23
93 ﺍﻟﻌﺪﺩﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ـ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ ـ ﺍﻷﺩﺑﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ* ﺍﺷﻜﻮﺭ ﺳﺎﺩﺍﺕ ﺳﻴﺪﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﻠﺨﺺ ﻓﻲ ﻭﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻲ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻲ، ﺍﻷﺩﺑﻲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺇﺣﻴﺎء ﺇﻟﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﺗﻬﺪﻑ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﺑﻲ ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﺎﻥ ﺑﻤﺎ ﻟﻠﻤﻴﻼﺩ، ﻋﺸﺮ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﻟﻴﻮﻥ، ﻣﺎﺭﻭ، ﻛﻠﻴﻤﺎﻥ ﻛﻤﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﺃﺣﺪﺛﺖ ﻭﻟﻘﺪ. ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺃﺧﺮﻳﺎﺕ ﻭﻓﻲ. ﻭﻣﻀﻤﻮﻧﻬﺎ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺷﻜﻞ ﻓﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﻣﺎﻟﻴﺮﺏ، ﻭﺑﻌﺪﻫﻤﺎ ﺍﻟﻘﻮﺍﻟﺐ ﻋﻦ ﺑﺎﻟﺘﻤﺮﺩ ﻭﻧﺎﺩﻭﺍ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ، ﺗﻠﻚ ﺃﺩﺑﺎء ﻣﻊ ﺑﺎﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺘﺠﺪﺩ ﺩﻋﺎﺓ ﺑﺪﺃ ﻋﺸﺮ، ﻓﺸﻬﺪ. ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﻟﻸﺩﺏ، ﺃﺧﺮﻱ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ ﺍﻟﻤﺘﻜﺮﺭﺓ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺠﺎﻓﺔ، ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ، ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﻭﺣﺎﻭﻟﺖ. ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻋﻦ ﺑﺎﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻷﻧﺪﻟﺴﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﺔ ﺍﻟﻘﻠﻤﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﻟﺸﺮﻕ؛ ﻓﻲ ﻭﺁﺑﻮﻟﻮ، ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ، ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﺜﻞ ﻭﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺍﻷﺩﺏ، ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺘﻲ ﺃﺻﺤﺎﺑﻬﺎ، ﻧﺘﺎﺟﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺍﻟﻐﺮﺏ، ﻓﻲ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻌﻀﻮﻳﺔ، ﺑﺎﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﻳﺘﺴﻢ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ، ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻋﻦ ﻣﻨﺒﻌﺜﻴﻦ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻵﺭﺍء، ﻫﺬﻩ ﺃﺣﺪﺛﺖ ﻭﻗﺪ ﺍﻟﻤﻮﺣﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﻧﺘﺠﺖ ﻭﺍﻷﺩﺏ، ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲً ﻋﻈﻴﻤﺎً ﺗﻄﻮﺭﺍ ﺗﻠﻚ ﺇﺛﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺇﺭﻫﺎﺻﺎﺕ ﻓﺘﺒﻠﻮﺭﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ، ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ. ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ. ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻷﺩﺏ، ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ، ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﺪﻳﺪ، ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ،:ﺍﻟﺪﻟﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ. ﺩﻫﺪﺷﺖ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﻪ ﺁﺯﺍﺩ ﺑﺠﺎﻣﻌﻪ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﻫﻴﺌﻪ ﻋﻀﻮ.* . 1388/12/15 : ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﺗﺎﺭﻳﺦ. 1388/8/14 : ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺗﺎﺭﻳﺦArchive of SID www.SID.ir

ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

Embed Size (px)

DESCRIPTION

الاتجاهات الحديثة في الأدب العربي

Citation preview

Page 1: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

93

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

الكالسيكية والتجدد؛ صراعات ومعطيات

الكالسيكية والتجدد؛ صراعات ومعطيات

سيدسليمان سادات اشكور*

الملخصكانت تهدف الكالسيكية في أوروبا إلي إحياء التراث األدبي اليوناني، والالتيني في الفنية العناصر من األدبي التراث ذلك في كان بما للميالد، عشر السادس القرن ليون، مارو، كليمان كمدرسة المختلفة األدبية المدارس أحدثت ولقد واإلنسانية. وبعدهما ماليرب، تغييرات في شكل القصيدة ومضمونها. وفي أخريات القرن السابع عشر، بدأ دعاة التجدد بالصراع مع أدباء تلك المدرسة، ونادوا بالتمرد عن القوالب فشهد والشعر. لألدب، أخري برسالة واعتقدوا المتكررة، والمعاني الجافة، القديمة األدب العربي، صراعات كانت معظمها بالتبعية عن الغرب. وحاولت الجمعيات األدبية، والنقدية مثل جماعة الديوان، وآبولو، في الشرق؛ والرابطة القلمية، والعصبة األندلسية، في الغرب، الوقوف أمام مظاهر الكالسيكية في نتاجات أصحابها، حتي يكون األدب، والتجربة العضوية، بالوحدة الشعر ويتسم المستقلة، الشخصية عن منبعثين والشعر والنقدية األدبية، والصراعات اآلراء، هذه أحدثت وقد الموحية، والصورة الشعرية األدبية المدارس عنها ونتجت واألدب، الشعر إلي النظرة نوعية في عظيما تطورا تلك إثر الحديث، الشعر إرهاصات فتبلورت المعاصر، العربي األدب في المختلفة

التطورات.

الكلمات الدليلية: الكالسيكية، التجديد، الجمعيات األدبية، األدب، النقد.

*. عضو هيئه التدريس بجامعه آزاد اإلسالميه في دهدشت.تاريخ الوصول: 1388/8/14ه . ش تاريخ القبول: 1388/12/15ه . ش

Archive of SID

www.SID.ir

Page 2: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

94

التراث األدبى

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

المقدمةقد والنقد األدبي األدب، أن نستشف األدب العربي المعاصر، نتصفح تاريخ عندما تميزا بالطفرة المثالية في سبيل التطور، والتقدم من االنحطاط، واإلفراط في التقليد إلي

النهضة األدبية، والتجديد.ومن الطبيعي أن التحدث هذه الطفرة فجائية، ويجدر بنا أن النسميها الطفرة، ألن

الطفرة في األدب غير ممكنة عقال وعادة.لكن لهذه الطفرة المتوهمة، أو التقدم األدبي، والوعي الفكري مراحل، وعوامل مهدت في وبعده عشر، الخامس القرن في نهضتهم أساس الغربيون بني لها.فعندما السبيل العلوم، والفنون، والسياسة، واالجتماع، واالقتصاد، والمجاالت األخري، إلي أن تطورت لكننا الشرقية، البالد إلي والعميقة الواسعة، الثورة هذه من شيء وصلت ما األوضاع، بالنظر في بداية القرن العشرين، نالحظ أن مثقفي العرب، وعلماؤهم قدأدركوا ضرورة التجديد، واإلبداع وفق متطلبات العصر الجديد، وقد وجدنا آثار ذلك اإلدراك في العلوم

كافة.يري العلماء والمثقفون، أن اإلنسان في بدايات القرن العشرين قد وصل إلي درجة

من المعرفة والتقدم، وبالعبرة عن الماضي، ونكباته نفر عن التحجر، والسخافة العقلية.وأما العصرنة في األدب، والفن، والنقد فقد ظهرت بشكل آخر، ألن األدب، والفن، العلوم خالف علي والزمانية المكانية، والمقتضيات العصر، إرادة حسب يتغير والشعر األخري، من مثل التاريخ، والفلسفة، وغيرهما، ففي تلك العلوم قدرة ذاتية، علي التحول

