P

شرح كتابصحيح البخاري

معالي الشيخ الدكتورالله الخضير عبد الكريم بن عبد

عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية

واإلفتاء

المكان:هـ17/04/1433تاريخ المحاضرة:

شرح كتاب صحيح البخاري )150 )

2

السالم عليكم ورحمة الله وبركاته. »اليق��ول الن��ووي -رحم��ه الل��ه- في ش��رحه لح��ديث هــذا يقــول:

، يق��ول: األولىيؤمن أحدكم حتى يحب ألخيه ما يحب لنفس��ه« أن يحم���ل ذل���ك على عم���وم األخ���وة، ح���تى يش���مل الك���افر والمسلم، فيحب ألخيه الكافر م��ا يحب��ه لنفس��ه من دخول��ه في اإلس��الم، فكي��ف يوج��ه قول��ه: ألخي��ه الك��افر؟ وك��ذلك بعض المنتس���بين إلى العلم في زمانن���ا يج���يز أن يق���ال عن أه���ل الكتاب: اليهود والنصارى إخواننا، ويس�تدل بق�ول الل�ه تع�الى:

}وإلى ثم��ود أخ��اهم[،�� 65 ]األعراف: }وإلى عاد أخاهم هودا{ ]األعراف:}وإلى مدين أخاهم شعيبا{[، 73 ]األعراف: صالحا{

[. فما القول الصحيح في المس��ألة، وه��ل في اآلي��ات حج��ة85؟ لهم على ما يستدلون به

Pخــوة{أوال: األخــوة خاصــة بــالمؤمن: ــون إ مــا المؤمPن Pن [،10 ]الحجــرات: }إ ، ومفهومه أن غير المسلم ليس بأخيه. وأما ما جاء»المسلم أخو المسلم«

في اآليات فهي أخوة نسب، هود من نفس القبيلــة عــاد، وصــالح من نفس القبيلة ثمود، وكذلك شعيب. وإذا كانت أخوة النسب موجــودة فال مــانع أن يقال: أخ، ولو كان أحدهما مسلما واآلخر كافرا؛ ألن األخوة يــراد بهــا أخــوةمـه اللــه تعـالى- يقصــد هـذا، إذا كـان لـه أخ من Pالنسب. ولعل النووي -رح نسبه كافر يحب له ما يحب لنفسه من الدخول في اإلسالم، ال يريد عمــوم الكفار، ال مؤاخــاة بين المســلم والكــافر. فالــذي يقــول: إخواننــا اليهــود أو إخواننا كذا، هم كفار باإلجماع، ومعاداتهم واجبـة، تحـرم مـواالتهم، بـل هي

ه مPنهم{خطر عظيم: Pن هم مPنكم فإ ــول [، نســأل اللــه51 ]المائــدة: }ومن يتالعافية.

ــدعى إليــه من التقــارب والتعــايش األمــر جــد خطــير، ومــا نســمعه ومــا ن والتحاب، نعم إذا وجدت عهود ومواثيق اقتضتها حاجة األمة في ظــرف من الظروف، قد يدعى إلى شــيء من هــذا من غــير تغيــير لألحكــام، فــالحرام

، نعم قد تقتضــي ظــروف»الحالل بين والحرام بين«حرام، والحالل حالل، األمة من ضعف كما نعيشــه اآلن أن ال ننابــذهم العــداء بحيث نثــيرهم على أنفسنا، ونغريهم بنا، ونحن ال قدرة وال طاقة لنا بهم. لكن يبقى أنهم كفــار،

ــظوأننا نبغضهم، وأننا إذا تمكنا: Pي جاهPدP الكفار والمنافPقPين واغل ب ها الن }يا أي [، هــذا األصــل123 ]التوبة: }وليجPدوا فPيكم غPلظة{[،ــ 73 ]التوبة: عليهPم{

في الكافر. لكن الظرف الذي نعيشه إظهار مثــل هــذا إظهــاره للنــاس في مثــل هــذا ال شــك أنــه يغــريهم بنــا، ونحن ال قــدرة لنــا بهم، وال طاقــة لنــا

بمنازلتهم، لكن يبقى أن البغض القلبي ال بد منه. فكالم النووي يحمل على أخ في النسب كافر، وأما الكافر الذي ال يجمعك

به نسب فهذا ليس بأخ، وال كرامة. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورســوله نبينــا

محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نكمل شرح الحديث السابق، في حديث أبي هريرة عن النــبي -صــلى اللــه

»إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إال غلبــه، فســددواعليه وسلم- قال: .وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة«

3 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير3

مه الله تعالى-: Pقال ابن المنير: في ه��ذايقول الحافظ ابن حجر -رح( الحديث علم من أعالم النبوة، فقد رأينا ورأى الن��اس قبلن��ا أن

؛ ألن اإلنسان ال يستطيع أن يعيش علىكل متنطع في الدين ينقطع( وتيرة واحدة من الجد، بل ال بد أن ينتابه وقت يكسل فيــه ويعــدل فيــه منــه. ــان يفعل الجد إلى الهزل، وحينئذ يترك ما اعتاده من الجد فينقطع عما ك واالستمرار على الجد ال شك أنه يــؤول إلى االنقطــاع على ضــوء مــا جبــل عليه اإلنسان من الفتور، وإذا انقطع اإلنسان فالعودة إلى ما كان عليه فيه صعوبة؛ ألن الجنة حفت بالمكاره، أي ما تكرهه النفوس، فإذا أراد أن يعود لمثل هذا فإنه يصعب عليه ذلك، وقــد ال يوفــق إلى العــود إليــه، ثم ينطقــع

ويستحسر وينكص، والنكوص ال شك أنه مذموم. ــك أنهم ــة في الكتب، ال ش ــراءات طويل ــذين لهم ق ــذلك طالب العلم ال ول يجدون نشوة، وقد يسترسلون في هذه التي يسمونها هواية، ويقرأ أحدهمــه عــارض ينقطــع، ثم يصــعب ــد، ثم يأتي ــوم عشــر ســاعات ثم يزي في الي رجوعه، يأتي رمضان فينقطع عن القراءة، ويتفرغ للقرآن، ثم يصعب عليه الرجوع إلى الكتــاب، أو يأتيــه الحج أو مــا أشــبه ذلــك أو ينتهي الكتــاب، إذا انتهى الكتاب الذي بيده ال بد أن يكــون مجهــزا الكتــاب الــذي يليــه، وإال إن انقطع صعب عليه الرجوع. وهذا مالحظ في مواصلة الدراســة، تجــد الــذيــا يصــعب ينهي المرحلة الجامعية ثم يتوظف قبل أن يكمل الدراسات العليــذا يســهل عليه جدا الرجوع، بينما لو واصل، أخذ الشهادة، وقدم سريعا فه

