189

نايل أبو شقرا *

البنى السكانية في جبل لبنان 1250 ـ 1850:تحّوالت ونتائج

هيدف هذا البحث اىل التشكيك بمقولة »جبل لبنان ملجأ األقّليات«؛ إذ إن هذه املقولة حتمل اليوم تساؤالت عن أسباب املتغريات السكانية يف جبل لبنان: هل هي إرادية أم أهنا نتيجة ممارسات دينية السلطات احلاكمة واجلامعات السياسية واالقتصادية بني العالقات لفشل تم إظهارها كبدائل الدينية من ناحية واجلامعات يف ما بينها من ناحية أخرى. وقد عجزت هذه املتغرّيات عن أن تبلور

وحدة جمتمعية يتوافر فيها احلد األدنى من العدالة االجتامعية ورشوط التعايش. واملذهبي الديني االنتامء أن والسيام باملستقبل، التفاؤل عىل يشجع ال لبنان جبل مايض إن جلامعات جبل لبنان التي كانت قد اختذت هذا اجلبل موطنًا هلا بقي حمكوًما بعقائدها الدينية. ولذلك، فإن املامرسات التي قامت هبا السلطة السياسية غري املنفصلة عن بيئتها األيديولوجية

هدفت اىل معاقبة هذه اجلامعات نتيجة مساراهتا السياسية اخلاطئة. وعليه، يثري هذا البحث مسألة اجتياح ناحية كرسوان يف جبل لبنان وهتجري أهله عىل خلفية االقتصادي باإلنامء األمر يتعلق عندما أّما الفرنج. مع والتعامل املسلمني بمحاربة اهتامهم للدولة، فإن اجلامعات الطائفية كانت متارس حريتها يف االنتقال والتوطن أينام شاءت ، إاّل أن هذا التوطن كان مرشوطًا بإرادة األكثرية الطائفية التي استخدمت يف حالة جبل لبنان املوارنة بصفتهم قوى إنتاج يف إنامء ريعها العقاري والتوّسع الستحداث مناطق زراعية جديدة، وعندما باتاه تتحّول احلكم صيغة بدأت الدروز عند واالقتصادية الديموغرافية التوازنات اختّلت رسم معامل سياسية جديدة للجبل حمورها املوارنة، األمر الذي دفع الطائفتني الدرزية واملارونية إىل مواقع رصاع. والسبب اجلوهري يف ذلك هو أن تأسيس الرشاكة بني الطائفتني قام ظاهريًا عىل أساس مصالح اقتصادية متبادلة كان خيفي املشهد الديني الذي كان حارضًا يف ضمري كل كان األقوى، باتاه احلتمية التحّوالت تأمني عن السياسية احللول عجزت وعندما طائفة،

ين مبرًا الستعادة احلق الضائع. استثامر الدرِّ

* باحث لبناين .

العدد 1903

شتاء 2013

أواًل: جبل لبنان المفهوم المتغير

تأثر جبل لبنان، كغريه من بلدان املرشق العريب، بالعوامل السياسية التي كانت قائمة يف عهد املامليك التيم)4( والبقاع)3( ووادي إىل صيدا)2( جنوباًا، فكانت حدوده طرابلس)1( )1250 هـ/ 1517م(، ا، والعاصمة بريوت)6( والبحر املتوسط غرباًا. وقد ُأطلقت تسمية »جبل لبنان« عىل قسم من وبعلبك)5( رشقاًهلا بتسمية واستقل جنوبه من انسلخ 1516م عام وبعد الرشقية، لبنان سلسلة يشكل الذي الشيخ)7( جبل ين الدِّ لبنان«، يف حي متاهى إىل »جبل »لبنان«، إضافة فاكتسب هويتي جغرافيتي: لبنان)8(، رمزيتها، وهي ناحية الدروز«. وكانت يسّمى »جبل اجلبل هوية طائفية، وبات جنوبه فأضفى عىل اجلغرافيا يف جنوبه، مع كرسوان)9(، التي سنتناوهلا يف هذه الورقة، تقع يف الوسط اجلغرايف للبنان، وكانت قبل القرن السادس عرش تابعة

جلبل لبنان حيناًا ومنفصلة عنه حيناًا آخر.

قائمقاميتي: إىل لبنان جبل ُقسم والدروز، املوارنة بي الطائفية احلوادث وطأة وحتت ،1842 عام ويف تفاعل أن إّل دمشق. – بريوت طريق بينهام ويفصل جنوبه، يف درزية وأخرى شامله، يف مسيحية واحدة أفضت واملوارنة، الدروز بي )1860 -1842( أهلية حرب نشوب إىل 1842 العام يف أدى احلوادث املترصفية«. وبعد »نظام بـ ُعرف لبنان نظام سيايس جلبل نتائجه وضع تدّخل سيايس خارجي كان من إىل 1920 عام الفرنيس النتداب حتت لبنان ووِضع النظام ذلك ُألغي لبنان، إىل الفرنسية القوات دخول

وأصبح مجهورية.

ثانًيا: جماعات جبل لبنان

الجتامع علم دفع أن بعد املعريف، مداه يكتسب أن يفرتض التارخيية احلوادث يف البحث أن به م املسلَّ من بمصطلحات أخرجت علم التاريخ من الصياغة الرسدية املفّصلة إىل املستوى العلمي التحلييل اهلادف، بحيث إن هذا العلم بات وعلم الجتامع ُأّسي متكاملي يف بناء رسم احلادث التارخيي. وعليه، فإن منطلقات البحث لقراءة يؤسس بام واقتصادية، وسياسية اجتامعية متالزمة، مسارات عدة تتخذ أن جيب املمكنة احلقيقة عن ا عن إنسانية غري مؤدجَلة. من هنا كان توصيف سكان جبل لبنان بـ »اجلامعات«؛ إذ إن الُبعد املجتمعي نراه قارصاًجالء احلقيقة التارخيية يف حالة جبل لبنان. ويعّزز هذه النظرية جاك لومبار، الذي تناول يف نصوصه اجلامعة عىل

1 عاصمة لبنان الشاميل. 2 عاصمة لبنان اجلنويب.

3 يشكل اليوم إحدى املحافظات اللبنانية. 4 حالياًا قضاء يتبع حمافظة البقاع. 5 حالياًا قضاء يتبع حمافظة البقاع.

6 كانت بريوت يف عهد اإلمارة املعنية تابعة جلبل الدروز، ويف العهد الشهايب تداوهلا العثامنيون واألمراء الشهابيون، وأصبحت بعد عام 1861 ولية حتى خروج العثامنيي عام 1918 .

7 جبل الشيخ أو حرمون أو سنري، اسم ُأطلق عىل القسم اجلنويب من سلسلة جبال لبنان الرشقية. 8 ايرونيموس دنديني, رحلة األب ايرونيموس دنديني اىل لبنان سنة 1596، عرهبا اخلوري يوسف يزبك يزبك )بيت شباب، لبنان:

مطبعة جريدة العلم، 1933(، ص 35.9 أحد القضية التابعة ملحافظة جبل لبنان .

191

القرابة وتنظيامت تفتقد اخلصوصية السياسية، كأن تكون أهنا)10( اجلامعات الصغرية احلجم، وتربطها أوارص »مجاعة« قرابية، أو تنظيامت فخذية وبطنية تقوم بالدرجة األوىل عىل التضامن والعصبية، أو اجلامعات النسبية بينها. وعندما يستخدم لومبار التي يتم الحتكاك التضامن بي مجاعات قرابية، و»اجلامعات« التي تقوم عىل ا اجلامعة عند قوله: »الظاهرة املجتمعية هي ظاهرة مجاعية تستنفر مصطلح جمتمع وجمتمعية، فهو يعني به حتديداًاملجتمع بأرسه ل بعض اجلامعات فقط، أي إهنا ظاهرة معنية بمختلف قطاعات الواقع املجتمعي«. واستخدم مصطلح »املجتمع« باعتباره حالة ناجتة من مسامهة كل مؤسسة وكل مجاعة أو »سستام« جمتمعي يف احلفاظ عىل استمرارية املجتمع. ولذلك فإن »اجلامعة« تقوم عىل صيغ اجتامعية قرابية وعصبية تتفاعل وتنمو ضمن شبكة السّلم إرادياًا رشوطها وعاداهتا وتقاليدها وأنامط عيشها. وعىل الطائفة، وتسلتزم العالئق لتشكل دة من معقَّله من مجاعات عدة التطوري ذاته، ربام يرتقي املجتمع إىل ما فوق وضعية “اجلامعة”، فيكتسب صفة التنّوع لتشكُّتنضوي حتت نظام سيايس واحد يسمح هلا بانزياحات ثقافية قد تؤدي إىل التواصل أحياناًا أو إىل التصادم أحياناًا أخرى. ولذلك مل يرتّدد املؤرخ الجتامعي شوفاليه يف تبّني ترمجة كلمة »طائفة« بمصطلح »اجلامعة الطائفية«

.)11()communauté confessionnelle(

يرتقي باحثو اإلناسة البنيانية إىل املواقع الدللية املعاينة، حيث يقدمون مصطلح اجلامعات كمرادف للطائفة. والنصوص الدينية جتسد نامذج من هذا املصطلح؛ فاألسفار التوحيدية الدرزية تصف سكان »اجلبل األنور« إىل بريوت)13( تاريخ صاحب وأشار دين«)12(. املوحِّ بـ»مجاعة الدروز خوطب كام باجلامعة، السامق( )جبل »مجاعة وادي التيم«)14( الدروز، وهذه الشواهد تؤكد أن مصطلح اجلامعة ُقصد به أتباع ديانة معّينة، وُقصدت العلم باحلفاظ عىل كينونتها، مع املحكومة قائمة عىل محاية خصائصها ما زالت التي املجتمعات أقل بدرجة املجتمعات الشواهد عىل متاسكه يف يقّدم يزل فإنه مل نافر أن رغم استخفاء مصطلح اجلامعة كمظهر وصفي دينياًا ا جهاداً وكأن الدموية، سامهتا الطوائف حروب تأخذ ملاذا ُيفهم املعرّبة الدللت هذه ومع اإلسالمية. ا يكمن يف وجه من وجوهها. أَوليس هدف قتال الطوائف بعضها ضد بعض هو الذود عن األقدسي: مرشوعاً

ين والِعرض؟ الدِّ

ثالًثا: الجغرافيا الدينية في جبل لبنان كان لالنشقاق الكبري الذي حدث بعد موت اإلمام السادس جعفر الصادق عام 148هـ أن انقسمت شيعته إىل ِفرق كثرية، أكربها وأشهرها اثنتان، ُأوالمها جعلت اإلمامة يف موسى الكاظم بن جعفر الصادق، وُعرفت

10 جاك لومبار، مدخل إىل األثنولوجيا، ترمجة حسن قبييس )بريوت: املركز الثقايف العريب، 1997(، ص 69، 86، 92، 102، 150، 226 ـ 227 و236.

11 دومينيك شوفاليه، جمتمع جبل لبنان يف عرص الثورة الصناعية يف أوروبا، ترمجة منى عبد اهلل عاقوري. وانظر يف الرتمجة أمحد بيضون: دومينيك شوفاليه، جمتمع جبل لبنان يف عرص الثورة الصناعية يف أوروبا، نقلته عن الفرنسية منى عبداهلل عاقوري؛ نظر يف الرتمجة امحد

بيضون )بريوت: دار النهار، 1994(، ص 18.12 رسائل احلكمة، ص 834 .

ا مجع فيه أخبار ُأرسته 13 صالح بن حيي، من أرسة آل بحرت التنوخية التي سيطرت عىل منطقة الغرب من ولية بريوت، وقد أّلف تارخياًالتاسع اهلجري / القرن النصف األول من أيامه يف إىل الغرب إمارة أوائل عهدها يف الشفهية، من والروايات املستندات اخلطية من اخلامس عرش امليالدي. انظر: ابن صالح بن احلسي صالح بن حييى، تاريخ بريوت، وهو أخبار السلف من ذرية بحرت بن عيل أمري الغرب )بريوت: دار ببريوت، أرشف عىل حتقيقه فرنسيس هورس اليسوعي، كامل سليامن الصليبي؛ بالشرتاك مع انطوان كوت ]وآخرون[

املرشق، 1986(، مقدمة املحققي، ص 4-3.14 رسائل احلكمة، ص 185 .

