-١-

ار الكزبريسلمى احلف

األديبة املتفوقة

-٢-

-٣-

سلمى احلفار الكزبري ةـة املتفوقـاألديب

منشورات الطفل-اهليئة العامة السورية للكتاب م٢٠١٤دمشق -وزارة الثقافة

-٤-

-.عيسى فتوح / األديبة املتفوقة : سلمى احلفار الكزبري -.م ٢٠١٤اهليئة العامة الـسورية للكتـاب، : دمشق . سم ٢٠ص؛ ١٠٤

)٢٥ سلسلة أعالم للناشئة؛( العنوان-٢احلفار الكزبري، سلمى ف : ط٩٢٨ -١ السلسلة-٤ فتوح -٣

مكتبة األسد

سلسلة أعالم للناشـئة

-٥-

سرية حياة سلمى احلفار الكزبري

لحفار الكزبري أديبة، وقاصة، وروائية، اسلمى

في ولدت... وشاعرة، وباحثة، وكاتبة سيرة، ومحققة دمشقي ت بيي ف١٩٢٢ عامدمشق في األول من أيار

والوطنية والعلم واألدب، فوالدها ة اشتهر بالسياسريق،عكان أحد أقطاب ) ١٩٦٨ – ١٨٨٥(السياسي لطفي الحفار

رية، إبان االنتداب الفرنسي وبعد في سونيةالكتلة الوطاالستقالل، ونائبا في البرلمان السوري لعدة دورات، ووزيرا لألشغال العامة، والمالية والداخلية، والمعارف،

.١٩٣٩ورئيسا للوزراء عام االبتدائية واإلعدادية والثانوية في مدرسة دراستها تلقت

تسع ثت بدمشق، حيث مك)دار السالم( أو »الفرنسيسكان« اإلنكليزية، العربية والفرنسية وغاتسنوات، وأتقنت خاللها الل

-٦-

ة األديبة والشاعرة ساتهاوكان من مدرالمناضلة للغة العربيالتي غرست فيها ) ١٩٦٥–١٨٨٨(اآلنسة ماري عجمي

وآدابها، كما درست العلوم السياسية في لعربيةحب اللغة اوكان ... وعية في بيروت، دون أن تكملهاالجامعة اليس

بكتب التراث العربي فضل كبير على الغنيةلمكتبة والدها .إغناء ثقافتها

شقيق الزعيم كرامي من محمد ١٩٤١ عام تزوجتورزقت منه ) لبنان( كرامي، في طرابلس الحميداللبناني عبد

فاة فجعت بوها لكن»نزيه« طفال واحدا أسمته ١٩٤٣عام مايزال في الشهر الثاني من طفلهازوجها الشاب، حين كان

عمره، فأثرت هذه المصيبة الفادحة تأثيرا شديدا فيها، ولذلك عادت إلى دمشق، ولم يعزها إال انكبابها على الدراسة ونهل

.العلم والمعرفة من األستاذ الدكتور نادر ١٩٤٨ مرة ثانية عام تزوجتندى ورشأ، وكان يومئذ : أنجبت منه ابنتين هماالكزبري، و

أستاذا في كلية الحقوق بالجامعة السورية، وعضوا في من كل لسورية في فيرامجلس شورى الدولة، ثم صار س

-٧-

معهوقد استطاعت خالل إقامتها . األرجنتين وتشيلي وإسبانيا لقاءوإ وإتقانها، إلسبانية االلغة هذه الدول الثالث دراسة في

والنوادي الثقافية والفنية ات في الجمعيبهاالمحاضرات المركز الثقافي لىوبعد عودتها إلى دمشق انتسبت إ. واألدبية

اإلسباني حيث تعمقت في األدب والتاريخ واللغة اإلسبانية وقد مكنها ذلك . ونالت شهادة رسمية عليا فيهمن،مدة عامي

من مدريد وبرشلونة، عن من إلقاء عدة محاضرات في كلالمرأة العربية، والشاعرة األندلسية والدة بنت المستكفي

.وعاشقها ابن زيدون* * *

رفيقاتها الشابات الدمشقيات جمعية مع ١٩٤٥ عام أسست التي أخذت على عاتقها مهمة رعاية الفتيات »المبرة النسائية«

والدتهم حتى بلوغهم ذاء، منالجانحات، وتربية األطفال اللقطالسنة السابعة من العمر، وشاركت في عدة مؤتمرات نسائية

» حقوق المرأةئةالمؤتمر االقتصادي االجتماعي في هي«منها في مبنى اليونسكو في بيروت، وكتبت ١٩٤٩الذي عقد عام

عددا كبيرا من المقاالت الصحفية واألحاديث اإلذاعية،

-٨-

من دوات أدبية، وألقت عددا وافراعدة نوأسهمت في بالعربية والفرنسية واإلسبانية في كل من دمشق المحاضرات

وبيروت ،وإسبانيا واألرجنتين، وإيران وبغداد وتونس: عاشقا قرطبة«فقد ألقت محاضرتها . وطرابلس في لبنان باللغة اإلسبانية في مدريد في »والدة وابن زيدون

في ) ابن خلدون(، ثم بالعربية في دار الثقافة ٣/١١/١٩٦٧ بدعوة من وزارة الثقافة واالتحاد ٢٣/١١/١٩٦٧تونس في

أثرنا في « محاضرتها وألقت ي،القومي النسائي التونس، ١٩٦٥/ ١٥/١١ في في المنتدى االجتماعي بدمشق »إسبانيا

باللغة اإلسبانية في مدريد »المرأة العربية«ومحاضرتها ، وألقت ١٨/٢/١٩٦٣وة من وزارة اإلعالم اإلسبانية في بدع

في الندوة الثقافية »األعياد والتقاليد في إسبانيا«محاضرتها .٨/٥/١٩٦٦النسائية بدمشق في

بالذكر أن سلمى الحفار الكزبري شغفت والجديربالموسيقا الكالسيكية، وتعلمت العزف على البيانو منذ

اهبات الفرنسيسكان بدمشق، ثم على طفولتها على أيدي ر أولعت بالرياضة، كما. الروسي»بيلينغ«يدي األستاذ

-٩-

سيما رياضة التنس، والسباحة والتصوير الضوئي، وال تين الكثيرة في أوروبا واألميركارهاوتعرفت خالل أسف

وإيران وسورية ولبنان على هندالشمالية والجنوبية وال .ء، وتبادلت معهم الرسائلمشاهير األدباء والشعرا

العربي بترشيح ألدب الملك فيصل العالمية لة جائزونالت، وقد جاءت ١٩٩٥ بدمشق عام »مجمع اللغة العربية«من

هذه الجائزة بمثابة تكريم لها، كأديبة مبدعة في الساحة العربية، كما فازت بجائزة البحر األبيض المتوسط األدبية

، وبوسام ١٩٨٠ في صقلية عام »يرموبال«من جامعة .١٩٦٥ إيزابيل الكاثوليكية عام لكة للم»شريط السيدة«

في بيروت، إثر إصابتها ١١/٨/٢٠٠٦ سلمى في توفيتبالفشل الكلوي ودفنت فيها، بعد أن حالت أحداث حرب

آنذاك دون نقل جثمانها إلى دمشق لبنانإسرائيل على . في مدفن العائلةىليوار

-١٠-

األدبيةهاآثار

بيروت – العلم للماليين دار –) مذكرات( يوميات هالة -١١٩٥٠.

دار –) موضوعة ومعربةقصصيةمجموعة ( حرمان -٢ .١٩٥٢ مصر –المعارف

– دار المعارف –) مجموعة قصص وحكايات( زوايا -٣ .١٩٥٥مصر

بونيس آيرس –) شعر باللغة الفرنسية (نفردة الوردة الم-٤ .١٩٥٨نتين األرج–

دار –) سير لنساء شرقيات وغربيات( نساء متفوقات -٥ .١٩٦١ بيروت –العلم للماليين

– دار الكتاب العربي –) رواية( عينان من إشبيلية -٦ .١٩٦٥بيروت

-١١-

دمشق – مكتبة أطلس –) قصص قصيرة( الغريبة -٧١٩٦٦.

بيروت – دار بيروت –) سيرة ذاتية( عنبر ورماد -٨١٩٧٠.

مطابع ألف باء األديب ) محاضرات(في ظالل األندلس -٩ .١٩٧١ دمشق –

١٠- ١٩٧٥ بيروت –دار النهار ) ايةرو( البرتقال المر. ) رسائل جبران المخطوطة لمي زيادة( الشعلة الزرقاء -١١

.١٩٧٩ دمشق – وزارة الثقافة – – مؤسسة نوفل –) سيرة (ونبوغ حب – جورج ساند -١٢

.١٩٧٩بيروت رسائل مي ألعالم (مي زيادة وأعالم عصرها -١٣

بيروت – مؤسسة نوفل –) عصرها ورسائلهم إليها١٩٨٦.

– مؤسسة نوفل –) قصص قصيرة( حزن األشجار -١٤ .١٩٨٦بيروت

-١٢-

–) سيرة مي في مجلدين( مي زيادة أو مأساة النبوغ -١٥ .١٩٨٧ بيروت –مؤسسة نوفل

األحفاد وحرب مذكرات عن حب( الحب بعد الخمسين -١٦ .١٩٨٩ دمشق – دار طالس –) لبنان

–) محاضرات( عربية ودمشقية في األندلس صمات ب-١٧ .١٩٩٣ دمشق –وزارة الثقافة

دمشق – دار طالس –) شعر باللغة الفرنسية( بوح -١٨١٩٩٣.

.١٩٩٤مدريد ) شعر باللغة اإلسبانية( عشية الرحيل -١٩ .١٩٩٦ باريس –) فرنسيةشعر باللغة ال( نفحات األمس -٢٠ دار –) عصره– حياته –مذكراته ( لطفي الحفار -٢١

.١٩٩٧ بيروت – الريس للكتب والنشر رياض دار النهار – ذكريات إسبانية وأندلسية مع نزار قباني -٢٢

.٢٠٠١ بيروت –

-١٣-

على بعضأضواء األدبيةآثارها

ثامنة عشرة األدبية وهي في الالتها سلمى أولى مقانشرت

إيليا في يصدرها الصحان التي ك»األحد«من عمرها في مجلة التي كانت تصدر » سوريةأصداء«شاغوري بدمشق، وجريدة

وهي في الثامنة عشرة ربيةوكتبت مذكراتها بالع... بالفرنسية تحت عنوان »الفرنسيسكان«أيضا، حين كانت طالبة في مدرسة

ح الزعيم سعد اهللا الجابري ى رو، وأهدتها إل»يوميات هالة«دوي الجبل والدها الشاعر بطلع وحين أ.)١٩٤٧–١٨٩٤( .عليها اقترح عليه نشرها دون أي تعديل) ١٩٨١–١٩٠٣(

كتبت سلمى في معظم الفنون واألجناس األدبية، لقدوتنوعت كتاباتها بين القصة القصيرة، والرواية، والسيرة،

األدبية، والتحقيق، وقد بلغ عدد كتبها والمقالة، والدراسة .اثنين وعشرين كتابا

-١٤-

هالةيوميات

وهي طالبة في ١٩٤٠ سلمى بتسجيل يومياتها عام بدأتفتاة ممتلئة بالحيوية . »لسالم ادار« أو »الفرنسيسكان«معهد

والنشاط، وثائرة على الجمود والتخلف والحجاب والتقاليد ديمة الموروثة، والسلوك المنحرف، وعلى البالية، والعادات الق

فتاة يافعة ... ينالمستعمر الفرنسي الذي أذاق بالدها األمر فتتغير سحنتها، الناس، فيه صفوة لتقي عرسا تحضرتتبرج لت

!وتبدو صبية تتعذر معرفتها على النساء فيسألن أمها عنها

ي تطالبها أمها بسدل الحجاب على وجهها، فتمضويوم تنتحب على المصير المشؤوم، وتقول في يومية ية،الليل باك

: الساعة العاشرة ليال١٩٤٠ نوار ٣٠أمر أرقني وأطال ليلي، ! حدث ما لم يكن في الحسبان«

.» مساء اليوميأمر باغتتني به أم

-١٥-

شابة يا هالة، ويجب اآلن أن تتحجبي، ألن لقد أصبحت«ا التي نعيش فيها، ال تسمح لنا بأن تقاليدنا في هذا البلد، وبيئتن

ال تجزعي، فحجابك ... نتعدى حدود المألوف والمعروف .»سيكون برقعا شفافا تسدلينه على وجهك حين تخرجين

وهممت بمناقشتها في أمر هذا البرقع الذي راتي،سالت عب« الوجه، وقد يزيدها وقسماتال يخفي شيئا من الشعر والعنق

خففي عنك يا ... يخفي النمش والكلف وما أشبههماجماال، والإنك حقا ما . هالة، واحفظي دموعك لألمور التي تستحقها

ةتزالين بتسفري بعد قليل، فنحن في نليس بالبعيد أ! ساذجةني .»هذا البلد كما ترين نتقدم بخطى سريعة إلى األمام

دمنا لقد كانت والدتي على حق في ما قالت، ألن تق«االجتماعي أسرع بكثير من نسبة تدرجنا وتقدمنا باألعمار، هولكن تفكيري لن يتقبل ولن يقتنع بهذا الحجاب الشكلي، ألن

ليس إال حجابا مشوها ناقصا، وهذا ال يعني أنني أقول الحجاب الحقيقي الكامل هو إن! الكامل الكثيفبالحجاب

لم : غير أنني أتساءل ونفسي،النفسيةحجاب الخلق والكرامة نضع البرقع في أسواق المدينة وشوارعها، ونخلعه عندما

-١٦-

ونمشي حاسرات، رات، أي بلد كان، فنظهر سافلىنغادرها إونجتمع في الشوارع والفنادق بزيد وعمرو من أفراد البشر

