدري هاألحالف من تحت مطل يناجيني

مث الغرابة قد تكون يف الشبه نفسه كما يف تشبيه هيئة العنان يف موقعه من قربوس السرج يئة الثوب يف : تيب يف قول يزيد بن مسلمة بن عبد امللك يصف فرسا له بأنه مؤدبموقعه من ركبة احمل

علك الشكيم إلى انصراف الزائر هاننعاحتبى قربوسه ب وإذا

: وقد حتصل بتصرف يف العامية كما يف قول اآلخر

Page 141: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 141

وسالت بأعناق المطي األباطح

لني وسالسة حىت كأا كانت سيوال وقع أراد أا سارت سريا حثيثا يف غاية السرعة وكانت سرعة يف : يف تلك األباطح فجرت ا، ومثلها يف احلسن وعلو الطبقة يف هذه اللفظة بعينها قول ابن املعتز

يراندنالبوجوه ك أنصاره سالت عليه شعاب الحي حين دعا

توه وكثروا عليه وازدمحوا أراد أنه مطاع يف احلي وأم يسرعون إىل نصرته وأنه ال يدعوهم خلطب إال أحواليه حىت جتدهم كالسيول جتيء من هاهنا وههنا وتنصب من هذا املسيل وذاك حىت يغص ا الوادي ويطفح منها، وهذا شبه معروف ظاهر ولكن حسن التصرف فيه أفاد اللطف والغرابة، وذلك أنه أسند

ر أو وجوههم حىت أفاد أنه امتألت األباطح الفعل إىل األباطح والشعاتب دون املطي أو أعناقها واألنصاويف كل واحد منهما " واشتعل الرأس شيبا : " من اإلبل والشعاب من الرجال على ما تقدم يف قوله تعاىل

شيء غري الذي يف اآلخر يؤكد أمر الدقة والغرابة أما الذي يف األول فهو أنه أدخل األعناق يف السري فإن بل يظهران غالبا يف أعناقها على ما مر وأما الذي يف الثاين فهو أنه قال عليه السرعة والبطء يف سري اإل

: فعدي الفعل إىل ضمري املمدوح بعلى فأكد مقصوده من كونه مطاعا يف احلي وكما يف قوله

عجل القضيب وأبطأ الدعص اهفرعاء إن نهضت لحاجت

.إذ وصف القضيب بالعجلة والدعص بالبطء

: لغرابة باجلمع بني عدة استعارات إلحلاق الشكل بالشكل كقول امرئ القيسوقد حتصل ا

وأردف إعجازا وناء بكلكل هله لما تمطى بصلب فقلت

وأراد وصف الليل بالطول فاستعار له صلبا يتمطى به غذ كل ذي صلب يزيد يف طوله عند متطيه شيء ا، مث أراد أن يصفه بالثقل على قلب ساهره وبالغ يف ذلك بأن جعل له أعجازا يردف بعضها بعض

والضغط ملكابده فاستعار له كلكال ينوء به، أي يثقل به، وقال الشيخ عبد القاهر ملا جعل لليل صلبا قد متطى به ثىن ذلك فجعله أعجازا قد أردف ا الصلب، وثلث فجعل له كلكال قد ناء به فاستوىف له مجلة

راه الناظر من سواده إذا نظر قدامه وإذا نظر خلفه وإذا رفع البصر ومده يف أركان الشخص وراعى ما ي .عرض اجلو

ظوأما باعتبار الثالثة أعين الطرفني واجلامع فستة أقسام استعارة حمسوس حملسوس بوجه حسي أو بوجه تعارة عقلي أو مبا بعضه حسي وبعضه عقلي، واستعارة معقول ملعقول واستعارة حمسوس ملعقول واس

: " أما استعارة حمسوس حملسوس بوجه حسي فكقوله تعاىل. معقول حملسوس، كل ذلك بوجه عقلي ملا مر

Page 142: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 142

فإن املستعار منه ولد البقرة واملستعار له احليوان الذي خلقه اهللا تعاىل " فأخرج هلم عجال جسدا له خوار اليت أخذها من موطئ حيزوم فرس من حلي القبط اليت سبكتها نار السامري عند إلقائه فيها التربة

وتركنا بعضهم يومئذ ميوج يف : " جربائيل عليه السالم واجلامع هلما الشكل واجلميع حسي، وكقوله تعاىلفإن املستعار منه حركة املاء على الوجه املخصوص واملستعار له حركة األنس واجلن أو يأجوج " بعض

واشتعل : " من شدة احلركة واالضطراب، وأما قوله تعاىلومأجوج ومها حسيان واجلامع هلما ما يشاهد تشبيه الشيب بشواظ النار يف بياضه وإنارته : فليس مما حنن فيه وإن عد منه ألن فيه تشبيهني" الرأس شيبا

وتشبيه انتشاره يف الشعر باشتعاهلا يف سرعة االنبساط مع تعذر تالفيه، واألول استعارة بالكناية، واجلامع .ثاين عقلي، وكالمنا يف غريمهايف ال

فإن املستعار " وآية هلم الليل نسلخ منه النهار : " وأما استعارة حمسوس حملسوس بوجه عقلي كقوله تعاىلمنه كشط اجللد وإزالته عن الشاة وحنوها، واملستعار له إزالة الضوء عن مكان الليل وملقى ظله، ومها

أمر على آخر، وقيل املستعار له ظهور النهار من ظلمة الليل حسيان واجلامع هلما ما يعقل من ترتب فإذا هم مبصرون وحنوه ومل يقل فإذا هم مظلمون أي داخلون يف : وليس بسديد ألنه لو كان ذلك لقال

فإن املستعار منه املرأة واملستعار له الريح " إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم : " الظالم قيل ومنه قوله تعاىلع املنع من ظهور النتيجة واألثر، فالطرفان حسيان واجلامع عقلي وفيه نظر ألن العقيم صفة للمرأة واجلام

ال اسم هلا وكذلك جعلت صفة للريح ال امسا؛ واحلق أن املستعار منه ما يف املرأة من الصفة اليت متنع من .لقاح شجر واجلامع هلما ما ذكراحلمل، واملستعار له ما يف الريح من الصفة اليت متنع من إنشاء مطر وإ

وأما استعارة حمسوس حملسوس مبا بعضه حسي وبعضه عقلي فكقولك رأيت مشسا وأنت تريد إنسانا وأما استعارة معقول ملعقول . شبيها بالشمس يف حسن الطلعة ونباهة الشأن، وأمهل السكاكي هذا القسم

ار منه الرقاد واملستعار له املوت واجلامع هلما عدم ظهور فإن املستع" من بعثنا من مرقدنا : " فكقوله تعاىلفإن املستعار منه " فاصدع مبا تؤمر : " األفعال، واجلميع عقلي وأما استعارة حمسوس ملعقول فكقوله تعاىل

صدع الزجاجة وهو كسرها وهو حسي واملستعار له تبليغ الرسالة واجلامع هلما التأثري ومها عقليان، كأنه " ضربت عليهم الذلة : " األمر إبانة ال تنمحي كما ال يلتئم صدع الزجاجة، وكقوله تعاىلقيل أبن

جعلت الذلة حميطة ا مشتملة عليهم فهم فيها كما يكون يف القبة من ضربت عليه، أو ملصقة م حىت الشخص لزمتهم ضرب الزب كما يضرب الطني على احلائط فيلزمه فاملستعار منه إما ضرب القبة على

وإما ضرب الطني على احلائط وكالمها حسي واملستعار له حاهلم مع الذلة واجلامع اإلحاطة أو اللزوم فإن املستعار له كثرة املاء " إنا ملا طغى املاء : " ومها عقليان وأما استعارة معقول حملسوس فكقوله تعاىل

.ا عقليانوهو حسي واملستعار منه التكرب واجلامع االستعالء املفرط ومه

Page 143: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 143

وأما باعتبار اللفظ فقسمان ألن إن كان اسم جنس فأصلية كأسد وقتل وإال فتبعية كاألفعال والصفات املشتقة منها واحلروف ألن االستعارة تعتمد التشبيه والتشبيه يعتمد كون املشبه موصوفا وإمنا يصلح

األفعال والصفات املشتقة منها للموصوفة احلقائق كما يف قولك جسم ابيض وبياض صاف دون معاين واحلروف، فإن قلت فقد قيل يف حنو شجاع باسل وجواد فياض وعامل حنرير إن باسال وصف لشجاع

وفياضا وصف جلواد وحنريرا وصف لعامل قلت ذلك متأول بأن الثواين ال تقع صفات إال ملا يكون ها ملعاين مصاردها ويف احلروف ملتعلقات معانيها موصوفا باألول فالتشبيه يف األفعال والتصافت املشتقة من

كارور ويف قولنا زيد يف نعمة ورفاهية فيقدر التشبيه يف قولنا نطقت احلال بكذا واحلال ناطقة بكذا : " بدل فأنذرهم، وقوله تعاىل" فبشرهم بعذاب أليم : " للداللة مبعىن النطق وعليه يف التهمية قوله تعاىل

فالتقطه آل فرعونه ليكون : " بدل السفيه الغوي، ويف الم التعليل كقوله تعاىل" الرشيد إنك ألنت احلليمللعداوة واحلزن احلاصلني بعد االلتقاط بالعلة الغائبة لاللتقاط، ومما يتصل ذا أن يا " هلم عدوا وحزنا

باعتبار أمر راجع إليه أو إىل حرف وضع يف أصله لنداء البعيد مث استعمل يف مناداة القريب لتشبيهه بالبعيديا : يا فالن، وأما الثاين فكقول السائل يف جؤاره: املنادى، أما األول فكقولك ملن سها وغفل وإن قرب

رب يا اهللا، وهو أقرب إليه من حبل الوريد، فإنه استقصار منه لنفسه واستبعاد هلا من مظان الزلفى وما ملقربني هضما لنفسه وإقرارا عليها بالتفريط يف جنب اهللا تعاىل مع يقربه إىل رضوان اهللا تعاىل ومنازل ا

.فرط التهالك على استجابة دعوته واإلذن لندائه وابتهاله

واعلم أن مدار قرينة التبعية يف األفعال والصفات املشتقة منها على نسبتها إىل الفاعل كما يف قولك : نطقت احلال أو إىل املفعول كقول ابن املعتز

قتل البخل وأحيا السماحا امالحق لنا في إم جمع

: وقول كعب بن زهري

اذوي أرومتها ذووه أباد صبحنا الخزرجية مراهفات

: والفرق بينهما أن الثاين مفعول ثان دون األول ونظري الثاين قوله

ما كان خاط عليهم كل زراد اهد بلهذميات نق نقريهم

: ول والثاين كقول احلريريأو إىل املفعولني األ

بيانا يقود الحرون الشموسا المسامع إما نطقت وأقرى

: قال السكاكي أو إىل اجلميع كقول اآلخر" فبشرهم بعذاب أليم : " أو إىل ارور كقوله تعاىل

Page 144: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 144

سرى النوم في األجفان إليقاظا إذا تقري الرياح رياض الحزن مزهرة

.وفيه نظر

خلراج فثالثة أقسام أحدها املطلقة وهي اليت مل تقترن بصفة وال تقريع كالم واملراد املعنوية ال وأما باعتبار ا : النعت، وثانيها اردة وهي اليت قرنت مبا يالئم املستعار له كقول كثري

غلقت لضحكته رقاب المال الرداء إذا تبسم ضاحكا غمر

صاحبه كما يصون الرداء ما يلقى عليه ووصفه بالغمر فإنه استعار الرداء للمعروف ألنه يصون عرض فأذاقها اهللا لباس اجلوع : " الذي هو وصف املعروف ال الرداء فنظر إىل املستعار له، وعليه قوله تعاىل

حيث قال أذاقها ومل يقل كساها فإن املراد باإلذاقة إصابتهم مبا استعري له اللباس كأنه قال " واخلوف قال الزخمشري اإلذاقة جرت عندهم جمرى احلقيقة لشيوعها يف الباليا . س اجلوع واخلوففأصاا اللهبلبا

شبه ما يدرك من أثر الضر . ذاق فالن البؤس والضر وأقاه لعذاب: والشدائد وما ميس الناس منها فيقولونا اهللا لباس اجلوع فكساه: واألمل مبا يدرك من طعم املر والبشع فإن قيل الترشيح أبلغ من التجريد فهال قيل

قلنا ألن اإلدراك بالذوق يستلزم اإلدراك باللمس من غري عكس فكان يف اإلذاقة إشعار بشدة . واخلوففأقاها اهللا طعم اجلوع واخلوف؟ قلنا ألن الطعم وإن الءم : مل مل يقل: اإلصابة خبالف الكسوة فإن قيل

.وع واخلوف عم أثرمها مجيع البدن عموم املالبساإلذاقة فهو مفوت ملا يفيده لفظ اللباس من بيان أن اجل

: وثالثها املرشحة وهي اليت قرنت مبا يالئم املستعار منه كقوله

رويدك يا أخا عمرو بن بكر روردائي عبد عم ينازعني

رودونك فاعتجر منه بشط الشطر الذي ملكت يميني لي

االعتجار الذي هو وصف الرداء فنظر إىل املستعار منه، فإنه استعار الرداء للسيف لنحو ما سبق ووصفه بفإنه استعار االشتراء " أولئك الذين اشتروا الضاللة باهلدى فما رحبت جتارم : " وعليه قوله تعاىل

وقد جيمع التجريد . لالختيار وقفاه بالربح والتجارة اللذين مها من متعلقات االشتراء فنظر إىل املستعار منه : كما يف قول زهريوالترشيح

ملقم تلبد أظفاره ل له لدى أسد شاكي السالح مقذف

والترشيح أبلغ من التجريد الشتماله على حتقيق املبالغة، وهلذا كان مبناه على تناسي التشبيه حىت إنه : يوضع الكالم يف علو املرتلة وضعه ويف علو املكان كما قال أبو متام

اله حاجة في السم أنب ويصعد حتى يظن الجهول

Page 145: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 145

فلوال أن قصده أن يتناسى التشبيه ويصمم على إنكاره فيجعله صاعدا يف السماء من حيث املسافة املكانية : ملا كان هلذا الكالم وجه، وكما قال ابن الرومي

دالم بدكعتبدلت ب وال مكتآل نوبخت ال عدم يا

الحسواكم انتإذا ما حقا صح علم النجوم كان لكم إن

القاسى ولكن بأن رقى فع أنيس بم ولعالم فيك كم

الها جفلستم تجهلون م مدكأعالكم في السماء مج

الم زحإلى أن بلغت أمر شافهتهم البدر بالسؤال عن ال

: وكما قال بشار

ولم تك تبرح الفلكا الشمس زائرة أتتني

: وكما قال أبو الطيب

منها الشموس وليس فيها المشرق دتا بل ديارهم ولمحو كبرت

: وكما قال

ده األسرجال قامت تعنق وال ولم أر قبلي من مشى البدر نحوه

ومن هذا الفن ما سبق من التعجب والنهي عنه غري أن مهذب التعجب على عكس مذهب النهي عنه فإن ومذهب النهي عنه إثبات خاصة من خواص مذهب التعجب إثبات وصف ممتنع ثبوته ملستعار منه

: املستعار منه، وإذا جاز البناء على املشبه به مع االعتراف باملشبه كما يف قول العباس بن األحنف

يالمزاء جالفؤاد ع فعز هي الشمس مسكنها في السماء

زوالنتستطيع إليك ال ولن ودعتستطيع إليها الص فلن

: وقول سعيد بن محيد

رهحآتيك س أنا قلت زوري فأرسلت

رهوأدنى مس فى ان أخقلت فالليل ك

القلب حسره زادت جةحب تفأجاب

الشمس بكره تطلع امس وإنشم أنا

: فألن جيوز مع حجده يف استعارة أوىل، ومن هذا الباب قول الفرزدق

يمطرمتى تخلف الجوزاء والدلو ذيأبي أحمد الغيثين صعصعة ال

Page 146: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 146

على الموت فاعلم أنه غير مخفر رن يجبنات الوائدين وم أجار

ادعى ألبيه اسم الغيث ادعاء من سلم له ذلك ومن ال خيطر بباله أنه متناول له من طريق التشبيه، وكذا : قول عدي بن الرقاع يصف محارين وحشيني

بيضاء محكمة هما نسجاها من الغبار مالءة يتعاوران

وإذا السنابك أسهلت نشرها إذا وردا مكانا محزناتطوى

وأما ااز املركب فهو اللفظ املركب املستعمل فيما شبه مبعناه األصلي تشبيه التمثيل للمبالغة يف التشبيه أي تشبيه إحدى صورتني منتزعتني من أمرين أو أمور باألخرى مث تدخل املشبهة يف جنس املشبه ا

شبيه فتذكر بلفظها من غري تغيري بوجه من أوجهه، كما كتب به الوليد بن يزيد ملا بويع إىل مبالغة يف الت : مروان بن حممد وقد بلغه أنه متوقف يف البيعة له

شبه . أما بعد فإين أراك تقدم رجال وتؤخر أخرى فإذا أتاك كتايب هذا فاعتمد على أيهما شئت والسالمة تردد من قام ليذهب يف أمر فتارة يريد الذهاب فيقدم رجال وتارة ال يردي صورة تردده يف املبايعة بصور

واملعىن أنك . أراك تنفخ يف غري فحم وختط على املاء: فيؤخر أخرى، وكما يقال ملن يعمل يف غري معملما زال : يف فعلك كمن يفعل ذلك، وكما يقال ملن يعمل احليلة حىت مييل صاحبه إىل ما كان ميتنع منه

واملعىن أنه مل يزل يرفق بصاحبه رفقا يشبه حاله فيه . يفتل منه يف الذروة والغارب حىت بلغ منه ما أرادحال من جييء إىل البعري الصعب فيحكه ويفتل الشعر يف ذروته وإعرابه حىت يسكن ويستأنس، وهذا يف

من البعري ليلتذ بذلك فيسكن فالن يقرض فالنا، أي يتلطف به فعل من يرتع القراد: املعىن نظري قوهلميا أيها الذين آمنوا ال تقدموا بني يدي اهللا : " وكذا قوله تعاىل. ويثبت يف مكانه حىت يتمكن من أخذه

فإنه ملا كان التقدم بني يدي الرجل خارجا عن صفة املتابع له صار النهي عن التقدم متعلقا " ورسوله إذ املعىن واهللا " واألرض مجيعا قبضته يوم القيامة : " وكذا قوله تعاىلباليدين ممثال للنهي عن ترك االتباع،

أعلم أن مثل األرض يف تصرفها حتت أمر اهللا تعاىل وقدرته مثل الشيء يكون يف قبضة، اآلخذ له منا أي خيلق فيها صفة الطي حىت ترى " والسموات مطويات بيمينه : " وكذا قوله تعاىل. واجلامع يده عليه

كتاب املطوي بيمني الواحد منا، وخص اليمني ليكون أعلى وأفخم للمثل ألا أشرف اليدين وأقوامها كالواليت ال غناء لألخرى دوا فال يهش إنسان لشيء إال بدأ بيمينه فهيأها لنيله، ومىت قصد جعل الشيء يف

: قال ابن ميادةجهة العناية جعل يف اليد اليمىن، ومىت قصد خالف ذلك جعل يف اليسرى، كما

فال تجعلني بعدها في شمالكا تك في يمنى يديك جعلتني ألم

Page 147: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 147

أي كنت مكرما عندك فال جتعلين مهانا، وكنت يف املكان الشريف منك فال حتطين يف املرتل الوضيع؛ . األمر بيدك، أردت املثل، أي األمر كالشيء حيصل يف يدك فال ميتنع عليك: وكذا إذا قلت للمخلوق

قال الزخمشري كأن الغضب كان يغلي على ما فعل " وملا سكت عن موسى الغضب : " وكذا قوله تعاىلويقول له قل لقومك كذا وألق األلواح وجر برأس أخيك عليك، فترك النطق بذلك وقطع اإلغراء ومل

عب يستحسن هذه الكلمة ومل يستنصحها كل ذي طبع سليم وذوق صحيح إال لذلك، وألنه من قبيل شال جتد النفس عندها شيئا من " وملا سكن عن موسى الغضب " البالغة وإال فما لقراءة معاوية بن قرة

اعتصمت حببله فقال الزخمشري أيضا جيوز أن يكون متثيال : تلك اهلزة وطرفا من تلك الروعة، وأما قوهلمل وثيق يأمن انقطاعه وأن يكون الستظهاره به ووثوقه حبمايته باستمساك املتديل من مكان مرتفع حبب

: وكذا قول الشماخ. احلبل استعارة لعهده واالعتصام لوثوقه بالعهد أو ترشيحا الستعارة احلبل مبا يناسبه

ينغرابة باليم تلقاها إذا ما راية رفعت لمجد

ال تصلح حيث الشبه فيه مأخوذ من جمموع التلقي، واليمني على حد قوهلم تلقيته أكلتا اليدين، وهلذا عرفت ميينك على - مبعىن عظيم القدرة وال -هو عظيم اليمني : يقصد التجوز فيها وحدها، فال يقال

: ومثله قول اآلخر. مبعىن عرفت قدرتك عليه. هذا

هون عليك فإن األمور بكف اإلله مقاديرها

أحدكم إذا تتصدق بالتمرة من إن : " وكذا ما روى أبو هريرة عن النيب صلى اهللا عليه وسلم أنه قال جعل اهللا ذلك يف كفه فريبيها كما يريب أحدكم فلوه حىت يبلغ - وال يقبل اهللا إال الطيب -الطيب

واملعىن فيهما على انتزاع الشبه من اموع، وكل هذا يسمى التمثيل على سبيل ". بالتمرة مثل أحد تعماله كذلك مسي مثال، ولذلك ال تغري األمثال، ومما وقد يسمى التمثيل مطلقا ومىت فشا اس. االستعارة

معناه ملن كان له قلب ناظر " إن يف ذلك لذكرى ملن كان له قلب : " يبىن على التمثيل حنو قوله تعاىلفيما ينبغي أن ينظر فيه، واع ملا جيب وعيه ولكن عدل عن هذه العبارة وحنوها إىل ما عليه التالوة بقصد

مثيل ليفيد ضربا من التخييل وذلك أنه ملا كان اإلنسان حني ال ينتفع بقلبه فال ينظر فيما البناء على التينبغي أن ينظر فيه وال يفهم وال يعي جعل كأنه قد عدم القلب مجلة كما جعل من ال ينتفع بسمعه

ه قلب إال إذا كان فالن ل: وبصره فال يفكر فيما يؤديان غليه مبرتلة العادم هلما ولزم على هذا أن ال يقالينتفع بقلبه فينظر فيما ينبغي أن ينظر فيه ويعي ما جيب وعيه، فكان يف قوله تعاىل ملن كان له قلب، ختييل

ملن كان له قلب ناظر فيما ينبغي أن ينظر : أن من مل ينتفع بقلبه كالعادم للقلب مجلة خبالف، حنو قولنا

Page 148: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 148

أخرى شريفة وهي تقليل اللفظ مع تكثري املعىن، ونقل الشيخ ويف نظم اآلية فائدة. فيه واع ملا جيب وعيهاملراد بالقلب العقل مث شدد عليه النكري يف هذا التفسري وقال وإن : عبد القاهر عن بعض املفسرين أنه قال