دراسات

البنى السكانية في جبل لبنان 1250 ـ 1850

العدد 1923

شتاء 2013

بالشيعة الثني عرشية)15(، وثانيتهام جعلت اإلمامة يف إسامعيل بن جعفر الصادق ثم يف ابنه حممد بن إسامعيل وولده من بعده، فُعرفت باإلسامعيلية، والسم الذي مجع أتباع املذهبي »الرافضة«. وعىل هذا النقسام ترتب تاريخ ميلء بالرصاعات واحلوادث السياسية واألمنية؛ فبعد أقل من قرن واحد عىل هذا النشقاق، تبلور فكر ا مع خالفة املعز لدين اهلل الفاطمي. وتـشري النصوص التارخيية إىل أن اإلسامعيلية)16( ا كبرياً إسامعييل بلغ شأواًُعرفت أحياناًا بـ »القرامطة« و»الباطنية«)17( إىل غري ذلك من صفات، وليس هناك ما يشري إىل أن القرامطة كان سي، أوهلم عيل بن أيب طالب وآخرهم حممد القائم املهدي، ا معصومي ومقدَّ 15 الشيعة الثني عرشية، وهي التي تؤمن باثني عرش إماماًالشخصية التي ُتدعى القائم بالقيامة، القائم املنتظر، حجة اهلل الرب، غري املنظور هلذا الزمن، اإلمام املستور املولود يف سامراء عام 255هـ النبوة، فالرسول وظيفته بيان اهلداية الترشيعية، واإلمام / 869 م،. وتعترب اإلمامية الثني عرشية أن مفهوم اإلمامة أرفع من مفهوم ين، وأن اإلمام الثاين عرش)املهدي( سيظهر يف آخر الزمان ليمأل وظيفته بيان اهلداية التكوينية. كام أهنا تعترب أن اإلمامة من أصول الدِّا. واإلمامة كانت، ومل تزل موضوع خالف جوهري بي السّنة والشيعة؛ ففي حي ينظر إليها ا وعدلاً بعدما ُملئت ظلاماً وجوراً األرض قسطاًا، وحافظة للظاهر دون الباطن، يرى فيها الشيعة أهل السّنة واجلامعة عىل أهنا إمارة أو خالفة ظاهرية تقترص عىل إدارة البالد والعباد ظاهراًأهنا ولية وسلطنة إهلية عىل العباد، وهي تشمل الوليتي التكوينية والترشيعية التي منها اإلمارة واخلالفة الظاهرية. انظر: هنري كوربان، الشيعة االثنا عرشية: يف اإلسالم اإليراين: جوانب روحية وفلسفية، ترمجة ذوقان قرقوط، ط 2 )القاهرة : مكتبة مدبويل، 1993(، ص 82 و84، وحممد مجيل محود، الفوائد البهية يف رشح عقائد اإلمامية، 2 مج )بريوت: مؤسسة األعلمي للمطبوعات، 2001(، ص 10،

12-14 و224 . 16 اإلسامعيلية: فرقة شيعية ُنسبت إىل الغلو، وقد اكتسبت اسمها من إسامعيل بن جعفر الصادق، اإلمام السادس من العرتة النبوية. وقد اعترب اإلسامعيليون أن إسامعيل هو أكرب أبناء الصادق واألحق باإلمامة بعد وفاة أبيه، يف حي يعترب الشيعة الثني عرشية أن اإلمامة وُعرفت أعوام. بثالثة أبيه وفاة قبل أي 762م، / 14هـ عام تويف قد كان إسامعيل ألن الصادق، جعفر بن موسى حق من كانت السادس. للدور املتمم إسامعيل بن أيب طالب وآخرهم حممد بن أّوهلم عيل أئمة، بسبعة »السبعية«، لعتقادها بـ اإلسامعيلية الشيعة ا رشعياًا، لذلك فهو ل يرد ضمن األئمة السبعة. هذا ومل تتوقف اإلمامة ول تعترب اإلسامعيلية اإلمام احلسن بن عيل بن أيب طالب إماماًعند اإلسامعيلية، بل استمرت منذ وفاة اإلمام السابع حممد بن إسامعيل بن جعفر عام 197هـ /824م يف أربعة أئمة حتى عام 322هـ / 949م، ثم توالت يف اخللفاء الفاطميي حتى القضاء عىل اخلالفة الفاطمية وقطع اخلطبة للعاضد لدين اهلل عام 567هـ/ 1171م، ولكن تتابع األئمة اإلسامعيلية مل يتوقف؛ فبعد انقسام اإلسامعيلية عام 495هـ / 1102م إىل نزارية تعتقد إمامة نزار الذي ُأقيص عن ا إىل أهنا رأت صحة إمامة املستعيل ومن قام بعده من اخللفاء اخلالفة نتيجة مؤامرة تصفها املصادر اإلسامعيلية بالدنيئة واملستعلوية، نظراًيف مرص، انتقلت اإلسامعيلية النزارية إىل آملوت يف اجلبال اجلنوبية ـ الرشقية لبحر قزوين، حيث أطلقت عليها دراسة حديثة »اإلسامعيلية اإليرانية«، وهذه الفرقة مل ترتدد يف ترجيح امليزان ملصلحة احلقيقة الباطنية عىل حساب الرشيعة، ومن ثم القول بتقدم مقام اإلمام عىل مقام النبي، وكان هذا هو القصد من إعالن القيامة الكربى )قيامة القيامة( يف آملوت يف 8 آب/ أغسطس 1164م، التي وضعت هناية ا عام 654هـ / 1256م، اجتاح املغول إيران، ودمروا مجيع القالع اإلسامعيلية، وقتلوا من لعرص الرشيعة. وبعد أقل من قرن، وحتديداًفيها، فانتهى بذلك عهد األئمة اإلسامعيلية النزارية يف بالد آملوت لتستقر يف آذربيجان. واإلمامة اإلسامعيلية، بحسب عقيدة هذه الفرقة، ا. انظر: مصطفى غالب، تاريخ الدعوة ا وخبطاً ا كام ملئت جوراً ستستمر حتى يوم القيامة وظهور املهدي، فتمأل األرض به عدلاً وقسطاًاالسامعيلية، ط 3 )بريوت: دار األندلس، 1979(، ص 394 و396 )اجلدول رقم 3(؛ حممد حسن األعظمي، احلقائق اخلفية عن الشيعة الفاطمية واالثني عرشية )القاهرة: اهليئة املرصية العامة للتأليف والنرش، 1970(، ص 131؛ أبو العباس أمحد بن عيل املقريزي، اتعاظ احلنفا بأخبار األئمة الفاطميني اخللفا، حتقيق حممد عبد القادر أمحد عطا )بريوت: دار الكتب العلمية، 2001(، ج 2، ص 162 و337، وهنري كوربان، عن اإلسالم يف إيران: مشاهد روحية وفلسفية، نقله إىل العربية وقدم له وحقق نصوصه نواف املوسوي )بريوت: دار

النهار، 2000(، ص 121. 17 الباطنية: الباطن لغةاً من أسامء اهلل، ويف التنزيل: هو األول واآلخر، والظاهر والباطن، وهو بكل يشء عليم )سورة احلديد(. وعلوم الباطن هي علوم عقائدية تقوم عىل التأويل. إن أهل الظاهر يرون أن كتاب اهلل جاء بلسان عريب بّي ل رمز فيه ول لغز ول باطن ول إيامء ، وأن النصوص إشارات خفية إىل دقائق تنكشف عىل أرباب السلوك بيشء. ويرى أهل الباطن أن لكل ظاهر باطناًا ولكل لفظ تأويالاًا لوصف أبو حامد، هي »الرابط ويمكن التطبيق بينها وبي الظواهر املرادة، فهي من كامل اإليامن وحمض املعرفة. والباطنية كلقب، وفاقاًين يكمن يف البحث يف املعاين بي الناس ورهبم يف إعطاء الفيوضات الباطنية ...«، ومل يقصد هبا »الصوفية التي ترى أن الكامل يف الدِّا هي ذات عقيدة الباطنية لألحكام، باإلضافة إىل معانيها الظاهرية«. وهي باطنية ل ألهنا نافية الصفات حقيقة، فاملعتزلة نافية للصفات، إذاًأو اخلرمدينية، واإلسامعيلية والسبعية، القرمطية، واخلرمية أو الباطنية )والقرامطة ألقاهبا: »هي عرشة: الغزايل يف يقول باطنية حادة. والبابكية واملحمرة والتعليمية«. أّما عقيدهتا، كام أوضحها الغزايل، هي »إنكار القيامة وِقَدم العامل وإنكار بعث األجساد، وإنكار اجلنة والنار«. أّما ابن قيم اجلوزية )ت 751هـ (، فقال عنها: ليس اهلل عندهم كالم أنزله إىل األرض بواسطة امللك. فإنه ما قال شيئاًا ول يقول ول جيوز عليه الكالم ... ل مبدأ عندهم ول معاد، ول صانع ول نبوة، ول كتب نزلت من السامء تكلم اهلل هبا، ول مالئكة تنّزلت بالوحي من اهلل تعاىل، فالكتب املنزلة فيض فاض من العقل الفعال عىل النفس املستعدة الفاضلة الزكية...« ل يقرون بانفطار السموات ا، وهو ما تعتربه اهتامات، فهي ا معارضاً وقيامة األبدان، ول يقرون بأن اهلل خلق السموات واألرض.... ولكن إلسامعيلية اليوم موقفاً=ليست كام صّورها كثري من خصومها السياسيي والفقهاء... وإنام هي صفحة نقية من اجتهاد أهل بيت النبي )ملسو هيلع هللا ىلص(. وأما العتقاد يف اهلل

193

ا مكتوباًا باستثناء بعض املراسالت التي تشري إىل خالفهم مع اخلالفة الفاطمية. هلم عقيدة مستقلة؛ إذ مل يرتكوا أثراًوشّكلت املرحلة الفاطمية »العرص الذهبي« لإلسامعيلية الذين شّيدوا إمرباطورية مرتامية األطراف)18(. وكانت هذه اخلالفة، بام متلك من قدرات سياسية واقتصادية، تدعم عقيدهتا اإلسامعيلية من خالل دعاة جابوا معظم العامل اإلسالمي، حيث متذهب أهل الشام والعراق بمذهبهم، ومن بقي عىل مذهب الشيعة واكبهم يف السياسة لالتقاء املصالح. أّما السّنة، فقد ضعف موقعهم السيايس، ول سيام أن وزراء اخلليفة يف العراق كانوا من الشيعة. وعىل مدى اخلالفة الفاطمية التي امتدت أكثر من قرن ونصف القرن، كان هلا سيطرة كاملة عىل بالد الشام، وكان جلناحها املتطرف )القرامطة( أن أمسك بجميع املقّدرات السياسية والقتصادية فيها. وقد بلغ من نفوذه السيايس والعسكري أن فرض عىل اخلالفة الفاطمية إتاوة سنوية، ومل خيرج من بالد الشام إّل يف عام 367 هـ /978م، بعد أن ساهم بشكل فاعل يف هتيئة األرضية الشعبية لدعوة التوحيد )الدروز()19(. وخالل أقل من مخسة قرون، وبفعل ضغوطات السلطات السالمية املتعاقبة عىل اإلسامعيليي، حتّصن هؤلء يف قسم كبري من جبل لبنان )وسطه وجنوبه(، حيث تقاطعت هويتهم السياسية مع الدروز الذين كانوا انشقوا عنهم خالل القرن اخلامس هـ/ احلادي عرش م. وقد رفض اإلسامعيلية والدروز الندماج يف املجتمع السالمي؛ إذ كانوا يعتربون ا، ا سياسياًا واحداً ا، وعىل خالف ذلك كانت عالقتهم باإلمامية الثني عرشية )الشيعة( تأخذ ُبعداً داً وجودهم مهدَّول سيام »أن الشيعة الفاطميي والثني عرشيي كانوا متفقي فيام بينهم عىل املسائل العامة يف الفقه، ألهنم يروون ا عن طريق أهل البيت فيام عدا أمرين أساسيي يقع فيهام اخلالف ومها: مواقيت الصالة وزواج املتعة...«)20(. مجيعاً

واإليامن بالنبوات ورسالة حممد )ملسو هيلع هللا ىلص( بالكتاب املنَزل عليه، فليس بينهم وبي مجيع املسلمي يف ذلك أدنى خالف، وإن اختلفوا يف تأويل ا إىل ما ورثوه عن آبائهم األولي من توجيه مأثور. انظر: أبو حامد حممد بن حممد الغزايل، فضائح الباطنية، اعتنى بعض اآلي، استناداًبه وراجعه حممد عيل القطب )صيدا؛ بريوت: املكتبة العرصية، 2000(، ص 21 و52؛ أبو احلسن عيل بن عثامن اهلجويري, كشف املحجوب، دراسة وترمجة وتعليق إسعاد عبد اهلادي قنديل؛ راجع الرتمجة أمي عبد املجيد بدوي )القاهرة: املجلس األعىل للشئون اإلسالمية، جلنة التعريف باإلسالم، 1974-1975(، ص 30؛ أبو عبد اهلل حممد بن ايب بكر بن قيم اجلوزية، إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، حققه وكتب هواشيه حممد حامد الفقي، ط 3 )بريوت: دار الكتب العلمية، 2004(، ص 212-213؛ أبو الفتح حممد بن عبد الكريم الشهرستاين، امللل والنحل، حتقيق أمحد فهمي حممد، ط 7 )بريوت: دار الكتب العلمية، 2004(، ص 38 و203؛ أبو يعقوب إسحق بن أمحد السجستاين، الينابيع، تقديم وحتقيق مصطفى غالب )بريوت: املكتب التجاري، 1965(، ص 6؛ املوسوعة الفلسفية العربية، رئيس التحرير معن زيادة، 2 ج يف 3 )]بريوت: معهد النامء العريب، 1986-1997[(، ص 177، وعبد احلسي رشف الدين، املراجعات، حتقيق وتعليق الشيخ حممد مجيل محود، ط 2

)بريوت: مؤسسة األعلمي للمطبوعات، 2005(، ص 89 . 18 فرهاد دفرتي، خمترص تاريخ اإلسامعيليني، ترمجة سيف الدين القصري )دمشق: دار املدى للثقافة والنرش، 2001(، ص 13.

دعوة التوحيد : يقوم مسلك التوحيد )الدرزية( عىل أنه استمرار للنظرة العرفانية من املسالك التوحيدية القديمة، وتطور لتلك 19اإلنسان بدأ ان منذ بدأ التوحيد أن املوحدون يعتقد ولذلك، العصور. عرب التوحيدية األديان استبطنتها التي العرفانية التوجهات العاقل... برز يف شكله األخري يف اإلسالم، وترعرع يف الشيعة، وتبلور يف اإلسامعيلية، وامتازت معامله وبدت يف دعوة التوحيد يف الثلث األول من القرن اخلامس اهلجري/ احلادي عرش امليالدي، بعد رصاع خفي بي منّظري الدعوة اإلسامعيلية؛ ففي رسالة مباسم البشارات بالناس، واضطراب األحوال تقّلب إىل اإلسامعيلية، الدعوة أحد مفكري الكرماين )ت 411هـ / 1020م(، الدين أمحد محيد يشري أحوال الذين آمنوابالدعوة الفاطمية، فبعضهم غاىل يف رأيه، والبعض اآلخر خرج عن عقيدته، ذلك أن الدعوة اجلديدة تقول إن احلاكم نظر يف والرمحة والعلم »الوحدة ويقول: ذلك، ينفي الدروز دين املوحِّ طائفة مفكري أحد ولكن لإلله، ناسوت إّل هو ما اهلل بأمر دين مرادفة بعضها لبعض لقوله تعاىل )إهلكم إله واحد ل إله ال هو الرمحن الرحيم () البقرة 163(، )عامل الغيب والشهادة هو املوحِّدون جتلياًا من جتليات احلقيقة اإلهلية الواسعة املحيطة بكل يشء... هذا هو اهلل الرمحن الرحيم( )احلرش 22(، هذه الرمحة التي يعّدها املوحِّدين، وهو، كام يقول محزة بن عيل، »العقل الكيّل«... تنّزه عن األسامء والصفات وعن األجناس، وما عرّبت عنه اللغات، يف مفهوم املوحِّوتنّزه عن مجيع الشياء باجلملة والتفصيل، والعقل الكيّل هو يف جوهره يف معية الواحد األحد باستمرار، فهو أمر اهلل وشأنه وإرادته... وهو كذلك منتهى األشياء وغالبيتها، »نقطة بيكار« مجيع املوجودات، تبدأ منه وتنتهي إليه. إنه كامل النور والقوة، كام يقول محزة بن عيل. أّما السم الذي ُعرفت به هذه الفرقة )الدروز(، فهو نسبة إىل نشتكي الدرزي، الذي كان يف األصل أحد أقطاب الدعوة ثم ارتد عنها. انظر: حممد كامل حسي، طائفة الدروز: تارخيها وعقائدها، ط 2 )القاهرة: دار املعارف، 1960(، ص 72 و108، واملوسوعة الفلسفية

العربية، ص 569-566. 20 األعظمي، ص 16.