ال نعرف عنهم شيئا؟ أليس هذا من أخطاء التقاليد نالذيينا أن نخشى الناس أكثر مما نخشى اهللا؟ الجوفاء؟ وهل عل

وهل كانت نساء المسلمين من قبل متحجبات؟ وهل يستطاع وهل فرضه ! فرض الحجاب على كل مدنية وقروية وبدوية؟

»عليهن نافع أو ضار؟ هذا الشكل تمضي سلمى الطالبة تعالج مشكلة وعلى

ين والحجج والسفور بحرية بالغة، وتأتي بالبراهحجابالواألدلة، وكلها منطقي ومعقول، يدل على الفهم الواعي

.والرأي السديد والشجاعة مسألة جرأة مكان آخر تعالج بنفس الوفي

فاألول يبتغى منه الثراء «، »زواج المصلحة وزواج العادة«والجاه، وهو األكثر انتشارا، يتم وتوافق عليه العروس، ألن

... وجت في مثل سنها، وجداتها فعلن كذلكأمها من قبل تزفيختار لها والداها العريس، وترضخ المسكينة ألمرهما، دون أن تستطيع النظر إلى شريك حياتها، حتى من وراء باب أو

-١٧-

نافذة قبل حفلة الزفاف، وليس عجيبا بعد ذلك أن تجد الزوج من جدالزوجة من زوجها ما قد ال يالئمها، وأن ي

:وتعلق هالة على ذلك بقولها... »!جته ما ال يرضيهزو قد أباح أن يرى الرجل خطيبته، وأن ترى قإن الشر«

:، وتضيف قائلة»الفتاة خطيبها قبل عقد القران بينهما في معظم أقطار الشرق العربي لشائعإن هذا الزواج ا«

.» بالكرامة اإلنسانيةدراءهو عنوان تحقير النفس، واالز ، في سورية مسألة السفور والحجابأةلج امر تعالم

العادة، مثلما عالجتهما سلمى جومسألة زواج المصلحة وزوا ،الحفار الكزبري، فحق لها أن تقف في صف هدى شعراوي

ومي زيادة، ونظيرة زين الدين، وباحثة البادية، وقاسم أمين، وجرجي نقوال باز، ومحمد جميل بيهم، وسامي الكيالي،

وقفوا إلى منم... البستاني، وكوليت الخوري طرسوب هناك من يكنجانب المرأة، ودافعوا عنها بقوة، يوم لم

.نصير لها، يشد أزرها، ويضم صوته إلى صوتها يعد من أهم ما كتبت سلمى، »يوميات هالة« كتاب إن

على الرغم من أنه كان من بواكير مؤلفاتها التي بلغت اثنين

-١٨-

هو إضافة إلى دفاعها فيه عن المرأة، يلقي وعشرين كتابا، واألضواء على طفولتها السعيدة المرحة، يوم كانت تصطاف

لبنان، وعلى جهاد والدها لطفي الحفار، جبلسنويا في يوم نفي رافقتهوكفاحه الوطني ضد المستعمر الفرنسي، وقد

فيوأميون في لبنان مع رفاقه . إلى الحسكة في سورية .الوطنيةالكتلة بين « ا القسم الثاني من الكتاب الذي وضعت له عنوانأما

، فقد دافعت فيه عن براءة والدها الذي اتهمه »الحق والباطل هبندر عبد الرحمن الشتورالمستعمر الفرنسي بقتل الدك

فهرب مع زمالئه في الكتلة الوطنية إلى ،)١٩٤٠–١٨٨٢(لفرنسية براءتهم عاد العراق، ولما أعلنت المحكمة العرفية ا

الرأس إلى حضن أسرته التي أضناها الحنين، عمرفو .وذوبها الشوق إليه

-١٩-

الزرقاءالشعلة

)رسائل جربان إىل مي زيادة(

ري من الحب الشديد الذي تكنه سلمى الحفار الكزبانطالقا ألدبها، وتقديرها )١٩٤١–١٨٨٦( زيادة يلألديبة النابغة متها الفريدة، وتعاطفها مع مأساتها ومحنتها التي الرفيع، وشخصي

سببها لها نبوغها وعبقريتها، قامت بالبحث الدائب والتفتيش الحثيث عن رسائل جبران خليل جبران التي كتبها إلى مي

حتى ) ١٩٢٥–١٩١٤(دة على مدى اثني عشر عاما زيا ناستطاعت أن تعثر على أربع وثالثين رسالة في منزل اب

في بيروت، كانت مي قد حملتها دةلدكتور جوزيف زياعمها ا حفاظهامن مصر إلى لبنان في أثناء محنتها، وحافظت عليها

على سر مقدس وكنز ثمين، فقد كانت تصر على أن يبقى حبها لجبران طي الكتمان، وكانت تعزيتها الوحيدة هي أن تستعيد

ساعات خلوتها قراءة هذه الرسائل الجميلة من حين آلخر، في

-٢٠-

غالية لحب عاصف اجتاح قلبها فدمره، ى فهي ذكرها،ووحدتلكن مي . ألنه كان حبا صوفيا ضبابيا لم يخرج إلى حيز الواقع

اعترفت لقرائها بوجود مراسلة طويلة بينها وبين جبران، بعد .١٩٣١مضي شهر على وفاته عام

تحقيقاققتها عكفت سلمى على هذه الرسائل الحميمة فحلقد األعالم اء وعرفت في هوامشها بجميع أسمجيدا، علميا

فيها الضوء سلطتالواردة فيها، ووضعت لها مقدمة طويلة، على الحب الخالد المتبادل بين جبران ومي، ودراستها دراسة دقيقة تدل على عمق فهمها، وقدرتها الفائقة على

الشعلة (اتارت لها عنوانالتحليل والتعليل واالستنباط، واخ في أكثر من التي كان جبران قد رسمها لمي) الزرقاء

وقد ترجمت هذه ... رسالة، واتخذها رمزا لهذا الحب إلى »الشعلة الزرقاء«الرسائل بعد صدورها في كتاب

اللغات الفرنسية واإلنكليزية واإليطالية واإلسبانية، وأعيدت . أكثر من مرة١٩٩٦طباعتها في لندن وباريس عام

-٢١-

وأعالم عصرهامي

الشعلة « بعد صدور كتابها – سلمى قد وعدت كانت أن تواصل البحث والتنقيب لتعثر على رسائل – »الزرقاء

أعالم عصرها، فسافرت أكثر لىمي الضائعة التي كتبتها إمن مرة إلى القاهرة وبيروت وعمان والواليات المتحدة

الغاية، ونقبت في المتاحف ودور الكتب، لهذه ميركيةاألودور الوثائق التاريخية، وقابلت كل من كان على صلة

وأحفاد من رحل أوالد يزال على قيد الحياة، و والبمي : منهم عن هذه الدنيا، منطلقة من قول عباس محمود العقاد

أو كتبت إليها، لتمت ، جمعت الرسائل التي كتبتها ميول«رة ال نظير لها في آدابنا العربية، وربما قل بها ذخي

نظيرها عند األمم األوروبية التي تصدرت فيها المرأة وعند مي أنماط عديدة من هذه الرسائل ... المجالس األدبية

وال ندري أين الخاص،التي تسللت في عداد هذا األدب

-٢٢-

موضعها اآلن، وإن كنا نخشى أن تكون قد أحرقتها، أو تها إلى أصحابها، لتسترد منهم رسائلها إليهم بعد وفاة رد

.»والديها استطاعت سلمى بعد مغامرة مثيرة استغرقت سبعة لقد

تبادلتها لة على ما يقرب من مئتي رساعشر عاما أن تعثر مي مع معاصريها من أعالم وأصدقاء في الشرق

جبران، ويعقوب صروف، وجبر : أمثال،والغربالدين يكن، والعقاد، وسلمى صائغ، وجوليا ضومط، وولي

طعمة دمشقية، وباحثة البادية، وداود بركات، وأنطون الجميل، وخليل مردم بك، والشاعر القروي، وخليل

وبعد أن ... الخوري، واألب أنستاس ماري الكرملي على هذه الرسائل، عكفت على تحقيقها وفرزها تحصل

رتها في مجلد كبير ونشها،بحسب تواريخ وسنوات كتابت مع جمعتكما ... صفحة من القطع الكبير٥٢٤يقع في

رسائل عديدة ألدباء ومستشرقين معروفين رسائل مي عاصروها وأعجبوا بها، كالمستشرق اإلسباني الكونت دي

الفلسفة اإلسالمية في الجامعة هاغالرزا الذي كان يدرس

-٢٣-

وزيف روسي، وكارلو نالينو، وجيالمصرية، وإيتورشاخت، وفالنتينو فيكولي وغيرهم، إضافة إلى رسائل كتاب غربيين اتصلوا بها، وترجمت سلمى إلى العربية ما كان مكتوبا باللغات األجنبية، وقد دل تنوع هذه الرسائل

تجاوز حدود الوطن العربي إلى ميعلى أن نشاط هي ةحي أجنبيةالغرب، بفضل نبوغها وإتقانها خمس لغات

الفرنسية، واإلنكليزية، واأللمانية، واإليطالية، واإلسبانية، وأن أصدقاءها لم يحصرهم وطن واحد، بل كانوا منتشرين

.في الشرق والغرب معا تتوقف الجهود الطيبة والمشكورة التي بذلتها سلمى لم

زيادة المشتتة والمفقودة، بل ألفت عند جمع رسائل مي عنها بلغ عدد صفحاته أكثر من ألف صفحة كتابا ضخما

ة دافعت فيه بحرارة شديد» أو مأساة النبوغمي«بعنوان عن مي إبان المحنة القاسية التي مرت بها، وكيف اتهمت

) العصفورية(بالجنون، وأدخلت مستشفى األمراض العقلية بعض أصدقائها ... عليهاجرفي لبنان، وح وكيف هبدفاع عنها كالريحاني وأمين نخلة، وفارس المخلصين لل

-٢٤-

الخوري، وغيرهم حتى استطاعت أن تستعيد حريتها، .وتمارس حياتها الطبيعية

المتفرقة في بطون الصحف التها قامت بجمع مقاكماوالمجالت كالهالل والمقتطف وغيرهما، وإصدارها في كتب

في جديدة، إضافة إلى إعادة نشر كتبها النافدة، ووضعها . العربالقراء أيديمتناول

-٢٥-

أو مأساة النبوغمي

) ١٩٤١–١٨٨٦( زيادة هذا الكتاب النفيس عن ميصدر، وتحدثت فيه عن اهتمامها ١٩٨٧في مجلدين كبيرين عام

بفلسطين، ودراستها »الناصرة«الشديد بمي منذ والدتها في م بلبنان، ث»عينطورة« في »راهبات الزيارة«في مدرسة

حيث عملت في جريدة ١٩٠٧انتقالها إلى مصر عام ١١/١/١٩٠٩ في ارها التي أعاد والدها إصد»سةالمحرو«

.وكانت من قبل للثري إدريس راغب تحدثت في هذا الكتاب عن مي الشاعرة والطالبة كما

مي نوالكاتبة، وعن مؤلفاتها وخصائص أدبها وأسلوبها، وعوتها األدبية التي كانت تعقد وعن ندمحاضرة، والطيبةالخ

العائلية ياتهافي منزلها مساء كل يوم ثالثاء، وعن ح وحياتها حاني،وأصدقائها ومحبيها، وعن مي وأمين الري

وحبها لجبران، ورسائلها وصلتها بالمستشرقين، ،العاطفية

-٢٦-

وعن أحزانها وبداية مرضها ومأساتها، وتآمر أقربائها عليها ا، والحجر عليها وعلى أمالكها، ودخولها وطمعهم بثروته

مستشفى األمراض العقلية في بيروت؛ ثم اإلفراج عنها أمينقرية ) فريكةال( ثم إلى »ربيز«وانتقالها إلى مستشفى

الريحاني، وعمن وقفوا إلى جانبها في محنتها، وصوال إلى ، ١٩٤١ تشرين األول ١٩عودتها إلى القاهرة ووفاتها في

.تكريم األدباء لها بعد موتهاو نشرت في هذا الكتاب الموسوعي الذي بلغ عدد كما

في مختلف مراحل صفحاته أكثر من ألف صفحة صور مي حياتها، وصور والديها وبعض أصدقائها، ونماذج من خطها

قدمت لها، التيالفارسي الجميل، وصور األوسمة والميداليات . الواردة فيهاألعالمسماء وختمت الكتاب بفهرس مفصل أل

* * * إن «: سلمى في المقدمة الطويلة التي وضعتها للكتابتقول

من يطوف على كتابات مي ويتبصر بها، يرى فيها ومضات من معاناتها ووحدتها، وجوعها، وعطشها، وأحالمها وهواجسها في حياتها الغنية باإلبداع، والفقيرة في االستمتاع،

-٢٧-

في حبها الكبير لجبران نرى أنها عانت الوحدة، والجوع حتى والعطش، فلجأت إلى عالمها الخيالي المثالي الذي نمقته بلهف

وتجرعت فيه كؤوس األسى، وذاقت منه لوعة ان،الحرم .» على حد قولها»الدماء التي ال تسيل« تجمد وأكدت أن شذوذها سببه وة، دافعت عنها بحرارة وقلقد

والشعور بالتفوق والتفرد، بدليل أن نبوغها كان النبوغ، إن «: أن تقولإلى... عائقا وحجر عثرة في سبيل زواجها

وقست عليها، فقد ظلمها أهلها األقربون الحياة ظلمت مي بعد موت والديها وجبران، كما طمعوا بمالها، ها جفونالذي