عليه. مثل هذا االستمرار على العبادة مع شيء من القصد الــذي ال يــترتب عليــه ضياع ما هو أهم منه؛ ألن بعض الناس يسترسل في عبادة، ويضــيع مــا هــو أهم منها، ال سيما في وقت من األوقات؛ ألن الصالة اإلكثــار خــير مســتكثر منه، استكثر من الصالة ال شك، وهذا كله خير، استكثر من التالوة، استكثرــة بال من الذكر، لكن إذا عورض بما هو وظيفة وقتية فأيهما أفضــل؟ الوقتي شك، في وقتها أو في وكانها في ظرفها ال شك أنهــا أهم، ولــو كــانت أقــل

ثوابا في األصل. فإذا استرسل اإلنسان في عمل، ولنضرب لذلك المثــال بالصــالة: تجــد من الناس من يصلي مائة ركعة بــاليوم، لكن يصــعب عليــه كثــير من العبــادات في وقتهـا، يعـني لـو يقـال لواحـد منكم: إن بعض النـاس تسـتهويه قـراءةــالغ القرآن فيقرأه ليال ونهارا، وتثقل عليه بقية العبادات كالصالة مثال، وال أبــه أحب القــراءة ــه؛ ألن ــه إذا مــرت ب إذا قلت: إن ســجدة التالوة تثقــل علي

وانساق وراءها ونسي ما عداها. ــا في على كــل حــال هــو على خــير، لكن ينبغي أن يكــون المســلم متوازن أموره كلها، وتنوع العبــادات من نعم اللــه -جــل وعال- على خلقــه، من نعم الله على خلقه أن تتنوع العبادات، هـذه عبـادة ماليـة، وهـذه عبـادة بدنيــة، وهذه بعد مركبة؛ نظرا لما جبل عليه الناس من اختالف في الطبائع، يعــني لو كانت العبادات كلها مالية أو بدنية بعض الناس عنده اســتعداد أن يصــليــا، وال ألف ركعة، وال يــدفع ألــف ريــاال، وبعض النــاس مســتعد أن يــدفع ألف

يصلي عشر ركعات، وهكذا. فتنوع هذه العبادات ليأخذ المسلم من كــل عبــادة منهــا بنصــيب، وال يخلي نفسه من العبادات األخرى؛ ألن لكل عبادة من هذه العبادات لها نفع، ولهــا

شرح كتاب صحيح البخاري )150 )

4

طريق إلى القلب، وأبواب الجنة معروفة، وكل عبادة لها باب من العبادات الثماني التي لكل واحدة منها باب كما هو معلوم، وقد يكون اإلنســان مثــل

أبي بكر يدخل من األبواب كلها. المقصود أن اإلنسان ال يشاد الدين، وجــد من قصــر نفســه على الختم في كل يوم، ثم اعتراه ما اعتراه، ثم انقطع، وأحب العمل إلى الله أدومــه وإن

قل؛ ألنه إذا حمل نفسه على مثل هذا ال شك أنه يؤول إلى االنقطاع. الحافظ عبد الغني المقدسي يصلي ثالثمائة ركعة، وقالوا في ترجمتــه: إنــه بين طلوع الشمس إلى زوالها، ثالثمائة ركعة، والمجــرب يعــني أن الركعــة المجزئة قد تكون بدقيقة، لكن أقل من ذلك مستحيل، تأتي بركعــة مجزئــة بأقل من دقيقة التجربة تدل على عدم ذلك، وإذا قلنا: ثالثمائة دقيقة يعــني خمس ساعات متواصلة، فيها مشقة. واإلمام أحمد يصلي في اليوم والليلة مئــات الركعــات، لكن اليــوم والليلــة أوســع ممــا بين طلــوع الشــمس إلى زوالها. وقد يسمع اإلنسان مثل هذا الكالم أو يسمع غيره في القــراءة، في

التالوة، في الذكر، في طلب العلم، يظنه نسج خيال، لماذا؟ ألنه يقيس وينظر إلى نفسه، يعني فرق بين شخصــين جالســين في مكــان واحــد، واحــد يقــرأ العصــر في الصــيف عشــرة، وواحــد يقــرأ جــزءا، كلهم جالسون يقرأون قرآنا، هذا متعود، وعرف الله في الرخاء، فهيأ الله له هذا العمل في هذا الظرف الذي هو مكان فاضل ووقت فاضل، وهذا ما تعوده،

فإذا قال: أنا قرأت عشرة، قال: ما هو بصحيح. أنا خرجت من الحرم بعد ارتفــاع الشــمس، وكــان بجــواري شــاب مصــري ضابط متقن، ونحسبه والله حسيبه من العباد، ورجعت لصالة الظهر إذا بــه

ــل مPنيختم القــرآن في ســت ســاعات: PلــذكرP فه ــرآن ل رنا الق ــد يســ }ولق [. لكن كون اإلنسان يكون ديدنه هذا الختم كـل يـوم، ال17 ]القمر: مدكPر{

شك أن هذه مشادة، ومآله إلى االنقطاع، وإن وجد في ســلف هــذه األمــة من يتصف بهذا، وذكر الحافظ ابن كثير في ترجمــة شــخص من العبــاد أنــه عاش مدة طويلة يختم كل يوم، وكانت له ختمة تدبر أمضى فيهــا عشــرين سنة، ختمة واحدة! ومات ولم يكملها. فينبغي أن يكون لإلنسان هذا النوع، وهذا النوع، يجعل له وقتا يصفو فيه الذهن، يتــدبر القــرآن، ويقــرأ منــه لــو ورقة ورقتين أو أقل أو أكثر على حســب مــا يســمح بــه وقتــه، ويجعــل لــه

نصيبا من قراءة تحصيل الحروف أجر الحروف، والله المستعان. ....... طالب:كيف؟

....... طالب: عموم التــدبر، أنت مــأمور بالتــدبر والتفكــر، وهــذه أنفــع للقلب من مجــردــذا األصــل القراءة، قراءة القرآن على الوجه المأمور به التدبر والترتيل، ه

في القراءة. )في ه��ذا الح��ديث علم من أعالم النب��وة، فق��ديقــول ابن المنــير:

رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع، وليس الم���راد من���ع طلب األكم���ل في العب���ادة، فإن���ه من األم���ور المحمودة، بل منع اإلفراط المؤدي إلى المالل أو المبالغ��ة في التطوع المفضي إلى ترك األفضل، أو إخراج الفرض عن وقت��ه كمن بات يصلي الليل كل�ه ويغ��الب الن�وم إلى أن غلبت�ه عين�اه

5 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير5

في آخر الليل، فن��ام عن ص��الة الص��بح في الجماع��ة أو إلى أن خ��رج ال��وقت المخت��ار أو إلى أن طلعت الش��مس فخ��رج وقت

»إنكم لنالفريض��ة. وفي ح��ديث محجن بن األدرع عن��د أحم��د: ، وق��د يس��تفادتنالوا هذا األمر بالمغالبة، وخير دينكم اليس��رة«