=

دراسات

البنى السكانية في جبل لبنان 1250 ـ 1850

العدد 1943

شتاء 2013

لقد شهد جبل لبنان أول حضور سكاين إىل أقايص شامله، وذلك هبجرة املوارنة إىل مناطقه اجلردية الوعرة خالل النصف الثاين من القرن السابع امليالدي)21(. وبعد مرور قرن ونصف قرن تقريباًا عىل توّطن املوارنة، شهدت

ا لدعاة القرامطة - اإلسامعيلية التي انشّقت عن الشيعة. ا لفتاً بالد الشام حراكاً

التاسع م. ويف الثالث هـ/ القرن الشام)22( أواخر القرامطة يف بداية وجود املصادر اإلسالمية عن وتتحدث أواخر القرن اخلامس هـ/ احلادي عرش م، تطورت احلوادث، ولسيام بعد دخول الفرنجة إىل لبنان، واجتياح الثالث عرش م مناطق واسعة من بالد الشام والعراق. وتذكر القرن السابع هـ/ الثاين من املغول يف النصف كانت وعليه، للموارنة، الديني الرمز برشي)23(، بالد يف قزحيا مار دير إىل املامليك دخول املتأخرة املراجع الوسط يف والشيعة والدروز اإلسامعيلية الشامل، يف املوارنة التايل: الشكل عىل السكانية لبنان جبل خريطة عرش الرابع / اهلجري الثامن القرن مؤرخي أحد ) /1325م 725هـ )ت الربوة شيخ ويقول واجلنوب. احليطي)27( وشوف العدس)26( وشوف رافضة)25( امليادنة)24(، شوف دمشق... أعامل »...ومن امليالدي وشوف اخلروب)28( وشوف الشومر)29( وإقليم التفاح)30( وإقليم العيشية)31( وإقليم الظنية)32( وجبل عاملة)33( وجبل البقيعة)34( من صفد«. وقد حّدد شيخ الربوة مذهب سكان هذه املواقع فقال: »كل هؤلء حاكمية)35(

21 فيليب حّتي، تاريخ لبنان منذ أقدم العصور التارخيية إىل عرصنا احلارض، ترمجة أنيس فرحية؛ مراجعة نقول زيادة؛ حترير جربائيل جبور، ط 3 )بريوت: دار الثقافة، 1978(، ص 303.

22 عز الدين بن األثري، الكامل يف التاريخ )بريوت: دار صادر، 1982(، مج 7، ص 511 .23 اسطفان الدوهيي، تاريخ األزمنة، نرشه ألول مرة وعّلق حواشيه بطرس فهد )جونيه، لبنان: مطابع الكريم احلديثة 1976(، ص

. 26124 ل عالقة له بجزين التي اقرتن اسمها بـ »إقليم«، وكان ُيعرف يف عام 694هـ /1295م بـ »شوف بني امليداين«، ومن قراه قيتويل. انظر: علم الدين ابو القاسم بن حممد الربزايل، املقتفى عىل كتاب الروضتني، حتقيق عمر عبد السالم تدمري )صيدا، لبنان؛ بريوت: املكتبة

العرصية، 2006(، ج 2، ص 404.25 هو مصطلح ملتبس، ويف أسبابه خالف، وكان ُيطلق عىل اإلمامية الثني عرشية من ساللة العرتة النبوية، إّل أن إبن تيمية كان يقصد

به : الشيعة و اإلسامعيلية والنصريية والقرامطة والباطنية والدروز .26 مل نوفق يف حتديد موقعه.

27 هو القسم الرشقي من قضاء الشوف.28 هو اليوم إقليم اخلروب ضمن قضاء الشوف .

29 هو ضمن ما ُيعرف اليوم بقضاءي صيدا والنبطية يف حمافظة اجلنوب. 30 هو ضمن ما ُيعرف اليوم بأقضية : جزين وصيدا والنبطية.

31 هي إحدى قرى قضاء جزين يف حمافظة اجلنوب.32 هناك احتامل كبري ألن يكون ُقصد به »جبل كرسوان« ألن مصدرين عىل األقل يوضحان تسميته الصفتية »جبل الظنيي« و»الضنيي«. انظر: بيربس املنصوري، زبدة الفكرة يف تاريخ اهلجرة، حتقيق دونالد س. ريتشاردز )بريوت: الرشكة املتحدة للنرش، 1988(، ص 290، وعامد الدين اسامعيل بن عيل أبو الفداء، تاريخ أيب الفداء، املسمى، املخترص يف أخبار البرش، علق عليه حممود ديوب )بريوت: دار الكتب

العلمية، 1997(، ص 392 .33 حيّده البحر األبيض املتوسط من الغرب، ويرشف عليه من الرشق جبل حرمون عىل احلدود السورية، وتقف حدوده شاملاً عند هنر ا من األّويل الذي يفصله عن الشوف. وأّما جنوباًا فال تظهر حدوده الطبيعية، وذلك أن نصفه اجلنويب ُيعترب، بحسب اجلغرافيي، جزءاًاجلليل األعىل )فلسطي املحتلة(، إّل أن حدود جبل عامل من الشامل تطرح إشكالية تارخيية؛ إذ إن هنر األّويل جيري شامل جزين، وهذا يعني أن جزين كانت ضمن جبل عامل، مع العلم أن اإلدرييس )493ـ 560هـ / 1100ـ 1165م( يعترب إقليم جزين من جبل لبنان. ترمجه عن انظر: صابرينا مريفان، حركة اإلصالح الشيعي: علامء جبل عامل وأدباؤه من هناية الدولة العثامنية إىل بداية إستقالل لبنان، الفرنسية هيثم األمي )بريوت: دار النهار للنرش، 2000(، ص 17، وأبو عبد اهلل حممد بن حممد اإلدرييس، كتاب نزهة املشتاق يف اخرتاق

اآلفاق )]بريوت: عامل الكتب[، 1989(، مج 1، ص 370. 34 يقول عنه شيخ الربوة : جبل البقيعة من صفد، وبه قرية يقال هلا البقيعة، ص 211 .

35 نسبة إىل احلاكم بأمر اهلل، أبو عيل منصور بن العزيز باهلل أيب املنصور نزار بن املعز لدين اهلل أيب متيم معد الفاطمي ) 375ـ 411هـ /985ـ 1020م (.

195

عىل ومسلمون بالرشائع كّفار وهم وزنادقة)41( وحفظية)40( وتناسخية)39( وحلولية)38( ودروز)37( وآمرية)36( ما يزعمون«)42(. والواضح من التفاصيل التي قّدمها شيخ الربوة أن أهل املناطق السكنية التي كانت تابعة ملا ُيعرف اليوم بـ »جبل عامل« وبـ »قضاء الشوف الذي كانت حدوده اجلنوبية بلدة جزين«)43( وحدوده الشاملية »هنر الصفا«)44( كانوا من املذهبي »اإلسامعييل والدرزي«. أّما جزين، فقد أشار إليها شيخ الربوة بأهنا رافضة، وإن مل تكن إشارته رصحية، إّل أن صالح الدين خليل بن أيبك الصفدي )ت764هـ / 1363م( يؤكد أهنا ا أمر مل حُيسم، ويظهر أن معظم سكان النواحي يف ولية دمشق كانوا منذ أواخر »مأوى الرافضة«، وهو أيضاً ...« يقول: املقديس )ت 380هـ /390م( أن بدليل فاطمية، أتباع مذاهب من م العارش الرابع هـ/ القرن واليوم أكثر العمل عىل مذاهب الفاطمي«)45(، ول نعرف ما إذا كان املقديس يقصد عمالاً معّيناًا يف إقليم دمشق

أو اإلقليم بمجمله.هذه الفسيفساء املذهبية يف جبل لبنان ل نعرف عن شؤوهنا ما يقدم املعطى الديموغرايف حوهلا، إّل أن بعض

مستلزمات البحث تفرض سلة من التساؤلت ربام كان أمهها: - هل اجلامعات الطائفية واملذهبية قادرة عىل التساكن ضمن جغرافيا دينية معّينة يف ظل سلطة سياسية متسك فرض بمعنى الدينية، مشيئتها فرض عىل القدرة السلطة هلذه يكون أن دون من الرضائب، وجباية باألمن

حتولت عقائدية تتامشى مع بنيتها الدينية )اإلسالم السّني(؟- هل يمكن اعتبار تنّوع املذاهب يف جبل لبنان نتيجة ملناخات من حرية الرأي، أم أنه نتيجة لرصاعات سياسية

ضمن اخلالفة الفاطمية التي كانت يف نزعها األخري؟

36 نسبة إىل »اآلمر بأحكام اهلل ابو عيل املنصور بن املستعيل الفاطمي 490 ـ 524 هـ / 1097ـ 1130م، قتله النزارية اإلسامعيلية، احلشيشية: االغتيال برنارد لويس، انظر: بـ »احلشيشية«. لقبهم الذي الفاطميي، ولسيام اخلليفة اآلمر بالولء ألواخر يدينوا وهم مل الطقويس عند اإلسامعيلية النزارية، ترمجه وزوده بمدخل تأرخيي لإلسامعيلية والقرامطة واخلالفة الفاطمية سهيل زكار، ط 2 )دمشق؛ بريوت: دار قتيبة للطباعة والنرش والتوزيع، 2006(، ص 280؛ فرهاد دفرتي، خرافات احلشاشني وأساطري اإلسامعيليني : دراسة يف أصول اخلرافات وتاريخ وضعها وتطورها منذ العصور الوسطى وحتى القرن التاسع عرش، ترمجة سيف الدين القصري )دمشق : دار املدى

للثقافة والنرش، 1996(، ص 107، واملقريزي، اتعاظ احلنفا، ج 1 و2، ص 164 و224 .ا ل واحلديث جداً 37 فرقة مذهبية انشّقت عن اإلسامعيلية يف النصف األول من القرن اخلامس هـ / احلادي عرش م، ُتعرف باسمها املعدَّدين الدروز«، وتتوزع يف جبل لبنان ووادي التيم وجبل الدروز، وهو ما ُيعرف اليوم بـ »جبل العرب« وعاصمته السويداء »طائفة املوحِّ

يف اجلمهورية العربية السورية. وهناك ويف »جبل السامق« يف حمافظة حلب قرى عدة يقطنها الدروز .38 يدل به الفالسفة عىل الصلة بي الروح والبدن، أو بي العقل الفعال واإلنسان، والصوفية يشريون به إىل الصلة بي الرب )الالهوت( والعبد )الناسوت(، ويقال للقائلي باحللول »حلولية« كغالة الشيعة والباطنية والدروز... واحللولية عند غالبية رجال الدين املسلمي ـ

كفرة. انظر: حممود حممد حمفوظ ]وآخرون[، املوسوعة العربية امليرسة، ط 2 حمدثة )القاهرة: دار اجليل، 2001(، مج 2، ص 1016 .39 تناسخ األرواح أو التقّمص أو الستحواذ أو اهليمنة، ألن »الروح واحدة ل تتناسخ، بل تولد من جديد أو تعود للتجسد«. انظر:

املوسوعة الفلسفية العربية، مج 2، ص 375 .انظر: احلافظية«. بـ »اإلسامعيلية تبعه (.ُعرف من 544 هـ الفاطمي )467- املجيد امليمون عبد أبو اهلل لدين احلافظ إىل نسبة 40

املقريزي، اتعاظ احلنفا، ج 2، ص 229 و259، ودفرتي، ص 433 .41 ختتلف مصادر اللغة واملصطلحات يف حتديد أصل مرجعي واحد ملصطلح »زندقة«، لكنها تلتقي كلها يف حتديد دللته املفهومية ين...«. انظر: املوسوعة الفلسفية العربية، مج التي تعرّب عن موقف شّكي... وظاهرة الزندقة ـ اإلحلاد مالزمة متزامنة حمايثة لظاهرة الدِّ

1، ص 468 و470 .ا )ت725هـ(. 42 شيخ الربوة: حممد بن أيب طالب األنصاري الصويف شمس الدين، املعروف بشيخ حّطي أولاً ثم بشيخ الربوة آخراً)ليدن : هرازوفتش، نخبة الدهر يف عجائب الب والبحر، حتقيق أ. مهران ابو عبد اهلل حممد األنصاري الدمشقي، انظر: شمس الدين

1923[(، ص 200. 43 انظر اهلامش رقم 44 .

44 أحد أهنر لبنان، وهو يشّكل احلد الفاصل بي قضاءي الشوف وعاليه يف حمافظة جبل لبنان.45 أبو عبد اهلل حممد بن أمحد املقديس، أحسن التقاسيم يف معرفة األقاليم )ليدن: مطبعة بريل، 1909(، وط 2 )بريوت: دار صادر،

]د. ت.[(، ص 180.