وراء القواعد، واألصول.فقد مرت علي األدب في القرن األخير مراحل، هي:

1. ما قبل النهوض: النهضة في أي عصر من العصور إلي حد كبير، مرتبطة إلي األمور السياسية، والثقافية، واالجتماعية. كما أنها ترتبط إلي قيمة الفرد اإلنسانية، والمشاعر الذاتية، كعنصر بشري موثر أو متأثر؛ فقد قضي علي األدب العربي قبل النهضة، العهد العثماني، والتركي مع ما كان فيهما من الضعف، واإلرباك. كان قد انحط األدب، واللغة،

Archive of SID

www.SID.ir

Page 3: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

95

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

الكالسيكية والتجدد؛ صراعات ومعطيات

والعلم أسفل انحطاط، حتي بدأت الحملة الفرنسية، واليزال األدب في عزلة، وتأخر. فقد أحدثت الحملة، والمؤثرات األخري شيئا من التطور علما، وأدبا في عهد محمد علي باشا، فتحرك األدب، والعلم قليال، وقد ظهرت إثرها الحركات اإلحيائية، والمدارس،

والدعوات العلمية، واألدبية، ومن ثم حياة أدبية جديدة.2. النهضة: قد قامت النهضة تحت أقدام المحتلين، وبالتأثر من النداءات الداعية إلي االكتفاء الذاتي، والرجوع إلي التراث األدبي، وساعد علي ذلك التطور، واالزدهار ظهور المطبعة، والصحف، والمعاهد العلمية، والترجمة، والعوامل األخري. الملتزمين بين األدبية التحركات هذه نتيجة حدثت قد والتجديد: االلتزام بين .3بالتراث األدبي المسمي بالكالسيكيين من مثل البارودي، وشوقي، والمنفلوطي، المجددين أمثال ميخائيل نعيمة، والعقاد، والمازني، واآلخرين في الشرق، والغرب نزاعات، قادت إلي التطور األدبي، والنقدي، وظهور المدارس األدبية المختلفة في ساحة األدب العربي

المعاصر.

أ. الكالسيكية جذورها واصولها الكالسيكية هي أول مدرسة أدبية، ظهرت في القرن السادس عشر للميالد بعد ذلك التطور العلمي العظيم في أوربا، وكانت تهدف دعاته إلي إحياء األدب اليوناني، والالتيني كهدف أساس وابتدائي، بما أن ذلك األدب مع تلك القوالب، والمضامين يتميز باألصالة، واإلنسانية، والنظرة إلي الكمال. (سكرتان، 1375ش: 11)

وكان األدباء عند رجوعهم إلي التراث األدبي األصيل، يطالعون تلك اآلثار، ويمعنون النظر إليها حتي يدركوا أسرار جمال تلك اآلثار، وسبب تخليدها. وهم ينجزون هذه العملية، إما بالذوق، والتحليل المباشر؛ وإما بالتحقيق، والبحث في كالم المنظرين القدماء

أمثال أرسطو في الخطابة، والشعر؛ وهوراس في كتاب فن الشعر. (األصفر، 1999م: 7)وواليتسني ومضمونا، لغة اليتحدد، عام بمعني مصطلح، اللفظ في كالسيك وأما لنا أن نخصه بمكان أو زمان، أو نتصفه بميزات معينة. ومعناه العام هو كل أثر جميل،

Archive of SID

www.SID.ir

Page 4: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

96

التراث األدبى

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

وعظيم، مر به مراحل مختلفة، وطويلة في مسيرته التكاملية حتي بلغ ذروته في الجمال والتكامل. وبعبارة أدق هو عمل يقوم علي أساس األفكار العريقة، والعواطف الخالدة بطريقة جادة، ومتحكمة، ومنسقة، ويبتعد عن الفوضي، والتوتر، والسخافة ابتعادا كامال. فقد استخدم هذا المصطلح أول مرة سنة 1818م، ومن ثم شاع في البالد األروبية في مدة أقل من عشرين سنة شيوعا كامال، علي الرغم من أنه كان موجودا في توجه األدباء، والشعراء إليه، والعمل فيه منذ القرن السادس عشر للميالد. (المصدر نفسه: 8) فلفظة كالسيك من الناحية االشتقاقية تعود إلي كالس بمعني الصف، والرديف، وكل شيء مدرسي، ثم صارت صفة لكل أديب بارع ملتزم للقواعد. ومن هنا أصبحت تشتمل علي متبعي الشعراء، واألدباء القدماء في يونان القديم والالتين، والكالسيكية في ظهورها كمدرسة أدبية خاصة مرتبطة إلي حد كبير إلي الطبقة األرستقراطية آنذاك ألن الطبقة هذه كانت تحب، وتثني علي كل أثر متكامل، وجميل. (سكرتان، 1375ش: 9) وأما جذور الحركة الكالسيكية فترجع إلي القرنين الثانى عشر، والثالث عشر للميالد، وتتجسد في ظهور أدباء كبار، مثل دانتي في كتاب الكوميديا اإللهية. فهو تبسط نظرية الشعر الكالسيكي في هذا الكتاب شارحا له، وموضحا أكنافه. وبتراك، ولوكاشيو في كالسيكية. آثارا وأنتجوا الكالسيكية، في فكروا آخرون، وأدباء عشر، الرابع القرن

(بريستلي،1372ش: 5)األسلوب علي ويؤكد العاطفة، علي العقل المدرسة هذه أصحاب يرجح كان و الخطابي، والتعليمي في الشعر، وهم بهذه النظرة كانوا مبتعدين عن الذات، ومحبوسين في آثار القدماء، حتي ظهر ماليرب في القرن السابع عشر، وألقي شرارة التجدد، والخروج عن الكالسيكية المفرطة في نفوس البشر، علي الرغم من أنه قد بقي علي الكالسيكية

في التطبيق، لكنه رفض آراء رونسا رفضا. (هارلند، 1382ش: 76)وقد حدثت في القرن السابع عشر للميالد، ردود علي األفكار القديمة في األدب، والشعر نتج عنها النزاع بين أصحاب الكالسيكية، وطالبي التجدد.وظهرت في هذه الفترة في غارقا األدب يكون متي وإلي لماذا قيل: حتي والشعر األدب، حول تساؤالت،

Archive of SID

www.SID.ir

Page 5: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

97

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

الكالسيكية والتجدد؛ صراعات ومعطيات

لما جاءنا من آثار اليونان، والالتين األدبية. فنتج عن التراث األدبي المندرس، ومقلدا هذه النزاعات ظهور فئة متشددة للكالسيكية، ولكن العوامل المتعددة كتطور وازدهار والشخصية بالذات االهتمام ومسألة المجددين، مع الكنيسة ومواكبة األخري، العلوم

المستقلة في األدب، والشعر أدت إلي انتصار المجددين. (فورست،1385ش: 35)بعض من الرغم علي ألنها خاصة، أهمية األروبية البالد في النزاعات ولهذه لكل مصدر المسيحية، عن االنفصال روح بروز مثل واالنحرافات، االعوجاجات نظره ففي التمهيد) 1997م: (كليب، للميالد. عشر الثامن القرن في األدبية المدارس تتصل هذه النزاعات إلي الماضي، وتنفذ إلي التكامل، واالزدهار وفق العصر. وأما األدب العربي، فقد نقل في عهوده الذهبية كل ما كان لديه من العلم، والثقافة، والفن إلي البالد األروبية، ويشهد علي ذلك أقوال أمثال بتراك الشاعر اإليطالي، وهونكة