.من هذا اإلشارة إلى األخذ بالرخصة الشرعية( الرخصة الشرعية التي عليها دليــل، وعليهــا برهــان، أمــا أن يكــون األصــل الترخيص والترخص واتباع الرخص من أقوال أهل العلم، فهــذا ضــياع، هــذا الذي يقول فيه أهل العلم: من تتبع الــرخص تزنــدق، معنــاه أنــه بيخــرج بال دين؛ ألنــه مــا من قــول مــا من مســألة إال وفيهــا قــول: يقــول بــالجواز أو باإلباحة، مع أنه يوجد أقوال تقول بالتحريم أو الوجوب، فيترك كل ما قيــل

في التحريم أو الوجوب، وينظر إلى اإلباحة معناه ينتهي. )وقد يستفاد من ه��ذا اإلش��ارة إلى األخ��ذ بالرخص��ة الش��رعية، ف��إن األخ��ذ بالعزيم��ة في موض��ع الرخص��ة تنط��ع، كمن ي��ترك التيمم عند العجز عن استعمال الماء فيفضي به اس��تعماله إلى

، الماء شديد الـبرودة، وقـد يكــون متجمـدا، والجـو بـارد،حصول الضرر( وعليه غسل، إن اغتسل هلك، وإن تيمم اتباعا للرخصة ال شك أنه في مثل هذه الحالــة هــو المتعين عليــه، ال يجــوز لــه أن يغتســل، والــذي احتــاج إلى

»قتلوه،التيمم لما احتلم وقالوا له: ال رخصة لك، وأمروه باالغتسال، قال: ــه« ــه أن يســتعملقتلهم الل ــوز ل ــرر ال يج ــإذا خشــي على نفســه الض ، ف

العزيمة، بل يجب عليه أن يترخص. ....... طالب:

ال ال، ال، أحيانا تكون العزيمة أفضل من الرخصة، هذا األصل، لكن إذا كانت تؤدي إلى انقطاع، أو تــؤدي إلى ضــرر للشــخص أو انقطــاع عن عبــادة فال

شك أنه ....... ....... طالب:

أين؟ ....... طالب:

صارت العزيمة في حقه، إذا وجبت صارت العزيمة، ولذلك أكل الميتة عنــدكثير من أهل العلم في حال االضطرار عزيمة.

....... طالب: مثــل مــا قلنــا، الكالم على مــا ثبت بــه األصــل وإال فاألصــل أن الــدين دين تكاليف، والجنة حفت بالمكاره، والتكليف إلزام ما فيه كلفة ومشقة، يعني إذا أذن لصــالة الصــبح في وقت بــارد مــاذا يكــون؟ أنتظــر بالصــالة إلى أن تطلع الشمس وأطلــع؟ ممكن يقــول هــذا؟ مــا يمكن، نعم إذا خشــي على

نفسه الضرر فله أن يترخص. أي الزم��وا الس��داد، وه��و الص��واب من غ��ير»فس��ددوا«)قوله:

إفراط وال تفريط، قال أهل اللغة: السداد التوسط في العمل. أي إن لم تستطيعوا األخ��ذ باألكم��ل ف��اعملوا»وقاربوا«قوله:

بما يقرب منه. أي ب��الثواب على العم��ل ال��دائم وإن ق��ل،»وأبش��روا«قول��ه:

والمراد تبشير من عجز عن العم��ل باألكم��ل ب��أن العج��ز إذا لمر ب���ه يكن من ص���نيعه ال يس���تلزم نقص أج���ره، وأبهم المبش���

شرح كتاب صحيح البخاري )150 )

6

، يبشـر بمـاذا؟ يعـني حـذف المفعـول لكي يسـرحتعظيما له وتفخيما(الذهن كل مسرح في كل ما يحتمله النص تكون البشارة به.

أي استعينوا على مداومة العب��ادة»واستعينوا بالغدوة«)قوله: بإيقاعه��ا في األوق��ات المنش��طة، والغ��دوة ب��الفتح: س��ير أول

ــاط فيالنهار( ، نعم أول النهار بعد صالة الصبح يستفيد المسلم من النش أول النهار، ويستغل ذلك فيما يقربه إلى الله -جل وعال-، ويستعين به على بقية يومه، ففي هـذه الغـدوة عـون لإلنسـان على أداء وظائفـه في يومـه،

سواء كانت من أمور دينه أن دنياه. )وق��ال الج��وهري: م��ا بين ص��الة الغ��داة وطل��وع الش��مس،

وحة« بض��م أول��ه»والدلج��ة« بالفتح الس��ير بع��د ال��زوال، »والر وفتحه وإسكان الالم سير آخر الليل، وقي��ل: س��ير اللي��ل كل��ه؛

. منهم من يقــول:»وشــيء من الدلجــة«، ولهذا ع�بر في�ه ب�التبعيض( فرق بين اإلدالج واالدالج، فاإلدالج ســير أول الليــل، ومنــه الدلجــة، واالدالج

سير آخره. يقول: ليست بليلي ولكني نهPر ال أدلج الليل ولكن أبتكر

اآلن غالب الناس أسفارهم بالليل، أسفار غالب الناس بالليــل، وأنــا واحــد منهم! ألن الخطوط ولله الحمد سريعة، والوسائل مريحة، وسائل التدفئــة، ووسائل التبريد، كل شيء موجود. بينما النهار قـد يكـون في الشـتاء، وقـد يكون في الصيف الحــر الشــديد، والنــاس مبتلــون بالســهر، ال يســتطيع أن يسافر أول النهار؛ ألنه سهران بالليل، فيشق عليه ويصــعب، ومآلـه إلى أن ينقطع وينام في الطريق. هذه أعذار يتعذر بها الناس؛ ألنهم ابتلوا بمخالفــة

الفطرة من النوم بالليل والعمل بالنهار. ....... طالب:

الة نعم، لكن ما يصير هو األصل، أكثر ما يسافر غــداة الخميس -عليــهP الصــوالسالم-.

....... طالب:ال، ما تختلف، واألصل أنها واحد.

....... طالب:ــا النــاس مــا هي بمســألة إلــزام، األمــر باالســتعانة هنــا ال على ســبيل أحيان اإللزام، فظروف الناس هي التي بعد... كانت القيلولة قبــل صــالة الظهــر، يقدر الناس أن يقيلوا؟ ما يمكن، ناس موظفون أو طالب أو عالم أو متعلم

أو موظف أو بعمله الدنيوي ما يقدرون. ....... طالب:

إذا كان السفر مباحا يترخص، فضال على أن يكون سفر طاعة. ....... طالب:

في رمضان، لكن ال يسافر من أجل أن يفطــر، ال يجــوز لــه أن يســافر منأجل الفطر، لكن إذا سافر فله أن يفطر.

