335
فلسفةوم في العلدة دكتوراه النيل شها رسالة مقدمة ل1 2 3 4 - 5 2 6 2 2013/2012 1434 1434 1435 1435

ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

  • Upload
    others

  • View
    21

  • Download
    0

Embed Size (px)

Citation preview

Page 1: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

رسالة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم في الفلسفة

11

22

33

44 --

55 22

6622

22001133//220011221434143414351435

Page 2: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

قال تعاىل:

لقدوماهقنزرر وحالبو ري البف ماهلنمحو مني آدا بنمكر

من الطيبات وفضلناهم على كثري ممن خلقنا تفضيلا

70:، اآليةاإلسراءسورة

Page 3: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إىل .....

طيب اهللا ثراه والــــديروح

والــدتـي

زوجــيت

أبـــنـــائــي

.أسـامـة...عـبد الـرزاق...بــلقـيس

Page 4: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

كـــــلمة شــــكر

الشكر هللا أوال:

ثانيا:

أن أتقدم بالشكر اجلزيل لألستاذ يسعدين وأنا بصدد طباعة هذه الرسالة،

وعلى رعايته الدكتور بومدين بوزيد على قبوله اإلشراف على هذه الرسالة،

املدة اليت استغرقها إعداد هذه الرسالة. طيلةالعلمية ورحابة صدره

كما ال أنسى الثناء على جمهودات:األستاذ الدكتور الزاوي احلسني.واألستاذ

الدكتور بوعرفة عبد القادر على توجيهاما العلمية.

.وتفضلهم والشكر موصول ألعضاء جلنة املناقشة لقبوهلم قراءة الرسالة أوال

مبناقشيت ثانيا.

وأخريا ال يسعين إال أن أتقدم بالشكر اجلزيل ألسرة قسم الفلسفة.

الطالب:بن على حممد

Page 5: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 6: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

الصفحة الـمادة املوضوع

أ املقـــدمة

القدمية اإلنسان يف احلضارات الفصل األول

8 فاهيماملحتديد املبحث األول

حقوق اإلنسان-الواجب -احلق- مفهوم اإلنسان-

29سؤال اإلنسان يف احلضارات القدمية املبحث الثاين

30 بالد الرافدين -

33 يف مصر-

37 يف الفكر الصيين-

42 الفكر اهلندي -

45 املسيحيةيف اليونانية و املبحث الثالث

45 يف احلضارة اليونانية -أ)

47 السفسطائيني -

50 أفالطون -

57 أرسطو -

64يف الفكر املسيحي-ب)

اإلسالمي الفكر العريب يف اإلنسان سؤال الفصل الثاين

72معامل الوجود اإلنساين يف النصوص املؤسسة للفكر اإلسالمي املبحث األول

106 حلقوق اإلنسان املقاصدي و التنظري الفكر املبحث الثاين

123اإلسالمية ةسؤال اإلنسان يف الفلسفة العربياملبحث الثالث

الغريب الليربايل الفكر يف وحقوقه اإلنسان مفهوم الفصل الثالث

150 النهضة وبدايات علمنة السياسة عصر املبحث األول

163 الفكرية و الفلسفيةالليربالية مفهومها وأسسها املبحث الثاين

191 سؤال اإلنسان يف الليربالية املعاصرة املبحث الثالث

الغريبوالليربايل اإلسالمي الفكر العريب بني اإلنسان سؤال الفصل الرابع

Page 7: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

216 ما مييز الرؤية العربية اإلسالمية ملفهوم اإلنسان وحقوقه املبحث األول

226 الليربالية ملفهوم اإلنسان وحقوقهمامييز الرؤية املبحث الثاين

236سؤال اإلنسان بني الفكر العريب اإلسالمي و الليربايل الغريب املبحث الثالث

الكونية و اخلصوصية بني اإلنسان سؤال الفصل اخلامس

247احلديث واملعاصر اإلسالمي-يف الفكر العريب سؤال اإلنسان املبحث األول

270 العوملة وخطاب حقوق اإلنسان املبحث الثاين

282السياقي اإلجرائي والصعوبات التطبيقية حقوق اإلنسان بني املبحث الثالث

293 اخلـــامتة

297املصادر املراجع قائمة

Page 8: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 9: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فرض الواقع على اإلنسان التساؤل دوما عن خمتلف جوانب هذا الواقع الذي يعيشه ليزيد فهما

املادي واملعنوي ،لذا كان هوإدراكا له من أجل الوصول إىل األفضل واألحسن،ولتأمني رفاه

اإلنسان دائما مفكرا يف هذا الواقع لالستزادة يف فهمه وإدراكه، من أجل وضعه يف خدمته

ليست هذه االستزادة يف الفهم واإلدراك ،سوى املعارف املكتسبة ليت تتحول إىل مرتكزات فكر و

جديد ة يبين اإلنسان من خالهلا معارفه املستجدة عن الطبيعة واتمع وعن اإلنسان نفسه لتكون

املعنية له يف العمل على صنع احلياة األفضل واألسعد،واليت ال يتوقف اإلنسان عن ط لب املزيد منها

وبالتايل كان منو وتقدم يف معارف اإلنسان،يزيد يف تطوير طرق أو أمناط التفكري الذي ينمي

تتعمق معارف بدوره املقدرة على التفكري ،وهكذا كلما منت مقدرة التفكري ،كانت تزيد و

اإلنسان عما هو يف الطبيعة واتمع وما يف الذات اإلنسانية.وتقدم اإلنسان واتمعات اإلنسانية

وتطورمها ليس يف الواقع إال نتاجا للعالقة اجلدلية املتبادلة بني تطور أمناط التف

املختلفة للمحيط ،والتفكري املتأثر بالظروف ف وتراكمها الكمي والنوعي من جهةكري ومنو املعار

الطبيعي واالجتماعي والسياسي من جهة أخرى.

وملا كان كل جمتمع مير مبراحل وظروف خمتلفة ولو متشاة يف بعضها،كانت اهتماماا

وغايات ختتلف باختالف تلك اتمعات.ومادامت اتمعات قد تعرضت وتتعرض لقضايا متشاة

ا هناك من اختالف يف ظروف املكان أو الزمان .يف هذا اال أو ذاك،بالرغم مم

يظهر لنا أن االهتمام بدراسة الشأن اإلنساين كان اهتماما ومع التعمق يف هذه املقارنات،

اليت خاض فيها اإلنسان بالبحث والتنقيب،بداية بصراعه ى،ما قيس باالهتمامات األخر امتأخرا إذ

وعالقته باملتعايل كقوة خفية تفرض هيمنتها على مع الطبيعة والظواهر الكونية األخرى،

اإلله يف مقابل حيث تظهر لنا أدبيات الفكر الشرقي القدمي تلك القيمة اليت كان حيتلها ،اإلنسان

سان يف احلضارات ،املنتظر للمنح اإلهلية... ورمبا هذا ما أخر ظهور مبحث اإلناإلنسان املستكني

.ليظهر أخريا يف الفكر اليوناين الذي بدأ تدرجيا يزيح فكرة الكائن املتعايل لتحل الشرقية القدمية

-أ-

Page 10: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

حملها فكرة اإلنسان،الباحث عن السعادة على هذه األرض،ومنذ ذلك التاريخ مل يغب مبحث

يف أطروحات كل فلسفة وتناوهلا للشأن اإلنسان يف أية فلسفة أول حضارة،مع فرق

العصور الوسطى تناولته من زاوية البحث عن اخلالص،يف حني تناولته الفلسفة ةاإلنساين،ففلسف

.لتبقى هذه اخلومشكلة احلكم .. ةاإلسالمية بأكثر واقعية فبحثت يف مشكلة احلرية واملسؤولي

االنتقال الذي حدث يف لكن على البدايات الفعلية لالهتمام باإلنسان وقضاياه. شرؤتاحملاوالت

أعاد طرح مشكلة وما اجنر عنه من تغريات هامة على مجيع األصعدة، أوربا خالل عصر النهضة،

من جديد وبشكل مغاير متاما لذلك الطرح الذي تناولت به فلسفة العصور الوسطى اإلنسان

لتظهر بذلك مفاهيم جديدة كان هلا ،هعن ةنزع الوصاية الديني ةخاصة من زاويو ،الشأن اإلنساين

خاصة يف عصر بالغ األثر على مجيع األطروحات اليت تناولت مبحث اإلنسان بعد ذلك،

ليظهر وألول مرة مفهوم حقوق اإلنسان يف الفكر الفلسفي والسياسي، األنوار،وفلسفة احلداثة،

وهو ما أدى إىل تطور هام يف الفكر السياسي، ان كما رمسته الكنيسة،كرد فعل على منوذج اإلنس

على أسس جديدة ترتكز على الذي يبحث يف الظاهرة السياسية ومنها ظاهرة السلطة والدولة،

.فهم متقدم حلرية املواطن وحقوقه الكاملة،ومنها حق الثورة ومقاومة الطغيان

يف الغرب حيث أسهم والدفاع عنها يف العصر احلديث،ان ارتبط قيام مبادئ حقوق اإلنس

وسعى إىل فرض قيمه ومنظوره تأطري النظرية الغربية للمفاهيم املكونة للحقوق األساسية لإلنسان،

يف عموم الدول ،مثة نظرة سائدة ملسألة حقوق اإلنسان وحرياته األساسيةواليوم عن احلياة،

والذي ر التحول الليربايل يف أي جمتمع.اليت ينهض عليها مسا ،ةباعتبارها متثل أحد املدخالت اهلام

فكر والتعبري كشرط لتحقيق وعلى رأسها حرية ال ،يقوم على الدعوة الحترام احلريات السياسية

يتطلب لفهمه التعرف على مكونني ،واملوقف الليربايل إزاء حقوق اإلنسان كفكرة ومفهومالنهضة.

على البعد القيمي األخالقي ينصباملكون الفكري، وهو حدمهاأينهض عليهما هذا املوقف:

ينصب على السياسات الواجب إتباعها ،مكون سلوكي وثانيهما ،وكيفية إدراكه والتعبري عنه

لتحقيق الصورة املثالية للمجتمع .

-ب-

Page 11: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

اإلسالمية العربية إضفاء الصبغة التياراتحاولت العديد من ، املفهومألمهية اليت اكتسبها لنظرا

بيان عاملي بل صدر يف اإلسالم"،على املفهوم، فربزت كتابات تتحدث عن "حقوق اإلنسان

الصادر عن ،احتفظ بنفس مفردات امليثاق العاملي حلقوق اإلنسان ،حلقوق اإلنسان يف اإلسالم

بعرض األدلة الشرعية اليت ،إثبات عدم تعارضه مع اإلسالممع حماولة¡1945سنةاألمم املتحدة

اإلطار الغريب حبيسة ،لتبقى هذه احملاوالت وأخرى كثرية يف اإلسالم. احلقوق سس هلذهؤت

صارت املرجع األساس لبناء قواعد اجتماعية ،واملبادئ الغربية إن املفاهيمميكن القول:بل ، للمفهوم

.وجنم عن ذلك سلب احلضارة اإلسالمية مقومات وجودها ، لتنظيم احلقوق الفردية يف العامل أمجع

الدراسات السابقة:

طار املكانة اليت حيتلها موضوع البحث ال غرابة أن حيظي بنصيب إو اجلدير بالذكر أنه ويف

اليت حتاول أن تربز هذا اجلانب أول ذاك.ومن خالل مطالعيت ةمن الدراسات األكادميي ائله

دراسة أثناء إجناز هذه الرسالة مل أعثر على - اليت تسىن يل العثور عليها -املراجعللمصادر و

تناولت املوضوع من الزاوية اليت سأتناوله من خالهلا

تكذبهقدحكمعلىالكليةصبغةإلضفاءألنفسناالعنان وإطالقباحلكماازفةنريدال

الليربايل و سؤال اإلنسان بني الفكر اإلسالميجتع منجامعيةدراسةظهرتماجزئية إذاقضية

يبدوأمروهوكليباستقراءالقيامندعيالأنناكماواردأمروهواملركزيموضوعهاالغريب

ولكن هذا ال مينع من اإلشارة لبعض ،العلميةاملوضوعيةبابمنيكن مستحيالملإنمتعذرا

من زاوية خمتلفة،بعضها يهدف إبراز أسبقية الفكر اإلسالمي يف عاملؤلفات اليت تناولت املوضو

البعض األخر تعمق يف دراسة حقوق اإلنسان يف الشريعة سألة االهتمام بالشأن اإلنساين وم

نقد الرؤى املخالفة للرؤية اإلسالمية،والبعض األخر اإلسالمية،بينما حاولت دراسات أخرى

حاول التقليل من شأن هذه األخرية يف مقابل الرؤية الغربية، مثل دراسة هذا باإلضافة لدراسات

الرتعة العاملية بإبراز اخلصوصية اإلسالمية يف مقابلأخرى عثرنا يف ثناياها على مباحث اهتمت

-ج-

Page 12: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

القانوينوالفكراإلسالميةالشريعةبنياإلنسانحقوق(العوملية)،من هذه الدراسات نذكر:

(علي عيسى حقوق اإلنسان بني الر ؤية العاملية واإلسالمية العربيةعثمان).فتحيحممد(الغريب

ما نؤكد اجلوهري...اخل. (حممدةاإلسالمي والفكر اليبرياليالنظام السياسي عثمان وآخرون).

عليه هو أن الرسالة اليت نضعها بني يدي القارئ ال دف إىل السرد التارخيي أو إيل تكرار ما قاله

من تناولوا هكذا موضوع ،بل مرادنا هو نشر الوعي بأزمة اتمع والدولة والعالقات الدولية،من

سان وقتل قدراته.جراء الدوس على اإلن

إشكالية الدراسة:

ءواليت سنحاول التطرق إليها بشي ،اإلشكالية الرئيسية اليت سينصب عليها موضوع الرسالة

من التفصيل فهي :

¿كيف تعامل الفكر العريب اإلسالمي والفكر الليربايل الغريب مع الشأن اإلنساين

على مر التاريخ فهل ات وعرفتها كل احلضار اعتربنا أن ما يتعلق باإلنسان من حقوق ظاهرة ما إذا

فحسب؟ ليربالية ميكننا اعتبار مفهوم:" حقوق اإلنسان" وخربته غربية

عن املفاهيم الغربية؟ هحقوقو اإلنسان سؤالفكرة ينبغي فصلأال -

واليت جاءت هيكلتها على النحو التايل : هذه اإلشكاليات تشكل حجر الزاوية يف رسالتنا هذه،

باإلضافة إىل مخس فصول متدرجة على النحو اآليت: ، مقدمة متهيدية

يشمل ثالث مباحث الفصل األول:اإلنسان يف احلضارات القدمية :الفصل األول بعنوان:

متدرجة على النحو التايل:

واليت من شأا أن ، املفاهيم الواردة يف الرسالة: تناولنا فيه أهم مفاهيامل: حتديد املبحث األول

كما يقول جيل ، " فاملفهوم صديق اإلنسان"، تكون مفاتيح تساعد القارئ على فهم احملتوى

حقوق ،الليربالية،مفهوم اإلنسان،احلق،الواجبيلي:وقد جاءت هذه املفاهيم كما دولوز،

األمر الذي من شأنه ،تعريفها يف ثنايا الرسالةباإلضافة ملفاهيم أخرى جيد القارئ اإلنسان،

املساعدة يف تتبع وفهم فصوهلا.

-د-

Page 13: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يف -، بدأ من الفكر الشرقي القدمي (كرونولوجيا تطور مفهوم حقوق اإلنسان : ملبحث الثاين ا

كر اليوناين )،مرورا بالفيف الفكر السياسي الصيين –الفكر اهلندي -مصر القدمية - بالد الرافدين،ب

وصوال إىل الفكر اإلسالمي مع ( الفارايب ،املارودي وابن رشد). ( أفالطون وأرسطو)،

يف احلضارة اليونانية واملسيحية :املبحث الثالث

:يشمل بدوره على ثالث مباحث: سؤال اإلنسان يف الفكر اإلسالمي الفصل الثاين:-

معامل الوجود اإلنساين يف النصوص املؤسسة للفكر اإلسالمي (القرآن و السنة):األولاملبحث

حلقوق اإلنسان. الفكر املقاصدي والتنظري:املبحث الثاين

اإلسالمية. ةاإلنسان يف الفلسف سؤال :املبحث الثالث

ثالث مباحث:فيشمل بدوره على مفهوم اإلنسان وحقوقه يف الفكر الليربايل :الفصل الثالث::

الليربالية مفهومها بعنوان: املبحث الثاين. عصر النهضة وبدايات علمنة السياسة: املبحث األول

:سؤال اإلنسان يف الليربالية املعاصرة املبحث الثالثو أسسها الفكرية والفلسفية.

يشمل ثالث مباحث: سؤال اإلنسان بني الفكر اإلسالمي والليربايل: الفصل الرابع:

:ما مييز نظرة الفكر اإلسالمي ملفهوم اإلنسان وحقوقه.: عاجلنا فيهاملبحث األول

ملفهوم اإلنسان وحقوقهمامييز الرؤية الليربالية بعنوان: املبحث الثاين

سؤال اإلنسان بني الفكر العريب اإلسالمي و الليربايل الغريببعنوان :املبحث الثالث

يشمل ثالث مباحث: حقوق اإلنسان بني اخلصوصية و الكونية: الفصل اخلامس:

اإلسالمي احلديث-:سؤال اإلنسان يف الفكر العريباألولاملبحث عاجلنا فيه املبحث األول:

املبحث .املبحث الثاين:خطاب العوملة وحقوق اإلنسانبعنوان املبحث الثاين.يف حني جاء املعاصرو

الصعوبات التطبيقيةحقوق اإلنسان بني السياق اإلجرائي و املبحث الثـــالث: : الثالث

صل فيها أهم النتائج املتوصل إليها.وأخريا ننهي الرسالة خبامتة حنو

-هـ-

Page 14: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

منهج الدراسة:

بالقاعدة اإلبستمولوجية القائلة بأن طبيعة املوضوع هي عمالو فإنه أما ما تعلق باملنهج،

بل سوف فإننا يف هذه الرسالة سوف لن نعتمد على منهج واحد بعينه، اليت حتدد طبيعة املنهج،

ز هذه الرسالة املنهج التارخيي لتتبع وهلذا وظفت يف إجنا نوظف املنهج املناسب يف الظرف املناسب،

الستنباط دالالت املنهج االستنباطي كما وظفت تلف احلقب،خم متظهرات مفهوم اإلنسان يف

إلبراز االختالفات املنهج املقارنوظفت و ، املفهوم من النصوص املؤسسة للفكر العريب اإلسالمي

بني الفكر العريب اإلسالمي و الليربايل الغريب يف تناوهلما للشأن اإلنساين.

صعوبات البحث:

التنقيب يف غمار ض أي باحث خيوض يف غمار البحث ولصعوبات تعترمما هو معلوم أن ا

فمن بني الصعوبات اليت ال قيتها تشعب املشكالت الفلسفية ال سيما تلك املتعلقة مبوضوع حبثنا،

فلم يكن من السهل تناول الشأن اإلنساين يف النصوص املؤسسة للفكر العريب ،املوضوع وسعته

هذا األمر كان يتطلب اإلملام بآليات التعامل مع هذه النصوص وهو ما مل ألن اإلسالمي بسهولة،

همدارس حصرو ،لليربايلأيضا مسألة تناولنا للفكر ا الصعوباتمن و يكن بالسهولة مبا كان.

اليت وإن تشات من حيث املنطلق مع ،فمن املعلوم أن لكل بلد ليرباليته اخلاصة به ،امتداداته

إال أا ختتلف يف من أمثال.لوك وهوبس، كما أسس له اآلباء األوائل، يل،أسس الفكر الليربا

.آليات التطبيق

ثام عن إشكالية الزالت تثري الكثري من اجلدلنأمل أننا أمطنا لل ،لكن وبقدر هذه الصعوبات

وأا تعد ال سيما ية اليت أحرزا الشعوب الغربية،والتقدم واملدن يف ظل املتغريات املستجدة،

يف ظل االنتهاك وق اإلنسان واالرتقاء بإنسانيته،حلماية حق ،النموذج اإلجيايب على الساحة العاملية

ودول العامل العريب اإلسالمي على وجه عموما، الذي تعاين منه إنسانيته يف دول العامل الثالث

الفكر الليربايلعرب عنها اليت هتشريعاتأصبح للنظام الغريب ،يف ظل كل هذه املتغريات اخلصوص،

القيم الدينية والثقافات تعارض يف كثري من حماوره مع ولو حىتالواقع الذي يفرض نفسه، يه

-و-

Page 15: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

حيث ما زالت املطالبات تتواىل من أجل تفعيل املنظومة الغربية حلقوق اإلنسان يف العامل ،احمللية

بل حتقيقا ملصاحل فئوية، ،تمعاتذه ا لكن هذه املطالبة ليست من أجل االرتقاء ،اإلسالمي

وحتقيق مقاصده العلية يف ،حيث أن الغرب أدرك متام اإلدراك أن إعادة تفعيل أحكام الدين

يف هو الذي من شأنه أن يهدد الغرب يت تنظم حياة اتمعات املسلمة،األحكام والتشريعات ال

اليت يسعى من خالهلا لبناء ذاته على حساب تفكيك خصوصيات اآلخرين ،مصاحله ومآربه

ومنطلقات تقدمهم وحداثتهم.

-ز-

Page 16: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 17: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 18: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

أن عليك تتحدث معيإذا أردت أن". بامتيازإن املصطلحات واملفاهيم هي األدوات املعرفية

احلاصل حول الكثري ،والتداخل االلتباسقول هذا يف ظل ن. كما قال فولتري""، كمصطلحاتحتدد

حىت ال تظل رفني،هو أهم ما يطلب يف أي حوار بني ط ،وعليه فتحديد املفاهيم ،من املفاهيم

اإلنسان سؤال ةرسالهذه ال يف تناولأس ومبا أنين. فضفاضة، يفسرها كل حسب ما خيدم قضيته

حتديد تفرض علينا ،فإن منهجية البحث الغريب، والليربايلاإلسالمي العريب وحقوقه بني الفكر

،احلق ،اإلنسان: لفهم منت هذه الرسالة واليت من بينها مجلة املصطلحات املفتاحية املساعدة،

الذي سأتناوله بالتفصيل يف منت هذه الرسالة. ،باإلضافة ملفهوم اليبريالية ،حقوق اإلنسان الواجب،

مفهوم اإلنسان:-1

قالوا ،ألن العرب قاطبة،أن اإلنسان أصله إنسيان :)1(جاء يف لسان العرباللغوي: االشتقاق-أ)

اس يف ملا كثر الن إال أم حذفوها تكبريه، على الياء يف ،اء األخريةفدلت الي ،سيانيأنيف تصغريه:

قال ألنه عهد إليه فنسى، ،إنسانا اإلنسانإمنا مسي :أنه قال(ض) عباس ابنعن يورو ،كالمهم

ذا كان اإلنسان إ" :أبو منصورقال .)2("ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما":تعاىل

اس ما سأله عن الن أنه ،وروى املنذر عن أيب اهليثم سيان،من الن إفعالنفهو ،أنسيانايف األصل

اليت تزاد من األلف ،مث زيدت عليه الالم ،فاأللف فيه أصلية أصله أناس، ألن ،األناسأصله ؟ فقال:

فكانت اهلمزة ،يف الكالم مث كثرت األناس، االسمصار ،فلما زادوها على أناس للتعريف،

فلما حتركت الالم ،بتحريك الالم بالضمة ،اسوصار الباقي الن ،فاستثقلوها فتركوها ،واسطة

)3(".فقالوا:الناس ،م يف النونأدغموا الال ،والنون

،أي ناسا كثري يت مبكان كذا وكذا أناسا كثريا،رأ أقول اس،واجلمع أن ،مجاعة الناسواإلنس:"

واألنس واالستئناس يف ،واألنس:خبالف الوحشة. وقد ترى بالدار يوما أناسا:الشاعرومنه قول

واحده إنسي وأنسي أيضا، ،واإلنس:البشر. ألن الناس يأنس بعضهم إىل بعض هو التآنس، ،اللغة

االشتقاقييف األصل ،هذه بعض اآلراء الواردة .)4("إنسانة وال يقال هلا ،ويقال للمرأة أيضا إنسان

إلنسان.اوهي آراء بعيدة عن الطرح الفلسفي ملفهوم لفظ إنسان،

ÜÜÜÜÜÜÜ

170دار ومكتبة اهلالل، (ب،ت)، (ب ط)، ص ، 1ج،لسان العرب،منظور ابن)1

115:،اآليةطهسورة ،)2

) ابن منظور، املصدر والصفحة نفسها3

) املصدر والصفحة نفسها4

-8-

Page 19: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

:اإلسالمي العريب يف الرافد اإلنسان

أنه ليس اإلنسان إنسانا بسينا: ابنقال ،املنطق،اإلنسان حيوان ناطق عند الفالسفة وأرباب

ومجهور اإلهليونأما الفالسفة .)1(بل بأنه مع حيوانيته ناطق،أو أي شيء آخر أو مائت، حيوان،

هذه عبارة عنبأن اإلنسان ،فذهب املتكلمون إىل القول فاختلفوا حول ماهية اإلنسان، ني،املتكلم

كلت .... فإنه يريد أنا أفإذا قال: وعن هذا اهليكل اسم احملسوس، ،البنية املخصوصة احملسوسة

وال دخل لقائم ذا البدن،يرون أن اإلنسان هو املعىن ا ،اإلهليونلكن الفالسفة بذلك البدن،

بل اإلنسانية املقومة هلذا ،هذا اهليكل املخصوص إليه بـ أنا وليس املشار للبدن يف مسماه،

.شيء مغاير جلملة أجراء البدن ،إلنسان حسب رأيهما، فاهليكل

سينا بقوله: ابنإليه أشاروهذا ما حظ ال تلتئم ا حقيقة اإلنسان،كما هو مال اآلراءهذه

تفرض فيه طوال ،يف أبعاد امتدادويكون له ،فإنه حيتاج أن يكون جوهرا ان،مثال ذلك اإلنس"

ويتحرك وحيس، ا، يفتدينفسا ،وأن تكون نفسه ،لك ذا نفسذوأن يكون مع ،وعرضا وعمقا

ويتعلم الصناعات ويعلمها ... فإذا حبيث يصلح أن يتفهم املعقوالت، ،ومع ذلك يكون ،باإلرادة

،وإىل قريب من هذا الرأي". ها ذات واحدة تسمى ذات اإلنسانحصل من مجلت ،مجيع هذا التأم

بأعضائه ،جلسم احملسوسأما علنه فهو ا إن اإلنسان منقسم إىل سر وعلن،”:هقولب لفارايباذهب

.)2("ا سره فقوى روحهوأم التشريح على باطنه، ودل وقد وقف احلس على ظاهره، وإمتساحه،

عجن اهللا طينته فهذا الشخص اإلنساين،" ،اإلنسان هو أشرف املخلوقات ،عند املتصوفة أما

بيديه...وجعل ذلك من عنايته ذا النوع اإلنساين...فما فضل اإلنسان غريه من األنواع العنصرية،

هو ي،اإلنسان الكامل احلقيقو ،)3("فهو أفضل نوع من كل ما خلق إال بكونه بشرا من طني،

احلدثان،وبني صفات م وأحكامه،واملرآة اجلامعة بني صفات القد ،الربزخ بني الوجوب واإلمكان

واملدد الذي سبب بقاء ما سوى ،يصل فيض احلق وبه ومبرتبته ،وهو الواسطة بني احلق واخللق

ألنه أكمل موجود يف ،"إمنا كانت حكمته فرديةوهو حممد، (4)علوا وسفال ،إىل العامل كله احلق

.)5(وهلذا بدئ األمر به وختم" هذا النوع اإلنساين،ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

156،ص 1982،دار الكتاب اللبناين ،(ب ط)، 1،ج املعجم الفلسفيمجيل،صليبا نقال عن: )1

)املرجع والصفة نفسها 2

145¡144،دار الكتاب اللبناين،بريوت لبنان،ب ت)،(ب ط)، ص فصوص احلكم) ابن عريب حمي الدين،3

281،ص1996¡1، مكتبة لبنان ناشرون،ط1،ج موسوعة كشاف إصالحات الفنون والعلومالتهانوي حممد علي ، نقال عن: )4

214نفسه،ص راملصد ابن عريب حمي الدين، )5

،(ب ت)2،دار املعارف،مصر،طمقال يف اإلنسان دراسة قرآنية*للمزيد أنظر:عائشة عبد الرمحان(بنت الشاطئ)،

-9-

Page 20: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وأعالهم مرتبات ،اإلنسان أنزل اودات مرتبة يف الظهور أن ،يرى الصوفية ،الوجودمراتب يف

،مجلة واحلقائق اخللقية،للحقائق احلقيقية ا أنه اجلامعوقد بين ،ليس لغريه ذلك يف الكماالت،

وكل ما رأيته أو مسعته يف ،حقيقة وجمازا،لزوما وعرضا،بالذات والصفات،حكما ووجوداوتفصيال،

نسان هو احلق،وهو رقائق اإلنسان،واسم حلقيقة اإلنسان،فاإلفهو عبارة عن رقيقة من ،اخلارج

.واجلزئية جلميع العوامل،اإلهلية والكونية،الكليةالذات،فاإلنسان ذا هو اجلامع

اليت يف هذا ولذلك كان أشرف املوجودات، أن اإلنسان حفي به الكمال،" ،ابن رشد هلذا يرى

وبني فعلها أبدا القوة،أعين اليت تشوب ألنه هو النظام بني املوجودات احملسوسة الناقصة، العامل،

ووجب أن يكون كل وهي العقول املفارقة، املوجودات الشريفة اليت ال تشوب فعلها قوة أصال،

الذي كان بالقوة يف ،إذ كان الكمال األول جل اإلنسان وخادم له،أما يف العامل إمنا هو من

ومنها أنه من املوجودات،شرف من كثريأأن اإلنسان ويذهب إىل:. اهليويل األوىل إمنا ظهر فيها

وهو مثرة ،وأنه خلق لفعل مطلوب منه ،أنه مل خيلق عبثا ،إذا كان كل موجود يظهر من أمره

)1(.وجوده

يف الوافد الغريب: اإلنسان

وجود استحالةمفادها ،صلنا إىل نتيجةتو ،حول مفهوم اإلنسان ،الفلسفية األطروحاتن تتبع إ

مل تكن تم باإلنسان كذات ، القدميةفالفلسفات . عليه يف كل العصور متفق، واحدمفهوم

لعلل وأسباب هامن خالل تفسري رفة أصل العامل وأسرار الطبيعة،بل كانت دف إىل مع ،مستقلة

بدأ ،يف بواكري الفلسفة اليونانية ،لكن مع بروز الفكر التأملي الذي ترتكز عليه الطبيعة، ،النظام

.شكل املشكلة الرئيسية للفلسفةياإلنسان سؤالفأصبح يواجه نفسه بطريقة جديدة،إلنسان ا

حينما ،يف تغيري جمرى نظرة الفلسفة القدمية لإلنسان ،الدور املهم ،للسفسطائيني لقد كان

الذي أطاح ،وقد جتلت آراؤهم واضحة يف فكر بروتاغورس ،دوره يف الوجود أمهيةأكدوا على

لقد أصبح الفكر متمركزا حول ،توجد مستقلة عن الذات الفردية ،موضوعيةبكل حقيقة

.ال ميكن قهرها الذي ينظر إليه كقوة فاعلة يف العامل ،اإلنسان

ÜÜÜÜÜÜÜÜ

240ص،1964¡2اسم،مكتبة األجنلومصرية،ط،حتقيق حممود قمناهج األدلة يف عقائد امللةابن رشد، )1

-10-

Page 21: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

املتمركزة حول التأكيد املطلق للمبادئ الذاتية، يه، "اإلنسان مقياس كل شيء" عبارةإن

مبا فيها وإنسانيته املسؤول الوحيد عن وضعه البشري، إذ جعلت هذه املبادئ من اإلنسان، الذات،

بالنسبة أما حق أو عدل. يف حتديد ما هو فال دخل ألية سلطة خارجية، ،)1(من نزعات وشهوات

اإلنسان ف ،حتافظ على مكانتها ،"بنفسكأعرف نفسك " عبارة ،زالت إىل يومنا هذا فال ،سقراط

الروح هي ذلك اجلزء الذي جيعل الكائن ،)2(روح وعقل يسيطر على احلس و يدبره ،إليهبالنسبة

،فإذا حصل املرء على املعرفة كان فاضال املعرفة احلقة، اكتسابن وظيفتها يف متك ،احلي إنسانا

ن فمن تبي ،يسعى للخري ويتجنب الشر واإلنسان بطبيعته ،بقي يف حالة اجلهل أصبح شريراوإذا

.)3(جهل نفسه وخريهرجل أما الشهواين ف ،مبا هو إنسان أراده حتما ،ماهيته وعرف خريه

الذي ،قمنوذج اإلنسان اخلال- خاصة ريبغبالنسبة للفكر ال-أمنوذج اإلنسان اليوناين مثل

نتيجة ،احلاضرة اليونانية ايارلكن .من جهة ثانية والفردانية ،فيه قيمة احلرية من جهةتتجسد

ل بظهور تيارات عج ،نظام الرق والعبودية ت اياراليت تبع ،واالجتماعيةاألحداث السياسية

،واآلالمبعيدة عن الشرور ،جعلت من الفلسفة طريقة ذاتية إلرشاد اإلنسان حلياة هادئة ،فكرية

وفقد الثقة ،اليأس أكهيف ظل عامل ،عندئذ أصبح كل شيء يدور حول الذات الفردية ومصريها

وحتقيق ،املطلق كطريقة للسعي حنوإىل الزهد، فاجته ،عن طريق العقل ،يف إمكانية بلوغ احلقيقة

.النشوة الروحية

ورؤيتها للطبيعة األفالطونية اجلديدة،متناغمة مع أفكار جاءت،ف الفلسفة املسيحية نظرة أما

مكونة من جسد للقديس أوغسطني،فالطبيعة البشرية بالنسبة ،ونظرا لإلنسان بعد ذلك البشرية،

دينية مصدرها اجلانب أمور اإلنسان مقسمة إىل قسمني: تكون ،وتبعا هلذه الثنائية ،وروح

أن اهللا عندما خلق ،يؤكد أوغسطنيومع ذلك مصدرها اجلانب اجلسدي،ودنيوية ،الروحي

غريت ذلك ،لكن خطيئة آدم ،مجيعا أعضاء يف مدينة اهللا ،اإلنسان كان يعتزم أن يصري بين البشر

رغم من الفب ،وقسم مع الشيطان،قسم يعيش مع اهللا:العامل اإلنساين إىل قسمني انقسملقد .كلهÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

81ص 1996¡1،دار الفكر العريب ،بريوت،طالفلسفة واإلنسان)فيصل عباس،1

66لد،(ب ت)،ب ط)،صبكرم يوسف،تاريخ الفلسفة اليونانية،دار القلم للطباعة و النشر والتوزيع،مل يذكر ال)2

)املرجع و الصفحة نفسها3

-11-

Page 22: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ومالبسه ولغته وأسلحته، املتعددة يف األرض لكل منها عاداته وتقاليده، ،التنوع اهلائل لألمم

أنه ال يوجد إال فريقان من البشر ومدينتان، ميكننا أن نقول مع الكتاب املقدس، للغاية، املتباينة

الذين يعيشون واألخرى مدينة البشر، الذين يريدون العيش وفقا للجسد، واحدة هي مدينة البشر،

.)1(وفقا للروح

ألن اهللا خلق اإلنسان دة اإلنسانية،املسيحية على وح تؤكد ،الظاهرةلكن رغم هذه التفرقة

وحدة ال وإمنا ليغرس فيه بشكل أعمق اتمع، بعيدا عن ،من أجل أن يتركه يف عزلتهوحيدا ليس

فاتمع . لذي يعترب أساس الوحدة البشريةاليت تتأتى من خالل احلب ا ،والرابطة الودية االجتماعية

.يف الفكر والعاطفة اشتراكولكنه ،ليس جمرد جتمع آيل لألفراد واجلماعات

تفكري يقوم أساسا على عند اليونان، رأيناهمغاير متاما لذلك الذي ،إننا هنا أمام تفكري جديد

،اإلهليةأو العناية اإلهليمامل حيصل على اللطف ،اليت ال ميكن أن تتحقق لإلنسان ¡فكرة اخلالص

مهما كانت ،ح احلياةرأن الوقائع اليت جتري على مس تشري إىل ،اإلهليةعلما أن نظرية العناية

دون أن تتركها ،فهي اليت تشكلها على النحو اليت هي عليه اإلهلية،فإا ختضع للمشيئة ،تنوعاا

أن هذا األخري عاجز اعتبارعلى ،وهكذا فالبد من تدخل اإلله احلكيم ليخطط لإلنسان ،للفوضى

.لنفسه اخلريعن فعل

وسعوا من خالهلا إىل كبت ،عليها علماء الالهوت يف العصور الوسطى اشتغلهذه الفكرة

.وتكريس تبعيته ت قواه،يوتشت ،عنها اغترابهوترسخ ته،اوفصل اإلنسان عن ذ الطبيعة البشرية،

،جاء عصر النهضة بفلسفة تناقض متاما فلسفة العصور الوسطى ،من هنا وكرد فعل صريح

فبدال من التفكري يف العامل اآلخر وكيفية ،ودوره يف احلياة،د على قيمة اإلنسانتأكفلسفة

فكان ن مستقبل اإلنسان على هذه األرض،بضرورة البحث ع النهضة، مفكرونادى ،اخلالص

ففي سبيل سعادة اإلنسان ،اإلنسان ملكانته استعادةإعالن عن مبثابة ،ظهور احلركة اإلنسانية

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

6،ص1998،دار قباء للطباعة و النشر والتوزيع،القاهرة،(ب ط)،الهوت التاريخ عند القديس أوغسطني) اخلضريي زينب،1

-12-

Page 23: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

الذي يرفض نسجوا على منواهلا منوذج اإلنسان،لي ،إىل تراث العصور القدمية سعى رجال النهضة

وقادرا ،أن جيعل من نفسه كائنا حرا يعمل علىيف املقابل و ،إىل عامل اآلخرة اهتماماتهأن يوجه

.على اإلحاطة بكل شيء

بفلسفة تنطلق من العقل كمبدأ مشويل فالسفة األنوار،جاء ،مع بروز معامل الرتعة العقلية

فلسفة ،بعيدا عن سلطة الكنيسة وسطوا على مصري اإلنسان ،سيد لنفسه ،مطلق وحكم وحيد

مبدعة. وكشفت عن مكانته يف العامل كطاقة خالقة دت وجود اإلنسان،جم

فلسفة حررت وعي فلسفة اإلنسان باملعىن الشامل، ،لقد كانت فلسفة التنوير األوريب

من أجل أن وزودته بأدوات التثقيف واالستنارة، اإلنسان من األوهام، وأعلنت والدته من جديد،

نوع.لظلم واخلويتجاوز ا ،يبدأ مساره من جديد

جلدل، نجدها تقحم اإلنسان يف إطار اف -ومن خالل املنهج اجلديل -أما الفلسفة اهليجلية

-جديل للروح املطلق انعكاسهي يف احلقيقة سوى اليت ما- الذي حيكم كل مظاهر الوجود

إذا ما جتاوز نفسه، فالفكر يكون جدليا، ،وبفضل هذا اجلدل يستطيع اإلنسان التحرر من مجوده

املتحرر من األوهام خللق اإلنسان الشامل، ،ن من إحداث ثورة جذرية يف الوجود اإلنساينومتك

من ،يستمد تصوره عن اإلنسان تعرب عن بناء شامل، وبذلك جاءت فلسفة هيجل،. هاليت حتاصر

.)1(فكرة العقل الكلي أو املطلق

نافية وجود الذات أو الفاعل ،اجتماعيةإىل اإلنسان نظرة فنظرت ،الفلسفة املاركسية أما

فان بالشرط البشري،فاملاركسية عندما تفكر " ،بل كل ما يوجد هو الوجود الواقعي ،التارخيي

حيث يتجلى مفهوم ،)2("وإمنا وضع اإلنسان يف اتمع اهتمامها ال ينصب على عزلة اإلنسان،

صحيح أن اإلنسان نتاج . االجتماعيةقوانني الويربز ذلك من خالل ، االجتماعياإلنسان يف واقعة

ولكنه بوجه خاص نتاج جزء من هذه الطبيعة يتميز عنها ويتناىف معها جزئيا وهذا اجلزء ،الطبيعة

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

34،ص 2006،دار الكندي للنشر والتوزيع ،ب ط، أزمة اإلنسان املعاصرالبشتاوي حيي ، )1

112ص ،1981¡3تر، جورج طرابيشي،دار اآلداب،بريوت، ط ،اإلنسان االشتراكي)إسحاق دويتشر، 2

-13-

Page 24: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

هي االجتماعيةفإن الشروط املوضوعية ، وأيا يكون اجلزء البيولوجي لوجودنا ،هو اتمع البشري

تنعكس من خالل الشروط ،والعوامل البيولوجية نفسها ،اليت تلعب دورا حامسا يف تكوين طبائعنا

ليس جتريدا جوهر اإلنسان،و ،)1( االجتماعيةنا تلتحول جزئي حبكم شخصيوتتعرض ،االجتماعية

من هنا فالصفة الفردية،تفقد طابع وإمنا هو يف مجاع العالقات اإلنسانية، يف كل فرد واحد، منا،

كمجموعة من العالقات بفهم جوهر اإلنسان،،وثيقا ارتباطا ألا مرتبطة االكتفاء الذايت،

حسب فمن ماهية اإلنسان، يف جمرى التاريخ،بفضل النشاط الفاعل لإلنسان، تتحقق ،االجتماعية

.)2(ولذلك نعرف اإلنسان بأنه إنسان صانع وصناعة ذاته، برغسون صناعة األشياء ،

و هو أو حيوان، فسيولوجي ذو مظاهر نفسية، كما يتصور فرويد فهو كائن،"أما اإلنسان

األساسية ال يف عمقها ومكوناا فإمنا حيدث التغري يف مظاهرها فقط، وإن تغريت، ذو طبيعة ثابتة،

احلبا قوتان مها: احلفاظ على الذات وحتركه ،مغلقة على نفسها وآلة فسيولوجية أداة، اإلنسان

.)3("األصلي هو الغرائز مستودعها ،كما أا مزودة بطاقة ثابتة الكم

أساسها يف التكوين البيولوجي لإلنسان ذاته، اإلنسان، يسلم فرويد مباهية عدوانية و شريرة

جيعل القضاء على مظاهر العدوان مما حنو العدوان، فهو كائن مدفوع بطبيعته البيولوجية ذاا

ليس اإلنسان "د معينة.هو تقليص هذا الدافع إىل حدوميكن عمله وكل ما احلرب أمال سرابا،و

بل نه يدافع عن نفسه حني يهاجم،أإنسان نقول عنه .للحبذا قلب متعطش ضعيفا،كائن طيبا و

وبالتايل على قدر ال بأس به من العدوانية، حتتوي معطياته الغريزيةكائن هوعلى العكس من ذلك،

اإلنسان مدفوع ،بل هو أيضا موضوع اعتداء ،تعويضا جنسيا فإن القريب بالنسبة إليه ليس فقط

وإىل ،استخدام عمله دون تعويض إىلمدفوع على حساب قريبه،إىل إشباع حاجته من العدوان

)4(."استعماله جنسيا من دون موافقة و إىل امتالك خرياته

ÜÜÜÜÜÜÜÜ

115-114ص املرجع نفسه،)1

1041، (ب ت)،ص 5، دار قباء احلديثة للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة، طاملعجم الفلسفي)وهبة مراد ، 2

15ص،2009¡1حباث و النشر، بريوت، ط، الشبكة العربية لألمدارات احلداثةحممد سبيال،نقال عن: )3

17¡16) املرجع نفسه، ص4

-14-

Page 25: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

خاضع مشروط ومن حيث هو كائن " ،تصورين متزاوجني لإلنسان تقيم نظرية فرويد

ضغط و اهلوهي حمصورة بني دوافع و فالشخصية أو األنا، ،بيولوجية معينةحلتمية سيكولوجية و

فاإلنسان يف هذه احلالة ليست إال حمصالت لقوى فاعلة، تضع توازنات و توافقات، ،األعلىاألنا

احلالة ،واألنا األعلىو ني الفاعلني: اهلوىوتتابع حملصلة القو خاضع ملاضيه الطفويل بصورة حتمية،

هو الالشعور الذي يضفي معىن ،عميقا خاصا اميتلك بعد الثانية هي اإلنسان من حيث هو كائن،

.)1("لى ما ليس له يف الظاهر معىنع

فرويد كبري اليت يعريها ة،فالعالقات االجتماعية الوحيد ،أما على املستوى االجتماعي

وأساس اليت حيكمها مركب أوديب، ،أطراف الثالوث العائليهي العالقات القائمة بني اهتمام،

العائلية عند فرويد هي حاجة اإلنسان إىل احلماية و احلب.أمهية العالقات

بتيار احلداثة ءابد ،مل تكن مشكلة اإلنسان لتمر مبعزل عن التأثري يف التيارات الفلسفة الالحقة

الباحث عن اإلنسان منوذج الفيلسوف الثائر، نتشهشكل ففي املشهد احلداثي، ،وما بعدها

مبا يفضي إىل نبذ ،نظام القيم والدعوة إىل قلب ،إعالن موت اإللهحبث قاده إىل ،املفقود

.إلرادة القوة لديه وطاقته احليوية، اإلنسان لكيانه الطبيعي واسترداد ،االستالب

أو ال يرتبط مبا توفره لنا من منافع، ،القيم اليت تضعها اإلنسانيةاهلدف من نتشه أن أىرلذلك

فإنه وإمنا إرادة القوة، رادة العامة ليست إرادة احلياة،أن اإلمبا و .ذلك من الغايات التافهة مشابه

حىت تصل إىل خلق أن تعمل على السمو مبستوى اإلنسانية، البشرية، ينبغي على القيم اليت تضعها

له يف عايشه نتشه ال قيمة فاإلنسان الذي هم فوق مستوى اإلنسانية، ،نوع جديد من البشر

-يف نظر نتشه-اإلنسان األعلى،هكذا فلن حنب احلياةيدعى ،بل هو وسيلة خللق نوع ممتازذاته،

.)2(لنا ومكافئة ألتعابنا اإذا جعلنا هذا اإلنسان هدف إال ،ونسمو ا

ÜÜÜÜÜÜÜÜ21املرجع نفسه، ص )1

56(ب ت)، ص 6بريوت، طاملعارف ،ح اهللا املشعشع، مكتبة ، تر، فت قصة الفلسفة)ديورانت ويل، 2

-15-

Page 26: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إن غاية اإلنسانية من املنظور النتشوي، تكمن يف خلق هذا اإلنسان األعلى، غاية جيب أن

هي القيم، وأول خطوة متهد لوضع هذه ،هكذا خلقتساعد على ،نضع من أجلها قيما جديدة

ا فإذ .األخالقية والدينية والفلسفية األوهام اليت جاءت ا املذاهب و القيوداإلنسان من كل رحتري

،القسوة واحلرماندون أن يأبه على نفسه، االعتمادوجب عليه حترر اإلنسان من كل هذه القيود،

.على كل الغرائز األخرى الريادةو بل وللحياة نفسها،جاعال لغرائز الرجولة وحب الظفر

اإلنسان ناليت أعلت من شأ تبنته الفلسفة الرباغماتية،ا خيتلف عمإن هذا املوقف ال

ألن ،ولكنها يف املقابل سلبته بعده الروحي ،فمنحته النفوذ والوظيفة املؤثرة ،وبيولوجيا اجتماعيا

رمز فهي ،وهي وظيفة وليست شيئا آخر ،نوع من احلقائق ،الرباغمايتنظور املالنفس اإلنسانية من

آلة ليس سوىال اإلنسان ف ،أو عدمه استمرارهايتحكم يف ،اجتماعيعن موقف سلوكي ناتج

.تتميز طبيعته باملرونة والقابلية للتشكيل كونه كائن حي طبيعي، رغم ،معقدة

مبصري اإلنسان، ، مرتبطمشكلة اإلنسان من منظور وجودي ، فعاجلتأما الفلسفة الوجودية

ودوره يف يفة اإلنسان،دت الوجودية على وظمن هذا املنطلق أك ،اخل..واالغتراب.كاملعاناة واألمل

الذي يتوقف وجود ،اإلنسان هو الوجودف درته على مقاومة العدم وجتاوزه،وق حركة الوجود،

موت اإلنسان ،فلسفات ما بعد احلداثة اختارتبينما .وفق الطرح الوجودي ه،العامل على وجود

تأسست على جمموعة من اليت ،ملعطيات اللسانيات البنيوية ستنادااوذلك ،ذاتا وإرادة وعقال

األمر الذي ميثل حتديا أمام أطروحات الذات ومكونات الوعي واإلرادة، تلغي مفهوم املسلمات،

اللغوية األنساقال الذات إىل جمال جممن ،يف حتويل إشكالية املعين والداللة انوية،احلداثة اإلنس

ينبثق من الالوعي واللغة ،دت على أن الكوينبل هناك آراء أك ،هذا فحسبليس ،ةالالشعوري

.التنويرينيوليس من العقل كما قال ،والرغبة

-16-

Page 27: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

:مفهوم احلق-2

:لغـــة-أ)

حقا بكسر احلاء وضمها يف املضارع،ق، األمر حي حقتقول: ،ق ق، ح، مشتق من اجلذر،"

رف عواحلقيقة يف ال واألمر املتحقق وقوعه، ،والالئق والصحيح الثابتواحلق هو .أي تبث ووجب

يطلق ،احلق هو احلكم املطابق للواقع:قال التفتازاين يف شرح العقائد. للواقع االعتقادهو مطابقة

أما الصدق فقد شاع ويقابله الباطل، اشتماهلا على ذلك، باعتبار على العقائد واألديان واملذاهب،

.)1("ويقابله الكذب االستعماليف

،وهي أن لفظ جيب اإلشارة إىل مسألة هامة وحنن نتحدث عن مفهوم احلق يف اللغة العربية

ه وعلييليهما وإمنا مييز بينهما حبرف اجلر الذي ،يتداخل يف أحيان كثرية مع لفظ الواجبحق،

أما عبارة (وجب عليه) و (واجب .(حق له)فعبارة ( وجب له ) و (واجب له)،معناها (حق له) و

استحق "رب بقوله:وهذا ما أورده صاحب لسان الع.)2(له) و( حق عليه) معناها (حق ،عليه)

ويقال:حيق عليك أن تفعل .)3("تجاب قريبان من السواءسواال االستحقاقو ،استوجبه: الشيء

والواجب،متداخلتان يف اللغة وحيق لك أن تفعل،من هذه اإلشارة،تبني أن لفظيت احلق :جيب كذا

العربية، والثقافة العربية اإلسالمية .

ميكن ،ميكن تصنيف معاين احلق يف اللغة إىل داللتني ترجع إليهما معظم املعاين األخرى

وحققت ،حق الشيء وجب وثبت ،احلق"لبقاء الكويف الذي يقول:من مثل كالم أيب ا استنباطها

مباله وهو أحق الزما، ثابتاوجعلته ،وحتقق تيقنه ،ثبت احلكم ،القولومعىن لقد حق ،الشيء أثبته

)4("بغري شريك وهو خمتص به ،، أي ال حيق لغريه

وثبت،أووجب ،أي:األمر حقا وحقوقا :احلق مصدر من حقاحلق مبعىن الوجوب والثبوت-ب)

.)5("القول على الكافرینلینذر من كان حیا ویحق :"صح وصدق ومنه قوله تعاىلÜÜÜÜÜÜÜÜ

682،مرجع سابق،ص 1ج، موسوعة كشاف إصالحات الفنون والعلوم)التهناوي حممد علي ،1

208ص ،2004¡3الوحدة العربية بريوت،لبنان،ط مركز دراسات،الدميقراطية وحقوق اإلنسان) اجلابري حممد عابد،2

178سابق،ص،مرجع 4ج،لسان العربابن منظور، )3

9،ص 2003¡1القاهرة ، طلسالم للطباعة والنشر والتوزيع ،دار ا، نظرية احلق)اخلويل أمحد أمني ،4

70)سورة، يس، اآلية :5

-17-

Page 28: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

لفسدت أھواءھم الحق اتبع ولو"من أمساء اهللا احلسىن، قال تعاىل: امساومن هذا املعىن كان احلق

:"وقوله تعاىل.)1معرضون ذكرھم عن فھم بذكرھم أتیناھم بل فیھن ومن والأرض السماوات

ما واحلق يطلق على ،)2(" الحاسبین أسرع وھو الحكم لھ ألا الحق مولاھم اللھ إلى ردوا ثم

قال.:الصدقواحلق ،)3("قد جاءت رسل ربنا بالحق:تعاىل رسل.قالالبه بعثت

¡)4("وما أنتم بمعجزین قل إي وربي إنھ لحق ویستنبئونك أحق ھو تعاىل:

ذلكم وصاكم بھ لعلكم حرم اللھ إلا بالحقولا تقتلوا النفس التي ومنه قوله تعال العدل،:واحلق

ال يكاد خيرج عن معاين الوجوب والثبوت ،مما سبقا نستنتج أن معىن احلق يف الفقه اإلسالمي.)5(" تعقلون

أو اإلجياب واإلثبات.

على الوجود يف األعيان أو ،اإلسالميةيطلق لفظ احلق يف الفلسفة العربية :للحق االصطالحياملعىن -ج

فواجب الوجود بذاته، ،أو على الواجب الوجود ذاته،والعكس ،الوجود الدائم أو على مطابقة احلكم للواقع

على حني أن الصدق هو ،هو أن احلق مطابقة الواقع للحكم والفرق بني الصدق واحلق،، هو احلق املطلق

كما أن نقيض هو الباطل،ونقيض احلق مطابقة احلكم للواقع،

ل يطلق على األقوا هو احلكم املطابق للواقع، ملعاين،أهل ا اصطالحاحلق يف قال اجلرجاين:" .هو الكذبالصدق

فقد شاع يف األقوال ،ا الصدقوأم ،ويقابله الباطل ،شتمالهلا على ذلكا باعتبار واملذاهب، والعقائد واألديان

عىن مف .من جانب احلكم ويف الصدق ،الواقعبأن املطابقة تعترب يف احلق من جانب ،، وقد يفرق بينهماخاصة

،أما احلق : سينا ابنقال وإىل رأي قريب ته مطابقة الواقع إياه"،قمعىن حقيو ،مطابقته للواقع ،صدق احلكم

ي يدل الذ والفعل،ويفهم منه حال القول ، الدائم منه الوجودويفهم ،مطلقا األعيانفيفهم منه الوجود يف

فيكون الواجب الوجود حق، اعتقادوهذا إذا كان مطابقا له فتقول:هذا احلق، على وجود الشيء يف اخلارج،

.)7("باطل يف نفسه حق بغريه، واملمكن الوجوب، هو احلق ذاته دائما،ÜÜÜÜÜÜÜÜ

71)سورة، المؤمنون، اآلية:1

62) سورة، األنعام، اآلية:2

53اآلية: )سورة، األعراف،3

53) سورة، يونس، اآلية:4

151)سورة األنعام اآلية:6

482¡481مرجع سابق ، ص ، ، 1المعجم الفلسفي،ج صليبا جميل ، )7

18

Page 29: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

:مفهوم احلق يف الرافد اإلسالمي

يدة متمايزة ويف معان عد ،احلق كثريا يف مواضيع خمتلفة اسم ،علماء الفقه اإلسالمي استعمل

ومع كثرة ثبوت،يف معىن عام جيمعها هو ال انتظامهاعلى الرغم من ذات دالالت خمتلفة،

بل اكتفوا بوضوح معناه يف مواضيع استعماالته املختلفة،مل يعنوا ببيان حدوده استعماهلم له،

وقد كشف الشيخ عبد ." اللغة وخماطبات الناسووفائه جلميع استعماالته يف وداللته عليه، للغوي،ا

:أن احلق هو املوجود من كل البز دويكشف األسرار" على أصول العزيز البخاري يف شرحه "

هو عني معناه اللغوي الذي تقدم كما هو ظاهر، وهذا التعريف، ال ريب يف وجوده،الذي وجه،

فقد أستنبط الشيخ علي احلفيف تعريف احملدثني بوضع تعريف فقهي للحق، قد عىنو ،)1(ذكره

.)2(بإقرار الشارع وأضفى عليه محايته ثبتما :فقال ،الفقهاء املتعددة للحق من استعماالت

د التعريف بإقرار وقد قي بصاحبها شرعا، ما كان مصلحة هلا اختصاصويف تعريف آخر قال:

ومن الشارع، فرادةعن وال ينبثق إال اإلسالم منحة من اهللا لعباده، ةيف شريع ألن احلق ،الشارع

يقرر به الشارع اختصاصاحلق هو حيث قال:" الشيخ مصطفى الزرقاء، ،دثني أيضافه من احملعر

فإنه سلطة لشخص على ، ي يف التصرف على من حتت واليتهعوذلك كحق الرا سلطة أو تكليفا،

وكحق تكليف على الثاين ملصلحة األول،فإنه لبائع يف طلب الثمن من املشتري،وكحق ا ،شخص

وحق اإلنسان يف منفعة العقار املوصى له مبنفعته، فإا ملكية أعيان التركة املوروثة،الوارث يف

:"حقوق قائال حممد الطاهر بن عاشورو إىل قريب من هذا يذهب ¡سلطة لشخص على شيء

كما أنبأ بذلك قوله انتفاعهم مبا خلق اهللا يف األرض اليت أوجدهم عليها،الناس هي كيفيات

ھو الذي خلق لكم ما في الأرض جمیعا ثم استوى إلى السماء فسواھن سبع تعاىل"

حقا جعل ما يف األرض مجيعا، فهذا النص القرآين ،)3("وھو بكل شيء علیم سماوات

فلو أن ما يف األرض يفي برغبات كل الناس ،البيانه اإلمجال احملتاج إىل التفصيل وللناس على وج

)4("األرض ،مبا يفس حباجة إىل تعيني حقوق انتفاعهمكان النا ملا،كل األزمانيف كل األحوال و

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

89¡88، ص ص 3، ضمن حبوث ومناقشات الندوتني اللتني عقدتا يف األردن، ج يف اإلسالماحلقوق )التميمي عز الدين اخلطيب ، 1

88)املرجع نفسه ، ص 2

29سورة البقرة،اآلية: )سورة3

421،ص 2001¡1، حتقيق حممد الطاهر امليساوي، دار النقاش للنشر والتوزيع ،األردن، طمقاصد الشريعة اإلسالميةالطاهر بن عاشور،) 4

-19-

Page 30: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

أولوية بعض الناس ببعض بيانو ،قد قضت الشريعة يف تعيني أصحاب احلقوقو"مث يضيف:

ال جتد ي عادل،على طريق فطرمبا يقبل التشارك، ،االنتفاعأو بيان كيفية تشاركهم يف األشياء،

،ال على اإلرغامفلم تعتمد الشريعة على الصدفة و ضيمة، هال حتس يف حكمو فيه نفرة،النفوس

.)1("حىت ال جيد املنصف حرجا لكنها توخت نظر العدل واإلقناع،و

على حسب قوة موجب االستحقاق فيقسمها ابن عاشور إىل تسع مراتب، احلقوق،أما مراتب

.)2(فيها ملستحقيها

هو حق املرء يف تصرفات بدنهو، املستحق بالتكوين وأصل اجلبلة احلق األصلي: املرتبة األوىل

كحق حقه أيضا فيما تولد عنه، السمع،لتفكري واألكل والنوم والنظر ومثل ا مشاعره،وحواسه و

فإذا ميز أو مل تثبت له الشريعة حقا، ما دام ال يعرف لنفسه حقا، املرأة يف الطفل الذي تلده،

ارتفع حق األم مبقدار متييز الطفل. النفع،الضرر ووعرف لنفسه

ح عليه نظام اصطلفيه شائبة من تواضع، بأن خيالفه، ولكنه :ما كان قريبا من هذا،املرتبة الثانية

الذين جعلهم الشرع بسبب االختصاص ،و ذلك مثل حق األب يف أوالده الشريعة،اجلماعة أو

اعتربهم نسال منه.و ،أوالدا له

و لكن بعض املستوين قد يف إمكان حتصيل احلق، غريه سواء،يكون املستحق وأن :املرتبة الثالثة

: دون هذه،املرتبة الرابعةأو بابتدار لتحصيل الشيء قبل غريه. عمل بيده أو بدنه،و ى جبهد،سع

قد كان ذلك يف اصطالح البشر يفو هي أن يكون الطريق إىل نوال الشيء هو الغلبة والقوة،و

عهود الفوضى.

ذلك مثل مقاعد صاحبه إعمال جهد يف حتصيل احلق،ويحق السبق الذي مل :املرتبة اخلامسة

.وجمالس املساجد، ومقاعد املتسوقني فيها غري أصحاب الدكاكني، األسواق للباعة،

ن املستحقني يف على متعدد م ،املستحق قد نال احلق بطريق ترجيحه نأن يكو:املرتبة السادسة

هذا مثل جعل حضانة األوالد و، ن اجلميع من االنتفاع بالشيء املستحقلتعذر ميك مراتب أخرى،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

422ص ) املرجع نفسه،1

427-423ص ،املرجع نفسه)2

-20-

Page 31: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

لنظر يف مال األوالد الصغار مثل جعل او حصل الفراق بني األبوين، إذادون أبيهم ،حقا ألمهم

ألن حقها من املرتبة األوىل. ،ترجيحا لتدبري األب مع أن حق األم يف ذات الولد أقوى ،لألب

ه ثابت له ألن ،إىل صاحب احلق إرضاء لهيدفع ،بذل عوض يف مقابلهبنوال احلق :املرتبة السابعة

إا :"وقد قال عمر يف كالمه مع موالهيقبل التعويض. هو التعارض فيمااملتقدمة، ومن املراتب

املراتب هذه املرتبة هي أوسع و ،عليها يف اإلسالم او أسلمو لبالدهم قاتلوا عليها يف اجلاهلية،

يف حتصيل احلقوق يف نظام احلضارة اإلنسانية. ،أشهرهاو

الشرائع أنظار متفاوتة يف تعيني صفة وللعوائد و ،انقراض مستحقهأن ينال احلق بعد :املرتبة الثامنة

،بناها على اعتبار القرابةو ،اإلسالم أعدل الشرائع يف ذلك حني رسم حقوق اإلرثو ،القرب

.بقطع النظر عن احملبة و ضدها

هذه أضعف املراتب.صادفة دون عمل أو سعى،و،فريى ابن عاشور أا جمرد املاملرتبة التاسعة

إال نادرا عند علماء األصول اه القرآين فلم يكن شيئا مذكورا،أما مفهوم احلق يف معن

ملفهوم ، وبامتيازحكرا بل ظلت هذه املساحة ارات حتقيق مقاصد الدين العليا،يف إط ،واملقاصد

كان حاضرا كمفهوم إجرائي ، ما هنالك أن مفهوم احلقوكل االستقرائية، املصلحة املرسلة أو

اجبات ومسؤوليات فردية من حقوق وو ، ا حدده اإلسالمحلاجة إىل تقنني يف نطاق ممأوجدته ا

اهتموا حصرا بل مفهوم احلق كمسألة مستقلة، وامل يعاجل ،أن الفقهاء املسلمني أي ومجاعية،

ؤسس لفقه ينشغلوا مبفهوم احلق كم ملو، وال سيما يف املقارنة بني احلق واحلكم بتطبيقاته الفقهية،

قيمة باعتباره مقاصد الفعل اإلرادي للمكلفني، القيمة اليت حتكم صفهبوو املقاصد العليا للدين،

لسنن واآلليات وتضع هلا ا ،اليت جيب أن تسايرها احلياة اإلسالمية يف مجيع مناحيها األحكام الكلية،

.وتنميتها لتحقيق احلق على صفحة الواقع املناسبة لتفعيلها،

-21-

Page 32: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

مفهوم احلق يف الوافد الغريب:

اإلنسان يف استخدام قوته وفق ما *هو حرية ، احلق مبقتضى الطبيعة"يقول طماس هوبس:

ن يفعل كل أوبالتايل يف على حياته، أخرىوبعبارة احلفاظ على طبيعته،من أجل يشاء هو نفسه،

رغم أنه -غري القانون ساحلق بالنسبة هلوب.و)1("ما يرى حبكمه وعقله أنه السبيل لتحقيق ذلك

بينما القانون حيدد ويلزم ألن احلق يقوم على حرية الفعل أو عدمه،-حيدث اخللط بينهماما كثريا

ومها ال يصحان معا يف احلرية،اإللزام وبقد ما خيتلف ، ذا خيتلف القانون عن احلقبأحد األمرين:هل

يذكر أربعة حقوق أساسية هوبس ملفهوم احلق، بعد هذا التحديد الذي يقدمه موضوع واحد،

أعين أن ق موجودة لدى كل إنسان "بالطبيعة"،هي حقوو" ،يطلق عليها اسم احلقوق الطبيعية

هي على النحو التايل:و.)2("وجودها لدى كل فردالعقل يفترض

أن اإلنسان على جيرب فليس مثة قانون، افظة على الذات،هو حق البقاء أو احملو:احلق األول

أساسية أو ضرورية،بل إذا حرم اإلنسان من الطعام أو من أية مادة يتخلى عن احملافظة على حياته،

إال إذا قدم على شيء على بقائه بطريقة أخرى، حيافظ أن يكن يف استطاعته ومل أخرى حلياته،

ذاليت ال جيد اإلنسان فيها ما يسد رمقه، أخ ،يف ااعة اهلائلة احلال كما هي خيالف القانون،

هو فعل له ما يربره متاما.و سرقةالأو ام بالقوة،الطع

من هفإن قيق هذه الغاية،حت إىلكان من حق اإلنسان الوصول فكلما : يعرب عن الوسيلة،احلق الثاين

استخدام كافة الوسائل املناسبة لبلوغ هذه النتيجة. بشرط أن تكون الوسائل ضرورية حقه أيضا،

بل أنه حق مكفول ،يترتب على ذلك أنه ال ينايف العقلو حبيث ال يبلغها بدوا، ،غاية متامالل

جبميع األفعال الضرورية للمحافظة أن يقومو ،أن يستخدم كافة الوسائل املتاحة ،لإلنسان أيضا

يقول هوبز "لكل إنسان احلق بالطبيعة يف أن ،حق الوسيلة)(حق الغاية و:احلق الثالثعلى جسمه.

الوسائل الالزمة عن السؤال: ما هيو أن جييب أي أنواع الوسائل تكون ضرورية، ، سهحيكم بنف

.لتحقيق الغاية؟

ÜÜÜÜÜÜÜÜ،تر،ديانا حبيـب حـرب وبشـرى صعب،مراجعة،رضـوان ،األصـول الطبيعيـة والسياسـية لسـلطة الدولـة الليفيتان،)طماس هوبس1

138،ص2011،1السيد،دار الفارايب،بريوت،ط

ومابعدها 216*حول مفهوم احلرية عند هوبس،أنظر املصدر نفسه،ص

139)املصدر نفسه،ص2

-22-

Page 33: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فليست هنا ،على أي شيء أجده أمامي ،اليد أو االستحواذ عضو أو.احلق الرابع حق امللكية

لذلك فمن املشروع بالنسبة و ،لقد منحت الطبيعة كل إنسان احلق يف كل شيء ملكية خاصة،

.)1(يفعل أي شيء يساعده على االستمرار والبقاءن أ ،لكل إنسان

البشر كائنات فهو يذهب إىل أن هوبز احلقوق الطبيعية من الطبيعة البشرية، من الواضح أن

اتباع احلاجات هو جزء ف ن نستنتج حاجاا،ألكي تستمر يف احلركة جيب ميكانيكية متحركة، و

هي احلاجات الالزمة يف واحلاجات األساسية لإلنسان، أساسي من احلق الطبيعي لإلنسان،

ستطيع اإلنسان وال ي ،محايةي حفظ حياته بتوفري مأكل وملبس ومأوى هو ،استمراره يف احلركة

هو احلاجات، إتباعيل فحق ملكية مصدر بالتاو ،إال إذا كان مالكا ملصادرها تأمني هذه العناصر،

.)2(األساسياحلق الطبيعي األول و

يصبح أي نظام نتيجة للفعل الطوعي ساسية لإلنسان هي حالة املساواة،احلالة األ ومبا أن

أو تعديله هرييستطيعون تغيحبيث تابع إلرادم،و ذلك أن اتمع من صنع األفراد،معىن و ،لألفراد

الرئيس يفهي السبب و ن أكثر األفكار الليربالية ثورية،احلقيقة أن هذه الفكرة مو شاءوا،كيفما

.مبظهر القوة التقدمية الثورية يف مرحلة صعود البورجوازية ،ظهور الفكر الليربايل

إىل،فماركس يذهب خاصة من التيارات االشتراكية السبب الذي عرضها للكثري من االنتقادات،

عن و اتمع،امل ورؤيتها للعزية وصادقا عن البورجوا اكانت بالفعل تعبري أن مفاهيم احلق الطبيعي،

لكن ،النظام اإلقطاعي القدمييف تغيري العالقات االجتماعية و مشروعهاو ،وضعها الطبقي

بل هي صادقة طاملا كانت تعبريا عن فكر الطبقة اليت مشروعيتها ليست مطلقة،مصداقيتها و

فرضها على باقي حاولت البورجوازيةعندما إال أا حتولت إىل مفاهيم إيديولوجية، تتبناها،

ا وتاستخدمو ،تمعطبقات ابذلك حتولت فكرة احلق و ،تناقضات الطبقيةكبت الها لفرض سيطر

اخلاص لعمل ملكالت السبب أا استخدمت لتربير حقو من قوة حترر إىل قوة هيمنة، ،الطبيعي

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

.333، ص 1985ط)، د.دار الثقافة للنشر و التوزيع (مل يذكر البلد)، (، توماس هوبز فيلسوف العقالنية) إمام عبد الفتاح إمام، 1

335¡334املرجع نفسه، ص )2

-23-

Page 34: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إىل حق ،محايةيف حياة ومأوى وعمل و ، عي للفردحتول احلق الطبيو لوسائل اإلنتاج،و الغري،

.)1(الثورةالالائي على امللكية و االستحواذطبيعي يف

مضمون نبدوجعل نظريات احلق الطبيعي شكلية دي،إن فهم احلق الطبيعي على أنه حق فر

النطباقها على كل ،إال مقولة جمردةهذا الفرد ما هو و ،ألا تركز على الفرد فقط ،عيين حقيقي

هنا فقط ،عندما يفهم على أنه حق اجتماعي إال ،العيين للحق الطبيعيال يتحقق املضمون و ،فرد

.الواقعيةو يتصف بالعينية و ،التخلص من الطابع الشكلي ارد ،يستطيع مفهوم احلق الطبيعي

جتسده يف األنظمة القانونية للدول و ،مع حتول الفكر الليربايل إىل إيديولوجيا تربيرية للرأمساليةو

إذا مت رفض كل القيود اختذت طابعا وضعيا،و ،صيغة شكلية حتولت الليربالية إىل ،الغربية

.)2(االجتماعية على اإلرادة الذاتية

:فتطلق يف الفلسفة احلديثة على (vrai)أما لفظة احلق

هذا قول حق مطابقة القول للواقع ، تقول:-

الثابتفاحلق ذا املعىن هو املوجود هو الوجود حقيقة ال تومها،-

هو التصوير السامل من التناقض -

): فله معنيان:droitأما احلق (-

واحلق يستدعي أي ثبت ووجب، حقا، ما كان فعله مطابقة لقاعدة حمكمة تقول : حق األمر،

ذلك السماح سواء كان وهو ما تسمح به القوانني الوضعية، التنفيذ ألن القوانني والعقود تفرضه،

أو هو ما تسمح العادات واألخالق يسوغ كل فعل غري حمظور، أو كان نتيجة مبدأ عام، تصرحيا،

وفقا لشكل العبارات املستعملة فيها ، ترتد يف عدة معاين¡)droit()3أن كلمة حق ( بفعله، علما

ميكن حصرها يف فكرتني أساسيتني:

له احلق على : يف،حق ما أي ما يكون حقا يقال:له احلق أ)

.ألن القوانني واألحكام تأمر به ، مستحق-

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

50،ص2008ط) ، د.، اهليئة املصرية العامة للكتاب، (الليربالية اجلديدة،جذورها الفكرية و أبعادها االقتصاديةأشرف منصور، )1

48املرجع نفسه ، ص )2

303ص ،1996¡1ورات عويدات،بريوت،طمنش،تر، خليل أمحد خليل،1،ج املوسوعة الفلسفية) الالند أندري ، 3

-24-

Page 35: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

األخالقيمطابق للرأي على املستوى ألنه ،األداءمستحق واجب -

له احلق يف: يقال:يكون حقا ما يكون مسموح، ب)

به. مسموح مباح و ما هو-

هو مباح أخالقيا. ما-

هو جمموع ، احلق الطبيعي"فيكمن يف أن : بني احلق الطبيعي واحلق الوضعي، أما الفرق

أما احلق الوضعي فهو احلقوق املنصوص احلقوق الالزمة عن طبيعة اإلنسان من حيث هو إنسان،

هذا التمايز بني احلقوق الوضعية والطبيعية لكن ورغم نني املكتوبة والعادات الثابتة،عليها يف القوا

ألنه البد من ع أن حيي باحلقوق الطبيعية وحدها،فاإلنسان ال يستطي ،أما مييالن للتكامل إال

).2("تنظيمها وتقنينها.

:مفهوم الواجب-3

وهو ضرورة الوجوب مصدر وجب، ¡)3("لزمالشيء جيب وجوبا إذا ثبت و يقال وجب": لغة

ما يكون فعله أو على ،ويطلق على ما جيب فعله، وميتنع تركه الذات وحتققها يف اخلارج، اقتضاء

العقلي ما يلزم فالوجوب ووجوب شرعي، وجوب عقلي ،الوجوب ضربانوقيل: ،أوىل من تركه

والوجوب الشرعي هو ما .حماال استلزامهحبيث ال يتمكن من الترك بناء على صدوره عن الفاعل،

كما يطلق وجوب طلق عند الفقهاء على شغل الذمة،وقد ي مستحقا للذم والعقاب، تاركهيكون

على طلب تفريغ الذمة . األداء

.االجتماعيةتعرب عن الضرورة ،يطيقااإللة أخالقية أساسية من مقوالت الواجب مقو":اصطالحا

يأيت الواجب ليعكس ،عن عالقة اتمع ذا أو ذلك من أفراده ،األخالقي يعرب املطلب يف حني

هذه يعي ،هنا يكون الفرد حامال نشيطا لواجبات أخالقية معينة جتاه اتمع ،عالقة الفرد باتمع

ملموسة من على ألوان معينة ، للداللةويستخدم مصطلح الواجب.)1("يف نشاطه وحيققهاالواجبات

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ542،مرجع سابق ص 2ج،املعجم الفلسفي)صليبا مجيل، 1

154،مرجع سابق،ص15،مج لسان العرب)ابن منظور ، 2

416¡415،ص 1984ار التقدم، موسكو، (ب ط)، تر، توفيق سلوم، د،معجم علم األخالق)كون إيغور ، 3

-25-

Page 36: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

والواجب بوجه خاص عائلية...اجتماعية، واجبات، اإلنسان أن يقوم ا،اليت على التصرفات،

أو كواجب املوظف يف أداء عمله، أو إلزام حمدد يتعلق مبوقف إنساين معني، قاعدة عملية معينة،

العامل يف ممارسة مهنته.واجب

يف غينيست أو ما تاما، اقتضاءفهو ما تقتضي ذاته وجوده " أما الواجب مبعىن الضروري،

هو الذي يكون وجوده من ،والواجب الوجود، وهو مرادف للضروري ،وجوده الفعلي عن غريه

الذي ال ميكن أن :املوجود الواجب الوجود هو:سينا ابنقال ،وال حيتاج إىل شيء أصال ذاته،

و هوالواجب الوجود بذاته فيضا عن وجوده .. إاليكون وجود لسواه أو ،وجوده من غريه يكون

.)1("أي مبدأ مجيع املوجودات بأعياا وأنواعها وهو املبدأ الكلي، اهللا،

جدال كبريا يف الفكر ،هئتطرح مشكلة حتديد طبيعة الواجب ومنش على الصعيد التارخيي،

اهللا هلا صالحية حتديد مضمون الواجب،عن اجلهة اليت ، حيث طرحت إجابات خمتلفة األخالقي،

فبالنسبة ، وبذلك فقدت مسألة مضمون الواجب معناها أو احلس األخالقي، الضمري أم اتمع،

املهم كونه يسري على وإمنا ما يرى واجبه،وفي املهم أبدا كيف يتصرف اإلنسان، للوجودية ليس

هو أداء الواجبأن املهم عند ،الديونطولوجية احلدسانيةبينما رأى أنصارا ،صدههدى مق

النظر ملشكلة الواجب متويف اإليطيقا املاركسية يسترشد ا،وليس الدوافع اليت ،التصرف وحده

ور الناس كان تص مهماف ،وهي مسألة أصل وأساس املطالب األخالقية ،دقكجزء من مسألة أع

يت قوانني التطور االجتماعي املوضوعي، ال فهي تعكس يف احملصلة، أصل هذه املطالب،حول

ومن هنا تنطلق املاركسية يف حل مسألة اجلهة اليت هلا الصالحية يف يتواجد فيها اإلنسان املعين.

)2(.واليت هي حسب الطرح املاركسي اتمع ككل حتديد مضمون الواجب األخالقي،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

542¡541ص مرجع سابق ،، 2، جاملعجم الفلسفي)صليبا مجيل ، 1

416إيغور، مرجع سابق ، ص )كون 2

-26-

Page 37: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فكل ما يف الطبيعة يعمل وفقا فريى كانط أنه ما يقرر وفق لقاعدة،، أما الواجب األخالقي

وفقا لفكرته عن الفعل، وهو وحده الذي لديه القدرة على-أي اإلنسان-والكائن العاقل لقوانني،

القوانني.الواجب إذا هو ضرورة إجناز الفعل احتراما للقانون عموما.والقانون، يتميز بأنه شخصك

علما أن الواجب األخالقي حيتم علينا العمل وفق القاعدة اليت كلي أي صادق يف كل األحوال،

،وافعل كما لو كنت ..ععليك وعلى اجلمي كما لو كان ما تفعله هو قانون كلي، افعلتقول:

.)1(تشرع لنفسك

عالقة احلق بالواجب: -4

فكالمها يف اللغة ،من خالل التعاريف السابقة تظهر لنا تلك العالقة الوطيدة بني املفهومني

اليت متثل الوجه األخر من عملة واحدة مع قيمة احلق،، فالواجب هو القيمة اإلنسانية ثبوت وإلزام،

هو يف الوقت ذاته الشخص الذي يكون مهيأ أكثر من غريه للمطالبة باحلقوق،والشخص الذي

يفي ،ذلك أن من يقوم مبا هو واجب عليه يف إطار النظام اتمعي يقوم بواجبه أحسن قيام،

ومينح هذا التعاقد داللة تضمن كعضو بشروط التعاقد الذي يربطه مع بقية أعضاء اتمع،

أن تكون حقوق اإلنسان موضوع مطالبة معقولة ا ضمن سلوك جمتمعي فال ميكن استمراره،

احلق والواجب وبناء عليه فإن ¡)2(خمادع،يغيب فيه عنصر الواجب وحتضر فيه املطالبة باحلق

أو على اإلنسان لآلخرين،وبذلك فإن احلقوق هي األشياء الثابتة على .يؤديان معىن واحدا

فاحلقوق أو على اآلخرين له، هي الثابتة على اإلنسان لآلخرين،والواجبات اآلخرين لإلنسان،

والفرق إمنا هو يف النسبة لإلنسان أو عليه. والواجبات حقوق، واجبات،

:اإلنسانحقوقمفهوم -4

بوصفهاإلنسانيتمتع االيتاحلقوقجمموعةابأاإلنسانحقوقالباحثونيعرف

"اإلنسانحلقوقالعاملياإلعالنمناألوىلاملادةعليهنصتفيماسندهجيدالتعريفإنسانا،هذا

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ920، القاهرة ،ص 2000¡3،طبويل، مكتبة مد ، املعجم الشامل ملصطلحات الفلسفة) احلنفي عبد املنعم 1

73،ص1997،1،دار الطليعة،بريوت،طالبعد الدميقراطي)حممد وقيدي،2

-27-

Page 38: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وعليهم،نوالوجداالعقلوهبواقدوهم،واحلقوقيف الكرامةومتساوينأحراراالناسمجيعيولد

تستمدوالمصدر الشرعيةذاابهياحلقوقوهذه "،اإلخاءبروحالبعضبعضهميعاملواأن

اإلنسانحقوقينتهكتشريعاالوطنيةالدولةأصدرتفإذا ،وضعيقانويننظامأيمنشرعيتها

أواللغةأواألصلأوالدينبسبببينهممييزأو،الطبيعيةحرياممنبأن حيرمهم، املواطنيه

.القانونيةالشرعيةمنعارياالقانونهذاكان ،العرق

أو،ةالقوميعليها األخالقحتضفاضلةمبادئجمردتعدمل ،هذاعصرنايفاإلنسانوحقوق

املستوياتعلىجلزاءاتخيالفهامنيتعرض ،قانونيةالتزاماتإىلحتولتولكنها ،األديانتعاليم

اللصيقةاحلقوقجمموعةإىلإذنيشري ،اإلنسانحقوقفمصطلح والوطنية،الدولية واإلقليمية

جتريدهجيوزالو ،اإلنساناواليت يتمتع ،الدوليةاملواثيقعليهانصتاليت ،اإلنسانيةبالشخصية

واألصلواللونواللغةالدينمثل ،التمييزمظاهركلعنالنظربصرفكانسببألي ،منها

ذلك.وغريوالعرق واجلنس

أوللتجزئةقابلةوغري ،بينهافيمامترابطةعاملية حقوق-استنادا لإلعالن العاملي-اإلنسانحقوق

حقوقافإ ،واجتماعيةاقتصاديةأوسياسية ،حقوقا مدنيةكانتوسواء ،التقسيمأواالنتقاص

معتترابط بعضهاإابل ،ىخراألعلىإلحداهاأفضليةأوأولويةإعطاءتقبلوال ،متساوية

املبدأهي ،اإلنسانيةالكرامةأن باعتبار ،بينهاوالتضامنالتفاعلمننوعامثةجيعلمبا ،بعض

.إقرارهامنالنهائياهلدفوهالكرامةهذهومحاية ،لكافة احلقوقالناظم

k(كارل رسل :يقول املفهوم القانوين حلقوق اإلنسان .Rassel(علم يتعلق :حقوق اإلنسان"

محاية القانون عند ،وجيب أن يستفيد من الذي يعيش يف ظل دولة،بالشخص السيما اإلنسان العامل

الدولية عن طريق تدخل القاضي الوطين واملنظمات ،عندما يكون ضحية انتهاك أوجبرمية،اامه

ال سيما احلق يف املساواة متناسقة مع ،كما ينبغي أن تكون هذه احلقوق،احلكومية وغري احلكومية

"أنه فرع :فيعرف علم حقوق اإلنسان¡(R.cassin)أما روين كاسان.)1("مقتضيات النظام العام

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

،دار اخللدونيــة للنشــر حقوق اإلنســان يف اجلزائــر بــني احلقيقــة الدســتورية والواقــع املفقــودشــطاب كمــال،نقــال عــن: )1

23والتوزيع،القبة،اجلزائر،(ب ط)،(ب ت)،ص

-28-

Page 39: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

بتحديد ،دا إىل كرامة اإلنساناواستن ،خيتص بدارسة العالقات بني الناس،فروع االجتماعيةمن

.(1)"احلقوق والقدرات الضرورية لتنمية وتطوير شخصية كل إنسان

ه القانون اخلاص مصطلح حقوق اإلنسان يقابل ما يعرف يف فق،وعند كثري من فقهاء القانون

،تثبت لإلنسان رد كونه إنسانا حقوق وهي،أو احلقوق اللصيقة بالشخصية،باحلقوق الشخصية

وخاصة حقه يف احلياة ويف سالمة بدنه، لإلنسان،عنوية امل أو ف إىل محاية املقومات األدبيةد

والفين وحقه على إنتاجه األديب وحريته يف االعتقاد والتعبري والتفكري، والشرف واالعتبار،

ن اإلنسان من مزاولة احلقوق اليت متك اوتشمل أخري ،االسم،وحقه يف وحقه يف السرية والعلمي،

وحرية ،وحرية اختيار مكان اإلقامةكحرية التنقل ،وتنمية ملكاته وقدراته ،نشاطه االجتماعي

).2(وحرية العمل والتقاعد والتملك املسكن وحرمته،

-:فئاتثالثإىلاإلنسانحقوقتصنيفميكن:احلقوقفئات2-

وتشملباحلريات،مرتبطةوهي:احلقوقمناألولاجليل"وتسمى،والسياسيةاملدنيةاحلقوق -أ)

العبودية؛منوالتحررللتعذيبالتعرضوعدمواألمن؛واحلريةاحلياةاحلق يف:التاليةاحلقوق

اجلمعياتيفاالشتراكوحريةوالدين؛والتفكري والضمريوالتعبريالرأيوحريةالسياسيةاملشاركة

.والتجمع

باألمنمرتبطةوهياحلقوق:منالثايناجليل"وتسمى،واالجتماعيةاالقتصاديةاحلقوق-ب)

.الصحيةوالرعايةللمعيشةالالئقوالتعليم واملستوىالعمل:وتشمل

بيئةيفالعيشحق،وتشمل"احلقوقمنالثالثاجليل"،وتسمىوالتنمويةوالثقافيةالبيئيةاحلقوق- ج

.واالقتصاديةوالسياسية،الثقافيةالتنميةيفواحلقمن التدمري،ومصونةنظيفة

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

) املرجع و الصفحة نفسها 2

) املرجع و الصفحة نفسها.3

-29-

Page 40: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 41: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

واالستفادة ،فيما بينهما ،بالتأثري املتبادل واملتواصل للحضارات انطالقا من الفهم القائل

يبقى،فإن الفكر الفلسفي ،وأمناط التفكري لطرق املتضمنة مة من التراكمات الكمية والنوعية،الدائ

م رغو ،السابق للفلسفة اليونانية ،يف كون الفكر اإلنساينوعليه ال جدال دائما حمط تطوير وإغناء.

الباحثني يف تطور كثري من أن رغم اغتىن منه الفكر اليوناين، طابعه األسطوري ميثل رافدا مهما،

وبالتايل أنكروا وجود أي ،من إبداع اإلغريقاحلديث يعتربون أن الفكر السياسي ،الفكر السياسي

عدم وجود أي فكر ،عى فريق من املفكرين الغربينياد من هذا املنطلق ،سابق عليهم فكر سياسي

واألفكار احلكم امللكي املطلق سيطرةلنظرا ،عند احلضارات الشرقية القدمية سياسي أو قانوين

.على احلياة االجتماعية آنذاكالدينية

دئة والواضحة للفكر أصل الفكر السياسي مرتبط بالعقالنية اهلا ":أرنست باركريقول

ما ك ،ويروا هذا العامل بعبارات إميانية ،يونانيون بأنفسهم يف دائرة الدينفبدل أن يلقي ال اليوناين،

على وكانت لديهم اجلرأة يف مملكة الفكر،اختذوا مواقعهم ذلك شعوب اهلند ويهوذا،فعلت

ا إىل إدراك الكون وسعو ى طرح أسئلة على أنفسهم بصددها،وعل االندهاش من األشياء املرئية،

نتاجات للفكر الغريب، وبدرجات خمتلفةكما علق جورج بوردو"ن فنح¡)1("على ضوء العقل

.)2("قابلة لتحليل عقالين لبىن السياسيةالذي يعترب أن ا

بفضل املدينة اليونانية ،انتقلت من عصر ما قبل التاريخ إىل العصر اليوناين صحيح أن أوروبا

اليت كانت تعيش يف ذ اليونانيون،من الشعوب املختلفة،خأفقد في التالقح الثقايف،ولكن هذا ال ين

اإلجنازات ،حتت تأثري كبرية حلضارات اهلالل اخلصيباليت قامت ثقافتها و ،الشرق األوسط

باإلضافة إىل سلسلة كاملة من العناصر ،وفن التصوير امليثولوجي ،ولوجيةثواألصول املي العلمية

.)3(اليت أدرجوها يف ثقافتهم ، الثقافية

وال يزال كان ،للتأكيد على أن تاريخ الفكر اإلنساين كن إال مدخالتمل ،إن هذه املالحظات

تشارك يف صنع األفضل،األخرى ىحيث كانت احلضارة تلو،نتاجا للتراكمات املعرفية الكبرية

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

¡4،املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بريوت،لبنان ،ط ،تاريخ الفكر السياسي،من املدينة الدولة إىل الدولة القومية)شوفاليه جون جاك 1

14،ص 1998

)املرجع والصفحة نفسها .2

104،ص 1998¡1،املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بريوت،لبنان،طالفكر السياسي،وأساطري الشرق القدمي)عمر حممد صبحي عبد احلي،3

-30-

Page 42: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

تراث ،حول الكون واتمع واإلنسان الت املتعددةؤعن التسا ،وتغين بأفكارها وأجوبتها لإلنسان

سجلت السبق يف ،صحيح أن احلضارة اليونانية. والسياسي على وجه اخلصوص عموما،اإلنسانية

ات يف احلضارات صمن وجود إرها ولكن هذا ال مينع ومشاكله، االهتمام بالشأن اإلنساين

دفعنا إىل طرح ما هذا ولعل وموقع اإلنسان من خالله، ،تتحدث عن الشأن السياسي ،السابقة

وواقع اإلنسان يف حضارات الشرق القدمي، الجتماعيةوا حول البنية السياسية ،تساؤل مشروع

؟فهل عرفت هذه احلضارات فكرة اإلنسان واحلقوق اإلنسانيةفيها.

كما هي يف األدبيات ،أن تربز لنا فكرة حقوق اإلنسان ،اإلجابة عن هذا السؤالمن ال ننتظر

ولكننا سوف حناول أن جند ،كما تناولتها فلسفات ما بعد النهضةأو ،السياسية واحلقوقية املعاصرة

ملكانة اإلنسان يف هذه احلضارات. إرهاصات

:يف بالد الرافدين : الطابع األسطوري للشأن السياسي-أ)

القروية فاملستقرات الزراعية ،املشاعيةرة قامت على فك ،معات البدائيةتمن املعلوم أن ا

والعمل ،الذين تتحكم فيهم الغريية ، م على التماسك بني األفرادائقال عرفت األمن واالستقرار،

كن قد ظهرت يف مل ت أن ظاهرة بروز الذات الفردية، ذلك ،الفردية دون أثر لألنانية لصاحل اجلميع

مع منو إال تظهرذه األخرية مله .بظهور هذه الذات يظهر إال مل فالتمايز بني األفراد تلك املراحل،

الذي كان ر من الفهم،الذي غي األمر ،وتراكم املعارف عالقات االجتماعية واالقتصادية،وتطور ال

ا يف ختتلف عمبأنه" ذات" إدراك اإلنسان،زايد أدى إىل فالوعي املت عترب كل الوجود" ذاتا"واحدة،ي

يت تصاحبها مظاهر الو ،لتظهر معها الرغبة بالتمييز لة،من هنا بدأت تظهر الشخصية املستق.الوجود

.)1(رة الفردية األنانية واألث

جيسدون اآلهلة،امحيث كان احلك،لقد ارتبطت السلطة يف بالد ما بني النهرين بالتقديس

بتأليه م وانتهاءامرورا بتفويض اآلهلة للحك،تقديس يبدأ من متثيل احلاكم لآلهلةبأخرى،بصورة أو

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ514املرجع نفسه ص )1

-31-

Page 43: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

دت التسلط ول ،آثار سلبيةهلذا النمط من املمارسة السياسية لقد كان ،)1(احلكام أنفسهم

و تعين حكامها. ،املدن نكوت يف الفكر السياسي العراقي القدمي، فاآلهلة ،واالستبداد

فامللك ،لسلطة السياسيةلوباألصل اإلهلي ،بنظرية التفويض اإلهلي ،لقد آمن اإلنسان العراقي

رايب حيث يقول :" محو عذلك يف مقدمة تشري أنقر ،مرآة لإلله ما هو إال

ومسيا بابل بامسها العظيم

وجعالها املستقيمة يف العامل

وثبتا له يف وسطها ملكية أبدية

كالسماء واألرض ةأسسها ثابت

آنذاك مسياين (اإلهلان) " أنو" و " أنليل " بامسي

)2(خيشى أهلته األمري التقي محو رايب،

والتميز ة،ة القداسنظر ينظر للملوككان اإلنسان العراقي القدمي ،فمن هذا املصدر اإلهلي للسلطة

ك من البشر املميزين،ودعها امللواليت توهي ،السلطة السياسية أساسا لآلهلة نأل عن باقي البشر،

.فإم كانوا دائما ينسبون الفضل لآلهلة، وحىت عندما كان بعض امللوك يتصفون بصفة األلوهية

ه التماس معامل الدولة وحدودها بالشكل الذي ميكن مع الفكر السياسي آنذاك، مل يتبلور

وهذا يعود باألساس إىل ،كما مل يتبلور التفكري يف الشأن اإلنساين بوضوح ه رعاياها،وواجباا جتا

يف طابع -إينوما إيليتش-اليت ترويها لنا ملحمة وقصة اخللق، كري يف أصل الكون،االنشغال بالتف

املتعلقة الدنيوية بعادهأيف يتم التطرق إليه فلم ،أن اإلنساينا الشأم تغلب عليه األسطورة.

ترى أن وجود بل تم تناوله يف صبغة أسطورية، واالقتصادية، باجلوانب االجتماعية والسياسية

وبعد أن اإلله " إنكي" األسطورة، تقولحاجاا. منويؤ ، ن خيدمهاحباجة اآلهلة ملاإلنسان مرتبط

ني املهرة وقال ألمه:يمجع اإلهل من شقاء العمل، اآلهلةما طلبت منه أمه" منو" أن يريح

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

31،ص 1985ط)، د،( ، الدار اجلامعيةتطور الفكر السياسي)إبراهيم أمحد شليب ،1

161)املرجع السابق ص 2

-31-

Page 44: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

.إن الكائنات اليت ارتأيت خلقها ستظهر للوجود

.ولسوف نعلق عليها صورة اآلهلة

.ني من فوق مياه األعماقط ةحفن أمزجي

.)1(الطني وعجنه يف هيئة إنساناع اإلهليون املهرة بتكثيف نوسيقوم الص

نتخيل فال ميكن أن الكشف عن حالة اإلنسان العراقي قدميا،ميكن ،من خالل هذه األسطورة

طوال أيام املهين،من خالل القيام بالعمل مادام أنه خملوق جمرب على خدمة اآلهلة، متتعه باحلقوق،

باعتبارها مقار لإلهلة . ،، وتقدمي ما ينتجه للمعابدالسنة

مبرور هد عندتول ،من منطلق إميان أعمق هلذه السلطة، عنلقد آمن اإلنسان العراقي وأذ

أمر ضروري سلطة املقدسة للملوك،لأو ل املطلقة، لسلطة اإلهليةلأن اخلضوع سواء قوامه الزمن

للوصول فإنه يعمل ويطيع ويتعبد ،وخادما لآلهلة ا كان اإلنسان قد خلق ليكون عبداإذ"ومربر ألنه

.)2(بني اجلماعة واملركز املرموق ،يف الصحة وطول العمر املتمثل أساسا للخري،

حتقيق التوازن بني مبثابة القوة القادرة على سلطة السياسية ممثلة يف امللوك،لقد أصبحت ال

يف التبلور -رغم طابعه األسطوري - عندها بدأ مفهوم العدالة وتأمني االستقرار، احلق والواجب،

.ة شخصيةمن وليس حق مشروع،أا لعدالة ل ينظر صبححيث أ القدمي، يف الفكر السياسي العراقي

اليت قام شكلت احملاوالت األوىل ، ما بني النهرين دميكن القول بأن بال ،ذا العرض املوجز

تمع السياسي ،ا اإلنسان ملعاجلة األمر السياسيكما ،خاصة ما تعلق منه بظاهرة السلطة وا

حتقيق اخلري وهي ات األساسية من وجود اتمعات،أن حتدد الغاي ،استطاعت هذه األساطري

ف بهأن الغاية واهلدف الذي كل ، الذي ذكر يف شريعتهحسب تعبري محو رايب، والعدالة للجميع ،

يكمن يف ما يلي: ،من طرف اآلهلة

ألقضي على اخلبث، ألوطد العدل يف البالد

لكي ال يستعبد القوي الضعيف

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

163املرجع نفسه ، ص )1

166ص ،املرجع نفسه )2

-32-

Page 45: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

،لكي ال يظلم القوي الضعيف

)1(ولكي ترعى العدالة اليتيم واألرمل.... عسى أن تسود عداليت البالد

:يف مصر -ب)

وهو يربط املدنية ،إىل عصور موغلة يف القدم ، يرجع النظام السياسي يف مصر القدمية

أثر كبري يف تنظيم الشؤون ،بن إله"احيث كان لفكرة " امللك إله أو ،السياسية بالالهوت

ولكن إهلا، الفرعونية منذ بدء امللكية فيها لقد كان امللك يف مصر.)2(السياسية يف مصر القدمية

تبقى ،اليت يتصف ا الفرعون صفة األلوهيةف بل على العكس متاما، بصورة رمزية أو جمازية،ليس

وإمنا الصبغة األسطورية مل يكن عنوة يف الداريني الفانية والباقية، وهذا التأليه ،له حىت بعد وفاته

وعندما كان فرعون ،رمصدر كل ازدها فهو هي ما أكسبه هذا الوصف، أعماله، اليت صبغت ا

رباب أقيم رئيسا على كل ألن أحد األ على الناس أن يفرحوا ويبتهجوا، كان ،يعتلي العرش

ويتشرف ة اجلميع وتكرميهم والكل ميرغ جبينه أمامه،لقد كان الفرعون موضع عبادالبالد.

.أسعدهم بتقبيل قدميه

وليس إلرادته من وازع ،لسلطتهلفرعون ال حدود فا ،مصر القدمية لقد بلغ االستبداد مداه

فكل ما يتفوه به صاحب ،" خترج من فم إلهفالكلمات اليت ينطق ا "موحيات حسيب،وال

للعقيدة الدينية من وهلا ما ،فمشيئة امللك وإرادته هي القانون جلاللة جيب أن يتم ويتحقق باحلال،ا

،التسليم واخلضوع ألوامره ونواهيه ستطيع املصري إالحبيث ال ي وأقواله هلا من احلتمية ،قوةال

.ال حتتمل أو بغيضة ال تطاق مهما بدت له قاسية

فال السياسية واالجتماعية املصرية، الدور البارز يف احلياة ،كية املؤهلةلقد لعب مفهوم املل

وما عادة مصر،دف إال لسال إميانا منهم بأن اإلرادة امللكية ،القبول لدى اجلميع ىغرابة أن يلق

هي أن إرادة األمور البديهية املتفق عليها رة، ومناخلي إال تسليم للمشيئة اإلهليةتسليم املصري هلا

.كلها أشبه باليقنيعنه فاألحكام اليت تصدر ،ال ميكن أن تأيت بكيفية اعتباطية ،ئهامللك وقضا

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ169¡168املرجع نفسه ص ص )1

24، دار النهضة العربية : القاهرة ، (ب ت)، (ب ط) ص أساطني الفكر السياسي،سعفان حسن شحاتة)2

-33-

Page 46: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فتحول ،أن يفهم دور امللك احلامي لألمن واحملقق للرفاهية اإلنسان املصري، لقد استطاع

،كل الصفاتوأضفيت عليه إىل حاكم وإله كوين، كم ابن إله،امللك يف تصور املصريني من حا

إال من علما أن هذا التصور ال ميكن رؤيته قة يف عامل األرض وعامل السماء،مبا فيها السلطة املطل

ه.كل الصفات اليت ميكن ختيلها على احلاكم املؤل فىعقل أض ك،اذآن خالل العقل املصري

راع فاإلله" ،كم آنذاكالسلطة املطلقة اليت كان يتمتع ا الفرعون احلا ،تذكر األساطري املصرية

إهلا مالكا ملصر باعتبارهكذا كان الفرعون وه أو فوضه ا، ، ابنه الفرعون على أرض مصرل وك

علما أن فكرة .)1("أن حيكمها كما يشاء ولو بالقوةكان من حقه عنها، املسؤولو وحاكمها

لالنتفاض على امللك،فالدعوة للثورة ،مل تكن لتخطر على بال أحد ،اماخلروج عن طاعة احلك

األذى و رمدعاة للضروسلطة امللك حىت لو أصبحت اكم مل ترتدي يوما رداء العقيدة،على احل

.حتافظ على طابعها اإلهلي

هذا ،مل متنع البعض من خرق حجاب الصمت وطلب العدالة وإحقاق احلق لكن هذه احلال،

اقطع دابر ! يا مواليلفالح خياطب امللك قائال:" صة التالية،وف عليه من خالل القما ميكن الوق

يطيح مبن جاءك يشتكي ظالمته وال تكن إعصارا واحم املساكني، وارحم البائسني اللصوصية

واحلق شيء فالعدل قوة واسلك عدالة العدل..وقل احلق وآت العدل، ،لك العدل...إجر عدل م

."الشوامخرسوخ اجلبال فكالمها راسخ عظيم،

رغم طابعها األسطوري، بشكل واضح يف هذا النص يبني أن فكرة العدالة كانت مطروحة

صورة خطاب يوجهه امللك للوزراء ،حيث جاء يف إحدى القطع األدبية املصرية القدمية، األدبيات

كانوا نيأوليست وسيلة الختاذ الناس بل هي مرة .. ،ليست الوزارة حلوة:"فيه يقول ،عند تعيينهم

السائد يف كل شيء العرف وأن يتبع ،جمراه يف كل شيء فأحرص على أن جيري القانون ...عبيدا

فانظر إىل من تعرفه ... وأعلم أن احملاباة بغيضة إىل اإلله ه ..وأن يعطي كل إنسان حق يف بلده،

.)2("ال تعرفهنظرتك إىل من

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

243مرجع سابق ، ص ، السياسي ، وأساطري الشرق القدميالفكر )عمر حممد صبحي عبد احلي ، 1

93،تر،حممد بدران ،دار اجليل للطبع والنشر والتوزيع بريوت ، (ب ت)، (ب ط) ص 2قصة احلضارة ، ج)ديورانت ،ويل ،2

-34-

Page 47: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

:"والس يقول.القدمية بالعناية الفائقة يف مصر ، لقد حضيت فكرة العدالة واحلق واالستقامة

ول وماعت كما تق. واحلق" واملعنوي للقانون والنظامكانت التجسيد املادي *،عتالربة ما بدج"

مث تطور مفهوم املنفذ لقوانني "ماعت"، كما أنه ،إله القانوناألساطري هي زوجة اإلله"حتوت"

كل أدى إىل حتوير يف معىن بش ،مع التجربة اإلنسانية الطويلة للمجتمع املصري"ماعت "كلمة

كلمة بل أصبحت اإلنسان هشدينالذي ،تبقى حمصورة يف العدل واحلق أو الصدقمل اليت ة الكلم

يف ،والسياسية والقضائيةاملسرية االجتماعية اليت تسيطر على اعت" تدل على احلقيقة الواقعية،م"

وهذا ما يؤكده .وهو مساواة اجلميع دون استثناء ،تاريخ مصر مؤكدة على مبدأ أساسي وهام

النص التايل:

.لقد خلقت الرياح األربعة ليتنفس ا اإلنسان مثل أخيه اإلنسان

.وخلقت املياه العظيمة ليستعملها الفقري والسيد

.)1(وحرمت عليهم إتيان السوء ،لقد خلقت كل رجل مثل أخيه

أن فكرة إقامة العدل هو ،وحنن بصدد احلديث عن فكرة العدالة لكن ما جيب التأكد عليه

إهلا هباعتبار ،الذي يبقى معه الفرعون هو نفسه مصدر العدالة ،تبقى دائما داخل السياج الالهويت

أن خيوض اإلنسان املصري يف " ،واحلال هذه هلذا ال ميكن أن تتصور ،يصدر التوجيهات واألوامر

املرتكز من الوعي السياسي،مستوى يتطلب فالتفكري يف الشأن السياسي ،شؤون احلكم والسياسة

خاصة عندما ،بأن الفرد واتمع قادران على التعاطي مع الشأن السياسي ،على املعرفة واالقتناع

لكن .)2(املشارك يف تأمني اخلري والسعادة لإلنسان ، من الفعل اإلنساين ذا الوعي، جزءيكون ه

تسيطر عليه الرؤية األسطورية املتصلة ة،فكرية والدينية يف مصر القدميومبا أن واقع القناعات ال

يستحيلفإنه من اختصاص اآلهلة، ،الذي جيعل من الشأن االجتماعي بأبعاده السياسية ،بالالهوت

ى العمل عل هو ،ما يستطيعه اإلنسان يف هذا اال فجل ،تصور دور لإلنسان يف امليدان السياسي

العدالة واخلري.من أجل متكني ،التقرب من اآلهلة طلبا للعون

ÜÜÜÜÜÜÜ

واالستقامة.–العدل –يرمز إىل امسها بريشة النعامة واللقط يشري يف اللغة املصرية القدمية إىل احلق -راع–ابنة إله الشمس –: إهلة MAAT*ماعت

وعلية الشريف،دار الفكر للدراسات ،تر،زكية طبوزاده ،مصر الفرعونية و فكرة العدالة االجتماعيةماعتللمزيد حول الفكرة أنظر:يان أمسان،

1996¡1والنشر التوزيع،القاهرة،ط

251،مرجع سابق ، ص الفكر السياسي ، وأساطري الشرق القدمي) عمر حممد صبحي عبد احلي ،1

256) املرجع نفسه، ص 2

-35-

Page 48: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

البداية منذ ةنيعوامللكية م مظهرا من مظاهر النظام الكوين، ،النظام االجتماعي يف مصر القدمية لميث

س األمر الذي يكر نقل هذه الوظيفة وخلق الفرعون،و فاإلله كان امللك األول، بالوجود يف العامل،

الكون والدولة استقرار عمله يضمنو، النموذج لكل رعاياههو فالفرعون ،امللكية كمؤسسة إهلية

لل" الفعلي التجسيدوهو تغرية،هو الصانع الوحيد ألحداث التاريخ امل ،الفرعون بالتأكيدو

.)1(وبالتايل احلق والعدالة ،وهذا التعبري يترجم بـ(احلقيقة) ،املاعت"

أنه "فاألسطورة املصرية تقول ،إهلا يف احلياة وبعد املوت ، لقد كان امللك يف مصر الفرعونية

اة وبعد ه يف احليإن هذا التأليليتحد بقرص الشمس ويندمج مع أبيه "راع". صعد إىل السماء،ي

بل ،األخذ ذه الفكرة أوجب على رعاياه اخلانعني ،ليس نزوة من نزوات ملك مستبد املوت،

بأن الفرعون إله عظيم تنبع من إميان ثابت ،حتولت إىل عقيدة راسخة ،أن هذه الفكرة دالواقع يؤك

.فيه خري مصروتسخريها ملا ،له السيطرة على ظواهر الطبيعة ،باآلهلة الكبار دائم االتصال

ديث عن ال ميكن معها احل بصفات أسطورية ،يف مصر -اإلله-لقد متيزت شخصية الفرعون

هو أن وكل ما ورد د، تتحدث عن اإلنسان الفرفاألدبيات املصرية مل مكانة لإلنسان احملكوم،

ا أم.)2("مواشي اهللاية احلسنة قد حظي البشر،اعبالر.وراع"البشر ولدوا من دموع إله الشمس""

ال فمن كان بشرا عاديا ،ال ميكن أن خياطب مباشرة ،امللك فهو شخصية أسطورية مقدسة

إن جاللته عليم " .وهو امللك املتمتع بالعلم اإلهلي ،أو الدنو منهيستطيع أن يتحدث مع امللك اإلله

به ينفذ وكل ما يتفوه ،وليس هناك يف هذه الدنيا شيء ال يعلمه ،ومبا يقعبكل شيء مبا حدث

مل تكن هناك حاجة وبناء على ذلك ما للعقيدة الدينية من القوة، وهلا ألن مشيئته هي القانون،

إن طابع .)3("ما دامت كلها متمثلة يف شخص اإلله مكتوبة أو مفصلة، لوجود قواعد وقوانني

يقسمها مع أنه رغم ،وامتياز للخالقاخللق امتداد ما هو إال ،اهليمنة يف النظام السياسي املصري

هيمن ابنه الفرعون على النظام يبينما ،واإلله اخلالق هنا هو املهيمن على الكون، الفرعون ابنه

. الدنيوي

ÜÜÜÜÜÜÜÜ

120، ص 1987¡1، تر، عبد اهلادي عباس ، دار دمشق، ط ، تاريخ املعتقدات واألفكار الدينية)مريسيا إلياد1

242مرجع سابق ، ص الفكر السياسي ، وأساطري الشرق القدمي، )عمر حممد صبحي عبد احلي،2

26، الس الوطين الثقافة والفنون واآلداب ، الكويت ، ص 1994، مارس 183، عامل املعرفة ، رقم الطاغية)إمام عبد الفتاح إمام ، 3

-36-

Page 49: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فاإلنسان والدنيوي، تكمن يف هذا االتصال بني اإلهلي الفكر السياسي املصري، إن خصوصية

يتولد عنه إدراك فهذا اإلدراك ، عليه أن يدرك صلته باإلهلي ومن مث، إهلية ةعليه أن يدرك أنه خلق

والدولة ، فالكون يتحكم فيه اإلله اخلالق ،بني صورة الدولة املثالية وصورة الكونالعالقة اجلدلية،

.)1(بن اإللهان باعتباره يتحكم فيها الفرعو

يف الصني: -)ج

حيث أن مصدر عن نظريه يف احلضارات القدمية، ،الصيين مبدئيا ال خيتلف الفكر السياسي

–وهلذا مسيت مملكته ( تيان ض من السماء لتسيري شؤون البشر،فامللك مفو ،السلطة هو السماء

تعترب نفسها من سالالت أبطال قد كانت الطبقة النبيلة ل. أي اململكة اليت حتكمها السماء، شان)

يراقبون وهم يف وكانت تعتقد بأن أسالفها وأسبغت على نفسها صفات إهلية، ،أسطوريني

وحيددون مصائر أحفادهم. ،السماء

-الذين يعيشون يف مكان ما يف السماء-غدا تقديس األسالف األسطوريني ،انطالقا من ذلكو

ن بالترابط بني علما أن اإلميا ،الذي تقوم عليه عالقة األبناء بأسالفهم التارخييني ،ياملبدأ األساس

أنباء الطبقة بأنوفق املبدأ القائل: قراطية،ف لصاحل الطبقة األرستظواألحفاد واألجداد

،وهم يف السماء وقدرة أسالفهم القادرين من سلطة ،يستمدون سلطام وقوم األرستقراطية

وقدرم ،خيتلفون بأصوهلمأبناء هذه الطبقة هكذا ومبا أن. على األرض ياةالتأثري يف احلعلى

وبالتايل يفتقدون للرعاية والتوجيه من ،الذين يفتقرون لألصول املقدسة ،عن عامة الناس وسلطام

ه العامةوتوجي ، استالم زمام كل األمور ،فقد وجب على أبناء هذه الطبقة األرستقراطية ،السماء

.)2(نفيذ ما تراه هذه الطبقة النبيلةالذين عليهم ت

فقد كان ،بل ومستساغة يف الثقافات الشرقية ،لقد كانت ثقافة تقدمي القرابني شائعة

،يف األدبيات الشرقية جند له ذكر أال ريندو ،يكاد يكون قانونا عاما اإلميان بعون األسالف

القرابني انوا يقدمونكهلذا فال غرابة أن امللوك االستعانة باألسطورة،ما يستلزم دائ فاملوقف كان

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

161، ص 1998¡1، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة ، ط ، اخلطاب السياسي يف مصر القدميةمصطفى النشار )1

ص ،1999¡1ط بريوت،لبنان،مبؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، ،القدميةالفلسفة والفكر السياسي يف الصني )عمر حممد صبحي عبد احلي، 2

50¡51

-37-

Page 50: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

.مبوجب حق إهلي حكمهم إمنا هو حكم وأن منون مبساعدم يف خمتلف األعمال،ويؤ ألسالفهم،

لكي تكون واستخدمت السماء مبا فيها الغزو، التجاوزات،ير كل لترب ت األسطورةوظف هكذا

ما تذكر كيف أن ملك تشانغ كان بعد- تقول األسطورةال جدال فيها. ية القرار نافذة،حج

فأصدرت قرارها عند هذه املرحلة جلأت "السماء" إىل حاكم حقيقي،" -ال حيكم بالعدلفاسقا

السماء راغبة تكن .مل)1(قب وقضى على حاكم هسيا"الذي عا ،تانغ املوفق""إىل لالواضح املفص

وكان يسخر ، فاسقا متاما....لكن كان حاكمكم الص من حاكم هسيا أو حاكم شانغ،يف اخل

قدم القرابني يومل ،واستهان بأعمال احلكومةلسماوية ..كان كسوال ومتباطئا من األوامر ا

عن شخص قد يكون أقاليمكم العديدة... حبثت بنيمث ولذا أنزلت السماء به الدمار، ة،اخلاص

ومع ذلك فهناك ملكنا "تشو" ،يستطيع أن يفعل هذا ولكن مل يكن هناك أحد ألوامرها، متيقظا

يرأس تقدمي القرابني إىل األرواح،ويف عناية كان وكان فاضال، الذي كان حيسن معاملة اجلماهري،

ومنحتنا القرار املمنوح" واختارتنا ها وكرمها،سماء أن نغتنم من فضلمرتنا الأولذا وإىل السماء،

.)2(لنحكم أقاليمكم العديدة لتشانغ"،

ذا مل يتقيد فإ إمنا يستهدف اخلري واهلناء هلم، ،حلكم الناس وانتداا امللوك ن تفويض السماء،إ

ذلك يعين فإن ،وفشلوا يف مهمة احلكم امللقاة على عاتقهموظلموا أو استبدوا امللوك بعمل اخلري،

.)3(االنتداب إىل ملك آخرالتفويض أو ري السماء حق وبالتايل تغ فقدام حق احلكم،

بل حق االعتراض كان مكفوال فقط ال يعين حق الشعب يف تغيري حكامه،لكن هذا القول

سألة امل هكذا يتبني لنا أن ليتحكموا يف كل شيء. الذين استخدموا العرافني ،لطبقة اإلداريني

فهي اليت متسك الكون ،ض وتعزل احلكامفأوامر السماء تفو حمكومة باألسطورة، كانتالسياسية

اليت تزوده وهي (تني،تزو) (ابن السماء )، البنها ومتنح مسؤولية تنظيمية على األرض ،بأسره

ة على مما يعطي للملك سلطة سياسي ،الذي يلزم رعاياه بالوالء له ،بالتفويض السياسي القوي

.الذين يكلفون باملناصب عن طريقه ،رعاياه

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

30، ص 1998 ،، تر،عبد ايد سليم اهليئة املصرية العامة للكتاب، (ب،ط)الفكر الصيين من كونفوشيوس إىل ماوتسي تونع،ج ،كاريل، ـ) ه1

33ص ) املرجع نفسه،2

52ص مرجع سابق،، السياسي يف الصني القدميةالفلسفة والفكر ) عمر حممد صبحي عبد احلي،3

-38-

Page 51: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

حيث عل أمراء اإلقطاع يف مملكته فكذلك يف ،هكذا ومبا أن امللك حيكم بتفويض السماء

هلم للقيام التابعني يفوضون اإلقطاعيني وهم بدورهم ،تكون هلم سيادة حملية حتت إشراف امللك

وهذا ما ،على تفويض السماء من قمته إىل قاعدتهوهذا التسلسل كله يستند بواجبات معينة،

حيث تقول إحداها: حفظته لنا بعض النصوص

.وانسجام مهيبدوء جليل،

والفرسان احلاضرونيسجل الوزراء،

.فضائل سيدهم املنشئ

.املتكفل بنا من قبل السماء

.ون. امللك العظيم

.لعلك جتد وأنت يف جاللك العظيمي،والمآه يا

.والكلمة املهذبة العمل املتزن،يف

.مدحيا ال يغضبك

.جليل وال حد جلالله

.)1(هو تكليف السماء

دفعت الطبقة اآلهلة يف حياة اإلنسان الصيين وطريقة تفكريه،الذي لعبته ،إن الدور الكبري

صفات ق إحاللعن طريإىل متثل الدور الكبري اآلهلة ،يف فترة نشاطها األرستقراطية العسكرية

االجتماعية من الناحية حىت بعد موم. القادة العظماء،طال التقديس حبيث اآلهلة على نفسها،

،"اليت قدمها املشرع"جو فقد أكدته الوثيقة الدستورية ،هو السائد يف الصني كان نظام الطبقات

وشعب يعيش ،التربيةمرباطور نائب عن اإلله (السماء)،أعيان حبكم املولد أو وهذه الطبقات هي:إ

.يتمتع باحلقوق املدنية ولكن ال رأي له ، ةيف أسر أبوي

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

،الس الوطين للثقافة والفنون 1993،ماس 173،تر،إمام عبد الفتاح،عامل املعرفة رقم املعتقدات الدينية لدى الشعوب) جنري بارندر،1

230واآلداب،الكويت،ص

-39-

Page 52: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فامللك ال ،امللك (ابن السماء) وينتهي عنده يبدأ من ،من الواضح أن النظام السياسي الصيين

ذ فأو من فهو إله أو ابن إله ،هتأو أن توضع قيود على سلط ،ميكن أن خيضع لقواعد تسمو عليه

ذا مل يكن من املمكن ألي بشر أنهلو ن هناك حدود لسلطته؟فكيف ميكن أن تكو ،ملشيئة السماء

.)1(ك يف حقوقه أو سلطانهأو يشك ،يناقشه

ته عن فنون يعخيرج يف طب ،ال يكاد الفكر السياسي الصيين ،بعيدا عن إشكالية مصدر السلطة

حتل حمل احلقوق السياسية األمر الذي جيعل الواجبات ،يف اجلماعة اإلنسانية وفق األخالق التحكم

الصني تعطينا فكرة واضحة عن طبيعة التنظيم السياسي يف ،وسوشيومن املؤكد أن أفكار كونف

ارية بوفق قوانني إجإذا قدت الناس "خماطبا احلاكم شيوسوفنيقول كوومكانة اإلنسان من خالله.