في كتاب شمس العرب تسطع علي الغرب. (هونكة، 1993م: 399)وهناك أدباء مثل عبد الحميد الكاتب، وابن المقفع، والجاحظ، والتوحيدي، والخوارزمي، والحريري، وحسان، والفرزدق، وبشار، وأبي العتاهية، وأبي تمام، والبحتري، ابن المعتز،

والمتنبي، والمعري، وغيرهم جزء صغير من هذا التراث األدبي العظيم.وجرب هذا األدب في العهد العثماني ليلة طويلة، وكدرة من الجهالة، والجمود الفكري، واألدبي. وكان انهيار العالم اإلسالمي من الناحية السياسية، والعسكرية في هذا العهد، بمثابة القضاء علي تضلع المسلمين في أنحاء العالم. وعندما سيطر الغرب علي مصادر القوة والثقافة في العالم، أصبح األدب الشرقي، والعربي يشرب من مناهل األدب الغربي، وهذا التأثر لم يكن في األسلوب والتعبير فقط، بل إنما كان في المضامين، واألغراض، وفلسفة األمور، واآلثار المنتجة.وتتجسد هذه المسألة في ظهور مدارس أدبية هامة مثل

الكالسيكية، والرومانسية، والرمزية والواقعية.وظهر األدب العربي الكالسيكي في أواخر القرن التاسع عشر للميالد، والعقد األول واالتباعي، الشعر، وعمود والبعث، اإلحياء، مدرسة عناوين تحت العشرين القرن من

وغيرها.

Archive of SID

www.SID.ir

Page 6: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

98

التراث األدبى

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

األدبية، والحاجة الفقر، ألن األدبي، الضعف من نوعا األدبية الرجعة هذه وتعتبر والفكرية تؤدي إلي اللجوء إلي أفكار اآلخرين. والجدير بالذكر أن التقليد في بدايته العطار، وعلي حسن والشيخ خشاب، أمثال األدبي، يمثله شعراء االنحطاط لعهد تابع الدرويش، واآلخرين؛ وهم قد وقعوا في ورطة السطحية، وضعف التعبير، والعامية في

الشعر.سامي ومحمد األسمر، ويوسف اليازجي، ناصيف شيخ أمثال شعراء هناك ولكنه البارودي، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، وغيرهم، رجعوا إلي العصور الذهبية لألدب العربي. األدب في الكالسيكية ازدهار الحيوية، وحركاتهم بإبداعهم، وسطروا العربي،

(خورشا، 1381ش: 64)السياسية التطورات العربي، األدب في الكالسيكية المدرسة ظهور علي وساعدت المختلفة، الفكرية التيارات وظهور والشعبي، الوطني والوعي الغرب، ونفوذ الجديدة،

والصحف، وإحياء التراث األدبي القديم، والترجمة، والعوامل العديدة األخرى.ويمتاز هذه المدرسة األدبية بتقيدها البحور، واألوزان القديمة، ونظام القافية الواحدة، واألغراض القديمة، مثل المدح، والهجاء، والفخر، والرثاء، واستخدام األساليب البيانية

المتكررة. (نعيمة، 1975م: 19)المختلفة، المناسبات وشعر الواحدة القصيدة في المتعددة الموضوعات ومعالجة

مواصفات أخري للقصيدة الكالسيكية في األدب العربي.وأما الكالسيكية الجديدة، فهي تتصف باألساليب البيانية السائغة بسبب شيوع اللغة حجر ووضع الجوامع، وقائع عن والتعبير الوطنية، الموضوعات ومعالجة الصحفية، قضايا حيال عامة قضايا ظهور أن وكما العربي، األدب في التمثيلي للشعر األساس

خاصة من مظاهر الكالسيكية الجديدة في األدب العربي. (أبوشباب، 1988م: 66)

ب. الجمعيات األدبية في الشرق ورفض عمود الشعرالمدرسة أمام خاصة وفرانسا عامة، أوروبا في األدباء من كبير عدد وقف عندما الكالسيكية، ودعي إلي التجديد واالبتعاد عن قيود الماضي، كان الشرق يواكبه في هذا

Archive of SID

www.SID.ir

Page 7: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

99

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

الكالسيكية والتجدد؛ صراعات ومعطيات

المجال. وهذه المسايرة نتجت في أصولها عن تطور األفكار المعاصرة، وتأثير الغرب عليها.

التقليد من المعاصر العربي األدب تقدم في أساسيا دورا مطران خليل لعب وقد إلي التجديد، ومن الكالسيكية إلي الرومانسية، وهو جسر التصال األدب الكالسيكي

باألدب التجديدي عند الديوان، وآبولو. (الطناجي، التا: 309)يقول مطران، وهو يطلب الطيران:

(هدارة، 1994م: 23)وهناك قصيدة له مسماة بالمساء تحتوي علي المضامين العصرية الجديدة مطلعها:

(الموسي، 2000م: 113)

جماعة الديوان في مصريعتبر عبد الرحمن شكري، والعقاد، والمازني رواد هذه المدرسة، الذين نادوا بالذاتية، والتوجه الوجداني، وتخلص الشعر عن القوالب والمضامين المتكررة.وألف االثنان منهم هما العقاد، والمازني سنة 1921م كتاب الديوان في األدب والنقد؛ ويحتوي هذا الكتاب علي عدة مقاالت ذات صبغة ثورية، داعين إلي الخروج عن قيود الماضي، وراسمين سائر علي يترأسان الديوان أصحاب عند واإلبداع والذوق، التجديد، أمام اآلفاق

األمور.

األغراض وطرق العملهم كانوا يدعون إلي أن يكون لمصر أدبا عربيا خاصا، ينبعث عن طبيعة اإلنسان

المغني الطائر أيها يا والمعاني باللفظ ونحن يارفيق جناحيك أعر

نظيم وال نثير بال نعجزعن بعض ما نريدبال وخلي وامرح أطر

شفائي فيه فخلت ألم من صبوتي فتضاعفت برحائيداء

Archive of SID

www.SID.ir

Page 8: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

100

التراث األدبى

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

المستقلة، والعريقة.وأزالت هذه الجمعية األدبية بمقاالت، وكتب نقدية، ألفتها، وبالعالقات األدبية المختلفة، واإلنجازات النقدية، قدسية أصنام أدبية مثل شوقي، وحافظ إبراهيم من

جهة؛ ومن جهة أخري مهدت األرضية لتقدم األدب، والنقد نحو حياة جديدة عصرية.

آثار جماعة الديوان بين النظرية والتطبيقودعي أصحاب الديوان إلي أمور، كاالبتعاد عن التقليد، والوحدة العضوية، والتجربة الشعرية، والصورة الشعرية، والذاتية، والمباحث األخري، فهل التزموا بكل هذه األمور

التي دعوا إليها؟كما واجهت جماعة الديوان علي الرغم من المحاوالت الجادة في سبيل التجديد، مشاكل لتطبيق هذه اآلراء، وحذت حذو الشعراء التقليديين في إنشاد مضامين قديمة، مثل المدح، والرثاء، والهجاء، والغزل، وعلي نفس األسلوب الشكلي. وربما تعود هذه المتابعة إلي أن لهم حواجز زمانية أو مكانية، من مثل المجتمع، والتفكير األدبي المسيطر علي البالد، وكذلك تعودهم الذاتية علي هذه األمور المتكررة التي كانت تجري علي

البالد منذ القرون.فينكر العقاد شعر المناسبات، ويرفضه لكنه ينشد في مدح الملك فاروق:

(العقاد، التا: 201)وهناك في هذه األبيات مصطلحات تقليدية متكررة مثل رفع الخيام، وطالع األيام، والفخر، والمضامين األخري، والقوالب القديمة كلها ينبع من التراث األدبي القديم. فالعقاد