لعصبي،اواستهانوا بقدرها، فعالجوها من السأم واالنهيار صدقوا نوظلمها أصدقاؤها الذي. بإدخالها مستشفى المجانين

إشاعة جنونها، فقصروا عن تأدية حقها عليهم، بعد أن كانت وزينة مجالسهم في دتهم،ملء أسماعهم وأبصارهم وأفئ

مجتمعهم األدبي الناهض، وظلمت هي نفسها، إذ غالت في .» العلم واألدبمارخوض غ

من ظلم عن شعورها باأللم لما حل بمي تتحدث سلمى ثم كي احتهافادح، فآلت على نفسها أن تنصفها، وتضحي بر

-٢٨-

المطموسة، وتكشف التجني عليها إلى قائقتصل إلى الح :العلن فتقول

»لت ميمنتصبة أمامي بوجهها المتعب، المكلل بهالة تخي وضاءة من الشعر الذي كان أسود يوم زجوها في

، وأضحى أبيض يوم خروجها منها بشبه »يةورالعصف«معجزة، كأنها تدعوني إلى كشف اللثام عن كل غموض

ة،سيما بمأساتها األليم والا،أحاق بحياتها، في سائر مراحله آثارها، هي أكثر الناس ؤواومي بشهادة الذين عرفوها وقر

علي تضافر قوى الشر للظلم، فعزرهاحبا للحق، وأكثرهم ك شوهوا صورتها بسموم أقالمهم، نلظلمها، وآذاني تجني الذي

فنذرت نفسي بكل ما أوتيت من عزم، وتقدير للمناضلين، وحب للمتميزين، لتحري الوقائع، وكشف الغموض الذي

فتتبعت آثارها في أماكن دانية وقاصية ... اكتنف حياتها مفجعةحب، واللربط خيوط حياتها الغنية بالعطاء، البائسة بال

فلم يبق إنسان في لبنان وسورية ومصر عرف ... في النهايةمي، أو عرفها أهله في حياتها، إال اتصلت به شخصيا، أو

.»١٩٨٥ و١٩٦٨ ما بين سنتي راسلةعن طريق الم

-٢٩-

لمي، وبما ماستها أهلها ضاقوا ذرعا بحبأن وتعترفمرة عن تلك ، فنهوني أكثر من »تقمصي لشخصيتها«أسموه

...الحماسة واإلجهاد في العمل في بذلك، بل أصرت على البحث عن قبر ميف تكتولم

بحث طويل اهتدت بعدمدافن الطائفة المارونية بالقاهرة، و أمام ذلك القبر المتواضع، خاشعة، ووقفت ١٩٧٩إليه عام

فتخيلت أنها تسمع صوتها يهدر في أذنيها بصفائه وحالوة رالدنيا ذه إلى هلمثيرةسه، ويحدثها عن وقائع رحلتها اج

.التي دامت خمسة وخمسين عاما

-٣٠-

متفوقاتنساء

عام روت هذا الكتاب عن دار العلم للماليين في بيصدر الدكتور قسطنطين زريق لمؤرخ، وقدم له ا١٩٦١

متحفزة، العربيةإلى الفتاة ال«وأهدته ) ٢٠٠٠–١٩٠٩( .»بإمكاناتها للتفوق واإلبداعإيمانا بها، و

عشرة سيرة لنساء تفوقن في مجاالت اثنتي الكتاب ضم السياسة واألدب والشعر والفن واالكتشاف واالختراع

هن ... واإلبداع والوطنية والتمريض في الشرق والغربفيجايا ال كشيمي بانديت، سلمى الجرلوف، : على التوالي

تدمر، غبرييال ميسترال، مدام ريكامييه، زنوبيا ملكة كوري، اري إبراهيم، ملثوم أم كنجال،فلورانس نايت

بالكويل، ليزابيت أ،أليزابيت باريت براوننغ، هيلن كيللرشجرة الدر.

-٣١-

١٩٩٠ الطبعة الثانية التي صدرت عام في لهن وأضافتجوليا دومنا، كاترين الثانية، هارييت بيتشر ستاو، : كال من

. دارين كارتينيلي،ل أنتوسوزان برانو

أديبتنا هدتلقد ج«: للكتابه زريق في تقديملدكتور ايقولفي تقصي هذه السير وفي تلخيصها، وكشفت بذلك بعض الحجب عن شخصيات فريدة، وعن الحضارات واألزمنة

القومي بتراثنا بعض هذه الشخصيات متصل إن. تمثلهاتيالازدهرت في مجتمعات نبتت ورىالماضي والحاضر، وأخ

وحضارات أخرى، ولكنها تنطوي على معان وقيم تهمنا .»قوميا وإنسانيا

ولست أظن أن المؤلفة تدعي اإلحاطة والشمول في ما «اختارت وفي ما وصفت وحللت، وإنما هي أمثلة من الحياة ومن اإلبداع، أرادت أن تضعها أمام أعيننا، ومع أن بعض

ن معروفا لدى القارئ العربي، فإن بينها هذه األمثلة قد يكوما لم يبرز بعد باللغة العربية، أو لم يبرز بهذه الحلة القشيبة

.»التي خلعها عليها أدب المؤلفة

-٣٢-

وبرشاقة ة،وال شك أن القارئ سيستمتع بجمال هذه الحل« سيقرؤها دون ملل هإن. األسلوب الذي دونت به هذه السير

وهذا ما . خذ بسهولة التعبير، وحسن األداءأو توقف، وسيؤ .»عودتنا عليه السيدة الكزبري في كل ما كتبت وأنتجت

المؤلفة المرهف الذي س هذه السير هو حمزاياغير أن أهم « .»نفذت به إلى هذه الشخصيات، فجعلتهن ينبضن بالحياة

قراءة كل هذه الفصول، وهو يشعر من القارئ ليخرج إن فهي مثله كائن بشري السيرة،حية تربطه بصاحبة بقرابة رو

جح وينئس، ويسعد ويشقى، ويأمل ويي،يكافح ويصارع اإلنسانية المشاعرويخفق، ويظل في هذا كله إنسانا تحركه

األصيلة التي أودعها اهللا نفس كل كائن على هذه البسيطة، سواء، وال فرق بين السيدة المتفوقة التي تتحدث عنها المؤلفة

.» بولونيةم تشيلية، أم هندية، أم أعربيةأكانت * * *

حرصت السيدة سلمى على نشر صور النساء لقدالمتفوقات اللواتي ترجمت لهن في الكتاب، كما يفعل معظم

-٣٣-

. مؤلفي كتب التراجم والموسوعات في التاريخ الحديث نلذي بوجوه ومالمح هؤالء األشخاص ارفالصورة تظل تذك

ويالحظ أن ... طواهم الموت وأصبحوا في ذمة التاريخالمصادر األجنبية للكتاب قد رجحت على المصادر العربية، ألن أكثر من ترجمت لهن كن من الغرب، وقد ساعد سلمى في عملها، إتقانها ثالث لغات أجنبية، هي الفرنسية

.واإلنكليزية واإلسبانية الكتاب القيم، ذادة بقراءة ه أنصح كل فتاة أو سيإنني

لتقتدي بهؤالء المتفوقات اللواتي سيظل التاريخ يذكرهن، . لألجيالنها والمآثر العظيمة التي تركألعمالنتيجة ل

-٣٤-

ر املالربتقال

الحفار لسلمى هو عنوان الرواية الثانية » المرالبرتقال«التي صدرت »عينان من إشبيلية«الكزبري، بعد روايتها األولى

في بيروت، وكانت من ي عن دار الكاتب العرب١٩٦٥عام وحي إسبانيا، وتعرف سلمى على األندلس وطباع أهلها

.وعاداتهم وتقاليدهم دار النهار في عن التي صدرت »البرتقال المر« رواية أما

–١٩٠٠(لها الدكتور جبرائيل جبور ، وقدم ١٩٧٥بيروت عام حول القضية الفلسطينية، أو باألحرى أحداثهافتدور) ١٩٩١

المأساة الفلسطينية التي آلمت العرب في كل مكان، ومازالت تقلقهم حتى اليوم، منذ أن اغتصبت إسرائيل هذا القطر العزيز،

. أعدادا كبيرة من سكانه األصليينردتوش المؤلفة بالبرتقال المر برتقال يافا وبياراتها، ويدور تقصد الشبان الذين ولدوا في فلسطين، ثم حول الرواية مضمون

-٣٥-

غادروها عنوة وقسرا، وهم يحملون في قلوبهم ذكرياتهم عوا بقعة ترعرلاألثيرة، وأحالم طفولتهم، والحنين إلى ك

.فيها أينما وجدوا في هذه الرواية المأساة التي حلت بأبناء فلسطين جت عاللقد

نها تمسنا نحن العرب األحرار في وبناتها في هجرتهم المريرة، ألالصميم، وألنها تشكل وصمة عار في جبين صانعي القرارات

أعلنوا شرعة حقوق اإلنسان في هيئة األمم المتحدة، ولم الذينفقد ضاعت حقوق الشعوب كلها في ... يحترموها أو يطبقوها

.عالم اليوم، وأضحت مع األسف حبرا على ورق هجرة العلماء – مغةة مشكلة هجرة األد الروايجت عالكذلك

العرب الذين تخصصوا في الغرب، وآثروا البقاء فيه على العودة إلى أوطانهم، ألن أوطانهم طغت عليها السياسة

إلى المراكز التي يجب أن وصولهموالجهالة، فحالت دون يشغلوها بحكم تخصصهم وكفاءاتهم، أو ألن من بيدهم مقدرات

دركوا بعد، أن التقدم العلمي والتقني الصحيح هو البالد، لم ي .مكانتهااألساس في نهضة األمم والشعوب، ورقيها وعلو

-٣٦-

بعد اخلمسنياحلب

، ١٩٨٩ القيم عن دار طالس بدمشق عام تاب هذا الكصدروضم اثنتين وثالثين مقالة عن الحب بمفهومه السامي الرفيع،

هوة، وأهدته إلى روح والدها لطفي وقيمه المثلى البعيدة عن الش .»مازال ذكره عنبرا يفوح في األجواء«الحفار الذي

الحب الذي تحدثت عنه في أن اعترفت السيدة سلمى بلقدحب شبيه بكل حب كبير، يسعد «فصول هذا الكتاب هو

حياتها، هو ل وبأن الحب الذي جميبكي،ويشقي، ويضحك ويرة والطيش، أي مما يفسد الصلة حب خال من األثرة والغ

.»بين المحبين، ويحول هناءها إلى شقاء

عن حبها بأنها أحبت، وهي واقفة على رجليها، وتقول هاوفي كامل وعيها، وعيناها مفتوحتان، وقلبها متيقظ، وذهن

صاف، وإنها رضخت لسلطان الحب راضية سعيدة

-٣٧-

فنتحطم، وال بئرا وارتفعت به، ألن الحب ليس فخا نقع فيه السماك ى يسمو بالمحب إلإن الحب... هلك فنفيهانسقط

ويزكيه، يغذيه ويواسيه، فيطهرهاألعلى، عندما يغزو قلبه ويرفع قدره، ويهذب طباعه، ويقوي إيمانه، ويجعله إنسانا

:أرقى وأكرم، وأكثر لطفا وظرفا، وتقولالذي نعمت به بعد بلوغهإن ا الخمسين من العمر، الحب

... منه على عوالم سحريةأشرفترفعها إلى كوكبه الرائع، ف :إلى أن تقول

نسانية والحياة والطبيعة واإل اهللاون كان الناس يحبلو«لتغير وجه التاريخ على األرض، وتعطلت معامل السالح،

النفوس، نحرفتلو كانوا يحبون لما ا! الشياطينوخذلت لفتن والحروب، وعمت الشرور، فحولت نعيم واشتعلت ا

.»! إلى جحيم، لو فقط كانوا يحبونةالحياعاشقة ومعشوقة، الحب : عناوين مقاالت الكتابمن

والحرب، الحب والشيخوخة، حب الطيور وحب الحرية، ...حب األرض وحب اهللا، رسالة حب

-٣٨-

ما كتبت سلمى آخر هي »رسالة حب« مقالة كانت لقد :قائلة هاألحفاد

صحوت في صبيحة هذا اليوم على نداء حفيدتي تسأل «عني، دخلت غرفتي فوجدتني أقرأ ما كتبته في الليل، والقلم

:قالت لي بصوتها الطفولي العذب. بيدي تكتبين يا جدتي؟ماذا

لك وإلخوتك، وألطفال »رسالة حب«أكتب : فأجبتها حب غير رسالةالعالم،وصغار هذا الوطن الجميل الغالي و

مستقبل أن تقرؤوها وتستفيدوا منها في يةعادية، راج : مضمونهامحياتكم، وإليك

زاخرا ثيراسيكون عصركم المقبل يا أحبائي الصغار م«م، فإياكم أن تفقدوا الحماسة في حياتكيات،باألحداث والتحد

ولذة العيش، وال يتقدم مة،ألن اإلنسان من دونها يفقد اله نا،عمروا قلوبكم باإليمان، ألنه ينور عقول. األمامخطوة إلى

.» التقدم والخيربويهدي قلوبنا إلى درو

-٣٩-

لتكن حياتكم في القرن الحادي والعشرين رافلة بالهناء، « الشعاع ذاافتحوا قلوبكم للحب، ه. وأعمالكم مكللة بالنصر

سالح يحميكم ل زاد في الوجود وأفضهمالسماوي الذي هو أديات الزمان، فالحب فضيلة، يزودكم باإليمان، من عا

وإياكم أن تصدقوا لعطاء، على اثكمويغذيكم بالتفاؤل، ويح ماأن السعادة كامنة في األخذ واالستئثار، بل هي كامنة دائ