دراسات

البنى السكانية في جبل لبنان 1250 ـ 1850

العدد 1963

شتاء 2013

إن واقع هذه اجلامعات الجتامعي ل يمكن إخراجه من واقع أعم وأشمل للريف الشامي، حيث كان اهلدف األسايس تأمي الغذاء الذي كان يف جانب كبري منه يتوافر باملاشية التي ل نعرف أنواعها عىل وجه الدقة، ولكن ا إىل طبيعة جبل لبنان احلرجية. أّما باقي املصادر الغذائية، فقد أوحى شيخ الربوة املاعز قد يكون يف مقّدمتها نظراًالفواكه اللوز واألهبل)46( والقراصيا)47( والزيزفون)48(، وقال عن إذ ذكر فيها، النباتات كانت األساس بـأن ا عىل الصعيد الغذائي وُيصنع من ثمرها، مع أنه ا بلبنان«)49(، ومل يذكر شجرة الزيتون املهّمة جدًّ إهنا »كثرية جداًذكرها عند حديثه عن »إقليم سامر« )سامرة( ومدينة نابلس )يف فلسطي(. وهناك ما يعّزز نفي وجود الزيتون ا من يف جبل لبنان؛ ففي حديث قال ابن عباس: التي، بالد الشام، والزيتون بالد فلسطي)50(، مع أن هناك نوعاًالزيتون يف بعض مناطق جبل لبنان ُيدعى الزيتون الروماين، وهو معمر، وقد أثبتت املعاينة امليدانية وجود شجرة

يقارب حميطها الثامنية أمتار.

- من الالفت أن القرى يف جبل لبنان، ول سيام التي توصف اليوم بـ »اجلردية« كانت تشّكل مواقع سكنية للجامعات املذهبية، وبينها الكثري من القرى التي ترتفع عن سطح البحر ما يزيد عىل 800 مرت، وهناك قرى يتجاوز ارتفاعها األلف مرت، ذكر منها صالح بن حييى يف حوادث القرني السابع والثامن هـ/ الثالث عرش لبعنا)51(. جمد نيحا، ماطور، عي زحلتا، عي عاليه، جزين، بيصور، بتلون، بتاتر، عبيه، م: عرش والرابع هي اأُلول األربع والقرى وبكاسي)52(. ومرسته واملعارص وجباع بعذران قرى الفرنجية املصادر وتذكر تلك من قريبة مصادر فتذكر الشاميل، لبنان جبل يف أّما جزين. قضاء يف واأُلخر الشوف، قضاء يف حالياًا املرحلة قرى برّشي وجّبة املنيطرة)53(، وتذكر مصادر حملية قرى: ايطو، ترشيش، حدشيت، حردين، قاديشا،

قنوبي، كفرفو وغريها)54(.

وبالرغم من انعدام اجلوار بي التجّمعات السكنية يف جبل لبنان اجلنويب، وتلك التي يشّكلها املوارنة، وبنسبة الفرنجة عىل التجارية عرب الربحية املبادلت ما حدث عىل خلفية تواصالاً فإن اليعاقبة)55(، يف شامله، ضئيلة الساحل، وهذه بداية مل تؤسس لتواصل فعيل إّل يف النصف األول من القرن السادس عرش م، ذلك أن مجيع اجلامعات الدينية كانت يف عزلة؛ إذ ل يقّدم نّصان متقاربان يف الزمن ويعودان إىل صالح بن حييى وابن القالعي اإلهدين التجاري لألسطول الزخم هذا لكن اجلامعتي. بي ود عالقات بوجود للقول مستنهضة دللت

46 األهبل: مثل الرسو، ولكنه كالشجر ل يكون نسباًا مثله، وليس يف الشام منه، انظر: حممد بن عيسى بن كنان، املواكب االسالمية الثقافة والرشاد القومي، احياء الرتاث حتقيق ودراسة حكمت اسامعيل؛ مراجعة حممد املرصي، وزارة يف املاملك واملحاسن الشامية،

العريب؛ 92-93، 2 ق )دمشق : وزارة الثقافة، 1992(، ق 2، ص 334.ا، انظر: املصدر ، وأول نباته من أرض األردن إىل دمشق، وهو واللوز والبندق خيرج هكذا كثرياً 47 قراصيا: له محض زائد ثم حيلو قليالاً

نفسه، ص 302.48 زهره أصفر، عِطر الرائحة وشجره كبري، انظر: املصدر نفسه، ص 235 .

49 الدمشقي، نخبة الدهر، ص 200.50 فضائل الشام، حتقيق أيب عبد الرمحن عادل بن سعد )بريوت: دار الكتب العلمية، 2001(، ص 241.

51 ابن حييى، تاريخ بريوت، ص 40، 43، 48، 51، 56، 78 و190.52 إلياس القطار، لبنان يف القرون الوسطى، ج. 2: عهد الفرنج الصليبيني )492-690 هـ / 1099-1291 م( )بريوت : ]املؤلف[،

2008(، ص 429 . 53 أبو العباس أمحد بن حييى بن فضل اهلل العمري، التعريف باملصطلح الرشيف، عني بتحقيقه وضبطه وتعليق حواشيه حممد حسي

شمس الدين )بريوت: دار الكتب العلمية، 1988(، ص 236. 54 زجليات جبائيل ابن القالعي، دراسة وحتقيق بطرس اجلميل، أصول ومراجع تارخيية؛ 2 )بريوت : دار حلد خاطر للطباعة والنرش

والتوزيع، 1982(، ص 7، 9، 15، 91 و101. 55 أتباع أحد املذاهب املسيحية .

197

()56(، الذي كان ينقل إىل دمشق مواد خمتلفة نجهلها ويأيت بخالفها إىل قرى جبل لبنان الشاميل، )أربعي بغالاًأبلغ اجلواب يف موقف لألمري التساؤل قد يكون هلذا لبنان اجلنويب نصيب من حراكه؟ أمل يكن ألهايل جبل ا من نصارى السيد مجال الدين عبد اهلل التنوخي )ت 884هـ /1479م(، »فإنه اختص من إحسانه وخريه فريقاًا بلدة عبيه، ومن هؤلء بيت رسكيس وبيت خازن )غري خازن كرسوان( من أفاضل األرس، وأوىص هبم خرياًوأسكنهم يف جواره، وجعل دارهم مالصقة لداره«)57(، وهذا مظهر تالٍق كان قد أسس هلجرة مارونية مفرتضة إىل جبل لبنان اجلنويب قبل أكثر من نصف قرن عىل وجود املعنيي كجباة للرضائب يف بالد الشوف. وهكذا، فإن اهلجرات املارونية إىل بالد الدروز جاءت عىل خلفية اجتامعية متّثلت يف تعرض املوارنة ملامرسات تعسفية يف جباية الرضائب هذا من جهة، وتعاطفهم من جهة أخرى مع الكنيسة الرومانية وخضوعهم لسنن الكنيسة،

»فصار اضطهاد عظيم عىل املّلة املارونية، فحبسوا كثريين منهم وعّذبوهم وقتلوهم وحرقوا بيوهتم«)58(.

1- اإلسماعيليون والدروز أفريقيا شامل يف اإلسامعيلية اإلمامة الشيعي اهلل عبد أبو أعلن عندما ا وحتديداً هـ، الثالث القرن أواخر منذ معارضة قامت املنتظر)59(، املهدي إمامة باسم يدعو أن عىل املتمكنة القبيلة كتامة بايعته أن بعد )املغرب(، قوية من اإلسامعيليي األوائل الذين اعرتفوا بسبعة أئمة فقط، آخرهم حممد بن إسامعيل القائم املنتظر والناطق السابع. وقد ُعرفت هذه احلركة بحركة قرامطة الشام، وكان ذلك يف أواخر القرن الثالث هـ/ التاسع م. لقد كان لتنامي هذه احلركة يف البالد اإلسالمية، ولسيام يف بالد الشام، أن استقطبت الكثري من القبائل العربية، وكان لثني من قادهتا البارزين، حييى وحسي ولدا زكرويه، اإلمامة يف الشام، وتسّمى الواحد منهام باإلمام واّدعيا النسب اإلسامعييل)60( والباع الطويل يف احلضور القرمطي السيايس. هذا وقد متسك إسامعيليو ما قبل نبياًا أم بالتطبيق الشيعي األصيل ملصطلح »حّجة«، واعتقدوا أن يف كل عرص حّجة اهلل، أكان الفاطمي العهد ين، ولسيام تلك ا من حدود الدِّ ا لإلشارة إىل شخصية متّثل عندهم حداً ا، واستخدموا احلّجة أيضاً رسولاً أم إماماًالتي من خالهلا يصبح املهدي املستور البعيد املنال قريباًا من مريديه. وعىل هذا العتقاد كان عىل حّجة اإلمام أن

يكون ممثالاً للقائم حممد بن إسامعيل خالل فرتة سرته)61( .

وإذا كان النشقاق األول للبنى اإلسامعيلية قد أفرز مجاعة ثائرة انترشت يف معظم العامل اإلسالمي، فإن النشقاق الثاين طاول إسامعيلية بالد الشام عىل خلفية رصاع عقائدي بي توّجهي فكريي، أحدمها كشف املستور من العقيدة اإلسامعيلية، التي كان أخطر ما فيها إعالن الكشف والقيامة، ول تعني القيامة هناية العامل، بل كشف الزمان قائم التوحيد من خالل باب الرشائع، وإشهار ا يف كان مستوراً أن بعد األشهاد التوحيد عىل رؤوس ا من عقيدهتم، العقائدي مل يكن مفاجئاًا للمفكرين السامعيليي؛ فهو كان جزءاً املنحى الكيّل«. وهذا »العقل ا عىل التعجيل يف ولكن اخلالف كان عىل التوقيت، إذ مل يكن العامِل اإلسامعييل أمحد محيد الدين الكرماين موافقاً

56 الدوهيي، ص 356.57 عجاج نوهيض، التنوخي االمري مجال الدين عبد اهلل والشيخ حممد أبو اهلالل املعروف بالشيخ الفاضل، ط 2 مزيدة ومنقحة )بريوت:

دار الصحافة، 1963(، ص 139.58 الدوهيي، ص 348 .

59 حممد كامل حسي، طائفة اإلسامعيلية: تارخيها، نظمها، عقائدها، املكتبة التارخيية؛ 4 )القاهرة: مكتبة النهضة املرصية، 1959(، ص 23 .

60 فرهاد دفرتي، اإلسامعيليون: تارخيهم عقائدهم، ترمجة سيف الدين القصري )بريوت: دار الساقي، 2012(، ص 212 - 213.61 املصدر نفسه، ص 213-212 .

دراسات

البنى السكانية في جبل لبنان 1250 ـ 1850

العدد 1983

شتاء 2013

الكشف)62(. هذا اخلالف اخّتذ منحى افرتاقياًا يف بالد الشام، حيث انقسمت اإلسامعيلية عىل بعضها، وكان من نتائجها ظهور مذهب التوحيد. وخالل هذا املخاض العسري حاول الداعي حممد بن إسامعيل )نشتكي( امللقب بـ »الدرزي«، وهو من فئة الباطنية، كام تصفه إحدى الدراسات احلديثة)63( وجاء إىل وادي التيم إلبالغ الدعوة، أن يدعو لنفسه بصفته املزعومة »سيد اهلادين«، التي اعتربها محزة - وهو الذي كان قريباًا من احلاكم بأمر اهلل وأحد أقطاب الدعوة - أعىل من قائم الزمان. وقد أدى هذا الرصاع، عىل ما ُتظهر األدبيات الدرزية، إىل خنق دعوة نشتكي. أما أتباعه الذين ُأطلق عليهم اسم »الدرزية«، فيصفهم بعض مؤرخي القرن الثامن هـ/ الرابع التيامنة نزح بعض التوحيد، وربام فيها دعوة انترشت التي املنطقة التيم، إىل وادي نسبة »التيامنة« بـ م عرش باعتقادها فيها مجاعات إسامعيلية خمالفة ربام كان بل السكان، ا خالياًا من قفراً مل تكن التي ناحية كرسوان إىل الرابع القرن الذين كانوا قد توّطنوا هذا اجلبل يف أواخر للبحرتيي الدروز يف جبل الغرب من بالد بريوت، القرن اخلامس هـ/ احلادي عرش م. وعىل العقد األول من التوحيد خالل العارش م وتقّبلوا دعوة اهلجري/ مدى القرن السادس والنصف األول من القرن السابع هـ/ الثاين عرش والنصف األول من القرن الثالث عرش م، تسكت املصادر التارخيية عن أي حراك ألهل كرسوان، األمر الذي يتعّذر معه الكشف عن هويتهم الدينية والسياسية. ومع بداية القرن الثامن هـ/ الرابع عرش م، أفرغ املؤرخون ما يف جعبهم من معلومات حول هذه

اجلامعة، بعد أن هامجت العساكر اململوكية ناحية كرسوان، فقتلت الكثري من أهله وهّجرت الباقي.

ا من خارج جبل لبنان، هلم أعامل منشورة. وأفصح معظمهم وقد تناول حوادث كرسوان أربعة عرش مؤرخاًعن هوية الكرسوانيي، وحّدد كلٌّ منهم مذهب أهل كرسوان بحسب املعطى الذي توافر لديه. ولن ندخل يف

تفاصيل ما دّونه هؤلء، إذ يكفي أن نشري إىل مذهب الكرسوانيي بحسب قول كل منهم:

اسم املؤرخ عام الوفاة قوله يف هوية أهل كرسوان

الربزايل)64( 739هـ / 1338م روافض ونصريية

ابن اجلزري)65( 739هـ / 1338م ــ

أبو الفداء)66( )تارخيه( 732هـ / 1331م نصريية وظنيي

يصحح معلومته بعد أن يشري إىل وادي التيم أبو الفداء)67( 732هـ / 1331 م ا رشعتهم. جبل الدرزية بقوله: والكرسوان أيضاً )تقويم البلدان(

الرفض والتيامنة ابن كثري)68( 774هـ / 1372م

62 أمحد محيد الدين الكرماين، جمموعة رسائل الكرماين، تقديم وحتقيق مصطفى غالب، ط 2 )بريوت: املؤسسة اجلامعية للدراسات والنرش والتوزيع، 1987(، ص 137-136.

63 سايس، ص 202 .64 الربزايل، ج 3، ص 101، 103، 284 و293 .

تاريخ حوادث الزمان وانبائه ووفيات األكابر واألعيان من أبنائه املعروف بتاريخ ابن 65 شمس الدين ابراهيم بن أيب بكر اجلزري، اجلزري. حتقيق عمر عبد السالم تدمري، 3 ج )صيدا، لبنان : املكتبة العرصية، 2006(، ج 1، ص 111-110 .

66 أبو الفداء، ج 2، ص 392 .67 أبو الفداء، ص 229 .

