109
ن ي الد ن م ت س لي ر ه وا ظ مةّ د ق م ل ا ي عّ د ت ي ت لط ا ا وس% الأ( ض ع+ ب و ة ي. ب ع1 ش لط ا ا وس% ح الأ ا ت+ ج ي ي( د الّ دي% ات ق ع ل واّ ي ح رو ل واّ ري ك( ق ل ا( راغ( لف اّ نC ا ي( فً ا ّ + ت ح و% ، ا ة ي( ف ظ عا ل وا ة ي ت ا ي ج ل ا ها كل ا1 ش م ن م روح( خل ل ة حاول م ك اط و وس% ه الأ( د ه+ ب ع( ف د ي ع و ل وا ة( اف ق1 ث ل م وا عل ل ا ي( ف+ ت( غ ر ت ا ي وم( ت( غ و% ر ا ف( ف ن م، اق( ق( خC و ا% ح ا ا+ ح( ي ن م اه ي ج ل ا ي( ف ها ب ر ي س م( رض ي ع ب د ا ق ل وم+ ي ف ث س م ل ا» ة( رف مع« ا م ي( ف م ه( ف دا ه% م ا ه ل ون قّ ق ح ي م هّ ( ب% وا ا مّ ه و ت ن م ى لC وء ا+ حّ ل ل ا ه ع( ف.. د ك ل( ل د ك ا1 ا س وم ى( ن ا م% والأ ال م الأ ن م ة ق ث ف ح ي ى لC اً ة( اف( ضC اً ا تّ ماد م ه( از( ر ي+ ب وا ا ع طا ت س د ا م ق ه ليC وا ا% ا+ ح ل ن مّ ن% ا+ تً ا م ل ع واء، ه ل اّ لأC دوا ا ص ح ي م ل( ق ة، ق ث ف ح ت+ ت ون+ ب( غ ر ت م... ه( ف ظ وا ع م و ه ل و ق ع ي عل+ ت عّ ل ل ا م ه لّ و( ح ي ة داف ص ل وا اه( اخ% و م ل ه ا( د هّ ن% ، وا» م ه( ب و ق اد ص ي« و% اّ ن+ ج ل ا» ون( خ ا% و ت« م هّ ( ب% وا ا عّ ادْ نَ م لأء% و ه نِ م و م عل+ ب م ه ي( ف ر معأل ل( خ ن م م هّ ( ب% وا ا عّ اد ن م و% !! ا دزي د ت خ% ؟ لأ ا ن+ ج ل اُ م عل ا . وم» ن+ ج ل م ا عل« ة( رف مع+ واب+ ت% ا( ف ل( خ د+ وخ ت ا( ماد ة( رف مع ون ع ث ط ت س ي م لأ ه ل، و+ ي ف ث س م ل ر وا( ض حا ل وا ي( ض ما ل ا راءه ق ون ع ث ط ت س ي، لأك( ق% الأ .... م ه ب و ب. ت ول ق ع ي عل ك ح( ض ي م ه د خ% ري ا ي( ف... ة+ ي عّ ل ل ا ي( ف ت ل( خ د اب ي% ت ا( ص( ف ل اّ ن% ل ا ا+ ح م ل ا ا( د ه ي( ف ل( از ه م ل ا ن م وا م ةّ ح ض+ ي اهد1 ش م لغ ا ا( ت فC لأ ة حاول م ي( ف داغ( ح ل اّ ن( ف ل ة ي ل عا مازسة م ع م واء، ه ل ا ي( فً وزا ص ق م ه ل ي( ت. ´ب ي ، و ن ي اهد1 ش م ل ا.... ة( ق اع( ص مً ا( عاق( ض% ر ا ه1 ش ل ر ا( خ ا ي( ف داد˚ ر ت الّ و+ ح ل ة ا( ق هاب وزه ت ا( ل، وق و ق ب

› uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

  • Upload
    others

  • View
    6

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ظواهر ليست من الدين

المقدمة

إن الف��راغ الفك��ري وال��روحي والعقائ��دي ال��ذي يجت��اح األوس��اط الش��عبية وبعض األوساط التي تدعي العلم والثقافة والوعي دفع به��ذه األوس��اط وكمحاول��ة للخ��روج��ا في »معرف��ة« المس��تقبل وم��ا ق��د يع��ترض من مشاكلها الحياتية والعاطفية، أو حب مسيرتها في الحياة من نجاح أو إخفاق، من فقر أو غنى وما ت��رغب في تحقيق��ه من اآلمال واألماني وما ش��اكل ذل��ك.. دفعه��ا للج��وء إلى من توهم��وا أنهم يحقق��ون لهم أهدافهم فيما يرغبون بتحقيقه، فلم يحصدوا إال الهواء، علما بأن من لج��أوا إليهم ق��د

استطاعوا ابتزازهم ماديا إضافة إلى اللعب على عقولهم و عواطفهم... ومن هؤالء من ادعوا أنهم »يؤاخون« الجن أو »يصادقونهم«، وأن هذه المؤاخاة والص��داقة تخ��ولهم معرف��ة »علم الجن«. وم��ا علم الجن؟ ال أح��د ي��دري!! أو من ادعوا أنهم من خالل معرفتهم بعلم األفالك،يس��تطيعون ق��راءة الماض��ي والحاض��ر

والمستقبل، وهم ال يستطيعون معرفة ماذا يوجد خلف أبواب بيوتهم.... ومن المهازل في هذا المج��ال أن الفض��ائيات دخلت في اللعب��ة...ف��ترى أح��دهم يضحك على عقول المشاهدين، ويبني لهم قص�ورا في اله�واء،م�ع ممارس�ة عالي�ة لفن الخداع في محاولة إلقناع المشاهد بص�حة م�ا يق�ول، وف��اتورة هاتف��ه الج��وال

تزداد في آخر الشهر أضعافا مضاعفة.... و هك��ذا، هم من »يق��رأون« الك��ف والمن��دل والفنج��ان أو »يكتب��ون« األح��راز

بأشكال ورسومات وطالسم ليس لها أية أهمية أومعنى معتبر... إض�����افة إلى ذل�����ك،هن�����اك ظ�����واهر ص�����ار االعتق�����اد به�����ا راس�����خا في مجتمعاتنا،كمثل»اإلصابة بالعين« وط��رد اإلص��ابة من خالل »س��كب الرص��اص« أو »الت��داوي« ب��القرآن ب��ديال عن الطب ال��ذي حق��ق إنج��ازات راقي��ة ومتقدم��ة على

مستوى العالج...

Page 2: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

بكلمة،إن هذه الظواهر ليست من الدين في شيء، وق��د أج��اد س��ماحة العالم��ة الشيخ حسين الخش��ن في محاكم��ة ه��ذه الظ��واهر مس��تدال بالبره��ان العلمي ب��أن

أكثرها وهم ال دليل على صحته وشرعيته.... ونختم بكلمة للفقيه المج��دد المرج��ع الس��يد فض��ل الل��ه)رض(: »فه��ؤالء ال��ذين يدعون تسخيرهم للجن وض��رب المن��دل ي��بيعون الرج��ال والنس��اء أحالم��ا واهم��ة، وكثير من الناس يعيش��ون االس��تغراق في ال��وهم والخي��ال ويص��دقون من يض��حك على عقولهم، لذلك نقول:احترموا عقولكم، وال تجعلوا بعض الناس يعيش��ون على غبائكم...وإذا ما ابتلينا بمشكلة، فلنفكر كيف نح��ل المش��كلة في الواق��ع، وال نلج��أ

إلى هؤالء لحلها، ألن هؤالء أنفسهم يلجأون إلى من يحل لهم مشاكلهم«. ونحن في المركز اإلسالمي الثقافي يسرنا أن ننشر هذه الدراسة تحذيرا ألجيال األمة من الذين يحاولون التالعب بالعقول، ولنرسم لهم ثقافة ال��وعي ال��تي تقط��ع

الطريق على الذين يحاولون ترسيخ التخلف في واقعنا...والله الموفق و المسدد

مدير المركز اإلسالمي الثقافيشفيق محمد الموسوي

هـ 1432رمضان م 2011آب

تمهيد

إن الوظيف��ة التقليدي��ة ال��تي رس��مت لعلم الكالم هي قيام��ه بتأص��يل العقائ��د اإلس��المية وتص��حيح االنح��راف العق��دي والوق��وف بوج��ه ك��ل مح��اوالت التش��ويه والتحريف المقصودة أو غير المقص��ودة، ه��ذا التحري�ف أو االنح��راف ال��ذي أص��اب الرساالت السماوية بأجمعها، وأساء � مع مرور الوقت ��� إلى نق��اء بعض المف��اهيم

الدينية وعكر صفوها.

Page 3: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

فالجمود الذي أصاب علم الكالم لقرون طويلة، لم يفق��د ه��ذا العلم ��� فيم��ا نعتق��د � حيويته االجتهادية وقدرته الذاتية على التجدد شكال ومض��مونا وحس��ب، ب��ل أض��عف من وظيفته األساسية في الرصد المستمر والعمل على حياطة الدين بمنع تسلل المفاهيم الدخيلة أو اجتياح األفكار المشوهة، وغربلته��ا وتص��حيحها، ووض��ع الح��دود الفاص��لة بين

الحقائق واألوهام، والمقدس والنسبي، والثابت والمتغير.��ة إن انكف��اء أو ن��أي علم الكالم عن القي��ام به��ذه المهم��ة المزدوج��ة: التجديدي والرصدية، أدى � في نهاية األمر � إلى انكفاء اإلسالم نفس��ه عن الت��أثير المطل��وب

والتغيير المرجو في واقع األمة، وفسح في المجال أمام أمرين خطيرين وهما: � غزو الفكر اآلخر واجتياحه لقطاعات واسعة من أبناء األمة.1 � انبعاث الفكر السلفي المتحجر محمال ومعبأ بكل هموم الماضي ومشاغله.2

فة والم��زورة، ال��تي هذه األجواء هيأت النتشار جملة من المفاهيم العقدية المحر تم تسويقها وترويجها بطريقة مغ��ايرة لحقيقته��ا، ومض��ادة ل��روح ال��دين ومقاص��ده

وأهدافه. ومرد ذلك التحريف يعود إما إلى ما أقحمته أو أضافته الذهنية الشعبية الس��اذجة إلى تلك المفاهيم من عاداتها وتقاليدها وطقوسها الموروثة، مركب��ة من ذل��ك دين��ا ارتضته لنفسها، وإما إلى التشويه المتعمد الذي طاول هذه المفاهيم. هذا التشويه الذي قامت به فئات عديدة من المتضررين من الدين الجديد ومفاهيمه اإلصالحية،

فجهدوا للكيد به، وعملوا على تحريف مفاهيمه. والحقيقة أن التحريف المذكور أخذ شكلين في الغالب:

أح��دهما: اس��تهداف المف��اهيم الديني��ة األص��لية، أي أن المفه��وم المس��تهدف ل��هجذوره الدينية الثابتة قبل تعرضه للتحريف المادي أو المعنوي.

الثاني: أن يتم استيالد مفهوم ما خارج الفضاء الديني، ثم تجري محاول��ة إلباس��هلبوسا دينيا.

في الشكل األول من التحريف تبرز أمامنا جملة من النم��اذج، وق��د تطرقن��ا إلى ذلك بش��يء من التفص��يل في كت��اب »عاش��وراء.. ق��راءة في المف��اهيم وأس��اليب اإلحياء«، واستعرضنا هن��اك ع��ددا من المف��اهيم الديني��ة ال��تي طالته��ا ي��د التش��ويه والتالعب، كمفه��وم القض��اء والق��در، ه��ذا المفه��وم اإلس��المي األص��يل، وال��ذي تم

تشويهه وتفسيره بما يرادف عقيدة الجبر، وكغيره من المفاهيم..

Page 4: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

وأما الشكل الثاني من التحريف، فإننا نخصص له ه��ذه الدراس��ة، وال��تي نتن��اولفيها جملة من المفاهيم المزورة واالعتقادات الدخيلة.

إن ه��ذه االعتق��ادات أو الطق��وس أو »الش��عائر« ال��تي س��وف نتناوله��ا ب��البحث والدراسة هنا تضم مفردات من قبيل: التنبؤات الفلكية، نحوسة األيام، التش��اؤم أو��رة، ال��رقى واألح��راز، اإلص��ابة ب��العين، الح��ظ والنص��يب، إلى غ��ير ذل��ك من الطي المفردات التي ينتشر االعتقاد به��ا في مختل��ف األوس��اط الش��عبية وغ��ير الش��عبية على امت��داد الع��المين الع��ربي اإلس��المي، ب��ل وفي ك��ل أنح��اء الع��الم، ويح��اول

الكثيرون إضفاء طابع ديني عليها. والسؤال الذي يواجهنا: ما هو الموقف من هذه المعتقدات؟ هل إن لها واقعي��ة��دها العلم ويقره��ا ال��دين؟ ه��ل ومصداقية، أم أنها مجرد أوهام وخرافات؟ ه��ل يؤي نؤمن بها ون�رتب اآلث�ار عليه��ا ونتح��رك في ض�وئها، أو ننكره��ا ونرفض�ها، ونحاص�ر

األشخاص الذين يأخذون بها ونقاطعهم؟ وما تجدر اإلشارة إلي��ه أن ه��ذه البح��وث ق��د نش��ر بعض�ها في وقت س��ابق على صفحات بعض الجرائد، ونشرتها أيضا بعض المواقع اإللكترونية، وق��د أع��دنا النظ��ر فيها، وأضفنا إليها أبحاثا أخرى، تجمعها وإياها وحدة الموض��وع، فك��ان ه��ذا الكت��ابح بعض الذي نقدمه للقراء الكرام، سائلين الله العلي القدير أن يجدوا فيه ما يوض�� المف��اهيم الملتبس��ة ويض��يء على بعض الطق��وس الم��زورة والمعتق��دات الدخيل��ة والمعيقة لنهوض األمة وتطورها وأخذها بزمام التق��دم العلمي والتكام��ل ال��روحي، كما ونسأله تعالى أن ينفعنا بذلك يوم ال ينفع م��ال وال بن��ون إال من أتى الل��ه بقلب

سليم، إنه هو ولي التوفيق.حسين أحمد الخشن

هـ1432/رجب/27

Page 5: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

في القواعد العامة

من الط��بيعي وقب��ل الب��دء بدراس��ة المف��ردات الم��ذكورة دراس��ة تفص��يلية��ز النظ��ر على ��ا، أن نرك ومستوعبة، وقبل تبني أي موقف منها سلبيا ك��ان أو إيجابي بعض القواعد العامة التي تحكم عملية البحث في هذه المفردات، وتشكل م��دخال أساسيا لدراستها، كما أنها توجه األنظار إلى كيفية التعامل مع ه��ذه المعتق��دات أو

العادات وأمثالها، مما استجد أو قد يستجد..

هاتوا برهانكم إننا عندما ندين بأمر ونؤمن به، أو نتنكر له ونرفضه، فإنن��ا الالقاعدة األولى:

��ر ل��ه اعتباط��ا، أو ألن نؤمن به مزاجيا أو النسجامه م��ع مص��الحنا وأهوائن��ا، وال نتنك الناس ال تقبله، فهذا أو ذاك ليس هو معيار اإليمان وعدمه، وإنما المعيار هو الحجة

[، وثم��ة عب��ارة111﴾]البق��رة: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين﴿والبرهان، مشهورة على ألسنة العلماء تعبر عن هذا المعنى خ��ير تعب��ير، وهي ق��ولهم: »نحن أبناء الدليل كيفما مال نميل«، إال أن الس��ؤال المهم هن��ا: م��ا ه��و ال��دليل وم��ا هي

الحجة في هذا المقام؟ هذا ما سيتضح في القاعدة الثانية اآلتية.ولكن ما أريد التأكيد عليه في هذه القاعدة هو أمران:

إن األدل��ة ��� في بعض األحي��ان ��� ق��د ال تس��عفنا على االعتق��اد بالش��يءاألول: واإليمان به، وفي هذه الحالة، لو أنها أسعفتنا على النفي واإلنكار التزمن��ا بمفاده��ا بدون حرج، وإن لم تسعفنا على اإلثبات وعلى النفي معا فليس لنا حينئ��ذ أن نثبت أو ننفي، ألن اإلثبات يحت�اج إلى ال�دليل، وك�ذلك النفي، وإنم�ا يتعين علين�ا والح�ال هذه إبقاء القضية في بقعة اإلمكان، وقد قي�ل: »ك�ل م�ا ط�رق س�معك ف��ذره في

.1بقعة اإلمكان حتى يذودك عنه قاطع البرهان« إن األدلة التي يصح لنا االعتماد عليه��ا ال ب��د أن تك��ون مورث��ة لليقين أوالثاني:

االطمئن�ان، ألن اإلسالم ال يقبل لإلنسان أن يأخذ ب��الظن، ف��إن الظن ليس مص��درا

هذه القاعدة منقولة عن ابن سينا، وما عثرنا عليه في بعض كتب��ه ه��و العب��ارة التالي��ة: »فالص��واب أن1 تسرح أمثال ذلك � أي الغرائب � إلى بقعة اإلمكان ما لم يذدك عنه قائم البره��ان«، )أنظ��ر: ابن س��ينا،

ه�(، اإلشارات والتنبيهات، تحقي��ق: ال��دكتور س�ليمان دني��ا، دار المع��ارف،370�427الحسين بن عبد الله).160 ص4م، ج1968القاهرة � مصر، ال.ط،

Page 6: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

مع﴿صحيحا للمعرف��ة، ق��ال تع��الى: وال تقف مــا ليس لــك بــه علم إن الســ[.36﴾]اإلسراء: والبصر والفؤاد كل أولـئك كان عنه مسؤوال

الوحي والعقل والعلم تتمحور حول بي��ان ال��دليل ال��ذي يش��كل مرجع��ا في المق��ام،القاعدة الثانية:

ل إلي��ه العلم من معطي��ات حيث يصر البعض على اعتبار التجربة العلمية وما توص�� هي المرجعية الوحيدة في محاكمة هذه المعتقدات، وتبنيها أو رفضها، فن��ؤمن بم��ا آمن به العلم وتوصل إليه، ونرفض ما رفضه، ونحن م��ع إيمانن��ا ب��دور التجرب��ة في الكش��ف عن بعض ه��ذه المعتق��دات وتأكي��دها أو نفيه��ا، إال أنن��ا ن��رفض اعتباره��ا مرجعية وحيدة على ه��ذا الص��عيد، ألن بعض القض��ايا ال مج��ال الختباره��ا من خالل الوسائل العلمية التقنية. واإلخالص للعلم واحترامه يفرض علينا أن ال نقحم��ه فيم��ا

ال يستطيع بأدواته أن يبت فيه سلبا أو إيجابا. ولهذا يمكننا القول: إن ما يصرح به البعض من أنه م��ا دامت التجرب��ة واالختب��ار العلمي لم يثبتا وجود الجان � مثال �، فإني أنكر وجوده، هو موقف غ��ير ص��حيح من��ة حقله��ا الخ��اص ال��ذي ال يص��ح ��ة، ألن للتج��ارب العلمي ��ة والمنهجي الناحي��ة العلمي تجاوزه، وهو عالم المحسوسات أو عالم الشهود، أما ع��الم الغيب والمج��ردات فال يختبر بالوسائل واألدوات العلمية المعروفة، وإخضاعه لذلك هو عمل غ��ير منطقي

وال تفرضه قواعد العلم وضوابطه ومناهجه. وفي المقابل، فإن الموضوعات العلمية ال يمكن محاكمتها على أساس النصوص الدينية، كما قد يحلو للبعض من أهل التحجر الذين يشكل النص م��رجعيتهم األولى واألخيرة، بحيث يقدم لنا � هذا البعض � الدين كبديل عن علم الطب، مثال، ويق��ترح عقاقير ومعالج��ات ألم��راض اإلنس��ان، اس��تنادا إلى بعض الم��أثورات، بحيث يك��ون علم الطب مبنيا على األخبار والروايات، وليس على أساس البحث العلمي والجهد اإلنساني، وربما يذهب بعض الغالة من األخبارية في طرحه بعيدا، إلى درجة نف���ي ج�دوى كل العل�وم أو نفعها، ألن علم الح�ديث ��� بنظ��رهم ��� يغ��ني عن ذل��ك كل��ه،��ر عن اش��تباه كب��ير في والوحي لم يدع شيئا إال وحدثنا عنه. إن ه��ذا التفك��ير ال يعب��ه ق��د س��اهم في ت�أخر المس��لمين على فهم وظيف��ة ال��دين فحس��ب، ب��ل أخ��ال أن

الصعيد العلمي، ألنه أورثنا زهدا، وربما استحقارا لكافة العلوم والمعارف.

Page 7: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

إن اإلس���الم يق���در ك��ل العل��وم ال��تي ته��دف إلى خدم��ة اإلنس��ان، ويح��ترم ك��ل التخصص�ات الت�ي ت�رمي إلى تط�وير الحي�اة بش�كل ع��ام، انطالق�ا من أن رس�ول

لم يبعث ليكون طبيبا أو فلكيا، وإنما بعث هاديا ورسوال. Pالله وخالصة القول: إن لكل حقل معرفي أدواته الخاصة ووسائله اإلثباتية المناس��بة له، وال يجوز الخلط بين علم وآخر، فعالم الغيب ل��ه أدوات��ه الخاص��ة ال��تي تكش��ف عنه، وهي أدوات ذات منهج يتفق مع طبيعة هذا العلم غير التجريبية، كما أن ع��الم الحس والشهود له أدواته الخاصة في إثباته والكشف عنه، وهي أدوات تعتمد على

منهج تجريبي وال يصح إخضاعه للمنهج األخباري. أجل إن بعض الحقول المعرفية قد يشترك في إثبات موضوعاتها ك��ل من العلم وال��وحي مع��ا، كم��ا في مقامن��ا، ف��إن للعلم دوره في الكش��ف عن بعض تل��ك المعتقدات، ولكن ثمة أمور ال يستطيع العلم أن ينفيها أو يثبتها، وإنما يق��ف إزاءه��ا حياديا، إال أننا قد نمتلك وسائل إثبات أخرى قد يكون دورها اإلثباتي فيما نحن في��ه أكثر وضوحا، وه�ذه الوس�ائل هي العق�ل وال�وحي، فالعق�ل ه�و المرجعي�ة ال�تي ال يسعنا تبني أي عقيدة إذا ك��ان رافض��ا له��ا، لكونه��ا مص��ادمة لقواع��ده ومرتكزات��ه، والوحي هو الوسيلة التي يمكن االعتماد عليها إلثبات أو نفي كل المعتق��دات ال��تي ال يمكن للعقل أو العلم التوصل إلى إثباتها أو نفيها، وقد ورد في الحديث الشريف

»إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة وحجة باطنة،: Pعن رسول الله. 2، وأما الباطنة فالعقول«Rفأما الظاهرة فالرسل واألنبياء واألئمة

ال يعلم الغيب إال الله التي ال بد من وضعها في الحسبان لدى دراسة المعتقدات أوالقاعدة الثالثة:

الطقوس أو العادات المش��ار إليه��ا في المقدم��ة واآلتي بحثه��ا بالتفص��يل في ثناي��ا الكتاب هي قاعدة: »أن علم الغيب هو بي��د الل��ه وح��ده«، ففي المنط��ق الق��رآني،

وعنده مفاتح﴿يمثل علم الغيب منطق��ة يختص به��ا الل��ه س��بحانه، ق��ال تع��الى: هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة الغيب ال يعلمها إال في ــابس إال ــات األرض وال رطب وال يـ ا وال حبة في ظلمـ ــ يعلمهـ إال

بين [، أما من عدا الله سبحانه فال أحد يعلم الغيب، إال من قد59﴾]األنعام: كتاب م

.16 ص1 الكافي ج2

Page 8: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ى من﴿يمن الل��ه علي��ه ويص��طفيه، فيطلع��ه على بعض المغيب��ات إال من ارتضــ سول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا [.27﴾]الجن: ر

ويبرز هنا خالف بين العلماء في حدود المغيب��ات ال��تي يطل��ع الل��ه عليه��ا األنبي��اء ، وذلك بين من يرى أن الله أطلعه على ك��ل المغيب��ات، إم��ا بحيث يك��ونRوالرسل

لديه ملكة التعرف على المغيبات، ويكون علمه محيطا بكل األمور، كما يرى البعض Pبحيث لو أراد أن يع�رف شيئا لعرفه، كما يرى آخرون، وبين من يرى أن علم النبي

بالغيب محصور في حدود معينة مما ألهمه الله به مما يحتاجه في رسالته ومهم�ته، لــو كنت أعلم﴿فال يعلم كل المغيبات،كما يرى جمع آخر، استنادا إلى قوله تعالى:

ير ــذير وبشــ ن ــا إال وء إن أن ني الســ الغيب الستكثرت من الخير وما مســن األعــراب﴿[، أو قول��ه تع��الى: 188﴾]األعراف: لقوم يؤمنون ن حولكم م ومم

اق ال تعلمهم نحن ــ ــردوا على النفـ ــة مـ ــل المدينـ ــافقون ومن أهـ منـ[، إلى غير ذلك من اآليات والروايات.102﴾]التوبة: نعلمهم

وبص�رف النظ�ر ع�ن هذه اآلراء وما هو الصائب منها، وإن ك��ان الق��ول األخ��ير � فيما نرى � هو الراجح وتساعد عليه الشواهد البرهانية والقرآنية، ف��إن األم�ر ال�ذي

، ال يتس��نى ألح��د االطالع على الغيبRال شك فيه أنه وباستثناء األنبياء والمعصومينواإلخبار عنه.

وإن التأكيد على انحصار علم الغيب بالله وبمن يصطفيه من رسول، هو أمر ل��ه أهميته الخاصة في مقامنا، ألننا بصدد دراسة جملة من »المعتق��دات« ال��تي ي��زعم أصحابها أنهم يكشفون عن الحوادث قبل وقوعها، أو يخ��برون عن األش��ياء الغائب��ة عن األبص��ار من دون االعتم��اد على الح��واس أو األس��باب المعروف��ة والمألوف��ة، وتلقى هذه المزاعم صدى واسعا وآذان��ا ص��اغية ل��دى جمه��ور ع��ريض من الن��اس، ومما يزيد من رواج هذه األفك��ار ويض��اعف ع��دد المؤم��نين به��ا: أن ل��دى اإلنس��ان تطلعا غريزيا وفطريا للتعرف على المغيبات وما ينتظره في مستقبل األيام، ومرد ذلك إلى خوفه من المجهول وسعيه الحثيث لتفادي المخاطر واألضرار ال��تي يمكن أن يتعرض لها، وهذا التطلع الفط��ري يتض��من ��� في حقيق��ة األمر��� اعتراف��ا بعج��ز اإلنسان وضعفه، وإقرارا بمحدودية قدراته إزاء ما تخبئه له األيام، كما ال يخل��و من

اعتراف ضمني بأن ثمة مؤثرات غير مرئية في الحياة. وقد لجأ بعض تجار ال��دين إلى اس�تغالل ه��ذا التطل��ع الغري�زي واس��تخدام ش�تى األساليب التمويهية التي توحي بقدرتهم على معرفة المغيبات في محاولة للكسب

Page 9: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

الرخيص والتعيش من خالل هذا الطريق، وال يلجأ إلى اس��تخدام ه��ذه األس��اليب � في األعم األغلب � إال الفاشلون في الحياة الذين لم يحققوا نجاح��ا أو حض��ورا في

ميادين العلم والعمل. وقد كانت واحدة من مهام األنبياء مواجه��ة ه��ذه الظ��اهرة ومن��ع ه��ذا االس��تغالل الرخيص وهذا التمويه والتالعب بعواطف الناس ومشاعرهم، ألنه ال يستند إال على��ه تخرصات وأوهام ما أنزل الله بها من س��لطان، والغيب ال يعلم��ه إال الل��ه، ول��و أن تعالى أراد ألحد أن يكون ناطقا عنه في الكشف عن المغيب��ات لك��ان أولى الن��اس

.Rبذلك هم األنبياء

اعتماد منطق األسباب والمسببات ضرورة رعاية القوانين الطبيعية، واعتماد منط��ق األس��باب القاعدة الرابعة:

والمسببات، ألن الكون برمته تحركه � كما أراد الله � جملة من الق��وانين، وتحكم��ه رزمة من المبادىء التي ال تتخلف، ومن الطبيعي أن نتحرك في هذه الحي��اة وف��ق هذه القوانين وبوحي من تلك المبادىء، وأن ننقاد لها ونقر بنتائجه��ا، وك��ل محاول�ة لتجاوز هذه الق��وانين أو القف��ز فوقه��ا وتخطيه��ا ليس��ت س��وى محاول��ة للبق��اء في مستنقع التخلف والجهل، حتى لو تم تغلي��ف تل��ك المحاول��ة بغالف دي��ني وألبس��ت لبوس القداسة، وأعتقد أن أبل��غ وأعظم جناي��ة على ال��دين هي وض��عه في مقاب��ل السنن والقوانين الحاكمة على هذا الكون، وه��ذا م��ا حص��ل في ت��اريخ األدي��ان، وال يزال يحصل إلى يومنا هذا، وأسوأ منه أن يتم تخطي القوانين باسم ال��دين، وذل��ك��ر ألس��بابها عندما تربط الحوادث واألشياء كلها بالل��ه س��بحانه بش��كل مباش��ر ويتنك التكوينية، لنكون أمام مس��ار ك��ارثي، نتجت عن��ه جمل��ة من النت��ائج الم��دمرة على المستوى الحضاري، إذ غدا البعض منا يطلب النصر من الله سبحانه مباش��رة دون أن يتكلف عناء اإلعداد واالستعداد،أو يطلب الشفاء منه تع��الى دون الرج����وع إلى األطب���اء،ألن الل��ه ��� بزعم��ه ��� بي��ده الم��رض وبي��ده الش��فاء.. في تج��اوز لمنط��ق األسباب والسنن الحاكمة، ب��ل ربم��ا اعتق��د بعض��هم أن اللج��وء إلى تل��ك األس��باب��ه عن��دما يتم تج��اوز مناف لصفاء االعتق��اد بوحداني��ة الل��ه، وهن��ا مكمن الخط��ر، ألن القوانين واألس��باب به��دف اللج��وء إلى الل��ه بش��كل مباش��ر، ف��ذلك منهج خ��اطىء بالتأكيد، أما أن يتم تخطي تلك القوانين باسم الدين بحجة أن الرجوع إليه��ا ين��افي�ل إس�اءة لل�دين وأهل�ه وتض�عه في مواجه�ة صفاء العقيدة فتل�ك كارث�ة، ألنه�ا تمث

مباشرة مع قانون السنن ونظام التكوين.

Page 10: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ولهذا فإننا نقولها وبكل ص��راحة: إن واح��دا من أخط��ر المف��اهيم العقدي��ة ال��تي طاولتها يد التشويه والتحريف هو مفهوم التوحيد األفعالي أو الفاعلي )ويراد به أن الله تع��الى ه��و الفاع��ل والم��ؤثر في ك��ل الكائن��ات والح��وادث(، حيث تم تفس��يره بطريقة مصادمة لسنة رئيسة من س��نن الل��ه في الخل��ق، ب��ل ق��ل: مص��ادمة ألهم ق��انون ارتك��زت علي��ه البش��رية في نهض��تها وتطوره��ا، أع��ني ب��ه ق��انون العلي��ة

أبى الله أن يجــريوالمعلولية، المعبر عنه في بعض المأثورات الدينية بجملة: » . إن هذا الق��انون ال��ذي ت��دين3«األشياء إال بأسباب، فجعل لكل شيء سببا

��ل بعض الف��رق الكالمي��ة اإلس��المية له اإلنسانية في حضارتها، قد تم رفضه من قب��ك الكبيرة، وذلك بزعم منافاته مع عقيدة التوحيد، لتكون النتيجة � بنظر هؤالء ��� أن لو اعتقدت بأن النار هي سبب اإلحراق أو علة الحرارة فقد أشركت بالل��ه وجعلت في الكون مؤثرا غ��يره والص��حيح ��� في نظ��ر ه��ؤالء ��� أن ال��ذي أوج��د الح��رارة أو اإلحراق هو الله وال دخل للنار في ذلك إطالقا، غاية األم��ر أن عادت��ه تع��الى ج��رت على إيجاد الحرارة عند وجود النار دون أن تكون هناك رابط��ة بين األم��رين، أع��ني��ه ال النار والحرارة، أو الشمس والضياء! وهكذا فاإلنس��ان إذا أك��ل ح��تى ش��بع، فإن يش��بع بس��بب األك��ل، وإنم��ا ش��بع عن��د األك��ل، وإذا كس��ر زجاج��ة فهي لم تنكس��ر بكسره، بل عن��د كس��ره، فالمس��ألة مس��ألة اق��تران ال س��ببية، يق��ول بعض علم��اء

األشاعرة في منظومة له في العقيدة األشعرية:والفع����������������ل في الت����������������أثير ليس إال

للواح�������������د القه�������������ار ج�������������ل وعالومن يق�����������������ل ب�����������������الطبع أو بالعلة

ف���������ذاك كف���������ر عن���������د أه���������ل الملةومن يق�����������������ل ب�����������������القوة المودعة

4ف���������ذاك ب���������دعي ف����������ال تلتف����������ت

وإنك��ار الت��أثير والس��ببية ��� بنظ��ر ه��ؤالء ��� ال يقتص��ر على الظ��واهر الطبيعي��ة والجمادات والحيوانات، ب�ل يمت��د إلى اإلنس��ان نفس�ه، ف��إن أفع�ال ه��ذا المخل��وق��ه الموج��د لم�ا العاقل ليست تحت قدرته وال هو الموجد لها، ب�ل ل��و اعتق�د أح��د أن يصدر عنه من أفعال، سواء الطاعات منها أو المعاصي، فقد أشرك بالله وجعل له ندا، والصحيح عند هؤالء أن الخالق ألفعال العباد هو الله، والعبد مج��رد مح��ل له��ا.