يتحدث لنا عن التشبيه األدبي، وإدراك جوهر األمور، ولكنه ينشد:الماء فاض علي الجنادل والسواحل والجسور

خلجانه تنساب كالحيات ما بين الصخور

يصحبها البيداء في فاروق رفعوا الخيام علي السحاب فالفي طالع األيام مرتقب

وافتخروا البيداء بني تيهوا جدر وال تطاولها أسس مدخر األنعام ولسابغ

Archive of SID

www.SID.ir

Page 9: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

101

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

الكالسيكية والتجدد؛ صراعات ومعطيات

متسابقات كالسوابق في مجال مستديروالنيل مصطفق كمن قد هزه فرط السرور

(المصدر نفسه: 289)وكثيرا ما نري المازني يقع في شرك التقليد، فاألبيات التالية جزء يسير منه:

وقد قال النابغة قبله:

وفي بيت آخر يقول المازني:

ويرتبط البيت بما يقول أبونواس ارتباطا شكليا تاما:

وهو في بيت آخر يقلد امرء القيس الشاعر الجاهلي ويقول:

(القط، 1981م: 140)

وعبد الرحمن شكري أيضا، يرمي بالضعف، والقصور في آثاره، هو الذي يقول:

يقول في البيت:

كما يقول معن بن أوس:

وفي مكان آخر يقول:

يشابه قول المتنبي في بيته:

بمنته ليس قلت حتي واقصر حتي قلت جفت مصادرهتحدر

بمنته ليس قلت حتي وليس الذي يرعي النجوم بآيبتطاول

ناشرطوي الدهر مابيني وبينك من هوي زمانك يطوي لما وليس

ناشرطوي الموت ما بيني وبين محمد المنية تطوي لما وليس

هرقتها لو عبرة شفائي ولكن جفني كالبطون العقائمإن

وفي شدوك شعر النفس ال زور وبهتانأال يا طائر الفردوس إن الشعر وجدان

األمانيالعمرك ما أدري أتلك أزاهر رأيت قد أم مفتحة

أوللعمرك ما أدري وإني ألوجل المنية تغدو أينا علي

رجل أنني داء بنفسي أخشي الحياة وأقلي سطوة األجلكفي

ترنيكفي بجسمي نحوال أنني رجل لم إياك مخاطبتي لوال

Archive of SID

www.SID.ir

Page 10: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

102

التراث األدبى

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

(المصدر نفسه: 147)ونري أنه في مجال التشبيه، يقع كما وقع العقاد، والمازني في التقليد حيث يقول:

(المصدر نفسه: 167) وهناك كثير من الشواهد تدلنا إلي أنهم قدخرجوا عن المبادئ التجديدية التي نادوا بها، وبرهنوا عليها. وعلي هذا األساس، واجهت جماعة الديوان في مسيرتها التكاملية

مشاكل في تطبيق نظرياتها، وربما هذه الحواجز تعود إلي طبيعة هذه المسيرة.وعلي أية حال، هم أرادوا بتأليف هذا الكتاب أن يمحوا من األذهان ذلك التفكير األدب أن إلي ويشيروا القديم، التراث أساس علي الوطني األدب إقامة في الخاطئ في سجن القيود الجافة، والمضامين المندرسة، والمتكررة لن تستطيع أن تواجه اآلداب

األجنبية األخري. (أمين، التا: 191)مثل وكتابا إبراهيم، وحافظ شوقي، أمثال شعراء والمازني العقاد، ينتقد فلذلك المنفلوطي نقدا شديدا. وعلي الرغم من وجود بعض التطرف في األساليب النقدية لديهم، قد طرقت هذه اآلراء النقدية في نقد الشعراء الكالسيكيين، بصورة تطبيقية فكانت هي كحجر أساس لتطور النقد في األدب العربي المعاصر. ويري األستاذ عبد المنعم الخفاجي سنة مع يتزامن المعاصر، العربي األدب ظهور أن الحديث، العربي األدب كتابه في

1921م السنة التي نشر فيها كتاب الديوان.

جماعة آبولومن أناسها قلوب الوقائع وشحنت مصر، والجهالة الظلمة، مألت قد كانت عندما الغضب واالشمئزاز، أسس الدكتور أحمد زكي أبوشادي مع عديد من األدباء، والشعراء ذوي وغيرهم محرم، وأحمد ناجي، وإبراهيم طه، محمود وعلي شوقي، أحمد مثل االتجاهات، والمذاهب المختلفة، جمعية أدبية تسمي آبولو، وتهدف إلي أغراض: هي

داجية الحزن كشعاع وليلة جاءت بأغيد يفري الليل عن وضح

األرق من إال بها الاستعيذ من وجهه كطلوع البدر في الغسق

Archive of SID

www.SID.ir

Page 11: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

103

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

الكالسيكية والتجدد؛ صراعات ومعطيات

ودعت األخري. واألدبية العلمية النهضات مع والمسايرة والشاعر، الشعر حياة ارتقاء الجمعية إلي الرومانسية، وذلك بالتآثر من اآلداب األروبية، وبالتبعية من خليل مطران،

وبالعالقات األدبية المباشرة، وغير المباشرة مع جماعة الديوان.وتتميز رومانسية آبولو، بميزات كبساطة التعبير، ورفض التقليد، والتوجه نحو شخصية الشاعر المستقلة، والتحرر عن األسباب المادية، والغلو في حب الطبيعة. (الكتاني، 1982م،

ج1: 425)ثقافية، نظرة األمور إلي ونظرت بالغرب، رومانسيتها، في آبولو جماعة وتأثرت

وذاتية مبتعدة عن المزالت بالطائلة.نشد أحمد زكي أبو شادي في قصيدة، تحمل عنوان أقصي الظنون:

(أبوشادي، 1926م: 300)من الجماعة تقربت والتفعيالت، المحددة، بالقافية وااللتزام الشكلية، الناحية ومن

التحرر، يقول حسن كامل الصيرفي في قصيدة اللغز:أنا الروض، لكن أنكرتني جداولهأنا الغصن، لكن باعدتني بالبله...

فصوح هذا الروض وانكسر الغصنوأصبح هذا األفق تجهله العين

أين خرير الماء؟أين الجداول؟

(الصيرفي، 1934م: 10)

المعطيات النظرية النقدية واألدبية للجماعتينوقف أصحاب الديوان، وآبولو منذ نشأتهما، أمام القصيدة العربية الكالسيكية، فكان

أقصي الظنون وجودي أصله عدمفي ذمة الصمات الماضي البعيد وما

ينعدم ليس وجودي عجيب ومن تخفي العصور هدي هيهات يغتنم

Archive of SID

www.SID.ir

Page 12: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

104

التراث األدبى

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

خروجهم عن عمود الشعر الكالسيكي في عدة جوانب، هي:1. في الشكل: إن جماعة الديوان وآبولو قد ثارتا علي نظام القصيدة الطويلة، ذات النسق الواحد، وتوجهتا نحو شعر المقطوعات، وشعر التوشيح، وشعر تعدد األصوات؛ كما ثار أعضائهما علي النظام القافية الواحدة، فنوعوا فيها وألغوها أحيانا. (خفاجي، التا:

(2932. في المضمون: تمردوا فيه علي ضيق المعاني المتناولة، ومحدودية إطارها، كما ثاروا علي عدم تعبير الشاعر ما يراه في الوجود، والمجتمع من نقص، وتناقض، ودعوا إلي التعبير عن هذه األشياء وضرورتها، ووقفوا أمام استخدام الشعر في بيان الموضوعات التاريخية، ورفضوا التفاهة التي غلبت علي الحياة، والشعر؛ كما رفضوا شعر المناسبات، ودعوا إلي الخيال، والعاطفة المرهقة في الشعر، وإدراك الجوهر فيه، وقالوا إن للشعر النفسية، والمشاعر الشخصية، المواقف عن فعبروا لسانية؛ قيمة وليس إنسانية، قيمة