كان املرجع فيما ذكرناه عند التحصيل إىل ما ذكره ولكن ذهب عليه أن الكالم مبين على ختييل أن من قد غاب عين : بقلبه فال ينظر وال يعي مبرتلة من عدم قلبه مجلة، كما تقول يف قول الرجل إذا قالال ينتفع

قليب، أو ليس حيضرين قليب، إنه يريد أن خييل إىل السامع أنه غاب عنه قلبه جبملته دون أن يردي اإلخبار يريد غفلته . مل أكن هاهنا: أن عقله مل يكن هناك وإن كان املرجع عند التحصيل إىل ذلك؟ وكذا إذا قال

هذا معىن كالم الشيخ وهو حق، ألن املراد باآلية احلث على . عن الشي، فهو يضع كالمه على التخييلالنظر والتقريع على تركه فإن أراد هذا املفسر بتفسريه أن املعىن ملن كان له عقل مطلقا فهو ظاهر الفساد

ع به ويعمله فيما خلق له من النظر فتفسري القلب بالعقل مث تقييد وإن أراد أن املعىن ملن كان له عقل ينتفهلم قلوب ال يفقهون : " تعاىل9العقل مبا قيده عري عن الفائدة لصحة وصف القلب بذلك، بدليل قوله

واعلم أن املثل السائر ملا كان فيه غرابة استعري لفظة املثل للحال أو الصفة أو القصة إذا كان هلا شأن" ا

أي حاهلم العجيبة " مثلهم كمثل الذي استوقد نارا : " وفيها غرابة وهو يف القرآن كثري، كقوله تعاىلأي الوصف الذي له شأن من " وهللا املثل األعلى : " الشأن كحال الذي استوقد نارا، وكقوله تعاىل

مثل : " ب منه وكقوله تعاىلأي صفتهم وشأم املتعج" مثلهم يف التوراة : العظمة واجلاللة وقوله تعاىلأي فيما قصصنا عليك من العجائب قصة اجلنة العجيبة مث أخذ يف بيان عجائبها " اجلنة اليت وعد املتقون

.إىل غري ذلك

فصل في بيان االستعارة بالكناية

واالستعارة التخييلية

عليه بأن يثبت للمشبه قد يضمر التشبيه يف النفس فال يصرح بشيء من أركانه سوى لفظ املشبه ويدلأمر خمتص باملشبه به من غري أن يكون هناك أمر ثابت حسا أو عقال أجري عليه اسم ذلك األمر فيسمى التشبيه استعارة بالكناية أو مكنيا عنها، وإثبات ذلك األمر للمشبه استعارة ختييلية، والعلم يف ذلك قول

: لبيد

بيد الشمال زمامهاإذ أصبحت رةريح قد كشفت وق وغداة

ألنه جعل للشمال يدا ومعلوم أنه ليس هناك أمر ثابت حسا أو عقال جتري اليد عليه كإجراء األسد على

Page 149: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 149

الرجل الشجاع، والصراط على ملة اإلسالم، فيما سبق، ولكن ملا شبه الشمال لتصريفها القرة على حكم بيده أثبت هلا يدا على سبيل التخييل مبالغة يف تشبيهها طبيعتها يف التصريف باإلنسان املصرف ملا زمامه

به، وحكم الزمان يف استعارته للقرة حكم اليد يف استعارا للشمال فجعل للقرة زماما ليكون أمت يف إثباا مصرفة كما جعل للشمال يدا ليكون أبلغ يف تصيريها متصرفة فوىف املبالغة حقها من الطرفني،

. حت وزمامها للقرة وهو قول الزخمشري، والشيخ عبد القاهر جعله للغداة، واألول أظهرفالضمري يف أصب

وأعلم أن األمر املختص باملشبه به املثبت للمشبه منه ما ال يكمل وجه الشبه يف املشبه به بدونه كما يف : قول أيب ذؤيب اهلذيل

عألفيت كل تميمة ال تنف وإذا المنية أنشبت أظفارها

شبه املنية بالسبع يف اغتيال النفوس بالقهر والغلبة من غري تفرقة بني نفاع وضرار، وال رقة ملرحوم ال فإنه وبقيا على ذي فضيلة، فأثبت للمنية األظفار اليت ال يكمل ذلك يف السبع بدوا حتقيقا للمبالغة يف

: آلخرالتشبيه، ومنه ما به يكون قوام وجه الشبه يف املشبه به كما يف قول ا

قحالي بالشكاية أنط فلسان ولئن نطقت بشكر برك مفصحا

فإنه شبه احلال الدالة على املقصود بإنسان متكلم يف الداللة فأثبت هلا اللسان الذي به قوام الداللة يف : اإلنسان وأما قول زهري

هلأفراس الصبا ورواح وعرى طحا القلب عن سلمى واقصر باطنه

ن استعارة ختييلية وأن يكون استعارة حتقيقية، أما التخييل فأن يكون أراد أن يبني أنه ترك فيحتمل أن يكوما كان يرتكبه أو أن احملبة من اجلهل والغي، وأعرض عن معاودته فتعطلت آالته كأي أمر وطن يف النفس

رة قضى منها الوطر على تركه فإنه مل آالته فتتعطل، فشبه الصبا جبهة من جهات املسري كاحلج والتجافأمهل آالا فتعطلت فأثبت له اإلفراس والرواحل، فالصبا على هذا من الصبوة مبعىن امليل إىل اجلهل والفتوة ال مبعىن الفتاء وأما التحقيق فأن يكون أراد دواعي النفوس وشهواا والقوى احلاصلة هلا يف

.ع الغي غال أوان الصبااستيفاء اللذات أو األسباب اليت قلما تتآخذ يف اتبا

فصل

خمالف ملواضع مما - أعين باب احلقيقة وااز والفصل الذي يليه -اعلم أن كالم السكاكي يف هذا الباب ذكرناه فال بد من التعرض هلا ولبيان ما فيها منها أنه عرف احلقيقة اللغوية بالكلمة املستعملة فيما هي

Page 150: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 150

ع وقال إمنا ذكرت هذا القيد يعين قوله من غري تأويل يف الوضع موضوعة له من غري تأويل يف الوضليحترز به عن االستعارة، ففي االستعارة تعد الكلمة مستعملة فيما هي موضوعة له على أصح القولني،

وال نسميها حقيقة بل نسميها جمازا لغويا لبناء دعوى املستعار موضوعا للمستعار له على ضرب من ر مثن عرف ااز اللغوي بالكلمة املستعملة يف غري ما هي موضوعة له بالتحقيق استعماال التأويل كما م

يف الغري بالنسبة إىل نوع حقيقتها مع قرينة مانعة عن إرادة معناها يف ذلك النوع، وقال قويل بالتحقيق فيمنا هي موضوعة له على احتراز أن ال خترج االستعارة اليت هي من باب ااز نظرا إىل دعوى استعماهلا

ما مر وقوله استعماال يف الغري بالنسبة إىل نوع حقيقتها مبرتلة قولنا يف تعريف ااز يف اصطالح به وقوله مع قرينة اهللا احتراز عن الكناية كما تقدم وفيهما نظر ألن لفظ الوضع وما . التخاطب على ما مر

ل وإمنا يفهم منه الوضع بالتحقيق ملا سبق من تفسري الوضع، يشتق منه إذا أطلق ال يفهم منه الوضع بتأويفال حاجة إىل تقييد الوضع يف تعريف احلقيقة بعدم التأويل ويف تعريف ااز بالتحقيق اللهم إال أن يراد

زيادة البيان ال تتميم احلد مث تقييد الوضع باصطالح التخاطب وحنوزه إذا كان ال بد منه يف تعريف ااز دخل فيه حنو لفظ الصالة إذا استعملها املخاطب بعرف الشرع يف الدعاء جمازا فال بد منه يف تعريف لي

احلقيقة أيضا ليخرج حنو هذا اللفظ منه كمنا سبق وقد أمهله يف تعريفها ال يقال قوله يف تعريفها من غري غري اصطالح التخاطب إمنا تأويل يف الوضع أغىن عن هذا القيد، فإن استعمال اللفظ فيما وضع له يف

يكون بتأويل يف وضعه ألن التأويل يف الوضع يكون يف االستعارة على أحد القولني دون سائر أقسام ااز ولذلك قال وإمنا ذكرت هذا القيد ليحترز به عن االستعارة، مث تعريفه للمجاز يدخل فيه الغلط كما

.تقدم

ة وغريها، وعرف االستعارة بأن تذكر أحد طريف التشبيه وتريد به ومنها أنه قسم ااز إىل االستعارالطرف اآلخر مدعيا دخول املشبه يف جنس املشبه به وقسم االستعارة إىل املصرح ا واملكنة عنها، وعىن

باملصرح ا أن يكون املذكور من طريف التشبيه هو املشبه به وجعلها ثالثة أضرب حتقيقية وختيلية للتحقيق والتخييل وفسر التحقيقية مبا مر، ووعد التمثيل على سبيل االستعارة منها وفيه نظر، وحمتملة،

ألن التمثيل على سبيل االستعارة ال يكون غال مركبا كما سبق فكيف يكون قسما من ااز املفرد ولو ي مبالغة يف التشبيه دخل كل من مل يقيد االستعارة باإلفراد عرفها بااز الذي أريد به ما شبه مبعناه األصل

التحقيقية والتمثيل يف تعريف االستعارة، ومنها أنه فسر التخييلية مبا استعمل يف صورة ومهية حمضة قدرت مشاة لصورة حمققة هي معناه، كلفظ األظفار يف قول اهلذيل، فإنه ملا شبه املنية بالسبع يف االغتيال على

بصورته واختراع مثل ما يالئم صورته، ويتم به شكله هلا من اهليئات ما تقدم أخذ الوهم يف تصويرها

Page 151: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 151

واجلوارح، على اخلصوص ما يكون قوام اغتياله للنفوس به فاخترع للمنية صورة مشاة لصورة األظفار ر احملققة فأطلق عليها امسها وفيه نظر، ألن تفسري التخييلية مبا ذكره بعيد ملا فيه من التعسف، وأيضا فظاهتفسري غريه هلا بقوهلم جعل الشيء للشيء كجعل اليد على تفسريه استعارة وعلى تفسري غريه حقيقة، واالستعارة إثباا للشمال كما قلنا يف ااز العقلي، الذي فيه املسند حقيقة لغوية أيضا فيلزمه أن يقول

حد من التخييلية والترشيح فيه مبثل ذلك، أعين بإثبات صورة متومهة يف ترشيح االستعارة ألن كل واإثبات بعض لوازم املشبه به املختصة به للمشبه غري أن التعبري عن املشبه يف التخييلية بلفظه املوضوع له

ويف الترشيح بغري لفظه وهذا ال يفيد فرقا، والقول ذا يقتضي أن يكون الترشيح ضربا من التخييلية ة أعم من أن تكون تابعة لالستعارة بالكناية كما يف بقيت اهلذيل، أو وليس كذلك وأيضا فتفسريه للتخييلي

غري تابعة بأن يتخيل ابتداء صورة ومهية مشاة لصورة حمققة فيستعار هلا اسم الصورة احملققة والثانية بعيدة جدا، ويدل على إرادته دخول الثانية يف تفسري التخييلية أنه قال حسنها حبسب حسن املكىن عنها

وقلما حتسن احلسن البليغ غري تابعة هلا، . فالن بني أنياب املنية وخمالبها: مىت كانت تابعة هلا كما يف قولك : ولذلك استهجنت يف قول الطائي

صب قد استعذبت ماء بكائي يتسقني ماء المالم فإنن ال

املكىن عنها، قلنا غري املكىن عنها هي فإن قيل مل ال جيوز أن يريد بغري التابعة للمكىن عنها التابعة لغاير. املصرح ا فتكون التابعة هلا ترشيح االستعارة وهو من أحسن وجوه البالغة، فكيف يصح استهجانه

وأما قول أيب متام فليس له فيه دليل جلواز أن يكون أبو متام شبه املالم لظرف الشراب الشتماله على ما تمل على أن يكرره الشارب لبشاعته أو مرارته فتكون التخييلية يف يكرهه امللوم كما أن الظرف قد يش

قوله تابعة للمكين عنها أو باملاء نفسه ألن اللوم قد يسكن حرارة الغرام كما أن املاء يسكن غليل األوام فيكون تشبيها على حد جلني املاء فيما مر ال استعارة، واالستهجان على الوجهني ألنه كان ينبغي له أن

يشبهه بظرف شراب مكروه أو بشراب مكروه وهلذا مل يستهجن حنو قوهلم أغلظت لفالن القول وجرعته كأسا مرة أو سقيته أمر من العلقم، ومنها أنه عىن باالستعارة املكىن عنها أن يكون املذكور من

ة هلا وإنكار أن تكون شيئا طريف التشبيه هو املشبه على أن املراد باملنية يف قول اهلذيل السبع بادعاء السبعيغري السبع بقرينة إضافة األظفار إليها وفيه نظر، للقطع بأن املراد باملنية يف البيت هو املوت ال احليوان

وكذا كل ما هو حنوه وال شيء من االستعارات . املفترس فهو مستعمل فيما هو موضوع له على التحقيقله من أنا ندعي هاهنا أن اسم املنية اسم للسبع مرادف للفظ مستعمال كذلك وأما ما ذكره يف تفسري قو

Page 152: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 152

السبع بارتكاب تأويل وهو أن تدخل املنية يف جنس السبع للمبالغة يف التشبيه مث نذهب على سبيل التخييل على أن الواضع كيف يصح منه أن يضع امسني حلقيقة واحدة وال يكونان مترادفني فيتهيأ لنا ذا

بعية للمنية مع التصريح بلفظ املنية فال يفيده ألن ذلك ال يقتضي كون اسم املنية غري الطريق دعوى السمستعمل فيما هو موضوع له على التحقيق من غري تأويل فيدخل يف تعريفه للحقيقة وخيرج من تعريفه

عي ااز للمجاز وكأنه ملا رأى علما ء البيان يطلقون لفظ االستعارة على حنو ما حنن فيه وعلى أحد نواللغوي الذي هو اللفظ املستعمل فيما شبه مبعناه األصلي ويقولون االستعارة تنايف ذكر طريف التشبيه ظن

أن مرادهم بلفظ االستعارة عند اإلطالق، ويف قوهلم استعارة بالكناية معىن واحد فبىن على ذلك ما تقدم، مكن من تلخيص كالم األصحاب يف هذا الفصل هذا ما أ: ومنها أنه قال يف آخر فصل االستعارة التبعية

ولو أم جعلوا قسم االستعارة التبعية من قسم االستعارة بالكناية بأن قبلوا فجعلوا يف قوهلم نطقت احلال بكذا احلال اليت ذكرها عندهم قرينة االستعارة بالتصريح استعارة بالكناية عن املتكلم بوساطة املبالغة يف

: املقام وجعلوا نسبة النطق إليه قرينة االستعارة كمنا تراهم يف قولهالتشبيه على مقتضى

وإذا المنية أنشبت أظفارها

وجيعلون املنية استعارة بالكناية عن السبع وجيعلون إثبات األظفار هلا قرينة االستعارة وهكذا جعلوا البخل العدم وجعلوا نسبه القتل إليه قرينة استعارة بالكناية عن حي أبطلت حياته بسيف أو غري سيف فالتحق ب

االستعارة ولو جعلوا أيضا اللهذميات استعارة بالكناية عن املطعومات اللطيفة الشهية على سبيل التهكم وجعلوا نسبة لفظ القرى إليها قرينة االستعارة لكان اقرب إىل الضبط هذا لفظه وفيه نظر، ألن التبعية اليت

جعلها استعارة بالكناية كنطقت يف قولنا نطقت احلال بكذا ال جيوز أن يقدرها جعلها قرينة لقرينتها اليتحقيقة حينئذ ألنه لو قدرها حقيقة مل تكن استعارة ختييلية ألن االستعارة التخييلية عنده جماز كما مر ولو

يقدرها جمازا وإذا مل تكن ختييلية مل تكن االستعارة مستلزمة للتخييلية والالزم باطل باالتفاق فيتعني أن قدرها جمازا لزمه أن يقدرها من قبيل االستعارة لكون العالقة بني املعنيني هي املشاة فال يكون ما ذهب إليه مغنيا عن قسمة االستعارة إىل أصلية وتبعية ولكن يستفاد مما ذكر رد التركيب يف التبعية إىل تركيب

التبعية حقيقية واستعارة ختييلية ملا سبق أن التخييلية على ما االستعارة بالكناية على ما فسرناها وتصري .فسرناها حقيقة ال جماز

فصل

Page 153: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 153

وإذ قد عرفت معىن االستعارة التحقيقية واالستعارة التخيلية واالستعارة بالكناية والتمثيل على سبيل كتسب قبحا وهي يف كل من االستعارة فاعلم أن حلسنها شروطا إن مل تصادفها عريت عن احلسن ورمبا ت

التحقيق والتمثيل رعاية ما سبق ذكره من جهات حسن التشبيه وأن ال يشم من جهة اللفظ رائحته ولذلك يوصي فيه أن يكون الشبه بني طرفيها جليا بنفسه أو عرف أو غريه وإال صار تعمية وألغازا ال

ان أخبر، وكما إذا قيل، رأيت إبال مائة ال جتد فيها رأيت أسدا، وار يد إنس: استعارة ومتثيال كما إذا قيلراحلة، وار يد الناس أو قيل رأيت عودا مستقيما أو أن الغرس وأريد إنسان مؤدب يف صباه وذا ظهر

أما ال جييئان يف كل ما جييء فيه التشبيه وما يتصل ذا أنه إذا قوي الشبه بني الطرفني حبيث صار الفرع مل حيسن التشبيه وتعينت االستعارة وذلك كالنور إذا شبه العلم به والظلمة إذا شبهت الشبهة كأنه األصل

ا فإنه لذلك يقول الرجل إذا فهم املسألة حصل يف قليب نور وال يقول كأن نورا حصل يف قليب ويقول كىن عنها حسنها وكذا امل. كأنك أوقعتين يف ظلمة: أوقعتين يف ظلمة، وال يقول: ملن أوقعه يف شبهة

برعاية جهات حسن التشبيه، وأما التخييلية فحسنها حبسب حسن املكىن عنها ملا بينا أا ال تكون إال .تابعة هلا

فصل

واعلم أن الكلمة كما توصف بااز لنقلها عن معناها األصلي كما مضى توصف به أيضا لنقلها عن أي أهل " واسأل القرية " لفظ أما احلذف كقوله تعاىل إعراا األصلي إىل غريه حلذف لفظ أو زيادة

" القرية فإعراب القرية يف األصل هو اجلر فحذف املضاف وأعطى املضاف إليه إعرابه، وحنوه قوله تعاىل

بنو فالن يطؤهم الطريق، أي أهل الطريق، وأما الزيادة فكقوله : أي أمر ربك، وكذا قوهلم" وجاء ربك على القول بزيادة الكاف أي ليس مثله شيء، فإعراب مثله يف األصل النصب " شيء ليس كمثله" تعاىل

أو " فزيدت الكاف فصار جرا فإن كان احلذف أو الزيادة ال يوجب تغيري اإلعراب، كما يف قوله تعاىل " جيعلون أصابعهم يف آذام " إذ أصله أو كمثل ذوي صيب فحذف ذوي لداللة " كصيب من السماء

إذ ال خيفى أن التشبيه ليس " كمثل الذي استوقد نارا " ه وحذف، مثل ملا دل عليه عطفه على قوله عليلئال " وقوله " فبما رمحة من اهللا لنت هلم " بني صفة املنافقني العجيبة الشأن وذوات ذوي صيب وكقوله

يف النكري على من أطلق القول فال توصف الكلمة بااز، وقد بالغ الشيخ عبد القاهر " يعلم أهل الكتاب .بوصف الكلمة بااز للحذف أو الزيادة

Page 154: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 154

القول في الكناية

أي طويل . فالن طويل النجاد: الكناية لفظ أريد به الزم معناه مع جواز إرادة معناه حينئذ كقولكهمات، وذلك أي مرفهة خمدومة غري حمتاجة إىل السعي بنفسها يف إصالح امل. القامة، وفالنة نؤوم الضحى

أن وقت الضحى وقت سعي نساء العرب يف أمر املعاش وكفاية أسبابه وحتصيل ما حيتاج إليه يف يئة املتناوالت وتدبري إصالحها فال تنام فيه من نسائهم إال من تكون هلا خدم ينوبون عنها يف السعي لذلك

أويل فالفرق بينهما وبني ااز من هذا وال ميتنع أن يراد مع ذلك طول النجاد والنوم يف الضحى من غري تيف احلمام : الوجه أي من جهة إرادة املعىن مع إرادة الزمة، فإن ااز ينايف ذلك فال يصح يف حنو قولك

أسد، أن تريد معىن األسد من غري تأول ألن ااز ملزوم قرينة معاندة إلرادة احلقيقة كما عرفت وملزوم .لشيءمعاند الشيء معاند لذلك ا

وفرق السكاكي وغريه بينهما بوجه آخر أيضا وهو أن مبىن الكناية على االنتقال من الالزم إىل امللزوم ومبىن ااز على االنتقال من امللزوم إىل الالزم وفيه نظر، ألن الالزم ما مل يكن ملزوما ميتنع أن ينتقل منه

الالزم، ولو قيل اللزوم من الطرفني من خواص الكناية إىل امللزوم فيكون االنتقال حينئذ من امللزوم إىل .دون ااز أو شرط هلا دونه اندفع هذا االعتراض لكن اجته منع االختصاص واالشتراط

مث الكناية ثالثة أقسام ألن املطلوب ا إما غري صفة وال نسبة أو صفة أو نسبة واملراد الصفة املعنوية ا ال النعت األوىل املطلوب ا غري صفة وال نسبة فمنها ما هو معىن كاجلود والكرم والشجاعة وأمثاهل

ومنه قوله كناية عن القلب . واحد كقولنا املضياف، كناية عن زيد

والطاعنين مجامع األضغان بكل أبيض مخذم الضاربين

: وحنوه قول البحتري يف قصيدته اليت يذكر فيها قتله الذئب

بحيث يكون اللب والرعب والحقد اهنصلأخرى فأضللت فأتبعتها

فقوله حبيث يكون اللب والرعب واحلقد ثالث كنايات ال كناية واحدة الستقالل كل واحد منها فإفادة املقصود ومنها ما هو جمموع معان كقولنا كناية عن اإلنسان حي مستوي القامة عريض األظفار وشرط

عنه ال تتعداه ليحصل االنتقال منها إليه، وجعل السكاكي كل واحد منهما أن تكون خمتصة باملكىن .األوىل قريبة والثانية بعيدة وفيه نظر

الثانية املطلوب ا صفة وهي ضربان قريبة وبعيدة، القريبة ما ينتقل منها إىل املطلوب ا ال بواسطة وهي فرق بينهما أن األول كناية إما واضحة كقوهلم كناية عن طويل القامة طويل جناده وطويل النجاد وال

Page 155: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 155

ومنها . ساذجة والثاين كناية مشتملة على تصريح ما لتضمن الصفة فيه ضمري املوصوف خبالف األول : قول احلماسي