183 ص1 الكافي ج3

32 أنظر: منهج األشاعرة في العقيدة للدكتور الشيخ سفر الحوالي ص4

Page 11: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

يقول الشريف الجرجاني في شرح المواقف: »إن أفع��ال العب��اد االختياري��ة واقع��ة بقدرة الله سبحانه وحدها، وليس لقدرتهم تأثير فيها، والل��ه س��بحانه أج��رى عادت��ه بأن يوجد في العبد قدرة واختيارا... فيكون فعل العبد مخلوقا لل��ه إب��داعا وإح��داثا، ومكسوبا للعبد، والمراد بكس�به إي�اه: مقارنت��ه لقدرت��ه وإرادت��ه من غ��ير أن يك��ون هناك منه تأثير ومدخل في وجوده سوى كون��ه محال ل��ه، وه��ذا م��ذهب الش��يخ أبي

.5الحسن األشعري« إن هذا االعتقاد الخاطىء الذي ينسف مبدأ العلي��ة أدى إلى اغتي��ال اإلب��داع ل��دى العقل، ألنه تضمن دعوة صريحة ال لبس فيها إلى تجمي��د العق��ول عن التفك��ير في علل األش��ياء وأس��بابها، فليس علي��ك، ب��ل ليس ل��ك أن تفك��ر في عل��ة الم��رض أو الكسوف أو الخسوف أو غيرها من الظواهر الطبيعية، ألن علة ذلك كل��ه هي الل��ه��رى من آثاره��ا، فارتف��اع ح��رارة الم��ريض ال سبحانه، وال رابطة بين الظاهرة وما يعالقة لها بالمرض، وإنما هو محض تقارن اتفاقي، وهكذا الحال في سائر األمثلة.

إن هذا المنطق إذا ما ساد في أمة من األمم فال تسأل بعد ذلك عن سر تخلفه��ا وتقهقرها وتبدد طاقاتها وتفشي الجهل فيها. ولع��ل ه��ذا ه��و م��ا ح��دا بأحم��د أمين، الكاتب المصري المعروف، أن يتمنى عودة الفكر المعتزلي إلى الحياة اإلس��المية، ألنه لو ظل سائدا، »لكان للمسلمين موقف آخر في التاريخ غير موقفهم الح��الي،

.6وقد أعجزهم الضعف وشلهم الجبر وقعد بهم التواكل«

القرآن وقانون العلية والحقيق��ة أن نه��وض األم��ة ال يتوق��ف على اس��تعادة م��ذهب االع��تزال أو الفك��ر��ه يتوق��ف على إحي��اء المنط��ق الق��رآني واستحض��اره، ف��إن ه��ذا المع��تزلي، ب��ل إن المنطق يؤكد وبوضوح على قانون العلية وإس��ناد الظ��واهر إلى أس��بابها الطبيعي��ة، واآلي��ات القرآني��ة ال��تي تس��ند األفع��ال إلى ظ��واهر طبيعي��ة أو إلى إرادة اإلنس��ان كثيرة، وال مج�ال الستعراضه�ا ف��ي المق�ام، وعل�ى سبي���ل المث���ال، ف���إن قول���ه

بيل اللــه كمثــل حبة أنبتت﴿تع�ال�ى: ثل الذين ينفقون أموالهم في ســ مئة حبة [، ي��دل بوض��وح على اس��تناد261﴾]البقرة:سبع سنابل في كل سنبلة م

إن الله ال يغير﴿نبات السنابل إلى نفس الحبة، وهكذا عندما نق��رأ قول��ه تع��الى:

146 شرح المواقف: ج ص5

70 ص3 ضحى اإلسالم: ج6

Page 12: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

[، فإنن��ا نس��تلهم منه��ا ص��راحة11﴾]الرع��د:ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم��ر مج��رى قاعدة هامة وعام��ة مفاده��ا: أن اإلنس��ان ه��و ال��ذي يص��نع األح��داث ويغي التاريخ، وأنه ليس مجرد ريشة في مهب الريح. وقد عبر عن هذا المع��نى الح��ديث

أبى � فيم��ا روي عن��ه ���: » Q خير تعبير، قال Qالمتقدم المروي عن اإلمام الصادقــل الله أن يجري األشياء إال بأسباب، فجعل لكل شيء سببا، وجعل لك

.7«سبب شرحا، وجعل لكل شرح علما... إن الغفلة القاتلة التي وقع فيها هؤالء هو عجزهم عن المواءم��ة بين ق��انون العلي��ة ومبدأ التوحيد الفاعلي، فتخيلوا أن معنى التوحي��د الم��ذكور ه��و أن الل��ه س��بحانه ه��و العلة المستقلة والمباشرة لكل األح��داث الكوني��ة، األم��ر ال��ذي اض��طرهم إلى رفض قانون السببية أو العلية، مع أن االعتقاد بوحدانيته تع��الى في الخالقي��ة وجع��ل الت��أثير بيده، ال ينفي التأثير عن سائر العلل الطبيعي��ة، ألن ت��أثير ه��ذه العل��ل ليس على نح��و االستقالل بل هو يستند في نهاية المطاف إليه تعالى، فتأثيرها في طول تأثيره ال في عرضه، ألنه سبحانه هو الذي أوجد فيها خصوصية التأثير، فجع��ل في الن��ار خصوص��ية اإلحراق وفي الشمس خصوصية اإلشراق، وهكذا في سائر األمثلة، ما يعني أن مب��دأالعلية أو السببية ليس فقط ال ينافي التوحيد، بل يؤكده وينسجم معه تمام االنسجام.

بين التوكل والتواكل وغير بعيد من هذا السياق فقد حصلت غفلة أخ��رى عن المغ��زى الحقيقي لمب��دأ التوكل على الله واالعتماد عليه في كل األمور،كطلب الرزق أو الش��فاء أو إنج��اب األوالد أو تحقق النصر، فقد خيل للكثيرين أن التوكل يتنافى واللجوء إلى األس��باب الطبيعية، وهذا التخيل هو الذي مهد النتشار ثقافة االستشفاء ب��األحراز أو الق��رآن، وطلب الرزق أو النصر بمجرد الدعاء والتوسل، وبعيدا من األخذ بأسباب ذلك، م��ع أن المتأمل في سيرة المسلمين األوائل قبل غيرهم، يدرك أن ما توصلوا إلي��ه من انتصارات على مختلف الجبهات وفي شتى الميادين العلمية والعسكرية والطبية... إنما كان ثمرة طبيعية العتمادهم على مبدأ العلية، فهم لم يفهموا من قوله تعالى:

[ أنه دعوة إلى ترك الت��داوي ب��الطرق80﴾]الشعراء: وإذا مرضت فهو يشفين﴿ح الحق��ا، الطبيعية، وإنما فهموا أنه يشفي من خالل األسباب الطبيعية، كما سنوض�� وهكذا الحال في الرزق والنص��ر وطل���ب ال���ولد... ف��إن جع��ل ه��ذه األم���ور بي���ده

وأعدوا لهـم﴿تعالى ال يتنافى مع األخذ باألسباب، ولذا أمر سبحانه بإعداد الق�وة 183 ص1 الكافي: ج7

Page 13: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ة ـا استطعتـم من قو ب،R واألئمة P[، وأمر النبي60﴾]األنفال:م بالتداوي والتكس��زق ومواجهة العدو.. بل خرجوا بأنفسهم في طلب الر

النظرة التبخيسية للدنيا ومن عالمات وإمارات التشوه المفاهيمي التي أش��اعت روح االتكالي��ة وس��محت بتسرب أو تغلغل المعتقدات والعادات التي تستغل الدين وتوظفه بطريق��ة س��لبية وتحوله إلى »دكان« لالتجار به: اختالل النظرة المتوازنة للدنيا واآلخرة، واعتبار أن طلب علوم الدنيا ال يتناسب مع التدين وال ينسجم مع التق��وى، اعتم��ادا على رؤي��ة مجتزأة لمفهوم الزهد، وقراءة خاطئة للمأثورات الدينية التي تزهد في الدنيا وتذم التعلق بها، األمر الذي أسس لنظرة تفاضلية بين علوم الدين وعلوم الدنيا، فعل��وم الدين � بناء على النظرة التفاضلية � س��واء م��ا يرتب��ط منه��ا بالج��انب المع��رفي أو القانوني أو األخالقي، أشرف وأكم�ل من س��ائر العل��وم، وه��ذه الفك��رة وإن ك�انت صحيحة في الجملة وبشرطها وشروطها، بيد أن األم��ر تج��اوز ح��د التفاض��ل ال��ذي يتضمن اعترافا باالشتراك في الفضل م��ع م��يزة للفاض��ل على المفض��ول إلى ح��د التبخيس من شأن سائر العلوم والتزهي��د به��ا، ح��تى غ��دا االش��تغال بعلم الطب أو

!8الفلك غير الئق باإلنسان اإللهي كما يعتقد صدر الدين الشيرازي... إننا وأمام هذا النمط من التفك�ير ال�ذي يبخس العل�وم حقه�ا، ويهمش دوره�ا، ال يسعنا سوى القول: إن هذا مخالف لمنط��ق الق��رآن الك��ريم، ال��ذي ح��ارب الجه��ل والخراف��ة، واعت��نى ب��العلم الن��افع ودع��ا إلى الس��ير الت��أملي في اآلف��اق واألنفس، والنظر في ك��ل المخلوق��ات، الكتش��اف أس��رارها وخصائص��ها، فاتح��ا ب��ذلك الب��اب��رت واسعا أمام كل المعارف والعلوم النافعة لإلنس��ان في دين��ه أو دني��اه، وق��د عب

»إعمل لدنياك كأنكعن هذه النظرة المتوازنة للدنيا واآلخرة الكلمة المعروفة العلم، وفي الح�ديث النب�وي:»9تعيش أبدا واعمل آلخرتك كأنك تموت غدا«

»Q«، وفي ح��ديث آخ��ر عن عليعلمان: علم األديان وعلم األبدان العلوم:

.199 ص9 الحكمة المتعالية: ج8

، لكن الشيخ الصدوق قد أورده�ا في كت�ابQ اشتهر على األلسن نسبة هذه الكلمة إلى أمير المؤمنين9 «، ورواه��ا الخ��زاز القمي في كفاي��ةQ بصيغ���ة: »روي عن الع��الم156 ص3»م�ن ال يحض�ره الفقي���ه« ج

فيما قاله في مرض موت��ه، ولم أع��ثر عليه��ا منس��وبة إلى أم��يرQ بسنده إلى اإلمام الحسن228األثر ص.Qالمؤمنين

Page 14: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ــوم ــان، والنج ــو للس ــدان، والنح ــان، والطب لألب ــه لألدي ــة: الفق أربع.10«لمعرفة الزمان

��ر في ش��كل إن الغفلة عن هذه الحقيقة والتشوه الذي أصابها، أساء لإلسالم وأثسلبي على واقع المسلمين.

األسباب النفسية وربطا بقانون العلية المشار إليه، ف��إن علين��ا أن ال نغف��ل عن أن بعض األس��باب التكوينية، قد ال تكون واضحة لنا وال بادية للعيان، بل ربما كانت خافية أو مجهول��ة،

وتتبدى مع مرور الزمن والتطور العلمي. ومن هذه األسباب التي من المفيد التنبيه عليها في مقامن��ا، وال��تي ق��د تنكش��ف بعض األلغاز اآلتية بااللتفات إليه��ا: العوام��ل النفس��ية والم��ؤثرات الروحي��ة، وال��تي بدورها قد يكون لها تأثير مباشر على صحة اإلنس��ان الجس��دية واس��تقراره الع��ام،��ة بين الوض��عية على اعتبار أن ثمة ترابطا واض��حا وجلي��ا ومثبت��ا من الناحي��ة العلمي النفس��ية لإلنس��ان وبين الجه��از العص��بي، وأي ت��أثر س��لبي للجه��از العص��بي بفع��ل التوترات النفسية سوف ينعكس سلبا على جهاز المناعة ل��دى اإلنس��ان م��ا يجعل��ه عرضة لفتك األمراض، أال ترى أن بعض المرضى إذا أحيط خ��برا ب��أن لدي��ه مرض��ا عضاال وخطيرا، ف��إن ذل��ك ي��ؤثر بش��كل س��لبي على ص��حته، وق��د ي��ؤدي ذل��ك إلى استسالمه للمرض وانهزامه أمامه، ما قد يسرع في اقتراب أجله، ولذا يعمد بعض األطباء إلى إخفاء أمر المرض عن الم��ريض في بعض المراح��ل ال��تي يك��ون فيه��ا المرض قد تمكن من الجسم وال ينفع معه العالج كثيرا، ما يعني أن إخبار الم��ريض ب��األمر س��يكون مض��را بحال��ه وليس مس��اعدا على تغلب��ه على الم��رض وتماثل��ه

للشفاء.. والحاالت النفسية كما تؤثر سلبا على صحة اإلنسان فإنها تؤثر عليها إيجابا، ومنر في هنا نفهم ما يحصل أحيانا من أن المبتلى بوجع ال��رأس ��� مثال ��� وحيث يتعس�� بعض الحاالت إعطاؤه الدواء المناسب لذلك، فإنه ل��و أعطي من قب��ل الط��بيب أو الممرض أو غيرهما حبة أخرى ال عالقة لها بوجع الرأس، بل ليست دواء أصال، م��ع إيهامه أنها هي حبة الدواء التي يأخذها فإنها قد تترك أثرا إيجابيا على صحته معادال

لنفس األثر الذي تتركه حبة الدواء.

218 ص1 بحار األنوار ج10

Page 15: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

وفي ضوء ذلك، يتضح س��ر التأثيرال��ذي تترك�ه بعض األم�ور اآلتي��ة ال�تي لم تثبت واقعيتها، سواء أكان تأثيرا إيجابيا، كما في االستشفاء بآيات القرآن أو ال��رقى لمن يؤمن بذلك ويعتقد به، أو تأثيرا سلبيا، كما في تأثر الشخص المعتق��د بص��يبة العين أو نحوسة األيام في حال نظر بعض العيون إليه، أو مس��يره في بعض األي��ام ال��تي يعتق��د بنحوس��تها، إن ه��ذه األم��ور وإن لم تثبت واقعيته��ا إال أن ذل��ك ال يمن��ع من��أ نفس��يا للتج��اوب والتفاع��ل تأثيرها بسبب قناعة الشخص بمؤثريتها ما يجعل��ه مهي

معها.

في الخالصة وفي ختام الحديث عن القواعد العامة، ال بد من التأكيد على أن موقفنا الرافض

لبعض االعتقادات والعادات والشعوذات اآلتية يرتكز على عدة عناصر:ير في هذه الطرق فيه تعطيل للق��وانين وته��رب من المس��ؤولياتأوال: إن الس

ومحاولة إلقاء الالئمة على الغير، كما ويعكس ذلك روحا اتكالية انهزامية تميل إلى��ه دع��ا إلى الدعة والكسل، وغير خفي على من قرأ كتاب الله قراءة تدبر ووعي أن السير وفق منطق السنن، واعتماد قانون العلية القاضي ب��أن لك��ل مس��بب س��ببا، ولكل معلول عل��ة، س��واء على المس��توى االجتم��اعي أو السياس��ي أو االقتص��ادي،

فضال عن النظام الكوني برمته. وفي ضوء ذلك يتضح أن انتشار هذه الظواهر وتفشيها في المجتمع � أي مجتمع � يعبر عن حال��ة مرض��ية تكش��ف عن ض��عف اإليم��ان أو ت��دني المس��توى الثق��افي

والعلمي لدى أبنائه. إن في اعتماد هذه األساليب واللجوء إلى هذه الش��عوذات تجمي��دا للعق��لثانيا:

الذي اختص الله به اإلنسان، وأراد له أن يتحرك وفق مدركاته، وفي الحقيقة، فإنه��ه ه��در لألم��وال واألوق��ات يمكنني القول: إن هذا أحد مصاديق هدر العقول،كم��ا أن

دون جدوى. ثالثا: إن اللجوء إلى هذه األساليب يشكل اس��تخفافا بال��دين، واس��تغالال رخيص�ا

له، على اعتبار أن غالبية هؤالء الذين يلج��أون إلى ه��ذه األعم��ال يح��اولون إض��فاء صبغة دينية وشرعية على أعم��الهم، ويح��اولون رب��ط تص��رفاتهم بال��دين ونصوص��ه

المقدسة.

Page 16: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ومن هنا، فإن من الالئق بالمؤمن أن يكون أبعد الناس عن اللجوء إلى مثل هذه الشعوذات، لمنافاتها للنصوص الديني��ة، ولمجافاته��ا لروحي��ة التس��ليم لل��ه س��بحانه وتع��الى في ك��ل االم��ور، ه��ذه الروحي��ة ال��تي تمنح الم��ؤمن االس��تقرار ال��داخلي

واالطمئنان النفسي والرضا بما قسمه الله له.

انتشار هذه المعتقدات إن االعتقاد بهذه األمور التي سنتناولها بالدراسة التفصيلية ليس أمرا جديدا على واقعنا، بل له جذور قديمة لدى مختل��ف األمم والش��عوب، فق��د عرف��ه الع��رب في الجاهلي��ة ومارس��وا الكث��ير من ه��ذه األم��ور كم��ا عرف��ه الغربي��ون في الق��رون الوسطى، وما قبلها، حيث كانت »كل الطبقات من سكان بيزنطي��ا ت��ؤمن بالس��حر��ؤ ب��الغيب والعراف��ة واالتص��ال بالش��ياطين والتم��ائم ذات الق��وة والتنجيم والتنب

. وال ت��زال ه��ذه المعتق��دات منتش��رة إلى يومن��ا ه��ذا ل��دى مختل��ف11المعج��زة«الشعوب رغم تطور اإلنسان وتقدمه.

وفيما يلي من أبح��اث س��نتوقف عن��د أهم المف��ردات ال��تي ال ص��لة له��ا بال��دين، لنناقشها وندلل على وهنه��ا وض��عفها وع��دم ارتباطه��ا بال��دين ال من ق��ريب وال من

بعيد.

المفردة األولى التنبؤات الفلكية واستطالع المغيبات

��أ لإلنس��ان أن التق��دم العلمي وال��تراكم الثق��افي والمع��رفي ال��ذي بل��غ ربم��ا يهي الذروة، واستطاع أن يفك الكثير من الرموز ويوض��ح العدي��د من األلغ��از واألس��رار في هذا الكون ال بد أن يساهم في تراجع � إن لم نقل تالشي � جمل��ة من الع��ادات والطقوس البالية، ومنها: عادة التنجيم والتنبؤ باألحداث قبل وقوعها، والتي تواله��ا

، هناك نص هام ل� »ول وايرل ديورانت« أك��ثر تفص��يال من النص الم��ذكور173 ص14 قصة الحضارة: ج11 أعاله، يتحدث فيه عن انتشار ه��ذه المعتق��دات في أوس��اط النخب��ة فض��ال عن عام��ة الن��اس وذل��ك في

القرون الوسطى في أوروبا، راجع الملحق في آخر الكتاب.

Page 17: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

جماعة من الناس شكلوا ظ��اهرة ب��ارزة في الت��اريخ اإلنس��اني عموم��ا واإلس��المي��ئين، والمنجمين، والكهن��ة، تحديدا، وحملوا أسماء وعناوين متعددة من قبيل: المتنب والعرافين... إلى غير ذلك من العناوين والتسميات التي كان ألصحابها مكانة عالية��ا نتوقع��ه وم��ا ��ة متفش��ية، ه��ذا م��ا كن ومرموقة عندما كان الجهل مستحكما واألميل إلينا، إال أن األم��ر س��ار ويس��ير على عكس التوقع��ات، فالظ��اهرة الم��ذكورة يخي ورغم التقدم العلمي تنتشر يوما بعد ي��وم، ولم يس��اهم تق��دم البش��ر على الص��عيد العلمي والثقافي في تحجيمها، ب�ل ازداد جمهوره��ا، وابتك��رت أس�اليب جدي�دة في التنبؤ بالمغيب��ات، وق��د س��اهمت وس��ائل اإلعالم واإلعالن في تعميمه��ا على نط��اق واسع، حتى أصبحنا اليوم أمام »نجوم« من المتنبئين ال��ذين س��وقتهم الفض��ائيات، وغدا لكل واحد منهم جمهور عريض يرجعون إليه ويس��تفتونه ح��ول م��ا تخبئ��ه لهم األي��ام وينتظ��رهم في ق��ادم الزم��ان، فيم��ا يتص��ل بحي��اتهم الشخص��ية والعائلي��ة واالجتماعية... وعما س��يحدث على المس��توى السياس��ي واالقتص��ادي.. ويحكى أن بعض كب���ار السياس���يين يعتم���دون على بعض الع���رافين في معرف���ة مس���تقبلهم السياسي والشخصي، ب�ل ربم��ا يحكى ذل��ك عن بعض األطب��اء وغ��يرهم من حمل��ة

الشهادات الجامعية.ر ه��ذه الظ��اهرة؟ وكي��ف نفهم ه��ذا اإلقب��ال من بعض والس��ؤال: كي��ف نفس��

المتعلمين وبعض المتدينين فضال عن غيرهم على هؤالء العرافين والمنجمين؟ حرة، أو ال��ذين ��ؤات الع��رافين والمنجمين والس�� وه��ل يمكنن��ا االعتم��اد على تنب يقرأون الفنجان أو الكف أو القرآن الكريم وغيرهم، ممن يدعون المعرف��ة بمص��ير الناس، أو باألحداث التي ستقع في مستقبل األيام، وتص��ديقهم فيم��ا يخ��برون عن��ه ويتوقعونه من أحداث، أو أنه ال يصح االعتم��اد على إخب��اراتهم، ألنه��ا ليس��ت س��وى

تخرصات ورجم بالغيب وقول بغير علم؟

سبب انتشار الظاهرة فيما يرتبط بهذه الظاهرة وس��ر انتش��ارها ح��تى في أوس��اط المتعلمين، فإنن��ا ال نجد سببا مقنعا لذلك، سوى قلق اإلنسان على مستقبله، وتطلعه إلى ما تخبئه ل��ه األيام من مخاطر وما ينتظره من مفاجآت أو يواجهه من تحديات.. إن ه��ذا القل��ق يحفز اإلنسان ويدفعه إلى استطالع المغيبات بشتى الطرق والوسائل، وإن ض��عف اإليمان بالله، بما يختزنه اإليم��ان من الرض��ا بقض��ائه وق��دره تع��الى والتس��ليم بم��ا قسمه لعباده، سوف يزيد من قلق اإلنسان وتطلع��ه للتع��رف على األح��داث ال��تي

Page 18: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

تنتظ��ره، وال س��يما فيم��ا يكي��ده ل��ه اآلخ��رون، فه��ذه الظ��اهرة إذن تش��كل عالم��ة ومؤشرا على ضعف اإليمان الحقيقي، ألن المؤمن حقا ومع أخذه بقانون األس��باب��ه ي��وطن نفس��ه ��� باستمرار��� على والمسببات وعمله بقاعدة الحيط��ة والح��ذر فإن

ني منالرضا بما قس��مه الل��ه ل��ه، ويطلب من الل��ه أن يعين��ه على ذل��ك: » ورض مــا﴿، ولسان حاله على الدوام: 12«العيش بما قسمت لي قل لن يصيبنا إال

[51﴾]التوبة : كتب الله لنا هو موالنا وعلى الله فليتوكل المؤمنون

أصناف المتنبئين ثم إنه وقبل الحديث عن موقفن�ا من ه�ذه الظ��اهرة، ال ب�د لن��ا أن نش�ير إلى أن المتنبئين، ليسوا صنفا واحدا، بل هم أصناف مختلفة تتنوع وتتعدد بتعدد مص��ادرهم

التي يستندون إليها في إخباراتهم، وإليك أهم هذه المصادر: ��� اإلله��ام، ف��إن بعض��هم ي��دعي إلهام��ا خاص��ا رأى بموجب��ه ص��ورة ح��دث من1

األحداث في حال اليقظة، كأن يرى صورة طائرة تسقط، أو ن��ار تش��تعل، أو دم��اءتسيل...

� فراسة العين، حيث يعمد بعض األشخاص ممن يمتلك��ون فطن��ة وذك��اء إلى2 التعرف على أحوال اآلخرين، وتقييم أدائهم من خالل التأمل في قسمات وجوههم

وتعبيرات أجسادهم، مما يعرف اليوم بلغة الجسد . � االتصال بالجن، وهو ما قد يسمى بالكهانة، والتي كانت شائعة في الجاهلي��ة3

، وقد يطل��ق13، والكاهن في اللغة هو الذي يخبر عما هو كائن في مستقبل الزمان على الكاهن اسم العراف، وقيل: العراف كالكاهن إال أن العراف يختص بمن يخبر

، ومس��تند14عن األح��وال المس��تقبلة، والك��اهن بمن يخ��بر عن األح��وال الماض��ية العراف أو الكاهن في إخباراته هو التواصل مع الجن، وقد قيل: الكهانة: هي عم��ل

يوجب طاعة الجان للكاهن.

.Q من دعاء السحر لإلمام زين العابدين12

.215 ص4 أنظر: النهاية البن األثير ج13

.634 ص1 مصباح الفقاهة ج14

Page 19: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

� االستناد إلى حركة النجوم، واستنباط أحوال الناس لجهة الص��حة والم��رض،4 السعادة والشقاء، الغنى والفق��ر، على ض��وء اختالف األوض��اع الفلكي��ة، أو وض��عية

الطالع، ويطلق على الذي يمتهن ذلك اسم المنجم. � قراءة الفنجان أو الكف أو ورق خاص نظير ورق »الشدة«، واستطالع حال5

الشخص وما ينتظره من خالل ذلك، ونالحظ أن هذه األمور وال سيما األخيرة منه��ا � أعني االستناد إلى ال��ورق في التع��رف على مس��تقبل األش��خاص ��� منتش��رة في زماننا، حتى أن بعض الفضائيات تخصص لذلك برامج أسبوعية، يتولى خالله��ا بعض

المتنبئين التواصل مع الناس تليفونيا والكشف عما ينتظرهم أو قد يواجههم. وقد أشارت بعض األخبار إلى تنوع المص��ادر ال��تي يس��تند إليه��ا المتنب��ؤن ، ففي

: فمن أينQالحديث الذي رواه الطبرسي في االحتجاج، سأل الزن�ديق أب�ا عب��د الله إن الكهانة كــانت فيأصل الكهانة ومن أين يخبر الن��اس بم��ا يح��دث؟ ق��ال: »

من الرسل، وكان الكاهن بمنزلــة)انقطاع(الجاهلية في كل حين فترة الحاكم يحتكمون إليه فيما يشتبه عليهم من األمور، فيخبرهم بأشــياء تحدث، وذلك من وجوه شتى: فراسة العين، وذكـاء القلب، ووسوســة

15«الروح مع قذف في قلبه.. )أو فتنة( النفس، وفطنة

وقال ابن األثير في النهاية: »وقد كان في العرب كهنة... فمنهم من كان ي��زعم�ه يع�رف �ا يلقي إلي��ه األخب�ار، ومنهم من ك�ان ي�زعم أن أن ل�ه تابع�ا من الجن ورئي األمور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها من كالم من يس��أله أو فعل��ه أو حاله، وهذا يخصونه باسم العراف، كالذي يدعي معرفة الشيء المس��روق ومك��ان

.16الضالة ونحوها..«وبعد التعرف على مصادر المتنبئين، فإن األسئلة التي تواجهنا هي:

هل أن هذه الطرق تعتبر مصادر سليمة وموثوق��ة للمعرف��ة واالطالع علىأوال: المغيبات؟

هل يجوز لهؤالء أن يتنبؤا ويتحدثوا بما يزعم��ون أنهم ع��ارفون ومطلع��ونثانيا:عليه؟

هل يجوز لنا تصديقهم والرجوع إليهم وترتيب اآلثار على أقوالهم؟ثالثا:.81 ص2 االحتجاج للطبرسي ج15

.215 ص4 النهاية في غريب الحديث ج16

Page 20: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

اإللهام واإليحاء وه��و اإلله��ام، فال يمكن الوث��وق ب��ه واالعتم��اد علي��ه فيأما الطريــق األول:

استطالع الغيبيات، ألن الشخص الذي يدعي اإللهام ورؤية صور معينة حتى لو كان موثوقا وصدق فيما يزعم أنه يراه أو ينقدح في ذهنه أو يلمع في مخيلته من صور،��ه ليس ثم��ة م��ا يؤك��د واقعي��ة ه��ذه الص��ور، بمع��نى مطابقته��ا للواق��ع، ومن إال أن المحتمل جدا أنها مجرد انفع��االت نفس�ية وتهي��ؤات خاص�ة، وفي أحس�ن األح�وال، فإنها تجربة شخصية وليس لنا أن نتوثق من صدقيتها، وهي ليست أحسن حاال مما��ق من يراه الصوفي مثال، والذي ال يعدو كونه تجربة شخص��ية، ليس باإلمك��ان التوث

صدقيتها، إال بأن نرى ما يراه، ما يعني أن هذه التنبؤات ليست حجة شرعا.�ه ال مص�داقية إلخب��اراتهم، ب�ل وأنى لنا أن نصدق هؤالء ونحن ن�رى ب�أم العين أن الواق��ع يك��ذبها في كث��ير من األحي��ان، فم��ا أك��ثر األش��ياء والح��وادث ال��تي يتنب��أون بوقوعه��ا ثم ال تق��ع! ب��ل يح��دث العكس أحيان��ا، وإذا ص��دقوا في بعض اإلخب��ارات فلربما حص�ل ذل�ك اتفاق��ا، أو عن ق��راءة تحليلي�ة لمس�ار األح�داث والوق�ائع، كم�ا يحصل في بعض اإلخبارات ذات الط��ابع السياس��ي أو األم��ني، حيث إن ك��ل مت��ابع لألحداث يستطيع التنبؤ بمسار األحداث ومآالتها، فعندما يطل علينا بعض المتنب��ئين ويخبرنا أن ثمة رئيسا عربي��ا � على سبيل المثال � سوف يموت في العام الق��ادم،��وحى إلي��ه أو يلقى في روع��ه، فال يكشف إخباره هذا عن امتالكه علم الغيب وأنه ي ألن كل واحد منا على معرفة بأن معظم هؤالء الرؤس��اء والمل��وك ق��د بلغ��وا س��ن الشيخوخة، وأن بعضهم يعاني من أمراض مميتة، وبالتالي نس��تطيع التكهن بم��وت

أحدهم، فهل يكشف ذلك عن امتالكنا علم الغيب؟! ولهذا كله نستطيع القول: إن دعاوى اإللهام واإليحاء هي دعاوى فارغة وال دلي��ل على صدقيتها، وال يمكن التعويل عليها وال تصديق أصحابها، فق��د ورد في الح��ديث:

: إن عن��دنا ب��الجزيرة رجال ربم��ا أخ��بر من يأتي��ه يس���أله ع���نQقلت ألبي عب��د الله من مشى »:P قال رسول اللهالش�يء يسرق أو شب�ه ذلك، فنسأله؟ ق��ال:

إلى ساحر أو كاهن أو كذاب يصدقه فيما يقول فقــد كفــر بمــا أنـزل. P»17على محمد

3 من أبواب ما يكتسب به، الحديث26، الباب 150 ص17 وسائل الشيعة، ج17

Page 21: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

فراسة العين ، وهو االعتم�اد عل�ى فراس�ة الع�ين، فه��و � كس��ابقه �وأما الطريــق الثاني

طريق ظني وال حجية له شرعا، وال سيما إذا أريد االستناد إليه في اته��ام اآلخ��رين أو التعرف على المتهم، أو ترتيب سائر اآلثار الشرعية مما يتصل بالنسب أو غيره، بون األوالد إلى آب��ائهم، اس��تنادا وقد كان في الجاهلية أناس يعرف��ون بالقاف��ة ينس�� إلى التشابه الجسدي بين الطرفين، وقد رفض التشريع اإلسالمي في مدرسة أهل

االعتماد على »القيافة« في إثبات النسب أو نفي�ه، ألن الق�ائف يعتم�د علىRالبيتقرائن ظنية ال ترقى إلى مستوى اليقين واالطمئنان.

