تأليف عماد الدين حممد بن حممد بن حامد األصفهاين

قرأه وقدم له حيىي مراد. د

طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

א .אא

א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

א )أخرىوسيلة אא.

.א א

٣ قدمةامل

السالجقة األتراك يف الغزنويني حمل حلت اليت اجلديدة اإلسالمية القوة ميثلون السالجقة األتراك

على ساعدته جديدة، فتية بدماء اإلسالم غذت واليت اإلسالمي، واملشرق خراسان ذلك قبل العباسية اخلالفة ألن ذلك. الروم بالد يف واالنتشار واالنتصار، الصمود يف الفاطمية اخلالفة مع عداوا بسبب حدودها محاية عن عاجزة كانت الوقت احلدود على ريغت وأخذت الفرصة، هذه البيزنطية الدولة انتهزت وقد. القاهرة

اخلالفة حظ حسن من ولكن. واجلزيرة الشام مشال يف وتتوغل هلا، مخةأاملت اإلسالمية بفتوة املليئة الفتية التركية القوة تلك املشرق من جاءا أن الوقت، ذلك يف العباسية) م ١٠٧١ (هـ ٤٦٣ سنة ففي. حمقق ايار من فأنقذا وعنفواا، البداوة

اخلالفة وباسم ، "أرسالن ألب "سلطاا بقيادة السالجقة جيوش استطاعت" ديوجينيس رومانوس "البيزنطي اإلمرباطور على حامسا انتصارا حترز أن العباسية،

ROMANOS DIOGENES ، أو " ذكرد مال " موقعة يف أسريا تأخذه وأن عند VAN فان حبرية مشال األعلى، الفرات على " خالط "أعمال من " زكردـمن"

.أرمينية عباسية من األخرى اإلسالمية القوى احنطاط فترة يف السالجقة جاء لقد احليوية املسلمني فأعطوا جديد، من اإلسالمي املشرق توحيد يف وجنحوا وفاطمية إىل كتب السالجقة سلطان طغرل بأن ويذكر الصليبيني، ضد اجلهاد يف والنشاط اإلسالم راية لرفع حبه مؤكدا له، والءه مظهرا اهللا بأمر القائم العباسي اخلليفة ٤٣٢ سنة العباسي اخلليفة أقره وقد غربا، اإلسالم نشر يف اهللا كلمة وإعالء صفة الفتية السالجقة دولة أكسب مما جقة،السال على سلطانا م ١٠٤٠/هـ

احتلوها قد كانوا اليت البقاع واسترداد البيزنطيني ملناجزة الدينية محيتها وأثار الشرعية للسالجقة ضخمة إسالمية مسعة املوقعة هذه نتائج أعطت وقد ،واألناضول أرمينية يف

ذلك وإزاء الدعوة، نشر لىع والعاملني اإلسالم، عن واملدافعني ااهدين باعتبارهم ألب "وجه حيث -ىالصغر آسيا يف الدعوة لنشر السالجقة أمام الطريق مهدت

قدمةامل ٤

سالجقة دولة هناك وأقام األناضول، إىل ، "قتلمش سليمان " عمه ابن " أرسالن آسيا بالد اإلسالم عم الوقت، ذلك ومنذ. فيها قامت اليت الروم بالد إىل نسبة الروم، .اإلسالمية األناضول بالد باسم اآلن إىل تعرف صارت اليت الصغرى

اليت والتركية الفارسية والعادات األنظمة بعض -أيضا -السالجقة واستحدث والعباسيني األمويني أيام قبل من معروفة تكن ومل املشرق، من معهم جلبوها

" اليشاجل" و ،اجليش مقدمة يف " اجلاليش "استخدام ذلك، أمثلة ومن. والفاطميني ،اجليش أمام الراية سنان ىأعل يف ترفع كانت احلصان، ذيل وشعر خصلة عن عبارة أمثلة "ومن ".اجلاليشية " باسم طالئعه أو اجليش مقدمة على جمازا تطلق صارت مث

احلافلة واملناسبات األماكن يف السلطان يدي بني "الغاشية "محل أيضا ذلك سرج :عن عبارة" الغاشية "و. للسلطنة كشعار وحنوها كبواملوا واألعياد كامليادين

حيملها. الذهب منكلها مصنوعة اأك الناظر خياهلا حىت بالذهب خمروزة اجللد من إىل العادة هذه انتقلت وقد. ومشاال ميينا ويلفتها السلطان، يدي بني الدار ركاب أيام يف ذلك بعد رتواستم وخلفائه، األيويب الدين صالح يد على والشام مصر

".يديه بني الغاشية محل: "للسلطان واإلخالص للطاقة كرمز املماليك سالطني هدفها علمية منشآت وهي الدينية، املدارس نظام السالجقة استحدث كذلك

أسسها اليت النظامية املدرسة :مثل للطائفية، والتصدي املسلمني بني اجلهاد روح بث الدين نور "السياسة هذه على وسار. بغداد يف " امللك نظام "السلجوقي الوزير يف يالحظ أنه على. مصر يف " األيويب الدين صالح "مث ،الشام يف " زنكي حممود أيام أواخر يف الدينية املدارس نظام عرفت اإلسكندرية مدينة أن الصدد هذا

املدرسة يه فيها أنشئت مدرسة فأول األيويب، الدين صالح يءجم وقبل الفاطميني ٥٣٣ سنة الفاطمي احلافظ "اخلليفة وزير " وخلشي بن رضوان "أسسها اليت احلافظية الذي ، "عـوف بن الطاهر أيب املالكي الفقيه "إىل فيها التدريس وأسند ، "هـ " بكتابيه املشهور الطرطوشي بكر أيب خالته زوج على املالكي املذهب قرأ أن سبق ".والبدع احلوادث "و ،"امللوك سراج

٥ قدمةامل

وزير ،"السالر بن العادل "بىن هـ ٥٤٤ سنة يف أي سنوات عشر وبعد إىل ا التدريس وأسند باإلسكندرية، أخري دينية مدرسة الفاطمي، الظافر اخلليفة

وميكن". السفر معجم "كتاب صاحب " السلفي أمحد الطاهر أيب عيالشاف الفقيه" والشام مصر أحناء يف املدارس ببناء الواقع يف اهتموا الذين هم األيوبيني بأن القول .السالجقة بسياسة ذلك يف متأثرين

يف املتمثلة "السامانيني" أسالفهم سنة على -أيضا -السالجقة سار وقد إسالمية عسكرية تربية الصغر منذ وتربيتهم األتراك، املماليك من اإلكثار

امللك نظام "السلجوق وزير نظامال هذا شرح وقد. واإلدارة اجليش يف الستخدامهم األساس هذا وعلى. السلجوقيني للحكام إرشادا " نامة سياسة كتابه، يف " الطوسي هؤالء من وقادا والا فصار السلجوقية، الدولة على العسكري الطابع غلب

إىل مقسمة والشام، واجلزيرة، فارس، يف أراضيها معظم أصبحت كما ،"املماليك العسكرية اخلدمات مقابل يف املماليك، هؤالء من القادة حيكمها سكريةع إقطاعيات

و". األتابكة "باسم الكبار املماليك هؤالء ومسي. احلرب وقت يف للدولة يؤدوا اليت مث السلطان، البن املريب ومعناه األمري، األب معناه مركب تركي لفظ "األتابك"

نائب أو اجليش قائد أو اجليش أبو مبعىن لقوادا من للكبار مينح تشريفيا لقبا أصبح .السلطنة

كبار من أشخاصا اختذوا قوم أيام يف السالجقة أن تقدم مما نرى وهكذا ومنحوهم القصر، ألوالدهم مربني ليكونوا" األتابكة "عليهم أطلقوا مماليكهم العسكرية دمةاخل وتأديتهم األبناء، هؤالء شئون على قيامهم مقابل كبرية إقطاعيات

يف والسلطان النفوذ أصحاب" األتابكة "هؤالء صار ما سرعان ولكن. احلرب وقت األمري ،)م ١٣(اهلجري السادس القرن أوائل يف األتابكة مشاهري ومن. الواليات تلك

سنقر قآ الدولة قسيم ابن وهو وحلب، املوصل أتابكية مؤسس" يزنك الدين عماد" طريق وعن ، "السلجوقي ملكشاه "للسلطان" مملوكا" حياته بدأ الذي احلاجب

صالح"وولده " أيوب الدين جنم "قواده ظهور كان" حممود الدين نور وابنه زنكي"

قدمةامل ٦

إىل النظم تلك انتقال يف الفضل يرجع ليهإو السلجوقية، بالنظم تأثر الذي " الدين اليت األتراك، كاملمالي دولة ذلك بعد مث األيوبيني، زمان بقيت حيث والشام، مصر من ومكنها متينا، راسخا وصار اإلسالمي، العسكري التربوي النظام هذا فيها تبلور ويف. غربا والشام مصر من بـيالصلي املستعمر وطرد شرقا، املغويل الزحف صد املماليك سلطنة ودأبت): "٦ ص ٤ ج األعشى صبح " (القلقشندي " يقول ذلك سبيله، فسلكت فيها، ما أحسن سبقتها مملكة لك عن تنقل أن على مصر يف

املمالك، سائر وفاقت ترتيب، أحسن وترتبت ذبت حىت منواله، على ونسجت " .املمالك سائر على ملكها وفخر

٧ التمهيد

أصل السالجقة واليت ،)الغز(أصوهلم تعود إىل القبائل التركية اليت عرفها العرب باسم

امتدت يدوب ذات طابع امرباطوريةاستطاعت يف القرن السادس امليالدي أن تقيم ) الغز(هاجر .وحني اصطدمت بالصينيني فضعضعوها. األسودمن الصني إىل البحر

الواقعة ىمتجهني إىل الغرب يف الصحار) ي اهلجرالثاين(يف القرن الثامن امليالدي نتشرت اشرق حبر قزوين دون أن يستطيعوا حتقيق وحدم، بل عادوا متقاتلني، و

). سيحون( حيث وصلت إىل فارياب على ر سرداريا ؛ إىل البعيدةتدفروعهم مم .ومن هؤالء حتدر السالجقة

جدادهم سلجوق بن دقاق، أوسبب تسميتهم ذا االسم هو انتسام إىل أحد ودقاق هذا أو تقاق كما يلقبه ابن األثري كان وجه األتراك الغز، على جانب من

الترك الرأي والتدبري فأطاعه قومه واتبعوه، وولد له سلجوق الذي تقدم عند ملوك فاستنفر مجاعته ومضى م إىل دار ،مر عليهيتآكأبيه، وشعر يوما أن ملك الترك

وراح يؤلب املسلمني )جند( ياإلسالم فصار مسلما بني املسلمني، واستقر يف نواحوبعد أن كان هؤالء يأخذون اخلراج من املسلمني، طردهم . ويغزوهم معلى الترك

بعد أن عمر مئة )جبند( ومات سلجوق سلجوق وساد املسلمون يف تلك األرض .سالن وميكائيل وموسىأر: وترك من األوالد،سنة وسبع سنني

بيغو وطغرل بك : وقتل ميكائيل يف غزواته لبالد األتراك، وترك من األوالد وتقدموا فنـزلوا على بعد ، يف عشائرهمة بك داود، فسار الثالثيرغحممد وج

خبارى فلم يساملهم فتركوه إىل أمري، فتوجس الشر منهم ى من خبارعشرين فرسخا فتقرر بني ، من أمرهة ولكنهم ظلوا يف ريب.اموا يف بالده وأق،بغراخان ملك تركستان

طغرل بك وأخيه داود أن ال يلتقيا معا يف جملس بغراخان، بل ينفرد كل واحد منهما ما جمتمعنيالثاين ي ويبق، إليهيءبا بني قومه خوفا من أن يغدر .

ك، راخان يف اجلمع بينهما يف جملس واحد قبض على طغرل بغوملا فشل ب ى إىل مقاتلة بغراخان الستنقاذ أخيه، فاصطدم بقوىفاستنفر داود قومه ومش

أصل السالجقة ٨

فرأيا أن يعودا بقومهما إىل . بغراخان الزاحفة إليه فهزمها واستطاع ختليص أخيه . غري البعيدة عن خبارى فيقيما فيها)جند(قاعدما األوىل

حل أمر أرسالن بن يلك اخلان خبارى استفإوبانقراض الدولة السامانية ومتلك يلك اخلان، إ تكني أخو ي وكان عل،سلجوق عم داود وطغرل بك فيما وراء النهر

أرسالن عيف سجن أرسالن خان فهرب واستطاع االستيالء على خبارى وحتالف ميلك خان أخو أرسالن خان فهزماه إ إليهماا قويني، فمشى راصحيث بن سلجوق

.وظال يف خبارى يلا تكني يقلق حممود بن سبكتكني فيما جتاورا به من بالد، وال يبيوكان عل

.أن يقطع الطريق على رسله املترددين إىل ملوك الترك ةازفوكان حممود بن سبكتكني قد أوقع جبماعة أرسالن بن سلجوق يف م

تكني صاحبها منها، وحضر يخبارى، فلما عرب حممود النهر إىل خبارى، هرب علوهاجم . أرسالن بن سلجوق عند حممود فقبض عليه وأرسله سجينا إىل اهلند

سلم منهم فر إىل خراسان فعاثوا فيها فسادا، مجاعته فأكثر القتل فيهم، ومنفطاردهم فيها وأجالهم عنها، فلح قسم بأصبهان فأمر حممود نائبه فيها أن حيتال يف

فهزمهم فانطلقوا ينهبون أصبهانقتلهم أو إرساهلم إليه، فاصطدم م يعاونه أهل .ذربيجانأ يف طريقهم حىت بلغوا ىالقر

خراسان فراحوا ينهبون وخيربون ويقتلون، على أنه كان بقي أكثرهم يففأرسل حممود من يطاردهم، فلبثوا يف ذلك حنو سنتني إىل أن اضطر حممود إىل أن

وراح يطلبهم من نيسابور إىل دهستان فساروا إىل جرجان، ،يقصد خراسان بنفسهفلما مات حممود سار . مث عاد عنهم مستخلفا ابنه مسعود بالري فاستخدم بعضهم

.نه مسعود وهم معه إىل خراسانابمخاد عصيان فيها، فعاودوا العيث يف البالد، إل إىل اهلند ى مضن مسعوداإمث

فلما بلغ نيسابور ورأى ما هم عليه من العبث، يوكان قد أرسل أحد قواده إىل الر

٩ التمهيد

هم أسوأ عقاب من قطع األيدي بقتل منهم من قتل، وملا بلغت أخبارهم مسعودا عاق .ل والقتل واستصفاء األموالواألرج

تكني يخوته فإن علإرسالن بن سلجوق وعشريته، وأما أوالد أهذا ما يتعلق بصاحب خبارى راح حياول الظفر م فقرب إليه يوسف بن موسى بن سلجوق،

بك داود وقدمه على مجيع األتراك الذين يف يرغ ابن عم طغرل بك حممد، وجوهو .واليته وأقطعه أقطاعا كثرية، ولقبه بلقب األمري

عمه طغرل بك وداود، وكان يهدف من وراء ذلك إىل أن يضرب به ابين . عليه ومل مياشه يف هذا فأمر بقتلهيبأولكن يوسف ت

اود وعلى عشائرمها، فلبسوا عليه احلداد فعظم قتله على طغرل بك وأخيه د تكني جيوشه وبعث ا يومجع عل. ر لهأومجعوا من استطاعوا مجعه من األتراك للث

.لقتاهلم فهزموها قتل ابن الذي تويل) ألب قدا(هـ سار طغرل بك وداود إىل ٤٢١ويف سنة

.عمهما يوسف فقتالهوع أهل البالد من تبعه من مجو ي تكني فقصدهم عليفأثار ذلك عل

قتل فيها منهم العدد الكثري ة عظيمةوناوشوهم من كل جانب، فأوقعوا م موقعفلما عربوا جيحون . وسبوا نساءهم وذراريهم، فاضطروا إىل العبور إىل خراسان

.كتب إليهم خوارزم شاه هارون بن التونتاش يدعوهم إليه ليتحالفوا معاه، وخيموا بظاهر خوارزم سنة تودع خواه داود وبيغوأفلىب طغرل بك و

كثر فيهم القتل والنهب أهم وأ فغدر م ووجه إليهم أحد أمرائه ففاجهـ٤٢٦ دون أن يتعرضوا ، وقصدوا مروا)نسا( ة، فتركوا خوارزم جبموعهم إىل مغازوالسيب

.حد بشر، خملفني أوالدهم وذراريهم يف األسرألعلى طربستان وأقام فيها، حممود بن سبكتكني قد سيطر كوكان مسعود ب

له يتوجهون لقتال من يفسد يف نااعوأياه بأن يكونوا إمنني، واعدين أفكاتبوه مست .بالده

أصل السالجقة ١٠

جرارا التقى م عند ليهم جيشاإولكن مسعودا قبض على رسلهم وبعث فازموا بعد قتال عنيف وغنمت أمواهلم، فاختلف املنتصرون على اقتسام ) نسا(

. إىل التقاتل بينهمىفا أدالغنائم اختالن القوم قد اطمأنوا هلزميتنا وليس يف ذهنهم أننا إ: وكان داود قد قال لقومه

فعادوا إليهم وهم يتقاتلون . أن نباغتهم وهم قارون مطمئونىنعود إليهم، فأر .سروا واستردوا أمواهلم ورجاهلمأفأوقعوا م وقتلوا منهم و

د يف نيسابور يقصون عليه ما جرى، فندم على وعاد املنهزمون إىل امللك مسعوت قلوب ألما كان منه من رفض استئمام وصداقتهم، ورأى أن هيبتهم قد م

رجاله، وأم بعد هزميتهم جليشه قد طمعوا به بعد خوفهم منه، وخشى من .معاودم قتاله، فأرسل إليهم يتهددهم ويتوعدهم

وال يزيد ةيآل مسعود هذه امام صالته أن يكتب إىلإفطلب طغرل بك من امللك من تشاء وتنـزع امللك ممن تشاءيتؤقل اللهم مالك امللك ت: (عليها شيئا

.]٢٦:آل عمران[) قديريءنك على كل شإ بيدك اخلري وتعز من تشاء وتذل من تشاءفكتب ما أمره به، وتلقى مسعود الرسالة فكان صداها يف نفسه أن كتب

، وطلب ة نفيس، وأرسل هلم مع الكتاب خلعاة الطيبماينألفيه اإليهم كتابا مينيهم ، كما نصحهم بترك - مدينة على ر جيحوني وه-مل الشط، آإليهم الرحيل إىل

لبيغو، ) فراوه(لطغرل بك، و) نسا(لداود، و) دهستان(قطع أالشرك والفساد، و ).الدهقان(ومنح كل واحد منهم لقب

ظهروا عدم ثقتهم بالسلطان، وقالوا أباخللع، وولكنهم استخفوا بالرسول و ظفر طعناه، ولكنا نعلم أنه مىتأل علينا إذا قدر يلو علمنا أن السلطان يبق: للرسول

.سلفناه، فنحن ال نطيعه وال نثق بهأبنا أهلكنا ملا عملناه وإذا مل نستطع : مث راحوا يفسدون يف األرض، وبعد فترة تركوا ذلك وقالوا

. إىل الناس وب أمواهلمةساءإلمن مسعود فال داعي لاالنتصاف

١١ التمهيد

مسعود والتظاهر باخلضوع له، ويطلبون منه أن يطلق عمهم ةمث فكروا مبخادع .أرسالن بن سلجوق من احلبس

حضره إليه يف بلخ، وأمره أن أطلق أرسالن، وأفاستجاب لطلبهم هذا، وعن الشر ويستقيموا يف أخيه طغرل بك وبيغو وداود بأن يكفوا يكتب إىل بين

.فأرسل إليهم رسوال يأمرهم بذلك .حيامفلما وصل . وأمره بتسليمه إليهم) يشفإ( وأرسل معه :يقول ابن األثري

نفروا واستوحشوا وعادوا إىل أمرهم )اإلشفي( الرسالة وسلم إليهم ىدأالرسول و .ة والشر، فأعاده مسعود إىل حمبسه وسار إىل غزنةاألول يف الغار :ذه التفاسري) اإلشفي( إىل معجم لسان العرب رأيته يفسر يوبرجوع .املثقب: اإلشفي .شباههاأ واملزاود والقرب ويساقألما كان ل: اإلشفي .املخصف للنعال: اإلشفي .سراد الذي خيرز بهال: اإلشفي

فسدوا وبوا أصدوا بلخ ونيسابور وطوس واجلوزجان، فقأما السالجقة فتصدى هلم امللك مسعود بن حممود، وأرسل جيشا يف ثالثني ،وخربوا البالد وسبوا

فلما وصل خراسان خرب ما سلم من ختريب . ةمن غزن) يسباش(يادة حاجبه بقألفاابتعدوا فإذا من االصطدام م، سنة يدافع ويطاول حذراةالسالجقة، وظل طيل

.قبلوا رجع عنهمأتتبعهم، وإذا بظاهر سرخس، والسالجقه بظاهر مرو ة كان هو يف قريهـ٤٢٩ويف سنة فساروا إليه وباشروا قتاله، فلما جاء الليل أخذ - وقد بلغهم خربه -مع طغرل بك

: ما خف من مال وهرب يف خواصه وترك خيامه ونريانه على حاهلا، وقيليسباش . من عسكره خربه فازمواي ويف الصباح عرف من بق،نه فعل ذلك باالتفاق معهمإ

وتقدم داود أخو طغرل بك وهو والد السلطان ألب أرسالن إىل نيسابور ه رسالتةمث وصلت رسل اخلليفة حامل. فدخلها بغري قتال، ووصل بعدهم طغرل بك

أصل السالجقة ١٢

يف وعظهم ويهم عن النهب والقتل والتخريب، فأكرموا رسل اخلليفة وعظموهم .وخدموهم

وبعد جدال ، فتجاهله داود،فنهاه طغرل بك، ب املدينةومال داود إىل طويل حتول عن النهب الصريح إىل النهب املغلف ففرض على أهل نيسابور ثالثني

.ألف دينار وسري ، وجلس على سرير امللك مسعود،ومضى طغرل بك إىل دار اإلمارة

. داود إىل سرخس فملكها، مث استولوا على خراسان كلها عدا بلخأخاهأما ينال وامسه إبراهيم فهو . طغرل بك، وداود، وبيغو: وكانوا ثالثة إخوة

.أخو طغرل بك وداود ألمهما وسبب هـ،٤٢٨سنة أما امللك مسعود فقد خرج من غزنة إىل بلخ أول

خروجه منها ما كان يبلغه من أخبار السالجقة وما ارتكبوه من االستيالء على البالد . والتخريبوالقتل والسيب

مث قصد سرخس فتجنب السالجقة ، السالجقةةوأقام فترة يف بلخ يتهيأ ملطارداالصطدام به وتظاهروا بأم سيدخلون املفازة اليت بني مرو وخوارزم، وكان جيش

مث ،مسعود يتعقبهم، فما لبثوا أن اصطدموا بإحدى قطعه العسكرية فظفرت معادهم عنه، مث رجعوا إىل نواحي مرو، إىل ابتىواجههم بنفسه فانتصر عليهم مما أد

قريبا منه، فقابلهم وقتل منهم عددا كبريا وهرب اآلخرون الجئني إىل الربية اليت .اعتادوا االحتماء ا

زم من بقي إىل اأما يف نيسابور فقد ثار الناس م فقتلوا من قتلوا منهم وفابتعد . دته مطاردا هلمومضى مسعود إىل هرات ليعد ع. الربية ملتحقني جبماعتهم

كل ما مير به من بالد مثخناطغرل بك ما قدر على االبتعاد عن طريق مسعود، ناهبا .فيها

يف السري إىل طغرل بك ممعناى منه مضوراح مسعود يطارده فلما صار قريبا ة جبباهلا املنيعواستقر ا، فمضى إليه مسعود، فرحل إىل طوس حمتميا )استوا(

١٣ التمهيد

العبور، فسري إليه مسعود أحد قواده يف عساكر كثرية، فلما قرب ةومضايقها العسريوكان مسعود قد سار بنفسه إليه فاصطدم . بيوردأمنه ارحتل طغرل بك نواحي

ذلك وعلم ىه واستسلم عدد كبري من جنوده، فلما رأ جيشه فهزمةطغرل بك مبقدمومضى مسعود إىل . أنه مطارد من كل جانب دخل املفازة إىل خوارزم وأوغل فيها

.نيسابور منتظرا حلول الربيع ليعاود مطاردة السالجقةوأقام داود يف مدينة مرو، وتعددت ازامات عساكر السلطان مسعود يف

منهم، ال سيما بعد ابتعاده ةتضعضعت معنويات جنوده رهبلقاءاما مع السالجقة و، فراح نوابه ووالته يستغيثون به ويذكرون له عيث السالجقة يف )غزنة(هو إىل .البالد

النظر ولكنه كان ال جييب، وال يبايل مشغوال بقضايا اهلند ومشاكلها، صارفا .عن السالجقة وعن خراسان

سان، صمم وزراء مسعود وأصحاب الرأي يف وباشتداد أمر السالجقة يف خرا وبينوا له أن السالجقة إذا متت هلم ، خطر السالجقةةاقدولته، على استنهاضه ملال

.السيطرة على خراسان فهم سائرون إىل غزنة حتماوأرفقه بأحد ) يسباش( كثري العدد بقيادة حاجبه فتنبه للخطر وأعد جيشا

من الشجاعة ما تقتضيه هذه ي ومل يكن يف سباش).مرداويج بن بشو(كرباء أمرائه وا داود، فازم ) مرو( بل كان جبانا، فأقام رات ونيسابور، مث باغت ؛القيادة

زم جنوده اداود وحلقته العساكر، فأدركه أحد األمراء فقاتله داود فقتل األمري و .وتضعضعوا وارتفعت معنويات السالجقة

من شهر رجب ةالسرية يف أهلها، ويف أول مجعحسن أوعاد داود إىل مرو و .هـ خطب بامسه ولقب مبلك امللوك٤٢٨سنة

هـ على باب سرخس، فازم ٤٢٨ يف شعبان سنة يمث التقى داود وسباش وسار ومن معه إىل هرات، فتبعهم داود إىل طوس وغنم أمواهلم، فكانت يسباش

أصل السالجقة ١٤

طغرل بك نيسابور وخطب نتيجة هذه املعركة أن ملك السالجقة خراسان ودخل .يله فيها يف شعبان باسم السلطان األعظم، وأرسل احلكام إىل النواح

وسار داود إىل هرات، واضطر مسعود إىل الذهاب بنفسه إىل خراسان جبيش . منها ووصل إىل بلخ فزحف إليه داود ونـزل قريباةكبري فيه عدد كثري من الفيل

لف فارس فوصل اجلوزجان وقبض على مث سار مسعود من بلخ يقود مئة أومشى داود إىل . فصلبه، مث واصل سريه إىل مرو الشاهجانيواليها السلجوق الصلح، خويه طغرل بك وبيغو، فأرسل إليهم مسعود عارضاأ بىسرخس والتق

، ولكن اجلواب كان بأننا ال نثق ة بالغةفذهب إليه بيغو باجلواب فتلقاه مسعود حبفاو . الذي كان بيننامبصاحلتك بعد

وذا اجلواب انقطع أمل مسعود بالصلح فسار من مرو إىل هرات، فقصد . أشهر مواصال قتاهلا حىت سلمتةداود مرو فقاومته وحاصرها سبع

وكان لتسليم مرو وقع الصاعقة على مسعود، فترك هرات إىل نيسابور مث إىل حىت كان الشتاء فأقاموا سرخس، وكلما تبع السالجقة إىل مكان تركوه إىل غريه،

.بنيسابور ينتظرون الربيعنقضى الربيع واألمر افلما جاء الربيع كان مسعود مشغوال بلهوه وشربه، و

يمستفزين له على التصدفيه كذلك، فلما جاء الصيف نبهه خواصه إىل ما هو عدائه السالجقة، فاستجاب هلم وسار من نيسابور إىل مرو ملطاردة السالجقة، أل

فدخلوا الربية فدخلها وراءهم يف مرحلتني، وكان جنوده قد ضجروا من طول . وبعضها معهي ثالث سنني، بعضها مع سباشةالسفر وسئموا الترحل طيل

..فلما دخل الربية اضطر لنـزول منـزل قليل املاء يف حر شديدوكان داود ومعه جل السالجقة بإزائه، واآلخرون مقابل ساقة عساكره

.ن من ختلف منهميتخطفو

١٥ التمهيد

أن حواشيه اختصموا ومجع من عسكره على املاء وزاد أمر مسعود بالء إىل ختلخل ى احلال إىل االقتتال والتناهب، مما أدى بينهم وأدةوازدمحوا وقامت الفتن

. عن مسعوديمعنويات اجلند وراحوا يتذاكرون يف التخلذه احلال فولوا منهزمني ووصلت أخبار ما هم فيه إىل داود فباغتهم وهم يف ه

...وكثر القتل فيهم ومتت اهلزمية . غرشستانىتأومضى مسعود يف حنو مئة فارس حىت

وكانت غنائم السالجقة ال حصر هلا، ونـزل داود يف سرادق مسعود وقعد وب هـ٤٣١وسار طغرل بك إىل نيسابور فدخلها آخر سنة . على كرسيه .أصحابه الناس

نتهى األمر باستيالء السالجقة على مجيع البالد، فسار بيغو إىل هرات او وأرسل إىل مسعود يف ، مسعود وقاوميلافدخلها، وسار داود إىل بلخ فثبت فيها و وفيها مجع ، فقصد قسم منهم الرخج قوياغزنة يستمده، فأرسل إليه مسعود مددا

. وخلت تلك األماكن منهمةقجمن السالجقة فقاتلوهم فازم السالمث أرسل مسعود . ومضى اآلخرون إىل هرات، وفيها بيغو فقاتلوه ودفعوه عنها

قدار كانت ملسعود ألولكن ا. يف جيش كبري مددا ملقاتليه هناكلده مودوداو .باملرصاد

االنقالب على مسعود وقتله لواليها لرد داود السلجوقي عنها، وكان مع مودود وزير سار مودود إىل بلخ مددا

.أبيه أبو نصر أمحد بن حممد بن عبد الصمد يدبر له األمور ويساعده يف مهمتهمسعود فبعد اطمئنانه إىل مسري اجليش السائر إلنقاذ بلخ، توجه بعد سبعة أما

. حممدهخوأأيام من مسري اجليش، قاصدا اهلند ومعه وكان سفره إىل اهلند بقصد إعداد محلة يستعني ا على حرب السالجقة

وعجزه مبا لديه من قوى عن قمعهم، فلما ،يقن باستفحال أمرهمأالذين كان قد انفراده ة البلخي فرصأنوشتكنير سيحون معربا معه بعض اخلزائن، استغل عرب

أصل السالجقة ١٦

علنوا أ، وبوا ما كان قد ختلف من اخلزائن، وة من الغلمان الداريةفضم إليه مجاع، فرفض ةمارإل حممد يف اإلمارة بدل أخيه مسعود، وجاءوا حممدا فسلموا عليه باةقامإ

جاب، ومضوا حلرب مسعود، والتقى أ فرغموه،أباه عليهم، فهددوه، وأذلك و دت إىل ازام مسعود، وحتصنه فيما يسميه ابن األثريأ، ةالفريقان يف حرب ضاري

ين أانظر : حممدهوخأرباط ماريكله فحصروه فيه، مث خرج إليهم مستسلما فقال له نفذه أوالدك وحرمك، فاختار قلعة كيكى فأبعثك إليه، ومعك أتريد أن تقيم، حىت

.كرامه وصيانتهإمر بأيها حمفوظا وإل مع ابن فقهوج متخبطا فاتأوفوض حممد أمر الدولة إىل ولده أمحد، وكان

.عمه يوسف بن سبكتكني على قتل مسعود ليصفوا امللك له ولوالده فقتالهووصل خرب قتل مسعود إىل ولده مودود وهو خبراسان فعاد بعساكره إىل غزنة

جبيشه جيش عمه حممد فازم حممد وجيشه، وقبض مودود على حممد وولده ىفالتق . وغريهم فقتلهم، وعاد إىل غزنةيأمحد وأنوشتكني البلخ

فلما بلغ أهل هرات انتصار مودود ثاروا على من عندهم من السالجقة وكان مودود قد استقر أمره يف غزنة، كما . خرجوهم منها بانتظار حاكم مودودأو

وكان طغرل بك ميلك جرجان وطربستان ،ـ ه٤٣٣ويف سنة . استقر يف اهلند . سار إىل خوارزم واستوىل عليهاهـ٤٣٤ويف سنة . عليها ويعود إىل نيسابورويويل

لد ا وتسلم غريها من بويف السنة نفسها خرج من خراسان إىل الري فتسلمه .اجلبال

فاستجاب له ، ويطلب منه ماالةوأرسل إىل ملك الديلم يدعوه إىل الطاع .وسار إىل مهذان فملكها. إليه ماال وعروضا،ومحل

خراسان فأرسل ي سري مودود بن مسعود جيشا إىل نواحـه٤٣٥ويف سنة يف جيش ولده ألب أرسالن - وهو صاحب خراسان -داود أخو طغرل بك

.لب أرسالنألفاقتتلوا فكان النصر

١٧ التمهيد

) ةالسلطن(دوات أطغرل بك يستكمل ) السلطان( كان ـه٤٣٦ويف سنة ، مث وزر له بعده رئيس بن عبد اهللا اجلوييني هو أبو القاسم علفيتخذ له وزيرا

بن ميكائيل، مث وزر له بعده نظام امللك أبو يالرؤساء أبو عبد اهللا احلسني بن عل، وهو أول من لقب نظام امللك، مث وزر له بعده احلسن بن حممد الدهستاينحممد

عميد امللك الكندري، وهو أشهر وزرائه، وسبب شهرته أن طغرل بك يف أيامه .عظمت دولته ووصل إىل العراق وخطب له بالسلطنة

إىل بلد اجلبل )ينال(هـ أرسل طغرل بك أخاه إبراهيم ٤٣٧ويف سنة سرف يف القتل أر إىل مهذان والدينور وقرميسني فملكها بعد أن فملكها، مث سا

ن ا مث سار إىل الصيمرة وحلو، فيها مقاومةي ألنه لقة؛والسىب والنهب يف الثالث .حرق هذه وبهاأف

نتشروا يف ا و،ناواجتهت مجاعة من السالجقة إىل خانقني مطاردين أهل حلو .غاروا عليهاأنهبوها ووما يليها ف) مايدشت(تلك النواحي وبلغوا

األمر ىنتهاهـ كان طغرل بك حياصر أصفهان فال يظفر ا، و٤٣٨ويف سنة .حبمل مال إليه، وأن خيطب له فيها ويف أعماهلا

كان السالجقة ميتدون إىل البندينجني فينهبوا ويفعلون هـ٤٣٩ويف سنة على ختليص ةقوب، من القتل، والنهب، وافتراش النساء، والعةفاعيل القبيحألا

. الضرب كما نص ابن األثري يف الكاملةاألموال، فمات منهم مجاعة لشدفقتلوا الرجال، وغنموا األموال، وبوا ) يباجسر(ووصلوا إىل ضواحي

وقصر سابور، ومجيع تلك األعمال، وهلك ةجسري واهلارونياألعمال، وعم ذلك با خلق كثري، فمنهم من قتل ومنهم من غرق، ومنهم ة املنهوبيمن أهل تلك النواح

م عازمون على قصد بغداد فدب الذعر يف ووصل اخلرب إىل بغداد بأ. من قتله الربد .الناس

أصل السالجقة ١٨

نتهت إىل ا بت البالد وةن فحصروا القلعة وأرسلوا سريامث اجتهوا إىل السريو إىل بغداد من أهل طريق خراسان أوالتج. مكان بينه وبني تكريت عشرة فراسخ

. العيونىبكأخلق كثري، وذكروا من حاهلم ما هـ استولوا على شهرزور وحاصروا تريانشاه ولكن وقوع ٤٤٠ويف سنة

.الوباء دفعهم عنها واستردت منهم شهرزور قوة السالجقة وبسط سلطتهم ملا وصلت إىل يوملا وصلت أخبار تنام

، فقال )ينال(هم خلق كثري إىل حيث يقيم إبراهيم قبل منأمجاعام فيما وراء النهر بالدي تضيق عن مقامكم والقيام مبا حتتاجون إليه، والرأي أن متضوا إىل : إبراهيم

.ثركمأغزو الروم، وأنا سائر على وبلغوا ) قاليقال(و) ارزن الروم(، و)كردذمال(فسبقوه وتبعهم، فوصلوا إىل

مبا يبلغ مخسني ألف واإلجنارهم الروم فزحف إلي. طرابزون وكل تلك النواحيوراحوا . مقاتل، فدارت احلرب سجاال، مث انتصر السالجقة فكانت غنائمهم كثرية

. عشر يوماةال مخسإ ةينهبون ويتقدمون حىت مل يبق بينهم وبني القسطنطينيواستولوا على تلك النواحي فنهبوها وغنموا ما فيها، وسبوا : يقول ابن األثريموال ما ال يقع ألخذوا من الدواب والبغال والغنائم واأس، وأأكثر من مئة ألف ر

.حصاءإلعليه ا حىت ،)ينال( وقع اخلالف بني طغرل بك وأخيه إبراهيم هـ٤٤١ويف سنة

.حسان أخيه إليهإ والقبض عليه مث )ينال(زام اال جيشيهما ووصل األمر إىل اقتتوتوطد أمر طغرل بك وعلت سلطته فأرسل إىل حاكم مقاطعه دياربكر أن

ي،زنطيون أنه أصبح يف جوارهم حكم قويحس البأ يف بالده ففعل، وةيقيم له اخلطبعيد تعمري أفراسل ملكهم طغرل بك وهاداه وطلب إليه أن يتعاهدا فاستجاب له، و

. وخطب فيه لطغرل بكةمسجد القسطنطيني .نه ومتكن ملكه وثبتأودان حينئذ الناس كلهم له، وعظم ش: يقول ابن األثري

١٩ التمهيد

وابتداء ةولة السلجوقي مرحلة قيام الدين هذه املرحلة هإ: ونستطيع القول .ء من حقائق الدول ومظاهرهاي ال ينقصه شمرها ابتداءأ

،كان أبو منصور بن عالء الدولة صاحب أصفهان على جتاذب مع طغرل بك يتمرد عليه، فلما انتهى طغرل بك من عصيان أخيه إبراهيم ة يطيعه، وتارةتارصت عليه، وظل على حصارها على احتالهلا فاستع إىل أصفهان عازماى، مض)ينال(

حسن فيها السرية، أ فهـ٤٤٣ استسلمت ودخلها يف احملرم من سنة خرياأحنو سنة، و .ليها وجعلها عاصمتهإواستطاا فنقل ما كان له يف الري من مال وذخائر وسالح

قيام الدولة بسلطتها ة مل تفهم حقيقةعلى أن بعض الشرائح السلجوقي طغرل بك سار يخألب أرسالن بن داود فأ، قبائلياتصرفا، فظلت تتصرف ةاملركزي

من مدينة مرو خبراسان إىل بالد فارس دون أن يعلم عمه طغرل بك، فوصل إىل . من رجاهلااآلالفسر أه وبها وحدث فيها مذحبأ و،واحتلها) سان(مدينة

.مث عادوا إىل خراسان. وكان األمر عظيما: يقول ابن األثري وقصد ةرمينيأذربيجان وسار إىل أ على وراح طغرل بك ميد يف ملكه فاستوىل

كرد وكانت للبيزنطيني فحصرها وضيق على أهلها وب ما جاورها من ذإىل مال غ حىت ارزن الروم، وعند حلول الشتاء عاد إىل سر من رجاهلا، وبلأخرا وأالبالد و

.ـه٤٤٧ مث توجه إىل الري فأقام ا حىت دخلت سنة. كردذذربيجان دون أن ميلك مالأ السالجقة يف العراق

امللك السلجوقي طغرل بك يف االستيالء على العراق، ة بدت ني هـ٤٤٧سنة ، وقد مهد ذا الشعار ليربر ةصالح طريق مك إفأعلن أول ما أعلن أنه يريد احلج و

يد املسري إىل الشام رضاف إليه أنه ي أومل يكتف ذا اإلعالن، بل . زحفه إىل العراق . صاحبهاي املستنصر الفاطمةزالإومصر و

ةن خاصوانصاره بالدينور وقرميسني وحلأعدته فاتصل بمر الفتح ألوراح يعد عداد إوصاهم بأبعد منها، وألقرب هذه املناطق من العراق، كما اتصل بغريها مما هو

. للتقدم عندما يطلب إليهم ذلكؤقوات والعلوفات والتهيأل ومجع اةاملري

أصل السالجقة ٢٠

ل نتشرت مجاعته يف طريق خراسان، وأرسان وامث مل يلبث أن مشى إىل حلو .وامره، بل وعبوديتهأل بغداد يعلن فيه تابعيته له وطاعته ةإىل خليف

وكان يف بغداد مجاعات كثرية من األتراك فكتب إليهم مينيهم ويعدهم باخلري .العميم

أما اخلليفة فقد كان هواه مع طغرل بك فأمر اخلطباء يف جوامع بغداد بأن ر طغرل بك وبعثوا إىل اخلليفة نكروا أمأخيطبوا لطغرل بك، وأما األتراك فقد

.يهمأبر فقد سلم أمره إىل اخلليفة ليقرر ما يشاء، وكذلك )الرحيم (يوأما امللك البويه

يرسلوا رسوال إىل طغرل فعل من كان مع الرحيم من األمراء، فكان رأي اخلليفة أن .، ففعلواةعالن الطاعإبك ب

ذن له، وخرج الستقباله أذنه يف دخول بغداد فأمث أرسل إىل اخلليفة يستعيان الدولة أشراف وأل والنقباء واةموكب حاشد فيه الوزير رئيس الرؤساء والقضا

ليه فلما علم طغرل بك بتوجه املستقبلني إ. مع وجوه األمراء من عسكر الرحيم .با نصر الكندري مع بعض األمراء ودخل بغدادأ من قبله ملالقام وزيره أرسل وفدا

ذا االستقبال احلافل، فإن -حكوميا-إذا كان طغرل بك قد استقبل .ي مع هذا االستقبال احلكومةعواطف الشعب مل تكن متوافق

مسه يف عالن اإ أن دخول طغرل بك إىل بغداد و- ى كما سنر-ومن الغريب السيني وحلول احلكم السلجوقي الشيعي احلكم البويهة اي، كان يعينةاخلطب

، يف حني ةمكانه، ومع ذلك فإن البغداديني السنيني هم الذين بادروه باملقاومة والثورن إ!! عليهمة جنوده من االعتداءات السنية ومحايةقابله الشيعة باهلدوء والسكين ذا األمر دون أن يقف عليه وقوفا طويال، ودون أن املؤرخ ال يستطيع أن مير

يتساءل ملاذا قابل سذه الغضبن ،ة الدمويةيو بغداد طغرل بك وحكمه السلجوقي ، !..وملاذا كان هدوء الشيعة وسكينتهم؟

٢١ التمهيد

يف ذلك تشرف البويهيني وحكمهم، وتدل على أن البويهيني مل ةاحلقيقفالسنيون مل يروا يف زوال حكمهم زوال عهد كان على فريق، ثرون فريقاؤيكونوا ي

ن احلكم الزائل مل أل مل يروا يف ذلك خسرانا، ةال ينصفهم ويتعصب عليهم، والشيع بزواله وحلول حكم آخر حمله، وقد فضلوا ، فهم ال خيسرون شيئايءيكن مييزهم بشن حيل م لشر ميكن أ والسكوت عنه اتقاءىحسان إليه كما سنرإلأن يبادروه با

.منه جاءت ملا كان يتسرب إليهم من أخبار مظامل السالجقة إمنا السنيني ةوثور .يديهم من بالدأفيما كان بوصل السلطان طغرل ملا : ، فابن األثري يقول غريبات االضطرابات ابتداءأبد

حسنوا أبك بغداد دخل عسكره البلد لالمتيار وشراء ما يريدونه من أهلها، وخذ واحدا أزج وألفلما كان الغد جاء بعض العسكر إىل باب ا: مث يقول. معاملتهم

م ة، وهو ال يفهم ما يريدون، فاستغاث عليهم وصاح العام ليطلب منه تبناأهلهمن .مورمجوهم وهاجوا عليه

ومسع الناس الصياح فظنوا أن امللك الرحيم وعسكره قد عزموا على قتال قبلوا من كل حدب ينسلون، يقتلون من الغز أقطاره، وأطغرل بك، فارتج البلد من

م مل يتعرضوا إىل الغز، بل إف) الشيعة(ال أهل الكرخ إمن وجد يف حمال بغداد ).ىانته(مجعوهم وحفظوهم

جنود طغرل بك وبني ) الغز(ن التعامل حسنا بني اجلنود يف اليوم األول كا حسنوا التعامل معهم، ويف اليوم الثاينأالبغداديني، فاجلنود امتاروا من جتار بغداد و

جاء مجاعة منهم يريدون شراء التنب لدوام، ويبدو جليا أم مل يكونوا يعرفون ليتفامهوا خذوه جانباأ يريدون ف ماةفهام أحد املارإ، فحاولوا ةالعربي) التنب(كلمه

لب عليهم اجلمهور أمعه، فظن أم يريدون به شرا، فاستنصر بالناس فنصروه وت !.وصاحوا م ورمجوهم وتكاثروا عليهم

أصل السالجقة ٢٢

غضوا عن أل ي الشيعيلو كان البغداديون مبتهجني بزوال احلكم البويهد عليهم حماولني االستفهام قبلوا إليه وإىل من استنجألاستنجاد ذاك الفرد املستنجد و

..هون سبيلأضوا املشكل بني الفريقني بف وليعما جيرراحهم من حكم البويهيني لطيبوا خاطر أولو كانوا مستبشرين بقدوم من التنب واعتذروا إليهم عن ةرشادهم إىل باعإاجلنود الغز وتعرفوا إىل حاجتهم وبادروا ب .نتهى األمر بالتوادد والتحاببا وسوء ظن ذاك الفرد م، ولتصافوا مجيعا

اه، أ غاضبني على من يولكن البغداديني كانوا آسفني النقضاء العهد البويه االستنجاد حىت هامجوا جنود طغرل بك ورمجوهم دون ةفلم يكادوا يسمعون صرخ

.أن حياولوا االستفسار عن سبب اخلالف، واالستعالم من اجلنود عما يريدون من ذلك هو أن األمر مل يقتصر على من شهدوا التجاذب بني خطرألعلى أن ا

وجنود طغرل بك فهاجوا على اجلنود ورمجوهم، بل تعدى إىل اجلمهور يالبغداد : بقولهألثري كله، هذا اجلمهور الذي وصفه ابن ا السينيالبغداد

ومسع الناس الصياح، فظنوا أن امللك الرحيم وعسكره قد عزموا على قتال (قبلوا من كل حدب ينسلون، يقتلون من الغز أقطاره، وأبك فارتج البلد من طغرل

م مل يتعرضوا إىل الغز إف) الشيعة(ال أهل الكرخ إمن وجد يف حمال بغداد، مر الواقع أل باي ومعىن ذلك أن البغداديني حني علموا بتسليم امللك البويه،وحفظوهم

ولكنهم . مر الواقعألموا مثله باوعدم مقاومته لالحتالل السلجوقي سكتوا وسلوا اشتباك مواطنيهم مع الغز جنود طغرل بك، ظنوا بأن أحينما مسعوا الصياح ور

قبلوا من أيه وعزم على املقاومة، لذلك ارتج البلد م وأغري ر) الرحيم (يامللك البويه ةعلنوها ثورأكل حدب ينسلون، وراحوا يقتلون كل من يصادفونه من اجلنود، و

.مة على طغرل بك واحتاللهعافقد كان موقفهم مغايرا، ويبدو واضحا أم مل ) الشيعة(أما أهل الكرخ

.يشاركوا يف هذه الثورة، بل راحوا جيمعون اجلنود الغز وحيفظوم

٢٣ التمهيد

القادم السنيون يثورون على احملتل السين: وهذا ما يدعو إىل التفكري الطويليثورون معه حني تومهوا أنه ثائر على احملتلني، ويإليهم، وينتصرون للحاكم الشيع

.وال يبالون أن يقتلوا اجلنود السنيني حيث وجدوهم، وال يثورون على ي يقفون على احلياد فال ينتصرون للحاكم الشيعةوالشيع، ويزيدون على ذلك بأن جيمعوا اجلنود السنيني وحيموهم ويصونوا احلاكم السين

!!دماءهم كان ي هو أن احلكم البويه- كما أشرنا من قبل -لذلك التفسري الصحيح

حكما عادال غري متحيز لفريق على فريق، وأن السنيني كانوا راضني كل الرضا عن وال إىل مذهبيتهم، ومل يتدخل يف ة ال إىل حيام العامءهذا احلكم الذي مل يس

ح اإلنسان، هي مطمة، واحلريء يحرارا يف كل شأطقوسهم وعقائدهم، بل تركهم .ء بعدها يهون يفإذا حصل عليها فكل ش

حرارا، رفع احليف عن أ هو أنه كما ترك السنينييوكل ما فعله احلكم البويه يف طقوسهم ة، وتركهم ميارسون هذه احلريةعاد إليهم حريتهم املغتصبأخرين وآلا

..وعقائدهم .. لفريق دون فريقةوبذلك تساوى اجلميع، بعد أن كانت احلري

البغداديني، وأخبار مظامله كانت ى لدة احلكم السلجوقي كانت سيئةومسع .تصل إليهم

واإلنسان . وه يصل إليهمأيناهم يقفون منه ذاك املوقف احلاد حني رألذلك ر، فماذا جيديه إذا كانت تترك له ة فقط، بل مه حريته الكاملةال مه حريته العقائدي

يف كرامته وماله وعيشه واجتنائه ة احلياة منه حري يف حني تسلبةحريته العقائدي .يالعدل االجتماع

الذي قابل البغداديون انتهاءه يوحنن هنا ال نريد أن نستعرض احلكم البويه ةرخون من نصاعؤاه، وحسبنا يف أن نورد مناذج مما شهد به املأ على من ةبالثور

أصل السالجقة ٢٤

ىب احلسني أ يقول مثال وهو يتحدث عن ظفر معز الدولة ، فابن األثريياحلكم البويه .ة شرسةأمحد بن بويه بياقوت وملك شرياز بعد معرك

ن معز الدولة إ :، مث يقولثراأكان معز الدولة يف ذلك من أحسن الناس : يقولغالال، أذناب الثعالب ووجد قيودا وأبرانس لبود عليها : عد النصروجد فيما غنمه ب

عدت لكم لتجعل عليكم ويطاف بكم أن هذه إ: ل عنها، فقال أصحاب ياقوتأفس .يف البالد

:فأشار أصحاب معز الدولة أن يفعل م مثل ذلك، فامتنع وقال . ياقوت بغيهي ولوم ظفر، وقد لقينه بغإ

والشكر عليها واجب ةهذه نعم: طلقهم وقالأ، ويسارألمث أحسن إىل ا بني املقام عنده واللحوق بياقوت، فاختاروا املقام ىسارأل املزيد، وخري اىيقتض

.حسن إليهمأعنده، فخلع عليهم ومان وبث أل حىت نـزل بشرياز، ونادى يف الناس باةوسار من موضع الوقع

... مينع من ظلمهمةالعدل، وأقام هلم شحن . عاقالكان حليما كرميا: بقوله) ٥٧٥ ص(د ذكر موته ويصفه عن

: يقوليعن ركن الدولة البويه) ٦٧٠ص (وعندما يتحدث ابن األثري لرعاياه، وجنده ة، واسع الكرم، كثري البذل، حسن السياس، كرمياكان حليما

جا، متحرة، عظيم اجلد والسعادة م، عادال يف احلكم بينهم، وكان بعيد اهلموفاءر فيما ال بد إال عن الدماء، يرى حقنها واجبا صحابه منه، عفيفاأل من الظلم، مانعا

رزاق ويصوم عن أل عليهم اي على أهل البيوتات وكان جيريوكان حيام. منه، وينتصب لرد املظامل، ة يف أشهر الصيام، للصالةالتبذل، وكان يقصد املساجد اجلامع

احلاجات، ي على ذواجلليلة باألموالكثرية، ويتصدق الباألموالويتعهد العلويني .ويلني جانبه للخاص والعام

.أرضاهو الله عنه يرض: مث خيتم ابن األثري احلديث عنه قائال . للخلفاء الراشدينإالومثل هذا القول ال يقال

٢٥ التمهيد

كثري ،السياسةكان عاقال فاضال حسن : ويقول ابن األثري عن عضد الدولة باذال يف مواضع ،أهلهاو للفضائل ثاقب الرأي حمباة، بعيد اهلمة،د اهليب شدي،اإلصابة) ( النيبوبىن على مدينة . ناظرا يف عواقب األمور، احلزمأماكن يف مانعا،العطاء إىل ، وال جيعل للشفاعات طريقاءة على الكفاإالوكان ال يعول يف األمور ،سورا . من ليس من جنس الشافع وال فيما يتعلق بهةمعارض

العدول أبناءسفار بن كردويه شفع يف بعض أقدم جيشه أن م: عنهيحك الذي إمناشغالك، أليس هذا من : ليسمع تزكيته ويعدله، فقالالقاضيليتقدم إىل

الشهادةوأما . وما يتعلق مي جندة قائد، ونقل مرتبزيادةيتعلق بك اخلطاب يف من القضاة، وليس لنا، وال لك الكالم فيه، ومىت عرف القاضيوقبوهلا، فهو إىل

.شفاعةته، فعلوا ذلك بغري ما جيوز معه قبول شهادإنسان والرب يف سائر ة من األموال للصدق كثرياوكان خيرج يف ابتداء كل سنة شيئا

. ووجوه الناس ليصرفوه إىل مستحقيهةمر بتسليم ذلك إىل القضاأبالده، ويوكان . وكان يوصل إىل العمال املتعطلني ما يقوم م وحياسبهم به إذا عملوا

إليهم، وكان جيلس معهم يعارضهم يف املسائل، هلم حمسنا مقرباهلهاأ للعلوم وحمبا )ةاحلج( يف النحو، و)يضاحإلا(: فقصده العلماء من كل بلد وصنفوا له الكتب منها

يف التاريخ إىل غري ذلك، وعمل )يالتاج( يف الطب، و)يامللك(يف القراءات، ووغري ذلك ) اجلسور(والقناطر ) املستشفيات(املصاحل يف سائر البالد كالبيمارستانات

.ةمن املصاحل العام، لذلك ال نعجب يرخون عن رجال احلكم البويهؤهذه مناذج مما حتدث به امل

ينا البغداديني الذين مل يكونوا على مذهبهم يغضبون لزوال حكمهم ويثورون أإذا ر .زال هذا احلكمأعلى من

، فيجعلوا ةا فاشلأ اعتقدوا ةورنفسهم يف ثأأما الشيعة فلم يشاءوا أن يورطوا وا أن يكون هلم يد بيضاء عنده يف أيغال يف اضطهادهم، ورإلللحاكم اجلديد سبيال ل

أصل السالجقة ٢٦

لعل هذه اليد تردعه عما . ذى وصون دمائهمألمحايتهم جلنوده وعدم التعرض هلم با !..يتوقعون من شره

مثار كان إلا اسف أن هذؤ ولكن امل،مثرأوبالفعل فقد بدا أن موقفهم هذا قد .إىل حني

حسان معاملتهم إ جنوده، فأمر بةلقد بلغ طغرل بك ما فعله الشيعة من محاي ة نقاب الذي كان يتوىليوأرسل وزيره إىل نقيب العلويني عدنان بن الشريف الرض

ة شيعيةبرز شخصيأ، وقد كان عدنان هذا ي عمه الشريف املرتضةالعلويني بعد وفا .س الشيعة فيهاأيف بغداد، بل كان ر

أرسل الوزير إىل النقيب يطلب إليه احلضور ملقابلته، فجاء إليه فشكره باسم . كلهاةطغرل بك، وترك عنده خيال بأمر طغرل بك حترسه وحترس احملل

ومعىن ذلك أم كانوا يتوجسون من اعتداءات رمبا تقع على النقيب وعلى . الذي وقفتهي بسبب املوقف احليادةاحملل

وبدون ختطيط، ة هوجاء بدون قيادة كانت الثورة على احلكم اجلديد ثورلقدوا أم جنحوا يف قتل من قتلوا من اجلنود، خرجوا إىل ظاهر بغداد أ حني رةفالعام

حيث يعسكر اجليش السلجوقي، وخرج معهم مجاعة من العسكر، بقصد االشتباك .باجليش

أنه لو خرج معهم امللك الرحيم ومن لديه من جنود ويف تقديرات ابن األثري .النتصرت الثورة

.قل وجود قيادة، ووجود جنود حمترفنيأل ألن يف ذلك على ا؛وهذا غري بعيد يقف الذي يقتضمل يكن من رجال مثل هذا املو) الرحيم(ولكن يبدو أن

ا وحسن تدبري، لذلك ختلف عن االلتحاق بالثائرين وختلف معه شجاعة وحزم .جنوده

. عنهم إىل دار اخلالفة وأقاموا فيهاةسرعوا دفعا للتهمأأما أعيان أصحابه فقد

٢٧ التمهيد

وبني اجليش السلجوقي ةووقع الصدام خارج بغداد بني اجلماعات الثائر .وكثرت القتلى من الفريقني

ألنه كان يعوز ؛اهلزمية: أن تكون اية تلك اجلماعاتين من الطبيعوكا .ةالتخطيط، والقياد: ثورا شيئان

ن ثورم إذ إساسيان مفقودين لدى الثوار املقاتلني، ألوكان هذان الشيئان ا طغرل بك ةحكام سيطرإ فانتهت إىل اهلزمية، وئ طاررييانبعثت من انفعال مجاه

.على بغداد هواجس البغداديني فافتتح احلكم السلجوقي أمره بالنهب، ويصف ابن حتققت

وب الغز درب حيىي ودرب سليم، وبه دور رئيس : قائالياألثري ما كان جير ورئيس الرؤساء هذا هو وزير اخلليفة وهو .ـه.ا. فنهب اجلميعأهلهالرؤساء ودور

.ال طغرل بكس موكب حافل الستقبأالذي ذكرنا من قبل أنه خرج على ر .أهلهفلم يشفع له منصبه واستقباله وحفاوته، بل بت دوره ودور

: ويسترسل ابن األثري يف وصف ما افتتح به السالجقة حكمهم يف العراق قائال ألن أهل تلك ى؛خذ منها من األموال ما ال حيصأ وترب اخللفاء وةوبت الرصاف

.ةا حمترمأليها أمواهلم اعتقادا منهم إاألصقاع نقلوا .ـه. ا، واشتد البالء على الناس وعظم اخلوف يطراف ر املعلأووصل النهب إىل

راد التخلص من ارتباطات أوجتاهل طغرل بك ذلك كله، وكل ما فعله أنه وعوده للملك الرحيم اليت كانت بتوسط اخلليفة، فأرسل إىل اخلليفة يعتب، وينسب

خروا أن تإ إذا حضروا برئت ساحتهم، و:، ويقولجنادهأ إىل امللك الرحيم ويما جرعيان أوأرسل للملك الرحيم و. كان بوضع منهمإمنايقنت أن ما جرى أعن احلضور

مانا هلم، فطلب إليهم اخلليفة أن يذهبوا إىل طغرل بك وأرسل معهم رسوال أأصحابه .من قبله يربئهم مما يتهمهم به طغرل بكخذوا دوام أاجلنود وبوا رسل اخلليفة وفلما وصلوا إىل خيامه بهم

.وثيام

أصل السالجقة ٢٨

ةومع أن احتالل السالجقة للعراق ودخول طغرل بك بغداد كان يف حقيق البويهيني على اخلالفة، ةيطر من س ختلصاة بني السالجقة واخلليفؤاألمر نتيجة تواط

اخلالفة انتهكت من السالجقة يف أول يوم وصلوا فيه إىل بغداد، وذلك ةفإن هيب . رسل اخلليفة وبهم وجتريدهم حىت من ثيامةهانإب

ذهبوا إىل طغرل بك بضمان إمناوزيد يف األمر أن امللك الرحيم ومن معه مل يبال بذلك، فبمجرد دخوهلم عليه، أمر ه بتربئتهم، ولكن طغرل بكتاخلليفة ورسال

.نابالقبض عليهم وسجنهم، مث أرسل امللك الرحيم معتقال إىل قلعة السريوصحابه، وما كان قد أ بالقبض على الرحيم وةهانإلوهال اخلليفة ما حلقه من ا

ومسمع منه، فأرسل إىل طغرل بك ينكر مرآىجرى على رسله، وب بغداد على بغداد وبها بلقبض على الرحيم ومجاعته، واالعتداء على قصر اخلالفة من اىما جر

:ويقول يف رسالته. وترويع أهلهاال إ، فإن أطلقتهم، وىنماأ ويمرأ بإليك خرجوا إمنا) الرحيم وصحبه(م إ(

ةوامر الشريفأل أن تعظيم اىن إمنا اخترتك واستدعيتك اعتقادا مينإفارق بغداد، فأفأنا ). األمر بالضديرأ احلرمي تعظم، وةرميزداد، وحطلق طغرل بك بعض املقبوض عليهم، أما الرحيم أ ة اخلليفيةزاء هذه الغضبإو

عليه وأرسله معتقال سجيناوهو املقصود األول بكالم اخلليفة فقد احتفظ به مقبوضا .ن، كما مراإىل قلعة السريو

هذا بداية االستهتار مبقام ، فكان ة اخلليفة بال نتيجة عمليةوهكذا ظلت غضب .حكام السيطرة عليهاإذالهلا وإاخلالفة، وبداية

وأما ما يتعلق باحتجاج اخلليفة على ما جرى على أهل بغداد، فقد قوبل مبد ريافها، وظل املد يتعاظم أالنهب والترويع إىل ما يتجاوز بغداد ويصل إىل سوادها و

إىل النهرواني ومن الشرق إىل النيل من تكريتحىت صار مداه من اجلانب الغريب .سافل األعمال، كما ذكر ابن األثريأو

.أن النهب مشل معظم العراق: أي

٢٩ التمهيد

هذه هي . عنهأهله يجلأوخرب السواد و: ويضيف ابن األثري إىل ذلك قائالوا ا العراقيني مجيعا السنيني منهم لما أعمال السالجقة يف العراق اليت عةفاحت

.ةوالشيععلى أم مل ينسوا أن خيصوا الشيعة الذين مل يشاركوا يف الثورة عليهم، ومحوا

مل ينسوا أن خيصوهم بنوع من اجلور ال ،جنودهم من القتل وآووهم يف دورهم، بل ) خري من النومةالصال: (ذان السحرآ ال يقولون يف ةفالشيع. يطال غريهم

). على خري العمليح(يقولون بدال عن ذلك وتفرض عليهم ةوم املذهبيئوامر طغرل بك من أول يوم تتدخل يف شأب فإذا

. خري من النومة على خري العمل، ويبدلوها بالصاليأن يتركوا ح الذين طال حكمهم يف بغداد والعراق مل يتدخلوا يف مثل يف حني أن البويهيني

.ةحرارا يف طقوسهم املذهبيأون، وتركوا الناس ئهذه الش .فظعأوسينال الشيعة ما هو أشد من هذا و

طغرل بك يف العراق ياما دون أن يلـق أا و فيها ثالثة عشر شهر ىمضأاستقر طغرل بك يف بغداد و

.ة باخلليفةوقد كان يف هذا جتاهل ملقام اخلالفة واستهان. اخلليفة ةوهذا اخلليفة الذي تآمر مع السالجقة على البويهيني، عامله السالجقة باملهان

وتوالت هذه . حداثألمن اينا فيما تقدم أمنذ اليوم الذي دخلوا فيه بغداد، كما ر !.. إىل احلد الذي مل ير فيه امللك السلجوقي أن عليه أن يزور اخلليفةةاملهان

. فقارإلذالل واإلوإذا كان ما لقيه اخلليفة هو املهانة، فإن ما لقيه الشعب هو اطال مقام السلطان طغرل بك ببغداد وعم اخللق ضرر عسكره، (:يقول ابن األثري

قوام وارتكبوا أوضاقت عليهم مساكنهم فإن العسكر نـزلوا فيها وغلبوهم على ).منهم كل حمظور

بغداد يلاهأ يف كالمها ترينا واقع احلال اليت كان عليها ةهذه الصورة املوجز . يف دورهماجلنود يشاطروم السكىن: ةيف حكم السالجق

أصل السالجقة ٣٠

جنود يساكنون أسرة يف منـزهلا، األسرة املكونة ةونستطيع أن نتصور بضعطعام هؤالء اجلنود، وفوق إوعلى هذه األسرة أن تتكفل ب. طفالأمن رجال ونساء و

ابن األثري أواحملظورات اليت مل يش!! ذلك يرتكب هؤالء اجلنود يف األسرة كل حمظور !.ن يعددها نستطيع أن نتخيلها وحنسهاأ

ول ئ ال سيما وأنه املس-يهال اخلليفة القائم بأمر الله ما يلقاه الشعب البغداد وما دام السلطان السلجوقي يتجاهله، فقد -األول عن احتالل السالجقة لبغداد

أن: ، فكلف وزيره امللقب رئيس الرؤساءة أن ال خياطبه، وال يتصل به مباشرىرأ الوزير فإذا حضر ةيكتب إىل عميد امللك الكندري وزير السلطان أن حيضر ملقابل

ال يساعد اخلليفة على إزال ذلك، وأبني له عن اخلليفة ما الناس فيه من البالء، فإن .االنتزاح عن بغداد ليبعد عن املنكرات

، فهو مل )ةالدبلوماسي( فيه كل الدقة وال شك أن اخلليفة قد تصرف تصرفامث هو مل يطلب من . خياطب السلطان بنفسه، فدلل بذلك على أنه ال يعترف به

وزير السلطان، بل طلب إليه استدعاءه إليه، فدلل بذلك ةوزيره أن يذهب ملخاطب ...ةلشرعية اأصحاب السلطعلى أنه هو ووزيره

فاعتذر . وجاء الكندري وتبلغ أمر اخلليفة، ومضى إىل السلطان يبلغه ذلكمر الكندري أن يبلغ أالسلطان بكثرة العساكر وعجزه عن ذيبهم وضبطهم، و

..عذره هذا إىل وزير اخلليفة احلال على ما كانت عليه، ورفض ةصراره على استدامإ ىبدأوبذلك ...ليفة برفع البالء، وعدم اكتراثه بتهديد اخلليفة بالرحيل عن بغدادتعليمات اخل

بني ة حربيةفقد حصلت عند سنجار معرك: وهنا حدث ما مل يكن باحلسبان وبني قريش ، ومعه نور الدولة بن دبيس بن مزيد- احلديث عنهيتأسي-) يالبساسري(

فاقتتلوا قتاال شديدا فازم قريش وقتلمش )قتلمش(بن بدران صاحب املوصل ومعه .صحاما أوقتل العدد الكثري من

٣١ التمهيد

يذألصحابه من أهل سنجار اأ هو ويصحابه فقد لقبأم أما قتلمش املنهز .البالغ

ن فقد جرح يف املعركة، فجاء إىل نور الدولة دبيس بن اوأما قريش بن بدر . كانت قد وصلت من مصر فلبسهاةمزيد، فرحب به دبيس وأعطاه خلع

ةعلنوا انضمامها إىل اخلالفة الفاطميأوساروا مجيعا إىل املوصل و. نضم إليهماو . املستنصر باللهي الفاطمةوخطبوا للخليفن جتربه واستعالئه ا إىل طغرل بك يف بغداد وهو يف عنفوىنباء ما جرأوصلت .يصراره على اضطهاد الشعب العراقإعلى اخلليفة و

وزير اخلليفة مبا ةا وصلته يف نفس اليوم الذي رد فيه على رسالأويبدو جليا .دري رده إىل وزير اخلليفةرد، وبعد أن محل وزيره الكن

من ة يف املوصل، واخلشييته أخباره عما جرأفأمام اخلطر الداهم الذي فاجتفاقم األمور وامتداد العصيان باجتاه بغداد، وقد بدت طالئعه مبا جرى على ابن عمه

دا من التراجع عن طغيانه، واسترضاء بمام ذلك، مل جيد أيف سنجار ) قتلمش(وممثله جياد خمرج لذلك، ال يبدو فيه ضعيفا متخاذال، متراجعا عما إوالبغداديني، واخلليفة

.يتآلعزم عليه، خائفا من ا ةعند الكعب) ( النيب يف منامه ة يف تلك الليلىه أنه رأؤكان املخرج هو ادعا

حيكمك الله يف : وهو معرض عنه مل يلتفت إليه، وقال لهالنيبنه يسلم على أوك من جالله عز وجل يف سوء معاملتهم وتفتر يال تراقبه فيهم وال تستحبالده وعباده ف

.مهاله عند اجلور عليهمإب أنه رآه ىنه استيقظ فزعا، وأحضر وزيره الكندري وحدثه مبا ادعأوتظاهر ب

.ةوأرسله إىل اخلليفة يعرفه أنه يقابل ما رسم به بالسمع والطاع ... من كان خمفيا إىل غري ذلكمر أن يظهرأ، وةوأخرج اجلند من دور العام

أصل السالجقة ٣٢

)نااوأ(مخاد مترد املوصل، فلما بلغ جبيشه إلمث جتهز طغرل بك وترك بغداد ويف كل ما كان عمل جيشه النهب فيها ويف عكرباأ ف، املناميونس) ( النيبينس

. مبال قدمه صاحبها لطغرل بكةووصل تكريت فسلمت البلد. مير به يف طريقه) ياقويت (هخوأتاه أهـ ف٤٤٩ أقام فيها حىت دخلت سنة )البوازيج(وملا وصل

.بالعساكر فسار م إىل املوصل واستخلصهاوملا بدت لدبيس بن مزيد وقريش بن بدران مظاهر قوة طغرل بك أسرعا

.يوسطان من يشفع هلما عنده ويعفو عنهما ففعلمن هؤالء العرب حىت : الكندري قال للوزيرهخوأ )ينال(ولكن إبراهيم

.!..هذا هو احترام السالجقة للعرب. جتعلهم نظراء السلطان وتصلح بينهم؟ ابن عمر، وملا كان حياصرها سار ةمث سار طغرل بك إىل ديار بكر وجزير

ربع مئة راهب فذحبوا منهم مئة وعشرينأ وفيه )عمر اكمن(مجاعة من اجليش إىل ... مكايك ذهباةنفسهم بستأراهبا، وافتدى الباقون من مماليك اء الدولة بن عضد ي هو يف األصل مملوك تركيأرسالن البساسري

األمراء عند البويهيني يرسلونه يف مهمام، مث ترقت ة مث صار من مجل،ىالدولة البويهب له على املنابر وهابته سرها وخطأبه احلال وتقدم عند اخلليفة القائم وقلده األمور ب

مث جرت بينه وبني وزير اخلليفة امللقب رئيس الرؤساء منافرات فخرج ،امللوكالبساسريي من بغداد ومجع واستوىل على بغداد، وأخرج اخلليفة منها، وخطب

-. ة، واستوىل على بغداد سنة كاملةللمستنصر الفاطمى وقتل رئيس الرؤساء شرقتل .-ضها بقدر ما له ارتباط مبوضوعنايف تفاصيل سنعرض لبع

٤٢٥حداث سنة أ، ما يذكره ابن األثري يف ي البساسريةومما يدل على كفاءارين ألن العيبا ببغداد اجلانب الغريبة يف محاييمن أنه فيها استخلف البساسريهـ

ياشتد أمرهم وعظم فسادهم وعجز عنهم نواب السلطان فاستعملوا البساسري .لكفايته وضته

. صعاب األمورة ملواجه معدا حازمادارياإفهو يبدو هنا

٣٣ التمهيد

وبني ى أن خالفا قام بني جالل الدولة البويهأرهـ نق٤٣٢ويف أخبار سنة با احلارث أوأن جالل الدولة أرسل صاحب املوصل يقرواش بن املقلد العقيل

هـ ٤٤١حداث سنة أويف . من هذا اخلالفة ناجتة عسكرية يف مهميالبساسري عقيل ساروا إىل بالد العجم من أعمال العراق وبادوريا فنهبومها أن مجعا من بينأنقر ته فسار من بغداد بعد عوديقطاع البساسريإخذوا من األموال الكثري، وكانا يف أو فارس إليهم، فالتقوا هم وزعيم الدولة أبو كامل بن املقلد، واقتتلوا قتاال شديدا من . الفريقان فيه بالء حسنا، وصربا مجيال وقتل مجاعة من الفريقنيىبلأ

إىل فارس، ىي هذا اخلرب مل حيدثنا من قبل عن سفر البساسرييوابن األثري راو !.وال هو حدثنا هنا عما آلت إليه تلك احلرب

وأن له ة واسعةقطاعات عديدإ ين نكن عرفنا أنه قد أصبح للبساسريإو .عدائه قتاال شديداأمقاتلني ينفرون معه لقتال قامت بني نور الدولة دبيس بن مزيد وبني ة شديد أن حرباأمث ال نلبث أن نقر

األتراك الواسطيني، وأنه بعد وقوع اهلزمية على الواسطيني أرسلوا إىل بغداد خذ ر أ أن يدفع عنهم نور الدولة، وييتنجدون جندها، وأم بذلوا للبساسرييس . ور الفصل لنفسهةالصل

نبار ومد يده إىل أمواهلم، فسار ألساء السرية يف أهل اأا أن قرواشأمث نقرلوه أن ينفذ معهم عسكرا يسلمون إليه أ يف بغداد وسيمجاعة من أهلها إىل البساسري

ينبار، وحلقهم البساسريألا، فتسلموا ام إىل ذلك، وسري معهم جيشجاأنبار فألاخذ رطل خبز أحدا من أصحابه أن يأحسن إىل أهلها، وعدل فيهم، ومل ميكن أو

.صلح حاهلا وقرر قواعدها وعاد إىل بغدادأبدون مثنه، وأقام فيها إىل أن ...ينجدمره يستنجد به فأ صاحب عسكر مستقل بيفها هنا يبدو البساسري

مث نراه بعد ذلك يسري من بغداد إىل طريق خراسان ويقصد ناحية الدزدار الشوك قد ملكها وقد عمل هلا سورا يبأ بن يوميلكها ويغنم ما فيها، وكان سعد

أصل السالجقة ٣٤

يخذه البساسريأوحصنها وجعلها معقال يتحصن به ويدخر ا كل ما يغنمه ف .مجيعه

الرحيم مع دبيس ي امللك البويه إىل جانبي نرى البساسريهـ٤٤٣ويف سنة بن مزيد وغريه يشرفون على ما حتقق من نصر للملك الرحيم يف التمرد الذي قام به

.كراد يف خوزستانألمجع كثري من العرب وا إىل ة أن امللك الرحيم يسلم البصري نرهـ٤٤٤حداث سنة أويف ابنه اء الدولة ، ويف السنة نفسها يزوج نور الدولة دبيس بن مزيد يالبساسري

.ي الربكات بن البساسرييبأ ةمنصورا بابنكراد ومجعا من أليصل اخلرب إىل بغداد بأن مجعا من اهـ ٤٤٥ويف سنة

ي، فيسري إليهم البساسريىاألعراب قد أفسدوا يف البالد وقطعوا الطريق وبوا القرنم أمواهلم وينهزم ويتبعهم إىل البوازيج فيوقع بطوائف كثرية منهم ويقتل فيهم ويغ

ة فيعربون الزاب عند البوازيج فال يدركهم وال يتمكن من العبور إليهم لزياد،بعضهم يف بغداد ة خالل ذكر فتني يرد اسم البساسريهـ٤٤٦املاء وبذلك جنوا ويف سنة

حرقوا البيع والقاليات أوركب مجاعة من األتراك إىل دار الروم فنهبوها و: (هكذا . احلسن بن عبيد وزير البساسريييبأوبوا دار ى وزير، ولكن ما هو املنصب الذي يشغله ليكون له ذن فقد صار للبساسريإحداث اليت تقدم ذكرها، مل نعثر فيما كتب عنه ألن ويف مجيع اآلننا حىت اإوزير؟

على اسم املنصب الذي يشغله أو املناصب اليت تدرج فيها إىل أن بلغ املنصب الذي .كون له فيه وزيريصح أن ي

على أنه يف كل ما مر ذكره من تصرفاته يبدو مستقال يف هذه التصرفات ال يوامره من أحد، مع أنه مقيم يف عاصمة احلكم بغداد، وفيها اخلليفة العباسأيتلقى

!.يوامللك البويه ة خفاجويبدو استقالله الطاغي فيما حدث هذه السنة نفسها من هجوم بين

، فأرسل ي وأعمال نور الدولة دبيس وبهم وفتكهم يف تلك النواحعلى اجلامعني

٣٥ التمهيد

ى يستنجده فسار إليه منجدا وعرب الفرات فازم اخلفاجيون نور الدولة إىل البساسريمواهلم وشردهم كل مشرد، وعاد إىل بغداد ومعه منهم وقع البساسريي م وب أأو

.عشرون رجال فقتل مجاعة وصلب مجاعة ةمخسوهذا كله يدل على تفرد يف السلطة ال يرجع فيه ال إىل اخلليفة وال إىل امللك

ار وفتحها ألنبوملا حصر قريش بن بدران صاحب املوصل مدينة ا. وال إىل الوزير وغريه، يعماله وب ما كان فيها للبساسريأائر وخطب لطغرل بك فيها ويف س

. فاستعادمهانبار وحريبأل وقصد ا كثريةمجع البساسريي مجوعايدينا ما يدل على أن البساسريي كان يرجع إىل أ يف يليس يف النصوص اليت ه

جندهم كان يطلب االستنجاد من أحدا ممن أأحد يف تنفيذ ما يريد تنفيذه، وال أن يناه أ، فيما عدا ما رةنفاذ النجدإل من البساسريي فتنتدب هي البساسريي علىأ ةسلط

ببغداد من تسلط العيارين اجلانب الغريبةعهده بالربوز من انتدابه حلماي يف أول .عليه

مث . ما يعتقد أنه من حقهة يف محايةحدا يف استعمال القو أذنأوال أنه كان يست .ينا أنه كان له وزيرأر

امللك الرحيم املفروض فيه أنه هو صاحب السلطة ةلى احنالل سلطهذا يدل ع الدولة، ويدل على عدم جدارته لتوىل املنصب الذي وصل إليه، مما كان له ة يفالفعلي السالجقة على اخلالفة، ودخول طغرل بغداد دون أن ةكرب يف تسهيل سيطرألثر األا . عند امللك الرحيم ة القياديةفاء كان سبب فقداا، فقدان الكة مقاومة بويهيىيلق

أن ال تكون موضع ي كان من الطبيعي اليت صارت للبساسريةالسلطة املطلقخري، فكانا ألاال سيما من ) رئيس الرؤساء(رضا ال من اخلليفة وال من وزيره امللقب

. نفوذ البساسرييييكبتان غضبهما لعجزمها عن الوقوف يف وجه تنامبا سعيد أبا الغنائم، وأ: يسميهما ابن األثرييوجد أن اثنني خماصمني للبساسري

: لبساسريي وقاللا ساء قريش بن بدران وصال سرا إىل بغداد، ممابين احمللبان صاحيب

أصل السالجقة ٣٦

هالك إسرفوا يف أ وبوا وفتحوا البثوق وصحايبأهؤالء وصاحبهم كبسوا حلل .راد القبض عليهم فحيل بينه وبني ذلكأالناس، و

قارب رئيس أ لبعض ةواجتازت به سفين. ونسب ذلك إىل رئيس الرؤساء شهريا ةسقط ما كان يدفع للخليفأ اليت عليها، وةالرؤساء فمنعها، وطالب بالضريب

راد هدم أ، ويس الرؤساء وبعض احلواشمن دار الضرب، وكذلك ما كان يدفع لرئيال من رئيس الرؤساء الذي خرب إشكو أما : وقال. احمللبان فمنع من ذلكدور بين .طمع السالجقة وكاتبهمأالبالد و

، وكان أبو الغنائم بن )ةالفلوج(و) دما (حرق ناحييتأنبار، وأل إىل ايمث مضلدولة دبيس إىل البساسريي معاونا له وجاء نور ا. تاها من بغدادأنبار قد ألاحمللبان با .نبارألر ااعلى حص

سر مئة أونصب البساسريي عليها اانيق، ورماهم بالنفط، ودخلها قهرا، ف نفسه يف ىلقأبا الغنائم بن احمللبان بعد أن كان قد أسر أ وة خفاجنفس من بين

.سر من أهلها مخس مئة رجلأنبار وألخذ، وب اأالفرات فسه أمحر، وعلى رأمامه أبو الغنائم على مجل، وعليه قميص أبغداد، ووعاد إىل

.يسرألبرنس، ويف رجليه قيد، وصلب مجاعة من ا نفسه، فقد قوبل ة لرئيس الرؤساء وللخليفي هذا التحدةوبالرغم من شد

.بالصمت واهلدوء، ما دل على عجزمها عن كبح البساسريي ة كان ينقل يف سفينيبساسريولكن صدف بعد حني أن صديقا نصرانيا لل

بزعم أن هذا اخلمر مرسل إىل ةجرار مخر فاستغل هذا األمر وحرضت العام .البساسريي فتجمهر خلق كثري

ومما يدل على أن هناك حتريضا من رئيس الرؤساء أنه كان بني املتجمهرين م ، وهج)حاجب باب املراتب(نه أ الدولة يصفه ابن األثري بيموظف كبري من موظف

.راقوهاأ وكسروا جرار اخلمر وةاجلميع على السفين

٣٧ التمهيد

إليه فعظم ةشيع باطال بأن جرار اخلمر مرسلأوبلغ ذلك البساسريي، وبلغه ما . إىل رئيس الرؤساءىاألمر عليه، ونسب ما جر

بأن الذي فعل، من كسر اجلرار، ةفكان أن استصدر فتاوى من فقهاء احلنفي . ال جيوز ملك رجل نصراينيوه اخلمر تعد غري واجب، ةراقإو

وحرض رئيس الرؤساء األتراك البغداديني على الطعن يف البساسريي وذمه .يذأوالتشنيع عليه، ونسب إليه كل ما يناهلم من على دور البساسريي، يذنونه يف التعدأفلم يلبثوا أن جاءوا إىل اخلليفة، يست

هله ونوابه، وبوا أ ونكلوا بنسائه وحرقوهاأليها وبوها وإذن هلم فساروا أوبها ف .دوابه ومجيع ما ميلكه يف بغداد

مر مع آ إليه الت له، ناسباوراح رئيس الرؤساء يتناول يف جمالسه البساسريي ذاما . اخلليفة املستنصرة يف مصر ومراسلةاخلالفة الفاطمي

إىل احلد الذي ال ميكن معهيوفسدت األمور بني اخلليفة، والبساسري .بعدهأبعاد البساسريي فإمره بأوأرسل إىل امللك الرحيم ي. صالحهاإ

سباب يف ملك السلطان ألعظم اأ كانت من ةأن هذه احلال: ويقرر ابن األثري .طغرل بك العراق والقبض على امللك الرحيم

ليها فيما تقدم، إ سنجار، واالستيالء على املوصل اليت أشرنا ةمث حدثت معركعلن االنتماء إىل اخلالفة أ و ومارسها عملياةبساسريي بالثوروبذلك جاهر ال

.ةالفاطمي لالستيالء على املوصل، ة ثانية قام البساسريي مبحاولهـ٤٥٠ويف سنة

ال بعد إبالتعاون مع قريش بن بدران، فاستوليا على املدينة ، ومل يستوليا على القلعة . أشهرةربعأحصار

الذي ي على احلكم السلجوقةصبحت ثورأ البساسريي قدةوهنا كانت ثورليها إ يف املوصل سارع يصار هو املسيطر على العراق، فلما بلغ طغرل بك ما جر

. وراءمها إىل نصيبنيى ألن البساسريي وقريش كانا قد غادراها، فمض؛حداأفلم جيد

أصل السالجقة ٣٨

)ينال( هو انفصال أخيه إبراهيم على أن طغرل بك واجه هنا انشقاقا عائليا .ه وتوجهه إىل مهذانعن

طغرل يصفح عنه هخوأوكان إبراهيم هذا قد انشق عن أخيه قبل اليوم، وكان كثر خطرا من أبعد اجتاها، وأ كان ةعندما يظفر به، ولكن بدا أن االنشقاق هذه املر

نه كان نتيجة اتصال الفاطميني به، وحتالف بينه وبني إ :ذ قيلإ ،كل انشقاق سابق .البساسريي .وسعأض يف مكان آخر هلذا االنشقاق يف تفاصيل وسنعر

وكان البساسريي يواصل ثورته وتقدم فاحتل بغداد ومعه قريش بن بدران، الضر ةربع مئة غالم على غايأأن قوته مل تكن تتجاوز : ويفهم من نص ابن األثري

كذلك يفهم منه أنه كان يقابله . فارس قريش بن بدران تبلغ مئيتةوالفقر، وقو . واجه العسكر والعوامة القليلةنه ذه القوإلعسكر والعوام، ومع ذلك فا

، أو بعض من ةوالعوام الذين يذكرهم ابن األثري هنا رمبا كانوا بعض املرتزق سطور ةوالدليل على ذلك أن ابن األثري نفسه يقول بعد بضع. ينعقون مع كل ناعق

ياالصطدام عسكريا بالبساسريمن قوله هذا، وهو يذكر أن هناك من كان ال يرى أما الشيعة فللمذهب، وأما السنة فلما فعل : إىل البساسريي يقولةبسبب ميل العام

.)السالجقة(م األتراك على ة الشعبية النقمةرخيه يرينا حقيقهذا القول الذي سجله ابن األثري يف تا

السالجقة، فهو قبل أن يقول هذا القول، يذكر أن البساسريي أعلن االنضمام إىل ذان ألمر باأ املستنصر، ويالفاطمة ، وخطب يف جامع املنصور للخليفةاخلالفة الفاطمي

. على خري العمليحب، واملستنصر ةلشيعي، تعتمد أحد املذاهب اة شيعية خالفة الفاطميةواخلالف

. ميثل ذاك املذهبي شيعةخليفنيني الذين ال يأخذون به، للس على خري العمل كان يعترب حتديايذان حبألوا

.ة للشيع خري من النوم يعترب حتدياةذان الصبح بالصالأكما كان استبداله يف

٣٩ التمهيد

، فإن وحكم سينيويف تلك العصور كانت إذا نشبت احلرب بني حكم شيع خري ةالصال: لغاءإ على خري العمل ويذان حبألتصر األول كان أول ما يفعله هو اان

. كان يفعل العكسذان الصبح، وإذا انتصر الثاينأمن النوم يف كان - ة وكانت شيعي-فنور الدين حممود، مثال، عندما افتتح مدينة حلب

خري بالصالة النواإلع، األذان على خري العمل من يبطال حإأول أمر يصدره هو .الشديدة بالعقوبة الصبح، وهدد كل من ال ينفذ هذا األمر أذانمن النوم يف

، فجاء اجلواب بأن يكلها يرصدون له ما جير ذن املدينةآوأرسل مراقبني إىل م الصبح أن أذانذا يف ؤ منها، رفض مةذن ما عدا واحدآوامره نفذت يف مجيع املأ إىل األرض، ففعل به نةذئعلى املأ من ىفأمر بأن يرم. م خري من النوبالصالةذن ؤي

!..ة املروعةذلك ومات تلك امليتيران، إ يف ة الدولة الشيعيةقامإ يف يمساعيل الصفوإعندما جنح : ويف املقابل

: لغاءإ على خري العمل، ويح: ذانألاألمر با: فعلهيءول شأكان إذا فتح مدينة، ف .ن الصبحذاأ خري من النوم من ةالصال

وكان يف ذهنه ما فعله نور الدين حممود يف حلب، فأرسل مراقبني إىل مجيع لقائه إ خري من النوم، فأمر بةذن صباحا بالصالأ واحدا ذناؤذن، فجاءه اخلرب بأن مآامل

!.. إىل األرضةعلى املئذنأمن ييدا يف زعمهم أ للمذاهب، وتة كان التعامل نصرةذه الفظائع الوحشي

على خري يذن يف جامع املنصور حبؤأما السنيون يف بغداد فلم يبالوا أن ي!! نللدي ما دام يف ذلك ختلصهم من حكم ة شيعيةالعمل، وأن يعلن انضمامهم إىل خالف

.السالجقةأن ننظر إليه بعمق وتفكر، إال من العرب ما علينا البغدادية األحداثن يف هذه إ

دت إىل الفنت والتقاتل والتذابح ليست أ اليت طاملا يةاملذهبوما يدل على أن العصبيات أو من ة البصرييما أن يكونوا عمإن الذين حيركوا إ الشعوب، بل ةصالأمن

.املستغلني املستفيدين

أصل السالجقة ٤٠

البن األثري نفسه ) الكامل(نا يف كتاب أ الذي طاملا قريفهذا الشعب البغداد .ا صفا واحدا يف مقاومة الظلم، نراه هنةما كان يثور فيه من الفنت املذهبي

ذان، أل تزاد يف اةهذا الشعب وغريه من الشعوب ممن كانوا يهيجونه رد كلمباب، ها هو عندما يواجه احلقائق، ألسخرى، أو ليغري ذلك من اأ ةأو تبدل بكلم

ون ئخر عني ما يراه هو يف الشآل ال ضري على هذا الفريق أن ال يرى الفريق اهيرى أن .ةياملذهب

ةججون العصبيات املذهبيؤولكن فقهاء السوء وحكام اجلور هم الذين ي .ةوالنعرات الديني

يالشعب ملنافعهم، واآلخرون ليشغلوه عن التصدة ولون ليستغلوا براءألا .جلورهم والتمرد على ظلمهم

فهذا البساسريي ملا عدل بني الناس، ومل يتعصب ملذهب، كان السنيون يدونه ؤ يةصالتهم الفطريأته على السواء، ومضى السنيون على يف مناصرةوالشيع

تباع مذاهبهم، ومل ينظروا إليه على أنه على غري أن كانوا من إعلى الظاملني و .مذهبهم

ألن مجاهري ي؛ الصدام العسكري بالبساسريي القائل بتفاديوبالرغم من الرأ ألن طغرل ؛يف بغداد تقاتله ةقوى سلجوقيتوجد ال هيده، وأنؤ تة وشيعيةالشعب سني

. عليه)ينال(بك كان جبنوده يف الري منشغال بتمرد أخيه إبراهيم بالرغم من ذلك فإن رئيس الرؤساء استجاب للقائلني باحلرب، وكان بذلك

يف ذنهأ واست اهلمذاينيفعندما جاءه القاض. حقاده على البساسريي أليستجيب، ةه، فخرج ومعه اخلدم ومجاعات خمتلفذن لأاحلرب، وضمن له قتل البساسريي

بعدوا محل عليهم فازموا، وقتل منهم أ يستجرهم، فلما ي والبساسري،بعدواأوزج، وكان رئيس الرؤساء ألعيان، وب باب األ مجاعة من اةمجاعة، ومات يف الزمح

. دون الباب فدخل الدار، وهرب كل من يف احلرميواقفا

٤١ التمهيد

ةوبعد هذا النصر رجع البساسريي إىل معسكره مترقبا ما حيدث، وإذا باخلليف ىمر بدوام القتال على سور احلرمي، ولكنهم فوجئوا بالزعيق وب احلرمي، وهنا رأأي

قوا، فركب جواده البسا السواد شعار اخلالفة ومظاهر ة إىل هيبأاخلليفة أن يلج من ةسه اللواء، وحوله زمرأ شاهرا سيفه، وعلى رةاخلالفة، وعلى كتفه الربد

بواب أ به يعلم أن النهب قد وصل إىل ا، فإذةالعباسيني، واخلدم بالسيوف املسلول، فتراجع إىل الوراء، ومضى حنو أحد داره، وأن كل هذه التهويالت مل جتد شيئا

من إىل قريش، فعاد وصعد أفوجده قد است) عميد العراق(ار رجاله صاحب لقب كب . يائساةاملنظر

وبرز هنا وزير اخلليفة رئيس الرؤساء الذي كان حبقده وقصر نظره سبب هذه : قريش، فصاحة اخلليفة الذي ورطه ذا كله باستنهاض مروءة برز حماوال محايةاحملن

فدنا منه قريش، فقال رئيس . منني يستدنيكؤأمري امل: قريشايا علم الدين، يعينمنني يستذم منك على ؤمري املأو. مثالكأ مل ينلها ةنالك الله منـزلأقد : الرؤساء .ةوذمام العربي) ( وذمام رسولهىلاصحابه بذمام الله تعأهله وأنفسه و

سلما قريش، مستةصحابه يف محايأهله وأأن اخلليفة يضع نفسه و: هذاومعىن !..لقضاء الله

؟ وملن ويل: ىل له، قالاذم الله تعأقد : جابأوكان قريش عند أمل اخلليفة، ف ىعطأعطاها اخلليفة، وأ لذلك خلع قريش قلنسوته ووتوكيدا. نعم: معه؟ قال

.خمصرته رئيس الرؤساء ذماما .فنـزل إليه اخلليفة ورئيس الرؤساء وصارا معه

ختالف ما استقر بيننا، أ: ي، فأرسل إىل قريش البساسريىوبلغ خرب ما جر !.وتنقض ما تعاهدنا عليه؟

حدمها أ يف الذي حيصل هلما وأن ال يستبد ةوكانا قد تعاهدا على املشاركاتفقا على أن : ا من وقوع اخلالف بينهماشكال، وحذرإلوحال ل .يءخر بشآلدون ا

.ةأن حيتفظ باخلليفيسلم قريش رئيس الرؤساء إىل البساسريي ألنه عدوه و

أصل السالجقة ٤٢

ومل يف ة للخليفىف األمر به إىل أن حيفظ الذمام نصف حفظ فوىوهكذا انته ...لرئيس الرؤساء به إىل البساسريي، فلما ىمض!! اللقبة برئيس الرؤساء يا لضخامىومض

..مرحبا مبهلك الدول وخمرب البالد: وقعت عينه عليه قال له .ةعند املقدرالعفو : فتذلل رئيس الرؤساء قائال

لقد قدرت فما عفوت وأنت صاحب طيلسان، وركبت : فقال البساسريي .نا، وأنا صاحب سيفأعفو أ، فكيف يلاطفأ ومي مع حرةفعال الشنيعألا

يف ظل ة فعليةيشري بذلك إىل أن رئيس الرؤساء مل يكن صاحب سلط .أصحاب السلطة احلقيقيني، ومع ذلك فقد فعل ما فعل

إن قريشا نقله راكبا إىل معسكره، حمتفظا له بكل مظاهر وأما اخلليفة، ف ةوأنـزله يف خيم. سه اللواءأ وبيده السيف وعلى رةعليه السواد والربد: ةالكرام

السلطان طغرل بك، يخأ ةرسالن خاتون، وهي ابنأخذ زوجته، أباملعسكر، و .خصائه ليقوم خبدمتهاأفسلمها إىل أحد

.ياماأهب فيها أما دار اخلالفة فقد ظل الن ودين، فسلمه اخلليفة ليوصله ة عمه ممن فيهم مروءوقد اختار قريش أحد بين

.وتركه ا) عانهةحديث (ةمن خارج بغداد، فحمله يف هودج وسار به إىل بلدأإىل مسرع أ هذا كله والسلطان طغرل بك غائب جبنوده عن بغداد، فىجر

.أصحاب اخلليفة وخدمه إليه مستنفرين ختفق ى، فسار إىل املصلىضحألسيطر البساسريي على بغداد، وجاء عيد ا

. الفاطمينية، معلنا بذلك التحاق بغداد خبالفة الفاطميةلويألعليه اجرى أمل يتعصب ملذهب، و: ثري ابن األةحسن السرية يف الناس، وبشهادأو

.ةاجلرايات على املتفقهفرد هلا دارا أ اخلليفة وقد بلغت التسعني ال تزال يف بغداد، فةوكانت والد

.عطاها جاريتني من جواريها خلدمتها، وعني راتبا تعطاه لنفقااأو

٤٣ التمهيد

خرجه أأما العدو اللدود رئيس الرؤساء، فقد كان رهني السجن فلما تفرغ له جلود ةمحر، ويف رقبته خمنقأ صوف وطرطور من لبد ةلسجن مقيدا وعليه جبمن ا

:أبعري، وهو يقر .ةيآلا) امللك من تشاء وتنـزع امللك ممن تشاءيتؤقل اللهم مالك امللك ت(

عليهم بية وكان شديد العص- الشيعة ي وهو ح-وملا مروا به يف الكرخ . هلم، بصقوا يف وجههذياؤم

عيد إىل معسكر أهري به على ظهر مجل يف شوارع بغداد،وبعد هذا التشلبس جلد ثور، وجعلت أ وأنـزل عن اجلمل وةالبساسريي، وقد نصبت له خشب

...سه، وجعل يف فكيه كالبان من حديد، وصلبأقرونه على روأرسل إىل املستنصر الفاطمى يف . ةومد البساسريي سلطته إىل واسط والبصر

على العراق ة به للسيطرى يعرفه ما فعل، على أمل أن ميده املستنصر مبا يقوةالقاهر . السالجقةةكله، واحلول دون سيطر

العراق ويتغري جمرى ةوقد كان ميكن أن يتم ذلك فتسود اخلالفة الفاطمي يخأبا الفرج ابن أقدار كانت باملرصاد، فقد كان وزير املستنصر ألولكن ا.. خالتاري أ، وهو ممن هرب من البساسريي، ويف نفسه عليه ما فيها، فلم يش القاسم املغريبيبأ

هداف الدولة اليت جعلته أ على ةهدافه الشخصيأجماد، وفضل ألله أن يفوز ذه ا .نه وهون فعله وحذر من عاقبتهأشوزيرها، فوقع يف البساسريي وخفف من

بغري ما أمل ةجوبألجيب كانت ا أ، وملاةمهل اجلواب على رسائله مدأف .رك يواجه مصريه بنفسه، وهكذا تءورجا

خريا أ و،)ينال( يعاجل مترد أخيه إبراهيم األحداثكان طغرل بك خالل هذه سره، وكان أ إبراهيم ووقع الصدام بينهما بالقرب من الري، فانتهت املعركة بازام

فقد ةأما هذه املر. وظفر به وعفا عنهةمن قبل قد ثار على طغرل بك أكثر من مرن من إ: ، وقالهـ٤٥١خر سنة آلوكان ذلك يف تاسع مجاد ا. أمر خبنقه بوتر قوس

. اخلليفةةعوامل قتله أن مترده كان السبب يف عدم استطاعته محاي

أصل السالجقة ٤٤

مر البساسريي، ويبدو أنه وازن أليم تفرغ وبانتهاء طغرل بك من أمر إبراها مع البساسريي، فأرسل إليه يى أن حيل األمر سلمأبني قواه وقوى البساسريي فر

بامسه وأن ة له يف بغداد وأن تكون السكة بأن تكون اخلطبيوإىل قريش أنه يكتف .يعاد اخلليفة إىل بغداد على أن ال يعود هو إىل العراق

املقترحات، فعند ذلك تقدم طغرل بك بقواته إىل فرفض البساسريي هذهالعراق، وبوصول طالئعه إىل قصر شريين غري البعيدة عن حدود العراق، كان

من بغداد، بعد سيطرته والده عن اخلطر، مث يتبعهم خارجاأه وميالبساسريي يبعد حرها وخروجه منهـ٤٥٠ سنة القعدة ذيذ كان دخوله بغداد يف شهر إعليها سنة،

.هـ٤٥١ سنة القعدة ذييف ةوبرحيل البساسريي دبت الفوضى يف بغداد، وحرك احملركون النعرات املذهبي

حرقوا درب الزعفران، وهو على ما يقول أ إىل الكرخ فنهبوه وةفثار أهل باب البصر .عمرهاأابن األثري من أحسن الدروب و

الطريق إىل ووصل طغرل بك إىل بغداد، وكان قبل وصوله قد أرسل من . اخلليفةة أخيه زوجة والبنة أن يشكره على ما فعله للخليفانقريش بن بدر

خر إىل بغداد فأرسل طغرل بك وزيره الكندري، آلوكان اخلليفة قد اجته هو ا والسرادقات واخليل فالقوا اخلليفة ةوبعض األمراء، واحلجاب ومعهم اخليام العظيم

روان خرج طغرل بك الستقباله، فقبل األرض وبوصول اخلليفة إىل النه. وخدموه .مخاد مترد إبراهيمإخره بانشغاله بأ واعتذر عن تةه بالسالمأبني يديه وهن

.وسبق طغرل بك اخلليفة يف الوصول إىل بغداد، مث وصل اخلليفة بعده السريع ملوقف البساسريي، ال سيما وأنه قد االيار يثري العجب هذا يوالذ

كان يءش أيمني سلطته، فعلى أرل بك وكلها يف مصلحته وترفض مقترحات طغ؟ الذي يلوح أنه كان يف ةييد القاهرأمل بتأيستند يف هذا الرفض؟ هل كان ال يزال ي

يف أول لقاء له ةانسحابه من بغداد يريد التوجه إىل الشام، فطغرل بك يقول للخليف

٤٥ التمهيد

قصد إىل الشام، أو) ساسريي البيعين( خلف هذا الكلب يمضأنا أ: معه يف النهروان . به فعلهيجازأفعل يف حق صاحب مصر ما أو

ة فارس حنو الكوفيلفأوبعد استقرار طغرل بك يف بغداد أرسل أحد قواده يف يمضأ حىت ة هذه العديأرسل مع: ملطاردة البساسريي، وكان قد قال لطغرل بك

.صعاد إىل الشامإلمنع البساسريي من اأ وةإىل الكوف ة البساسريي التوجه حنو الشام، وأن هذه النية كان يف نيهكله يدل أنوهذا ورمبا كان قصده من الوصول إىل الشام أن . عند طغرل بك ورجالهةكانت معروف

محلة زقناعهم بتجهيإقرب إىل مصر حيث يسهل عليه االتصال مبن فيها، وأيكون .يستطيع ا السيطرة على العراقرسلهم طغرل بك ملطاردة البساسريي، أقد تقدم من ومهما يكن من أمر، ف

خذه عميد امللك أثرهم، ووقع الصدام فسقط البساسريي جرحيا، فأوسار هو يف سه إىل طغرل بك، فأمر بنقله إىل دار اخلالفة وطيف به أالكندري وقتله، ومحل ر

.وصلبئه موال البساسريي مع نساأموال أهل بغداد وأخذت أو: ويقول ابن األثري

.والده، وهلك من الناس اخللق العظيمأوخذت أ: طغرل بك عليها من جديدةثر سيطرإوجز ابن األثري احلال يف بغداد أ

.موال أهل بغداد، وهلك من الناس اخللق العظيمأحرقوا أ إىل الكرخ فنهبوه وةثار أهل باب البصر: ال قبل ذلكوكان قد ق .درب الزعفران

جيب ينيلف الذي بدا بني السنيني والشيعآأن الت: هكذاة املرسومةكانت اخلطحقاد بينهما، لذلك جرى ألريث اأ من جديد، وتة الفنت املذهبيةعادإبطاله، وجيب إ

حراق درب إ، وجرى يرخ الشيع السنيني على ب الكةحتريض أهل باب البصر .عمرهاأالزعفران الذي كان من أحسن الدروب و

أصل السالجقة ٤٦

والكرخ ي شيعةوحنن إذا كنا نعرف من مطالعاتنا البن األثري أن باب البصر منا ، وذلك استنتاجاننا نرجح أنه سينإ. ب الزعفرانرننا ال نعرف مذهب دإ، فسين

وبعد أن . حراق درب الزعفرانإيعة بغروا الشأغروا السنيني بنهب الكرخ أأن الذين عملوا فيهما أ عطفوا على الفريقني معا فةحقاد املذهبيألجيج النفوس باأمت هلم ت

هكذا قال ) موال أهل بغداد وهلك من الناس اخللق العظيمأخذت أ: (النهب والقتل . لبغداد يومذاكةابن األثري، وحسبه هذا القول لنرى الصورة الرهيب

رل بك من أمر بغداد احندر إىل واسط، وعرب إىل اجلانب وبعد فراغ طغوسار إىل قرب البطائح فنهب العسكر ما بني : يقول ابن األثري. ة من دجليالشرق

..هوازأل واةواسط والبصر اخلليفة ة السلطان طغرل بك مبصاهرمع اخلليفة طةاهرطغرل بك يريد مص

ة الري خاطبا ابنيبا سعيد قاضأ أرسل هـ٤٥٣القائم بأمر الله على ابنته، ففي سنة وأمره أن يبا حممد التميمأاخلليفة فانـزعج اخلليفة من ذلك، وأرسل يف اجلواب

عليه أن يبعث صر طغرل بك على الطلب فإن أيبلغ طغرل بك رفض طلبه، فإن .ثالث مئة ألف دينار ويسلم واسطا وأعماهلا

اخلليفة، فرد ةبلغه رسالأ أول ما اتصل بالوزير عميد امللك ويفاتصل التميمل وتضرع، وال أنه ال يصح أن يرد السلطان وال يستجاب طلبه بعد أن سأب: الوزير

.منهضعاف ما طلب أفعل يجيوز مقابلته بطلب األموال والبالد، فهو ، وما تقره يكون فيه الصواب، فاعتقد الوزير أن كما ترى: يفقال التميم

.خرب السلطان بذلك فسر كل السرورأسرع وأف. قد حصلتةاملوافقا ا مستهجنمرأ يلسلجوقا اخلليفة ة وقبول مصاهرةوقد كان مثل هذه املوافق

ال سيما ةاألسرة العباسي ةكفاء ملصاهرأم ال يعتربون إمثاهلم فأفمهما مسا هؤالء و ...ةهانإاخلليفة، ويعترب طلبهم

سرع السلطان ومجع الناس وعرفهم أنه قد حصل على ما مل يسبق أن ألذلك وطلب إىل الوزير عميد امللك . ة النبوية اجلهةحصل عليه غريه من امللوك من مصاهر

٤٧ التمهيد

نار وما اخلليفة وأن يصحبها مئة ألف ديةأن يذهب ومعه أرسالن خاتون زوج .يعيان الرأشاكلها من اجلواهر وغريها، وأرفقه بعدد من وجوه األمراء و

اخلليفة إىل دارها، مث ذكر ةوصل زوجأووصل الوزير إىل القائم بأمر الله وفاستنكر اخلليفة ذلك وامتنع عن . متام عقد الزواجإ القادم ا وهي ة املهمةللخليف

نه يترك إال فإ رفضه ويه يصر على الرفض فإن روعنإ: ليها، وقال ما معناهإ ةجابإلا .بغداد ويرحل إىل مكان آخر

داه أن االمتناع مل حيصل من أول األمر، وإذا حصل ؤفقال عميد امللك ما م . على دمه، مث ترك بغداد ونصب خيامه يف النهروانين فهو سعآلا

يألمر قاض، فتوسط يف اةزم من جديد بني السلطان واخلليفأوهكذا عاد الت إليه رجوع الوزير عميد امللك إىل يدؤ وغريه وحذروا اخلليفة مما ميكن أن يةالقضا

.ةالسلطان ذه النتيجمانتك أيك ونعول على أحنن نرد األمر إىل ر: فكتب اخلليفة إىل عميد امللك

إىل اخلليفة ومعه اخلليفة فجاء يوماةويبدو أنه فهم من هذا الكالم موافق. ودينكل موالنا أمري أسأ: ة والشهود وقال للخليفةمجاعة من األمراء واحلجاب والقضا

منني التطول بذكر ما شرف به العبد املخلص شاهنشاه ركن الدين فيما رغب فيه ؤامل .ليعرفه اجلماعة

فانصرف . ةقد سطر يف املعىن ما فيه الكفاي: ولكن رد اخلليفة كان حامسا فقال ة القضايوملا بلغ السلطان ما جرى كتب إىل قاض. ك بغداد وترعميد امللك مغضبا

يف يخأ من اخلليفة الذي قتلت يهذا جزائ: منصور بن يوسف قائاليبأوالشيخ ... يف حمبتهيهلكت خواصأ يف نصرته ويلاموأخدمته وأنفقت

باملثل فقد طلب ة وكمقابل- على حد تعبري ابن األثري-طال العتاب أو . اخلليفة أن تعاد إليهة أخيه زوجةالسلطان طغرل بك ابن

أصل السالجقة ٤٨

إىل التقاطع التام، يدؤوملا بلغ األمر إىل هذا احلد وخيف حصول مضاعفات تجراء عقد الزواج، إ يف ذنأالم للواقع وس األمر، اضطر إىل االستةورأى اخلليفة شد

. بظاهر تربيزهـ٤٥٠فجرى العقد يف شعبان سنة وقد كان فيما جرى وهن أذ مهما عال شإ، ة العباسية خطري للخالفمعنوي ن

.ي اهلامشي للزواج من سليالت البيت العباساؤنه ال ميكن أن يكون كفإمثال هؤالء فأ بويه مع ر للخلفاء مثله فإن بينوهذا مل جي: ( إىل ذلكويقول ابن األثري مشريا

).حتكمهم وخمالفتهم لعقائد اخللفاء مل يطمعوا يف مثل هذا وال ساموهم فعله ة العهد والبن ولويلة للخليفةمواال كثرية وجواهر نفيسأوأرسل السلطان

قطاعات كثرية يف العراق إ ة السلطان املتوفاةوكان لزوج. خرينآلمها وألاخلليفة و . اخلليفةة ابنةوغريها، فجعل ذلك كله لزوجته اجلديد) بايعقو(منها

تى الوزير عميد أ جاء السلطان إىل بغداد، وهـ٤٥٥ويف شهر احملرم من سنة ن إ: وقيل له، السلطان إليه، فقوبل طلبه بالرفضةامللك يطالب اخلليفة بانتقال زوج

طك موجود يف ن خإ :كما قيل له!. الشرف ال االجتماعةاملقصود ذه الوصل .الشرط

ن ما أ ويبدو جليا!.. عجب الزواجات يف الدنياأوقد كان هذا الزواج من ذكره اخلليفة كان قد سجل يف الورق ووقعه فيمن وقعه شاهدا الوزير عميد امللك

.نفسه . فتكون يف دار اخلالفةةن كانت مشاهدإنه إ: مث قال اخلليفةخلليفة هو أن يتقابل العروسان جمرد قصى ما يوافق عليه اأأن : ومعىن ذلك

.. يف دار اخلالفةة وأن تكون هذه املقابلةمقابل .نفعل هذا: فقال السلطان

كون تأن ، ى أن السلطان رأولكن يفهم من النص الذي ذكره ابن األثريولكن نفرد له من : ردف كالمه املتقدم بقولهأ يف مكان خمصص هلا يليق ا، فةاملقابل

.نه ال ميكنه مفارقتهمإالدور واملساكن ما يكفيه، ومعه خواصه وحجابه ومماليكه ف

٤٩ التمهيد

.ةوعلى ذلك نقلت العروس إىل دار اململك : على هذا الشكلةومضت مشاهد الرواي

ليها وقبل إ بالذهب، ودخل السلطان جلست العروس على سرير ملبسومحل معه هلا شيئا .ومل تكشف اخلمار عن وجهها وال قامت له. األرض وخدمها

حيضر كل يوم خيدم : واستمر احلال على هذا املنوال .كثريا من اجلواهر وغريها ؛ وخلع على الوزير عميد امللك،ومع ذلك فقد ظهر عليه سرور عظيم .وينصرف

... أيام ةوأقام املوائد عد. ألن كل الذي جرى إمنا جرى على يديه وبتوسطه. إىل الرين السلطان ترك بغداد يف شهر ربيع األول ذاهباإ: يقول ابن األثري

رم فمعىن ذلك أن األمر استمر على الصورة اليت وإذا كان قد جرى ما ذكرناه يف احمل !..ذكرناها شهرين

. مل يذكر ابن األثري ما يدل على أن شيئا قد تبدل خالل الشهرينإذ أخيه أرسالن خاتون ةمل يترك السلطان بغداد وحده، بل اصطحب معه ابن

.خذها معهأطراح اخلليفة هلا فإ اخلليفة ألا شكت ةزوج زواجايال أن يكون زواج ابنته من السلطان السلجوقإض اخلليفة الذي رف

زوجته من وراء مخارها املسدول على ة، كل ما ينال السلطان منه مقابلشكليا .يءن يف هذا من الشرف للسلطان ما يغنيه عن كل شإو. وجهها

يف مقابل هذا أن يطرح ىال أن يكون األمر كذلك، رأإاخلليفة الذي رفض .خذها معهأ السلطان، فالذت بعمها فيخأ ةزوجته ابن

فصوال، لوال أن املوت ة العجيبةوقد كان لنا أن ننتظر اكتمال هذه الروايذ مرض السلطان طغرل بك يف سفره هذا ومات يف رمضان من السنة إ ةاها بسرعأ

...نفسها، وأنه كان أن عمره كان حني مات سبعني سنة تقريباكويذكر ابن األثري

. مل يلد ولداعقيما

أصل السالجقة ٥٠

فال بدع . السلطان وعقد عليها وهو يف السبعني من عمرهة فقد خطب ابنإذاوأن يكون هدفه من هذا ... ليها من خلف اخلمارإأن يقنع من عروسه بالنظر

نه وصل إىل ما مل يصل أدالل على منافسيه، بإلالزواج امتهان مشوخ بيت اخلالفة، وا .إليه أحد

السلجوقي ببعض تفاصيله، ي على ذكر هذا العرس العباسوإذا كنا قد حرصنا .ن فيه مناذج من عالقات السالطني السالجقة باخللفاء العباسينيألف

القائم بأمر الله كان سبع ة طغرل بك خبالفةونالحظ هنا أن ما ربط سلطن . عشر يوماحد عشر شهرا واثينأسنني و من أشد الناس ان عاقال حليماك: ابن األثري السلطان طغرل بك قائالييرث

كثرهم كتمانا لسره، وكان حيافظ على الصلوات، ويصوم االثنني أاحتماال، و، وكان عسكره ، قاسيا غشوماواخلميس، وكان لباسه الثياب البيض، وكان ظلوما

).ىانته..(وكان كرميا. يف ذلك ارا وليالةيديهم مطلقأيغصبون الناس أمواهلم، و - وهو ما مر بعضه - به ابن األثري امللوك البويهيني ىد إىل ما رثوحني نعو

ونقارنه برثائه هلذا امللك السلجوقي ندرك البون الشاسع بني احلكام البويهيني ، واحلكام السالجقة، فابن األثري مل يقل عن أحد من البويهيني أنه كان ظلوما

ار ةيديهم مطلقأس أمواهلم وكان عسكره يغصبون النا: ، وال قال، قاسياغشوما .وليال

ونادى : - وهو يتحدث عن انتصاره -بل قال عن معز الدولة مثل هذا القول . مينع الظلمةمان وبث العدل وأقام هلم شحنأليف الناس با

.، عاقال، كرمياكان حليما: ويقول عنهل، حسن كان حليما، كرميا، واسع الكرم، كثري البذ: ويقول عن ركن الدولة

من هم، وكان متحرجانوفا م، عادال يف احلكم بيء لرعاياه، وجنده، رةالسياس ي على ذوةموال اجلليلأل عن الدماء، يتصدق باصحابه منه عفيفاأل الظلم مانعا .احلاجات

٥١ التمهيد

قوال اليت قاهلا عن غري هذين احلاكمني واليت مر ذكر ألإىل غري ذلك من ا .بعضها

بعد طغرل بك عالن حلـول إالوزير عميد امللك الكندري بعد موت طغرل بك إىل سرع أ

طغرل بك، مكان طغرل بك يف السـلطنة، ألن يخأرى بك، غسليمان بن داود ج .طغرل بك، الذي مل يكن له ولد، قد عهد له بامللك بعده

مل يقبال بذلك ) اردم(و) سيانيباغ(على أن األمر مل ميض بسالم فإن .رى بكغوخطبا فيها لعصر الدولة ألب أرسالن حممد بن داود جسرعا إىل قزوين أو

وكان هذا يتوىل يف عهد طغرل بك خراسان ومعه وزيره نظام امللك، ويبدو يف ةأن ميل الناس كان إليه، فاستسلم عميد امللك الكندري هلذا الواقع فأمر باخلطب

.خيه سليمانألالري للسلطان ألب أرسالن، وبعده مل ينجه من انتقام ألب أرسالن، فإن عميد امللك زار نظام امللك على أن ذلك

وزير ألب أرسالن ودفع له ماال، واعتذر وغادر منصرفا، فانصرف بانصرافه أكثر عالن عميد امللك تسلطن سليمان إرسالن مع ما كان من أب ذلك ألب أالناس، فر

. من قتلهمث أرسل إليه فأمر بالقبض عليه واعتقله يف مرو الروذ سنةنه ملا قرب إذ إ به عند ألب أرسالن، يويبدو أنه كان يتهم نظام امللك بالسع

بئس ما عودت األتراك قتل الوزراء وأصحاب : قل لنظام امللك: للقتل قال للجالد .وقع فيه) بئرا(ن، ومن حفر قليبا االديو

سادته السالجقة من التعصب ةوالوزير عميد امللك هذا كان على طريق . الذميمملذهيبا

وهو مل يكتف بالتعصب على الشيعة الذين مساهم الروافض، بأن طلب من طلبه، كما كان شديد التعصب على السلطان أن يلعنوا على منابر خراسان فلىب

.يمامهم الشافعإ وةالشافعي

أصل السالجقة ٥٢

خرى، أل بعد اةمخادها واحدإقوبل عهد ألب أرسالن بثورات عليه استطاع .ن عليه أمري ختالن، مث أمري الصاغانيانفكان أول الثائري . األمر لنفسهيف هرات فثار طالبا) بيغو بن ميكائيل(وكان عمه سر أ فقد ىنوالن فقد قتل األول منهما يف املعركة، وأما الثاألأما الثائران ا

حسن أكرمه وأبقى عليه وأوأما عمه فقد استسلم بعد احلصار والتضييق ف. وقتل .صحبته

عادها إىل أ - اخلليفة اليت عقد زواجها طغرل بك ةعاد ابنأا فعله أن وكان مم ألنه نقلها من بغداد إىل الري بغري رضاء ؛نه إمنا قتل عميد امللكإ : وقال-بغداد .اخلليفة

له يف بغداد، فجلس اخلليفة جلوسا ة اخلطبةقامإكما أرسل إىل اخلليفة طالبا ، وسلمت اخللع ةليد ألب أرسالن للسلطنمام رسل ألب أرسالن تقأعلن أعاما و

.ةكما أن اخلليفة أرسل إليه بطلب البيع. مبشهد من الناس )نانقجو(وعادت رسل ألب أرسالن إليه يصحبها رسول اخلليفة، وهو يف

.ةذربيجان، فلبس اخللع وبايع للخليفأب فقد بلغ ألب أرسالن خرب خرى قادها قتلمشأ ة سلجوقيةمث قامت عليه ثور

عليها، فسار إليه ألب الثورة وهو يف نيسابور، وأن قتلمش قصد الري ليستويل هزمت فيها مجوع قتلمش، ووجد قتلمش ميتا ملقى على ةأرسالن والتقيا يف معرك

ونقول هنا ردا !... نه مات من اخلوفإ : موته، قيل كيف كانياألرض ال يدر بني العبيديني وكان اخلالف املذهيب: ( املتقدميعلى قول الدكتور عمر تدمر

األتراك والعباسيني السنة يف ةمساعيليني الشيعة يف مصر، والسالجقإلاو) الفاطميني(، )ةالشرقي (ةنطي البيزة بني الكنيستني اليونانيشبه باخلالف املذهيبأالعراق هو

ذ إ ، إىل القتالىدهى لطاملا أدأ، بل هو خالف أشد و)ةالغربي (ة الرومانيةوالالتيني بني السالجقة يب واملذهيكانت بالد الشام مسرحا للصراع العسكري والسياس

٥٣ التمهيد

القوى عندما راحت جيوش الصليبيني جتوس خالل ةوالفاطميني، مما جعلها منهوك ).ديارهم

ن هذا الكالم هراء يف هراء، فعندما كان الفاطميون إ: ذلك علىنقول ردامساعيليون يسيطرون على مصر، كان البويهيون الشيعة يسيطرون على إلالشيعة ا

وعندما زال حكم البويهيني عن العراق، وسيطر . ةالعراق، ومل يكن هناك سالجقملستنصر، مث واخر عهد اأعليه السالجقة كان حكم الفاطميني قد تضعضع يف مصر،

ة املستنصر، باستيالء اجلماليني على اخلالفة الفاطميةتالشى هذا احلكم ائيا يف حيا وحجرهم على اخللفاء الفاطميني، ومنعهم من التصرف يف ةنشائهم الدولة اجلماليإو يف ىسرأصبحوا أولياء عهودهم الذين أون احلكم، وحتكمهم يف تعيني اخللفاء وئش .يديهمأ

كان السالجقة هم الذين - وقت احتالل السالجقة للعراق - الوقت ويف هذا ألنه مل يكن هناك فاطميون، بل بينهم وبني ؛ثاروا اخلالف ال بينهم وبني الفاطمينيأ

حرقوا مكتبتهم الكربى يف بغداد، أ، مث ةوم املذهبيئ العراق بأن تدخلوا يف شةشيعحرقوا كرسيه الذي كان جيلس أ، ويس جعفر الطويبأوهامجوا بيت عاملهم الكبري

.إىل غري ذلك... غالق مدرسته فيهاإ من بغداد وةعليه للتدريس، مما اضطره للهجر بالتحرش ئعلى أن طغرل بك بعد أن فعل ما فعل يف العراق، كان هو الباد

. املستنصر يف مصري الفاطمةباخلليف إليه الدخول يف ر طالبان طغيانه يف بغداد، كاتب املستنصانه وهو يف عنفوإف .طاعتهنا ا إىل الفاطميني ظلما وعدويءجل أن يسأ من ين الدكتور عمر تدمرإ

. ومالكااقتلوين: حشرهم مع السالجقة عمال بقول من قالبأن يذكر السالجقة بالشر ما دام هذا الذكر يوصل إىل ذكر س أورأى أنه ال ب .الفاطميني بالشر

أصل السالجقة ٥٤

يامهم أ بالتحرش بالفاطميني الذين كانوا يف أقلنا أن طغرل بك هو الذي بد . إليه الدخول يف طاعته طالباة، بأن كاتب املستنصر يف القاهرةخريألا

:يضاحا وتفصيال فنقولإونريد أن نـزيد األمر مبا يقارب ربع القرن، يب كان قد انتهى قبل الزحف الصلييور الفاطمن الدإ

هذه ة، وأن سلطنيب عند ابتداء الغزو الصلية حاكمة فاطميةوأنه مل تكن هناك خالفصبح اخللفاء أ، وة، وقيام الدولة اجلمالييلااخلالفة كانت قد انتهت بفعل التسلط اجلم . من القوليتآل، كما سنفصله يف اسجناء قصورهم، ال ميلكون من األمر شيئا

أنه مل يقم صراع بني الفاطميني يخرى، وهأ ةوحنن نريد هنا أن نوضح حقيق يصارع السالجقة ي، لسبب واحد، ألنه مل يكن هناك حكم فاطمةوالسالجق

على ة عند بدء اهلجمات السلجوقيي ألن احلكم الفاطم؛ويزامحهم على امتالك البالد .يلايار، مث اار فعال بالتسلط اجلمال باأ قد بدبالد الشام، كان

واخر عهد أ السالجقة كان يف ة الوحيد يف مواجهين املوقف الفاطمإو ة بسيطرهـ٤٤٦ يف سنة تضعضع حكم املستنصر واضحاأاملستنصر، عندما بد

املستنصر استرياد القمح من بالد البيزنطيني، واشتراط ة على البالد وحماولةااع أيعليه أن ميدها باجلنود إذا ما اعتدى على بالدها ) تيودورا (ة البيزنطيةمرباطورإلا

املفترض وجوده هو السالجقة، فبالرغم من يمعتد، وكان املفهوم أن هذا املعتدىب يأ فقد رفض هذا الشرط ألنه ة موقف املستنصر يف بالده وما دده به ااعةحراج

..سلمنيأن يعني البيزنطيني على امل . السالح ففشلةوملا اشتد األمر عليه حاول أن حيقق طلبه القمح بقو

اإلمرباطورة املستنصر أن يعد ي الذين رفض اخلليفة الفاطمةوالسالجق عليه وأن يستغلوا اإلمرباطورةبوا أن حتالفوا مع أ مبعاونتها عليهم، مل يةالبيزنطي

!..املوقف فيتقربوا منها بني املستنصر ة الفاطميني والبيزنطيني عقدت هدنبعد صراع طويل بني

مرباطور إل فسمح املستنصر ل،)م١٠٢٧ (هـ٤٢٩مرباطور ميخائيل الرابع سنة إلوا

٥٥ التمهيد

ىخلأسري مسلم، فأ آالف ة على أن يطلق سراح مخسة القيامةصالح كنيسإمتام إبمن األموال وأرسل املعماريني إىل بيت املقدس وأنفق كثرياىسرألمرباطور سبيل اإلا

.ةعلى جتديد الكنيس مع ة قسطنطني التاسع احلكم حافظ على استمرار العالقات الودييوملا ول

اشتملت على ثالثني قنطارا من (ة عظيمةهـ هدي٤٣٧املستنصر وبعث إليه سنة ).ة كل قنطار منها عشرة آالف دينار عربيةمحر، قيمألالذهب ا

للعمل على ة بينه وبني الدولة البيزنطي صفاء العالقاتةاستغل املستنصر فرصثر أمرباطور قسطنطني التاسع على إل يف دولته، فأرسل إىل اة االقتصاديةنعاش احلالإ