ولكنك ،ولكن لن يكون لديهم الشعور بالشرف فقد حياولون اتقاء العقاب، ، بالعقابوهددم

فإن عالقتهم ستقوم على أساس من الشرف بالتربية،مت شؤوم ونظ إذا قدم بالفضيلة

دوة الطيبة،والق ة شعبه بالفضيلة والسنة احلسنة،فاحلاكم إذا استعان يف قياد" ،)2(واالحترام

فهناك يرتبط ،والعادات الصاحلة اليت يوقرها الشعب ويرتهلا مرتلة التقديس واعتمد على العرف،

.)3("وصالح حاهلم ،أنفسهملتقومي ،الناس برباط أخالقي قوي

وصفاتاإلنسانية لك يف حديثه عن معىن جنده كذ ،هذا املرتع األخالقي عند كونفشيوس

فهو عندما يستعرض أعماله ال جيد سببا الذي "قلبه خلو من اخلوف والقلق، ،اإلنسان الكامل

الذي يفكر يف جلب عكس اإلنسان اخلسيس، اقة اردة،إنه يفكر يف الصد ،للخشية من الناس

واسع األفق ،ال يتشيع ألحد، اإلنسان املاجد (الكامل)، صية،من وراء االتصاالت الشخ املنفعة

.يتحزب يف سبيل املنفعة ،واخلسيس ضيق األفق

أن يبدأ بوضع احلاكم فعلى القوة، تنفر من استعمال ،شيوسإن السياسة املثلى بالنسبة لكونفو

إىل دون احلاجة ...م ذلك فلن جترأ الرعية على االحنراف عن احلقفإن ت الصحيح،نفسه املوضع

فقد ي ،فرض العقوباتب لقيادة الناس وتسيري شؤوم وإن استعان احلاكم بالقوانني ،إصدار األوامر

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

149،ص 2001،الس األعلى للثقافة ،مصر (ب ط)، األخالق والسياسة) إمام عبد الفتاح إمام،1

71،ص2005¡1اجلزائر ،ط،دار رياض العلوم، مقدسات يف السياسة املدنية)نقال عن بوعرفة عبد القادر،2

79ص ،دار املعارف،مصر،(ب ت ط)،1حكمة الصني ج)فؤاد حممد شبل،3

-40-

Page 53: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

الناس ويكبح مجاحهم بقواعد اللباقة.. إن ،على احلاكم أن يقود الناس باحلكمة".الناس معىن احلياء

إذا كان احلاكم على ولو ساءت أموره ساءت أمورهم، أحواهلم، صلحت لو صلح حالهف ،يقتدون

.)1(ابامهفإنه ال حيتاج إىل أوامر حىت يكون ،حق

أن يكون يطلب احلاكم من شعبه فال والرعية،إن الفضيلة هي أساس العالقة بني احلاكم

إن .وال تتجه إىل التنظري املتعايل ، متارس ممارسة عمليةفالفضيلة ا كان هو كذلك،إذ إال ،فاضال

وا بتنظيم واليام قد بدؤ ،القدامى الذين أرادوا أن ينشروا أرقى الفضائل يف أحناء اإلمرباطورية

شؤون متظانت وملا بدؤوا بتنظيم أسرهم، أرادوا أن حيسنوا تنظيم واليام، وملا أحسن تنظيم،

ت اإلمرباطورية كلها هادئة أصبح وملا صلح حكم واليتهم، واليام،صلح حكم أسرهم

ختتفي معها احلقوق السياسية ذيالالواقع ،قد كانت القدوة احلسنة أوىل وسائل احلكمل.)2(سعيدة

وحتل حملها الواجبات . ،للرعية

احلديث عن اإلنسان نتظر منها ناليت ال - فتظهر أفكاره السياسية ، مونشيسوسأما تلميذه "

ويذعن األقل صالحية اليت خيضع فيها املفضول للفاضل ، يف رؤيته للحكومة الصاحلة -الفرد

هكذا تصبح"املهمة ومة سيئة يتحكم األقوى يف األضعف،فإذا سيطرت على العامل حك ،األصلح

وبث الصالح هي وين العقبات وختفيف وطأة الغرامات والضرائب، ،رةباحلكومة اخلياملوكلة

.)3(والصدق واألمانة"

اليت كان ميارسها األمراء ضد ،ة عربت عن حالة االستبداديئمونشيوس" آراء جرل" لقد كانت

بكم وخنازيركم يأكلون غذاء كاليقول:" حيث وخاصة املستضعفني والفقراء، لشعب،أفراد ا

جند بشرا موتى يف الطريق ابتزازكم.عرفون كيف ختففون من وأنتم ال ت ،أي حبوب اجلزية البشر،

أليس ،ملست أنا الذي أجعلهم يهلكون بل هو نقص املوسون:تقولوأنتم الناس ميوتون باجلوع...

ها أي! بل سالحي ،قال بعد أن قتل رجال بطعنة سيف:لست أنا الذي قتلهذلك كما لو أن أحدهم

من كل أقاليم اإلمرباطورية". اسفسوف يأيت الن ،مري توقف عن التذرع بنقص املوسماأل

ÜÜÜÜÜÜÜÜ

92املرجع نفسه ،ص )1

72،صمرجع سابق) بوعرفة عبد القادر،2

112¡111،ص مرجع سابق)شليب أمحد إبراهيم ،3

-41-

Page 54: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فاحلاكم ، حساب احملكومنيعلى يتميز باستبداد احلكام، إن الواقع الذي يصفه"مونشيوس"

بأن التنظيم السياسي من هنا نادى "مونشيوس" ،شعبهوال يعيش ليحي يعيش على أكتاف شعبه،

ودعوته إىل ،وهذا ما يربر هجومه على احلكم اإلقطاعي ،واالقتصادي هدفه حتقيق منفعة الشعب

فالشعب أهم عامل من عوامل " ،الذي يعمل على حتقيق مصاحل الشعب "،حكومة " امللك املثايل

.)1(مبا ال يقاس" يته األرض واإلنتاجتفوق أمه ووجوده ،قيام الدولة

يف الفكر اهلندي:-د)

لقد تطورت الفلسفة اهلندية تطورا هائال ومعقدا، قد يكون تاريخ تطورها أطول من تاريخ

يشوبه الغموض والضبابية وعدم أن الكثري من معامل هذه الفلسفة، مع العلم ،أية فلسفة أخرى

سبب ضياع الكثري من ب ،الفلسفة يكاد يكون بطرق غري مباشرةفكل ما نعرفه عن هذه ،الوضوح

فنحن نعرف عن الفلسفة ،وعدم معرفتنا بفالسفة اهلند من جهة ثانية ،النصوص األصلية من جهة

سوف نركز على إبراز مكانة اإلنسان ، لكننا يف عرضنا هذا ،اهلندية أكثر مما نعرف عن فالسفتها

ياسية.يف املنظومة االجتماعية والس

بل كانت على الدوام تؤكد على بالوقوف عند النظرة التأملية، تؤمن ، مل تكن الفلسفة اهلندية

وذا الصدد يؤكد املؤرخان ،والسلوك اإلنساين املطابق للنظر العقلي لية،مفهوم املمارسة العم

ة " إن غاية احلكمة يف كتاما " الفلسفة اهلندية القدمي ،كشاترجي وداتا ،اهلنديان املعاصران

ينريها ، بلوغ حياة أفضل وإمنا هي وبصورة رئيسية ،الفلسفية ليس يف جمرد إشباع الفضول الذهين

.إلدراك"اوعمق بعد النظر

اليت ،من ناحية أخرى ال خيتلف الفكر اهلندي عن غريه من أفكار احلضارات الشرفية القدمية

"ليس له معىن،كريشنا"العامل كما أوضح اإلله"فمادام ،الكونجتعل من اإلله املركز واملتحكم يف

كأا دمى يف مسرح وبقدرته السحرية حيرك كل الكائنات ،بعد خلقهااإلله فهو لعبة يلعب ا

من اللعبة من حيث هو خملوق هللا، فهو جزء ، اإلنسان جزء من هذا العاملمبا أن و .)2("ئسالعرا

ÜÜÜÜÜÜÜ

108شبل،مرجع سابق ص )فؤاد حممد 1

،اهليئة 1،تر،عبد العزيز توفيق جاويد،جالتاريخ...وكيف يفسرونه،من كونفوشيوس اىل توينيب** للمزيد حول املوضوع أنظر:ألبان،ج،ويدجري،

ومابعدها. 27،الفصل االول،ص2املصرية العامة للكتاب،ط

152،ص 2008،دار عالء الدين،(ب ط)،تيارات الفلسفة الشرقية) حممد حسن ، 2

-42-

Page 55: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يتهرب من عمل فرضه عليه أال "على اإلنسان ،فما عليه سوى التسليم.يف إطار هذه الرؤية

كما ،فكل املشروعات مصحوبة بأمور سيئة .حىت ولو كان فيه ما يسوء الطبقي)، (انتماؤهمنبته

كان عمله غري حىت وإن ،على اإلنسان أن يعمل وفق إرادة اهللا¡)1(أن النار مصحوبة بالدخان

جيب أن يعترب على ،وال يفكر إال يب وحدي إذ جيين من قلبه ،حىت ارم الكبري، "مرضي اجتماعيا

.)2("ألنه قام بعمله بروح طيبة ،صواب فيما يفعله

فحىت يف اجلانب ،نب اإلنساتغي ،واقع ال خيرج عن جربية مطلقة ،هذا هو واقع اإلنسان

واليت فتها احلضارات الشرقية القدمية،ر اهلندي عن تلك األفكار اليت عر خيرج الفكمل السياسي،

فق هذا وو الدولة، فاإلله هو الذي يعني امللك على رأس" ،تسند فكرة احلكم إىل العناية اإلهلية

لذلك فهو ،أنه مكون من عناصر إهلية خالدةواملفروض يف امللك هم،حيمي األفراد وخيدم القانون

الفكر السياسي اهلندي على النظريات فقد"تضمن ، .أما فيما خيص طبيعة اتمع)3(فوق األفراد

لكل ،مكون من طبقات خمتلفة غري متكافئة ،فاتمع وفق العناية اإلهلية ،العضوية للمجتمع والدولة

.)4(كل له وظيفته املتالمحة مع األعضاء اآلخرين " ،والدولة وحدة ذات أعضاء...منها وظيفتها

لقمة -يف تارخينا املعاصر مبنظور حقوق اإلنسان-يؤسس ،إن النظام الطبقي الذي عرفته اهلند

هي فاملرجعية األسطورية هلذا التقسيم ،ولكن األمر مل يكن كذلك آنذاك الظلم واالستغالل،

كانت هناك إذا على أن خري اتمع يتم دعمه، تنص ،فامليثولوجيا اهلندية االحتجاج، لعدم الضامن

يف اتمع، ةتؤدي كل منها املهام املختلفة اليت تقتضيها احلياة اخلري ،طبقات منفصلة من األفراد

من حيث أنه يسهل عليه حتقيق ،ذا التصنيف سيكون يف مصلحة الفردفإن ه وفضال عن ذلك،

من سبه بشكل خاص،األنشطة اليت تنا إذا ما اخنرط املرء يف تلك ذاته والوصول إىل النفس احلقة،

.)5(حيث احلالة املزاجية واالستعداد واملقدرة الطبيعية

إىل ومبوجب ذلك ينقسم اتمع ،مساواةو الال على أساس التفاوت ،يقوم االعتقاد الربامهي

ومكان خلقها،انطالقا من درجة يتحدد مكاا االجتماعي والسياسي، ،طبقات أربعÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

153) املرجع نفسه،ص 1

154) املرجع نفسه،ص 2

70¡69) بوعرفة عبد القادر،مرجع سابق ،ص 3

70) املرجع نفسه،ص 4

، ص 1995سنة 199،تر،إمام عبد الفتاح إمام،سلسلة عامل املعرفة،الس الوطين للثقافة،الفنون واآلداب،الكويت،رقم الفكر الشرقي القدمي)جون كولر، 5

73

-43-

Page 56: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

والكاشتريا ،مهي من فمهاربمث خلق البصدد خلق برمها للكائنات: "...،جاء يف قوانني" مانوا"فقد

فكان لكل من هذه الطبقات مرتلته على ،والشودرا من رجله ، والو يشيا من فخذه ،من ذراعه

.)1(هذا النحو

والطبقة اليت تستأثر باالمتيازات االجتماعية والسياسية :هم صفوة اتمع اهلندي،طبقة الربامهة-أ)

مساءلة كل موجود...مث ال جيوز أن يكون حملللربامهي حق يف و،الربامهيما يف العامل ملك فكل"

ن جيازيه امللك على ما فعل،من غري أ بده،الذي هو ع ،فإذا افتقر حق له أن يتملك مال الشودري

)2(حىت ولو قتل العوامل الثالث" ،بل إن الربامهي لن يدنس بذنب

القائمني على منها يكون القضاة والعسكريون و :تتألف من محاة اتمع،طبقة الكاشتريا-ب)

والكرم وعدم اهلروب من املعركة، ،فالبطولة والقوة واالستقامة واحلذق ،إدارة شؤون اتمع

.)3(هتطبيعاليت تولدت من ،تلك هي واجبات رجل الكشتريا والقيادة،

السلع الضرورية للحياة ووظيفتهم الرئيسية، إنتاج تتألف من التجار واملزارعني طبقة الوشيا: -ج

.يقومون بأعمال الصيد واخلدمة يف األصل سكان اهلند األصليني، همطبقة الشودرا: -د

الطبقات الدنيا مينع أصحاب ،جمحف واستغاليللنا أننا أمام نظام طبقي إن هذا امللخص يبني

ال يعدون فأفرادها ، خاصة إذا تعلق األمر بطبقة الشودار طلع إىل مرتبة أعلى من طبقام،من الت

تعرف هكذا فبمجرد أن ،ع والطاعة ألبناء الطبقات األخرىبل عليهم السم ،ضمن دائرة اآلدميني

مي إليها .توفقا للطبقة املن ،حىت تعرف حقوقه وواجباتهطبقة الفرد

اليت االستبدادية، أننا أمام خطاب تسيطر عليه الرؤيةتبني ، إن قراءة لقوانني "مانوا"

نصبوا على يد ة أن "الربامهانيون،استنادا على فكر فوق اجلميع،ني طبقة نجعلت من طبقة الربامه

اآلريني وال اليت جتعل ،هنا يظهر التوظيف اإليديولوجي لألسطورة اإلله برامها أسيادا للعامل كله،

ضمن عالقة التراتب الطبقي ز السيادة االجتماعية والسياسية،حيتلون مرك سيما طبقة الكهان،

.)4(سنة اإلهلي لصاحل االجتماعي والسياسينوأ

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

54¡53،مرجع سابق،ص تطور الفكر السياسي)إبراهيم أمحد شليب ،1

54املرجع نفسه ص )2

74سابق،ص،مرجع جون كولر )3

156ص ،مرجع سابق ،حممد حسن )4

-44

Page 57: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 58: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يف الفكر اليوناين: -أ)

اليونان على حد تعبري هيجل مل " ،فكر وثيق الصلة باحلياة العملية ،الفكر السياسي اليوناين

تشكل الكل بني جمموع الطبقات االقتصادية اليت ،يفرقوا قط يف وضوح كاف بني اتمع والدولة

وبني عينه غارقة يف مصاحلها الفردية،وهي يف الوقت ،مبا تسهم به خمتلف األعمال ،االجتماعي

يف ضوء الصاحل العام بوصفه فيصال يصحح فردية اتمع، ،السلطة الفردية غري املنحازة للحاكم

)1(يف شخصه" الذي ميثله متجسد

وهي أن ما خنوض يف متفصالت هذا الفكر،وحنن ها،مسألة ثانية تستدعي الوقوف عند

اليونان مل تعرف منذ القدمي األنظمة "هو أن على رسم معامل املدينة السياسية، ساعد اليونانيني

حتاول ،فكل مدينة كانت وحدة سياسية ،)2("وإمنا عرفت األنظمة التعددية ،الشمولية كممارسة

بحث إىل كيفية االهتمام وهلذا اجته ال املدن، فضل من مثيالا يف باقييف نفس الوقت أن تكون أ

من ناحية مها ،فخري الفرد وخري اتمع" ه باألمن والراحة واالستقرار،ا يشعروالبحث عم ،بالفرد

وهلذا فال .)3("والفضيلة اليت يتحلى ا الفرد هي أيضا فضيلة اتمع املثل األعلى شيء واحد،

ووحدة بني ،بني علم السياسة والفلسفة األخالقيةإىل التوحيد متيل" ،غرابة أن جند رؤية أرسطو

ألن الشريعة األخالقية للدولة هي نفسها القانون أو ن العلمني وعلم الفقه القانوين،هذي

.)4(الصواب"

كان أكثر ،ال ينكر أحد أن الوعي السياسي لدى املواطن اليوناين باإلضافة إىل ما ذكرنا،

تتمثل يف حضور ،كانت هلم مسامهات فعلية أساسا إىل كون املواطنني* وهذا يعود ن غريه،م

فاملواطن اإلغريقي كان ميضي وقته ونشاطه يف ،اليت تقرر سياسة املدينةالرمسية االجتماعات

تقليدي عرفت به لتقسيم كانت خاضعة ،لكن صفة املواطنة عند اإلغريق. )5(النقاش السياسي

تتمايز العتبارات، حيث ظهرت التركيبة االجتماعية يف شكل طبقات ،تركيبة اتمع اليوناين

وهذه الطبقات هي : سياسية بالدرجة األوىل،ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

27، ص 1966، تر، لويس إسكندر، مؤسسة سجل العرب ، القاهرة ، (ب ط) النظرية السياسية عند اليونان)أرنست باركر، 1

80، ص سابق مرجع)بوعرفة عبد القادر ،2

20)أرنست باركر، مرجع سابق ص 3

)املرجع والصفحة نفسها 4

81)بوعرفة عبد القادر ، املرجع نفسه ،ص 5

*الكلمة تأخذ مبراعاة مفهوم املواطن يف اليونان آنذاك.

-45-

Page 59: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

أب من اليونانيون باملولدم وهاحلق يف املشاركة السياسية، ن هلموهم م:طبقة املواطنني " األحرار"

.وأم من أصل يوناين

م ال يتمتعون بأية حقوق سياسية لكنه ،قيمون يف الدولة من أجل التجارةوهم امل:طبقة األجانب

دورهم حمصور كان اللذين ال شأن هلم بالسياسة،: تتشكل من السطبقة الرقيقرغم كوم أحرار.

.يف العمل على خدمة الطبقات االجتماعية األخرى

وهي مسألة احلقوق ،وهرية جيب التأكيد عليها يف الفكر السياسي اليوناينهناك مسألة ج

يش من أجل هذه القيمة والعا للشعور باالنتماء للجماعة نظر ،فهذه املسألة كانت غائبة ،السياسية

يف العمل نتكم ،ومن هنا كانت مهمة الدولة ،دون االهتمام باملصلحة الشخصية االجتماعية،

يف إطار جتمع سياسي أخالقي حلياة مشتركة.هذه البنية السياسية اعة،دة للجمعلى حتقيق السعا

. عور باملواطنة والفخر واالعتزازدت عند الفرد الشول

،يف قدرته على جتاوز ما وصلت إليه البشرية قبله ،أمهية الفكر السياسي اليوناين تظهرمن هنا

كالعدالة واحلرية واحلكومة ،السياسية احلديثةاملثل فمعظم" ،ووضعه يف شق فلسفي خاص

بتأمل فالسفة اإلغريق ،و على األقل بدأ حتديد مدلوهلاقد بدأت أ ،الدستورية واحترام القانون

لكن هذه الفكرة اليت أوردها جورج سباين يف ،)1(اليت كانت حتت أنظارهم" املدينة،نظم دولة ل

ثل ال ينبغي النظر إليها من زاوية أا مت دولة املدينة،كر السياسي يف فصل حول تطور الف ،مؤلفه

والظلم واالستبداد، فاملدينة اليونانية عرفت شىت أنواع الطغيان حالة من االزدهار والرفاهية،

جعلت ،اطية واألولغارشية والتيموقراطية" فاألنظمة األرستقر ،وأصبحت مدينة غري مرغوب فيها

عول القانون اجلائر.العدالة حتت م توبالتايل غاب يطرة،من القانون وسيلة للقهر والس

واحملافظ ،أي أن القانون أصبح حامي الطغاة ،لقد أصبح اجلور والظلم ضمن دائرة القانون

ختضع يف ممارستها ،قوة صرفة الواقع الذي أصبحت معه السلطة ،)2("على مصاحلهم اخلاصة

.الء عليهايملصلحة أولئك الذين جنحوا يف االستÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

39،ترمجة حسن جالل العروسي،دار املعارف،مصر،(ب ط)،ص 1تطور الفكر السياسي،جسباين جورج،)1

20،ص 2008¡1،منشورات خمرب األبعاد القيمية يف اجلزائر،دار آل الرضوان،ط،العدالة واإلنسانومدين بوزيد،وآخرون)ب2

-46-

Page 60: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

قوق السياسية حبومتتعه ،اليوناينمناقشة فكرة رفاهية اإلنسانهذه الوقائع، حتتم علينا

سبق ذكرها. اليت يف ظل الظروف، واالجتماعية

كانت هلمالذين فالسفةالبعض عندما نستعرض بالتحليل، أفكار ما سنقف عليههذا

يف تاريخ الفلسفة السياسية اليونانية. ، األبرز البصمة

:عند السفسطائينيفكرة اإلنسان -أ)

غريت جمرى النظرة اليت ألفناها يف تناولنا للفلسفة ،كريةفال شك يف أن السفسطائية كحركة

فالسماء يف مركزية السماء وتابعية األرض، حيث كانت املشكلة الرئيسة تكمن ،الشرقية القدمية

ومن خالله الشأن السياسي الكون، بدواليهي من يتحكم يف كل تيولوجية،وفق النظرة ال

كذات هلا ،للوجود نساناإل لكن مع السفسطائيني ظهر ،واالقتصادي واالجتماعي على األرض

موقعها يف الطبيعة.

هذه الفلسفة وعليه ميكن القول أن وهو مقياس كل شيء. أصبح اإلنسان مركز األشياء، لقد

إن .قلة عن الذات الفرديةمست تتطلع للوجود ،ل حقيقة موضوعيةكأطاحت ب اجلديدة،

ئ الذاتية املتمركزة هو التأكيد املطلق للمباد "،بأن اإلنسان مقياس كل شيءإعالن"بروتاغورس"

أو ألي سلطة أخرى فال شأن لآلهلة ه،واليت جعلت منه املسؤول املباشر عن وضعي حول الذات،

هي " -يف رأي تراسيماخوس-السياسةأصبحت" من هنا. عي اإلنسان إىل حتقيق ما يراه هويف س

في كل دولة يضع القوانني .فمصاحل األقوى هي قاعدة السياسة العملية..و ،ميدان املصاحل اإلنسانية

والطاغية يصدر ية،فالدميقراطية تصدر القوانني الدميقراط ،أولئك الذين يقبضون على مقاليد احلكم

ولكنها ميها السلطات عادلة ملن خيضع هلا،هذه القوانني تس وبتوطيد ،القوانني االستبدادية .. اخل

وبالنسبة يطيعون القوانني ملصلحة احلاكم، واخلاضعون خيرقون العدالة، باعتبارهمتعاقب اخلارجني

بينما أفضل ملصلحته، دائما يف وضع مأزومباخلاضعني للحاكم فإن انتزاع السلطة واالحتفاظ

.)2(خطري"ل للعطف شيء إظهار الشفقة وإفساح اا

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

88، ص 1999¡1، تر،حنا عبود ،األهايل للطباعة والنشر والتوزيع ، دمشق، ط الفكر السياسي يف اليونان القدمية)ف س ،نرسيسيان، 1

-47-

Page 61: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

العنف،ليست شيئا آخر غري فالعدالة بالنسبة إليه "( أحد حماوري أفالطون)،كاليكليس"أما

إن فكرة العدالة بالنسبة ل"كاليكليس" شيء الطبيعي يدرك باعتباره حق األقوى.ذلك أن احلق

وحيددون النافع والضار،فهم ينشؤون القانون وأغلبية الناس ليحموا أنفسهم، ،الضعفاء اختلقه

يف وختويف األشخاص األكثر قوة ،دف الدفاع عن مصاحلهم اخلاصة انطالقا من أنفسهم،

يرددون أن التفوق سلوك ، واألكثر قدرة على هزمهم، وحىت مينعوهم من االنتصار عليهم، اتمع

هي سيطرة القوي على ، عدالةأن عالقة التربهن بالنسبة يلوغري عادل، ولكن الطبيعة نفسها قبيح

ملؤسسات القانون وا"كاليكليس" وانطالقا من هذا القانون يهاجم¡)1("وقبول تفوقه الضعيف،

.القائمة على مبدأ املساواة،الدميقراطية

العالقات القائمة بني ةيف إطار معاجلتهم ملشكل ة احلق كما تصدى هلا السفسطائيون،إن مشكل

واإلعالء من قيمة ،ن القانون الوضعيأالتقليل من ش مفادها ، ت إىل نتيجةفضأ ،الطبيعة والقانون

ولذلك كونية وثابتة، " قوانني الطبيعة قوانني مطلقة،رأيهم راجع لكونوذلك يف ،القوانني الطبيعة

عدالة التصبح وانطالقا من ذلك اا أن تقدم لنا معيارا كونيا،فالطبيعة وحدها هي اليت بإمك

ولذلك ليس قبل انتمائه لشيء آخر، ها الفرد،اليت ينتمي إلييف اخلضوع للطبيعة تكمن ،احلقيقة

.ألنه نتيجة للرأي اإلنساين ،بيعة السياسية قيمة مطلقةللقانون ذي الط

العدالة تقتضي عدم خرق أية قاعدة من القواعد أن" ،لسفسطائيني)ا(أحد أنتيفونيوضح

فاحترام العدالة أمر منسجم مع مصلحة الفرد ،تنتمي إليه ذياملقبولة من طرف اتمع ال الشرعية

أما إذا كان وحيدا فإن مصلحته ستكمن يف وجود شهود عيان،بفعل ،يف حالة احترامه للقوانني

وليس من نتج عن طريق االتفاق ،مرا عرضياإال أ إن ما ينتمي ال القانون ليسطبيعة.اخلضوع لل

دون أن يراه ذي يقوم خبرق القواعد الشرعية فال الطبيعي، للمجال عكس ما ينتمي فسه،تلقاء ن

بينما إذا ما مت اكتشافه الشعور باخلجل والتعرض للعقاب، نجو منفإنه سي ،أولئك الذين أوجدوها

.)2("فإن األمر سيكون خمتلفا متاما

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

13،ص 1999¡2،تر،حممد اهلاليل،مطبعة أمربيال ، الرباط ،املغرب، طحقوق اإلنسان من سقراط إىل ماركس)سلفان ماتون،1

12) املرجع نفسه، ص 2

-48-

Page 62: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

هذا ما ميكن ،زدراء والتحقريإال نظرة اال ،ملفاهيم القانون والعدالة واحلق ينظر السفسطائيونمل

على ،الثاين من اجلمهورية يف مستهل الكتاب ، لنا أفالطون من خالل ما أورده هتأكيد

فوفقا للطبيعة "شر يطلب لنتائجه فحسب،من أن العدالة هي يف حقيقة األمر، لسان"جلوكون"

فإذا ما ،ولكن كفة األمل يف الشر ترجح على كفة النفع يف اخلري ممارسة الظلم خري ومعاناته شر،

،دون أن يتمكنوا من جتنب أحد األمرين واكتساب األخر ادل الناس ممارسة الظلم ومعاناته،تب

فنشأت بذلك القواننين يتفقوا سويا على منع كليهما، فإم يدركون أخريا أنه خري هلم أ

به القانون أمرا مشروعا عادال. مرويسمون ما يأاملتبادلة، واالتفاقات

من ال-ابعا أوالنل العدالة حمويكون ت ،أو توفيق بني خري األمور ،وسط العدالة كحل تظهر

وثانيا ،الذي ميكن أن يلحق به ،وإمنا بوصفها أهون الشر -طلب لذاتهالنظر إليها على أا خري ي

ءتكما جا فكرة العدالة .إنلعجزهم عن ارتكاب الظلم ،)1(ه الناسلق الذي ميجدباعتبارها اخل

اية حلمما هي إال حاجز تقيمه مجاعة الضعفاء يس يف حماورة جورجياس،على لسان كاليكل

ة أو ألنه يرى العدال ،العادل ال يكون عادال باختيارهفإن ومن مث" أنفسهم يف مواجهة األقوياء،

أنه إذا توافرت للفرد القوة ،دليل على ذلك ريخو وإمنا هو عادل رغم أنفه، خري له بوصفه فردا،

.)2( "اليت تتعارض مع الطبيعة ،وكل القوانني والتعاليم والتمائم ،لداس بقدميه كل التعاويذ الكافية

ل فمبدأ العدالة يفص ،ال تعدو أن تكون خادمة ملصاحل األقوى ،العدالة عند السفسطائينيإن

تتوخى وأن ،تقوم مبا يكفل نفعهاليت ينبغي أن تطيعه وأن لرعية،على حساب ا على مقاس األقوى

إن عدم املساواة وسيطرة ومن هنا ف تكون عن سعادا اخلاصة،بعد ما أاليت هي يف أعماهلا سعادته

اء مربرة مييلها القانون الطبيعي.هي أشي ء،األقويا

تبني لنا أن احملور الرئيس ،استعراضنا آلراء التيار السفسطائي يف قضية العدالةخالل ن م

فالطبيعة كما تتجلى رة التعارض بني القانون والطبيعة،نابع من فك ،الذي تدور حوله هذه اآلراء

عدم املساواة وعليه فإن والرغبة واملتعة والسلطان، لذاتية،قوامها األنانية وحب املصلحة ا يف البشر

آنذاك علما أن هذه الفكرة مل تكن غريبة على أثينا .أشياء ميليها القانون الطبيعي وسيطرة األقوياء

ÜÜÜÜÜÜÜ

49، ص 1998مكتبة اجلالء اجلديدة ، املنصورة مصر ، (ب ط)، فلسفة العدالة عند اإلغريق)مصطفى سيد أمحد صقر ، 1

50)املرجع نفسه ، ص 2

-49-

Page 63: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ندما قال ع زية،قبل احلرب البيلوبوني ،اليت جرت بني أثينا وإسربطة ،وردت يف املفاوضاتحيث

جيب أن يسيطر على أن صاحب القدرة األعظم،به دائما، لقد كان املعمولسفراء أثينا لنظرام :"

"،قال ميلوس"كما وردت كذلك يف حديث املندوبون األثينيون لشعب "،من هم دونه قدرة

كما نعلم أن احلق يف هذا العامل ال يقوم إال بني األنداد ،شعب ميلوس :"إنكم تعلمون،املندوبون

فاحلقيقة اليت ،ياء أن يفعلوا ما يستطيعون فعلهوألقلف، أما إذا كان هناك أقوياء وضعفاء، يف القوة

.)1(سبيال"أن حيكموا أينما استطاعوا إىل ذلك راد لقضائه، أن قانون الطبيعة يقضي وال ، نعلمها

اقع.فهي فلسفة تصف الو ،ما هو كائنعتعبري ،السفسطائينيفلسفة لذلك ميكن القول أن

وهو وصف ال يستطيع املرء أن ،إمنا يعرب عن صاحل الفئة القوية يف اتمع ،فكل حكم قائم بالفعل

ذا وضع الضعفاء فإ يعدو أن يكون ما تسنه القوة حيثما وجدت هذه القوة،فاحلق ال، )2(ينكره

مادام يف ال بد أن تكون عدال وصوابا تقرره،واحلق الذي فإن تلك القوانني قوانني يف صاحلهم،

.ولكنها ال تكون صوابا مبجرد أن يعجزوا عن ذلك ،استطاعة الضعفاء تنفيذها

أفـالطـون:) -ب

ويف البداية بالتفكري يف تغيري األوضاع املتردية اليت كانت تعيشها أثينا، ذفالطون منأ انشغل

وال أمل يف شفاء حتكم بطريقة سيئة، -مدن أثينا آنذاك-أن كل املدن احلالية"األخري اهتدى إىل

"تتضافر مع الظروف املواتية تشريعاا بدون حتضريات نشيطة،سوى أفالطون يستهدفمل .)3(

هذا املشروع الذي محله كان ال بد أن مير عرب والسلم، ضمان سعادة الدولة بواسطة االستقرار

-وماديتهم املستترة وراء استغالل الغرائز والشهوات ،وهي حماربة السفسطائيني ،أول نقطة

غري اخلطرية "اإلنسان مقياس مجيع األشياء املوجودة وال وضع قاعدتهProtagorasفربوتاغوراس

خالهلا هي ما نتصبح احلقيقة م وهي قاعدة تعرب وال شك عن نزعة فردية متطرفة، موجودة"،

بل احلديث ومن هنا فال جمال للحديث عن قيود القانون والسلطة، اعتقده أنا واخلري ما أختاره أنا،

لبشر املتشاون مبوجب الطبيعة ا":Hipiasيقول:هيبياس سيكون عن اإلرادة الفجة واألنانية الفردية،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

138سابق،ص عمرجالنظرية السياسية عند اليونان،أرنست باركر،)1

57¡56)مصطفى سيد أمحد صقر ،مرجع سابق،ص ص 2

37،مرجع سابق،صتاريخ الفكر السياسي،من املدينة الدولة إىل الدولة القوميةجون جاك ، )شوفاليه3

-50-

Page 64: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فالقانون ما هو إال نوع من أنواع األمل يعارض بقهره الطبيعة، طاغية البشر،أقارب،لكن القانون

جتربه على أن جيعل من والقهر لإلنسان... إن القوانني يف األغلب تشده حنو غايات معاكسة،

.)1(نفسه بشكل ال معقول جالدا لنفسه عبدا لغريه"

ألن"السياسة هي فن قيادة ،ياسةليس من الغريب أن ينشغل أفالطون بالسواقع كهذا، يف

السياسة شبيهة بعملية ذا املعىن تصبح اتمع اإلنساين من حالة التوحش إىل حالة االستئناس،

قرون أو بدون سواء ذات قطعان البهائم،القطعان. فن تربية" فهي حسب أفالطون الترويض،

لكن هذه ¡)2("بدون قرون وبدون ريشذات قدمني أو رباعية األقدام.إا فن قيادة ائم قرون،

ألن الناس من املمكن " إال أا ال جيب أن تكون بالعنف، ،ورغم ما فيها من ترويض ، القيادة

يسمى طغيان ، كما ميكن قيادم بإرادم احلرة، وهلذا فاحلكم القائم على العنف ،قيادم بالعنف

.)3("لكن السياسة هي فن قيادة الناس برضاهم

فكـرة العدالـة عند أفالطـون:

فليس للدولة أي ،بتعريف معىن العدالة وحتليله ،بدأ أفالطون دراسته للنظام االجتماعي

وإن كانت كلمة عدالة عند أفالطون ال تعين نفس ،أمسى من اإلشراف على العدالة ، هدف أخر

ل مستوى مماثل لسائر فضائيف ليستفهي ،أعمق وأقوى هامفهومف ،السائد يف وقتنا احلايل املعىن

الذي ،املبدأ العامإا تدل على . الشجاعة والعفةمثل أو ملكة ةيليست جمرد خاصو ، اإلنسان

يف حياة الفرد ستقامةحيث تظهر اال ،يب واالنتظام والوحدة يف النفس اإلنسانيةتيضم معاين التر

لطبقات التناسب اهلندسي بني ا تعىنالعدالة ف، الدولة .أما يفعندما تتوافق قدرات النفس اإلنسانية

.عندما يضطلع كل قسم من اتمع مبهنته املختلفة،

مث أنبأه طلب إليه أن يقرأ حروفا صغرية عن بعد، ،هب أن شخصا قصري النظر":يقول أفالطون

أا فال شك بأنه من املمكن االهتداء إىل نفس احلروف يف مكان آخر حبجم أكرب، ، شخص آخر

لريى إن كانت مماثلة تكون فرصة رائعة له لكي يبدأ بقراءة احلروف الكبرية وينتقل إىل الصغرية،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ88) نقال عن:بوعرفة عبد القادر، مرجع سابق، ص1

eme, paris, 13, édition DallozHistoire des idées politiqueMarcel prelot et Georges lescuyer ,)2édition , 1997.p58

3) ibid.-51-

Page 65: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فإا إذا كانت توجد يف الفرد بوصفها فضيلة له، لألوىل أم ال... والعدالة اليت هي موضوع حبثنا،

توجد أيضا يف الدولة... وهلذا أقترح أن نبحث يف طبيعة العدالة أوال كما تتبدى يف الدولة،مث

.)1("نبحثها بعد ذلك يف الفرد

احترام التسلسل ىتعين شيء أخر سو ال العدالة املقروءة حبروف كبرية( الدولة)،إن

فتعين أما العدالة املقروءة حبروف صغرية، وقيام كل فرد بوظيفته داخل املدينة، ،االجتماعي

وعليه إذا كان الفرد عادال الشجاعة والشهوة)،- االنسجام بني مكونات النفس الفردية (العقل

وهكذا أي أن كل فرد حيمل نفس السمات واألخالق اليت حتملها املدينة،ة كذلك،تكون املدين

وهي اليت توفر ومنها يتكون السلوك الفردي واجلماعي معا،، واتمع فإن العدالة هي صفة الفرد

مبدأ ولذلك كان مبدأ العدالة عند أفالطون" وبالتايل جتعل من الدولة فاضلة، النظام واالتساق،

احلد الوسط بني اخلري األكرب املتمثل يف ارتكاب الظلم بال عقاب، "فهو ال ميسه التغيري،ثابت

)2("املتمثل يف حتمل الظلم والعجز عن االنتقاموالشر األكرب".

القائل ،ساقه أفالطون ملعارضة تعريف"ترامساخوس" السفسطائي ،تعريفهذا من الواضح أن

وأن السلطة هي سلطة ،مبعىن أن القوة والقانون شيء واحد ،)3("بأن العدالة مصلحة األقوى"

وهو تعريف يقوض صرح البناء األخالقي الذي ينشده أفالطون.لقد حاول أفالطون األقوى،

ألنه يعترف بوجود ، حماوال إثبات أن الرجل العادل أكثر حكمة من الظامل ، مناقشة هذا التعريف

ومبا أن الرجل العادل لكن ليس كما يفعل الظامل، لمنافسة،وهو يسعى ل حد يقف عنده اإلنسان،

تفوق يستمده من مبدأ الصلة اليت حتكم فهو أكثر قوة من الظامل، ، يعترف بوجود حد يقف عنده

هو املبدأ األساسي لتحديد مفهوم ،من هذا فأداء كل شيء للوظيفة اليت يصلح هلا. بينه وبني أقرانه

وعليه فالنفس اليت متتلك أكرب قدر ¡)4(هي أداؤه لوظيفته بطريقة مناسبةوفضيلة أي شيء العدالة،

العدالة حتظى بالسعادة.، أو من الفضيلة

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

55،ص 1967،دار الكتاب العريب، القاهرة،(ب ط)، دراسة جلمهورية أفالطون ،زكريا إبراهيم )1

39،مرجع سابق،صالدولة إىل الدولة القوميةتاريخ الفكر السياسي،من املدينة ،جون جاك هليشوفا) 2

30،(د،ت)،ص2،تر،نظلة احلكيم وحممد مظهر سعيد،دار املعارف،مصر،ط، اجلمهورية) أفالطون3

164،مرجع سابق،صاألخالق والسياسة)إمام عبد الفتاح إمام،4

-52-

Page 66: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يقوم كل عنصر أن غاية اجلمهورية عند أفالطون هي العدالة.عدالة تعين أن ،من هذا نستنتج

واملزارع زارع فقط وليس قاضيا يف فاحلذاء حذاء فحسب وليس مالحا يف نفس الوقت،"، بعمله

لكن من املهم التأكيد .)4(وهكذا األمر يف اجلميع واجلندي جندي وليس تاجر كذلك، الوقت ذاته،

حالة النفس اليت توافرت بل هي على أن العدالة باملفهوم األفالطوين ليست العدالة مبفهوم احلايل،

والشجاعة للقوة - حبيث حتقق الفضائل اليت تناسبها:العفة للنفس الشهوانية هلا املعرفة الفسلفية،

أما العدالة فتتحقق نتيجة النتظام هذه القوى أو الفضائل الثالث -واحلكمة للقوة العاقلة -الغضبية

ولة إال إذا كانت السلطة بيد الفالسفة ال تتحقق يف الد ،والعدالة من هذا املنظور مع بعضها،

ألن العقل يهدي الفرد و الفيلسوف يدبر املدينة، مبا فيه من عقل إهلي. ،(القوة العاقلة)

مل "يصبح ، وهذه القيم ال تتحقق ماإن أفالطون ال يريد لدولته سوى السعادة والفضيلة

فالسفة جادين ،م ملوكا وحكاماأو يصبح هؤالء الذين نسميه الفالسفة ملوكا يف بالدهم،

"مل تتجمع السلطة السياسية والفلسفية يف فرد واحدوما متعمقني،فاملدن حسب أفالطون لن ¡)1(

هو فالفيلسوف ،قياء واحلقيقينيناأل ل أن يصل للسلطة عرق من الفالسفةبق ،تتخلص من الشرور

للخروج من كهف العامل ،البشرن يف مساعدة أشقائه من مكتومهمته ،الذي ميتلك املعرفة

هو النقطة ،ذا يصبح التمكني حلكم الفالسفةوهك - معرفة فكرة اخلري - احملسوس إىل نور املعرفة

بل ويف مدينته الفاضلة. ركزية يف فلسفة أفالطون السياسية،امل

فهو أفكاره يف البحث عن احلقيقة .. شخص تركزت"، ن الفيلسوف الذي ينشده أفالطونإ

...وبذلك فإن الفيلسوف،فيه للعقل كل شيء عخيض ،أمل عاملا من النظام الثابت املتوافقيت

كما أنه ،إحداث مثل هذا النظام يف نفسه للعامل، يستطيع بفضل صحبته الدائمة للنظام اإلهلي

فإذا اضطر إىل وضع منط للحياة أن يصبح شبيها لإلله.. به الضرورة،يستطيع بقدر ما تسمح

فإنه لن يفتقر حينئذ إىل املهارة اليت تساعده على إحداث للمثل، يتوافق مع رأياه ،العامة واخلاصة

فيها يف حالة اإلنسان وكل الفضائل يف صورا اليت ستبدو يف العفة والعدالة، ،مثل هذه النظائر

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

82سابق،ص) زكريا إبراهيم،مرجع 1

68)املرجع نفسه،ص1

-53-

Page 67: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ليست لديه فكرة سيئة من كل رجس،بعد أن حتررت نفسه حييا حياة مثالية، حيب احلق،¡العادي

وال معرفية متكاملة، داخل منظومة فالسياسة ال متارس إال ،مهما يكن تفكريهم عن اجلماهري،

ما نصب عينيه مثال العدل يضع دائألن الفيلسوف ،من كان لديه احلس الفلسفي ميارسها إال

بل حييا حياة وال يفكر يف حياته الشخصية، والعمل من أجل السعادة العامة، عتدالواال واجلمال،

.هذه األمور تتناىف مع احلياة الفلسفية ألن ،بعيدة عن الطمع واملآرب الشخصية

بعيدا عن الشهوة بالعدل،سياسة املدنية ،من هنا يريد أفالطون من احلاكم الفيلسوف

من أجل هذا ثار )،والعدالة،(احلكم،العفة،الشجاعة،بل يف إطار الفضائل السقراطية األربعة ،واللذة

ألا كانت قائمة ة،والدميقراطية واالستبدادي واألليجارشية، التيوقراطية، ،أفالطون على األنظمة

تشتت املصاحل وتضارا، استبعد ،ورهاففي املدينة الفاضلة اليت ص ،واملكائد على الدسائس

وقيام كل فرد بالوظيفة املنوط به. ، فاتمع قائم على التكامل والتعاون

ترف بوجود قانون يسري على فلم يع ،أطلق العنان للفالسفة احلكام ،املالحظ هنا أن أفالطون

حكم ال يتقيد ،ليلهفحكم الفالسفة الذي جعله أفالطون قمة حت ،حكام وحمكومني اجلميع،

املنبثق من احلكمة والعقل ،ده هو ضمريه الداخليوما يقي ،فاحلاكم فوق كل القيود ،القانون

ومن ،املرتهة عن اهلوى ،القادر على الوصول للقرارات الصائبة ،املسيطر على الفيلسوف احلاكم

احلكم يقوم على حقيقة ، فأساس وهو مصدره يد الفيلسوف احلاكم بالقانونغري املنطقي أن يق

ينقلب هؤالء احلكام الفالسفة أاللضامن لكن ما ا. سياسيةها الكفاية الية لدعند قل ،التفوق العقلي

الذي جسمه يف شخص امللك ،لذلك املثل األعلى مادام كل شيء خيضع ؟إىل طغاة مستبدين

رف ما هو خري للناس عيف كونه الوحيد الذي ي ،الذي ينحصر سنده لتويل السلطة ،الفيلسوف

عد القانون كلية من الدولة بأن است لتوسع يف هذا املنحىن من التفكري،وقد نتج عن ا وللدولة،

لى أغلبية ع وصاية دائمةت فيها رضف ،لى أا جمرد مؤسسة تعليميةعصورت الدولة و ،املثالية

.يتوالها احلاكم الفيلسوف ،املواطنني

-54-

Page 68: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

" حنن الذين ، بقوله على لسان سقراط خماطبا احلكام ،ورغم ذيبه هلذه الوضعيةإن أفالطون

وأكمل تدريب للعب ،لتكونوا قواد خلية وملوكها ومن أجل أنفسكم ،أجنبناكم من أجل الدولة

رغم اعترافه بفائدة.)1(وختاطبوا بقية اتمع" فينبغي أن ترتلوا بالدور ،دوركم يف شؤون احلياة

أنه يتغاضى إال ،"ر احليوانات وحشيةال خيتلفون أن أش"من منطلق أن الناس بدون قوانني ،القوانني

.قانون وال شرعية أعظم من املعرفة شأنا ةإذ ليس مث ،عن أمهيتها يف حالة توفر احلاكم الكفء

بأم خلقوا بل وكيف يقنع أفالطون احلكام ؟ لكن كيف نقنع الناس ذا التمييز الطبقي

وأن هذه ،حمكومني ايدرب باقي املواطنني على االعتقاد بأم ولدوا ليكونو وكيف ليحكموا؟

الكذبة إىل ما مساه " أفالطون يلجأ ،.يف هذه اجلزئية)2(ة جزء من نظام إهلييالفروق الطبق

.ولدوا ليكونوا حكاماوأم احلكام بأم ينتمون لطبقة أمسى، إلقناع"، الضرورية أو الكذبة النبيلة

غري أن اهللا ،إخوةلصحيح أنكم مجيعا يا أهل هذا البلد من ا هإن"هلم سأقوليقول أفالطون

هلذا كان هؤالء ،الذي فطركم قد مزج تركيب أولئك الذين يستطيعون احلكم منكم بالذهب

اومل ،د والنحاسوتركيب الفالحني والصناع باحلدي ،م مزج تركيب احلراس بالفضةث ،أنفسكم

قد ،عادة على الرغم من أم يشبهون آباءهم فإن أبناءكم ،مجيعا قد نبتم من بذرة واحدة مكنت

وكذلك احلال يف ،أو من الذهب ألبوين من الفضة ،يأتون أحيانا من الفضة ألبوين من ذهب

.)3(املعادن األخرى

وجعلهم فوق اللذين أطلق أيدهم ،ومن خالل مبدأ حكم الفالسفة ،أن أفالطونمن الواضح

الذي حيق له استخدام العنف ،حلكم الطغيان الفردي قد أسس عن قصد أو غري قصد ،القانون

سواء يف الواقع قادة حقيقيون لذين ميلكون العلم امللكي الرفيع،إن أولئك ال".والقوة لردع األفراد

مثلهم ال جيوز هلم أن يواجهوا أية فإن الرجال ،أو خالفا لرضاهم ،حكموا حسب رضى رعيتهم

املدينة نلصو يف إمكام التصرف بكل حرية، باختصار وأن ينفوا. ففي إمكام أن يقتلوا ،عقوبة

إن كان ،ممكنة لالستعمال شرعا وتاليا تكون القوة ،بعدما كانت فاسدة ،وجعلها مدينة ممكنة

.)4("ذلك خلري املدينةÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

57،ص1986،مكتبة االجنلومصرية ،(ب ط)،الفكر السياسي من أفالطون إىل حممد عبدهتوفيق جماهد،) حورية 1

33،ص1997،سنة225،عامل املعرفة رقماملدينة الفاضلة عرب التاريخ)ماريا لويز برنريي،2

)املرجع و املكان نفسه.3

1112،ص ص 1995¡1ب العريب للدراسات والنشر والتوزيع ، ط، دار املنتخيف الطغيان واإلستبداد والديكتاتورية)دولة خضر خنافر ، 4

-55-

Page 69: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فبإمكان ،الدولة ةكوسيلة يف خدم ال تستعبد القوة والعنف، ،إن نظرية الطغيان الصاحل

ال حق له بوصفه فردا ،نظر أفالطونألن املواطن يف ألفراد،احلاكم استخدام القوة ضد مصلحة ا

إذ ال قيمة للفرد ذاته ،ة يف منظومته الفلسفيةح، فمسألة احلق غري مطرووإنما عليه واجبات ال غري

.إال بوصفه عضوا يف املدينة

،حق ليس للفردف ،الفرد لصاحل الدولةقيمة – كما سيفعل تلميذه أرسطو- لقد أنكر أفالطون

فالدولة اليت يكون ، حىت احلياة اخلاصةتدبر كل شيء اليت ،للدولةوجود إال بالدولة و بل ليس له

اإلذعان وما عليه سوى ،تفرض على الفرد طاعة غري مشروطة ،يف كافة ااالت مبسوطسلطاا

أفسد معىن ألنه حسب رأيه ،أفالطون بقوة ضد احلكم الدميقراطي.هذا ما يربر وقوف للسلطان

فإذا مل يتساهل احلكام ،ومترد شامل واحلرية إباحية أصبح فوضى،فاحلكم " ،ومعىن احلرية احلكم

،أشرارا مستبدين االشعب حكام ماعتربه ،احلريةوإذا مل يعطوا ملء ،تساهال مفرطا مع الشعب

يف كل وتنتشر تتسرب إىل البيت ،وعدوى الفوضى املتفشية يف الدولة .وعاقبهم على استبدادهم

يف فال يعود حيترمه، ويعترب االبن أباه مساويا له ابنه مساويا له فيخاف منه،سب األب فيح ،ناحية

ب حيتقرون معلميهمويروح الطال ،فيتملقهم ضحى املعلم خائفا من تالميذهيدولة كهذه

.)1("وتظهر هذه احلرية ظهورا واضحا يف تطاول العبيد على أسيادهم ،ومهذبيهم

حىت ولو احلرية،هو مسألة ،أفالطون يف احلكم الدميقراطيعلما أن أكثر ما كان خييف

يقول -ا سواهواإلغفال عمألن مطلب احلرية املتزايد ،أمجل ما يف الدميقراطية كانت هذه األخرية

احلرية املفرطة اليت ...كم الطغيانوحتول حل ،واالستعباد والشقاء ،ستبدادإىل اال مهد - أفالطون

) الرغبة املفرطة يف احلصول على احلرية ألن( ،تقود هذا احلكم إىل هالكهس ،دت احلكم الشعيبول

.)2(ود حتما احلكم الشعيب إىل حكم الطغاة قست ،واملساواة

ÜÜÜÜÜÜÜ98،ص 1¡2008)رميون غوش،الفلسفة السياسية يف العهد السقراطي،دار الساقي،بريوت،لبنان،ط1

99¡100) املرجع نفسه،ص2

-56-

Page 70: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

م واحتقار لقي ،حكم يشمل على اون وتساهل مفرط-يف رأي أفالطون-إن"الدميقراطية

وال لعلو املعرفة أي ،وال لسمو الروح ، ل املولدبال تقيم لن -الدميقراطية–إذ أا ،اآلباء واألجداد

.بصرف النظر عن جدارم ،)1(لكي يتقلدوا مقاليد احلكم بل تتيح فرص متساوية للجميع، ة،قيم

،بالفرد وحريته على اإلطالق ،يهتم يف ختطيطه لدولته املثاليةمل أفالطون أن ، خالصة القول

اليت أخذت ، تكن فكرة العدالةومل ،بل كان خيطط ونظره مركز أوال وأخريا على املدينة ككل

فكل شيء خيدم دولة،لي أي الواالستقرار للكيان الك ،جل تفكريه سوى تنظري ملنطق الثبات

مطالبته بضرورة إخضاع كافة أمور احلياة ، وهذا مايفسرمصلحة املدينة يكون عدال والعكس

.)2(الدولة ةسلط إلشراف ،اإلنسانية

باحلرية آمنأن نقول أنه اليت يقدمها أفالطون ملدينته، ،ليةال ميكننا يف ظل هذه الرؤية الشمو

اليت تكون ،)الفالسفة( لصفوة اتمع فهو يف احلقيقة ال يؤمن ا إال ،السياسية جلميع املواطنني

ب فال يهتم ا أغلبية الشعأم ،فتحسن استغالهلا قد جعلتها تقف على حقائق األمور ،معرفتها باملثل

.حكم الفيلسوفسوى بوصفهم أدوات مساعدة على تدعيم ركائز أفالطون م يف دولته،

أرسطـو الدولة من المثال إلى النسق: -ج

انطالقا من ،منوذجا واقعيا يف دراسة احلياة السياسية يشكل الفكر السياسي عند أرسطو،

أن الدولة *،فهو يرى منذ بداية مشروعه - ال نتيجة لتأمل مثايل خالص -التجارب واملالحظات

والشر بوصفه حيوان مدين يعرف اخلري اإلنسان،الذي تشكل فيه ماهية ،هي اإلطار املناسب

إنه من البديهي "والظلم.وهو وحده قادر على تشكيل املدينة،فاإلنسان حيوان سياسي... والعدل

،على درجة أعلى من النملة ومن أي حيوان آخر يعيش يف قطيع ،أن يكون اإلنسان حيوانا سياسيا

وهو الوحيد الذي يعرف معىن العدل الكالم،ميتلك -من بني كل احليوانات-واإلنسان وحده

أخالقيا ،هو أفضل طريقة للعيش بأحسن طريقة ممكنة ،فالعيش يف اجلماعة"ذا هلو ¡)3("والظلم

بل العمل أو ،فالغرض من السياسة ليس املعرفة من أجل حتقيق السعادة والفضيلة، وماديا،

.)4("أخالق معينة يف املواطنني أكثر مما تتعلق بإنتاج ،التنفيذ..فهي ال تتعلق بشيء

ÜÜÜÜÜÜÜ183الطباعة و النشر،مل يذكر البلد،(ب ط)،(ب ت)،ص ا،دار الوفاء لدنياحلرية يف الفلسفة اليونانية)حممود مراد ،1

186)املرجع نفسه،ص،2

212،ص 1957،لبنان،تبريو، نقله للعربية،األب أوغسطني باربارة البولسي،(مل تذكر دار النشر)،، السياسات) أرسطو أرسطو3

63،مرجع سابق، ص حسن شحاتة سعفان )4

-57-

Page 71: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

لكي يطيعوا ،اساليت اعتربت الدولة عقد بني الن ،ذا انتقد أرسطو نظرة السفسطائينيهل

- من هنا تصبح الدولة. وبالتايل مهمتها احملافظة على حقوق األفراد إزاء بعضهم البعض احلاكم،

لكنها نوع خاص من املعيشة فالدولة نوع من املشاركة، وفق العائلة،فوق الفرد "حسب أرسطو

والكل بالضرورة فوق اجلزء.–الكل -حبيث يتألف من األفراد ،املشتركة

لكن مىت تكون الدولة فضلى حبيث تضمن اخلري والسعادة للجميع؟

وملا كان "يكونوا فضالء.وتعليمهم كيف الدولة تكمن يف غرس الفضيلة يف األفراد، ةإن مهم

فإن ال أن ينظر يف ما هو أصلح للفرد، ،.أن ينظر يف هذه الشؤون.من خصائص الفكر السياسي.

.)1("وأن حييا حياة سعيدة ،هي اليت يتيح نظامها لكل فرد أن يبلغ غاية الفالح ،السياسة املثلى

بالنظام السياسي املمارس يف ترتبط والشك حتقيق السعادة اليت يسعى إليها كل فرد،إن

بل له بالغ التأثري على أخالق األفراد، فالنظام السياسي ال حيدد طرق السياسة يف الدولة، الدولة،

"وهذا راجع بالدرجة األوىل إىل أن فالفضيلة حتت دستور ملكي غريها حتت حكم األقلية،

فإن تغريت بنية اتمع تغير الدستور مرتبط جوهريا بنسق احلياة الذي سيتبع يف املدينة،

.هي اليت حتدد طبيعة اخلري يف الدولةوطبيعة هذا األخري، ،)2("الدستور

عدل واحلذر ويؤمن االعتدال وال ،هو الذي جيعل الناس سعداء ،يرى أرسطو أن أفضل دستور

بشكل ،لى أنواعهوالسلطة واد ع ،حبيث"حتصل املدينة على الغىن واخلريات والفضيلة، والشجاعة

يعمل على خدمة املصلحة منها ما هو صاحل،" ،ومن هذا فاحلكومات حسب أرسطو .)3("كلي

فبما أن احلكومة هي السلطة يعمل ملصلحته اخلاصة، ،ومنها ما هو فاسد اجلميع، العامة وخري

فعندما حيكم الفرد أو إما أكثرية،، إما فردا وإما أقلية وحتتم أن تكون السلطة ،العليا يف الدولة

أما اهليئات فالزم أن تكون األحكام السياسية قوية، ابتغاء املصلحة العامة، ،األكثرية أو األقلية

.)4("السياسية اليت تتسلم زمام السلطة ملصلحة خاصة،فأحكامها احنرافات

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ212سابق، ص رمصد ،، السياساتأرسطو أرسطو)1

153سابق،ص)رميون غوش،مرجع 2

)املرجع و الصفحة نفسها3

59،ص2001¡1والتوزيع،القاهرة،ط ر،دار الفجر للنشةالسياسي ةدراسات يف الفلسفزروخي إمساعيل، )4

-58-

Page 72: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وهي اليت يكون على رأسها :امللكيـة-أواحلكومات املثلى أو الفاضلة يف نظر أرسطو ثالث:

مصلحته دوال ينش يتوخى يف عمله املصلحة العامة، أو فرد واحد فاضال بعقله وحكمته، ،ملك

بسبب علوه الذي يسمح له بأن ،كان امللك حيب رعاياه ،ومىت كان احلكم امللكي فاضال اخلاصة،

عناية - بتصيريهم سعداء ومبا له من الفضائل يعىن ألنه يسعد الناس اللذين حيكمهم، يتفضل عليهم،

ولكنهم ليسوا ،وهي اليت تتوىل فيها السلطة مجاعة من األفراد:األرستقراطية-ب.)1(الراعي لقطيعه

األفضل حيكمون، اجلميع باعتبارهم األفضل إن" ،وهم حيكمون ألم أكثر حكمة كثرة أو أغلبية،

الفضيلة هي اهلدف..الفضيلة هي مقياس األلقاب الشرفية املعطاة للمواطنني... ومبا أن كل إن

).2("فإنه جيب أن خنلص لوصف النظام بأنه أرستقراطي أساس أهدافها،األشياء جيب أن تقدر على

ففي "عن طريق دستور يضبط احلقوق والواجبات، ،وهو نظام حتكم فيه األغلبية:الدميقراطية-ج

ومىت ال على أساس األهلية بل حسب العدد، احلكومة الدميقراطية احلق السياسي هو املساواة،

وأن قرارات عنها أن السواد جيب ضرورة أن تكون هلم السيادة، جينت ،وضعت هذه القاعدة

الفقراء يف الدميقراطية هم هي العدل املطلق، األكثرية جيب أن تكون هي القانون األعلى،

.)3(تلك هي إحدى الشيم املميزة للحرية السادة... ورأي األكثرية يشرع القانون،

تعترب النظام السياسي األكثر ،راجع إىل كون الدميقراطية ،إن تقدير أرسطو للحكم الدميقراطي

ألنه من الصعب واألقل مغامرة من غريه، ،واألحسن من حيث التوازنات االجتماعية ،استقرار

هو النظام الوحيد الذي يسمح بالتناوب ،وبصورة أعمق ،رير بهغإفساد الشعب بكامله أو الت

اليت تتألف ،ه يقوم على قاعدة مثلى للجماعة السياسيةنوأل ،الفعلي للمواطنني على حتمل األعباء

وهي قاعدة عامة للتناوب على السلطة ،أين يتجسد حكم اجلميع للجميع ،من املتساوين بالطبع

وتتحول ،الذي يتوخى مصلحة اجلميع توافقا مع منط النظام الدميقراطي،و ،واألكثر عدالة، املمكنة

وليس إىل ممارسة فعلية يتمتع ا الكلكغاية عظمى ،وجود الدولة تتحقق مناملنافع املنتظر أن

.كما هي احلال يف األنظمة السياسية ألخرى البعض دون البعض اآلخر،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ258،مل تذكر البيانات،ص2علم األخالق إىل نيقوماخوس،ج) أرسطو،1

94،مرجع سابق،ص تاريخ الفكر السياسيشوفاليه جون جاك ، )2

60زروخي إمساعيل،مرجع سابق،ص نقال عن :) 3

-59-

Page 73: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

جيد بينها إال ومل ،عيوا تألنظمة اليت درسها تباينفكل ا ، يكن أرسطو أمام خيار أخرمل

أكثر ما .ولكن الفاسدة ة" فهي أسوأ األنظمة الصاحلة ولكنها أحسن أو أفضل األنظم ،الدميقراطية

وسيادة كمبدأ احلرية واملساواة ،آليات الدميقراطية استخداممادي يف خاف منه أرسطو هو الت

فمبدأ ،يؤدي إىل السقوط يف حالة الفوضى ،اإلفراط يف استخدام هذه املبادئف ،األغلبية املنتخبة

ألن ،مبدأ املساواة يفهم من قبل العامة فهما خاطئاو ،عتاق من سلطة ممثلي الدولةناإليعين احلرية

،وليس على أساس املساواة بني املختلفني كفاءة ،طو تقوم على مبدأ االستحقاقاملساواة عند أرس

.صحيح والعكس

،تتضمنها دميقراطية اليونان ،يثري أرسطو مشكلة عميقة وهامة ،املساواة هذا انطالقا من مبدأ

عن أن ينال املساواة كل املواطنني ،فإذا كانت عدالة الدولة ،وهي املساواة بني غري املتساويني

ألن املعسرين ،فاحلاصل هو أن يكون املعسرين أعظم سلطة من امليسرين طريق اختيار األغلبية،

ذكر تصبح الدميقراطية عطفا على ما.و)*1(واملرجع األعلى هو ما قد يبدوا لألكثرية " ،أكثر عددا

ال -وأا حتقق العدل واملساواة بينهم ،واطننياليت تعين حكم شعيب تفرضه أكثرية امل - اليونانية

و أرسط بما مييز أساسا حسأي ،حكم الطبقة املعسرة يف حقيقة األمر إال هيوما ،جدوى منها

،حىت ولو كانوا أغلبية ،فأينما وجد حكم األغنياء ،هو الفقر والغىنبني الدميقراطية واألليغارشية

،فهو حكم دميقراطي ،حىت ولو كانوا أقلية ،الفقراءوأينما وجد حكم ،حكم أوليغارشي فهو

تساير هو أن ،والذي بإمكانه أن يضمن توازن وبقاء أحد احلكمني ، والوسط العادل بني احلكمني

.ها تفضل مصاحل الشعبواألليغارشية جيب أن تبدو وكأن ،األغنياءالدميقراطية

أما إذا هو مراعاة الصاحل العام، لصالحية كل هذه األنواع من احلكم، إذن الشرط األساس

تنقلب إىل طغيان واستبداد فردي فاحلكومة امللكية:صارت حكومات فاسدة. ،انقلبت عن ذلك

فتنقلب من حكومة أقلية خيرة إىل حكومة أشرار، ترتع عنها صفات احلكومة األرستقراطية:و

ات الطمع واالستغالل، حبيث يقسمون بينهم الثروة العامة، وعوضالفضيلة والعدل، وترتدي صف

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

322)أرسطو ،املصدر نفسه،ص 1

فلسفة ، جامعة اجلزائر أطروحة دكتورة ، ،فكرة اجلماعة يف احلكم عند املسلمني ومفهوم الدميقراطية لدى اليونان والرومانيني،*النص أورده كذلك :طييب مسعود

338¡2005ع. شريط، ،إشراف ،

-60-

Page 74: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

.الشرور كثريو ،يتوىل احلكم أناس قليلو العدد ،يكون احلكام من أكفء األهايل وأشرفهم نأ

ويصل إىل ،عدد اآلراء وتتضارب املصاحلتحبيث ت ، إىل نظام غوغائياحلكومة الدميقراطيةتنقلب و

.)1(يف مراتب الشرف اوألجل هذا يصبح املتملقون قريب"...السلطة من هب ودب

فهو ذاك الذي يلتزم باألخالق والقانون أما املثل األعلى الذي جيب تطبقه يف ميدان احلكم،

اليت متثل مزجيا بني وهذا املثل عند أرسطو يتمثل يف احلكومة الدستورية، وخدمة الصاحل العام،

من غريه مع كل األجسام الشكل الذي يتكيف أفضل والدميقراطية،oligarchieاألليجارشية

ويتضمن منطا من احلياة يكون الدخول ويكون بإمكاا مجيعا أن حتققه، بصفة عامة، السياسية،

حكومة .)2(ال يتطلب فضيلة ليست يف متناول هذا اإلنسانأمام اإلنسان العادي، وإليه مفتوح

اليت يعيشها الفرد يف اخليرة هي احلياة ،فاحلياة السعيدة حقا" تستمد مزاياها من مبادئ أخالقية،

ويتبع هذا أن خري حياة هي احلياة اليت وثانيها أن اخلريية تشتمل على وسط بني طرفني، حرية،

وأبعد من ذلك أن املقاييس ذاا اليت ، وسط من الذي يستطيع أن يبلغه كل فرد.تتكون من وسط

ألن الدستور هو أيضا على الدستور، جيب أن تنطبق ، يتقرر وفقها أسلوب احلياة لدى املواطنني

لكن هل ميكن أن دف بضمان العيش الكرمي وضمان السعادة.¡)3(طريقة احلياة هليئة املواطنني"

تكون هذه السعادة متاحة للجميع وعلى مستوى واحد؟

مبوجبها مساويا اليت يعترب العبد ،يه الكفاية أن املساواة الطبيعيةتبني مبا ف ،ة العبوديةإن نظري

األمر ال ميكن أن يتعلق إال فث. تكن مطروحة على بساط البحمل ،والرببري مساويا لليوناين للسيد

ي وتبق ،املوجودة اتتأخذ باحلسبان االختالف ،هندسيةإا مساواة تناسبية أو .باملساواة املدنية

اليت ،مع املساواة الدميقراطية بشدةتتناقض وهي، اة تعترف باألعلى باعتباره أعلىمساو .عليها

.)4(تعامل املواطنني كوحدات متساوية بشكل دقيق

:يكشف عنها بناء املدينة،أننا أمام مفهومني لإلنسان ،الرؤية األرسطوطالية توضح لنا

كانت تقوم على أساس وجود اليت كانت راضية عن نفسها .. ،يةاحلضارة اليونانية الكالسيكف"

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ60،ص زروخي ،مرجع سابق إمساعيل:)أرسطو ،يف السياسة،نقال عن1

110ص مرجع سابق،، تاريخ الفكر السياسيشوفاليه جان جاك، )2

.57،ص 1981، بريوت،(ب ط)،، دار النهضة العربية يف النظريات و النظم السياسيةعبد املعز نصر حممد،) 3

91،صمرجع سابقشوفاليه جان جاك، )4

-61-

Page 75: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

أغلبيتهم من األجانب أومن املنحدرين من أصل أجنيب .. إم باختصار ،رية من العبيدفطبقة و

إن العبد عند أرسطو هو .)1(ي نوعأوال ميلكون أي حق من ،مستبعدون من كل تربية..برابرة

شأم فكل من احنط ،وبناء عليه .نسان آخرإلبل هو ملك ،ذلك الذي ال ميلك نفسه بطبيعته

ال سيما إذا بلغ م ،من طبعهم اكانوا عبيد ،أو احليوان عن اإلنسان، احنطاط اجلسد عن النفس

وأنه خري ،كأفضل ما يصدر عنهم دهماجسأاالحنطاط إىل حد ال يرجتى معه منهم سوى استعمال

.)2("هلؤالء أن خيضعوا لسلطة سيد

وتشكل ثغرة ، بريةتطرح عالمة استفهام ك ،العبوديةإن الربهنة اليت يقدمها أرسطو لتربير

فإذا كانت عبودية رهائن احلرب مثال، . رؤيته السياسية عليه أرسطو أقامالذي يف البناء الفكري

البعض أرقاء وأنظهر جبالء أن البعض أحرار بالطبع، لقد " ،فكيف نربر قوله مستساغة،

نة وأن هذه الصفة أو تلك بي ،وبعضهم أحرار بالطبع ،إن بعضهم عبيد بالطبع"وقوله: .)3(بالطبع"

اليت خلق هلا بعضهم اإلمرة وأن ،تسلطتستعبد ولتلك أن وأنه يصلح هلذه أن ت ،يف فئة دون فئة

ومن مث فالسيادة أيضا عادلة ،نال بل متوجبا ،نعادال ،واالئتمار الذي حييل له البعض اآلخر

.)4("ةومتوجب

ال ميكن أن تقرأ مبعزل عن الظروف ،ها مصطلح العبد يف فكر أرسطوذاليت أخ ةهإن الوج

وقع ضرب من التقاطع الداليل ،رسفففي أجواء املواجهة العسكرية بني اليونان وال ،السائدة آنذاك

مبعىن أن الشعوب الواقعة خارج الفضاء ،االستبدادية يف جمرى اخلطاب اليوناينوبني الرببرية

تعاطي ها،واملنعوتة بالرببرية عند أرسطو..وجب التعاطي مع ،خصوصا واألوريب عمومااليوناين

لذلك وجب ،مها شيء واحد بالطبيعة ،فالربابرة والعبيد" ...أرسطو على ما يقول السادة بالعبيد،

يف مكام الطبيعي اوال يكونو ،أن يكون مصري هؤالء الربابرة األسيويني بني يدي السيد اليوناين

.)5("كعبيد واملناسب إال

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ46¡47ص،ص2001¡2د عرب صاصيال،م،ج،و،ن،طحمم، تر،معجم املؤلفات السياسية،)شاتليه فرنسوا وآخرون4

16¡15،مصدر سابق،ص، السياساتأرسطو )1

17) املصدر نفسه،ص2

19¡20ص ) املصدر نفسه،3

www.ibn.rushd.org،نقال عن موقع:6¡2004) جملة منرب ابن رشد،عالتونسية منوذجا االستبداد احلداثي العريب،التجربة) عبد السالم رفيق،(4

-62-

Page 76: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

خلقت البعض بأن الطبيعة قد ،اوالتمس له عذرا طبيعي ،مل جيد أرسطو غضاضة يف الرق

وقد قامت املدينة ،خلقتهم للطاعة فحسب ،ألا حرمتهم من نعمة العقل واإلرادة ،عبيدا بالفطرة

ومل جيد ،حيث كان السادة هم العقل املدبر والعبيد هم القوة املنفذة ،نتيجة الرتباط العبد بسيده

يتصرفون وملكية خاصة للسادة، ،ة" لإلنتاجحييف وصف العبيد بأم أدوات"غضاضة أرسطو

.)1( "سواءبإن العبد يف نظر أرسطو ال خيتلف متاما عن احليوانات األليفة سواء " فيها كيفما شاءوا.

حالة االنفصام السياسي واالجتماعي يبني لنا ،تناقض صارخأمام مفارقة والواقع يضعنا

يف كل طبيعة النظام السائد آنذاكل انفصام راجع.عاشها اتمع اليوناين القدمياليت ،واالقتصادي

يلة إنتاج رائجة.نقطة أخرى جيب التركيز عليها ل العبيد وسحيث شك ،تمعات القدمية تقريباا

دون غريهم "لرجال األحرارا"كرا علىحكانت فقد تتعلق مبسألة املشاركة السياسية يف احلكم،

يكون ذا ،لمشاركة السياسية للنساءلوال جمال ،والعبودية للفقراء العمال والفالحني واألجراء

ية املمارسة االجتماعية مع عبود ،مقصور على األحرار من الرجال جمتمع دميقراطي، اتمع اليوناين

.ك هو وجه االنفصام يف اتمع اليوناين القدمياوذ ، الرجال األحرار لغري أولئكاليومية

ق باملعين ليس للفرد حقو ،عند أفالطون وأرسطوب غياإلنسان "الفرد" خالصة القول أن

لومآ هناك ترتيب ملآل املدينةوكل ما ،مسألة احلقوق غري مطروحة عندمهاف ،احلديث للكلمة

عالقة تتناغم بني فاحلرية عند اإلغريق هي ،إذ ليس للفرد عندمها حرية فردية لتحقيق النظام،الفرد

األفالطونية أو فلسفة فالفرد كفرد غري موجود يف اليقول ج هيبوليت".. الفرد ومدنيته.

والسلطة ال قة املنسجمة بني الفرد ومدينته،وكل املسألة السياسية تكمن يف إجياد العالاألرسطية،

.)2("شيء منظم من فوق من جانب الدولة إذ أن كلشيئا ملبادرة املواطنني اخلاصة،تترك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ352سابق،ص ) حممود مراد،مرجع 1

13)دولة خضر خنافر،مرجع سابق،ص2

-63-

Page 77: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يف الفكر املسيحي:-2

يةهلاإلنسان حتت رمحة العناية اإل:أوغسطني دالسياسية عن

ومن يرى أوغسطني أن الطبيعة البشرية مكونة من عنصرين مها اجلسد والروح،: طبيعة اتمع -أ

دينية مصدرها اجلانب الروحي .تكون أمور اإلنسان مقسمة إىل قسمني ،هذه الطبيعة املزدوجة

...وبالرغم من التنوع اهلائل لألمم "وهلذا يقول أوغسطني: ودنيوية مصدرها اجلانب اجلسدي.

فإنه ميكننا ولغته وأسلحته ومالبسه املتباينة للغاية، ،لكل منها عاداته وتقاليده املتعددة يف األرض،

واحدة هي مدينة البشر أنه ال يوجد إال فريقان من البشر أو مدينتان، ،اب املقدسالقول مع الكت

.)1("واألخرى مدينة البشر الذين يعيشون وفقا للروح ، الذين يريدون العيش وفقا للجسد

صراع بني قطيب هذه -حسب أوغسطني- من هنا سوف يكون تاريخ اإلنسانية كله

عليه إىل إعادة املفهوم الذي طاملا أكدت أوغسطني يلجأ لكن رغم هذه التفرقة. االزدواجية

ألن اهللا خلق وحدة دعامتها حاجة اإلنسان ألخيه اإلنسان، ،وهو وحدة اإلنسانية املسيحية،

الوحدة وإمنا ليغرس فيه بشكل أعمق، ،تمعابعيدا عن ،اإلنسان وحيدا ال ليتركه يف عزلته

الذي يعترب أساس الوحدة البشرية، ،تتأيت من خالل احلب والرابطة الودية اليت ، االجتماعية

فالشعب " ولكنه اشتراك يف الفكر والعاطفة، ،فاتمع ليس جمرد اجتماع آيل لألفراد واجلماعات

)2("نتيجة حب مشترك لنفس األشياء متحدين يف األخوة، ،هو جتمع العديد من الكائنات الرشيدة

فهو الذي حيرك اإلنسان ليحصل على ما لقد جعل أوغسطني احلب علة احلياة االجتماعية،

وبتعدد احلب املشترك تتعدد اتمعات، أي أن عدد املدن يساوي عدد أنواع احلب.إننا ،يرغب

فاألمر هنا ال يتعلق مغاير متاما لذلك الذي سبق وأن رأيناه عند اليونان، ،هنا أمام تفكري جديد

فتفكري أوغسطني يقع على مستوى آخر ،ذلك بالبحث عن العلل االجتماعية أو السياسية وما إىل

مدينة اهللا واملدينة األرضية. اليت يرمز هلا موضوع املدينتني، ،إنه تفكري مرتبط بفكرة اخلالص متاما،

ÜÜÜÜÜÜÜÜ

149) حممود اخلضري زينب، مرجع سابق ،1

139سابق،صتوفيق جماهد حورية،مرجع )2

-64-

Page 78: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

نظرية املدينتني :وموقع اإلنسان بينهما -

فقراءة مؤلفه لقديس أوغسطني،امرتبة الصدارة يف اهتمامات ،حيتل موضوع املدينة

، تبني لنا بوضوح تأثره باملدينة، فبعد قرطاجنة، جند مدن مثل روما،ميالنو، هيبون ،االعترافات

فهناك مدن أرضية مثل بابل، من حيث والءاا، املعقدة،مدن سوف تتفرق حوهلا النفس البشرية

من هنا سوف خياطب . اليت هي رمز العهد القدمي ،وهناك مملكة اهللا أورشليم روما أو قرطاجنة،

إم مل يفقدوا أي شيء بعدما ب الربابرة مدينتهم وخربوها، ،أوغسطني الناجني من سكان روما

اخلالص إمنا يتمثل يف املدينة اإلهلية وليس يف نقيضها املدينة وأن أساسي بالنسبة إىل حيام،

حبني صنعا املدينتني حب "يقول أوغسطني يف عرضه ألصل املدينتني: األرضية أو مدينة الشيطان.

وحب اهللا حلد احتقار الذات صنع املدينة السماوية.إن الذات حلد احتقار اهللا صنع املدينة األرضية،

تمجد يف ذاا أما الثانية فتتمجد يف الرب،األوىل تبحث عن جمد آت من البشر أما املدينة األوىل ت

)1("الثانية فإن اهللا الشاهد على الضمري هو جمدها األكرب

وهنا يتجلى إن مدينة السماء مدينة مستقبلية خصت لألخيار من فيض العناية اإلهلية،

هكذا تظهر الكنيسة اليت جتعل السلطة بيد اهللا، راطية،اهلاجس السياسي املؤسس على النظرة التيوق

مستخدمة وسائل أهل املدينة األرضية ال ،كأا هي اجلماعة البشرية اليت تعمل على بناء مدينة اهللا

تصبح الدولة هنا و وهي الكمال والفضيلة، ،ولكن لتحقيق الغاية احلقة ،من أجل االستمتاع ا

فالدولة حىت ولو استرشدت يف تشريعاا باعتبارها اهلدف والغاية، ،هلاأدىن من الكنيسة وخاضعة

.جيعل أوغسطني (2)"أداة نظام وسالم ومساعدة للكنيسة"فإا تبقى جمرد باألخالق الفاضلة،

وإمنا الكل فال ختاصم وال نزاع، ،ظامها يشبه نظام املالئكةن مدينته متعالية عن كل ما هو واقعي،

ومبقدور كل إنسان أن يصبح عضوا يف مدينة اهللا، وفق احملبة اخلالصة. ،ال مثيل له يعيش يف تناغم

إذا نال رمحته اليت ال تتوقف على نوع أو دولة بعينها

ـــــــــArthéno Foyard, Paris, 1999, P 552., Saint Augustin,Lancel serge1)

.127¡126،صص 3،2002أوغسطني)،جملة احلوار الفكري ،ععقون حممد العريب،( القديس 2)

-65-

Page 79: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

مصدر السلطة :ومربرات االستبداد -ج

وفق التفويض آمن أوغسطني بأن كل سلطة قائمة على األرض إمنا هي بأمر من اهللا،

فالسلطة هي ،ال سلطة لشخص على آخر مبوجب القانون الطبيعي"ف اإلهلي أو العناية اإلهلية،

اهللا ال وقد يقع ذلك بالوراثة أو االنتخاب، ،)1("أو تفويض إهلي ملمارسة السلطة ،تفويض من اهللا

فهذه أمور وال يدل على شخصية هذا الرئيس أو ذاك، ،يعين هذا النظام من احلكم أو ذلك

جوهر يدين هللا وهو واملهم فيها هو جوهر السلطة املوجودة يف الوظائف السياسية، ،تفصيلية

يرفع دولة فاهللا ينظم كل شيء،، وهنا يربط أوغسطني بني السلطة واأللوهية بتعيينه وتسميته.

ويعطي لكل واحدة النظام الذي تستحقه. ، ويضع أخرى

لتخضع كل نفس "إىل تعاليم القديس بولس القائل: ،لقد استند أوغسطني يف ذلك كله

من أنحىت .والسالطني الكائنة هي مرتبة من اهللا ، من اهللا إالليس سلطان ألنهللسالطني الفائقة.

.ومن مثة كان خضوع )2("دينونة ألنفسهم سيأخذونواملقاومون ،يقاوم السلطان يقاوم ترتيب اهللا

وواجب الطاعة هذا يعود يف األصل إىل . يعترب امتدادا خلضوعه لربه ،اإلنسان للسلطة الدنيوية

وهو ،بطاعة امللوك الذين يتم تعيينهم من قبل اإلله ،حيث نادت اليهودية من قبل اليهودي،التراث

بغض النظر عما يكون يف شخصيته من نقص. ،بل يرتبط بوظيفته احلاكم، أمر ال يتعلق بشخصية

دون أن يضمن املمارسة ،أعطى للسلطة شرعيتها هو الذي اهللا، نظرية العناية اإلهلية وفق

فاإلله عند القديس ألن كل عمل سياسي إمنا خيضع للعناية اإلهلية من حيث اجلوهر، السليمة هلا،

وهو الفضيلة ،مصدر كل حياة، إنه اخلري والعدالة والرمحة ووه ،أوغسطني هو اإلرادة األمسى

اليت تشكل الفكرة املركزية يف األخالق األوغسطينية. ، هو فيض احملبةو اخلالدة واألبدية،

من أجل حتقيق مطالب الدينية والدنيوية، ،كان من الطبيعي أن ينشب الرتاع بني السلطتني

على اعتبار أن الكنيسة يف نظر الفكر واالعتراف بسمو السلطة الدينية على الزمنية، ،الكنيسة

علىقائم ،أصبح تعايش املسيحية مع امللكية الرومانية املطلقةواقع هذا يف املسيحي رمحة من اهللا.

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

175ص.1999¡1، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بريوت ، ط النظم السياسية عرب العصورسعيد عمران حممود، )1

13،االصحاحرومية أهل إىلرسالة بولس الرسول ) 2

-66-

Page 80: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

كما لو أنه صدر ، جيب أن يعترب صحيحا ويصادق عليه ، كل ما يصدر عن اإلمرباطور فكرة أن

مهما كانت ، التأكيد على واجب طاعة اإلمرباطور أمام هذا الواقع مل يكن ممكنا إال الشعب،بأمر

ما ك ¡)1("ترتيب اهللافإمنا يعاند من يقاوم السلطانو" ،ممثل السلطة اإلهلية ألنه ببساطة ،أخطاؤه

األمر الواقع وقبول ،قوية تأسس ملبدأ الطاعة ةإا عبارات وعضي.تعاليم القديس بولسجاء يف

يف العيش يف الوضع يستمر نبل عليه قبوله وأ ،يناقش وضعه فال حيق ألحد أن الذي أراده اهللا،

.فكأمنا مل يرضى بقسمة اهللا ،فمن يقنط على هذا الوضع اهللا،له الذي قسمه

ليست هي الغاية اليت ، األرضية الدنيوية احلياةأن ،لترويج لفكرةلكما عملت الكنيسة

من هنا تصبح .أو أن يتأمل املرء آلالمها ، ذا ال جيب أن يؤسف على خريااهل ،تبشر ا املسيحية

حمنة واملرض من الناحية الصحية، كالفقر من الناحية االجتماعية ، العبودية من الناحية السياسية"

،الم جسدية مادية أو ضروب من العذاب األرضيآفهذه كلها ،قد مير ا اإلنسان على األرض

علينا أال ف ،ا كان جمال اجلسد وجمال الروح مفصولني متامافلم هي طبيعة اململكة الدنيوية.وتلك

وهي ختتلف ، رية هي من صنع البشرسي احلياة البشآوملا كانت م ،نبتئس كثريا حملن اجلسد

وباملثل على العبيد أن ملواطنني أن يتحملوا حكم البشر،على اف ،ا تصنعه السماءبطبيعتها عم

.)1("يتحملوا ما هم فيه

فكون نية،من ضرورات احلياة الزم ، اسة بعد ذلك ضرورة خالصة بسيطةتعد السي مل

فهذا يعين أن السلطة السياسية مل تعد تلك يف النظام السياسي، لذي له نصيبهاالسلطة تنبثق عن اهللا

فأعمال السلطة أصبحت منذ ذلك احلني لكي ال تضايق احلياة الروحية، باجان املادة اليت توضع

كانت منطلقا املسيحي.والعبارة"كل سلطة منبثقة من اهللا"، نيف عامل اإلنساودخلت ، ذات معىن

فت لصاحل عالقة الكنسية بالدولة بعد اليت وظ، السياسيةو التأويالت التيولوجية لفيض من هائال

فحسب نظرية العناية اإلهلية، ليست السلطة فقط هي اليت ختضع للمشيئة اإلهلية، بل أحداث .ذلك

كلها. التاريخ

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

13،االصحاحرومية أهل إىلرسالة بولس الرسول )1

136،مرجع،صالطاغية إمام عبد الفتاح إمام ، )2

-67-

Page 81: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

بالبعض إىل عولعل هذا ما دف ، بل ستصبح عقيدة ، من هنا ال تغدو هذه املقولة جمرد نظرية

البشر وجعل، أا ليست فلسفة وال تاريخ ... لقد مسخ احلقيقة" ،القول عن آراء أوغسطني

.)1("يف لعبة على رقعة الزمان بني اهللا والشيطان ،كقطع الشطرنج

:فكرة القانون -د

القانون األزيل الذي مييز أوغسطني بني نوعني من القانون، ، استنادا على نظرية العناية اإلهلية

تنتظم القانون األزيل هو القانون الذي .)2(والقانون الزمين أو اإلنساين ، هو النموذج األمسى للعدالة

وهو الذي طبعه يف فهو مصدر هذا القانون، ،وما دام اهللا يوجهها حنو غاياا النهائية به األشياء،

ألنه بفضله جيازى األخيار وبالتايل هم ملزمون مبعرفته وطاعته يف كل وقت،، نفوس البشر

قلوب البشر ألنه منقوش يف ،قانون ثابت يف كل زمان ومكان إن القانون األزيل،.ويعاقب األشرار

حقيقة بديهية أزلية، ،أن أوغسطني جعل القانون اإلهلي ظمن هذا املنظور نالح .منذ البدء

آمرا بإتباع آمرا ناهيا، ولو نظرنا يف تفصيالته لوجدناه يف الكون كله،" كاحلقائق الرياضية،

على قاعدتني الذي يرتكز إنه قانون الوضوح والبداهة، ناهيا عن عكس ذلك، مقتضيات النظام،

.)3(جيب أن يأخذ كل ذي حق حقه" أساسيتني:ال تفعل بالغري ما ال تريد أن يفعل بك الغري،

من منطلق أن اهللا يدبر العامل بشكل مطلق، إنه القانون الذي حيمل صفة الوجوب واإللزام،

من ميؤدوا ما عليهلكل املشيئات البشرية.ينبغي للناس مبقتضى أحكامه أن ومشيئته هي القاعدة

التزامات ،تؤثر أوامر هذا القانون ونواهيه يف خيار الناس دون أشرارهم، وهذا القانون الطبيعي هو

احلد من نطاق تطبيقه زكما ال جيو .خلقيا تعطيل أحكامه بتشريعات من صنع البشر زمما ال جيو

-الفقهاء لتوضيحه...ليس هناك أو إلغاء نفاذه أحكامه. وهو من البساطة حبيث ال حيتاج إىل فقه

يرى أوغسطني و.)4(ملزم لكل الناس يف كل وقت ال يتبدل ،إال قانون واحد خالد -يقول ششرون

ذريته وحط معه ،احنط من املرتبة اليت رفعه اهللا إليها ، أنه نتيجة ملعصية آدم لربه باخلطيئة األوىل

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

.171¡170،ص صبحي أمحد حممود،مرجع سابق )1éme, P.U.F, paris , 3Histoire de la philosophie politique) Strauss Leo, et Josep Gropsey,2

édition , 1999.p200230،ص 1983¡1،دار القلم ، بريوت ،طأوغسطينوس) زيعور علي،3

172)سعيد عمران ،مرجع سابق ،ص4

-68-

Page 82: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ذو طبيعة خمتلطة جانبها اخلري املواهب اإلهلية، خايل منوبالتايل أصبح اإلنسان منذ ذلك الوقت

وعليه أصبح من الضروري أما اجلانب الشرير فتطلب األمر تقوميه، ،يسري مبقتضى القانون اإلهلي

اليت اقتضت وجود هذا أي أن الطبيعة اخلاطئة هي ،يتوىل هذه املهمة وجود قانون وضعي،

وإصالح سريم وتوفري ،بالقوة الالزمة إليقاف العابثني رع حلماية النظامالذي ش ،القانون

حفاظا على النظام. ،هذه املهمة هي اليت جتعل من السلطة الزمنية ضرورية ،)1(الطمأنينة للخريين

وخدمة لسيطرة العدالة ،أداة ضرورية للنظام يف الدولة ،إن القانون الزمين من هذا املنظور

إن هذا القانون الزمين املتغري حسب . أن خيدم احلاكم ويؤيد الظلم والقوة دون والسلم والفضيلة،

هو الذي مييز مدينة عن أخرى –رغم أنه يستمد وجوده من القانون األزيل –متطلبات الواقع

تعيش حتت سلطة القانون ، فاملدن والشعوب ما هي إال جتمعات بشرية ويعطي هلا وحدا املميزة،

" نوعان من القانون "نوع إهلي وآخر إنساين منبثق Maxyيصبح لدينا حسب قول من هنا. الزمين

.)1("من قوانني اتمع وإن كان مشوبا بعدالة القانون اإلهلي

وحتقيق املدينة السماوية وتغليبها على احلياة ،ن املشروع الذي خطه أوغسطني خلالص البشرإ

على و قدرا على القيام بدورها اإلهلي يف حترير البشرية، ة،كان يعتمد كلية على الكنيس ،الدنيوية

العدل بسبب غياب، مل تكن دوال مبعىن الكلمة ،اعتبار أن اتمعات اليت عاشت قبل املسيحية

لعبادة ألا كانت توجه الناس ،مل تكن تعطي هللا حقه يفه الذي يعين إعطاء كل ذي حق حقه،

فلم تكن عند إذن إال عصابات لصوص.من هنا يعترب القديس آهلة غريه أو حنو الشيطان،

مل تكن دول -على اعتبار أا مل تعرف العدل - أوغسطني، أن اتمعات اليت عاشت قبل املسيح

حقيقية، ألن العدل مل يأيت إال على يد املسيح، عندما نادى بقانون اهللا.

فإا حتقق العدالة اليت ، يف ظل املدينة الربانيةت إذا عاش ،املدينة األرضية نستنتج أن ا سبقمم

، فهي دول ظاملة -وهي هنا املدن الوثنية - رأما الدول اليت خترج عن هذا اإلطا. ارتضاها اهللا لعباده

إذ ليس العدل إال السري وفق القانون ألن العدل والقانون متالزمان، تعتمد على السيطرة والتسلط،

والظلم خمالفة القانون أو املعيشة الغري قانونية. ية،أو املعيشة القانون

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

114،ص1976،دار اجلامعات املصرية،(ب ط)،السياسة بني النظرية و التطبيق)حممد علي حممد وعلي عبد املعطي حممد،1

) املرجع و الصفحة نفسها2

-69-

Page 83: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

كما أا العدالة مبفهومها اليوناين،يست ل ،املشروع الذي خطه أوغسطني يف العدالةلكن

فالعدالة ، ببساطة العدالة املسيحية إا اتمع، ال تعين مجلة القواعد القانونية الضامنة النسجام

فهم وحدهم امللتزمون بالشريعة اليت ،أي املسيحيني ،ط لدى أولئك الذين يعبدون اهللاتوجد فق

متكننا من د كونا نظرة شاملة حول املنت األوغسطيين،من خالل ما سبق نكون قتنتج عنها العدالة.

رصد موقع اإلنسان داخل هذه الرؤية.

أوغسطني:فكرة اإلنسان عند

املرتبط بوجود ال ،ذلك احليوان املدين( بالتعبري األرسطي ) ليس ،إن اإلنسان األوغسطيين

فهو مترفع عن ملذات العامل وهلذا بل هو إنسان خلق على صورة اهللا، يتجاوز نطاق الطبيعة،

مبنية على السعي للعيش يف فاحلياة ذا املنظور حياة أخالقية، ،متطلع إىل مالقاة اهللا احلسي الزائلة،

وخدمة اآلخرين.لكن ، وتفضيل اخلري العام على اخلاص ، كنف األخوة والصداقة وروح اجلماعة

ل هذه املنظومة الالهوتية احملكومة بفكرة أي دور سيلعبه اإلنسان داخ السؤال الذي نطرحه هنا،

اخلالص؟ هل سيكون عليه االستكانة وانتظار وعد املدينة اإلهلية ؟ أم عليه تغيري واقعه بنفسه ؟

فترة اضطرابات عميقة على تهنا جيب التأكيد على أن الفترة اليت عاش فيها أوغسطني كان

تكانت الفترة تعج مبختلف التيارا ،ئديفعلى املستوى العقا املستوى السياسي والعقائدي،

أوغسطني من أتباعها يف بداية حياته، أما من الناحية كاملانوية اليت كان النشطة بقوة آنذاك،

إىل فترة انتقال من عصر إىل آخر، عصر احلضارة اليونانية الرومانية التارخيية، فالتاريخ كان يشري

يستقبل.يف هذا اجلو ظهرت العديد من القضايا اليت حتتاج يودع والعصر الوسيط حبضارته املسيحية

إىل إعادة نظر، وعلى رأسها عالقة الدين بالسلطة السياسية، ففي هذه القضية يظهر الرأي البارز

الذي غرس بعمق يف الفكر املسيحي الكاثوليكي على األخص، رأي يغيب اإلنسان ائيا عن احلياة

اجلميل، حلم احلياة يف مدينة اهللا فاملسيحي يرد عابر ينتظر حتقيق احللم امليتافيزيقجم هاملعاشة، وجيعل

إال يف السماء احلياة اليت يقضيها على األرض، حياة حقيقية، فاحلياة احلقيقية ال تكون ال تعد

-70-

Page 84: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فهم جمرد أدوات يستخدمها ، وأنه ال دور للبشر يف صنع تارخيهم هكذا يتعلم اإلنسان االستكانة،

فهو الذي يوجه ويتحكم يف كل شيء. إننا هنا وال شك أمام جربية خالصة اهللا لتحقيق إرادته،

،إرادته وفاعليته هكذا تسلب املسيحية الكاثوليكية اإلنسان وتشل تتعارض مع كل تطلع للحرية،

املنجر عن لكن اخلطر " ،اهللا هأراد ن يف كونه أداة أو وسيلة لتنفيذ مامكي -إن كان له دور-فدوره

فالفكرة األوغسطينية ترى هذا التصور على احلياة السياسية، ميكن يف إسقاط هذه اجلربية الصارمة،

فال بد وهلذا ما دامت السلطة من اهللا ،رين و للسيئنيهو الذي مينح ملك األرض للخي أن اهللا ..

).1("ألحوال السلبية املتدنية آنذاكلير بارع وهذا بطبيعة احلال ترب ،من طاعة صاحب السلطة

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

101مرجع سابق ،صد. حممود اخلضري زينب،) 1

-71-

Page 85: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 86: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 87: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

، من مجيع جوانبه بشمول وتكامل وتوازن كبريا باإلنسان اهتماما الفكر اإلسالمي، اهتم

وال هو ، بفضل تعقيد املادة وارتقائها فاإلنسان ليس تطورا طبيعيا ،خرآجانب على غىحبيث ال يط

ووضع فيه آياته ، بل خلقه اهللا تعاىل بقضائه وقدره ،تطور بيولوجي كما تشري النظرية التطورية

ار يختحتمل إمكانية العقل وإمكانية اال، ة متكاملةوحدواإلنسان خبصائصه املادية والروحية.املعجزة

إنا عرضنا الأمانة على السماوات :قال تعاىل األمانة واملسؤولية،ه اهللاولذلك محل ،وحرية اإلرادة

ا جكان ظلوم هان إنسا الإنلهمحا وهنم فقنأشا وهلنمحأن ي نيال فأبالجبض والأرولا و1(ه(.

مفهوم خيتلف عن ة اإلنسان وظيفته يف احلياة،مفهوما متميزا عن طبيع ،القرآن الكرميحيمل

فالقرآن ينظر إىل اإلنسان على أنه خملوق ،قدميا وحديثا ،النظريات املادية والتطوريةأطروحات

وما ":.قال تعاىلوتوجيه احلياة طبقا ألوامر اهللا ،عمار األرضإوهي عبادته سبحانه وتعاىل لغاية،

وندبعيإلا ل سالإنو الجن لقته فلم خيلقو ،ذلك اخللق نشأوأن اهللا هو الذي أ الناس خملوقونف ،)2(خ

المضلني ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ :قال تعاىل ،بأنفسهم

لطان أعلى قادر وحده على اخللق.بس عترافاال ،وذلك يقتضي على البداهة واإلنصاف ،)3(عضدا"

يعين أنه ليس ألحد من أبناء هذاو ،هي نفس آدم عليه السالم ،الناس خملوقون من نفس واحدةو

االنتساب للقدرة وال من حيث ،حيث األصل التكويينال من عي االمتياز على أحد،أن يد آدم،

مع الناس ،يشترك فيها حىت الرسل واألنبياءه األصل اإلنساين هذ ةووحد اخلالقة املصورة العليا،

وإنما ال يعين ذلك إخراجه عن إطار البشرية، سلطانا فكون الرسول قد أويت الذين أرسلوا إليهم،

ال لعنصره التكويين، على اآلخرين وإتباعه حينئذ يكون واجبا ،يعين فقط أنه قد صار بشرا رسوال

وجود مصادر عليا أخرىلألنه لو كان هناك احتمال ولكن إتباعا للمصدر األعلى الذي اصطفاه،

إذا عرف الناس أصلهم ف .وال أمكن أال ينعقد له تسليم والنبوءات الختلط األمر،متنح السلطات

فتلك، وانعقدت أنفسهم على التسليم له بذلك ،واألمروا بالسيادة العليا ملن له اخللق وأقر ،التكويين

الواحد فاإلحتاد من حيث اخللق التكويين يف األصل اإلنساينهي عقيدة اإلسالم وأصل التوحيد،

ÜÜÜÜÜÜÜÜ

72اآلية:،األحزاب )سورة،1

56اآلية: ،الذاريات ) سورة،2

51، اآلية:الكهف) سورة 3

-72-

Page 88: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ي يف االجتاه املسلم والسع ،يف اإلميان باألصل املكون الواحد ،اإلراديواإلحتاد من حيث املوقف

يكون أساسا للبناء و ،وبني اإلنسان واإلنسان اهللا،كل ذلك ميثل رباطا بني اإلنسان و ،ألمر اهللا

.االجتماعي كله

أصال مسخر ،كون مبا حيويه من أجزاء وتفصيالتال أن ومما هو معلوم يف الشريعة اإلسالمية،

الله الذي خلق :قال تعاىل ،والسعادةمبا حيقق له اخلري والراحة ،ينتفع مبحتوياتهحىت ،لإلنسان

لكم رخسو قا لكمرز اترالثم نم به جراء فأخاء ممالس نل مزأنو ضالأرو اتاومي السف ريجتل الفلك

اللي لكم رخسن ويبائد رالقمو سمالش لكم رخسو ارهالأن لكم رخسو رهر بأمحالب ارهالنقالو.)1(ل و

لآيات لقوم يتفكرونوسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك :عز وجل

فحص الدقيق لقصة آدم فالت ،من الطريقة اليت خلق ا وميكن معرفة طبيعة ومكانة اإلنسان.﴾2﴿"

وع اإلنسان يكشف تعريف اهللا عز وجل لن ،يف القرآن-رمز اجلنس البشري-عليه السالم

.لإلنسانتعريف ميثل وجهة نظر العقيدة اإلسالمية وتعريفها ،كمخلوق

وأمشل تعبري عن طبيعة أفضل وأدق ،دم عليه السالم وخلقه يف القرآن الكرميآثل قصة مت

يقول اهللا .ولكن من ناحية الفلسفية والسلوكية والرمزية ، ليس باملعىن البيولوجي فحسب ن،اإلنسا

فإذا سويته ونفخت فيه من ¡من صلصال من حمإ مسنونوإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا تعاىل:"

يناجدس وا لهي فقعوحاهللا تعاىل هقولو.)3(ر: نم اكملقنا خفإن ثعالب نب ميي رف متإن كن اسا النها أيي

ثم طفةن نم اب ثمراء تشا نام محي الأرف رقنو لكم نيبنل لقةخر مغيو لقةخم ةغضم نم ثم لقةع نإلى م

كمرجخن ى ثممسل مأجكمنمفى ووتي نم كمنمو كمدوا أشلغبتل فلا ثمطدري نلا مكير لمذل العإلى أر

).4(يعلم من بعد علم شيئا"

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

33¡32)سورة إبراهيم، اآلية:1

13)سورة اجلاثية، اآلية:2

28،29اآلية: ¡)سورة احلجر3

5:)سورة احلج اآلية4

-73-

Page 89: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

بعض حاالت يف وإن كان ،هو باحليوانوال ككائن ال هو باملال ،اإلنسان يف نظر اإلسالم

ولقد ذرأنا لجهنم كثريا من الجن والإنس لهم قلوب لا :ل اهللا تعاىلاق.اهلبوط يصبح أسوأ من احليوان

ها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون ب

ولكنه طهر،أن يسمو بروحه إىل مستوى املالئكة من ال بعض حاالت االرتفاعيف و ،)1(الغافلون "

د كما هو مشتمل على استعدا مشتمل على استعداد للخري ،يف حالته الطبيعية شيء بني هذا وذاك

يشمل نوازع خارج نفسه،وال مفروضا عليه من ،العنصرين غريبا عن طبيعتهوليس أي من للشر،

دف إىل االرتفاع ،فطريةنزعة على مل يف الوقت ذاتهتولكنه يش ،فطرية تربطه باألرض

،حبسب التوجيه الذي يوجه إليه ،يهبط أو يصعدأن واإلنسان قابل من طرفيه هذين والسمو،

أنه كائن متميز عن سائر الكائنات إال كائن ينتمي إىل الوجود العاملي،و بالرغم من أنه اإلنسان ف

.)2(أو من حيث مهمته الوجودية أو من حيث مرتلته يف الكون، ،ينهمن حيث خلقه وتكو

تتوافق وما رأيناه مناسب ملوضوعنا، ،من هذه املقدمات ميكن لنا الكشف ولونا بصورة جزئية

يف النصوص املؤسسة للفكر اإلسالمي. ، اإلنسانيةعن معامل الرتعة

ووجوده يف قبل أن يصبح له وجود عيين، ، يف العلم اإلهلي القد كان اإلنسان وجود التكرمي:-أ)

د إليه القيام ا يف الكون عهكما كان يتضمن املهمة اليت سي ،كان يتضمن تفاصيل كيانه ،علم اهللا

وهلذا االعتبار فإن ، وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة:وهو ما يشري إليه قوله تعاىل

العيين إال حتقيقا فليس ذلك الوجود ،اإلنسان سبقت ماهيته يف العلم اإلهلي وجوده العيين يف الكون

فقد الوجود العيين لإلنسانأما ،وفيما ينبغي أن ينجز اإلنسان من مهمة اخلالفة ، لتلك املاهية

مر ، خملوقاتهوإذا كان الكون يف عمومه وبسائر ،البشر مجيعا وخلق آدم أب تهكانت نقطة بداي

فإن اخلرب القرآين الذي وصف خلق ، حىت آل إىل الصورة اليت عرفها منه اإلنسان ،بأطوار متعاقبة

على سبيل ال ، ان خلق متكامل الصورةهذا اإلنس يفهم منه أن، أدم عليه السالم ، اإلنسان األول

ÜÜÜÜÜÜÜ

179) سورة األعراف،اآلية:1

452،ص1993،2،طاإلسالميالغربدار،والعقلالوحيبنياإلنسانخالفةالنجار،ايدعبد)2

-74-

Page 90: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فإذا سويته ونفخت فيه ¡إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طني :تعاىل.قال االنقالب التطوري

يناجدس وا لهي فقعوحر ن1("م(.

ولقد كرمنا بني آدم "تعاىل:،قالخلقهمنكثريعلى،البشرياملخلوقهذاتعاىلاهللاكرم

كرمه.)2("تفضيلاوحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثري ممن خلقنا

اويبلغوينشئفيهالينتج،األرضيفةاخلالفااستأهلواليت،فطرتهأودعهااليتتعداداتباالس

كتابهيفكلهالتكرميهذابإعالنمهوكر.لهالكونيةالقوىبتسخريمهوكرللحياة،املقدرالكمال

بتسخرييتموالبحرالربيفواحلمل.)3(الدينيومإىليتلىقرآناوجعله،األعلىاملألمناملرتل

هذهتكنملولواستعدادات،منفيهابركوما،انيةاإلنساحلياةلطبيعةموافقةوجعلها،النواميس

الطيباتمناهللاقهرزماينسىواإلنساناإلنسانية،احلياةقامتملاالبشريةللطبيعةموافقةالنواميس

بهيستمتعماةقيميعرفعندئذ،حيرمهاحنيإالرزقهااليتالطيباتهذهيذكرفالاأللفة،بطول

وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة ":تعاىل:قال،فينسىيعودماسرعانولكنه

قليلا إنك من فرك منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بك

.)4"أصحاب النار

منشيءكلتسخريكانالكرامةأجلفمن،اإلسالمايتميزعامةةبنظرمرتبطالتسخريهذا

اليتعناصرهاهلااإلنسانية،الكرامةيفشاملةنظريةميلكاإلسالميالفكرفإنولذلكاإلنسان،أجل

،املوجوداتمعرضيفلإلنسانذكرهعندالكرميفالقرآن،اآلدميةردالكرامةاستحقاقإىلتؤدي

خلققصةأظهرته،املخلوقاتسائربنيلشأنهواإلعالءالتفضيلوهذاوالرفعة،بالتمييزدوماخيصه

بنيالنسبيفجذريتغريإىلأدى،اجلديدالكائنأنبينتأحداث،منفيهاوقعوما،آدم(ع)

مابقدرقيمتهاوتتحددمجيعا،املخلوقاتإليهتصبواالذيالوجوديالقطبأصبححيثاملوجودات

نيلل-املخلوقاتأشرفكانواوقد-آلدماملالئكةسيجودمنجاءوما،عنهتبتعدأومنهتقترب

للتحورمزهوإمناواخلسران،اللعنةبذلكونيلهالسجودمنإبليسامتناعومن،اإلهليالرضي

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

17¡72اآلية:¡صسورة،) 1

70اآلية،اإلسراء)سورة،2

31،صنفسه،املرجعالنجارايدعبد)3

8اآلية:،الزمر)سورة،4

-75-

Page 91: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فيهوهذابيدهاهللاخلقهأندمآلتكرميلفأو،اجلديدالقادمهذاصاحليفلتكوناملخلوقاتقطبيةيف

ليكون،خصوصيةلهخلقولكنه،فيكون"قبيل"كنمنعاديا،خلقاليساخللقهذاأنعلىتنبيه

كلوأعطى،مجعاءالبشريةمكروتعاىلسبحانهفاهللاحتديد،دونإنسانلكلشامالالتكرميهذا

احلريةبناءيفسامهتاليت،العناصرأهممنالتكرميليكون،خلقهبنياملميزةاملكانةهذهدمآبين

،السالمعليهدمآليسجدوابأن- مكرمونعبادوهم-مالئكتهوجلعزاهللاأمرمث.)1(اإلنسانية

سبحانهمعلحني،الثانيةالنقلةيفالتكرميكانمث،املخلوقهذاتكرميمظاهرمنمظهرأيضاوهذا

التميزهذامثليكنملوقبلها،بالعلممتيزهاإلنسانأعطتاليتالنقلةوهي،كلهامساءاألآدموتعاىل

ملمابالقلمتعاىلمهعلأنذلكواستتبع،املعرفةعلىوالقدرةاإلنسانيةاملداركتوسيعيعينالذي

أفاقافتحوجلعزفاخلالق،تمييزوالالتفكريعلىرةالقدمؤهالتكللإلنسانفتكاملت،يعلم

.)2(صحيحةبصورةالعقلواستعمال،العطاءوالبحثطريقعلىالسرييفليبدأ،اإلنسانأمامواسعة

الكونتسخريهي،أخرىعقائديةحقيقةإىلأدت،شأنهوعلواإلنسانرفعهحقيقةإن

مبا،خلدمتهموجداتهوسخراإلنسان،الستقبالصاحلايكونحبيثالعاملهيأتعاىلفاهللالإلنسان،

تعامال ، لقدرته على التعامل مع الطبيعة وما يستجيب ،الفة اإلنسان يف األرضخهمةمويتالءم

وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم :تعاىل لاق.اجيابيا فعاال

،ز واالختيارقادر على التمي ،ذلك كان مهيأ للسيادة على العاملاإلنسان يف كل .)3("يتفكرون

.استخالفه فيها وقادر على التعامل مع موجودات األرض عند

ليكون اجلزاء فيما بعد ،حرية االختيارعلىكان يئة للتكليف القائم، هذا التكرمي لإلنسان

فيمتلئ ثقة للعطاء،اإلميان بتسخري الكون لإلنسان يدفع به فن قائما على أساس عمله الذي اختاره

وهو ما وصفه اهللا تعاىل ،املردود وينتفي من نفسه كل شعور باليأس واالستصعابواطمئنانا بإجيابية

لأزواج والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون والذي خلق ا يف قوله:

إذا استويتم وجعللكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم كلها

قرننيم ا لها كنمذا وا هلن رخي سان الذحبقولوا سته ولي4("ع(.

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

58،ص1993¡1،دار امللتقى للطباعة و النشر،قربص،طاإلسالم ومفهوم احلرية)حورية اخلطيب ، 1

59)املرجع نفسه،ص2

13) سورة اجلاثية، اآلية 3

13¡10)سورة الزخرف، اآلية: 4

-76-

Page 92: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

مما جيعله يكتسب ،خباصيت الشمول والعموم ،املفهوم اإلسالمي للكرامة اإلنسانيةيتسم

أن آية عاين اليت ينبغي االنتباه إليها،من دقائق امل ولعل يف الزمان واملكان، وامتداد ةورحابعمقا

وليس لبين أدم فاآلية تشري إىل تكرمي اهللا صيغة العموم،جاءت يف التكرمي من سورة اإلسراء،

ىن سحب هذا املعوين ،البشر مجيع فالتكرمي هنا عام يشمل أو لفئة معينة من الناس، ،ؤمننيجلماعة امل

ه مركزأو ،ر عن أصله ودينه وعقيدتهبصرف النظ فاإلنسان مكرم، إىل املاضي واحلاضر واملستقبل،

جبلته اليت أودعها اهللا يف ،من كرامته وال ميلك أحد أن جيردهوقيمته يف اهليئة االجتماعي،

شاع ة البشرية حق مفالكرام يستوي يف ذلك املسلم وغري املسلم، وجعلها من فطرته وطبيعته،

وتلك ذروة التكرمي وقمة التشريف. يتمتع به اجلميع دون استثناء،

إال وفق بعديها املادي ،ال يتم النظر إليها يف سياق الرؤية القرآنيةإن الذات اإلنسانية،

احلسية واألشواق ،فاحلياة اإلنسانية تكتمل فقط عندما تشتمل على كل الرغبات والروحي،

،ه كينونة الوجود اإلنسايناي اخلطاب القرآين أي مرتع عبثي جتعندما ينففالروحية للكائن البشري.

للوجود اإلنساين وهذا ما يعطي .وفق وظيفة اخلالفة عنه ،فإنه يشري إىل غاية عبادة اهللا عز وجل

رورة إىل جعل سائر منظومة القيم يقود بالض ، إن نفي العبثية عن الوجود اإلنساينالقيمة الكربى.