وثاروا علي الغموض في الشعر وفساد المعني.3. في البناء: رفض أعضاء هاتين المدرستين، التفكك الذي يجعل القصيدة مجموعة

مبددة، ومتشققة التربطه الوحدة العضوية الصحيحة فنادوا بها. (هدارة، 1994م: 341)وعلي أساس هذه الميزة، ينبغي أن تكون القصيدة عمال فنيا تاما، يكمل فيه تصوير واللحن بأجزائها، والصور بأعضائه، التمثال يكمل كما متجانسة، خواطر أو خاطر، الموسيقي بأغنامه، بحيث إذا اختلف الوضع، أو تغيرت النسبة، أخل ذلك بوحدة العمل الفني، فإن القصيدة عندهم كالجسم الحي، يقوم كل عنصر من أعضائه بوظيفته الخاصة، تعدد يبطل القصيدة، في العضوية الوحدة بوجود وطبعا أبدا. عنه االستغناء واليمكن األغراض فيها، وتنتفي تلك المقدمات في مطالع القصيدة، سواء كانت غزلية أم طللية

أم خمرية. فإن الوحدة العضوية التي دعا إليها العقاد، ورواد مدرستي الديوان، وآبولو، غيرت واالستطراد، واالنتقال، والتفكك، الحشو، منها ذهب بحيث كامال، تغييرا القصيدة بناء وخلت من تناقض المعاني، واضطراب العواطف، والمشاعر النفسية، وأصبحت القصيدة

Archive of SID

www.SID.ir

Page 13: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

105

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

الكالسيكية والتجدد؛ صراعات ومعطيات

حية تعبر عن الذات، والوجدان.4. في اللغة: ثار أعضاء المدرستين علي ما سمي بلغة الشعراء، والقاموس الشعري، ودعوا إلي تحرير اللغة الشعرية من القوالب الجافة، واألساليب القديمة، ونادوا بضرورة ذلك غيروا فهم والتركيب؛ التحليل علي قادرة بلغة الجديدة، المضامين عن التعبير المعجم المهجور، والمبتذل، واستخدموا معجما آخر مستعمال في المجتمع، والحياة ليقرب

العمل الشعري من حركة العصر، وتأمل الفكرة، وإثارة الوجدان.

نظرة علي اآلراء النقدية الخاصة لجماعتى الديوان وآبولويعددها من وليس األمور، بجوهر يشعر من هو رأيهما في الشاعر التشبيه: قضية ويحصي أشكالها وألوانها، والشاعر هو الذي يكشف عن حقيقة هذا الشيء، وعن لبابه، وصلته بالحياة، وصلة الحياة به. فإنما اإلبداع هو درك حقيقة األمور، وعلي هذا األساس

انتقد أحمد شوقي بسبب بعض صور التشبيه في شعره.الطبع والصنعة: وقد وجب في آرائهما أن يتحرر األدب من الصناعة اللفظية، وأن بالصنعة، المنفلوطي اتهم ولهذا األديب، به يهتم أن ينبغي الذي هو المضمون يكون

والتكلف في التعبير، وعدم جريه مجري الطبع، والذوق.الوحدة العضوية: فعيب علي بعض الشعراء الكالسيكية عدم وجود الوحدة العضوية

في إنتاجاتهم، وحبسهم في قيود الماضي.صدق الوجدان: نادي أصحاب الديوان، وآبولو إلي أن يكون الشعر ترجمان النفس، والوجدان، والعاطفة مع الخيال المجنح، دون أن يكون الشاعر مشغوال بغيره، وهو يردد يجعلك ما هو الجماعة هذه عند والشعر ومضامينهم. معانيهم، ويقلد السابقين، أقوال

تحس عواطف النفس، إحساسا عميقا، وتعبر عن تلك األحاسيس.التجربة الشعرية: يقول العقاد فيها، ويتبعها اآلخرون: « إن المحك الذي اليخطئ في نقد الشعر، هو إرجاعه إلي مصدره، فإن كان ال يرجع إلي مصدر أعمق من الحواس، فذلك هو شعر القشور والطالء، وإن كان يلمح وراء الحواس شعورا حيا، ووجدانا، تعود

Archive of SID

www.SID.ir

Page 14: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

106

التراث األدبى

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

إليه المحسوسات، كما تعود األغذية إلي الدم، ونفحات الزهر إلي عنصر الطبع.» (خفاجي، التا: 329)

فهو يدعو إلي أن تكون القصيدة معاناة شخصية، عاشها الشاعر فال تحمل أي أثر من التقليد، والشاعر عنده هو من يشعر بجوهر األشياء، ويدرك فحوي األمور، والقشورها، وظاهرها. والتجربة الشعرية، هي تجربة الشاعر وحده وليس تجربة أحد سواه، ومن ثم يبتعد عنها التقليد، واألخذ، أو السرقة. وعلي هذا تكون التجربة الشعرية جزءا من أجزاء البناء العام للقصيدة المعاصرة بكل ما فيها من عناصر العاطفة، والحس، والعقل، والخيال،

والموسيقي.الصورة الشعرية: تلقي العناصر الموجودة في القصيدة مثل الوحدة العضوية، صداقة هذه وتنتج السامع. ذهن في خياليا تصويرا أجزائها بكل الشعرية التجربة الوجدان،

الصورة عن التناسق المطلوب بين تلك العناصر.

ج. الجمعيات األدبية في الغرب (المهجر) وطرد عمود الشعرالرابطة القلمية، والعصبة األندلسية في األدب، والنقد:

هاجر كثير من اللبنانيين، ألسباب مختلفة بعد الصراعات الحادثة سنة 1860م وقطنوا علي أثرت أدبية، أعماال البالد هذه في مارسوا وهم والشمالية. الجنوبية، أمريكا في الحركة التكوينية المتكاملة لألدب، والنقد، ومن هنا أسسوا الرابطة القلمية في أمريكا

الشمالية، والعصبة األندلسية في أميركا الجنوبية.خليل وجبران حداد، المسيح عبد أمثال أدباء بواسطة القلمية الرابطة فتشكلت إلي ترمي وكانت نيويورك، في سنة 1920م نعيمة وميخائيل أيوب، ورشيد جبران،

أهداف هامة. (خفاجي، التا: 326)وهم أدركوا السالسل التي تحبس النفوس، وتجعل الشعر عقيما، واعتقدوا أن كل هذه

األمور يعود إلي التقليد.وأدي االمتزاج بين الثقافتين العربية، والغربية إلي ظهور ثقافة جديدة أخري، أثرت

Archive of SID

www.SID.ir

Page 15: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

107

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

الكالسيكية والتجدد؛ صراعات ومعطيات

العنصري، التمييز بعث قد هذا علي وعالوة كبيرا، تأثيرا والشعر األدب، تطوير علي والقومية، والعوامل األخري علي انعزال الشعراء عن المجتمع، والتجاءهم إلي أحضان الطبيعة. وهناك مسائل أخري، كاالبتعاد عن األوطان األصلية، والحرية بمعناه الغربي، تختلف أن إلي قاد كلها الغربية، البالد في الموجودة والطبقية البحتة، المادية والحياة

رومانسية أدباء المهجر عن نظرائهم في المدارس األدبية الشرقية.تجدر اإلشارة إلى أن كل هذه التفاعالت، سواء كان في الشرق أو في الغرب، وعلي الرغم من بعض الفروق في طريقة النظرة والسلوك، قد وقعت في مواجهة الكالسيكية،