مس البطون وأن تمس ظهورا اأبت الروادف والثدي لقمصه

فرط فيما يقال دليل وأما خفية كقوهلم كناية عن األبله عريض القفا فإن عرض القفا وعظم الرأس إذا أ : الغباوة أال ترى قول طرفة بن العبد

دوقخشاش كرأس الحية المت أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه

والبعيدة ما ينتقل منها إىل املطلوب ا بواسطة كقوهلم كناية عن األبله عريض الوسادة فإنه ينتقل من جعله السكاكي من القرينة على أنه كناية عن عرض الوسادة إىل عرض القفا ومنه إىل املقصود، وقد

عرض القفا وفيه نظر، وكقوهلم كثري الرماد كناية عن املضياف فإنه ينتقل من كثرة الرماد إىل كثرة إحراق احلطب حتت القدور، ومنها إىل كثرة الطبائخ، ومنها إىل كثرة اآلكلة، ومنها إىل كثرة الضيفان،

: ومنها املقصود إىل كقوله

جبان الكلب مهزول الفصيل ييك في من عيب فإن اوم

فإنه ينتقل من جنب الكلب عن اهلرير يف وجه من يدنو من دار من هو مبرصد ألن يعس دوا مع كون اهلرير يف وجه من ال يعرفه طبيعيا له إىل استمرار تأديبه ألن األمور الطبيعية ال تتغري مبوجب ال يقوى ومن

موجب نباحه وهو اتصال مشاهدته وجوها إثر وجوه، ومن ذلك إىل كونه مقصد أدان ذلك إىل استمرار وأقاص، ومن ذلك إىل أنه مشهور حبسن قرى األضياف، وكذلك ينتقل من هزل الفصيل إىل فقد األم

ومنه إىل قوة الداعي إىل حنرها لكمال عناية العرب بالنوق ال سيما املتليات، ومنها إىل صرفها إىل : ائخ، ومنها إىل أنه مضياف، ومن هذا النوع قول نصيبالطب

منن ظاهره وغيرهم العزيز على قومه لعبد

ودارك مأهولة عامرة مهأسهل أبواب فبابك

من األم باالبنة الزائرة زائرينوكلبك آنس بال

مشاهدته إياهم ليال فإنه ينتقل من وصف كلبه مبا يذكر أن الزائرين معارف عنده، ومن ذلك إىل اتصال وارا، ومنه إىل لزومهم سدته، ومنه إىل تسين مباغيهم لديه من غري انقطاع، ومنه إىل وفور إحسانه إال

: اخلاص والعام وهو املقصود، ونظريه مع زيادة لطف قول اآلخر

مجمن حبه وهو أع يكلمه يكاد إذا ما أبصر الضيف مقبال

: ومنه قوله

Page 156: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 156

لريبة األجإال ق أبتاع ذ بالفصال والال أمتع العو

فإنه ينتقل من عدم أمتعها إىل أنه ال يبقى هلا فصاهلا لتأنس ا وحيصل هلا الفرح الطبيعي بالنظر إليها، ومن ذلك إىل حنرها، أو ال يبقى العوذ إبقاء على فصاهلا وكذا قرب األجل ينتقل منه إىل حنرها ومن حنرها إىل

أي وملا اشتد ندمهم وحسرم " وملا سقط يف أيديهم " لطيف هذا القسم قوله تعاىل أنه مضياف ومن على عبادة العجل ألن من شأن من اشتد ندمه وحسرته أن يعض يده غما فتصري يده مسقوطا فيها ألن

: فاه قد وقع فيها، وكذا قول أيب الطيب كناية عن الكذب

والشوق حيث النحولإليها ق تشتكي ما اشتكيت من ألم الشو

: وكذا قوله

المت مبفيما وه كأنهم إلى كم ترد الرسل عما أتوا له

: فإن أوله كناية عن الشجاعة وآخره كناية عن السماحة، وكذا قول أيب متام

فاعلم أنني غير حامد عدوك فإن أنا لم يحمدك عني صاغرا

ن مل أكن أجيد القول يف مدحك حىت يدعو حسنه يردي حبمده عنه حفظه مدحه فيه وإنشاده، أي إعدوك إىل أن حيفظه ويلهج به صاغرا فال تعدين حامدا لك مبا أقول فيك، ووصفه بالصغار ألن من حيفظ

مديح عدوه وينشده فقد أذل نفسه، فكىن حبفظ عدو املمدوح مدحه ما عن إجادته القول يف مدحه، : وكذا قول من يصف راعي إبل أو غنم

اعإذا ما أجدب الناس إصب عليها ضعيف العصا بادي العروق ترى له

: وقول اآلخر

صلب العصا بالضرب قد دماها

أي جعلها كالدم يف احلسن، والغرض من قول األول ضعيف العصا وول الثاين صلب العصا ومها وإن والعمل مبا يصلحها وحيسن كانا يف الظاهر متضادين فإما كنايتان عن شيء واحد وهو حسن الرعية

أثره عليها فأراد األول بأنه رفيق مشفق عليها ال يقصد من محل العصا أن يوجعها بالضرب من غري فائدة فهو يتخري ما الن من العصا وأراد الثاين أنه جيد الضبط هلا عارف بسياستها يف الرعي يزجرها عن

يتضمن أيضا أنه مينعها عن التشرد والتبدد وأا ملا املراعي اليت ال حتمد ويتوخى ا ما تسمن عليه، وعرفت من شدة شكيمته وقوة عزميته تنساق يف اجلهة اليت يريدها، وقوله بالضرب قد دماها تورية حسنة،

Page 157: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 157

.ويؤكد أمرها قول صلب العصا

: الثالثة املطلوب ا نسبة كقول زياد األعجم

ت على ابن الحشرجفي قبة ضرب دىنروءة والإن السماحة والم

فإنه حني أراد أن ال يصرح بإثبات هذه الصفات البن احلشرج مجعها يف قبة تنبيها بذلك على أن حملها ذو قبة، وجعلها مضروبة عليه لوجود ذوي قباب يف الدنيا كثريين فأفاد إثبات الصفات املذكورة له

قال السكاكي وقد يظن هذا من قسم زيد . برديهبطريق الكناية، ونظريه قوهلم اد بني ثوبيه والكرم بنيطويل جناده وليس بذاك فطويل جناده بإسناد الطويل إىل النجاد تصريح بإثبات الطول للنجاد، وطول النجاد كما تعرف قائم مقام طول القامة، فإذا صرح من بعد بإثبات النجاد لزيد باإلضافة كان ذلك

: وقول اآلخرتصرحيا بإثبات الطول لزيد فتأمل،

عقد مساعي ابن العميد نظامه يدهجوالمجد يدعو أن يدوم ل

فإنه شبه اد بإنسان بديع اجلمال يف ميل النفوس إليه وأثبت له جيدا على سبيل االستعارة التخييلية مث اعتنائه خاصة اثبت جليده عقدا ترشيحا لالستعارة مث خص مساعي ابن العميد بأا نظامه فنبه بذلك على

بتزيينه وبذلك على حمبته وحده له وا على اختصاصه به ونبه بدعاء اد أن يدوم جليده ذلك العقد على : طلبه دوام بقاء ابن العميد، وبذلك على اختصاصه به، وكقول أيب نواس

ولكن يصير الجود حيث يصير هجازه جود وال حل دون فما

نكره، ونفى أن جيوز ممدوحه وحيل دونه، فيكون متوزعا يقوم منه شيء ذا فإنه كىن عن مجيع اجلود بأنوشيء ذا، وعن إثباته له بتخصيصه جبهته بعد تعريفه بالالم اليت تفيد العموم، ونظريه قوهلم جملس فالن

لزوم هذا قول السكاكي، وقيل كىن بالشطر األوىل عن اتصافه باجلود وبالثاين عن . مظنة اجلود والكرماجلود له، وحيتمل وجها آخر وهو أن يكون كل منهما كناية عن اختصاصه به وعدم االقتصار على

أحدمها للتأكيد والتقرير وذكرمها على الترتيب املذكور ألن األوىل بواسطة خبالف الثانية، وكقوهلم مثلك دوا املبالغة يف ذلك فسلكوا ال يبخل قال الزخمشري نفوا البخل عن مثله وهم يريدون نفيه عن ذاته، قص

به طريق الكناية ألم إذا نفوه عمن يسد مسده وعمن هو على أخص أوصافه فقد نفوه عنه، ونظريه قولك للعريب العرب ال ختفر الذمم، فإنه أبلغ من قولك أنت ال ختفر، ومنه قوهلم أيفعت لداته وبلغت

على أحد الوجهني وهو أنه ال " ليس كمثله شيء " : أترابه، يريدون إيفاعه وبلوغه، وعليه قوله تعاىلجتعل الكاف زائدة، قيل وهذا غاية لنفي التشبيه، إذ لو كان له مثل لكان ملثله شيء مياثله وهو ذاته تعاىل

فلما قال ليس كمثله دل على أنه ليس له مثل، وأورد أنه يلزم منه نفيه تعاىل ألنه مثل مثله ورد مبنع أنه

Page 158: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 158

وكقول الشنفري األزدي يف . له ألن صدق ذلك، موقوف على ثبوت مثله تعاىل عن ذلكتعاىل مثل مث : وصف امرأة بالعفة

إذ ما بيوت بالمالمة حلت بمنجاة من اللوم بيتها يبيت

فإنه نبه بنفي اللوم عن بيتها على انتفاء أنواع الفجور عنه، وبه على براءا منها، وقال يبيت دون يظل ويف األغاين الكبري . تصاص الليل بالفواحش، هذا على ما رواه الشيخ عبد القاهر والسكاكيملزيد اخ

حيصل مبنجاة وقد يظن أن هنا قسما رابعا وهو أن يكون املطلوب بالكناية الوصف والنسبة معا كما يقال كر بكناية واحدة يكثر الرماد يف ساحة عمرو يف الكناية عن أن عمرا مضياف وليس بذاك، إذ ليس ما ذ

بل هو كنايتان إحدامها عن املضيافية والثانية عن إثباا لعمرو وقد ظهر ذا أن طرف النسبة املثبتة بطريق الكناية جيوز أن يكون مكنيا عنه أيضا كما يف هذا املثال، وحنوه بيت الشفري املتقدم فإن حلول البيت

احبه، واملنجاة من اللوم كناية عن العفة، واعلم أن املوصوف مبنجاة من اللوم كناية عن نسبة العفة إىل صيف القسم الثاين والثالث قد يكون مذكورا كما مر وقد يكون غري مذكور كما تقول يف عرض من يؤذي

وعليه قوله تعاىل يف عرض . املسلمني املسلم من سلم املسلمون من لسانه ويده أي ليس املؤذي مسلماإذ فسر الغيب بالغيبة أي يؤمنون مع الغيبة يف حضرة " لمتقني، الذين يؤمنون بالغيب هدى ل" املنافقني

النيب صلى اهللا عليه وسلم أو أصحابه رضي اهللا عنهم، أي هدى للمؤمنني عن إخالص ال للمؤمنني عن .نفاق

ملناسب أن وقال السكاكي الكناية تتفاوت إىل تعريض وتلويح ورمز وإمياء وإشارة فإن كانت عرضية فاتسمى تعريضا وإال فإن كان بينها وبني املكىن عنه مسافة متباعدة لكثرة الوسائط كما يف كثرة الرماد

وأشباهه فاملناسب أن تسمى تلوحيا، ألن التلويح هو أن يشري إىل غيك عن بعد وإال فإن كان فيها نوع : منك على سبيل اخلفية، قالخفاء فاملناسب أن تسمى رمزا ألن الرمز هو أن تشري إىل قريب

من غير أن تبدي هناك كالما ارمزت إلي مخافة من بعله

: وإال فاملناسب أن تسمى إمياء وإشارة كقول أيب متام يصف إبال

وحسبك أن يزرن أبا سعيد فيما يزرن سوى كريم أبين

: فإنه يف إفادة أن أبا سعيد كرمي غري خاف وكقول البحتري

ولفي آل طلحة ثم لم يتح ت المجد ألقى رحلهأوما رأي

: وكقول اآلخر. فإنه يف إفادة أن آل طلحة أماجد ظاهر

Page 159: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 159

لبنوجوه بني ح فسقى رامكاهللا لم يسق إال ال إذا

من الغيث في الزمن الممحل رااكم بدياره ىقوس

: وكقول اآلخر

ميممسلمة بن عمرو من ت ريمتخلو تميم من ك متى

آذيتين فستعرف وأنت ال تريد املخاطب بل : مث قال والتعريض كما يكون كناية قد يكون جمازا كقولك .تريد إنسانا معه وإن أردما مجيعا كان كناية

تنبيه

اطبق البلغاء على أن ااز أبلغ من احلقيقة، وأن االستعارة ابلغ من التصريح بالتشبيه، وأن التمثيل على االستعارة أبلغ من التمثيل ال على سبيل االستعارة، وأن الكناية أبلغ من اإلفصاح بالذكر، قال سبيل

الشيخ عبد القاهر ليس ذلك ألن الواحد من هذه األمور يفيد زيادة يف املعىن ال يفيده خالفه، فليست األول أفاد زيادة يف فضيلة قولنا رأيت أسدا على قولنا رأيت رجال، هو واألسد سواء يف الشجاعة، أن

مساواته لألسد يف الشجاعة مل يفده الثاين بل هي أن األول أفاد تأكيدا إثبات تلك املساواة مل يفده الثاين، وليست فضيلة قولنا كثري الرماد على قولنا كثري القرى أن األول أفاد زيادة لقراه مل يفدها الثاين، بل هي

ة القرى له مل يفده الثاين، والسبب يف ذلك أن االنتقال يف اجلميع من أن األول أفاد تأكيدا إلثبات كثرامللزوم إىل الالزم فيكون إثبات املعىن به كدعوى الشيء ببينة، وال شك أن دعوى الشيء ببينة ابلغ يف

لشبه قد تقدم أن االستعارة أصلها التشبيه وأن األصل يف وجه ا: إثباته من دعواه بال بينة، ولقائل أن يقولأن يكون الشبه به أمت منه يف املشبه وأظهر، فقولنا رأيت أسدا يفيد للمرء شجاعة أمت مما يفيدها قولنا

رأيت رجال كاألسد ألن األول يفيد شجاعة األسد والثاين شجاعة دون شجاعة األسد، وميكن أن جياب س بسبب يف شيء من حبمل كالم الشيخ على أن السبب يف كل صورة ليس هو ذلك ال أن ذلك لي

.الصور أصال، هذا آخر الكالم يف الفن الثاين

وذكر السكاكي بعد الفراغ منه تفسري البالغة مبا نقلناه عنه يف صدر الكتاب مث قسم الفصاحة إىل معنوية ظية ولفظية، وفسر املعنوية خبلوص املعىن عن التعقيد وعىن بالتعقيد اللفظي على ما سبق تفسريه، وفسر اللف

وعالمة ذلك أن تكون على ألسنة الفصحاء من العرب املوثوق : بأن تكون الكلمة عربية أصيلة، وقالبعربيتهم أدور واستعماهلم هلا أكثر ال مما أحدثه املولدون وال مما أخطأت فيه العامة وأن تكون أجرى على

Page 160: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 160

غة وحصر مرجع البالغة يف الفنني قوانني اللغة وأن تكون سليمة التنافر، فجعل الفصاحة غري الزمة للبالوإذ قد وقفت على البالغة والفصاحة املعنوية واللفظية : ومل جيعل الفصاحة مرجعا لشيء منهما، مث قال

فأنا أذكر على سبيل األمنوذج آية أكشف لك فيها عن وجوه البالغة والفصاحتني ما عسى يسترها وقيل يا ارض ابلعي ماءك ويا مساء أقلعي وغيض : " عاىلعنك، وذكر ما أورده الزخمشري يف تفسري قوله ت

وزاد عليه نكتا ال بأس ا فرأيت أن " املاء وقضي األمر واستوت على اجلودي وقيل بعدا للقوم الظاملني أورد تلخيص ما ذكره جاريا على اصطالحه يف معىن البالغة والفصاحة، قال أما النظر فيها من جهة علم

نه تعاىل ملا أراد أن يبني معىن أردنا أن نرد ما انفجر من األرض إىل بطنها فارتد، وأن نقطع البيان فهو أطوفان السماء فانقطع، وأن يغيض املاء النازل من السماء فغاض، وأن يقضي أمر نوح وهو إجناز ما كنا

ة غرقى بين وعدناه من إغراق قومه فقضى، وأن نسوي السفينة على اجلودي فاستوت وأبقينا الظلمالكالم على تشبيه املراد منه باملأمور الذي ال يتأتى منه لكمال هيبته العصيان وتشبيه تكوين املراد باألمر اجلزم النافذ يف تكوين املقصود تصويرا القتداره تعاىل وأن السموات واألرض وهذه األجرام العظام تابعة

وأحاطوا علما بوجوب االنقياد ألمره وحتتم بذل اهود إلرادته كأا عقالء مميزون قد عرفوه حق معرفتهعليهم يف حتصيل مراده مث بىن على تشبيهه هذا نظم الكالم فقال تعاىل قيل على سبيل ااز عن اإلرادة

يا أرض ويا : الواقع بسببها قول القائل وجعل قرينة ااز خطاب اجلماد وهو يا أرض ويا مساء مث قال هلما على سبيل االستعارة للشبه املذكور مث استعار لغور املاء يف األرض البلع الذي هو إعمال مساء خماطبا

اجلاذبية يف املطعوم جبامع الذهاب إىل مقر خفي واستتبع ذلك تشبيه املاء بالغذاء على طريق االستعارة عارة لفظ ابلعي لكونه بالكناية لتقوي األرض باملاء يف اإلثبات للزرع واألشجار، وجعل قرينة االست

موضوعا لالستعمال يف الغذاء دون املاء، مث أمر على سبيل االستعارة للشبه املقدم ذكره مث قال ماءك بإضافة املاء إىل األرض على سبيل ااز، تشبيها التصال املاء باألرض باتصال امللك باملالك، واستعار

ل للشبه بينهما يف عدم ما كان، وخاطب يف األمرين حلبس املطر اإلقالع الذي هو ترك الفاعل الفعفلم " وغيض املاء وقضي األمر واستوت على اجلودي وقيل بعدا للقوم الظاملني " ترشيحا الستعارة مث قال

يصرح بالغائض والقاضي واملسوي والقائل، كما مل يصرح بقائل يا ارض ويا مساء سلوكا يف كل واحد ن تلك األمور العظام ال تتأتى إال من ذي قدرة ال تكتنه قهار ال يغالب، فال جمال من ذلك سبيل الكناية أ

لذهاب الوهم إىل أن يكون الفاعل لشيء من ذلك غريه، مث ختم الكالم بالتعريض لسالكي مسلكهم يف تكذيب الرسل ظلما ألنفسهم ختم إظهار ملكان السخط ولوجه استحقاقهم إياه، وأما النظر فيها من

يث علم املعاين وهو النظر يف فائدة كل كلمة فيها وجهة كل تقدمي وتأخري بني مجلتها فذلك أنه اختري حيا دون سائر أخواا لكوا أكثر استعماال، ولداللتها على بعد املنادى الذي يستدعيه مقام إظهار العظمة

Page 161: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 161

تأكيدا للتهاون ومل يقل يا أيتها ويؤذن بالتهاون به ومل يقل يا أرض بالكسر جتنبا إلضافة التشريف،األرض لالختصار مع االحتراز عما يف أيتها من تكلف التنبيه غري املناسب للمقام، لكون املخاطب غري

صاحل للتنبيه على احلقيقة، واختري لفظ األرض دون سائر امسائها لكونه أخف وأدور، واختري لفظ السماء بلعي على ابتلعي لكونه أخصر ويء حظ التجانس بينه وبني أقلعي ملثل ذلك مع قصد املطابقة، واختري ا

أوفر، وقيل ماءك باإلفراد دون اجلمع لداللة اجلمع على االستكثار الذي يأباه مقام إظهار الكربياء وهو الوجه يف إفراد األرض والسماء، ومل حيذف مفعول ابلعي لئال يفهم ما ليس مبراد

بال والبحار وغريها، نظرا إىل مقام ورود األمر الذي هو مقام عظمة وكربياء، مث من تعميم االبتالع للجإذ بني املراد اختصر الكالم على أقلعي فلم يقل أقلعي عن إرسال املاء احترازا عن احلشو املستغىن عنه من

، واختري غيض حيث الظاهر وهو الوجه يف أنه مل يقل يا أرض ابلعي ماءك فبلعت ويا مساء أقلعي فأقلعتاملاء على غيض املشددة لكونه أخصر وأخف وأوفق لقيل وقيل املاء دون أن يقال ماء طوفان السماء، وكذا األمر دون أن يقال أمر نوح لالختصار، ومل يقل سويت على اجلودي، مبعىن أقرت على حنو قيل

ينة يف قوله وهي جتري م مع قصد وغيض وقضي يف البناء للمفعول، اعتبارا لبناء الفعل للفاعل مع السفاالختصار مث قيل بعدا للقوم دون أن يقال ليبعد القوم طلبا للتوكيد مع االختصار، مث وهو نزول بعدا مرتلة ليبعدوا بعدا مع إفادة أخرى وهي استعمال الالم مع بعدا الدال على معىن أن البعد حق هلم، مث

.دخل فيه ظلمهم ألنفسهم بتكذيب الرسلأطلق النظم ليتناول كل نوع حىت ي

هذا من حيث النظر إىل الكلم وأما من حيث النظر إىل ترتيب اجلمل فذلك أنه قدم النداء على األمر فقيل يا أرض ابلعي ويا مساء أقلعي دون أن يقال ابلعي يا ارض وأقلعي يا مساء جريا على مقتضى الالزم فيمن

لتنبيه ليتمكن األمر الوارد عقيبه يف نفس املنادى، قصدا بذلك ملعىن كان مأمورا حقيقة من تقدمي االترشيح، مث قدم أمر األرض على أمر السماء البتداء الطوفان منها ونزوهلا لذلك يف القصة مرتلة األصل مث

ألمر أن أتبعهما قوله وغيض املاء التصاله بقصة املاء، مث أتبعه ما هو املقصود من القصة وهو قوله وقضي اأجنز الوعد من إهالك الكفرة وإجناء نوح ومن معه يف السفينة مث أتبعه حديث السفينة مث ختمت القصة مبا

ختمت هذا كله نظر يف اآلية من جانب البالغة، وأما النظر فيها من جانب الفصاحة املعنوية فهي كما فكر يف طلب املراد، وال التواء يشيك ترى نظم ملعاين لطيف وتأدية هلا ملخصة مبينة ال تعقيد يعثر ال

وأما النظر فيها من جانب . الطريق إىل املرتاد، بل ألفاظها تسابق معانيها، ومعانيها تسابق ألفاظهاالفصاحة اللفظية فألفاظها على ما ترى عربية مستعملة جارية على قوانني اللغة سليمة عن التنافر، بعيدة

سلسة على األسالت، كل منها كاملاء يف السالسة، وكالعسل يف عن البشاعة، عذبة على العذبات، .احلالوة، وكالنسيم يف الرقة واهللا أعلم

Page 162: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 162

الفن الثالث

في علم البديع

وهو علم يعرف به وجوه حتسني الكالم بعد رعاية تطبيقه على مقتضى احلال ووضوح الداللة، وهذه اللفظ، أما املعنوي فمنه املطابقة وتسمى ضرب يرجع إىل املعىن، وضرب يرجع إىل: الوجوه ضربان