68 أبو الفداء اسامعيل بن عمر بن كثري، البداية والنهاية، وّثقه وقابل خمطوطاته الشيخان حممد معوض وعادل أمحد عبد املوجود؛ وضع حواشيه أمحد أبو ملحم وآخرين )بريوت: دار الكتب العلمية، 2001(، مج 7، »السنوات 589 ـ 767«، ج 14، ص 35 .

199

قوله يف هوية أهل كرسوان اسم املؤرخ عام الوفاة

ابن فضل اهلل العمري)69( 749هـ / 1348 م طائفة الدرزية

ابن الوردي)70( 749هـ / 1348م نصريية وظنيي

النويري)71( 737هـ / 1336م الدرزية

الدرزية الدواداري)72( ــ

املقريزي)73( 845هـ / 1441م الدرزية

اليونيني)74( 726هـ / 1325م الدرزية

الذهبي)75( 758هـ / 1383م رافضة

أعظم غالة الرافضة والزنادقة ـ العيني)76( ـ

ابن قدامة املقديس)77( 744هـ / 1343م روافض ونصريية

القلقشندي)78( 821هـ/ 1418م الدرزية

موارنة املطران تادروس العاقوري)79( ــ

69 ابن فضل اهلل العمري، ص 205-204 .نقالاً املعارف، 1868(، ج 2، ص 254، )القاهرة: مجعية البرش أخبار املخترص يف تتمة الوردي، بن بن مظفر الدين عمر زين 70عن: الياس القطار، نيابة طرابلس يف عهد املامليك، 688 - 922 هـ / 1289 - 1515م، منشورات اجلامعة اللبنانية. قسم الدراسات

التارخيية؛ 43 )بريوت: اجلامعة اللبنانية، 1998(.71 أبو العباس أمحد بن عبد الوهاب النويري، هناية األرب يف فنون األدب، حتقيق الباز العريني؛ مراجعة عبد العزيز األهوايت )القاهرة:

اهليئة املرصية العامة للكتاب، 1992(، ج 31، »حوادث 699هـ«، ص 408.72 أبو بكر عبد اهلل بن أيبك الدواداري، كنز الدرر وجامع الغرر )القاهرة: سامي اخلانجي، 1960-1982(، ج 9: الدر الفاخر يف

سرية امللك النارص، حتقيق هانس روبرت رويمر )1960(، ص 17، نقالاً عن: القطار، نيابة طرابلس، ص 92. 73 أبو العباس أمحد بن عيل املقريزي، السلوك ملعرفة دول امللوك، حتقيق حممد عبد القادر عطا )بريوت: دار الكتب العلمية، 1997(،

ج 2، ص 331.عباس محزة حتقيق 1311م، /1297ت- 711هـ 697ـ السنوات تاريخ الزمان، مرآة ذيل اليونيني، حممد بن موسى الدين قطب 74

)بريوت: جامعة القديس يوسف، 1990(، نقالاً عن: القطار، نيابة طرابلس، ص 88.75 أبو عبد اهلل حممد بن أمحد الذهبي، من ذيول العب، حتقيق حممد رشاد عبد املطلب ؛ راجعه صالح الدين املنجد وعبد الستار أمحد فراج ؛ بإرشاف جلنة فنية بوزارة اإلرشاد واإلنباء، الرتاث العريب؛ 17 )الكويت: مطبعة حكومة الكويت، ]د. ت.[(، ص 30، نقالاً عن:

القطار، نيابة طرابلس، ص 93. 76 أبو حممد حممود بن أمحد العيني، السيف املهند يف سرية امللك املؤيد »شيخ املحمودي«، حققه وقدم له فهيم حممد شلتوت؛ راجعه حممد مصطفى زيادة، املكتبة العربية. الرتاث )القاهرة : دار الكاتب العريب للطباعة والنرش، 1966-1967(، ص 81 ـ83، نقالاً عن:

القطار، نيابة طرابلس، ص 99.77 أبو عبد اهلل حممد بن أمحد بن عبد اهلادي، العقود الدرية من مناقب شيخ االسالم أمحد بن تيمية، بتحقيق حممد حامد الفقي )صيدا،

لبنان؛ بريوت: املكتبة العرصية، 2005(، ص 153.78 أبو العباس أمحد بن عيل القلقشندي، صبح األعشى يف صناعة اإلنشا، رشحه وعلق عليه وقابل نصوصه حممد حسي شمس الدين،

14 ج )بريوت: دار الكتب العلمية، ]د. ت.[(، ج 13، ص 251.79 أنطوان ضو، تاريخ األمراء اللمعيني )بريوت: ]د. ن.[، 1990(، ص 41، والقطار، نيابة طرابلس، ص 106.

دراسات

البنى السكانية في جبل لبنان 1250 ـ 1850

العدد 2003

شتاء 2013

ا منهم مل ُيبد يتضح من آراء الذين أّرخوا حلوادث كرسوان خالل القرني الرابع عرش واخلامس عرش، أن واحداًا، وبذلك رأياًا يف مذهبهم، وهو اجلزري، وآخر عّدل رأيه، فبعد أن كانوا يف نظره نصرييي وظنيي أصبحوا دروزاً

ا ملا ييل: ا وفاقاً ا عىل مخسة عرش مؤرخاً يصبح توزيع النِّسب املئوية واقعاً

53.33 يف املئة 8 من أصل 15 دروز

6.66 يف املئة 1 من أصل 15 ظنيون

20.22 يف املئة 3 من أصل 15 نصريية

6.66 يف املئة 1 من أصل 15 رافضة

6.66 يف املئة 1 من أصل 15 غالة

6.66 يف املئة 1 من أصل 15 موارنة

97٫99 يف املئة جمموع النرِّسب

واضح من هذه النِّسب أن الذين قالوا بأن أهل كرسوان »دروز« أو »تيامنة« شّكلوا أكثر من نصف املؤرخي، ا، ا واحداً والذين قالوا بأهنم نصريية بلغوا مُخس عدد املؤرخي، أّما من اعتربهم من املؤرخي »رافضة« فكان مؤرخاًوكذلك األمر بالنسبة إىل الغالة والظنيي واملوارنة. وإذا عدنا إىل فقه أهل السّنة واجلامعة، وكذلك فقه الشيعة، يمكن القول إن الغالة ليسوا يف عداد اإلمامية الثني عرشية ألن »الغالية هم الذين غلوا يف حق أئمتهم حتى أخرجوهم من حدود اخللقية وحكموا فيهم بأحكام اإلهلية«)80(. كام إن اسم »الظنيي« ليس مكاناًا بل صفة ألهل كرسوان، وهو يعني عند علامء السّنة وفقهائهم أهنم »املرشكون« الذين ظنوا باهلل ظن السوء)81(. ومع ذلك، فإن مصطلح الرافضة

هو اسم جامع يف مفهوم أهل السّنة واجلامعة لإلمامية الثني عرشية واإلسامعيلية والدروز والنصريية.

يف هذا السياق، ل بد من الوقوف عىل نص مؤرخ عاش قريباًا من حوادث كرسوان زمانياًا ومكانياًا، وهو صالح بن حييى، مؤرخ البحرتيي أمراء جبل الغرب من بالد بريوت، وكان قد نشط يف النصف األول من القرن التاسع هـ/ النصف األول من القرن اخلامس عرش م. والالفت أن ابن حييى كان يف معظم نصوصه التأرخيية حلوادث عن نقالاً بروايات أو البحرتية، البيوتات أحد من بوثائق معلوماته يرفد عرش والرابع عرش الثالث القرني ا أمرائهم، باستثناء حوادث كرسوان التي تناوهلا بالنقل عن مؤّرخي مها الكتبي)82( والنويري، ومل يضف شيئاًا، إذا ما علمنا أن البحرتيي راً عىل أسالفه حول هوية »الكرسوانيي«، وربام يكون هذا النأي عن احلوادث مربَّكانوا عىل متاس مع أهل كرسوان، وبالتايل كانوا ملزمي بمعاضدة السلطة السياسية يف دمشق. ولكن ما مل يكن

مقبولاً هو استنسابيته التي جتسدت يف تغييب هوية الكرسوانيي.ينقل ابن حييى عن النويري ما كتبه حول حوادث 691 هــ / 1291 م التي ذكر فيها توّجه العساكر إىل جبال بيدرا وكرس حّدته، الدين املهمة بسبب وجود من ثنى عزم األمري بدر بقيادة بعض األمراء، وفشل كرسوان

80 أبو الفتح حممد بن عبد الكريم الشهرستاين، امللل والنحل، صححه وعلق عليه أمحد فهمي حممد، ط 7 )بريوت: دار الكتب العلمية، 2007(، ص 176.

81 ابن قيم اجلوزية، ج 1، ص 65. 82 هو حممد بن شاكر الكتبي الداراين الدمشقي املؤرخ )ت 764هـ / 1363م (. من مؤلفاته عيون التواريخ الذي رّتبه عىل السني، املخطوطة وآثارهم الدمشقيني املؤرخني معجم املنجد، الدين صالح انظر: . 1359م 760هـ/ عام إىل وانتهى النبي بسرية فابتدأه

واملطبوعة )بريوت: دار الكتاب اجلديد، 1978(، ص 183 .

201

واهّتم وهنباًا، قتالاً منهم فنالوا العساكر، بعض من الكرسوانيي مّكن الذي األمر شأهنم، يف الفتور فحصل األمري بيدرا بأنه حصل عىل رشوة منهم)83(. هذا ما قاله النويري )بترصف( ونقله ابن حييى، لكن عندما يأخذ النويري ابن حييى من نص ينفر املسلمي، قاتلت عساكر التي اجلامعات وتعيي احلوادث بتفاصيل النويري العرشين من بقوله: »ثم توجه ]الفرم[ يف الدروز يف حوادث 699 هــ النويري ذكر يقاربه، ألن ول يعود شوال إىل جبال كرسوان والدرزية، وقصد استئصال شأفتهم مِلا عاملوا به العساكر اإلسالمية عند هزيمتهم، من السلب واألذى، فالتزموا بردِّ ما أخذوه من أقمشة العسكر، ومحل ما ُرّد إليهم وعاد إىل دمشق)84(، وعىل خلفية احلوادث املذكورة واهتام السلطات اململوكية للكرسوانيي »أهنم كثروا وطغوا واشتدت شوكتهم وامتدوا إىل أذى العسكر عند اهنزامه من الترت، وقتلوا من وجدوه وهنبوا ما بقي معهم من صيانة القامش والعّدة فكانوا يف متام الشدة«)85(. أّما شيخ اإلسالم ابن تيمية)86( الذي واكب احلملة عىل كرسوان وقّدم بنتيجتها رسالة إىل امللك النارص حممد بن قالوون)87(، سلطان املامليك؛ فقد أضاف إىل الهتامات ما ييل: »ملّا قُدم التتار إىل البالد، وفعلوا بعسكر املسلمي ما ل حُيىص من الفساد، وأرسلوا إىل أهل قربص، فملكوا بعض الساحل ومحلوا راية الصليب، إّل اهلل، وأقام سوقهم بالساحل ومحلوا إىل قربص من خيل املسلمي وسالحهم وأرساهم ما ل حييص عدده ا يبيعون فيه املسلمي واخليل والسالح إىل أهل قربص، وفرحوا بمجيء التتار هم وسائر أهل هذا عرشين يوماً

املذهب امللعون، مثل أهل جزين وما حواليها وجبل عامل ونواحيه«)88(.اهتامات ابن تيمية ألهل كرسوان، التي ُتضاف إليها شهادات املؤرخي، تؤكد موقفهم العدائي من السلطات اإلسالمية عىل خلفية حماربتهم للمسلمي، وهذا املوقف يف ميزان الرشع اإلسالمي يستوجب مقاتلتهم حتت عنوان »جهاد املارقي، بعد أن ُبذل هلم من العدل واإلنصاف ما مل يكونوا يطمعون به...«)89(. أّما هوية أهل

كرسوان، ففيها نزاع بي الباحثي الذين تناولوها وإْن كّنا نرى أهنم دروز منشقون عن دعوة التوحيد)90(.هذه األسباب التي أوضحنا بعضها أعاله، أوجبت عىل السلطات اإلسالمية اململوكية يف دمشق بتجريد محلة عسكرية عىل كرسوان وُجرده أّدت إىل هتجريهم، وكانوا، بحسب صالح بن حييى، أربعة آلف راجل)91(. أّما املقريزي، فيقول إن عدد الرماة منهم اثنا عرش ألف راٍم)92(. ول شك يف أن تقدير كلٍّ من ابن حييى واملقريزي كان ما فإن معدومة، التارخيية احلقبة تلك يف السكانية املعطيات أن من فبالرغم التساؤل؛ من الكثري حيمل يتعلق باجلوائح التي اقترصت إحصاءاهتا التقريبية عىل املدن الكبرية كدمشق وحلب)93(، يعني تسليمنا بقول

83 ابن حييى، تاريخ بريوت، ص 26 .84 النويري، ج 31، ص 408.

85 بيبريس املنصوري، كتاب التحفة امللوكية ىف الدولة الرتكية: تاريخ دولة املامليك البحرية ىف الفرتة من 648-711 هجرية، نرشه وقدم له ووضع فهارسه عبد احلميد صالح محدان )القاهرة: الدار املرصية اللبنانية، 1987(، ص 262.

86 العالمة تقي الدين ابن تيمية، أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم بن عبد اهلل بن أيب القاسم احلراين،661ـ 728هـ / 1262ـ1327م. الوايف أيبك الصفدي، ث شيخ اإلسالم، انظر: صالح الدين خليل بن الفقيه املجتهد احلافظ املحدِّ العامل العالمة املفرس الشيخ اإلمام

بالوفيات، حققه وعّلق عليه أبو عبد اهلل جالل األسيوطي )بريوت: دار الكتب العلمية، 2010(، ج 5، ص 257 و262 .87 حممد بن قالوون بن عبد اهلل الصاحلي امللك النارص ابن املنصور) 684ـ 741هـ / 1285ـ 1340م (، توىّل سلطنة املامليك بتقطع حتى وفاته، انظر: شهاب الدين أمحد بن عيل بن حجر العسقالين، الدرر الكامنة يف اعيان املائة الثامنة، حتقيق وتعليق أمحد فريد املزيدي

)بريوت: دار الكتب العلمية، 1998(، مج 2، ج 4، ص 90 و92.88 املقديس، ص 155 .