ردب من أربع مئة ألف أهـ يطلب منه أن ميده ب٤٤٦ حلت مبصر سنة اليتةااع . مصرةمرباطور استعداده ملعونإلبدى اأالقمح ف

فاشترطت لتقدمي هذه ) تيودورا (ةمرباطورإلفته ا وخلولكنه مل يلبث أن توىفوكان املقصود . أن ميدها املستنصر باجلنود إذا ما اعتدى على بالدها معتدةاملساعد . على هذا الشرطةفرفض املستنصر املوافق). السالجقة (يذا املعتد .رسال الغالل إىل مصرإجابت تيودورا على ذلك بأن حالت دون أف، غضب اخلليفة املستنصر وعول على حماربتها، ةمرباطورإلهذه ا ةثارت سياسأ

فجهز جيشا بقيادة مكني الدولة احلسن بن ملهم، وما لبث هذا القائد، أن نـزل ة محلة حبريةمرباطورإلرسلت اأف. ةنطاكيإ، مث جتول يف أعمال ةفاميإبالقرب من

ان ذلك مما محل هـ، وك٤٤٧سر هو وكثري من جنده سنة أوقعت به اهلزمية، وأ ة لتسوية بالذهاب إىل القسطنطينيي عبد اهللا القضاعياملستنصر على أن يعهد للقاض

. بوجودهةمرباطورإلاخلالف بني الدولتني، فلم حتفل افاستغل طغرل بك ذلك وعمل على التقرب من البيزنطيني والتحالف معهم،

ةمرباطورإل منه إىل اةدي وة حامال رسالةفأرسل من العراق رسوال إىل القسطنطينيذنت له بذلك، أ، فة رسوله يف جامع القسطنطينييتيودورا، ملتمسا فيها أن يصل

.ي القائم بأمر الله العباسة للخليفة وأقام اخلطبة اجلمعة فيه صالىفدخله وصل

أصل السالجقة ٥٦

ةساءإلزاءه واإ ة تيودورا العدائيةمرباطورإل اةوملا وقف املستنصر على سياس .رسلت إليهأ ونفائسها فة القيامةاليت حلقت بسفريه بعث بطلب كنوز كنيس

.وازداد بذلك التوتر يف العالقات بني الفاطميني والبيزنطينيل الفاطميني يف واستمر العداء مستمرا بني الدولتني حىت حل اجلماليون حم

.حكم مصر فظل على استمراره إىل أن وجه الصليبيون محالم إىل بالد الشام - الوعد ييرفض اخلليفة الفاطم: ةهنا يكمن الفارق بني الفاطميني والسالجق

جناد البيزنطيني على السالجقة الذين جاهره ملكهم طغرل بك إب -جمرد الوعد كما تقدم - إليه الدخول يف طاعته ن بغداد طالبارساله إليه رسالته مإبالعداء، ب

ويضطر للدخول يف ة يرفض املستنصر ذلك مع ما فيه بالده من خطر ااع-ذكره حرب مع البيزنطيني، فيسارع ملك السالجقة طغرل بك عارضا خدماته على

...البيزنطيني، فيتناصر السالجقة والبيزنطيون على الفاطميني بني يب عن اخلالف املذهي يتبني أن كل ما ذكره التدمرومن هذه احلقائق

األتراك والعباسيني السنة يف ةمساعيليني الشيعة يف مصر، والسالجقإلالفاطميني ا إىل القتال وأن بالد الشام ىالعراق، وتشبيهه له باخلالف بني الكنائس، وقوله أنه أد

بني السالجقة واملذهيبوالسياسي للصراع العسكري كانت بذلك مسرحا القوى عندما راحت جيوش الصليبيني جتوس خالل ةوالفاطميني، مما جعلها منهوك

يتبني من احلقائق اليت ذكرناها أن -قوالألمثال هذه اأإىل غري ذلك من -. ديارهم !.باطيل أباطيل يفأ إمنا هو ويش يف ويش ويكل ما ذكره التدمر

والبيزنطيني، تعاون فيه السالجقة مع بني الفاطميني فالصراع كان قائما .البيزنطيني

على مصر، وأى اجلمايلويف خالل ذلك انتهى أمر املستنصر، وسيطر بدر . مجالياصبح الصراع سلجوقياأ، واجلمايل، وحل حمله احلكم الفاطمياحلكم

وكان البادئون بالصراع هم السالجقة، مستغلني تعاطف البيزنطيني معهم، مراء أ وهو من ياخلوارزم) وقأتسز بن أ(قصد هـ ٤٦٣ سنة يم هلم، ففييدهأوت

٥٧ التمهيد

، ة قصد الشام فجمع األتراك وسار إىل فلسطني ففتح الرمل-ملك شاه السلجوقي واخر عهد املستنصر، وبدء ايار أوسار منها إىل القدس، وحاصرها، وكان ذلك يف

.جاورها عدا عسقالن فاستطاع االستيالء على القدس وما ةالدولة الفاطميه السالجقة منصرفني عن قتال البيزنطيني إىل أه الصدام الذي بدةكان هذا فات

رب قتال املسلمني، ومن التزاحم مع الروم على امتالك البالد، إىل التزاحم مع الع !..شاهرين السيوف عليهم مقتحمني ديارهم، مقاتلني جنودهم

كانت السيطرة هـ٤٦٦ يف سنة أيوبعد ثالث سنوات من هذه الوقائع، حكم قبضته على أ قد يلا، وكان بدر اجلمة قد متت على اخلالفة الفاطميةاجلمالي ة حبتةي مجالة سلجوقيةصبحت املواجهأوهنا . قصى املستنصر حمجورا عليهأمصر، و

إىل ة ماشيةها السالجقة مع بقايا فاطميأ بدة سلجوقيةبعد أن كانت يف بدئها مواجه فتفقد القدس ة سلجوقيةمام أول هجمأحطم تيناها ال تلبث أن تأ، ولذلك ريالتالش

.وجل فلسطنين الفاطميني استغلوا وجودهم إ :وهنا مل يكن للصليبيني وجود، ليقال

جقة، بل كان الوجود للبيزنطيني الذين استعان السالجقة م على السالةلالستعان .م على الفاطميني

لقتال املسلمني والعرب، منصرفني عن وظل جهد السالجقة متجها بدر ة بعد ثالث سنوات من سيطرأي، هـ٤٦٩البيزنطيني، حىت كانت السنة

. على مصريلااجلمليها قائدهم إ فاجته هذه السنة صمم السالجقة على غزو مصر نفسهايفف

. فهزمه ورده عن مصريلافتصدى له صاحب أمر مصر بدر اجلم) تسزأ(إىل وصول الصليبيني ليحشر امسهم يف .. فما دخل الفاطميني هنا وبعد هنا

عليهم عند وصول الصليبيني إىل حدود بالد ي، مث ليفتريلااجلم يالصراع السلجوقخذ، وإذا كان من م، فيجب أن يوجه ذلك إىل أإذا كان من م! الشام؟

...يديهم عن كل تصرفأ ةاملتصارعني، ال إىل املقصيني، احملجور، عليهم املغلول

أصل السالجقة ٥٨

كان قائد هـ٤٧٠ سنة ي يف حدته ففيلا اجلمي الصراع السلجوقيوميضفيها بامللك ي ممثل احلكم السلجوق) تسزأ( حياصر دمشق فاستنجد يلاجيش بدر اجلم

قبل تتش لنجدته يف مجع كثري من التركمان، ومل أ تتش بن ألب أرسالن، فيالسلجوقتسز ودخل دمشق ورد جيش بدر أسوار دمشق أن قتل أيلبث عند وصوله إىل

. عنهايلااجلم جبيش بدر اجلمايل كما يوابن األثري يسمى يف كل هذه الوقائع اجليش املصر

.هو واقع احلال وصل بدر اجلمايل يف عساكر مصر إىل الشام، فحصر هـ٤٧٨ويف سنة

،يءفلم يظفر منها بشفضيق عليه وقاتله ) تتش(دمشق وفيها صاحبها السلجوقي ةفاميأ وة هاجم تتش محص وعرقهـ٤٨٥ويف سنة فرحل عنها عائدا إىل مصر

.فملكها، وهاجم طرابلس وفيها جالل امللك بن عمار فلم يظفر ا إىل قتال املسلمني والعرب، ويظل السلجوقي متجهاوهكذا يستمر اجلهد

احنرف -مدها أ مل يطل - فيه ة صغرية، فيما عدا فجو مجاليا- الصراع سلجوقيا . يف طرابلس عماريا- فيها فكان سلجوقيا

كل ذلك جيرى والفاطميون غائبون أو مغيبون مضيق عليهم، ال ميلكون التاريخ جيعلون الصراع سلجوقيايإن مزيف، ومع ذلك ف وال نفعانفسهم ضراأل .. يلجونه لالفتراء على الفاطميني ليجدوا منفذا فاطميا-

ييدأ كان بدر اجلمايل يسري إىل القدس فيستخلصها من هـ٤٨٩ويف سنة يديهم، أوالفاطميون يف معتقالم يكابدون فقدان حريتهم، وكف .. السالجقة

..وزوال سلطام ماليون؟كيف سيطر اجل

بـدا أ أن الشـام مل تكـن يء القار ي، لنر يضاحاإنريد هنا أن نـزيد األمر بني السالجقة والفاطميني مما جعلها واملذهيب ي للصراع العسكري والسياس مسرحا

القوى عندما راحت جيوش الصليبيني جتوس خالل ة منهوك -ي على زعم التدمر -

٥٩ التمهيد

املوضوع هو تزييف للتاريخ، وحتريـف يف هذا يديارهم، وأن كل ما ذكره التدمر .للحقائق

أشهر، حتقق له يف القسـم ةربعأ ستني سنة و يطالت خالفه املستنصر الفاطم ذ خطب بامسه يف بغداد بعـد أن طـرد إسالفه، أحد من ألاألول منها ما مل يتحقق

..ها ذكر واستمر ذلك سنة يف تفاصيل مر- القائم بأمر الله - يمنها اخلليفة العباس باسم ةقيمت اخلطبأ به واخر عهده عند استبداد الناصر احلمداينأكما أنه يف

بدر ة من عهده بدا التضعضع بسيطر، ويف القسم الثاينة يف القاهريالقائم العباس وحلول العهد اجلمايل حمله ياجلمايل، أو مبا ميكن أن تسميه انتهاء العهد الفاطم

.ة وسيطرحكما ة، بكل ما للدول يف تلك العصور من واقعيةلدولة اجلماليفقد قامت فعال ا

ةاحلكم ومظاهره، وصار سجني قصره حمجورا عليه مبا نستطيع أن نطلق عليه بلغ طرده، ة قتله أو اجلربية الدولة اجلديدةلحومل يكن يف مص ةقامإلا: العصر احلاضر اسم

سريا يف يديها الستغالل امسه مبا ميكن أن يستغل أبل كان من مصلحتها االحتفاظ به .به

حتكم يف مصر حتكم امللوك، ومل يبق : ( عن بدر اجلمايلييقول املقريز حدى وعشرين سنة،إ أيامه مبصر ةمور وكانت مدألللمستنصر معه أمر، واستبد با

).وهو أول وزراء السيوف الذين حجروا على اخللفاء مبصر ). عهدهوجعله ويل) األفضل(واستناب ولده : (ويقول املقريزى اجلديد يعالن قيام احلكم امللكإكمل أيكون قد ) للعهدوليا(وبتسميته ابنه

الدولة ( قامت يف مصر هي ة جديدةوتكون دول. املنهارينقاض احلكم الفاطمأعلى حداث ومنها الصدام مع أ عما جرى يف عهدها من ةلوئ، وهي وحدها املس)ةجلماليا

.السالجقة، مث مع الصليبيني

أصل السالجقة ٦٠

، لغياها عملياأما أ يف حني لغاء اخلالفة نظرياإوإذا كان بدر وابنه مل يعلنا حلكمهما شرعيافألما ال يستطيعان ادعاء اخلالفة لنفسيهما، فكانا يريدان غطاء

. هو الغطاء املطلوب يران به تسلطهما، وكان وجود اخلليفة الشكليربيقول . وملا مات املستنصر كان األفضل بن بدر اجلمايل هو الذي اختار خليفته

:ياملقريزبا القاسم أجلس أدر األفضل بن بدر اجلمايل إىل القصر وملا مات املستنصر با(

). باللهيأمحد بن املستنصر يف منصب اخلالفة ولقبه باملستعل .مساعيلإنـزار، وعبد اهللا، و: خوتهأصغر أوهو

وال نفوذ ي مع األفضل أمر وال يومل يكن للمستعل: (يمث يقول املقريز ).ةكلم

، فهو من ومالكااقتلوين: أ يتبع مبديوكما قلت من قبل، فإن الدكتور تدمر : فيقولي ال يبايل أن يقرنه بالتاريخ السلجوقي على التاريخ الفاطميجل أن يفترأ

الصليبيني إىل الشام ءجمي وا يفأن السالجقة والفاطميني على حد سواء قد رإ( كل منهم يف القضاء على خصمه، أو احلد من خطره ونفوذه، أهدافما حيقق

بكامله، ي، واحتالل القسم الساحلةوهكذا تيسر للصليبيني دخول الديار الشامي ).واالستيالء على بيت املقدس

عامل طراف الأ الفاطميني قبل وصول الصليبيني إىل ةلقد انتهت سلط: ونقول . بربع قرن- ال سيما بالد الشام - يسالمإلا

املستنصر وسيطر على الدولة سنة ي اخلليفة الفاطمة سلطىأفإن بدرا اجلمايل يديهم أ يف ةنطاكيإ وسقطت ـه٤٩٠، وكان ابتداء وصول الصليبيني سنة هـ٤٦٦ .ـه٤٩١سنة

ما حيقق ء الصليبيني إىل الشاميذن فلم يكن هناك فاطميون يرون يف جمإبل كان هناك مجاليون . هدافهم يف القضاء على خصمهم أو احلد من خطره ونفوذهأ

٦١ التمهيد

ؤالء فهى تقع على هةوليئوا حكم الفاطميني وحلوا حملهم، فإن كان من مسأ ..اجلماليني

ولون عن تيسري دخول الصليبيني الديار ئولكن هل صحيح أن اجلماليني مس !. بكامله واالستيالء على بيت املقدس؟ي واحتالل القسم الساحلةالشامي

. من القوليتآلذلك ما سنتحدث عنه يف ا ةانساحت اجليوش الصليبي: يف اهلوس فيقوليويوغل الدكتور عمر تدمر

آىحنائها على مسمع ومرأ يف ة التينيةرض الشام، وكونت حبريات صليبيأووطئت بني السالجقة ة احملايدةيمارات العربإلمن السالجقة والفاطميني، وكان على ا

بني ذ كان النـزاع مستمرا إ منهم،ة أو النجدةوالفاطميني أن تنتظر املساعد للصليبيني، وهم يشهدون ة بالنسب، وكان الوقت ذهبيا ومذهبياالدولتني سياسيا

اليت عليها املسلمون من التفكك والتنازع والضعف، فاستطاعوا يف محلة ةاحلال طرحت خالفاا ة يف املنطقةسالميإلولوا على القدس، ولو أن القوى ا أن يستةواحد

ي للذي ملا تعرض الساحل الشامييبمام العدوان الصلأجانبا، ووحدت صفوفها حنو قرنني من اإلسالمي قل ملا لبث الصليبيون يف املشرق العريبألحلقه، أو على ا

م املتخاذل، فإن السالجقة ملوقفهةالزمان، وبقدر ما يتحمل الفاطميون من تبع ).انتهى.(يضا مثل ذلكأيتحملون

ما أنه جاهل بوقائع تاريخ تلك إ: الصفتنيىحدإ يليختر الدكتور عمر تدمرعمى التعصب أما أنه متعصب إميني يف التاريخ، وألشباه اأ جهال يضعه مع ةاحلقب

.. يف ذلك؟ةبصريته فجعله ينطق ذا القول، ما هي احلقيق قد انتهى قبل ربع قرن من وصول الصليبيني إىل يكان احلكم الفاطم: والأ

.، مث إىل بالد الشام كما بينا من قبل اإلسالميطراف العامل أ وال ياألفضل أمر وال مع يمل يكن للمستعل: ( يف خططهييقول املقريز

).ةنفوذ كلم

أصل السالجقة ٦٢

وال ي أمر وال األفضل هذا الذي مل يكن له مع ي الفاطمييف عهد املستعل . تقدم الصليبيون إىل بالد الشام واحتلوا القدسةنفوذ كلم

هو األفضل بن بدر اجلمايل، فلماذا ة ونفوذ الكلميوكان صاحب األمر والنه .فاطميني وخالفتهم؟ إىل الةحداث تلك الفترأتنسب ، وهم غري ة ونفوذ الكلميا جيب أن تنسب إىل أصحاب األمر والنهإ .الفاطميني

إىل ... رض الشامأ ووطئت ةانساحت اجليوش الصليبي: (يأما قول التدمررض الشام أ انساحت ووطئت ةن اجليوش الصليبيإ: ننا نقول لهإف.. آخر كالمه

مثاهلم من غري أ من السالجقة وةان ومسمع وخيآىواحتلت القدس على مر .)الفاطميني :ليك التفاصيلإو

ذنقاإل عن زحف كربوقا السلجوقي أمري املوصل حيدثنا ابن األثري يف تارخيه :ي كما يلةنطاكيإ

ر إىل الشام وأقام مبرج دابق واجتمعت معه عساكر الشام، مجع العساكر وسا(تابك، أفاجتمع معه دقاق بن تتش، وطغتكني . من كان حبلبىتركها وعرا سو

رتق أرسالن تاش صاحب سنجار، وسليمان بن أوجناح الدولة صاحب محص، و عليهم ةفلما مسعت الفرنج عظمت املصيب. وغريهم من األمراء ممن ليس مثلهم

، ةنطاكيإوسار املسلمون فنازلوا . قوات عندهمأل اةافوا ملا هم فيه من الوهن وقلوخغضب األمراء وتكرب عليهم ظنا منه أساء كربوقا السرية فيمن معه من املسلمني وأو

نفسهم الغدر إذا أضمروا له يف أغضبهم ذلك وأأم يقيمون معه على هذه احلال، ف .ة املصدوقسالمه عندإكان قتال، وعزموا على . كلونهأ ما يجيدوا عشر يوما بعد أن ملكوها اثينةنطاكيإوأقام الفرنج ب

. وورق الشجرةقوياء بدوام، والضعفاء بامليتألوتقوت ا

٦٣ التمهيد

فلم مان ليخرجوا من البلدألوا ذلك أرسلوا إىل كربوقا يطلبون منه اأفلما ربردويل، : وكان معهم من امللوك. ال بالسيفإال خترجون : يعطهم ما طلبوا، وقال، وهو املقدم ةنطاكيإ والقمص صاحب الرها وبيمنت صاحب يوصنجيل، وكندفر

، ة وستةمتفرقني من مخس) فرنجإلا(فخرجوا : (إىل أن يقول ابن األثري...) عليهم أن نقف على الباب فنقتل كل من خيرج، يينبغ: فقال املسلمون لكربوقا. و ذلكوحن

مهلوهم حىت يتكامل أ! ال تفعلوا: ن وهم متفرقون سهل، فقالآلفإن أمرهم اخروجهم فنقتلهم، ومل ميكن من معاجلتهم، فقتل قوم من املسلمني مجاعة من

.اخلارجني، فجاء إليهم هو بنفسه، منعهم واهم أحد منهم، ضربوا مصافا ةنطاكيإا تكامل خروج الفرنج، ومل يبق بفلم م ةوال من االستهانأ املسلمون منهزمني، ملا عاملهم به كربوقا ، فويلعظيماعراض عنهم، وثانيا من منعهم من قتل الفرنج، ومتت اهلزمية عليهم، ومل يضرب إلوا

رتق، أن ازم سقمان بن أحد منهم بسيف وال طعن برمح وال رمى بسهم، وآخر مفلما رأي الفرنج ذلك . زم كربوقا معهماوجناح الدولة، ألما كانا يف الكمني، و

وثبت مجاعة من . ذ مل جير قتال ينهزم من مثله، وخافوا أن يتبعوهمإ، ةظنوه مكيد وغنموا ما يف لوفاأ، فقتل الفرنج منهم ة وطلبا للشهادةااهدين وقاتلوا حسب

، فصلحت حاهلم ةسلحألثاث والدواب واألموال واألقوات واألر من ااملعسك ).انتهى)(وعادت إليهم قوم

تاحه تصرف كربوقا أوعندما ينهى ابن األثري كالمه هذا، يشري إىل أن ما خرين، هي اليت رسخت عزم الصليبيني على الزحف إىل القدس آل اة القادةوخيان

: مان واالستسالم، فيقولألال، حىت طلبوا اذخنس واالأبعدما كان قد عراهم من اليمث تابعوا السري بعد ... النعمانةملا فعل الفرنج باملسلمني ما فعلوا ساروا إىل معر

.ذلك إىل القدس

أصل السالجقة ٦٤

جناح ةوليئخرين مسآل يف حتميل كربوقا والقواد اكان ابن األثري واضحا بني ةوليئع اختالف نوع املسالصليبيني يف اختراق بالد الشام والوصول إىل القدس، م

. األمراء والقوادةكربوقا وبني بقي من املوصل حىت بالد الشام ةسالميإللقد استطاع كربوقا أن جييش اجليوش ا

دركه الصليبيون أوهذا ما . وكل من يف طريقه من مشال العراق حىت مشال الشام ة بعد تلك الرحل-ثري كما يقول ابن األ-قوات أل اةالذين كانوا يعانون الوهن وقل

.ةنطاكيإوروبا وصوال إىل أوها من قلب ء اليت بدةالطويل حىت عادوا ةنطاكيإلخنذاهلم ما عانوه يف حصارهم اومما زاد يف وهنهم و

قد حلت م النعدام موارد ة وكانت ااعينال احملاصر. م هم احملاصرونأوكوحني نعلم . من جيشهم هاربنيوا يتسللون أس فيهم، وبدأفدب الي. القوات فيهم

، ةشعال احلرب الصليبيإ إىل ة اهلاربني، الرجل األول يف الدعوةأنه كان يف طليع بطرس - عينأوبطل مجع مجوعها، وحتريض اجلماهري على االنضمام إىل جيوشها،

ة اجلائع الواهن قد تعدى العامبـي وحني نعلم أن الفرار من اجليش الصلي-الناسك )..ستيفن كونت بلوا(مثال أ، ففر ةدإىل القا

مدى كان الصليبيون يائسني منخذلني واهنني أيحني نعلم ذلك ندرك إىل .ةنطاكيإجائعني وهم حياصرون

.ةنطاكيإ لعجز الصليبيون عن دخول ةنطاكيإ خائن كان داخل ةولوال خيانلقد دخلوها على وهنهم وجوعهم، وظلوا على هذا الوهن واجلوع، وهم

، فال مصادر للقوت تقيهم ةسباب الوهن واجلوع كانت ال تزال قائمأ ألن ؛خلهادا .اجلوع وتدفع عنهم الوهن

والصليبيون على تلك احلال، ووصلتهم ةنطاكيإوصلت محلة كربوقا إىل خذت حتاصرهم، لذلك قرروا االستسالم وطلب أ اجليوش اليت ةأخبار عن ضخام

...ريمان كما ينص على ذلك ابن األثألا

٦٥ التمهيد

قد فشلت وأن جيوشها وقوادها قد قرروا ة الصليبية أن احلملوهذا يعينمرهم ومل تعد تقوم هلم أنتهى ااالستسالم، وأن القدس اليت كانت هدفهم قد جنت، و

...ةقائمحال وهنهم إىل قوة، وجوعهم إىل شبع، وماذا أفماذا غري ذلك كله، وماذا

!.جم منتصر؟بدهلم من موقف طالب استسالم إىل مها : فهو يقولةن ابن األثري يفصل لنا ذلك بعبارات مقتضبإ

عظمت عليهم ) ة الكثيفةسالميإلبقدوم اجليوش ا(وملا مسعت الفرنج (.. ).قوات عندهمأل اة وخافوا ملا هم فيه من الوهن وقلةاملصيب

:مث يسترسل ابن األثري قائالغضب األمراء وتكرب عليهم أساء كربوقا السرية فيمن معه من املسلمني وأو(نفسهم أضمروا له يف أغضبهم ذلك وأ منه أم يقيمون معه على هذه احلال، فظنا

).ةسالمه عند املصدوقإالغدر إذا كان قتال، وعزموا على اجليش يف نفس كربوقا التواضع لله ة اجلند وضخامة عن أن تبعث كثرعوضا عن أن حيمد األمراء على استجابتهم ، وعوضا الكربىة هذه القوةه لقيادعلى أن وفق يف تلك احلشود أىلفهم ويلني هلم، عوضا عن ذلك، عاد إىل طبيعته فرألدعوته ويت

مورين له، فازدهاه ذلك فتكرب أولئك األمراء جمرد مأتباع له، ويف أ جمرد ةسالميإلا، بل على حفظتهم وغريت نواياهم ال عليه وحدهأ ةوجترب، وعامل األمراء مبهان . اإلسالمة اإلسالم إىل ناوين خيانةفزين لنصرحاملوقف كله، فانقلبوا من مت

:يمر يلخص، كما ذكر ابن األثري، كما يلألفا .األقواتنعدام ا كان الصليبيون داخل إنطاكية يف منتهى الوهن و- ١ . كلها داخل إنطاكيةةالم بلسان قيادم املوجودس قرروا االست- ٢ .ربوقا استسالمهم وقرر دخول إنطاكية بالسيف رفض ك- ٣

أصل السالجقة ٦٦

املسلمون مقابلتهم، وهم شراذم تسهل أىوا بالتسلل من إنطاكية فرأ بد- ٤ ذلك املسلمون فقتلوا كل من خرج، فرفض كربوقا أ، وبالفعل بدبادم تدرجيياإ

.ذلك وجاء بنفسه مينع املسلمني من هذا .ةء املنضمني إليه وعاملهم مبهان األمراةساء معاملأ كان كربوقا قد - ٥زام من املعركة عند ال حقد هؤالء األمراء عليه وقرروا عدم القتال وا- ٦

. مع العدوةأول مواجهعداء وهم شراذم ألصر كربوقا على منع مجهور املقاتلني معه من تصيد اأ - ٧

.ل دون قتااالزامغضب هذا اجلمهور فقرروا ما قرره األمراء من أمما رفضت ذلك فقررت االستشهاد يسالمإل وجدت مجاعة يف اجليش ا- ٨ . إىل اللهتقربا

تنفريه قلوب األمراء منه، : يف ذلك هوةوليئول ما يطال كربوقا من املسأف . واالستعالء عليهم

هو رفضه استسالم الصليبيني بال -خطر يف األمرألوهو ا- ما يطاله وثاين .قتال

هو رفضه طلب مجهور - عن الثاينة وهو ما ال يقل خطور-وثالث ما يطاله ومقابلتهم وهم شراذم تسهل ة واحدةاملقاتلني عدم السماح للصليبيني بالتجمع كتل

.باداإ ..فلماذا فعل كربوقا ذلك؟

بداأولكننا ال نتردد . فنحن ال ننسبها إليهةيصعب علينا اام كربوقا باخليانء مع يء مهما تعارض هذا الشيب الذات وتغليبهما على كل ش وحةنانيألباامه با .ة العامةاملصلح، جعلته يرفض استسالم الشخصينانيته، وحبه لذاته، وحرصه على جمده أن إ

.مان بال قتال وخروجهم من إنطاكية ورجوعهم إىل بالدهمأالصليبيني ب

٦٧ التمهيد

خوض معهم اعتقد أنه سي- فيهم ةيقن بوهنهم وحلول ااعأ وقد -ألنه . يكون هو بطلها املنتصرة سهلةمعرك

.ة حامسة باالنتصار عليهم يف معركيواستسالمهم بال قتال سريمحه من التباهفرادا أوكذلك القول يف منعه مجهور املسلمني املقاتلني من تصيد الصليبيني

والتفاخر ي، فإن ذلك سيحرمه من اد الشخصةوشراذم، وهزميتهم ذه الطريق .النتصاربا

، عند كربوقا ي، وحب الذات، وطلب اد الشخصةنانيألوهكذا فإن ا ةاء احلروب الصليبيإ األمراء ومجهور املقاتلني قد حالت بني املسلمني وبني ةوخيان

عند إنطاكية، وعرضتهم ملا عرضتهم من فجائع دخول الصليبيني للقدس فاحتني ذالل إ سنة، وما اقتضى ذلك من مئيت لبالد الشاميبواستمرار االحتالل الصلي

.وسفك دماء يتهمونه يءويفتشون عن بر!! هكذا كله يتناساه مزيفو التاريخ ويتجاهلونه

!.وبطل خيونونه ةكادمييون ومحلأم إسف أن يتمسك به يف هذا العصر من يقولون أوهذا ما ن

!. جامعيونوأساتذةدكتوراه االسترسال يف التزييف

: تزييف التاريخ فيقوليكتور عمر تدمرويستطيب الد علـى ة الصـليبي ةخذ على الفاطميني هو عدم اكتراثهم باهلجم ؤما ي ن أول إ

على خصومهم السـالجقة، وقـد م رحبوا ا ألم وجدوا فيها عونا إالشام، بل بعثوا رسلهم إىل زعماء الصليبيني وقادم يف إنطاكية للتعبري عن فرحتهم بسـقوطها

.ة بالسالجقةيديهم مشاتأبني على ة الصليبيةنه مل يكن هناك فاطميون عند اهلجمإ: لقد قلنا ونقول: والأ

.مجاليون، وقد فصلنا ذلك فيما تقدم من الكالم: بالد الشام، بل كان هناك

أصل السالجقة ٦٨

الذين مل يكن هلم (ته على احلق والصدق يف قوله عن الفاطميني أأما جر على الشام، ألم وجدوا فيها عونا ة الصليبيةجمبأم رحبوا باهل) يومذاك وجود

على خصومهم السالجقة، وقد بعثوا رسلهم إىل زعماء الصليبيني وقادم يف إنطاكية على احلق والصدق، أة أما هذه اجلر- ة بالسالجقةللتعبري عن فرحتهم بسقوطها مشات

. هلا مثياليعمألننا ال نعرف يف تاريخ التعصب اإف أي؟ ويف ة الصليبيةب وجدت أن الفاطميني مل يكترثوا باهلجم كتاأييف كتاب طالعت أن رسلهم إىل زعماء الصليبيني أيت أم رحبوا ا؟ يف أكتاب قر

!.؟ة بالسالجقةيف إنطاكية عربوا عن فرحتهم بسقوطها مشات ةنعيد ونكرر وسنظل نعيد ونكرر أن الفاطميني مل يكن هلم وجود عند اهلجم

، بل كانوا حمجورا عليهم، وكانوا سجناء دورهم، وأن الذين حلوا حملهم ةيالصليب ..اجلماليون: هم

لن جنيب حنن على .. ؟يولكن هل فعل اجلماليون هذا الذي يفتريه عمر تدمر يالنفوذ الفاطم: (ال، بل نترك للدكتور حممد مجال الدين سرور يف كتابهؤهذا الس

رسلهم أ الرسل الذين ة مهمةليه، وليبني حقيقليجيب ع) يف بالد الشام والعراق :األفضل اجلمايل إىل إنطاكية

: من كتابه٦٧ ةيقول الدكتور سرور يف الصفحيني على إنطاكية هجوم الصليبأ يف مصر نبالفاطمية ةملا وصل إىل احلكوم(

نفذ الوزير األفضل بن بدر أت أن تبذل جهدها ملنع زحفهم على بيت املقدس، فأر إىل الصليبيني للتفاوض يف عقد اتفاق معهم ةسفار) م١٠٩٨ (ـه٤٩٢اجلمايل سنة

وأن تستقل مصر ببيت املقدس على أن يسمح للصليبيني ةنطاكيإيتضمن أن يتفردوا ب على أن ةداء شعائرهم الدينيأ يف ة بفلسطني وتكون هلم احلرية األماكن املقدسةبزيار

ومن هذا يتبني . )قامتهم ا عن شهر واحد وأن ال يدخلوها بسيوفهمإ ةال تزيد مد ةزام قوى كربوقا خبيانا سقوط إنطاكية وىأن األفضل بن بدر اجلمايل ملا رأ

ةسالميإيقن أنه مل يبق يف طريق الصليبيني قوى أ يسالف الدكتور عمر تدمرأ

٦٩ التمهيد

تستطيع التغلب عليهم واحلول بينهم وبني الوصول إىل القدس، فحاول أن يقنعهم ن فرادا غري مسلحني وأأ القدس ة زيارةبالوقوف عند إنطاكية على أن تكون هلم حري

.قصاها شهرأ ةيغادرها من يزورها منهم يف مدجل القدس أقصى ما كان يستطيع أن يفعله األفضل من أحسب أن هذا أو !.ين هو موضع التجريح ذا الرجل؟أيومذاك، ف

ة هلذه السفار، فنحن مل جند ذكراةهذا إذا صح أن األفضل أرسل سفار !.. مصدر عريبأي يف ةاملزعوم

ة األفضل السلميةنه ملا فشلت حماولإ: نقولةالسفارومع افتراض وجود .يقاف الصليبيني عند إنطاكية استعد حلرمإل

استعد . م مل نسلمأ ة سلمنا بوجود السفار سواءفاالستعداد حلرم كان واقعامام حشودهم، فقام واليه أاألفضل حلرب الصليبيني مع علمه بقوم وضعف قوته

بار اليت يف طريقهم وطم القنوات لئال يستفيدوا من مائها، آلعلى القدس بتسميم ا .سواق القدس إىل مجاعة من العرب والسودانأ ةوعهد حبراس

فيما يقول عن ) ةاحلروب الصليبي( يف كتابه يويقول الدكتور حسن حبشدرك الصليبيون أم واجهوا أو: (جيش األفضل بن بدر اجلمايل املدافع عن القدس

نتهاكا ا وةما يرى أن يف ضياع بيت املقدس ضياعا هليبته السياسي خصةهذه املر ).ةحلرماته الديني الذين مل يروا يسالف الدكتور عمر التدمرأكان ذلك على عكس : ونقول

حرجا يف أن خيونوا اإلسالم واملسلمني حني احنازوا عن طريق الصليبيني عند !.إنطاكية، ففتحوا هلم باب الوصول إىل القدس

شرع : ( عن القدس قائال الدفاع البطويلي يصف الدكتور حسن حبشمثووجدوا من ) ـه٤٩٢ (١٠٩٩ يوليو ١٣ األربعاءالصليبيون يف اهلجوم مساء

براج أل دفاعا قويا رغم ما استعدوا به من آالت احلصار واةسالميإلاحلاميات ا ).ةغريقيإل املدينة ترميهم بالنار اةخذت حاميأ، وةاملتحرك

أصل السالجقة ٧٠

١٥يو إىل ن يو٧سابيع من أتمرت املعارك على هذا املنوال العنيف سبعة واسدفاع جيش األفضل بن بدر اجلمايل عن القدس، : ين هذا الدفاعأم ف١٠٩٩يوليو . اجلوزو عند إنطاكيةيسالف حممد علأ ويسالف عمر تدمرأ ةمن خيان

وبعد سقوط القدس واصل األفضل قتال الصليبيني، وقاد محلة السترداد القدس خبارها أوصل ا إىل عسقالن، فلما بلغت ) م١٠٩٩آب (هـ ٤٩٢يف رمضان سنة

يف القدس أرسل على عجل رسوال إىل تنكريد الذي كان يف نابلس يإىل جودفر ة يف دفع اخلطر الداهم، كما استدعى بقيةت اليت معه للمشاركيستدعيه هو والقوا

األمراء الذين سامهوا يف بيت املقدس يطلب إليهم االنضمام إليه للدفاع عن القرب ، ومل يتخلف منهم أحد على الرغم مما كان قائما بينهم من خالف ةاملقدس هذه املر

قصى ما تستطيع أفتحشدت ب ةوهكذا وحد اخلطر بني مجيع القوى الصليبي. يومذاك . استرداد القدس يف تفاصيل ليس هنا مكان اخلوض فيهاةمن حتشد، ففشلت معرك

ربع وتسعني خرج عسكر مصر لقتال أويف سنة : ( يف خططهييقول املقريزسري األفضل ولده شرف : ويقول ابن األثري). الفرنج وكانت بينهما حروب كثرية

. منهمةخذ الرملأ إىل الفرنج فقهرهم وةاملعايل يف السنة احلاليبن أمري اجليوش من عسقالن، وكوتب األفضل : ( يف خططهيويقول املقريز

من مال، وسالح، وخيل، باجتماع الفرنج فاهتم للتوجه إليهم، فلم يبق ممكنا اخلليفة يبا حممد جعفر بن أمري اجليوش بني يدأورجال، واستناب أخاه املظفر

مكانه، وقصد استنقاذ الساحل من يد الفرنج، فوصل إىل عسقالن، وزحف عليها ).بذلك العسكر . مل تنجحة احلملولكن

حيبوذكر جتهيز العساكر يف الرب عند ورود كتب صا: يضاأ يوقال املقريزدمشق وحلب يف سنة سبع عشرة ومخس مئة ما حيث على غزو الفرنج ومسريها مع

حكام الله، وتوجه إىل اجلامع باملقس، وجلس أمر بآلوركب اخلليفة احسام امللك،

٧١ التمهيد

ساطيل ألحندرت اا، وخلع عليه، وينسطول الثاألعاله، واستدعى مقدم اأ يف ةباملنظر .ةسلحألالت واآل بالرجال والعدد واةمشحون

: يف حوادث سنة تسع ومخس مئةيمون البطائحأقال ابن امل: يوقال املقريز خترب بأن بغدوين ملك الفرنج وصل إىل أعمال ة الشرقيايلووصلت النجابون من و

ة بأن يسري املركزية الشرقييلارما، فسري األفضل بن أمري اجليوش للوقت إىل وفال بنفسه بعد أن يتقدم إىل يلا، وأن يسري الوةجل من املعطوفيواملقطعني ا، ويسري الرا

سرهم بأن يكونوا يف الطوالع، ويطاردوا الفرنج، ويشارفوهم يف الليل قبل أالعربان بصحاب ألخراج اخليام، وجتهيز اإوصول العساكر إليهم، فاعتمد ذلك، مث أمر ب

ا الفرنج، وعلم بغدوين فلما تواصلت العساكر وتقدمها العربان، وطاردو. يواحلواش ال متكنه، أمر أصحابه ةقامإل إليه، وحتقق أن اةملك الفرنج أن العساكر متواصل

حرق جامعها ومساجدها ومجيع أحراق وهدم املساجد، فإلبالنهب والتخريب وام شنوا إ فةسالميإلوأما العساكر ا: إىل أن يقول... البلد، وعزم على الرحيل: مث يقول... دو وعادوا بعد أن خيموا على ظاهر عسقالنالغارات على بالد الع

...سروا وقتلواأوتواصلت الغارات على بالد العدو ووظلت غارات األفضل على شكل عصابات تغري على الصليبيني، ووصل

، وإىل )م١١١٣(هـ٥٠٧ ةوسن) م١١١٠(٥٠٤سوار بيت املقدس سنة أبعضها إىل .)م١١١٥(هـ٥٠٩يافا سنة

ن، بل ظل وء، أو مل يترك الصليبيني يهدأوهذا يدل على أن األفضل مل يهد .ييغري عليهم ويقاتلهم، فكانت بينه وبينهم حروب كثرية، على حد تعبري املقريز

قوى مما استطاع أكثف وأوروبا هي أ من ة املتدفقةوإذا كانت القوى الصليبيفضل أل من اخلارج، وليس لا دائمادادتم ااألفضل حشده، وإذا كان لقوى الصليبيني

. الواسع، فذلك ليس ذنب األفضل بن بدر اجلمايلاإلسالميمداد من العامل إ أيوبالرغم من أن من جاءوا بعد الفاطميني واجلماليني طمسوا كل ما يستطيعون

لينا إمكن أن يصل أثر تلك العهود، وما قيل فيها من الشعر والنثر فقد آسه من مطم

أصل السالجقة ٧٢

فمن . ثر األفضل بن بدر اجلمايل يف جهاده للصليبينيآبعض ما خلده الشعراء من م اإلسالميةىب الصلت، يشري فيها إىل انصراف البالد أ بن ةميأ للشاعر ةذلك قصيد. على األفضل وجيشهةواقتصار املواجه، بـي اخلطر الصلية، عن مواجهاألخرى

:وفيها يقول خماطبا األفضل حداث والغريأل تفل به اسيفا ةسياف مغمدألجردت للدين وا

: القدسةمث يشري إىل فشل محلة استعاد قد يكهم السيف وهو الصارم الذكر فال عجب ن هم نكصوا يوماإو د الله ينتظرــح ووعاـعقىب النج ةيام ضامنألمد واـود أحـالع

قوال زمالئه املتقدمني عليه يف الزمن، واملساوين أ يمث يتبىن الدكتور عمر تدمر يحممد كردعل: مثالأ، ة العمياء والتوغل يف الباطل واالفتراء على احلقيقةله يف العصبي

: اللوم يف نفسه حيث يقولة جذوءال اتقاإالذي ينقل قوله غري املستند إىل سند أن الفاطميني ظلوا مكتويف األيدي، وهم يرون ةا يثري االستغراب والدهشومم(ن أطفاهلا، ودم مساجدها، وكأها وؤدمر، ويقتل رجاهلا ونسا تةسالميإلاملدن ا

األمر ال يعنيهم طاملا أم يعتقدون أن املتضرر األول هم السالجقة، وأم بعدم ).ل إىل مصر للصليبيني، يصرفون نظرهم عن الدخويالتصد

اليت يسالفكم السالجقة هأ ةأن خيان: ي، ولعمر تدمريونقول حملمد كردعلطفاهلا أ ويقتلوا رجاهلا ونساءها وةسالميإل يدمروا املدن ايفتحت الباب للصليبيني لك

.ويهدموا مساجدهاأما الفاطميون فلم يكن هلم وجود، واجلماليون الذين خلفوهم مل يقفوا

ينا فيما تقدم من القول ما أ، وقد رةوقد عناهم األمر كل العنايمكتويف األيدي، ...فعلوه يف قتال الصليبيني

: لشتائمه بقولهيمثال ابن كثري الذي قدم التدمرأو ةرخون اخللفاء الفاطميني، ودولتهم على مواقفهم املتخاذلؤولقد هاجم امل

: ...فكتب ابن كثري كالما مقذعا قال فيه

٧٣ التمهيد

غىن اخللفاء، أكثرهم ماال، وكانوا من أغىن اخللفاء، وأيون وقد كان الفاطم، ظهرت يف دولتهم ةخبثهم سريرأ، وةظلمهم، وأجنس امللوك سريأجربهم، وأو

. البدع، واملنكرات، وكثر أهل الفساد، وقل عندهم الصاحلون من العلماء والعبادج على سواحل ، وتغلب الفرنة، واحلشيشية، والدرزيةرض الشام النصرانيأوكثر ب

، ةخذوا القدس، ونابلس، وعجلون، والغور، وبالد غزأ حىت االشام بكماهل، وبانياس، وصور، وعكا، وصيدا، وبريوت، ةوعسقالن، وكرك، والشوبك، وطربي

ياس وسبس، أىل ذلك إىل بالد ا، ومجيع ما وةنطاكيإوصفد، وطرابلس، ووقتلوا من . د شىت غري ذلكس العني، وبالأواستحوذوا على بالد آمد، والرها، ور

املسلمني من النساء والولدان يال الله، وسبوا ذرارإمما ال حيصيها أاملسلمني خلقا و .مما ال حيد وال يوصف

األخريهذا الكالم ينقله، ويتبناه، وحياضر به على املنابر، رجل يعيش يف العقد .ة دكتوراه ويدرس يف اجلامعةمن القرن العشرين، وحيمل شهاد أن خيجل من جمرد وجود هذا الكالم يف كتاب يلقد كان على عمر تدمر

. فعال رجل علم وفكر وحتقيقي، لو كان عمر تدمرعريبلقد استوىل الفرنج على ما ذكره ابن كثري من بالد وفعلوا فيها ما عدده من

، هم ينا فيما تقدم أن الذين فتحوا للفرنج باب الشام على مصراعيهأ، وقد راألفعال . اجلوزوي، وحممد علي، وعمر تدمريسالف ابن كثري، وحممد كردعلأ

نكم مل تنكروا عليهم ألليكم، إسالفكم، وميتد العار أفالعار يف ذلك على خيانتهم، أما الفاطميون فسنظل نكرر ونكرر ونكرر أم مل يكونوا موجودين، وأن

...لصليبيني ال سيما عن القدس لذود ااألبطالاجلماليني الذين خلفوهم دافعوا دفاع وابن كثري هذا الذي يفيض قلمه بتلك البذاءات عن الفاطميني هو نفسه الذي

عشر من ي من الد احلاد٢٨٤ ة الصفحيفولئك الفاطميني أيقول عن واحد من :ة والنهايةالبداي: كتابه

أصل السالجقة ٧٤

وكان ،ة عرام، وله سياسة حزم، وشدة، وقوةكان املعز قبحه الله فيه شهام .يظهر أنه يعدل، وينصر احلق

نطق الله ا ابن كثري أ ا الفاطميون واليت ي الصفات اليت كان يتحليهذه ه . احلقة، والعدل، ونصرة العرام، والسياسة احلزم، وشدة، وقوةالشهام: عنهرغما

حه قب: ومع ذلك فابن كثري ال يتورع عن أن يقول عن صاحب هذه الصفات ذه الصفات مبا وصفهم به، ي يصف قومه الذين ال يقلون عنه يف التحلالله، وأن

.وأن يشتمهم مبا شتمهمال مبا ذكره ابن كثري نفسه، ومبا إجماد الفاطميني أحنن ال نريد أن نتحدث عن

وقائعهم وهو يتحدث ىحدإرغمه الله على تدوينه يف كتابه نفسه فهو يقول عن أ :هـ٣٥١حداث سنة أعن

ا بعد حصن طربمني من بالد املغرب، فتحه قسريا فتح املعز الفاطموفيهقريطش فاستنجد أهلها املعز أ ةوقصد الفرنج جزير. سبعة أشهر ونصفةحماصر

.فأرسل إليهم جيشا فانتصروا على الفرنجأن يستحوذوا على ) الروم(وكان من عزمهم : هـ٣٥٣حداث سنة أوقال يف

، وذلك أنه ةببالد صقلي ااز ةوفيها كانت وقع: مث يقول... كلهاةسالميإلالبالد ا إىل ةقبل من الروم خلق كثري، ومن الفرنج ما يقارب مئة ألف، فبعث أهل صقليأ

سطول، وكانت بني أل كثرية يف ايوشا يستنجدونه، فبعث إليهم جياملعز الفاطم، صرب فيها الفريقان من أول النهار إىل العصر، مث ة عظيمةاملسلمني واملشركني وقع

، فقتل املسلمون منهم خلقاة قبيحةزموا هزمياقتل أمري الروم منويل، وفرت الروم، وباقون يف من املاء عميق، فغرق أكثرهم، وركب ال، وسقط الفرنج يف وادكثريا

خر، فقتلوا أكثرهم أ يف آثارهم مراكب ةاملراكب، فبعث األمري أمحد صاحب صقلي، ةمتعألنات، واا من األموال، واحليو كثرياةيضا، وغنموا يف هذه الغزوأيف البحر

.ةسلحألوا

٧٥ التمهيد

، ويعترف ةسالميإلهو يعترف أنه كان من عزم الروم االستحواذ على البالد اكما . ةسالميإلحبطت عزمهم وردم عن البالد اأهي اليت أن جيوش الفاطميني

قريطش من الغزو أ ة جزيريجند مسلمأاعترف من قبل أن جيش الفاطميني هو الذي . فانتصر املسلمون على غازيهم من الفرنجيالفرجن

ةستاذ اجلامعأ اليوم يتأيعترف بذلك، مث يصف الفاطميني مبا وصفهم به، ويقواله ويرددها أ فيستشهد بيعمر تدمر: ه حامل الدكتوراةجلامعستاذ اأ، يكادميألا

.على املنابرحداث سنة أنه وهو يذكر إ: قواله، نقولأ بابن كثري ومتبينةولتزداد معرف

حدى املعارك إ يف ، يذكر انتصار البيزنطيني على سيف الدولة احلمداينهـ٣٥١مثال أرم أن الله ال ينصر ن سيف الدولة فيه تشيع، ال جإ: ودخوهلم حلب، فيقول

!..هؤالء عليه ال يبايل أن يشمت بانتصار ة اإلسالم، والغريين ابن كثري الذي يدعإ

.ةالبيزنطيني على احلمدانيني ما دام احلمدانيون شيعحداث ألن يتمم ألذ تضطره اإولكن الله خيزى ابن كثري بقلم ابن كثري نفسه،

بعث مواله جنا، فدخل بالد الروم، فقتل منها : ةكالمه السابق قائال عن سيف الدول، وبعث صاحبه مع جيش طرطوس فدخلوا بالد الروم غفريا مجعاىب، وس كثرياخلقا

.فغنموا وسبوا، ورجعوا ساملنيقواله أ يولتعرف من هو ابن كثري، هذا الذي يتبىن الدكتور عمر تدمر

):ة والنهايةالبداي: ( يف تارخيه مما سجلهوخيطب ا على املنابر نذكر لك شيئا ة يقول عنه يف الصفحاأليويبشرف بن العادل أل اةفهو عندما يتحدث عن وفا

مث يقول . ا أنه كان سكريأي الشراب نه كان يعاينإ: من الد الثالث عشر١٤٧ :ة التاليةعنه يف الصفح

أصل السالجقة ٧٦

رآه بعض الناس وعليه ثياب خضر وهو يطري مع مجاعة منوملا توىفذاك البدن الذي : الشراب يف الدنيا؟ فقالما هذا وقد كنت تعاين: الصاحلني، فقال

. معهميكنا نفعل به ذاك عندكم، وهذه الروح اليت كنا حنب ا هؤالء فه، قال -رمحه الله-ولقد صدق : مث يعقب ابن كثري على هذا القول بقوله

س بارتكاب أال ب: ابن كثريوهكذا فعلى رأي. حبأاملرء مع من ): ( رسول الله ة ومنها شرب اخلمر، ما دام مرتكبها حيب بعض الصاحلني على أن الطامياملعاص

ةباحإ عن االختالف يف : عشر من الد الثاين١٢٩ ةالكربى هي ما ذكره يف الصفح أيب بن الوليد وي عليبأ بني ةباحإل وعدم اةباحإل، وما قيل يف اةالولدان يف اجلن

ةباحأدبارهم، فمال هذا إىل أء الولدان يف وطةهل اجلنأل، وأنه يباح قزويينيوسف الن هذا ال يكون، ال يف الدنيا إ: وقال أبو يوسف. هناكةمون املفسدأذلك، ألنه م

دبار، وهذا العضو وهو الدبر إمنا خلق يف أ ومن لك أن يكون هلم ة،خرآلوال يف امنا إ من ذلك، وءي شة عنهم، وليس يف اجلناألذى العباد إليه ألنه خمرج ةالدنيا حلاج

مر فال حيتاجون إىل أن يكون كلهم عرق يفيض من جلودهم، فإذا هم ضأفضالت هذا هو املؤرخ الذي يستشهد !! ة صوره بالكليةلأدبار، وال يكون هلذه املسأهلم يني وغري نه ليشرف الفاطمإو!.. وخيطب ا على املنابريقواله الدكتور عمر تدمرأب

!..دبار الولدانأالفاطميني أن يشتمهم من تشغله يف تارخيه ..فكارهأ أن يكون هذا مقتداه ومصدر يوال يشرف الدكتور عمر تدمر

يوبيني أل اة، عندما مير خبيانى على الفاطميني ما افترىوابن كثري هذا الذي افترا مر ميرث عن تنازل العادل عن ا ال يلفت النظر، فهو مثال عندما يتحدا سريع

:البالد للصليبيني يقولمساعيل إيوبيني، الصاحل أل وعندما يذكر حتالف ا،ا من البالدطلق هلم شيئأو

عندما -ب محص صاحب دمشق، والناصر داود صاحب الكرك، واملنصور صاحخر الصاحل آل ايويبأليوبيني مع الصليبيني على قتال قريبهم األيذكر حتالف هؤالء ا

وعندما يذكر انضمام . نكارإ أي اهتمام وأييوب صاحب مصر، يذكر ذلك بدون أ

٧٧ التمهيد

نضمام ا إىل هوالكو، وي الدين بن الزكي الدولة وحمياضيني صدر الدين بن سينالق عني ة وقتاله معهم يف معركيضاأ إىل املغول يويبألامللك السعيد بن العزيز بن العادل ا

هلوالكو، يبيوأل بكر بن الكامل ايبأ امللك املغيث عمر بن العادل ةكاتب، ومجالوت البالد، ةخرى، وجواب املغول له بالثبات، ونيابأ ةوحثه على القدوم إىل الشام مر

فيه ى عندما يذكر ابن كثري ذلك ال ير- ةوأم قادمون عليه لفتح الديار املصري !.. تقريعة يستحقون حىت كلمة، وال يرى أن هؤالء اخلونشيئا

يوالدكتور عمر تدمر! الشرفاء املخلصنياألبرياء على يمث ال يبايل أن يفترليها إر مثاهلا كتاب ابن كثري، فلم يشأ اململوء ا وبةمل ترعه هذه اخليانات الصرحي

! باطيل والبذاءات والشتائمأل يف كل ما كتب ودون، بل متسك باالفتراءات وايءبش إىل نظري البن كثري، هو ابن أذيال ابن كثري، بل جلأ بالتمسك بي التدمريوال يكتف

وهو يوافق هواه -الفرات، فنقل عنه ما كان عليه أن خيجل من قراءته، ولكنه حني نقل عنه هذا القول الذي يرات إىل دركات اخلز احندر مع ابن الف-وعصبيته

ة باخلليفة فيها الكثري من السخريةوها هو ابن الفرات يورد رواي: مهد له بقوله :وهو يتحدث عن سقوط مدينة طرابلس يقول فيها) مر باللهآلا( املراهق يالفاطم

فيها أن السبب يف أخذ طرابلس أنه ملا ضايقها الفرنج كتب من يوحك... ، وأقاموا ينتظرون ورود اجلواب ةه املريولأ يستنجدون خليفتها ويسةإىل الديار املصري

، فطلع ةقبل، فما شكوا أن فيه جندأ، فبينما هم يف ذلك إذا مبركب قد ةباملدد واملري الصورة، وأا تصلح ة حسنةقد بلغ اخلليفة أن بطرابلس جاري: منه رسول وقال

إليه من حطب املشمش ما يصنع منه عيدان هلا إليه، وأرسلوارساإ، وقد أمر بةللخدم .يسوا من نصره وضعفت قواهمأ فعند ذلك للمالهي

، إىل هذا املستوى احنط من يعترب نفسه يإىل هذا املستوى احنط عمر تدمر !.رخ اإلسالم يف بالد الشام يف هذا العصرؤم

!..ا يواجه به مجاهري الناسر ا شعاة السفاهات، واملنادالقد احنط إىل حد تبين

أصل السالجقة ٧٨

بطاهلا الشيعة أا صمدت بأن طرابلس بلدك، وأنت تعرف إ، ييا عمر تدمر حصارهم ة عمار عشر سنني يف وجه الصليبيني تقاتلهم، وتذودهم، وتتحمل مراربين .هلا

تقاتل الصليبيني، ىخرأل اي ألن مصر كانت ه؛ا مل تستنجد مبصرإو ي عن جند اليت ال تستطيع أن تستغينة اإلسالم بقواها احملدودىوتدفعهم عن مح

..واحد منهم ة العيش املتنعمني بغضارةسالفك يف بغداد الراتعني يف دعألقد استنجدت ب

!..ةاحليا !..ة مصريها وحيديوتركوها تالق! ردوه خائبالقد استنجد وفدها م ف

نك ستتبىن أبدا أ يولكن مل يدر خبلد.. يءلقد كنت انتظر منك كل ش !..نعدام احلياءا وة بالبذاءةكاذيب املصوغألا

بني السالجقة والصليبينيهـ كان الصليبيون حيتلون إنطاكية ويتوغلون منها يف بالد الشام ٤٩١سنة

.قاصدين القدسنه مبجرد أن إ) سيانيباغ (يل ابن األثري عن حاكم إنطاكية السلجوقويقو

مسع صوت بوق الفرنج يضرب عند السحر، وكان مع البوق عدد من الصليبيني ال صوت البوق دخله الرعب، ففتح باب ) سيانيباغ( ملا مسع ةيزيد على اخلمسمائنه هرب، إل عنه، فقيل أ على وجهه، فجاء نائبه يف حفظ البلد فسالبلد وخرج هاربا

. هللكواة للفرنج، ولو ثبت ساعةفخرج من باب آخر هاربا، وكان ذلك معون حلب يبوكان الفرنج قد كاتبوا صاح: ويقول ابن األثري بعد ذلك بسطور

بأننا ال نقصد غري البالد اليت كانت بيد الروم، ال نطلب ) لجوقينيالس(ودمشق .، حىت ال يساعدا صاحب إنطاكيةةسواها، مكرا منهم وخديع

ا للصليبيني، فدخلوا منه مفتوحيسالمإلهكذا سلم السالجقة باب العامل ا الباب بسماعه صوت البوق فلم يرم بسهم، يهرب حام! حىت وصلوا إىل القدس

٧٩ التمهيد

ىنفذ فيه سلطانه، واستصفأا دفاعا عن البلد الذي ا، ومل يشرع رحمرد سيفومل جي ال نفسه ففر هارباإ، فلما جد اجلد مل يكن له هم مترفاا ناهيامواله، وعاش فيه آمرأ

ملذابح الصليبيني، بل ترك ةهله وحدهم عرضأء، ومل يترك البلد و ي على شيال يلو .سرأل واسرته للقتل والسيبأحىت

،مل يعنهما أن حيتل الصليبيون إنطاكية) السلجوقيان(وصاحبا حلب ودمشق وىل القبلتني وثالث احلرمني، مل يعنهما ذلك ما دام الصليبيون قد أمث ينطلقوا منها إىل

.نومها بأم لن يتعرضوا هلماأطم فيحتلون اإلسالميويف السنة اليت كان الصليبيون يزحفون فيها على العامل

إنطاكية ويتقدمون إىل بيت املقدس، كان السلجوقيون يف مكان آخر ال يكترثون ، ويقود طغرل بك فريقايخأمنا يتقاتلون فيما بينهم فيقود دولتشاه مع بيغو إذا، و

من احتالل ةويف السنة الثاني. ةالسلطان سنجر فريقا ويدخلون فيما بينهم مبعارك داميكان السالجقة يف شاغل عن هذا االحتالل، وعن مذابح ) هـ٤٩٢سنة (القدس

املسلمني يف القدس، وعن الذل الذي غرق فيه املسلمون كانوا يف شاغل عن ذلك، وواليه )بركيارق(السلطان وكانوا يتحاربون يف مكان آخر، كان القتال دائرا بني

).نكارهاالشو(وحلفائه ) يران شاهإ(، وبني )نرأ(مل يعنه وهو يف بغداد ) يالوزير السلجوق(الله بن نظام امللك يد امللك عبيدؤوم بل عناه اخلالف السلجوقي، فسار من بغداد ال إىل القدس يف القدسيما جير

.جناده واستنقاذهإل) نرأ(جنادها واستنقاذها، بل إىل حيث يقيم إلخر ما جيرى يف القدس على املسلمني، بل عناه أن آلنر هذا مل يعنه هو اأو

ل مساعيليني قد انتشر أمرهم يف أصفهان فندب نفسه لقتاهلم، وحصر قلعة على جبإلا .!أصفهاننر السلجوقي مل ير يف انتشار أمر الصليبيني يف بالد الشام ما حيفزه على أن أ

يف انتشار أمر ىبل رأ. يندب نفسه لقتاهلم، وأن يسرع حلصار قلعة من قالعهم !.مساعيليني ما حيفزه على ذلكإلامواطنيه

أصل السالجقة ٨٠

املستنجدون من يتأ فيها على املسلمني، ويي ما جيريوتسقط القدس وجير . يف ذلك الوقتةالشام إىل بغداد، بغداد السلجوقي

: قصتهم ابن األثري على هذا الشكليويرو يقاض (ي القاضةصحببوورد املستنفرون من الشام يف رمضان إىل بغداد (وجع القلوب أبكى العيون وأ ن كالمااوردوا يف الديوأ، في سعد اهلرويبأ) دمشق

ا، وذكر ما دهم املسلمني بذلك نبكوأ فاستغاثوا وبكوا وةوقاموا باجلامع يوم اجلمع ).انتهى). ( وب األموالواألوالد احلرمي قتل الرجال وسيبالبلد الشريف املعظم من

ة اخلالفة، وسلطة سلطي هة حبتة روحيةسلط: كان يومذاك يف بغداد سلطتان . السالجقةة هي سلطة حاكمةفعلي

ة من الفقهاء أن يسريوا جندةوكل ما استطاع اخلليفة أن يفعله هو أن يقنع ست ال طائل وراءها، فإن هؤالء مل يلبثوا أن ةلنجدم يف الشام، ومع أن هذه ااخوإل

..رجعوا من أول الطريق، ةذنيها عن مساع االستغاثأصمت أ السالجقة فقد ة سلطةأما السلطة الفعلي

.ةوا اخلاصئ إىل شةوجتاهلت وصول املستغيثني منصرفيد ؤ، مةوسها الكبريءس من رأن عن أن يسري ا راهذه السلطة اليت مل تتو

. آخري متنازع مع سلجوقيجناد سلجوقإللك بن نظام امللك املواختلف السالطني : (ويعرب ابن األثري عن املوقف أحسن تعبري حني يقول

ذ مل يكن إ سالطني السالجقة :واملقصود بالسالطني. )فتمكن الفرنج من البالد . بالسالطني غريهمىيومذاك من يدع

فأرسل )بركيارق(حرج السلطان السلجوقي أويبدو أن اخلليفة املستظهر قد فكان من كربوقا ومن . إلنقاذ إنطاكيةتابك املوصل فذهب أبركيارق إىل كربوقا

ةنانيته، وتغلبت على القواد وجنودهم اخليانأمعه من القواد أن حتكمت بكربوقا .- بيانه يتأ كما سي-... ضاعوا إنطاكية، وفتحوا البالد للصليبينيأف

٨١ التمهيد

أما بركيارق فقد كان مشغوال عن الصليبيني باالقتتال مع السالجقة !.اآلخرين

لالستنجاد ي الوفد الشاميء واحتالل القدس، وجميبزحف الصليففي سنة ال وعودته خائبا، يف هذه السنة نفسها كان هـ٤٩١ سنة ة السلجوقيبالسلطة

السالجقة مشغولني بالتزاحم على التسلط على بغداد، فالسلطان حممد بن ملكشاه أخيه من بالده ةينازل أخاه بركيارق على السلطنة ويعلن نفسه سلطانا ويقطع خطب

. أخيه السلطان بركيارق ويسجنها مث تقتل خنقاة خاتون والدةويقبض على زبيدوكان زعماء السالجقة يتعاضدون، ال على التوجه إىل فلسطني لقتال

سعد الدولة كوهرائني فيأيتالصليبيني، بل على التوجه لتوطيد أمر السلطان حممد، ، وسرخاب بن بدر من اجلزيرةمن بغداد، وكربوقا من املوصل، وجكرمش من ، فيوفد )قم(ن حممد يف مدينة كنكور، وغريهم من غريها ويتوجهون إىل السلطا

كوهرائني إىل بغداد ليحمل اخلليفة على أن خيطب فيها للسلطان حممد، فيستجيب !.غياث الدنيا والدين: اخلليفة لذلك، ويلقب السلطان حممد بلقب

ا كان هذا السلطان السلجوقي غياثهما؟ أما دنيا اإلسالم يف ي دنوأيدين أيودا ء الصليبيني، وأما الدين فقد كان موأيدي يف ة فكانت موزعاملقدسةاألرض !.بسيوفهم

عن ذلك، العاكف على يوالسالجقه مع ذلك يسمون سلطام اجلديد الاله !..ا والدينغياث الدني: استغالل سلطته يف املسلمني يسمونه

لقد كان غياث دنياهم فعال، أما الدين فلم يكن له فيهم من غياث، وأما دنيا .ة مضيعأي ةالقدس فقد كانت يف مضيع

يمري عسكره ينال بن أنوشتكني احلسامأومل يسكت بركيارق فجمع مجوعه ولغ وسار ومعه غريه من األمراء إىل واسط، يظلم جنوده الناس وينهبون البالد، حىت ب

!..ليها بيومنيإبغداد، فلما بلغها كان قد خطب له فيها قبل وصوله

أصل السالجقة ٨٢

السلطان ةمجعوا على تعضيد مزامحأوهنا ضعفت عزائم احللفاء الذين كانوا قد األحوالذن كوهرائني يف العود إىل بلده بدعوى أن أما جكرمش فاستأحممد، ف !..ذن لهأاختلت، ف

...أي واحد ال خيتلفونواتفق اآلخرون على أن يصدروا عن ريهم أخذت تقبل على السلطان بركيارق، فقد كان رأوملا كانت الدنيا قد لينا، فما فينا إأخرج : أن كتبوا إىل بركيارق يقولون له: الواحد الذي مل خيتلفوا فيه

!.من يقاتلك !.فسار بركيارق إليهم، فترجلوا وقبلوا األرض وعادوا معه إىل بغداد

فاعيل الصليبيني أوهؤالء األمراء، مل يذكر منهم ذاكر القدس وهذا السلطان !.نقاذهاإفيها، ومل يكن يف خواطرهم التفكري يف

ةال وفيه املقاتلإلقد اجتمعوا من كل مكان، وما من مكان جاءوا منه حكام أمرهم، وجردوا إ لتوطيد سلطام وةشداء، لقد استغلوا هؤالء املقاتلألا

املسلمني ي القدس، وذاحبيفاحت: عداء اإلسالمأ بعض، ال على السيوف بعضهم على .فيه

ليها جمتمعني، ليوطدوا فيها سلطان بركيارق بعد أن إوبغداد هذه اليت عادوا بغداد اليت مل تثرهم .. كانوا قد وطدوا فيها من قبل سلطان عدوه حممد بن ملكشاه

اليت شهدت القادمني من الشام املستغيثني م إلنقاذ القدس، بغداد استغاثةفيها يبكون العيون ويوجعون القلوب بذكر ما دهم املسلمني بذلك البلد الشريف املعظم

.، وب األموالواألوالد احلرمي من قتل الرجال، وسيب، متجافني عن اإلغاثةبغداد اليت شهدت كل ذلك، وشهدم معرضني عن

عرضوا عن أ ومل تتحرك سيوفهم، بل فلم تبك عيوم، ومل تتوجع قلوم،ةاملعون !..الصوت املستغيث

بغداد تشهدهم اليوم متجمهرين فيها حول سلطام القدمي اجلديد بسيوف !.ة، ونفوس مسرورة منشورةلويأ، وةمشهور

٨٣ التمهيد

بالد الشام ي عند االستنجاد به إلنقاذ مسلمىأما بركيارق هذا، الذي اكتف ةمانأل بانتداب من خانوا اىن براثنهم، اكتفمن مذابح الصليبيني، وختليص القدس م

ةس مجوعه الغفريأ على أن يسري على رةسهم كربوقا، ومل حتفزه النخوأوعلى ر .جلهاد الصليبيني

بترديد امسه يف اخلطب أما بركيارق هذا فهو يدخل بغداد اليوم ظافرا، مزهوا مزهوين بترديد على منابرها، غري متذكر أن الصليبيني دخلوا القدس ظافرين،

..قصى وحماريب بيت املقدسألشعارام على منرب املسجد ا عن أن يتوجه جبموعه إليهم، قاد تلك اجلموع لقتال أخيه حممد، وعوضا

خوين ما يف ألخر للقتال، وبدال من أن ميحوا كل من اآل مستعدا هو اهخوأوكان جروا أى الصليبيني الذين خر، وميلئا قلبيهما بالضغائن علآلقلبه من ضغائن على ا

عن ذلك صمما أن يتقاتال ويتركا وىل القبلتني عوضاأسيول الدماء يف رحاب .يسالمإالصليبيني يف القدس آمنني مطمئنني، متحفزين لالنطالق إىل كل مكان

:خوين ذا الوصفألويصف ابن األثري القتال بني اكان مع حممد حنو عشرين ألف مقاتل، وكان حممد يف القلب ومعه األمري (

.ةيد امللك والنظاميؤياز، وعلى ميسرته مآسرمز، وعلى ميمنته أمري آخر، وابنه عز أبو احملاسن، وعلى ميمنتهألوكان السلطان بركيارق يف القلب، ووزيره ا

بن مزيد، وسرخاب بن بدر، وعلى ميسرته كربوقا ةكوهرائني، وعز الدولة بن صدقيد امللك ؤ حممد، وا مة بركيارق على ميسرةفحمل كوهرائني من ميمن. وغريه ةومحلت ميمن. ، فازموا ودخل عسكر بركيارق، يف خيامهم فنهبوهمةوالنظامي

حممد إليه يف القلب ةضافت ميمننا، وة بركيارق فازمت امليسرةحممد على ميسرعلى بركيارق ومن معه، فازم بركيارق، ووقف حممد مكانه، وعاد كوهرائني من

خذ أ فقتله، وتاه خراساينأطلب املنهزمني الذين ازموا بني يديه، وكبا به فرسه ف ). يف مخسني فارسايسه، وتفرقت عساكر بركيارق، وبقأر

أصل السالجقة ٨٤

بغداد للسلطان حممد بةوعادت اخلطبإذا كان بقيادة حممد بن ملكشاه عشرون ألف مقاتل، فال شك أن بقيادة أخيه

ربعون ألف مقاتل كـان أن مل يزد عليه، فهذه إبركيارق ما ال يقل عن هذا العدد على السالجقة أن يسريوا ا لقتال الصليبيني، وصـدهم عـن التمـدد يف الـبالد

مثاهلا، لو استجاشوا الناس واستنفروا أليها إ، وكانوا مستطيعني أن يضيفوا ةسالميإلاولكن قتال الصليبيني . قصى الشام، لقتال الصليبيني أقصى خراسان إىل أالرجال من

منا كان الذي يعنيهم هو االقتتال فيما بينـهم، وسـفك دمـاء إمل يكن يعنيهم، و .ةاملسلمني يف سبيل مطامعهم الشخصي

مث إىل نيسابور، ووجد من حيالفه ) الري(س فاجته إىل أعلى أن بركيارق مل يي . ازم فيها بركيارقة طاحنةيف معرك) سنجر(خر آلعلى قتال أخيه ا

وعاد فاستطاع مجع جيش مكون من مخسني ألف مقاتل، تقابل به مع جيش بركيارق جبيشه ة عشر ألفا، فانتصر هذه املرةأخيه السلطان حممد املكون من مخس

.قل عددا ألخيه اكثر عددا على جيش أألايد امللك بن نظام امللك كان يف ؤالله م وال بد من أن نشري هنا إىل أن عبيد

نه، هاأه وسر يف هذه املعركة، فقتله بركيارق بيده بعد أن سبأصف السلطان حممد، ف أبيه ةذن بركيارق بدفنه، فحمل إىل تربأ أيام إىل أن ة ملقى على األرض عديوبق

.بأصبهان فدفن فيها، بدل أن ميوتوا يف ساحات ةهكذا كان ميوت هؤالء الناس هذه امليتات الذليل

.عداء البالدأعزاء يف قتال أالشرف أن جيمع جيشا ةوهكذا يتبني أن بركيارق الذي استطاع بعد هزائمه املتتابع

ا من مخسني ألف مقاتل، فيقاتل به أخاه يف سبيل امللك، كان يستطيع مجع لفؤم) الري(ومضى بركيارق بعد هذا النصر إىل . ضعاف هذا اجليش ليقاتل به الصليبينيأ

.صاحب املوصل) كربوقا(ليها فيمن وافاه إفوافاه

٨٥ التمهيد

كانت ي إنطاكية، والذ املسلمني يفةول األول عن هزميئن كربوقا هذا املسإ عند إنطاكية لوال ما جناه هو ومن معه من القواد، ي ستنتهةاحلروب الصليبي

ن كربوقا هذا قد عاد، بعد أن إ. ة، واخليانةنانيألمراء، واجلمهور، من جنايات األوانه مل يكن هو ومن أن شيئا مل حيدث، وكأمارته يف املوصل، وكإجىن ما جىن إىل . على املسلمنيةا جرته احلروب الصليبيمعه السبب، فيم

ا فيها مع هذا اجلانب، أو ذاك حداث، مشاركألا يف اوها هو يظهر دائميناه من قبل ينضم إىل جانب السلطان حممد على أخيه بركيارق، وها أاجلانب، وقد ر

.ن ينضم إىل بركيارقآلهو ا، ويعود اإلسالميامل العةنه السبب يف نكباعوأن الذي مل يبال أن يكون هو وإ

ا، هل يبايل بأن يتلون كل يوم ا مزهومريأبعد أن فعل ما فعل عند إنطاكية، يعود !.بلون، وأن ينصر هذا السلطان اليوم، مث يعود فيخذله منضما إىل عدوه؟

ولئك السالجقة الذين يرون أ بركيارق، وغري بركيارق من طينه على خإ، فيشاركون يف التهدمي خبيانام، وأنانيام، الصليبية باأليدي اإلسالميدم العامل

.وسفك دماء املسلمني فيما بينهم، بدل أن تسفك يف جهاد الصليبيني، فمحمد بن ةخالقهم الشخصيأ يف ةحط دركات النذالأعلى أم بلغوا

خاتون فيهينها ويسجنها مث يقتلها ةم أخيه زبيدأ أبيه وةملكشاه يقبض على زوجخويه حممد وسنجر ويبادل ا أ ة أبيه ووالدةوبركيارق يقبض على زوج. خنقا .سرى مع أخيه سنجرألا

اليت ال يبالون معها أن يهتكوا نساء آبائهم ةومن هذه صفام الشخصي !. املسلمني؟ةيطلب منهم أن حيافظوا على شرف اإلسالم وعزأخوم، إو

ةم واحدأل ومها - سنجرخيهأ حممد بعد هزميته إىل جرجان مستنجدا بىمض سنجر من خراسان يف هخوأ فارسا فوافاه ٣٠٠ وكان مل يبق مع حممد سوى -

.عساكره :يقول ابن األثري

أصل السالجقة ٨٦

) عسكر سنجر (سارا من جرجان إىل دامغان فخرا العسكر اخلراساينومضى أهلها هاربني إىل قلعة كردكوه، وخرب العسكر ما قدروا عليه من البالد،

كل الناس بعضهم أ والكالب، وةكل الناس امليتأوعم الغالء بتلك األصقاع حىت وغريهم فكثر مجعهما ةليها انضم إليهما النظاميإوسارا إىل الري، فلما وصال . بعضا

).انتهى(القلوب هيبتهما وعظمت شوكتهما ومتكنت من ، ويف الوقت نفسه كان اإلسالميكان الصليبيون يفتكون بغرب العامل

وليتهم حني مل يهبوا إلنقاذ ذلك الغرب كفوا . السالجقة يفتكون بشرق هذا العامل .شرورهم عن ذاك الشرق

اليت كان فيها الصليبيون خيربون طرابلس وصيدا وصور ويشردون األياميف ، )دامغان(هل غريها من مدن وقرى بالد الشام، كان السالجقة خيربون أأهلها و

بذكر مدينة دامغان ىوخيربون ما قدروا عليه من البالد، وإذا كان ابن األثري قد اكتف ألن ما ؛ على عظم التخريبةخربوا ما قدروا عليه من البالد كاف للدالل: فإن قوله

.قدروا عليه كان كبرياقصى مداها يف القدس، فال شك أن أبيون قد بلغوا باملذابح وإذا كان الصلي

والدليل . املذابح قد بلغت حدا بعيدا يف دامغان وغري دامغان مما سيطر عليه السالجقة .ةعلى ذلك ما ذكره ابن األثري من فرار من سلم إىل القالع املنيع

ةكلوا امليتأقد ةومهما يكن من أمر فلم يبلغنا أن املسلمني يف السيطرة الصليبيولكن ذلك جرى على املسلمني يف السيطرة . كلوا بعضهم بعضاأوالكالب، و .ة الصليبية للسيطرة املزامنةالسلجوقي

واليت جرت يف السيطرة ، اليت حتدثنا عنها فيما تقدم من القولاألحداث .ة هجري٤٩٤ جرت سنة اإلسالمي على شرق العامل ةالسلجوقي

يف سنة : اإلسالمييف السنة نفسها على غرب العامل يفلنر ماذا كان جيرن املسلمان يدخالن بعسكرمها مدينة اخوأل اليت كان امللكان السلجوقيان اهـ٤٩٤

دامغان فيخرباا ويشردان أهلها فيهيمون على وجوههم، مث خيربون كل ما قدروا

٨٧ التمهيد

كل بعضهم أ والكالب وةكل امليتأعلى ختريبه من البالد، مث يضطر املسلمون إىل .بعضا

كان الصليبيون يتقدمون فيحتلون مدينة سروج من هـ)٤٩٤(يف تلك السنة ال إ ويقتلون كثريا من أهلها ويسبون حرميهم وينهبون أمواهلم، ومل يسلم ةبالد اجلزير .، وسروج يف غرب هذا العاملاإلسالميدامغان يف شرق العامل . منهزماىمن مض

.. فاجعيساوأمصري م.. مصري واحد لقياه يف زمن واحدالقوى اليت دخلت دامغان وامتدت منها إىل ما استطاعت االمتداد إليه من

انت هذه القوى مل تكن وظيفتها احتالل دامغان وختريبها وتشريد أهلها، ك.. بالد يب أهلها من القتل والسةوظيفتها الدفاع عن سروج ومحايتها من التخريب ومحاي

.والنهبمل يكن مكان حممد بن ملكشاه ومكان أخيه سنجر يف دامغان، بل كان

.مكاما يف سروج - هـ٤٩٤يف السنة نفسها اليت كان ينطلق فيها ابنا ملكشاه السلجوقي سنة

كان الصليبيون ينطلقون فيبلغون مدينة حيفا ،)الري(ا ينطلقان من دامغان حىت يبلغ ..ةفيملكوا عنو

مان وخيرجون أهلها ألبا) رسوفأ(ويظلون يف انطالقهم فيملكون مدينة بالسيف ويقتلون أهلها وينهبون ما ) ةقيساري(وينطلقون فيملكون مدينة ... منها ...فيها

، محلتان ة غربية ومحلةة شرقي، محلة يف سنة واحداإلسالميمحلتان على العامل !.ختريب املدن وذبح أهلها وسبيهم وبهم: توحدتا يف اهلدف

محلتان توحدتا يف اهلدف، وكان من حق اإلسالم أن تتناقضا، كان من حق ن إ يف الغرب، بل األخرىحدامها يف الشرق وميدان إاإلسالم أن ال يكون ميدان

إىل غرا البعيد ةا يرد الغربيدمتني تصادما دمويتلتقيا معا يف الغرب، أن تلتقيا متصا !..الذي قدمت منه

أصل السالجقة ٨٨

حرزه بركيارق مل تدم نتائجه أمل تنته احلرب بني السالجقة فالنصر الذي قبل الناس على بركيارق فاستطاع أن ألقد كان من نتائج هذا النصر أن . طويال

!.جيمع جيشا مكونا من مئة ألف مقاتلا، كان ممكناإلسالميقلناه من قبل من أن استصراخ العامل وهنا نعود إىل ما

يزحف للقضاء على الصليبيني كان األلوف كبري يضم مئات يليف جيش قوأوأن ت . مهتمني حباضر املسلمني ومستقبلهملإلسالم خملصني ةمستطاعا لو كان هؤالء القاد

يعدو افه الجل هدف تأفإذا كان بركيارق قد مجع حوله مئة ألف مقاتل، من جل هدف سام، لو أضعاف هذا العدد من أنه مستطيع أن جيمع إطماع الدنيا، فأ

!.السامية األهدافبعد هؤالء السالجقة عن أوما !. ةهداف ساميأكانت له على أن بركيارق بعد أن حتقق له النصر مل يفكر بعيدا، ومل يعد هلذا اجليش ما

مثل هذا اجليش كان جيب أن يكون له هدف يكفل له دوام التجمع، والواقع هو أن واضح كبري يكفل استمرار بقائه، ولكن ال السلطان كان ميلك هذا اهلدف، وال من

.هم حول السلطان كانوا ميلكونه، فلم حياولوا تاليف أمر فقداا، لفقدان ةففوجئوا أول ما فوجئوا بفقدان احلري

.ة إىل أبيه يف احللةقخذوا يتفرقون فعاد دبيس بن صدأاهلدف، لذلك مساعيل بن إ على السلطان بركيارق بقيادة امللك مودود بن ةوقامت ثور

.ذربيجان، فسري إليه كربوقا يف عشرة آالف فارسأياقوتى بحداث، ال ألمامنا، ودائما هو يف صميم اأدائما هذا االسم الكريه كربوقا

ار الذي جلله بفتحه باب بالد الذي حلق به يف إنطاكية، وال العييلويه عنها اخلز .مام الصليبيني ليلجوا منه إىل فتح القدسأالشام

يف أن يقصد داره مذان يصوم ا شهر رمضان ويعود ) يازآ(ذن األمري أواست . بركيارق يف العدد القليليذن له، وتفرقت العساكر ملثل ذلك، وبقأبعد الفطر ف

خويه حممد وسنجر قد مجعا اجلموع، وحشدا أ بأن يءعلى أن بركيارق فوجاجلنود، وأما ملا بلغهما تفرق ما كان لديه من جيوش جدا يف السري إليه، مسرعني

٨٩ التمهيد

ستطيع جتميع من املراحل مرحلة بعد مرحلة، عازمني على مباغتته قبل أن يطييف .ياز يف مهذانآصبحا غري بعيدين عنه صمم على اللحاق ب أوملا. كانوا جمتمعني حوله

ت تدبر عنه، طمع فيه من أولكن الناس هم الناس فلما الح هلم أن الدنيا قد بد .يس منه من كان يرجوه، كما قال ابن األثريأكان يهابه و يازاآفقد بلغه وهو يف الطريق إليه أن ياز نفسه، آ أول املنقلبني عليه منوكان

.قد بعث إىل السلطان حممد لينضم إليه سريه عن مهذان إىل خوزستان فكتب وهو يف ةلذلك حول بركيارق وجه

ياز آوكان هؤالء قد بلغهم امتناع . برسق يطلب إليهم الوصول إليهالطريق إىل بينلذلك اضطر للتوجه إىل .. ةعليه، كما بلغهم تعاظم قوة حممد فرفضوا االستجاب بتطور مل يكن يءن فوجاالعراق، ويف طريقه إىل العراق وعند وصوله إىل حلو

.ياز قد بعث إليه أن يتوقف عن السري إىل العراق ألنه سائر إليهآينتظره، ذلك أن ة االنتهازية من سلسلةياز، بل كان حلقآخالق من أومل يكن ذلك كرم

ياز بعد أن صار آن حممد بن ملكشاه قد رفض قبول ، فإةوالتذبذب والوصوليكثر من ذلك فقد وجه محلة إىل أمستغنيا عنه مبا أصبح ميلك من قوة واقتدار، و

مهذان مما اضطر حممدا إىل الفرار عنها متخليا عن ذخائره فيها من مال وكراع . حممدي يف يدةودواب، ما كان شيئا كثريا وقع كله غنيم

آالف ةا مخس هلما من اجلند معيياز فكان كل ما بقآبوالتقى بركيارق .فارس

يازا بعد ما بدا له من خيانته، ولكنه آوقد كان جديرا بربكيارق أن ال يقبل . وحدت بينهماةن احملنأل رجل وألي ةكان حباج

السري إىل العراق حيث وصال بغداد، بعد ةمام الرجلني سوى مواصلأومل يكن أرسل موكبا الستقبال بركيارق، على أن بركيارق باعتباره أن كان اخلليفة قد على نفسه وعلى عساكره فأرسل إىل لإلنفاق كان يعوزه املال يالسلطان الشرع

أصل السالجقة ٩٠

جناده باملال، وبعد املداوالت واملراجعات تقرر أن يصرف له مخسني إاخلليفة طالبا .ألف دينار

موال الناس، ومل أه إىل صحابأ بركيارق وأيديومل يكن ذلك كافيا فامتدت . حىت ضج الناس ومتنوا زواهلميء شأييتورعوا يف ذلك عن حممد عبد أيب ة جبليموال قاضأهم ؤفظع ما فعلوه هو استصفاأعلى أن من

، فقد كان هلذا الرجل نكايات يف الصليبيني ةاهللا بن منصور املعروف بابن صلحيهله أأن فعل م ما فعل فرحل بدرك أم لن يتركوه بعد أقضت مضاجعهم، مث أ

وجاء بغداد ليقرر كيف ،نبارألمواله يف مدينة اأوماله إىل العراق الئذا به وترك ؟يستقر

إىل ثالثني ألف دينار ةوملا عرف بركيارق بوصوله أرسل إليه أنه حباجنبار بالدار الذي نـزهلا، فلما عرفوا ألمواله يف اأن إفاستجاب الرجل لذلك وقال

.نبار من استوىل على كل ما ميلك الرجل من مالألك أرسلوا إىل اذل يف بغداديالتالق

سنجر سريمها إىل بغداد بعد أن استوىل حممد هخوأواصل السلطان حممد وعلى مهذان وغري مهذان، وكان قد استطاع أن جيمع جيشا يزيد على عشرة آالف

ا يتوقع ارق يف بغداد مريضوكان بركي. فارس، كان عدته يف الزحف إىل بغداد .ةأصحابه موته يف كل ساع

:يقول ابن األثري. وكانت أخبار تقدم حممد إىل بغداد تصلهم إىل اجلانب ةفماج أصحابه وخافوا واضطربوا وحاروا، وعربوا به يف حمف(قن أصحابه موته ي ومل يبق يف بركيارق غري روح يتردد وتة فنـزلوا بالرملالغريب

).وتشاوروا يف كفنه وموضع دفنه :ذ قال هلمإفبينما هم كذلك : (ويتابع ابن األثري كالمه قائال

٩١ التمهيد

قد تزايدت، فطابت نفوسهم وساروا، وقد قد قويت وحركيتيجد نفسأ ينإ وسباب، ة وجرى بينهما مراماةتراءى اجلمعان بينهما دجلخر، فآلوصل العسكر ا

.)وبوا البالد يف طريقهم إىل أن وصلوا إىل واسطقد ذن فإن حممدا قد دخل بغداد دون أن يلقى مقاومة، فمرض بركيارق، وإ

.نفسهمأ بةشغله وشغل أصحابه عن التفكري يف الدفاع، وكان مههم النجا أن يضطربوا وخيافوا وحياروا، فموت بركيارق سيجعلهم يوكان من الطبيع

م يف حمفأا لوجه وجهةمام انتقام حممد، ومع ذلك فقد متاسكوا ومحلوا سلطا ألن وصول حممد إىل ؛يب إىل جانبها الغري من جانب بغداد الشرقةعابرين به دجل

حاجزا بينهم وبني جيوش ة وبذلك يكون دجليبغداد سيكون يف اجلانب الشرق .حممد

صحاب، حقيقتهم أل هؤالء اةعلى أننا ال بد لنا من أن نتساءل عن حقيق .ة، وحقيقتهم العسكرية، وحقيقتهم اخللقيةالعددي

كيارق بعد أن صار إىل ما ما إذا كان ثبام مع بر: هناة اخللقية باحلقيقونعين والوهن العسكري، هو وفاء منهم للرجل الذي يالوهن اجلسد: صار إليه من الوهن

ونفوذ ة الراتعني يف ظله يف خفض من العيش ودعيمس سلطام القوألكان بام أن ذلك خوف من املصري اهول الذي ينتظرهم من العدو املنتصر، أسلطان،

!. اخلطر الداهم؟ة ملواجهخوف يدعوهم إىل التماسكن ابن األثري إ إىل حقيقتهم العسكرية؟ ة املوصلةمث ما هي حقيقتهم العددي

، وجرى ةخر، فتراءى اجلمعان بينهما دجلآلوساروا وقد وصل العسكر ا: (يقول .) وسباب، وبوا البالد يف طريقهم إىل أن وصلوا إىل واسطةبينهما مراما

ش كان ال يزال حييط بربكيارق، بقايا جيش ليس وهذا يدل على أن بقايا جيعداءها أ يهال للصدام جبيش حممد، وكل ما استطاعته هذه البقايا هو أن ترامؤم

.ياها السبابإ وأن تتبادل وةبالنبل من وراء ر دجل

أصل السالجقة ٩٢

ومن فجائع هؤالء احلكام املتنازعني على التحكم بالشعوب أم يستحلون اعة بركيارق بوا البالد اليت مروا فيها، من بغداد إىل ب تلك الشعوب، فهؤالء مج

.واسطا موته يقن برحيل بركيارق، بل رمبا كان متوقعأ املستظهر بالله وقد ةواخلليف

بركيارق ومن معه ةا يتضمن االمتعاض من سوء سريسرع فأرسل إىل حممد توقيعأ - !..واالستبشار بقدومه

!. كلهم إىل لقائهوخرج اخللق: ويقول ابن األثري شهرين يلا حممد وأخيه سنجر مل متتد يف بغداد أكثر من حوةقامإعلى أن

.حممد إىل مهذان، وسنجر إىل خراسان: إىل موقعيهماة بعدمها العودقصداوإذا كان مجاعة بركيارق قد بوا البالد من بغداد إىل واسط، مث بوا واسط

خر يف النهب، آلذاهب إىل مهذان مل يقصر هو ا، فإن جيش حممد اليتأنفسها كما سي :فيقول ابن األثري عنهم

!..فنهبوا البالد وخربوها بركيارق من جديد

فاعترض ، اخلليفة حملمد وطعنه بربكيارق قد بلغت بركيارقةشااـيبدو أن مم أنه: مسعهم من القول يف اخلليفة ما قال ابن األثريأ و،املنتمني إىل اخلليفة يف واسط

إىل بغداد فعاد، وإذا ةيقبح نقله، وبلغ ذلك اخلليفة فأرسل يطلب إىل حممد العود مع حممد لقتال بركيارق، فلنا أن ةن اخلليفة عزم على احلركإكان ابن األثري يقول

حممد، ةن استدعاء اخلليفة حملمد مل يكن يف األصل لالنضمام إليه يف مهامجإ: نقول .يارق اخلليفة فينقض عليه يف بغدادا من أن يستفرد بركبل خوف

ةديب بركيارق وال حاجأنه يستطيع وحده تأن اخلليفة بأعلى أن حممدا طم .ملسري اخلليفة معه، وبالفعل ترك حممد بغداد معاودا السري إىل مقصده

رعب عسكر أليها إا، فإن وصوله أما بركيارق الذي وصل إىل واسط مريض موقف يتخذونه منه، فإذا أياجلميع ال يدرون ألن ؛رعب أهلهاأواسط، كما

٩٣ التمهيد

والوه فرمبا غلب حممد على األمر فانتقم منهم، وإذا قاوموه، فهو مقيم فيهم يستطيع بل هو موقف سليب. ة، وال هو معاداةوا حال وسطا، ال هو مواالأذيتهم، لذلك ارتأ

.ة فهو ليس صريح املعاداةقرب إىل عدم املواالأإذا كان ةحندروا إىل الزبيديامواهلم وأوالدهم وأخذوا نساءهم وأسكر فقد أما الع .وأقاموا هناكسواق ألهلون فقد لزموا أول األمر بيوم، فلم يكن يرى يف الطرق واألوأما ا

.م مل يسلموا، فإن عسكر بركيارق ب البلدأحد منهم، ولكنه تربط بني هؤالء احلكام وبني الشعب، وأن ال والء هلم ةوهكذا نرى أن ال صل

داحني، احدهم انصاع الناس له مأ أمر ي تربطهم به، فإذا قوةبنائه، وال حمبأيف قلوب .وإذا ضعف انقلبوا عليه ناكثني أنه قد استقر يف واسط، بعث أد بركيارق من مرضه وبيوهكذا فبعد أن شفمنهم وجاءوا فاستقوى م، أمان ليحضروا إليه، فأل يطلبون اةإليه العسكر من الزبيدي

برسق الذين مل يلبثوا أن قدموا إليه، وهكذا أخذ مث عضدوه يف السري معه إىل بينى عند ذلك أن يهب أ، فرة مرموقةا حىت صارت له قوة عسكريا فشيئيتقوى شيئ

طاردة أخيه حممد، فالتقيا وحممد يف طريقه إىل اوند، وكانا يف قوتني متساويتني، مل . آالف فارس لدى كل واحد منهماةربعأهي

القوتني وتذاكروا يف أمر يوملا كادت القوتان تتصادمان، التقى بعض مقدم .هماوا ما آل إليه أمر الناس من البالء للنـزاع بينأخوين بعد أن رألالصلح بني ا

ن اخوأ واعتقاد الناس أم ي،بلغ يف التعبري عن نفور الشعب مما جيرأومل يكن حيملهم حكامهم على التذابح، من أنه حني التصاف بني الفريقني وخروج مبارز من

حدمها أخر، كانا مبجرد أن تقع عني آلأحد الصفني، وخروج مبارز له من الصف ا . ويسلم عليه، مث يعود عنههزخر يعتنق كل واحد منهما مبارآلعلى ا

أصل السالجقة ٩٤

ن البالد، ويتقامسا اللقب، اخوألنتهى أمر مفاوضات الصلح إىل أن يتقاسم ااو ة، على أن يكون له جنـز)امللك: (ولقب حممد) السلطان: (فيكون لقب بركيارق

.، واملوصل ومضى كل منهما إىل مقرهةذربيجان، وديار بكر، واجلزيرأوأعماهلا، و، وأن األمراء خامروا عليه فعاد ةمث عاد حممد فاقتنع أنه مغبون يف هذه املصاحل . نتجاوز ذكرهاةدامية األمر إىل ما كان عليه من التنازع يف تفاصيل مهلك

مياإلسال من الوطن اآلخريف اجلانب اإلسالمييف الوقت الذي كان فيه هؤالء السالجقة يتناحرون يف املشرق

، يف الوقت الذي كان فيه هوينحرون الشعب معهم ويبهضونه مبا ال يطيق محلقوات، ألبركيارق مثال حياصر أخاه حممدا يف أصفهان ويضيق عليها، فتعدم فيها ا

م ماال عظيما، مث يعود فيقسط خذ منهأويرغم حممد أعيان البلد على أن يقرضوه، في والعنف، مث يضطر للفرار من البلد، فيصبح أمر ةخذه بالشدأعلى البلد شيئا آخر في

فلما فارق حممد أصبهان اجتمع من املفسدين : (أصفهان كما وصفه ابن األثري ومن يريد النهب ما يزيد على مئة ألف نفس وزحفوا إىل البلد بالسالمل ةوالسواديت وطموا اخلندق بالتنب والتصقوا بالسور، وصعد الناس يف السالمل فقاتلهم والدبابا

). حرميه وماله فعادوا خائبنييأهل البلد قتال من يريد أن حيممساعيل بن سالجنق يقتل من أهل إ ي السلجوقيلاويف الوقت الذي كان الو

عمل منه ، ويرسل من شعورهم إىل سلطانه بركيارق ماة عظيمةمقتل) الري(مدينة يف هذا الوقت بالذات ويف السنة نفسها كان صنجيل . مقاود وشكالت للدواب

الصليبـي حياصر طرابلس ويرغم أهلها على أن يدفعوا إليه ماال وخيال ويتقدم منها فيحصرها ويفتحها ويقتل من ا من املسلمني، مث يسري إىل ) نطرسوسأ(إىل مدينة

وكان القمص ينازل عكا ويضيق عليها، . محص فينازهلا وحيصر أهلها وميلك أعماهلا .وكان الصليبـي صاحب الرها يسري إىل بريوت وحيصرها ويضايقها

عسقالن فتخرج عساكرها إىل ة يف القاهرةومن بني هذه الظلمات تتوقد شعل على حد تعبري ابن األثري، ةيديهم من البالد الشاميأ يف يليمنعوا الفرنج عما بق

٩٥ التمهيد

فيسمع م بردويل صاحب القدس فيسري إليهم فيقاتلهم فينصر الله املسلمني وينهزم قصب، فيحرق القاهريون ةمجأالفرنج ويكثر القتل فيهم، وينهزم بردويل وخيتفي يف

فيتبعه القاهريون ةر بعض جسد بردويل، وينجو منها إىل الرمل وتلحق الناةمجألتلك ا .سر يف أصحابهألوحييطون به فيتنكر وخيرج منها إىل يافا، ويكثر القتل وا

ةنانيته وحبه لذاته وخيانأة فكان من نطاكيأوفد كربوقا إىل أوبركيارق الذي مام الصليبيني، أا بال حارس مفتوحاإلسالميا باب العامل جيشه أن فر منهزما تارك

كثرها، أ على ذربيجان فيستوىلأ إىل ةكربوقا هذا كان بركيارق نفسه يرسله هذه املر ...مث ميرض ا وميوت

بوق الصليبيني حىت نطاكية الذي مل يكد يسمع صوتإ سيان حاكم يوباغ من ة سيان هذا الذي مل يكن فيه ذري، باغ للسيبةسرته عرضأا فر هاربا تارك

سرته، بل تركها تسىب أا عن شرف نه على أن يستميت دفاعال حتمة واحلميةالنخوطالق بيمند إ الفرنج، استطاع الدانشمند يف هذا الوقت أن جيعل من شروط ييدأب

. سيان من السيبيغ باةطالق ابنإمن األسر يف هذا الوقت الذي مل يستقر فيه أمر السالجقة ال يف بغداد وال ما وراء بغداد

بعد مكان، وظلت البالد يف جتاذب بينهم تسفك فيها الدماء وتنهب أوصوال إىل رسوف أكان أمر الصليبيني قد استقر يف القدس ويافا و. األموال ويذل الناس

. ةنطاكيإ وةيف فلسطني كلها ما عدا عسقالن، ويف الالذقي، وة وحيفا وطربيةوقيساري .استقر أمرهم يف الرها وسروج: ةومن اجلزير

يقود الدفاع عنها وكان صنجيل حياصر طرابلس، وفيها فخر امللك بن عماررسل أصحابه يف املراكب يغريون على البالد اليت بيد الفرنج ويقتلون من وجدوا، وي

. وقصد بذلك أن خيلو السواد ممن يزرع لنقل املواد من الفرنج فريحلوا عنه هؤالء السالجقة، فإن ة تدل على حقيقة حادث- لالعتبار -ونذكر هنا

ذها منه الصليبـيون، خأ سروج فةرتق كانت له مدينأحدهم بلك بن رام بن أ

أصل السالجقة ٩٦

اإلسالمية فملكها وبها ةفبدال من أن يعمل الستردادها منهم، توجه إىل مدينة عان !. مجيع نسائهاوسيب

.مث كان الصليبـيون ميتدون فيحتلون جبيل، مث عكا بيضاءةنقط

ننا حني إسجلنا تلك الصفحات السود ف شياءهم فإذاأحنن ال نبخس الناس صحاا فمن ذلك اهلوان الذي ارمتى أسرع إىل تسجيلها وننصف بيضاء نةنرى نقط

، اثنان كان ة فائقة ومحيةسالميإ ةمام الصليبـيني يطل اثنان بنخوأفيه السالجقة حقاد، وكان كل منهما يستعد للقاء صاحبه، هذان أبينهما ثارات ويف قلبيهما

أما كل منهما يتهيمعني الدولة سقمان، ومشس الدولة جكرمش، وفي: االثنان مهاحاق بديارهم من ألالنقضاض على صاحبه، تذكرا ما عليه املسلمون من الذل وما

االغتصاب واالنتهاب واالنتهاك، فنسيا ذحوهلما، وأرسل كل منهما إىل صاحبه عارضا عليه أن يلتقيا، ويعلمه أنه قد بذل نفسه لله تعاىل وثوابه، فاستجاب كل

.وحتالفا وسارا إىل لقاء الصليبـيني) اخلابور(معا على منهما لطلب صاحبه، فاجت آالف فارس من التركمان، ومع جكرمش ثالثة آالف ةوكان مع سقمان سبعكراد، فالتقوا مع الصليبـيني على ر البليخ فكان ألفارس من الترك والعرب وا

كان سروا، وفاضت الغنائم، وأالنصر لسقمان وجكرمش، فقتلوا من الصليبـيني، و ة مجاعييدأسرى القمص بردويل صاحب الرها، وكانت معظم الغنائم يف ألبني ا

ن أل أن تقع ةسروا القمص، وكادت الفتنأسقمان، وكذلك كانوا هم الذين .خذوا القمص من خيام سقمانأأصحاب جكرمش

ال يقوم فرح املسلمني يف : وركب أصحاب سقمان للقتال فردهم، وقال هلم . باملسلمنياألعداء ة بشماتظيوثر شفاء غيأهم باختالفنا، وال بغمةهذه الغزا

نه حني تويف امللك دقاق بن تتش بن ألب أرسالن صاحب إويف املقابل فعمه بكتاش بن تتش، وانضم إىل تتش بني ولد له صغري، وبني ةدمشق اختلف الورث

يتكني صاحب بصرى، وخرج هذان االثنان إىل حوران، وحلق ما كل من إاألمري

٩٧ التمهيد

جاما إىل ذلك وسار أيريد الفساد، وراسال بغدوين ملك الصليبـيني يستنجدانه، ف .إليهما فاجتمعا به واتفقا معه

هل البالد، أللوا عن البالد الذين ختلوا عن البالد للصليبيني، مل يتخةوالسالجقمان واطمئنان، مل مينحوا هذا أ الذين عاش الصليبـيون يف جوارهم بةوالسالجق

.ةمان وهذا االطمئنان ملواطنيهم، ففي عنفوان ذاك املد الصليبـي املتدافع دفعألاقائد عساكر السلطان سنجر، يتقدم ال إىل الوقوف يف وجه ذاك ) بزغش(كان األمري

من ةجيمع اجلموع ال لقتال الصليبـيني، بل كان يتقدم للقضاء على مجهراملد، و بناء البالد وسكاا، وجيمع اجلموع لتخريب البالد وبها وقتل رجاهلا وسيبأ

.نسائها ييدأ على ة احملن يعايناإلسالميكان الغرب : وكما قلنا، ونكرر هذا القول

. السالجقةييدأ نفسها على ةن احمل يعايناإلسالميالصليبـيني، وكان الشرق ا من مجع بزغش كثري: ( ابن األثري نفسها، فابن األثري يقولةنقل هنا عبارأو

، فقصد طبس ةمساعيليإل، وسار إىل قتال اةتاه كثري من املتطوعأعساكر خراسان، وكثر فيها القتل، والنهب، أ هلم فخرا وما جاورها من القالع والقرى، ويوه

.!)ةفعال العظيمألعل م ا، وفوالسيبرحم يف األرض اإلسالمية من الصليبـيني، وبزغش أمل يكن هؤالء السالجقة

هم عن ين أ ةرض اإلسالم، وهؤالء املتطوعأن الصليبـيني الطاغني يف مين هو أهذا مساعيليني كانوا إلوابن األثري يقر بأن ا! نقاذ القدس من براثن مغتصبها؟إلالتطوع

هلم ة أو حركة أو كلمةمواطنني مساملني ككل املواطنني، فهو مل يشر إىل هفون مل إ حليف الصليبـيني وي مما ارتكبه فيهم القائد السلجوقةيستحقون معها ذر

... هلمي مبواطنيه هو احلليف الطبيعن من يساملهم وينكلأل ؛حيالفهمهذا املؤرخ املندفع حبميته للبكاء على ما آل إليه أمر املسلمني، : وابن األثري

. اإلسالم واملسلمنية إىل الله تفرق السالطني، وانشغاهلم عن محاييوالشاك :ابن األثري يعلق على ما حدث قائال

أصل السالجقة ٩٨

اجلهاد، : مرهأ ة، وكانت خامت، توىفةن بزغش، بعد عوده من هذه الغزاإمث ( .-رمحه الله-

مواهلا، أ نسائها وب ختريب املدن والقرى يف بالد اإلسالم وقتل رجاهلا وسيب !.ةه ملرتكب ذلك بالرمح ويعتربه جهادا، ويدعو اللةيعده ابن األثري غزا

ةوصى بواليأ وفيها ميوت السلطان بركيارق بعد أن ـه٤٩٨وتدخل سنة وكانت بوفاته يف . شهر من عمرهأ ةربع سنني ومثانيأل اي ذهالعهد لولده ملكشا

ةيقن باملوت أحضر مجاعأصفهان إىل بغداد، فلما أبروجرد وهو يف طريقه من هو يف بروجرد على ي السري إىل بغداد، وبقةتابعمرهم مبأوصاهم بولده وأاألمراء وصفهان أصفهان فمات دون حتقيق ذلك، ولكن جثته محلت إىل أ إىل ةأمل العود .فدفنت فيها

ة عشر والعشرين من عمره بعد أن ملك اثنيتةمات بركيارق وهو يف اخلامس . اليت شهدنا بعضها فيما مر من القولباألحداث ةسنة كانت حافل الطفل على منابر بغداد، ولكن الشقاق مل يكن قد الثاينهمللكشاوخطب

انتهى فهذا حممد بن ملكشاه أخو بركيارق الذي مر امسه معنا كثريا يهاجم املوصل فيكثر القتل يف عسكرها، وملا وصل خرب موت ) جكرمش( فيها على يليقض

.بركيارق إىل جكرمش سلم األمر إىل حممدد ومعه جكرمش وغريه من األمراء حياول انتزاع ملكها مث سار حممد إىل بغدا ).يازآ(األمري : مور السلطان الطفلألمن ابن أخيه، وكان املباشر

عالها، أ منها بووصل السلطان حممد إىل بغداد ونـزل يف اجلانب الغريب !.يفخطب له يف هذا اجلانب من بغداد، ومللكشاه بن بركيارق يف اجلانب الشرق

!. هي عاصمة اخلالفةةثالن سلطتني يف مدينة واحدخطبتان مت السلطتني وفيه جامع املنصور، ىحدإوكان قسم من بغداد مل يدخل يف نفوذ

اللهم : حدمهاأل ةحد من السلطانني، بل قال اخلطيب عوضا عن اخلطبألفلم خيطب .صلح سلطان العامل، وسكتأ

٩٩ التمهيد

ا أن يكون اخلطيب مذبذبما إ: حد تفسريينألنا أن نفسر موقف هذا اخلطيب بعالن الوالء إ يف الغد، فهو ال يريد أن يتورط بةا ال يدرى ملن تكون الغلبانتهازيما أن يكون خملصا ساءه هذا اخلالف، ال سيما يف هذه الظروف إو. حد املتنازعنيأل

ذالل الصليبـيني هلم، بينما ينشغل حكامهم إ فيها املسلمون ما يعانون من اليت يعاين ...ة موجزة صاحلةرسلها دعوأنفسهم وشقاقهم وتقاتلهم فيما بينهم، فأب

، ونوقن أن فيها من ةمألننا حنسن الظن باأل ،حنن نريد أن منيل إىل الرأي الثاينهيب ا لدفعت شر الصليبـيني أا لو ة م والشهامة والنجدةكوامن اخلري واحلمي

.وعدوام ...، هو هذا اخلطيب اهولة، وصفتها احلقيقيةمألوخري ما ميثل ا

مر الواقع ألبا) يازآ(وبعد أن كاد القتال أن ينشب بني الفريقني املتنازعني سلم ا بعد حدث، وفيها من التنازع حداث حدثألوتوالت ا. ومشى للسلطان حممد .والتقاتل والقتل ما فيها

ه من التخريب صيبوا بأصيبوا مبا أمساعيليني الذين إلهم ما كان فيها أن اأومن لالنتقام فكانوا يف انتقامهم شرا ة والنهب، ما مر ذكره، وجدوا فرصوالقتل والسيب

برياء والضعفاء والقريبني والبعيدين، ال ألذ نالوا يف انتقامهم من اإممن انتقموا منهم، . بيت الله للحجيسيما قاصد

اعيليني لننقل مسإل ابن األثري يف وصف ما جرى على اةوكما نقلنا هناك عبار :قال ابن األثري. مساعيليونإلجراه اأ ابن األثري فيما ة عبارةنصافا للحقيقإيضا أهنا

عن بعض ) طريثيت( من ةمساعيليإلسار مجع كثري من ا) ٤٩٨ (ةيف هذه السن(كثروا القتل يف أهلها والنهب أ وي يف تلك النواحةأعمال بيهق، وشاعت الغار

...م لنسائهمواهلم والسيبأليديهم عمن أ اشتد أمرهم، وقويت شوكتهم، ومل يكفوا ةويف هذه السن

أن قفل احلاج جتمع، هذه : فعلهمةفمن مجل. يريدون قتله، الشتغال السالطني عنهم، مما وراء النهر، وخراسان، واهلند، وغريها من البالد، فوصلوا إىل خوار الري، ةالسن

أصل السالجقة ١٠٠

وا وغنموا ءيهم السيف، وقتلوهم كيف شا وقت السحر، فوضعوا فةتاهم الباطنيأف .)أمواهلم ودوام، ومل يتركوا شيئا

نه حني حتدث عما جرى أل، ةوحنن هنا ال نستطيع أن نتهم ابن األثري باملبالغنـزلوه هم من أ اليت نـزلت م مبثل ما وصف ما ةف الشدمساعيليني وصإلعلى ا . يف احلجاج وغريهمةالشد

ن قلوم أا، ورون ملا نـزل م ظلمأمساعيليني أم كانوا يثإلوال يشفع لر ال يكون من احلجاج الربيئني أكانت تغلى باحلقد على من فعلوا م ما فعلوا، فالث

احلكام ال جيوز أن يبعث على االنتقام من القادمني من كل مكان، واحلقد على احلكام عما جرى، هذه ةوليئعلى أننا وحنن نقول ذلك ال ننسى مس.الشعب :وضحها ابن األثري بقولهأ اليت ةوليئاملس

).الشتغال السالطني عنهم(مور الشعب، ومحايته أ ة، ورعاياألمنلقد كان أول واجبات السالطني حفظ

يق آخر، ولكن سالطني السالجقة كانوا يف شاغل عن ذلك من عبث فريق منه بفروإذا كانوا هم وجنودهم . باالقتتال فيما بينهم، والتنازع على االستئثار بظلم الناس

ال يتورعون عن السلب والتخريب والقتل والنهب فكيف يطلب من الناس أن ال ذنب هلم، م وهم الذين اعتدوا على اإلمساعيليني الذين إ! يتورعوا عن ذلك؟

.جروا اإلمساعيليني على أن يعتدوا على من ال ذنب هلم يف غرب العامل اإلسالمي

من العامل اإلسالمي ظل ميوج وميور مبحن السالجقة يإذا كان اجلانب الشرق ميوج وميور مبحن الصليبـيني فيه، غري أن فيه، فكذلك كان اجلانب الغريب

ن إو ء جتاه العامل اإلسالمي،ي ملزمني بشنفسهم غريأالسالجقة الذين اعتربوا من هذا العامل مشغولني ياستباحه الصليبـيني له ال تعنيهم، فانفردوا باجلانب الشرق

خر من ذبح للمسلمني وانتهاك آل يف اجلانب اينفسهم، غري مبالني مبا جيرأب ننا سنرى أن فيهم من تعاون معإ، فاآلنحلرمام، إذا كان األمر كذلك حىت

١٠١ التمهيد

ء من هذا من قبل، وسنرى هنا ال تعاونا منهم مع يالصليبـيني، وقد مر معنا ش .الصليبـيني جمرد تعاون، بل انضماما كامال إىل صفوفهم

ةنطاكيإالصليبـي صاحب ) طنكرى( املعارك مع الصليبـيني، فهذا أمل دفأرسل رتاح، وفيه نائب امللك رضوان، وضاق األمر على املسلمني، أحياصر حصن

آالف ة وسبعة من اخليالة قويةالنائب إىل رضوان يستنجد به، فسار رضوان يف جند . بينهم ثالثة آالف متطوعةمن الرجال

سر أ فحاقت م وقتل وةت املعركة بنصر املسلمني عادت اهلزميأوبعد أن بد . الصليبـينيييدأرتاح بأال الشريد، وسقط إالكثري منهم، ومل ينج

، فتصدى هلا بغدوين ةل بن بدر اجلمايل محله من القاهرفضألوأخرج االصليبـي صاحب القدس، فوقعت املعركة يف مكان بني عسقالن ويافا فلم ينتصر

.أحد الفريقني على اآلخر، بل ثبتا كالمهاوكان مع الفرنج مجاعة من املسلمني منهم : يقول ابن األثري عن هذه املعركة

).السلجوقي(بكتاش بن تتش ، ال يكتفون بأن يتخلوا عن العامل اإلسالمي، بل ة السلجوقياألجماد ي هيهذ

..ينضموا إىل الصليبـيني لقتال جيوشه كما زعمت من مل يكن األمر: لنقول لهيوهنا نعود إىل الدكتور عمر التدمر

أن الصراع يف بالد الشام كان بني السالجقة والفاطميني، بل كان بني اجلماليني، .وبني الصليبـيني متحالفني مع السالجقة

بني السالجقة يف الشرق يستمر الصراع بني املسلمني ةوبينما الفنت مستمرـيني، مث ال حد من السالجقة أن يواثب الصليبألوقد يعن . والصليبـيني يف الغرب

يلبث أن يعود إىل حقيقته كهذا الذي حدث للملك رضوان بن تتش حني عزم على وا أن أ، ولكنهم ارتةحرب الصليبـيني فاجتمع إليه بعض األمراء السالجقة هلذه الغاي

صاحب املوصل وما واالها، فساروا إليه، فلم يلبث األمر ) جكرمش(وال أيهامجوا

أصل السالجقة ١٠٢

مر بعضهم على بعض واقتتلوا، ونسوا الصليبـيني آ وت بينهم،ةأن انقلب إىل فتن . املسلمنييتباعهم من التركمان إىل ب مواشأوقتاهلم، وانصرف

سرمني من أعمال حلب، كما ة، ومدين)ةفاميأ(ومتلك الصليبـيون حصن الصليبـي منها إىل حصار طرابلس ) صنجيل(كانوا قد ملكوا مدينة جبيل، وتقدم

أن احلصار ى بنو عمار، وثبت له بنو عمار فلم يقدر عليها، وملا رأاليت كان حيكمهاسيطول، بىن بالقرب منها حصنا وأقام حتته ربضا لطرابلس يلتمس ا، ولبث حماصر

. متكنه من التغلب عليهاةمنها غرحرق ربضه، أ بن عمار كان له باملرصاد، فهامجه ويبا علأولكن فخر امللك

هو وبعض قادته وفرسانه على أحد سقوف الربض وشاء قدر صنجيل أن يقف، مل يلبث بعدها أكثر من ة بالغةصابإصيب صنجيل أ، فاخنسف م السقف، فةاحملترق .صابته باخنساف السقفإا من ثرأيام مات بعدها متأ ةعشر

رسلوا إليهم من أوعز على الصليبـيني ما جرى عليهم يف حصار طرابلس، ف يف البحر، فلم يكن ابن عمار غافال عنهم، فأرسل يف ةتلوا مري اليت كانوا حيةالالذقي

بني الفريقني ة حبريةسطوله اعترضت قطع الصليبـيني فقامت معركأا من البحر قطع سرى أ للصليبيني عاد ا ومبن فيها من ة حبريةسر قطعأسطول ابن عمار، وأظفر فيها

.ن إىل طرابلسؤوم .بني الصليبـيني على طرابلس عشر سنني عمار وودام القتال بني بين سديد، مث ي ورأةوظهر من ابن عمار صرب عظيم وشجاع: ويقول ابن األثري

األموال ت قللما، فيجرى ابن عمار اجلرايات على اجلند والضعفأو: يقول ابن األثري األغنياءخذ من رجلني من أعنده شرع يقسط على الناس ما خيرجه يف باب اجلهاد، ف

ليكم إن صاحبنا صادرنا فخرجنا إ: ماال مع غريمها، فخرج الرجالن إىل الفرنج وقاالا على واجلبل، فجعل الفرنج مجعة من عرقةتيه املريألنكون معكم، وذكرا هلم أنه ت

..ء إىل البلد ينب حيفظه من دخول شذلك اجلا

١٠٣ التمهيد

. فأرسل ابن عمار وبذل للفرنج ماال كثريا ليسلموا الرجلني إليه، فلم يفعلوا .ةفوضع عليهما من قتلهما غيل

من ة بن عمار بطل املوقف بكل ما يف البطوليبو علأهكذا كان فخر امللك . وحسن تدبرية وحزم وتضحيةشجاع

، لنبزوه ةعالميإلد سائدين يومذاك بوسائلهم امريكيون واليهوألولو كان ا . األول يف التاريخ اإلسالميرهايبإلا: فحيا الله ابن عمار .رهايبإلبلقب ا

قوات وخاف ألت افعدم: ويصف ابن األثري حال الناس يف طرابلس قائال ...والدهم وحرمهمأالناس على نفوسهم و

هكذا كانت احلال يف الغرب اإلسالمي جهادا ونضاال للصليبيني، وكذلك : السالجقةييدأكانت يف الشرق على

!.جهادا ونضاال للمسلمنيا ال بد من را موجز خب- ةحداث املتقدمأل خالل سرده ل-يذكر ابن األثرينسان من امللثمني ملوك إ ورد إىل بغداد ةيف هذه السن: الوقتالوقوف عنده بعض

، من امللثمني هالفقي: نسان يقال لهإكرم، وكان معه أاملغرب، قاصدا دار اخلالفة، فيضا، فوعظ الفقيه يف جامع القصر، واجتمع له العامل العظيم، وكان يعظ وهو متلثم أ

أمري ) بن بدر اجلمايل(فضل ألر مع اوكان هذا امللثم قد حض. ال يظهر منه غري عينيه .بلى بالء حسناأاجليوش مبصر وقعته مع الفرنج، و كانوا يعتقدون يف العلويني، أصحاب ةأن املغارب: وكان سبب جميئه إىل بغداد

رادوا احلج، يعدلون عن مصر، وكان أمري أمصر، االعتقاد القبيح، فكانوا، إذا هم، فلم مييلوا إليه، وال قاربوه، فأمر بقتل من صالحإراد أفضل ألاجليوش بدر والد ا

فضل أحسن إليهم واستعان مبن قاربه منهم على أل ابنه اظفر به منهم، فلما ويل ة من قاتل معه، فلما خالط املصريني خاف العودةحرب الفرنج، وكان هذا من مجل

ال إفرنج إىل بالده، فقدم بغداد، مث عاد إىل دمشق، ومل يكن للمصريني حرب مع ال .وشهدها، فقتل يف بعضها شهيدا، وكان شجاعا فتاكا مقداما

أصل السالجقة ١٠٤

..من هم امللثمون؟ليهم هذا الرجل الذي حتدث ي إ من التعريف بامللثمني الذي ينتمأوالال بد لنا

:األثري هذا احلديث املوجزعنه ابن :األشهرامللثمون هم الذين عرفوا يف التاريخ بامسهم اآلخر

).املرابطون(أم كانوا : قرا إىل املنطقأوهناك اختالف يف سبب تسميتهم بامللثمني و

ن سبب اللثام هلم، أن إ :ا هلجري الصحراء صيفا، وزمهريرها شتاء، وقيليتلثمون دفع خرجوا مغريين على عدوهم، فخالفهم العدو إىل بيوم، ومل يكن ة من ملتونةطائفمروا النساء أن أال املشايخ، والصبيان، والنساء، فلما حتقق املشايخ أنه العدو إفيها

يلبسن ثياب الرجال، ويتلثمن، ويضيقنه، حىت ال يعرفن، ويلبسن السالح، ففعلن شرف العدو أ النساء بالبيوت، فلما مامهن، واستدارأوتقدم املشايخ والصبيان . ذلك

هؤالء عند حرمهم يقاتلون عنهن قتال املوت، : ، فظنه رجاال، فقالا عظيمارأي مجع .، فإن اتبعونا قاتلناهم خارجا عن حرميهميوالرأي أن نسوق الغنم ومنض

العدو بينهم ي، فبقيقبل رجال احلأذ إ يفبينما هم يف مجع الغنم من املراعكثروا، وكان من قتل النساء أكثر، فمن ذلك الوقت أء، فقتلوا من العدو فوبني النسا

.جعلوا اللثام سنة يالزمونه، فال يعرف الشيخ من الشاب، فال يزيلونه ليال وال ارا تطورها وةابتداء احلرك

، ويرد ابن األثري نسـبهم ـه٤٤٨سنة ) امللثمني(كان ابتداء حركه املرابطني . ة، وملط ة، وجدال ةملتون: شهرهاأ قبائل ينسبون إىل محري، ةهم عد : فيقول) محري(إىل

فسريهم إىل الشام، وانتقلوا بكر الصديق يبأيام أوكان أول مسريهم من اليمن، حبوا أفطنجة موسى بن نصري، وتوجهوا مع طارق إىل إىل مصر، ودخلوا املغرب مع

.. هذا النسبةعلم حبقيقأوالله . االنفراد، فدخلوا الصحراء واستوطنوها :املسمى - كما يصفه ابن األثري-هله أالرجل احملب للدين و

١٠٥ التمهيد

حبه للدين إىل الذهاب للحج، فمر بفقيه يف ه، ساقة جدالةمن قبيل) اجلوهر( .يعظ مجاعة ويفقههم يف الدين) القريوان(مدينة

يف كل صحراء ال ة هناك كالبداةواجلوهر القادم من الصحراء، حيث البداه كثر ؤصغاإصغى إىل هذا الفقيه وكلما طال ألفاظا يرددوا، أال إيعرفون من الدين

حكاما ال يدرون يف أن له إذن ليس الشهادتني فقط، إتعجبه مما يسمع، فالدين .االصحراء منها شيئ

طلعه على ما يف نفسه أومضى اجلوهر إىل احلج مث عاد مارا بالفقيه املفقه و يف بعض ة غري الشهادتني والصاليءما عندنا من هذا يف الصحراء من ش: قائال .. من يعلمهم شرائع اإلسالميمع، فابعث ةاخلاص

على الفقيه يف طريق مسريه إىل احلج، مث وقفته عليه حني عودته ) اجلوهر (ةوقف ة، مث يف نشوء دولة واسعة دينيةمن احلج وحديثه معه كانتا السبب يف نشوء حرك

ندلس، نشبت فيها املعارك أل ايقاصأفريقيا حىت أطراف امتدت من مشال أل اةمترامي ...نفسه) اجلوهر(، وكان بينهم ى الدماء وكثر القتلوسفكت

، فبعث معه رجال امسه عبدالله بن ياسني اجلزويل) اجلوهر(لقد لىب الفقيه طلب ول ما فعله اجلوهر لريفع أ، فة ملتونةوكان يف نظره فقيها صاحلا، فسارا حىت بلغا قبيل

قبل أ يقوده، ف مجل اجلزويلخذ بزمامأ أن نـزل عن مجله وة الفقيه بني القبيلةمنـزلخربهم أنه قادم ليشرح هلم العقائد ألونه عن رفيقه، فأياب ويسإلنه باؤالناس يهن

: يف احلديث، قالوا لهفاض اجلزويلأاإلسالمية ويدعوهم إىل تطبيقها، فلما فقريب، وأما قولك من قتل يقتل، ومن ة والزكاةأما ما ذكرت من الصال

.د أو يرجم فأمر ال نلتزمهسرق يقطع، ومن زىن جيل .اذهب إىل غرينا

، مث هي تدلنا ة كل الطرافة طريفيءن هذه الصورة من احلوار هي قبل كل شإ: تطبيق اإلسالم ال يف هذه الصحراء وحدها، بل يف الصحراوات كلهاةعلى حقيق .م مل يذكروا الصيام، فهل كانوا يصومون؟إ وال حدود، ة وال زكاةفال صال

أصل السالجقة ١٠٦

مرها قريب، وأما أن إ: ، ولكن قالواةيتاء الزكاإ وة الصالةقامإمل يعدوا بم إ !.غري القريب، والبعيد كل البعد فهو أن تطبق عليهم احلدود

فإذا كان كل قاتل يقتل، وكل سارق يقطع، وكل زان جيلد أو يرجم، فيا !. من سيقتل منهم وسيقطع وسيجلد أو يرجمةلكثر

تلك يوإذا كان لنا أن نستنتج تفش.. بينهمه اجلزويللذلك رفضوا قبول الفقي .شرب اخلمر: ثر له بينهم، هوأا كبريا ال مثإننا نستنتج كذلك أن إثام بينهم، فآلا

. الرحيل إىل مكان آخرا فقررةعمل اجلوهر والفقيه بالنصيحثقلته السنون وحنكته التجارب، أوكان بني املستمعني لكالم الفقيه شيخ

قناع وما بعد إل على اة من بيان الفقيه وعزمه واستفاضته يف احلديث، قدرفاستشف .قناع من جناحإلا

:فعندما رأي الفقيه على مجله راحال يف الصحراء قال !.ن يذكر يف العاملأال بد أن يكون هلذا اجلمل يف هذه الصحراء ش

وصدقت فراسته، فكان للجمل ي هذا الشيخ الصحراوةوصحت نبوء !.نأ شأين أ يف تلك الصحراء وما وراء الصحراء شوصاحبه

اجلوهر، فدعا ة، وهي قبيل)ةجدال (ة ومضيا إىل قبيلة ملتونةترك الرجالن قبيل .ة ملتونة هلا إىل مثل ما دعا إليه قبيلة والقبائل ااورةالله بن ياسني هذه القبيل عبد

مجاع على رفض إ كان ة، ففي ملتونةوهنا اختلف األمر عما كان عليه يف ملتون وما جاورها وجد من يستجيب ووجد من ةالله بن ياسني ودعوته، ويف جدال عبد

.يرفضعند هذا املفترق انقلب ذاك الشيخ الزاهد العابد املتقشف العازف عن الدنيا

!.جناح أمرهإانقلب إىل متنمر مقاتل خمطط عازم على سفك الدماء يف سبيل ياهم إعالن احلرب على الرافضني، خماطبا إ بوجوب فصارح املستجيبني إليه

نكروا شرائع أقد وجب عليكم أن تقاتلوا هؤالء الذين خالفوا احلق و: ذا القول .مرياأ وقدموا عليكم رايةقيموا لكم أاإلسالم واستعدوا لقتالكم، ف

١٠٧ التمهيد

.نت األمريأ: فقال اجلوهرنا أمنا إال، : احملكم، فقال وختطيطه ةا دهاء الفقيه وحنكته السياسيوهنا تبد

:مث التفت إىل اجلوهر قائال. ة الشريعةمانأحامل :نت األمري وكان اجلوهر حكيما خملصا حني رفض اإلمارة قائالأولكن

.ي على الناس، وكان وزر ذلك عليلو فعلت هذا تسلط قبيلا، وكبريهةس ملتونأبا بكر بن عمر، رأ ذلك الرأي أن نويل: فقال ابن ياسني

ة مطاع يف قومه فهو يستجيب لنا حلب الرئاسةوهو رجل سيد مشكور الطريق .وتتبعه قبيلته فنتقوى م .بكر بن عمر أيب اليت خرجا منها وعرضا األمر على ةفعادا إىل ملتون

ه، ت ودعيا بدعوما، مل يذكرا أمره ورئاسةعندما جاءا أول األمر إىل ملتون ما يقدمان من ة أما اليوم، وقد جاءا يقدمان مع الدعوا وجتهما،عراضإلذلك لقيا

.ةبو بكر بن عمر إىل تلبيتهما، فعقدا له البيعأسرع أ فقد ة والرئاسةمرإلا ة دينية على األمري اجلديد، فالدعويولكن املشكل كان يف اللقب الذي يضف

م من ا اعتمدت السيف يف طلب انتشارها، وبالرغأوبالرغم من . ةوليست سياسيمريها من لقب مييزها عن غريه من أل على التسلط على الناس، فال بد ةا عازمأ

.املعتمدين على السيف العازمني على التسلط البارع يف التخطيط، فكما كان حكيما يف ةومل يكن ذلك ليعجز الفقيه الداهي

فإذا . املسلمنيمريأذ لقبه بإار لقبه، ي، كان حكيما يف اختةمارإل لةاختيار رئيس ملتون ).أمري املسلمني: (، فهنا من يلقب)مننيؤأمري امل(كان هناك من يلقب

ا إىل ، فقد ذهبوا مجيعة باختيار رئيسها للقيادةوملا كانوا قد ضمنوا والء ملتونلف هلم من آ، فتة إىل رجال ملتوناألنصارولئك أهلم، فضموا نصارأ اليت فيها ةجدال

فقام ابن ياسني حيرض على اجلهاد، . عتماد عليها يف القتال جيش ميكن االةذلك نوا ).املرابطون( اسم ةطلق على اجلماعأو

أصل السالجقة ١٠٨

قلقهم هذا التجمع، فتكتلوا ملقاومته، ولكن ابن ياسني منع أأما خمالفوهم فقد فوفق . ضعافهمإصالحه منهم وإصالح من ميكن إمال بأاملرابطني من االصطدام م

رجل، فعمل ابن ياسني على يلفأعداء املرابطني سوى يف ذلك ومل يبق على .حصارهم فخندق عليهم، مث صار املرابطون خيرجوم مجاعة بعد مجاعة فيقتلوم

ال ة رائعة مبذحبةبو بكر بن عمر دعوته الدينيأ ابن ياسني يعاونه أهكذا بدا يف ائضا على اجلثث خ دائس، وهكذا مشى إىل هدفه الديينة فيها وال رمحةشفق !..الدماء ة جبارة دعوي رجل هليلفأ تفتتح بذبح -هدافها أ مهما مست - ةن دعوإو

!.باها الدينأ، ويةنسانيإلباها اأت ىسارأل يقود إىل ذبح ايهون من هدأ ضالل يكون فيه الناس، هلو أيو

.. رجل يف غري قتاليلفأوتضريج األرض بدم - ة املرابطية وهو الثالث يف القياد-) اجلوهر اجلدايل( إذا كان يوحنن ال ندر

م كان من الناهني عنها أو من احملايدين فيها، وال أ ةمرين ذه املذحبألقد كان من ا يف تنفيذها، ولكن الذي نعلمه أن الذبح قد وصل ةوليئنعلم مقدار ما يتحمل من املس

.إليه الذي محل ، وكان هو)طياملراب(لقد كان هو األصل يف قيام هذا الكيان

الله بن ياسني، وكان هو الذي أخذ بزمام مجل ابن رسال عبدإ على الفقيه القريواينياسني وقاده بنفسه تواضعإليهيا للداعا للدين وتعظيم .

