30
ول مرة تنشر . . . ت عادل ا مذكر كامل- ني البحري- لعائد من انتنامو غوا1 ن الرحيم الرحم بسم اولىحلقة ا ال1 / 4 ((( التعريف))) سم ا/ ن العمر، أبلغ ممل عبدا عادل كا41 . عاما وفطرتهملهن المحرق بترابط أه كما هو حال فرجاط يتصف بسي هو حيرة بالمحرق، وام فريج العم ولدت ونشأت فيصفات علىك الني تلصيل، وقد أعانتة وخلقهم اسليم ال. منذ كنت صغيرالصيامة واى الص أن أكون محافظا عللتجارية عامنوية الثامة المنا جت من مدرسة ا تخر1891 م.لخامسي الصف اا وهي فركته واحدة ت. متزوج ولي ابنةستانري إلى أفغانرين حتى سف ع البح كنت أعمل في قوة دفاة ع وهي في الرابعت وعدت إليها عشر سنوائي وعمرهابتدا ا الوحيدة، وهي ابنتياديعدلث الثالصف ان عمرها وبا شرة ملسباحةلعامة وللحدائق ا ما كنت آخذها ل، وكثيرا ح معها، كثير المزا عليها وناي. كنت حن كل محبتها وما زلت أعطيت التي تفارقني. كثيرا وذلك تحبنيل، وكانت هي ك ركوب الخيلسباحة و صغيرة تحب االبحر، فقد كانت وهي ب((( ستانر إلى أفغان ار السف قر))) ستان في عامفغان كيمريراهم جراء القصف ادنهم وقزوح من م بالنفغان بدأ ا عندما1001 ى الهجوم الذي عل م ، رداباء تنقلنت ا ن ووكاتلفزيوت ال، كانت محطامسلمينكية مسؤوليته المريدارة ا لت ا والذي حمعرضت له أمريكا ت الوضع القوات من قبل إذا تعرضوا لهجومصيبهمما قد ين والرعب مفغاعيشه ا ي الخوف الذيهلع ولة اللمأساوي وحا اسنوات طويلة. عاشوها لجئين وة الفغان حياكية، فقد جرب امري اذا أدري ما ،لمساكينء ا جابي في مساعدة هؤ دور إيكون لي أن يبد من رت بشكل جازم أنه عندها قري أن أفعل يمكننرية،ت الخيلجمعياعية من ا أنتمي إلى جم غاثي وحقل ان في العاملي لست من السبيل، فأنا كيف ال بالتحديد وساني أفعل؟ذا ع فماستانور إلى أفغانى الفتوجه عل هو ال وتخذته بشكل جازم أ ار الذي كنت قد اي عن القر لم يثننسلبي ولكن هذا التفكير ال لمساعد منب العونى طل يضطروا إل ي وذلك حتى أسرتأمين حاجياتور في تى الفهم. بدأت علجانب الوقوف بلناس و ة اخرين.ة على ابنتي عالرك أمي وزوجتي واثة البعيد وأتغا يعقل أن أذهب أحد، ف

مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

  • Upload
    ms-amer

  • View
    44

  • Download
    0

Embed Size (px)

DESCRIPTION

مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

Citation preview

Page 1: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

1 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

بسم اهلل الرحمن الرحيم

1/4الحلقة األولى

((( التعريف)))

عاماً. 41عادل كامل عبداهلل، أبلغ من العمر /االسم

ولدت ونشأت في فريج العمامرة بالمحرق، وهو حي بسيط يتصف كما هو حال فرجان المحرق بترابط أهله وفطرتهم أن أكون محافظا على الصالة والصيام منذ كنت صغيراً.السليمة وخلقهم األصيل، وقد أعانتني تلك الصفات على

م.1891تخرجت من مدرسة المنامة الثانوية التجارية عام

كنت أعمل في قوة دفاع البحرين حتى سفري إلى أفغانستان. متزوج ولي ابنة واحدة تركتها وهي في الصف الخامس شرة من عمرها وبالصف الثالث اإلعدادي، وهي ابنتي الوحيدة االبتدائي وعمرها عشر سنوات وعدت إليها وهي في الرابعة ع

التي أعطيتها وما زلت كل محبتي. كنت حنوناً عليها، كثير المزاح معها، وكثيرا ما كنت آخذها للحدائق العامة وللسباحة بالبحر، فقد كانت وهي صغيرة تحب السباحة وركوب الخيل، وكانت هي كذلك تحبني كثيرا وال تفارقني.

((( قرار السفر إلى أفغانستان)))

م ، رداً على الهجوم الذي 1001عندما بدأ األفغان بالنزوح من مدنهم وقراهم جراء القصف األمريكي ألفغانستان في عام تعرضت له أمريكا والذي حّملت اإلدارة األمريكية مسؤوليته المسلمين، كانت محطات التلفزيون ووكاالت األنباء تنقل

المأساوي وحالة الهلع والخوف الذي يعيشه األفغان والرعب مما قد يصيبهم إذا تعرضوا لهجوم من قبل القوات الوضع األمريكية، فقد جرب األفغان حياة الالجئين وعاشوها لسنوات طويلة.

يمكنني أن أفعل عندها قررت بشكل جازم أنه البد من أن يكون لي دور إيجابي في مساعدة هؤالء المساكين، ال أدري ماذا بالتحديد وال كيف السبيل، فأنا لست من العاملين في الحقل اإلغاثي وال أنتمي إلى جمعية من الجمعيات الخيرية،

فماذا عساني أفعل؟

ولكن هذا التفكير السلبي لم يثنني عن القرار الذي كنت قد اتخذته بشكل جازم أال وهو التوجه على الفور إلى أفغانستان ة الناس والوقوف بجانبهم. بدأت على الفور في تأمين حاجيات أسرتي وذلك حتى ال يضطروا إلى طلب العون من لمساعد

أحد، فال يعقل أن أذهب إلغاثة البعيد وأترك أمي وزوجتي وابنتي عالة على اآلخرين.

Page 2: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

2 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

لمحتاجين. كنت في ذلك كما قمت بطلب بعض المساعدات المالية من الزكوات والصدقات من أهلي، لتوزيعها على االوقت في إجازتي السنوية التي لم أكن قد طلبتها من أجل السفر، ولكنها تزامنت مع عزمي على السفر، فأعددت

مستلزمات السفر وتوكلت على اهلل واشتريت تذكرة السفر إلى إيران لدخول أفغانستان عن طريق الحدود البرية بين البلدين.

((( إلى قندهار الوصول إلى إيران ثم)))

م وصلت إلى مدينة مشهد اإليرانية والقريبة من الحدود مع أفغانستان، وقمت بالسؤال عن الطريق 1001في شهر أكتوبر المؤدية إلى الحدود األفغانية وكيفية الدخول إلى أفغانستان بشكل صحيح، وذلك حتى ال أعرض نفسي لمخالفات مع

ى أفغانستان وهو الهدف الذي أتيت من أجله. لذلك فقد اضطررت للمكوث في إيران اإليرانيين مما قد يعرقل وصولي إلقرابة األسبوعين حتى تمكنت أخيرا من دخول األراضي األفغانية. مررت بالعديد من مدن أفغانستان وقراها وشاهدت الوضع

راب الذي تعرضت له الكثير من المناطق المأساوي الذي يعيشه األفغان، والفقر الشديد الذي يعانونه، ورأيت الدمار والخ جراء الهجمات التي قام بها الطيران األمريكي الهمجي.

كان مسيرنا خالل رحلة الدخول إلى أفغانستان بالنهار بسبب حظر التجول ومنع تحرك السيارات لياًل، وذلك ألن الطائرات رياً، ولم تسلم القوافل اإلغاثية من التعرض للهجمات األمريكية كانت تقصف أي هدف يتحرك ليال سواء كان مدنيا أو عسك

الصاروخية األمريكية.

((( الرحلة إلى قندهار)))

كانت وجهتنا مدينة قندهار والتي تعد من أكبر المدن األفغانية، استغرقت الرحلة عن طريق حافالت النقل العام من الحدود اإليرانية إلى مدينة قندهار حوالي اليومين.