89 املصدر نفسه، ص 157.90 نايل أبو شقرا، تاريخ لبنان أزمة نص ومصطلح وهوية، بريوت: ]املؤلف[، 2004(، ص 181-180.

91 ابن حييى، تاريخ بريوت، ص 96. 92 املقريزي، السلوك ملعرفة دول امللوك، ج 2، ص 331.

93 فادي الياس توا، املناخ واألسعار واألمراض يف الشام يف بالد عهد املامليك )648ـ 922هـ/ 1250ـ 1516م( )بريوت: ]د. ن.[، 1998(، ص 377 ـ 378.

دراسات

البنى السكانية في جبل لبنان 1250 ـ 1850

العدد 2023

شتاء 2013

ر بعرشين ألف نسمة، وتسليمنا بمقولة املقريزي أن العدد ابن حييى إن األربعة آلف راجل مع عائالهتم يقدَّاإلمجايل يقّدر بستي ألف نسمة، وهذان احلاصالن ناجتان من رضب عدد الرجالة أو الرماة بالعدد مخسة، وهو رقم اعتمده باحثون يف التاريخ العثامين)94(، علاماً أن بعض الدارسي جيعل هذه العدد ستة بدلاً من مخسة. ويف ا إىل كلتا احلالتي، فإن املشهد الذي تقدمه النصوص التارخيية يكشف عن مأساة أهل كرسوان الذين ُنقلوا قرساًجزين والبقاع وطرابلس. وهكذا، ُأفرغت كرسوان من أهلها، ونقلت السلطات اململوكية من حل حملهم من

اجلامعات الرتكامنية)95(.

2- المسيحيون وإنماء بالد الدروزمن متّكنت خارجية قوى وجود ظل يف طوائفي تعاييش مأزق عن كشفت عرش الرابع القرن حوادث إن هؤلء ارتباط أن تفاقمه يف وزاد والدروز، والنصريية واإلسامعيلية كالشيعة املذهبية، األقليات استدراج ا اسمياًا؛ إذ إن عدم اندماجهم يف املجتمع األكثري اإلسالمي كان سبباًا يف بالسلطة اإلسالمية مل يكن إّل ارتباطاًانعزاهلم مع املوارنة يف اجلبال العالية البعيدة عن املدن الساحلية، التي مل تكن توّفر هلم سوى األمن اجلزئي. ومع األخذ يف عي العتبار سكوت املصادر التارخيية عن حراك اجتامعي يف جبل لبنان خالل القرن اخلامس عرش، فإن يف اإلمكان التحدث عن تبّدل يف املشهد السكاين يف القرن السادس عرش، حيث إن مجاعات من أهل السّنة واجلامعة والشيعة والدروز واملوارنة توّطنت كرسوان، يف حي اختفت عن جبل لبنان اجلنويب الِفرق املذهبية إقليم اخلروب عىل ساحل بام يف ذلك العقيدة، الربوة)96(، وكانت يف معظمها فاطمية التي حتّدث عنها شيخ قضاء الشوف، حيث حتّول أهله إىل السّنة، وأصبحت اخلريطة السكانية تقترص عىل ثالثة مذاهب يف جبل لبنان اجلنويب، الدروز يف األشواف، مع رصد وجود سّني يف بعض القرى كالباروك)97( وجمدل املعوش)98(، والشيعة

يف إقليم جزين، والسّنة عىل ساحل الشوف بي صيدا والدامور. تشري املصادر التارخيية إىل تغرّي لفت يف البنية السكانية مع بدايات العهد العثامين؛ إذ يظهر أن الدروز مل يتقّبلوا احلكم العثامين اجلديد، فقاموا بمحاولت عدة تكشف عن تواطئهم مع املامليك الذين كانوا قد أزحيوا عن بالد ا من عام 922هـ/1506م. وتسجل احلوادث األمنية ثالث محالت عسكرية قام هبا العثامنيون ضد الشام بدءاًاملتن والشوف احليطي، ُقتل بنتيجتها عدد من الدروز تم إحصاؤه بالرؤوس التي ُنقلت عىل اجلامل إىل دمشق)99(. ومع ذلك، ل يمكن تغييب العامل القتصادي املتمّثل يف عدم قيام بعض اجلامعات الدرزية بدفع الرضائب؛ أثريت 1565م، / 973هـ عام الشام نائب إىل )السلطاين( اهلاميوين الديوان من مرسل سلطاين حكم ففي مسألة طائفة من الدروز يف إحدى قرى ناحية اجلرد، حيث »رفعوا لواء العصيان، وامتنعوا عن دفع ما يستحق

الديموغرافيا -األديان واملذاهب )بريوت: ]املؤلف[، التقسيامت االدارية- السادس عرش: القرن لبنان يف 94 عصام خليفة، نواحي 2004(، ص 10-11، وشوفاليه، ص 119.

95 املقديس، ص 160 .96 انظر اإلشارة إىل وادي التيم وجبل الشيخ، ص 190.

97 خليفة، 174 . 98 نجم الدين حممد بن حممد الغزي، الكواكب السائرة بأعيان املئة العارشة، حققه وضبط نصه جربائيل سليامن جبور ، ط 2 )بريوت: دار اآلفاق اجلديدة، 1979(، ج 1، ص 51 وج 2، ص 184، وحممد بن عيل بن طولون، مفاكهة اخلالن يف حوادث الزمان : تاريخ مرص حققه وكتب له املقدمة واحلوايش والفهارس حممد مصطفى، تراثنا، 2 ج )القاهرة: املؤسسة املرصية العامة للتأليف والرتمجة والشام،

والطباعة والنرش، 1962-1964(، القسم األول من 359 .99 حممد بن عيل بن طولون: اعالم الورى بمن ويل نائبا من االتراك بدمشق الشام الكبى، حتقيق حممد امحد دمهان )دمشق: دار الفكر، 1983(، ص 257، وحوادث دمشق اليومية غداة الغزو العثامين للشام، 926-951 هـ : صفحات مفقودة تنرش للمرة االوىل من كتاب مفاكهة اخلالن يف حوادث الزمان البن طولون الصاحلي الدمشقي، حتقيق امحد ايبش، اعادة استكشاف سورية؛ 1 )دمشق: دار األوائل،

2002(، ص 170.

203

عليهم من حقوق ورسوم«)100(. إن قراءة التاريخ املعني )1449هـ / 1697م( بتجرد وموضوعية تنحو إىل تسجيل ريادية ظاهرة للمسيحيي بشكل عام، واملوارنة بشكل خاص، يف مسألة نمو اقتصاد بالد الدروز التي الدروز عىل السادس عرش، وحالت دون متّدد القرن بداية التي سبقت املرحلة بالغة خالل عانت صعوبات مساحات إضافية خارج مواقعهم السكنية. وقد ترافق تسليم ُعَهد)101( جبل لبنان اجلنويب للعائلة املعنية السّنية املذهب)102(، مع التقاء مصلحة املسيحيي مع مصلحة الدروز، ذلك أن التوّطن املسيحي يف جبل لبنان األوسط األهايل ُيرهقون كانوا للموارنة، حيث أمهها اضطهاد موظفي ولية طرابلس أوجبته عوامل عدة، واجلنويب ا إنتاجياًا يؤّمن دفع الرضائب. وقد نجح بالرضائب، وحاجة الدروز إىل يد عاملة فاعلة يمكن أن حتقق هلم فائضاًاملوارنة وامللكيون)103( يف إعادة إحياء األرض من خالل عقود رشاكة رشعية )املزارعة، املساقاة، الرشاكة عىل األرض والشجر(؛ هذا التوّطن يف جبل لبنان جرى يف مرحلة قصرية نسبياًا ل تتجاوز القرن، إذ بدأت اهلجرات البعثة أفراد أحد إليانو، األب من مرسل تقرير ويفيد عرش. السادس القرن من األول النصف يف املسيحية إليانو: »ويف بالد يقول الدرزية. القرى بتوّطن موارنة يف بعض لبنان، مؤرخ عام 1578م، البابوية إىل جبل الدروز مخس أو ست قرى يسكنها قوم من املوارنة...«)104(. وتقّدم املصادر التارخيية مالمح واضحة هلجرات هذه اجلبلية. املناطق باجتاه ا صعوداً عرش السابع القرن أواخر خالل متّددت لبنان، جبل ساحل باجتاه ملكية ا عىل صعيد التأريخ جلبل لبنان وبناه السكانية يف ظل ادارة عثامنية مركزية ناشطة، املرحلة هي األكثر وضوحاًولذلك، فإن القرن السادس عرش شهد هجرات طوائفية إىل جبل لبنان األوسط واجلنويب، سببها رغبة السلطان سليم )918 – 927 هـ/ 1512- 1520م ( يف إعامر البلدان »حيث قُدمت إليه الناس من كل جانب، فقُدم املتاولة من بالد بعلبك... وسكنوا يف برّمانا ومزارع كرسوان، وكذلك النصارى جاؤوا من بالد طرابلس«)105(، فسكنوا يف عرامون وكفور الفتوح وغزير وبّلونة. أّما املنطقة اجلنوبية من جبل لبنان، فكانت يف غالبيتها درزية املذهب، مع أقلية شيعية وسّنية ومسيحية. ويتضح من اإلحصاءات العثامنية الرسمية أن اخلريطة السكانية جلبل

لبنان الشاميل واألوسط واجلنويب كان خالل النصف الثاين من القرن السادس عرش عىل الشكل التايل)106(:

100 بالد الشام يف األحكام السلطانية الواردة يف دفاتر املهمة، إعداد وترمجة فاضل بيات، منشورات جلنة تاريخ بالد الشام، 3 ج )عامن: جلنة تاريخ بالد الشام، 2005-2007(، ج 1، ص 315 و316.

101 العهدة نظام التزام الريع العقاري .ا املعرفة املتعلقة هبذه الوقائع، وهذا التعريف املزدوج ل يعني بطبيعة احلال 102 املعنيون السّنة: التاريخ جمموع وقائع املايض، وهو أيضاًا بي وقائع املايض واملعرفة التارخيية هبذه الوقائع. إن معظم حوادث تاريخ لبنان يف العرصين الوسيط واحلديث قد ا لزماً أن هناك تطابقاًتناولتها النصوص التارخيية بقالب روائي رسدي، من دون أن يسَند احلادث إىل شاهد عيان أو مْعلم أركيولوجي، أو وثيقة مكتوبة، وهذا ُيضعف النص التارخيي ويعّرضه للنقد، والتاريخ املعني واحد من املحطات املهمة يف تاريخ لبنان الذي مل يشّكل معه حتى صدور كتابنا تاريخ لبنان أزمة نص ومصطلح وهوية الذي تناولنا فيه تاريخ األرسة املعنية، وشّككنا يف درزيتها، وأثبتنا أهنا سّنية املذهب. إضافة إىل ا بإدارة شؤون ناحية معّينة لرافيض، أكان من الشيعة اإلسامعيلية أم من الدروز أو النصريية، ألهنا ذلك، مل تصدر السلطات اململوكية تقليداًمل تكن تأمتنهم عىل محاية الثغور وجباية األموال وحفظ بيضة اإلسالم، وألهنم أظهر معاندة لسّنة رسول اهلل )ملسو هيلع هللا ىلص(ورشائع دينه من سائر أهل األهواء، علاماً أن أرسة املعنيي كانت حارضة يف النصوص التارخيية منذ عام 853هـ / 1449م، وأن أحد موفدي البابوية يف روما قال يف تقريره عام 1578م: »... هؤلء الدروز معروفون ببسالتهم ولطفهم، ومعادون لألتراك، وهم مع ذلك حمالفون لألمري العريب، وهذا يعني أهنم معادون للمامليك، ومع ذلك متعاونون مع ممّثل هذه السلطة يف ناحية الشوف«. انظر: املوسوعة الفلسفية العربية، مج 1، ص 216؛ أبو شقرا، تاريخ لبنان، ص 247 وما بعدها؛ بطرس فهد، عالقات الطائفة املارونية بالكريس الرسويل املقدس )جونية، لبنان: جمموعة الفتاوى، حتقيق خريي سعيد مطابع الكريم احلديثة، ]د. ت.[(، ص 66، وأبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين،

)القاهرة: املكتبة التوفيقية، 2000(، مج 15، ج 28. 103 امللكيون أتباع أحد املذاهب املسيحية.

104 فهد، ص 66 .105 الدوهيي، ص 392. وهذه القرى كانت تابعة لناحية كرسوان واجلردين .

106 املكلَّف هو دافع الرضائب.

دراسات

البنى السكانية في جبل لبنان 1250 ـ 1850

العدد 2043

شتاء 2013

ذكور مكلَّفني)107(

عدد الناحيةالقرى

عدد املكلَّفني

عدد السكان املذاهبرضب عدد 5

شيعة سّنة نصارى دروز

26 11 882 ـ 4595 919 40 برّشي

136 261 852 ـ 6245 1249 41 البرتون

102 29 353 ـ 2420 484 46 جبيل

385 113 342 52 4460 892 36 كرسوان واجلردين

ـ 27 2 771 4000 800 24 املتن

ـ 102 ـ 774 4380 876 18 جرد

61 63 ـ 1624 8740 1748 32 غرب

ـ ـ ـ 2125 212510625 45 شوف ابن معن وشويزاين

40 726 ـ ـ 3830 766 21 إقليم اخلروب

1243 ـ ـ ـ 6215 1243 25إقليم التفاح

300 ـ ـ ـ 1500 300 1 جزين

11402570105346243113322293 329املجاميع

الديني السكان انتامء معرفة العتبار صعوبة أخذت يف عي د. عصام خليفة قّدمها التي القراءة أن ُيذكر إىل ا نظراً متعّذر املعلومات حتليل فإن وعليه، في. واملكلَّ القرى أسامء قراءة استحالة وكذلك واملذهبي، األوسط لبنان جبل جغرافية ضمن تفعل قد السكانية البنى يف التطور فإن ذلك، ومع العتبار. هذا املتن واجلرد والغرب السابع عرش هجرات متتالية للموارنة حّطت رحاهلا يف القرن واجلنويب، حيث شهد ا يقول فيه: 1614 قّدم »ماشنجي«، وهو أحد مبعوثي أمري توسكانا، تقريراً ابن معن؛ فقرابة عام وشوف ويذكر األب العطف«)108(. بعي ترفقهم أن إىل سموك يتوسلون املسيحيي كبري من البالد عدد »يف هذه توما فيتايل يف تقريره عن لبنان عام 1643 »أن مقاطعة صيدا... فيها املسلم واملاروين وامللكي واليهودي، القرى املوارنة يف الوقت عىل وجود يُطل ومل والدروز«)109(. املوارنة أيدي للمدينة يف املجاورة واحلقول القريبة من صيدا واملعروفة بإقليم التفاح، حتى بدأت هجرة النصارى امللكية إىل اإلقليم املذكور والشوفي احليطي والشويزاين؛ ففي عام 1648 زار البطريرك مكاريوس احللبي مدينة صيدا وعدة قرى يف ما ُيعرف وإذا القرى)110(. هذه يف رعيته تفّقد الزيارة هدف وكان التفاح. إقليم يف وأخرى الشوف، بقضاء اليوم

107 خليفة، ص 227-224 .108 بولس قرأيل، فخر الدين املعني الثاين: حاكم لبنان )بريوت: دار حلد خاطر، 1992(، ص 205.