الطباق والتضاد أيضا، وهي اجلمع بني املتضادين أي معنيني متقابلني يف اجلملة، ويكون ذلك إما بلفظني تؤيت امللك " أو فعلني، كقوله تعاىل " وحتسبهم أيقاظا وهم رقود : " امسني كقوله تعاىل: من نوع واحد

إنكم " وقول النيب عليه السالم لألنصار " ن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء من تشاء وترتع امللك مم : وقول أيب صخر اهلذيل" لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع

وأحيا والذي أمره األمر أمات أما والذي أبكى وأضحك والذي

: وقول بشار

مم نلها عمرا ث فنبه إذا أيقظتك حروب العدى

: وقول الشاعر" هلا ما كسبت وعليها ما اكتسبت : " فني كقوله تعاىلأو حر

ياي وال لمنه ال عل واخلص على أنني راض بأن أحمل الهوى

: أي ضاال فهديناه، وقول طفيل" أومن كان ميتا فأحييناه " وإما بلفظني من نوعني كقوله تعاىل

لروع مبذوليصان وهو ليوم ا هالوجه لم تقطع أباجل بساهم

: ومن لطيف الطباق قول ابن رشيق

العوالي في سماء عجاج نجوم وقد أطفأوا شمس النهار وأوقدوا

: وكذا قول القاضي األرجاين

فقر الرجال إليه مفتاح الغنى نزلت من الملوك بماجد ولقد

: وكذا قول الفرزدق

ارال يغدرون وال يفون لج مهاإلله بني كليب إن لعن

ارن األوتأعينهم ع وتنام يستيقظون إلى نهيق حمارهم

ويف البيت األول تكميل حسن إذ لو اقتصر على قوله ال يغدرون الحتمل الكالم ضربا من املدح إذ جتنب الغدر قد يكون عن عفة فقال وال يفون ليفيد أنه للعجز كما أن ترك الوفاء للؤوم، وحصل مع ذلك

Page 163: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 163

قتصر على قوله ال يغدرون وال يفون مت املعىن الذي قصده ولكنه ملا احتاج إىل القافية إيغال حسن ألنه لو اأفاد ا معىن زائدا حيث قال جلار ألن ترك الوفاء للجار أشد قبحا من ترك الوفاء لغريه، والطباق قد

" وا فأدخلوا نارا مما خطيئام أغرق" يكون ظاهرا كما ذكرنا وقد يكون خفيا، نوع خفاء كقوله تعاىل

: وقول أيب متام. طابق بني أغرقوا وادخلوا نارا

لالخط إال أن تلك ذواب قنا مها الوحش إال أن هاتا أوانس

طابق بني هاتا وتلك والطباق ينقسم إىل طباق اإلجياب كما تقدم وإىل طباق السلب وهو اجلمع بني ولكن أكثر الناس ال يعلمون، يعلمون ظاهرا " تعاىل فعلي مصدر واحد مثبت ومنفي أو أمر وي كقوله

: وقول الشاعر" فال ختشوا الناس واخشون " وقوله " من احلياة الدنيا

ولينكرون القول حين نق وال وننكر إن شئنا على الناس قولهم

: وقول البحتري

ويسري إلى الشوق من حيث أعلم لي من حيث ال أعلم النوى يقيض

: الطيبوقول أيب

ولقد جهلت وما جهلت خموال ولقد عرفت وما عرفت حقيقة

: وقول اآلخر

واخلقوا وما خلق فكأنهم رمةوما خلقوا لمك خلقوا

رزقوا وما رزقوا فكأنهم رزقوا وما رزقوا سماح يد

يف احلال أي ال يعصون اهللا" ال يعصون اهللا ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون :" وقيل ومنه قوله تعاىلويفعلون ما يؤمرون يف املستتقبل وفيه نظر، ألن العصيان يضاد فعل املأمور به فكيف يكون اجلمع بني

: نفيه وفعل املأمور به تضادا، ومن الطباق قول أيب متام

الليل إال وهي سندس خضر لها تردى ثياب الموت حمرا فما أتى

: وقول أيب حيوس

اللضداية اله واعتمادي مكنائل عقلت للمس طالما

زالائل أو نيوم ن مهفألق ينن يقم عترد علم حاله إن

قع خضر األكناف حمر النصال نبيض الوجوه سود مثل ال تلق

Page 164: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 164

فمذ ازور احملبوب األصفر واغرب العيش األخضر اسود يومي األبيض وابيض فودي : وقول احلريريومن الناس من مسى حنو ما ذكرناه تدبيجا . األزرق، فيا حبذا املوت األمحراألسود حىت رثى يل العدو

وفسره بأن يذكر يف معىن من املدح أو غريه ألوان بقصد الكناية أو التورية، أما تدبيج الكناية فكبيت أيب ن أحدمها متام وبييت ابن حيوس وأما تدبيج التورية فكلفظ األصفر يف قول احلريري، ويلحق بالطباق شيئا

فإن الرمحة مسببة عن اللني الذي هو ضد الشدة وعليه " أشداء على الكفار رمحاء بينهم " حنو قوله تعاىل فإن ابتغاء الفضل يستلزم " ومن رمحته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله " قوله تعاىل

فظ ابتغاء الفضل، ألن احلركة ضربان حركة احلركة املضادة للسكون، والعدول عن لفظ احلركة إىل ل : ملصلحة وحركة ملفسدة، واملراد األوىل ال الثانية، ومن فاسد هذا الضرب قول أيب الطيب

سرور محب أو إساءة مجرم لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها

مى إيهام التضاد فإن ضد احملب هو املبغض، وارم قد ال يكون مبغضا وله وجه بعيد؛ والثاين ما يس : كقول دعبل

ضحك المشيب برأسه فبكى لتعجبي يا سلم من رج ال

: وقول أيب متام

وداايا سنبحيث ترى الم إال ما إن ترى األحساب بيضا وضحا

: وقوله أيضا يف الشيب

عفي القلب أسود أسف ولكنه له منظر في العين أبيض ناصع

: وقوله

محيي القريض إلى مميت المال اكاب ينصهخبب الر وتنظري

ودخل يف املطابقة ما خيص باسم املقابلة وهو أن يؤتى مبعنيني متوافقني أو معان متوافقة مث مبا : املقابلةيقابلهما أو يقابلها على الترتيب، واملراد بالتوافق خالف التقابل، وقد تتركب املقابلة من طباق وملحق

وقول النيب صلى اهللا عليه وسلم " فليضحكوا قليال وليبكوا كثريا " نني باثنني قوله تعاىل به، مثال مقابلة اث : وقول الذبياين". إن الرفق ال يكون يف شيء إال زانه وال يرتع من شيء إال شانه "

على أن فيه ما يسوء األعاديا هتم فيه ما يسر صديق فتى

: وقول اآلخر

وفي ومطوي على الغل غادر حناصعجبا كيف اتفقنا ف فوا

Page 165: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 165

.فإن الغل ضد النصح والغدر ضد الوفاء

: ومثال مقابلة ثالثة بثالثة قول أيب دالمة

الكفر واإلفالس بالرجل وأقبح ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا

: وقول أيب الطيب

وال البخل يبقي المال والجد مدبر الجود يفني المال والجد مقبل فال

فأما من أعطى واتقى، وصدق باحلسىن، فسنيسره لليسرى، وأما : " ومثال مقابلة أربعة بأربعة قوله تعاىلفإن املراد باستغىن أنه زهد فيما عند اهللا كأنه " من خبل واستغىن، وكذب باحلسىن، فسنيسره للعسرى

: يل ويف قول أيب الطيبمستغن عنه فلم يتق أو استغىن بشهوات الدنيا عن نعيم اجلنة فلم يتق، ق

وأنثني وبياض الصبح يغري بي يوسواد الليل يشفع ل أزورهم

مقابلة مخسة خبمسة على أن املقابلة اخلامسة بني يل ويب، وفيه نظر، ألن الالم والباء فيهما صلتا الفعلني سهولة النظم وبأن فهما من متامهما، وقد رجع بيت أيب الطيب على بيت أيب دالمة بكثرة املقابلة مع

قافية هذا ممكنة وقافية ذاك مستدعاة، فإن ما ذكره غري خمتص بالرجال وبني أيب دالمة على بيت أيب ومن لطيف املقابلة ما حكي عن حممد بن . الطيب جبودة املقابلة، فإن ضد الليل احملض هو النهار ال الصبح

ال يا أمري املؤمنني ما أمجد يف حق وال أذنب يف عمران الطلحي، إذ قال له املنصور بلغين أنك خبيل، فق .باطل

وقال السكاكي املقابلة أن جتمع بني شيئني متوافقني أو أكثر وضديهما مث إذا شرطت هنا شرطا شرطت اآليتني ملا جعل التيسري مشتركا بني اإلعطاء واالتقاء " فأما من أعطى " هناك ضده، كقوله تعاىل . التعسري مشتركا بني أضداد تلك وهي املنع، واالستغناء والتكذيبوالتصديق جعل ضده وهو

ومنه مراعاة النظري وتسمى التناسب واالئتالف والتوفيق أيضا وهي أن جيمع يف الكالم بني : مراعاة النظري أنت: وقول بعضهم للمهليب الوزير" والشمس والقمر حبسبان " أمر وما يناسبه ال بالتضاد، كقوله تعاىل

: وقول أسيد بن عنقاء الفزاري. أيها الوزير إمساعيلي الوعد، شيعي التوفيق، يوسفي العفو، حممدي اخللق

وفي خده الشعرى وفي وجهه البدر هينبي جت فالثريا علق كأن

: وقول اآلخر يف فرس

وأذنه من ورق اآلس جلنار ناضر خده من

: وقول البحتري يف صفة اإلبل األنضاء

كالقسي المعطفات بل األسهم مبرية بل األوتار

Page 166: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 166

: وقول ابن رشيق

ديمذ قنمن الخبر المأثور م أصح وأقوى ما سمعناه في الندى

البحر عن كف األمير تميم عن ترويها السيول عن الحيا أحاديث

بني السيل واحليا والبحر فإنه ناسب فيه بني الصحة والقوة والسماع واخلرب املأثور واألحاديث والرواية مث وكف متيم مع ما يف البيت الثاين من صحة الترتيب يف العنعنة إذ جعل الرواية لصاغر عن كابر، كما يقع يف سند األحاديث، فإن السيول أصلها املطر واملطر اصله البحر على ما يقال، وهلذا جعل كف املمدوح

.أصال للبحر مبالغة

تشابه األطراف، وهو أن خيتم الكالم مبا يناسب أوله يف املعىن : سميه بعضهمومن مراعاة النظري ما يفإن اللطف يناسب ما ال " ال تدركه األبصار وهو يدرك األبصار وهو اللطيف اخلبري : " كقوله تعاىل

له ما يف" يدرك بالبصر واخلربة تناسب من يدرك شيئا فإن من يدرك شيئا يكون خبريا به وقوله تعاىل

قال الغين احلميد لينبه على أن ماله ليس حلاجة بل هو " السموات وما يف األرض وإن اهللا هلو الغين احلميد إن تعذم فإم : " غين عنه جواد به فإذا جاد به محده املنعم عليه ومن خفي هذا الضرب قوله تعاىل

يوهم أن الفاضلة الغفور " غفر هلم وإن ت: " فإن قوله" عبادك وإن تغفر هلم فإنك أنت العزيز احلكيم الرحيم ولكن إذا أنعم النظر علم أنه جيب أن تكون ما عليه التالوة ألنه ال يغفر ملن يستحق العذاب إال

عزه يعزه : من ليس فوقه أحد يرد عليه حكمه فهو العزيز ألن العزيز يف صفات اهللا هو الغالب من قوهلمز أي من غلب سلب ووجب أن يوصف باحلكيم أيضا، ألن احلكيم من عزا إذا غلبه، ومنه املثل من عزي

يضع الشيء يف حمله، واهللا تعاىل كذلك إال أنه قد خيفي وجه احلكمة يف بعض أفعاله فيتوهم الضعفاء أنه خارج عن احلكمة، فكان يف الوصف باحلكيم احتراس حسن، أي وإن تغفر هلم مع استحقاقهم العذاب

الشمس : " حد يف ذلك، واحلكمة فيما فعلته ومما يلحق بالتناسب حنو قوله تعاىلفال معترض عليك ألويسمى إيهام التناسب، وأما ما يسميه بعض الناس التفويف " والقمر حبسبان، والنجم والشجر يسجدان

: هو أن يؤتى يف الكالم مبعان متالئمة يف مجل مستوية املقادير أو متقاربتها كقول من يصف سحابا

مطارفها طرزا من البرق كالتبر وشيا من خزوز تطرزت تسربل

رودمع بال عين وضحك بال ثغ ال يدش بقبال رقم ون فوشي

: وكقول عنترة

وإن نزلوا بضنك أنزل أشدد إن يلحقوا أكرر وإن يستلحقوا

Page 167: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 167

: وكقول ابن زيدون

أطعودل أخضع وقل أسمع ومر أحتمل واحتكم أصبر وعز أهن ته

: وكقول ديك اجلن

يالعن ورش وابر وانتدب للم أحل وامرر وضر وانفع ولن واخش

ومنه اإلرصاد ويسمى التسهيم أيضا وهو أن : اإلرصاد: فيعضهن من مراعاة النظري وبعضه من املطابقةما كان اهللا و: " جيعل قبل العجز من الفقرة أو البيت ما يدل على العجز إذا عرف الروي كقوله تعاىل

وما كان الناس إال أمة واحدة فاختلفوا ولوال كلمة " وقوله " ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون : وقول زهري" سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه خيتلفون

أمك يسحوال ال أبال ثمانين سئمت تكاليف الحياة ومن يعش

: وقول اآلخر

وزه إلى ما تستطيعوجا لم تستطع شيئا فدعه إذا

: وقول البحتري

قدر الجوى أبكي بكيتكما دما ىدمعا ولو أني عل أبكيكما

: وقوله

يالماء كسبب يوم اللق بال أحلت دمي من غير جرم وحرمت

رامحه بتالذي حرم وليس للحمه بالذي حللت فليس

ه لوقوعه يف صحبته، حتقيقا أو تقديرا، أما األول ومنه املشاكلة وهي ذكر الشيء بلفظ غري: املشاكلة : فكقوله

اطبخوا لي جبة وقميصا قلت قالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه

وجزاء سيئة : " وقوله" تعلم ما يف نفسي وال أعلم ما يف نفسك : " كأنه قال خيطوا يل، وعليه قوله تعاىل : ومنه قول أيب متام" سيئة مثلها

أني بنيت الجار قبل المنزل اناء يعرب كلهمبلغ أف من

فالذي سوغ بناء اجلار . إنك لسبط الشهادة، فقال الرجل إا مل جتعد عين: وشهد رجل عند شريح فقالوجتعيد الشهادة هو مراعاة املشاكلة ولوال بناء الدار مل يصح بناء اجلار ولوال سبوطة الشهادة المتنع

: عراقيني يف قاض شهد عنده برؤية هالل الفطر فلم يقبل شهادتهومنه قول بعض ال. جتعيدها

Page 168: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 168

ىامتراه يتع أم أترى القاضي أعمى

أموال اليتامى عيد العيد كأن ال سرق

واملعىن تطهري اهللا " آمنا باهللا " وهو مصدر مؤكد منتصب عن قوله " صبغة اهللا " وأما الثاين فكقوله تعاىل فوس واألصل فيه أن النصارى كانوا يغمسون أوالدهم يف ماء أصفر يسمونه املعمودية ألن اإلميان يطهر الن

وصبغنا اهللا باإلميان صبغة ال مثل " قولوا آمنا باهللا " ويقولون هو تطهري هلم، فأمر املسلمون بأن يقولوا هلم ان صبغة ومل يصبغ صبغتكم، صبغتنا وطهرنا به تطهريا ال مثل تطهرينا، أو يقول املسلمون صبغنا اهللا باإلمي

وجيء بلفظ الصبغة للمشاكلة وإن مل يكن قد تقدم لفظ الصبغ ألن قرينة احلال اليت هي سبب الرتول من غمس النصارى أوالدهم يف املاء األصفر دلت على ذلك، كما تقول ملن يغرس األشجار أغرس كما

االنتقال من معىن إىل معىن آخر متصل به مل ومنه االستطراد وهو . يغرس فالن تريد رجال يصطنع الكرام : يقصد بذكر األول التوصل إىل ذكر الثاين كقول احلماسي

ما رأته عامر وسلول إذا وإنا لقوم ما نرى القتل سبة

: وقول اآلخر

فليس به بأس وإن كان من جرم هما اتقى اهللا الفتى وأطاع إذا

زلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خري، يا بين آدم قد أن: " وعليه قوله تعاىلقال الزخمشري هذه اآلية واردة على سبيل االستطراد عقيب ذكر " ذلك من آيات اهللا لعلهم يذكرون

السوءات وخصف الورق عليها إظهارا للمنة فيما خلق اهللا من اللباس وملا يف العري وكشف العورة من حة وإشعارا بأن التستر باب عظيم من أبواب التقوى هذا أصله وقد يكون الثاين هو املهانة والفضي

: املقصود فيذكر األول قبله ليتوصل إليه كقول أيب إسحاق الصايب

سيف الدولة المحمودا فذممت كنت خنتك في المودة ساعة إن

يداوحفي فضله الت وجحدته وزعمت أن له شريكا في العلى

زيداا أراد مدين م ريملغ اه أني حالف بغموسقسما لو

ومنه املزاوجة وهي أن يزاوج بني معنيني يف الشرط واجلزاء . وال بأس أن يسمى هذا إيهام االستطراد : كقول البحتري

أصاخت إلى الواشي فلج بها الهجر وىما نهى الناهي فلج بي اله إذا

: وقوله أيضا

Page 169: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 169

تذكرت القربى ففاضت دموعها ضت دماؤهااحتربت يوما ففا إذا

ومنه العكس والتبديل وهو أن يقدم يف الكالم جزء مث يؤخر ويقع على وجوه منها أن : العكس والتبديليقع بني أحد طريف مجلة وما أضيف إليها كقول بعض عادات السادات سادات العادات ومنها أن يقع

وكقول " خيرج احلي من امليت وخيرج امليت من احلي : " بني متعلقي فعلني يف مجلتني كقوله تعاىل : احلماسي

ورد وجوههن البيض سودا افرد شعورهن السود بيض

ال هن " وقوله " هن لباس لكم وأنتم لباس هلن : " ومنها أن يقع بني لفظني يف طريف مجلتني كقوله تعاىل" م من شيء، وما من حسابك عليهم من شيء ما عليك من حسا" وقوله " حل هلم وال هم حيلون هلن

وقول أيب . إن من خوفك حىت تلقى األمن خري ممن أمنك حىت تلقى اخلوف: وقول احلسن البصري : الطيب

وال مال في الدنيا لمن قل مجده مجد في الدنيا لمن قل ماله فال

: وقول اآلخر

روتنشر دونها األعما تطوى لاهنالليالي لألنام م إن

وطوالهن مع السرور قصار مع الهموم طويلة فقصارهن

: ومنه الرجوع وهو العود على الكالم السابق بالنقض لنكتة كقول زهري: الرجوع

وغيرها األرواح والديم بلى قف بالديار التي لم يعفها القدم

يعفها القدم مث ثاب إليه قيل ملا وقف على الديار تسلطت عليه كآبة أذهلته فأخرب مبا مل يتحقق فقال مل : عقله فتدارك كالمه فقال بلى وغريها األرواح والدمي وعلى هذا بيت احلماسة

يلإليك وكال ليس منك قل أليس قليال نظرة إن نظرتها

: وحنوه

فأف لهذا الدهر ال بل ألهله

قريب وبعيد ويراد به البعيد ومنه التورية وتسمى اإليهام أيضا وهي أن يطلق لفظ له معنيان : التوريةجمردة ومرشحة؛ أما اردة فهي اليت ال جتامع شيئا مما يالئم املورى به أعين املعىن : منهما وهي ضربان

وأما املرشحة فهي اليت قرن ا ما يالئم املروى به " الرمحن على العرش استوى " القريب، كقوله تعاىل : قيل ومنه قول احلماسي" يناها بأيد وإنا ملوسعون والسماء بن" إما قبلها كقوله تعاىل

Page 170: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 170

فخالفنا السيوف على الدهر أنخنا اهليرة كشعنأت ال فلما

وال نحن أغضينا الجفون على وتر ريهةد يوم كنا عأسلمتن فما

لسيف إذا أغمد فإن اإلغضاء مما يالئم جفن العني ال جفن السيف وإن كان املراد به إغماد السيوف ألن اانطبق اجلفن عليه وإذا جرد انفتح للخالء الذي بني الدفتني، وإما بعدها كلفظ الغزالة يف قول القاضي

: اإلمام أيب الفضل عياض يف صيفية باردة

للتموز أنواعا من الح لشهر هسكانون أهدى من مالب كأن

لمالحتفرق بين الجدي و فما أو الغزالة من طول المدى خرفت

: ضرب يستحكم حىت يصري اعتقادا كما يف قوله: واعلم أن التوهم ضربان

اخلعنا عليهم بالطعان مالبس حملناهم طرا على الدهم بعدما

: وضرب ال يبلغ ذلك املبلغ، ولكنه شيء جيري يف اخلاطر وأنت تعرف حاله كما يف قول ابن الربيع

مريض ال يعود مريضا قالوا مالتطير بالخالف وأنه لوال

ألكون مندوبا قضى مفروضا نحبي في فنائك خدمة لقضيت

وقال السكاكي أكثر متشاات القرآن . وال بد من اعتبار هذا األصل يف كل شيء بين على التوهم فاعلم .من التورية

آلخر، أو يراد بأحد ومنه االستخدام وهو أن يراد بلفظ له معنيان أحدمها مث بضمريه معناه ا: االستخدام : ضمرييه أحدمها وباآلخر اآلخر، فاألول كقوله

وإن كانوا غضابا رعيناه إذا نزل السماء بأرض قوم

: والثاين كقول البحتري. أراد بالسماء الغيث وبضمريها النبت

وعلبين جوانح وض شبوه فسقى الغضا والساكنيه وإن هم

ه املكان، ويف قوله شبوه الشجر، ومنه اللف والنشر، وهو ذكر متعدد أراد بضمري الغضا يف قوله والساكنيعلى جهة التفصيل أو اإلمجال مث ذكر ما لك واحد من غري تعيني ثقة بأن السامع يرده غليه، فاألول

ومن رمحته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه " ضربان ألن النشر إما على ترتيب اللف كقوله تعاىل : وقول ابن حيوس" من فضله ولتبتغوا

في مقلتيه ووجنتيه وريقه المدام ولونها ومذاقها فعل

: وقول ابن الرومي

Page 171: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 171

الحادثات إذا دجون نجوم في مكآراؤكم ووجوهكم وسيوف

تجلو الدجى واألخريات رجوم حابمعالم لهدى ومص فيها

: وإما على غري ترتيبه كقول ابن حيوس

ادا وردفلحظا وق وغزال ف وغصنكيف أسلو وأنت حق

: وقول الفرزدق

دم أو حامال ثقل مغرم طريد مخنت قوما لو لجأن إليه لقد

وراءك شزرا بالوشيج المقوم فيهم معطيا أو مطاعنا أللفيت

وا ألهل فإن الضمري يف قال" وقالوا لن يدخل اجلنة إال من كان هودا أو نصارى " والثاين كقوله تعاىل الكتاب من اليهود والنصارى، واملعىن وقالت اليهود لن يدخل اجلنة إال من كان هودا والنصارى لن