....... طالب: في العشر يروحون للساحل الغربي، ويفطرون ويجمعــون وينــامون النهــار

كله والليل.. ....... طالب:

7 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير7

ال أحــد يمنــع مــا شــرعه اللــه -جــل وعال-، ال يســتطيع أحــد أن يمنــع، لكن اإلنسان الذي يصنع هذا، ويتحرى هذا الوقت ال شك أنه محــروم. واحــد من المشايخ سئل في اإلذاعة أو في التلفزيون قال لواحد نحن نصيد بالعشــر، عشر رمضان نصيد؟ قال: يا محــروم المســلمون يصــيدون حســنات، وأنت

تصيد الطيور! ....... طالب:

هذا حرمان. )وألن عمل الليل أشق من عمل النه��ار، وه��ذه األوق��ات أطيبالم- خاطب مس��افرا أوقات المسافر، وكأنه -عليه الصالة والس إلى مقصد، فنبهه على أوقات نشاطه؛ ألن المسافر إذا س��افر الليل والنهار جميعا عجز وانقطع، وإذا تح��رى الس��ير في ه��ذهطة أمكنت��ه المداوم��ة من غ��ير مش��قة، وحس��ن األوقات المنش�� ،هذه االس��تعارة أن ال��دنيا في الحقيق��ة دار نقل��ة إلى اآلخ��رة( يعــني من على هــذه الــدنيا أو من في هــذه الــدنيا هــو مســافر إلى الــدار

)أن الدنيا في الحقيقة دار نقل��ة إلى اآلخ��رة، وأن ه��ذهاآلخرة، األوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البدن للعبادة.

بالنصب فيهما»القصد القصد«وقوله في رواية ابن أبي ذئب: على اإلغراء، والقصد: األخ��ذ ب��األمر األوس��ط، ومناس��بة إي��راد المصنف لهذا الح��ديث عقب األح��اديث ال��تي قبل��ه ظ��اهرة من حيث إنها تضمنت الترغيب في القيام والصيام والجهاد، ف��أراد أن يبين أن األولى للعامل بذلك أن ال يجهد نفس��ه بحيث يعج��ز وينقطع، بل يعمل بتلطف وتدريج ليدوم عمل��ه وال ينقط��ع. ثم ع��اد إلى س��ياق األح��اديث الدال��ة على أن األعم��ال الص��الحة

.معدودة من اإليمان، فقال: "باب الصالة من اإليمان"(نعم.

أحسن الله إليك. طالب:الة من ق��ال اإلم��ام البخ��اري -رحم��ه الل��ه تع��الى-: "ب��اب: الص��

يع إيم��انكم{اإليم��ان. وق��ول الله تع��الى: }وم��ا ك��ان الله ليض��[ يعني صالتكم عند البيت.143]البقرة:

حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا أبو إسحاق،- صلى الله عليه وسلم- ك��ان أول م��ا ق��دم عن البراء: أن النبيار، وأنه المدينة ن��زل على أج��داده -أو ق��ال: أخوال��ه- من األنص��ر بعة عش�� هرا، أو س�� ر ش�� تة عش�� لى قب��ل بيت المق��دس س�� ص��لى أول شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قب��ل البيت، وأنه ص��ن ها صالة العصر، وصلى مع��ه ق��وم. فخ��رج رج��ل مم صالة صالهد ال: أش�� جد وهم راكع��ون، فق�� صلى معه، فمر على أهل مس��لم- قب��ل بالله لقد صليت مع رسول الله -صلى الل��ه علي��ه وس�� مكة، فداروا كما هم قبل البيت، وك��انت اليه��ود ق��د أعجبهم إذا ولى وجه��ه كان يصلي قبل بيت المقدس، وأهل الكت��اب، فلم

قبل البيت أنكروا ذلك. حاق، عن الب��راء في حديث��ه ه��ذا: أنه قال زهير: ح��دثنا أب��و إس�� مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا، فلم ندر ما نقول

شرح كتاب صحيح البخاري )150 )

8

يع إيم��انكم{فيهم، ف��أنزل الله تع��الى: }وم��ا ك��ان الله ليض��.["143]البقرة:

مه الله تعالى-: Pقوله: "باب" ه��و مرف��وع بتن��وينيقول الشارح -رح( وبغير تنوين، و"الصالة" مرفوع، وعلى التنوين فقوله: "وق��ولا على "الص���الة"، وعلى عدم��ه مج��رور الل���ه" مرف���وع عطف��

مقطــوع عن اإلضــافة، والرفــع بــدون تنــوين"ب��اب"، بــالتنوين مض��اف( هــذه مرفوعــة على كــل حــال، وال"الصالة"إلضافته إلى الجملة، ولذلك

تجر باإلضافة؛ ألنها ليســت من إضــافة المفــرد إلى المفــرد، وإنمــا هي منإضافة المفرد إلى الجملة.

.......طالب: ، فــإن كــان"ب��اب"هم يقولون األصل أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا:

مضافا ال تنون، وإن كان مقطوعا عن اإلضافة ينون. وأبدوا أيضا التســكين: ال على اإلعراب، وإنمــا هــو على التعــداد، كأنــك تقــول: بــاب بــاب،"باب"

وباب وباب، إلى آخره. ذكر الشراح هذا. )قوله: "يعني صالتكم" وق��ع التنص��يص على ه��ذا التفس��ير من الوجه الذي أخرج منه المصنف حديث الباب، فروى الطيالس��ي والنسائي من حديث شريك وغ��يره عن أبي إس��حاق عن ال��براء

يعفي الح��ديث الم��ذكور: "ف��أنزل الل��ه }وم��ا ك��ان الله ليض�� [ ص��التكم إلى بيت المق��دس"، وعلى143 ]البق��رة: إيم��انكم{

هذا فقول المصنف "عند البيت" مشكل، مع أنه ث��ابت عن��ه في ، إنمــا الجهـةجميع الروايات، وال اختصاص لذلك بكونه عند البيت(

إلى بيت المقدس سواء كانت عند البيت فيما كــان قبــل الهجــرة، أو بعيــدا عن البيت في المدينة في المدة المحددة سبعة عشر شهرا أو سـتة عشـر

شهرا، ما هو بعند البيت. )وال اختص��اص ل��ذلك بكون��ه عن��د ال��بيت، وق��د قي��ل: إن في��ه

، يقول ابنتصحيفا، والصواب: يعني صالتكم لغير البيت، وعندي( )وعن��دي أن��ه ال تص��حيف في��ه ب��ل ه��و ص��واب، ومقاص��دحجــر:

، البخاري يريد أنــه إذا كــانت الصــالةالبخاري في هذه األمور دقيقة( إلى بيت المقدس صحيحة ومعتبرة ومعتــدا بهــا، وال تضــيع عنــد اللــه -جــل وعال- عند البيت، فكيــف إذا كــان المصــلي بعيــدا عن الــبيت؟ تضــيع أم مــا

تضيع؟ يعني من باب أولى. ....... طالب:

من باب أولى. ....... طالب:

ال، الكالم على أنها ال تضيع، يعــني إذا أمكن اســتقبال القبلــة لمن هــو عنــد البيت وما هو مستقبل للجهة المأمور باســقبالها بيت المقــدس بــأن يجعــل الكعبة بينه وبين بيت المقدس، يعني لو ترك القبلة خلــف ظهــره وهــو فيــة وهــو بيت البيت وصلى إلى بيت المقدس مع إمكانه أن يصــلي إلى القبل