ومن هنا ترافق ذلك . هخادمة لغاية ذلك الوجود وليست خصما ل ،اإلنسانية وفق املنظور القرآين

ذات التكوين الثنائي واحلاجات احلسية واألشواق ،مع تركيز اإلسالم على الطبيعة اإلنسانية

القيم. ما يوفر إطارا عاما تتحدد يف سياقه وهو ،الروحية

التمكني: ب)

وإمنا يتسع ليشمل اهليمنة والتحكم فقط، تمكن ليس هو اختاذها مكانااملعىن املقصود من ال

ايصاحبه قد ،اهليمنة على األرض لالنتفاع ااملنافع.لكن هذه واكتساب ل املعاشيلتحص ،فيها

:اهللا تعاىللالستعالء، قال يتخذ ذلك وسيلة وقد ،واألحقية اخلاصة إدعاء امللكية املانعة

-77-

Page 93: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ن األرض هي ذلك أل ،)1("ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون"

¡)2(فقد صارت له السيادة على اآلخرين ،ومن استحوذ عليها واحتكرها ،املصدر األساس للثروة

أن تكون األرض دولة بني من ، فال بد إذن واحلال هذه ،رض للفاقة والتبعيةعنها فقد عومن أبعد

فال ميتاز أحد رد أنه ،جتود بهإذا حرم نفر من متلكها أتيح هلم من طريق آخر االنتفاع مبا الناس،

م اإلنسانية بصفته ،طاب موجه للناس مجيعااخلو يفتقر آخر رد أنه ال ميلكها، وال ،ميتلك األرض

كما أا ليست للكافرين وحدهم، ،فاألرض ليست للمؤمنني وحدهم ،عتقاديةال بصفتهم اال

3(ليبلوا بعضهم ببعض ،بادهوقد جعلها موضع اشتراك بني ع ،ما األرض هللاوإن(.

لناس مجيعا على اختالف أديام،مكفول ل، ومعىن هذا أن حق احلياة يف األرض واالنتفاع ا

عليهم يعين ذلك أن غري املؤمنني وجب فال ،فإذا آل أمر األرض لألمة املسلمة ومتكنت فيها

عرف وهذا الواقع ي ،بل إن هلم حق احلياة يف األرض واالنتفاع خبريها اخلروج من أرض اإلسالم،

االنتفاع يف أرض اإلسالم و الوجود ،الذي يتاح مبوجبه لغري املسلمني ،يف الشريعة بالعهد أو امليثاق

على شروط معروفة بينهم وبني وال يكرهون يف معتقدام، ،ترعى مصاحلهم وحتفظ حقوقهما.

كما كان الشأن يف صحيفة املدينة أو يف العهدة العمرية. ،الدولة اإلسالمية

بعد مفهوم ذو بعدين: القرآن الكرمي،من خالل ،كما ميكن التفكري فيهن مفهوم اإلنسان إ

وبعد حضاري (احلظ وتدبري املعاش واألكل باليد وركوب الرب ،لعقل والتمييز والنطق)عقلي (ا

اهللا له على تكرمي اإلنسان يشمل تفضيل بل إن ،ليس هذا وحسب ،والبحر والتمتع بالطيبات)

اإلنسان ينفرد من ألن ¡)4("وفضلناهم على كثري ممن خلقنا تفضيلا:"تعاىل املخلوقات األخرى، قال

وهذا البعد احلضاري يف ، صانع احلضارةه وحده:بأن بني مجيع املخلوقات املذكورة يف القرآن

اإلنسان ألنه هو الذي يؤسس مفهوم حقوق ،بالغ األمهية بالنسبة إىل موضوعنا، الكيان البشري

أكثر يف سياق آخر ،آلدميورد القرآن قصة امتناع إبليس عن السجود .)5(واملفاهيم املتصلة به

الذي اخلطيئة حرر الفكر اإلسالمي من هاجس، خرآبعدا تكرمي" اإلنسانيعطي ملفهوم " تفصيل،ÜÜÜÜÜÜÜ

10)سورة األعراف:اآلية:1

69ص ،1995¡1،دار البشري للطباعة و النشر،عمان ،األردن ،طأصول الفكر السياسي يف القرآن املكي)التيجاين عبد القادر،2

املرجع و الصفحة نفسها. )3

70سورة السراء،اآلية،)4

203،مرجع سابق،ص الدميقراطية وحقوق اإلنسان)اجلابري حممد عابد، 5

-78-

Page 94: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

"وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في :تعاىل .قالهيمن على الفكر األورويب يف القرون الوسطى

أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني الأرض خليفة قالوا

اء هؤلاء إن كنتم ي بأسمأعلم ما لا تعلمون وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئون

يمكالح يملالع تأن كا إننتلما عا إلا ملن لملا ع كانحبقالوا س نيقاد1"(ص(.

أبعادا - ضاريواحلبعد العقلي الأي -باإلضافة إىل ما ذكرناه ،يشمل مفهوم اإلنسان يف القرآن

هو أنشأكم من الأرض واستعمركم :تعاىل قال ،عمارهاإلأبرزها استخالف اهللا له يف األرض أخرى

وذلك معىن مبا فيها،واحلضارة تتطلب املعرفة ا و¡)3(أي إقامة العمران وعمارة األرض ،)2(فيها

ومعرفة خصائصها. الذي يعين التمييز بني األشياء األمر ،"علم آدم الأسماء كلها"قوله تعاىل:

،الديين والفلسفي، اليت شغلت الفكر األورويب ،القرآن متاما من ثنائية النفس واجلسد خيلو

من قدر ما حيط ومل يرد يف القرآن قط ،هو روح وجسم ،ذلك أن اإلنسان يف املنظور القرآين

من يف معرض األمور اليت ا يكون الفضل والتفوق قرآنبل بالعكس يذكر اجلسم يف ال ،اجلسم

وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا :"ذلك قوله تعاىل

نة معس تؤي لمو هنم لكبالم قأح نحنلم وي العطة فسب هادزو كمليع طفاهاص ال قال إن اللهالم

يملع عاسو اللهاء وشي نم لكهي متؤي اللهم والجسوصورته احلسنة القومية فاجلسد اإلنساين ¡)4("و

،مظهر من مظاهر تكرمي اهللا له - زخمشريكما يقول ال-مها فعال ،اليت ال ميلك خملوق آخر مثلها

إن لنفسك عليك ويف احلديث " ،للنفس عليه حقا كما أن ،ولذلك كان للجسد على اإلنسان حق

*.)5("حقا وإن جلسدك عليك حقا

:احلرية -ج

ميلك يف قدراته ،كل إنسان بالغ عاقل :األوىلقاعدتني أساسيتني.قام الدين يف اإلسالم على

هذه احلقيقة :واألساس الثاينا على احلق. وعلى االستدالل ،القدرة على كشف احلقيقة العقلية

ذايت له وجود األساسني هذينأساس من كل ،حقيقة العامل ويف ،موجودة يف حقيقة اإلنسان

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

32-30اآلية: : البقرة،) سورة، 1

61سورة هود، اآلية: )2

205ص املرجع نفسه،اجلابري )3

247 :) سورة البقرة، اآلية4

206ص ري *نقال عن اجلابري حممد عابد ،حقوق اإلنسان والدميقراطية ،مرجع سابق،رواه البخا)5

-79-

Page 95: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وخارج أي ،وهو موجود خارج أي تراث ديين أو عقائدي وله حقيقته اخلاصة به، ،وموضوعي

بكالم آخر على و إلنسان يقوم على هذين األساسني،تصور له أو علم به.والدين الذي يصلح ل

فاإلنسان كما هو يف فطرته مبعزل عن اجلماعة اء ما اإلسالم من خارج أي تراث،مرجعني ج

واحلقيقة كما توجد يف ،عن املكان والزمان الذي يولد فيهومبعزل ،اليت يولد فيها وعن تراثها

مها األساسان تصور اإلنسان هلا أو علمه ا، عنعزل ومب ،ويف حقيقة العامل حقيقة اإلنسان

وقد ،اإلنسان ا فقد يتغري ويتبدل ا علمأم ذان أقام اإلسالم الدين عليهما،اخلالدان والثابتان الل

ويكون حظ هذا العلم من االقتراب ولكنه يظل علما نسبيا، ساسني،يقترب من حقيقة هذين األ

).1(من اعتراف اإلنسان ذين األصلني إذا هو انطلق من حقيقتهما أكرب،

إلنسان للكون واستثمارامباشرة تعين ،إن وظيفة اخلالفة اليت جعلت غاية للوجود اإلنساين

ية هلا يف وجهتها إىل وترق ،كل ذلك تكميال للذات يف بعدها الفردي واجلماعي منافعه وخرياته،

،الذكر السالفةهذه الوظيفة حبقيقتها ا ى،وانتهاء عم ا أمرمبائتمارا عرب منهاج العبادة اهللا تعاىل،

ويتمثل ذلك باألخص ".ا وإجنازها على الوجه األكمل اإلنسان يف أصل خلقته لالضطالع هيئ

فهذا التركيب يشتمل على جزء ،:طبيعة التركيب الذايت لإلنساناألوىل.يف حقيقتني أساسيتني

،مضمون اخلالفة أمرا ويا هليقبس من ،األفق اإلهلي األعلىه من السمو والعلو حنو ميكن روحي

،كما يشتمل على جزء مادي ميكنه من مباشرة األرض ،لوالتحم ستيعابواالسبيل اإلدراك على

ي الذ الوحيدفهي حقيقة التكاليف:فاإلنسان هو الكائن ،وأما الثانية.بالسعي فيها لإلنشاء والتعمري

الختيار بني أن ومتكينه من ا ،خماطبة اإلنسان مبضمون اخلالفةوالتكليف هو ،محل أمانة التكليف

.)2("ل بالتزامهوبني أن خييفي مبا كلف به

يف منهج ،هو السبيل الوحيد إىل الترقي واالكتمال ،لتكليف على أساس حرية اإلرادةإن ا

وبني هلوى واخللود إىل نوازع اهلبوط،بني إتباع ا وفرصة االختيار ،العبودية الذي هو روح اخلالفة

لتحقيق هي اليت متكن اإلنسان من مغالبة اهلوى ،والتسامي إىل األفق األعلىاإلهلي األمر تباعإ

ÜÜÜÜÜÜÜ

)،ضمن:حقوق اإلنسان الرؤية العاملية واإلسالمية والعربية ،مركز دراسات باإلنسان هو األصل يف حقوق اإلنسان االعتراف)علي عيسى عثمان ( 1

136،ص2007¡2الوحدة العربية ط

64ص ،املرجع نفسه ، خالفة اإلنسان بني الروحي والعقلعبد ايد النجار، )2

-80-

Page 96: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

عرب التفاعل ،الذي يؤدي إىل الترقي واالكتمال شيئا فشيئا يف ضرب من اجلهاد النفسي، ،التسامي

كان اإلنسان وما ىت الوصول إىل اإلنسان اخلليفة،ح ر اإلهلية فعال وتركا،ا باألوامذمع الكون: أخ

دون تكليف. ذلكليصل إىل

مبا بنيت عليه ،كما رمستها العقيدة اإلسالمية ،اليت أنيطت لعهدة اإلنسان هذه املهمة الوجودية

العبودية اهللا تعاىل،عرب التفاعل مع الكون اعتبارا وتعبريا يف خط ،فردا وجمتمعا من الترقي اإلنساين

ل منه املخلوق األعظم يف الكونوأن جتع، ملثلىمن شأا أن تضمن على الوجود اإلنساين القيمة ا

املقصود فاهلدف إىل املزيد من الفعل يف الكون، هي مهمة تفسح أمامه من اآلمال ما يدفع بهف

رتكاس وليس أدفع إىل اال من اهللا بإجناز الطاعات، قترابوهو اال الأ ،واضحمرئي ولكنه بعيد،

والسقوط من عمارة الكون، والتدين بالذات اإلنسانية إىل االستقالةإىل مهاوي اهلالك ،باإلنسان

ا يظن أن حياته قد مل من شعوره باليأس والقنوطوممارسة سحق الكرامة اإلنسانية، يف التظلم

.)1(وجوده يف الكون أضحى ضربا من العبث وأن ،راضهافذت أغناست

ودفعا لالعتداء إنما شرعت لتحقيق احلرية تأسيسا هلا ،إن هذه التشريعات املتعددة املختلفة

أن حفظ احلرية ،اليت تثبت على وجه القطع ،وإمنا حظيت احلرية مبثل هذه التشريعات ،عليها

يفقد أهم مقوم من مقومات ،ألن اإلنسان إذا مل حتفظ حريته من مقاصد الشريعة، أساسي مقصد

وإذا به قد تعطلت ملكاته عن ،وتفقد بذلك حياته الشطر األكرب من معناها ،نسانية فيهحقيقة اإل

فانتهى األمر إذن إىل أن الشريعة جاءت ،ال يقدر على شيء وأصبح حبكم ذلك التسلط االنطالق

.)2(مقصد أعلىكينتمي إىل حفظ إنسانية اإلنسان ،شرعيا امقصد**تعمل على حفظ احلرية

.65،ص املرجع نفسه)1

: ضد العبودية وهي أن يكون تصرف الشخص العاقل املعىن األول**جاء لفظ احلرية يف كالم العرب مطلقا على معنيني، أحدمها ناشئ عن اآلخر

ف يف شؤونه باألصالة تصرفا غري متوقف على رضا أحد آخر...ويقابل احلرية ذا املعىن العبودية وهو أن يكون املتصرف غري قادر على التصر

هو عن الغلبة والقوة يف أزمنة حتكيم القوة،كاحلروب والغارات،فاألسري يف مدة األسر -أعين العبودية-أصالة،إال بإذن سيده،وقد نشأ هذا الوصف

:ناشئ عن واملعىن الثاينالعايف،مث إذا شاء الذين أسروه إيفاء حياته،جعلوه عبدا خيدمهم... ورمبا باعوه فانتفعوا بثمنه،فصار عبدا ملن دفع فيه الثمن،

لضرب على اليد أو األول بطريقة ااز يف االستعمال،وهو متكن الشخص من التصرف يف نفسه وشؤونه كما يشاء دون معارض.ويقابل هذا املعىن ا

مبرتلة العبد يف وضعه حتت نري -لعجز أو لقلة ذات يد،أو لقلة كاف،أو حلاجة-اعتقال التصرف وهو أن جيعل الشخص الذي يسوء تصرفه يف املال

ىن املساواة اليت تقرر أا من إرادة غريه يف تصرفه،وكال هذين املعنيني للحرية جاء مراد للشريعة،إذ كالمها ناشئ عن الفطرة،إذ كالمها يتحقق فيه مع

.نقال عن: حممد مقاصد الشريعة،ولذلك قال عمر رضي اهللا عنه" مىت استعبدمت الناس وقد ولدم أمهام أحرارا" أي فكوم أحرارا أمر فطري

.391¡390،ص ص مقاصد الشريعة،الطاهر بن عاشور

18،الس الوطين للثقافة والفنون واآلداب الكويت ،ص 1985¡89لة عامل املعرفة،رقم ،سلساإلسالم وحقوق اإلنسان،ضرورات..ال حقوق)عمارة حممد،2

-81-

Page 97: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وحتقيق العدل واخلري والسعادة اإلنسان وحتريره،هي تكرمي ، إن أهم غاية للشرع اإلسالمي

.)1(رحمة للعالمنيوما أرسلناك إلا :"ويف ذلك يقول اهللا تعاىل آلخرة،له يف الدنيا وا

حصر الرسالة اإلسالمية يف حتقيق الرمحة-كما يقرر علماء البالغة -ذا األسلوب الذي يفيد

م ومكام،وعلى امتداد زما م وألوام،على اختالف أجناسه للعاملني مجيعا،الشاملة ،العامة

ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ":يقول سبحانه ،ن بنورهائويضويستحني يستجيبون هلا

نيملسلمى لرشبة ومحراة والكرامة بتحقيق العدل واملساو ال يكون إال. وحتقيق هذه الرمحة، )2("و

الذي ذلك الشعور اإلخوة اإلنسانية والنسب الواحد،يف ظل من الشعور ب واحلرية للناس مجيعا،

يستند إىل ني مجيع أفراد الساللة البشرية،ب اوقدرا مشترك ،ق اإلنسانية أمرا فطرياجيعل هذه احلقو

.توتساوي اإلخوة يف احلقوق والواجبا ،وحدة األصل واملنشأ

يا بني "" يف آيات كثرية:يا بين أدمادي"فين لكرمي بذلك ويلفت االنتباه،ولذلك يذكر القرآن ا

همليع فوفلا خ لحأصقى ون اتي فماتآي كمليون عقصي كمنل مسر كمنيأتا يإم مون آدنزحي ملا هو

وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة "ه:قولو.﴾3﴿"

تنبيها إىل هذه الرابطة ،﴾4(كثريا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا

.خيه ما حيبه لنفسهأل املرءن حيب أو اليت تقتضي التعارف والتعاطف، ،ةاملشترك

زاء مرتبطا وكان واقعيا يف جعل اجل ،اإلسالم واقعيا يف إعطاء اإلنسان حرية االختيار كان

ملا لو كانت احلرية كذلك،ف ،ألنه ال ميكن أن تكون احلرية دون ضابط ائي ،بنتيجة هذا االختيار

جمال عقله وإرادته فاإلنسان حر يف ،وعندها تتساوى اإلجيابيات والسلبيات كان هلا أي معىن،

اختبار ألن حياة اإلنسان مرتبطة بنتيجة البد منها، هذه احلرية ولكن الواقعية جعلت واستطاعته،

دين اإلسالمي بالتوازن والواقعية، ورفض املبالغة من هنا اتصف الواالختبار ال يكون دون نتيجة،

تنطلق ، فاحلرية يف اإلسالموعميقة حلياة اإلنسانيرتكز على قراءة واعية ، يف كل شيءوالشطط

ÜÜÜÜÜÜÜÜ107) سورة األنبياء اآلية 1

89 :اآلية،سورة النحل) 2

35)سورة األعراف،اآلية:3

1 :اآلية)سورة النساء،4

-82-

Page 98: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وقابلة للتحقق من جهة ثانية. لتكون حرية ممكنة من جهة، من الواقع املعاش وتبقى يف إطاره،

يف إلنسان حبسبانه عضوا لفيه يف سياق ينظر ،قضية احلرية اإلنسانية يف الكثريف للقد أ

والفن وغري واالقتصاد واإلعالم، ياسة،حول حرية الدين والس ،استمرمظل النقاش ومن مث ،جمتمع

اشئة يف بنية ت النعلى مستوى العالقا ، يف جتلياا اليت تعرب عن احلرية اإلنسانية ،ذلك من املسائل

ا يشار وذلك م ،األهم مسألة احلرية اإلنسانية يعد يفبيد أن هناك حقال للنظر اتمع اإلنساين،

.)1(موجودا يف هذا الوجود فحسب ءابوصفة ابتد ،حرية الفرد اإلنساين إليه باحلرية األنطولوجية،

فلسفي األصيل واجلذري لإلشكال ال هذه احلرية األنطولوجية هي ما ميكن اعتبارها التعبري

لسائر احلريات اجلزئية ،وهي تؤسس لطبيعة النظر والرؤية الفلسفية حول قضية احلرية اإلنسانية،

.)2(على مستوى اتمع واجلماعة اإلنسانية املعنية ، والبعدية

وهو ما ،يلمس تعدد األطروحات والتصورات ،لة احلرية اإلنسانيةأوملا كان الدارس ملس

وهو ما ،إىل التباين حول التأسيس الفلسفي لكل مدرسة واجتاه ،ميكن رده يف املقام األول

يتبعها،اليت املنظور الفلسفي واألسس املعرفية ةجتلي ،هذه املسألة يفيستوجب من كل باحث

عطل هذه الذي ي ،املسؤولية اإلنسانية ونفي اجلرب إثبات ،ولذلك يقتضي املوقف الفلسفي األخالقي

وبني مفهوم احلق ،رآين (املشيئة)باملصطلح الق( ةفهوم القرآين يربط بني احلريفامل وهلذا .املسؤولية

مة وال يعترف بقي حالة اختيار إزاء احلق، ،قيبل جيعل من قيمة احلرية يف معناها احلقي م اإلميان،وقي

احلرية خارج إطار هذا املفهوم.

فهنا وضع الكفر واإلميان ¡)3(الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"وقل :"تعاىل قال

أن اخلطاب أي وله اخليار فيهما، ،اإلنسان حتتمل الوجهني اختيارألن نسان)،يف املشيئة (مشيئة اإل

هو الذي جيعل اإلنسان ،لتشريع اإلهليلإلنسان با ةهداية اإلرادة احلرألن يربط بني احلرية واحلق،

الرسالة بقيود معىن هذا أن احلرية مقيدةواملساواة واحلرية ل إىل العدلاملوص، الصحيح يف الطريق

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

ركز ، م2009أوت ،7،علة التنوير املعريف )، جمالتأسيس الفلسفي ملفهوم احلرية اإلنسانية وفق منظور قرآين(عصمت حممود أمحد سليمان،) 1

)73-65التنوير املعريف،السودان ،ص ص،(

) املرجع واملكان نفسه.2

29) سورة الكهف،اآلية،3

-83-

Page 99: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

رية إذا فرضنا إمكان أن ننال احلف مكان للحديث عن احلرية املطلقة،وليس مثة إ اإلهلية املرتلة،

صراع املصاحل،الغلبة فيها للقوة و صراع،يف حلبة فعلينا أن نقر بأن اإلنسانية جتد نفسها ،املطلقة

عندئذ أمرا مربرا. وسيكون اجلربوت

فعلى ،)1(باملعىن والواسع والعميق للكلمة ،ميثل القرآن الكرمي وثيقة جوهرها حترير اإلنسان

على عقائد الكهنة لة ال هوادة فيهامحجاء القرآن ليشن ،املستوى الفكري العقدي

عبدوا إلها اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا لي:"الذين

و أ ،ولو كان نبيا مرسال ،فال واسطة بني العبد وربه.)2"(واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون

كما رفض القرآن أن يكره إنسان على .)3("يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيني أرباباولا ملكا مقربا:"

ولو شاء ربك :قال تعاىل ،ولو كان رسول اهللا على اإلميان افليس لبشر أن يكره بشر ما، اعتقاد

ننيمؤوا مكونى يتح اسالن كرهت تا أفأنيعمج مض كلهي الأرف نم ن4"(لآم(¡.

ليس فالقلوب منطقة حرام ألحد أن ميثل الواسطة بني اهللا وعباده، ليس يف املنهج القرآين،

بأم أطاعوا السادة ،لذلك مل يقبل القرآن اعتذار الضعفاء ،خالقها إال ألحد السيطرة عليها

وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا ":تعاىل يقول.أو أم كانوا مستضعفني يف األرض والكرباء،

مهنالعذاب والع نن مفيعض هما آتنببيلا ،را السلونا فأضا كبرينويصور القرآن ذلك احلوار . )5("لع

وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين" :قال تعاىل ،بني التابعني واملتبوعني الرائع

جعري همبر دنقوفون عوون ممالظال ى إذرت لوو هيدفوا يعضتاس ينقول الذل يض القوعإلى ب مهضعب

نحفوا أنعضتاس ينلذوا لركبتاس ينقال الذ،ننيمؤا ملكن متلا أنوا لوركبتاس ينلذى لدن الهع اكمنددص

متل كنب اءكمإذ ج دعب نيرمجا منونرأمار إذ تهالنل واللي كرل موا بركبتاس ينلذفوا لعضتاس ينقال الذو

أعناق الذين كفروا في أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال

.)6("هل يجزون إلا ما كانوا يعملونÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

128¡103،مركز التنوير املعريف،السودان،ص 2009،أوت 7)،جملة التنوير،عاحلريات الشخصية يف إطار احلريات العامة)بشري عبد العايل متام(1

31)سورة التوبة اآلية:2

80)سورة آل عمران اآلية: 3

99)سورة يونس، اآلية:4

68¡67)سورة األحزاب اآلية:5

33¡31:سورة سبأ اآلية )6

-85-

Page 100: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يقول عز ،بني أهل النار الضعفاء والذين استكربوا ، لنا القرآن حجاجا آخر يف موضع آخر يبنو

الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا وإذ يتحاجون في النار فيقول ":من قائل

ذا الوضوح ،)1("قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد¡نصيبا من النار

مل تكن اية االستضعاف من أجل ذلك . ومبدأ احلريةدافع القرآن بكل قوة عن ،واإلسهاب

فهما وجهان لعملة واحدة. ،بأحسن حاال من اية االستكبار

فكل املوجودات الكونية خلقت لعناصر املكونة إلنسانية اإلنسان،من أهم ا حرية اإلرادةن إ

ما مصريهفقد خلق ، اإلنسان إالإىل مصائرها وقة س ا ":وهو معىن قوله تعاىل ،بإرادة حرة خيتارإن

محا وهنم فقنأشا وهلنمحأن ي نيال فأبالجبض والأرو اتاوملى السة عانا الأمنضركان ع هان إنسا الإنله

ما محلها بناء علىإن ،دون كل املوجودات ،محلها اإلنسانفهذه األمانة اليت . )2("ظلوما جهولا

بأن - وحينما تنتهك حرية اإلنسان ،فهي إذن عنصر أساسي من إنسانيته إرادته اليت كان ا إنسانا،

هدرا لقدرته على أداء و ،فإن ذلك يعترب استنقاصا من إنسانيته -ى بأي وجه من وجوه اإللغاءلغت

.اليت من أجلها خلق ،مهمته

اإلسالم ومشكلة الرق:-د)

لقد مر بنا وحنن نتناول الشأن اإلنساين يف الفلسفة اليونانية أن مسألة الرق كانت مألوفة و

ففتح باب التحرير بصورة منتشرة عند احلضارات السابقة،فلما جاء اإلسالم وجد الظاهرة قائمة،

والوسيلة اليت ،تدرجييا بدون أن حيدث ذلك أي أثر سيئ يف نظام اتمع اتؤدي إىل القضاء عليه

وهي تتلخص يف نتيجة ،وأفضلها ا أثرا الوسائل وأبلغه ارتضاها للوصول إىل هذه الغاية من أحكم

توسيع املنافذ وتكفل بقاءه،واآلخر: اليت كانت متد الرق وتغذيه يق الروافدضيأحدمها ت،مسلكني

فاإلسالم ينظر إىل حترير الرقيق على أنه قربة يتقرب ا اإلنسان¡)3(والتحرير تقلعاليت تؤدي إىل ا

:إىل ربه ويكفر ا خطاياه ومنها

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

48¡47)سورة ،غافر،اآلية:1

72،سورة األحزاب،اآلية) 2

46،ص 2002¡1،مل تذكر دار النشر،والبلد،طالعربية السعوديةحقوق اإلنسان يف القرآن والسنة وتطبيقاا يف اململكة ) حممد أمحد صاحل الصاحل، 3

-86-

Page 101: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ كفارة القتل اخلطأ ، قال تعاىل: "-أ)

ودم عقو نقوا فإن كان مدصإلا أن ي هلة إلى أهلمسة ميدو ةنمؤم ةقبر ريرحفت ريرحفت نمؤم وهو لكم

بة مؤمنة وما كان بة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقرق

ةقبر ريرحطأ فتا خنمؤل مقت نمطأ وا إلا خنمؤل مقتن أن يمؤمقوا لدصإلا أن ي هلة إلى أهلمسة ميدو ةنمؤم

و كمنيم بقو نإن كان مو ةنمؤم ةقبر ريرحفت نمؤم وهو لكم ودم عقو نة فإن كان ميفد يثاقم مهنيب

و هلة إلى أهلمسم ةنمؤم ةقبر ريرح1("ت(.

)2("والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبةيقول تعاىل:"كفارة الظهار،-ب)

حق احلرية من ف ،دائما يف القرآن بالتحرير امقترن هذا املصطلح وقد ورد ،املراد بالرقاب األرقاءو

بني الناس مجيعا املساواةكما تتقرر ،بأن جوهر الدين كله هو عبادة اهللا وحده ،يتقرر أصال الرق

وحيمي اإلنسانية بشر حق استرقاق بشر مثله،يدع اإلسالم سبيال إىل أن يكون ل ومل. يف بشريتهم

وم أو جنس أن وليس لق¡وإمنا العبودية اهللا وحده ثها القدمي يف عبادة املخلوقني،من رواسب مريا

أو بدعوى حق ،ضل بالقوة أو التمدن أو الثراءتفاالبدعوى ،يزعموا احلق يف استعباد قوم غريهم

م الصفوة املختارة من خلق اهللا.يف أ ،إهلي مزعوم

م بشر ممن وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنت":قال تعاىل

هنيا بمض والأرو اتاومالس لكم لهلاء وشي نم ذبعياء وشي نمل رفغي لقخ هإليا ومريصكما .)3("الم

يا أيها الناس إنا قال تعاىل:" .بغري التقوى والعمل الصاحل ،أسقط التفاضل بني األفراد والشعوب

الله دنع كممفوا إن أكرارعتل لائقبا ووبعش اكملنعجثى وأنذكر و نم اكملقنخ بريخ يملع إن الله قاكمأت

البداية، جمتمعا متصدعا بطبقية واجه اإلسالم يف ، ومع هذا التقرير حلق اإلنسان يف احلرية. )4("

بدأ ، هلذاوالعبيدالطبقة املترفة املعتزة جباهها وماهلا، للموايل من األسرى عمادها استرقاق متجذرة،

اإلنساين لتحقيق وجودهالقرآن يف العهد املكي املبكر، حبض اإلنسان على اقتحام العقبة،

دون أن الرق، ي فك الرقاب املصفدة بأغاللهاملرحلة األوىل القتحام العقبة، على أن ونص،احلرÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

92سورة النساء اآلية )1

3سورة اادلة اآلية )2

18:اآلية ،)سورة املائدة3

13اآلية: ،)سورة احلجرات4

-87-

Page 102: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يذكر الرقاب ،العبيدعن حترير حني يتحدثوالبيان القرآين ،هذا الفك بكفارة من ذنب ديقي

بء فيها على املال العام والع ،وويل األمر فمسؤولية التحرير فيها على اجلماعة بصيغة اجلمع،

ألمانة الما حتإم ،فهذه مسؤولية اإلنسان فردا ،يستعمل"الرقبة" بصيغة املفرد أما حني. للمسلمني

كما . إما كفارة عن ذنبو .سورة البلد"لعقبة يف سبيل حتقيق الوجود احلر"واقتحاما ل ،تهإنساني

مبلغ نظري ، فإذا رغب العبد إىل سيده يف أن حيرره الرق القائم،منفذا آخر لتصفية ع املكاتبةشر

والذين يبتغون الكتاب مما ملكت ."عا أن جياب إىل ما ابتغىوجب شر من املال يكتبه على نفسه،

اكمي آتالذ ال اللهم نم موهآتا وريخ يهمف متملإن ع موهبفكات كمانم1("أي(.

ذلك ومن، هاوختفيف آثارا تكثري أسباب رفعه من خالل ،االرق بتقليلهظاهرة اإلسالم جلاع

ورجل له أمة فعلمها :"يف احلديثجاء و.قهمتجعل بعض مصارف الزكاة يف شراء العبيد وع

أنه مىت ،واحلكمة من هذا.)2(فأحسن تعليمها وأدا فأحسن تأديبها،مث أعتقها وتزوجها فله أجران"

ويكون إدخاله يف كان بقاؤهم يف الرق تعطيال النتفاع اتمع م، ،كان العبيد ذا الوصف

.صف األحرار أفيد له

،عبيدهمفجعل احتفاظ املسلمني مالكي األرقاء ب ،مضى اإلسالم على درب احلرية والتحرير

ع اإلسالم فلقد شر.مصدر للثراء أن كانت هذه امللكيةبعد ء امللكني،اقتصاديا على هؤال بأع

ويف .حىت أوشك أن يساويهم بسادم مبا ال يطيقون، ،لألرقاء حقوقا ورفع عن كاهلهم التكليف

، إمنا هم إخوانكم فاكسوهم مما تلبسونذر(ض)، أن النيب قال عن العبيد:"عن أيب احلديث

متثل خسارة مادية ذات ال ،إسالمية ةاألمر الذي جعل حتريرهم قرب.)3(ون"تطعم وأطعموهم مما

فقال ،من مصطلحات احلياة االجتماعية ،"أمة"وإلغاء كلمة"عبد"ذهب إىل حد فالرسول ،)4(بال

ويف اجلملة فاالجتاه العام .)5("ال يقل أحدكم:عبدي وأميت وليقل فتاي وفتايتعليه الصالة والسالم:"

وهذا ما عرب عنه حممد الطاهرامليل إىل تصفية هذه الظاهرة، هو،يف التشريع اإلسالميÜÜÜÜÜÜÜÜ

33)سورة، النور،اآلية:1

5083 رقم: - ،باب اختاذ السراري.البخاري صحيح) 2

1661 رقم: - صحيح مسلم ) 3

21،مرجع سابق،ص ضرورات ..ال حقوق،اإلسالم وحقوق اإلنسان ، ) عمارة حممد4

2552 رقم: - كراهية التطاول على الرقيق،باب البخاري صحيح) 5

-88-

Page 103: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إبطال العبودية وتعميم احلرية ،الشريعة اليت دلت على أن من أهم مقاصدها"بقوله: بن عاشور

دية بوجه وحفظ النظام وقف ا عن إبطال العبو ،ولكن دأب الشريعة يف رعي املصاحل املشتركة

لعبودية مع أن وإبطال أسباب جتدد ا العبودية، وإطالق العبيد من ربقة ،، وتعويضها باحلريةعام

ا على نظام الرق،قائمكان ات كان ذلك التوقف من أجل أن نظام اتمع.ذلك خيدم مقصدها

وكانت اإلماء حالئل نازل والغروس ورعاة يف األنعام،فكان العبيد عملة يف احلقول وخدمة يف امل

فكان الرقيق من أكرب اجلماعات اليت أقيم عليها النظام العائلي .بنائهملسادن ودايات أل

ااإلسالم بقلب ذلك النظام رأسفلو جاء .األمم حني طرقتهم دعوة اإلسالملدى ،واالقتصادي

فهذا موجب إحجام ،تعسر معه عودة انتظامه اانفراط ،النفرط عقد نظام املدينة ،على عقب

.)1(عن إبطال الرق املوجود" الشريعة

بل جرى فيها على دأبه يف ،، ومل يغفلها ومل يؤجلهاإبطال الرقمسألة لكن اإلسالم مل يترك

هد للتقدم إىل ميو ،يصلح منها ما هو قابل اإلصالح يف حينه ،االجتماعية واألخالقيةاملساوئ عالج

ما جتلبه حرب إال ه ق جبميع صورفحرم الر كلما يأت دواعيه، ،املزيد من اإلصالح مع الزمن

فإذا مل تكن احلرب مشروعة يف ،كلمة اهللا ءوإعال ،القصد منها رد العدو املهاجم ،مشروعة

احلرب باملن اإلسالم لإلمام أن يتصرف مع أسرى كما أباحفال يترتب عليها استرقاق. قصدها،م

.حسبما تقتضيه مصلحة األمة،الفداء أو

:حرية العقيدة-و)

من ويؤمن ا العقيدة اليت يعتنقها،اختيار يف كامل احلرية نسانلإلوهي تقتضي أن يكون

عددة يف سور مت ب من احلرية يقرر القرآن الكرمي،اجلانويف هذا ،غري ضغط وال إكراه خارجي

العقيدة اقتناع داخلي وعمل ف ن كل إنسان حر يف دينه وعقيدته،أمكية ومدنية ويف آيات كثرية

اد ويعتربها حقا من يقرر القرآن حرية االعتق.وال حيقق غرضا صحيحا ،ي فيه اإلكراهزجي ال باطين

ترك مث ،وأبان له السبيل ،القدرة على التمييزبزوده و اإلنسانذلك أن اهللا خلق حقوق اإلنسان،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

392مرجع سابق،ص ،مقاصد الشريعةحممد الطاهر بن عاشور ،)1

-89-

Page 104: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصريا إنا هديناه :قال تعاىل ،حرية االختيارله

يف ى وير.)2(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي "وقوله تعاىل:.)1"السبيل إما شاكرا وإما كفورا

له كان من األنصار يقال له أبو احلصني نزلت يف رجل قال:" ،أن ابن عباس )3(تفسري هذه اآلية

فأنزل اهللا ا،فإما قد أبيا إال النصرانية،كرمهستأال أ ابنان نصرانيان وكان هو مسلما،فقال للنيب،

جبار مر اإلميان على اإلأي مل جير اهللا أ وقال الزخمشري يف تفسريها "ال إكراه يف الدين"،.هذه اآلية

ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم :"وحنوه قوله تعاىل ،ولكن على التمكني واالختيار ، والقصر

ننيمؤوا مكونى يتح اسالن كرهت تا أفأنيعمولكنه مل يفعل أي لو شاء لقسرهم على اإلميان ،)4( ج،

وبين األمر على االختيار.

س على وال سيما النصارى محل النايقول اإلمام حممد عبده:"كان معهودا عند بعض امللل

الدين وهو أصلألة ألصق بالسياسة منها بالدين،ألن اإلميان وهذه املسالدخول يف دينهم باإلكراه،

راه،وإمنا يكون بالبيان باإللزام واإلكويستحيل أن يكون اإلذعان عبارة عن إذعان النفس وجوهره

ء املسلمنيلدى علما يطرح مل ،حرية العقيدة"أو"احلرية الدينية "علما أن مصطلح " ،)5("والربهان

بل ظهر على أيدي العلماء ،دينه متام اإلدراك وإن كانوا مدركني حلق اإلنسان يف اختيار ،القدماء

. وضع احلريات يف العاملمع احلديث عن حقوق اإلنسان و ،املعاصرين

قه تعين اختيار اإلنسان لدين يعتن فهيكثريا عن تعريفها يف اللغة: تعريف احلرية الدينيةال خيرج

.يقول العالمة حممد أبو إرادته دون إكراه أو جرب من أحد بكاملويؤمن به، بناء على اقتناع تام،

ي ين الذدأن خيتار اإلنسان ال هو ديف االعتقاوجعل األساس ، احترم اإلسالم حرية االعتقادزهرة:"

وأن حيمي دينه الذي التفكري السليم، وأن جيعل أساس اختيارهيرتضيه، من غري إكراه وال محل،

:)6(وبذلك تتكون حرية االعتقاد من عناصر ثالثة، فال يكره على خالف ما يقتضيه، ارتضاه

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

3-2)سورة اإلنسان اآلية 1

256:اآلية ،البقرة ،)سورة2

214،،مرجع سابقالدميقراطية وحقوق اإلنساناجلابري حممد عابد، نقال عن:)3

99 :اآليةسورة ،يونس،)4

)1346—105،ص1981¡4،ع1،عامل الفكر،مجاإلسالم و حقوق اإلنسان(حق احلرية)زكريا الرباوي،نقال عن: )5

32¡31،ص 2009¡1،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع والترمجة،مصر، طومقاصدها يف اإلسالم احلرية الدينية)نقال عن:وصفي عاشور أبو زيد،6

-90-

Page 105: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

.غري مأسور بشيء سابق تفكري حر-أ

العمل على مقتضى ما يعتقد ويتدين به. - ب

لكي مل يرسلوا األنبياءفحىت ،فال يكره بتهديد من قتل أو حنوه ،منع اإلكراه على عقيدة معينة- ج

لسفة ألن ذلك مناقض لف ،أو يكرهوهم على شيء ال يعتقدون صحتهيلزموا الناس بتعاليم دينهم

وترتب األحكام ،وقبول االلتزامات اليت هي شرط الزم لبناء التكاليف االمتحان واالبتالء واحلرية،

.الدينية والدنيوية

فالذي يسلب له ا وصف"إنسان"، اليت يثبت ،إن حرية االعتقاد هي أول حقوق"اإلنسان"

العقيدة وحرية التفكري واإلرادة ف:"حرية ،إمنا يسلبه إنسانيته ابتدءا ،إنسانا حرية االعتقاد

ألا بل هي أعلى منها يف االعتبار، ،كالطعام والشراب واملسكن ،هي مطالب أساسية ،واالختيار

واليت ته،املطالب املتعلقة خبصائصه اليت تقرر إنسانيأي احليوان، نالزائدة يف اإلنسان ع هي املطالب

هناك من ل ب والتفكري واالختيار، رية االعتقاد،اإلسالم ح يف مل درومن مث ،بإهدارها در أدميته

بت وإن سل ،حني يقرر أن حرية العقيدة أكرم ما ميلكه إنسان ،املفكرين من يذهب أبعد من ذلك

ين جي ،عن دينه فتنة مباشرة أو بالواسطةويفتنه ي يسلبه هذه احلرية،فالذ ،منه فذهاب حياته أهون

** دف إىل حتقيق إنسانية اإلنسان، وحفظ من هنا ندرك أن حرية العقيدة .)1(ل حياتهتعليه ق

ع لهوتشر ومن باب أوىل فإن الشريعة ترعى ذلك وحتفظه،العقيدة واإلميان حىت يف أمركرامته ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

63ص نفسه،رجع عاشور أبو زيد ،املوصفي )1

بالكفر،وإما بلفظ يقتضيه،أو بفعل يتضمنه،فقد نص القرآن الكرمي على ذم هذه اوهي رجوع املكلف طوعا عن اإلسالم إما بتصرحي،أما الردة **

الصحيح أن الرسول (ص) قال:"من بدل نص على عقوبة دنيوية.أما يف السنة النبوية فقد ورد يف ندود مقترفها بأشد العذاب األخروي،الفعلة وتوع

حيث مل حيمل أهل العلم ،ألنه من باب العام الذي خصص،أنه ظين من حيث املنت إال،وهو حديث وإن كان صحيحا من حيث السند.دينه فاقتلوه"

فال يقتل إمجاعا،إال أن ،سالم أو غريهمث حتول عنه إىل اإل،وإمنا خصوه مبن بدل دين اإلسالم،أما من كان على غري دين اإلسالم،احلديث على عمومه

هذه الظنية صادفت اجتاها غالبا لدى مجهور أهل العلم بوجوب قتل املرتد دون أن يبلغ درجة اإلمجاع،وسبب اخلالف مرده،هل الردة جرمية

بسات الزمان واملكان،أم هي جرمية عقدية تقديرية يف معاجلتها مبا يناسبها وفق مال -سلطة-فيترك لإلمام،اخلروج عن نظام الدولة سياسية،تتمثل يف

ال خيار لإلمام يف إيقاع احلد عليها،وحجة أصحاب الرأي األول التمسك بظواهر ،فتدخل ضمن جرائم احلدود،اليت هي حق من حقوق اهللا

ذا من جهة النقل،أما من جهة العقل ه،الثابتة من قول النيب (ص) ومن أقوال الصحابة وأفعاهلم ،ومن جاء من بعدهم من التابعني واألئمة،النصوص

خاصة إذا اختذت ذريعة للتشكيك يف الدين أو العبث أو التآمر،وحجة أصحاب الرأي الثاين ما ثبت من ،فإن الردة تشكل خطرا بالغا على اتمع

ة ال عالقة هلا مبسألة حرية العقيدة ،وإمنا بعد فتح مكة وكان قد ارتد،هلذا رأوا أن الردة جرمي،حيث عفا عن عبد اهللا بن أيب السرح،فعل النيب (ص)

املقال و )احلريات الشخصية يف إطار احلريات العامة،( ،بشري عبد العايل مشام: نقال عن.هي مسألة سياسية قصد منها محاية املسلمني من مؤامرات أعدائهم

املكان نفسه.

-91-

Page 106: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فكفل ألهل كل عقيدة حق ،االتاوغري ذلك من يف ميادين العبادة واملعاملة ،الشرائع واألحكام

كما كفل العام والذوق العام لألغلبية، يف حدود رعاية الرأي ، إقامة املعابد وإقامة الشعائر ا

أو يف الوسط العام بشرط عدم انتهاك الشعور ،ألهل كل معتقد إذاعة قيمهم يف وسطهم اخلاص

ولا تجادلوا أهل "قيدة حق الدفاع عن عقيدته باحلسىن:كما كفل لصاحب كل ع ،)1(العام لألغلبية

وأنزل إليكم وإلهنا الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا

سم له نحنو داحو كمإلهونوم2("ل(.

حرية الرأي: -هـ)

وإشاعته بني ،بالنظر والبحثإليه الذي توصل ،حرية اإلنسان يف اإلعالن عن الرأي

الشائع أكثر من وهو املعىن هي الوجه األهم يف حرية الرأي، ناس، و الدفاع عنه واإلقناع به،ال

بأن ،وال يكون له يف جمرى احلياة تأثري ،إذ ما قيمة رأي يبقى حبيس اخلاطر ،غريه يف االستعمال

،إىل الناس سالكاه تعين أن يكون طريق -الرأي-فإن احلرية فيه ومن مث يتبناه اتمع ويعمل به؟

وإن وقع شيء من لآلخرين، نقلهو أ تعيق التعبري عنه من قبل صاحبه، قات اليتواملع بانعدام كل

.)3(ذلك فهو يعترب تقيدا حلرية الرأي

أساسا من أسس قيام ،مبعىن الصدع به وإفشائه بني الناس ،جعل القرآن الكرمي حرية الرأي

ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون ":ل تعاىلاق. ومتتني وحدا ،األمة واحلفاظ عليها

واألمر باملعروف والنهي عن املنكر هو .)4( وأولئك هم المفلحون"بالمعروف وينهون عن المنكر

،فيهاهد أو الز وقد بني الرسوألن تعطيل هذه احلرية له، يف تبليغه واالحتجاج ،صميم حرية الرأي

لتأمرن باملعروف فقال يف ذلك:" يف صلة العباد باهللا، وانقطاع ،نقطاع يف وحدة األمةيفضي إىل ا

ولتنهون عن املنكر،ولتأخذن على يد الظامل ولتأطرنه على احلق أطرا،أو ليضربن اهللا قلوب بعضكم

.)5("ببعض مث تدعون فال يستجاب لكم

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ128-103، مركز التنوير املعريف ، السودان ، ص 2009،أوت 7)، جملة التنوير ،عاحلريات الشخصية يف إطار احلريات العامةبشري عبد العايل مشام ،( )1

46سورة العنكبوت، اآلية : )2

44،ص1992¡1، املعهد العاملي للفكر اإلسالمي ،ط دور حرية الرأي يف الوحدة الفكرية بني املسلمني)عبد ايد النجار ، 3

104 :اآلية،آل عمران،) سورة4

.4336بو داوود يف املالحم رقم :أ) أخرجه 5

-92-

Page 107: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إذ البد أن العامة،فال يسوغ أن تتعدى األخالقيات واحلياة ،هلا قوانينها الرأي ريةحفلمع ذلك

الضابطة واملانعة من اخلروج عن املضمون اإلنساين تكون احلرية مما ال تتناىف مع القواعد العامة

هلذا فإن إطالق ،و تعسفا يف استعمال احلقأو إضرارا بالغري فوضىلحرية،وإال كانت اعي لتمواالج

وهذا حتت مظلة احترام احلرية، ،قضي على حرية اآلخريني بل رية دون قيد ال يعترب من احلرية،احل

كما أنه ال يستقيم مع التكليف. ه العقل،مما ال يقبل

ا فيها حرية التعبري عن رأيهمب ،الفرد حلقوقه وواجباته وحرياته إن الضوابط اليت حتكم ممارسة

منها ما هو منهجي مثل التحري يف تقصي ،ه من االحنرافمجبملة من القيود اليت تعصت طيأح،

وإعالنه يف الناس وهو ما يفيده قوله قبل بناء الرأي عليها ،حقيقتها وفهمها ومتثل ،املعطيات

تم ذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعليا أيها التعاىل:"

نيماد1("ن(.

.ل باحلسىن والدعوة باحلكمةاجلدكا املمارسة،ت اأخالقياألمر يتعلق إذن قبل كل شيء ب

ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هويقول اهللا تعاىل:"

يندتهبالم لمأع وهو هبيلس نل عض نبم لم2(أع(. ي وجل" ويقول عزاب إلا بالتتل الكلوا أهادجلا تو

هنا وإلهكم واحد ونحن له هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإل

ستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه ولا ت :ويقول تعاىل.)3("مسلمون

يممح يلو هة كأناودوا السب لقوله تعاىل:" .وجتنب)4("عبسفي الله وند نون معدي ينوا الذبسلا تو

.)5("ا يعملونبغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانو الله عدوا

لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما "واالمتناع عن اجلهر بالسوء

إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة :يقول تعاىللفاحشة، وكل ما يضرر للمجتمع.جتنب نشر ا.و)6(

.)7("ليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون في الذين آمنوا لهم عذاب أ

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ6 :اآلية ،احلجرات ،) سورة1

125:اآلية،النحل،سورة)2

46)سورة،العنكبوت، اآلية: 3

34)سورة، فصلت، اآلية :4

108)سورة، األنعام،اآلية: 5

148)سورة،النساء،اآلية: 6

19سورة، النور، اآلية: )7

-93-

Page 108: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ولا :يقول اهللا تعاىل.والتعتيم على احلق ،كما يدعو اإلسالم إىل االبتعاد عن الزيف والتضليل

أولئك الذين يزايدون تصرفات يستنكرو ،)1("تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون

أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم : يقول تعاىل وال يلتزمون به يف سلوكهم، الرب،بالدعوة إىل

. بالتجسس واالغتياب لفردل اخلاصة ى عن انتهاك احلرياتنهوي.)2("وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون

الذين آمنوا اجتنبوا كثريا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب يا أيها :"يقول اهللا تعاىل

إن الله قوا اللهاتو وهمتا فكرهتيم يهأخ مأكل لحأن ي كمدأح بحا أيضعب كمضعي بحر ابوم"ت) ñ3(.

وقد تكون تلك العوامل املقيدة حلرية ،تطرأ عليه عوامل تقيد حريته قد إال أن الفكر احلر

بدل أن يتجه املفكر ،اس إىل ما يريده من أفكاريوجه أفكار الن ،متمثلة يف إرهاب فكري ،الفكر

فرعون ملن أراد معرفة قالهما .والقرآن الكرمي يقص علينا،ومنهج النظر ،إىل ما يقتضيه منطق العقل

وط العادات والتقاليد وقد تكون متمثلة يف ضغ ،ما أريكم إال ما أرى"حر:" احلق بفكر

وذلك ،فتضرب على العقل حجابا يعوقه عن رؤية احلق ،املنحدرة من اآلباء واألجداد واملعتقدات،

).4"(لى آثارهم مقتدونإنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا ع :"حتت مقوله

وحرية قول، وحرية تفكري، حرية اعتقادمن ،القول أن باب احلرية مبختلف تفرعاته خالصة

مبا حددت به شريعة اإلسالم أعمال األمة ،مكفول يف النظام االجتماعي اإلسالمي ،وحرية فعل

صلحة املسلمني امللب جلمن األخرى، يف داخل البالد ومع األمم ،يف تصرفام الفردية واجلماعية

ومن ،ودرء املفسدة عنهم وترجيح درء املفسدة على جلب املصلحة إن تعذر اجلميع بني األمرين

مصاحل األمة.سلوك أمثل الطرق السياسية لتأمني

:ضرورة العدل-ى)

وصفة من صفاته سبحانه اهللا احلسىن، امسا من أمساء يف اإلسالم فهوعالية العدل "قيمة"

وكل السبل اليت ين ...فهو املقصد األول للشريعة،الثوابت اليت يدعوا إليها الدمن وهو ،)5(وتعاىل

والعدل يف ،أو ترد يف املأثورات عليها الوحي صصحىت لو مل ين مطلوبة،هي سبل تكفل حتقيقه

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

42)سورة، البقرة، اآلية :1

44)سورة ،البقرة، اآلية: 2

12)سورة احلجرات اآلية: 3

.23)سورة، الزخرف، اآلية: 4

55،مرجع سابق،ص اإلسالم وحقوق اإلنسان) عمارة حممد،5

-94-

Page 109: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إذا هو ،اليت باستطاعة صاحبها التنازل عنها ،من احلقوقواجبة وليس جمرد "حق" اإلسالم فريضة

على الكافة دون فرضها اهللا سبحانه وتعاىل إنه فريضة واجبة،.ر وتأثيم التفريط فيها دون وز أراد

فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم تعاىل" قال.فرضها على رسوله وأمره ا استثناء،

أعل ترأماب وتك نم ل اللهزا أنبم تنقل آملا و الكممأع لكما والنما أعلن كمبرا ونبر الله كمنيل بد

ريصالم هإليا وننيب عمجي الله كمنيبا وننية بجالوالة من وهو فريضة واجبة على أولياء األمور ،)1("ح

إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم ":تعاىل قال.جتاه الرعية املتحاكمني واحلكام،

.)2("بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصريا

وكأساس للتعامل يف اتمع ل لكل ميادين احلياة كقيمة عليا،شاممفهوم العدل يف اإلسالم

وغريها من الواليات، ية القضاء ووالية املال العام،وأساس وال ،فهو قوام الدولة ونظام احلكم فيه

أي من حيث نوطه باحلكام واحلكومات، موجهة بالدرجة األوىل إىل دراسته، عنايتنا به هناو

ولعل ،)3(حق اهللا غالب أو ما يكون فيه، هللاوحق من حقوق ا اعدة دستورية،العدل ق باعتبار مبدأ

ويف قيام أصلح انا ملكانته يف العمران البشري،بي ، أدل ما جاء يف القرآن الكرمي من آيات يف العدل

رد أنه شرك به ،ك باهللاحاربت الشرائع السماوية الشر " ما:ما يدل على أنه ،األنظمة يف الناس

اليت ينحرف ا الناس عن العدل،، وإمنا ملا حيمل يف طياته من بواعث الظلم والطغيان ،سبحانه

يف لق واستخالفهماخلوهو نقيض مراد اهللا يف ،فيكون ذلك سبب يف هالك األمم وشقاء الناس

نة ألسباب فساد املبي ،)4("ويف االجتماع البشري، وحكمته يف إمضاء سننه يف خلقه مارة األرض،ع

وانتظام ، ويف إنزال الوحي على رسله هلداية الناس، ورقيهم وأسباب صالحهم ،األفراد واألمم

.ر مما تستقيم مع الظلم يف احلقوقأكث يف الدنيا مع العدل، ،حيام

حيدثنا عنه رسول اللهعندما وهذا الشمول لفريضة العدل .)5(وذلك أن العدل نظام كل شيء

ما ى الوالة عن غش الرعية "وعندما ينه ،)6("اعدلوا بني أبنائكمأبنائهم" يدعوا اآلباء إىل العدل بني

)7(م اهللا عليه اجلنة"حر إال،ميوت يوم ميوت وهو غاش لرعيته،عبد يسترعيه اهللا رعية من

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

15 الشورى، اآلية)سورة 1

58 النساء، اآلية)سورة 2

195 ، ص1998¡1، مصر، طالشروق ، دارالفقه السياسي اإلسالمي يف ،)فريد عبد اخلالق3

201)املرجع نفسه،ص 4

)املرجع والصفحة نفسها .5

3544،رقم:كتاب الإجارة -سنن أيب داود )6

142،رقمكتاب الإميان -صحيح مسلم بشرح النووي )7

-95-

Page 110: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وحيذرهم من تفريط مبا عليهم جتاه ،بينهم وبني رعيتهمحيدث الوالة عن تكافؤ"العقد"ا وعندم

إن هلم (األئمة) عليكم حقا،ولكم عليهم يقول:".إىل الرعية عن عالقتهم باألئمةفيتحدث ،الرعية

حقا مثل ذلك،ما إن استرمحوا فرمحوا،وإن عاهدوا وفوا،وإن حكموا عدلوا،فمن مل يفعل ذلك منهم

" فيقول: عن العدل، ويورد ابن تيمية يف جمموع الفتاوى ،)1("فعليه لعنة اهللا واملالئكة والناس أمجعني

أكثر مما لذي فيه االشتراك يف أنواع اإلمث ،أمور الناس تستقيم يف الدنيا مع العدل او فيه استقامة،

يقيم الدولة العادلة وإن إن اهللا وهلذا قيل:" م يف احلقوق وإن مل تشترك يف إمث،تستقيم مع الظل

الدنيا تدوم مع العدل والكفر وال تدوم :"ويقالقيم الظاملة وإن كانت مسلمة .وال ي ،كانت كافرة

،وبة من البغي وقطيعة الرحمليس ذنب أسرع عق:ويفسر ابن تيمية قول النيب .مع الظلم واإلسالم

كل وذلك أن العدل نظام كان مغفورا له مرحوما يف اآلخرة، الدنيا وإن فالباغي يصرع يفبقوله:

ومىت مل تقم ق،من خال وإن مل يكن لصاحبها يف اآلخرة بعدل قامت، فإذا أقيم أمر الدنيا ،شيء

يا أيها الذين آمنوا :"تعاىل قال.)2(وإن كان لصاحبها من اإلميان ما جيزي به يف اآلخرة ،بعدل مل تقم

ب للتقوى واتقوا قوامني لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقر كونوا

.)3("الله إن الله خبري بما تعملون

جتاه األصدقاء واألعداء املؤمنني أو الكفار،األمر جتاه سواء كان ، فريضة واجبةإن العدل

ل اق.مع املصلحة الذاتية بسبب تناقضها، "امليل واهلوى"حىت لو صادمت، وكذلك جندها واجبة

ن والأقربني إن يكن يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامني بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدي:تعاىل

إن الله كان بما تعملون غنيا أو فقريا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا ف

اجلميع إزاء على كان الظلم حراماومن مث ، اجب على الكافة جتاه الكافةفالعدل و ،)4("خبريا

ى ث عليه، وحيف آيات كثرية بالعدل ورغب فيه، اهللا تعاىلفعلى قدر ما أمرنا ، )5(اجلميع

يسود ومصري األمم اليتذلك عن ضده وهو الظلم وكره فيه، وحذره منه وبني عاقبة الظاملني، ك

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

11898،رقم المكثرينباقي مسند -مسند أمحد )1

.57،مرجع سابق ص اإلسالم وحقوق اإلنسان، ضرورات..ال حقوقعمارة حممد نقال عن: )2

8املائدة ،اآلية ،)سورة 3

135:اآلية ،النساء ،سورة)4

60،املرجع نفسه،ص اإلسالم وحقوق اإلنسان ، ضرورات ... ال حقوق) عمارة حممد،5

-96-

Page 111: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وأن ما يصيب األمم من نا سنن اهللا يف العمران البشري،وبني ل وتوعدها باهلالك،، الظلم أهلها

.قال تعاىل :)1(وظلمهم أنفسهم ،بالء يرجع إىل أسباب كسبية

1- ؤيوا لا كانمو اتنيبالب ملهسر مهاءتجوا وا ظلملم كملقب نون ما القرلكنأه لقدوا ونم

نيرمجالم مزي القوجن ك2(كذل(

لهتهم التي يدعون من دون الله من شيء وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آ-2

مظال يهى وذ القرإذا أخ كبذ رأخ ككذلبيب ، وتت رغي موهادا زمو كبر راء أما جة إن لم

يددش يمأل ذه3(أخ(

3- لهيل كبا كان رمون وحلصا ملهأهى بظلم والقر 4(ك(

)5(وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا -4

ليؤله نفسه ويعيث يف األرض فسادا، يقص ،ومن الصور اليت استعلى فيها اإلنسان وتطاول

إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف :"قال تعاىل.علينا القران الكرمي قصة فرعون

ومل يكتف"فرعون"بتقسيم .)6("نطائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدي

وإكراههم ، بل عمد إىل محل الناس على عبادته د،واستحياء من أراوقتل من شاء ، اتمع وتفتيته

سببه االستغراق ه إن هذا التأل.)7(وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيريعلى تقديسه:"

م كل املمكنات إلشباع استعمال ع إىلويدف، على التسلط الذي يبعث، الذاتحب يف

تصرفه عن رؤية ما فيه من اليت ،وحيمل الفرد على أن يصبح مهه الوحيد اإلنفراد بعظمته ،"األنانية"

أن ال إذ يصور له وهم نفسه: وبذلك يتحول الفرد من"األنا اجلزئية" إىل" األنا الكلية"، نقص،

حىت ال تزاحم وال علم إال علمه،، أيهروال رأي إال ، وال كمال إال كماله ،ال وجودهوجود إ

.)8(عظمته عظمة أخرى

بآماهلم اس يف أمواهلم ذاهبأعلم أن العدوان على الن"ا ما ذهب إليه ابن خلدون بقوله:وهذ ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

205،ص 1998¡1،دار الشروق،مصر ط يف الفقه السياسي يف اإلسالم)فريد عبد اخلالق ،1

13)سورة ،يونس ،اآلية :2

102¡101) سورة، هود ،اآلية: 3

117) سورة ،هود ،اآلية: 4

59) سورة، الكهف ،اآلية:5

4) ) سورة، القصص: اآلية: 6

38)سورة، القصص ،اآلية :7

186، ص اتمع اإلنساين يف القرآن)حممد التومي، 8

-97-

Page 112: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

من أيديهم.وإذا ذهبت انتزاعها ملا يرونه حينئذ من أن غايتها ومصريهايف حتصيلها واكتساا،

وعلى قدر االعتداء ونسبته أيديهم عن السعي يف ذلك، انقبضتوحتصيلها، ماهلم يف اكتسااآ

ب يف مجيع أبوا فإذا كان االعتداء كثري عاما الرعايا عن السعي يف االكتساب، يكون انقباض

وإن كان مجلة بدخوله من مجيع أبواا، لذهابه باآلمال، كان القعود عن الكسب كذلك املعاش،

.)2(ن االنقباض عن الكسب على نسبته"كا، ااالعتداء يسري

والتصرف حتت أمره ويه،، إال بالشريعة والقيام هللا بطاعته إن امللك ال يتم عزهمث يضيف:"

وال سبيل إىل وال قوام للرجال إال باملال، جال،وال عز للملك إال بالر، بامللكوال قوام للشريعة إال

هااع فانتزعتعمدت إىل الضي، وأنت أيها امللكوال سبيل للعمارة إال بالعدل... ة،املال إال بالعمار

ارها،من أرباهل واخلدم وأ أقطعتها احلاشية ال،ومن تؤخذ منهم األمو، وهم أرباب اخلراج ا وعم

وا يف اخلراج لقرم من وسوحم ظر يف العواقب وما يصلح الضياع،فتركوا العمارة والن البطالة،

فاجنلوا عن ضياعهم وخلو ار الضياع،ووقع احليف على من بقي من أرباب اخلراج وعمامللك.

ت ت العمارة وخربت الضياع وقلفقل الضياع فسكنوها، إىل ما تعذر من وآووا ديارهم،

.)3("اليت ال تستقيم دعائم امللك إال ا...األموال

قال والركون إليهم ، حذر اهللا عز و جل من جمارات الظلمة ونظرا لفظاعة جرمية الظلم،

أي .)4(م لا تنصرونولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثتعاىل:"

لوم يف اوتو، قروم على ظلمهمفت ،تعتمدون عليهم فتجعلوهم ركنا لكم، ال تسندوا إليهم،

ويقدمونكم يف واليتهم ملا أو يستعملونكم فيما حتت يدهم من سلطان، السياسات واألعمال،

الظلمة من احلكام يؤثرون تقدمي فإن أنسوا منكم االستعداد للركون إليهم واالستظالل بسلطام،

فالركون املنهي عنه يتجسد املعىن، واضحةواآلية .شأن من يطلب رياسة نفسه من يقيم رئاستهم،

وشبيه بطانة السوء يف زماننا احلاضر أن اليت ال تدخر جهدا ملساندته يف ظلمه، يف بطانة السوء،

فهذا الركون املنهي عنه يف وعصبته احلزبية، من شيعته السياسية يكون املرتكز إىل احلاكم اجلائر،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

272،ص 2004،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،بريوت، لبنان (ب.ط)، املقدمة )ابن خلدون،1

273)املصدر نفسه،ص 2

113)سورة هود ،اآلية،3

-98-

Page 113: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

قالت:مسعت أيب يقول العصبية اليت ى عنها رسول يف حديث امرأة يقال هلا فسيله، وهو اآلية،

ولكن من العصبية أن ،:سألت النبيفقلت يا رسول اهللا أمن العصبية أن حيب الرجل قومه؟ قال:"ال

رفع اهللا احلرج عن املظلومني، يعني الرجل قومه على الظلم".ويف جمرى هذا الصراع الدائر والدائم،

فالذين يثورون يف وجه بل هم مأجورين، فال سبيل عليهم يف ذلك، إن هم هبوا ملقاومة الظاملني،

ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل :"قال تعاىل.ليس عليهم من سبيل الظلم،

اسون النمظلي ينلى الذع " يمأل ذابع مله كأولئ قر الحيض بغي الأرون فغبي1(و(

ÜÜÜÜÜÜÜÜ41 الشورى، اآليةسورة )1

-99-

Page 114: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

البعد اإلنساين يف صحيفة املدينة-)2

مبرحلتني رئيسيتني يف مسار تطورها:مرحلة مكة ،مرت الدعوة احملمدية كما هو معروف

وهذا كانت االنطالقة من مكة املركز التجاري والديين لقبائل شبه اجلزيرة العربية، ومرحلة املدينة،

ال سيما قبيلة قريش املستفيد -من قبل هذه القبائل ،ما يفسر اهلجوم الذي قوبلت به هذه الدعوة

ميكن إرجاعه إىل اخلوف ،مارسته قريش ضد الدعوة احملمديةفالعداء الذي -األكرب من الوضع

دد ألن الدعوة إىل املساواة والعدالة االجتماعية وعبادة إله واحد، على مركزها التجاري واملايل،

.)1(وتذهب مكانتها السياسية واملعنوية بني القبائل، املصاحل االقتصادية لقريش

لذلك كان بكوا مرحلة تعىن بتصحيح العقيدة، ،املرحلة املدينيةعن لقد متيزت املرحلة املكية

فنجد أن أسلوب اخلطاب القرآين الغالب أسلوب القرآن املكي متماشيا مع ذلك الوضع القائم،

ال بوصفهم قبائل، ،واملقصود عمليا هم سكان مكة جاء بصيغة "يا أيها الناس"، ،على هذه الفترة

واالنضمام إىل من سبقوهم يف ،ومبا أنزل عليه، منهم اإلميان مبحمد يطلب ،بل بوصفهم أفرادا

الذين يرى بعض املفكرين أم النواة األوىل لتشكيل العقل صحبته،إىل أصحابه أو اإلميان،

جيب أن دور العقيدة يف تكوين العقل السياسي العريب يف هذه املرحلة،"ف السياسي العريب،

مبعىن أن الشيء ، اليت كانت "مجاعة روحية" اجلماعة اإلسالمية األوىل،يلتمس أساسا عند هذه

.)2("هو اإلميان باهللا وبرسوله بعضهم ببعض، ،الوحيد الذي كان يربط بني أفرادها

تكمن يف كيفية تنظيم ،واجهت الرسولبعد اهلجرة إىل املدينةلقد كانت القضية األوىل اليت

وقد أظهراهتمامه ذه القضية يف روا مكة تاركني ديارهم وممتلكام،الذين غاد عيش املهاجرين،

خصصها كلها هلذا املوضوع.فقال بعد أن محد حيث أول خطبة ألقاها بعد وصوله إىل املدينة،

هلا مث ليدعن غنمه ليس تعلمن واهللا ليصعقن أحدكم ،فقدموا ألنفسكم:أما بعد أيها الناس" اهللا،

¿فبلغك رسويلأمل يأتك ه:حاجب حيجبه دونوال ليس له ترمجانو ،ربهمث ليقولن له ،راع

مث فال يرى شيئا، ،ومشاالفلينظرن ميينا ؟فما قدمت لنفسك ،أفضلت عليكووآتيتك ماال

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

350،ص1997،منشورات إحتاد الكتب العرب، اتمع املدين و الدولة السياسية يف الوطن العريب) توفيق املديين،1

60،ص2000¡4،مركز دراسات الوحدة العربية،بريوت،لبنان ،ط العقل السياسي العريب) اجلابري حممد عابد،2

-100-

Page 115: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق من مترة ،جهنـم فال يرى غري ،لينظرن قدامه

إا ..)1("أمثاهلا إىل سبعمائة ضعففإن ا جتزى احلسنة عشر ،ومن مل جيد فبكلمة طيبة ،فليفعل

ولكي جيسد هاجرين،مصار وأن ،بني مجيع املسلمني ،التكافلدعوة واضحة إىل التضامن و

فآخى بني املهاجرين بعضهم مع دعا إىل املؤاخاة، ،يف واقع اجتماعي ملموس ذه الدعوةالرسوهل

ذلك حق التوارث،يفمبا ،املساواةكانت املؤاخاة على احلق و حيث وبينهم وبني األنصار،، بعض

اليت كانت ،لة العيش املشتركأهذا عن مس. )2("فالرجل يرث صاحبه حىت و لو مل يكن من أقربائه

لنيب.لدى الرعيل األول ممن آمن با ،يف صميمها امتحانا ملدى رسوخ عقيدة اإلميان

لة التعايش بني أفراد جمتمع معظمه الزال قائما على أفهي مس، املسألة الثانية اليت واجهتهأما

يصعب القيام ،بني خمتلف مكونات جمتمع املدينة آنذاك فبدون نظام حيدد طريقة التعايش القبلية،

حيث "، صحيفة املدينة يف هذا اإلطار جاءت" . جلها اهلجرة إىل املدينةأة اليت كانت من مبامله

هم على دينهم قروأ ،وادع فيه اليهود وعاهدهم األنصار،املهاجرين و كتابا بني، كتب الرسول

.شترط عليهموأ وشرط هلم ،وأمواهلم

- يف احلضارة اإلسالمية-أول وثيقة سياسية دنيوية ،تعترب صحيفة املدينة*الناحية التارخيية

وضعها لية والدينية،على اختالف انتماءام القب ،صيغت ألجل ترتيب العالقات بني سكان املدينة

تعرب عن الدستور الذي اتفق أن تسري وفقه وهي من الوجهة القانونية، ،الرسول وصاغها بنفسه

خاصة بعد ،العالقات داخل املدينة.لقد كانت الوثيقة مبثابة معاهدة ينب مجيع بطون وعشائر يثرب

م يف املدينة جبوار قبائل وبعد هجرة الصحابة وعيشه اعتناق طائفة من األوس واخلزرج لإلسالم،

فغاية نظام الصحيفة وهذا ينسجم مع الدور الذي كان يرجى أن يلعبه النبيفي املدينة، أخرى.

.)2(وليس تدبري شؤون املسلمني فحسب ،ترتيب العيش يف املدينة جلميع سكاا

لسيادة وحدة البطون والعشائر، ،قائمة على االحترام الكامل ،لقد جاءت مجيع بنود الصحيفة

اليت تأهلها للدخل يف حتالفات ،فالعشرية كانت آنذاك حتوز على الشخصية املعنوية واحلقوقية

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

الوثائق .ورد النص كذلك يف:حممد محيد اهللا، 125،ص1995¡2،ط2،دار الصحابة للتراث،طنطا،مصر،جسرية النيب(ص)ابن هشام، نقال عن:)1

62-59،ص ص،1985¡5ة،دار النفائس،طللعهد النبوي و اخلالفة الراشدالسياسية

92،مرجع سابق،صالعقل السياسي العريب)اجلابري حممد عابد،2

54،ص1998¡1،دار احلصاد للنشر و التوزيع،دمشق،سوريا،طاإلسالم و السلطان و امللك) أمين إبراهيم،3

-101-

Page 116: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

سياداحتترم ، أفراد، وإمنا كانت بني وحدات قبليةومعاهدات، هلذا مل تكن الصحيفة عقدا بني

أن كل عشرية تبقى على ربعتها* ،مبوجب العقد احتراما كامال.فقد أقر النص ذا الصدد

ويف نفس الوقت . وهي مسؤولة عن كل عقل أو فداء يطال أحد أفرادها يتعاقلون معاقله األوىل،،

)1(حدة قبليةتقرر بنود الصحيفة مبدأ النصرة داخل كل و

هو أا أجرت العرف القبلي على جموعة ،إن األمر الذي يستدعي االنتباه يف بنود الصحيفة

فقد عومل املهاجرون على أم وحدة قبلية قرشية وهذا أمر بالغ األمهية، ،املهاجرين من قريش

كانت يف هذه الفترة ومن هذا يتضح أن الرابطة الدينية ،خلوا يف املعاهدة على هذا األساسود

مل تتطور بعد إىل لغة اجتماعية. ،رابطة معنوية

الذي ،للحقوق -احلقوق العامة–تبني البعد اجلماعي إن القراءة املتأنية لنصوص الوثيقة،

هو جمموع األفراد ،ألن اتمع يف اية املطاف كما تنعكس الواجبات أيضا، ،ينعكس على األفراد

ومع ذلك جاءت ويقع عليهم ما يقع عليه من شر، ،فيناله ما يناهلم من خري م،الذين يتكون منه

الذين دجموا مبوجب ، ألطراف الوثيقة خصوصا اليهود ،الوثيقة تراعي حقوقا وواجبات خاصة

جيري وأصبحوا ميارسون حيام الطبيعية دون متييز، العام،يف النسيج االجتماعي هذه الوثيقة

فال جيوز ،مع ضمان حرية تدينهم واحملافضة على أماكن عبادم سواهم، عليهم ماجيري على

أال يف مقابل ذلك تشترط الوثيقة عليهم،- االسالم-ألحد اكراههم على اعتناق الدين اجلديد

وهذا البند كما هو مالحظ خيدم يتحالفوا ضد الرسوألوضد أي طرف من أطراف الوثيقة،

كان ميكن أن يستغل على سالمة املدينة من أي عدوان خارجي،وحيافظ ، مصلحة مجيع االطراف

حالة الالتوافق بني خمتلف مكونات اتمع املديين آنذاك.

الضامنة املواد،اليت تضمنت ،نستطيع الوقوف على أهم بنود االتفاقية ،بالرجوع لنص الوثيقة

وهي كالتايل: ،بني ساكنة املدينة آنذاك ،للحقوق والواجبات

:املسلمون أمة واحدة من دون الناس.وهنا يالحظ غياب استعمال مصطلح القبيلة أو البند االول-

ÜÜÜÜÜÜÜ129-126،ص ص 1995¡2،ط2دار الصحابة للتراث،طنطا،مصر،جسرية النيب(ص)،ابن هشام،*راجع نص الصحيفة:

)املرجع والصفحة نفسها1

-102-

Page 117: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وبالتايل فاال مفتوح ،وليس على العصبية ،مبنية على العقيدةألن الرابطة بني أبناء األمة العشرية،

مبجرد النطق بالشهادتان. ،لالنضمام إىل هذه األمة

يف شؤون احلروب ،:حافظت الوثيقة على العرف املعمول به بني القبائل آنذاكالبند الثاين-

.)1(والديات" فكل طائفة منهم تفدي عانيها( أسريها) باملعروف"

"فاملؤمنيني اليتركون مفرحا(فقري) بينهم أن ،:احلفاظ على روح اجلماعة واألمن العامالبند الثالث-

أو ،يف فداء أوعقل(دية).. املؤمنني املتقيني أيديهم على من بغى أو ابتغى ظلما يعطوه باملعروف،

ن أقر مبا يف هذه وأنه"الحيل ملؤم."ولوكان ولد أحدهم إمثا أو عدوانا أو فسادا بني املؤمنني،

أن ينصر حمدثا أو يأويه..." ، الصحيفة وآمن باهللا و اليوم اآلخر

مع "لليهود دينهم وللمسلمني دينهم"، ،ضمان حرية التدين للموقعيني على الوثيقةالبند الرابع:-

"وإنه من تبعنا ،فقد جاء يف الوثيقة -أومايسمى اليوم بالدفاع املشترك-احملافظة على مبدأ النصرة

.)2(غري مظلومني ال متناصر عليهم" ،فإنه له النصر واألسوة ،من يهود

."إال من ظلم وأمث" ،: حرية التنقل داخل وخارج املدينة دون شرطالبند اخلامس-

تمعات شبه ،وهي بنود راعت التركيبة االجتماعية ،م البنود اليت نصت عليها الوثيقةهأهذه

كثر من قيامها أ ،كانت قائمة على العرف ،فاحلياة االجتماعية للعرب وقتها نذاك،آاجلزيرة العربية

وهنا . شئة آنذاكاالن لتوطيد دعائم الدولة االسالميةاستثمره الرسولوهذا ما على القوانني املكتوبة،

بلغة فالوثيقة تعد ،ال بلغة عصرنا رها،أنه جيب أن تقرأ الوثيقة بلغة عص جيب تنبيه الدارس للوثيقة،

خاصة وأا تعرضت ملشكالت المثيل له يف تاريخ التشريع، ،)3(فقهاء الدستور سبقا دستوريا

داخل جمتمع متعدد مثل مشكلة املواطنة وحتقيق االنسجام، -والتزال اىل يومنا هذا - عويصة

وليس زام بالدفاع عن الدولة ومصاحلها،بشرط اإللت فاعترفت للجميع حبق املواطنة، اإلثنيات،

على املسلمني لى اليهود نفقتهم وف"ع الذي مل تلزم الوثيقة به اليهود، بشرط اإلنتماء الديين،

.)4(على من حارب أهل هذه الصحيفة" وإن بينهم حق النصرة، نفقتهم،

ÜÜÜÜÜÜÜ

127،مصدر سابق،ص سرية النيب(ص)ابن هشام، )1

128نفسه،) املصدر 2

95ص 1993¡1،مركز دراسات الوحدة العربية،طاإلسالميةاحلريات العامة يف الدولة ) الغنوشي راشد،3

129،مصدر سابق،ص سرية النيب(ص)) ابن هشام،4

-104-

Page 118: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ا الذين رفضوا أم وأدى الذي عليه،، متاحة لكل من طلبها والتحق بإقليم املدينةإن املواطنة

وإن كانوا جزأ ،وهم بذلك ،فليس على الدولة من التزام جتاههم –وإن كانوا مسلمني –ذلك

إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا "قال تعاىل:.)1(فهم خارج نطاق الدولة سياسيا من األمة عقائديا،

ينالذو بيل اللهي سف فسهمأنو همالوبأم لموا ونآم ينالذض وعاء بيلأو مهضعب كوا أولئرصنا ووآو

نصر إلا على قوم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم ال

يبو كمنيبريصلون بمعا تبم اللهو يثاقم مه2"(ن(.

فلقد أصبحت مجيع العناصر لقد أعطى نص الصحيفة املعامل الكربى لفكرة الدولة االسالمية،

ملشاركة القبائل ا االنصار، الشعب(املهاجريني، اليت عرف ا الفكر السياسي مفهوم الدولة متوفرة،

السلطة ممثلة يف شخص .يثرب (املدينة املنورة فيما بعد) اإلقليم اجلغرايف،يقة).يف التوقيع على الوث

من فكل نزاع ينشب"بني أهل هذه الصحيفة، ،ه املرجعية العليا لفض املنازعاتباعتبار، النيب

.فإن مرده إىل اهللا عز وجل وإىل رسوله حممد حدث أو اشتجار خياف فساده،

فهي تكفل حقوقه يف متماشية مع نظرة اإلسالم املتوازنة لإلنسان، ،لقد جاءت صحيفة املدينة

حتدد ما عليه من واجبات وهي من جهة أخرى ،اتمع اإلنساينداخل ،توفري شروط احلياة اآلمنة

حىت بعد ،األساسي لتماسك اتمع املديين آنذاكوذا كانت الصحيفة الضامن جتاه هذا اتمع،

ن هذا أ ،هلذا ميكن القول. ومتردوا على الوثيقة اليت ارتضوا بنودها يف البدايةد ن نقض اليهود العهأ

وتقدميه قراءة معاصرة تتماشى وروح العصر ،وإعادة قراءته ،ميكن استثماره اليوم النموذج املتوازن

سياسية و ،نتهازيةاالكما يغلب فيه الظلم و ،)3(التطرفيف وقت يغلب فيه الشطط و لعامل اليوم،

حقوق اإلنسان كما نصادفها يف نذلك أل عند احلديث عن حقوق اإلنسان، ،الكيل مبكيالني

ترتبط بفكرة الواجبات وال - القرآن و السنة -حلقوق اإلنسان النصوص املؤسسة للرؤية اإلسالمية

ال نفعيا، جتعل من اإلنسان خملوقا أنانيا، مان احلقوق وحدها دون واجباتض ألن تنعزل عنها،

يف ن الكرميها القرآوهي الصورة اليت يعرب عن مصاحله، ققيحت طاملا استطاع، يبايل حبقوق اآلخرين

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

95¡94،مرجع سابق،) الغنوشي راشد1

72)سورة األنفال،اآلية:2

و القانون الوضعي أكادميية نايف ،أعمال الندوة العلمية:حقوق اإلنسان بني الشريعة اإلسالميةحقوق اإلنسان يف صحيفة املدينة)كامل شريف،3

66،ص2001¡1للعلوم األمنية،الرياض،ج

-105-

Page 119: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وإن يكن لهم الحق يأتوا ¡وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون :"تعاىلقوله

ننيذعم هواالستهتار حبقوق األخريني. ، سيطر عليها حب الذات،احلاالت وغريهاهذه .)1("إلي

بلغة وظروف ذلك الزمان - باالضافة لنصوص خطبة حجة الوداع- هلذا نقول إن قراءة الوثيقة

إن حنن أردنا التميز -بلغة حاضرنا اليوم–وما ميكن أن نقيسه على منواهلا يبني لنا أمهيتها التارخيية،

االسالمي النموذج -اليت أصبحت بالنسبة للفكر العريب ناب التبعية للرتعة املركزية األنوارية،واجت

الذي تستلهم منه كل رغبة يف التجديد. ،اجلاهز

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

49¡48) سورة النور،اآلية:1

-106-

Page 120: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 121: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

اإلسالم:الفكر املقاصدي كتأسيس حلقوق اإلنسان يف

يسمى بنهاية عصر وآخر إبداعاا فيما أهم ما أنتجته العقلية األصولية، نظرية املقاصد متثل

األحكام لكشف مناط ،وتنبع هذه األمهية مما متثله املقاصد من حافز للتفكري النهضة الفقهية،

وجمارات الواقع ،تطوير الفقهفتمثل تلك الغايات مقصدا ميكن االرتكاز عليه يف وغايات املشرع؛

يف بلورة هذا النمط من التفكري ، واالجتماعيةامهت جمموعة من الظروف السياسيةس وقد.تغريامل

حياول الذي ، املقاصدي، فاختذت بذلك موقعا جعلها ضمن حلقات التطور الطبيعي ألصول الفقه

.التكيف مع الواقع املتجدد

ظهرت حتديات أفرزا سياقات سياسية (هـ)،القرن التاسع ةغاي إىلالقرن اخلامس ةفمنذ اي

واعد مبا فيها ق ،أدت إىل توهني البنية املعرفية العامة لإلسالم-ابتداء من اخلالفة العباسية - يدةجد

وتعيد ضوابط التفكري ،اقعفكان على األصوليني رسم مناحي جديدة تستوعب هذا الو االستنباط،

باعتبارها الصيغة الوحيدة لضمان ،ا على الكليات والقواعد العامةاالهتمام منصبفكان . الديين

.)1(ومعاجلة الواقع املتغري ،استمرارية الرسالة

وذلك حيصل بإصالح هو جلب الصالح ودرء الفساد،املقصد األعظم من الشريعة إن

كان يف صالحه ،املهيمن على هذا العامل -اإلنسان-فإنه ملا كان هو ،حال اإلنسان ودفع فساده

الذين هم أجزاء ،ولذلك نرى اإلسالم عاجل صالح اإلنسان بصالح أفراده ،صالح العامل وأحواله

الذي يسوقه إىل ،الذي هو إصالح مبدأ التفكري اإلنساين ،فابتدأ الدعوة بإصالح االعتقاد، نوعه

الباطن حمرك ألن ،إلنسان بتزكية نفسه وتصفية باطنهمث عاجل ا ،يف أحوال هذا العاملالتفكري احلق

إذا صلحت صلح ،أال وإن يف اجلسد مضغة "كما ورد يف احلديث ،اإلنسان إىل األعمال الصاحلة

وقد قال احلكماء اإلنسان عقل ختدمه ،"أال وهي القلب ،اجلسد كله وإذا فسدت فسد اجلسد كله

).2(األعضاء

وهي عدل كلها ،احل العبادة يف املعاش واملعادمراعاة مص ،وأساسهامبناها إن الشريعة

ضدها،فكل مسألة خرجت عن العدل إىل اجلور وعن الرمحة إىل ،ومصاحل كلها ورمحة كلها،

بالتأويلوإن أدخلت فيها ،فليست من الشريعة وعن احلكمة إىل البعث وعن املصلحة إىل املفسدة،ÜÜÜÜÜÜÜÜ

هـ نقال عن 1426-16) السنة 38العدد (جملة البصائر ¡التشريع اإلسالمي بني التفكري املقاصدي والتفكري القيمي)أمحد،(معتصم سيد )1

http://albasaer.org/index.php/post/186م2005الرابط:

276،ص 2001¡1طالنقاش للنشر والتوزيع ،األردن، دار،حتقيق حممد الطاهر امليساوي،مقاصد الشريعة اإلسالمية،نقال عن:الطاهر بن عاشور)2

Page 122: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

-107-

الذي قامت به السماوات ،وهو العدلليقوم الناس بالقسط ،وأنزل كتبه ،اهللا أرسل رسلهف

م شرع اهللا ودينه فث ،وقامت أدلة العقل بأي طريق كان ،فإذا ظهرت أمارات احلق ،واألرض

وأبطل غريه من ،راته يف نوع واحداوأدلته وأم العدلواهللا تعاىل مل حيصر طرق ورضاه وأمره،

مبوجبها وجب احلكم ،ا احلق ومعرفة العدلفأي طريق استخرج اليت هي احلق والعدل، ،الطرق

ولكن .اليت هي املقاصد املراد غاياا، ماوإن ،ال تراد لذاا ،الطرق أسباب ووسائلف ،ومقتضاها

نبا وأمثاهلا،ه من الطرق على أسعه مبا شروهي إال ،ولن جتد طريقا من الطرق املثبتة للحق با

ولقد بقوله:" ،طاهر بن عاشورحممد ال ذهب إليه الشيخ وهذا ما.)1(شرعه وسبيل للداللة عليها

قد كما ،ما أراد من اإلصالح املنوه به جمرد صالح العقيدة وصالح العمل ،علمنا أن الشارع

.)2( "بل أراد منه صالح أحوال الناس وشؤوم يف احلياة االجتماعية ،يتوهم

فمن القواعد باجلانب الضروري من مصاحل الناس، جيدها تتعلق ،إن املتأمل يف كل احلقوق

بكفالة ،هو حتقيق مصاحل الناس ،والقصد العام للشارع من تشريعه األحكام ،الفقهية املعروفة

م مضروريام وحتسيناوإذا فقد ، ما تقوم عليه حياة الناسهو"واألمر الضروري، ،وتوفري حاجيا

ا أن إم ،فحقوق اإلنسان.وعمت فيهم الفوضى واملفاسد ومل تستقم مصاحلهم أختل نظام حيام،

كحق احلياة ،ا أن تكون متعلقة حبفظ النفسوإم.كحرية العقيدة والفكر على الدين، تكون حمافظة

ملعاملة وعدم القهر أو واحلق يف حسن ا ،وحق للجوء واهلجرة ،وحق األمن وحق العدالة

وحق ،وحق التعليم والتثقيفكحق حرية الفكر ،ا أن تكون متعلقة حبفظ العقلوإم.التعذيب

،واحلق يف سرية احلياة اخلاصة ،كحق الكرامة واملساواة ،ا أن تكون متعلقة حبفظ العرض.وإماحلرية

ا أن تكون مرتبطة ومتعلقة حبفظ املالوإم. وحق رعاية األطفال وتربيتهم ،وحقوق املرأة اخلاصة

فحفظ الكليات اخلمس . واحلق يف العمل والضمان االجتماعي ،كحق اإلنسان يف أمالكه وأمواله

لقاعدة اتفاقا مع ا ،بتمام هذه احلقوق املؤدية إليها إال ،وال تتم هذه الواجبات ،من الواجبات

.)3(ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب" ،الفقهية املشهورة

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

275)املصدر نفسه ،ص 1

20ص ، دار الفكر،دمشق ،سوريا(ب.ط)،(ب.ت)،حنو تفعيل مقاصد الشريعة،مجال الدين عطية)2

143ص املرجع نفسه،)3

Page 123: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

-108-

وهو نظام اجتماعي له أثر ،الدين سلطة عليا تقوم على فكرة العقاب والثواب حفظ الدين:-أ)

ألن العالقة وثيقة بني الدين وقواعد السلوك.ويؤكد الكثري من علماء كبري يف تنظيم اتمع،

كونه يتضمن عالقة ال تقوم بني ،على أمهيته يف ضبط سلوك األفراد واجلماعات معا ،االجتماع

فالدين يفرض جزاء ميكن حسب، لكنها تقوم كذلك بني اإلنسان وقوة أعلى منه،إنسان وآخر ف

فالنظام الديين سلطة قوية لتنظيم العالقات ، كاخلوف من غضب اهللا وصفه بأنه فوق اجتماعي،

اال ميكنه وهلذا فإن قواعد السلوك اخللقي،.يف ضوء مشيئة قوى فوق بشرية ،االجتماعية بني الناس

ستمرار بدون سلطة االعتقاد الديين.البقاء واال

جند أن مبادئه تقوم على ضبط اعتقاد وسلوك الفرد لديانات،لوإذا تناولنا اإلسالم كخامت

ولكنه ضبط يأيت كنتيجة ،ليحقق يف النهاية خري البشرية.وهو ليس ضبطا ألهداف مادية أو وظيفية

وبالتايل يؤدي ذلك إىل وهذا هو معىن اإلسالم، حتمية إلميان الفرد وتسليمه الكامل ألوامر اهللا،

هو ،تكوين شخصية فعالة يف تكوين البناء االجتماعي.فالضبط االجتماعي من املنظور اإلسالمي

أهم ،حفظ الدينكان هلذا.)1(يف بناء وتعزيز املؤسسات االجتماعية ،نتيجة طبيعية ملسؤولية اتمع

نأل ،هذا املقصد العظيم معرضا للضياع ن يكونأميكن وال قصد من مقاصد الشريعة اإلسالمية،م

شؤون - نه ليس هلاأن تتصور أ لكو ،وخرابا للدنيا بأسرها ،صد األخرىيف ذلك ضياع للمقا

.والغين على الفقري ،وي على الضعيفكيف يتسلط فيها الق ،وليس عليها رقيب ،سلطان -احلياة

من املبادئ أي مبدأف، رجوة منه ال تتحقق إال بالعمل بهالثمرة املو ،فالدين اعتقاد وعمل

مادام غري ،الالفع هثرأ يكون له ال ،حججه وحسنت صياغة نصوصه وأقنعت ،مهما مست معانيه

.ن معانيه لتضيع مهما فهمتأو ،ظتولو حفإن النصوص اليت تضمنه تنسى .مطبق يف واقع احلياة

هو املبدأ الذي ،يف القلوب يرتل احترامهو ،فال تضيع ت معانيهثبوت ،هظألفا ظولكن املبدأ الذي حتف

ال يف نصوصه ،فرضا على املسلمني، الدين ظلذلك كان حف يف الواقع، عمال ،يطبقه أهله

.)2(وإمنا يف العمل به فحسب

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

faculty.ksu.edu.sa/mazamil/DocLib4:نقال عن:الدين والضبط االجتماعي الزامل حممد بن عبد اهللانقال عن: )1

196،ص 1998¡1،دار اهلجرة للنشر،والتوزيع،الرياض،طمقاصد الشريعة وعالقتها باألدلة الشرعيةحممد سعد بن امحد مسعود اليويب ، )2

109-

Page 124: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وأن ت البشر،ن حيكم تصرفاأو ن يؤدي غرضه على األرضأهو ،ن املراد حبفظ الدينإ

يف ،بعض س يعتدي بعضهم علىافالن ويرد صاحب الباطل عن باطله، ،احلق حبقه يقضي لصاحب

من املعلوم ما حيققه حفظ الدين و ويعتدون على أمواهلم وأنفسهم، ،و عرضهم ونسلهم مدينه

.)1(وحتقيق املصاحل ودرء املفاسد ،وحتقيق مقاصده من العدل ،بترسيخ مفاهيمه يف النفوس

قتلوا قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا ت: "قال تعاىل

طنا بما وهنم را ظهم شاحوا الفوبقرلا تو ماهإيو قكمزرن نحلاق نإم نم كملادي أوالت فسلوا النقتلا تو

ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ ¡حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون

طسان بالقيزالمل وفوا الكيأوو هدأش دهبعى وبكان ذا قر لولوا ودفاع مإذا قلتا وهعسا إلا وفسن كلفلا ن

.)2( "الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون

حفظ النفس :-ب)

ويف كل ،ألن العامل مركب من أفراد اإلنسان ،حفظ األرواح من التلف ،ومعىن حفظ النفوس

بل ،ل ا الفقهاءوليس املراد حفظها بالقصاص كما مث ،نفس خصائصها اليت ا بعض قوام العامل

مثل ،قبل وقوعه بل احلفظ أمهه حفظها عن التلف القصاص هو أضعف أنواع حفظ النفوس،جند

ن دخول الشام ألجل طاعون اجليش م وقد منع عمر بن اخلطاب.مقاومة األمراض السارية

حفظ بعض أطراف النفس يف انعدام املنفعة بتلك ،ويلحق حبفظ النفوس من اإلتالف عمواس،

.)3(الدية كاملة" ،مثل األطراف اليت جعلت يف إتالفها خطأ ،النفس

منذ عهد أدم عند البشرية مجعاء، وأشدهأعظم ظلم اجتماعي ،إن قتل النفوس بغري حق

وكيف رض،األ على وجه وقعت ظلما ،القرآن الكرمي حيدثنا عن أول جرمية قتلو.(عليه السالم)

وهو جير ويصور لنا الظامل .يوم القيامةيستوجب النار ،كانا يعدان أن القتل ظلمواملقتول أن القاتل

حياول دفع الظلم وهو كما يصور لنا املظلوم حرج،رغم اإلنكار والت ،اقتراف هذا الظلم نفسه إىل

واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل :قال تعاىل .باليت هي أحسن

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

وما بعدها. 198) املرجع نفسه، ص1

152¡151) سورة ،األنعام،اآلية:2

303مرجع سابق،ص مقاصد الشريعة اإلسالمية،الطاهر بن عاشور،)حممد 3

-110-

Page 125: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ل كدي إلي طتسب نلئ نيقتالم نم ل اللهقبتا يمقال إن كلنر قال لأقتالآخ نمطاسا ببا أنلني مقتت يدي

من أصحاب النار وذلك إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمني إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون

نيماء الظالز1("ج(. قابلة الظلم إال أنه رفض م ،ديد أخيه قابيل له بالقتل ظلماورغم أن هابيل مسع

صرب على الظلم.ويف فآثر ال متنعه من أن يكون من الظاملني، ،التقوى وخشية اهللا ألن ،بالظلم

إذا تواجه املسلمان بسيفيهما،فالقاتل واملقتول يف النار،قال:فقلت أو احلديث يروى عن النيب:"

فقتل النفوس من أعظم .)2(صاحبه"قيل:يا رسول اهللا هذا القاتل،فما بال املقتول،قال إنه قد أراد قتل

يرجى من هدوء احلياة وزعزعة ملا اهللا بناءه، داهدم ملا أرو، )3(أنواع الظلم االجتماعي

وتيتيم لألطفال وترميل للنساء وحرمان ،للحياة اليت وهبها اهللا لإلنسان وسلب واستقرارها،

.)4(والوصيةوإغالق لباب التوبة ،وإضاعة للحقول وقطع لألعمال لألهل،

ومن املتمثل يف الكفر، أو الديين،من أكرب الكبائر بعد الظلم العقدي و كان القتل ظلما، لكلذ

لا تقتلوا :" يف قوله تعاىل ، أوصى ا القرآنمن أهم الوصايا اليت ،الظلم مث كان النهي عن هذا

مو قإلا بالح الله مري حالت فسكان الن هل إني القتف رفسا فلا يلطانس هيلوا للنعج ا فقدظلومل مقت ن

لم الدماء صور ظ نفسه، واملعروف اليوم باالنتحار، من افضع إن قتل اإلنسان.)5(منصورا "

فهي من حق اهللا عنق اإلنسان، ينبغي عليه صيانتها، النفس أمانة يف ألنواالعتداء على النفس،

قسوة الظروف ، لكن ى اهللا عز وجلضحدود ما يريف إاللإلنسان التصرف فيها قحيفال ،وحده

ا منه أنه بذلك يضع حد ااعتقاداليت يصارعها اإلنسان، قد تدفع به إىل التعدي على نفسه، املعيشية

هلذه املعاناة واألمل.

فهي ملك ، ألن اهللا (عز وجل) واهب احلياةرآن الكرمي من ذلك حتذيرا شديدا، حذر القوقد

فهي يف حدود الشرع، إال وال حيق ألحد التصرف فيهاشاء، مىت شاء وأىن له احلق يف سلبها، وله

أنفسكم إن الله كان ولا تقتلوا :"إيذائها أو إتالفها، لقوله تعاىل ال ينبغي التفريط فيها أو ،أمانة اهللا

.)6(بكم رحيما "ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

29¡27) سورة املائدة اآلية : 1

.7083،برقم كتاب الفنت، باب:إذا التقى املسلمان بسيفيهما) أخرجه البخاري ، 2

، حبث مقدم لنيل درجة دكتوراه العلوم يف التفسري إشراف ،د.أمحد رمحاين ، قسم علوم الظلم يف ضوء القرآن الكرمي) نقل عن : نورة بن حسن، 3

128ص ،2008/2009الدين جبامعة باتنة،أصول

) املرجع و املكان نفسه4

33سورة اإلسراء اآلية )5

.29النساء،اآلية:)سورة،6

-111-

Page 126: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يتردى ،نفسه فهو يف نار جهنم من تردى من جبل فقتلفقال:" ،من قتل النفس ظلماوقد حذر النبي

فسمه يف يده يتحساه يف نار جهنم خالدا خملدا ،ومن حتسى مسا فقتل نفسه ،فيه خالدا خملدا فيها أبدا

فحديدته يف يده جيأ ا يف بطنه يف نار جهنم خالدا خملدا فيها ،ومن قتل نفسه حبديدة ،فيها أبدا

.)1("أبدا

حفظ العقل:-ج)

وفضل على سائر املخلوقات، ،وبه كرم اإلنسان فهو مناط املسؤولية، رية،أمهية كبللعقل

إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض :"قال تعاىلومحل األمانة. ألرض،يف اويأ للقيام باخلالفة

نم فقنأشا وهلنمحأن ي نيال فأبالجبولاوها جكان ظلوم هان إنسا الإنلهمحا وهلذه األمهية نظراو.)2("ه

م حر أنهومن ذلك: ،وحيويته من التشريعات ما يضمن سالمته وسن ،حافظ اإلسالم على العقل،

وإتباع الربهان ،روح االستقالل يف الفهم والنظر .وحث علىكل ما من شأنه أن يؤثر على العقل

قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن "ل تعاىل:اق.غري القائم على احلجة، ونبذ التقليد

يظفبح كمليا عا أنما وهليفع يمكذتعاىل:" قولهو.)3("ع ا أوبكذ لى اللهى عرن افتمم أظلم نفم هاتبآي ب

ا كنم نقالوا أي مهنفووتا يلنسر مهاءتى إذا جتاب حتالك نم مهيبصن مالهني كأولئ الله وند نون معدت مت

رينوا كافكان مهأن فسهملى أنوا عهدشا ونلوا ع4"(قالوا ض(.

أكثر من آية من يف العقول يلورفع مكانة أو لتنمية العقل ماديا ومعنويا،كما دعا الشارع

الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك :"قال اهللا تعاىل.القرآن الكرمي

، األوهام أسروإطالقه من ، ودعى إىل حترير العقل من سلطان اخلرافة.)5("الألبابهم أولو

وأساليب الدجل واخلرافة.

وعلى هذا ع أداء ما كلفه اهللا به إال به، فإنه ال يستطيا وإذا كان العقل ضروريا للمكلف، هذ

وبواسطة ، املكلف عن طريق الشريعةاليت حيتاجها ، جند أن التكاليف تقوم نتيجة للعلم واملعرفة

معروف ومعظم مصاحل الدنيا ومفاسدهاإليه العز بن عبد السالم، بقوله:"وهذا ما ذهب ،العقل

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ.5778: برقم كتاب الطب: باب: شرب السم: أخرجه البخاري )1

72، اآلية، ) سورة األحزاب2

104اآلية: )سورة، األنعام3

37اآلية:) سورة، األعراف، 4

18اآلية: ) سورة، الزمر،5

-112-

Page 127: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

صاحل أن حتصيل امل، د الشرعوإذ ال خيفي على عاقل قبل ور، وذلك يف معظم الشرائع بالعقل

رجح تقدمي أ وأننفس اإلنسان، وعن غريه حممود حسن، عناحملضة، احملضة، ودرء املفاسد

واتفق احلكماء ،فأفسدها حممود حسن وأن درء أفسد املفاسد ،حممود حسنفأرجحها املصاحل

ويقول يف .)1("واألموال واألعراض على حترمي الدماء واألبضاع ،الشرائع وكذلك ،على ذلك

فإن خفي منها فال تعرف إال بالشرع، ،ا ومفاسدهاوأسبا "أما ملصاحل الدارين،،وضوع آخرم

واالستدالل س املعترب،لقياواإلمجاع وا ،وهي الكتاب والسنة ،شيء طلب من أدلة الشرع

والعادات ،فمعروفة بالضرورات والتجارب ،وأسباا ومفاسدها الصحيح.وأما مصاحل الدنيا

املتناسبات، ومن أراد أن يعرف طلب من أدلته، ،ذلكفإن خفي شيء من والظنون املعتربات،

به،بتقدير أن الشرع مل يرد ،فليعرض ذلك على عقله ،اما ومرجوحهمراجحه واملصاحل واملفاسد،

فقهم مل يو ،هما تعبد اهللا به عباد إال ،ذلك حكم منها خيرج عن فال يكاد ،مث يبين عليه األحكام

يأيت فال غرابة أن ،لذلك.)2("وبذلك تعرف حسن األفعال وقبحها على مصلحته أو مفسدته،

ولكونه ،لنفس وأرقاهاقوى الكونه أعلى قوة من ،من مقاصد الشريعة مقصد عام العقل حفظ

.)3(باملهمة اليت خلق من أجلها اإلنسان، التكليفمناط

للوصول إىل احلقائق والعمل ا، ،فكر هو حركة العقلتالو ،فكرتهي ال إن وظيفة العقل

جاءوهلذا ،ودقة األحكام إدراك احلقائق يف ءاكفافترتفع ،تنشطها مثرياتاحلركة العقلية هوهلذ

هو الذي خلقكم من تراب :"قال اهللا تعاىل.ل ا اإلنساناليت فض ،مادحا هلذه امليزة اخلطاب الرباين

فى من قبل ومنكم من يتوثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا

وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند :"وقال.)4("ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون

أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا قل تعالوا :"قال اهللا تعاىلو.)5الله خير وأبقى أفلا تعقلون(

الفواحش ما ظهر منها وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا

:قال اهللا تعاىلو .)6وا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون(وما بطن ولا تقتل

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

17ص نقال عن: مجال الدين عطية، مرجع سابق، )1

18ص )نقال عن: املرجع نفسه،2

126ص ،مرجع سابق،مقاصد الشريعة )عبد ايد النجار،3

67:غافر،اآلية، سورة )4

60 :قصص،اآلية، سورة)5

151 :األنعام اآلية ،سورة )6

-113-

Page 128: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ع كمدصيسر ويالمر ومي الخاء فضغالبة واودالع كمنيب عوقطان أن ييالش ريدا يمن إنعو كر اللهذ ن

اليت وضع من -وغريها كثري يف ثنايا القرآن الكرمي- بعض اآليات هذه .)1(أنتم منتهونالصلاة فهل

منطلقا دون قيد ،وهو ميارس احلركة من أجل معرفة احلقيقة ،اإلنسان أما مصريه ،خالهلا اهللا تعاىل

منطلقة على فحينما تكون حركة العقل.ليعوقه دون الوصول إىل النتيجة اليت يسعى إليها ،يقيده

وال ،املوضوعية للبحث املقتضيات انتقاال حتكمه ،تتنقل من املعلوم لتحصيل اهول ،هذا النحو

.ما يسمى حبرية الفكر فحينذاك ميكن أن يطلق على هذا الوضع عوامل من خارجه،تؤثر فيه

قل هل "تعاىل: لاق.يتدبرون أي الذين عقلون،وقد جاء يف القرآن الكرمي ثناء على الذين ي

ى من ال وجاء فيه اإلنكار عل.)2(يتذكر أولو الألباب"يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما

لهم قلوب لا يفقهون "ولقد ذرأنا لجهنم كثريا من الجن والإنس :تعاىل قال.صل علماحأي ال ي يعقل،

أولئك هم الغافلونبها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل

هم الذين مل شبهوا باألنعامين والذ ،هم الذين كملت عقوهلم بالعلم ،فالعاملون الذين مدحوا.)3("

نظرة ال ينبغي أن نعامل .هذه هي نظرة الشريعة للعقل ومكانته ،أي بعقوهلم شيئا ،يتعلموا بقلوم

بعدها العقل معاملة القاصر احملتاج للوصاية.

الدالة على العناية مبال األمة -من القرآن والسنة - أدلة الشريعة ناإذا ستقرئ :فظ املالـح-د)

وما عدلمال يف نظر الشريعة حظا ال يستهان به.لبأن تفيدنا ،جند من ذلك أدلة كثرية ،وثروا

الذين يؤمنون بالغيب "قوله تعاىل:،يف ، وجعلها شعار املسلمنيثالثة قواعد اإلسالم ،زكاة األموال

الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم وقوله تعاىل: .)4"(ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون

قال.وإنفاقا ااكتسابدور يف القيام مبصاحل األمة، للمال من اتنبيه على م إال ،)5بالآخرة هم يوقنون (

الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم أولم يعلموا أن الله يبسط :"تعاىل يف معرض االمتنان

زين للناس حب الشهوات من النساء والبنني "تعاىل واصفا تعلق اإلنسان باملال وقال.)6يؤمنون" (

ةضالفب والذه نم ةطرقنري الماطالقنوثرالحام وعالأنو ةموسل الميالخونبه على ما يف املال¡)7(وÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

9سورة ،املائدة، اآلية: )1

9) سورة الزمر، اآلية:2

179)سورة األعراف اآلية: 3

3)سورة البقرة، اآلية،4

4)سورة لقمان،اآلية:5

52)سورة الزمر، اآلية:6

14اآلية: )سورة، آل عمران، 7

-114-

Page 129: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن "تعاىل: فقال .من قضاء نوائب األمة

.)1كنتم تعلمون"(

ألن اموع يتوقف على حفظ جزئياته،فإن حفظ ،كان كال جمموعيا ملا ،إن مال األمة

تعود داولة بأيدي األفرادتفاألموال امل ىل املنفعة العامة لثروة األمة،عائدة إ ،منفعة املال اخلاص

وقد د املنجزة إىل املنتفعني بدواهلا،احنصار الفوائ لعدم ،وعلى األمة كلها ،منافعها على أصحاا

التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم :قوله تعاىل أشار إىل ذلك

وأضاف األموال إىل ضمري غري ،فاخلطاب لألمة أو لوالة األمور" ،)2("وقولوا لهم قولا معروفا

ينظر ،األمةفاملال الذي يدال بني ،املنهي عن إيتائهم إياها ألن مالكيها هنا هم السفهاء ،مالكيها

، مة عائد عليها بالغىن فهو على وجه اجلملة حق لأل ،وعلى وجه التفصيل ،على وجه اجلملة إليه

وتعني قدر املستطاع، أفرادهاموزعا بني بأسلوب حيفظه ،فمن شأن الشريعة أن تضبط نظام إدارته

.)3("أو كربىأو مجاعات صغرى ،فرادأعن كون املنتفع به مباشرة بقطع النظر ،على منائه

متاس يف أمواهلم وممأصل الشريعة يف تصرف النفال يتنقض " ،هو إطالق التصرف هلم ،لكا

صيب كحال ال لوجود مانع ما، ،إذا كان املالك غري مؤهل لذلك التصرف إال ،ذلك األصل

واملقصد .)4("أو بعضه و عدم حرية أو حجر يف مجيع املال،أ ،....اخلدينوامللس ملفوا هفيلسوا

فالرواج . وثباا والعدل فيها ووضوحها وحفظها، رواجها،كلها مخسة أمور: الشرعي يف األموال

عليه الترغيب دلوهو مقصد عظيم، بوجه حق، أكثر من ميكن من الناس، بني أيدي ،ن املالرادو

:جاء قوله تعاىل ما وهذا ومشروعية التوثق يف إنتقال األموال من يد إىل أخرى، ،يف املعاملة باملال

م فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثريا لعلك

فيأكل منه طري أو إنسان أو يمة إال ،وقول النيب ما من مسلم يزرع أو يغرس غرسا.)5("تفلحون

بن عمر أنه قال:" ما موت أحب إيل بعد الشهادة يف سبيل اروي عن عبد اهللا و.كان له صدقة"

.)6(من أن أموت متجرا" ألن اهللا قرن بني التجارة واجلهاد، اهللاÜÜÜÜÜÜÜÜ

41) سورة، التوبة، اآلية: 1

5: اآلية ، النساء،) سورة2

456،مرجع سابق،ص مقاصد الشريعةحممد الطاهر بن عاشور، )3

462) املصدر نفسه ،ص 4

10اآلية:،اجلمعة،) سورة5

464) املصدر نفسه ،ص 6

-115-

Page 130: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ":تعاىلقال .ومصادرته بالباطل الاملوجا النهي كذلك على تبديد

نأكلوا فريقا متكام لا إلى الحلوا بهدتونولمعت متأناس بالإثم وال النووقال متوعدا.)1(أم": ينا الذها أيي

قتلا تو كمناض مرت نة عارجكون تل إلا أن تاطبالب كمنيب الكموأكلوا أموا لا تنآم إن الله كمفسكان لوا أن

إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام،كحرمة يومكم "في خطبة حجة الوداعوقوهل.)2("بكم رحيما

. وعظم إمث املعتدي عليه وهو تنويه بشأن حفظ املال.)3("هذا،يف شهركم هذا يف بلدكم هذا

تقصد كلها إىل حتقيق حفظ املال يف ،تؤسس أحكاما كثرية جاءت الشريعة اإلسالمية لقد

علما بأن التفرقة يف حفظ املال بني هذين ،االجتماعي على حد سواءواملادي والنفسي ،بعديه

قيتليوإال فإن األحكام القاصدة هلذا احلفظ غالبا ما ة،هي أقرب إىل أن تكون اعتباري ،البعدين

وإذا كانت أحكام ضي إليه من نتيجة يف الواقع،يف سواء يف ذات احلكم أو فيما يان معا،فيها املعن

يفضي ،إنه ميكن تصنيفها إىل مخسة أصنافف مقصدها حفظ املال متعددة ومتنوعة،ليت الشريعة ا

وكما هو شأن لتلتقي كلها عند ذات املقصد، هاته،كل منها إىل حفظ املال من جهة من ج

مطالبها ضمن احلدود يح إشباعها ويليبحيث يب ،اإلسالم دائما مع الرتعات الفطرية لإلنسان

كان وال تعود عليه بالشر، ،ري لإلنسانحىت تستقيم وحتقق اخل ،مع التهذيب والترشيد املعقولة،

ع يف ذات وشر ،فقد أباح امللكية الفردية حب التملك األصلية يف اإلنسان، هذا شأنه مع نزعة

من فقدان ،الضارة اليت قد تنجم عن طغيان هذه الرتعةما يتدارك اآلثار ،النظم والتدابريالوقت من

.لمال بني فئة قليلة من اتمعوتداول للتوازن االجتماعي ل

رة ومن مث اعترب اإلسالم املال ضرو الزكاة واإلرث،ومن النظم اليت وضعها ألجل ذلك نظم

يشجع على اكتسابه ما ،اتع من التشريعات والتوجيهوشر ،من ضروريات احلياة اإلنسانية

وذلك على النحو التايل: نته وحفظه وتنميته،ويكفل صيا وحتصيله،

،باعتبارها قوام احلياة ،كسب األموالووحتصيل املعاش ،احلث على السعي لكسب الرزق -أ

ضربا من ضروب - املباحة إذا توفرت النية الصاحلة وكان من الطرق - واعترب السعي لكسب املال

طريقا للتقرب إىل اهللا .و، العبادة

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

188: اآلية،البقرة ) سورة1

30¡29: اآلية،النساء سورة )2

1218،رقمصحيح مسلم،كتاب احلج،باب حجة النيب )3

-117-

Page 131: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ما أكل أحد طعاما قط خريا من عمل قال رسول اهللا.ة العمل وأعلى من قدر العاملأنه رفع مرتل -ب

وفاء حبقوقه وأوجب ال ،وقرر حق كرامة العامل ،)1("يأكل من عمل يدهيده وإن نيب اهللا داود كان

ثالثة أنا :"يه عن ربهروويقول فيما ي.)2("أعطوا األجري حقه قبل أن جيف عرقه"يقول املادية واملعنوية،

خصمهم يوم القيامة:رجل أعطى يب مث غدر،ورجل باع حرا فأكل مثنه،ورجل استأجر أجريا ومل يوفه

فليتخذ مرتال مال وليس لهع "من ويل لناقال .وقرر أن أجر العامل جيب أن يفي حباجياته.)3("حقه

.)4("فليتخذ مركبا،أو ليس له مركب فليتخذ زوجة، أو ليست له زوجة، مرتال،

ومن أجل ذلك ا وال اعتداء على حقوق اآلخرين،اليت ال ظلم فيه ،إباحة املعامالت العادلة -ج

كالبيع ،مما كانت حتمله من ظلم اهابعد أن نق ،كانت موجودة اإلسالم أنواعا من العقود أقر

من وفتح اال أمام ما تكشف عنه التجارب االجتماعية اإلجارة والرهن والشركة وغريها،و

أو تكون من أكل أموال ،بطرف من األطراف جحافإتنطوي على ظلم أو شريطة أن ال ،عقود

م حر ومن مث ،حبدود املصلحة العامة التصرف يف املال كما ضبطت الشريعة.اطلالناس بالب

آثار ختل بالتوازنمن لهومنها الربا ملا .ر باآلخريناليت تض ،ساب املال بالوسائل غري املشروعةاكت

الذي يتخبطه الشيطان من المس الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم قال تعاىل:".االجتماعي

.)5( "ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا

، العقوبة على ذلك وشرع ،أو التحايل السطوبالسرقة أو ،كما حرم االعتداء على مال الغري

اق املال يف الوجوه غري املشروعة،إنف منع كما.)6("والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما:"تعاىل قال

أهم قواعد النظام االقتصادي وذلك مبىن على قاعدة من وحث على إنفاقه يف سبل اخلري،

وأنفقوا مما جعلكم ":تعاىلقال .لفرد مستخلف فيها وأن مال اهللا ،أن املال وهي ،اإلسالمي

"نيلفختسحدود ما رمسه له الشرع أن يتصرف يف ماله يف ،صاحب املال كان على ومن مث ،)7(م

وإذا أردنا أن نهلك قرية :"قال تعاىل .عامل فساد ودمارن أل ،فال جيوز أن يفنت باملال فيطغى بسببه،

.)8(مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدمرياأمرنا ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

1966رقم كتاب البيوع،) ) أخرجه البخاري : 1

)2443) ابن ماجه األحكام ،(2

)2114)البخاري البيوع،(3

17554رقم - مسند الشاميني - مسند أمحد -)¡2945)أبو داود اخلراج واإلمارة والفيء (4

275) سورة ،البقرة اآلية : 5

38)سورة ،املائدة اآلية :6

7)سورة ،احلديد،اآلية:7

16) سورة ،اإلسراء،اآلية:8

-118-

Page 132: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

حبس األموال عن ولذلك حرم ،حىت يؤدي وظيفته االجتماعيةه الدعوة إىل تنمية املال وإسثمار-د

حىت يؤدي دوره كقيمة ،حفظ اإلسالم املال وصانه عن الفساد ،وذه التشريعات كلها ،التداول

شأنه يف ذلك ،وحتقيق أهدافها احلضارية واإلنسانية يف حفظ نظام احلياة اإلنسانية ،ال غىن عنها

بدون واليت ،ل أساس احلياة اإلنسانية ومركز احلضارة البشريةاليت متث ،شأن كل املصاحل السابقة

ويقف عطاؤها واستثمارها يف هذا الوجود. ،تستحيل احلياة اإلنسانية مراعاا وحفظ نظامها

ي فيما أمر به سعي اإلنسان إىل الترق ألن ،ما حكمت الشريعة بكسب املال وتنميتهوإن–

ت وسيلة نفس الوقوهو يف ،فاملال هو وجه من وجوه التعمري باملال، ال يكون إال -عمارة األرض

بتوفري وحفظ الكرامة اإلنسانية ،فاستثمار الطبيعة علما حبقائقها واستخراجا ملقدراا من وسائله،

كل ذلك ال ،والدفاع عن النفس ورد مظامل الظاملني ،العيش الكرمي وكفالة احملتاجني واحملرومني

2(فهو كما يقال قوام األعمال باملال، م إاليت(.