كنا نبيت بالمساء في االستراحات التي على الطريق حتى يبزغ الفجر ثم نواصل طريقنا نهارا. والعصابات أو القصف الجوي. كانت الطريق آمنة ولم نتعرض ألي مشاكل كقطاع الطريق

ومررت على الكثير من األحياء والمباني والمنازل والسيارات المدمرة والتي قصفت ليال.األسر األفغانية والحالة المتردية للبيوت والبنية التحتية وقد رأيت أثناء مروري بالقرى األفغانية الفقر الشديد الذي تعاني منه

لهذه المناطق، فقمت بتقديم بعض من المساعدات والصدقات التي أحضرتها معي لهؤالء المحتاجين الذين كانت عالمات بأهلي بالبحرين الفقر والعوز واضحة على وجوههم. وفي قندهار استقر بي المقام بأحد الفنادق المتواضعة، وقمت باالتصال

لكي أطمأنتهم على وصولي. وقد تجولت في مدينة قندهار ومررت بمكتب الصليب األحمر الذي كان مغلقا في ذلك الوقت، ثم تجولت في أحياء المدينة التي بدت لي مدينة قديمة المباني والشوارع. وكانت الشوارع واألسواق مزدحمة

بالناس.

Page 3: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

3 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

((( إلى العاصمة كابول)))

أن مكثت في قندهار عدة أيام قررت االنتقال إلى العاصمة األفغانية كابول لتقديم المساعدة والوقوف على الوضع بعداإلنساني، حيث من المعلوم أن العمل اإلغاثي يتركز عادة في العاصمة أكثر من غيرها من المدن األخرى والمناطق الريفية.

يوما كامال بواسطة الباص ومكثت فيها عدة أيام، قدمت خاللها بعض وصلت إلى العاصمة كابول بعد رحلة استغرقت المساعدات والصدقات للمساكين والمحتاجين. ورغم سماع أصوات االنفجارات والقصف من المناطق البعيدة، فقد كان

قندهار، فكابول الوضع العام في العاصمة كابول شبه مستقر وكانت الحياة طبيعية. كانت كابول مختلفة تماما عن مدينة مدينة منظمة حديثة، شوارعها مرصوفة وواسعة ونظيفة ومشجرة باألشجار الجميلة، كانت المباني جديدة وجميلة.

وكنت أرى الناس وهم يتجولون في شوارع العاصمة، وكانت األسواق مليئة بالبضائع وكانت النساء يشترين من األسواق بكل األطفال وهم يلعبون بفرح وأمان فتذكرت ابنتي هاجر وتمنيت لها السعادة والخير.أمان، قد كنت أرى

كان الناس يلبسون مالبس نظيفة على خالف ما رأيته في قندهار.بل، لذا فقد كان جوها بالنهار جميال ومائال إلى البرودة، وأما بالليل فقد كان الجو بارداً. كانت الجبال تحيط بالعاصمة كا

وكان الهواء نظيفا نقيا، أما قندهار فقد كان طقسها حاراً بالنهار ومعتدال بالليل، وأما الهواء فلم يكن صحيا بل كان مغبرا ألن الشوارع لم تكن مرصوفة بل كانت تعلوها األتربة.

((( الخروج من كابول)) )

كانت األحداث في أفغانستان تتسارع بشكل غير متوقع، وأيقن الناس أن كابول ستسقط ال محالة في أيدي الميليشيات الشمالية التي يطلقون عليها لقب المخالفين.

نت الميليشيات الشمالية تنتمي إلى العرق الطاجيكي والفارسي وكان هؤالء يكنون عداوة شديدة جداً للعرب ويحّملونهم كامسئولية مقتل القائد األفغاني الطاجيكي أحمد شاه مسعود، لذا فقد كانوا يتحينون الفرصة ويتمنون أسر أي عربي لالنتقام

بأن الوضع لم يعد آمنا، بدؤوا بالخروج من أفغانستان، وعندها قررت عدم البقاء لمقتل قائدهم وزعيمهم. فلما أحس العربفي العاصمة فخرجت إلى المناطق الريفية على أمل أن أتمكن من مغادرة أفغانستان إذا ساءت األحوال. وقد صدقت

شيات الشمالية التي عاثت فيها التوقعات، فبعد خروجي من كابول بأيام قليلة، سقطت العاصمة األفغانية في أيدي الميليفسادا ودماراً، وقامت باالنتقام من العرب الذين وقعوا في قبضتهم، وقاموا بقتل العديد من األفغان من األصول البشتونية، والذين يسكنون المناطق الجنوبية والشرقية المحاذية لباكستان. كان الشماليون يقتلون الناس على الهوية وعلى الهيئة، لذا

فقط سارع الكثيرون من األفغان إلى حلق لحاهم ولبس البنطلون بدال من اللباس األفغاني التقليدي وذلك حتى يسلموا من القتل واالنتقام العشوائي.

Page 4: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

4 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

((( البحث عن العرب)))

الطريق إلى بر األمان، في ظل هذه الفوضى العارمة، كان قرار التحرك شماالً أو جنوباً وشرقاً أو غرباً ليس سهاًل، فقد يقودكوقد يوقعك في أيدي القوت التي تبحث عن العرب لقتلهم أو تسليمهم لألمريكان للحصول على المكافآت المالية التي

رصدت لمن يأتي بأي عربي حيا أو ميتًا.أصبح العرب بين فكي كماشة، فاألمريكيون يودون البطش بهم انتقاما لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، والميليشيات

األفغانية الشمالية يبحثون عنهم لينتقموا لمقتل أحمد شاه مسعود والحصول على الجوائز والمكافآت.تمبر وال بمقتل مسعود، إال أن كوني عربياً كان يكفي لتعرضي للخطر، لذا كان الوضع ورغم عدم صلتي لي بهجمات سب

كان . يستدعي الخروج بسرعة من هذا المأزق، فكيف سيفهم األمريكان والشماليون أنني بريء من كلتا التهمتينالسبيعي السعودي، فقررنا التحرك يبد الهادعمن حسن حظي أن التقيت في هذه األثناء باألخ عمر رجب الكويتي واألخ

معاً وبدأنا نتنقل ببطء وحذر من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى أخرى أمال في الوصول إلى الحدود الباكستانية.

((( االستعانة بدليل أفغاني)))

ط آالف الضحايا من بلغ القصف األمريكي ذروته، وكانت الطائرات تقصف كل شيء بشكل عشوائي ودون تمييز، وسق الرجال والنساء واألطفال والشيوخ.

وقد سمعت من اإلعالمي سامي الحاج مصور قناة الجزيرة والذي التقيته في معتقل غوانتنامو، بأن بعض القرى قد مسحت ة أبيها. وقد صورت قناة الجزيرة بعض هذه المجازر وغطت األحداث بالتفصيل، فعاقبت القوات األمريكية قناة عن بكر

الجزيرة بإيداع سامي الحاج معتقل غوانتنامو، رغم كونه مجرد إعالمي ينقل الحدث بكل موضوعية وحرفية.ى إحدى القرى، ولما علم األهالي بوصول ضيوف من العرب استقبلونا أحسن وصلنا مع األخوين عمر وعبدالهادي إل

استقبال وأكرمونا وضيفونا في بيوتهم. وفي اليوم التالي أخبرناهم بأننا قد نتعرض للخطر إذا ما وقعنا في أيدي المخالفين، فطمأنونا ووعدونا بأنهم سيساعدوننا في الوصول إلى باكستان.

وألن وبالفعل فقد كلفوا اثنين من رجال القرية ليرافقانا أثناء رحلة الخروج. الطريق، كان من األسلم لنا أن نخرج مشيا السفر بواسطة السيارات غير آمن وذلك لوجود الكثير من الحواجز العسكرية في

على األقدام عبر القرى حتى نصل إلى باكستان.جب نحونا خير قيام ن لنا أهل القرية المالبس األفغانية وزودونا بالطعام والشراب والمالبس الشتوية وقاموا بالواوقد أمّ

كان فجزاهم اهلل خيرا.وكان الدليالن يعرفان القرى التي نمر بها ويتجنبان المرور بالقرى غير المأمونة والتي قد يغدر بنا أهلها.