109 لبنان يف السنة 1643م نقالاً عن: تقرير االب فيتايل، عّربه وعّلق عىل حواشيه اخلوري بولس قرأيل )طرابلس: مطبعة صدى الشامل، 1938(، ص 12 .

110 تاريخ طائفة الروم امللكية والرهبانية املخلصية، بقلم قسطنطي الباشا املخليص، 2 ج )صيدا، لبنان: مطبعة دير املخلص، 1938(، ج 1، ص 109-108 .

205

بدليل عرش، السادس القرن من األول النصف قبل حتصل مل الدروز بالد إىل املارونية اهلجرات كانت ذكرها التي القرى أن عىل عالوة توّطنهم، تؤكد العثامنية اإلحصاء دفاتر يف اسمية إشارات وجود عدم ا التفاح الذي كان تابعاً األرشيدياكون بولس حول سفرة والده املطران مكاريوس، والذي يعّينها يف إقليم الليمون، كفربيت، كفرحّتا)111(، التحديد: كفر ملكة، عربا، بريت، وادي الدرزية، وهي عىل وجه لإلمارة وكفرحّتا)112(، كفرملكة مها منها اثنتي إىل إّل عرش السادس القرن يف العثامين اإلحصاء دفاتر ُترش ومل املعنيون، وكان عرش. السادس القرن أواخر قبل املناطق هذه يف مسيحيي توّطن عدم يؤكد ذلك فإن أحياناًا القوة وبمنطق أحياناًا رشعية بإجازة الدرزية، اإلمارة خارج نفوذهم مّدوا قد لبنان، جبل أمراء الدروز بالد إىل مداها تأخذ املسيحية اهلجرة عمليات فيه العثامنية السلطات تركت وقت ويف أخرى. يمكن ل أمر وهذا التفاح، إقليم وبعض جزين من للشيعة خروج هناك كان عرش، السابع القرن خالل تفسريه إّل يف سياق سيايس بقرار من السلطات العثامنية، أو قد يكون نتيجة رصاع ديني مع الدروز. ومنذ حتّكم بسبب للدروز لفت سكاين نمو غياب يف املوارنة إىل متيل السكانية املعادلة بدأت الوقت، ذلك ثالثة أسباب معيقة هي: حتريم العقيدة الدرزية الزواج بأكثر من امرأة؛ النقص املتتايل يف عدد الذكور من والعقم، الرجال(، عىل القارص احلق )وهو الطالق اخلصوص »وبوجه القتالية؛ العمليات نتيجة الدروز تنرّص ومع باملسيحيي«)113(. باملقارنة للغاية مبكرة سن يف عادة يتزوجون الدروز أن إىل سببه وُيعزى يتمظهر املاروين السيايس الواقع أخذ لبنان، جبل حكم توّلوا الذين ولسيام الشهابيي، األمراء بعض للموارنة، استقطاب مواقَع شّكلت التي األديرة كثرت حيث اجلبل، سياسة مرسح عىل النفوذ من بوجه كان تغيريي ملرشوع كحامل املارونية الكنيسة وبرزت اإلنتاج. آلليات ا متفوقاً عامالاً اجلبائي املفهوم ويف النصف يف مظاهره أحد فكان سواء، حد عىل واملاروين والشيعي الدرزي اإلقطاع حتجيم أهدافه من الثاين من القرن الثامن عرش إزاحة الشيعة)114( عن جّبة املنيطرة ووادي علامت وجبيل والبرتون والفتوح، وهي قرى يف شامل ووسط جبل لبنان لصالح املوارنة، وذلك عرب آليات السلطة السياسية التي بدأت عام 1771. ويف املرحلة التارخيية ذاهتا، وعىل خلفية الرصاع الرويس - العثامين والرصاع اململوكي - املرصي والعثامين، تكّبد الدروز، نتيجة مواجهة حاكم عكا الشيخ ضاهر العمر السّني املذهب، وكان يقاتل بشيعة ا مذهبياًا متّلك أهل جبل لبنان من صور وبالد بشارة يف معركة النبطية، 1500 قتيل، أضف إىل ذلك سلوكاًمن وذلك عرش، التاسع القرن من األول الربع يف السياسية السلطة فيه سامهت قد وكان كلها، طوائف

خالل نفوذ الزعيم الدرزي بشري جنبالط واألمريين الشهابي يوسف وبشري. ا عاّم وصل إليه املوارنة من تفّوق يف القتصاد الذي بات سمة بارزة من خالل ربط هذا ومل يكن الشيخ بشري بعيداًنواحي جبل لبنان بشبكة من العالقات التجارية شّكلت نواهَتا قرى دير القمر وجزين وزحله ومدن الساحل. لذلك كانت رغبته يف استثامر احلوادث الطائفية يف منطقة حلب من الشامل السوري بي السّنة والدروز، فعمل عىل إقناع األمري بشري بنقل دروز اجلبل األعىل )جبل السامق(، أو جبل األربعي كام ُيعرف اليوم، فقرر األمري تسهيل نقلهم إىل املناطق السكنية الدرزية يف اإلمارة الشهابية، وقد كانوا 400 عائلة، مات منهم الكثري)115(. ولكن هذه

111 املصدر نفسه، ج 1، ص 108.112 خليفة، ص 182.

113 شوفاليه، ص 130. 114 خمترص تاريخ جبل لبنان، تأليف انطونيوس أيب خطار العينطوريني؛ طبعة األب اغناطيوس طنوس اخلوري؛ نظر فيها وحققها حممود وأمحد ،70-69 ص ،)1983 والتوزيع، والنرش للطباعة خاطر حلد دار )بريوت: 3 تارخيية؛ وأصول مراجع ، قطار الياس النور أنطوان عبد الرابع عرش والثامن عرش،« إرشاف القرن املارونية بي النزوح السالم واهلجرة سويدان، »كرسوان وجبيل ما بي

)رسالة ماجستري، اجلامعة اللبنانية، قسم التاريخ، 1980(، ص 109-108 . 115 حيدر أمحد الشهايب، لبنان يف عهد األمراء الشهابيني: وهو اجلزء الثاين والثالث من كتاب الغرر احلسان يف أخبار أبناء الزمان، عني بضبطه ونرشه وتعليق حواشيه ووضع مقدمته وفهارسه أسد رستم وفؤاد افرام البستاين، منشورات اجلامعة اللبنانية. قسم الدراسات

التارخيية؛ 1969 )بريوت: منشورات اجلامعة اللبنانية، قسم الدراسات التارخيية، 1969(، ق 2، ص 574.

دراسات

البنى السكانية في جبل لبنان 1250 ـ 1850

العدد 2063

شتاء 2013

ا بي طوائف اجلبل. احلمولت اإلضافية مل تغرّي شيئاًا يف املعادلة السكانية، إذ بقي املوارنة هم األكثر عدداًبجميع يمسك كان الذي الدرزي وجهه ولسيام اإلقطاع، لزعزعة ومنطقية وجيهة أسباب هناك كان لقد الفقراء التاسع عرش، بعد أن تراجع دخل القرن الربع األول من لبنان حتى هناية السياسية يف جبل األوراق العقارية يف أيدي قلٍة من أعيان اجلبل. وقد ترافق ذلك مع تعرض املْلكيات الطوائف كافة، وانحرصت من الصيغة السياسية يف اجلبل لعوامل خارجية متّثلت يف ظهور حممد عيل باشا يف مرص، وتبلور مرشوعه السيايس يف السيطرة عىل بالد الشام عىل حساب السلطنة العثامنية، وكان عليه لفتح بالد الشام هتيئة الظروف السياسية يف جبل لبنان، التي جتسدت بتحالفه مع حاكم اجلبل األمري بشري، والتخلص من رشيكه القوي يف السلطة الشيخ بشري جنبالط، فتّمت تصفيته جسدياًا عام 1825، وما لبث اجليش املرصي أن دخل بالد الشام ومعه مرشوع تفكيك العالقة بي الدروز واملوارنة، الذي ساهم بشكل فاعل يف الرشخ الكبري بي الطائفتي، وبخروج اجليش األمري لبنان حاكم معه خرج يطلبه)116(، كان الذي السند الشام بالد يف جيد مل ألنه إخفاقه، نتيجة املرصي بشري الشهايب. وقد مّزقت هذه احلوادث جمتمع جبل لبنان بي دروز يسعون إىل إبقاء صيغة احلكم اإلقطاعي، يف قائمقاميتي إىل اجلبل يقسم نظام اعتامد ورغم زمنها. يف مفاهيمه بكل الستقالل إىل يطمحون وموارنة الفرتة 1842- 1858، واحدة درزية وأخرى مسيحية، فإن النقسام كان قد بلغ أشّده بعد أن دخلت الدول الغربية بطموحاهتا السياسية يف تأدية دور عىل صعيد رضب اإلمرباطورية العثامنية، »فقد تركت ثامين سنوات

ا من الشك والريبة بي الفريقي مل يكن من السهل نسيانه«)117(. من الحتالل املرصي تراثاًلقد كانت املقّومات السياسية والقتصادية والجتامعية كلها جاهزة عند املوارنة؛ ففي السياسة متّكن املوارنة من بناء عالقات وطيدة مع الغرب األورويب، ويف القتصاد كان تفّوقهم لفتاًا من خالل متّلكهم األرايض بالطرق ا إىل دراسة الرشعية عن طريق رشائها من الدروز)118(، ويف الجتامع كان تفّوقهم العددي عىل الدروز؛ فاستناداًا أجريت عام 1845 يف مجيع املناطق، اسُتخلص أن »... املسيحيي كانوا يشّكلون يف جممل املناطق اخلاضعة سابقاًحلكم األمري بشري ما يقارب 79 % املئة من السكان، والدروز 12 % منهم... حتى اجلنوب الدرزي تم اكتساحه، املقاطعات املسيحيي مقابل 21%، ويف نطاق يقارب 73% من التابع لولية صيدا هناك ما ففي نطاق اجلبل املختلفة هناك 69% من املسيحيي مقابل 24% من الدروز، ويف نطاق األرايض املنسوبة إىل القائمقامية الدرزية

هناك 60% من املسيحيي مقابل 32% من الدروز)119(«.إىل الزراعة من التدرجيي النتقال صعيد عىل املوارنة تطّور مع ترافق الذي السكانية، البنى يف التحّول هذا اهليكلية ق ومتزُّ لبنان، جبل ساحة عىل أساس كطرف املارونية الكنيسة وظهور املربحة، السوق عمليات السياسية لإلقطاع بسبب تراجع مداخيل القطاع الزراعي، بحيث أصبحت املْلكيات العقارية عبئاًا عىل أصحاهبا ا مارونية، كل هذا جعل نتيجة الرضائب املفروضة عليها، يف حي تطّورت السوق التجارية وطّورت معها رموزاًمن مشايخ اإلقطاع رهينة هلا، عرب الستدانة منها. وكان للظروف السياسية التي ساهم فيها اخلارج من خالل إزاحة األمراء الشهابيي املوارنة عن إمارة اجلبل، وحماولت اإلقطاع الدرزي إعادة اإلمساك بصيغته السياسية، ورفض املوارنة هلذه الصيغة، هذه األسباب جمتمعة أّدت إىل اصطدام املوارنة بالدروز عىل نحو متقّطع منذ عام

أ للموارنة. 1840 حتى النفجار الكبري عام 1860، حي بدأ بعدها حكم اجلبل، وبالتايل لبنان، هييَّ

116 جورج أنطونيوس، يقظة العرب: تاريخ حركة العرب القومية، ترمجة نارص الدين األسد وإحسان عباس، ط 7 )بريوت: دار العلم للماليي، 1982(، ص 96.

117 كامل الصليبي، تاريخ لبنان احلديث، ط 4 )بريوت: دار النهار للنرش، 1978(، ص 80 .118 نايل أبو شقرا، التحوالت االقتصادية واالجتامعية يف جمتمع جبل لبنان، 1550-1900: انموذج عامطور، جزين-اقليم التفاح:

دراسة موثقة، قدم له عصام خليفة وسليامن تقي الدين )لبنان: دار اشارات، 1999(، ص 250.119 شوفاليه، ص 137-136.

207

المراجع

كتب

املكتبة القاهرة: سعيد. خريي حتقيق الفتاوى. جمموعة احلليم. عبد بن أمحد العباس أبو احلراين، تيمية ابن التوفيقية، 2000.

أمحد الكبى. حتقيق حممد الشام بدمشق االتراك من نائبا بمن ويل الورى أعالم بن عيل. ابن طولون، حممد دمهان. دمشق: دار الفكر، 1983.

تنرش مفقودة صفحات : هـ 951-926 للشام، العثامين الغزو غداة اليومية دمشق حوادث .________للمرة االوىل من كتاب مفاكهة اخلالن يف حوادث الزمان البن طولون الصاحلي الدمشقي. حتقيق امحد

ايبش. دمشق: دار األوائل، 2002. )اعادة استكشاف سورية؛ 1(______. مفاكهة اخلالن يف حوادث الزمان: تاريخ مرص والشام. حققه وكتب له املقدمة واحلوايش والفهارس للتأليف والرتمجة والطباعة والنرش، 1962- العامة القاهرة: املؤسسة املرصية حممد مصطفى. 2 ج.