��أ ��ئين ال ينتظ��ر إلى أن يلتقي باألش��خاص ليتنب ومن الغ��ريب حق��ا أن بعض المتنب لهم، وإنما يكتفي بسماع أصواتهم ولو عبر جه��از التلف��ون، وم��ا أن ي��ذكر المتص��ل اس��مه ح��تى يش��رع المتنبىء بالح��ديث عن مس��تقبل ه��ذا المتص��ل وعن أحوال��ه الخاصة وعما ينتظره أو ينتظر أبناءه من مصاعب وتحديات، وما سيقدم علي��ه من زواج أو سفر أو مرض أو فرح، إلى غير ذلك من المغيبات ال��تي ال يعلمه��ا إال الل��ه خالق اإلنسان والعالم بسره وعالنيته، ولم يعهد حتى عن األنبياء أنهم أخبروا عنه��ا،إال في ظروف استثنائية خاصة وعلى سبيل اإلعجاز، كما حدث مع عيسى المس��يح

Qحيث كانت إحدى آياته ومعجزاته إخبار بني إسرائيل بم��ا ي��أكلون، وم��ا ي��دخرون ، رائيل﴿في بيوتهم، كما نصت على ذلك اآلي��ة الش��ريفة: ــ ورسوال إلى بني إس

ــر ن الطين كهيئة الطي ــق لكم م بكم أني أخل ــة من ر أني قد جئتكم بآي فأنفخ فيه فيكون طيــرا بــإذن اللــه وأبــرئ األكمــه واألبــرص وأحيـــيــوتكم إن في الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بي

ؤمنين [، وهؤالء المتنبئون ال يزعمون49﴾]آل عمران : ذلك آلية لكم إن كنتم م أنهم أنبياء يوحى إليهم ويطلعهم الله على المغيبات، وعليه فما يتحدث به ه��ؤالء ال��ؤات نفس��ية ال تمت إلى الواق��ع يخلو إم��ا أن يك��ون ش��عوذات ودج��ل أو مج��رد تهي بصلة، وعلى التقديرين ال يجوز التعويل على مزاعمهم و تص��ديقهم أو ال��ترويج لهم

بأي شكل من األشكال.

التواصل مع الجن )الكهانة(��ؤات أو اإلخب��ارات ال��تي ي��زعم أص��حابها أنهموأما الطريق الثالث ، وه��و التنب

استقوها من الجن، فإننا نتوقف عندها بش��يء من التفص��يل لنس��جل بعض النق��اطوالمالحظات:

Page 22: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

الجن حقيقة قرآنيةميتأوال: إن الجن حقيقة قرآنية تحدثت عنه العديد من اآليات الكريمة، وس��

سورة كاملة في القرآن باسم »الجن«، ولهذا آمنا ب�ه، م�ع أنن�ا لم ن�ره ولم نحت��ك به، وإذا كان العلم لم يستطع إلى اآلن اكتشاف ه��ذا المخل��وق، فه��ذا ال ي��برر نفي وجوده، فإن النفي يحتاج إلى دليل واضح وحاس��م، وه��و مفق��ود، وكم هي األش��ياء التي لم يتسن للعلم والعلماء اكتشافها أو معرفة حقيقته��ا وأس��رارها، فه��ل يج��وز

في منطق العقل والعلم إنكارها؟!

هل يمكن التواصل مع الجن؟ إن فرص�ة التواص�ل الثابت�ة قرآني�ا فيم�ا بين اإلنس والجن هي الوسوس��ةثانيا:

ويوم يحشرهم جميعا يا معشر﴿التي يمارسها الجن تجاه اإلنس، قال تعالى: ن اإلنس [، إال أن ه��ذه الوسوس��ة ال تص��ل128﴾]األنع��ام: الجن قد استكثرتم م

ح��دا يفق��د اإلنس��ان إرادت��ه وحريت��ه أم��ام وس��اوس الجن وإغراءات��ه، ق��ال تع��الى:ا قضي األمر إن الله وعدكم وعد الحــق ووعــدتكم﴿ يطان لم وقال الش

تجبتم أن دعــوتكم فاســ لطان إال فأخلفتكم وما كان لي عليكم من ســ [، أم�ا قض�ية التواص�ل م�ع الجن والمخالط�ة مع�ه22﴾]إبراهيم: لي فال تلوموني

فيما عدا الوساوس الشيطانية، فليس واضحا أنه��ا متاح��ة للن��اس بش��كل ط��بيعي، حيثQوإنما ثبت ذلك في حاالت خاصة واستثنائية، كم��ا حص��ل م��ع الن��بي س��ليمان

سخر الله له الجن ليعملوا بين يديه وفي خدمته، كما سخر له الطير وال��ريح وأالن فلم ي�رد في الق�رآن الك�ريم ما يش�ير إلى أن�ه تواص�لP. وأما النبي محمد18له الحديد

بأن نف��را من الجنPمع الجن، فإن ما جاء في القرآن هو أن الله سبحانه أخبر نبيه ونقلوا ذلك إلى ق��ومهم، من دون أن ي��رد في اآلي��ات أي��ةPقد استمعوا إلى حديثه

تمع﴿ رآهم أو تحدث إليهم، قال تعالى: Pإشارة إلى أنه ــه اســ قل أوحي إلي أنن الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا .19[1﴾]الجن: نفر م

12، وسورة سبأ آية17�39 راجع سورة النمل آية18

29 ونحوه ما جاء في سورة األحقاف آية19

Page 23: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

وتش���ير بعض الرواي���ات إلى وج���ود ح���اجب بين اإلنس والجن، ففي الح���ديث »..وأجعــل بين الجن وبين خلقي: Qالقدس��ي الم��روي عن أم��ير المؤم��نين

.20حجابا، وال يرى خلقي الجن وال يؤانسهم وال يخالطونهم« وفي ضوء ذل��ك فإنن��ا ن��رفض حكاي��ة تلبس الجن ب��اإلنس، ودخول��ه في جس��مه

��ه ين��افي قول��ه: وما﴿وسيطرته على حواسه، فهذا فضال عن أنه ال دليل عليه، فإنلطان [، وم��ا ينق��ل من قص��ص عن تلبس22﴾]إب��راهيم: كان لي عليكم من ســ

الجن ببعض الناس، بحيث أنه ينطق على لسانهم، ويدفعهم إلى القي��ام بتص��رفات غريبة أو غير معهودة بالنس��بة إليهم ال ب��د من الت��دقيق فيه��ا، فربم��ا ك��انت ح��االت مرضية، ما يستدعي معها الرجوع إلى أهل الخ��برة واالختص��اص في ه��ذا المج��ال،��ة، ويص��فون له��ا وبالرجوع إليهم نجد أنهم يذكرون له��ذه الح��االت تفس��يرات علمي

عالجات خاصة تساعد على الخروج منها. ولهذا فإننا نستغرب ما صدر من بعض الفقهاء من فتاوى حول مشروعية الزواج ب��الجن، وعن وج��وب الغس��ل على األنس��ي إذا خال��ط جني��ة، وعن حكم األك��ل من ذبائحهم إلى غير ذلك من الفتاوى المنشورة في كتب الفقه، والتي طرحها الفقهاء ودونوها انسياقا منهم مع ما هو الشائع في زمانهم من إمكانية التواص��ل م��ع الجن والتزاوج منهم، مع أن هذا فيما يبدو من الخرافات والخياالت التي ال واقع لها، وقد دافع بعضهم عن الفقهاء، معتبرا أنهم إنما بحثوا ذلك ال من موقع إيم��انهم بواقعي��ة ذلك، بل طرحوها كتمارين فقهية جريا على سنتهم في افتراض الح��االت والوق��ائع

، ولكن هذا التوجي��ه ال تس��اعد علي��ه كلم��ات21التي يترقب وقوعها أو يمكن أن تقع الفقهاء أنفسهم، فإنها ظاهرة في أنهم يتكلم��ون عن وق��ائع وليس مج��رد مس��ائل

.22افتراضية وتمارين فقهية105 ص1 علل الشرائع ج20

25 الفتاوي للشيخ شلتوت ص 21

أنظر على سبيل المثال ما يقوله الدميري في حي��اة الحي��وان: »ك�ان الش�يخ عم��اد ال��دين بن ي��ونس22 رحمه الله يجع�ل من موان�ع النك�اح اختالف الجنس، ويق�ول: ال يج�وز لإلنس�ي أن ي�تزوج جني�ة، لقول�ه

﴿تعالى: كم أزواجــا ن أنفســ [.. ونص على منع��ه جماع��ة من أئم��ة72﴾ ]النح��ل: والله جعل لكم م الحنابلة، وفي الفتاوى السراجية: ال يجوز ذلك الختالف الجنس، وفي الغنية: سئل الحسن البصري عنه فقال: يجوز بحضرة شاهدين، وفي مسائل ابن حرب عن الحسن وقت��ادة أنهم��ا كره��ا ذل��ك، وعن زي��د العمى أنه كان يقول: »اللهم ارزقني جنية أتزوج بها فتصاحبني حيثما كنت... وق��ال الش��يخ نجم ال��دين القمولي: وفي المنع من التزويج نظر، ألن التكليف يعم الف��ريقين ق��ال: وق��د رأيت ش��يخاكبيرا ص��الحا أخبرني أنه تزوج بجنية، انتهى، قلت: وقد رأيت أنا رجال من أهل القرآن والعلم أخبرني أنه تزوج أربع��ا من الجن واحدة بعد واحدة، ولكن يبقى النظ�ر في حكم طالقه�ا ولعانه�ا واإليالء منه�ا وع�دتها ونفقته��ا

Page 24: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

هذا ولكن البعض يحكي عن تجارب شخصية في التواصل مع الجن، ق��ال الفخ��ر الرازي: »إن أصحاب الصنعة وأرباب التجربة شاهدوا أن االتصال باألرواح األرض��ية

وهذا ما نسمعه23كالجن، يحصل بأعمال سهلة قليلة من الرقي والدخن والتجريد«من بعض الناس في زماننا، والله العالم.

تحضير الجن وتسخيره بناء على إمكانية التواصل مع الجن، فه��ل يج��وز تحض��يرهم أو تس��خيرهمثالثا:

بهدف االستطالع عن بعض الغائبات منهم؟الظاهر حرمة تسخير الجن إذا انطبقت عليه العناوين التالية:

إذا كان المسخر عرضة للضرر سواء الجسدي أو النفسي، كالجنون أو نحوه. أن يك��ون المس��خر من مؤم��ني الجن، ف��إن تس��خيره يش��كل إي��ذاء وظلم��ا ل��ه

فيحرم، أما تسخير الكفار من الجن أو اإلنس فال دليل على حرمته. أن يتم االستعانة بوسائل ومقدمات محرمة في عملية التسخير.

.24ومع انتفاء العناوين الثالثة فال موجب للحرمة

الجن ال يعلمون الغيب لو سلمنا بإمكانية التواصل مع الجن، فه��ل يس��تدعي ذل��ك التس��ليم ب��أنرابعا:

لديهم مقدرات استثنائية تمكنهم من معرفة المغيبات؟ الظ��اهر أن ه��ذا غ��ير ث�ابت أيضا وال دليل عليه، ألن الجن وإن كان كائنا غير مرئي، م��ا ق��د يمكن��ه من س��هولة��ه يبقى مح��دود الق��درة، كم��ا يظه��ر من قول��ه التحرك بالقي��اس إلى اإلنس��ان، لكن وكسوتها والجمع بينها وبين أربع سواها، وما يتعلق بذلك وكل هذا فيه نظر ال يخفى...«)حي��اة الحي��وان

2(، والحظ أيضا ما نقله الشيخ يوسف البحراني حول ه��ذه المس��ألة في كتاب�ه: الكش��كول ج302 ص1ج ، فإن هذه الكلمات وسواها ظاهرة في أنهم يتحدثون عن وق�ائع �� بنظ�رهم �� وليس عن مج�رد177ص

تمارين افتراضية.

أقول إن ه�ذا المقط�ع الموج�ود في المتن ه�و ج�زء من نص طوي�ل للفخ�ر ال�رازي تح�دث في�ه عن23 وما بع��دها(، والغ��ريب أن ه��ذا النص211 ص3أقسام السحر وأنهاها إلى ثمانية )راجع التفسير الكبير ج

وما بعدها، من دون إشارة إلى مص��دره األس��اس وه��و287 ص56قد أورده المجلسي في بحار األنوار ج تفسير الفخر الرازي، وقد نقل معظم الفقهاء في مبحث السحر من المكاس��ب المحرم��ة مق��اطع من هذا النص عن المجلسي معتقدين أن هذا من تحقيقاته، مع أن األم��ر ليس ك��ذلك كم��ا ع��رفت، أنظ��ر:

وما بعدها.453 ص1 وما بعدها، ومصباح الفقاهة للسيد الخوئي ج261 ص1كتاب المكاسب لألنصاري ج

.465 ص1 أنظر: مصباح الفقاهة ج24

Page 25: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ــار﴿تع��الى: ذوا من أقط تطعتم أن تنفــ ر الجن واإلنس إن اســ ــا معشــ يماوات واألرض فانفذوا ال تنفذون إال بسلطان [، وهك��ذا33﴾]الرحمن: الس

فإن دعوى أنه يعلم بالمغيبات وال سيما ما سوف يحدث في ق��ادم األي��ام ال ش��اهد عليها، بل إن الش��اهد على العكس من ذل��ك تمام��ا، كم��ا يس��تفاد من قول��ه تع��الى

ا قضينا عليه المــوت مــا دلهم على موتــه إال﴿: Qبشأن موت سليمان فلمر تبينت الجن أن لو كــانوا يعلمــون ا خــ أته فلم ــل منســ دابة األرض تأك

[، حيث دلت اآلية الشريفة على14﴾]سبأ : الغيب ما لبثوا في العذاب المهين قد وافاه األجل وهو متكىء على عصاه وبقي م��دة على ه��ذه الح��ال،Qأن سليمان

ولم يكتشف الجن واإلنس موته بل كانوا يحسبونه حيا إلى أن نخرت داب��ة األرض، وهي الحشرة، عصاه، فانكسرت وسقط سليمان، عندها علم الجميع بموته وت��بين

.25أن الجن ال يعلمون الغيب، وإال لما لبثوا في أسر سليمان وخدمته

الجان: منهم الصادق ومنهم الكاذب ثم � وبناء على إمكانية التواصل مع الجن � كي��ف لن��ا أن نص�دق الج��انخامسا:

فيما يلقيه إلينا من إخبارات مع أن فيهم الكاذب كما الصادق؟! قال تع�الى حكاي�ةول اإلنس والجن على﴿عن لس���ان طائف���ة من الجن: ــ وأنا ظننا أن لن تق

[، لكنهم فوجئ��وا ب��أن ق��ادتهم ورؤس��اءهم يف��ترون على الل��ه5﴾]الجن: الله كـذبا وأنا منا﴿الك��ذب ويص��فونه بم��ا ال يلي��ق بعظمت��ه، وق��ال تع��الى في آي��ة أخ��رى:

لمون ومنا الحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قــددا... وأنا منا المســ الصــانوا طون فك ا القاســ دا*وأم وا رشــ القاسطون فمن أسلم فأولئك تحر

[، وعليه فأنى لنا الوثوق بهذا المصدر في اس��تطالع11�14�15﴾]الجن: لجهنم حطباالمغيبات والتنبؤ باألحداث؟!

منع الجن من استراق السمع يستفاد من بعض اآليات القرآني��ة أن المص��در ال��ذي ك��ان الجن يعتم��دسادسا:

عليه في التعرف على المغيبات هو محاولة استراق الس��مع من المأل األعلى، وق��د سد الله عليهم هذا الباب ومنعهم من الوصول إلى السماء الستراق الس��مع، ألنه��ا

هب الحارق��ة، ق��ال تع��الى: أنا لمسنا﴿محصنة بالحفظة والح��رس الش��ديد والش��ا هبا * وأنا كنا نقعــد منهــ ديدا وشــ دناها ملئت حرســا شــ ماء فوجــ الســ

.253 أنظر حول تفسير هذه اآلية: تفسير الكاشف ج 25

Page 26: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

دا صـ هابا ر د لـه شــ تمع اآلن يجـ مع فمن يســ [، إن8���9﴾]الجن:مقاعد للسـ هاتين اآليتين تس��جالن اعتراف��ا ص��ريحا ص��ادرا من الجن أنفس��هم ومف��اده: أنهم ال يعلمون الغيب، وممنوعون من استراق السمع من المأل األعلى، مم��ا ك��ان يش��كل

مصدرا لهم الستطالع المغيبات.

تحضير األرواح إن ما ذكرن��اه ح��ول تس��خير الجن ي��أتي في معظم��ه في قض��ية تس��خير األرواح وتحض��يرها، وبي��ان ذل��ك: إن البعض ي��زعم أن بإمكان��ه تس��خير األرواح واس��تعالم المغيب��ات من خالل اس��تنطاقها، والتسخير��� كم��ا يزعم��ون ��� يتم: إم��ا عن طري��ق التقمص بجسد أحد األشخاص، السيما األطفال حيث تحل ال��روح في��ه وتتكلم على لسانه، وإما عن طريق الفنجان، حيث تؤخذ ورقة ويكتب عليها الح��روف األبجدي��ة، ويوضع إلى جنبه�ا فنج��ان مقل�وب، ثم يتل�و المس��خر لل�روح بض��ع كلم�ات ف��يرتفع الفنجان ويتحرك، وهنا يبدأ التواص��ل م��ع ال��روح حيث تس��أل بعض األس��ئلة وتجيب من خالل حرك��ة الفنج��ان وانتقال��ه بنفس��ه من ح��رف إلى ح��رف آخ��ر من تل��ك

الحروف الموجودة على الورقة بما يشكل جملة مفيدة.وموقفنا من تحضير األرواح يمكن تلخيصه بالنقاط التالية:

إن تسخي�ر األرواح أمر غي�ر ثاب�ت، ألن ال���روح بع��د انفص��الها عن الجس��دأوال: ومن ورائهم برزخ إلى﴿بسبب الموت ت��دخل في ع��الم ال��برزخ، ق��ال تع��الى:

[، والبرزخ � وهو الحاجز بين شيئين � ع��الم مختل��ف100﴾]المؤمنون : يوم يبعثون عن عالم الدنيا في قوانينه وأحكامه، والروح هناك � كم��ا تتض��من بعض الرواي�ات �

»وهو في تفس��ير ال��برزخ Qإما منعمة أو معذبة، ففي الحديث عن أمير المؤم��نين ، وعن علي26أمر بين أمرين، وهو الثواب والعقاب بين الدنيا واآلخـرة«

والله إن القبر لروضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر: »Qبن الحسين ، وعليه، فمن ذا الذي يستطيع أن ينتزع روح المؤمن من النعيم ال��تي هي27«النار

فيه ويسخرها لتجيب على أسئلة مع ما في ذلك من اإليذاء لها والتض��ييق عليه��ا؟!ومن ذا الذي يستطيع إخراج روح الكافر والمنافق من العذاب التي هي فيه؟!

.553 ص3؛ وتفسير نور الثقلين ج93 ص2 � ج19ص 1؛ وراجع تفسير القمي ج446 ص6 بحار األنوار ج26

.119 الخصال ص27

Page 27: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ومما يشهد ويؤي��د م��ا ذكرن��اه من أن��ه ال مج��ال للتواص��ل بين أه��ل ال��دنيا وأه��ل عندما مر بع��د رجوع��ه من ص��فينQالبرزخ: ما جاء في الحديث عن أمير المؤمنين

يا أهــل الــديارعلى قب��ور بظه��ر الكوف��ة فوق��ف وخ��اطب أه��ل تل��ك القب��ور: » الموحشة والمحال المقفرة والقبور المظلمة، يا أهل التربــة يـا أهـلــا الوحدة يا أهل الوحشة أنتم لنا فرط سابق ونحن لكم تبع الحــق، أممت، ــ الدور فقد سكنت وأما األزواح فقد نكحت وأما األموال فقد قس

ــو؟ ثم التفت إلى أصحابه فق��ال: هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم أما ل ، فهم إذن ��� كم��ا28«أذن لهم في الكالم ألخبروكم أن خير الزاد التقــوى

� ممنوعون من الكالم محجوبون عن أهل الدنيا.»لو أذن..«يستفاد من عبارة: إن ال��روح ��� على ف��رض أن��ه يمكن التواص��ل معه��ا ��� ال تعلم الغيب، ألنثانيا:

الغيب ال يعلمه إال الله، كما دلت على ذلك اآليات القرآنية المتقدم��ة، كم��ا أن ثم��ة سببا آخر يمنع األرواح من االطالع على أح��داث ع��الم ال��دنيا وه��و أنهم محج��وزون عن هذا العالم في حياتهم البرزخية، كما يستفاد ذل��ك من الرواي��ات ال��تي تتح��دث عن أنه إذا انتقلت روح جديدة إلى عالم البرزخ فتأخذ األرواح هناك في مس��اءلتها: »ما فعل فالن؟ وما فعل فالن؟ فإن قــالت لهم: تركتــه حيــا ارتجــوه،

، وفي رواي�ة أخ�رى عن29وإن قالت لهم: قد هلك، قالوا: قد هوى هوى« ـ عنده يسألونه عمنأي األرواح»إذا مات الميت اجتمعوا ـ : Qأبي عبد الله

مضـى وعمن بقي، فـإن كــان مــات ولم يــرد عليهم قـالوا: قـد هــوى هوى، ويقــول بعضــهم لبعض: دعــوه حــتى يســكن ممــا مــر عليــه من

، فل�و ك�انت األرواح تعلم م�ا يج�ري في ع�الم ال�دنيا من أح�داث لم�ا س�ألت30الموت«عنها الروح القادمة إليها.

وق��د تس��أل: إذا ك��ان التواص��ل م��ع األرواح ليس ثابت��ا، واألرواح ال تعلمثالثــا:ر ما يح��دث خارج��ا مم��ا ن��راه بأعينن��ا، حيث يتم تحض��ير ال��روح الغيب، فكيف نفس بواسطة الفنجان أو التقمص في جسد األطفال والنطق على لسانها؟ وإذا لم تكن الروح هي التي حضرت، فمن الذي أنطق هذا الطفل بأمور ال يعلم عنه��ا ش��يئا وال

.30 ص4 نهج البالغة ج28

.244 ص3 الكافي ج29

م.ن.30

Page 28: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

يفقهها؟! ومن الذي حرك الفنج��ان على الح��روف بم��ا يعطين��ا مع��ان متناغم��ة م��عاألسئلة التي تطرح على الروح؟!

والجواب: إن هذا األمر يحتاج فعال إلى تفسير، لكن تفسيره ال ينحصر بأن تك��ون الروح هي المستحضرة وهي التي تجيب على أسئلتنا، ب�ل هن�اك تفس��يرات أخ��رى

لذلك، نذكر اثنين منها: هناك احتم��ال ب��أن م��ا يج��ري برمت��ه ليس واقعي��ا، وإنم��ا ه��والتفسير األول:

محض تخيالت وتالعب بأبصار الحضور، كما هي طريقة السحرة في أساليبهم التي تعتمد الخفة والدقة ما يوهم الناظر بوقوع أحداث معينة، مع أنه ال أس��اس له��ا من الصحة، كما فعل سحرة بني إسرائيل عندما ألقوا حبالهم وعصيهم وس��حروا أعين

ل إلى موسى نفسه من س��حرهم أنه��ا أف��اع تس��عى،Qالناس واسترهبوهم حتى خي.31طبقا لما نص عليه الذكر الحكيم

إنه على فرض التسليم بواقعي�ة م�ا يج�ري من حرك�ة الفنج�انالتفسير الثاني: ونحوها، لكننا نسأل: من الذي يستطيع أن يضمن أن الروح المستحض��رة والمس��خرة هي روح بش��رية؟! أليس من ال��وارد أن يك��ون ذل��ك من مص��ائد الش��يطان ومكائ��ده بهدف إضالل اإلنسان وإرباك حياته، وهي المهمة التي ن��ذر نفس��ه ��� وه��و الوس��واس الخناس � ألجلها، وطلب من الله إنظاره وإمهاله إلى يوم الدين بغية إنجازها، متعمدا

قال أنظرني إلى يوم يبعثون * قال﴿أن يتوسل كل األساليب في سبيل ذلك، إنك من المنظرين * قال فبما أغويتني ألقعدن لهم صراطك المستقيممآئلهم * ثم آلتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمــانهم وعن شــ

[.14�17﴾]األعراف: وال تجد أكثرهم شاكرين��ه ال فرص��ة للتواص��ل م��ع الجن، ألن م��ا وهذا ال يتنافى مع ما تقدم س��ابقا من أن نفيناه إنما هو التواصل الطبيعي الواضح وما يحدث هنا ليس كذلك، فإن الش��خص الذي يزعم أنه يسخر األرواح إنما يقوم بعمل معين بهدف التواصل مع األرواح ��� ال الجن ��� متوهم��ا إمكاني��ة ذل��ك، فيت��دخل الش��يطان من حيث ال ي��دري على الخ��ط

ويجيب على أسئلته بهدف إضالله أو إرباك حياته، كما قلنا. ما هو حكم الشرع في هذا العم��ل المس��مى تس��خير األرواح، وه��ل ه��ورابعا:

جائز أم محرم؟

.66 � وطه؛ 18 أنظر: األعراف؛ 31

Page 29: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

يظهر من بعض الفقهاء أن التسخير المذكور إنما يحرم إذا انطب��ق علي��ه عن��وان محرم، كما لو كان فيه إيذاء وإضرار بالنفس المسخرة، أو إذا انطبق علي��ه عن��وان

السحر، ألن ممارسة السحر محرمة شرعا.ئل الس��يد الخ��وئي: ه��ل يج��وز ش��رعا تس��خير األرواح لالس��تخبار منهم عن س��

أحوالهم وأحوال البرزخ وغير ذلك؟ فأجاب: األظهر تحريم إحض��ار من يض��ره اإلحض��ار من النف��وس المحترم��ة دون

غيرها.ه إليه: هل يحرم تحضير األرواح بالفنجان وبغير الفنجان؟ وفي سؤال آخر وج

.32أجاب: نعم، يحرم إذا كان يعد من فن السحر وتعليقا على هذه الفتاوى نق�ول: إن�ه بناء عل�ى ع���دم واقعي��ة تس��خير األرواح � كما رجحنا � فال موجب للتحريم بعن��وان اإلض��رار ب��النفوس المس��خرة، أج��ل يبقى

وجه التحريم قائما إذا عد التسخير من السحر وانطبق عليه عنوانه.

التنجيم والمنجمون الطريق الرابع: هو االعتماد على التنجيم، والمنجمون � كما يزعمون � يس��تندون في إخباراتهم وتوقعاتهم على النظر في النجوم واألفالك، العتقادهم أن له��ا ت��أثيرا على مصير اإلنسان، كما أس��لفنا، والس��ؤال: ه��ل أن للنج��وم ت��أثيرا على اإلنس��ان وعلى الحوادث في هذا العالم؟ وهل يمكن معرف��ة م��ا سيحص��ل للن��اس من خالل النظر في النجوم؟ وما قيمة اإلخبارات الفلكية؟ وهل يجوز تصديق المنجم والتردد

عليه؟

علم الفلك والتأثير الصحيح هناك نوع من التأثير الطبيعي للنجوم ال شك فيه، وه��و ت��أثير يرتك��ز على أس��س وقواعد مفهومة تحكم النظام الكوني، فحركة الشمس ووض��عيتها ومن��ازل القم��ر، وكذا سائر الكواكب تؤثر في الفصول األربعة، وفي المد والج��زر، وت��ؤثر في حي��اة

اإلنسان والحيوان والنبات. ولذا، فالنظر في الكواكب لمعرفة تأثيراتها التكوينية أمر ج��ائز، ب��ل مطل��وب وال مش��كلة في��ه، وهك��ذا الح��ال في معرف��ة األوض��اع الفلكي��ة واق��تران بعض األفالك

.443 � 442 ص1 صراط النجاة ج32

Page 30: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ببعض، وحركة المنظومة الشمسية وما يتصل بحرك��ة الش��مس وكس��وفها والقم��ر وخسوفه، وغير ذلك، مما يدخل تحت علم الهيئة أو علم الفلك، فهذا كله مشروع،

بان﴿وق��د أق��ره اإلس��الم وش��جع علي��ه، ق��ال تع��الى: مس والقمــر بحســ ﴾الشديم﴿[� 5]الرحمن : ﴾]يس :والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القــ

[، وقد ب�رع الكث�ير من علم�اء المس�لمين في ه��ذا العلم، وك��انت لهم إس�هامات39 هام��ة في ه��ذا المج��ال، ول��ذا ال م��انع إطالق��ا من أن نتع��رف على من��ازل القم��ر وأوضاعه، وأن نخبر عنها، شريطة أن نملك علما يؤهلنا للحديث عن ذلك، أو خبرة تسمح بذلك، كم��ا ق��د يحص��ل م��ع بعض الم��زراعين والفالحين وال س��يما المس��نين منهم ممن أكسبتهم تجارب الحياة الكثير من الخبرة والمعرفة الفلكية، خاصة فيما

.33يرتبط بحالة الطقس العامة، أو نحو ذلك وال بد أن تكون اإلخبارات الفلكية متناسبة مع المعطيات ال��تي يمتلكه��ا الفلكي، فإذا كانت المعطيات التي بحوزته ال تخول��ه اإلخب��ار اليقي��ني، فعلي��ه أن يخ��بر على سبيل الظن والتوقع، كم��ا هي الح��ال في توقع��ات حال��ة الطقس، والمعه��ود ل��دى المراصد الفلكية في العالم التزام أعلى درجات الدق��ة والمص��داقية في تق��اريرهم

وآرائهم.