.»وأبدا في العطاء إلهية خالدة، على نفحةأما الروح، يا فلذات األكباد، فإنها «

ة، تنفصل عنها وقت الموت، ومهما عكس األجساد الفاني فلن تستطيع أن تكشف سر األرواح، لذلك ،تقدمت العلوم

إلى االهتمام بتغذية أرواحكم، اهتمامكم بتغذية وكمأدعأجسادكم، فكما تجوع أجسامنا وتتطلب الطعام، فإن أرواحنا

الطيب، متجوع وتتطلب الغذاء، وغذاؤها ينبع من الكال، وإشاعة الوئام، ومن محبة الناس، وتقديس والعمل الصالح

والموسيقا، والعلم والفن الجمالالصداقة، واالستمتاع بعندئذ تصفو سرائرنا ونشعر باالطمئنان، وبفرح ... والطبيعة

.»داخلي، قد نسميه الرضى عن النفس، وقد نسميه السعادة

-٤٠-

من ماليين اآلباء واألجداد القلقين عليكم ةإنني واحد« »لى مستقبلكموع كم لو أكون نسرا يحملكم في الضلوع، ويقلى أتمنكمول«

فوق جناحيه بعيدا بعيدا، ليحط بكم على أرض نظيفة، يعيش عليها أناس عقالء، شرفاء، أوفياء، تقضون بينهم مسيرة

.»...حياتكم في رحاب األلفية الثالثة

ي حفل توقيع كتابهاالمؤلف مع األديبة سلمى الحفار الكزبري ف

٢٤/١/١٩٨٩بدمشق في » العائلة«الذي أقيم في مكتبة » الحب بعد الخمسين«

-٤١-

ة ودمشقية عربيبصمات األندلس

. ١٩٨٣ عن وزارة الثقافة بدمشق عام الكتاب هذا صدربصمات عربية ودمشقية في «: محاضرات هيثمانيوضم ، ندوة »ابن زيدون«، »حب وحرب وهجرة«، »األندلس، »الشاعرة أليزابيت باريت براوننغ« لمي زيادة، »الثالثاء

»حضارتنا في األندلس أو «، »بين أعالم البيان والنابغة مي، ومقالة »كوفسكيالمرأة في حياة تشاي«، »المعجزة العربية

ماربيا لؤلؤة الشاطئ األندلسي في حاضرها «واحدة هي الكويتية في عدد العربي« نشرتها في مجلة »وماضيها

.١٩٨٩نيسان تمحورت محاضرات السيدة سلمى في هذا الكتاب لقد

زيادة، األندلس، ومي: رئيسين هماموضوعينحول وتونس وعمان، ، ودمشق،وتوزعت أماكن إلقائها بين إسبانيا

-٤٢-

، ولم تخرج عن هذا )نلبنا(والمغرب، وبيروت، وطرابلس :اإلطار إال ثالث محاضرات هي

التي ألقتها في الندوة الثقافية النسائية »حب وحرب وهجرة«أليزابيت باريت «، والشاعرة ٢٣/١/١٩٨٩بدمشق في

التي ألقتها في النادي العربي بدمشق في »براوننغ التي ألقتها في »المرأة في حياة تشايكوفسكي«، و١٣/١/١٩٦١

.٢١/٢/١٩٥٢ الفنون السورية بدمشق في عيةنادي جم كانت األندلس مدار اهتمام السيدة سلمى، منذ أن قدل

، بحكم عمل زوجها ١٩٦٢وطئت قدماها أرض إسبانيا عام الدكتور نادر الكزبري سفيرا لسورية فيها، وظلت على صلة

بهذه البالد الجميلة التي خلف فيها العرب أمجادهم ثيقةوشاهدا الذي ال يزال حتى اليوم – العظيموتراثهم الحضاري

اضطلعوا به ثقافيا ي الذمهمناطقا على الدور الكبير وال ما بعد إلى –وأدبيا وفكريا وتاريخيا ولغويا وعمرانيا

.عودتها إلى دمشق واإلقامة الدائمة فيها كل هذه المحاضرات الثماني، لخيص باإلمكان تليس

التي امتدت على مساحة»مار بيا«إضافة إلى مقالها عن

-٤٣-

بصمات عربية ودمشقية في « صفحة كبيرة من كتابها ٢٢٠ كان ثمرة حب الكتاب، لكن أكتفي بالقول إن هذا »األندلس

سلمى الكبير، فكل كلمة من كلماته تجعلنا نحب عفويا كل .الذين تحدثت عنهم فيه

أن تنقل حبها إلى بل أحبتهم وعاشت معهم في قلبها، قلقدبحبنا في األندلس من ابن زيدون ووالدة الورق، فمن أجدر ! أدبنا؟ائع أعطانا بعضا من روذيوحبهما المتبادل ال

عربي صارت األندلس حلما وأمال وأمنية يتمناها كل لقدفي العودة الظافرة إلى هذه الربوع الجميلة والساحرة والغالية هم التي حكمها العرب ثمانية قرون، ونشروا فيها دينهم ولغت

.وتسامحهم، ثم غادروها مكرهين التي ألقتها في المركز »ندوة الثالثاء« محاضرتها أما

-الثقافي العربي في دمشق، ثم في جمعية الصداقة اإلسبانية األردنية ة بمدريد باللغة اإلسبانية، ثم في الجامعالعربية

ان،بعمساءم زيادة التي كانت تعقد فقد دارت حول ندوة مي كل يوم ثالثاء في منزلها بالقاهرة، وكان يحضرها عمالقة

-٤٤-

طه حسين، وعباس : األدب والفكر والفن والسياسة أمثال صادق الرافعي، وولي الدين يكن، صطفىمحمود العقاد، وم

وإسماعيل صبري، وخليل مطران، وأنطون لسيد،ولطفي ات، الجميل، ويعقوب صروف، ومنصور فهمي، وداود بركا

... وغيرهمالرازقوإيمي خير، ومصطفى عبد

واستمرت عشرين عاما، ولم ،١٩١٣ عام مي ندوة تأسست عقب وفاة أمها التي سبقها حادثان ١٩٣٢تتوقف إال عام

جدا، هما موت أبيها ثم موت جبران، فآثرت بعد ذلك أحزناهاوأخذت ، ١٩٣٥العزلة، لكنها استأنفت نشاطها األدبي عام

بيد أنه في أواخر خر، من األدباء بين حين وآتستقبل عددا قليالصيف هذا العام ظهر عليها بعض االضطراب النفسي، وتفاقم هذا االضطراب لشدة ما كابدت من آالم الوحدة واألحزان

.والمشكالت العائلية ألسباب مادية مصدرها أقرباؤها

ر جوزيف زيادة من أن جاء بها ابن عمها الدكتوبعد، نقلت بعد شهرين ١٩٣٦ اممصر، إلى بيته في بيروت ع

مستشفى الدكتور لىإلى مستشفى األمراض العقلية، ثم إ

-٤٥-

وبعد خروجها منه وهي في حالة غير ". نقوال ربيز"منزال ) ١٩٤٠–١٨٧٦( استأجر لها أمين الريحاني مرضية،

وترتاح، فيه تهدأ لعل أعصابها) ريكةالف(صغيرا في قريته وفعال عاد إليها وعيها وإدراكها، وألقت محاضرة في

.»المجتمع إلىرسالة األديب «الجامعة األميركية عن تعافت قليال سمح لها األطباء بالعودة إلى مصر، ولما

واستقرت في منزلها الذي كانت تحلم بالرجوع إليه، بعد استقبالافضة أشهر من العذاب واإلضراب عن الطعام، ر

صحتها الجسدية مرتواست. أي من أصدقائها القدامى »المعادي« في التدهور، إلى أن توفيت في مستشفى فسيةوالن

، ١٩٤١بالقاهرة في التاسع عشر من تشرين األول عام .وهي في الخامسة والخمسين من عمرها

-٤٦-

ظالل األندلس حماضرات

كتاب في دمشق عام من هذا الى الطبعة األولصدرت

) ١٩٨٠–١٨٩٧(لها شاعر الشام شفيق جبري وقدم ،١٩٧١ .١٩٩٩والطبعة الثانية في بيروت عام

ال يعدو «: اب السيدة سلمى الحفار في مقدمتها للكتقالت لحضارتنا في وارفةمضمون هذا الكتاب، عن كونه ظالال

فنا، بعد األندلس، يعبق منها تاريخ عربي إسالمي مجيد ألسال فيها ملكا عظيما، ثم نشروا حضارة سسواأن فتحوها، وأ

ثقافية وعلمية وفنية، شعت أنوارها من األندلس على أوروبا .»كلها، يوم كانت تغط في ليل القرون الوسطى

إن الهدف الذي أرمي إليه، من وراء «: قائلةوأضافتالل مطلقا، ليس البكاء على األطة،الكتابة عن تلك الحضار

إنما هو استحضار ذاكرة تاريخنا المشرف، لتقوية ثقتنا

-٤٧-

اإلبداعية، شبابا وكهوال وشيوخا، ابأنفسنا وإمكاناتنواعتزازنا بهويتنا العربية، ولغتنا الجميلة التي كانت إسبانيا

.»كلها تتعلمها، خالل ثمانية قرون مضتابن « األندلسي مقدمتها ببيتين من شعر الشاعروأنهت ما، يتغنى فيهما بجمال األندلس، والشوق إليها، إذا »خفاجة

:ابتعد عنها قائالــدلس إن ــي األن ــة ف للجن

وريـا نفـس ن حـس مجتلى

ما هبـت الـريح صـبا فإذا

وا شوقي إلى األندلس صحت

جبري فقد خلع على سلمى في مقدمته، فيق الشاعر شأما

سالمة « أبرزها والفضائلملة من النعوت والصفات الحسنة، ج ونضج الفكر، وحسن التمييز، ونشاط حس،الذوق، وقوة ال

، وصوال إلى الحديث عن كتابها الذي ضم أربع »...الحياة التي » وابن زيدوندةوال: عاشقا قرطبة: "محاضرات هي

، ثم بالعربية ١٣/١/١٩٦٧ألقتها في مدريد باللغة اإلسبانية في

-٤٨-

»أثرنا في إسبانيا«، و٢٣/١١/١٩٦٧في دار الثقافة بتونس في ، ١٥/١١/١٩٦٥التي ألقتها في المنتدى االجتماعي بدمشق في

التي ألقتها باللغة اإلسبانية في مدريد، بدعوة »المرأة العربية«و األعياد«، و١٨/٢/١٩٦٣من وزارة اإلعالم اإلسبانية في

" الندوة الثقافية النسائية « التي ألقتها في»إسبانيا في قاليدوالت .٨/٥/١٩٦٦ في بدمشق بعد هذا التمهيد إلى مقدمة الشاعر شفيق جبري التي أعود

أسهب فيها بإطراء المؤلفة، والتغني بكفاءاتها واإلشادة وبرفعة ذوقها، ونضج تفكيرها، فنية،بمواهبها األدبية وال

فت على كل دقيق وجليل من حب فقد وق«وحسن تمييزها والدة وابن زيدون وشعرهما، ووصفت الجمال وصف من

.»يعرف سر الجمال الحس في قويولئن سلم الذوق، و«: قائالويضيف

التمييزمحاضرة والدة وابن زيدون، فقد نضج الفكر، وحسن ، فقد يهزنا الحنين إلى سماء »أثرنا في إسبانيا«في محاضرة هذه المحاضرة، ويغلب علينا األلم، إذا ما وقفنا األندلس في

.»على آثار العرب في أرضها، وتنغش قلوبنا إلى ذكرها

-٤٩-

تجلي الفكر تحت سماء « في شرح قت أحسنت ووفلقداألندلس، واستفاضة العلوم والفنون في آفاقها، وشيوع األدب والموسيقا في بقاعها، وانتشار الفلسفة والعلوم

زراعة والصناعة والتجارة وغير ذلك من والنوالعمرا .»مظاهر الحضارة

إلى القرون الثمانية التي « نقلتنا في محاضرتها كذلكعاشها العرب في األندلس، وأطلعتنا على روح المسامحة،

فقد تهيأ لها أن تزور كثيرا من مدنها، ... وآثار الحضارة من كثير من آثارها، ولم تبخل عليناعين تمتع النوأ

بإشراكنا في لذة هذه الزيارة، وهذا التمتع، فكأننا نشهد ما .»شهدته، ونزور ما زارته، ونستحسن ما استحسنته

عن ها، فقد تحدثت في»المرأة العربية« محاضرتها عن أماكفاح المرأة العربية المتواصل منذ العصور القديمة حتى

قايا مدن تعبر عن وفي بالدنا آثار وب«... اليوم لبلوغ أهدافهاعظمة المرأة، كما في تدمر التي عاشت عصرها الذهبي

التي تسلمت الحكم فيها عام »زنوبيا«خالل حكم الملكة فتاة كانت د، وق»أذينة« للميالد، بعد مقتل زوجها ٢٦٧

-٥٠-

وذات شخصية قوية، وذكاء حاد، تمارس هيفاء،سمراء ى ولعها باألدب، الصيد والفروسية، وتقود الجيوش، إضافة إل

في بالطها، وكانت تجيد كماءواهتمامها بتكريم العلماء والح .»اللغات اليونانية واآلرامية والالتينية

وقول الشعر، بالشجاعة، ربية تميزت المرأة العكماونبغت قبل اإلسالم كل من الخنساء الشاعرة، . والخطابة

لنبي محمد وهند بنت عتبة، والزرقاء، وخديجة زوجة ا .التي كانت تمارس التجارة) ص(

العصر اإلسالمي كان للمرأة أثر غير مباشر في وفي شعر قيس، ولوال بثينة لما كان كانأدبنا، فلوال ليلى لما

شعر جميل بن معمر العذري، ولوال عزة لما كان شعر سكينة بنت الحسين تجمع في بيتها الشعراء وكانت... كثير