1964. )تراثنا(ابن عبد اهلادي، أبو عبد اهلل حممد بن أمحد. العقود الدرية من مناقب شيخ االسالم أمحد بن تيمية. بتحقيق حممد

حامد الفقي. صيدا، لبنان؛ بريوت: املكتبة العرصية، 2005.ابن فضل اهلل العمري، أبو العباس أمحد بن حييى. التعريف باملصطلح الرشيف. عني بتحقيقه وضبطه وتعليق

حواشيه حممد حسي شمس الدين. بريوت: دار الكتب العلمية، 1988.ابن قيم اجلوزية، أبو عبد اهلل حممد بن ايب بكر. إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان. حققه وكتب هواشيه حممد

حامد الفقي. ط 3. بريوت: دار الكتب العلمية، 2004.البداية والنهاية. وّثقه وقابل خمطوطاته الشيخان حممد معوض وعادل ابن كثري، أبو الفداء اسامعيل بن عمر.

أمحد عبد املوجود؛ وضع حواشيه أمحد أبو ملحم وآخرين. بريوت: دار الكتب العلمية، 2001.ابن كنان، حممد بن عيسى. املواكب االسالمية يف املاملك واملحاسن الشامية. حتقيق ودراسة حكمت اسامعيل؛ مراجعة حممد املرصي. 2 ق. دمشق: وزارة الثقافة، 1992. )وزارة الثقافة والرشاد القومي، احياء

الرتاث العريب; 93-92(.ابن الوردي، زين الدين عمر بن مظفر. تاريخ ابن الوردي أو تتّمة املخترص يف أخبار البرش. بريوت: دار الكتب

العلمية، 1996.تتمة املخترص يف أخبار البرش. القاهرة: مجعية املعارف، 1868. .______

ابن حييى، ابن صالح بن احلسي صالح. تاريخ بريوت، وهو أخبار السلف من ذرية بحرت بن عيل أمري الغرب ببريوت. أرشف عىل حتقيقه فرنسيس هورس اليسوعي، كامل سليامن الصليبي؛ بالشرتاك مع انطوان

كوت ]وآخرون[. بريوت: دار املرشق، 1986.أبو شقرا، نايل. تاريخ لبنان أزمة نص ومصطلح وهوية. بريوت: ]املؤلف[، 2004.

______. التحوالت االقتصادية واالجتامعية يف جمتمع جبل لبنان، 1550-1900: انموذج عامطور، جزين-اقليم التفاح: دراسة موثقة. قدم له عصام خليفة وسليامن تقي الدين. لبنان: دار اشارات، 1999.

أبو الفداء، عامد الدين اسامعيل بن عيل. تاريخ أيب الفداء، املسمى، املخترص يف أخبار البرش. علق عليه حممود ديوب. بريوت: دار الكتب العلمية، 1997.

دراسات

البنى السكانية في جبل لبنان 1250 ـ 1850

العدد 2083

شتاء 2013

تقويم البلدان. بريوت: دار صادر، ]د. ت.[. .______الكتب[، عامل ]بريوت: اآلفاق. اخرتاق يف املشتاق نزهة كتاب حممد. بن حممد اهلل عبد أبو اإلدرييس،

.1989العامة املرصية اهليئة القاهرة: عرشية. واالثني الفاطمية الشيعة عن اخلفية احلقائق حسن. حممد األعظمي،

للتأليف والنرش، 1970.أنطونيوس، جورج. يقظة العرب: تاريخ حركة العرب القومية. ترمجة نارص الدين األسد وإحسان عباس. ط

7. بريوت: دار العلم للماليي، 1982.الربزايل، علم الدين ابو القاسم بن حممد. املقتفى عىل كتاب الروضتني. حتقيق عمر عبد السالم تدمري. صيدا،

لبنان؛ بريوت: املكتبة العرصية، 2006.بالد الشام يف األحكام السلطانية الواردة يف دفاتر املهمة. اعداد وترمجة فاضل بيات. 3 ج. عامن: جلنة تاريخ بالد

الشام، 2005-2007. )منشورات جلنة تاريخ بالد الشام(تاريخ طائفة الروم امللكية والرهبانية املخلصية. بقلم قسطنطي الباشا املخليص. 2 ج. صيدا، لبنان: مطبعة دير

املخلص، 1938.توا، فادي الياس. املناخ واألسعار واألمراض يف الشام يف بالد عهد املامليك )648ـ 922هـ/ 1250ـ 1516م(.

بريوت: ]د. ن.[، 1998.تاريخ حوادث الزمان وانبائه ووفيات األكابر واألعيان من أبنائه اجلزري، شمس الدين ابراهيم بن أيب بكر. العرصية، املكتبة لبنان: تدمري. 3 ج. صيدا، السالم حتقيق عمر عبد اجلزري. ابن بتاريخ املعروف

.2006املرصية، 1959. النهضة القاهرة: مكتبة نظمها، عقائدها. تارخيها، اإلسامعيلية: حسي، حممد كامل. طائفة

)املكتبة التارخيية؛ 4(الديموغرافيا -األديان واملذاهب. التقسيامت االدارية- السادس عرش: القرن لبنان يف خليفة، عصام. نواحي

بريوت: ]املؤلف[، 2004.دفرتي، فرهاد. اإلسامعيليون: تارخيهم عقائدهم. ترمجة سيف الدين القصري. بريوت: دار الساقي، 2012.

خرافات احلشاشني وأساطري اإلسامعيليني: دراسة يف أصول اخلرافات وتاريخ وضعها وتطورها .______منذ العصور الوسطى وحتى القرن التاسع عرش. ترمجة سيف الدين القصري. دمشق: دار املدى للثقافة

والنرش، 1996.أ. مهران. حتقيق والبحر، الب الدهر يف عجائب نخبة ابو عبد اهلل حممد األنصاري. الدين الدمشقي، شمس

ليدن: هرازوفتش، 1923[.الدواداري، أبو بكر عبد اهلل بن أيبك. كنز الدرر وجامع الغرر. القاهرة: سامي اخلانجي، 1960-1982. ج

9: الدر الفاخر يف سرية امللك النارص. حتقيق هانس روبرت رويمر )1960(.الكريم لبنان: مطابع تاريخ األزمنة. نرشه ألول مرة وعّلق حواشيه بطرس فهد. جونيه، الدوهيي، اسطفان.

احلديثة 1976.الذهبي، أبو عبد اهلل حممد بن أمحد. من ذيول العب. حتقيق حممد رشاد عبد املطلب؛ راجعه صالح الدين املنجد وعبد الستار أمحد فراج؛ بإرشاف جلنة فنية بوزارة اإلرشاد واإلنباء. الكويت: مطبعة حكومة الكويت،

]د. ت.[. )الرتاث العريب؛ 17(

209

زجليات جبائيل ابن القالعي. دراسة وحتقيق بطرس اجلميل. بريوت: دار حلد خاطر للطباعة والنرش والتوزيع، 1982. )أصول ومراجع تارخيية؛ 2(

يف احلسان الغرر كتاب من والثالث الثاين اجلزء الشهابيني: وهو األمراء لبنان يف عهد أمحد. الشهايب، حيدر أخبار أبناء الزمان. عني بضبطه ونرشه وتعليق حواشيه ووضع مقدمته وفهارسه أسد رستم وفؤاد افرام البستاين. بريوت: منشورات اجلامعة اللبنانية، قسم الدراسات التارخيية، 1969. )منشورات اجلامعة

اللبنانية. قسم الدراسات التارخيية؛ 1969(.الشهرستاين، أبو الفتح حممد بن عبد الكريم. امللل والنحل. حتقيق أمحد فهمي حممد. ط 7. بريوت: دار الكتب

العلمية، 2004.عبداهلل منى الفرنسية عن نقلته أوروبا. يف الصناعية الثورة عرص يف لبنان جبل جمتمع دومينيك. شوفاليه،

عاقوري؛ نظر يف الرتمجة أمحد بيضون. بريوت: دار النهار، 1994.األسيوطي. جالل اهلل عبد أبو عليه وعّلق حققه بالوفيات. الوايف أيبك. بن خليل الدين صالح الصفدي،

بريوت: دار الكتب العلمية، 2010.الصليبي، كامل. تاريخ لبنان احلديث. ط 4. بريوت: دار النهار للنرش، 1978.

ضو، أنطوان. تاريخ األمراء اللمعيني. بريوت: ]د. ن.[، 1990.عز الدين بن األثري، الكامل يف التاريخ. بريوت: دار صادر، 1982.

العيني، أبو حممد حممود بن أمحد. السيف املهند يف سرية امللك املؤيد »شيخ املحمودي«. حققه وقدم له فهيم حممد شلتوت؛ راجعه حممد مصطفى زيادة. القاهرة: دار الكاتب العريب للطباعة والنرش، 1967-1966.

)املكتبة العربية. الرتاث(.غالب، مصطفى. تاريخ الدعوة االسامعيلية. ط 3. بريوت: دار األندلس، 1979.

الغزايل، أبو حامد حممد بن حممد. فضائح الباطنية. اعتنى به وراجعه حممد عيل القطب. صيدا؛ بريوت: املكتبة العرصية، 2000.

الغزي، نجم الدين حممد بن حممد. الكواكب السائرة بأعيان املئة العارشة. حققه وضبط نصه جربائيل سليامن جبور. ط 2. بريوت: دار اآلفاق اجلديدة، 1979.

فضائل الشام. حتقيق أيب عبد الرمحن عادل بن سعد. بريوت: دار الكتب العلمية، 2001.فهد، بطرس. عالقات الطائفة املارونية بالكريس الرسويل املقدس. جونية، لبنان: مطابع الكريم احلديثة، ]د.

ت.[.قرأيل، بولس. فخر الدين املعني الثاين: حاكم لبنان. بريوت: دار حلد خاطر، 1992.

القطار، إلياس. لبنان يف القرون الوسطى، ج. 2: عهد الفرنج الصليبيني )492-690 هـ / 1099-1291 م(. بريوت: ]املؤلف[، 2008.

نيابة طرابلس يف عهد املامليك، 688 - 922 هـ / 1289 - 1515م. بريوت: اجلامعة اللبنانية، .______1998. )منشورات اجلامعة اللبنانية. قسم الدراسات التارخيية؛ 43(.

القلقشندي، أبو العباس أمحد بن عيل. صبح األعشى يف صناعة اإلنشا. رشحه وعلق عليه وقابل نصوصه حممد حسي شمس الدين. 14 ج. بريوت: دار الكتب العلمية، ]د. ت.[.

كوربان، هنري. الشيعة االثنا عرشية: يف اإلسالم اإليراين: جوانب روحية وفلسفية. ترمجة ذوقان قرقوط. ط 2. القاهرة: مكتبة مدبويل، 1993.

دراسات

البنى السكانية في جبل لبنان 1250 ـ 1850

العدد 2103

شتاء 2013

نواف نصوصه وحقق له وقدم العربية إىل نقله وفلسفية. روحية مشاهد إيران: يف اإلسالم عن .______املوسوي. بريوت: دار النهار، 2000.

لويس، برنارد. احلشيشية: االغتيال الطقويس عند اإلسامعيلية النزارية. ترمجه وزوده بمدخل تأرخيي لإلسامعيلية والقرامطة واخلالفة الفاطمية سهيل زكار. ط 2. دمشق؛ بريوت: دار قتيبة للطباعة والنرش والتوزيع،

.2006خمترص تاريخ جبل لبنان. تأليف انطونيوس أيب خطار العينطوريني؛ طبعة األب اغناطيوس طنوس اخلوري؛ )مراجع .1983 والتوزيع، والنرش للطباعة خاطر حلد دار بريوت: قطار. الياس وحققها فيها نظر

وأصول تارخيية؛ 3(.املقريزي، أبو العباس أمحد بن عيل. اتعاظ احلنفا بأخبار األئمة الفاطميني اخللفا. حتقيق حممد عبد القادر أمحد

عطا. بريوت: دار الكتب العلمية، 2001.املنجد، صالح الدين. معجم املؤرخني الدمشقيني وآثارهم املخطوطة واملطبوعة. بريوت: دار الكتاب اجلديد،

.1978املنصوري، بيربس. زبدة الفكرة يف تاريخ اهلجرة. حتقيق دونالد س. ريتشاردز. بريوت: الرشكة املتحدة للنرش،

.1988-1986 العريب، النامء معهد ]بريوت: .3 يف ج 2 زيادة. معن التحرير رئيس العربية. الفلسفية املوسوعة

.]1997مريفان، صابرينا. حركة اإلصالح الشيعي: علامء جبل عامل وأدباؤه من هناية الدولة العثامنية إىل بداية إستقالل

لبنان. ترمجه عن الفرنسية هيثم األمي. بريوت: دار النهار للنرش، 2000.العريني؛ مراجعة عبد الباز حتقيق األدب. فنون األرب يف الوهاب. هناية بن عبد أمحد العباس أبو النويري،

العزيز األهوايت. القاهرة: اهليئة املرصية العامة للكتاب، 1992.نوهيض، عجاج. التنوخي األمري مجال الدين عبد اهلل والشيخ حممد أبو اهلالل املعروف بالشيخ الفاضل. ط 2

مزيدة ومنقحة. بريوت: دار الصحافة، 1963.اهلجويري، أبو احلسن عيل بن عثامن. كشف املحجوب. دراسة وترمجة وتعليق إسعاد عبد اهلادي قنديل؛ راجع الرتمجة أمي عبد املجيد بدوي. القاهرة: املجلس األعىل للشئون اإلسالمية، جلنة التعريف باإلسالم،

.1975-1974اليونيني، قطب الدين موسى بن حممد. ذيل مرآة الزمان، تاريخ السنوات 697ـ 711هـ /1297ت -1311م.

حتقيق محزة عباس. بريوت: جامعة القديس يوسف، 1990.

رسالة

سويدان، أمحد حممود. »كرسوان وجبيل ما بي النزوح السالم واهلجرة املارونية بي القرن الرابع عرش والثامن عرش.« إرشاف أنطوان عبد النور )رسالة ماجستري، اجلامعة اللبنانية، قسم التاريخ، 1980(.