المقدس، ظاهر، فإذا كان ال يمكنه ذلك فعدم ضياع صالته من باب أولى. )ومقاصد البخاري في هذه األمور دقيقة، وبي��ان ذل��ك أنيقول:

العلماء اختلفوا في الجهة ال��تي ك��ان الن��بي -ص��لى الل��ه علي��ه وسلم- يتوجه إليها للصالة وهو بمكة، فقال ابن عباس وغ��يره:

9 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير9

كان يصلي إلى بيت المقدس لكنه ال يستدبر الكعبة بل يجعله��ا بينه وبين بيت المق��دس، وأطل��ق آخ��رون أن��ه ك��ان يص��لي إلى بيت المق��دس، وق��ال آخ��رون: ك��ان يص��لي إلى الكعب��ة، فلم��ا تحول إلى المدينة استقبل بيت المقدس، وهذا ضعيف، ويل��زم

.منه دعوى النسخ مرتين(ــه لمــا كــان بمكــة عليــه أن)ويلزم منه دعوى النس��خ م��رتين(؛ ألن

يستقبل القبلتين، فلما هاجر إلى المدينــة نســخ االســتقبال إلى الكعبــة، ثمبعد ذلك نسخ الستقباله بيت المقدس، فيلزم منه النسخ مرتين.

)وهذا ضعيف ويلزم منه دعوى النسخ مرتين، واألول أصح؛ ألنه يجمع بين القولين، وقد ص��ححه الح��اكم وغ��يره من ح��ديث ابن عباس، وكأن البخ�اري أراد اإلش�ارة إلى الج�زم باألص��ح من أن الصالة لما كانت عند ال�بيت ك��انت إلى بيت المق�دس، واقتص��ر على ذلك اكتفاء باألولوي��ة؛ ألن ص��التهم إلى غ��ير جه��ة ال��بيت

)ألن صالتهم إلى غير جه��ة، هذا الذي أشرنا إليه: وهم عند البيت( البيت وهم عند البيت إذا كانت ال تضيع ف��أحرى أن ال تض��يع إذا بعدوا عنه، فتقدير الكالم: يعني ص��التكم ال��تي ص��ليتموها عن��د

البيت إلى بيت المقدس. .قوله: "حدثنا عمرو بن خالد"(

طالب: ي��ا ش��يخ، في��ه دلي��ل اآلن يس��تنبط من اآلي��ات أن��ه ك��ان الن���بي -ص���لى الل���ه علي���ه وس���لم- يجم���ع بين القبل���تين

فيصلي ....... ما ذكر شيء، لكنه يتشوف إلى الصالة إلى الكعبة.

.فقط طالب:فقط.

طالب: إنما األمر بالتحويل ما فيه ما يستنبط منه؟ ال، والنسخ في المدينة يعني ليس النسخ في مكة.

....... طالب: ما فيه شك أن عموم اآلية يتناول هذا كله، يتناول كل ما يدخل في مسمىاإليمان، والتنصيص على بعض األفراد كما في هذه اآلية ال يعني التخصيص. )قوله: "حدثنا عمرو بن خال��د" ه��و بفتح العين وس��كون الميم،اني نزيل مصر، أحد الثقات األثبات. ووقع وهو أبو الحسن الحر في رواية القابسي عن عبدوس كالهما عن أبي زيد الم��روزي، وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني: عم��ر بن خال��د بض��م العين وفتح الميم، وه���و تص���حيف نبه علي���ه من الق���دماء أب���و علياني، وليس في شيوخ البخ�اري من اس�مه عم�ر بن خال�د، الغس .وال في جميع رجاله، بل وال في أحد من رج��ال الكتب الس��تة(مـه اللـه- عمـرو بن عثمـان إلى عمـر بن Pيعني نظـيره تصـحيف مالـك -رح عثمان، واإلمام مالك كان يشير إلى بيته، إذا مــر بــه قــال: هــذا بيتــه، يــدل على أنه متأكد من نطقه السليم، لكن عامــة أهــل العلم على خالف قولــه،

مه الله-. Pوأنه أخطأ في هذا -رح

شرح كتاب صحيح البخاري )150 )

10

)وليس في ش�يوخ البخ�اري من اس�مه عم�ر بن خال�د وال في ــده، جميع رجاله( )بل وال في أح��د، يعني في شيوخ شيوخه أو من بع

، عمر بن خالد.من رجال الكتب الستة( )قوله: "حدثنا زهير" هو ابن معاوية أبو خيثمة الجعفي الكوفي

؟ )الجزيرة(، ماذانزيل الجزيرة، وبها سمع منه عمرو بن خالد( ....... طالب:

نعم. ألن الجزيرة العربية هل كانت تسمى جزيرة، أن بالد العرب... )وبها سمع منه عمرو بن خالد. قوله: "حدثنا أب��و إس��حاق" ه��و ،السبيعي، وسماع زهير منه فيما قال أحمد بع��د أن ب��دأ تغيره(

أبو إسحاق السبيعي تغير، وعرف عنه مجموعة من الــرواة رووا عنــه قبــل أن يتغير، وأمسكوا عن الحديث بعده بعد التغير، ومنهم من روى عنــه قبــل وبعد واختلط األمر، ومنهم من روى عنه بعد التغير. سماع زهير بن معاوية

)قال أحمد: بعد أن بدأ تغ��يره، لكن تابع��همن أبي إسحاق السبيعي ، ومــا دامعليه عند المصنف إسرائيل بن ي��ونس حفي��ده وغ��يره(

متــابع عليــه ألن المتغــير ال ســيما في بدايتــه، واإلمــام أحمــد ينص على أن زهيرا روى عنه بعد أن بدأ يتغير، هل معناه أنه ضــيع جميــع حديثــه؟ ال، أنــهــيره من ضيع شيء من حديثه، وهذا الحديث مما توبع عليه، ووافقه عليه غ

الرواة، فيجزم بأنه مما ضبطه وأتقنه. )قول��ه: "عن ال��براء" ه��و ابن ع��ازب األنص��اري ص��حابي بن ص��حابي، وللمص��نف في التفس��ير من طري��ق الث��وري عن أبي إس��حاق: س��معت ال��براء، ف��أمن م��ا يخش��ى من ت��دليس أبي

)قول��ه: "أول" بالنص��ب أي في، ما دام أنه صرح بالسماع. إسحاق( أول زمن قدومه، و"ما" مصدرية. قوله: "أو قال أخواله" الشك من أبي إس���حاق، وفي إطالق أج���داده أو أخوال���ه مج���از؛ ألن األنصار أقاربه من جهة األموم��ة؛ ألن أم ج��ده عب��د المطلب بن هاشم منهم، وهي سلمى بنت عمرو أحد بني عدي بن النج��ار،الم- بالمدين��ة على إخ��وتهم وإنما نزل النبي -عليه الصالة والس

، النسبة تكــونمن بني مالك بن النجار، ففيه على هذا مجاز ثان( ألدنى سبب، قد تقول: أخوالـه، أعمامــه، اســمع من ابن أخيـك، اســمع من كذا، تقول لفالن: يا عم، ال سيما إذا كان أكبر منك سن ولو كــان بعيــدا في النسب، هذه أساليب معتبرة عند العرب ومألوفة، فــإذا كــانت القرابــة من جهة األم قلت أخـوال، وإذا كــانت القرابــة من جهــة األب قلت أعمــام ولــو

كانوا بعيدين. ....... طالب:

أين؟ ....... طالب:

أين عندنا أصال؟ ....... طالب:

تقول: إن. ....... طالب:

أن النـبي -صــلى اللــه عليــه وســلم- كـان أول مــا قـدم المدينــة نــزل علىأجداده.