فتنتقدهم ببراعة، وتثني على م،قوا أمامها قصائدهواألدباء ليل .المجيدين منهم

بدأت األصوات النسوية عشرين، مطلع القرن الوفيترتفع، وتطالب بالمساواة والتحرر، فظهرت كل من

زيادة في مصر، باحثة البادية وهدى شعراوي ومي

-٥١-

وجوليا طعمة دمشقية في بيروت، وماري عجمي ونازك .العابد في دمشق

»األعياد والتقاليد في إسبانيا« محاضرتها الرابعة عن أماإن إسبانيا من البلدان الجميلة بطبيعتها ومناخها، «: فتقول فيها

ورية الفولكلوأعيادها بتقاليدها الشعبية، اتنةالغنية بآثارها، والف وما يرافقها من احتفاالت رسمية، ا،المتنوعة، واألعياد فيه

ز ة،ومهرجانات شعبيوجه من وجوه حضارتها، وطابع ممي لها عن بقية بلدان أوروبا، وال ريب أن للقرون الثمانية التي انصهر خاللها سكانها في البوتقة العربية واإلسالمية، أثرا

انها، وفي تنوع تقاليدهم واضحا في تكوين خصائص سك .»وأعيادهم نة مديفي) لأي الشع (»الفاياس« أعياد إسبانيا عيد فمن

»الفيريا« المعروفة ب»إشبيلية« الربيع في أعياد، و»بلنسية« أو المعرض الذي تحتفل به مطلع شهر نيسان من لسوقأي ا

كل عام، فالموسيقا تصدح في كل مكان، والورود تتبارى مع صبايا باألرج واأللوان، وعربات الخيل تسير نشوى على ال

ضفاف نهر الوادي الكبير، وفي الشوارع واألسواق،

-٥٢-

والفرسان والفارسات يختالون على ظهور الجياد، واألطفال والشبان يمرحون ويرقصون ويعزفون على الغيتار،

ويستمر ذلك المهرجان ثالثة أيام ... ويضربون الصنوج .ذلك الستقبال فصل الربيعبلياليها، وكل

تكاد تنتهي أعياد إشبيلية الفولكلورية، حتى تبتدئ والقصر «أعياد غرناطة في مطلع فصل الصيف، ومسرحها

الغناء، ويدعى لهذا المهرجان أشهر فناني حدائقه و»الحمراء .العالم، وتقتصر حفالته على الرقص أو الموسيقا أو الغناء

-٥٣-

»مسنفحات األ« ديوان بالفرنسية

في مدرسة قتها الفرنسية التي تلغة اللتتقن إن سلمى كانت قلنا

، وكانت تجيدها قراءة وكتابة وترجمة »راهبات الفرنسيسكان«الوردة «: كأهل فرنسا، وقد أصدرت فيها ثالثة دواوين هي

، ١٩٩٦ »نفحات األمس«، و١٩٩٣ »بوح«، و١٩٥٨ »المنفردة والشفافية والعذوبة، وغلبة الموسيقا ويتصف شعرها بالرقة

بأننا نسمع سيمفوني ات ةعليه، فحين نقرؤه نحسمن سيمفوني ...كيبيتهوفن، أو باخ، أو شتراوس أو تشايكوفس

تب الذي ك»روجيه لوكان« وصف الكاتب الفرنسي وقدشعر إنسانة « شعرها بأنه »نفحات األمس«مقدمة ديوانها

دة بالحيوية والنشاط، وبأنه شعر شاعرة مفتونة بالحياة، متقفي ربيع الحياة، شعر موسيقي يمتاز بطابع غنائي، قلما نجده

.»عند امرأة

-٥٤-

الديوان عدد من القصائد التي تغنت فيها بدمشق، في :قائلة... وقاسيون وبردى، والجامع األموي

)١(! يا دمشق نهب الطامعون كنوزك من مرةكم

! منك، أوابدك حسداوأحرقوا، ! من مرة يا دمشق، غدروا بك وأنت الواثقة المطمئنةوكم ... أنك، وأنت المباركة الباسلة، صمدت لهمبيد

في اإلباءمثل في وجه الغزاة، فضربت الصمدت ما فتئت أن عوضت عن كنوزك، وثرواتك، وكبريائكثم

همم أبنائك وسواعدهمبفضل ذوي األفئدة المفعمة بالرجاءئك،أبنا

* * * !إن نأيت عنك تضيق أنفاسي... يا دمشقإيه

روحي تنساب من جسدي وحواسيفكأن إن بعدت عنك شعرت باليتم... يا قاسيونإيه

).٢٠٠٠–١٩١٤( سعد صائب بترجم هذه القصيدة األدي )١(

-٥٥-

إن غبت عنك تخور عزيمتي... بردىإيه سةالي قار عن مآذنك، تغدو اللياريتإن تو... دمشقإيه بارحت رياضك الواسعة، فإن الرياض تفقد نكهتهاوإن توليت عن سمائك، فإن البراري تخلو من حنانها وإن

وبهائها

–١٩١٩(ع األديب عبد الغني العطري أن نقول مبقيتظل سلمى الحفار الكزبري أديبة عربية كبيرة، «): ٢٠٠٣

وافرة العطاء، تهفو إلى أدبها اإلنتاج، رة محلقة، غزيبدعة،معيون عشاق األدب الرفيع، ويعجب بها مقدرو الكلمة األنيقة،

.»وتدعو لها القلوب الوفية المخلصة بالتوفيق والنجاح

-٥٦-

ة وأندلسية إسبانيذكريات نزار قباني رسائلهمع

الكتاب آخر ما صدر للسيدة األديبة سلمى ا هذكان

–، وضمنته ١١/٨/٢٠٠٦ي قبل وفاتها في الحفار الكزبر ست – اإلسبانية ذكرياتهاإضافة إلى المقدمة الطويلة عن

عشرة رسالة، تبادلتها مع الشاعر الكبير نزار قباني الذي عمل مع زوجها السفير الدكتور ) ١٩٩٨–١٩٢٣(

. ١٩٦٢ في مدريد عام السورية سفارةنادر الكزبري في البعثة الدبلوماسية السورية مستشارا فيها، فقد التحق نزار بال

بعد سبعة أشهر على وصول سلمى وزوجها الدكتور نادر جيدا منذ أن اإلى مدريد، وكان الدكتور نادر يعرف نزار

في كلية الحقوق بالجامعة زائية الجقكان أستاذا للحقو .السورية، وكان نزار طالبا فيها

-٥٧-

قبل قدومه إلى اها أن التقت نزار سلمى إنه لم يسبق لتقولمدريد، مع أنها كانت قد قرأت دواوينه المنشورة، وعرفت

، عن طريق الزيارات المتبادلة مع »هيفاء«والدته وأخته والدتها، وكذلك كانت مسرورة جدا بالتحاقه بالسفارة السورية

اإلنسان الكبير القلب، والرجل «في مدريد، حيث اكتشفت فيه في نيقدمث األخالق، والشاعر المبدع، والدبلوماسي األال

.»...تصرفاته ولباسه، والصديق الوفي يتنالقد عشنا مع نزار عاما هانئا بطوله، كان ب«: أيضاوتقول

أفرادها واحدة، ئلة به، فكنا عاللترحيبفي أثنائه مفتوحا دائما زوجته متضامنون وكان نزار يومئذ عازبا ومنفصال عن

في تلك السنة الغنية باألحداث والذكريات، قمنا مع نزار . األولىبنشاطات ثقافية ورحالت إلى األندلس، فتمكنت صالت صداقة

.»عميقة بيننا وبينه ظلت تنعش أنفسنا على مدى األيامث بإسهاب عن نزار الذثمتبوأ مكانة رفيعة بين « ي تتحد

هرة عالمية، بعد أن ترجمت شعراء القرن العشرين، وبلغ شقصائده إلى لغات متعددة، منها اإلسبانية والفرنسية

.»...واإلنكليزية والروسية

-٥٨-

إن شعره الوجداني المكتوب بلغة سهلة وجذابة «: وتقول ر فيه الحبك األحاسيس، فسواء صويدخل إلى القلب، ويحر

مشكالتنا م، أ الدمشقية والبيروتيةكرياته ذم الجمال، أمأنراه قد ترجم مشاعر الناس من كل الطبقات ... االجتماعية

بد واألعمار، وأضحى شاعر األجيال العربية المفضل، والأن نقول إنه بلغ هذه الشهرة، ال لسالسة لغته فحسب، بل لدفاعه القوي عن حرية الناس، وثورته على الظلم، وتمرده

رجاال وإنسانيتهم، نساء ومتهمعلى كل موروث مجحف بكرا .»في مجتمعاتنا العربية

وإقبال القراء ، أيضا أن السر في ذيوع شهرتهوتؤكدعلى حفظ قصائده، واالستماع إلى أمسياته الشعرية، يكمن

إلقائه الساحر بصوته يكذلك في وقفته على المنابر، وفة الشرقية العربيمالدافئ، مما جعل تلك األمسيات في العواص

.والمغربية ظاهرة فريدة : مقدمتها بالقولوتنهي

ورية، حتى أوائل في بقي في إسبانيا ا نزارإنالسفارة الس إسبانيا مع زوجها صيف كت في حين أنها تر١٩٦٦عام

-٥٩-

وعادت إلى دمشق، حيث بدأت المراسلة بينها ١٩٦٣عام .وبينه، واستمرت حتى مغادرته مدريد نهائيا

سلطت هذه الرسائل الست عشرة األضواء على نزار لقداألديب والشاعر والصديق، وعلى ثقافته الواسعة، وظرفه الفطري، ومداعباته الرقيقة، وهي سجل لنثره الرشيق الذي

.ال يقل جماال عن شعره المرسل ببراعة خاصة به الحظ أن األديبة سلمى كانت تدون في دفتر كبير ولحسن

أهم الحوادث والمساجالت والنشاطات التي قامت بها، قبل وصول نزار إلى إسبانيا وبعده، وأنها حفظت هذا الدفتر مع

...أوراقها الشخصية لما استطاعت وصف كل ما حدث لها في رة، تلك المفكولوال

واألندلس، ألن الذاكرة كثيرا ما تخون اإلنسان عندما ياإسبان .فعل، حتى لو كانت له ذاكرة مدهشةينوي استحضار ما

* * *

٢٨/١٠/١٩٦٣ المراسالت بين سلمى ونزار في بدأت، وقد نشرت سلمى هذه الرسائل ١٥/٢/١٩٦٦وانتهت في

-٦٠-

بخط نزار الدقيق الكتاب،الست عشرة في القسم الثاني من إلى تنضيدها، ولذلك يالقي من يالمنمنم، دون أن تعمد ود

قيمة، تعكس ما سائل الصعوبة، وهي ال شك رعضبقراءتها مر بنزار من أحداث خالل السنوات األربع التي قضاها في إسبانيا، بعد عودة السيدة سلمى مع زوجها إلى دمشق

. فيهارواالستقرا

-٦١-

وصيتها

: سلمى في وصيتها ألوالدهاكتبتأحبوا بعضكم، وأرجو أن تهدوا مكتبتي في بيروت إلى «

وأطلب منكم . دار الكتب الوطنية في بيروت لكي ينتفع بها السواد بعد موتي، ألنه لم يكن مشكورا عند سواأن ال تلب في صدر اإلسالم، وتأكدوا بأنني أغادر لمؤمنينالمسلمين ا

الحياة على األرض، شاكرة ربي العظيم على نعمه التي م ومن غمرني بها، وطالبة منه الرضى عليكم وعلى أوالدك

.»وفقكم اهللا ورعاكم. تحبون، والرحمة والمغفرة

-٦٢-

»بوكيه«

دار لألزياء النسائية دمشقأول )١( احلفار الكزبريلسلمى

نزلت سيدة المجتمع الراقي إلى ميدان العمل كيفة منزل، ... الحرواستطاعت التوفيق بين عملها كأديبة، ورب

وصاحبة دار لألزياء؟! ا اليوم إلى المرأة العاملة والمرأة األديبة بآن معا أحوجنما

المرأة التي تستغل فراغها لتنتج، وتعكف على عملها دون أن ... أسرتها وصديقاتهاهتنسى واجباتها االجتماعية تجا

دمشق سيدة من أعرق العائالت، نزلت إلى ميدان وفيتجيد العمل الحر فكانت ربة منزل ماهرة، وأديبة مرموقة

حوار أجراه المؤلف مع السيدة سلمى الحفار الكزبري، ونشر في )١(

.١٩٦١ اللبنانية عام » المرأةدنيا«من مجلة ) حزيران(عدد

-٦٣-

السيدة سلمى الحفار هيتلك ... عدة لغات، وأما لثالثة أوالد .لنسائية لألزياء، والخياطة ا»بوكيه« صاحبة دار الكزبري، مشغلها األنيق حيث تتوافد عشرات الزائرات وفي

وتعرض شتى األنواع من األزياء الرفيعة، أتيح لي أن من لون جميل أتحدث إليها بعض الوقت، وعيناي تنتقالن

!إلى آخر أجمل ومن عقد لؤلؤي إلى آخر صدفي أو عاجي

ما هو الدافع الفتتاحك هذا المشغل؟: سيدة سلمى* بعد إقامتي في أميركا الجنوبية سنتين، عدت إلى دمشق -

،وأنا موقنة بضرورة نزول المرأة إلى ميدان العمل الحرات بجد في منخرطتولما وجدت النساء، من مختلف الطبقا

مختلف حقول العمل رأيت أن أفتتح هذا المحل لتوفير الوقت عليهن بما تهيئه من ألبسة جاهزة، وبصورة خاصة على

.المرأة الموظفة والعاملة والطالبة

كم مضى على افتتاحك الدار؟* . سنة ونصف-

-٦٤-

عليها؟بالوكيف وجدت اإلق* لجاهزة، ولكن تعاقدت مع خياطة ماهرة لصنع األلبسة ا-

.أحيانا تأتينا السيدة أو اآلنسة بالقماش الذي تختاره فنخيطه لها

ما األقمشة التي تستعملينها؟* أول ما أعتمد القماش المحلي من صنع معاملنا، كما -

ونخيط . المعروض في األسواقروبيأشتري القماش األو .النوعين، ناهيك عن أن الجاهز أوفر من التفصيل بكثير

المشغل على الخياطة وحدها؟دهل يعتم* فإلى جانب الخياطة يمكن للزائرة أن تختار ... ال-

كالحقائب واألزرار والعقود ) الفيترينا(أدوات زينتها من .وباقي متممات التجميل

كم عدد العامالت؟* يعملن من الثامنة صباحا ... الخياطة وأربع عامالت-

بالطبع يتخلل ذلك فترات استراحة. ..وحتى الثامنة مساء.