، بل كان ةمل يكن حيسب أن األمر سيصل إىل قيام مذحب) اجلوهر(ويبدو أن ادع إلى سبيل : ة الكرميةنيآ القرةيآليف حسبانه أن ابن ياسني سيعمل مبنطوق ا

.]١٢٥:النحل[ ربك بالحكمة والموعظة الحسنة حني عرضها عليه ابن ياسني خوفا من تسلط قومه ةيناه يرفض القيادأوقد ر . واستنكرها فاستحق العقابةنه خييل إىل أنه عارض املذحبإلذلك ف. على الناس

١٠٩ التمهيد

بو بكر بن عمر عن أمر هو وألوملا استبد ابن ياسني با: (يقول ابن األثريفساد األمر، فعلم إ ال حكم له تداخله احلسد، وشرع سرا يف ياجلوهر اجلدايل وبق

نه نكث أل عنه، فحكم عليه بالقتل بذلك منه وعقد له جملس وثبت عليه ما نقلظهر أ أهل احلق، فقتل بعد أن صلى ركعتني، وةراد حماربأ وشق العصا وةالبيع

!.).السرور بالقتل طلبا للقاء الله تعاىلظهاره السرور بالقتل إ تعليق، سوى القول بأن أي عن ويف هذا الكالم ما يغين

ن تسبيبه ما سببنه رأي يف هذا القتل تكفريا عألا كان حقيقي... ! جرى كل ذلك، وابن ياسني مشتغل بالعلم، وقد صار عنده مجاعة يتفقهون

.- كما يقول ابن األثري- بكر بن عمر، وتفقه عليه مجاعة، وذبح على يبألاشتغل بالعلم وترك الذبح

.يوبالعلم الذي اشتغل به صدرت فتاواه بالقتل اجلماع. ابن عمر مجاعاتييددوار، وملا مل يبق للجوهر اجلدايل دور سوى االعتراض كان ألا اهكذا تقامس

..جيب أن يذبح، فذبح بفقه ابن ياسني وسيف ابن عمرفحينئذ دانت هلم قبائل الصحراء : ( قائالةيعلق ابن األثري على نتائج املذحب

فاجتمعت : (، مث يقول معقبا على قتل اجلوهر) املرابطنيةوهابوهم فقويت شوك ).ل على طاعتهم، ومن خالفهم قتلوهالقبائ

ابن ياسني يشتغل بالعلم ليستنبط الفتاوى : ة مستمرةوهكذا ظلت املذحبومل يكن استنباط الفتاوى حيتاج إىل كثري من العلم ! بالذبح، وابن عمر ينفذ الفتاوى

).فمن خالفهم قتلوه( بقوله ةفابن األثري حيدد اجلرمي ةوتعليالت، ملكان) حيثيات(د احتاج إىل وإذا كان احلكم بقتل اجلوهر ق

ة وحيدة بل إىل تطبيق ماد؛)حيثيات(اجلوهر، فاحلكم على غريه بالقتل ال حيتاج إىل ..من خالف اقتلوه: ذكرها ابن األثري

، ويف يخرأ حبت فلم يتمددوا يف مناطق يظل املرابطون يف نطاق صحراوبالدهم، فقرر ابن ياسني أن بعد سنتني من بدء دعوم قحطت أي ـه٤٥٠سنة

أصل السالجقة ١١٠

) السوس( شخص بالذهاب إىل ةخرى، فأمر تسعمائأيطلق احملتاجني إىل مناطق . ةوطالبوا بالزكا) سلجماسة(، فجاءوا إىل ةوالتسلط على الناس هناك بطلب الزكا

سرعوا جبمع أنباء املذابح كانت وصلت يف حينها إىل السجلماسيني فأويبدو أن ...ل عاد به املرابطون إىل مقرهممقدار كان من املا

فتح عيوم على ما وراء الصحراء، ةوجناحهم يف مجع املال من سلجماس .ندلسألفصمموا على الوصول إىل ا

احلق ةظهار كلمإرادوا أن الصحراء ضاقت عليهم، وإ: (يقول ابن األثري ..).ندلس ليجاهدوا الكفارألوالعبور إىل ا

أنه جيعل يف أول القول سبب تطلعهم إىل ما : لتناقضوابن األثري هنا يقع يف ارادم إمث يعود فيجعل سبب ذلك .. وراء الصحراء هو أن الصحراء ضاقت م

... الكفارة احلق وجماهدةظهار كلمإن الصحراء ضاقت م فصحيح، فابن ياسني وابن عمر اللذان استطابا إما أ املكان، ة حمدودة سلطيصحراء، ه حني ال تتجاوز الة، وجدا أن السلطةالسلط للقحط يف كل ةا قابلأيا أ املال، وقد رةا حمدودأا السكان، واملهم جدةحمدود

ةوقت، وحني تقحط يعوزمها حىت ضمان العيش للمحتاجني، وقد كانت جتربن جتعلهما يصممان على اخلروج من أل ة كافية رجل إىل سلجماسةرسال التسعمائإ

. إىل حيث الري واخلصب واملال الوفرينطاق الصحراء،ذ كان ال بد من مربر إ فيها نظر كما يقولون ةلأوأما جهاد الكفار فمس

، جاهدا فيمن خالفهم من ةلقد جاهدا مبا فيه الكفاي! لالنطالق من الصحراء !..كثرا فيهم الذبحأاملسلمني ف

ه من سلطان من املخلص الذي ساق إليهما ما مها فيؤجاهدا حىت يف ذبح امل !..وعنفوان، جاهدا يف ذبح اجلوهر

١١١ التمهيد

بو بكر بن عمر وعبدالله بن ياسني مجاعة املرابطني يف اخلروج من أقاد هله أ، فرفضهم األقصىندلس، ومشوا إىل السوس أل يف الوصول إىل اةالصحراء والني

.وتصدوا هلم وقاتلوهم، فازم املرابطون وقتل عبدالله بن ياسني يف املعركةس فعاد ومجع جيشا سار به إىل السوس، واصطدم أعلى أن ابن عمر مل يي

فتغلب عليهم وهزمهم، مث تقدم إىل سلجماسة فسار إليه صاحبها ةبالسوسيني وزالق ).ـه٤٥٣سنة (فهزمه ابن عمر واستوىل على سلجماسة

وهكذا صار يف يد ابن عمر ملك فيه مدينة مثل سلجماسة، فبادر إىل تعيني .ا عليهاقربني يوسف بن تاشفني واليأل عمه ابينأحد

وبعد أن بدرت بوادر امللك، وبدا أن هذا امللك قابل لالتساع هنا يف مشال يف حتركه حتقيقه، وهو الوصول ي ابن عمر اهلدف الذي أعلن أنه يبغيفريقيا، نسأ

بديل وهو وانصرف مهه إىل التخطيط لبلوغ اهلدف ال!.. الكفارة وجماهداألندلسإىل فعهد ..! املسلمني فيهاةالوصول إىل ما ميكن الوصول إليه مما حوله من بالد وجماهد

بكر بن إبراهيم بن عمر وجهز جيشا إىل السوس أيب سلجماسة إىل ابن أخيه ةبوالي .ع يوسف بن تاشفني فاستوىل عليهم

بو بكر بن عمر، فاجتمعت طوائف املرابطني على أ تويف ـه٤٦٢ويف سنة يوسف بن تاشفني وملكوه عليهم وتلقب بلقب أمري املسلمني، وتوسع يف ملكه حىت

مث اختط مدينة مراكش واختذها . استوىل على املغرب حصنا حصنا، وبلدا بلدا . وسال وغريها، وصار له جيش كبرينجة وطةعلى سبتواستوىل . عاصمة مللكه

تساقط بالد االندلسسبان، وكان املعتمد بن إل تسقط بيد اة، كانت مدينة طليطلـه٤٧٨يف سنة

عقالء ة، وقد نبه سقوط طليطلة هلم اجلزييدؤ وغريها يةشبيليإ وةعباد صاحب قرطب .ندلسألخرى يف األاملسلمني إىل اخلطر الذي ينتظر احلواضر اإلسالمية ا

: املوقف ذه الكلماتويصف ابن األثري

أصل السالجقة ١١٢

ةوا قوة الفرنج وضعف املسلمني واستعانأ مبا جرى ورةومسع مشايخ قرطب( األثري إىل القول بأن املعتمد إىل أن يصل ابن) بعض ملوكهم بالفرنج على بعض

. رسال رسول استنجاد بزعيم املرابطني يوسف بن تاشفنيإاتمعني، فتقرر بالتقى املعتمد ندلس، وواىفألولىب ابن تاشفني االستنجاد وعرب البحر بعسكره إىل ا

ذفونش وجيشه يف ألندلسيني، والتقوا باأل اة واملتطوعةوعسكره وعسكر قرطبان النصر الكبري للمسلمني، وذلك يف العشر األول من شهر رمضان سنة فك) ةالزالق(

.ـه٤٧٩ عاد إىل ويف العام الثاين. وعاد يوسف بن تاشفني مبرابطيه إىل مراكش

، ة صاحب غرناطيالله بن بلكني الصنهاج املعتمد بن عباد وعبدى والتقاألندلسن، فعجزوا عن فتحه ورحلوا سباإلوهو حصن منيع ل) ليط(ا إىل حصار وساروا مجيع

.عنه ومعه ة، واجتاز ابن تاشفني يف طريق عودته بغرناطةشبيليإوعاد ابن عباد إىل

ا بابن بلكني الذي اضطر غادرةفأعلن ابن تاشفني استيالءه على غرناط. ابن بلكني من ةفريقيا، وعاد يوسف بن تاشفني إىل مراكش تاركا يف غرناطألعبور البحر إىل

. عنهةها نيابحيكمبالد : ن مثلآلفريقيا إىل ما مل يكن قد امتد إليه حىت اأوامتد حكمه يف

. مهدىة، وقلعةالسوس، وورغ إىل القسم ة عسكرية كان يوسف بن تاشفني يرسل محلـه٤٨٤ويف سنة مث تتجه إىل . ة، وبلنسية، ودانية، وشاطبة على مرسي فتستويلاألندلساإلسالمي من

.ةة املعتمد بن عباد فتحتلها بعد معارك عنيف عاصمةشبيليإواشتد األمر على : ( قائالةشبيليإ املرابطني يف ة ما فعلته محلويصف ابن األثري

يع ما فيه، ومل يبقوا على سبد وال مجواأهل البلد ودخله املرابطون من واديه، وب وأبيحتيديهم ألبد، وسلبوا الناس ثيام، فخرجوا من مساكنهم يسترون عورام ب

١١٣ التمهيد

ناث، إلوالده الذكور واأسريا ومعه أخذ املعتمد أاملخدرات وانتهكت احلرمات، ف . زادةصلوا مجيع ما هلم، فلم يصحبهم من ملكهم بلغأبعد أن است

، فحبسوا فيها، وفعل أمري املسلمني غماتأهله إىل مدينة أوسري ابن عباد و يتأفعاال مل يسلكها أحد ممن قبله وال يفعلها أحد ممن يأم ) يوسف بن تاشفني(

وذلك أنه سجنهم فلم جير عليهم ما يقوم م ،ة لنفسه هذه الرذيليال من رضإبعده بان أمري أنفسهم، فأ ينفقوا على ةجرأحىت كانت بنات املعتمد يغزلن للناس ب

.)انتهى) (م قدرهؤذا الفعل عن صغر نفس ول) يوسف بن تاشفني(املسلمني يف السجن، وكان وهو يف وقد ظل املعتمد بن عباد مسجونا حىت توىف

:بياتأالسجن مقيد الرجلني ويف ذلك يقول من نياب ضيغمأيساورها عضا ب رقم أ تعطف يتعطف يف ساق

.)هله قتل ولداه بني يديه صرباأوملا أخذ املعتمد و: (ايضأويقول ابن األثري فطس أل وبطليوس، وكان عمر بن اة إىل املريةشبيليإمث سار املرابطون من

عان املرابطني على املعتمد، فساروا إليه واستولوا على بلده أصاحب بطليوس ممن يقدموا ولد: رادوا قتلهأومها، فقال عمر حني سريا هو وولده الفضل فقتلأخذوه أو سوى األندلسومل يتركوا من ملوك . ، فقتل ولده قبله للقتل ليكون يف صحيفيتيقبل .خرىأقوياء والعتبارات أم كانوا أل هود بين

) يوسف بن تاشفني(وملا استقصى عسكر أمري املسلمني : (ويقول ابن األثري ).ع ملوكهم وسريهم إىل بالد املغرب وفرقهم فيهاخذ بالدهم مجأندلس، وألملوك ا

ومما يلفت النظر هنا أن ابن األثري الذي بدا يف كل ما كتبه عن املرابطني . يوسف بن تاشفني ، حامال عليهةا معهم، بدا هنا منكرا لفعلمتعاطف

الغدر اليت ميكن أن يوصف ا ما ارتكبه ابن تاشفني يف ةورمبا كان لصفثر يف غضب ابن األثري وهجومه على ابن تاشفني ونعته مبا نعته به من أ ،األندلس

).م قدرهؤصغر نفس ول(

أصل السالجقة ١١٤

وهنا تعود إىل ابن األثري رقته . تاشفنيبن تويف يوسف هـ ٥٠٠ويف سنة تويف : (م قدره، ويقول يف رثائهؤفيتناسى ما وصف به ابن تاشفني من صغر نفس ول

خريا ةندلس وكان حسن السريألغرب والك املأمري املسلمني يوسف بن تاشفني م !).يهمأعادال، مييل إىل أهل الدين والعلم ويكرمهم ويصدر عن ر

كان حليما كرميا، وكان حيب العفو والصفح عن الذنوب : (مث يقول !).العظام

أن يفعل ما فعل ةهل من حسن السري: ل ابن األثري من وراء قربهأوحنن نسمام عينيه؟ وهل من امليل إىل أل من العدل أن يقتل ولديه صربا وه! باملعتمد بن عباد؟

. أمر بنات املعتمد إىل ما انتهى إليه؟يالعلم والدين أن ينتهه سجن املعتمد حىت املوت ووضع القيد يف رجليه وقتل ولديه بال ادمأوهل

!.ذنب، هل كل ذلك صادر عن رأي أهل العلم والدين؟ يدل على أن ابن تاشفني كان -ن األثري نفسه مما ذكره اب-وهل ما جرى

حيب العفو والصفح عن الذنوب العظام؟ وتوىل بعد يوسف ابنه على بن يوسف، األحوالواستوىل النساء على : (عن عهده) ٢٤١املعجب (يويقول املراكش

على كل ة مشتملة ومسوفةكابر ملتونأ من أةليهن األمور وصارت كل امرإسندت أومري املسلمني يف ذلك كله أر وقاطع سبيل وصاحب مخر وماخور، ومفسد وشري

املسلمني ومبا يدفع إليه من اخلراج ةمرإ ضعفه، وقنع باسم ىيتزيد تغافله ويقو ).مهالإل اة غايةمور الرعيأمهل أ والتبتل وةوعكف على العباد

كان : (يقول عن عهده) ٢٥٣ تاريخ املغرب العريب(على أن ابن اخلطيب واتسق العز وملك مجيع بالد املغرب ،يامه امللكأ كبريا فاضال معتدال عظم يف ملكا

).سرهاأ بة وبالد القبلة واجلزر اجلوفيةندلسيأل، إىل األرض اةإىل جباي اليت حيكمها، والصفات اليت ذكرها له ال تتنايف ةن اتساع الرقعإ: ننا نقولإو

كرب وفضل واعتدال يقصد أي ي يف املعجب، وال ندريمع ما ذكره عنه املراكش ..ابن اخلطيب؟

١١٥ التمهيد

بعد توليه امللك خبمس سنني أي ـه٥٠٥ بن يوسف هذا سنة يويف زمن عل ملقابلته ي املناطق اإلسالمية، فزحف علة ملهامجةذفونش صاحب طليطلألزحف ا .اذفونش وعاد خائبأل هزم فيها اة شديدة الفريقان يف معركىوالتق

ابن ةذفونش إىل تصوره ضعف البالد بعد وفاألم اويعزو ابن األثري هجوذفونش حينئذ وعلم أن للبالد حاميا أوذل : ( املعركة قائالةتاشفني، ويعلق على نتيج

).هلا وذابا عنها ة قرطبةثور

. على املرابطني ة بن يوسف ثارت مدينة قرطب ي يف عهد عل ـه٥١٤ويف سنة من عبيد الوايل مد يده خالل االحتفاالت ويعزو ابن األثري سبب الثورة إىل أن عبدا

كما يصفها -) ةالعظيم (ةمسكها فاستغاثت فوقعت الفتن أ ف أةضحى إىل امر ألبعيد ا علـى سـاق ةهل البلد ودامت مجيع النهار، واحلرب قائم أ بني العبيد و -ابن األثري

.دركهم الليل فتفرقواأوعيان، ألجتمع إليه الفقهاء وا بكر حيىي بن رواد، فاأيبفوصل اخلرب إىل الوايل

نكر ذلك وغضب أ فةثاروا الفتنأ أن تقتل واحدا من العبيد الذين ةاملصلح: فقالوا لقتال أهل البلد، فقاتلوه فهزموه، وحتصن ةصبح من الغد وقد حشد مسلحيأمنه، و

حرقوا أ وتعب فنهبوا القصر، وةبالقصر فحصروه وتسلقوا إليه فهرب منهم بعد مشق .قبح صورهأخرجوهم من البلد على أر املرابطني وبوا أمواهلم ومجيع دو

فاستعظم األمر، ومجع العساكر ) بن يوسفي عل(مري املسلمني أواتصل اخلرب ب والرببر وغريهم فاجتمع له منهم مجع عظيم، فزحف م واجتاز ة وزناتةمن صنهاج دمه ين يريد أن حيم فقاتله أهلها قتال مة وحصر مدينة قرطباألندلسالبحر إىل .وحرميه وماله قتاهلم دخل السفراء بينهم وسعوا يف الصلح، ة أمري املسلمني شدىفلما رأ

.ام إىل ذلكأجف

أصل السالجقة ١١٦

على املرابطني ذات ةطب قرة عن ثوروردها ابن األثريأهذه النصوص اليت على وعظ الناس األساس قامت دعوم يف ين عن هؤالء املرابطني الذةدالالت كبري

رجل، وصار يلفأ بذبح ةم يفتتحون الدعو ودعوم إىل التمسك بالدين، فإذا .الشعار من خيالف يقتل

، مث كان يوسف بن تاشفنييمث جرى ما جرى على املعتمد بن عباد، على يد امرأة، وصارت كل األحوالأن استوىل النساء على : ياألمر يف عهد ولده عل

... على كل مفسد وشرير وقاطع سبيل وصاحب مخر وماخورةمشتمل اعتداء عبد من عبيدهم ةحماولجل أ من ةمث هذه هي الثورة عليهم يف قرطب

...أةعلى امر :ي ما يلة قرطبةونستنتج من ثور

مل يستطع املرابطون االندماج يف الشعب ومل تتغلغل دعوم يف اجلماهري، - ١ .بل ظلوا عضوا منفرزا عن الشعب، ينظر إليهم الناس على أم غرباء عنه

وبني العبيد، جيب ةقرطبجل أن يستمر القتال طول النهار بني أهل أ من - ٢بسط قواعد اإلسالم الذي أ مع وهذا يتناىف. ا جداأن يكون عدد هؤالء العبيد كبري

حداث أ كما تدل - منهم، وهذا يدل اإلكثارحض على حترير العبيد ال على سيسها على يد أ كانت منذ تة املرابطية على أن احلرك-يوسف بن تاشفني من قبل

ا تدعو إليه من أ عما تظاهرت بة بكر بن عمر، بعيديبأ) التنفيذي(سسها ؤم .هداب الدينأالتمسك ب

، ولكن ةللحرك) يالنظر(سس ؤالله بن ياسني امل خالص عبدإبدا بأوال نشك أو -مر أ يي اإلسالمية، فالذةالذي نشك به هو مقدار تفهمه جلوهر اإلسالم والدعو

جل أم مل يستجيبوا لتعاليمه، ألفي مسلم صربا من أ بذبح - ى يرضاألقلعلى بو بكر بن عمر، أما مغفل استغله إمن مل يكن معنا قتلناه، هو : ويكون شعار دعوته

. إىل احلقةسلوبه يف الدعوأ له بروح اإلسالم وجوهره وةنسان ال صلإأو

١١٧ التمهيد

يعيان من أخذ أحد العبيد وقتله، يرضألمجع عليه الفقهاء واأ إذا كان ما - ٣ ة وال احلق، فكيف يصح يف الشريعة ال اإلسالم وال العدالي فهو ال يرض،ةأهل قرطب

قد األعيانوإذا كان ! خذ رجال مل يثبت عليه أنه ارتكب ما يوجب قتله فتقتله؟أأن ت !.مجعوا على ذلك، فكيف يصح ذلك للفقهاء؟أ

بن يوسف ليته كان مجعها يعل) أمري املسلمني( هذه اجلموع اليت مجعها - ٤ .ةديب أهل قرطبأ من تىمسأف هلد

يقتال من يريد أن حيم: نهأ وقتاهلم بة وصف ابن األثري لثبات أهل قرطب- ٥) املرابطني( من ةما كان يتوقعه أهل قرطب هذا الوصف يدلنا على. دمه وحرميه وماله .مواهلمأأن يرتكبوه بنسائهم ودمائهم و!! اإلسالميةةأصحاب الدعو يفريقألخرى يف املغرب اأ ةسالميإ بعد أن قامت حركه بن يوسفيمات علبقيادة ابن تومرت وقاتلت جيوش املرابطني، ودام القتال يف ) املوحدون(عرفت باسم بعد أن هـ٥٤٢مر املرابطني سنة حىت انتصر املوحدون وانتهى أي علةعهد خليف

.ذ استنجدوا بالفرنج على قتال املوحدينإختموا عهدهم أسوأ خامته وكان مبراكش : ( عن فتح املوحدين ملراكش عاصمة املرابطني:يقول ابن األثري

).ةجيش من الفرنج كان املرابطون قد استنجدوا م فجاءوا إليهم جند وهو صيب- بن يوسف بن تاشفني يسحاق بن علإوكان قتل آخر ملوكهم

، وبه انقرضت دولتهم بعد أن دامت سبعني سنة، ووىل منهم ـه٥٤٢ سنة - .سحاقإ وتاشفني وييوسف وعل: ةربعأ

يهاجم يوسف بن تاشفني وحيمل عليه، مث يناه أول األمرأوابن األثري الذي رصام فيقول عن يوسف أصاب املرابطني ما أ عليه عند موته، يعود هنا بعد أن يثين

ساء يوسف بن تاشفني يف فعله باملعتمد بن عباد، وارتكب أولقد : (بن تاشفني ىبرأقبح مركب، فال جرم سلط الله عليه يف عقابه من أ ة املذكورةبسجنه على احلال

).خذ عليه وزادأليف ا

أصل السالجقة ١١٨

!. فرنجإل مسلم صربا، وانتهوا باالستنجاد بايلفأوا أمرهم بذبح أابتد: ونقول !!...ةسالميإ ةومع ذلك فهم أصحاب دعو

يضاح ما إل) امللثمني(كان ال بد من هذا احلديث غري القصري عن املرابطني شار أ، وةروب الصليبـيالذي جاء إىل بغداد خالل احل) امللثم(ذكره ابن األثري عن

.ابن األثري إىل سبب قدومه إىل بغدادنه ممن قاتلوا الصليبـيني مع إ - كما تقدم -يقول ابن األثري عن سبب قدومه

.بلى بالء حسناأفضل بن بدر اجلمايل وألان أل، ف)املرابطني( من مجاعته ةأما ملاذا جاء إىل بغداد ومل يعد إىل بالده احملكوم

مسلم صربا، وختموها باالستنجاد يلفأابطني الذين افتتحوا دعوم بذبح هؤالء املرن هؤالء املرابطني إ -فرنج واستقدموا جيشا منهم إىل عاصمتهم مراكش إلبا

، -األثريابن كما يقول -يعتقدون بالعلويني أصحاب مصر االعتقاد القبيح ثري يف كل ما كتبه عنهم الفاطميون، الذين اصطلح ابن األ: واملقصود بالعلويني هنا

) ع( يعلى تسميتهم بالعلويني ال بالفاطميني، فهو ينسبهم إىل عل) الكامل(يف كتابه ).ع(ة ال إىل فاطم

وقد قاطعوهم !.. م على غري مذهبهمألأما ملاذا يعتقدون فيه االعتقاد القبيح ف .رادوا احلج ال ميرون يف مصرأحبيث أم إذا

ةا اجلمايل الذي كان قد سيطر على اخلالفة الفاطمين بدركد ابن األثري أؤويصالحهم، مبعىن التقرب إليهم إ أن بدرا هذا حاول - ملصريصبح هو احلاكم الفعلأو . ما يف نفوسهم، فلم مييلوا إليه وال قاربوهةزالإو

، فكان يقتل من ظفر به منهم، ومن ةعياه أمرهم قرر معاملتهم بالشدأوملا .فسادهم الناس عليهإ بدر ذلك فال ريب أنه كان خيشى جل أن يفعلأ

فضل والده بدرا عاد يستصلحهم وحيسن إليهم، ولقد كان ألوعندما خلف ا به يف هذه ة بكل من ميكنه االستعانة مع الصليبـيني، ويريد االستعانةيف حرب متصل

١١٩ التمهيد

وكان ممن فريق منهم فانضموا إليه يف جهاد الصليبـيني،ةاحلرب، فاستطاع استمال .امللثم الذي حتدث عنه ابن األثري: انضم إليه

فيه يف ىبلأوبالرغم من أن اتصال هذا امللثم ببدر اجلمايل كان اتصاال جهاديا إىل بالده، خوفا من أن يقتله ةنه كان خيشى العودإقتال الصليبـيني بالء حسنا، ف

أما التعامل مع املسلمني فرنج حالال،إلقومه املرابطون، الذين يرون االستنجاد با. الذين هم على غري مذهبهم، ولو كان تعامال جهاديا فهو حرام يستحق فاعله القتل

.، مث عاد إىل مصرةلذلك آثر الذهاب إىل بغداد لفترال إمل يكن للمصريني حرب مع الفرنج : ينا فيما قال ابن األثريأوكما ر

فضل قد أل يدلنا فيما يدل على أن اوهذا القول... وشهدها، فقتل يف بعضها شهيدا .ظل مواصال احلرب على الصليبـيني دون انقطاع مع السالجقة

ة سقاوو املوصل وديار بكر واجلزيرقطع السلطان حممد جاويلأهـ ٥٠٠سنة هذا ولنعرف من هو جاويل. خذ البالد منهمأكلها، مقابل أن يسري إىل الفرنج وي

:ننقل وصف ابن األثري له قبل هذا قد استوىل على البالد اليت بني خوزستان وفارس وأقام جاويلكان (

يديهم وجدع أ يف أهلها وقطع ةساء السريأا سنني، وعمر قالعها وحصنها، و ..عينهمأنوفهم ومسل أ

الوايل الذي اختاره السلطان حممد ليحكم تلك األرض ةهذه هي سري .ةالواسع

الغرب اإلسالمي، ويعرف استيالء يفيوالسلطان حممد الذي يعرف ما جيرذالهلم هلم، إ، ويعرف عيث الصليبـيني باملسلمني وةالصليبـيني على الديار املقدس

جناد اإلسالم ودفع الضيم عنه، بل عهد ذه إمل يكن من مهه أن يهب بنفسه إىل . إىل من يعلم هو قبل غريه أنه ليس من رجاهلاةاملهم

أصل السالجقة ١٢٠

املسلمني يف ييدأالرجل الذي قطع )!.. سقاووجاويل( إىل ةعهد ذه املهم ..عينهمأنوفهم ومسل أبالدهم وجدع

يطلب إليه السلطان حممد أن .. الرجل الذي استحل يف املسلمني كل ذلك !..خذ البالد منهمأيسري إىل الفرنج لينوفهم ومسل عيوم، عمر القالع أ الرعايا وجدع ييدأ قطع ةيف موازا

!..حصنها مبا خرب من البيوت ونقض من الدياروحصنها، عمرها وعمرها وحصنها حذرا من أن يثور عليه الذين خرب دورهم وهدم منازهلم،

هذا هو الرجل الذي طلب إليه سلطان السالجقة قتال .. ا منهميفيحتم .خذوه من بالدأالصليبـيني واسترجاع ما

..املسلمني؟نقاد إل سقاوو املنتدب فماذا فعل؟ ماذا فعل جاويل ةربعأذهب من بغداد إىل املوصل وجعل طريقه على البوازيج فملكها، وبها

نقاذ املسلمني من إلهذا الذي أرسل . من أهلها وحلف هلم أنه حيميهمأيام، بعد أن أ يذالهلم، هذا الذي أرسل ليحمإب والذل، حول مهمته إىل ب املسلمني والنه

..ميانألمان، وحنث باألشرائع اإلسالم استباح شرائع اإلسالم فنكث باجبنوده ليحول بينه ) جكرمش(ربل، ويف الطريق لقيه إومضى بعد البوازيج إىل

. سقاوو جاويلن حكمها كان له فاقتتال وانتصرأل ؛وبني الوصول إىل املوصل إىل مجاعة جكرمش يف املوصل فتحصنوا ا لقتال جاويلةووصل خرب اهلزمي

.رادها قلج أرسالن فصارت لهأسقاوو، وبدا الطمع باملوصل و ليقدم إىل الشام لقتال الصليبـيني جباويلواستنجد امللك رضوان بن تتش

ة إىل الرحبن الفرنج قد عجز من بالشام عن منعهم، فسار جاويلإ: قائال له وحاصرها، فاشتد احلصار على أهلها وضاقت عليهم األمور، واستطاع جاويل

. فعله هو بهايءول شأدخوهلا فحداث أ املوصل يف جيشه جبيش قلج أرسالن فهزم قلج ودخل جاويلىمث التق .ةوخطوب مج

١٢١ التمهيد

الذهاب لقتال الفرنج فقد نسيها جاويلي، وه اليت انتدب هلا جاويلةأما املهمرض الشام من الفرنج باسترداد أيف غمار النهب والسلب، واستعاض عن استرداد

.املوصل من املسلمني للموصل، فالسلطان حممد كان حكم جاويلة كانت ايهـ٥٠٢ويف سنة

وما دام موالأل كل بلد يفتحه فاستوىل على كثري من البالد واةعل إليه واليقد ج ما ة أن تكثر لديه األموال لكثريالنهب يرافق استيالءه على البالد، فمن الطبيع

.لبالداستوىل عليه من اطلق يده يف الفتح والنهب كان ينتظر أن أ حممد الذي يوالسلطان السلجوق

ثر ا فقرر السلطان استبداله بغريه من أ است باملنهوبات، ولكن جاويليشركه جاويل الذين يتقامسون مع سالطينهم ما ينهبونه من الشعب، فاتفق مع مجاعة من ةالوال

خذوها أ وي البالد اليت حيكمها جاويلةوصل وبقي أن يتوجهوا إىل املةاألمراء والوال .منه، فتوجهوا إىل املوصل

وكل إىل زوجته أحكم أمر الدفاع عنها، وأ ترك املوصل بعد أن فقرر جاويلحداثها ما أعيان املوصل، وأخرج من أ الدفاع بعد أن مهد هلا األمور بأن حبس ةدارإ

اميان على احلديث يف هذا األمر اجتمع ععلن أنه مىتأيزيد على عشرين ألفا، و ..قتال

يف شر حال من الذل والرعب وتوقع جاويلةصبحت املوصل يف يد زوجأ .البالء

ال ي الشعب يف فوضة، وعام جاويلة يف السجون، والشبان يف قبضاألعيان .. فيها، فإذا خطر الثنني أن يلتقيا فيتشاكيا قتال يف احلالةقياد

..خرج عن البلد، وب السواد: ، يقول ابن األثريأما هو فقد ترك املوصل . ومنهجه وعملهيهذا هو شعار العصر السلجوق... ب الشعب

نقاذ القدس إلهم القائد املنتدب ؤمنني املطمئنني، يفاجآلأهل السواد الوادعني ا ..بالنهب والترويع

أصل السالجقة ١٢٢

ضطهاد باىت أن زوجها قد اكتفأ يف املوصل فقد ره مقامةأما زوجته القائمن تربهن بأن أ يف االضطهاد بني الرجال والنساء، ويت هي أن تساوأالرجال، فر

ىوصادرت زوجته من بق: (يقول ابن األثري... من الرجلةقل كفاءأ ليست أةاملر ..).بالبلد وعسفت نساء اخلارجني عنه

يف البلد من الرجال، يموال من بقأاستولت على : مرينألقد عمدت إىل .يل جاوةمرإ مل ينضو رجاهلن حتت نساء اللوايتوعسفت ال

هلها من اخلارج، أفتمادى احلصار ب: ( املوصلةيقول ابن األثري واصفا حال اليت كانت فيها املوصل ووصفها ابن األثري ذا ة، هذه الشد)داخلالوالظلم من

اجلصاصني، ومل يكن ة داخل املوصل ميكن أن نسميها ثورةدت إىل ثورأالوصف وسع منها، ومع أن اجلصاصني حمدودو العدد فقد أ ةن املمكن أن تقوم ثورم

.حكام أمرهم فنجحواإاستطاعوا حداثه أ الشعب يف السجون، وة عامة فقادةمكان قيام ثورإلمل يكن باا من اجلصاصني يصفهم ابن األثري ذا ولكن نفر. ه مضطهدونؤمصادرون، ونسا

اس اتفق نفر من اجلصاصني، ومقدمهم جصاص فلما طال األمر على الن: الوصف . على تسليم البلدييعرف بسعد

قل أ أن الذين صمموا وجنحوا كانوا :أي، ةمن هم دون العشر: ةوالنفر يف اللغ .، وهكذا بتدبري هؤالء النفر دخل عسكر السلطان البلدةمن عشر

ةمل، مث راسلت األمري مودود قائد احلة فتحصنت بالقلع جاويلةأما زوج . يف أن يفرج هلا عن طريقهاةالسلطاني

فرج هلا أ ويقاتلها، فأةمرالنف من أن يتصدى أويبدو أن األمري مودود .وخرجت من املوصلوذا أصبح مودود . مواهلا وما استولت عليهأا خرجت بإ: ويقول ابن األثري

.ليهاإحاكما على املوصل وما ينضاف

١٢٣ التمهيد

املوصل ومضى ينهب السواد، فقد أخذ معه الذي ذكرنا أنه ترك أما جاويل سقمان هصاحب الرها وسروج وغريها، وهو الذي كان قد أسر) القمص بردويل( يف املوصل مسجونا مخس سنني، وبذل األموال الكثرية يذه منه جكرمش، وبقأخو

.فلم يطلق أن يتحالف على السلطان مع بعض األمراء السالجقة فلم وحاول جاويل

طلقه وخلع عليه، وقرر عليه أن أوهنا اجته إىل القمص بردويل ف. لكيوفق إىل ذراد أ ن ينصره مىتأسرى املسلمني الذين يف سجنه، وأن يطلق أ نفسه مبال وييفد

.ذلك منه بنفسه وعسكره ومالهوالن شرطان ألطالق القمص، والشرطان اإ هو اهلدف من األخرين الشرط إهو أن يذهب إىل مملكته وجيمع جيوشها وجيعلها طالق القمص إاهلدف من . ثانويان

ن يكون القمص أ حني يناديها لنصرته على قومه، وعلى استعداد تلبيه لنداء جاويل .سها فال يقودها غريهأنفسه على ر

جناد املسلمني على الفرنج، إل الذي انتدب يوهكذا فإن القائد السلجوق !..يستنجد بالفرنج على املسلمني

امللك رضوان بن تتش ي األمر إىل أن يغرىمور بعد ذلك وينتهوتتشابك األ فيتحالفا عليه، جباويلةنطاكيإالصليبـي صاحب ) يطنكر (ي يغر-صاحب حلب حتالف : عجب احلروبأ مع القمص وجوسلني وتقع حرب من ويتحالف جاويل

احلرب زميه جاويلى، وتنتهيبـي صليسالمإعلى حتالف يبـي صليسالمإ ةنطاكيإوقتل من املسلمني خلق كثري وب صاحب : ويقول ابن األثري. ئهوحلفا

ة معركةثقاهلم وعظم البالء عليهم من الفرنج، وحدثت يف هذه السنأأمواهلم و بني الفريقني، ةوال مث عقد هدنأ الفرنج ةدت إىل هزميأ بني طغتكني والفرنجةجانبي

بأن عسكر طغتكني ازموا وخلوا : ، يقول ابن األثري عن نتيجتهاةختللتها معرك .قبح حال من التقطعأثقلهم ورحاهلم ودوام للفرنج ووصل املسلمون على

أصل السالجقة ١٢٤

احلال يف غرب العامل اإلسالميوسنرى هنا . طراف غربهأمي وصوال إىل يف شرق العامل اإلساليينا ما جيرأر

. يف الوقت نفسه يف غرب هذا العامليما كان جيرلقد ذكرنا من قبل أنه بينما كان السالجقة يتناحرون يف الشرق كان

، ة وحيفا، وطربيةرسوف، وقيساريأالصليبـيون يستولون يف الغرب على يافا، ووكانوا . ى القدس والرها، وسروج بعد أن كانوا استولوا علةنطاكيإ، وةوالالذقي

.حياصرون طرابلس فإن الصليبـيني كانوا يشددون احلصار على هـ٥٠٣ن يف سنة آلأما ا

حكام حصارها، كما وقووا قواهم إل كبريا سطوالأبا وورأطرابلس ويرسلون من .ة احملاصرةالربي

لى بلده قبل ذلك اشتداد احلال عى بن عمار ملا رأيبو علأوكان فخر امللك قوات وقلت واشتد األمر عليه وعلى أهل البلد، وعلم أن ألطرابلس وضاقت عليه ا

عزم على الذهاب إىل ة السابقاألحباثاألمور قد استتبت للسلطان حممد كما مر يف جناد برا وحبرا، وجعل ألبغداد لالستنجاد بالسلطان حممد، بعد أن رتب يف طرابلس ا

.شهر مقدماأ ةجناد راتب ستأل، ودفع لكل موضع إىل من يقوم حبفظه سواء من اخلليفة أو من السلطان ة بالغةمث مضي إىل بغداد فاستقبل فيها حبفاو

ةاله وما يعانيه يف جماهدله عن حأن السلطان سإ: ويقول ابن األثري. حممديالسلجوق عدوه وطول ة وقوةالكفار ويقاسيه من ركوب اخلطوب يف قتاهلم، فذكر حال

وصل إليهم مجيع ما أ، وضمن أنه إذا سريت العساكر معه ةحصره، وطلب النجدا مما ذكره ا حنويضأوحضر دار اخلالفة، وذكر . فوعده السلطان بذلك. يلتمسونه

.عند السلطانتابك قتلغ تكني ليسري أر السلطان أن طلب من األمري حسني بن فكان من أم

سقاوو ليمضوا معه العساكر اليت سريها إىل املوصل مع األمري مودود لقتال جاويل .صفهانأمث ترك السلطان بغداد قاصدا . معه

١٢٥ التمهيد

..فلم جيد ذلك نفعا: يقول ابن األثريمع ابن عمار بقيادة رساهلا إنه طلب أأما العساكر الذي تظاهر السلطان ب

خرى الستنقاذ طرابلس من الصليبـيني، بل أ ةاألمري مودود، فقد كانت هلا مهم .استنقاذ املوصل من جاويل استوىل مودود والعسكر الذي أرسله معه ةيف هذه السن: يقول ابن األثري

. سقاووخذوها من أصحاب جاويلأالسلطان على مدينة املوصل و ب بقيادة األمري مودود يساكر السلطان السلجوقيف الوقت الذي كانت عويف الوقت الذي كان األمري مودود ينجح يف االستيالء . الستنقاذ املوصل من جاويل

.على املوصل كبري مشحون بالرجال والسالح يبـيسطول صلأيف هذا الوقت بالذات كان

.لس من املسلمنيوروبا بقيادة رميوند بن صنجيل الستنقاذ طرابأه يهب من اواملي على املوصل كان يل مودود يستويويف الوقت الذي كان القائد السلجوق

ة بغدوين ملك القدس ومعه رميوند بن صنجيل وغريه من القاديامللك الصليبـي . على طرابلسالصليبـي يستويل

:ا احلاليقول ابن األثري واصفحف، فهجموا على البلد براج والزألمن ا) طرابلس(ومد الفرنج القتال عليها (

بوا ما فيه ووملكوه عنوه وقهربوا ألسروا الرجال وسبوا النساء واأا وطفال و ما ال يعد ة وكتب دور العلم املوقوفةمتعألوغنموا من أهلها من األموال وا. األموال

.ةمواال وجتارأوال حيصى، فإن أهلها كانوا من أكثر أهل البالد خذت دفائنهم وذخائرهم من أنواع العقوبات، وأوعاقب الفرنج أهلها ب

).مكامنهمغرى سقوط طرابلس الفرنج فساروا إىل بانياس ففتحوها، وإىل جبيل أو

مث واصلوا زحوفهم فامتدوا إىل صيدا فضايقوها برا وحبرا فاضطرت . ايضأففتحوها

أصل السالجقة ١٢٦

موال آخرون ففرضوا عليهم األيان فدخلوها وهجرها قسم من أهلها وبقألملطلب ا .خذوا يهاجرون من مدينتهمأفقروهم واستغرقوا أمواهلم فأحىت

بالقرب من ) ثاربألا(وامتد الصليبـيون من اجلانب اآلخر فملكوا حصن ومنه مضوا إىل حصن . سروا الباقنيأ رجل وسبوا ويلفأهله أمدينة حلب وقتلوا من

.ثاربألهله مثل اأففتحوه وفعلوا ب) زردنا(وقصد . بج بذلك فارقوها خوفا منهم وكذلك أهل بالسفلما مسع أهل من

ودب الذعر يف بالد الشام . نيس فعادوا عنهماأومها وليس ما أالفرنج البلدين فر .كلها

:يقول ابن األثرييقنوا باستيالء الفرنج أفعظم خوف املسلمني منهم وبلغت القلوب احلناجر، و(

ه، فشرع أصحاب البالد اإلسالمية بالشام له واملانع عنيعلى سائر الشام لعدم احلام .ة يسريةخذوا إىل مدأ يةال على قطيعإ ةجابإل معهم فامتنع الفرنج من اةيف اهلدن

فصاحلهم امللك رضوان صاحب حلب على اثنني وثالثني ألف دينار وغريها ي آالف دينار، وصاحلهم علةمن اخليول والثياب، وصاحلهم صاحب صور على سبع

). ديناريلفأ على ةصاحب محا يالكردفلما بلغ األمر إىل هذا احلد مل يعد الشعب حيتمل ما صار إليه من اهلوان ومن

فقرر مجاعة من أهل حلب وهي املدينة اليت وصل الفرنج إىل . كربألتوقع الشر اال ثالثة فراسخ قرر مجاعة من أهل حلب إثارب الذي ال يبعد عنها ألحصن ا

واالستنجاد ة القضيةثارإل ة واخلليفيحيث السلطان السلجوقالذهاب إىل بغداد ، فلما وصلوا كان أول من تعاطف معهم خلق كثري من ة للقويساسألباملصدر ا

كربى ة مظاهرةالفقهاء، وغريهم من طبقات الشعب، فكان أن سارت يوم اجلمع . وكسروا املنربةإىل جامع السلطان واستغاثوا ومنعوا من الصال

١٢٧ التمهيد

ة فقط وال خطبةنوا يف تصرفهم هذا يقصدون إىل أن الدين ليس صاللقد كا وحدها، وماذا تفيد صلواتكم وخطبكم إذا كان اإلسالم يباد ويهان يف ةاجلمع

..هم من اإلسالم وهو اجلهادألنفاذ الركن اإلاجلانب اآلخر وإذا كنتم ال تنفرون نفاذ إن يعدهم بأل ي اضطر السلطان السلجوقة الصاخبةمام هذه املظاهرأو

.العساكر للجهاد جدد احللبيون مظاهرم فمشوا ومشى معهم أهل بغداد الثاينةويف يوم اجلمع

إىل جامع القصر بدار اخلالفة، فلما وصلوه منعهم حاجب الباب من الدخول املنرب على وهجموا ةزاحوه من طريقهم ودخلوا اجلامع وكسروا شباك املقصورأف

.ايضأ ةمعفكسروه، وبطلت اجل يستطيعه أرسل إىل السلطان يء اخلليفة تفاقم األمور وليس يف يده شىفلما رأ

وهو صاحب احلل والعقد يطلب إليه االهتمام باملوضوع وتصريف أمر يالسلجوق .هذا الفتق ورتقه، على حد تعبري ابن األثري

ا، وهو فتق على الدولة كلهة عارمة شعبية هنا يرى أن األمر عاد نقمة فاخلليفانفتق عليها ال بد من رتقه خوف متاديه واتساعه، فهو بذلك ينصح السلطان بالتاليف

.قبل اتساع اخلطرا، فجمع من يف بغداد من األمراء وطلب إليهم وهنا قرر السلطان أن يفعل شيئ

وزاد على ذلك فضم ولده مسعود إليهم وأرسله . إىل بالدهم والتجهز للجهادالعودة .مري مودود صاحب املوصل ليلتحق ما األمراء ويسريوا جمتمعني لقتال الفرنجمع األ

تفاصيله، فيبدو جليا أن الصراع بني اآلنوهنا حدث حادث فريد جنهل إمرباطور مداه حبيث أدي ذلك إىل أن يرسل أقصىالبيزنطيني والصليبـيني قد بلغ

د يستنفره على الصليبـيني رسوال إىل السلطان السلجوقي يف بغداالقسطنطينيةوكان وصول هذا الرسول إىل بغداد قبل . وحيثه على قتاهلم ودفعهم عن البالد

نوا يقولون ، فكاطي الرسول البيزنمبهمة، فعلموا وهم يف بغداد إليهاوصول احللبيني

أصل السالجقة ١٢٨

، حىت قد لإلسالم منك ة الله تعاىل أن يكون ملك الروم أكثر محييأما تتق: للسلطان !. يف جهادهمإليكأرسل

طيوإذا كان األمر على غري ما تصور احللبيون من أن استنفار امللك البيزن بني االثنني مشتركة ةمنا هو مصلحإ، ولإلسالم منه ة هو محييللسلطان السلجوق

ملكه، القسطنطينية بالقضاء على الصليبـيني الذين باتوا ينازعون ملك يتقض .ويهددونه يف بالده

فيتحالفوا مع طي أن يغتنموا هذا الغضب البيزنةنه كان ميكن للسالجقإف ختلص م آخر غري همولكن السالجقة كانوا يف ه. صاحبه للتخلص من الصليبـيني .، هو ختلص بعضهم من بعضنيياألرض اإلسالمية من الصليبـ

ةويف خالل هذا التجهم اإلسالمي الذي أصبح يعم العامل اإلسالمي تزف ابنحزان ألا دىن حد من االبتهاج احترامأ إىل اخلليفة، فال يكتفي بهالسلطان ملكشا

مل يشاهد الناس عظيمة ة، بل زينت بغداد وغلقت، وكان ا فرحالعامليةاملسلمني . عنها ابن األثريمثلها كما يقول

للمظاهرات نتيجةنفاذا ملا تقرر يف بغداد إمراء السالجقة يف املوصل أالتقى اليت استجاب هلا البغداديون فضغطوا على اخلليفة والسلطان، فدعا السلطان احللبية

.إىل اجلهاداألمري مودود صاحب املوصل، األمري سكمان : الذين التقوا همواألمراء

ابنا برسق، ي وزنكييلبكإ األخوان واألمريانتربيز وبعض ديار بكر، صاحب القطيب .ةمحديل صاحب مراغأمري ألوهلما مهذان وما جاورها، وا

صاحب ماردين، ييلغازإ واألمريربل، إبو اهليجاء صاحب أوكوتب األمري . مودودباألمري باللحاق ة البكجيواألمراء

لقد كان ملتقى عسكريال أن إخال أوال . مل الكبري بهألاا ميكن ربط ا ضخم.. يقنوا باخلالصأالناس كانوا وهم يتسامعون ذا احلشد الكبري من األمراء واملقاتلني

ثناء، هل كان قد عاد إىل حلب أل يف هذه ا كان الوفد احلليبأين يوحنن ال ندر

١٢٩ التمهيد

حامال البشرى ال إىل حلب وحدها، بل إىل بالد الشام كلها بنجاح مساعيه، أن الوفد أم.. القلوبأعماق املنبعث من ة األمر إىل صوت االستغاثويلأ ةاستجابو

غلب الظن أنه كان قد عاد إىل حلب بعد أن ملس أقد ظل يف بغداد يراقب وينتظر؟ .ليد أن ما يشبه النفري العام قد أعلن بني األمراءا

مراء وما ميكن اليت يسيطر عليها هؤالء األالرقعة يلفت النظر هو اتساع والذي إىل مهذان ةأن حيشد منها من مقاتلني فمن تربيز إىل ديار بكر من جانب، ومن مراغ

...ربل إىل املوصل إىل ماردينإوما جاورها من جانب آخر، ومن كرب، نداء منبعث من قلوب أالله : هيب ا بنداءأ إذا الواسعةهذه األرض

هيب ا ستتدفق منها اجلماهري تدفق أ إذا ة، وحناجر متحمسة، وضمائر حيةخملص ..ءيكرب، فتكتسح كل شأالله : ة البحر اهلائج صارخأمواج

، وال احلناجر كانت ةولكن ال القلوب كانت خملصه، وال الضمائر كانت حي !..ةمتحمس

حصون للفرنج، حىت انتهت ةمشت مجوع األمراء إىل سنجار، ففتحت عدصار مل يلبث أن فك عن الرها، وعاد عنها ، ولكن احل)الرها(إىل حصار مدينة

.األمراء دون أن يفتحوها استعد ملقابلته، على أن مل يتعد بـيفقد قابل هذا التجمع اإلسالمي جتمع صلي

حكام أمر الرها، إ استطاع معها الفرنج ةمكنأوتبادل ) مناورات(مناوشات ووا يف فتحها فرحلوا فاستعاض األمراء عن حصارها حبصار قلعة تل باشر فلم ينجح

.عنهاائي تآا عن قضيه اجلهاد، وعادوا إىل الوختلواا مر بعضهم على بعض، وعوض

، توجهوا إىل حلب فاستراب م صاحبها امللك احملتلةعن أن يتوجهوا إىل األرض .رضوان فحال بينهم وبني دخوهلا ومل جيتمع م

س، فجعله أصحابه يف ، ومات يف باليب األمري سكمان القطأحدهمومرض !! رفيق سكمان يف اجلهادالفرصةفاغتنم هذه . تابوت، ومحلوه عائدين إىل بالده

أصل السالجقة ١٣٠

ويغنم ما معهم، فحزموا ليأخذهم، واستضعف مجاعته بعد موته، فقصدهم إيلغازي وغنموا ما ييلغازإ يف القلب وقاتلوا بني يديه، فازم أمريهمأمرهم وجعلوا تابوت

!..بالدهممعه، ومضوا إىل ومل ينته األمر، ! نقاذ املسلمني يف بالد الشامإ اجلهاد، وةهكذا عاد مصري محل

كما يسميه ابن األثري بعد أن حيل بينه وبني دخول حلب، السلطاينفإن اجليش النعمان، واجتمع م ةورفض صاحبها رضوان لقاءهم تركوا حلب ومضوا إىل معر

يف حق رفيقهم األمري مودود، ة نيات فاسدطغتكني صاحب دمشق فاطلع منهم على .طلعه على أمرهمأفنـزل عليه و

ما علم خاف أن يقصدوه الفاسدة وعلم من نيام ى ما رأنيوملا رأي طغتك .حكم أمره معهم وهادمأ منه فاتصل سرا بالفرنج وفيأخذواإىل دمشق

!!.مث تفرقت العساكر وعاد كل أمري إىل حيث جاءت الفرنج على االنتشار يف أ جر اجلهاد السلطاينة محلإليهايت صار الالنهاية

إليهاوا مبدينه صور، وسار أبالد املسلمني واستصفائها بلدا بعد بلد، فكان أن بدحلصارها، فلما وصلها تفنن يف احلصار ةا صليبيبغدوين صاحب القدس يقود حشود

كل برج ألف رجل، ونصبوا ا ويفبراج خشب علو الربج سبعون ذراعأعد ثالثة أف .خلوه من الرجالأحدها إىل سور البلد وألصقوا أعليها اانيق، و

براج عنهم، أل يدفعون ا شر اةحضر الوايل أهل البلد واستشارهم يف حيلأف إىل صور بعد احتالل طرابلس، أفقام شيخ من أهل طرابلس، يبدو أنه ممن كان جل

معه ألف رجل بالسالح التام، ومع كل رجل خذ أحراقها، وإوضمن على نفسه لقى أ، فباملدينةمنهم حزمه حطب، فقاتلوا الفرنج إىل أن وصلوا إىل الربج امللتصق

لقى فيه النار، مث خاف أن يشتغل الفرنج الذين يف الربج أاحلطب من جهاته، و ، فلماة من العذرءةعدها مملوأطفاء النار ويتخلصوا، فرماهم جبرب كان قد إب

والتلويث فتمكنت النار من الرائحةسقطت عليهم اشتغلوا ا ومبا ناهلم من سوء خذ منه املسلمون ما قدروا عليه بالكالليب، أو. ال القليلإالربج، فهلك كل من فيه

١٣١ التمهيد

مث أخذ سالل العنب الكبار، وترك فيها احلطب بعد أن سقاه بالنفط والزفت والكتان .اآلخرينحرق الربجني أ و،ةوالكربيت، ورماهم بسبعني سل

الصليبـية ةمام احلملأوعلم الصوريون أم وحدهم غري مستطيعني الصمود . فاستنجدوا بطغتكني صاحب دمشق، ووعدوه بأن يسلموا البلد إليهالكبرية

وإذا كان طغتكني هذا قد أقام عالقات مع الفرنج وساملهم وهادم كما ونريد . جناد الصورينيإيوم قد نقض هدنتهم وقرر نه الإ ف؛ذكرنا فيما تقدم من القول

ليها هو الذي إن الطمع بتملك صور وامتداد سلطته إأن حنسن الظن به، فال نقول ... اإلسالمية هي اليت دفعته، ورمبا السببان معاةن النخوإمحله على ذلك، بل

فارس، فدخلوا البلد، مئيتةوسار حىت بلغ بانياس، وسري إىل صور جندوقابل الفرنج استبساهلم مبثله، . اشتدت عزائم من فيه، واستبسلوا يف قتال الفرنجف

.خوفا من تتابع النجداتوراح طغتكني يغري على أعمال الفرنج حول دمشق، مث واصل السري باجتاه

.ه عن الفرنج، فاستقدموها حبراةصور، فقطع املي .وهو مع ذلك يواصل أهل صور بالكتب يأمرهم بالصرب

جنادهم وقد إملاذا مل يقدم هو نفسه بعسكره على : ل هناؤعلى أن موضع التسا !.تى فارس إليهم؟آينا ما فعل وصول املأر

، كما يصفهم ابن األثري، احلياةيس من أكان أهل صور يقاتلون قتال من م يعلمون املصري الفظيع الذي سيصريون إليه إذا انتصر الفرنج ودخلوا ألوذلك .خريا يئس الفرنج من النصر فانسحبوا من صور إىل عكاأو. بلدعليهم ال

ة، ويف مطلع السنـه٥٠٦حداث سنة أهذا الذي مر ذكره كان من ، يف شهر احملرم منها كان بغدوين ملك القدس يواصل غاراته على دمشق ـه٥٠٧

انقطعت اقتصاديصبحت يف شبه حصار أن دمشق إنفسها وينهب وخيرب، حىت حاكمها طغتكني أن يستعني فرأى، األقوات عنها فعم الغالء وقلت فيه املواد

بصديقه األمري مودود صاحب املوصل، فأرسل إليه يصف له ما هو فيه من الضيق،

أصل السالجقة ١٣٢

سرع ما يستطيع من أجناده بقوات بإوالعجز عن دفع شر الفرنج، ويطلب إليه .الوقت

وصل عابرا م فاستجاب األمري مودود لالستنجاد وسار بعساكره من امل طغتكني، ة وقررا مهامجةالفرات، فمضى طغتكني ملالقاته فالتقيا يف مدينة سلمي

ةسريا، ولكن آسريأ ازم فيها بغدوين ووقع ةفاصطدما به عند مدينة طربيا يف معرك .خذوا سالحه وتركوهأمل يعرفوه، وكل ما فعلوه أن

لمني فساروا إىل بيسان وكان هلذه املعركة ذيول كانت كلها يف صاحل املس . بني عكا إىل القدس وخربوهاةوبوا البالد احملتل

وبعد هذا النصر صرف األمري مودود عساكره فعادوا إىل بالدهم على أمل طغتكني يف دمشق ة بضيافه الغزو، وبقى هو يف خواصة يف الربيع ملعاودةالعود

يف املسجد ةع فقد اغتيل يف يوم مجع مل متهله إىل الربياألقدارعلى أن . منتظرين الربيع .. طغتكنية برفقةداء الصالأبعد

يف حتديد القاتل، فالذين يعرفون دخائل هؤالء األمراء وما اآلراءوهنا تتشعب ا من كل واحد منهم مبا يف يد عليه نفوسهم من الغدر بعضهم ببعض طمعيتنطو

به منه آر له من اغتاله بعد أن رنه دبإ: إىل طغتكني، ويقولونةاآلخر، يوجهون التهم مث ىخفأسه، وأكدون اامهم بأن القاتل قتل يف احلال، واحتز رؤوي. ه يف دمشقؤبقا إىل من مسوهم ةوطغتكني ومجاعته يوجهون التهم.حرق لئال تكشف حقيقتهأ

، ويبدو أن اام طغتكني كان هو السائد بني الناس على اختالف مواقعهم، ةالباطني .، كما سنرىة عالنيةالسلطان كان يوجه إليه التهمن إحىت

ء سوى النهب والتخريب واغتيال يوهكذا فإن ذاك االستنفار انتهى إىل ال ش !.من لىب االستنفار

مل أوطغتكني، هذا الذي يضج اليوم من الفرنج ويستنصر املسلمني عليهم، ن ال يرى باالستنصار وهل ترجو مم! مس أن استنصر م على املسلمني؟أليسبق له با

ن يتورع عن اغتيال ضيفه أو! ا أن خيلص يف قتال الفرنج؟مثإعلى املسلمني بالفرنج

١٣٣ التمهيد

فعاد ـه٥٠٨ حىت سنة األياموتوالت ! به أمره ولو يف اخليال؟آومنجده إذا رالسلطان حممد يتذكر الفرنج، وكان حني علم مبقتل مودود أرسل واليا على املوصل

، وسري معه ولده امللك مسعود يف جيش ليذهب يسنقر الربسق آقاألمري: عماهلاأوذا اجليش لقتال الصليبـيني، وكذلك أرسل إىل مجيع األمراء يف تلك املناطق

.سنقر ويسريوا مجيعا للجهاد لينضموا إىل آق !. نتيجهأيوسنرى أن ذلك كله كان عمال استعراضيا حبتا مل حيقق

ابن عمر فسلمها إليه نائب مودود ا، ومنها ة سار إىل جزيريفإن الربسقذعن له وسري معه عسكرا أ نازله فييلغازإسار إىل ماردين، فلما مترد عليه صاحبها

عشر ألف فارس فنازهلا على غري ةس مخسأياز، فاجته إىل الرها على رآمع ولده مث ب جدوى، فاجته منها إىل مسيساط وسروج، فلم يكن منه سوى التخريب فيها،

.سواد ماردينباه مل حيضر بنفسه، بل أن أل، ييلغازإياز بن آ اجلهاد فقبض على رفيقه يونس

خرب القبض على ولده، فسار إىل حصن كيفا، ييلغازإوبلغ . ياز مكانهآأرسل ولده وصاحبها األمري ركن الدولة ابن أخيه سقمان فاستنجده، فسار معه يف عسكره

يياز من الربسقآن، ومضيا الستنقاذ ا من التركماومجع مجع. ياز بن آ، وختليص ي، انتهت بازام الربسقة ضاريةوالتقى اجلمعان يف معرك

.ييلغازإوهذه معارك قائده .. حممديهذا هو اجلهاد الذي نادى به السلطان السلجوق

على أن األمر مل يتم فصوال بعد، ! يسنقر الربسق آق: ومبعوثه لقتال الصليبـيني ...مرأ وىدهأسنرى ما هو ف

السلطان حممد هذا مل يغضبه على قائده أن حول جهاده للتخريب والنهب مث ى أسنقر، فأرسل إليه يتهدده، فر هزم آقييلغازإغضبه أن ألقتال املسلمني، بل

. طغتكني صاحب دمشقة إىل محيأ أن يلجييلغازإ

أصل السالجقة ١٣٤

مودود وقتله، فاتفق مريألنه غدر باأوكان طغتكني هذا متهما عند السلطان ب وطغتكني على االستنصار بالصليبـيني، فراسال صاحب ييلغازإ: رأي االثنني

قدس ةا أن ميتنوا احللف بينهم، فالتقى الثالثة على حبريوا مجيعأ وحالفاه، مث رةنطاكيإ .حكموا أمر التحالف، ووضعوا خطط تنفيذهأعند محص، ف

فاجته ييلغازإأما . غتكني إىل دمشق إىل بلده، وعاد طةنطاكيإوعاد صاحب صاحب ةإىل ديار بكر مارا بالرسنت فنـزل ا ليستريح، فعلم به قرجان بن قراج

محص، وقد تفرق عن إيلغازي أصحابه، فقبض عليه قرجان ومعه مجاعة من ة جندبإرسال اإلسراعخواصه، وأرسل إىل السلطان حممد يعرفه ذلك ويطلب إليه

.نقاذ إيلغازيإ إذا حاول يقاوم ا طغتكنييطلب من ل وملا عرف طغتكني مبا جرى على إيلغازي عاد إىل محص وأرس

ن مل يرجع إطالق إيلغازي، فرفض قرجان ذلك وهدد بقتل إيلغازي إقرجان إىل ةوعلم إيلغازي بذلك فأرسل يلح على طغتكني بالعود. طغتكني إىل دمشق

.دمشق من السلطان، فخاف أن ةلقرجان جندوهنا تشابكت املصاحل، فلم تصل

خذ أ إيلغازي فيطلقه ويةيستضعفه أصحابه فيسلموا محص لطغتكني، فقرر مصاحل ويصاهره، وحيول بينه وبني طغتكني وغري طغتكني، فوافق إيلغازي ةياز رهينآابنه

.ياز، مث عقدا حلفا بينهماآ ابنه دهطلقه قرجان وترك عنأعلى ذلك فص إىل حلب، ومجع التركمان، وعاد إىل محص مطالبا ن محموسار إيلغازي

.بولده آياز، وضايق قرجان وحصرهواتصل اخلرب بالسلطان فأرسل عسكرمرهم أن يقاتلوا إيلغازي أا وا كثري

ذلك أن ةوال فإذا فرغوا منهما مضوا إىل قتال الفرنج، فكانت نتيجأوطغتكني ).روجيل(دا بصاحبها الصليبـي إيلغازي وطغتكني ذهبا إىل إنطاكية واستنج

١٣٥ التمهيد

ة اجلهاديةحداث تفرقت عساكر السلطان، وعادت إىل بالدها احلملأوبعد مرها إىل تقاتل أ الصليبـيني انتهى ةرسلها السلطان حممد ملكافحأ اليت ةالسلجوقي

.املسلمني، والتحالف مع الصليبـينيينا إىل من عادت أ إىل حرب الفرنج رةا موجهأواجليوش اليت قال السلطان

..توجه يف حني كان الصليبـيون يتمددون يف البالد ويتحكمون بالعباد تويف السلطان حممد بن ملكشاه بن ألب أرسالن، هذا هـ٥١١ويف سنة

.وتوىل بعده ابنه حممود!.. يناأينا من جهاده ما رأالذي رالء على راد االستيأوظل السالجقة على تشاحنهم، فإن مسعود بن السلطان،

بغداد والعراق وحقق ذلك، فمشى عماد الدين منكربس ليخرجه منها، فمشى ا، على حد ا فاحش ذلك أن الفريقني با السواد بةمسعود للقائه، فكان من نتيج

.تعبري ابن األثري) ةشحنكي(وانتهت املفاوضات بني الفريقني إىل أن صار منكربس صاحب

.ةلعام اة الشرطةبغداد، وهي مديريوأقام منكربس ببغداد يظلم : ويقول ابن األثري عن عهد منكربس يف بغداد

كثر أرباب األموال، وبطلت معايش الناس، وأ ى ويصادرهم، فاختفةويعسف الرعي تزوجها، فعلم بعض أةن بعض أهل بغداد زفت إليه امرإأصحابه الفساد، حىت جراحات، وابتىن ةتاه وكسر الباب، وجرح الزوج عدأأصحاب منكربس، ف

إىل دار اخلالفة يخذ اجلندأ، فاألسواقغلقوا أبزوجته، واستغاث الناس هلذه احلال، و .طلقأياما مث أفاعتقل

صاحب حلب ييلغازإب وقد ظل الصليبـيون يف متاديهم وامتدادهم، فإذاوماردين، الذي ذكرنا من قبل استنجاده هو وصاحبه طغتكني بالصليبـيني، إذا

هذا يعود فريسل رسوال إىل بغداد يستنفر على الصليبـيني، ويذكر ما يازيلغإب .مريهاأم ملكوا قلعة الرها، وقتلوا أ، وةفعلوا باملسلمني بالديار اجلزري

أصل السالجقة ١٣٦

من ملن استنجد بالصليبـيني أن ال يعود فيغدر باملسلمني وينضم إىل أومن يهل ميكن أن خيلص يف اجلهاد متن من خان املسلمني، وؤالصليبـيني، وهل ميكن أن ي

رسلت الكتب أ الستنجاد إيلغازي أن األثروكل ما كان من ! من نكث بااهدين؟ !..بذلك إىل السلطان حممود

أما السلطان حممود فقد كان مشغوال عن ذلك بالشقاق بينه وبني أخيه بو أ أبيه وهو يف الوقت نفسه يخأطغرل، وباحلرب بينه وبني عمه سنجر، عمه

كان فيها مع سنجر عشرون ألف مقاتل ومع ةزوجته، فقد التقى االثنان يف معرك .حممود ثالثون ألفا

مخسون ألف مقاتل كان ميكن أن يسري م حممود وعمه سنجر السلجوقيان من الصليبـيني، ولكنهما بدال من ذلك تقاتال ا وسفكا ةنقاذ الديار اجلزريإل

!..يديهاأدماءها ب !.ولكن على ابن أخيه ال على الصليبـيني.. سنجرلقد انتصر

وظل الفرنج يستضعفون املسلمني فامتدوا حىت بلغوا نواحي حلب فملكوا وغريها، وخربوا ما قدروا على ختريبه من حلب ونازلوها، وقامسوا أهلها على ةبزاع .مالكهم اليت بباب حلبأ

.، فلم يغاثواةفأرسل أهل حلب إىل بغداد يستغيثون، ويطلبون النجد هو اليوم صاحب حلب، األوقات الذي حالف الصليبـيني يف وقت من ييلغازإو

يتلقى بلده الضربات من حلفائه السابقني، فمضى إىل ماردين جيمع العساكر الفرنج وانتصر ةجتمع له حنو عشرين ألف مقاتل قاتل م هذه املر، فاةواملتطوع .عليهم

قام الصراع بني السلطان حممود وأخيه مسعود، وقامت هـ ٥١٤ويف سنة . مسعودة بينهما، مث انتهت زميةاملعارك الدامي

١٣٧ التمهيد

نـزل يف ة نعرف رأي الشعب حبكامه، نشري إىل أنه يف هذه السنيولك عشر يوما ةا األرض مخس مغطيي إىل تكريت ثلج كثري وبقةالبصرالعراق مجيعه من :فقال بعض الشعراء

يناه يف نواحي العراقأما ر يا صدور الزمان ليس بوفراآلفاقب ـت ذوائـابـفش م ظلمكم سائر اخللقمنا عإ

على حلب ةغارإلكثروا من اأ أن ةوكان من تقدم الصليبـيني هذه السن األمر إىل أن سلمهم صاحب ىعملوا هناك التخريب والتحريق حىت أدأعماهلا، وأو

.ثارب القريب من حلبألحلب حصن ا طماعهم يفأثار أ يف نفوس املتسلطني، ةوعوضا عن أن يثري هذا التسليم احلمي

رتق صاحب حران اعتقد ضعف صاحب أصاحب حلب، فإن بلك بن رام بن ثارب، بل تقدم ألحلب فلم يندب نفسه لتقويته والتقدم معه السترجاع حصن ا

حرق زروعها، فاستسلمت أ عنها وةخذ حلب منه، فنازهلا وضايقها ومنع املريأل .حلب له

لصليبـيني نراه يناه فيما مضي يستنجد باأوطغتكني صاحب دمشق الذي ر ويستويلةاليوم يهاجم مدينة محص وينهبها وحيرق كثريا منها، مث يهاجم مدينة محا

.عليها بني حكام السالجقة غري معنيني بأمر الصليبـيني يكان كل ذلك جير

الستصفاء بالد الشام وكربيات ةوكان الصليبـيون يعدون العد. ومتددهم يف البالد .ء على مدينة صورمدا، فقرروا االستيال

شرف أهلها على اهلالك، فسار طغتكني حىت أفاستنجدت بطغتكني بعد أن وا ذلك يرحلون عن صور، أنـزل بانياس ليقرب من صور لعل الصليبـيني إذا ر

ولكنهم مل يفعلوا، وانتهى األمر باستيالء الصليبـيني على صور وخروج أهلها منها .وتفرقوا يف البالد

أصل السالجقة ١٣٨

حصن أا من إا على املسلمني ف عظيمكان فتح صور وهنا: (رييقول ابن األثوهن املسلمني قوى الصليبـيني أن سقوط صور بقدر ما إ: ونقول..) منعهاأالبالد و

وشدد عزمهم يف االستيالء على بالد الشام، فكان أن قرروا التقدم إىل حلب، ر، فإن دبيس بن من نوع آخة، وهنا تربز خيانةوكانت حلب يف ذلك الوقت شيعي

غرته املطامع فاتصل أ يف العراق، فة احللةا حيكم منطقكان عربيا شيعية وصدقجل أ، وهم مييلون إىل من ةن أهلها شيعإ: طمعهم حبلب، وقال هلمأبالصليبـيني و ..كون هنا نائبا عنكم ومطيعا لكمأ نينإ سلموا البلد إىل، ووينأاملذهب، فمىت ر

عدائها، فسار مع أمته، والتعاون مع أ خبيانةوسيع حكمه لقد طمع هذا النذل بت يف ة حلب نبذوه واحتقروه، وقرروا االستماتةالصليبـيني لفتح حلب، ولكن شيع

، فقرر احللبيون األقواتالدفاع عن مدينتهم، وطال القتال، واشتد احلصار، وقلت إليهم ءاينه لوأرسلوا إليه يسأ صاحب املوصل، فيسنقر الربسق ق بآاالستنجاد

ى الفرنج أم سيقعون بني أليسلموا إليه البلد، فاستجاب لذلك وقدم بقواته، فر . فرحلوا عن حلبة والقوات املوصليةالقوات احللبي

بني السالجقة واخلوارزميني ةسس الدولة اخلوارزميؤم

نوشتكني أ، أما ةسس الدولة اخلوارزميؤنوشتكني هو الذي نعتربه مأحممد بن اشتراه من بائع من ) بلكباك(مراء السالجقة امسه أبوه فقد كان مملوك أمري من أ .نوشتكني غر شحهأ: فقيل له)غرشستان(

دون بروز ةملوكيمثاله من املماليك يف كل مكان وزمان ال حتول صفته املأوكن كانت له مواهب برزت مواهبه وكان هلا من التقدير ما تستحقه، حىت إمواهبه

:لقد وصفه ابن األثريوصاف، وكان مقدما أل، كامل اةفكرب وعال أمره، وكان حسن الطريق: بقولها إليهمرجوع.

١٣٩ التمهيد

نوشتكني هذا املوصوف ذه الصفات ولد مساه حممدا، وحممد هذا هو الذي ألنوشتكني بابنه هذا، فعلمه أ ىي، وقد عةسس الدولة اخلوارزميؤنه يعترب مإ :قلنا

ويضيف ابن األثري على ذلك يف حديثه عن حممد بن . ديبهأحسن تأوخرجه ووقد صدق ابن األثري ذا القول، . ةزليأل اةوتقدم بنفسه وبالعناي: نوشتكنيأ

. ةزليأل اة وحدها ال تكفي للنجاح والتقدم إذا مل ترافقها العنايةفالصفات الشخصي كان األقدار، من ةال مبسعفإربابه أل ليس بنافع والفض :ر كما قال الوزير املغريبملوا

) يكنجأ( على خوارزم من امسه ـه٤٩٠ سنةيلالسلطان السلجوقي بركيارق قد ومريين آخرين أولقبه خوارزم شاه فجمع عساكره ليلحق السلطان إىل مرو، ولكن

. عليهاظهرا أن السلطان قد والمها فسيطراأمرا عليه وقتاله، وسارا إىل خوارزم، وآتمخاد مترد عليه، فأرسل إلوبلغ ذلك إىل السلطان وكان يف طريقه إىل العراق

ن لنا ا يف أمرمها يف تفاصيل ال شأ يف جيش للقضاء عليهما، فانتهى يأمري داذ حبش على ي، فكان أن ول)يأمري ذاد حبش( السلطان على خراسان موضوعنا هذا، مث ويل

.لقبه خوارزم شاهنوشتكني وأخوارزم حممد بن فساد فيها العدل، وقرب أهل العلم ة حسنةوسار حممد هذا يف واليته سري السلطان سنجر وظل حممد يف منصبه بتويل. والدين، واشتهر أمره بكل خري

خراسان، وبرزت كفايته، فقدره سنجر أحسن تقدير، وحاول بعض ملوك األتراك سرع حممد إىل خوارزم، أان سنجر، ف خوارزم وحممد غائب عنها عند السلطةمهامج

جناده جبيشه، ولكن حممدا كان قد إلوأرسل إىل سنجر يستمده وكان بنيسابور فسار . قبل وصول سنجرةمخاد الفتنإاستطاع

الذي كان قد تدرب على أتسز بعده ابنه وملا تويف حممد خوارزم شاه، توىل .يه أبة أبيه فقاد اجليوش وباشر احلروب، فسار سريييد

ركان حكمه معتمدا عليه أ، وجعله من هنأفقربه السلطان سنجر، ورفع من ش .ةواستصحبه معه سلما وحربا، فربزت كفاءته وازداد عند سنجر تقدما ومنـزل

أصل السالجقة ١٤٠

سس الدولة ؤنوشتكني مأننا نعترب حممد بن أوإذا كنا قد قلنا من قبل ب، ة فعلية سلطول من توىلأو) خوارزم شاه(نه هو أول من محل لقب أل، فةاخلوارزمي

.ن كان توليه هذا مل يعد كونه واليا تابعا لغريهإو به قيام ملك بيته ئ هو الذي ابتدة يف احلقيقأتسزن إ :ونقول هنا

. مستقال مقاتال عن هذا االستقالل، مناهضا للسلطان سنجر نفسهياخلوارزمشاه سزأتفساد ما بني سنجر و

أصبح من قواعد ملك ي نجر لكفاءته، والذ الذي تقدم عند السلطان سأتسزسنجر اليت يعتمد عليها يف مسار هذا امللك، أتسز هذا، وجد أنه يف مواهبه ما يدفعه

ال تقل، ال عن سنجر، وال غري سنجر ةلى املناصب، وما جيعله يف منـزلأعإىل تسنم .هم من بالديديأمن املعاصرين الذين يتصارعون على امللك واالستقالل به فيما حتت

وإذا كان أتسز مل يفصح عما يف نفسه من الطموح، ومل يتصرف تصرفا يء انفصاليا عمليا، فإن كوامن نفسه مل تكن لتخفي على سنجر، ورمبا تسرب إليه ش

شارات وتعابري، تنم عما يف إمن هذه الكوامن، مما يفيض به يف خلواته خلاصته من ه به أتسز من وثوب ؤحمذرين له عما قد يفاجبلغها بعض املخلصني لسنجر أنفسه، ف .متوقع

األياميام أن تفعل فعلها، بل رأي أن يستبق هو ألينا سنجر ال يترك لألذلك را قاصدة عسكرية سار السلطان سنجر حبملـه٥٣٣فيفعل فعله قبلها، ففي سنة

..خوارزم النتزاعها من أتسز والقضاء عليهتسز خرج مبا لديه من قوات لقتاله، وصده فلما قرب من خوارزم وعلم به أ

ئ، بل فوجةعن خوارزم، ومل تكن القوتان متكافئتني، ومل يكن أتسز قد أعد للثوربزحف سنجر جبيوشه عليه، لذلك مل يلبث أتسز أن ازم وقتل العدد الكثري من

ارجاله وبينهم ابنه الذي حزن عليه حزنا عظيم.

١٤١ التمهيد

لكها البن أخيه غياث الدين سليمان شاه بن واستوىل سنجر على خوارزم، ومتابك، ووزير وحاجب وما إىل ذلك من مقومات أحممد، ونظم له حكومته من تعيني

.، وعاد إىل مروةالسلط ةصلأ من السالجقة، كانت متة يف نفوس الشعوب احملكومةصلأ املتةوالكراهي

جر يغادر خوارزم ، وكان أتسز يعرف ذلك، فلهذا مل يكد سنييف الشعب اخلوارزمعانه شعبها على التخلص من سليمان أ إىل خوارزم، فةسرع أتسز إىل العودأحىت

.شاه الذي ترك خوارزم عائدا إىل عمه السلطان سنجر أتسز بابنه ةوهكذا حل العداء بني االثنني بعد ذاك الوالء، وكانت فجيع

.ت قلبه حقدا على السلطان سنجرأل مةفجيع بني اخلطا وسنجر

:قبل أن ندخل يف التفاصيل ال بد لنا من أن نعرف من هم اخلط ةمأ: (مأو) عظم الترك فيما وراء النهرأهم : (يقول ابن خلدون عن اخلطا

ياحوكانوا موطنني بن: (مأو) ة يسكنون اخليام وهم على دين اوسيةبادي ).وزكنده وبالد ساغون وكاشفرأ

ولكنه ) تراك اخلطاألبا: (ذ يعرب عنهمإري تراك يف رأي ابن األثأوهم كذلك ة اخلانيةوكانوا قد خرجوا قبله من الصني وهم يف خدم: ( هلم يقولةوهو يصف وقع

).أصحاب تركستان). اوعنده جنود الترك والصني، واخلط: (وعندما يسترسل يف احلديث يقول

.) اخلطا والترك الكفار مبا وراء النهرةواستقرت دول: (يضاأويقول اخلطا، وهي : ن العرب مسوا التتارإ: (نسؤ فيما يقول الدكتور حسني ماواخلط

).ن اخلطا أو اخلطاى يف احلق هم أهل الصنيأل ة؛ خاطئةتسميمام السلطان سنجر أنه بعد أن ناله ما ناله من هزميته أيتهم خوارزم شاه أتسز ب

يف بالده، وحيثهم وقتل ابنه، حرض اخلطا على غزو سنجر، وأرسل إليهم يطعمهم .على قصده يف عقر داره

أصل السالجقة ١٤٢

سباب غري هذا السبب هي اليت دفعت اخلطا أخرى أ ة، ويف روايةهذه روايومهما يكن من أمر، فإن الذي وقع هو أن اخلطا . السلطان سنجرةعلى غزو مملك

عدده بثالث مئة ألف فارس، تقدموا مهامجني بالد سنجر جبيش يقدر ابن األثري جبيش سنجر ةفالتقوا جبيش سنجر فيما وراء النهر، واقتتلوا أشد قتال، فحاقت اهلزمي

أن بني القتلى أحد : ويقول ابن األثري. وقتل منه على تقدير ابن األثري مئة ألف قتيل. ة صاحب عمام: ومل اهتد ملا يقصده ابن األثري بقولهةصاحب عمامعشر ألفا كلهم

..م أصحاب عمائم؟أومن هم الذين كانوا يتميزون يومذاك بردنا أن نطبق الوصف على ما هو متعارف عليه يف هذا العصر، فإن أإذا

أصحاب العمائم تعىن الفقهاء، فهل كان الفقهاء يف ذلك العصر يتميزون باعتمار س للناس أ الفقهاء، بل كانت لباس الرةائم؟ الذي نعرفه أن العمائم مل تكن ميزالعم

.السلطان :س الدولةأفقر فقري حىت رأكلهم ابتداء من يف عصر السلطان حممود الثاينأس ابتدأ عن العمائم لباسا للرين التخلإو أن غدت واسط القرن التاسع عشر، فقد خلعها السلطان فمن دونه إىلأ يف العثماين .س للفقهاء بشكل غري شكلها األولأ للرةعمر

الفقهاء وحدهم يف عهد السالجقة، قبل أن تكون ة ميزةفهل كانت العمام ..؟ ومنها الوطن العريبةكذلك يف البالد العثماني

مث هل كان اجليش السلجوقي يضم هذا العدد الكبري من الفقهاء ليكون من إذا كان هذا عدد القتلى فكم كان عدد جمموعهم قتل منهم فقط أحد عشر ألفا؟ و

يف اجليش؟ الواقع أن هذا الذي ذكره ابن األثري عن أصحاب العمائم القتلى يثري ..جد جوابا هلاأ ال ينأعترف بأالت اليت ؤالكثري من التسا

ةا موضع الغرابيضأوهذا . أة آالف امرةربعأن بني القتلى إ :مث يقول ابن األثري! ، فهل كانت نساء السالجقة تقاتل ليكون بني القتلى هذا العدد منهن؟لؤوالتسا

ن إذا مل يقتلن يسبني، ويف هذا أوإذا مل يكن يقاتلن فلماذا هذا القتل فيهن، يف حني مث ملاذا هذا العدد الكبري منهن مع اجليش حبيث يبلغ عدد ! للمنتصرين؟ةكل املصلح

١٤٣ التمهيد

السلطان سنجر نفسه مع اجليش، فلما ةنت زوجوقد كا!! أة آالف امرةربعأقتالهن ومل يكن يف : ويقول ابن األثري. طلقوهاأعلى أن اخلطا ... سرتأازم اجليش اخلطا ةواستقرت دول: يقولمث. عظم من هذه، وال أكثر ممن قتل فيهاأ ةاإلسالم وقع

.والترك الكفار مبا وراء النهر توسع ملك خوارزم شاه

أما خوارزم شاه أتسز فقد أخذ يوسع ملكه فسار إىل خراسان فاحتل ، وشفع يف أهل يمحد الباخرزأمام إلسرخس، واجته منها إىل مرو الشاهجان، فلقيه ا

ذلك، ومل يدخل البلد بل ظل يف جابه إىل أل أن ال يتعرض هلم اجلنود فأمرو، وس .حد فقهائهاأعياا وأظاهرها، واستدعى إليه

خرجوا أصحابه من أولكن أهل مرو ثاروا وقتلوا بعض أهل خوارزم شاه، و خوارزم شاه، فعند ذلك هامجهم، ودخل ةبواا، واستعدوا ملواجهأغلقوا أمرو، ومث . كثريوناألعيانماء، وقتل من ا، وقتل كثريا من أهلها وفيهم فقهاء وعلمرو فاحت

.غادرها مستصحبا معه عددا من علمائها عليها ما جرى ي من يف نيسابور أن جيريوبعد مرو اجته إىل نيسابور، وخش

على مرو، فتوجه إىل خوارزم شاه مجاعة من فقهائها وعلمائها وزهادها طالبني إليه . للدماء، فوعدهم خرياةحباإلأن ال ينفذ يف نيسابور ما نفذه يف مرو من ا

السلطان سنجر، ةموال أصحاب السلطان فصادرها، مث أمر بقطع خطبأوتتبع ن خيطب بامسه هو، فلما نفذ ذلك ومل يذكر اخلطيب اسم سنجر وذكر بدال منه أو

إىل مترد عام، ولكن يدؤاسم خوارزم شاه صاح الناس وثاروا، وكاد األمر أن ي .لعقل خوفا مما جير ذلك من البالء على الناستدارك األمر ذوو الرأي وا

مث سري خوارزم شاه جيشا إىل أعمال بيهق، ولكن أهلها صمدوا للجيش ها ذلك اجليش ينهبون مث سار عن: (يقول ابن األثري. يام فعاد عنهاأ ةيقاتلونه مخس

).ةعماال عظيمأالبالد، وعملوا خبراسان

أصل السالجقة ١٤٤

ومنع السلطان سنجر من مقاتلة أتسز خوارزم شاه خوفا : (مث يقول ابن األثري ).من قوة اخلطا مبا وراء النهر، وجماورم خوارزم وغريها من بالد خراسان

رد مرور دون ال ميكن أن منر ا جمةحداثها موجزأهذه الوقائع اليت عرضنا .التمعن مبا فيها من دالالت تستوقف املؤرخ للنظر فيها طويال

وملاذا ! ملاذا يثور أهل مرو على خوارزم شاه فيمعن فيهم ويف علمائهم قتال؟ خلوارزم شاه، ةبداهلا باخلطبإ للسلطان سنجر وةيرفض أهل نيسابور قطع اخلطب

للشعوب اليت حكموها ما مل يكن يف حكم السالجقة ! جل ذلك؟أويثورون من سف على زوال حكمهم وتنقم على من حيل حملهم، فما الذي أجيعل تلك الشعوب ت

هل نيسابور يقفون هذا املوقف الغاضب لسنجر الناقم على أحدث فجعل أهل مرو وحداث ما يوضح لنا ألرخو تلك اؤليس يف النصوص اليت يقدمها لنا م! خوارزم شاه؟ على ة على حكم السالجقة إىل النقمةهذا التحول من النقمدت إىل أالعوامل اليت

. مما لدينا من وقائعاألسباب علينا حنن أن نستخلص يمن جاء حيل حملهم فبق على خوارزم شاه سببها ما اشتهر عنه من أنه هو ة أن النقمالذي خييل إيل

دماء الذي حث اخلطا على غزو البالد اإلسالمية وما جره هذا الغزو من سفكحلقه باملسلمني من الذل أاملسلمني مبا فيهم النساء، وما من لوفألا عشرات .والفجائع

نفوسهم حقدا عليه، أل، وظلت متةفلم يغفر الناس خلوارزم شاه هذه اخليان .. على هذا احلكمةفكان من مظاهر هذا احلقد رفض حكمه هلم والثور

كسبه عطف املسلمني أطا اخلييدأحاق بسنجر من اهلوان على أن ما إمث وحيلوا حمله اسم اخلائن ةفرفضوا أن يكونوا عليه مع اخلطا فيلغوا امسه من اخلطب

..عداء على احتالل الوطنألحمرض اومنع السلطان سنجر من مقاتلة أتسز : يثري االهتمام هو قول ابن األثرييوالذ

م خوارزم وغريها من بالد خوارزم شاه خوفا من قوة اخلطا مبا وراء النهر، وجماور .خراسان

١٤٥ التمهيد

واضحا كل الوضوح، وليس املراد ا صرحيا كل ةليس املقصود ذه اجلمل :عتقد أنه الصوابأ تفسريا واحدا يولكن هلا عند. ةالصراح

م أليها اخلطا، وإ اليت يستند ى الكربة العسكرية القوىأن سنجر بعد أن رأ عما جناه عليه خوارزم شاه، ومل ىغضأمامهم، أ بذلك يهددون البالد اإلسالمية اليت

ضعافهم إ يف ةال مصري الوطن اإلسالمي، ورأى أن يف تقاتل املسلمني زيادإيعد يهمه خوارزم شاه فيما يسعى الحتالله من ة عليهم، لذلك منع من مقاومأ للخطةوتقويغد عندما يصبح ن اخلطا إذا ساملوا خوارزم شاه اليوم فسينقضون عليه يف الألبالد،

على القوى اإلسالمية بقاءإلذلك منع سنجر من مقاتلة خوارزم شاه . يف مواجهتهم .ةمتماسك

فإن وجود اخلطا فيما وراء النهر جيعلهم على حدود :وكما ذكر ابن األثري .خوارزم نفسها وخراسان كلها

، ةرحم السالجقة يف تارخيهم حني ال يستحقون الرمحأنا الذي مل أ ووإنين، ةدانإل اتقتضي ألا السالجقة فيما دونت من قبل ئ مساوأدنتنا الذي أ ووإنينسىن أبعث إليه من وراء العصور بأ هلذا السلجوقي الكرمي، وإجالال حنينأ هنا نينإ

...كبارإل اأمسىكربه أ، والتحية، ا اتصاله باخلطمعاودةويبدو أن سنجر ظل خيشى فساد خوارزم شاه، وخيشى

ا لقتاله فتحصن خوارزم شاه يف ى القضاء عليه، فجمع قوة مضاألفضلى أن ورأومل خيرج للقتال، وبالرغم من فشل االستيالء على املدينة ، فإن خوارزم شاه املدينة

ويعود إىل ما كان عليه من ة واخلدمةيبذل املال والطاع(أرسل رسال إىل سنجر ).االنقياد يقبل منه ذلك، وسار سنجر إىل مرو وأقام أنةى سنجر أن من احلكمأفر

ن إوال بد لنا من أن نعرف مصري هذا السلطان السلجوقي و. خوارزم شاه خبوارزم :كان ذلك ال يرتبط مبا حنن فيه من احلديث عن اخلوارزميني

أصل السالجقة ١٤٦

من منازهلم فيما وراء النهر جراءات اخلطا أن طردوا األتراك الغزإكان من راد أ بلخ يرعون يف مراعيها، فيقاموا بنواحأفقصدوا خراسان وكانوا خلقا كثريا ف

بعادهم فجمعوا مجوعهم وانضم إليهم غريهم من األتراك فقاتلوا أمري بلخ إها أمريحيث السلطان سنجر، فراسلهم سنجر مهددا هلم فهزموه وانتهى يف هزميته إىل مرو

سرهم، واستوىل أفلم يستمعوا إليه، فهامجهم جبيشه فهزموا اجليش ووقع سنجر يف طفال موغلني يف النهب ألالغز على البالد، مكثرين يف قتل الناس مسترقني النساء وا

.جاعلني من بعض املدن قاعا صفصفا يف )جرى منهم على تلك البالد مجيعهاويتعذر وصف ما : (ويقول ابن األثري

.تفاصيل ال جمال لذكرها هنا، وهو معتقل ال يلتفت السلطنةوكان السلطان سنجر له اسم : (أيضاويقول

كثريا من األيام أن يركب، فلم يكن له من حيمل سالحه، فشده أرادنه إإليه، حىت وقتا آخر، خوفا يأكلهوكان إذا قدم إليه طعام يدخر منه ما . على وسطه وركب

).مما يعرفونهم ليس هذا ألمن انقطاعه عنه، لتقصريهم يف واجبه، و أحداثن يصل بعد أمث استطاع أن يهرب من األسر ويسري إىل قلعة ترمذ، و

إىل هـ٥٤٨سر امتد من سادس مجاد األول سنة أقويا بعد ) مرو(إىل قاعدته .تويفهـ ٥٥٢ ويف شهر ربيع األول سنة ـه٥٥١رمضان سنة

:يليوتلخص حياته مبا ولد يف سنجار، من . احلارثبوأهو سنجر بن ملك شاه بن ألب أرسالن،

، وسكن خراسان، واستوطن مدينة مرو، ودخل بغداد هـ٤٧٩ سنة اجلزيرةديار إىل أخيه وجعل سنجر بالسلطنةمع أخيه السلطان حممد، فعهد اخلليفة املستظهر بالله

وأطاعهفلما مات حممد خوطب سنجر بالسلطان واستقام أمره،. عهده ويل سنة، وظل رفيع أربعني حنو بالسلطنةعلى أكثر منابر اإلسالم السالطني، وخطب له

يستجمع أمره حىت ليكاد أ األتراك الغز، وبعد أن ختلص منهم وبده حىت أسراملكانة .نه جاءه قضاء اللهأيعود إىل ش

١٤٧ التمهيد

إىل اخلوارزمينيةالعود هنوشتكني، فتوىل بعدأ تويف خوارزم شاه أتسز بن حممد بن هـ٥٥١يف سنة

املسمول بعد ثالثة هخوأعمامه، ومسل أخيه، فمات أولده أرسالن وافتتح ملكه بقتل .صابهأصابه ما أنه قتل نفسه بعد أن إ :يام، وقيلأ

ز، فأرسل إليه أرسالن سر الغأوكان ذلك بعد خالص السلطان سنجر من ا خوارزم مصحوبةيذكر طاعته له، وانقياده لسلطته، فكتب له سنجر منشورا بوالي

.اا مطمئنفبقى أرسالن ساكن. خبلعا موال رعيته، منصفأ، كافا عن ةحسن السريكان : قائال ابن األثري أتسزيويرثؤا إليهم، مهلم حمبوبمن غامر أ معه بني ة الرعيتحسان واخلري إليهم، وكانإلا لثر

.وعدل شاملوال ندرى كيف نوفق بني هذه الصفات اليت يغدقها ابن األثري على أتسز وبني

بيهق وعظم النهب يف بالدةما ذكره هو نفسه عن جمازره يف مرو، وعن فظاع !..هوال يف خراسان؟ألا

اخلطا واخلوارزميونخذ خوارزم شاه يف أمام اخلطا، وأن سنجر بعد هزميته إ :قلنا فيما تقدم

نه يرى أن اخلطا إذا ساملوا خوارزم شاه إ :االنتشار، منع من قتال خوارزم شاه، وقلنا .اليوم فسينقضون عليه يف الغد

.على خوارزموقد جاء الغد الذي ينقضون فيه عرب اخلطا ر جيحون يريدون خوارزم، وكان حيكمها ـه٥٦٧ففي سنة

يومذاك أرسالن بن أتسز، فجمع عساكره، وسار لصد هجومهم، فمرض يف الطريق، فتابع اجليش سريه بقيادة أمري اختاره أرسالن، فلما تقابل اجليشان ازم

دون أن يتابع سريه إىل ما وراء النهرسر قائدهم، فاقتاده اخلطا معهم أاخلوارزميون، واإىل خوارزم، وعاد أرسالن إىل خوارزم مريض.

أصل السالجقة ١٤٨

تويف خوارزم شاه أرسالن وملك بعده سلطان شاه حممود، هـ ٥٦٨ويف سنة قد ا يف اجلندكرب عالء الدين تكش مقيمألمللك، وكان ولده امور اأودبرت والدته

صغر رفض ذلك وراح يستنجد ملك اخلطا أل أخيه ابوه فلما علم بتويلأياها إأقطعه .عداء الذين يستنجد عليهم ال مألطا هم ا عالء الدين أن اخليونس. على أخيه

ا فساروا حىت قاربوا ا كثيف ملك اخلطا استنجاده فسري معه جيشوقد لىبخوارزم، فسار إليهم سلطان شاه، فلما تراءى اجلمعان انتصر عالء الدين مبن معه، وفر سلطان شاه إىل دهستان فسار إليه عالء الدين تكش، واقتحم املدينة فهرب

..مه فقتلها تكش وعاد إىل خوارزم يثبت قدمه فيهاأسلطان شاه وقبض على جنده عاد يطالب بالثمن، فتوالت رسله، فحاول التحكم أوملك اخلطا الذي

قارب امللك مع مجاعة موفدين أوجاءه أحد . نفأ املطالب فنفر من ذلك ويوتبدعيان خوارزم أمر أ امللك، و فقتل هو قريبةمن امللك مطالبني باملال، فثارت به احلمي

.أن يقتل كل واحد منهم رجال من اخلطا، فقتلوا مجيعايستنجده وسلطان شاه هب بدوره يستفز ملك اخلطاإىل فلما بلغ هذا األمر

.يدونهؤعلى أخيه عالء الدين تكش زاعما له أن أهل خوارزم يإىل خوارزم ا كثري العدد، فوصل به فاستجاب له ملك اخلطا، وبعث معه جيش

وحاصرها، فاستطاع عالء الدين تكش أن حيول عليهم مياه ر جيحون حىت كاد .يغرقهم، فاضطروا لفك احلصار والرحيل عن خوارزم

يهمنا معرفته، يخر عن هذه الوقائع، ومهما كان األمر فالذأوتروى روايات ملا بلغه خرب ن خوارزم شاه تكش أهو أن سلطان شاه قد تويف خالل هذا الصراع، و

يد ؤ أخيه عاد إىل خوارزم، وكان قد خرج منها لقتاله، مث قام صراع بينه وبني املةوفايد، بعد أن سيطر على ؤنه حاول التعرض لطوس اليت هي للمأل ؛صاحب نيسابور

يد مث قتله، واستيالء ؤسر املأمرو، وسرخس، ونساوبور وغريها فانتهى األمر، بيد ولولده الذي خلفه ظعان ؤ وكل ما كان للمخوارزم شاه على نيسابور،

نه، باستيالئه على أ أمر خوارزم شاه عالء الدين تكش، وعظم شيوبذلك قو.شاه

١٤٩ التمهيد

واستدعى ابنه عالء حممد، وكان . أخيه سلطان شاه وخزائنهةيد، ومملكؤ املةمملك ).مرو(كرب ملك شاه أل ابنه اخبوارزم فواله نيسابور، ووىل

رزميا، سلجوقيا، عباسياخوا: الصدام األول سار السلطان السلجوقي طغرل بن ألب أرسالن بن طغرل بن حممد هـ٥٨٨سنة

ينانج بن أبن ملك شاه بن ألب أرسالن فملك مهذان، وغريها، وازم صاحبها قتلغ فأرسل قتلغ إىل خوارزم شاه عالء الدين تكش يستنجده البهلوان وحتصن بالري ،

على هذا االستنجاد، وخاف على نفسه، فمضى متباعدا عن جنده، ولكن عاد فندمأفخوارزم شاه، وحتصن يف قلعة له، ووصل خوارزم شاه إىل الري، وملكها وملك

.قلعة طربكغار السلطان طغرل، على من بالري من أصحاب خوارزم أ هـ٥٩٠ويف سنة رزم شاه، ينانج بن البهلوان، فيمن فر من طغرل، وأرسل إىل خواأشاه، وفر قتلغ .ة ثانيةجناده مرإل أيعتذر، ويس

عداد للتخلص من إل باأ الناصر لدين الله، قد بديوكان اخلليفة العباس، حني أرسل هـ٥٨٤ مع طغرل سنة ةالسالجقة، وكانت قد سبقت جلنده وقع أحد املتمردين على ةالله بن يونس، ملساعد اجلند بقيادة وزيره جالل الدين عبيد

.وا بالقرب من مهذان، وازم عسكر اخلليفةطغرل، فالتقأما اليوم فقد وصل رسول اخلليفة إىل خوارزم شاه يشكو من طغرل، ويطلب

فسار خوارزم شاه من نيسابور إىل . قطاعه البالدإ بالده، ومعه منشور بةمنه مهامجلري فالتقوا بطغرل بالقرب من ا. ينانج، وانضم إليه وسارا معاأالري، فتلقاه قتلغ

.سه إىل بغدادأ على طغرل وقتل يف املعركة، فأرسل خوارزم شاه رةفدارت الدائروسار خوارزم شاه إىل مهذان وضم تلك املناطق إىل مملكته، وسلمها إىل قتلغ

.قطع كثريا منها ملماليكه وعاد إىل خوارزمأينانج، وأ

أصل السالجقة ١٥٠

صدام املتحالفنيا سيطروا عليه وانتهى أمر اخلوارزميني على مةوإذا كانت قد متت سيطر اخلوارزميني، فلم يكن ة الناصر منهم مبعونيالسالجقة، واستراح اخلليفة العباس

إىل ة باخلالفة عليه تطلعات هؤالء إىل احللول حمل السالجقة يف بغداد، والعوديلتخف .اخلضوع للمسيطرين لذلك كان حذرا من اخلوارزميني كل احلذر

شاه يشكو من طغرل ويطلب منه قصد بالده فعندما أرسل إىل خوارزم ة كان الناصر قد أرسل جند.وأقطعه البالد وانتهى األمر بقتل طغرل بك كما مر

يد الدين بن ؤخلوارزم شاه تعينه يف مقاتلة طغرل، وبعث إليه باخللع مع وزيره م .القصاب، فنـزل الوزير على فرسخ من مهذان

ا نه يظل تابعأن خوارزم شاه مهما كان شأورأى الوزير نفسه ممثل اخلليفة و أن يينبغ: جابهألذلك رفض طلب خوارزم شاه بأن حيضر إليه، و. تباع اخلليفةأمن

. يف خيميتةنت وتلبس اخللعأحتضر .خرآلوترددت الرسل بينهما يف ذلك، واستراب كل واحد منهما با

وسار إليه، يد الدين ليعتقله ؤلذلك صمم خوارزم شاه على قصد الوزير مسرع يف االبتعاد عنه واللجوء إىل اجلبال واالحتماء ا، فرجع خوارزم أولكن الوزير .شاه إىل مهذان

وهكذا فإن الصدام بني اخلوارزميني والناصر قد وقع منذ اليوم األول الذي يتوسع يف سيطرته هـ٥٩١مث أخذ الناصر سنة . انتصرا به معا على السالجقة

املعروف بابن القصاب إىل خوزستان ييد الدين حممد بن علؤ مةزارفأرسل نائب الومث اجته من . فملك مدينة تستر وغريها من البالد، وسيطر على القالع واحلصون

.تستر إىل ميسانينانج بن البهلوان هذا الذي كان ال يستقر على أوهنا برز من جديد قتلغ

له من قبل، ونراه هنا مقبال على حواأهواء، ومرت بنا أل بل يتقلب حسب ا؛والءكرمه الوزير، وكان سبب قدومه أنه كان قد انقلب على أالوزير ابن القصاب ف

١٥١ التمهيد

ينانج أ عند زجنان ازم فيها قتلغ ةخوارزم شاه وجرت بني جيشيهما معركعطاه الوزير اخليل واخليام وكل ما حيتاج أ هذا إىل وزير اخلليفة فأوعسكره، فالتج

.إىل كرمنشاهإليه واجتها مث تركاها إىل مهذان، وكان فيها أوالد خوارزم شاه مع عساكرهم، فلما دنا

عسكر اخلليفة منها جال عنها اخلوارزميون وتوجهوا إىل الري. ينانج، فاستوىل أوبعد استيالء الوزير على مهذان رحل عنها وخلفه فيها قتلغ

زدغان وساوه وآوه، ومضى إىل خرقان وم: الوزير على كل ما مر به من بالد منهاخوار الري(، فجال عنها اخلوارزميون إىل الري (ا فسري الوزير خلفهم عسكر

يطاردهم، فتركوها إىل دامغان وبسطام وجرجان، فعاد عسكر اخلليفة إىل الري .وأقاموا ا

رحيل اخلوارزميني طمع بالتغلب على ىينانج إىل طبيعته، فلما رأأوعاد قتلغ ج إىل نيناأا، ولكن الوزير سارع وحصره فيها فاضطر قتلغ حماربير فدخل الريالوز

. للنهبةمفارقتها فدخلها فكانت عرضينانج ومن معه من األمراء إىل مدينة آوه فحال بينهم وبينها أومضى قتلغ

عامل الوزير فتركوها والوزير يطاردهم حنو مهذان، مث التقوا واقتتلوا قتاال شديدا قام حنو أينانج وجنا بنفسه، وتقدم الوزير إىل مهذان ونـزل بظاهرها فأزم قتلغ فا

عرض أعادا، فأخذه البالد ويطلب أفوصله رسول خوارزم شاه منكرا . شهرأثالثة الوزير عن ذلك، فسار خوارزم شاه ما إىل مهذانجد. عسكر خوارزم شاه بعسكر اخلليفة فازمىوكان الوزير قد تويف، فالتق

سه أما فعله أن نبش قرب الوزير وقطع ر اخلليفة وملك خوارزم شاه مهذان، فكان أول .مث عاد إىل خراسان. ظهر أنه قتله يف املعركةأوأرسله إىل خوارزم و

صفهان، وكان فيها عسكر خلوارزم شاه مع أا إىل وأرسل اخلليفة الناصر جيشر اخلليفة بظاهر البلد، فترك صفهان يكرهوم، فنـزل عسكأولده، وكان أهل

.اخلوارزميون البلد عائدين إىل خراسان، فدخله عسكر اخلليفة

أصل السالجقة ١٥٢

عود إىل اخلطاهـ جاهر خوارزم شاه تكش باحللول حمل السالجقة يف بغداد بأن ٥٩٤سنة

يكون سلطانا خيطب بامسه على منابرها، وذلك بعد أن سيطر على الري ومهذان د مث عاد إىل خوارزم، فطلب اخلليفة الناصر إىل غياث صفهان وما بينها من بالأو

شغاله إلأن يهاجم خوارزم شاه يف بالده ) فغانستان اليومأ(الدين ملك الغور وغزنة ا متوعدا نبؤ خوارزم شاه مةعن التوجه إىل بغداد، فبادر غياث الدين إىل مراسل

.مهددا بغزوه يف عقر داره واالستيالء على بالدهوارزم شاه إىل اخلطا منذرا هلم بأن غياث الدين إذا انتصر عليه خأفالتج بعد ذلك على بلخ ويتجه إليهم يف بالدهم فال يستطيعون مدافعته ورده فسيستويل

.عن بالد ما وراء النهرذا القول وأرسل جيش ر جيحون مفاجئا كثيففاقتنع ملك اخلطا ا ا عرب

شهاب الدين قد سار بالعساكر هخوأقرس، وكان ا بالنغياث الدين الذي كان مريض ما يعتد به، ة العسكرية إىل اهلند فلم يكن لغياث الدين املريض من القوةالغوري

سروا وبوا أوواصل اخلطا زحفهم يف بالد الغور فاستولوا على مناطق فيها وقتلوا و .وسبوا كثريا ال حيصى

يكن لديه من اجلند ما ميكن أن الناس إىل غياث الدين مستنجدين فلم أفالتجيقاتل به، واشتد احلال على املسلمني، فتحرك أحد األمراء الغوريني األمري حروش وكاتب غريه من األمراء فاجتمعوا مجيعا واجتهوا إىل اخلطا فبيتوهم ليال مفاجئني هلم

حون كثروا القتل فيهم ومل يكن هلم سبيل إىل الفرار، فالغوريون وراءهم ور جيأو .مامهم فعظم القتل فيهمأ

ةولكنهم عادوا يف الصباح فتجمعوا أو ثبتوا وثبت املسلمون فدارت الدائر .لقى نفسه يف املاء غرقأعلى اخلطا فمن ثبت منهم قتل ومن

١٥٣ التمهيد

عما جرى الوئ مللك اخلطا واعترب خوارزم شاه مسة مروعةكانت الصدم الف دينار، وكان عدد القتلى اثين آةجلنده فأرسل إليه يطالبه عن كل قتيل بعشر

.عشر ألف قتيلفعاد خوارزم شاه إىل غياث الدين يستعطفه، فرد عليه غياث الدين بلزوم

مل ترسل ةنك يف احلقيقأ فقد رد على ملك اخلطا بة ثانيةومن جه. اخلليفةةطاعمرت اجليش أنا الذي أرسلته للفتح ودخول بلخ، ولست أمنا إ و يلةجيشك مناصر

ن يف صلح وحسن حال مع الغوريني آلنا اأو. عن هزميتهالوئكون مسألعبور النهر ب . هلمةوطاعا غضب هذا اجلواب ملك اخلطا وصمم على قتال خوارزم شاه وأرسل جيشأف

لالستيالء على خوارزم فحصرها اجليش فكانت تدور مناوشات بينه وبني من خوارزم شاه فاستطاع ةملسلمني لنصرخيرجهم خوارزم شاه لقتاله، وتطوع كثري من ا

ى بل سار وراءهم إىل خبار؛رد جيش اخلطا عن خوارزم، ومل يكتف بذلك ىفحصرها فقاتله أهلها املسلمون مع اخلطا وامتنعوا عليه، ولكنه تغلب على خبار

.عما فعلوه يف قتاله أهلها وجتاوزة معاملئفلم يسألب أرسالن يف بلده تويف خوارزم شاه تكش بن هـ٥٩٦ويف سنة

بني نيسابور وخوارزم وكان يف طريقه من خوارزم إىل خراسان، فتوىل ) ةشهرستان(واختذ لقب أبيه ) قطب الدين(بعده ابنه قطب الدين حممد الذي مل يلبث أن ترك لقبه

).عالء الدين(وكان . مع الغوريني واخلطا وغريهم استقر ملكه واتسعةوبعد صراعات طويل

م على أيامهم ا وثقلت وطأقد متكنوا من تركستان وما وراء النهر وطالت اخلطا خوارزم شاه يف ة على مراسلهـ٦٠٤ ومسرقند سنة ىأهلها ما محل سلطان خبار

وجوب التحالف للتخلص من اخلطا وشدم على املسلمني، ووعده بأن يذكر امسه .همن حيمل إليه ما حيمل إليأ وعلى النقود، وةيف اخلطب

أصل السالجقة ١٥٤

فلم يطمئن خوارزم شاه إىل الوفاء بوعود السلطان، فسري إليه السلطان وفدا مور أمن البخاريني والسمرقنديني يطمئنه، فعزم على املسري إىل اخلطا بعد أن دبر

بسلطان ىومضى جبيشه عابرا ر جيحون والتق. وكلها إىل من حيفظهاأبالده و .مسرقند فثبتا حلفهما

ة فالتقى اجليشان يف حروب طاحنهـ٦٠٦يشا كبريا سنة فحشد له اخلطا جومضى خوارزم . سر العدد الكثريأ منكره قتل فيها منهم وة اخلطا هزميةانتهت زمي

، وعني فيها ة منطقةشاه متوغال يف بالد ما وراء النهر يفتحها مدينة مدينة ومنطقزم شاه ابنته ورده إىل ا له وعاد إىل خوارزم ومعه سلطان مسرقند، فزوجه خوارنواب

.) ةشحن(مسرقند، ومعه ممثل له وهو ما اصطلح على تسميته ا أن اخلوارزميني خالل هذه ا قارا حوايل سنة، ويبدو جليوظل األمر هادئ

احلاكمني، وعاملوا ة يف مسرقند وتصرفوا تصرف السادةلسريساءوا اأ قد ةالسن من ىرأ: (غضبت صاحب مسرقند، ما عرب عنه ابن األثري بقولهأ ةالسمرقنديني معامل

وال .ـه.ا) اخلطاةم ما ندم معه على مفارق اخلوارزميني وقبح معاملتهةسوء سري، ويتراءى لنا ة وقبح املعاملة الكثري من سوء السرييءشك أنه قد ناله هو نفسه الش

صرفالذي أرسله خوارزم شاه إىل مسرقند ممثال سلطته فيها قد ت) ةالشحن(أن العليا ةكلما صاحب مسرقند الذي يعترب نفسه صاحب ال السيد املطلق متجاوزفرتص

.ة احلاكمة الشرعية رب السلطيحنق السيد السمرقندأفيها مما ...). اخلطاةنه على مفارقإ (:ينا ابن األثري يقولألذلك ر

ة مكتوم، بل حتول إىل فعل عنيف بلغ الغاييوندمه هذا مل يبق جمرد ندم نفسيدعوه إىل ول ما فعله أنه أرسل إىل ملك اخلطا أف! يف نقمته وشراسته وفظاعته

فهو ذا يتنازل عن استقالل بالده ويسلمها مسرقند ليسلمها إليه ويعود إىل طاعته !..جنيباألإىل

جيب جل أن يصل األمر بصاحب مسرقند إىل هذا احلد،أوحنن ندرك أنه من !.فعال اخلوارزميني يف مسرقند قد وصلت إىل شرحدأأن تكون

١٥٥ التمهيد

.ننا ال نستطيع أن نستسيغ تسليم مسرقند إىل اخلطاإومع ذلك ف ة لصاحب مسرقند إىل طلب تدخل خوارزم شاه هو النقميلقد كان الداع

على ةصاب املسلمني فيما وراء النهر وغريه من طغيان اخلطا، والغري أعلى ما .مني هي اليت دفعت صاحب مسرقند إىل االستنجاد خبوارزم شاه على اخلطااملسل

فاتفق أن سلطان مسرقند وخبارى، : (... يصف الوضع ذه اجلملوابن األثري، عريق النسب يف ةن السالطني، وهو من أوالد اخلاني سلطاويلقب خبان خانان، يعين

نف وضجر من حتكم الكفار على املسلمني، فأرسل إىل خوارزم أاإلسالم وامللك، ة امللك، وكثرةعطاك من سعأوجب عليك مبا أن الله عز وجل قد إ: شاه يقول له

عليهم من ي الكفار، وختلصهم مما جيرييدأاجلنود أن تستنقذ املسلمني وبالدهم من ليك ما إ اخلطا وحنمل ةبشار، وحنن نتفق معك على حماربألالتحكم يف األموال وا

).ة وعلى السكةونذكر امسك يف اخلطب. حنمله إليهم :وحنن لنا أن نستنتج من هذا القول

أن صاحب مسرقند مسلم عريق يف اإلسالم، سليل مسلمني عريقني -١ .كذلك يف اإلسالم

نف وضجر من حتكم الكفار على أ ابن األثري من أنه بالرغم من قول-٢ننا نستنتج مما جاء يف آخر كالم ابن األثري أن هذا الضجر كان من حتكم إاملسلمني، ف

وضجره من هنفأوهذا ال مينع من .ا لسيطرمذ كان خاضعإ ،هؤالء به هو نفسه .حتكم اخلطا بعموم املسلمني

ن خيطب أي فيه أن حيمل إليه املال ورضاء خوارزم يكفإ كان حيسب أن -٣، وبذلك يتخلص من نفوذ اخلطا املتحكم به ةبامسه يف بالده ويذكره على السك

ةولكن آماله خابت فبعد أن كانت سيطر. مواله ويعود مستقال كامل االستقاللأوب. ة مباشرة اخلوارزميني سيطرة عادت سيطرة غري مباشرةاخلطا على بالده سيطر

املسلم العريق يف اإلسالم سليل املسلمني العريقني ) اخلان خانان( هذا يع يستديولك اخلطا الكفار لتسلم بالده اإلسالمية، جيب أن يجل أن يستدعأيف اإلسالم من

أصل السالجقة ١٥٦

يف الظلم والتعسف والقهر ة اخلوارزميني يف بالده قد بلغت الغايةتكون سري .ذاللإلوا

لتسليمهم البالد، بل عمد إىل ومل يكتف صاحب مسرقند باستدعاء اخلطا .ة الوحشيىقصأاالنتقام من اخلوارزميني املوجودين يف مسرقند انتقاما بلغ

، كما ي السمرقنديوكان قد سكن مسرقند الكثريون بعد التحالف اخلوارزمكان يسكنها غريهم من قبل، فأمر صاحب مسرقند بقتل اجلميع قتال عاما، أما من

ا إىل خوارزم شاه فكان يقطع الواحد منهم قطعتني صيكانوا منهم منتسبني شخ ).كما يعلق القصاب اللحم(سواق ألويعلقهم يف ا

ليها ليقتلها، إ خوارزم شاه، فمضى ة ابنةوبلغ حقده حىت إىل زوجته اخلوارزمي ي وقتل مثلأةنا امرأ: رسلت إليه تقول لهأبواب، ووقفت جبواريها متنعه، وألغلقت اأف

فاتق ة،محد عاقبأ يستوجب به هذا منك، ولعل تركأليك ما إ ن مينقبيح، ومل يك ..الله يف

.ةفتركها ووكل ا من مينعها من التحرك حبريقامته ومل تقعده وكان رد فعله أووصلت أخبار ما جرى إىل خوارزم شاه ف

فظع من فعل صاحب مسرقند، فإذا كان هذا قد قتل اخلوارزميني أيكاد يكون ولكن !.. خوارزم شاه صمم على قتل كل من يف خوارزم من الغرباءوحدهم، فإن

قطار األرض، أتاه الناس من أن هذا البلد قد إ: مه حالت بينه وبني ذلك، وقالت لهأ .مه فانتهىأفأمر بقتل أهل مسرقند فنهته . ومل يرض كلهم مبا كان من هذا الرجل

، فكلما أعد مجاعة سريها رساله إىل ما وراء النهرإلعداد جيش إوانصرف إىل ا ، مث عرب هو وراءهم زاحفةفعربت جيحون، وتتابع التسيري حىت عربت مجوع غفريقد فعلت ما مل يفعله مسلم، : م إىل مسرقند، فلما وصلها بعث إىل صاحبها قائال

وقد عفا الله عما . واستحللت من دماء املسلمني ما ال يفعله عاقل ال مسلم وال كافرولكن صاحب مسرقند رفض ذلك ..مض حيث شئتاخرج من البالد واسلف ف .ال أخرج وافعل ما بدا لك: وبعث إليه

١٥٧ التمهيد

القوى اليت يقودها خوارزم شاه كان ة أن رفضه هذا مع علمه بكثافويبدو يلجناده بعد أن استنهض ملكها هلذه إل يتأمل أن تأاعتمادا على قوى اخلطا اليت كان ي

خوارزم شاه إىل أن تصل ة مصاولةب أنه يستطيع بقواه الذاتينه كان حيسأ، وةاملهم .قوى اخلطا

وهنا بدرت من بعض . ليهاإمر بالزحف أولكن خوارزم شاه عاجل مسرقند وفقد كان التجار الغرباء . استجاب هلا خوارزم شاهة كرميةنسانيإ ةأصحابه بادرم، فطلب إليه صاحبه أن ييسكنون درب ألمراء إذا فتحوا البلد أن مر بعض اأا خاصا

م إ إليهم، فةساءإليقصدوا الدرب الذي يقيم فيه هؤالء التجار فيمنع من به وا .غرباء وكلهم كارهون هلذا الفعل، فأمر بعض األمراء بذلك

ونادى باهلجوم العام فكان أن نصبت السالمل على السور وصعد عليها بيحت أسرع من أن اقتحموها، فأفلم يكن املقاتلون وبادروا مسرقند من كل ناحية،

وسلم .نسانإ ألف م قتلوا مئيتإنه يقال إ :يام با وقتال، ويقول ابن األثريأثالثة .مواهلمأهله وأذلك الدرب ب

ين هو يف هذا املعمعان أعن صاحب مسرقند : اثننيوهنا نتساءل عن شيئنيأما صاحب .. ، مث عن اخلطا الذين كان اعتماد صاحب مسرقند عليهم؟يالدمو

ول عن كل ما جرى، منذ استدعائه خوارزم شاه، إىل ئمسرقند الذي هو وحده املس .رفضه طلب خوارزم شاه الرحيل عن البالد

ةننا نفتش عليه يف قيادإ الكربى فةيولئأما صاحب مسرقند وصاحب هذه املس الدفاع عن عاصمته مسرقند فال جنده، ونفتش عليه يف كل ما جرى بعد ةمعرك

الناس والبالد، ورده على خوارزم ةرفضه الرحيل، ورفضه أن يكون مثن رحيله سالم !..ال أخرج وافعل ما بدا لك: شاه

س أنفتش عليه على رومن يرد هذا الرد ويقول هذا القول كنا سنجده حيث ن خوارزم شاه قد فعل ما بدا له وهو اهلجوم أل ؛ عن مسرقندة اجلموع املدافعةقياد

!.على مسرقند، يف مقابل رفضه هو اخلروج وترك البالد

أصل السالجقة ١٥٨

، وال حىت ةس القيادأ العنيف ال على ريمل يكن صاحب هذا الرد االستفزاز !..على ذيلها وال ى، ومل يكن يف القتلى وال اجلرحةيف القيادمل يكن ... ان امسه خيتفي ائيإ

!..ىسرألابالكف عن ) خوارزم شاه(مث أمر : األحداث ةيروى ابن األثري قائال يف متابع وخوفا فأرسل ة قلبه هيبألى صاحبها ما مأ فرةالنهب والقتل، مث زحف إىل القلع

سروا صاحبها أ، فزحفوا عليها فملكوها ويمان لك عندأال : مان، فقالألبطلب امر بقتله، أحضروه عند خوارزم شاه، فقبل األرض وطلب العفو، فلم يعف عنه وأو

.ةحدا ممن ينسب إىل اخلانيأقاربه، ومل يترك أفقتل صربا، وقتل معه مجاعة من .حد معه يف البالد حكمألورتب فيها ويف سائر البالد نوابه، ومل يبق

بدا، مع أن أنه مل يشر إليه من قبل إ؟ ةمن يقصد ابن األثري بصاحب القلع، وما من أحد يءنه معروف من القارأذكره هنا بالشكل الذي ذكره يوهم ب

ال صاحب مسرقند، فهل يقصد ابن األثري إ األحداثيف هذه يء معروف من القار صاحب مسرقند، ومساه هنا صاحب القلعة اللتجائه إىل القلعة بعد ةبصاحب القلع .سقوط املدينة ؟