التنجيم المرفوض ولكن ثمة نوع آخر من اعتقاد التأثير مرفوض وال يمكننا القب��ول ب��ه، وه��و االعتق��اد بأن للنجوم تأثيرا في حياة اإلنسان لجهة مرضه، وص��حته، وفق��ره، وغن��اه، وس��عادته،

وشقائه، والمنجم هنا ينظر في الطالع ويتنبأ للشخص على هذا األساس. إن هذا النوع من التأثير باط��ل وال دلي��ل علي��ه، س��واء ابت��نى على االعتق��اد، ب��أن��ه ليس ل��ه نف��وس وأنه��ا فاعل��ة ب�اإلكراه للنجوم نفوسا وأنها فاعلة باالختي��ار، أو أن والقسر، وربما وصل االعتقاد بمؤثرية النج��وم في ح��وادث الع��الم وحي��اة اإلنس��ان

يحكى أن المحقق الخواجة نصير الدين الطوسي وهو من أبرز علماء الفلك المسلمين، مر في بعض33 أسفاره على طحان، له طاحونة خ��ارج البل��د، وع��زم على الم��بيت عن��ده تل��ك الليل��ة، وبس��بب ح��رارة الطقس صعد إلى السطح، فقال له الطحان: إنزل ونم في البيت تحفظ��ا من المط��ر، فنظ��ر المحق��ق إلى األوضاع الفلكية فلم ير ش��يئا فيم��ا ه��و مظن��ة للت��أثير في المط��ر، فلم يلتفت لق��ول الرج��ل ون��ام وأصحابه على السطح، ولم يمض زمن طويل من الليل حتى هط��ل المط��ر، فق��ام المحق��ق ومن مع��ه ودخلوا سريعا إلى الطاحونة، وهنا سأل المحقق ذلك الرجل: من أين علمت أنها ستمطر الليلة؟ فقال له: إن لي كلبا يأوي في كل ليلة يحس بهطول المطر إلى داخل الطاحونة! فقال المحق��ق: ي��ا حس��رةعلى عمر أفنيناه ولم نبلغ من الفهم واإلدراك ما يفهم��ه الكلب! )أنظ�ر: قص��ص العلم��اء للتنكب��اني ص

(.204 ص1، وكتاب المكاسب للشيخ األنصاري ج644

Page 31: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

إلى حد الكفر بالله سبحانه، كم��ا ه��و معتق��د بعض الن��اس، ب��أن النج��وم هي العل��ة التامة في حدوث الحوادث، فهذا االعتقاد يمثل إنكارا للصانع، وقد ورد في الحديث

ــافرالش���ريف: » ــاحر كالك ــاحر والس ــاهن كالس ــاهن والك المنجم كالك.34«والكافر في النار

أجل، لو كان المنجم يعتقد أن النجوم إنما تؤثر في ذل��ك من خالل م��ا أودع��ه الل��ه��ه اعتق��اد باط��ل، فيها من سر التأثير، دون أن تستقل بذلك، فهذا ال يمثل كف��را، ولكن لعدم الدليل على ذلك التأثير ال من العلم وال من الدين، بل إن بعض الروايات تبطله،

السير إلى النهروان أتاه منجم فقال له: ياQكما في الحديث: »لما أراد أمير المؤمنينر في ثالث س�اعات يمض��ين من النه��ار، أمير المؤمنين ال تسر في ه��ذه الس��اعة وس�

؟ قال: ألنك إن سرت في هذه الس��اعة أص��ابك وأص��اب أص��حابكولما ذاك: Qفقال أذى وضر شديد، وإن سرت في الساعة التي أمرتك ظفرت وظهرت وأصبت كل م��ا

؟تدري ما في بطن هذه الدابة أذكر أم أنثى: Qطلبت، فقال له أمير المؤمنين من صدقك على هــذا القــول: Qقال: إن حسبت علمت، ق��ال له أمير المؤمنين

ل الغيث ويعلم مــا في﴿: كذب بــالقرآن اعة وينــز إن الله عنــده علم الســب غــدا ومــا تــدري نفس بــأي أرض اذا تكســ األرحــام ومــا تــدري نفس م

يــدعي مــا ادعيت!Pما كــان محمد[،�� 34﴾]لقم��ان : تموت إن الله عليم خبير أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من ســار فيهــا حــاق بــه الضــر؟! من صدقك بهذا استغنى بقولك عن االستعانة بالله عز وجل في ذلك الوجه وأحوج إلى الرغبة إليــك في دفــع المكـروه عنــه، وينبغي لــه أن يوليــك الحمد دون ربه عز وجل، فمن آمن لك بهــذا فقــد اتخــذك من دون اللــه

: اللهم ال طير إال طيرك، وال ضير إال ضيرك، وال خــيرQندا وضدا، ثم قال إال خــيرك، وال إلــه غــيرك، ثم التفت إلى المنجم فقــال: بــل نكــذبك

. 35ونخالفك ونسير في الساعة التي نهيت عنها« ولمزيد من التبصر والتوسع حول الموقف اإلسالمي من التنجيم، يمكن مراجع��ة

المصادر الفقهية المختصة، فقد أشبعت هذه القضية بحثا وتحقيقا.

.297 في الخصال صQ، وعن اإلمام الصادق128 ص1 في نهج البالغة جQ مروي عن أمير المؤمنين34

500 أمالي الشيخ الصدوق ص35

Page 32: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

قيمة التنبؤات الفلكية ف�ي ضوء ما تق�دم يتبي�ن أن إخبارات المنجمين ال قيم��ة له��ا، وال يج��وز تص��ديق المنجم فيما يقول، وال ترتيب األثر على كالم��ه في إدان��ة ه��ذا أو اته��ام فالن، ففي

»من صدق كاهنا أو منجما فهو كافر بما أنزل على محمد: Pالحديث عنهP»36،وقد اعتمد التشريع اإلسالمي طرقا خاصة للتحاكم، والتع��رف على الغرم��اء ،

� فيم��ا ورد عن��ه في الخ��بر الص��حيح �Pسواء الس��ارق أو المتهم أو غيرهم��ا، ق��ال.37«إنما أقضي بينكم بالبينات واأليمان»

ولهذا، فإن العقالء وال س��يما المؤم��نين م��دعوون إلى اجتن��اب المنجمين وع��دم الترويج لهم حتى لو صدقوا في تنبؤ هن��ا أو توق��ع هن��اك، ألن القض��ية قض��ية منهج، فالتنجيم ليس منهجا صحيحا للبناء المعرفي والثقافي، وال طريقا س��ديدا للكش��ف،

أو التعرف على المغيبات والحقائق.

قراءة الكف والفنجان أما الطريق الخامس الستطالع المغيب��ات من خالل ق��راءة الك��ف أو الفنج��ان أو »ورق الشدة«، فهو أيضا مما ال يمكن ش��رعا التعوي�ل علي��ه، ب��ل إن ه��ذه الط��رق المتبعة في الكشف عن الواقع والمغيبات ال نصيب لها من الصحة، وال تعتم��د على منطق وال عقل، إذ كيف نتعقل أن يكون وجود بعض الرسوم واألشكال في فنجان على ما سيواجهه في قادم األيام؟! القهوة � مثال � كاشفا عن مصير الشخص وداال وكذا الحال في الخطوط الموجودة على بطن الكف، فإنها ال تحدد مص�ير اإلنس�ان وال دخل لها في سعادته أو شقائه، بل إن ذلك � أعني السعادة والشقاء � هي رهن عمله وفعاله، وطوع إرادته واختياره، واألغرب من ذلك كل��ه أن يلج��أ اإلنس��ان إلى معرف��ة مس��تقبله من خالل خل��ط أوراق ص��نعها بيدي��ه، ثم يخ��رج بعض��ها ويص��در

األحكام على ضوء ذلك! إن اللجوء إلى هذه األساليب يمثل استهانة بالعقل، واس�تخفافا ب�العلم، وتج�اوزا

لتعاليم األنبياء والرسل.

11 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 24، الباب 144 ص17 وسائل الشيعة ج36

414 ص7 الكافي ج37

Page 33: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

استطالع الغيب بواسطة القرآن وثمة طريق سادس يستخدمه البعض في كشف الغائبات والتنب��ؤ باألح��داث، من��ة ش��خص معين واالس��تيحاء من خالل الرج��وع إلى الق��رآن الك��ريم وفتح��ه على ني مض��مون اآلي��ات ال��تي تظه��ر بع��د فتح الق��رآن بم��ا يرتب��ط بمص��ير ه��ذا الش��خص ومستقبله، وما سيواجهه من أح��داث مفرح��ة أو محزن��ة، وه��ذا األم��ر مختل��ف عن

االستخارة بالقرآن في مضمونه وهدفه. وه��ذا الطري��ق ليس طريق��ا ش��رعيا في التع��رف على المغيب��ات، ولم يعه��د في

، وال عرف��ه أص��حابهمR وال األئمة من أهل ال�بيتPاألزمنة السابقة، وال أذن به النبي ��ه ل��و ك��ان مش��روعا لك��انوا أولى الن��اس في األخ��ذ ب��ه، وفي والتابعون لهم، مع أن الحقيقة، فإن استخدام القرآن الكريم في التنبؤ بالمغيبات وقراءة المستقبل، يع��د توهينا للقرآن وتحريف��ا لمقاص��ده، ألن الق��رآن الك��ريم كت��اب هداي��ة، وليس كتاب��ا

ــه هــدى﴿للتنب��ؤ بح��وادث المس��تقبل، ق��ال تع��الى: ــاب ال ريب في ــك الكت ذل[.2﴾]البقرة: للمتقين

المفردة الثانيةنحوسة األيام وسعودتها

في طق��وس الش��عوب وأدبياته��ا الش��عائرية يالح��ظ أن هن��اك ظ��واهر مش��تركةحوس�ة والس��عادة، فتوص�ف بعض يتالقى عليه��ا معظم الن��اس، من ذل�ك قض�يتا الن األيام، بأنها أيام نحس، وهو م��ا يف��رض تجاهه��ا جمل��ة من الممارس��ات الش��عائرية ذات الطابع الوقائي الهادف إلى دفع غائلة النحوسة، وتوصف أيام أخرى بأنها أي��امسعد، ويتم التعامل معها بطريقة احتفالية تحمل الكثير من مظاهر الفرح والمرح.

حقيقة النحوسة والنحوسة � كما الس��عودة ��� في العم��ق ليس��ت منبعث��ة عن خصوص��ية في ذات الزمان تفرض هذا الص�فة أو تل�ك، وإنم�ا هي تعب�ير عن تفاع�ل بين عناص�ر ثالث�ة،

Page 34: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

وهي: اإلنسان، الزمان، الحدث، فإن كان التفاعل إيجابي��ا، ف��اليوم ي��وم س��عد، وإن كان سلبيا فاليوم، يوم نحس، فعندما يضفي الن��اس على ي��وم م��ا ص��فة النحوس��ة مثال، فبسبب كونه ظرفا لوقوع حدث كارثي مأساوي، ومأساوية الحدث هذه تحفر في الذاكرة الجمعية جرحا بليغا وتخلق أو توجد اقتران��ا أكي��دا وارتباط��ا عميق��ا بين الحدث والزمن، بحيث يتداعى الحدث إلى ال��ذهن فارض��ا نفس��ه كلم��ا دارت دورة الزمان وحل اليوم المعهود، وليس بالضرورة أن يحد مرور الزمان من التفاعل مع الحدث، بل ربما رسخه وأضفى عليه طابعا أس��طوريا، وال س��يما إذا ك��انت عناص��ر القضية المأساوية تمتلك قدسية لدى الرأي العام، وهكذا قد يبلغ التفاع��ل الس��لبي مع »األيام المنحوسة« ذروته عندما تنبذ ه��ذه األي��ام، ويتم التعام��ل معه��ا بطريق��ة تشاؤمية سوداوية، فيحاول اإلنس�ان الته�رب أو االختب��اء منه�ا، ويتح��رز عن القي�ام فيها بأي نشاط اقتص��ادي أو تج��اري أو اجتم��اعي، فيتجنب ��� على س��بيل المث��ال � الزواج والس��فر والتج��ارة والس��عي في حوائج��ه المختلف��ة ونحوه��ا من األنش��طة،

مخافة أن تصيبه لعنة تلك األيام. وفي تراثن��ا ال��ديني م��ا يع��زز فك��رة النحوس��ة ويكرس��ها ويمنحه��ا »الش��رعية« فكيف نفهم ذلك؟ وهل يمكن القب��ول ب��الفكرة؟ ه��ذا م��ا نح��اول دراس��ته بطريق��ة متأنية تستهدي كتاب الله وسنة نبيه وتستلهم العقل الفطري الذي جعل��ه الل��ه داال

عليه ومرجعا في فهم نصوصه.

قيمة الزمن في التصور اإلسالمي في البدء ال بد أن نتعرف على نظرة اإلسالم إلى الزمن، وإلى قيم��ة ال��زمن في الرؤي��ة اإلس��المية، حيث يمكن تلخيص ه��ذه النظ��رة ب��أن ال��زمن بك��ل فص��وله ومقاطعه، سنينه وشهوره، لياليه وأيامه، دقائقه وثوانيه ه��و وع��اء وظ��رف لحرك��ة اإلنسان وكل الكائنات، وم��ؤثر في نموه��ا وتطوره��ا، في حياته��ا وموته���ا، فالنه�ار� كمقط��ع من مق��اطع الزم��ان ��� مي��دان للنش��اط والعم��ل، واللي��ل موئ��ل للراح��ة

باتا وجعــل﴿واالس��ترخاء: ــل لباســا والنوم ســ وهــو الذي جعــل لكم اللي [، وهكذا فإن الزمن بكل مفاصله وفصوله وما يسهم47﴾]الفرقان : النهار نشورا

فيه أو يرافقه من تغيرات مناخية وبيئية هو من أهم العناصر المحركة للحياة، ول��ذام اإللهي كم��ا في يعتبره القرآن آية من آيات الله عظيمة، وق��د وق��ع م��وردا للقس��

ر﴿قوله تعالى: [، والل��ه تع��الى1���2﴾]العص��ر: والعصر * إن اإلنسان لفي خسـ عندما يقسم بشيء من مخلوقاته فلغرض التنبيه على عظيم فائدت��ه، وه��ل أعظم

Page 35: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

غل ه��ذا الزم��ان؟ وبم نمأله؟ أبعم��ل من الزمان نعم��ة؟! ولكن الس��ؤال كي��ف نش��الخير وطاعة الرحمن، أم بالشر واللهو واتباع الشيطان؟

مسؤولية العمر وإذا كان الزمن � كما قلنا � في طبيعته ووظيفته مجرد وعاء وظرف يختزن ك��ل ما يلقى فيه من أعمال الخير أو الشر، وكان في حقيقته عبارة عن آنات متش��ابهة��ه ال ومتعاقبة، وال فرق بين آن وآن في ماهيت��ه س��وى أن أح��دها يس��بق اآلخ��ر، فإن تبقى ميزة لزمن على آخر، وال أفضلية لساعة على أخرى، وال مع��نى ل��زمن رديء وآخر هنيء، بل الزمن كله خير ونعمة إذا أحسنا استغالله واإلفادة منه، ولذا سوف يس��أل اإلنس��ان ي��وم القيام��ة عن ال��زمن، وتحدي��دا عن عم��ره الممت��د في ع��امود��ه فرص��ة ال تع��وض، ففي الح��ديث عن الزمن، ف��إن ه��ذا العم��ر مس��ؤولية، كم��ا أن

»Pرسول الله ال تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربــع: عن: عمره فيما أفنــاه وعن شــبابه فيمــا أباله وعن مالــه من أين اكتســبه

ق��ال ه��ذاP أنه39، وفي رواي��ة أخ��رى38«وفيما أنفقه وعن حبنا أهــل الــبيتئولون﴿الكالم تفسيرا وتعليقا على قوله سبحانه وتعالى: وهم إنهم مســ ﴾وقفــ

[.24]الصافات:

ال يعاب الزمان وفي ضوء م��ا تق��دم من ح��ديث عن حقيق��ة الزم��ان وطبيعت��ه ووظيفت��ه ال يغ��دو��ه إن ك��ان را ما جرى عليه الن��اس من ذم ال��زمن ولعن��ه وس��به، ألن مفهوما وال مبر الزمن وعاء، فهو بمثابة اللوح أو الورق الذي يتلقى ويتقبل كل ما يكتبه أو يس��جله اإلنسان في صفحاته، فهل يعاب الورق أو يالم؟ أو يعاب ش��يء على م��ا ال دور ل��ه في ص�نعه؟! إن ال�ذي ينبغي أن يع�اب ويالم ه�و ال�ذي أس�اء االس�تفادة من نعم�ة ال��زمن، وال��ذي ينبغي أن يم��دح ه��و ال��ذي أحس��ن االس��تفادة منه��ا، وق��د ورد في

»Qالحديث عن اإلمام الصادق ال تسبوا الريــاح فإنهــا مــأمورة، وال تســبوا: .40«الجبال وال الساعات وال األيام وال الليالي فتأثموا وترجع عليكم

253 الخصال للصدوق ص38

218 ص1 راجع علل الشرائع ج39

577 ص2 علل الشرائع ج40

Page 36: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

را م�ا ش��اع بين الن��اس من لعن وعلى المنوال نفسه وبنفس المعيار ال يبدو مبر الدنيا أو الحياة أو شتمهما، فالدنيا كما يصفها الحديث ليست سوى مطية لإلنس��ان

ال تسبوا الــدنيا، فنعم المطيــة الــدنيايص��ل به��ا إلى مبتغ��اه، ففي الخ��بر: » للمؤمن، عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر، إنه إذا قال العبد: لعن

.41«الله الدنيا، قالت الدنيا: لعن الله أعصانا لربه أجل، ربم��ا يك��ون التفس�ير الوحي��د لم��ا يفعل��ه اإلنس�ان من ذم الزم��ان واألي��ام والليالي هو محاولة التخفيف أو التهرب من مسؤوليته عما ارتكبه فيها من أخطاء،��ه في وإلق��اء الل��وم على الغ��ير، م��ا يش��عره بش��يء من الرض��ى ال��داخلي، م��ع أن

الحقيقة شعور كاذب ومخادع. باتضاح م�ا ذكرن�اه يك��ون من الط��بيعي ورود التس�اؤل عن كيفي�ة المواءم�ة بين المفهوم المشار إليه حول حقيقة ال�زمن ورؤي�ة اإلس��الم بش�أنه، وبين م�ا ورد في

النصوص من تأكيد على فكرة بركة األيام أو نحوستها؟

بركة األيام ومعناها وحاصل هذا التساؤل أو ب�األحرى اإلش�كال: إن فك��رة ظرفي�ة أو وعائي��ة ال�زمن لألحداث وتس��اوي أج��زاءه وأبعاض��ه، وع��دم تفاض��لها فيم��ا بينه��ا، ال تتالءم وفك��رة نحوسة األيام، وكذلك ال تتالءم وفكرة بركة األي���ام أيض��ا، م��ع أن كلت���ا الفك��رتين � أعني النحوسة والبركة � وردتا في القرآن الكريم، أما البرك��ة فق��د وردت كوص��ف

باركة﴿لليلة القدر، قال تعالى: [، وهي الليل��ة3﴾]ال��دخان:إنا أنزلناه في ليلة مهر﴿ذاتها التي وصفها تعالى في موضع آخر بأنها ــف شــ ن أل [،3﴾]الق��در : خير م

��ه ال تفاض��ل بين أج��زاء فكيف تكون هذه الليلة خ��يرا من أل��ف ش��هر، وق��د قلن��ا أنالزمان؟!

ويمكن أن يجاب على ما ورد بشأن بركة بعض األزمنة بإحدى إجابتين: إن برك�ة ه�ذه الليل�ة، أو أي�ة ليل�ة أخ�رى، وس�ر تميزه��ا ليساإلجابة األولى:

ناشئا عن خصوصية في طبيعتها أو تميز في آناتها، وإنما مرده إلى اقترانها ب��نزول البركات اإللهية، واحتفافها باأللطاف الروحية، من نزول المالئكة والروح فيها ب��إذن ربهم من كل أمر، ما جعلها سالما حتى مطلع الفجر، ومآل ذل��ك كل��ه إلى »فض��ل العبادة والنسك فيها وغزارة ثوابها وقرب العناي��ة اإللهي��ة فيه��ا من المت��وجهين إلى

4 من أبواب صالة الكسوف واآليات الحديث16، الباب 509ص7 وسائل الشيعة ج41

Page 37: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

. إن البركة في الحقيق�ة ليس�ت مس�تمدة من الليل�ة، وال42ساحة العزة والكبرياء« هي بركة الزمن، وإنما هي بركة الله التي أنزلها على عباده في هذه الليلة، فبركة

الليلة أو شرافتها هي من بركة وشرافة ما حل فيها من ألطاف. إن االلتزام ببركة الزمن عموما يعبر عن تقدير اإلس�الم لقيم�ةاإلجابة الثانية:

الزمن، وأنه نعمة إلهية امتن الله بها علينا وعلى جميع الكائن��ات، ويمكنن��ا اإلف��ادة منه على صعيد التكامل الروحي واالجتماعي، فالزمن � مطلق الزمن � يمثل نعم��ة ال تضاهى، وبرك��ة ال تح��د وال تع��د ألطافه��ا وفوائ��دها، وأم��ا بعض اللي��الي ��� كليل��ة القدر� أو األيام � كيوم الجمعة � فهي تشتمل على لطف إض��افي من ألط��اف الل��ه ال��تي ال تحص��ى، وله��ذا فالح��ديث عن برك��ة األي��ام أو اللي��الي أو الس��اعات ال يث��ير مشكلة، وإنما يعبر عن ميزة إيجابية في اإلسالم، وإنما الذي يثير المشكلة ويحت��اج إلى إجابة هو قضية النحوسة، فكيف يمكن أن نوائم بين قيمة الزمن المشار إليها،

وبين ما ورد في المأثورات الدينية من حديث مسهب عن نحوسة األيام؟

النحوسة في القرآن ونبدأ بدراسة النصوص القرآنية الواردة في نحوسة بعض األي��ام، حيث إن لقائ��ل أن يقول: إن القرآن حسم المسألة وأقر بنحوسة بعض األيام، فال مجال للتش��كيك

ــان﴿في الفكرة أو إنكارها. يقول تعالى في شأن قوم عاد: كذبت عاد فكيــف كتمر ــوم نحس مســ را في ي ﴾عذابي ونذر*إنا أرسلنا عليهم ريحــا صرصــ

[.18�19]القمر: فأرسلنا﴿وف�ي آي�ة أخ���رى يق���ول سبحان���ه وه��و يتح��دث عن نفس الحادث��ة:

زي في ــذاب الخــ ــذيقهم ع ات لن را في أيام نحســ عليهم ريحــا صرصــ[.16﴾]فصلت : الحياة الدنيا ولعذاب اآلخرة أخزى وهم ال ينصرون

��ه واآليتان تحكيان حدثا بعينه وقصة واحدة، وتعبير إحداهما عما جرى من عذاب أن��ه ك��ان في »يوم نحسكان في » « ال يعكسأيــام نحســات«، وتعب��ير األخ��رى أن

تناقضا أو تنافيا بين اآليتين، ألن الرياح العاتية التي أرس��لها الل��ه على ع��اد اس��تمرت سبع ليال وثمانية أيام، كما ورد في سورة الحاقة، واليوم الث��امن ك��ان ي��وم الحس��م

« ربم��ا تش��ير إلى الي��وميوم نحسوالهالك التام، واآلية األولى التي تح��دثت عن » األول الذي استمر في نحوسته ثمانية أيام، أو أنها تش��ير إلى الي��وم األخ��ير من تل��ك

72 ص19 الميزان ج42

Page 38: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

��امأيام نحساتاأليام، بينما اآلية األخرى التي تحدثت عن » « تشير إلى مجموع األيالثمانية المتعاقبة.

وفي كل األحوال، فإنه ومع أخذ الرؤية اإلس��المية المتقدم��ة ح��ول قيم��ة ال��زمن بعين االعتبار، يتض��ح أن النحوس��ة ال��تي تش��ير إليه��ا اآليت��ان ليس��ت نحوس��ة نفس الزمن وذات اليوم، وإنما هي بلحاظ ما وقع في هذه األيام من ريح صرصر عاتي��ة، فالنحوسة � في الحقيقة ��� هي لـما أص��اب الق��وم من ع��ذاب ونك��د، ونس��بتها إلى األيام نسبة مجازية، بعالقة الحال والمحل، وكثيرا ما يسمى الح��ال باس��م المح��ل،

أو العكس كما فيما نحن فيه. «؟ أليس فيه��ا إش��ارة إلى تأبي��دمستمرولكن يبقى الس��ؤال م��ا الم��راد بكلم��ة »

النحوسة في هذا اليوم بمعنى تكررها بمرور السنين والدهور؟ «، وعلىنحسوالجواب: إن كلم��ة مس��تمر إم��ا أنه��ا ص��فة للي��وم أو ص��فة ل��� »

التقديرين، فليس ثمة ما يدل على تأبيد النحوسة، أما إذا ك��انت ص��فة للي��وم، كم��ا هو األرجح، فيكون المراد استمرارية شؤم هذا اليوم، أي نكده وضرره عليهم س��بع ليال وثمانية أيام حتى أتى عليهم العذاب في اليوم الثامن، وأما إذا ك��انت ص��فة ل�

« كما نقل عن قتادة، فيكون المراد أن العذاب استمر بهم في الدنيا ح��تىنحس» الاتصل بالهالك األخروي، ول��ذا روي في ش��أن النحوس��ة ال��واردة في اآلي��ة أنه��ا »

Q«، كما في تفسير العياشي باإلسناد إلى أبي جعفرتدور

43.

النحوسة في الروايات المالح��ظ أن ح��ديث النحوس��ة في الرواي��ات ح��ديث مس��هب ومس��تفيض، واستفاضة الروايات هنا، هي من بعض الجهات مثار شك وريبة أكثر مما هي عامل اطمئنان وثقة، كما هو المعتاد، وسوف نشير إلى سر هذا التشكيك بعد اس��تعراض

الروايات الواردة في المسألة، وهذه الروايات يمكن تصنيفها على عدة أصناف: األيام المنحوسة في األسبوعالصنف األول:

تشير بعض الروايات إلى نحوسة كل من أيام اإلثنين واألربع��اء واألح��د، روي في ».. ويوم اإلثــنين يــوم نحس قبض ق��ال: Qالكافي بسند غ��ير نقي إلى الرضا

450 ص9، والتبيان ج316 ص9 راجع حول هذه اآلراء وحول الرواية المذكورة: تفسير مجمع البيان ج43

Page 39: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

اللــه عــز وجــل فيــه نبيــه ومــا أصــيب آل محمــد إال في يــوم اإلثــنين،.44فتشأمنا به وتبرك به عدونا«

إن يوم األربعاء يــوم نحس مســتمر وفيــه خلقت:»Qوعن اإلمام الصادق.45«جهنم

.46«السبت لنا واألحد لبني أمية: »Qوفي حديث آخر عنه األيام المنحوسة في الشهرالصنف الثاني:

وهي على ما قيل: سبعة أيام: الثالث والخامس والثالث عشر والسادس عش��ر، والحادي والعشرون والرابع والعشرون والخامس والعشرون، ورد ذلك في ح��ديث

، ويدعو في��ه لع��دم طلب الح��وائج فيQطويل رواه السيد ابن طاووس عن الصادق. 47هذه األيام، معلال نحوستها بوقوع بعض األحداث السيئة والمشؤومة فيها

نةالصنف الثالث: األيام المنحوسة في الس»Qورد في رواي��ة عن اإلم��ام الص��ادق : نة اثــني عشــر يومــا أن في الســ

.48«نحسات في كل شهر منها يوم...»Q وفي رواية عن أمير المؤمنين أنها أربعــة وعشــرون، في كــل شــهر:

.49«يومان... وتتحدث أكثر من رواية عن نحوسة يوم عاش��وراء، منه��ا: خ��بر ص��الح بن عقب��ة

»Qعن أبي جعفر إن اســتطعت أن ال تنتشــر يومــك في حاجــة فافعــل،: ــارك ولم فإنه يوم نحس ال تقضى فيه حاجة مؤمن، فإن قضيت لم يب

.50«ير فيها رشدا..147 ص4 الكافي ج44

387 الخصال:ص45

346 ص2 المحاسن ج46

259 الدروع الواقية البن طاووس47

54 ص56 البحار ج48

456 ص4، وكشف الغطاء ج40 ص14 راجع الحدائق الناضرة ج49

773 مصباح المتهجد للشيخ الطوسي ص50

Page 40: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

مالحظات وتأمالتإننا وأمام هذا الحشد من الروايات ال بد أن نسجل المالحظات التالية:

إن ح�دوث أم�ر س�يء في ي�وم من األي�ام، ك�والدة طاغي�ة، أو وق��وع أم�رأوال: مفجع، كمقتل نبي أو ولي، ال يحول هذا اليوم وال سيما مع م��رور ال��زمن إلى ي��وم��ه مج��رد وع��اء سوء، ألن الزمان كم��ا قلن��ا س��ابقا ال يوص��ف بس��وء أو نحوس��ة، ألن وظ��رف يمكن أن يس��تغله اإلنس��ان بفع��ل الخ��يرات أو ارتك��اب القب��ائح، وعلى

التقديرين، فالمدح أو الذم هو لإلنسان ال للزمان.��ني على العم��ل به��ذه الرواي�ات وهي ��� كم��ا اتض��ح ��� تنص علىثانيا: ��ه ل��و ب أن

نحوسة ثالثة أيام في األسبوع، وسبعة في الشهر، وأربعة وعشرين في السنة، م��ع��ه ليس من الض��روري أن تلتقي ه��ذه األي��ام أو تت��داخل، األخ��ذ بعين االعتب��ار أن فس��يكون مع��نى ذل��ك باختص��ار: أنن��ا أم��ام ع��دة أش��هر في الس��نة مطل��وب فيه��ا��ة وغيره��ا، االس��ترخاء وتجمي��د مختل��ف األنش��طة التجاري��ة واالجتماعي��ة والعلمي والسؤال: أليس هذا مخالفا لروح اإلسالم ومقاصده ونصوصه التي ت��دعو اإلنس��ان��ل أو نتص��ور أن ليكون منتجا وع��امال، وأن ال ي��ركن للدع��ة والكس��ل؟! وكي��ف نتقب اإلسالم وهو مشروع دولة ونظام، يدعو إلى ما فيه ش��ل حرك��ة المجتم��ع وتعطي��ل

أجهزة الدولة كل هذه المدة الزمنية؟! وال شك أن تساهل الفقهاء إزاء الروايات المذكورة حول نحوسة األيام وتع��املهم��ة معها على أساس قاعدة التسامح في أدلة السنن كان له محاذير نفسية واجتماعي واقتصادية، يقول المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله)رحم��ه الل��ه(: »إن الطريقة التي يثير فيها األسلوب الفقهي مسألة المكروه��ات في ب��اب الس��فر وفي أبواب األعمال العادية المتعلق��ة بأوض��اع اإلنس��ان العام��ة والخاص��ة، ق��د ي��ؤدي إلى الكث��ير من الش��لل والجم��ود على المس��توى العملي بحيث تتعط��ل مس��يرة الحي��اة العامة لإلنسان، فتؤدي إلى الكثير من األض��رار النفس��ية واالجتماعي��ة واالقتص��ادية، وقد تنعكس في بعض الحاالت على األوضاع السياسية عندما تتحول األمة إلى أم��ة

.51خائفة من الزمن في نشاطاتها العامة والخاصة« إن الرواي��ات الم��ذكورة فض��ال عن كونه��ا في معظمه��ا ض��عافا ومراس��يلثالثا:

، فإنها معارضة بما ينفي النحوس��ة وي��دعو إلى تمزي��ق ه��ذه الع��ادات52ومرفوعات : أن رجال نكبت إصبعه، وتلق��اه راكبQالبالية، ففي الحديث عن أبي الحسن الهادي

.47 صQ تأمالت في آفاق اإلمام موسى الكاظم 51

Page 41: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

فصدم كتفه ودخل في زحمة فخرقوا ثيابه، فقال: كفاني الل��ه ش��رك فم��ا أش��أمك ترمي بــذلك من )تتردد علين��ا(! هذا وأنت تغشانامن يوم، فقال أبو الحسن:

ــوزيتم، ال ذنب له ــا إذا ج ــأمون به ــرتم تتش ــتى ص ــام ح ــا ذنب األي م والله مــا ينفعكم: Qفقال الرجل: أن��ا أس��تغفر الل��ه، فق��البأعمالكم فيها؟!