11

معالي الشيخ عبد الكريمالخضير

11

....... طالب:النبي -عليهP الصالة والسالم-.

....... طالب:وخبرها الجملة بعدها.

....... طالب: ما يترتب عليه حكم، مسألة اصـطالحية، مـا دام مـا يـترتب عليهـا حكم فال مشاحة في االصطالح سواء قلت لوالد زوجتك عم أو خــال مــا فيــه فــرق،

بعض الناس يسميه عم وبعضهم يسميه خال، يترتب عليه حكم شرعي؟ ال. لكن لو قلت ألخي أبيــك: خــال أو ألخي أمــك عم، قلنــا: ال؛ ألنــه يــترتب عليه حكم شريعي، أحكــام تــترتب على هــذا، وهنــا يشــاحح فيــه ولــو صــار اصطالحا لك. اللفــظ بــالفرائض لــو قلت: هلــك هالــك عن عم، وأنت تريــد خال أخــو أمــه، ومنبــه أنت في المقدمــة أن يســمي أخ األب خــاال وأخ األم عما، نقول: ال ليس بطائـل، يعـني لـو ألفت في الجغرافيـا وقلت: الجنــوب يمين، والشمال يسار يطيعونك الناس؟ تغير الواقع، لو قلت: السماء تحت واألرض فوق، ما يطيعونــك، وحينئــذ يشـاحح في االصـطالح. لكن لـو قلبت الخارطة بدل ما الشمال في الخارطة فــوق خليتــه تحت مــا فيــه مشــاحة؛ ألنــه مــا يغــير من الواقــع شــيء، وابن حوقــل من كبــار الجغرافــيين يضــع الشمال تحت ما هو بفــوق. هــذه ال مشـاحة فيــه؛ ألنهــا ال تغــير من الواقــع

شيء، أما الذي يغير من الواقع فال هذا يشاحح فيه. ....... طالب:

لقبح في اسمها. ....... طالب:

ــذا، في ال، وينظر إلى إذا كان يترتب عليه أحكام، مثال وقف فالن في بلد ك بلد كذا، ثم جاء وغير االسم وسمي به بلد آخر، يبحث عن هذا الوقف وعن

أهله ما يوجد. على كل حال إذا كان يترتب عليه حكم ما يوافق. )قوله: "قبل بيت المقدس" بكس��ر الق��اف وفتح الموح��دة، أي

إلى جهة بيت المقدس. قوله: "ستة عشر شهرا أو س��بعة عش��ر" ك��ذا وق��ع الش��ك في رواية زهير هذه هنا، وفي الصالة أيضا عن أبي نعيم عنه، وكذا في رواي��ة الث�وري عن�ده، وفي رواي�ة إس�رائيل عن��د المص��نف وعند الترمذي أيضا، ورواه أبو عوانة في صحيحه عن عم��ار بن رجاء وغيره عن أبي نعيم فقال: ستة عشر من غير شك، وكذا لمسلم من رواية أبي األحوص وللنس��ائي من رواي��ة زكري��ا بن أبي زائدة وشريك وألبي عوانة أيضا من رواية عم��ار بن رزي��ق بتقديم الراء مصغرا، كلهم عن أبي إسحاق، وكذا ألحم��د بس��ند صحيح عن ابن عباس، وللبزار والطبراني من ح��ديث عم��رو بن عوف: سبعة عشر، وكذا للطبراني عن ابن عباس، والجمع بين

، يصــير ســتة عشــر وكســر، فمن قــال: ســتة عشــر أوالروايتين سهل( سبعة عشر تردد هــل يجــبر أو ال يجــبر أو شــك في ذلــك، ومن قــال: ســتة عشر حذف الكسر، ومن قال: سبعة عشر جبر الكسر، هذه طــريقتهم في

الحساب.

شرح كتاب صحيح البخاري )150 )

12

)والجمع بين الروايتين سهل بأن يك��ون من ج��زم بس��تة عش��ر لفق من ش��هر الق��دوم وش��هر التحوي��ل ش��هرا، وألغى الزائ��د، ومن جزم بسبعة عشر ع��دهما مع��ا، ومن ش��ك ت��ردد في ذل��ك، وذل��ك أن الق��دوم ك��ان في ش��هر ربي��ع األول بال خالف، وك��ان التحويل في نصف شهر رجب من السنة الثاني��ة على الص��حيح، وبه جزم الجمهور، ورواه الحاكم بسند ص��حيح عن ابن عب��اس، وقال ابن حبان: سبعة عشر شهرا وثالثة أيام، وهو مب��ني على أن القدوم كان في ثاني عشر شهر ربيع األول، وشذت أق��وال أخ��رى ففي ابن ماج��ه من طري��ق أبي بك��ر بن عي��اش عن أبي إسحاق في هذا الح��ديث ثماني��ة عش��ر ش��هرا، وأب��و بك��ر س��يئ الحف��ظ وق��د اض��طرب في��ه، فعن��د ابن جري��ر من طريق��ه في رواية: سبعة عش��ر، وفي رواي��ة: س��تة عش��ر، وخرج��ه بعض��هم على قول محمد بن حبيب إن التحويل كان في نص��ف ش��عبان، وهو الذي ذكره النووي في الروضة وأقره، م��ع كون��ه رجح في شرحه لمسلم رواية: ستة عشر شهرا؛ لكونها مجزوما بها عن��د مس��لم، وال يس��تقيم أن يك��ون ذل��ك في ش��عبان إال إن ألغى ش��هري الق��دوم والتحوي��ل، وق��د ج��زم موس��ى بن عقب��ة ب��أن التحويل كان في جمادى اآلخرة، ومن الشذوذ أيضا رواية: ثالثة عشر شهرا، ورواي��ة: تس��عة أش��هر، أو عش��رة أش��هر، ورواي�ة: ش��هرين، ورواي��ة: س��نتين، وه��ذه األخ��يرة يمكن حمله��ا على