الناس في القرى التي نمر بها يكرموننا ويقدمون لنا الطعام والشراب والمأوى والمبيت، وبقي هذان الدليالن معنا حتى اقتربنا من إلى الحدود الباكستانية. جاء بعد ذلك أحد األفغان وعرض أن يقوم بتوصيلنا إلى سفارات بالدنا مقابل مبلغ من المال،

Page 5: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

5 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

الدليالن أن يقدما له المال، ولكننا شكرناهم وأخبرناهم بأننا سنقدم له المال بأنفسنا عندما نصل إلى سفاراتنا وقد أراد آمنين. بدأنا السير مع الدليل الجديد عبر المناطق الحدودية الوعرة حتى دخلنا األراضي الباكستانية.

من الوديان والغابات والجبال واألنهار. خالل رحلة الخروج قطعنا الكثيركان الجو باردا جدا، وقد نزل علينا المطر والثلج. وقد اضطررنا في المراحل األخيرة من الرحلة أن نمر عبر جبال وعرة

والي أربعة آالف متر.شاهقة جدا بلغ ارتفاعها ح كنا نسير في الثلج الذي يصل مستواه إلى الركبة، وأحياناً إلى الفخذ والحوض.

تى أن الدليل قد اضطر إلى االستعانة بأدلة آخرين، لتجنب الوقوع في الحفر كانت الرحلة في غاية الصعوبة والمشقة ح والسفوح والوديان المغطاة بالثلوج مما يعني موتا محققا.

ألسباب التي ذكرتها آنفاً.كان مسيرنا بالنهار حيث أن المشي بالليل كان في غاية الخطورة لكان شهر رمضان قد دخل علينا أثناء هذه الرحلة، وقد صمنا بعض األيام واضطررنا للفطر في أيام أخرى وذلك من شدة

أفغانستان. التعب والجوع، وقد أنهينا في معتقل غوانتنامو قضاء األيام من شهر رمضان والتي لم نستطع صيامها فيكان الناس في القرى التي نمر بها في هذه الجبال يرحبون بنا خير ترحيب ويقدمون لنا كل مساعدة ويكرموننا أفضل إكرام

رغم فقرهم وحاجتهم. وكان شيوخ القرية وكبراءها يحتفون بنا ويخرجون معنا ويثنون على العرب وما قدموا من مساعدة فغاني، وكانوا يبدون لنا أسفهم الشديد ألنهم ال يستطيعون أن يقدموا لنا المساعدة على أكمل وجه وال الوقوف للشعب األ

معنا في هذه المحنة وذلك بسبب ما تمر به البالد من فوضى عارمة وتدخل أجنبي، وكانت القرى التي تساعد العرب أو ا من الخريطة ألنها آوت بعض العرب، حيث قام الوشاة من تؤويهم تتعرض للقصف والتدمير، وقد مسحت قرى بأكمله

ضعاف النفوس بالتبليغ عن هذه القرى واتهموا أهلها بالتعاون مع الطالبان، فقام األمريكان بقصفها بالطائرات ودمروها عن يقصفون القرى من بكرة أبيها. وهذه طبيعة الجنود األمريكان، فهم من شدة جبنهم ال يواجهون أعداءهم وجها لوجه ولكن

بعيد فيقتلون النساء واألطفال والشيوخ.

((( االختباء عن أعين المرتزقة))) تقديم أي خدمة نطلبها، بل وقد كانوا وعلى النقيض من تلك الصور الرائعة في حب األفغان للعرب واستعدادهم للمساعدة و

يقولون لنا بأنهم سيفدوننا باألرواح واألوالد ألننا في نظرهم أبناء الصحابة وقد أتينا من بالد العرب لمساعدتهم ونجدتهم، ريكان كان بعض األفغان والباكستانيين يتجولون بحثاً عن العرب طمعا في الحصول على المكافآت المالية التي يقدمها األم

ورغم حاجتنا لمن يسلم العرب. وكنا بدال من إلى الطعام والراحة، فقد كان من الطبيعي أن نختبئ عن األنظار.

ففي حين ن نستعين بالمارة، كنا نختبئ عنهم خشية أن يكونوا من المرتزقة المندسين بين النازحين من األفغان. أكان بعض األفغان يبحث جاهدا عن العرب لتسليمهم لألمريكان، كانت الغالبية من األفغان يحبون العرب كثيرا ويحتفون بهم

روهم، وكان العربي إذا تكلم أصغى األفغان إليه وأخذوا كالمه بالتصديق والتسليم ويجلسونهم في صدر المجلس إذا زاالمطلق. دخل علينا عيد الفطر ولكن لم يكن له طعم العيد الحقيقي عند األفغان، فرغم أن الناس كانوا يحاولون الفرح

Page 6: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

6 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

ستان كلها في أيدي القوات األمريكية الغازية والسرور بمقدم العيد، كان سقوط الضحايا الكثيرون من أبنائهم بل وسقوط أفغان قد أطفأ الفرحة الحقيقية من قلوبهم ووجوههم.

((( في أيدي القوات الباكستانية)))

بعد مسير طويل رأينا من بعيد نقطة حدودية للجيش الباكستاني، فكان أمامنا خياران فإما أن نذهب للجنود الباكستانيين ننا نريد الوصول إلى باكستان ومن ثم إلى سفارات بلداننا، وإما أن نختبئ عن أنظار الجنود ونخبرهم بأننا من العرب وأ

ونواصل المسير حتى ندخل إلى األراضي الباكستانية.أفغانستان قد تم بشكل سليم وقانوني، وألن التعب قد بلغ منا مبلغه ولم نعد وحيث أن أوراقنا كانت سليمة وأن دخولنا إلى

قادرين على مواصلة السير نحو المجهول، وألن األفغان والمرتزقة واألمريكان والجوع والعطش والتعب كانوا جميعا أعداء لنا إلى سفارات بالدنا في باكستان، وارتحنا لهذا يالحقوننا، فقد قررنا الذهاب إلى الجنود في تلك النقطة لنطلب منهم توصيلنا

القرار الذي لم يكن أمامنا خيار آخر أفضل منه في تلك اللحظة.ن الخبز والعدس، وأخبرونا بأن نأخذ استقبلنا الجنود الباكستانيون استقباال طيباً وقدموا لنا الماء والطعام وكان الطعام عبارة ع

راحتنا في التجول واستخدام دورات المياه، وطمأنونا أن األمور ستسير على خير ما يرام، وأنهم سيأخذوننا في الصباح إلى الشرطة حيث سيتم استجوابنا بشكل سطحي لتحديد هوياتنا ثم ستقوم السلطات المختصة بتسليمنا إلى سفارات بلداننا.

ي هذه النقطة الحدودية ضابط باكستاني يتحدث اإلنجليزية وكان يطمئننا ويقول بأن األمر سينتهي على خير، وطلب كان فمنا أن نسلمه ما نحمله من أمانات وأغراض شخصية في حوزتنا، حيث سيسلمنا للشرطة الباكستانية والتي ستقوم بدورها

از السفر والبطاقة الشخصية ورخصة القيادة، وكان يعد معي أموالي بتسليمنا لسفاراتنا، فأعطيته ما كان بحوزتي من جو الخاصة ويسجل كل شيء في ورقة، ثم وقع على الورقة وطلب مني أن أوقع كذلك ثم وضع األمانات في كيس من

البالستيك.

((( الغدر الباكستاني)))

التي وعدنا الضابط بتوفيرها لنقلنا إلى مركز الشرطة، بقينا في النقطة الحدودية حتى صباح اليوم التالي في انتظار السيارةولكن السيارة تحولت إلى طائرة عمودية أرسلتها القوات الباكستانية مع فرقة من القوات الخاصة المسلحة التي ترتدي

نا من المالبس السوداء وقد تكون القوات الخاصة بمكافحة اإلرهاب، وكان عددهم حوالي الخمسة عشر جنديا، وتسلمو النقطة الحدودية، عرفنا حينها أننا قد تعرضنا للغدر والخديعة. قام الجنود بربط أيدينا وأرجلنا من الخلف بحبال غليظة

وغطوا أعيننا، ثم حملونا حمالً ورمونا داخل الطائرة. وتم تعيين أربعة جنود داخل الطائرة لحراسة كل واحد منا حيث جلس ة الطائرة، فكان األمر شاقا علينا وكانت مفاجأة غير متوقعة.الجنود على ظهورنا طوال رحل

هبطت الطائرة في مطار بيشاور حيث أخرجونا من الطائرة ورمونا رميا مرة أخرى على أرض المطار وبقينا في العراء مدة وم هو يوم الجمعة حيث كنا نسمع الخطباء يخطبون من المساجد ساعتين دون أن يكلمنا أحد من الجنود، وكان ذلك الي

القريبة من المطار. ثم تم حملنا من جديد في إحدى الشاحنات مع عدد من الجنود، ولم نتمكن من معرفة عددهم ألن

Page 7: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

7 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

دونا ونحن أعيننا كانت معصوبة، وسارت بنا الشاحنة حوالي عشرين دقيقة إلى أحد مراكز الشرطة، حيث فكوا أرجلنا وقاموثقي األيدي ومعصوبي األعين إلى زنازين وهناك فكوا أيدينا وأعيننا فاكتشفنا أننا قد تم إيداعنا في زنازين تقع تحت األرض عليها أبواب حديدية وعددها حوالي ستة زنازين صغيرة وكنا أربعة أألشخاص في زنزانة واحدة. كانت أرضية الزنزانة وسخة

شديدة القذارة. فطلبنا من الحراس أن يعطونا بعض البطانيات فادعوا عدم توفر أي بطانيات لديهم، جدا، ومفروشة بسجادةوكان فطلبنا منهم أن يشتروا لنا من أموالنا بعض البطانيات فرفضوا.