يدخل اجلنة إال من كان نصارى فلف بني القولني ثقة بأن السامع يرد إىل كل فريق قوله وأمنا من اإللباس .ملا علم من التعادي بني الفريقني وتضليل كل واحد منهما لصاحبه

املال والبنون زينة : " ومنه اجلمع وهو أن جيمع بني شيئني أو أشياء يف حكم واحد كقوله تعاىل: اجلمع : وقول الشاعر" احلياة الدنيا

للمرء أي مفسده مفسدة إن الشباب والفراغ والجده

: ومنه قول حممد بن وهيب

رشمس الضحى وأبو إسحق والقم اهتجهثالثة تشرق الدنيا بب

: ومنه التفريق وهو إيقاع تباين بني أمرين من نوع واحد يف املدح أو غريه كقوله

األمير يوم سخاء كنوال ما نوال الغمام وقت ربيع

الغمام قطرة ماء ونوال يناألمير بدرة ع فنوال

: وحنوه قوله

أنصف في الحكم بين شكلين قاس جدواك بالغمام فما من

ينعإذا جاد دامع ال وهو داك أبأنت إذا جدت ضاح

: ومنه التقسيم وهو ذكر متعدد مث إضافة ما لكل غليه على التعيني، كقول أيب متام: التقسيم

ائلل مظباه أخدعي ك تميل فما هو إال الوحي أو حد مرهف

دواء الداء من كل جاهل وهذا مالدواء الداء من كل ع فهذا

Page 172: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 172

: وقول اآلخر

داألذالن غير الحي والوت إال هيم يراد بقيم على ضي وال

ده أحيشج فال يرثي ل وذا هذا على الخسف مربوط برمته

هو أن تذكر شيئا ذا جزءين أو أكثر مث تضيف إىل كل واحد من أجزائه ما هو له عندك : وقال السكاكي : كقوله

دإذا صحبا المرء غير الكب النفي بلخ ال يأك أديبان

دقصير كظل الوت وهذا اةنطويل كظل الق فهذا

.وهذا يقتضي أن يكون التقسيم أعم من اللف والنشر

ومنه اجلمع مع التفريق وهو أن يدخل شيئان يف معىن واحد ويفرق بني جهيت اإلدخال : اجلمع مع التفريق : كقوله

كالنار في حرها وقلبي فوجهك كالنار في ضوئها

وجعلنا الليل والنهار : " ومنه قوله تعاىل. يب وقلب نفسه بالنار وفرق بني وجهي املشاةشبه وجه احلب ".آيتني فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة

. ومنه اجلمع مع التقسيم وهو مجع متعدد حتت حكم مث تقسيمه، أو تقسيمه مث مجعه: اجلمع مع التقسيم

: فاألول كقول أيب الطيب

يعبه الروم والصلبان والب تشقى نةرشام على أرباض خأق حتى

والنهب ما جمعوا والنار ما زرعوا دواا ولما نكحوا والقتل م للسبي

مجع يف البيت األول شقاء الروم باملمدوح على سبيل اإلمجال حيث قال تشقى به الروم، مث قسم يف الثاين : والثاين كقول حسان. وفصله

أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا مدوهبوا ضروا عإذا حار قوم

دعبالخالئق فاعلم شرها ال إن دثةحير متلك منهم غ سجية

قسم يف البيت األول صفة املمدوحني إىل ضر األعداء ونفع األولياء مث مجعهما يف البيت الثاين حيث قال : ومن لطيف هذا الضرب قول اآلخر. سجية تلك

داا أبيه دائمما أنا ف ظننت مكيه يدوم لم فا أنتلو أن م

ما سر من حادث أو ساء مطردا اركةير ترأيت الليالي غ لكن

Page 173: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 173

داين غخالف الحالت سنستجد مكي وأنى أنسكنت إل فقد

: فقوله خالف احلالتني مجع ملا قسم لطيف وقد ازداد لطفا حبسن ما بناه عليه من قوله

سكنت إلى أني وأنكمفقد

يوم يأت ال تكلم نفس إال : " ومنه اجلمع مع التفريق والتقسيم كقوله تعاىل: اجلمع مع التفريق والتقسيمبإذنه فمنهم شقي وسعيد، فأما الذين شقوا ففي النار هلم فيها زفري وشهيق، خالدين فيها ما دامت

ريد، وأما الذين سعدوا ففي اجلنة خالدين فيها ما السموات واألرض إال ما شاء ربك إن ربك فعال ملا ييوم يأت ال تكلم : " أما اجلمع ففي قوله" دامت السموات واألرض إال ما شاء ربك عطاء غري جمذوذ

: " فإن قوله نفس متعدد معىن ألن النكرة يف سياق النفي نعم، وأما التفريق ففي قوله" نفس إال بإذنه

وقول ابن شرف . إىل آخر اآلية الثانية" فأما الذين شقوا : " لتقسيم ففي قولهوأما ا" فمنهم شقي وسعيد : القريواين

نه فذا لله فن وه فهذا هالحاجات جمع بباب لمختلفي

وللمذنب العتبى وللخائف األمن ىالعليا وللمعدم الغن فللخامل

مضافا إىل كل حال ما يليق ا كقول أيب وقد يطلق التقسيم على أمرين، أحدمها أن يذكر أحوال الشيء : الطيب

كأنهم من طول ما التثموا مرد ايخشحقي بالقنا وم سأطلب

دواإذا شدوا قليل إذا ع كثير واثقال إذا القوا خفاف إذا دع

: وقوله أيضا

عنبرا ورنت غزاال وفاحت وبدت قمرا ومالت خوط بان

: وحنوه قول اآلخر

ومسسن غصونا والتفتن جآذرا لةن أهرا وانتقببدو سفرن

مث أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم : " والثاين استيفاء أقسام الشيء بالذكر كقوله تعاىليهب ملن يشاء إناثا ويهب ملن يشاء : " وقوله" ظامل لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق باخلريات بإذن اهللا

ومنه ما حكي عن أعرايب وقف على حلقة " زوجهم ذكرانا وإناثا وجيعل من يشاء عقيما الذكور، أو يرحم اهللا من تصدق من فضل أو آسى من كفاف أو آثرمن قوت، فقال احلسن ما ترك : احلسن فقال : ومثاله من الشعر قول زهري. ألحد عذرا

Page 174: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 174

مولكنني عن علم ما في غد ع هعلم اليوم واألمس قبل وأعلم

: وقول طريح

أذاعوا وإن لم يعلموا كذبوا شرا يخفوه وإن علموا إن يعلموا الخير

: وقول أيب متام يف اإلفشني ملا أحرق

ارويدخلها مع الفج ميتا صلى لها حيا وكان وقودها

: وقول نصيب

نعم وفريق ال يمن اهللا ما ندري مهفقال فريق القوم ال وفريق

: أقسام اإلجابة غري ما ذكر وقول اآلخرفإنه ليس يف

الدار أو من غيبته المقابر به فهبها كشيء لم يكن أو كنازح

ومنه التجريد وهو أن ينتزع من أمر ذي صفة أمرا آخر مثله تلك الصفة مبالغة يف كماهلا فيه، : التجريدداقة مبلغا صح معه أن يستخلص يل من فالن صديق محيم، أي بلغ من الص: منها حنو قوهلم: وهو أقسام

: لئن سألت فالنا لتسألن به البحر؛ ومناه حنو قول الشاعر: منه صديق آخر، ومنها حنو قوهلم

لرحميق المثل الفن بمستلئم وشوهاء تعدو بي إلى صارخ الوغى

: " قوله تعاىلأي تعدو يب ومعي ومن نفسي لكمال استعدادها للحرب، مستلئم أي البس ألمة ومنها حنو

هي دار اخللد لكن انتزع منها مثلها وجعل معدا فيها - أعاذنا اهللا منها -فإن جهنم " هلم فيها دار اخللد : للكفار، ويال ألمرها، ومنها قول احلماسي

تحوي الغنائم أو يموت كريم زوةبقيت ألرحلن بغ فلئن

بالرفع مبعىن فحصلت مساء وردة وقيل " وردة كالدهان فإذا انشقت السماء فكانت" وعليه قراءة من قرأ : تقدير األول أو ميوت مين كرمي، والثاين فكانت منه وردة كالدهان وفيه نظر؛ ومنها حنو قوله

كأسا بكف من بخال يشرب يا خير من يركب المطي وال

: وحنوه قول اآلخر

ة األسدتنس السالح وتعرف جبه رةتلقني ال ترى غيري بناظ إن

: ومنها خماطبة اإلنسان نفسه كقول األعشى

تطيق وداعا أيها الرجل وهل ودع هريرة إن الركب مرتحل

: وقول أيب الطيب

Page 175: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 175

فليسعد النطق إن لم يسعد الحال الا وال مال خيل عندك تهديه

ا مستحيال أو مستبعدا لئال ومنه املبالغة املقبولة، واملبالغة أن يدعي لوصف بلوغه يف الشدة أو الضعف حديظن أنه غري متناه يف الشدة أو الضعف، وتنحصر يف التبليغ واإلغراق والغلو ألن املدعي للوصف من

الشدة أو الضعف إما أن يكون ممكنا يف نفسه أو ال، الثاين الغلو واألول إما أن يكون ممكنا يف العادة أيضا : غراق، أما التبليغ فكقول امرئ القيسأو ال، األول التبليغ والثاين اإل

دراكا فلم ينضح بماء فيغسل عداء بين ثور ونعجة فعادى

وصف هذا الفرس بأنه أدرك ثورا وبقرة وحشيني يف مضمار واحد ومل يعرق وذلك غري ممتنع عقال وال : عادة ومثله قول أيب الطيب

كبوأنزل عنه مثله حين أر أي الوحش قفيته به وأصرع

: وأما اإلغراق فكقول اآلخر

ونتبعه الكرامة حيث ماال اجارنا ما دام فين ونكرم

فإنه ادعى أن جاره ال مييل عنه إىل جهة إال وهو يتبعه الكرامة وهذا ممتنع عادة وإن كان غري ممتنع عقال، : ومها مقبوالن، وأما الغلو فكقول أيب نواس

فك النطف التي لم تخلقلتخا أهل الشرك حتى إنه وأخفت

يكاد زيتها : " واملقبول منه أصناف أحدها ما أدخل عليه ما يقربه إىل الصحة حنو لفظ يكاد يف قوله تعاىل : ويف قول الشاعر يصف فرسا" يضيء ولو مل متسه نار

لو كان يرغب في فراق رفيق هيخرج سرعة عن ظل ويكاد

: لتخييل كقول أيب الطيبوالثاين ما تضمن نوعا حسنا من ا

لو تبتغي عنقا عليه ألمكنا عقدت سنابكها عليها عثيرا

: وقد مجع القاضي األرجاين بينهما يف قوله يصف الليل بالطول

يانفبأهدابي إليهن أج وشدت يخيل لي أن سمر الشهب في الدجى

: والثالث ما أخرج خمرج اهلزل واخلالعة كقول اآلخر

بجعدا إن ذا من الع شرب مس إن عزمت على الأسكر باأل

: املذهب الكالمي

لو : " ومنه املذهب الكالمي وهو أن يورد املتكلم حجة ملا يدعيه على طريق أهل الكالم كقوله تعاىل

Page 176: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 176

أي واإلعادة" وهو الذي يبدأ اخللق مث يعيده وهو أهون عليه : " وقوله" كان فيهما آهلة إال اهللا لفسدتا

أهون عليه من البدء واألهون من البدء أدخل يف اإلمكان من البدء، فاإلعادة أدخل يف اإلمكان من البدء أي القمر آفل وريب ليس بآفل فالقمر ليس " فلما أفل قال ال أحب اآلفلني : " وهو املطلوب، وقوله تعاىل

نون ال يعذبون فلستم ببنني له، ومنه أي أنتم تعذبون والب" قل فلم يعذبكم بذنوبكم : " بريب وقوله تعاىل : قول النابغة يعتذر إىل النعمان

بلط موليس وراء اهللا ك ريبةسفلم أترك لنف حلفت

ذبش وأكلمبلغك الواشي أغ يانةي خكنت قد بلغت عن لئن

من األرض فيه مستراد ومذهب باني جكنت امرأ ل ولكني

ربم وأقهفي أموال أحكم مهوإخوان إذا ما مدحت ملوك

واترهم في مدحهم لك أذنب فلم في قوم أراك اصطفيتهم كفعلك

يقول أنت أحسنت إىل قوم فمدحوك وأنا أحسن إىل قوم فمدحتهم فكما أن مدح أولئك ال يعد ذنبا سبة له فكذلك مدحي ملن أحسن إيل ال يعد ذنبا، ومنه حسن التعليل وهو أن يدعي لوصف علة منا

باعتبار لطيف غري حقيقي وهو أربعة أقسام ألن الوصف إما ثابت قصد بيان علته أو غري ثابت أريد إثباته واألول إما أن ال يظهر له يف العادة علة أو يظهر له علة غري املذكورة والثاين إما ممكن أو غري ممكن، أما

: األول فكقول أيب الطيب

مت به فصبيبها الرخصاءح يحك نائلك السحاب وإنما لم

: وكقول أيب متام. فإن نزول املطر ال يظهر له يف العادة علة

يالحرب للمكان الع فالسيل ال تنكري عطل الكريم من الغنى

علل عدم إصابة الغين الكرمي بالقياس على عدم إصابة السيل املكان العايل كالطود العظيم من جهة أن در كاملكان العايل، والغين حلاجة اخللق إليه كالسيل، ومن لطيف هذا الضرب قول الكرمي التصافه بعلو الق

: أيب هالل العسكري

حسنا فسلوا من قفاه لسانه ذارهالبنفسج أنه كع زعم

: وقول ابن نباتة يف صفة الفرس

رياثيه البين عين وتطلع هنيل مليستمد ال وأدهم

ياالك طخلفه األف ويطوي سرى خلف الصباح يطير مشيا

Page 177: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 177

ياحموائم والبالق تشبث هنفلما خاف وشك الفوت م

: وأما الثاين فكقول أيب الطيب

يتقي إخالف ما ترجو الذئاب نكاديه ولبه قتل أع ما

فإن قتل امللوك أعداءهم يف العادة إلرادة هالكهم وأن يدفعوا مضارهم عن أنفسهم حىت يصفو هلم م من منازعتهم ال ملا ادعاه من أن طبيعة الكرم قد غلبت عليه، وحمبته أن يصدق رجاء الراجني بعثته ملكه

على قتل أعدائه ملا علم أنه ملا غدا للحرب غدت الذئاب تتوقع أن يتسع عليها الرزق من قتالهم، وهذا ي أي تناهى يف الشجاعة مبالغة يف وصفه باجلود، ويتضمن املبالغة يف وصفه بالشجاعة على وجه ختييل

حىت ظهر ذلك للحيوانات العجم فإذا غدا للحرب رجت الذئاب أن تنال من حلوم أعدائه وفيه نوع آخر من املدح وهو أنه ليس ممن يسرف يف القتل طاعة للغيظ واحلنق، وكقول أيب طالب املأموين يف بعض

: الوزراء ببخارى

اياحاح ارتيهتز للسم د جمغرم بالثناء صب بكب الم

أن يرى طيف مستميح رواحا اءاء إال رجيذوق اإلعف ال

وكان تقييده بالرواح ليشري إىل أن العفاة إمنا حيضرون له يف صدر النهار على عادة امللوك فإذا كان : الرواح قلوا فهو يشتاق إليهم فينام ليأنس برؤية طيفهم، واصله من حنو قول اآلخر

خياال منك يلقى خياليا لعل ا بي نعسةوإني ألستغفي وم

وهذا غري بعيد أن يكون أيضا من هذا الضرب إال أنه ال يبلغ يف الغرابة والبعد عن العادة ذلك املبلغ فإنه قد يتصور أن يريد املغرم املتيم إذا بعد عهده حببيبه أن يراه يف املنام فرييد النوم لذلك خاصة، ومن لطيف

: بن املعتزهذا الضرب قول ا

كثرة القتل نالها الوصب من ماشتكت عينه فقلت له قالوا

والدم في النصل شاهد عجب تمن دماء من قتل حمرتها

: وقول اآلخر

فأهال بها وبتأنيبها تؤنبني بالبكا أتتني

اهأتبكي بعين تراني ب مةوفي قولها حش تقول

اهموع بتأديبأمرت الد فقلت إذا استحسنت غيركم

Page 178: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 178

وذلك أن العادة يف دمع العني أن يكون السبب فيه إعراض احلبيب أو اعتراض الرقيب وحنو ذلك من األسباب املوجبة لالكتئاب ال ما جعله من التأديب على اإلساءة باستحسان غري احلبيب، وأما الثالث

: فكقول مسلم بن الوليد

ارك إنساني من الغرقنجى حذ هاءتا إسيا واشيا حسنت فين

فإن استحسان إساءة الواشي ممكن لكن ملا خالف الناس فيه عقبه بذكر سببه وهو أن حذاره من الواشي منعه من البكاء فسلم إنسان عينه من الغرق يف الدموع وما حصل ذلك فهو حسن، وأما الرابع فكمعىن

: بيت فارسي ترمجته

أيت عليها عقد منتطقر لما لو لم تكن نية الجوزاء خدمته

.فإن نية اجلوزاء خدمته ممتنعة

: ومما يلحق بالتعليل وليس به لبناء األمر فيك على الشك حنو قول أيب متام

إلى المزن حتى جادها وهو هاجع اشفعت ريح الصبا لرياضه ربى

عدامن مهفما ترقا ل حبيبا اهتكأن السحاب الغر غيبن تح

: بوقول أب الطي

ييعشاألنفاس للت أتبعته رحل العزاء برحلتي فكأنني

علة تصعيد األنفاس يف العادة هي التحسر والتأسف ال ما جوز أن يكون إياه، واملعىن رحل عين العزاء بارحتايل عنك أي معه أو بسببه، فكأنه ملا كان الصدر حمل الصرب وكانت األنفاس تتصعد منه أيضا صار

.الصعداء كأما نزيالن، فلما رحل ذلك كان حقا على هذا أن يشيعه قضاء حلق الصحبةالعزاء وتنفس

: ومنه التفريع وهو أن يثبت ملتعلق أمر حكم بعد إثباته ملتعلق له آخر، كقول: التفريع

كما دماؤكم تشفي من الكلب لسقام الجهل شافية أحالمكم

.فهم بشفاء دمائهم من داء الكلبفرع من وصفهم بشفاء أحالمهم لسقام اجلهل وص

ومنه تأكيد املدح مبا يشبه الذم وهو ضربان، أفضلهما أن يستثين من صفة ذم : تأكيد املدح مبا يشبه الذم : منفية عن الشيء مدح بتقدير دخوهلا فيها كقول النابغة الذبياين

فلول من قراع الكتائب بهن وال عيب فيهم غير أن سيوفهم

ول السيف من قراع الكتائب من قبيل العيب فاثبت شيئا من العيب على تقدير أن فلول أي إن كان فلحىت يبيض القار، فالتأكيد فيه من وجهني : السيف منه وذلك حمال فهو يف املعىن تعليق باحملال، كقوهلم

املتكلم بأال أو أحدمها أنه كدعوى الشيء ببينة، والثاين أن األصل يف االستثناء أن يكون متصال فإذا نطق

Page 179: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 179

حنوها توهم السامع قبل أن ينطق مبا بعدها أن ما يأيت بعدها خمرج مما قبلها فيكون شيء من صفة الذم ثابتا وهذا ذم، فإذا أتت بعدها صفة مدح تأكد املدح لكونه مدحا على مدح وإن كان فيه نوع من

ء تليها صفة مدح أخرى له كقول النيب اخلالبة، والثاين أن يثبت لشيء صفة مدح ويعقب بأداة استثناصلى اهللا عليه وسلم أنا أفصح العرب يب أين من قريش، واصل االستثناء يف هذا الضرب أيضا أن يكون منقطعا لكنه باق على حاله مل يقدر متصال فال يفيد التأكيد إال من الوجه الثاين من الوجهني املذكورين

: ل النابغة اجلعديوهلذا قلنا األول أفضل، ومنه قو

جواد فيما يبقي من المال باقيا هكملت أخالقه غير أن فتى

فيحتمل الوجهني، وأما قوله " ال يسمعون فيها لغوا وال تأثيما، إال قيال سالما سالما : " وأما قوله تعاىل أن يكون االستثناء من فيحتملها وحيتمل وجها ثالثا وهو" ال يسمعون فيها لغوا غال سالما : " تعاىل

أصله متصال ألن معىن السالم هو الدعاء بالسالمة وأهل اجلنة عن الدعاء بالسالمة أغنياء فكان ظاهره من قبيل اللغو وفضول الكالم لوال ما فيه من فائدة اإلكرام ومن تأكيد املدح مبا يشبه الذم، ضرب ثالث وهو

أي وما تعيب " وما تنقم منا إال أن آمنا بآيات ربنا ملا جاءتنا : " أن يأيت االستثناء فيه مفرغا كقوله تعاىلقل يا أهل الكتاب هل تنقمون : " منا إال أصل املناقب واملفاخر كلها وهو اإلميان بآيات اهللا وحنوه قوله

لباب جيري فإن االستفهام فيه لإلنكار واعلم أن االستدراك يف هذا ا" منا إال أن آمنا باهللا وما أنزل إلينا : جمرى االستثناء كما يف قول أيب الفضل بديع الزمان اهلمذاين

سوى أنه الضرغام لكنه الوبل رهو البدر إال أنه البحر زاخ

أحدمها أن يستثين من صفة مدح : ومنه تأكيد الذم مبا يشبه املدح وهو ضربان: تأكيد الذم مبا يشبه املدح. ال خري فيه غال أنه يسيء إىل من حيسن غليه: دخوهلا فيها كقولك فالنمنفية عن الشيء صفة ذم بتقدير

وثانيهما أن يثبت للشيء صفة ذم ويعقب بأداة استثناء تليها صفة ذم أخرى له كقولك فالن فاسق غال .أنه جاهل، وحتقيق القول فيهما على قياس ما تقدم

: تتبع املدح بشيء آخر كقول أيب الطيبومنه االستتباع وهو املدح بشيء على وجه يس: االستتباع

دالك خأنالدنيا ب لهنئت نهبت من األعمار ما لو حويته

فإنه مدحه ببلوغه النهاية يف الشجاعة إذ كثر قتاله حبيث لو ورث أعمارهم خللد يف الدنيا على وجه ده، قال علي بن عيسى استتبع مدحه بكونه سببا لصالح الدنيا ونظامها حيث جعل الدنيا مهنأة خبلو

الربعي وفيه وجهان آخران من املدح أحدمها أنه ب األعمار دون األموال، الثاين أنه مل يكن ظاملا يف