احلياة يوكسبا من اإلنسان من أجل أن يرق ،املال قد وجد تسخريا من اهللا تعاىلوإذا كان

الذي وضع حتقيق لذلك اهلدف يعرقل فإن إتالف هذا املال اخلالفة يف األرض، يف إجناز ،اإلنسانية

¡)3(أغراض غري صاحلة لإلنسان أو توظيفه يف ،كان إتالفه بوضعه يف غري موضعه أصالسواء ،له

وإذا تولى سعى في الأرض تعاىل:" هلوق لنهي عن إهالك املال يا مؤكدا،حكام الواردة يف اومن األ

)"ادالفس بحلا ي اللهل وسالنث ورالح كلهيا ويهف فسديال ينطلق واملنظور اإلسالمي يف هذ.)4لا ا

وما يترتب على املعىن ،ومطلوب منه عمارة األرض ،اإلنسان مستخلف فيه وأن من أن املال هللا،

ا لعمارة وإمن ،الرزق فحسب لكسب ليست حقا مطلقاو ،من أن للملكية وظيفة اجتماعية ،األول

ال ميكن أن حنصره يف جانب من جوانب األنشطة مفهوم عمارة األرضو ،األرض كذلك

وحماربة ابتداء من الدعوة للدين احلياة،يف األنشطة افةا هو مفهوم يشمل كوإمن اإلنسانية،

يف متمثال مبعناه املادي وانتهاء بعمارة األرض ،والسالم إشاعة األمنو ،ونشر العدل االستضعاف

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

188،مرجع سابق ،ص مقاصد الشريعة) عبد ايد النجار،1

189)املرجع نفسه،ص 2

205)سورة البقرة اآلية 3

-119-

Page 133: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فإن أهل ،نشاط االقتصادالإذا كان الشأن املايل حمور .ووصناعة وجتارة زراعة ،االقتصاديالنشاط

فجاءت ضمن مقاصدها الضرورية، على استقراء الشريعة ابناء ،وضعوا املسألة املالية املقاصد

من جانب الوجود ومن يف موضوع املال لتحفظه ،الشرعية مبجموع مراتبها وأنواعهااألحكام

يترتب عليه من جهة أخرى وهذاوذلك بضبط النشاط املايل كسبا وإدارة وإنفاقا. ،جانب العدم

.مناط التكليف بعمارة األرض ،أال وهو حفظ النوع اإلنساين ،حتقيق مقصد كلي آخر

،حفظ األنساب و يعرب عنه حبفظ النسلوأما ":)1(يقول الطاهر بن عاشور :حفظ النسل-هـ)

فظاهر عده من ،ن أريد به حفظ النسل من التعطيلإ.…العلماء ومل يبينوا املقصود منهفقد أطلقه

ا وجعل والله جعل لكم من أنفسكم أزواج: "ألن النسل هو خلقة أفراد النوع،قال تعاىل ،الضروري

الله ةمبنعون ونمؤل ياطأفبالب اتبالطي نم قكمزرة وفدحو ننيب اجكموأز نم ون"لكمكفري مفلو ،)2( ه

وإن .فبهذا املعىن ال شبهة يف عده من الكليات تعطل يؤول تعطله إىل اضمحالل النوع وانتقاصه،

وهو الذي ألجله شرعت قواعد األنكحة حفظ انتساب النسل إىل أصله، ،حبفظ األنساب أريد

باألمة من ضرورة يسإذ ل فقد يقال:إن عده من الضروريات غري واضح،. وفرض احلد وحرم الزنا

ولكن يف ،وإمنا ضرورا يف وجود أفراد النوع وانتظام أمرهم إىل معرفة ابن زيد هو أو ابن عمر،

يزيل من األصل امليل اجلبلي وهي أن الشك يف انتساب النسل إىل أصله، ،احلالة مضرة عظيمة هذه

ألن يف وهي مضرة ال تبلغ مبلغ الضرورة،، بالتربية واإلنفاق والقيام عليه ،الباعث على الذب عنه

ف العلماء يف سبب اختال ،بعد هذا التوضيح. لتحصيل املقصود ،قيام األمهات باألطفال كفاية ما

ولكنه ملا كان لفوات حفظه "يقول ابن عاشور:.بني الضروري واحلاجي يف تصنيف حفظ النسل،

فاختالط اعترب علماؤنا حفظ النسب من الضروري، عواقب كثرية سيئة، من جمموع هذه اجلوانب

وهلذا وتفكك األسر،وضياع األوالد. والتناصر على إحياء الدين، التعارف، يبطل معه األنساب

وما ظهرت الفاحشة يف قوم قط إال ابتالهم اهللا باألمراض واألوجاع اليت مل تكن يف جاء يف احلديث:"

وإدخال العار على األسرة بل والقبيلة الذي هو من أهم مقاصد الشريعة، والقضاء ،)3("أسالفهم

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

304،مرجع سابق،ص مقاصد الشريعةالطاهر بن عاشور،) 1

72سورة،النحل،اآلية:)2

4009برقم، يف كتاب الفنت، باب العقوباتأخرجه ابن ماجه،)3

-121-

Page 134: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

بني الشرك وهلذا كثريا ما يقرن اهللا تعاىل يف كتابه على النكاح برمتها،فهو يف احلقيقة جرمية قتل،

والثانية جرمية ،فاألوىل جرمية قتل للفطرة ذلك أا كلها جرائم قتل يف احلقيقة، وقتل النفس والزنا،

.الثالثة جرمية قتل للنفس املفردةو ،قتل للجماعة

ن أوحيث ،اإلنسانتقتضي وجود أمور أن عمارة األرض وخالفة اهللا فيها، ،خالصة القول

كان حفظ النسل ضرورة من ،اقتضت أن تكون األعمار حمدودة ،مشيئة اهللا سبحانه وتعاىل

وإن كان - النقطع النسل احليواين يف فترة قصرية من عمر األرضولوال ذلك ،ضرورات احلياة

ربط األسباب ،ت قدرتهولكنه جل -سبحانه وتعاىل قادر أن يوجد حيوانا خيلف مثيله بال سبب

وإن كانا مجيعا مبشيئته والنتائج مترتبة على مقدماا، ،وجعل املسبب مبنيا على سببه ،باملسببات

،ق بينها وبينهكما فر ،يف كيفية التوالد ،ق سبحانه بني احليوانات واإلنسانوفر ،وتابعني لقدرته

وإن اختلفت أجناس مبا أودع اهللا فيها من غريزة، فترك احليوانات تتوالد، يف التكليف الشرعي

فكان لكل جنس طريقته يف اتصال وإشباع تلك الغريزة، ،تلك الكيفيةيف أساليب احليوانات

ذلك كافيا وكان ،أسلوبه املفطور عليه بدون تغيريأن كل جنس منها سائر على إال ذكره بأنثاه.

غلب عليها أحدها فإذا ،يتصارع الذكور على أنثى واحدة قد ،يف استمرار تناسل تلك احليوانات

فاملطلوب ،أما للذكر أو أختا أو غريمها اجتهت الذكور إلناث غريها.وال فرق بني أن تكون األنثى

غريزة أخرى فتلك ،احمافظتها على أوالدها بعد والد أما ،قتة فحسبؤما مجيعا قضاء شهوة مهل

كلفه اهللا فقد ،ذلك تكن يف باهلا وقت إشباع غريزا.أما اإلنسان فهو خبالف مل ،أودعها اهللا فيها

ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف تعاىل: قال ،ده بنظام حلياتهليف وقياتكبتعاىل

حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات ¡إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا

اتنبالأخ وكمبائبرو كمائنس اتهأمو ةاعضالر نم كماتوأخو كمنعضي أراللات كماتهأمو تي الأخاللات

ع احنفلا ج بهن ملتخوا دكونت فإن لم بهن ملتخي داللات كمائنس نم وركمجي حف كمائنل أبلائحو كملي

والمحصنات من ماالذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحي

-122-

Page 135: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

الله ابتك كمانمأي لكتا ماء إلا مسالن رغي ننيصحم كمالووا بأمغتبأن ت كماء ذلرا وم ل لكمأحو كمليع

اضرا تيمف كمليع احنلا جة وفريض نهورأج نوهفآت نهنم به متعتمتا اسفم نيحافسم دعب نم به متي

ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ¡ريضة إن الله كان عليما حكيما الف

فانكحوهن بإذن أهلهن ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإميانكم بعضكم من بعض

أتين بفاحشة وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن

ل كذاب ذلالع نم اتنصحلى الما عم فنص هنليفع اللهو لكم ريوا خبرصأن تو كمنم تنالع يشخ نم

يمحر غفور¡ كح يملع اللهو كمليع وبتيو كملقب نم ينالذ ننس كميدهيو لكم نيبيل الله ريدي"1(يم(.

املقاصد تركت أثرا كبريا على الفكر اإلسالمي منذ ظهورها، نظرية أنهو ،ما خنلص إليه

هي مبثابة حماولة لفلسفة النص الديين، والغاية منه البحث عن احلكمة من وجود الشيء ضمن ف

فلسفة اخللق، فاهللا مل خيلق املوجودات إال لغاية وحكمة، وقس األمر على األمر والنهي، فال وجود

العناية الربانية باملوجودات. للموجود إال ضمن قوانني

ورد ،يعرب عن إعمال العقل يف النقل البحث عن املقاصد يف متون الشريعة، نهكذا فإ

وتلك القصدية هي حيتفظ يف ذاته بقصدية ما، ،فاحلكم مهما كانت طبيعته األحكام إىل أصوهلا،

ل املوجود يف سلم القيم.وبالتايل وضع حركة وفع اليت تساعدنا على وضع القيم يف سلم،

حمذرا من ،لوجدناه موافق يف كل أحكامه حلفظ الفطرة ،ولو نظرنا يف مقصد الشريعة العام

وما خيرقها كان ،يعد واجبا يف الشرع فكل ما يفضي إىل حفظ هذه الفطرة، اإلخالل ا،

وال حمل دون ،بباب دون بابال ختتص فاملصاحل يف التشريع مطلقة عامة، ،وممنوعا حمذورا شرعا

حكام مشروعة ملصاحل العباد،بدليل أن األ فاملصاحل مطردة يف كليات الشريعة وجزئياا، حمل،

أي معرض للتعديل وذلك يف كل العصور واألزمان، معرض للخطأ والصواب، يواالجتهاد البشر

لكل اجتهاد ،ةري الضابطوإعمال الفكر واالجتهاد من خالل القيم واملعاي واإلضافة واحلذف،

.وقد أمر اهللا تعاىل عباده أن يتفقهوا يف الدين حىت تتمتع الشريعة اإلسالمية باخللود، مقاصدي،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

26-22النساء،اآلية:) سورة ،1

-123-

Page 136: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وعجز األمة هذه األيام اليت اشتدت فيها اخلالفات، إنما راجع لتعاملنا مع كل هذه املتغريات

بوسائلنا القدمية وغلقنا باب االجتهاد، حيث تطورت احلياة، وسار الركب مسافات ومسافات

تنباط املقاصدي يف االجتهاد واس بسب إمهال العقل املقاصدي.فاالجتاه وحنن مل نغري اجتهاداتنا،

واالمتداد بإحكامها وبسطها على مجيع إمنا استدعته مقتضيات حتقيق خلود الشريعة، ،األحكام

وعلى األخص يف عصور التقاليد -والتدليل على رعايتها ملصاحل العباد.وختليص الفقه جوانب احلياة،

يت انتهى األمر إىل ح اآللية البعيدة عن فقه الواقع، ،الركود العقلي ومن النظرة اجلزئيةواجلمود و

.قواعد جمردة وقوالب بعيدة عن االرتباط بالغايات األصلية

صوب حتقيق مصاحل إعادة توجيه االجتهاد املقاصدي، ،لذلك يصبح من الضروري اليوم

لكل بإحكامها املناسبة¡)1(وهي الغاية اليت من أجلها جاءت الشريعة العباد يف معاشهم ومعادهم،

فلو جاءت كل أحكامها على وترية واحدة لعجزت عن اتمعات عرب األزمنة املختلفة،ظروف

ال سبيل وملا صلح أمر الناس وشريعتهم كلها أحكاما قطعية،، التالؤم مع متغريات زمان ومكان

فال يصلح يف كما ال يصلح أمرهم أيضا أن تكون كل أحكاما ظنية،.إىل تفسريها أو تأويلها

وإال ملا كان أن يترك الناس لعقوهلم وأفهامهم، لعقائد وأصول الدين وحتديد العبادات مثال،أمور ا

هناك أمر أو قاعدة يف الدين حمددة مضبوطة.أما األمور اخلاصة مبعامالم وقضاء مصاحلهم املتغرية

تقتضيه حسبما بل البد أن تترك للتفسري والتأويل، فال ضرر من اخلالف فيها، واملتجددة،

حبيث تظل معينا ال فمن رمحة اهللا بالناس أن وردت مثل هذه األحكام على هذا النحو، مصاحلهم،

أما لو جاءت على غري .ملا جيد من أمور جيب احلكم فيها ينضب تستقى منه القواعد واألحكام،

غري الزمان،ولذلك عرف مبدأ تغير األحكام بت ألدت بالعقول إىل اجلمود والتوقف، هذا النحو،

ولذلك جيب أن تتغري الوسائل واألساليب املوصلة إىل غاية الشارع.

جعل منها املخرج الوحيد ألزمة ، صورت املقاصد يف إطار ،كل ذلك شكل نظرة متفائلة

فكرية تتلمس انتكاسةذا التفاؤل على إطالقه ميثل والقبول األمة، تعيشهااليت ،مود والثباتاجل

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

95،ص2009،جامعة املدينة املنورة العاملية،موسم،كتاب مادة مقاصد الشريعة) نقال عن:1

-124-

Page 137: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إال ،التجديدوإن كان مناديا ب ،مما جيعلنا نعتقد أن العقل املعاصرالسلف، اخلالص يف إبداعات

األمر الغريب يف واقعنا املعاصر" وما زال يشعر بالضعف وعدم الثقة أمام التراث. أنه مقلد بامتياز،

عن طريق رفض فكرة التجديد كوذل ،ل بعض الدعاة وأئمة الفكر أصالهو قتل احلرية من قب

ويفهم كل ما أشكل وأن السلف استطاع أن يقنن ،أن الدين كامل ة، حبجيف كل حقوله الديين

ال ،هذا املنطق املنغلق على ذاتهجتهاد جترؤ على السلف والدين.أي اوبالتايل يصبح يف الدين،

الذي ،بل هو شكل من أشكال الوعي الزائف ،هم أنه شكل من أشكال احملافظة على الدينيف

.)1("ويرسم حياة اإلنسان رمسا رياضيا ،ميارس اجلربية واحلتمية

ليس يف –ة إن النموذج املقاصدي ميكن له أن يصبح القاعدة األساسية لكل حركة اجتهادي

ألن الشريعة مل ولن بل يف املسائل الدينية واالجتماعية واالقتصادية والسياسية، -جمال الدين فقط

أوغل فيه املتقدمون مبا أتيح هلم من بل هي حقل معريف، تكون حمصورة يف الكليات اخلمس**،

أن نتحرر يف الواقع املعاصر وحنن مطالبون اليوم " وحسب ما أملته ظروف زمام آنذاك، معارف،

هم ال يلغي ما فل تقدمي فهم جديد لقراءة النص القرآين و النبوي،خالمن ذلكتجلى من الوصاية.ي

).2("تيف ترقية االجتهاد الديين وتفعيله على كل املستويا سبق بل يزيد ويضيف، ويسهم

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

انظر املقال كذلك .177-160،ص 2009¡359،املستقبل العريب،عيف أوهام الوعي العريب املعاصرالعرب وسؤال احلرية:تأمالت بوعرفة عبد القادر ، )1

2009) السنة السادسة عشرة ربيع 63العدد ( يف ، جملة الكلمة،

جتاوز ثنائية "قراءة حتاول لفقه املقاصد، القراءة اجلديدة يقترح مشروع الذي ** ميكن أن نشري هنا كذلك إىل حماولة الدكتور نصر حامد أبوزيد

إىل ذلك اجلزئي والكلي دون إغفاهلا متاما، ذلك للبحث عن الداللة أو الدالالت الكلية اليت ال تفصل بني التشريعي والعقيدي من ناحية،باإلضافة

واالقتراح ،لواقع االجتماعي والتارخييتدخل هذه القراءة يف بؤرة اهتمامها الداللة الكلية للنص اإلسالمي يف سياق تفاعله اجلزئي والكلي مع ا

توعب األويل ملشروع القراءة اجلديدة يعتمد على إدراك ثالثة مبادئ نرى أا جوهرية وأساسية حبيث ميكن القول إا متثل "الكليات" اليت تس

: لعميقة املستوعبة حبسب اإلطار املعريف املتاح هلماجلزئيات، إىل جانب أا تستوعب "املقاصد الكلية" اخلمسة اليت استنبطها أسالفنا يف قراءم ا

هو مبدأ "احلرية" نقيضا للعبودية، وهو مبدأ شديد االلتصاق املبدأ الكلي الثاين.مبفهوم "العقالنية" بوصفها صفة تضاد "اجلاهلية" املبدأ الكلي األول

املبدأ الكلي .ل أساسا من حيث إن "العقل" هو مركز فعالية النشاط اإلنساينمن حيث داللته مببدأ "العقل"، ذلك أن اإلنسان احلر هو اإلنسان العاق

وجودصفة "العدل" اإلهلية وهي الصفة اليت ال تقف داللتها عند حدود نفي الظلم فقط، بل متتد داللتها إىل إقرار مبدأ "العدل" مبدأ كليا لل لثالثا

منظومة من املفاهيم املتماسكة نصر حامد أبوزيد -حسب قراءة متثل –لعقل واحلرية والعدل ا -اإلنساين.هذه املبادئ الكلية املقترحة الثالث ـ

ين املترابطة من جهة، وهي تستوعب املقاصد الكلية اخلمس اليت استنبطها علماء أصول الفقه من جهة أخرى. إن احلفاظ على النفس والعقل والد

دئ الثالث الكلية املقترحة، وميكن بالتايل أن تندرج فيها، هذا إىل جانب أن تلك املبادئ الثالث والعرض واملال تبدو مبادئ جزئية بالنسبة للمبا

حة املقترحة تستوعب مجيع القواعد االجتهادية اليت أجنزها األصوليون مثل قاعدة "االستحسان" و"املصاحل املرسلة" و"استصحاب األصل" و"إبا

عن:نقال املقاصد الكلية للشريعة.. قراءة جديدة ¡أبوزيدنصر حامد أنظر :الضرورات للمحظورات"..

http://www.alarabimag.com/arabi/Data/1994/5/1/Art_14341.XML )بوعرفة عبد القادر، املقال نفسه.2

-125-

Page 138: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 139: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

قامت يف بدايتها على التشريع املستمد من الكتاب والسنة من املعلوم أن الدولة اإلسالمية،

وهو خالفة اهللا يف -الذي وجد اإلنسان من أجله على هذه األرض ،حيث رمسا اإلطار العام

من وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خلیفة".":مصدقا لقوله تعاىل - األرض

ثم العمل على حتقيق السعادتني ،ائية للمدينة هي حتقيق هذا اهلدفكانت الغاية النههذا املنظور

"فالناس ال يتميزون إال مدينة يتساوى فيها اجلميع دون متييز بالعرق أو اللون،.الدنيوية واألخروية

.بالتقوى والعمل الصاحل"

عرف هذا الوضع حتوال شرية،بعد أن كانت القبائل العربية تسيطر عليها نعرة القبيلة والعف

"فبعد هجرة النبيوظهور نواة الدولة اإلسالمية يف املدينة، حيث حتول إىل نظام املدينة، واضحا،

قد أخذت يف وضع أسس العالقات اخلارجية وشؤون ،كانت املبادئ األساسية هلذه األخرية

وأن ؤساء ومرؤوسني من جهة،إال إذا كان فيها ر ولكن هذه املدينة ال يتم أمرها،. )1("احلرب

املتعلقة بأساليب لكون التفاصيل اجلزئية، يكون أهلها قابلون لسن السياسات من جهة أخرى،

فقد روي عن النيب عليه .ملا يشرعه العقل ترك فيها األمر ،املعاش والعالقات السياسية واالجتماعية

.م"الصالة والسالم قوله" أنتم أعلم بشؤون دنياكم من أنبيائك

باعتبارها جزء من من هنا كان الزما على املسلمني البحث يف مسائل السياسة،

الصراع الذي دار بني بفعل بعد أن أصبحت الوحدة اإلسالمية مهددة، مصاحلهم خاصة،

وأصبحت املدينة وادعت كل فرقة أحقيتها يف احلكم واخلالفة، وسيفا"،–"فكرا-املسلمني

على فاحلروب اليت وقعت بني علي ومعاوية رضي اهللا عنهما،" النبيمهددة،مدينة -النموذج

روما اجن ¡)2("-مدينة اإلنسان الفاضل ومدينة السلطان -اإلمارة كانت حربا بني نوعني من املدن

"حيث أصبحت أثرت بعد ذلك على كل التاريخ السياسي اإلسالمي الالحق، عنها من نتائج،

ومن جديد يستمر البحث عن املدينة النموذج،.تطرح نفسها بإحلاح سة،معضالت اإلمامة والسيا

هاما يف تغيري مفاهيم لعبت دورا اليت ولدت لكن اخلطاب أصبح يكتسي طابع احلكمة العملية،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

.177،ص2001،الس األعلى للثقافة،مصر (ب ط)،األخالق والسياسة) إمام عبد الفتاح إمام،1

.108نفسه،ص املرجع )2

-127-

Page 140: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

هذا الفكر.الرسولمدينة وتعميق الوعي السياسي، املطالب ببناء املدينة الفاضلة، على منط

الذي -يف نطاق احلكمة العملية، وحضور اخليال السياسي وأدب السالطني معظمه، يف سيتحرك

سوف نعمد إىل عرض بعض الرؤى ،للوقوف على هذا احلراكويدمج بني السياسة واألخالق.

حماولني تشكل املعني األول الفلسفة السياسية يف الفكر اإلسالمي، –وال تزال –اليت كانت

ومن خالل ذلك الرامي لبناء املدينة السياسية يف احلاضرة اإلسالمية، الكشف عن مشروعها،

هذا املشروع. نالكشف عن املكانة اليت حيتلها اإلنسان ضم

املعريفالنموذجسلطة:ارايبالف-)1

يصبح كمرتع من منازع التفكري الفلسفي يف اإلسالم، عندما تذكر الفلسفة السياسية،

الذي عاجل شؤون احلكم ،ألنه املفكر اإلسالمي البارز أمر بديهيا، هـ)339-259(حضور الفارايب

الرغم من أن فبمنسقة على غرار ما فعل أفالطون وأرسطو يف الفكر اليوناين، معاجلة فلسفية،

يقوم إال أنه ألبسها طابعا إسالميا، من أفالطون وأرسطو، ،استوحى روح فلسفته السياسيةالفارايب

فاملدينة بالنسبة له"شبيهة وفق نظرية الفيض*، اهللا واإلنسان، على أساس تصوره للكون،

وتنتهي إىل اليت تتبدى من األول، ومراتبها شبيهة أيضا مبراتب املوجودات، لطبيعية،باملوجودات ا

شبيها بارتباط املوجودات املختلفة بعضها وارتباطها وائتالفها، املادة األوىل أواإلسطقسات،

هلذا سوف .)1("تالذي به وجود سائر املوجودا ومدبر تلك املدينة شبيه بالسبب األول، ببعض،

املدينة إمنا تكون فاضلة ف مدينة الكون، على غرار مدينته اإلهلية، الفارايب مدينته الفاضلة، يشيد

وهكذا ستؤسس السياسة على قاعدة نظام الكون وترتيبه، عندما تكون على مثال فقط،

كون نظام الكون هو أحسن نظام على اإلطالق . ميتافيزيقية صلبة،

ال حيدث عن إرادة الذي يتحدث عنه الفارايب، البشري،مع اإلشارة هنا إىل أن االجتماع

ألن كل واحد "مفطور على وضرورات احلياة، تمها الطبيعة البشرية،حبل هو ضرورة ت واختيار،

ال يستطيع وال ميكنه أن يقوم ا ويف أن يبلغ أفضل كماالته إىل أشياء كثرية، أنه حمتاج يف قوامه،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

.69–32،مصدر سابق ،ص الفارايب ، كتاب السياسة املدنيةلفيض أنظر : * حول نظرية ا.84،ص 1993¡2شرق ،بريوت،لبنان،ط،حتقيق فوزي جنار،دار ال كتاب السياسة املدنية امللقب مببادئ املوجوداتالفارايب ، )1

-128-

Page 141: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

كلها وحده، بل حيتاج إىل قوم، يقوم كل واحد منهم بشيء مما حيتاج إليه... فلذلك ال ميكن أن

الذي ألجله جعلت الفطرة الطبيعية، إال باجتماع مجاعة كثرية ،اإلنسان لينال الكماليكون

ميكن يف إطارها بلوغ ، اليتوهلذا يعترب الفارايب أن املدينة هي الوحدة اتمعية الدنيا.)1(متعاونني"

. على إرادة البشركالمها يتوقف ، اعتبار أن اخلري والشر ، علىاخلري األفضل، والكمال األقصى

كما - كأثينا أو إسربطة جتدر اإلشارة إىل أن "الفارايب مل يقتصر على تنظيم مدينة ضيقة،

فهو واجتماعهم حول ملك واحد، ،ر يف احتاد األممبل فك -فعل أفالطون أو غريه من اليونانيني

مل خيرجوا يف األمور السياسية عن أفق احلياة ألن مفكريهم، ذا أوسع تصورا من اليونانيني،

)2(اليونانية"

بشكل كبرية على شخص الرئيس، أكثر من تركيزه يركز الفارايب يف نظريته السياسية،

مرتبة على أساس االختالف رؤية هرمية، ،للمجمعاألمر الذي جيعل من رؤيته على أعضاء املدينة،

إىل أن نصل إىل أسفل اهلرم وىل،األىل فوودونه أناس يف املراتب األ فيكون مثة الرئيس، والتفاضل،

ويكونون هم ويكونون يف أدىن املراتب،، "يخدمون وال يخدمون ،حيث جند أناس االجتماعي،

وفيها عضو واحد رئيس والقوة، متفاضلة الفطرة، أعضاؤه خمتلفة،فكما أن "البدن ،)3("األسفلني

.وأعضاء تتدرج يف الرتبة من أعلى إىل أسفل"راتبها من ذلك الرئيس.وأعضاء تقترب م هو القلب،

قائال:" يستدرك ،جماال للتأويل واخللط بني االني البيولوجي واالجتماعي الفارايب وحىت ال يترك

فإن اهليئات وامللكات وإن كانوا طبيعيني، ،واهليئات وأجزاء املدينة ن طبيعية،غري أن أعضاء البد

مفطورون بالطبع بفطر على أن أجزاء املدينة، ليست طبيعية بل إرادية، اليت يفعلون ا أفعاهلم،

غري أم ليسوا أجزاء املدينة بالفطرة اليت هلم يصلح ا اإلنسان لشيء دون شيء آخر، ،متفاضلة

.)4(وهي الصناعات وما شاكلها" اليت حتصل هلا، بل بامللكات اإلرادية، وحدها،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

.110زروخي إمساعيل،مرجع سابق ،ص )1

.57،ص1986¡3، دار الطبيعة للطباعة والنشر،بريوت طالفلسفة السياسية عند الفارايببنعبد العايل عبد السالم، )2

.90،ص1993،مركز اإلمناء القومي، بريوت،باريس،100/101)،الفكر العريب املعاصر،ع يف مدينة الفارايباإلنسان بن مجاعة حممود،( )3

112¡111،ص ص 1987،موفم للنشر،اجلزائر،( ب،ط)،املدينة الفاضلة وخمتارات من كتاب امللةالفارايب، )4

-129-

Page 142: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ا مفهوم إن الفارايب وكما هو واضح هنا، يطرح مسألة الفوارق اجلوهرية، اليت خيتلف

العالقات االجتماعية بني أعضاء اتمع، عن مفهوم العالقات الطبيعية بني أجزاء البدن"، على

اعتبار أن ما حيدد مراتب الناس هو اإلرادة واالختبار من جهة، والقدرة على التحصيل والكسب

مروة، بقوله:"ذلك يعين أن ما حيدد مواقع الناس ثانية، وهذا ما عرب عنه األستاذ حسني من جهة

مبعىن ،)1(يف ظروف نظام اجتماعي معني" ،أن يكتسبهكل منهم االجتماعية، هو مدى ما يستطيع

أن هذا النظام التراتيب اهلرمي،ليس قدرا حمتوما بل يتميز باحلركية.

وشرط الزم سابق حىت على وجود املدينة ذاا، أمر ضروري، لنسبة للفارايببا ن الرياسةإ

مث يكون هو السبب يف أن حتصل املدينة وأجزاؤها، ينبغي أن يكون هو أوال، "فرئيس املدينة

وإن اختل منها جزء، اليت ألجزائها يف أن تترتب مراتبها، حتصل امللكات اإلرادية أنوالسبب يف

وفق فالسبب األول هو الذي صدرت عنه املوجودات،.)2(مبا يزيل عنه اختالهلا"، لهكان هو املرفد

كذلك الرئيس األول هو السبب يف تنظيم اتمع وفق هرمية حمددة.لكن من هذا ترتيب ضروري،

؟ هالرئيس وما هي مواصفات

"الرئيس األول ألن أول مؤسس ملدينة فاضلة مبعىن الكلمة،، يعترب الفارايب النيب الرسول

ومن جهة أخرى ألن" هذا من جهة، إنما تكون مهنته ملكية مقرونة بوحي من اهللا، الفاضل،

وكما هو معروف فلقد استرسل الفارايب ¡)3(املدينة ال تصل إىل كماهلا إال عن طريق النيب والوحي

عتمدا يف كل ذلك على والصفات اليت جيب توفرها فيه، م يف حتليل مهمة رئيس املدينة الفاضلة،

وعلى مقومات الدولة اإلسالمية يف صدر السالم. أفالطون من جهة،

شــروط الرياســة:-أ)

يشترط الفارايب يف رئيس املدينة الفاضلة، مجلة من االستعدادات الفطرية واملكتسبة ال تتوفر

الكمال، فهو نيب فيجب أن يتمتع مؤسس املدينة الفاضلة مبخيلة بلغت غاية عند أي شخص آخر،

فإذا ،التعقل والتأملإما بطريق الوحي وإما بطريق يتلقى املعرفة من العقل الفعال،، وفيلسوف

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

بن مجاعة حممود ،املقال واملكان نفسه . )1

.57بنعبد العايل عبد السالم،مرجع سابق،ص )2

.112املرجع نفسه،ص )3

-130-

Page 143: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يوحى إليه بتوسط فيكون اهللا عز وجل اإلنسان هو الذي يوحى إليه،كان هذا "حصل ذلك،

فيفيضه العقل الفعال إىل عقله ،العقل الفعال، فيكون ما يفيض من اهللا تعاىل إىل العقل الفعال

ثم إىل قوته املتخيلة، فيكون مبا يفيض منه إىل عقله املنفعل حكيما املنفعل بتوسط العقل املستفاد،

وخمربا مبا هو ، نبيا منذرا مبا سيكون ،ومبا يفيض منه إىل قوته املتخيلة التمام، ومتعقال على فيلسوفا،

:وحيدد املعلم الثاين خصال رئيس املدينة الفاضلة بكثري من التفصيل وهي.)1(اآلن عن اجلزئيات"

جودة الذاكرة،جودة احلفظ وقوة (جودة الفهم والتصور، وعقلية( متام األعضاء)، خصال بدنية

(حب التعلم، ونفسية وخلقية(حسن العبارة، وضوح كامل يف التبليغ)، ولغويةالفطنة والذكاء)،

حب العدل وبغض عدم تثمني املال، حب الصدق والسمو بالنفس، وعدم اجلري وراء الشهوات،

.)2("قوة العزمية) اجلور،

حتققت من الناحية العملية -د الرئيس الفاضلوجو - ن هذه الرؤية اليت أشار إليها الفارايبإ

حيث كانت املدينة قوا يف شخصه، حيث وجدت دولة يف عهد النيب صلى اهللا عليه وسلم،

.)4(والعبادات" والتضامن، والتسامح والتعاون، "تتبلور مفاهيم األخوة،، يباإلضافة للدور السياس

راء .أوعن شخصية رئيسها ،املدينة الفاضلةتلك هي مجلة آراء الفارايب حول فكرة

وملسة أفالطونية الذي أقام على منواله فلسفته السياسة، ،نتظهر فيها ملسة أفلوطينية يف تصور الكو

اليت تعترب فكرة جديدة كل اجلدة عن التفكري السياسي من خالل فكرة الفيلسوف احلاكم،

وهي فكرة أي النيب ، حديثه عن الرئيس األول،فتظهر يف أما اللمسة اإلسالمية، اإلسالمي،

كما ينظر هلا الفارايب، هي تلك املدينة ، إن املدينة الفاضلة مستوحاة من الواقع التارخيي اإلسالمي.

اليت يتراتب أهلها حسب ما فطروا عليه، من استعداد للصنائع، وإدراك للسعادة، وهي اليت جتتمع

دة العقيدة، و تتوطد و تتماسك بالعدل، لكن لنتساءل كيف أجزاؤها، ومراتبها باحملبة ووح

ستفهم العدالة عند الفارايب ؟.

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

121،ص1،1995،دار مكتبة اهلالل للطباعة والنشر،بريوت ،ط آراء أهل املدينة الفاضلة ومضادااالفارايب ، )1

124¡123¡122املصدر نفسه،ص ص )2

.122املصدر نفسه،ص )3

.107بوعرفة عبد القادر،مرجع سابق ،ص )4

-131-

Page 144: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

:إشكالية العدالة عند الفارايب-ب)

املرتبط مبراتب الكل، أو يف نطاقها العام، تفهم إالال ميكن أن ،إن العدالة عند الفارايب

وليست عدالة مساواة.العدالة ذا وموضوعه اخلاص، حيث لكل شيء مكانه، النظام الكوين،

وهذا بطبيعة احلال وليد أن ميتلك املرء ما ينتمي إليه فعال، ويؤدي الوظيفة اخلاصة به،املنظور هي

وإذ يؤكد الفارايب على والتفاضل من حيث االستعدادات البدنية والذهنية، التراتب االجتماعي،

ات،فإنه يعتربه نوعا خاصا من العدل:فهو يتمثل يف مستوى توزيع اخلري املفهوم االقتصادي للعدل،

أما العدل .جمرد مبدأ أخالقي صرف ،وبذلك ليس العدل و الثروات حسب مرتبة كل واحد،

أما يف األنشطة .)1("أي فضيلة كانت فهو"استعمال أفعال الفضيلة فيما بينه وبني غريه، بوجه عام،

التخصص من وحيبذ مبدأ فريفض الفارايب اجلمع بني األعمال داخل املدينة الفاضلة، االجتماعية،

كما أن ممارسة أي نشاط هذا من جهة، أو صناعة، منطلق أنه:ال ميكن أن يصلح الفرد لكل عمل،

لذلك يقول الفارايب:"ينبغي أن يفرد خاصة إذا تزامنا. موازي قد يؤدي إىل إمهال العمل األصلي،

.)2(ال يفوت"حىت يكون كل واحد يلحق يف وقته و لكل واحد من العملني إنسان واحد،

انسجام بني عدالة انسجام أكثر منها عدالة مساواة، تظهر العدالة كما يتصورها الفارايب،

فالعدل هو الذي يوحد بني اليت تتألف منها املدينة الفاضلة، خمتلف املراتب االجتماعية،

دولة ال يف استمرار ،أمهيتها من الدور الذي نسبه إليها ،تستمد العدالة عند الفارايبأعضائها.و

يأتلف ،"إن أجزاء املدينة ومراتب أجزائها، يارواال ،ال يتطرق إليها التفكك وبقائها متماسكة،

،العدالة عند الفارايبعلما أن ،)3(وتتمساك وتبقى حمفوظة بالعدل وترتبط باحملبة، ،بعضها مع بعض

األول توزيعي ويتمثل يف قسمة ،بل العدالة عنده تتمثل يف جانبني ،ال جيب أن يفهم منها املساواة

، وهذه اخلريات ال تقتصر على النواحي املاديةعليهم مجيعا، اليت ألهل املدينة، املشتركة اخلريات

المة والكرامة واملراتب وغريها، مثل الس، كافة اخلريات املعنوية، ولكن تتناول باإلضافة إىل هذا

يكون يف قسمة ،" فالعدل أوال ،كل فردعلى أن يكون ذلك التوزيع على أساس مدى استحقاق

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

.62، اهلامش رقم 98)بن مجاعة حممود، املقال السابق، انظر ص 1

)املقال و املكان نفسه.2

209)نقال عن حورية توفيق جماهد،مرجع سابق،ص3

-132-

Page 145: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وتلك عليهم، مث بعد ذلك يف حفظ ما قسم دينة على مجيعهم،اخلريات املشتركة اليت ألهل امل

اليت ميكن أن يشتكوا فيها، ،واملراتب وسائر اخلريات اخلريات هي السالمة واألموال والكرامة ،

.)1("فنقصه عن ذلك وزيادته عليه جور ملدينة قسطا مساويا الستهاله،لكل واحد من أهل ا فإن

فالعدل ،حسابية ، وليستةمساواة تناسبي هنا،ايب عنها علما أن املساواة اليت يتحدث الفار

على ،مساويا ملزاياه.لقد أدرك الفارايب أن فكرة توزيع اخلريات نصيبا ،يقتضي أن ينال كل فرد

لذلك جلأ إىل إسنادها مببدأ ،ةبذميكن أن تكون فكرة غري حم ،أساس مبدأ األهلية واالستحقاق

مث كمل ذلك ،فإذا اتفقت آراء أهل املدينة يف هذه األشياء "فيقول حيفظ االستقرار للدولة، ،آخر

وألم تبع ذلك حمبة بعضهم لبعض ضرورة، بعض، اليت ينال ا السعادة بعضهم مع ،باألفعال

أيضا فيتبع ذلك وبعضهم نافع لبعض، ،وبعضهم حمتاج إىل بعض متجاورون يف مسكن واحد،

ا يسجل البعد األخالقي حضوره يف منظومة متاسك هكذ.ويرتبطون"احملبة ... فبهذا يأتلفون

بل يعطيها الصدارة قبل أن يؤسس بالغة لشحنة العواطف املتبادلة،يعطي أمهية ،الفارايب ألن،الدولة

منظومته العدلية .

وهو القائم على ،فقد خص به الفارايب أهل املدن اجلاهلة مفهوم العدل الطبيعي،أما

واألشياء "،ظا فمصريه التبعية أما األقل ح لغلبة والقهر جبانب األكثر قوة،يث احب الغاب،شريعة

وكل ما يوصل به إىل هذه ،هي السالمة والكرامة واليسار واللذات ،كون عليها التغالبياليت

ور والعدل هو أن يقهر ما اتفق منها ... واملقهذه هي الفائزة...هعلى .... فالقاهرة منها لألخرى

وبقي قهر على كرامته أو ،القاهر بالوجود ، وانفردهلك وتلف ، أوأن يقهر على سالمة بدنهإما

ويفعل ما هو األنفع للقاهر يف أن ينال به اخلري الذي ، تستعبده الطائفة القاهرة ذليال ومستعبدا،

وأن يفعل املقهور ما هو األنفع هو أيضا عدل، د القاهر للمقهورافاستعب.عليه غالب ويستدمي به

.)2(هو أيضا عدل، فهذه كلها هو العدل الطبيعي"للقاهر

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

35¡34،مكتبة اجلالء اجلديدة،مصر،(ب ط)،ص صالدولة عند الفارايب ة، نظري)نقال عن:مصطفى سيد أمحد صقر1

152،153،مصدر سابق ،ص آراء أهل املدينة الفاضلة ومضاداا)الفارايب،2

-133-

Page 146: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وهو املفهوم الشائع عندما األقوى، وفق منطق الغالب ،م العدل الطبيعيهكذا يتحدد مفهو

كما يسود عالقات الدول، ،منطق يسود عالقات األفراد وحيتكم لشريعة الغالب، ،تغيب القوانني

هر هلم أنه من األمور الطبيعية،الذي يظ ،التغالبفقوام احلياة عند أهل املدن اجلاهلة أو الضالة هو

عليه طبائع املوجودات وهي تابعة ملا أو يف طبع كل طائفة، " ،املوجودة يف طبع كل إنسان

.)1("لدفما يف الطبع هو الع الطبيعية،

نظام احلكم يف املدينة :-ج)

نالحظ أنه يعرب عن الرغبة ،املدينةالفارايب يف رؤيته لنوع احلكم املراد بسطه على عندما نقرأ

ويكون قادرا على اإلمساك جبميع السلطات يسود فيه العقل (الفيلسوف)، ،يف قيام حكم مركزي

توحد أركان تيف أن أو حالة تعبري عن املأمول، جعة حلالة نكوص،، وبالتايل نتساءل هل املسألة را

الدولة اإلسالمية حتت راية حاكم واحد ؟

ال كل التصورات السياسية والقانونية،حاكم فوق ،احلاكم الذي أراده الفارايب ملدينته إن

" فالرئيس األول على اإلطالق هو الذي الحيتاج وال يف شيء أصال ملا ميليه عليه عقله، خيضع إال

له حاجة يف شيء إىل أن يرأسه إنسان بل يكون قد حصلت له العلوم واملعارف بالفعل وال تكون

، ألنه ببساطة ،ة الرئيس لسواهمربرا عدم حاج ،ضفيمث يلجأ الفارايب إىل نظرية ال.)2("إنسان يرشده

ذا االتصال " يفيض من العقل الفعال على العقل املنفعل القوة اليت . اتصلت نفسه بالعقل الفعال

.)")3ا ميكن أن يوقف على حتديد األشياء واألفعال وتسديدها حنو السعادة

يلجأ إليه الفارايب عندما بعضه تربير بيولوجي يتافيزيقي لتعايل منصب الرئيس،إن هذا التربير امل

كذلك ...ا خيصهمعضاء وأمتها يف نفسه وفياأل العضو الرئيس يف البدن هو بالطبع أكمليقول:"

غريه أفضله ودونه قوم وله من كل ما يشارك فيه أكمل أجزاء املدينة فيما خيصه، رئيس املدينة هو

الفارايب الباب أمام أي طموح قد يراود أفراد املدينة يف .ويغلق)4("مرؤوسون منه ويرأسون آخرين

ا، فليس كل صناعة ميكن أن يرأسحتصل ملن فطر بالطبع معدا هلا، فالرئاسة "، تبوء سدة الرئاسة

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

152)املصدر نفسه،ص 1

88،ص 1996¡1،دار ومكتبة اهلالل،بريوت،ط السياسة املدنية)الفارايب،2

89)املصدر نفسه،ص 3

116، مصدر سابق،ص ص آراء أهل املدينة الفاضلة) الفارايب،4

-134-

Page 147: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

هوكما أن الرئيس األول يف جنسه ال ميكن أن يرأس ،، صنائع خيدم ا يف املدينةبل أكثر الصنائع

ميكن أن صناعة ال الرئيس األول للمدينة الفاضلة ينبغي أن تكونكذلك ..شيء من ذلك اجلنس

.)1(وال ميكن فيها أن ترأسها صناعة أخرى أصال" خيدم ا أصال،

ك تؤسس إا وال ش ،إن القارئ املعاصر يستغرب وال شك هذه الصفات اليت متنح للرئيس

الرئيس األول هو ف، وق اجلميعجتعل من الرئيس طاغية فمستبدة، لسلطة ديكتاتورية مطلقة،

سبب يف مث يكون ال املدينة ينبغي أن يكون هو أوال،رئيس ، هو املبدأ واملنتهى ،األساس يف املدينة

ألجزائها يف أن تترب والسبب يف أن حتصل امللكات اإلرادية اليت أن حتصل املدينة وأجزاؤها،

ائف واخلدمات حسب درجة األهلية،توزيع الوظكما أنه املسؤول األول وإليه يعود أمر ، مراتبها

يف املرتبة اليت هي إستهاله، الرئيس األول هو الذي يرتب الطوائف وكل إنسان من كل طائفة"

وذلك إم2(ا مرتبة رئاسة"ا مرتبة خدمة وإم(.

إىل آخر ،فيقرب من يشاء ويبعد من يشاء ،هكذا يفيض الرئيس األول على من هم دونه

ع دون فال غرابة أن يشر ،ب اخلدمة اليت ليس دوا مرتبة، هكذا ومبا أنه صاحب املدينةمرات

أن حيدد وصية يف أمر عد أن يرتب الناس كل يف مرتبته،أي ب بعد ذلك، " فإنه مىت أراد، مشورة

ب عز بذلك إىل أقروينهضهم حنوها أو أو طائفة من أهل املدينة، حيمل عليه أهل املدينة،أراد أن

قة قانونية مبن هم دونه رئيس مدينة الفارايب ال تربطه عال".وأولئك إىل من يليهم املراتب إليه،

شبيه بالسبب األول الذي به وجود ه ألن ،بل هو بالنسبة هلم حاكم أو رئيس يف ثوب إله مسؤولية،

.سائر املوجودات

وحده احلديث عن كان يستحيل فيه قع الذي عاصره، والذي لكن الفارايب وحبكم الوا

قال بتعدد احلكام يف حالة عدم توفر الشروط كلها يف ، أو حكم الرئيس الواحد، السلطة السياسية

والسلطة الزمنية يف بغداد، فالسلطة الدينية يف زمانه كانت منحصرة يف اخلليفة املقيم ، "رجل واحد

قال الفارايب" ،أمام هذه الوضعية.)3("اء اململكةسائر أحن على يف يد األمراء والسالطني املسيطرين

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

119،118) املصدر نفسه،ص ص1

94،مصدر سابق، ص كتاب السياسة املدنية)الفارايب،2

77،ص6،1993،املركز الثقايف العرب،بريوت،لبنان،ط،حنن والتراث) اجلابري حممد عابد3

-135-

Page 148: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إما يف مدينة واحدة أو أمة واحدة أو يف ،امللوك يف وقت واحد مجاعةفإذ اتفق أن كان من هؤالء

.)1("رادمإالتفاق مهمهم وأغراضهم و ،فإن مجاعتهم مجيعا تكون كملك واحد ،أمم كثرية

وحنن .لواجب توفرها يف الرئيس الثاينشروط االخيفف الفارايب من حتت وطأة ظروف عصره

الذي هنا دائما نتذكر ظروف عصره ومتزق دولة اخلالفة، األمر الذي جعله يقبل حىت اإلنسان

بل حىت يكونا بذلك مها رئيسني للمدينة،على أن يكملها إنسان آخر ل زءا من الشروط،حيوز ج

احد وكانت احلكمة يف واحد والثاين يف واحد والثالث يف و الشروط يف مجاعة، هذه إذا " تفرقت

¡)2(كانوا هم الرؤساء األفاضل" لسادس يف واحد وكانوا متالئمني،والرابع يف واحد واخلامس وا

ألن،ينذر الفارايب خبراب املدينة ،عند هذه النقطة ؟!! لكن ما ذا لو خلت املدينة من كل هؤالء

أن يوجد حكيم مل يتفق فإن ومآل املدينة إىل الزوال " ،كل من يتوىل املدينة دون حكمة ليس مبلك

.)3(مل تلبث املدينة بعد مدة أن لك تضاف احلكمة إليه،

طريق ر على الطريقة املؤدية للسعادة،عاجز حىت عن العثو ،يظهر اإلنسان يف مدينة الفارايب

اإلنسان وألجل ما قيل يف اختالف الفطر يف أشخاصجيدها حىت يتدخل الرئيس ويرشده "ال

بل ،وال األشياء اليت ينبغي أن يعملها ،كل إنسان أن يعلم من تلقاء نفسه السعادة فليس يف فطرة،

ذا املعىن ميكن القول أن الطبقات الدنيا ومرشد ...وعلى هذا أكثر الناس،حيتاج إىل معلم

حيث لى مرتبة،وهذا صعودا إىل أع ،سوف تبقى قابعة حتت رمحة من هم فوقها مرتلة ،املرؤوسة

وهذا بطبيعة احلال يستثىن منه ،يتربع الرئيس على سلطة منح خريطة الطريق املؤدي للسعادة

الطريق املوصل للسدة الرئاسة.

يعرب عن حالة نكوص، ،"مدينة السعادة"والنظام مهما يكن فإن مشروع املدينة الفاضلة،

والتارخيية اليت عاش يف ظلها الفارايب، تعد من فالظروف السياسية وتشوق لعودة املدينة النموذج،

حيث كانت السلطة الدينية يف زمانه منحصرة يف أحلك احلقب يف تاريخ اخلالفة اإلسالمية،

يف أحناء بغداد...والسلطة الزمنية يف يد األمراء والسالطني، املسيطرون على سائراملقيم اخلليفة

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

90،املصدر نفسه،ص السياسة املدنيةكتاب )الفارايب ،1

77) اجلابري حممد عابد،املرجع نفسه،ص 2

126،مصدر سابق،صآراء أهل املدينة الفاضلة) ) الفارايب،3

-136-

Page 149: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

أصبحت ، حبيثالذي كان يهدد هذه الدولة العظمى بالتفكك واالحنالل والتراجع الدولة، الشيء

، هذا ما يفسر تشوق الفارايب لقيام رئاسة فاضلة تلم شتات األمة ، ولعلاخلالفة شعار ال مدلول له

بعد حتولت املدينة النموذج إىل مناذج تضاد املدينة الفاضلة وتناقضها. خاصة

الـمـاوردي:-)2

اإلنسان عند املاوردي: -أ)

االستغناء عنهم وال يستطيع ألنه حمتاج لغريه، بطبعه، اإلنسان عند املاوردي كائن اجتماعي

وفطرهم خلق اخللق بتدبري، تعاىل لنافذ قدرته وبالغ حكمه، أن اهللا علمايقول املاوردي" ا.منفرد

ليكون وفطرهم عاجزين، أن خلقهم حمتاجني، وبديع ما قدر، فكان من لطف ما دبر، ،بتقديره

بنفسه وان من يستقل من احلي ألن سان أكثر حاجة من مجيع احليوان،مث جعل اإلن..بالغىن منفردا

وخلقه قائمة صفة الزمة لطبعه، واستعانته إىل جنسه، واإلنسان مطبوع على االفتقار عن جنسه،

".وخلق اإلنسان ضعيفاولذلك قال اهللا سبحانه وتعاىل" يف جوهره،

إليها فقد انتهى ،ي عن طبيعة اإلنسان ليست جديدهذه الفكرة اليت يرددها املاورد إن

حىت وإن ، اليوناين بقوةظهر وال شك حضور املنتربيع، وهي تبن أيب الاو يب،كالفارا ،سابقوه

هذا الرأي تظهر فاملرجعية الدينية يف بالنص القرآين للتدليل على آرائه،كان املاوردي استأنس

به،ولطفا ور العجز نعمة عليه،وظه تعاىل اإلنسان بكثرة احلاجة،إمنا خص اهللاواضحة يف قوله "

ألن الطغيان مركون يف نه من طغيان الغىن وبغي القدرة،مينعا ومهانة العجز، كون ذل احلاجة،لي

مل - يقول املاوردي- لكن اهللا تعاىل ،)2("كلا إن الإنسان لیطغىقال تعاىل:".)1(طبعه إذا استغىن

ماس احلاجة،ا خلق اهللا اإلنسان وملدون أن يبني له الطريق " ،يترك اإلنسان هكذا عاجزا حمتاجا

وأرشده إليها دله عليها بالعقل، عجزه حيال، ولدفع جعل لنيل حاجته أسباب، العجز، ظاهر

له اهللا، ري مصاحل دنياه وفق ما أرادويس ،فبالعقل والفطنة يسترشد اإلنسان يف حياته ،بالفطنة"

ة فسلط

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

107،ص 1،1987،دار الكتب العلمية ،بريوت،ط والدينأدب الدنيا )املاوردي،1

6)سورة، العلق،اآلية:2

-137-

Page 150: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

قسم الظفر موقوفا على ما اهللا تعاىل جعل ألن ،بل هي حمدودة باملشيئة اإلهلية ،العقل ليست مطلقة

.له الرغبة والرهبة لتدوم ،ويف العجز على فطنهم ،عقوهلمعلى كيال يعتمدوا يف األرزاق ،وقدر

السلطة السياسية عند املاوردي:-ب)

بكثرة الفنت واالضطرابات واملؤامرات والدسائس يتميز العصر الذي عاش فيه املاوردي،

إضافة إىل فنت أخرى بني والتدهور اخلطري الذي عاشته اخلالفة العباسية، ،بسبب األوضاع املزرية

وحروم الداخلية، "،بويه بنو"دون نسيان خالفات نة والرافضة،احلنابلة والشافعية أو بني أهل الس

حيث مع تزايد نفوذ العنصر التركي والفارسي،"بدأ مركز اخلليفة يف التدهور، يف هذه الظروف،

فلم ،ميثل السلطة علنا أما يف الواقع فكانت السلطة تتأرجح بني القادة األتراك والفرس كان اخلليفة

وقد استبد ،سوى ذكر أمسائهم يف اخلطب ونقشه على السكة يكن للخلفاء من األمر شيء،

حىت عاد ما ترتب عليه ضعف مركز اخلالفة، إثر دخوهلم بغداد، البويهيون باحلكم كله يف أيديهم،

.)1("اخلليفة العباسي ألعوبة يف أيديهم

أو اإلمام وإعادة االعتبار ملنصب اخلليفة، ة،هلذه األسباب اهتم املاوردي بإعادة بناء الدول

فالسلطان القاهر تتألف برهبته األهواء يأوي إليه كل مظلوم، " باعتباره ظل اهللا يف األرض،

وتنقمع من خوفه وتنكف بسطوته األيدي املتغالبة، وجتتمع يبته القلوب املتفرقة، املختلفة،

ال بد أن يكون له سلطة عليا د جتنيبه أسباب الفوضى،وبالتايل كل جمتمع سياسي يرا ،)2(النفوس"

فوضى مهملني ومهجا مضاعني، ايقول املاوردي مؤكدا على ذلك "لوال الوالة لكانو.تسري أموره

األفوه األودي: -وقد قال الشاعر

)3(ال يصلح الناس فوضى ال سراة* هلم *** وال سراة هلم إذا جهاهلم سادوا

، أواليت تصدر عنها كل الواليات ، وهييضمن االستقرار ، الذيالشرط األساسفاإلمامة هي

فهي مقدمة كل حكم سلطاين.يعترب املاوردي اإلمامة منصبا دينيا ، وهلذاالسلطات األخرى

اإلمامة موضوعة خلالفة النبوة يف حراسة الدين وسياسة "بل يرى بأن الوقت نفسه، وسياسيا يفÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

.93،ص 1985،مكتبة ضة الشرق، القاهرة،(ب ط)،الفكر السياسي عند املاورديرسالن صالح بسيوين، )1.58املرجع نفسه،ص )2سورة كل شيء أعاله . *.5،ص 1983،ديوان املطبوعات اجلامعية،اجلزائر،(ب ط)،األحكام السلطانية والواليات الدينيةاملاوردي على بن حممد حبيب، )3

-138-

Page 151: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

.واإلمامة عند )4(وإن شذ عنهم األصم الدنيا، وعقدها ملن يقوم ا يف األمة واجب باإلمجاع

كاجلهاد وطلب العلم إذا قام ا من هو أهلها سقط فرضها على فرض على الكفاية، "املاوردي

اروا الكفاية".أما إذا مل يقم ا أي أحد خرج من الناس فريقان: أحدمها أهل االختيار حىت خيت

هذان الفريقان يشترط فيهما ،)1("والثاين أهل اإلمامة حىت ينصب أحدهم لإلمامة -إماما لألمة

االختيار ليس متروك للجميع، فحقيف األغلب شروط أخالقية: ، هياملاوردي مجلة من الشروط

ألنه والعقد،يطلق عليهم أهل احلل وإمنا هو مقصور على فئة معينة تتوفر فيها مجلة من الشروط،

فهو فرض كفاية وراجع إىل اختيار أهل احلل والعقد، إذا تقرر أن هذا املنصب واجب بإمجاع،

أما الشروط املعتربة فيهم فهي ثالث: فيتعني عليهم نصبه،

العدالة اجلامعة لشروطها.-أ

العلم الذي يتوصل به إىل معرفة من يستحق اإلمامة. - ب

وهذه الشروط كما يظهر ذات .)2(إىل اختيار من هو لإلمامة أصلح الرأي واحلكمة املؤديان - ج

اليت يشترطها املاوردي، ةأما احلكم، "فاشتراط العدالة هنا يعين التقى والورع، صبغة أدبية أخالقية

وأما الفعلية فهي فعل ،قوليه وفعلية:أما القولية فهي قول احلق"فهي يف نظر العلماء نوعان:

.)3("الصواب

باالعتماد على فإذا اجتمع أولوا احلل والعقد تصفحوا أحوال املتقدمني إىل منصب اإلمامة،

سالمة العلم املؤدي إىل االجتهاد، تتلخص يف:"العدالة على شروطها، مجلة من الشروط األخالقية،

سالمة األعضاء من نقص مينع استيفاء احلركة وسرعة النهوض، احلواس من مسع وبصر ولسان،

الشجاعة والنجدة املودية إىل محاية البيضة وجهاد رأي املفضي إىل سياسة الرعية وتدبري املصاحل،ال

عند توفر ،)4("قدموها وال تقدموها":وقوله، األئمة من قريش""النسب القرشي لقول النيب العدو،

من اإلمام من بني يقوم أهل الرأي باختيار-اليت هي يف األساس شروط أخالقية-هذه الشروط

فهو ما انعقد وهي عهد اإلمام من قبل، وهناك طريقة أخرى لالختيار، تتوفر فيهم الشروط،ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

املصدر والصفحة نفسه. )4

)املصدر والصفحة نفسها..1.06ص املصدر نفسه، )2.124ص )رسالن صالح بسيوين، مرجع سابق ،3.06املصدر السابق،ص )4

-139-

Page 152: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يف إذن .عمراإلمجاع على جوازه، ألمرين عمل ا املسلمون:فاخلليفة أبا بكر عهد ا خلليفته

بتعيينه فتكون"بيعة منعقدة وأن الرضا ا غري ، ويقوماستطاعة اإلمام أن يستخلف وليا للعهد

صب وذا فاخلليفة مبجرد أن ين ،)1(تتوقف على رضا الصحابة" ، ملبيعة عمر (ض) ، ألنمعترب

تترتب عليه واجبات تفرض عليه القيام ا.أما الواجبات اليت ينبغي لإلمام مراعاا والقيام ا فهي

تنفيذ .)2(ليكون حمروسا من اخللل ال سيما القضاء على البدع:حفظ الدين.عشر واجبات

أي ،والذب عن احلرميمحاية البيضة:.بني املتشاجرين وقطع اخلصام بني املتنازعني األحكام:

بالعدة املانعة والقوة :حتصني الثغور.االهتمام بالزمن يف الداخل واخلارج حىت يعيش الناس آمنني

لتصان حمارم إقامة احلدود:.حىت يسلم أو يدخل الذمة من عاند اإلسالم بعد الدعوة،:جهاد.الدافعة

تقدير .والصدقات على ما أوجب الشرع جباية اخلراج.اهللا تعاىل عن االنتهاك وحتفظ حقوق العباد

واملقصود استكفاء األمناء:.غري إسراف وال تقتري ، منوما يستحق يف بيت مال املسلمنيالعطايا:

-أي الرجل املناسب يف املكان املناسب بلغة اليوم- يف تعيني املوظفني هنا مراعاة الكفاءة والدقة،

نهض بسياسة األمة.لي ويتصفح األحوال، وأن يباشر بنفسه األمور،

واليت ميكن إمجاهلا يف أمرين هامني" إقامة الدين وبيانه تلك هي الواجبات املنوطة باإلمام،

على ما تقتضيه ويف ذلك خري وإدارة شؤون الدولة،لناس بالرتول يف أحكامه وتعاليمه.وأخذ ا

إلمام ما ذكرناه من واجبات يف فإذا أدى ا. أفراد ومجاعات يف داخل البالد وخارجها لألمة مجعاء،

ما مل خيرج عن هذا وبالتايل وجب على الرعية طاعته، يكون قد أدى حق اهللا فيما هلم، حق األمة،

أي إخالله بإحدى الشروط :األول جرح يف عدالتهعلما أن ما خيرجه عن اإلمامة أمران:.ويتغري حاله

، فهذاللهو ، وانقيادللشهوة ، حتكيمارماتالسابقة"كالعدالة".واملقصود هنا الفسق وارتكاب احمل

وهو على مبا يرتبط ببدنه ، فيتعلقاألمر الثانـي أما ،الفسق مينع من انعقاد اإلمامة ومن استدامتها

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

.09املصدر نفسه،ص )1

.14املصدر نفسه،ص )2

-140-

Page 153: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وهو على نوعان:نوع ال فقد األعضاء: كزوال العقل وذهاب البصر،نقص احلواس:ثالثة أوجه:"

نقص .ونوع مينع عقد اإلمامة كذهاب اليدين والرجلني ،يسقط اإلمامة كقطع الذكر واألنثيني

، أماأما احلجر فهو" أن يستويل عليه من أعوانه من يستبد بتنفيذ األمور التصرف باحلجر والقهر:

ذلك من عقد ، فيمنععلى اخلالص منهيقدر ، الالقهر فهو أن يصري مأسورا يف يد عبد قاهر

لكن وملا كان من املستحيل أن يقوم اإلمام بنفسه على كل شؤون األمة الدينية .)1("اإلمامة

وعمال يعينونه على تأدية الوظائف اليت أقيمت من أجلها كان ال بد له من أعوان، والسياسية،

وإن استشار بعض الدولة بنفسه،أول األمر كان اخلليفة يشرف على كل شؤون "ففي" ،الدولة

التساع رقعة ولكن فيما بعد مل يتمسك اخللفاء كثريا ذا اإلشراف املباشر، املقربني إليه،

"ألن ما وكل إىل اإلمام من تدبري األمة ال يقدر على ،ومن هنا تظهر أمهية الوزير. )2(اإلسالم"

مصدقا الوزارة كان موجود قبل اإلسالم، ومن املعروف أن منصب مباشرة مجيعه إال باإلستنابة"،

.وعن الشروط ))3واجعل لي وزیرا من أھلي":لقوله تعاىل على لسان موسى عليه السالم

هي نفسها شروط اإلمامة .فاملطلوبة للمنصب

املراكز وهلذا جنده يتحدث عن إن بناء الدولة عند املاوردي يبدأ من األعلى إىل األسفل،

ألن احلاكم يصبح مبثابة املصدر وهذا البناء اهلرمي بناء أخالقي، اهلامة وصوال إىل األقل أمهية،

اليت ب فهو بالتايل السلطة العليا طاعته واجبة ألنه املفوض من اهللا إلدارة شؤون عباده، األول،

شيء أصال أن يرأسه إنسان.احلركة ملا دوا، فالرئيس األول على اإلطالق هو الذي ال حيتاج يف

، طرحاطرح التمكني للسلطان ، ختدمهكذا شيد العقل السلطاين لنفسه سلسلة من اآلداب

جيعل السياسة مربوطة بالشريعة.وفق إيديولوجية الطاعة ألوىل األمر، هلذا تأخذ الوصايا

العلوم املساعدة على تعد من على اعتبار أن هذه األخرية، نصيبا أوفر التوجيهات األخالقية،و

"الوالء والطاعة".

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ.18املصدرنفسه، ص األحكام السلطانية والواليات الدينية،املاوردي على بن حممد حبيب ، )1.269رسالن صالح الدين بسيوين ،مرجع سابق ،ص )229)سورة ،طه،اآلية:3

-141-

Page 154: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

:وعبادهالسلطة السياسية...احلاكم وسيط بني اهللا -ج)

ما يوضح الصورة اليت يرمسها املاوردي "دور السلوك يف سياسة امللوك"،جاء يف مقدمة كتاب

راعي الرعية وحارسها،-ليفةيذكر املاوردي عبارة اخلمل -فامللك فيها، للحاكم واملرتبة اليت يضعه

س من الصعوبة أنلذلك لي". خلقه فهو من استرضاه اهللا واستودعه والوسيط بينها وبني اهللا،

ملك اختص يقول املاوردي:"إن اهللا.اليت حتاكي الذات اإلهلية نتصور تصرفات ملك ذه الصفات،

وجعل له من ولد سندا ، باعتقاد احلق واجتناب الباطل لدولة وضياء امللة وغياث األمة،اء اامللوك:

وأطوارا فا خمتلفني،اس أصناالن جعل وعدل قضائه، فإن اهللا سبحانه ببليغ حكمته،، يظاهره يوازه

ةم راعيا أوجب عليه حراسواختص منه وبالتباين متفقني، ،ليكونوا باالختالف مؤتلفني متباينني،

ومل جيعل بينه وبينهم أحدا وجعله الوسيط بينه وبني عباده، وأوجب على الرعية طاعته، رعيته،

.)1("واستودعه حفاظ حقه ،استرعاء خلقهاء الدولة ممن خصه اهللا ب ،فكان ملك امللوك سواه،

ذه النظرةإن الن تطرح ،ةمسألة ختلق مفارق-ظل اهللا يف األرض باعتباره-ظر إىل امللك

خاصة فيما يتعلق مببدأ اإلله وامللك،تترتب عنها مفارقة املماثلة بني إشكاليات نظرية وسياسية،

عية لرسالة اهللا بني ورا ا حارسة للدينحبكم أ السلطة،حفاظا على استمرار ،الطاعة ولزوم الصرب

يد قفاحلاكم الذي ال ت.لنظرة يف املخيال اجلمعي من مآسيمع كل ما حتمله هذه ا بين البشر،

أو قبول أفراد رعيته، حاكم طاغية ال تنتظر منه احترام وال مساءلة له عن أفعاله، لسلطاته،

.مراجعتهم له

وهلذا آنذاك، جتاه وضع الدولة اإلسالمية ،ن حاجة املاوردي وقلقه النفسيبييق إن النص الساب

ب يف نصوصه اسم اخلليفة لك وهلذا فإنه يغيسم املاو ،لكحياول إجياد شرعية للمفال غرابة أن "

ترد كمرادفات للملك والسلطة ،هذه املفاهيم عندما تردف ،ومؤسسة اخلالفة واإلمامة ،واإلمام

بل إنه يتكلم عن اإلمامة ، أمرا واقعا باعتبارها ،ىل إرساء مؤسسة امللكإيه هنا يتجه فالفق

.)2("حليل ملكمبا هي يف اية الت ،ووظيفتها

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

54،مرجع سابق،صدرر السلوك يف سياسة امللوك)املاوردي،1

155،ص1،1999النشر،بريوت،ط،دار الطليعة للطباعة و يف تشريح أصول االستبداد)عبد اللطيف كمال،2

-142-

Page 155: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

تتألف برهبته األهواء املختلفة ، كونه" تتأيت من ،لك القاهرإن ضرورة وجود السلطان أو امل

وتنقمع من خوفه النفوس املتعادية ،بسطوته األيدي املتغالبة وتنكف وجتتمع يبته القلوب املتفرقة،

بزمام األمور متسك ،أكثر ما يفكر يف إجاد سلطة حازمة ،احلاكمال يفكر املاوردي يف طغيان .)1("

فقد شارك األمراء البويهيون .واملؤامرات والدسائس واخلالفات متلؤه الفنت، يف ظل واقع متردي،

صار األمري البويهي يذكر ولة،الد دفمنذ عهد عض يف سيادم الدينية والسياسية، اخللفاء العباسيني

سوى ذكر أمسائهم يف اخلطب ،فلم يكن للخلفاء من األمر شيء خطبة اجلمعة،اخلليفة يف اسممع

مما ترتب عليه إثر دخوهلم بغداد ،وقد استبد البويهيون باحلكم كله يف أيديهم .ونقشه على السكة

ال غرابة أن يصبح هكذا يف وضع.حىت عاد اخلليفة العباسي ألعوبة يف أيديهم ،ضعف مركز اخلالفة

مبا يترتب عن إطالق يد غري مبالاملاوردي، حيوز كل اهتمام ،االهتمام مبنصب حاكم الدولة

.من ظلم واستبداد امللك

املؤسسة املورث األديب والنصوص لة مندمجع األ ،لقد حاول املاوردي بشىت الوسائل

ظل اهللا يف نالسلطا"ل حديث النيبفنجده يتأو حماولة لتربير ما يدعوا إليه، يف، (القرآن والسنة)

باإلضافة بالسلطان أكثر مما يزع بالقرآن"، " إن اهللا يزع.وحديثيأوي إليه كل مظلوم" ،األرض

وحراسه فحراسه يف السماء هم املالئكة، حراسا يف السماء وحراسا يف األرض،إن هللا إىل حديث "

.بون عن الناس "يف األرض الذين يقبضون أرزاقهم والذين يذ

خاصة إذا كان ،، ال يقبل املشاركةحكم فردي مطلق ،إن احلكم الذي يؤسس له املاوردي

وبلد ،ا إقامة إمامني أو ثالثة يف عصر واحديقول املاوردي" فأم.ذلك على أرض البلد الواحد

إذا :"ه قالنعن النبيأفقد روي ،الذي يدعم حجته ،مستدال بالنص الديين، واحد فال جيوز إمجاعا"

ليس هلم من ن خيتارهم امللك لتنفيذ سياستهفحىت الوزراء مم ،)2(بويع أمريان فولوا أحدمها"

فمهمة الوزير وحجب عثراته عن العامة، صورته،وتزين العمل على خدمة سيدهم، مناصبهم إال

منها يتقاطع القليل ،ددها املاوردي يف مجلة من النقاطحي -مللكا ةتتعدى خدم وان كانت ال-

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

112،مصدر سابق،صأدب الدنيا والدين) املاوردي ، 1

113،112ص ،ص، يف تشريح أصول االستبداد)عبد اللطيف كمال2

-143-

Page 156: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يشكر ه عاذرا،أن يكون إلحسان امللك شاكرا وال ساءتفالوزير جيب عليه" مع املهام السياسية،

.)1("ويستدفع بالعذر إساءته ليستمد بالشكر إحسانه كثري اإلساءةإلحسان ويعذر على على يسري ا

باطنها ينحدر ليبلغ وظاهرها سياسي اليت ينتدب من أجلها الوزير،إن املهمة األساسية

ويستر و"يظهر حماسنه إن خفيت، لوزير يعمل على تبييض صورة امللك،يصبح معها ا ،درجة

كما أنه ليس للوزير ،)2(ومبساويه مقروف مرسوم موسوم، ألنه مبحاسنه معلوم مساويه إن ظهرت،

وينعكس ذلك بالوبال على شأنه أن يغضب جاللته، ألن ذلك من ،فيما قرر أو أمر مراجعة امللك

، إذا خولف ومال بانتقامه بسطوته إذا عورض، فرمبا انقلب ،يأنف من معارضتهفامللك" الوزير،

)3(فإن سلم من اخلطر مل يسلم من الضجر" أسريها،فبوادر امللوك تسبق نذيرها وت

حىت ، فعل تفرده ال يضاهيه بشر من رعيتهجت ،امللك فيها إن مرتبة االستعالء اليت يصور

وال يستخدم مثل وال يركب مثل مراكبه، وزيره حيرم عليه التشبه به "فال يلبس مثل مالبسه،

هذه العبارات ليست إال غيض من إن.)4(وينتقم إن شوكل" فإن امللك يأنف إن موثل، خدمه،

بل يف الكثري من وردي،والسياسة يف عصر املا ملا كانت عليه شؤون احلكم ،فيض وصورة مصغرة

وا ملكا فامللوك سري ما بعد دولة اخللفاء الراشدين،اليت عرفتها الدولة اإلسالمية في ،قصور امللك

على إال ،فلذلك مل تصحب امللوك ،ملخالفال تقبل الرأي ا وفق نزوات فردية، مترامي األطراف

.وليس ملن خالفهم حظ منهم مبن وافقهم على آرائهم، ومل يتمسكوا إال اختيارهم

اليت حتافظ على كيان تبىن السياسة املثلى،: آليات ممارسة السلطة واحملافظة على احلكم-د)

وذلك ،إىل التألق وحسن الطاعةتدعو :"الرغبة:هي على ثالثة أسس ،الدولة وتقي امللك شر الفنت

.وقد يف ذيب اململكة من أقوى األسباب:وهي"الرهبةمن أقوى األسباب يف حراسة اململكة.

:وهو"العدل الذي اإلنصاف.)5("ومن عالمات الدولة قلة الغفلة من إمارات اجلد حسن اجلد،:قيل

وليس يف العدل وتوفري األموال،وفيه "إعزاز امللك وتنتظم أمور اململكة، به يستقيم حال الرعية،

.كال األمرين عدل ال استقامة للملك إال ا " بل ،وجهةوال أخذه من غري ترك مال من وجهة،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

211،ص 1،1979،حتقيق رضوان السيد ،دار الطليعة للطباعة والنشر،بريوت،طقوانني الوزارة وسياسة امللك )) املاوردي 1

واملكان نفسه ))املصدر2

212)املصدر نفسه،ص3

)املصدر و الصفحة نفسها.4

92،مصدر سابق،ص درر السلوك يف سياسة امللوكاملاوردي، )5

-144-

Page 157: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يواصل املاوردي رامسا ،الذي ال تكاد ختلو منه اآلداب السلطانية ،من خالل أدب النصيحة

أعوانه انتقاء:حرصه على ومن بني ذلك وحتفظ حكمه من الفنت ،ن للملكالطريقة اليت متك

،فامللك ومادام هو العضو الرئيس يف جسم اململكة.اليت تساعده على إدارة أمور ملكه ،وحاشيته

. وعالج األمراض" يف حفظ الصحة، ،الطيب املدبر للجسدفهو يشبه يف تدبري أمور احلكم "

،ولته على شاكلة أعضاء اجلسدل دفصيو - أي موضع الطبيب- وهكذا عليه أن يضع نفسه موضعه

ينني،مبثابة الظهر والع واحلجابويكون احلراس ألعوان مبثابة اليدين يف بطشها،فيكون اجلند وا

إىل مع اإلشارة .سان يف نطقه ميثل الوزراءوالل الربيد مبثابة األذنني، ويكون ناقلوا األخبار وأصحاب

كذا الشأن بالنسبة حلاشية امللك يف القرب هف ،وبعداتتموضع حول القلب قربا ،هذه األعضاء أن

يف هرم ،مبثابة اخلاصة أو األعضاء الشريفة ،يعترب املاوردي حاشية امللك ومقربيهحيث والبعد

مفه أما بقية الشعب أو العامة، ا، اليت ال قوام له إال ،وهم من امللك مبثابة أعضاء اجلسد، اململكة

كحاجة األعضاء اخلاصة إىل العامة يف االستخدام، حاجةألن " ألوىل،سخرون خلدمة الطبقة ام

.)1("لشريفة إىل اليت ليست شريفة ...وعوام الناس خلواصهم عدةا

وهذه الفكرة كما يبدوا ية مفصلية يف التأسيس مللك قوي،إن عملية انتقاء أفراد احلاشية عمل

وسهر إذا حرص امللك بنفسه إال ، تؤدي غرضهالكنها ال املليء بالقالقل، ،وليدة ظروف عصره

أشد وهلذا فامللك" ،وثيقة بتثبيت دعائم امللك خاصة الطبقات اليت هلا صلة ،على مراقبة أعوانه

ألم عماد مملكته وقوام تفقد أحواهلم بنفسه،يستغىن عن وال إىل تفقد أربع طبقات، ةحاج

الوقائع تؤكد أنه لكل ألن وأمراء اجلند وعمال اخلراج، ام،القضاة واحلك وهم:الوزراء، ،)2(دولته"

ة امللوك فآفك إدراكها قبل اختياره ألعوانه "على املل ،ام وعوام آفة مفسدةحك ،طبقة من الناس

وآفة الرعية مفارقة الطاعة وآفة اجلند خمالفة القادة، وآفة الوزراء خبث السريرة، سوء السرية،

.)3(وآفة القضاة شدة الطمع"

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

94،ص ، نفسه) املصدر1

99،مصدر سابق ،ص درر السلوك يف سياسة امللوك) املاوردي،2

104)املصدر نفسه،ص 3

-145-

Page 158: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ق الذي يدير دواليب السلطة من لاملط مكانة احلاكم، إن مكانة امللك يف فكر املاوردي

قوامها أخالقية فهي عالقةه فيه أحد.أما بالنسبة لعالقته مع الرعية، يشاركه وال يراجعال ا، مركزي

وردي يتخيل الرعية كقطيع ينقاد،ألن املا ليس من وجهة نظر سياسته، أبنائه،عطف األب على

،والالئذين به ،يقيم رعيته مقام عيالهذا على امللك أن"هل ،املطالبة باحلقوقدون أدىن فكرة عن

لينتشر أمن سبلهم ومسالكهم..ب ،ويهتم كل االهتمام....وحذف األذى عنهم حسان إليهم،باإل

أن يساوي بني اجلميع أمام ه،من الدعائم املقوية لبقاء امللك ودوامو.)1(الناس يف متاجرهم آمنني"

.اصة والعامة السواءاخلوجيري احلكم على ،القضاء

:"كان املوبذان يقول.ليدعم به أسلوب النصيحة يالفارسدائما املنت املاوردي حضريست

يا ملك امللوك استدم النعم بالعطف على الرعية..... يا أنوشروان يقول:إذا دخل على -(القاضي)

لتحقيق اهلدف ، وهذا ال لشيء إال)2(ملك امللوك أعط احلق من نفسك يتعاطاه الناس وراء بابك"

أوىل وأخرية لالستمرار امللك واستمرار كغاية ،مبدأ الطاعة وراء هذا السلوك وهو من ،األمسى

ستندا يف ذلك إىل مماثلة ويورد املاوردي يف باب ترويض اخلاصة على الطاعة موعظمته."هيبته

وهم ، فإذا كان املالئكة،مللك بامللكا ةوعالقة خاص فيها بني عالقة املالئكة باهللا،ربط عجيبة،

النهار،بل يسبحون له الليل و هم،ون ما أمرصال يع .اخللق إليه مرتلة حسب تعبري املاوردي أقرب

¡)3(ه جيب على امللك أن يروض اخلاصة على طاعته إقتداء باهللافإن يسأمون وال يفترون، وهم ال

باب احملافظة على بطانة بل هو من ،ليس من باب املصادفة ،ام ألمرهموترويض اخلاصة واالهتم

امللك بطانته ذلك" وأقام فإذا حصل وتأثريها يف بقية الطبقات، دميومة والئها له،وضمان ،امللك

على مثل منهم بطانته، أقام كل امرئ )،( والصواب هنا هو الطاعة واخلضوع على حال الصواب،

.ىت جيتمع على ذلك عامة الرعيةح ذلك،.

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

116¡114)املصدر نفسه ،ص ص 1

117)املصدر نفسه،ص 2

182،مرجع سابق،ص، يف تشريح أصول االستبدادعبد اللطيف كمال ) نقال عن:3

-146-

Page 159: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

مرورا باحلاشية ، أين يتموضع امللك، هكذا يكون مبدأ الطاعة تنازليا من أعلى القمة

قمة ال ، جنديف هذا ترتيب هن أنومن البي، من أعوان ووزراء، انتهاء إىل طاعة العامة، واملقربني

، فهو"سلطان مسترعى، ليظل امللك يعلو ويتربع على قمة اهلرمتضغط والقاعدة تتحمل الضغط،

)1(ليكون بالطاعة قاهرا وبالسياسة مدبرا"ينقاد الناس لطاعته، ويتدبرون بسياسته،

:العدل عند املاوردي-و)

فإن املاوردي يرى أن العدل هلا إال به، اليت ال انتظام ،قواعد الدنيا أحدإذا كان العدل

وكفها على القبائح ،ملها على املصاحليكون حب:"عدل اإلنسان يف نفسهالتايل:كرج دجيب أن يت

فيها جور ، فإن التجاوز دل األمرين:من جتاوز أو تقصري،بالوقوف يف أحواهلا على أع مث،

ن بأربعة ويكو:عدل اإلنسان فيمن دونه.)2(فهو لغريه أظلم" ومن ظلم نفسه، والتقصري فيها ظلم،

روي عن النيب .وابتغاء احلق يف السرية عسور وترك السلط بالقوة،وحذف امل أشياء:بإتباع امليسور،

وقال ".فجار يف حكمه من أشركه اهللا يف سلطانه، القيامة،أشد الناس عذابا يوم أنه قال:"

كالرعية :عدل اإلنسان مع من فوقه".طاعته رغبت الرعية عن :"إذا رغب امللك عن العدل،أردشري

إخالص الطاعة أمجع ، فإنالوالء ، وصدقاعة وبذل النصرةوذلك بإخالص الط ،من السلطان

:عدل اإلنسان مع أكفائه.وصدق الوالء أنفى لسوء الظن وبذل النصرة أدفع للوهن، لشمل،ل

وجمانبة اإلذالل ترك االستطالة آلف،ألن وكف األذى، ترك االستطالة وجمانبة اإلذالل،ويكون ب

.)3(وكف األذى أنصف ،أعطف

ملعاونيه وال سيما فإنه ضروري حافظة على ملكه،لك للموالعدل كما يكون ضروري للم

د الناس لطاعته ويكفوا عن األنه بذلك ينق ،والواجب يف حقه أن يقود نفسه بالعدل ،لوزيره

، لن تستندرها مبثل اجلور واإلساءةو ،موادك إال بالعدل واإلحسانوأعلم أنك لن تستغزر ."معصيته

يوصي املاوردي ،ووفقا ألدب النصيحة.)4(بالعدل واإلنصاف تكون مدة االئتالف"وقد قيل:

وتدفع إىل فعدلك باألموال أن تؤخذ حبقها، "،الوزير مبينا أن العدل شامل لألموال واألفعال

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

املرجع والصفحة نفسها )1

117،مصدر سابق،صأدب الدنيا والدين،) املاوردي )2

118)املصدر نفسه،ص3

123مصدر سابق،ص ،قوانني الوزارة وسياسة امللك ياملاورد )4

-147-

Page 160: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

أما العدل ."غنمها ، ولغريكغرمها ، عليكمرن ، وكفيلألنك يف احلقوق سفري مؤمتن ،مستحقها

فال خياطب الفاضل خبطاب "جلسائه إال وفق درجة اإلستهال ر،خياطب الوزيفهو أال ،يف األقوال

وعدل " من رجحان أو نقصان. فلسانك ميزانك فأحفظه وال العامل خبطاب اجلاهل، املفضول،

فيجب عليه أن يضع كل ردة ،الطارئة املواقفردات فعله وتتناغم مع أن تتوافق الوزير يف أفعاله،

وال يبعثك السخط على طرح ،عن إنابة على ذنب وال يعفو إال يعاقب إالفال " ،فعل موضعها

.)1(وال حيملك الرضا على العفو عن املساوئ احملاسن،

تعرب من وجهة نظر واقعية عن حالة التمزق الذي كانت ،جتربة املاوردي أن القولخالصة

وإضعاف لشوكة الدولة خراب ودمار، خلفه ذلك الواقع منوما تعيشه مؤسسة اخلالفة آنذاك،

ى مستوى املمارسة كنمط حكم حل علجلوؤه إىل تعليل ظهور امللكية،هذا ما يربر رمبا اإلسالمية.

هيمنة امللك على احلكم يف شىت ،فالنظام امللكي يعرف على مستوى املمارسة مكان اخلالفة،

االنتصار تضمن له ،ا قوة مطلقةهيمنة تسنده ياسية واالقتصادية االجتماعية،الس،ااالت

احملافظة على الدولة فحىت وإن بادر املاوردي إىل إبراز قوة الدين يف.واالستمرار يف احلكم

اكم ( ملك أو ال يسأل فيه احل ثانويا أمام حكم مطلق،يصبح ،أن هذا العامل إال ومتاسكها،

سلطان) عما يفعل.

:لشأن السياسيلاملقاربة الرشدية

فقد نية والعربية،مشبعة بالعودة إىل األصول اليونا ،املقاربة الرشدية للمسألة السياسية

دون أن يتنكر ملرجعيته الدينية يف ثنايا ،الفارايبكل من أفالطون وأرسطو و استحضر ابن رشد،

واالجتماع ال ميكن إال ،ن وجود الناس ال يتم وجودهم إال باالجتماعأيرى ابن رشد .كتبه

وإمنا الناموس هو الذي حيرك الناس إىل ،هم بالفضائل أمر ضروري جلمعهمخذفأ ،بالفضيلة

وفساد ،ال لتعريفهم احلق ،فاآلراء الناموسية توضع للناس طلبا للفضيلة ،الفضيلة ويقيدهم إياها

أ اإلنسان "فإذا نش ،ا هي مبادئ الفضائلفالشرائع عنده إمن ،القانون يؤدي إىل فساد أحوال الناس

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

126ص ) املصدر نفسه،1

-148-

Page 161: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

والشرائع ضرورية لتماسك اجلماعة وصحتها النفسية ،كان فاضال بإطالق، على الفضائل الشرعية

ن يكون األمر يف الشرائع كاألمر يف أفإنه يشبه ، كضرورة الغداء لصحة األجسام ،واألخالقية

.)1("هذه عامة جلميع الناس األغذية(...)وكانت شريعتنا

يقول .*النص األفالطوين الذي شرحه كنقطة ارتكاز لنقد واقع عصره ابن رشدكما اعتمد

،إمنا هي اجتماعات بيوتات ال غري ،أبو الوليد "واالجتماعات يف كثري من املمالك اإلسالمية اليوم

ن مجيع أموال هذه أن .وبيحقوقهم األوىلس الذي حيفظ عليهم النامو ،إمنا بقى هلم من النواميس

ن خيرجوا من البيت ما زاد من أإىل ،وهم يضطرون يف بعض األحيان ،املدينة أموال بيوتات

والقوم من هؤالء فيعرض من ذلك مكوس وغرامات، ،ويدفعونه إىل من يقاتل عنهم مممتلكا

ند أهل فارس وكما عليه احلال .كما هو احلال عيعرف بالعامة وأخر يعرف بالسادة صنف:صنفان

وميعن السادة يف االستيالء على األموال ،احلال يسلب سادم عامتهمهذا ويف ،يف كثري من مدننا

.)2(ويف مدننا هذه ،كما يعرض هذا يف زمننا هذا، ن يؤدي م األمر أحيانا إىل التسلطأإىل

الوضع من ردة ن يترتب عن ذلك أميكن يل ماإ فيشري ،بعد من ذلكأويذهب ابن رشد إىل

إذا اتفق مع ":رابطا بني الوضع االجتماعي وطبيعة السلطان السياسي بقوله ،"فعل من قبل "العامة

وكانوا ،يقسمون فيهم بالعدل هذه األموال املأخوذة منهمال ن كان هؤالء الرؤساء أكل هذا

وعندها يعملون لإلطاحة ؤالء .شد األمور قسوة على العامةأكان ذلك ،يتسلطون عليهم

ولذلك تصري هذه املدينة يف غاية املناقضة ملدينة ،وجيتهد السيد فيهم يف التغلب عليهم ،الرؤساء

،واألموال املكترتة أصال يف هذه املدينة هي اليوم يف حقيقة أمرها أموال بيوتات، جودة التسلط

.)3("جل بيوت السادةأعين أا من أ

.إمنا يركز نظره "ومدننا هذه و"هذه املدينة اليوم ،الرشد من خالل حديثه عن زماننا هذان ابن إ

ا ذه.سالحا مستعمال العقل وهو يعيش أخر أيامه ،على املعضالت اليت تعصف باتمع األندلسي

يها يف حلظة تارخيية تكلست ف ،أضحت سهام اجلمود الفكري كلها متجهة صوبه يالعقل الذÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

221¡220،صص1964¡2،حتقيق حممود قاسم،مكتبة األجنلومصرية،طمناهج األدلة يف عقائد امللة)ابن رشد، 1

63صالضروري يف السياسة، * أنظر مقدمة اجلابري لكتاب

ومقدمة حتليلية وشروح ،نقله عن العربية اىل العربية أمحد شحالن،مع مدخل ،، الضروري يف السياسة:خمتصر كتاب السياسة ألفالطون)ابن رشد2

175¡176،صص،1998¡1للمشرف على املشروع حممد عابد اجلابري،مركز دراسات الوحدة العربية،بريوت،ط

.176) املصدر نفسه،3

78،ص مركز دراسات الوحدة العربية،2011،أفريل 386،املستقبل العريب،عرؤية ابن رشد السياسيةاملوضوع أورده كذلك :فريد العلييب،

-149-

Page 162: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وقد .ها بقوة لفضح ما يعتريها من نقائصمما استدعى خض ،الفكريةاألطر االجتماعية السياسية و

من جور ، حاول ابن رشد القيام بذلك فجاء كالمه شهادة على ما احنط إليه اتمع األندلسي

.تشري إىل قرب انفجارهاليت فساءت أحواله واتضحت كل العالمات ،وتسلط

،تعقل الشأن السياسيدف ل فكانت حماولته ،حرص ابن رشد على متثل علوم عصرهلقد

ع علمموضوضرورة حتديد على ألجل ذلك أكد ،لربهاين للتدبري املدينامن خالل التأسيس

ن ما يفرض تلك النشأة أيالحظ ،وعند احلديث عن نشأة املدينة.يقوم عليهاالسياسة واألسس اليت

"اإلنسان .واستحالة عيشه يف عزلة عن بقية األفراد احمليطني به ،إيل االجتماع هو حاجة اإلنسان

وهذا ¡)1("نه مدين بالطبعولذلك قيل حبق اإلنسان إ ،حيتاج يف حصوله على فضيلته إىل أناس غريه

ظم على النحو الذي يضمن لإلنسان حريته نكي ي ،ن خيضع برأيه إىل تدبري عقليأاالجتماع ينبغي

ة ومن مث.اس شىت صنوف القهرتسلط خالله على الن فإنه يكون ضاال وجاهال، وإال ،وكرامته

ة هناك فمن جه سياسة فاضلة وسياسة ضالة، ،يفرق فيلسوف قرطبة بني نوعني من السياسات

. اليت تتصف بالضالل وتسبب للفرد الشقاء ن األخرى،ومن جهة ثانية هناك املد املدينة الفاضلة،

.جاهلة* فإن املدينة الضالة فاسدة،.عادلة عفيفة، انت املدينة الفاضلة حكيمة شجاعة،كفإذا

تضعنا منذ البدء على أرضية رسم ،من الواضح أن املقاربة الرشدية ملسألة أنظمة احلكم

ولئن كان ابن ،نظام فاضل ونظام فاسد ،من حيث طبيعتهما الفاصل بني نظامني متمايزين حدها

مدينة الكرامة، املدينة الفاضلة، احلكم، ألنظمة الرشد يتبع نفس التقسيم الذي وضعه أفالطون

،ف إىل ذلك نوعني آخرينيفإنه يض.مدينة وحدانية التسلط ،املدينة اجلماعية ،مدينة األقلية املوسرة

ما أنه يركز ك ،واضح مع فلسفة الفارايب السياسيةيف تفاعل ،مها مدينة الضرورة ومدينة الشهوة

مبا ،ا األمر من خمتلف جوانبهذفيخوض يف ه ،على قضية تأسيس املدينة الفاضلة النظر بصورة الفتة

يف ذلك حبث إمكانية املرور باملدينة الفاضلة من مستوى التصور الفلسفي إىل مستوى التطبيق

ويف األندلس ،فعليا فاملدينة الفاضلة ممكنة التحقيق ويقدم ذا اخلصوص إجابة واضحة، ،العلمي

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ74املصدر نفسه،ص، ،، الضروري يف السياسة:خمتصر كتاب السياسة ألفالطونرشد ناب) 1

اوما بعده 167* للمزيد أنظر املصدر نفسه،املقالة الثالثة ،ص

-150-

Page 163: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

.وبذلك، مث يقوم بنقضه درءا لكل تشكيك، لذلك نراه يورد اعتراضا ممكنا على نشأا، نفسها

، آل إليه الوضع السياسي يف األندلسما قطيعة مع ، يرى يف التأسيس الفعلي للمدينة الفاضلة هفإن

عن كل ماهو "ممن يعرضون،وإتباع السفسطائينيوالفالسفة، من فساد كان سببه التنكر للفلسفة

الواقعة يف مثل وباجلملة كل الشرور املدنية ،هو قبيحكل ما ويستحسنون كالفلسفة وغريها مجيل

،لفتح السبيل أمام تأسيس نظام حكم فاضل ا اليت ينبغي القيامأوىل املهام وبالتايل.)1("املدن ههذ

.فالفلسفة وحدها بإمكاا إصالح ما فسد، عن اضطهاده عتبار للفيلسوف والكفاالإعادة

،نظمة حكم فاسدةأمع وضع تسوده إلحداث قطيعة ابن رشددعوة صرحية من أمامننا إ

هذه األنظمة السياسية ا اإليديولوجي األكاذيب اخلطابية،وسنده ،ا املادية القمع املباشر للبشراأد

إذا :يقول ابن رشد."توحدوحتكم عليه ب"ال ،لة اليت حتيل الفيلسوف احلقيقي إىل الصمتاالض"

فال هو قادر على ،ش ضاريةمبرتلة إنسان وقع بني وحوكان ،نشأ يف هذه املدن فيلسوف حقيقي

.)2(*ولذلك فانه (يفضل )التوحد ،من على نفسه منهاأوال هو ي ،ن يشاركها فسادهاأ

.إذ ميكن هلذا احلاكم أو أي ملا يطبق واقعيا سة السياسية،للممار ةرييعطي ابن رشد أمهية كب

على صنيع النظام مما يتطلب احلكم ،ن تكون آراؤه مجيلة ولكن ممارسته تناقض ذلكأذاك

ومن املسائل اليت .ما من خالل أعماهلموإن ،ال من خالل ما يقوله أصحابه عن أنفسهم ،السياسي

ويكشف حتليله ،واملوقع الذي ينبغي أن تشغله يف اتمع ،عرض هلا ابن رشد بالتحليل مسألة املرأة

كما هي عليه ،ن جهة ثانيةوم ،عن متثلها من جهة كما وردت على لسان أفالطون ،هلذه املسالة

.ملا )3(فاق املكنة لتحرر مجهور النساءمة تبني اآلومن ث ،ضمن احمليط الثقايف الذي عاش فيه، واقعيا

،ا يهدف إىل مقاصد كربىإمن ،فاملشروع السياسي الرشدي، لك من عالقة وثيقة بتطوير اتمعذل

واستبعد ،ظل ذلك اجلمهور على ختلفها موإذا ، ،وع الشعب الذي ميثل مجهور النساءتتصل مبجم

فان النتيجة ،دران أربعةجوسجن بني ،من املشاركة يف احلياة االقتصادية والسياسية والثقافية

.عبء الفقر واجلهلسوف يرزح ال حمالة حتت و ،لف اتمع بأسرهختتكون ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

140) املصدر نفسه،ص1

حلالة العامة اليت كان يعيشها املفكر احلر املسنتري آنذاك وسط جو سادته الدسائس و املكائد وغيب فيه صوت *يعرب ابن رشد يف هذه الفكرة عن ا

141من املصدر نفسه،ص1العقل ( مع إمكانية أن يكون يعرب عن حاله هو)،انظر اهلامش رقم

141)املصدر نفسه،ص2

84)فريد العلييب،املقال نفسه،ص 3

-151-

Page 164: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

اليت تعمد ، املرتكزات النظريةدحض لة على أذه املسهلتقوم إستراتيجية ابن رشد يف تناوله

ب اهتمامه على تأكيد ألجل ذلك ينص، شاركة يف احلياة العامةاملوإقصائها من ، الستبعاد املرأة

ة باعتبارمها من طبيعة واحد .مما يعين أمامن حيث امتالك العقل واملرأة املساواة النوعية بني الرجل

ن بالضرورة ،فإال نوع واحد يف الغاية اإلنسانيةن النساء من جهة أن والرجإ"يقول: بشر،

ن الرجال أعين أ.فن اختلفن عنهم بعض االختالإو ،(األفعال اإلنسانية )يشتركن وإياهم فيها

تكون النساء أكثر حذقا ن أن مل يكن من غري املمتنع إ.ومن النساءا يف األعمال اإلنسانية أكثر كد

.)1("يف بعض األعمال

يترك األمر ميضي هكذا، نه الإف ،ابن رشد بتفوق الرجل على املرأة يف بعض املهن عندما يقر

فتكون النتيجة هنا كذلك ،ة التفوق على الرجال يف مهن أخرىللنساء ماهلن من صف ن يردأبدون

نأ امؤكد ،ذلكبعد من أبل يذهب إىل ز بني اجلنسني،يللتمي ارن يكون مربأميكن اختالف ال

ن يكنأومن بينها ،ميكن للنسوة القيام ا ،الكثري من املهن اليت يعتقد عادة إا حكرا على الرجال

نرى انأوذلك ،الفحصبن ذلك يف غاية البيان "وقد تبي:يقول.فيلسوفات ورئيسات وحماربات

شد حذقا أإن كان معظم النساء ،أقل منهم قوةإال أن يف هذا ،يشاركن الرجال الصنائع نساء

وأما اشتراكهن يف صناعة .كما يف صناعة النسيج واخلياطة وغريمها ،من الرجال يف بعض الصنائع

ومثل هذا ما جلبت عليه بعض .ن من حال ساكين الرباري وأهل الثغورفذلك بي، احلرب وغريها

ن يكون لذلك بينهن حكيمات أو صاحبات أفال ميتنع ،دادالنساء من الذكاء وحسن االستع

.)2("رياسة

حماوال الربهنة على ذلك عقليا ، حيرص ابن رشد إذا على تأكيد املساواة بني اجلنسني

،ةيحقيقة واقع هالذي يطمح إىل جعل ،جتماعياالومشروع التجديد السياسي يف إطاروجتريبيا.

وإمنا يف السياسة، يص وجهة نظر أفالطونخلتفاألمر ال يتوقف على جمرد .تمعه وعصرهبالنسبة

واستبعاد النساء من ،فالنظرة الدونية للمرأة ،نكباب على مشكالت واقعية تعوق حركة جمتمعهاإل

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

124)املصدر نفسه،ص1

125¡124) املصدر نفسه،ص ص2

-152-

Page 165: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ينتقد ابن كلذلاتمع يتخبط يف الفقر والتخلف، شأا جعلعوامل من ....اخل، عملية اإلنتاج

لتشارك الرجل األنشطة الفكرية ، رشد إبقاء املرأة يف البيت ويشري بضرورة خروجها للعمل

واختزال طاقتهن يف احلضانة وغسل ، فمن أسباب شقاء املدن سجن النساء يف البيوت¡)1(والعلمية

الثياب وخدمة األزواج

.ألن اختذن للنسل دون غريه كفاية النساء يف هذه املدن .. يقول "وإمنا زالت،ال حمالة سوف يتأثر

مل وملا ،ألفعاهلن األخرى"ذلك مبطال نوكذا لإلجناب والرضاعة والتربية،فكا وللقيام بأزواجهن

أن كان غالب عليهن فيها ،الفضائل اإلنسانية من تكن النساء يف هذه املدن مهيئات على حنو

وبالرغم ،ولكون محال ثقيال على الرجال صرن سببا من أسباب فقر هذه املدن.األعشابن يشبه

وإمنا ينتدبن يف الغالب ،ن ال يقمن جبالئل األعمال الضروريةفإ،من أن فيها ضعف عدد الرجال

سةلقد طرق فيلسوف قرطبة إشكالية السيا.)2(.."ألقل األعمال كما يف صناعة الغزل والنسيج

ما تزال حمافظة هن الكثري من أطروحاتأني .ومن البإليها من القضايا من زاوية عقليةما تتفرع و

ودعواته إىل النظر يف الشأن ،.مثل موقفه من املرأة ونقده للجور واالستبدادووجاهتهاعلى قيمتها

احلياة االجتماعية ناحيمن موقع التفكري والروية ،وتصديه لتدخل رجال الدين يف شىت م،السياسي

.تأصيل الفلسفة يف التربة العربية.ودفاعه عن السياسية

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

86فريد العلييب،املقال نفسه،ص )1

125) املصدر نفسه،ص2

دراسات الوحدة مركز ،املثقفون يف احلضارة العربية،حمنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد *للمزيد حول املوضوع راجع:اجلابري حممد عابد،

ومابعدها 119، ص 2000،2العربية،بريوت،لبنان،ط

-153-

Page 166: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 167: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 168: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

املرتكزات الرئيسية لعصر النهضة:

اجتماعية حينها ختلصت من أوضاع سياسية و،ت حضارة الغرب طريقها حنو التقدملقد عرف

اإلنسان يف العصور الكنيسة والنظام اإلقطاعي.لقد مزقوا فرضتها هيمنة ،و ثقافية راسخة

فكانت ال ومل تعترف له مبكانته يف الفكر،شلت إرادتهفسلبت الكنيسة الفرد عمله و"سطى:الو

النظام حني وضع.يف )1(اس يف حدوده طبقا ملبدأ حمددا سلفا"يعمل الن ،ترى سوى نظام إهلي مطلق

سيطرة على نواحي احلكم ملا ،سلب مكانته أمام الطبقة اإلقطاعيةو ،باإلقطاعي الفرد يف أدىن املرات

ن يف بالتايل أصبح معظم أهل الريف يعيشوو ،السلطان على من يكون بتلك األرض من الناسو

ميلك احلرية يف االنتقال منها ال.وكان الفالح مربوطا إىل أرضه )2(الرق"حالة انتقالية بني احلرية و

ريه حسبما ل بغيبدو يشترييباع و هذا عدا أنه ظل واجبات تبعيته لسيده كاملة،يؤدي عليه أن و

، والذينالغالبية العظمى من السكان هم من األقتان املرتبطني باألرضيشاء سيده اإلقطاعي...و

.)3(سكاا معا، الذين ميلكون األرض ويدينون بالتبعية التامة لقلة من النبالء اإلقطاعيني

هاية إىل قلب أدى يف الن ،فيه تطور جديد سرعان ما دب ،الوضع املتسم بالركودلكن هذا

الطبقة الربجوازية والتجارية، منوو ظهور النشاط التجاري يف أوروبا،وذلك ب األوضاع قلبا تاما،

اليت كانت ،القوانني اإلقطاعيةووقوفها"أمام العقبات و، االقتصاديةوتغلغلها يف ااالت السياسية و

قل احلياة ثهكذا أخذوا يطالبون برفع مجيع القيود اليت ت بينهم وبني ممارسة نشاطهم.وتقف حائال

أخذت اليت تشكل البناء التحيت، مبعىن آخر أنه بعد أن تغريت العالقات اإلنتاجيةو.)4(االقتصادية"

ة طموح هذه الطبقعارض والذي كان يت السياسي والقانوين، الربجوازية يف تغيري البناء الفوقي

عكس النظرة وسعادته حمور النشاط البشري، جاعلة اإلنسان املقبلة على احلياة بنظرة إجيابية،

القروسطية السلبية جتاه اإلنسان.

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

115ص،،مرجع سابق) فيصل عباس1

16ص،1997للمكتبات ( ب ط)،اهليئة املصرية العامة ،1،جتاريخ أوروبا و العامل يف العصر احلديث) عبد املنعم رمضان، 2

117صاملرجع ،نفسه،)3

26،نفسه،املرجع )4

-154-

Page 169: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

شأا يف ذلك شأن ،فلسفة تربيرية ،يف العصور الوسطىالفلسفة السياسية لقد كانت

جتد أن ،استقرار األمور لقوى معينةالعصور اليت يغلب عليها اجلمود ويف ،الفلسفة بوجه عام

لقد كانت القوى املسيطرة على أيا ما كان اجتاهه.و مصلحتها تكمن يف حماربة أية نزعة إىل التغيري

سلطة و ة،من ناحي -السلطة الكنسية- متمثلة يف رجال الدين ،ر يف العصور الوسطىمودفة األ

هذا . )1(بني السلطتني حتأرجيميزان القوى حيث ظل من جهة أخرى، قطاعينياإل األمراءامللوك و

تربير سلطان احلاكم من ناحية،يف تلك العصور انشغلت ب الفلسفة السياسية ما يربر كيف أن

هي نظرية احلق اإلهلي لعلومن ناحية أخرى. السلطة الدنيويةية التوفيق بني السلطة الدينية ووكيف

،طة السياسية إىل اهللاتلك النظرية اليت ترد أصل السل حه الفكر السياسي يف هذا اال،أهم ما طر

املمثل هلذه ممثلة يف امللوك إال السلطة الزمنية وما ¡)2(ليهابكل ما عباعتباره املالك احلقيقي لألرض

.يف األمور الدينية ،املشيئة

الذي ميثل العمود الفقري للعصور – لكن بوادر التصدع اليت ظهرت يف النظام اإلقطاعي

كانت مبثابة إعالن عن بدء مرحلة جديدة–السياسيةاالقتصادية واالجتماعية والوسطى يف ااالت

أ بد تحول الشامل يف كل مناحي احلياة،مرحلة اتسمت بال من مراحل تاريخ أوروبا احلديث،

وصوال إىل الدولة. ،باإلنسان مرورا بالنظام االقتصادي

نتقال من حتدد معامل فترة اال الفلسفية "هناك أربع حركات كربىمن الناحية الفكرية و

حيث عاد ذه احلركات هي النهضة االيطالية،أوىل ه أوربا احلديثة،إىل عصر ،العصور الوسطى

اتهتمامفبينما كانت اال جليا يف مجيع الفنون والعلوم،وظهر ذلك هتمام بثقافة القدماء الدنيوية اال

أكثر اهتماما مفكرو عصر النهضةأصبح ى،تسود اجلو العام يف العصور الوسط الالهوتية

ومع أن هذه احلركة مل ،(humanisme)الرتعة اإلنسانية دفمثلها روا باإلنسان.أما احلركة الثانية

تأثريها ألن جمال- الفنيةما أحدثته حركة النهضة األدبية ومثل ،العامة حتدث تأثريا مباشرا يف احلياة

الوسطى لتراث العصور ،أا كانت احلركة األعمق نقدا إال-والباحثنياقتصر على املفكرين

ÜÜÜÜÜÜÜÜ

8،ص1988،،تر،نصار عبد اهللا، اهليئة املصرية العامة للكتاب، (ب ط )أعالم الفلسفة السياسية املعاصرة) أنطوين دي كرسين و كنيث مينوج،1

ا ملرجع و الصفحة نفسها )2

-155-

Page 170: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

القدمية عند للثقافة ملهااألكثر است، ويف العصر الوسيط املدرسيةالعقلية سيطرة متردا على واألكثر

أما.)1("مث حماولة لتكوين هذا اإلنسانان اإلنسان يف استقالله الفردي...إا إمي. الرومانو اليونان

ما وصلت ضد الكنيسة واليت قادها "مارتن لوثر" يف حركة اإلصالح الديين تتمثلف، احلركة الثالثة

جيوكشيجار على هذا الوضع من شهادة املؤرخ ليس أدلو بسبب القائمني عليها، تدهورإليه من

القسس من طموح ،امشئزازا مين مل يكن هناك إنسان أشد":عندما يقول Guiccigardiniدي

لكن ألن كال منها و ،ن كال من هذه الرذائل مكروه لديوليس فقط أل وشحهم وخالعتهم،

هلم صالت خاصة باهللا، من أولئك الذين يعلنون أنفسهم رجاال الئق إىل أقصى حدغري ،مجيعهاو

يت،من أجل مصلح اضطرتين أن أروم هلم اد ،فإن وظيفيت يف بالط بابوات عديدين كانومهما

ال لكي أحترر من القوانني ،حيب لنفسي "مارتن لوثر" تلكنت أحببولكن لو مل يكن ذلك كذلك

.)2(يعادون إىل مكام املناسب هلم" سيحية... بل لكي أرى هذا احلشد من األنذالاليت تفرضها امل

ركزي للتجربة الباطنية املدور التدور حول فكرة " ،لقد كانت حركة اإلصالح الديين

بوصفها وأعمال اخلري يف العامل، والتقليل من شأن املؤسسات،، )3("يف مسائل اإلميان لإلنسان

التعلق ال ميكن تلقي كلمة اهللا و."أو بوصفها شروطا تقرر اخلالص ،فاعلة يف اإلميان الديينعناصر

ال حتتاج لذلك يتضح ملا كانت الروح من أجل حياا واستقامتهابأي عمل كان سوى اإلميان.و ا

ما ألا إذا ،ليس أي عمل آخرو من ذلكئ فإن اإلميان هو الذي يرب ،سوى كلمة اهللا إىل شيء

.)4("لن حتتاج بالتايل إىل اإلميانو فلن حتتاج عندئذ إىل كلمة اهللا، برئت من قبل أي شيء آخر

ميكنه إدراك معىن الكتاب يف تأكيده أن كل إنسان عادي-مارتن لوثر إن ما ذهب إليه

ان غري مرهون باألفعال الظاهرية على أن متام اإلمي فأصر ،يف الصميم سةنيضرب مزاعم الك ،املقدس

الرباءةما حيقق القانون و- ال األعمال- هو وحده فقط أعين أن اإلميان ى إىل اإلميان،فكل شيء يعز

اس يعد النومل راهب أو قسيس، لفرد إىل وساطةفال حتتاج توبة ا واحلرية واستقاللية الرأي، ،)5(

مما أدى إىل ثورة على األخالق املسيحية رم،وبني حباجة إىل رجال الدين ليتوسطوا بينهمÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

إشراف،عبد الرمحان بوقاف، كتوراه دولة يف الفلسفة،،أطروحة دخطاب احلداثة يف الفكر الفلسفي العريب املعاصرأحسن شباين. ) نقال عن :1

2005/2006جامعة اجلزائر،موسم

21¡20صص ،1988، اهليئة املصرية العامة للكتاب،(ب،ط)، تر،فتحي الشنيطي،3،جتاريخ الفلسفة الغربية) راسل، برتراند، 2

134ص ،2008¡1املنظمة العربية للترمجة،بريوت،طعلي حاكم صاحل و حسن ناظم،،تر،اتمع املدين التاريخ النقدي للفكرة،) جون إهرنربغ3

135) املرجع نفسه،ص 4

136)املرجع نفسه،ص 5

-156-

Page 171: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وحلت احلرية و املسؤوليةواستخدامه هلا، اإلنسان لقواه الفرح حمل احملبة بامتالك فحل، الكنسية

حمل اإلميان لبحث اجلريء اليقظ،ا كما حل- كما صورا الكنيسة-اهللا حمل اخلضوع إلرادة

وثري لذا يكون اإلصالح ال¡ثقته بنفسهطبيعته بامتالكه إلرادته احلرة وحيدد ..أصبح اإلنسان و

احلركة الرابعة اليت كان هلا بالغ .أما )1(من نظام القرون الوسطى يقد وجهة ضرب حامسة ملا بق

مت يف عصر فقد ،نشأة العلوم التجريبية شك،ال فهي و ،يف توجيه الفكر األورويب احلديث األثر

لى الطبيعة يتوسع بدأ بذلك حقل السيطرة عو.لنهضة وضع أسس العلوم الطبيعية والفيزيائية احلديثةا

إىل أقصى حده.

ألصحاب الرتعة فقد بدا ا على احلقل السياسي،بظالهل هذه الرتعة التحريرية، تلقيس

وجاء حب احلرية ة لليونان والرومان اجلمهوريني،أن يستفيدوا من النظريات السياسي اإلنسانية

قام به ما يعترب من دون شكو ،)2(إىل عصر النهضة من العصر القدمي" ،التوازنونظرية الرقابة و

ء على السلطة، حق أولئك الذين لديهم الرباعة لالستيال وتأكيده على مكيافيلي يف حقل السياسة،

ال من - عتبار السياسيلال وحتريرا حرية الفردية يف ميدان السياسة،لل اسيسدون النظر للوسائل تأ

من كل منوذج معياري؟ -األخالق الشخصية الدين املسيحي و

الفكر السياسي عند مكيافيلي : الدولة فوق كل االعتبارات

:ياإلنسان عند ميكيافلأ)

ينطلق مكيافيلي من مسلمة أساسية وهي أن الطبيعة البشرية ثابتة ال تتغري على مر األزمان

عامة،أم ناكرون إذ نستطيع أن نقول بصفة "ويف خمتلف األماكن،وهي طبيعة شريرة ماكرة

شديدو الطمع وهم إىل جانبك طاملا أنك ميالون إىل جتنب األخطار، مراءون، متقلبون، للجميل،

طاملا أن احلاجة بعيدة املنال نائية، يبذلون لك دمائهم وحيام وأطفاهلم وكل ما ميلكون، تفيدهم،

دون اختاذ أي استعدادات ومصري األمري الذي يركن إىل وعودهم ولكنها عندما تدنو يثورون،

ال على أساس نبل الروح -إذ أن الصداقة اليت تقوم على أساس الثراء إىل الدمار واخلراب، أخرى،

إىل ذلك وال يتردد الناس يف اإلساءة تكون أمينة موثوقة،صداقة زائفة تشترى باملال وال-وعظمتهاÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

)1( Louis Dumont،Essais sur l’individualisme une perspective anthropologique sur l’idiologie

modern، Edition seuil،paris 1991،p95

31ص سابق،)برتراند راسل،مرجع 2

-157-

Page 172: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إذ أن احلب يرتبط بسلسة من بقدر ترددهم يف اإلساءة ملن خيافونه، ،الذي جيعل نفسه حمبوبا

.)1(بالنظر إىل أنانية الناس عندما خيدم حتطيمها مصاحلهم االلتزامات اليت قد تتحطم،

عد مجهورية...أن يفترض أن مجيع بأنه من الضروري مل ي، من هذا املنطلق يرى مكيافيلي

إن .حني تواتيهم الفرصة لذلك ،وهم دائما على أهبة االستعداد الستخدام خبثهم البشر خبثاء،

فهم و مهما كانت صفام فإن طبيعتهم مزاجية بالضرورة، أي خري أبدا إال نالبشر ال يفعلو

فإذا كان من املقدر أن نقارن بني "، ومن هنا فال خري فيهم وال ثقة هلم ومتقلبة حسب الظروف،

فإنه يف وسعنا أن نرى بسهولة أن مثة رغبات متشاة وعواطف واحدة، احلاضر واملاضي البعيد،

إذامل جيربوا وباختصار ال ينتظر من البشر إال السوء،.)2(األوقاتتكون موجودة دائما يف مجيع

على عمل اخلري.