ولكن الله يعاقبكم بذمها على ما الذم عليها فيــه، أمــا علمت أن اللــه هو المثيب والمعاقب والمجــازي باألعمــال، فال تعــد وال تجعــل لأليــام

.53«صنعا في حكم الله )األربعاءمن خرج يوم األربعاء ال يدور : »Qوفي الحديث عن أبي الحسن الثاني

خالفــا على أهــل الطــيرة وقيالذي ال يدور هو آخر أربعاء من الشهر، كذا قيل( ، وأهمية54«من كل آفة، وعوفي من كل عاهة وقضى الله عز وجل حاجته

الرواية األخيرة أنها تدعو إلى كسر االعتق��اد الش��ائع ح��ول نحوس��ة ي��وم األربع��اء، من خالل لسانها الذي يحث على مخالفة أهل الطيرة ويعد من خالفهم بالمعاف��اة من ك��ل

آفة. يلوح من الرواي��ة األخ��يرة وس��واها من الرواي��ات أن للنحوس��ة عالق��ةرابعا:

باعتقاد اإلنسان، فمن يعتقد بنحوسة يوم فقد يتحول هذا اليوم فعال إلى يوم نحس بالنسبة إليه، ال من خالل إرادة الله ل��ذلك بش��كل مباش��ر، وإنم��ا ألن ه��ذا االعتق��اد سيقود صاحبه بشكل ال إرادي ليعيش حالة من القلق والتوتر النفسي على امت��داد اليوم، ومن الطبيعي أن يربط حينئذ كل حادث سيىء يصيبه في ذل��ك الي��وم بتل��ك النحوسة، بل ح�تى ل�و لم يص�به ح�ادث عرض�ي، ف�إن نفس تل�ك الحال�ة النفس�ية الضاغطة على عقله ومشاعره قد تؤثر على توازنه وتوقعه في األخطاء والحوادث المؤلمة، ولهذا فإن الرواي�ات ال�تي ت�دعو إلى معالج�ة نحوس�ة األي�ام بالص�دقة أو

»Qالتوك�ل عل�ى الله، كم�ا في الحدي�ث الصحي�ح ع���ن اإلم���ام الص���ادق تصدق:

من لم يدرك��ه،Q، أقول: المرسل هو ما يرويه عن المعصوم 72 ص19 كما أشار في تفسير الميزان ج52 وأما المرفوع فهو ما سقط وسط سنده أو آخره واحد أوأكثر مع التصريح بلفظ الرفع، وه��و داخ��ل في

من ق��ول أو فع��ل أوQالمرسل بالمعنى األعم، ويطلق المرف��وع أيض��ا على م��ا أض��يف إلى المعص��وم فه��و خالف الموق��وف ويب��اين المرس��ل تباين��ا جزئي��ا )راج��ع معجمQتقري��ر، أي وص��ل آخ��ر الس��ند إليه

مصطلحات الرجال والدراية(

483 تحف العقول ص53

266 ص2 من ال يحضره الفقيه ج54

Page 42: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

، هي في حقيقة األمر تهدف إلى معالج��ة ه��ذه الحال��ة55«واخرج أي يوم شئتالنفسية المرضية.

نحوسة األعداد وتمتد النحوسة عند بعض الناس إلى األعداد واألرقام، كم��ا ه��و االعتق��اد الش��ائع

(، واعتباره عدد نحس ينبغي اجتناب��ه في13عند بعض الشعوب بالتشائم من العدد ) (13الترقيم حتى ال تصل نحوسته إلى األش��خاص، وإذا اض��طر أح��د لحم��ل ال��رقم )

واستخدامه في بعض شؤونه، فإنه يتحايل على الرقم، كما الحظنا ذلك في إيران � (،13مثال � حيث أنه عندما يصل ترقيم ال��بيوت ال��ذي تعتم��ده البل��ديات إلى الع��دد )

(، وإنم��ا13فإن صاحب البيت يرفض أن يكتب على اللوحة المخصص��ة ل��ذلك رقم ) (. إن هذا االعتقاد أيضا ال قيم��ة وال1+12يستبدله ويكتب العدد على الشكل التالي )

وزن له في منطق العلم والدين، »إذ ليس هن��اك أدنى تف��اوت من زاوي��ة منطقي��ة ( وسائر األعداد األخرى، لكي يط��رح على األق��ل احتم��ال أن13وعقلية بين العدد )

.56يكون هذا التفاوت منشأ للخطأ الفكري والمنطقي البشري«

* * *

المفردة الثالثةالتشاؤم: عادة جاهلية رفضها اإلسالم

49 ص5 تهذيب األحكام ج55

552 ص2 مطهري، أصول الفلسفة والمنهج الواقعي ج56

Page 43: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ومن المفاهيم المتشكلة خارج الفضاء الديني، والمعيقة لتطور اإلنسان وتقدمه: مفهوم التشاؤم، أو ما يعرف ب��الطيرة، حيث ال ي��زال بعض الن��اس يتش��اءمون من

أماكن معينة، أو أيام محدودة، أو أشياء وكائنات مختلفة. والتشاؤم اعتقاد قديم، فقد كان عرب الجاهلية يتفاءلون بالحم��ام وبنب��اح الكلب على مجيء الضيوف، ويتشاءمون من الغراب، حتى ضرب به المثل، فقيل: »فالن

. وال ي��زال التش��اؤم ب��الغراب أو بغ��يره ش��ائعا إلى أيامن��ا57أشأم من غراب البين« هذه، فرؤية الغراب أو سماع صوت البوم أو غيرها هو ن��ذير ش��ؤم ت��دفع الكث��يرين��ه إلى التوقف عن بعض األعمال والمهام، وال سيما السفر، وإذا م��ا أتم العم��ل فإن يفعل ذلك على مضض أو حذر، يفعله وهاجس الش��ؤم يتملك��ه، وك��أن ال��ذي يختلج في نفوس الكثيرين أن النجاح في العمل مرتبط بهذه األمور، ب�أن يك��ون الس�فر � مثال � في أزمنة محددة أو حاالت خاصة، بحيث يك�ون ص�وت الب�وم �� مثال �� ن�ذيرا

للشؤم، ومؤشرا إلى الفشل في العمل أو السفر في هذا اليوم، أو هذه الساعة.

موقفنا من التشاؤم واإلسالم في موقفه الصارم من الجهل وك��ل م��ا يعي��ق تق��دم اإلنس��ان ونم��وه، وفي حرصه الشديد على أن تس��ير الحي��اة وف��ق منط��ق الس��نن والق��وانين ،وق��ف موقف الرافض لهذا االعتقاد الجاهلي، ألنه اعتقاد غ��ير مب��ني على علم، أو معتم��د على حجة أو دليل، بل إنه اعتقاد معيق لتق��دم اإلنس��انية، لتج��اوزه لق��انون الس��نن التي ربط الله بها بين األسباب والمس�ببات، ومن هن�ا أنك�ر الق�رآن الك�ريم فك�رة

نة﴿التش��اؤم في رده على تش��اؤم ق��وم موس��ى بموس��ى اءتهم الحســ فإذا جــعـه ى ومن م ﴾]األع��راف:قالوا لنا هـذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموســ

عــك﴿[، وتشاؤم قوم صالح بصالح: 131 [،47﴾]النم��ل: قالوا اطيرنــا بــك وبمن مالوا إنا تطيرنــا بكم﴿وتش��اؤم أه��ل القري��ة برس��لهم: [، حيث ك��ان18﴾]يس: قــ

الجواب على كل هؤالء بأن الشر لم يأتكم من قبل الرسل واألنبياء، وإنما ج��اء من

أنظر: مجمع األمثال، ألحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الميداني النيسابوري، تحقي��ق: محم��د أب��و57 ، وق�د أف�اد النيس�ابوري في س�بب194 ص2م ج1987،� 2الفضل إبراهيم، دار الجيل، ب�يروت �� لبن�ان، ط

جعة ��� المك��ان ال��ذي تقص��ده القبيل��ة طلب��ا إضافة البين إلى الغراب: »أن الغراب إذا بان أهل الدار للن للكأل ومساقط الثمار� وقع في موض�ع بي��وتهم يتلمس ويتقمم فتش�اءموا ب��ه، وتط�يروا من�ه، إذ ك�ان ال يعتري منازلهم إال إذا بانوا فسموه غراب البين..«، وقد ذكر النيسابوري سبعة أمثال عربية تب�دأ بكلم��ة

»أشأم«، مما يدل على تجذر االعتقاد بالطيرة عندهم، راجع: المصدر المتقدم.

Page 44: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ــائركم معكم﴿قبل أنفسكم وما تحملونه من عناد وكف��ر وخبث، ﴾]يس:قالوا ط[.131﴾]األعراف: أال إنما طائرهم عند الله﴿[، 19

��ل على الل��ه س��بحانه، ومن هن��ا يتض��ح إلى ذلك فإن التشاؤم ين��افي مب��دأ التوك الوجه فيما يأتي من أن كفارة الطيرة التوكل، كما أنه ينافي اإليمان ب��أن الل��ه ه��و الفاعل والمؤثر في هذا الكون، ونسبة التأثير إلى غيره تع�الى م�ع ع��دم وج�ود م�ا يؤكد ذلك وفق قانون العلية ال يخلو من شرك خفي، وهذ ما أكدته بعض األح��اديث

من ردته الطيرة عن: »Pالواردة في هذا المجال، ففي الحديث عن رسول الله من ردتــه الطيرة من، وفي رواي��ة أخ��رى: »58«شيء فقد قـارف الشــرك

، والوجه في نسبة ه��ؤالء إلى الش��رك ��� كم��ا ألمحن��ا ��� أن59«حاجة فقد أشرك هؤالء يتخيلون أنهم إذا عمل�وا بم�ا يقتض�يه التش�اؤم، ف�إن ذل�ك ي�دفع عنهم الض�ر ويجلب لهم النفع، وهذا إن ترافق مع اعتقادهم بأن ذلك حاصل وواقع خ��ارج إرادة الله وبصرف النظر عن تقديره فهو الشرك الجلي، وأم��ا إذا اعتق��دوا أن ه��ذا إنم��ا يحصل وفق تقدير الله سبحانه، فهذا اعتقاد باطل وال دليل علي��ه، وه��ذه الرواي��ات التي تصف ذلك بالشرك إنما ترشد إلى بطالن هذا االعتقاد ومنافاته لمبدأ خل��وص

التوحيد لله سبحانه.��ر والتش��اؤم، فالتش��اؤم إن ك��ان وفي ض��وء ذل��ك يتض��ح الحكم الش��رعي للتطي ينطلق من اعتقاد بمؤثرية بعض األشياء في الشر أو الخ��ير، بعي��دا عن تق��دير الل��ه وتخطيطه فيكون محرما ومنافيا لمبدأ التوحيد، وأم��ا إذا ك��ان ينطل��ق من االعتق��اد ب��أن مؤثري��ة بعض األش��ياء في الخ��ير أو الش��ر جاري��ة وف��ق قض��اء الل��ه وتق��ديره وتخطيطه، فهذا لن يكون اعتقادا مخرجا عن الدين، ولكنه اعتقاد باط��ل وال ش��اهد عليه ال من علم وال من وحي، واالصرار عليه يمثل عنادا وتمردا على تعاليم الدين،

وذلك محرم بكل تأكيد. هذا ما تقتضيه القواع��د اإلس��المية، لكن ق��د ورد في بعض النص��وص الص��حيحة

المع��روف بح��ديثPرف��ع المؤاخ��ذة على الط��يرة، ففي الح��ديث عن رس��ول اللهــا الالرفع: » رفع عن أمتي تسعة: الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه وم

ــر يطيقون، وما ال يعلمون، وما اضطروا إليه والحسد والطيرة والتفك

105 ص5 مجمع الزوائد للهيثمي ج58

220 ص2 مسند أحمد ج59

Page 45: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ر ذل��ك؟ وإذا60«في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة ، فكي��ف نفس�� كان ثمة اعتقاد يالمس الشرك بالله فكيف يكون مرفوع��ا عن العب��اد وال يؤاخ�ذون

عليه؟! والجواب: إن المرفوع � ظاهرا � ليس هو المؤاخذة على الطيرة بما هي اعتق��ادل شركا بالله أو ال يمثل ذلك، ف��إن ه��ذا االعتق��اد بم��ا وموقف فكري سواء كان يمث أنه أمر اختياري لإلنسان فهو اعتقاد باطل ومرف��وض وال يج��وز تبني��ه، وهك��ذا ف��إن ترتيب األثر العملي على الطيرة ليس مرفوعا، وإنما المرفوع ه��و حال��ة االنقب��اض��وجب التش�اؤم م�ا يدفع�ه إلى النفسي التي تعتري اإلنسان عندما يواجه بعض ما ير عن حال��ة ال إرادي��ة عن��د االنسياق عمال مع هذه الحالة، فإن االنقباض المذكور يعب من يؤمن ويعتقد بالتشاؤم، ولذا كان مقتضى لطف الله ورحمت��ه بالعب��اد أن يرف��ع المؤاخذة على ما ليس إراديا لإلنسان، دون ما كان اختياريا له وهو نفس االعتق��اد، ويشهد لما نقوله سياق حديث الرف��ع نفس��ه، حيث عط��ف على رف��ع الط��يرة رف��ع »الوسوسة في التفك��ير في الخل��ق« ��� ال��تي هي عب��ارة عن ح��ديث النفس ال��ذي يفرض نفسه على اإلنسان بشأن الله سبحانه، من قبيل التساؤل: أنه إذا كان الل��ه هو الذي خلقنا، فمن خلق الله؟ � ومن المعل��وم أن الوسوس��ة الم��ذكورة هي أم��ر

«ما لم ينطق بشفة »Pغير اختياري يقتحم على اإلنسان أفكاره، كما أن قوله والذي هو قيد للثالثة األخيرة، أعني الحسد والطيرة والوسوسة في الخلق، ش��اهد أيضا على أن رفع هذه األمور مشروط بأمر وهو أن ال يتفوه اإلنسان بها ويترجمه��ا

بقول أو فعل.

نصوص على طاولة النقد ثم أنه وأمام هذا الموقف اإلسالمي الرافض لفكرة التش��اؤم والتط��ير ال نج��د

والتي تؤكد على صحةPمفرا من رفض بعض النصوص التي تنسب إلى الرسول إنما الشؤم في: »Pالتشاؤم من بعض األمور، من قبيل ما رواه البخاري عنه

. وقد الحظنا أنه وبسبب مناف��اة ه��ذا61«ثالثة: في الفرس والمرأة والدار «،ال طيرة: »Pالحديث لما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومنها: قوله

فقد احتار العلماء في تفسيره وتوجيهه، فقال: مال��ك62مما رواه البخاري نفسه.352 التوحيد للصدوق ص 60

217 ص3 صحيح البخاري ج61

31 ص7 صحيح البخاري ج62

Page 46: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

وطائفة: هو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سببا للضرر أو الهالك، وك��ذا اتخ��اذ الم��رأة المعين��ة أو الف��رس أو الخ��ادم.. وق��ال الخط��ابي وكث��يرون: ه��و في مع��نى االس��تثناء من الطيرة، أي الطيرة منهي عنه��ا، إال أن يكون له دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو ف��رس، أو خ��ادم فليف��ارق الجميع بالبيع ونحوه، وطالق المرأة، وقال آخرون: وشؤم ال��دار: ض��يقها وس��وء جيرانها وأذاهم، وشؤم المرأة: عدم والدتها، وسالطة لسانها، وتعرض��ها لل��ريب، وشؤم الفرس: أن ال يغزى عليه��ا، وقي��ل: حرانه��ا وغالء ثمنه��ا، وش��ؤم الخ��ادم: س��وء خلق��ه وقل��ة تعه��ده لم��ا ف��وض إلي��ه، وقي��ل: الم��راد بالش��ؤم هن��ا ع��دم

.63الموافقة..« وه��ذه التوجيه��ات هي مج��رد ت��أويالت ال يس��اعد عليه��ا ظ��اهر الح��ديث، على أن بعضها مرفوض وال يمكن الموافقة علي��ه، من قبي��ل م��ا وجه ب��ه ش��ؤم الم��رأة من عقمها، وسالطة لسانها، فإن هذا جار في الرجل أيضا، فقد يكون عقيما أو س��ليط اللسان، وهكذا ما ورد في تفسير وتوجيه شؤم الخ��ادم أو الف��رس أو ال��دار، فإنه��ا جارية في أشياء كثيرة، فما الموجب لتخصيص هذه الثالثة بالشؤم؟! ولذا، فاألجدر

عن مثل هذه الترهات.Pرفض هذا الحديث وأمثاله، تنزيها لساحة النبي

ال واقعية للتشاؤم وبصرف النظر عن الموقف اإلسالمي الرافض لفكرة التشاؤم، فل��و أنن��ا درس��نا المسألة دراسة واقعية، فلن نجد ما يؤكد صدقيتها وواقعيتها، فم��ا أك��ثر م��ا يواج��ه اإلنسان بعض األشياء التي يتشاءم بها الناس، وال يبالي بذلك ويس��ير في عمل��ه أو سفره وال يصاب بمكروه، بل يوفق في عمل��ه وس��فره، وال س��يما إذا ك��ان ممن ال يؤمن بالطيرة أو ال يلتفت إلى أن هذا الشيء ه��و من موجب��ات التط��ير والتش��اؤمر إلى أن القض��ية ال تع��دو أن تك��ون حال��ة نفس��ية بحت��ة عند الناس، وهذا م��ا يؤش�� يعيشها الشخص بحكم اعتقاده بوجود رابط بين م��ا يواجه��ه من أس��باب التش��اؤم، وبين فشله في عمله وس��فره، وه��ذا االعتق��اد المتج��ذر في النفس ق��د ي��ؤثر على توازن الشخص ما قد يؤدي إلى فشله في عمله أو تجارته أو سفره، وهذا ما يوهم��ة ��ه ال راب��ط بين األم��رين، وال وج��ود ألي ��ر في غفل��ة عن أن الكثيرين بواقعي��ة التطي عالقة سببية بينهما، وليس ثمة ما يؤكد صدقية هذا الربط أو واقعيته، ال من العق��ل

�222 220 ص14 شرح مسلم للنووي ج63

Page 47: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

وال من العلم، وال الواقع يؤكد ذلك كما قلن��ا، وإال ل��و ك��ان ثم��ة راب��ط بين األم��رين لعمت القضية وشملت كل الناس، مع أنها ال تواجه إال من يعتقد بها، ويسيطر عليه هاجس الشؤم، فيصاب بالتوتر والقلق ويفش��ل في نش��اطه التج��اري أو س��فره أو

»Qزواجه.. وهذا ما يؤكده الحديث المروي عن اإلمام الصادق الطيرة على مــا: تجعلها، إن هونتها تهونت، وإن شددتها تشددت، وإن لم تجعلها شــيئا

.64«لم تكن شيئا وكما ال تضر الطيرة من ال يتطير منها، كذلك: »..Q وفي حديث آخر عنه

.65«ال ينجو من الفتنة المتطيرون��ة له��ا، وربما يتساءل البعض، إذا كان التشاؤم فكرة موهوم��ة ومتخيل��ة وال واقعي

فكيف اعتقد بها الكثير من شعوب العالم، وال يزال االعتقاد بها شائعا إلى اليوم؟ والجواب: أنه ربما يكون التشاؤم من بعض األشياء، ق��د انطل��ق في بداي�ة األم�ر من اقتران اتفاقي م��ؤثر ومتك��رر ألك��ثر من م��رة بين رؤي��ة أح��د األش��ياء، ووق��وع حادث مؤلم، فتخيل الناس من خالل الذهنية الساذجة غير المتبصرة باألمور، وجود

عالقة سببية بين األمرين.

عالج التشاؤم وفي سبيل التخلص من عادة التشاؤم، فقد اعتمد اإلسالم أسلوبا متمايزا يم��زج��ر عن حال��ة فكري��ة ��ه ل��و كن��ا أم��ام اعتق��اد يعب بين الفكر والتربية، وتوضيح ذلك: أن بحت��ة، ألمكنت مواجهت��ه ب��الموقف الفك��ري المض��اد، وذل��ك من خالل التأكي��د على رفض فكرة التشاؤم لعدم واقعيتها، ومنافاتها لمب�دأ التوك�ل على الل�ه، إال أنن��ا في حقيقة األمر أمام اعتقاد يعبر عن حالة فكرية ونفسية متجذرة في النف��وس نتيج��ة التربية والعادة، ولذا كان من الضروري لمواجهة هذه الحالة اعتماد أسلوب ترب��وي يتخطى مجرد الموق��ف الفك��ري ال��ذي تق��دم الح��ديث عن��ه، وه��ذا م��ا نلحظ��ه في

الوصايا الواردة في الروايات، فإنها أكدت على اتباع جملة من الخطوات أهمها: � تأكيد مبدأ االرتباط بالله والتوكل عليه، باعتباره المالك لك�ل ش�يء، والق�ادر1

.66«كفارة الطيرة التوكل: »Pعلى كل شيء، ففي الحديث عن رسول الله

198 ص8 الكافي ج64

382 أمالي الشيخ الصدوق ص65

198 ص8 الكافي ج66

Page 48: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

� مخالفة ما يقتضيه التشاؤم وعدم االنس�ياق مع��ه، ففي الح��ديث عن رس��ول2»Pالله ــامض، وإذا ظننت فال تقض، وإذا حســـدت فال: ــيرت فـ إذا تطـ.67«تبغ

إن علين��ا كمؤم�نين أن نعم�ل على رفض فك��رة التش�اؤم باألزمن��ة أو األمكن�ة أو الحيوانات أو غير ذلك، وأن نربي أمتنا على عدم االنسياق م�ع ه��ذه الفك��رة وذل��ك

بالتوكل على الله سبحانه وتعالى واالعتماد على تأييده وتسديده.

* * *

المفردة الرابعةمفهوم الحظ في الميزان اإلسالمي

��ر عن مفه��وم واح��د يمكن اعتب��اره من إن كلمات: الح��ظ، النص��يب، البخت تعب المفاهيم المتشكلة خارج اإلطار الديني، لكن المخيال الشعبي أض��فى علي��ه ص��فة دينية، أو على األقل تمت مصالحته مع الدين، أو اعتبر منسجما مع التعاليم الديني��ة وغير مناف لها، ومفهوم الحظ هذا الذي يحتج ب��ه الكث��يرون لت��برير إخفاق��اتهم في الحي��اة، س��واء على المس��توى االجتم��اعي أو االقتص��ادي أو السياس��ي... أو على مس��توى الف�رد أو الجماع��ة، ليس مفهوم�ا حادث�ا وال اعتق�ادا مس�تجدا، ب�ل إن ل��ه

امتدادا في تاريخ البشر على اختالف أديانهم وقومياتهم وألسنتهم.

الحظ في األدب واألمثال الشعبية وقد ظه��ر ه��ذا المفه��وم جلي��ا في األدب والش��عر الع��ربي والفارس��ي، ق��ال ابن

الرومي:

50، تحف العقول ص153 ص14 بحار األنوار ج67

Page 49: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

إن للح�������������������ظ كيمي�������������������اء إذا ما مس ق�������������ردا أحال�������������ه إنس�������������انا

وقال شاعر آخر:إن حظ�����������������������ي ك����������������������دقيق

���������������روه بي����������������ن ش���������������وك نثثم ق�����������������������الوا لحف��������������������������اة

ي���������������وم ري����������������ح اجمع���������������وهعب األم����������������������ر عليهم ص����������������������

ق���������������ال ق���������������وم ات����������������ركوهإن من أشق�������������������������������������������اه ربي

كي���������������������ف أنتم تس���������������������عدوه؟

إن انتش��ار مفه��وم الح��ظ في األدب والش��عر يعكس رس��وخه واس��تحكامه في أذه��ان النخب��ة، فض��ال عن العام��ة، كم��ا يعكس ذل��ك بوض��وح دخول��ه في األمث��ال الش��عبية، من قبي��ل المث��ل الش��ائع »إدي��ني ح��ظ وارمي��ني في البح��ر«، أو المث��ل القائل: »من ليس له حظ فال يتعب وال يشقى«، أو القول لمن لم ينجح في عمل��ه بتهكم: »حظك يفلق الصخر«، أو المثل الشائع عند المصريين »الح��ظ لم��ا ي��واتي

يخلي األعمى ساعاتي والمكسح عجالتي«، أو نحوها من األمثال. إن األفكار التي يتم التعبير عنها ع��بر األمث��ال الش��عبية هي أفك��ار منغرس��ة في األذهان ومستحكمة في النفوس، وقضية األمثال الشعبية بحاجة إلى دراسة متأنية للتعرف على كيفية تشكلها وبيان منطلقاته��ا وتأثيراته��ا، وق��د يكتش��ف الب��احث أن الكثير من هذه األمثال تمثل حكما بالغ��ة ومفي��دة اقتبس��ها اإلنس��ان من األنبي��اء أو��ر عن مف��اهيم الحكماء، أو أنها حصيلة تجرب��ة وخ��برة إنس��انية طويل��ة، وأحيان��ا تعب

مغلوطة، أو مشوهة، كما هو الحال في أمثلة الحظ أو النصيب المشار إليها. وقد تزداد قناعة الناس بفكرة الح��ظ من خالل مش��اهداتهم أو معايش��تهم لبعض األحداث، حيث يحدثونك أن شخصين ��� مثال ��� قام��ا بنفس العم��ل، وهم��ا يمتلك��ان الخبرات نفسها، ومع ذلك فقد نجح أحدهما وحالفه الح��ظ دون اآلخ��ر، أو أن فالن��ا وفالنا اللذين تعرضا للحادث نفسه قد نجا أحدهما وتضرر اآلخر، وال يجدون تفسيرا

لذلك إال الحظ.

Page 50: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

الموقف اإلسالمي لقد كنت تناولت هذا المفهوم � مفه��وم الح��ظ ��� بالنق��د في بحث منش��ور ح��ول

، لكن ذلك كان حديثا عابرا لم يف الموضوع حقه، وق��د68نظرة اإلسالم إلى العمل أثار تساؤل بعض القراء، ولذا رأيت أن األمر بحاج��ة إلى مزي��د بي��ان وترك��يز، وم��ا

يمكن أن نقوله هنا بشأن الموقف اإلسالمي من هذا المفهوم:

االعتقاد بالحظ وشائبة الشرك إن الحديث عن الح��ظ كم��ا ل��و ك��ان ق��درا يرس��م مص��ير اإلنس��ان ويح��ددأوال:

مساره، بعيدا عن إرادة الله سبحانه وتعالى وتخطيطه، أمر مرف��وض في المنط��ق اإلسالمي، بل إن االعتقاد بذلك يحمل شائبة الشرك بالله، فليس ثمة ش��يء م��ؤثر

في هذا الكون خارج إرادة الله. وعلى ف��رض تج��اوز ه��ذه اإلش��كالية من خالل رب��ط »الح��ظ« بالت��دبير اإللهي واإلرادة اإللهية، ليصبح � أي الحظ ��� مرادف��ا لم��ا قس��مه الل��ه للن��اس من حظ��وظ��ه بن��اء على ه��ذا التفس��ير ال وقدره من قضاء، بعيدا عن الص��دفة أو العش��وائية، إن��ه ال داعي له��ذه التس��مية، يغدو مفهوم الحظ منكرا شرعا، لكن يبقى أن يق��ال: إن ولنسم األشياء بأسمائها بحيث نعبر عن ذلك بالتق��دير أو الت��دبير أو التوفي��ق وليس�ه ق��د قي��ل: ال الحظ، ومع صرف النظر عن ه��ذه المالحظ��ة الش��كلية، وال س�يما أن مشاحة في االصطالح، والتسليم بمشروعية المفهوم وفقا للتفسير المذكور، ف��إن ثمة مالحظة أخرى ال يمكن تجاوزه��ا أو إغفاله��ا، وهي أن فك��رة االعتق��اد »بالح��ظ السيئ« تحديدا، ال بد من اس�تبعادها، ألن م�ا يري�ده الل�ه ويق�دره لعب�اده ه�و خ�ير محض، فهو ال يفعل إال م�ا في�ه مص�لحتهم وإن ك�انوا ال ي�دركون ذل�ك، نعم وص�ف »السيئ« قد يكون مقبوال نسبيا، وأما على نحو اإلطالق فال، ألنه ليس هناك شيء مما خلقه الله سيىء أو شر بالمطلق، بل إن األمور التي نخالها ش��رورا ق��د يك��ون

في دع��اء االفتت��اح:Qالخير كامن��ا في ثناياه��ا من حيث ال ن��دري، وكم��ا ق��ال اإلم��ام«.ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة األمور»

االعتقاد بالحظ وشائبة الجبرثانيا: إن االعتقاد بأن للحظ تأثيرا في رسم المستقبل وص��ناعة األح��داث بعي��دا

عن إرادة اإلنسان نفسه ال يخلو من شائبة الجبر، ألن معنى ذلك: أن الحظ ق��در ال.221 أنظر: كتاب من حقوق اإلنسان في اإلسالم ص 68

Page 51: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

��ه يتحكم بمص��ير اإلنس��ان ويح��دد نجاح��ه وإخفاق��ه مفر منه وال مجال لتغي��يره، وأن وسعادته وشقاءه، دون أن يكون له��ذا اإلنس��ان دور في التغي��ير، وه��ل يع��ني ذل��ك سوى أمر واحد وه��و أن اإلنس��ان ريش��ة في مهب ال�ريح يتجاذب��ه الح��ظ ويتقاذف��ه النصيب؟! والحقيق��ة، إن ه��ذا الن��وع من الج��بر ه��و أس��وأ ��� بم��راتب ��� من الج��بر الكالمي الذي اعتقدت�ه بعض الف�رق اإلسالمي�ة، ألن ذاك � أعن�ي الجب���ر الكالمي � يفترض سلب إرادة اإلنسان وإلغاء دوره في الفعل لصالح إرادة الله وفاعليت��ه، أي أنه يسلب اختيار اإلنس��ان حفاظ��ا على عقي��دة التوحي��د، كم��ا ي��زعم أص��حاب ه��ذا ال�رأي، بينم�ا الج�بر المش�ار إلي�ه في المق�ام يس�لب إرادة اإلنس�ان وقدرت�ه على

الفعل لصالح قضية موهومة، هي فكرة الحظ. وخالص�ة القول: إنه ليس في منطق اإلس�الم ش�يء اسم�ه الح�ظ والنصيب خ�ارج

ماء﴿نط�اق التدبي�ر والتقدير اإللهي، بل كل شيء يج�ري وفق م��يزان معل��وم والس إنا﴿[، وكل شيء قد وضع في مكانه المناسب 7﴾]الرحمن: رفعها ووضع الميزان

��ه ليس في منط��ق العلم أيض��ا ش��يء49﴾]القمر: كل شيء خلقناه بقدر [ ، كما أن اسمه الصدفة أو الحظ أو العشوائية أو العبث، وإنما هناك القوانين الكوني��ة والس��نن اإللهية التي يعد كل من وفق لألخذ بها فائزا، وسيكون النجاح حليفه ول��و ك��ان ف��اجرا

أو كافرا، ومن تخلف عنها فقد هوى، وإن كان مؤمنا تقيا.

الحظ والفشل إن االعتقاد الذي يتملك الكثيرين بأن واقعهم المزري وما يكابدونه منثالثا:

الفق��ر والم��رض واالس��تبداد والظلم ه��و حظهم ال��ذي ال مف��ر من��ه، أو نص��يبهم المكتوب عليهم في هذه الحياة، وأن واقع اآلخرين الذين يعيشون برخاء وطمأنين��ة بعيدا عن الفقر والقهر، هو أيضا حظهم ونصيبهم في هذه الحياة، وال مجال لتغي��ير ح��ظ ه��ؤالء وال أولئ��ك، ه��و ليس اعتق��ادا ب��اطال فحس��ب، ب��ل ه��و اعتق��اد معطل للطاقات، قاتل للطموح واألم��ل في التغي��ير، و»ببرك��ة« ه��ذا االعتق��اد ونح��وه من االعتقادات التخديرية ورثت أمتن��ا فائض��ا من التخل��ف والتقهق��ر.. إن الكس��الى هم الذين يتشبثون بمفهوم الحظ لتبرير فشلهم وتقاعسهم وتقصيرهم و»زهدهم« في العمل وقصور همتهم عن النشاط والحيوي��ة، ويتخذون��ه »ش��ماعة« يعلق��ون عليه��ا فشلهم وكل هزائمهم، ولنعم ما قاله الشهيد مطهري في هذا المجال: »إن فك��رة الحظ من األفكار الوهمية التي ظهرت لتعبر عن غياب جميع قوانين الكون وس��ننه في الذهنية السائدة« ويضيف: »واض��ح أن الح��ظ فك��رة ال تق��وم على أس��اس أي

Page 52: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

رت في مجتمعاتن��ا إلى ك��ل مواق��ف منطق علمي أو فلس��في أو ق��رآني لكنه��ا س��.69حياتنا الصغيرة والكبيرة«

المفردة الخامسةاإلصابة بالعين بين الحقيقة والخرافة

ومن جملة المعتق��دات ال�تي هي مث��ار ج��دل كب��ير، إن لجه��ة واقعيته�ا، أو لجه��ة شرعيتها، قضية »العين«، أو ما يعرف ب� »صيبة العين«. فم��ا ه��و الم��راد ب��العين؟

وما هو الموقف العلمي واإلسالمي منها؟تعريف العين وعالقتها بالحسد

»العين« � بناء على مصداقيتها � هي عبارة عن نظر الم��رء باستحس��ان مش��وب بحسد وخبث بحيث يحصل للمنظور إليه � إنسانا كان أو حيوانا أو ش��يئا ��� ض��رر أو عطب، قال ابن منظور: »والعين: أن تصيب اإلنسان بعين، وعان الرجل يعينه فهو

.70عائن والمصاب معين« واإلصابة بالعين � على فرض صحتها � ال يتمكن منها كل الناس، وإنما تحصل من بعض ذوي النفوس الخبيثة التي يتملكها الحسد ويس��يطر عليه��ا الش��عور ب��النقص، وهي � أعني العين � قد تؤثر بصورة عفوية غير إرادية بمعنى أن العائن ال يدرك وال يشعر بما يترتب على نظرته من إضرار باآلخرين، ولذا قد يض��ر بعض محبي��ه على��ه ورد في بعض التعوي��ذات الش��عبية االس��تجارة من عين المحب ما يقال، ح��تى أن »حفظتك بالله من عين أم��ك وأب��وك واللي بيحب��وك«. كم��ا أنه��ا ق��د ت��ؤثر بص��ورة

.45 التجديد واالجتهاد في اإلسالم: ص69

.301 ص13 لسان العرب: ج70

Page 53: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

إرادية متعمدة، ويحكى أن بعضهم إذا أراد أن يصيب أحدا ب��العين تج��وع ثالث��ة أي��ام.71ثم ينظر إليه فيصرعه!