وذلك في معظمه باالتصال مع الغربيين.األسلوب في واالضطراب اللغوي، الضعف المهجريين الشعراء شعر في يدخل البياني، واألخطاء العروضية، وهذه األمور هي التي لفتت أنظار النقاد، واألدباء لينقدوا

آثارهم نقدا شديدا. (أمين، التا: 315)ستظهر أفكارهم بوضوح عند الرجوع إلي كالم نعيمة عندما يقول: «إن شأننا مع ضفادع األدب لشأن، واهللا غريب عجيب، يطالعون ما نكتب فيقولون: نعما األفكار، ونعما العواطف، ونعما األسلوب، لكن...اللغة؛ كأننا فيما نكتب أو ننظم نلقي عليهم دروسا في اللغة، وكأن الهم لنا من النظم إال أن نتحاشي، الخطف، واإلشباع، واستعمال "تحمم" بدال من "استحم". في األدب العربي اليوم فكرتان تتصارعان: فكرة تحصر غاية األدب

في اللغة، وفكرة تحصر غاية األدب في األدب... .» (نعيمه، 1975م: 98)الوحدة علي الحرص هي: الشمالي المهجر لدي الشعرية الخصائص أهم ومن العضوية، والتجديد في األوزان والقوافي، والصورة الشعرية في القصيدة، وإكثار الشعر الرمزي، والقصص الشعري، والمطوالت القصصية، والقصص النثرية في الشكل، والحنين إلي الوطن، واإلحساس بالغربة، واألشعار التأملية، والذاتية، والتعمق في أسرار الكون، وأسرار النفس البشرية، والقول برسالة الشعر اإلنسانية، والميل إلي الطبيعة، واللجوء إليها، التعبير عن مشاعر الحرية الدينية، وظهور الشعر القومي العربي نتيجة إحساسهم أخيرا

بالتساند في البالد الغربية من ناحية المضمون.

Archive of SID

www.SID.ir

Page 16: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

108

التراث األدبى

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

المعلوف، فوزي مثل ونقاد بأدباء، الجنوبية أميركا في االندلسية العصبة وعالجت وحبيب مسعود، وإلياس أبوشبكة واآلخرين، األدب والشعر في االتجاهات المختلفة، العصبة لدي الغالب االتجاه هو الرومانسي االتجاه ولكن المتنوعة، واألساليب

األندلسية.

كتاب الغربال، والنظريات األدبية، والنقديةيذكر ميخائيل نعيمه رائد األدب، والنقد في المهجر في كتابه الغربال قسما، من أهم الكتاب، هذا في الكبيرة اإليجابية الجوانب وجود من الرغم وعلي النقدية. الموازين من يشوبه وما الكتاب مضامين إلي عابرة نظرة فنلقي جوانب عدة في عليه يعاب

العيوب.يقول نعيمة في بداية الكتاب: «إني عرفت اليوم بالحس ما كنت أعرفه أمس بالرجاء.

عرفت أن مصر مصران الواحدة، مصر تري البعوضة جمال، والمورة جبال، ومصر تري البعوضة بعوضة، والمورة مورة.مصر لها ميزان بكفة واحدة، ومقياس بطرف واحد، مصر

لها ميزان بكفتين، ومقياس بطرفتين.» (المصدر نفسه: 207)ويتوضح تماما أن نعيمة يقصد من مصر األولي، جماعة عمود الشعر، ويديم أن مصر الثانية مصر مستيقظة، وموقظة تنقد األولي وتناقشها، وهي جماعة الديوان، وآبولو اللتين تأبي أن تتناول غذاءها األدبي من القدماء، ومن أدبهم دون أي إبداع، وإظهار لشخصية

مستقلة مبتكرة.ثم يذكر نعيمة في قسم آخر من الغربال: «يا ويل الشعر، واحرب الشعراء، إذا كان

ناظم هذه األبيات أميرهم.» (المصدر نفسه: 214)ريشة من صادق ريشة هللا كست الكتابة في المسارق كلهاتهذي بحسن الخط كل مقصروتكاد تحيي مؤنسا بصريرها

جديد بكل طالوتها تزري التقييد من وفكتها حسنا وتمد في اإلحسان كل مجيدعودي مقلة ابنة أيام وتقول

Archive of SID

www.SID.ir

Page 17: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

109

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

الكالسيكية والتجدد؛ صراعات ومعطيات

والولوع والتقليد، واإلحالة، التفكك، إلي الغربال كتابه في نعيمة ميخائيل ويشير باألعراض دون الجوهر في منظومات شوقي، ويري أن العقاد، والمازني في الصواب،

ولهما الحق، وإذا خفي اليوم فلن يخفي غدا.الفانية غير الروح هو الطبيعة، مواجهة في اإلنسان ثبات في السر أن نعيمة يعتقد في وجود اإلنسان، وهذه قوة ترفعنا علي الحيوانية، وكل ما نكتب، وكل ما نفعل ليس إال تفتشا عن أنفسنا في تصوير الجمال، وإن سعينا وراء الجمال لنصوره، ونكتبه فإنما نحاول، ونسعي وراء أنفسنا وهو ينتج منه أن األدب ليس إال رسوال بين نفس الشاعر

أو الكاتب، ونفوس اآلخرين.بحسب حاجاتنا وأما القيمة المادية، فنقيسها قيمتان، مادية، ومعنوية؛ فلكل شيء الجسدية، وأما الروحية فبحسب حاجاتنا الروحية، وهناك في الحياة ما ليس له إال قيمة

روحية، منها الفنون، واآلداب.والتزال النفوس اإلنسانية تتطور، ويزيدها الزمن تقدما، وتطورا فال تقدر الموازين المندرسة المتكررة أن تطفئ عطشها، ويجب علي األديب في إنتاجه األدبي، أن يجعل هذه

الحاجة إلي الموازين الجديدة، نصب أعينه حتي اليكون عمله الفني عبثا بالطائل.أزياء من اللغة في «أوليس نعيمة: ميخائيل يتسائل الكتاب من آخر قسم وفي

التعتق مع الزمان، والتزيدها األيام إال جماال، وهيبة.» (المصدر نفسه: 68)فما سر ذلك؟ وما الذي يحفظ األدب، ويجعله خالدا، اليشوب علي مر العصور؟

وعلي هذا يجب أن يكون في األدب ما يتعدي الزمان، والمكان.وهناك مقاييس أدبية، تجعل األدب خالدا، وتنبع هذه المقاييس من حاجات النفس

اإلنسانية، وهذه الحاجات هي:1. حاجتنا إلي اإلفصاح عن كل ما ينتابنا من العوامل النفسية من رجاء، ويأس،

وفوز، وإخفاق، وغيره.2. حاجتنا إلي نور نهتدي به في الحياة، وليس من نور نهتدي به غير نور الحقيقة،

حقيقة ما في أنفسنا.

Archive of SID

www.SID.ir

Page 18: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

110

التراث األدبى

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

3. حاجتنا إلي الجميل في كل شيء، وفي الروح عطش الينطفئ إلي الجمال.4. حاجتنا إلي الموسيقي، ففي الروح ميل عجيب إلي األصوات، واأللحان الندري من تنكمش ولكنها األوراق، ولحفيف الماء، وخرير الرعد، لقصف تهتز فهي كنهه.