الذي يقضي بأن الطبيعة البشرية إن النظام السياسي عند مكيافيلي مبين على هذا االفتراض،

يهم فالناس يستهدفون االحتفاظ مبا لد الرتعة العدوانية وحب التملك، ىأنانية يف جوهرها قائمة عل

إذ ليس مثة حد للرغبات،األمر الذي ينجر عنه الظلم والعدوان والفوضى السافرة، واالستزادة منه،

ال تكبح مجاحها إال القوة الكامنة وراء القانون.لكن مكيافيلي يرى أن هذه الطبيعة الشريرة اليت

جتماعي قابل بل فإنه حبكم وضعه اال إذا كان اإلنسان بطبعه األصيل شرير،فقابلة للتهذيب،

فطبيعة اإلنسان الشريرة حبكم الفطرة ميكن مضطر ألن يكون على قدر من الفضيلة واخلري،

وعلى هذا جيب على الدولة أن تستعمل اإلنسان كما هو خبريه .تكييفها وقولبتها بالقيادة والتنظيم

استخداما خيدم املصلحة العامة للبالد. وشره،

حقيقة اليت جيب أن تراعى يف تأسيس الدول، -حسب مكيافيلي-تلك هي النقطة الرئيسية

إال من خالل املنافع العاجلة مهمال النتائج اآلجلة، ال حيكم تؤكد على أن اإلنسان قاصر النظر،

بقائه سهل ورغبة منه يف احملافظة على لكن هذه احلقيقة سوف جتعل اإلنسان من جهة أخرى،

العليا ومادامت الغاية .)3(ضل القيادة املاكرة والتنظيم االجتماعي احملكمللقادة املدنيني..بف االنقياد

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

144،ص1991¡19،تعريب،خريي محاد،دار األفاق اجلديدة،اململكة املغربية،طاألمري)مكيافيلي،1

.176ص ي ،دراسات يف الفلسفة السياسية،نقال عن إمساعيل زروخ -املطارحاتمكيافيلي )2

.464ص ،1984دراسات والنشر والتوزيع،ط، املؤسسة العربية لل 2املوسوعة الفلسفية،ج،بدوي عبد الرمحان)3

-158-

Page 173: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فاحلكم ،وليست الغايات األخالقية هي املصلحة العامة واألمن، ،من السياسة يف نظر مكيافيلي

بغض النظر عن القيم ينبغي أن يأخذ بعني االعتبار النتائج االجتماعية والسياسية، على السياسة

ألن حتقيق اخلري املشترك يف نظر مكيافيلي يغفر استخدام الوسائل لألخالقية . األخالقية،

فكرة الدولةب)

فلم يبحث يف أصلها وال يف مل ينطلق مكيافيلي من نظام فلسفي يف بسط فكرته عن الدولة،

.ا وتقويتها وإصالحها عند احلاجةفالدولة موجودة ومن الضروري احملافظة عليه كيفية نشأا،

وعناصر ضعفها من هذا املنطلق حبث يف عناصر استمراريتها،.وهذه الغاية تتجاوز كل خري وشر

باستعراض األسس اليت تبىن عليها الدولة معتمدا يف حبثه هذا على التاريخ املقارن، واحنطاطها،

أن يعتريها الضعف والوهن إىل ،دهاوتتطور وتبلغ أش اليت تنهض عليها املماليك والدساتري،

.فتموت وتزول

واليت وهلذا استخدم أسلوب االستقراء التجرييب عارضا النتائج اليت يقدمها له التاريخ القدمي،

وهذا كله على ضوء جتربته يف احلكم واضطالعه ،)1(من العصور احلديثة متكنه من استلهام العرب

فهذه األخرية تتبع يف مكيافيلي إىل اتمعات البشرية نظرة واقعية،لذلك ينظر بأمور السياسة،

مث يأخذون يف فالناس يعيشون يف أول األمر متفرقني يف عزلة تامة،" نظره خطا سويا يف تطورها،

اجتماع مبحض إرادم أو تلبية لرغبة فرد قوي االجتماع دفاعا عن أنفسهم ودرءا للمخاطر،

ا القتراح يصدر عن إنسان أو تنفيذ ،يكون مبحض رغبتها ع مجاعة من الناسوعليه فاجتما منهم،

ختتاره وجتد فيه الراحة يف العيش والسهولة كربى يف صفوفها بالعيش يف مكان واحد، ذي سلطة

.)2(يف الدفاع عن نفسها

ركة اليت ناشئة إما بالضرورة عن احلياة املشت من هنا يظهر أن فكرة الدولة عند مكيافيلي،

وإما ،كون اإلنسان عاجز عن تأمني كل متطلباته مبفرده لتحقيق متطلبات احلياة، تفرض التعاون

فإذا حدث االجتماع،تطل إذ ناشئة بأمر من سلطة قهرية إلنسان ذو سطوة ونفوذ على البقية،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

.54ص ،1994¡3رات عويدات،بريوت،باريس،طوفريد داغر،منشو،ترمجة أسعد داغر 4،مجتاريخ احلضارات العامموسنيه روالن،)1

182ص ،2001¡1، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة، طدراسات يف الفلسفة السياسيةزروخي إمساعيل،) 2

-159-

Page 174: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

النشأة تظهر بعد هذه .ذاك مشكلة القيادة فيختارون من بينهم من يتوىل زعامتهم وتوجيههم

يف سبيل العمل على خدمة املصلحة العليا سن القوانني وتنظيم أمور احلياة، املطالب الرامية إىل

بصرف النظر عن كل للبالد.ويظهر مكيافيلي ارتباطا وثيقا بدولته وكل هدف ينشده هو بناؤها،

مهما كانت الوسائل املستخدمة دون فالدفاع عن الوطن أمر جيد دائما، الوسائل املستخدمة،

لظلم.اعتبار للعدل أو ا

هو النقطة األساسية اليت جيب أن تتغلب على كل النقاط ،إن تأمني اخلالص واحلرية للوطن

جعلته يشدد على استخدام العنف واالستبداد، ،مكيافلي للدولة ، فاألمهية اليت يوليهااألخرى

ولة هو الظروف ولعل ما دفعه إىل التأكيد على أمهية الدكوسيلة للحفاظ على سالمتها واستقرارها.

فمن أجل هذا ،حيث كانت مقسمة إىل دويالت متناحرة فيما بينها اليت عاشتها إيطاليا آنذاك،

إذا كانت هذه األخرية ال ، سريفض هيمنة القيم الدينية واألخالقية على احلياة االجتماعية كله،

ختدم مصلحة الدولة .

:سيكولوجيا الحاكم

ينطلق من االفتراض بأن الطبيعة البشرية أنانية عن النظام السياسي،إن كل شيء قاله مكيافيلي

بل وأي حاكم حكيم وهو الدافع الرئيس الذي جيب أن يعتمد عليه أي رجل دولة، يف جوهرها،

الشك أن اإلخالص وحفظ العهود صفة ممدوحة جيب أن يقيم سياسته على أساس هذا االفتراض،

على أن هناك بعض احلكام احملتالني ،ت التجارب السياسية تؤكدولكن مادام.يف أي حاكم أو أمري

يؤكد مكيافيلي على أن هناك طريقني عن طريق نكث العهود واخليانة، ،وصلوا إىل مراكز القوة

والقوة هي أساس ، فالقانون هو أساس التنافس بني الناس للوصول إىل احلكم القوة والقانون،

فإنه من واجب األمري إتقان ،مبا أن طريق القانون غري ناجع دائمالكن و التنافس بني احليوانات،

وهو يف أي طريق اإلنسان واحليوان معا، ومن الضروري لألمري معرفة الطريقني معا، الطريق الثاين،

أي يلجأ إىل املكر والدهاء من جهة عليه أن يقلد الثعلب واألسد معا، ،جلوئه لوسيلة احليوانات

-160-

Page 175: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وإىل القوة والبطش من جهة ثانية، والبد له من اجلمع بني وسيليت األسد والثعلب، ألن األسد

ام ورغم قوته ال يسلم من الوقوع يف الشراك، والثعلب ال يتمكن من الدفاع عن نفسه أم

ألن الطريقة اإلنسانية الضروري بالنسبة لألمري أن يعمل كحيوان وكإنسان،إنه من ".الذئاب

هكذا ففي مضمار الوعود ¡)1("،هلذا فاإلنسان مضطر الستخدام طريقة احليواني تكفوحدها ال

حني تؤدي إىل اإلضرار مبصاحله، ،وااللتزامات على األمري أن يكون ثعلبا وأال حيافظ على العهود

أو تكون األسباب اليت جعلته يتعهد قد اختفت.

ملا ،فلو كان البشر جيدين مجيعا" عة البشرية،مكيافيلي يف طرحه هذا دائما إىل الطبييستند

فأنت أيضا ولكن مبا أم سيئون ومبا أم لن حيافظوا على كالمهم حنوك، ،كان هذا املبدأ جيد

،مبا كان ةوهذا التالعب من األمري ليس بالصعوب.)2("ليس عليك أن حتافظ على كالمك حنوهم

فمن طبيعة الناس أن يكونوا من البساطة والسهولة حبيث ،ألن األمري بإمكانه أن جيد من يصدقه

وهلذا من يتقن اخلداع جيد دائما من تنطلي عليه اخلديعة. يطيعون الراهنة،

هي اليت يكون فيها احلاكم يتقلب حسب إن الدولة الناجحة والقوية اليت ينشدها مكيافيلي،

طلوب منه بعض اللباقة خيدع ا اآلخرين فكل ما هو م الظروف ووفق مقتضيات العمل السياسي،

أليس هذا معناه استبعاد كل الفضائل اليت يؤمن ا ويقدسها األفراد ويغشهم دون أن يشعروا،

يفاجؤنا مكيافيلي بالقول أنه من اخلري أن يكون اإلنسان والفالسفة ورجال الدين ؟ العاديني،

ينقلب عكس ذلك يف األوقات اليت تستلزم لكن على شرط أن رحيما خملصا وإنسانا مستقيما،

ثفعلى"األمري أن ال يكتر عند األمري أو احلاكم، لذلك يؤثر مكيافيلي البخل على الكرم،.ذلك

هذا إذا رغب يف جتنب سرقة شعبه ويف أن يكون قادرا على الدفاع عن كثريا باشتهاره بالبخل،

نفسه مرغما على سلب الناس أمواهلم، ربوأن ال جي من مهانة، هوجتنب الفقر وما يرافق نفسه،

إال فاحلكم السياسي ال يستقيم ويدوم ،)3(فالشح هو إحدى الرذائل اليت متكنه من أن حيكم"

أما عن الصفات احلميدة، فليس على األمري امتالكها فعليا، بل يكفي، األخالقية املذكورة بالرذائلÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

، ص 1980¡1،ترمجة إلياس مرقص،دار احلقيقة للطباعة والنشر،بريوت،طالسياسية الكربى من مكيافيلي إىل أيامنااملؤلفات ) شوفاليه جان جاك،

30.

31املرجع نفسه،ص )2

140،مصدر سابق،ص األمري) مكيافيلي،3

-161-

Page 176: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

-يقول مكيافلي-أن يظهر ا أمام الناس، من أجل صورة الدولة، "فالكثري من جتارب عصرنا

مل يكونوا كثريي االهتمام بوعودهم األخالقية والوفاء ،قاموا جبالء األعمالالذين أن األمراء أثبتت

وتغلبوا أخريا ،مبل متكنوا باملكر واخلداع والدهاء من الضحك على عقول الناس وإرباكه ا،

أفضل وما ه من هنا يتولد السؤال الكالسيكي.)1(على أقرام من الذين اختذوا الوفاء رائدهم"

سؤال جييب عنه مكيافيلي وهو حمكوم بالرغبة يف لألمري أن يكون موضع حب أم موضع خشية ؟

ر من أجلها كل الوسائل املتاحة قائال:"من غاية سخ القضاء على ما حلق بلده إيطاليا من فساد،

حالة رومليوس( قتل وعندما تكون النتيجة طيبة كما يف اخلري أن تعفيه النتيجة عندما يتهمه الفعل،

ذلك أن الذي جيب زجره هو الذي يرتكب العنف بغرض سوف حتله دائما من اللوم، أخاه)،

.)2(وليس الذي يستخدمه ألغراض خرية، التدمري

: فصل الدين واألخالق عن الدولةج)

مفهوم تتموقع خارج حدود كل ،)3(مكيافيليأن سياسة منها املرادفكرة رائجة بقوة هناك

وبالتايل تنبذ كلية اإلفصاح عن القيم احملترمة من قبل اإلنسانية أخالقي وتتلخص يف مفهوم التقنية،

من أن يصبح وهلذا متكن مكيافيلي مرحلة مبرحلة، وعن القيم اليت جيب على اإلنسان اختيارها،

األول للمسألة لقد أصبح الدور .املنظر األول لتأسيس اململكات واحملافظة على اجلمهوريات

هكذا ومتطلبات احلفاظ عليها، واألصل املنبثقة عنه ونوعية ممارستها،–أي السلطة–األساسية

وتصبح هدفا يقصد لذاته، ،ترتقي السلطة إىل املقام األول ،ةوبتحررها من القيود الوظيفية األخالقي

فالسياسة فرصة ة،وهي النهاية واملطلب احلقيقي لكل سياس، هدف كل الطموحات اإلنسانية

كاشفا عن أقصى ،(vertus)لإلنسان العبقري الذي هو السياسي الكبري للتعبري عن مميزاته

قبل قصد حماربتها واقتالع جذورها، ته اليت تقوم على استباق أسباب خراب ودمار الدول،امهار

ن إذا فنان ال فرجل السياسة يكو أن تستفحل وتنجم عنها أمراض مستعصية تدمر اإلمرباطوريات،

أو لنقل أن قيمته الوحيدة تقوم على املهارة الواجب ،مهدفه إجناز عمل فين بال قي¡)4(أخالقي

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

147) املصدر نفسه،ص1

483،ص 1971،ترمجة راشد الرباوي،دار املعارف مصر،(ب ط) ،3تطور الفكر السياسي،ج ) سباين جورج،2

3) Dictionnaire, d’éthique et de philosophie moral, P.U.F, 1er

édition 1996.p. 943

Ibid. op.cit.)4

-162-

Page 177: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إنسانية اللجوء إليها للمحافظة على هذا العمل الفين، الذي لن تكون الغاية منه جعل اإلنسان أكثر

عليهم. النظام املفروضيكمن يف منع األفراد من اهلالك يف حدود بل موضوع السياسة،

إنه يظهر من جديد كشيء يستوجب احليطة واحلذر، - عند مكيافيلي - إن الفن السياسي

وليس كتأسيس لنظرية أخالقية تعلم اإلنسان بأن وسائل احلرية تقنية خلدمة رغبات السلطة،

هي دائما من جوهر سياسي.إن السياسة من املنظور امليكيافلي تقول أنه: إذا كانت واإلنسانية،

الوحدة فإنه يوجد خريا أو منفعة يبحث عنها اجلميع، تم بالغايات النهائية لإلنسان،األخالق

وهي كذلك الشرط لكل املنافع واليت هي منبع احلرية جلميع أفراد الدولة،، والوئام لسياسي واملدين

اليت املتعة وفوق كل هذا، مثل األمن ولذة التمتع باملمتلكات، ،األخرى اليت يبحث عنها اإلنسان

وعلى عندما يصبح اإلنسان ال خياف على شرف زوجته وأطفاله وحىت على ذاته، فال توص

كل هذا حيكم عليه ، كل ما يفرق الناس وجيعلهم يعيشون يف رعب وشك ،من ذلك العكس

والثروة اليت البحث عن املصلحة الشخصية، التكرب، مثل الرغبات الشخصية، ،مكيافيلي بأنه سيء

مم القضاة وحتريف القوانني.ذ تسمح بشراء

يستدرك ،لكن مكيافيلي ويف غمرة انشغاله املتواصل بتحديد ما هو جيد وما هو سيء

إا جتعل كل فرد خياف بالفعل ال القواعد املشتركة وال الوئام، جفطبيعة اإلنسان ال تنت قائال:

وهلذا ال ميكن أن يكون لألفراد .وذا متنع كل وئام وكل مساواة وكل حرية من ميوالت اآلخر،

فإذا كانت مؤسسة النظام " وهنا تظهر أولوية السياسة عن األخالق، من قيم سوى السياسة،

وإذا كانت قولبة هذه القواعد لكي تصبح قوانني حمفزة السياسي هي شرط القواعد املشتركة،

مث حتقيق ظام من القوانني،فإن ازدواجية النشاط اهلادف خللق ن لكل املواطنني هي شرط احلرية،

يصبح خاضعا لقواعد أخالقية هلا هي نفسها العمل اخلري للجميع وضمان بقائه على مر الزمن،

بعبارة أخرى إذا مل يكن للقيم أن تكون إال بالسياسة وتكون بفضل حياة .)1(على جعله ممكنا"

. ميكن أن تتجلى إال يف قالب سياسي فإا ال متد األفراد باألمن والوحدة والوئام واحلرية، ،مجاعية

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ1)Ibid. . 946.

-163-

Page 178: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

هذا هو جوهر امليكيافلية، اليت عربت عن التربير الفين للسياسة، ورمست حدود احلقل

السياسي بعيدا عن االعتبارات األخالقية والدينية والنظرية.رغم أن مكيافيلي يقدم مثاال متطرفا

فمن السهل أحدمها للحاكم واآلخر للمواطن بصفته الشخصية، مستوى مزدوج من األخالق،عن

فالدين أن نكشف أنه كان ال يهتم بالدين إال من زاوية الدولة وصيانتها وعظمتها قبل كل شيء،

إنه أداة تأديبية عجيبة ال ميكن للشيء العام (الشعب) أن يستغين عنها، خادم للدولة وسياستها،

من هذا .وهالك الدولة وشيك نه حيثما تكون العبادات اإلهلية حمتقرة يكون الفساد األخالقي،أل

أن حيافظوا على أسس الدين كانوا استبداديني أو دستوريني،، املنظور"واجب كل احلكام سواء

ما هي إال إضافات للقوة إن القيم الدينية ذا الشكل،.)1("به نالقومي حىت وإن كانوا ال يؤمنو

vertu، ،يف سبيل تدعيم القوة مبعىن أن للدين وظيفة نفعية، اليت جيب أن يستخدمها احلاكم

حىت األكثر الذي يستخدم كافة األساليب، فهو الستار الذي يتخفى وراءه احلاكم، السياسية،

إال سبيل للحفاظ على الدولة،كان ال فإذا وفق مبدأ "الغاية تربر الوسيلة"، بعدا عن هذه القيم،

.فعليه أال يكترث بذلك تلك املثالب، بارتكاب

اليت كان يرى فيها مثار التربية اليت لقد كان مكيافيلي مغرما بالقوة وبنموذج روما القدمي،

وجتعل قوام السعادة يف عظمة النفس وقوة وحب العمل الدنيوي، ومتجد احلرية، حتث على القوة،

يضع السعادة القصوى يف - يقول مكيافيلي -إن ديننا."ما كانت تدعو إليه املسيحيةعكس اجلسد،

جيعل اخلري األمسى -منوذج العصور القدمية-بينما اآلخر واحتقار املآرب الدنيوية، اخلنوع واملسكنة،

القبيل، جتعل الناس مهابني... ويبدو يل أن اوكلها صفات من هذ يف عظمة الروح وقوة اجلسد،

الذين يستطيعون جعلت الناس عاجزين وأوقعتهم فريسة لذوي العقول الشريرة، املبادئ،هذه

التحكم فيهم بصورة أدعى إىل االطمئنان، إذ يرون أنه يف سبيل الظفر باجلنة يكون الناس أميل إىل

هذا التسليم الذي يرفضه مكيافيلي،ويرفض على أساسه .)2(حتمل اإلساءات منهم إىل الثأر هلا"

تعاليم الكنيسة اليت تضع للرجل مثله العليا يف اخلري والتواضع وإنكار الذات،واحتقار األشياء

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ258،مرجع سابق،ص األخالق والسياسة،نقال عن إمام عبد الفتاح إمام،املطارحات،مكيافيلي )1

.472ص ،3،جتطور الفكر السياسي،سباين جورج )2

-164-

Page 179: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فيه فإن القوة اليت تطلبها وإن كانت هذه التعاليم تطلب من الرجل أن يكون قويا،حىت الدنيوية،

على القيام باألمور اليت تتطلب اجلرأة. ، الهي ما ميكنه من احتمال اآلالم

باعتباره نتاج عصر النهضة،الذي تولد عن ظالم العصور -مكيافيلي أن يتخذ من الطبيعي

مثل هذا املوقف - من إرهاب فكري وتسلط سياسي حتت ستار الدينالوسطى،وما مورس خالهلا

فكل زيادة على ذلك فهو مل يكن يؤمن بأية غاية ميتافيزيقية لإلنسان، من الكنيسة وبابا روما،

فالقيم اليت يستهدف الناس حتقيقها جيب أن ال الغايات البد أن تكون يف هذا العامل الذي نعيشه،

هكذا فإذا كان اإلنسان .بل جيب أن تتلخص يف العظمة والقوة والشهرة ة،تكون قيما ميتافيزيقي

فإنه لن يكون حباجة إىل القانون الديين، فمادامت أغراض الناس عن كل غاية ميتافيزيقية، يستغين

إىل هذه األغراض يعد فضيلة. يفإن كل ما يؤد والقوة والشهرة، تتلخص يف العظمة

اليت إذا توفرت يف ،جمموعة من الصفاتاليت يتحدث عنها ميكيافلي هي )VERTUالفضيلة (و

ختتلف عن تلك املعروفة عند ومن هنا كانت فضيلة مكيافيلي، شخص ما استطاع حتقيق أغراضه،

مييز بني اخلري الذين آمنوا بوجود قانونا طبيعيا خالدا،، أفالطون والرواقيني واملفكرين املسيحيني

فإن ،سذا كان األخالقيون رمسوا طريق الوصول إىل الفضائل اليت توجه سري الناهلذا فإ والشر،

ا ميكن القول أن نمن ه ،)1(مكيافيلي يرسم طريق الفضائل اليت حتقق اد والشهرة والعظمة

جيمع حتت مسمى واحد كل اخلصائص اليت تضمن الفوز ،مكيافيلي أعطى الفضيلة بعدا سياسيا

ة أخرى الفضيلة هي مجلة القدرات اليت تضمن السري احلسن للمؤسسات السياسية،وبعبار باملعركة،

فال "فالفضائل ليست دائما إجيابية وناجحة ألن احلكم عليها يتوقف على النتائج، دون إطالقية،

احملمودة لألمري أن يكون صادقا يف وعوده...لكن تريب يف أن كل إنسان يدرك أن من الصفا

أثبتت أن األمراء الذين قاموا جبالئل األعمال مل يكونوا كثريي - ول مكيافيلييق-جتارب عصرنا

...وتغلبوا على االهتمام بعهودهم والوفاء ا،ومتكنوا باملكر والدهاء من الضحك على عقول الناس

.)2(أقرام من الذين جعلوا اإلخالص والوفاء رائدهم

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ181ص سابق،مرجع سعفان حسن شحاته،)1

483،ص 3ج¡تطور الفكر السياسيسباين جورج ،)2

-165-

Page 180: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

"لقد فصل مكيافيلي علم السياسة عن علم األخالق...فلم :DANNINGهلذا يقول داننغ

بل ، وال تصب يف ذاا يف دائرة القيم األخالقية يؤمن بأن السياسة تتشكل من مذهب أخالقي،

فنحن يف دائرة ".)1("أن األخالق تتشكل طبقا للسياسة ،رأى على العكس من ذلك

ووهذا املبدأ ه السياسة...وشؤون احلكم ال نعرف إال مبدأ واحد وحيد حنكم به على الفعل،

وإذا كانت غري مفيدة كان فإذا كانت النتائج مفيدة كان الفعل صائبا، النتائج اليت حيققها الفعل،

.)2("الفعل خاطئا

لقد ماتت العصور الوسطى " اآلراء ميكن القول أننا أصبحنا حقيقة يف عامل آخر متاما،.بعد هذه

فكل قضاياها:كاهللا واخلالص والعالقات بني العامل املاورائي والعامل ويبدو أا مل توجد مطلقا،

هناك إال حقيقة وليس والعدالة واألساس اإلهلي للسلطة غري موجودة بالنسبة مليكيافلي، الدنيوي،

وواقع واحد هو السلطة وقضية واحدة:هي كيف ميكن تثبيت وحفظ واحدة هي حقيقة الدولة،

.)3(سلطة الدولة

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

.127،ص 1976،دار اجلامعات املصرية،(ب ط)السياسة بني النظرية والتطبيقحممد علي حممد وعلي عبد املعطي حممد، )1

128املرجع نفسه،ص ) 2

246،مرجع سابق،ص تاريخ الفكر السياسي) شوفاليه جان جاك ،3

-166-

Page 181: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 182: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

الليربالية:مفهوم -)1

جمموعة كونه لرجع ت والصعوبة متفق عليه لليربالية،ن الصعب الوصول إىل تعريف دقيق وم

وهذا ما من تدافع وصراع واختالف وتوافق،مبا فيه ،موصولة بالتاريخ"أفكار جمسدة يف الواقع و

ث عن األمر الذي يصبح معه احلدي ،له حسب القراءة املقدمة ،جيعل املفهوم يأخذ معاين متعددة

نقصد بالليربالية "فالقول الغالب هو أننا التعميم،ومفهوم الليربالية بإطالقية سقوط يف السطحية

ظهور الرأمسالية يف الغرب، وخاصة يف القرن السابع اليت ظهرت مصاحبة ل املبادئتلك األفكار و

ألن أصحاا حرصوا كانت موضوعة يف صورة فلسفةو شر على يد توماس هوبز و جون لوك،ع

لكن هذا القصد سرعان ما يتزعزع .)1(ونظرة شاملة لإلنسان" ،على تأسيسها على مبادئ كلية

لتأمل الفكري يف طبيعة اإلنسان كن وليد ا"الليربالية مل تندما نصطدم بالفكرة القائلة بأن:ع

تضمن احلرية ، سعيا من بعض املفكرين حنو وضع مبادئ جديدة لتنظيم اتمع مل تكنو ،اتمعو

لقد كانت ، األهداف اإلنسانية النبيلة وراء ظهور الليرباليةفلم تكن النيات الطيبة و ،للجميع

.)1(اتمع"تعبريا عن الطبقة البورجوازية وعن نظرا لإلنسان و الليربالية

ملفردات السياسية يف ا ،كواحد من املصطلحات املفتاحية–لقد اختذ مصطلح الليربالية

القرن التاسع عشر بداية من السنوات األوىل من موقعه يف الساحة الفكرية –للمجتمع احلديث

يدافعون عن امللكية الدستورية الذين كانوا السياسيني لوصف زعمائهم ،سبانلدى الكتاب اإل

- أسالف احلزب احملافظ -حيث انتقد الثوريونوسرعان ما انتقل إىل بريطانيا احلكومة الربملانية،و

مل حيتل املفهوم و، دفاعهم عن مبادئ سياسية أوربية وليست إجنليزيةل ،خصومهم بأم ليرباليون

،إلنسان و اتمعصار يدل على نظرة متماسكة لو القرن التاسع عشر، يف أربعينيات يادة إالرال

ضرورية.الغري اطية وتتسم برغبة يف حترير مجيع األفراد من القيود االعتب

كل ما ؤال ما الليربالية؟ إجابة قطعية، ون جنيب عن سأمن الصعب نظرا هلذه التمايزاتوإذا

جند أن الدالالت من هذه، ومقرونة بشروط نشأته،املعجمية للمفهومحماولة تتبع الداللة ، يف وسعنا

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

23،ص 2008،اهليئة املصرية العامة للكتاب،(ب ط)،اجلديدة، جذورها الفكرية و أبعادها االقتصاديةأشرف منصور، الليربالية ، )1

24¡23املرجع نفسه،ص، )2

-167-

Page 183: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

لعالقات الثقافية واألخالقية واالجتماعية ألن حيلل ا ،ضوء افتراضاتهيسعى يف "الليربالية اجتاه عقلي

هلذا فهي و.)1(وتؤكد على تعبري اإلنسان عن ذاته" ،يف اتمع اإلنساين ،السياسيةواالقتصادية و

إىل منح املزيد من احلرية للفرد،اليت دف ،السياساتجمموعة من املفاهيم و إىل ترسيخ ترمي

وىل العمل ضد السلطات األعلى فكرتني رئيسيتني: يف جمال الفكر أو التطبيقوهي تؤكد سواء

والثانية:حرية التعبري عن .وإحالل أشكال أخرى من التطبيقات حمل هذه السلطات التحكمية،

يف ،يادةرمع هذه النظرة أصبحت احلرية الفردية متثل مركز ال ،)2(عن الشخصية الفردية"الرأي و

.ماية حريات املواطننيحلسوى جهاز اليت مل تعد الدولة،مقابل تقلص وظيفة

إن النظام الليربايل اجلديد (الذي ":ية األكادميية مدعمة هذا الرأيقول املوسوعة األمريكت

فالناس بعقوهلم يف وسط األشياء، لهع اإلنسان بدل اإلبدأ يض، ارتسم يف فكر عصر التنوير)

عرب فعل نظامي ،وميكنهم أن يطوروا أنفسهم وجمتمعام شيء، ميكنهم أن يفهموا كل املفكرة

مبا يعين ضرورة التحرر من ،له السيادة على هذا الكون -حسب الليربالية-فالفرد ،)3(عقالين"و

جعل أيضا.واملوروثةأو األفكار املسبقة أو ،سواء تسلط الدولة أو اجلماعة ،ا كان نوعهالتسلط أي

احلرية املبدأ واملنتهى،الليربالية تعترب"فاالجتماعية. تغليبها على املصاحلاألولوية للمصاحل الفردية و

اليت ال تطمع ،ة الفكرية الوحيدةمهي املنظوو ،النتيجة يف حياة اإلنساناألصل و ،اهلدفالباعث و

.)4(التعليق عليه"وشرح أوجهه و يء سوى وصف النشاط البشري احلر،يف ش

يف احلقل الداليل لليربالية بني بعدين ملفهوم احلرية التمييزار إىل بينما يذهب ناصيف نص،

جتسيد سعت إىل زية قد متحورت حول شعار احلرية وفإذا كانت الليربالية كإيديولوجيات للربجوا"

من ،اإلعالميةربوية والت و الثقافيةملؤسسات االقتصادية و السياسية واو هذا الشعار يف املمارسات،

إىل من جهتها إىل جتاوز األطر اإليديولوجية وسعت ،بإطالق الطبقة الربجوازية أفراد نظر وجهة

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

07،عامل الكتب،(ب ط و ت)،ص الفكر الليربايل يف الصحافة املصرية) نقال عن :فاروق أبو زيد،1

املرجع والصفحة نفسها.)2

13¡12، ( ب ،ط،ت)،ص حقيقة الليربالية وموقف اإلسالم منهانقال عن : اخلراشي سليمان بن صاحل، )3

49،ص2008¡4،املركز الثقايف العريب،الدار البيضاء،املغرب،طمفهوم احلرية) عبد اهللا العروي،4

-168-

Page 184: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

من تناولنا املفهومأما إذا .)1(الوجود البشري" مستلزماته يفعن مضامني مبدأ احلرية والكشف

:ينظر إليها على أا ،الليربالية يف احلقل السياسيفإننا جند أن: ،زاوية احلقول اليت يعرف من داخلها

استقاللية السلطة التشريعية من املستحسن أن تزداد إىل أبعد احلدود همذهب سياسي يرى أن

أن يعطى للمواطنني أكرب قدر من و ،إىل السلطة اإلجرائية التنفيذيةبالنسبة ،السلطة القضائيةو

مذهب ، الليرباليةتصبح يف مواجهة تعسف احلكم.أما يف حقل املمارسة الدينية ،الضمانات

ضروريا لتنظيم اجتماعي جيد، ليس شرطا الزما، فلسفي يرى أن اإلمجاع الديين سياسي،

يرى أن ليربالية، مذهبفال ،"حرية الفكر" لكل املواطنني.أما يف امليدان االقتصاديويطالب ب

ال حيق هلا التدخل يف ، وأاا أن تتوىل وظائف صناعية وال وظائف جتاريةال ينبغي هل الدولة

.أو األممتقوم بني األفراد والطبقات ، اليتالعالقات االقتصادية

تدخل الدولة يف الشرطة والعدل حصر لدعوة البعض انظر هكذا وخوفا من انفالت األمور،

ري هذا تغو ،أن توضع الليربالية يف مقابل النظرية اإلنفالتية :"هيمون يتمىن ،الدفاع العسكريو

تربة بوصفها النظرية مع ،عندئذ ميكن أن تكون األوىل (الليربالية)ملفهوم احلرية (االنفالت)

من طالبة أود يف الوقت نفسه من املوحت تتوق إىل حرية الفرد أميا توق،اليت ،السياسيةاألخالقية و

يف املقابل ميكن للنظرية اإلنفالتية. ندما تغدو إباحيات مضرة باآلخرع، احلصول على هذه احلريات

وحدها فهي وقانوين للحرية الفردية، رف بأي حد مألوفتاليت ال تع أن تكون صورة للفردية

عندما قال: إن الليربالية حتدث عنه هيمون هذا االنفالت.)1(احلكم على حقوق الفرد وفقا لقوته"

مرت مبراحل:

مفهوم الفرد وه الفلسفة الغربية املرتكزة علىحيث كانت وجها من وج مرحلة التكوين، أ)

مفهوم الذات.و

علم االقتصادد عليه علمان عصريان مها:حيث كانت األساس الذي شي، مرحلة االكتمال ب)

.علم السياسية النظرية و

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

46،ص2003¡1،دار الطليعة،بريوت،طباب احلريةناصيف نصار، )

726¡725ص ،2001¡2ويدات،بريوت،باريس،طمنشورات عخليل أمحد خليل،،2جاملوسوعة الفلسفية،)الالند،2

-169-

Page 185: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

،كل فكرة تنتمي إىل االجتاه الدميقراطي حيث نزعت الليربالية من أصوهلا ،مرحلة االستقالل ج)

قد تنقلب عند التطبيق إىل عناصر ،ن بعض أصول الليرباليةأ بعد أن أظهرت جتربة الثورة الفرنسية

ليربالية بعض "د املقصود بالفكر الليربايل:فجيب أن حند ،وعليه عند حديثنا عن الليربالية.معادية هلا

19ا ليربالية القرن مأ وجه من أوجه اإلنسية لألوروبية، مل تكن سوى ،النهضةفالسفة عصر

ا ليربالية اية القرن أم ملهيمنة على األفراد و اجلماعات،ا فكانت موجهة لنقد الدولة العصرية

)1("ق على املبادالت الفرديةا تضيأل فكانت تعترب أن الدولة شر كله، ،بداية هذا القرناملاضي و

ينادي باحلرية املطلقة يف ، سياسيهو أن الليربالية مذهب فكري و": أوالما خنلص إليه

على مبدأ االستقاللية لألفراد واتمعات التركيزو امليدان االقتصادي والسياسي واالجتماعي،

سواء كان دولة أم مجاعة نواع اإلكراه اخلارجي والداخلي،معناه التحرر التام من كل أو، الدولو

احلرية يف اختيار رد احلق ولكل فورغباا.وما ميليه قانون النفس يتم التصرف وفق و، فردو أأ

يه األغلبية تتفق عل ضمن عقد اجتماعي العمل على تكريس احلرياتو ه،أسلوب احلياة الذي يناسب

ل أن تتشكل بوصفها لفظا أن الليربالية ظهرت كممارسة قب :هوثانيا.اتمعبني الدولة و

، ا واقعاالحقا لوجودها بوصفه ظهر إالت مل مبعىن أا من حيث وجودها بوصفها لفظا اصطالحا:

على األقل ،أخذت يف التبلور داخل سياق التاريخ األورويب ،جمتمعيإذ أا بوصفها وجود معريف و

أن كلمة ليربالية ستظهر يف اللسان اإلجنليزي ،الدليل على ذلكو ا لفظا،قرون من ظهوره3قبل

.)2("1819سنة

مشتق يف الواقع عن ن امسهاأبل وفكرة احلرية والدميقراطية. الليرباليةهناك ارتباط شديد بني

اتضحت ،تستند إىل مفهوم خاص للحرية ،مع ذلك فإن الليربالية مبفهومها املستقرمعىن احلرية.و

، الدميقراطية قدميافإذا كان احلديث عن احلرية و ،ابتدءا من القرن السابع عشر معامله بوجه خاص

يف العصور الوسطى وعصر ،مث يف عدد من املدن التجارية يف إيطاليا ،الفكر اليوناين جيد جذوره يف

الفكرية من خالل املسامهات،كما استقر معناه ال متثل الفكر الليربايل فإن هذه املمارساتالنهضة.

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

،بتصرف بسيط 50،صمرجع سابق،مفهوم احلرية)عبد اهللا العروي،1

21ص ،2009¡1نقد الليربالية،مل تذكر دار النشر،الرياض،السعودية،ط،)الطيب بوعزة2

-170-

Page 186: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

لكنه و ،فقط ربايل ليس دعوة إىل احلريةفالفكر اللي ،خاصة جون لوكو ،آلباء الفكر الليربايل

دون ،حريتهيتمتع الفرد فيه باستقالله و احترام جمال خاصو ،لدرجة األوىل دعوة إىل الفرديةبا

،مارسات العمليةوامل إذا نظرنا إىل مفهوم احلرية كما ساد يف الفكر السياسيو ،إزعاجتدخل و

الثاين و ،شاركة يف اختاذ القرارات السياسيةاملاألول هو حق .نه تراوح بني مفهومني أساسنيأجند

بني رقة وهذه هي التف.)1(ال جيوز التعدي عليه أو التدخل فيه هو االعتراف مبجال خاص لألفراد

أوضح بنجامني كونستانت يف كتابه"احلريات القدمية قدو حرية،احلديث للاملعىن القدمي و

هي االعتراف للفرد مبجال فاحلرية باملعىن احلديث" ،هذه التفرقة بشكل واضح ،)1819(احلديثةو

السائد يف حني أن احلرية باملعىن القدمي يتمتع فيه باالستقالل وال خيضع فيه لغري القانون، ،خاص

تشري إىل احلق يف املشاركة يف اختاذ القرارات مث يف املدن اإليطالية ،يف املدن اليونانية

يكاد ، ال سائل العامةيف املوهو يتمتع باملشاركة ذا املفهوم القدمي فإن الفرد ووفقا هل.)2("السياسية

احلديث للحريات لمفهومعلى العكس فإن الفرد وفقا لو ،يعرف أي استقالل يف أموره اخلاصة

.ال يكاد يتمتع بأي سيادة يف املسائل العامةالعكس وعلى ،يتمتع باالستقالل يف حياته اخلاصة

ثالثة مراحل مر ا املذهب الليربايل: من الناحية التارخيية ميكن أن منيز بني

يقف أمامها أي عائق. ية اليت ال رحلة كان يغلب عليها طابع احلرية االقتصادم": املرحلة األوىل-

ل الدولة يف النشاط يف عدم تدخو "،دعه مير يعمل دعه" ،كست نفسها يف ذلك الشعار الشهريعو

إال منظومة كاملة من احلقوق الفردية،ورغم أن الليربالية يف بداية ظهورها كانت .)3("االقتصادي

الذي كان و ،االقتصادي لليربالية فقطمتسكت باجلانب ،أن الطبقة البورجوازية الصاعدة آنذاك

حسن تدبري هو نتيجة هودها الفردي و سيطرةبأن ما حتققه من أرباح وثروات و ،يعطيها املربر

د من حيميس أو ،هلذا وقفت هذه الطبقة يف البداية ضد أي حق لآلخرينو ،قيامها باملخاطرة

الذات يف وب شهدت تلك املرحلة وهلذا ،احتكارها للسلطةأرباحها وثروا ويف تعظيم ، حريتها

ول ساعات العمل وضآلة األجور(ط األطفالنوف االستغالل للعمال والنساء وصأبشع ،بدايتها

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ11¡10،ص 1993¡1،دار الشروق،القاهرة،ط عن الدميقراطية الليربالية،)حازم الببالوي111ص )املرجع نفسه،2

الس الوطين للثقافة والفنون واآلداب ،1996،أكتوبر25،مج2،جملة عامل الفكر،عاجلديدة تقول وداعا للطبقة الوسطى)اليبريالية )رمزي زكي،(3

69-32،الكويت،ص

.1993¡1،سيناء للنشر،القاهرة،طاليبريالية املستبدة*للمزيد انظر:رمزي زكي ،

-171-

Page 187: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

استغالل ي وارشهدت تلك املرحلة التوسع االستعم كما ،فتقاد الشروط الصحية والوقائيةاو

ل الدول الرأمسالية الليربالية.قب من ،شعوب املستعمرات

مسايل يف خمتلف أحناء الذي تعرض له النظام الرأ : تبدأ بزلزال الكساد الكبريأما املرحلة الثانية-

ن ينكر إمكانية حدوث الذي كا ،النيوكالسيكيم أوهام الفكر الكالسيكي وحطوالذي املعمورة،

صلحة الفردية واملصلحة العامة عي عدم وجود تعارض بني املويد ،األزمات يف النظام الرأمسايل

كما أن كارثة دخل الدولة يف النشاط االقتصادي واالجتماعي.قد مهد الكساد الكبري السبيل لتو

النظرية اليت هيو ،1936"عام كرت كانت األرضية اليت أجنبت "النظرية العامة ل ،الكساد الكبري

ت قد فقد أن الرأمسالية ،كيرت عامل. فقد أثبتالسيكون هلا تأثري كبري على أوضاع الطبقة الوسطى يف

بسبب االحتماالت ،ضها ألزمات الدوريةأصبح ا ميل كامن يعرو قدرا التلقائية على التوازن،

الرأمسالية عاجزة عن أن تولد وألنالعرض الكلي.الطلب الكلي مع قوى لعدم تناسب قوى ،القوية

فقد دعى إىل ضرورة تدخل الدولة يف النشاط سبيل جتنب هذه األزمات، بطريقة تلقائيةو من ذاا

ة من السياسات اقترح مجلو ،التعويضي لتقلبات هذا النشاطباعتبارها املعامل املوازن أو ،االقتصادي

بعد انتهاء و ولة دون حدوث الكساد أو التضخم.ليت من شأا احليلا ،االجتماعيةالنقدية املالية و

،الذي بنيت عليه السياسات االقتصادية ،احلرب العاملية الثانية أصبحت الوصفة الكيرتية هي األساس

)1(يف دول الغرب الرأمسايل

الرأمسالية اليت عانت منها، الدول ،تبدأ مبجموعة من األزمات املستعصية:ةلثاملرحلة الثا-

زيادة واضحة يف معدالت شهدت هذه الدول ،ففي بداية السبعينات - زالال تو -الصناعية

رفت حتت مصطلح الركود وهي الظاهرة اليت عومعدالت التضخيم يف آن واحد( البطالة،

زيادة عجز و، ت النمو اإلنتاجيةتراجع معدالوتدهور معدالت النمو االقتصادي و التضخمي،

..اخل.زيادة أسعار الطاقة.رتفاع حجم الدين العام الداخلي وو ا ،عامةاملوازنة ال

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ رمزي زكي، املقال و املكان نفسه .)1

-172-

Page 188: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ة اقتصادية واجتماعية هي عبارة عن رؤيو ،صعدت الليربالية اجلديدة تأزم،هذا املناخ امل مضيف خ

د الذي دفع احلإىل ،عن مصاحل أصحاب رؤوس األموالهدفها الرئيسي الدفاع األعمى ،وسياسية

،مبا فيها حق احلياة ،ية حقوق عامة أخرىأاألولوية على ق امللكيةحلبأن ،بعض أنصارها للقول

،لليرباليةللعودة إىل املفاهيم واملقوالت الكالسيكية املبكرة تنادي هذه الليربالية أن إذن ،وال عجب

بشكل تلقائي، ستمر وتصحيح أزماته،ة النظام الرأمسايل على النمو املربقد ،فهي تؤمن إميانا راسخا

ياء بل إن أنصار هذه الليربالية أعادوا إح لتدخل يف سري العجلة االقتصادية،د الدولة عن ااابتع شرط

نادوا و ملصلحة اخلاصة واملصلحة العامة،التوافق بني ابشكل تلقائي فكرة اليد اخلفية اليت حتقق،

مبا يلغي أية تدخالت أو قيود أو ترتيبات أو تنظيمات ،حلرية االقتصادية إىل أبعد مدىطالق ابإ

على القضاء على امللكية العامة،وا أصرو ر واألرباح واألجور والعمالة،سعااألها احلكومة على عتض

.دولة الرفاهالرعاية االجتماعية وضرورة التخلي عن وحتويلها للقطاع اخلاص مع

: لليربالية والفلسفية األسس الفكرية -)2

األسس الفكرية:-)1

الفردية: أ)

تمع والدولة ،د الليربالية على "القيمة العليا للفردتشدأو قيمة يف ليس هلما وجود مستقلفا

تعتمد يف والليربالية ،بطريقة معينة مرتبطني ،هي جمرد نتائج يسفر عنها وجود األفرادبل ،ذاا

اتمع حيث ترد أو تفتيتية، Atomisteصف بكوا ذرية تت نظرة خاصة لإلنسان ،رؤيتها هذه

.هكذا قوضت تنظر إىل هؤالء األفراد على أم ذات مستقلة عن بعضهاو إىل أفراده املكونني له،

عتباره ليس لديه مصاحل فرد بااليت ساد خالهلا" إدراك لل دعائم الرؤية اإلقطاعيةالرتعة الليربالية

ينتمون ،باعتبارهم أعضاء يف جمموعات اجتماعية ر للناسفكان ينظ ،أو هوية منفردة ة بهخاص

يتهم كانت تتحدد بدرجة فحيام وهو إليها كاألسرة والقرية واتمع احمللي أو الطبقة االجتماعية،

عندما و ،من جيل إىل آخر ذلك يف عملية تغري طفيفو ،سب صفات تلك اموعاتح كبرية

-173-

Page 189: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

أتيح هلم و االجتماعية، اإلمكاناتو نطاقا أوسع من اخلريات،واجه األفراد اإلقطاعيالنظام اار

مبدأ احلرية "،لقد ناصرت الليربالية.)1("تبشكل شخصي حبو التفكري الفردي املطلق ل مرةألو

بتركيز النظام و جبعله عاما مجيع أفراد البشر، ،اإلنساينعلى غريه من املبادئ يف الوجود ،الفردية

مع الفكر االجتماعي القائم على أساس قطيعة فلسفية على امللكية اخلاصة الرأمسالية، املرتبط به

.)2(على مبدأ اجتماعية اإلنسان الطبيعية

فمن الناحية ،أو كيان اجتماعي تفوق أي مجاعة اجتماعية ،إن أمهية الفرد يف مذهب الفردية

فكل حديث والتفسري االجتماعي، يكون الفرد مركز النظرية السياسية ،املنهجية ملذهب الليربالية

مة الليربالية:" أن املسل تقول هكذاالذين يشكلونه. من األفرادا البد أن يكون منطلق عن اتمع

من "املساواة يف احلقوقجهة و""من احلرية" إنبقون أحرارا متساويني يف احلقوق.الناس يولدون و ي

مستمدة من ماهيته اخلاصةو مالزمة لإلنسان الفردي، ،مزدوجة فطرية تشكالن صفة ،جهة أخرى

بدل أن يكون بإمكان التجمع السياسي أن يسيء قل عن كل حوادث الزمان واملكان.وبشكل مست

يف ومتكينهمايكمن يف احلفاظ عليها ومحايتها:أي بكلمة واحدة ضماا فإن هدفه وواجبه ،هلما

.)3(نفس الوقت"

بل األفراد هم يلهم،تشكمل بالضرورة على تكوين األفراد وال يع ،إن اتمع يف هذه احلالة

يغدو الفرد قادرا من مثو ،بغية تشكيل هويام بذام عن اتمع ،الذين حيوزون قدرة االستقالل

مصريه مستقال وصياغةوقادرا أيضا على اختيار اليت فرضها اتمع عليه، على التخلص من اهلوية

إىل حتقيق يسعى كل منهم ،فرادبذلك أصبح اتمع مكونا من جمموعة من األو على حنو واع،

فردية تؤكد أن اإلسهامات ال إن الليربالية من خالل منظورها إىل الفرديةمصلحته مبعزل عن غريه.

يف حال إال بينما ال تكون للمنافع اجلماعية من قيمة،هي اليت حتظى بالقيمة األصلية يف حياة البشر

.)4(إسهامها يف مصلحة الفردÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

.www.heba_ezzat.com) أنظر املوقع:الليربالية... أيديولوجية مراوغة أفسدها رأس مال) نقال عن: هبة رؤوف غزت،(1

49¡48ناصيف نصار،مرجع سابق،ص )2

تر حممد عرب صاصيال،املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر و تاريخ الفكر السياسي (من الدولة القومية إىل الدولة األممية)،)شوفاليه جان جاك،3

14،ص 2002¡3التوزيع،بريوت،ط

175،مركز دراسات الوحدة العربية،بريوت،ص 2010¡1ر،طاملعاص إشكالية التعددية الثقافية يف الفكر الساعي) حسام الدين على جميد، 4

(بتصرف بسيط)

-174-

Page 190: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

) احلرية:ب

ونساء ، رجالمن كوا تطالب باحلرية للجميع بال استثناء متأتية إن قوة الليربالية

يدفع الناس أن ،املتبادل ذه احلرية."ومن شأن هذا التوجه من حيث املبدأ على األقل وباالعتراف

، حتقيقااألنشطة يف مجيع املياديناملبادالت و ، فتنطلقبدال من اخلوف واحلذر منها إىل الثقة باحلرية

من الناحية .)1(و طموحام و مصاحلهم يف الواقع املتغري من قدرات األفراد ما ميكن حتقيقه ىألقص

ية يف التوفيق بني قيمة احلرية أساس أا إشكال على ،رحت مشكلة احلرية يف الليرباليةالسياسية ط

إذن تكمن يف وضع حد فاصل، اإلشكاليةا تشكل جانبا أساسيا يف احلياة.القيود اليت يبدو أو

ظة على احلقوق الطبيعية فرضية احملافلمتيل ،ة الكالسيكية للتوجه الليربايل وعلى رأسها لوكفالرؤي

السياسي الذي فحىت اتمع ،يها متتع الناس مبا يعد حرية مطلقةفحالة الطبيعة يفترض ف لإلنسان،

مقيدا ببلوغ الغاية اليت وجد من يصبح حمدود السلطات لكي يعاجل عيوب احلالة الطبيعية،س أس

وبالتايل ممارسة السلطة املطلقة ، حلماية ملكية كل األعضاء عن طريق تقدمي قوانني راسخة ،أجلها

اليت ال يتخلى ومتفق عليها مع غايات اتمع واحلكومة، بدون قوانني قائمة اليت حتكمالتعسفية

ضوون حتت لوائها لوال حرصهم على محاية حيام ينو حرية احلالة الطبيعية من أجلها، الناس عن

وال ميكن ،امللكيةعن طريق قواعد راسخة للعدل و الطمأنينةالسالم و إقرارو ثروام،و وحريام

فهذا يعين أنه جيب ،أمالكهمو صهمشخاسلطة مطلقة تعسفية على أ ا ألي شخص،أن يعطو

اليت يتمتعون فيها حبرية دفع عدوان الة الطبيعة،حمن وء أن يضعوا أنفسهم يف حالة أس ،عليهم

.)2(اآلخرين عن حقوقهم"

جيمع يف عقد يكمنإمنا -يف نظر اليبريالية-إن الشيء الوحيد الذي جيعل السلطة مشروعة

حريته السياسية يشارك فيها اجلميع.عرب هذا العقد سوف يفقد املرء" إرادة عامة"إرادات األفراد يف"

جتعله حقيقة " أكثر سيادة على ، أخالقية"و"ف يكتسب حرية سياسية "مدنية "لكنه سو ،الطبيعية"

إنما ية السياسيةيف احلر ،أن التصور املطروح من قبل منظري العقد االجتماعي"يتضح إذن نفسه"،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

77صناصيف نصار،مرجع سابق، )1

2005،ص44 نقال عن: ليوشتراوس و جوزيف كروبسي، تاريخ الفلسفة السياسية،تر،حممود سيد أمحد، الس األعلى للثقافة،مصر،ط1¡

-175-

Page 191: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

مثة ،مل يسبق حتققه مثل هذه الدولة تظل شرطا فرضيا ، وألنرؤيتهم يف طبيعة دولة الطبيعةيرن ب

)1( صعوبات يف توظيف ذلك املفهوم يف حل إشكالية احلرية"

اسيا من مقومات تشكل مقوما أسو ،متثل احلرية عند الليرباليني شعار الكرامة اإلنسانية

فاق الليرباليني على على الرغم من اتلكن و ،سياسيةومتثل أعلى قيمة أخالقية و السعادة البشرية،

فهناك اجتاهان ائل اجلدلية يف الفكر الليربايل،من املس يعد االختالف حول دالالا فإن ،قيمة احلرية

متنازعان حول حتديد مفهوم احلرية:

على أن احلرية هي قدرة الشخص رأواالذين ميثله الليرباليون الكالسيكيون، :االجتاه السليب -أ)

يتمثل ذلك االجتاه يف تعريف و ،ا كان شكلهأي غياب اإلكراه أي التصرف بالشكل الذي خيتاره،

.)2(هوبز للحرية بأا "غياب العوائق اليت حتد من قدرة اإلنسان على أن يفعل ما يشاء"

أو ،وهو االجتاه الذي يرى احلرية من منظور القدرة على التمتع بالشيء:االجتاه اإلجيايب -ب)

مستقال ،أن يكون الفرد سيد نفسه احلرية حسب هذا املنظور،تتطلب حتقيق هدف يهم اإلنسان،و

يصبح اتمع الليربايلو والوصول إىل اإلجناز والرضى، ،مواهبهقادرا على تنمية مهاراته وبذاته،

الظروف املشروعة.وقدر من أهدافه هو اتمع الذي يستطيع أعضاؤه حتقيق ،حسب هذا االجتاه

من تدخل الدولة يف أصحاب هذا االجتاه عند ال مانعو ،تحقيق احلرية الفرديةلداخله مهيأة

يف حدود ال تؤثر على حريام. املصلحة العامة لألفراد

نسجلها كظاهرة طبيعية بل ،تطرح كمشكل يف الفكر الليربايل من الواضح أن احلرية مل

توضع يف حيز السياسة ل رتع احلرية من جمال السجالت الفلسفيةهكذا تابعة لوجود الفرد.وت

مبوجب قانون الطبيعية سلطانا الفرد ميلك ألنأي يف نطاق التاريخ والتطور التطبيقية واالقتصادية،

"هذه ،امللكيةتتعلق باالعتقاد والرأي وبالكسب و ،دائمةله حقوق كاملة و ،مطلقا على ذاته

كلما مست فقد اتمع ات شخصية أو إنسانية:تسمى حري ،تفويت إطالقااحلقوق اليت ال تقبل ال

.)3(العقل"ألنه أصبح يناقض الطبع و ،صفته اإلنسانية

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

284¡283،تر،جنيب احلصادي، املكتب الوطين للبحث والتطوير،ليبيا،( ب ط و ت )،ص دليل أكسفورد الفلسفةتد هو ندرتش، )1

46¡45صاحل الرميزان،مرجع سابق،ص )نقال عن:وليد بن 2

61،مرجع سابق،صمفهوم احلرية)عبد اهللا العروي،3

-176-

Page 192: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

العقالنية:-ج)

عنية باجلوامع الضابطة القواميس املحىت يف املوسوعات و ،داللة واحدة حمددة ليس للعقالنية

رؤية معينة للطبيعة فعالية نظرية مؤسسة يف إطار إا .يف صريورما النظرية املعىنللداللة و

موصولة كذلك بآليات .واتمعموصولة بأسئلة التاريخ و هي تتمظهر يف صيغة فعاليةو وللتاريخ،

بفعل جدليات احلوار أننا أمام فعل منتج للتحول،ومعىن هذا ر ونظام اللغة وعالئق اتمع،النظ

تشكل سلطة العقل آلة للفعل حيث اريخ تطور العلم واملعرفة،املستندة إىل تقنيات مستمدة من ت

،بروز بوادر مترد اإلنسان على سلطة الوصاية عفم ،)1(النظري املوصول بالشؤون اإلنسانية"

إذ القدمي: هلياإللنظام ل غاب معها الطابع التقديسيوفق معايري نفعية ،ظهرت للوجود قيما جديدة

منة عليها للهي احلياةعلى التدخل يف جماالت الطبيعة و القدرة، طورت املعرفة املكتسبة"

بدأ يتحرك ليهيمن على ،األوىل يف أواخر القرون الوسطى فالغرب بداية من ضته وامتالكها،

.)2(العامل"

وحترير اتمع من وصاية الكنيسة، ،متثل جوهر العقالنية مبسألة حترير الروح من وصاية السلطة

،اليت أعادت االعتبار لإلنسان ،مثرة للرتعة اإلنسانية املفكرين يف الغرباملثقفني و نضالواعترب

من وضع قوم ابتدءات ،لذا فإن األسس اليت انطلقت منها العقالنية.وحمورا لهكمركز للعامل و

من ارتبط حترر اتمع و و الدين الرمسي من جهة أخرى، القطيعة بني الفلسفة والفكر من جهة،

هكذا بدأ االنتقال يف وتأكيد سلطة العقل، و بتحرر الفكر من املفاهيم الالهوتية، الكنيسة سلطة

حترر من الرجعية الالهوتية و مبثابة انتقال، إىل الوعي احلديث الفكر األورويب من الوعي التقليدي

إىل املرجعية اإلنسانية أي إىل العقالنية.، يف الفكر

قدرته على كشف خبايا العامل ، ويف التركيز على أمهية الفرد هامالقد لعبت العقالنية دورا

.ميكن كشفه من خالل املمارسة العقلية للفرد لديه تكوين منطقي، فالعامل من وجهة نظر العقالنية

، بتطوير عموما يبيف البنية املعرفية للعقل الغر والعقالنية هي مفتاح ما تالها من حتوالت عميقة

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

ضمن: تيارات العقالنية والتنوير يف الفكر العريب.،مركز دراسات ،)حصيلة العقالنية و التنوير يف الفكر العريب املعاصر) عبد اللطيف كمال،(1

.179،ص2005¡1الوحدة العربية،ط

.40¡39،ص 2006¡1،الدار العربية للعلوم،بريوت،ط، احلداثة يف فكر حممد أركوننقال عن: مسرحي فارح)2

-177-

Page 193: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ن كاالقات اليت تربط اإلنسان بالوجود:"ويف الع ،املبهمةو وتقليص ااالت الغامضةاملعارف

يعطي للمجتمع ،الثقة املطلقة يف العقلو النضال ضد نظام احلكم القدمي واالعتقادات الدينية،

.)1(متاسك"احلديث قوة و

قروسطية الالعقالنية البنقيضها الفكري والتارخيي: ،ة صراعية مريرةنشأت العقالنية يف عالق

ين يعيد اكتشاف ماضيه العقال ففي حني كان الفكر الغريب ،الفكر الالهويتاليت مثلتها الكنيسة و

الشرعية هي رفة الوحيدة اليت متلك السلطان وكانت املع ،البناء عليهويسعى يف إحيائه و اإلغريقي،

الواقعون حتت رمحة سلطان امللوكويسلم ا األمراء و الكنيسة،اليت رعتها ،املعرفة الدينية

كلريوس والبابا.اإل

عقابا هلم على د االضطها"مع محالت القمع و ،العلماء كبريةو كم كانت معاناة املفكرينو

ما استقر اإلمجاع أو ،حقائق ختالف ما ورد يف الكتاب املقدسجرأم على التعبري عن أفكار أو

الشكال تقبل فرضته معرفة وحيدةو ،احتكرته طبقة رجال الدين تأويل ديين عليه من

طورت يف الوقت نفسهتأا نشأت و" ،من حسن حظ العقالنية الغربية احلديثةو ،)2("أو املزامحة

جناحات هائلة على صعيد حتجيم سلطان الكنيسة ،الذي أحرزت فيه حركة اإلصالح الديين

تأويل من خالل حرماا من امتياز احتكار ،املرتبط ا ،وواحدية الفكر الالهويت ،(الكاثوليكية)

.)3("النص املقدس

التسامح:-د

مح الديين املرتبط تنظر للتسا –خاصة كتابه رسالة يف التسامح –بدأت أطروحات ج.لوك

أعلن أن رعاية النفوس ليست من بناء على ذلك و ،فصل حقل السياسي عن الديينو بالعلمانية،

الفردية. بالذاتة اإلميان قضية فردية متعلقمبقتضى سلطة برانية وألنه حيكم ،شأن احلاكم املدين

أن يترك رعاية خالصة ألي ،سواء كان أمريا أو من أفراد الرعية يقبل أي إنسان عليه ال ميكن أنو

أساسااملرتكز انطالقا من مبدأ التسامحإذا و ما،عبادة لكي حيدد له إميانا معينا أو ،إنسان آخر

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

40) املرجع نفسه،ص1

60ص ،،مرجع سابقالعرب و احلداثة)عبد اإلله بلقزيز،2

61¡60)املرجع نفسه،ص 2

-178-

Page 194: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

مي إىل علمنة احلياة االجتماعية، نقض لوك احلق اإلهلي للملوك الراو ،على احلقوق الطبيعية للفرد

.)1(الص نفوس البشر"،خلأن احلاكم ليس مفوضا من اهللا"ذلك

فالسياسي له دور حدود العالقة بني حقل السياسي والديين، ترسمس ،انطالقا من هذه الرؤية

أما .س أي شيء يتعلق باحلياة اآلخرةال حيق له أن ميال يتجاوزه ينحصر يف "رعاية شؤون الدنيا و

لعبادة اهللا اجتمعوا بإرادم دون إكراه، اليت تضم أفراد ،الكنيسةفهو من اختصاص حقل الديين

ية رسم لوك حدود على هذه الرؤ ااءوبن ،جدير بأن حيقق هلم اخلالصوفق ما رأوا أنه مقبول و

رغام ال تستطيع إ حبكم واجب التسامح فالكنيسة، –يف مقابل سلطة الدولة –دورها الكنيسة و

هي الدعوة ،األسلحة اليت تكون يف حوزة أعضاء هذا اتمعو ا،أي إنسان بالبقاء يف حضنه

استبعادهم إال فال يسعنا ،إلصالح اآلمثني إذا مل تكن هذه الوسائل كافيةو واإلنذار والنصيحة،

دون إحداث أضرار معنوية ية،ختص السلطة الكنس أعظم قوةوهذه أقصى و ،عزهلم عن اتمعو

أيا من خرياته –املستبعد–ال ميكن أن ينتزع من احملروم وممتلكات املستبعد، يف بدن أو ،ماديةو

.)2(احلاكم املدين"محاية القانون املدين و تستند إىل هذه اخلرياتألن ،اليت ميلكها املدنية

يف تقدمي رؤية للتسامح تنطلق من ضرورة ،أسهمت بشكل مباشر ميكن القول أن هذه اآلراء

مبعىن أن التسامح بعد شعارا ليرباليا قائما بذاته،فيما تاليت أصبحو ،السياسي عنفصل الديين

عشر، فإن التسامح أصبح منذ القرن السابع ،حال على أيو ايل يقوم على فكرة العلمانية،الليرب

الكنيسة.نذ تأسيس فصل الدولة عن م خاصة ،من قبل رجاالت الفكر تفكريحمل تنظيم و

اجتاه السلطة حترر الفكر اجتاه الكنيسة والدين، و بصورة متدرجةمل الغريب شهد العا

امتد مبدأ التسامح ليشمل ، واالقتصاديةالليربالية بأبعادها السياسية و فسادت النظرياتاكمة، احل

الذي أصبح وفق أن ميتد إىل اال االقتصادي قبل ،األخالقاليت تشمل الدين و األمور اخلاصة

عندما يظهر –حسب الليرباليني –سوف يزولا تنافس، مسرحا للمصاحل املتنافسة ،التسامحاملبدأ

)1(السياسية ق مبدأ التوازن يف احلياةقتحيكما س ن الطبيعي يف احلياة االقتصادية،التواز

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

28،ص 1997¡1،تر،مىن أبوسنة،الس األعلى للثقافة،مصر،طرسالة يف التسامحجون لوك، )1

32املصدر نفسه،ص )2

املقابل السابق ،املوقع نفسه.)،الليربالية... أيديولوجية مراوغة أفسدها رأس مال)نقال عن :هبة عزرت: (3

-179-

Page 195: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ينظر إليه بل و وهرية الوحيدة لدى الليرباليني،هكذا يكون التسامح هو القيمة اجل

وطرق العيش القيماألفراد يف مسائل العقائد وة بني حري ،االنسجاماق و"كاستراتيجيه حمققة للوف

يف احلسبان أن هدف الليربالية ناإذا أخذوكأداة تقلل من إكراه الدولة.و وبني حرية اآلخر،

فإن التسامح معترب ،تقييد إكراه الدولة املربرو محاية احلرية الشخصية ودعمها وه ،األساسي

.)1(بوصفه عنصرا أساسيا يف املشروع الليربايل

العلمانية:-و

الذي دارت جمرياته يف ،االجتماعييف إطار الصراع السياسي والديين و تبلور مفهوم العلمانية

تدل على إقامة .والعلمانية من حيث املعين املبسط بدايات عصر النهضة ،حقل اتمع األورويب

ة السياسية الفلسفحيث تعد إسهامات ميكيافلي يف فصل بني السلطة السياسية والسلطة الدينية،

مل يقلل فهو رغم أنه مل يقف ضد الدين و رسم معامل العلمانية األوروبية، يفمبثابة نقطة التحول

عليه و ،بقائهاو دور هام يف متاسك الدول –للدين حسب رأيه –ألن من أمهيته داخل الدولة،

أن حيتفظ بنقاء ،االحتالل من هيف البقاء يف جنو ،اجلمهورياتمن يرغب من األمراء و، ينصح

على يتوجب."أن حيلها حمل اإلجالل دائماو ، يؤمن األمري أو اجلمهورية اطقوس الديانة اليت

ودهم،اليت تصون هلم وج أن حيافظوا على املبادئ األساسية للديانة حكام أية مجهورية أو مملكة،

.)1(لى حتقيق هذه الغاية"ع كل ما ميكن له أن يساعدهم ،ن يشجعواوعليهم أن يسندوا وأ

لو"و عجلت خبراب إيطاليا، يف مسار تطور الديانة املسيحية تلكن االحنرافات اليت حدث

سيحية، لنا مؤسس املبالروح الدينية اليت رمسها –يقول ميكيافلي–يحيةاحتفظ حكام الدول املس

كما كانت عليه ولو درس املرء ديانتنا .يف وضع أكثر احتادا مجهورياالكانت دول النصرانية و

ىللتوصل حتما إاالختالف الذي يقوم بينها وبني ما هو واقع اليوم، مث رأى مدى عند ظهورها،

هلذا وقف ميكيافلي ضد الكنيسة، )2(أو الكارثة" بأن ديانتنا تقترب إما من الدمار، النتيجة القائلة

ضعافه.باعتبارها راعية الدين، وهي من تسبب يف إ

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

28(بدون بيانات)،ص ،نقد التسامح الليربايل)حممد بن أمحد مفيت،1

266¡265،ص،ص 3،تر،خريي محاد،دار األفاق اجلديدة،بريوت،طاملطارحات)مكيافيلي،2

267) املصدر نفسه،ص3

-180-

Page 196: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

من هنا أصبح لفظ الدنيوي،النسيب وبني الكنسي الديين،- إا بداية حلظة االنفصال بني املدين

ما يطبعه و الواقع خارج الفضاء الكنسي، لإلحالة على العامل اخلارجي يطلق يف بداية األمر العلمانية

املعنية باملسائل اتسعت داللة الكلمة لتشمل كل املؤسسات الدنيوية من مثو، مادية من روح دنيوية

املوصوفة بالروحية اهلياكل الدينيةات ومتييزا هلا عن املؤسس منية وشؤون عامة الناس،الز-املدنية

هي رؤية جزئية أي" د املفكرين بالعلمانية اجلزئية،ر عنه أحعب ،هذا النمط من العلمنةو.والقدسية

يسة عن يعرب عنها كثريا بفصل الكنو تنطبق على عامل السياسة ورمبا على عامل االقتصاد، للواقع

.)1("الدولة املختلفةأما الدولة فهي تعين مؤسسات الدولة.

رك حيزا واسعا تت - فصل الدين عن الدولة دامت تعينما و- هذا يعين أن العلمانية اجلزئية

أا أي ،ت ال تتدخل يف عامل السياسةدام ما ،للقيم الدينيةو ، بلللقيم اإلنسانية واألخالقية املطلقة

رؤية شاملة للكون العلمانية الشاملة،متثل "ابل ذلك يف مق.صيغة ال تسقط يف النسبية و العدمية

فقط،عن بعض جوانب احلياة العامة تفصل فقط الدين عن الدولة وال بكل مستوياته وجماالته،

اخلاصة، إىل أن عن كل جوانب احلياة العامة و ،اإلنسانيةوإمنا تفصل كل القيم الدينية واألخالقية و

العامل من منظور العلمانية الشاملة (...) الطبيعة).وعن العامل (اإلنسان و داسة متاما،يتم نزع الق

هي اليت دفعت البعض إىل "حماولة هذه الصفة املشوهة لعلو.)2("هو مرجعية ذاتهو مكتف بذاته

نطبعا م ذلك يف جمتمع مل يزلو اليت حامت حوله، الكفركلمة العلماين عن شبهة اإلحلاد والنأي ب

أن يبعد شبهة اإلحلادي أو املعادي ، مثال (Holyoke)إذ حاول هوليك باملواريث املسيحية وقتها،

مع تشديده على ضرورة التمييز الزمين الديين، –ليطبعه بكساء املدين ، عن املفهوم العلماين للدين

non)الديين لبني معىن ا – Religion).3( ناملعادي للديو(anti- Religion. من هنا ميكن

التوتر احلاصلني فيه، بالشروط احلدة و هذه ميكن تفسريواحلاد يف املفهوم، ووجه املتوتر مالحظة ال

رفض هيمنة حنو –كما ذكرنا –املفهوم فقد اجتهتارخيية اليت واكبت تشكله األول، املالبسات الو

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

471،ص2002¡1القاهرة، ط،دار الشروق 2ج العلمانية اجلزئية و العلمانية الشاملة،املسريي عبد الوهاب،) 1

472املرجع نفسه،ص )2

21ص،2008¡1طناشرون،بريوت،الدار العربية للعلوم ،الدين و الدميقراطيةالعلمنة ورفيق عبد السالم، )3

-181-

Page 197: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ترتب عنه البحث يف الصيغ النظرية املقرة بإمكانية و. على جوانب احلياة اإلنسانية مبدأ املقدس

).1(القداسة الروحينيكبديل للتعايل و ،تارخييتهاعتماد الدنيوي يف

إىل قاعدة فلسفية كبرية هي قاعدة املعتقد ،لقد ارتكز املفهوم يف سياق تطوره الفكري

الليربايل، فبنظرة بسيطة ميكن اليوم مالحظة "الدفق القوي حلركة العلمنة يف اتمعات األوروبية،

اليت تسلم ،تفكك الروابط االجتماعية العضوية لصاحل الفرديةمع شيوع قيم السوق الرأمسالية، و

تعتقد باألمهية الالائية ا تسلم بالقيمة املطلقة للحرية وبأولوية اإلنسان الفرد يف الوجود، كم

.)2("لقدرات العقل اإلنساين

احلد من سلطة الدولة: -ـه

على الناس األبدي املعتدي األكرب ويعترب أن الدولة هي الفكر الليربتاري،جوهر

أو سواء كانت دميقراطية أو ديكتاتورية ينطبق على كل الدول يف كل مكان، هذاو أمالكهم.و

)3("املوظفون فيها فوق القانون األخالقي العامفالدولة دائما ومنذ األزل كانت احلكومة و" ،ملكية

ببساطة ففكر ،أي من أفعاهلالليربتاريون إىل الدولة والواقع أنك إذا أردت أن تعرف كيف ينظر ا

.)4(ستأخذ كل املواقف الليربتارية مكاا الصحيح بالنسبة لذلكو بالدولة كعصابة إجرامية،

العتداء على حقوق ملكية رعاياها، سواء كان هي اليت لديها سلطة ل إن احلكومة يف اتمع

أكثر من لقتل أولئك الذين ختتلف معهم.أو ، قواعدها األخالقيةفرض لأو ذلك جلباية إيرادات

حتصل دائما على معظم دخلها من خالل سلطة ، مبا يف ذلك أقلها استبدادا، ذلك فإن أي حكومة

سبب ال ة أهم بكثري من االعتداء الشخصي، وهناك سبب أخر جيعل اعتداء الدول، يبياإلكراه الضر

هذا ، التعبئة املركزية للمواردعلى فرض درجة أكرب من التنظيم و عالقة له بقدرة حكام الدولة

السلطة تأخذ على عاتقها وحدها .)5(السبب هو غياب أي رقابة على النهب الذي متارسه الدولة

إعداد األبناء ؛كما لو كان هدفها مثل تلك السلطة األبوية ،اإلشراف على مصائرهمو احتياجام

هي على يف مرحلة الطفولة:إلبقائهم إىل األبد تسعى ،العكس من ذلكحلياة الرجولة.لكنها على

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

54¡53، ص ص،2007¡1،رؤية للنشر والتوزيع،القاهرة،ط،التفكري يف العلمانية) عبد اللطيف كمال1

53املرجع نفسه،ص )2

76،ص2008¡1)،حترير،دافيد بوز،تر،صالح عبد احلق رياض الريس للكتب و النشر،(مل يذكر البلد)،ط1( مفاهيم الليربتارية وروادها) 3

77) املرجع نفسه،ص 4

78)املرجع نفسه،ص5

-182-

Page 198: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

من أجل، ويفكروا بشيء آخر غري االبتهاج شريطة أالباهج احلياة، اس أن يتمتعوا مببأن للن قناعة

لكنها ترى أا الوكيل الوحيد واملرجع ،عن طيب خاطرتعمل حكومة كهذه برغبة و سعادم

وتسهل هلم مباهجهم تؤمن احتياجامو تستشرفإمنا توفر هلم األمن و"الوحيد لتلك السعادة:

ماذا ،وتوجه جهودهم وتنظم انتقال أمالكهم،وتقسم بينهم مواريثهم،ووتدير مصاحلهم الرئيسية

يف كل -الدولة-هكذا فهيو.)1("عب احلياةاكل متئهم من كل مشقة التفكري ووى إعفاس،يبقى

حتدد اإلرادة ضمن دائرة ضيقة إمنا ،أقل فائدة وأقل حدوثا يوم جتعل التصرف احلر لإلنسان

.تسلب اإلنسان كل فائدة لنفسه ،بالتدريجو

فهم يريدون أن يقادوا ويف " ،يقع على الشعبالكبري من اللوم الليربالية ترى أن اجلزء لكن

أي من هذين امليلني حيث إم ال يستطيعون القضاء علىالوقت نفسه يرغبون يف البقاء أحرارا.و

كومة املنفردة،إم يبتكرون شكال من احل ،الوقت نفسهيف هدون لتحقيقهما تفإم جي، املتناقضني

من الشعب.إم جيمعون بني مبدأ املركزية يف الوقت ذاته منتخبة لكنها ،الشاملة السلطةالوصائية و

بأم يف موقع فهم يعزون أنفسهمفترة للراحة -نقصد الشعب-هذا يعطيهم ،السيادة الشعبيةو

نظام ينفض الناس على مبوجب هذا ال.")2("بالقول بأم هم الذين اختاروا رعام بأنفسهم ،التأثري

مث يعودون لتلك احلالة من ، اختيار سيدهم قبل وقت كاف من ،تكاليةة اإلأنفسهم حال

إىل اختيار ممثلني لتلك السلطة من العبث دعوة شعب اعتاد االعتماد على سلطة مركزية.وجديد

لن متنعهم مهما كانت أمهيتهاادرة والقصرية الختيارهم احلر، فهذه املمارسة الن، آخربني وقت و

بالتايل من السقوط إلحساس والتصرف بأنفسهم، ووا قدرام على التفكري أن يفقدوا تدرجييامن

.)3("تدرجيا دون مستوى البشرية

الدولة ، تتضخم قواها مما هو ضروري شريطة أال ،الدولة شر البد منهلكن رغم ذلك تبقى

:نعلى مساوئه،أل مع قبول النظام الدميقراطي ، ي أحداذة حىت إذا افترضنا أن أحد لن يؤيضرور

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

53) املرجع نفسه 1

54) املرجع نفسه، ص2

56)املرجع نفسه،ص3

-183-

Page 199: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

،لدميقراطيةا املمكن التخلص من احلكومة حتتهو أنه من الفارق بني الدميقراطية واالستبداد، )أ

أما حتت االستبداد فهذا غري ممكن. ،دون إراقة دماء

من املفروض أن نتوقع منها ليس و أية مزايا على املواطن، تضفيال ،الدميقراطية يف حد ذاا )ب

ميكن للمواطنني أن ،أكثر من جمرد إطارال تستطيع أن تفعل شيئا،الواقع أن الدميقراطية و ذلك،

.)1(بطريقة منظمة متماسكة ،يعملوا داخله

هي األقل ،الدميقراطيةن التقاليد إمنا ألو على حق،األغلبية دائما ليس ألن ،حنن دميقراطيون )ج

شرا بني كل ما نعرف من تقاليد.

مما تفرضه احلياة يتطلب دائما التقليل إىل أقصى حد ممكن، و يف األخري يبقى املبدأ الليربايل،

.)2(وأن نساوي بني األفراد فيها من قيود على حرية الفرد، االجتماعية،

:األسس الفلسفية-)2

لفكر الليربايللفكرة العقد االجتماعي كقاعدة نظرية

إذ ،تتضمن طرفني:األفراد والسلطة،يف الليربالية التقليدية إن عملية تأسيس السلطة السياسية

احلقيقة أن هذا فيما بينهم وبذلك تصبح السلطة شركة مسامهة،و يكون منشأ السلطة تعاقد األفراد

كما تكشف الليربالية التقليدية عن اختفاء املؤسسات رجوازي للسلطة.يكشف عن مفهوم بو

اليت تشكل جوهر اتمع من ة،السبب يف اختفاء املؤسسات الوسيطالدولة،والوسيطة بني األفراد و

قامت كطبقة ذلك ألا،هو الوضع االجتماعي والسياسي للبورجوازية،الفكر السياسي الليربايل

األساسي يف عضوية تلك الطبقة،وملالشرط ستقالل الفردياالباعتبارها أفرادا،فكانت الفردية و

يش وفق شروط احلياة إذا كان يستطيع الع إال،أن يصبح فردا مستقال يكن من املمكن للشخص

يف ة السابقة عليهايعلى أنقاض املؤسسات الوسيط كما قامت البورجوازية كطبقةالبورجوازية.

يف أدبيات الليربالية الدولةالعالقة الثنائية بني األفراد و إن.مثل النقابات احلرفية،التاريخ األورويب

.االنعكاس لعالقة البورجوازية منذ نشأا بالدولة ما هي إال،التقليدية

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ190ص ،1999،أمحد مستجري، اهليئة املصرية العامة للكتاب، (ب ط)،تر،حبثا عن عامل أفضلكارل بوبر، )1

191ص) املرجع نفسه، 2

-184-

Page 200: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ألنه يعتربه أحد العناصر اقد السياسي لدى هوبس باهتمام بالغ،حظي فعل التعلقد

متثله هوبز كفعل ،التعاقد السياسي فعل بشري خالصو.ية الفاعلة يف العالقات البشريةاألساس

إذا كانت و ،األمن املدنينيلسلم ون ايؤم، سلطةتنظيما عموميا ذا سيادة ومؤسس للدولة باعتبارها

استمرارها سيحتاجان إىل ، فقوة الدولة وهو احلاكملة حتتاج إىل من ميثلها يف شخصه فسيادة الدو

.حىت ال يعودوا إىل حالة حرب الكل ضد الكل جتعل األفراد ميتثلون للقوانني ،آلية عمومية للسلطة

بني ربط بني سيادة الدولة و فقد ،لعالقة الدولة بالسلطة األسس الفلسفيةهوبز وضع

مشروعية السلطة السياسية ا على احلفاظ على األمن املدين.وقدرقوا العمومية و بني أي ،سلطتها

ترجع ألمرين اثنني: أوهلما التزام األفراد مبقتضيات التعاقد السياسي- بالنسبة هلوبس-داخل الدولة

وهو ،القضاءإقامة جمال عمومي لألحكام و قصد للغري،يف احلكم أي تنازهلم عن حقهم الطبيعي

خصوصا احلق يف احلياة واألمن ،ثانيهما احملافظة على احلقوق الطبيعية للفردبالذات جمال الدولة.و

.)1(حرب اجلميع ضد اجلميعو للعودة إىل حالة العدوان،تفاديا ،امللكيةوالسلم و

،احلاكم مل يكن طرفا يف العقد هو أن هذه، نظرية العقد االجتماعييف إن الشيء املميز

ه الوحيد الذيومن هنا فإن ،بل احتفظ ما ،ال عن حريتهو من مث مل يتنازل عن حقوقه الطبيعيةو

معارضة كامل السلطة يف القضاء على (صاحب السيادة)بأن ل هوبز.يرى له أن يفعل ما يشاء

فاملادة الرئيسية يف العقد هي أن ،يةأدىن مسحة ال شرع من دون أن يكون لفعله هذا، األقلية

اك أدىن أمهية لألقلية فليس هن من مثو ية هو الذي عني السلطة السياسية،اخلضوع لصوت األغلب

على أن يكون السيد ،أعلنت رضاهان الناس وافقت ويقول هوبز "الغالبية العظمى م.املعارضة

وأن ،عليه أن يوافق اآلن مع بقية الناس فإن ،من مل يسبق له املوافقةو هو صاحب السلطة احلاكم

ن يوافق على ذلك أو أما إفهو ،أن مجيع األفعال اليت يصدرها احلاكم هي أفعاله هويعترف مثلهم

على هذا األساس فإنه ليس من حق املواطنني أن و ،يكون هلم احلق يف ذلكو ،أن حيطمه اآلخرون

حلمايتهمة الالزمة ومادام ميلك الق ،كانت تصرفاتهأيا ،أو يثوروا على صاحب السيادة ،يتمردوا

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

140،مصدر سابق،ص،األصول الطبيعية والسياسية لسلطة الدولةالليفيتان،)طماس هوبس1

-185-

Page 201: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ال يصبح -عجز عن توفري الغاية من وجودهأو - ومىت فقدها ،فسيظل الناس ملتزمني بطاعته

وا من طاعة صاحب رإذن ال ميكن للمواطنني أن يتحر.)1(عنهلزوال الصفة السيادية ،حاكما

ه سواء يف حرب داخلية أو هزمية تلقو كفقدان صاحب السيادة" إال يف حاالت حمدودة، ،السيادة

ألنه يف و إذا أمر إنسانا بأن يقتل نفسه،أ ،عن السلطة اكم طوعاأو ختلي احل ،يف حرب خارجية

يف هذه و من توفري السعادة واألمن لإلنسان، ،اإلنساين األولإمنا يذهب ضد الغرض هذه احلالة

.)2("ن خيرجوا على طاعة صاحب السيادةللمواطنني أ احلاالت أجاز(هوبز)

مستوى قبل سياسي مستوى أو بني رية الطبيعية واحلرية املدنية(السياسية)،مييز هوبز بني احل

إذ أن الناس ولدوا ،ارستهامالفرد مطلقة ال حدود ملففي احلالة األوىل يرى أن حرية " ،)3(سياسي

موجودة لدى كل إنسان فهي حقوق ،هلم حقوق ال ميكن التنازل عنهاو أحرار،متساوين و

حق استخدام كافة و على الذات، البناء وحق احملافظةتتمثل هذه احلقوق يف حق و بالطبيعة،

غري جمد حسب هوبز، لكن هذا النوع من احلرية ،اليت تكفل حتقيق هذه الغاية الوسائل الضرورية

احلق يف بقدر ما مينح لآلخرين ،بشكل مطلق ألنه بقدر ما يضمن للفرد احلق يف ممارسة احلرية

اعتقاد منه أن .لذلك يدعم احلالة الثانية أي احلرية املدنية احملمية بالقانون التعدي على هذه احلرية،

.)4("العدوانللشر والة أنانية بطبيعتها مينوازع األفراد وأن ،اإلنسان ذئب ألخيه اإلنسان

دون هي وحدها الكفيلة بالوقوف حائال–معتدلة كانت أم مطلقة-يرى هوبز أن السلطة

إىل أمام هذه السلطة البد أن خيضع الفردو ،األنانيةالناجتة عن حب الذات و تصادم مصاحل األفراد

من أجل وحدة اتمع حريتهطوعا أو كرها عن إرادته و من التنازل، ال مفر له، وما متليه الدولة

يستلزم و. لدى األفراد فالبد من رادع يضمن الطمأنينة ،فطاملا كانت األنانية متلك البشر ،أمنهو

تكون حتت قيادة أمري من حقه ،ال تتجزأ هذا الرادع تأسيس هيئة سياسية تقوم على سلطة واحدة

يكون حتقيق من مثو.من أنانية األخرينيو حبكم ضرورة محاية الفرد من أنانيته ،دأن ميارس االستبدا

*)5(تزامات على احلاكم جتاه األفراددون وجود ألي من االل،مربرا إلرساء احلكم املطلق األمن

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

184،ص 4.،جتاريخ الفلسفة)إميل برييه،1

637،ص3،جتاريخ الفكر السياسي)سباين جورج،2

3) Louis Dumont، ibid.،p110

25جملة التسامح،ع احلريات الفردية يف الفكر الغريب، مفهومها و نشأا و تطورها) حمسن إمساعيل، 4

املرجع نفسه واملكان نفسه. )5

وما بعدها 130،صالليفيتانطماس هوبس، * للمزيد أنظر:

-186-

Page 202: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فكرة العقد االجتماعي عند جون لوك:

متمتعا بكافة حقوق القوانني الطبيعية ،مسلمته القائلة"الفرد يولد حرايؤكد لوك عن

من هذا املنطلق ال ميكن احلديث و. العامل يف أحناء متساويا يف ذلك مع غريه من األفراد ،امتيازااو

ا من ويصو القوة لكي حيافظ على هذه احلقوق إذا كانت لديه إال ،عن قيام جمتمع سياسي

عن حقوقه ،يتنازل كل عضو فيه"فإنه ،فإذا قام جمتمع سياسي على هذه الفلسفة ،االعتداءات

مال عن طريق القانون الذي تصوغه شا ،فتتوىل هي محايتها الطبيعية ليضعها بني يدي اجلماعة

وخيضعون لقانون ،على ذلك فاألفراد الذين جتمعهم هيئة واحدةو ووافيا حلاجة اجلميع(..)،

نون جمتمعا هؤالء األفراد يكووتعاقب ارمني. ض الرتاعات فيما بينهم،تف شرعية عامةسلطة و

بالتايل يتنازل عن وخاضع لسلطتها، ةيسياسالهكذا يصبح كل عضو يف هيئته .)1(مدنيا فيما بينهم"

ى حتت اليت انضوتاركا هذا احلق للحكومة ه،يف االقتصاص لنفسه من املعتدين علي حقه الطبيعي

أصوهلا يف اتمع املدين.من جوهر السلطة التنفيذية والقضائية ويكنا هو ظلها لتنفيذ األحكام،

مكونني ،مبين على اجتماع "عدد من األفراد يف حالة الطبيعة ،لوك عند احلياة املدنية جوهر

يتفقون عليه ،أو حاكم معني يف ظل حكومة واحدة ،كيانا سياسيا موحداأو شعبا واحدا

تتطلبها املصلحة اليت ،سلطة سن القواننييتيح للمجتمع فهو يف ظل هذه احلال ويتعاملون معه،

إىل أعضاء يف ل األفراد من حال الطبيعةهذا بدوره حيوو العامة للمجتمع وتنفيذها طبقا للشريعة،

الذين األحرار،و اتفاق فئة من الناس هنه نشئ اتمع السياسي ويكو"هكذا فما ي.)2(حكومة ثابتة"

حكومة أولنشأت ،على هذا الوجه فقطوبتأليف مثل هذا اتمع و ،حتادعلى االيؤلفون األكثرية

األخري هذا ،الطبيعة إىل اتمع حالة بانتقاله من هكذا تتغري وضعية اإلنسان.)3(شرعية يف العامل"

مع و.اإلنسان يتحرك بداخله الذي يصبح هو اإلطار اجلديد الذي يقوم على االتفاق واالختيار،

ال الطبيعية و تستمر حقوق اإلنسانو ،قائم يف صلب ما هو اجتماعي ما هو طبيعي ذلك يظل

العقل.تمع البشري على قوانني الطبيعة وهو قيام ا لسبب أساسي ،يسقطها الوجود االجتماعيÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

75وق الكيال،مطابع شركة اإلعالنات الشرقية، بون بيانات،)احلكومة املدنية وصلتها بالعقد االجتماعي،تر،حممود ش1

77)املرجع نفسه،ص2

26،دار توبقال للنشر،املغرب،(ب ت و ط)،صحقوق اإلنسانحممد سبيال وعبد السالم بنعبد العايل،)3

-188-

Page 203: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

راجع تلك احلرية يف تو ا جوهريا لتحقق الوجود اإلنساين،شرط جيعل لوك من احلريةهلذا

إذ أنه إذا كان الواقع أو عدم اإلميان بوجودها، ال ينبغي أن يكون حجة إللغائها ،أوضاع معينة

اليت و ،الكلية حرية اإلنسان الطبيعية اليت تؤكد لك ال يعين إلغاء الفكرةفإن ذ ،حرفجزئيا أو من

ة اإلنسان حريمع هذا تبقى .وعن أي سلطة عليا على األرض مؤداها أن اإلنسان يتمتع باستقالله

مما جيعل كل فرد يف حالة شعور ذان يداخالن الطبيعة البشرية،الل ،الضعفمهددة بسبب النقص و

ا مشكلة اإلنسان إه إىل البحث عن حل هلذه املشكلة.األمر الذي يدفع ،باخلوف مع اآلخرين

فإن حرية " ،ما متليه الطبيعة إال ،ال حدود هلاانت حرية اإلنسان الطبيعية مطلقة إذا كف !! املواطنو

سوى السلطة اليت نصبت باالتفاق يف ،تعين أنه ليس مسخرا لسلطة تشريعية ،اإلنسان يف اتمع

ما تسنه تلك السلطة سوى ،أو مقيدا بأي قانون أنه ليس خاضعا ألي إرادةو ،الدولة

.)1("وفقا لألمانة اليت عهد ا إليهاالتشريعية.

ال تسقط عنه استقالله عنهم،" ،القائمة على االتفاق مع اآلخرين عالقة الفرد أن علما

بالتايل سيكون فاعال يف عالقته و ،إرساء قوانني اتمعألنه سيكون طرف مشارك يف وضع و

من حيث هي ،الدفاع عنهايعين احلفاظ على ممارسة حريته و مما.)2("يكون مقاوماو باآلخرين

أو املتكافئة مع هؤالء الذين ارتضوا ،هي شرط للحفاظ على عالقته العادلة كما ،شرط إلنسانيته

.أن يكونوا أعضاء يف كيان اجتماعي مشترك ألنفسهم

أفرادو ،من جهة الذي يؤدي إىل ضرورة وجود سلطة سياسية ،يقوم اتمع على االتفاق

حمكومني تحولون إىل الذين ي فمن جهة لدينا األفراد ،أخرى مطيعني لتلك السلطة من جهة

خرية حبماية حقوقهم يف احلياة واحلرية شريطة التزام هذه األ ، بطاعة السلطة السياسيةنيملزم

وبضرورة العمل يف إطاره. ،ملزمة باحترامها لذلك االتفاق تلك السلطة وهو ما يعين أنوامللكية.

املستمدة من إرادة سلطة القواننيلها ختضع ألن ،مستبدةوعليه فهي ليست سلطة مطلقة أو

يعين يف نظر لوك إعالن ،الضامنة حلقوق املواطنني أي اعتداء على تلك القواننيو ،احملكومني

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

العلوم ،معهد 2008¡3)، جملة املوافق للبحوث و الدراسات يف اتمع و التاريخ،عاإلنسانية و املواطنة يف فلسفة جون لوكرباين احلاج ( )1

258االجتماعية و اإلنسانية،جامعة معسكر،ص

259¡258رباين احلاج،املرجع نفسه،ص ص )2

-189-

Page 204: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

اس يف ظل احلكومةحرية الن يف حني أن- املغلوباليت هي صراع مستمر بني الغالب و-للحرب

.تطبق على مجيع أفراد تلك اجلماعة احلياة حبسب قاعدة منصوص عليها، معناها

عالقة "إذ أن ،حمدودة إىل أقصى حد ممكن سلطتهااملنظور تصبح وظائف الدولة وهذا من

اء إىل هال يعين االنت ،حبيث أن انضمام الفرد إىل اتمع املدين هي عالقة تنظيم أدايت، ،الفرد بالدولة

للدولة القهريةال معىن ف ،)1("روسو يف العقد االجتماعي" أو الليفيتان"ما انتهى إليه هوبز يف كتابة

مع العقل ألن هذا يتعارض مع الطبيعة و ،يكون اإلنسان وسيلة هلا ،تتحول من وسيلة إىل غاية اليت

هم أنفسهم أن مينحوا احلاكم إرادة مطلقة، أنه يستحيل على البشر إذ ،كما أنه يتناقض مع اإلرادة

ألا غري متوافقة ،على شرعية مكن احلصول هلاامل غريمن فالسلطة املطلقة ،عاجزون عن امتالكها

أجلها.اليت قامت عليها ومن مع حقوق اإلنسان

يهدف إىل غاية "أن الدولة هي جمتمع بشري "،رسالة يف التسامح"لوك يف كتابة يقول

العام احلياة واحلرية واالعتناء باجلسد املقصود باخلريو احلفاظ على اخلري العام ورعايته،هي ،واحدة

النقود أي املادية مثل األراضي و ،تشجيع اخلريات اخلارجيةومحايته من األمل و ،ليهواحلفاظ ع

تسمح لكل لتوفري الضمانات اليت تطبيق القوانني ،كم املديناواجب احلمن ذلك أنه ،اخل..األثاث

لذلك .باالمتالك العادل لألشياء الدنيويةولكل فرد على وجه اخلصوص ،اس على وجه العمومالن

هو رعاية هذه الشؤون حمكومة دف واحد ،السيادةواحلقوق و تكون السلطة املدنية أن ينبغي

.)2(تنميتها"املدنية و

ألن ،فإن األمر بيد اإلنسان نفسه ،مصري اإلنسانا إذا تعلق األمر خبالص النفوس ومأ

ذلك أن احلاكم ليس أو أي إنسان آخر، ،خالص النفوس ليس من شأن احلاكم املدين (الدولة)

أن من غري املعقول هأن اهللا مل يكلف أي إنسان بذلك. مث وأن خلالص نفوس البشر، مفوضا من اهللا

اء كان أمريا أو من أفراد سو ال يقبل أي إنسان ألنه ،مينح الشعب مثل هذه السلطة للحاكم

.)3(أن يترك خالصه إلنسان آخر" ،الرعية

ÜÜÜÜÜÜÜÜ260املرجع نفسه،ص)1

24¡23،مصدر سابق،ص رسالة يف التسامحجون لوك،) 2

24)املصدر نفسه،ص 3

-190-

Page 205: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

العالقة بني السلطة املدنية حدود بلورت الرتعة الفردية بشكل واضح، رامسةمع هذه اآلراء ت

:حبيث يصبحة الكنسية.مؤسسو

اإلميان اختصاصه يتعلق بسلطة مدنية و ألن نسان ليس من شؤون احلاكم املدين،خالص اإل-1

حىت ¡)3(استنادا إىل قوة برانية"ن "ومن طبيعة العقل أنه ال ميكن إجباره على اإلميا ،شيء داخلي

.ألن العقوبات تفقد فعاليتها ألا عاجزة عن إقناع العقل ولو كان ذلك بالسجن والتعذيب،

هذا ، فإناس على دين امللكجلعل الن جمديةالعقوبات ىت ولو سلمنا أن سلطة القانون وح-2

ليس هلا أن ترغمهم على س مضطرين للتخلي على نور عقوهلم.حىت الكنيسةاالتسليم يصبح معه الن

لذين جيتمعون مبحض إرادم،ال ،من البشر ،"مجاعة حرة هي إالفالكنيسة ما ،اعتناق آرائها

¡)4(كفيل خبالص نفوسهم"و ،من اهللا لوب يتصورون أنه مقبولبأسودف عبادة اهللا

فكما أن احلكم املدين ليس له " ،جوهر املمارسة الدينية تعترب احلرية الفردية ،من هذا املنطلق

مة إنسان إذن ليس ث على األفراد، عي سلطااللكنيسة أن تد فليس ،أن حيجر على حرية الفرد

يعتقد أنه ميارس فيها ولكنه ينضم طواعية إىل كنيسة ما،ه بكنيسة أو بطائفة معينة بطبيعت ملتزم

.)1(العبادة املقبولة من اهللا"و العقيدة احلقة

تطلعات الطبقة الربجوازية - كما محلت إنسانية عصر النهضة-لقد محلت هذه اآلراء

وأن أعلنوا أن الفرد احلر هو الغاية،ف ،الصاعدة آنذاك "لقد نادى مفكرو النهضة بصوت احلرية

ووضعه يف اتمع مها البداية لكل تساءل عن مكانة اإلنسان يف الكون ،طبيعته البشريةاإلنسان و

ذه .)2(تضع تقرير مصريه بنفسه"و نسان من التبعية لرجال الكنيسة،فاإلنسانية تدعو إىل حترر اإل

منفتح على العامل ككائن روحي اإلنسان عنمن املفهوم املسيحي النظرة حدث "االنتقال التدرجيي

.)3(مسته األساسية أنه كائن رغبة ودوافع غريزية" إىل اإلنسان ككائن حي متطور، ،اآلخر

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

25املصدر نفسه،ص )1

27)املصدر نفسه،ص2

) املصدر واملكان نفسه 3

) املصدر واملكان نفسه4

102، مرجع سابق،ص احلداثة وما بعد احلداثة) سبيال حممد،5

-191-

Page 206: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ة بعد يف دفاعه عن امللكية الدستوري ،املؤسس احلقيقي للمذهب الليربايل يظل جون لوكذا

اليت يستمدوا من ،قد بدأت تظهر بشكل واضح فكرة احلقوق الطبيعية لألفرادالثورة اإلجنليزية.و

فمنه يستمد ،يفرض نفسه على اجلميعالذي -السابق على القوانني الوضعية-القانون الطبيعي

املساس و ،قيود دستورية ال يستطيع جماوزاع بد املشرفضال عن أنه يقي حقوقهم األساسية،األفراد

ليس تنازال "–عند لوك –فالعقد االجتماعي ،لو باسم األغلبيةيات األفراد وحقوقهم األساسية ورحب

هذه و ،اجلميع يف إطار القانون الطبيعيبقدر ما هو اتفاق بني " ،من األفراد عن السيادة للسلطان

م.حريااليت حتمي حقوق األفراد األساسية و¡)4("هي فكرة الدميقراطية الدستورية

بني احلرية الفردية وهو العالقة ،فيما بعد أحد أسس الليربالية اصبح مبدأيؤكد لوك على

لكية اخلاصة شرط حلرية هنا تصبح املومن فاحلرية تتطلب تنوع امللكيات. ،امللكية اخلاصةو

وقتنا اليت استمرت معها إىل و ين أساسني من مبادئ الليربالية،هكذا جند لدى لوك مبدأاألفراد.و

.)5( "وفكرة اقتصاد السوق القائم على امللكية اخلاصة ،فكرة دولة القانونمها و" ،احلايل

فقد كان لعمله الذي ، الفردية يف اجنلترادعائم احلرية أرست كتابات لوك خالصة القول أن

الذي كان قائما يف اجنلترا دور يف اجلدل السياسي -رسالتني عن احلكومة املدنية-كتبه قبل الثورة

للثورة االجنليزية يف أنه أعطى كما تبدو أمهية عمله أيضا موضوع الليربالية وحقوق اإلنسان،حول

.قاعدة شعبية غدت السند الفكري للثورةسامهت يف بناء ،فلسفيةمرجعية فكرة و

خطوة حامسة يف توحيد الثورة السياسية الربجوازية يف كانت كتاباته ،من ناحية أخرى

تشري السمة الثورية و.ظام الليربايلنإىل االذي كان سائد اليت قامت بتغري النظام السياسي،و ،اجنلترا

تلك احلدود الناشئة إىل حد كبري من لوك. إىل احلدود التارخيية ملشروع -جلون لوك- للرسالة الثانية

على واضح ألقت هذه رسالة الضوء بشكل وقد ،األهداف احملدودة للثورة السياسية الربجوازية

كانت دف واقعيا إىل إسقاط حكم واليت ،الثامن عشريف القوانني السابع عشر و ،رباليةحقيقة اللي

إحالل احلكم الربجوازي حملها.و ،لتقليديةاألرستقراطية اÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

12حازم الببالوي،مرجع سابق،ص )1

13¡12)املرجع نفسه،ص2

-192-

Page 207: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

روسو و خطاب احلرية

فإن روسو يف القرن السابع عشر، من أهم ممثلي نظرية العقد االجتماعي إذا كان لوك يعد

،العقد علىار جديدة أفك لقد أدخل روسوالثامن عشر.هم ممثليها يف القرن ميكن أن يعد من أ

فإذا رغبتم أن " قائال: الفوارق الفاحشة بني املواطنني، رفضفقد تتعلق مبوضوع احلرية واملساواة،

ود األغنياء ال حتتملوا وجو الطرفني األقصيني ما استطعتم،بني ايئوا االستقرار للدولة فقربو

مها ،دمها عن اآلخر حبكم الطبيعةاحلاالن اللذان ال ميكن فصل أحفهذان والفقراء من الناس،

ينهما بو ،ومن اآلخر يظهر الطغاة فمن أحدمها يظهر أعوان الطغيان ري العام،على اخل كذلك وباال

.)1("اآلخر يبيعفأحدمها يشتري و تقع معاملة احلرية العامة،

ليه عن طريقعاالتفاق مت ،اجتماعي عبارة عن التزام العقد االجتماعي يف نظر روسو

خلاصة حتت تصرف بأن يضع كل فرد إرادته ا" ،ينشأ هذا التعاقد االجتماعي ،االختيار ال القوة

تايل بالو نفسه وعن حقوقه كاملة للجماعة،هذا يعين أن كل عضو يتنازل عن و اإلرادة العامة،

فال يضع أحد ، فرد يلتزم بالكلا كان كل ملو ويلتزم كل جتاه اآلخر، يتساوي اجلميع يف الشروط،

بالتايل يأخذ كل ر،بقدر ما يعطيه، ويكون لكل فرد احلق على اآلخ، ونفسه حتت قيادة فرد آخر

الصفة ، حيافظ ا على ما ميلك، ويكسب بذلك قوة مجاعية، وفرد نفس القيمة اليت يفقدها

يبقى حرا كما ، ونفسه س الوقت ال يطيع إاليف نفلنسبة للجميع، واهرة يف هذا العقد نفسه باالظ

.)2(كان من قبل"

يف العقد هففي كتاب"، لقد كان لروسو دور كبري يف إثارة مفارقة اإلكراه على احلرية

يعرض نفسه لالضطرار إىل ، أي فرد يرفض أن يطيع اإلرادة العامة أن، يؤكد على االجتماعي

هذا إكراهه على أن يكون حرا، يعين ذلك سوى ال، وطاعتها عن طريق اجلسم السياسي كله

لذلك ال تق منه روسو نظرياته السياسية، والذي يش، الطرح مبين على مبدأ امليثاق االجتماعي

بوصفه مواطنا يف دولة امليثاق االجتماعي رية الفردحبسوى اإلكراه على احلرية، من خالل بيطال

ÜÜÜÜÜÜÜ

،دار قباء للطباعة و النشر العقد االجتماعي يف الفكر السياسي احلديثري أهل السنة و، البيعة عند مفكعبد ايد )نقال عن: أمحد فؤاد عبد اجلواد1

272و التوزيع القاهرة،(ب ط)،ص

.49،ص 2000،تر،ذوقان قرقوط،دار القلم،بريوت،طيف العقد االجتماعي) روسو 2

-193-

Page 208: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

عن نفسه وأن ،متساوينتعاقد أفراد أحرار واملكون من ، فمن املنطقي أن يدافع اجلسم السياسي

.)1("الذي تسنه اإلدارة العامة ،ضد كل مواطن يرفض أن يطيع القانونيلجأ إىل اإلكراه

اتمع بأن أقوى من احلجة القائلة ،أن مفارقة اإلكراه على احلرية ،يتبني من هذا التحليل

يف حاالت إن مل يكن واجبايعلم أن اإلكراه جائز. ، ولكنهدأالليربايل يرفض اإلكراه من حيث املب

جيب على اتمع الليربايل هل ،حرية االنتخابمثال حرية االعتقاد وحرية التعليم و ، لنأخذمتعددة

.جييب الليرباليني )2(هذه الشؤون؟ خبصوص ،عن ممارسة أي إكراه على أفراده مطلقا ،متناعالا

يف كيفية التعاطي التقليدي مع مبدأ حرية تعمل على إعادة النظرأن جيب لليرباليةفالدولة ا بالنفي،

بل لكي متارس ،اليت كانت قائمة قبل إقرار هذا املبدأ ذلك ال لكي ترجع إىل احلالةو ،االعتقاد

بل يفرض فقط ترك اعتقاد ،اعتقاد معيناالذي ال يفرض على املواطنني نوعا من اإلكراه السليب

ال تشعر الدولة يف جمال التعليمو ،ملا فيه من أخطار على معتنقيه أو على اتمع بعامة ،معني

ترغم األهل على إرسال و تعلن إجبارية التعليم،عندما بأا متس مبدأ حرية التعليم الليربالية

كذلك و ،على األمية مفيد لتعزيز احلرية تربة أن القضاءمع الرمسية أو اخلاصة، إىل املدارس أوالدهم

ملشاركة يف االنتخابات ن تفرض على املواطنني اأ ،حيث يتراءى للدولة يف جمال االنتخاب

للتعبري عن ميوهلم. السياسية.

حقوق الفرد و مشكلة اإلرادة العامة

لإلنسان دافعا قويا يعطي ،يف ظل اتمعات املستبدة إن تاريخ التعسف على اإلنسان

يتخلى عنه الذي جيب على املرء أال ،تأسيس سلطة تستعيد احلق املفقودو ،العبودية للتخلص من

فليس ،بل عن واجباته،عن حقوقه يف اإلنسانيةهو ختل عن صفته كإنسان، إن ختلى املرء عن حريته"

انتزع كل عة اإلنسان،ومناف لطبي تنازال كهذا إذ أن،ملن يتنازل عن كل شيء هناك أي تعويض

دمة املوضوع خل اجلهاز التنفيذي.فحىت )3("من أفعاله ةهو انتزع كل أخالقي،حريته من إرادته

أن يوظف النتهاك -يف نظر روسو- ميكن،لكل األفراد،املرتكزة على القوة اتمعة السيادة الشعبية

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

259ناصيف نصار،مرجع سابق،ص )1

260ص )املرجع نفسه،2

.42ص مصدر سابق،،يف العقد االجتماعي،روسو )3

-194-

Page 209: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يكون و"ف الدولة واغتصاا للمشروعية والسيادة الشعبية:بالتايل إمكانية تعسحقوق اإلنسان،و

الذين يصبح املواطنون العاديون،قد ألغي وامليثاق االجتماعي مبجرد ما تغتصب احلكومة السيادة

.)1(ملتزمني ا اليسوة ومرغمني على الطاع يرجعون حبق إىل حريتهم الطبيعية

يكمن يف التأكيد على التماسك الداخلي بني السيادة الشعبية ،إسهام روسوخالصة القول أن

ألن إرادة الشعب السيادية ال ،انطالقا من دستور يضمن االستقاللية املدنية، و حقوق اإلنسان

لتماسك بني االستقاللية ا ما يضمن هذاو كونية وجمردة،بواسطة قوانني إال ميكن التعبري عنها

ال ختضع ألي بالعودة إىل روسو فإن ممارسة االستقاللية السياسيةو ،االستقاللية العموميةاخلاصة و

.السيادة الشعبيةو للمضمون املعياري حلقوق اإلنسانختضع بل ،فطريةحمددات طبيعية و

تنوعها ميكن أن تنحصر يف النهاية يف صورة اختالفها و وبرغم يفكرة العقد االجتماع إن

عضهم وبعض جاء نتيجة اتفاق واع بني األفراد ب بأن التجمع البشري الذي يشكل الدولة" ،القول

اليت ،نظرية العقد االجتماعي" الواقع أن و.)2("بني احلاكم من ناحية أخرىأو بينهم و من ناحية،

أو اعة(إحدى صور العقد)،الذي يتم بني األفراد كجم ،عاقدتفسر نشأة الدولة على أساس الت

الذين سعوا للدفاع عن املذهب املفكرون كانت مالذا جلأ إليه ،بني احلكام (الصورة الثانية)بينهم و

إىل القول ، ون يف تربير سلطامأذلك ألن امللوك كانوا يلج، يف صراعه مع املذهب املطلق الفردي

بتفويض و قل بامسهاألحيكمون على ، فهم ظل اهللا على األرض أواهللا مباشرةبأم يستمدونه من

، من هنا كان النظام األبوي البطرياريكياسبون أمامه فقط ال أمام الناس، وبالتايل فهم حي، ومنه

.)1("الذي يرتد يف النهاية إىل العهد القدمي من الكتاب املقدس، هو النظام الطبيعي للمجتمع

فهي "حلية" ، هي الوسيلة املتاحة لرفض هذه املزاعم أصبحت نظرية "العقد االجتماعي" عليهو

والقول على على احلاكم، القداسة اليت تضفي، إلنكار هذه الصيغة الدينية يلجأ إليها املفكرون

،أن اهتمامام واحدة،ووأمام القانون الطبيعي إن الناس ولدوا أحرار متساوين أمام اهللالعكس.

ا سلطة امللك أو أم وصيانتها، ى وسيلة حلماية هذه االهتماماتسو ليس اتمع املدين نفسهو

.بصفة عامة فهي تنبع متاما من املوافقة الشعبية احلاكم

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

143املصدر نفسه، ص )1

253ص ،مرجع سابق،) أمحد فؤاد عبد اجلواد عبد ايد )2

253)املرجع نفسه،ص3

-195-

Page 210: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 211: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

:الرتعة املساواتية وحماولة ترشيد الرتعة الليربالية-)1

خالل الذي دافع عن القيم الليربالية والفكر الليربايل اجلديد ، -السياسي–إن اإلجناز الفلسفي

يقدم جهدا نقديا يف جمال ضبط حدود عالقة األخالقي ،العقدين األخريين من القرن العشرين

على القواعد اليت تشكل البنية األساس إلنتاج مبادئ والسياسي يف آليات الربهنة واالستدالل،

دائرة القضايا اليت بلورها النقاش األكادميي "وحنن هنا نشري بالذات إىل .العدالة وبناء اتمع العادل

يف صوره عودة مباشرة إىل "كانط" وإىل مفاهيم املنت السياسي .)1("اصراحلقوقي والسياسي املع

يف الكتابة الفلسفية دفاعا عن القيم اليبريالية يف القرارات السياسية والدفع مببادئ احلق، الليربايل،

متيزت أساسا حنو قضايا ذات صبغة اجتماعية وأبعاد اقتصادية، السياسية من قبيل الكانطية،

.م)2002-1921(الذي وجد تربيره الكايف مع جون راولز ،الليربايل اجلديدمبنعطفها

ليس فقط يف املنحى التأويلي الذي اختذته هذه العودة إىل املوروث الفلسفي للقرن الثامن

بل أيضا يف يف تكريسه لفكرة احلقوق الفردية واملوقف التعاقدي الفردي يف مواجهة اتمع، عشر،

ألولوية ما هو عدل على ما ،لعبته املرجعية األخالقية الكانطية يف إجناز تأويل إجيايب الدور الذي"

.فلئن كانت نظرية )2("يف تعزيز جبهة النقاش النقدي لراولز ضد أطروحة املوقف النفعي هو خري،

واملساواة عند الكائنات البشرية باألخوة العقد االجتماعي مصدرا لتعزيز الشعور اإلنساين العميق،

من خالل تعزيز األنانية فإن املذهب النفعي كان يناقض ويعارض هذه املشاعر، والعدل،

وتعرف العدل ،واالستئثار والظلم.فاإلديولوجيا النفعية تعرف اخلري باإلشباع األقصى املمكن

وختفي ،من دون النظر إىل التوزيع املنصف بني أعضاء اتمع ،باحلجم الصايف للدخل اجلماعي

)3(وتتجاهله حني تعطي األولوية للحساب العقالين وصرامته املعاناة والظلم االجتماعي،

ضمن منظور كلي للعدالة انطلق راولز من البحث عن أرضية للتوفيق بني املساواة واحلرية،

ني باليت تتفرع إىل عدالتني: األوىل توزيعية حسابية- ال من منطلق العدالة التوزيعية األرسطية

بل من منطلق عدالة توزيعية حديثة : -املتساوين والثانية توزيعية نسبية هندسية بني املتفاوتنيÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

: تنسيق فلسفة احلق ،كانط والفلسفة املعاصرة: ضمن :من كانط إىل جون راولز جدل األخالقي والسياسي يف نظرية العدالة)مصطفى حنفي،1

30،ص 2007¡1حممد مصباحي ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط،ط

32¡31)املرجع نفسه،ص ص 2

246)بليمان عبد القادر،مرجع سابق ،ص 3

-196-

Page 212: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

لذلك .اليت أمثرا الثورة الليربالية احلديثة ،موضوع التوزيع فيها هو احلقوق واحلريات األساسية

الذي طاملا شكل املذهب الفلسفي واألخالقي ،نقد سلبيات املذهب النفعييركز راولز على

وتبدو هذه السلبيات فيما يلي: ،سياسي للدولة الليربالية احلديثةوال

من دون مراعاة لتوزيعه، ،إن تعريف العدل باحلجم األقصى لإلشباع الكلي للحاجات العقالنية-

ألنه ال يراعي ينطبق على اتمع هو انتقال خيايل وتعسفي، ،واعتبار ما هو شرعي وصحيح للفرد

يزداد على حساب حرمان وبؤس وعبودية واقع أن منو وثراء ورقي وحرية فرد أو طبقة اجتماعية،

.)1(طبقة أخرى

يتجاهل التنوع الواسع يف الغايات والرغبات اإلنسانية، إن قياس املنفعة باحلد األقصى (الكمي)،-

فعندما تعامل النفعية اتمع كما لو كان شخصا واحد د يف التطوير العقالين لغاياته.فروحق كل

ومن مثة فإا تنقص الفردانية ،العتبارفإا ال تأخذ التنوع االجتماعي واألخالقي والثقايف بعني ا

من مبادئها وال تأخذ ا إال شكليا.