ولكن ما هي النس��بة بين الحس��د والعين؟ وه��ل أن ك��ل حاس��د ه��و في مع��رضإصابة غيره بالعين؟

والجواب: إن الحسد هو عبارة عن انفعال نفس��ي يتمنى ص��احبه زوال النعم��ة عن المحسود سواء رغب الحاسد أن تكون النعمة له أم ال . وهذا االنفعال ال��ذي يتحكم بالحاسد بسبب عقده النفسية وخبث سريرته ربما بقي حبيسا لديه، وفي��ز الفع��ل ��ز األمني��ة إلى حي حدود األماني وه��ذا ه��و الحس��د، وربم��ا خ��رج عن حي وإلحاق الضرر بالغير، إما عن طريق اليد أو اللسان أو العين ��� إن ثبت أن للعين قدرة على التأثير� والحالة األخيرة فقط هي التي تسمى بالعين، وبذلك يتضح أن النسبة بين الحسد والعين هي العموم والخصوص المطلق باص��طالح المناطق��ة،

أي أن كل عائن حاسد، وليس كل حاسد عائن.

تجذر االعتقاد بالعين االعتقاد بالعين هو اعتقاد قديم وواسع االنتشار، فق��د عرفت��ه مختل��ف الش��عوب، فآمن به الفينيقيون والفراعنة واتخذوا للوقاية من العين األحجبة والتعاويذ والخ��رز األزرق، كذلك آمنت به الشعوب األوروبي��ة ال س��يما اإليط��اليين،فق��د ذك��ر أن الباب��ا��ه تس��بب في قت��ل مئ��ات األش��خاص بس��بب بيوس التاسع كان يص��يب ب��العين، وأن نظ��ره إليهم ط��ويال، ونح��وه م��ا يحكى عن مل��ك إس��بانيا ألف��ونس الث��الث عش��ر،

.72واالعتقاد عينه منتشر لدى الشعوب والقبائل اإلفريقية وأما لدى القبائل العربية، فإن االعتقاد بإص��ابة العين متج��ذر ويع��ود إلى العص��ر الجاهلي، حيث اعتقد العرب أن عي��ون بعض الن��اس »ال تنتج إال ش��را وهي ال تك��اد تكون في خير مطلقا، ولذلك تجنبوا الع��ائن وابتع��دوا عن��ه، وق��د تفنن��وا في ابت��داع وسائل الوقاية من العين، فاستعملوا الحرز والتعاويذ وال��رقى والتم��ائم، من قبي��ل تعليق كعب األرانب أو منقار الغراب على أنفسهم، كما اتقوا العين الص�ائبة بوض�ع الوشم على الخدين والذقن، ومن األمثال العربي��ة المتعلق��ة بإص��ابة العين ق��ولهم:

.12 ص60 بحار األنوار: ج71

.25�30 راجع إصابة العين، حقيقتها، الوقاية منها، عالجها، راجي األسمر: ص72

Page 54: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

»إن العين تدني الرجال إلى أكفانه��ا واإلب��ل إلى أوض��امها« واألوض��ام جم��ع وض��م.73وهو ما يوضع عليه اللحم من خشب أو غيره

وبالنظر إلى عصرنا الحاضر، فإننا نالحظ أن االعتقاد بالعين ال يزال منتش��را في مختلف األوساط ولدى كافة الشعوب، سواء من أتباع األديان السماوية أو غيرهم، مع أن نسبة المعتقدين بالعين قد تتدنى في أوس��اط المتعلمين وطالب الجامع��ات

وذوي االختصاصات العلمية.

حقيقة تأثير العينثمة أقوال ووجوه متعددة في تفسير حقيقة العين وبيان تأثيرها:

التفسير االتفاقي:ـ 1 ومفاده أن إرادة الله وسنته ج��رت على إح��داث تغي��ير في المحس��ود والمعي��ون عند نظر العائن إليه وتحديقه فيه دون أن يكون هن��اك عالق��ة س��ببية بين األم��رين، وإنما المغير والفاعل هو الله، لكن تغييره حصل اتفاقا عند نظر الع��ائن، وق��د تبنى

. 74هذا الرأي السيد المرتضى وأبو القاسم البلخي وأبو هاشم��ه يحم��ل إنك��ارا ض��منيا لت��أثير وهذا التفسير، فضال عن افتق��اره إلى ال��دليل، فإن

العين.

وله تقريبان:ـ التفسير المادي: 2 التق��ريب الس��اذج المنس��وب إلى الجاح��ظ، وحاص��له: أن ثم��ة أج��زاءأحدهما:

م في مادي��ة تنفص��ل من العين وتتص��ل بالجس��م المحس��ود فت��ؤثر في��ه ت��أثير الس��الجسم الملدوغ.

وه��و التق��ريب ال��ذي يعطي��ه البعض لبوس��ا علمي��ا، وخالص��ته: أن العينالثاني: بتركيبتها الفيزيائية هي أش��به بعدس��ة مك��برة تس��تجمع األش��عة الكهرومغناطيس��ية��ر الموجودة في جسد اإلنسان وتوجهه��ا نح��و األش��خاص واألش��ياء، وكم��ا أن المكب يحرق الورق والهشيم اليابس تحت وطأة األش��عة الشمس��ية الموجه��ة بواس��طته، فإن العين أيضا وبتوسط هذه الطاقة الكهرومغناطيسية قد تحرق أنس��جة مح��ددة

754 � 751 ص6 راجع المفصل في تاريخ العرب قبل اإلسالم: ج73

.368، والمجازات النبوية: ص10و7 ص60 راجع بحار األنوار: ج74

Page 55: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

، ومن هن��ا ينق�ل أن بعض75في الجس�م اإلنس�اني أو الحي�واني أو النب�اتي أو غ�يرهاألشخاص ربما ينظر إلى كأس فيحركها من مكانها أو يكسرها، أو ما إلى ذلك.

إن الموافق���ة على ه���ذا التفس���ير هي رهن االع���تراف ب���ه من أه���ل الخ���برةواالختصاص، األمر الذي لم نتحققه حتى اآلن ولم نتوثق من صحته.

التفسير النفسي:ـ 3��ه ليس من ش��رط الم��ؤثر أن يك��ون وه��و المنس��وب إلى الحكم��اء ومف��اده: »أن

.76تأثيره بحسب الكيفيات المحسوسة... بل قد يكون التأثير نفسانيا محضا..« وهذا التفسير � كما الحظنا � وضع المسألة في إطار اإلمك��ان، وه��و م��ا ال نم��انع

منه، شريطة أن ال تثبت صحة تفسير آخر. إن التفاسير اآلنفة إنما يكون له��ا نص��يب من المص��داقية ويتحتم اللج��وء إليه��ا في ح��ال تم االع��تراف بواقعي��ة العين ولم يثبت بطالنه��ا، فه��ل يمكنن��ا االع��تراف ب��ذلك؟ وباألحرى هل من دليل يحتم االعتقاد بواقعية اإلصابة بالعين، أم أنه معتقد أق��رب إلى

الخرافة منه إلى الحقيقة؟

اإلصابة بالعين واإلمكان العقلي والعلمي في اإلجابة على ذلك ال بد من القول بداية: إنن��ا عن��دما نواج��ه أم��را م��ا أو ح��دثا معينا � سواء كان متصال بالمعتقد أو بالواقع ��� ف��إن علين��ا أن ال نس��ارع إلى رفض��ه ورميه بالخرافة، كما أن علينا أال نكون سذجا، فنبادر إلى اإلذعان به وترتيب اآلث��ار عليه، والموقف الصحيح في هذه الحال أن نضعه في دائ�رة اإلمك�ان، ق�ال الش�يخ الرئيس أبو علي ابن سينا: »كل ما ط��رق س��معك ف��ذره في بقع��ة اإلمك��ان ح��تى

. ومسألة اإلصابة بالعين تندرج في هذه القاع��دة، أي77يذودك عنه واضح البرهان« ال ب��د أن توض��ع في دائ��رة اإلمك��ان العقلي، إذ ليس ثم��ة مح��ذور عقلي في ك��ون��ه ال ب��د أن العين لدى بعض الناس مؤثرة فيما تحدق فيه، فال مبرر إلنكارها، كما أن��ة في مؤثريته��ا، وال توضع في دائرة اإلمكان العلمي، إذ ليس هن��اك اس��تحالة علمي سيما بمالحظة ما تقدمت اإلش��ارة إلي��ه من وج��ود ق��وة كهرومغناطيس��ية يمتلكه��ا

160 الخط األحمر: لموسى برنس ص75

.10 ص60 بحار األنوار: ج76

تقدم توثيق هذا الكالم سابقا فراجع.77

Page 56: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

جسم اإلنسان بإمكانها التأثير في األجسام، وإن ما يعرف »بالتنويم المغناطيسي«يعتمد على هذه القوة.

��ة، وك��ذا العقلي��ة ق��د ترتف��ع نس��بة االحتم��ال فيه��ا إلى درج��ة إن اإلمكانية العلمي التصديق، وقد تنخفض إلى درجة اإلنكار، وهذا االرتفاع أو االنخفاض مرتبط بوج��ود

القرائن والشواهد العلمية، أو الدينية، سلبا أو إيجابا. وإذا كنا ال نملك شواهد علمية دقيقة تؤيد االعتقاد بالعين، فربما يقال بأننا نمتلك

شواهد إسالمية في هذا المجال، فهل هذا صحيح؟ وهل تتم هذه الشواهد؟

الموقف اإلسالمي من اإلصابة بالعين يبدو أن االعتقاد بإصابة العين لم يحظ � رغم شهرته � بإجماع إسالمي، فقد أنكر بعضهم تأثير العين صراحة، كم�ا ه��و ح��ال الجب��ائي)أح��د أئم�ة المعتزل��ة( وفس��رها بعضهم تفسيرا هو أقرب إلى اإلنكار، كالشريف الرضي وأب�و هاش�م وأب�و القاس�م البلخي الذين رأوا � في تفسير العين � أن الله سبحانه وتع��الى ��� وحفظ��ا للحاس��د

، وكي��ف78من الحرام � يسلب نعمته من المحسود ويعوضه بنعمة أخ��رى ب��دال عنهاكان، فالمهم هو العثور على سند إسالمي لإلصابة بالعين من الكتاب أو السنة.

والظ��اهر أنن��ا ال نمتل��ك س��ندا إس��الميا يبعث على اليقين أو االطمئن��ان بواقعي��ة اإلص��ابة ب��العين، ونحن إنم��ا نص��ر على ض��رورة ت��وفر س��ند يبعث على اليقين أو االطمئنان، ألن القضية المبحوث عنها ليست من القضايا الفقهية التي يكتفى فيه��ا

، أو بغ��يره من وس��ائل اإلثب��ات الظ��ني، وإنم��ا�79 وفق بعض المباني � بخبر الواحدهي من القضايا ذات البعد االعتقادي التي تحتاج إلى أدلة تفيد اليقين أو الوثوق.

القرآن واإلصابة بالعين حاول البعض التمسك بالقرآن الكريم، إلثبات ص��حة االعتق��اد ب��العين، وذل��ك من

خالل بعض اآليات، وأهمها، آيتان:﴿ في وص��يته ألبنائ��ه: Q قول���ه تع��الى حكاي��ة عن يعق��وب األولـــى: يــا بني ال

ن ة ومــا أغني عنكم م قــ تفر تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب مــه فليتوكل ــوكلت وعليـ ــه تـ ــه عليـ للـ يء إن الحكم إال ــ ــه من شـ اللـ

.369 المجازات النبوية: ص78

خبر الواحد: هو الذي يرويه آحاد الناس وال يصل إلى درجة التواتر وحصول اليقين به.79

Page 57: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

[، فقد فسرت دعوة يعقوب ألوالده ب��التفرق بأنه��ا حماي��ة67﴾]يوسف: المتوكلون. 80لهم من العين، ألنهم كانوا ذوي جمال وهيئة وكمال

لكن التفسير الم��ذكور غ��ير ت��ام، إذ من الممكن أن يك��ون الس��بب وراء أم��رهم ب��التفرق ه��و حم��ايتهم من األذى والمالحق��ة في ح��ال دخ��ولهم مجتمعين من ب��اب

واحد.ا﴿قوله تعالى: الثانية: ارهم لم ــك بأبصــ روا ليزلقون وإن يكاد الذين كفــ

51﴾]القلم سمعوا الذكر ويقولون أنه لمجنون * وما هو إال ذكر للعالمين

« على معنى: يهلكونك ويص��يبونكليزلقونك بأبصارهم[، حيث حمل قوله »�52 بأعينهم.

ويالحظ على ذلك: بأن داللة اآلية على اإلصابة بالعين غير واضحة، وغاية ما تدل عليه، أن ال��ذين كف��روا ولش��دة غيظهم ينظ��رون إلى رس��ول الل��ه نظ��رات ملؤه��ا�راد ب�ه بي��ان ح��دة الحقد والغضب تكاد تصرعه، وهذا التعب�ير متع�ارف وم�ألوف وي النظرة ولؤم صاحبها، دون أن يكون لها تأثير سلبي واقعا، ونظ��يره م��ا ي��تردد على

األلسنة في التعبير عن النظرة الحانقة: »يكاد يأكلك بعينيه«.

الروايات: تهافت واضطراب هذا فيما يرتبط بالقرآن الكريم، أما السنة فيالح��ظ وج��ود رواي��ات عدي��دة واردة في مسألة العين، بيد أنها في مجملها ال تخلو من مالحظات، إما في سندها أو في داللتها، األمر ال��ذي يبعث على التوق��ف في بن��اء االعتق��اد ب��العين عليه��ا، وال س��يما

��ة من طري��ق أئم��ة أه��ل ال��بيت واردة في المص��ادرRبمالحظة أن الرواي��ات المروي، وإليك بعض هذه الروايات:81الحديثية الثانوية

»�P في الحديث عن رسول الله 1 أكثر من يموت من أمــتي بعــد قضــاء: .82«الله وقدره بالعين

ص6 نقل ذلك عن ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي والحسن، أنظر التبي��ان للش��يخ الطوس��ي: ج80167.

وما بعدها.18ص60 راجع على سبيل المثال: بحار األنوار ج81

.745 ص6 كنز العمال: ج82

Page 58: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ومع غض الطرف عن ضعف سند الرواية، فإن مضمونها ال يخل��و من اس��تغراب،��ه م��ا ألنها جعلت اإلصابة بالعين خارج نطاق القضاء والقدر، مع أن من المعل��وم أن من حدث من أحداث هذا الكون يق��ع خ��ارج نط��اق القض��اء والق��در، فكي��ف تك��ون

اإلصابة بالعين خارج ذلك؟!»P ��� وروي عنه2 العين حــق ولــو كــان شــيء ســابق القــدر لســبقته:

.83«العين ويبدو أن هذا الحديث الذي أورد في سياق االستدالل على صحة االعتقاد بالعين، ه��و على عكس المطل��وب أدل، ألن »ل��و« ح��رف امتن��اع المتن��اع، فيك��ون مف��اد الحديث أنه ليس هناك شيء يسبق القدر بما في ذلك العين، نعم لو ف��رض مح��اال

»Pأن ش��يئا س��بقه لس��بقته العين، فه��ذا الح��ديث ه��و نظ��ير قول��ه لو ســرقت: »P، أو قوله84«فاطمة بنت محمد لقطعت يدها : ال أحــدا ولــو كنت مفضــ

.85«لفضلت النساء «،العين حــق وفي ضوء هذا يتعين علينا تفسير ما جاء في صدر الرواية بأن »

86هذا التعبير الوارد في العديد من الروايات ، وإذا لم نج��د تفس�يرا وتوجيه�ا مقب��وال يوفق بين صدر الرواية وذيله��ا تعين إطراحه��ا، أو على األق��ل رد علمه��ا إلى أهله��ا

بسبب التهافت الملحوظ فيها.»Q ��� وفي الح��ديث عن علي3 العين حق، والــرقى حــق، والسـحر حــق،:

.87«والفأل حق، والطيرة ليست بحق، والعدوى ليست بحق.. وهذه الرواية فضال عن أنها لم ترد في جميع نسخ نهج البالغة، وإنما وردت في

نسخة ابن أبي الحديد فقط، فإن مضمونها يزيد في وهنها، وذلك من جهتين:��ه ظ��اهر فيالسحر حقاألولى: اعتبارها أن: » «، وهو أمر مخ��الف للق��رآن، فإن

ترهبوهم﴿ع��دم واقعي��ة الس��حر، ق��ال تع��الى: ــ حروا أعين الناس واس ــ ﴾س

107 ص9 رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه، راجع نيل األوطار: ج83

173 ص2 سنن الدرامي ج84

177 ص6 السنن الكبرى ج85

وما بعدها18ص60، وبحار األنوار ج1159ص2، وسنن ابن ماجة ج215 ص4 راجع المستدرك للحاكم ج86

372ص1 شرح نهج البالغة ج87

Page 59: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ا﴿[، وق��ال في الموض��وع نفس��ه: 116]األع��راف: حرهم أنهــ ــه من ســ يخيل إلي[.66﴾]طه : تسعى

«، وهذا أم��ر مخ��الف للوج��دانالعدوى ليست بحقالثانية: أنها افترضت أن ».88وللحقيقة العلمية، وقد عالجنا هذا األمر في مجال آخر

الرقى من العين وقد يستدل على حقانية العين وتأثيرها بما ورد في الحديث من مشروعية اتخ��اذ الرقى منها، ولعل غالب الرواي��ات ال��واردة في العين ن��اظرة إلى ذل��ك، فق��د روي

��ه س��مح باتخ��اذ ال��رقى، ورقى الحس��نينPعن��ه أعيذكما وعوذهم��ا ق��ائال: »L 89 أن «، كم��ابكلمات الله التامة من كل شيطان وهامــة، ومن كــل عين المة

��ه أذن ألس��ماء بنت عميس أن ت��رقي أوالد جعف��ر بن أبي ط��الب، وروي أنPأن بســم اللــه أرقيــك من كــل، وعلمه الرقية وهي »P رقى رسول الله Qجبرائيل

«، فقد يقال: إنه ال معنى للرقي��ة من العين ل��و لم تكنعين حاسد الله يشفيكحقا ولها تأثير واقعي.

باتخ��اذ ال��رقى والتعوي��ذ من العين ��� ل��و ص��حتPلكن يمكن الق��ول: إن أم��ره الروايات الواردة في ذلك � ال يدل على تأثير العين ذاتها، إذ ربم�ا ك�انت االس��تعاذة من شر صاحب العين، وإنما نسبت إلى العين، ألنها الحاسة األساسية التي تلتق��ط الصور وترسلها إلى العقل أو القلب فتثيره سلبا أو إيجاب�ا، كم�ا أنه�ا � أعني العين � هي التي يظهر عليها أكثر من سائر الحواس الغض��ب والحن��ق، وربم��ا يك��ون في األمر باتخاذ الرقى محاولة عالج نفس��ي للمنظ��ور إلي��ه، باعتب��ار أن ه��ذه الرواي�ات

واردة في ظل واقع يسوده االعتقاد بالعين وتأثيرها الكبير.

هل الوقوع دليل الصحة؟ك البعض إلثب��ات ص��دقية العين وص��حة الرواي��ات ال��واردة بش��أنها وربم��ا يتمس�� بالوقوع، ف��إن االعتق��اد ب��العين ل��دى مختل��ف الش��عوب ليس مج��رد أوه��ام، وإنم��ا

تصدقه الوقائع والتجارب، وقد قيل : إن الوقوع خير دليل على اإلمكان والصحة.

.248 كتاب اإلسالم والبيئة، ص 88

وما بعدها.17 ص60 راجع بحار األنوار ج89

Page 60: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

��ذكر ��د من ص��حة النق��والت ال��تي ت ولنا أن نتأمل في هذا الكالم، وندعو إلى التأك بهذا الصدد، فإن ما قد يعتقده الناس تأثيرا للعين قد يك��ون ل��ه أس��باب أخ��رى، وال عالقة سببية بينه وبينها، إال أن االعتقاد الشعبي الراس��خ به��ا ه��و ال��ذي ينس��ب له��ا هذه التأثيرات، وقد علمتنا التجارب عدم التسرع في قبول الكث��ير من المعتق��دات الشعبية غير المستندة إلى برهان جلي مهما ك��انت درج��ة انتش��ارها وش��يوعها بين الناس، فما أكثر المعتقدات التي تبين مع الوقت أنها مجرد أوه��ام وخراف��ات، كم��ا هو الحال في االعتق�اد المعروف حول تأثير حركة النج��وم عل����ى أوض����اع الن��اس لجهة سع�ادته�م وشقائه�م وأرزاقه�م وجن�س موالي��دهم.. م�ع أنه اعتق���اد ��� كم��ا س��لف ��� ال يمتل��ك نص��يبا من الص��حة، إلى غ��ير ذل��ك من االعتق��ادات الخرافي��ة

والوهمية. إننا ال نمل��ك دليال حاس��ما يقط��ع الش��ك ب��اليقين في أم��ر العينوخالصة القول:

وتأثيرها، لكننا بالرغم من ذلك ال نستطيع نفي تأثيرها، ألن النفي يحتاج إلى دليل كما اإلثب��ات، وإنم��ا نض��ع القض��ية في دائ��رة اإلمك��ان الش��رعي كم��ا وض��عناها في دائ��رة اإلمكان العقلي والعلمي، وال سيما بمالحظة أن اإلسالم ورغم محاربت��ه لك��ل أش��كال الخرافة التي كانت سائدة في المجتمع الجاهلي لم نجد له موقفا سلبيا حاسما بشأن العين، مع أن االعتقاد بها كان شائعا آنذاك، كما أسلفنا، بل ربما الحظنا وجود روايات

تؤكد واقعيتها، وإن ناقشنا فيها سندا أوداللة.

مبالغات ال مبرر لها ثم على فرض واقعية اإلصابة بالعين، فال شك أن المسألة قد أحيطت بمجموعة من المبالغات وحيكت حولها الكثير من القصص الخرافية، لدرج��ة أن بعض الن��اس يتملكهم الخوف والرعب إذا نظر إليهم أحد األشخاص المتهمين بالعين، فيعم��دون إلى التهرب أو التخفي منه، وكذا إخف��اء أبن��ائهم أو إخف��اء محاس��ن األبن��اء، خش��يةر ل��ه، وربم��ا ك��ان منافي��ا لمب��دأ تعرضهم للعين، إن هذا السلوك مبالغ في��ه وال م��بر

ما كتب الله لنا هو موالنا وعلى الله﴿التوكل على الله: قل لن يصيبنا إال[.51﴾]التوبة : فليتوكل المؤمنون

على أنه لو كان للحاسد هذه القدرة الفائقة على التأثير بمجرد النظر ل��دفع عن نفسه الضرر الذي قد يتوجه إليه من بعض الناس، وألراح األم��ة من بعض أع��دائها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن هاجس العين الذي يعيشه البعض ق��د ي��دفعهم إلى س��وء الظن ب��اآلخرين أو غيبتهم، وربم��ا اإلس��اءة إليهم والتع��رض لهم ب��الكالم

Page 61: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

الجارح بما يسيء إلى إنسانيتهم ويؤذي مشاعرهم، وربما يبلغ األمر حدا يساء في��ه الظن بص��نف كب��ير من الن��اس ألنهم من أص��حاب العي��ون الزرق��اء أو العج��ائز أو

األجرد من الرجال، أو غيرهم ممن يرميهم الناس جهال وسفها باإلصابة بالعين!

في العالجات في ضوء ما تقدم من ع��دم ثب��وت واقعي��ة العين، فال يبقى مع��نى للح��ديث عنسع إذا ك��انت اإلص��ابة ب��العين واقعي��ة، العالج، وإنما يكون لحديث العالج مجال ومت

وعندها نكون بحاجة إلى عالج مزدوج: عالج للعائن وآخر للمعيون.�ه ي�رتكب عمال محرم�ا بك�ل أما العائن، فإذا كان األم�ر إرادي�ا بالنس�ية إلي�ه، فإن��ة في ��ة في نتائجه��ا، وإن ك��انت إرادي تأكي��د، وأم��ا إذا ك��انت المس��ألة غ��ير إرادي منطلقاتها، فإن باإلمكان معالجته بته��ذيب النفس، اس��تنادا إلى النص��ائح اإلس�المية الت�ي تنه�ى ع�ن الحس��د، وتح�ث اإلنس�ان على التوازن في شخصيته، وأن يك��ون Qممن يرجو الخير لعباد الله، وأن يقنع بما آتاه الله، كما قال اإلم��ام زين العاب��دين

«.ورضني من العيش بمــا قســمت ليفي الدعاء المعروف بدعاء السحر: » إن اللجوء إلى الله والتوكل عليه واالستعانة ب��ه يس��اعد على ت��رويض النفس على

القناعة، وتطهيرها من الغل والحقد بما يخفف من غلواء الحسد. أما بالنسبة للمعي��ون أو المص��اب ب��العين، ف��إن علي��ه الرج��وع إلى أه��ل الخ��برة واالختص��اص والعم��ل بإرش��ادهم، ويحس��ن ب��ه ويس��تحب ل��ه اللج��وء إلى الل��ه واالستعاذة به من شر كل حاسد، ويسن له � أيض��ا ��� ق��راءة المع��وذتين، وغيرهم��ا

من آيات القرآن.. وأما التعاويذ وال��رقى الش��عبية، س��واء ال��تي تس��تخدم ألج��ل الوقاي��ة من العين، كاستخدام الخرزة الزرقاء، أو وضع األحذية والنعال على أبواب ال��دور والمحالت .. أو التي تستخدم ألجل دفع ضرر العين، كسكب الرصاص في الماء .. فإنه��ا تعاوي��ذ

غير مشروعة وهي أشبه بالخرافات، وهكذا الحال في الطالسم غير المفهومة.* * *

Page 62: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

المفردة السادسة90التداوي بالقرآن واألحراز و»الطب النبوي«

يسود في بعض األوس��اط اإلس��المية اعتق��اد خ��اطىء بش��أن مس��ألة االستش��فاء والتداوي، ويتلخص هذا االعتقاد بأن قضية التداوي تعتبر قضية غيبية يرجع فيها إلى

، وليس إلى أهل الخبرة من األطب��اء، فه��ل أنR وأهل بيتهPالنصوص، ووصايا النبي لهذا الكالم نصيبا من الصحة ؟

وبيان الموقف من هذا االعتقاد يفرض علينا من الناحي��ة المنهجي��ة أن نتوق��ف في��ة البداية عند المبدأ األساس في قض��ية الت��داوي واالستش��فاء، فه��ل هي قض��ية غيبي تعبدية وتؤخذ من النصوص الدينية؟ أم أنها قض��ية تعتم��د على معطي��ات مادي��ة يرج��ع فيها إلى أهل االختصاص؟ ثم ننتقل بعد ذلك للتوق��ف عن��د النص��وص الديني��ة الكث��يرة ال��واردة في الت��داوي ، مح��اولين تق��ديم رؤي��ة منهجي��ة في كيفي��ة التعام��ل م��ع تل��ك

النصوص؟

الشفاء وقانون العلية وعلينا في البداية أن نستذكر القاعدة القرآنية العامة التي تحدثنا عنها في بداي��ة الكتاب وحاصلها: أن سنة الله جرت على ارتباط المسببات بأس�بابها، وف�ق ق�انون العلية الح��اكم على ه��ذا الك��ون، فمن رام ال��رزق فعلي�ه بالك��د والعم�ل، ومن أراد النصر فعليه بإعداد الع��دة والع��دد، ومن رغب بالش�فاء والعافي��ة، فعلي��ه اس��تعمالنة الدواء المناسب، هذه هي القاعدة الصحيحة المستفادة من القرآن الكريم والس النبوية، وعلى اإلنسان أن يتح��رك وفقه��ا، ليكتش��ف أس��باب األم�راض وعوارض��ها، بالمالحظة والتجربة، ويتعرف على مضاداتها وطرق عالجها بالوسائل العلمية، دون�ه أن يعني ذلك المس بقدرة الله وصفاته، فالله س�بحانه ه��و الش�افي حقيق�ة، لكنط األدوي��ة ال��تي أودع فيه��ا خاص��ية يش��في من خالل األس��باب الطبيعي��ة، وبتوس�� الشفاء، تماما كما يرزق العباد بتوسط أسباب الرزق المتع��ددة، من دون أن يع��ني ذلك إلغاء دور الدعاء، وطلب العافية من الله سبحانه، فإنن��ا نطلب من��ه تع��الى أن يمن علينا بالعافية مع استعمالنا للدواء، وأخذنا بأسباب الشفاء، ومنه يتض��ح مع��نى

هذا المبحث مأخوذ مما ذكرناه في كتاب »من حقوق اإلنسان في اإلسالم« في طبعته الثانية، لك��ني90أعدت النظر فيه هنا ورتبته ترتيبا جديدا، وأضفت عليه إضافات مهمة.

Page 63: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

فين﴿: Qقوله تعالى على لسان إبراهيم [،80﴾]الش��عراء : وإذا مرضت فهو يشــ ال يريد القول بأن الله يشفيه بشكل مباشر، وبعيدا عن أس��باب الش��فاء،Qفإبراهيم

هو يطعمني﴿وهذا م��ا يش��هد ب��ه الس��ياق، أع��ني قول��ه تع��الى قب��ل ه��ذه اآلي��ة: نته تع��الى ج��رت على أن ال يطعم79﴾]الشعراء : ويسقين [ ، فمن المعلوم أن س��

اإلنسان بشكل مباشر، بعيدا عن طلب الرزق، واألخ��ذ بأس��بابه، وإنم��ا يطعم��ه منخالل الطريقة المألوفة في األخذ باألسباب.