: على أنه قد يقربه قول ابن األثري يف آخر الكالم... قد يكون هذا مستبعدا .ةحدا ينسب إىل اخلانيأ، ومل يترك أقاربهوقتل معه مجاعة من

صاحب ) خانان خان(قرباء أ هم ةفاملفروض أن من ينسبون إىل اخلاني ..مسرقندذه احلرب مصري هةن كالم ابن األثري املتشابك املوجز تركنا جنهل حقيقإهذا عن صاحب مسرقند فماذا عن اخلطا الذين استنجد م . مبا جرى فيهاةالفظيع

صاحب مسرقند وكان اعتماده عليهم يف رده احلاسم على عرض خوارزم شاه؟ ال ا، ولكنه يعود فيقول وهو يذكر عنهم ابن األثري خالل حديثه عن املعركة شيئ

١٥٩ التمهيد

من سلم ىزم شاه باخلطا ما ذكرناه مضملا فعل خوار(يتحدث عما بعد املعركة ).نه مل حيضر احلرب فاجتمعوا عندهإمنهم إىل ملكهم ف

ةشارإدىن أيف حني أنه مل يذكر شيئا عما فعله خوارزم شاه باخلطا، ومل يشر إىل مجاعة اخلطا يف الدفاع عن مسرقند، وما ذكره عن املذابح فيها، كانت عبارته

: لت السمرقنديني وحدهم، فهو يقول عن خوارزم شاه، بأن هذه املذابح ناةصرحي أهلهذن لعسكره بالنهب وقتل من جيدونه من أهل مسرقند، فنهب البلد وقتل أو(

).إنسان ألف م قتلوا منهم مئيتإيام فيقال أثالثة سامهت ة بأن أرسل إىل مسرقند جندىالذي يلوح لنا أن ملك اخلطا اكتف

.صيب به أهل مسرقندأصيبت مبا أرقند فمد عن مسألبالدفاع القصري ا التتر واملغول

رخو العرب القدامى يعتربون التتر واملغول امسني ملسمى واحد، فهم يعربون ؤم .خرىأ ة وبالتتر تارةمثال عن جنكيز خان وقومه باملغول تار

ن التتر إ: حداث خوارزم شاه واخلطا والتتر واملغولأوابن األثري يقول عن مث اتفق : (مث ال يلبث أن يقول ما نصه. عداء اخلطاأ كانوا يكهم كشلبقيادة مل

ي على كشليخروج التتر اآلخر الذين خربوا الدنيا وملكهم جنكيز خان النهرج ). األوليخان التتر

.خرآلول واألبا: فهم كلهم عنده تتر، وللتمييز بينهم يصنفهموا منهم، مث انفصلوا عنهم أن التتر يف األصل فرع من املغول خرج: وفيما نرى

األصل الواحد ةال رابطإمع الزمن انفصاال تاما جعلهم شعبا مستقال ال تربطه باملغول وبذلك يكون . ن ظل جيمعه به تشابه املالمح وتقارب بعض اخلصائصإالبعيد، و

، ويعرب )التتر األول: (ن يعرب عنه بقولهأل البن األثري ةوال حاج. ملك التتريكشل ملك التتر، فإن جنكيز خان يفكما أن كشل). بالتتر اآلخر: (وم جنكيز خانعن ق

.ملك املغول

أصل السالجقة ١٦٠

التتر يتحركونالتتر الذين كان قد نـزح فريق كبري منهم إىل تركستان واستقروا فيها كان

التقاتل بني خوارزم ة، فانتهزوا فرصمتتابعة وحروب متأصلبينهم وبني اخلطا عداء لالنقضاض ي ا اخلطا يف مسرقند، فمشى ملكهم كشل اليت مينزميةواهلشاه واخلطا،

. ضعفةعلى اخلطا يف حالغض عما أوعرف ملك اخلطا عجزه عن صد التتر املتدفقني عليه كالسيول، ف

نـزله خوارزم شاه جبيشه، فأرسل إليه أبينه وبني خوارزم شاه من الشحناء، وعما أما ما كان : (ا، قائالا عليهما معشكلون خطريعرض التحالف معه على التتر الذين ي

تى من هذا العدو من ال قبل لنا أوقد . منك من أخذ بالدنا وقتل رجالنا فعفونا عنه إلينا أن تسري ةواملصلح. ن انتصروا علينا وملكونا، فال دافع هلم عنكإم إبه، و

نتعرض إىل ما بعساكرك وتنصرنا على قتاهلم، وحنن حنلف لك إذا ظفرنا م ال .)أيدينا من بالد ونقنع مبا يف أخذت

إىل خوارزم شاه يف اخلطر احملدق به حباجةوإذا كان ملك اخلطا قد رأي نفسه قيقتها توسل، فإن كشلي ملك به إىل أن يطلب نصرته يف حال هي يف حىمما أد

انضمام ة به موقف أحد الفريقني يف حاليتأثرالتتر مل يكن بغافل عما ميكن أن خوارزم شاه إىل الفريق اآلخر، لذلك سارع هو اآلخر إىل خطب ود خوارزم شاه

عداء آبائك أك وؤعداأن هؤالء اخلطا إ: (ا إليه التحالف معه على اخلطا قائالطالبفساعدنا عليهم، وحنلف لك إذا انتصرنا عليهم ال نقرب بالدك، ونقنع نا، ؤعداأو

.)باملواضع اليت ينـزلواهكذا وجد خوارزم شاه نفسه موضع جتاذب عدوين شرسني، يسعى كل

جاب كال أى أن يرضيهما ومينيهما معا، فأاه واستعطافه، فرمنهما إىل كسب رض !.. معك ومعاضدك على خصمكنينإ: منهما

ومضى جبيشه فنـزل قريبا من مكان تواجههما، حبيث يظن كل فريق أنه جاء سرع خوارزم شاه أ، فة كاسحة اخلطا هزميةملناصرته، ووقعت املعركة فكانت هزمي

١٦١ التمهيد

ا عليهم جبيشه الكبري طريق سر وينهب، قاطعأ ويعند ذلك إليهم وجعل يقتل فيهمال عدد قليل مضوا إ حبيث مل يكد ينجو منهم أحد ة مروعةوقع فيهم مذحبأاهلروب ف

...، كما انضم إىل جيش خوارزم شاه منهم مجاعةةمع ملكهم إىل بعض اجلبال املنيع ولواله نه قدم ملساعدتهإ :وراح خوارزم شاه مينن على كشلي مبا فعل، قائال

ولكن خوارزم شاه . ملا انتصر على اخلطا، فلم ينكر كشلي عليه ذلك واعترف بهأن يتقامسا يذ طلب من كشلإا، ا باهظعاد بعد حني يطلب مثن ما فعل، وكان مثن

.بالد اخلطانت وقومك أال السيف، وإ يليس لك عند: ا قائال عنيفافرد كشلي عليه رد

.ال كان مصريكم مصريهمإسكت، ومنع من اخلطا، فإن ألستم ا منهم، فراغ منه خوارزم شاه واتبع قوله بالعمل وتقدم جبيشه حىت كان قريب

ا لوجه، فراح حياربه حرب نه كان يعلم أنه ال يستطيع لقاءه جبيشه وجهأل وغريها من مثيالا وما جاورها أن ةرغم أهل الشاش وفرغانأالعصابات، وكذلك فراح ة زاهيةا زاهرخرى، وكانت بالدألتحقوا بالبالد اإلسالمية اينـزحوا عنها ويل . عليها التتر، حىت عمها اخلرابىيخيرا لئال يستوقدار أن تكون يف صف خوارزم شاه، فإذا باملغول يتجهون إىل ألوشاءت اا، فاجته بقوته شيئيلكشل صبح النصر على اخلوارزميني ال يعينأغزو بالد التتر، ف

. املغول، وعاد خوارزم شاه إىل االستقرارةا من أخبار خوارزم شاه حىت يء حوايل سبع سنوات ال يربز لنا فيها شيمث ميضا جيشه ا، مسريا سلطانه امتدادا واسعخباره تتابع ممتدأهـ فإذا ب٦١١تكون سنة . واصال سلطانه إىل السند من حدود كابل مث مكران لفتح كرمان

. وبعض عمانوخطب له يف هرمز وقلهاتويف . يكون قد استوىل على خراسان كلها وملك باميانهـ٦١٢ويف سنة

فسار : ( قائالة تلك الفتر، ويصف ابن األثري جيشه يف ملك بالد اجلبلهـ٦١٤سنة ر، أساوه، وقزوين، وزجنان، و: ، وبعد ما ملكه)ا يف عساكر تطبق األرضجمد

أصل السالجقة ١٦٢

واستوعب ملك مجيع البالد، واستقرت : ويقول. صفهان، وقم، وقاشانأومهذان، ووزبك أران بأن خيطب له أذربيجان وأوزبك بن البهلوان صاحب أ بينه وبني ةالقاعد

. طاعتهيف بالده ويدخل يف اليت بلغها خوارزم شاه، وهذا امللك العريض الذي صار إليه، ةهذه السطو

ن حيل فيها حمل السالجقة ومن قبلهم أطمعه بأن يسيطر على اخلالفة يف بغداد وأ ة بغداد كانت معرضةولكن خالف. ن خيطب له فيها ويلقب بالسلطانأالبويهيني، و. قصرهاة فيحد من سلطتها وجيعلها رهينحد أن يعودأل منه ال تريد ةعنه حماذر

كان ال جيد من ديوان اخلالفة قبوال، وكان سبيله إذا ورد : (وكما يقول ابن األثريإىل بغداد أن يقدم غريه عليه، ولعل يف عسكره مئة مثل الذي يقدم سبيله عليه،

).فكان إذا مسع ذلك يغضبهن ال جياهد أنفسه ون أن يكبت غضبه يف آلوإذا كان قد استطاع حىت ا

ن يفرض نفسه على اخلليفة أا ون أن يضع لصربه حدآل اىاخلالفة بالعداء، فقد رأ .الناصر حبد السيف

ة من مخسةلفؤ هلذا اجليش مةا، وقدم طليعا ليسري به إىل بغداد فاحتعد جيشأف عشر ألف فارس يقودها أحد كبار أمرائه فمضى ا األمري متجها صوب العراق حىت

سريها حىت ةخرى من اجليش واصلأ ةتبعها بقطعأبلغ حلوان على حدود العراق، مث اليت يقل مثيلها، فهلك الكثري من ةا العواصف الثلجيأمهذان، فلما جتاوزا فاج

اجلنود والكثري من الدواب، وقضى على من سلم بنو برجم األتراك وبنو هكار .قل من القليلأال إكراد ومل يصل إىل خوارزم منهم ألا

على خوارزم شاه فهدت عزميته، وصمم على الرجوع ة شديدةكانت الصدم على ةاء أمر السيطرإا من التتر، فقد كان حيسب أنه يستطيع إىل خراسان خوف

لغاء مشروع إ، مث يتفرغ للتتر فلما حل جبيشه ما حل يئس وقرر ةبغداد بسرعو توجه إىل ما وراء النهر، فلما وصل إىل احتالل بغداد، وعاد إىل خراسان، ومن مر

١٦٣ التمهيد

. الناصرةمر اخلطيب بأن ال خيطب للخليفأ جلس عند املنرب وةنيسابور يف يوم مجع .وكذلك فعل ببلخ وخبارى وسرخس

ختتفي أخبار خوارزم شاه حىت كانت هـ٦١٦ حىت سنة هـ٦١٤ومن سنة يخان على العامل اإلسالم اليت زحف ا املغول بقيادة جنكيزة، وهي السنةهذه السن

قاصدين أول ما قصدوا خوارزم شاه الذي كان من أمره معهم ما ليس هنا مكان وطوى ) سالمإل واة والنصرانيةاملغول بني الوثني: (تفصيله، وقد كنا فصلناه يف كتابنا

..أمر خوارزم شاه عمار يف طرابلس بينةدول

وعند قيام الدولة . ةفريقيأل اة املغربية كتامةصوهلا إىل قبيلأبنو عمار أسرة تعود ، ة والعسكريةداريإلسساا اؤ يف مة ممن هلم الصدارة كان شيوخ هذه القبيلةالفاطمي

. العزيز باللهياخلليفة الفاطمبرز رجال أنذكر منهم احلسن بن عمار الذي كان من أبومني الدولة أمراءها فمنهم أصبحوا أ طرابلس، مث ةمث كان بنو عمار قضا احلسن على بن أبو، مث جالل امللك .هـ٤٦٤ي سنة ىطالب احلسن بن عمار، املتو

حوايل هـ، مث فخر امللك عمار بن حممد بن عمار املتوىف٤٩٢عمار املتويف سنة ٥٠١ سنة بو الفرج حممد بن عمار املتوىفأبو املناقب مشس امللوك أو هـ، ٥١٤سنة .هـ

مارم إوكانت ). م١٠٧٠(هـ ٤٦٢ عمار بطرابلس سنة كان استقالل بينومتتد من . ة ثانيةرباض إنطاكية من جهأ وحىت ةمتتد حىت ختوم بريوت من جه

ويف لبنان حىت .ةكراد والبقيعأل يف سوريا إىل قلعة صافيتا وحصن اةنواحي جبل . بالد جبيلي شرقة بشرى وبالد العاقورة وجبةاهلرمل والضني

سنة ، املتوىفي من أعمال طرابلس يف عصر اخلطيب البغدادةوكانت جوني .هـ٣٦٢ زار طرابلس سنة ي والذ، هـ٤٦٣

أصل السالجقة ١٦٤

سيس الدولة وازدهارهاأتعشر، يصبحت طرابلس، يف القرن احلادأمارم منوا عظيما حىت إوقد منت

ساطيلها تنتقل يف أ للبحر املتوسط، وكانت يعظم مدينة على طول الساحل الشرقأ لبالد الشام، عن طريقه يتم التصدير ي الرئيسي املنفذ البحريحناء هذا البحر، فهأ

ليه تفد من اخلارج لتحمل إوروبا، وأواالسترياد، وتنقل منتجات الشام واملشرق إىل ةوكان بنو عمار، وهم مثقلون برد اهلجمات الصليبـي. منه إىل سائر بالد الشام

وظلت . إىل ثغور البحر املتوسطيسطوهلم التجارأعليهم من الرب والبحر يسريون ى بالسكر جبميع طخر العصور الوسواأوروبا حىت أطرابلس، ومعها دمشق، متونان

يعود إىل ى أو جنوة القادم من البندقياألورويب وكان التاجر نذاكآ ةشكاله املعروفأ قصب ةومجع بنو عمار زراع. كياسه من طرابلسأبالده وهو حيمل سالل السكر و. ويف بساتني طرابلس) بو علىأ( على ضفاف ر ةالسكر الذي كان ينمو بغزارلعصره وجتفيفه وتصنيعه، بشكل رقائق أو ناعم أو وأقاموا املصانع داخل املدينة

ثرت املدينة أ عمار وصالح حكمهم أن بينة، وكان من حسن سياسىل حلوبشكذ إ ، حىت خالل احلصار الصليبـي هلا برا وحبرايوكانت على أحسن حال اقتصاد

. اقتصادهاةدارإ وحسن ة بثروا الداخلية تقاتلهم عشر سنني مستعينةظلت صامد فخر ةفدا ملفاوضوفد القائد الصليبـي رميوند خالل احلصار، وأوعندما

ة من تنوع البضائع ورواج التجارىهشه ما رأأدسواق طرابلس أامللك، ومر الوفد بر ثناء احلصاأوقد دفع فخر امللك . والرخاء الذي تنعم به املدينةةوعظيم الثرو

شهر أ ة برا وحبرا رواتب ستاألجنادالصليبـي إىل مجيع املدافعني عن املدينة من االقتصادي احلصار ةمواهلم يف مقاومأيشاركون ب رياء املدينةأثمقدما، كما كان

.الذي فرضه الصليبـيون على املدينة .وكان فخر امللك عمار بن عمار يلقب مبلك الساحل

با أوإذا كنا نعلم أن احلسن بن عمار هو الذي أرسل، يف عهد العزيز بالله، خاه أبا متيم هذا أرسل أن أ إىل دمشق، ويمتيم سليمان بن جعفر بن فالح الكتام

١٦٥ التمهيد

ننا إهـ، إذا كنا نعلم ذلك، ف٣٨٦ بن جعفر بن فالح واليا على طرابلس سنة يعل مث حكاما، فليس يف ةقضا: عمار إىل طرابلسا عن عوامل وصول بينال نعلم شيئ

جد األسرة ةفبعد وفا. يدينا ما يدل على بدء قيامهم فيهاأ اليت يف التارخييةاملصادر خبارها، وميتد ذلك حوايلأا من مامنا شيئأهـ، ال نرى ٣٨٦احلسن بن عمار سنة

الفتح أيب الكتائب عمار صاحبيبأرباع القرن حىت يربز لنا اسم أثالثة البصري يف ةعد( كتاب ي ألف له الكراجكيهـ والذ٤٤٩، املتويف سنة يالكراجك

).حج يوم الغديربو طالب احلسن بن عمار أ عمار فهو من استقل بطرابلس من بينأما أول

هـ٤٦٢ حىت سنة ة الفاطميةمني الدولة، وقد ظل يعد نفسه تابعا للدولأاملشهور ب . بىن عمارةمارإ، حيث استقل بطرابلس فقامت بذلك )م١٠٧٠(

بن يفتوىل بعده ابن أخيه عل). م١٠٧٢. (هـ٤٦٤مني الدولة سنة أومات وتوىل . هـ٤٩٢عمار املعروف جبالل الدولة الذي استمر حكمه حىت سنة حممد بن

حىت ي عمار بن حممد بن عمار ذو السعدين املعروف بفخر امللك وبقهخوأبعده ويف . على الصليبـينيةا بالسالجقهـ، حيث ذهب إىل بغداد مستنجد٥٠١سنة .احتل الصليبـيون طرابلس بعد نضال طويل). م١١٠٩(هـ ٥٠٢سنة

مني الدولة احلسن بن عمارأسس اإلمارة، ؤ مةمنقب الدولة كبري العقل سديد الرأي، عاملا، فقيها، كاتبا جميدا، ألف أمنيكان

اليت مجع فيها ) دار العلم(سيسه أ تي فهىأما منقبته الكرب. ةكثريا من الكتب النفيسلكتب، إىل مجيع وكان يبعث، يف التفتيش عن ا. أول األمر أكثر من مئة ألف كتاب

.ةمثان، وجيلب هلا الكتب النادرألقطار ويبذل يف شرائها باهظ األاواستمر األمر بعده يف عهد خلفائه، هذا فضال عن عنايته بالعلم وطالبه فيها

.ة الدراسةوتشجيعهم على الوصول إىل طرابلس ملتابعالكثري من ليها العدد إاليت قدم ) ةدار احلكم(وإىل جانب دار العلم قامت

ةعظم املراكز العلميأ علم ومركزا من ةصبحت طرابلس كعبأطالب العلم، حىت لقد

أصل السالجقة ١٦٦

دب أ وةليها طالب العلوم والفنون من فقه وحديث ولغ إيف العصر الوسيط يفد . وطبة وهندسةوفلسف

لفني ؤشهر املأللفات ؤ املةليها العلماء ملراجعإوعدا طالب العلم فقد كان يفد ليها إ لكبار العلماء ينضم ةكما كانت تعقد حلقات علمي. املعارفيف العلوم و

ها أنشأاليت ) دار العلم(وقد جدد . من العلمةالعلماء الوافدون إىل طرابلس لالستزادذ كانت إ، )م١٠٨٢(هـ ٤٧٢مني الدولة ابن أخيه وخليفته جالل الدولة سنة أ

.مني الدولةألعمه وسلفه ة جلالل الدولة أكثر مما كانت مواتيةالظروف مواتيسيس، كما أن عمر حكمه كان أففي عهد األول كانت اإلمارة يف دور الت

وعشرين عاما اتسعت فيها ةأما جالل الدولة فقد استمر يف احلكم زهاء مثاني. قصريا .ا ونشطت جتاراأطراف اإلمارة وعظم شأ

دار العلم يف طرابلس، وجعل لطالب العلم فيها ة فائقةناي جالل الدولة بدار العلم عوقد عين

ا يتولون القيام بذلكرواتب، وفرق على أهلها ذهبا، وجعل هلا نظار. عمار ونيل جوائزهم فيلقون مراء بينأوكان شعراء الشام يفدون ملدح

عالم، من ألشهر اأوكثرت حلقات التدريس وازدمحت املدينة ب. الترحيب والتكرميليها من كل مكان، وقصدها الناس إغويني، من الذين يفدون دباء وفقهاء وشعراء ولأ

ةليها التجار والرحالإديام ومذاهبهم كما كان يفد أجناسهم وأعلى اختالف . العلم والعلماء من كل البالدةوطلب

غريمها إىل ة و والفارسيةداب عن الالتينيآل العلوم واة ازدهرت فيها ترمجكما يد( بذلك من املستشرق ة، ولدينا شهادىخرأل، ومنها إىل اللغات اة العربيةاللغ، وساوت يف ذلك )علوم اليونان وسبل انتقاهلا إىل العرب: (، يف كتابه)يولريأ يالس

.ترمجون والنساخون والكتاب واخلطاطون، فكثر فيها املةالعربي كربيات احلواضر: ة عن املكتب) ةتاريخ احلروب الصليبـي(يف كتاب ) ستيفن نسيمان(ويقول

. يف العاملةروع مكتبأصبحت أا إ

١٦٧ التمهيد

هـ٤٧٨ القشتاليني، سنة ييدأندلس، يف أل، يف اةوعندما سقطت طليطلمحد بن أ: يبدو أنه هاجر فريق من علمائها إىل طرابلس، وكان منهم.) م١٠٨٥(

ذ كانوا إ. ا لدار العلم، فاحتضنه بنو عمار وجعلوه متوليييطللالله الط بو عبدأحممد بن ي علاحلسني بن بشر بن: مثالأمورها كبار رجال العلم، من أخيتارون للنظر يف

.مثاهلماأوغريمها من . . . . . . . . . روحيبأسعد بن أبشر وا عملهم الوحيد نسخ الكتب غري املوجود مئة ومثانون ناسخةوكان يف املكتبومل يقتصر األمر على . فيهاةتها إىل الكتب املوجودضافإ وةمنها نسخ يف املكتب

الكثري من كتب اليونان والرومان والفرس، وبني ة، بل ضمت املكتبةالكتب العربي اإلنفاق كهذه حتتاج إىل ةومكتب. لفيهاؤ عدد كبري منها خبطوط مةالكتب العربي

خطاطني ومترمجني الكثري عليها ملا تضمه من عاملني فيها ومشرفني عليها ونساخني وأما عدد الكتب .ليها نوادر الكتب مهما غال مثنهاإ حيملون ةوجملدين ووراقني وباع

:نهأقوال يف شأل عمار فقد تعددت ا بينةاليت احتوا مكتبيد ذلك ابن ؤن العدد كان ثالثة ماليني كتاب، ويإ: يقولي طأيبفابن

رنولد أ: رب واملستشرقني منهمرخني العؤوعلى هذا القول كثريون من امل. الفرات ةخمتصر تاريخ الثقاف( الذي يقول، يف كتابه يوغرومهان وغيبون وشوشتر

ةكرب عدد من الكتب عرف أن مكتبأ ي طرابلس كانت حتتوةن مكتبإ): اإلسالمية يواملستشرق الفرنس. ال وهو ثالثة ماليني كتابأما حوته حىت ذلك الزمن، .قدير العدد بثالثة ماليني كتابكاترمري مل خياجله شك يف ت

ألف كتاب، ةمني الدولة مبئأت، يف عهد منشئها األول، أ بدةويبدو أن املكتبن العدد ارتفع يف عهد خليفته جالل امللك إىل املليون، مث ارتفع يف عهد فخر امللك أو

.إىل ثالثة مالينيا حيتاجونه من بكل مةساخ واخلطاطني مزود للنة خاصة، قاعةوكان يف املكتب

. ليهاإقالم، كما كان فيها قاعات للمطالعني الذين يفدون ألوراق واحملابر واألابناء طرابلس فقط، فقد كان العلماء وطالب العلم أوهؤالء الوافدون مل يكونوا من

أصل السالجقة ١٦٨

فاكتظت . مما حتويه يف كل فن من فنون العلمةفادإلليها من كل مكان لإيفدون . خذين عنهمآلدباء والشعراء واحملدثني والفقهاء وبالطالب األطرابلس بالعلماء وا

مصادر ة يف عدةحىت صارت مدينة طرابلس تسمى دار العلم، قد وردت هذه التسمي .)يضا بدار علم تسمىأوهي : (ويف ذلك يقول الشاعر شهاب الدين حممود. ةتارخيي

ذ كان إ يف طرابلس، ةعد طرابلس عن دمشق يف ازدهار الثقافسهم عدم بأو مث يعودوا إىل ة العلميةليها، يف كل عام، زائرون من دمشق ليشاركوها احلياإينتقل .بلدهم

واعتقل عددا من . ـه٤٦٨دمشق سنة ) يأتسز اخلوارزم(وعندما حاصر لوجوه دمشق إىل ة مجاعيةسعار وضاق أمر الناس، قامت هجرألوغلت ارجاهلا

طرابلس، وممن هاجر الشاعر ابن اخلياط صاحب الديوان املطبوع يف دمشق، سنة ١٩٥٨.

اإلسالمية ووصوهلا إىل ةومن املقرر، عند مجيع من كتبوا عن تاريخ احلضار ة بقوافلها املتنقلةالتجاريوروبا، أن من عوامل هذا الوصول كان عامل االتصاالت أ

.بني الشرق والغربليها كانت تفد القوافل إثر الفعال يف ذلك، فأل عمار اوقد كان لطرابلس بين

ي عمار التجارسطول بينأوروبا أ ئ من بالد الشام، مث ينقلها إىل مرافة الربيةالتجاري .ةعربي اإلسالمية الةعداد، ناقال معها جذور احلضارإعدوه أحسن أالذي

.ي يف التقدم احلضارمم ما يداينأل بني اةوليس كالعالئق التجاريعن ) عشر امليالديياحلاد- يالقرن اخلامس اهلجر(وقال ناصر خسرو

).ة واملغرب للتجارةوللسلطان ا سفن تسافر إىل بالد الروم وصقلي: (طرابلس ةنت مملوءن مدينة طرابلس كاإ، يف كتابه، )يسالماإل(وقد ذكر املؤرخ

ن من يتصفح كتب التاريخ والتراجم ليقف على إ، وبالعلماء حني دمهها الصليبـيونندلس أل، وسيجد أن طالب العلم ورجاالته جاءوا إىل طرابلس من اةهذه احلقيقحناء بالد الشام وآسيا الصغرى أغرب ومصر واحلجاز والعراق وبالد فارس ووبالد امل

١٦٩ التمهيد

ابن (ليها، فمنهم الشاعر الشهري إمساء الوافدين أونذكر هنا مناذج من . وغريها، ئلف املقرؤوسديد امللك بن منقذ األمري الشاعر، وابن السراج العامل امل) حيوس

الديوان ة كتاب مث توىلة، جببلةوىل اخلطاب الذي درس بطرابلس وتيوابن النقار القاض .مثال هؤالءأ، إىل عشرات من بدمشق، وله ديوان شعر، وشاعر الشام ابن القيسراين

. يبو العالء املعرأ) دار العلم( من ةفادإلشهر الوافدين على طرابلس لأومن ذكر وقد: (... قال ابن العدمي. وقد شكك املؤرخ ابن العدمي بذلك وتابعه آخرون

رحل إىل دار العلم بطرابلس للنظر يف كتبها، يبا العالء املعرأبعض املصنفني أن العالء، يبأيام أومل يكن بطرابلس دار علم يف . واشتبه عليه ذلك بدار العلم ببغداد

محد بن عمار يف أ بن يبو احلسن علأ جالل امللك يمنا جدد دار العلم ا القاضإو .ةربعمائأاثنتني و

.)ةربعمائأربعني وأبو العالء قد مات قبل جالل امللك سنة تسع وأن وكا : جواد قد فند هذا القول قائالىعلى أن الدكتور مصطف

منا جدد دار العلم ا إو: (ومن احلق أن يف النفس ما فيها من قول ابن العدمي ة حسنة عتيق إىل حاليء شةعادإ: ةفالتجديد عند أهل العربي) جالل امللكيالقاض: ا يف قوله لقالولو كان هذا العامل الكبري متثبت. سيس وال بناءأ فليس هو بتةنفأمست

فهو حمجوج مفلوج على دعواه ) سس دار العلمأمنا إ(أو ) دار العلمأنشأمنا إو( أيب ةدراسنكر أنشاء، وبذلك تسقط دعوى من إلسيس واأه التجديد دون التبذكر

أةن التجديد يدل على أن دار العلم كانت منشأل بدار علم طرابلس، يالعالء املعر .صاا تلف أو حريق استوجب جتديدهاأقبل ذلك ف

مني الدولة احلسن بن عمار، املعاصر أنشاء إ جواد يمث يذكر الدكتور مصطف، لدار العلم، وال يتعارض هو وقول ابن العدمي من جتديد جالل ي العالء املعريبأل

.امللك هلا :مثالأ عمار، نذكر وممن نبغ، من الطرابلسيني، يف عهد بين

أصل السالجقة ١٧٠

، وابن زريق املهندس العامل .هـ٤٩٧ سنة ىفديب الشاعر املتوألابن خرسان اىل تنوع الثقافات اليت مل هـ، نذكرمها مثالني لنشري إ٥١٦ سنة ىف املتويالفلك

. وعلوم الدينةتنحصر يف علوم اللغالله عبدأيب ة عمار يف طرابلس، حلق، يف عهد بينةومن احللقات العلمي

والشعراء واللغويني األدباء الذي مر ذكره، وكانت حلقته خترج يالطليطل .ياط بن منقذ والشاعر ابن اخلةسامأوالنحويني، ومنها خترج الشاعر الفارس

حيانا يف حوانيت أ تقوم ة فقد كانت هناك لقاءات شعبيةوعدا احللقات العلمي املفضل ولقاءات املنتزهات يب أ وكبارهم، ومنها لقاءات العطارةصغار الباع

شعار، ونذكر مثاال ألسواق وينابيع املياه خارج طرابلس، حيث يتطارح امللتقون األوا، يالله املعروف بابن اخلياط الشاعر الدمشق با عبدأمحد بن حممد، أعلى ذلك أن

:النه إىل ضفاف غدير يف ظاهر طرابلس فقال ابن اخلياطخرج مع بعض خ منـاطق ييبدو لعينك منـه حلـ نـهأوما ترى هذا الغـدير كأ

فارتج خيفق مثل قلـب العاشـق ةمترقرق لعب الشـعاع مبائـوعللت طرفك من سراب صادق راعـك ملعـهفإذا نظرت إليه

:فقال أحد رفاقهيتــك ســابقا للســابقأحــىت ر ا مصلييءجأل أنآمقد كنت

عمار اليت كانت لبينةابن اخلياط إىل طرابلس يدلك على الشهريء وسبب جم ة وتشجيعهم، فقد خرج هذا الشاعر من دمشق، يف احلقبواألدباء األدب ةيف محاي من ة خالهلا فترة عصيبكانت دمشق تعاينذ إ، ـه٤٦٩ و٤٦٣ ما بني سنة ةاملمتد

يبأمري أل واتصل هناك باة، وهو ال يزال يف صباه، فقصد محاةالفنت واجلوع والفاق بالشاعر ابن حيوس فشكا له ىمث ذهب إىل حلب فالتق. الفوارس حممد بن مالك

:ليهاإ اليت وصل ةنشده هذين البيتني يصف احلالأحاله و منظـر عـن خمـرب وكفاك مـين ما يباع بـدرهميمل يبق عند

ين املشـترى؟ أين، أعن أن تباع و ماء وجـه صـنتهاةال صباب إ

١٧١ التمهيد

: مث قال،لكان أحسن). ينت نعم املشترأو: (لو قلت: فقال ابن حيوس، ينت وارثأ، فإن الشام ال خيلو من شاعر جميد، في ونعيت إىل نفسيكرمت عندجاء ابن . هـ٤٧٦وحبدود سنة . ون هذا الفنم حيبإ عمار بطرابلس، ففاقصد بين

بو أوكان صاحب طرابلس يومها جالل امللك . سنة٢٦اخلياط طرابلس وهو ابن بن حممد بن عمار فاتصل به ومدحه، كما مدح فخر امللك وغريه من ياحلسن عل

كما كان يتردد على دار العلم وحيضر الدروس فيها، وتدفع له اجلرايات . عماربين . يف الدارة كان بنو عمار يصرفوا للطلباليت

. اليت عاشها يف طرابلس بعشر سنواتةوتقدر املد بني الفقهاء والشعراء، وكان ة عمار كانت تقام حلقات املناظرويف قصور بين

. فيها هؤالء بنظم القصائدىبنو عمار يقيمون مسابقات للشعراء يتبار لفونؤمراء الدولة علماء مأ

يضاح، إلشرح ا. ومن الكتب اليت صدرت، يومذاك، نذكر هذه النماذج .ـه٤٦٧ سنة املتوىفي الفارسي لزيد بن علةوشرح ديوان احلماس

وقد وقع . مني الدولة احلسن بن عمارأ طالب يبأل) جراب الدولة(وكتاب األرواحترويح : (ن اسم الكتاب هوإ كبري، حني قالوا ألفني يف خطؤبعض امل

مني الدولة احلسن بن أ ، ونسبوه إىل) املنعوت جبراب الدولةواألفراحومفتاح السرور .عمار

ابن ( فيها أخطأ اليت ة جواد على هذه النسبىوقد علق الدكتور مصطف .أ على هذا اخلطلفنيؤ، وتابعه غريه من امل)الفرات

الثقايف يمهيته يف التاريخ الفكرألخذه هنا أ جواد مبا نىعلق الدكتور مصطف :ةلتلك احلقب

، ناصر الدين بن الفرات، يف ذكر يلف املصرؤلقد وجدنا من الغريب قول امل األرواحوهو الذي صنف كتاب ترويح : (ىب طالب احلسن بن عمارأمني الدولة أ

). املنعوت جبراب الدولةفراحواألومفتاح السرور

أصل السالجقة ١٧٢

واهلزل والباطل، الفكاهةمن كتب ) األرواحترويح (ن كتاب ألف: والأأما .ة متينةمري ذو ديانأوهذا قاض وجاء ي، عند املطلعني على التاريخ اإلسالم)جراب الدولة(ن ألف: اوأما ثاني ،

كونه واألخرى) واحاألرترويح (نسان الذي ألف إلا لوالمها كونه لقبأ: يف حالتنيا ئلفه ابن عمار املذكور يف اقتصاديات الدولة اإلسالمية وشأا لكتاب امساألخرىو .

ا لكتاب لفه فجعلهما امسؤ ولقب ماسم الكتاب اهلزيلي وقد أخذ ابن الفرات املصر .فظعه، وجل من ال يسهو وال يغلطأشنع الغلط وأابن عمار، وهذا من

):جراب الدولة( اهلازل امللقب ةرمج يف تيقال ياقوت احلمو من أهل سجستان ةمحد بن حممد بن علويأهو : محد بن حممد جراب الدولةأ(درك أيام املقتدر وأكان يف . با العباس، وكان طنبوريا، أحد الظرفاء والطيابأويكىن يف ةم كانوا يفتخرون بالتسميأل بويه فلذلك مسى نفسه جبراب الدولة، بينةدول ومفتاح السرور األرواحترويح (يضا كتاب أ وله دولة وكان يلقب بالريحال

).مل يصنف يف فنه مثله اشتماال على فنون اهلزل واملضاحك) واألفراحجل الكتب أالب احلسن بن عمار فهو من بو طألفه أالذي ) جراب الدولة(أما

الدين عبد الرمحن بن خلدون يف ويليا، قال القاضشرفها موضعأجزهلا فوائد وأومحد أوكذلك وجد خبط ). (صلهاأ قوا يف ةن آثار الدولة كلها على نسبإ: (فصل

مون من مجيع أيام املأحممد بن عبد احلميد عمل مبا حيمل إىل بيت املال ببغداد ... كورد جله.. كسكر... غالت السواد: ، نقلته من جراب الدولةيالنواح .سرهاأمون بأ املة الواردات ململك:أيوذكر االرتفاع ). فارس... األهواز... حلوان ).انتهى(ين موضوع هذا الكتاب من موضوع الكتاب الباطل العاطل؟ أف

لفون يف ؤلفني، يؤ عمار كانوا يف الوقت نفسه علماء ممراء بينأوهكذا نرى لفات اليت صدرت يف ظل حكم بينؤومن امل. يما يسمى اليوم باالقتصاد السياس

. روح اليت مر ذكر بعضهايبأمحد بن أسعد بن ألفات ؤعمار، م

١٧٣ التمهيد

سنة محد بن منري املتوىفأ، وديوان .هـ٤٩٧ سنة وديوان ابن خرسان املتوىف ، وديوان ابن النقار املتوىفـه٨١ سنة النفس البن الرباج املتوىفة، وروضـه٥٤٨هـ، ٥١٥ بعد سنة ىف املتو احلسييني الله العلوةهـ، وديوان ابن هب٥٦٧سنة

بن بركات املتويف سنة ي كثري، وابن ذريح للراشدةوالتصريح يف شرح قصيد .هـ، وغري ذلك٥٤٠

ة ناشطة شعريةحركالشعراء الذين وكان بنو عمار من املقصودين باملدح من شعراء عصرهم، فمن

بو أ، وي املعر، وابن العالينيبو املواهب املعرأابن اخلياط، وابن النقار، و: مدحوهم .الفتيان بن حيوس

السعدين، فخر امللك عمار بن ي قوله، يف ذي املواهب املعرأيبفمن مدائح : جاء فيهاةحممد بن عمار من قصيد

وجزمت مـدى هجـرانكم فترفقـوا الــبني فاعــدلواحبابنــا جــرمت مــعأأ

ــال ــو مةورب ف ــها وه ــؤ جبت ــر ينس ــه جت ــقيوخيفان ــرارا وتعن م

ــت ــاأوظل ــبالد ودو ــا ال وجلــقمــاينألطــرابلس حيــث ا خطيه

وفـق أويف و أ السعد بـنيرجاء بذ مــا بــني امللــوك فمــا يبورجحــت

وصافه املـدح يصـدق أفقرت ويف النـوىلقـت عصـاأمالآلمليك به ا

من الشام جناح السـحائب مغـدق مرعـد غيث علـى الشـيموعرض يل

ــر ــو البح ــاحلإه ــري م ــه غ ال أنــه لــيس مبحــق إهــو البــدر ال أن

شب مـا حيميـه سـور وخنـدق أت ى فقد كفـيملواضالثغر من رشف ا محى

مغـدق فيها من الترب يسحاب الند ةلكم آل عمار على اجلـود مسـح تعشـق يملدحك وى أو لنظم ــاأ القــوايف كطــاعتينأوفيــك

ــك ة برهـة البضاعيوقد كسدت هذ ــقإومل ت ــك تنف ال يف زمان

أصل السالجقة ١٧٤

:خرىأ ةويقول فيه من قصيدطالت مبالكهـا علـى البلـدان ةس فيـا لـك بلـدعزت طـرابل

ــاطن ــوج ب ــا وم ــوج بظاهره سبحان حمرزهـا مـن الطوفـان موغدوت جارهم فضـاع زمـان فـيهمييفديك قوم ضـاع شـعر

ــاآ ــرابلس مب ــتأنســت ط النعمـان ةللمملوك طيب معـر وليفيها الشعراء بفخر امللك اقترح ي اليت كان يلتقةويف أحد االس الشعري

: اليت مطلعهاة الشهرية الرائياألندلسي ء حممد بن هاينةدعليهم أن يعارضوا قصيمدكم فلق الصـباح املسـفر أو فتقت لكـم ريـح اجلـالد بعنـرببو أ على وزا وقافيتها، فسبقهم يف ذلك ةبأن ينظم كل واحد منهم قصيد

جازه أعجبت فخر امللك فأ ة، بقصيد بن إبراهيم، املعروف بابن العالينياحلسن عل . الشعراءة ا عن قصائد بقي واستغىنعليها

وكان فخر امللك يقود، يومذاك، الكفاح اإلسالمي على الصليبـيني، ويتحمل حصارهم ملدينته ويدافعهم عن وطنه، وإىل ذلك يشري الشاعر يف بعض

: بقولهة يف قصيدته املتقدميبو املواهب املعرأ، كما أشار ةبيات القصيدأوخندقشب ما حيميه سور أ تىكف فقـديمحى الثغر من رشف املواض

: يف بعض ما قالقال ابن العالينشب ما حيميه سور وخندق أ تىكف فقـديمحى الثغر من رشف املواض

ولع متداولوه باستكتاب اخلطاطني للقصائد أولرواج سوق الشعر، يومذاك، ة القصيدةكتاب دنانري لةحدهم للخطاط أكثر من سبعأ، فيدفع ةخبطوطهم اجلميل

، حنو مئيت احلليبي، املعروف بابن اخليشةمحد بن محزأولقد قبض الشاعر . ةالواحدمن الطرابلسينية جلماعةا وعشرين قصيددينار يف شهر رمضان لكتابته سبع .

١٧٥ التمهيد

و عمار من الكتاب إىل السيفبن إىل مشارف ) سان جيليرميوند د) (صنجيل(عندما وصل القائد الصليبـي

اإلعداددرك اخلطر الصليبـي فخر امللك بن عمار، فصمم على أالشام كان أول من يقف يسالمإ إىل حلف ة، وذلك بالدعوةهلذا اخلطر قبل أن يتغلغل يف البالد الشامي

يف دمشق يقول ) دقاق بن تتش(يف محص وامللك ) ياخز(ألمري يف وجهه، فراسل ا ةذ هو يف هذه العدإمن الصواب أن يعاجل صنجيل : ابن األثرييهلما على ما يرو

.ةالقريب مقاتل، وخرجت يلفأ) دقاق(بنفسه وسري ) ياخز(فاستجابا له، فخرج األمري

.هناك) صنجيل(فوا د فاجتمعوا على باب طرابلس وصاةمدادات الطرابلسيإلا وولوا ةم انكسروا عند املشاهدإما عسكر محص فأف: يقول ابن األثري

مبن معه فكسروا أهل طرابلس ) صنجيل(منهزمني، وتبعهم عسكر دمشق، ومحل .طرابلس وحصرها) صنجيل(آالف رجل، ونازل ةوقتلوا منهم سبع

ينتصر هذا الفريق وينهزم ذاك : ، فاحلروب سجاليمر طبيعألإىل هنا، وا ةل واالستغراب هو املقدمؤ جيعلنا نكثر من التساي والذيولكن غري الطبيع... الفريق

، ـه٤٩٥حداث سنة أ قدم ا ابن األثري هلذه احلرب وهزائمها، فهو يقول عن يتالمهزوما ) صنجيل (ىومض): قلج أرسالن(مام أ) صنجيل (ةبعد أن يتحدث عن هزمي

يف ثالث مئة فوصل إىل الشام فأرسل فخر امللك بن عمار إىل األمري ياخز وإىل امللك همئة من عسكر) صنجيل(خرج أف: مث يقول... إىل آخر القول الذي تقدم... دقاق

هو يف يني إىل عسكر محص، وبق إىل عسكر دمشق ومخسةإىل أهل طرابلس ومئ وولوا منهزمني وتبعهم ةم انكسروا عند املشاهدإما عسكر محص فأف. مخسني

.عسكر دمشق) صنجيل( الذين قاتلوهم، فلما شاهد ذلك ةم قاتلوا املئإوأما أهل طرابلس ف

آالف رجل، ونازلةمحل يف املئتني الباقيتني، فكسروا أهل طرابلس وقتلوا منهم سبع .طرابلس وحصرها) صنجيل(

أصل السالجقة ١٧٦

ا ال نعرف ن يف كالم ابن األثري هذا ختليطإ: يستطيع اإلنسان أن يقول !...عوامله

نه أن هو أن حصار الصليبـيني لطرابلس برا وحبرا قد بدا وآل يهمنا ايوالذ : عمارسيستمر عشر سنوات أصبح خالهلا شعار بين

كتاب عندهم مكانه الرفيع ن ظل للإالسيف، بعد أن كان شعارهم الكتاب، و .ومنـزلته الكربىكرب ألاالبن ا) برتران( طرابلس كل من ةاجتمع على منازل: رخونؤيقول املأمري ) تانكريد(ر، وخت رميوند املذكوأ، ودوليم غوردان، ابن يلرميوند الصنجيلكونت الرها و ) بلدوين(ملك بيت املقدس، و) بلدوين( و ة،إنطاكية والالذقي

.أمري قلعة تل باشر) غوسلني( قدموا مع ي فارس بروفنس٤٠٠٠لف من أ تتة للمدينة املهامجيوكانت القو

، إىل جانب سفن برتران ة جاءوا بعشرين سفينةبرتران، وعدد كبري من اجلنوي م بلدوين ملك القدس إىل جانب عدد كبري ىتأ فارس ٥٠٠ربعون، وأ وعددها

إىل بلدوين كونت باإلضافة فرسان تانكريد، ة فارس من خري٧٠٠ وةمن الرجال . من جبل لبنانىتأ ومن ةالرها، وجوسلني وحرسيهما، مث مجوع املرد

كان هذا اجلمع قد جتمع على طرابلس بعد أن كلت قواها بعد عشر سنوات .من احلصار املضروب والقتال الدائم، وكان هو الذي دخل طرابلس

وكان صنجيل حياصر مدينة ـه٥٩٦حداث سنة أيقول ابن األثري، يف تيها، وا فخر امللك بن عمار، وكان يرسل أصحابه يف أطرابلس الشام، واملواد ت

صد بذلك أن ويق. املراكب يغريون على البالد اليت بيد الفرنج ويقتلون من وجدوا .خيلو السواد ممن يزرع لتقل املواد من الفرنج فريحلوا عنه

ذات ة فخر امللك فيها مزدوجة مرت على احلصار كانت مهمةسنة كامل، فهو يقف يف وجه اقتحام الصليبـيني ملدينته ي وشق هجوميشق دفاع: شقني

١٧٧ التمهيد

له، ة احملاصرفيقاتلهم دفاعا عنها، مث هو ينفذ مبراكبه من بني سفن الصليبـيني .فيهاجم الصليبـيني يف ما حيتلونه من بقاع

هله أ) العماريون(كان فخر امللك هنا بطل الدفاع واهلجوم معا، وكان فيقول ـه٥٩٧ سنة يتأوت. بصرب ويصابر معهيزره، وشعبه الطرابلسأيشدون من فيها ةي وصلت مراكب من بالد الفرنج إىل مدينة الالذقةيف هذه السن: ابن األثري على حصار يجناد واحلجاج وغري ذلك، واستعان م صنجيل الفرجنألالتجار وا

فيها مطمعا اياما، فلم يروأطرابلس، فحصروها معه برا وحبرا وضايقوها وقاتلوها ...فرحلوا عنها إىل مدينة جبيل

سنتان مرتا وفخر امللك حمصور يف مدينته، وهو صامد يدافع عنها دفاع ... فال ينالون من صموده مناالةعداء بقوى جديدأليستعني ابطال، وألا

، وأقام ةكان صنجيل قد ملك مدينة جبل: يقول ابن األثريـه٤٩٩ويف سنة ا وبىن حتته بالقرب منها حصنعلى طرابلس حيصرها حيث مل يقدر أن ميلكها، بين

بو على بن أ ا، وأقام مراصدا هلا ومنتظرا وجود فرصه فيها، فخرج فخر امللكربض ة ووقف صنجيل على بعض سقوفه احملترقةحرق ربضأعمار صاحب طرابلس، ف ة والفرسان فاخنسف م، فمرض صنجيل من ذلك عشرةومعه مجاعة من القمامص

.يام ومات، ومحل إىل القدس فدفن فيهاأ إىل هؤالء الفرنج الذين ة ليحملوا املريةن ملك الروم أمر أصحابه بالالذقيإمث

سطوال فجرى أليها فخر امللك بن عمار إخرج أى طرابلس فحملوها يف البحر، فعلسروا من أخذوها وأ من الروم فةبينهم وبني الروم قتال شديد فظفر املسلمون بقطع

.كان ا وعادوا :ويتابع ابن األثري كالمه

ومل تزل احلرب بني أهل طرابلس والفرنج مخس سنني إىل هذا الوقت، والدهم وحرمهم، فجال الفقراء، أهله على نفوسهم وأات به، وخاف قوألفعدمت ا .)انتهى.( سديدي، ورأةغنياء، وظهر من ابن عمار صرب عظيم، وشجاعألوافتقر ا

أصل السالجقة ١٧٨

. عن كل تعليقينخذه بنصه عن ابن األثري يغأ الكالم الذي نذاه :ويواصل ابن األثري قائال

، فلما قلت األموال عنده ىجرى ابن عمار اجلرايات على اجلند والضعفأو ماال األغنياءخذ من رجلني من أشرع يقسط على الناس ما خيرجه يف باب اجلهاد، ف

ليكم إا ن صاحبنا صادرنا فخرجن إ:مع غريمها، فخرج الرجالن إىل الفرنج وقاال .واجلبل) ةعرق( من ةتيه املريألنكون معكم، وذكرا هلم أنه ت

. إىل البلديءفجعل الفرنج مجعا على ذلك اجلانب حيفظه من دخول ش. فأرسل ابن عمار وبذل للفرنج ماال كثريا ليسلموا الرجلني إليه فلم يفعلوا

، بل كان إىل مل يكن ابن عمارا بطال شجاعا فقط. ةفوضع عليهما من قتلهما غيليف كل شعوب األرض .. هوالألمام اأذلك حازما بعيد النظر حمكم التدبري جلدا

يوجد ضعاف النفوس خوارو العزائم، ويوجد حريصون على املال ال يبالون يف هذا .وطامأاحلرص أن خيونوا

أن يوجد يف صفوفه مثل هذين اخلائنني الذين ال يفال يضري الشعب الطرابلسن من يقدم أل ؛ما مجعا ماهلما من احلرام ومن كل مصدر غري شريفأ نشك يف !. يف مجع املالةقدم على كل رذيلأقدما عليه يكون قد أعلى ما

كان ابن عمار كما قلنا حازمهوال، ألمام اأا ا بعيد النظر حمكم التدبري جلدا سليمني يشجع ن تركهمإ. فلم يشغله ما هو فيه عن التفكري يف أمر هذين اخلائنني

عدائه أحكم تدبري أمر اغتياهلما، واستطاع اختراق صفوف أ فةمثاهلما على اخليانأ ..حكام األمرإوالوصول إىل اغتياهلما، ويف هذا ما فيه من قوة العزم وسداد الرأي و

ةابن عمار والسالجق بن يبو علأورد فخر امللك : يقول ابن األثري. هـ٥٠١ سنة أحداثويف ، مستنفرا على الفرنج، )يالسلجوق( ا باب السلطان حممدىل بغداد قاصدعمار، إ

حثه على ذلك أنه ملا طال حصر الفرنج يزاحتهم، والذإلطالبا تسيري العساكر .قوات وقلت، واشتد األمر عليه وعلى أهل البلدأل طرابلس، ضاقت عليه اةملدين

١٧٩ التمهيد

لسلطان حممد وزوال كل فلما بلغ فخر امللك انتظام األمور ل: ويتابع القول .ـه. لنفسه وللمسلمني قصده واالنتصار به اىخمالف رأ

، ة بالغةلقد استقبل فخر امللك يف بغداد من السلطان ومن اخلليفة حبفاورسلت معه العساكر يوصل إليهم أجيب استنجاده وأإذا وتعهد أنه ةفطالب بالنجد

وللسلطان، فلم ينل غري الوعود، فعاد إىل ةقال ذلك للخليف. مجيع ما يلتمسونهادمشق خائب..!

امرات عليه ساهم فيها نائبه، ما أخرج األمر من يده ؤوقد حدثت يف غيابه من الصليبـيون يدخلون كا. هـ٥٠٣ويف سنة . إىل طرابلسة وحيل بينه وبني العود

:ويوجز ابن األثري ذلك ذه اجلمل. طرابلس والزحف، فهجموا على البلد وملكوه األبراجومد الفرنج القتال عليها من

طفال، وبوا األموال ألسروا الرجال وسبوا النساء واأ وقهرا وبوا ما فيها وةعنو ما ال يعد وال ة املوقوف وكتب دور العلمةمتعألوغنموا من أهلها من األموال وا

وعاقب الفرنج أهلها . ةمواال وجتارأحيصى، فإن أهلها كانوا من أكثر بالد الله .خذت دفائنهم وذخائرهم يف مكامنهمأ العقوبات وبأنواع

.حرقوها بكل ما فيهاأذ إ الكربى من ضحاياهم ةوكانت املكتب بنو عمار والعمران

هم ما عنوا به املشاريع أمارم، فمن إ يف ةيمل يغفل بنو عمار النواحي العمرانبو أ(ا من النهر الذي عرف بعد ذلك باسم ر ا منظممنوا لطرابلس ريأ، فةاملائيا يفيض فيحدث ، وال يزال حىت اليوم يعرف ذا االسم، فقد كان ر قاديش)يعلمور أ تنظم ةيمنائإ ة ابن عمار خطيبو علأضرارا وال ينتفع منه، فوضع فخر امللك أ

، فعاد على املدينة ومنطقتها باخلري العميم، ي للرةقنيأالنهر ومتنع فيضانه، وجتريه يف ساعدت على ة زراعيةومنت املزروعات والبساتني واحلدائق، وتشكل من ذلك ثرو

مزروعاا وتنوعها ة بوفرة باملدينةرضني احمليطأل اتمع، وازدهرت احلقول وايرق

أصل السالجقة ١٨٠

مواال من اخلارج ما كان عامال أمواهلا واستدرت أجاا فاحتفظت بوفاضت عن حا .ة والثقافية واالقتصادية الصناعيةيف وض احلرك

خني والرحالني، بكثرة ما تنتجه من الفواكه ؤروعرفت طرابلس، يف كتب املذ ال يكاد إصال، أ األقاليمن فيها ما ال يوجد يف سائر إ: (والثمار، حىت لقد قالوا

). جتمع بني مثار الشام ومصريرضها باملياه، فهأ خترق ةد دار بغري شجر لكثريوج، يف بساتني طرابلس، فنقلوا غروسه إىل ةول مرألوالفرنج عرفوا قصب السكر،

.يطالياإ وجنوب ة صقليةجزيرنشاء مصانع للورق، فقد كان الورق السمرقندى هو إ عمار جنازات بينإومن

.ة يفوقه جوديسالمي جبودته، فإذا بالورق الطرابلساملشهور يف العامل اإلليف يف أثر كبري يف رواج العلم والتدوين والتأوقد كان لوجود مصانع الورق

ت للتجليد أ، فكثر الوراقون، ونشةدبيأل االعلمية الثقافيةطرابلس وساعد على ضتها ومن . ةلون وتوشيح باخلطوط املة من زخرفة الصينية على الطريقة فنيةصناع

احلرير اليت امتدت مصانعها على ضفاف ةالصناعات اليت ضت يف طرابلس صناع .ثار عجبهمأدهش الفرنج وأنوال واملغازل ما أللوف اأالنهر، مبا فيها من كانت جتوب البحر ة جتاريأساطيلنشاوا أ فالبحرية باملالحة بنو عمار وقد عين

ات الناس هنا وهناك ما أشرنا إىل بعضه فيما ليها حاجإ ة من طرابلس أو ناقلةحاملساطيل الصليبـيني أ قتال الذي توىلسطوهلم احلريبأتقدم من القول، هذا عدا عن

.طوال عشر سنوات استعماهلا، عرفوا ذلك من ةوكيفي) ةالبوصل (األوروبيونومن طرابلس عرف

. الطرابلسينيةالبحار ة الشرقيةرم، فهم الذين بنوا اجلهماإ عمار إىل خارج وقد امتدت آثار بين

يف كتابه احلليبةمن اجلامع الكبري يف مدينة حلب، كما يثبت ذلك املؤرخ ابن الشحن واخلطباء إىل املدن ةون القضاكما كانوا يبعث. ) حلبةالدر املنتخب يف تاريخ مملك(

عن ابن ) ةالنجوم الزاهر(يف كتابه ) ي برديابن تغر(، ومن ذلك ما ذكره ةالشامي

١٨١ التمهيد

، بعث إىل صاحب ـه٤٧٥نطرطوس من الروم سنة ألتمش أنه عندما فتح حصن قطرابلس جالل امللك يطلب منه قاضيااا ليقيما وخطيب .

١٨٣ تاريخ دولة آل سلجوق

مقدمـــة الرمحن الرحيماهللا بسم

اجلسام، ومننه العظام، والصالة والسالم على خري همعنى ل ع اهللادم بعد حأمافإين ملا فرغت من انتخاب الكتاب . سيدنا نبيه حممد وعلى آله الربرة الكراماألنام، حممد بن حامد بالربق الشامي من إنشاء اإلمام السعيد عماد الدين حممد بناملوسوم

رة صترة وع الفصرةنب(( ، طالعت كتابه املوسوم -رمحه اهللا- الكاتب، األصفهاين قد سلك فيه منهجه املعروف يف فصادفته )) الفطرة ، يف أخبار الوزراء السلجقية

بيانه، وإسباغ أزيال القرائن املترادفة من وشائع ما حيبره مضمارإطالق أعنة أقالمه يف املقصود مغمورا يف تضاعيف ضمائر األسجاع، ورمبا كان ال صارنانه، حبيث راقم بفانتخبت منه هذا املختصر الذي هو . حجاب بعض األمساعبدائعهاصغاء إىل إليرفع ل على عيون قرائنه البديعة، وزواهر ألفاظه حمتو اشتماله على مجيع مقاصد الكتاببعد

ما تفرق يف مجيع سالطني األمم، وصار فضائلالالفصيحة، خدمة مللك اجتمع فيه من موالنا السلطان امللك .. العرب والعجم ملوكنظامـا حملاسن يتزين بأفرادها سائر العادل أيب بكر بن أيوب، ال زالت معارج امللكاملعظم أيب الفتح عيسى ابن السلطان

م واإلجالل، جمده مطمحا لعيون اإلعظاوعتباتدولته راقية يف مدارج اإلقبال، فيخرجون من ظلم الزيغ والضالل الشاردونومصابيح علومه متوقدة يهتدي ا

. غلل اآلمالفينقعون يكرع فيها اهلائمون ةوينابيع أياديه متفجر ومستمدا تعاىل مستعينا باهللا هـ٦٢٣ افتتحت به يف شهر ربيع األول سنة وقد

بفضله أموريوفقين يف ذلك ويف مجيع من حوله وقوته ومبتهال إليه، وسائال إياه أن ي .ورمحته، وهو حسيب وكفى

تاريخ دولة آل سلجوق ١٨٤

نبذة من بداية حال السلجقةذكر يدينون، ال ، وأيد ويددد وعدد السلجقية ذوي عكانت )١( -رمحه اهللا- قال

ألحـد وال يدنـون من بلـد، وميكائيل بـن سلجق زعيمهم املبجل، وعظيمهم ، ومـا زالوا ى موضعا يقال لـه ذور خبارىمال خباروقـد سكنوا مـن أع. املفضل

وهـم يف الرعي يكلئون الكـأل، ويف الريع ميألون . وأنضر عيشةشيعة،يف أنصر والسالطني يردعوم للملمات وال . يردعهم داعروال يذعرهم ذاعر، ال. املأل

ة حممود بن حىت عرب السلطان ميني الدول. يدعوميروعوم، ويدعوم للمهمات وال مكيال فرغب يف استرغابه، واجنذب إىل فرأى ملساعدة قدر خان ىسبكتكني إىل خبار

كنافها الذي احلفظ واحلفيظة أ وبكنف وبأهله،اجتذابه، وأراد أن يعرب إىل خراسان به بنلهبون السلطان متنعه، فقبضه ظ ومل ميل إليه، فغاعنهل عليه، ومال يوامتنع ميكائ. لهب

ين أرى يف إوقال له أرسالن احلاجب . ونقلهخراسانقله، وعرب به وبأصحابه إىل واعتوالرأي عندي أن . باجلراءة والقوة واحلولملعروفونأعني هؤالء عني اهلول، وإم فما قبل خطابه يف هذا . ضره، وال خياف شرهليؤمنتقطع إام كل من تعربه منهم

.اخلطب، وقال له إنك لقاسي القلب احلمدوين، احلسن أقاموا خبراسان، تقربوا إىل عميدها أيب سهل أمحد بن لماف

وهداه . تركيةغنموأهدوا إليه ثالثة أفراس ختلية، وسبعة أمجال خبتية، وثالمثائة رأس مبواشيهم خمارم ويسدوكانوا سألوه أن ميرجهم يف املروج، . إقباهلم إىل قبول اهلدية

عن عداهم وحتاماهادندانقان ففروا ا ومبا قارا، فعني هلم مروج . تلك الفروج .وجانبها

هو كاره ألمرهم، مشفق من وميض مجرهم، و حممود بن سبكتكني وتوىفوعد أبو سهل الصعب فيهم سهال، واختذهم . ستر القضاء يف قضية شرهممستشف إىل ونفذ مسعود بن حممود بن سبكتكني عسكرا من غزنة. صحبا وأهالمالرتفاقه

وقتل منهم عدة، وأسر منهم مجاعة، محلهم إىل غزنة، منهم بيغو فواقعهمخراسان، وملا غلق رهنهم وتوثق . فلم يعطف، واستعفوه فلم يعففاستعطفوهأرسالن،

. الدين الكاتبعماداملقصود ) ١(

١٨٥ تاريخ دولة آل سلجوق

ومشى شحنة طوس . وأبدلوا إيناس الناس بإحياش احلاشيةاليأس،سجنهم، شربوا كأس شونتهم، واستسهل صعوبتهم، وملا ظن أنه آب واستالن خاملاشية،الستياق ما هلم من

العزمية، ركبوا إليه صهوات احلنق، وصرفوا حنوه أعنة اخلبب بعزبالغنم والغنيمة، وباء لقى، وتبعوا املنهزمني ودخلوا إىل طوس فملكوها، وجاسوا فتركوهحىت لقوه . والعنق

خضناه، وفتح هذا حبر : وتشاوروا فيما بينهم وقالواوسلكوها،خالل ديارها نا الذي حيمينا، فال نفرج عنها، وال خنرج ن تؤوينا، وحصاليتابتكرناه، وطوس مدينتنا

.منهاوكادوا . اختبط أبو سهل احلمدوين يف استدراك ما فرط، واستمساك ما وشرع

فتسرع . الصوابيبونه باجلمل وحيملون يف اجلواب، ومييلون مبماألته إىل صوب جيشحنة نيسابور وتعسض . د وعسكرر، وجنوشن على سرحهم غارة على غرة، و

فركبت السلجقية إليه وإىل مجاعته أرساال، ونشبوا معهم وشبوا . ضرةمب ضت ملنفعةوامتدوا إىل نيسابور فدخلوها، . وهزموهم وكسروهم وقتلوهم وأسروهمقتاال،

وعزموا . هـ٤٢٩وذلك يف شهر رمضان سنة . فرصة فاهتبلوهاخلوهاووجدوا يف طغرلبك حممد بن ميكائيل بن سلجق وهو أمريهم فمنعهم. على مد اليد، وب البلد

ك عصمته، وال حيصل من تك حرمته، وال ت حرامر هوكبريهم، وقال هلم حنن يف شفوا فنفرت مجاعته من مقاله وسخ. عةن الشويشيعالنهب أرب، وإمنا تسوء به السمعة

أمهلوا بقية هذا : م طغرلبك يقول هلمزالفما . حاللهرأيه يف تبني حرام الفعل و ذلك وصل إليهم كتاب القائم بأمر اهللا أثناءويف . الشهر، واعملوا ما شئتم بعد الفطر

على رعاية عباده وعمارة بالده، وحيملهمأمري املؤمنني، خيوفهم ويذكرهم باهللا، وتباهوا برسالة . رة خلعة عشثالثفخلعوا على الرسول املعروف بأيب بكر الطوسي

.اخلليفة وازدادوا ا قوة ورفعةوا بالنهب، فركب طغرلبك يوم العيد اجتمعوا من القريب والبعيد ومهكان وملا

الطاعة على املفترض كتاب اخلليفة جاءاآلن وقد : وقال. ردعهميفملنعهم، وجد جغري بك داود أخوهعليه فلح . يانا باحلق واحلقيقةإوقد خصنا من توليته . ةقاخللي

وأراه أنه وسكنه،فرق له . إن تركتين وإال قتلت نفسي بيدي: وأخرج سكينه وقال وأدى هو من معظمه،مكنه، وأرضاه مببلغ أربعني ألف دينار قسطه، ووزن أهل البلد

تاريخ دولة آل سلجوق ١٨٦

يف سبكتكنيوجلس على سرير امللك الذي كان حملمود بن . ماله الباقي وغرمهوجلس يومي . ، وأحكم وقوضضمر، وأعطى وأخذ، وأبرم ونقنيسابور، وى وأ

وسري أخاه داود إىل . وبسط املعدلة وبث املكارم. واألربعاء لكشف املظاملاألحد املعظمةسرخس فملكها، وج له طريقة يف العدل فسلكها،وسري إىل دار اخلالفة

كتاب مضمونه رسوال يعرف بأيب إسحاق الفقاعي، صبيح البهجة، فصيح اللهجة، ب ملا وجدوا ابن ميني الدولة مائال عن اخلري والسمو، مشتغال بالشر والعتو، غاروا أم

وا سنة وقد سن. وهم عبيد أمري املؤمنني يف حفظ البالد والعباد. والبالدللمسلمني .وبطلوا مراسم العسف، وعطلوا مواسم احليف. سنوا سنا الفضلأ والعدل،

سبكتكنيمع مسعود بن حممود بن وتواصلت. هلم رسوهلم، وقضى سؤومضى على واشتدت منعتهم، وقويت شوكتهم واستولوا. هـ٤٣٠حروم، وهزموه يف سنة

. )١( الديلم، ورموه بالصيلمملكوطرأوا على . خراسان وجتاوزوهـا إىل العراق . األمالك، وبلغوا األفالك، واقتسموا البالد، وطرفوا طرافها والتالدوغلبوا

أيب بكوللسلطان طغرلبك حممد بن ميكائيل بن سلجق، وألخيه جغري : قال أمه،سليمان داود بن ميكائيل بن سلجق، من ر جيحون إىل نيسابور، وألخيه من

يهستان وجرجان، والبن عمه أبـي علقال بن سلجق، ينوهو ابن عمه، إبراهيم بن .الد الغور بن موسى بن سلجق، هراة وبوشنج وسجستان وباحلسن

من هذا يفتحه، وقد كانوا جعلوا له مجيع ما وامتد طغرلبك إىل الري: وقالالديلمووجد يف دور . الصوب، فحمد الرأي بالري، وجنزت عدة جدته بعد اللي

. ثورى زند سعده مبا فتأثل وتأثث، وور. دفائن وخزائن، سفرت ا أيامه عن أيامنبنفقر بقرميسني وانتزعها من األمري أيب الشوك فارس ال نم قدامه إبراهيم بن يوقد

أبو الشوك يف شهر رمضان، وذلك سنة وتويف. از، وحل حبلوانحممد بن عن بن احلسن بن مسلمة ير رئيس الرؤساء أبو القاسم علز السنة وهذهويف . هـ٤٣٧

. منها يف اآلفاق أول سنة ورد فيها األتراك إىل العراق، وانتشرواوهيللقائم بأمر اهللا حممد ابن بنوكان عند طغرلبك رسول اخلليفة، وهو أبو حممد هبة اهللا : قال

.السيف: الصيلم) ١(

١٨٧ تاريخ دولة آل سلجوق

وال القصداحلسن بن املأمون مقيما يدعوه إىل بغداد وال يدعه يقيم، ويروم منه صدق فعزم على احلركة واندفع كالسيل، ،وطال باحلضرة حضوره، حىت حرك عزمه. يرمي

سنا إال صبغة الليل، ومل يترك الترك وردا إال شفهوه، وال ح العلق عجاج فيلقهوكساوها، وال عصمة إال رفعوها، وال وصمة ثع وال نارا إال أرشوها، وال دارا إال ششوهوه،

فما . وضعوها، وأجفل امللوك من اخلوف أقدامهم، وتنحوا من طريق ضرامهمإال وأرعبوا ساكنيها وأسكنوها ، إال ملكوا مالكها، ومألوا مسالكهابلدةوا إىل ءجا

شاعوا مد اليد بالغارة ألوا إىل الزوراء، ووأزور. وولوها الغلبوالاالرعب، وغلبوا عواءالش.

السلطان ركن الدولة طغرلبك أيب دخول ذكر بن ميكائيل بن سلجق حممد شجاع هـ٤٤٧ من رمضان سنة ٢٥ يف بغداد إىل

حممد عميد امللك أبو نصرالوزير ومعه الكندري وهو أول وزراء السلجقيةمنصور ابن

سلطانه،كان حصيفا فصيحا رجيحا جنيحا، متسلطا مبكانه، متمكنا من : قال ونظرهنه وناظره يسمع ويبصر، وبإذنه لطان، بأذوالس. يرجى وخيشي، ويقصد ويغشي

يومرلبك وكان مع السلطان طغ. وله البهجة املهيبة، واللهجة املصيبة. يرفع ويضعوصوله إىل بغداد، وقد خرج رئيس الرؤساء وزير اإلمام القائم الستقبال السلطان،

. وقاضي القضاة والشهود، واجلنود والبنود. أرباب املناصب وأصحاب املراتبومعه: ا وقالدم للوزير فرسوق. قربني إىل ر بني، لقيه صاحب للسلطان من املوصلفلما

وجاءه بعد ذلك عميد امللك . ربه، فنـزل عن بلغته وركبه وقالسلطانهذا مركوب فلما بصر . وقد وقف يتوقع مطلعه. ضخم، وفخر فخمموكبأو نصر الكندري يف

.خلطا املوكبنيو فمنعه، وتعانقا راكبني يترجلبه قصد عميد امللك أبو نصر أن اهليبة، عرائ السلطان إىل بغداد ونـزل على دجلة، عند مسناة عز الدولة ووصل

علىفقبض . ات بنودهرائق اهليئة، قد ضاقت األرض جبنوده، وضاقت السماء عذب

تاريخ دولة آل سلجوق ١٨٨

امللك الرحيم أيب نصر الديلمي من نسل عضد الدولة، وسريه إىل الري فقطع عليه وقبض عميد امللك أبو . الطريق يف طريقها، وآذنت مجوع ممالك الديلم بتفريقهااألجل أبا سعد وزير امللك الرحيم، مث استدام صحته حني ألفاه الكندري الوزير األعزنصر. صحيح األدمي، وأطلقه وأطلق يده يف احلل والعقد واحلبس واإلطالقالكفايةيف

. إليه النظر يف العراقوفرضوعول عليه فخاطبوتوىف هذه السنة قاضي القضاة احلسني بن على بن ماكولة، : قال

يف قاعدتهاة أيب عبد اهللا حممد بن الدمغاين، فتسنت عميد امللك يف توليه قاضي القض خبراسانهو قدوتنا : قال. احلسنةهوأحسن العناية به ملعاني. ذي القعدة من السنة وخصك الكندري يف بيت النوبة الشريفة، لوحضر عميد امل. املوصوف جبميع األلسنة

ن خلع سنية، وتشريفات وانفذت معه برسم السلطا. من دار اخلالفة باملنـزلة اللطيفة .سرية

باق، اليوموتقدم طغرلبك ببناء مدينة على دجلة، وهي اليت جامعها : قال .وكانت حينئذ ذات أسوار وأسواق

أخيويف احملرم منها عقد اخلليفة على ابنة ، هـ٤٤٨ودخلت سنة : قالرسالن خاتون خدجية بنت داود بن ميكائيل، وقصد بذلك تعظيمه أطغرلبك

. جيد األعداء ذه الوصلة إىل قطع سبيل املودة بينهماولئالل، يجوالتب يف ذلكاحلال ذكر

عميد امللك وأحضر. يف احملرم جلس اإلمام القائم بأمر اهللا، أمري املؤمنني: قال عليه ويقعالكندري وقدمه على املقدمني وتقدم إليه بإحضار من جيوز إحضاره،

يده، وجرى يف حفظ آداب اخلدمة على جدده، فشد وسطه وأخذ دبوسا يف. إيثارهمث شرع . ل دولة السلطان فخدموا اخلليفة، وشاهدوا السدة الشريفةث أماواستدعى

يف خطبة النكاح، وجاء ا على وفق االقتراح، واستوعب شرائط الرؤساءرئيس ن ينعم إن رأى سيدنا وموالنا أ: مث قال. املخطوبة واملهرة من تسميبالذكر،اإلجياب فامتزجت الدولتان . قد قبلنا هذا العقد ذا الصداق: اخلليفةفقال. بالقبول

. الربكة، واستقرت اململكةواستمرتباالستحقاق

١٨٩ تاريخ دولة آل سلجوق

األول، مجادويف هذه السنة كانت والدة املقتدي سحرة األربعاء، ثامن : قال القائم بأمر بنعباس يب الأمه جارية لذخرية الدين أ أبا القاسم و: عبد اهللا، وكين:يومس قامت وبوفاته. سنة١٤ وعمره هـ٤٤٧وكانت وفاة الذخرية يف ذي القعدة سنة . اهللا

ا ابنجاريتهقيامة القائم، فإنه كان ويل عهده ومل يكن له ولد سواه، فلما ولدت استجداء به جدوحضر . للهناءوجلس رئيس الرؤساء ثالثة أيام . وأمنا وميناا و .مللك ومجاعة األمراءعميد ا

سنة، وقد ٧٠ يف هذه السنة عميد الرؤساء أبو طالب بن أيوب عن وتويف: قال . سنة، وكانت حسناته سائرة، وسريته حسنة١٦كتب للخليفة

عرضت وحوادث حدثتعوارض ذكر بن سرائيلإكان ابن عم طغرلبك باملوصل وديار بكر، وهو قتلمش بن : قال

أرسالن، ثفاجتمع البساسريي، وهو أبو احلار. ع الصدرسسلجق، متسق األمر، مت حربه، بن مزيد األسدي على يس بن علبي العقيلي، ونور الدولة دناروقريش بن بد

فانتحى. ومضى قتلمش إىل مهذان موليا. وكانت الوقعة بسنجار. وأوقعوا به وحبزبهت نفأذع. بةطغرلبك من ذلك وتوجه إىل املوصل، فأجفل البساسريي إىل الرح

واتصل . البالد، وواتاه األدب، ووافاه العرب، وأطاعه األمريان دبيس وقريشلطغرلبكوكان على أهل . أخوه ياقويت بن داود، فزادت قوته، وأرعبت بالناس صولتهبه

وس على ءوأظهروا الر. فإم مثلوا بقتلى قتلمش، وتركوهم بالعراءحاقدا،سنجار فسار طغرلبك إىل سنجار واجتاحها واستباحها، . لوصب النفوس باوأخذواالقصب، . فعفا بعد أن عفىينال أن شفع فيهم إبراهيم بن إىل وأشباحها،احها رووسلب أ

.وكف بعد ما اكتفى .ويف هذه السنة مات أبو العالء املعري: قال

السلطان إىل بغداد وحضوره بني يدي اخلليفةعودة ذكر ٢٥ يوم السبت اخلليفةاليد وافر األيادي، وجلس له وعاد إىل بغداد ظافر : قال

الرقة من بابا تياره يف تيارها، حىت وصل إىل من ذي القعدة، فركب دجلة جمري السالم،دم له فرس فركبها ودخل راكبا إىل دهليز صحن وق. السدة الشريفة ودارها

تاريخ دولة آل سلجوق ١٩٠

ن، إىل حيث مث نـزل ومشى، واألمراء بني يديه بغري سالح ميشو. وحصن اإلسالم ة مقيمة، والداللة بالقائم قائمة، والرسالة مالئمة، واإلمامة دائمة، والنبواجلاللةوستارة البهاء مسدولة على البهو، وطهارة . ة مستقرة البعث اإلرث، واملرومستمرةوالقائم بأمر اهللا جالس من وراء الستر، على سدة مشرفة . جمبولة بالزهواالنتماء

وعلى كتفه وبيده . وان منه للجالل إيواء، ودار أرضها لإلقبال مساء يف إيشرقة،م .مها مباء الطهر احملمدي رويانو والقضيب النبويان، الربودة

البهو، ستارة قرب طغرلبك من املقر األشرف، واملرقى املسجف، ورفعت وملامث . رضاألوأنار وجه اخلليفة، كالقمر يف سدفة السدة الشريفة، أدى الفرض، وقبل

إىليس الرؤساء ئوصعد ر. مثل قائما للقائم، ووقف لترقب ما يقف عليه من املراسم الكندريأصعد ركن الدولة إليك ومعه حممد بن املنصور : سرير لطيف فقال له اخلليفة

مفسرا ومترمجا، ومعربمث وضع لطغرلبك كرسي جلس عليه. اا عنه ما كان معجم .مث قام طغرلبك إىل مقام الرفعة، ومكان . ض اخلليفة إليه عميد امللك له تفويوفسرضت يوتوج وطوق وسور، وأف. واحتىب بعز االحتباء، واجتاب خلع االجتباءاخللعة، خلع سود يف زيق واحد، واختذت له مملكة األقاليم السبعة، وشرف بعمامة سبععليه

تسمى باملتوج واملعمم، ومسا ما و. فجمع له بني تاجي العرب والعجممذهبة،مسكية وعاد وجلس على . فخرج يف أحلى احللي وأهيب األهب. حملى بالذهبسيفاوقلد

وسأل مصافحة . األرض، ومل يتمكن ملوضع التاج اخلسرويتقبيلالكرسي، ورام وقلده سيفا آخر كان بني . فقلبها ووضعها على العنيدفعتني،اخلليفة فأعطاه يده

فخاطبه مبلك املشرق واملغرب، . تقلد والية الدولتنيلسيفنيايديه، فتم له بتقليد قرأه عليك، حممد بن منصور بن حممد، صاحبنا ي عهدناهذا : وأحضر عهده وقال

الثقة املأمون، واض يف دعة اهللا حمفوظا، فإنهووديعتنا عندك، فاحفظه واحرسه، .وبعني الكألة ملحوظا

: ك من قصيدةوأليب الفضل صردر يف عميد املل: قال إذا ما العزم حث جيادهملكما أبصرت نور جبينه،بأغر

مشامخ ال بأزهرحتر رننيع اقتضاين بالسجود جبيينإال

١٩١ تاريخ دولة آل سلجوق

تعمى فالتق الربية فواضلهت كان يف الزمن القدمي تظلملو

كني املس الغين ودعوةشكري قاروند إىل ي الكنوزمنه

استخلف انتقض على طغرلبك أمر املوصل، فقد كان هـ٤٥٠ويف سنة : قال أربعة بن بدران وحاصرامها شفقصدمها البساسريي وقري. ا األمريين آدم وباتكني

أشهر، واخرجامها بأمان، فعاود طغرلبك اخلروج إىل املوصل لطلب الداء املعضل، ضى إىل مهذان وم للطاعة، بنصيبني مضاربه، فخالفه إبراهيم بن ينال خالعاونصب

وزيره ذف يف سبعة أيام، ونفسار السلطان ورأوه من نصيبني إىل مهذان. ناويا للمناوأةمث كتب إليهما يستدعيهما، فتمسك . عميد امللك وزوجته خاتون إىل مدينة السالم

اخلليفة، وتواترت األراجيف املخيفة، فتارة بوصول البساسريي، وتارة بازام ما . أخيه منالسلطان ابن نوشروانألوشرع عميد امللك الكندري يف أخذ العهد باململكة : قال

خاتون وأرادت. فما وفقا وال استوثقا. خاتون، وأنفق من ماله الظاهر واملخزون هزار سب بن عندفأما عميد امللك فإنه احندر إىل األهواز، وأمن . القبض عليهما فهربا

ولدها خاتون تطلب السلطان، وحلق ا وسارت. بنكري بن عياض من اإلعوازويف هذه الفترة متت فتنة البساسريي، ودخل إىل . هـ٤٥١أنوشروان، وذلك يف سنة

، ٤٥١ وخرج سادس عشر ذي القعدة سنة هـ٤٥٠ سادس ذي القعدة سنة بغدادفإنه دعى إىل الدعي مبصر مصرا، ومل . تكون لنور اهللا مطفئةكادتوكانت سنة سيئة

وحصل من تلك احلادثة باحلديثة، وتوالت منه . دار اإلمامة مقرامنخلليفة مبقره جيد اوهو مشغول حبرب أخيه، . ورسله املستصرخة املستغيثةكتبهمداد إإىل طغرلبك

. مسلوب اجلداجلند مغلوب ،مهموم مبا هو فيه يفاخلليفةوصلب البساسريي رئيس الرؤساء وأبا حممد بن املأمون رسول : قال

أمحداستدعاء السلطان طغرلبك وقتل أصحاب قريش بن بدران عبد الرزاق أبا نصر كربة واختل نظام اإلسالم، واعتلت دار السالم، وطالت غربة اإلمام، وهالت يبن علا

هو و داودإىل أن استنجد السلطان أوالد أخيه ألب أرسالن وياقويت وقاورد بين . األنامفتان ، فأجندوه وأسعفوه وبالري م إىل إبراهيم بن ينال بوالنأسعدوه، فخرج

تاريخ دولة آل سلجوق ١٩٢

فكسره، مث وجده وقد وقف به فرسه فأسره، وخنقه بوتر لوتره، وحنقه، واستراح من ومل يبق . زميله إليه عميد امللك وجهز هزارسب جهاز مثله، وأفضل عليه لفضلهحث

ورحل حنو بغداد . ه بعدها سوى رد اخلليفة إىل داره، وإظهار قمره من سرارلطغرلبكوملا قربت العساكر السلجقية . البساسريي برحيه، وأيقن بتياره ووقع يف تبارحيهفأحسبن ا عانة فطلبه قريش ةد، وقامت قيامته وما قعد، وكان اخلليفة حبديثع بغداد بمن

. فحماه، وما أباح محاهي من ابن عمه مهارش بن جملبدران ابن الفقيه تلعفر، فقصد بدر بن مهلهل ومعه وخرج مهارش باخلليفة إىل: قال

السلطانملا وصل و. د، وهلك من أشركفورك وقد تيمن به وتربك، وهناك فاز من وح بن ا وأنوشروانإىل بغداد سري إىل اخلليفة عظماء مملكته، وصدر وزارته عميد امللك

الشريفة، وملا مثلوا باحلضرة. خاتون ومعهم املهد والسرادق، واخليل السوابق احلال،وشاهدوا أحوال اخلليفة، أراد عميد امللك أن يكتب إىل السلطان كتابا بشرح

أداةومل يكن بني يدي اخلليفة دواة، وال . وبوصف ما اجتاله من املهابة واجلاللدواة عليها من الذهب ألف وسبعمائة مثقال فأحضر من خيمته . اةللكتابة مسو

اخلدم،هذه خدمة حممد بن منصور أصغر : وصقال، وقالد وأضاف إليها سيفا ذا فرنوأحسن اخلليفة قبوله وخطابه، وتوج . وقد مجع يف هذه الدولة بني السيف والقلم

. الشريف كتابهخبطه األوطار بقدومه وصل اخلليفة إىل النهروان، وصل إليه السلطان، وتباشرت وملا

سبع األرضل طان، فأذن ودخل، وقبواألوطان، واستأذنه عميد امللك يف حضور السل .اجلس: وقدم له اخلليفة خمدة من دسته وقال.مرات، وأتى من أدب اخلدمة املمكن

. وجعل عميد امللك يفسر هلما ويترجم، ويعرب ويعجم. فقبلها وجلس، وآنسه فأنسد ذعره، فمهد عذره، ومه. يعتذر عن تأخره وتراخيه، مبا شغله من وتر أخيهوالسلطان

عيش ةوكان واستقر أن يدخل إىل الدار غدا، ويعيد بعود. رك به اخلليفة سيفا تبقلدهوفلما . فلما أصبح السلطان تقدم إىل باب النويب وجلس مكان احلاجب. غدار اإلسالم قام وأخذ بلجام بغلته، ومشى يف خدمته إىل باب حجرته، وذلك يوم اخلليفة،قرب

، فعادت األنوار إىل الطلوع، هـ٤٥١ القعدة سنة والعشرين من ذياخلامسثنني الا

١٩٣ تاريخ دولة آل سلجوق

. الشرف يف موطنه، وفاض الكرم من معدنه اهلموع، وحلإىل )١(واألنوار سعادتهت وهرب البساسريي إىل حلة دبيس بن على بن مزيد، وقد ول: قال

دفهو مطلق يف زي مقي .سرهنك ساوتكني : قدموهفسري السلطان وراءه عسكرا، م ومخارتكني الطغرائي وأردم، وأنفذ معهم ابن منيع اخلفاجي، فواقعوا وانوأنوشر

ووقع يف فرسه سهم رميت به فرمته، وحام حوله محاته فما وأوقعوه،البساسريي مث احتز ،دي فأسرهيوكمش كمشتكني العم. أدمتهضربةوصادفت وجهه . محته

نوبة النبوة احلالة باحملل زواله النويب، وزالت ببابرأسه، ومحل إىل بغداد، وعلق قبالة وكان طغرلبك . الغماء، وتوالت النعماءالنبوي، واستقام األمر، وأرج النشر، وتولت

ماطا، التاج سن ، فعمل له اخلليفة يف روش هـ٤٥٢ سنة صفر بغداد يف مبواسط فقدول مث عمل للسلطان يف ثاين ربيع األ. وأوساطارؤساءوأحضر عليه من أكابر دولته

يف خامس الشهر إىل اجلبلوتوجه . وفاخرامللوك به من قبله من لمساطا آخر، فاض . . يف موضع االصطفاء، ولقبه سيد الوزراءفأقامهودخل عميد امللك إىل اخلليفة

شابور احترقت ببغداد دار الكتب اليت وقفها الوزير هـ٤٥١ويف سنة : قال. احلريقنيمللك ما سلم من النار وكان أحد ابن أردشني بني السورين، وأخذ عميد ا

. خاتون زوجة السلطان بزخبانهـ ٤٥٢وتوفيت يف ذي القعدة سنة . اخلليفةخيه زوجة أوملا رحل السلطان استصحب معه أرسالن خاتون ابنة : قال

أباوسري قاضي الري . فلما استقر الرأي، عزم على نشر ما كان من رغبته يف الطي سؤاالىل دار اخلالفة رسوال، وضمن رسالته يف خطبة السيدة ابنة القائم ا إساعد صاعد

فندب اخلليفة للجواب أبا حممد بن التميمي . هـ٤٥٣ؤال، وذلك يف سنة وس الوسائط،ن عدمت يف االستعفاء إ: مث قيل له. وأنه مل جتر ذا سنة اخللفاءلالستعفاء،

عميدفلما وصل ابن التميمي، أعلم . طفاطلب صداق ثلثمائة ألف دينار وأعمال واس السؤال،أما االستعفاء فال حيسن مع رغبة السلطان وضراعته يف : امللك باحلال، فقال

والصمتوأما طلب املال واألعمال، فيقبح ألنه يفعل أكثر ما يدور يف خواطر اآلمال،

إىل :أي" إىل مهوعواألمطار: "ريد أن يقول ولعله تصحيف من الناسخ وهو ياألصلهكذا يف ) ١( .النـزول

تاريخ دولة آل سلجوق ١٩٤

ابن فقال. مرفخلين أخل سرك من هذا السر، ودعين أتول هذا األ. أوىل من هذا املقال تستصيبه،صواب ما تدبره، والتدبري ما الاألمر إليك، واالعتماد عليك، و: التميمين القضية إ: فقال عميد امللك للسلطان. عرف مبا ختاطب به صاحبك ومبا جتيبهأوأنت .ن البغية قد متكنتإمكنت، وأن املنية قد إن العقدة قد حتللت، وإ تسهلت، وقد

مع باملسريوتقدم إىل عميد امللك . هته، وأذاع رغب السلطان خطبتشاعأفأخيه زوجة اخلليفة إىل دار اخلالفة، واستصحب ما جاوز حد ت نبأرسالن خاتون

العلى،ر معها عدة من األكابر وذوي من الدنانري املبدرة واجلواهر املثمنة، وسيالكثرةوكان قد وزر للخليفة . فرامرز بن كاكويه وسرخاب بن كامروا: ومن عظماء الديلم

ست، فخرج لتلقي ر تلك السنة جمد الوزراء أبو الفتح منصور بن أمحد بن دايف، ودخل عميد امللك ن قرب النهروان، والتقى هو وعميد امللك ومها راكباإىلالواصلني

ها، مث رفلما وصلت خاتون، سار يف خدمتها إىل دا. باب النويبعلىبغداد وجلس ى حضوره وحضور األمراء أو. ستر دواة الوزير ابن داأخذوحضر بيت النوبة

فنفر اخلليفة وغضب، وغاض ماء بشره . ما أودعهالرسالةالذين معه، وأدى من فشرع . وسد الباب ومل يفتح الباب املسدوداملقصودونضب، وقصد االمتناع ومنع

تم، مث امتنعتم؟ ما بالكم افترح: شن، ويقولبكلعميد امللك يتكلم بكل فن، ويقعقع رجعتم؟ وقد خاطرمت عند السلطان بدمي، مثوفيم ذهبتم إىل أبعد غاية يف الطلب

النهروان مضاربه، وخلع األهبة السوداء إىلفأخرج . وأزلتم مبا قدمتم من التقدم قدمي ليستنـزلوه من املضارة إىل القضاةولبس البياض، فاستوقفه ابن يوسف وقاضي

اخلليفة دفعتني، ومعه مجاعة عند يتلطفان به، حىت حضر بعد ذلك وما زاال. املراضاةوذلك . وبذل اهوداخلطابمراء واحلجاب والقضاة والشهود، وبلغ يف ألمن ا

. هـ٤٥٣يف مجاد اآلخر سنة فينا اإلمامة والزعامة، إىل يوم. العباس، خري الناسبنو حنن ((: اخلليفةوقال . )) ومن ناوأنا ضل وغوىوهدى، من متسك بنا رشد. القيامة

التطول املؤمننيأسأل موالنا أمري : قد كتب إىل عميد امللك اخلليفةوكان ه نفسومستبذكر ما شرف به اخلادم الناصح شاهنشاه ركن الدين فيما رغب فيه،

١٩٥ تاريخ دولة آل سلجوق

قد سطر : وقالن يقول اخلليفة ما يلزمه من اإلجابة، ففطن لذلك وغالطه أوأراد . إليه إىل املالوراح راحال ورد . فانصرف عاتبا، وذهب مغاضبا. واب ما فيه كفايةيف اجل

.مهذان، وأخرب باحلال السلطان. وإحلاحهامللك اخلليفة قد كتب إىل مخارتكني الطغرائي يشكو من عميد وكان

عميد فنسب. فكتب يف جوابه يشري بالرفق والتطلف، وينص على التثبيت والتوقف فرهب يف الوصلة إىل خمامرة مخارتكني فتغري، السلطان عليه امللك قطع احلديث

وكتب السلطان إىل قاضي القضاة والشيخ أيب منصور . وهرب، وتسرع وتسربهذا جزائي من اإلمام القائم وقد : املقض، وقالب، واخلطضم املبالعتبيوسف

وطلبت ووهبت عمري لساعته، وأنفقت أموايل يف خدمته، طاعته،قتلت أخي يف ! قصدي، وقصد صدي قويل، وقال بردي، وصد بايل بردمافما باله ! فقري لثروته

وال يترك للخليفة إال ما كان باسم قطاعاتإلاوكتب إىل عميد امللك بأن يقبض ني يفحضر العبيد رئيس العراق. أسبابه مستدمياملعارضةاإلمام القادر قدميا، وأن يكون ما رجونا من ركن : فخرج جواب اخلليفة. العتبأعاد بيت النوبة وعرض الكتب، و

قطاعات فاقطعها، وقد ارتفعت إل ايديكالدين ما صنع، وما توقعنا ما وقع، وبني .املوانع فامنعها أسباا إزالةة، والوحشة القائمية قائمة، وعني التأنيس عن نوخرجت الس: قال

وكتباحملرم منها إىل الوصلة، أجاب اخلليفة يف هـ ٤٥٤فلما دخلت سنة . نائمةوكالة باسم عميد امللك شهد فيها قاضي القضاة وابن يوسف مبا مسعاه من تلفظه

. وسري أبو الغنائم بن احمللبان القدر مبا كفل. وضبطت الشهادات بالكتابةباإلجابة، يفاد وكان رئيس العراقيني باملعسكر فأعيد إىل بغد. العقد يف ظاهر تربيز باملخيموعقد

ا برسم اخلليفة ثالثني غالمهصحبة ابن احمللبان، وسريت على يده اهلدايا، وأصحب أتراكا، على ثالثني فرسا وخادمني، وفرسا مبركب ذهب وسرج مرصع وجارية

وعشرة آالف دينار، وبرسم السيدة عشرة آالف دينار، وتوقيعا الثمينة،باجلواهر لعراق، وعقدا فيه ثالثون حبة، كل لؤلؤة مثقال، خلاتون املتوفاة باكانببعقوبا وما

مخسة آالف دينار، وبرسم السيدة والدة املخطوبة ثالثة آالف الدينوبرسم عدة فلما قرب رئيس العراقيني من بغداد، تلقاه الناس . من السنةشوالدينار، وذلك يف

تاريخ دولة آل سلجوق ١٩٦

النويب نـزل وقبل بني اإلمامة والسلطة، فلما وصل إىل باباأللفةواستبشروا بانتظام أرسالن خاتون زوجة اخلليفة، وأدى من خدمتها الفرض، باباألرض، مث وصل إىل . تسليمه، وباشرت عرضه باملقام النبوي وتقدميهفتولت. وأوصل إليها ما محله

تويل ابن دارست وزارة اخلليفة إىل حني انصرافهسبب ذكر الدار إىل اخلليفة ملا عاد وسبب ذلك أن هـ٤٥٣كانت وزارته يف سنة : قال

باحلديثة،فحدث رأيه بأنه يستخدم رجال خدمه . عدم الوزير، وفقد من يتوىل التدبري األمة،وهو أبو تراب األثريي، وقد وجده أثري األثر فلقيه حاجب احلجاب عز

.واستخدمه يف اإلاء وحضور املواكب وتنفيذ األوامر املهمة أن علىوبني األثريي وحشة، محلت ابن يوسف وكانت بني ابن يوسف : قال

فمضت . قطاع ويؤدي ماالإ إنه مع أمانته خيدم بغري :ظه، وقالذكر ابن دارست وقرفخرج إليه ابن رضوان . إليه وهو يف شرياز باستدعائه، فقدم اجلواب باستعفائهالكتبورد بقوة ظفر اخلادم الستقدامه، وقوي عزمه أبو القاسم صهر ابن يوسف، فومعهوكتب عميد امللك عن السلطان إىل اخلليفة بأنه كاره الستقدامه واستخدامه، . اعتزامه

أنه مع وصوله إىل واسط : فأجاب اخلليفة. عدامهإ مع ثروة املال من الكفاية وة مالقالوقدم بغداد ثامن ربيع األول سنة . نه، ال جيوز رده، وال خيلف وعدهط وومفارقته اخلليفة يف منتصف شهر ربيع اآلخر، وأفيضت خلع الوزراة إىلووصل، هـ٤٥٣

وبقى يف املنصب منتصبا إىل رابع ذي احلجة سنة . األمور إليهالوزارةعليه،وأفضت مع تلك املراتب بل ترك اخلدمة مستعفيا، ولرقة جاهه من ، فإنه صرف هـ٤٥٤

. هـ٤٦٧ حادي عشر شعبان سنة باألهوازوكانت وفاته : قال. مستجفيا يف هذه السننيحوادث ذكر

طاهرو الطيب طاهر بن عبد اهللا بن ب القاضي أ تويف هـ٤٥٠يف سنة : قالوكان صحيح السمع والبصر، سليم األعضاء . الطربي ببغداد، عن مائة سنة وسنتني

وحضر عميد امللك الكندري جنازته، ودفن . على الفقهاءرك ويفيت، ويستديناظر . قرب اإلمام أمحد بن حنبل عندالغريبباجلانب ابن حممد بن ي أقضى القضاة أبو احلسن علويف آخر هذه السنة تويف: قال

١٩٧ تاريخ دولة آل سلجوق

حبيب املاوردي، وقد كان يف العلم حبرا زاهراا زاخرا، ويف الشرع بدر. واختصرته يف ) يعين احلاوي( يف أربعة آالف ورقة الفقه بسطت: (( قال وقعا، وطودينبا، رما من حبرين نضبا، وبدرين غ، فياهل) اإلقناعيعين )) (أربعني

.وجودين أقلعا بين قريش بن بدران، وتوىل ولده مسلم إمارة تويفهـ ٤٥٣ويف سنة : قال

ومثاننيافارقني، عن نيف يواهلا نصر الدولة أبو نصر بن مروان مبوتوىف يف ش. عقيلنصر حممد بن حممد بن وزر فخر الدولة أبو هـ٤٥٤ويف يوم عرفة من سنة . سنة ه كان مقيما مبيافارقني عند ابن مروان يف جاه وعز، آمرنوسبب ذلك أ. للخليفةجهريوكتب إيل اخلليفة يرغب يف زيارته لوزارته، وأنه . فسمت مهته وعلت سعادتهناه

فندب إليه من دار اخلالفة نقيب النقباء الكامل أبو الفوارس . وحيمل محوالبذال،يبذل فخرج من ميافارقني . بن حممد الزينيب، وقرر ما أراد تقريره ودبر ما شاء تدبريهدطرا. انفصال نقيب النقباء ليودعه، وسار معه، وفات ابن مروان ومل يلحقه ملا تبعهعند

الناس عند وصوله إىل بغداد الستقباله، ونـزل باحلرمي الطاهري، ومكث مثانية وخرجوتيمن بيوم عرفة فحضر بيت . ق نشر العز املشوف حىت جاوز الكسوف، ونشأيام

. السعادة، واجتمع هناك من طبقات الناس من جرت به العادةأسعدتهالنوبة وقد وطلع نور اليمن من أفقه، وقرأ أمني الدولة أبو سعيد بن باجللوس،واحتفل له اخلليفة

. يف حقهخرجاملوصاليا توقيعا اد السلطان طغرلبك إىل بغدوصول ذكر

م توجه السلطان إىل بغداد من أرمية بعز هـ٤٥٥يف حمرم سنة : -رمحه اهللا- قال يف املوكب األعظم بالقفصالدخول على الزوجة، وخرج فخر الدولة بن جهري وتلقاه

،)١( فزادت به األزية الغريبونـزل عسكره باجلانب . واألة الباهرة واألهبة الزاهرة امللك إىل السدة الشريفة مطالبا بالشريفة السيدة الرعية، ووصل عميدوارتاعت يف نقل اجلهة إىل دار اململكة، ونـزلت منها يف اهلجرة الشرقية باليمن اإلجابةفوقعت وزفت يف ليلة النصف من صفر وجلس على سرير ملبس بالذهب، خيطف . والربكة

. الضررأي" األذية" ولعله يريد األصلكذا يف ) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ١٩٨

زائها على إودخل إليها وقبل األرض وخدمها، وجلس ب. الذهبأشعةالنواظر منه نفذ هلا مع بنت أخيه زوجة اخلليفة، عقدين نفيسني أ كان وقدسرير ملبس بالفضة،

مثينني، وجامبريز العني، وفرجية من نسيج الذهب مكللة باحلبإ منا ا خسرواني .وبقى . منه ا سرور، وسره منها لشرفه ظهوروظهروصارت نفسه هلا موكلة باحلب،

وخلع على عبيد امللك وعلى األمراء، وأفاض مينع،مينح وال مدة أسبوع يهب وخيلع، وابن امللك أيب ي كان ورد معه إىل بغداد أبو علفقد. التشريفات على األكابر والعظماء

فما منهم . وسرحاب بن بدر بن مهلهلكاكويه،وفرامرز بن . وهزارسب. كاليجار . الالئقة له العطاياوأضيفتإال من أفضيت عليه اخللع الرائقة،

واستأذنوحضر عميد امللك يف تاسع شهر ربيع األول بيت النوبة، : قالللسلطان يف األوبة، وأن يستصحب السيدة واخلاتون، وذكر أم بعد مضيهم عن

وكانت أرسالن خاتون قد محلت من أطراح . آتون، فأذن يف ذلك اخلليفةقريبفلما مضت أمضت بأمل فراقها، . مسريهاوأما السيدة فقد كره اخلليفة . هلاغمااخلليفة

ذن هلزارسب يف املضي إىل أوملا انفصل السلطان عن بغداد . رفاقهاألملوومضت ثالث سنني ال يؤذن له يف االنفصال، نه مكث على بابه إف. باإلعزازمرعيااألهواز،

ية ضمان بغداد على أيب سعد القايين بثمانوعقد . وال يؤذن إربه املقارق بالوصال دينار، فأعاد كل ما أبطله رئيس العراقيني من ضر الضرائب، وشر ألفومخسني يتوىل مطبخ عميد امللك، وهو أستاذ داره، فجرى املقدور هذاوقد كان . النوائب

.برفع مقداره السلطان طغرلبك بالريوفاة ذكر

طغرلبك بالري تويف هـ٤٥٥ يوم اجلمعة ثامن شهر رمضان سنة ويف: قال فقطعها عميد امللك نعيه وهو على سبعني فرسخا من الريوبلغ. ضطرب لكه امللكفا

فوصل وهو حباله مل يدفن ومل يقرب، . مني )١( يتم، وتشوير تشويششفاقا من إيف يومني خرج مجيع ما أ من شق الثياب، والغلمانومنع . منهأفتوىل دفنه، وتوخى سكون اخللق و

. بن داود ابن أخي السلطانسليمانجلس أو. الدوابكان ميلكه على العسكر حىت

.الفتنة: التشوير) ١(

١٩٩ تاريخ دولة آل سلجوق

منت أفسكنت املمالك، و. إليهضه ووكانت أمه عنده، ونص عليه، وقرر األمر له وف .املسالك

-رمحه اهللا- طغرلبك سرية ذكر االثنني وصومكان كرميا حليما حمافظا على الطاعة، وصالة اجلماعة، : قال. الرياضياض، وأشبهت أيامه مبحاسن سرية وكان يلبس الواذاري والب. واخلميس

وكان ال يرى القتل وال يسفك دمسديدوكان شديد االحتمال، . اا، وال يهتك حمرم ٤٣٣ي أنه توجه يف رسالة القائم إليه يف سنة دحكى عنه أقضى القضاة املاور. األفعالوبسط فيه، وغمط حماسنه والقدح الطعن عليه ضمنته(( ، فكتب فيه كتابا هـ

ختمه وكتمه، ومل يتغري مثووقع الكتاب من غالمي فحل إليه، فوقف عليه، . مساويه ذكر أن بعض خواصه كتب وكذلك: قال)) عن عادة إكرامي وشيمة احترامي

يف يده فأخفاها، فوقعت. ملطفات إىل أيب كاليجار، يطلعه فيها على بعض األسرارا املساجد، متعبدبناءا على صدقات حريصوكان كثري ال. هفوته حبلمه وشفاهاىوداو

ينبأأستحي من اهللا أن : ويقول. امتهجدمسجدانبها جبا وال ابين دار. شاة تشد مثلإمنا مثلي يف مرضي : وحكى عميد امللك، أنه ملا مرض قال: قال

فتظن أا تذبح فتضطرب، حىت إذ أطلقت تفرح، مث تشد . قوائمها جلز الصوفوهذا املرض شد القوائم . وتسكن فتذبح. ، فتظن أا جلز الصوف للذبحقوائمهاوحكى عميد امللك أن : قال. وعمره سبعونوتويف: قال. كما قالوكانللذبح،

وقيل ، منامي يف مبتدأ أمري خبراسان كأين رفعت إىل السماءرأيت: طغرلبك قال لهعمرك : فقيل. ما شيء أحب إىل من طول العمر:فقلت، ضقتسل حاجتك : يل

السنة اليت : عن السنة اليت ولد فيها، فقالسألتهوكنت : قال عميد امللك: قال. سبعون حسبت املدة فكانت سبعني سنة يففلما، تو. النهرخرج فيها اخلان الفالين مبا وراء

جلس الوزير فخر الدولة ابن جهري للعزاء به يف بغدادوملا وصل خرب وفاته إىل . كاملة . شهر رمضانمنسالم يف السادس والعشرين صحن ال

عضد الدولة ألب أرسالنالسلطان جلوس ذكر حممد بن داود بن ميكائيل بن سلجقشجاع يبأ

سليمان ألخيهوملا خطب . ، وقام مقامه٤٥٠ أبوه داود ببلخ سنة تويف: قال

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٠٠

. خطب أللب أرسالنوبالري بعد وفاة طغرلبك، مضى أرسعن وأردم إىل قزوين، وأقبل . عميد امللك ذلك، فأقام اخلطبة بالري أللب أرسالن، وبعده لسليمانلغوب

وكان ابن عم أبيه قتلمش بن . قدام اخلضم اجلاريإقدم أو. الضاريالضيغمإقبال فعارضه . وقد طمع يف امللك، ومل يعلم أن ذلك يورطه يف اهللككردكوه،إسرائيل يف عركة عن قتل قتلمش وكانت منيته يف عثور وتقاتال، واجنلت املفتقاباليف مجوعه رسالن من التركمان عدة وافرة، وحاز من أمواهلم غنيمة أألب وقتل .الفرس به الري ظافر اجلند، ظاهر اجلد ومعه وزيره خواروساق حىت وصل إىل . ظاهرة

فتلقاه عميد امللك يف . الطوسيسحاقإ احلسن بن علي بن ينظام امللك أبو عل السرير، وجرى علىوأجلسه . مه وكوسه وعلمه، وعربه وعجمهحشمه وخد

يف قبضه مدة فغار نظام امللك من استقالله، واحتال .على عادته معه يف التدبري إيناس زار عميد امللك نظام امللك زيارة هـ٣٥٩فلما كان يف حمرم سنة . واعتقاله

سار انصرف من حضرته، فلما. واعتذار، وترك بني يديه منديال فيه مخسمائة دينارفتخوف السلطان من عاقبة ذلك ومغبته، فأمر بقبضه وأنفذه . أكثر العسكر يف خدمته

مث سري إليه غالمني فدخال عليه وهو . مرو الروز ومكث سنة يف االعتقال اإىلوأنظراه حىت اغتسل وتوضأ وتاب، ودخل لوداع . وأخرباه بأن قتله أمر حمتومحمموم، إىل مسجد فصلى ركعتني، واستسلم للقضاء املقدر باحلني، ووجد الغلظة وخرجأهله،وأما جثته . خذا رأسه ومحاله إىل السلطان بكرمانأ وضرباه بالسيف والغالمني،من

يف خرقة كانت لفافة الربدة النبوية كان استهداها من اخلليفة، ويف قميص لفتفإا . قرب أبيه بكندروقرب يف. مالبس القائم الشريفةمندبيقي

مشهوداومل يزل موسم جاهه فيها . مدة وزارته مثاين سنني وشهوراوكانت لكنه. مفضلة، وفضائله حمسنةهوكانت حماسن. ربعني سنةأوكان عمره نيفا و. مشهورا

عن الطوىله يف سوء التدبري وتوهينه، قصرت يده ه وره ووينه، وغاية غيكنل ونبل حسبوكان يرجع إىل : قال. ية، واستالنة اخلطوب اآلبية القلوب اجلافةاستمال

:وهو الذي يقول. وأدب وفضل مر ولكين إذا ظمئتاملوت باض يف رأسي وساوسهارئاسة

إىل اد مستحل ملشربهنفسي فيه وأخشى أن تدور بهتدور

٢٠١ تاريخ دولة آل سلجوق

وريعانوسبب ذلك أن طغرلبك أنفذه يف ابتداء حاله، . اوكان خصي: قال أنقره على خدمته بعد أقباله، ليخطب امرأة فزوجها لنفسه وعصاه، وملا ظفر به إ

مث فارق . وكان حنفي املذهب كثري التعصب ملذهبه، والذهاب مع عصبته. خصاهوكان سبب معرفته . بين العصابتني، وحسن رأي اجتهاده يف اإلصابتنيومجعالتعصب

يسابور افتقر إىل كاتب جيمع يف العربية ورد نيسابور افتقر إىل نملابطغرلبك، أنه فدله عليه املوفق والد أيب سهل، فظفر منه بشاب يف رأي الفصاحتني،والفارسية بني

.كهل امللكنظام ذكر

نظام أمراستوى . وملا صرف عميد امللك وعزل، ونقل إىل حيث اعتقل: قال وترفعت. وجرى قلمهامللك وبزغت بالسناء مشسه، وبلغت املين نفسه، وعال علمه،

.ومضت مضاربه، ومضت سحائبه. وسادته، وتفرعت سيادته

* * * *

جرى أللب أرسالن بعد ملكهما ذكر زمان يفكان قارود بن داود أخوه، قد استوىل على كرمان : -رمحه اهللا- قال

، وقتل كل ديلمي هـ٤٥٥ ، وملك شرياز يف سنة هـ٤٤٧عمه طغرلبك يف سنة ة نوخالف أخاه ألب أرسالن، واعتصم منه مبدي. وبطش وأوحشك،وهتا وسفك ألب أرسالن وآمنه، وأخذ قلعة اصطخر، وأتاه مستحفظها إليهفسار . نبردشري بكرما

.حسان الدولة وعدهلاإومشل بالد فارس . ير مثلهامليتحف فريوزج، وكأس زمرد ، هـ٤٥٧ سنة ووصل إليه شرف الدولة أبو املكارم مسلم بن قريش يف: قال

والسن يب فأكرم وفادته، وأكثر إفادته، وأجرى يف إقطاعه هيت واألنبار وحر ، هـ٤٥٧ووصل شرف الدولة هذا إىل بغداد يف شهر ربيع اآلخر سنة . والبوازيج

وأوغل : قال. فخر الدولة ابن جهري، وألفى من إقباله عليه خري ظهريالوزير،فتلقاه طريق خنجوان، وكثر إلعانة اإلميان ونصره األنصار بالد اخلزر منيفالسلطان .واألعوان

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٠٢

فتزوج ا . ابنتهخباز بقراط بن كيوركي إىل طلب هدنته، وعرض أل ملك اوأجلأ وزيره، وسار امللكمث طلق امللكة الكرجية وزوجها لنظام . وهادنه، وقبل بذله وأمنه

.الناس البأس وسر ىت العباد، وسرنوفتح بلد آين، وعنت له البالد، وأذع بنا امللك أيب سعد حممد شرف وصول ذكر

اململكة إىل بغداد حممد مستويفبن منصور النسب، وقد كان جليل ، هـ٤٥٩وكان وصوله إىل بغداد يف صفر سنة : قال

وسنااء، نرا، وغىن وغا، وفضال كثيا وخري للسلجقية مثله كرموما توىل. احلسبجلييف املستويوكان جدي ألمي أمني الدين عل: -رمحه اهللا-اد الدين قال عم. اءوسن –

خلزانةإىل أن صار بعد كاتبا . له يف ريعان عمره، وعنفوان أمرهكاتبا -رمحه اهللا-وكان حيدثين يف صغري وهو شيخ كبري عن شرف امللك . السلطان حممد بن ملكشاه

أنه كان مع فضله ذا تفضل، وذكر . ما يدل على سيادة نفسه، ونفاسة سؤددهبكل . ذا جتملإمجالهومع

أيام عددمفضلة معزلة على . أنه كانت له ثلثمائة وستون كسوة مكملةوحكىفإذا . األربعةالسنة، من املالبس الفاخرة، فيلبس كل يوم ما يناسبه من أيام الفصول

.خلع منها أو وهب، أعاد خازنه إىل اخلزانة عوض ما ذهب سفريا بإقباله بغداد، حضر بيت النوبة يف ثاين عشر صفر، فبشر وصل إىلفلما

وصلأو. وجه القبول، وسفر وخدم اخلليفة مبصحف جليل، وقطعة بلخش يف منديل .كتاب السلطان يف خريطة سوداء، وسر األوداء، وساء األعداء

ره قداإ امللك الوزير قد شرعوا يف بناء املدرسة، فاغتنم نظامووجد نواب : قال ا ومدرسة بباب الطاق مشهد-رمحه اهللا- ضريح أيب حنيفة على على االقتداء، وبىن

وكتب الشريف أبو جعفر البياضي على : قال. ثوابهصحابه، وأعلم مبعلمها ثوب أل :القبة

شتتا تر هذا العلم كان مأمله األرض ميتة كانت هذكذلك

يف اللحدبي هذا املغفجمعه فضل العميد أيب سعدفأنشرها

٢٠٣ تاريخ دولة آل سلجوق

األول مجادووصلت أرسالن خاتون زوجة اخلليفة إىل بغداد يف مستهل : قال السافر ، واستقبلها الوزير فخر الدولة على فراسخ، وجال فجر فخره هـ٤٥٩سنة

وطود وقاره الراسخ، ووقفت موكبها له عند القرب من االلتقاء، وخدمها على ظهر ودخل وخلت وعادت إىل عادة السعادة، ووافت وأقبلت وقبلت،. بالدعاءفرسه

. على الزيادةلإليفاءللزيادة، طوارئ وطوارق واتفاقات وموافقاتحوادث ذكر

حممد بن احلسني بن الفراء شيخ تويف هـ٤٥٨سنة رمضان يف شهر : قال ببغداد،ويف هذه السنة استتم بناء املدرسة النظامية . طريقهم السابلةج وناهاحلنابلة،

سحاقإودرس فيها الشيخ أبو . وانتظمت أحواهلا، وسكنها من محلة الشريعة رجاهلاوشرح . لتبسا، فأحيا من العلم ما درس، وكشف من احلق ما -رمحه اهللا-الشريازي، الشيخ عبد اهللا أبو تويف هـ٤٦٠ويف سنة . وفرعها، وأوضح األدلة ونوعهااألصولاد وأعياا، واملرجوع إليه يف نوائب الليايل يوسف، وكان من أماثل بغدبنمنصور ومن مجلة . مجع الناس على صالحه، واستجادة رأيه واسترجاحهأ قد وكان. وحدثاا

البيمارستان العضدي وقد استوىل عليه اخلراب، وناب أوقافه تسلمخرياته، أنه الثة خزان ومثانية وطبقه وأحسن يف أحوالة ترتيبا، وأقام فيه ثفعمره. اببالنوائب النو :ورثاه أبو الفضل صردر بقصيدته اليت أوهلا: قال. وعشرين طبيبا

الدهر بعده أم أساءأحسن قبلنا يف ذا املصاب عزاءال وفارس زمانه،، وكان شاعر ي أبو اجلوائز الواسطويف هذه السنة تويف: قال، ي علاملؤمننيمري أيضا أبو جعفر الطوسي مبشهد أويف هذه السنة تويف. ميدانه

العسري، ويف مجاد أمورهموكان إمام الشيعة، وهو الذي صنف التفسري، ويسر من وخربت وأتلفتها، من هذه السنة كانت زلزلة بأرض فلسطني أهلكت الديار لاألو

املعروف بابن أمحد صاحب ديوان الزمام أبو نصر حممد بن وفيه تويف. مبانيها ونسفتها :أبو الفضل بقصيدة منهامجيلة، ورثاه

يكن للحياء ماء فما كانإن صقيل حسامى نفسي علهلف

من الذخائر مل يؤمنونفيس

نا غري ذلك الوجه مزله جفنا صارت له اجلنادلكيف فاستودع األرض حزناعليه

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٠٤

ولقب عميد جهري،فرتب يف ديوان الزمام أبو القاسم بن فخر الدولة بن : قال :أوهلاومدحه أبو الفضل بقصيدته اليت . اجتاب خلعة االجتباءالرؤساء، و بني هذين بقاء للحدقكم الدمع ومساها األرقصبحها

خبوايف وقدم ثاين عشر رجب ورد إىل بغداد أبو العباس اخلوايف عميدا، ويف يف ذي املهرجانوعزل الوزير فخر الدولة بن جهري ليلة : قال. جاهه وقوادمه محيدا

فسار إىل نور الدامغاين،ة أيب عبد اهللا اقعدة بالتوقيع اإلمامي مبحضر من قاضي القضال تقررت أليب يعلي الوزارةوقد كانت . الدولة دبيس وهو بالفلوجة فآواه وأكرم مثواه

فكوتب للزيارة، وخوطب بنكري بن" هزارسب" كاتب ووالد الوزير أيب شجاع، وه وصوله إىل الفلوجة كما يوم صرف ابن جهري، وبوفاته اخلرب مبرضه يومدبالوزارة فور

.جرى به قلم التقدير الرحيم، عول اخلليفة يف الوزارة على أيب احلسن بن عبد هـ٤٦١ سنة ويف

بالبساسرييال طاقة لنا من ظلمة بورود اجلحيم، فهو الذي أتى : فثار العوام وقالوا التصريف،فصرف قبل . ب مايلهو الذي : الت خاتونقوأعلن أحداث الليايل، و

الدولةومل يزل اخلليفة فيمن يستوزره يفكر، حىت كاتب نور . ونكر قبل التعريف. عادتهعادته إىل إفأجاب إىل. وزير وظهريرياخلليفة يف معىن ابن جهري، وذكر أنه خ

. ووصل يف ثاين عشر صفر وجلس له يف التاج، ووحد أمله بالنجح مفتوح الرتاجويف تلك )). جامع الشمل بعد شتاته وواصل احلبل بعد بتاته هللا احلمد: (( ه لوقال

:النوبة مدحه صردر أبو الفضل بقصيدته اليت مطلعها من دون الورى أوىل بهوأنت رجع احلق إىل نصابهقد

عليه ونثر هو وولداه يف موكب، واجتاز يف مجيع حمال اجلانب الغريب وركب املوصاليا،لدراهم والدنانري، وخرج إليه توقيع من إنشاء ابن أهل الكرخ أكياس ا

.وتسنت له املراتب السنايا اإلسالم ففجع ،ويف النصف من شعبان هذه السنة احترق جامع دمشق: قال

الليايلمبصابه، وصلت النريان يف حمرابه واشتعل رأس القبة شيبا مبا شبت، وأكلت أم . احلرام الضرام، وكاد حيترق عليه قلب بيت اهللا وطار النسر جبناح. منها ما ربت

٢٠٥ تاريخ دولة آل سلجوق

را عنده فعطف أوكأن اجلحيم استجارت به فتمسكت بذيله، أو كأن النهار ذكر ثا له من مسجد أحرقته نفحات أنفاس الساجدين، وعلقت فيه فواه.. ليله على

. ونأصابت حسنها العيون، وام بذلك الوالة املصري: وقيل. الواجدينلفحات قلوب حسبه اصطالء : وقال. واإلطفاء، وأتاه بالشفاء بعد اإلشفاءباأللطافمث تداركه اهللا

. بردا وسالماكوني يا نار قلنا : قولـهفيهواصطالما، وحقق مبنبج أقبل كلب الروم يف مجوعه، وأخىن على من هـ٤٦٢ويف سنة : قال

وعاد إىل قسطنطينيته وقد ساءت آثاره، . حاميتها واستباحهاواجتاحها، واستىبويف هذه السنة زوج نظام امللك بنته لعميد الدولة أيب منصور . قد ثار ثارهوالدينوكان عميد . بن فخر الدولة الوزير بن جهري، وصارت له مصاهرته خري ظهريحممد

ت له واستتم. توجه إىل السلطان بالري يف رسالة، فتلقى بكرامة وجاللةقدالدولة ووصل يف رجب، ويف صحبته رسل حممد بن أيب . واستتبت املظاهرةاملصاهرة،هذه

بعثهم إىل السلطان، وضمن هلم إقامة اخلطبة له مبكة، حرسها اهللا كانهاشم، وقد على عميد الدولة يف بيت النوبة، فرفل يف مالبس االصطناع، اخلليفةوخلع . تعاىل

وقرئ له توقيع من إنشاء ابن املوصاليا . راعاة اإلقطاع واملطالعة وماإلاءوجعل إليه . افتراع عذرة االرتفاع، وتصدر يف الوسادة، وتصدى للسيادةمنمتكن به من باب منصرفا تاج امللوك هزار سب بن بنكري بن عياض هذه السنة تويفويف

عالوكان قد . السلطان ألب أرسالن وهو خارج من أصفهان على قصد خوزستانوتزوج . ره وعرض جاهه، وتزوج بأخت السلطان، واستظهر منه باملكانة واإلمكانأم

ويف هذه السنة ورد . مسلم بن قريش بأخت السلطان زوجته، وتدرج إىل درجتهبعده حممد بن أيب هاشم احلسين إىل بغداد على قصد الوفادة إىل السلطان، احلرمنيأمري

من املعسكر هـ٤٦٣وعاد يف حمرم سنة معه بعد أن شرفه ورفعه، اخلليفةفكتب . وقد استفاد الفوائد، وأفاد احملامدآمد،السلطاين على باب

ألب أرسالن بديار بكر والشامأحوال ذكربن ا نصروملا توجه ألب أرسالن إىل ديار بكر، خرج إليه : -رمحه اهللا- قال

بوله، وسأل عن مروان وتلقاه، ومحل له مائة ألف دينار، فقبل إحسانه وأحسن ق

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٠٦

إنه قيل له إن هذا املال قد قسطه على البالد فأمر برده، : وقيل. وقضى سؤلهقضاياها، فوجد ثغرها ممتنع. عنه وعاف وبيل ورده، وانتهى إىل أمد آمد من قصدهوعف

مث . فمسح السلطان للتربك به يده على سورها وأمرها على صدره. امرتفعوسورها فحل حبلب وشرع يف حصارها، . وعرب بالرها، وتعذر عليه أمرهاالشامتوجه منها إىل

حينئذ حممود بن صاحل بن مرداس وكان قد خطب يف وصاحبهاوأحاط بأسوارها، لتشريف اخلليفة خلف سروره جافال، وأصبح يف وجدوقد . تلك السنة لبين العباس

النقباء الكامل أبو من جانب اخلليفة نقيب وعندهمالبس اجلالل وخلع اجلمال رافال، ألب أرسالن وأخذ مبخنقه، ووقف على فضايقهالفوارس طراد بن حممد الزينيب،

عنه ال يقلص، وأن ورد األنعام عليه اإلكراموخرج نقيب النقباء وسأل أن ظل . طرقه، وحلق ا، ولعفوه عافياا راضي حامدبساطه عن حممود إال بدوس يفأىب الرض. ال ينغص

وطال . القتال، واحتدم النـزالفاحتدفلم خيرج إليه، . ته متقاضياطاعته وضراعقعه، فخرج وتشاط من سا حجرووقع يف فرس السلطان . حجاراحلصار، وطارت األ

وقالت ويضرعان،ليال إىل السلطان ومعه والدته منيعة بنت وثاب النمريي خيضعان ترفنا وعرفنا أن سالمتنا وقد اع. قد جئتك به فافعل ما حتبولدي هذا: (( للسلطان

فعفا السلطان وصفح، وأعاد حممودا إىل مكانه حممود : قال)). إال بسلمك ال تستتب . وقد ارتفع بالتواضع وتسامى باالستكانة، وأمنت الشهباء، وسكنت الدمهاءاملكانة،

سرهأ ملك الروم وكسره وقسره وخروج ذكر وال عدده،يف مجع ال حيصى وبلغ السلطان خروج أرمانوس ملك الروم : قال الروم إذ مسع أن متملك ،ربيجان أذفلما مسع هذا اخلرب أغذ السري إىل. حيصر مدده

بالده إىل السلطان يف خواص جنده، فلم ير أن يعود وكان. )١(أخذ على مست خالط فسري نظام . قبائل الدين وعشائرهللجهادليجمع عساكره، ويستدعي من اجلهات

يف مخسة عشر ألف فارس من ي وبقأثقاله، وخاتون زوجته إىل تربيز مع امللك وزيره والروم يف ثلثمائة ألف جينبه،خنب رجاله، ومع كل واحد فرس يركبه وآخر وخزري وفرجني وأخبايبرجي كويزيدون، ما بني رومي وروسي وغزي وقفجاقي و

. اسم املقاطعة: وخالططريق،: مست) ١(

٢٠٧ تاريخ دولة آل سلجوق

بالء البالد، موعظن متهل حلشد اجلموع ذهب الوقت إنه أورأى السلطان . وأرمين أحتسب عن اهللا أنا: (( فركب يف خنبته وتوجه يف عصبته وقال. وثقلت أعباء العباد

اخلضر من حواصل النسور الغرب الطيورنفسي، وإن سعدت بالشهادة ففي حواصل )). من أمسي خريرمسي، وإن نصرت فما أسعدين وأنا أمسي، ويومي

. الصارمة الرؤيةوالصرميةاضية القوية، توكل على اهللا وسار ذه العزمية املمث فرس، ومعهم ألفوكان متملك الروم قد قدم رؤساء مقدمني من الروس يف عشرين

. والسباءعظيمهم األصلب، وصليبهم األعظم، وخالطوا بالد خالط بالبالء والسلب فخرج إليهم عسكر خالط ومقدمهم صنداق التركي فصب صبح البيض على ليل

وخاض إىل العز مشمرا نار احلريق املتضرم، وقتل منهم خلقا كثريا، وقاد لم،املظالنقع فأمر السلطان جبدع أنفه، وإرجاء حتفه، وذلك يوم . يف القيد أسيفا أسرياقائدهم

وعجل الصليب السليب إىل نظام امللك . هـ٤٦٣ ذي القعدة سنة رابعالثالثاء وتالحق عسكر الروم ونـزل . ة اإلسالم مبشرا بسالمالسالم،ليجعل إنقاذه إىل دار

ونـزل متملك . باهللا الذي مل يزل لدينه ناصراواثقونعلى خالط حماصرا، وأهلها فانـزعج سكاا . وعمداء معموديتهنصرانيته،الروم على منازكرد يف أنصار