Page 180: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 180

.قتل أحد من مقتوليه ألنه مل يقصد بذلك إال صالح الدنيا وأهلها فهم مسرورون ببقائه

فهو أعم من االستتباع ومثاله قول أيب ومنه اإلدماج وهو أن يضمن كالما سيق ملعىن معىن آخر: اإلدماج : الطيب

أعد بها على الدهر الذنوبا يأنفيه أجفاني ك اقلب

: وقول ابن املعتز يف اخلريي. فإنه ضمن وصف الليل بالطول الشكاية من الدهر

هى ورقبألوانهم عل هجر قد نفض العاشقون ما صنع ال

الغزل يف الوصف، وفيه وجه آخر من احلسن وهو إيهام اجلمع فإن الغرض وصف اخلريي بالصفرة فأدمج بني متنافيني أعين اإلجياز واإلطناب، أما اإلجياز فمن جهة اإلدماج، وأما اإلطناب فألن اصل املعىن أنه

: ومنه قول ابن نباتة. اصفر، فاللفظ زائد عليه لفائدة

دهلي بخل أودع الحلم عن فمن وال بد لي من جهلة في وصاله

فإن ضمن الغزل الفخر بكونه حليما املكىن عنه باالستفهام عن وجود خل صاحل ألن يودعه حلمه وضمن الفخر بذلك بإخراج االستفهام خمرج اإلنكار شكوى الزمان لتغري اإلخوان حىت مل يبق فيهم من يصلح

إذا كان مريدا لوصل هذا هلذا الشأن، ونبه بذلك على أنه مل يعزم على مفارقة حلمه مجلة أبدا ولكن احملبوب املستلزم للجهل املنايف للحلم عزم على أنه إن وجد من يصلح ألن يودعه حلمه أودعه إياه فإن

: الودائع تستعاد، قيل ومنه قول اآلخر يهنئ بعض الوزراء ملا استوزر

رموأسعفنا فيمن نحب ونك أبى دهرنا إسعافنا في نفوسنا

أمرنا أن المهم المقدم ودع اأتمهله نعماك فيهم فقلت

فإنه دمج شكوى الزمان وما هو عليه من اختالل األحوال يف التهنئة وفيه نظر ألن شكوى الزمان مصرح .ا يف صدره فكيف تكون مدجمة، ولو عكس فجعل التهنئة مدجمة يف الشكوى أصاب

: لفني كقول من قال ألعور يسمى عمراومنه التوجيه وهو إيراد الكالم حمتمال لوجهني خمت: التوجيه

واءعينيه س ليت خاط لي عمرو قباء

قال الزخمشري غري مسمع حال من املخاطب، أي امسع " وامسع غري مسمع، وراعنا : " وعليه قوله تعاىلوأنت غري مسمع وهو قول ذو وجهني حيتمل الذم، أي امسع منا مدعوا عليك بال مسعت ألنه لو أجيبت

عوم عليه مل يسمع فكان أصم غري مسمع، قالوا ذلك اتكاال على أن قوهلم ال مسعت دعوة مستجابة دأو امسع غري جماب ما تدعو إليه، ومعناه غري مسمع جوابا يوافقك فكأنك مل تسمع شيئا، أو امسع غري

Page 181: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 181

ع، أي اسم مسمع كالما ترضاه فسمعك عنه ناب، وجيوز على هذا أن يكون غري مسمع مفعول امسكالما غري مسمع إياك ألن أذنك ال تعيه نبوا عنه، وحيتمل املدح أي امسع غري مسمع مكروها من قولك امسع فالن فالنا إذا سبه، وكذلك قوله راعنا حيتمل راعنا نكلمك أي ارقبنا وانتظرنا، وحيتمل شبه كلمة

ا سخرية بالدين وهزءا برسول اهللا صلى اهللا عليه عربانية أو سريانية كانوا يتسابون ا وهي راعينا فكانووسلم يكلمونه بكالم حمتمل ينوون به الشتيمة واإلهانة ويظهرون به التوقري واالحترام، مث قال فإن قلت

كيف جاءوا بالقول احملتمل ذي الوجهني بعدما صرحوا وقالوا مسعنا وعصينا قلت مجيع الكفرة كانوا ن وال يواجهونه بالسب ودعاء السوء، وجيوز أن يقولوه فيما بينهم وجيوز أن ال يواجهونه بالكفر والعصيا

قال السكاكي ومنه متشاات القرآن . ينطقوا بذلك ولكنهم ملا مل يؤمنوا به جعلوا كأم نطقوا به .باعتبار

: ه قول الشاعرومنه اهلزل الذي يراد به اجلد فترمجته تغين عن تفسريه، ومثال: اهلزل الذي يراد به اجلد

فقل عد عن ذا كيف أكلك للضب رااخفما التميمي أتاك م إذا

: ومنه قول امرئ القيس

الالفتى يهذي وليس بفع بأن وقد علمت سلمى وإن كان بعلها

ومنه جتاهل العارف وهو كما مساه السكاكي سوق املعلوم مساق غريه لنكتة كالتوبيخ : جتاهل العارف : رجيةيف قول اخلا

كأنك لم تجزع على ابن طريف اشجر الخابور ما لك مورق أيا

: واملبالغة يف املدح يف قول البحتري

يابتسامتها بالمنظر الضاح أم ألمع برق سرى أم ضوء مصباح

: أو يف الذم كقول زهري

اءسآل حصن أمم ن أقوم وما أدري وسوف أخال أدري

: سني بن عبد اهللاوالتدله يف احلب يف قول احل

ليالي منكن أم ليلى من البشر انيا ظبيات القاع قلن ل باهللا

: وقول ذي الرمة

مالقنا أأنت أم أم سال وبين أيا ظبية الوعساء بين جالجل

Page 182: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 182

هل ندلكم على رجل : " والتحقري يف قوله تعاىل يف حق النيب صلى اهللا عليه وسلم حكاية عن الكفاركأن مل يكونوا يعرفون عنه إال أنه رجل ما والتعريض " زقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد ينبئكم إذا م

ويف جميء هذا اللفظ على اإلام فائدة " وإنا وإياكم لعلى هدى أو يف ضالل مبني : " يف قوله تعاىل واملؤمنني، أخرى وهي أنه يبعث املشركني على الفكر يف حالة أنفسهم وحال النيب صلى اهللا عليه وسلم

وإذا فكروا فيما هم عليه من إغارات بعضهم على بعض وسيب ذراريهم واستباحة أمواهلم وقطع األرحام وإتيان الفروج احلرام وقتل النفوس اليت حرم اهللا قتلها وشرب اخلمر اليت تذهب العقول وحتسن ارتكاب

ة األرحام واجتناب اآلثام واألمر الفواحش، وفكروا فيما النيب عليه السالم واملؤمنني عليه من صلباملعروف والنهي عن املنكر وإطعام املساكني وبر الوالدين واملواظبة على عبادة اهللا تعاىل علموا أن النيب

.عليه السالم واملسلمني على هدى وأم على الضاللة فبعثهم ذلك على اإلسالم وهذه فائدة عظيمة

وهو ضربان أحدمها أن تقع صفة يف كالم الغري كناية عن شيء ومنه القول باملوجب : القول باملوجباثبت له حكم فتثبت يف كالمك تلك الصفة لغري ذلك الشيء من غري تعرض لثبوت ذلك احلكم له أو

يقولون لئن رجعنا إىل املدينة ليخرجن األعز منها األذل وهللا العزة ولرسوله : " انتفائه عنه كقوله تعاىلم كنوا باألعز عن فريقهم وباألذل عن فريق املؤمنني وأثبتوا لألعز اإلخراج فأثبت اهللا فإ" وللمؤمنني

تعاىل يف الرد عليهم صفة العزة هللا ولرسوله وللمؤمنني من غري تعرض لثبوت حكم اإلخراج للموصوفني مله بذكر متعلقة بصفة العزة وال لنفيه عنهم والثاين محل لفظ وقع يف كالم الغري على خالف مراده مما حيت

: كقوله

قال ثقلت كاهلي باأليادي ثقلت إذ أتيت مرارا قلت

ت وأبرمت قال حبل ودادي طولت قال ال بل تطول قلت

: ومنه قول القاضي األرجاين. واالستشهاد بقوله ثقلت وأبرمت دون قوله طولت

عرت من اللحم العظاما كسوة غالطتني إذ كست جسمي الضنا

عيني صدقت لكن سقاما مثل وىقالت أنت عندي في الهثم

: وكذا قول ابن دويدة املغريب من أبيات خياطب ا رجال أودع بعض القضاة ماال فادعى القاضي ضياعه

ضاعت ولكن منك يعني لو تعي اقال قد ضاعت فيصدق إنه إن

عولكن منه أحسن موق وقعت اهأو قال قد وقعت فيصدق أن

: وقريب من هذا قول اآلخر

Page 183: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 183

اديألعولكن ل فكانوها ام دروعحسبته وإخوان

ؤاديولكن في ف فكانوها اتائبا صسهام وخلتهم

لقد صدقوا ولكن من ودادي وبقد صفت منا قل وقالوا

.واملراد البيتان األوالن ولك أن جتعل حنومها ضربا ثالثا

أن يأيت بأمساء املمدوح أو غريه وآبائه على ترتيب الوالدة من غري تكلف يف ومنه االطراد وهو : االطراد : السبك حىت تكون األمساء يف حتدرها كاملاء اجلاري يف اطراده وسهولة انسجامه كقول الشاعر

بعتيبة بن الحارث بن شهاب إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم

: وقول دريد بن الصمة

ذؤاب بن أسماء بن زيد بن قارب هداتير ل خبعبد اهللا قتلنا

. وفيه تعرض للمقتول به ولشرف املقتول، قيل ملا مسعه عبد امللك بن مروان قال لوال القافية لبلغ به آدم

الكرمي ابن الكرمي ابن الكرمي ابن الكرمي يوسف بن يعقوب بن : " ومنه قول النيب صلى اهللا عليه وسلم ".إسحاق بن إبراهيم

وهو تشاهما يف اللفظ، والتام منه أن يتفقا يف أنواع احلروف : اللفظي فمنه اجلناس بني اللفظنيوأما ويوم تقوم الساعة : " وإعدادها وهيئاا وترتيبها فإن كانا من نوع واحد كامسني مسي مماثال كقوله تعاىل

: وقول الشاعر" يقسم ارمون ما لبثوا غري ساعة

والهوى للمرء قتال الاآلجال آج حدق

األول مجع إجل بالكسر وهو القطيع من بقر الوحش، والثاين مجع أجل واملراد به منتهى األعمار وقول : أب متام

ائبالعوالي في صدور الكت صدور إذا الخيل جابت قسطل الحرب صدعوا

: وإن كانا من نوعني كاسم وفعل مسي مستوىف كقول أيب متام أيضا

يحيا لدى يحيى بن عبد اهللا كرم الزمان فإنهما مات من

: وحنوه قول اآلخر

رد أمر اهللا فيه سبيل إلى وسميته يحيى ليحيا فلم يكن

والتام أيضا إن كان أحد لفظيه مركبا مسي جناس التركيب، مث إن كان املركب منهما مركبا من كلمة : وبعض كلمة مسي مرفوا كقول احلريري

Page 184: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 184

بدمع يحاكي الوبل حال مصابه ه تذكار ذنبك وابكتله عن وال

هملقاه ومطعم صاب وروعة هعلعينيك الحمام ووق ومثل

: وإال فإن اتفقا يف اخلط مسي متشاا كقول أيب الفتح البسيت

بةفدولته ذاه فدعه إذا ملك لم يكن ذا هبة

: وإن اختلفا مسي مفروقا كقول أيب الفتح أيضا

انام لوال ج م اجقد أخذ ال كلكم

انللو جام جام ما الذي ضر مدير ال

: وقول اآلخر

اهذيبلم تبالغ قبل في ته ما يدةتعرضن على الرواة قص ال

اهمنك وساوسا تهذي ب عدوه فمتى عرضت الشعر غير مهذب

رة اإلعادة وإن اختلفا يف هيئات ووجه حسن هذا القسم أعين التام حسن اإلفادة مع أن الصورة صواحلروف فقط مسي حمرفا، مث االختالف قد يكون يف احلركة فقط كالربد، والربد يف قوهلم جبة الربد جنة

قال السكاكي " ولقد أرسلنا فيهم منذرين، فانظر كيف كان عاقبة املنذرين : " الربد، وعليه قوله تعاىلشدد يف هذا الباب يقوم مقام املخفف نظرا إىل الصورة فاعلم، وكقولك اجلهول إما مفرط أو مفرط، وامل

: وقد يكون يف احلركة والسكون كقوهلم البدعة شرك الشرك، وقول أيب العالء

بيت من الشعر أو بيت من الشعر هيظهر في بيتين رونق والحسن

دمها أن خيتلفا بزيادة حرف وإن اختلفا يف أعداد احلروف فقط مسي ناقصا ويكون ذلك على وجهني أحأو يف الوسط كقوهلم " والتفت الساق بالساق، إىل ربك يومئذ املساق : " واحد يف األول كقوله تعاىل

: جدي جهدي أو يف اآلخر كقول أيب متام

تصول بأسياف قواض قواضب ميمدون من أيد عواص عواص

: وقول البحتري

تلك الوجوه الصوادفصواد إلى سفت أنلئن صدفت عنا فرب

: ومنه ما كتب به بعض ملوك املغرب إىل صاحب له يدعوه إىل جملس أنس له

اءونفسي منه السنا والسن ني الصاحب الذي فارقت عي أيها

Page 185: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 185

اءنوالمسمع الغنى والغ حة نحن في المجلس الذي يهب الرا

واءهوى والذة والرقة اله لن الالتي تنسي م نتعاطى

ياءحيا والأعد لك الح قد ياف راحة وحلت هفأت

ورمبا مسي هذا القسم أعين الثالث مطرفا ووجه حسنه أنك تتوهم قبل أن يرد عليك آخر كلمة كامليم من عواصم أا هي اليت مضت وإمنا أيت ا للتأكيد حىت إذا متكن آخرها يف نفسك ووعاه مسعك انصرف

الوجه الثاين أن خيتلفا بزيادة . هذا حصول الفائدة بعد أن خيالطك اليأس منهاعنك ذلك التوهم، ويف : أكثر من حرف واحد كقول اخلنساء

ء في الجوى بين الجوانح افشالبكاء هو ال إن

ورمبا مسي هذا الضرب مذيال، وإن اختلفا يف أنواع احلروف اشترط أن ال يقع االختالف بأكثر من ان املختلفان إن كانا متقاربني مسي اجلناس مضارعأ ويكونان إما يف األول كقول احلريري حرف، مث احلرف

" وهم ينهون عنه وينأون عنه : " بيين وبني كىن ليل دامس وطريق طامس وإما يف السوط كقول اهللا تعاىل

اخليل معقود " : وقول بعضهم الربايا أهداف الباليا، وإما يف اآلخر كقول النيب صلى اهللا عليه وسلموإن كانا غري متقاربني مسي الحقا ويكونان أيضا إما يف األول كقوله ". بنواصيها اخلري إىل يوم القيامة

رب وضي غري رضي، وقول احلريري ال أعطي زمامي ملن : وقول بعضهم" ويل لكل مهزة ملزة : " تعاىلتفرحون يف األرض بغري احلق ومبا كنتم ذلكم مبا كنتم : " خيفر ذمامي وإما يف الوسط كقوله تعاىل

: " وإما يف اآلخر كقوله تعاىل" وإنه على ذلك لشهيد، وإنه حلب اخلري لشديد : " وقوله تعاىل" مترحون

: وقول البحتري" وإذا جاءهم أمر من األمن

لشاك من الصبابة شافي أم هل لما فات من تالق تالف

حسامه فتح ألوليائه : قلب الكل، كقوهلم: اس القلب وهو ضربانوإن اختلفا يف ترتيب احلروف مسي جنرحم : وقول بعضهم. اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا: حتف ألعدائه وقلب البعض، كما جاء يف اخلرب

: اهللا امرأ أمسك ما بني فكيه وأطلق ما بني كفيه وعليه قول أيب الطيب

لوقوعايكلف لفظها الطير ا مة رداحعنم عةممن

وإذا وقع أحد املتجانسني، جناس القلب يف أول البيت واآلخر يف آخره مسي مقلوبا جمنحا، وإذا ويل أحد وما جاء يف " وجئتك من سبأ بنبأ يقني : " املتجانسني اآلخر مسي مزدوجا ومكررا ومرددا كقوله تعاىل

.من قرع بابا وجل وجل: قوهلمو. من طلب وجد وجد: وقوهلم. املؤمنون هينون لينون: اخلرب

: وقوله. النبيذ بغري النغم غم وبغري الدسم سم: وقوهلم

Page 186: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 186

تصول بأسياف قواض قواضب ميمدون من أيد عواص عواص

فأقم وجهك للدين : " واعلم أنه يلحق باجلناس شيئان أحدمها أن جيتمع اللفظني االشتقاق كقوله تعاىل". الظلم ظلمات يوم القيامة : " وقول النيب صلى اهللا عليه وسلم" حيان فروح ور: " وقوله تعاىل" القيم

: وقال أبو متام. أمجع أهل احلرمني على حترميه: " وقول الشافعي رضي اهللا عنه وقد سئل عن النبيذ

فيا دمع انجدني على ساكني نجد

: وقول البحتري

أريبير غا لسودد أرب في يعشى عن المجد الغبي ولن ترى

: وقول حممد بن وهيب

رك واتلك موتور وسيف فما قسمت صروف الدهر بأسا ونائال

اثاقلتم إىل األرض، أرضيتم : " والثاين أن جيمعهما املشاة وهي ما يشبه االشتقاق وليس به كقوله تعاىل" وجىن اجلنتني دان : " ه تعاىلوقول" قال إين لعملكم من القالني : " وقوله تعاىل" باحلياة الدنيا من اآلخرة

: وقول البحتري

صار قول العذول فيها هباء تما رياح جودك هب وإذا

ومنه رد العجز على الصدر وهو يف النثر أن جيعل أحد اللفظني املكررين أو املتجانسني أو امللحقني ما يف احليلة ترك : وقوهلم" أحق أن ختشاه وختشى الناس واهللا: " أول الفقرة واآلخر يف آخرها كقوله تعاىل

" استغفروا ربكم إنه كان غفارا : " سائل اللئيم يرجع ودمعه سائل وكقوله تعاىل: وكقوهلم. احليلة

ويف الشعر أن يكون أحدمها يف آخر البيت واآلخر يف " قال إين لعملكم من القالني : " وكقوله تعاىل : صدر الثاين، فاألول كقولهصدر املصراع األول أو حشوه أو آخره أو

إلى داعي الندى بسريع وليس سريع إلى ابن العم يلطم وجهه

: وحنوه قول اآلخر

رانكه سيفيق فتى ب أنى سكران سكر هوى وسكر مدامة

: والثاين كقول احلماسي

فما بعد العشية من عرار من شميم عرار نجد تمتع

: وحنوه قول أيب متام

Page 187: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 187

األشياء كالمال المضاع من ضاع المجد شيءولم يحفظ م

: والثالث كقوله أيضا

فما زلت بالبيض القواضب مغرما كان بالبيض الكواكب مغرما ومن

: والرابع كقول احلماسي

افإني نافع لي قليله قليال وإن لم يكن إال معرج ساعة

: واخلامس كقول القاضي األرجاين

فداعي الشوق قبلكما دعاني امن مالمكما سفاه دعاني

: وقول اآلخر

يلبسلبراح كأنها س س سل سبيال فيهات إلى راحة النف

: وقول اآلخر

فمن أجلها منها النفوس ذوائب تسود كالعناقيد أرسل ذوائب

: والسادس كقول اآلخر

فانف البالبل باحتساء بالبل البالبل أفصحت بلغاتها وإذا

: كقول احلريريوالسابع

ومفتون برنات المثاني فمشغوف بآيات المثاني

: والثامن كقول القاضي األرجاين

فالح لي أن ليس فيهم فالح مهتلأمم تث أملتهم

: والتاسع كقول البحتري

نرى لك فيها ضريبا فلسنا ضرائب أبدعتها في السماح

: والعاشر كقول امرئ القيس

فليس على شيء سواه بخزان خزن عليه لسانهالمرء لم ي إذا

: وقول أيب العالء املعري

والعذب يهجر لإلفراط في الخصر ماختصرتم من اإلحسان زرتك لو

: واحلادي عشر كقول اآلخر

يرأجنحة الذباب يض أطنين فدع الوعيد فما وعيدك ضائري

Page 188: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 188

: والثاين عشر كقول أيب متام

رتده بعفهي اآلن من ب بواتر ب في الوغىوقد كانت البيض القواض

: السجع

ومنه السجع وهو تواطؤ الفاصلتني من النثر على حرف واحد وهذا معىن قول السكاكي األسجاع من النثر كالقوايف يف الشعر وهو ثالثة أضرب، مطرف ومتواز وترصيع، ألن الفاصلتني إن اختلفتا يف الوزن

وإال فإن كان ما " ما لكم ال ترجون اهللا وقارا، وقد خلقتكم أطوارا " تعاىل فهو السجع املطرف كقولهيف إحدى القرينتني من األلفاظ أو أكثر ما فيها مثل ما يقابله من األخرى يف الوزن والتقفية فهو الترصيع

كقول احلريري فهو يطبع األسجاع جبواهر لفظه ويقرع األمساع بزواجر وعظه، وكقول أيب الفضل

وقول أيب الفتح البسيت ليكن إقدامك توكال وإحجامك . اهلمذاين إن بعد الكدر صفوا وبعد املطر صحواويف دعاء النيب " فيها سرر مرفوعة، وأكواب موضوعة " تأمال، وإال فهو السجع املتوازي كقوله تعاىل

وشرط حسن السجع . "اللهم إين أدرأ بك يف حنورهم وأعوذ بك من شرورهم : " صلى اهللا عليه وسلماختالف قرينتيه يف املعىن كما مر، ال كقول ابن عباد يف مهزومني طاروا واقني بظهورهم صدورهم

يف سدر خمضود، وطلح منضود، " قيل وأحسن السجع ما تساوت قرائنه كقوله تعاىل . وبأصالبه حنورهمأو الثالثة " ما ضل صاحبكم وما غوى والنجم إذا هوى، " مث ما طالت قرينته الثانية كقوله " وظل ممدود له األمر املطاع والشرف اليفاع : وقول أيب الفضل امليكايل" خذوه فغلوه، مث اجلحيم صلوه " كقوله تعاىل

والعصر، إن اإلنسان لفي خسر، إال الذين : " وقد اجتمعا يف قوله تعاىل. والعرض املصون واملال املضاعوال حيسن أن تويل قرينة قرينة اقصر منها كثريا " باحلق وتواصوا بالصرب آمنوا وعملوا الصاحلات وتواصوا

ألن السجع إذا استوىف أمده من األوىل لطوهلا مث جاءت الثانية أقصر منها كثريا يكون كالشيء املبتور ويبقى السامع كمن يريد االنتهاء إىل غاية فيعثر دوا والذوق يشهد بذلك ويقضي بصحته، مث السجع

إذ يريكهم اهللا يف : " أو طويل كقوله تعاىل" واملرسالت عرفا، فالعاصفات عصفا " إما قصري كقوله تعاىل منامك قليال ولو أراكهم كثريا لفشلتم ولتنازعتم يف األمر ولكن اهللا سلم، إنه عليم بذات الصدور، وإذ