-٦٥-

وأنت يا سيدة سلمى ما دورك في المشغل؟* أشرف على انتقاء الموديالت واأللوان، وانتقاء -

القياسات، كما أعطي رأيي في الفستان أثناء التجريب، ألن . األهميةةالمالحظة من بعيد في غاي

ألك إلمام سابق بشؤون الخياطة؟*

الجميل واألناقة في نيق لكنني مولعة باللباس األ... أبدا- .طبعا... البساطة

!شغلولكن كيف توفقين بين عملك في البيت والم* فمن الثامنة حتى . التنظيم أساس كل نجاح في الحياة-

أشرف على شؤون المنزل، وأداوم على حاالعاشرة صباتنس أن وال ... العمل من العاشرة حتى الواحدة والنصف

.التشجيع الذي أالقيه من الزبائن يجدد حيويتي وعزيمتي

وباقي الوقت؟* . أوزعه بين تدريس األوالد واستقبال الزوار، والكتابة-

... متأخرةعة ليال، وأسهر حتى ساعملأحب ال

-٦٦-

أغتنم الفرصة في المشغل فأكتب، وقد أستيقظ وأحياناوباإلجمال ليس للكتابة ... باكرا الستئناف ما بدأت به ليال

.وقت معين

بعض اإلرهاق؟اتكأليس في حي* ... بل أشعر بالراحة نتيجة تنظيمي للوقت... كال-لو كان عمر أوالدي دون التسع سنوات لما أقدمت : وأقول

.على هذا العمل، ذلك أن أمر األوالد يهمني قبل كل شيء

هل توفرين الوقت للمطالعة؟* أقرأ بالعربية والفرنسية واإلسبانية !... الكيف و-

...واإلنكليزية

كيف تعلمت اإلسبانية؟* في األرجنتين، ال عن سفيرا أثناء وجود زوجي لمتها تع-

طريق السماع، بل بدراسة جدية، وبعد عودتي إلى دمشق تابعت تحصيلي في المركز الثقافي اإلسباني ونلت شهادة

. جامعة مدريدالدبلوم من

-٦٧-

أحب لو ) نساء متفوقات(وأخيرا بمناسبة صدور كتابك * اتجاهك للسيرة؟ببتحدثينني عن س

أشعر، ما اتجهت للسيرة أوال ألن قراءتها ممتعة ك-وثانيا ألنني لمست افتقار مكتبتنا العربية لهذا اللون من األدب، ولذلك اكتفيت بعرض سير من نجحن في الحياة وكن

من وراء ذلك بغي ال أ– بينهن صديقات لي –من المتفوقات .غير حفز همة الفتاة العربية التي أهديتها كتابي

:هل ثمة مشروع أدبي آخر* أحببت أن ات، بعد أن استغرقت في كتابي هذا ثالث سنو-

ة القصيرة التي مارستها في كتابيحرمان«أعود لكتابة القص« فهو أول تجربة : »يوميات هالة«ابي األول أما كت»زوايا«ثم

.كانت لي في ميدان التأليف، ويتضمن يومياتي الخاصة

-٦٨-

من كتاباهتامنوذج

مفردات اللغة اإلسبانيةربع أصول عربيةمن

اليوم داخل اللغة اإلسبانية حتى العربية ات الكلمانتشار إن

لذي يظل دليل آخر على عمق التأثير العربي واإلسالمي ا على حضارة أسسها العرب في شبة حتى يومنا هذا شاهدا

.الجزيرة اإليبيرية

اإلسبان أن تأثر اللغة غويين ثبت للباحثين الللقداإلسبانية باللغة العربية عميق جدا، بسبب انتشارها

على نية األندلس وبعض المقاطعات اإلسبايالواسع فم العربي الذي بدأ مع مدى ثمانية قرون تقريبا إبان الحك

حتى بعد خروجهم منها ر واستمم٧١١ دخولهم إليها سنة .م١٤٩٢سنة

-٦٩-

شهد التاريخ أن العرب أسسوا حضارة في شبه ولقدالجزيرة اإليبيرية تجلت في انتشار العلوم والفنون والعمران

والزراعة، والهندسة المعمارية إبان تلك ة،كما في الصناع جعل األندلس آنذاك مزدهرة ومركز القرون الغابرة، مما

.إشعاع في أوروبا كلها، ومحجة لطالبي العلم فيهاكان أول ) طارق بن زياد( يعرف أن الفاتح العظيم كلنا

عدد كبير من الرجال من مع ةمن دخل األرض اإلسبانيسكان بالد المغرب األصليين، صحبوه في حملته المظفرة،

المضيق وايه، ولذلك سموبينهم جنود شاميون انضموا إل .منذ ذلك التاريخ) جبل طارق(الذي عبر منه مضيق

كذلك أن الفتح اإلسالمي لألندلس عرف موجتين نعرفموسى بن ( كانت األولى بقيادة الفاتح ،بعد طارق بن زياد

الحجازي المنبت والدمشقي النشأة، وكانت الثانية ) نصير وهذا ما جعل العنصر ،الدمشقي) بليح بن بشر(بقيادة الفاتح

العربي في إسبانيا كلها، ما عدا المقاطعات الشمالية منها، هو إن المهم في هذا . ألنه استطاع أن ينشر لغته فيهاألقوىا

حتى إلسبانية أثر اللغة العربية في اللغة اراألمر استمرا

-٧٠-

بدليل كتاب قيم نشره في مدريد عالم لغوي، ،يومنا هذارافائيل «لغة اإلسبانية هو الدكتور وعضو في مجمع ال

). اللغة اإلسبانيةتاريخ(تحت عنوان » البيسا هذه الدراسة الموثقة يقول إنه يوجد في اللغة اإلسبانية في

حاضرا أربعة آالف كلمة عربية، بعضها ظل على حاله، التحريف كتابة ولفظا، وهذا يعني أن ربع اللغة ابهوأكثرها أص

. االنتشار في العالم من أصل عربياإلسبانية واسعة

عربيةكلمات في تحريف بعض المفردات العربية، وأسماء ب السبأما

المدن واألماكن الجغرافية فيعود إلى الذوق اإلسباني أوال، ثم إلى افتقار اللغة اإلسبانية ذات األصل الالتيني إلى حرف

بية أحرفا العرغة حين أنها اقتبست من اللفيالعربي، ) الضاد(غير موجودة في اللغات األوروبية ذات األصل الالتيني منها

كما أكد المؤرخ المذكور أن . على سبيل المثال) الخاء( و)الثاء(غالبية الكلمات التي تبتدئ بأل التعريف في اللغة اإلسبانية بقيت

:على حالها فيها، منها مثال

-٧١-

ARROZ الرز - ACUCAR السكر- ALCARAZ لكرز ا-

فيما ، واألخيرة اسم قرية أندلسية (ALMODOVAR)والمدورالواقعة في جنوب إسبانيا على ساحل ) المنكب(أضحت بلدة

البحر األبيض المتوسط، بالقرب من مدينة ملقة، التي دخل بن معاوية الرحمن الناجي من دمشق عبد مويإليها األمير األ

. (ALMODECAR)انيةقادما من المغرب تدعى باإلسب من القرن العشرين تمثاال يات أقام محافظها في التسعينولقد

اعترافا بفضله ،ضخما على شاطئها لألمير عبد الرحمن الداخل لمستعربينعلى ازدهار األندلس، حضره عدد كبير من ا

.واألوروبيين العرب واإلسبان ؤرخينوالباحثين والم في يق األثر العربي العم لما سبق أن ذكرته عنتتمة

اللسان اإلسباني أود أن أشير إلى أن العرب بنوا مدينة صغيرة غرب مدريد أسموها مدينة سالم، تعرف اليوم باسم

(MEDINACELI)، الكبير الذي يمر في كل من قرطبة والنهر

-٧٢-

وهو ، (CUADALQUIVIR) وإشبيلية اسمه باإلسبانية أضحى ).ي الكبيرالواد(مأخوذ من اسمه العربي بقيت على حالها في اللغة ) حتى(في حين أن كلمة

ويقولون عن السوق، (HASTA)اإلسبانية إذ يقولون عنها (ZOCO) ،وعن فالن (FULANO).

لي أن أضيف إلى ما سبق أن من أطرف ما كتبه ويطيبتاريخ اللغة (في دراسته ) رفائيل البيسا(المؤرخ الدكتور

ابن ( الغني تسميةرف العرب على تعا: (قوله) اإلسبانية هذه العبارات ندلسيونفألف األ) ابن الليل(واللص ) الدنيا

الرمزية واقتبسوا الفكرة في لغتهم الدارجة فأطلقوا على ، )ابن الحجر(، وعلى اليتيم )ابن اإلحسان(المتدين اسم

).ابن يومه(وعلى اإلنسان السطحي

يستحق أن نبحث ) ريدمد( أن اسم العاصمة اإلسبانية أعتقد رحاله في ألن الذي حط، وعن تاريخ تشييدها،هعن أصل

عبد نبقعتها الغنية بالمياه كان أميرا أمويا اسمه محمد ب بن هشام بن عبد الرحمن األول الداخل في حكمالرحمن بن ال

-٧٣-

بداية القرن الحادي عشر الميالدي، ويؤكد المؤرخون اإلسبان، في ي مكيحث المشهور الدكتور محمد علوالعرب، ومنهم البا

أن األمير محمد هو الذي بنى في موقعها ) مدريد العربية(كتابه قصرا له، ومسجدا، وشيدها مطلقا عليها اسمها الحالي الذي

) إيط (أي (IT)مضافا إليها حرفا ) مجرى(اتخذه من كلمة ها الناس لقد أم). مدريد(، ثم أضحى )مجريط( فكان الالتينيين

في عهده وبنوا فيها أسواقا وحمامات، ومساكن حتى أضحت ميالدية، أي ١٥٦١في العصور الالحقة عاصمة إلسبانيا منذ

أن اتخذها الملوك الكاثوليك مقرا لهم بعد خروج العرب منذ .من بالدهم بمدة طويلة

) قصر الشرق( بنوا فيها القصر الملكي أسموه وعندمالى أنقاض قصر األمير محمد األموي، باني عهألنهم شيدو

المدينة، وال يزال السفراء المعتمدون في إسبانيا يقدمون أوراق اعتمادهم في احتفال تقيمه المملكة اإلسبانية ،حاضرا، مثلما كانوا يفعلون في أيام الحكم الملكي السابق

إسبانياوحتى في الحقبة التي حكم فيها الجنرال فرانكو .للدولة رئيسا

-٧٤-

الموريسكيونم، ١٠٨٥ نعرف أن اإلسبان استرجعوا طليطلة سنة إننا وقرطبة في القرن ة، فيها، ثم سرقسطيك الكاثولالملوكأعني

في القرن الثالث عشر، وملقة، إشبيليةالثاني عشر، و في أواخر القرن الخامس عشر، ١٤٩٢وغرناطة أخيرا سنة

نية استمر واضحا حتى ولكن األثر العربي في اللغة اإلسبا باسم ونها الذين كانوا يتداولرف عإذ ،القرن السابع عشر

إلى أن اندمجوا باإلسبان وبلغتهم األصلية ) موريسكيين( .ودينهم، ما عدا فريقا كبيرا منهم هاجر إلى المغرب

ظهر في إسبانيا فن عظيم في الهندسة والصناعات ثم يدل على أن األثر العربي مما) المدجن(اليدوية عرف باسم

من اإلسبان فهم ) المستعربون(لم يزل كليا بزوالهم، أما الذين تأثروا باللغة والثقافة العربيتين، وأسهموا مع الموريسكيين والمدجنين في تغذية لغة إسبانيا، التينية

والفلسفية، دبيةاألصل، باللغة العربية، وفي ترجمة آثارها األإن الدليل على عمق تأثيرهم هو . فعالةةهموالعلمية، مسا

بعد سقوط طليطلة عندما منهماستعانة اإلسبان بالمتنفذين

-٧٥-

مدرسة الترجمة ) ايمونودون ر(أسس رئيس األساقفة فيها كما أن الملك الفونسو العاشر . م١١٢٥المشهورة فيها سنة

حتى سنة ١٢٥٢الذي حكمها من سنة ) العالم(الملقب ب من الموريسكيين والمدجنين العديد هفي بالطم جمع ١٢٨٤

،) كاستيللولونسودلا(الذين كان بينهم مستشاره الخاص لآلثار العربية اللغوية، واألدبية مترجمين كبير النهوعي

هذا الشرح هو ما يقودنا إلى االعتراف . والعلمية في قصره المحافظة على كل ما كان في والمدجنين وريسكيينبفضل الم

إسبانيا من منجزات مهمة إبان حكمهم لها، ومنها فيلعرب لكما أن طبقة من هؤالء قد تعودت آنذاك، وفي فترة . لغتهم