نـزل م طاقة، وأن دماءهم ال شك مباوتزعزعت أركاا، وعلموا أنه ليست هلم فبيتهم تلك الليلة عند بالطه البلد، الكفر مهراقة، فخرجوا بأمان، وسلموا بسيوف

.حتت احتياطه وخرج ،جمرسر، وأردفهم بعسكر أ بكر يوم األربعاء، سريهم بأسرهم يف فلما

ووافق ذلك وصول أوائل العسكر . ليشيعهم بنفسه، وهو يف مجاعة محاته ومحسهوجرى . معت على االدة أجادل اجلمعني ووقعت العني يف العني، واجتالسلطاينوصحت على الروم . السيل، واجنر من األرض على السماء الذيلوجرفاخليل،

فانعكسوا إىل جمثمهم يف خميمهم، . عن مقصدهم وصدموصدفتهمكسرة أردم، وشرعت املنازكردية يتسللون، فقتل الروم . مبأمتهماإلسالموانكشفوا مبا مت من عرس

وعرف الروم أم للموت مالقون، وعاد متملكهم الباقون، من أدركه أجله وجنا منهم . تصرخ، والبوقات تنفخوالكوسانإىل مضاربه وبات تلك الليلة

النهر، على أصبحوا بكرة يوم اخلميس وصل السلطان ألب أرسالن ونـزل وملا

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٠٨

وكلب . والقهرقتل ومعه من املقاتلة األتراك مخسة عشر ألف فارس ال يعرفون سوى ال فارس ألفالروم نازل بني خالط ومنازكرد يف موضع يعرف بالزهرة، وهو يف مائيت

من ذوي القلوب املدهلمة، والوجوه املكفهرة، وبني العسكريني فرسخ، وبني جمرى ومقصوده . فأرسل ألب أرسالن رسوال، ومحله سؤاال وسؤال. والتثليث برزخالتوحيد

إن كنت ترغب يف هدنة أمتمناها، : ف أمرهم، ويقول للملك سرهم، ويتعريكشفأن فظن أنه إمنا راسله عن . فيها توكلنا على اهللا يف العزمية وصممناهاتزهدوإن كنت . ونبا وتعسر، وأجاب بأين سوف أجيب عن هذا الرأي بالريواستكرب،خور، فأىب

نهما املخاطبة، وانقطعت تاظ السلطان وارتفعت بيغفا. غاية الغيإىلوانتهى عن النهي والشمس . ولداعي املنون يلبيانيعبيان، )١( اخلميس اخلميسان يومولبث . املواصلة

تصاعد إليها من زفرات األحقاد، وكأمنا شعاعها دم أراقته على اآلفاق ماتشكو حر إىل والعزم السلطاين . والطالئع على املطالع، واملنايا على الثنايا. الصعادتلكوخزانات

د امللك ب مستتب، فقال له فقيه وإمامه أبو نصر حممد بن عمضاء مشرئب، وللاللقاء الذي وعد بإظهاره، فألقهم يوم اجلمعة اهللا تقاتل عن دين إنك: (( احلنفيالبخاري

)).املنابربعد الزوال، والناس يدعون لك على بالعجاج،ماء أصبحوا يوم اجلمعة ارجتت األرض بالضجاج، وارجتت السفلما

حيمونوقد لقحت احلرب العوان باملهندة الذكور، واملسومة الفحول، والكماة احلماة ووقعت الطوالع يف الطوالع، وقرعت القواطع . محي احلمام وحيومون حول الدحول

ران، ومال القنا وجالت الفرسان، ودارت الكؤوس وغنت الظىب ورقصت امل. بالقواطعإىل . واخلرصان تصوب وتصولوجتول، )٢(جور ئت الفتيان توما فت. الرؤوسوطارت

ودان ملقت الدين مقت النـزال، وصدحت أعواد املنابر الزوال،أن دنا وقت اجلمعة للمجاهدين يف إخالص الدعاء، فنـزل ألب أهلباخلطباء، وصدقت نيات

وثبت سرجه وجلامه، مث ركب جواده، وأحكمأرسالن عن فرسه وشد للحزم حزامه، فرق كل فرقة منهم يف كمني، أربعفؤاده، وقوى قلبه، وسوى قلبه، وفرق أصحابه

.انشاجلي: اخلميسان) ١( .تصرع: جتور) ٢(

٢٠٩ تاريخ دولة آل سلجوق

.وراح وله من الروح األمني جمري أمني ضمني، النصر علم أن الكمني مكني، وأن الضمري شاهد مبا يشهده من وملا

ومحل متملك . احلرب، واستحلى طعم الطعن وضرب الضربر حرتلقى بوجه احل جبمعه، وأخذ ببصر الدهر ومسعه، وأقبل كالسيل يطلب القرار، والليل يسلب الروم وجالت وما وجلت، واستجرت الروم إىل ،وثبت هلم خيل اإلسالم مث وثبت. النهار

مث خرج من خلفها وذوو األقدام . من ورائها، ووقفت املنون بإزائهاالكمنيأن صار زامها وانكسرت كسرة ال اها، فآذنت ب نار البيض يف حلفاء هامووقعتمن قدامها، مل تثبت للقتال ومل تصرب، وطائفة ثبتت فقتلت صربا، فما جنت من فطائفةتقبل جربا،

وملك امللك وقيد وقيد. د وما سلمت من أعداء اإلسالم أعداآحاد،أولئك األلوف وقتل اآلحاد وركب املسلمون أكتافهم،. وأسر ومل جيد له معينا وال معيدا، )١(ا وقيذ

الوهاد بأشالء القتلى صارتو. األرض من خبثهم، وفرشت جبثثهموطهرتآالفهم قصد القنا أمجامن )٢(وت أكماء واملر . ومن األثقال،وكانت مع الروم ثالثة آالف عجل تنقل األمحال، وحتمل : قال

فيها ألف دومياملنجنيقات اليت حتملها منجنيق هو أعظمها وأثقلها، له مثانية أسهم، قنطار،ا وزنه بالرطل الكبري اخلالطي يرمي حجر. ومائتا رجل، وحيمله مائة عجل

.وكأنه حبل له يف اجلو مطار ال ترام، بالعراءوبقيت أمواهلم منبوذة . ومشلهم بأسرهم القتل واألسر: قال

بيعت حىت. وسقطت قيم الدواب والكراع، والسالح واملتاع. ومعروضة ال تسام .)٣(س دينار اثنتا عشرة خوذة، وبدينار ثالث دراع بسد

مملوك كوهرائني،سر امللك، أنه كان لسعد الدولة أ يف ي عجيب ما حكومنوما : نظام امللكفقال. أهداه لنظام امللك فرده عليه، ومل ينظر إليه، فرغبه فيه كثريا

واستصغارا لقدره هبوذكر ذلك استهزاء ! يراد منه، عسى أن تأتينا مبلك الروم أسريا

. على املوتاملشرف: الوقيذ) ١( . بال نباتاملفازة: املروت) ٢( . مجع درع)٣(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢١٠

ووافق الغالم،فاتفق وقوع متملك الروم يوم املصاف يف أسر ذلك . واحتقارا ألمره)) من العطاء ما أعطيك اقترح: (( وخلع السلطان عليه وقال. تصديق قول النظام

.غزنة بشارة فطلب يف قيده وصيده، وامللك ،)١(ودخل السلطان إىل أذربيجان مبلكه وأيده: قال

فإنه خرج ويف نيته . بأهلهأسيف جهده، وأسري جهله، وال حييق املكر السيئ إال وهو ذل بعد العز وهـان، مث. فتح الدنيا وحتف الدين، وقهر السالطني، ونصر الشياطني

: وقـاليديهمث تعطف عليه السلطان وأحضره بني . وتعرض لالبتذال كل ما صان كنت: (( فقال)). رت لو قدرت بصدقك يف قصدك، ومـا الذي قدأخربين((

ن إجعله يف السبايا واألسالب، وأ أين أحبس من أسرته منكم مع الكالب، وأحسب : السلطانفقال . )٢ ())أساجور ساء جوريوقد اختذت لك مأسورا،أخذتك

)). فينا ال نقنع نويته عثرت على سر شرك، فماذا بك اآلن نصنع، وحنن منك مبا قد((فرق له قلب ألب )). جريريت عاقبة فساد نييت، والعقوبة اليت جرا إيلنظرا: (( فقال

وملا انصرف . وسرحه مبجالمعجال،أرسالن وأرسله، وفك قيده ووصله، وأفرج عنه وقالوا هذا من عداد . رمسهامللكامللك أرمانوس مأنوسا رمى ناسه امسه، وحموا من

.امللوك ساقط وزعموا أن املسيح عليه ساخط حدثت يف هذه السننيأحداث ذكر

ثاحملد أبو بكر أمحد بن علي بن ثابت تويف هـ٤٦٣يف آخر سنة : قال هـ٤٦٤ويف سنة . اخلطيب مؤلف تاريخ بغداد، وكان عالمة دهره وعامل عصره

رتب لبغداد شحنة يقال له آيتكني السليماين، ووردها يف شهر ربيع السلطانكان فة بتوليته، وذلك ألن ابنه قتل أحد الغلمان الدارية فصرفه اخللييرضاألول، فلم

كوهرائني، ووصل إىل بغداد يف شهر ربيع اآلخر، يف مجع لةدوالالسلطان بسعد وخرج الناس على . االستقبالة االحتفال، ورتب حلفلبإقبالهكالبحر الزاخر، ووقع

دار أرسالن خاتون، وذب وجلس له اخلليفة يف . بترقيهالقدرجرى وطبقام لتلقيه،

.القوة: األيد) ١( . تعلق يف عنق الكلبخشبة: الساجور) ٢(

٢١١ تاريخ دولة آل سلجوق

وورد يف آخر شهر ربيع األول الوزير أبو العالء . حبميتهاحلمايةالبلد بسياسته، ومتت خلع سلطانية، وكان قد نبه السلطان إىل خدمة اخلليفة لتقوية وعليهحممد بن احلسني،

طعه قأوخصه باحلب واحلباء، ولقبه بوزير الوزراء، و. الضعيفةاألسبابما تومهه من . فخر الدولة ابن جهريالوزيرقطاع إالنصف من يقبل، فلما وال وصل تقدم اخلليفة بأن ال يستقبل، وال حيتفل به إذا أقبل فلما

. تصرفومل يرض للقبول وما . انتهى إىل باب النويب، نـزل وقبل األرض وانصرف عن املعاينخوه أبو ا، وصرف أأقام ببغداد أياما مث رحل، وحل باحللة املزيدية مستزيدو

توجه السنةويف صفر من هذه . ا بعيدااحلجية، فعاد بعد أن كان حاجبا قريبا حمجوب ووكل يف بنيسابور،عميد الدولة أبو منصور ابن الوزير خبلع أمامية إىل ألب أرسالن

وجاهته ذه وجهفسفر . تزويج املقتدي ببنت ألب أرسالن املنعوتة خباتون السفرية الكبرية، املرتبةفلما وصل تلقى بالعظماء واستقبل وتقدم بإنـزاله يف . ريةف الصالسفرة

ساعة، أسعد على بنت السلطان يف يوترتيب األنـزال الكثرية، وعقد العقد للمقتد عميد عادوملا . وكان يوما مشهودا أزهر، قد نثر فيه امللوك اجلوهر. وأحسن عادة

لقى من ملكشاه ولد السلطان احلب واحلباء الدولة جعل على أصفهان العبور، فوأفاض عليه اخللع اإلمامية فلبسها، وأحكم عنده قواعد األمور يف العواقب . واحلبوروكان ملكشاه قد عاد من شرياز وهو سائر إىل والده، وورد اململكة منه . وأسسهاادي احلجة، وعاد عميد الدولة إىل بغداد يف ثامن عشر ذي احلجة، ب. واردهإىلظمآن . احملجةهادي

ألب أرسالن يف سنة مخس وستني وأربعمائةوفاة ذكر وقد الترك،يف أول هذه السنة توجه السلطان ألب أرسالن لقصد بالد : قال

جسرا، )١(ون حكملت له أسباب امللك، يف أكثر من مائيت ألف فارس، ومد على جيوكان . العسكر عليه شهرا عبورمدةكما خط الكاتب على الطرس سطرا، وكانت

وأنه . الكمال وأوضح املنهاجبلغقد قصده مشس امللك تكني بن طفقاج، واإلقبال قد األطول والكمال والباعيف سادس شهر ربيع األول، بكر وهو يف الصدر األرحب

. راسم: ونحجي) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢١٢

ومسطا . حبورهوهو جالس على سرير سروره، البس حبري . األى والبهاء األكمل وأعدائهن من فرائد مفرديه منظومان، والبأس والنائل ألوليائه مساطيه املمدودي

واهليبةوالعظماء واقفون واملوقف عظيم، والكرماء قائمون واملقام كرمي، . مقسومان يف يرسفستحفظ قلعة يقال له يوسف اخلوارزمي، وهو فحمل إليه أصحابه م. مالكة

يره وهو مع غالمني، وقد شدا ومحل إىل قرب سر-كيدهقيده، ومل يدر أنه يسرف يف .بيده اليدين اهليئة تلك له أربعة أوتاد لتشد إليها أطرافه، ويعجل على بأن يضربفتقدم

حتد ا والسلطانفحمى )). هذه املثلة ى هذه القتلة ويلقيقتل مثلي: (( فقال. إتالفه. طهاحتياوأمر حبل رباطه، وأن خيلي عن . وأخذ قوسه وسهمه، وترك رأيه وحزمه

وكان على ختت، فوثب ونـزل، فوقع على . طأهخوقال للغالمني خلياه، ورما فأوكان سعد الدولة . فاجأه بسكني يف خاصرتهو اءةج يف عثرة، فجاءه يوسف فوجهه

. فجرحه يوسف جراحات وض السلطان إىل خيمة أخرى جمروحاواقفا،كوهرائني أم رأسه، فوفت الضربة على )١(ة مبرزبفراش أرمين ضربهفإنهفأما يوسف اخلوارزمي

أرسالن فإنه أحضر وزيره نظام امللك فأوصى به واليه، وعول ألبوأما . بقطع أنفاسه عليه، وجعل ولده ملكشاه ويل عهده، وفوض إليه امللماتيف كفاية املهمات وكف

ة ألف دينار، ئ كان ألبيه داود ببلخ وعني له مخسمامباياز آوخص ابنه . امللك من بعدهق ن مل يرض فضيإ : القلعة مبا مللكشاه، وقال لهوجعل. اقصد نصرة أخيك: وقال له

ووصى ألخيه قاورد بك بن داود بأعمال . من مالهلهعليه واستعن على قتاله، مبا عني وانتقل إىل جوار ربه . املال واإلحسانمنفارس وكرمان، وأجرى له بتعيني شيء

، واستشهد وقد بلغ هـ٤٣٤ يف سنة مولدهوكان . ئزا للسعادةفائزا بالشهادة، حا .من العمر أربعني سنة، وملك تسع سنني وشهورا

يف وجه قطما كنت : وحكى أنه قال حني حينه، وقد عاين املوت بعينه: وقال يف وأماقصدته، وال عدو أردته، إال توكلت على اهللا يف أمري، وطلبت منه نصري،

فقلت أين من . أشرفت من تل عال، فرأيت عسكري يف أمجل حالهذه النوبة، فإين

.عصا من حديد أو هي املطرقة: املرزبة) ١(

٢١٣ تاريخ دولة آل سلجوق

ين أصل ذا العسكر إىل أقصى الصني، إ قدر مصارعيت، وقدرة معارضيت، وله . من الكمنيمنييتفخرجت على

. دارادارهوكان ألب أرسالن بالربية بارا، ومل يزل إحسانه عليهم من : قال الراتبم يف مطبخه للفقراء، وذلك سوى وكان يطبخ كل يوم مخسني رأسا من الغن

بنيان ىمسأوكان إذا أمر ببناء، أوعز بأن يكون . املعني للسماط برسم العسكر واألمراء وخلف)) تدل على علومهتنا ووفور نعمتناهذه آثارنا: ((مسقه، وأشرف مكان وأشرقه ويقولأو

.ون، وبوري برسرغأياز، وتتش، وأرسالن آ من البنني، وهم ملكشاه وتكش، وعدة يب الفتح أ جالل الدولة السلطان جلوس ذكر

ألب أرسالن على سرير امللكبن ملكشاه ببلخ، وعاد يازآوملا دفن ألب أرسالن عند قرب أبيه مبرو، وأقام ابنه : قال

ويف امللك طالبا،لمري لملكشاه بالعساكر، ومسع قاورد بوفاة أخيه ألب أرسالن فسار قاورد للقاءوصار منها قاصدا . يها ملكشاه، وأمن ما كان خيشاهفسبقه إل. اراغب وردعمهوكان عسكر ملكشاه إىل . فالتقوا بقرب مهذان، رابع شعبان. هه، وفل حد

فلما تالطم البحران، والتقى اجلمعان، محل قاورد على ميمنة . مائال وبقوله قائالة مسلم بن قريش واء ومحل شرف الدول. وسعها فتكاأ وجعلها دكا، وملكشاها من العرب واألكراد على ميمنة قاورد فدكوها م بن دبيس ومن معهمنصورالدولة ما عرتنا هذه : ملكشاه ما صح من كسر عمه وقالواأصحابظ اوغ. وخرقوها

فمضى . وصدونا بقصدهم عن مراد املرادواألكراد،األكدار إال من األعراب . وبوها، وشنوا عليها الغارة وسلبوهاالعربحلل املنهزمون من أصحاب ملكشاه إىل

بأن عمه يف قرية بقربه، وقد انفرد عن وأخربهوجاء رجل من أهل القرى إىل ملكشاه وتقدم إىل كوهرائني خبنقه . وأنفذهبأسهفسار إليه وأخذه، وأمضى فيه حكم . حزبه

.وهو يتضرع ويتضور، فخنقه غالم أرمين أعور برضاهمومحل أمر أمرائه حبلمه، وحكم . وجاءه اجلاهوملك ملكشاه،: قال

يفوعول عليه . وخلع على نظام امللك، ورد به امللك إىل النظام. وأرضاهم حبكمهوأعطى سرهنك ساوتكني أعمال قاورد عمه، ولقبه . تويل وزارته ومناصبه العظام

تاريخ دولة آل سلجوق ٢١٤

ألمراء العرب وأجزل . الدولة، وواله والياته وخصه مبناجيقه وكوساتهعمادبلقبه . االصطفاء واالصطناع، ووفر حظه من التشريف واإلطالق واإلقطاعنصيبواألكراد

بغداد وورد يف صفر منها سعد الدولة كوهرائني إىل هـ٤٦٦ سنة ودخلت رأسهوقام عدة الدين املقتدى على . وجلس له اخلليفة القائم بأمر اهللا يف ثاين صفر

أوله،م اخلليفة إىل كوهرائني عهد اخلالفة بعد أن قرأ وهو ابن مثاين عشرة سنة، وسلالوصول،ذنا عاما للخاصة والعامة يف إوكان . ه أنه جعل عليه يف امللك معولهومتضمن

وكفىياز أخي السلطان آوورد اخلرب بوفاة . ومل مينع يف ذلك اليوم أحد من الدخول .هه واستراح من مهلبه من شغلأمره كما كفى أمر عمه، ق

يف جوار وماويف هذه السنة غرقت بغداد ومل يسلم سوى دار اخلليفة، : قال لهفأطلق . وغرق مشهد باب التنب وادم سوره، وخرب معموره. سدا الشريفة

وورد . شرف الدولة مسلم بن قريش ألف دينار، وأعيدت عمارته، وأمكنت زيارته. املاء طام، وغارب دجلة ذو سنام سام أبو بكر عبيد اهللا بن نظام امللك وامللكمؤيد أفواه الطرق، فترك استقباله للضرورة العائقة، ودخل على غري الصورة انسدتوقد ركب يف سفينة واحندر إىل باب املراتب، وملا حاذى التاج قام أداء فإنه. الالئقة

. عن تقبله يف منـزله، ظن أن اخلليفة ما نبأ باستقباله، إال وقد نبا قرمواجب وملا لل: وقال. وقاضي القضاة ومل يوصلهم بل ردهم، وصدفهم وصدهمالنقيبانومضى إليه

)). يب اون وعلى تعاون جرى(( احلمد اخللع إليهنفاذإب اخلليفة إليه من أوضح له العذر، واستخلص منهفأنفذ جنح بباب املراتب فأذن له، وأملى له يف كلالركوبواستأذن اخلليفة يف . والشكر بن الوزير فخر الدولة من الري مشموال من منصوروورد عميد الدولة أبو : قال. أمله

ملا اتفق يف حق مؤيد امللك من ترك استقبالهجالل الدولة ملكشاه باإلجالل، وترك أبو احلسن بن عبد الرحيم يف احللة امللك زعيم خر هذه السنة، تويفآويف . االستقبال

السنيةا للمناصب السامية املزيدية، وكان مرشح. اهللا بأمر ي املقتد وفاة القائم بأمر اهللا ، وتويلذكر

كان ، وقد هـ٤٦٧وكانت وفاته ليلة اخلميس ثالث عشر شعبان سنة : قال

٢١٥ تاريخ دولة آل سلجوق

ملاونام منفردا فانفجر فصاده، . زرع عمره استحصد فما اقتصد، ويف أمل أمل وافتصدمنه قواه، وانتبه والضعف قد تضاعف، وخرج منه جم كثري أقوت . غلبه رقاده

فطلب ثقاته واستحضر عدة الدين وأودعه وصايا يكون ا عن . شارفقدواحلمام النقيبني وقاضي القضاة والقاضي أبا احلسن بن البيضاوي وأحضر. )١(القائم القائم

و يف وه، الدامغايت، والوزير قائم، والقائم مستند يف شباكطلحةوالقاضي أبا حممد بن ما تضمنته هذه على اشهدوا: (( وقال هلم. من حراكبعدهسكون يشعر مبا ليس

وتوىل أمري املؤمنني املقتدي بأمر اهللا . بهحن قضى مث)) الرقعة كتبت فيها سطرين خبطي بن القائم، وبويع يوم وفاة جده، حممدأبو القاسم عبد اهللا بن الذخرية أيب العباس

بيضاء لطيفة، وفوقها وعمامةى كرسي، بقميص أبيض، وجلس يف دار الشجرة عل الدولة أبو عميدودخل الوزير فخر الدولة أبو نصر، وولده . طراحة قصب دري

أعيان وحضرمنصور، واستدعى مؤيد امللك بن نظام امللك والنقيبان وقاضي القضاة وولدهدي ة، وهناك نور الدولة دبيس بن علي املزيءالدولة من ذوي املراتب والكفا

اء الدولة وأبو عبد اهللا حممد بن محاد األسدي وبايعوه، وعاقدوه على الطاعة وصلى بناس يف صحن السالم وأئتموا به، وصلى على القائم وأغلقت . وشايعوه ثالثة أيام لعقد املأمت، وجلس فخر الدولة الوزير وابنه عميد الدولة ببغداداألبواب

ميد الدولة إىل السلطان ملكشاه ألخذ البيعة عليه، ومحل أيام، ومضى عثالثةللعزاء ، وأوصله اخلليفة إىل جملسه األشرف هـ٤٦٨وعاد إىل بغداد يف سنة . إليهعهده

ن حممد بوكان قد سري من الديوان القاضي أبو عبد اهللا حممد. األلطفوخصه بإكرامه منه إىل غزنة، ويأخذ البيعة امللك إىل والده نظام امللك ليسريمؤيدالبيضاوي يف صحبة

وملا سكن إىل الثراء سكن . مصحوبا باجلدة قد أترب وفرع الرتبفعادعلى صاحبها، وكان فاضال على مذهب هـ٤٧٠ شهر ربيع األول من سنة يف وتويف. إىل الثرى

االشافعي ذكي. . جد اجلدب وحل احملل، وحط للقحط الرحل هـ٤٦٨ويف سنة : قـال

تنفيذالقائم األوىل تعود إىل القائم بأمر اهللا، وتعين الثانية أن يكون قيما على : القائمالقائم ) ١(

.الوصايا

تاريخ دولة آل سلجوق ٢١٦

ويف هذه : قال. وعدم القوت، حىت كفى اهللا الغمة، وكشف امللمةالقوة )١( وأقوت حممود صاحب حلب قلعة منبج من الروم، وخلصها من أيديهم، بنالسنة تسلم نصر

بن أيب منصور فرامرز بن عالء ي تزوج عل هـ٤٦٩ سنةويف . وأنقذها من تعديهم، اليت كانت زوجة القائم بنت داودخاتونرسالن أالدولة ابن جعفر بن كاكويه ب

بعد أرسالن، وخرج عنها، وتويفألبوكانت فارقت بغداد حني عرفت بوفاة أخيها ويف هذه السنة ورد . امي اإلمام أوعنا، يذلك القائم عنها، فاستبدلت عن القرشي ديلم

ا،حاج -رمحه اهللا- القاسم القشرييأيببن األستاذ اإىل بغداد الشيخ اإلمام أبو نصر وجلس للوعظ يف النظامية، ويف رباط الصوفية، وأبدى شعار . منهاجابعلمهوأوضح فثارت الفتنة من . ويبطل شبه اسمة. أنه حيقق أدلة املوحدة املنـزهةيزعم. األشعريةوكان قد ورد . احلنابلة سوق املدرسة وقتلوا مجاعة، وأظهروا شناعةوقصدتالعامة

فنسب نظام . ك من املعسكر فلم يطق دفعا، مل يستطع منعا نظام امللبنمؤيد امللك .)٣( على اإلحنة هلم )٢(وحنا أحناءه . اجلهر بتلك الفتنةجهريامللك إىل بين ودفنت هـ٤٧٠ وفاة ابنة نظام امللك زوجة عميد الدولة يف شعبان سنة واتفق النظام وبينهم بنيطع ما وانق. كراما ألبيها، ومل جتر العادة بالدفن فيهاإبدار اخلالفة

بشحنكية هـ٤٧١ووصل يف احملرم سنة . نفصامالمن النظام، وآذنت عرى النسب با وكانبغداد سعد الدولة كوهرائني وضرب على بابه يف أوقات الصالة الثالث الطبل،

وأعقب ذلك عزل الوزير ابن جهري، . قد منع من ذلك وقيل مل جتر به عادة من قبلائني أوصل عند وصوله كتابا من السلطان إىل اخلليفة يتضمن عزل أن كوهروذلك

يف جوابه إنه ليس بوزير، وإمنا الوزير ولده عميد الدولة، وقد قصد فقيلالوزير، وكان عميد الدولة بعد وفاة . ووالده ينوب عنه إىل أن حيضرباملعسكر،حنوكم

. ه الطريق صدفه وصرف وعرف أن كوهرائني إن صادفه يفاملعسكرزوجته خرج إىل وجاء كوهرائني يف النصف من صفر إىل باب . بالترحالالترحالفعرج باجلبال، وأتبع

.ضعفت: أقوت) ١( .عوجاج من البدن كالضلعامجع حنو، وهو كل ما فيه : اءاألحن) ٢( .احلقد: اإلحنة) ٣(

٢١٧ تاريخ دولة آل سلجوق

السكر، فغلق دونه الباب، وربط هناك خيله، وأقام منالفردوس، وهو على حالة )).وال مهلة يف التأخري . يل من الوزيرالبد: (( وقال. هناك يومه وليله

أن يعتزل، لهفأذن . احلال، قدم السؤال وطلب االعتزال عرف فخر الدولة فلما ما جهريوخرج إىل كوهرائني توقيع فيه ملا عرف حممد بن حممد بن . ويلزم املنـزل

إىل أن داره،عليه جالل الدولة ونظام امللك من املطالبة بصرفه، سأل اإلذن يف مالزمة قلبه ويتألفمللك حىت عطف، يكاتبا يف أمره، ومل يزل عميد الدولة يستعطف نظام ا

كوهرائنيوكتب إىل . بنها وزوج بنته به،وألزمه تقلد من. حىت انقلب إىل ما ألف وصل إىل وملاوسأل اخلليفة اإلغضاء عن ذلته، . بإعادته إىل اخلدمة، وزيادته يف احلرمة

أبا الوزيرورتب . بغداد عزله اخلليفة عن خدمته، ونقله إىل منـزله عن منـزلته ابن الدولةشجاع حممد بن احلسني نائبا يف الديوان وجلس بغري خمدة، مث توزر عميد

وأفضيت عليه خلع آذنت بتبجيله، وتوىل هـ٤٧٢جهري للخليفة املقتدي يف سنة . الدولة وابن املوصاليا قراءة توقيع خرج يف حقه بتجميلهأمني

: -محه اهللا – األصفهاين اإلمام عماد الدين حممد بن حممد بن حامد الكاتبقالربته وهذبته، وقد انتهيت يف هذا الكتاب الذي صنفه أنوشروان الوزير عكانوملا

وصلت هذه اجلملة اليت ذكرا به وجعلتها طريقا إىل دخول بابه، مفتتحه،املوضع إىل أيام كل سلطان، أوردت حوادث جتددت يف عصره، وأخل انقضاءلكين عند

ومن هاهنا يقع مبا بدأ به البداية، وتكمل بتعريبه . وذكرهديثها أنوشروان بنشر ح .واإلعراب عنه العناية جالل الدنيا والدين أيب الفتحالسلطان أيام

ألب أرسالن ميني أمري املؤمننيابن ملكشاه - اهللا عنهرضى- اهللاعقد لواء سلطنته يف أيام أمري املؤمنني القائم بأمر : قـال

: البيتنيذينوهلج عند وفاته . قارب انتهاءه، وشارف انقضاءه خالفته قدوعصر عمرو كيف بات أسريها أمسال كان مقتوال ففي القتل راحةفإن

األساري حوله وهو موثقتفك كان ممنونا عليه فمطلقوإن

تاريخ دولة آل سلجوق ٢١٨

هذاوبايعه - اهللا برهانهأنار- بعده اخلالفة أمري املؤمنني املقتدي بأمر اهللا وتوىل. نصاف والفضلإلا سريته العدل، وسريرته ملكاوكان ملكشاه : قال. السلطان

أيامه يف أيام آل . بالتاج واخلامت والسريرحقيقا. شجاعا مقداما صائب الرأي والتدبريوتناسقت يف . يف احلسن بدايته وايتهتناسبتسلجوق كالواسطة يف العقد، قد

إقليم قسطنطينية، وقرر ألف دينار أمحر حيمل إىل ىلإومل يتوجه . اإلقبال فاحتته وخامتته النواحي اليت فتحها من الروم مخسني منربا إسالميا، يفخزانته من تلك الوالية، ووضع

. ومل تزد مدة هذه األعمال على شهرينمسرقند،وعاد إىل الري، وقصد فتح لطاا،س وصل مسرقند نـزل عليها وحاصرها فظفر خباا وهو يف موضع وملا

فحمل غاشية السلطان . سرهأوجرت له حروب عظيمة هزمه فيها وكسره، وظفر به وفراسياب، الذي كان ملك ملوك الترك، أ كتفه وسار يف ركابه من موضع سرير على

. طالقإل ملكه، ومحله أسريا إىل العراق حتت الوثاق، مث من عليه باسريرإىل موضع وتوجه السلطان يف السنة . عادة نظمها إىل سلكهإو. إىل ملكهبإعادتهوأنعم عليه نطاكية إليها، وانقاد له ملك الترك، ووصل به إىل إ وصل محل أوزكند،األخرى إىل وشرفه، وأعاده إىل مقره من بالد الترك، وهذه السعادة كلها إمنا أكرمهأصفهان، مث

بن ا احلسن يك أيب عل الكبري، خواجه بزرك قوام الدين نظام امللالوزيرتيسرت بسعادة وكانت وزارته . أمري املؤمنني، الوارف الظل الوافر الفضلرضىعلي بن إسحاق

وكان . كأمنا خلقه اهللا للملك واجلاللة مصورا. زينةللمملكةللدولة حلية، وجته قد مشى يف ركابه سلطان العرب مسلم بن قريش . مسخراوالظفراإلقبال له معلما، الروم وغزنة وما وراء النهر يف ظل محايته، وكنف ملوكبه، وكانت وقبل حافر مركو

. ا، ويتشرفون بلبس خلعهجالال وتشريفإ كتفه يقبلونوكانت ملوك األطراف . رعايتهوبقي يف صدر . الثقيلة، والعساكر الكثيفةاجلحافلجنادا له على أعدائه وجر أوكانوا

.الوزارة ثالثني سنة خراسان، بيجري أسفهسالر ريري يف خدمة األمكنت يف مبتدأ أم: قال

شخصين إليه من موضع كنت متوليا له حتت التوكيل، وأنا متوجه حنوه خائب أف منكسر القلب، على فرس حرون هزيل، يتعبين سريه وأنا يف ضر شديد من األمل، املاء ي أنا سائر، إذ ظهر من صدر الربية تركماين على فرس جيري جرفبينا. ركوبه

٢١٩ تاريخ دولة آل سلجوق

مما كنت فيه من أمل القلب أن أكون راكبا مثل ذلك الفرس، فتقرب فتمنيتهوان، رهل لك أن تقايض : وكلني يب وكلمهم مث التفت إىل وقال واختلط باملمينالتركماين

وقلت له جيوز مما أنا فيه من هذه احملنة أن ال ، أنه يهزأ يبفحسبتفرسك بفرسي؟ واليوم منذ ثالثني سنة . عطانيه وأخذ فرسيأه و احلال عن فرسيفتستهزئ يب، فنـزل

. وأسأل عنه وال أجدهالتركماينمتىن لقاء ذلك أوكان مؤيدا موفقا )). على نعمه هللا احلمد(( وكانت عالمة نظام امللك : قال

والدمهاء ساكنة يف أيامه، . والظفروالفتحمن مجلة البشر، خمصوصا من اهللا بالنصر .أنعامهالفضائل راتعون يف وأهل الدين والعلم و

اآلباء، األبناءيامه نشأ للناس أوالد جنباء، وتوفر على ذيب أويف : قال له، يصلح بليحضروهم يف جملسه وحيظوا بتقريبه، فإنه، كان يرشح كل أحد ملنص

بىن العلم،مبقدار ما يرى فيه من الرشد والفضل، ومن وجد يف بلدة قد متيز وتبحر يف الضياء أبو هوكأمنا عنا: قال. وقف عليها وقفا، وجعل فيها دار كتبله مدرسة و :احلمصي بقوله

خلقت كفاك إال األربعوماسداء نائلإ هندي ولتجريد

يف عباد اهللا مثلك ثاينوما أفواه وأخذ عنانيلبوتق

عجبت : امللكوظهر من تدبريه يف سياسة املمالك ما قاله سليمان بن عبد : قال مل نستغن سنةوملكنا مائة . ء األعاجم ملكوا ألف سنة فلم حيتاجوا إلينا ساعةهلؤال

وولواعوا املناصب، وفر. ويف عصره نشأ طبقات الكتاب اجلياد: قال. عنهم ساعة عن وكان نافذا بصريا، ينقب ،ومل يزل بابه جممع الفضالء، وملجأ العلماء. املراتب

وخربته ومعرفته، فمن تفرس فيه صالحية أحوال كل منهم، ويسأل عن تصرفاته ومن رأى االنتفاع بعلمه . ومن رآه مستحقا لرفع قدره رفعه وأعاله،هوالالوالية

ما يكفيه من جدواه، حىت ينقطع إىل إفادة العلم ونشره، وتدريس لهأغناه، ورتب حقه حلي به عاطله، وحيي به إىل إقليم خال من العلم ليسريهالفضل وذكره ورمبا

.ومييت باطله يف أواخر أحكامه، الوزارة، وامللك قد اختل نظامه، والدين قد تبدلت توىل

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٢٠

تلك، وقد وإدباردولة الديلم، وأوائل دولة الترك، وقد خربت املمالك بني إقبال هذه على النوائحوقامت . قفرت البالد وأقوت، واستولت األيدي العادية عليها وتقوتأ

وعمر . القوامفأعاد امللك إىل النظام، والدين إىل . على النواديالنواحي، والنوادب وصرفها إىل البالد،وكانت العادة جارية جبباية األموال من . العماراتالواليات، ووىل

ال حتصل من األموالجناد، ومل يكن ألحد من قبل إقطاع، فرأى نظام امللك أن ألا إقطاعا، وجعلها األجنادففرقها على . عتالهلاالبالد الختالهلا، وال يصح منها ارتفاع ال

مدة إىل أحسن أقصرفتوفرت دواعيهم على عمارا وعادت يف . هلم حاصال وارتفاعا .حالة من حليتها ذو قرابته بأم للسلطان نسباء يدلون بنسبه، ويدلون بسببه، ويستطيلون وكان

ورمبا . بسياستهظم أمورهم وساس مجهورهم بتدبريه، ون. فقصر أيديهم، ومنع تعديهم ونصفه على الروم،قرر لواحد من اجلند ألف دينار يف السنة، فوجه نصفه على بلد من

. متقاضوجه يف أقصى خراسان، وصاحب القرار راض، وليقينه حبصول ماله غري الذيفقسم امللك . وتوقيعه مأمون التعويق، وتفويقه لسهم السداد مقرون بالتوفيق

وكان ينظر يف األوقاف . بقلمه أحسن تقسيم، وقومه أحسن تقوميحازه السيف ويرغب يف . ويرتب عليها األمناء، ويشدد يف أمرها، وخيوف من وزرهاواملصاحل . إىل األمنة، وال يدعها مأكلة للخونةويكلهاأجرها،

خلزانة على ملوك األطراف وعلى أقاليم املمالك واألمصار محوال ووظفاالسلطان حيملووقرر معهم احلضور إىل . ا، وخدما عن عصمة واليتهم يوصلو

حىت مأل اخلزائن . ومواالت اخلدمات للحضرة، والوصول بالعساكر اجلمةاخلدمةونشأ له أوالد كربوا يف دولته، فأوطأ عقبهم، وأعلى . واملأل بالعساكربالذخائر،عل فيها ألرباب العلوم مث إنه ملا وفر األموال على اخلزانة والعسكر، ج. رتبهم

وصري إحسان السلطان بني أهل . احلقوق حقوقا ال تؤخر، ورسوما ال تغريوأصحابفال جرم . يأخذونه بقدر الفرائض، ويأمنون ا من النوائب والعوارضمرياثاالعلم

. وتيسرت له املطالب، ودانت له املشارق واملغارباملصاعب،تذللت له

٢٢١ تاريخ دولة آل سلجوق

زمانه وهم الكمال والكتاب يفاألكابر ذكر وسيد الرؤساء وابن مينار وتاج امللكوالشرف

ومها كمال الدولة . أمينني نظام امللك مؤيدا بقرينني، مؤيدين لدولته كان: قال امللك أبو سعد وشرف. نشا والطغراءإلأبو الرضى فضل اهللا بن حممد صاحب ديوان ا

الرأي صاحبوكالمها . تيفاءحممد بن منصور بن حممد صاحب ديوان الزمام واالس. نائبانالكبريينوكان هلذين . والتدبري واجلاه واملال والدهاء، ومعدن الفضل والعطاء

اختصه قدوالكمال ولده سيد الرؤساء أبو احملاسن حممد، وكان مقبال مقبوال، اصطفاءوبلغت مرتبته من . السلطان خبدمته، واختاره لندمته، واستأمنه على سره

السلطانوقد كتب إليه . ان إىل غاية مل يبلغها أنيس ومل يصل إىل رتبتها جليسالسلط من تأنس جتديستبطنه خبط يده بيتا بالفارسية معناه، أنك ال تتأثر بالغيبة عين، فإنك

.وأنا أتأثر بغيبتك فإين ال أجد األنس بغريك. به غرييوضرب له . منـزلتهيف ه، وزاد ذلك تبنافصار ختنا لنظام امللك وتزوج ب: قال

فقد كان امللكوأما النائب عن شرف . س والعلم، واخليل واحلشمسرادق، وله الكو أبو غالب، انصرفمث . األستاذ أبا غالب الرباوستاين من أهل قم والنجيب واجلرباذقاين

الرباوستاين، موسىوتوىل مكانه يف النيابة األعز الكامل، أبو الفضل أسعد بن حممد بن ومل يكن امللك،ستاذا، ولقب مبحمد امللك، بعد شرف ألم يزل نائبا إىل أن صار ف

والتيقظ،ألحد من السالطني مستوف كأيب الفضل يف الضبط والتحفظ، والذكر .وحفظ القوانني، وتدبري الدواوين

باب علىوكان . أيضا ملجأ لفضالء الزمان، وموسعا عليهم باإلحسانوكان .ه كتاب فضالء، وكفاة كرباء، ونواب علماء أذكياءالسلطان ويف ديوان

وهو رجل . الدولة ابن منيار، ويلقب بعميد : ملتويل فارس وزير يقال لهوكان. منـزلتهومستفاتصل خبدمة السلطان وعلت مكانته، . بصري باألعمال، ذو مهة عالية

نظام عداوةعاهة ومجعت بينهما . وصار بينه وبني سيد الرؤساء احتاد، وصداقة ووداد عادىوكيف تكون عاقبة حال املدير، وإذا . امللك وخمالفته وتصادقا على عداوته

ذلكبغضا بعد فلم يزاال حىت نكبا وأهينا، وطردا وهجرا بعد ذلك القرب، وأ. املقبل

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٢٢

منـزلة كمال الدولة أيضا وسقطت. )١(وسجنا واعتقال، وحبسا ومسال . احلب ماله اخلزانة السلطانية منوخدم . ركته حرفته، ونكبته نكبتهبسقوط منـزلة ولده وأد

وتوىل مؤيد امللك . املذكورينبثالمثائة ألف دينار، وزادت جاللة نظام امللك بعداوة واستناب . وأقام مدةوالطغراءبن نظام امللك مكان كمال الدولة، من ديون اإلنشاء ا

. األصالة، ونعت بكمال امللكحبكمختار أبا املختار الزرزين، مث استعفى فتوىل أبو امل إىل منصبه، مث انتقل إىل جوار فبلغوكان من نواب كمال الدولة أيب الرضي وأتباعه،

بن خسرو فريوز من أوالد الوزير املرزبانو الغنائم بوكان الرئيس تاج امللك أ. ربهاملتحكم فيها، كبري الدولة، واألمريوهذا . بفارس، وقد خدم السرهنك ساوتكني مدة

: وذكر أنه يصلح خلدمته وقالوشكره،ثىن على تاج امللك عند السلطان أوكان قد . فصيح اللهجة، حسن البهجةيا، سريا رجالنه معتمده من خزانته وأمواله، وكان إ

مهم ال منتهى لكبارهاله أن معشار جودها راحة لوله

الصغرى أجل من الدهرومهته الربكان الرب أندى من البحرعال

خزانته، وواله إليه السلطان وأقبل عليه وواله وزارة أوالده امللوك، وسلم فقبلهأمر بعض إليهل عليه يف بعض الواليات، وفوض النظر يف أمور دوره وحرمه، وعو

:العساكر، وجعل له مع ذلك كله ديوان الطغراء واإلنشاء العلى اهللا ثيابسهألب

تطل عنه ومل تقصرفلم

وصار األردستاين، عنه الكياجمري الدولة أبا الفتح علي بن احلسني فاستنابا، حسن وكان رجال سكيت. كاتب الرسائل، وكان أوحد عصره، ونسيج وحده

املقبولة، وإصغاء بهجتهب-فغري تاج امللك . ا بالثباتات، موصوفو كثري األدالسمت،. وبدد نظامها النظامي، وبدد إحساا احلسي اململكة مجيعها،أوضاع -السلطان إليه

ونطقت . حالوة قبول الوزير من قلب السلطان، وظهرت عليه آثار املاللوأذهبومع ذلك، . كاملاء يبوح بأسراره صفاؤه، وتلوح يف قراره حصباؤهبأسراره،أساريره

فقد . والتوفري السلطان لتاج امللك، ازداد تقربه إىل الوزير، بالتوقري تقريبكلما زاد

. عينهفقئت: مسل) ١(

٢٢٣ تاريخ دولة آل سلجوق

. فلم يغتر من السلطان بذلك اإلدناء. نكبة عميد الدولة وسيد الرؤساءهذبتهكانت وكان يكرم جمد امللك املستويف ويثين . عليه، ودبت يف الباطن عقاربه إليهحتيللكنه وكان سديد امللك أبو املعايل املفضل بن عبد الرزاق بن عمر . السلطانعندعليه

أيضا تاج امللك، وجعله من حزبه، واستوىل ما على حيازة ربهفقعارض اجلند على حل نظام امللك وخمالفته، وغريوا رأي السلطان يف نفقواأواألموال واألعمال، وهو شيخ قد طعن . الطود العظيم، ونثر ذلك السلك النظيمذلكوزارته، وراموا إزالة

وطال عمره حىت سئمه، وأنس . الده وأيس من جنابة أووهنه،يف سنه، وبلغ بقوته أمد م، ومل يلتفت إليهم وال تأثر بكيدهم، ومل يقيم وزنا يكترثبامللمات فلن تؤمله، فلم لحد، ودفن بدفنه اجلود والفضل والدين يف غيلة بسكني ميومالعمرهم وزيدهم، فقتل

هـ٤٨٥وذلك يف سنة . لحدم. امللك بعد تاجومل يعش . ثني يوما السلطان بعد قتل الوزير بثالثة وثالوتويف

بالسيوفوبضع . ذلك أكثر من ثالثة أشهر على اخلوف واخلطر، مث قتل قتال ذريعا وفتكوا عداوته،وسبب ذلك، أن املماليك النظامية اموه بقتله، فأمجعوا على . تبضيعا

ة ذلك بسالمكانتله، فعلم الناس أن سالمة تلك الدولة وأرباا، وسالمة سلطاا، .الشيخ منوطة، وحبياطته حموطة

تاج امللك يوماوملا مل السلطان طول مدته، واستطالة مكنته، وأنفذ إليه : قال يراقبه يف والبرسالة، ووكل على لفظه بعني من أكابر خواصه، حىت يبالغ يف إبالغها،

علىوكان مضمون الرسالة، أنك استوليت على ملكي، وقسمت ممالكي . أدائهاأتريد أن آمر برفع دواة . الدك وأصهارك واملماليك، فكأنك يل يف امللك شريكأو

من بني يديك، وأخلص الناس من استطالتك؟ فأجاب جواب مثبت رابط الوزارةكأنك اليوم : قولوا للسلطان: (( غري مرتاع وال مرتاب، وقالاللبالقلب، حاضر

وأن دوايت مقترنة بتاجك فمىت . ويف الدولة مقامسكمسامهك، يف امللك عرفت أينفلما مسع جواب الرسالة، ازداد يف غيظه عليه، )). سلبرفعتها رفع، ومىت سلبتها

. امللك من االغتيال جتويزا من السلطان مضمرانظامواستشاطته، وكأن ما جرى على .وأمرا مبيتا مدبرا

فقال ما سلطانال النحاس أبياتا بالفارسية خياطب فيها يلونظم أبو املعا: قال

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٢٤

فلما آل . مرضياكان ملكك من أيب علي وأيب سعد وأيب الرضي بالعلو والسعد : معناهنظام امللك : باألولنيعىن . ايإىل أيب الفضل وأيب املعايل عاد من كسوة مجاهلا عر

تاج : باآلخرين الوزير، وشرف امللك املستويف، وكمال الدولة املشرف املنشئ، وعين زمام، أهل، وجمد امللك، وسديد امللك املنشئ مع أم كانوا أفضل امللك الوزير

ألف عشرورأيت صلة لتاج امللك مخسة : قال. وكان تاج امللك يظهر أنه صائم الدهر .دينار يف أكياسها

مل خيلصوا من أبناء الزمان، ونشبت . خالهلم الرياضية، واخلصال الزكيةومع: قالوقد مجعهم أبو يعلي ابن اهلبارية يف . م ألسنة الشعراء اهلجاء، وعثرتخمالبفيهم : اليت يقول فيهاقصيدته أن يل نفسا هربت ملالو يل أقيم لدى زعانفةما سوء فعلهم مأمت منيل

غرست املدح عندهمولقد عينهم وسيدهمالشيخ

هيتص على عكاجلاثليق الغندور حىت إىلوالناصح

الفتوح أنت تعرفهوأبو الري اخلبيث لهوخليفة الغنائم يف تبظرمهوأبو

فبارد مسجوالزورين أن نور الشمس يف يدهلو

فس ولكن ليس يل نألقى القرون أنوفهم فطسشم حبسن مدائحي عرسوهلمفحنظل ذلك الغرساطعم )١( لعمرك بارد جبسحرف )٢(ه القسار خلفد ويعدو) ٣( كأنه جعسالوزير جنب

دس مثل الكلب ينوسهيل فرط القرب واألنسبالتيس وليس ليومه أمسيعلو

س فيه الربد واليبكاملوت خبله مل تطلع الشمسمن

. أو اللئيماجلبان: اجلبس) ١( .تصغري عصا: صيةوالع. كلمة يونانية معناها رئيس األساقفة: أو اجلثليقليقثاجلا) ٢( . قذرغائط،: جعس) ٣(

٢٢٥ تاريخ دولة آل سلجوق

. . . . . .

. . . . . . صار مال األرض يف يدهقد

أمور امللك أمجعهاهذي مهمت بأن أفارقهمولقد ثناين عن فراقهملكن ذا أروم وأجتديه لقدمن

املسكني ليس لهاملقتدي. . . . . .

وكهرائني شحنتههذا. . . . . .

اع يف وزارتهج شوأبو جهري أرجتي وهمابين أمورهم إذا نفق الطريخأعلى لو ملكوا السماء ملاواهللاقصدهأراهيم باب إبأم كان حمبوسا وكان لهقد

. . . . . .

. . . . . .

. . . . . . . . . . .

وقيمة رأسه فلسعفوا من أجلهم حنسفسعودها

)١( يب عريانة عنسوجتدس قد خسواا بأن النعلمي البالء وأشكل اللبسعم )٢( وال رأي وال جسعقل

. . . .. . خب بارد منسكالكلب

. . . . . . ال بل دونه اخلرسكاخلرس أقرب سوقة غبسباألمس )٣( أو غال الدبسعنهم وال اهتزوا وال اجنسواعرفوا خاب الظن واحلدسهيهات فزال اجلود واحلبسجود

. . . . . .

. . . . . .

.ناقة قوية: عنسعريانة ) ١( .عرفةم: جس) ٢( . صغري ميلح وحيفظمسك: الطريح) ٣(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٢٦

اإلمساعيليةظهور ذكر مجاعةوفارق اجلمهور من بيننا، . وظهرت العجائب. فنابت النوائب: قال

منوكانوا معنا يف املكتب، وأخذوا حظا وافرا . نشأوا على طباعنا، وكالوا بصاعنا الري، وساح يف العامل، وكانت صناعته وكان منهم رجل من أهل. الفقه واألدب

قريبة فخفى أمره، حىت ظهر وقام، فأقام من الفتنة كل قيامة، واستوىل يف مدة الكتابة،وخفيت عن الناس . وبدأ من القتل والفتك بأمور شنيعة. على حصون وقالع منيعة

. بار ودامت حىت استتبت على استتار، بسبب أن مل يكن للدولة أصحاب أخأحواهلم، يف أيام الديلم ومن قبلهم من امللوك، إم مل خيلو جانبا من صاحب خرب الرسموكان حىت وال يف . خيف عندهم أخبار األداين واألقاصي، وحال الطائع والعاصيفلموبريد ألب أرسالن حممد بن داود، ففاوضه نظام امللك يف هذا األمر، السلجقيةالدولة

ىل صاحب خرب، فإن الدنيا ال ختلوا كل بلد فيها من أصدقاء إا بنحاجةفأجابه أنه ال الصديق يف صورة ج نقل إلينا صاحب اخلرب، وكان له غرض، أخرفإذا. لنا وأعداء

فأسقط السلطان هذا الرسم ألجل ما وقع له من . الصديقصورةالعدو، والعدو يف ستوثقت معاقدهم، القوم، وقد استحكمت قواعدهم، وابظهورالوهم، فلم يشعر إال

وكان الواحد منهم يهجم على كثري، . األجلاألكابروخافوا السبل، وأجالوا على . جيد أحد من امللوك يف حفظ نفسه منهم حيلةوملوهو يعلم أنه يقتل فيقتله غيلة،

بالعداوة واملقارعة، ومنهم من عاهدهم جاهرهمفصار الناس فيهم فريقني، وفمنهم من من فتكهم، ومن ساملهم، نسب إىل خاففمن عاداهم، . املوادعةعلى املساملة و

.كهمكهم يف شررش نظام بقتلفأول ما بدأوا . الناس منهم على خطر عظيم من اجلبهتنيوكان

إىل تطرقتوملا كانوا قد جتمعوا من كل صنف، . امللك، مث اتسع اخلرق، وتفاقم الفتق وتعنيوتوفرت على التوقي اهلمم، . السقممجيع أصناف الناس التهم، ودب إىل الربي

وفسادعلى السلطان أن يكاشفهم مدافعا، لئال ينسبه العوام وأهل الدين إىل اإلحلاد بامليل إىل القوم، فبطشوا به كما جرى على ملك كرمان، فإن الرعية اموه . االعتقاد

. ا الذين ولولسالطنيابعض األحوال يف أيام وقتلوه، وأقاموا ملكا آخر مقامه، وسيأيت

٢٢٧ تاريخ دولة آل سلجوق

وملا عرفوا . اختصاصهوما كان سلطان يلي يثق خبواصه وسعى ذوو األغراض يف ذوي لسابق باإلحلادوأحب وصمه . جد السلطان يف إبادة القوم، سعى بعض الناس ببعض

. احليفالتزاموومسه باسم مل ميحه عنه غري السيف، ومل حيد حميدا عن . عداوة وبغضومل يبق لألكابر . الصطحاكات واالصطدامات خلق كثري وجم غفريوبقى يف هذه ا

. دفع ما عرا رأي وال تدبرييف أمري املؤمنني املقتدي بأمر اهللا بعد سنة، وكان يف سنة واحدة موت وتوىف: قال )). شيء هالك إال وجهه كل(( ومجيع أركان الدولة والوزيرالسلطان -رمحه اهللا-بن حامد األصفهاين الكاتب، السعد عماد الدين حممد اإلمام قال

.وقدس روحه نبذ من حوادث وأخبار يف أيام ذكر

أغفلها الوزير أنو شروانملكشاه هـ٤٤٧ولد ملكشاه يف التاسع عشر من مجاد األول سنة : -رمحه اهللا- قال

سنة وأشهر، وكان يعرف ٣٨ وعمره هـ٤٨٥ شوال سنة منوتوىف يف السادس عشر له عن موجب اشتكائه، أ رأي شاكيا باكيا فسأنهومن مجلة عدله . العادلبالسلطان

ألعود برحبها على عيايل، وأعيد منها بدريهماتاشتريت بطيخا : فقال. وسبب بكائهوتركين التركي وهو . عن األخذ علي يدهأضعففأخذها مين من يده قوي . رأس مايل

لسلطان طب نفسا، أو استبدل من الهفقال . يضحك من بلييت، وأنا أبكي من نكده يف أول باكورته وال يكاد يصاب البطيخفهل تعرفه؟ فأنكر معرفته، وكان . الوحشة أنسا

اشتهيت بطيخا فاجتهد يف حتصيله قدالسلطان لبعض خواصه، : فقال. منه شيء يف البلدلما عندي وقد أحضره عبدي، ف: األمراءولو واحدة، فما زال يطلبه حىت قال له بعض

فإنه مملوكي وقد وهبته لك ففدى األمريخذ بيد هذا : علم ملكشاه أحضر املتظلم وقال . إقتاربعدنفسه عنه بثلثمائة دينار، وأثرى صاحب البطيخ

فبلغت إنه كان حصر عدد كل ما اصطاده بيده، :وقيل. للصيد حمباوكانذا اهتمام، وكان بالعمارات . عدته عشرة آالف، فتصدق بعشرة آالف دينار

وأنشأ رباطات يف . وأوثق على املدن أسوارا،فحفر أارا. فيها ذا غراموبالغرامات

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٢٨

ومن مجلة مجيل صنعه يف العمارة، عمارة مصانع طريق مكة . وقناطر للجائزاملفاوز،وخرج سنة من الكوفة لتوديع . ها وتسهيل ما توعر من مسالك قوافلومنازهلا،

وبلغ السبيعة بقرب الواقصة، وبين هنالك منارة، ترك يف العذيب فجاوزاحلجيج، وحوافر احلمر الوحشية اليت اصطادها يف طريقه، واملنارة باقية إىل الظيبأثنائها قرون وكان قد خرج إىل الصيد وعاد يف ثالث شوال، فابتدأت . القرونمبنارةاآلن، تعرف

وعاد امللك . يف سادس عشر الشهر يف أكل حلم الصيد، فتويفإمعانهبه محى حمرقة من وكانت قد جرت بينه وبني اخلليفة يف تلك األيام وحشة . الظهربظهور وفاته منقصم

ومن أسباب الوحشة اقتراحه على اإلمام . عوارضها املنونإىلأساءت الظنون، ونسبت وعدم من جانبه . إىل حيث خيتاره من دمشق أو احلجازبغداداملقتدي انتقاله عن

. فطلب منه املهلة، مث كفى أمره ومل خيف النقلةواإلعزازمام ما جيب من اإلكرام اإل حىت فضايقهاوقد كان قرر فتح أقاليم الدنيا، فجعل األمري برسق للروم : قال

ألف وثالثني. قرر على قسطنطينية له يف كل سنة محل ثلثمائة ألف دينار للسلطان إىل الشام، تتشوسري أخاه تاج الدولة . ر واهلواندينار له جزية يؤديها الرومي بالصغا

وأق سنقر الرها،وقرر معه فتح ديار مصر وبالد املغرب، وأمر مملوكيه بزان، صاحب وأمر . املفترضصاحب حلب، أن يطيعاه على هذا الغرض، ويساعداه على أداء هذا

ا قدم جيشليهاإفسري . سعد الدولة كهرائني بفتح بالد اليمن، واستخالص زبيد وعدن. جمدور سنة وهو ٧٠عليه ترشك، فمضى إليها واستوىل واستعلى، ومات ا وعمره

. املنهاجوجرى يف االستيالء على ذلك . أمري احلاجغوتوىل مكانه يرنقش صاحب قتل جباللةوأوغل ملكشاه يف بالد الترك، حىت أطاعه صاحب طراز، وكانت حلة الدولة

.جالهلا ذات طراز عرض العسكر، وأسقط منه سبعة آالف رجل من األرمن هـ٤٧٣سنة ويف بالترك، فمضوا إىل أخيه تكش بقلعة ونج، فقوى م جانبه، وشق عصاه املتشبهة والشقاق، وما زال السلطان ملكشاه يقصده، فتارة يصاحله وتارة يكافحه، بالعصيان

وض السلطان أمره إىل فف. وقد كان عاهده أن ال يؤذيههـ٤٧٧ به يف سنة ظفرحىت دعا اإلقسيس تاج الدولة تتش بن ألب هـ٤٧١ويف سنة . ومسلهفأخذهولده أمحد

به، خارجا عن خالفه، وخرج إليه من دمشق مسلما، واثقاأرسالن إىل دمشق

٢٢٩ تاريخ دولة آل سلجوق

ودخل إىل البلد . فضرب رقبته صربا، وغادره عاريا بالعراء غدرا. مستسلماوحلكمه يف هذه السنة، استوىل شرف الدولة مسلم بن . مستجدا امللك به وأصبحمستبدا،

عاد السلطان ملكشاه من كرمان إىل هـ٤٧٣ احملرم من سنة ويف. قريش على حلب أول، وخرج إليه ابن عمة سلطان شاه بن قاورد، عامأصفهان وكان قد ورد إليها

هرياط ويف صفر، تسلم مؤيد امللك من امل. يدهوعاهده وعاقده، وأخذ على العهد ليلة األحد عاشر شوال، توىف دبيس بن ويف. تكريت وقلعتها، وأحكمها ووفر عدا

وقام باألمر بعد اء الدولة منصور سنة،علي بن مزيد، وكانت إمارته سبعا وستني مبكنة قوية، وقوة هـ٤٧٤ سنةومضى إىل السلطان، وعاد يف ثاين عشر صفر

.دينار يف كل سنةوقد تقررت عليه أربعون ألف . متمكنة وتوجه، خلع املقتدي على الوزير فخر الدولة ابن جهري هـ٤٧٤ شوال ويف

ليخطب للخليفة من السلطان ابنته، وسار بعده أبو شجاع حممد بن احلسني إىل . فإن نظام امللك كان يكاتب يف إبعاده، وكان اخلليفة راغبا فيه لسدادهاملعسكر،ره بالعود إىل املعهود يف حق أيب شجاع، وأنفذ معه خبطه إىل نظام امللك يأمفكتب يف حرمة وافرة، وحشمة هـ٤٧٥ اخلادم، فعاد إىل بغداد يف رجب سنة خمتصا فخر الدولة ابن جهري، فإنه ملا وصل إىل املعسكر حيل وعظم، الوزيروأما . ظاهرة

: فقالت. ها إىل تركان خاتون، وخاطباها يف معىن الوصلة بابنتمعهومضى نظام امللك قد أرسلوا يف خطبتها، وبذل كل منهم عن ولده هلا اخلانية،ن ملك غزنة وملوك إ

. اخلليفة فإين أختار شرفه وهو أشرف خمتاربذهلافإن . أربعمائة ألف ديناروبني هلا . واجلمال أرسالن خاتون زوجة القائم ما يصري إليها من اجلالل فعرفتها

ومثله ال يقابل اخلليفة،هؤالء عبيد : وقال. يقة احلالالفقيه املشطب جلية احلق وحق الدولة يد فخروأخذ . فحينئذ أجابت وسددت إىل الغرض وأصابت. بطلب املال

مؤيد ورديف مجاد األول . إىل بغدادهـ٤٧٥السلطان على العقد، وعاد يف صفر سنة ل يف أوقات امللك من أصفهان إىل بغداد ونـزل يف داره، وضربت علي بابه الطبو

وعد ذلك من منكرات األحداث وصل بعطاء رضيه، وقطع به . الثالثالصلواتويف شعبان من السنة، جلس مؤيد امللك . احلباء بوضع احلبلوآذنت. ضرب الطبل

وركب إليه فخر الدولة وعميد الدولة، وأقامه فخر الدولة من امللكللعزاء بأخيه مجال

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٣٠

.املوكب ومعه الثالثالعزاء يف اليوم امللك أيب منصور بن نظام امللكمجال ذكر

وخاطبه أبوه . وخنوةكان كبري أوالد نظام امللك، وفيه دهاء وجرأة، وعزة : قال ال مثلي: (( وقاليف أيـام ألب أرسالن أن يوزر لولـده ملكشاه، فأظهر امتناع أيب،

فسمع أن . مستوليا ببلخ متوليا، وعلى تلك املمالك أقام مث ،))يكون وزيرا لصيب وقرر الوزارة البن . والده نظام امللك بأصفهانعلىجعفرك مسخرة السلطان، تكلم

من بلخ، حىت وصل إىل احلضرة، وأخذ السريمنيار، فهاج وتغيظ وثار، وأغذ مث . لسانه، فقضي يف مكانهوإخراججعفرك من بني يدي سلطانه، وتقدم بشق قفاه

توجه مع والده يف خدمة مث. منيار حىت أخذه وسلمهأوقع التدبري يف حق بن يرحتل، ن أراد السلطان أفلما. السلطان إىل خراسان وأقاموا بنيسابور، ودبروا األمور

أنا من كل : فقال. خفيأنا مفض إليك بسر : استدعى بعميد خراسان أيب علي وقال ، بن حسنمنصور رأسك أحب إليك أم رأس أيب: ما تأمرين به على أقوم سنن فقال

. قتلتكتقتلهن مل إ: فقال له. بل رأسي أحب، وأنا ملا تستطبين من دائه أطب: فقال .وصرفتك عن والية احلياة وعزلتك

. نقصاعقله من عنده، ولقي خادما خبدمة مجال امللك خمتصا، وعرف يف فخرجوا ن السلطان قد عزم على أخذ صاحبكم وقتله غدا، والصواب أن تصونإ: فقالفظن السخيف العقل، أن ذلك عن أصل، وجهل النظر ونظر عن . حرمتكم أبدابإبادتهه، وملا انتبه قاع فسم على تشتت آل النظام ذا الولد، فعمد إىل كوز فوخاف. جهل

وطلب الفقاع أتاه بالكوز املسموم، فلما شربه أحس باملوت فاستدعى بالليلصاحبه وكان السلطان قد رحل، . قبل أن تقع عليها عينه إليها، فقضى حنبهليوصيأخته

سبقه، فسار مغذا أربع منازل، حىت حلقه، ودخل إىل الوزير ومل يعلم قدونظام امللك .هب، وأنت أوىل من صرب واحتسبذأنا ولدك واخللف عمن : وقالفعزاهبوفاة ولده إىل ياملقتدسار الشيخ اإلمام أبو إسحق رسوال من هـ٤٧٥ويف سنة : قال

بن الفتحالسلطان بعد أن أوصله اخلليفة إليه، وفاوضه شفاها، وشكا من العميد أيب يف وكانفوصل إىل خراسان، وناظر مع اإلمام أيب املعايل اجلونيي، . أيب الليث سفاها

٢٣١ تاريخ دولة آل سلجوق

صحبته من أكابر تالمذته الشاشي، وابن قنان، والطربي، وكان معه مجال الدولة خ أبو إسحق إىل بغداد، والقلوب إىل حضرته متعطشة، وعاد الشي. اخلادمعفيف

قدس اهللا روحه يف ليلة األحد احلادي والعشرين مث تويف. وحشةت غيبته مسمنوالعيون ورتب مؤيد امللك أبا سعد املتويل مدرسا فلم يرض . هـ٤٧٦ سنة اآلخرمن مجاد

فاتفق . ب الشامل التدريس للشيخ اإلمام أيب نصر الصباغ صاحوجعلنظام امللك به، بوقد لق. معه املتويل فعاد متوليا، ويف رتب السمو متعلياوخرجخروج مؤيد امللك،

يوتوىف يوم اخلميس النصف من شعبان وبق. مدرسالصباغشرف األمة وأبو نصر .هـ٤٧٨ سنة شوال يف املتويل مدرسا إىل أن تويف

اخلليفة، من مبكتوب خرج إليههـ٤٧٦ عميد الدولة يف صفر سنة وعزل حىتواجتمع يارق احلاجب والشحنة والعميد وأصحاب مؤيد امللك على باب عمورية

وساروا إىل املعسكر، وحصلوا . خرج بنو جهري بأهلهم وحواشيهم، وكهلهم وناشيهمفإن السلطان عقد على فخر الدولة بن جهري ديار بكر، وخلع . املنصب األظهرعلى

. وآذن له يف اخلطبة لنفسه، ويف السكة بامسه الكوس والعلم،وأعطاهعليه كسب صاحب حلوان مع أ أرلق بن هـ٤٧٧ أنفذ السلطان يف سنة مث مروانوكان ابن . دداددا وع وتقوى م ع إىل فخر الدولة مددا، وتويفالتركمان بكر، قد استنجد شرف الدولة مسلم بن قريش، وأعطاه يده على أن ديارصاحب

حيل بالعرب أن أكره: ((وقصد بن جهري الصلح وقال. وأيدهأمدهيعطيه آمد إذا وركبوا ليال، وأحاطوا . ما رآه، فخالفوا هواهالتركمان وعلم)) مكروه وأنا سببه

ومل حيضر تلك الوقعة بن . يف كل واد وناد وسلبوالبواوطبالعرب فهربوا، ورهبوا حقن دماء العرب واستوىل على األمري جبق، ونارهارتق، وإمنا اصطلى جهري وال أ

وأجلئ شرف الدولة مسلم إىل فصيل . أمواهلممجيع مجاهلم، وعامت أيدي العامة يف الدولة بن جهري األمري أرتق بأن فخرووصى . آمد، فعزت احليلة، وأعوزت الوسيلة

اليد فتحنا للسلطان البالد، يفإذا حصل شرف الدولة : يأخذ عليه الطريق، وقال ليفرج عنه فمال إىل ماالفبذل شرف الدولة لألمري أرتق . لطراف والتالدينا اووح

فسار إىل الرقة، مسلماملال، وأظهر الغضب عن حتكم فخر الدولة، ونفس عن خناق األمراء ومعهوذلك يف حادي عشر شهر ربيع األول، وقصد فخر الدولة ميافارقني

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٣٢

عسكرز، وترشك، ومخارتاش، يف ياآاألكابر سيف الدولة صدقة بن اء الدولة، و .وملا قصد خالط، رجع هؤالء عنه إىل العراق. كهرائني أيب العميد خرجت دياربكر عن نظره، وسلمها السلطان إىل هـ٤٧٩ سنة ويف

وعد ما املشقة،فأما شرف الدولة فإنه ملا وصل إىل الرقة، أمحد عاقبة . البلخييعلومل يشك . املقالجنز الوعد، وأرسل املال، وصدق بذله ألرتق من احلقوق املستحقة، فأ

فخلع . نقضقدالسلطان ملا مني إليه اخلرب، أن شرف الدولة قد قبض، وأن مربم أمره معه وأنفذ. على عميد الدولة بن جهري وأنفذه إىل واليته، وكانت التركمان بطاعته

رتقأه األمري واتصل ب. سنقر قبل أن يصري صاحب حلب وسار يف صحبته األمري آقوتوجه . ووصل إىل املوصل فأطاعه أهلها، وتسهل له وعرها وسهلها. وصار يف مجلته

فلما علم سالمته . ى جيشو إىل بالد مسلم بن قريش يف أقوى جأش وأقالسلطان باملكر قد فاته، أرسل إليه مؤيد امللك بن نظام امللك ووثقه باألميان وآمنه وأنهوجناته، فأحلى له جنا اجلناب املريع وأسامه يف . م به السلطان وهو بالبوازيج وقدباملواثيق،

واستقرض ما خدم به . وكانت أحواله قد ذهبت، وأمواله قد بت. املراد البهيجمراد وسبق ، خيله وفيها بشار، وكان فرسا سابقا مذكورا، وهو الذي جنا به يوم آمدوقدمفأجراه مع اخليل يف . على مسابقته وراهن السلطان شرف الدولة اخلندق،ب ثوو

وملا طلع صبح غرته من ظالم قتامه، قام السلطان لإلعجاب به سابقاحلبته، فجاء فإنه . جترع شرف الدولة كأس احلمامهـ٤٧٨ة نويف صفر س. إلكرامهوأظهر أنه

.احلمامفتك به خادم له يف اخلليفة بعد ديوان وكان املظفر أبو الفتح ابن رئيس الرؤساء، قد رتب يف: قال

بنابن جهري، واستقل بكل ترتيب وتدبري، إىل أن وزر أبو شجاع حممد اخروج ألمري املؤمنني، وخلع عليه خلعة الوزارة، ولقبه ظهري الدين هـ٤٧٩احلسني يف سنة

وخرج يف حقه توقيع من إنشاء أيب سعد . الدولة سيد الوزراء صفي أمري املؤمننيمؤيد ووصل عماد الدولة سرهنك ساوتكني إىل واسط ومنها إىل النيل يف املوصاليا،بن

وزار املشهدين الشريفني، وأطلق ما لألشراف ماال جزيال، وأسقط رمضان،شهر . وحفر العلقمي وكان خرابا من دهراحلاج،خفارة

األربعاء ليلة بغداد وتلقاه الوزير أبو شجاع، ووصل إىل حضرة اخلليفة وقدم

٢٣٣ تاريخ دولة آل سلجوق

إىل لوقتهوكان قد علق به السل، فسار . احلجة، وخلع عليه، وأحسن إليهثامن ذي وكان قد توجه مجال الدولة عفيف إىل أصفهان . هـ٤٧٧ ا يف سنة أصفهان وتويف

أيب إمتام العقد للخليفة على بنت السلطان، فعاد إىل بغداد، فخلع اخلليفة على ابن يف. ربيب الدولة، وأخرجه إىل استقبال عفيفشجاع وسنه يومئذ اثنتا عشرة سنة، ولقبه

ا يف الشجاعة، شجاعا يف اجلرأة، أهال حملمود أبو شجاع يف وزارته، جريئواستمر. الصغارار، وأداء اجلزية على وجه يوألزم أكابرهم بلبس الغ. ا ألهل الذمة ذامالذمام،

ملا كان على ا ضحىت أسلم الرئيس أبو غالب بن األصباغي غرية من الغيار، ونفبن اوأسلم الرئيسان أبو سعد بن العال . أحواله مبوضع النصرانية من الغبارصفحات صاحب ن بن وهب بن املوصاليا صاحب ديوان اإلنشاء، وابن أخيه أبو نصر باحلسنوثقلت وطأة . هـ٤٨٤ يف رتبته يف السماء، وذلك يف رابع عشر من صفر وكاناخلرب

بري، وترك احملاباة يف الدين، ووافق ذلك وصول كتاب من والكالصغريالوزير، على فخرج التوقيع بصرفه يف تاسع عشر . ضجر اخلليفة من فعلهووقوعالسلطان يف عزله،

:صفر، فانصرف وهو ينشد وليس له صديقوفارقها وليس له عدوتوالها

وم عزله يثاينفخرج . وكانت أيامه أنضر األيام، وأعوامه أحسن األعوام: قالوانثال الناس . واعتبارهيوم اجلمعة ماشيا إىل اجلامع من داره، يف زي شاهد باستبصاره

مث سافر يف . أعذارهعليه يصافحونه، فأنكر ذلك عليه وألزم داره، وضيق اخلليفة شهر مجاد اآلخر مناملوسم إىل احلج وتوىف باملدينة على ساكنيها السالم، يف النصف

.هـ٤٣٧ بكنكور سنة مولده بالبقيع عند قرب إبراهيم عليه السالم، وكان ، فدفنهـ٤٨٨سنة وكان كبري . الديوان عزل أبو شجاع، توىل أبو سعد بن املوصاليا النظر يف وملا

ناب عن أن وعاش إىل هـ٤٣٠الشأن كثري اإلحسان، توىل ديوان اإلنشاء بعد سنة يف السابع جهريبن ارة إىل عميد الدولة الوزارة املقتدية واملستظهرية، مث أعيدت الوزا

امللك، وكان السلطان ببغداد، فركب نظام هـ٤٨٤والعشرين من ذي القعدة سنة ويف . إقبالهوتاج امللك وأكابر األمراء إىل دار عميد الدولة إلجالله، والتنويه مبنصب

اآلخرويف مجاد . درس أبو بكر الشاشي يف التاجية ثالث عشر احملرمهـ٤٨٢سنة

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٣٤

قدم هـ ٤٨٣ويف حمرم سنة . توىف أبو القاسم الشريف الدبوسي مدرس النظاميةمث وصل بعده . عبد اهللا الطربي مبنشور نظام امللك متوليا للتدريس بالنظاميةأبوالشيخ أبو حممد عبد الوهاب الشريازي للتدريس بالنظامية أيضا، وتقرر أن يدرس هو القاضي، قدم الشيخ أبو حامد الغزايل إىل بغداد هـ٤٨٤ سنة ويف. والطربي يومايوما

وأشرقت . النظامية، وكان يف العلم حبرا زاخرا، وبدرا زاهرااملدرسةللتدريس يف . واملغربني، ومألت حقائب امللوين، وثقلت غوراب الثقلنياملشرقنيغرائبه يف

السلطان ملكشاه إىل بغداددخول ذكر، هـ٤٧٩نه دخل بغداد يف رابع ذي احلجة سنة يف النوبة األوىل، فإفأما

وركب يف اليوم . حق إعظامه وإجاللهةوالوزير أبو شجاع خرج الستقباله، وتوفي واديا،، وأنفذ إليه اخلليفة أفراسا وألطافا، وتصافيا ةاألكرب إىل احللبة، ولعب الثالث

أحواهلافحها، ورم ومضى نظام امللك إىل املدرسة وإىل دار الكتب ا، وقلبها وتص سنة احملرمويف سابع عشر . وعاد إىل دار ولده مؤيد امللك، فأقام ا ليلتني. وأصلحها استدعى اخلليفة السلطان إىل حضرته على لسان ظفر اخلادم فبشر وجهه هـ٤٨٠ مراكب اخلليفة، ن ونـزل يف الطيارة فلما وصل إىل باب الغربة قدم إليه فرس موسفرمث . وأمره اخلليفة باجللوس فامتنع، وتواضع حىت ارتفع. ىل السدة الشريفة إانتهىحىت . جلس، وزاد يف إيناسه فأنس عليه حىتأقسم

هذا أمري لألمري يزل نظام امللك يأيت بأمري أمري إىل جتاه السدة، ويقول وملاليته كذا وووعسكرهويقول للخليفة هذا فالن، . املؤمنني، ليعفر بتقبيل األرض اجلبني

القبلة استقبلفإنه . كذا وكانوا فوق األربعني، وكان فيهم آيتكني خال السلطان وعليه السلطانوعاد . سح وجهه للتربك بأركان الدار من اجلانبنيموصلى ركعتني و

فمثل بني . األنواراخللع السبع والطوق والسوار، وقد ظهرت عليه من آثار اجلاللة ني، ف بسيفقلدها خادمه رض مرات وأمر اخلليفة خمتصيدي السدة الشريفة، وقبل األ

الدين سيدنا أمري املؤمنني الذي اصطفاه اهللا لعز جالل يا: (( وقال الوزير أبو شجاع أوقع د واسترعاه لألمة، واستخلفه للدين وامللة، وقة،مماإلااخلالفة، واجتباه لشرف وقلدك سيفني لتكون قويا . الصنيعة عندك موضعهاواصطفىالوديعة عندك موقعها،

٢٣٥ تاريخ دولة آل سلجوق

وال تألو يف مصلحة الرعية مقامـا، وال . رقاموتذلعلى أعداء اهللا جتوس بالدهم عليك اخلريات من جوانبها، وتـدر الربكات تقبلفبطاعته، . تدخر عنها اهتماما

فسأل يف . فلم جيب اخلليفة إىل تقبيلهااخلليفةوسأل السلطان يف تقبيل يد . بسحائبها )).يل خامته لترفيهها وتبجيلها تقب

من الثانيةوأما النوبة . ويف النصف من صفر خرج من بغداد إىل خراسان: قال، هـ٤٨٤دخوله إىل بغداد، فإنه دخل إليها يف الثامن والعشرين من شهر رمضان سنة

بنوبرز أمني الدولة . ومعه نظام امللك، وتاج امللك، وأكابر مملكته، وأرباب دولتهوخرج السلطان منها . وصاليا الستقباله، وخرج خروج الوزير يف مجيع أحوالهامل

، بعد أن سري قسيم الدولة آق سنقر إىل هـ٤٨٥ خوزستان يف صفر سنة إىلومضى وأما النوبة الثالثة، فإنه دخلها يف الرابع . ها وحران إىل الربوزانحلب، واألمري قتله نظام امللك، ومعه تاج امللك، بعد هـ٤٨٥ رمضان سنة شهروالعشرين من . يف شوالا وكانت وفاته

حـــــوادث ذكر توىف هـ٤٧٨يف ليلة السبت السادس والعشرين من شهر رجب سنة : قال، ودخل هـ٣٩٨ القضاة أبو عبد اهللا حممد بن علي الدامغاين، ومولده سنة قاضي

ن احلموي الشامي قضاء ووىل القاضي أبو بكر املظفر بن بكرا. هـ٤١٩بغداد سنة ومولده هـ٤٨٣ أبو نصر حممد بن جهري باملوصل يف سنة الدولةوتويف فخر . بغداد

.هـ٣٩٨ا سنة كتابعاد احلديث إىل تعريب : -رمحه اهللا- اإلمام عماد الدين قـال .أنوشروان

السلطان أيب املظفروالية حال ذكر ملكشاه برهان أمري املؤمننيبن بركيارق

وسنجر،بركيارق، وحممد، : كان للسلطان ملكشاه أربعة بنني وهم:قال ألن أمه تركان خاتون كانت ؛وكان حممود طفال فبايعوه على السلطنة. وحممودوألن األمراء والوزراء كانوا من . فلما درج، بقي حبكمها. يف أيام ملكشاهمستولية

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٣٦

. ابنها من أوالد امللوك ففضلوا فاختاروا ولدها، وألن اخلاتون املذكورة كانتصنائعهاعلى أن بركيارق كانت أمه سلجقية، ولكن مل يكن من بين السلطان ببغداد حاضرا

ولدها الطفل، فبايعوه، وساروا إىل أصفهان وأجلسوه على سرير امللك، وأخرجوا إال .رقوها بأمر خاتونفف. العتيدة، والذخائر الطارفة والتليدةاألموالتلك

وزيرا كانأول العهد، فتك بتاج امللك مماليك نظام امللك، فإنه ويف : قالوملا مسع مماليك نظام امللك أن خاتون وولدها قد قصدا أصفهان . خلاتون وولدها

بربكيارق منها إىل الري، وشرعوا يف مجع العساكر عليه، ومحلهم على ذلك خرجواويف . نسبون إليه قتل نظام امللك الذي يف قلوم من تاج امللك، وكانوا يالقدميدخلهم مث جاء . هذا األمر، توىل املستظهر باهللا اخلالفة، وأخذوا منه بيعة حممودمبادئ

فإن . إىل أصفهان حماصرا، ومل يكن معه أحد من أرباب الدولة حاضرابركيارقوملا . أبناء الدهر غري معروفنيمن حمصورين، واجتمعت عليه مجاعة كانوااألكابر وجهها للسفر، سفر على قصدها، أنه -خاتون زبيدة وامسها- بأصفهان والدته مسعت

سنة، ومت تنقضومات حممود وماتت والدته، ومل . وخفر ما كانت فيه من ذمام اخلفر .امللك لربكيارق

امللك أيب عبد اهللا احلسني بن نظام امللكعز وزارةا من الكفاية، قريبا بعيد. رادبيال يصيب رأيا وال حيسن ت. مرياريبا خ شكان: قال

امللك،فلما زاد اختالل . خاليا من املعاين، معروفا بالقصور والعجز والتواين. الغوايةإىل . وعززوهبعدم نظام امللك، ظنوا أنه يرجع إىل نظامه بأحد أوالده، فاستوزروه ووقروه

إليهلرحيم، فجعلوا وكان له أخ صغري امسه عبد ا. أمحد اهللا وأشكره: وكانت عالمته اخلطمنصب الطغراء، وقالوا إن هذا املنصب ال حيتاج إىل فضل، وليس إال جمرد ذلك

ايمربمي وزير كمشتكني الذي كان قدميا ستاذ علي بن أيب علي القألوكان ا. القوسي امللكفحني ويل السلطنة نفذ أمره، ومضى حكمه، حىت كأنه يف . ابكهتلربكيارق وأ

شنيعة أموروىل األستاذ علي ديوان االستيفاء، وجرت بإيالة هؤالء يف الدولة وت. شاركه كان يرجع فإنهوأحوال فظيعة، ولو متشي أمر من األمور فإمنا كان بكفاية األستاذ علي،

٢٣٧ تاريخ دولة آل سلجوق

كاألصنام ال يضرون وال ينفعونوالباقون. )١(إىل نظر لوذعي، ورأي وري . املنكر،كمشتكني اجلاندار على السلطان قد خلعت عذارها، ووافقت وأم

والوزيرومعاقرة املسكر، والسلطان مشغول باللعب والعشرة، مع عدة من الصبيان، واختارواووصلوا إىل بغداد . أيضا منهمك يف الشرب مع األخدان، واملساخر واان

ن موكان. وصار األمر مهمال، والعدل مغفال. املقام فيها، وأهلتهم مغانيها وغوانيها حفظ يفأكابر األمراء يف ثغور مصر والشام أمريان كبريان يف اجلاه والقدر، كافيان

امللكفتابعا الكتب والرسل إىل السلطان، خبروج عمه . الثغر؛ ومها آق سنقر وبزانفما قرأ . تتش بن ألب أرسالن، وأنه قد خرج من دمشق، وقد حشد مجوع التركمان

ووقعا يف ورطة الشر، وظنا أما يقومان تتش يف رده كتابا حىت يئس األمريان، هلماوتوجه تتش . قصده، فوقعا يف طريقه، حىت حصال يف قبضته، وقتال بسيف سياستهعن

ومهذان وقم وجرباذقان، وأمراء الدولة الربكيارقية، كل متهم يف بلده الريحنو آليب أحد فضالء ومما قاله أبو منصور ا: قال. فيه من القصف والعزفهومشغول مبا

: يف قتل األمريين ما معناهبالفارسيةالعصر غرقنا يف الشرب والسكر حىتقد ظفرنا بالبيدق الفرد يف الدستما

نفكر يف سنقر وبزانمل قد أسلم الرحانولكن

طلبوا إصالح حاهلم وتركوا بركيارق، واتصلوا بعمه، ووقع هو إىل واألجناد: قالفمنهم من . بقايا الدولة اخلاتونية مجاعة أقوياء، فحبسوهم وأتعبوهم ا منوكانأصفهان

وكانت خراسان أيضا مضطربة، : قال. اعتقاله، ومنهم من فجع دون نفسه مبالهيفمات بوري برس وأرغو، مقارعات، هرب منها مؤيد امللك : ولدي ألب أرسالنبنيوكانت

فرأوه أهال للوزارة يف ذلك الوقت، فخلعا بن نظام امللك إىل أصفهان،اهللاأبو بكر عبيد وكان مصرفا للسيف والقلم، عارفا . للوزارة، وعاد به امللك إىل النضارةتامةعليه خلعة

. والعجمالعرببلغيت

.رأي صائب: وريرأي ) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٣٨

بني العوايل واملعايلله شرفن فما يبايلمقامات

بني املهندة الذكوروما على جواد أم سريرأمات

يف النظم بليغا منه، وكان أوحد العصر، ىام امللك أكف يكن يف أوالد نظوملوكانت . املنشورةفتقدم ونظم تلك األمور املنثورة، وطوى تلك السيئات . والنثر

د امللك أيب الفضل وقالفتوجه إىل مصاف تتش، ". احلمد هللا على النعمعالمته"اتال إنا هاهنا أنت وربك فقذهبا"فأجابه ". وصاحبينقم"وهو منـزو بأصفهان

يف املعركة، وتوحد بركيارق باململكة وقتلفلما ضرب املصاف، كسر تتش ". قاعدون .واستربك بالوزير

٤٨٨كنت معه يف املصاف، وذلك يف سابع عشر صفر سنة : أنوشروانقال عشر فرسخا من الري فوصل مؤيد امللك إىل ىيعند قرية يقال هلا داشلو، على اث هـ

كل: "وقال له. عركة، وهنأه بالفتح، فابتسم سرورا مبا آتاه اهللا من املنح يف املالسلطان وكانت. الناس من أنه معزول، وأنه وزير مقبولفأمن" هذا بربكتك ومين نقيبتك امللكوملا وصلوا إىل الري بعد الوقعة، بادر جمد . هـ٤٨٧وزارته يف ذي احلجة سنة

ومتكنل قلب والدة السلطان يف مبدأ األمر، أبو الفضل إىل الري من أصفهان، واستما وحيداوبقي مؤيد امللك . عمىمل وأ املستويف، فسيمن الدولة وقبض على األستاذ عل فخر أخوهوكان ". الثور األبيضلك يوم أتلكأ"يتوقع البالء ويتعرض، ويتمثل

فأطعمه الوزارة،ىل امللك أبو الفتح املظفر أكرب سنا منه، وهو حينئذ بالري متعطش إ ورتب وحبس،واعتقل مؤيد امللك . جمد امللك يف موضع أخيه، وساعده على توليه

.جلسفخر امللك يف الدست وأ ؛ مؤيد امللكعلى كانت والدة السلطان صاحبة العناية مبجد امللك، أعانت وملا

جمد امللك واستقل. فكتب من احلبس إليها أبياتا بالفارسية يستعطفها ويتضرع إليها أيضا خاليا وكان. فخر امللك صورة بال معىنيباالستيفاء، وغلب على الوزارة، وبق

جمدوهو أسري تصرفات . ا لكل شيء غري النسبوعالم. من الكفاية والفضل واألدب على هللا احلمد: " امللك، وتابع رأيه، وليس له من رسوم الوزارة إال عالمته وهي

:لك فيه بيتني بالفارسية عرما عماد الدين ومهاوقال مؤيد امل". نعمائه

٢٣٩ تاريخ دولة آل سلجوق

ئمرا أقول عنماذا مناقب والديعادت

املعاير واملعايبمجع شؤم منصبه مثالبمن

الكرباء، بعضوخلص مؤيد امللك من االعتقال وأقام مدة مديدة يف محاية : قالاوند، وتارة يف مشكان، مظهر سرير امللك قصدنه إ مث ،ا انقطاعه إىل العبادةتارة يف

حمالة الوأنه . إدبار بركيارق غالبىقبال حممد علإ أن ىاحملمدي يف جنـزة، ورأ امللك، حممد طلب السلطنة، فقواها مؤيد سوكان يف نف. البثرث أو امللك أخيه و

يفوحقق رجاءها فيها، فقبله امللك حممد، واصطفاه واستأمنه خللواته، واستشاره وقلب مؤيد امللك . سلم إليه وزارته وشغف بقربه، وأسكنه صميم قلبهمث. عزماتهومل يزل يقرب على . باالنتقام، ورأيه معمل يف تسديد مرامي ذلك املرامموكل

وجييب إليه اجلسد ويبغض إليه اللهب، . لني عنده الشديد البعيد، ويحممدالسلطان . إرادتهساكنحىت حرك إليه أصفهان برذمة قليلة، وبلغ به يف مدة يسرية إىل دار امللك أران به يف شمن وسار

واستمال إليه العساكر، واستفاد إىل جته . سروره، واجتاب حبري حبورهسرير ا أفتبوومين باالغتراب . وأجلأ بركيارق من األوساط إىل األطراف. والنواظراألمساعوجته

قلعة الري، مث سعى مؤيد امللك يف وقبض على اخلاتون زبيدة وحبست يف. واالعتسافوأما جمد امللك، فإم أفسدوا عليه . حدقتأ فخنقت، وأحاطت به أوزار قتلها وخنقها بني اجلمهور فبضعوا. )٢( غرته بطلبوأغروها . مبضرته )١(روها ض العساكر وأقلوب

سنة ومخسون، وله إحدى هـ٤٩٢وذلك يف سنة . هئه، ووزعوا أشالئبسيوفهم أعضامدميا . الزكاةكان رجال مواظبا على اخلريات والصيام والقيام، وإقامة الصالة، وإيتاء و

.ومل خيط إىل مضرة أحد بقدم. مل يسع قط يف دم. للصالة والصدقات

.أغروها: أضروها) ١( .غفلته: غرته) ٢(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٤٠

أيب شجاع حممد بن ملكشاهالسلطان خروج ذكر املؤمنني من جنـزة وأرن إىل الري وأصفهانأمري قسيم

. النقيبةميمون. حمققا للرجاء فيه مصدقا. مؤيدا موفقاكان هذا السلطان: قال سياسة اململكة يفحيب االقتداء بآثار جده ألب أرسالن . حمافظا على تقواه مع الشبيبة

أبيه وجده، ملكفلما جلس على سرير . وكان وقورا مهيبا، أريبا لبيبا. وعلو اهلمة ونظم ،)٢(ا منحلة، ضم النشر خمتلة، وعقودهأخيه )١(ووجد قواعد الدولة بإيالة

. الوزارةوأعاد مؤيد امللك إىل منصب أبيه يف . وأحكم القواعد، وأبرم املعاقد. املنتشر وتدبريفالبس هذا الصدر األمور بصدر واسع، ورأى رائع، . ومأل بسناه أفق السيادة

يوبق .وزالت نوبة نبوا. فاستقلت الدولة باجتهاده عن كبوا. أمشل السداد جامعوحاز مال جمد امللك، . سنني وقد انتقم من خصومه بأخذ الثأر، وشفاء غلل األوتار

. رمه، وعثرت قدمه يف ظلمة ظلمهحيفال جرم عاد مرنا . يف قتل زبيدة خاتونوسعى بركيارق يف مصاف جرى بني األخوين على حد مهذان، وأحضره عسكروأسره

للقتل عينيه، وهو قد رفع صوته بكلمة كتافا، وعصبوأوثقهبركيارق بني يديه وكان . فضرب بركيارق بيده عنقه. وال خور وال فزعجزع،الشهادة، ومل يظهر منه

. ريفأعدم مثل ذلك الشخص العدمي النظ. أوبقهدمهاقصد والدة السلطان والسعي يف وهيهات أن يلد الزمان مثله يف دهائه. الوزيروأعنق ذلك الوزر يف حز عنق ذلك

. وحيائه ولطفه وظرفه، ولينه وعطفههأيور )٣(وزكائه وزارة بركيارق إىل األستاذ عبد اجلليل الدهستاين، ومل يكن له أثر وآلت: قال

بل تفاقم شره إىل أن خرج أمالك الناس يف اإلقطاع، . يف الكفاية مشهوديومحممود، وال على باب ، فإنه بقر بطنه باطينومل تطل أيامه. مستطيل اليد طويل الباعالظلموكان يف

.الوالية: اإليالة) ١( .تفرقون املالقوم: النشر) ٢( .الطيبة: الزكاء) ٣(

٢٤١ تاريخ دولة آل سلجوق

وبعني الرعاية . وبقيت حقوق مؤيد امللك عند السلطان حممد حمفوظة: قال. أصفهانفواله وزارة . فاعتقد أن نصري امللك ولده النجيب وأنه إذا واله قضى حق أبيه. ملحوظة

. ال حتدازيه خمومعايبه ال تعد، و. وم من شؤمهبوكان يأنف الكلب من لؤمه، وال. بنيهوقد. له أن يشتغل بعلم األوائل، فبلغ منه إىل حد التعطيل، ووقف عند حمار الدليلوعن

وبطل بعد مؤيد . الزير اخلنـزير. الوزير )١(صنف أبو طاهر اخلاتوين فيه كتابا مساه تنـزيرواستمرت سنني بني حممد . التقطيبوظهر على وجوه األيام . امللك ذلك الترتيب

.ومتت خمافات وآفات. صافاتوبركيارق م .)٢( ملمه مؤملوكنت قد فجعت مبصرع مؤيد امللك، وأثر يف قليب : أنوشروانقال. حىت حصلت بالبصرة، فأقمت ا مدة ثالث سنني. ه عن املقام مقيم مهوأزعجين

لتهم الشيخ اإلمام أبو حممد القاسم بن علي احلريري صادقني، من مجخواناإوصادفت . ، يوافقين يف اجلد واهلزل طائعا، فينظر من عيين ويسمع من مسعياماتاملقصاحب اليت أقمت فيها بالبصرة، درج بركيارق، وكانت وفاته بالسل والبواسري املدةويف هذه وبلغ من العمر مخسا وعشرين سنة، ووقع عليه هـ٤٩٨ ربيع اآلخر سنة يفبريوجرد

ن احلروب واختالف األمور ما مل يقاسه مى عشرة سنة وقاساثنتااسم السلطنة وله .وتصرف بيده زمام الزمان. حممد، ودان له املشرقانأخوهأحد، فتفرد بالسلطنة

اخلواص بعضفجاءين يوما توقيع سلطاين على يد أمري من : أنوشروانقال أيب امللكفاستدعاين واستدناين، فوصلت إىل بغداد والسلطان حممد ا يف وزارة سعد

وهداية،اسن سعد بن حممد اآليب، وكان وزيرا سعيدا حسن الطريقة، ذا هدو احمل. الشيطانيةائرة الفتنة ثفجمع العساكر على الطاعة السلطانية، وأطفأ . ورأي وكفاية صار بركيارق ياز مقدم العسكر الربكيارقي، فلما تويفآسفهسالر ألوكان األمري ا

امللك سعدفاهتم . ورد ملكه به إىل قواعده.أتابك ولده ملكشاه، فقام مقام والدهوأخذوا ملكشاه بن . فلما مكن من نفسه قتلوه. باستمالته، وحلف على سالمته

وكانت . ، فزال الشغب وسكنت الدمهاءهـ٤٩٩وذلك يف سنة . فسملوهبركيارق

.من تنـزر مبعىن أخذ القليل التافه: التنـزير) ١( . ينـزل باإلنسان من مصائبما: امللم) ٢(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٤٢

. يف هذه احليل اليد البيضاءامللكللوزير سعد يف والية الوزيروما دام هذا . نأصفهاوسرت يف اخلدمة ملا ساروا إىل : قال

هللا على نعمه احلمد: " وكانت عالمته. وآراء سديدةةالسلطان ظهرت له آثار محيدوكانت . راياتشاهدزوكانت له يف الباطنية نكايات، ورفعت له يف فتح قلعة ".

أمحد وقد حتصن ا . األفالكوتناظر ،)١( ءة على جبل أصفهان تناصي السماعقلعة منيفسما . أصفهان وضياعها ببليته وبليت. بن امللك بن عطاش طاغية الباطنية يف طائفتها

ر يف استنـزال بود. وتلطف يف افتتاحهاهلا سعد امللك بالرأي الصائب والعزم الثاقب وبدلوه . القنـزلوه من معقل إىل عأف. واقتراحهامن فيها على إيثار امللة اإلسالمية

. ووضع اهلناء فيها مواضع النقب. بالتربالقلعة وألصقوا خد تلك .آجاال من آمال خربتوكانت قد . افتتح قلعة خان لنجان، وهي أيضا بقرب أصفهانوكذلك

اهللاوكانت بأصفهان رئيس يقال له عبد . تلك الوالية مبا ألهلها فيها من النكايةل، من أنواع العلوم ي وهو حاكمها واملستويل علي رئاستها، وهو رجل جاهـطيباخل

ومل يكن له سوى . يبدي تنمسا بإظهار زهد وورع حمال على حمالحمتال،خال . وكان لقاؤه األمي مقبوال، وكالمه السمي معسوال. حلية كثةوفخامةضخامة جثة،

وطلب من السلطان . خائفا، مبعرفة الوزير بباطن شره عارفاالوزيروكان من هذا ومت نفاق نفاقه وبرز هالل . وروج لديه سوق تلبيسه. بتنميسه فيها السلطان خلوة غر

من مناصيبه على سعد امللك أنه حقق يف اعتقاد السلطان أنه وجرى. حماله من حماقهإال أن فيه عيبا واحدا وهو أنه إىل الباطنية مائل . املوافقصديقه الصادق ورفيقه

من قلبه، واملبالغة يف نصحه إشفاقا يف إزالة هذا االعتقادجمتهدوإنه . ومبذهبهم قائلواعتقد السلطان صدق . فساد مثله مع فضله ونبلهي فإنه يعز علحبه،على ما أجد من

. من الغرض، حاليا للنصح املفترضابخال، وحسبه يبـيقول اخلط. )٢(سولهمن وأسف على ما فاته إليه . ه من قبولهس أغفل مدة وعاد إليه وآمثالسلطان يف تأجيل أمره، ألجل ما عنده من مودته وأن ال يعجل يف يشفع إىل وصار

. شاهقاتعلو علوا: ءالسماتناصي ) ١( .سؤله: سوله) ٢(

٢٤٣ تاريخ دولة آل سلجوق

وقد وضع من خواص السلطان صبيانا على الوقوع يف الوزير، وأنه باطين . عقوبتهوملا قيد رتب مجاعة من األوغاد شنعوا على . يزل به حىت أوقعه يف احلبسومل. الضمري منهم هو ملحد كلوقال . اضي حاضر دار السلطان يف جممع من األمراء والقيفالوزير )١( بالسلطان حىت صلب الوزير مع عدة من أكابر ديوانه ببهت زالواوما . وكافرفعاد . وذكر ملا أطلع الوزير على مكيدة خصمه، دبر يف مكيدة عليه. وتانهعدوهوذلك أنه كان عارفا مبكاتبات كانت بني . وباهلا وآل إىل إهالكه مآهلاالوزيرعلى

وكان مطلعا . ورئيس الباطنية أمحد بن عبد امللك بن عطاش يف مبادئ أمرهاخلطيبـي: فأراد أن يستدعي بعض تلك املكاتبات خبط اخلطيبـي، ويقول للسلطان. سرهعلى

وأرسل يف . حجة قويل وبرهانه مبا هو مذهبه وشأنه، وخطه هذا رماينهذا الرجل فظفر. ومل يوصه باالحتراز. طه توقيعا باجلوازخبثقافة يف هذا املهم من كتب على يده

فوجدوا. )٢(معة ومنع املرية عنها والط. بالرسول من كان مرتبا حلفظ طريق القلعةخط الوزير معه باجلواز، فأخذوا اخلط، وكان من أعظم أسباب ذلك اخلطب، وذلك

. لتلف عرضهمث عرضه عليه فصرح له أن كتابه ل. السلطان حفظ خطه إىل أن قبضهأنولو قال ملا مسع . كتابه مل يعد جوابه، وما نبس بكلمة وال فاه ببنت شفةأوتىفلما وكان من أمره ما كان ولقى الرمحن ولقد كان رجال . لدفع عذره ومنعاعتذرولو

آلالت الوزراة وأسباا، الئقا بقلم السيادة اجامع. )٣( كرمي اخليم األدميخريا نقي .ودواا

ومل يكن هندو، وكان املستويف يف وزارته للسلطان زين امللك أبو سعد بن :قال األموالوأخذ . وأمر وأمرج. وملا توىل خرج واستخرج. له أصل ثابت وال فرع نابت وأخذوملا انقضى أمر سعد امللك، رفعت عليه رفائع، . جزافا وأسرف فيها إسرافا

. أموره، وبقي يف احلبس سنتني واستصفيت أمواله وبت دوره، وختبطت وحبس،وكان صاحب ديوان اإلنشاء يف وزارة سعد امللك نصري امللك . املهنيالعذابولقى

. على الناس بالكذباالفتراء: البهت) ١( . اجلنودرزق: الطمعة) ٢( . والسجيةالطيعة: اخليم) ٣(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٤٤

امللك، وكان مع جهله وعدم فضله، للديوان به أة وجاللة وحلية مؤيدحممد بن . ا بكمدها مهجورا مهجو منشوءيوبق. ومل يأخذ أحد بيدهقدمهفزلت به . وحالة

سعد امللك أمريي القزويين املعروف بالزكي ذو وزارةدار السلطان يف يلوكان وك من أيب مسلم رئيس الري، والتجأ إىل سعد هربجار، وكان قد تكيسة من مجلة ال

من يتردد يف املهمات ويأتيه جبواب السلطانفأراد الوزير أن يكون بينه وبني . امللك منـزلة احلجاب، وجيب أن يكون بلغيا منوالذي يتوىل أخص . املؤامرات والرساالت

بإقامة احلجة عند احلاجة مستقال. امتجرعا يف مضايق الكالم الغصص مسيغ. منطقيا السلطان يف أوقات رضاه بأخالقمتجنبا للسماجة بقول ينسب إىل السماحة عارفا

مما ينفق عليه من تنشيطهفإذا وجده منقبضا تلطف يف . وسخطه، وقبضه وبسطه، وإال ه حدثه مبقصودالقبولحىت إذا رأى منه سيماء . ديث الرائق، والقول النافقاحل

حالة والبد له من علىفإن السلطان ال يثبت خلقه . جرى يف اإلمساك على معهوده .ضجر وماللة سعد امللك هذه إىل هذا القزويين خاليا من هذه املعاين كلها، لكنه التمس وكان

أنه سوقي عنهوذهب . تمسه، ووافقه على هوسه لسالمة نفسهالوالية، فأجابه إىل مل وكان إذا واملكان،قفز من الدكان إىل باركاه السلطان، فزاحم أركان الدولة باملكانة

شرع،وخرع عما فيه . خاطب السلطان وشافهه، حدث له عجب فاخنرع واخنلع والكل ما يضر ويسوء مث ال يتكلم إال ب. ومجع بني األروى والنعام والضباح والبغام

واستضر سعد امللك من جانب ذلك العاجز بغري قصد منه يف حقه، وأي ضرر . يسروكان عارض اجليش يف وزارته أيضا أبو . من كونه قتل يف حبل خنقهوأمكنأقوى

ت طرطنبيل، وما ع وكان قد غلب عليه يف اصطالح اخلاصة والعامة نالقمي،املفاخر عمله عز امللك بن الكايف وصرف يف وزارته وويل. الثقيل االسم هذاعرفوه بغري

فلما أخذ سعد امللك، اقترنت نكبته بنكبته واتفقت صلبته . اشهرأ فيه يصفهاين وبقألا خمتص امللك أبو النصر القاشي يف وزارة سعد امللك، وصرف به واستدعى. مع صلبته

.وأقيم ذلك وهذا أقعد. طرد حممد بن مؤيد امللك فقبل هذا وذاك اإلنشاءمن ديوان مقبول السلطانوهو عند . ا لإلسالم فصار حمكبـيوخال امليدان للخطي: قال السلطانوكان إذا سأل . وأصحاب السلطان عنه خاشون وإىل بابه غاشون. الكالم

٢٤٥ تاريخ دولة آل سلجوق

أحبثعن واحد كيف تعرفه أجاب مرة بال أدري ومرة بال أعرفه وتارة أمهلين فإين .ة يشهد عليه مبا يهدر دمهعنه وأكشفه، وتار

هذا مازال: تظهر، قالسوحدثين ابن املطلب، وكان وزير اإلمام امل: قال معي ىأجراليوم : اخلطيبـي ببغداد يتوصل حىت أبصر قهرمانة لدار اخلالفة، فقال هلا

الدارالسلطان حديث هارون أخي اإلمام املستظهر وسألين عنه، فدخلت القهرمانة إىل فقامت قيامة اخلليفة ومتكن . مسع أخيه ما حدثها به اخلطيبـيوأوصلت إىل من نفسه الشريفة، فكتب إىل الوزير يأمره بالركوب إىل اخلطيبـي وحيمله االستشعار

عن ذكر أخيه، وحيمل إليه ستة آالف دينار أمريية يدفع ا شره اإلضرابعلى .ويكفيه

جد و صرب وال فما. نه أخفى للويلفاستأذنته يف الركوب إليه يف الليل فإ: قال .واستنـزلتهواستعفيته عن حديث هارون . القرار، حىت ركبت إليه وأرضيته مبا محلته

رأيه عليهوكذلك مل يترك من خواص السلطان أحدا إال لوثه وشوش : قال ة عنه منبسكوته أو قلده هومل يغادر أحدا من اخلاصة والعامة إال طرق إليه ظن. وخبثه وأم. ذي وجدي يف أديامال كيف كان أصحاب دواوين و:ال له السلطان يوماوق

كانوا ال قدح يف إميام، فكيف اختص هذا اللوث بزماين وبأصحاب ديواين؟ فقال وهؤالء أهل العراق . كانوا من أصحاب خراسان وهم أهل الدين واإلحسانأولئكواستحكم تقريب اخلراسانيني . هفتخيل السلطان صحة مقال. والنفاقاإلحلادأهل واعتقد أنه ليس يف العراق مسلم، وأن أفق امللك بغري . الهي يف خالعراقينيبعاد إو

وكان بالعراق مجاعة من أهل خراسان حمرومون مهجورون من كل . مظلمالشرفيني مخول، ومنـزو إىل ناحية، ومتنح إىل زاوية، ومتنمس ذيجاهل جمهول، وساقط

مرجف، وعمال حمترف، فلما عرفوا ميل السلطان وبطال ،تهوس بالكيمياءبالرياء، وموغفلوا . وخطبوا املراتب، وطلبوا املناصب. نفوسهمإليهم رفعوا رؤوسهم، وعرضوا

عش مذهب الباطنية، وا أفرخ وباض، خراسانبل غفل السلطان عن هذه النكتة أن ونه اليت مل متتح، وانقضى عصر وعيتفتح،ومنها شاع وفاض، وفيها حصونه اليت مل

. امللك املريع منه مروعاوعادسعد امللك سريعا وصار باملكر الصريح صريعا،

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٤٦

امللك األمري ضياء امللك أيب نصر أمحد بن نظام وزارة طمح إىل الوزارة عمرو وزيد، ووصل يوم نكبته امللكملا نكب سعد : قال

ور حممد بن احلسني امليبذي، وكان قد منصأبواألمري ضياء امللك، وخطري امللك وأمر . فرأى السلطان حفظ اجلانبنياآلراء،فاختلفت عليهما . استدعى من فارس

وألف . ومنصب االستيفاء للميبذيللنظامي،بتولية الصاحبني، وجعل دست الوزارة . وأعطى سياسة ملكه حقها. باستخالصهبتأليفهما قلوب خواصه، وخص كال منهما

فاألوىل سياسة : السياسة أربعمنازل: "قالت احلكماء. ناء إحسانه أفقهاوجال بس يضمه منـزله، والثالثة سياسة بلد ومنالرجل نفسه، والثانية سياسة أهله وولده

عن منـزلة من هذه املنازل، فهو عجزفمىت . واحد يتقلده، والرابعة سياسة امللك كله بشفعة نسبه، وهو غري خبري بسلوك الوزير ال جرم ابتلى هذا". عن اليت تليها أعجز

". اهللا على نعمهأمحد: " عالمتهوكانت . مذهبه ومل يكـن من شغله وال من أربه به، ووقع اسم االستيفاء على اخلطري القيامفقضى حقه بشغل عجزت اللقاة الدهاة عن . ل يكن للمنصب املأهول دسته بأهفلم. كما يدعى باجلهل اسم النبوة أبو جهل

وهو عند أولئك . الفضائلوخواجه خمتص امللك صاحب ديوان الرسائل، معدم من .العربيةكتب الكتاب، ويعجز عـن كتب مخسة أسطر بالفارسية، فضال عن أ

خلوته وخصين إىلوأنا والين السلطان اخلزانة، فإنه استدعاين : أنوشروانقال السلطان يف إىلابر إمنا يصلون وكان هؤالء األك. وسلم إىل خزائن ممالكه. بكرامته

وجاهيت فعظمت. الباركاة إذا جلس لعامته، وأنا أختص خبلواته، واستسعد مبحادثته يف ذلك واتفق. ليتذوانتظروا زليت وم. مبواجهته، وحسدين أكابر الدولة على منـزليت

يه رأي علتغري رئيس مهذان، قد -رمحه اهللا-الوقت، أن األمري السيد أبا هاشم احلسين مكايدهموذلك ألن قوما من أرباب الدولة تناصروا عليه، وأدبوا عقارب . السلطان

هذا املتوجوأطمعوا املتوج ابن أيب سعد اهلمذاين يف إيالة مهذان ورئاستها، وكان . إليه. لواقعتهوعرضوه . فأوقعوه يف معارضته. من جهة الرئيس منكوبا وبيده مضروبا

وقرروا. سيد وعلى أوالده باب داره وسدوا عليه طريق فرارهوأغلقوا على األمري العليه سبعمائة ألف دينار أمحر، سوى ما يلزمه من توابع ولوازم هي أكثر من أن

٢٤٧ تاريخ دولة آل سلجوق

.حتصر املال، وعاد هذافأمرين السلطان باملسري إىل مهذان الستيفاء : أنوشروانقال

قرره مافعظم عنده . هالسيد أبو هاشم، وهو شيخ كبري قد ضعف بصره، واختل نظروعاقدته على مساعدته . فمحضت له النصح، وضمنت له النجح. عليه واستكثره

ونقد . وإجناح آماله. ووعدته بالسعي يف إصالح حاله. على معاضدتهوعاهدتهومل يستعن بأحد من أهل . دينار عتيق يف سبعة أيام من موجود خزانتهألفسبعمائة فحني أوصلت املال إىل خزانة . ومل يأذن لنا يف املقام اليسري على املسريوحثنا. مدينته ولقيت السلطان شافهته حبقيقة أمره وعرفته اختالف أصحاب األغراض أصفهان

وسري إليه اخللع . ومنصب سيادته. فأمر السلطان بإعادته إىل رئاسته. حقهبالباطل يف .طرفه الالئقة بشرفه، وأحيا متلد جمده مبوالتشريفاتالسنية

وخرجها دخلهال يف وعووملا حصل ذلك املبلغ يف اخلزانة، سلمها إيل: قال وأمورها منوطة،فتوليت اخلزانة والزكي ذو كيسة فيها، وكذخدائية اخلزانة به . يعل

فقتل يف احلال سوقها،بأمانته مربوطة وملا سار السلطان إىل بغداد فتك بالزكي هذا يف مل خيلص من بأنهوقد سبق القول : قال. أي وجه غالته غوائلهومل يعرف من. قاتله

شرع فإنهفلم يثبت على تلك احلالة، . طعن اخلطيبـي سوى خمتص امللك الكاشي خاطر لوحمث إنه قد نقش يف . عند السلطان يقدح يف دينه وجيري من الشر يف ميادينه

من الباطنية دل على رجل من فاجتهد حىت. السلطان، أن الباطين ال يعرفه غري الباطين: لهقال. حضره وآمنه وقوى نفسه مبا أمكنهأف. اخلوف خمتف ويف بعض الزوايا مكتف

السلطان، خدامولقنه أسامي مائة نفس من ". بأس عليك وال سبيل لألذى إليكال" هؤالء وعدهم فاذكر سئلت عمن تعرفه من الباطنية إذا" وقال له . وأعيان البلدان

ن أخذ إ أجنيتك، وأخذتن إ ختف، فإنك ال: " فرده إىل موضعه وقال". لوالءعلى ا: " السلطان وقالعندفلما عاد الرجل إىل مكمنه، حضر اخلطيبـي ". منك أعطيتك

علينا بشيء من يفتح دللت على رجل باطين يف موضع كذا، وأرجو أن يقع، فلعله قد عمن يعرفه من وسئله فأخذ وأحضر، اذ من يأخذففأمر احلاجب بإن". أمر الباطنية

خمتص امللك ذكرالباطنية يف البالد والعسكر، فأعاد ما تلقنه من اخلطيبـي، وأجرى عد قريبا وكذلكأيب نصر والصفي القمي أيب الفضل نائب اخلطري يف ديوان االستيفاء،

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٤٨

ور الديفوتصرفوا منهم . من مائـة من املعروفني، فأخذوا وسلموا إىل األتراكويف أثناء هـذه املكايد واحليل، نـزل . وتشتت أهلهم، وتفرق مشلهم. واألمالكسكنت نأمته، وأمشتت به أ بسكني سكنت حركته وة باخلطيبـي، وضرب بغتاخلطب

وانتقم اهللا ممن جـاء . وبقي املكذوب عليهم يف السجن شهورا. وعامتهخاصة الزمان )١(حليا اطان بعد قتل اخلطيبـي أنه كان ممث تبني للسل. وزوراانتايف أمرهم وعرف أن ذلك الباطين ذكر من ذكره . مستبدا باالحتيال واالغتيال مستقال. مستحالومل . وأمر باإلفراج عن أولئك املساكني. فندم السلطان والت حني مندمبتلقينه، وإذا . بعد ذلك حديثا يف اعتقاد، ومل يصدق نسبة مسلم إىل إحلادالسلطانيسمع

يف القالع وهي موضعها، وحنن نقصدها إم: " الباطنية قالحديثجرى عنده حبصار حصوم وفتح قالعا لو بقيت إىل اآلن يف أيديهم لعم العامل وشغف". ونقلعها .الكفر

لعرض متولياوكان مشس امللك ونظام امللك أخو الوزير حاضرا، وكنت : قال اخلزانة، إىليه بعد أن أخذ ألفي دينار خدمة أوصلها اجليش، فنقل هذا املنصب مين إل

يسمعومن . وبقي يف قلب السلطان من خمتص امللك شيء من االرتياب به مل يزل ظهرت بعد احتياالت القاضي، فأزال السلطان اختصاص املختص، يكنومل . )٢(خيل

داد فاستدعاه وكان األمري العميد حممد اجلوزقاين عميد بغ. باحلصوتعمد قوادم شغله وهو منصب الطغراء وليس . واعتمد عليه يف تلك األموراملذكور،ونقل إليه منصب

ومن مجلته ديوان الرسائل . منصب االستيفاء، مث الطغراءإالأكرب منه بعد الوزارة ير السلطان يف الصيد لغيبة زوالطغرائي هو و. اجليشعرضواإلنشاء، مث اإلشراف مث

. وكان من كسوة الفضائل عريا. العميد طغرائيااألمريفصار . ولالوزير وعليه املع. األمري إمساعيل بن ياقويت زوجة السلطانبنتوتوىل أيضا وزارة كوهر خاتون

وتسلم األمري . فصرف من الشغلنياملختص،وكانت وزارا أيضا منوطة بكفاية ، خرساين املولد خطيب جوزقانولدوهذا حممد اجلوزقاين كان . العميد املنصبني

. كيد ومكرصاحب: حماليا) ١( .يتوهم: خيل) ٢(

٢٤٩ تاريخ دولة آل سلجوق

وتعرف إىل السلطان باملذهب . إلنسانيتهواألصل، وإمنا كانت الرغبة فيه خلرسانيته ال إذا سلم عليه واحد مل يسمح له برد ذويه،وإدالله بالتعصب بني . احلنفي ومشاغبته فيه

صفيق ،)٢(ة ج النشديد ،)١( وكان قبيح اجلبة اإلسالم؟حىت يقول له ما مذهبك من أهل . السالم عنوهو خارج . كأيب براقش يف تلونه، وكالعقعق يف تقلبه، وكالذئب يف توثبه. الوجه

.احلد يف تعصبه يفوكان قد خلص زين امللك أبو سعد بن هندو من احلبس ونـزل : قال

خالياوكان . املعسكر بغري شغل مث دخل صدور الديوان، واستوىل على املكانة واملكانومن مجلة ذلك أنه سلم إليه كتاب قرار ليكتب خطه . هال بكل علمجا. من أدىن فهم

: فالنبن والالم وكتب فالن باأللف" االستقر" جرى من قرار الديوان فكتب كذا مبا بعجابأتى الزمان لقدتعس بكتاب لو انطلقت يديوأتى

واآلداب صنوف العلم وحما رددم إىل الكتابفيهم

يف صدر جلسإذا . لك رجال سهل احملجة، صادق اللهجة الوزير ضياء املوكان إذاوزارته، وأحدق الصدور بوسادة سيادته أنار دسته وحسن مسته، وكان كل منهم

وكدروا ورده فيما هو قانون الوزارة من االستقالل . لسنة حدادأاجتمعوا سلقوه بمال يف جنحه خائبة، وملا مل يكن مباشرته للوزارة صائبة، وكانت اآل: قال. واالستبداد

أضعاف يولق. سنة مسجوناة تلق مدة واليته متكينا، وبقى بعد صرفه اثنيت عشرمل .خوانه إال خواناإومل يصادف من زمانه و. هوناكرامته

خزانته إىل من األمري السيد أبو هاشم احلسين رئيس مهذان، فنقل ىيوتو: قال يف حال ذلكسني ألف دينار، وما أثر خزانة السلطان بعد ما أداه مبلغ مائتني ومخ

رئاسة على يده ىوقو. وزاد تقرب السلطان لولده. وقام حيه بتأثيل جمد ميته. بيته نل عصيان ملك العرب صدقة بن منصور بن دبيس بن علي ميوظهرت خما. بلده. فتغري رأي السلطان فيه حىت جر إليه عسكرههـ٥٠٠ األسدي وذلك يف سنة مزيد

قليمه بقلم إوحيز . وجرت بينهما وقعة غلبه من واليته. ومصدرهموردهه وكدر إلي

. اجلبهةاتساع: اجلبة) ١( . الناس مبا يكرهوناستقبال: النجة) ٢(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٥٠

ومزقوا بالتبذير تلك األموال . وتصرف فيه كتاب الدولة السلطانيةالديوانية،احليازة . بسوء التدبري تلك األعمال اجلليلةوخربوااجلزيلة

وإمنا ه،وفهود وقد كثر تعجيب من السلطان، يتأنق يف ختري كالب الصيد قالفما . ووصولهوانقطاعهفيسأل عن فروعه وأصوله، . يقتين منها ما يراه موافقا ملقصوده

األماثل، من والصدورباله ال يتخري لديوانه، ومراتب سلطانه من الكفاة األفاضل، ع١( ه ذاكفر( .وعزاكهفر )٢(، وعكرمي، وجمده قدمي، وطريقه يف الكفاية مستقيمهقر .فإم أمناؤه على مملكته، ووكالؤه . باالختباروأجدرد كان هؤالء أوىل باالختيار، لق

.على دولته، وسفراؤه يف خدمته امللك أيب منصور حممد بن احلسني امليبذيخطري وزارة

وقد عرف أنه : قال. كل شيء حيتاج إىل العقل إال الدولة: الصادق قال رامح، جانح محار. قة دواةآلعاية يراعة، أو اغري الئق بر. معدم من كل آلة وأداة

. منبع املكر واحليل. معدن الغش والدغل. عضوض رفوس، حرون مشوس. جامحلكنه توسل يف هذه املرة . قد وزر مرة أوىل، وعرفوا أن يده يف القصور طوىلوكانا مل وهذ. بنتهابن جهري يف الوصلة إىل نظام امللك بانس توصل جب إىل الوزارة لعودهوإىل ذلك أشار ابن اهلبارية يف . له وصلة شرعية، ولكن مت له األمر مبثل وسيلتهيكن .بن جهريا وزارة هيبتهزعكفت للوزير والقل ابنة الشيخ ما استوزرت ثانيةلوال

مبنصبهواستعلى تعاظم وإن ا صرت موالنا الوزير حرفاشكر

استند فإذا. هن من بيت العنكبوت رجال جسيما ملء التابوت وعقله أووكان .إىل مسنده يف الديوان اعتقد أما مسندان حمشوان

أي رجال . العرف مبعىن املعروف أو اجلود، وذاك من ذكا يذكو مبعىن اشتعل واتقد: اكذعرفه ) ١(

. عند الناسمعروفا .منا وانتشر: وزاك من زكا يزكو. رائحته طيبة منتشرة: زاكعرفه ) ٢(

٢٥١ تاريخ دولة آل سلجوق

وحلم غاص من شحموزير لبس البياض فعدل فطنإذا

وفهم ينسب إىل عقل ومل لبس السواد فتل فحموإن

نوادر شوارد، وبوادر اجلهلوكانت له يف ". هللا املنعماحلمد: " عالمتهوكانت وموكب خشن، حسن، مجلة ذلك، أنه كان يوما ببغداد راكبا يف زي ، ومنردبوا

وزر الذيوجالل الدين عميد الدولة أبو علي بن صدقة . هم ودهمومجع جم، وب اخلطريفالتفت . واجلند قد عقدت بروايته ورويته أمساعه ونواظره. للمسترشد مسايره

. عقاهلانشاط قليب من إا، وشكاهل إ أشكلت على مسألة البد من حلقد: " الوزير قالفقال ؟" السفهاءنة قدمية سبق إليها القدماء، أو رسم مستحدث أحدثه هذه اللواطة س

يبن: "فقالوا" كان لوط ؟ ومن: "فقال اخلطري". رسم قدمي لقوم لوطهذا" له بعضهم من إنكم لتأتون الرجال شهوة: أنـزل اهللا يف قوم لوطقد" له فقال" من أنبياء اهللا

عجميا ال يعرف وكان" معىن جتهلون؟ما" قال ". جتهلونقومدون النساء، بل أنتم وعذر حسب، فاألمر إذا سهل، هذا "فقال" ال تعلمونأي" فقالوا له عربية،كلمة

يف جهالتهفانظر إىل ". افاعله أنه ذو جهل، وأنا أعتقد أنه أعظم وزرا وأفظع أمر . عثاراوكان مهذارا مكثارا ال يستر شوارا وال حيذر . ونـزارته يف وزارته. ضاللته

الطويل. وما كفاه ذلك، حىت استناب ابن الكايف األصفهاين الناقص امللقب بالكامل . مهاز ملازغماز، )١( زاطن. واللئيم الذي كان له عند الكرام طوائل. بغري طائل

وهو الوزير،ت ن بأن أخته حتمي. من نوائب الدهر كونه نائب الصدروكان يف ذم أبياتوهو من الذين قال ابن اهلبارية فيهم من . بذلك بالغ القدرة والقدر

:أصفهان عميدهاللئيم أبو الفتحبلد

الكايف الطويل وشيخهوطريفة اخلطيبـي الصغري حملهوابن

رئيسهقيل بن الفضلوالقاسم أنه دنس احملل خسيسهمع املندوي جليسهو وجرقاض

يف بلغواحىت . مجيعهم على الوقيعة يف زين امللك أيب سعد بن هندوتفقفا

.ساخر: طناز) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٥٢

متشي وإمنا. سرائره ومحلوا السلطان على أخذه جبرائرهسرفباحوا ب. مكروهه ما ودوا دينار إىل ألفوقالوا إننا ننقل مائيت . هلم السعي فيه مبا كثروا عند السلطان من ثروته

يف خملب ذلك وأوقعهان بأخذه وتسليمه إىل التونتاش، فأمر السلط. اخلزانة من خزانتهفلما قتل . شارعهافحمله من أصفهان إىل مدينة ساوه وصلبه يوم اجلمعة يف . البطاش

وحتكم ابن ديناروأنسوا السلطان املائيت ألف . تصرفوا من ماله، وتدينوا باستحالله ديوان اخلطريعيد يف وزارة وأ. واستوعبه الكامل على الكمال. الكايف يف ذلك املال

وعبث م . الشغلاالستيفاء إىل معني الدين خمتص امللك، فتوىل بعد العزل، ومتكن من : وقلتبعضهاوعربت : أبو طاهر اخلاتوين يف أبيات فارسية، قال اإلمام عماد الدين

ما مصدور لو نفختهمخفاف

وإصدار إيراد للملك يف دستهم طارواوهم

أبو طاهر اخلاتوين من صدور الدولة، وأعيان اململكة، املوفق األستاذ وكان ذا فصاحة وحصافة، ولطافة وظرافة يف النظم والنثر، . الدهروأفاضل العصر، وأماثل