نيين الذين سجنوا ألنهم ساعدوا العرب على الخروج من أفغانستان إلى باكستان، في الزنزانة المجاورة بعض اإلخوة الباكستافلما سمعونا نتحدث مع الحراس بشأن البطانيات، تبرعوا ببعض ما عندهم من البطانيات والوسائد والفرش وطلبوا من الجنود

السجن سيئة جدا، فلم يكونوا يسمحون لنا أن يقدموها لنا. بقينا في هذا المركز قرابة األسبوع، كانت المعاملة في هذا بالذهاب إلى الخالء إال قليال، وأما الطعام الذي يقدم لنا فكان سيئا جدا، وهو عبارة عن عدس حار جدا ورغيف واحد في الغداء والعشاء، وأما الفطور فرغيف خبر واحد وبعض الشاي. ولم يكونوا يسمحون لنا بالخروج للوضوء بل كانوا يحضرون لنا الماء في قوارير لنتوضأ في الزنازين وكان ذلك صعبا ألن الماء يتجمع في الزنزانة الضيقة فتضايق المعتقلين ولكن لم يكن

أمامنا خيار آخر، وكنا نصلي في الزنزانة صالة الجماعة والحمد هلل. وتم التحقيق معنا من قبل جهاز االستخبارات ذهبت إلى أفغانستان من أجل تقديم العون والمساعدة للشعب األفغاني، فوعدونا خيراً الباكستانية الذين أخبرتهم بأنني قد

وأخبرونا أنهم سيقومون باالتصال بسفارات بلداننا الستالمنا وإرسالنا إلى بلداننا ولم يوجهوا لنا أي اتهام.

Page 8: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

8 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

بسم اهلل الرحمن الرحيم

1/4الحلقة الثانية

((( ول مع األمريكاناللقاء األ)))

خالل الفترة الذين قضيناهما في سجن بيشاور، أخذنا الباكستانيون لمقابلة أشخاص في جهة لم يحددوها لإلجابة على بعض األسئلة البسيطة التي ستوجه لنا. تم أخذنا إلى إحدى الفيالت، وفوجئنا بأننا نتقابل وجها لوجه مع المحققين األمريكان،

مامنا خيار آخر سوى التعاون مع المحققين.ولكن لم يكن أتم التحقيق معي من قبل رجل وامرأة من المخابرات األمريكية، كان المحقق من أصل لبناني واسمه عباس ويبلغ من العمر

نة، أبيض اللون مائل إلى الحمرة، وكانت عالمات الحقد والبغض تبدو على وجهه، وكان يتحدث العربية حوالي الخمسين س بطالقة ولكن باستهزاء وتكبر وغطرسة، أما المرأة فكانت تتحدث العربية قليال.

ة العامة لنا ثم يطلق سراحنا.وكنا نأمل أن يتم توجيه بعض األسئلسألنا األمريكان عن االسم والجنسية والعمر والمؤهل وسبب الذهاب إلى أفغانستان وكيفية الدخول وتاريخ الوصول إلى

أفغانستان. بعد االنتهاء من التحقيق، أعادونا إلى سجن مركز الشرطة وبقينا هناك مدة يوم أو يومين.

ي هذا السجن ثالث أو أربع مرات.عاود الباكستانيون التحقيق معنا خالل فترة مكوثنا ف ثم أحضر لنا الباكستانيون مالبس زرقاء وقالوا لنا بأن مالبسنا التي نلبسها وسخة وأنهم سيقومون بغسلها ثم سيعيدونها لنا.

لكن لم تكن أمامنا حيلة أو خيار إال االستجابة لم تنطلي هذه الخدعة علينا، بل زاد يقيننا من خبث الباكستانيين وغدرهم، و لمطالبهم طمعاً في انتهاء هذا الكابوس.

((( في قبضة القوات األمريكية)))

ثم لبسنا الزي األزرق وهو عبارة عن قطعة واحدة مصنوعة في الكويت.واحدا تلو اآلخر، وتم تقييدنا بالقيود من خلف ظهورنا وتم تعصيب أعيننا وأدخلنا في ميني باص. تم إخراجنا من السجن

كانت الساعة حوالي العاشرة لياًل، وكانت وجهتنا مطار بيشاور الباكستاني.مريكان، فتيقنا أننا سنسلم للقوات األمريكية وأن وعود الباكستانيين عندما وصلنا إلى المطار سمعنا أصوات الجنود األ

بتسليمنا لسفارات بلداننا كانت أكاذيب وخداع.كان ألنه ال يعقل أن يسلمونا للكفار الذين يقاتلون ورغم أننا كنا نطمئن أنفسنا بأن الباكستانيين ال يمكن أن يسلمونا لألمري

اهلل ورسوله والمسلمين.وأن رجوعنا إلى بلداننا مسألة وقت، ولكن عندما ثم إن الباكستانيين قد حققوا معنا بما فيه الكفاية، وأكدوا لنا بأننا أبرياء،

Page 9: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

9 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

وصلنا إلى المطار وأصبحنا في قبضة األمريكان، تالشت كل اآلمال في الباكستانيين وعلمنا أنهم قد خانوا وغدروا، وأيقنا أن اهلل وصبرنا وقلنا مرحلة جديدة من حياتنا قد بدأت منذ تلك اللحظة، وأن االبتالء الحقيقي قد بدأ اآلن، فاحتسبنا ذلك عند

حسبنا اهلل ونعم الوكيل، وذّكرنا بعضناً بعضاً بأن اهلل هو خير حافظاً وأنه هو أرحم الراحمين. كانت أعيننا معصوبة فلم نكن نرى شيئًا، وبدأ األمريكيون يستعرضون قوتهم وشجاعتهم علينا، فشدوا القيود علينا أكثر

وا معنا وسائل عنيفة وعاملونا بقسوة وشدة، ولم يكن هذا بمستغرب فهم يعتبروننا إرهابيين نستحق القتل واإلبادة.واستخدم

((( الترحيل إلى قندهار)))

تم إدخالنا إلى طائرة شحن عسكرية ذات مراوح وتم إجالسنا على أرضية الطائرة الصلبة.نحن الثالثة الوحيدون الذين أحضرنا إلى الطائرة فقد اتضح أن عددا من اإلخوة العرب قد تم إحضارهم من أماكن لم نكن

وسجون مختلفة في نفس الوقت، حيث كنا نسمع أصواتهم وتقييدهم ولكننا لم نستطع أن نراهم ألن أعيننا كانت معصوبة، الصعود إلى الطائرة. كانت الرحلة متعبة جداً بسبب القيود الشديدة وألن األمريكان غطوا رؤوسنا بأكياس من الخيش قبل

وطريقة الجلوس على األرضية الصلبة للطائرة، وألن الرحلة كانت طويلة والجو كان بارداً، ولكن اهلل مّن علينا بالصبر والثبات والحمد هلل رب العالمين. كانت الوجهة مطار مدينة قندهار األفغانية.