األصوات المتنافرة، وتنبسط بما تآلف منها.أما العقاد في مقدمة الكتاب ينقد هذه المقاييس كما ينقدها عمر الدسوقي (الدسوقي، هذه جامعية وينكرون بالضعف، ويرمونه والنقاد. األدباء، من والكثير (246 1970م:

المعايير. وهم برأي الباحث ليسوا مخطئين فيما يرمون.فإننا بالنظرة العابرة على الكتاب، سنري أن نعيمة، بالغ في جوانب من األدب، وترك جوانب أخري، وهي هامة جدا، الجوانب التي تشتمل علي األسلوب، والتعبير، واللغة،

والنحو، وما إلي ذلك.هو يتحدث عن الجمال، ولكنه نسي أن اللغة، واألسلوب التعبيري عناصر أساسية،

تطلبها النفوس، وكما أن البحور، والتفعيالت من عناصر الموسيقي في الشعر.ومصور، وفيلسوف، نبي، هو الشاعر إن يقول: وغايته الشعر، عن بحثه في وهو أشياء، يري ألنه نبي، الشاعر إن قائال: الكلمات هذه ويشرح وكاهن؛ وموسيقي، اليستطيع أن يراها كل إنسان، وهو مصور، بسبب أنه يصور ما يراه، ويجعله في قوالب يري وهو نحن، النسمعها متوازية، أصواتا يسمع ألنه وموسيقي، الصور، من جميلة الحياة كلها ألحانا محزنة أو مطربة، وأخيرا الشاعر كما يري ميخائيل نعيمة كاهن، ألنه خادم، ال له، وهو ليس إال الجمال، والحقيقة، والجوهر، ويضيف أن الشاعر ليس النظام، والشاعر هو الذي يسقي قلمه من قلب خفاق، ومن روح هائجة، ونفس نابضة. فهذه اآلراء علي الرغم من وجود بعض الجوانب الخاصة للكاتب، تنطبق علي ما تراه جماعة الديوان، وآبولو، ألن النفس المشتركة بين البشر، هي المحور األساس لكل أثر أدبي،

وعمل فني.وكتب العقاد مقدمة لكتاب الغربال، ويري في بداية المقدمة: «أنه صفاء في الذهن، واستقامة في النقد، وغيرة علي اإلصالح، وفهم لوظيفة األدب، وقبس من الفلسفة، ولذعة

Archive of SID

www.SID.ir

Page 19: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

111

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

الكالسيكية والتجدد؛ صراعات ومعطيات

في التهكم.» (نعيمة، 1975م: 5)وأما الخالف الذي يشير إليه العقاد في هذه المقدمة، وكتبه األخري، فهو أن المؤلف يري العناية باللفظ، فضلة التعتبر، ويحل للكاتب أو الشاعر أن يخطأ، واليزال الغرض وينقحها: ويعدلها، الرؤية، هذه يرفض والعقاد مفيدا. واللفظ مفهوما، إليه يرمي الذي «فرأيي أن الكتابة فن، والفن اليكتفي فيه باإلفادة، واليعني فيه مجرد إفهام. وعندي أن األديب في حل من الخطأ في بعض األحيان، ولكن علي شرط أن يكون الخطأ خيرا، وأجمل وأوفي من الصواب، وأن مجاراة التطوير فريضة وفضيلة، ولكن يجب أن نذكر

أن اللغة لم تخلق اليوم، فنخلق قواعدها، وأصولها في طريقنا.» (المصدر نفسه: 10)ولذا ندرك أن العقاد يعتقد بالتجديد، ولكنه اليري التجديد في اللجوء إلي تحطيم اللغة، وقواعدها، وأصولها الثابتة، وإن الذين يحاربون الشعر القديم، ويريدون تحريره، يجب أن اليكون التحرير من الوزن، والقافية، واللوازم الموسيقية، فيهاجم العقاد االبتذال، والعامية، والسوقية، وهو يري أن الشعر: «فن يجب أن ترتفع األذواق إلي مستواه، ال أن

ينزل هو إلي مستوي الناس.» (خفاجي، التا: 39)وعلي الرغم من وجود بعض العيوب التي يوردها العقاد واآلخرون علي هذا الكتاب، هناك جوانب من اإلبداع، واالبتكار في مقاييسه النقدية، واألدبية التتنصل أبدا، الجوانب التي سوف تبلغ ذروة الكمال في اآلثار األدبية، وتسبب تخليدها علي شرط المسايرة

مع الموازين األدبية األخري.ويقول العقاد في نهاية المقدمة: «إن بين أيدينا اآلن لهدية، من أنفس هدايا تلك الحرية المباركة، وروحا من الحياة، تهب علي مقاييسنا اآللية البالية، فلنفهمها مخلصين،

ولنتقبلها شاكرين معجبين.» (نعيمة، 1975م: 12)

د. مسيرة تطور األدب في مجيء الرومانسية، والرمزية، والواقعية علي التواليوحدثت ثورات علي الكالسيكية التقليدية، ونتجت عنها منافذ جديدة ألفكار، ورؤي

األدباء، والنقاد، ومن ثم تعددت االتجاهات الفنية المختلفة في ساحة األدب، والنقد.

Archive of SID

www.SID.ir

Page 20: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

112

التراث األدبى

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

نحو والتوجه الرومانسية، هي الكالسيكية، وجه في للوقوف األولية النتائج ومن الوجدان، والتمرد علي الحواجز المانعة للوصول إليه، فلم يكن الهدف األساس، واألصلي للرومانسية، هو الخروج عن النظام القاعدي، وعن القيود الجافة من مثل الوزن، والقافية، والروي، وتفضيل العاطفة، بل إنما كان الهدف األساس لها، الرفض لكل ما كان يحول

دون الحرية، والحركة.وواجه أصحاب الرومانسية مشاكل، عند تحقيق أهدافهم في إظهار الذات، والوجدان في المجتمع الذي سيطرت عليه العقالنية، وقادت هذه المسألة إلي أن يغور شعراء هذا

االتجاه في عالم الخيال المؤلم، ويخلق عوالم زمنية، ومكانية خاصة في آثارهم.تلك واعتقدت الرومانسية، الخصائص أبرز هي التي الذاتية في فئة توغلت فقد الفئة أن العقل اليستطيع أن يدرك تفاصيل الحقائق، ومن ثم تركوا السياسة، واالجتماع،

وفضلوا العزلة. وشعرهم يمتاز بالموسيقي الخالبة، والجمال المثالي.والعميقة المعقدة، الحاالت عن تعبير فهي التوغل، ذلك عن الناتجة الرمزية وأما للنفس علي قدر ما تستطيع اللغة، والخيال أن تصورها، وترسم جوانبها. وبعبارة أخري عملية معقدة للتعبير عن الحاالت النفسية المركبة بواسطة الخيال الخالق. (مندور، التا:

(82وظهرت الرمزية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في الغرب، وشوهدت في النصف الثاني من القرن العشرين في األدب العربي، فلم يكن في بداية األمر إال تقليدا

لشعراء الغرب المشهورين.وحاول في أول مرة شعراء من آبولو أن ينشد الشعر في هذا االتجاه األدبي، ولكنهم ما أنجزوا إال نجاحات يسيرة في إنتاجات شعراء مثل بشر فارس. وهناك شعراء أمثال سعيد عقل، ومعين بسيسو، وأدونيس، وصلوا إلي مراحل من التقدم، والتطور في توسيع

االتجاه الرمزي. (الجندي، التا: 448)أكثر خلقوا أنهم هو واألدباء، الشعراء لدي الرمزية اآلثار دراسة من يستنتج وما ولكن واألوزان. البحور، من التحرر وعلي الحر، الشعر أساس علي األدبية، آثارهم

Archive of SID

www.SID.ir

Page 21: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

113

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

الكالسيكية والتجدد؛ صراعات ومعطيات

التحرر من الوزن، والقافية، والبحور، اليعني عدم وجود الموسيقي في هذه اآلثار، بل إنما كانت هذه النتاجات الرمزية، تتسم بالموسيقي الرنانة، والخالبة.