خبريا يف مناهج السلوك، قد قلب األمور ظهرا لبطن، . امللوكجامعا ألدوات خدمة ومشارا . ومل يزل مذ نشأ وإىل آخر عمره صدرا كبريا. ووهنب احلالني من قوة وجر

وديوان السلطان بكفايته . ومازال خلاتون مستوفيا. مشرياإىل صوابه وبالصواب نقصام عند فضله، واخنفاض حملهم يف الرباعة عند عرفوافلما توىل هؤالء . مكتفيا

عيبهم عينه وأنه ال يقضي إال من عروض عنيغضيارتفاع حمله، وعلموا أنه ال من تزبيقه وانتقاده، وحتيلوا بكل طريق فتخيلوا. عرضهم إن قارضوه أو عارضوه دينه

وجر إىل جرجان . وعدوه له أهال. جرجان شغالمنفتمحلوا له . بعادهإبعد تقريبه يف ، -ه اهللارمح-قال اإلمام عماد الدين . مكانجرجان ونقل من أعز مكانة إىل أذل

:فعربتها وقلت. قلمه وإعدامهقاللإو. وشكا يف أبيات عجمية أعجام حظه واامهعصرنا الكلب يفملرتبة عاد ذو قلم مفلحاوما

شرففيها رتبة حنن على الفالح لطبل ودففإن

يف عني مثلثوكان خمتص امللك قد مشر جفنه للشعر فيه، فعاد كأنه شكل : قال أنه ينظر وهو املوفق اخلاتوين بيتا بالفارسية مشتمال على معىن بديع، فقال فيه. رأسه

٢٥٣ تاريخ دولة آل سلجوق

:من مثلث عينه إىل الناس نظر تربيع فقلت اتساعيف الصدر ضيقلصدر التثليث ناظره ولكنعلى

قصور يف كمال من ويطمع التربيع ينظر يف األمورمن

سرح مسعهرعى فيه إىل السعادة، ويسيم يف ميومازال الوزير يصغ: قال مبائة عليهالوشاة، ونسبوا إليه التقصري والتخليط، واإلفراط والتفريط، وأحال الوزير

ألف دينار وانتهز يف أمره الفرصة، وأخذ يف استدعائه من جرجان الرخصة، . وتشدد يف إرهاقه، واستصفى ما له فعاد ذلك بإمالقهفاستحضره- – جديرأيت خبط : نتخب الكتاب الفتح بن علي البنداري األصفهاين مقال مطبوعة بالعربية ومن مجلتها أبياتاق الدولة قال يف تلك احلالة موفأن – -رمحه اهللا

:قولهبغدادي ما ملكت يفبوا اليوم غري ذقين وسينفأنا ونتف اآلن رهن قلعومها

وعتادي ذخائري واستباحوا كنت ساعة امليالدمثلما هذا اإلبراق واإلرعادحتت

إىل ذمتهنضاف اشتغال او. فأحوجته احلواالت عليه إىل االستقراض: قال صادقة،وكان لألستاذ املوفق معرفة بالكمال السمريمي وبينهما صداقة . نفاضإلا

اإلشرافوسيأيت ذكر الكمال عند انتهاء ديوان . ومودة صاحلة من كأس الصفاء غابقة كان من أوسع ولقدالله بالوزارة يف األيام احملمدية، وعند استق. إليه يف األيام احملمدية

يلقب بعز وكان. الصدور صدرا، وأرفعهم قدرا، وأحسنهم تدبريا، وأمجلهم تأثريا كتبفلما أملق املوفق، . الدين وهو يف منصب مشهور، ومذهب يف السماح مشكور

وهجا الوزير .إليه أبياتا ذكره فيها حبقوق خدمته، وعقوق حظوته وشكا فيها حالهقال عماد الدين، ومل يأت يل تعريبها، ومل يأنس خباطري غريبها فأضربت . وأشكاله

. وله يف شكوى حاله ما عربت معناه نسجا على منواله. ملا عصاين ضراضرا،عن :وقلت

ساعةالشاه بيذق يف خدمةوكمأخدم السلطان سبعني حجة ويل

الدستسابع ملا صار يف تفرز أنا حي لإلضافة كامليتوها

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٥٤

. موازنه وموازيهالكايفومأل هذا الوزير اخلطري خمازن خمازيه، والكامل بن : قال طال عليه الدهر تطاول وكلماومل يكن عنده من اهللا خرب، وال يف قلبه من الدين أثر

. اانني ا جمانيهيرضى، وحلت له مكاسب ال ةعلى نبيه، حىت تأسست بالشر مباني .والسلطان هلم كاره، وضمريه له مبا هم فيه مشافه

شرف الدين أنوشروان جلوس ذكر خالد يف نيابة الوزارةابن

اعتياد الوزيرفراسلين السلطان خبادم من خواصه، وشكا من : أنوشروانقالويف كل . إصالحه الوزير قد أيست من فالحه، وال مطمع يل يف هذا: "وقال. اعتياصه

. منهم جباففيه بييت من أوالد الكايف غري كاف، وإذا رميت وفيا جاء وقت حيكم يف من تنوبوثر أن وقد عرفت يا أنوشروان طريقتك، وعلمت حقك وحقيقتك، وأنا أ

وأديت األرض فقبلت" قبلي يف الوزارة، وتعمر ما بيين وبينك يف السفارة حق العمارة سارعتفلما أنكره . باحلالئقا الوقدمت عذرا. يف تويل خدمته شكر نعمة الفرض

حالهن كان إال يعجل مؤاخذة من خيونه و. وكان السلطان كرميا حليما. إىل االمتثال باملالوكان يف نفسه مؤاخذته . فحفظ قلب الوزير يف نيابة ابن الكايف ملا عزله. عليما

.الذي اختزله مراعاة لقلب الوزير، وحمافظة على خطر اخلطري ال تبجيال، للوزيروكان احترامه . يف النيابة عنه، على الكره منهوجلست: قال

لكن . الصدور مقدمافأجلسين يف الديوان مكرما وعلى . بل تدفيعا للوقت به وتأجيالوكانت . قبله ثأر أو دينلهممن الوزير اعتقد أين للسطان عليه عني، يستثقلين كأين ميينه ويساره عن وصدور الديوان .صحبة يل على مضض، وصحة ملقاة يل عن مرض

افتراقواتفقت كلمتهم مع . يبدون يل بشرى ويضمرون يل شرا. مؤثرون إليثارهم يف حماديت. يتطباعهم على مضادفما اشتريت بشعريتني . واعتقدوا حصول حما

املكايد،وملا عجزوا عن إيقاعي يف مصايد . ا شغلوا به باهلممب وال شغلت بايل سباهلم، وتوافقواوتوقفوا يف توجيه واجبايت من الديوان، . عوا يف تعويق الرسوم والفوائدشر

:تسلى بقول القائلأفكنت . على قطع ما أطلق يل من صالت السلطان

٢٥٥ تاريخ دولة آل سلجوق

مرعى هللا غري مرعاكإن هللا بالربية لطفاإن

ماء وغري مائك نرتعيه األمهات واآلباءسبق

وما واخلطريية،بيت الوزارتني الضيائية ومل أخل من قصد اجلماعة يف نو: قال مناوشة املختصوكان بني الوزير اخلطري وبني املعني . زالت تأيت منهم قوارض األذية

أن يبلغ صاحبهوما كان يقدر أحدمها مع املبالغة يف قصد . ومناواة، ومواحشة ومنافاة السمريميلك حىت مال الوزير إىل كمال امل. وكأمنا خيفي مرضه ومضضه. فيه غرضه

ما فيهفصار بينهما موازرة يف أمري املعني، ومشورة يف تكدير ذلك املعني، حىت بلغ العميد األمري وتويف). وسيأيت شرح ذلك يف موضعه(متناه، واخلصي يفتخر بزب مواله

الطغراء،وجلس مكانه يف ديوان . ومخد شرر شره املستطري. الطغرائي يف وزارة اخلطري وأدبء األستاذ أبو إمساعيل الكاتب األصفهاين، وكان ذا فضل غزير، وصدر اإلنشا

توالهمث . وكان يف حياة األمري العميد منشأ على سبيل النيابة عن الطغراء. كثري ملتاث اخلط ، القلم كليلهيءوكان مع ذلك بط. باألصالة متصدرا يف دست العالء

وأشار . سفه اهلجاء على حلمهوهتف به أبو طاهر اخلاتوين يف نظمه، وسلط. عليلهوكانت بديهته أبية . كأنه وهو جيره برجله، مذنب يعاقبه جبرمه: يف يده وقالالقلمإىل

وغاص يف حبر خاطره، مث أتى . فإذا أنشأ تروي بطيا وتفكر مليا. روية حمبيةورويته اخلطريوزير وسنذكر أحواله فيما بعد، وحال ال. البديعة، واالستعارات الغريبةباملعاين

.ملا خانه السعد شرافا امللك على السمريمي كمال تويل ذكر حممد بن ملكشاه وابتداء أمرهالسلطان مملكة

مسريم، هلاكان كمال امللك علي بن أمحد من مدينة بقرب أصفهان يقال : قال زوجة خاتونوكانت هذه املدينة يف معيشة كهر . أهلها ذوو فطرة زكية، وفطنة ذكية

األمري حينئذووزيرها . لطان، وأبو كمال امللك زارع غالا، وقابض ارتفاعااالس ومتصدجناح مقاصده متردد إليه متودد، إالعميد، والكمال، لسبب شغل والده و

حني هصاواستنابه يف خ. ألموره مسدد، فاستجاله واستجلده، واستكفاه وأمحدهوجعل . فوفر ماله، ومثر حاله. ح صبحهواستوضح يف ليايل نوائبه بالنج. نصحهاستبان

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٥٦

فبقى األمري العميد ال يعتمد يف أموره إال عليه . العيون هيبة ويف الصدور رهبةيفله لهفلما اتفق مسري األمري العميد إىل بغداد يف تويل العمارة، مل يكن . يسكن إال إليهوال

م له خبدمته عنه االسم بد من إقامة نائب يف وزارة كهر خاتون يالزم الدركاه، ويقيفاستنابه . فرأى أن الكمال أوفق وأوثق، وأشفى لصدره يف التصدر وأشفق. واجلاهرمحه - ال يستعني فيما ينوبه إال بالعزيز، وكان العزيز أبو نصر أمحد بن حامد أنهعلى وصرف . وعقد حبب العلي حباه. عمي أول ما شب ومضى يف البالغة شباه-اهللا

وهو يف الديوان اخلاتوين نائب على األصل حيكم، . وعرف الرباعة بيانههبنانالرياعة فلما توىل الكمال نيابة وزارة كهر . صدور جيهلون ما يعلممشايخوشاب عند

. فضم نشره، وحسن أثره، وأرشده ودبرهالعزيزخاتون، انضم إليه غري رواتب له الديوان اخلاتوين يف الوزارة العميدية خامال خامدا، ما وكان

أمر غريهاليس لنوابه يف . موظفة، ووظائف مرتبة، ومعايش مرسومة، وعوائد معلومة عنوخاتون راضية باهلدو، متغاضية . وال ي، وال لوراده من سواها شرب وال ري

الكمال ما يف اخلمول من ذهاب رونق السلطنة، وعزل والية القدرة افعرفه. النمو. ذربيجان، وكان كبري الشانأامللك إمساعيل البغاين من وكانت هي ابنة . املتمكنة صارواذربيجان من صنائع والدي وأشياعه، وهم أن أجناد إ للسلطان قويل: " هلافقال

وأنوأريد أن تكتب منشورا بأم يف اهتمامي، . متبوعني وقد كانوا أمس من أتباعه الكتب فسريت. تب هلا مثاهلافأجاب السلطان سؤاهلا، وك". أمر معايشهم يربم بإبرامي

بة وتأميل ت العبتقبيلا إىل باا رذربيجانية، فتبادألالسلطانية، وأمر خبدمتها األمراء ا باا وفود علىوازدمحت . ووصلوا باهلدايا والتحف واأللطاف والطرف. املرتبة

عت رأت، ورمافرأت من الدولة شيئا . امللوك، واتسق إىل قصدها سلك الفج املسلوك نائبه بأنومسع األمري العميد . فتربكت مبوضع كمال امللك. من الدولة روضا ما رعت

والغضوكتب بصرفه، . فقام وقعد، وأبرق وأرعد. قد جاءه اجلاه، وقبلت يديه الشفاهفت اخلاتون إىل قوله يف تفلم تل. من طرفه، ومطالبته بفرعه، وعمل احلساب ورفعه

فما . ي وحقه مرعي هذا النائب عندي مرضإن: " كتبتو. ومل تكترث خبطابهكتابه،وهو أن حاققته فليس . وتعرف له حقه وتنصفه. بل عليك أن تعرفه؛ أن تصرفهلك

٢٥٧ تاريخ دولة آل سلجوق

،وشيك )١( هو شريك، وأن أمرنا باإلنكار أن قصد منك أو شيك وإمنالك بنائب . العظمقواعدا وأنت تعلم أيها العميد أن دور احلرم، مربمة هلا معاقد العصم، حمكمة هل

هلاوما حيسن أن يتجدد يف كل حني . فما جيوز أن يتوالها يف كل قريب غريب ".توليهوهذا عرفناه بك فاألوىل أن تبقيه، واألبقى جلاهك أن . مستناب ومستنيب

. منشورا األمري العميد أن األمر خرج عن يده، فجدد للكمال بشغلة فعرف حيث أملي اآلن قد قوى أن" وكتب إىل خاتون وطوى من شره فيه ما كان منشورا، ورمتوإين ما أردت صرفه، وإمنا أردت ذيبه . مكنت نائيب، وعرفت صحبة صاحيب

فاستقل" جتريبه، وقد وفرت عليه ثلث الرسوم، وأشركته معي يف أصل الفرع املعلوموليا، كذلك متوليا مستيوبق. وثبت سريره)٢( وثاب سروه. الكمال واستمر مريره

مستعليا إىل أن قضى األمري العميد حنبه، فسولته وزارا باألصالة وخصته ومتغلبا. مث تعصبت له عند السلطان، حىت ولته إشراف اململكة، فدانت له األمم. باإليالة به احلشم واخلدم، وصار السلطان يكتب إليه خبطه، ويطلعه على حاليت رضاه وأطاف تغري رأيه يف وزيره اخلطري ىتاملناصب قلب السلطان حمث شوش على أرباب . وسخطه

ه إىل حمبس ومن جملس عز. ونقله من بين جنسه إىل بناء سجنه. إىل التكديروردهورد ولريوج ماله . إىل األمري احلاجب عمر ابن قراتكني ليخرجه ويستخرجهوسلمه. عزله

: هما وقلتونظم أبو طاهر اخلاتوين بيتني فارسيني عربت: قالويورجه محارا وزيرنا ومضىكان يف صدور دولتنالكنما

ميلك السلطان من خللفما لذاك احلمار من بدلليس

سنني، سبع يف حبس الوزير ي مشس امللك عثمان بن نظام امللك قد بقوكان حبسفكان . فأفرج عنه ليواقف الوزير على أوزاره، ويقرب خطى اخلطري إىل أخطاره

ديوانهبومجع السلطان أمراء دولته وأربا . رجا، ودخوله يف احملبس له خمرجاذلك هلذا ف .وفاوضهم يف وزير يفوض إليه وزارته

. للخطابواملبلغفأمجعوا على أن أكون املتكلم عنهم بالصواب : أنوشروانقال

. بالشوكهصابأ: شيك) ١( .الفصل: السرو) ٢(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٥٨

اهللا بن عبيد عن املعتضد أنه كان قد حرض على يوكان رأيي مائال إىل مثل ما حك ويضيع التدبري، فكرت فيما ينتقض من إذا: " وكان يقول. وسعى عنده عليهسليمان

،"نكبتهت عن بمن األمور بني صرف وزير وتقليد وزير، وإن كان املتقلد أكفى أضر مشل وجامعومنفذ األوامر . فاتفقوا أن أكون الناظر يف األمور ومتقلد مصاحل اجلمهور

شغلهماويتأثالن يف . ف يكفيان خبطي ومتثيليوأن املنشئ واملشر. األكابر واألصاغر رضيةوالسرية . ويقصي كل ملم، وبقيت الرعية مرعية. همحىت يقضي كل م. بتأثيلي. الشدةوطال حبس الوزير تلك املدة ولقى . والغرباء آمنة. والدمهاء ساكنة. مرضية

. توفوكان خلف الزمان رجلني من أوالد الكايف من بقايا السيوف، وزوايا احل السلطان معه وأختهما اليت كانت زوجة الوزير، على مائة ومخسني ألف فحبسهما

وباح السلطان مبا كان يضمره . يف تلك املصادرة كل خسار وصغاروسامهم. ديناروألزمه بتطليق زوجته ابنة . وكشف الغطاء عما كان يستره. يظهرهوالمن أمر الوزير

.ثة األثايف بثالمفارقتهاالكايف، ورماه من وقارب خطو . هائ الدولة السلطانية قد شارفت انقضاا وانقضاوكانت: قال

وبدأ بالسلطان مرض طويل أضناه وأحنله، وأهلاه عن اململكة . هائ انتهاقاربتانتهاضها ملا . وبقي السلطان من مرضه يف ذواب. الفناء يف أمراء دولته، وأكابر مملكتهووقع. وأشغله أن يويل وزيـرا يوصي إليه بـويل عهده، فأراد )١(كدر وشوب يف عيشهومن

. يستقل ا من يقوم من بعدهالويستكفي به مهام الدولة حيث علم أنه يب منصورأ الدولة ربيب وزارة ذكر -رمحه اهللا- أيب شجــــاع الوزير ابــــن

ميل واعرفذكر والدي أن أرباب املناصب ملا : -رمحه اهللا- عماد الدين قال من خافواالسلطان إىل تولية وزير يكفي املهام وحيفظ النظام ويكفل األمور العظام،

عليه،بلون إما بذي حنق وأم ي. ومستجيش بثبات جاش. استنامته إىل بطل بطاشفحسنوا للسلطان طلب وزير من تربية دار . وإما بذي فرق منهم فيدب كيده إليهم

. خلطته بغريهما: الشوب) ١(

٢٥٩ تاريخ دولة آل سلجوق

فاستدعى ربيب الدولة من بغداد . من يصلح هلذا املنصب فإنه ليس باحلضرة اخلالفة،وكان الئقا بتلك الدولة . فصار له اسم الوزراة بالوراثة. وسد به املكان. أصفهانإىل

". هللا على النعماحلمد: " وكانت عالمته. امللتاثةاملريضة أو أربعني من أيام عمر السلطان مقدار يوكان قد بق: قال أنوشروان: قال

فجاءوا ذا الصنم ودسوه يف . ني يوما، وقد استحصد زرعه وانتسخ شرعهمخس. وضمهم حبل الوفاة. واتفق موت الكفاة. وقصدوا بترتيبه شغل الوقت. الدست

ومل يبق يف تلك املدة . ورق اخلريف، وتفرقوا تفرق سحاب املصيفتناثروتناثروا فصار األتباع . األكابر معروفوال من األمراء . كبري موصوفاملعروفنياليسرية من

ومل يبق يف الدولة من . والدراري مشوسا، واألذناب رؤوسا. نصوالواألقطاعأصوال، فأما املختص، فإم . خمتص امللك املستويف، واألستاذ أبو إمساعيل الطغرائيإالالقدماء ال خيطب واعتقلوه وقروا عليه مخسني ألف دينار للخزانة، مث أخذوا خطه بأنه عزلوه

وخلوا سبيله وما خلوا له إىل . عمال، وال يستنجح ما طال أمد عمره أمالعاشما . فأفلت جبريعة الذقن. وأخذوا ما كان له، فلم يتركوا له كثريا وال قليال. سبيالثروة فتوىل ديوان االستيفاء كمال امللك السمريمي، . سالمته من املنح يف تلك احملنوعد

والوزير هني . واستقل واستقام، ومسا وسام، ورمى ورام. حالله املر األمر ووعالمنه .وكمال امللك فارس ذلك امليدان وحاكم ذلك الديوان. ه عن البطش بنيز وعجلني،

مطعنا، وال على فضله األستاذ أبو إمساعيل الطغرائي، فإم ملا مل يروا يف وأما احلذق ساعد يف السحر عن نهأه من القدح مكمنا، أشاعوا بينهم أنه ساحر ولعم

آمنن مل يصرف عن تصرفه فال إنه إو. وأن مرض السلطان رمبا كان بسحره. حاسروعاد اخلطري الذي كان وزيرا ميد . من أمره، فبطلوه وعطلوه، واعتزلوه وعزلوه

وكان قد خال دركاه السلطان من . ومل يضره عن درجة الوزارة حطه. خطهالطغراءنوشتكني أ فإنه كان شغلهم حبصار قلعة املوت مع األمري الكبري، اء،والكرباألمراء ومسا زعافا على العدو، وموتا زؤاما . كان شهما شديدا، وسهما سديداولقد. شركري

ولوال موت السلطان لتسلط على املوت، ومل يترك فرصة . والعتوحلادإلاعلى أهل ر السلطان على ابن عمر فصي. ناصرواهللا له. يف ذلك هلا حاصروهو. فتحها أن تفوت أمري اإلذن، وأمري البار هو :يعيناوكان أمري البار. مكانه األثريوأمسىحاجبه الكبري،

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٦٠

واألمري احلاجب الكبري هو الذي يسمع . إذا اجتمع األكابرالسلطان،اآلذن عن . إىل الوزير، فهو الناهي اآلمرويؤديهامشافهة السلطان

ووجدهر، اشتد مرض السلطان وبلغ الرجاء فيه اليأس، وملا مضى ش: قالوأيقن أن . وأمر باحلجاب وحجب عن األمراء. بالعدم اإلحساس، وأصبح يعد األنفاس

األمري احلاجب علي إال ه ليومل يكن يدخل إ. من الدماءي ال يرعى له زمام ما بقالقدرومسى حديثه . أحكامهوينفذ بالتبليغ . فهو الذي يسمع كالمهسرمة،عمر بن بن ا

وملا . يه الرائب عصياأوعد مصدقه مطيعا واملستريب بر. وصياوصية وجعل نفسه األمري احلاجب أن السلطان أمر بإخراج مائيت ألف ذكرقرب األجل وحل الوجل، من فقراء الرعايا واالستحالل. )١( وإشكائهم اخلصومدينار من اخلزانة إلرضاء

وكان وزير . غرضهوافقملال وقبضه، وتصرف فيه على ما فتسلم ذلك ا. وأغنيائهم فمن ذلك املال الدين،األمري احلاجب الكبري حينئذ أبو القاسم الدركزيين ويلقب بزين

وأمر العسكر . مناهجنحوكان ذلك مبدأ غناه، وريعان . متول، واستكثر العبيد واخلول على السرير جلوتهه البد من نإو. مببايعة ويل العهد ومتابعته، وطاعته ومشايعته

وقيل للسلطان مرضك سحري، ومضضك . وإجالسه، ووقوف األمراء على رأسهومحلوا السلطان على أن كحلها . وإمنا سحرتك زوجتك فأعضل دواءك. خفيوأتلف عدة من حواشيها، وعصابة من . بيت ضيق واعتقلهايفوحبسها . ومسلهاالوا أنه أمر خبنقها، ودخل إليها من شد الوتر يف وقالسلطانمث أخرجوا خامت . جواريها العجب أن الزوجني توافيا ساعة واحدة على رومقدوومن عجيب القدر . حلقها

ورسومه جائزة . أيامن لأليامي ومراحم لليتامىأيامهالعطب، فاخلاتون يف بيتها كانت ينه متينا رصينا وحجاه رزينا ودوحصاه. ة، وأحكامه راضية غري ضائرةرغري جائ

. الكامل وفحلهم البازلالسلجقيةوكان رجل . وشرع علمه يف العمل بالشرع مبينا وكملت دولته، وأصحت سريته،وملا حسنت . وله اآلثار احلميدة واآلراء السديدة

وجيري الكسري، ويفك الفقريمساؤه، وطاب هواؤه، وصفا ماؤه، وآلت آالؤه أن يغين ويقلع امللحدين، اإلظالم،وينصر اإلسالم، ويكشف . قالع األسري، ويكف العسري

. قبول الشكوى:اإلشكاء) ١(

٢٦١ تاريخ دولة آل سلجوق

حبره، وغيب وغيضقبض القضاء يده، وقصر أمله وأمده، . ويعلي أعالم املوحدين .بدره

الصفائح والثرى رحيانةبني تذكرت الذي فعل البلىوإذا

كان يل من قرا مستمتعقد وجهك جاء ما ال يدفعجبمال

رمحه - – وفاة السلطان حممد بعد ملستظهر باهللا أمري املؤمنني اتويف: قالوخلف السلطان حممد . يسرية وحتولت الدولتان، وتفصلت اجلملتانمبدة – -اهللا

ل، وسليمان، وسلجق، وكل منهم توىل رحممود، ومسعود، وطغ: بنني، وهممخسة .ن شاء اهللا تعاىلإوسيأيت ذكرهم فيما بعد . سلجقوسوىالسلطنة،

القاسملسلطان مغيث الدنيا والدين أيب جلوس اذكر املؤمنني حممد بن ملكشاه ميني أمريبن حممود

وسائده،واستقر من امللك يف أعلى . فجلس على التخت مكان والده: قال. والسناءوحضر الناس على طبقام للهناء، وجلوه يف دست السنا . وأحكم قواعده

علىووقف العظماء والكرباء مساطني . ضوقبلوا األرض، وأدوا من إقامة الرسم الفر .وتناسقوا على درجام يف مراقي مراتبهم. مراتبهمريب أقدارهم، وقدتتر

اليد وتقبيلوتقدم الوزير الربيب، وصعد إىل السرير للتهنئة : أنوشروانقال حال،وكان على كل . ونـزل، وتقدم اخلطري حبكم أنه كان وزيرا يفعل مثل ما فعل

فزامحه الكمال السمريمي وأخره . ة والتقدمة، يستحق أن يقدم ويبجلللشيخوخولزم . فأقام اخلطري سم التهنئة بعده. ومل يعرف سابقته وخدمته للدولة وقدمهوتقدمه،

. وأنا أيضا أقمت رسم التهنئة، ووفيت حق التوفية. منهم يف ذلك املقام حدهكلكاء كالنار فوق العلم، مشرقا وجهه مع حينئذ يف سن احللم، متوقد الذالسلطانوكان . العظمبسناء هصغر سن باهللا ابن املسترشد ابتداء هذه الدولة انتقلت اخلالفة إىل أمري املؤمنني ويف

الشرائط، وبويع له وجدد تقليد السلطان على -رضى اهللا عنهما-املستظهر باهللا طانية واصطلحوا على واجتمع أرباب الدولة السل. املشروعة، والرسوم املوضوعة

وأجالوا بينهم يف مظاهرة البعض للبعض ضرب . وحتالفوا على الصالحالتحالف

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٦٢

أبو القاسم األنساباذي الدركزيين وزير األمري احلاجب علي بار، فصار وكان. القداحويقول إن الوزير . على طرق الضالل ويريه أنه يرشدهويدله ،)١( ويفهده خمدومهيلقن

وهذا السلطان صغري ينبغي أن يكون حتت حبكمك،بغي أن يكونا واملستويف ين ما مل خيرجه منه يف آخر األمر إال رأسهفأدخل يف . وال يأمر إال بأمرك. حجرك

دولته يف إفساد عمه، وأنه يغلب صالحالسيف، فأول ما دبر أنه ذكر للسلطان أن سلجق، وسلطنته عماد آل األعظم نوكان عمه سنجر السلطا. على دولته برغمه

والترك، قد عمت وخوارزمببالد خراسان إىل العراق إىل ما وراء النهر إىل غزنة . ومدميهعزهوهو شيخ البيت وعظيمه، وحافظ . ومنت، ودولته قد علت ومست

: لهوقالوافأحضروا الشهاب أمسد كاتب اإلنشاء، وأمروه أن يكتب إىل خان مسرقند، تأيت أن والرأي ال شك يتوجه إلينا إذا توجهنا للقائه، إنا نقصد السلطان سنجر، وهو

: القائلالرأيوكان هذا . فيقع اخلصم يف الوسط، وحيصل يف التورط. أنت من ورائه .أول ما أدب األدبار وأهب دبوره، وحما من اإلقبال حربه وأذهب حبوره

ة ابن ق صدبن مجلة تدبريام املدبرة أيضا، أن األمري ملك العرب دبيس ومنمنصور بن دبيس علي بن مزيد األسدي كان مقيما يف خدمة السلطان منذ عشر

من السلطان بالرضى، وانقضى يورض. وقد سال عن بلده، وقنع مبا يف يدهسنني،وبالد احللة والواليات يف تصرف نواب السلطان . أبيه الذي انقضىملكه يف عطم

السلطان ببغداد، والرعايا آمنة واألذايا اخلادم اخلصي نائبروزواألمري ااهد والذمم بشكرها مرهونة، فبدلوا تلك القواعد وحللوا تلك راهنة،والنعم . مأمونةفقامت احلرب على ساق، . دبيس وأعادوه إىل العراقاألمريوارتشوا من . املعاقد

هذا وكل. وحماسبته واستخراج سر غناء املرموزروز،وكتبوا ملطفة بالقبض على . التمحيق وحمق الفوائدوأفادعاد بالفساد وفسد العوائد،

وطاعتها مرام الثالثة أن بالد فارس كانت على أحسن نظام وأوفق واملفسدة ذلك يفواتفق . والبذول فيها حاصلة، واحلمول منها متواصلة. شائعة، وشيعتها طائعة

علىعلى خمدومه بالقبض الوقت أن عاملها كان حاضرا بأصفهان، فأشار الدركزيين

. وغفل عما جيب تعهدهنام: تفهد) ١(

٢٦٣ تاريخ دولة آل سلجوق

بفارس بل دعفأخذه وعذبه، وما صدقه أن املال بعد م. العامل، ومطالبته باحلاصلفلما مني اخلرب إىل أمري فارس، طمع يف املال، وكان مبلغا وافرا، وضن برده . كذبه

البالد بتلك )١(وكان للسلطان جشران . وجاهر بالعصيان وأفحشواستوحش، نظام الواليات الفارسية بتلك اآلراب السيئة فاختل. )٢(ار فاعتاقها وأذخ. فاستاقها

.واآلراء املسيئة وأمراء مازندران الرابعة، أن مجاعة كانوا مقيمني يف اخلدمة من أمراء واملفسدة

ممتنعة،الشبانكارية، وهم جيل من جنس األكراد يف جانب بالد فارس، بالدهم إىلاملاضي قد ألف قلوم بإحسانه، وقادهم باليد وكان السلطان . وقالعهم مرتفعة

فأساء الدركزيين . ألنه كانت الطرق منهم خموفة، والفرقة منهم مألوفة. سلطانهفأظهروا . ومن وازرمها إليهم، فاشتطوا عليهم، فنفروا وعادوا إىل حصوموصاحبه

.ن، وحركوا من الفتنة ما كان سكنم ما كان كالشرمن حممد من السلطانخلامسة، إنه مل خيلف أحد من السلجقية ما خلفه اواملفسدة

أقرب من يفالعني واألثاث، فتصرفوا فيه وتقامسوا به، وفرغوا اخلزانة من العني فلما ذهب الذهب فضوا ختم الفضة وفضوها، واستخرجوا وجوه املعامالت . شهريناألواين واآلالت، مث يف مث تصرفوا يف املصوغات من احللي و. واستنضوهاالراحبة حىت مث يف الثياب، مث يف اخليل املسمومة العراب، مث يف اجلمال ومل يبقوا شيئا اجلواهر

فرا،قفصريوا امللك اآلهل . تفرقوا بأغنام النتاج، وتقامسوا بالكباش منها والنعاج .وأضعفوا بعد الغىن فقاره فقرا

نا ت بطاعيطيبونليك السلطان ال إن هؤالء مما: السادسة، أم قالواواملفسدة إىل منهمفاحتالوا يف شت مشلهم، وراموا كل سهم .نفسا، وال جيدو مبتابعتنا أنسا

.هدف، وكل شهم منهم إىل طرف مشغولة السابعة، وهي املفسدة الكربى، أن العساكر اليت كانت واملفسدة

مليله تفريقها حبصار أملوت وقد شارفت فتحها، وشاهدت جنحها، شرع الدركزيين يف

.املاشية: جشران) ١( .أخرها: ذخر وهو املال املدخر، وأعتاقهامجع: أذخار) ٢(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٦٤

أنوشتكنيوأخذ رخصة يف قبض األمري الكبري . إىل املالحدة، ووعده هلم باملساعدة أملوتفرحلوا عن احلصار بغري ترتيب، وتبعهم أهل . شريكري، وهو أمري ذلك العسكر

واألزوادوذهب الباقون غربا وشرقا، ونقلوا إىل القلعة من العدد الكثرية . فقتلوا خلقا. البابإىلدغدي نووصل األمري الكبري ك. ما تزيد قيمته على مائيت ألف دينارواملرية،

حذرواوكان عظيما من أويل األلباب، فولوه أتابكية امللك طغرل أخي السلطان، مث . السلطان منه فخاف كندغدي على نفسه وعلى ملكه فأدجل به ساريا، وذهب متواريا

.لك للقلب اشتغال ولنار الفتنة اشتعال حيومها بعد ذلك دار، وصار من ذفلم أخا السلطان سلجق الثامنة، أن األمري قراجه الساقي سلموا إليه امللك واملفسدة

من قبل هرب فارسوولوه بالد فارس، فلما مسع األمري قيصر بقدومه وكانوا قد ولوه .رو مصداونفث شكاويه اليت هو . وحصل عند السلطان سنجر خبراسان وهو موتور

وكان عليهم . أقمار التاسعة، أنه كان للسلطان مماليك صغار، كأم واملفسدة منهم واحدفأخذ كل . وعلى طوائفهم من جنسهم نقباء. من اخلصيان اخلواص رقباءألف سوق للفسوقوأقاموا ،)١(وق عدة، واقتسموا بالغلمان الر .

من دور املغنياتاإلماء العاشرة، أم أخرجوا اجلواري املطربات، وواملفسدة مركب،وركبوا يف الفسق كل . احلرم إىل دورهم، وآثروا حضورهن جمالس حضورهم

وتسلطوا على السلطان واجترأو ا عليه مبا اجترحوه، . وذهبوا يف اخلزى كل مذهب . هلم بصبوته كل ما اقترحوهومتشى

بار إىل يعل السلطان حممد دخل األمري ذكر يل أنه ملا تويف: أنوشروانقال وزيرهعها عند دة فأونخزانته، فأخذ صناديق اجلواهر النفيسة، واليواقيت الثمي

.، فلما قتل على ما سنذكره، حصل ا ومل يسأل أحد عنهايينالدركز إقليم منوأذكر طرفا من هذا األنساباذي، وأنسباذ ضيعة : عماد الدينقال

األعلم، قريبة من دكزين، فنسب نفسه إىل ردا أكرب قرى تلك رالواليةكزين، أل . يف شائعمية، وشرهم من املزدكية اخلرهمومعظم أهلها أهل اإلباحة والغواية، وأكثر

. واخلبطوكان أبوه فالحا منهم، فجاء به إىل أصفهان وعلمه اخلط، واجلرأة . الربية

. رواق، وهو سقف يف مقدمة البيتمجع: الروق) ١(

٢٦٥ تاريخ دولة آل سلجوق

أحد إليهما أحسن . وتررا يف الشر أخاتوو. رمرا ذا غمومازال خمالطا للمتصرفني غوأول من استخدمه بني يديه كمال امللك . زلزلهإال إال قتله، ومـا آوى إيل جبل

.سننيوقابل باإلساءة منهما احل. ين وعمي العزيز، فلقى كال منهما األمرالسمريمي، على خمالفتهمومل ير . وجرى وزير الوقت على تلك القاعدة يف اإلفساد: قال

بوصيان من خرقه وخرق أصحابه، أم جعلوا خطاب األمري علي بار وك. املرادجيب أن ألقب به، وعزلوا : السلطان، وسريوه أخص ألقابه، فإنه ألزمهم بذلك وقال

من شغل الطغراء، وناطوا به وزارة امللك سلجق املندوب إىل فارس مع األمري اخلطريويف كل . ال يقع منهم إال التالقيومقصودهم أن يبعدوه عن الدركاه ف. الساقيةقراجوتواترت . مل يستطلعوا رأي السلطان وال استأذنوه، وحقروه واستضعفوهعملوهما

فانتحى السلطان سنجر لبيته الذي . وتواصلت أثناء هذه القبائحالفضائح،أخبار هذه . وحتركت على ابن األخ الشفيق الشقيق شفقة عمههدمه،شرعوا يف

ن األعظم شاهنشاه املعظم وصول السلطاذكر

الدنيا والدين أيب احلرث سنجر بن ملكشاه معز

أمري املؤمننيميني

خراسان إىل حدود العراق وظفره وعفوه وعودهمن أن أمر الشمائلفانتهى إىل هذا السلطان العادل، الكامل الشامل، احملبوب : قال

فصوب . مؤود إىل التالف ابن أخيه حممود غري حممود، وأن ملكه إن مل يتالف مؤد مـنوكان كالشمس أضاءت . رايته صوب الري، ونشر لواءه ليعيد الألواء إىل الطي

جوانب )١(وسد عثريه . فلما أطل عسكره على العراق. مشرقها وأنارت من أفقهاالقه ومل يغب أحد يف تلك النوبة من ياآلفاق برز السلطان حممود سراقه، وعرض ف

ي عسكر السلطان األمريان موكان مقد. أمواج حبارها الزواخروتالطمت. العساكرفال جرم، . على بار ومنكوبرس، وبينهما تباين وتضاد وتضاغناألصفهسالران

. الذي يثريه اجليشالغبار: العثري) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٦٦

واختالط أهوائهما، مل يستقم تدبري ومل يتدبر تقومي، ومل يتضح يف رأيهما،الختالف . أليام، وسكن يف محى احلمامودرج الوزير الربيب يف تلك ا. وال تقدميتأخرياملصلحة

٥١٢ كمال امللك أبو احلسن علي بن أمحد السمريمي، وذلك يف سنة الوزارةوتوىل بني السلطانني بثالثة أيام وجرى أمره على نظام، يف غري املصافوذلك قبل هـ،

فلما التقى اجلمعان، واختلط النقعان . غولني بالتعبيةش مالعسكرانوكان . وقت انتظاموملا ضل عن النار فراشه، ظل كأمنا . جيشه، وانكسر جأشهسروكم عسكر حممود از

رءون، وسلم ارمون فلما أصبح السلطان ب املعركة مجاعة ميف وقتل .على النار فراشهفأرسل . حيمد ما كان من تأخره عن حضرته وتراخيهوملسنجر، سأل عن ولد أخيه،

وإنه يؤثر حفظه يف قلبه، واألنس بقربه ،عذرهإليه رسوال لقبض زعره، وبسط ات ن وإنه يتم التقصي عن عهدة تلك اهل،بالتاليفوإنه يتدارك ما فرط . وتنفيس كربه

. لقاء من على لقائك مل يستأثرواستأثرفاستخر اهللا وال تستأخر، . بالتصايف وال الصواب أحاط أولئك املذمومون بالسلطان حممود ال يهدونه إىل وكان

سبقوكان قد . الري، وال يروون منه الصدىويصدون عنه ري. بونه إىل اهلدىيصو، فحضر إلصالح أمر صاحبه، يأبو القاسم الدركزيين صاحب األمري علي بار األعظم

وقدم الرشى . قدرا من املال الذي اختزله من اخلزانة السلطانية فنثره وبذرهوأحضرواملتحدث يف . ملتوسط يف الصلح والصالحوأراد أن يكون هو ا. أمن ما حذرهحىت

. وكان السلطان يؤثر أن ال يطول مقامه فتثقل وطأته، وتكثر مضرته. جناحإلوااإلجناز ويريد االنصراف راشدا وقد طالت . يترك البيت متداعي البنيان غري معمودأنومل ير حصل من وما صدق حبضور الدركزيين على بابه، وظن أنه قد . حممودغيبةعليه

بار، فإنه ألمر ولدي ي علأين: " فأمر بإحضاره، فلما بصر به قال. لبابهالنجح على فأين " قال" أمني آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإين عليه لقوي أنا " فتال" ضمني". وإنه يسعه عطفك وعرفكطرفك، آتيك به قبل أن يرتد إليك أنا " قال" ولدي

فبلغ الوزير كمال امللك . إيثارهموأجرى األمور على . همفندبه إىل أصفهان إلحضارفسبق بالرأي ورأى . باجلرأةواصلالسمريمي أنس الدركزيين باحلضرة السنجرية، وأنه عمك يف مقام هذا" للسلطان فقال. السبق، وأن يكون هو الذي يتوىل بالرتق والفتق

ستعطافه، واستجداد ااألدبومن حسن . والدك، وله عليك حقوق، وعصيانه عقوق

٢٦٧ تاريخ دولة آل سلجوق

أنه إن وصل وخاف" بالكليةوإرضائه . رضاه واستئنافه، وأنا أمضي إليه إلمضاء األليةوإنه يصري . هو عن الشغل متخلياىويبق. الدركزيين يصري األمري علي بار لألمر متوليا

ر فتوجه إىل الري، وقطع الطريق بالنش. نابعاا، وماؤه غائضا وماء جاه الدركزيين ابعتفلم . بتوثقه من السلطان سنجر وتوثيقهوأخربه الدركزيين يف طريقه، يولق. والطي

وعرفتهم زهدنا فال . قضيت الشغل فال تتعبقد إين" وقال له . يعرج على تصديقهفما التفت وال اكترث، وأغذ السري ". طريقهفاجتهد بكل طريق يف إعادته عن . ترغب

وأن ابن . بأن الوزير كمال امللك قد قدمسنجر فمضى اخلرب إىل السلطان. وما لبث وأمر األمراء باستقباله، واحتفل يف بذلك،فسر . أخيك أرسله إليك للعذر ملا ندم

خطره ما مل خيطر بباله، فحبط عمل وزير تعظيموأبصر الوزير من . قبالهإحفله لتوفري ن علي شد أواخيه البن وأخذ يد السلطا. وااروادم كل ما كان بناه . علي بار وبار

واستدرك . منه من كل ما استوثقهواستوثق. وأعلمه بإرادة الوفاق وتوخيه. أخيه الوزير وسري إىل سلطانه من عنده وأقام. بالروية يف الرأي كل ما فاته واستحلقه

إىل فأقبل حممود . مقامه ولبثهطالويعلمه أن عمه النتظاره . حثهترسوال يستدعيه ويسومل جيد علي بار بدا من . إرادتهفأكره وفادته، وأجنح . مدا، وإىل عمه وافداوزيره حا. واعترف بالذنبالترب،وخر لتقبيل . وحضر ضيق الذرع قصري الباع. االتباع

مث اجتمع . املنحفأبدى له السلطان الرحيم صفحة الصفح، ومنحه العفو وأعفاه عن وتدبريه، وأنه حمموده تقرير أمر السلطان كمال امللك وعلي بار ووزيره، على ما يتم بوذلك . حبكمهعندهوأن يكون مدة مقامه . جيب أن يترك رسم السلطنة احتراما لعمه

وأنه ينتقل من نوبتيته احلمراء . يركبه ليحسن أدبهالسلطان )١(أنه إذا استقبل جبنيب وأنه إذا دخل . ه ما دام يف ظللة يأمر بإبطال ضرب طبوأنه. نوبتية بيضاء يف سوداء

عنده على قدمه وأنه ميشي يف ركاب عمه راجال من يقومل األرض، وأنه على عمه قب . عن عمه بسرادق، بل ينـزل يف جوار خيمهينفردوأنه ال . الباركاه إىل السرادق

على هذه القاعدة، ليستعطف عمه يوماويف موضع أوالده وحرمه وأن يبقى عشرين .اعدةيف عود مراضيه املتب

.الدابة: اجلنيب) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٦٨

. جدبيوحيدي على من . غضي عمن يغضبوكان من حلم سنجر، أنه ي: قالواصطفى . وأفاض عليهم اخللع. بعد ما تصفح سرائر قلوم. فصفح عن كبائر ذنوم

ومنشورا لعلي . وكتب منشورا للوزير كمال امللك بتقريره على الوزارة. واصطنعكال مث. القاسم الدركزيين مبنصب الطغراء واإلنشاءومنشورا أليب. بتمكينه يف اإلمارةبار

إم طلبوا من السلطان سنجر خلوة حسنوا له فيها من سفك الدماء كل قبيح، وأعلوا وكان من مجلة من ضربت رقام األمري منكوبرس وقراتكني . كل صحيحعنده

وقرر عليهم أن يبسطوا. السلطان سنجر بعساكره إىل خراسانقفلمث . القصابوالدركزيين يف ديوان . الكمال، وله األة واجلاللالوزيروعاد . العدل واإلحسان

. امللك يف ديوان االستيفاءنظامومشس امللك بن . الطغراء واالستيفاء،وكـان عمي العزيز يف ذلك الوقت، ينوب يف الوزارة : قـال

بل . اشتغاله والوزير كمال امللك ال يرجـع إال إىل كماله، وال يعـول إال على أنوشروانوال شك أن : قـال. السلطان ال يـأنس إال بـه، وال يصغى إال خلطابـه

. واحنراف مزاج شغله للحظ املريض. صعب عليه احنطاط حظوظـه إىل احلضيضومتثل بتمثيالت بـاردة . للوزير كمال امللك بأبيات غري واقعة يف مواقعهاوعـرض

ع للقاضي أيب بكر األرجـاين فيه قبـل أن يلي وكأنـه مـا مس. موضعهايفليست : اململكة قصيدته اليت يقول فيهامشرفالوزارة وهو

عنك ميين ويسري غري جمديةدع بالعيس حبر ندىرد إذا قلت واعلم وأشهرها أمساؤه شىتالبحر

أمامك واطلب منتهى السبلواقصد على غري عز الدين مل أحلأين اصطالح بين اآلمال كف عليعلى

مل يكن يف وزراء الدولة أنه مسعت من والدي : -رمحه اهللا- عماد الدين قالوكتبه بالفارسية تدل منه . وشهامةوصرامةالسلجقية أكمل من كمال امللك حزامة،

وهي . قواعد الوزراء وقوانينهاتعرفومن معانيها . على فضل غزير، وعلم كثريقال : قال. رياحينهابالريافاغمة للمستنشقني رياض ناضرة للناظرين، أزهاها

أنه ملا وصل إىل وزارته،أنوشروان فأول ما شرع فيه الوزير كمال امللك من أمر يف قتل األمري أمحد دبرأصفهان، تقدم بقراءة منشوره بوزارة العراق من خراسان، مث

٢٦٩ تاريخ دولة آل سلجوق

لت منه هربا، أفحىت. بن بغرا، وبعث السلطان على الفتك باألمري على بار وأغرىوأخرج روحه . بدنهفأركب وراءه من رجل نفسه عن . واختذ الليل مجال وأدجل رهبا

رمحه - الدين عمادقال . وهم بأن يقتله. ووكل بوزيره الدركزيين واعتقله. من جسده يب دعا على بصروكان الدركزيين حينئذ صديقي، فاستدعاين، وملا : قال والدي: -اهللا

يل يف أماين من تتوسل أن أسألك: " فقال. جاريب وأخذ مين بالذيلنفسه بالويل، واستفشفعت يف حقه ". خمذول ال شك القتل، فقد أيقنت أين مقتول، وإن مل تنصرين فإين

وفتح على ذلك الطائر . خلصهإىل أخي عزيز الدين، فمازال بالوزير كمال امللك حىت فقدر اهللا أن الشافع سبيله، فخلىوكان حمبوسا يف موضع سبيل اخلالء،. املشوم قفصه

أما - اهللارمحهما-فما عرف والدي وال عمي . فيه بعد عشر سنني كان قتيلهفقد . واعتياصهأمرمهايسعيان يف قلع البيت خبالصه، وحيصالن بتيسري أمره على تعسري

مللك كمال االوزيروتفرس فيه . وبالكرام فتاكا. كان هذا أبو القاسم للدماء سفاكاوما بدا من . أرادماالشر، فأراد أن يريح الناس من غائلته، وأراد الصحيح فما صح له

. يعاقماولكن القدر ال يطاق، واملقدور . الدركزيين ما بدا منه لو باد كانت فقد. الوزير بقتل على بار قلوب اجلماعة، واستماهلم إىل الطاعةوأصلح

وبقتلهنـزعاجه الثبات، افوجدوا ب. تيالئه حمنومتت عليهم باس. يف نفوسهم منه إحن وارتفع. وقامت بالقيام يف الدولة حجته. وتقدم األمري قيصر وترقت درجته. احلياة

واإلضراب . شأن أمراء كانوا متضعني، وحتالفوا على طاعة السلطان وترجيح جانبه . مقاصد عمه سنجر ومطالبهعن

قال . املفرداتات، ومسى ديواا ديوان فشرع الوزير يف املصادر: أنوشروانقال األمري أصحابوإمنا طالب . ومل يكن كما ذكر، وال على وفق ما أنكر: عماد الدين

رونق وأعاد. على بار بأمواله، وأمر مبحاسبة عماله، والبحث عن أسبابه وأحوالهوخرج يف خدمة السلطان من . وضم من نشرها ما كان منفضا. سلطنة العراق غضا

وملا قبض . وقد حكمه يف األمر وأعطى حكمه النفاذ. على عزم بغدادفهانأص الوزير كمال امللك منصب الطغراء أخاه النصري، وناط به ذلك وىلوعزلركزيين دال

ومل يكن فيه ما كان يف أخيه . النصري رصينا، ثقيل الطبع رزيناوكان. املنصب الكبريوكانوا يقولون نعم املوىل وبئس . م والتعطفوالتطفل على املكار. التلطفالوزير من

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٧٠

. املصري جرى بني السلطان حممود وأخيه امللك مسعود هـ٥١٣ويف سنة : قـال

وذلك أن امللك مسعود كان مسلما . وكان النصر فيه للسلطان. بقرب مهذانمصافوهو . تابكه باملوصل وعسكر الشام وديـار بكر يف خدمتهأ جوشبك وهو األمريإىل فجمع آتابك جوشبك جيوشا كثرية ومجعا مجا . الغرب حلـد مملكتهملكنعت يف ي

وزير مؤيد الطغرائي وهو السلطنة، وجعل األستاذ أبا إمساعيل أخذغفريا، وطمع يف فجاء يف حبشدهفعلم السلطان . مسعود، ومل يعلم أنه ال يتمكن فيها من مس عود

اصطف اجلمعان، وكاد يلتقي ملاو. )١(وجاء جوشبك مبسعود حتت جتره . حشرهوضبطه جوشبك فلم . إليهالبحران، وجيتمع الصفان بصر مسعود بأخيه حممد فحن

على جوشبك فتشوش. يعرج عليه، وصاح إجيي إجيي وهي كلمة بالتركية لألخ الكبريوأسلم . أخيهوساق حممود ووقف إىل جنب السلطان حممود . مجيع ما قدمه من التدبري

األستاذفأول من أخذ وزيره . نهب مجيع ما كان معه من جنوده ومواليهللسلب وال وكانل الطغرائي، فأخرب الوزير كمال امللك به، فقال للشهاب أسعد، يأبو إمساع

يكون من " الوزير فقال" الرجل ملحدهذا: "طغرائيا يف ذلك الوقت نيابة عن النصري األستاذ زين األكابرمن الفضالء وقتل . ظلمافقتل" ملحدا يستحق أن يقتل ظلما

إىل عظمته، وأعادهير الربسقي، فأحسن حممود إىل أخيه زوكان و. الكفاة أبو الفتوح .ورتب آخر ألتابكيته وخدمته

امللك عضد املغيثيةوكان من بقية أوالد ملوك الديلم يف اخلدمة السلطانية : قال امللوك فرامرز مشسلدولة علي بن الدين عالء الدولة أبو كاليجار كرشاسف بن مؤيد ا

وكان . األمشخبن عالء الدولة، وكان من السلطان مبنـزلة األخ، وقد أنـزله باحملل ا. بالبابمنابهفلزم بيته يف مدينة يزد فما زالوا حيسنون . مع ذلك حمترزا من حاسديهلو جيأن )٣(فلما ركن إىل ركنهم وركب، وكرب . )٢(وال يصوبون رأيه باإلغباب

.على معىن ولعلها جشرة، وهي املاشية اليت ترعى يف مكاا األصل ومل نقف هلـا يفهكـذا ) ١( .مجع غب ومعناها العاقبة: غبابإلا) ٢( .أوشك: كرب) ٣(

٢٧١ تاريخ دولة آل سلجوق

فارس فاعترضوه، وأخذوه من طريقه ثلثمائةبلقاء السلطان عنه الكرب، جردوا إليه إخفاء ختله وختره، فحمله إىل قلعة يقال الودوكان األمري قيصر توىل بإبداء . وقبضوه

تعدها النجوم . قلعة منيعة، وتلعة رفيعةوهيوأحكم قيده وثقله، . هلا فزرين فاعتقلهوذلك أنه . به، وأوضح له مذهب مهربهاهللافلطف . من أسباامن أتراا والسماء

بنفسه من املكان العايل، وألقى. توسل حىت أشرف على السور، يف جنح الدجيور السالمة، ونـزل ترجىوسلمه اهللا حيث ال . وفعل فعل اآليس من حياته السايل

الشعابلك وتسلل من ت. نـزول الغيث حدرته الغمامة، وتوقل يف تلك العقاب خطىوعلموا أن . وسر الناس بعود األنس والسرور بعوده إىل بلدته. ووقع إىل واليته

وكانت عاقبة األمري قيصر، أنه ضربت ببغداد . اخلطوب ال تصل يف طورها إىل طوده .وأودت به يف سبيل العقوبة عقبته. رقبته

من نبهوجاوكان امللك يف عهد السلطان حممد جمموعا، : أنوشروانقال له فيه وجعلوا. فلما صار إىل ابنه حممود فرقوا اتمع، وضيقوا املتسع. األطماع ممنوعا

اقتطعهفأول ما . وذلك عند حضور السلطان سنجر. ومل يتركوا له منه مسكة. شركةسنجر خلاصه مازندران وطربستان وقومس والدامغان والري ودباوند وأعماهلا، وما

دين طغرل بن حممد ساره وآبه وسارق وسامان وقزوين وأر للملك ركن الأفردوهوللملك سلجق أخيه والية فارس بأسرها، وشطر . والديامل والطالقانوجيالنوزجنان

ة بن منصور على البصرة قوتغلب األمري دبيس بن صد. اخلوزمنصفهان أمن ل الفرات من البطائح، وكذلك هيت واألنبار وأعماإليهاوأعماهلا، واملضافات

ونصيبني واخلابور، قد تغلب على كل منها املوصلعانة، وكذلك أعمال ووالرحبة ومل يكن . وما احنفظ ريعه، واخنفض رفعهمجيعه، للسلطان أقطع ي بقيأمري، والذ

فإنه مل يبق للديوان . ون البطالن وتدالديوان،للسلطان خاص مل يكن له عمال، وبطل . اإلعساروإسعارنايسار، شغل إال أخذ أموال ذوي ال

ريعاا،وبينا وزارته يف : عماد الدين يف ذكر كمال امللك الوزيروقال فجاءهوسعادته يف عنفواا، ودولته يف كمال سلطاا، فلم يشعر حىت عاجله القدر

فإن السلطان هـ٥١٥وذلك يف سنة . واستحال يف احلال كل مسرة مساءة. فجاءةفتخلف عنه الوزير يوما على أنه يتبع يف غد . إىل مهذان عائدا بغدادخرج من

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٧٢

شية ات ركب وقد رتب املوكب، والسيوف بني يديه مسلولة، والغبكرفلما . السلطانفحمل . بعض تلك الدكاكني، وضربوه بالسكاكنيمنفوثب عليه قوم . حممولةجلرح وأحضر من يداويه، واستقل باطرحيا يف حجرة من غرف السوق يوبق. جرحيا . فلم حيسوا إال برجل قد قفز من السقف. آسيه

عمي فتوىل. عليه مبدية احلتف، فأتلف مهجته، وحما من الزمان جتهونـزل عضد أحدمهاواستشهد وله ولدان . العزيز حفظ خملفيه، وحلم عنهم حد الزمن السفيه

. األوفرفتعصب الولد الكبري ذي الفضل . الدين حممد، واآلخر فخر الدين حممود املناصب،فواله السلطان أشرف . واالعتقاد األنور، والدين املتني، والعلم واليقني

. بالكسرةفزهد يف الدنيا مع القدرة، وسلك طريق االنكسار والقناعة . وأرفع املراتب حسن السرية، صايف السريرة، هـ٥٧٩وهو إىل اليوم من سنة : قال عماد الدين

ويأمر . ويألف املنـزل اخلايلالبايل )١(يلبس السمل . قال للمعيشةالعيشة،خشن مقبل على اآلخرة والتقوى . العيافةينظر الدنيا بعني . باملعروف، ويأخذ بيد امللهوف

األعمال الفاخرة إىل آخر حممودوتوىل أخوه فخر الدين . قد ألبسته شعار املخافةويف صرف جاهه . زاهدفيهوالعضد الزاهد . وظهر قدر مكانه وقدرة إمكانه. زمانه

الدين يرجع إىل وعضد. وتباغض يف الدنيا ال تواد. وكان بينهما تضاد. عنه جاهد .فضل وافر، ووجه عن احلق واحلقيقة سافر

.عدنا إىل ما ذكره أنوشروان: عماد الدينقال مشس امللك بن نــظام امللكوزارة ذكر

: أنوشروان فيه متمثالأنشد وال أبأم يأته من عند ومل عند نفسهمن أتاه اللؤملئيم

الوزراة، لطلبقال ملا صرع الكمال، واتسع اال، مست مهة مشس امللك : قال منفاجتاب لبأسها وأنارت مشسه . وخطب عروسها مع العجز عن افتراع البكارة بناوتوىل عزيز الدين أبو نصر أمحد . مطلعها، وورد على الظماء الربح عد مشرعها

. الباليةالثياب: السمل) ١(

٢٧٣ تاريخ دولة آل سلجوق

ومن مجلة . وقد فضل بالفضل والكفاية مجيع األكفاء، منصب االستيفاءحامد أنه جعل للمعسكر السلطاين بيمارستان حيمل آالته وخيمه وأدويته اخلريمبتدعاته يف

ابيني ببغداد تيت، ومن مجلتها أيضا أنه بين مبحلة الع واملرضى مائتا خبوالغلمانواألطباء واأليتام مكفولون . اجلدوى على الدوامهيها وقوفا مستمر لأليتام، ووقف علمكتبا أن يبلغوا احللم بالنفقة والكسوة والطعام، وتعلم اآلداب وحفظ القرآن، إىلمنها

وتوىل ديوان . وصح له التحكم على الوزير بإحكام التدبري. واحلراماحلاللومعرفة أيام والده وتنجز حظه أنه لسلطان يفل الشهاب أسعد، وكان معلما واإلنشاءالطغراء

إىل آخر عهده يف ي إذا انتهت إليه السلطنة، وملا توىل مل يتغري عليه، وبقالطغراءيوليه وتوىل أبو القاسم األنسباذي ديوان العرض، وكان أنوشروان عارضا وهو الطغراء، . مقامه عنه نائبويفغائب،

وأمر أقضيهاألوان لشغل كنت أنا قد ختلفت يف بغداد يف ذلك : أنوشروانقال وشنعوا توقيعا،فاجتمع هؤالء القوم واغتنموا غيبيت، وأخذوا بأخذي وتعويقي . أمضيه

اهللا أن أعاله أن األمر املطاع وكان مضمون املثال السلطاين. علي عملي وعملوا شنيعا طرق لقائهوسدت عن . أنوشروان إن كان يف حدود بغداد ألزم بيته بباب املراتب

قسرب ريوإن كان قد وصل إىل بالد اجلبل فيقعد يف والية األم. قارب واألجانباألوحيضر مماليكه إىل . ويشترط عليه أن ال يطلب املنصب واملعاش. بقلعة كفراش

وكان : قال. نـزواءال لينتقلوا إىل اخلواص من األمراء، وحيمل ثقلهم عنه مع االدركاه نعمه على اهللا أمحد: "راء عليه أسعد، وعالمة الوزير فيه خبط العزيز، وقد مد الطغاملثال

العزيز غريوما وجدت من أنسب إليه هذا القصد ". وتوقيع السلطان، اعتصمت باهللا خبط الوزيروكتب . فإن اآلخرين كانوا مسخرين له وهو املتوحد بالتمييز والتربيز أيب الدولةلدين ظهري كاتبه أن شغل العرض قد فوض إىل العميد األجل األخ زين ا

. إليهتسلمالقاسم يعين الدركزيين، فتختم مجيع دفاتر العرض وأوراقها وتنفذ حىت السلطاينوأضوا إىل طريقي مجاعة من الفرسان، لوال إعظام األمر : قال

ولركبواولعادوا وحكوا أم لقوا مين رجال، . املطاع، ملا رعيت حرمة أولئك الرعاعفامتثلت األمر وسلمت إليهم موجودي وخرجت من مايل . ل مجالمن اخلوف اللي

يوسلمت نفسي إىل احلبس، وبق. من العجني، ووقع اهلجان بتوقيع اهلجنيكالشعرة

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٧٤

. اللبسعلىأمري به إىل امللكفعاد : عدنا إىل احلديث عن مشس امللك بن نظام امللك قال: قال

. واملصادرةلكنه مل يطو بساط الظلم . ةأدىن استقامة، ووجد إىل كفايته أيسر استنام وملقتهم مبغضا،وكان إىل الناس . ومل يقبض عن التعدي األيدي املتجرئة على املبادرة

الكاملوهو . فلم يكفه ذلك حىت استناب بغيضا، واستطب ملرضه مريضا. متعرضا وصفوه يف وزارة اخلطري، زيابن الكامل ابن الكايف األصفهاين الذي مضى ذكر خما

وهذا الكامل ما ناب عن أحد إال نابه خطب . بالشؤم والسوء يف اإلدبار والتدبريكما قال البحتري يف سعد، حاجب عبيد اهللا. ملم كبريودمهه ،)١(بريم:

ثالثةخدمت سعد إنك قديالتبريه ختدم رابعا وأراك

حاجب الوزراء إنك عندهميا

الئح عليه منك وسم كل به فالشيخ شيخ صاحلفارفق ولكن أنت سعد ذابحسعد

قد خزانته هذا النائب يف األول بأخذ خملفي الوزير املستشهد وكانت فبدأفلم . األحزان، يرجون عواطف السلطانبيوتوهم يف . بت، وذخائره قد ذهبت

وضاعف عليهم حمنهم وعرق عظامهم وفرق . سجنهم وحبسهمىت هلم بالعدم حيرضومل يقتصر على قطع الصالت، حىت . استعادة الرسوم واإلدارات بأمرمث . نظامهم

باسترجاع ما أخذه أرباب الصداقات لسنتني، ومن أخذ عرضا البالدكتب إىل مجيع رط ش فوكلوا يف كل بلد باألخيار واألشراف، وسلطوا أقوياء الالعنيبأدراره ألزم برد .)٢(على املتضونني كتابا وعرضواه السنة على الغزاة فصدوه وكان قد عزم السلطان يف هذ: قال

الشروانية،من بعض أمراء بالد شروان يذكر فيه أنين قد استخلصت لكم اململكة عليهوأن امللك شروانشاه حمصور، وأن الفرج . وأهلها ينتظرون الراية السلطانية

فاصرفوا فإن أردمت متلك اخلزائن، واستخراج الدفائن، واالستيالء على املمالك. حمظورفلما . شروانفثنوا عزم السلطان إىل قصد بالد . إليها األعنة، واشرعوا حنوها األسنة

.مهلك: مبري) ١( . ولدهكثر: تضون) ٢(

٢٧٥ تاريخ دولة آل سلجوق

. عيدهدعاوصل وجد األمر خبالف ما ذكر، وخرج إليه امللك شروانشاه راجيا أنه قد وألفوافإنه كان فقريا قد قنع الرعية مبلكه . وأن يتحلى بعد العطل بطوق اإلنعام جيده

فيحن وطئ البساط طوى بساطه، وعقل نشاطه، وسحب وحبس، . سلكهاالخنراط يففحني . وانتظر أهل البلد أنه يعود إليهم مملكا مكمال، مشرفا جممال. وخبسوغنب أكثروا الصراخ والبكاء، وأثاروا الرجال والنساء، وخربوا عظائم تأنف احلالعرفوا مل يدع يابسا . ذلك اخلبط خطباوجر . واجترحت كبائر تأباها الكرباء. العظماءمنها وأبادوا األعمال وأباروا، وقتلوا خلقا . فأغاروا )١(وطمع الكفار املثاغرون . رطباوال

ثالثني ألف عنان على فرسخني، لكن اهللا يفمن املسلمني ونـزلوا قبالة السلطان ومل السلطان حممود إليهم حممودا وض. تدارك رمق اإلسالم بكسر أولئك األغنام

.مسعودايدع يف هزمهم جمهودا، وعاد منصورا ومل طائل حبس امللك وقع الشروع يف مصادرة الرعية فلم حيصلوا على وملا

الشروانية،وكانت للخزانة السلطانية، يف كل سنة على األعمال . يظفروا حباصل املقام لوطا. مقاطعة مبلغها أربعون ألف دينار، فبطل حق تلك املواضعة بوضع الباطل

شروان من علىوكان هذا القرار . يف تلك البالد لدفع البالء، ورفع األهوال واألهواء امللك خدمتهعهد سلطان ملكشاه بن ألب أرسالن، فإنه ملا عرب على أران، وصل إىل وما . اخلزانةفريربز صاحب شروان بعد امتناعه والتزم حبمل سبعني ألف دينار إىل

الوزير فباء. ل يف القرار إىل أن وقف على أربعني ألف دينارزالت املساحمات تدخ حبس إالومل حيظ يف مدة سنة واحدة من وزارته بعمل يذكر به . بالوزر، وقبح الذكر

تلكوملا أبصر السلطان اختالل األحوال، واختالط . أنوشروان، وختريب شروانوذلك يف . بالسيف صربااألعمال سخط على الوزير مشس امللك بن نظام امللك، وقتله

. بباب بيلقان هـ٥٧١ ربيع األول سنة آخر أيضاوكان الذي جرى على من األخذ والنهب بباب حلوان : أنوشروانقال

. هـ٥١٦يف آخر ربيع األول سنة به ال يغتر والدهر ير يوما ير بهمن

.سكان الثغور: املثاغرون) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٧٦

ان رسوال وسبب قتل هذا الوزير أن أبا القاسم األنسباذي ك: قال عماد الدينوذكر له أن . عند السلطان سنجر، وقرر من أمر ابن أخيه السلطان حممود ما قرر . الوزير هو الذي أذهب اهليبة وشتت مشل األجناد، وبت حبل السداد

طلب بكل طريق حىت تنجز كتاب السلطان سنجر إىل ابن أخيه يف وتوسل على سره، وإن مل يسريه إن سريه اطلعيفحار حممود وخش. وزيره وأمره بتسيريه

فبغت الوزير أقوى ما كان . فأشري عليه بقتله، وتسيري رأسه. عمه مبخالفة أمرهأسخط . يف احلياة ببأسهرجاء

بن ا أمحد نصروعاد حكم اململكة كله إىل عزيز الدين أيب : عماد الدينقال السلطانفسكن . حامد وكان حينئذ مستويف اململكة وجاذب زمامها، ومالك نظامها

.فرواهاووجد مغارس اململكة ذاوية . إليه، وعول عليه، وعرض الوزارة عليه فأباها مصلحة تقف، أدعي مواردك ومصادرك، وال أنا أنفذ أمورك وأوامرك، وأصف: وقال

. أتقلد أمرهاأنينعلى . لكنين ال أتسم بالوزارة وال أتقلد وزرها. وال منفعة تنصرف عند صداقتهوما عرف أن . نسباذي جعلته صدرهاأللقاسم افإذا حضر صديقي أبو ا

فمكث سنة باملناصب . عودة تعود عداوة، وأنه يتجرع مرارة سم ما ظنه حالوة حممود حمبورا،وعاد السلطان إىل مقر ملكه حمبوا بالظفر . وباملراتب منفردامتوحدا

. منصب الطغراء الطغرائي يف اإلنشاء وأسعدواستمر الشهاب . األثر مشكورا باألمر يكفل وصل من قـد" عـاد الدركزيين قـال العزيز للسلطان وملا

واتركين. فأضه للوزارة، فإين غري ناهض بأوزارها. ويكفي يف احلـل والعقدامسا،وأنا إن خليت الوزارة . قلين مبضارب مضارهاومضائي يف غري هذه اخلدمة وال ت

فيكـون أبـو . واي وأكون عليه حبكمي مستظهراعذقها بسأو. فما أخليها نظرا ما" فقال السلطان ". يل قسيما، وأصبح أنـا لـه مقعدا يف املصاحل مقيماالقاسم

. ذكر احلال يف ذلكوسيأيت" أعرف سواك، وال أعول إال على حجتك وحجاك شدة حايل، وانتهتويف تلك املدة، استدعاين السلطان إىل بابه، : أنوشروانقال

التجارب أنه وعرفتين. انقضت مدة اعتقايل، وأنقذين اللطف الرباين من كيد اخلصومو وال يوجد اخلصب الذل،وعلمت أنه ال جيدي طلب العز يف زمان . ال حميد من احملتوم

٢٧٧ تاريخ دولة آل سلجوق

ذوي الكرم املهلبوصممت يف االعتزال حد العزم، ونـزلت على آل . يف سنة األزل :والفضل والعلم، كما قيل

شاتيااملهلب على آل نـزلت زال يب إحسام وافتقادهمفما

زمن حمليفن األوطان عغريبا حىت حسبتهم أهليوألطافهم

حممد ابن بنويعين أنوشروان بآل املهلب اإلمام صدر الدين عبد اللطيف : قال أنوشروانفلما ضافه . ثابت اخلجندي بأصفهان وكان أجود األجماد، وأجمد األجواد

وحقق األصدقاء اهلمم، فصرف إىل: قال أنوشروان: قال. ثواه، وقبله وآواهأكرم موكتبت له علي وثيقة . إكرامهم عندي الكرم واستقرضت من تاجر غريب مجلة

حني إنسان، وقال خمدومي عزيز الدين يسلم عليك، وقد نفذ هذه الوثيقة بعدفجاءين فعجبت كيف توسل . قد رضي وصاحبه، أبطلها فإن الدين قد قضىلكإليك، وقال

افة آمنا من املخافة ي الضكفبقيت مدة يف تل. له عليا وأفض،إىليف إسداء هذه اليد فامتنعت أياما، . السلطان بعد قتل الوزير، وأهلين للتدبرياستدعاينحىت . ساملا من اآلفة

.زماماوطلبت من اخلطر لسبب، إالما استحضر وصلت إىل الدركاه رأيت كال من اجلماعة، يقول وملا

السلطانفراجعت فكري، وندمت يف أمري وقلت أعمال : قال. وما استقدم إال ألربولو . ولو خلصت لكنت فرحت. عواري البد من ارجتاعها، ومالبس البد من انتزعها

ا وأنا قد وكان السلطان يف اإلذن يل متوقف. نـزواء السترحتال اهللا يف ااستخرتفما زلت به حىت استأذنت . النفراد، وقصرت مهيت على هذا املراد الوحدة واإىلملت فساعدين . يل يف االنصراف، وخصين من مواعيد عوائده اجلميلة باأللطاففأذنمنه

. من اخليل وغريها مبا محل أثقايل، ومن األزواد وغريها مبا ثقل أمحايلالدولةأرباب فلما وصلت إىل حضرة . جل املالذوعدمت املالذ أل. من أصفهان إىل بغدادوتوجهت .نعام واالحترامإل وجدت اإلكرام، وااخلالفة

هـ٥١٨ الدر كزيين يف سنة وزارة ذكر فالح ترك أولوهو . ملا وضع عليه اسم الوزارة تبدلت الغزارة بالنـزارة: قال

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٧٨

ففتك امللكفحل يف دست . فدان له عمل الترك وحل البقر عن امللك. العمل بالفدان الكرام،تك، واستباح الدماء وسفك، وشرع املنكرات، وأنكر املشروعات، وعاد وه

باألحرار،وبدد النظام، وظاهر الباطنية، وأظهر السنة اجلاهلية، وشرع يف الفتك نصرفمن مجلة من فتك به القاضي زين اإلسالم أبو سعد حممد بن . واهلتك لألستار

ج وحده، واملعروف بإسداء املعروف، بن منصور اهلروي وكان أوحد دهره، ونسياوهو حرب العامل وحبر العلم، واحلاكم بالعدل والعادل يف . إلغاثة امللهوفواملرجو. وقد ملك من قلوب السالطني القبول، ومل يروا من نصحه وإشاراته العدول. احلكمله فتقررت . عمي العزيز، املخصوصني يف الفضل واإلفضال بالتربيزمتعصيبمن وكان

كزيين رسالة السلطان األعظم سنجر، وسار إىل خراسان يف البهاء الدربعد وزارة فصعب على هذا الوزير أمره، وتقسم سره، وعرف أنه إذا . األوفراألر، واجلمال

وه ولبس، وأخفي أحواله عند السلطان سنجر كان مفإنه. حضر هناك اتك سترهفقرر مع عدة من . لباس تلبيسه ويعريهوينـزعيه، يهريفعرف أن اهلرو. ودلس

وقد حضر للصالة يف جامع . خراسانرسالة من هالباطنية أم فتكوا به عند عود . هـ٥١٨ سنة يففاستشهد قبل أن يشهد السلطان وذلك . مهذان

. النقييالتقوكان حينئذ باملوصل آق سنقر الربسقي الغازي ااهد : قال أمر وغمهفإنه كان قد قمع أهل اإلحلاد، . وزير الشقيفدخل يف وزر ذلك السعيد ال

يقدر،وتوسل الوزير عند السلطان يف عزله فلم . هذا الوزير الذي سد باب السداد حىتوملا أعياه أمره استدعى إخوانه من الباطنية، . وبالغ يف كل مكيدة ومل يقصر

به جلف. السكاكنيجلسوا له يف جامع املوصل بزي الصوفية، وقفزوا عليه وضربوه بوكان وزير السلطان سنجر . هـ٥٢٠وذلك يف ذي القعدة سنة . املسلمنيمصاب

معني الدين خمتص امللك أبو نصر أمحد بن الفضل بن حممود وقد األجليف ذلك العهد ولقد كان . يف زمان السلطان حممد وتوليه ديوان االستيفاءوفضلهمضى ذكر كرمه بكر األرجاين وله فيه قصيدة صادية من ممدوحي القاضي أيبوهو .موئال ألهل الرجاء

:أوهلا

٢٧٩ تاريخ دولة آل سلجوق

القالصن ساعة متوحارو من سراة بين األقيالياخليلي فلألخالء قدماواسياين أشكو خطبا وخمتص ملك األرضكيف استنصر اهلمام أبو نصروإذامية الكسب ندى يستهل كالدذو

يريك للقلم الناوبنان

العراص وقفة بتلك حفظاوا من بين األعياصوالغر

يف النائبات تواصبالتواسي بالقرب منه اختصاصيأضحىيايل العواصيل لنا الأطاعتاص كالكوكب الوبونشراص فضال على القنا العرحل

شديدولقد كان على الدولة . فأنف من وزارة الدركزيين بالعراق: قالأن نقصه مع فضل أيب الفضل باد، وأن أمره مبين لعمي وعرف الدركزيين . اإلشفاقفلم يزل يعمل كيده يف نكبته، ويتسلق باملكر على هضبته، . عنه على عماددهره

. وفرع فكره لشغله، فوجده متحرزا متيقظا، متحرسا متحفظا. يف قتلهالباطنيةوباطن فتوصل . من املالحدةر إىل خراسان عدة ائله، وأدب إليه غوائله، وسيب حعليهفبث

فأراد يوما عرض . أن خدم يف اصطبل الوزير املختص سائسا لدوابهإىلمنهم واحد فأطلق . وهو عريان، وقد خبأ سكينة يف ناصية حصانالسائساخليل فحضر ذلك

من ناصيته السكني ووثب، وتعمد مقتل الوزير واستخرجحصانه من يده حىت شغب . زعوه متزيعام السائس يف احلال تبضيعا وضعوب. ابهوعظم على الكرام مص. فأصابه

. هـ٥٢١وذلك يف شهر ربيع اآلخر سنة السلطان، من الدركزيين يتتبع األكابر، فمنهم من يقتله جهارا بإذن ومازال

إىل الباطنيةوكان سبب ميل : قال. ومنهم من يقتله غيلة مبن يتخذه من أولئك األعوان قارب كان مشتغال حبصار قلعة أملوت، وقد -رمحه اهللا-كري الدركزيين أن األمري شري

حممود السلطان حممد، وتوىل ابنه فلما تويف. وشارفت اآلمال يف أخذها جنحها. فتحها مث مل القلعة،ومتكن الدركزيين من الدولة، أعمل احليلة يف استدعاء شريكري، ونفس عن

قها، لفئومساوان ذنوبا اختلقها يزل يدقق االحتيال حىت جعل لشريكري عند السلط أمرمها يفحىت اعتقل ذلك األمري مع ولده شرف الدولة، ومل يزل يطلب غرة السلطان

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٨٠

حاليت سكره وصحوه، حىت أخذ رخصة يف سفك دمهما احلرام، وأذهب بقتلهما قوة .واختذ بذلك عند ذوي اإلحلاد يدا، واستكثر له من أعوام مددا. اإلسالم

. إحسانمنهان عمي العزيز حيسب أنه إنسان، وأن جزاء اإلحسان له وك: وقال تلكنـزواء، واخللوص من الره، وضراوة ضره فكر يف طريق افلما أحس بشرارة ش

، وكان حاج هـ٥١٨ أو ٥١٧فاستأذن يف احلج، فسار يف سنة . األهوال واألهواءارفته، حىت قال الرئيس أبو م مشول عوعمه. بأمجعهم يف ضيافته وكرامتهالسنةتلك

: فيهالبغدادياحلارث يل أرىما كعبة اإلسالميا

يف العام وهذا الفىتتقصداجلود تسعى كعبةإليك

يوما غري مقصودفل يمل

: اليت أوهلااملشهورة عند عودة القاضي أبو بكر األرجاين بقصيدته النونية وهنأه القاناشوك اخلدود دونهورد متدد األيدي إليه فطاملاال إن جفوت الطيف إال ليلةما أمل وقد شغلت مبدحةملا ليلة حسدت مصابيح الدجىيف

ا حىت الصباح ومشعيتقلمي هزمنا للظالم جنودهحىت وأفنيت الدجى قطيأفنامها مقدم ماجد أضحى بههللا

إساءته عداه ألنهأمنت غزوتك احلميدة حجةأتبعت

أذيال الكتائب موغالوجررت غدت تلك ااهل منهمحىت

جيتىنأنث نفسه احملدفمن احلروب ألن مددنا األعينا شبوا قد نـزلوا بأعلى املنحىنواحلي دين اهللا فكري موهنالعزيز وقد كانت هلا هي أزيناحكمي ثالثتنا ومدحك شغلنابتنا تشاهرنا عليها األلسناملا

فأصبحنا وأسعدهم أناسهرا لنازلة النوائب مظعناعنا كان مل حيسن سوى أن حيسنامذ

ملتعينا أيضا فرضها افقضيت األرض خلف بين اخلبائث مثخنايف

هن املناحر من مىنوكأمنا

٢٨١ تاريخ دولة آل سلجوق

مراده، وال إىلوملا عاد من حجه، استعفى السلطان من شغله، فما أجابه : قالوأصبح . السعادةق به مطلع مكنه من انفراده، وأعاده إىل منصبه على العادة، وأشر

الصداقةوعادت تلك . الوزير جيول يف مكر مكره، ويسر له ما يرجع بشغل سره االستعفاء،وعربت على ذلك مدة فثبت العزيز على . عداوة، واملعرفة نكرة وغباوة

تكون كنت مستعفيا، وال تؤثر أن إذا"فقال السلطان . وترك منصب االستيفاء حيصل من الولد واملال وقد سلمت إليك خزائين وأوالدي وذا مستوفيا، فما يل أعز

القاسمفلما خال منصبه منه، ورغب العزيز عنه توىل الصفي أبو ". مرادك ومرادي .اجلنـزي ديوانه، وجلس مكانه

ومل رة،ضم هو والوزير واجلماعة على قصد العزيز فلم يقدروا على فتوازر وسلك وزارته ثالث سنني ومشل العدل بغري التئام، ومضت على. يعثروا له على عثرة إلعالموتفرغ العزيز . واملعاقد غري مربمة، والقواعد غري حمكمة. امللك بال نظام

فأمر . السلطان بالتشويش والتشويه، وحصول كل أمر كرمي به يف األمر الكريه فرأى. ره واغتياله بقبض الوزير واعتقاله، وسلمه إىل العزيز لرييح الناس من شالسلطان

ودبر يف تولية . فظيع ليس من أهله وهوأن إهالكه على يده شنيع، وأن ذكره بالفتك فسعى يف استدعاء . يقضي عليهمنهوزير يسلمه إليه، وهو ألجل اخلوف على منصبه

محل ، حضر واستوزرفلما. شرف الدين أنوشروان بن خالد بن حممد من بغداد .ره يف اعتقاله حاله، وصيالدركزيين إىل داره على

تسلم فلما. يف أنوشروان ركاكة ظاهرة، ووضاعة خللق الرفعة قاهرةوكانت. ويلقاهالدركزيين ضرب له يف داره اخلركاه وأذن لكل صاحب له أن يدخل إليه

مناوكان يف كل يوم يدخل إليه وجيلس بني يديه وخياطبه بيا موالنا، وأنت أوىل فسقطت حرمته، وذهبت هيبته، واتضعت . به السلطان وأوالناصناخباملنصب الذي

وخيف عود الدركزيين بعد استقرار سالمته إىل منصب . وعرفت حقارتهوزارته،وهو جالس يف دار أنوشروان والناس . يف إعادته، وجروا على إرادتهفشرعوا. كرامته ردخرج من داره، وأفما شعر أنوشروان حىت . لتقرير وزارة السلطانإليهبون ومتنا

فرأى . ذن ألنوشروان يف العود إىل موضعه، والغيض يف منبعهوأ. قرارهإىل مقره على وكانت وزارته سنة : قال. واغتنم السالمة اليت تكن له يف احلساباإلياب،الغنيمة يف

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٨٢

.واآلن أذكر ما ذكره عن نفسه يف كتابه. أورده يف بابهماواحدة على رف الديـن أيب نصر أنـوشروان بـن خالد وزارة شذكر

من حفظ وأناكنت قد اختذت بغداد مدينة السالم دار املقام، : أنوشروانقال وخادمهووصل رسوله . فجاءين كتاب السلطان حممود وخامته. اهللا يف أوىف ذمام

فحني حضرت اخلدمة . ويستعجلين يف املثول بني يديه. يستحثين يف الوصول إليهوكمل يل تشريف الوزارة وخلعها، وأدواا . بالتقليد، وخصين بأمره األكيد شافهينفجلست يف الوزارة سنة وأشهرا، . ودواة الذهب والسالح اوهر. ومرصعهاحمالها

وصاحبا مييين . على اخلطاب يف مصلحة، وال على التنفس بفائدة مترجحةأقدرال قاسم املستويف واألمري احلاجب الكبري أسعد الطغرائي والصفي أبو الالشهابويساري

فلما رأيت اتفاقهم على ما هم . وامرأته خلف الستر قهرمانة السلطان. أرغانحينئذ . ال يظهر يل يف الناقصني فضل، وال يقبل منهم صرف وال عدل: نفسييففيه، قلت

. لية على التولية، وأحدث نفسي عن الوالية بالتعزية والتسالعزلفاستعفيت واخترت وعاد الدركزيين إىل . ورتبتهمقلت العفاء على تربتهم . صحبتهمونفضت يدي من

ورجع كالكلب، . ومشى به غرضه فمشى. الوزارة فإنه أرغب أرغان احلاجب بالرشي . من مل يكن يهابه وامتأل باللؤم والشر إهابهوهابه. والبغل الشغبكزيين إىل الدرفلما وصل . وحدةفعدت إىل بغداد متأنسا بالوحشة آلفا بال: قال

سبقت، وال مينفعصمين اهللا من كيده، ال إلساءة إليه . بغداد، اجتهد أن ينالين شره وقلدتهفإين كنت أسلفته يف حال حبسه وعزله إحسانا، . بقلبه علقتيلضغينة عل

مايل، إىلوملا كألين اهللا من غائلته، مد يده . ومل أترك يف اإلنعام إمعانا. امتنانا لكا،معاها لنفسه داوقد كنت بنيت على دجلة دارا ف. وأنـزل النوازل بأسبايب

وصريا، وانتقل إىل الدار حبكم الشرع، ا وإفكر عدوال شهدوا له بامللكية زورضواستح .باطله حقا ببيناته الكاذبة يف األصل والفرع

يظهر فتارة. رامواجترأ على االجترام واجتراح اآلثام، وسفك دم الك: قال مجلة من فمن. مة السنيةئ التشيع يف قتل األيوآونة يدع. التسنن بإراقة دم العلوية

النسب،سفك دمه، ورام عدمه، عالء الدولة رئيس مهذان، وكان شابا حسنا شريف

٢٨٣ تاريخ دولة آل سلجوق

فقام إليه رجل من أصحاب . وكان بأصفهان قد حضر جملس الوعظ. كرمي احلسبوكذلك عني القضاة املياجني . وفرى مبديته حبل وتينه. فضربه بسكينهكزيينالدر

وقد خلف أبا حامد الغزايل . مة واألولياء ذوي الكراماتئ من األكابر األكان. مذانهال الزمان املتلبسون بزي فحسده ج. يف املؤلفات الدينية واملصنفات-رمحه اهللا-

ألمر به إىل أن صلبه الوزير فضى اأو. الوزير عليه فقصدوه باإليذاءووضعهم .العلماءوكذلك امللك عالء الدولة بيزد سعى يف دمه، . يراقب اهللا فيه وال اإلميانومل. مذانوكذلك رئيس ساوه، اعتقله مث قتله، وتتبع البيوت الكبار واقتلعها، . مهحروهتك

لة ومن مجلة أفعاله القبيحة، وأقواله العائدة على الدو. فزعزعهاالعظامواجلبال فح زأن هـ٥٢٠ وصل إىل بغداد يف سنة وقد ن للسلطان حسأنهبالفضيحة،

حيسن ذكره، واعتمدوا كل ما قبحت بعسكره إىل دار اخلالفة، وقالوا وفعلوا ما ال جالل -رضى اهللا عنه- باهللا املسترشدوزير اخلليفة وكان حينئذ . مسعته وعظم وزره

بكفايته، وكشف تلك الضاللة لألمر فتوسط الدين أبو علي احلسن بن علي بن صدقةوآسوا . على اإلصالحفتعاونا، -رمحه اهللا-وكان صديق عمي العزيز، . دايته. أوامره وأحكامهعلىومحال السلطان على معاودة طاعة إمامه، والتصرف . اجلراح

. هـ٥٢١ أو أوائل احملرم سنة هـ٥٢٠وذلك يف أواخر ذي احلجة سنة وقلبه،ري السلطان من بغداد حدث به مرض ضعف منه جسمه قرب مسوملا

فاعتقد أن ذلك من شؤم خالفه اخلليفة، فجلس يف حمفة ووقف على باب احلرم فخرج إليه . وأبدى اإلعظام واإلجالل، وطلب العفو واالستحالل. الشريفةللمواقفمله يف وطابت نفسه، وزاد بذلك أ. اإلمامي بأمجل جواب، وألطف خطابالتوقيع

وتوفرت له صحة الصحة، وشكر اهللا تعاىل على ووصل إىل مهذان وقد أبل. وأنسهالرب .املنحةرواح

أنوشروان ووىلويف هذه السنة عزل الدركزيين : -رمحه اهللا- عماد الدين قال العزيز عميكما سبق ذكره، مث عزل أنوشروان بعد سنة وأعيد الدركزيين، وما زال

مرياثالوزير، حىت أخرب السلطان بأن عمه سنجر قد سري يف طلب يف عصمة من شر ابنتيه وجواهرمها رسوال، فإنه كان قد تزوج بإحدامها، فماتت مث تزوج باألخرى

رسول عمك واصل إليك إن" أيضا، فوضع الدركزيين من قال للسلطان فماتت

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٨٤

سنجر يد رضوق. اجلواهر، وأنه ال يعود عنك مبا تقرره من املعاذرتلكبسبب وحنن نرى أن . قوله صادق، والسلطان سنجر بصحته واثق أمنيفإنهبشهادة العزيز،

حىت إذا وصل الرسول وأدى . حمفوظا من الغوائلاملعاقلحتبس العزيز يف بعض صاحبنا وقد نقمنا منه أمرا، فعزلناه، هذا: " لهقلترسالته، وطلب العزيز وشهادته

وسؤال احملبوس خالف . بقينا نرجع إليه يف الشهادةوما .وقبضنا عليه واعتقلناهففاوضه الدركزيين وهون . وتذمم، وتردد فكره وتقسمحممودفتلوم السلطان ". العادة

كنت معتنيا فما يضره القعود مصونا وما إذا" وقال له الوعر،عليه األمر، وسهل عنده لك من مايل ثلثمائة ألف دينار أطلق وأنا: "قال". خمزوناوالذخريعيب الدر مكنونا

". وأقوم بأدائه إذا أجلستهحبسته،إذا بغرضه، مث وعرفهفاستدعى عمي العزيز من داره . احملالب إىل املال وحال لفما

سنة أوائلأمر بالتوكيل به على أمجل وجه، وكان ذلك والسلطان حينئذ ببغداد يف . معقل فقد قرب وصول الرسولالصواب إنفاذه إىل : ، مث قالوا للسلطان هـ٥٢٥ حىت سريه إىل تكريت، فلم يلبث السلطان ، العزيز إىل روز اخلادم شحنة بغدادفسلموذلك أنه مل يسمع ). ختذ فالنا خليالأيا ليتين مل (وكم تال . حبسه إال قليالبعد

واستدل بذلك على كذب الوزير يف . عمه عند حضوره ما قيل عن رسالتهرسولوسري إىل أصفهان . إىل الوزير وطالبه باملال فزاغ عن مطلبه، ومطل بهوأرسل. مقالته

صفي الدين وعلى عمي ضياء الدين واعتقلهما بقلعتهما وب والديفقبض على وأما العزيز، فإن السلطان كتب . وأموالنا واستوعبأمالكناواستوىل على . وسلب

خذت من الوزير ما بذله فأنا ال بد أن أإذا" ويقول بالصربإليه بتكريت يعده ويأمره والوزير يف كل مدة يزن له شيئا من املال، ويريه أنه من عنده ومن ،"وأعتقلهأطلقك ويف . وال يعلم أنه جباه من مال املصادرات، وجاء به ووعده بالباقي إىل مهذانذهنه،ومرض يف ورحل السلطان من بغداد . أن بقاءه قد انتهى وأن حينه قد حانالقدر

وذكر . هـ٥٢٥وذلك يف شوال سنة . مث فارق جوهره عرضه. مرضهواشتدالطريق فإنه ملا قصر يف أداء املال، ونظر يف سوء املآل، شرع يف اغتيال طعامهأن الوزير مسه يف

وحني مضى السلطان لسبيله وضح يف . االحتيال، فتمم له تأميلهوجهالسلطان على .التسلط سبيله

٢٨٥ تاريخ دولة آل سلجوق

قبلهـ ٥٢١ن قد اتفق وصول السلطان سنجر إىل الري يف سنة وكا: قالمضي السلطان حممد إىل بغداد، فعاد إىل خراسان واستصحب امللوك معه تأنيسا لقلب

ومن . عاد حممود إيل سريره وتفرد الوزير بتدبريه. باستصحاب طغرل ومسعودحممود،ك العهد يف خركاه واحدة العجيبة والواقعات الغريبة أنه اجتمع يف ذلاالتفاقات ومسعود، وطغرل، وسليمان، ،السلطان حممود: سنجر واألخوة األربعةالسلطانوهناك رجل يقال له . كزيين، والنصري حممود بن أيب توبة وزير سنجرالدروالوزير

. ركعتني ورفع إىل السماء اليدينىفقام وصل. الندماء املطبوعنيمنالفلك، وهو هذه الصالة ما"فاستدعاه سنجر وقال . ويبتهل إليه وخيشعيتضرع،ووجعل يدعو اهللا

هؤالء العصبة الذين اجتمعوا يف هذه اخلركاه : اهللا تعاىل وقلتناجيت "فقال" والدعاء الفنت وفروع احملن فاخسف م هذه البقعة، وانفض عنهم هذه الرقعة، حىت أصولهم

.خف الندمي املتمسخرفضحك منه سنجر، واست. ويسلم حقكخلقك،يسلم واألخذ . فأزهقها عاد حممود سار إىل بغداد، وشرع يف إزهاق النفوس فلما

قطع تلك بعدمبشورة الوزير لنفاقها عنده مع نفاقها، وال جرم أنه ما متتع بعمره .األعمار، وانتقل جبوره وجربوته إىل جوار اجلبار

وهو حممودار السلطان وحكى جنم الدين رشيد اخلادم الغياثي أنه حض: قال شهرا فقد عين شريكري وولده ادفعوا"يتقلب على فراشه يف سكرة املوت ويقول

به عصبتوما . وكان يكرر هذا القول إىل أن قضى حنبه وحلق بربه". سيفني ليقتالين وكان. فإنه عجل له سوء األدبار بسوء التدبري. هذه الوزر إال عصبية هذا الوزير

من بأنواع ين ترك وطبعه، ولكنه بلإة مودود الطريقة، ق حممود اخلليالسلطان حممود أبيه،وفرقوا يف ابتداء دولته خزانة . البالء من أعوانه، ونغصوا عليه مشروع سلطانه

، أن -رمحه اهللا-ووجد تفصيل خبط عمي العزيز : قال. واستضعفوا جانبه وطمعوا فيهلى مثانية عشر ألف ألف دينار، سوى الغياثية احملمدية كانت تشتمل عاخلزانة

فآل األمر إىل أم احتاجوا إىل . ة، وأصناف الثياب املعدنيةن الثميواجلواهرالصياغات فقاعي عدة الفأخرجوا إىل . الفقاع، فلم جيدوا ما يصرفون فيها من املتاعوظيفةإقامة ن من شابور وحىت طلب السلطا. اخلزانة اليت فرغت، فباعها مبا بلغتصناديقمن

فقال السلطان . قالال، مث أحضر ثالثني مثقاالإ فاستمهله أياما وادعى غالية،اخلازن

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٨٦

فقال" جلماعات مبا كان يف خزانة أيب من الغاليةحدث" خازن أبيه وكانلشابور ما والصينية،صفهان منها يف األواين الذهبية والفضية، والبلور أ يف قلعةكان: " شابور

فقال السلطان ". رطال ومثانني رطال، ومعنا يف خزانة الصحبة مقدار ثالثني يقارب مائةوكان : قال،" العصرينبني بالتفاوت بني األمرين وفصل ما اعتربوا: " للحاضرين

عارفا بالتواريخ والسري، األدبية،حممود قوي املعرفة بالعربية، حافظا لألشعار واألمثال .لغريناظرا فيما يوجب االعتبار من ا

: حدث بعد وفاة السلطان حممود إىل أن استقر امللك لطغرلما ذكـــر وأنه يف ود،وءمكان قد تفرس الوزير يف السلطان حممود أنه : -رمحه اهللا- قال

عساكروحني فارق كنفه، ورافق كفنه، استصحب إىل الري مع . األحياء غري معدود. وغريهمغان زل، وقراسنقر وقراط وقرسق،وأمراؤهم ب. تفاقالالعراق، وتظاهر على ا

من يوم ولبثوا. وأقاموا ا تلك الشتوة، وعقدوا ا على انتظار السلطان سنجر احلبوة شهرفوصل إىل الري يف . موت حممود إىل حني وصول سنجر أكثر من مخسة أشهر

، واستقبله عساكر العراق مع الوزير، وجلس سنجر على هـ٥٢٦ربيع اآلخر سنة فترجل له الوزير الدركزيين . بعده ليال طغرل سحرة، ولقى عمه بكرةووصل. لسريرا

وكان الرسول قد أرسل إىل . وال التفت إليه، وال قبله وال أقبل عليهطغرلفما احترمه .بانة عن نصح وشفقة وبذل جهدإ عهد، ونسخةطغرل بتحفة لقى أنه -لرسول اوهو-وحكى زين الدين املظفر ابن سيدي الزجناين : قال جيعل هلا وزنا، وأظهر فلم. وصل هدية الوزير إليهأوار الري فمثل بني يديه، وطغرل جب

عيناه وأبدى واغرورقت شريكري وشرف الدولة ولده، هتابكأوذكر . عند رؤيتها حزنا". أنفع يل من هؤالء القوم لكانا مها يف هذا اليوم ولو عاشا أين"وقال . عليهما كمده

فيها متلفظا، ومن أن ميني فشرع السخط ثرعرضت عليه اليمني بأن فيه أوملا وملا رجع الرسول إىل الوزير . شرائطهافلم يتفوه بروابطها، ومل يتنبه على . متحفظا

. بقوة االحتيالاغتراراعرفه ما جرى وأخربه فلم يكترث بتلك احلال، على فأنعمأيب توبة وكان وزير السلطان سنجر نصري الدين حممود بن : قال

من وواليهافإن الري كانت من األعمال السنجرية . الدركزيين بفرع الري لتلك السنة

٢٨٧ تاريخ دولة آل سلجوق

الفرعفلما فرع الوزير . أصحاا األجل املقرب، جوهر املعروف باألمري األجل أسبابفأغلظ الوزير له يف املقال، وكان ذلك من . ووزعه، منعه األمري األجل ووزعه

اوندورحل سنجر إىل مهذان وخيم ا ثالثة أيام مث د إىل : قال. آلحتفه يف امل معهوألن اخلرب وصل بأن امللك مسعودا وصل مستعدا للملك . تباعه اجلندأوحث على وملا مسع طغرل بإقبال أخيه مسعود مل يطمع من السلطنة . تابك قراجة أصاحب فارس

مه وسري إليه الوزير واألمري احلاجب فعزم على الرحيل فأحس سنجر بعز. مس عوديففأتوه وهو . القاشاين، واألمري قماج ومجاعة من أمراء العسكر اخلراساينحممودوهو

العراق، ة تلعة حذاء كنكور وبلغوه رسالة عمه سنجر، وأنه واله سلطنعلىواقف فهوى إىل األرض . وأنه ويل عهده، ومالك خراسان من بعدهوالياته، على نهوسلطر إىل اوند بعد ج من السماء فأصبح مقبال وسار سنمبلكهال، وجرى القدر بمق

العراقي فجاءهم اخلرب بأن مسعودا أمسى العسكرثالث، ونفذ السلطان طغرل يف يف عزمه أن يلقي عمه سنجر، فأغذ اجلماعة وماربيجان على مست دينور، أذعائدا إىل

فما أسفر الصبح إال . ووصلوا السري بالسرىكرىالإليه سائرين، وهجروا تلك الليلة والكوسات تذعر، . كأنه جانالشجاعميني من يهتز وليل العجاج خان واخلطي

عمل دينور يقال له منوصادفوا العسكر املسعودي على موضع . والبوقات تنعربنوطلعتاملوت،شت، مرت تلك اجليوش به فامتأل املأل وماج املرت، وجاش نكج

السلطان هميمنتوعلى . راية السلطان األعظم سنجر وهو حتت مظلته، كالقمر يف هالته ببأسهمطغرل واألمري قماج، وعلى ميسرته خوارزمشاه وعدة أمراء مساعري يسعر

فحملت ميسرة مسعود على ميمنة سنجر وفيها السلطان طغرل فصدمتها . اهلياج. إىل عمه ووقف يف قلبه، وثبت جبنبهمث حتيز . وركض طغرل يف اهلزميةوهزمتها، قراجه فرو. سنجر على ميمنة مسعود ففرقت نظامها، والتهمت هلامهاميسرةومحلت

وكانت لسنجر صفوف وراء صفوف، فخرقها إىل القلب، ودارت . خواصهووقف يف وكان أشجع أهل زمانه فأثبت يف مستنقع املوت رجله، . احلربيف اإلحاطة ا رحى

وقبض معه من أمرائه على يوسف . خبله، فلما كسر أسربالروحيف اإلقدام ومل ير . دراسسبناجلاوش ووزيره تاج الدين

قراجة يديه ركب السلطان بعد ثالثة أيام، ووقف على تلعة، فأحضر بني مث

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٨٨

مث. فضربت رقبتهما، وطويت ورقتهما. ويوسف وهو مطرق ال يضرع له وال خياطبهشنبه، خلع ر ذلك اليوم وارحتل من غده، فلما وصل إىل كوانصرف السلطان سنجر

وأفضى إليه بأسراره . ووصاه ببالده وتالده. طغرل وسايره على انفرادهالسلطانعلى ل عني الوزير فقب. وأمره بأن يكون مع رضاه واه عن معارضاته. مبفاوضاتهإليه سرأو

مث دعاه وودعه وأودعه . ه وخيفي ذمهوظن أنه سر خيفر فيه ذمام. كره عمهملاذاذاكره .وانصرف إىل الري راجعا، وملصاحل املمالك جامعا. ما أودعهالنصيحةمن

املعظم ركن الدنيا والدينالسلطان جلوس ذكر طغرل بن حممد بن ملكشاه بن ألب أرسالنطالب أيب

السلطانجلس طغرل على سرير امللك مذان، بعد انصراف : -رمحه اهللا- قال بن، ووزيره القوام أبو القاسم ناصر هـ٥٢٦خر سنة آلسنجر إىل خراسان يف مجاد ا

وكان. نسباذي استبد بتمشية األمور، واألمر والنهي على اجلمهورألعلي الدركزيين اوإمنا خلفه بالعراق ليهذب . ال يوقع يف األمثلة السلطانية مظهرا أنه وزير سنجر

فهو يف بث . كرب نشيط، والسلطان طغرل منه مستشيطوهو يف هذا ال. ويدبراملمالك. وذاك يعطي وهذا يأخذ، وهذا يورط وذاك ينقذ. والوزير يف بث احلبلالعدل،

املسترشد باهللا فلقيهم الوزير بعبوس وبؤس، ووقعهم بالنجه، اإلمامووصلت رسل . تشد للطمع يف الرشي الرشد، وضل عن ج الضاللة اليت وضيع. وواقحهم باجلبه

وانفصل الرسل ومل يستقر بني . الفالحة وما أفلحخلقوأفسد ما صلح، وجرى على . متقاربة عادت وهي بعادية عادة الوزير متباعدةظنتاإلمام والسلطان قاعدة، وكلما

للملك داود بن حممود بعد وفاة أبيهجرى ما ذكر تابكهألي كان داود ويل عهد أبيه، وآق سنقر األمحدي: -رمحه اهللا- قال

وقصده خواص والده وتغضبوا له . مجع كثري، وجم غفرييفربيجان أذومربيه، وهو بومعهم األمري سعد الدولة يرنقش الزكوي، وكان من . وثابوا إليه ووثبواوتعصبوا،

يلرمش إ وأحدهم يف إحياء رسوم البأس والكرم، ومعهم ابنا قراجة ، اخلدمأمراءأجل ومن أرباب العمائم الصفي األوحد . هم األعيان والوجوه من األمراءوعدةوأخوه،

فحملهم على التربيز من . جعل مستوفيا للسلطان حممد بعد العزيزالذيأبو القاسم،

٢٨٩ تاريخ دولة آل سلجوق

إىل مهذان، وملا قرب من معسكر عمه هـ٥٢٦ داود يف سنة السلطانوض . تربيزبلنكري وأخوه، مع : األتراك إىل خدمة طغرل، منهمأمرائهطغرل احنازت عدة من

. غري الوفيةاألتراكعصبة ذات عصبية، وكذلك شيمة وتضايق العسكرانبنود املختفقة، فلما تصاف ل طغرل يف جنوده املتفقة، واوبرزومضى . بالفيضومل ير إال حبر الدم جيود من الغيظ . )١(وقع البيض على البيض العثريان

األخ ابنونفر . وظفر العم وعم الظفر. وقد محى بالصدور الظهور. الظهر وال صهور املعركة يفوقتل . وباء الباقون بأغالل وقيود. وازم آق سنقر بداود. وفر منه النفر

يرنقشإيلرمش بن قراجة مقدما، وبذل روحه يف امللتقى مكرما، وأخذ سعد الدولة ار فصل الزكوي فاعتقل يف مهذان عند الوزير يف قصره، وأمضى على سبعني ألف دين

وأخذ أيضا الصفي املستويف . ة قزوين، وخلت منه بالده وذوينعوتسلم منه قل. أمرهوحد روز وحبس عند جاويل جاندار، وسأل الوزير أن ينقله ويعتقله عنده أ باملعروفشيطان، فإنه كتب إىل طغرل ال فما رخص فيه السلطان، وال متكن منه ذلك بالدار،زير أسلمتين إىل املبري، وأنا أعطيك مائة ألف دينار على أن سلمتين إىل الوإن"يقول

."سلم، ويستصفي مايل ال الدم ال أسلمأ مصادرته، يئس الوزير من وقوعه يف يده، أفكر يف حيلة ضعف ا مال فلما

أن عمك أمرين إن: "حىت أدى مائيت ألف دينار، وذلك أنه قال للسلطان طغرل ". يتفق نقد العراق وخراسانىتمهذان، حأضرب الدينار الركين يف

. الديار بضرب ألف دينار بذلك العيار، ونادى بالتعامل به يف تلك وتقدم وأمرمث إنه صادر األمراء . غري تضعيف العقد وطولب الصفي األوحد بذلك النقد من دار أستاذ ناوك-فقر على قتلغ الرشيدي . باملصادرات، وبيت باألذى ذوي البيوتات

من ودائعه ثالثني فاستخرج ألف دينار، مث غدر به الوزير، مثانني -سلطان حممودال بن منارة البيع اجلمالوأخذ من . ألف دينار أخرى فقرته وافتقرته، وكسرته وخسرته

رئاسة مهذان، احلسينوويل فخر الدولة بن أيب هاشم . يف مهذان، ثالثني ألف دينار الدولة ووالدته عالء علي تاج الدين دولتشاه بن وقرر. وأخذ منه عشرين ألف دينار

.مجع بيضة وهي اخلوذة من فوالذ: البيض) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٩٠

العظائم وجر. وصادر األكابر، وصدر الكبائر. ووزيره مائة ومخسني ألف دينار ألوفاووزع على بالد املمالك بعلة صياغات بيت الشراب واملطبخ . وعظيم اجلرائر

مسعيتأت أسإنك: "مؤلفة، فاطلع السلطان طغرل على طغيانه وتسلطه، فأنفذ إليهأمل يكفك سلخ جلود العظماء . وأمسعت مساءيت، وفضحت أمري وأمرت بفضيحيت

فكف الوزير عن ". استفراغ دماء الضعفاء، واستنـزاف دماء الفقراءيف شرعتحىت .رف بعد جباية األكثر، واخليانة يف األوالتوزيع

مجوع السلطان طغرل بتحرك أخيه مسعود، وخروجه مع آق سنقر يف ومسعفلما مسع مسعود بقربه مل يقف حلربه، وأغذ . ربيجانذفارحتل صوبه إىل أ. وحشودودخل طغرل إىل مراغة وكان الوزير يف تأخر عنه، فانتهز . إىل بغداد يف حزبهالسريفجاءه الوزير فجاءة وجر عليه جراءة، وبطل احلق . غيبته وبسط يد معدلتهفرصة

. ومثل باألماثل وإىل الرؤساء أساء. البالءووجه على وجوه البالد . العدلوعطل ودخلت الشتوة، . رئيس تربيز على سبعني ألف دينار من الذهب اإلبريززرقانوصادر

تها إىل حني عقام يف قلملواختار السلطان طغرل دخول تربيز وا. اخلطوةوقصرت فاجتمع عسف الوزير وعصف الزمهرير، وإدبار. سطواوانكساراحنسار شتوا

املستويل على فارس بعد قراجة منكوبرس، وقد اجتمع وكان. املسيء وسوء التدبري يطلب ولده ألب أرسالن ليذعن بالطاعة، واالعتراف السلطانعليه الترك، فكتب إىل

فتضرر . والطرق مسدودة، والسبل مصدودةالسلطانفأوجب ذلك رحيل . بالتباعةووصل إىل أصفهان، وأنفذ إىل . ركلعس اوتضورالظهر وظهر الضرر، ونفقت الدواب

تابكية، أل على احلقيقة مسة احينئذت على منكوبرس عفوق. فارس ولده ألب أسالن . )١(ودرت له أحالف احلرمات البكية

.ة البكاءالكثري: البكية) ١(

٢٩١ تاريخ دولة آل سلجوق

يف أثناء ذلك من السلطان مسعود جرت حوادث ذكر تابك آق سنقر األمحديليأو

عرب علي تكريت وكان واليها ملا قصد السلطان مسعود بغداد : -رمحه اهللا- قال ال يستتب أمري إال :فقال مسعود. أيوب، وعمي عزيز الدين عندهالديناألمري جنم

فنفذ إليه . زرته كنت يف حرز حريزو األمراء مييلون إليه، وإذا استفإنبوزارة العزيز، طلبوه من و. صوابا واألمري أبا عبد اهللا الدووي ومعه مقدمني وحجاباالدينخادمه عماد

كانفإن صاحبه . املناويلكنه أضمر نية الالوي ويل. فأظهر األمري طاعة الوايلالوايل،بة عقوبة صاحبه قإن سلمه خشي يف العا. مع السلطان طغرل، فحصل يف األمر املشكل

وأخرجه من القلعة إىل . ضر العاتبا وإن مل يسلم خاف من سخط السلطان احلالغائب،ومل يزل يدافع الوقت حىت حان . ة واستغل حبمل أسباب التجمل والزينة باملديناملشهد . وخان املطلباملغرب،

على اخلروج فيمن معه، وتسابقوا إىل األبواب فوجدوها قد أغلقت العزيز فعزموطلبت املفاتيح وقد . وعند ذلك، عاد وثوق اآلمال باالنطالق بوثاقها. إغالقهاقبل وقت

فلما أصبحوا وجدوا صطماز أحد . بقعةال على مضضهم يف تلك ااتوفب. القلعةإىلمحلت . شابووقد استتبع مجاعة من األوباش واأل. وهو شحنة احللة، على البابروز،مماليك

ودخل على العزيز . ليلة واحدة أربعني فرسخا، وجاء ملن بالقلعة مصرخايفوقد ساق فال حاجة بنا إىل التعرض من . بسالمصرفواان: " إىل القلعة وقال للقوموردهوأخذ بيده

وما .لطان مسعود إن استقرت له سلطنته فاآلفاق له مذعنةسوهذا ال. ملعتبة ومالمصاحبنا فرجعوا. لعزمافعلم القوم أم أخطأوا احلزم، وضيعوا ". خيه فالمطمح له فيهأل امللك ماد

بعضوطلب . من شحنة احللةإىل السلطان وأخربوه باحلكم والعلة، فحل به الشحناء .أخوة العزيز ليستخدمه، ويتقرب به إليه ويقدمه

اء الدين أبو طالب وزير آق سنقر األمحديلي، وهو يف اخلدمة، فرتبه العم وكانل مبكانته واستوزر أنو شروان ومج. وتعوض بالصعيد الطيب من املاءاالستيفاء،يف منصب

وكان السلطان طغرل حينئذ . ، وألخيه مناصبا العسكر للملك طالباوأخذ. املكانسلطان الفلما د آق سنقر مع . ربيجانأذتابك قراسنقر بأ استخلفبأصفهان وقد

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٩٢

وحتصن عني الدولة خوارزمشاه . عنه قراسنقر إىل زجنانتزحزحربيجان، ذمسعود إىل أ السلطان مسعود واألمري احلاجب تتار بأرمية، وحتكمبأردبيل،واألمريان بيشكتني وبالق

ونـزلوا على أردبيل . وانتظمت أمورهم يف سلك السدادالبالد،وآق سنقر يف تلك ه ويقول ض مصابرين، وكتب الدركزيين إىل قراسنقر حيررينبصاحماصرين، وثبت أهلها

ره وناجزه احلرب بنفسك وإال ض وأحباملبارزة، آق سنقر فأنت له مبار بارز: (( له القتال عذرا، فلم يعذره تأخريفكتب جوابه، ومهد يف )) . ناجزة حضرت بنفسي إىل امل

من اشتطاط الوزير، وقال سنقراقروكتب إليه ثانيا يأمره باملناجزة، فاستشاط . الوزيرفاحتد )) . الفالح ة بوجوده معدوموالدولة بالنا اهللا ذا الفالح، قد: (( جلماعته

أهل حماربة من طاعة السلطان يف البد: (( ار، وقاالاألمريان احلاجب تتار، وجاويل اجلاند فرسخا وعشرين فاغتاظ وركب، وساق نيفا ،)) العصيان، فال جتنب فهذا مقام الشجعان

. وتضاربافتالقيايف ليلة واحدة، فوصل خبيول رازحة، وخيول آق سنقر جامة غري جاحنة، آق ي فشفأردبيل،رب على باب وكانت احل. مث ازم قراسنقر وفر، وظفر آق سنقر وقر

، ى الكروهجر. واحتوى على ما كان معهم، ومل يقم بعدهم وتبعهم. سنقر منهم الغليل السلطانوخرج . سعود ودانوعنا امللك مل. ووصل السري بالسرى حىت وصل إىلمهذان

طغرل وحتصن بأروند وماوشان، وكان قد عرض له مرض أقعده عن احلركة، وأعجزه يف هفقدم األمري احلسن اجلاندار على العسكر وهاجه إىل اللقاء وألقا. ململكة محاية اعن

وهللا واجدا،مث ازم طغرل إىل الري قادما، وعلى الرأي نادما، وعلى وزيره . اهليجاء .شاكرا على سالمته ساجدا من حديث عمي العزيزكان ما ذكر

عوده إىل القلعةبعد وحادثته تعود إىل خراسان إنك: (( ين لسنجر عند عوده إىل خراسان الدركزيقال: قال

عطنا عالماتك يف دروج بياض، ملقاصد تعرض ا استئذانك يف املهام، فعليناويبعد عنت مصلحة، واتفقت منفعة للدولة مترجحة، أصدرنا ا مثاال بعالمتك، فإذا. وأغراض

وكانت عالمة سنجر )) . الرشيد القريب والبعيد، وال ينقاد إال له الغوي وخيالفهفال فأخذ العالمات يف عدة دروج، ) توكلت على اهللا( وفوق بسم اهللا الطغراءحتت قوس

٢٩٣ تاريخ دولة آل سلجوق

فأول مثال زوره، إنه وقع حتت عالمة منها بقتل . الستباحة دماء وفروجأسباباواختذها أرعبه، واتفق أنه كان يف العسكر معهم فأرهبه و. صاحب تكريت روز اخلصيإىلالعزيز اخلوف، وكتب إىل ففزع اخلصي ومتكن منه . واجلري على مقتضى املثالباالمتثال،وأمره

توقيع هذا: (( وقال له. املخطوبوايل تكريت جنم الدين أيوب، وخاطبه يف اخلطب فإن أبيت فقد . يأمر بقتل العزيز وتسليمه إليه وتسيريهوزيره،سلطان مع صاحب لا

)) . وأردت اخلطأ يف رد خطي طي،شررضيت بسخطي، وخالفت وعرف . فما رأى أن يكون لرجل مسلم مسلما. الدين رجال مسلماجنم وكان

. احلال، وحجز بينه وبني الوقوف على التوقيع الواصل وحالشريكوهأخوه أسد الدين وكان شريكوه مالزما . رد الوارد، وصرفوه باخللع والفوائديففشاركه أخوه شريكوه

ليلة صليت: (( مسعته يوما يقول:وقال عماد الدين. بسننهومتمسكايز ومتربكا به، للعزفما أطمعين يف )) . جعلك اهللا عزيزا كما محيت العزيز : يقولهاتفامع العزيز فسمعت

فكان : قال. وأيقنت أنين أنال هذه اخلطوة. وثالثني سنة إال هذه الدعوةنيفمصر بعد ك مصر وصار عزيزها، ومن حاز اجلنة مبا فعله فال عجب ململكة مصر ملفإنهما قال، :

.أن حيوزهافثقل على . ضا وما وسعهف عرف الدركزيين متنع ما توقعه، ضاق عليه الفلما: قال تأيت تكريت، وبيت من ا حىت بنفسك، وال تتنفس بسرك سر: (( لهوقال. روز وفزعه

مث أطلقه على الشرط فلم . الشهد مسامالها، ومزج ووكل باخلصي أيام،)) قبل أن تبيت حىت هجم اخلصي عليها القلعة، وقال شريكوهيشعر جنم الدين أيوب وأخوه أسد الدين

فدفعاه فلم يندفع، )) . فكيف هذه الدفعة دفعات، دافعتما عن هذا الرجل قد: (( هلماان روز قد استصحب معه من وك.نها ما شتركه، فما انشما وردعاه فلم يرتدع، فتركاه

أنه قد أسلم، -رمحه اهللا- عرف العزيز فلما. أعوان الدركزيين ملحدا، مثله مفسدا األوىل بسورة الكهف، وشرع يف فصلىوأحس باألمر وما أعلم قام يصلي ركعتني

وهو يف السجود فجاد بروحه فضربهوطالت صالته على امللحد اللعني . األخرى بياسني مذ حبس متوفرا على العبادة؛ وكانوشهد السعادة، وسعد بالشهادة، . جاة املعبوديف منا

األمر ومل يكن عند هذاوجرى . سنة٥٥ وعمره هـ٥٢٧يصوم ويقوم، وذلك يف سنة طلب العزيز الدركزيينفإنه بعد قتله . ويف ذلك عربة ملن اعترب. السلطان طغرل خرب

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٩٤

ومل يكن بني مقتل . وتأريثهير على تأثريه، وشؤمه الناري فأعلم حبادثته وحديثه، فلعن الوز .يوماالشهيد العزيز وبني مقتل املرتد الوزير سوى أربعني

طغرلالسلطان قتل الوزير الدركزيين وما آل إليه أمر ذكرقد ذكرنا أنه أحجم إىل الري من قدام آق سنقر ومسعود يف : -رمحه اهللا- قال

ردبيل يف احلصار، ورحلوا على أ كانوا بنخرج األمراء الذيو. معدودعدد مفلول وفل وفارقهم العسكر فوصلوا يف خف من اخلواص، وعربوا . السلطانليلحقوامست أصفهان، وجاء العساكر إىل مسعود من كل حدب تنسل، وبكل . املعتاصالنهجللخالص، على

مسعود إىل ل إىل أصفهان، مث رحل لقصد أخيه ح رقدعسال تعسل وكان طغرل . بوزير وزيره، وإدبار تدبريهان الوهن يف أموره كمنيقن أن كل ما مت عليه أو. خوزستان

خر آفوقع إىل األرض يف . لثقل جسمه حبل خناقهوانقطع. فأمر بصلبه، فصلب بأمره من مماليك شريكري واقف، وهو مبا جرى منه على مالكه مملوكويف مجلة النظارة . إرماقهفقطع يف احلال إربا إربا، . وضرب رقبة الوزير املغلولاملسلولاحللقة بسيفه فشق . عارف

ة له إىل لوأهديت كل أمن. ابن شريكري فاختذه للكالب شرباإىلوأفرغ قحف رأسه ومحل . بعثاره من كان له عثار، وكان مقتله بشابور خواستوانتعش. من عنده له ثار أين: "آفلل، ومن طلوع أخيه عليه السلطان طغرل قد قال له وهو جافوكان

تبال وال ال: " لهفقال ؟"ك يف الكفاية الوعدنالعسكر؟ أين اجلند؟ أين ما سبق به م أعدائك، وكأين م وقد لقتلختطر خطرا بالبال، فإين قد ندبت مجاعة من احلشيشية

حلادك، وضحت صحة إقد: "لهفاغتاظ السلطان وقال ". تعجل قمعهم وتفلل مجعهم . يف ماء وريدهاحلديدفأمر بتجريده وإشعار نار ". وبان فساد اعتقادك

مبرجووصل اخلرب بأن الباطنية قد دخلوا على آق سنقر يف خيمته : قالوأن عساكره ارحتلت من مهذان، على صوب . قراتكني، وتناوبوه بالسكاكني

مره مدبر، ن كان يف مجع جم، وعسكر دهم لكن أإ السلطان مسعود وفإنربيجان أذومضى إىل . فثىن طغرل عنانه، وشرع لنحر اخلصم سنانه. مدبرإذ عدم من هو له

فلما خيم ا اجتمع الذباب على عسله، . الطيأسرع وطوى املنازل إليها يالرتابكه آق أورحل السلطان مسعود بعد مقتل . وجحفلهوالذؤبان العاسلة يف حمفله

٢٩٥ تاريخ دولة آل سلجوق

والعسكر . قبل انتهاض قوادمه خبوافيهومناجزتهسنقر إىل الري إلضعاف آخية أخيه، فربزوا بعدة املبارزة، ، يف ثالثة آالفوطغرلالباقي معه يزيد على ستة آالف فارس،

. محاة خواصه، وخلصه ذوو إخالصهومحاهفازم طغرل . جنزوا عدة املناجزةأوي، واستوت إىل العسكر املسعودومجاعةواستأمن األمريان بالق وسنقر صاحب زجنان

.هـ٥٢٧ يف ثامن عشر رجب سنة وذلكسفينة السكينة منهم يف حبر جوده على اجلودي مقدمه طغرل إىل طربستان، ونـزل على األصفهد علي فأكرمه وأعز وامتد

. عندهووسع له ولعساكره األتراك، وأنفق فيهم الذخائر واألموال، وأقاموا شتوم مجاعة،ا إىل مهذان واتصل به من األمراء األكابر ل طغرل عائدحفلما احنسر الشتاء، ر

رزمشاه وحممد بن شامهلك، وحيدر بن اهلم على األنام طاعة، مثل عني الدولة خولفي فارس أتابك منكوبرس، يف أووصل بوزابه من عند . وسعد الدولة يرنقششريكري،

ربيجان أذ السلطان مسعود بوكان. )١(واحتدت شكته . فاشتدت شوكتهفارس،من البازادار، وجنم الدين يرنقشفاستدعى فخر الدين عبد الرمحن بن طغايرك، واتصل به

فرحل السلطان . بالكيرشيد، وضوا لصوب قزوين والري، عازمني على حسم الداء عند ظهور ظهورهمفنكلوا عن لقائه، وولوه . ثارهم، ويشق غبارهمآطغرل يتتبع

. وأسلحتهم أصحاب طغرل ما وجدوه من دوام وغنم. لوائه، وتفرقوا أيدي سبا وثلمه،وندب قرا سنقر إىل حماربة امللك داود بن حممود باملراغة فهزمه، وفل غربه

.ومتكن السلطان من سلطنته، وتسلط مبكنته، وفرع سريره، وعرف سروره الدين علي بن رجـاءشرف وزارة

ملا قتل : ويقولثين عليه مسعت والدي صفي الدين يشكره وي: -رمحه اهللا- قال وأنه عن باق،السلطان طغرل وزيره الدركزيين استدعاين من أصفهان وظن أن العزيز

روز بإحضار إىل ي خطخذ: "فقربين وأكرمين قال: قال. حضرته إذا طلبه غري معتاق بالقضاء قد قضى، وإذافمضيت إىل بغداد، : قال". وأسرع فإين منتظر لتوافيك. أخيك بن رجاء عليفلما عرف طغرل بوفاته، طلب رجال كافيا، فوجد . م قد أمضىواحلك

ة رفعول عليه يف وزارته، وسلم إليه املنصب، وشرع يف مصاد. عليا كما رجا

.األخالق: الشكة) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٩٦

ويف هذه النوبة قتل : قال. مكزينية، وقبض على نوام، وضيق على أصحاالدر مائيت ألف دينار، وكان الصفي األوحد املستويف، وصادر أهله علىمسعودالسلطان

أسعد املنشئ اخلراساين، ومبواطأة الكمال ثابت القمي، فإنه الدينذلك برأي سعد .تالف من يترشح ملنصبه حىت يبطش بيد االستيالءإ فرأى االستيفاء،توىل منصب مقارعيه، مقار استقرت قاعدة طغرل، وأمن من معار معارضيه، وعال على وملا

ومن الثري،بجل بعلو خبته، فاجأه األجل، فانتقل من الثراء إىل وجلس على ختته، وت فشرب، فإنه عرض له قولنج، هـ٥٢٨وذلك يف أوائل سنة . ىدار البالء إىل دار البل اجلمع، وانطفى ذلك الشمع، وغاض كفتشتت ذل. سقط قواهأدواء أسهله وأدواه، و

. وغاب ذلك البدرالبحر،ذلك بنو وأسفنه ا يف مدرسة بناهـا لبعض خدمه، وفـاته مذان ودفوكانت

جامعـاوكانت مـدة واليته سنتني وشهرا أو شهرين، وكان . اآلمـال على كرمه أنه إال. للخـالل اليت تفتقر إليهـا السلطنة مـن احلزم والتحفظ، والعزم والتيقظ

. تدبريهد يف ال يستشري يف أموره، وال يسترش. كان مستبدا بأرائه، معجبا بأهوائهاذل صحبوه يف أول عهده، فصاروا مقدمي جنده، واملخصوصني ر ألوكـان مصطنعا

.فكانت دناءم تغض مـن جليل قدره، وتغمض على ذكره. برفـده الفتح جلوس السلطان املعظم غياث الدنيا والدين أيب ذكر هـ٥٢٨ سنة بن حممد بن ملكشاه قسيم أمري املؤمنني مسعود

وزوجوهاندرجهان، أكانت أم مسعود حظية تسمى نيست : - اهللارمحه- قال برسم معهاونقلوا . صفهسالر منكوبرس وايل العراقألبعد وفاة السلطان حممد األمري ا

من منكوبرسوكان . جهازها من اخلزانة السلطانية أمواال ال تنفد مع دوام اإلنفاق وتفرد ا السلطان، العراق بعد وفاة قطاعاتإأكرم أمراء الدولة وأعياا، وقد استبد ب حممد املخلصوحكى عن وزيره ويل الدين . مدة حياته، وارتفع بوفور ارتفاعاته

نقدا مطبوعا دينار له يف العراق ألف ألف وثالمثائة ألف مجعت: "املياجني أنه قالأملمنا وقد . واجلواهربالسكة اإلمامية، سوى ما كان له من اآلالت والثياب والدواب أنه سلمه وذلك. بذكر قتله يف عهد السلطان حممود، ورجعنا إىل حديث مسعود

٢٩٧ تاريخ دولة آل سلجوق

. إىل األمري األصفهسالر مودود صاحب املوصل هـ٥٠٥والده يف سنة حلرب الفرنج، ووصل إىل الطربية وروى صدى اإلسالم من دم مودوداجهز مث

. مشق حمبوا بالفتح، حمبورا بالنجحوعاد إىل د. اإلميان نصل النصرأميانالكفر، وشهر على ، وخرج ويده يف يد هـ٥٠٧ يف آخر مجعة من ربيع اآلخر سنة اجلامعوحضر يف

فجاء إليه رجل . دددد والع حمفوف من جنده بذوي العوهوطغتكني صاحب البلد، فيه عزاء خاصرته، ومحل إىل دار طغتكني، وعزإىلحدامها إوضربه بضربتني، فنفذت

هريق منه الدم أولوال ذلك لكان ملا . إليه فدسدمشقنه خاف منه على إوقيل . سلمنيامل السلطان حممد، سلم ولده مسعودا إىل آق سنقر إىلوملا وصل نعي مودود . شق عليه

حممد، توىل حممود، وملا تويف. له عطاياه الغزيرةوأجزلالربسقي وأقطعه املوصل واجلزيرة، . لقلبه، وإظهارا للتقرب إليه ترغيبا له ورغبة يف قربهاستمالةوبرس فزوج أم مسعود مبنك

ومجع جوشبك اجليش، وسار مبسعود . بصبغ دمه من سيفه عطلهوحلىفلما ظفر به قتله، . ما كان من هزميته، وقتل أيب إمساعيل الطغرائي وزيرهفكانإىل حرب أخيه حممود،

على السلطان حممود وإخوته، وقرر السلطان سنجر بعد ذلك مسعودااستدعى مثفاستدعوا . ونفقته، إىل أن خرج األمراء على حممود يف آخر أيامهنفقتهممن مال العراق

. فما تسىن له أمر، وال يأ له نصر. ومحلوه على مناجزة السلطانجرجان،مسعودا من كانت هليبته عيون انية، واستأر حممود أخاه مسعودا وقربه، وسريه إىل السلطانفاستمال

. حممود، جرى له ما ذكرناه مع أخيه طغرل، حىت مضى لسبيله مث ملا تويفة،الرانيأعياا اخلليفةوكان مسعود قد وصل إىل دار اخلالفة يف حياة أخيه، وخطب : قال

بال صيتهه، ووقعت عليه مسة السلطنة بال مسو، وعال املسترشد باهللا له وأجله وجبلنبت فلما. )١(كان اجلند جيتمع عليه ويفترق، يشئم تارة معه ويعرق و. لوصوت ع

بن اوكان وزيره شرف الدين أنوشروان . غرسه، وثبت عرشه قر قراره، وسر أسراره قد استوزره مدة، وملا وصل وكان املسترشد باهللا : -رمحه اهللا-قال . خالد

، سفر هـ٥٢٧ سنة رم مسعود إىل دار اخلالفة وخطب له يف آخر احملالسلطانوأحضره . اخلليفة يف مهامه، فسفر حبسن سفارته وجه مرامهوزيرأنوشروان وهو

.يذهب إىل الشام والعراق: ويعرقيشئم ) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٢٩٨

وخلع ". هذه النعمة بشكرك واتق اهللا يف سرك وجهركتلق: "شفاهااملسترشد وقال له له، فقبل األرض وقال له أمري وجلس على الكرسي املعدوره،وسعليه وطوقه

فمن: سياسة نفسه مل يصلح لسياسة غريه، قال اهللا تعاىل ذكرهحيسن مل من: "املؤمنني فأعاد." ]٨، ٧:الزلزلة[ يرهشرا مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة يعمل

وقلده . عليه الوزير بالفارسية فأكثر من الدعاء والضراعة، ونطق باإلذعان والطاعة: " آق سنقر، وقال لههتابكأوسلم إليه ابن أخيه داود و. عقد له بيده لوائني وبسيفني، فيهافمضى مسعود، وهي النوبة اليت نصر ". وخذ ما آتيتك وكن من الشاكريناض

علىمث رأي اخلليفة عزل أنوشروان واستيزار شرف الدين نقيب النقباء : قال. على طغرل : بيص قصيدة أوهلاد الزينيب، وفيه يقول حيص ابن طرا

نعم أعاض مبنعم عن مملا لدهري بالضمري وبالفمشكرا

مسعود بالسلطانمث اجتمع . حمترمـاه، ولـزم منـزلمـا يف بيته مكرفجلس. سنقروكان املستويل على مسعود آق . وصـد رهبة األطماع حني صدره. فاستوزره

استوىل ولـم يلتفت إليه وال إىل فلما استشهد، متكـن األمري يرنقش البازدار، فتابك قراسنقر حينئذ قـد وصل إىل اخلدمة يف حشوده وجنوده أ وكـان وزيره، وكمـاة أران، وعنده استشعار من زوجة السلطان اخلاتون زبيدة ربيجان،أذ ةومحـا

كانت على السلطان متسلطة، فرأى صلحهـا وإصالح رأيها، فإابنت بركيـاق، فلـم يعجب األمري يـرنقش . إليها وإهدائهاالنفائسعلى محـل ومحله دهـاؤه

ل أمري آخر، وسنقر ـز وهـم برسق وقاألكابـر،ذلك، فاستوحش ووافقه األمراء عـن الطاعة، وتدرجوا إىل فخرجوا. صاحب زجنان، وجاويل وحيدر بـن شريكري

ه قراسنقر يف ومعالسلطان يورحـل يرنقش م إىل بروجرد وبق. مفارقة اجلماعة فنهض خراسان،جيوشه، واتصل بـه خوارزمشاه، ووصل األمري السابق رشيد مـن

م إىل هؤالء الب زم يرنقش، وأسر من األمراء اهم والتقوا فالسلطانمجاعة الطغرلية وقضىومل يزل م حىت أصلح حاهلم، . وقعت يف إطالقهم من قراسنقر شفاعة

.أشغاهلمدار، فإنه رهب فهرب، ودار خبالفه حىت أتى دار اخلالفة، فحط البازيرنقش وأما

٢٩٩ تاريخ دولة آل سلجوق

املخافة، واستصحب معه من األتراك مجعا كثريا، وصار بني اخلليفة لحورحبرم األمن وزعم أنه قد . وأشاع عن السلطان نقض األميان، ورفض اإلميان. مثرياوالسلطان للشر وكان اخلليفة . لدولة املسترشدية باحلصد ازرع )١( وأنه باغ، باغ القصد،عزم على صدق

آراءه، وبدت من شحنة ببغداد ما أبدت فيهقد انقرض من السلطان يف تغيريات غريت احلجر، ونبت ما شجر من اخلالف يففلما مسع قول يرنقش، صار يرى نقشه . شحناءه

كفه تباع يرنقش بعسكر يا بهموكان السلطان قد . والعناد عند اخلليفة نبت الشجرفحينئذ . حق عناده عندهوحتققفصدق اخلليفة قصده، . ويكفيه، ويقف على أثره ويقتفيهوخرج معه . رائقةوهيبةوخرج بنفسه يف هيأة رائعة، . خطب وخاطب، وطلب وطالب

وسار وقد صحبه . وأعواامن كل طائفة أعياا، وتعاونت على التناصر أنصار الدولة أبو القاسم بن الفضل يقولويف تلك السفرة . اءهصوفية والفقحىت الشعراء واألطباء، وال :الشاعر قصيدته اليت أوهلا

املنصور حنن عصابة العسكريف عقلنا من عقدنا فيما ترىخذ

أحسن بنا من معشرمرذولة خفة ورقاعة وورمن

:فيها ويقول لنأخذ ترمذا من سنجرنسعى نا وحنن بعقلنازعج تتكريت

وسار . عذرومل يقدر على التخلف عن اخلليفة ذو قدر، ومل يفسح لذي : قالومني إىل السلطان خروج اخلليفة فشق عليه شقاقه، . يف حشد وحشر، وضم ونشر

وملا تراءى . فخرج صوبه من مهذان، والتقوا مبرج يقال له داي مرك. آفاقهوأظلمت الترك، وأسلموا حرمة اإلسالم مال اجلنس إىل اجلنس، فمال الترك إىلاجلمعان،مث أقشع . وتفرد اخلليفة مع مفرديه، وبعد من جدي منجديه. إىل اهلتكاملصونة

هابت اجلماعة . ، وثبت ومل خيلووقف ومل يول. عنه خواصهلفوان ،)٢(ه شاصنفنـزل أمري العلم السلطاين وتقدم، ومل يزل يقبل األرض . إليهاألقدام عليه، والتندم

. مث أحدق به األمراء كما حيدق كل موكب بسلطانهبعنانه،ليه، فأخذ إ وصل حىت

.ساوى: باغ) ١( .السحاب: النشاص) ٢(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٠٠

النقباء، وابن طلحة صاحب املخزن، وسديد نقيبوأنـزلوه يف خيمة ومعه وزيره هكذا يف خميم مسعود يرحل برحيله، وحيل يوبقبن األنباري، كاتب اإلنشاء، االدولة فوصل . حىت كان املعسكر على املراغةمة،اإلماوهو يعده بإعادته إىل دار . حبلوله

. سنجرية، كتم سرها، وأسبل سترهابرسالةاألمري يرنقش قرآن خوان من خراسان وفجعوا الزمان بسيد ، يف سرادقهبهوهجم على اخلليفة مجاعة من الباطنية ففتكوا

، هـ٥٢٩ سنة القعدةوذلك يف يوم اخلميس الثامن عشر من ذي . خالئقهخالئفه أقدم عليه من مارف بقرائن األحوال أن سنجر سري الباطنية لقتله، وما أشنع وأفظع فع .فعله

املؤمنني أيب جعفر منصورأمري واليـة - اهللا عنهمايرض- بن املسترشد باهللا باهللا الراشد

السبت يوم - اهللا عليهرضوان-فوصل اخلرب إىل بغداد باستشهاد اخلليفة : قال، وبويع للراشد باخلالفة، وجلس يف هـ٥٢٩ سنة القعدة ذي السابع والعشرين من

ببغداد قريب تسعة أشهر على إرجاف اإلمامية يف دار يمنصبها يف ذي احلجة، وبق تفرغ مسعود إىل شغله، فشمل بيته حىت. عج لألرجاء، وخوف غالب على الرجاءزم

وسيأيت ذكر ذلك . ومطرفهمتلدهره من بيت شرفه، وأتى على دوأخرج ب. بيت مشله .يف موضعه مسعته، قبحتفأما السلطان مسعود، فإنه بعد حادثة اخلليفة باملراغة، : قال

به من ويستلفصار يفكر يف شيء ينفي عنه الظنة، . فذكرته األلسن، ونكرته األعنييف وكانحىت سولت له نفسه قتل األمري دبيس بن صدقة، . ةالقلوب السخيمة املستكن

إليه الناسفرأى أنه إذا قتله نسب . مبنـزلة إنسان عينه الذي بوأه احلدقةالقرب منه باركاه حضروكان األمري دبيس املزيدي . قتل اخلليفة، وأن السلطان لذلك مل يبق عليه

وأبان الوشاق،السلطان، وهو جالس ينتظر اإلذن، فجاءه من ورائه وهو ال يراه خبتيار دبيس وقتلوكان بني استشهاد اخلليفة . دمه املهراقبسيفه رأسه وأسال على البساط

وكانت هذه النوبة أيضا شنيعة، والفضيحة فظيعة وشفعت الكبرية . شهر واحدسفت النفوس أفتقرحت القلوب وحترقت، و. وأتبعت اجلريرة باجلريرةبالكبرية،

٣٠١ تاريخ دولة آل سلجوق

حيدث غما ملا حدث وطما عبابومل ،)١( يكترث السلطان مبا كرث فلم. وأشفقتطماعيته، ولفح شرشر األصاغر واألراذلوغشيهوخشيه األكابر واألماثل، . تهر .