.الصواب( سبعة عشــر ســنة أقــل من النصــف، فــإذا جبرنــا الكســر صــارت ســنتين،السنين تجبر إن جبرنا نقص السنة، وإذا حذفنا ما زاد عن سنة قلنا: سنة. )وأسانيد الجميع ضعيفة، واالعتماد على الق��ول األول، فجمل��ة

ما حكاه تسع روايات. قول��ه: "وأن��ه ص��لى أول" بالنص��ب ألن��ه مفع��ول "ص��لى"،

، في أيو"العصر" كذلك على البدليه، وأعربه ابن مالك ب��الرفع( )وفيكتــاب؟ شــواهد التوضــيح والتصــحيح لمشــكالت الجــامع الصــحيح،

ا الكالم مق�در لم ي�ذكر لوض�وحه، أي أول ص�الة ص�الها متوجه� إلى الكعبة صالة العصر، وعند ابن سعد حولت القبلة في صالة الظهر أو العصر على التردد، وساق ذلك من ح��ديث عم��ارة بن أوس قال: صلينا إح��دى ص��التي العش��اءين، والتحقي��ق أن أول صالة صالها في بني سلمة لما مات بشر بن ال��براء بن مع��رور الظهر، وأول صالة صالها بالمسجد النبوي العصر، وأم��ا الص��بح فهو من حديث ابن عمر بأهل قباء، وهل كان ذل�ك في جم�ادى

اآلخرة أو رجب أو شعبان؟ أقوال. قوله: "فخرج رجل" هو عباد بن بش��ر بن قيظي كم��ا رواه ابن منده من حديث طويل��ة بنت أس��لم، وقي��ل: ه��و عب��اد بن نهي��ك بفتح النون وكسر الهاء، وأهل المسجد الذين مر بهم قيل: هم من بني سلمة، وقيل: هو عباد بن بش��ر ال��ذي أخ��بر أه��ل قب��اء في صالة الص��بح كم�ا س�يأتي بي��ان ذل�ك في ح�ديث ابن عم�ر، حيث ذك��ره المص��نف في كت��اب الص��الة، ون��ذكر هن��اك تقري��ر

13

معالي الشيخ عبد الكريمالخضير

13

الجمع بين هذين الحديثين وغيرهما، مع التنبيه على م��ا فيهم��امن الفوائد، إن شاء الله تعالى.

قوله: "أشهد بالله" أي أحلف، قال الجوهري: يقال: أشهد بكذا أي أحلف به. قوله: "قبل مكة" أي قبل ال��بيت ال��ذي في مك��ة، ولهذا قال: "فداروا كما هم قبل البيت" وما موص��ولة والك��اف

)وقال الكرماني: للمقارن��ة، و"هم" مبت��دأ "كما هم"، للمبادرة( وخبره محذوف. قوله: "قد أعجبهم" أي النبي -صلى الله علي��ه وس��لم-، و"أه��ل الكت��اب" ه��و ب��الرفع عطف��ا على اليه��ود من عط��ف الع��ام على الخ��اص، وقي��ل: الم��راد النص��ارى ألنهم من أهل الكتاب، وفيه نظر؛ ألن النصارى ال يصلون لبيت المقدس،

)وق��ال، النصــارى إنمــا يصــلون إلى جهــة الشــرق. فكيف يعجبهم؟!( الكرماني: كان إعجابهم بطريق التبعية لليهود. قلت: وفيه بع��د ألنهم أشد الن��اس ع��داوة لليه��ود، ويحتم��ل أن يك��ون بالنص��ب، وال���واو بمع���نى م���ع، أي يص���لي م���ع أه���ل الكت���اب إلى بيت

.المقدس(الم- كــان يحب موافقــة أهــل الكتــاب رجــاء أن الة والســ النبي -عليــهP الصــ يسلموا، فلمــا أيس منهم خــالفهم، يعــني في أحكــام كثــيرة جــدا لمــا أيس خالفهم، كان يصوم عاشوراء وحده؛ ألنه يحب موافقتهم رجاء أن يســلموا، ثم لما أيس خالفهم بزيادة يوم، ومن ذلك فرق الشرع، إلى مسائل كثيرة،الة لكن هــذه فيهــا أمــر إلهي، مــا وكــل األمــر فيهــا إلى النــبي -عليــهP الصــ

الم-. )واختل��ف في ص��الته إلى بيت المق��دس وه��و بمك��ة،والســ فروى ابن ماجه من طريق أبي بكر بن عياش المذكورة: صلينا مع رس��ول الل��ه -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم- نح��و بيت المق��دسرفت القبل��ة إلى الكعب��ة بع��د دخ��ول ثماني��ة عش��ر ش��هرا وص�� المدين��ة بش��هرين، وظ��اهره أن��ه ك��ان يص��لي بمك��ة إلى بيت المقدس محضا، وحكى الزهري خالفا في أن��ه ه��ل ك��ان يجع��ل الكعبة خلف ظهره أو يجعله��ا بين��ه وبين بيت المق��دس؟ قلت: وعلى األول فك��ان يجع��ل الم��يزاب خلف��ه، وعلى الث��اني ك��ان

.يصلي بين الركنين اليمانيين( إذا كان يستدبر الكعبة، ويستقبل بيت المقدس فال شك أنه يســتقبل جهــة الشمال والكعبة وراءه، وعلى القول الثاني أنــه يســتقبل الــبيت، ويســتقبل بيت المقدس أنه يصلي بين الركنين؛ ليستقبل جهة الشمال التي فيها بيت

)وزعم ناس أنه لم ي��زل يس��تقبل الكعب��ة بمك��ة، فلم��االمقدس. قدم المدينة اس�تقبل بيت المق��دس ثم نس��خ، وحم�ل ابن عب��د البر هذا على القول الث��اني، ويؤي��د حمل��ه على ظ��اهره إمام��ة

ــانجبريل، ففي بعض طرقه أن ذلك كان عند باب ال��بيت( ، إذا كيصلي عند باب البيت إلى أين؟ إلى بيت المقدس؟

....... طالب:ماذا؟

تصير الكعبة عن يساره. ....... طالب:

نعم.

شرح كتاب صحيح البخاري )150 )

14

....... طالب:وإذا كان يصلي إلى باب البيت صار بيت المقدس عن جهة يمينه.

فهاء)قوله: "أنكروا ذلك" يعني اليهود ف��نزلت: يقول الس�� }س��ح المصنف ب��ذلك في142 ]البقرة: من الناس{ [ اآلية، وقد صر

روايته من طريق إسرائيل. قوله: "قال زهير" يعني ابن معاوي��ة باإلس��ناد الم��ذكور بح��ذف أداة العط��ف كعادت��ه، ووهم من ق��ال إن��ه معل��ق، وق��د س��اقه المصنف في التفسير مع جملة الحديث عن أبي نعيم عن زهير

، مما دل على أنه بالسند السابق. سياقا واحدا( )قوله: "أنه مات على القبلة" أي قبل��ة بيت المق��دس قب��ل أن تحول "رجال وقتلوا"، ذك��ر القت��ل لم أره إال في رواي��ة زه��ير،

، والمــوت شــاملوباقي الروايات إنم��ا فيه��ا ذك��ر الم��وت فق��ط(للقتل وغيره.