فإن كل الوسائل تبقى مسموحة ، من اإلشباععندما تقدر النفعية اخلري والعدل باحلجم الصايف -

وأن يكون إهدار حرية األقلية مربر فال مانع أن يكون ربح البعض خسارة لآلخرين،، ومباحة

إذا كانت ختدم وال مانع من أن تكون العبودية يف جمتمع معني عادلة، للدفاع عن حرية األغلبية،

ذي يطرح راولز للفكر النفعي؟لكن ما هو البديل ال.)2(منفعة الطبقات األخرى

على أن -مستعينا بالتأويل الكانطي للعدالة كإنصاف-يؤكد راولز من خالل نظرية العدالة

وهو ال يرى أية يتالءم مع الفهم الكانطي لالستقالل الذايت، احلريات املتساوية وأولوية احلقوق،

ألن حصر النقاش يف هذا املضمار فائدة جتين من وراء التشديد على مفهوم الشمولية والعمومية،

الضيق جيعل مذهب كانط فاقد لألمهية.إن عقالنية التحكم يف التصرفات ضمن كومنولث (إحتاد)

ألن هذه املبادئ تقوم على مبدأ االختيار العقالين للمبادئ األخالقية، -كما يؤكد راولز-أخالقي

أيضا بل يلزم أن تصبح عمومية بالقبول فقط،هي التشريع ململكة الغابات،اليت ال ينبغي أن حتظى

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

)املرجع و الصفة نفسها1

247)املرجع نفسه،ص 2

-197-

Page 213: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يف نظر كانط مييز الناس على أم كائنات عاقلة حرة ،واالتفاق على مثل هذا التشريع األخالقي

- واستقالله يكون ممكنا وما يصدق على الشخص يف هذه احلالة يصدق على اجلماعة، ومتساوية،

على أا األكثر تالؤما مع ،عندما يتصرف بناء على مبادئ اختارها بنفسه -كما يقول راولز

حيث يبين تصرف األشخاص على الوضع األصلي للمساواة " طبيعته ككائن حر ومساو لآلخرين،

التصرف على أساس فالتصرف وفق مبادئ العدالة هو اخلاضعة لشروط احلياة اإلنسانية، ،والعدالة

.)1"أوجب الواجبات،أي أن املبادئ تنطبق علينا كيفما كانت أهدافنا

من أجل بناء ،لذلك فضل راولز العودة إىل فكرة احلالة الطبيعية عند كل من روسو وكانط

حيث توفرت كان كل فرد يتمتع حبريته، -كما أقرها روسو-تصوره للعدل:ففي احلالة الطبيعية

وهذا قبل أن يعرف الناس واة بني اجلميع يف القدرة على التفكري العقالين واحترام الذات،املسا

فاحلالة الطبيعية :هي وضع أفراد وقبل أن يعرفوا امللكية، قدرام ومواهبهم ومركزهم االجتماعي،

بين راولز انطالقا من هذه الفكرة، قادرين على اإلحتاد يف جمتمع متعاون، عقالنيني متساويني،

الذي اعتمد عليه يف تأسيس اجلزء النظري -بديال عن فكر احلالة الطبيعية- تصوره "للوضع األصلي"

لرفع نظرية العقد األصلي كفكرة إلقامة "والذي اعتربه حماولة من كتابة "نظرية العدل كإنصاف"،

قودنا العتبار بل إن الفكرة اليت ت أو إلقامة شكل خاص من احلكم، انتماء إىل جمتمع خاص،

.)2(واليت تنظم البنيات األساسية للمجتمع:موضوعا التفاق أصلي مبادئ العدل املشروعة،

مع حالة الطبيعة يف النظرية التقليدية هكذا يتقاطع مفهوم الوضع األصلي* يف نظرية العدالة،

فالرجوع إىل نظريته،للعقد االجتماعي.إىل هنا يبدو املوقف مماثال لكن راولز يطرح بعد جديدا يف

ال يراد منه استكمال أو تعميم املقاربة العقالنية ،النموذج التعاقدي يف املراجعات األخرية للنظريةÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

165،مرجع سابق ،صفلسفة احلق،كانط و الفلسفة املعاصرة،ضمن:فلسفة احلق بني كانط و جون راولسالذهيب مشروخي،)1

249بليمان عبد القادر،مرجع سابق ، ص )3

ور *الوضع األصلي فكرة شبيهة بفكرة العقد االجتماعي تتمحور حول املبادئ األوىل للعدالة اخلاصة بالبنية األساسية وليس بصورة خاصة من ص

فهو -جيب أن يعترب افتراضيا وال تارخييا.أمن جهة ثانية، الوضع األصلي،أكثر جتريدا ألن:االتفاق -هذا من جهة–احلكم،كما هو احلال عند لوك

وهو ليس تارخييا ، ألننا ال نفترض أن - افتراضي ألننا نسأل األطراف عما ميكنها االتفاق عليه أو تريد من االتفاق ،وليس عما اتفقت عليه.ب

مهية الوضع األصلي متأتية من جهتني:االتفاق قد وقع أو ميكن أن يقع يف وقت ما ، وحىت لو حصل ذلك ، فلن يغري يف الوضع شيئا.أ

ألساسية هو يصوغ ما نعتربه شروط منصفة على ممثلي املواطنني األحرار واملتساويني يف ظلها أن يتفقوا على شروط منصفة للتعاون لتنظيم البنية ا أ)

املوجودة يف ظل شروط منصفة أن تقدم ، وبشكل وهو يصوغ ما نعتربه، قيودا مقبولة على األسباب العقلية اليت على أساسها ميكن لألطراف ب)

،تر:حيدر حاج إمساعيل،املنظمة العربية العدالة كإنصاف إعادة صياغة) جون راولز، 1صحيح مبادئ عدالة سياسة معينة وترفض مبادئ أخرى. (

110¡109،ص 2009¡1للترمجة،بريوت ،لبنان،ط،

-198-

Page 214: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وإمنا االستعانة ا لوضع أسس هوبز،لوك وروسو، الشاملة اليت كانت مهيمنة على فلسفات،

ففالسفة العقد الضابطة تمع تعددي جيد التنظيم، إجرائية لقيم اإلنصاف االجتماعية،

أي بصفته التجسيد العملي لقيم تصوروا العقد من منظور معياري، ،االجتماعي الكالسيكيني

.هم أحرار ومتساوون بالطبيعة من حيث تفرض نفسها على بشر متعايشني، ،عقلية كونية

تشكل منظورا تقومييا وإمنا هي حيلة نظرية، ،علما أن حالة الطبيعة هنا ليست فرضية تارخيية

فاملقاربة إلدراك مدى انسجامها مع هذه املرجعية املتعالية، صلبا للنظم االجتماعية القائمة،

ومربرات اخلضوع املؤسسات القائمة، التعاقدية لدى راولز ال تبحث يف شروط وظروف شرعية

كما أنه ال يقوم على العقد هنا ال يقوم على رؤية قيمية مشتركة،فاإلرادي لألفراد األحرار هلا.

وار من خالل احل ،بل أساسه تنظيم وتسيري الرؤى املعيارية املتعددة اإلمجاع النهائي املطلق،

تفاوضني الذين تصورهم راولز وقد اجتمعوا إال أن األشخاص املاملتواصل واإلمجاع التوفيقي.

كل شيء -حجاب اجلهل- الذي سيحكم نشاطهم مستقبال جيهلون ،ليتوصلوا إىل مبادئ للعدل

امسه ،عمره، مثل ذلك أن كل شخص ال يعرف سوى املعلومات اليت هي يف هويته، عن نفسهم،

فمجمل معرفته أنه إنسان، العقلية،كما جيهل قدراته البدنية أو واحلقبة اليت يعيش فيها، جنسيته،

أو أي شيء من حمددات الشخصية الفردية، بغض النظر عن االسم أو اللون أو اجلنس أو العقيدة،

لكنه ال يعلم ما هي على وجه أنه باعتباره إنسانا له أهداف، ،ويعرف أيضا مبوجب معرفته العامة

.)1(التحديد؟

هو ما يسميه والذي سيجد املتفاوضون أنفسهم فيه، ،إن املوقف الذي حنن بصدد احلديث عنه

كل فرد فيها يتميز باحلكمة ومضمونه أن تكون هناك جمموعة متفاوضني، راولز باملوقف األصلي،

لكنه جيد نفسه وكل واحد منهم يسعى إىل حتقيق مصلحته الشخصية، العامة واجلهل اخلاص،

فالوضع األصلي ال يسمح للمتفاوضني أن يعرفوا .على التمييز بني مالحمه ومالمح اآلخرين عاجز

كما أم ال يعرفون عنصر األشخاص ومجاعتهم الوضعية االجتماعية لألشخاص الذين ميثلوم،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜwww.ishragat.com)عن :عبد الرمحان بوومشة،نظرية العدالة عند جون راولز:عن موقع 1

-199-

Page 215: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

أي الصفات اخلاصة لألشخاص أو أي مواهب طبيعية مثل القوة والذكاء، االثنية وجنسهم،

يف مع حذف امتيازات املساومة اليت ال مفر من نشوئها مع الزمن، البنية األساسية،وظروفهم يف

فال أساس للعدالة السياسية مع " والتارخيية املتراكمة،أي جمتمع نتيجة لالجتاهات االجتماعية

وجيب أن ال تؤثر االمتيازات التارخيية .أشخاص يتمتعون بقوة ديدية أو بثروة أو مبواهب طبيعية

يف االتفاق على مبادئ مهمتها تنظيم البنية األساسية، والتأثريات الطارئة احلاصلة من املاضي،

.وهكذا يكون أي اتفاق تصنعه األطراف املمثلة للمواطنني هو )1("تقبلابتداء من احلاضر إىل املس

فإن االتفاق يف ومبا أن مضمون االتفاق خيتص مببادئ العدالة يف البنية األساسية،" اتفاق منصف،

ومن يعين الشروط املنصفة للتعاون االجتماعي بني املواطنني األحرار واملتساوين، الوضع األصلي،

.)2("العدالة كإنصاف ذلك نشأ اسم

كان ميكن أن يكونوا هم أنفسهم ومن علما أن األشخاص املتفاوضون يف نظرية راولز،

مبا تنطوي عليه من حرب وفوضى أولئك البشر الذين يعيشون حالة الطبيعية، جوانب شىت،

النحو الذي إلنشاء جمتمع سياسي على والذين أجربم هذه الظروف على التعاقد، واضطراب،

وال يكاد يضيف شيئا إىل هنا واملشهد يبدو مألوفا متاما، صوره لنا فالسفة العقد االجتماعي،

غري أن راولز يطرح بعدا جديدا يتمثل فيما أطلق عليه حجاب يذكر لنظرية العقد االجتماعي،

le)اجلهل voile d’ignorance))3(.،ن متتع وإ حيث جند أن كل شخص من األشخاص املتفاوضني

وهكذا فكل واحد إال أنه جيهل كل شيء* عن نفسه، باملعرفة الواسعة املتعمقة يف سائر ااالت،

والنظريات االجتماعية والنفسية..إخل ،وإن كان ملما إملاما متعمقا بقوانني الفيزياء وعلم االقتصاد

عن و كذلك ال يعرف شيئاوه إال أنه ال يعرف امسه وجنسيته واحلقبة التارخيية اليت يعيش فيها،

بغض النظر عن اإلسم أو اللون أو أنه إنسان، فكل ما يعرفه عن نفسه، قدراته العقلية أوالبدنية،

وهو يعرف كذلك مبقتضى من حمددات الشخصية الفردية، العقيدة،أو اجلنس أو أي شيء أخر،

لكنه ال يعلم على وجه التحديد فال بد أن تكون له أهداف، أنه بإعتباره إنسانا، معلوماته العامة،

.ما هي هذه األهدافÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

108)جون راولز،املصدر نفسه،ص 1

109)املصدر نفسه،ص 2

هي أن ال أحد يعرف مكانه يف اتمع وال موقعه الطبقي أو مرتلته االجتماعية،وال أحد يعرف أيضا -ستار اجلهل -* إن إحدى السمات األساسية هلذه احلالة

ال تدرك ما هو خري .. فاخلري -املتحاورة-من توزيع اخلريات الطبيعية وال قدراته الذهنية واجلسدية،وكل األشياء اليت هي من هذا القبيل.... األطراف نصيبه

215) جون راولز،املصدر نفسه،ص1الذي ينشده املواطن يف الوضع األصلي جيهل أي مضمون ديين وأخالقي فلسفي .

. Trad.c. Audard ..p.u.f. 2emédition. 1996.p362béralisme politiqueli3)John rawls ;

-200-

Page 216: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وقد اجتمعوا لكي يتفاوضوا فيما بينهم يدعونا راولز إىل أن نتصور جمموعة من األشخاص،

مع مالحظة أم يتفاوضون يف مستقبال، بغية الوصول إىل مبادئ العدل اليت سوف حتكم نشاطهم

منها أن هذه املفاوضات جتري دون ضغط أو إكراه واقع على أي ظل شروط وضوابط معينة،

مع أم يدركون أن املبادئ اليت سيتوصلون إليها ستكون ملزمة هلم، وهنا ينبهنا راولز أحد منهم،

ولكنها وسيلة يتوصل أي أساس تارخيي، ال تستند إىل ،إىل أن هذه املفاوضات اليت يتحدث عنها

.))1ا إىل اكتشاف املبادئ اليت يستهدف طرحها

وميضي راولز يف "وبعبارة أخرى فإن هذه املفاوضات ما هي إال حمض فروض تصورية خالصة.

فاملتفاوضون اليت جتري يف ظلها هذه املفاوضات االفتراضية، ،إيراد باقي الشروط والضوابط

من علم النفس واالقتصاد إىل يف كافة ااالت، ويتمتعون بثقافة متعمقة، بالعقالنية،يتسمون

هي اليت يقرر ،مبعىن أن له أهدافا حمددة لكل منهم خطة عقالنية حلياته، ،)2("الفلسفة والرياضيات

وما ال وبالتايل فهو قادر على حتديد ما الذي يعد يف مصلحته، يف ضوئها أجنح الوسائل لتحقيقها،

منهم معىن بتحقيق مصاحله اخلاصة إىل أقصى حد، كل واحد ،باإلضافة إىل ذلك. يعد كذلك

دون أن تعنيه يف قليل أو كثري مصلحة باقي املتفاوضني .

هو طريقة إبستمولوجية لتحييد تأثري إن "الوضع األصلي" من حيث هو مبدأ اإلنصاف،

التارخيية:عندما يتعلق األمر بتصور املبادئ األساسية للعدل اخلارجية و العوامل الذاتية واملوضوعية،

يف اتمع.ومع فكرة "حجاب اجلهل" تتضح فكرة الوضع األصلي:من حيث هي إجراء كوين

اليت متنع ،يزيل فيه اجلميع من أذهام كل األحكام الذاتية والنفسية والثقافية شامل للتنازل،

وبطبيعة احلال فإنه للمتفاوضني مطلق احلرية يف أن االتفاق على مبادئ ضامنة وكلية للعدل،

ليختاروا من بينها أو من اليت عرفها تاريخ الفكر السياسي، ،يستعرضوا سائر مبادئ العدل

نظروا أن ي فبوسعهم مثال، خارجها ما يتناسب مع الظروف والضوابط اليت يتفاوضون يف ظلها،

األقوىاليت تقول بأن العدل هو العمل ملصلحة ،إىل وجهة نظر تراسيماخوس يف مجهورية أفالطون

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

1988،تر،نصار عبد اهللا،اهليئة املصرية العامة للكتاب،(ب،ط)،أعالم الفلسفة السياسية املعاصرة)أنطوين دي كريسيب وكنيت ميونج،1

116¡115،ص

116)املرجع نفسه،ص2

-201-

Page 217: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

اليت ترى أن اخلري ميكن يف الرقي وبوسعهم كذلك أن يضعوا نصب أعينهم وجهة نظر نيتشه،

كما أنه بوسعهم أن يضعوا يف حسبام تلك الوجهة من النظر اليت ترى أن قوام ،باجلنس البشري

يؤكد -ومع هذا فإم سوف يرفضون كل وجهات النظر هذه . "العدل هو االنسجام مع الطبيعة

ألا لن تكون يف مصلحته إذا ما ألنه ال أحد سيقبل أية مبادئ حتايب األقوياء أو املتفوقني،-راولز

طاملا أنه إن كل واحد سوف يرفضها، واكتشف أنه من الضعفاء أو املتخلفني، أميط عنه احلجاب،

.)1("لشخصيةحىت وإن كان يف اللحظة الراهنة جيهل ظروفه ا يسعى إىل حتقيق مصلحته املستقبلية،

سيستعرضون من جديد ،هكذا وبعد أن يرفض املتفاوضون سائر مبادئ العدل املذكورة

وسريفضون أي مبدأ للتوزيع قائم اليت عرفها الفكر االقتصادي والسياسي، سائر مبادئ التوزيع،

هذا مهما كانت مربرات على التحيز حلساب شرحية من اتمع على حساب الشرائح األخرى،

كأساس للتوزيع، األخذ مبذهب املنفعة العامة، -املتفاوضني–وسريفض كل واحد منهم التحيز،

أو أن لمذهب أن حيرم بعض األفراد والشرائح من بعض امليزات،لطبقا ألنه من الوارد جدا،

ا اال،الذي سيقبله املتفاوضون يف هذ- فيما يرى راولز- وهلذا فإن املبدأ الوحيد.مينحوا أنصبة أقل

هو ذلك الذي يقضي باملساواة التامة يف توزيع سائر السلع واخلدمات واملزايا مبختلف أنواعها،

سيفطنون إىل أن هناك أنواعا خمتلفة من التمييز يف جمال التوزيع، ومع هذا فإم وحبكم عقالنيتهم،

ا هي تلك املبادئ اليت ولكن م ميكن أن يستفيد منها اجلميع وبوجه خاص ذو االمتيازات األدىن.

سيتوصل إليها املتفاوضون يف ظل شروط املوقف األصلي؟

هي أم سيتوصلون بالضرورة إىل مبدأين -يف رأي راولز-إن اإلجابة عن هذا السؤال

مهما فهي وسيلتنا إىل حتقيق أهدافنا، أساسيني: أوهلما يتعلق باحلرية باعتبارها أمسى اخلريات،

على ،ومن مث فإن أطرف املوقف األصلي سيحرصون حرصا شديدا األهداف،كانت طبيعة هذه

بغض النظر حىت يتمكن من حتقيق خطة حياته، ضمان أكرب قدر ممكن من احلرية لكل شخص،

وعلى هذا فإن املبدأ األول ميكن أن يأيت على النحو التايل:" لكل شخص عن فحوى هذه اخلطة،

ÜÜÜÜÜÜ

118¡117وكنيت ميونج، املرجع نفسه،ص ص ) أنطوين دي كريسيب1

-202-

Page 218: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

قد يتعارض مع مينح لشخص معني، غري أن أكرب من احلرية، احلق يف التمتع بأكرب قدر من احلرية،

هلذا فإن الصياغة األدق هلذا املبدأ ،يكون له كذلك أكرب قدر من احلريةيف أن حق شخص آخر

يف ذلك النسق الشامل من احلريات شخص حق متكافئ،ينبغي أن تكون على النحو التايل:" لكل

وما أن يفرغ ،)1(املتكافئة وعلى حنو يتسق مع نسق مماثل من احلرية للجميع" األساسية،

املتعلق ،حىت يبدؤوا يف صياغة املبدأ الثاين،املتعلق بتوزيع احلريةاملتفاوضون من صياغة املبدأ األول

فالعامل ال يتيح للبشر وهذا أمر طبيعي تفرضه ندرة هذه اخلريات، بتوزيع اخلريات األولية األخرى،

لكن ولو كان األمر كذلك ما ثارت مشكلة التوزيع إطالقا، ما يكفي إلشباع حاجة كل إنسان،

أو يف جمال الفرص واملزايا االجتماعية.وهذا املبدأ الواقع غري ذلك سواء يف جمال اخلريات املادية،

شريطة أن تكون هذه األخرية مقيدة بشروط متنع سيطرة البعض ،المساواةمبين على أساسا ال

فالالمساواة تتعلق أوال بالوظائف واملراكز اليت تكون مفتوحة للجميع يف " واستئثارهم بكل شيء،

وثانيا يقتضي هذا املبدأ أن تكون ظواهر الالمساواة حمققة أكرب مصلحة .شروط منصفة بالفرص

الرتباطه والواقع أن راولز يعطي األولوية املطلقة للمبدأ األول، ؛)2("قل حظألعضاء اتمع األ

فمن بني سائر اخلريات حيتل نوع واحد منها مكانة خاصة ارتباطا عضويا بنظرته للخريات األولية،

فإذا عدنا إىل احلرية وجدنا أن أمهيتها عند راولز، ذلك النوع من اخلريات هو تقدير اإلنسان لذاته،

ولكنها ترجع يف املقام األول إىل أا التعبري ال ترجع إىل أا هي اليت متكننا من حتقيق خطة حياتنا،

وعلى هذا فإن أي واحد من املتفاوضني ال يستطيع أن يغامر العملي عن تقدير الذات اإلنسانية،

التعبري عن طبيعته البشرية،فينقص بالتايل من قدرته على على أي مبدأ ينقص من حريته، باملوافقة،

.)3(باعتباره كائنا حرا ومن مث ينتقص من تقديره لذاته

حياول راولز جتاوز إشكالية انطالقا من التصور التخيلي "للوضع األصلي""وحجاب اجلهل"،

من حيث هو الفعل الصادر عن حساب احلد األقصى املمكن من التناقض بني املوقف العقالين،

من حيث هو الفعل الصادر عن الشعور بالعدل واحترام واملوقف العاقل املصاحل واملنافع الفردية،

ÜÜÜÜÜÜÜÜ. Opcit.p363libéralisme politique1)John rawls ;

363Ibid.p)2

120) املرجع نفسه ،ص3

-203-

Page 219: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ميلكون القدرة على احلساب العقالين األدايت ،فالشركاء يف الوضع األصلي حقوق اآلخرين،

غري أم خيتارون اخلري من وجهة نظر احملور الكلي للمعايري التارخيية : ملصلحتهم وخريهم اخلاص،

كان الفرد املمثل للوضع أي اخلري الذي مل حيدد بعد بأي مضمون ثقايف أو فلسفي أو أخالقي.وملا

فإنه لن جيد أي تعارض يف أن خيتار ما هو كام لتقييم اخلري،خاليا من ضغط اآلثار واألح األصلي

فالشركاء يف الوضع األصلي ،االجتماعيأو ما هو عادل من املبادئ اليت تنظم تعاونه معقول،

)1(ميلكون القدرة على التفكري العقالين والعاقل يف نفس الوقت حيث أم :

خيتارون خريهم حبرية وعقالنية. -

نظرا حملدودية معلومام . يستطيعون حتديد اخلري الذي يقصدونه،ال -

من خالل اقتراح مبدأين أساسني : وهي املبادئ اليت حاول راولز ضبط إطارها األويل،

كذات ومنبع للحقوق واحلريات األساسية:كحرية ،املبدأ األول:يؤسس وحيفظ مكانة املواطن

أي" احلقوق واحلريات احملمية من ريات السياسية واملدنية،واحل التعبري وحرية التفكري واالعتقاد،

منذ الثورة األمريكية اليت أصبح حيفل ا السجل املفتوح حلقوق اإلنسان،¡)2(طرف دولة القانون"

ميثل قيد مطلقا وعلى هذا فإن املبدأ األول،.والثورة الفرنسية والثورات الثقافية واملهنية األخرى

ويف حدود هذا القيد ميكن أعمال املبدأ الثاين ات وأوجه النشاط االجتماعي،على تكوين املؤسس

إال إذا ،أوجه التباين يف التوزيع ال تكون عادلة"والذي يقضي بأن الذي يسميه راولز مببدأ الفرق،

ا سوف يترتب عليها أدت إىل استفادة ذوي االمتياز األدىن.والواقع أن أوجه التباين املسموح،

وإال فاالمساواة غري وليس بالنسبة لذوي االمتياز األدىن وحدهم، فعة شاملة لسائر املستويات،من

سوف تنتشر أثارها إىل أن سهامات أولئك األكثر متيزا،احيث جنده يقرر أن ¡)3("مسموح ا

وهكذا سوف تستفيد منها تلك الشرائح الواقعة يف املنتصف. تصل إىل ذوي االمتياز األدىن،

مضافا إليهما أولوية املبدأ األول إزاء -إن املبدأين اللذين استقامها راولز من املوقف األصلي

باعتبارمهامع مالحظة أن راولز ال يطرح هذين املبدأين يف العدل، تهثالن جوهر نظريمي -الثاينÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

253)بليمان عبد القادر،مرجع سابق ،ص 1

. Opcit. P347libéralisme politique2)John rawls ;182جون راولز،املصدر نفسه،ص )3

-204-

Page 220: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

أن تكون حقائق مسلم ا ال تقبل الشك، بل يطرحهما باعتبارمها حقائق ذات طبيعة قبلية، ميكن

مبادئ ، فهيناحية أخرى ، ومنما قورنت مبا تقضي به حواسنا الفطرية يف جمال العدل ، إذامقبولة

لصاحلة الشتقاق اهي تلك الشروط ،سلمنا بأن شروط املوقف األصلي ، إذاينبغي أن تكون مقبولة

.مبادئ للعدل

أعطت لراولز إمكانية واسعة "إن اختيار احلالة األصلية اليت تضع الناس خلف حجاب اجلهل:

الذي كان يسيطر على للوسائل،إذ جتاوز ا احلساب العقالين ؛لنقد العقالنية األداتية والنفعية

هي عقالنية اإلنصاف يف احلقوق والفرص ويف التوزيع التنظيم االجتماعي إىل عقالنية جديدة،

فالوضع األصلي وحجاب اجلهل:قصد من ورائهما ممارسة نقد جذري لعوامل ،)1("العادل

الذي يستطيع أن ،عقالينواستنباط األسس العامة لالختيار ال االختالف والتفاضل املادي والقيمي،

واحلرية يف بناء القيم واألحكام يضع املبادئ اليت تصلح للقبول بالتعايش والتنوع يف مشاريع احلياة،

من دون الوقوع يف التسلط ،أو مذهب حمدد إذ يستحيل بناء النظام االجتماعي على فلسفة خاصة

تعد مبثابة حجر -اليت استند إليها راولز-املساواة يف احلريات األساسية قاعدة تعترب

مما يعين جعل حق اإلخالف والتعدد والتنوع هو أساس األساس أثناء االتفاق على مبادئ العدل،

لكن أولوية مبدأ احلريات املتساوية ال حيل وحده مشكل اتمع الدميقراطي،إذ التعايش السلمي،

متارس ضغطها على التنظيم االجتماعي املكتسبة، تبقى الفرص واحلظوظ االجتماعية واالقتصادية

إذ ال ميكن احلديث عن ومن مثة تبقى هذه احلظوظ حباجة إىل مبدأ حيكم توزيعها، والسياسي،

صلي حيظى فاإلنصاف يبدأ من أول إجراء أ.من دون تنظيم منصف للتوزيع االقتصادي املساواة،

ويعين به راولز وضع الناس ضمن إطار نفسه،وهم بصدد اختيار مبادئ العدل ،باتفاق الشركاء

أي أن اليت يلزم عنها أن تكون املبادئ املشتركة متفق عليها بدون حتفظ، من املساواة األولية،

ة بالعودة الذي تتعامل فيه الكائنات العاقلة املتساوي اإلنصاف يؤول يف النهاية إىل الشرط البسيط،

الظرفية واملتكسبة، ة الذهن متاما من كل الفروق واملصاحل أي وهي خالي ،إىل طبيعتها اإلنسانية

*.)2(االتفاق على مبادئ العدل اليت خيتاروا بإمجاع ،هذا الوضع هو الذي يتيح للكائنات العاقلةÜÜÜÜÜÜ

257) املرجع نفسه،ص 1

250)املرجع نفسه،ص2

1:مؤسسة كنوز احلكمة للنشر و التوزيع:طوالسياسة حنو رؤية حتليلية للحالة العربية.دراسات فلسفية يف األخالق ،بليمان عبد القادرللمزيد أنظر: -

وما بعدها 173،ص2012¡

-205-

Page 221: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إال أن أولوية العدل ال تفرض عليها إن احلريات املتساوية بني الناس تتصارع وتتناقض،

فالعدل ال يفضل حرية على إال من أجل محاية حريات أساسية أخرى، القيود أو ترفضها وحتددها،

بل يعاملها كلها على قدم املساواة ويضمنها بنفس الدرجة:فحرية االعتقاد الديين أخرى،

هي حريات متساوية من وجهة نظر واحلريات األخالقية أو احلرية العلمية، واالنتفاع املادي،

عندما اجلمعية التأسيسية،هذا يعين أن املواطنني الشركاء يف الوضع األصلي أو يف .)1(العدل

فإم يقررون ذلك بناء على يقررون االتفاق على حق احلريات املتساوية بينهم أو ملمثليهم،

أو بناء على وعيهم ألشخاصهم ككائنات تفكر وتشرع، مكانتهم كذوات وأشخاص أحرار،

رتبط وتعتنق األفكار قبل أن ت وتبحث عن الطريقة اليت تنظم ا املؤسسات السياسية واالجتماعية،

.)2(واملصاحل املادية واملعنوية ا يف احلياة الواقعية

ومتساوون؟من وجهة نظر راولز يعترب املواطنني ن املواطنني أحرارألكن بأي معىن نقول

مبعىن أم يتصورون أنفسهم واآلخرين بوصفهم حيوزون على أحرار من وجهني:املواطنون أحرار،

وال يعين هذا أم يرون أنفسهم مرتبطني القادرة على تكوين مفهوم للخري، القية،القوة األخ

بل النظرة إليهم هي أم ، بالنظر ملفهوم خاص للخري هم أكدوه يف وقت معني ارتباطا ال ينحل،

وعلى سبيل ،)3(على أسس معقولة وعقالنية* ،مواطنون قادرون على مراجعة وتغيري هذا املفهوم

فهم عندما يتحول املواطنون من دين إىل دين آخر أو يتوقفون عن تأكيد إميان ديين راسخ، املثال،

وهم لن نسبة ملسائل العدالة السياسية، ال يتوقفون عن أن يكونوا األشخاص ذوام كما كانوا،

أي هويتهم من حيث هي مسألة قانون يفقدوا ما ميكن أن ندعوه هويتهم العامة أو القانونية،

وميلكون امللكية عينها، ،ستظل هلم احلقوق والواجبات األساسية ذااوبصورة عامة سي،أسا

.)4(كما كانوا من قبل ويستطيعون أن يضعوا اآلراء نفسها،

هو أم يعتربون أنفسهم مصادر الذي يرى فيه املواطنون أنفسهم أحرارا، أما اجلانب الثاين،

مؤسسامأي أم يعتربون أنفسهم مؤهلني ملطالبة صحيحة،التصديق األصلية على املطالب الÜÜÜÜÜÜÜÜ

263)املرجع نفسه،ص1

)املرجع و املكان نفسه.2

:ملكة األفراد يف امتالك معىن للعدالة يف إطار مبادئ اإلنصاف اليت يقوم عليه التعاون الجتماعي.raisonnable:*مييز جون راولز بني مفرديت

باملبادئ اليت يسلكها املتفاوضون يف الوضعية األصلية للوصول ألفضل ما ميكن بالنسبة ملن ميثلوم. rationnelيف حني ترتبط مفردة :

. P363libéralisme politiqueJohn rawls ;*

116)جون راولز، املصدر نفسه،ص 3

117) املصدر نفسه،ص4

-206-

Page 222: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وهذا ومراجعته ومتابعته العقالنية،باألخذ مبفاهيم للخري:أي القدرة على حيازة مفهوم للخري

ملا هو قيم يف واملقاصد اليت تعني مفهوم الشخص، النهائية، املفهوم هو جمموعة منظمة من الغايات

موجود يف داخل ن عناصر مثل هذا املفهوم،أو أو ملا تعترب حياة ذات قيمة كاملة، احلياة اإلنسانية،

ويف ضوئها تنظيم الغايات ، وتفسر بواسطتها أخالقية، أو معينة دينية أو فلسفية عقائد شاملة،

.)1(واملقاصد وتفهم املختلفة،

ى مبدأ احلريات املتساوية أن يكون االتفاق يف الوضع األصلي عل ال يعقل يف نظر راولز،

أو تصادر مسبقا بوجهة واحدة يف احلياة.إن بناء ، مث ختضع هذه احلريات ملذهب واحد،للجميع

ومن تقتضي املساواة يف احلرية بني الشركاء املتعاقدين، السياسية يف ضوء العدالة كإنصاف، احلياة

مثة ال أحد يقبل مصادرة أو مقايضة حقه يف التفكري والشعور واالعتقاد.هلذا ال ميكن ربط احلريات

احلريات األخرى وقمع وإعطاء األولوية موعة احلريات اليت ختدم هذه الغاية، بالفلسفة النفعية،

ال تبقى متساوية عندما ختضع لغاية أو غايات مسبقة ومن مثة فإن احلريات األساسية بني املواطنني،

سواء كانت هذه فكلما اختار اتمع البحث عن حتقيق أعلى قدر ممكن من قيمة خمتارة سلفا،

ضييق على بعض احلريات من فإنه يضطر إىل الت أو كانت إشباع للمصاحل املادية، ،القيمة باطنية

ال تكون ومن هنا فإن احلريات املتعلقة باحلقوق املدنية املتساوية، أجل خدمة تلك الغاية الواحدة،

كيف أن احلريات -حسب راولز- مضمونة إذا كانت مبنية على فلسفة غائبة.وهذا ما يفسر

واحلريات العمومية خصية،كحرية الشعور والتفكري والتعبري واحلريات الش األساسية للمواطنني،

بعد تعارضت تعريفاا ومفاهيمها يف الدميقراطيات احلديثة، مثل حرية التجمع والتنظيم السياسي،

وربطها مبضمون مذهيب أخالقي أو أن مت خلطها باحلريات االقتصادية واالجتماعية من جهة،

.)2(فلسفي أو ديين متميز من جهة أخرى

تشكل ،اليت صاغها الفيلسوف األمريكي جون راولز ،لقد أصبحت نظرية (العدالة التوزيعية)

للممارسةلبناء قاعدة نظرية -بعد النظريات التعاقدية يف القرن الثامن عشر -أهم حماولة فلسفية

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

112) املصدر نفسه،ص 1

261) بليمان عبد القادر،مرجع سابق ،ص2

-207-

Page 223: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

للقيم فما أراده جون راولز هو إعادة االعتبار للتصورات اإلجرائية الشمولية، الليربالية احلديثة،

ولذا فإنه ال يقدم نظرية العدالة التوزيعية كفلسفة أخالقية، دون للجوء إىل مقوماا امليتافيزيقية،

وإمنا تكتفي األخالقي،يعتربها نظرية سياسية ال تطمح إىل بلورة أسس جوهرية للفعل بل

تتصارع فيه وتتعايش داخل جمتمع تعددي جيد التنظيم، بالكشف عن املبادئ الناظمة للعدالة،

فسيتحول االهتمام من هذا اهلدف التأسيسي القوي إىل وضع ،)1(خمتلف تصورات اخلري اجلماعي

التصور هو حسم فالغرض من هذا وليس مذهبا أخالقيا شامال، جمرد (تصور سياسي للعدالة)،

حد فاصل بني الفردية لوضع املطروح على كل اتمعات الليربالية التعددية، اإلشكال العصي،

اليت هي احلقوق القاعدية الذرية املتولدة عن مبدأ اإلرادة الذاتية احلرة اليت متوه وتقصي احلقوق،

.)2(األساسية لإلنسان احلديث

على نصيب الفرد من احلقوق والواجبات ، منظورها للعدالةمن هنا باتت الليربالية تركز يف

ومراعاة عدم من خالل إلزام اجلميع باحترامها، فالعدالة الليربالية تعمل على تنظيم حقوق الفرد،

كذلك جتنب تعدي األفراد على حقوق وحريات بعضهم البعض، تداخل بعضها يف البعض اآلخر،

النامجة أساسا عن يب الفرد من إمجايل احملصالت النهائية،ألن هذه احلقوق واحلريات جتسد نص

وهي بالتايل تتسق مع إسهامات الفرد يف أنشطة احلياة االجتماعية عملية توزيع املنافع واألعباء،

ولو أمعنا النظر أكثر لتبني لنا أن العدالة الليربالية نوعان: عموما،

العدالة اإلجرائية: وتعين أن األساليب واإلجراءات املتخذة للوصول إىل احملصلة النهائية للقضية -أ)

وتتمثل هذه الشروط يف:املعاملة قد متت وفق شروط منصفة جلميع األطراف، ،حمل اخلالف

.)3(ونيل كل طرف من األطراف حقه يف التعبري عن رأيه ،املتساوية وحيادية صناع القرار

أن البشر غري متماثلني يف أوضاعهم االجتماعية العدالة التوزيعية:وتقوم على فكرة، -ب)

بصورة متساوية على ولذلك فمن غري اإلنصاف توزيع املنافع واألعباء، ومواهبهم واستعدادام،

ألا غري متسقة مع الفكرة هلذا يرفض راولز فكرة عدالة احلصص،. أفراد غري متساوين أصال*ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

24، جملة التسامح ،ع نظرية العدالة عند جون راولز: األطروحة و نقادها)عبد اهللا السيد ولد أباه، 1

) املرجع و املكان نفسه2

نبريوت ،مركز دراسات الوحدة العربية إشكالية التعددية الثقافية يف الفكر السياسي املعاصر،جدلية االندماج و التنوع) جميد حسام الدين علي ،3

215،ص2010¡1،لبنان،ط

عاليا أو منخفضا.جون * مبدأ الفرق :هو أن تكون حاالت الالمساواة القائمة حتقيقا لشرط انتفاع اآلخرين وأنفسنا ،مهما عظم املستوى العام للثروة سواء كان

.182راولز ،املصدر نفسه،ص

-208-

Page 224: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إىل للمواطنني على أم متعاونون إلنتاج واليت تنظر ،)1(األساسية اليت تنظم العدالة كإنصاف

تؤمن فيه احلريات األساسية يف جمتمع حسن التنظيم، مصادر الثروة االجتماعية اليت يطالبون ا،

.املتساوية (مع قيمها املنصفة)

تمع دميقراطي مستقر وعادل ،تربيره يف البحث عن دعامات سياسيةراولز، جيد مشروع

بعضها ،لكنه منقسم انقساما عميقا بواسطة مذاهب متنافرة أحرار ومتساوون،يسكنه مواطنون

من أجل ومبعىن آخر،كيف تسهم تعددية املذاهب وتنافسها، ديين واألخر فلسفي أو أخالقي،

وما تأكيده على يف توطيد التصور السياسي الذي متثله الدميقراطية الدستورية، البقاء والتساكن،

إال لتاليف ما سقط فيه غريه من اللذين وعلى خصوصية البنية األساسية، ماعي،فكرة العقد االجت

بعد غياب السلطة القمعية أو القهرية. اموا بتضخيم الرتعة الفردانية،

األمر الذي ساعده على طرح مشروعا نظريا لقد جتاوز"راولز"كل البنيات الفلسفية السابقة،

- يف اتمعات أملا ،التفكري يف مستقبل الدميقراطية ذات املنحى الليربايلعادة او لتجديد الليربالية،

وما متخض عن ذلك من أزمات وصراعات بني "دعاة املركبة بنيتها ثقافيا عرقيا، بعد حداثية،

ومن مثة رصد االختالفات اليت املساواة "ودعاة احلريات "على قواعد أخالقية للعدالة كإنصاف،

يقر راولز فخالف للتصور الليربايل املفرط ملسألة العدالة، االجتماعي الليربايل،ختترق اجلسم

شرط اإلميان مببدأ التعاون"كعنصر إستراتيجي لتوفري الرفاهية بإمكانية حتقق العدالة كإنصاف،

ما دامت هذه أي أن راولز يبحث عن حتقيق البعد االجتماعي لعملية إنتاج اخلريات، للجميع،

يف مقابل الروح الفردية، ستوزع بالتساوي على أفراد اتمع وفق مبدأ العدالة التوزيعية، األخرية

فإنه وتكامل األدوار وإنصاف مجيع األطراف، ألنه إذا كان من نتائج التعاون توحيد الصفوف،

على حساب مبدأ املصلحة العليا. من نتائج الفردانية التشرذم وطغيان الذاتية واألنانية،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

160) جون راولز ،املصدر نفسه،ص 1

-209-

Page 225: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

مستقبله يف خطاب اية التاريخ:مفهوم اإلنسان و-)2

فقد استوحاها من فيلسوفني سابقني ليست من قول فوكوياما وحده، فكرة اية التاريخ،

منذ البدايات األوىل أن التاريخ اإلنساين فقد تصور هيغل وماركس بعده، هيغل وماركس، مها،

ىل اليت أدت إ سلسلة متماسكة من الوقائع واألحداث والتطورات، للمجتمعات اإلنسانية إىل اليوم،

لكن هيغل وماركس مل يتصورا التاريخ مستمرا إىل اتمع احلديث،االنتقال من اتمع العشائري

عند احلالة اليت تؤدي فيها ية التاريخ،بل قال كل منهما بنها يف تطوراته وتناقضاته إىل ماال اية،

يليب فيه اإلنسان رغباته العميقة واألساسية. تطوراته إىل وجود شكل من اتمع،

مع ذلك يف تصور الشكل الذي يكون بالنسبة إليهما اية أن هيغل وماركس اختلفا، رغم

وقال هيغل بأن .)1(تمع الشيوعيبأن هذا الشكل هو ا فقال ماركس تاريخ تطور أشكال اتمع،

وأن هذا التاريخ اجتاز ثالث مراحل للوصول إىل ، احلرية هي احملرك األساسي للتاريخ اإلنساين

مرحلة ابتدائية شهدت استبداد الطاغية باحلكم( عصر اإلمرباطوريات التحقق املطلق لفكرة احلرية،

وسطى أضحى فيها بعض الناس أحرارا ( عصر ومرحلة الشرقية الصينية والفارسية والفرعونية)،

ومرحلة عليا غدت معها احلرية حقا عاما يتمتع به كل فرد ( عصر الدولة اليونانية الرومانية)،

شهدت اغترابا يف املرحلتني األوليتني،-كما رأى هيجل -فالروح الدولة املسيحية اجلرمانية)،

والفلسفة اهليجلية على - حيث حققت الفلسفة ذاا، لكنها ما لبثت أن عادت يف املرحلة الثالثة إىل

.)2(التعبري الكامل عن"روح املطلق"-وجه اخلصوص

من خالل إعادة ،عمل بعد ذلك الفيلسوف ألكسندر كوجيف على تعميق هذه األطروحة

قراءة وتأويل أعمال هيجل.يقول كوجيف ذا الصدد:"لقد اعتقدت لزمن طويل أن القول بنهاية

اتضح يل أن هذه الفكرة، ت األمر من مجيع وجوهه،ولكنين ملا قلب تاريخ ترهة وأكذوبة،ال

قد دفنت مع ،أن حكاية"اية التاريخ" .ويف الوقت الذي اعتقد الدارسون،"استشراف ذكي رائع

الفكرة وجتديد القول بإحياء فرانسيس فوكوياما،-الياباين األصل-قام املفكر األمريكي صاحبها،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ62،ص1997¡1،دار الطليعة،بريوت ، لبنان،ط،البعد الدميقراطي)حممد وقيدي 1

60،ص 1966¡1،دار الطليعة،بريوت،لبنان،طمقاربات يف احلداثة و ما بعد احلداثة)حممد الشيخ و ياسر الطائر،2

-210-

Page 226: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

حيث ربط ¡1989سنة NATIONALINTERESTيف حماضرة له،نشرا جملة ،يف هذه املسألة

خيتلف مع -ورغم تبنيه للفكرة- لكن فوكوياما¡)1(بتحقق الدميقراطية الليربالية فكرة اية التاريخ،

ولكنه ال يتابعهما يف الشكلني اللذين تصورا فهو يأخذ عنهما فكرة اية التاريخ، هيغل وماركس،

،حيدث للمجتمعات ما حولهي حقيقة ،بالنسبة لفوكوياما إن اية التاريخ"ما هذه النهاية.

¡)2("وتطور مؤسسات سياسية جديدة ،وحتقق مستويات معيشية أعلى ،وهي تتطور اقتصاديا

يعتمد على وجود طريقة يف نظر فوكوياما الشكل األخري لتطور أشكال اتمع يف التاريخ،و

ترتكز على ،من املؤسساتجمموعة اليت تعين ،وهي الدميقراطية الليربالية ،قابلة للحياة واحدة فقط

حيث يسمح لألفراد واملواطنني ،يشري إىل وجود سلطة حمدودة للدولةالذي ،اجلانب الليربايل

وحرية التعبري ،وقدرم على املشاركة يف احلياة السياسية ،قدر كبري من احلرية الشخصية مبمارسة

يف اختيار احلكومةأن اجلانب املشروع اجلانب الدميقراطي يعينو وما إىل ذلك،

يف الواليات املتحدة وهذا ما يوجد اليوم يف أكرب دول العامل، ،واخليار الدميقراطي هي الدميقراطية

.)3(ويف دول أوروبا األساسية

. من هذه الفكرة سوف يكشف فوكوياما عن الغرض األساسي من وراء فكرة اية التاريخ

شعوب دية واالجتماعية بني شعوب العامل؛ اليت تعرب عن االختالفات السياسية واالقتصاإا الفكرة

يف نظر -من هذا املنطلق سينقسم العامل ليربالية وأخرى ما قبل ليربالية إن صح هذا الوصف،

وشطر ال يزال غارقا يف التاريخ ويف عاملاملرئي إىل شطر قد ختطى التاريخ، يف املستقبل -فوكوياما

ففي الوقت الذي وسيكون االقتصاد هو احملور الرئيسي للتفاعل بني الدول، ما بعد التاريخ،

سيكون مثة تناقض كبري يف اال االقتصادي، تتضاءل فيه أمهية القواعد العتيقة لسياسة القوة،

بية ذات وسيظل عامل ما بعد التاريخ ( واملقصود هنا الدول الغر ولكنه حمدود يف اال العسكري،

وسيكون تعبريها عن نفسها قد تصاحلت مع اليبريالية، مقسما إىل دول قومية،، التوجه الليربايل)

ويف هذه األثناء ستكون العقالنية االقتصادية سببا على حنو متزايد يف جمال احلياة اخلاصة وحدها،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

61ص ) املرجع نفسه،1

62، صمرجع سابق الدميقراطي، البعد وقيدي،) حممد 2

08/01/2004نقال عن : حوار فرانسيس فوكوياما مع قناة اجلزيرة يف برنامج من واشنطن )3

-211-

Page 227: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

امل .أما الع)1(بقدر ما ستؤدي إىل توحيد األسواق واإلنتاج ،كل مظاهر تقليدية عديدة للسيادةآيف ت

- بغض النظر عن موقعها اجلغرايف ،اليت ال تتبىن النهج الليربايلواملقصود هنا الدول -التارخيي

وستظل الدولة القومية هي الدينية والقومية واإليديولوجية، ،فسيبقى فريسة ملختلف الصراعات،

سيقوم العاملان التارخيي وما بعد التارخيي جنبا .)2(احملور الرئيس للهوية السياسية يف العامل التارخيي

غري ولن يكون بينهما تفاعل إال يف حدود ضيقة، ولكنهما منفصالن من وجوه عديدة، ،إىل جنب

فإنتاج النفط ال يزال أنه ستكون مثة حماور يصطدم العاملان حوهلا.أول هذه احملاور هو النفط،

النفط ال وهو حيوي بالنسبة للرخاء االقتصادي لعامل ما بعد التاريخ، مركزا يف العامل التارخيي،

حبيث ميكن التالعب يف نتاجها بصورة كافية يف منطقة معينة*،اليت يتركز إ يزال السلعة الوحيدة،

وهو ما قد يؤدي على الفور إىل عواقب اقتصادية مدمرة، سوقه أو زعزعته ألسباب سياسية،

.)3(بالنسبة لعامل ما بعد التاريخ

وعلى هذا الليربالية، ةهو الدميقراطي- يف نظر فوكوياما-لدخول التاريخ الكوينالطريق الوحيد

وبوصول اتمعات مراحل ما قبل تارخيية، ،تصبح كل املراحل السابقة على الدميقراطية الليربالية

والتاريخ األورويب يف نظر فوكوياما هو من التاريخ الكوين ينتهي التاريخ. ،البشرية إىل هذه املرحلة

يخ سطحية عارضة ميكن القفز جمرد توار ،بينما تواريخ العامل اآلخر التاريخ اجلوهري املستمر،

لغري األورويب -الغريب املنتصر-تتجسد يف إخضاع األورويب ،ومن مث فإن اية التاريخ.عليها

وهذا ما عرب عنه هيجل بوضوح قائال:" ولقد كان من الواجب ربط هذا اجلزء ؛ كتاريخ متخلف

هو الروح همه من اسم إفريقيا،والواقع أن ما نف، وال بد بالفعل أن يرتبط ا من إفريقيا بأوربا،

والذي كان ويف حالة الطبيعة احملضة، والذي ال يزال منغلقا متاما الذي ال تاريخ له،، غري املتطور

ينبغي أن يعرض هنا بوصفه واقعا على عتبة تاريخ العامل فحسب".

اتمعات غري األوروبية،من هذا املنطلق اختذ فوكوياما من التاريخ موقعا متشائما يف وجه

غري الذي انطلق منه صاحب أطروحة اية التاريخ، فعندما يقف املفكر األورويب يف موقع مرجعي،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ242،ص1993¡1) فرانسيس فوكوياما،اية التاريخ،تر،حسني امحد أمني ،مركز األهرام للترمجة و النشر،القاهرة،ط1

اخلليج واخلوف من أن يتخذ النفط كسالح ضد أمريكا وحلفائها كما كان الشأن يف احلروب العربية ضد الكيان اإلشارة هنا بالتحديد ملنطقة *

الصهيوين أين استعمل النفط كأداة ضغط .

)املرجع و الصفحة نفسها.2

243) املرجع نفسه،،ص3

-212-

Page 228: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

باملعىن ،لتاريخ مل ينته بعدبل هو استمرار فإنه يرى الواقع املعاصر ال من حيث ايته للتاريخ،

حتول دون ،تكبله مشكالت عديدةالذي جيري وراءه فوكوياما، ألن إنسان العامل الثالث ما تزال

فبصرف النظر عما تشكله دول تارخيية معينة، وجوده على خط السري حنو الليربالية الدميقراطية،

مصلحة يف منع انتشار ،سيكون لدول كثرية من دول ما بعد التاريخ ،من خطر على جرياا

على أساس أن ذلك العامل هو أكثر عرضة حلدوث ،تكنولوجيات معينة إىل العامل التارخيي

واألسلحة الكيميائية وتشمل هذه التكنولوجيات يف الوقت الراهن األسلحة النووية، الصراعات،

فيشمل أمناط ،يف املستقبل أن يتسع نطاق مسائل النظام العاملي غري أنه باإلمكان والبيولوجية،

فإن صح حديثنا عن معينة من الشؤون البيئية اليت يتهددها االنتشار غري املنظم للتكنولوجيا،

فستكون لدى دميقراطيات ما بعد اختالف سلوك دول ما بعد التاريخ عن سلوك الدول التارخيية،

ويف نشر قضية الدميقراطية يف محاية نفسها من األخطار اخلارجية،التاريخ مصلحة مشتركة يف

.)1(األقطار اليت ال توجد ا اآلن نظم دميقراطية

وإمكانية قيام عملية -توحي االختالفات بني الدول الدميقراطية والدول غري الدميقراطية

بأن الرتعة األخالقية -ف أحناء العاملتارخيية أوسع تؤدي إىل انتشار الدميقراطية الليربالية يف خمتل

كأكرب ،قد احنرفت عن خطها األصيل والقيم الدميقراطية، باهتمامها حبقوق اإلنسان، ،التقليدية

ألا أصبحت توظف مفاهيم الدميقراطية وحقوق اإلنسان لغرض ،لة دميقراطية ليربالية يف العاملدو

وكوياما بأن السياسة اخلارجية األمريكية مل تنحرف وهذا ينفي متاما زعم ف.التدخل يف شؤون الغري

.)2(متاما عن الصواب

تشكل ،يؤكد التحليل الفوكويامي على أن الدميقراطية الليربالية (ومعها االقتصاد الليربايل)

ومن هذه الناحية ميكن ، أفضل تلبية ممكنة لرغبة االعتراف يف شقيها ( اإليزوتيميا* وامليغالوتيميا*)

ليست فقط حامسة يف ،رغبة االعتراف* وما يتولد عنها من صراعاتفأن تشكل اية التاريخ.،

أي يف اعتبار بل أيضا يف احلكم على اية التاريخ، تفسري االنتقال حنو الدميقراطية الليربالية،ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

244)املرجع نفسه،ص1

245) املرجع نفسه،ص2

58،ص 2009¡148/149،جملة الفكر العريب املعاصر،مركز اإلمناء القومي،بريوت باريس،عسياسية متوسية-سيكوحنو ) زهري اليعكويب،3

:تعين رغبة اإلنسان يف أن يعترف به مساويا اإليزوتيمياكلمة ذات أصول إغريقية تعين تضخم الذات. : تعين الرغبة يف التفوق على اآلخرين):امليغالوتيميا*

166،مرجع سابق،صاية التاريخفوكوياما، فرانسيسلألخريني .

-213-

Page 229: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

هل تليب الدولة الدميقراطية السؤال الذي يطرح هنا،و ،الدميقراطية الليربالية منتهى الفعل التارخيي

من وحتمي حقوق ؤت ،لدى اجلميع ؟ وهل هي حقا دولة منسجمة مطالب االعتراف الليربالية،

)3(بشكل يرضي اجلميع؟ ،الدميقراطية اليبريالية إشباع تيموس* سكاااجلميع؟هل تستطيع الدولة

هي يؤكد فوكوياما على أن اإليديولوجيا اليت ميكن أن يقنع العامل كله بصالحيتها،

اللتني قامتا على وهو يستند هنا على نتائج الثورتني الفرنسية واألمريكية، الدميقراطية الليربالية،

وهي مبادئ ال زالت حتافظ على قدرا على االنطالق يف حيوية من ،ة الفرديةمبادئ احلري

بعد ما مت القضاء ،في اية التاريخ ليس مثة منافسون إيديولوجيون للدميقراطية الليرباليةف.)1(جديد

يؤمنون بأفضليتها على النظام - نظر فوكوياما-اليت كان الناس على اإليديولوجيات املنافسة،

العتقادهم أن امللكية وقد رفض الناس يف املاضي هذه الدميقراطية الليربالية،" ربايل االشتراكية،اللي

أن آمنوا ووسائر اإليديولوجيات اليت اتفق ،أو احلكومة الدينية والشمولية الشيوعية ،واألرستقراطية

على قبول مزاعم ،اإلسالميإال يف العامل فاقا عاما،تأما اآلن فيبدو أن مثة إ.ا أفضل منها

وهي صورة الدولة اليت حتقق إىل أقصى حد بأا أكثر صور احلكم عقالنية،، الدميقراطية اليبريالية

).2("إشباع كل من الرغبة العقالنية واالعتراف العقالين ،ممكن

جانب كبري استطاعت بالفعل إرضاء يؤكد " فوكوياما " أن اتمعات الدميقراطية اليبريالية،

غري أن ذلك ال كما أا ما زالت تعمل على إزالة األسباب التقليدية لالمساواة، من اإليزوتيميا،

فالعديد من تلك املظاهر يصعب حلها، يعين أن حتمل على عاتقها إلغاء كل مظاهر الالمساواة،

ظ أكرب للزواج،فالشابة اجلميلة هلا حظو خصوصا تلك املتعلقة بالطبيعة وليس بإرادة البشر،

واستمرار هذه الالمساواة جيعل التوتر قائما بني واألمي له حظوظ أقل يف ممارسة عدة مهن،

فمثال اهتمام الدولة بتخصيص نسبة معينة من مبدأي الدميقراطية اليبريالية (احلرية واملساواة)،

أما دولة املكفوفني،يتم يف العديد من األحيان على حساب غري ،مناصب الشغل لصاحل املكفوفني

ن الدولة أ- حسب "فوكوياما"-إال أن ذلك ال يعين الرعاية فهي تقوم على حساب حرية السوق،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

54،مرجع سابق،صاية التاريخ) فرانسيس فوكوياما،1

189)املرجع نفسه،ص2

-214-

Page 230: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

جاهدة حتقيق أكرب قدر من املساواة فهي حتاول الليربالية الدميقراطية تقف مكتوفة األيدي أما ذلك،

لكنها يف أي حال من األحوال ال ميكن أن حتقق ،تعويض ماديا ومعنويا، وتعويض املتضررين

يا بشكل كلي فإلغاء امليغالوتيم¡)1( "ألا ببساطة الستطيع ذلك ،املساواة بشكل كلي وائي

يكتفي بتلبية متطلباته من موح،إنسان بال ط" ،اإلنسان األخري"إىل يؤدي حسب" فوكوياما"،

وليس ألنه إنسان الوفرة واألمان الشخصي، إنسان غري قادر على اإلبداع، حاجات ورغبات،

احلصول على جمتمع -الرغبة يف التفوق على اآلخرين-إنسان احلرية واخللق.يعين إلغاء امليغالوتيميا

.)2("جمتمع أخري مأهول باإلنسان األخري ،بال إبداع وبال محاس ،جامد

أن ال ميكنه يف أي حال من األحوال، إن اتمع الدميقراطي الليربايل املدافع عن املساواة،

هنا مييز"فوكوياما"بني .ويف حدود معينة ضرورية للحياة فهي تظل حاضرة،، يلغي امليغالوتيميا

سليب.امليغالوتيميا السلبية هي اليت تؤدي إىل االستبداد وجه إجيايب وأخر لميغالوتيميا،لوجهني

وحتفز على اإلبداع ،السياسي والطغيان.أما امليغالوتيميا االجيابية فهي اليت تؤدي إىل املنافسة

بل ذيبها عرب إذا املهمة املطروحة أمام الدميقراطية اليبريالية ليست إلغاء امليغالوتيميا، واالبتكار،

(حتقيق التفوق على صعيد العمل ، املبادرة والعمل"فوكوياما"منها يذكر ،جإجياد خمار

فوكوياما إمكانية انفجار امليغالوتيميا بشكل عنيف ممكنة -تظل حسب واإلنتاج).ورغم ذلك،

فإم سوف يقاتلون ،إذا مل جيدوا ما يقاتلون من أجله ،ألا خاصية مغروسة يف البشر دوما،

وإذا كان اجلزء األكرب من ، بوسعهم ختيل أنفسهم يف عامل بدون صراعاتإذ ليس بسب الضجر،

فإم عندئذ سيقاتلون ضد ،الذي يعيشون فيه يتميز بدميقراطيات ليربالية مزدهرة وسليمة العامل،

وذلك االزدهار وضد الدميقراطية. ،هذا السالم

اليت ال تستطيع أن تبقى خارج دائرة على الواليات املتحدة ،هذا ما ينطبق اليوم وصورة فعلية

إن الدميقراطية اليبريالية استطاعت حسب .إلرضاء رغبتها يف التفوق وإثبات الذات ،الرتاعات

ÜÜÜÜÜÜÜÜ

59) زهري اليعكويب،مرجع سابق،ص1

59) ) زهري اليعكويب،مرجع سابق،ص2

-215-

Page 231: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

املساواة( وهنا ميكن احلديث على السكان السود)،أن تشبع جانبا كبريا من الرغبة يف فوكوياما،

كما استطاعت ترويض دون األمل يف حتقيق اإليزوتيميا املطلقة، ،لكن تبقى دائما مساواة نسبية

املشكل فيما نرى ليس ما تطرحه امليغالوتيميا على املستوى .)1(امليغالوتيميا وذيبها بشكل كبري

وما نراه اليوم على مستوى السياسة تقل إىل مستوى الدولة،بل خطرها يتعاظم عندما تن الفردي،

وانقلب إىل ،قد جتاوزت كل احلدود ،يوضح بدون شك أن رغبة التفوق على اآلخرين ،األمريكية

لكن ما هلدف من وراء املناداة بدميقراطية ليربالية؟.طغيان.

سياسيا عقالنيا بالدرجة هو أن يكون عمال إن القصد من وراء تأسيس دميقراطية ليربالية،

وجمموعة القوانني األساسية اليت ،يتداول مبقتضاه أفراد اتمع حول طبيعة الدستور القصوى،

م الدميقراطية اليبريالية العامل كله؟علكن ملاذا مل ت ستحكم حيام العامة،

تشكيالت فالدول يعود لقصور التجاوب بني الشعوب والدول،، السبب يف نظر فوكوياما

ومعىن ذلك أن أما الشعوب فجماعات معنوية سبقت الدول يف الظهور، سياسية ذات هدف،

وهي خاصة باخلري والشر وطبيعة اإلهلي والدنيوي، ،الشعوب هي مجاعات هلا عقائد مشتركة

أو كما يقول وأضحت اآلن إىل حد كبري جمرد تراث، عقائد غرست عن عمد يف املاضي البعيد،

اليت ال ،)2("قد اخترع لغته من عاداته وحقوقه ،كل شعب له لغته اخلاصة عن اخلري والشر "نيتشه:

والدين والبناء الطبقي، بل تنعكس كذلك يف العائلة، يعكسها الدستور والقوانني فحسب،

ميدان االختيار الواعي ميدان الدول إذن هو السياسة،اليومية وأساليب احلياة احملترمة.والعادات

نه ميدان الثقافة إ يف حني جند ميدان الشعوب هو فيما دون السياسة، ،يا لنمط احلكم السليمذات

أو مستوعبة عن وعي ذايت حىت من جانب ،الذي نادر ما تكون قواعده جلية صرحية ،واتمع

أو وحني نسمع توكفيل يتحدث عن نظام القيود والتوازنات يف الدستور األمريكي، املسامهني فيه،

فإمنا هو يتحدث عن عن توزيع املسؤوليات بني احلكومات الفيديرالية وحكومات الواليات،

أو عن غرامهم اليت تتسم أحيانا باهلوس والتعصب، ،أما حني وصف روحانية األمريكيني.الدول

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜاملرجع و املكان نفسه.) ) 1

190،مرجع سابق،صاية التاريخ) فرانسيس فوكوياما،2

-216-

Page 232: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

والدول تفرض فإمنا هو يصفهم كشعب، ،أو عن تعلقهم بالعلوم العملية دون النظرية باملساواة،

كمبادئ احلرية واملساواة اليت ، وهي أحيانا تشكل الشعوب نفسها على الشعوب من القمة،

اليت تتكون منها الواليات املتحدة ،شكلت الوعي الدميقراطي لدى الشعوب املهاجرة العديدة

بل وقد يقال الكثري من احلاالت هي عالقة متوترة، غري أن عالقة الدول بشعوا يف" ،ألمريكيةا

حني سعوا إىل ،كما يف حالة الشيوعيني الروس والصينيني أحيانا أا يف حالة حرب مع شعوا،

ال يتوقفان أبدأ ،ولذا فإن جناح الدميقراطية الليربالية واستقرارها.هداية شعبيهما إىل املثل املاركسية

وإمنا مها يف حاجة إىل درجة من على جمرد التطبيق اآليل موعة معينة من املبادئ العامة والقوانني،

.)1("التوافق بني الشعوب والدول

لكن ما هي العقبات اليت حتول دون تأسيس الدميقراطيات الليربالية املستقرة يف نظر فوكوياما ؟

لعناصر على النحو التايل:ميكن تصنيف تلك ا

فالدميقراطية "¡عناصر تتعلق بدرجة وطبيعة الوعي القومي والعرقي واجلنسي يف دولة من الدول-أ)

.)2("ال ميكن أن تنشأ يف دولة تكون فيها الرتعة الوطنية أو العرقية مبالغا فيها

حالة الرتعة الوطنية ليس وكما يف العقبة الثقافية األخرى يف سبيل الدميقراطية هي الدين، -ب)

إال حني يكون الدين ضد التسامح واملساواة مثة صراع بالضرورة بني الدين والدميقراطية الليربالية،

فاملسيحية مبعىن من املعاين،كان لزاما أن مل خيلق اتمعات احلرة، -يف نظر فوكوياما- إن الدين

وذلك حني جعلت ، قبل ظهور الليربالية ،العلمانيةتلغي نفسها عن طريق صبغ أهدافها بالصعبة

فاستأصلت احلاجة إىل طبقة مستقلة من القس وإىل الدين شأنا خاصا بني املسيحي وخالقه،

يقول -فنرامها ،.وأما اليهودية األورثودوكسية واإلسالم األصويل)2(التدخل الديين يف السياسة،

مشوليتان تسعيان إىل تنظيم كل مظاهر احلياة فهما ديانتان على العكس من ذلك، -فوكوياما

قد تتفق هاتان الديانتان مع .)3(مبا يف ذلك اال السياسي عامة كانت أو خاصة، البشرية،

، غري أنه من ا مببدأ املساواة بني الناس عامةفاإلسالم بالذات ال يقل عن املسيحية متسك ،ةالدميقراطي

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ192)املرجع نفسه،ص1

193)املرجع نفسه،ص2

194) املرجع نفسه.،ص3

-217-

Page 233: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

خاصة حرية أن نوفق بني هاتني الديانتني وبني الليربالية واالعتراف باحلقوق العامة، ،الصعب جدا

وقد ال يكون من دواعي الدهشة أن تكون تركيا هي الدميقراطية الليربالية الوحيدة ،الضمري والدين

اث اإلسالمي جانبا يف حيث إا الدولة الوحيدة اليت طرحت التر ،يف العامل اإلسالمي املعاصر

.علماين ، واختارت إقامة جمتمعصراحة تامة

من هنا تصبح العلمنة هي الشرط األساس لدخول دائرة الدول الليربالية.وفوكوياما رغم اعترافه

ونظريته املتصلة ،اخلاصة بهله معايريه األخالقية ، بأن اإلسالم يشكل إيديولوجيا متسقة ومتماسكة

داعيا إليه ،وأن له جاذبية ميكن أن تكون عاملية شأنه اليبريالية،، بالعدالة السياسية واالجتماعية

وقد متكن اإلسالم يف .البشر كافة باعتبارهم بشر ال جمرد أعضاء يف مجاعة عرقية أو قومية معينة

وشكل بذلك يف أحناء كثرية من العامل اإلسالمي، ،الواقع من االنتصار على الدميقراطية اليبريالية

حىت يف الدول اليت مل يصل فيها إىل السلطة السياسية بصورة ،خطر كبريا على املمارسات اليبريالية

- يف نظر فوكوياما-هذا الدين أن إال ،.لكن ورغم هذه املميزات اليت يتميز ا اإلسالم)1(مباشرة

كانت يف األصل إسالمية احلضارة.املناطق اليت ال يكاد يكون له جاذبية خارج

أن اإلسالم ليس بوسعه حتدي الدميقراطية الليربالية يف أرضها على املستوى "هلذا يرى فوكوياما

على املدى ،بل إنه قد يبدو أن العامل اإلسالمي أشد عرضه للتأثر باألفكار الليربالية الفكري،

ت إىل نفسها أنصار قد اجتذب، حيث أن مثل هذه الليربالية الطويل من احتمال أن حيدث العكس،

والواقع أن أحد ،)2("من بني املسلمني على مدى القرن ونصف القرن األخريينعديدين أقوياء،

على ،لليرباليةهو قوة اخلطر امللموس من جانب القيم الغربية ا ،أسباب الصحوة األصولية الراهنة

تبقى هذه العبارات بعيدة كل البعد عن التناول اإلبستيمي إلشكالية .اتمعات اإلسالمية التقليدية

لرتعة رضاءإ ،بل هي أطروحات تعمل على خلق العدو الومهي العالقة بني اإلسالم والليربالية،

.ددوهذا كله ال خيرج عن دائرة تفكري احملافظني اجل، تيموسية مدمرة

ÜÜÜÜÜÜÜ

56)املرجع نفسه،ص1

54)املرجع نفسه،ص2

-218-

Page 234: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يتصل بوجود بنية اجتماعية تتمتع بدرجة عالية ،القيد الثالث على ظهور دميقراطية مستقرة -ج)

من الالمساواة.

اتمع ةيتصل بقدر ،االعتبار احلضاري األخري الذي يؤثر يف إمكان إقامة دميقراطية راسخة -د)

فإن كان ذلك أن الدميقراطية ليست سوى حكم ذايت،" ،على أن خيلق بنفسه جمتمعا مدنيا سليما

زاد ،يف مدم أو تنظيمام أو نقابام املهنية أو جامعام ،الناس قادرين على حكم أنفسهم

.)1("احتمال جناحهم يف حكمهم ألنفسهم على الصعيد القومي

يف نظر -يبني ،املؤلفة للدميقراطية الليربالية رخيي الذي انتهجته العناصر املختلفةإن املسار التا

كانت ،أن أقوى الدميقراطيات الليربالية املعاصرة ( كإجنلترا والواليات املتحدة ) -فوكوياما

احلقوق مبعىن أن ،احلرية فيها قد سبقت املساواةأو كانت ،فيها قد سبقت الدميقراطية الليربالية

كانت متارسها صفوة يف حرية التعبري وحرية االجتماع واملسامهة السياسية يف احلكم،، الليربالية

.)2(قبل أن تعم قطاعات أخرى من السكان صغرية قوامها الذكور والبيض واملالك الزراعيون،

بإقامة الدميقراطية ،ينبغي أن تنشأ الدميقراطية عن قرار سياسي معتمد"هلذا يرى فوكوياما أنه

ويظل له وقاره اخلاص باعتباره نقطة التقاء ويبقى جمال السياسة مستقال عن اال احلضاري،

وال ميكن للدميقراطية الليربالية املستقرة أن تظهر إىل حيز الوجود دون ، الرغبة والثيموس والعقل

ول الكامنة لدى الشعوب إىل ويستطيعون حتويل املي يفهمون فن السياسة، ،سياسة حكماء أكفاء

لذلك ال ميكن النظر للعناصر الثقافية باعتبارها ظروفا ضرورية .)3("مؤسسات سياسية صامدة

إلقامة الدميقراطية.

إىل أن ينتهي مع اإلنسان األخري (اية ،التاريخ منذ أن بدأ مع "اإلنسان األول" هلذا نقول إن

حسب التحليل ،معىن ذلكأي الالعقل.و التيموسعلل هو باعثه امل ،كغاية و ليس كحدث)

ريخ التا من منظور فلسفةو، ا دام حيركه الالشعور أو التيموسالسابق، أن الوعي التارخيي يتضاءل م

ها يلمت ،مث هي جتعل غاية التاريخ مرتبطة بتحقيق شهوة عقيمة ،فهي فكرة تغيب العقل والوعي

الغضبية يف اإلنسان. القوةÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

194)املرجع نفسه.،ص1

املرجع والصفحة نفسها. )2

)املرجع و الصفة نفسها.3

-219-

Page 235: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

إن اية ": يف العبارة التالية شاتليهحوصله فرانسوا ،غريب اعتقادإن اية التاريخ مؤسسة على

جديد ملفاهيم التاريخ، اغتصاب.وبالتايل فنحن أمام )1("التاريخ هي اية اآلخر الذي يقاتل األوريب

ذا ما نلتمسه يف قول مطاع ولعل ه ،االنقالبية االيدولوجياندخل يف الرتعة التأويلية املبنية على و

يأخذ وايته، جديـــد ملفهوم التـــاريخ.وحركته اغتصابواضح أننا أمام ":الصفدي

ايارفه بأنه عصر على وص االتفاقليبين مشروعا إيديولوجيا يف عصر تـم شكل التأويل،

.)2(" اإليديولوجيات

تبناها النظام الدويل اجلديد يف :أطروحة فوكوياما تنطلق من إيديولوجية،نإخالصة القول

ودخول بعد ايار املعسكر االشتراكي، حتمت عليه الدخول يف ترتيبات جديدة، ظروف جديدة،

ال بد أن يستند ميثل منظومة فكرية متكاملة،ومعلوم أن كل نظام جديد "العامل منعطفا جديدا.

وهذا ما يفسر بروز جمموعة من يربراه ويروجان لدميومته، ،على رؤية معرفية وغطاء فكري

ومن أكثرها شيوعا نظرية صموئيل هانتجتون "صدام النظريات صاحبت هذا التحول،

وحتمية ،ليربالية الدميقراطيةوكلها نظريات روجت لفكرة ال ونظرية ما بعد احلداثة، احلضارات"،

إذ اختذت على .ومل خترج نظرية فوكوياما عن هذا املسار،)3("سيادا يف النظام الدويل اجلديد

وااللتفاف حول ،الليربالية عاتقها مسؤولية الترويج لفكرة اإلمجاع العاملي حول مسألة الدميقراطية

.كغاية وليس كحدث لينتهي معها التاريخ النظام الليربايل كحل ائي تنشده اإلنسانية.

يبشر بأبدية ذا تتحول نظرية فوكوياما من نظرية فلسفية إىل خطاب سياسي إيديولوجي،

وهزمه بسبب قوة املنتصر ودميومته، وانتفاء إمكانية مناهضتها، الرأمسالية يف ثوا اجلديد(الليربالية)،

كما تعين اية ،ة التاريخ تعين بالضرورة اية السياسةوبالتايل فإن اي النهائي لنقيضه،

ألي منتج .هكذا وما دام التحليل العلمي،)4(ألن التناقض مل يصبح حقيقة قائمة اإليديولوجية،

اليت طرحها فوكوياما فكرة اية التاريخ، ننقول إ.ثقايف ال يتم مبعزل عن بنية الواقع الذي أفرزه

.النظام العاملي اجلديد ممل تكن سوى غطاء فكري جيسد انتصار قي ،يف سوق الثقافةÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

http://insaniyat.revues.org/7989#ftn14عن:عبـد القـادر بـوعـرفـة األساس األسطوري لنهاية التاريخ 1)نقال

املوقع نفسه.املقال و )2

www.aljabriabed.net/n44_02butchich.htm:نقال عن:حول مسألة اية التاريخ: تأمالت يف أطروحة فوكوياماإبراهيم القادري بوتشيش، )3

نفسه.املقال و املوقع )4

-220-

Page 236: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 237: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 238: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

سواء من خالل النصوص للرؤية اإلسالمية لإلنسان، تطرقنا يف الفصل الثالث

باإلضافة ملا أضافه الفالسفة املسلمني أو من خالل الفكر املقاصدي، املؤسسة(القرآن والسنة)،

النظرة من رؤية اجيابية ملفهوم اإلنسان وحقوقه وحرياته ما حتمله هذه وعرفنا هلذه الرؤية،

،الئمها من أنظمة اجتماعيةييتم لنا الشرط للنظر يف ما يالءم هذه النظرة أو ال وذا األساسية،

،تطوير األنظمة االجتماعيةوغنيا يف فنون بناء البشرية متلك اليوم تراثا طويالكانت أو سياسية.و

غاياتوقيم و مله تلك النظرة من مبادئترمجة ما حتو نظرة معينة إىل اإلنسان،تيعاب زمة السالال

أو ،غنية يف احلكم على كفاءةخربة طويلة و-البشرية-متلك أيضاو وسياسي، اجتماعي عيف واق

العرب قبل أن ينظر.ولذلك وغاياتقيم و ما يف تلك الفلسفة من النظام يف حتقيقعدم كفاءة ذلك

جيب أن تنصب جهودهم على توضيح نظرة م،أي األنظمة االجتماعية يصلح هليف ،املسلمونو

.)1(الفكر اإلسالممن داخل هذه النظرة من فلسفة يف اإلنسان،بيان ما متثله و ،تراثهم

ماعة إلطار انتمائه: اجلو ،الفرد يف اتمعات اإلسالمية هلوية ،يعترب القرآن نصا مؤسسا

كما تتجاوز جتمع ألفراد منعزلني، التقاء أوال متثل جمرد هذه اجلماعة و املؤمنة أو"الذين آمنوا"،

وظائف التنشئة ،حدود تبادل احلاجات النفسية ،اإلسالميةاتمعات يف باجلماعة الفرد عالقة

اإلسالمية،اتمعات إىل حد اليوم.إن اجلماعة يفعرب التاريخ و دها يف كل اتمعاتجناليت ،

محيمية حيرك جتماعي يقوم على عالقات شخصية،سكوين لتنظيم ا كل تقليدي،ليست جمرد ش

فاجلماعة ،اجلماعة كيان متمايزرادة طبيعية عفوية غري عقالنية.بل إن إو روح وجسد، أعضاءها،

ينفي مسؤولية املؤمن هذا الو ،مسؤولية تأسيس اتمع املسلمعليها ،اليت خياطبها القرآن املؤمنة،

،أن اجلماعة هي إطار ذلك اإلميان إال ،فإن كان اإلميان يف اإلسالم قناعة ذاتية ،العقديةالسلوكية و

.التمايزوهي آلية الفرز والتصنيف و

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜالعاملية واإلسالمية والعربية،مركز )، ضمن:حقوق اإلنسان الرؤية باإلنسان هو األصل يف حقوق اإلنسان االعتراف( علي عيسى عثمان، )1

123،ص 2007¡2دراسات الوحدة العربية ط

-221-

Page 239: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

، خضوع غري مشروطنياجلماعة املؤمنة، عالقة طاعة ويف باراديغم ، إن عالقة الفرد املؤمن باهللا

ية الوحدانكما أن ائي ال تراجع عنه، انتماء ةاجلماع انتماؤه إىلو، تسليم مبشيئتهبل عبودية و

هذا اختالف جذري حول و ،أما الفرد فهو جزء من اجلماعة املؤمنة.املطلقة صفة إهلية يف اإلسالم

نة مها طرفا العالقة الوجدانية اجلماعة املؤمفاهللا و ،نظرية الفرد مع اإليديولوجيات الفردانية

ا الثنائية املؤسسة طرفان مهال نهذاو ،يف اتمعات اإلسالميةاليت تصل الفرد بالعامل ،واالجتماعية

اليت تعلوه،مقيد بالعالقة بل إن الفعل الفردي ،فهذا األخري ليس فاعال مطلق احلرية هلوية الفرد،

وتؤنس وجوده وموقعه.

،فتحدث عن خلق اإلنسان " من مجيع جوانبها،اإلنسانيةلقد تناول القرآن"قضية اإلنسان و

وكل ما له عالقة املادية ومؤهالته االجتماعية،قدراته و والذهنية، وأصل نشأته واستعداداته النفسية

باعتبار أن القرآن تناول شؤونه، ،فاإلنسان هو املوضوع" ،كل ما ميسها من قريب أو بعيدحبياته و

ماو وسلوكه، أخالقهوتتصل بتفكريه و والكفر، تتعلق مبوقفه من اإلميان ،ن ما يعتريه من أحوالبيو

حبياته الفردية يرتبطوما ومن استقامة واعوجاج، ها من صحة أو اعتالل،يعرض له في

باعتبار أن القرآن نزل ،ذلك هو القصدو سجام أو تنافر،من ان ما حيصل له فيهاو واالجتماعية،

يهدف إمنا ،توجيهاتو عتبار أن ما يف القرآن من أوامر ونواهبا واإلنسان هو الغاية، .إليه خياطبه

عالقاته ومتتنيوتقومي أعماله وسلوكه، حتسني أخالقهو وذيب روحه، نفس اإلنسان، إىل تزكية

.)1("تسوية معامالتهو

ختتص اختصاصا ،من جمموعة معينة من اآليات ،أوال تطلب إلنسانلنظرة القرآن الكرمي

ما يف نيتبيو الفطرية،صفة من صفاته أو بتعريف اإلنسان؟ من هو"بعريف التصرحية ةبلغو تاما،

ن توظيف تطلب ثانيا مو".وما يف هذه اخلصائص من غايات حقيقته من خصائص ومن صفات،

ومما تعود عليه وتوارثه عن آبائه، إما يف إثارة اإلنسان من غفلته، القرآن هلذه اخلصائص والصفات،

يف سور هو اإلنسان كثرية ناآليات اليت ختتص بتعريف مو...اخل، الوجود يفلنظر لدعوته وإما يف

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ151،ص1990¡2، املؤسسة الوطنية للكتاب ،اجلزائر،دار التونسية النشر،طاتمع اإلنساين يف القرآن) حممد التومي، 1

-222-

Page 240: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وما تنطوي عليه ساسية، لفلسفة القرآن يف اإلنسان، اخلصائص األ تبني"من القرآن الكرمي، خمتلفة

.)2(ه"مسؤولياته وقوقمن حتديد حلو ،الفلسفة من تكرمي لإلنسانهذه

املكلف على أنه خليفة اهللا يف األرض، من خالل النصوص اإلسالمية املؤسسة،إلنسان ل ينظر

له من رخما سالشامل.وسبيل وضه بذلك مبعناه احلضاري ،سؤولية عمارة األرضمب همن قبل

بينه املساواةكاحلرية بأنواعها و تمنع ا،احلقوق اليت ينبغي أن يو" من جهة، احمليطة به اإلمكانيات

ذكرناه يف الفصل الثاين من حقوق غري ذلك مما و يف سائر احلقوق والواجبات، جنسه،بني بين و

وما على املفكر العريب اإلسالمي إال قراءة النصوص واستنباط اإلنسان يف الرؤية العربية اإلسالمية،

كما و األولويات،ترتيب األحكام ضمن سلم و واملكان، حسب مالبسات الزمان األحكام منها،

فإن الشريعة تدور على حمور املصاحل ،حمور عبودية اإلنسان هللا حولتدور ،أن العقيدة يف اإلسالم

ا اإلنساناليت مت 2("ع اهللا(.

بل ، ينكر اإلسالم بشرية اإلنسانمل كما هو يف حقيقته، باإلنسان راف اإلسالمالعت اجتسيدو

موجودا يف هذه البشرية،وجعل كماله كله موجودا فيها جعل مصري اإلنسان كله على العكس

وليحقق كماله وهو مازال يف هذه البشرية، بل ليظل ته، يوجد ليخرج عن بشريمل اإلنسانأيضا،ف

ويف طاقاته العقلية ،يف حبه ملعرفة اهللا تعاىل الوالدة،موجود يف فطرته عند له كله فكما فيها،

ومن ،اإلنكارستكبار وحب لالما يف بشريته من حب للشهوات ومن أماو األخالقية، إرادتهو

الم اإلسو ضها وليس استئصاهلا،ترويفمهمة الدين ،غريها من الصفاتخوف وقلق وغضب و

بأن وجود هذه احلقيقة و ،أساس االعتراف باحلقيقةيقوم كله على كنظام يف تنظيم حياة اإلنسان،

.يف اإلنسان كله

هو ،عدو واحد يتربص هلا إالال ،إن احلقوق اليت فطر اهللا اإلنسان على االحتجاج إليها

يف أي أو جرد منها أصحاا شيء من هذه احلقوق وما غيب ،اإلنسان ألخيه اإلنسان اداستعب

حتت نري أممفما أكثر ما شقيت شعوب و ،اإلنسان وسوء آثاره تعدي جراء إال حقبة من التاريخ،

ÜÜÜÜÜÜÜÜ

129ص مرجع سابق،)علي عيسى عثمان،1:حقوق اإلنسان يف اإلسالم بني اخلصوصية و العاملية احلقوق و احلريات املدنية و السياسية يف اإلسالم ضمن) حممد سعيد رمضان البوطي،2

Iscisco¡2001،منشورات،

-223-

Page 241: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

دون أن تدور كلمة العبودية أو أي من اشتقاقاا على ألسنة الطغاة ، املستكربينالعبودية للطغاة و

باالعتراف ، وحقيقتهتراف باإلنسان، كما هو يف فطرته وباالع ين.لقد انفرد اإلسالمداملستعب

باالعتراف بأنوإىل التوحيد، و، يف التوصل إىل معرفة اهللا إرادته األخالقيةالعقلية و هبكفاءة قدرات

إن كل إنسان مرشح بالتايل إىل التوصل إىل و موجودة يف كل إنسان، هذه اإلرادةالقدرات وهذه

.مؤسسة كهنوتية وليس بفعل توسط د مبفرده وبوسائله هو،إىل التوحيو معرفة اهللا

هي وكما ،ما هي موجودة يف حقيقة اإلنسانك احلقيقة ،كما جعلت الرؤية اإلسالمية

النشغال قدرات جماالوجعلت هذه احلقيقة ويف حقيقة كل شيء فيه، ،ة العاملموجودة يف حقيق

كل شيء يف لقد جعل اإلسالم و"إرادته األخالقية وسبيله لتنمية هذه القدرات. ،اإلنسان العقلية

لذلك و اهلدف من وجوده،وتنمية قدراته مبا حيقق ة الالزمة لإلنسان ملعرفة اهللا،حيمل األدلالوجود

وال تتم معرفة موقفه من اإلنسان ومن م كنظام يف توجيه حياة اإلنسان،ال تتم معرفة اإلسال

.يف إطار معرفة نظرة اإلسالم إىل اإلنسان إال ،)1("احلريات املالزمة هلذا اإلنساناحلقوق و

بوصفه ،مآلهو جودهغاية وطبيعة اإلنسان من حيث خلقه و الرؤية اإلسالمية، لقد بينت

واإلفساد البعد عن العبثو التصرف باحلسىن يف مرلذلك أ له، مبثابة مالك أبديال فيه،مستخلفا

مث مع ،أواليكون منسجما مع نفسه سان البد أنمبعىن أن اإلن ،التصرف بغري حقيف األرض و

مبا ،االجتماعية ما يفسدهاال يدخل يف املنظومة و ،طبيعته اإلنسانية ال خيرج عن حىتاآلخرين

ينحرف ا عن طبعها و مقصدها.

ا حمددا يسري عليه يف هذه وضع له منهج اخلالفة،همة مبفه كلإن اهللا تعاىل ملا خلق اإلنسان و

كلف اإلنسان باالجتهاد للكشف عن و ،ترك البعض جممالو ،يف ما جيب فيه التفصيل لفص احلياة،

أما ،هكذا يكون بناء اإلنسان يف التصور اإلسالمي.توظيفه يف احلياةطرائق تفعيل ذلك املنهج و

يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر فهي كما حددها اخلطاب القرآين" ،عن تركيبة اتمع البشري

ع كممفوا إن أكرارعتل لائقبا ووبعش اكملنعجثى وأنو بريخ يملع إن الله قاكمأت الله د2("ن(.

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

.129¡128ص ،سابق ، مرجععيسى عثمان على)1

13، اآلية:)سورة، احلجرات2

-224-

Page 242: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

جبلتهم يف شىت ونوازع خمتلفة، و بني بشر هلم مشارب ، هو يف جوهرههذا التواصل ومبا أن

وتسهيل املشترك بينهم العيش لضمان، ومتليه الذاتو واه النفسامليل ملا حب التملك و

ونشرأداة لتحقيق تلك الغاية النبيلة،ببسط العدل ومنع اجلور (السلطة)السلطان علفقد جحيام،

.)1(ملن يقوم ا واجب باإلمجاععقدها األمن وكفاية الناس،وبذلك فإن اإلمامة(السلطة)

جرت ورائها الكثري من الفنت يف تارخينا العريب ، هامة وخطريةوهنا نشري إىل مسألة

مبشكلة السلطة السياسية ومن هو أحق ا من غريه.نقول هنا أن اإلسالم مل حيدد اإلسالمي، تتعلق

بل ترك األمر لألمة ختتار ما يناسبها من آليات سياسية شكل السلطة ومل يفوض من يقوم ا،

فإذا كانت آلية الشورى استخدمت يف زمن الصدر األول من ستقرار،حتقق غاية األمن واال

مبا يواكب زمانا اليوم، ،فاألمر يتطلب منا اليوم حتديث هذه اآللية وحققت الغرض منها،، اإلسالم

فمن غري املمكن تطبيق نفس اآلليات مع فارق املتغريات.

ريرا إلرادة اإلنسان من كل عبودية حتالطغيان والظلم وعلى ،كان اإلسالم ثورة شاملة لقد

يها "أ،فقد جاء يف كلمة جعفر بن أيب طالب،أمام امللك النجاشي ما يبني ذلك،حيث قال:لغري اهللا

ونقطع األرحام،ونسيءش،ونأكل امليتة،ونأيت الفواح قوما أهل جاهلية،نعبد األصنام كناامللك،

إلينا رسوال منا،نعرف نسبه حىت بعث اهللاا على ذلك،فكن القوي منا الضعيف لويأكاجلوار

،هكذا .."ا نعبد حنن وآباؤناوخنلع ما كن،وصدقه وأمانته وعفافه،فدعانا إىل اهللا لنوحده ونعبده

حرياته ،هو أساس ومعني احلقوق والواجبات.ذلك أن حقوق اإلنسان واإلميان باهللا يتضح أن

ميكن القول إن ما مييز حقوق ،واية من وجودهالغه وملرتلته يف الكون،وهي فرع لتصور وواجباته

أا حقوق ربانية: فإذا كانت حقوق اإلنسان يف املذهب ،عن غريها لرؤية اإلسالميةاإلنسان يف ا

املذهب االجتماعي من يفوفقا للقانون الطبيعي،و حرياتهدي مستمدة من محاية الفرد والفر

،قال تعاىل:"فيض من صفات الكمال اإلهلي ،ورباينفإا يف اإلسالم ذات مصدر اجلماعة ورغباا،

زواجا من نبات الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أ

.)2("ت لأولي النهىكلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيا¡شتى

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

5،مصدر سابق،صاألحكام السلطانية و الواليات الدينية)املاوردي علي حممد ابن احلبيب،1

53،54اآلية:،طه،) سورة 2

-225-

Page 243: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ولو بشكل سريع دون تفصيل اإلسالمية،لو أردنا تصنيف احلقوق املنصوص عليها يف الرؤية

فيحقق ،حقوق تعبدية: مبعىن أن أدائها طاعة من العبد هللا أ) عن أا:لوجدناها ال تكاد خترج

حقوق شاملة: فاإلسالم مل يدع جماال من ب).مع الغاية الكربى للوجود املسلم بأدائها انسجاما

املسلم إىل حقوق فمن حقوق ،ن ما جيب لإلنسان فيه من حقوقبيو إال ،جماالت احلياة اإلنسانية

ملسافرين واملقاتلني واألسرى والنساء،او ،األوالد إىل حقوق اجلريانق الوالدين وومن حقو ،الذمي

حبيث ،يل ما ليس يف غريهصففيها من التف ،مواتاأل حقوقو ات،املطلقو وكبار السن، والصغار،

تعرض حقوق اإلنسان ما تبينف:حقوق ثابتةج)وواجباته. إنه يستنبط منه نظام كامل حلقوق اإلنسان

ليست ألن احلقيقة فيها نسبية و عرب تارخيها للتغيري والتبديل، الفلسفات الوضعيةالقوانني ويف

*.فإن حقوق اإلنسان يف اإلسالم ثابتة دائمة ال تقبل التغيري ،مطلقة

ذي تستمد منه استنادها إىل املصدر الو على ارتباط كل قيمة، يؤكد التصور اإلسالمي

واحملدد ملنهاج ملخلوقاته،املالك و فهو وحده اخلالق أال وهو اهللا، ،املوجودات وجودها والغاية منه

اإلرادة واحلرية وأرشده مه خالقه بالعقل وقد كر ،اإلنسان مستخلف أنو سريها(الشريعة)،

التدرج يف طريق الكمال من خالل التزامه و إلعانته على استبانة طريق احلق، ،إرسال الرسلب

،تاركة له ضمن ذلك اإلطار ،مجاعاتأفردا و اإلطار العام حلياة اإلنساناليت حددت ،بالشريعة

فيتحقق اجلمع بني ، ممارسة خالفته من خالللؤها م مطلوب منه ،مناطق فارغةو جماالت واسعة

حيمل مسؤولية قيادة مسريته واإلنسان يف هذا التصور كائن،التعدد.احلرية وااللتزام والوحدة و

وإمعانه أكرب يف أداؤه أفضل يف القيام بالتكاليف،قدر ما يكون وب ائن مكلف،.إنه كحتديد مصريهو

.)1(الكائنات من حولهوالطبيعة و إزاء ذاته ،بقدر ما ميتلك حرية أكرب العبودية هللا،

ملستخلف أن يفرط أو يتهاون الإلنسان قحي ال ،إن احلقوق هنا تغدو واجبات مقدسة

مطلوب منه التصرف ،اإلنسان مستخلف فيهاو بل هللا سبحانه مالكها ، فيها.فهي ليست ملكا له،

، فمحافظة اإلنسان على حياته، وتوفري مقومات بقائها إلرادة املالكيف تلك الوظيفة وفقا ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

تعرف البشرية من يوم آلخر،وإمنا * ال جيب أن نفهم من العبارة غلق باب االجتهاد والسعي حنو تطوير املعارف الكفيلة مبسايرة التطورات اليت

األصل الثابت املقصود أن الصورة اليت رمست لإلنسان يف الرؤية اإلسالمية رؤية ثابتة تبىن على تكرمي اإلنسان،وبالتايل كل خمالفة أو تعدى على هذا

خيالف مقصد الشريعة.41،ص 1993¡1حدة العربية،بريوت،ط،مركز دراسات الواحلريات العامة يف الدولة اإلسالميةالغنوشي راشد، )1

-226-

Page 244: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

التجويع أو اإلمهال أومثال أو االنتحارب اأن يفرط فيهيستطيع ، ليست حقا لإلنسان، رهايتطوو

حرية فيقودنا إىل القول أن أما احلديث عن احلرية،.أو االستسالم للطغيان ،االنتقام أوالتجهيل

ثوابت اخلروج عن املسلمات الدين و، وال تعين الفوضىحرية منضبطة الرؤية اإلسالمية،الفرد يف

قال مسعت رسول ،فيما رواه النعمان بن بشريذلك فإن الرسوللو.ضع عليها اتمعااألمة اليت تو

فأصاب بعضهم مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة :"اللهيقول

هم فقالوا لو أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوق

مكوهرتا فإن يقنفو نم ذؤن لمقا ورا خيبنصي نا فقنرا خذوا أنإن أخا ويعملكوا جوا هادا أرمو

فهذا املثل الذي ضربه النبيهو من األمثال اليت هلا مغزى ،")1( على أيديهم نجوا ونجوا جميعا

البد و ذفهم األمواج،اقتت ،النهر ةكالذين يف سفينة يف جل ،فالناس يف دين اهللا ،معىن عالو ،عظيم

زن محولة السفينة،حىت تتوا،بعضهم يف األعلىو كانوا كثريين يف األسفل، إذا ،عضهمأن يكون ب

أن هذه السفينة املشتركة بني هؤالء القوم إذا أراد أحد فيه .وبعضهم على البعض ضيقحىت ال يو

يفعلوا فإن مل ،ن يأخذوا على يديه لينجوا مجيعاوأ ،فإنه البد أن ميسكوا على يديه ،منهم أن خيرا

نوإ ل جنوا مجيعا،االدين على اجلهذ العقالء وأهل العلم وإذا أخ ،هكذا دين اهللا.هلكوا مجيعا

لسياسية واالقتصادية ا واألمر ينطبق على كل مناحي احلياة،، تركوهم و ما أرادوا هلكوا مجيعا

إال حمصلة ،عوما نراه يف واقعنا اليوم من تراج ،وليس يف اجلانب الديين فحسب ،واالجتماعية

.لوضع انقلبت فيه القيم وساد اجلهلة يف كل ميدان

حماسبا على فباحلرية يصبح اإلنسان مسؤوال ية،مسؤول الرؤية اإلسالميةاحلرية يف هكذا تصبح

فإن ،أما على املستوى الفرديالعام. هذا على املستوى اإلنساين جتاه نفسه وجمتمعه، أقواله وأفعاله،

تصرفاتهيصبح اإلنسان مسؤوال عن أفعاله وحيث ،بعد التكليف ميكن ممارستها فعليا إالاحلرية ال

فاإلنسان ما كان ليصل إلدراك حريته":حماسبا عليها جمزيا ا.يقول عالل الفاسي يف مقاصده ،)2(

ما يشاء ال تعين أن يفعل اإلنسان احلرية إن).(..لوال نزول الوحي،على الوجه الذي أراده اإلسالم

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

2361، رقمباب هل يقرع في القسمة والاستهام فيه ،كتاب الشركة - صحيح البخاري )1

55املرجع نفسه. ص الغنوشي راشد، )2

-227-

Page 245: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

كما ركب عليه، ال يتفق مع طبائع الوجودة شهوته، وفذلك ما يتفق مع طبيع، يترك ما يريدو

إميان و ا فيه اخلري لصاحل البشر أمجعني،مو أنه مكلف به،ل اإلنسان ما يعتقد لكنها تعين أن يفعو

جيد اإلنسان نفسه ،وانطالقا من عنصر املسؤولية.)1(هو أول خطوة يف حريته اإلنسان بأنه مكلف

،متفاعلةبنفس صادقة وروح ،على تقدمي أعمال كافة احلرصو ،اإلهلي مندفعا ألداء التكليف

االصطدام و مستوى انتهاك احلقوق اإلنسانية،حنو خفض عنصر املسؤولية هو الدافع القوي يظلو

يعترب الضمانة األكيدة بل إن عنصر املسؤولية ،الذي حيظي بأمهية فائقة يف اإلسالم ،مببدأ احلرية

.)2(لقيام حرية حقيقية يف اإلسالم

ألن اإلنسان حمدود القدرة كن،وغري مم املطلقة مستحيلاحلرية هلذا يصبح احلديث عن

حمدودة لذلك كانت حريته مقيدة، ،اس احلياة من جهة أخرىيشاركه بقية النو ،من جهة ،والطاقة

حقوقه وذلك يف مجيع تصرفاته و أن تكون منضبطة ومقيدة نظريا وعمليا، بل جيب وحمصورة،

والتناقض،واالصطدام، تؤدي إىل الفوضى والدمار، ،ألن احلرية املطلقة لإلنسان ،وواجباته

مبا يوازن املصلحة العامة بني بين البشر ودفع الضرر عنهم، هو حتقيق–التقييد –الضابط يف ذلك و

هو قيد و مبا يقيد بقية احلريات األخرى إال ،هاية ال يقيداحلرف ،ومصلحة اتمعبني حرية اإلنسان

اليت ،األعرافوقواعد السلوك و ،مل تضر باآلدابوما مضرة للناس، فما مل تسبب ،املصلحة العامة

وحيقق أمنه ،مبا حيقق التوازن بني أفراد اتمع إال قيدا الشريعةو ،فهي مباحة ،تصاحل الناس عليها

العقائد للحرية يف علم –امليتافيزيقي–التصور األنطولوجى ما هو مالحظ هو أن لكن ،سالمتهو

وقمته اهللا(التوحيد)،مل مثلثا قاعدته اإلنسان والطبيعة، اليت تشكل ،للثقافة اإلسالمية الذي هو نتاج

.)3(السياسي واالجتماعي إىل اال نطولوجياال بعدها خيرج إشكالية احلرية من

فمعظم ؛فالسفة املسلمني القدامىالفقهاء وال "مؤسسة الدولة "كبري اهتمام عندمل تنلهلذا

اليت يرأسها إمام عامل ،البحوث اليت ورثناها عن القدامى انطلقت من تصور مثايل للسلطة العادلة

مشدودة إىل ما ينبغي ،كانت تلك األحباثبكلمة أخرى .ة تامةميلك السلطة مطلقة ويطاع طاع

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

248،ص1993¡5سالمي،ط،دار الغرب اإل مقاصد الشريعة اإلسالمية و مكارمها)عالل الفاسي ،1

57الغنوشي راشد،مرجع سابق،ص )2

وزارة األوقـاف والشـؤون الدينيـة يف سلطنـة ،جملـة فصليـة ،جملة التسامح،)قضية اجلرب واحلرية اإلنسانية يف علم الكالم (جدل الديين والسياسي،أمحد حممد سامل )3

.14ععمـان http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=303.أنظر موقع : 2006¡

-228-

Page 246: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

تضمن حتليال تمل .كماال إىل طبيعة السلطة وآلياا ،كون عليه احلكم من منظور اإلسالمأن ي

واخلروج ،وهلذا اغفلوا البحث يف وسائل تطوير احلكم، بيئتهماقعها يف عصرهم وضمن ظروف لو

.)1(به من دائرة التغلب والتمرد املتعاقبني

متثل املشروعية ،فقد ظلت الشريعة اإلسالمية حنرف احلكم يف التاريخ اإلسالمي،مهما الكن و

أما ما حدث من احنرافات يف التاريخ السياسي كل جمتهد ومفكر،و ،كل حاكم هااليت حيتاج ،العليا

عن ،مع أن أية حضارة ال ختلو من االحنراف ،اإلسالم مطيةفهي احنرافات اختذت ،اإلسالمي

هو ،ن اإلسالم كدين إهليإ"مساوية كانت أم وضعية.يقول حممد عمارة:، أساسها اإليديولوجي

يف و ،بني املثالو لواقعوستظل دائما مسافة بني ا ،تطبيقام للدين "واقع"وإن إقامة البشر و ،ثالامل

ليقترب أكثر ،على احملاولة لتجاوز الواقع ،الذي يستحث اإلنسان ،"احلافز"ن مكيوجود هذه املسافة

).2("فأكثر من املثال

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

51،ص2011¡1، الشبكة العربية شركات النشر، بريوت، لبنان، طرجل السياسةتوفيق السيف، )1

104ص ، مرجع سابق،الغنوشي راشد )2

-229-

Page 247: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 248: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

اتمعات تسيطرانت اليت ك ،للقضاء على السلطات االستبدادية أساسا ةالليرباليت نشأ

وسلطة الكنيسة الكهنوتية املتحالفة مع اإلقطاع، األمراء،سلطة امللك وة يف ثلمم ،آنذاكاألوروبية

فبعد .)1(حرية اإلنسانالذي يعلى من ،النظام الفردي أو النظام احلر وإقامة السياسية واالقتصادية،

غدا وبعد أن كان احلق إهليا، ،بعد أن كان فوق طبيعيا غدا طبيعياو ،إنسانيا ادغ أن كان احلق إهليا

استطاعت .فالطبيعةوالعقل و ،أصبح التفاؤل باإلنسان عندها فقط- األوريب-حقوقا لإلنساناحلق

اليت كان ،الكنسيةأن تنجو باإلنسان من هيمنة األفكار -خاصة مع لوك –اللحظة الفلسفية هذه

يف بلورة بدايات املرحلة أسهمتا أساسيتني يف هذا السياق جيب اإلشارة إىل فرضيتني يروج هلا فلمر.

.)2(انية بالعقد االجتماعي الثو .تتعلق األوىل حبالة الطبيعة،حقوق اإلنسان ةكإطار لشرع الوضعية،

مع جون لوك بصورة قابلة أن تكون مرجعية ،لفرضية األوىل (حالة الطبيعة)لقد متت مفهمة ا

قبل أن تقوم ،اليت كان عليها الناس يف البداية احلريةإا حالة املساواة و ،قوق اإلنسانحلتؤسس

بقدر ما ،اليةيفرضية خ ضليست حم إن حالة الطبيعةحتد من حقهم يف ممارستها. بينهم سلطة

الطبيعة مل يكن األشياء حيث إن املقصود ب ،جتاه الطبيعة يشيده العلم احلديث تستند إىل تصور

حيث يشكل اإلنسان أحد عناصره ،بل كامل النظام فصلة عن اإلنسان،املناجلامدة واملنعزلة أو

و دينية أو ثقافية أ ،رىفالطبيعة أضحت مرجعية سابقة عن كل مرجعية أخ ،املنفعلةوالفاعلة

بالنسبة للفكر الغريب.ذلك متثل مرجعية كونية مطلقةهي بو ،حضارية

الة الطبيعية إىل حالة املدنية،علق باالنتقال من احلتفت، أما الفرضية الثانية (العقد االجتماعي)

تمرار وجوده ا كان اسمل الذي يعترب أن اإلنسان، ،)1778-1712(ان جاك روسو جنها كما بي

اليت لك منه التنازل عن حريته للجماعة،تضى ذقفقد أ ،بين جنسه أن يعيش مع غريه منيفترض

هميف ممارستهم حلقوق ينوب عنهمو ،حتتضنه (الدولة)كتمثيل اعتباري يقوم مقام كل األفراد

جوهر املساواة تبقىلكن احلرية و احلقوق الطبيعية إىل حقوق مدنية،بذلك تتحول و ،وواجبام

ها الدولة داليت جتس لصاحل اإلرادة اجلماعية عن حقوقهم الطبيعية إن تنازل األفراد.هذه احلقوق

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

96، ص 1993، دار الفكر العريب، القاهرة (ب ط)، النظام السياسي اإلسالمي و الفكر الليربايلحممد اجلوهري، )146-16،ص 6الة العربية حلقوق اإلنسان،عية العرب العلمانية،/ حقوق اإلنسان، رهانات املعىن و احلر) حممد اخلمليشي، 2

-230-

Page 249: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

لكوا تعرب عن اإلرادة العامة ، الشرعيةيكسبها و غ قيام الدولةيسو، مبوجب ذلك العقد

يف القرن الذي استقت منه املدارس الفلسفية األصل املشتركسة احلق الطبيعي"هي "مدر.علماللناس

فيما -بتعابري حقوقيه ، الذي صيغت أفكارهالفيلسوف لوكافع عنها دكما عرضها و ،الثامن عشر

لذلك يسعى الفكر السياسي .من قبل الفقيه االجنليزي بالكستون يف أواسط القرن الثامن عشر- بعد

ستندا يف هذا اال إىل ما م إىل تنظيم قواعد ومفاهيم جمردة حلقوق اإلنسان، ،الغريب احلديث

باعتباره املرجع األعلى ستمدة من فكرة "القانون الطبيعي"،امل يسمى"باحلقوق الطبيعية"لألفراد،

من القانون الذي يقوم باستنباط التشريعات الكفيلة بصيانة احلقوق الفرديةو للحقوق والواجبات،

.الطبيعي الثابت

طرية لبعض املراكز القانونية لتحديد أصول ف بناء منطوق نظريإىل " ،أدت فكرة القانون الطبيعي

اليت اجتهت لتقرير حقوق أصلية لألفراد سابقة ،غريها من النظرياتو""نظرية العقد االجتماعيمثل

يظهر من هذا املنطلق:¡)1("حقوق اإلنسان"نظريات انتهت إىل فكرة وهي ،على قيام السلطة احلاكمة

البحث عن أن و، ليس بالضرورة أن تتمثل بواقع حمسوسذهين جمردة وتصور ،أن احلقوق الطبيعية

وتكييفه حلقوق اإلنسان، لمجتمع،اقع التنظري السياسي لويستلزم النظر يف ،حلقوق الطبيعيةماهية ا

"احلقوق مة لتحديد احلقوق بناء على مفهومجند أن هناك أسسا عا وبالنظر يف املذهب احلر،

:الطبيعية"

الدولة مسؤولية احترام ىلذلك تقع علو ،سابقة للوجود السياسي :احلقوق الطبيعية لألفراد-أ)

االمتناع عن املساس ا.و احلريات الفرديةاحلقوق و

ألن غاية ، وذلكيةحيسم لصاحل احلرية الفردالج التناقض القائم بني السلطة واحلرية عن إ:-ب)

محاية احلرية واحملافظة عليها. الدولة

كما ،من التعسف ، ومنعهاةسلطة الدول ، تقيدعل احلرية قاعدة الوجود السياسييتضمن ج:-ج)

اليت مثلت نواة النظام ،الطبيعية املدرسة االقتصادية قيام ،يف الفكر الغريب نتج عن تقرير احلرية الفرديةÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

،(ب ت) 1،ط25،سلسلة كتاب األمة رقم النظرية السياسية اإلسالمية يف حقوق اإلنسان الشرعية دراسة مقارنةحممد أمحد مفيت وصاحل الوكيل،) 1

26ص

-231-

Page 250: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

لة يف النشاط االقتصادي عدم تدخل الدو، القائم على املبادرة الفردية واحلرية االقتصادية، والرأمسايل

ارتباط أيضا الستقرار الداخلي.ويالحظ اق التوازن وية" لتحقيف"اليد اخل مبدأ على لألفراد، واعتماد

مطلع القرن ذاليت سادت الفكر األورويب من بالعلمانية السياسية ،الطبيعيةفكرة حقوق اإلنسان

مل يعد لقياس احلقوق والواجبات يف اتمع، فعندما أصبحت الطبيعة املرجع األساس ،السابع عشر

ر املتعلقة بالتنظيم االجتماعي والسياسي.يف تفسري الظواه للدين جمال يذكر

عملوا و حتدد حقوق اإلنسان، إىل استبعاد فكرة وجود قوانني إهلية ةعمد مفكرو الرأمساليهلذا

من استناد - نتيجة ملا سبق ذكرهو.)1(العقل القانون الطبيعي املستند إىلاإلهلي بلقانون ا استبدالعلى

صارت - غريب على قاعدة "احلق الطبيعي" وعلى"العلمانية"يف الفكر ال،فكرة حقوق اإلنسان

امتداد لفكرة احلقوق ك إلنسان مصدرا للحقوق يف اتمع،جتعل ا ،الدساتري الوطنيةاملواثيق و

غاية يف حد ذاته.وترتب على ذلك ظهور عدد من الذي جعل اإلنسان ،الطبيعية والقانون الطبيعي

مثل نظرية"الفصل بني حلماية احلقوق الشخصية الفردية،، الدستوريةالنظريات السياسية

اليت جعلت ،النظرية الدميقراطيةد من تركز السلطة يف يد احلاكم.وإىل احل رمت اليت، السلطات"

املنصوص مما جعل حقوق اإلنسان ،ركزت على محاية حقوقه الشخصيةو، الفرد حمور اهتمامها

معينة سياسية متغريات مرتبطة ياكل ثقافية واجتماعية و تبىن على ،املواثيقعليها يف هذه الدساتري و

ذلك بعد فصل بإرجاع قواعد الفكر إىل الطبيعة.و ،إىل تعزيز الفكرة الغربية عن احلياة دف،

مسألة سياسية وليست يف اتمعات الغربية. إن العلمانية ذا املعىنالسياسية الدين عن واقع احلياة

يد الدولة تكف بل ،إا ال تتطلع إىل حترير اتمع من الدينتفترضها الدولة ال الدين. ، مسألةدينية

اجلماعات.قدر من احلرية الدينية لألفراد وتكفل أكرب و ،عن اال الديينعن اال اتمعي و

ليس من حيث هي متحدا سياسيا و ،انفصال الدين عن الدولةهو إن شرط وجود العلمانية،

حق فاحلرية الدينية ،ية الدينيةخارج الشرع ن تبين شرعيتها السياسيةأ فال يسعها بالتايل إال ،دينيا

.تستلزم استقاللية اتمع املدين عن الدولة ،حقوق اإلنسان من

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ30)املرجع نفسه، ص 1

-232-

Page 251: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

لقد مهدت تلك األفكار لفكر احلداثة،الذي ينطلق من فكرة أن اإلنسان هو مركز الكون

للتمييز بني اتمع، رةداإلأو ،لواقعلسواء كان ذلك يف دراسته ،إىل عقله أنه ال حيتاج إال،وسيدهو

وإعادة صياغتها ليحقق هذا اإلطار يصبح العلم هو أساس تسخري الطبيعة،يفو ،الطاحلالصاحل و

).1(العقل هو اآللية الوحيدة للوصول إىل املعرفةو اإلنسان منفعته،

حتويل وفاء املقدس تإىل اخ ،يف الوجود الل مركزيتهتاحفرضية انتصار اإلنسان و أفضتلقد

ن مبدأ .إالتساكن بينهاوتفترض بالتايل ضرورة التعايش و ،إىل صفات نسبية صفاته املطلقة

فإنه ،السماءاإلنسان والفلسفية بني تلك العالقة ىلإذ يشري إ (كأحد أهم ركائز الليربالية)،العلمانية

مستقلة متاما ن تكون الدولةأالعلمانية تستلزم ف ،الدينومن خالل ذلك إىل العالقة بني الدولة يشري

.عن كل سلطة دينيةين وعن كل د

ات حقوق ال يصح أن يعتدي عليها،ذ وحدة قائمة بذاا،فرد الصبح أ من هذه اللحظة

ربطا يربطها و عن مرحلة هامة وحامسة يف تطور الفردية، نص يعربفاحلقوق الطبيعية عبارة عن:

بكيفية احلد من سوء استخدام القوة اخلصوص وعلى باالجتماع والسياسة،وثيقا

اضحا بني فكرة احلقوق الطبيعية وفكرة احلرية هذا يعين أن هناك ترابطا منطقيا وو.)2(السياسية

ينشأ فاتمع ،إحدى دعامات احلكم الدميقراطي اليت جعلها الفكر الغريب الرأمسايل ،الفردية

. محاية احلقوق الفرديةا لصيانة وسأسا الدولة تقومو

منذ ف ،الغربيةيف إطار املرجعية ،التطور الداليل ملفهوم اإلنسان يبني إن حتليل احلداثة الغربية

فصل الصراع يف بداية األمر لصاحل -اإلنساين والطبيعة-ي الكونب صراع بني مركزوبداية نش

عن بداية ،الرتعة اإلنسانية لالهمع است األحداث إذ تبني كرونولوجيا تطور ،العقل اإلنساين

لتسود ،طلقةأ االنفصال تدرجييا عن القيمة املحينما يبد ،وراء القيم اإلنسانية اهليومانية اختفاء اإلله

سوبرمان فهو ،مركز الكونو ليصبح معيارية ذاته ،د اإلنسان كمرجعيةيتسيو ،شيء كل النسبية

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ اخلمليشي،املقال و املكان نفسه)حممد 128¡27ص ، ) حممد أمحد الوكيل و صاحل الوكيل،مرجع سابق2

-233-

Page 252: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وحي لإلنسان الغريب عطى املركزيةي عاءإن هذا اإلدخلدمة تقدمهاليهعمل كل ما عداه إىل مادة استو،

غري أن قية العامل،تعميم جتربته التقدمية على ب حماولة إىل.ومن مثة قاده هذا التقدم حداثتهووتطوره

حيث تقدم لنا ، من حيث كونه مكتف بذاته "،له،"متأ- بتعبري نتشه-حقيقي أواإلنسان املتفوق

. ليس يف الزمان التارخيي، وصورة إنسان يعيش يف الزمان الطبيعي احلر، احلداثة يف زمنها األول

للتقدم ومنوذجمعيار اليت حتولت إىل ،نتصار للذات الغربيةلذات مل يربح أن حتول إىل اااالنتصار

الذي أصبح مرجع ذاته أي اإلنسان الغريب ،لتصبح املركزية اإلنسانية هي مركزية اإلنسان األبيض

أخرى هي ثنائية األنا هنا تنتج ثنائية و.مث مرجعية الكون بأسره ،أوال ومرجع باقي بين اإلنسان

تسيدت بقية البشر اليت ،الكامنة يف الذات الغربية عن املرجعية الواحدية حيث تعرب األنا ،اآلخرو

ال ، اهليومانية إىل إمربيالية كاملةفتحولت ،احلضاري اباسم تفوقهو والطبيعة باسم حقوقه املطلقة،

املطلقة يف على هيئة الدولة فقد تبدت الرؤية املعرفية االمربيالية ،التفوق العرقيبالقوة و تعترف إال

رغم اختالف االو ،على هيئة التشكيل االستعماري الغريب يف اخلارج العامليو ،الداخل األورويب

حيث بدأ اإلنسان الغريب !! تسخريهمترشيد البشر و ،ظلت األهداف النهائية واحدة ،اآللياتو

أن الدول اين.فظهر ية مشروعه التحديثي العلميف بدايف عصر ضته و ،يرتع عن قارته األوروبية

وقمعت ،حيث التهمت معظم أحناء العامل ،هلا مشروعها االستعماري الضخم الغربية الدميقراطية

.الثقافيةوسلبتهم حريتهم وحطمت مؤسسام االجتماعية و السكان األصليني،

متجاوزة ياب مرجعية غري أن غ ،)1("اإلنسان سيد الكون ،اإلنسانية اهليومانية"لقد جعلت

يف اإلنسانية مجعاء.و على وباال ،اليت دفعت حبركة االستنارة جعلت من العقالنية ،تضبط حركتها

من و ،اليت تعفي اإلنسان من املسؤولية األخالقية ،هذا اإلطار ظهرت األخالق النفعية املادية

من أي مفاهيم غريبحترر اإلنسان ال من مثو، ا املتجاوزة للعواطف واألخالقيات اإلنسانيةقوانينه

(مستقبل مثل ،كما حترر من القيم املطلقة ،مثل مفهوم اإلنسانية أو لصاحل اإلنسانية ،متجاورة

املنفصل متاما عن كل القيم والغايات ،اإلنسان الغريبذا أصبح "و(املساواة) والعدل.البشرية)

وقانون ذاتهوأصبح مرجعية ذاته وحلركة املادة، هو نفسه جتسيدا لقانون الطبيعة اإلنسانية العامة،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ،جامعة األمري عبد القادر للعلوم 2009¡10،جملة اآلداب والعلوم اإلنسانية،عاحلداثة ومركزية اإلنسان عند عبد الوهاب املسريي،رمحاين ميلود )1

]321-295اإلسالمية،قسنطينة،ص [

-234-

Page 253: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

مث إىل ة،أداتيو الغربية إىل إمربيالية حتولت اإلنسانية اهليومانية ومعيارية ذاته، وغائبة ذاته.ومعه

، فكرة احلقوق الطبيعية، اللذين هامجوا أنصار املدرسة النفعية ، وجدت سندها يف آراء)2("عنصرية

"لقد :عرب عنه باتنام بقوله هذا مارجعية أخرى، ومطالبها على كل موغلبوا الرتعة الفردانية و

ب أن فهما يدالن على ما جي، اللذةسيدين:األمل والبشرية حتت حكم وضعت الطبيعة

لن رفض خضوعناميكننا أن نفعله من أجل زعزعة و إن كل جهدنفعله.ويقرران ما سنفعله...