.لهافرفع قوانني السلطنة وأبطلها، وحما سنا حماسنها وعط على فجلبكمان، ما بدأ به بعد حادثة اخلليفة، أنه ض إىل بالد سفأول

ا الض ا البالء، وأضرىسكاةاخليفل، مث بذل له وجه جففوخافه ابن سكمان . اءر . زنكيوكان األمري . فنذر وحذر، وقام وقعد، وأحس بقرب من قتل أباه، فأباه وبعد

بن ا داود وكان. ق سنقر صاحب الشام ببغداد، فحمله على السري منها واإلغذاذآبن ا حضرهافلما . ازره، ومظاهره وناصرهؤالسلطان حممود قد وصل إىل بغداد وزنكي م

ربيجان، وأحفل أذصرها، ونازل بعسكره عسكرها، رحل داود عائدا إىل مسعود وحوقد خاف السلطان، وأشار على اخلليفة باتباع أثره فما . راجعا إىل الشامزنكي

ل خروجه من بيته عليه مث استوحش من مقامه بعد أن أقام مدة وال سهإليه،أصغى إقبال خادم أبيه معه، ومضى. )٢( فرحل رحلة آيس، ونفر نفرة خاشاستيحاش،على

حببل ملوصل متمسكا ابظاهروصحبه وزيره جالل الدين أبو الرضاء بن صدقة، وخيم وأخذ . بهبه وخي سيمسعودفإن زنكيا ملا أصلح أمره مع . قاطعه، ومغترا بسلم منازعهول ل حت وحتواملرتاب،وأزعج اخلليفة، فانتقل انتقال . إقباال خادمه وحبسه مث قتله

حىت اجتمع . قراروبقي كذلك سنتني ال يستقر به مكان، وال ميكن له . املرتاع عليها بالشهادةوختم له . ربيجان، وجاء معه إىل حماصرة أصفهانأذالسلطان داود يف ب

ذلك يف ظهر يوم الثالثاء السادس والعشرين من شهر رمضان، وكان هـ٥٣٢سنة فهجم عليه قوم من فدائية . لقائلة املتوهجةيف القيظ وقت اهلاجرة املتأججة، وا

. فأضجعوه على فراش املنيةالباطنية، وتأثريه يف وحديثه،وأنا أذكر يف صغري هذا احلادث الكبري : عماد الدينقال

شتات وجماعات وشتوات ،)٣(نات وكان ذلك بعقب سنوات إس. القلوب وتأريثه

)١ (ث كراشتد عليه: فالناالغم. . أي خافخشىمن : خاش) ٢( . وقحطجدب: إسنات) ٣(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٠٢

وخرج من أهل جوعا،وهلك الناس . قةللجماعات مفرقة، ونوائب نوايب للنوائب حمر فخربت داود،وما كفاهم ذلك، حىت نـزل عليهم . أصفهان من مل ينو إليها رجوعا

أهلوأعيان . القرى، وأحلقت بالوهاد، وأغلقت أبواب البلد، ووهت أسباب اجللدأصفهان ملا أحسوا باحلصار، رغبوا يف اإلصحار، وانتقلوا إىل ظاهرها، وسكنوا حىت

. روذ، عند املصلى، قصور عالية مبنية على قبور أكابرهاد مقابرها، وهناك بقرب زنيففجاء العسكر . وقد عنينا بأمورنا. حنن من مجلة املنتقلني إىل بعض قصورناوكنا

وكان عمي اء الدين مع داود يف ديوان . ه احلاصر عن عدل يف عدد كاحملاصر،. ومل يكن مع الراشد وزيره أبو الرضا بن صدقة. شاهرزما وإليه وزارة خواالستيفاء،

احتبسه عنده، مث استوزره، فنفذ إىل والدي صفي الدين وألزمه بوزارته، زنكيافإن فإن . اتفقت حادثة الراشد، فحمدنا اهللا على ترك خدمته، والعصمة من واقعتهمث .فأىب

فوىف . وال يتوىل ديوانا، حلف أن ال خيدم بعد العزيز سلطانا،-رمحه اهللا-والدي ودفن الراشد يف . على أمره وثالثني سنة مقبال وعاش بعد أخيه نيفاعمره،بيمينه مدة له تربة يف جامعها، وصار إىل اليوم موضع قربه من أشرف وأفردت، مدينة جي .مواضعها

معه وسار طريق الري، تفرق مشل تلك العساكر، ورحل داود آخذاوحينئذ سنة اواستصحبين وأخي أبا بكر، وخالنا يف املدرسة احملدثة بقاشان وأقمنا والدي

مل وكالنامث عدنا إىل أصفهان، . نتردد إىل املكتب، ونشتغل بالقرآن والكتب األدبية .ارفيبلغ قمره إىل اإلبدار، والوالد سار يف ليل األس

امللك به غري معهدن وأما أنوشروان الوزير، فإنه ما لبث يف الوزارة، وكا: قال واعتزل، وما فعزل. مستتب العمارة، ال لنقص فيه، بل لتغري القواعد، وتكدر املوارد

أبو الدينوجلس للوزارة عماد . انتقل عن داره حىت حتول إىل جوار ربه وانتقل من الدركزيينوكان نسيبا للقوام : -رمحه اهللا-قال عماد الدين . الربكات الدركزيين

احملمودية الوزارةورتبه أيام . له، وقد حسنت يف أيام دولته حوايل أحوالهجهة أخوا يقول فيه الذيوهو . عارضا للجيش، وبقي مستمرا يف منصبه، مستقيما على مذهبه

جاينالقاضي األر:

٣٠٣ تاريخ دولة آل سلجوق

عالء العماد فهو رجاء العباددام يد مل تزل تصدر عنها أيادله

لنا طالعا فهو ضياء البالددام اده مكحولة بالسهاد حسعيون

قتاد أجفاا أهداا من كأن حاال، اخللل رأى السلطان مسعود يف عنفوان دولته، وريعان سلطنته، وملا

وقرب أخالقه،واحلال خمتلة، والعلل بادية، واملبادي معتدلة استعجز أنوشروان للني دركزينيا وىل أنه إذا فرأى صرفه باحترام، وعزله بإكرام، وظن. قمر عمره من حماقه

عرف والفوىل العماد فما رفع عمادا، . أحيا رسوم االقتدار، وسطا سطوة اجلباروكان يف منصب . ، وقنع بالدست والعالمةةوال مشى إال يف طريق السالم. سدادا

القمي، الثابت الكامل الباسل، وكان يف زمان ثابت حينئذ كمال الدين االستيفاءفأنس . وكان شهما ناقدا، وسهما نافذا. وانه، وصنائع إحسانه دينوابعمي من

وهو الذي يقول فيه القاضي . إىل رأيه، واستغىن به عن وزرائهوركنالسلطان بروائه، :هامن قصيدةرجاين أبو بكر األي يف رفيع مسائه النجم عنسل

ه حىت تكل حلاظأساهره عهدهم غيث تقول إذا بداسقى األمطار عيين على الثرىمعلمة قلم إن هزه يف كتابهله

مثلي من جليس مبايتأشاهد املفالت يف الصبح انساللوينسل وجه األرض ورق الفواختجتللا إن مل يكن كف ثابت ما مسإذاالت املص على سيف الكميأبر

شيدت ومبشورته. وهذا ثابت، كان من دهاة الرجال، وكفاة األعمال: قال فإنه بعد مسعودوأما السلطان . املقتفي وخلع الراشد، وشدت املعاقد، ووىلالقواعد

الزينيب،خروج الراشد من مقام اخلالفة، استشار الوزير شرف الدين علي بن طراد صحبه، وخاطبه فيمن توكان قد اعتقله بعد ما جرى على املسترشد مث أطلقه واس

فبويع له . عبد اهللا حممد بن املستظهر له، فأشار خبري اخلالئف واخلالئق، أيبخيطب، ونعت باملقتفي ألمر اهللا، ووزر له شرف الدين هـ٥٣٠ يف ذي القعدة سنة باخلالفةكر ذو. وأمجع األنام على بيعته، واجتمعت اآلمال الظامئة على شرعتهالزينيب،

وبرس تابك منكأوانتهى إليه أن . إىل اجلبل، واثقا حبصول األملراجعاالسلطان

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٠٤

. ستنجد اوريه، مستجيد لعدة احلرب مستجد وأنه مستجند ممستعد،للخروج عليه إىل أصفهان ليكون على طريق دفعه، فسار ومعه يرنقش قراسنقرتابك أفأض

وهم أعضاد . وسنقر صاحب زجنان وهم العظماء الكباراجلاندار،البازدار، وجاويل ووصلوا إىل أصفهان، وكان القحط . وسكاا اململكةمسكنمالك والدولة وأركاا،

وأكلوا ما وجدوه من الرطب واليابس، . والغالءالوباءيف االبتداء، فكانوا سبب .وأحلقوا الغين بالفقري البائس

الربوجردي،وأنا أذكر، وقد وصل قراسنقر ووزيره عز امللك أبو العز : قال اليت أمالكناكزيين، فقبض بقايا وكان من الشياطني الذين استتبعهم يف عصره الدر

الشتوة تلكأسأرا املصادرات، وعمد إىل مشل مجاعتنا ليسرع فيه الشتات، وأقاموا ال أمتابكه منكوبرس، فعرف قراسنقر واألمراء أبأصفهان، مث صح اخلرب بوصول

أصفهان، وجاء منكوبرس إىل .يطيقون مقاومته، فساروا إىل مهذان، وحلقوا بالسلطانورعى الغالل قبل إدراكها، وأعجل األرماق عن . فخلفهم يف الظلم واإلظالم

. الناس منهم شدة، ورحل يف أوفر عدة وأوىف عدةيوأقام مدة، ولق. امتساكها من السلطان مسعود، حتاجز العسكران وباتا على لقاء موعود، والتقيا قرب فلما

عسكر فارس، على الدبرة يف األول وكانت. بكورشنبه، وصدقا الوثبةاملعروفباملوضع جاعا ش وأسر منكوبرس وأمر السلطان بقتله بني يديه، وكان فرائس،صبحت فوارسه أف

ضرابه، فلما أوكان األمري بوزابه من أعظم أصحابه، وأفخم . عليهسفت القلوب أ فكرمياأن منكوبرس بوحس" بنا بالغنيمة سلمنا فقد أإذا: "قال. اهلزميةعنلت رأى العزمية، أج

وحلف أنه ال ،فلما نعى إليه صاحبه، ضاقت به مذاهبه. فاج يدر أن نعيه له موملناج فعطف على معسكر السلطان مسعود وقد .ره، ويستقيل من عثارهأ يأخذ بثحىتيربح

قيمت، والسوابق قد أ مبا ضمن واملضارب قد شيمت، واملضارب قد النصرأمن، ووىف له فبينا هم يف أغفل حالة إذا هجمهم بوزابه واستخرج كل . أزحيتقدأرحيت، والسوابغ

وركب السلطان مسعود فأبلى بالء . كل كبري طريق مهربهعلىأمري من مضربه، وسد مث وىل ومعه قراسنقر هزميا تشله الرماح، . مهجته ممكناعنحسنا، ومل يترك يف الدفاع

بن اا عشر أمريا، منهم صدقة بن دبيس قبضة بوزابه اثنيفوحصل . هشيما تذروه الرياحتابك سنقر أ واألمري احلاجب الكبري أرغان، واجلاواين،صدقة املزيدي، واألمري عنتر

٣٠٥ تاريخ دولة آل سلجوق

ومجاعة آخرون، وما منهم إال من قدمه، وأراق دمه، قراسنقر،صاحب زجنان، وحممد بن . هـ٥٣١ يف أواخر سنة وذلك. وشفى وتره، ووىف نذره

وعاد السلطان . فارس واستوىل على مملكتها، واستقر يف واليتها بوزابه إىل قفل مثوقد . وهو الغالب واملغلوب، والسالب املسلوب. مسلما لقضاء اهللا وتقديرهسريره،إىل

من )١( يف املأمت، وعاد إىل ما مث م تافجلس مل. سلكه، وبادت سعود ملكهعقودبددت . غريهم أمراءواختذ سواهم ندماء، ورفع. مثعادة املأ

فجرى ما . الراشدويف أثناء هذه الفترة، كان خروج السلطان داود ومعه : قال القواعد،جرى واستشهد الراشد، وانعكست على داود املقاصد، ومتهدت ملسعود

خالط فأقطعه بالد سكمان من ،واتصل بعد ذلك امللك سلجق بأخيه السلطان مسعودلي السالحي مقطع تربيز، غ أز إليه األمري غوأعماهلا، ومنازكرد وأرزن، وأضاف

، وسام أهلها وأوسعها سبيا وختريبا. واستصفاها، فاستخرج أمواهلا واستوفاهافقصدهاوما زالت الدولة مضطربة، والفتنة مضطرمة، وأيدي الظلم عائثة، . وتعذيباظلما

وحكم . دبريا عابثة، حىت استجد السلطان وزيرا، استجاد ململكته تالذموألسن وهو الوزير كمال الدين حممد بن علي اخلازن من أهل الري . وأبرموأحكم، ونقض

العماد أبا الربكات، ووجده يف تسكني اخلطوب عدمي استعجزوكان السلطان : قال يفلت ومل. )٢( أمجل وجه، ولزم موطنه على رفق ورفه علىفصرفه إىل بيته . احلركات . وصالتهبصومه وشغلته العطلة. فالتهإايل بالسالمة كفالته، وكانت الليإوزير ك

ويف ببغداد، هـ٥٣٣وكانت وزارته يف سنة . الوزارة كمال الدينوتوىلشراف املهذب بن أيب البدر إلديوان االستيفاء كمال الدين ثابت، ويف منصب ا

غراء ويف كتابة اإلنشاء ويل الدين املعروف بسياه كاسه، ويف منصب الطهاين،فاألص. فانشرحت الصدور، وانتظمت األمور. الدين املرزبان بن عبيد اهللا األصفهاينمؤيدوأحيا معامل . الوزير خلزانة السلطان أمواال حتمل إليها، وجهات توفر عليهاورتب وابتدأ بكسر اجلبارين، وجرب ، قد دثرت، ونظم عقودا للمصاحل انتثرتللملك

.أصلح: مث) ١()٢ (العيشطيب: هفالر .

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٠٦

وبذل لقراسنقر يف وزيره . ، أن ينوي لقراسنقر شرا مع السلطان سراوقرر. املنكسرين الربوجردي مخسمائة ألف دينار على أنه يسلمه إليه، ويسلط يد العز أيب امللكعز

وخبل بصاحبه حملض الكرم، وما أسعد . عنه، وما قبل البذل منهفأعرض. االقتدار عليهسلطان من عواقبه يس منه أخاف الأفلما . الدينار والدرهمعلىمن اختار الصاحب

وقرر ". وال يظهر لك مع تسلطه قوة السلطان. يف غمد سيفانجيمع ال: " وقال لهفاستوحش سر . فارس ليفرسه به، وجير اخلالف إىل مذهبهمنمعه استدعاء بوزابه

فاستدعى امللك سلجق ووعده بأن ميضي معه . األيدر الكيد، وأعمل منقر فأضسقراتابكه أ معه داود بن حممود والنهضةه، ومحل أيضا على ستخلصها ألجليإىل فارس و

.ياز، وكان من صنائع قراسنقرآ امللكان، قراسنقر عن أذربيجان حنو السلطان مسعود إىل مهذان ومعه ورحل

فلما قرب، أنفذ وزيره عز امللك الربوجردي إىل . ومعه من العساكر عشرة آالفه منه ومن امللكني ومن مجاعة األمراء لومح. رسوال، وحتدث معه وقرر سوالالسلطان

ال نأمن جانب الوزير الكمال، وإنا ال نصرب على ما يبدو منه من إنا " مضمواكتبا فإما أن تعدمه، وإما أن تسلمه، فإن دفعته إلينا فنحن طائعون، وإن دافعت األعمال،

فحار . أقالوههلم فما مسع السلطان ما قالوه استقااملف". فنحن عن أنفسنا مدافعونعنه به فأوقعفقبض عليه وسلمه إىل احلاجب تتار . يف تدبريه، واضطر إىل تسليم وزيره

فحينئذ وصل قراسنقر ومعه . هـ٥٣٣وضرب عنقه، وذلك يف شوال سنة . ارالبت. سلجق وداود إىل اخلدمة السلطانية، ومحدوه على اتباع تلك اهلمة الشيطانيةامللكان الوزير جمد الدين عز امللك أبا العز الربوجردي يف وزارة السلطان قراسنقرورتبومل يزل مذ عهد السلطان حممد . وكان شيخا ذا جة واء، وهلجة ورواء،مسعود

وما زال متدرجا يف . أكابر األمراء مل يبطل، ومتحليا بالوالية مل يعطلمعمتصرفا فإنه كان يف ريعان عمره . الغزارة بلغ الوزارة، ووجد بعد النـزارةحىتالواليات

فتمول األموال، وملك . يف كل أوان خدمة وزير ورذاويستعذبخيدم شاكرا، . يف ملكه أيام وزارته أربعمائة قريةجيرينه كان إ :األمالك، وقيل وأذهب خنقه، إنه :فنكب الكمال ثابتا املستويف وقبضه وأعدمه، وقيل: قال

أيب بنوتوىل منصب االستيفاء بعده املهذب أبو طالب . بذهابه جة امللك ورونقه

٣٠٧ تاريخ دولة آل سلجوق

منار، وانتقل البدر، ومل يلبث يف منصب االستيفاء شهرا حىت اختفى بدره يف السر . األصفهاينوتوىل مكانه ديوان االستيفاء الكمال أبو الريان . هذه الدار إىل تلك الدار

وكان يف وتالمذته،ن صنائع العزيز وهؤالء الذين تولوا االستيفاء كلهم كانوا م: قال املرزبان بن عبيد الدينديوان اإلنشاء سعد الدين اخلراساين، ويف منصب الطغراء مؤيد

الدين حممد اخلازن كمالتابك قراسنقر، فإنه ملا قتل الوزير أفأما . اهللا األصفهاينفلما . رس فابالدق وداود إىل جوجلس وزيره يف وزارة السلطان، رحل بامللكني سل

ودخلعرف بوزابه حضورهم جلأ إىل قلعة كل وكالب، وهي بني خوزستان وفارس، ماامللك سلجق مدينة شرياز، وجلس على سرير امللك ا مسرورا، ونظم من املصاحل

وأراد قراسنقر أن خيلي عنده . كان منثورا، وغفل عن القدر، فأنس مبلكه مغرورا السالحي، وهو مقدم يفحمل األمري غز أغل. عداه حيمي محاه ويعدي على عسكرا حب التفرد والتوحد على إظهار الغىن عمن ينجده، وأنه ال حاجة به سلجق،عسكر

" ما أحتاج إىل أحد، وال أفتقر إىل مددأنا: " فقال لقراسنقر. يسعدهإىل من قراسنقر مستقال، وسار يفصار غزأغل. قراسنقر منه هذا العزم، وترك احلزمفاستحسنوسرح امللك داود مجاعة . صوب خوزستان، ليعرب منها إىل مهذانومضى. )١( مستقال

فلما وصل عسكر مكرم مل يوافقه . سواها، للنية اليت نواهاطريقمن العسكرية على . القدرة وتعذر اإلمكانوعجزت ،)٢( القوم ويف دوام املوتان يففوقع . اهلواء اخلوزي

.رة حبسب الضرورةفأقام على تلك الصو كل على امللك سلجق فإنه ظن أنه ملك، وأن خصمه هلك، وأن بوزابه وأما

يغلغزأورجا أيضا من . حال مملوك ال يقدم على املالك، وأنه إمنا فر النسداد املسالك بالعكس،وكان األمر . أتابكه أنه ال خيل بالتيقظ، وال خيلي ما جيب عليه من التحفظ

فبينا. تابكه اشتغل باألكل والشرب، واللهو واللعبأفإن . لنكسوسقم حاله على اومل ينج . وازبه وعلى امللك سلجق فقتل وفتك، وأسر وأوثقبهو كذلك إذ هجم عليه

وقبض على سلجق ومحله إىل . العسكر إال القليل، ومل يعرج على اخلليل اخلليلمن

.راحال: مستقال) ١( .املوت: ناملوتا) ٢(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٠٨

فتمكن بوزابه من . عطبهه، ومل يشك أحد يفب وكان ذلك آخر العهد ذدزيسفأقلعة واستشعرت امللوك مهابته، وجتنبت األسود . على املراد مدار فلكهوجرىملكه، وأما . إىل فارس بعدها فارس، ومل ينل الفريسة ا غريه فارسيركضفلم . غابته

إليه اخلرب، وعلم أنه ال قدرة له على دفع ما نواه القدر، مضى انتهىقراسنقر، فإنه ملا فلما وصل إىل بروجرد صادفه اخلرب . موليا أن ال يكون بعدها متوليا،مولياجهه على و

جنـزة وأعماهلا قد خسف ا، وأن الزلزلة قد هدمتها، وأا خربت حىت مدينةبأن وقد باد من أهلها مقدار . خبارية الكرجية هجمتهاأل وأن الكفار اعدمتها،كأن األرض

وذلك مع . اقني إال من احتمى بقلعتها، وآوى إىل تلعتها نفس، فأمروا البألفثالمثائة فأغذ قراسنقر . شت، وأن اخلبايا فتشتبوأن األموال ن. ودم دورهاسورها،تشعث خباز، قد قرن أل عسكر امقدم - اهللالعنه-اين بن أيب الليث و وكان إيإليها،السري

مدينة ينة جنـزة، وبىن قد محل باب مدوكان. الزلزلة الزالزل، وبالنازلة النوازل قراسنقر عن البالد فسماها غيبةمساها جنـزة، وعلق عليها ذلك الباب، واغتنم

. هـ٥٣٣وذلك يف سنة . العذاب أهل وظهر. النصر والتمكني وصل قراسنقر، عادت دولة الدين، وعادةفلما

هزمهمفوواقعهم قراسنقر . التوحيد على أهل التثليث، ونعش الطيب بعثار اخلبيث إليها،وثلمهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وخرب البلدة املستحدثة وأعاد باب جنـزة

ا،وكان من مجلة من هلك . وأعادها يف العمارة إىل أحسن حاالا وأمجل هيآا مدة يوبق. زوجته بنت األمري أرغان وأوالده، فاستوىل عليه اهلم وعلق به السل

بأردبيل، فأكثر املسلمون عليه العويل، وعدموا هـ٥٣٥ سنة وتويف. وال يبليتداوىوكان ملا اتصل به أجله، وانقطع عن احلياة أمله، أحضر جاويل : قال. البديلعنه

مكانه، وسلم إليه ابنه وجنوده وسلطانه، ووصى إليه بقطع دابر ونصبهاجلاندار وأنفذ إليه السلطان . يتهفتوىل واليته، ووصل بنهايته بدا. األبراربرالكفار، ومواصلة

وقرر عليه مجيع أعمال قراسنقر . وأجزل له العطاء والرفدوالعهد،مسعود اخللعة تلك املعاقل واملدن والبلدان، وض األمري جاويل يف السنة ووالهبأرانية وأذربيجان،

له القبول، وعرض هداياه وحتفه وطرفه فقبل البساط وبسطالسلطان،الثانية إىل خدمة . الواسع مبضارب جنوده، وخفقت القلوب هليبة خوافق بنودهالفضاءفضاق . واحلمول

٣٠٩ تاريخ دولة آل سلجوق

وتوافقا . ، ونشر من املودة بينهما ما كان يف الطي الريصاحبواتصل األمري عباس . يف سلك املصافاةالسلطانوتواثقا، ونظمتهما طاعة

أقطاعه، يف األمري عباس من مماليك جوهر خادم السلطان سنجر، والريوكان به، ثار الباطنيةفلما قتل صاحبه بفتك . وقد نفذه إليها واليا، وكان أمره ا عاليا

وقوي . أمواهلاحبيازةعباس للثأر، وجد يف طلبه، واستوىل على الري وأعماهلا، وتفرد اتصل به ومبن. على السلطانني سنجر ومسعود، واستظهر مبن معه من مجوع وجنود

. كبريمري األجل صاحبه، وكانوا زهاء أربعة آالف يف عدد كثري ومجع من مماليك األ منهموقصر عزمه على قصد الباطنية وكبسهم يف مواطنهم، وبيتهم يف أماكنهم، وقتل

املؤذنون،ن عليه مدة واليته أكثر من مائة ألف، حىت بىن من رؤوسهم بالري منارا أذ للرعيةون املنون، وكان ذا مهة كافلة وأخاف القوم، فما كانوا يف عصرهم يأمن

. بإيالته، وأقره على واليتهلسلطانباملعونة، فرضى ا الرضى به روض اتصل جاويل اجلاندر خبدمة السلطان وجده حاضرا، وألفى وملا على احلاكموكان األمري احلاجب الكبري فخر الدين عبد الرمحن بن طغايرك، . ناضرا

وال . برأيهإالال يرى . ان وسيما جسيما، للسالطني قسيماوك. الدولة، املهيب الصولة الناسوكان األمري بك أرسالن خاصبك بن بلنكري أخص . إجابة إال لدعائه

وملا كرب، كان أكرب . ف به على صحبهعبه، قد اختاره منذ شلبالسلطان وأعلقهم بقحلضرة، والدنيا بالنعيم واجتمع هؤالء األكابر تلك السنة با. وأعظم الكرباءاألمراء،

ومحل فخر الدين عبد الرمحن بن طغايرك األمري عباسا على مباينة . بادية النضرةهلموأطمعه يف تولية نائبه اجلمال اجلاجرمي يف . امللك الوزير، ومعارضته يف التدبريعز

رفع وة، وتيرجع إىل توسع يف املر. وكان شابا مقبول احلركة، مأمول الربكةالوزارة، قلبه مبساعدة األمريين عباس وابن يفاستحكم طمعه يف املنصب، وقو. وة الفتيف

. وجاد، واستجد واستجاد، وقرب أن يتم مراده وكاد وجتمل، وجدفتحملطغايرك، وساعده . للوزير عز امللك، وأعاد نظم جاهه إىل السلكجاويلفتعصب األمري

، وأمجع اجلميع على إبقائه، واتفقت أمر الوزيرفاستقامخاصبك على مساعدته، . مضائهيفالكلمة على أنه ال مضاهي له

تاريخ دولة آل سلجوق ٣١٠

عباس وعاد السلطان إىل بغداد رحلة الشتاء، واستصحب مجاعة األمراء، ورحل سنة يفوأنا أذكر وصوهلم إىل بغداد يف هيبة عظيمة وهيئة وسيمة : قال. إىل الري . هـ٥٣٦

املصاهرة، طغايرك، ومتت بينهما وخطب جاويل بنت عبد الرمحن بن: قال ي قواألمر،انية وأذربيجان مشتد وعاد جويل إىل بالد أر. وتأكدت ما بينهما املظاهرة

عقدي منالظهر، مستبشرا مبا تأكد بينه وبني األمري احلاجب الكبري عبد الرمحن، وقضاءالوصلة واألخوة وأقام السلطان ببغداد تلك الشتوة، متوفرا على نيل الطرب

. املفاخروتقريب املساخر، وإبعاد ذوي . مستهاما بإدناء الدنان، واقتناء القيان. الشهوة لعداوتهمتكال على السعادة يف دفع األعداء، فإنه مل يزل، كامسه مسعودا، ومل يتصد

.إال من كفى اهللا شره فأصبح عنه مصدودا وقدمائها، الدولة وكان األمري سعد الدولة يرنقش الزكوي، من أكابر: قال

الفضل ولهومتوىل وزارته ميني الدين املكني أبو علي العارض، . وأكابرها وعظمائها غلبكوكان سعد الدولة يرنقش متويل أصفهان، واألمري . املستفيض واإلفضال الفائض

والنائبه، وسعد الدولة للمعسكر غري مفارق، وملا ال يوافق رضاء السلطان غري راض . اإلقبال بدوام نظر إقباله دائمةةته قائمة، ونصرهة امللك مبقام أبانت أفك. موافقمنهم جنم الدين رشيد، من . رة والعروش اخلدام احلبوش هلم اجليوش، واألسوكانت وأكابرهم، ومجال الدين إقبال اجلاندار، وشرف الدين كردبازو ومسعود همخيمشا

ين صواب، ومشس الدين كافور، وأمني الدين فرج ودوم يف الرتبة عماد الدالباليل،وهم عصبة فيهم عصبية على الشافعية، ويتقربون إىل اهللا مبا . وأمثاهلم،الدوويونكبوا أصحاب الشافعي بأنواع البالء يف مجيع البالد، . إليهم من األذيةيوصلونادوا إطفاء نوره وحاولوا إخفاء مذهبه فتعاىل ظهورا، وأر. بالطراد واإلبعادوخصوهم

. زاده اهللا إال نورافما أبو فمنهم. هم على أحدنونكبوا رؤساء املذهب يف كل بلد، ومل يبقوا م: قال

جندياخلرايين ببغداد، ومنهم بنو فالساالفضائل بن املشاط بالري، ومنهم أبو الفتوح . اهللاودخل يف مذهب أيب حنيفة مجاعة طلبا للجاه، وخوفا منهم ال من . بأصفهان

توىلوكان وزير اخلليفة املقتفي ملا : قال. القاضي عمدة الدين الساوي: ومن مجلتهم

٣١١ تاريخ دولة آل سلجوق

بن طراد الزينيب، وكاتب اإلنشاء سديد الدولة بن األنباري، يشرف الدين علوتزوج اإلمام املقتفي بأخت السلطان مسعود . املخزن كمال الدين بن طلحةوصاحب

، وسببه هـ٥٣٤لزينيب عن وزارة اخلليفة يف سنة وعزل شرف الدين اخاتون،فاطمة وتوىل . إىل دار السلطان معتصما، مث لزم بعد ذلك داره حمترمافمضىأنه استشعر، أبو نصر بن جهري، وكان االستيالء بالعراق ألصحاب السلطان، الدينالوزارة نظام

.يدانوليس ألحد بكفهم النهر،واستوىل على ما وراء خرج الكافر اخلطائي هـ٥٣٥ويف سنة : قال

هـ٥٣٨ويف سنة . وكسر السلطان سنجر أشد الكسر ووقع عظماء مملكته يف األسر داود بن حممود بن حممد بن ملكشاه بأيدي املالحدة بتربيز غيلة، وعاش السلطانقتل

جه السلطان مسعود بنته، ووكان قد ز. ومل يسترح ليلة. شريد الدهر شريدامنأيامه وملا خانته يف املبدأ السعادة، . لبيته، قاعدا فوق ختته حتت خبته مالزمابتربيزنعه وأقن آق سنقر وضع عليه من ب إن األمري زنكي :وقيل. يف العاقبة الشهادةله وفت

وذلك أن السلطان مسعود، كان . فتك به، فأمن على بالده بسببهمنحشيشية الشأم ففزع زنكي وجزع، .ه ثغور اإلسالمام، وحيفظ بقد عول على أن يسري داود إىل الش

ووصل . وخذله األيد ولكن نصره الكيد. حديث احلادث الذي وقعمنوسقط يف يده يف دار اخلالفة جملس العزاء ثالثة أيام حبضور أرباب املناصب، لهخربه إىل بغداد، فعقد

. من أفجع املصائببقتلهوعدت املصيبة السلطنةسلطان مسعود إىل أصفهان، وكانت دار ، رحل ال هـ٥٣٩ سنة ويف

ومل . فعزلهوتغري رأيه يف الوزير عز امللك الربوجردي . قد تشعثت فشد منها األركان املرزبانواستوزر مؤيد الدين . يستبق العزلة واستصفى ماله، وشغل بوباله سره وباله

جوارينت له زوجة من وكا. ة من الطغراءربن عبيد اهللا األصفهاين، ونقله إىل الوزاامسعود، تركية سليطة متسلطة، حاكمة عليه متبسطة، فتسلم عز امللك وسلمه إليها

وكل من . اليت قتل ا الكمال ثابتاةفقتل مثل القتل. بعد ما عذبته وعلقتهه،تفخنقوكان عز امللك الربوجردي شيخا يجا يا، . حاسدا له على منصبه عاد شامتاكانلثمانني سنة، ومع شيخوخته يقطر ماء النضارة من حمياه، وكان يف السعادة اجاوزقد

وكان نائبه يف . وكان يف أيام وزارته مرهوب الغرار، مشبوب النار. يف حمياهسعيدا

تاريخ دولة آل سلجوق ٣١٢

والسيف الذي يفري . جنيب الدين عبد اجلليل السهم املصيب، والشهم املهيبالوزارةتأصل البيوت، ويستنـزل من اجلو ويربي ويفصل، يبت األصول ويسويقصل،

وقد ضربوا على بغداد الضرائب ومكسوا . قعر البحر احلوتمنالعقاب، ويستخرج .املكاسب البديع الشني الدين أبو سعد مستويف السلطان، البعيد من يوكان رض: قال نعامه،إوكان ربيب . ممن يغشاه والدي بسبب خدمته ألخيه العزيز يف أيامه. الشانوكان نائبه كمال الدين أبو . من أوسع صدور ذلك العصر صدرا، وأقلهم شراوكان األصفهاين من تالميذ عمي العزيز وغلمانه، ومل يكن أعرف منه بقانون الريان

وهو . لكنه كان خاليا من األدب عاليا مع نقصه يف أكمل الرتب. يف زمانهاالستيفاءوكان عز امللك . ابل، وطول بال طائلوبرق بال و. بال معىن، وحسن بال حسىنصورةومن . مع جهله وشدة خبله، رمبا نسمت له ريح أرحيية، ومسنت بغثه روح حتيةالوزير واستغىن، واستقىن. ذلك أنه كان بالعراق عميد رازي توىل سنة، واكتفى ثروةمجلة

املشرف فأحضر" حسابكاعمل: " له فلما جاء السلطان قيل. وخىبوجىنوحبا وتدعو . أن تدع املكر منكأريد: " بابن احلكيم من أهل بغداد، وقاليعرفن وكا

وتكف . ن احلسبة، وحتتسب احلسنة بأمري وتستأمر مهتك، وحتسوتممكرمتك، ولكل ما . ال أجسر أن أسترأنا: " املشرففقال " واأللسنةبكفايتك عين األيدي

من اجلنايات واجلبايات، ي خف أن أخفي كثريا ممايوعل. أذكرأذكر البد أن أن أمجع ما أخذته من املرافق الوافرة، والفوائد والبد. واالجتذابات واجلعاالت

له ألفي فبذل. مبالغ حىت تقرر ذكر مخسني ألف دينارإسقاطواتفقا على ". الظاهرة وال يربز ا، لعل الوزير يغفل عنها، وال يؤاخذهاحلشودينار، على أنه يذكرها يف

. بالذكر وإفرادهاوختصيصهافأىب إال إيرادها، . بسببها الوزير عز إىلدخلنا باحلساب : حدثين املشرف بن حكيم قال: عماد الدينقال

: ؟ فقيلهـذاما : فقال. على املبلغ املرفوعموع،امللك، فأول ما وقعت عينه يف اجل جتيزون كيف: " مه وقالفضرب عليه بقل. الرسوم اليت أخذها، واملرافق اليت اجتذا

. له رسوموحصلتهذا له معلوم، . أن جتمعوا عليه ما ارتفق به من رسومه وخدمهفخرجنا : قال". فليس من املروة أن نستعيدها وما فوض إليه الشغل إال ليستفيدها

٣١٣ تاريخ دولة آل سلجوق

وناولينفأخذ بيدي . حنسب أذيالنا، أنا للخجل، والعميد للجذل، وقد رد إىل العمل فأجر فيها أمانتك، ما جعلته بامسك، وما ضرتين هذا: "مائة دينار، وقالصرة فيها ست ".على رمسك االختالل، يفوملا جلس مؤيد الدين املرزبان يف الوزارة، بدأت األمور : قال

وكان . برمسهاوكان قد قنع من الوزارة بامسها، ومن املرتبة . والعقود يف االحنالل وال ينافث الغواين، األنس بشرب احلميا، ال ينافر إال ويروقه. يروق الناس ببشر احمليا

فما له قول . قدرهإىلوكان وزراء األمراء قد غلبوا على أمره، وبلغوه . إال األغاين. مرجووال هو مشكور وال مشكو، وال خمشي وال . مسموع، وال طول متبوع

وزيره رئيس وكان . وخاصبك بن بلنكري هو اآلمر الناهي، وهو داهية من الدواهي أبو تغلب بن محاد السهروردي، العبيق بريا الرياسة، اللبيق برأي السياسة، قد الدينوكل أمر ال ينفذه ال . على األمر واحتوى، ومتكن من ورد امللك وارتوىاستوىلوكان كصاحبه مسعودا مصحوبا بالسعادة، . حق ال يأخذه ال يؤخذوكل. ينفذ

.الزيادة بواجلاهممدودا من املال بوزابهوكانت قد تأكدت بني األمري عباس صاحب الري، وبني األمري : قال

اململكة، يففطمعا . صاحب فارس صداقة صادقة، ومودة أحواهلا احلوايل متناسقةوهذا وقت . العرصة خالية، والفرصة باديةنإ: "وقال. أن الربكة يف احلركةوزعما خدمةفكتب بوزابه إىل السلطان أين واصل إىل ". ة إىل العرة، واالمتراء للدراالرمتاء

السرير، وخرج من شرياز بامللكني حممد وملكشاه ابين السلطان حممود بن ملكشاه، أنين: " وكتب أيضا. عباس من الري بامللك سليمان أخي السلطان مسعودوخرجف ما فحمل السلطان قوهلما على الظاهر، وخا". جنابك، ملالزمة ركابكإىلواصل وعرف أن أمره معهما غري مستقيم، وأنه إن رحال إليه . من الباطلالباطن يف يخف

إىل جاويل اجلاندار يستدعيه، فوجده متجنيا متجبنا بالقبض على فكتب. فهو مقيم . غري مشاورته، وقلة اكتراثهم به وترك مراقبته يف مصادرتهمنالوزير عز امللك

الشتاء إىل برحلةشعر حذره وورى عن اهلزمية شعر السلطان بتأخريه، استفلما وخاصبك طغايرك،ومعه من األكابر عبد الرمحن بن . بغداد، وحث السري باإلغذاذ

ومها بالسلطان،ووصل بوزابه وعباس إىل مهذان على ظن أما جيتمعان . بن بلنكريا

تاريخ دولة آل سلجوق ٣١٤

ناصر الدين خطلبة األمريفأقاما ا شاتيني، واتصل ا . مبديان للطاعة خمفيان للعصيان جاويل اجلاندار األمريوكتبوا إىل . ي، وكان ليثا خادرا، وقسورا قاسرارالبازدا

وأشياعك، فإن قدمت أتباعكوحنن . الكبري، لك التدبريأنت: " أذربيجان وقالوا لهب واخنرطنا امللك،وكنت صاحب جيوش من ينتصب على سرير . مت علينادإلينا، ق

".السلكمعك طائعني يف ومجعواشتغل حبشد اجلموع . جوام جبميل، وأعاد رسوهلم بتأميلفرد

تابك داود يف أياز، وكان آواتصل به أتابك . احلشود، وحشر اجلنود ونشر البنود وهو مشكور الغناء يف مقاماته، وعضده األمري شريين آق سنقر فأظهر حينئذ حياته فوجد الطريق ، املتسلطني على السلطان إىل مهذان، والنهضة إىل الناهضنيالنهدة

. فأقام بعسكره جممعا، وللنهوض عند احنساء الثلوج مزمعابالثلوج،مسدودة والسلطان يف بغداد . الستدعاء السلطان إليه، واستقدامه عليهبغدادوتطايرت كتبه إىل

رجع فلما تنبه من وسنه، ندم على خلع رسنه، و. زاه بزهوهبلهوه،ساه بسهوه، اله نداء جاويل وأجاب دعوته، وعزم على الرحيل إليه وسار ولىب. من احلزم إىل سننه

حىت اتصل باألمري . يف أوعر طريق، وأعسر مضيقاملراغةعلى الدربند القرابلي إىل . من العدد اللمعوكثرف من العدد اجلمع، جاويل، فكث. القلبمنهوقوى السلطان احلال وحل به العجب، وانقلب إىل القوة عجبأو

ابنفإن . فحسدت اجلماعة جاويل وغبطوه، وحتيلوا يف أن يقبضوا عليه ويربطوهطغايرك مع مصاهرته له كان بإمكانه متربما، وكذلك خاصبك كان من استيالئه

فأمجع األمراء واحتالوا الغتياله يف سرادق السلطان فاطلع على السر، ووقع .متومها منهم، وتقبض عنهم، وأراد أن يبطش م كما أرادوا البطش فاحترز. مكر املكرعلى على أنا: " وقال للسلطانه جرى يف احللم والكرم على حسب مذهبمثبه،

صحتك، وال جيمعين وإياك بعد هذا ناد، وال يسمع تلبييت فيه مينمناصحتك، ويف لعسكر السلطان وجاويل بعد ذلك إال راكبني، منفردين عن ااجتمعفما ". مناد

أردت تداين أمين، فتباعد عين، ودعين اض إن: " للسلطانوقال . متجانبنين أبوا قتلتهم، إ حبقوق نعمائك فإن أتوا قبلتهم، وذكرهمأوعدائك، أبعساكري إىل

". تبعتهمسارواوإن . ن اتبعوا سررمإو

٣١٥ تاريخ دولة آل سلجوق

ه موحك. واستقاله إليه السلطان واستماله، واستعفاه من ذكر ما جرى فاعتذر. بسروره سرهوسرمره، أليف احلل والعقد واإلقطاع وأمر اجلند واألمراء باالئتمار

. وردعهالقوموشرع جاويل يف مكاتبة امللك سليمان وخدعه، ورده عن املقام مع وانفصم وانفصل. وتوثق له من السلطان بيمني، وسري نسخة أمال له مع أمني ففارقهم

. والوجوهف وأخوه، فاتبعهما للتوجه األعيان ووصل أيضا خوارزمشاه يوس. عنهم مجعاه،ق اجلند الذي وتفر. وملا عرف بوزابه وعباس تعذر ما حاواله وتعسر ما زاواله

. تفارقا على مواعدة يف معاودة اجلمع، وودعا على موادعة مودعة للطاعة والسمععلى استئناف كالمها على الرجوع إىل بلده بنية الرجوع، والغروب يف أفقه وعزم .الطلوع

علم أن بكتائبه، السلطان عند اتصال أخيه سليمان جبانبه، واستظهاره وكان مدينة سجاس إىلفرحل بالعسكر . بوزابه وعباسا يفترقان، وأما يعدان بأما يعودان

االرتيابوالسلطان وخواصه على حالة من . مع جاويل على عزمية اإلسراع واإلتباع والرأي معه، أنت وراء بوزابه، فالعسكر والشوكة اض: " ل جلاويلفقا. واالرتياع

حنو مسعودفمضى جاويل إىل مهذان، وعمد ". قمعهأمسريي إىل الري أللقي عباسا و. الري، فحصل من وردها بالري وغىن بالسعادة عن استعمال املشريف والسمهري

صعب باالحتمال سليمان شاه أخاه وحبسه يف قلعة سرجهان، وتلقى ما وقبض .فهانواالحتماء ا وخزائنه مهذان، وترك أثقاله وخلى علم بوزابه أن جاويل جاء، وىلوملا

دنا فلما. وقطع حىت وصل إىل القرب مراحل بعيدة. وسار، فسار جاويل وراءه جريدةعند لينجدين ،يدا اليوم عنده اختذ: " وقال. منه أبدى البقيا عليه، وأسدى احلسىن إليه

". وتفويقه تسديدهفهذا السلطان غري موثوق مبواثيقه، وال موفق يف . احلاجة غدا كتابا اهلزميةوذكر غدره بأخيه سليمان شاه، فكتب إىل بوزابه وهو على حد

وطالبوخاطب حبك، . وموافقك ال مفارقك. مصدقك ومصادقكينإ" مضمونه، ".ودك، وقد صرت من حزبك، وما سرت حلربك

أرساال، باألياديومأل أيدي الرسل . ولهط بوزابه على قوله، واعتد بدفاعتم إين: " وأعـاد ما كتب مبا كبت األعادي، وذكر. ن مقاال وحسوقـال حسنا

تاريخ دولة آل سلجوق ٣١٦

على والتساعدأحببت الداعي ولبيت املنادي، ومل يبق اآلن إال التعاهد على اجلد، الصامت من املال ثالثني وقراالعهد، وعالمة صدقك يف صداقتك أنين خلفت خزانيت

بإنفاذهاوإن مسحت . مذان يف دار األثري أيب عيسى، فإن رأيت أن تأخذها فخذها مهذان،فعاد جاويل إىل ". لتعلم أين مستوثق منك بشفيق مسترفق لشقيق. فأنفذها

مائةوسري على مجاله تلك األمحال، وندب معها . وتسلم من األثري أيب عيسى املالليها، أن يضم حلفظها إىل اس من عسكره إىل أصفهان وكتب إىل األمري غلبك وفار

خزانة بوزابه إليه عقد على الود اخلنصر، وزكى يف صلتفلما و. الفرسانفرسانهوابن بوزابه . وتعاقدا على املعاهدة، وتعاهدا على املعاودة. منه العنصروالوفاقالوفاء وعاد كل . مهتهما اجلمع واالحتشاد راد، وأن جيعال بامللك حممد بن حممود مىت أيأيتوتأكدت بني جاويل وبني . منهما إىل مركزه، واحتمى على السلطان بتعززهواحد

واعتلت . ودبت إىل أعضاء اململكة بسبب فتور أعضادها الرعشةالوحشة،السلطان نفذ جاويل األمري فأ. وملا متادى األمر، تبدى السر ووقع الشر. املعاقدالنقائد، واحنلت

وأقام مبيانج ومعه مجيع . بفارس يستنجزه الوعد، ويستنجح منه القصدبوزابهتتار إىل . والرسل تترى منهم إىل األمري تتار، الستحثاث بوزابه باالستدعاءاألمراء،أكابر

ما مل يكن اهللافكان من قضاء . جاويل مدة ينتظر، ويف تدبري امللك يفكروأقامه توجعرفوكان فخر الدين بن طغايرك ملا . ودنا األجل الذي يف كتابهيف حسابه،

ليصدهاألمري تتار إىل فارس الستنهاض بوزابه، شخص إليه بنفسه من جانب السلطان واجتمعتله بظاهر ميانج، ومتادى على جاويل املقام. عن الورود، ويرده عن الصدود

عشر ألف وكان يف اثين. تف الزحامعليه العساكر العظام، وازدحف اللفيف وال. انية وأرمنية، فخيم على زجنان، وحتم على عزم مهذانرأ وكانت معه عساكر دارع،وكان قد افتصد لغري . أيده زمام الزمان، وهو أصم عن حديث احلدثانبيدوكان

تصرف عادته بيده فبسط وقبض ونـزع يف قمس فتأمل عرقه علىمرض عرض، مث سريان الورم من شريانه، وصعد فيه الدم بعد وكان. أفقه وأظلموتورم، ودجا

وكانت . وانتقل إىل بطن الثرى من ظهرهوصدره،جريانه، وجتاوز من عرقه إىل حلقه ذلك يقول زين الدين املظفر بن ويف، هـ٥٤١وفاته بزجنان يف مجاد األول سنة

:سيدي الزجناين من قصيدة

٣١٧ تاريخ دولة آل سلجوق

مضارا نكاية مبضعتلف ألف مهند قد أصلتتعشرون

آق سنقر بن فيها جاويل اجلاندار قتل زنكي إن يف الليلة اليت تويف: وقيل .بالشام، وكان كالمها قطبا يدور عليه فلك اإلسالم

السنة،والصحيح أن زنكي بن آق سنقر، قتل يف شهر ربيع اآلخر من : قالومن . موما، وتنادى فوماعلى قلعة جعرب قبل موت جاويل بأيام، ولكن تداىن

كانت وفاة سعد الدولة يرنقش، ووفاة قزل أمري آخر، وكان قد قتل من قبل قبلهماوصاروا . به البازداري فتقاربت مناياهم، وتبدلت نقودهم بنسياهمآ قتلغ الدينناصر

.وملا اخترم جاويل احنلت تلك املعاقد، واختلت تلك القواعد. أخباراوعادواأمسارا، وعاد كل طائر إىل وكره، وكل صاح إىل . اجلمع، وتشوس ذلك الوضعذلكوتفرق من أمله، وأقبل إليه من قبله، وعاد األمري تتار إىل السلطان السلطانوآمن . سكره

وكان ذلك برأي األمري احلاجب الكبري فخر . ولتمكينه مشترطامتوسطا،لبوزابه دة السلطان عمله، وقدر اهللا ما مل جير بن طغايرك، وعملت سعاالرمحنالدين عبد .خباطره أمله الذي تويفالتاريخوحيث أجرينا ذكر زنكي بن آق سنقر وقتله بالشام يف : قال

. عليه مبقدورهاهللافيه جاويل جاندار بزجنان، فإنا نذكر مجلة من أموره، إىل أن قضى بن آق سنقر يف آخر عهدهزنكي ذكر

احلنق، ال أسدي اخللق، ي منر،بنكباء النكبات عصوفا، عسوفاكان جبار: قال يف قتل إىل أن هـ٥٢٢قد استوىل على الشام سنة . ينكر العنف، وال يعرف العرف

. داة ورعاةعاد عات، حتف ع. جلفوه ، وهو مرهوب لسطوه، جمفو هـ٥٤١سنة اد الذي هو أفضل ه يف آخر عمره بالسعادة وبالشهادة، ووفقه للجهـ لاهللالكنما ختم

وهو الذي فتح الرها عنوة، واحتل ا من السعادة ذروة، وذلك يوم . العبادةأركان بفتح الرها فتسىن هـ٥٣٩خر سنة آل والعشرين من مجاد االسادسالسبت

وعاد مجيعها إىل اإلسالم يف عهد ولد زنكي نور جوسلني،للمسلمني، جوس بالد بعد فتح الرها نـزل على حصن البرية وهي لكذالدين، وصارت عقود الفرنج من

تاريخ دولة آل سلجوق ٣١٨

اخلرب بأن نائبه باملوصل وهو نصري فجاءه. على الفرات، وهو مشحون بالفرنج العتاة .الدين جغر قتل، فترك احلصار وارحتل

جعفر نائب زنكي باملوصلمقتل ذكـر ملكشاه،كان مع زنكي ملكان من أوالد السلطان حممود بن حممد بن : قالا يسمى ألب أرسالن، وهو يف معقل من معاقل سنجار، واآلخر يسمى أحدمهوكان هذا امللك مسلما إىل األمري . بامللك اخلفاجي وهو باملوصلويعرفخشاه، قر

. نـزل من إكرامه يف منـزل رحب منه زنكي يف حرب، وأفانتزعهدبيس بن صدقة زوجةكمانية وكانت اخلاتون السجتري به يف حلبة جتريبه يه، و زنكي تربيه وترب

وتدته، حترك، وففطنتهحىت بلغ وأدرك، وساكن . يهجرهدته املرأة غري مرة وأوتأسد الشبل وضاق به عرينه، ومشخ . عهدتهوعاهدته على الوفاق وعلى الوفاء

للدماء سفاكا، وبالنفوس فتاكا، باملوصلعرنينه، وكان نصري الدين جغر نائب زنكي إنه ملا أحكم سور املوصل، :وقيل. بالعقيمالسقيم، ويلحق الولود بئيأخذ الرب

كمال إحكامه، ومالك أحكامه وأعجبهواحترز باحلفظة منه على املخرج واملدخل، على املوصل سورا يسد طريق القضاء تبين تقدر أن هل: "ناداه جمنون نداء عاقل وقال

نون، فإنه ملا أحس من امللك حنس امللك ما قال ابتصديق )١( املنجنون فدار" النازل ؟ عقل وإال عقلته وإن نقل طبعه إن: " لسانه، ويقولفيهصار يقبض عنانه، ويبسط

ر فقدر ودبر، وفك. ما راعه وأسره يف نفسه وما أذاعهامللكفسمع ". وإال نقلته جاء إىل سالم واتفقوا على أنه إذا . هلم فكتموا قولهوقال حوله، نر، ومجع إليه مومك

فإذا أصابوا منه املقتل ملكوا . خلفه ومن قدامهمنخاتون أو سالمه، أحيط به . املوصل

بإرادته، نصري الدين بكرة على عادته، وهو يزعم أن إدارة الفلك فركب حاشيةواخترق املدينة ووصل إىل الدار اليت فيها امللك للتسليم، فملكت حشاشته

ومزقوه بسيوفهم ومزعوه، . يف طريق الدهليز املنسلكامللك، وقطعت سلك حياته وذلك يف أواخر سنة . عوه، ونادوا بشعار امللك وأركبوه بسكاكينهم وبضوضربوه

. ولعلها النجنجون من جننج مبعىن حتري واضطرباألصلكذا يف ) ١(

٣١٩ تاريخ دولة آل سلجوق

. البلد وخاف أهله العاقبة، وحذروا من زنكي سطواته املعاقبةوتشوش. هـ٥٣٩وهناه، وسهل حيىي بن عبد اهللا الشهرزوري، وجاء إىل امللك الدينفخرج القاضي تاج

وخدامك، فسر يف يكك قدامك، وقد صرنا ممالحنن: " لهوقالله الصعب مما جناه، وأحدق به . فركن إىل قوله، وسكن حبوله". القلعة واملكهاوادخلاملدينة واسلكها، حىت صعد إىل القلعة فأجلسوه يف . وصوبوا له سداد عزمتهخدمته،اجلند كأم يف

الدائرة باملركز، والتقطوا مماليكه من حواليه وأفردوه طةإحااملركز، وأحاطوا به وال شك أنه بعد ما احتيل . بعد ذلك أثر، ومل يسمع له خربلهواحتاطوا عليه، ومل ير

. أزيلاستنـزلعليه اغتيل، وبعد ما بعلي زنكي املوصل بعد جغر زين الدين علي بن بكتكني، املعروف وويل

ووصل زنكي بعد ذلك إىل . استدركوسلك، وتالىف كوجك، فنظم السلك وج امل أموال جغر واستخرج ذخائره، واستنظف أوله وآخره، وصادر أهله فاستصفىاملوصل

مث . نوائبه وسلبهم القوة والقوت، ونوع عليهم جوره املمقوتبنوابهوأقاربه، وأحل صيل أمره اآلخر ألب أرسالن فاستخرجه من معقله، وعين بتفاامللكعطف زنكي على ، وأغرى له يف حاليت جلوسه وركوبه رتبا ورتب، ونويانوبتيهله ومجله، وضرب

وقصد حصار قلعة . خفاء ما جرى من هالك أخيهوغرضهبتويل إكرامه وتوخيه، بن سامل بن مالك ونازهلا، وقابلها وقاتلها، مالكجعرب، وصاحبها عز الدين علي بن

. باملعصم، وربض على ربضها يف جمثم املخيموارالسوأحاط بسورها املعصوم إحاطة مستنصر باالستظهار، ومتكثر باالستعداد معتد باألنصار،وجل يف احلصار وهو مستظهر بالقهر، يظن أن الفضاء حبكمه، وأن القدر خصممسرورباالستكثار، مغرور بالدهر،

ن وبل وباله باهلامل الدامغ الدامر، وقد بلوا معلىوأهل احلصن قد أشفوا منه . خصمه . ووافاهم الفرح من حيث مل يكتسبواحيتسبوا،هم الفرج من حيث مل افأت. اهلامر

عليه يشفقون أن زنكيا كان إذا نام، ينام حول سريره عدة من خدامه، وذلك اخليال يف زوريذودون عنه ذود اآلساد يف مالمحه، ويزورونه . يف حاليت يقظته ومنامه

وهو حيبهم . لصباح الروق يف حسن الصباح لدى الشروقوهم من ا. أحالمه ولكنه مع الوفاء منهم جيفوهم وهم أبناء الفحول القروم، من الترك واألرمن وحيبوهم،وكان من دأبه أنه إذا نقم على كبري أرداه وأقصاه، واستبقى ولده عنده . والروم

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٢٠

وفاجأه ووجأه بقطع ل،وإذا استحسن غالما استدام مروديته باخلصي والس. وخصاهفنام تلك . على أم من ذوي االختصاص ينتهزون فيه فرصة االقتصاصفهم. النسل

فغلبه . الراح، نـزيف األقداحعوهو صري. وللوثوق م مستدميامستنيما،الليلة إليهم فانتبه وهم قد شرعوا يف اللعب، . وحوله مماليكه مرده ومرادهرقاده،كه نعاسه وملفزبرهم وزجرهم، ومنعه السكر من الكالم حني . والطربالشرابيف وأخذوا وهينم بلسانه يتهددهم، ومل يدر أن حتريكه للرأس يتوعدهم،فحرك رأسه . أبصرهم

فتوىل كبريهم األمر والباقون . بالنازلة خامتة قلعهالقلعةسبب قطعه، وأن نـزوله على قش فخف إليه، وبرك عليه، وفرشه وكان امسه يرن. ساكنونساكتون، وحترك ورفقاؤه

وخرج ومعه . يف نومه، ومل يغن عنه ذب قومهوذحبه. على فراشه، وغشيه يف غشاشه وخادمه، وركب فرص النوبة مومها أنه يف زنكيخامته، وهو ال يرتاب به ألنه خاص

شدة وأشد ضيق، وكلهم لبأس أضيقوأهل القلعة يف . مهم، وقد ندب لكشف ملم فأشاعوا قتل زنكي من أحدث،حىت أتاهم اخلادم فتحدث مبا . غري مطيقاملطيف م

السالح، ورقبوا تلك الليلة ولبسواالقلعة، وارتاع الناس ملا هاهلم من الروعة، وركبوا حممد بن علي بن أيب الدينوزحف بعضهم إىل خيمة مجال . ألمرهم إىل الصباح

من األمراء، محاهفقصد من . رابمنصور، فرمى بالنشاب، وحصل من أمره يف االضط زنكي إىل بنواتفقوا على أن يبادر نور الدين حممود . وشاركه يف تصويب اآلراء

فسار معه أولياؤه، وكرباء الشام وأمراؤه، . الشام، للحوطة على ثغور اإلسالم صالح الدين حممد اليغبساين، وسار معه أسد الدين شريكوه، واحنازت إليه وكبريهمفملك حلب، وبلغ املراد وغلب، وافتض الفتوحات األبكار، . والوجوهناألعيا

. الديارالكفارواستخلص من من كان عنه دع الوزير مجال الدين حممد بن علي أيب منصور، فإنه ملا بوأما

وأطمعهحيذره، وعرف األمر ممن كان ينكره ضم العسكر واستمال امللك ألب أرسالن أن ىوكاتب زين الدين علي كوجك باملوصل، عل. احلركةيف اململكة، وحثه على

سيف الدين غازيا، أكرب أوالد زنكي، وكان ال يفارق خدمة السلطان يستدعيفكتبوا إليه بالواقعة، وأشاروا . غوائل القصد ومكايدهمن أمنا به والده،مسعود بأمر

. السلطان بدستورفاتفق وصول اخلرب إليه بشهرزور وقد انفصل عن. باملسارعةعليه

٣٢١ تاريخ دولة آل سلجوق

وملا عرف مجال . واستعجل اخلرب، وسبق إىل املوصل قبل وصول اجلماعةالسريذ غفأ امللك منفردا فاستوحش، وتشور يف رأيه ي سبق أيضا إىل املوصل وبقبوصولهالدين روا وراءه من صوب اجلزيرة مفارقا، وإىل حلبة النجاة مسابقا، فسيوركب. وتشوش

لوا له أن قد عاد القوم غلمانه، وأن غازيا إذا كنت معه أمانه، وخيتهأمانوثق بتوفري إىل ،)١(ومازالوا حيدثونه باخلسر واخلتل . بامسك، وجعل املمالك برمسكالبالدأخذ

فإنه عاد معهم ودخل املوصل يف استقبال ونثار، وإعظام وإكبار، حىت . القتل )٢( تلق. أجلسوه، حىت اختلسوه، وما رمسوه، حىت رمسوهفما. وخال االستقرارالدار،دخل

وجرى بني مجال الدين الوزير وبني زين الدين علي . وختموا عمرهأمره،وكتموا وتوىل . غازي التعاقد على التعاضد، والتعاهد على التساعدالدينكوجك وسيف

وأنه . وىل أهنعممن واستوىل، وكان باسترعاء ما أواله اهللا املوصلمجال الدين وزارة وعادت به املوصل قبلة اإلقبال، وكعبة . الوفوده إىل ناديوعشاعاش بنداه اجلواد،

ر احلرمني وعم. وسارت يف اآلفاق صنائع جودهسعوده،فأنارت مطالع . اآلمال . باألمن مشلهاومجعالشريفني، ومشل بالرب أهلها،

الديـن اجلـواد أيب جعفرمجـال حـال ذكر بـن أيب منصـور عليبن حممــد

الوزير، وهو حاجب ن أصفهان الكامل عليمكان والده : -رمحه اهللا- قالبناادا يف عهد السلطان ملكشاه مشس امللك بن نظام امللك، وكان أبوه أبو منصور فه

وزادت أيامه يف السمو، وأيامنه يف . ألب أرسالن وابنه الكامل جنيب، أديب لبيب. تخدامه امللوك والوزراء، واستضاءت برأيه يف احلوادث اآلراءحىت تنافس يف اس. النمورمحه -ج بنتا له ببعض أوالد أخوال العم العزيز، فاشتمل لذلك العزيز، و قد زوكان. جه يف الرتبجه يف األدب، ودر ولده مجال الدين أيب جعفر حممد، وخرعلى -اهللا

دي حمليا، فربز يف تلك احللبة سابقا احملمو ديوان العرض السلطاينيففأول ما رتبه

.الغدر واملخادعة: واخلتلاخلتر ) ١( .اهلالك: قلت) ٢(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٢٢

ذكر األبلج، فنعته األتراك باألبلج، واستقام يف جنابته على حتليتهوغلب يف . وجملياسفسالر، أل ملا توىل زنكي بن آق سنقر الشام تزوج بامرأة األمري اأنهواتفق . املنهج

ملكة، وهو يسري ي من أمراء الدولة وأبناء املدغدن بن كخاصبككندغدي، وولدها الدين خلاصبك وزيرا، فسار يف الصحبة، وكان مقبل مجالمعها، فرتبه العزيز

فتوفرت مين زنكي على . البشاشة ياهلشاشة،شهي . الوجاهة، مقبول الفكاهةشراف إوعول عليه يف آخر عمره يف . مسامهتهر صاحه ومساءه على صمنادمته، وق

من مجال الدين يف زمان زنكي جود، وال يظهرفلم . كانهديوانه، وزاد املال بتمكنه ومويرفع مجيع ما حيصل له إىل . أوقاتهوتزجيةفإنه كان يقتنع بأقواته، . عرف له موجود

فمكنه زنكي من أصحاب . أشباههعلىخزانة زنكي استبقاء جلاهه، واستعالء به ا قتل زنكي صار للدولة ومل. بإحسانهديوانه، فمنهم استضر بإساءته، ومنهم من انتفع

األمري غازي بن زنكي، وآزره واستوزره. قسنقري معاذاألتابكية مالذا، وللبيت األا السماح،فأجرى حبر . ومضافرتهته، وحلف له على مظاهرته ركوجك على وزاي عل

إليه من كل فج وأتوا. على الفالح، فصاحت بأفضاله ألفاظ الفصاحونادى حي وفد إليه وممن. وقصده العظماء، ومدحه الشعراء. بلد سحيقصد من كل عميق، وق

وأنشدين: قال. ومدحه أبو الفوارس سعد بن حممد بن الصيفي املعروف حبيص بيص :لنفسه من قصيدة أوهلا

للصوارم والرماح الذبلياةئتما ومشية مبشي شلو فارس اليومني يوم مقالةأنا

ومن إجندمتا مل خيذلنصرا الزمان وبالعلي مل يبخلجاد أصول بصارمي ومبقويل،ىووغ

: بناءه لسور املدينة وعمارة قربيصف ومنها عني حممد مبحمدوتقر مرقده وحافظ دينهمعمار يناط قميصه ورداءهقرخ

ي علمه واملنـزل دريسحميي أمه جبود مسبلومعنيلار وهضبة يذب زخبعباب

يف ذي باملوصل، واتفق حضوري هد ببغداد متفقهاوكنت أنا يف ذلك الع: قال عندهفحضرت عند مجال الدين باجلامع يف مجعتني، وتكلمت . هـ٥٤٢دة سنة عالق

٣٢٣ تاريخ دولة آل سلجوق

:أوهلا ،ومما مدحته به من قصيدة وذلك من أول نظمي. مع الفقهاء يف مسألتني وقد عزموا ارحتاالأظنهمسراواحلواشي والصبح مبيض

وهل يف الناس خلئياخال مل أشف صدري من حسوديلئن أدركت من أديب مرامافالماليب ج إليكم تدخ ووال

أيف الدنيا كرميوقائلة

ماالماال ال ج عنا جثنوا جال عهد الوصل حاالفلما باالخلي من األشجان أبه داء عضاالىذق العد أومل صادفت من حسيب مناالوال واليت موالنا اجلماالوالالال فقلت ال، وأيب العسواه

فجعل لكل ، يقنع مبا جاد به للوفود، حىت زم إىل البالد ركائب اجلودومل: قال، وأصبح جوده يف اآلفاق إىل املقيمني سائرا من مواهبه راتبااإلسالمبلدة من بالد

.طالباوللطالبني ذكر ما جرى للسلطان مسعود إىل احلديث عاد

هـ٥٤١ ملكشاه بعد موت جاويل يف سنة بنحممد ابن جاويل جاندار، طمع األمري احلاجب الكبري فخر الدين وملا تويف: -رمحه اهللا- قال

انية وأرمينية، وعرف أنه ال يتمشى له ذلك مع بن طغايرك يف تويل بالد أرالرمحنعبد ، إىل بن بلنكري، فتوسل يف استمالة األمري بوزابه، صاحب فارسخاصبكتسلط

مراده بتوسطه، وأرسل إىل األمري احلاجب تتار، وهو عند األمري بوزابه، لهالسلطان، ليتم م م، ومقدخفقدم املعسكر السلطاين يف عسكر ض. قدومه، وزمان هجومهأوانأن هذا واتفق هؤالء . عديد، وبأس شديدو عباس صاحب الري يف عدة األمريواتصل به . فخم

وعباس، على تدبري الدولة وتقرير قوانينها وترتيب دواوينها، وبوزابه، الثالثة ابن طغايرك،فأحوجت السلطان . عنها، وتوفني حظوظهم باالستقالل ا منهااملتسطلنيوكف عادية يوأقسم على رضاهم ورض. على حكمهم، ورأى السالمة سلمهمالنـزولالضرورة إىل

.نقلوا إىل الوزير الذي ولوه تدبريه أم عزلوا وزيره، وفعلوافأول ما . بقسمهم

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٢٤

دارست الفارسيبن تـــاج الديــنوزارة ذكـر السلطانكان ابن دارست، وزير بوازبه صاحب فارس، فرتبه يف وزارة : قال

حمبا البدر،وكان هذا الوزير رفيع . ليصدر األمور على مراده، ويورد على وفق إيراده الالئمة ألجلها ينقم عليه، وال أحال حاال تتوجه للخري، مبغضا للشر، فما فعل أمرا

الرزين، واحللمونائبه أمني الدين أبو احلسن الكازروين ذو الدين املتني، . عليه والد الوزير العرضوتوىل ديوان . واالستهتار بأعمال الشر، واالشتهار بأفعال اخلري

وأرانية أذربيجانالية وأقروا و. ل ملذهبه، مهذب ملنصبهعضد الدين، وهو مجيل جمم . السلطانعنبعاد خاصبك بن بلنكري إمجيعها على ابن طغايرك عبد الرمحن، وقرروا

صحبته، وصحبه يف مضمار اخللصاء ومل خيلص يف فسار يف خدمة ابن طغايرك أمريا هلموتقرر أن يكون أحد الثالثة بالنوبة مالزما خلدمة السلطان حىت يسلم . مرياض

بغدادوانفصل األمري بوزابه إىل بالد فارس، ورحل السلطان إىل . ن نوائبهجانبه، وتؤم .ومعه األمري عباس صاحب الري، يف شوكة مانعة، وهيئة رائعة

يهم ق يف خريف هذه السنة، خرجت مع الفقهاء لتلبغدادوملا قدموا : قال ورها، فلما حلوا ببغداد نـزلوا د. وتوقيهموالناس مشتتلون على ختوفهم منهم

وكانت هذه عادم . القلوبرهبواأووأهلبوا الكروب، . وسكنوا للتخريب معمورها يتركـون ممكنا من اجلهل، الفتكمن األتراك، . إذا وصلوا، وعادم إذا نـزلوا

باألمجة، متوخيا بثالوزارةولكن الوزير نـزل يف دار . وعندهم أن الظلم من العدل خاله الوزير تاج امللك أبو بناهاة املدرسة التاجية اليت وأمر بتجديد عمار. املكرمة

يوسف الدمشقي فأحيا الدينالغنائم بن دارست ببغداد، وأوطنها شيخنا شرف يف داره جمالس الوزيرورتب . شرق أفقها بنجوم العلم ومشوسهأدريسها بدروسه، و

يف شيء طانالسلومل يعارض . للختمات، وحضور أئمة الفرق وفقهائها للمناظرات ما أمرمدتهلكنه مع تقاصر . من أوامره وأموره، وابتسمت الدولة بأسفاره وسفوره واستقاءكل ذلك طلبا للسالمة، . وال أحلى، وال شغل وال أخلى، وال عزل وال وىل

حبه، علىفال جرم توفرت الدواعي . وعلما بوخم العاقبة، وأمل املعاقبة. ملاء االستقامة .ي من حربه وحزبهوفرت العواد

٣٢٥ تاريخ دولة آل سلجوق

ردشري أ بن املظفر هذه السنة قدم األمري العامل قطب الدين أبو منصور يفو: قالالعبادي الواعظ، فأعجز بالفصاحة وأعجب، وشرأذكر، وأناب ق بأنوار البالغة وغر

وقد حضرت جملسه، وقد وضع له منرب على شاطئ دجلة، والسلطان مطل عليه من حبيث يسمعه، بدجلة )١(ارته عباس صاحب الري جالس يف شف مكان، واألمري أعلى

مجيع ببغدادوحضرت مدة مقامي . والعبادي يفنت الناس مبا يبديه من سحره ويبدعهله، ورفعه جمالسه أكتبها من لفظه، وأقبل عليه اإلمام املقتفي وقبوأمره باجللوس . لهوجب. حبضرتهوهولس حيث ال يراه يف جامع القصر يف موضع يقرب من منظرته، ليج

.ت بدائهه وبدائعه، وأشرقت بنجح مطالبه مطالعهوانبث من احلـوادث اليت احنلتجرى ما ذكـر

العقــود واختلت تلك العهـــودتلك ــا وكان بأرانية،وصل اخلرب بقتل األمري عبد الرمحن بن طغايرك : -رمحه اهللا- قال

السلطانية،ب معه خاصبك بلنكري ليبعده عن اخلدمة من قدر اهللا سبحانه أنه استصحوكان مع خاصبك أمر من السلطان سرا يف الفتك به أن خلت . غري مكترث به

فركب ابن طغايرك يوما لتجهيز العساكر إىل غزاة الكرج، . أو أمكنت فرصةعرصة،بريا وال وال ميكن من املقام ك. وهو يسري أمريا أمريا. يف ذلك املرجمنفرداووقف . وابن بلنكري واقف ال يرمي، وهو لربق ما يشيمه من عارض الغمد يشيم. صغريا زنكي اجلاندار، فتقدم وأقدم، وضرب رأس ابن طغايرك بسوط حديد األمريومعه

وضرب بعد ذلك بالسيوف، . بأعوانه فعدم مصرخهواستصرخشدخه وفشخه، انية، فأحسن إىل الذين ري على أر ابن بلنكوتغلب. وتفرقت عنه مجوع تلك الصفوف

ردبيل حماصرا، وا األمري آق أوامتد إىل . عاقدوه هلم حني ساعدوه، وعقد حيب احلب حبصار مراغة لينال منها ما أراغ، وحصرها اشتغلأرسالن، وأخرجه منها باألمان، مث

.طويال ومل جيد فيها املساغ عباسا يف داره، األمريطغايرك، أحضر منى إىل السلطان ببغداد خرب قتل ابن وملا

. ومل نقف هلا على معىن يناسب وضعها من اجلملةاألصلكذا يف ) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٢٦

بكرة مخيس وذلك. جثتهيفلما خال به أمر بضرب رقبته، ورم. ليخلو به ويستشريه الفريوزكوهي،فركب عسكر عباس يتقدمهم األمري آق سنقر . هـ٥٤١من ذي القعدة سنة

فأركب. ا، وض األوباش لنهب دار الوزير وثارواووشقوا مدينة بغداد وسارمث . وقرارهلطان مجاعة منعوا من الوصول إىل داره، وبقي موقرا موفرا على حرمته الس

األحوالب أذن له يف االنصراف إىل فارس مصحوبا بالصيانة مصونا بالصحبة، مرت ليس وأن: "فجاء إليه وودع ودعا، ورعى له السلطان حق ما رعى وتال. حايل الرتبة

".لإلنسان إال ما سعى س الديــن بـن النجيب األصم الدركزيين مشرةاوز ذكر الوزير الدينوحفظ السلطان حرمة الوزير تاج الدين، فلم يتسم مشس : قال

ر ي وزريومل . بوزارته، حىت انصرف الوزير جباهه وماله وحرمته، وحشمته ونعمتهاستمالةرف ومل ينكب يف نفسه أو يف ماله سواه، وألنه كان يرجو منه للسلجقية ص

له فضمن. فإنه مل يشك يف حركته، واالبتالء مبعركته. به وحتصيل رضاهامري بوزاألوكان هذا من دهائه لينجو من . تاج الدين بن دارست أن يكفيه أمره، ويكف شره

فرحل فرحا للسالمة، ظاعنا من وطنه إىل . حكام لقواعده الواهيةإل ويستفيد االداهية،ئذ مشس الدين أبو النجيب، وكان من قبل خيدم ابن فاستقل بالوزارة حين. املقامةدار

. فلما سار، أقام خيدم األمري احلاجب تتار، مستدميا لعود خمدومه االنتظار. بلنكري السلطان فيه ألجل اختصاصه خباصبك، ومل يكن فيه من أدوات الوزارة إال فرغبه شبيها، ويف مكانه وكان بزمان. ، فحاز من منصبه نصيبا الدركزيين نسيباماللقوكونه . يطلب مرافقهم يف مرافقهم، والتخلق خبالئقهم. بالقوم، موافقا للومالئقا. نبيها

وال . ال يسأل عما يفعل، وال يفعل ما يسأل. باملالهي، متناه يف املناهيالهوالسلطان للسلطان أن حيرك ساكن املوصل بإبداء عزمه وعن. وال يقول ما يقبليقال،يقبل ما فقبلها . ها حبمول، وحتف وهدايا وخيولوفبادر متول. عوجه عليهاوإظهارإليها،

فلما رحل ضيف الشتاء، حل . وأقام ببغداد باقي تلك الشتوة. عنهممنهم، ورضى . خرب خروج بوزابه صاحب فارس ما أخاله من أحالمهوأمرالسلطان حبوة مقامه،

مث أغذ السلطان مسعود إىل مهذان . ود واجلناجلنوبفخفقت القلوب والبنود، وقلقت

٣٢٧ تاريخ دولة آل سلجوق

ر الكتب إىل وطي. فإا مقام ملكه، ونظام سلكه. عليهاسريه ليسبقه إليها، قبل إطالله قدام الليث إ ليقدم تلك العساكر، ويقدم مراغة،خاصبك بن بلنكري وهو على حصار

.اخلادر. عمامتهوغامتته، بوزابه، فإنه ملا نعي إليه عباس وعبد الرمحن قامت قياموأما

ابينود بامللكني حممد وملكشاه . وكدر عيشه، وكثر طيشه، وجاش جاشه وجيشهفلما قرب من أصفهان تلقاه . فلكنييف )١(حممود، وأقبل ما كالنريين، من جترمها

فدخل . األصحاب له أصحااعلىصدر الدين ابن اخلجندي وفتح له أبواا، ومحل لب أرسالين، والتخت أل االسريروأجلس امللكني على . سلطنتهادار مملكتها، ومقر

إذا بلغ غلب، وإذا بسل أنهمث خرج ما على مست مهذان، وهو ال يشك . اخلسرواين به ابن عباس واتصلفوصل إىل مرج قراتكني، وهي من مهذان على مرحلة، . سلب

إىل وطريقلبه، صاحب الري، فلما عرف السلطان مسعود قربه، حزب حزبه، وقوى وحقفوصل وقد حم اللقاء، . ابن بلنكري كتبه، وضيق يف التأخري عذره ووسع عتبه

. السلطان وتسلطت قوته، واحتىب بالشدة ومجرمها يشب، ورحيهما بيفقو. البالء على ارة من جمرى ارين ذيل، بدا الصباح خلف من العجاج الليل ليل، واجنرفلماوالتقى . اجلفون سيل، وطلع يف كل أفق من ملع اليماين سهيل مبا سل منوطما

. وصال العديد على العديد، وصل احلديد يف احلديد. البحرانوتالطمالصفان، مسعود، وبقي قلبه ثابتا بني طارد ومطرود، وبوزابه قد علىوكادت الكسرة تصح

فكبا به الفرس . لتهومييز تفصيله جبم: ليقلبه حبملتهالقلبور وجم، ومحل على سريا، فخاطبه وعاتبه أومحل إىل السلطان . عليه واختلسفقدرففرس، واختلسه القدر

وأراد السلطان اإلبقاء عليه لشهامته، فأىب ابن بلنكري إال شفة،فلم ينبس ببنث . كثريا إىل رأسهوأمر حبمل . ه وضرب رقبتهبتق باإلضراب عن رالسلطانفش هامته، فأمر

واجنلى الغبار عن ابن عباس قتيال، وازم . اآلفاقمجيععراق، وأن يطاف به يف الوجلس مسعود للهناء، . يلويان، وموليان ال يليانالعسكر فارس وامللكان موليان

ها من الكلمات وقد كرر املؤلف استعماهلا، وليس هلا وجود يف املعاجم، ولعلاألصلكذا يف ) ١(

.الدخيلة

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٢٨

. على األمراء، وأمره على العظماءوعظمهوخص خاصبك باالصطناع واالصطفاء، . هـ٥٤٢وذلك يف سنة ن من الفتنة بعـد مصرع بوزابه مــا جرى بأصفهاذكر

السلطان، قبلكان جنم الدين رشيد الغياثي وايل أصفهان من : -رمحه اهللا- قال نديجاخلفلما مت من صدر الدين حممد بن عبد اللطيف . وهو متعصب على الشافعية

وعلمإىل بوزابه امليل، بادر باإلرسال إىل أصفهان لإليقاع مبن خرج على السلطان، جندي فخرج منها، وزحف العوام إىل املدرسة فنهبوها، وأحرقوا دار كتبها، ابن اخلفقصد صدر الدين حممد وأخوه مجال الدين حممود املوصل، . بنو اخلجنديوتشتت

مجال الدين ومضى. )١(كرامه املهل واملنهل إنعامه وإ الدين الوزير من مجالوأوردمها ؤ عنه مملانصرفمث . لوزير له متالطم اللجإىل احلج، وأقام صدر الدين وحبر وجود ا

:وعمل يف مجال الدين أبياتا من مجلتها. باملواهباحلقائب، حمبوا

من نعماك يف قافلهخرجت وقد إىل بابك فرداحئت

وأما مجال . حرمته إىل أصفهان لتوفر أهلها على خدمته، وافترضوا إقامة ووصل. هـ٥٤٣ سنة صفراد لقيته وقد عاد من احلج يف الدين أخوه، فإين ملا عدت إىل بغد

ووجدناهوكان قد عزم والدي على العود إىل أصفهان، فصحبناه، ومجعتنا الطريق، بأن اخلربمث وصل . مث تفارقنا، وسار مع قافلة مهذان، وسرنا مع أصفهان. نعم الرفيق

وعلىمث وصال، عنه وعن أخيه وخلع عليهما، وأعاد الرئاسة إليهما، يالسلطان رض .أضعاف ما كان هلما من احلشمة حصال احلــوادثبعض ذكــر

صاحب حج ابن جهري وزير اخلليفة املقتفي، فرتب هـ٥٤١يف سنة : قال عوضهورتب يف املخزن . املخزن قوام الدين بن صدقة وزيرا، وكان بيته أثيال أثريا

. مد بن هبرية صاحب الديوان بن حم بن جعفر، ورتب بعد ذلك حيىيزعيم الدين حيىي ، مات قاضي القضاة ببغداد يوم النحر، وهو فخر الدين علي بن هـ٥٤٣ سنة ويف

. االنصبابالكثري: املنهل) ١(

٣٢٩ تاريخ دولة آل سلجوق

.ورتب بعد ذلك عوضه عماد الدين بن الدامغاين. الزينيباحلسني حممود بعد بنوأما السلطان مسعود فإنه أرسل إىل ابن أخيه امللك حممد : قال

قتل بوزابه فاستدعاه، ومن وواله الواليةوزوجه بنته، وعهد إليه يف . اهعليه ومن احلاجب األمريمث ملكه خوزستان، وملا أمن ابن بلنكري من اجلوانب عمد إىل . عهده

له اجلو وصفا. وأوثقه، وأنفذه إىل قلعة سرجهان واعتقله ا مث خنقههتتار، وقبض .فباض وصفر، وضفا عليه الضوء فاجتلى الظفر

األمراء،، وصلت شعبة من أكابر هـ٥٤٣شهر ربيع األول سنة ويف : قالومعهم امللك حممد إىل بغداد حماصرين، وعلى خذالن السلطان مسعود لشقوم

يلدكز، واألمري قيصر، وملك العرب علي بن دبيس، إمشس الدين : منهممتناصرين، حىت فخرج أهل بغداد لردهم، فأفرجوا عنهم،. وحصروهاهاوفحضر. وغريهم

وكانت بالقرب منهم . وما أبقت عليهم بل أفنتهم. أردمأصحروا فكروا عليهم كرة وقتلوا . فما جنا إال من آوى إليها. وأتاتني اجلصاصنياآلجريني،حفر الغسالني، وتنانري . رزء بغداد لريحلوا، وفصلوا األمراء على املبلغ لينفصلواوجلزهاء مخسمائة نفس،

وأرباب املناصب يف أنه هل يبذل هلم الذهب؟ وهل حيتمل الوزيرفاستشار اخلليفة . فأخرجت العني. فيهم إال من عجل بالعذل، للتأين يف البذلفما! للراحة منهم التعب

صاحب الديوان، بضد ما أشاروا، وصار من الرأي إىل يومئذفأشار ابن هبرية، وهو على السلطان، وجاهروكما خرجوا عليك وهؤالء: "وقال لإلمام. غري ما صاروا

وأنفق ما عزمت على بذله . وقدم منه االستخارةاالستجارة،بالعصيان، فاجعل باهللا فإنك إن دفعتهم بالعطاء مل تسلم من عتب شرهم،هلم، يف عسكر يقاومهم بدفع

له إين فللت جنود عصيانك من أهل قلتالسلطان مسعود، وإن هرمتهم باللقاء، ". على ما تعملتشكرت ال حتمد على ما حتمل، وال وأن. أطاعتك جبنود واستخدم وحشد،ئذ وجند، وحشر ن اخلليفة رأيه ومل ير خالفه، ومجع حيفقبل

وأنفق فنفق يف الفريق،وفرق املال ومال إليه . من البطالني أبطاال من املقاتلة املبطلني هلا يف أفئدة ارونوصار من ذلك اليوم للخليفة جند مهيب، . سوق تفويقه التوفيق

أرى املشورة إين: "وقال. احلديد واجلد اجلديدفرد هؤالء األردياء باحلد. العدى هليب

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٣٠

فجاء به وزر عليه جيب ". صوابه لري الرأي مشكوراوصوب ،)١( مشورااهلبريية أرياوذلك يوم األربعاء الرابع أو . الشارة، مقبول اإلشارةمودودالوزارة، ومل يزل عنده

رحيب الصدر . فشرع يف نصر أمر الشرع. هـ٥٤٤ سنةابع عشر ربيع األول روعاش يف وزاريت املقتفي واملستنجد . الكرماءوأكرم الفضالء، وفضل . والباع والذرع

وكان به عمش، وبوزير السلطان . اليدينست عشرة سنة وشهرين، قرير العني، أيد . والسلطنة بكفايتهما ملتئماخلالفة الدين والدولة ما منتظم، وشعب وأمر. طرش

السلطان سنجر بن ملكشاهوصول ذكر هـ٥٤٤ يف أواخــر شعبـان سنة الـري إىل

واقتطاف النفوس،ملا عرف سنجر ما مت بالعراق من اغتيال : -رمحه اهللا- قال اإلغفال،غضاء السلطان يف مهد إالرؤوس، واستيالء خاصبك على خواص األولياء، و

واالستمساك،واإلمساكمن اإلدراك واالستدراك، البد: " قال. خدع األطفال أللطافوخدعه با". الشرر الالفحوإطفاءوذيب املستعلي، وتعذيب املستويل، وإخفاء الشر الالئح،

يف قره، فأجفل وقرها الري يف صميم الشتاء، فنهض على كرب سنه، ووصل إىلفثىن عنانه شرف الدين املوفق كردبازو بغداد، مست مسعود من مهذان راحال على

ر اآلباء فازوا، وما أسعدهم إذا حصلوا الولد، واألوالد ببمقام لسنجر أنت: " وقال لهوأقام هو الوزير . ابن بلنكري أن يتبعهفسار إىل الري معه، وأىب". رضاهم وحازوا

قربه، وحتدث فلما بصر سنجر مبسعود قدمه وأكرمه، وقر عينا به و. مذاناألصم . ونسي كل ما ذكره، وأدبر عن كل ما دفعه. عنه وما عتبهي ورضأعجبه،معه مبا

فما أمر مبعروف وال . فأجابه، وذكر له فعله فاستصابهخاصبكوشفع السلطان يف لكنه ودع . بشكر، وال كشف ظالمة، وال كف قالمةشكوىى عن نكر، وال أبدل

واإلسناد، ورجع السلطان واستصحب التأويب ابن أخيه وعاد، وأغذ إىل خراسان الشتوة يف رفاعة وفراغ، وصباح تلكوأقام . خاصبك والوزير األصم معه إىل بغداد

ه، والفلك و املؤيد يرنقش هريمثلصباح ومساء مساغ، وكان مع سنجر كرباء أمرائه،

.عسال جمتىن أو مستخرجا: مشوراأريا ) ١(

٣٣١ تاريخ دولة آل سلجوق

. وخواص معشرهعسكره،على البحتري، وسنقر العزيزي، وغريهم من عظماء يف تلك السننيحــوادث ـرذكـ

نـزل ملك هـ٥٤٣ويف السادس من شهر ربيع األول سنة : -رمحه اهللا- قالاليأس، على على دمشق وحاصرها، وأشرف املسلمون فيها الفرنجاألملان جبمع عظيم من

ويف . بعد أربعة أيام خائبني هائبني، خاسئني خاسرينعنهامث منعها اهللا تعاىل، ورحلوا األمري غازي بن زنكي صاحب املوصل، ، تويف هـ٥٤٤مجاد األول من سنة أوائل

ي اجلواد وزير على حاله، وزين الدين علالدينوتوىل أخوه قطب الدين مودود، ومجال متويل مصر يف خامس مجاد األول من هذه احلافظ ىيوتو. كوجك متوىل العسكر ورجاله

، وقعت زعب ومن تابعها من هـ٥٤٤سنة موسمويف . وتوىل بعده ولده الظافر. السنة مكة إىل املدينة، فأهلكت الناس، وأحلت م البؤس منالعرب على قافلة احلج عند قفوهلا

ويف . وجنا من اآلالف آحاد بآخر األرماقاآلفاق،وعظم مصاب املسلمني يف . ساوالب على أنب نور الدين حممود بن زنكيكسر، هـ٥٤٤احلادي والعشرين من صفر سنة

. النصرة لإلسالم قواعده وأساسهبتلكوشد . نطاكية وقتله وحز رأسهإمن الشأم، ابرنس الدين، ونـزل امللك نور، أسر التركمان جوسلني، وسلموه إىل هـ٥٤٥ويف سنة

بعد أسر الدينمسعود بن قلج أرسالن على تل باشر، وهي مع جوسلني، ونـزل نور شهر منويف يوم اخلميس اخلامس والعشرين . ها باألمـانجوسلني على قلعة عزاز وفتح

٥٤٦ويف سنة . ، تسلم األمري حسان املنبجي تل باشر باألمان هـ٥٤٦ربيع األول سنة بن مالك صاحب قلعة جعرب على أطراف الرقة، ففزعوا إليه ا، أغار عز الدين علي هـ

.ولد عز الدين وقتلوه، وجلس مكانه يف القلعة شهاب الدين مالك وأدركوه جتـدد من امللك ملكشاهمــا ذكــر ووفـاة السلطان مسعودحممــود ابــن

ملكشاه بن حممود على أصفهان، هـ٥٤٥ سنة األولأغار يف ربيع : قالوكان فيها جنم الدين رشيد . ويعاشيهاباإلخافةوساق بعض مواشيها، وصار يغاديها

فلما . كردبازو وضم إليه مجاعة من األمراءالدينفأض السلطان إليها شرف . واليها وقبحوا له مـا استحسنه، وحتركوا إليه مبا ملكشاهوصلوا إىل أصفهان، راسلوا امللك

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٣٢

ونـزلت السكينة وسكنت . له إليه ورحوسريهوحتمل له رشيد مبـال محله، . سكنه ببغداد هـ٥٤٥ مسعود سنة السلطانى وشت. النازلة، وأسبل األمن وأمنت السابلة

عنها رحيل مودع، فلم رحلمث . غائصا مع لداته يف لذاته، قانصا من العيش فرصاته وتوافـدا على يتفارقـا،يعد بعدها إىل العراق، وترافق السلطان وخاصبك ومل

صاحبه من أخلىوكـان خاصبك فرحا باختصاصه، ومنذ كان ما . الترافـد وتوافقا كافية، ى صافية عن القذ هـ٥٤٦انقضت سنة فوصال إىل مهذان، و. حبه وإخالصه

ها كالسبع ومل يعلما أن سنة سبع، بسن. ية السناءماضية مع الغين، مض. لألذىوأن احلياة خمتومة، وأن . وأن كل مـا أبرمه اليوم الزمان غـدا منقوضعضوض،

د فلـم يزل مسعو. وأن عمران العمر مهدوم، وأن سر القضاء مكتوم. حمتومة ةالوفافما . وأصابته علـة الغثيان والقيء. ومـا أجله األجل. القدرعاجلهمسعودا حىت

ومجـد يف آخر مجاد اآلخر . يء، ومشسه إىل الف إىل الطينشرهسلمت حىت أسلمت الصنيعة، جم. )١(وكـان مسعود ضخم الدسيعة . صوبهوأقلعه، ومخد ضرامه ذوب

وكـان كثري االتكال، على استمرار . لكنه يصطنع األراذل، ويرفع األسافـلال يضمر لعدو . غضاء عن ذميم الفعالإلدائم ا. قليل االحتفال مبكايد الرجالاإلقبال،واتفق قبل وفاتـه أن أخاه سليمان شـاه كـان . وال يقبل يف ويل منيمةسخيمة،

م ق اخلاد مستحفظا موفه معتقال، وكـان عليه باحلـوط مثقال، فواطأقزوينبقلعة وكـان . موت أخيه لطلب السلطنة، واتصاله بذوي األيدي املتمكنةبعدعلى اخلروج

وقد أمجل . قد اتصل بعمه مسعود إليه الجيا، وآلالئه راجياحممود،امللك، ملكشاه بن ني ني والعوغـارت وغاضت الع. وهو حاضر حني حضره احلني. عليهإليه، واشتمل

ودفن مذان يف مدرسة بناها مجال الدين . اصلني البني أن يقطع بني املتووالبد ،)٢( . اجلانداراخلادمإقبال

.اجلفنة، وتأيت مبعىن العطية والقوة: الدسيعة) ١( .النبع واملال: والعنيالعني ) ٢(

٣٣٣ تاريخ دولة آل سلجوق

السلطان ملكشاه بن حممودجلــوس ذكــر. )١(يب االعتقاد حلبه العسكر على نصبه، وعقد حاجتمع عمه ملا تويف: قالا على السرير، وأطاعه األمراء وائتمروا بطاعته، وتيمنوا بيومه، وسعدووأجلسوهوتفرد ابن بلنكري على عادته، ومساعدة سعادته، باألمر والنهي، واحلل . بطاعته وإحلاق. وامليل إىل مجع املال، وجباة األعمال. والقصر واملد، والقبول والردوالعقد،

. بالعزفماك يف القصف واالتاك الواشتغل ملكشاه با. ذوي اإلثراء بذوي اإلقالل. )٢(تري وكان من فلك ملكها يف أوج املش. ن بلنكريوفوض األمور كلها إىل اب

بنجحه، ووثق بنصحه، وما درى أنه خيسر من رحبه، ويظلم يومه بطلوع واعتلق بلنكري طرف فبطر، وخطر بضمريه أن يضمر اخلطر، ومجع األمراء ابنفإن . صبحه

. يصلح ال وللملك سلطان ال يفلح، هذا: " هلموقال ،- احلسن اجلانداروكبريهم-احلشف وأغناه. جاهل باألمور، قد شغلته اخلمر عن األمر ذو غرور، وغمرفإنه غر فعلم ". ونوليهوأنا أرى من الصواب أن خنليه، ونستدعي أخاه حممدا . عن التمر

وكانوا قد . عرفه إىل األمراء أن خاصبك كالباحث عن حتفه بظلفه، واجلالب النكر. من املواهبهوعدوتعالءه، فوافقوه على الرأي الرائب، كرهوا استيالءه، وسئموا اس

له من هذا انتحىلعل امللك إذا تواله حازم جازم، وعاقل مبصاحله عامل، : وقالوا .العادي، وشفى بصداه غليل امللك الصادي

". مطلبهجنح قبل أن يفطن به، فنأيس من األمر هذا عجل" خلاصبك فقالوا. بآفتهفقراه دار احلسن اجلاندار وهو يف ضيافته، فقبض ابن بلنكري ملكشاه يف

يلفقشت إ الدينواعتقله مبرج مهذان، وكان قد أنفذ إىل امللك حممد بن حممود مجال ومعه شامهلكبن قامياز احلرامي، ونفذ ابن بلنكري الستحالفه األمري مشيد الدين بن ا

وحسنواانوه يف الرسالة، عجيلي، فختوزيره الكمال أبو شجاع الزجناين املعروف بال الوصول،للسلطان حممد ضد ما أراده ابن بلنكري من احلالة، وقرروا معه قتله يوم

" حلبهاالعتقاد حبل وعقد" مجلة مضطربة ال معىن هلا، ولعلها كانت : االعتقاد حلبهحيبوعقد ) ١(

.فصحفت .كناية عن النحس: تريشاملأوج ) ٢(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٣٤

قد إنا " بلنكريوعادوا وقالوا البن . وقالوا له ال تقبل غري هذا الرأي لتحظى بالقبولعن حنثه ارتدادا يكونقسام القسم، حبيث إميان، وأكدنا ألحلفناه واستوثقنا منه با

وأما . وعجل واستعجلواسترسل،رسل أفوثق بأمانتهم، وأمن للوثوق م، و". اإلميانوكأم توانوا يف حفظه، . وبالهملكشاه، فإنه ختلص من اعتقاله، وخرج جنمه من بيت

عنه، ومل يكن هلم عنده بالغفلةوكما أغفلوا اإلحسان إليه، أحسنوا . ووكلوه إىل حظهومل يلبث يف . بطلبهيعرضواقام منه، وصرحوا ربه، ومل ر فيحملهم على االنتأث

خبوزستان ملكا، ويف استقرسلطنته إال شهرين أو ثالثة، مث تقلبت به األحوال إىل أن .سلك السلوك ج السالمة متسلكا

السلطان غياث الدنيا والدين أيب شجاعجلوس ذكــر ٥٤٧ حممود بن حممد بن ملكشاه يف أواخر سنة بن حممد

فتلقاه خاصبك . السلطان حممد مهذان يف عدة يسرية، وعدة غري كثريةوقدم: قالوإىل دينه . وبصفاء وده موقنا، وبصفات جمده مؤمنا. وبوفائه مستظهرامستبشرا،بلقائه املال وإىل ميينه ساكنا، ومحل إليه ما جتمل به من آالت امللك وأدواته، وخمبيات راكنا،

فعلقت بالنفوس . واخليل العراب، والعروض والثياب. مه وسرادقاتهومدخراته، وخيوخرج له من قشره، وأرج منه . أعالقه، وسكن املسكني إىل وفاء السلطان ووفاقهنفائسلكن ضمريه للشر مضمر، . ولقيه السلطان بوجه له باشر، ولسان حلمده ناشر. بنشره

من قدومه، جلس يف أعلى القصر، مث إنه يف اليوم الثالث . به مفكرللفتكوفكره فجاء ومعه األمري زنكي . ملسارته يف التفويض ومفاوضته يف السربلنكريواستدعى ابن

كشطغان املعروف بشمله، فلما حصلوا على سلم القصر عرف مشلة واألمرياجلاندار، . ال توافق املراد، فعاد وجذب ذيل ابن بلنكري ليعود فما عادأماراتورأى . العملة

وأما ابن بلنكري وزنكي، فإما صعدا فأمر فحز . وهربفركبونـزل وقد رهب، إىل امليدان، وضربت أيضا رقبة زنكي اجلاندار وكان كبري جبثته يرأس ابن بلنكري ورم

.تابت النفوس، وذرفت العيون وأطرقت الرؤوسر واالقلوبوارتاعت . الشانترب، أن خاصبك خلف أمواال ال تأكلها به املستبصر، ويستبصر به املعيعترب ومما

ومن مجلة ما وجد له، ألف ثوب، وسبع مائة ثوب أطلس . حيويها احلسبانوالالنريان،

٣٣٥ تاريخ دولة آل سلجوق

وطلب له كفن يف ذلك اليوم فلم يوجد، وبقي على حاله . من األلوانغريهعتايب، فكيف العسكر الكفن حىت جىب له من سوق. عليه رداء، ومل يبذل له فداءألقىوما . ومل يلحد

للدنيا ما أكدر صفاءها، فيا بعدا. توىل أمره حسبة هللا الغسل والدفننملوالقطن، ويأ وتقتل من أحياها، وال ترعى من . ختيف من آمنها، وتزعج من سكنها. وفاءهاوأغدر .رعاها

واملنافع قد اتسعت،. حممد، فإنه ظن بعد قتله، أن املوانع قد ارتفعتالسلطان وأما. يل جنابه يفزعونإمعون، وج النافرين منه، بسببه جيتمعون، وعلى نصره ياألمراءوأن

يف خوزستان الوزير جالل الدين بن القوام أيب القسم الدركزيين، وقد أبقاه وزيرهوكان فأشار عليه بأن يسري رأس خاصبك إىل . شارتهإ وجرى ما جرى مبشورته ووزارته،على

يلدكز، ونصر الدين خاصبك بن آق سنقر صاحب إتابك أمشس الدين : الكبرييناألمريين فلما وصل إليهما . تالفه، وال يسعهما عصيان السلطان وخالفهإ يعجبهماوظن أنه . مراغة

أقدم على فتك عظيم لقد: " وقاال. قالتهإ وأعيتهما يف هذه العثرة حالته،الرأس هالتهما وعدهما كان استوثق منه باليمني؟ أما استمسك من أ. ولقد أالم الكرمي بظفر لئيمبعظيم،

هذه مثلباحلبل املتني؟ وإذا كان هذا امللك األكرم ابن امللوك األكرمني جمترئا على املصاب العزاء، وخاب الرجاء، وجل اجلرائم، ومستصغرا ألمثال هذه العظائم، فقد عز

وزعمت أنك أخطأت، إنك: " يهوأرسال إل. فماال عنه، وناال باللوم منه". وعظم البالء حتلف، وملثل لهن وثقتنا فإنك باليمني اليت حلفت ا إوما يثق قلب إليك، و. أصبت

".كالمملام، وال لك معنا إفليس لنا بك . الوعد الذي أخلفته معه ختلف للسلطان سليمان بـن حممدجرى مـا ذكــر

وجلوسه على سريــر السلطنةملكشــاه ابـن. خرج من جملسه بقزوين، ووجد التمكن والتمكنيملاكان : -ه اهللارمح- قال

البازدار إىل زجنان، وكاتب فيه األمريين يرنقشخرج به مظفر الدين ألب أرغو بن فلما نفرا . ومها يف أمره مترويانمراغة،يلدكز ونصرة الدين صاحب إمشس الديـن ان، طالبني خلدمـة السلطان زجنإىلممـا وتـذمرا، سارا بعساكرمها تزمن حممد، و

. شرذمة يسرية إىل أصفهانيفجفل السلطان حممد أسليمان، ومحـاله إىل مهـذان، و

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٣٦

وأخـوه خـوارزمشاه،فاستقر سليمان على سرير امللك، وكان معه ينالتكني . مستوليةيوسف، وأختهما زوجة السلطان سليمان، وهي ألمـره متولية، وعليه

رفع كلما. إذا سكر وقع صريعا، ونـام أسبوعا. شريبا مخرياوكـان سليمان وزيراويشق . يقلي ألنـه ال يلقىوكـان. )١(رأسه الذ بالعقار، مث الث مخار اخلمـار الدين أبـو طـاهر، فخروكذلك وزيره . عليهم أـم ال يسعدون به وهو يشقى

ال يصحو ساعة، وال ين،القاشاابن الوزيـر املعني أيب نصر أمحد بن الفضل بن حممود األمراء األكابر من فضجر. ميحو عنه شناعة، وهو أشبه بسلطانه، وكالمها أليق بزمانه

إىل أذربيجان يلدكزإوعـاد مشس الدين . املقام، وشرعوا يف االنفصال واالنفصام الدين آق نصرةوعزم . لقصد أرانية وانتزاعها من يـد روادي ابن عـم ابن بلنكري

يلدكز، إ الدين بعـد رواح مشس مث إن األمراء الباقني. ى العود إىل واليتهسنقر عل خواصهقـرروا مـع نصرة الدين، وانتقلوا إىل مرج قراتكني، وخلوا السلطان مع

ردوا اتباع ذلك بقبض أبقصر مهذان، واجتمعت آراؤهم على قبض الـوزير، و نكح زوجة أخيه بنت ملك والسلطان سليمان كان حينئذ قد. ينالتكنيخوارزمشاه

بـها وهـو يف عرس وأنس، فجاءت إليه أخت خوارزمشاه زوجته، ودخلالكرج، وطال حبسك، ومضى غدا . مل تأخذ لنفسك أخذت نفسكإن: " وقالت لـه

فهرب ليـال معها ومع أخويها، وترك ". أمسكيومك، ورجع يف التطبيق عليك . ألمراء وقد فقدوه، ونشدوه وما وجدوه اوأصبحخبارية وقد بىن عليها، ألخاتون ا

. إىل غاباااألسودفتولت العساكر إىل والياا، وغابت تلك بنا السلطان حممد بن حممود بن حممد رجــوع ذكـر

يبة سليمان غ مقر ملكه مذان بعدإىل ملكشاهكاتب . وصل السلطان حممد إىل أصفهان، منحازا عن عمه سليمانملا: قاليناج صاحب الري، فقويت يده، وعرف أن إ مريواتصل به األ. األجانب، وراقب اجلوانب

فوصلته . م إذا انفصلوا عنه كان عزمه مليا زمهأ مع عمه، وتقيمالعساكر الغريبة ال

.صداع اخلمرة: الكه يف فمه أو خلطه، واخلمار: الشيءالث ) ١(

٣٣٧ تاريخ دولة آل سلجوق

فسر مبا . يف حبر الليل ساحبا، وساح لعرض الفالة باإلفالت ماسحاعام بأن عمه ىالبشرراء الدولة مهنئني، وحبدة جده متهنئني، وعاد إىل قصره، وتلقاه أم. ىوسعوعي، وسار . هـ٥٤٨ يف سنة وذلكوعادة نصره

مـا اعتمده اإلمام املقتفي ألمر اهللا بعدذكــر مسعــود حممد بــن ملكشــاهالسلطـــــان مـوتكانت السدة الشريفة اإلمامية قد منيت جبور األعاجم، ومل يزل : -رمحه اهللا- قال

وكان أهون ما عندهم خالف اخلليفة وعناده، . حتت سن العاجمعداوممن عودها مرادهم ال مراده، ومل تزل بغداد مظلمة، مشحونة منهم بالشحن حيصلومتردهم عليه بأن

العزيز مطالب ال يفي ا خواصه، ومغارم تلحقه منهم يتعسر الديوانوهلم من . الظلمةائف، والشرف ملهابام عائف، وشريعة الشريعة من جنايام خواحلرم. منها خالصه

عتب، عتب وال يواخلليفة يغضي ويغضب، وي. مهدرةمستباحةمكدرة، والدماء والفروج قدر عليه وال يقدروي .وهو على العهد ال يغدربهغدر وي .

وال قوام مع . صرب على الضيم، بعد اليومال: " السلطان مسعود قالتويف فلماوكان مسعود . وزيره عون الدين بن هبرية وأعانه، وثبت جنانهوآزره" القومهؤالءهول احللة،فرحل إىل . ، وتعذرت عليه اإلقامةة اخلادم وايل بغداد، فقامت عليه قيامالباليل

وكان. وأقام حيشد وحيشر، ويطوي وينشر. ومضى متحمال يف تدبري األمور املضمحلة إليه، أمراء السلطان، فلم يكترث باخلادم واسترسل الكردي، من أكابررباحللة السال

تلكفأخذه اخلادم وقتله وغرقه يف الفرات، ومجع العساكر وأقطع . وقصده ليسلم عليه الباليلفسار إليه ابن هبرية وهزمه وكسره، وحلق . الواليات، وفرق على فريقه اإلقطاعات

إىل الكوفةفة العراق من أقصى وملك اخللي. مذان مستصرخا، وغدا عقد مجعه منفسخا ومعاقلها وأارها،وأقطع واسط وأعماهلا، والبصرة . تكريت إىل عبادانحلوان، ومن حد

وطريق خراسان إىل والراذان،واحللة والكوفة، ور امللك، ور عيسى ودجيل . وواليااالسلطان وأرباب لوزير كانوأقطع الوزير عون الدين بن هبرية مجيع ما . نواحي حلوان

. ء بتضعيف األعدااألعدادمناصبه يف مجيع هذه البالد، وأعانه على االستعداد وإضعاف .ونعته بتاج امللوك فلك اجليوش

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٣٨

وكان ،تركيا اإلمام ملا استخلف استحلف على أنه ال يشتري مملوكا وكان ملكه قبل ترشك، ومل يكن له من األتراك إال. أو روميايقتين مدة خالفته إما أرمنيا

عدة من واألرمناإلمامة، فواله اإلمارة على األمراء، واختص من مماليكه الروم . خندقهاوحفروأحكم أسوار بغداد، . النجباء، مساهم اخليلية، ووالهم الرتب العلية

مجيع إىلورتب الوالة يف الواليات، وبث العيون وأصحاب األخبار، وبعث اجلواسيس التأييدل السالطني بعضهم ببعض يف تلك السنني، وأعطى اهللا اخلليفة واشتغ. األمصار ٥٤٧ أو هـ٥٤٦وكان اخلليفة قد سري قطب الدين العبادي يف سنة . والتمكني

إىل حممد بن حممود خبوزستان، فتويف هناك، وختمت به الفصاحة رسوال، هـ . يةض العلم املمطالعالوعظية، وأظلمت

بعد هرب عمه سليمان إىل مهذان، راسل اخلليفة وخاطبه يف السلطان عاد وملا وجتين عليه بقتل ابن بلنكري وعابه، وآيسه من ملك بغداد وخيب أجابه،اخلطبة له فما

أرزاقنا: " قطاعام ببغداد وقالواإ عند السلطان األمراء الذين حلت اجتمعرجاءه، فحينئذ والبد من مداواة . نـزلت، ووالتنا عزلتد أورنا قود. ت وأعراقنا قد قلعأقطعت،قد ". قبل إعضاله، وتداركه قبل استفحالهالداءهذا

: " فقال. السلطان حممد يرجع إىل عقل ودين، وحلم ركني، ورأي رزينوكان أستقبح أن وأنا. ، ومواليه حممود، ومعاديه مذمومم تعجلوا، فإن خمالفة اخلليفة شؤال

ونقضي هذا الشغل، منضي حنن: "فقالوا له". ه، ونية مناواتهأستفتح سلطنيت مبعادات: " فقال هلم". الزرعونلقي جبمعنا اجلمع، وحنصد بسيوفنا . وخنفف عنك هذا الثقل

ما رأيتموه، واعملوا ما فافعلواواآلن . رأيي ما ذكرته، وعرفتكم ما أنكرتهكانوجتمعوا يف جحافل . وا وذهبوافقهمفودعوه وركبوا، وجاء إليهم من ". نويتموه

وساقوا بني أيديهم التركمان ببيوم . رافلةالسوابغ )١(حافلة، وعساكر يف ذالذل حصن تكريت قد بقي يف يد مسعود الباليل، وكان. ومواشيهم، وأهاليهم وحواشيهم

ويف هذه القلعة . ومل يفتح مغالقه املتصعبةفتمنع،وبه نائبه أسبه، وحصره اخلليفة مرارا بن سلجق بن حممد بن ملكشاه، ملكشاهلكان من السلجقية معتقالن، ومها م

. ذلذل وهو أسفل الثوبمجعذالذل ) ١(

٣٣٩ تاريخ دولة آل سلجوق

لنا أحضر: " ملسعود الباليلفقالوا. وأرسالن شاه بـن طغرل بن حممد بن ملكشاه حبضوره مجوع األجناد وحشود ليثقامللك أرسالن بن طغرل ابن عم السلطان،

.ىل نواحي العراق إوصلوامث . فأقطع عليهم بدره ورفع جتره". التركمان وتبدلت. سده اخلوادر من عريسها عرف اإلمام ذلك، أمر فأصحرت أوملا

من يشرقونور النبوة . ته، كأنه البدر يف هالتهوبرز يف مظل. خيش الوشيج من خيسها والقدروالربدة املوروثة فوق ردائه، . جبينه، والقضيب النبوي يورق بالنصر يف ميينه

عونفسار يف موكبه الشريف، وعلى مقدمته وزيره . ه، مليب ندائهبالقدرة على أعدائع بأهب أساود، ويف سحائب قساطل، والدين بن هبرية، يف أسود استألمت من الدر

ويف امليمنة وامليسرة أمراء ومقدمون من . والصواهل، بوارق ورواعداملناصلمن دين قتلغ برس، كناصر الدين منكوبرس، وأمري واسط مظفر الالعسكر،عظماء

ويدان، ومنكلبه وفخر الدين ق. وحاميا حلوزة املقتفيةاملسترشدية،وكالمها من واألمراء املصطفون املصطنعون، واحلماة والكماة . صندلالدينالعباسي، واء مزا، ج اخلليفة على مرحلتني من بغداد يف موضع يعرف ببوخيم. املدرعون املقنعون

. ويستبعد من غوايتهم اهلدايةالبداية،هم وأقام دون شهر ينتظر من على االقتحام، وغيهمأ العدي ببغيهم جتر. ران، وتراجم اجلمران تزاحم اوملا

من توسيع مدة حتملواوحسروا عن أقدام اإلقدام، وقالوا لو أن للقوم بنا طاقة، ما أن اإلمام متبع وجهلوا. فقد عزت األقوات وعدم العلف، ووجد التلف. ةقاإلقامة إضا

رقبوا، وبرزوا ومافركبوا . حكم الشرع، يف قتال أهل البغي عند صياهلم بالدفع بني أمساعه منهمفركب أمري املؤمنني يف مهاجريه وأنصاره، ووقف يف القلب . وجلبوا أن يكونوا معه األمراء وزيره ابن هبرية أمامه، وسري معه أعالمه، وأمر موقد. وأبصاره أيا من األيام شرقتأومرت ليايل الرايات السود، بوجوه رافعيها البيض، فأق. قدامه

البوار يف بوارقاإلمامية بنوره املستفيض، وشرع برق احلديد الالمع على حواشي بني يدي وقدموها التركمان ومواشيها وأغنامها، وأولئك قد ساقوا دواب. الوميض

الوقاة ورائهاومن . كثيفة السوادوكانت آالفا كثرية األعداد،. صفوفها قدامها ومنعتوقد أخذت هذه املواشي طول األرض وعرضها، . الكماة، ذوو احلمية احلماة

.بتراصها تقويض صفوفها ونقضها

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٤٠

وطلب للخليفة، األمري فخر الدين قويدان قائد اجلنود، وقبل األرض فنـزل عليهما، مافأنعم . بالد احللة، واقتدى به ناصر الدين منكوبرس يف طلب البصرة

تلك النقاد يفومحل الوزير ومن معه، فلم جيدوا . فتأهبا للقاء، وتلهبا على اهليجاءوكان . مضيقالآلساد طريقا، وصادفوا يف ذلك الفضاء الواسع لألنعام احملشورة إليه

رة على ميسميمنتهمفحملت . ، ويف امليمنة واقفاترشك مملوك اخلليفة للمخالفني خمالفا. برجهاوحلحلتاخلليفة، وفيها مهلهل ابن أيب عسكر واألكراد، فهلهلت نسجها،

ودخل . وفراراهزمية )١(كدارا، وأجفلوا كالظلمان أوعادت صفوة صفوف األكراد املرتب يف الفقيهترشك بني أطناب السرادق الشريفة، فطعن برحمه ظهري الدين بن

. ومرجواوراءهمنهزمني فلم يعرجوا، ومروا املخزن فقتله، وركضت ميمنتهم خلف امل وفخر الدين منكوبرسوأما امليمنة امليمونة اإلمامية، فإا محلت، وفيها ناصر الدين

بنصر وحكمت ونفذت إىل القوم، وقوضت ما قابله من البنيان املرصوص، ن،قويداورزح . طائر سأس سائر، ورأ فلم ير غري ر.احلق املنصوص عليه، على الباطل املنقوص

وأخلفهم . وتبدد مشل آمال األعادي، وتفرقوا عباديد. ، وصارم يتلظىىيتشظوطاروا على خيوهلم كأمنا استعارت من قوائمها . ما كان مناهم من مواعيدالشيطان البشرى إىل بغداد توخب. ان مغامنم وتركوا بتلك املغاين من أغنام التركقوادم، .الف املنهزمني بالكسر بعقب إرجاف األجبالنصر،

يثوب إليه حزبه، أن قلبه، راجيا بعد اهلزمية مسعود الباليل يف قلبه ثابتاووقففهب إليه ابن هبرية فهربه، وبري أجزاء صفه وجز واألمري سنقر الفرصةوانتهز . رهب

مضايق كل يفاهلمذاين، فانفرد بامللك أرسالن بن طغرل وسار به، وأخفى مسريه بهيلدكز زوج أمه، وكأمنا أنـزل إحىت وصل به إىل مشس الدين . مساربهوادي و

ودخل إىل . وأما اخلليفة فإنه سجد هللا شكرا، وانشرح بالنصر صدرا. الغين بعد عدمهوملا متت على أولئك القوم يف أملهم . منصور اللواء، مصحوبا بأمالك السماءبغدادونكصوا على أعقام عاثرين بذيل . اهليبةهم من جانب أمري املؤمنني ت متلكاخليبة،مهم، دفلما رجعوا إىل السلطان حممد بن حممود ن. ل الوجلي عابرين على سباخلجل،

.مجع ظليم وهو ذكر النعام: الظلمان) ١(

٣٤١ تاريخ دولة آل سلجوق

ناموسكم، وأتلفتم نفوسكم، كسرمت: "وقال. على امللك الذي ند منهموعاتبهمسالن مث أخرجتم امللك أر. التركمان وعرضم للسيب الذراري منهم والنسوانوأهلكتموالبد أن . يلدكز، وستبصرون ما يفضي إليه األمرإ عن حفظه، وهو اآلن عند وغفلتموقد صار اخلليفة خصما، فال خيلص بعد هذا ورد دولتنا . إىل من جانبه الشريتوجه". الشوب، وال يقبل على قبول التوبة وال يرتضي صوابا إرضاء هذا الصوبمنمعه

يغفر للسلجقية بعدها ذنبا، وال فرغ هلم من جهته فإن اخلليفة مل. حسبكماوكان . هـ٥٤٩ الوقعة ببجمزا يف أواخر سنة وكانت، قلبا

سليمان بن حممد بن ملكشاه إىل بغدادالسلطان وصول ذكر هـ٥٥٠ سنة اخلليفة لــــه وجتهيز اجليش معه وذلك يف وقبول

ريره، ووافق إدباره قد ختلى عن امللك وأخلى سسليمانكان : -رمحه اهللا- قالال يستقر به . وينجد مع املنجد ويغور مع الغائربالدوائر،بلي يدور يف البالد وي. تدبريه

غري محى أمري املؤمنني، فلم ير ألمره وأمنه حاميا. جارجيريهؤويه دار، وال تقرار، وال رب بأن وكنت حينئذ ببغداد، فوصل اخل: قال. احلبل املتنيعصمتهفقصد أن يعلق من

ولو وفوه حق . بوفور القبول وفوده وأكرموا ورودهفقابلواسليمان قد دنا ودان، قاضي القضاة والنقيبان، وأجالء اخلدم كما جرت عادة ومعهالسلطنة لتلقاه الوزير

على موكب شريف يقدمه عز الدين حممد ابن تلقيهلكنهم اقتصروا يف . السلطان وخادمان، ووقف املوقف خارج البلد، اهلرأسيلكيا الوزير، ومعه خملص الدين بن ا

املؤمنني أمري: "وقال. أطربه وأعجبهما مث لقيه ابن الوزير وخاطبه بكل ،حىت قربوترجم ابن الكيا اهلرأسي له ". عليك، ويهدي حتيته إليكيسلم - اهللا عليهصلوات- ركب ودخل فنـزل سليمان عن فرسه، وقبل األرض، مث. السالم بالفارسيةاهذ

وحني وصل . الرحبةه من باب سور احللبة، إىل أن جاوز فرضاألسواقالبلد، وخرق أنـزلوه،ي إىل باب النوبجر، إذا وصل وألزموه بتقبيل العتبة وقد أكرموه وهناك ح

نـزلوا عنده ولثموه وعظموهاحلاج،سل ومقدمو الر .بل سليمان ل تلك العتبة قوما قب .وكان منهم شقي وسعيد. ديلميملك وال سلطان سلجقي،

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٤٢

بدار وأنـزلوه أركبوه وخرقوا به السوق، حىت عربوا به باب سور السلطان مث وطوقوه،السلطنة، ووظفوا له الرواتب، ورتبوا له الوظائف، وشرفوه وسوروه

. النصائعوخصوه بالعوارف والصنائع . وخطبوا له على املنابر يف اجلمع واجلوامع به يقتصرونسموه، وكانوا مل ينعتوه إال باملعظم، ومل يسموه بالسلطنة ومل يلكنهم

من هلجة من غفلته، وعي ه عقلوذلك غاية أن يعظموه، لكنه كان يف قد. على املعظمفما زال مدة مقامه مستحال . ويف كسرة من سكرته، ويف ذلة من لذته. جهلتهغي واخلليفة. هلواته، مترمنا بنغماته، متبغما خبرافاته شهواته، مستحليا مذاق اللهو يفحملارم

وقد. متيقظ لتدبري مصاحله وهو عنها راقد. مع ذلك يف والئه معتقد وللوائه عاقد واستوزر. أوعز إىل عساكره بالتأهب للمسري يف خدمته، وإعادته إىل عادته يف سلطنته

قدوكان . د وكرم حمتدله شرف الدين اخلراساين، وكان رجال كبريا يرجع إىل سؤددة والقضيب النبويني معه وصل إىل بغداد يف عهد السلطان سنجر رسوال، وأعاد الرب

. دار اخلالفة، وكانا قد أخذا يف النوبة املسترشديةإىل املقتفي فرأى شرف الدين هذا يف الظل األمامي، وهو خمصوص باالحترام، وأقام

وافرة د،دالعوجهز معه عساكر وافية . بيجانذرأأن جيعله وزير سليمان، وسريه إىل العدد .م رأسا، وال إتابك أانية ثقة بفمضوا به إىل أر إيناساقراهميلدكز فما رفع .