م.1001استغرقت الرحلة حوالي الساعة والنصف، كان ذلك اليوم هو الثامن والعشرين من شهر ديسمبر عام أنه لباس تم إنزالنا من الطائرة وإجالسنا على أرض المطار حفاة األقدام، وكنا نلبس الزي األزرق الذي وعدنا الباكستانيون ب

مؤقت. بقينا جالسين في أماكننا عدة ساعات، ثم نقلنا إلى منطقة أخرى من المطار وبطحنا على األرض على بطوننا في البرد الشديد لعدة ساعات إضافية.

ا لتحقيق أولي لتحديد هوياتنا وأسمائنا، وقد تعرضنا خاللها للضرب الشديد واإلهانة، تم إيداعنا بعد ذلك في ثم أخذونمعتقل عبارة عن منطقة حجز مسورة باألسالك الشائكة وليس بها أي شيء، فكنا نفترش األرض ونلتحف السماء، ولكن

شعورنا بأن اهلل معنا خفف عنا كثيرا من المعاناة. وفي هذا المعتقل تعرفت للمرة األولى على األخوين البحرينيين عبداهلل النعيمي وعيسى المرباطي ولم أكن أعرفهما من قبل.

باح وكانت الحراسة علينا مشددة جداً. جلسنا تلك الليلة في المعتقل حتى أسفر نور الصتم بعد بزوغ الفجر رأينا عدداً كبيراً من اإلخوة العرب الذين اعتقلوا من أماكن متفرقة.

على السيرة الذاتية ولماذا ذهبت إلى أفغانستان ومتى، ولماذا التحقيق معنا مرة أخرى في اليوم الثاني، كانت األسئلة تركز . ؟وكيف ؟ومتى ؟خرجت من أفغانستان

بقينا في معتقل قندهار قرابة الثالثة أسابيع تعرضنا خاللها إلى صنوف العذاب. كان من المضايقات التي تعرضنا لها أنهم ال يقدمون لنا من الطعام إال القليل من الوجبات العسكرية، وكانوا يمنعوننا من

د منا، وكانوا النوم بالليل حيث كانوا يوقظوننا أكثر من خمس مرات كل ليلة بحجة التأكد من عدد المعتقلين وعدم هروب أحتم يزعجوننا باألصوات الصاخبة واألنوار العالية.

Page 10: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

11 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

تعذيب المعتقلين بالكهرباء والضرب والوضع في السجن االنفرادي لفترة طويلة، كان السجن االنفرادي عبارة عن صناديق مصمتة تماماً، وكانوا يحرموننا من الطعام لمدة يومين أو ثالثة. خشبية

((( إلى غوانتنامو)))

في أحد األيام أخذت أنا وبعض اإلخوة لياًل من بين باقي المعتقلين، وبعد تقييدنا بشدة، تم نقلنا إلى معتقل آخر شبيه فيه حتى صباح اليوم الثاني. بالمعتقل األول من حيث كونه منطقة محاطة بأسالك شائكة حيث بقينا

وفي الصباح تم تقييدنا من الخلف وأخذنا إلى داخل الخيام الملحقة بالسجن حيث تم حلق شعر رأسنا ولحانا ثم ألبسونا يتم نقلنا.مالبس برتقالية بداًل من المالبس الزرقاء. لم نعرف حتى تلك اللحظة ما األمر أو إلى أين س

في هذا المكان تعرفت للمرة األولى على أخي جمعة المرباطي الذي كان رفيق دربي إلى معسكر غوانتنامو وكنا أول البحرينيين الذين نقلنا إلى ذلك المعسكر، وثالث دفعة من المعتقلين الذين أرسلوا إلى معتقل غوانتنامو.

تم إغماض أعيننا وآذاننا وأفواهنا، ثم قيدونا مرة أخرى ولكن هذه المرة بطريقة أشد حيث استخدموا قيوداً حديدية وأقفااًل، ثم ربطت أيدينا إلى بطوننا بسالسل وأقفال، ثم وضعونا في ساحة خلفية من المطار، وبقينا جالسين في العراء من العصر

ى منتصف الليل تقريباً ونحن معصوبي األعين واآلذان. أخذنا إلى إحدى طائرات الشحن العسكرية وكانت المقاعد على وحت جانبي الطائرة، وتم تقييد أيدينا إلى المقاعد وأرجلنا إلى أرضية الطائرة، وفي هذه المرة قاموا بتكميم أفواهنا بكمامات.

ثالث ساعات ثم حطت في أحد المطارات، حيث نقلنا إلى طائرة شحن عسكرية أخرى دون أن يرفعوا أقلعت الطائرة مدة الغطاء عن أعيننا أو يفكوا قيودنا.

طريقة أشد، وكانت المقاعد في هذه الطائرة أسوأ من المرة الماضية فهي عبارة عن تم تقييدنا من جديد كالمرة األولى ولكن بقماش فقط، انتظرنا في الطائرة قرابة الست ساعات وحتى الفجر حسب اعتقادي، فصلينا الفجر ثم أحسست بشروق

الشمس.أقلعت الطائرة في رحلة طويلة ومرهقة استغرقت قرابة األربع والعشرين ساعة أو أكثر لم نتمكن خاللها من استخدام دورات

مبلغه وانتفخت يداي المياه ولم يقدم لنا الماء أو الطعام ولم يسمح لنا بالكالم أو الحركة، كان التعب واإلعياء قد بلغ مني ورجالي من شدة الربط وطول مدة القيد، كانت وجهة الطائرة هي معتقل غوانتنامو.

أنزلونا من الطائرة، وتم ضربنا ضربا مبرحا ونحن معصوبي األعين واألذن والفم واليدين والرجلين. .X-RAYثم وضعنا في باصات وأجلسنا على أرضية الباص حيث لم تكن هناك مقاعد. تم أخذنا بالباصات إلى معتقل

(((X-RAY معتقل )))

كما هو واضح من اسم المعسكر فهو يعني أنه مكشوف تماماً من جميع الجهات، فال مجال لالختباء فضاًل عن الهرب. في جزء من جزيرة كوبا قبالة والية فلوريدا األمريكية. يقع المعسكر

وقد تم تشييد المعسكر قريباً من ساحل البحر، وهذا الساحل عبارة عن شواطئ صخرية مرتفعة ومطلة على المحيط تطوف المياه روحة وإياباً، هذا فضال عن أبراج المراقبة الكثيرة والتي األطلسي. وكانت دوريات خفر السواحل األمريكية

Page 11: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

11 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

تحرس المعتقل طوال اليوم.ة عنابر، وكل عنبر به ستون زنزانة. والمعتقل مبني في أرض فضاء ليس والمعتقل عبارة عن عدد من الزنازين مقسمة إلى ست

فيه ما يقي من برد الشتاء والمطر أو من حر الصيف والشمس. فمبنية من الخرسانة.والزنزانة مشيدة من الشبك من الجهات األربع ومن السقف، أما األرضية

مساحة الزنزانة حوالي مترين في متر وثمانين سنتيمتراً. للزنزانة باب من حديد وشبك. تحتوي الزنزانة على حصيرة من وشرشف اإلسفنج الرقيق جدا سمكه حوالي نصف سنتيمتر، وقد وضع كل معتقل في زنزانة لوحده وأعطي بطانيتين خفيفتين

ومنشفة ونعل بالستك وسطالن أحدهما للماء الذي نستخدمه لكل شيء من الشرب والوضوء واالغتسال واآلخر للخالء وقضاء الحاجة.

مور التي تضايقنا، هي أننا ال نستطيع أن نختلي لقضاء الحاجة. وقد كان من أشد األ بقينا طوال سنوات االعتقال بالمالبس البرتقالية التي كانت تغسل من حين آلخر وبشكل متقطع.

ية والبدنية على البشر الختبار قوة التحمل عندهم ولعمل التجارب واالختبارات يمكن اعتبار المعسكر حقل للتجارب النفس التي تريد القوات األمريكية تعميمها في حالة ثبت نجاح التجربة على معتقلي غوانتنامو.

عرضنا على الطبيب، وتم تصويرنا وأخذ بصماتنا وتغيير في بداية إيداعنا المعتقل المذكور قام الجنود بضربنا بشدة، ثم مالبسنا، ثم وضعنا في الزنازين قبيل المغرب.