وأما ما ج��رى أو يج��ري م��ع بعض األولي��اء، أو غ��يرهم من حص��ول الشف���اء دون التي ح��دثنا الق��رآن،Oاستعم�ال ال�دواء، أو الرزق من دون طلب، كما حصل لمريم

د﴿أن رزقها كان يأتيها من عند الل��ه: راب وجــ ا زكريا المحــ ل عليهــ كلما دخــــه ــه إن الل عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هـذا قالت هو من عنــد الل

[، فهي ح��االت اس��تثنائية ون��ادرة،37﴾]آل عمران : يرزق من يشاء بغير حساب تدخل في إطار المعاجز والكرام��ات، والحي��اة ال تتح��رك على أس��اس المع��اجز وال تسير على أساس العجائب، فهذا الطريق إذن طريق استثنائي، وليس متاح��ا لك��ل الناس، وهكذا ال يمكن التعويل على مجرد الدعاء وح��ده، ألن الل��ه ق��د ال يس��تجيب الدعاء لبعض الموانع، أو لفقد بعض شروط االس��تجابة، أو لبعض المص��الح ال��تي ال يعلمها غيره، األمر الذي يحتم علين��ا التح��رك وف��ق القاع��دة العام��ة، أع��ني قاع��دة��د ه��ذا العلية وارتباط األمور بأس��بابها، وإن الش��واهد القرآني��ة والحديثي��ة ال��تي تؤك

بالت��داويPالمبدأ أكثر من أن تحصى، ويكفي أن نشير هنا إلى أن أم��ر رس��ول الله ،91«خلق الــداء خلــق الــدواء فسر ذل��ك ب��أن ال��ذي »Pليس أمرا تعبديا، بل إنه

��ل، أو أدعه��ا وأتوك��ل؟ فق��ال »Pوس��أله رج��ل: »أأعق��ل ن��اقتي وأتوك إعقلهــا: .92«وتوكل

المفيد وتوقيفية الطب هذا، ولكن للش��يخ المفي��د رأي مختل��ف في الطب ال يخل��و من غراب��ة، إن حم��ل على ظاهره، وحاصل ما يراه: أن مسألة الطب و المداواة مسألة توقيفية، ترتب��ط

بالوحي دون سواه، قال رحمة الله:

.156 ص3 مسند أحمد ج91

417ص 5 سنن الترمذي ج 92

Page 64: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

»الطب صحيح، والعلم به ثابت، وطريقه الوحي، وإنما أخذه العلماء عن األنبياء، وذلك أنه ال طريق إلى علم حقيقة الداء إال بالسمع، وال س��بيل إلى معرف��ة ال��دواء

.93إال بالتوقيف، فثبت أن طريق ذلك هو السمع عن العالم بالخفيات تعالى«وباإلمكان أن نثير أمام هذا الكالم عدة مالحظات:

إن األخذ به على ظ��اهره،واالل��تزام بتوقيفي��ة علم الطب، وأن طريق��ه ه��وأوال: الوحي فحسب، يعني نسف علم الطب وإلغاءه من أساسه، والتنك��ر لك��ل الجه��ود الطبي��ة الهادف��ة للتع��رف على أس��باب ال��داء، وخص�ائص ال�دواء من خالل التجرب�ة

والمالحظة. إن الداء هو اعتالل جسدي له أسبابه الطبيعي��ة المفهوم��ة، أو ال��تي يمكنثانيا:

تفهمها والتعرف عليه��ا، كم��ا أن ال��دواء ه��و عالج ومض��اد يح��وي خص��ائص طبيعي��ة معينة، من شأنها في حال اكتشافها القض��اء على الم��رض أو محاص��رته، فال ال��داء أمر غيبي وال الدواء أمر توقيفي، وعليه فالسبيل األمثل لمعرفة المرض وأعراضه، والدواء وخصائصه، هو التجربة والمالحظ��ة الدقيق��ة، ال ال��وحي والغيب، ألن الن��بي

كغيره من األنبياء لم يبعث طبيبا، بل بعث هاديا ورسوال للناس كافة، أج��لPمحمدا»Qهو طبيب النفوس والقلوب، كما وصفه علي طبيب دوار بطبــه قــد أحكم:

ــوب عمي مراهمه وأحمى مواسمه، يضع ذلك حيث الحاجة إليه من قلــواطن ــة وم ــع الغفل ــه مواض ــع بدوائ ــنة بكم، متتب ــم وألس وآذان ص

.94...«الحيرة أعتقد أن القضية ال تنتهي عند ما قدمناه، بل نرى ضرورة مقاربتها منثالثا:

زاوية أخرى، هي األهم في المقام، وهي تحتاج إلى دراسة ومتابع�ة، وحاص�لها: م�ا كمعصوم بالطب، فهل أن ما يصدر عنه في هذا المجال � إن ثبتPهي عالقة النبي

﴾إن هو إال وحي يــوحى﴿صدوره � يعتبر وحيا إلهيا ينطب��ق علي��ه قول��ه تع��الى: [ أم أن سبيله هو سبيل الخبرة المكتسبة من تجارب الحياة؟4]النجم :

واإلجابة على ذلك تقودنا إلى الحقل العقائدي الكالمي، لمعرفة أنه هل يش��ترط أن يكون عارفا بكل العلوم والصناعات واللغات، مما ال تمت إلى ال��دينPفي النبي

بصلة، أم أنه ال يشترط ذلك؟

.144 تصحيح اعتقادات اإلمامية ص93

207ص1 نهج البالغة:ج 94

Page 65: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

فإذا بنينا على أن المعرفة بذلك هي شرط في النب��وة، فمن الط��بيعي أن نل��تزم الطبية تنطل��ق من خالل وحي الل��ه، وتعليم��ه ل��ه، مم��ا الPفي المقام بأن معرفته

مجال معه للخطأ واالشتباه.��ه ليس من ش��رط وأما إذا أخذنا بالرأي اآلخر األقرب إلى الصواب، والقائ��ل: بأن النبوة، المعرفة بذلك واالطالع عليه، كم��ا اخت��اره جم��ع من األعالم، أمث��ال المفي��د

، فعن��د ذل��ك ينفتح ب��اب االحتم��ال95والمرتضى والسيد محسن األمين رحمهم الله في الطب ونح��وه، منطلق��ا من موق��ع الخ��برة ال��تيPفي أن يك��ون م��ا ص��در عنه

من تجارب األمم الواصلة إليه، مض��افا إلى تجربت��ه الخاص��ة، ومع��ه تغ��دوPاكتسبها الرواي��ات الطبي��ة ح��تى على ف��رض ص��حتها خاض��عة للس��ياق الت��اريخي والظ��رف الزمني الصادرة فيه، فهي تراث طبي، انطل��ق من ثقاف��ة ذل��ك المجتم��ع وخبرات��ه المتراكمة، التي أضحت ثقافة متواضعة، بالقياس إلى الثورة العلمية الكب��يرة على المستوى الطبي مم��ا توص��ل إلي��ه اإلنس��ان في الق��رن األخ��ير، وق��د عرض��نا له��ذا الموضوع في كت��اب الش��ريعة ت��واكب الحي��اة، وس��جلنا على الق��ول ب��الخبرة بعض

المالحظات. وفي ضوء ما تقدم من مالحظات، فإننا نسجل تحفظا على ما قد يص��طلح علي��ه البعض بالطب الديني والروحاني أو الدواء الشرعي، ف��إن الش��رع ليس ل��ه أدويت��ه وعقاقيره الخاصة فيما يرتبط بصحة اإلنسان، بعيدا عم��ا تكش��ف التجرب��ة ج��دواه، وتبرهن على فعاليته، والمرجع في ذلك هم أه��ل الخ��برة، من األطب��اء المختص��ين، وليس علماء الدين والفقهاء، فإذا وصف الطبيب دواء للمريض ينبغي له األخذ ب��ه،��ه بل ربما وجب عليه ذلك، وإن لم يكن هذا الدواء واردا في النص��وص، كم��ا ل��و أن نهاه عن استعمال دواء، ألنه مضر بص��حته فعلى الم��ريض اجتناب��ه، وإن ك��ان واردا

في النصوص والروايات.

يراجعون األطباءRاألئمة �د في قض�ايا الطب، لجه�ة �ه ال تعب وإن خير دلي�ل على ص�حة م�ا ذكرن�اه، من أن

، فق��دR و أه��ل بيتهPاستعمال الدواء أو تشخيص الداء، هو ما جاء في سيرة الن��بي أمروا بالتداوي، ألن الذي خلق الداء خل��ق ال��دواء، ولم يس��جل الت��اريخ لهم موقف��ا سلبيا من الطب واألطباء، بل كانوا أنفسهم يستدعون األطباء للمعالج��ة أو ي��أذنون

فليراجع103 نقلنا بعض كلمات هؤالء األعالم في كتاب »الشريعة تواكب الحياة« ص:95

Page 66: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

بذلك، وال يمنعون منه إذا ابتلوا هم أو أصحابهم ببعض األمراض، ففي الح��ديث عن أن قوما من األنصار، ق��الوا: ي��ا رس��ول الل��ه، إن لن��ا ج��ارا اش��تكىQاإلمام الصادق

؟ قالوا: يه��ودي عن��دنا يع��الج منبماذا تداوونهبطنه، أفتأذن لنا أن نداويه؟ قال: ؟ قالوا: يشق بطنه فيستخرج منه شيئا، فكره ذل��ك رس��ولبماذاهذه العلة، قال:

، ف��دعوا اليه��ودي فش��قإفعلوا ما شــئتم فعاودوه مرتين أو ثالث��ا، فق��ال: Pالله Pبطنه، ونزع منه رجرجا كثيرا، ثم غسل بطنه ثم خاطه وداواه، فصح، فأخبر النبي

.96 ...«إن الذي خلق األدواء خلق لها دواءفقال: » لما ضربه ابن ملجم بالسيف على رأسه »جمع ل��ه أطب��اءQوفي الحديث أن عليا

الكوفة، فلم يكن منهم أح�د أعلم بجرح�ه من أث�ير بن عم�رو بن ه��اني الس�كوني، وكان مطببا صاحب كرسي يعالج الجراحات، وك�ان من األربعين غالم�ا ال�ذين ك��ان خالد بن الوليد أصابهم في عين التمر فسباهم، وإن أثيرا لما نظ��ر إلى ج��رح أم��ير

دع��ا برئ��ة ش��اة ح��ارة واس��تخرج عرق��ا منه��ا، فأدخل��ه في الج��رح، ثمQالمؤم��نين استخرجه، فإذا عليه بياض الدماغ، فقال له: »يا أمير المؤمنين إعهد عه��دك، ف��إن

عن��د ذل��ك بص��حيفة ودواةQعدو الله قد وصلت ض��ربته إلى أم رأس��ك، ف��دعا علي 97وكتب وصيته..«

هكذا تأخر المسلمون وهكذا، فليس غريبا أن يتأخر المسلمون في علم الطب، بعد أن ك��انوا روادا في ه��ذا المج��ال، وأغن��وا بمؤلف��اتهم ال��تراث الطبي في الش��رق والغ��رب،كم��ا يق��ول

، ليس مستغربا أن يتأخروا، بعد أن سادت بينهم فكرة الطب98الدكتور فيليب حتي���دي، ال���ذي يفتش أص���حابه عن ط���رق وأس���اليب الم���داواة في النص���وص التعب والروايات، بدل التعرف على أس��باب األم��راض وعوارض��ها، اعتم��ادا على التجرب��ة والمالحظة الحسية، ومن ثم يعمل على اكتشاف مض��اداتها الحيوي��ة، من خالل م��ا

أودعه الله في هذا الكون الفسيح، من مكونات الشفاء وخصائصه. وليس أقل غرابة من ذل��ك، انتش��ار فك��رة الت��داوي بالتم��ائم واألح��راز، أو س��ور القرآن الكريم، اعتمادا على نظ��رة خاطئ��ة، وفهم مبت��ور لبعض اآلي��ات والرواي��ات

.144 ص2 دعائم اإلسالم ج96

.234 ص42، وعنه بحار األنوار ج23 مقاتل الطالبين، ص97

.192 راجع كتاب موجز تاريخ الشرق األدنى ص98

Page 67: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

التي تؤكد على ضرورة اللجوء إلى الله سبحانه، وطلب الع��ون من��ه، بم��ا ال ين��افيمبدأ األسباب والمسببات كما تقدم.

وقد وصل األمر ببعض الناس إلى حد االستشكال في مراجعة األطباء، ألن ذل��ك��ه ه��و الش��افي والمع��افي وبي��ده � بزعمهم � ينافي إخالص التوحيد لله سبحانه، ألن األمور كلها، مع أن من الواضح أن استعمال الدواء والرج��وع إلى أه��ل الخ��برة من��ه تع��الى ه��و ال��ذي خل��ق خاص��ية األطباء، ال ينافي كون الله هو الشافي، باعتبار أن

الشفاء في الدواء، وهو علة العلل.

نظرة تأملية في الروايات الطبية وبعد هذا الكالم التأصيلي حول عالق��ة ال��وحي ب��الطب ،ال ب��د لن��ا أن نط��ل على Pتراثن��ا اإلس��المي ال��ذي يض��م مجموع��ة وف��يرة من الرواي��ات ال��واردة عن الن��بي

، وتتحدث عن خصائص األدوي��ة والعق��اقير، وكيفي��ة الت��داويRواألئمة من أهل البيت باألعشاب وغيرها، وبيان منافعها ومضارها، أو حول الت��داوي ب��القرآن.. وق��د ألفت في هذا الصدد مصنفات عديدة مثل كتاب طب األئمة البن بسطام، وط��ب اإلم�ام

ادقQالرض�ا ، وك��ذا الطبQ 99 المع�روف بالرس�ال���ة الذهبي���ة، وط���ب اإلم��ام الص�� النبوي البن القيم الجوزية، إلى غير ذلك من العناوين واألس��ماء ال��تي ك��ثر ت��داولها

مؤخرا، وراج سوقها، كتابة وطباعة، وقراءة. وفي تقييم عام وأولي لتراثنا الطبي يمكننا تصنيفه إلى عدة مجاميع:

التداوي بالقرآن هي الروايات ال��تي تحث على الم��داواة ب��القرآن وس��وره المجموعة األولى:

وآياته، أو باألدعية واألذكار والرقى واألحراز، وتعت�بر ذل�ك األس�لوب الن�اجع، وربم�ا الوحي��د في معالج��ة األم��راض، ويتبنى ه��ذا االعتق��اد بعض العلم��اء، ومنهم الش��يخ

الصدوق رحمه الله، حيث قال: ، فهي آي��ات الق��رآن، وس��وره، واألدعي��ةR»وأما أدوية العلل الص��حيحة عن األئمة

.100على حسب ما وردت به اآلثار باألسانيد القوية والطرق الصحيحة«

.143 إلى ص141ص15 راجع الذريعةج99

.116 االعتقادات في دين اإلمامية ص100

Page 68: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

��د أن ويعتمد أص�حاب ه��ذا االعتق�اد على م�ا ورد في الكت��اب والس�نة، مم�ا يؤكفين﴿الشفاء بي��د الل��ه تع��الى كم��ا في قول��ه س��بحانه: ﴾وإذا مرضت فهو يشــ

فاء ورحمــة﴿[، وقول��ه تع��الى: 80]الشعراء : رآن مــا هــو شــ ل من القــ وننز خسارا [ .82﴾]اإلسراء : للمؤمنين وال يزيد الظالمين إال

ولكن هذا االعتقاد غير دقيق بنظرنا، فالتداوي بآي��ات الق��رآن وس��وره، أم��ر غ�يرل من القرآن ما هــو﴿ثابت، ويفتقر إلى الدليل الصحيح، ألن قوله تعالى: وننز

��ه عق��ار82﴾]اإلس��راء: شفاء ورحمة للمؤمنين ��راد ب��ه بحس��ب الظ��اهر أن [، ال ي ودواء ألم��راض الجس��د، و إنم��ا ه��و ش��فاء ألم��راض القل��وب واألرواح، وأم��راض

إن في القرآن شفاء من أكبر الداء، وهو: »Qالمجتمع، فعن أمير المؤمنين.101«الكفر والنفاق والبغي والضالل

يقول العالمة الطباطبائي )رحمه الله( في تفسير اآلية المتقدمة: »فالقرآن شفاء ورحمة للقلوب المريضة، كما أنه هدى ورحمة للنفوس غ��ير اآلمن��ة من الضالل، وبذلك تظهر النكتة في ترتب الرحمة على الش��فاء«، ويض��يف: »فمع��نى

ل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين﴿قوله تعالى: [82﴾]اإلس��راء: وننز وننزل إليك أمرا يشفي أمراض القلوب ويزيلها، ويعيد إليها حالة الص��حة واالس��تقامة،

. 102فتتمتع بنعمة السعادة والكرامة« وأما الروايات الواردة في االستشفاء بآيات القرآن الك��ريم، فهي بحس��ب التتب��ع

Q، عن أبي عب��د اللهRضعيف�ة اإلسن�اد، كم��ا في مرس��لة ابن س��ابور في طب األئمة

ما اشتكى أحد من المؤمنين شكاة قط، فقال بــإخالص نيــة، ومســح»﴿: موضع العلة فاء ورحمــة للمــؤمنين وال ل من القرآن مــا هــو شــ وننز

خسارا إال عوفي من تلــك العلــة، أيــة[�� 82﴾]اإلس��راء : يزيد الظالمين إالفاء ورحمـــة﴿: علـــة، ومصـــداق ذلـــك في اآليـــة حيث يقـــول شـــ

. 103﴾«للمؤمنين ثم لو صحت ه��ذه الرواي��ات، ف��إن س��بيلها س��بيل الرواي��ات ال��واردة في مس��ألة

التداوي باألحراز والرقى والعوذات، مما يأتي الحديث عنه في المجموعة الثانية..92 ص2 نهج البالغة ج101

.184ص13 الميزان ج102

.28 طب األئمة ص103

Page 69: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

التداوي باألحراز : هي ما ورد حول التداوي باألحراز والرقى واألدعية.. وق��دالمجموعة الثانية

نقلها العلماء في كتب األدعية، فذكروا لكل داء رقية، ولكل وجع عوذة، ومالحظتن��ا األساسية على هذه الروايات � مع صرف النظر عن أسانيدها ���، أنه��ا ال ت��رمي إلى القول بارتباط الشفاء بشكل مباش��ر ب��األحراز أو ال��رقى أو الع��وذات ونحوه��ا، ب��ل تهدف إلى تأكيد مبدأ االرتباط بالل��ه، واللج��وء إلي��ه في ك��ل المص��اعب والش��دائد، وهذا االرتباط له تأثير ب��الغ في حص��ول الش��فاء ول��و بش��كل غ��ير مباش��ر، ألن من الثابت علميا والمشاهد بالعيان، أن األلم أو التوتر النفسي ال��ذي يص��يب اإلنس��ان��ه بفعل الحزن والخوف واالضطراب والقلق، هو منشأ الكثير من األمراض، كم��ا أن يمكن المرض من الفتك بجسم اإلنسان، م��ا يجع��ل ال��دواء غ��ير ذي ج��دوى، إال إذا اقترن بتقبل الم�ريض لمرض�ه، وإن أفض�ل أس�لوب يعتم�ده اإلنس��ان في محاول��ة التغلب على المرض، هو اللج��وء إلى الل��ه، والرك��ون إلى حس��ن ت��دبيره وقض��ائه، ومن هنا ت��أتي ه��ذه األدعي��ة واألح��راز والع��وذات، كغ��ذاء روحي يبعث على األم��ل والتفاؤل لدى المريض، ويحضه على التسليم بما قسم له الله، مم��ا يس��اعده على التوازن وعدم السقوط أمام المرض، أما أن يكون لها ت��أثير مباش��ر ومس��تقل في الشفاء، بعيدا عن قانون العلية وعن األخذ باألسباب الطبيعية، فهذا أم��ر ال تس��اعد عليه األدلة، وال هو ثابت إال على نح��و الكرام�ة، وهي حال��ة اس��تثنائية ون�ادرة، كم��ا

أسلفنا.

اآلداب الشرعية ما يندرج في سياق اآلداب الشرعية واألخالقية، وذلك من المجموعة الثالثة:

في وص��يته لكمي���ل:Qقبيل التس��مية على الطع��ام، ففي الح��ديث عن اإلم��ام عليــع اســمه داء..» ، أو من104«إذا أكلت الطعام فسم باسم الذي ال يضر م

قبيل ما ورد في الحث على األكل باليمين وأن يأكل المرء مم��ا يلي��ه، فعن رس��ول ، وكذا م��ا105«سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك مخاطبا أحدهم: »Pالله

إخلعوا نعالكم: »Pورد في الحث على خلع النعال أثناء الطعام، فعن رسول الله نة جميلة ، إلى غ��ير ذل��ك من التع��اليم ذات الط��ابع106«عند الطعام، فإنه ســ

425 ص66 بحار األنوار ج104

2056 ص5 صحيح البخاري ج105

235 ص15 كنز العمال ج106

Page 70: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

األخالقي، والتي يجدر ب��المرء المس��لم مراعاته��ا، ألنه��ا تن��درج في س��ياق الع��اداتاالجتماعية الحسنة، والسنن اإلسالمية الطيبة.

النصائح الطبية : م��ا ين��درج ويص��نف في دائ��رة النص��ائح الطبي��ة و الص��حية المجموعة الرابعة

»Pالعامة، من قبيل ما ورد عن رسول الله المعدة بيت كل داء والحميــة رأس ، وقي��ل: إنه��ا من حكم الح��رث بنQ108، ورويت ه�ذه الحكم�ة عن علي107«كل دواء

، أو110«صوموا تصحوا: »P، وك�ذا م�ا ورد عن�ه 109كل�دة، طبي�ب العرب المش�ه�ور»Q من كالمه البنه اإلم��ام الحسنQما ورد عن علي يا بنـــي أال أعلمـــك أربـــع:

فقـال: بلـى يا أمير المؤمنين، قـال:؟ خصـال تستغنـي بها عـن الطـبــام إال وأنت ــائع، وال تقم عن الطعـ ــام إال وأنت جـ ال تجلس على الطعـ

، أو111«تشتهيه، وجود المضــغ، وإذا نمت فــاعرض نفســك على الخالء... م�ا ورد في الحث على غس�ل الي��دين قب�ل الطع�ام وبع�ده، ففي الح�ديث عن أم�ير

»غسل اليدين قبل الطعام وبعده زيادة في العمــر، وإماطــة: Qالمؤمنين .. إلى غ��ير112«عن الثيــاب، ويجلــو البصر )الغمر: ريح اللحم ودس��ومته( للغمر

��دها أه��ل ذل��ك من الوص��ايا ذات الط��ابع الوق��ائي، مم��ا أثبتت التجرب��ة ص��حتها، وأك االختصاص، وهذه المجموعة ال تثير إشكالية في المقام، بل هي تشكل شاهد ص��دق

والرسالة.Pلصالح الرسول

الروايات العالجية : هي الرواي��ات التفص��يلية ذات الط��ابع العالجي وال��تيالمجموعــة الخامسة

تقدم وصفات طبية لمختل��ف األم��راض، وهي تبل��غ المئ��ات، وربم��ا المس��ت ح��دود

244 ص4 ومجمع البيان:ج30 ص2 عوالي الاللي ج107

6 ص:R طب األئمة 108

214ص2 كشف الخفاء للعجلوني ج109

267 ص59، بحار األنوار: ج450ص 8 كنز العمال ج110

229 الخصال ص:111

290 ص6 الكافي ج112

Page 71: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

، وين��درج في ه��ذه المجموع��ة م��ا ورد بش��أن خ��واص األطعم��ة واألش��ربة113األلفوالفواكه واألعشاب.

وهذه المجموعة بحاجة إلى دراسة توثيقية موض��وعية تحليلي��ة، به��دف غربلته��ا، ووضعها في نصابها الصحيح، وهذه الدراسة وإن لم يسع المقام للقيام به��ا بش��كل تفصيلي، فإننا نقتص��ر على تس��جيل مالحظ��تين أساس��يتين، وإذا م��ا أض��يف إليهم��ا مالحظة ثالثة وهي ما تقدم في فق��رة »المفي��د وتوقيفي��ة الطب«، فس��وف يتض��ح

الموقف في التعامل مع هذه األخبار.

بين مشرحتي علم الطب وعلم الرجال وأول مالحظة أو خطوة على هذا الصعيد هي عرضها على مشرحة علم الرج��ال، لتقييم أسانيدها ومعرفة ما يصح منها وما ال يصح، وإن دراسة كهذه لم تحصل لح��د اآلن، رغم أنها ضرورية، خاصة مع مالحظ��ة حص��ول الوض��ع والك��ذب في الرواي��ات الطبية، كما س��يأتي االع��تراف ب�ذلك من أح�د كب�ار العلم��اء المطلعين على األخب�ار والمصنفين فيها، عنيت بذلك الشيخ الصدوق )رحمه الله(، لكن الشائع عند العلم��اء عدم االهتمام بأسانيد هذه الروايات، وأمثالها مما ال ربط له بالحكم الشرعي، وفق��ا لقاعدة التسامح في أدلة السنن، يقول العالمة المجلس��ي وه��و يقيم مص��ادر كتاب��ه

بحار األنوار، تعليقا على كتاب طب األئمة: »إنه ليس في درجة سائر الكتب لجهالة مؤلفه وال يضر ذلك، إذ قليل منه يتعلق

. 114باألحكام الفرعية، وفي األدوية واألدعية ال نحتاج إلى األسانيد القوية« لكن المالحظة التي يمكن تسجيلها هنا: أن قاعدة التسامح المذكورة غ��ير ثابت��ة، بل ثبت وهنها في علم األص��ول، ه��ذا من جه��ة، ومن جه��ة أخ��رى، ف��إن الرواي��ات الطبية وإن لم ترتبط بالعمل والسلوك، لكنها ترتبط بصحة اإلنس��ان، مم��ا ال يص��ح التساهل فيها وتعريضها للمخاطر، فال يسوغ وضع األحاديث العالجية � قبل توثيقه��ا � في متناول عامة الن�اس، كوص�فات وإرش�ادات طبي��ة، خوف��ا من آثاره�ا الس�لبية

المحتملة.

ويكفيك أن الحر العاملي أورد في كتابه الفصول المهمة في أصول األئم��ة أربعمائ��ة واث��نين وثالثين)113 بابا.141( حديثا من طرق الشيعة وحدهم، موزعة على 432

30ص1 بحار االنوار ج114

Page 72: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ثم إن دراسة السند في المقام ال تكفي، بل ال بد أن تتبعها خطوة أخ�رى، تعم�ل على دراسة المضمون أيضا، ألن التعبد ال معنى له في الروايات الطبية، وربما كان األس��لوب األج��دى في دراس��ة المض��مون، ه��و عرض��ه على مش��رحة علم الطب، استنادا إلى الحقائق والمعطيات الطبية الثابتة، فإن المعصوم ال يتكلم بم��ا يخ��الف

الحقائق التكوينية، ألنه يصدر عن نبع صافية. ومن األحاديث التي يرى بعضهم أنه��ا مخالف��ة للمعطي��ات العلمي��ة اليقيني��ة: م��ا

»Pرواه أب��و هري��رة عن رس��ول الله إذا وقــع الــذباب في شــراب أحــدكم: .115«فليغمسه ثم لينزعه، فإن في أحد جناحيه داء وفي اآلخر شفاء

ومما يخالف المعطيات الطبية الثابتة واليقيني��ة: م��ا ورد في بعض األح��اديث من»Pنفي العدوى وتأثيرها، فقد روي عنه ،116«ال عدوى وال طــيرة وال هامــة..:

فه��ذا الخ��بر وأمثال��ه إن لم يتم توجيه��ه وحمل��ه على بعض المحام��ل، فال ب��د من التوقف بشأنه ورد علمه إلى أهل��ه، لمنافات��ه لم��ا ه��و محس��وس وب��ديهي في علم الطب من واقعي��ة الع��دوى، ول��ذا يتم الحج��ر الص��حي على المص��اب ب��األمراض

:P مما يؤكد واقعية الع��دوى، كقول��ه Pالمعدية، كما أنه يتنافى مع ما ورد عن النبي »ال يورد، أو قوله ألصحاب اإلب���ل: 117«فر من المجذوم فرارك من األسد»

، وق��د تعرض��ت له��ذا األم��ر في كت��اب118«على مصح )أي ذو عاه��ة( ممــرض»اإلسالم و البيئة« فليراجع.

النطاق الزمني للروايات والخط��وة الثاني��ة في المق��ام بع��د دراس��ة الس��ند والمتن، هي مالحظ��ة م��دى اإلطالق في ه��ذه الرواي��ات، وص��الحيتها إلعط��اء قاع��دة عام��ة لك��ل األش��خاص ولمختلف األمكنة واألزمنة، وقد تنبه الشيخ الصدوق له��ذا األم��ر، وتح��دث في كالم

، راجع ما ذكره الشيخ محمود أبو رية � نقال عن األطباء � بشأن مناف��اة ه��ذا99ص4 صحيح البخاري ج115 ، ولكن بعض الكتاب��ات250الح��ديث للمعطي��ات العلمي��ة في كتاب��ه »ش��يخ المض��يرة أب��و هري��رة«ص:

الجديدة حاولت التوفيق بين مضمون الحديث وبين المعطيات العلمية، إلى درجة اعتباره من معجزات.! Pرسول الله

169ص8 وما بعدها والكافي :ج17ص7 راجع على سبيل المثال: صحيح البخاري ج 116

56ص1 كنز العمال ج117

31ص7 صحيح مسلم ج118

Page 73: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

له عن تعرض التراث الطبي للوضع والدس، وأن بعضه وارد في نطاق محدود وال يش��كل قاع��دة عام��ة، ق��ال رحم��ة الل��ه في كالم ه��ام يعكس ق��دم اإلش��كالية في

التراث الطبي:»اعتقادنا في األخبار الواردة في الطب أنها على وجوه:

منها: ما قيل على هواء مكة و المدين��ة، فال يج��وز اس��تعماله في س��ائر األهوي��ة، ومنها: ما أخبر به العالم على ما عرف من طبع السائل، ولم يتعد موضعه، إذ ك��ان أعرف بطبعه منه، ومنها: ما دلسه المخالفون في الكتب، لتق��بيح ص��ورة الم��ذهبي عند الناس، ومنها: م��ا وق��ع في��ه س��هو من ناقل��ه، ومنه��ا: م��ا حف��ظ بعض��ه ونس��

.119بعضه...« ولم يسع المفيد في تص��حيح االعتق��اد، وعلى خالف عادت��ه إال موافق��ة الص��دوق

فيما قاله، وإن أضاف إليه إضافة هي محل إشكال، كما سلف.

* * *

وفي الختام

كانت هذه بعض المفاهيم المتش��كلة خ��ارج الفض��اء ال��ديني وال��تي تم إلباس��ها لبوس��ا دينيا، إما جهال وبحسن نية، وإما خبثا وعن سوء ني��ة، وعلى التق��ديرين، ف��إن المس��ؤولية الشرعية أملت علينا� بمقدار فهمنا لنصوص الدين ومقاصده � أن نبذل الجهد في س��بيل تنزيه ساحة الدين من تبعات هذه المفاهيم والعادات وتحريره من أوزاره��ا، ألن ال��دين �ل إلى بل��وغ أهداف��ه النبيل��ة األس��اليب باعتباره رسالة إيمان وعم��ل ص��الح ��� إنم��ا يتوس��

النظيفة وال يقر األساليب الملتوية، ويعتمد الصدق والشفافية ال الخداع والتمويه.

115 ص5 مصنفات الشيخ المفيد ج119

Page 74: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

وإني ألستميح القارئ الكريم عذرا على م��ا ق��د يج��ده من قس��وة في نق��دي لمث��ل هذه األفكار المزورة والعادات البالية، فتلك غضبة مكلوم ونفثة مصدوم هاله أن يرى أمته ال تزال مرتعا خصبا لتلك األفكار المعطلة للطاق��ات والمف��اهيم المعيق��ة لتط��ور

،Pاإلنسان، وذلك على الرغم من مرور أربع��ة عش��ر قرن��ا على بعث��ة رس��ولنا الك��ريم برسالته الخاتمة التي نصت على تكريم اإلنسان وأعلت من مكان��ة العق��ل، ورفض��ت

االتجار بالدين ، وحاربت كل أشكال الدجل والتضليل والتجهيل. أسأل الله العلي القدير أن يلهمنا الخير والعمل به وأن يبصرنا في ديننا ويفقهن��ا في شريعته وأن يس��دد خطان��ا ويوفقن��ا لنص��رة الح��ق وإع��زازه وانتق��اص الباط��ل

وإذالله وحياطة اإلسالم . إنه ولي التوفيق.