لكنه عي رفض سلطاما،إن أي كان ميكنه يف الكالم أن يد ،لتأكيدهللربهنة عليه و يستخدم إال

نعين به هذا املبدأ و بدأ املنفعة يعترف ذا اخلضوع،إن م ،هلما باستمرارسيبقى يف احلقيقة خاضعا

نقاص سعادة اجلزء الذي يبدو أنه يؤدي لزيارة أو إل بناء على االجتاه ،ينكر على عملو الذي يقر أ

أي ليس فقط كل عملوأقول: أو ملعاكستها، اء ذه السعادة لالرتق أو بكلمات أخرى ،املعين

بنتام برأي مبعىن أن اتمع ،)1("وإمنا أيضا كل إجراء تقوم به احلكومة ،به فرد ما كل عمل يقوم

الذين ميتلك كل منهم قدر من و، ؤالء األفراد الذين يتألف منهمهل ،ليس أكثر من جمموعة مصاحل

واجلسم السياسي، "اجلسم االجتماعيإن تعابري: ن،مساوية بشكل ملموس لقدرات اآلخري السعادة

ألن احلقيقة من ،شاذةلد أفكار خاطئة ومن شأا أن تو ،استعارات بيولوجية خطرية إال تليس

اليت متثل كل منها ،يف السعادات الفرديةو، يف األفراد ال تتجسد إال ،وجهة نظر االجتاه النفعي

موع كلما كان او!شكل جمموعها ما نسميه بالسعادة اجلماعيةياليت و ،وحدة ال ميكن اختزاهلا

ميكن أن يكون غري السعي اهلدف الذي ال ،عكلما حتقق بشكل أفضل هدف املشر ،مرتفعا

.)2("مة الفرديةإا نتيجة عملية حمتومة للمسلة"..السعادلتحقيق "احلد األقصى من

إن تعبري .أو احلقوق الطبيعية مفهوم حقوق اإلنسان ،يقع حتت ضربات نفس النقد الوضعي

،شيئا منافيا للعقلو، تعبريا بالغيا جموفا نه ليس إالإ"برأي بنتام ليس له أي معىن: الطبيعية،احلقوق

حقوق قابلة ذرع حبقوق سابقة إلقامة احلكومة،من غري املعقول الت هإن.لونوقال به متشدقون متطا

–يعترب الذي ال ،كذا يعري بنتام مفهوم حقوق اإلنسان.هألن تعاكس احلقوق الوضعية الشرعية

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜاملرجع و املكان نفسه )2

ات والنشر حممد عرب صاصيال، املؤسسة اجلامعية للدراس،تر تاريخ الفكر السياسي من الدولة القومية إىل الدولة األمميةجان جاك شوفاليه، )1

194ص ،2003¡3والتوزيع،ط

195)املرجع نفسه، ص2

-235-

Page 254: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

اس الن إنخيلط بني ما هو كائن، وما جيب أن يكون. ألنه، مفهوما مبهما إال-حسب رأيه

يف إم جيب أن يكونوا متساوين.األمر الذي جيب أن تستبعد، -ال- متساوون حسب هذا املفهوم

تعترب بالتايل ، وكل االختالفات بني الناس اليت ال ميكن تربيرها عقالنيا، نظام تشريعي صحيح

.)1( اعتباطية

رية على تقدمي مبدأ احلو ،على اعتبار الفرد أصل اتمع اإلنساين" ،تقوم الليربالية بصورة عامة

فاحلرية ظاهرة طبيعية مالزمة ،التنازل عنهفويته أو ال ميكن ت ،طبيعياالفردية بوصفه حقا بديهيا و

يتمتع ا كما اتمع،حيافظ عليها الفرد داخل جيب أن تتمثل يف حقوق طبيعية ،للوجود اإلنساين

،امللكيةتتعلق باالعتقاد والرأي والكسب و ،دائمةهذه احلقوق كاملة و ،قبل تأسيس اتمع

فالفرد العقللتناقضه مع الطبع و بطالنه، إىلو يؤدي املساس ا إىل فقدان اتمع صفته اإلنسانيةو

لو كان و":ج،س،ميل:يقول.)2("يف الليربالية دف النهائياهلهو ،جهدهواملالك لقدرته ،احلر السيد

ركان األساسية لصالح املعيشية هو أحد األ ،الفرديةاحلرية لنمو الفرد و يدركون أن إطالق الناس

املكونة للحضارة والتربية و ،يوضع إىل جانب العناصر األخرى ،نه ليس جمرد عنصر مكملوأ

ملا كان هناك خطر التقليل جزء ال يتجزأ منها.و ،بل هو شرط ضروري لتحققها ،الثقافةالتعليم و

.)3("سلطة اتمعبني حرية الفرد و ني احلد الفاصل،ملا وجدنا صعوبة يف تعو ،من قيمة احلرية

بعض –فقد أثار إدموند بريك وهذا رغم تردد البعض يف إطالق عنان احلرية الفردية،

ا إذا كانت قيمة احلرية تتوقف عم ،يف املقام األولفقد تساءل ،االعتراضات الواضحة منذ البداية

كتابه "تأمالت يف الثورة يف فرنسا:"ينبغي علي أن أؤجل كما طرح األمر يفى ما تصنعه ا؟ أو عل

،سلطة الشعبأن أعلم إىل أي مدى اقترنت باحلكم و إىل ،اجلديدة يف فرنسا باحلرية نئيت

والدين وبالفضيلة وامللكية األخالقو وتوزيعها اجليد، راداتجبمع اإليو وانضباط اجليوش وطاعتها،

ال فائدة للحرية من و األمور خري، مجيع هذهصرفات االجتماعية واملدنية.يف التوالنظام و والسالم،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

198¡197،صاملرجع نفسه)1

66¡65ص ص،2006¡1لعربية،بريوت، لبنان، طامركز دراسات الوحدة ،الفكر الليربايل عند فرانسيس املراشكرم احللو، )2

131¡130،،الكويت،ص2002¡110العاملية،ع جملة الثقافة،،تر،حممد يونس،الليربالية و الفردية و اهلويةكوامي أنتوين أبياه، )نقال عن:3

-236-

Page 255: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

جتعلهم فأثر احلرية على األفراد أا قد ، من دوا لن تستمر ألمد طويل، مهما طالت ودوا

قلب يف نقبل أن نغامر بالتهنئة اليت قد ت، ن ذلك الذي يشاءون فعلهينبغي لنا أن نتبي، ويفعلون ما يشاءون

.)1(وقت قريب إىل شكوى

عندما إال ،لعبارة العدالة من معىن يبقى ملعن خاصية احلرية الفردية الليربايللدفاع الفكر وفقا

الب هذا األخري يتعلق األمر بإصالح األخطاء أو األضرار "املسببة ألحد األشخاص حيث يط

فعال يف نفس الوقت كما أن العدالة ال حتقيقها يف جمتمع منصف و فعليا يصار إىلبتحقيق العدالة و

املداخيل وبيد أن وصف التوزيع موع األمالك ،)2("تسود إال إذا كانت متساوية أمام اجلميع

إذ أنه يعمل على إخفاء مطالب مال عبارة ما يف املكان غري املناسب،بكلمة عادل يبدو كاستع"

حيث ال تعبأ هذه اموعات إطالقا تقريبية غري دقيقة.و خلق ألفاظو، *بعض اموعات اتمهنية

.)3("إذ أا ال تلجأ إليها إال لتحديد مصاحلها الفئوية ،بالعدالة

ذلك أن "فشيئا من هذا لن حيصل: يف الفكر الليربايل، ص مسألة املطالبة باملساواةخيا فيما أم

دون سني الوسائل املعيشية اخلاصة م،ىل حتإ ال ينظرون إال ،أولئك الذين ميتدحون دائما املساواة

اتمع الرأمسايل يعرف دائما ف¡)4(أي جمتمع" مل تتواجد أبدا يف ،أن نذكر طبعا أن هذه األخرية

عليه و لوية للظواهر االقتصادية(...)،ألا متنح األو ،واموعاتبني األفراد ستمرةاملنافسة بامل

تكمن يف التخفيف من انعدام ،يف هذا احلقل فخطة العمل الوحيدة املقبولة من الوجهة الليربالية

ذلك أن اتمع يفيد من هذين ،ال على فعاليتهاية ويؤثر ذلك على املبادرة الفرددون أن ،املساواة

.على نطاق واسع بطريقة غري مباشرة، ،العنصرين

،كان هو البحث عن التنظيم االجتماعي ،من الواضح أن املوضوع األساسي للدولة الليربالية

هذا التنظيم جرد إن "بل ،احلريةوليس بني العدل و ،احلرية كغاية أساسيةو الذي يربط بني احلقيقة

ا حيث تأكد هذ ،ليس مبدأ هلاو حمصلة للمنافسةحني جعله نتيجة و ،العدل من أي اعتبار أساسي

لفلسفة حيث توافقت الليربالية السياسية ،أمريكااصة يف بريطانيا وخالواقع منذ القرن السابع عشر،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

128املرجع نفسه،ص )1

92،ص2002¡2،تر،متام الساحلي،املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع،طاملعاصرة، الليربالية )موريس فالمان2 باتمع املهين. اجلمعيات املختصة*

93) املرجع نفسه،ص3

94) املرجع نفسه،ص4

-237-

Page 256: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فعية يف البلدان النظرية النيربالية األخالقية، اليت طورا مع الل، العقد االجتماعي عند جون لوك

خالقا فردية، تقيس اخلري باللذة واملصلحة، أ س املذهب النفعيبعد أن كراالنكلوسكسونية،

،يف غياب العقالنية منعدما من مثة يصبح اتمع العادلو.)1("فصله عن املثال الديين امليتافيزيقيو

بل أصبحت جمرد مذهب أخالقي، مل تكن لنفعية"فا ،اليت تسمح بتحقيق احلجم الكايف من اإلنتاج

.يوازي دور فلسفة األنوار يف فرنساحيث كان هلا دور فلسفي بارز، ،حركة شاملة يف بريطانيا

والتحديث اجلذري للدولة صالحلإلاليت تدعو ،السياسيةلقد تعززت الليربالية الفلسفية و

، تصادية والسياسية واألخالقيةامليادين االقيف ،حينما بلورت أولوية احلرية على العدالة، "تمعاو

منع بالدعوة إىل استقالهلا و العتقاد،ااحلقوق الفردية:كحرية امللكية والتفكري وت على أمهية أحلو

إذا و ،مصاحلهانت احلقوق تسبق غايات اإلنسان وذا كإ لكن.)2(تدخل الدولة يف هذه احلريات"

مصدر هذه احلقوق افم للعدالة،فوق اآلخر كأساس الغايات كانت قد وضعت البعض من هذه

ما هو ليس كذلك؟لنا أن نقرر ما هو احلق األصيل وكيف و ؟من وجهة النظر اليبريالية

وهو ¡)3(؟"أو من اإلنسان نفسه ،ن احلقوق قد تنبع من الرب أو من الطبيعةأ"يرى فوكوياما

األساس املقبول للحقوق السياسية يف أي ،السماويةمل تعد احلقوق املشتقة من األديان "يقرر أنه

نع تكن مت مل- عزل الدين عن احلياة السياسية-رغم أن هذه الفكرة ،من الدميقراطيات الليربالية

بأن حقوق و ،بأن اإلنسان كائن خلقه اإلله يف صورته ،يف اتمعات الليربالية من االعتقادد األفرا

،أصبحت مشكلة هذه األفكار لكن مثل ،)4("تأيت من الرب-بناء على ذلك-اإلنسان األساسية

ألا تقع عندئذ يف نفس ،حقوقا سياسيةإىل ميدان السياسة لتتبلور يف شكل انتقلت عندما

ن تصل إىل إمجاع سياسي بشأن قضايا الدين. أمن الصعب جدا اليت أدركها لوك: ،املشكلة

بالتايل تصبح و فهو املصدر الوضعي، حقوق اإلنسان،الذي تستمد منها الثاين، أما املصدر

لكنها ليست بالضرورة و ،أو يطالبون بهه إىل شيء ميكن للبشر أن ميتلكونق اإلنسان تشري حقو

حلق فا رى هي كل ما يقول البشر إنه كذلك،بعبارة أخ ئا مشتقا من طبيعة حقوق اإلنسان،شي

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

241ص مرجع سابق، األسس العقلية للسياسةبليمان عبد القادر، )1

242) املرجع نفسه،ص2

169ص¡2002¡1،تر:أمحد مستجري،مطبعة سطور،املعادي،مصر،طاية اإلنسان عواقب الثورة البيولوجية)فرانسيس فوكوياما،3

املرجع و املكان نفسه.)4

-238-

Page 257: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

كمثل القواعد اليت تتطلب أن يكون التصديق على قوانني "،يعكس إرادة اتمع الذي يقره الوضعي

خذ مثال حقوق الشواذ واملثليني، اليت - حىت وإن كانت دون رضا األقلية-احلقوق باألغلبية املطلقة

)1("حرية القولرتباط وجبانب حرية اال، حقوق اإلنسانأصبحت اليوم حقا جوهريا من

،قوق اإلنسانحل كأساسلطبيعة البشرية ا إىل تبين مييل فوكوياما من املصدريني السابقني،

بأن نستبعد حلوال -فوكوياما يضيف -وهي تسمح كذلك تراتبية للحقوق،إقامة بتسمح ألا "

ط صورا نسق نبأ ،املشتركةكما تسمح لنا بشريتنا يا،معينة كانت عرب تاريخ البشرية جبارة سياس

اليت إن حقوق اإلنسان.دادي على أنه نظام ظاملمثل احلكم االستب معينة من النظام السياسي،

.)2("ها األساس املتني للنظام السياسيغريستكون هي ال وافع،حنسه من دختاطب أعمق ما

اليت ،تبعا للتحوالت التارخييةللتطور خضعت ،ككل فكر إمجاعي سياسيوالليربالية إن

ترى أنه مشتركة،ونها مع ذلك حافظت على خصائص عامة لكو عرفتها اتمعات املتبنية هلا،

هلذا و ومناءه و ازدهاره، أن حتول دون كل ما يهدد حقوقهو، جيب على الدولة أن حتترم الفرد

للحد ،احلدودوتسعى إىل أقصى ريوقراطية والتسلطية،البكل األنظمة االستبدادية و ترفض الليربالية

ا للنشاط السياسيو ا،من تضخم السلطة السياسية وطغياى حترص علو ،االجتماعيو مصادر

لى إلغاء السلطة لصاحل ع ا ال تعملإ".القضائيةالفصل بني السلطات التنفيذية والتشريعية و

أن و من الواجب احترامها دائما، أفراد اتمع جيب أن يتمتعوا باستقاللية نإمنا ترى أو ،الفوضى

فالليربالية؛ مبوجب العقد االجتماعي ،دستوريااملرسومة هلا قانونيا وى احلدود السلطة جيب أال تتعد

مع تعبريا ات إال لكون ية وبني املصلحة االجتماعية،بني املبادرة الفرد تؤمن باالنسجام والتناغم ال

.)3("مصاحل األفرادعن اإلرادات الفردية و

مبا هو عضو اتمع ن هي حقوق اإلنسا، "من هذا املنطلق تصبح حقوق اإلنسان

ن اتمع البورجوازي هو الذي يعطي لإلنسان احلق يف االستمتاع والتصرف أل البورجوازي،

وهذه ،فعة الذاتية واملساواة يف احلريةأي حق املن وبصورة مستقلة عن اإلمجاع، ،يريدبثروته كما

،اليت ال تضمن استمراريتها وهيمنتها االقتصادية ،احلقوق تشكل أساس الدائرة العمومية الربجوازية

(4).إال بتحويل االقتصادي إىل حقوق

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

املرجع و املكان نفسه.)1

170) املرجع نفسه،ص2

66) كرم احللو،مرجع سابق،ص3

151.152، ص1¡2009ى،صفاقس،تونس،ط،دار الفضاء العمومي ومطلب حقوق اإلنسان،هرب ماس منوذجا) عبد السالم حيدوري،4

-239-

Page 258: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 259: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

الرؤية العربية اإلسالمية، كما بيناه فيما سبق تتحدد مرجعيته من يف سؤال اإلنسان وحقوقه

حيمل يف خلقه بذور كماله ،اليت وضحت أن اإلنسان خملوق مكلف خالل النصوص املؤسسة،

بذلك تنتهي يف غايتها آخر األمر إىل أن تصبح حقوقا و ،بالطبيعةليست حقوقا ترتبط وحقوقه

الطبيعية يف احلضارة الغربية. حال يف احلقوقهو كما ،ليست ذات مفهوم متحيزكما أا ،قومية

للنظرية فأجنز بذلك امليالد الفعلي اإلنسان،ز على حترير عصر األنوار ركأن صحيح

التأسيس لفكرة احلرية الليربالية كلفظ دال و ،يه مت متثل الفرد ككائن سياسيفف السياسية الليربالية،

ي يف القرن ألنوارامتثلها الفكر السياسي فحرية الفرد ،ستبدادمن قيد اال على إطالق كينونة الفرد

-لو نظريا و- فأصبحت احلرية تبدو ،بوصفها حقا نابعا من الطبيعة الكائن اإلنساين ،الثامن عشر

إذ مل ،هذا املفهوم تغري أن ليربالية القرن التاسع عشر قلب ،برسم ذاتيته اإلنسانية لإلنسانكحق

وما احلرية مفهومبل مت تغيري ،برسم إنسانيتهاستحقاقا طبيعيا للكائن اإلنساين بوصفها تعد احلرية

اهوي وذلك قلب جذري للمدلول امل ت ال تعين سوى حرية الفرد املالك،فأصبحصدقها أيضا:

كمنظور بذلك استوت الفلسفة الليرباليةو ،من إنسان عاقل إىل إنسان اقتصادي ،لإلنسان

يزال هذا التصور وال ،حرية القوة االقتصاديةإىل جمرد دال على ،وخيتزهلا احلرية لذتباقتصادي ي

.اليوم سائدا يف خطابه إىلو ،ناظم للوعي الليربايل

أدم عند هوبس ولوك و ليزية،جنيف حقل الفلسفة اإلمكانه وجد مفهوم الفردانيةعلما أن

هم يف دائرة أطروحام و" ولوا مفهوم الفردانية،الذين تنا كانوا يف طليعة املفكرين الذين ،مسيت

على أثر الفلسفة اإلنكليزية.وبني الدولةويقابلون بينه و ،يف دائرة تفردهكانوا ينظرون إىل اإلنسان

رواد لقد عمل ف ،حقوق اإلنسانقاعدة لتطور مفاهيم الفردانية و شكلت بأفكارير، عصر التنو جاء

،هو أداة املعرفة الشخصية ،فالعقل كما يعلنون باستمرار ا،فكرعلى حترير اإلنسان عقال والتنوير

يفتح الن حقوق اإلنسان يف عصر التنوير،فإع ،ائرة احلرية تشكل مبدأ اإلبداعالفردانية يف د أنو

.)1("حرةبوصفه كينونة متفردة و ن يعيش حياتهوأ وجود،ميارس حقه يف ال اال لكل فرد لكي

ÜÜÜÜÜÜ65) علي بن حسني بن أمحد الفقهي،مرجع سابق،ص1

www.watfa.net، أنظر موقعه: و اآلنسة يف مفهوم الفردانية: املغامرة ملفهوم الفردانية يف الثقافة الغربية االغتراب، )علي اسعد وطفة2

-240-

Page 260: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

تمع مكون من فا ،القاعدة اليت يقوم عليها اتمع ،ملذاهب الليربايلاوفق الفرديشكل

حرياته وأن حقوقه و ،يعين أن الفرد هو لبنة البناء االجتماعي كذلك،كونه و"جمموعة أفراد"

ةقدسمحلقوقه جيعل األمر الذي ،السياسيالوجود االجتماعي و بق يف وجودها،تس األساسية

يسبق يف فالفرد ،فالدولة أداة حلفظ "احلقوق الطبيعية" لألفراد من مثو تعمل الدولة على محايتها،

تنشأ استجابة ،فالدولة اليت تنشأ عن طريق التعاقدولذلك ويعلو عليه، وجوده تكوين اتمع

لة الليربالية أو دولة احلرية.لد الدوتعزز احلرية وتو فالفردية ،رغبامل اتنفيذملصاحل األفراد و

دي وظيفته كنسق ونظام يؤو ،كائن ميتلك وحدته الداخليةفهوم الفردانية،م ن الفرد وفقإ

يف اختيار طريقة حياته يف دائرة الوسط الذي تنتمي إليه : ميتلك استقاللية خاصةو متكامل،

بوصفهم أفراد غري ،يضمن محاية حقوق الناسأن تمع وعلى ا ارسة عقائده،مموسلوكه و

ل الفردانية العامل الذي باختصار تشكو أو التنازل عن شيء يعتقدون به، مكرهني على التضحية

.سلوكهماختيار منط وجودهم وحيام وع فيه الناس، يستطي

أخالقه اليت و ،الليربايل باسم وجوده اخلاصمن املنظور عيش اإلنسان يف اتمع اإلنساين،ي

تشكل األرضية ،إنه جمتمع ينتظم بكامله حول قناعةا من أولوية حريته.انطالق ،يشرعها لنفسه

أن هذا و ،ال شيء يعلوه أو يسمو عليهو أن اإلنسان هو األساس واملنتهى، هيو ،الصلبة لتماسكه

منه تشتق باقي املبادئ تغدو مبدأ تأسيسا، اليت ن ليس شيئا آخر سوى حريته اخلاصة،اإلنسا

.حيمل غايته يف صميم وجودهيا باعتباره كائنا غائ اليت تنظم أفعاله، ،اإليطيقية

معرض بسب تقديره العايل ملبدأ احلرية،لكنه و ،فوق اإلنسان ااإلنسان الليربايل ليس إنسان

إذا ف" احلرية ومكانتها يف الوجود، حقيقةلتشويه ومعرض بالتايل أكثر من غريه للمغاالة والغرور،

ليس فذلك عائد مل من دون أن تبلغ حدها األقصى،تع ،كانت نزعة االستكفاء الذايت باحلرية

ة حبسب خصوصي بدائل هلا، بل أيضا إىل كوا تتخذ ،تأثريهفقط إىل ضغط الوجود املعطي و

).1("صنع اإلنسان ذاتهمن أجل أن تتعاطى معها ،اليت يتعني على احلرية املبادئ

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ276ناصيف نصار،مرجع سابق،ص)1

-241-

Page 261: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

هو الذي ما قبل اإلنساين فاتمع ،وهري يف النظام الغائي للوجودجحتول لقد حدث

، كان اإلنسان يوجد من أجل إتباع غاية مفارقة إذ" ،للوجود اإلنساين مفارقة كانت الغاية فيه

إمنا و ،يطيقا من أجل اإلنسانإمل تكن نظاما األخالق اخلاص.و ليس بامسهاإلله و يعيش باسم وكان

تضع "،كانت كل األنظمة اليت تشمل الوجود اإلنساين.)1("اهللالتهيئ اإلنسان للفوز برضى يهدف

ليترتب عن ذلك هو مبدأ الوجود، ألن اإلله جتعل اإلنسان على هامشهو أوال، اإللهيف مركزها

تنفيذا ملا أراده و يف فلك املشيئة اإلهلية، إغراق جتربته مع الوجودو ،اإلنسان يف النظام اإلهليطمس

،لهويف اكتفائه ومتام كما ويف قدرته الكلية املطلقة، ،سم يف علمه األزيلحالذي ،له التدبري اإلهلي

.)2("األفق النهائي هلذا املسار

الذي حتت هيمنة اخلرب األعظم ،ما قبل اإلنساينظام يطيقا جيد اإلنسان نفسه يف النإ

غري مشبع لرغبة اإلنسان يف و ،الذي يبقى يف ضوئه كل خري إنساين ناقصا ،يتجسد يف اإلله

أما وإمنا هو فعل ما يريده اهللا. عل ما يرضي اإلنسان وحيقق فكرته،هنا ليس ف ،اخلريو السعادة

فاإلنسان غاية نفسه، ،إذ تصبح حمايثة للوجود اإلنساين فيبدأ بقلب موقع الغاية، اتمع اإلنساين

ة فكل األنظمة القيمية من مثو بل هو الغاية ذاا، ،مبعىن أن اإلنسان ليس وسيلة لتحقيق غاية تفارقه

.اإليطيقية تكون استجابة هلذه الغايةو

واحلديث يف واليبريالية الغربية،فهوم اإلنسان يف الرؤية اإلسالمية املفارقات متعددة بني م

ينعتها ،فالغرب لترسيخ ضمان حقوق اإلنسان" ،فلنتوقف فقط عند املفارقة األساس ذلك يطول،

هذا ما جيعل اتهدين و مي حقوق إهلية،اإلساليعتربها الفكر العريب بينما باحلقوق الطبيعة،

منطلقها يف تصور الغرب .وة بأمر اهللاأي مفروض للبشر ا منحة إهليةأيقولون عنها ،املسلمني

عند الغرب تعتربها منحة من األباطرة وامللوك بينما كانت الدساتري يف بدايتها ،الئكي يف املطلق

بينما عطاء اهللا ال ن يطلق عليها الدساتري املمنوحة،كاو وكانوا يعدلون فيها مىت شاءوا، لرعاياهم،

ما يزال اجلدل يف و.)3("ن مينع ما منحه اهللاألك يف اإلسالم ال أحد من البشر ميو ،عودة من اهللا فيه

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

]211-189التسامح سبق ذكره، ص [)،ضمن التنوير واألحقية و إمكان التسامح،النظام(عبد الصمد الكباص، )1

) املرجع و املكان نفسه2

: حقوق اإلنسان يف اإلسالم بني اخلصوصية والعاملية، العامة و التعامل الدويلحقوق اإلنسان يف اإلسالم يف جمال العالقات ) عبد اهلادي بوطالب، 3

.2001منشورات املنظمة العربية للثقافة واآلداب والفنون

-242-

Page 262: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ملقتضيات ضامني إعالنات احلقوق الوطنية ومل ،زم توفرهالالا حمتدما حول الضمانات، الغرب

ال تشكل يرون أن تلك اإلعالنات ،الدستورين الغربينيفبعض الفقهاء ،عليهاتنص اليت الدساتري

مع اليت يتم إقرارها خالفا للقوانني العادية ث ال تنص على عقوبة اإلخالل ا،حي ،ضمانة قانونية

يزداد اجلدل بني الفقهاءو.املترتبة على اإلخالل ا ،التنصيص على العقوبات املدنية أو اجلنائية

ال و العامة، حكامهايف مقدمتها وأ الدساتري على التنصيص على حقوق اإلنسانعندما تقتصر بعض

فتصبح بذلك مقتضيات جمرد إعراب ،وضمن مواد جبزاءاا تدجمها يف صلب مقتضيات الدساتري

.هو ما يضعف قيمتها القانونيةلربامج ال تدخل يف حيز التطبيق،و ،خطوطأو عن نوايا

يكن حيمل مل ،التراثيةيف نصوصنا الدينية و ،"اإلنسان"على أن مفهوم ،من الضروري التأكيد

،األوروبيةاليت جتد مرجعتيها يف عصر النهضةو نفسها اليت يفكر ا فيه اليوم، املضامني

يف املرجعية ""اإلنسانذلك أن مفهوم ،"الرتعة اإلنسانية"وباخلصوص يف تصورات ما يسمى ب

ن الشعور بتحريره م ،على أساس إعادة االعتبار للفرد البشري فكر فيهد وقد شي ،األوروبية

ة له بوصفه كائنا يتألف من نفس الوحدوباعادة من جهة،- خطيئة أدم-بوزر"اخلطيئة األصلية"

وحترير جسده من سلطة الكنيسة، منوذلك بتحرير نفسه متحدين احتادا ال انفصام له، ،جسدو

يف هو حقه يف جسمه، ،يف املرجعية األوروبيةق اإلنسان سلطة "األمري".ومن هنا كان أول حقو

بل على أنه الكائن املدنس، ال ،صار ينظر إىل اإلنسان" انطالقا من هذا احلقو ،التمتع بهملكيته و

إىل تنمية جسمه وروحه حريته واع نشاطه،أنه الكائن الذي جيب أن تتجه مجيع أنعلى

.)1("تهبكلمة واحدة إنسانيو،وكرامته

م لنا منوذجا الذي يقدو ،املعاصرةيف املرجعية األوروبية احلديثة و إذا فمفهوم اإلنسان

ائدا كان سمع النموذج الذي رض متام التعارض،يتعا فكريا وأخالقيا ومجاليا، للكمال اإلنساين،

ء امسه يز بني شيقائمة على التمي ،من نظرة عامةوالذي كان جزءا يف القرون الوسطى املسيحية،

،النظر إىل اإلنسان على أنه مشدود بروحه إىل األوىلو مملكة اهللا وآخر امسه مملكة الشيطان،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

198¡197اجلابري حممد عابد،مرجع سابق،ص)1

-243-

Page 263: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

خالص اإلنسان يتمثل يف إىل املقدس واجلسد إىل املدنس، وجبسده إىل الثانية: الروح تنتمي و

.)1(حياته مبملكة اهللا اليت متثلها الكنيسة على األرض ذلك بربطو ،طيئة األصليةفري عن اخلكالت

وجيعل حدا هلذا ،نائيةإذا لريفع هذه الث نسان" يف عصر النهضة األوروبية،جاء مفهوم "اإل

لذي أصبح ا بوصفه جزءا ال يتجزأ من ماهية اإلنسان،ذلك بإعادة االعتبار إىل اجلسد و التمزق،

.ساعيا إىل السيطرة على العامل ،ال بشيء خارجها ه على أنه يسمو بإنسانيته ذاا،ينظر إلي

اعدة فكرية ذات على أساس ق ،ملفاهيم حقوق اإلنسان يرتكز التأصيل اإلسالمييف حني

ومنح خلق يف أحسن تقومي، سان خملوقا مكرما من اهللا تعاىل،تعترب اإلن اجتاهات فلسفية وأخالقية،

وقد جعل اهللا واستخلف لعمارة األرض. ،ل بالعقل على سائر املخلوقاتفضو ،العلم واحلكمة

تكامله اليت تعيق تطوره و تولد مع اإلنسان وحترره من عبودية اآلخرين، ،تعاىل احلرية أمرا فطريا

يف كل ،ربط اإلسالم فعاليات احلياة الدنيا حبياة اآلخرةو من التكليف اإلهلي املستأمن عليه،ض

الغايةو دورهو فيهما، موقع اإلنسانو منطلقا من النظرة الكلية للكون واحلياة، ،متماسك ال ينفصم

وعمارة واالجتهاد يف العمل، عىن الواسع للعبادة كطلب العلم،بامل من وجوده املتمثل يف عبادة اهللا،

كة احلقيقية يف إدارة اتمع،اراملشو، مبعىن التربية الروحية ،جماهدة النفسو األرض مبا ينفع الناس،

فالواجبات ،املساواةالشورى والعدالة و انطالقا من ،االجتماعيوحتديد معامل النظام السياسي و

إضافة إىل أا ذات خاليا من كل الفوارق التميزية. ،(احلقوق) تكتسب ذه الرؤية بعدا إنسانيا

احلقوق من خالل البعد و.در كل احلقوقفاهللا هو مص ،قدسية أعلى من أي سلطة دنيوية حاكمة

ا ،مبعىن أن احلقوق أصلية يف اإلنسان ،حاكمة من سلطان أو اإلسالمي ليست منخلقت فيه أل

حق اإلنسان يف املثال، منها على سبيل سامية ومطلقة،بالتايل فهي حقوق و منذ النشأة األوىل،

املثري ...اخل والعقيدةوحرية الرأي والتعبري و بني اجلميع،ملساواة وا ،كرميال حق العيشاحلياة و

يف الرؤية العربية من أبرز مسات اخلطاب احلقوقي وهي ،مجاعيةذات أبعاد حقوق اأ ،لالنتباه

لكي ميألها جتمع،لملوهي املنطقة اليت تركت ت مصلحة فارغة يف التشريع،ترك يتال اإلسالمية،

داخل دائرة القيم اإلسالمية. اليت تتحرك ،اجتهادااوفق احتياجاته و

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ198) املرجع نفسه،ص1

-244-

Page 264: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يفالفكر اإلسالمي والفكر الليربايل الغريب يف قه،وحقوبني مكانة اإلنسان ،كذلك هر الفرقيظ

فمن ،مقصد املشرع من وضعهاوتفصيالا و من حيث مصدرها، التكييف القانوين هلذه احلقوق،

كتاب و النصوص املؤسسة (من يف الرؤية اإلسالمية مستمد حيث املصدر جند أن مصدر احلقوق

يتم عن قع احلياة ويف املمارسات،إقامة تلك احلقوق يف وا،باإلضافة لالجتهاد والقياس.و )سنة

كما اته،حىت لو خالفت مصلحته الفردية ورغب بدافع اإلميان باهللا، الفرد املسلم ا، طريق التزام

هلذا .ورعاية شؤون الرعيةعن املسؤولة يف الدولة، تمثلتيت لا ةتقام تلك احلقوق عن طريق السلط

ال حييط ا لبس أو رق تنفيذها يف اتمع اإلسالمي،طو ،الذي تنبثق عنه احلقوق فإن املصدر

حلقوق بالقوة ى القدرة يف نيل اال يعتمد علو ،ال يرتبط تفسريها باملصاحل الذاتيةو ،غموض

،قوق اإلنسان يف تشريعاتهحل واقعياذلك يظهر أن اإلسالم يقدم منظورا من ،السيادة البشريةو

ا تأكيد تلك احلقوق وإبرازها، اليت يتم الضماناتوحدد الكيفية و؛ مع الفطرة اإلنسانية منسجما

الذي ربط ،الفكر الغريب الرأمسايلهذا كله خبالف ما تقرر يف و.ن األداة اليت يناط ا إقامتهابيو

بناء على ما يراه من ،ترك األمر لكل قادر لنيل حقوقهو ،تشريعاا مببدأ احلريةمصدر احلقوق و

عند إالكالتأكيد على عدم تدخل الدولة االضطرار لذلك،عند مث قيدها بقيود خيالية. ،مصلحة

مما العامة، دون رعاية الشؤوناخلاصة احلريات محاية ا الرئيسية اجعل مسؤوليو انتهاك احلريات،

حول م إمكانية االتفاق،نظرا لعد ،له يف الواقعال أثر نظري، قوق يف الغالب أمرجيعل احل

.إىل سيطرة القوي مما يؤدي يف النهاية املصلحة.ولوجود األثرة والرتعة األنانية لدى الكثري،

ية اإلنسان من الناحية املرتبط بذات الطبيعي،نسان يف الغرب هو احلق إن منطلق حقوق اإل

فاحلقوق يف ،هو الشرع بينما منشأ احلق يف نظر الشريعة" ،املنهجبغض النظر عن الفكر و الطبيعية،

ق شرعي حلفال يوجد ،تستند إىل املصادر اليت تستنبط منها األحكام الشرعية ،إهلية ةاإلسالم منح

ومساحة احلق مرتبطة مبراعاة مصلحة الغري، هو اهللا تعاىل فمنشأ احلق ،من غري دليل يدل عليه

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

27)حممد فرج عطية،مرجع سابق،ص1

-245-

Page 265: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

عن ، ومينع الضررإمنا مقيد مبا يفيد اتمعمطلقا، واحلق ، فليساإلضرار مبصلحة اجلماعة وعدم

قد جند أن اهللا -األساسي لشريعة اإلسالمالذي هو املصدر –بالعودة إىل القرآن الكرمي .واآلخرين

بهذه املواصفات ف ،الشرالذي مييز بني اخلري و ،العقلبهداه وخلقه يف أحسن تقومي و كرم آدم،

حىت حني و واستحق أن تسجد له املالئكة، ،يكون خليفة اهللا يف األرض ناستحق هذا اإلنسان أ

قال.يسفك الدماءكونه يفسد يف األرض و ،نساناإليف استخالف ،جادلت املالئكة رب العاملني

تحق أن إنسان اس.ومكانته يف اإلسالمنسان وهذه هي صورة اإل تعاىل"إين أعلم ما ال تعلمون"،

نه مبا ميكو حلقوق ما يليق مبكانته املكرمة،كون له من ايالبد من أن يكون خليفة اهللا يف األرض،

،إىل خالق اإلنسان الرؤية اإلسالميةيف اإلنساناستناد حقوق ف ،به من أداء الدور الذي كلف

.جعلها واجبات مقدسة

أصبح يشري إىل -املستعمل يف خطاب املعاصر–واليوم ورغم أن مصطلح حقوق اإلنسان

متييز فيها بينهم ندو ،لكل البشر على قدم املساواة الواجب الوفاء ا ،املطالبجمموعة احلقوق و

ألن نوع هذه ،اتمعاتكل لدى به ماليس مسل ذا التعريف العامه إال أن ألي سبب كان،

ذو ،فإن كان اإلنسان فردا حرا التصور األساسي عن اإلنسان ذاته،يرتبط ارتباطا وثيقا ب ،احلقوق

التصرف السليم و و القدرة على االختيار األخالقي، ميتلكو كرامة وقيمة وميتلك العقل والضمري،

على سوف تبىن ،فإن حقوق هذا اإلنسان على ما هو يف مصلحته، ،الصائبميلك أيضا احلكم

يبدأ بإسناد مجيع احلقوق املقررة- يف اإلسالم-فالتأسيس املعريف الفلسفي ،هذا التصور األساس

كما يضفي با مقدسا مفارقا ألي سلطة وضعية،و جيعلها واج لإلنسان إىل اهللا خالق اإلنسان،

مبا أن و ،فهي تسمو إىل مرتبة الواجب الديين مل مسؤولية محايتها كل فرد،ة يتحعليها قوة إلزامي

.إذا ال تعترف بالفروق اجلنسية أو اجلغرافية أو العقائدية فهي ،اخلالقهذه احلقوق مقررة من

يقتضي بادئ ،اإلسالمي العريب من املنظور ،إن البحث يف مضمون خصوصية حقوق اإلنسان

فكل إنسان أيا كان عرقه ،كما هو يف حقيقته إىل نظرة اإلسالم إىل اإلنسان،وع ذي بدئ الرج

Page 266: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

-246-

أيا كان ، وآدم من تراب"ضارته حمترم، وأخ ألخيه اإلنسان، "كلكم آلدم وأو لونه أو دينه أو ح

ه هذ، ويولد على الفطرة، المسنظر اإل فهو ،هذا اإلنسانأو الزمان الذي يولد ويعيش فيه املكان

ميالده، وهي منذ حلظة، هي موجودة كاملة غري منقوصة فيهالفطرة هي واحدة يف كل بين آدم، و

إمنا يولد مزودا بأدوات و سان على الفطرة فقط،ال يولد اإلننفخة من روح اهللا تعاىل.وعلى تشمل

يف روحه من هي األدوات اليت يستطيع ا أن خيدم ماو اسية،كالسمع والبصر والفؤاد،املعرفة األس

حتقيق االزدهار الروحي تع باحلياة وإىل التمو وإىل احلرية بأوسع معانيها، شوق إىل معرفة اهللا،

.)1( ترقية نوعية حياتهو، املاديو

صر عنو ،اخللودقد أودع فيها عنصر الثبات و سالم اليت ختم اهللا ا الشرائع،إن شريعة اإل

هذه الشريعة،جماالت املرونة يف و وميكن أن حندد جماالت الثبات،.املرونة والتطور يف آن واحد

الثبات .اجلزيئاتواملرونة يف الفروع و إمجاال يف عدة أمور:فالثبات يكون على األصول والكليات،

أمور و الثبات على القيم الدينية،؛ الوسائلواملرونة يف األساليب و يكون يف األهداف والغايات،

ا" حيث عليهالشؤون الدنيوية املستجدة.فالقرآن الكرمي يأمر بالشورى و ة يفاملرونو ،العبادات

لكن و تمع املسلم اللتزامه بالشورى"وأمرهم شورى بينهم"،ميتدح او وشاورهم يف األمر"،

بل األمر ،ال أسلوب حمدد للشورى وليس فيهما إلزام بشكل معني ،السنة املطهرةو القرآن الكرمي

أسلوا من وطريقة الشورى و فاألمر بالشورى ثابت ال يتغري، ،لظروف الزمانمتروك يف ذلك

إذا "و،.والقرآن الكرمي يأمر بالعدل والقسطاملكانحبيث ختضع لظروف الزمان و ،املرونة مبكان

االلتزام بالعدل يف اتمع، ،تعاىلتبارك وفأوجب اهللا كمتم بني الناس أن حتكموا بالعدل"،ح

دائرة هذه هي و ي اون أو تساهل يف إقرار العدل،يسمح بأ ومل ل حىت مع األعداء،والعدل الكام

لكن القرآن و ،منع الظلمدل ويف األمر الع ،تغيري حكم الشرع كانفال يستطيع كائن من الثبات،

بل إن هذا متروك ،بني الناسأساليب التقاضي ال و ر العدل،شكل معني لنش حيدد مل ،الكرمي

رونة.دائرة املل

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ26)حممد عبد املالك املتوكل،مرجع سابق،ص1

-247-

Page 267: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وأمهلت اجلانب ،للجانب الزمين، املادي،االستهالكي قد أعطت احلداثة األوروبية األولويةل

املواطن –وهكذا مت تغليب حقوق "الفرد ".يف الدائرة اخلاصة حلياة اإلنسانالروحي عن طريق رميه

وإمنا كفرد مواطن. ،اإلنسان مل يعد منظور إليه كروح نأ.مبعىن الروح"–"على حقوق "الشخص

ق اإلنسان أركون حقو حممد وذا املعىن ينتقد ،)1("له حقوق مادية عديدة ينبغي إشباعها فقط

ن آ.فحقوق اإلنسان ال تكتمل إال بإشباع حاجاته الروحية والزمنية يف كما هي سائدة يف الغرب

.وليس فقط الزمنية أو املادية ،واحد

ريب يف أن .المن خالل مسار احلداثة والعلمنة يف التصور الغريب نه قد حصل اختاللأيبدو

ولكن التقدم ".املقموعوق وأبناء اجلنوب الفقري واملسح عليها هااحلداثة الغربية حققت أشياء حيسد

بعد الروحي أصبح معلقا فال، مل يكن على املستوى نفسه، خالقيةعلى صعيد احلياة الروحية أو األ

.)2("بعد أن اختزل اإلنسان إىل جمرد وظائف عضوية وحاجات االستهالكية ،أو مطموسا

االجتماعي والرقي املعيشي،أن التقدم يرددون، "مافتئوا ،ن أنصار الليربالية اجلديدةرغم أ

هي القانون املوافق ،أن هذه احلركة املستقلةو ،ينبع من داخل حركة السوق ،االزدهار الثقايفو

الفردية: إىل عامل لعدد غري حمدود من االقتصاديات ،فالسوق هو تدفق دائم نفسه، ملنطق تاريخ

اليت ال تتطلب إال ،تصل للمعلوماتيبحثون عن املنفعة وفق استقصاء م ،جمال تباديل بني شركاءو

وقف عند محاية إن تدخل القانون يتاليت حتمي احلركة احلرة للسوق. ة،التقيد بالقواعد القانوني

وكل إقحام ملطلب العدالة االجتماعية يف هذا والتبادل احلر، فافية املعلومات،شاحلريات الفردية و

يولوجية العدالة االجتماعية،باسم إيد ،يدمرهاإلنتاج وويعطل يقضي على احلرية واملبادرة، ،اال

بدال من االسترشاد ،القوةوتفرضه بالسلطة و ،معياريا شامال للمجتمع تنظيما ،مسبقا اليت تتبىن

.)3("بالتاريخ الذايت احلركة الذي جتسده الليربالية

معتربة ،األخالق من الغايات العليالتجرد السياسية و ،يف هذا السياق جاءت الليربالية اجلديدة

مل تعد الدولة و التنظيم السلمي للمجتمع احلديث، مها مرجع ،حتميته االقتصاديةأن السوق وÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

،لبنان،ط ، ة للطباعة والنشر والتوزيع،بريوت،تر،هشام صاحل،دار الطليعقضايا يف نقد العقل الديين،كيف نفهم اإلسالم اليوم)حممد أركون،1

254،ص

254،255) املرجع نفسه،ص2

243،244) بليمان عبد القادر،مرجع سابق،ص3

Page 268: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

-248-

، تابعا لالقتصاد بل صارت شأنا تكنوقراطيا، النقديالتأملي و موضوعا أساسيا للفكر الفلسفي

مبعىن آخر فقدت الدولة ته، وآلة من آالحت السياسية ظال القتصاد السوق وأصب، والعلوم التقنيةو

، من حيث كما فقدت العدالة معناهادرة على ضمان حقوق كل املواطنني، كسلطة عليا قا،داللتها

غت ظهور الدولة الليربالية اليت سو، حقوق اإلنسانهي حق اجلميع يف احلرية واملساواة و

ية أمريكا جاريا حول حقيقة العقالنالجتاهات الليربالية يف أوروبا وامن هنا ظل النقاش بني .نفسها

من طرف ،مدى كونية أو مشولية حقوق اإلنسان و احترامهاو ،احلرية على العدالة وأولوية ،النفعية

.الدول الليربالية

ظهور تيار يف أمركا يدعو لالشرعية الليربالية اجلديدة ومسوغاا،لقد أدى إخفاق االجتاهات

مة إعادة بناء من ثو ية الليربالية،للفلسفة السياسضمن قراءة جديدة ،إىل أولوية العدالة على احلرية

الذي ،ولزامحل لواءه الفيلسوف األمريكي جون راجتاه وفق مبدأ العدالة، ،اتمع الدميقراطي كله

الذي ،وذلك من خالل نقد اجلشع والقهر،من األساس ،أعاد طرح إشكالية اتمع الدميقراطي

غه املذهب النفعي. يسو

بشرية أو قسم كبري منها الذي تنعم ال ،هذه الليربالية ولدت التراكم الرأمسايلصحيح أن

كما كشف " ،لكنه تراكم كان يرافقه تراكم خفي هو تراكم البشر يف املؤسسات احلديثةبثمراته.و

ل نظام لتطويع يتشك ،املقصود بتراكم البشرو ،املمارساتن ذلك التحليل احلفري للخطابات وع

اتمع مل احلديثة اليت تكونت حول الفرد و حىت املعارف ،العقول ولبةقوتطبيع األفراد و األجساد

آلخر غري التنويري أي بل كان هلا وجهها ا ،رية صرفهي تكن ممارسة تنومل؛ تكن جمرد علم خالص

إىل إخضاع البشر والسيطرة إذ هي ارتبطت بنشوء منط سلطوي رمي ،االستبدادي الظالمي أو

لمسألة وجهها لهكذا .)1("تستهلكبصفتهم كائنات حتىي فقط لتنتج و بغية التعامل معهم ،عليهم

أي كل ،صعيد ولدت نقيضها على صعيد آخرمنت ازدهرت على فالليربالية الغربية اليت ،اآلخر

على بته.أوقولالفرد واليت عملت على حماصرة ،الشبكاتتلك األنظمة واألجهزة واآلليات و

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ122، ص1994¡1، دار الطليقة، بريوت،لبنان ،طأسئلة احلقيقة و رهانات الفكر)علي حرب، 1

-249-

Page 269: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ة خارج املساحة احلضارية الغربية، فضال عن ميش كل العوامل الثقافية القائم ،إقصائهو ميشه

أيضا كل تلك التقنيات بل تتهددها ، ليس احلاكم املستبد وحده، يتهدد حرية الفرد اليومفما

. مع سواه يتضيق عليه أفقه التواصليت جتر الفرد من بعده اإلبداعي، وال ،السلطوية الالمرئية

مذجة يف ذاا فالن، ال ينبغي هلا أن تكون كذلكوعليه نقول: "إن الليربالية ليست منوذجا و

ني أن يف ح، االستنساخالتعميم وأو إىل احملاكاة فعل مضاد للحرية؛ فالنموذج حيتاج إىل التقليد و

إنه .عجزه خبروج الواحد من إال ذلك ال يكونفعل احلرية يقتضي التفرد واألصالة واإلبداع، و

.)1( "العامللى حنو جيعل عالقة املرء بذاته وبالغري وعلى الذات لصنعها وإعادة بنائها عاشتغال

اليت تدار من ،القانونيةمبؤسستها السياسية وال تتمايز ،إن أنظمة احلكم القول خالصة

والقيم والعقائد ما تتمايز بنوع األفكار، بقدر- رغم أمهية ذلك-تتخذ القراراتخالهلا السلطات و

تشكل الشخصية و ،اليت متثل مضمون نظام معني وروحه العامة ،القواعد التشريعية الرئيسيةو

ا هو عموتصورام عما هو عدل وحق وخري و ،النظامالفردية والعالقات اجلماعية ملؤسسي ذلك

من السهل"حقا أو باطال. عدال أو ظلما، ،شراا جيعل هذا العمل خريا أو عمو، ظلم وباطل وشر

،نظام األفكارو لكن من الصعب نقل الروح العامة، سسات نظام معني من أمة إىل أخرى،نقل مؤ

ولن يؤيت خارج إطاره التارخيي ، روحه العامة لن يعمل نظام بنجاح دون.وقواعد التشريعو

.)2("داخل ذلك اإلطار هااحىت تلك الثمار الضئيلة اليت أت ،الثقايفو

بناء على املؤثرات اخلارجية فحسب ،إن طرح مسألة حقوق اإلنسان،هذا ما يدفعنا للقول

فاالستجابة للشروط اخلارجية بصورة " ،يف الطرح العميق هلذه املسالة يفد مبا فيه الكفاية، مل

كما أن هذا الطرح قد بالنسبة للحياة اليومية للمجتمع، أساسية جيعلها مسألة صورية وفوقية،

وبني ضعف بني احلضور القانوين حلقوق اإلنسان، جيسد اهلوة املوجودة يف كثري من اتمعات،

.)3("تطبيقها يف الواقع اليومي للناس

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

125¡124املرجع نفسه،ص) 1

69) الغنوشي راشد،مرجع سابق،ص2

75،ص1،1997،دار الطليعة،بريوت،طالبعد الدميقراطي)حممد وقيدي،3

-250-

Page 270: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 271: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 272: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

اإلسالمي احلديث-يف الفكر العريب-)1

بتفحص أمامها،والتوقفالدراسةتستحق واملعاصر،احلديثالعريبالفكريفاحلريةقضية

مؤشرانهأل-واملعاصرالفكر العريب احلديثتناولتاليتالدراساتكثرةمنالرغمعلى-وعناية

ومواجهة الذايت،التجددعلىقدرتهوعلى جهة،منوواقعيته الفكر العريب،تطورعلىهام

وثيق،برباطاحلريةبقضيةمرتبط اتمع،تقدمأنعلىمؤشرانهأكما ثانية،جهةمنالتحديات

االت،لمجامجيعمشلولكنه آخر،دونجمالعلىقاصرايكناملفهوم،ملهذاأن األمر،وحقيقة

قضيةتناولأناملالحظومن اتمع،أوبالفردخاصةكانتسواء احلرية،بقضيةتتصلاليت

يفسامهوا واملعاصر،احلديثاإلسالميالعريبفكرنايف ،مجمموعة األعالخاللمنمت ،احلرية

يف إطار األسئلة املطروحة اتمع،يفوتكريس دعائمها معناها،وتثبيتاحلريةمدلولتطور

وحول إزاء الثقافة الوافدة عموما، ظهر تباين يف أراء املفكرين العرب واملسلمني، واإلجابة عنها،

وانقسموا إىل تيارات تنوعت ما بني العلمانية اخلصوص،سبل اخلروج من حالة التخلف على وجه

.والليربالية واإلصالحية والتحريرية والسلفية

لتبيئة ظهرت حماولة رفاعة الطهطاوي، باحلضارة الغربية، ففي إطار ربط اتمع العريب،

الطهطاوي،فمن وجهة نظر .على وجه اخلصوصوالفرنسية مكتسبات احلضارة الغربية عموما،

أن يسايروا ومسايرة التقدم، إذا ما أردوا اخلروج من حالة التخلف ينبغي على املسلمني،

يف أسلوب حيام االجتماعية والثقافية....اخل.وميكن أن نربز إعجاب الطهطاوي ،الفرنسيني

رب حيث يظهر صراع الشرق والغ ختليص اإلبريز،من خالل كتابه باحلضارة األوربية احلديثة،

بقدر ما كان يهدف الذي مل يكن الغرض من ورائه وصف الغرب، من خالل هذا الكتاب، جليا،

هو وصف للغرب ختليص اإلبريزفبالرغم من أن كتاب من خالل الغرب، إىل نقد العامل العريب،

ها من خالل املقارنات اليت كان يعقد إال أن الواقع املعاش كان دائما حاضرا، ،)1(يف صورة باريس

.طالع على منشآتهواال عيا بين جلدته إىل مواكبة الغرب،دا بني باريس ومصر، الطهطاوي،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

39،ص1973،املؤسسة العربية للدراسات والنشر والتوزيع،(ب. ط)،3األعمال الكاملة لرفاعة الطهطاوي،ج )1

-251-

Page 273: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

كاحلرية واملساواة والتسامح حيثمن مفاهيم الليربالية الفرنسية، لقد آمن الطهطاوي بالعديد

أنهغري ومؤلفاته،فكرهيفكبرياجانباهلاخيصصجعلهمما عنده،كبرياهاجسااحلريةشكلت

فحسب،الغريبالفكرمساتمنليسذلكأنواعترب املدنية،احلقوقمبسألةاحلريةموضوعربط

اإلسالموأن معها،وتفاعلوااحلريةمارسواقداملسلمنيألن.اإلسالميالفكرمساتمنمسةهوبل

علىوبناءالعدل""مفهوموهو الغربيني،عندمفهومهامنوأمشلأعممبفهومولكن¡شرعهاقد

منوسيلةباعتبارهاوذلك الغربية،التجربةإطاريفجديدصياغتها،وبعثها منإعادةميكن ذلك،

عهده،يفالغربيةالسياسيةاملمارسةمييزماأهمأنيرىالطهطاويوالرقي.وكانالتقدموسائل

والثانية والعدالة،احلريةمبدأيعلىقائمةاألوىلأنهو اإلسالمية،العربيةالسياسيةاملمارسةعن

وشرطمبدأإىلتستندانهأل ومتمدنة،متحضرةاألوىلالدولفكانت؛ املبدآنهذانينعدم فيها

.فيهاتنعدمالتحضر والتمدنألن شروط ومتأخرة،متخلفةالثانيةبينما التحضر،

التنوير وقيم الليربالية،إال أنه بقي مشدود إىل مرجعيته مورغم إميانه مبفاهي لكن الطهطاوي

تتعامل مع حيث كان يقيم التعامل مع احلضارة الغربية،يف إطار نظرة معيارية دينية، األزهرية،

سعى خري الدين التونسي إىل تبيان الدليل،على الغرب من منظور الكفر واإلميان.وعلى نفس املنوال

على مستوى العقل واالقتباس منها،من أجل إحداث التنوير، جناعة مواكبة احلضارة األوربية،

أقوم من خالل عرضه للغرض من وراء تأليف كتابه " حيث تظهر هذه الرتعة، واملمارسة،

، أمران آيالن إىل الذي جاء فيه "ما دعانا جلمع هذا التأليف ،املسالك يف معرفة أحوال املمالك "

ما ميكن من سبالتما من رجال السياسة والعلم، أحدمها إغراء ذوي الغرية واحلزم،مقصد واحد.

رك خري الدين هدف أد وتنمية أسباب متدا "، الوسائل املوصلة إىل حسن حال األمة اإلسالمية،

املتمثلة يف"حسن اإلمارة املتولدة من مامل تتوفر له األرضية املناسبة، التونسي أنه يستحيل حتقيقه،

أما األمر .)1(املتولد من إتقان العمل،املشاهد يف املمالك األورباوية بالعيان" املتولد من األمل، األمن،

،عن "حتذير ذوي الغفالت من عوام املسلمني: فهو ، من ورائه تأليف كتابه هذا الثاين الذي قصد

ÜÜÜÜÜÜÜÜ

5(بدون تاريخ)،ص 1،مطبعة الدولة، تونس،ط، أقوم املسالك يف معرفة أحوال املمالك)التونسي خري الدين،1

Page 274: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

-252-

من أن املوافقة لشرعنا،مبجرد ما انتقش يف عقوهلم، متاديهم يف اإلعراض عما حيمد من سرية الغري،

ولذلك دعا إىل اقتباس األفكار ،)1(والتراتيب ينبغي أن يهجرمن السري عليه غري املسلم،مجيع ما

داعيا إىل تقليد الغرب كون مثل هذه االقتباسات،تتوافق مع روح الشريعة، السياسية واالقتصادية،

عن "الشرع مل ينه :مستشهدا على ذلك بقوله وترك ماال ينفع، فيما ينفع وال يتعارض مع الشرع،

ملا حيسن من أعمال على أنا إذا تأملنا يف حالة هؤالء املنكرين، (...)التشبه مبن يفعل ما أذن اهللا فيه

وال ميتنعون منها فيما فيما ينفع من التنظيمات ونتائجها، جندهم ميتنعون عن جمارام، اإلفرنج،

¡)2("ا من الضرورياتوحنوه وذلك أنا نراهم يتنافسون يف املالبس وأثاث املساكن، يضرهم،

فاألمر إذا " املقوية ألسباب التمدن ومنو العمران. فالشريعة ال تناىف تأسيس التنظيمات السياسية،

فال وجه إلنكاره إذا كنا عليه، وأخذ منا، االسيم وكان موافق لألدلة، كان صادرا عن غرينا،

.)3("بل الواجب احلرص على استرجاعه واستعماله وإمهاله،

هو امتداد ملا كانت عليه -حسب خري الدين التونسي-إن أكثر ما استحدثه األوربيون

بل إنه يرى أن العامل وحدة لوصلنا إىل ما وصلوا إليه، ولو أننا تابعنا مسريتنا احلضارية،" شعوبنا،

وال¡مجيعه وحق له هو يف مصلحة اجلنس البشري، وأن أي إجناز إنساين وحضاري، متماسكة،

فذلك ال فإن كل متمسك بديانته، وإن كان يرى غريه ضاال يف ديانته، ،عربة يف اختالف األديان

كما تفعله األمة من أعماله املتعلقة باملصاحل الدنيوية، فيما يستحسن يف نفسه، مينعه من اإلقتداء به،

حىت بلغو يف استقامة يف كل ما يرونه حسنا من أعماله، فإم مازالوا يقتدون بغريهم، اإلفرجنية،

حبجة وهو ينكر على الذين يعارضون اإلقتداء بالتجربة األوربية،.)4("هو مشاهد ما نظام دنياهم،

واحلذو حذوه ضمن خمالفتها للشريعة يف حني أن اإلفادة من علم الغرب ومعرفته وتقدمه العمراين،

إن ذلك ممكن دون تقدم يف ،وهل يظن هؤالء املنكرون .هو الذي حيفظ استقاللنا جتربة خاصة،

.)5(املشاهدة عند غرينااملعارف وأسباب العمران ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

) املصدر والصفحة نفسها.1

.7) املصدر نفسه،ص2

57،(ب، تاريخ)،ص2،دار النهار،بريوت، طاملثقفون العرب والغرب) شرايب هشام، 3

) املرجع و الصفحة نفسها.4

199)املرجع نفسه،ص5

-253-

Page 275: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يرى أن ،فإن خرب الدين التونسي إذا كان مصطلح احلرية يقترن دائما بالعدل ويقترب منه،

ومن هنا فإنه يدخل من أصول الشريعة، أصل األساس، وأا على هذا احلرية مالزمة للعدل،

ه تنقسم إىل قسمني رئيسيني:احلرية فاحلرية عندمعددا أقسامها. معرفا ا، مباشرة يف احلديث عنها،

.ويسميه حبرية املطبعة ،رد منهما قسم ثالث هو حرية الرأيوي الشخصية واحلرية السياسية،

مع أمنه على نفسه فهي إطالق تصرف اإلنسان يف ذاته وكسبه، أما احلرية الشخصية،

اإلنسان ال خيشى هضيمة يف ذاته،حبيث أن ومساواته ألبناء جنسه لدى احلكم، وعرضه وماله،

وباجلملة فالقوانني تقيد .وال حيكم عليه بشيء ال تقتضيه قوانني البالد املقررة وال يف سائل حقوقه،

.الرعاة كما تقيد الرعية

وإبداء الرأي فيما هو أصلح يف سياسة الدولة، فهي مشاركة املواطنني ،وأما احلرية السياسية

أشري إليه، بقول اخلليفة الثاين عمر بن اخلطاب،"من رأي منكم يف اعوجاجا على حنو ما هلا،

ولكن ملا كانت الدميقراطية املباشرة،.يعين احنرافا يف سياسته لألمة وسريته معها فليقومه"،

فقد غري ممكنة يف هذه األيام، باملعىن الذي أشار إليه اخلليفة العريب، كممارسة للحرية السياسية،

فالفرق بني احلرية .جتسدها االس النيابية املنتخبة ،استبدلت الدميقراطية املباشرة بدميقراطية متثيلية

هو فرق يعود عرفتها أوروبا يف القرن التاسع عشر، السياسية كماواحلرية السياسية عند العرب،

وضمانا للضبط، للهرج، منعا وإىل احلاجة إىل تقنيني هذه احلرية وتنظيمها، إىل اختالف األزمنة،

ذلك أنه ملا كان إعطاء احلرية ذا املعىن ( الدميقراطية املباشرة اليت عرب عنها عمر بن اخلطاب )

يل ينتخبون طائفة إىل كون األها عدل عنه، مظنة لتشتيت اآلراء، وحصول اهلرج، لسائر األهايل،

وتسمى عندنا بأهل احلل والعقد. تسمي عند األوروبيني مبجلس نواب األمة، ،من أهل املعرفة

صرحية إلتباع خطوات النهضة ةاإلسالمي، دعو-شكل اخلطاب الليربايل العريب لقد

حد الغلو الفكري، لف؛ دعوة وصلت يف كثري من األحيانمن مأزق التخ جاألوروبية، للخرو

مناحي يف مجيع انية،الذي يدعو صراحة إىل تبين الرتعة العلم كما جاء يف آراء سالمة موسي،

-254-

Page 276: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

املدارس واحلكومات من القيود الدينية، قالرتعة العلمانية، بإطال: أهم الرتعاتفمن ":احلياة قائال

ليما أوربيا ال تشمل مجيع األمم املتمدنة.أريد من التعليم أن يكون تع العلمانية نزعة أوربية، نأل

أماال كبرية على تقاليد .لقد عقد أصحاب هذا االجتاه،)1(وال دخول له فيه" ،سلطان للدين عليه

فربزت الدعوة يف خمتلف ااالت، الليربالية األوروبية، وتبنوا بعضها يف إطالق حركة التحديث،

ام به رائد هذه الدعوة وهذا ما ق يف األعمال وحتريرها من قيود املاضي، إىل مشاركة املرأة للرجل،

.)1900واملرأة اجلديد ،1899(حترير املرأة ن خالل مؤلفيه،م )،1863/1908(قاسم أمني

وأرجع أمر اضطهادها للتقاليد املوروثة، قضية املساواة بني املرأة والرجل، تناول يف الكتاب األول،

واليت عند جتاوزها يظهر لنا" أن املرأة ال اك،ذوالرتعة االستبدادية املسيطرة على العقلية العربية آن

ومتتعت حبريتها املمنوحة هلا، ا ملكت نفسها،ذإال ا وال ميكن أن تكون وجودا تاما، تكون،

مبقتضى الشرع والفطرة معا".

وارتقائها، مانع عظيم حيول بني املرأة يرى أن احلجاب كما كان منتشرا وقتها،وهو

ال ترجع للدين - قاسم أمني حسب- .إن مسألة اضطهاد املرأة)2("لك حيول بني األمة وتقدمهاذبو

فأعلن حريتها ،ألن الدين اإلسالمي"سبق كل شريعة سواه يف تقرير مساواة املرأة للرجل،

ولكن األمر راجع إىل ما" كان ،)3("يوم كانت يف حضيض االحنطاط،عند مجيع األمم واستقالهلا،

.رأة يف ضعفهاأن الرجل يف قوته أخذ حيتقر امل من أثر هذه احلكومات االستبدادية،

اليت وصلتها املرأة فقد أظهر فيه إعجابه الشديد باملكانة، أما يف كتابه الثاين"املرأة اجلديد"،

على أثر بدأ ظهورها يف الغرب، هي مثرة من مثرات التمدن احلديث، ف"املرأة اجلديدة، األوربية،

األوهام و الظنون واخلرافات،من سلطة اليت خلصت العقل اإلنساين، العلمية، تاالكتشافا

من أجل مسايرة هذه ومن.)4("ورمست له الطريق اليت جيب أن يسلكها وسلمته قيادة نفسه،

فلجأ إىل مفاهيم التقدم واحلرية املدنية، وخاصة مفهوم استعان بالعلوم االجتماعية الغربية، ،املوجة

بل لتقاليد املوروثة،لليس فاملهم يف اتمع ورفض التقاليد، وحرية االعتقاد، احلرية الفردية،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ8،(ب ت)،ص2والتوزيع،القاهرة،ط ر،دار سالمة موسى للنشاليوم والغد)سالمة موسى،1

79،ص1988، (ب.ط)،الجزائر،سلسلة األنيس موفم للنش،ةتحرير المرأأمين قاسم،)2

79،ص 1901ت)، ،مصر،مطبعة املعارف،(باملرأة اجلديدة) أمني قاسم ،،3

11)املرجع نفسه ص4

-255-

Page 277: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وليس اليت لن تبلغ غايتها وكماهلا إال بالعلم، الذي بلغ ذروته يف أوروبا، للمجتمع،املصلحة العامة

وهو الرأي الذي ذهب إليه دعاة الفكر . "ال يستطيع حلد ذاته بناء جمتمع متقدمبالدين الذي

إيل ،)1854.1902(يذهب الكواكيب حماولة للتوفيق والتلفيق،ففي موقف يشبه .التقدمي العقالين

–وكأنه حياول أن يربر لآلخر أسبقية إقحام مصطلحات ليست من بنات البيئة العربية اإلسالمية،

برفعها كل أن اإلسالمية مؤسسة على أصول احلرية، "وقد ظهر مما تقدم،: حيث يقول!-ما

وقد وحبضها على اإلحسان والتحابب، واملساواة والقسط واإلخاء،بأمرها بالعدل سيطرة وحتكم،

يف األمة بعقوهلم ال أي شورى أهل احلل والعقد، ،الشورى االرستقراطية: جعلت أصول حكومتها

.)1(أي االشتراكي" ،التشريع الدميقراطي: وجعل أصول إدارة األمة بسيوفهم،

خيلط الكواكيب بني الدولة الدينية والدولة االستبداد،وعن شكل الدولة الكفيلة بالقضاء على

هو إحكامهم أصول احلكومات املنتظمة "وأنفع ما بلغه الترقي يف البشر،: حيث يقول املدنية،

ال قوة و ال نفوذ وجبعلهم،أ واالستبداد جرثومة كل فساد، يف وجه االستبداد، ببنائهم سدا متينا،

مل تتحد يف اإلسالم فإدارة الدين وإدارة امللك، ،)2(ل اهللا املتني"والشرع هو حب ،فوق قوة الشرع

وال يوجد يف اإلسالم نفوذ دين مطلق، متاما إال يف عهود اخللفاء الراشدين وعمر عبد العزيز فقط،

.غري مسائل إقامة الدين"يف

منهجه القائم على العلمانية، اليت متثل ،)1922-1874(من جهة أخرى قدم فرح أنطوان

يقول "ال نعلم كيف يستقبل أبناء ففي مناقشته حملمد عبده،.اإلنسانية اجلديدبالنسبة له دين

قد صار كثريا، هذا الكتاب يف هذا الزمان.ولكنا نعلم أن "النبت اجلديد" يف الشرق، العصر،

الذين عرفوا مضار مزج يف كل ملة وكل دين يف الشرق، ونريد "بالنبت اجلديد" أولئك العقالء،

يف مكان مقدس حمترم فصاروا يطلبون وضع أديام جانبا، العصر، ايف عصر كهذ ،الدنيا بالدين

وإال جرفهم ملزامحة أهله، وجماراة تيار التمدن األوريب اجلديد، ليتمكنوا من االحتاد احتادا حقيقيا،

.وجعلهم مسخرين لغريهم مجيعا،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

56،ص2006¡3،دار النفائس، (مل يد كر البلد) ،ط ومصارع االستعبادطبائع االستبداد ) الكواكيب عبد الرمحان،،1

169)املرجع نفسه،ص2

-256-

Page 278: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

كيف فقد شكل مطلب احلرية حجر الزاوية يف تفكريه، ،أما بالنسبة ألمحد لطفي السيد

احلياة،كما الروح تالزم ومتنحه تالزم الوجود اإلنساين،" متثل"املقوم األول للحياة، ال واحلرية،

فال ينبغي االلتفات إىل وأم املصاحل، فهي "مسألة املسائل،.)1(ال قيام لإلنسان بغري احلرية اجلسد،

بذريعة أن هذه الشعوب ليست أهال هلا.لوكنا نعيش حلرمان شعوبنا منها، من يلتمس املربرات،

ولكن غذائنا احلقيقي ؛ وفوق الراضية ،لكانت عيشتنا راضية-يقول أمحد لطفي السيد-باخلبز واملاء

بل هو غذاء طبيعي ليس هو إشباع البطون اجلائعة، الذي به حنيا ومن أجله حنب احلياة،

هو إرضاء وأصبح اليوم أعز مطلبا وأغلى مثنا، ولكنه كان دائما أرفع درجة، أيضا،كاخلبز واملاء،

.)2("يةوعقولنا وقلوبنا ال ترضى إال باحلر العقول والقلوب،

وليست احلرية مبعناها هي حرية املمارسة، ،إن احلرية احلقيقية يف نظر أمحد لطفي السيد

فاحلرية املعطلة عن االستعمال إذا تعطلت من آثارها، فاحلرية الطبيعية ال فائدة منها،" الوجودي،

إال إذا يصح أن تسمى حرية،ومن هذا فاحلرية الطبيعية املالزمة لإلنسان ال هي يف حكم املفقودة،

مث ،)3("مبقدار ما لديه من وسائل استعمال هذه احلرية كان ميسرا له استعماهلا.إمنا يكون املرء حر،

اليت تقف حجر عثرة أمام املمارسة ،لوقوع حتت سلطة األفكار املوروثةحمذرا من مغبة ا يضيف،

يستحيل أن يوجد، -يقول لطفي السيد- احلرية الفعلية للحرية.إن تقدمنا يف نيل قسطنا الطبيعي من

إذا كنا ال " وكان عددنا أضعاف ما حنن عليه، ولو كانت يف أيدينا أكرب معدات القوة الوحشية،

وإذا كنا ال نقطع بأيدينا تلك نتخلص من وصمة عبادة اآلراء واألفكار من غري متحيص،

إننا إذا .علينا االستفادة من املبادئ اجلديدةواألوهام اليت أفسدت اليت قيدت عقولنا، السالسل،

كان وليس لنا فيه مزاحم وشريك، جربنا أن نرفع هنا احلرية يف امليدان الذي لنا فيه حرية العمل،

.)4("لظهور احلرية وتأييدها إلظهار شيء من القوة الضرورية، ذلك فاحتة خري،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

105،،ص 2008¡1واحلداثة،دراسة يف مقاالت احلداثيني،مرككز دراسات الوحدة العربية،بريوت،لبنان،ط)عبد اإلله بلقزيز،العرب 1

.132،ص 1963، دار اهلالل، مصر، ( ب ط) 149ضمن سلسلته كتاب اهلالل، عدد مبادئ يف السياسة واألدب واإلجتماع،)أمحد لطفي السيد، 2

.133) املرجع نفسه، ص 3

.137) املرجع نفسه،ص 4

-257-

Page 279: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يف احلرية الذاهبة إىل أن احلالة الطبيعية لدى موموضوعا وعلى مثال فالسفة عصر األنوار،

اإلنسان يقيم أمحد لطفي السيد تالزما بني احلرية والطبيعة اإلنسانية، أنه حر،- حتما-اإلنسان تقرر

يقررها أو حيجبها أو ينفيها، اجتماعي،سابقة يف الوجود ألي نظام طبيعية، ألن احلرية حر بطبعه،

حيث " ميل الناس إىل ألن إرادة حتقيقها حاكمة للفعل اإلنساين، –أي طبيعية -وهي كذلك

يقول:" القدرة وهو عندما يفرق بني احلرية املدنية واحلرية السياسية،.)1(حتصيلها طبيعي بالضرورة"

وتعريفها تعمل ما تشاء و هي احلرية املدنية،أ الفعلية على العمل والترك هي احلرية الشخصية،

اشتراكا فهي أن يشترك كل فرد يف حكومة بالده، وأما احلرية السياسية،.بشرط أن ال تضر بالغري

.)2("وهذا معىن ما نسميه بسلطة األمة تاما كامال،

احلقوق "فيقف عند ثالثة منها: ويف معرض استعراضه لألشكال املختلفة للحرية املدنية،

هي احلرية الشخصية مبعناها العام :حرية و احلقوق األصلية مث حق امللكية. األصلية، وحق املساواة،

ومعىن حق .يف حدود ال تضر الغري حرية التربية والتعليم، حرية الكالم والكتابة، الفكر واالعتقاد،

ارع أن مييز طائفة على فليس للش املساواة، أن يكون الناس يف املعاملة سواء أمام القانون،

فيقضي بأن لكل فرد احلق يف أن ميلك ما استطاع أن ميلكه من العروض أما حق امللكية،.األخرى

مع وليس له أن حيد التصرف فيه، ليس للشارع أن يقربه، ألن ذلك حق أصلي، والنقود واألموال،

.)3("وتعويض األضرار ويف حدود الضرورة، إال يف منفعة عامة، األهلية،

بأنه ليس كل الناس يستطيعون أن يدفعوا مثنا غاليا يف ورغم هذا يعترف أمحد لطفي السيد،

وال يقتنيها إال إذا جاءته كثريا منهم ال يشتري هذه احلرية إال بالثمن البخس، بل ،حرية الرأي

منه يف مقام الزهد أوغل جمانا وال تكلفه يف اقتنائها خسارة وال عناء.ويوجد صنف آخر من الناس،

يتخذ فوق ذلك رأي هو الذي مل يكفله ضعفا أنه تنازل عن رأيه إكراما لغريه،، يف حرية الرأي

ال ، فجعله عبدا له من ذلك الذي استخدمه، جيادل عنه حىت ينال املكافأة البخسة، الغري مذهبا،

.ألنه عبد الذات وعبد اللسان نظري له يف العبيد،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ.108¡107بد اإلله بلقزيز،مرجع سابق،ص )ع1

)1093)املرجع نفسه،ص2

142¡143،مرجع سابق،صأمحد لطفي السيد )3

-258-

Page 280: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

، ليرباليةلاألطروحات ا-غري قصد عن قصد أو–هذه بعض اآلراء اليت تبين الكثري من أصحاا

يؤسس لفلسفة أن ،من هؤالءمل يستطع الكثري هلذا يظهر أسلوب التقليد واحملاكاة واضح جدا.هلذا

يف كثري من األحيان ألا ل احملاوالت الرامية ملسايرة األخر،كبعيدا عن احلرية من منطلقات ذاتية،

ال تعطي النتيجة املرجوة.

اإلسالمي املعاصر-يف الفكر العريب -2

- سلفه(الفكر العريبفها مشكلة الثنائيات اليت خل ،مل يتجاوز الفكر العريب اإلسالمي املعاصر

اليت تعطينا نظرة شاملة عن هذه احلال، ،فقراءة منتجات مفكرينا املعاصرين اإلسالمي احلديث)،

الذي حناول املتقدم،–املتفوق يبقى الصراع الفكري من خالهلا يدور حول عالقتنا باألخر،

نسانية يف الثقافة العربية ينطلق حممد أركون مربزا أن الرتعة اإل ،فمن هذه النقطة اللحاق بركبه،

اإلسالمي كان قد -ذلك أن العامل العريب كانت سابقة على الرتعة اإلنسانية يف الغرب، ،اإلسالمية

وهي نزعة عرف جتربة األنسنة بشكل واضح املعامل يف القرن الرابع اهلجري/العاشر امليالدي،

- إي الرتعة اإلنسانية العربية - نهاإنسانية تشبه الرتعة اإلنسانية الغربية يف عصر النهضة لك

مل تدم طويال عكس الرتعة اإلنسانية الغربية.-اإلسالمية

يذكر أركون ومن بني الشخصيات الفكرية اليت مثلت األنسنة يف العصر الكالسيكي،

وهي إحدى الشخصيات النادرة يف الثقافة اإلسالمية،"اليت انتفضت وثارت شخصية التوحيدي،

ألنه ،منوذج اإلنسية العربية فالتوحيدي يعترب عند أركون ،)1(نسان ومن أجل اإلنسان"باسم اإل

كما وأراد أن يطبق شعار العلم بالعمل والعمل بالعلم، ،رفض الرتعة اإلنسانية الشكلية والسطحية

ألن هذه العبارة، ،)2("أشكل على اإلنسان "اإلنسان كان يعتقد أركون بقوة عبارة التوحيدي

"بطريقة تتجسد :التساؤل يبن لنا "كيف ميكن أن نصاحل اإلنسان مع نفسه بطريقة علمية ملموسةأو

فيه ،كما تتجسد يف نظام اقتصادي سياسيا وتتجسد يف نظام أخالقي معاش على أرض الواقع،

.شيء من العدالة واملساواة يف الفرص واحلظوظ

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

19ص،19881الساقي،بريوت،لبنان،ط،تر،هشام صاحل،دار لفكر العريب،جيل مسكويه و التوحيدييف ا األنسنةنزعة ) حممد أركون ،1

18املرجع نفسه،ص)2

-259-

Page 281: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

واعتبارها القائمة على اإلنسان واحترام اإلنسان، ،ألنسنة والرتعة اإلنسية احلقيقيةهي اهذه

هناك شخصية ابن سينا الذي جيده ،الوجود.وإىل جانب شخصية التوحيديأغلى وأعز شيء يف

حيددها كما يلي: ،بعاد مهمةأتقوم على ثالثة جديدة، عنده بذورا فلسفية برتعة إنسانية أركون

لتوصل إىل االستقاللية الذاتية ل ،ضال املشروع الذي يقوم به العقلالرتعة إنسانية "تعترف بالن -أ)

جل البحث عن املعىن أبصفتها بعدا روحيا من ،نسانية تعترف بالرمزانية الدينيةاإلالرتعة -ب)

يب حبق اإلنسان يف مواصلة البحث العلمي القائم على التجر ا،نسانية تعترف أخرياإلالرتعة -ج)

على هيئة بذور كامنة ،كانت تشتمل عليها فلسفة ابن سينا اإلنسانية السمات.كل هذه والعيان

.أو جو مالئماإذا ما لقيت أرضا خصبة ،)1(وقابلة للتفتح

":يف القرن الرابع اهلجري فيحددها أركون ب ،ظهور اإلنسانية العقالنية أسباب أما عن

مث ازدياد أمهية الدور الذي يعلبه العقل الفلسفي ،إضعاف هيبة اخلالفة من قبل األمراء البويهيني-أ)

بني الطوائف واملذاهب . ،من أجل جتاوز الصراعات املتكررة

فكر يف لعلمنة ال اتأكيد ،صعود العقل الفلسفي على حساب العقل املذهيب األرثوذكسي -ب)

لذلك يرى أركون أن و.)2("دة يف القرن الرابععناصر كانت موجوالهذه الساحة العربية اإلسالمية.

تأكد من وجود نزعةالتتيح لنا ،دراسة األدبيات الفلسفية للقرن الرابع اهلجري/العاشر امليالدي"

.مبعىن وهذا ما ندعوه باإلنسية العربية ،يف اال العريب اإلسالمي ،فكرية متمركزة حول اإلنسان

.)3("ليس فقط باهللاتيار فكري يهتم باإلنسان و ،القدمنه وجد يف ذلك العصر السحيق يف أ

،واالختفاءنسنة العقالنية يف التراجع وبدأت األ، ذه الظروف سرعان ما تغريت وتبدلتلكن ه

اإلسالمية بالنسبة هو مبثابة انتكاسة كبرية للثقافة العربية، وهذا التراجع الذي يصيبها

ولذلك ،ية مستمرة إىل اليومثالذي ال تزال نتائجه الكار ،ركون.تراجع يصفه بالقدر التراجيديأل

سباب ازدهارها أثناء ملعرفة أ يشعر أركون أنه من الواجب إعادة التفكري مبسألة الرتعة اإلنسانية،

ألجل هذا د ذلك من اتمعات العربية اإلسالمية،عمث تراجعها وانقراضها ب العصر الكالسيكي،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ20)املرجع نفسه،ص1

47) املرجع نفسه،ص2

605) املرجع نفسه،ص3

-260-

Page 282: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ستمرار وملاذا توقف عن االلفشل املوقف اإلنسي؛ ةيقترح أركون دراسة سوسيولوجياهلدف

ادس عشر والزلت مستمرة إىل اليت بدأت يف القرن الس، والعقالنية الغربية عكس الرتعة اإلنسانية

ة ننسيقترح أركون مصطلح األ، من جديد .وحىت يتم التأصيل األنسنة يف الفكر العريب املعاصراليوم

) إىل ضرورة ...(دباءازدهارها يف عهد األدب واأل "إىل تلك األبعاد الغائبة بعدليلفت االنتباه

يرى أنه ال سبيل ، فاركونالفكر اإلسالمي عامة"و خاصة العريبإحياء املوقف الفلسفي يف الفكر

التساؤل الفلسفي عن آفاق املعىن اليت ، دون، منرياإىل االعتناء مبصري اإلنسان اعتناء شامال نقديا

.)1(عنها"يقترحها العقل ويدافع

يالكالسيك العصر يستعادة ذكرى كبار مفكرى الدعوة إىل ضرورة ايتوقف أركون علال

واجلاحظ هكما يفعل مع التوحيدي ومسكوي ني أعماهلم الفكرية والنقدية،وحت ، واالستئناس م

ومعايري ،ن املضامني واملناهج واملسلمات واألنظمة املعرفيةأمع وعيه الكامل ب" وابن سينا...اخل،

ال ميكن دجمها داخل ،اخلاصة بالفضاء العقلي القروسطي ،األحكام والعقائدوإطالق التأويل

جعات اإجراء تعديالت ومرإال بعد ،املعاصرة حداثتنا الفكرية والعلمية والقانونية واالقتصادية

.لكن ما السبيل الستعادة هذه الرتعة ؟)2("كبرية عليها

وموقفنا من تفكري اليت نوظفها من جهة،بآليات ال ،األمر مرتبط من وجهة نظر أركون

حصلت قطيعة عقلية حقيقة بالقياس إىل الثقافة ففي الغرب الثقافة الدينية من جهة أخرى،

لقد عرف فالسفة التنوير ومل يعد الغربيون يعرفون ماذا كانت وكيف هي، ،الالهوتية مبجملها

ال عالقة هلا بالترتيه ،حدودا ومصاحل خاصةن للعقل الديين املنقلب إىل إيديولوجيا أاألوروبيون

عرفوا كيف يكشفون القناع .بالتجربة البشرية لإلهلي أو بالبعد الروحي اخلالصأو ، الديين املتعايل

مارساتكشفوا بالتايل عن املو لكي يظهروا على حقيقتهم، ،رجال الدين املسيحيني هعن وجو

،أو حتت الشعارات الدينية ،عباءات رجال الدين اليت ختتبئ حتت ،القمعية والسلطوية الرهيبة

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

،منشورات والتأويل يف فكر حممد أركون األنسنة.نقال عن:كيحل مصطفى،70يف السياقات اإلسالمية،ص األنسنة)حممد أركون،معارك من أجل 1

64،ص1¡2011االختالف،اجلزائر،دار األمان،الرباط،املغرب،ط

71ص،) املرجع نفسه2

-261-

Page 283: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

شد األعمال أبل يربرون ون كل مصاحلهم وامتيازام،رمير ،فباسم اهللا والترتيه والدين احلق

.وهكذا مت أو السالالت امللكية املتعاقبة اليت تقوم ا السلطة السياسية، التعسفية واالستبدادية

وهذا ما مل يتم ، التمييز بشكل واضح بني البعد الروحي للدين/وبني البعد األيديولوجي السلطوي

-يقول أركون- يف ما خيص التجربة التارخيية لإلسالم.لكي يفهم املرء -حسب أركون -آلناحىت

حنلية إىل تفسري فخر الدين ،الفرق بني الفضاء العقلي للحداثة/وبني الفضاء العقلي للقرون الوسطى

".إن تفسريه كراه في الدینلا إ.كيف يفسر الرازي مطلع اآلية البقرةة سور256الرازي لآلية

ن يضع اإلنسان على احملك أن اهللا يريد أفهو يقول ب ،هو الذي يذكرنا بالفضاء للقرون الوسطى

وذلك قبل إطالق احلكم اإلهلي األخري ،ه وصالبتهنالمتحان معد، و أن يبتليه)يف هذه الدار الدنياأ(

وليس معناه أن ، "لا إكراه في الدین :و معىنم يف النار.هذا هأوتقرير مصريه يف اجلنة ،عليه

هذا تفسري إسقاطي حديث أن يؤدي الشعائر أو ال يؤديها.ف تدين أو ال يتدين،ياإلنسان حر يف أن

كما يفعلون املسلمون ،ةجل استغالهلا إلغراض تبجيلية أو سياسيأ.وذلك من على اآلية

وهي أن العامل اإلسالمي ال يزال يعاين من ،ةمن هنا يصل أركون إىل جوهر املشكل .املعاصرون

انعدام التسامح باملعىن احلديث للكلمة.و هو أوسع بكثري من مفهومه باملعىن الديين الضيق .إنه يعين

ة أواملواطن حبقه يف أن يعرب داخل الفضاء املدين عن كل األفكار الديني–بالضبط:االعتراف للفرد

هم إال إذا الل ،حد يستطيع أن يعاقبه على التعبري عن أرائهأاليت يريدها وال ،الفلسفية السياسية أو

.)1(حاول فرضها عن طريق القوة والعنف على اآلخرين

ويدعو لتبين املوقف بناء األنسنة على التعاليم الدينية، هلذه األسباب يرفض حممد أركون،

مرتبط بالتعاليم اإلهلية املرتلة، ،مصري اإلنسان يف األنسنة الدينيةألنه يرى أن نها،الفلسفي كبديل ع

بني .وهذا يعين أن هناك فرقا كبري)2(ألن اهللا هو الذي يرسم له حدود فاعليتها املعرفية واألخالقية

لإلنسان وتصور واملوقف الديين منه.وبالتايل فرق بني تصور األديان املوقف الفلسفي من اإلنسان،

فإنسان امليثاق املواطن"، –فرق بني ما يسميه أركون "إنسان امليثاق واإلنسان "الفرد ؛ احلداثة له

ÜÜÜÜÜÜ

243¡244،ص2¡2000؟.تر،هشام صاحل،دار الطليعة ،بريوت،لبنان،طقضايا نقد العقل الديين،كيف نفهم اإلسالم اليوم)حممد أركون،1

73كيحل مصطفى،مرجع سابق،ص )2

-262-

Page 284: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

الذي يستخدم اإلسالمي )،–املسيحي –هو التصور الذي بلوره اخلطاب النبوي (اليهودي

من أجل "أن يظهر ألول مرة يف التاريخ إنسان األساليب البالغية ذات البنية األسطورية أو اازية،

قة من أجل إغناء وتوسيع العال التاريخ األرضي،احلي املتكلم الفاعل يف امليثاق املتعاقد مع اهللا،

االنتقال من مرحلة ومبجيء خطاب احلداثة، حدث اهللا واإلنسان. أو املتبادلة بني اإلنسان واهللا

املرتبط الفرد املواطن،إىل مرحلة الشخص ،الشخص املخلوق من قبل اهللا عن طريق مديونية املعىن

بني كان ،ن العقد يف اخلطاب النبويأأي عن طريق عقد اجتماعي قانوين، ،بالدولة احلديثة

وهذا هو الفرق بني الرؤية ؛ فهو بني اإلنسان والدولة ،احلداثة خطاب أما العقد يف.اإلنسان واهللا

.)1(تية لإلنسان والرؤية احلداثية لهالالهو

خارج ن مشروعية أقواله وأفعالهيفتش ع "،كما قال علي حرباإلنسان يف الرؤية الالهوتية

واملسؤول عن حتقيق مصري.من هنا تصبح بينما اإلنسان يف الرؤية اإلنسانية هو مرجع ذاته، عامله،

برز فيها ،تؤلف شبكة مفهوميه ،والتنوير نةسألنا ةوالذاتي ،مفردات احلرية واالستقاللية والفردية

أركون ال ينفي بأن البذرة األولية .ورغم أن)2("الشكل اإلنساين على حساب الشكل اإلهلي

لكنه يرى بأنه هناك فرق كبري بني الدميقراطية ،- الشورى-للدميقراطية موجودة حقا يف القرآن

يف حني فالشورى حمصورة بالفئة العليا من كبار املسلمني، باملعىن احلديث للكلمة وبني الشورى،

وبالتايل "فإن ، ودون النظر ملذاهبهم وأعراقهم وقبائلهم ء،تشمل الدميقراطية مجيع البشر دون استثنا

إال إذا مت تطويرها أو ،تظل سجينة الفضاء العقلي للقرون الوسطى -يف نظر أركون-الشورى

يصل .لذلكوعندئذ ال يعود هناك فرق بينها وبني الدميقراطية ،توسيعها لكي تشمل كل الشعب

الثقافية للشخص ضمان احلقوق الروحية واألخالقية ون ال ميك أركون إىل نتيجة مفادها، أنه

ه األمور من ساحة الفكر وغياب هذ.إال بواسطة النظام الدميقراطي ودولة القانون ،البشري

جيعل من هذا الفكر خطابا بعيدا كليا عن –باعتبارها تشكل الالمفكر فيه –املعاصر اإلسالمي

احتلها اإلنسان. ،مبا هي افتتاح لدائرة قيم جديدة ،الرتعة اإلنسانية احلديثة

ÜÜÜÜÜÜÜÜ

74) كيحل مصطفى،مرجع سابق،ص1

) املرجع و الصفحة نفسها2

-263-

Page 285: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وعن التراث الكالسيكي املبدع من ،عن العامل املعاصر من جهة ،هذا االغتراب املزدوج

ال يعي "خطاب مجاعي اجتماعي، ،نرى يف اخلطاب اإلسالمي -يقول أركون-جهة أخرى، جيعلنا

قطائعها املعرفية ، وال ينفتح على احلداثة وألنه ال ميارس عودة نقدية على مسلماته شروطه اخلاصة،

على أنقاض أن تبلور رؤية جديدة للعامل،–منذ عصر األنوار حتديدا –اليت قدر هلا والسياسية،

مدشنة بذلك عهد االستقالل وحترر العقل النقدي امليتافيزيقية الكالسيكية،–الصروح الالهوتية

بوصفها صيغة ،متت ترمجته سياسيا يف انبثاق املواطنة احلديثة وهو ما من سلطة املرجعية املتعالية،

.للوجود احلر للفرد/املواطن

يتوقف عند املرجعية النصية وعند املدونات يف نظر أركون، " ذا اخلطاب اإلسالميإن ه

يعتمدها مرجعا بصورة العصور الوسطى، اكملوتمواليت بلورها فقهاء ،التشريعية والعقدية

.)1("ولذا فهو ال يستطيع أن يساهم يف بناء اإلنسانية الكونية املنشودة ميكانيكية،

خارج طنة يف هذا اخلطاب؟أين أسئلة التنظيم السياسي الدميقراطي للمجتمع،أين أسئلة املوا

اليت حتدثت عن السياسة الشرعية يف إطار الوصاية اليت مثلثها املصنفات املرجعية القروسطية،

أو تلك اليت حتدثت عن اآلداب السلطانية ؟ أين أسئلة احلقوق واحلريات ،إصالح الراعي والراعية

وهي تناضل دوما من أجل ازدهارها بوصفها من مكتسبات الروح البشرية، ،الفردية واجلماعية

.أين احلرية )2(خارج أنظمة القمع والرقابة والوصاية ؟ما مكانة حقوق املرأة يف هذا اخلطاب الذايت،

مها الشامل يف الوسط اإلسالمي ؟ملاذا ال حتتل موقعا ضمن منظومات القيم واحلقوق الفكرية مبفهو

كما نشاهدها عرب أرجاء العامل اإلسالمي ؟ ،خارج ممارسات التبديع والتفكري

قيس احلجم الفعلي للمسافة العقلية /االبستمولوجية،يأن ألركونهذه األسئلة وغريها تتيح

وعن مكتسبات احلداثة احلقوقية عن فتوحات العقل، ،سالمي املعاصراليت تفصل اخلطاب اإل

مازال أسري روح الرقابة والوصاية.من هذه النتيجة والسياسية.إنه بكل أسف خطاب متخلف،

يتطلب من املسلمني القيام بالثورات العقلية يرى أركون أن االنتقال إىل مستوى القانون احلديث،

ÜÜÜÜÜÜ

القبة التوزيع،و اخللدونية للنشرضمن:قراءات يف مشروع حممد أركون،دار الفكر النقدي سبيال إىل األنسنة،)أمحد دلباين،1

83¡84،ص2011اجلزائر،(ب،ط)،

83)املرجع نفسه،ص2

-264-

Page 286: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ألن الغرب قطع أشواطا رغم اعترافه بصعوبة ذلك، واملفهومية نفسها اليت حصلت يف الغرب،

يف حني ال خبصوص الظاهرة الدينية عموما واملسيحية خصوصا، ،نقدية رائعةكبرية وطور أعماال

ألن "مهمة أنسنة اإلنسان ال تنتهي ابدأ،ورغم أن أركون يعي أنيزال اإلسالم يف البدايات األوىل.

ارتباط وثيقا يرتبط ،وحتقيق درجة عالية يف احترام حقوق اإلنسان ،بلوغ أرقي درجات األنسنة

وملا كانت الوضعية احلالية للعامل اإلسالمي تتميز .لطة السياسية القائمة يف اتمعبنظام احلكم والس

فإن النضال من أجل يف مقابل تطور احترامها يف العامل أمجع، بتراجع مستمر حلقوق اإلنسان،

،جبهة الدولة املتسلطة.بهتنيعلى ج حقوق اإلنسان يبين أساسا على النضال من أجل الدميقراطية،

فبالنسبة للجبهة األوىل أي ،الديين على وجه اخلصوص وجبهة التيارات ذات املرتع الدغمائي

ن نقطة االنسداد أتنبع من االعتقاد ب ،فان شرعية احلديث عن الدميقراطية ،جبهة السلطة القائمة

تكمن يف طبيعة السلطة القائمة ،ماعيةالرئيسية يف مسار حتقيق اتمعات العربية ألهدافها االجت

فقد ظل طابع االنقالبات ،)1(واليت تفتقد إىل الشرعية الالزمة للحكم باسم الشعب وبنيتها الراهنة،

وما يقترن به من انقالبات فكرية للسيطرة على العقل ،ة لالستيالء على السلطة السياسيةالعسكري

وهذا ما ،من على عملية انتقال السلطة يف عاملنا العريبوهو الطابع املهي ،واهليمنة على الذاكرة

جعل أركون يصف هذه األنظمة القائمة باالستبدادية.

دون أن حتصل يف اتمعات مناقشة ،أن توجد دميقراطية حقيقة"أنه ال ميكن أركون يرى

الغايات اإلنسانية الرفيعة وال ميكن هلذه املناقشات أن حتقق خالفية، نقدية، خصبة، حرة، مفتوحة،

املوقف الديين تبعد و ،من جهة )2("خل التساؤل الفلسفي على أحد مستوياادإذا مل ت للدميقراطية،

من ..واإلميان بأن شكل احلكومة من املسائل التابعة ملقتضيات الزمانمن جهة أخرى الدوغمائي

هي أن تعوض بقدر اإلمكان عن لدميقراطية،هنا تصبح املهمة امللقاة على عاتق الفلسفة اإلنسانية ا

والقوى اخلالقة لإلنسان الباحث عن كينونة ضرار وأنواع البتر اليت حلقت باملسارات األصلية،األ

.أكثر وسعادة أكثر

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ143،ص2006¡1ر،ط)فارح مسرحي،احلداثة يف حممد أركون،الدار العربية للعلوم ،بريوت،لبنان.منشورات اإلختالف،اجلزائ1

232،ص1999¡1)حممد أركون،الفكر االصويل واستحالة التأصيل،تر،هشام صاحل،دار الساقي،بريوت،لبنان،ط،2

-265-

Page 287: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

.أطروحات تتسم يف ناها املفكر اجلزائري حممد أركونهذه مجلة من األطروحات اليت يتب

ذلك أن الفضاء القروسطي كمرحلة ومن مجلة كثري من األحيان باخللط يف املواقف والوضعيات،

ألن زمنية ال ميكن أن ينطبق على احلضارتني العربية اإلسالمية واحلضارة الغربية بنفس املالبسات،

ال وجه ملقارنته بفترة القرون األوىل من احلضارة اإلسالمية، ،ما عاشته أوربا يف القرون الوسطى

ا مل تعرف سيطرة رجال الدين على الساحة فإ اليت وإن عرفت تطاحنا حول احلكم والسلطة،

ميكن القول أن الفترات اليت ينتقدها أركون يف تاريخ اإلسالمي بل بالعكس ، السياسية والفكرية،

كيف يقارن أركون بني مفاهيم هلا بيئتها تعد من أحسن الفترات انفتاحا.باإلضافة إىل هذا،

أمل تكن الدميقراطية يف بداياا يساير الدميقراطية،ويستنتج من ذلك أن مفهوم الشورى ال ،اخلاصة

بل فكيف نقول أن الدميقراطية وليدة عقل احلداثة،؟ الصفوة من اتمع ىاليونان مقصورة عل عند

ر آليابعد أن نفض عنها غبار قرون من التهميش. ،اكل ما فعله عقل احلداثة هو أنه طو

حىت تصبح ،أنه من الواجب تطوير آليات الشورى ،يقولمن هنا كان ميكن ألركون أن

كما متت يف أوربا وبني .مث كيف خيلط أركون بني العلمنة،يف الوقت الراهن قيصلح للتطبي امنوذج

حىت وإن فضاء مل يعرف سطوة رجال الدين على الشأن السياسي طيلة تاريخ الدولة اإلسالمية،

لتربير هذه الفكرة أو تلك.هذه مجلة من - ل اليومكما هي احلا–كان رجال الدين يوظفون

اليت رأيت أا ميكن أن تفتح باب النقاش واسعا ألعمال هذا املفكر الكبري. ، االعتراضات املوجزة

التركيز-وما أكثرها-همن خالل أعمال نحاولسانإنفاجلابري.عبدحممدلمفكرلأما بالنسبة

ها.ع مبحث اإلنسان ضمنوهي الكشف عن متوض ،الرسالةهذه إطاريفحمددةمسألةعلى

نقدمن،املقترحكهدف ملشروعهاحلداثةعنتدافعاليت، الفكريةاجلابريأعمالتنطلق

الشاملالتأخرمعركةمعتربا بأن ،اإلسالمية–العربية الثقافةيفالسائدالفكرآلياتونقد، التراث

اإلسهامأجلمن،النقدياملنهجباستعمالوذلك الذهنيات املتصلبة،مواجهتقتضيجمتمعاتنايف

للتخلفاجلابريتفحصعلما أن .فكرال يفاملوروثةاآللياتاملتمثلة يف ،الصلبةانواتفتيتيف

ÜÜÜÜÜÜÜ57ص،مرجع سابق،الدميقراطية وحقوق اإلنسان) اجلابري حممد عابد،1

-266-

Page 288: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

العقلآلياتتفحصوهوالبحث، يفآخرطريقاقد اختارفهو، املفكرينبقيةعنخيتلفالعريب

يفوحضورهااستمرارهاحماصرةمناملطاف ايةيفللتمكن بتعيينها،حصرهاوحماولة،التراثي

املعاصر.فكرنا

-يف الفكر العريب-وهي مسألة لصيقة بالشأن اإلنساين-فعند تناوله للمسألة السياسية

اهلدف املباشر من ف يرى اجلابري أنه ال حل ألزماتنا إال بتبين النهج الدميقراطي، اإلسالمي،

وذلك جبعل احلاكمني خاضعني ،أحسن صيغة ممكنة حلل مشكلة احلكمهو إجياد ،الدميقراطية

أجهزة تسهر عليه وجتعله فعليا ،خضوعا منظما مقننا ،مضطرين للخضوع هلاأو كومني،احملإلرادة

.)1(فراد الشعب البالغني سن الرشدأمن طرف مجيع ،ومؤسسات تنتخب انتخاب حرا

مبختلف ،اجلابري أننا قادرين على إحداث انقالب يف منظومة الوضع العريبرى ي ذه اآللية

اليت قامت فيها ،بل كما كان خالل مجيع املراحل التارخيية كما هو اآلن وحسب،ليس ،مظاهره

يف التاريخ اإلسالمي سواء فاحلاكم ،، على أساس طابع حكم فرديدول وإمارات وإمرباطوريات

سواء توىل احلكم عن طريق ال يقبل الشريك، كان حاكما فردا كان خليفة أو ملك أو أمري،

وهذا هو السائد.يف حني أن الدميقراطية يف جوهرها ليست .لقوة والغلبة"الرضى"أم عن طريق ا

يرى أن أول هوو.)1(ما يسميه اجلابري (الشرك يف احلكم) أو ،شيئا أخر غري املشاركة يف احلكم

وإال فإننا ال ،قيام الشريك يف احلكم والسياسية هي أن نؤمن بضرورة ،خطوة يف البناء الدميقراطي

اجتماعية واضحة.وال ملضموا أبعاد فكرية و ،عطي للدميقراطية معىننستطيع أن ن

من مجلة مظاهر االنقالب التارخيي الذي يأمل اجلابري إحداثه يف وطننا العريب،انقالب على

صعيد الفكر واملعتقد،انقالب يستهدف تغيري ذهنية اإلنسان العريب،حىت يصبح قابل ملمارسة

حقيقة . الدميقراطية ممارسة

ÜÜÜÜÜÜÜ

والصفحة نفسها.)املرجع 1

-267-

Page 289: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ألا وحدها القادرة على -فيما يرى اجلابري-ضرورية تارخيية، إن املمارسة الدميقراطية

واالعتراف باالختالف والتغاير ،التعبري الدميقراطي احلرفعملية التحول الكربى. ،مأسسة وقولبة

تساعد على تصريف -أو على األقل–هي الشروط الضرورية اليت تضمن إضافة إىل تداول السلطة،

وبالتايل تفسح اال لقيام مؤسسات داخل عملية التحول تصريفا سلميا، ،احلركة والصراع

ورغم اخلطورة اليت قد تنجر عن من أحزاب ومجعيات ونقابات وجمالس منتخبة. ،اتمع املدين

ولكنها تؤدي إىل صراعات، "أا قد ورغم ،إال أن اجلابري يرى أن الدميقراطية ،هذا التحول

والنتيجة يف مثل هذا الصراع ظهور اجلديد من جوف ،أي طبقة ضد أخرى ،صراعات أفقية

فهو يؤدي إىل ،ا غياب الدميقراطيةتقدم.أمالوبالتايل حتقيق ،تائج جديدةوالوصول إىل ن ،القدمي

داخل اتمع يف اجتاه التقدم التارخيي.، اليت تأطر الصراع واحلركة، سساتصراع يدمر املؤ

بواقعنا املعاش ،يف نظر اجلابري اإلسالمي مرتبطة- إن املسألة الدميقراطية يف الوطن العريب

إال من خالل النظر إليها يف ضوء احملاوالت والتجارب ،ولذلك ال ميكن طرحها طرحا جديا وبناء

عملية عدمية ،ألن التنظري للدميقراطية باهلروب من الواقع وبالقفز عليه اليت يزخر ا، ،واملعطيات

يطرح اجلابري رأيه-املغاير لتلك الرؤية اليت رأيناها عند أركون-من هذا املنظور الواقعي اجلدوى،

.)1(السليم وهي: ء الدميقراطيفيما خيص أسس البنا

احلريات الدميقراطية واحلق كاحلق يف ،وما يتفرع عنهما ،حقوق اإلنسان يف احلرية واملساواة-)أ

الفرص.يف الشغل وتكافؤ

تعلو على األفراد ،وهي دولة يقوم كياا على مؤسسات سياسة ومدنية دولة املؤسسات،-)ب

اءام العرقية والدنية واحلزبية موانت ،مهما كانت مراتبهم

على أساس حكم ،بني القوى السياسية املتعددة ،تداول السلطة داخل هذه املؤسسات-)ج

مع حفظ حقوق األقلية . ،األغلبية

ÜÜÜÜÜÜÜÜ86)املرجع نفسه،ص1

-268-

Page 290: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

دولة ال حتترم فيها "انتقال من ،الذي يتحدث عنه اجلابري، إن االنتقال إىل الدميقراطية

وال وال يقوم كياا على مؤسسات تعلو على األفراد واجلماعات، حقوق اإلنسان مبعناها الواسع،

إىل دولة يقوم كياا على هذه األركان ، تتداول فيها السلطة على أساس األغلبية السياسية

حقوقه الدميقراطية، ،ساناحترام حقوق اإلن ،وقبل كل شيءأوال تقتضي ةفالدميقراطي، )1(الثالثة

ويف واحلق يف الشغل وحرية إنشاء اجلمعيات واألحزاب وحرية التنقل، ،التعبريأوال كحرية

،ألن )2(وهذه احلقوق الدميقراطية ال تقبل التأجيل وال التفويت.اخلاملساواة والعدل ودفع الظلم...

رغم أا مل التنمية مبعناها الشامل،قد غدت تشمل احلق يف –باملعىن املعاصر -حقوق اإلنسان

ال يف احلضارة العربية اإلسالمية وال يف غريها من تكن من "املفكر فيه "يف العصور السابقة،

الذي بلغته احلضارة ،السياسيواالجتماعي وذلك ألا وليدة التطور االقتصادي ،احلضارات

األوروبية احلديثة يف القرن الثامن عشر.

على ،املسلم –هل يبين اجلابري فكرة حقوق اإلنسان العريب .السؤال الذي يطرح هنا لكن

اليت قام عليها املفهوم يف احلضارة األوروبية احلديثة؟ ،نفس املنطلقات الفكرية واإليديولوجية

يف الوطن العريب والعامل ،أن العناية بقضية حقوق اإلنسان يف هذه النقطة يرى اجلابري

دون أن تكون هذه نسان كما يقرره القرآن واحلديث،إلسالمي جيب أن جتعل من مهامها اإلا

فعملية التأصيل الثقايف حلقوق اإلنسان يف فكرنا العريب الرؤية دعوة لالنغالق على اللذات،

وذلك بإبراز عاملية يقاظ الوعي بعاملية حقوق اإلنسان داخل ثقافتنا،جيب أن تستهدف إ املعاصر،

واليت ال ختتلف جوهريا عن األسس النظرية اليت قامت عليها ألسس النظرية اليت تقوم عليها،ا

أما وكوا تقوم على فلسفية واحدة**.-يقول اجلابري- ،حقوق اإلنسان يف الثقافة الغربية

".ف "أسباب الرتولإمنا ترجع إىل اختالو ،االختالفات فهي ال تعترب عن "ثوابت ثقافية"

ÜÜÜÜÜÜÜ

87¡86) املرجع نفسه،ص1

104¡105) املرجع نفسه،ص2

-269-

Page 291: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

الوسع إىل عىن، وباملفهي واحدة والرجوع إىل "أسباب الرتول " ،أما املقاصد واألهداف

اليت جعلت موقف هذا املشرع أو ،واالقتصادية والسياسية والفكرية االجتماعية ،الظروف العامة

تؤسس اليت أمر "ضروري "وأكيد لفهم املعقولية ،أو تلك على ما هو عليهه القضية من هذ، ذاك

ويف املعرفة ،ويف عتقاد،ويف حرية اال فهذه احلقوق (احلق يف احلياة ويف التمتع ا، ،)1(ذلك املوقف

هي احلقوق ، إضافة إىل حقوق املستضعفني) واملساواة والعدل، ،ويف الشورى االختالف،

؛ هتطبيقا ال لبس في ،ال ميكن تطبيق احلدود الشرعية ،دون توافرها ومتتع الناس ا األساسية اليت من

ستبقى احلدود ،ظلم احلكام وظلم األقوياء؛ لقضاء على الفقر واجلهل والظلمذلك أنه من دون ا

.)2(مرتعا للشبهات

يف - الثقافة العربية والثقافة الغربية بني ،اليت حتدث عنها اجلابري إن فكرة وحدة األسس

ويرفض الفكرة القائلة بأن الليربالية العربية، يرفضها عبد اهللا العروي،.مسألة حقوق اإلنسان

ترمجة وأن الدعوة إىل احلرية يف العامل العريب اإلسالمي تولدا آليا، متولدة عن الليربالية الغربية،

أقول إن الدعوة - لعروييقول ا-إين ترمجة لكلمة أجنبية، ذاا،وأن كلمة حرية ،للدعوة األوروبية

أن .شعر ا عدد من الناس عن حاجة متولدة يف اتمع العريب، ناجتة قبل كل شيء،إىل احلرية،

قد افتوا على وأن يكون الكتاب العرب، استفاد من جتارب أجنبية مماثلة، يكون التعبري عنها،قد

فهذا ال يعين أن الدافع األول يف كل فيها عبارة وافية عما حيسون به، األم رأو ،ةاملنظومة الليربالي

مل هو أن الكتاب العرب،-حسب رأيه-والدليل على ذلك اخلارجي، كان التأثري اخلارجي هذا،

عما كانت حتمل من وعي بتناقضاا ابل تعامو األوروبية املعاصرة هلم، ةالليربالي ينقلوا بأمانة،

فأولوا ليربالية عصرهم حازمة واثقة بذاا، إم كانوا يف حاجة إىل ليربالية متفائلة، الذاتية،

.)3(حسب رغبام املتشائمة الباهتة،

،تعرفوا ،على منظومة مكتملة،يف املرحلة األخرية من مراحل التطور الليربايلبلقد تعرف العر

ليربالية حتمل يف طياا آثار املراحل السابقة،بعبارة أخرى،إن العرب تعرفوا على ليربالية،ورثت على

ÜÜÜÜÜÜÜ143)املرجع نفسه،ص1

260املرجع نفسه،ص )2

.70،ص 2008¡4، املركز الثقايف العريب، املغرب،لبنان،طمفهوم احلرية)عبد اهللا العروي،3

-270-

Page 292: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

عليهم أن يتلقوها بعقل وكان من الصعب وروح الثورة الفرنسية، احلديثة،الفلسفة الغربية روح

إىل يستلزمه طموح العرب ألا كانت مطلبا مجاعيا، فالعرب استغلوا احلرية كشعار،¡)1(ناقد

حبيث ميكن القول إن العهد الذي ودامت هذه الوضعية مدة طويلة، العدل والتقدم والرفاهية،

كانت املنظومة الليربالية هي األكثر مالئمة مطلبا حيويا للمجتمع العريب،كانت فيه احلرية

ومل هذه املنظومة لنشر دعوة احلرية، فكثريا ما استغل الكتاب واملفكرون العرب، للوضعية العربية،

وبني الصورة الظرفية اليت تلبست ا يستطيعوا أن مييزوا بني اجلذور الثابتة واألصول القارة،

واختذوها يف صورا الظرفية كشعار. فحصا نقديا باملعىن الفلسفي، الية،الليرب

يف مسارها التارخيي أثر تأثريا سلبيا،يف الفكر العريب يف العهد الليربالية، بإال أن عدم استيعا

فمن جهة استعملوها ومن هنا نشأت خصوصية عالقة املفكرين العرب بالليربالية، الالحق،

إىل حد أم ومن جهة ثانية تأثروا ا طويال، يتجاوزوا الشعار إىل التمثل الفلسفي، ومل كشعار،

.)2(تأويال ليرباليا أولوا مذاهب أخرى،

فلقد بقي ملفهوم الليربالية، احمدد امضمون يعطوامل من هنا يرى العروي أن املفكرين العرب،

اجتاه تطوره،و ن الواقع وحركته وآفاق تغيريه،م ال هذا اخلطاب يستقي حمددات مشروعه املنشود،

؛ وواقع التقدم يف العامل األورويب بني واقع االحنطاط يف احلياة املعاصرة، بل من اإلحساس بالفارق،

وظل يتأرجح بني األصعدة، واحدة على مجيع ةولو خطو التقدم ،وعليه مل يستطع هذا اخلطاب

ناجتة اليت نعانيها اليوم، فمعظم الصراعات ألورويب املعاصر.سلطة النموذجني العريب اإلسالمي وا

من جهة، واحلضارة احلديثة من جهة. عن كيفية اللقاء،اليت مل نوائم فيها بني واقعنا وما نبغي

إن ملمح التردد هنا،راجع أساسا إىل فشلنا يف حتديد عالقتنا باألخر الغريب،نتيجة لوجود

حلقة مفقودة،بني الفكر والواقع املراد تغيريه،حلقة تكمن أساسا،يف عدم االنطالق من عمق الواقع

العريب املشخص،وحتليله،وتقدمي البدائل له.