وترجع الموسيقي الموجودة في هذه اآلثار إلي السببين: هما السبب اللفظي، والسبب في والمتوازنة المتشابهة، التفعيالت استخدام فهي اللفظية الموسيقي وأما المعنوي. المعني، مع والقوالب األلفاظ، في الموجود االرتباط هي المعنوية والموسيقي الشعر، والمضمون، وهي التي تثير السامع من دواخله، وبهذين السببين تتبادر ألحان خاصة في

ذهن السامع.اضيع، أرمي للضحي وجهي وللغبار

أرميه للجنونعيناي من عشب ومن حريق

عيناي رايات وراحلون (أدونيس، 1971م: 364)

فقد أدي التوغل في الذات، واإلغراق فيه إلي الحصر في دائرة (أنا) ومن ثم ابتعاد كثير من األدباء عن هذا االتجاه الفني، فظهر االتجاه الواقعي كردة فعل علي هذه الظاهرة

حتي يقوم بمشاكل البشر.ما استطاعت الرومانسية في ذروة رقيها أن تحول دون نمو بذور االتجاه الواقعي، المحسوسات إدخال إلي تدعو كانت نفسها تدريجيا.والرومانسية النمو هذا كان وإن في الفن، وهذه المسألة أثرت علي تطوير الواقعية في األدب ايضا. إن األدب الواقعي الذي ظهر بعد الرومانسية - بالنظر إلي مضامينه الجديدة - لم يكن يتناسب مع القواعد، واألصول الشكلية القديمة للشعر، فمال نحو الشعر الحر، أو الشعر الجديد، ووجد في هذا النوع من الشعر مجاال مناسبا للمضامين الجديدة، ألن الواقعية بأساسها كانت ترمي

إلي حلول لمعاناة البشر، وليس غير. (267 1988م: (أبوشباب، العشرين. القرن أخريات منذ الواقعية نحو التوجه وتبلور البياتي، وعبدالوهاب عبدالصبور، صالح أمثال شعراء وهناك ويتطور، ينمو واليزال

Archive of SID

www.SID.ir

Page 22: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

114

التراث األدبى

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

ومحمد الفيتوري، وبدر شاكر السياب، وتوفيق زياد، ومحمود درويش، وآخرين، وقفوا بالتزامهم بهذا االتجاه الفني، وبالنظر إلي األصول، والعناصر األدبية، والشعرية الهامة أمام

الظلم، والغطرسة، واالستعمار، واالستثمار.

النتيجةاستطاع األدب العربي المعاصر بعد المعاناة الكبيرة أمام الكالسيكية مع كل ما حدث األدباء، وجهد الغربيين، نتاجات وبمطالعة الحديث، والشعر الحر، الشعر مجال في والرمزية، الرومانسية، مثل األدبية االتجاهات توالي وفي والغرب، الشرق في والنقاد والواقعية، وحدوث التطورات المختلفة في شكل الشعر، ومضمونه، أن تحصل علي كثير والصورة المستقلة، والشخصية الشعرية، التجربة مثل الشعر، في المفقودة العناصر من الشعرية، والوحدة الشكلية والموضوعية، والموسيقي الداخلية، وبرأي الباحث أن الوحدة العضوية أو االنسجام األفقي، والعمودي في الشعر هي من أهم المعطيات الجديدة لألدب العربي المعاصر، والتي تجعل القصيدة جسما حيا، يقوم كل عضو من أعضائه بوظيفته الخاصة، واليمكن االستغناء عنه أبدا.وهذه الظاهرة المنظمة تتمتع بالموسيقي الداخلية، وإيقاع األلحان المركبة الهامسة، وأخيرا إن األدب العربي المعاصر بكل ما لديه من القوة، يمارس تجربة كبيرة، وتلك التجربة هي التجديد والحداثة، فعلينا أن نطول له حتي يثبت

قدرته، وأصالته.

المصادر والراجعأبوشادي، أحمد زكي. 1926م. ديوان الشفق الباكي. مصر: المطبعة السلفية.

أبوشباب، واصف. 1988م. القديم والجديد في الشعر العربي الحديث. بيروت: دار النهضة العربية.أحمد سعيد، علي (أدونيس). 1971م. اآلثار الكاملة. بيروت: دار العودة.

األصفر، عبد الرزاق. 1999م. المذاهب األدبية لدي الغرب. دمشق: اتحاد كتاب العرب.أمين، عزالدين. التا. نشأة النقد األدبي الحديث في مصر. القاهرة: دار الكتاب المعاصر.

أمير مطبعة طهران: يونسي. إبراهيم ترجمة غرب. ادبيات در سيري بي. 1372ش. جي بريستلي،

Archive of SID

www.SID.ir

Page 23: ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺪﺩ؛ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﻌﻄﻴﺎﺕ

115

سخام

ددال الع

نيةـ الثا

سنةـ ال

دبىث األ

لتراا

الكالسيكية والتجدد؛ صراعات ومعطيات

كبير.الجندي، درويش. التا. الرمزية في األدب العربي الحديث. القاهرة: دار نهضة مصر.

خفاجي، محمد عبد المنعم. التا. دراسات في األدب العربي الحديث ومدارسه. بيروت: دار الجيل. نفسه، عباس محمود العقاد. التا. بين الصحافة واألدب. القاهرة: مكتبة األنجلو المصرية.

خورشا، صادق. 1381ش. مجاني الشعر العربي الحديث ومدارسه. طهران: انتشارات سمت.الدسوقي، عمر. 1970م. في األدب الحديث. بيروت: دار الفكر العربي.

سكرتان، دمينينگ. 1375ش. كالسيسيزم. ترجمة حسن افشار. طهران: نشر مركز.الصيرفي، حسن كامل. 1934م. ديوان األلحان الضائعة. القاهرة: النا.

الطناجي، طاهر. التا. حياة مطران. مصر: الدار المصرية العامة للتأليف والترجمة. العقاد، عباس محمود وعبدالقادر المازني. 1921م. الديوان في األدب والنقد. مصر: مطبعة السعادة.

العقاد، عباس محمود. التا. الديوان. مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب.غرگان، رحمن. 2004م. مقومات عمود الشعر األسلوبية في النظرية والتطبيق. دمشق: اتحاد الكتاب

العرب.فورست، لليان. 1385ش. رمانتيسم. ترجمة مسعود جعفري. طهران: نشر مركز.

القط، عبد القادر. 1981م. االتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر. بيروت: دار النهضة العربية.الكتاني، محمد. 1982م. الصراع بين القديم والجديد في الشعر العربي الحديث. مصر: دار الثقافة.

اتحاد دمشق: الشعرية). الحداثة في جمالية (دراسات الحداثة وعي 1997م. الدين. سعد كليب، الكتاب العرب.

مندور، محمد. التا. محاضرات في األدب ومذاهبه. القاهرة: معهد الدراسات العربية العالية.الموسي، خليل. 2000م. قراءات في الشعر العربي الحديث. دمشق: اتحاد الكتاب العرب.

نعيمة، ميخائيل. 1975م. الغربال. بيروت: مؤسسة نافل.هارلند، ريجارد. 1382ش. درآمدي تاريخي بر نظرية ادبيات از افالطون تا بارت. هيئة ترجمة شيراز.

طهران: نشر چشمه. هدارة، محمد مصطفي. 1994م. بحوث في األدب العربي الحديث. بيروت: دار النهضة العربية.

هونكة، زيغريد. 1993م. شمس العرب تسطع علي الغرب. ترجمة فاروق بيضون وكمال الدسوقي. بيروت: دار الجيل.

Archive of SID

www.SID.ir