لذي كنت في أمس الحاجة له، لقد حمدت اهلل على الطمأنينة والشعور بالثبات والذي كنت أشعر به في ذلك الوقت، وافليس من السهل أن تتصور نفسك وقد تعرضت لكل هذا الغدر والخيانة ممن تظنهم إخوانك في الدين ثم تجد نفسك في أقصى األرض بين يدي أعدائك وفي هذه الزنازين القاسية وال يدري عنك أحد من البشر وما تتعرض له من التعذيب واإلهانة

ين يدي الجالد إن شاء قتلك وإن شاء عذبك وإن شاء فعل بك األفاعيل على غفلة من البشر، ولكن طوال الوقت، وأنت باهلل شرح صدري وأسبغ علي الثبات والسكينة فحمدت اهلل منذ اللحظة األولى على ما أصابني، وتذكرت نبي اهلل يوسف

لزيغ عن ديني. عليه السالم وقلت في نفسي ربي السجن أحب إلي مما يدعونني إليه من ا ويكثر في المعتقل وجود الزواحف والثعابين والعقارب والفئران والحشرات التي تزورنا في الزنازين.

وتجلب البعوض الذي وكانت األنوار القوية المسلطة والمضاءة طوال الليل ال تمنعنا من القدرة على النوم فحسب، بل يمنعنا من النوم أيضا.

معنوياتهم، وفوق لقد تم تصميم المعسكر بطريقة تهدف إلى زيادة الضغط النفسي على المعتقلين وإضعاف عزائمهم وكسر كل ذلك فقد كان الجنود يتعمدون إزعاجنا وتشغيل مكبرات الصوت العالية لمنعنا من النوم، ولكننا مع الوقت اكتسبنا مناعة

ضد كل ما مر ولم نعد نلقي لها باالً.

Page 12: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

12 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

((( CIAو FBIمحققو )))

عنا، فلم يسمح لنا بالوقوف أو المشي أو بدأ المحققون منذ اليوم األول في استخدام شتى أساليب الضغط النفسي ماالنبطاح، ولم يسمح لنا بالحديث مع المعتقلين في الزنازين المجاورة وال حتى النظر إليهم أو االلتفات لهم إال بعد مرور

لنفسي. خمسة أيام تقريباً من وضعنا في الزنازين، عندها شعرنا بالطمأنينة والراحة النفسية، فبدأنا بالتبسم والسرور اوقد أخبرنا المعتقلون الذين أحضروا إلى هذا المعتقل قبلنا، فإنهم لم يسمح لهم بالكالم إال بعد مرور أسبوعين على

ون في اعتقالهم. ولما رأى الجنود هذه الروح العجيبة، كانوا يسألوننا كيف تضحكون وأنتم في هذه الحال، ثم بدؤوا يتشدد معاملتنا من جديد ويأمروننا بعدم اإلكثار من الكالم.

في بداية األمر كان أمر االعتقال والسجن شديداً جداً على نفسي، حيث كانت المرة األولى في حياتي التي أدخل فيها ن، وكنت أشعر بشيء من التوجس من المجهول، ولكن هذا الخوف والتردد زال بعد ذلك. تم أخذي عدة مرات السج

للتحقيق ولم تختلف األسئلة عن السابق حيث كانوا يسألونني عن السبب والكيفية التي ذهبت بها إلى أفغانستان، وكنت أجيبهم على قدر السؤال.

، كان المترجم الذي يترجم خالل جلسات التحقيق من أصل عربي واسمه CIAو FBIوقد تم التحقيق معي من قبل عمالء وما يدريني أنكم كذلك، وطلبت قلت لهم CIAو FBIعلي. أذكر أن المحققين وعددهم أربعة عندما أخبروني بأنهم من

منهم أن يخرجوا هوياتهم لكي أتأكد من األسماء والصور، فتعجبوا من طلبي ومن ثقتي بنفسي رغم أنني في قبضتهم وبين مخالبهم، وقد استجابوا لطلبي وأخرجوا بطاقاتهم الرسمية. وألنني كنت موثوق اليدين والرجلين ولم أستطع مسك هوياتهم،

م علي بإطالعي على البطاقات الواحدة تلو األخرى وتعريفي على صاحبها فكنت أتأكد من االسم والصورة وكان قام المترجالعمل. كان الهدف من التحقيق هو إقناعي بأنني إرهابي مجرم، وأنني قد ارتكبت جرماً عظيماً بحق أمريكا واإلنسانية. وكنت

ال يجيبون على هذا السؤال بل يقولون بأنني من تنظيم القاعدة ومن أتباع أسألهم عن التهمة الرسمية الموجهة إلي، فكانواأسامة بن الدن، فقلت لهم أنني ال أعرف القاعدة وال أسامة بن الدن وأنكم لم قبضوا علي في أفغانستان ولم يكن بحوزتي

تي وأنهم ال يستطيعون البوح بها، وأن أي سالح لحظة القبض علي في باكستان، وكانوا يقولون بأن لديهم أدلة سرية على إدانمن واجبي أن أدافع عن نفسي وأن أدفع التهمة الموجهة إلي، فقلت لهم بأنني ال أعرف التهمة بالتحديد وأنكم ترفضون البوح باألدلة السرية التي تدعون أنكم تملكونها. عند ذلك بدأت بالشد والصراخ عليهم مما اضطرهم إلى إلغاء جلسة

اب وإعادتي إلى الزنزانة.االستجو

((( إهانة المصحف منذ األيام األولى)))

كانت حوادث إهانة المصحف الشريف تتكرر منذ األيام األولى في معتقل غوانتنامو.، فجاء أحد الجنود وقام بشكل وقد وقعت إحدى هذه الحوادث أمامي، حيث كان أحد المعتقلين يضع مصحفه على بطانية

متعمد بحركة استفزازية بهدف إثارة المعتقلين، فسحب البطانية وسقط المصحف على األرض، فثار المعتقلين وبدؤوا بالصراخ واالحتجاج على هذا التصرف األهوج، وأخبروه بأن هذا كتاب اهلل وعليه أن يحترم مشاعر المعتقلين ودينهم، فقال

Page 13: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

13 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

ذا هو كتابكم المقدس! ثم قام بركل المصحف عدة مرات برجله، فغضب الشباب كثيرا، وطلب مني اإلخوة مستهزئاً، هل هأن أوجه له تحذيرا بأال يكرر هذا الفعل، فتكلمت معه بشدة وغضب، فكان يشتمني ويسبني، فقام اإلخوة بالتكبير الجماعي

وبدؤوا يركضون ناحية باب المعسكر طلبا للهرب. بصوت واحد مرتفع جداً، حتى أصيب السجانون بحالة من الرعب،عند ذلك خرج الضباط من مكاتبهم ورؤوا المنظر وما أصاب جنودهم من الرعب وسمعوا أصوات التكبير والضرب على

شبك الزنازين فتم استنفار الجنود واستدعيت السيارات العسكرية وتمت محاصرة المعتقل باألسلحة الثقيلة. كان األمر مروعا بالنسبة لهم، ولكن في نفس الوقت ارتفعت الروح المعنوية للشباب عندما اكتشفوا أنهم يملكون السالح

األقوى وهو سالح التكبير. بعد ذلك جاءنا المسئولون ليستفسروا عن سبب الغضب والهيجان، فأخبرناهم بما حدث، وحذرناهم من التمادي في مثل

هذا التصرف، فوعدونا بأن هذه الحادثة لن تتكرر وطلبوا منا الهدوء، وألنني كنت المترجم لإلخوة حيث كنت أجيد التحدث كنت المحرك للشغب والعصيان فقاموا بنقلي من هذا العنبر إلى عنبر آخر.باللغة اإلنجليزية، ظن األمريكان بأنني

((( اإلضراب عن الطعام دفاعاً عن المصحف)))

لقد تكررت حوادث إهانة المصحف طوال سنوات اعتقالنا رغم الوعود الكثيرة بعدم تكرار هذا األمر. ومن هذه الحوادث لين أثناء تأديته الصالة وقاموا بضربه دون مبرر، ثم دخلوا زنزانة أخ آخر بحجة أن الجنود دخلوا زنزانة أحد اإلخوة المعتق

التفتيش وكان األخ في تلك األثناء قد أخذ للتحقيق، وقاموا برمي المصحف وإهانته، وكان سبب هذه التصرفات أنهم أرادوا ا باالحتجاج الشديد والصراخ والتكبير تحطيم معنويات الشباب. فانتشر الخبر بين المعتقلين في جميع العنابر، وقمن

والضرب على شبك الزنازين، وحاول الجنود والمسئولون جاهدين تهدئة الوضع ووعدوا بعدم تكرار الحادثة، إال أن اإلخوة لم يقبلوا اعتذارهم حيث لم تمض على الحادثة األولى سوى أيام قالئل. ثم جاء أحد الجنراالت ومر على الزنازين وطلب

اإلخوة الهدوء ووعدهم بالتحقيق في األمر وعدم تكراره، إال أن اإلخوة لم يقبلوا االعتذار من الجنرال، ثم تشاورنا وقررنا من الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على إهانة كتاب اهلل الكريم.