مث . االنتصافووصل السلطان حممد بن حممود وجرى املصاف، ووقع بني الفريقني عادمة بغدادر إىل فعادت العساك. ازم سليمان موليا، وعن عسكر اخلليفة متخليا

القرابلي،ورجع سليمان عائدا إىل بغداد يف طريق الدربند . للظفر، نادمة للسفر كوجك من املوصل، وقبضه يف املضيق، ومحله إىل قلعة يفصبحه زين الدين عل

واعتقله وأراحه من التعب، وأباحه ما كان يؤثره من اللعب، وكان ذلك يف . املوصل . هـ٥٥١ سنة شعبان

حممد اتصال امللك جغري شاه بن حممود بأخيه السلطان ذكرفشغل . ذربيجانأياز يف آتابك أ جغري شاه مع امللككان : -رمحه اهللا- قال

ذربيجان، عند اتصاهلما بالسلطان أ صاحيب آبه،يلدكز وأرسالن إخواطر األمريين شرف الدين عاد حممد إىل السلطنة، سريفلما. سليمان، بعد ازام حممد إىل أصفهان

٣٤٣ تاريخ دولة آل سلجوق

قائمة على ساقها، آخذة من واحلربفوصل . كردبازو إلصالحهم، والصلح بينهموقد تسلم جغري شاه، ومأل . العنيفأصلح ذات البني، وعاد قرير . اح بأطواقهاواألر

ياز إىل آتابك أ وعاد بأخيه،ومجع مشل السلطان . حبمده ومدحه القلوب واألفواهكز، ونصرة الدين ديلإ الدينواقتسم مشس . كنف عنايتهواليته، وكانت رعيته آمنة يف

من رسوم وأعادواذربيجان، وأفرجا عن أردبيل لألمري آغوش، أآبه، بالد أرسالن الشفقةخوة حتمله على ألواجتمع السلطان حممد بأخيه جغري، وا. العدل النقوش .وامللك به يغري

قد عدت من احلج ومذان، - هـ٥٤٩ سنة-وكنت يف ذلك العهد : قالفشاهدت السلطان قد أنس . اخلجنديصحبة مجال الدين حممود بن عبد اللطيف ي

مث . وعطف عليه بلطفهبعطفه،والطفه . بأخيه وسر به، وامتزج به، يف مطعمه ومشربه احلرامي يرصده ليال وارا، قاميازأمر باعتقاله، ووكل به األمري عز الدين ستماز بن

العسكر، فما أدري أين أقبل فارقناومازال األمر على ذلك حىت . اويرعاه سرا وجهار ل طنيفكأمنا س. وال رئي له أثرخرب،ومن حني نقل ما مسع له . به القضاء بعد ما أدبر

فالرحم عندهم . واإلغفاءاإلغفالتهم على السالطني من جفن اجلفاء، وجبلت جبل واالغترار م غرر مشفوعة، بالذل مقطوعة، والرمحة ممنوعة، والعزة يف خدمتهم

.ربمون وينكثونيقسمون وحينثون، وي. وصفوهم كدر حـوادث جــرت يف تلك السننيذكــر

على السلطان سنجر، وكانت حادثة هائلة ز الغاستوىل هـ٥٤٨ يف سنة قال السنة استوىل الفرنج على عسقالن، ويف هذه هذهويف . وسنذكر أيام سنجر عند وفاته

ابن ويف هذه السنة تويف. قتله ابن امرأتهمصر،السنة قتل العادل ابن السالر سلطان ابن القيسراين الشاعر بدمشق، يف احلادي وتويف. منري الشاعر حبلب، يف مجاد اآلخر

الصالح الفيلسوف البغدادي بدمشق، يف بن أبو الفتوح وتويف. والعشرين من شعبان صاحب ماردين يف أول مترتاش يف، تو هـ٥٤٩نة ويف س. اخلامس والعشرين منه

. هـ٥٤٩ صفر سنة ثالثاحملرم، وفتح نور الدين حممود بن زنكي دمشق يوم األحد .وقتل الظافر متويل مصر ليلة اخلميس النسالخ صفر

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٤٤

السلطانويف هذه السنة توفيت حليلة السلطان حممد بن حممود بنت : قالووصل . وكنت حاضرا يف زمرة العلماء. البكاءمسعود، فجلس للعزاء، وامترى در

ذربيجان، واألمري شري بن آق سنقر بعسكر أيلدكز يف عساكر إتابك أ خدمته إىل عنده على مهذان، مث استأذنوا يف العود وعادوا، وزادهم السلطان حرمة وأقاماأخيه، ال كرم، وأحضر محال فقدم، وسري مجووصل رسول ملك كرمان فأ. وادفزاوقوة

. الرسول رسوال إىل كرمان، ليخطب بنت امللك للسلطانمعالدين بن اخلجندي الربح فرأيتفعدت معه إىل أصفهان، فسامين السفر معه يف تلك السفارة، : قال

فأحزنوأقمت فظعن، وأسهلت . فيه عني اخلسارة، فتأخرت وتقدم، وأحجمت فأقدمتان إىل بغداد، وجثت إىل عسكر فإنين عند مسريه إىل كرمان سرت على طريق خوزس

، وامللك ملكشاه بن حممود مالكها، وقد أمنت به هـ٥٤٩ يف شوال سنة مكرمولقيت رئيس الدين حممد بن القاضي أيب بكر األرجاين، وهو يف . ومسالكهاممالكها

، هـ٥٤٤ سنة فذكر يل أن والده تويف. موفور احلرمة يف العلماءالقضاء،نيابة مث ارحتلت إىل بغداد . أشعار والده، فتنـزهت يف رياض فوائدهمندات وأعطاين مسو

ضته يف حرب جبمزا وظفره، وكنت مع والدي فحراخلليفةبعد وصول اخلرب بنصرة .البشرى على سفره

جالل واستعجزوشىت السلطان حممد بن حممود يف هذه السنة بساوه، : قال الدارسيتواستقصى من فارس تاج الدين . الدين بن القوام وزيره، واستقصر تدبريه

واستبطأليستوزره، فوصل تاج الدين إىل أصفهان، وأقام مدة فربد أمره، ومخد مجره، .السلطان سريه، واستوزر غريه

وزارة مشس الديــن أيب النجيب الدركزيينذكر

وقد سبقت له خدم، وثبت . وزير عمك، وظهري عزمكإنهقيل للسلطان : قالواستند وتصدر، وأورد . ورتبه يف أعلى الرتباملنصب،فنصبه يف . لقدم قدمله يف ا

بالبالد أن ينـزل كل منهم عن شيء مما يف استأثرواوأصدر، وخاطب األمراء الذين فتوفر . بالدا عامرة إىل النواحي الديوانيةواستضافيده، ليكثر اخلواص السلطانية،

٣٤٥ تاريخ دولة آل سلجوق

قد اتسقت : التثمري وقال للسلطاني ورجءالرجااالستظهار وظهر التوفري، وأمثر لشغل بغداد، فاسترجع حقك املغصوب، البالوقد فرغ . األحوال، واتسعت األموالوأنت إذا مضيت . أبيك وجدكومقرفإا دار ملكك، . وال تترك جنحك املطلوب

حضر الربيع مائدته، فلما. بنفسك، فما يقف قدامك أحد، وال يكون معك ألحد يد، هـ٥٥٠فائدته، وأحسن عائدته، عاد السلطان إىل مهذان، وذلك يف سنة ووفر

مث بدا له . منازلورحل على مست بغداد، ورحل عدة مراحل، ونـزل يف قصدها ومل العدات،خلفوا أ ألن األمراء الذين سبقت منهم املواعدة على املعاودة ؛فعاد

فانصرف. ك الغالتاإدريطاوعه العسكر على مفارقة البيوت واإلقطاعات، عند عادمث . ذربيجان، ومت املصاف الذي نصر فيه على عمه سليمانأراجعا، وتوجه إىل

وعلم أن . غلأ شاغل، يف صميم روحه وإىل مقر ملكه، ويف قلبه من أمر بغداد همفواعدهم . وحر السيفد ال يفارق بالده يف الصيف، فإنه ال جيمع بني حر بغدااجلندواالجتهاد يف . واالستعدادءواشتغل باالستعدا. املخيفروأمنهم من الغر اخلريف،يف

وتربيز املضارب، ومتييز الطالئع . وجتهيز الكتب إىل جمهزي الكتائب. االحتشاد .وأقبل اخلريف ملا انقضى املصيففارحتل. )١( واملقانب

وما اعتمده أمريد حممد إىل حماصرة بغداالسلطان وصول ذكر الظفر والنصرمحيداملقتفي ألمر اهللا من حسن الصرب املعقب املؤمنني، بأن هـ٥٥١ يف ذي القعدة سنة د إىل بغدااخلربوصل : -رمحه اهللا- قال

قضاعة قصر" وهو مبنـزل . صائلوعرمرمالسلطان حممد قد قرب يف عسكر هائل، وبالغ يف . س لباس اجلد للبا وأجدواالحتراس، اهتمام اخلليفة باالحتراز فصدق"

سورا على السور، ومأل أبراجه باملنجنيقاتوأدار . حتصيل العدد، وحتصني البلد حتت التاج الشريف، عند املثمنة على وخيموخرج الوزير ابن هبرية . باحلماة املساعري

خيمة وزيره، ويقرب االستثمار يف علىشاطئ دجلة، حبيث يطل اخلليفة من املثمنة وثبت قلب . جترجتى امل املرالكرموفتح باب . وقليله وكثريهدقيق األمر وجليله،

. مجع مقنب، وهي مجاعة اخليل جتتمع للغارة: املقانب) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٤٦

. واستخدم املنجنيقية واجلرجيةواخلرجية،وأعد العدد اخلاصة . تجراإلسالم اخلافق امل السلطان مسعود، ونفي مسعود اخلادم أنه منذ تويفاخلليفة، من حزم وكان

عدد، واالستظهار بشغل صناع دخار الا الذخائر وبإعدادالباليل من بغداد، أوعز . فأحضر منها يف السفن ألوفا صارت حمرزةمعوزة،وكانت حجارة املنجنيق . السالح

حممد وعرب. )١(نع يف دجلة راسيات كالرنعر فوالسفنوأمر ببناء املراكب املقاتلة، بقل بعد منها جبموعه، وراع كل يشاه دجلة إىل اجلانب الغريب من أعلى بغداد عل

وكان قد واعد زين الدين على كوجك فوصل بعسكر املوصل يوم امليعاد، . بصدوعهوكدروا املشارب، . وأطلوا من اجلانب الغريب على بغداد. من العدد واألعدادوفوريف

ووقفوا بإزاء التاج . مث بكروا وأشرفوا، وبالغوا يف العتو وأسرفوا. املصائبووفرواهم ونبعت من معاجس قسي. بعرين على سوء الط وشرعوا يف السبع، جاالشريف

. من النظارة مجاعة أحسنوا م الظنون، وأمنوا منهم املنونوجرحوا. غروب النبعونـزلوا على بعد . وقاتلوا اهللا تعاىل بقتال خليفته يف األرضفض،ربالوقابلوا الفرض

والكوفة وواسط روا إىل احللةوسي. ألوفهم، والتف لفيفهمتألفتمن بغداد حىت . ومتصرفنيوشحناطعني، والة ومقةوالبصر

اانيق اخلفاف، يف دجلة مراكب، مملوءة مبقانب فيهااخلليفةر سي كل يوم يويففيحاذون املعسكر احملمدي يف . الكماة، واجلرخية الكفاةوالرماةوالعرادات اللطاف،

لطان حممد التنقل إىل حوايل ويصموم، حىت رأى السويشوومدجلة ويرموم، ه الكبار إىل ؤ الصراة بدار يرنقش الزكوي، وعرب أمراعلىسور بغداد، فجاء ونـزل

وعز الدين ستماز، ومن جيري جمرامها من ذوي ،اجلانب الشرقي مثل أتابك آياز يف اجلانب الغريب، والسلطان معه، املوصلياالعتزاز، وبقي على كوجك بالعسكر

بغداد كل وقت ويعود، والبيض قد جانب دجلة إىل دار السلطنة يف وهو يعرب يف خيل بغداد يف كل يوم منها من وتربز. هجرا الغمود، والعقول قد احنلت منها العقود املبنية للحملة على من يكون الباشورةيأيت سور السلطان والظفرية، ويقفون خلف

. كاجلبل الطويل: كالرعننـزلن،: فرعن) ١(

٣٤٧ تاريخ دولة آل سلجوق

فيأمر هلم اخلليفة . رجونجن ويرحوج خيرجون، ويفهم. )١(منهم يف اجلاليشية .بالعطاء، على قدر البالء

فتوفرت . عطاء، ولكل عمل مربور جزاءمقدارها لكل جراحة على وكانود الفراش يف النار، للفوز عند العافتدواعي العوام على التهافت يف نار احلرب

وطالت . واحو والر والصباح، والغدباملساءفقامت احلرب على بغداد . بالدين والدينارواألمل مقترب . حم، وال عز امللح اللغريمدة احلصار، ومل يؤثر يف األسعار، وما عز

من اجلانب الذي من دجلة نصبواوكانوا قد . النجح، وخسران اخلصم دليل الربحموا بنصب منجنيق وهعظيمني،على مسناة دار العميد، وبقرب القمرية، منجنيقني

. داء اإلزعاجألعضل كولو مت ذل. الذي بناه سرخك مقابل التاجآخر على اخلان رجفات كأصوات سحرافعني اخلليفة ليال رجاال أتوا بنيانه من القواعد، وكان لوقوعه

احملرقة، والقوارير والنشاب حوكانت السفن املترددة يف دجلة برماة اجلرو. الرواعد روح فأزهقتم، وعزت بإزهاقهم رقة، وقد آذم وآذنتهم بعجزهزوالنفاطات امل

. مالكيهاوما كانت هلم مراكب إال عدة يسرية يسخرون مالحيها، وخيسرون . عزهم .مث ال يثقون بالركوب معهم فيها، فحاروا وخاروا، وتشاوروا واستشاروا

بن محاد صاحب الغراف، وكان قد جاهر اخلليفة املظفر هلم بدر بن فقال وأغنيكم مبراكب حاملة، وجوار منشآت، مقاتلة،أنا أكفيكم بسفن : باخلالف

فحمدوه . بلد واسط والبطائح، من الداين والنازحمن )٢(وزوارق وشفارات وصل بالسفن اخلفاف والثقال، واملالحني حىتوشكروه، ومضى وأقاموا ينتظرونه

ورتب اخلليفة الرجال يف املراكبإليهم،والرجال، فامتنع عليهم عبورها يف البلد عليهم ذلك ردوها إىل ر عيسى، بعد أن شقوملا . للقائها، وإحراقها بالنار وإردائها

وتكاملت مدة شهرين يف ذلك، . الصراةوأخرجوها فوق بغداد يف . مدوها إىل الفرات الزواريق، واتسعت طريقهم تلكمث بدأوا بعقد جسر على دجلة فوق دار السلطان من

وشددوا يف منع املرية اجلانبني،وضايقوا يف احلصر من . يف العبور بالتغريب والتشريق

.بية ولعلها فارسية، وال ندري هلا معىنركلمة غري ع: اجلاليشية) ١( .ر مبعىن استأصل أو ضيق من شفلعلها: شفارات) ٢(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٤٨

احللة أمراء بين أسد منووصل إليهم . وقطع األقوات جبدع األنوف وقطع اليدين عليها سور، ماوقالوا هذه بغداد من جانب دجلة . ورجاهلا، وفتاكها وأبطاهلا

علينا أن أسهلوما فسلموا إلينا املراكب لنهجمها، . وتوانيكم يف هجمها قصور وفتور .نقتحهما

علمني، وعربوا إىل الزحف، فركبوا املركب مستلئمني ميف هلم السلطان وأذن وصلوا إىل قرب السور، خرجوا من السفن شاكني، وملا. املدينة، على املوت مقدمني

ك من طاردهم وجالدهم، وهم مع ذلاخلليفةفخرج إليهم من الباب من مماليك مث كثر عليهم . غري اخلاطئاملصيب، ويوسعون إىل املوت خطوة يبعدون من الشاطئ

وتظافروا إىل السفن . األسربض رجال بغداد كثرة حصلوا منها حتت العسر، ويف ق وأخوه ماضي، املضطربوقبض األمري حسن . فغرق أكثرها، واخنسف م موقرها

وأمر اخلليفة . فقدوعدة وافرة من معرويف بين أسد، وعدم كثري ممن غرق أو قتل أو ما بني السورتلك الليلة بصلب حسن وأخيه على دقل زورق، وأصبح الباقون على

ألعدائه واملهانةمصلوب مشنق، ومقتول معلق، ففتح اهللا خلليفته من املهابة ألوليائه .وسقط يف أيديهم بعد ما بسط من تعديهم. كل باب مغلق

اخلليفة الغالء، ففتح األهراء، واقتصر االنتصار، خافىومتاد طال احلصار، وملاوأخذوها، واحتاجوا إىل . تفريق التمور فيهم والغالتعلىعطيات أللألجناد يف ا

فخمد بذلك استعار نار . األسواق وباعوها بالديناريفأمثاا يف النفقات، فرموها . وال غال مطعوم يف وقت من األوقاتاألقواتاألسعار، وما زاد سعر يف

قافلة احلج، فوجدوا دار اخلليفة حمصورة، وصلت، هـ٥٥٢ صفر سنة ويف ونـزلوا يف املعسكر السلطاين، مقصورة،واهلمم من اخلارجني على خالف تعظيمها

ومن كان من بغداد حتيل يف وأجنادهم،مث تفرقوا إىل بالدهم، ورحلوا طاليب أغوارهم خلق من التجار، يريدون بل حينئذد وببغدا. الدخول إىل منـزله، والوصول إىل منهله

. بضائعنا، واستخرجوا ودائعنابوايؤثرون مرافقة احلاج، ويقولون مىت أخذوا البلد فقال هلم الوزير. اإلفراجضيقهموحاولوا من . جاجفحضروا التاج، وأكثروا الض " :

أسوة، ولكم يب . ويف ضمان أماينإحساين،أنتم يف حرم : املؤمنني يقول لكمأمري. مصونة، وبأسباب الرعاية منا مضمونةالبلدوأموالكم يف . وهذه النوبة، ما هلا نبوة

٣٤٩ تاريخ دولة آل سلجوق

لكم دون السفر عوائد وتعرضتوإذا خرجتم، وضعتموها على طرق الطوارق، واهللا لنا كفيل بفل ناب . العواقبفاصربوا، فإن الصرب حممود . احلدثان يف البوائق

.النوائبفوكلوا إىل آرائهم الفائلة، . فما انـزجرواجرواوز حىت أضجروا، فضجوافخرجوا وأحرزوا تلك البضائع . استبقوا األليابومافاستبقوا الباب، . وآرام احلائلة

فما مضت عليهم . تلك الفنت على السفرة اهلمذانيةمعيف الدار السلطانية، ومل يقدموا وأصبحوا فقراء، وهذه سنة اهللا يف لبواهبوا وسفن. غوائلإال أيام قالئل، حىت غالتهم

. سبب ذلك إن شاء اهللاوسنذكر. األغنياء، إذ كانوا أغبياء فإن السلطان رأى مراسلة اخلليفة باالستعطاف النازل،وأما العسكر : قال

وكان يف صحبته من العلماء صدر الدين حممد . واالستعفاءواالستعطاء، واالستغفار فأرسل كال منهما على . زنويغ أمحد شاذ الالدينس بن عبد اللطيف اخلجندي، ومشا

فإنكم لو أردمت . يف جنح السؤال بالرسولمطمعوقيل ال . حدة، فلم ميكنا من الوصول ورجعتم، ورأى الوري منكم الندم استرجعتم،واآلن، إن . اإلمجال، لقدمتم األرسال

قوم من قبول الرسالة، فقنط ال. الوسائلونقبلعلى ما فعلتم، فهنالك نسمع الرسائل، . يف العصيان والطغيان، وختريب العمرانواوجلوشرعوا يف الشر، وعادوا إىل العدوان، بكل نوع عليهم االستحواذ، فصاروا فطلبوا. واخنرقت مهابتهم عند أهل بغدادويقطعون الطرق على عالقتهم، . بالقراع )١(يكبسوم يف الضياع، ويغافصوم

وكانت األكالك واصلة من املوصل إليهم باملرية، . إىل تكثري خمافتهم السبلويوجدون . فتلقوها يف دجلة فأخذوها، وعربوا ا عليهم وعجزوا أن ينقذوها. الكثريةواألقوات

. املوصل بعد ذلك عن تسيري األكالك فما أنفذوهاأهلوامتنع مشس الدين تابكأ وصل حممد للمحاصرة واصل مكاتبة منذ وزير اخلليفة وكان

ملكشاه، أو أرسالن شاه إىل مهذان، : امللكنيأحديلدكز، وحثه على احلركة مع إواقتطع . واستوىل على الطراف والتالدالبالد،فوصلهم اخلرب بأن ملكشاه هجم على

ففت ذلك يف عضد العسكر وتضعضع . االرتفاعاتقطاعات وحوى الغالت، ورفع إلا

. فاجأه وأخذه على غرهأي: غافصة) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٥٠

فاجتمع عند السلطان . واشتعل الرب والبحراحلر، عليهم ومحى أيضا. ثبام ذا اخلربوكان الوزير، مشس الدين أبو النجيب األصم . والكرباءاخلواجكية واألمراء، واألماثل

أبو سعد اخلوايف، ونائب االستيفاء، كمال الدين أبو الدينالدركزيين، واملستويف رضى ز، وشرف الدين كردباز، ومسعود وعز الدين ستما،الريان ومن األمراء أتابك آياز

على كوجك املوصلي، وقالوا نعرب بأمجعنا إىل الدينالباليل، وظاهرهم على الرأي زين فإن تيسر الفتح فقد سفر . عليهم النـزالوندمياجلانب الشرقي ونصدقهم القتال،

املعاودة من قابل، وحصلنا من إدراك مواعدةوإن تعذر وتعسر تفرقنا على . النجح .الطوائل على طائل

. هلم فأحكموه، وجتاسروا على احلكم الذي اعتمدوهالذي عمدوا إىل اجلسر مث. شهر ربيع األول وقد أخذ عدته، ولبس شكتهمنوأصبح العسكر يف يوم األربعاء

وشرعوا يف العبور على اجلسر . ذيلهالسوابقوركب خيله، وسحب من السوابغ على يف ذلك اليوم هبوب ريح عاصف، واتفق. نية مقتحمنيمزدمحني، وعلى العثور بامل

وثقل اجلسر . األفواجوتزامحتوتالطمت األمواج، . ومتوج حبر من اهلواء قاصف من على اجلسر من وخاف. وانقطع، وهم العسكر أن يرجع فلم جيد طريقا للرجوع

ومل . تعكيس والالتنكيسالوقوع، فمدوا أيديهم إىل الدبابيس فاضطربوا، واضطروا إىل ملا هاهلم، وحسبوا واخنرعوا. يشعر من ورائهم باألمر، ومل يطلعوا على انكسار اجلسر

السلطان عند اشتباه وركبا مبا ومهوا، أن خطبا غاهلم، فهاموا وما فهموا، ومهو .اخلطب، واجتاه اخلبط، وشظ نازال ونـزل إىل الشط

وأن العسكر قد إن السلطان قد ركب،: كوجكي لزين الدين علفقيلفركب أيضا يف العسكر . وأنه قد عرب إىل الدار، وحصل على االستشعار. اضطربوملا شاهد أهل بغداد اختالفهم واختالهلم، واختالطهم . سبيل االستظهارعلىاملوصلي

ونادوا بشعار أمري املؤمنني . فتحوا أبواب البلد، وهتفوا بأرباب اجللدواختباطهم،فاف مبن خف من الرجال، خلوجذفت السفن ا. امل يف بره وحبره وزحف العونصره،

والقوم مشغولون بأنفسهم، حائرون ملا عراهم من . الباطل باألبطالعلىوهجم احلق م فتقح. يف اجلانب الشرقي، ال طريق له إال اجلانب الغريبمنهم ومن حصل .تعكسهم

ودخلوها وبوا ما . وهم منها وأجلوهم عنها، وأبعدالسلطانيةالبغداديون على الدار

٣٥١ تاريخ دولة آل سلجوق

.جر وودائع السفروعاثوا يف بضائع الت. امعةواألثقالفيها من األموال املودعة، القوم هائبني، وانصرف. مل يبق يف الدار شيء قلعت أبواا، وقطعت أسبااوملا

ات على صهوووقفوا. خائبني سادمني نادمني، وشغلوا عن أثقاهلم، وثقلوا بأشغاهلم. عرجوا يوملدجلوا، وعرجوا إىل تلك املسالك أوا ورمث س. اخليل، إىل دخول الليل

للضرورة،ذربيجان مع عسكر املوصل أوسار من اجلانب الغريب من عساكر مهذان و وقدوأصبحت بغداد . ودفعوا إىل ما مل يقدروه ومل خيطر هلم من األخطار املقدروة

ا بالبهج، وأحكم حكم نصرها من ألطافه باحلجج، أتاها اهللا بالفرج، وقرن اءه يضوغيض املاء وق. أهلها يف سفينة السكينة من طوفان الفنت املتالطمة اللججوأجنى املقتفي عن اكتفاء املنكفني، وستر على وكف. ونصر احلق وحق النصراألمر

البالد، وانتشرت عساكر أمري املؤمنني يف. يف احملال واملختفنيمنهماملستترين وعرف األعاجم أنه ال مطمع بعدها يف بغداد وحربت . املعتادبالنصرواستبشرت

واستخدمين الوزير عون الدين تلك السنة يف النيابة عنه بواسط، اإلمام،قصائد يف هناء إىل العمل، وعطلين عن االشتغال بالعلم، وظن أنه حالين بشغله من املدرسةفنقلين عن

.العطل السلطان سنجر بن ملكشاه بن ألب أرسالنةوفا ذكـر

أحواله من ابتداء مـن بـن ميكائيل بـن سلجـق وشرح نبذداوود ابن أمرهخامتةعمره إىل

٥٥٢ سنة األول سنجر يوم االثنني رابع عشر شهر ربيع تويف: -رمحه اهللا- قال بقنيمس بعد خالصه من أيدي الغز، وكان مولده بظاهر سنجار، يوم اجلمعة خلهـ

. هـ٤٩٠، وواله أخوه بركيارق بالد خراسان سنة هـ٤٧١من رجب سنة السبب يف ذلكذكر

املسالككانت بالد خراسان يف أيام ملكشاه ساكنة املمالك، آمنة : قال دارةموطنة الديار باألبرار، . مشحونة األطراف بالشحن، مسكونة األكناف بالسكن

نظام امللك مستتب مستدف، ونائله لذوي الفضل املواطن باملبار، ونظام امللك بفلما . وما خبراسان رأسان، وما تسلط ا سلطانان. ولذوي اجلهل مستكفمستكف

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٥٢

وأباح محى ملك ملكشاه احلمام انفسخت تلك العقود، وانتخت النظام،استشهد واستوىل كل صغري على كبري، وكل . الشر، واستضرى الضرواستشرى. تلك العهود

.ر على أمريمأمو سبعة مببلغ للسلطان ملكشاه أخ يقال له أرسالن أرغون، وكان مقطعا وكان

؟ والقناعة إىل كم تلزم مرارة العطلة :آالف دينار يف نواحي مهذان وساوه، فقيل له. مساكنهوجر حلية امللك واحلالوة ؟ وحركوا ساكنه، وبعثوه على شغل أخلى عنه

. واشتد بطل الطلب، وشد لبب اخلبب. ب مطا املطارفنـزل عن قراء القرار، ورك إىل نيسابور فما متكن منها، ودفعه أهلها عنه فصدع مروة مرو، وقال أملكها وجاءفقوى . فانقاد ألمره األمري قودن شحنتها، وجعلت حتت مكنته أمكنتها. غرووال

خ وترمذ، واستوىل على بل. بقودن، فإنه وجد اجلواد وعدم الكودنأرغونأرسالن : وكتب إىل ابن أخيه السلطان بركيارق. وحيزت بلدانه البلدانخراسان،وصفت له

موضع جغري بك داود جدي، جيدي وجدي، وقد رضيت به رضاء ملكت قد إين" وأنا باذل ملا تطلبون، وحامل ملا فيه . طامع وال منازعغريقانع، وأنا فيما سواه

فأمسك . ق يف شغل شاغل، وهم زائد غري زائل أنه بالعرابركيارقفرأى ". ترغبون .منهعنه، وأظهر أنه قبل

فأضه أرسالن بدا له وآثر قتاله، وكان عنده عمه اآلخر بوري برس بن ألب مث عساكر عليهلقتال أخيه، وضم إليه مسعود بن ماجر، وأمري آخر التونتاش، واجتمعت

تونتاشالفأما مسعود، فإن . خراسان، فطار من النشاط وطاش، وحث العزم البطاش بوريووزر للملك . توهم منه مبا قيل له، ففتك به وبولده، وصار األمر كله يف يده

برس، عماد امللك أبو القاسم بن نظام امللك، فوضع ورفع، وفرق ومجع، وخرق وصاف بوري برس أخاه أرسالن أرغون وصدمه وحط عليه . وأوسعوضيقورقع،

، وأقام خمسوراون إىل بلخ مكسوراغفعاد أرسالن أر. مهوهزوحطمه، وهز طوده .مسرورابوري برس مبكانه منصورا

إىل أرسل أرسالن أرغون إىل األطراف واألوساط، وحشد وحشر، وض مثوبرز . وفتحها عنوة وهدم سورها، وقتل مجهورها. ذروامرو وفرض مروا، وحط

فزحف العسكر إىل . بالد من بالئه برس من هراة لقصد لقائه، وحفظ البوري

٣٥٣ تاريخ دولة آل سلجوق

وجىن مثر النصر من . يف املغفر، وضبح الثعلب يف لبة الغضنفرالذباب العسكر، وطنوطارت فراخ اجلعاب إىل أوكار املقل، وأدمت لواحظ السهام . األخضرورق احلديد

ومحل إىل . رك وأسردوبرز البوار لبوري برس وكسر، وأ. القبلمن اخلدود مواضع وأخذ وزيره . له وال رفق، فاعتقله يف ترمذ مث خنقهرقه أرسالن أرغون، فما أخي

ومل يترك سوءا إال . على ثلثمائة ألف دينار مث قتلهوصادرهعماد امللك بن نظام امللك فإنه عاد إىل مرو . عليه قدره، وسلط على صفوه كدرهوأقدرعمله، ال جرم أخذه اهللا

فقال له منجمهكهلك، وأن خصمه لوظن أنه م : وحترسك، إىل كحترزواحلزم . ر دفعاد، وأنت ال متلك ملا ق عليك قطعاأرى"

ومل . رتاج أبوابهوأغلقفاحتجب عن أصحابه، ". وال ختشى اآلفة . أن تؤمن املخافة حضر عاتبه كيف فلما. ظره، وأنكر تأخرهت كان به يأنس فانا صغرييدع إال مملوكا فلما. فضربه الغالم بسكني معه وصرعه، فقضى موضعه. حيث أخطأأبطأ، وعاقبه

ظلمه، من اخللق ح أن أريأردت: " قيل للمملوك مل فعلت ما فعلته؟ وعالم قتلته ؟ قال وسنة هـ٤٩٠ةوقتل أرسالن أرغون يف سن". يف علمه وكان هذا بقضاء اهللا وسابقا

.ة سن هـ٢٦ أخاه أبا قلدهاستيالء عمه على خراسان، السلطان بركيارق، ملا عرف اوكان

واستصوبفوصل اخلرب مبقتل عمه فكفي قتاله، . احلارث سنجر، ورتب معه العسكرنفاذ أخيه وإرساله، وسار ومعه سنجر، فلما وصل إىل دامغان وصله اخلرب أن إ

صغريا له، فلما علموا مبقدم سنجر، ضوا عمه قد أجلسوا مكانه ولداأصحابا عرفوا قربه منهم، له ابن سبع سنني، وطلبوا من السلطان بركيارق، ملوهو بالصيب

وكان وصول . وأحضروه عنده فأكرمه، واحترمه وقدمه. له اإلذعانوأظهروااألمان، وأقطعه . ألف فارس، وقد استصغروه، وبوا خزانته وأفقروهعشرالصيب يف مخسة

ودخل بركيارق إىل خراسان، وبلغ إىل الري ومهذان، نواحيالسلطان بركيارق يف ونفذ يف مسرقند أمره، ووالها للخان سليمان خراسانترمذ واستوىل على مجيع بالد وأطاعه إبراهيم صاحب . على هارون تكني وحدههاأقرتكني مث حملمود تكني بعده، مث

، وال موليا متحلياوبقي سنجر معه ال متوليا. ةاملكنغزنة، وأعطاه اهللا يف البسيطة ركيارق عن بحىت مسع السلطان . الرأي والرايةوعقدبل عليه اسم الوالية، . متخليا

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٥٤

. من عقد الوثوقبهالعراق مبا مت من الفتوق، وما وهي ملكشاه بن مؤيد امللك بن نظام امللك إىل جنـزة لبعث السلطان حممد ومضى

وصل فلما الري وبركيارق ا، فسار حممد إىل. على طلب اململكة، وحثه على احلركة ومضى. حممد إليها فارقها، وأخذت أمه زبيدة خاتون فحبسها السلطان حممد وخنقها

بركيارق إىل بغداد على طريق خوزستان وواسط، واتصل به سيف الدولة صدقة بن ليه كوهرائني وكربوقا، إوعاد . وعاد إىل بلده بوفر ووفور، وحباء وحبورمنصور،طريق شهرزور، واجتمع عليه من التركمان خلق كثري، وحارب أخاه علىفخرج

وسار يف مخسني فارسا إىل . حده وانثلم له كورشنبه فازم، وانفليقالحممدا مبوضع وقبض على وجوه البلد . إىل نيسابور واستنجد األمراء واستجد األمورمت أسفرائني، مث

ات فخر اإلسالم أبو القاسم بن اإلمام أيب على أعيانه وأفاضله، وموأخىنوأماثله، ومعه األمريان . يف اعتقاله، وكان السلطان سنجر حينئذ ببلخ مع رجالهاجلوييناملعايل

وكان قد استوىل على معظم بالد خراسان رجل يقال له حبشي بن وأرغش،كندكز استيالئه وهو مقيم بالدامغان، وحتت . بالعصيان والشقاقالعصاالتونتاق، وقد شق . وجرجان ومعه قلعة كردكوه، وقد تطرق منه املكروهوطربستانأكثر بالد خراسان ومعه . إىل قتاله، وهو يف عشرين ألف من رجالهوكندكزرغش أفنهض سنجر يف

إمساعيل الكلكي صاحب طبس وقويت قلوب أصحابمخسة آالف فارس من الباطنية . الليوث، واستلوا استهالل الغيوثإقدام السنجرية بوصول السلطان بركيارق فأقدمواوكانت الكرة عليهم مث . األغمادبناتوصدموا األطواد باألطواد، وأنكحوا اهلام

خذ اهلزمية إىل بعض القرى، فأيفووقع حبشي . صارت هلم، واستحلوا قتاهلم وقتلهملف دينار عن نفسه مائة أوبذل. ثخن، ومحل إىل األمريين أرغش وكندكز فاعتقالهوأ

.فلم يقباله وقتاله وأيتكنيويل سقاوو، ا السلطان بركيارق إىل العراق، واتصل به جوعادياز يف مخسة آالف فارس مدرع مقنعآمث جاء األمري . ، وأصبهبد صباوهالنظامي . مهذان وهو يف مخسة عشر ألفا، وأخوه السلطان حممد ا يف سبعة آالف، وقصد

وجتلت الوقعة عن هزمية السلطان حممد، وأفلت . ما واصطليا واحتدوالتقيا،فاصطدما ليه إ منه بقتله، ملا سبق اسر مؤيد امللك وقتله بركيارق بيده تشفيأو. مشردمنها جبمع

٣٥٥ تاريخ دولة آل سلجوق

وانتزح السلطان حممد إىل جرجان، واتصل اخلرب بأخيه سنجر فاغتم . فعلهمن سيئات من نيسابور، مث سار للقياه، ولقيه اوأنفذ إليه ماال كثري. م ما توساءله واهتم،

وجلس اإلمام املستظهر . إىل بغداد وجعال دار اخلالفة املعاذ واملعادوصحبهجبرجان، واستقام كالمها من امللك . اخللع عليهما، وعقد اخلليفة هلما اللواء بيدهوأفيضتهلما، .جددهعلى

. بركيارق عامدا عائدا، وتأهب حممد لقتال خراسان سنجر على مست ورحل غري قتال، واتفقا بعد ذلك على صلح وإصالح منور مث افترقا اا بقرب روذ روتصاف من قصد أخيه على الرسم، كالمهامث انفسخ بينهما عقد السلم، وجرى . حال

وحوصر . ى املنايا تتررسل، واتصلت بني العسكرين ىووقعت بينهما بالري وقعة أخريعده . بن ميكائيلياقويتسله امللك مودود بن إمساعيل بن فرا. السلطان حممد بأصفهان

من احلصار، ومضى حممدفخرج السلطان . باالتصال به، وإسعافه يف تصرفه مبطالبهبركيارق فسار. انية، واخترم مودود قبل اجتماعه به، وقوى حممد بعسكرهصوب أر

بلد آين، إىلزم حممد ، واهـ٤٩٦حلربه، والتقيا على باب خوى يف مجاد اآلخر سنة أن واستقروقسم امللك بينهما قسمني، . مث توسط بني األخوين األقاصي واألداين

والشام،يكون للسلطان حممد ما وراء النهر األبيض املعروف باسفيذروذ مع املوصل العراق،وخطب لربكيارق ببغداد وأصفهان ومجيع . وعاد امللك ذه القسمة إىل النظام

فلما سكن إىل قدرته حركه القدر، ودنا من ورد عمره . قطار واآلفاقوسائر األ . هـ٤٩٨ يف شهر ربيع اآلخر سنة دروج بربوتويف. الصدر

إىل حديث سنجرعوددر قدر خان قف. وقويت سلطنته، وتسلطت قوتهخبراسانواستمر أمره : قال

وطمع يف . بيد القهر بالد خراسان، ملكها إىلصاحب ما وراء النهر، أنه إن عرب وكان األمري كندكز يكاتبه، . ظنهيفسنجر لصغر سنه، ودار تسويل هذا السؤال

الفضاء الواسع، وحيققون القضاء يضيقونفعرب النهر يف مائة ألف . وعلى التأخر يعاتبه أن قدر خان خرج عن عسكره فاتفق. وهو لقصد سنجر مصمم وللقائه مقدر. الواقع

فعرف سنجر . متصيدافارس متفردا، وبعد عن خميمه يف ثالمثائة متجردا، وخبواصه

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٥٦

وأض إليه . وأحرزهاالفرصة فيه فأدركها وانتهزها، واعتد انفراده غنيمة فملكها يده، وقد يفده ووقع يتصسفهسالر عسكره يف عدة منتخبة، فتصيده من مأيرغش

بنيل قدر خان وأحضر سنجر من أمره ما عده عسريا، ومحوسهل يل. سقط يف يدهوعاد السلطان سنجر . مث أمر به فضرب عنقه، وتفرق مجعه، وانطفأ مشعه. يديه أسريا

وذلك يف حياة أخيه بركيارق قبيل أيام وفاته، وساعده . مقره، وطلع فيلقه بفلقهإىل . من مجيع جهاتهالسعد

وقصده. أموره، وأنارت مطالعه وطلع نورهوسعدت استمرت سعادته مث، ولشقيقه ، وإلجناده راجيا إليه الجياسبكتكنيرامشاه من أوالد السلطان حممود بن فرعى وفادته، ورأى إفادته، وآثر إيثاره . مداجيا املستقر على سرير ملك غزنة مشاققا

ل غزنة مغزاه، وبلغ اخلرب جعف. إغاثته وإعانتهيف إجارته وإجابته، واختار اختياره يففرد نصح ". بيت كبري فال نقصدههذا" أن إليهحممد فلم حيمده، وكتب إىل السلطان

وخرج صاحب غزنة وجر هـ٥١٠ يف سنة وذلكاألخ، واستعد إلصراخ املستصرخ سنجر واجلتر على رأسه وجاء. ذيوله، وأجرى سيوله، وصف خيوله، وزف فيوله

فها بني يدي صقدوكان لصاحب غزنة مخسون فيال . خافق، والنصر ليمينه مصافقوكادت تصح . الرماةية صفوفه، وألفها قدام ألوفه، وعليها الكماة واحلماة، وذوو احلم

فترجل . كالسيولعلى سنجر الكسرة، فإن اخليول نفرت من الفيول، حني أقبلت األعظم الفيلاألمري أبو الفضل صاحب سجستان، وور يف اإلقدام، ودخل بني قوائم

العسكرفازم . لة أثرهيت الفبعاح الفيل ووىل ظهره، واتفشق خبنجره بطنه، فصواحتوى على أموال غزنة وخزائنها، وحصل على . الغزنوي، وانتصر احلرب السنجري

مل ، وختمافتض مل يوكان ملك آل حممود من أول عهده بكرا. وبواطنهاظواهرها . سنجر وكسر سكره، وهتك سترهأتىيفض حىت . ة، ونفض كنوزها احملشوةغ خزائنها اململو وفرةنغزأموال استصفى فلما

نصبرام شاه على سريرها وأم ،ا بتعمريها وشغل ذمته مبا يؤديه إليه وقدرهخر وكتب إىل أخيه السلطان حممد . دينارألفكل سنة من قرار، وهو مائتان ومخسون

الذي شغله، وسقمه مرضهيففوجم لذلك وكان . جح النىسر الفتح، ويىببشروقصد . عليه العسكرواجتمع بعد ذلك بسنة، وقوي سنجر، الذي كه وأحنله، وتويف

٣٥٧ تاريخ دولة آل سلجوق

حصر، وتضييق تطويلوذلك بعد . بعد ذلك بسنتني مسرقند، وأجىن جناها اجلند كان له الذيوهو . وكان صاحبها أمحد خان، الكبري الشأن، األثري السلطان. عصر

مسريةي، وكان ال يترك غزو الترك، يتوغل يف بالدهم اثنا عشر ألف مملوك ترك. املعاجلمث أصابته علة الفاجل، وأعىي طبه على . شهرين، وينثين ظافر اليد قرير العني

يفإىل أن أخرج إليه أمحد خان، . وبقي سنجر ستة أشهر حياصره، ويضايقه ويصابره للكالم استطاعة، ولعابه فأجلس بني يديه ساعة، وهو ال جيد. حمفة حيملها الغلمان

مث محل إىل دار احلرم للقرابة اليت بينه وبني تركان خاتون زوجة . دقه مائلش وسائل، . نصر خان مكانه، وأحيا به سلطانهوويلسنجر، ونكل عن ضمانه، فعزم على سنجر، غدر صاحب غزنة امللك رامشاه بعهد مث

، تسوض إليها، وملا بلغ إىل ب. ثانيا إليها هد إىل غزنة ثانيا، وألعنة جيوشه وجنولتوجها وكان التنب أعز من الترب، العلوفات،وتعذرت . عسر عليه الوصول، وحالت الوحول

بعده أ فبهر رامشاه رعبة، ووأقدمفما اكترث بذلك وور، . والشدة جاوزت حد الصربوسلبت . عليها مديرا الدوائرولكأس، ووصل سنجر إىل غزنة مغريا. إىل هلاوور قربة

ورتب أمور غزنة، عاد إىل الشتاءوملا احنسر . رماق وبت حمال وأسواقأأموال و، وتوىل ابنه حممود هـ٥١١ سنة أخوه السلطان حممد بالعراق يف وملا تويف.خراسان

فجرت الوقعة اليت بالعراق،السلطنة، وحدثت تلك احلوادث، احتاج سنجر إىل اإلمام خطب له بالعراقني وقدوما عاد سنجر إال . كرهارفها ونا، وأوضحنا عقدمنا ذكره

. بامسه يف اخلافقنيالدنانريبت روبالشام واملوصل وديار بكر وديار ربيعة واحلرمني، وض حممود بن حممد عهده أخيه ابن ويلقب بالسلطان األعظم معز الدنيا والدين، ووىل

العراق يف أيام حممود إىلوقد ذكر وصول سنجر . بالعراق، ونعته مبغيث الدنيا والدين مسعود مل يتجاوز زماننوبتني، ويف عهد طغرل ويف عهد مسعود دفعتني، ولكنه يف

الري. السلطان سنجر خبراساناء وزرذكر

يف صغره العميد أبو الفتح بن أيب بهابه املخصوصني كان من كت: -رمحه اهللا- قالاله، تابكه كج كأ، ومع سنجر هـ٤٨٩ يف ثامن شوال سنة الليث، وصل معه إىل بغداد

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٥٨

واستوزر عند مضيه إىل . املستظهروذلك يف عهد أخيه بركيارق، وابتداء خالفة اإلمام ر خراسان فخر امللك املظفر بن نظام امللك، وكان مبسري األسرة، منصور رة،املب

وقتل يوم . عشر سننياألموري ورزق التأييد والتمكني، ومش. الصحبة، مصحوب النصرة فخر امللك، فكفى بنواستوزر بعده ولده صدر الدين حممد . هـ٥٠٠عاشوراء من سنة لسبع بقني من األربعاءوقتل ببلخ غداة . ونظم املنثور، وضم املنشور. املهم، وشفى امللم

. هـ٥١١ذي احلجة سنة السبب يف ذلكذكـر

ل له قامياز قد استحسنه واستخصه، مملوك يقاسنجرلسلطان لكان : قالب على السلطان وتسح. ا وشغفه حبا،صبواشتهر حببه واستخلصه وقد أصبح به

وكان هذا اململوك . شغل بالهب به بالهوما صار يبايل لعمله باشتغال . بدالله وإداللهوقال . ينهاه، ويرده إىل اهبداأ الوزيروكان . يعرف بكج كاله، أي مائل القلنسوة

فقال له غري ". وقومت ميل قلنسيتكتسويتك، عقلت وإال دبرت يف إن: " له يوما أن تسوي قلنسويت وإما أن أسوي إما: " بتهديدهمكترث بوعيده، وقابل ديده

يف ضيافة الوزير، واصطبح واغتبق عنده ثالث كانفاتفق أن السلطان ". عمامتك يف سورة راحه، وسكر اصطباحه، وقد سلطانوالفلما كان يف اليوم الثالث . ليال

اململوك ويده يف يده وقد ملكه بغمزته عنيذهب ذهنه وضعفت قوة متييزه، وعينه يف وقام ومضى وهو حاقد والوزير . وكامتهفغافله ونـزع خامته وساتره أمره . وتغميزه

". إليه جئت من عند السلطان مبهمفقد يل عليه، استأذنوا: " يف حجرته راقد وقال .خرج بدخوله حىت وجل، وكل من كان حاضراوجل

وأصغى الوزير له واستأنس، حز رأسه وعلقه من يده الس، استخلى فلمافصحا سنجر، وهاله ما جرى من اجترائه . يديهبنيودخل على السلطان ووضعه

وهو أوضح األمري قماجا، واستدعى. )١( واتقاحهواجتراحه، وأخافه ما مت من اقتحامه عه هذا املؤاجر بوزيري، صن ما إىل انظر: " اوقال له سر. أصحابه يف الرأي منهاجا

وقد نغسحبا، وقطعه إربا وجههفأخرجه من عندي على . سروري وسريريص على

.قلة احلياء: االتقاح) ١(

٣٥٩ تاريخ دولة آل سلجوق

يوجب أن ال يعرف الناموسوحفظ . فظيع، وصنع شنيع أمرهذا: " لهفقال" إربا استئذانك فأظهر أنه بغري هذا األمر يتم يف سلطانك، أحد من رعية بلدانك، أن مثل

إىل وارجعجرى بإذنك، وصن جاهك واحذر من وهنك، واركب اآلن إىل دارك، أسوأ قتلة، اململوكمث أمر بعد مدة بقتل ذلك . ة، وكتم الفضيحةحفقبل النصي". قرارك

.ومثل به أقبح مثلةبن ا اإلسالم، عبد الدوام نظام امللك، وهو شهابأخي بعـده ابن واستوزر

وبأس ، وكـان ذا فضل وإفضال، وقبول وإقبالسحاق،إالفقيه عبد اهللا بن علي بـن وصارت للفقهاء يف . يف األصل والفرعمتكلما يف علـم الشرع، متبحرا. ونوال

ضالف للفضالء، وم مقصدايـزلزمانـه سوق، وظهرت م حقائق وحقوق، ومل وجتلى بسناه إىل أن حباله،لك املىسديـد األمر آمرا بالسداد، وحتلاد، صعلى الق

. هـ٥١٥توىف بسرخس يوم اخلميس السابع عشر من احملرم سنة طاهر سعد بن علي بن عيسى القمي، وكان وجيه أبو الوزارة بعده وتوىل

. هـ٥١٦ة اخلامس والعشرين من احملرم سناألربعاءوكانت وفاته يوم . القدر، نبيه الذكروتقلد . هـ٥١٨ وصرف عنها يف صفر سنة الكاشغري، الوزارة بعده وتقلد

نصر أمحد بن الفضل بن حممود، وقد تقدم أبوالوزارة بعده معني الدين، خمتص امللك، وهو الذي حسب . وأجود األجماداألجواد،ولقد كان أجمد . ذكر فضله، وشكر نبله

السلطان سنجر الفتقار ملكه واستدعاه. ذكرهأيام عمره، ورد كل مظلمة جرت على الثالثاء التاسع والعشرين من صفر يوموفتكت به الباطنية . إليه، وعول يف وزارته عليه

. هـ٥٢١سنة الدين أبو القاسـم حممود بن أيب توبة املروزي نصري الوزارة بعده وقلـد

. عا، ولألراذل قامعـاومل يزل لألفاضل جام. الوزراءوكـان أوزر الفضالء، وأفضل وخدمه العلماء . الوافر إىل وارف الظلباإلحسانوقصده أهـل الفضل، وآواهم

النصرية البصائر" عمر بن سهالن كتاب لهمبصنفام، وخصوه مبضافاـم، وصف . يف فنه، ومل يسبق إىل إحسانه فيه وحسنهمثلهوهو الكتاب الذي مل يصنف ". عبد الرحيم بـن األخوة الشيباين الدينشيخنا مجـال وأنشدين بأصفهان : قـال

واجتدائه منه اإلحسان، قوله من خراسان،البغدادي مـن مدائحه فيه عند سفره إىل

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٦٠

: هـ٥٢٥قصيدة مدحه ا بنيسابور ليلة عيد الفطر سنة القود الظالم أليدي الضمرخل والناجيات الضمر أخلق يبالليل

ما انبت من أثوابه السوديهتكن تصاريف أزماين حنت عوديإذا

:ومنها ومستةي هب منوللقواضب

الظيب بالظيب أشهى لسامعيتقرع وأحوال الورى عجبواألعجبان على األكوار رحنهمومنتشني

م أرض نبت م اطمأنتإذا بروق الغين وأشتف أنفسهمشاموا اطباهم وقد كلت عزائمهمحىت السجايا ويف أثنائها شرسلني

والسيف ما مل يبديا أثراواملرء واألفق مغرب هيادبهفذاكك واهليجاء كاحلةعا يركما اعتلى صهوة القرطاس ضاحكةإذا مبا يكمد األعداء مغتبطامدف

ما أزور من هام الصناديدن مسمع خنث األعطاف غريدمن معىن وحر غري مكدودغمريد الكرى ال جماجات العناقسكر باملهرية القودبالع تحاج حنو ال بأس وال جودتطلع الوزير نصري الدين حممودندىد والنار يكتنان يف عوواملاء كميت ومسلول كمغمودحي لعافيك من وطف املراعيدأروى عن السمهريات األماليديغين البيض يف آثاره السودآثارك بك السعد من عيد إىل عيديفضي

عند وصول سنجر إىل العراق بعد هـ٥٢٦ يف سنة لوزارةاوصرف عن : قال وترتيب السلطنة ألخيه طغرل بن حممد حممد،وفاة ابن أخيه السلطان حممود بن

على الدولة، وسأل السلطان سنجر مستولياوكان القوام أبو القاسم الدركزيين . مكانهق لشغل طغرل هو بالعراويكون. أن تكون وزارته بامسه، وجتري رسومها برمسه

السنجرية من يكفل احلضرة ويستنيب يف .را، وعلى توفر ماله وجاهه متوفرامدبوعزل العامل . سؤلهفأجيب سؤله وأصيب . بأمورها ويكفي، ويكلف مبصاحلها ويشفي

٣٦١ تاريخ دولة آل سلجوق

. اخلالصوصرف ذلك الفاضل ذا الناقص، وراج املغشوش بكساد . ووىل جهوله العزيز عبدكزيين ظهري الدين عبد العزيز احلامدي، وكان وتقلد نيابة الوزارة عن الدر

الوزراء يناظروهو . هذا يسكن إليه سنجر ألمانته وديانته، وهو املعول عليه يف خزانته بغريه ال األمرض إليه الدركزيين نيابته، ألنه علم أن فووإمنا . يف قرب مكانه ومكانته

رقبته وضربتوملا صلب الدركزيين . يتمشى، وأن ثوب امللك بدون طرازه ال يتوشى يف امللكبالعراق، تقلد الوزارة السنجرية ناصر الدين طاهر بن فخر امللك بن نظام

تأودواستمرت وزارته إىل آخر العهد، وكان يف تقومي ما . هـ٥٢٨مجاد األول سنة . هـ٥٤٨وتوىف بعد جميء الغز يف ذي احلجة سنة . وإصالح ما فسد باذال للجهد من خواص سنجر ومماليكهمجاعـة ذكر مث سالهم ووضعهم بعد أن أعالهمأحبهم

عادة سنجر أن يشتري غالما اختاره مث يتعشقه منكان : -رمحه اهللا- قال ماله وروحه، وجيعل معه غبوقه وصبوحه، لهويشتهر حببه، ويستهتر بقربه، ويبذل

، وسيج البنفسج جلناره، ساله ارهالليلفإذا نسخ . وميلكه حكمه، ويوليه سلطانه أن ال يرضى جره بعد وصله، ورأى إىلوانتهى يف مقته . خالهووقاله، وختلى عنه لصرييف امسه سنقر، فعشقه سنجر كانومن مجلة أولئك، مملوك . الراحة منه يف قتله

وحكى . ملالكه وعطية سنيةتشريفقبل رؤيته فاشتراه بألف ومائيت دينار ركنية، بعد إين آمرك مبا : يوما وقالسنجراستدعاين : ن ظهري الدين عبد العزيز خازنه، أنه قالع

فيه املمكن يوأتك وأتهو أوفق خلدماتك، وأوثق حلرماتك، فاض فيه بثباتك، .فأجبته بالسمع والطاعة، وبذل الوسع واالستطاعة

وحي فؤادي، ورحيانة رة سنقر اخلاص قرة عيين ومثرمملوكي هذا: " فقالومحول غزنة وخوارزم قد . ختمك، ومايل حبكمكحتتوهذه خزانيت . ونتيجة مرادي

وهذه خدميت اليت آمرك ا . فاستعرضهاعرضتوصلت فاقبضها، وبذول املمالك قد هذا املهم موقد. شيء وال تستأمريفوال تستأذين . يف حقه ال ترفضها وافترضها كسرادقي، وجتري له سوابق سرادقتضرب له أريد أن . واستخر اهللا فيه وال تستأخر

وحتل إقطاع . إىل جنابهويعشونوتشتري له ألف مملوك ميشون يف ركابه، . كسوابقي

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٦٢

وجتعل له . إليهوتفوضهمن رأيت حل إقطاعه وتعقده عليه، وتأخذ بلد من شئت له وجتعل. ة جملووالفضية، وبأجناس الصياغات الذهبية خزانة كخزانيت باملال مملوة

أسبوعني صاحب بعدديوانا جممال بأماثل الكتاب، وأفاضل النواب، حبيث يكون ".عشرة آالف فارس

فما زلت . أشهر فما أمهل، وأمر بترك الريث واستعجلثالثةفاستمهلته : قال وشرعت يف األمر وأنفقت على ما قدره يف ونصف،به حىت فسح يل يف مهلة شهر سوى ما نقلته إليه من اخلزانة من وذلكر ركنية، عشرين يوما سبعمائة ألف دينا. اإلقطاعات، والواليات والتقريراتسوىوذلك . اآلالت اخلسروية، والثياب املعدنية

فركب السلطان سنجر، فرأى األمر،مث أخربته، ومل ميض الشهر، بأنه قد استمر اهرا، واء فرأى رواء ظاخلاص، حول سرادق سنقر انالعساكر صفوفا، واخليل صفو

أمر خزانته، وأمرين إىلوفوض . فعانقين وشكرين، ونوه يب وذكرين: قال. باهرا .بتحصيل مطالبه، ووصى كال منا بصاحبه

وعاف وأنف )١( اشتعلت نار خده يف الدخان فشنف حىتفلم ميض سنتان : قالعاديةه ب عليه والتبسط، ويستدمي مع عادة التسلي عنوعزف، وسنقر يزيد يف التسح

يبايلوهو ال . وزاد يف غيظ األمراء، واستحقار العظماء، واستصغار الكرباء. التسلط إىل أمرائهبسنجر إذا توعده، وال يلتفت إليه إذا دده فاستدعى السلطان يوما مجيع

: وقال هلم. ومن مجيع أصحام سوى سالحي واحد جمردين. حجرة مفردة مفردينفبادروا إىل ما أمروا به . كم ضعوا فيه بأمجعكم السكاكني دخل سنقر اخلاص إليإذا

. منثورا جيورا، وذلك البهاء هباءءياضوعاد ذلك ال. ووثبوا إليه ومثلواوامتثلوا،ومن . كاله قاتل وزيره، وقد آل تعظيمه إىل تصغريهكجومنهم قامياز : قال

. ختيار الدين جوهر التاجي األمري املقرب األجل ابقربه،مجلة من حباه حببه، واختصه ٥١٧ وكانت توفيت أم سنجر يف شوال سنة خدمها،وكان مملوك أمه ومن خواص

حبه على ضمريه، فغلب بذلك على غلب، فانتقل هذا اخلادم إىلخدمة سريره، مث هـ. إىل تربة مل تر فيها عني مثلهوأمساهتدبريه، ورقاه إىل ذروة مل يتسنمها أحد قبله،

.بغضأ: شنف) ١(

٣٦٣ تاريخ دولة آل سلجوق

وضاق . ودبر يف إخالق جدتهمدته، ثالثني ألفا، مث مل السلطان طول وبلغ عسكره تعرض جوهره ألن يصري عرضا، جوهرومنى إىل . جمال احتياله، فدس الباطنية الغتياله

اليت علمها، وأسرها فأخفى. وعلم أن غرض السلطان أن يصري لسهم احلتف غرضا أخشى عليك هؤالء املالعني إينر، جوهيا: " فقال السلطان له يوما. يف نفسه وكتمها

أمنتين من نفسك ما خفت لو: "لهفقال ". فتحرز منهم وحتفظ، وحتزم ألمرك وتيقظفاحتمل السلطان مقاله، ورأى احتماله، ". مدداأحدا، وما أردت يف دفع غائلة القوم

القمر من سراره ويف ركابه ألف سيف خروجوركب جوهر ضحوة من داره، وخرج حواليه، ومحاته من ورائه وبني وكماتهفلما نـزل يف دهليز دار السلطان . مسلول

وملا ارتفع . وأزاروه قادم املنيةبالسكاكنييديه، قفز إليه نفر من الباطنية، وضربوه فعلم أن ذلك بإذنه ،" جوهر قد قتلهذا: "الصياح قال سنجر وهو يف دار حرمه

.عملأن السلطان كان : ومن نكته املستحسنة. تهديا م أريبا،متأتياوكان عاقال : قال

فوصل إىل . مرو يكون فيها ضرحيه، وينضد عليه ا صفيحهيفأمره ببناء قبة عالية أمتها ال: " فقال؟" جوهر، مىت تتم هذه القبة يا: " فقال. منهامرو ورآها غري مفروغ

. وعذرهولطف موقع قوله عند السلطان. اجلماعة مبا ذكرهفأبكى". اهللا السلطان سنجر وكرمهمهة علو ذكر

وأمرائه من نعمهأصحابـه وإسهام للملهوف، معديا. ، كبري النفس أرحييا، بالعرف وفيا ملياحييا كان حليما: قال

ذكر عنه أنه اصطبح مخسة أيام . ما مجعه بالسيوفباألقالممسديا للمعروف، مفرقا ذهب، وأتى على معظم ما يف اخلزائن من عرض كل ماجلودمتواليات، ذهب ا يف

ألف دينار أمحر، وجاء ما وهبه من اخليل سبعمائةفبلغ ما أعطاه من العني . وذهبفتح إقليما يشتمل على أ رأيتموين أما: " فقالوعوتب على إسرافه . واخللع أكثر

باإلضافة فهذا. واحدة ملن أراه قبل السؤالبكلمةأضعاف ما وهبته من املال، وأهبه ". يف ج هذه السبيل سبيلإىلوما للمالم . إىل ذلك الكثري قليل

أحببت أن يشاهد : العزيز، صاحب خزانته، أنه قالعبد عن ظهري الدين ذكر

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٦٤

: فقلت له. لتظهر كفاية متوليها وأمانتهخزانته،السلطان سنجر ما اشتملت عليه فسكت، وظننت . وناطقه صامتهوتستعرضأخدمك بألف ثوب أطلس حىت تبصره،

اـا مـوكان فيه. وأظهرتهفيهافجئت إىل اخلزانة وأبرزت ما . أنه رضي مبا ذكرته جتل عقودها، وجواهرم جيتمع قط يف خزانة سلطان قبله من طرائف يعز وجودها، لـ

آللئ وصناديقوصرر أكياس قد مألت الفضاء نقودها، وأعالق ال يعرف هلا قيمة، : لهوقلتا نضدته وأبرزته، ولفقت كل جنس ونوعته وميزته، جئت فلم. كلها يتيمة

: " فقال" وتشكر اهللا الذي خصك به وأتالك؟ . تبصر مالك، وتشاهد حالكأما" ففرق ما . بالبالأخطره مبثلي أن يقال عنه إنه مال إىل املال، أو أنظر إليه أو يقبح

من تلك اخلزانةهم ما يف جعلته يل من الثياب الطلس على األمراء، وأعرض علي قمع يفقد ادخرت هذا لكم، ومجعته ألفرقه : وقل هلم يقول لكم سنجر. األشياء

. تبشروا، ومحدوا وشكرواسففعلت ذلك ففرحوا وا: قال". عدوكم ومجع مشلكموكان . ةر سنجر ال يدخل خزانته وال يعريها نظره، وال يوجد خباطره منها خطوكان

: به، ويسلم حكم القلم إىل كتابه، مفضال على أصحابه، ويقول الظن بنواحيسنلكرمه وكانت ". فانية، فندعهم يرتعون معنا، ويسعهم من النعم ما وسعنا الدنيا إن"

فإذا أراد منها شيئا استحضرها، وفض . طبول خمتومة خبتمه، حمفوظة بامسهيفجواهره .ا وأخذ منها، مث أعادها خبتمها إىل حاهلاهلافأقخواتيم

سبب اختالل ملكه واحنالل سلكهذكر وأمدت بالطول مادة عمره، تسلط األمراء على حياته،ملا امتدت مدة : قال

بوا على قدره، سلطان أمره، وتسحالصغري حق الكبري، وتأخر الكبري لتقدم رقوح ووقع التحاسد بينهم . الضعيفوصرف الوقور ووقر اخلفيف، فخواست. الصغري الدولة يف ذلك العهد، سنقر أكابروكان . د، وارتفع واحنل التساعد والتعاقدوالتحاق

وقد . قماج، وعلي اجلتريمنهموأقدم . العزيزي، ويرنقش هريوه، وقزل، وأضرام. األضرار بأضراسهعلىاختلفت آراؤهم وأرام، وركب كل منهم أم رأسه، وعض

إىل ملكهلعسكره، ورد صفو فأول خطأ أصاب سنجر كسر الكافر اخلطائي له و .كدره

٣٦٥ تاريخ دولة آل سلجوق

يةئ يف ذلك وانكسار سنجر يف حربه مع اخلطاالسبب ذكر نواحي مسرقند، وقد وفرت أمواهلم وانتشرت يف كانت خيول قرلق :قال

فأشار . مضرم، وخشيت معرموخيفت. مواشيهم، وانتشئت غواشيهم وحواشيهموالقوم مستمرون . لردعهميتنبهواألمراء على السلطان سنجر بأن يتوجه لدفعهم،

فمضوا إليهم . دلواعلى الصالح لو خلوا، مستقرون من الفالح على ما إليه نسائهم سرقةوضايقوهم يف مراعيهم، وقايضوهم عن حماسنهم مبساويهم، وأسرفوا يف

ومخسة مجل،فأنفذوا إىل السلطان سنجر، وبذلوا له اخلدمة خبمسة آالف . وذراريهم وليأمنواومخسني ألف رأس غنم، ليتمسكوا منه بأقوى ذمم وأوىف عصم، آالف فرس،

محلتهمفلما مل يقبل خدمتهم، ومل حتصل عصمتهم، . على أهاليهم ونسائهم وذراريهماحلمية على االحتماء بالتحمل، وآل بكبارهم الترحم واحلنو على صغارهم إىل

. صاحب خطأ وخنت ونعما أوزخانة إىل بالد الترك قاصدين حضرودخلوا. الترحل. ، وأوفر عددا، وأكثر عددا، وأنظم سلكالكا أوسع منه ماخلطائيةومل يكن يف الكفار

فلما وصلت القرلقية إليهم أقلقتهم، وشوفتهم إىل . الصنيحدودوكان أمره ينفذ إىل يف اإلميان، واستصرخت على أهل العدل بأهل الكفروأطمعت . امللك وشوقتهم

خبراسان وما وراء النهر مشمرة، وإن السعادة من املمالك إن: " وقالوا له.العدوانفوسع ". ختالف عسكره، وكسف معروفه منكرهقدوإن سنجر . سالطينها متنمرة

وأقبل يف سبعمائة . لسلب الدين ولسعهكتائبهاخلطائي خطى وسعه، ودبت عقارب . ع من سيل البؤس املنحدر ووقاملعتكر،ألف مقاتل، ووصل يف قطع من ليل الكفر

عليه ساخط، والتأييد من حزبه التوفيقلكن . والسلطان سنجر يف سبعني ألف فارس املسلمون ومحلوا إىل واستشهدفشهد املشركون ومحلوا بكراديسهم، . ساقط

أبو الفضل صاحب األمريفقال له . سنجر يف عدد قليل، ومدد كليليوبق. فراديسهم بنفسك ألقف فانجبنا العساكر ودارت علينا الدوائر، أحدقت قد: " سجستان

وبقيت السلطانوأسرت خاتون زوجة . فوقف ووقع يف األسر". مكانك حتت اجلتر .يف اإلسار إىل أن فديت خبمسمائة ألف دينار

بكل عسف، ولقى كل عنف، حىت فدى مبائة ألف وبلى األمري قماج وأسر

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٦٦

الكافر استيالء أوالده على بالده، واالحتواء علم وأما األمري أبو الفضل، فإنه. دينار هذا البطل اهلمام، مثل: "وقال. سراحهوأطلقعلى طرافه وتالده، فحقق اقتراحه،

وهذه الوقعة كانت يف سنة ". واإلحسان إليهعليه،والشجاع املقدام جيب اإلبقاء . هـ٥٣٢

ل املسلمون معه حتت على بالد ما وراء النهر، وحصاخلطائيواستوىل هذا : قالولقد . ىببخار حسام الدين بن الربهان بن مازة اإلمامواستشهد على يده . القهر

وتوىل . أخته بعدهوتولتوهلك أورخان . ى وال جيارىكان يف علم الشرع ال يباروالوالة . هذا العصرإىلواستمرت مملكة اخلطائية يف ما وراء النهر، . ختته وخبته

األصفهاين خمتصر البندرايقال الفتح بن علي بن حممد . والية الكفرمسلمون من قبل إىل أن قيض اهللا . العبادومتادت مدم يف تلك البالد، واستيالؤهم ا على : الكتاب

بن ا حممد خوارزمشاه والدين،تعاىل استئصاهلم على يد السلطان السعيد عالء الدنيا لقطع شأفتهم، عزميته حممد فإنه جرد تسز بنأيل أرسالن بن أالسلطان تكش، بن

حىت أخرجهم .إليهموقلع أرومتهم، واعتىن بشن الغارات عليهم، وتوايل الركضات وجاس ديارهم،مث توغل . من بالد ما وراء النهر، وصب عليهم سياط القسر والقهر

د وذلك بع. األرضنيبالدهم، حىت قلعهم أمجعني، ومل يبق من اخلطائية نافخ ضرمة يف . هـ٦٠٠سنة

من كفار الترك وهم التتارية، وممالكهم تنتهي إىل آخر أخذ يف قهر جنس مث ظافر اجلند، منصور اجلد، متوغال مسرية مخسة أشهر عليهمفلم يزل . آخر بالد الصني

يد السيب والنهب يف ذراريهم ونسائهم وطرافهم باسطا. من خوارزم إىل بالدهم وخرجوا فأحجم عنهم السلطان، فأخذوا جبميع احتشدوا،وإىل أن اجتمعوا . وتالدهم

بالد خراسان فخربوا أرباعها، وأحذوا قالعها وسبوا إىلمث دخلوا . بالد ما وراء النهرواحناز السلطان عنهم إىل بالد . ذخائرها وأمواهلاوانتهبوا ،نساءها، وقتلوا رجاهلاوقتلوا مجيع من . وقزوين ومهذان أصفهان وأخذوا الري حدوداجلبل فتتبعوا أثره إىل

وكان ابتداء دخوهلم إىل بالد . من األغوار واألجنادتامخهاكان يف هذه البالد، وما وجرى منهم على املسلمني من القتل واألسر . هـ٦١٧خراسان يف أوائل سنة

وطالت مدم يف بالد اإلسالم . أبد الدهرذكرهوالقهر، ما مل يعهد مثله ومل يرد

٣٦٧ تاريخ دولة آل سلجوق

من سفك الدماء، وشن الغارات ثالث سنني يفيقونموا فيها على وترية واحدة ال وأقاوتوغلوا منها . للبالد، سافكني دماء العبادخمربنيإىل أن خرجوا من طريق أذربيجان

واهللا . مث عادوا من تلك الطريق إىل بالدهمقفجاق،الن، ومنها إىل أرض إىل بالد ال ميكن استيفاء شرح معرم، وذكر ما جرى والهم، تعاىل يكفي املسلمني شر معاد

لكنا أملمنا بذكرها ههنا على إمجال، . طوالعلى اإلسالم من مضرم، إال يف جملدات .واحلمد هللا على كل حال )١( سنجر بعد أن عثر وانتقاشهانتعاش ذكر

نكسر ا و)٢( بعـد أن شيـكواجنبـاره وقتاله، انتهز خوارزمشاه أتسز بن سنجر جلهاد الكافراجتاهوكان عند : قال

فمر إىل مرو ودخلها عنوة، وقتل وجوه أهلها، وحرق .اشتغالهحممد نوشتكني فرصة سنجر ومد الطغراء، ووقع وى روجلس على سري. وسهلهاباجلور جماوري حزا

صناديق جواهره، وملا عاد السلطان عن السنجريةوأمر، ونقل من اخلزانة ذلك )٣( فرجع إىل خوارزم، واستوبل،همظاهر زمشاه أن القدر غريوجهته،عرف خوار

وكان له خندق . ووصل سنجر إىل هزارسف فحصرها، ورمى باحلجر حجرها. العزموقسم السور على أمرائه . فجعله مهه، وكان املاء قد طما به فطمهعميقعريض

يرام فتحه من وفتحت القلعة عنوة، وأضحت ملا. انثالمهوحققوافحسروا لثامه، عت أنوف، وتصرفت نوب د قتل عليها وفيها ألوف، وجأنوذلك بعد . القالع أسوة

ورد خوارزمشاه على . تلك الظلمة الصبحبعدمث وقع الصلح، وأسفر . ونابت صروف مبرو خبتمها، وحقق سالمة نفسه حبق اخلزانةسنجر صناديق جواهره اليت أخذها من

وقد سري يف الرب والبحر جيحون،ر من شرقي سلمها، وركب ووقف بإزاء سنج. وتقبل الفرضاألرض،رى، وقبل ونـزل حبيث ي. عسكره ارور وفلكه املشحون

ى، يتمشأمرهومل يزل . بنصر قاضروعاد سنجر إىل خراسان وهو عنه راض، والقد

. تدارك الذنوب: االنتقاش) ١( . جسمهأصابه الشوك ودخل: شيك) ٢( . وبيال، استوخمعده: استوبل) ٣(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٦٨

العز،فسلب . احلبلوبرد ملكه باحلسن يتوشى إىل أن أراد اهللا شت الشمل، وبت وانقضى الدهر، وقضى . وحتللت عقود الدولة، وتفللت حدود الصولة. وسلط الغز

.األمر هـ ٥٤٨ نوبة الغز وذلك يف سنة ذكر

وكانت يف اهتمام . من التركمان طائفة، للضيم عائفةالغز: -رمحه اهللا- قالوأمرياها قرغود وطوطي بك . عليها من اخلراجمااألمري قماج، وهي حتمل إليه

حىت . شوافعهم مقبولة وذرائعهم موصولةومازالت. ن احلضرة، وحيضران اخلدمةخيدما فلم يقبل، وحتيلوا يف حتليل عقد سخطه فلم منه عليهم األمري قماج ذنبا تنصلوا جتىن

وضيق عليهم من واسع البسيطة يرض،وأرضوه بكل طريق وطريف فلم . يتحللفأوحشوه . لدفع معرتهالشر رهم إىل مضرته، ودفعهم إىلطواض. الطول والعرض

له يف تلك الوقعة وقتلواومل يتركوا يف جالده جلدا، . وناوشوه، وهارشوه وهاوشوه. وأرغى وأزبدوأرعد،وأبرق . وته، وثار ثاره، والتهب نارهافازدادت ضر. ولدا

إصالحه،وحضر صلحاء القوم يف . وغض غضبه من حلمه، وسد جهله سبيل علمهفأىب . يدهيفل إىل غاية اقتراحه، وبذلوا له إحضار قتلة ولده، وإيقاعهم وانتهوا يف البذ

إىل وصرفوماج قماج يف حبره الزاخر، . إال قتلهم وقتاهلم، وقلعهم واستئصاهلم. وهشموهفركبوا إليه وأكربوه، والتهبوا به وأهلبوه، وهزموه . قصدهم أعنة العساكر

امللك، اختل قد: " وقال له. يظ خمتنقفجاء إىل سنجر وهو قلق حنق، وكأنه بالغ. هم رموك وراموكمرهم ومل تمرفإن قعدت عنهم أقاموك، وإن مل ت. واحنل السلك

ير أحد من أولئك األمراء إثارة فلم". إليهم جبنودك، ورد حنوسهم بسعودكفاض وباخ هذا قماجا قد شاخ،إن: " وقالوا لسنجر. وما شاروا بالشراألمر،أحد لذلك

فإن أجندته خذلت، وإن هويت هواه لذعت . وأخطأ الصوابوخاب،وخشى وحنا صغوه، )١( وعنف، ومل يزل بسنجر حىت صغا وشنففأنف قماج، ". وعذلت زاخر،وسار يف مجع كاخلضم . وأمر أمراءه بالتأهب، وأضرى ضرمه بالتلهب. حنوه

وإىل الشر عزوا، وصلوا فلما عرف الغز أم غزوا . وسواد كليل احملب بال آخر

.مال: صغا) ١(

٣٦٩ تاريخ دولة آل سلجوق

وقالوا خندم السلطان خبمسني ألف رأس، من مجال وأفراس، ومبائيت ألف وتوصلوا،، ونلتزم كل سنة جحنضر قتلة ولد قماو. ومبائيت ألف رأس غنم تركيةركنية،دينار

فأغلق سنجر باب القبول يف . والنوا، وخضعوا واستكانواوخشعوا. خبرج وخراجفتوهلوا وتوجلوا، وتعزلوا . أن يعاملهم بغري املكروهوأىبه، وجوه هؤالء الوجو

ال يسلك إليها إال يف واد ال يسع عرضه أكثر من مائة أرضوجلأوا إىل . واستقتلواونشروا املصاحف . على رسم قتال التركمانالطوقان،فارس، وأعدوا يف الطرقات

وجعلوا اخلركاهات كاألسوار . وأعدوا واستعدوااشتدوا،مث . يطلبون أمان أهل اإلميانوصربوا حىت البسهم العسكر، ويف . للحدق حمرقةورائهاحمدقة، ونريان النصال من

وكانت يف املقدمة . واجتاب النهار لباس الليلاخليل،وامتأل الوادي بسيل . قلبه سنجرتافهم، واغتنم الغز إضعافهم، وركبوا أك. وهامواومهواأمراء خاروا وخاموا، ومهوا مبا وعز املخلص من املضيق، وفرشت جثث . ويكسرونيقتلون ويأسرون، ويصدمون

وأتوا على العسكر وأفنوا عدده وولده،وقتلوا األمري قماجا . القتلى على الطريقل خب وهو يف خف من خواصه، وجواده قد سنجر إىل السلطان وخلصوا. ددهوع

. حصل يف وسط تلك احللقة احملدقة وباحلدقة،فأحدقوا به إحداق األهداب . خبالصهونـزل أمريهم وقبل األرض . اجلائرةاأليدي كاملركز يف الدائرة، ووقع يف يوبق

قومك فتحوا باألذية، ومل إن: " وقال. وأمسك بعناده عنانه، وأطلق بدعائه لسانهوأفردوه عن ". بقبولك ونسمع قولكنقولوحنن خولك حولك، . حيسنوا رعاية الرعية

معهم ثالث سنني كاألسري، ومكث. به، وعوضوه عن عز مجاحه بذل أصحابهأصحالني ث السرير، ويقفون ماعلىلكنهم جيلسونه . وقد أرضوه من طعامه وشرابه باليسري

اجلراد، ودب انتشاروانتشروا يف البالد . بك األمرييخبدمته سوى قرغود وطوطوخربوا . البؤسوأوجدواموا النعم وأذهبوا األموال والنفوس، وأعد. دبام بالفساد

. واألئمة يف احملرابالعلماءمدينة نيسابور وقتلوا أهلها حتت العذاب، وسفكوا دماء خشن عليهم يف ورمبا. وكانوا يستصحبون سنجر معهم، وهو ال يقدر أن يردعهم

.م وأمسعهباملكروهالقول، واهم ورهم، وسبهم وسبعهم، وهم ال جييبونه إذا جنههم سنجر من خالصه، ورأوا مضيقا عليه يف قفص ر عسكمن يئس الباقون وملا

فهرب منهم يف آخر عمره ووقع إىل ترمذ، . وأخفقوااقتناصه، فرقوا وتفرقوا، وخفقوا

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٧٠

فأحضر عسكره سليمان شاه . ونفذاألجلوأرهف حد العزم وشحذ، فأصابه سهم وأمجع العسكر . أمره للنفاذ النفاذجيدفلم . ابن أخيه حممد ليتوىل مكانه، وجيد سلطانه

وأقام بنيسابور متمكنا، حسنا يف سنجر،على االتفاق يف تولية حممود خان ابن أخت ه بن حممد بن ملكشاه، فكتب لحممودوذلك يف أيام السلطان حممد بن . هيبته حمسنا

حممود خان ابه بنيسابور، وأخذ أيالعهد من مهذان وواله، مث استوىل األمري املؤيد ضالني عن ج الرشاد، البالد الغز مبرو وبلخ وسائر يوأعدمه، وتوىل األمور وبق

.عابدين للجور جائرين على العباد بالعراق بعد انفصال السلطان حممداحلوادث ذكر

هـ٥٥٢ عـن بغـداد بعد حصارها يف سنة حممـود بنا به أمري املؤمنني املقتفي شرح احلصار، وما قوى اهللاسبققد : -رمحه اهللا- قال

من أقوى األسباب يف دفعهم، أن اخلليفة راسل وكان. من االنتصاب واالنتصار إىل مهذان، حىت إذا عرف السلطان بعسكرهيلدكز، أن ينهض إتابك، مشس الدين أ

يلدكز إتابك أ ر عن بغداد، فساارحتلحممد أن سريره قد فرغ، وأن سروره قد رفع، . على ذخائر امللك ا ونقلهاواستوىله بن حممود إىل مهذان ودخلها، بالسلطان ملكشا

فلما عرفت العساكر املنازلة . بالتدبريوأجلس ملكشاه على السرير، وقام بني يديه والياا عزلت، تشوشت خواطرها، يفلبغداد أن منازهلا مذان نـزلت، وأن والا

انفصامهم وقدروانفالهلم،م واتفق عن بغداد انفال. واستوحشت ضمائرها انصرف واحنرف، حممدوملا أحس ملكشاه بقرب أخيه . وانفصاهلم، وعادوا إىل مهذان

زجنان، وكان منوكان قد استوزر املظفر بن سيدي . يلدكز وما توقفإتابك أوقفاه الدين مشسفمن ذلك قوله يف . وله نظم رائق، ونثر فائق. كبري األصل، كثري الفضل

:لنجيب وزير السلطان حممدأيب ا النجيب وما يف احلق مغضبةأبا

أنت وهذا الوفر منتقلوأنت واحلسبمعلال ن مثلي فأيأأنت

سواك وهذا األمر منقلبإىل

٣٧١ تاريخ دولة آل سلجوق

:وقوله

تلك لناو وتيجان أساليفإين امللك الطاغي بصولتهألحلظ يكثرون ا)١( الوزارة قوميبغي مكرها والقوم يف قلققلدا طائعا والدولة اضطربتتهافوع نفسي إىل التقوى تيقنهاورد باحلسىن إذا انقلبتم اخلتألـساو

برة ال منتري فيهاألية وأعرض عن غشيانه تيهاشزرا تصاغر قدري يف توليهاوقد

مسوا يف مراقيهايراوغون من هو بعد اهللا حيميها بعدمن التقى هي من أجدى مراميهاأنا وموليهاـوالهـ إىل اهللا ميـنفس

، قسيم األمل عدمي الشبه يف سريته األمل ذلك سقيمبعدوبقي السلطان : قالمعضوض النشاط، مقبوض االنبساط . الرسممتعوجمتوجع اجلسم، . لكنه شبيه العدم

وذوي اهلمم والعقول، عز الدين ستماز، الفحول،وكان يف عصره أكابر الدولة من . ومن اخلدم شرف الدين . اهللا أمري الدولةعبد آقش، وأمني الدين أبو وناصر الدين

أكابر يف الدول، مقدمني ذوي العديد زالواوهؤالء ما . كربازو، وجنم الدين رشيدووادع . ويثبتون معه يف سبيل السالمةواحلضر،يالزمونه يف السفر . واجليوش واخليول

. منها منهاجه، وال مت ا ابتهاجهكنمت خوزستان، فما ىأخاه ملكشاه وعقد له علالستيالء األمري أيعليها وتغلبه، وتبطل أمره بشملهدي بن كشطفان املعروف غد

وأما السلطان . وإىل الضيق صائرابالبالءفبقي يف البالد دائرا حائرا، صابرا . بتطلبهون على لقمه، ووقوف رصد املنبسقمه،حممد، فإنه مع تكسريه وامتزاج صحة مزاجه

من خطب، وبذل ومحل، فيهرغب يف التزوج بابنة ملك كرمان فخطبها مع ما هو حلضورها ووفرالقصور،ووردت اخلاتون الكرمانية، فزينت لقدومها . وأحتف واحتفل

ال يقدر منها على وتركها. احلبور واستقبلها السلطان ملرضه يف احملفة، وأحلها يف كنفه قدرته، وال افترت باقتضاضهافما اقتضت . ملام من روضها برتعةمتعة، وال يطيق اإل

. تصحيف من الناسخحىت يتجانس املعىن ويستقيم، وظين أا " يكربون"لعلها ) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٧٢

. عن االمتداد إليهاتهبصحبل عجز عن البناء عليها، وقصرت يد . بافتراعها مسرته الدين أيب النجيب مشسوعرضت للوزير . وبقيت يف جنابه خميمة، ويف حياته متأمية

ه، وانقطع غده ونسي ا مشسه، وفاضت نفسه، وغاض بفيض رمسغربت )١(هيضة وكان بالتواضع حاليا، . قومه سرية، وأمثل أمثاله وتريةأقومولقد كان . بيومه أمسه

وزارته ضياء الدين بن جمد الدين بن علجة السلطانوقلد . ومن التكرب خاليا الطغراء، وزف عروس تلك املرتبة منه أمثل منصباألصفهاين فنقله إىل الوزارة من

لكنه جاءته الوزارة وهو . لبيقاوبالرئاسةكان يف السيادة عريقا، ولقد . األكفاءم ارب ووسد، وما ققمن الوسادة حىت قرب فما. األجل )٢(مشارف الرجل، ومشار

وكان قد . تهو فهبحزوحزن السلطان موته، أفالقدر وأقعد وحىت قاومه خطه بقدره، ل املطويعرضهاده بالوزارة وهو يع. طالت له صحبته، وأدالت منه لذته صحته

.وجادت بوصل حني ال ينفع الوصل يوم السبت ، مث إنه تويفى بعد ذلك ال حيا فريجى، وال ميتا فيسجالسلطان ومكثفإنه كان . التأمله، وكثر عليه الترحم، وزاد مبصاب هـ٥٥٤ سنة القعدةالنسالخ ذي

واختلف من . ، وأحباهم للفضل وأوفرهم علما، وأحبهم للعدل،حلماأوقر السلجقية يناج صاحب الري، ونشروا من إ على استدعاء األمري آرائهمبعده األمراء، فاجتمعت هم، فمنهم ؤمث تعارضت آراؤهم وتناقضت أهو. يف الطيكاناألمر املستور مبماألته ما تابك أ ومنهم من رأى اإلرسال إىل امللك أرسالن ملكان املتويف،من مال إىل ملكشاه أخي

مئذ أكثر ووكان األمري إيناج ي. من أشار بتمليك سليمان عمهومنهم. يلدكز زوج أمهإ. هو أسلم جانبا وأوطؤه: ومال إىل سليمان وقال. حداوأرهفجندا، وأكثف مجعا

فإذا . وواىل إليه اجلميل وأواله،واخلليفة كان قد واله. وأبطؤهوأثبت عن األذية رأيا . بتوليتهي ورضبتربيته، أجلسناه قام اخلليفة

سليمان باملوصل يف اعتقال علي كوجك، فاتفق األمري إيناج، وناصر وكان: قال الدين كردبازو على إرسال األمري مظفر الدين ألب أرغون صاحب وشرفش، قالدين آ

. بعد املرضاملرض: اهليضة) ١( . ولعله يريد ا دنا أجله وأوشك أن يقطف، على سبيل اازوردتهكذا ) ٢(

٣٧٣ تاريخ دولة آل سلجوق

كوجك يوكان زين الدين عل. به، وكوتب صاحبها يف طلبهللوصولقزوين إىل املوصل فقدم واستقر . بعد التوثقة منه باإلميان حممد، وجهزه السلطان بوفاة أطلقه عند علمه

. سراة الترك، وانتظم أمره، واضطرم مجرهمذان على سرير امللك، ودخل يف طاعته وبيده حبلها، ، وأصبح باألمري إيناج حل الدولة وعقدها.حمالفوهووافقه خمالفوه، ووفاه

أرغون بن يرنقش صاحب قزوين األمري احلاجب الدين ألب مظفروصار . وبأيده وصلها حممود بن الثقة عبد العزيز النيسابوري، وكان وزير الديند وزارته شهاب لوق. األمنيوأعاد إىل وجه الوزارة ماءها . األقاليم أقالمه، ومضت باألحكام أحكامهيف )١( فنذإيناج

يس معه، وأنه رمبا قصد سليمان وملا رأى أنه ل. يف إنارة آفاقها املذاهبوأوضحالذهاب، وجعل .وضم ما كان هناك منثورا منشوراسري إليه بوالية أرانية منشورا، ونظم . ليدفعه

السلطان بعد أنوحسبوا . سليمان، وتذلل الصعب وهانوالية العهد للملك أرسالن بعد . بافبقي على الشرب مكبا وللعب حم. يريق، ومن سكره يفيقغموضه ينبه ولكأسه

وسنذكر ذلك بعد ذكر مآله،فال جرم حالت حاله وساء . راجهاجرا، وللحم زاوللعقل .بعض احلوادث يف أيامه، ونصل افتتاحه بافتتاحه

املقتفي ألمر اهللا وجلوس ولده اإلمام اإلمام وفاة ذكر أيب املظفر يوسف أمري املؤمننيباهللا املستنجد

بعد احلصر، آثر أن خيرج إىل البالد اهللا،تفي ألمر كان اإلمام املق: -رمحه اهللا- قال. طرفا إال خضره، وما نظر كنفا إال نضرهحضرفما . لرياها، ويثري بربكة حركته ثراها

وكانت األخباز واألغنام واحلوائج سفرهوكانت إقامته يف عسكره، طال أم قصر ايام، ونفقام جمرون من جروعساكرهوالعالئق، تفرق على عدد الناس والدواب، إال أخلفه عليه، وال يلتمس صاحب فرسوأعطيام على املبار واحملاب، فما ينفق ألحد

أن تطول أسفارهم، ليدوم لصبح يتمنونوأجناده . معونة وال مغوثة إال عجل ا إليه، وأناب نائب هـ٥٥٤ صفر سنة أواخرووصل إىل واسط يف . سعادم بعطاياه أسفاره

من زمحة اللقاء على غاية وكنتن هبرية ا، وخرجت يف أصحايب للتلقي، الوزير اب

. قبيحة ملا خيرج من رأس الغنمةواستعارها الكاتب هنا استعار من األنف أو الفم، خرج: نذ) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٧٤

فنـزلت . البحر يف أمواجهكأنهفبصرت مبوكب اخلليفة وقد أقبل يف أفواجه، . التوقيعلإشفاقا ألركب ففوق. لت األرض بني يديهوتقدمت إليه، وقب من الزمحة، وكانت ي

هذا الذي يقول : ابن الكيا اهلراسيالدينقال له خملص و. فطرته جمبولة على الرأفة والرمحة :احلالةيف أمري املؤمنني من قصيدته، كأنه يصف هذه

شفعت العزم وهو مؤيدملا مثل الشمس تشرق للورىوبرزتالة سوداء حتكي همبظلة

منك السفر باملىن أسفرباحلزم حيجب عنك ناظر من نظروسناكضيء فيها كالقمر اإلمام يوجه

وج خبدميت وجنح، . وقد وليته، وأصحبته وأوليتهصاحيبهذا : الوزيروقالوسار على رسله . وزيره يب، وأعجبه مسيت وأسلويباإلمامى فوص. وبذخ بنيابيت ورجح

مث قام وجلس الوزير يف الدست، . يف اإليوانساعةودخل إىل دار الديوان، وجلس الفضائل و يف واسط األمري مشس الدين أبحينئذ والناظر. وكتب ووقع، وقال وأمسع

مث انتقل اخلليفة إىل سرادقه، . واملزايناملزايافاتن، وهو من أكابر اخلدم الذين هلم . كل منهم على مراتبهالدولةوالوزير إىل مضاربه، ونـزل أرباب

ومعه أوالده ويل العهد حاضر، واملقتفي واسط،وحضرت مبيدان : قالوهو املستضئ . حممدأبو يوسف، وأبو علي، وأبو أمحد، وولده املستنجد املستنجد

حىت عاد إىل بغداد أيام،ومل يلبث بواسط ثالثة . الكـرةبالذي توىل بعده، ولعبوا منعت العبور، زيادة، وكان وصوله لالحنـدار إىل الغراف، فـزاد املاء سريعا

األول سنة ربيعد، وذلك يف شهر وعند عودته غرقت بغدا. فرجـع على نية الرجوع بثقوور بـه . ، وذلك ألن املـاء زاد يف تلك السنة على خالف عادته هـ٥٥٤

وطاف بتلك النواحي . رية وتسورظفالقورج وتقور، وغلب وبلغ السور من صوب ال وكـان ذلك منظرا هائال، وقـدرا. وراح شبح كل بنـاء بغري روحنوح،طوفان وركب الوزير وأرباب الدولـة . طرقه ، وفتقا عسر رتقهكثرتوطارقـا . نازال

وغـرق من ذلك . واتفـق أنـه نقص ووقفوردوه،فصدوه وسدوه، وردعـوه احلر، وصل املقتفي إىل واسط مرة وانكسر الصيف موملا انصر. املاء العظيم غرف

أبا جعفر ظفرا خادمه، ووالهاواليتهاأخرى، واحندر إىل ناحية الغراف، وعزل عن

٣٧٥ تاريخ دولة آل سلجوق

وألزمـه مبا استخرجه من وعاقبه،وقبض على ابن أفلح وزير ظفر . بن البلديا السواقي فوقع وتألـم، تلكوكبا به الفرس يف بعض . دفائـن ابـن محاد وطالبه

. السنةمنواعتذر بصحته إليه القـدر مما جتـرم، وذلك يف شهر رمضان ، وكان مقطعها نور الدولة خرج اخلليفة إىل هيت، هـ٥٥٥ دخلت سنة وملا

قبل من سفره سافر أو. ه املطاع وألزمه شحاإلقطاع،ابن األمري العميد، فحل عنه فتوىف يف يوم األحد ثاين . عاده سقم، وأمل به أملحىتفما عاد . اإلقبال، ظافر اآلمال

إىل جوار الرب، طاهر الذيل نقي اجليب، وانتقل ، هـ٥٥٥شهر ربيع األول سنة عهده اإلمام املستنجد باهللا أبو ولده وويلعرفوملا . يبعني الغيب، بريا من الأم

أشفق من إمتام األمر ألخيه أيب علي، وأنه عنهاملظفر يوسف، أن والده قد وقع اليأس . والصغار، وعقل واعتقل، ونقل وانتقلالكباروهجم الدار، وقبض . للعهد غري ويل

اءوقبض عدة من األمر. طارفه وتالدهعلىالده، واحتوى وبويع له باخلالفة يوم وفاة و مجـاعة من مماليكه وأمـرهم وانتخبهم، ماخليلية مماليك اخلليفة املقتفي وأعد

وردد العذاب عليه شديدا،وقدمهم، وأخذ القاضي سديد الدين بن املرخم أخذا اهلراسي مدة الكياوحبس املخلص ابن . ترديدا إىل أن فاضت نفسه، وغاض به رمسه

على الرؤساءوأقر عضد الدين ابن رئيس . وحرمه حظ عاطفته ورأفته. أيام خالفته وبقي وزارته،وأقر عون الدين ابن هبرية على . ستاذية الدار، ورفع قدره على األقدارأ

وظهر باالستظهارواستوىل على دولته مملوكه قامياز، وعز . ماء الدولة به على غزارته .باإلعزاز إليه أمر السلطان سليمان، وكيف جفاه زمانه وخانآل مـا كرذ

هلكه جملسه ملكه ، ونقل إىل منـزلمن قبض وكيف وصاحل الفالح، )١( أنه قد الحفاألمراءملا اتسع ملكه، واتسق سلكه، ظن : قالفلم يضنوا باإلحسان إليه حلسن ظنهم فيه، وما زالوا يف تقرير أسبابه . الصالحار مساعدته ومساعفته، حىت بدا هلم إبداله، فإن األمري إيناج عاد إىل ربه، قروتسبيب

.الزم: الحف) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٧٦

صاحب قزوين مبوضع احلجبة، سليمان امك يف غيه، وأخل مظفر الدين والسلطان. فإنه اشتغل بلهوه وهلا عن شغلهوثبت الباقون من األمراء على الفتك بالسلطان،

ومكثوا مدة . وربطه، وقبضه ال بسطهالصواب ضبطه : وقالوا. حبل جده خببلهوجديلدكز ليقدم بابن إ يف خلعه، ويتوامرون يف وضعه، ويكاتبون مشس الدين يتشاورون

وأحكموا العهد . أرسالن بن طغرل، وأم ال يقطعون أمرا حىت يصلامللكزوجته ر واعتقلوه يف قصر الدا. فعادوه ألمله وعادوه يف أمله. سهف ونسهنفوأبرموا بضيق

وأعقدوا على إضاعته عهدا واعتقدوا . أمري به من ثقاته مجاعةكلالسلطانية، ووكل ، مث إم نقلوه إىل قلعة مهذان، هـ٥٥٥ شوال سنة يفوذلك . لعهده إضاعة

وكانت وفاته يف ثالث عشر شهر . مذمومةوجرعوه كأسا مسمومة، وأزاروه ميتة .السلطنةيه يف ، بعد جلوس ابن أخ هـ٥٥٦ربيع األول سنة

اخلليفة للسلطانمراسلة ذكر السلطان سليمان، يسأله الطاعة واإلذعان، ويطلب منه إىلوأرسل اخلليفة : قال

رجاءه منه يف نيل املراد، ويذكره بإحسان املقتفي ويقويأن خيطب له يف مجيع البالد، وقبل كتابه . فرض إىل التثام األرض، وامتثال الالسلطانفبادر . إليه، وأفضاله عليه

وظن أن بغداد قد وصلت إىل بغيته، وحصلت يف . لهليخطبوقبله، وكتب إىل البالد فرتب القاضي نبيه الدين أبا هريرة اهلمذاين رسوال، . ضتهقبضته، وأا يف انتظار

وكان مقبال يف سته موهو من أعيان اململكة وأماثلها، وعلماء األمة . مقبوالتهموس ابن طغايرك ليكون ببغداد واليا، ويعيد ما رخص ونـزل األمريوندب معه . هاوأفاضل

وسار القاضي . فعزم يف عدة، وزعم أنه على عدةعاليا،من قدم السلجقية غاليا وهو احلاجب سونج النظامي ذو النطق اخلليفة،واألمري ومن معهما مع رسول فاستصحب القاضي . واحلصافة واحللم والفصاحة،واللسن، والرأي احلسن، والعلم

وأقيمت . قربا قربا، وبالرغائب رغبافلما. واألمري ووصل، على ظن أنه باملراد حصل. والترقب، مث قاما للتطلب والتغلبللتقربوأقاما مدة . الوظائف، ووضعت اللطائف

ما : فقال هلما الوزير. والتوقفللتوقيوقاال إمنا حضرنا للتعرف والتصرف، ال ما جئنا لنذهب، وإمنا : فقاالسؤالكما؟، وما حالكما، ومب إرسالكما، وفيم بالكما

٣٧٧ تاريخ دولة آل سلجوق

. والية لووالءا وإهداء، وخفرياهتداء افقيل هلما ما أنتما إال سفري. خناطب وخنطبإن رغبتما يف الوالء اخلطبةض للخطوب، وال ترغبا يف عروالتعرض للخطبة ت

اجلـدة، وإتـالفإخالف العـدة، رسولكم ا وعد، ففيم : فقاال. املخطوب يقول ما مل أنمـا كـان لرسولنا : فقيل هلما. وإثـارة الثائرة املوجـدة للموجدة

أنه علىنشر به، وفيم رضانا عن مرسلكما أمن شربه وسربه، وغدا يوافقكم رسولنا ، غـديففافترقوا لالجتماع . مل يقل ما قلتماه، ومل يعقد ومل حيل فيما به عقدمتاه

.واملعاودة ملوعد، وهو احلاجب سونج النظامـي، يف تلك الليلة تويفاخلليفة، أن رسول فاتفق

وكـان هذا من . سـره حتت التراب وأخفىوكتمد سراج حياتـه وأطفى، محوأ بذلك احلادث، وانبعثوا لذكر الناسحىت حتدث . أعجب الغرائب، وأغرب العجائب

صربا، أو يشرب مسا وما فيهما يقتلري بني أن إنه خ :وقيل. ما جتدد عليه من املباعثفلـم جير . مبقدارموقوت بـل بقضاء من اهللا جـار، وأجـل :حظ ملختار، وقيل

. منافرة ومنافاةالرسولنيبعد وفاته لتلك املواعدة معاودة وال موافاة، ووقعت من اة سونج، ومل وفمن بعد أسبوع فاتفق أن القاضي أبـا هريرة أحد الرسولني تويف

ومبا مل عرفوافرجف الناس وأرجفوا، وحتدثوا مبا . يكن دينه أيضا من القدر مبنج وله راحالوأفلت . ما يف اإلقامة خالص: واستشعر الرفيق اآلخر وقال. يعرفوا

فتالشت تلك . نه إن أقـام قضى، وحلق مبن مضىأخصاص، فإنه غلب على ظنه ووقعت يف . ذلك احلادث مل يرجعوا إىل مثلها لعدم رسلها، ولروعة مثلالرسالة

فلم يقدم ملك إليها، ومل يقدم سلطان . بغداد، اهليبة ومن حصوهلا اخليبةمنأنفسهم .عليها

، توىف ملكشاه بن حممود بـن حممد هـ٥٥٥وهي سنة . السنةويف هذه : قالوأنه يتعود ن حسان املمالك به تفذلك، أ ملك، وعمهوذلك إنه ملا عرف ملكشاه أن

وال يهوي إرادته، ض وافر العدد، وايف هواهخلوته، وال خيلي عادتـه، ويريد أهل أصفهان حبضوره، وأذعنوا ألوامره إذ حبورووفر . العدد، وجـاء إىل جي باليل

وقالوا عاودتنا . الطيب وطابوا بنشرهونشرواواستبشروا وأنسوا ببشره، . عنوا بأمورهوأقام، وسري الكتب إىل األطراف، . امللكشاهيةعادت علينا األيام األلطاف اإلهلية، و

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٧٨

عن اخلطب، وغفـل عن إسراع الذوي وهلاوخطب اللهو . باالستمالة واالستعطاف لألمن آمنا من ا مقدارالغرار،وكـان مغرورا بالشباب مشبوب . إىل عوده الرطب

برقـه ويومه وأنهفلم ينقض عليه شهر حىت اشتهر أنـه قضى ومضى، . األقدار سبق، مرضومضى، وذلك يف يوم االثنني احلادي عشر من شهر ربيع األول من غري

بل كانت له مغنية قد استهوته واستغوته، وخبلت خلبه، وسلبت . وال عرض عرضا بغت موته فمات إ :وقيل. فصار يأكل من يدها ويشرب، وجيئ حببها ويذهبلبه،

وأا قد رغبت حىت سقته مسا، وكـان قـدرا حتما، بل أصابه سكتة،:وقيلبغتة، . علمـابـهقـد أحاط اهللا

السلطان ركن الدنيا والدين أيب املظفرجلوس ذكر طغرل بن حممد بن ملكشاه بن ألب أرسالنبن أرسالن

دة من السنة، وجلس قع مهذان بعد اعتقال عمه يف ذي الإىلوصل أرسالن : قال. تابك األعظمأيلدكز بإونعت مشس الدين . حبوره حرب على سرير سروره، واجتاب حتت سلطانه، يرتوي من إحساء إحسانه، السلطانوكان . فتقدم وأقدم، وأهان وأكرم

يلدكز بنـو أمـه، وصار واسطة إ آتابكفإن أوالد . ويأكل من خوانه مع إخوانهـد بقدم التقـدم، وجيلدكزإتابك أوسعى سعد . عقدهم بنظمه إليهم وضمهوتقررت الوزارة . األمراءوتصاغر له الكرباء وائتمر له . جـده يف التوسع والتوسم

. يـازآلتكني طغرعلى شهاب الدين حممود ابن الثقة عبد العزيز، واحلجبة على مسلكه،وأقامـوا مذان شهرين، مث توجـه السلطان إىل أصفهان، وجعل ساوه

يناج بك سنقر صاحب إيف ساوه األمري ووصل إليه . تابكهأيلدكز إواستصحب معه فابتهج بلقيته ولقى منه جة، وأقـام بإيضاح حمجة خلوصه على حكم طاعته الري،. يلدكز مصاهرة، ومتت بذلك للسلطان معهما مظاهرةإتابك أ بينه وبني وصار. حجة

الدين لوان حممد، وهو أخو ةيلدكز األكرب، وهو نصرإ بابن إيناجوزوجت ابنة مث أكرموا إيناج وردوه إىل واليتـه غري أنـه . أهل الدولة مبهمهوأقومسلطان ألمه، ال

يلدكز متكرث، متأثر قلبه من تقدمه، إ راق يف غلوه، متكره بتكثر عتوه،بـاق على . الرضا مبا بدى، وأظهر أنه مع األولياء، وأسر كونه مع العدىأبدىمتأرث لكنه

٣٧٩ تاريخ دولة آل سلجوق

باملذكور، معتدين بعمله املشكور، إىل أصفهان، واثقنيواجلماعة السلطان ووصلمدوا و. السلطنة فاحتل سريـرها، وقر ا سامي العني قريرهادارودخل السلطان إىل بالسقيم، والكرمي باللئيم، يءوأخـذوا الرب. تعديهموأجدوابأصفهان أيديهم تثمروا أصول ، واسغزيف بقلم التوزيع إىل لقم للتالناسوساقوا . واحلميد بالذميم

على البساتني، حىت أخذوا أمثان املياه، وشفهوا األاراملصادرات بالتقريع، وسدوا وأقام السلطان كذلك برهة، وملا عزم على . الشفاهورداملوارد وصدوا عن الصادي

. ستماز، وختلى عنه وختلف، وتوقى منه وتوقفالدينالرحيل، تلوي عليه األمري عـز السلطان، وشق العصا بالعصيان، واستدعاء أخيه ملناوأةمري إيناج وكان قد كاتب األ

السلطان بالتدبري، فوقع من التشويش وأحسامللك حممد بن طغرل من فارس باإليذاء ولئك مذان، وهم ال يظنون من أكانوايلدكز وأوالده إتابك أفإن . والتشويرفلما اتصل م أفرخ . قادمة الطري عليهم القدومغذ يف السري، واستعار يف أف. اإليذان

إيناج من الري متوجها مسارعا إىل لقاء وامتد. روعه وأفرق ، وأشرف ضوؤه وأشرقيناج عز الدين إفاتصل ب. به وحماجزتهيلدكزإتابك أالسلطان ومناجزته، قبل التقاء

وامللك حممد . وحشود جامعةحاشدة،ستماز، وصاحب قزوين ألب أرغو يف مجوع فما وسعه، والسلطان يف بالعسكررل معهم وقلوم معه، وقـد ضاق الفضاء بن طغ .مه العرم، وجحفله احلفلرعرم

وحترك اران، وحترق اجلمران وكان . اجلاشان اجليشان، ورجف فزحف الفرج، وكان السلطان قد ام معوزاجتماعهما بنواحي الكرج، وكرب احلرب

محلوا السلطان على قتله، وحذروه وكانوا. ومناجاتهالوزير مبداجاته، ومكاتبة إيناج اعتقاال، بل وكل له يف السر مجاعة لهفما مسع فيه مقاال وال رأي . من مكره وختله

وكان يف اهتمام نصرة الدين . حرمتهيظهرون أم يف خدمته، ويظاهرون يف حفظ فأخذوا منه يف . ا دينار يؤديهألفلوان، فقـرر أمره على هدايا يهديها، وأربعني

يف مصاحل العسكر، وعاد الوزير املالفصرفوا . املآل املال، وتركدوا فيه القيل والقـالوملا تواقف اجلمعان، . املعركةيـوموقدم احلركة، . إىل سعده األزهر وجده األر

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٨٠

)١( وكسرا، فوجدالسلطانواجتمع املوقفان، محلت ميمنة إيناج على ميسرة يلدكز فحمل إ يف قلبه، وانتحى ثبتلكنه . م، وهجم عليه اهلم مبا هجم ووجالسلطان

. مصافح مصافق. ه لومهومههيناج وقلبه خافق، إوخفقوا على قلب . بأوالده وصحبه دياجي الضمر اجلياد، وأضمرتهوغاب يف الغبار، . والطرد من ورائه، ورأيه يف الطرد

ومل يدر أنه بعد . اليمىنذهبت عينه وأصابت وجه الوزير يف هذه الوقعة ضربة سيف أ يف حمفة ليتداوى، مهذانذهاب ذهبه وعني نضاره بذهاب ناظر عينه ميين، ومحل إىل

وخلى . وأدبر موليامدبرايناج إفوىل . ومشت به عداته وعادت ضواريها عليه تتعاوىلكه ملكه، واتسق سواتسعوعاد السلطان إىل عادته يف السلطنة . رحله ورحل متخليا

والنشر والطي، والنهي،مر أليلدكز باإتابك أودار فلكه، ودر فلكه، وتفرد زوج أمه اإلضراب، وراقب. فأدىن وأبعد، وأشقى وأسعد. واحلسم والكي، واإلثبات والنفي

. األحبابى األعداء وعادوحاىب. وضرب الرقـابل وجه السلطان إىل الري براياته، ووصـأوزارهـا، وضعت احلرب اومل

وجبوا أعماهلا، وجنوا أمواهلا، ومجعوا فقدموها. يناج لقطع سراياته إسرايـاه إىلوهو . منهم بنجوة، وقد قنع من العيش بفجوةيناجإوكان . ذخائرها، وفرقوا أخايرها

، ويتوصل ويتوسل، إىل أن فعتس ويسيستعطفيف حدود الدامغان، وما زال ا وقصروا رأيه على القناعة . جنحهوأرىبابه صلحت أسبابه واستتب صلحه، وجنحت آر

وعاودت معيشته . وساوهجرباذقانوحلت عنه . بالري، وتعوض برشده عن الغي يف قلعة سرجهان، صاحبهاورحلوا إىل قزوين، فتحصن . وعيشته الطالوة واحلالوة

وأقاموا إىل أن. األموالقوا العمال، ومجعوا فرف. وعاين وعاىن االمتحان واالمتهان مل يقيموا باملكان ومل فإم. دهم الشتاء بشتات الدمهاء ، ورحل البالء بنـزول البالء السلطان حنو مهذان، وسار. يتمكنوا من املقام، وفكوا عن البلدة عروة االزدحام

طغرل بن حممد بن بـنمث استقرت سلطنـة أرسالن . بيجانأذريلدكز إىل إتابك أو مجيعها مشس البالدوحكـم عليه وعلى . مره األشباهملكشاه، وعدم يف عزه ونفاذ أ

.يلدكز زوج أمه، وجرى يف إقامة ناموس سلطانه على رمسهإالدين

.غضب: وجد) ١(

٣٨١ تاريخ دولة آل سلجوق

بشهاب الدين الثقة، وله من الناس لكرمه وعلو مهته مستمرة الوزارة وكانتستوزر بعده الوزير فخر الدين ابن الوزير املعني ا بأصفهان و أن تويفإىل )١(املقة مذان بعد سنني استوزر جالل الدين بن القوام الدركزيين، تويفوملا. ختصامل

. األيام األرسالنية، وويف بأحكام األحكام السلطانيةيفوامتدت وزارته هـ ٥٧١ السلطان أرسالن يف سنةوفـاة ذكر

تابك ايلدكز قبلهأ ووفـاةيس مهذان، قد تزوج بأخت فخر الدين رئالسلطانكان : -رمحه اهللا- قال

ومتكن ابنه حممد املنعوت ببهلوان وهو بنخجوان،يلدكـز إق وفـاة مشس الدين تففاوكـان أرسالن مريضا، . دونه حبكمـهاالستبدادأخو أرسالن من أمـه، فأراد

ن أخاه لوان سقاه، وللحزم يف إ : وقيلا، فنقل إىل دار زوجته مـذان، وتويفونفذت أوامره يف . وشغل به السريرالصغري، طغرل وأجلس ولده. بقائه ما أبقاه

واستقامته مستمرة، زال أمره مستقيماوما. املمالك، واضحة املسالك، واسعة املبارك، هـ٥٨٢ لوان يف أوائل سنة يف توأنوثنايا دولته عن مباسم السعود مفترة، إىل

املسلك ونسق وجامللك،يلدكز إوتوىل أخـوه مظفر الدين قزل أرسالن بن فأحب . حمجورا وطغرل قد شب وأرب، فوجد أمره مهجورا، وعزه حمجوبا. السلك

وبعثوه البهلوانية،فهرب ليال وانضم إليه مجاعة من األمراء . االنفراد، وأراد االستبداد. بالقتل والتدمريالتهموكان سيئ التدبري، يعاقب على . على التوحد بالعزة السلطانية

مرارا فأقعدوه، أرسالنوأقام قزل . جندوه، وساعدوه وأسعدوهألهوانية قد وكانت البفنفرت منه . بساطهفامهم يوما على ظنة أضرمت نار اشتطاطه، فقتلهم غيلة على

بن رضي الدينوام وزيره عزيز . القلوب، ومتكن قزل أرسالن، وتضعضع السلطان. خريايلفواصه كلما انكسر ومل وزاد يف فتكه خب. الدين يوما فقتله وأخاه صربا

مه ومههواغتال فخر الدين رئيس مهذان، ومسه، وسلط على كل من تقرب منه وه . إىل األمري حسن هـ٥٨٥ متكن أزعجه عمه قزل أرسالن، حىت وصل يف سنة وكلما

.احملبة: املقة) ١(

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٨٢

فنهض معه لينصره، ويعضده . بأخته، وجرى معه على حكم وقتهوتزوج قبن قفجافدخلوا . أرمية فأغلقوا باا دونه، والقفجاقية معه يسعدونهمدينةىل ويؤزره، ووصل إ

وسري السلطان صالح الدين من . واجتاحوها وخربوهاوبوها،املدينة واستباحوها وكاد الصلح يتم، . وبني قزل أرسالن، فدان له والنبينهالشام رسله يف اإلصالح

وتستر الصواب باحلجاب، فعن للسلطان . اآلراباستواءواخلرب ينم، فأىب سوء اآلراء فقبضه يوم قدومه واعتقله يف . لنريان االفتتاناداإمحأن يقصد قزل أرسالن مذان، وضرب قزل . األمريوسكن الدهر، وقض. الطوائلبعض املعاقل، فتعفت آثار تلك

وهلى بالصفاء عن . بالسلطنة النفساالستبدادأرسالن النواب اخلمس، ووطن على من الليايل مذان مذبوحا على فراشه، ليلةفوجد . الكدر، وغفل عن القضاء والقدر

حفاظه وحراسه، ومل يعلم من الذي بنير امللك به من انتعاشه، وكان ثوقد يئس عا . هـ٥٨٧أقدم على قطع رأسه، وذلك يف شعبان سنة

وسار أخوه ذربيجان فملكها، أ أبو بكر لوان إىل الدين ابن أخيه نصرة وساروسعى بعض األمراء يف . الري فسلكها وأدركهاطريقينانج بن لوان إىل إقتلغ

إىل جملسه، ومضى إىل دار امللك مهذان، السلطنةخراج طغرل من حمبسه، وأعاده من إطان خوارزمشاه يف سنة لفجاء الس. واإلحسانواستأنف اإلمكان، واستجد العدل

يف املعركة وخرق بفئة قليلة طغرللقيه السلطان ف. للتغلب على اململكة هـ٥٨٩ .الصف اخلوارزمي، وأظهر البأس الرستمي

وسري رأسه . رأسه وما ذب عنه أصحابه وال محوهوأخذوا به ورموه، فأحدقوا على البالد، وختمت الدولة السلجقية خوارزمشاهإىل بغداد، واستوىل السلطان ملكها منذ وصل طغرل بك إىل بغداد دةموكانت . بطغرل، وكان افتتاحها بطغرل

الذي ملكه ال يزول، وحكمه فسبحان. سنة، وكأا أشبهت سنة١٤٠إىل هذه الغاية .ال حيول

٣٨٣ تاريخ دولة آل سلجوق

: الـوزراء املتولنيذكــر وزر أخوه الوزارة جلالل الدين بن القوام، فلما تويفكانت: -رمحه اهللا- قال

، املعروف بالتعجيلي، وبقى سنني وعزل، كمال الزجناينواستوزرقوام الدين، مث عزل مراغة، مث استقرت الوزارة بعد عزله على عزيز الدين ابن قاضيمث استوزر صدر الدين

مث جرى مـا جرى من قتله، وآذن امللك بشتات . املرضيوالكرمالرضى، ذي اخللق .مشله

يناج صاحب الري مقتوال على سريره،إ، وجد هـ٥٦٥ويف شهور سنة : قالكه، بتدبري الوزير ي به إىل ممالالفتـكوأضيف . ومل يعلم كيف كان سبب تدمريه

فاستوزره مشس الدين األمثل،ينـاج سعد الدين أسعد إوكـان وزير . وتشريكه .يلدكز من قبله خمتار الدينإوكان وزير . يلدكز واستقلإ

ية وكانت وال. يف الدولة اإلمامية املستضيةطغرلوتوىل السلطان : قال يف -رمحة اهللا تعاىل-وانتقل إىل . هـ٥٦٦ سنة بأمر اهللا يف ربيع اآلخر يءاملستض

أبو العباس أمحد بن اهللاوتوىل اإلمـام الناصر لديـن . هـ٥٧٥آخر شوال .- اهللا عنهم أمجعنييرض-ي فتق بأمر اهللا أيب حممد بـن املستنجد بـن امليءاملستض

يف هـذا ، وتويف هـ٦٢٢ضان سنة آخر شهر رمإىل وامتدت واليته قلت، يف رجب سنة نصر حممد وتويفأبوالتاريخ، وتوىل ولده اإلمام الظاهر بأمر اهللا

أبو جعفر منصور أعز اهللا أنصاره، باهللا، وتوىل ولده اإلمام املستنصر هـ٦٢٣ .وضاعف اقتداره

تاريخ دولة آل سلجوق ٣٨٤

هــذا الكتابوقـد كنت أوثر أن أي : -رمحه اهللا-مـام عماد الدين اإل قـال الشام، إىل لكنه بغيبيت. فيه إىل كل مرامواالنتهاء آخره بشرح حادثة كل عام، إىل

ا واستغنيت ما عرفته من امل على تلك األيام، اقتصرتصروفوتباعدي عن معرفة أسباب وبانت وهانت،وهنت السلطنة يف تلك األيام وألن عن ذكر املفصل،

رةة، ومب من سرية ساروزير وهائها وهانت، وما متكنارأسر وظهرتاختالهلـــا حىت أنـوه بذكرهة،بار ولكل. كفايةالناصرية حماسن األياممن وفيما أنشأتهه،وأنب

.هداية هداه إىل موفق