وجيزة، تدوين األبحاث والمؤلفات والرسائل باللغة اإلسبانية فنشأت بسببها ثقافة سميت ،متضمنة كلمات عربية

ا طويال النصهار أصحابهرولكنها لم تعم) األعجمية( .بالبوتقة اإلسبانية

المقالة أرى من الضروري العودة إلى ه أن أختم هذوقبل فأشير إلى أنه ذكر فيه ،)بيسارافائيل ال(كتاب المؤرخ اللغوي

إعجاب سكان إسبانيا في المقاطعات الشمالية غير األندلسيين

-٧٦-

وتأثرهم في القرون ياء،بالتقاليد العربية، وحتى في األز، والموشح الذي ظهر جليا في الشعر الغنائي الوسيطة بالزجل

) روالن(الشعبي، كما في الشعر الملحمي البطولي كأنشودة التي تحمل ) السيد(، وأنشودة )دون كيشوت(ورائعة سيرفانتيث

.الذي كان من المستعربين في مدينة أندلسية) السيد(اسم مؤلفها لعربي أن يشعر اه سبق أن أشرت إليما غريبا بعد وليس خلية أعني في مقاطعات األندلس ومدنها الداا،في إسباني

له، ال غرباء عنه، وعلى أقرباءوالساحلية وقراها بأنه بين من البعد الزمني على وجود أسالفنا العرب في غمالر

أنفسهم األندلسيين فإن الطيبة وخروجهم منها، أرضها .عربيةيبادلوننا الشعور ذاته عندما يزورون بالدنا ال

-٧٧-

والنقاد وآراء األدباء أقوال سلمى

):١٩٦٢–١٨٨٦(الناقد الكبير مارون عبود قال األديب و- مصقول الديباجة، جميل التعبير »كتاب يوميات هالة«

واألسلوب، فكأن العبارة قد أسلست قيادها لكاتبته السيدة .سلمى لطفي الحفار

يين، فصار في غنى هذا الكتاب عن دار العلم للمالصدرأنا . عن ثنائنا على إخراجه، أما مواضيعه فمعروفة من عنوانه

ممن يرون إرجاء إصدار اليوميات إلى طور الكهولة، فليس . في ذكرياتهعيش سن يوميات وذكريات، الشيخ يلشبابسن ا فعذرها أنها ليست تلك اليوميات »يوميات هالة« أما

وحوادث وطنية تدلنا، قبل كل شيء، الكئيبة، ولكنها أحاديث . السورية في شؤون الحياة وشجونهاأةعلى مساهمة المر

-٧٨-

فحسب األديبة أنها أرتنا لونا طريفا، حين وصفت لنا أول ر، طريف يبشرنا بمستقبل باهئق شاالمحفلة زفاف شهدته بك

.يؤهلها له أسلوبها الناصع في الصفحة المئة رةنشو الشهادة في يومياتها فهي مأما

واألربعين، حين يقول لها والدها في رسالة بعث بها إليها ) ١٩٨١–١٩٠٣(صديقنا األستاذ بدوي الجبل «: المنفىمن

أن أبعث إليك يا هالة، بتهنئة على يومياتك هذه، وإن كلفنيتكن ال تخلو من بعض المالحظات القليلة، ولكنها من

.»الهنات الهيناتشهد شاهد من أهله، أما أنا فأشهد أنني لم أر شيئا و: قلت

فلعل السيدة سلمى تداركتها حين ت،من تلك الهنات الهينااشتد ساعدها، فإلى األمام، فسماء األدب محتاجة إلى نجوم

.هوليودأكثر من ٢٧٣ صفحة »في المختبر« كتاب

-٧٩-

: األديبة كوليت الخوريوقالت - أن توجد أديبة مرهفة، وإنسانة من حسن حظ مي زيادة،«

راقية مثل سلمى الحفار الكزبري، تكرس سنوات من عمرها إلى مي صورتها لتعيدفي الدرس والبحث والتنقيب،

...الحقيقية كافيا والسبع كتابا العشر بعد هذه السنوات ولتعطينا

... في بالدنالنهضة إحدى رائدات اةيروي لنا سير... ووافيا ... مي زيادةصةق

مرحلة .. من تاريخنامة خالل مي قصة مرحلة هاومن .»النهضة في وطننا العربي

.٢٢٠ ص ٢ ذكريات المستقبل جكتاب

-٨٠-

: الغني العطريعبدوقال األديب -

ة والنشاط، ومجموعة إنسلمى الحفار شعلة من الحيوي من المواهب والذكاء، رضعت حب الوطن، في ظل أبيها، جرالزعيم الوطني لطفي الحفار، وتعلقت باألدب والعلم منذ ف

كل ما حولها، على مزيد من عشق الوطن، جعهاش. ياتهاح .الكلمةوالتعلق ب

وانطلقت في بعينيات، محاولتها األولى في األربدأتكتبت في شتى ألوان . أجواء الفكر، محلقة ومسرعة

وحاضرت وأذاعت، وقصة ورواية، ونثرا ااألدب شعر وبات اسمها يخفق في والعجم،في عدد من بلدان العرب

أعطت وأثرت المكتبة . والتقديرباإلجاللأوساط األدب العربية بإبداعاتها، وكتب أرباب القلم عنها، وأثنوا على

بالعربية، بتكت. عطائها، وصفقوا إلبداعها المتفوق كثير من رجم وتسبانية،ونظمت الشعر بالفرنسية واإل

آثارها إلى عدد من لغات العالم، وحصدت بعض

-٨١-

دائمة والمعرفة، شديدة الحماسة للعلم أديبة... األوسمة .التطلع إلى مزيد من العطاء واإلبداع

يمتاز أسلوب سلمى بالرشاقة والبساطة : أيضاوقالوالوضوح، جملتها قصيرة، وألفاظها منتقاة دون تكلف،

يخلو من نفحة فرنسية واضحة، وهي غزيرة وأسلوبها ال اإلنتاج، تحسن اختيار موضوعاتها، وتجيد من اللغات

كما تمتاز بالحيوية نكليزية،الفرنسية واإلسبانية واإلوالنشاط، والحرص على العمل الدائم، وعدم إضاعة ساعة

.من الوقت دون اإلفادة منها

٢٥٤ صفحة »عبقريات« كتاب

-٨٢-

: عبد اهللا أبو هيفكتوروقال الد -

إبداع سلمى الحفار الكزبري في كتابة البحث تميزوالتحقق والمقالة، بالرؤى الفكرية والفنية، وأبعادها

ة والثقافية والحضارية واإلنسانية والسياسيوأهم ة،االجتماعي : إبداعاتهايميزما ية األجنبغات العناية باللغة العربية بخاصة، وبالل-أ

ة وال سيما الفرنسيغات،بعامة، إذ أتقنت العديد من الل واألبحاث لشعر، وكتبت اية،واإلنكليزية واإلسبان

األجنبية أيضا، وبادرت دول غاتوالمقاالت، باللكثيرة إلى تكريمها وتقدير عطاءاتها األدبية والفكرية، في فرنسا وإيطاليا والواليات المتحدة

...إسبانيااألميركية و – العربية غة ألدهشتنا عنايتها باللؤلفاتها تأملنا مولو

وبتدقيق – »نساء متفوقات« هاكما هي الحال في كتاب األجنبية، في سيرة غات والتراكيب اللغوية من اللرداتالمف

.هذه المرأة أو تلك

-٨٣-

االهتمام الكافي بالوثائق والمعلومات في السير -ب المدروسة، فقد تجنبت إطالق األحكام، الذاتيةيروالس

في مكانة هذه لعلميوزادت النظر المنهجي واإعالء شأن اإلنسان وخدمة « الخالدة، في صياتالشخ

والمعلومات، الوثائق، وأيدت كتاباتها ب»الحضارةإلظهار المعاني والدالالت في المنظومة القيمية

.القومية واإلنسانية عمليات الوعي بالمشكالت االتجاه إلى ربط-ج

واإلشكاليات والتأزمات الذاتية والحضارية، وهذا الحب« وال سيما في كتابها ا،جلي في مؤلفاتها جميع

.»بعد الخمسين

-٨٤-

: الدكتورة ماجدة حمودوقالت -

أخلصت سلمى الحفار الكزبري للكلمة، بقدر لقد تنوع بلهذا لن نستغر! وهمومهطنإخالصها لقضايا الو

فهي من الرائدات ...) تاريخ، سيرة، أدب(إنتاجها عينان « رواية إذ كتبت »الروايةالسوريات في كتابة فن

عام »البرتقال المر«، ورواية ١٩٦٥ عام »من إشبيلية، ومما يميز تجربتها عن معظم الرائدات، أنها لم ١٩٧٥

تأت فن الرواية عن طريق القصة القصيرة، إذ الحظنا أي إثر (١٩٦٦ »الغريبة«ر مجموعتها القصصية صدو

أما مجموعتها القصصية الثانية ) صدور روايتها األولى أي بعد عشرين ١٩٨٦ فقد صدرت عام »حزن األشجار«

.عاما من صدور األولى

صدرت التي - »يوميات هالة« بعض الباحثين أن يرى أول رواية نسوية في سورية، إال أننا هي - ١٩٥٠عام

عتقد أنها ليست قريبة من الفن الروائي، بل هي أقرب إلى ن

-٨٥-

مرحلة الدراسة اءفن السيرة الذاتية، فقد كتبتها في أثناإلعدادية والثانوية، وقد صرحت بذلك في سيرتها الذاتية

أما روايتها ... ١٩٧٠ التي أصدرتها عام »عنبر ورماد« فقد استطاعت الخروج فيها من » من إشبيليةنعينا«

شرنقة الذات، وجعلت مسرح أحداثها إسبانيا؛ متخذة منها فضاء تتحرك فيه شخصياتها، وهو الفضاء الذي عايشته عن قرب، فأتاح لها تقديم شخصيات غير عربية مثل

كأن ... »أورتيغا« و»لوسكار« و»روبيرتو« و»كارمن«ال تجسر على تقديم قصة ) ١٩٦٥( في ذلك الوقت لكاتبةا

غريبة، لهذا أبعدت شخصيات روايتها حب إال في بيئة .عن بنيتها العربية

-٨٦-

:وقال األستاذ الدكتور عبد النبي اصطيف -كان اهتمام سلمى الحفار بفن السيرة، واالنشغال بها «

فقد . ذاتها زيادةهذا االنشغال الحميم، تقفيا لخطى ميرأت سلمى في كتاب مي عن ملك حفني ناصف،

، سبقا أدبيا في فن السيرة، »احثة الباديةب«المعروفة باسم ألنه عمل منهجي علمي ارتكز على العرض الواضح،

ها الشاملة لشخصية المترجم للدراسةوالتحليل الدقيق، وا »ولبيئتها وعصره

األدب العربي الحديث لم يعرف أثرا في «: قائالوأضافباحثة ( قبل كتاب مي ةالسيرة اتبع فيه كاتبه أصولها الفني

.١٩٢٠الذي نشرته عام ) البادية

-٨٧-

: ترجمانسهامقالت األديبة السيدة و-وهي ... سلمى اسم حي لن يموت ؟..! رحلت سلمىأحقا«

سلمى . ..رائدة خالدة قهرت الموت بقلبها وقلمها وفكرهاسافرت بعيدا عنا إلى عالم الخلود والسكينة األبدية وسالم

الشهداء في جبل لبنان الذي أحبته الروح، لتستقر في مقبرة .» على امتداد العمراوكان السفر قدره

سافرت األديبة الشامية السورية العربية، وتركت لنا «ظل يغذينا . تراثا أدبيا هاما، يتفجر بالحياة والحيوية

ويرافق حياة األجيال على مدى القرن العشرين، وصوال .»إلى األلفية الثالثة

ت من سلمى أهمية العمل المرتب والصبر لقد تعلم«والصمت، والتفرغ للبحث العلمي، والتأليف الساعات الطوال

.»واأليام والسنينتعلمت منها كيف يكون الكاتب المؤلف منصفا وعادال «

سلمى بحرارة عن مي زيادة دافعتودقيقا، خاصة عندما

-٨٨-

تاب وأثبتت بالوثائق التاريخية، وخطابات ومقاالت كالعصر، بأن مي زيادة نابغة عصرها، لم تكن يوما مجنونة، وكشفت مؤامرة بعض أفراد أسرتها كي يرثوها وهي على قيد الحياة حتى أوصلوها إلى مستشفى

.»األمراض العقلية

كذلك تجلت لي ميزة اإلنصاف والدفاع عن شهيرات «في الكاتبات في الشرق العربي والغرب، في أعلى درجاتها

العاشقين ة سلمى لنا عن حياتهالعمل الهام الذي وضع، والموسيقار »جورج صاند«الكاتبة الفرنسية : الشهيرين وكان الذي كان مصابا بمرض السل، »شوبان«البولندي

.» منها سناغرأص

من صفات سلمى االلتزام بالمواعيد، وحب الحياة وتذكرما على عجلة من أمرها، وتقدير قيمة الوقت، وأنها كانت دائ

تجلس معك قلقة متوترة، تريد أن تنهي الحديث والجلسة وتمضي، كأنها تخاف أن ينتهي الزمن قبل أن تنتهي من

.مشروعاتها بالكتابة والتأليف والنشر

-٨٩-

تنفر بصمت من كثرة الشرح، وتفاصيل الكالم، وكانتبل، تريد من محدثها أن يصل إلى لب المسألة وإلى المستق

.الة اإلطيحتمالنفذكاؤها ومعارفها ال أدعو الجيل «: السيدة سهام كالمها عنها بقولهاوتنهي

الجديد من شبان وشابات الوطن لقراءة أعمال رائدة من حياتها لتخليد أعالم األمة ست كر،رواد الوطن واألدب