ملحق

:120يقول ول ديورانت في موسوعته الشهيرة »قصة الحضارة« وإذا أردنا أن نلخص اآلن العلم والتربية والفلسفة في غرب أوروبا إبان الق��رنين الرابع عشر والخامس عشر، فيجب أن نتذكر أن الدراسات العقلية ك��ان عليه��ا أنب تحارب من أج��ل الحص��ول على التربي��ة واله��واء في غاب��ة من الخراف��ة والتعص�� والخوف. وبين أحداث القحط والطواعين والح��روب، وفي الفوض��ى الض�اربة على البابوية الشاردة والمنقسمة على نفسها بحث الرجال والنساء في الق��وى الخفي��ة عن بعض التفاسير لما ينزل باإلنسانية من شقاء خفي وعن قوة سحرية ما تتحكم في األحداث، وعن ضرب من الف��رار الص��وفي من الواق��ع المري��ر، وس��ارت حي��اة العقل متعثرة في وسط من العرافة والس�حرة واستحض�ار األرواح وق�راءة الك�ف

.113�121 ص23 قصة الحضارة ج120

Page 75: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

وفراسة الدماغ واالستنباء بالعدد والعيافة والطيرة والتنبؤ وتفسير األحالم وطوال��ع النجوم والتحويل الكيميائي للمواد والعالج ب��الخوارق وللق��وى الخفي��ة في الحي��وان والمعدن والنبات. وال تزال هذه األعاجيب حية في أعطافنا الي��وم. وتظف��ر ه��ذه أو تلك منها بالوالء الصريح أو الخفي من كل واحد منا تقريبا ولكن تأثيرها الحالي في

أوروبا اليوم أقل بكثير من سلطانها في العصور الوسطى.. ولم تدرس النجوم من أجل هداي��ة الس��فن أو تحدي��د المواس��م الديني��ة فحس��ب��أ لألش��خاص وإنما درست من أجل التنبؤ بما يق��ع على األرض من أح��داث وم��ا يخب من مصير. ويبدو أن التأثير النافذ للمن��اخ والفص��ول وعالق��ة الم��د والج��زر ب��القمر والت��وقيت القم��ري للطمث عن��د الم��رأة واعتم��اد الزراع��ة على أح��وال الس��ماء وكيفياتها، إنم��ا ت��برر م��زاعم التنجيم ب��أن س��ماء الي��وم تكش��ف عن أح��داث الغ��د. وكانت أمثال هذه التنبؤات تنشر بانتظام )كما هو الحال اآلن( وتبلغ جمه��ورا كب��يرا متعطشا لها. ولم يكن األمراء يجس��رون على القي��ام بحمل��ة أو واقع��ة أو رحل��ة أو تشييد بناء إال إذا حصلوا على تأكي�د من المنجمين ب�أن النج�وم في أوض�اع مالئم�ة لهذه األغراض. ولقد حرص هنري الخامس ملك إنجلترا على االحتفاظ بإس��طرالب ليرسم خريطة السماء، ولما جاء زوجته المخاض قرأ بنفس��ه ط��الع الطف��ل وك��ان بالط متي��اس كورفين��وس ال��ذي يض��م ص��فوة المثقفين ي��رحب ب��المنجمين ترحيب��ه

بعلماء اإلنسانيات. واعتق��د الن�اس أن المالئك��ة ته�دي النج��وم، وأن اله�واء يزخ�ر ب�األرواح الخفي�ة، بعضها من الجنة وبعضها من الجحيم. وسكنت العفاريت كل مكان وبخاص��ة مخ��دع اإلنسان، وينسب إليها بعض الرجال ما يس�لب منهم باللي�ل كم�ا نس�ب إليه�ا بعض النساء ما يصيبهن في غير أوانه، وأجمع علماء الدين على أن أمثال تلك الخطي��ات الخبيثات لهن وجود حقيقي ويستطيع كل امرئ ساذج في كل منعطف وكل لحظة أن يخ��رج من ع��الم الحس إلى مملك��ة من الكائن��ات والق��وى المس��حورة. ولك��ل شيء طبيعي صفات خارقة. وكانت كتب السحر من أروج الكتب في ذلك العص��ر.

��ه1317ولقد عذب أسقف كاهورز وجلد وألقي به في المحرقة ) ( بعد أن اع��ترف بأن أحرق تمثاال من الشمع للبابا يوحن��ا الث��اني والعش��رين آمال أن يلقى األص��ل مص��ير الشمع، كم��ا وع��د ب��ذلك فن الس��حر. واعتق��د الن��اس أن فط��ير القرب��ان بتق��ديس

القسيس ينزف دم المسيح إذا خدش. وخبت شهرة الكيماويين، ولكنهم استمروا في أبحاثهم األمينة وخ��دعهم البراق��ة على السواء وفي الوقت الذي أنكرتهم فيه المراسيم الملكية والبابوية فقد أقنع��وا

Page 76: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

بعض الملوك ب�أن الكيمي�اء ق��د تفعم الكن�وز م�تى نض�بت. وك�ان الس�ذج يبتلع�ون »الذهب المذاب« الذي أكد لهم أنه يشفي كل شيء إال الغفلة )وال يزال المرض��ى

واألطباء يتعاطون الذهب في عالج داء المفاصل(.. ونافس علم الطب في كل خطوة من خطواته، التنجيم وعل��وم ال��دين وال��دجل. ونسب األطباء تقريبا تشخيص مرض من األمراض إلى ال��برج ال��ذي ول��د أو م��رض

(: »إذا ج��رح ام��رؤ1363فيه المريض، وهكذا كتب الجراح العظيم جي ده ش��ولياك ) في عنقه والقمر في برج الثور، فاإلصابة خطيرة« ومن أقدم الوث��ائق المطبوع��ة،

( يبين أحس��ن األوق��ات من ناحي��ة طوال��ع النج��وم لفص��د1462تقويم نشر في منيز ) الدم. ونس��بت األوبئ��ة بين جمه��رة الن��اس إلى اجتم��اع س��يئ الط��الع بين النج��وم. وأرجح ماليين المسيحيين، الشفاء إلى العقي��دة وربم��ا ك��ان ذل��ك لخيب��ة أملهم في الطب. وذهب آالف إلى مل��وك فرنس��ا وإنجل��ترا يستش��فون من ال��درن الخ��نزيري بلمسة ملكية ويبدو أن هذه العادة قد بدأت بلويس التاسع الذي أدت قداس��ته إلى االعتقاد بقدرته على عمل المعجزات. وظن الن�اس أن قوت�ه، ق�د انتقلت من�ه إلى خلفائ��ه، كم��ا انتقلت عن طري��ق إي��زابال أم��يرة ف��الوا، وهي أم إدوارد الث��الث، إلى ملوك إنجلترا. وحج آالف أكثر إلى أضرحة تشفي المرض؛ وحولوا بعض القديسين إلى أطب��اء متخصص��ين، وهك��ذا اكتظت كنيس��ة الق��ديس فين��وس بالمص��ابين ب��داء الرقص الزنجي، إذ ساد االعتقاد بأن هذا القديس متخصص في عالج ه��ذا الم��رض وأصبح قبر بييرده لكسمبورج، وه��و كاردين��ال م��ات في الثاني��ة عش��رة من عم��ره بسبب غلوائه في الزهد، مزارا محببا، ونسب شفاء ألف وتسعمائة وأربعة وس��تين شخصا إلى قدرة عظامه السحرية، وذلك في خالل خمسة عشر شهرا من وفات��ه.

حكم على1382وراجت ص��ناعة ال��دجالين، ولكن الق��انون ب��دأ يق��اومهم. ففي ع��ام روجر كليرك، الذي ادعى عالج المرضى بالرقي، أن يسير في شوارع لن��دن راكب��ا

وقد علقت المباول حول عنقه. واعتقد معظم األوربيين في السحر، أو بعبارة أخ��رى، في ق��وة بعض األش��خاص على التحكم في األرواح الش��ريرة والحص��ول على معاونته��ا. لق��د ك��انت الق��رون المظلمة متنورة نسبيا في هذه الناحية. ولقد أنك��ر القديس��ان بونيف��اس وأجوب��ارد االعتقاد في السحر باعتباره ذنبا وعمال يوجب السخرية، وجعل��ه ش��ارلمان جريم��ة يعاقب مقترفها باإلعدام وكان يشنق كل شخص يتهم بصناعة السحر، وحرم الباب��ا جريجوري السابع هلديبراند، على محكمة التف��تيش، أن تح��اكم الس��حرة على أنهم السبب في العواصف والطواعين ولكن تأكيد الوعاظ لحقيقة جهنم ومكائ��د إبليس

Page 77: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

أذكى االعتقاد الش��عبي في وج��ود الش��يطان وش��ره في ك��ل مك��ان أو وج��ود أح��د أعوانه، وكم من عقل مريض أو نفس يائسة اعتصمت بفكرة استحضار أمثال هذهحر أن��واع ش��تى من الن��اس، ي��دخل فيهم الباب��ا الش��ياطين لمعاونته��ا. واتهم بالس�� بونيفاس الثامن. ولقد شنق الرجل األرستقراطي أنجراند ده ماريني بتهمة السحر

بقتل عدد من األشخاص غ��ير1317، وأمر البابا جون الثاني والعشرون عام 1315عام المعروفين، ألنهم دبروا اغتياله مستعينين بالشياطين. وأنك��ر ج��ون م��رارا االلتج��اء إلى الشياطين وأمر باضطهاد من يقترف��ه، وف��رض العقوب��ات علي��ه، ولكن الن��اس فسروا مراسيمه بأنها تؤيد اعتقادهم في وجود القوى الش�يطانية وإمك��ان االنتف��اع

، وشنق كث��ير من المتهمين أو ألقي بهم1320بها. وتضاعف االتهام بالسحر بعد عام في المحرق��ة. وس��اد في فرنس��ا ال��رأي القائ��ل ب��أن ش��ارل الس��ادس ق��د أص��يب بالجنون بوسائل سحرية، واستخدم ساحران إلعادة العق��ل إلي��ه، فلم��ا أخفق��ا ج��ز

(. 1397رأساهما ) أصدرت كلية الدين بجامعة باريس، ثماني وعش�رين مقال�ة تح��رم1397وفي عام

السحر، وإن اعترفت بقدرته بين حين وآخر. وعد قاض��ي القض��اة جرس��ون أن منالهرطقة أن يناقش المرء وجود الشياطين أو نشاطها.

أما الكهان��ة فهي ممارس��ة الس��حر بوس��اطة أش��خاص نس��بوا إلى عب��ادة إبليس باعتباره كب��ير الش��ياطين ال��ذين يعمل��ون على اس��تخدامها في اجتماع��ات ليلي��ة أو سبتية. ويذهب االعتقاد الش��عبي إلى أن الس��حرة، وأغل��بيتهم من النس��اء ي��زودون بق��وى خارق��ة في مقاب��ل عب��ادتهم إلبليس. وانت��دابهم على ه��ذا الوج��ه يجعلهم��د يسيطرون على النواميس الطبيعية، ويجلبون النحس أو الموت لمن يريدون. وأي علماء أمثال أراومس وتوم��اس م��ور وج��ود الكهان��ة في الواق��ع، وش��ك فيه��ا بعض القسس في كلونيا، وأيدت وجودها جامع��ة كلوني��ا. وزعم معظم رج��ال الكنيس��ة � وي��وافقهم في ذل��ك بعض الم��ؤرخين من غ��ير رج��ال ال��دين إلى ح��د م��ا ��� أن االجتماع��ات الس��رية باللي��ل إنم��ا هي تعالت لعالق��ات جنس��ية مختلط��ة ولتح��ريض الش��باب على الفس��ق، واع��ترف بعض الس��حرة اعتراف��ا مزعوم��ا أو باألعم��ال الشريرة التي أسندت إليهم، وذل��ك إم��ا بوس��اطة وهم مخب��ول، وإم��ا للتخلص من التع��ذيب، ولع��ل ه��ؤالء الس�حرة الش��عبيين ق��د ق��اموا بم�ا يش�به التح��ذير النه�ائي لمسيحية مثقلة، وبنزعة ترفيهية من ناحية ومتمردة من ناحية أخرى لعب��ادة إبليس باعتباره العدو الق�وي إلل�ه يحكم على كث�ير من المب��اهج ب�الكبت ويلقى بكث�ير من األرواح في الجحيم، وقد تذكر هذه الش��عائر الخفي��ة وتؤك��د من جدي��د العقائ��د في

Page 78: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

األعياد الوثنية آلله��ة األرض والحق��ل والغاب��ة الخاص��ة بالتناس��ل واإلخص��اب أمث��الباخوس وبريابوس وسيريس دفلورا.

واجتمعت جهود األوساط المدنية والدينية على قمع م��ا رأوه أك��بر فس��اد وكف��ر. وبخاص��ة الباب��ا1451 و1447 و1409 و1374وانت��دب ع��دد من الب��ابوات ��� في األع��وام

��� عمالء في محكم��ة التف��تيش للتص��رف م��ع الس��حرة1484إنوس��نت الث��امن ع��ام باعتبارهم هراطقة منبوذين، تصيب جرائمهم ووسائلهم الثمرات واألرح��ام ب��األذى، وقد تحول مزاعمهم جماعات بأسرها إلى الشيطنة واعتمد البابوات اعتمادا حرفيا

( »لن تترك س��احرة تعيش«. وم��ع18: اآلية 22على آية في سفر الخروج )اإلصحاح كانت تكتفي بالعقوب��ات المعتدل��ة إال إذا1446ذلك فإن المجالس الكنسية قبل سنة

كان المذنب السابق المعفو عنه قد عاد إلى سابق إجرامه. ولقد أح��رقت محكم��ة اث��ني عش��ر1460، عددا من السحرة في هيلدلبرج، وأحرقت عام 1446التفتيش عام

رجال وام���رأة في أراس، وأطل���ق عليهم الف���ودوا كم���ا أطل���ق على الهراطق���ة )waldensesوق��ام الس��حرة في فرنس��ا برحل��ة ع��بر األطلنطي ح��تى أطلقت كلم��ة )

على س��حر الزن��وج في المس��تعمرات الفرنس��ية في أميرك��ا.voodooismفودوويزم وفزع جاكوب سبرنجر قاضي محكمة التفتيش الدومينيكي فزعا شديدا من انتشار

دليال رس��ميا لمط��اردة الس��حرة عنوان��ه: »مطرق��ة1487الس��حر فأص��در ع��ام السحرة«. وقدم مكسميليان األول وكان إذ ذاك ملك الرومان لهذا الدليل برس��الة تقريظ قال فيها أعظم أثر هائل ضد الخرافة أنتجه العالم. وقال سبرنجر إن هؤالء النسوة الشريرات بتقليب خميرة شيطانية في ق��در أو بوس��ائل أخ��رى، يس��تطعن إحضار أسراب من الجراد والديدان لتلتهم محصوال كامال، وهن يستطعن أن يص��بن الرجال بالعقم ويجعلن النساء عقيمات، ويغضن لبن المرض�ع أو يجهض�ن الحام�ل، ويستطعن بنظ��رة واح��دة فق��ط أن يجلبن الحب أو الكراهي��ة، الم��رض أو الوف��اة. ويخطف بعضهن األطفال ويش��وينهم وي��أكلنهم. ويس��تطعن رؤي��ة األش��ياء عن بع��د ويتنبأن ب��الجو، وفي إمك��انهن أن يح��ولن أنفس��هن أو غ��يرهن إلى حيوان��ات، وختم بحثه بقوله إن ذلك ألن النس��اء أخ��ف رؤوس��ا وأك��ثر ش��هوة من الرج��ال، وأض��اف أنهن، إلى هذا كله، وسائل محبوبة دائمة إلبليس. ولقد أحرق ثماني وأربعين منهن في مدى خمس سنوات. ومنذ عهده، زاد هجوم رجال ال��دين على ص��ناعة الس��حر حتى بلغ أوجه في القرن السادس عشر، في كن��ف الكاثولي��ك والبروتس��تانت على السواء، وبهذا الض��رب من العن��ف الهائ��ل تف��وقت األزمن��ة الحديث��ة، على العص��ور

، بأن محكمة التفتيش، قد1554الوسطى. وفاخر أحد موظفي محكمة التفتيش عام

Page 79: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

أح��رقت ثالثين ألف��ا من الس��حرة على األق��ل، وإذا ترك��وا بال عق��اب فق��د ي��نزلنالخراب بالعالم كله.

ولقد ألفت كتب كث��يرة في ه��ذا العص��ر لمحارب��ة الخراف��ات وتحت��وي كله��ا على خرافات. ووج��ه أجوس��تينو ترينف��و إلى الباب��ا كلمنت الخ��امس، رس��الة ينص��حه أن يحرم السحر الخفي ولكن ترينفو رأى أن الطبيب ال يغتفر له أن يجري فص��ادا في مراحل معينة من أوجه القمر. ووجه البابا جون الثاني والعش��رون ض��ربات قاس��ية

(، ونعى ما ظنه انتشارا متزايدا لتق��ديم الق��رابين إلى1337( والسحر )1317للكيمياء ) الشياطين، وأخذ العهود على إبليس وصناعة التماثيل والخواتم واألمزجة لألغ��راض السحرية، وأصدر قرارا تلقائيا بالحرمان ضد جميع الذين يمارسون ه��ذه الق��وانين،

ولكنه أضمر اعتقادا في قدرتها. وكان نيقوال أرزم هو الخصم العنيد للتنجيم في ذلك العص��ر، وق��د ت��وفي وه��و

. وسخر من المنجمين، الذين ال يستطيعون تحدي��د جنس1382أسقف ليزيوه عام الطفل قبل والدته وإن زعموا أنهم يستطيعون التنب��ؤ بمص��يره على األرض بع��د والدته، وقال أرزم إن مثل هذه الطوالع حكايات يسردها الزوجات العجائز وكتب مرددا عنوان شيشرون وجهده قبل ذلك بأربعة عشر قرنا عن: »ق��راءة الغيب« في الرد على مزاعم الع��رافين ومفس��ري األحالم وأمث��الهم. ولق��د س��لم وس��ط شكه في العلوم الخفية بصفة عامة، بأن األحداث يمكن أن تفسر بأنها من عمل الش��ياطين أو المالئك��ة. وقب��ل فك��رة »عين الحس��ود«. وظن أن المج��رم يعتم المرآة بنظره فيها. وأن نظرة الوشق قد تخترق الحائ��ط. واع��ترف ب��المعجزات التي في الكتاب المقدس، ولكنه رفض التفس��يرات الخارق��ة إذا ك��انت العوام��ل الطبيعية تكفي للتفسير وق��ال نيق��وال: إن كث��يرين من الن��اس يص��دقون الس��حر ألنهم يفتقرون إلى معرفة العلل والتطورات الطبيعية. وهم يقبلون بالس��ماع م��ا لم يروه، ولذلك قد تصبح أسطورة � مثل ساحر يتسلق حبال ألقى به في اله��واء � عقيدة شائعة )وهذه هي أول رواية تذكر فيه��ا أس��طورة تس��لق الحب��ل( واحتج أرزم تبعا لذلك بأن انتشار عقيدة ما ليس دليال على ص��دقها ب��ل إذا ش��اهد كث��ير من الناس حادثة تناقض تجربتنا العادية للطبيعة فيجب أن ت��تردد في تص��ديقهم. يضاف إلى ذلك أن الحواس من السهل خداعها ف��إن أل��وان األجس��ام وأش��كالها وأصواتها تختلف تبعا لمسافة أعضاء الحواس وأضوائها وحاالته��ا، والجس��م وه��و ساكن قد يبدو متحركا، والتحرك قد يبدو ساكنا، وتبدو قطعة النق��ود الموض��وعةر في ق��اع قنين��ة ممل��وءة بالم��اء، أبع��د منه��ا في قنين��ة فارغ��ة. ويجب أن تفس��

Page 80: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

األحاسيس بالفعل، وهذا أيض��ا عرض��ة للخط��أ. ويق��ول أرزم، إن خ��دع الح��واسوالفعل تفسر كثيرا من األعاجيب التي تنسب إلى القوى الخارقة أو السحرية.

وعلى الرغم من هذا التقدم الجريء نحو الروح العلمي، فإن الخرافات القديم��ة بقيت أو عدلت أشكالها فحسب. ولم تكن مقصورة على الدهماء فق��د دف��ع إدوارد الثالث ملك مبلغا باهظا من المال للحصول على قارورة، ك��ان على يقين من أنه��ا من مخلف��ات الق��ديس بط��رس وعرض��ت على ش��ارل الخ��امس مل��ك فرنس��ا في سانت شابل قارورة، قي��ل إنه��ا تح��وي بعض دم المس��يح وس��أل حكم��اءه وعلم��اء الدين عنده عن صحتها، فردوا متحفظين باإليجاب. وفي هذا الجو جاه��دت التربي��ة

والعلم والطب والفلسفة لتنمو.

المصادر والمراجع

� القرآن الكريم.1 ه��(، اإلش�ارات والتنبيه�ات، تحقي�ق: ال�دكتور�427 370 � ابن سينا، الحس�ين بن عب��د الل��ه، )2

.4م، ج1968سليمان دينا، دار المعارف، القاهرة � مصر، ال.ط، ه��(، المكاس�ب المحرم�ة، تحقي�ق: لجن�ة ت�راث الش�يخ1281 � األنصاري، الشيخ مرتضى،)ت3

ه�.1415، 1األعظم، قم � إيران، ط ه���(، النهاي�ة في غ��ريب الح��ديث، مؤسس��ة606 � ابن األثير،المبارك بن محم�د الج��زري، )ت4

ه�.ش.1364، 4إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع، قم � إيران، ط � ابن�ا بس�طام، عب�د الل�ه والحس�ين بن س�ابور الزي�ات النيس�ابوري، طب األئم�ة، المكتب�ة5

م.1965، 1الحيدرية، النجف األشرف، ط � اإلحس��ائي، ابن جمه��ور، ع��والي الآللي، تحقي��ق: الش��يخ مجت��بى الع��راقي، مطبع��ة س��يد6

م.1983، 1الشهداء، قم � إيران، ط � ابن حنبل، اإلمام أحمد، مسند أحمد، دار صادر، بيروت � لبنان، ال.ط، ال.ت.7 � أبو رية، الشيخ محمود، شيخ المضيرة أبو هريرة، دار الذخائر للمطبوع��ات، قم ��� إي��ران،8

ه�. ش.1368، 1ط � األصفهاني، علي بن الحسين األموي المعروف بأبي الفرج األص��فهاني، مقات��ل الط��البين،9

م.1965، 1المكتبة الحيدرية، النجف األشرف، ط

Page 81: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

� األسم�ر، راجي، إصاب�ة العين، حقيقتها، الوقاية منها، عالجها، جروس ب��رس، ط��رابلس �10لبنان، ال.ط، ال.ت.

(، ال��دروع الواقي��ة، مؤسس��ة آل ال��بيت الحي��اء664 ��� ابن ط��اووس، علي بن موس��ى، )ت 11ه�.1414، 1التراث، قم � إيران، ط

ه�(، سنن ابن ماجة، تحقيق: محمد فؤاد عب��د275 � ابن ماجة، محمد بن يزيد القزويني، )ت12الباقي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ال.ط، ال.ت.

ه�.1405 � ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، نشر أدب الحوزة، قم � إيران، 13، ال.ت.10 � أمين، أحمد، ضحى اإلسالم، دار الكتاب العربي، بيروت � لبنان، ط14 ه���(، الح��دائق الناض��رة في أحك��ام الع��ترة الط��اهرة،1186 � البحراني، الشيخ يوس��ف، )ت 15

مؤسسة النشر اإلسالمي، قم � إيران، ال.ت. � البحراني نفسه، الكشكول ،مكتبة نينوى، طهران � إيران، ال.ط، ال.ت.16 ه�(، ص��حيح البخ��اري، دار الفك��ر، ب��يروت �� لبن��ان،256 � البخاري، محمد بن إسماعيل، )ت 17

م.1981ال.ط، م.1983 � برنس، موسى، الخط األحمر، الناشر: مؤلفون، لبنان 18 ه���(، المحاس��ن، تص��حيح وتعلي��ق: الس��يد جالل374 � البرقي، أحمد بن محمد بن خالد، )ت 19

ه�.1370الدين الحسيني، دار الكتب اإلسالمية، طهران � إيران، ال.ط، ه�(، السنن الكبرى، دار الفكر.458 � البيهقي، أحمد ابن الحسين بن علي، )ت20 ه���(، س��نن الترم��ذي، دار الفك��ر للطباع��ة والنش��ر،279 � الترم��ذي، محم��د بن عيس��ى، )ت21

م.1983، 2بيروت � لبنان، ط � التنكابني، محمد بن سليمان، قصص العلماء، ترجمة: الشيخ مالك وه��بي، ذوي الق��ربى،22

ه�.1429، 2قم � إيران، ط � التوحيدي، محمد علي، مصباح الفقاهة، تقريرا ألبحاث السيد أبي القاسم الخوئي، مكتبة23

، ال، ت.1الداوري، قم � إيران، ط ه�(، شرح المواقف، الش��ريف الرض��ي، قم �812 � الجرجاني، الشريف علي ابن محمد، )ت24

إيران، ال.ط، ال.ت. � حتي، الدكتور فيليب، موجز تاريخ الشرق األدنى.25 ه�(، وسائل الشيعة، تحقيق مؤسسة آل البيت1104 � الحر العاملي، محمد بن الحسن، )ت 26

ه�.1404، 2إلحياء التراث، قم � إيران، ط � الحر العاملي، الفصول المهمة في أصول األئمة )عليهم السالم(، بصيرتي، قم ��� إي��ران،27

ال.ط، ال.ت. � الحراني، الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة)الق�رن الهج�ري الراب�ع(، تح�ف العق�ول28

،2عن آل الرسول، تحقيق: علي أكبر غفاري، مؤسسة النش�ر اإلس�المي، قم �� إي�ران، طه�.1402

Page 82: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

� الحوالي، الشيخ الدكتور سفر، منهج األشاعرة في العقيدة.29 � الخشن، حسين، من حقوق اإلنسان في اإلسالم،دار المحجة البيضاء، بيروت � لبن��ان، ط30

م.2007، 2م.2004، 1 � الخشن، حسين، الشريعة تواكب الحياة، دار الهادي، بيروت � لبنان، ط31 � الخوئي، السيد أبو القاسم، صراط النجاة، )استفتاءات(، جم��ع: الش��يخ موس��ى عاص��ي،32

ه�.1416، 1دفتر نشر بركزيده، قم � إيران، ط ه���(، س�نن ال��دارمي، مطبع��ة االعت��دال، دمش�ق،255 � ال�دارمي، عب��د الل��ه بن به��ران، )ت33

ه�.1349 ه�(، حياة الحيوان الكبرى، انتشارات ناصر خسرو،�808 742 � الدميري، محمد بن موسى، )34

.1368، 3طهران � إيران، ط � ديورانت، ول وايرل، قصة الحضارة، دار الجيل، بيروت � لبنان.35 ه�(، التفس��ير الكب��ير، دار إحي��اء606 � الرازي، محمد بن عمر المعروف بالفخر الرازي، )ت 36

، ال.ت.3التراث العربي، بيروت � لبنان، طم.1988، 15 � شلتوت، محمود، )شيخ األزهر(، الفتاوي، دار الشروق، القاهرة، ط37 ه�(،نيل األوطار من أحاديث سيد األخي��ار، دار الجي��ل،1255 � الشوكاني، محمد بن علي، )ت38

م.1973بيروت � لبنان، ه�(، الحكم�ة المتعالي�ة1050 � الشيرازي، صدر الدين محمد، المعروف بصدر المتألهين، )ت 39

م.1981، 2في األسفار العقلية، دار إحياء التراث العربي، بيروت � لبنان، ط ه�(، من ال يحضره الفقي��ه،381 � الصدوق، الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه )ت 40

تحقيق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر اإلسالمي، قم � إيران، ال.ط، ال.ت.م. 1966 � الصدوق، علل الشرايع، المكتبة الحيدرية، النجف األشرف � العراق، ال.ط، 41ه�.1403 � الصدوق، الخصال، مؤسسة النشر اإلسالمي، قم � إيران، ال.ط، 42 � الصدوق، التوحيد، تحقيق: السيد هاشم الحسيني الطهراني، مؤسسة النش��ر اإلس��المي،43

قم � إيران، ال.ط، ال.ت..1417، 1 � الصدوق، األمالي، مؤسسة البعثة، قم � إيران، ط44 � الصدوق، االعتقادات في دين اإلمامية، تحقيق: عصام عب��د الس��يد، دار المفي��د للطباع��ة45

م.1993، 2والنشر والتوزيع، بيروت � لبنان،طادس(، االحتج��اج، دار النعم��ان، النج��ف46 � الطبرسي، أحمد بن علي، )الق��رن الهج��ري الس�

م.1966األشرف، ال . ط، ��� الطباطب��ائي، الس��يد محم��د حس��ين ،الم��يزان في تفس��ير الق��رآن، مؤسس��ة األعلمي47

م.1972، 2للمطبوعات، بيروت � لبنان، ط � الطبرسي، الفضل بن الحسن، )القرن الهجري السادس( تفسير مجمع البيان، مؤسس��ة48

م.1995، 1األعلمي، بيروت � لبنان، ط

Page 83: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ه���(، التبي��ان، مكتب460 � الطوسي، محمد بن الحسن، المع��روف بالش��يخ الطوس��ي، )ت 49ه�.1409، 1اإلعالم اإلسالمي، قم � إيران، ط

� الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجد، مؤسسة فقه الشيعة، بيروت ��� لبن��ان، ط50م.1991، 1

� الطوسي، تهذيب األحكام، تحقيق: السيد حسن الخرسان، دار الكتب اإلسالمية، طهران51ه�.1364، �3 إيران، ط

� الطهراني، آغا ب��زرك الطه��راني، الذريع��ة إلى تص��انيف الش��يعة، دار األض��واء، ب��يروت �52، ال.ت.2لبنان، ط

ه�(، كشف الخفاء ومزيل اإللباس عما اشتهر من1162 � العجلوني، إسماعيل بن محمد، )ت53م.1998، 2األحاديث على ألسنة الناس، دار الكتب العلمية، بيروت � لبنان، ط

،1 � علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل اإلسالم، الشريف الرضي، قم ��� إي��ران، ط54 ه�.ش.1380

� فضل الله، السيد محمد حسين، تأمالت في آفاق اإلم��ام موس��ى الك��اظم، دار التع��ارف55للمطبوعات، بيروت � لبنان، ال.ط، ال.ت.

ه�(، كشف الغط��اء عن مبهم��ات الش��ريعة الغ��راء،1228 � كاشف الغطاء، الشيخ جعفر )ت 56ه�.1422، 1تحقيق: مكتب اإلعالم اإلسالمي، مكتب اإلعالم اإلسالمي، مشهد � إيران، ط

(، الك�افي، تحقي�ق: علي أك�بر الغف�اري، دار الكتب329 �� الكلي�ني، محم�د بن يعق�وب )ت 57ه�.1363، 5اإلسالمية، طهران � إيران، ط

(، كن���ز العم��ال في س��نن�975 888 � المتقي الهندي، عالء ال��دين علي بن حس��ام ال��دين، )58اني وصفوة السقا، مؤسسة الرسالة، بيروت ��� لبن��ان، األقوال واألفعال، تحقيق: بكري حي

م.1983، 5ط ه��(، بح�ار األن�وار الجامع�ة ل�درر أخب��ار األئم�ة األطه�ار،1111 � المجلسي، محم�د ب��اقر)ت 59

م.1983، 2مؤسسة الوفاء، بيروت � لبنان، ط ه�(، ش��رح نهج البالغ��ة، تحقي��ق: محم��د أب��و656 � المدائني، عبد الحميد بن أبي الحديد )ت 60

م.1959، 1الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، بيروت، ط � مطهري، الشهيد مرتضى، أصول الفلسفة والمنهج الواقعي، ترجم��ة: عم��ار أب��و رغي��ف،61

قم � إيران، ال.ط، ال.ت.ه�.1420، 1 � مطهري، التجديد واالجتهاد في اإلسالم، دار األضواء، بيروت � لبنان، ط62 � المغربي، النعمان بن محم��د بن منص��ور التميمي المع��روف بالقاض��ي نعم��ان المص��ري،63

.2دعائم اإلسالم، تحقيق: آصف فيضي، دار المعارف، مصر� القاهرة، ط ،3 � مغنية، الشيخ محمد جواد، التفسير الكاش��ف، دار الكت��اب اإلس��المي، قم ��� إي��ران، ط64

م.2005

Page 84: › uploads › article › ... · Web view ظواهر ليست من الدين المقد مة إن الفراغ الفكري والروحي والعقائدي الذي يجتاح

ه���(، تص��حيح اعتق��ادات اإلمامي��ة، دار413 � المفي��د، الش��يخ محم��د بن محم�د النعم��ان )ت 65م. 1993المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت � لبنان،

ه���( ، نهج406 � الموسوي، محمد بن الحس��ين بن موس��ى المع��روف بالش��ريف الرض��ي)ت66ه�.1412، 1البالغة، دار الذخائر، قم، إيران، ط

� الموسوي، المجازات النبوية، تحقيق: ط��ه محم��د الزي��ني، بص��يرتي، قم ��� إي��ران، ال.ط،67ال.ت.

ه�(، شرح مسلم، دار الكت��اب الع��ربي، ب��يروت ��� لبن��ان،676 � النووي، يحيى بن شرف، )ت68م.1978ال.ط،

ه�( المستدرك على الصحيحين، دار المعرفة، ب��يروت لبن��ان،405 � النيسابوري، الحاكم، )ت69ال.ط، ال.ت.

� النيسابوري، أحمد بن محمد بن إب��راهيم المي��داني، مجم��ع األمث��ال، تحقي��ق: محم��د أب��و70م. 1987، 2الفضل، دار الجيل، بيروت � لبنان، ط

ه�(، مجمع الزوائد ومنب��ع الفوائ��د، دار الكتب العلمي��ة،587 � الهيثمي، علي بن أبي بكر، )ت71م.1988بيروت � لبنان، ال.ط،

* * *