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

.53) املرجع نفسه،ص 1

.70) املرجع نفسه،ص 2

-271-

Page 293: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ألا فقدت دورها الطليعي تعاين حالة بؤس فكري، إن النخبة املثقفة يف العامل العريب،

أو صارت جزء ال يتجزأ من تلك لألنظمة السياسية القائمة،ة هزيلة وحتولت إما إىل معارض

،ةمتاما عن أي قاعدة شعبية أو مجاهريي معزولة ويف معظم احلاالت صارت النخبة املثقفة،؛ األنظمة

ختفي ورائها عاملا كامال وشعارات براقة، جمرد مقوالت جوفاء، لذلك تظل مشاريعها الفكرية،و

، بكافة ألوان املذاهب الفكرية فخلف هذا العامل الثقايف املزدان، والتخلف واملعانات، من البؤس،

والسخط ه مشاعر اإلحباط،عامل تستشري في احلرمان،ميتلئ بكافة مظاهر الفقر و يقبع عامل آخر،

.اإلحساس بالقهر واليأسوالعجز و

اليت أعياها البحث عن حلول ألزماا االقتصادية إنه عامل اجلماهري الصامتة الساخطة،

ذات باملقوالت السياسية، ،يف واقعنا العريب املعاصر أصبح يرتبط فحىت مصطلح احلريةواالجتماعية.

اليت حتاول تتجه حنو تغليب النظرة األمريكية، فاحلرية املتداولة يف الشارع العريب، الليربايل، التوجه

احلرية وكرامة اإلنسان،احلرية موجة احلرية،ثورات احلرية، فاهيم،كرياح احلرية،املتصدير مجلة من

ألنظمة.بني احلرية وتغيري ا وجودة احلياة..ومن أجل ذلك ربط الوعي العريب املستكني،

وخاصة قيمة .هو صراع القيم واألوهام إن الصراع القائم بني العامل الغريب والعامل اإلسالمي،

من أجل الولوج بسهولة إىل قلعة القيم فاملشروع الليربايل جعل من احلرية حصان طروادة، احلرية،

مربزا صراع القيم يف يقول د.فهمي جدعان .ذلك بأسلوب املواجهةعليه بعد أن تعذر العربية،

احلرية بتجلياا األساسية:السياسية على وجه التحديد، زمن العوملة:"والقيمة املقصودة هنا،

قيم العقالنية واملوضوعية، ومنها اشتقت أو ا تعلقت، والفكرية واالعتقادية واالقتصادية،

وحقوق اإلنسان اليت ،واخلري العام واملنفعة والرفاهية واملساواة والعدالة االجتماعية والدميقراطية،

)1(متثل اليوم ماهية الثقافة الغربية وروحها"

ÜÜÜÜÜ

:مرجع سابق،املكان نفسهالعرب وسؤال احلريةبوعرفة عبد القادر ، )نقال عن:1

-272-

Page 294: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

غياب ميكن يف ،)1(لكن علينا يف اخلتام أن نعترف،أن جذر أزمة الواقع العريب وسر ختلفه

وليست حرية الصفوة و وليست فقط احلرية السياسية، ليست ترفا، واحلرية املقصودة هنا،؛ احلرية

البد وأن تبدأ إن احلرية اليت نقصدها، :حرية أن تفعل كل ما حيلو لك.ةليست احلرية غري املسؤولي

املعاهد ويف الشارع ويف تويف دور العبادا ومتارس يف املؤسسات واألحزاب، من األسرة،

الدراسية.

فاحلرية ال بكل فئاته ومؤسساته وطبقاته، جيب أن تشمل اتمع كله، إن احلرية اليت نعنيها،

احلرية كي تكون حرية البد .أو على الصفوة إذا كانت قاصرة على جزء من اتمع، تكون حرية،

قد اإلنسان املأوى واملأكل وسبيل إذا افت وال معىن للحديث عن احلرية، أن تكون حرية اجلميع،

.)2(احلياة الكرمية

ÜÜÜÜÜÜÜÜ

139¡119) ضمن التنوير والتسامح وجتديد الفكر العريب،سبق ذكر صأزمة التقدم يف العامل العريب) حسن عماد،(1

املرجع و املكان نفسه. )2

-273-

Page 295: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 296: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وتعدد ،اليت مازالت حتاط بقدر كبري من الغموض ،من أكثر املنظومات *تعترب ظاهرة العوملة

، يعرب عن منظومة من املظاهر ،أن هذا املصطلح املنحوت حديثاوخاصة املفاهيم والتفسريات،

يف ،سياسيةفهي تعرب عن ظواهر اجتماعية واقتصادية وثقافية و ،واسعة املدىال ،األحداث العامليةو

رت حماوالت كث ،الة ملعان كثريةتعدد األوجه احلمو .أمام كل هذا الغموض واإلام،امليسياقها الع

يف سياقه الذي جتاوز ،لفهم مدلول أو مدلوالت هذا املصطلح ،املهتمنيالعديد من الباحثني و

الذاتية مات املقو ثاجتثابل و ،إىل حماولة فرض أمناط ثقافية جديدة ،األطر املادية القريبة ،العملي

لصاحل ثقافية عاملية بديلة.

يف بعديه خاصة اجتاه يرتبط بالقضايا العاملية،إىل ري العوملة من خالل ظاهر املصطلح،تش

ليعيش اجلميع يف قرية ،تقلص املسافاتحتطم احلدود وويهدف إىل االقتصادي واإلعالمي،

والدة ثقافية من رحم داليت تري ذ االقتصادي العاملي،حسب تصور مراكز النفو ،واحدة

أن العوملة "هي العملية اليت اليت تشري إىل تلك الفكرة على أغلب التعريفات، قد انعكستاملصانع.و

،التجزؤالة الفرقة وفتنتقل فيها اتمعات من ح ،الشعوبتضاها إلغاء احلواجز بني الدول ويتم مبق

إىل ،التمايزومن حالة التباين و ،التوافق من حالة الصراع إىل حالةوإىل حالة االقتراب والتوحد.

.تقوم على مواثيق إنسانية عامة.قيم موحدةو ،فيتشكل وعي عاملي ،التماثلحالة التجانس و

عملية ،دها أن العوملة يف جوهرهاامف ،عن مسألة خطرية كشف ،أن هذا التعريف إال

هذه املركزية نتاج ،تبع له العامل والباقينفسه مركز ،حيث يعترب جمتمع ما أو ثقافة ما ،متركز

.الغريب حسب سلم التقدم تصنيفهمو ،التفرقة بني الناسوز يالتمي ،إيديولوجياتÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

زاويةمنإليهمنظوراالسياسيااليفاآلنتعينوهيكله،العاملليشملوتوسيع دائرتهالشئتعميماللغويمعناهايفالعوملة"اجلابريعابدحممد*يقول

آليةمبجردالعوملةليستأمجع،العاملبلدانعلىاألمريكية بالذاتاملتحدةالوالياتهوبعينهبلداخيصحضاريمنطتعميمعلىالعمل"اجليوبولتيك"اجلغرافية

أساسيامظهراتعكسأاإىل جانبفالعوملةأخرىوبعبارةمعني،منوذجتبينإىلدعوةاألوىلوبالدرجةأيضاإابلللنظام الرأمسايلالتلقائيالتطورآلياتمن

العوملة اجلابري حممد عابد، ="وأمركتهالعاملعلىاهليمنةإرادةعنمباشرةبصورةتعربأيضا إيديولوجياهيعصرنا،يعيشهالذياحلضاريالتطورمظاهرمن

،الكتاب الثاين،إشراف،حممد عابد اجلابري،الشبكة العربية لألحباث العوملة وأزمة الليربالية اجلديدةكتاب ،ضمن:واهلوية الثقافية عشر أطروحات

30،ص2009¡1النشر،بريوت،ط

علىاملفتوحةالعامليةاالقتصادياتهيفالعوملةاال االقتصاد، يفأما٠والسياسة والثقافةاالقتصاد:هيمتداخلةثالثةمستوياتيفالعوملة يتمفصلمفهوم"

هيالسياسةويفواإلنتاجية،قيم املنافسةواىلمرجعي،كنموذجاحلروالتبادلالقتصاداتعميماىلتدعواليتاجلديدةالليرباليةأيديولوجيا ومفاهيموهيبعضها

"ةالفكريالندوةومناقشاتحبوث"¡والعوملةطالل،العربالفردية.=عتريسيواحلرياتاإلنسانالسياسية وحقوقوالليرباليةالدميقراطيةاعتمادإىلالدعوة

44، ص1998¡،بريوت1طالعربية،الوحدةالدراساتمركز

يفاملفتوحةالعربيةوالسياسة،األكادمييةالقانون،كلية2008-2007،العربية،ماجستري علوم سياسية الثقافةيفوتأثريااالعوملةظاهرةعباس،سعدزهري- )1

104العزي،صسوميالدكتورالدنيمارك،بإشراف

-274-

Page 297: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

خذ جتليات كثرية على تأو ،تتجسد يف وقائع وظواهر عديدةف ،حركة عوملة السياسية أما

ذ حيل حمل اال الذي أخ ،رمبا كان يف مقدمتها ظاهرة اال السياسي العامليو أرض الواقع،

طة بالسياسة يف كل أصبحت اليوم مرتب أن السياسة يف كل أرجاء العامل، اهرظوال.السياسي احمللي

بني الدول واتمعات واألفراد، يف الروابط السياسية،غري مسبوقة الالزيادة مع أرجاء العامل،

أخريا ظاهرة األمركة و ،على الصعيد العاملي ،السياسي الليربايلصعود النموذج الفكري ووظاهرة

أن ،اجلدير بالذكرو.)1(خالل السنوات العشر األخرية ،طا مهما على أرض الواقعاليت قطعت شو

كأداة ،توظيفها السياسي بقوة يف الغرب اتقد استعملت منذ بداي ،مقولة حقوق اإلنسان ذاا

على االحتاد السوفييت و ،فقد سلطت لفترة طويلة على بلدان املعسكر الشرقي؛ هجومية إيديولوجية

لذلك فليس من ،على هذا العسكر ،يف اهلجوم اإليديولوجي بةرشكلت رأس احلإذ ا،سابق

.)2(ضمن أدوات أخرى إلحكام السيطرة على دول اجلنوب ،استثمارهاتوظيفها و ،املستبعد اليوم

مرتبطة ،رمبا عومليةو هي جمرد نزعة عاملية، ،إن الصفة الكونية امللصقة حبقوق اإلنسان

ااستثمار الغرب حلقوق اإلنسان، استثماراألمر الذي جيعل من ،اليةبتوسع السوق الرأمس

حق الشغل، (حق امللكية، ،ب على تطبيق احلقوق االقتصادية واالجتماعيةفإحلاح الغر ا،إيديولوجي

يف ،ل كل مواطن يف العامل إىل مستهلكتحويل يهدف ،خفيبعد ينطوي على ، حق السكن...)

معناه ، االجتماعيةالعابرة للقارات.فتطبيق احلقوق االقتصادية و أصبحت حتكمه الشركاتعامل

هكذا و ،ملنتجات الشركات الغربية الكربى ،كتل استهالكية إىل ،حتويل هذه الكتل البشرية اهلائلة

على و هدفه الرئيس التشجيع على االستهالك، ،إيديولوجيا اطابع ،تتخذ منظومة حقوق اإلنسان

أمسالية العاملية.ج يف السوق الراالندرا

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

¡2،ضمن العوملة و تداعياته على الوطن العريب،مركز دراسات الوحدة العربية، بريوت،طعوملة السياسة و العوملة السياسية) عبد اخلالق عبد اهللا،1

46ص ،2004

94، صسابق ، مرجعالفكرية الثقافية حقوق اإلنسان األسس ،سبيال ) حممد2

-275-

Page 298: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

أي كائنا ،اقتصاديا بالدرجة األوىل اإىل أن جتعل اإلنسان كائن، لقد سعت الرأمسالية دوما

،هي التلبيس األخالقي املالئم ،من هذا املنظور ،حقوق اإلنسان ةشرعو ،الدوافع االقتصادية حتركه

لصاحل الشعوب ،اإلنسانفي الوقت الذي تطور فيه مفهوم حقوق ف ،ة االقتصادية املعوملةنهلذه املاك

باسم -بادة الشعوب األخرىيربر إ ،لدى الدول الغربية،كان االجتاه الفكري السائد ،األوروبية

مما . االستعمار املباشرعرب عمليات االحتالل و ،اليت ميارسها اإلنسان األبيض- الرسالة احلضارية

واضح تباين ،قد صاحب ذلكو املعايري، ثنائيخطابا مزدوجا، ،جعل خطاب احلقوق منذ البداية

بل إن فلسفة حقوق ،حقوق اإلنسان يف جماهلا العامليو ،بني حقوق اإلنسان يف جماهلا الغريب

.سارت جنبا إىل جنب مع عمليات استعمار الشعوب ،اإلنسان يف الغرب

قائال:إن ظاهرة العوملة تنشر ،يعرب حممد أركون عن قلقه من التوظيف السليب للظاهرة العوملة

وتدجينها ،استراجتيات اكتساح األسواق االستهالكية على مستوى الكرة األرضية بأسرها،

لك يف دول ذالناتج عن ،وإحلاقها ا.وال تبايل إطالقا باملآسي االجتماعية والفقر املدقع

الناتج عن سياسة ،لثقايفكما ال تبايل بالتراجعات الفكرية والقمع السياسي والبؤس ا،اجلنوب

أو كيف تبلور ،هذه نعرف اآلن كيف تتم سياسة العوملةحنن (...) "التبادل غري املتكافئ.

وتعقد صفقات جتارية معها ،عالقات دبلوماسية مع دول اجلنوب فهي من جهة تقيم ،ستراتيجيتهاا

من جهة ثانية توعز و، ملصانعهاواسترياد املواد األولية الالزمة ،من أجل تصدير سلعها االستهالكية

همة إياها باالستبداد والتعصب تم ،ه الدول بالذاتذقها على سياسات هالوسائل إعالمها بفتح أبو

ذه وكل ذلك يف الوقت الذي تعترف به رمسيا ،والتخلف وعدم احترام حقوق اإلنسان الديين،

.)1("وتعتربها مبثابة الشريك احملترم، األنظمة

ن أإي الشركات املتعددة اجلنسيات.ال ميكن أو قوى العوملة اجلبارة، يكمن نفاق الغرب، هنا

واملخاطر احملتملة الناجتة عن ظاهرة العوملة .اقصد املضار اليت ،ننتهي من عد األضرار احلالية

أي اتمعات اليت مل تشهد بعد، جمتمعات اجلنوب وشعوبه وإفراده تفرضها هذه الظاهرة على

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

158،ص 2000¡2،تر،هشام صاحل،دار الطليعة،بريوت،طنقد العقل الديين قضايا، )حممد أركون1

-276-

Page 299: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

كما حصل لشعوب ، ومل يرتفع مستوى معيشتها ،ومل تستمتع حبرياا الدميقراطية، ظاهرة احلداثة

حتث اسم ،العامل اآلن وحنن نعلم أن احلداثة تفرض نفسها على مجيع شعوب"؛ أوروبا والغرب

بقدر ما تفرض ،العوملة.والواقع أن العوملة اجلارية حاليا ال تفرض نفسها كتجاوز تارخيي للحداثة

فإننا نعين احلداثة ،وبالتايل فعندما نلفظ كلمة العوملة، نفسها كتعميم هلا على كل األرض املسكونة

أصبحت تعمم على خمتلف ،وأمريكا ولكن بدال من أن تكون حمصورة حىت أالن بشعوب أوروبا

.)1("شعوب األرض

اتمع ما تعترف بإنونمط التقليدي املألوف،على ال،ال تعترف العوملة باتمعات الوطنية

مبعىن الوطنية، الءاتالوأو ،الدينوقيود الثقافة وومبعزل عن حدود اجلغرافيا،اإلنساين املفتوح،

يستجيب ،بل (تأليف) دين جديدوالثقافة واالنتماء الوطين،اهلوية،دقيق تأسيس جديد ملفهوم

ا خيار الشركات عابرة القارات،العوملة مبا أو.العوملةمشاريع من يقف وراء منظومة وخليارات

فإن هذه الشركات تبحث ميزانيات عدة دول عربية جمتمعة،،اليت تتجاوز ميزانية الواحدة منهاو

يضمن مباعقول أصحاب هذه األفواه:بل تعمل على صياغة ،نتظر األكلعن أفواه مفتوحة ت

يف األكل ،حتدد وقتهموتؤسس ثقافتهم و،وعيهم بذلك فتشكلارتباطها الدائم ببضاعتها،

فهي باختصار تضع وكذا روابطهم األسرية واالجتماعية،؛ وامللبس واملصطلحات و االهتمامات

للحياة.هلم تصورا جديدا

يد هذه الشركات احتكاره رالذي ت،جزء من هذا الكل ،حقوق اإلنسانومنظومة احلريات و

اهليمنة ويف ضوء تلك الغلبة و ،وتضعف سلطة السيادة الوطنية،بذلك يتقلص دور الدولةو ،لنفسها

فال جمال ،مبا خيدم التوجهات اجلديدة ،نظمهامن قوانينها والكثري تغري ،يفرض على الدولة

ددا حقيقيا لذلك اعتربت العوملة وخيارات التربية والتعليم، ،عن اهلوية الوطنية للحديث

اليت اندلعت ،ما تعرب عنه احلروبوهو ،خطرا على حقوق اإلنسانو ،واجلماعية الفرديةللحريات

لكن سرعان ،واإلسالمية يف البالد العربية ،حقوق اإلنسانونشر احلرية و ،باسم حماربة اإلرهاب

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

159) املرجع نفسه،ص1

-277-

Page 300: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

،كانت سببا يف اندالع تلك احلروب ،قةالظهرت للعيان أمساء شركات عمة،وقياحلقما تكشفت

ف دعاة العوملة فاتمع حبسب تعري من نفط وغاز وذهب و يورانيوم، ،حبثا عن الثروات الطبيعية

ل الوصول إىلجألو ،يوفر األرباح الطائلةو الغزير،الذي يستوعب اإلنتاج هو السوق املفتوح،

زم ذلك إبادة إن استلو ،ا حيقق ذلك اهلدفمب ،البد من صياغة كاملة لنبه اتمعاتتلك املرحلة،

ذلك ببدائل ثقافية جديدة ،تدمري مقومات اهلوية الوطنيةو ،آالف الناسوسحق شعوب بأكملها

حال منبأي ال ميكن و ،حقوق اإلنسانالعوملة مهددا حقيقيا للحريات و لذلك اعتربت ،مصطنعة

،بل هي أداة تدمري والتقارب بني الشعوب، ار احلضاري،جديد للحو اأن تكون إطار ،األحوال

للشركات العابرة االقتصادي،املنخرطني يف املشروع و ها بعض من املنظرين املتواطئني،يقف خلف

.مبا خيدم مصاحلها اخلاصة فقط ،اتمعاتادة هيكلة بنية الدول وريد إعاليت ت للقارات،

ذات قيمة إىل اإلنسان كغاية،النظر لفلسفة حقوق اإلنسان، رات الضمنية،أهم املصاد إن من

يعكس ،نوعيا لبعض رأى فيها بعدا نرجسيابل إن ا" ،كمركز لكل ما جيري يف هذا العاملو عليا،

يف ،العدلوالقيمة واملساواة و وإرادي متميز بالكرامة، عاقل، ككائن مدين، ،إعالء اإلنسان لنفسه

سواء كانت ،أو فئة دون أخرى ،ثقافة دون أخرىيف أو ،قوم دون آخرين يفال ،كل بقاع العامل

كأعضاء متساوينو فالناس كأفراد للنوع البشري، ،)1("أو ثقافية أو غريها ،فئة عرقية أو اجتماعية

.ذا اخلطابهم املخاطبون املقصودين يف ،يةيف اإلنسان

إما ة،من حيث أن كل دول املعمور ،عاملية قانونية غةبص ،ختذ خطاب حقوق اإلنسانلقد ا

أو جمموعة ،فهو ليس خطاب معسكر دون آخر ،أو هي يف طور املصادقة عليه ،أا قد صادقت

هذه املصادقة العاملية إن "بل -العظمىرغم أنه أصبح سالح يف يد الدول -حضارية دون أخرى

ونقلته من جمرد كونه مثال ،بالتدريج قوة القانون ،قد اكتسبته ة،من طرف دول املعمور القانونية،

البيان و ة،يف معظم دول املعمور ،إىل كونه إحدى مصادر التشريع وقيما يهفو اجلميع إليها، ،مجيلة

.)2("الشعوبألا تتوجه إىل كل األمم و ،ة مشوليةيعلن أن هذه احلقوق كوني عاملي نفسه،ال

ÜÜÜÜÜÜÜ

90)املرجع نفسه،ص1

91)املرجع نفسه،ص2

-278-

Page 301: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فإن ،باعتبارها منوذج كل ثقافة كونية ولثقافة الغرب، للغرب،لكن عندما تنسب الكونية

املنافسة للثقافة ،األخرىيثري مآخذ من جانب الفضاءات الثقافية و ،له حد لد جداال الألمر يوا

بالكونية هو الثقافة الغربية؟ هل املقصودرح من جديد صراعات حول املرجعية:هكذا تطو.الغربية

مشولية وكونية جعية الغربية،إذا كانت املريف بلورة هذه احلقوق؟والثقافات تسهم بقية أملهل و

. يف موضوع حقوق اإلنسان ذاتهوالثقافية احمللية، س معامل اخلصوصيات فلماذا تتجه إىل طم حقا،

أداة و للهيمنة،قناع الإما هي يف نظر الكثريين ملتمسك ا من طرف الدول الغربية،فالكونية ا

بل هي يف بعض األحيان لبقية دول العامل، ،ثقايفواجتماعي و رقاق سياسيووسيلة است ،سيطرةلل

الذي اإلنساين"، التدخلفحق" ،سار املطلوبامللتوجيهها يف ،أداة للتدخل يف شؤون هذه البلدان

بصورة استعمارية -يعطي للدول القوية يف الشمال الذي، حصان طروادةإال ما هو يف النهاية

.باسم أهداف "إنسانية" ،األخرى الدول شؤون حق التدخل يف- جديدة ملطفة

الكثري من املنتجات الفكرية السياسية ،األمريكية بنسختها ،محلت الليربالية اجلديدةلقد

جبملة ،قد متثلت تلك املنتجاتو" ،من التوسع الرأمسايل ،اليت رافقت الطور اجلديد ،االقتصاديةو

نشر الدميقراطية، التاريخ،اية ،منها صراع احلضارات واالقتصادية، من املفاهيم الفكرية

- حلق االنفصال يف كثري من احلاالت املرادف ،السياسيشعارات سياسية منها حق تقرير املصري و

وحدانية خيار التطور الرأمسايل املستندة إىل ،تأبيد وحدة العامل الرأمسايلو-منها حقوق اإلنسان

بعد جتريد الدولة من وظائفها ،التجارة الدولية احلرةيف حرية األسواق واملتمثلة ،عوملتهو

ضعاف مبدأ إجتسدت يف التركيز على ،عالقات دولية جديدةأخريا .واالجتماعيةواالقتصادية

التدخل يف فضال عن مباركة العدوان و ،إعالء شأن العقوبات االقتصادية الدوليةو ،السيادة الوطنية

تالزم مع تطور املنظومة السياسية للدول ،تطور الفكر الليربايلمع العلم أن .)1("خليةالشؤون الدا

من والسياسيةعلى احلياة االقتصادية ،يمنة الطبقة الربجوازية ،ذلك التطور حيث اقترن ،الرأمسالية

نشري إىل أن ذا املعىنو من جهة ثانية، االجتماعية السائدة، ،أشكال الصراعاتومبضامني و جهة،

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

15¡14،ص 2010¡1.،مل تذكر دار النشر و البلد طموضوعات يف الفكر السياسي املعاصر) لطفي حامت،1

-279-

Page 302: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

،كانت احلاضنة السياسية ،للطبقة الربجوازيةاملنتج السياسي األبرز باعتبارها ،الدولة القومية

.)1(شعاراته التارخييةو ،املدافعة عن حركة رأس املال الفكري ،القوة العسكريةو

يف ،متداخلةمتالزمة و ،حقوق اإلنسانو ،الدميقراطيةالسوق احلرة ولقد صارت دعوات

حيث لعبت بعد احلرب الباردة، لنظام العاملي،تفسر جانبا من معامل ا ،سياق منظومة عاملية

رت اليت تصو ،ذلك كله يف إطار دعوات العوملةو ،تروجيها عامليادة دورا مركزيا الواليات املتح

.)2( السياسة و الثقافةيف االقتصاد و ألمناط واحدة، ،إمكانية إخضاع العامل

يف اجنذابه للنموذج -ولو مكرها-موحد ،األوىل من هذا القرن البداياتالعامل يف لقد أصبح

ثر من اجنذابه ألي منوذج أك ،املدنيةالذي يؤكد على حقوق اإلنسان وحرياته السياسية و الليربايل،

بعد أن ،مستقبالتستمر يف الصعود ساليت و ،احلرية هي اآلن القيمة الصاعدة عاملياف فكري آخر،

رافع الذي ،النموذج االشتراكي على رأسهاو ،الفكرية األخرىتراجعت معظم النماذج السياسية و

نتيجة ،يف النصف األول من القرن العشرين استأثرت باهتمام البشرية، اليت ¡)3(العدالة عن أولوية

أصبحت اآلن األولوية أن العاملي،غري على الصعيد،للنجاحات اليت حققها النموذج االشتراكي

النموذج الليربايلف على الصعيد العاملي، يقها السابق،اليت فقدت بعضا من بر للحرية وليس للعدالة،

جناحات اتمعات مدعوم وهو ،قد أصبح من دون منافسو هو النموذج الذي يزداد انتشارا،

بادئ ملتطبيقها و للنموذج الليربايل، يف تبنيها اليت تسبق دول العامل والدول املتقدمة، ،اعيةنالص

.االقتصاد احلر

-جيري احلديث عن ضبط آيلو ،الليربالية اجلديدة عندما ترتبط العوملة بقواعدلكن

شر دعوة تعندما تن"و ،بفعل حرية حركة األموال و السلع عرب احلدود ،حلركة السوق -تلقائي

عندما جيري و ،و احلد من تدخل الدولة من خالل التخصصية ،إعادة هيكلة القطاعات االقتصادية

، ند اجتماعي ملاليني املهمشنيبغري س ،القائمة على التعددية السياسية–الدميقراطية الليربالية تعميم

الليربالية أصبحت معها .)4("مع ما يرافقها من إشكاليات ،حالة عوملة الليربالية اجلديدة أمامنكون

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

19) املرجع نفسه،ص1240¡239ص ،2002¡1لنشر والتوزيع،بريوت،طا،املؤسسة اجلامعية للدراسات وتطور الفكر السياسيعدنان السيد حسن،)250،مرجع سابق،صعوملة السياسة و العوملة السياسية،) عبد اخلالق عبد اهللا3

247،مرجع سابق،عدنان السيد حسن )4

-280-

Page 303: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ميكن أن ،العوملةإيديولوجيا السوق احلرة، و كما شاعت أيديولوجيا.فمتحان عسريا ، أماماجلديدة

،حشد من املتضررين على هوامش قوى العوملةف ،إيديولوجيا مواجهة العوملة ،تنتشر يف مقابلها

،التقدم مطروحاوسيبقى مطلب التحرر و خمتلفة، طرقبأشكال و ،أطرافها سيعربون عن رفضهمو

يف مجيع املراحل.

حتت شعار ،حقوق اإلنسانعوملة فهمه اخلاص للدميقراطية و يف اجتاه لقد سار الغرب

يعكس نهأحقيقة ،خمفيا وراء ذلك ،ال تراث حضارة بعينها ها تراثا مشتركا لإلنسانية مجعاء،يعترب

فرانسيس ولعل".املغلوب"حكم الغالب على وبعبارة أخر ،إرادة اهليمنةنتائج تغري موازين القوى و

القيم الغربية يف بأن اية التاريخ ستكون عند سيادة ،ن يبشر الغربأ أ يكن ليجرمل ،فوكوياما

اليت ،تأمل يف حقيقة القيمنألنه عندما ،حتاد السوفييتإلالوال ايار ،اقتصاد السوقالدميقراطية و

ىل حتقيق رأمسالية حقوق يفضي إ ا أما خطابفسنجد أنفسن" ،يسعى إىل عوملتها من الناحية العملية

التنكر لفئة دون -السياسية)الفئة الفردية (احلقوق املدنية وب على ن التركيز ينصأل اإلنسان،

احلال إيكال أمرها لكن بطبيعة احلال يف السابق،كما كانت عليه ،االجتماعيةاحلقوق االقتصادية و

ألنه سيضمن ملة االقتصاد الرأمسايل العاملي،الفاعلون يف تيار عوهذا ما يبحث عنه و -آللية السوق

-الثقافيةاالقتصادية واالجتماعية و يف حالة احلقوق ،اليت اعترب تدخلها ضروريا-هلم بقاء الدولة

-يف رأي الكثريين-اليت ستكون ،سيضمن هلم أمن وسالمة مصاحلهمو ،عن هذا االبعيدة

.)1("حتترم احلقوق السياسية مكفولة يف ظل األنظمة اليت

أمهها ،جبملة من السمات العامة تتميز املعاصرة،لليربالية البيئة الفكريةلعل هذا ما جيعل

تتركز الفكرية السياسية االقتصادية.و منتجاتهلسنوات القرن العشرين و ،املراجعة التارخيية الشاملة

الشرعية متجيد الليربالية اجلديدة املرتكزة علىيف:ميكن حصرها ور،امجلة من احمل هذه املراجعة على

،احملافظني اجلددو الليربايل ذا االجتاه حياول اليمنيو أنتجتها التشكيلة الرأمسالية،اليت ،الدميقراطية

خريا للشعوب هااعتبارو ،مبا يضمن جتميد احلقبة الكولونيالية ،إعادة قراءة التاريخ

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ: ضمن حقوق اإلنسان العريب، مركز دراسات الوحدة محاية حقوق االنسان و آلياا الدولية و اإلقليمية)ظريف عبد اهللا، 1

228،ص2004¡2لعربية،طا

1999،1،دار الساقي،مصر،ط،الثقافة العربية يف عصر العوملة: تركي احلمد،راجعللمزيد

-281-

Page 304: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

مع الترويج للتدخل ، يف التاريخ االستعماري، الغازية تترافق عملية متجيد اجليوشو".املستعمرة

كذلك حتطيم السيادة بلدان ذات األنظمة االستبدادية، ولفرض الدميقراطية على ال، العسكري

اليت يعتمدها ،الدائمة(الدميقراطية)تعترب الثورة ،ذا املعىنو.)1("لبلدان العامل الثالثالوطنية

توزيعها على و وتفكيك الثروات الوطنية، األنظمة االستبدادية، ة إىل تدمرياهلادفو املراجعون

يف ،يف مرحلة الرأمسالية املعوملة ،أحالم اإلمرباطورية األمريكيةتعبري عن ؛ الشركات االحتكارية

نقد الرؤية األوروبية ملسار و ،الليرباليون اجلدد على التركيز على املثال األمريكي يرافع هذا اإلطار

.يرتكز على قواعد تتخطى القوميات ،مع إميان عميق يف بناء عامل مغلق ،الدولية قاتتطور العال

املهيمنة على االقتصاد ،وجيا الدوائر املاليةوليدالمتثل الليربالية اجلديدة العنصر األساس

ريق قة عن طهي تعمل على إلصاق نفسها باحلقيو ،لة احلالية من تطور الرأمساليةالعاملي يف املرح

أي العمل على إجياد عامل من دون حدود اقتصادية ،عوملة االقتصادهي: ،مبادئ أساسية عدة

مث اندماج ناعية،الصو أي قيام الثورة التكنولوجية ،التقنية- والثورة العلمية .جعله عاملا واحداو

حتقيق حيث تكون اإلنسانية قد وصلت إىل فكرة اية التاريخ، وأخريا.االعلم مع التكنولوجي

عليه فلن يعود هناك مكان .ومتكاملللحياة يف جمتمع جاهز و ،ن الكاملغاياا يف يئة اإلنسا

للتطور التارخيي.

والفارق بقدر ما هي تطوير لليربالية األم، جديدة، الليربالية اجلديدة ليست إيديولوجيا

لتفرض مرتكزاا على بقية عوملة،امتطت قطار ال الوحيد بينهما يكمن يف أن الليربالية اجلديدة،

ل ليس أدو" ولكنها توفرها فعليا للقلة، للجميع،نادت باحلرية وحىت تلقى القبول، دول العامل،

هلذه و وما ميارس بامسها، بني ما تطالب به اإليديولوجيا، ،على ذلك من التناقضات الواضحة

كما الدول املتقدمة خبيبة أمل كبرية،الدوائر املالية يف مما أصاب ،الليربالية اجلديدة األسباب فشلت

أجلأها إىل استخدام القوة ، اليت حتقق الترابط بني الطبقات احملكومة، األداة الفكرية أن افتقارها إىل

يف تقديس املغرقة ،نمط الدميقراطية الليرباليةلها نيبت لدول الرأمسالية: جند أنلالنسبة بف.)1(ة"الغامش

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

22) لطفي حامت ،مرجع سابق،ص1

143،ص 256/2000، جملة املستقبل العريب.،ع قراءة يف كتاب: نيلسون أروجوا دي سوزا: ايار الليربالية اجلديدةمفيد الزيدي، ) 2

-282-

Page 305: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

جعلها قد".لوجوده كمواطن داخل دولة ال ،اإلنسانية تهاعترب لديها نتيجة لطبيع مبا ،حريتهالفرد و

اليت ،السياسيةباحلقوق املدنية و ، وحتديداابع الفرديط ذات ،تبدي تعلقا واضحا حبقوق اإلنسان

االجتماعية أما فئة احلقوق.مبادئ الثورة الفرنسيةو، ستقالل الواليات املتحدةارتبطت با

عن هذا فهي مما خيرج ،أوما يسمى باجليل الثاين من حقوق اإلنسان ،الثقافيةو االقتصاديةو

.)1("ألا تستلزم تدخال من جانب الدولة لكفالتها ،النطاق

تشكل البؤس ،لكنها أصبحت مبا آلت إليه اليومو، انية أهم انتصارات الليرباليةالفرد متثل

ودفعته إىل ذاته عن أخذت اإلنسان ،امتدادهافالفردية يف نسق تطورها و األول هلذه احلداثة،

،حيث بدأ يعيش حالة بؤس حضارية، دائرة االستقالل واحلريةسجنته يف و والتصلب، اإلنغالق

د يف حياتنا اإلنسانية املعاصرة.التفري يأخذ طابع الشمول والذ ،متثلت يف هذا القلق الوجودي

ياب الطابع ارن غو"، اإلحساس بطعم احلياة نسان يف ظل هذه التعاسة الفردية،لقد فقد اإل

وحوهلااملقدس عن احلياة االجتماعية، ب إمكانياتغي س، بطغيان عقل أدايتالقدسي عن حياة النا

.)2("النفعية مركزية الكون اإلنساينقيم الرفاه و المنازالت اليت تأخذ فيهل امسرحو ،حيم القهرجل

حتت و، خري الفرد الشخصيو هسياق من زاوية البحث عن الرفافكل شيء ينظر إليه يف هذا ال

م،تتحول إىل جمرد مادة خاو نسانية جوهرها اخلالق،تفقد الكائنات اإل -األدايت-العقلطغيان هذا

واخلسارة. الربح منطقغايات ال تتجاوز ظف بصورة نفعية لتحقيق أهداف وتو

لكنها مع ذلك دنا وحياتنا، ولقد حررتنا التحوالت احلداثية يف كثري من جوانب وجو

فالعقل األدايت مل يقف عند اتساعه كل حدود، الذي يتجاوز ،وديوضعتنا يف قفص القلق الوج

بل استطاع بسطوته أن ميتد ، حدود سيطرته على معاين الوجود املاديهيمنته اخلاصة، وحدود

ليس من قبيل املبالغة القول يف لك حقل وجودنا اإلنساين اخلاص، وحيدد معامل حياتنا اخلاصة.وليتم

يا، اخلسارة يسجل حضوره يف عمق القرارات اليت تأخذ طابعا أخالقو، بأن مبدأ الربح هذا السياق

مهددة بصورة متنامية. اتنا، أصبحتهذا يعين أن القيم املضيئة يف حيو

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

) املرجع و املكان نفسه.1

) اسعد وطفة،املقال السابق،املوقع نفسه.2

-283-

Page 306: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يتكون من الظواهر اليت ،تصور إيديولوجي إال هيما ،الليربالية اجلديدة هلذا ميكن القول أن

لتحقيق أهدافها ،شوهتهاولذلك فإا خلطت احلقائق و وليس من احلقيقة ذاا، ،تبدو حقيقية

توسيع و لت على استمرار هيمنة االحتكارات،عمو ،االقتصاديةوقلبت النظريات السياسية و

شككت يف و ،حولتهم إىل أتباع أذالءو الوصاية، وفرضت عليهم حاصرت املعارضنيو ،رقعتها

حتمل اية عت أا واد إلدارة الواقع السياسي واالقتصادي، ،والنماذج جدوى اإليديولوجيات

أي عامل حيقق فيه ، ال يرغب يف تغريه سوى اانني للوصول لعامل: ،حلل كل املشاكل ،سعيدة

تكون و ذا ،ال حيتاج معه إىل التطلع حنو السماءعلى حنو ،اإلنسان مجيع أمنياته على األرض

.أيضا إىل اية التاريخو اإلنسانية قد وصلت إىل اية األديان،

هي عامة ح،امسالتوعدم امليز و حلرية واملساواة،إن القيم اليت حتكم حقوق اإلنسان: مثل ا

،للتحوير تبعا للمجتمعاتخاضعة و لثقافات والسياق االجتماعي،حبسب ا ،متطورةنسبية و

،لذلك فإن إعالن حقوق اإلنسان ،أا بصمة لسياقها احلضاري ،مبعىن آخر ب الزمنية،احلقو

وخاصة بإعالن احلقوق الربيطاين أثر بالتقاليد الفلسفية الغربية،قد ت ،األمم املتحدة ملنظمة

أحدا أو هيئة أو ال أن،يبمت تناس ،مع كل ذلكو يف حمتواه وشكله ولغته، رنسيالفواألمريكي و

أو حتكم على أن تلك القيم ،أو حتدد خياراا ،املطلق باسم اإلنسانية التحدث متتلك سلطة ،جهة

حندد بوضوح مكان املطلق الو نا نتحدث عن الفكر البشري النسيب،ما دم ،هي كونية من عدمها

ال احلرية واحلقوق ومبدأ املسؤولية،لقيم ،النسيج املعريفأن إذ ،عالقته بالنسيب اجلزئيو الكلي،

الفلسفي، مما يتطلب ففيه يتقاطع التارخيي واحلضاري ده جهة دون غريها،ميكن أن تنفرد بتحدي

التحتية. تهمعرفة دقيقة ببني

مما يؤول إىل القول ،جيعل من هذا الرهان جمرد وعد مثايل كن واقع اتمعات النيوليربالية،ل

جل التواصل والتوازن أتفرض التكافؤ من ،البد له من أدوات مقاومة ،واصل واحلوارن فكر التأب

وال حيلة للمغلوب سوى ،يعين حضور اهليمنة وسطوة الغالب ن غياب التكافؤأل ،والتعايش

-284-

Page 307: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

والتفاهم دل مفاهيم احلوار تبسواقع تالويف ظل هذا .االمتثال والطاعة إىل حد بيع ذمته للسلطان

بأا بعثت من جديد ألجل اإلنسانية . ،رغم ادعاءات الليربالية ،، مبا يناقضهاواحلقوق والتحرر

أو ما شاع يف اللغة املتداولة املتورطة يف خطاب صناع القرار –إن الليربالية

رسالة كونية أن رسالتها، بل دف إىل اإلقناع ب ،"بالنيوليربالية " تقدم نفسها على أا أمر حتمي

رسالة ، لكن تبقى رغم ذلك وتضفي بذلك طابع الكونية واملعقولية على ال معقوليتها ،للتحرر

وحتويله إىل فضاء لالستثمار ،هي السيطرة على العامل و أمركته أو رمسلة العامل"الليربالية احلقيقة

تؤمن ببعض إىل فردية شديدة األنانية، الية تنتهي الليرب وذا .)1("سيادة ما يسمى األسواق املاليةو

حقوق اإلنسان إىل مصطلح مؤدجل أكثر ل معها مصطلححتو عرب نظرة "كونية ،ليس كله، والكائن

،فالغرب يرفعه كشعار إيديولوجي للضغط على اآلخرين ،بل ومستهلك وفاقد لروحه ،من اللزوم

أكثر مما يتقيد به عندما يتعامل مع اآلخرين.ال ينبغي أن نتاجر حبقوق اإلنسان أكثر من اللزوم،

.)2("ومعناها يلعندئذ تفقد عصارا ونبضها األو ألا

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ239.242،ص2009¡1صفاقس،تونس،ط ،هرب ماس منوذجا،دار ى،الفضاء العمومي ومطلب حقوق اإلنسان)عبد السالم حيد وري،1

160،ص،مرجع سابقحممد أركون،قضايا نقد العقل الديين )2

-285-

Page 308: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 309: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وقوة ،قوة املال وقوة السلطة.مفهوم احلق واحلقوق مع مفهوم القوة ،يتماهى يف عامل اليوم

فلكل إنسان يف الواقع،من واحلقوق بقدر ما ؛ والقوة العسكرية ،املعرفة وقوة التنظيمات االجتماعية

من احلقوق بقدر ما له أو هلـا مـن ،ولكل شعب من الشعوب ولكل أمة من األمم له من قوة،

والقوة هي التطبيق العملي للحق.القوة هي اليت تقرر القـانون القوة.احلق هو التعبري الذايت للقوة،

سـوى صـورة ومهيـة الذي ليس -ي اردوتضفي عليه صفات العقل الكل" ،وتطبعه بطابعها

أحداث احلادي عشر مـن هكذا فبعد .)1("تعبريا عن ماهية األفراد وجوهرهم اإلنساين -للقانون

أكثر استعداداتت با ،"*أن دول "النموذج و املقياسا واضحا بد ،عامليةالتداعياا و¡2001سبتمرب

األمنية. ملقتضيات خدمة مصاحلها ،واملعايريلتوظيف املقاييس

بل ومثلت تراجعا يف قضية الدميقراطية حقوق إن تداعيات هذه األحداث كانت سلبية،

د على قبلت وضع قيو ،مبعىن أن دول النموذج؛ "املقياس ذاتهحىت دول النموذج و طالت اإلنسان،

يف القيود اليت فرضتها يبدو ذلك واضحا و ،حقوق اإلنسان لديهامؤشرات قيمة الدميقراطية و

ملكافحة ،حيث صدر القانون الوطين األمريكي.)2("على احلريات الشخصية ،الواليات املتحدة

قانون كان من ؛ للقضاء على اإلرهابوفر األدوات والوسائل املناسبة والذي ،2001اإلرهاب

الدميقراطية وجتفيف ونشر حبجة القضاء على الديكتاتورية، وتشريد شعبه، تداعياته غزو العراق،

سبتمرب 20حيث أعلن الرئيس بوش يف وفق ما عرف بنظرية احلرب اإلستباقية، منابع اإلرهاب،

تتمثل ،من الداخليأطلق عليه مكتب األ ،تابع للبيت األبيض ،إنشاء مكتب جديد"عن¡2001

5ويف ارات،ال االستخباليت تعمل يف جم ،"التنسيق بني عشرات الوكاالت احلكوميةيف تهمهم

والذيته وزارة اخلارجية األمريكية الذي أقر، صدر قانون محاية العاملني األمريكيني¡2001نوفمرب

من إلطالق سراح أي مواطن أمريكي أو ،باستخدام القوة العسكرية ،يسمح للواليات املتحدة

31كما أصدرت وزارة العدل األمريكية يف ،القبض عليه يف دول أخرى قد مت هلا،الدول احلليفة

اليت تتم بني احملامني ،حق التنصت على املكاملات ،منشورا أباح لسلطات األمن ،2001أكتوبر ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

الواليات املتحدة وفرنسا وبريطانيا على وجه اخلصوص.*

12،ص1،2003،دار عالء الدين،سوريا،طقضايا النهضة) عبد الكرمي اجلباعي،1

، املركـز العـاملي لدراسـات وأحبـاث الكتـاب سبتمرب اآلثار و االنعكاسات على الدميقراطية و حقـوق اإلنسـان 11 ،)فرج بن المية2

6، ص2005¡1األخضر، ط

-286-

Page 310: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

األمر الذي ميثل خرقا واضحا للقوانني .من املوقفني واملتهمني يف قضايا تتعلق باإلرهاب موكليهم،

وال شك أن مجلة هذه القوانني، ؛ موكليهمعلى سرية العالقة بني احملامني واليت تشدد األمريكية،

واليت اجتهت حنو "تعزيز اليت اختذا "دول النموذج" ملكافحة اإلرهاب، واإلجراءات االستثنائية،

انعكست سريعا على وضعية الدميقراطية وحقوق على حساب منظومة احلريات،" منظومة األمن،

سبتمرب وما تبعها من 11اليت استثمرت أحداث خاصة يف دول اجلنوب، يف العامل كله، اإلنسان

إجراءات مضاعفة من أجل خنق احلريات فاختذت حكومتها، إعالن احلرب على اإلرهاب،

.)1("وانتهاك املزيد من حقوق اإلنسان واملعارضة،

يف حماولة خللط ،إسرائيل االعتداءاتاستغلت "الوضع كذلك يف دول اجلنوب، بينما

بني و ،ضد قوات االحتالل ،إحداث نوع من التداخل بني املقاومة الوطنية املشروعةو املفاهيم،

ملكافحة اإلرهاب، ة،فإن مجلة هذه اإلجراءات الدولي ،شك دون منو" ،أعمال اإلرهاب املدانة

فاإلجراءات ،)2( "حقوق اإلنسان يف العاملمعايري على أوضاع و ،انعكاسااكانت هلا تداعياا و

عليها النموذج مست األسس اليت يقوم اإلرهاب، ملكافحة ،اليت اختذا اإلدارة األمريكية ،الدولية

خلخله يف أسسه وآلياته، ،حيث شهد هذا النموذج ،خاصة ةاألمريكي بصفو الدميقراطي الغريب،

تدرجييا إىل أدت ،حملاربة اإلرهاب ،األمريكيةدارة اإلاليت اختذا ،اإلجراءات كون متثلت يف

أن القضاء خاصة و ،من مثة اإلخالل بتوازن السلطات الثالثو ،ميش دور القضاء األمريكي

فالتغريات اليت ،التنفيذيةبني صالحيات السلطة التشريعية و له الدور األكرب يف الفصل ،األمريكي

وضع الدميقراطية سريعا على اجتاهات هذه الدول جتاهانعكست ،جمتمعات النموذجطالت دول و

.وحقوق اإلنسان يف العامل

مع ،اتت أكثر استعدادا للتسامحب ،األمريكية لواليات املتحدةاواضحا أن بدا لقد

طاملا أن من ،يف أي مكان يف العامل ،التراجع عن التحول الدميقراطيو ،انتهاكات حقوق اإلنسان

على اإلرهاب. يف احلرب هايتعاون معو ،لسياسة األمريكيةليكون مفيدا ،يقوم بذلك

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

13) املرجع نفسه،ص 1

14) املرجع نفسه،ص 2

-287-

Page 311: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

ملواجهة قامت الواليات املتحدة،بعقد حتالفات دولية، سبتمرب، 11يالحظ أنه بعد أحداث

قد حقوق اإلنسان.يبدو أن زوال خطر الشيوعية،سجل حافل بانتهاكات مع دول هلا اإلرهاب،

وأمام غموض هوية يهدد أو أنه قد يهدد مصاحلها، تبحث عن عدو جديد، جعل الدول اليبريالية،

زعزعة لكنه الوحيد الذي ميلك مقومات، برز اإلسالم بالنسبة هلا (كعدو قدمي)، العدو احملتمل،

ومن هنا تزايد حرص الدول الليربالية الغربية، احلرب الباردة،بعد انتهاء اهليمنة الغربية على العامل،

وصار هذا األخري يقدم على أنه خطر يهدد مصاحل الغرب، على بث أفكار الرعب من اإلسالم،

إىل إطالق لفظ سبتمرب، 11وقد بادر الرئيس بوش االبن أثر اعتداءات والسالم العاملي عموما،

دخلتها الواليات املتحدة من افضع وأطول حرب، ث اعتربها،احلرب العاملية ضد اإلرهاب،حي

:"إن حربنا ضد اإلرهاب تبدأ 2001سبتمرب 20قبل،فقال يف خطابه أمام الكونغرس بتاريخ

على كل جمموعة إال عندما يتم القبض، ولن تنتهي هذه احلرب، ولكنها ال تنتهي عندنا، بالقاعدة،

ستعتربها تستمر يف احتضان أو دعم اإلرهاب، وكل أمة، بإيقافها وحتطيمها، إرهابية دولية،

.)1(الواليات املتحدة نظاما معاديا له

(اإلستراتيجية ووثيقة ،قد عربت وثيقة (اإلستراتيجية الوطنية) حملاربة اإلرهابهذا و

سبتمرب 20الذي وجهه الرئيس بوش إىل الكونغرس يف ،اليت يوضحها نص التقرير )اجلديدة

الذي تواجهه ،"يكمن اخلطر األعظمحيث يعلن بوضوح: بوضوح عن هذا التوجه اجلديد، ،2002

أم يسعون ،بصورة عالنية ؤناالقد صرح أعد الراديكالية والتكنولوجية، ،أمتنا عند مفترق طرق

حبكم و ،بتصميم أكيد ،إىل أم يسعون لذلك تشري الدالئلو ،المتالك أسلحة الدمار الشامل

ضد أي ديدات ،سوف تعمل الواليات املتحدة ،احلاجة للدفاع عن النفسو لسليمةالبديهية ا

بإستراتيجية تقوم على ويتعلق األمر هنا،.)2(قبل أن تتبلور يف شكلها الكامل ،ناشئة كهذه

اليت ،القريبة من مدرسة احملافظني اجلدد ،بلورا مراكز الرأياليت ،اإلستباقية اتالضربو ف،التخوي

اربة اإلرهاب حول ثالث حمل األمريكية ستراتيجيةاإلتتمحور عموما و.أنشأت هلذا الغرض

:مرتكزات أساسية

ÜÜÜÜÜÜÜ79،ص2004¡1،الدار العربية للعلوم، بريوت، ط 2011سبتمرب 11عامل ما بعد )السيد ولد أباه،180) املرجع نفسه،ص )2

-288-

Page 312: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

املرجعيات كل عن بعيدا، خابراتيةالعسكرية واملتنظيمات إرهابية بكل الوسائل مالحقة -

.القانونية االعتياديةالدبلوماسية و ،الضوابطو

إسقاطها عند و ومالحقة األنظمة اليت تنتجها، ،السعي للقضاء على أسلحة الدمار الشامل -

.اليت دعاها بوش حمور الشر ،الضرورة (الدول املارقة)

كما حدث يف من وجهة النظر األمريكية،- املناطق احملرومة منهايف نشر القيم الدميقراطية -

مراكزحتليالتتوصلتفقد متثل دعامة األمن القومي األمريكي. ا،باعتبارها قيم -العراق مثال

التحديث،يفأزمةمنيعاىن ،واإلسالميالعريبالعاملأن:وهيأساسيةإىل نقطة ،األمريكيةالفكر

هناكأصبحتوبالتايل األزمة،هذهمواجهةيففعالعنصر ،القوة العسكريةتعدملمثومن

.ملواجهتهاجديدة إستراتيجيةوضعإىل ،حاجة

العريبالعامليفالتحول الدميقراطيعمليةدعمأنعلىاتفقت ،الدراساتأن معظمجندهنا

نظرمن وجهةالدعمفهذا ،الدولهذهأوضاعإلصالحالاألسلوب الفعهو ،واإلسالمي

ظر النمن الدراساتوحتذر ،تلك اتمعاتداخل ،التحديثعجلةسيدفع ،املراكزهذه مفكري

وإمنا معينة،مرحلةيفوتنتهيتبدأاليت ،السياسات والربامجمنجمموعةباعتبارها ،العمليةهذهإىل

،املستوياتخمتلفعلى ،األبعادمتعددةاستراتيجيات علىقائمة املدى،طويلةإصالحهي عملية

.والدوليةواإلقليمية القومية،

كهدف ،الدميقراطيالتحولدعمطرحيمل ،11/9أحداث حىتأنهالدراساتتؤكد

فإىل ،واإلسالميالعريبالعاملنيجتاه ،السياسة اخلارجيةأجندةيفبأولويةظىحيومل استراتيجي،

األوسط،الشرقجتاهسياسةتنتهج ،األمريكيةاملتحدةالوالياتكانت سبتمرب، أحداثغاية

مستقرةوسياسيةأمنيةوإجياد بيئة القائم،الوضعدعمعلىقائمة ،خاصةبصفة اإلسالميوالعامل

منالعديد ،الواليات املتحدةتدعم ،عليهااحملافظةأجلومن.يف املنطقةمصاحلهامايةحلدف

على محايةالقادرةالوحيدةهي ،النظمتلكبأن منهااعتقادا باملنطقة؛املوجودة ،التسلطيةالنظم

-289-

Page 313: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

لتثري ،11/9أحداث جاءتوقد؛ البترولمصادرتأمنيرأسهاوعلى -مصاحل الو.م.أ-مصاحلها

للسياسة ،تااملراجعمنحالةلدولتو ،األمريكية والسياسيةالفكريةاألوساطداخللاجلد

يفلتوصل، ومت االقائمالوضععلى دعمالقائمة واإلسالمي،العريبالعاملجتاه ،اخلارجية األمريكية

وبناء.هذه الدولداخل ،اإلرهابمنووراءالرئيسيةاألسبابمنهي ،السياسةهذهأنإىل ،النهاية

إستراتيجية الوالياتتقييم إعادةضرورةعلى ،القرار األمريكيصانعالدراساتحثتعليه

قائمة ،بديلةإستراتيجيةتبيناالستقرار،وضرورةلضمان القائم،الوضعدعمعلىالقائمة ،املتحدة

من للخروجالوحيدةالوسيلةباعتبارها ،نشر الدميقراطيةخاللمن القائم،الوضعتغيريعلى

التسلطياحلكماءفإ اإلرهاب،التحديث وحماربةلعجلة ،دفعقوةمنستمثلهمبا ،األزمة

العامل-تمعاتاتلكداخلالشعور بالتغريبعلىسيقضيمصري،حتديديفومشاركة اتمع

علىةاألمريكياملصاحلمحايةمثومن املتطرف؛للفكرخفض تأييدهامثومن-واإلسالميالعريب

.الطويلاملدى

الغربعالقة األحداثهذهأعادتفقد؛ تارخييامنعطفا سبتمرب،11أحداثشكلتلقد

احلضارات،بصداماملرتبطة "هانتنغتون نظرية"وأنعشت جديد،منالواجهةإىلباإلسالم

خمتلفبنيواحلواروالتعايشالتسامحتوختاليت ،واجلهوداحملاوالتكلإىلوأحبطت

،متعجلحكمإصدار ،وعاديامألوفاأصبح ،األحداثهذهظل ففي ،البشريةاحلضارات

موضع الغربيفواإلسالميةالعربيةاجلالياتوأصبحت واملسلمني،العرب مجيع علىباإلدانة

صورةتشكلت ،الظروف هذهويفومتميزة،مستفزةأمنيةبإجراءاتوختص وغموض،شك

اخلاصةاالاماتجتاوزتحيث استثنائية، تصرفاتعلىبناء ،الغربيفاإلسالمعنسوداء

.ذاتهاإلسالمإىلبل ،والعرباملسلمنيكلإىل"االقائمني"عملياتالب

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

137) السيد ولد أباه،مرجع سابق،ص 1

-290-

Page 314: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

،متزايدا اشهدت منوو رة األخرية الكتابات حول اإلسالم،توالت يف الفتهلذا فال غرابة أن

وإمنا يعرب عن ،حول اإلسالم واتمعات اإلسالمية ،يف اجلهد العلمي انوعي اال يعكس تطور"

أن املسألة يعترب ،األخص) األمريكية علىالسياسية اإلستراتيجية الغربية (يف الدوائر ،شعور سائد

نري كيسنجر يكتب بوضوح بعيد ذا ههف.)1("متثل التحدي األساسي يف الرهان احلايل ،اإلسالمية

واألمن ،متثل حتديا كبريا للمجتمع املدين األمريكي ،على نيويورك وواشنطن جماتاحلدث:اهل

لقدرة العسكرية مل يكن ا ذلك أن اهلدف ،يتجاوز اهلجوم الغادر على بريل هاربور األمريكي،

قناعة بأن ،تقدم الكارثة وقبل كل شيء، ،وإمنا معنويات وطريقة حياة املدنيني للواليات املتحدة،

ال تنطبق على ذلك اجلزء من ،االنسجاماليت تأكد قيم التوافق و العامل املعومل، اتبعض افتراض

بعد أحداث ،يف الثقافة الغربية السائدة ،يتبع مسار تشكل هذه الصورة العدائية لإلسالمو ،العامل

إن متايزت خلفياا متشابكة و ،فق مناذج ثالثة نظريات، صورة حتدد و2001سبتمرب 11

ستشراقية لألحكام اال صبني النكو ،تتأرجح املقاربة السائدة ،من هذا املنظور، والفكرية

،النظر إليه بصفته ديانة جامدة أوا يهودية حمرفة أو مسيحية حمرفة.اإلسالم إم ،اليت ترى بأنالقدمية

اللتني عرفتا منذ ،يف مقابل الديانتني اليهودية واملسيحية ،عصية عن اإلصالح عاجزة عن التجدد،

.القيم املعيقة للحداثةمكنتها من التحرر من التصورات و ،عشر ثورات إصالحية متتالية 16القرن

اليت ،يف العاملالوحيدةالرئيسيةاحلضارةهواإلسالم هذا ما عرب عنه فوكوياما بقوله:

السياسة يفاملسيطرة ،األمريكيةاحلداثةمع ،املشاكل األساسيةبعضلديهاابأ ،اجلدالميكن

هذه األطروحة ،"مايكل نوفاك"احملافظ ،يف السياق ذاته يستعيد املفكر األمريكيو¡الدولية

ية القائمة ببنيته العقد ،املسيحي-معتربا أن اإلسالم خيتلف عن التقليد اليهودي ستشراقية العتيقة،األ

املهيمن على ،القدرةاملطلق ،املفارق لهاإل ةمن خالل مركزي ،وإرادتهعلى نفي حرية اإلنسان

اإلنسانية من مث نشأت الرتعة"و حلرية هي جوهر التقليد اليهودي واملسيحي،إن ا حني يف ،اإلنسان

يف الرؤية اليت أصبحت مطروحة بعد ذلك،وهي ¡)1(نظام احلريات الليربالية احلديثة اأفرزو فيهما

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

139)املرجع نفسه، ص 1

2003،اكتوبر25-23أيام:بالسنغالداكاريفاملنعقدالدوليةلليربالية52*املؤمتر

-291-

Page 315: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

يف العامل العريب اليت تعقد من أجل دراسة وضعية الدميقراطية وحقوق اإلنسان، كل النقاشات،

الذي ناقش قضايا و*،رؤية ليربالية""اإلسالم والغرب:خاص بعنوان مؤمتر فيف ،واإلسالمي عموما

حسب -أن احلل الوحيد للخروج من حالة الركود ،سجل املشاركون،الدول اإلسالميةيف احلكم

على أن احلقوق األساسية ،تكرر تأكيدها على وجه اخلصوصو تبىن أطروحات الليربالية،- الوثيقة

،وسيلة للتعدي على تلك احلقوق ،الل الدينغستاحيظر تسري بغض النظر عن اجلنس.و ،للفرد

اإلساءة إىل حقوق اإلنسان باسم و على أساس النوع االجتماعي، ،لى التمييزوالبد من القضاء ع

ففي حني يعتنق العديد من الناس ومؤسسات الدولة،بني الدين ،لفصل الواضحل وهي دعوة ،الدين

دي إىل زيادة الرتاع االجتماعي ؤ ي،فإن حماولة إقامة دولة دينية ،يشاركون بالسياسةو ،الدين

.)1( الظلموالسياسي و

إىل ضرورة إصالح ،وراء الدعوة الغربية تقاانس علما أن تيارات عديدة يف الفكر العريب،

فوجدنا هذا اخلطاب يدعو إىل ،يف سياق حرب الغرب ضد (اإلرهاب) ،اخلطاب الديين اإلسالمي

مح،يقوم على احلرية والدميقراطية والتسا ،واقتصادي سياسي تربوي تعليمي، ،إحداث إصالح

ة والتطرف بني اإلسالم والغرب.إاء الكراهيو وتقبل اآلخر،

عد أحداث احلاديب ،ريب اإلسالمي املعاصرعيف واقعنا ال ،إن ظهور مثل هذا اخلطاب الديين

اختفاء الصراع فبعد ،وقعت باإلحداث اليت ل على تأثر هذا اخلطابيد ،سبتمربعشر من

السقوط السياسي لإلحتاد املاركسية والليربالية و أو بني ،اإلحتاد السوفييتاإليديولوجي بني الغرب و

للصراع اإليديولوجي ،ما أن يصبح موضوعاإ جد اخلطاب الديين نفسه بني أمرين،و، السوفييت

.)2(أن يسارع إىل الدخول يف عالقة ذات صداقة مع الغرب أو ،اجلديد مع الغرب

رفالذي يع ،أو الواقع الراهن ،يف العقد األخري األحداث العاملية ،لقد حرك اخلطاب الديين

،التجديدينادي باإلصالح و ،جعل هذا اخلطاب األمر على كل ااالت احليوية، ،هيمنة الغرب

،آليات مفتعلة يف كثري من األحيان، دعوة وظفت؛ ت واألحداث املعاصرةمبا يتناسب مع املتغريا

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

4¡3،ص 2009¡1مركز احملروسة للنشر و اخلدمات الصحفية واملعلومات القاهرة، ط،الليربالية الدوليةبرنامج )1

-292-

Page 316: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

لبعض ،يبدأ بقراءة جمزأة مثال- خطاب اإلصالح- فنجده ،العلمانيةللتقريب بني اإلسالم والليربالية و

جتعل ية،يستخدم منهجية تأويلو مع تلك املتغريات، ،حىت تتفق هذه القراءة ،اآليات القرآنية

على ،كما أنه يستخدم نفس املنهجية التأويلية دعوة للحوار والتسامح مع األخر، ،اآليات القرآنية

هذا أصحاب حيث يرجع يف إطار دستوري، ،الشعوبمستوى التعايش بني العقائد واألديان و

املدينة اليهود يف ين واألنصار وذي أمضاه الرسول(ص) بني املهاجرال ،إىل عهد الصحيفة ،اخلطاب

يدعو اتمعات - يف شقه الليربايل-املعاصر ذا ما جعل اخلطاب الديينيف السنة األوىل للهجرة.وه

تقوم ،الغربمع البحث عن عالقات جديدة و ،لترك اخلالفات العقائدية جانبا ،اإلسالميةالعربية و

.)3( التسامحعلى االحترام املتبادل و

م،من منظور وخلفية فكرية غربية،إلساللفهم على ،اخلطاب الديين بعد أحداث سبتمربيقوم

يف يبحث عن أصول لهو ،العربية اإلسالمية بيئةيف ال ،جتذير مفهوم التسامح الغريب مثال فيحاول

ه اليت ختدم منطلق ،النصوص التراثيةو ،األحاديث النبويةفيسترشد باآليات القرآنية و ،اإلسالم

كأا تتحدث عن تسامح عاملي كوين و يات واألحاديث والنصوص،آلا هذه حبيث تبدو ،هتخلفيو

كأنه أحد و حبيث يبدو هذا املفهوم، يوظف مفهوم التسامح، خلطاب الديين،ا مبعىن أن ،مقدس

التساهل إىل نوع من اخلنوع و ،فتحول خطاب التسامحاليت ال ينبغي مناقشتها، لعقدية،املسلمات ا

يف من أجل االستقالل ،إذا كان الكفاح.فتارة و للغرب تارة أخرى ،اخلضوع لألمر الواقعو

كخصائص وتقييد السلطة، دة القانون،سيافاهيم الدستورية واملقد اقترن ب ،األقطار العربية

.الغربية احلديثة مفاهيم للدولةو

أخذت مبظاهر الدميقراطية ،دساتريهت أغلب هذه الدول إلقامة حكم وعد االستقالل اجتب

يف أغلب األحيان لذات لكنها خضعت- إقامة مؤسساتو األحزاب، بتعدد - على النمط الغريب

هي اليت ،إذ الدولة أو السلطة احلاكمة ،ان سلطة دولة االستعماراليت كانت تسري إب ،السياقات

على و ومتنحها السلطة والنفوذ، ها،وهي اليت كانت توجه أت لنفسها املؤسسات اليت حتتاجها،أنش

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ80،ص 2000¡5، جملة اآلداب و العلوم االجتماعية، جامعة سطيف ،عاحلكم الراشد و معضالت الدولة احلديثةفتيحة هارون، )1

-293-

Page 317: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

سرعان ما حتولت هالكن - غريهاكالتضييع ونشر التعليم الصحة و - ا حققته من اجنازاتالرغم مم

االجتاه حنو أشكال خمتلفة من و ،لتركز السلطة يف يد شخص واحدنظرا ،إىل أنظمة متصلبة

بية،حيث أولت األقطار العر ،مع تعاظم دور األجهزة األمنية وظائفها ،البريوقراطية التسلطية

ا رمزا اعتبارهب ،جهاز األمن الداخليو كمؤسسات اجليش، ملؤسسات السيادة أمهية خاصة،

لتحقيق هيمنة ،ع نوااتوسيلبناء و ستعانت باخلربة األجنبية،بل ا ،كقوة حتديثيةللسيادة الوطنية و

املسيطرة ،النخب احلاكمةوجدت األنظمة العربية و وبناء على ذلك،.)1(النظام احلاكمالدولة و

حبيث مستهلكة،أصبحت ،شعاراتأسرية إليديولوجيات و نفسها ،يف هذه األقطار ،على السلطة

معظم النخب السياسية احلاكمة ألن بسب تآكلها مع الوقت، ،مل تعد تلقى صدى لدى احملكومني

،يف قبول اجلماهري (احملكومني) ا تمثالم ،تفتقد إىل العنصر اجلوهري من عناصر شرعيتها ،احلديثة

دا من القضايا اجلوهرية،باإلضافة إىل أن عد ،ليس إكراهااعية وطو ،افتقارها إىل الوالء هلاو

على الرغم من أا ديثة،القطرية العربية احل مل يتم حسمها بالدول ،السلطة كقضية املساواة،

.)2(تشكل إحدى مكونات بناء أي دولة

أو عن النظام حكامها،عن شخصية تهككيان له استقاللي مل تتطور ،الدولة العربية أنعلما

األمر الذي جعل قوانني ،ليس عن سلطة احلاكمو ،عن سلطة الدولةالذي يعرب ،السياسي

الذين يتمتعون ،ما تعرب عن إرادة حكامها بقدر ،عن إرادة اجلماهريال تعرب ،مؤسسات الدولةو

األمر الذي يطرح ،اليت يعملون ا ،من تلك اليت ختوهلا هلم األطر القانونية ،بسلطات أكرب بكثري

لسلطة اليت فا؛ ما للدولةبني ما للسلطة و ،إمكانية الفصل الواضحيف صعوبة األحيان،يف كثري من

.ليس العكسوهي حاضنة الدولة و ،أجهزاتبين مؤسسات الدولة و

اجتهت جل أنظمة احلكم ،ايار املعسكر الشرقي الشيوعيو ومع ظهور موجة العوملة،

كخيار تنموي، التجارة العاملية،الدخول يف و السوق، صادتبين اقت إىل ،القائمة بالوطن العريب

على - ظاهريا–تأكيد الو مع التحوالت العاملية اجلديدة،التأقلم و ،اح االقتصاديتتحقيق االنفل

ÜÜÜÜÜÜÜÜ84املرجع نفسه، ص )1

-294-

Page 318: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

فيكاد املمارسة، أما على مستوى ،كمبدأ تقوم عليه الدولة احلديثة ،حقوق اإلنسانو الدميقراطية

إىل حدود التقديس يكمن يف تشبثها باحلكم، ،احلكومات العربيةمجيع يكون القاسم املشترك بني

باعتبارها -الوطن العريبيف -القانونسسات وتأسيس دولة املؤ األمر الذي حال دون ،العبادةو

باملعىن ،األطر القانونيةيتم يف األصل خارج ،فوجود هذه األنظمة ،أسس قوية للشرعية السياسية

ودفعها ،اجلماهري اتإىل عدم تلبية حاج ،احلكمهذه النماذج من احلديث هلا حيث أدت

للحيلولة دون ،عملية تفكيك اتمع معه، تاستمر للمشاركة السياسية الفعلية.الواقع الذي

.كقوة حتدي للسلطة ،تشكله

ظل بعيدا عن املستوى املطلوب ،األقطار العربيةيف ،إال أن حتقيق املشاركة الدميقراطية

والسماح على تطبيقها بصيغ متعددة، امللكية،و اجلمهورية منها الرغم من إقدام أنظمة احلكمبف

بل مستوى ما حققته الدول املتقدمة، ال ترقى إىل ،أن جهودها ظلت رمزية إالبالتعددية احلزبية.

،اخلارجيةت هذه األنظمة للضغوط الداخلية وكلما تعرض ،االجتاه حنوهاو عودة إليها،كانت ال

.لضمان استمرارها يف السلطة لفترات أطول

يف الغرب حول الدميقراطية وحقوق اإلنسان حاليا هناك خطاب سياسي سائداحلاصل أن

يستخدم ، لكن هذا اخلطاب اجلذاب ظاهريا؛ والدعم اإلنساين للشعوب املقموعة واملضطهدة

الذي يمن عليه الدول ،ل للتوازن العاملي اجلديدقأو لن ،كغطاء "أخالقي"للنظام العاملي اجلديد

ن هناك إمجاعا عامليا على ضرورة تعميم الدميقراطية يف كل أالصناعية الكربى.يضاف إىل ذلك

بعيد إىل ورمبا أدت هذه اإلستراجتية على مدى ال ،واحترام قواعد التبادل التجاري احلر ،مكان

الذي بلورته أوروبا يف القرنني السابع عشر ،للنموذج السياسي والفكري ،االنتصار العلمي

- مثال فوكوياما –.وهذا ما يعتقده منظرون غربيون بعد الثورة االجنليزية والفرنسيةوالثامن عشر

.)1(ثقتهم بالنموذج الغريب الليربايلزادت

ÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜÜ

204أركون،قضايا يف نقد العقل الديين،كيف نفهم اإلسالم اليوم،مرجع سابق،ص)حممد 1

-295-

Page 319: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

وهل فعال ينتهي العامل إىل النمط الليربايل كان اخلالف حول فلسفة النهايات،مهما لكن و

فإن ؟،لعامل على أساس الشرق والغربويرتسم ا ،الغريب أم سيكون الصراع بني القيم والعقائد

املستند ،ستبدادااليف ظل استمرار ،يكاد يكون غائبا ،نصيب العرب يف هذه العقالنية اجلديدة

م حنقق اإلقالع النهضوي فل ظلت تالك منذ قرن من الزمن، ية،إشكاالت فكرية وسياسية ومهعلى

.)1(وظلت اخلطابات الشعبوية املشبعة بقيم التخلف مهيمنة

هادات املتنوعة يف حقلي الفكر السياسي تاالجعلى اليوم حنن نقفهذا و نقول

أي البحث يف ،يسمى "إيطيقا السياسة" حنو مااجتهادات تتوجه ،يطيقي يف الغرباإل-واألخالقي

رمزا ،اعتبار األنظمة التوتاليتارية اليت أنتجت احلربني العامليتنيو يم وأخالقيات املمارسة السياسية،ق

احلاصلة يف مثل هذه اتاالنتباه يف املراجعات واالجتهاد تما يلفأرندت".و بتعبري"حنا ،للشر

اإلنسانية اليت قامت من هو نقد الليربالية املعاصرة واعتبارها منحرفة عن املبادئاألعمال:

عاد ومن هنا ،وقهره داخل املؤسسة.حولت املواطن إىل أداة كبقية األدوات والتكنولوجياأجلها.و

وهنا ؤسسات عادلة تتواصل معه كإنسان..مبعىن إعادة فرديته وإنسانيته يف م،عدالةاحلديث عن ال

)2.(نلمح النقد القوي لعصر األنوار الذي أعلى من شأن حقوق الفرد

الفكري صل بعد،ملثل ذلك التقدم السياسي،والعلمي ومل ي الذيي،اإلسالمإن عاملنا العريب و

وصوال إىل ،بالنهضة العربية اإلسالمية،ومه متمثلة يف النهوضتظل مه،الذي يعيشه الغرب اليوم

القرن احلادي يف،هي نفس أهداف هذا العامل،منذ القرن التاسع عشر،ما تزال ليتا،حتقيق أهدافها

يف املتمثلة يف التمكني ملواطنيه،من التحرر السياسي واإلجتماعي... وهي تلك والعشرين..و

إال من خالل فلسفة عربية نقدية،لإلنسان ذلك ال يتحقق،والدميقراطية... والعقالنية

مع الواقع العاملي اجلديد إىل متكينه من مثل تلك احلرية من جهة،و التكيف وصوال ،لواقعهالعريب،و

احلرية توظيف مبادئ املراجع النقدية، ميكن للعرب واملسلمني،مبثل هذه .و املتجدد من جهة أخرى

..)3(لتحقيق حرية جمتمعام،ةالعدالمة اإلنسانية والكراو

ــــــــــالوجھ الباطني لإلستبداد والتسلط في طبیعة السلطة السیاسیة العربیة:قراءة في التجربة الدیمقراطیة المتعثرة في )بومدین بوزید،1

-http://ibn : نقال عن الموقع االلكتروني:6الجزائر،مجلة ابن رشد،عrushd.org/pages/int/Magazine/issue6/documents/Bumdin-ar.html

) المرجع و المكان نفسھ.2 131، ص 2009، 359المستقبل العربي،ع ،مجلة عن الفلسفة وعن حریة في القرن الحادي و العشرین)البخاري حمانة، 3

-296-

Page 320: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 321: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

سؤال اإلنسان يف الفكـر العـريب اليت تناولنا من خالهلا إشكالية، يف خامتة هذه الرسالة

اإلسالمي والفكر الليربايل الغريب. نصل إىل مجلة من النتائج نرى أا مفتاح للبحث يف القضية من

النتائج املتوصل هي: زوايا أخرى.وأهم

فالنصـوص ؛ مل يطرح بنفس األسـلوب والغـرض ،أن سؤال اإلنسان داخل املرجعيتني

تكشف عنها اآليات ، تناولت إشكالية اإلنسان من ناحية جمملة ، املؤسسة للفكر العريب اإلسالمي

ـ القرآنية واألحاديث النبوية، ى بقيـة اليت تتحدث عن خلق اإلنسان وأصل تكوينه وتفضيله عل

وتتحدث عن القيم املساعدة اليت من أجلها خلق، وتتحدث كذلك عن مهمته الوجودية،؛ اخللق

وهلذا كان استقصاء مقصـود .كاحلرية و العدل و املساواة...اخل لإلنسان يف أداء مهمة الوجودية،

.لفهم فلسفة احلق يف اخللق ،اضروري االشرع أمر

واستنباط للصور كانت نظرية املقاصد يف أساسها استقصاء لغايات الوجود البشري، لقد

، مبا يساعد اإلنسـان علـى أداء مهمتـه ،الدينالدنيا و اليت تشكل النواة اجلامعة ألمور ،العامة

ليس يف جمـال –لكل حركة اجتهادية ،والنموذج املقاصدي ميكن له أن يصبح القاعدة األساسية

ألن الشريعة مل ولن تكون بل يف املسائل الدينية واالجتماعية واالقتصادية والسياسية، -الدين فقط

أوغل فيه املتقدمون مبا أتيح هلم من معـارف، بل هي حقل معريف، حمصورة يف الكليات اخلمس،

من خـالل ، أن نتحرر من الوصايةبوحنن مطالبون اليوم وحسب ما أملته ظروف زمام آنذاك،

ترقية و .فهم ال يلغي ما سبق بل يزيد ويضيف إليه النبوي،م جديد لقراءة النص القرآين وفه تقدمي

،فاالجتاه املقاصدي يف االجتهاد واستنباط األحكام، االجتهاد الديين وتفعيله على كل املستويات

واالمتداد بإحكامها وبسطها على مجيـع جوانـب إمنا استدعته مقتضيات حتقيق خلود الشريعة،

وعلى األخـص يف عصـور التقاليـد -والتدليل على رعايتها ملصاحل العباد.وختليص الفقه احلياة،

حيت انتهى األمـر إىل اآللية البعيدة عن فقه الواقع، ،من النظرة اجلزئية-الركود العقليواجلمود و

دة عن االرتباط بالغايات األصلية. قواعد جمردة بعي

-297-

Page 322: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

الـيت ولـدت فقد اكتسي طابع احلكمة العملية، ،اإلنسان يف الفلسفة اإلسالميةأما سؤال

على منط املطالب ببناء املدينة الفاضلة، لعبت دورا هاما يف تغيري وتعميق الوعي السياسي، مفاهيم

وحضور اخليال السياسـي يف نطاق احلكمة العملية، الفكر يف معظمه، حترك هذا .الرسولمدينة

هـذا دون .الذي غيب يف كثري من األحيان اإلنسان يف حضور السلطان األمر، -السالطنيوأدب

يف الفكـر العـريب إنسـانية اليت شكلت فيما يرى حممد أكون نزعة ،إمهال بعض األطروحات

ابن سينا.وككتابات التوحيدي ومسكويه ،اإلسالمي

وحماولـة اجل املشكلة حتت ضغط احلاجة،فالكثري منه ع أما الفكر العريب احلديث واملعاصر،

أو حماولة التوفيق بـني لذلك مل خترج معظم الكتابات عن إطار االنتصار للتراث، مقارعة اآلخر،

تؤسس ،لذلك مل تقدم هذه األطروحات بدائل جديدة؛ أو تبين الوافد ونبذ الرافد والوافد، الرافد

ما انتهت مدة صـالحيته وتعمل على جتاوز ،تعتمد التراث ركيزة من منطلقات ،لرؤية معاصرة

أي جتاوز كل ما ال خيدم التقدم. ،باملفهوم احلضاري

موجـد بـالقوة والزال يف خالصة القول أن سؤال اإلنسان يف الفكر العريب اإلسـالمي،

ن البحوث اليت تناولـت أل نقول بالقوة، ويف أطروحات فالسفتنا ومفكرينا، نصوصنا املؤسسة،

قدمت ما استطاعت تقدميه حسب ظروف الزمان املفهوم أو حاولت استنباطه من تلك النصوص،

األمر الذي يستدعي البحث عن أساليب جديـدة ، والكثري منها متجاوز اليوم واملكان واحلاجة،

ولكن مـن ،ال من أجل التبجيل إلعادة بعث البحث من جديدة، ،يكشف عنها العلم احلديث،

ع اإلنسان املقهور. أجل تغيري واق

يف ظروف مغايرة متاما لتلك اليت مر ،سؤال اإلنسان يف الفكر الغريب رحقابلة طاملناحية المن

قبل الوصول -ا الفكر العريب اإلسالمي يف بداياته.لقد طرح يف البداية لدحض سلطة الكنيسة

مت رسم حدود العالقة بني ،انطالقا من هذه الفكرةو ،وإعالء قدر اإلنسان -لدحض سلطة الدولة

أي يتدخل يف وال حيق له أن ،فالسياسي ينحصر يف "رعاية شؤون الدنيا حقل السياسي والديين،

-298-

Page 323: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

اليت تضم أفراد اجتمعوا ،فهو من اختصاص الكنيسة ،أما حقل الديين.شيء يتعلق باحلياة اآلخرة

أنه مقبول وجدير بأن حيقق هلم اخلالص.لعبادة اهللا وفق ما رأوا بإرادم دون إكراه،

وأن اإلنسان فأعلنوا أن الفرد احلر هو الغاية، لقد نادى مفكرو النهضة بصوت احلرية،

،مها البداية لكل تساءل عن مكانة اإلنسان يف الكون ووضعه يف اتمع ،وطبيعته البشرية

وتضع تقرير مصريه بنفسه".ذه ل الكنيسة،فاإلنسانية تدعو إىل حترر اإلنسان من التبعية لرجا

ككائن روحي منفتح على ،حدث "االنتقال التدرجيي من املفهوم املسيحي عن اإلنسان ،النظرة

مسته األساسية أنه كائن رغبة ودوافع غريزية". إىل اإلنسان ككائن حي متطور، العامل اآلخر،

ال تؤمن باالنسجام اليت الفردية إال من الزاويةفال ينظر لإلنسان، الليربايلأما الفكر

إال لكون اتمع تعبريا عن اإلرادات الفردية والتناغم بني املبادرة الفردية وبني املصلحة االجتماعية،

هي حقوق اإلنسان مبا هو عضو اتمع من هذا املنطلق تصبح حقوق اإلنسان".ومصاحل األفراد

والذي يتمتع حبقه يف التملك وفعل ما ،املنفصل عن بقية األفراد األناين،أي اإلنسان البورجوازي،

كما ،ألن اتمع البورجوازي هو الذي يعطي لإلنسان احلق يف االستمتاع والتصرف بثروته يريد،

وهذه احلقوق ،فعة الذاتية واملساواة يف احلريةأي حق املن يريد وبصورة مستقلة عن اإلمجاع،

إال ،اليت ال تضمن استمراريتها وهيمنتها االقتصادية ،ائرة العمومية الربجوازيةتشكل أساس الد

.بتحويل االقتصادي إىل حقوق

فالتأصيل يكمن يف إشكالية التأصيل، ،خالصة القول أن جوهر االختالف بني الرؤيتني

فية على أساس قاعدة فكرية ذات اجتاهات فلس يرتكز ،اإلسالمي ملفهوم اإلنسان وحقوقه

ومنح العلم واحلكمة خلق يف أحسن تقومي، تعترب اإلنسان خملوقا مكرما من اهللا تعاىل، وأخالقية،

وقد جعل اهللا تعاىل احلرية أمرا ؛ واستخلف لعمارة األرض وفضل بالعقل على سائر املخلوقات،

التكليف اليت تعيق تطوره وتكامله ضمن رره من عبودية اآلخرين،وح ،ولد مع اإلنسان فطريا،

ينفصم يف كل متماسك ال وربط اإلسالم فعاليات احلياة الدنيا حبياة اآلخرة، اإلهلي املستأمن عليه،

-299-

Page 324: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

،ودوره والغاية من وجوده وموقع اإلنسان فيهما، منطلقا من النظرة الكلية للكون واحلياة،

وعمارة األرض واالجتهاد يف العمل، باملعىن الواسع للعبادة كطلب العلم، يف عبادة اهللا، ةاملتمثلو

.مبعىن التربية الروحية...واملشاركة احلقيقية يف إدارة اتمع وجماهدة النفس، مبا ينفع الناس،

، اإلنسان كنموذج للكمال اإلنساين،املعاصرةبينما قدمت املرجعية األوروبية احلديثة و

ائدا يف القرون كان سمع النموذج الذي التعارض، رض متاميتعامفهوم .فكريا وأخالقيا ومجاليا

يز بني مملكة اهللا ومملكة قائمة على التمي ،من نظرة عامةوالذي كان جزءا الوسطى املسيحية،

جاء مفهوم ف ،جبسده إىل الثانيةو ،النظر إىل اإلنسان على أنه مشدود بروحه إىل األوىلو الشيطان،

ذلك بإعادة و وجيعل حدا هلذا التمزق،، نائيةلريفع هذه الث ،نسان" يف عصر النهضة األوروبية"اإل

،ال بشيء خارجها ه على أنه يسمو بإنسانيته ذاا،لذي أصبح ينظر إليا ملاهية اإلنسان،االعتبار

ستندا يف هذا اال إىل ما يسمى"باحلقوق م، تسخريه لفائدتهالسيطرة على العامل و ساعيا إىل

باعتباره املرجع األعلى للحقوق ،الوضعيستمدة من فكرة "القانون الطبيعي"امل الطبيعية"لألفراد،

والواجبات.

-300-

Page 325: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ
Page 326: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

القرآن الكرمي-

احلديث الشريف

املصادر:1-

.1957،نقله للعربية،األب أوغسطني باربرة البولسي،(مل تذكر دار النشر)،بريوت ،السياسات)أرسطو،1

1995¡2،ط2،دار الصحابة للتراث،طنطا،مصر،ج سرية النيب(ص))ابن هشام،2

.1993¡2،حتقيق فوزي جنار،دار الشرق،بريوت،لبنان،ط كتاب السياسة املدنيةالفارايب،)3

1987من كتاب امللة ، موفم للنشر ، اجلزائر ، [ ب ، ط] ، ، املدينة الفاضلة وخمتارات)الفارايب 4

1995¡1،دار مكتبة اهلالل للطباعة والنشر،بريوت،طأهل املدينة الفاضلة ومضادااآراء )الفارايب،5

¡1996¡1، دار ومكتبة اهلالل،بريوت،ط السياسة املدنية)الفارايب ، 6

1987¡1، دار الكتب العلمية ، بريوت ، ط أدب الدنيا والدين)املاوردي ، 7

.1983، ديوان املطبوعات اجلامعية، اجلزائر، (ب ط)،نيةاألحكام السلطانية والواليات الدياملاوردي ،)8

1997¡1،تح،فؤاد عبد املنعم أمحد،دار الوطن للنشر ،الرياض، طدورر السلوك يف سياسة امللوكاملاوردي،)9

1979حتقيق رضوان السيد،دار الطليعة للطباعة النشر،بريوت،ط،قوانني الوزارة وسياسة امللك،)املاوردي،10

.2004، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، بريوت، لبنان (ب.ط) ، املقدمة)ابن خلدون ، 11

1991¡19،تعريب،خريي محاد،دار االفاق اجلديدة،اململكة املغربية،طاألمري)مكيافيلي،12

13)مكيافيلي،املطارحات،تر،خريي محاد،دار االقاق اجلديدة،بريوت،ط3.

.1997¡1، تر، مىن أبوسنة، الس األعلى للثقافة، مصر، طالتسامحرسالة يف )جون لوك، 14

،حتقيق حممد الطاهر امليساوي،دار النقاش للنشر والتوزيع ، مقاصد الشريعة اإلسالمية)الطاهر بن عاشور،15

2001¡1األردن، ط

2006¡3البلد) ،ط ،دار النفائس،(مل يد كر طبائع االستبداد ومصارع االستعباد)الكواكيب عبد الرمحان،15

(ب ت).1،مطبعة الدولة،تونس،طأقوم املسالك يف معرفة أحوال املمالك)التونسي خري الدين،16

¡1988،سلسلة األنيس موفم للنشر،اجلزائر،(ب.ط)، حترير املرأة)أمني قاسم، 17

التوزيع،(ب، ،املؤسسة العربية للدراسات والنشر و3األعمال الكاملة لرفاعة الطهطاوي،ج)عمارة حممد،18

1973ط)،

.1901،مصر،مطبعة املعارف،(ب،ط)،املرأة اجلديدة)أمني قاسم،19

1964¡2،حتقيق حممود قاسم،مكتبة األجنلومصرية،طمناهج األدلة يف عقائد امللة)ابن رشد، 20

،نقله عن العربية اىل العربية أمحد ،، الضروري يف السياسة:خمتصر كتاب السياسة ألفالطونابن رشد21

شحالن،مع مدخل ومقدمة حتليلية وشروح للمشرف على املشروع حممد عابد اجلابري،مركز دراسات

1998¡1الوحدة العربية،بريوت،ط-301-

Page 327: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

،تر،ديانا حبيب حرب وبشرى ،األصول الطبيعية والسياسية لسلطة الدولةالليفيتان،طماس هوبس)22

2011،1صعب،مراجعة،رضوان السيد،دار الفارايب،بريوت،ط

2000،تر،ذوقان قرقوط،دار القلم،بريوت،طيف العقد االجتماعي)روسو 23

.2009¡1،العدالة كإنصاف،إعادة صياغة،تر،حيدر حاج إمساعيل،املنظمة العربية للترمجة،بريوت،طراولز)جون 24

1993¡1فرانسيس فوكوياما،اية التاريخ،تر،حسني امحد أمني،مركز األهرام للترمجة و النشر،القاهرة،ط)25

، تر: أمحد مستجري، مطبعة سطو، املعادي، اية اإلنسان عواقب الثورة البيولوجيةفرانسيس فوكوياما، )26

2002¡1مصر، ط

املراجع: -2

.1996¡1،دار الفكر العريب،بريوت ، طالفلسفة واإلنسان)فيصل عباس،1

2006والتوزيع،ب ط،،دار الكندي للنشر أزمة اإلنسان املعاصر)البشتاوي حيي،2

والتوزيع،القاهرة،(ب والنشر،دار قباء للطباعةالهوت التاريخ عند القديس أوغسطني)اخلضريي زينب،3

1998ط)،

¡2009¡1، الشبكة العربية لألحباث و النشر، بريوت، طمدارات احلداثةحممد سبيال، )4

(ب ت). 6،تر،فتح اهللا املشعشع، مكتبة املعارف،بريوت، ط قصة الفلسفةديورانت ويل، )5

1981¡3، تر، جورج طرابيشي، دار اآلداب، بريوت، ط اإلنسان االشتراكي)إسحاق دويتشر، 6

¡2003¡1، دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة ، ط نظرية احلق)اخلويل أمحد أمني ، 7

،دار الثقافة للنشر والتوزيع(مل يذكر البلد)،(ب هوبز فيلسوف العقالنيةتوماس )إمام عبد الفتاح إمام،8

1985ط)،

.2001، الس األعلى للثقافة ، مصر (ب ط)، األخالق والسياسة)إمام عبد الفتاح إمام ، 9

،الس الوطين الثقافة والفنون 1994،مارس 183،عامل املعرفة،رقم الطاغية)إمام عبد الفتاح إمام،10

واآلداب،الكويت.

، املؤسسة اجلامعية للدراسات الفكر السياسي ، وأساطري الشرق القدمي)عمر حممد صبحي عبد احلي ، 11

1998¡1والنشر والتوزيع ، بريوت ، ط

، الدار اجلامعية ، (ب ت ) ، ( ب ط).تطور الفكر السياسي)إبراهيم أمحد شليب ، 12

لسياسي، دار النهضة العربية : القاهرة،(ب ت)، (ب ط).)سعفان حسن شحاتة ، أساطني الفكر ا13

،تر،حممد بدران،دار اجليل للطبع والنشر والتوزيع بريوت،(بت وط)2قصة احلضارة،ج)ديورانت ويل،14

مبؤسسة اجلامعية للدراسات الفلسفة والفكر السياسي يف الصني القدمية)عمر حممد صبحي عبد احلي، 15

، تر، الفكر الصيين من كونفوشيوس إىل ماوتسي تونعهـ، ج ، كاريل، – 1999¡1والنشر والتوزيع ،ط

.1998)عبد ايد سليم اهليئة املصرية العامة للكتاب، (ب،ط) ، 16

-302-

Page 328: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

، دار اهلالل، 149ضمن سلسلته كتاب اهلالل، عدد مبادئ يف السياسة واألدب واإلجتماعأمحد لطفي السيد، )17

1963مصر، ( ب ط)

.1946¡2،القاهرة طع، ،دار سالمة موسى للنشر والتوزياليوم والغد)سالمة موسى. ،18

¡1993، ماس 173، تر، إمام عبد الفتاح ، عامل املعرفة رقم املعتقدات الدينية لدى الشعوب)جنري بارندر، 19

الس الوطين للثقافة والفنون واألداب ، الكويت.

، دار املعارف ، مصر ، (ب ت ط) .1 جحكمة الصني)فؤاد حممد شبل، 20

،تر،إمام عبد الفتاح إمام ،سلسلة عامل املعرفة،الس الوطين للثقافة ، الفنون الفكر الشرقي القدمي)جون كولر،21

.1995¡199واألداب،الكويت،رقم

.2005¡1، دار رياض العلوم ، اجلزائر ، ط مقدمات يف السياسة املدنية)بوعرفة عبد القادر ، 22

،تر،حنا عبود،األهايل للطباعة والنشر والتوزيع ، دمشق، الفكر السياسي يف اليونان القدمية)ف س.نرسيسيان،23

.1999¡1ط

.1999¡2،تر،حممد اهلاليل،مطبعة أمربيال ، الرباط،طحقوق اإلنسان من سقراط إىل ماركس)سلفان ماتون،25

،مكتبة اجلالء اجلديدة ، املنصورة مصر ، (ب ط)، د اإلغريقفلسفة العدالة عن)مصطفى سيد أمحد صقر ، 26

1998.

،تر، لويس إسكندر، مؤسسة سجل العرب،القاهرة ، (ب ط)، 2ج النظرية السياسية عند اليونان)أرنست باركر، 27

1966.

.1970حممود،اهليئة املصرية العامة للكتاب ،(ب ط)، ي،تر،امحد محدالدولة و األسطورة)ارنستكاسرير،28

1967، دار الكتاب العريب، القاهرة ،(ب ط)،دراسة جلمهورية أفالطون)زكريا إبراهيم، 29

، تر،جماهد عبد املنعم جماهد،املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع، تاريخ الفلسفة اليونانية)ولتر ستيس ،30

.2005¡2ط

.1986،مكتبة االجنلومصرية،(ب ط)،الفكر السياسي من أفالطون إىل حممد عبدهة توفيق جماهد،)حوري31

.1997،سنة225،عامل املعرفة رقماملدينة الفاضلة عرب التاريخ)ماريا لويز برنريي،32

¡1لتوزيع ، ط، دار املنتخب العريب للدراسات والنشر وايف الطغيان واإلستبداد والديكتاتورية)دولة خضر خنافر ، 33

1995.

2008¡1،دار الساقي،بريوت ،طالفلسفة الساسية يف العهد السقراطي)رميون غوش،34

الطباعة و النشر،مل يذكر البلد،(ب ط)،(ب ت). ا،دار الوفاء لدنياحلرية يف الفلسفة اليونانية)حممود مراد ،35

بية للدراسات والنشر والتوزيع، ،ترمجة اسامة احلاج،املؤسسة العرأرسطو والسياسة)فرنسيس وولف،36

.1994¡1ط

-303-

Page 329: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

.1981،دار النهضة العربية،بريوت،(ب ط) ، يف النظريات و النظم السياسية)د. عبد املعز نصر حممد ،37

1993¡2ط¡اإلسالميالغربدار،والعقلالوحيبنياإلنسانخالفةالنجار،ايد)عبد38

¡1993¡1،دار امللتقى للطباعة و النشر،قربص،طومفهوم احلريةاإلسالم )حورية اخلطيب ، 39

، مركز دراسات الوحدة العربية بريوت ، لبنان ، الدميقراطية وحقوق اإلنسان)اجلابري حممد عابد، 40

2004¡3ط

)، ضمن:حقوق اإلنسان الرؤية اإلعتراف باإلنسان هو األصل يف حقوق اإلنسان)علي عيسى عثمان،(41

2007¡2إلسالمية والعربية،مركز دراسات الوحدة العربية طالعاملية وا

،دار املعارف القاهرة،(ب ط،ب ت).القرآن وقضايا اإلنسان)عبد الرمحان عائشة (بنت الشاطئ)،42

، دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع احلرية الدينية ومقاصدها يف اإلسالم)وصفي عاشور أبو زيد ، 43

.2009¡1والترمجة ، مصر، ط

، املعهد العاملي للفكر اإلسالمي دور حرية الرأي يف الوحدة الفكرية بني املسلمني)عبد ايد النجار ، 44

.1992¡1،ط

.1998¡1، دار الشروق ، مصر ،ط يف الفقه السياسي اإلسالمي)فريد عبد اخلالق ، 45

¡1985¡89عامل املعرفة رقم ، سلسلة اإلسالم وحقوق اإلنسان، ضرورات..ال حقوق)عمارة حممد 46

)الس الوطين للثقافة والفنون واآلداب الكويت.

.2000¡4،مركز دراسات الوحدة العربية،بريوت،لبنان ،ط العقل السياسي العريب)اجلابري حممد عابد،47

مية،أعمال الندوة العلمية:حقوق اإلنسان بني الشريعة اإلسالحقوق اإلنسان يف صحيفة املدينة)شريف،48

.2001¡1و القانون الوضعي أكادميية نايف للعلوم األمنية،الرياض،ج

1998¡1التوزيع،دمشق،سوريا،ط،دار احلصاد للنشر واإلسالم و السلطان و امللك)أمين إبراهيم،49

1993¡1،مركز دراسات الوحدة العربية،طاحلريات العامة يف الدولة االسالمية)الغنوشي راشد،50

،دار الفكر،دمشق،سوريا(ب.ط)،(ب.ت).حنو تفعيل مقاصد الشريعةدين عطية،)مجال ال51

،مجعيته الدعوة اإلسالمية العاملية ، طرابلس ، 1،جالشريعة اإلسالمية يف القرآن الكرمي)عبد السالم التو جني،52

1997¡1ليبيا، ط

.1986¡3للطباعة والنشر،بريوت ط،دار الطبيعة الفلسفة السياسية عند الفارايببنعبد العايل عبد السالم،)53

.1993¡6، املركز الثقايف العريب، بريوت، لبنان، طحنن والتراث)اجلابري حممد عايد،54

55)رسالن صالح بسيوين ، الفكر السياسي عند املاوردي، مكتبة ضة الشرق، القاهرة ،[ب ط] ،1985.

1999¡1عة للطباعة والنشر،بريوت،ط،دار الطلي يف تشريح أصول االستبداد)عبد اللطيف كمال،56

-304-

Page 330: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

.1983،(ب ط)، ع،تر،على مقلد،الدار العاملية للطباعة والنشر والتوزيتاريخ الفكر السياسي)توشار جان،57

،تر،حممد فتحي الشنيطي،اهليئة املصرية العامة للكتاب،(ب ط)، 3،جتاريخ الفلسفة الغربيةراسل برتراند،)58

1988.

،اهليئة املصرية العامة للمكتبات( ب 1،جتاريخ أوروبا والعامل يف العصر احلديثاملنعم رمضان،)عبد 59

.1997ط)،

،تر،نصار عبد اهللا، اهليئة املصرية أعالم الفلسفة السياسية املعاصرة)أنطوين دي كرسين وكنيث مينوج،60

.1988العامة للكتاب، (ب ط )،

.1988،تر،فتحي الشنيطي،اهليئة املصرية العامة للكتاب،ب ط 3،جبيةتاريخ الفلسفة الغر)راسل، برتراند،61

علي حاكم صاحل و حسن ناظم، املنظمة العربية ،،تراتمع املدين التاريخ النقدي للفكرة)جون إهرنربع. 62

.2008¡1للترمجة، بريوت، ط

ترمجة إلياس مرقص، دار احلقيقة ، املؤلفات السياسية الكربى من مكيافيلي إىل أيامنا)شوفاليه جان جاك، 63

1980¡1للطباعة والنشر ،بريوت،ط

1971،ترمجة راشد الرباوي،دار املعارف،مصر،(ب ط) 3تطور الفكر السياسي،ج)سباين جورج،64

1986، مكتبة األجنلو مصرية (ب ط) ،الفكر السياسي من أفالطون إىل حممد عبده)توفيق جماهد حورية،65

،دار اجلامعات املصرية،(ب السياسة بني النظرية والتطبيقوعلي عبد املعطي حممد،)حممد علي حممد 66

.1976ط)،

¡1،روافد للطباعة والنشر و التوزيع،بريوت،طالليربالية يف السعودية واخلليج)وليد بن صاحل الرميزان، 67

2009.

اهليئة املصرية العامة للكتاب،(ب ،الليربالية اجلديدة،جذورها الفكرية و أبعادها االقتصادية)أشرف منصور،68

2008ط) ،

، عامل الكتب،(ب ط و ت).يف الصحافة املصرية الفكر الليربايل)فاروق أبوزيد، 49

¡2008¡4،املركز الثقايف العريب،الدار البيضاء،املغرب،طمفهوم احلرية)عبد اهللا العروي،70

(من الدولة القومية إىل الدولة األممية)،تر حممد عرب صاصيال، تاريخ الفكر السياسي)شوفاليه جان جاك، 71

.2002¡3املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر و التوزيع، بريوت،ط

). ضمن: تيارات العقالنية و حصيلة العقالنية و التنوير يف الفكر العريب املعاصر)عبد اللطيف كمال، (72

179، ص2005¡1لوحدة العربية، طالتنوير يف الفكر العريب. مركز دراسات ا

1، الدار العربية للعلوم، بريوت، ط، احلداثة يف فكر حممد أركون)مسرحي فارح73

. (بدون بيانات) ، نقد التسامح الليربايل)حممد بن أمحد مفيت74

-305-

Page 331: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

.2002¡1،دار الشروق القاهرة،ط 2، العلمانية اجلزئية و العلمانية الشاملة. ج )املسريي عبد الوهاب75

.2008¡1، الدار العربية للعلوم ناشرون، بريوت،ط، العلمنية و الدين و الدميقراطية)رفيق عبد السالم76

.2007¡1، رؤية للنشر و التوزيع ، القاهرة،طالتفكري يف العلمانية)عبد اللطيف كمال، 77

بوز،تر،صالح عبد احلق رياض الريس للكتب والنشر،(مل ،حترير،دافيد)1مفاهيم الليربتارية وروادها ()78

.2008¡1يذكر البلد، ط

1999، تر،أمحد مستجري، اهليئة املصرية العامة للكتاب، (ب ط) ، حبثا عن عامل أفضل)كارل بوبر، 79

،ديوان املطبوعات اجلامعية بن عكنون،اجلزائر،(ب ط،ت)األسس العقلية للسياسيةبليمان عبد القادر،)80

املنظمة العربية للترمجة، مقاالت الفر دانية:منظور أنتروبولوجي لإليديولوجيا احلديثة)لويس دومون،81

.2006¡1بريوت، لبنان، ط

، تر،راشد الرباوي،اهليئة املصرية العامة للكتاب.3،جتطور الفكر السياسي)جورج سباين، 82

، تر،حممد عرب صاصيال، ملدينة اىل الدولة القوميةتاريخ الفكر السياسي،من الدولة ا)شوفاليه جان جاك، 83

.1998¡4املؤسسة اجلامعية للدراسات و النشر و التوزيع، ط

، دار توبقال للنشر، املغرب،(ب ت و ط).حقوق اإلنسان)حممد سبيال و عبد السالم بنعبد العايل، 84

¡1ناظم،املنظمة العربية للترمجة،بريوت،ط،تر،علي حاكم صاحل وحسن اتمع املدين)إهرنربغ جون،85

2008

2003¡1، دار الطليعة، بريوت، طباب احلرية)ناصيف نصار، 86

، البيعة عند مفكري أهل السنة و العقد االجتماعي يف الفكر السياسي أمحد فؤاد عبد اجلواد عبد ايد)87

.1998، دار قباء للطباعة و النشر و التوزيع القاهرة،(ب ط)، احلديث

1990¡2،املؤسسة الوطنية للكتاب،اجلزائر،دار التونسية النشر،طاتمع اإلنساين يف القرآن)حممد التومي،88

: حقوق اإلنسان يف احلقوق و احلريات املدنية و السياسية يف اإلسالم ضمن)حممد سعيد رمضان البوطي، 89

Iscisco¡2001اإلسالم بني اخلصوصية و العاملية ،منشورات ،

.1993،دار الفكر العريب، القاهرة (ب ط)، النظام السياسي اإلسالمي و الفكر الليربايل)حممد اجلوهري، 90

، النظرية السياسية اإلسالمية يف حقوق اإلنسان الشرعية دراسة مقارنة)حممد أمحد مفيت و صاحل الوكيل، 91

، (ب ت)1، ط25سلسلة كتاب األمة رقم

تر،حممد عرب صاصيال، ريخ الفكر السياسي من الدولة القومية إىل الدولة األمميةتاجان جاك شوفاليه، )92

2003¡3املؤسسة اجلامعية للدراسات و النشر و التوزيع، ط

الفكر الليربايل عند فرانسيس املراشكرم احللو،)93 ، مركز دراسات الوحدة العربية، بريوت، لبنان،

.2006¡1ط

، تر، متام الساحلي، املؤسسة اجلامعية للدراسات و النشر و التوزيع، ، الليربالية املعاصرة)موريس فالمان94

.2002¡2ط-306-

Page 332: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

: حقوق حقوق اإلنسان يف اإلسالم يف جمال العالقات العامة و التعامل الدويلعبد اهلادي بوطالب، )95

.2001،يسيسكوإ ،املنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافةاإلنسان يف اإلسالم بني اخلصوصية و العاملية،

¡3مركز دراسات الوحدة العربية، بريوت، لبنان، ط الدميقراطية و حقوق اإلنسان،)اجلابري حممد عابد، 96

2004¡

، دار ابن حزم للطباعة و النشرحقوق اإلنسان بني هدى الرمحان و اجتهاد اإلنسان)حممد فرج عطية، 97

27ص 2005¡1و التوزيع، بريوت، لبنان، ط

، ضمن :حقوق اإلنسان العريب، مركز دراسات ، اإلسالم و حقوق اإلنسانحممد عبد املالك املتوكل)98

.2004¡1الوحدة العربية، بريوت لبنان، ط

،تر،هشام صاحل،دار نزعة االنسنة يف الفكر العريب،جيل مسكويه والتوحيدي) حممد أركون،99

19881ي،بريوت،لبنان،طالساق

،بريوت املؤسسة العربية للدراسات جتديد النهضة باكتشاف الذات ونقدها)األنصاري جابر،100

1986والنشر،ط

، ضمن العوملة و تداعياته على الوطن العريب، عوملة السياسة و العوملة السياسية)عبد اخلالق عبد اهللا، 101

.2004¡2مركز دراسات الوحدة العربية، بريوت، ط

2010¡1. مل تذكر دار النشر و البلد طموضوعات يف الفكر السياسي املعاصر)لطفي حامت، 102

¡1طالنشر والتوزيع،بريوت،،املؤسسة اجلامعية للدراسات وتطور الفكر السياسي)عدنان السيد حسن،103

2002.

و تداعياا على الوطن العريب، مركز ،ضمن العوملة، عوملة السياسة و العوملة السياسية)عبد اخلالق عبد اهللا104

2004¡2دراسات الوحدة العربية، بريوت، ط

: ضمن حقوق اإلنسان العريب، مركز محاية حقوق االنسان و آلياا الدولية و اإلقليمية)ظريف عبد اهللا، 105

2004¡2دراسات الوحدة العربية، ط

،املركز العاملي لدميقراطية وحقوق اإلنسانسبتمرب اآلثار واالنعكاسات على ا 11)فرج بن المية،106

.2005¡1لدراسات و أحباث الكتاب األخضر، ط

2004¡1،الدار العربية للعلوم، بريوت، ط 2011سبتمرب 11عامل ما بعد )السيد ولد أباه، 107

.2009¡1ط ،مركز احملروسة للنشر و اخلدمات الصحفية واملعلومات القاهرة،الليربالية الدوليةبرنامج )108

: ضمن التنوير و التسامح و جتديد الفكر الغريب.مفارقة التسامح يف اخلطاب الغريب املعاصرخالد قطب، )109

2000¡2)حممد أركون،قضايا نقد العقل الديين،تر،هشام صاحل،دار الطليعة،بريوت،ط110

االختالف،اجلزائر،دار ،منشورات االنسنة والتأويل يف فكر حممد أركون)كيحل مصطفى،111

1¡2011األمان،الرباط،املغرب،ط-307-

Page 333: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

،ترمجة حسن جالل العروسي،دار املعارف،مصر،(ب ط). 1تطور الفكر السياسي،ج)سباين جورج،112

االت و الدوريات:

، جملة اآلداب والعلوم االجتماعية،جامعة سطيف احلكم الراشد و معضالت الدولة احلديثة)فتيحة هارون،1

2000¡5،ع

359،2009،املستقبل العريب،عالعرب وسؤال احلرية:تأمالت يف أوهام الوعي العريب املعاصربوعرفة عبد القادر ،)2

¡2009¡359،جملة املستقبل العريب ع عن الفلسفة وعن حرية يف القرن احلادي والعشرينالبخاري محانة،)3

،جملة املستقبل العريب. ع سوزا: ايار الليربالية اجلديدةقراءة يف كتاب: نيلسون أروجوا دي )مفيد الزيدي،4

256/2000

،مركز التنوير 2009،أوت 7)،جملة التنوير املعريف،عمقالة يف احلرية أو الوجود احلر)أبوبكر هويدي،(5

املعريف، السودان.

.2002¡1، جملة البيان طنقض اجلذور الفكرية للدميقراطية الغربية)حممد أمحد على مفيت، 6

، الكويت.2002¡110،تر،حممد يونس،جملة الثقافة، العاملية،عالليربالية والفردية واهلوية)كوامي أنتوين أبياه،7

¡10،جملة اآلداب و العلوم اإلنسانية،عاحلداثة و مركزية اإلنسان عند عبد الوهاب املسريي)رمحاين ميلود،8

قسنطينة.، جامعة األمري عبد القادر للعلوم اإلسالمية، 2009

)،جملة املوافق للبحوث والدراسات يف اتمع و اإلنسانية واملواطنة يف فلسفة جون لوك)رباين احلاج (9

، معهد العلوم االجتماعية و اإلنسانية،جامعة معسكر.2008¡3التاريخ،ع

25مح،ع جملة التسا احلريات الفردية يف الفكر الغريب، مفهومها و نشأا و تطورهاحمسن إمساعيل،)10

.25، جملة التسامح العدد نظرية احلرية يف الفلسفة السياسية األوروبية)ميىن اخلويل، 11

.2005¡40،جملة إسالمية املعرفة،عاملقاصد الضرورية بني مبدأ احلصر ودعوى التغيريعبد النور بزا،)12

،جملة املتكلمني)قضايا احلرية بني مفاهيم اجلرب واالختيار عند )عبد اهللا علي آدم،(13

،مركز التنوير املعريف، السودان.2009،أوت7التنوير،ع

)،جملة التنوير التأسيس الفلسفي ملفهوم احلرية اإلنسانية وفق منظور قرآين)عصمت حممود أمحد سليمان (14

، مركز التنوير املعريف،السودان.2009،أوت 7املعريف ،ع

.1981¡4،ع1،عامل الفكر،مجق احلرية)اإلسالم و حقوق اإلنسان(ح)زكريا الرباوي،15

،مركز اإلمناء القومي، 100/101)،الفكر العريب املعاصر،عاالنسان يف مدينة الفارايب)بن مجاعة حممود،(16

.1993بريوت، باريس

ية)،الة العربية حلقوق اإلنسان، العرب العلمانية،/ حقوق اإلنسان،رهانات املعىن و احلر)حممد اخلمليشي،(17

-308-

Page 334: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

¡2009،أوت 7)، جملة التنوير،عاحلريات الشخصية يف إطار احلريات العامةبشري عبد العايل مشام،( )18

مركز التنوير املعريف،السودان

املوسوعات و القواميس:-3

:أ) باللغة العربية

،ج ،دار ومكتبة اهلالل، (ب،ت)، (ب ط)، لسان العربابن منظور ، )1

1982، دار الكتاب اللبناين ، (ب ط)، 1،ج الفلسفاملعجم )صليبا مجيل، 2

،(ب ت)5، دار قباء احلديثة للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة،طاملعجم الفلسفي)وهبة مراد ، 3

1996¡1، مكتبة لبنان ناشرون،ط1،جموسوعة كشاف إصالحات الفنون والعلوم)التهناوي حممد علي،4

1996¡1،تر،خليل أمحد خليل،منشورات عويدات،بريوت،ط1،جةاملوسوعة الفلسفيالالند أندري،) 5

.2001¡2خليل أمحد خليل، منشورات عويدات، بريوت، باريس، ط ،2املوسوعة الفلسفية، ج)الالند، 6

1984، تر، توفيق سلوم، دار التقدم، موسكو، (ب ط)، معجم علم األخالق)كون إيغور ، 7

2000¡3،مكتبة مديوين ،ط مل ملصطلحات الفلسفة، املعجم الشا)احلنفي عبد املنعم 8

،تر،جنيب احلصادي،املكتب الوطين للبحث والتطوير،ليبيا،(ب،ط،ت) أكسفورد الفلسفةتد هوندرتش،دليل )9

، تر،حممد عرب صاصيال، املؤسسة اجلامعية للدراسات معجم املؤلفات السياسية)شاتليه فرانسوا و آخرون،10

2001¡2التوزيع،طو النشر و

ب) باللغة الفرنسية:

1)Dictionnaire,d’éthique et de philosophie moral,P.U.F,er édition1996.

اجلامعية:الرسائل

أطروحة دكتوراه دولة يف الفلسفة،إشراف ، خطاب احلداثة يف الفكر الفلسفي الغريب املعاصر) أحسن شباين،1

.2005/2006ر، خمطوط بقسم الفلسفة موسم عبد الرمحان بوقاف،جامعة اجلزائ

ماجيستري يف الفلسفة،كلية اآلداب،جامعة الفلسفة السياسية عند هوبز)مسلم حسن حممد عزيز املظفري، 2

2004بغداد، إشراف جميد خملف الديلمي،

مواقع الكترونية:

أو.heba_ezzat.com. :) أنظرالليربالية... أيديولوجية مراوغة أفسدها رأس مال)هبة رؤوف غزت،(1ww.hurras.org/vb/showthread.php?36899

2004¡6)عبد السالم رفيق ،( اإلستبداد احلداثي العريب ، التجربة التونسية منوذجا) جملة منرب إبن رشد ، ع2

/www.ibn-rushd.org/typo3/cms/ar/magazine:، نقال عن موقع

نقال ، مفهوم الفردانية: املغامرة ملفهوم الفردانية يف الثقافة الغربية، واإلغتراب و اآلنسة يف )علي اسعد وطفة3

www.watfa.net/829.pdf: عن

-309-

Page 335: ةفسفلا يف وعلا هاروتكد ةداهش لينل ةمدقم ةلاسرb7oth.com/wp-content/uploads/2015/10/... · :ﱃﺎﻌﺗ ﻝﺎﻗ ﻢ ﻫﺎ ﻨﹾﻗ ﺯ ﺭ

الوجه الباطين لإلستبداد والتسلط يف طبيعة السلطة السياسية العربية:قراءة يف التجربة )بومدين بوزيد،4

:نقال عن املوقع االلكتروين:6املتعثرة يف اجلزائر،جملة ابن رشد،عالدميقراطية

-rushd.org/pages/int/Magazine/issue6/documents/Bumdin-http://ibn

ar.html

Bibliographies:

1) Strauss Leo, et Josep Gropsey, Histoire de la philosophie politique,P.U.F, paris , 3éme édition , 1999.2) Marcel prelot et Georges lescuyer , Histoire des idées politique ,édition Dalloz , paris, 13 eme édition , 1997.3) Servies jean , Histoire de l’utopie, édition Gallimard , France, 1991.4) Le vocabulaire des philosophes , de l’antiquité à la renaissance ,Ellipse, édition marketing, paris, 2002.5) Dictionnaire, d’éthique et de philosophie moral, P.U.F, 1 er édition1996.6) Lancel Serge, Saint Augustin, arthéno, Fayard , paris 1999.7) John rawls ,justice et démocratie, rad de l’anglais par c.audard etoutres, éd, seuil, France,19938) John rawls libéralisme politique, rad، c.audard، p.u.f ;2 éme

édition,199609)gilles kevorkian et outres, la pansée libérale histoire etcontroverses, édition, ellipses ,paris 201010)André Pouillé, libertés publiques et droits de l’homme,15 eme

éditions édition Dalloz 2004.11)Louis Dumont،Essais sur l’individualisme une perspectiveanthropologique sur l’idiologie modern، Edition seuil،paris 1991

-310-