ضي اهللا أمرا كان مفعوال وإىل اهللا ترجع يريكموهم إذ التقيتم يف أعينكم قليال ويقللكم يف أعينهم ليقاقتربت الساعة وانشق القمر، وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر " أو متوسط كقوله تعاىل " األمور ومن لطيف السجع قول البديع اهلمذاين من كتاب له إىل ابن فريقون كتايب والبحر وإن مل أره " مستمر

قه فقد تصورت خلقه، وامللك العادل وإن مل أكن لقيته فقد لقيين فقد مسعت خربه، والليث وإن مل ألصيته، ومن رأى من السيف أثره فقد رأى أكثره واعلم أن فواصل األسجاع موضوعة على أن تكون

Page 189: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 189

ساكنة األعجاز، موقوفا عليها، ألن الغرض أن يزاوج بينها وال يتم ذلك يف كل صورة إال بالوقف، أال مل يكن بد من إجراء كل من . ما أبعد ما فات وما أقرب ما هو آت: هلمترى أنك لو وصلت قو

الفاصلتني على ما يقتضيه حكم اإلعراب فيفوت الغرض من السجع، وإذا رأيتهم خيرجون الكلم عن إين آتيه بالغدايا والعشايا، أي بالغدوات فما ظنك م يف ذلك، وقيل إنه ال : أوضاعها لالزدواج يف قوهلم

: القرآن أسجاع وإمنا يقال فواصل، وقيل السجع غري خمتص بالنثر، ومثاله من الشعر قول أيب متاميقال يف

وفاض به ثمدي وأورى به زندي ه يديبه رشدي وأثرت ب تجلى

: وكذا قول اخلنساء

راراع وضالطريقة نف دي حامي الحقيقة محمود الخليقة مه

: وكذا قول اآلخر

وجرائم ألفيتها متورعا تبرعاأوليتها م ومكارم

: وهو ظاهر التكلف وهذا القائل ال يشترط التقفية يف العروض والضرب كقوله

ورند ربى فضائله نضير ندى فواضله ورى وزند

ومن السجع على هذا القول ما يسمى التشطري وهو أن جيعل كل من شطري البيت سجعة : التشطري :خمالفة ألختها كقول أيب متام

هللا مرتغب في اهللا مرتقب مقمعتصم باهللا منت تدبير

: ومنه ما يسمى التصريع وهو جعل العروض مقفاة تقفية الضرب، كقول أيب فراس: التصريع

بأوساط المعالي تفردنا بأطراف المثقفة العوالي

ض الضرب يف وهو مما استحسن حىت أن أكثر الشعر صرع البيت األول منه ولذلك مىت خالفت العرو : الوزن جاز أن جتعل موازنة له إذا كان البيت مصرعا كقول امرئ القيس

وهل ينعمن من كان في العصر الخالي يالبل العم صباحا أيها الطل أال

: أتى بعروض الطويل مفاعيلن وذلك ال يصح إذا مل يكن البيت مصرعا، وهلذا خطئ أبو الطيب يف قوله

: املوازن

وباطنه دين وظاهره ظرف مكعلم ومنطقه ح رهتفك

ومنارق مصفوفة، " ومنه املوازنة وهي أن تكون الفاصلتان متساويتني يف الوزن دون التقفية كقوله تعاىل فإن كان ما يف إحدى القرينتني من األلفاظ أو اكثر ما فيها مثل ما يقابله من األخرى يف " وزرايب مبثوثة

Page 190: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 190

وقول " وآتيناهم الكتاب املستبني، وهديناهم الصراط املستقيم " ماثلة كقوله تعاىل الوزن خص باسم امل : أيب متام

الخط غال أن تلك ذوابل قنا مها الوحش إال أن هاتا أوانس

: وقول البحتري

وأقدم لما لم يجد عنك مهربا لما لم تجد فيك طعما فأحجم

ل عماد الدين الكاتب للقاضي الفاضل سر فال كبا بك ارض خضراء وقو: ومنه القلب كقولك: القلب : دام عال العماد وقول القاضي األرجاين: وجواب القاضي. الفرس

وهل كل مودته تدوم تدوم لكل هول مودته

".وربك فكرب " وفيه " كل يف فلك " ويف الترتيل

الوقوف على كل واحدة منهما ومنه التشريع وهو بناء البيت على قافيتني يصح املعىن على: التشريع : كقول احلريري

شرك الردى وقرارة األكدار اهخاطب الدنيا الدنية إن يا

ومنه لزوم ما ال يلزم وهو أن جييء قبل حرف الروي وما يف معناه من الفاصلة ما ليس : لزوم ما ال يلزم" وم يف الغي مث ال يقصرون فإذا هم مبصرون، وإخوام ميد" بالزم يف مذهب السجع كقوله تعاىل

: وقول الشاعر" فأما اليتيم فال تقهر، وأما السائل فال تنهر " وقوله

تلي جلم تمنن وإن ه أيادي ييتعمرا إن تراخت من سأشكر

مظهر الشكوى إذا النعل زلت وال فتى غير محجوب الغنى عن صديقه

تلجد تينيه ققذى ع فكانت اخلتي من حيث يخفى مكانه رأى

: وقول اآلخر

الخمر والماء الذي غير آسن وفي ذةين لعلفي البستان ل يقولون

ففي وجه من تهوى جميع المحاسن اهشئت أن تلقى المحاسن كل إذا

واصل . وما اشتار العسل من اختار الكسل: وقد يكون ذلك يف غري الفاصلتني أيضا كقول احلريرييع ذلك اعين القسم اللفظي كما قال الشيخ عبد القاهر، هو أن تكون األلفاظ تابعة للمعاين احلسن يف مج

فإن املعاين إذا أرسلت على سجيتها وتركت وما تريد طلبت ألنفسها األلفاظ ومل تكتس إال ما يليق ا، : فإن كان خالف ذلك كان كما قال أبو الطيب

Page 191: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 191

ا فالحسن عنك مغيبوأعضائه لم نشاهد غير حسن شياتها إذا

وقد يقع يف كالم بعض املتأخرين ما محل صاحبه فرط شغفه بأمور ترجع إىل ما له اسم يف البديع على أن ينسى أنه يتكلم ليفهم ويقول ليبني وخييل إليه أنه إذا مجع عدة من أقسام البديع يف بيت فال ضري أن يقع

عشواء، هذا ما تيسر بإذن اهللا تعاىل مجعه وحتريره من ما عناه يف عمياء وأن يوقع السامع طلبه يف خبطأصول الفن الثالث وبقيت أشياء يذكرها فيه بعض املصنفني، منها ما يتعني إمهاله لعدم دخوله يف فن

البالغة حنو ما يرجع يف التحسني إىل اخلط دون اللفظ مع أنه ال خيلو من التكلف ككون الكلمتني احلروف منقوطة أو غري منقوطة وحنو ما ال أثر له يف التحسني كما يسمى وكون. متماثلتني يف اخلط

الترديد أو لعدم جدواه حنو ما يوجد يف كتب بعض املتأخرين مما هو داخل فيما ذكرناه كما مساه حسن البيان، ومنها ما ال بأس بذكره الشتماله على فائدة وهو شيئان، أحدمها القول يف السرقات الشعرية وما

.تصل ا، والثاين القول يف االبتداء والتخلص واالنتهاء فعقدنا فصلني ختمنا ما الكتابي

الفصل األول

اعلم أن اتفاق القائلني إن كان يف الغرض على العموم كالوصف بالشجاعة والسخاء والبالدة والذكاء س متصورة للعقول يشترك فيها فال يعد سرقة وال استعانة وال حنومها فإن هذه أمور متقررة يف النفو

الفصيح واألعجم والشاعر واملفحم وإن كان يف وجه الداللة على تغرض وينقسم إىل أقسام كثرية، منها التشبيه مبا توجد الصفة فيه على الوجه البليغ كما سبق ومنها ذكر هيئات تدل على الصفة الختصاصها

: سكون اجلوارح وقلة الفكر كقولهمبن له الصفة كوصف الرجل حال احلرب باالبتسام و

وإن كان قد شف الوجوه لقاء مهدنانيرا على قسمات كأن

وكذا وصف اجلواد بالتهلل عند ورود العفاة واالرتياح لرؤيتهم ووصف البخيل بالعبوس وقلة البشر مع عقول والعادات سعة ذات اليد ومساعدة الدهر فإن كان مما يشترك الناس يف معرفته الستقراره يف ال

كتشبيه الفتاة احلسنة بالشمس والبدر واجلواد بالغيث والبحر، والبليد البطيء باحلجر واحلمار، والشجاع املاضي بالسيف والنار، فاالتفاق فيه كاالتفاق يف عموم الغرض وإن كان مما ال ينال إال بفكر وال يصل

لسبق وأن يقضي بني القائلني فيه بالتفاضل وأن إليه كل أحد فهذا الذي جيوز أن يدعي فيه االختصاص واأحدمها فيه افضل من اآلخر وأن الثاين زاد على األول أو نقص عنه وهو ضربان أحدمها ما كان يف أصله

خاصيا غريبا، والثاين ما كان يف اصله عاميا مبتذال لكن تصرف فيه مبا أخرجه من كونه ظاهرا ساذجا

Page 192: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 192

ذكر أمثلتهما يف التشبيه واالستعارة، إذا عرفت هذا فنقول األخذ والسرقة إىل خالف ذلك وقد سبق أما الظاهر فهو أن يؤخذ املعىن كله إما مع اللفظ كله أو بعضه وإما وحده فإن . نوعان ظاهر وغري ظاهر

كان املأخوذ كله من غري تغيري لفظه فهو مذموم مردود ألنه سرقة حمضة ويسمى نسخا وانتحاال كما : حكي أن عبد اهللا بن الزبري دخل على معاوية فأنشده

طرف الهجران إن كان يعقل على هدتأنت لم تنصف أخاك وج إذا

إذا لم يكن عن شفرة السيف مرحل هحد السيف من أن تضيم ويركب

ملزين فقال له معاوية لقد شعرت بعدي يا أبا بكر ومل يفارق عبد اهللا الس حىت دخل معن بن أوس ا : فأنشد كلمته اليت أوهلا

ية أولنعلى أينا تعدو الم لعمرك ما أدري وإني ألوجل

حىت أتى عليها وفيها ما أنشده عبد اهللا فأقبل معاوية على عبد اهللا وقال له أمل ختربين أما لك فقال املعىن ولزهري يف قصيدما هذا يل واللفظ له، وبعد فهو أخي من الرضاعة وأنا أحق بشعره، وقد روي ألوس

: البيت

لاهحليما أو أصابك ج أصبت إذا أنت لم تعرض عن الجهل والخنا

: وقد روى لألبريد الريبوعي

إذ السنة الشهباء أعوزها القطر هيشتري حسن الثناء بمال فتى

: وأليب نواس

دوردائرات تأن ال ويعلم فتى يشتري حسن الثناء بماله

: لبعض املتقدمني ميدح معبداوقد روي

وما قصبات السبق إال لمعبد طويس والسريجي بعده أجاد

:اممت يوألب

وما قصبات السبق إال لمعبد محاسن أصناف المغنين جمة

: وحكى صاحب األغاين يف أصوات معبد

اءواا شيصيبهم إال بم فما لهفي على فتية ذل الزمان لهم

: أيب نواسويف شعر

اءواا شيصيبهم إال بم فما دارت على فتية ذل الزمان لهم

Page 193: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 193

: ويف هذا املعىن ما كان التغيري فيد بإبدال كلمة أو أكثر مبا يرادفها كقول امرئ القيس

ال تهلك أسى وتجمل يقولون وقوفا بها صحبي على مطيهم

: وقول طرفة

دلك أسى وتجليقولون ال ته وقوفا بها صحبي على مطيهم

: وكقول العباس بن عبد املطلب رضي اهللا عنه

وال الدار بالدار التي كنت تعلم الناس بالناس الذين عهدتهم وما

: وقول الفرزدق

وال الدار بالدار التي كنت تعرف مالناس بالناس الذين عهدته وما

: وكقول حامت

على النفس خيمهاويغلبه يدعه ومن يبتدع ما ليس من خيم نفسه

: وقول األعور

اويغلبه على النفس خيمه يدعه ومن يقترف خلقا سوى خلق نفسه

وإن كان مع تغيري لنظمه أو كان املأخوذ بعض اللفظ مسي إغارة ومسخا فإن كان الثاين أبلغ من األول ممدوح مقبول كقول الختصاصه بفضيلة كحسن السبك أو االختصار أو اإليضاح أو زيادة معىن فهو

: بشار

جهبالطيبات الفاتك الل وفاز من راقب الناس لم يظفر بحاجته

: وقول سلم اخلاسر

ورسجوفاز باللذة ال من راقب الناس مات غما

: فبيت سامل أجود سبكا وأخصر، وكقول اآلخر

بسمر القنا والبيض عينا وحاجبا لهم في كل عين وحاجب خلقنا

: ابن نباتة بعدهوقول

لها وقع السيوف حواجب عيونا خلقنا بأطراف القنا في ظهورهم

فبيت ابن نباتة ابلغ الختصاصه بزيادة معىن وهو اإلشارة إىل ازامهم ومن الناس من جعلهما متساويني : وإن كان الثاين دون األول يف البالغة فهو مذموم مردود كقول أيب متام

Page 194: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 194

يلخالزمان بمثله لب إن مان بمثلههيهات ال يأتي الز

: وقول أيب الطيب

يكون به الزمان بخيال ولقد أعدى الزمان سخاؤه فسخا به

ولقد كان الزمان به خبيال فعدل : فإن مصراع أيب متام أحسن سبكا من مصراع أيب الطيب، أراد أن يقول .عن املاضي إىل املضارعلوزن

يسمح الكه قلت السخاء بالشيء هو بذله للغري، فإذا كان الزمان قد سخا فإن قلت املعىن إن الزمان البه فقد بذله فلم يبق يف تصريفه حىت يسمحن الكه أو يبخل به، وإن كان مثله فاخلطب فيه أهون،

: وصاحب الثاين أبعد من املذمة والفضل لصاحب األول كقول بشار

ق قبل العين أحياناتعش واألذن يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة

: وقول ابن الشحنة املوصلي

سمعت بها واألذن كالعين تعشق ارمكمامرؤ أحببتكم ل وإني

: وكذا قول القاضي األرجاين

يودعى مأسر به إل لما مكيبكني إال حديث فراق لم

في مسمعي ألقيته من مدمعي متذلك الدر الذي أودع هو

: وقول جار اهللا

عيناك سمطين سمطين تساقطها يتدرر الذه اله ائلةقو

أبو مضر أذني تساقط من عيني هفقلت هي الدر التي قد حشا ب

: وكقول أيب متام

إلى الفراق على النفوس دليال دم يجلو حار مرتاد المنية ل

: وقول أيب الطيب

الحنا سبالمنايا إلى أروا لها لوال مفارقة األحباب ما وجدت

واعلم أن من هذا الضرب ما هو قبيح جدا وهو ما يدل على السرقة باتفاق الوزن والقافية أيضا كقول : أب متام

قلقت ركابي في البالد وإن يالظن عندك واألمان مقيم

ومن جدواك راحلتي وزادي اق إالسافرت في اآلف وال

Page 195: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 195

: وقول أيب الطيب

ادعن فنائك غير غ وقلبي داغد لعنك بعد غ وإني

وضيفك حيث كنت من البالد يحيثما اتجهت ركاب محبك

: وإن كان املأخوذ املعىن وحده مسي إملاما وسلخا وهو ثالثة أقسام كذلك، أوهلا كقول البحتري

أتى الذنب عاصيها فليم مطيعها هأوجراك بحياء أن ت تصد

: وقول أيب الطيب

وحل بغير جارمه العذاب وماء قوجرم جره سفه

وكقول " ألكنا مبا فعل السفهاء منا " فإن بيت ابلي الطيب أحسن سبكا وكأنه اقتبسه من قوله تعاىل : اآلخر

إذا كانت العلياء في جانب الفقر ىبنظار إلى جانب الغن ولست

: وقول أيب متام بعده

في زي عذراء ناهولو برزت وددعن الدنيا إذا عن س يصد

: ولو برزت يف زي عذراء ناهد زيادة حسنة وكقول أيب متام: فبيت أيب متام أخصر وأبل ألن قوله

عفي بعض المواضع أنف فللريث هو الصنع إن يعجل فخير وإن يرث

: وقول أيب الطيب

أسرع السحب المسير الجهام نالخير بطء سيبك ع ومن

.شتماله على زيادة بيانفبيت أيب الطيب أبلغ ال

: وثانيها كقول بعض األعراب

والطيب فيه المسك والعنبر اأطيب من طيبه وريحها

: وقول بشار

غلب المسك على ريح البصل الصا بهأدنيت من وإذا

: وقول أشجع

رصدان ضوء الصبح واإلظالم دعدوك يا بن عم محم وعلى

سلت عليه سيوفك األحالم ادتنبه رعته وإذا ه فإذا

Page 196: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 196

: وقول أيب الطيب

ادأن يراه في السه ويخشى يرى في النوم رمحك في كاله

فقصر بذكر السهاد ألنه أراد اليقظة ليطابق ا النوم فأخطأ إذ ليس كل يقظة سهادا وإمنا السهاد امتناع : ل البحتريالكرى يف الليل، وأما املستيقظ بالنهار فال يسمى ساهدا، وكقو

مصقول خلت لسانه من عضبه ه التألق في الندى كالم وإذا

: وكقول أيب الطيب

على رماحهم في الطعن خرصانا تألسنهم في النطق قد جعل كأن

: فإن أبا الطيب فاته ما أفاده البحتري بلفظي تألق واملصقول من االستعارة التخييلية، وكقول اخلنساء

وإن أطنبوا إال وما فيك أفضل دحة للناس موما بلغ المهدون

: وقول أشجع

وال قال إال دون ما فيك قائل الةترك المداح فيك مق وما

فإن بيت اخلنساء أحسن من بيت أشجع ملا يف مصراعه الثاين من التعقيد، غذ تقديره وال قال قائل إال : دون ما فيك وثالثها كقول األعرايب

ولكن كان أرحبهم ذراعا تيان مااليك أكثر الف ولم

: وقول أشجع

عمعروفه أوس ولكن وليس بأوسعهم في الغنى

: وكذا قول بكر بن النطاح

تفر من الصف الذي من ورائكا عند الكر في حومة الوغى كأنك

: وقول أيب الطيب

متخوف من خلفه أن يطعنا هدامفكأنه والطعن من ق

: ذكر ابنا له ماتوكذا قول اآلخر ي

ومذمه مإنيك فعل إال والصبر يحمد في المواطن كلها

: وقول أيب متام بعه

عيدعى حازما حين يج فأصبح وقد كان يدعى البس الصبر حازما

: وأما غري الظاهر فمنه أن يتشابه معىن األول ومعىن الثاين كقول الطرماح بن حكيم الطائي

Page 197: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 197

بغيض إلى كل امرئ غير طائل يني أنفسزادني حبا لن لقد

: وقول أيب الطيب

فهي الشهادة لي بأني كامل أتتك مذمتي من ناقص وإذا

فإن ذم الناقص أبا الطيب كبغض من هو غري طائل الطرماح وشهادة ذم الناقص أبا الطيب كزيادة حب : وكذا قول أيب العالء املعري يف مرثية. الطرماح لنفسه

ولكنها في وجهه أثر اللطم كلفة البدر المنير قديمة وما

: وقول القيسراين

ترى في وجهه أثر الترب ألست وأهوى الذي أهوى له البدر ساجدا

: وأوضح من ذلك قول جرير

سواء ذو العمامة والخمار يمنعك من أرب لحاهم فال

: وقول أيب الطيب

منهم خضابكمن في كفه اةنفي كفه منهم ق ومن

وال يغرك من البيتني املتشاني أن يكون أحدمها نسيبا واآلخر مدحيا أو هجاء أو افتخارا أو غري ذلك فإن الشاعر احلاذق إذا عمد إىل املعىن املختلس لينظمه حتيل يف إخفائه فغري لفظه وعدل به عن نوعه ووزنه

: غي حمله كقول البحتريومنه النقل وهو أن ينقل معىن األول إىل . وقافيته

وافكأنهم لن يسلب محمرة سلبوا وأشرقت الدماء عليهم

: نقله أبو الطيب إىل السيف فقال

غمده فكأنما هو مغمد عن يبس النجيع عليه وهو مجرد

: ونه أن يكون معىن الثاين أمشل من معىن األول كقول جرير

اوجدت الناس كلهم غضاب غضبت عليك بنو تميم إذا

: وقول أيب نواس

:أن يجمع العالم في واحد القلب ركنتسعلى اهللا بم ليس

ومنه القلب وهو أن يكون عىن الثاين نقيض معىن األول، مسي بذلك لقلب املعىن إىل نقيضه كقول أيب : الشيص

وملذكرك فليلمني الل حبا أجد المالمة في هواك لذيذة

Page 198: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 198

: وقول أيب الطيب

إن المالمة فيه من أعدائه المةأحب فيه مو أأحبه

: وكذا قول أيب الطيب أيضا

قبل سيبه بسؤال سبقت والجراحات عنده نغمات

: فإنه ناقض به قول أيب متام

على أذنيه من نغم السماع معتف جدواه أحلى ونغمة

: وقد تبعه البحتري فقال

يء أو معبدغناه اهللا مالك ط انشوان يطرب للسؤال كأنم

: ومنه أن يؤخذ بعض املعىن ويضاف إليه زيادة حتسنه كقول األفوه األودي

رأى عين ثقة أن ستمار الطير على آثارنا وترى

: وقول أيب متام

لبعقبان طير في الدماء نواه وقد ظللت عقبان أعالمه ضحى

لاتالجيش إال أنها لم تق من امع الرايات حتى كأنه أقامت

فإن األفوه بقوله رأى عني قرا ألا إذا بعدت ختيلت ومل تر وإمنا يكون قرا توقعا للفريسة وهذا يؤكد املعىن املقصود مث قال ثقة أن ستمار فجعلها واثقة باملرية، وأما أبو متام فلم يلم بشيء من ذلك لكن زاد

ء نواهل مث بإقامتها مع الرايات حىت كأا من اجليش، على األفوه بقوله إال أا مل تقاتل مث بقوله يف الدماوبذلك يتم حسن قوله إال أا مل تقاتل، وهذه الزيادات حسنت قوله وإن كان قد ترك بعض ما أتى به

.األفوه وهذه األنواع وحنوها أكثرها مقبولة

داع وكل ما كان أشد ومنها ما أخرجه حسن التصرف من قبيل األخذ واالتباع إىل حيز االختراع واالبتخفاء كان أقرب إىل قبول هذا كله إذا علم أن الثاين أخذ من األول وهذا ال يعلم إال بأن يعلم أنه كان حيفظ قول األول حني نظم قوله أو بأن خيرب هو عن نفسه أنه أخذه منه جلواز أن يكون االتفاق من قبيل

قصد إىل األخذ والسرقة، كما حيكى عن ابن ميادة توارد اخلواطر، أي جميئه على سبيل االتفاق من غري : أنه أنشد لنفسه