)وكذلك روى أبو داود والترمذي وابن حب��ان والح��اكم ص��حيحا عن ابن عباس: والذين ماتوا بع��د ف��رض الص��الة وقب��ل تحوي��ل القبلة من المس��لمين عش��رة أنفس، فبمك��ة من ق��ريش: عب��د الل��ه بن ش��هاب والمطلب بن أزه��ر الزهري��ان والس��كران بن عمرو الع��امري، وب��أرض الحبش��ة منهم: حط��اب بالمهمل��ة ابن الحارث الجمحي وعمرو بن أمية األسدي وعبد الله بن الح��ارث السهمي وعروة بن عبد العزى وعدي بن نضلة الع��دويان، ومن األنصار بالمدينة: البراء بن مع��رور بمهمالت وأس��عد بن زرارة،

فهؤالء العشرة متفق عليهم. ومات في المدة أيضا: إياس بن معاذ األش��هلي، لكن��ه مختل��ف في إس���المه، ولم أج���د في ش���يء من األخب���ار أن أح���دا من المسلمين قتل قبل تحويل القبلة، لكن ال يلزم من عدم ال��ذكر عدم الوقوع، فإن كانت هذه اللفظة محفوظة فتحم��ل على أن

)على أن، ولــذلك مــا نقــل بعض المسلمين ممن لم يشتهر قت��ل( بعض المسلمين ممن ال يش��تهر قت��ل في تل��ك الم��دة في غ��ير الجه��اد، ولم يض��بط اس��مه؛ لقل��ة االعتن��اء بالت��اريخ إذ ذاك، ثم وجدت في المغازي ذكر رجل اختلف في إسالمه وهو سويد بن الصامت، فقد ذكر ابن إسحاق أنه لقي النبي -صلى الل��ه علي��ه وسلم- قبل أن تلقاه األنصار في العقبة فعرض عليه اإلس��الم، فقال: إن هذا القول حسن، وانص��رف إلى المدين��ة فقت��ل به��ا في وقع��ة بع��اث بض��م الموح��دة وإهم��ال العين وآخ��ره مثلث��ة، وكانت قبل الهجرة، قال: فكان قومه يقولون: لق��د قت��ل وه��و مسلم، فيحتمل أن يكون ه��و الم��راد، وذك��ر لي بعض الفض��الء أنه يجوز أن يراد من قتل بمكة من المستضعفين كأبوي عمار.

. يعــني بعــد فــرضقلت: يحتاج إلى ثبوت أن قتلهما بعد اإلس�راء(الصالة. ....... طالب:

.)وذكر لي بعض الفضالء(ما أدري والله، ....... طالب:

15

معالي الشيخ عبد الكريمالخضير

15

وما اإلشكال؟ أوال الرواية ضعيفة، تعــرف أنهـا ضــعيفة، والضــعيف ال يتكلمباعتباره وال الجواب عنه.

....... طالب: ال عد شهر الدخول وشهر الخروج، شــهر الــدخول والشــهر اللي نــزل فيــه

النسخ. ....... طالب:

ــد الهجــرة: ــا بع "قدمال، الكالم على ما بعد الهجرة، أصل الحديث على م، يعني بعد قدومه المدينة.النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة"

)تنبي��ه: في ه��ذا الح��ديث من الفوائ��د ال��رد على المرجئ��ة فيPيمانكم{، إنكارهم تسمية أعمال الدين إيمانا( PيضPيع إ ه ل }وما كان الل

[ والمــراد باإليمــان هنــا الصــالة إلى بيت المقــدس، والصــالة143]البقرة: عمل، إذا العمل إيمان.

)وفيه أن تمني تغيير بعض األحكام جائز، إذا ظه��رت المص��لحةاها{، في ذلك( ــة ترضــ ك قPبل ين ماءP فلنول ب وجهPــك فPي الســ ــرى تقل }قــد ن

)وفيه بيان شرف المص��طفى -ص��لى الل��ه علي��ه[،ــ 144]البقرة: وسلم- وكرامته على ربه إلعطائه له م��ا أحب من غ��ير تص��ريح

، وفيه حديث عائشة نص.بالسؤال( )وفي��ه بي��ان م��ا ك��ان في الص��حابة من الح��رص على دينهم

)وقد وقع لهم نظير؛ ألنهم خافوا عليهم، والشفقة على إخوانهم( هذه المسألة لما نزل تحريم الخمر كم��ا ص��ح من ح��ديث ال��براء

الحات جن��احأيضا ف��نزل: }ليس على الذين آمن��وا وعمل��وا الص��نين{ إلى قول��ه فيم��ا طعم��وا{ ]المائ��دة:}والله يحب المحس��

ن عمال{[، وقول���ه تع���الى: 93 يع أج���ر من أحس��� }إنا ال نض���ب المصنف هذا الب��اب30]الكهف: [، ولمالحظة هذا المعنى عق

بقول��ه: "ب��اب حس��ن إس��الم الم��رء"، ف��ذكر ال��دليل على أن.المسلم إذا فعل الحسنة أثيب عليها(

والله أعلم. ....... طالب:

نعم ما فيه تغيير. ....... طالب:

اآلن ما فيه تغيير، مستحيل، خالص انقطع الوحي. ....... طالب:

ماذا فيهم؟ ....... طالب:

عندك مثال يبين؟ ....... طالب:

ثم ينزل بموافقته؟ نعم. طالب:

نفس الكالم، هذا ما فيه معارض، جار على جواز التمني. ....... طالب:

ومعارضته بــالقطعي، خــبر واحــد أخــبرهم بتحويــل القبلــة فــامتثلوا خــبره، وتركوا القبلة القطعية التي كانوا عليها، هذا قصدك؟ وهــل يعــارض، ينســخ

شرح كتاب صحيح البخاري )150 )

16

القطعي بالظني؟ على رأي الجمهور ال، ال ينسخ القطعي بالظني، وال شــكــد إذا ــبر الواح ــة من القطعي، ويبقى أن الظن وخ ــزل مرتب ــني أن أن الظا، كما أفــاد ذلــك شــيخ اإلســالم ابن تيميــة وابن احتفت به قرينة صار قطعي القيم وابن حجــر، جمــع من أهــل العلم: إذا احتفت بــه قرينــة أفــاد اليقينــيرهم يعرفــون أن وصار قطعية، والقرينة المحتفة أن الصحابة في قباء وغالم- يتمنى أن تحول القبلة، ويعرفون أن الله -جل النبي -عليهP الصالة والسالم- كــان يقلب وجهــه في وعال- يلبي رغبته، وأن النبي -عليهP الصالة والســ السماء من أجل التحويل، فعندهم اســتعداد ذاتي لقبــول مثــل هــذا الحكم،

فهذه من القرائن التي يتقوى بها خبر الواحد.صحبه أجمعين.اللهم صل على محمد وآله و