كانت كمية الطعام في كل وجبة ال تزيد عن كأس سعة مائة ملليجرام، ورغم ذلك فلم نكن نشعر بشدة الجوع بل كنا نشعر بأن الطعام يكفينا ألن اهلل يبارك فيه. كانت الوجبات المقدمة عبارة عن خبزة واحدة أو توست مع بيضة مسلوقة وكأس من

قليال من الكورن فليكس وبسكويت وعلبة زبيب وكمية قليلة من المكرونة، وأما الحليب في الفطور، وأما الغداء فكان العشاء فكان كمية قليلة جدا من الرز أو اللوبيا، ثم غيروا وجبة الغداء إلى الوجبة العسكرية الجاهزة. وقد اكتشفنا بأنهم كانوا

ف، وقد كان بعض المعتقلين يشكون من آالم ومغص يقدمون لنا الوجبات المنتهية الصالحية والتي كانت في طريقها لإلتالفي المعدة بسبب هذه األطعمة التي لم نكن نعلم أنها منتهية حتى أخبرنا عنها بعض الجنود الذين تعجبوا بأننا ما زلنا أحياًء

مر الحال ونحن وأننا لم نمت بعد، فلما سألناهم عن السبب أخبرونا بأن ما يقدم لنا من طعام منتهي الصالحية، وقد استنتناول الوجبات المنتهية الصالحية أكثر من ستة أشهر، ولما علمنا بذلك امتنعنا عن تناول هذه الوجبات، مما اضطرهم إلى

التوقف عن تغذيتنا بالوجبات المنتهية الصالحية. شارك في بداية اإلضراب حوالي مائتا أخ، فشق هذا اإلضراب على لتي كنا نشعر بها، فقد كنا نتلذذ بالذود عن كتاب اهلل بهذه الطريقة، ولم تكن لدينا وسيلة سوى األمريكان أكثر من المشقة ا

Page 14: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

14 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

اإلعالن عن احتجاجنا ورفضنا للطعام والشراب. عندما بدأنا اإلضراب عن الطعام رداً على التعدي المتكرر على المصحف، إصرارنا على مواصلة اإلضراب، جاءنا الجنرال المسئول عن جاءنا الضباط عدة مرات وطلبوا منا إنهاء اإلضراب، ولما رؤوا

المعتقل وكان يجثو على ركبته أمام الزنازين مناشداً المعتقلين إنهاء اإلضراب، وكان يغرينا بتحسين الوجبات وتقديم الدجاج والسمك والشاي في مقابل أن يهدأ الشباب ويفكوا اإلضراب، ولكننا لم نعره أي اهتمام.

واستمر اإلضراب وعدم التجاوب لمناشداتهم مدة أسبوع، ثم قامت إدارة المعتقل كبادرة حسن نية بتعليق الكمامات التي توضع على األنف في جميع الزنازين لوضع المصاحف فيها، ومنعت الجنود من لمس المصاحف منعاً باتاً. فتجاوب عدد من

ا إضرابهم عن الطعام، ورفض آخرون االستجابة لهم. وبدأ عدد المضربين يتناقص حتى وصل إلى حوالي المضربين وأنهو التسعين، وأما أنا فقد استمررت في اإلضراب قرابة الثمانية أيام. بقي حوالي أربعة أفراد لم يفكوا اإلضراب حتى قرابة الشهر

بقي واحد من اإلخوة على إضرابه عن الطعام حتى أكمل التسعين ثم بقي شخصان على إضرابهم قرابة الخمسين يوماً، ثم يوماً، وقد تمت تغذية المعتقلين بواسطة السيالن عن طريق الوريد وأما الذين ساءت حالتهم فقد تمت تغذيتهم عن طريق

في هذه الحالة السوائل والمغذيات بوضع األنابيب في أنوفهم. وقد مارس السجانون التعذيب على المعتقلين حتى وهم الصعبة، فرغم الحالة الصحية التي وصل إليها المضربون والضعف الجسدي الشديد، إال أن األطباء لم يرحموهم، فقد كانوا

يغرسون أبر التغذية في أيديهم بكل قسوة وغلظة عدة مرات حتى أن اإلخوة كانوا يصرخون من شدة األلم وكان األطباء جدوا الوريد بسهولة. بعد ذلك بدأت إدارة السجن في تحسين نوعية الطعام وكميته، وقدموا لنا يكذبون ويعتذرون بأنهم لم ي

الدجاج والسمك واللحم ولكن بكميات قليلة جداً. يقنا أن اهلل قد أعزنا عندما أعززنا كتابه، وأن عزتنا كانت مرتبطة تماما بعزة كان لحادثة اإلضراب فوائد ودروس كثيرة فقد أ

القرآن الكريم، وقد استفدنا من هذه الحادثة في التعامل مع إدارة المعتقل وفي التعاطي مع القضايا التي تمر بنا خالل هم هم األذلة وإن كانوا يلبسون المالبس العسكرية فترات االعتقال. وقد أيقنا أننا نحن األعزة وإن كنا في هذه الزنازين، وأن

ويتدججون بأحدث األسلحة. وكنا بعد هذه الحادثة ال نقبل الدنية في ديننا، حيث كنا قبل هذه الحادثة ال يسمح لنا زين المجاورة، بالصالة وقوفاً، وال بالجهر في الصالة، وال برفع الصوت في قراءة القرآن، وال بالتحدث مع المعتقلين في الزنا

أما بعد الحادثة وما تالها من اإلضراب، فقد كان الجنود يطلبون منا الجلوس أو خفض الصوت ولكننا كنا نطردهم ونقسو عليهم، بل وكنا نصلي الصلوات جماعة كل في زنزانته، وكان الجنود يتحاشون التعرض لنا واستفزازنا خشية التمرد

نقيم شعائرنا الدينية بكل حرية، ولم يكن أحد منهم يجرؤ على التعرض لديننا خوفاً من واإلضراب. وكنا بعد تلك الحادثة اإلضراب والتمرد والتعنيف الذي سيناله الجنود من المعتقلين مما يضطره بعد ذلك إلى الهرب والبقاء بعيداً عن الزنازين.

وأسأل اهلل أن يؤجر جميع اإلخوة على غيرتهم ودفاعهم عن كتاب اهلل.

((( ممارسة الرياضة)))

كانت إدارة السجن ال تسمح للمعتقل بممارسة رياضة المشي، وقد تم تحديد مدة الرياضة خالل السنتين أو الثالث األولى بحوالي ربع ساعة مرتين في األسبوع ، ثم في السنة الثالثة أصبح مجموع الفترة التي منحوها لنا للمشي هي ثالث مرات كل

ثلث ساعة في كل مرة. ومنحونا فترة خمس دقائق لالستحمام بعد كل فترة مشي. كانت ممارسة الرياضة جزءاً أسبوع ولمدة

Page 15: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

15 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

من العذاب أكثر منها متعة وتنفيساً، فقد كان المعتقل إذا طلب منحه فترة لممارسة المشي، كان الجنود يشدون عليه أكثر، سه، لذا فقد كنت ال أرغب بالخروج للرياضة إال نادراً، وكان معظم ويقيدون يده أثناء المشي، ويطلبون منه أن ينكس رأ

اإلخوة كذلك ال يطلبون الخروج للرياضة، وأما بعض الذين كانوا يخرجون للمشي فقد كان مقصدهم رؤية باقي المعتقلين من العنابر األخرى والسالم عليهم.

((( الخدمات الطبية)))

عتقلين في غاية السوء، بل إن األطباء كانوا يشكلون جزءاً من فريق التعذيب.كانت الخدمات الطبية المقدمة للملقد كان بعض اإلخوة يصابون باألمراض واآلالم الشديدة فيطلبون تحويلهم إلى العيادة التابعة للمعتقل، ولكن طلبهم كان

ن ال يلقى العناية الطبية وال التشخيص الجاد وال الدواء يقابل بالرفض دائماً، فإذا ما أصر المريض على زيارة العيادة، كا المناسب، بل إن بعض المعتقلين تضرروا من العالج الذي قدمه لهم األطباء.