تهلل واهتز اهتزاز المهند هومتالف إذا ما أتيت مفيد

Page 199: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 199

فقيل له أين يذهب بك هذا للحطيئة فقال اآلن علمت أين شاعر إذ وافقته على قوله ومل امسعه وهلذا ال لم احلال وإال فالذي ينبغي أن يقال قال فالن كذا وقد ينبغي ألحد بت احلكم على شاعر بالسرقة ما مل يع

.سبقه إليه فالن فقال كذا فيغتنم به فضيلة الصدق ويسلم من دعوى العلم بالغيب ونسبة النقص إىل الغري

ومما يتصل ذا الفن القول يف االقتباس والتضمني والعقد واحلل والتلميح، أما االقتباس فهو أن : االقتباسم شيئا من القرآن أو احلديث ال على أنه منه كقول احلريري، فلم يكن إال كلمح البصر أو يضمن الكال

هو أقرب حىت أنشد فأغرب وقوله أنا أنبئكم بتأويله وأميز صحيح القول من عليله، وقول ابن نباتة ب السماء فيا أيها الغفلة املطرقون أما أنتم ذا احلديث مصدقون وما لكم ال تشفقون فور: اخلطيب

هناك يرفع احلجاب : واألرض إنه حلق مثل ما أنكم تنطقون وقوله أيضا من خطبة أخرى ذكر فيها القيامةويوضع الكتاب وجيمع من وجب له الثواب، وحق عليه العقاب، فيضرب بينهم بسور له باب، باطنه فيه

وغضبوا زادهم اهللا غضبا وقول القاضي الفاضل وقد ذكر اإلفرنج. الرمحة وظاهره من قبله العذاب .وأوقدوا نارا للحرب جعلهم اهللا هلا حطبا

: وكقول احلماسي

رابالحب ميعاد السلو المق من عافرمت عنها سلوة قال ش إذا

رائرسى الود يوم تبل سريرة ستبقى لها في مضمر القلب والحشا

: وقول أيب الفضل بديع الزمان اهلمذاين

يراذر أخأوال واعت يد ي المكرماتآلل فريغون ف

يرانعيما وملكا كب رأيت ماهنما حللت بمغ إذا

: وقول األبيوردي

باخل ضاعت به األحساب في امثل الرياض أضعته وقصائد

ذابر كاحقالوا س مدوح فإذا تناشدها الرواة وأبصروا الم

: وقول اآلخر

رواوا أو أدبلأقب فسواء ال تعاشر معشرا ضلوا الهدى

ربيخفون منها أك والذي مالبغضاء من أفواهه بدت

: وقوله

ابفاتقوا اهللا يا أولي األلب وءلة سالغانيات خ خلة

Page 200: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 200

فاسألوهن من وراء حجاب يئان شما سألتموه وإذا

: وقول اآلخر

من غير ما جرم فصبر جميل اإن كنت أزمعت على هجرن

يلوكم الاهللا ونع فحسبنا ايرنا غنت بتبدل وإن

وكقول احلريري وكتمان الفقر زهادة وانتظار الفرج بالصرب عبادة فإن قوله انتظار الفرج بالصرب عبادة قلنا شاهت الوجوه وقبح اللكع ومن يرجوه فإن قوله شاهت الوجوه لفظ احلديث : لفظ احلديث وقوله

رب يوم حنني أخذ النيب صلى اهللا عليه وسلم كفا من احلصباء فرمى ا يف وجوه فإنه روي ملا اشتدت احلوكقول ابن . املشركني وقال شاهت الوجوه أي قبحت، واللكع قيل هو اللئيم، وقال أبو عبيدة هو العبد

: عباد

دارهسيء الخلق ف يلي إن رقيب قال

حفت بالمكاره جنة قلت دعني وجهك ال

واالقتباس منه أال ينقل فيه اللفظ " حفت اجلنة باملكاره وحفت النار بالشهوات " لفظ احلديث اقتبس من : ومنه ما هو خبالف ذلك كقول ابن الرومي. املقتبس عن معناه األصلي إىل معىن آخر كما تقدم

ك ما أخطأت في منعي يأخطأت في مدح لئن

ير ذي زرعغ بواد ياتاجأنزلت ح لقد

: ال بأس بتغري يسري ألجل الوزن أو غريه كقول بعض املغاربة عند وفاة بعض أصحابهو

اونإلى اهللا راجع إنا قد كان ما خفت أن يكونا

: وقول عمر اخليام

هفكرة وعلو هم بصائب يسبقت العالمين إلى المعال

همهللضاللة مدل ليال والح بحكمتي نور الهدى في

هم إال أن يتاهللا ويأبى ئوهفيط لالجاهلون يريد

: وكقول القاضي منصور اهلروي األزدي

بعكانت اآلراء ال تتش ولو وي وراثةفلو كانت األخالق تح

أن كل الناس قد ضمهم أب كما ألصبح كل الناس قد ضمهم هوى

Page 201: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 201

ربقه وملما هو مخلوق ل ريسل مدار كاألق ولكنها

".اعملوا كل ميسر ملا خلق له " احلديث اقتبس من لفظ

وأما التضمني فهو أن يضمن الشعر شيئا من شعر الغري مع التنبيه عليه إن مل يكن مشهورا عند : التضمني : البلغاء، كقول بعض املتأخرين قيل هو ابن التلميذ الطبيب النصراين

فصحوت واستبدلت سيرة مجمل رةكيبة سبلهنية الشب كانت

المحل فبات دون المنزل عرف براكأنتظر الفناء ك وقعدت

: البيت الثاين ملسلم بن الوليد األنصاري وقول عبد القاهر بن طاهر التميمي

يقي يلالحبيتا ب تمثلت إذا ضاق صدري وخفت العدى

يقا ال أطع م ادفوباهللا يجا أرتغ ملأب فباهللا

: وقول ابن العميد

نكال سفغادرني فردا ب دهرا هتكنت مغبوطا بصحب حبوصا

زنالسرور وألجاني إلى الح نحو اهار بطهبت له ريح إقبال ف

ولم يكن في ضروب الشعر أنشدني نى إحلويا عطكان م كأنه

نكان يألفهم في المنزل الخش من رواوا ذكلالكرام إذا ما أسه إن

نوطريب الى غرعقلما ت مهاني أوطاس فنتعاد ال ال

نسق حلخاس بخالق الن مهينا بيشئت عما ش وإذا

: البيت أليب متام وكقول احلريري

أضاعوني وأي فتى أضاعوا يأني سأنشد عند بيع على

: املصراع األخري قيل هو للعرجي وقيل ألمية بن أيب الصلت، ومتام البيت

ليوم كريهة وسداد ثغر

: وال حاجة إىل تقديره لتمام املعىن بدونه، ومثله قول اآلخر

حول الشقيق الغض روضة آس هاتنقلت لما أطلعت وج قد

اسفي وقوفك ساعة من ب ما االساري العجول ترفق أعذاره

: املراع األخري أليب متام، وكقول اآلخر

والعين والقلب منا في قذى وأذى دهابمعا أمس في بؤس نك كنا

Page 202: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 202

رام إذافال تنسني إن الك تهوى اميك بأقبلت الدنيا عل واآلن

أشار إىل بيت أيب متام وال بد من تقدير الباقي منه ألن املعىن ال يتم بدونه، وقد علم ذا أن تضمني ما عليه يف األصل بنكتة كالتورية دون البيت ضربان وأحسن وجوه التضمني أن يزيد املضمن يف الفرع

: والتشبيه يف قول صاحب التحبري

ارقتذكرت ما بين العذيب وب إذا الوهم أبدى لي لماها وثغرها

عوالينا ومجرى السوابق مجر يعويذكرني من قدها ومدام

عض املتأخرين يف املصراعان األخريان أليب الطيب، وال يضر التغيري اليسري ليدخل يف معىن الكالم كقول ب : يهودي به داء الثعلب

الشيخ الرشيد وأنكروه عن أقول لمعشر غلطوا وغضوا

يضع العمامة تعرفوه متى اياابن جال وطالع الثن هو

: البيت لسحيم بن وثيل، وأصله

متى أضع العمامة تعرفوني ايانابن جال وطالع الث أنا

.انة وتضمني املصراع فما دونه تارة إيداعا وتارة رفواورمبا مسي تضمني البيت فما زاد استع

: العقد

: وأما العقد فهو أن ينظم نثر ال على طريق االقتباس، أما عقد القرآن فكقول الشاعر

معشرا قد شاهدوه وأشهد أنلني بالذي استقرضت خطا

لجالل هيبته الوجوه عنت رايابالق الاهللا خ فإن

وهأجل مسمى فاكتب إلى دينم بتينداإذا ت يقول

: وأما عقد احلديث فكما روى للشافعي رضي اهللا عنه

ريةبقالهن خير ال أربع اتمالخير عندنا كل عمدة

يةنيعنيك واعملن ب ليس اتق المشبهات وازهد ودع ما

ازهد يف : " قوله عليه السالماحلالل بني واحلرام بني وبينهما أمور مشتبهات و" عقد قوله عليه السالم وقوله عليه " من حسن إسالم املرء تركه ما ال يعنيه : " وقوله عليه الصالة والسالم" الدنيا حيبك اهللا

: وأما عقد غريمها فكقول أيب العتاهية" إمنا األعمال بالنيات : " السالم

روجيفة آخره يفخ ما بال من أوله نطفة

Page 203: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 203

: وقوله أيضا". وما البن آدم والفخر وإمنا أوله نطفة وآخره جيفة : " نهعقد قول علي رضي اهللا ع

نفضت تراب قبرك عن يديا يم إنحزنا بدفنك ث كفى

اليوم أوعظ منك حيا وأنت في حياتك لي عظات وكانت

ظ منه قيل عقد قول بعض احلكماء يف اإلسكندر ملا مات كان امللك أمس أنطق منه اليوم وهو اليوم أوع : أمس وقيل هو قول املوبذ ملا مات قباذ امللك وقول اآلخر

هدلفارتع فخير فعال المرء أع يا صاحب البغي إن البغي مصرعة

هلفيه وأسالمنه أع الندك لبى جبغى جبل يوما عل فلو

: عقد قول ابن عباس رضي اهللا عنهما لو بغى جبل على جبل لدك الباغي وقول اآلخر

وال جديد لمن ال يلبس الخلقا البس جديدك إني البس خلقي

قالته عائشة رضي اهللا عنها وقد وهبت ماال كثريا مث أمرت بثوب هلا . عقد املثل ال جديد ملن ال خلق له .يضرب يف احلث على استصالح املال. أن يرقع

دمها أن يكون سبكه خمتارا ال يتقاصر أح: وأما احلل فهو أن ينثر نظم، وشرط كونه مقبوال شيئان: احللعن سبك أصله والثاين أن يكون حسن املوقع مستقرا يف حمله غري قلق وذلك كقول بعض املغاربة فإنه ملا : قبحت فعالته وحنظلت خنالته مل يزل سوء الظن يقتاده ويصدق تومهه الذي يعتاده حل قول أيب الطيب

موهما يعتاده من ت قوصد إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه

وكقول صاحب الوشي املرقوم يف حل املنظم يصف قلم كاتب فال حتظى به دولة إال فخرت على الدول حل قول أيب . أعلى املمالك ما يبىن على األقالم ال على األسل: وقالت. وغنيت به عن اخليل واخلول

: الطيب أيضا

أعلى الممالك ما يبنى على األسل

أورثه عشق الرقاب حنوال، فبكى والدمع مطر تزيد به : ض كتاب العصر يف وصف السيفوكقول بع .احلدود حموال

: حل قول أيب الطيب أيضا

والتزيد به الخدود مح مطر في الخد إن عزم الخليط رحيال

: وأما التلميح فهو أن يشار إىل قصة أو شعر من غري ذكره، فاألول كقول ابن املعتز: التلميح

زوالسير الحبيب وقت ال عند واداعذين تالجيرة ال أترى

Page 204: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 204

المجام الفيهم أم راحل يبليم وققأنني م علموا

الوال يعلمون ما في الرح م مثل صاع العزيز في أرحل القو

: وقول أيب متام

عي وقعهدنا طيرها وه قلوبا وىهبأخراهم وقد حوم ال لحقنا

لهم من جانب الخدر تطلع بشمس ما الشمس والليل راغعلين فردت

زعجثوب السماء الم لبهجتها نضا ضوءها صبغ الدجنة وانطوى

عبنا أم كانفي الركب يوش ألمت ائمالم نا أدري أأحم فواهللا

بارين يوم أشار إىل قصة يوشع بن نون فىت موسى عليهما السالم واستيقافه الشمس فإنه روى أنه قاتل اجلاجلمعة فلما أدبرت الشمس خاف أن تغيب قبل أن يفرغ منهم ويدخل السبت فال حيل له قتاهلم فدعا اهللا

وإين واهللا لطاملا تلقيت الشتاء بكافاته : فرد له الشمس حىت فرغ من قتاهلم، والثاين كقول احلريري : أشار إىل قول ابن سكرة. وأعددت له األهب قبل موافاته

سبع إذا القطر عن حاجاتنا حبسا هشتاء وعندي من حوائجال جاء

الكباب وكس ناعم وكسا بعد كن وكيس وكانون وكأس طال

: وقوله أيضا بت بليلة نابغية، وأومأ به إىل قول النابغة

من الرقش في أنيابها السم ناقع ئيلةي ضكأني ساورتن فبت

: وقول غريه

أرق وأحفى منك في ساعة الكرب يار تلتظلعمرو مع الرمضاء والن

: أشار إىل البيت املشهور

كالمستجير من الرمضاء بالنار هتالمستجير بعمرو عند كرب

ومن التلميح ضرب يشبه اللغز كما روي أن متيميا قال لشريك النمريي ما يف اجلوارح أحب إيل من : مي إىل قول جريرإذا كان يصيد القطا أشار التمي: فقال. البازي

أتيح من السماء لها انصبابا أنا البازي المطل على نمير

: وأشار شريك إىل قول الرماح

سلكت رق المكارم ضلت ولو تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا

Page 205: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 205

الفصل الثاني

.معىنينبغي للمتكلم أن يتأنق يف ثالثة مواضع من كالمه حىت يكون أعذب لفظا وأحسن سبكا واصح

األول االبتداء ألنه أول ما يقرع السمع فإن كان كما ذكرنا اقبل السامع على الكالم فوعى مجيعه، وغن فمن االبتداءات املختارة قول امرئ . كان خبالف ذلك أعرض عنه ورفضه، وإن كان يف غاية احلسن

: القيس

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

: وقول النابغة

وليل أقاسيه بطيء الكواكب بة ناصلهم يا أميم كليني

: وقول أيب الطيب

قلبي أرق عليك مما تحسب بتعمن زلة أت أتظنني

: وقوله

بفي برود وهو في كبدي جمر أم ماء الغمامة أم خمر أريقك

: وقوله

مومن يممت خير ميم وأم فراق ومن فارقت غير مذمم

: وقوله

تحسب الدمع خلقة في المآقي اقشعرة الثلك أتراها

: وقول اآلخر

ال عاصم اليوم من مدرار أجفاني يالجمال فقل للعاذل الجاب زموا

وينبغي أن جيتنب يف املديح ما يتطري به فإنه عقد يتفاءل به املمدوح أو بعض احلاضرين، كما روي أن ذا : الرمة أنشد هشام بن عبد امللك قصيدته البائية

ينك منها الماء ينسكبما بال ع

: بل عينك ويقال إن ابن مقاتل الضرير أنشد الداعي العلوي قصيدته اليت أوهلا: فقال هشام

موعد أحبابك بالفرقة غد

: وروي أيضا أنه دخل عليه يف يوم مهرجان وأنشد. موعد أحبابك ولك املثل السوء: فقال له الداعي

اعي ويوم المهرجانغرة الد ريانال تقل بشرى ولكن بش

Page 206: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 206

إصالح أدبه ابلغ يف : فتطري به وقال أعمى يبتدئ ذا يوم املهرجان وقيل بطحه وضربه مخسني عصا وقال : وقيل ملا بىن املعتصم باهللا قصره بامليدان وجلس فيه أنشده إسحاق املوصلي. ثوابه

يا ليت شعري ما الذي أبالك اكدار غيرك البلى ومح يا

.عتصم ذا االبتداء وأمر دم القصرفتطري امل

: ومن أراد ذكر الديار واألطالل يف مديح فليقل مثل قول القطامي

إنا محيوك فاسلم أيها الطلل

: أو مثل قول أشجع السلمي

خلعت عليه جمالها األيام المعليه تحية وس قصر

ول أيب متا يهنئ املعتصم باهللا بفتح وأحسن االبتداءات ما ناسب املقصود ويسمى براعة االستهالل كق : عمورية وكان أهل التنجيم زعموا أا ال تفتح يف ذلك الوقت

بعحده الحد بين الجد والل في بتكأصدق أنباء من ال السيف

ريبك والشالء المتونهن ج بيض الصفائح ال سود الصحائف في

: لبنتهوقول أيب حممد اخلازن يهنئ ابن عباد مبولود

وكوكب المجد في أفق العال صعدا داا وعفقد أنجز اإلقبال م بشرى

: وقول اآلخر

يدبأعداءك الم أباد أبشر فقد جاءك ما تريد

: وكقول أيب الفرج الساوي يرثي بعض امللوك من آل بويه أظنه فخر الدولة

حذار حذار من بطشي وفتكي ايهالدنيا تقول بملء ف هي

: ا قول أيب الطيب يرثي أم سيف الدولةوكذ

التالمنون بال ق وتقتلنا يوالالمشرفية والع نعد

وما ينجين من خبب الليالي اتالسوابق مقرب ونرتبط

: الثاين

التخلص ونعين به االنتقال مما شبب الكالم به من تشبيب أو غريه إىل املقصود مع رعاية املالءمة بينهما مع يكون مترقبا لالنتقال من التشبيب إىل املقصود كيف يكون، فإذا كان حسنا متالءم الطرفني ألن السا

Page 207: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 207

حرك من نشاط السامع وأعان على إصغائه إىل ما بعده، وإن كان خبالف ذلك كان األمر بالعكس، فمن : التخلصات املختارة قول أيب متام

هرية القودالسرى وخطا الم منا يقول في قومس قومي وقد أخذت

ودجكال ولكن مطلع ال فقلت االشمس تبغي أن تؤم بن أمطلع

وقول مسلم بن الوليد

دجاها من قرونك ينشر كأن يلةأجدك ما تدرين أن رب ل

كغرة يحيى حين يذكر جعفر بها حتى تجلت بغرة سهرت

وقول أيب الطيب ميدح املغيث العجلي

اربمن أين جانس هذا الشادن الع اهت للبنا بين تربها فق مرت

ليث الشرى وهو من عجل إذا انتسبا رىفاستضحكت ثم قالت كالمغيث ب

: وقوله أيضا

فكم منهم الدعوى ومني القصائد مالي ال أرى غير شاعر خليلي

دسيف الدولة اليوم واح ولكن يرةثتعجبا إن السيوف ك فال

شبب الكالم به إىل ما يالئمه ويسمى ذلك االقتضاب وهو مذهب العرب وقد ينتقل من الفن الذي : األول ومن يليهم من املخضرمني كقول أيب متام

األبرار في الخلد شيبا جاورته لو رأى اهللا أن في الشيب خيرا

اريبمن أبي سعيد غ خلقا ييوم تبدي صروف الليال كل

. أما بعد قيل وهو فصل اخلطاب: ل القائل بعد محد اهللاومن االقتضاب ما يقرب من التخلص كقو

هذا ذكر : " أي األمر هذا أو هذا كما ذكر، وقوله تعاىل" هذا وإن للطاغني لشر مآب : " وكقوله تعاىل .وحنوه قول الكاتب هذا باب هذا فصل" وإن للمتقني حلسن مآب

س فإن كان خمتارا كما وصفنا جرب ما عساه وقع االنتهاء ألنه آخر ما يعيه السمع ويرتسم يف النف: الثالثفيما قبله من التقصري وإن كلن غري خمتار كان خبالف ذلك، ورمبا أنسى حماسن ما قبله، فمن االنتهاءات

: املرضية قول أيب نواس

وتقاعست عن يومك األيام للعلم الذي تهدى له فبقيت

: وقوله

Page 208: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 208

ديرا أملت منك جوأنت بم جدير إذا بلغتك بالمنى وإني

وركفإني عاذر وش وإال فإن تولني منك الجميل فأهله

: وقول أيب متام يف خامتة قصيدة فتح عمورية

بضتموصولة أو ذمام غير مق كان بين صروف الدهر من رحم إن

بسنرب الدر أقأيام ب وبين اهرت بصأيامك الالتي ن فبين

ربالوجوه وجلت أوجه الع صفر اض كاسمهمأبقيت بني األصفر الممر

: وأحسن االنتهاءات ما آذن بانتهاء الكالم كقول اآلخر

لامدعاء للبرية ش وهذا بقيت بقاء الدهر يا كهف أهله

: وقوله

اذاقت لك الدنيا فراق وال فال حطت لك الهيجاء سرجا

الغة وأكملها، يظهر ذلك بالتأمل فيها مع ومجيع فواح السور وخوامتها واردة على أحسن وجوه الب .التدبر ملا تقدم من األصول واله املوفق للخريات

Page 209: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 209

الفهرس

2............................................................................................مقدمة

2.....................................................................................فصاحة املفرد

3....................................................................................فصاحة الكالم

5......................................................................................بالغة الكالم

7......................................................................................بالغة املتكلم

8..............................................................................................تنبيه

9.........................................................................................تنبيه آخر

10.................................................................القول يف أحوال اإلسناد اخلربي

13.........................................................................فصل اإلسناد منه حقيقة

13.................................................................................ومنه جماز عقلي

15............................................................................................تنبيه

18............................................................................................تنبيه

18......................................................................القول يف أحوال املسند إليه

41..........................................................................القول يف أحوال املسند

51............................................................................................تنبيه

51.................................................................القول يف أحوال متعلقات الفعل

59.................................................................................القول يف القصر

65................................................................................القول يف اإلنشاء

72............................................................................................تنبيه

72........................................................................القول يف الوصل والفصل

85............................................................القول يف اإلجياز واإلطناب واملساواة

87....................................................................................القسم األول

87.........................................................................................املساواة

87.....................................................................................القسم الثاين

Page 210: Al-Idaah Fi Balagha

جالل الدين القزويين-اإليضاح يف علوم البالغة 210

87..........................................................................................اإلجياز

89...................................................................................الضرب الثاين

89....................................................................................إجياز احلذف

93...................................................................................القسم الثالث

93........................................................................................اإلطناب

100......................................................................................الفن الثاين

100...................................................................................يف علم البيان

101...............................................................................القول يف التشبيه

106........................................................................تقسيم آخر باعتبار آخر

127........................................................................القول يف احلقيقة وااز

148................................................................فصل يف بيان االستعارة بالكناية

148............................................................................واالستعارة التخييلية

149...........................................................................................فصل

152...........................................................................................فصل

153...........................................................................................فصل

154...............................................................................القول يف الكناية

159...........................................................................................تنبيه

162....................................................................................الفن الثالث

162..................................................................................يف علم البديع

191...................................................................................الفصل األول

205...................................................................................الفصل الثاين

209........................................................................................الفهرس

To PDF: www.al-mostafa.com