من ها قراءة أعمالوإلىالعربية من رواد الوطنية والقلم، .مقجديد وبع

-٩٠-

: إبراهيم مغربيقوقال الدكتور فارو -

امتلكت األديبة الشاملة سلمى الحفار الكزبري، مقومات «القاصة الحقيقية، فهي باإلضافة إلى لغتها السليمة الرصينة، ومعرفتها عددا من اللغات، وتنقلها المستمر عبر دول كثيرة،

مسكونة كانت. قد امتلكت عينا القطة ذات حساسية كبيرة وءبهاجس المجتمع، ففرزت عيوبه، وعرتها، وسلطت الض

والممارسات الخاطئة التي تمارس لسيئة،على العادات اداخله، فخرجت أعمالها القصصية ممتلئة بالعبر التي تعظ، وتعلم، مع نسيج فني فيه من جزالة األسلوب، ورصانة

.»العبارة الشيء الكثير

يختلف معها في بعض النقاط، بل نيمكن لقارئ اليوم، أ«يمكن له أن يرى في قصصها بعض الهنات الفنية، ولكن الثابت أن أمرا كهذا فيه جور كبير، ذلك أن تاريخ نشرها لمجموعاتها األولى يخولها أن تكون واحدة من رواد فن

.»القصة محليا وعربيا

-٩١-

لمى إن األديبة س«: الدكتور مغربي كالمه بقولهوينهيكانت تتوجه في قصصها إلى مختلف الشرائح الموجودة في المجتمع، عبر لغة سليمة خالية من األخطاء التي نراها بكثرة في القصص الراهنة، وكانت تصر على أن تكون

وكانت تصل إلى هذه المتعة عبر أكثر ... قصصها ممتعةمن تقنية، منها استعمال الموروثات الشعبية والعادات

.»التقاليدو التي كان األدب على – الكاتب ألن سلمى ويأسف

لم تأخذ حقها من الدرس –اختالف فنونه همها وهاجسها أدبها، نقدا وشعرا وقصة كونوالمتابعة، ويرجو أن ي

.ورواية، مدار اهتمام األجيال القادمة

-٩٢-

: كالسغسان الباحثوقال -اإلنتاج، متنوعة غزيرةكانت سلمى الحفار الكزبري «

. معظم ألوان األدبفيالعطاء، أسلوبها بالرشاقة والبساطة والوضوح فجملتها يمتاز

إلى ذلك إضافةقصيرة، وألفاظها منتقاة بال تكلف، وهي هواياتها منو. تعزف البيانو والعود الذي تعده ملك الطرب

التي تحرص على ممارستها السباحة وكرة المضرب .فوتوغرافيوالتصوير ال

رحيلها بسنوات ثالث لبت دعوة محافظة دمشق وقبل في ٢٠٠٣للمشاركة بمهرجان دمشق العاشر للثقافة والتراث

وكنا معها والصديقين ،)مكتب عنبر(رحاب قصر الثقافة بعنوانعصام الحلبي وعز الدين بدوي النجار ضمن ندوة

.») في شعر نزار قبانيدمشق( دبي األسبوع األجريدة

٢٠١٣ / ٣ / ٢٣، ١٣٣٧رقم

-٩٣-

غرناطة بني األديبني نادر ي تارخيلقاء الناعوري وسلمى احلفار الكزبريعيسى

، ١٩٦٧ الرابع عشر من شهر تشرين األول عام في

هبطت الطائرة التي تقل األديب األردني الدكتور عيسى في مطار مدريد، قادمة من ) ١٩٨٥–١٩١٨ (ناعوريال

بغية ، في أول زيارة له إلى إسبانياا،في فيين زوريخ اإلسالمية في – اإلسبانية ات الدراسمؤتمرالمشاركة في

يد، العربي في مدر–قرطبة، بدعوة من المعهد اإلسباني قدهذا المؤتمر الذي ع... نيةووزارة السياحة واإلعالم اإلسبا

قالمستشر بإدارة ١٩٦٧ ل تشرين األو٢٣ إلى ١٦ من . سيكودي لوثينايساإلسباني لو

للمؤتمر، ا قرطبة مكانمدينة اختيار سباب من أهم أكان–١١٢٦( للفيلسوف العربي ابن رشد تمثالمناسبة إقامة

وبعد انتهاء المؤتمر . الستار عن هذا التمثالوإزاحة) ١١٩٨

-٩٤-

الرحمن عبد التي بناها »الزهراء«وزيارة أطالل مدينة مسجد قرطبة الذي يعد أضخم عمل الناصر لحبيبته، و

. السواءعلىمعماري قام به العرب في الشرق أو الغرب قامت وزارة السياحة واإلعالم، بوضع سيارة مع سائقها تحت تصرف الناعوري لزيارة باقي اآلثار العربية في

. وغيرهايطلة وطليلية، وإشبلقة،غرناطة وم

* * *

في التقى الناعوري، أنه وردكت من حسن حظ الكان والشاعرة سلمى الحفار األديبة بغرناطة »قصر الحمراء«التي كانت ضيفة مثله على ) ٢٠٠٦–١٩٢٢ (لكزبريا

سلمى قد زارت نتوزارة السياحة واإلعالم اإلسبانية، وكاكان زوجها الدكتور نادر ن حيتين،غرناطة من قبل مر

، فاشتركا ١٩٦٢يد عام في مدرةالكزبري سفيرا لسوري دهش، هذا القصر المخارف في التمتع بمشاهدة زعام

واإلعجاب بنقوشه وهندسته، وتنسيق أعمدته، وترتيب هذا القصر الساحر الذي كان مصدر ... أبهائه وقاعاته

-٩٥-

عنه ألف، الذي »واشنطن إيرفنغ«فتنة للكاتب األميركي فيه بالعرب أشاد »قصص الحمراء«كتابا مهما بعنوان

وإنصاف، وبروح المحبة جردوبالتاريخ العربي، بكل ت .واإلكبار العظيم والنزاهة

الناعوري وسلمى ثالثة أيام في . دى أن أمضبعد سياحية على احة ونزال في استرلقة،غرناطة، ذهبا إلى م

خاللهما حيث أمضيا يومين آخرين، كانا مدينة،مقربة من ال إلى الجهات القريبة، ويعودان في صباحالينطلقان منها في

المساء، وكان على مقربة منها مدينتان سياحيتان جميلتان »ماربيا«و) برج الطواحين( أو »توري مولينوس«جدا هما

التي تعج بالسياح الغرباء القادمين من ) الجميلالبحر(أو سائر أنحاء العالم غربا وشرقا، وتمتلئ بالفنادق الضخمة،

برك السباحة، والبالجات العامرة والمالهي والمتنزهات و ممتعة، تحت أشعة الشمس وقاتاالتي يقضي فيها السياح أ

حتى ويسمرون الدافئة فيرقصون ويهزجون ويغنون اطعةالس .ساعات الصباح األولى

-٩٦-

أن قضى الصديقان الناعوري والحفار يومين في بعد، كان )ئ الشمسشاط( أو » سولستادلكو« ومدن »لقةم«

عليهما أن يفترقا، حيث عادت الحفار إلى مدريد، وتوجه .الناعوري إلى إشبيلية الستكمال رحلته األندلسية

تركت هذه الرحلة التاريخية النادرة أعمق األثر في لقدنفس الناعوري، فكتب لسلمى قصيدة وداعية جميلة تحت

في ربوع « في كتابه شرهان) في غرناطةءلقا (عنوان – في ليبيا »الدار العربية للكتاب« الصادر عن »األندلس

وعبر فيها عن إعجابه بأدب سلمى ... ١٩٧٨تونس عام ومودتها ونبل ولطفهاوشخصيتها وجمالها، وذوقها

كانت غرناطة فتانة ما ل– كما يقول –صداقتها، فلوالها وساحرة، ولوالها لما بدت في نظره جنة سماوية، أين! منها الجنة التي وعد بها اهللا عباده الصالحين والمتقين

رفيقة رحلته في دمشق يلتقويستغرب فيها كيف أنه لم أو عمان، بل في غرناطة التي تبعد آالف األميال عنهما،

:وهذه هي القصيدة

-٩٧-

رناطة في غلقاء

)إلى الصديقة الشاعرة سلمى الحفار الكزبري(

ـ يا ا سـاحرة عذبة البسمة، ي

ــلوة ــائروس ــة الح !ه للمهج

حلوة العينين، هـذا اللقـا يا

با الناضـر عذبكأحالم الص ه

غرناطـة مـن أجلـه حمدت

ه هذي الهبـة النـادر ل أج من

غرناطـة الك، تكـن، لـو ولم

فتانة سـاحره – رغم البها –

جنــةدت اآلن بــلكنهــا

الجنة فـي اآلخـره مثلها ما

* * * إني هـا هنـا شـاعر ! أختاه

هنا أختـا لـه شـاعره يلقى

-٩٨-

مـن الـشرق، ولكننـا جئنا

نجتمع في أرضنا العـاثره لم

أقــرب مــن جلــقغرناطــة

ــا ــابرهتجمعن ــي زورة ع ف

بنـا صـبوة سنللح: روحان

ــب ــرهوح ــا داث ــاد لن أمج

فلنسترح هـا هنـا ! عرتيشا

ــستعد ــا أيامولن ــابره الن غ

هنـا كانـت عهـود لنـا فها

ــا ــاطرهأخباره ــة ع مرموق

الفتوحــات أحاديثهــاتــروي

ــا ــاهره كأنه ــطورة ب أس

ــا ــة وم ــا حي ــي آثاره تن

مجــد شــامخ عــامرهبكــل

تنطق الحمراء السـترجعت لو

ــا ــا أبهاؤه هأيام ــره الزاه

-٩٩-

أنـــشودة حلـــوةكأنهـــا

قيثـــارة آســـرهتبعثهـــا

* * * نحن هنـا صـحوة شاعرتي

حلـم؟ أم حلـم سـاخر؟ من مبعوثـان فـي حاضـر أنحن

أم الماضي هو الحاضر؟ماض؟ بعث التاريخ مـن أمـسه هل

ــاهر؟فكــان ــه الب ــا بعث فين

ضـمنا فقـد : غـريبين لسنا

ــا ــابرمع ــا الغ ــا تاريخن هن

ــاهنــا تالقينــا، هنــا خطون

ــان ــر ك ــه اآلس ــه إيقاع ل

مطلع الشمس نالقي الـضيا مع

خهــم ــاطر ض ــك الع أريج

-١٠٠-

عادنـا مي »جنة العريـف « في

حلــم لــيس لــه آخــرفــي

!يا للـرؤى ! يا للسحر عيناك

!قـاهر تن لـي فـا سحرهما

لي فيهمـا ! تغمضي عينيك ال

ــساحرإصــباحي ــر ال المعط

الناعوريعيسى.د

١٩٦٧ تشرين األول ٢٥ – غرناطة

-١٠١-

n

الصفحة

٥ ............................ حياة سلمى الحفار الكزبريسيرة ١٠ ................................................. األدبيةآثارها ١٣ ............................: على بعض آثارها األدبيةأضواء ١٤ .................................................. هالةيوميات ١٩ ................) إلى مي زيادةجبرانل رسائ( الزرقاء الشعلة

٢١ ......................................... عصرهاالم وأعمي ٢٥ ........................................... أو مأساة النبوغمي ٣٠ ............................................... متفوقات نساء

٣٤ ................................................ المر البرتقال٣٦ .......................................... بعد الخمسين الحب

٤١ ......................... عربية ودمشقية في األندلس بصمات

-١٠٢-

الصفحة

٤٦ ..............................)محاضرات( ظالل األندلس في ٥٣ ............................. بالفرنسية»نفحات األمس« ديوان

٥٦ ...........رسائله في وأندلسية مع نزار قباني إسبانية ذكريات ٦١ ..................................................... وصيتها

٦٢ ............................... الكزبري سلمى الحفار مع لقاء ٦٨ ............... اإلسبانية من أصول عربية ة مفردات اللغربع ٧٧ ................................ األدباء في سلمىآراء وأقوال

٩٧ ..............................................لقاء في غرناطة

-١٠٣-

م للناشئةقائمة بسلسلة األعال

المؤلف اسم الكتاب الرقم عادل محمود محمود درويش ١ محمد بري العواني )محمد عبد الكريم(األمير السعيد ٢ خليل البيطار اسحق الموصلي ٣ عماد الدين غانم. د الملك الظاهر بيبرس ٤ نوفل نيوف. د رحلة ابن جبير ٥ هنادي زرقة عمر الخيام ٦ محمد رضوان الداية عباس ابن فرناس ٧ اللحسن ب ألبرت آينشتاين ٨ محمد حنانا موتسارت ٩ ثناء عباس أبو حيان التوحيدي ١٠ سمر ديوب. د ليلى األخيلية ١١ خليل البيطار مي زيادة ١٢ نوفل نيوف. د المسعودي ١٣ فاتن مرتضى: ترجمة السيد والسيدة كوري ١٤ هنادي زرقة لوركا ١٥ غانمفادي كريستوفر كولومبوس ١٦

-١٠٤-

محمد رضوان الداية ابن طفيل األندلسي ١٧ عزيز نصار بدوي الجبل ١٨ محمد رضوان الداية ابن حزم القرطبي ١٩ شوقي المعري. د أبو فراس الحمداني ٢٠ بسام جميدة يوسف العظمة ٢١ محمد بري العواني قسطنطين الخوري داوود ٢٢ ماهر األشرم يم هنانوإبراه ٢٣ عزيز نصار صالح العلي ٢٤ عيسى فتوح سلمى الحفار الكزبري األديبة المتفوقة ٢٥

م٢٠١٤/ الطبعة األوىل نسخة٢٠٠٠ عدد الطبع