عتقلون يتحاشون زيارة العيادة وقد يكون الهدف هو تطفيش المريض وجعله يتجنب طلب زيارة العيادة، وبالفعل فقد كان المأو طلب رؤية األطباء قدر المستطاع النعدام الثقة واألمان منهم. كما أن األمريكان قد أرادوا أن يجعلوا من المعتقلين حقل

نتهية تجارب يجربون علينا العقاقير الجديدة قبل بيعها في األسواق. ومن المؤكد أن األطباء كانوا يقدمون لنا بعض األدوية المالصالحية. كان األطباء جزارين كذابين، حيث كانوا يحاولون إقناع بعض اإلخوة الجرحى والمصابين بجروح في أرجلهم

وأيديهم بأن من األفضل بتر أطرافهم حتى ال تصاب بالغرغرينا، لكن اإلخوة كانوا يرفضون ذلك رفضاً قاطعًا.وقد كان األطباء النفسيون يحاولون إيهام المعتقلين بأنهم في وضع نفسي خطير وأنهم ينصحونهم بتناول بعض العقاقير

المهدأة، إال أننا كنا نرفض الموافقة على تناولها. مريكيون مجرمون بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، فقد كانوا يتفننون في أساليب التعذيب النفسي والجسدي، كان األ

ولوال فضل اهلل علينا وحفظه لنا، لكنا في عداد األموات، أو ربما أصابنا الجنون واألمراض النفسية والعصبية.

Page 16: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

16 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

1/4الحلقة الثالثة بسم اهلل الرحمن الرحيم ن مذكرات األخ عادل كاملم

((( مسيلمة الكذاب في غوانتنامو)))

كان في المعتقل مرشد ديني بنغالي األصل اسمه سيف وهو ضابط برتبة نقيب، وكان يقول لنا أنه أخونا في اإلسالم، وأنه يريد مساعدتنا، وأن اإلفراج عنا قد أصبح قريباً جداً.

وكنا نقول له أنه أشبه بمسيلمة الكذاب، وأنه يجب أن يخجل من نفسه بعمله مع الكفار الذين يعذبون من يّدعي أنهم ج إخوانه. كان هذا المسيلمة وبعض المترجمين العرب ممن كانوا يعملون مع المحققين يشيعون بين المعتقلين بأن اإلفرا

عنهم قد أصبح قريباً، وكان بعض اإلخوة يتناقلون هذه اإلشاعات رغبة في رفع المعنويات، وكنا نحذرهم من تصديق هذه األقاويل ألنهم إنما يهدفون إلى تهدئتنا بهذه اإلشاعات، وأننا لم نر من األمريكان خيرا وال صدقاً منذ وقعنا في أسرهم،

فلماذا يصدقون معنا هذه المرة.

((( X-RAYبداية التململ في معسكر ) )) بدأ الشباب يتململون من طول البقاء في هذا المعسكر الرهيب وعدم معرفة المصير الذي ينتظرنا.

مصيرنا، فلم تكن األمور واضحة ولم تكن تلوح في األفق نهاية لهذا الكابوس. وبدأنا في التمرد وإزعاج الجنود والسؤال عنوكنا نقول لهم إن كانت عندكم تهماً محددة ضدنا قدمونا للمحاكمة، وإال فأطلقوا سراحنا. فكان الضباط والجنود يأتون لنا

ويطمئنوننا بأن المحاكمات قريبة وأن من لم تثبت عليه تهمة االنتماء لتنظيم القاعدة سيفرج عنه قريباً، وأن الكونجرس شة ظروف االعتقال وسن القوانين المتعلقة بنا.األمريكي قد بدأ في مناق

((( إلى معسكر دلتا X-RAYمن معسكر )))

، بدأ الجنود يتعاملون معنا بلطف وتهدئة، وكانوا يتجنبون X-RAYبعد انقضاء أربعة أشهر من االعتقال في معسكر -X، ألنهم اكتشفوا أن تصميم الزنازين في معسكر استفزازنا، وعرفنا بعد ذلك أن األمريكان كانوا يجهزون لنا معتقال جديداً

RAY غير آمن، وأن الشبك المستخدم في بناء الزنازين لم يكن قوياً بما فيه الكفاية، فكانوا يخافون من أن يتمرد المعتقلونحيث تالفوا ويقوموا بفك الشبك وتحصل مواجهة بين المعتقلين والجنود، لذا فقد تم تصميم معسكر آخر وهو معسكر دلتا

العيوب في المعسكر السابق، وكان هذا المعسكر أكثر إحكاما وشدة. وقد قضينا باقي فترة االعتقال في معتقل غوانتنامو في معسكر دلتا، وكانت مدتها قرابة الثالث سنوات وسبعة أشهر.

Page 17: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

17 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

((( زنازين في المعسكر دلتاتصميم ال))) كانت الزنزانة في معسكر دلتا مصنوعة من نوع مزعج من الشبك، ألن الفتحات كانت صغيرة وحلزونية الشكل وذات مقاس

بوصة مربعة واحدة فقط، فكان يتعب الرائي من داخل الزنزانة إلى الخارج. احة الزنزانة مترين في متر وثمانين سنتيمتر، وكان بالزنزانة سرير حديدي مرتفع عن األرض قرابة المتر، ويوجد في كانت مس

نهاية الزنزانة مرحاض أرضي ومغسلة صغيرة بها حنفية، والمساحة المتاحة للحركة داخل الزنزانة ال تتعدى متراً مربعاً واحداً تقريباً.

يقة تهدف إلى كسر معنوياتنا حيث أن المعسكر يدار من قبل أطباء نفسانيين متخصصين في لقد صمم المعسكر دلتا بطر أساليب التعذيب النفسي التي قد تؤدي بالمعتقلين إلى االنهيار العصبي أو الجنون.

. X-RAYكان الوضع في المعسكر دلتا أكثر سوءاً من معسكر كان المعسكر مطوقاً بأسالك شائكة متعددة، وكانت هناك قرابة ستة حواجز أمنية بها حراسات من األبراج وحراسات بين كل

ة وكاميرات مراقبة. كان المعسكر محكماً وشديداً جداً. كانت اإلضاءة قوية جدا في طوق من الشبك وحراسات خارجيالمعتقل، وكانت األنوار موجهة لكل زنزانة على حدة، ورغم أن المعسكر كان مشّيدا على ساحل البحر إال أننا كنا محرومين

ن وذلك لمنعنا من النظر إلى الخارج.من رؤية البحر ألن إدارة السجن قد وضعت سواتر على السياج الخارجي للسجبدأ الجنود يشدون علينا من جديد في محاولة منهم الستعادة جزء من هيبتهم التي فقدوها في الفترة الماضية، ورغبة منهم

قد تخطينا في معاقبة المعتقلين على ما قاموا به من تمرد واحتجاجات. ولكنهم لم يفلحوا في هذه المرة كذلك، حيث أننا .X-RAYمرحلة الخوف من الجنود والعقاب منذ التجارب التي مرت بنا في معسكر

وبدأ الجنود كذلك يتمادون في االستهزاء بالشعائر الدينية واالعتداء على المصحف، فعاد اإلخوة للتمرد واالحتجاج. كانت ارة تمنعنا من معرفة الوقت والتاريخ ودخول المواسم الدينية كرمضان والعيد وبداية العام وغيرها، لذلك فقد كنا نعتمد اإلد

على أنفسنا في تحديد مواقيت الصالة ودخول األشهر وحلول المواسم الدينية، وكنا نوفق وهلل الحمد إلى ذلك بصورة شبه تعال المشاكل معنا، فكانوا على سبيل المثال يجعلون المجندات من النساء دقيقة. وقد كانت إدارة السجن تتعمد اف

يتجمعن في أماكن اغتسال المعتقلين من أجل استفزازهم، فكان المعتقلون يرفضون الخروج لالغتسال احتجاجا على تواجد بنا عن الرياضة كذلك. واستمر النساء. كما كانت المجندات يرافقن المعتقلين عندما يخرجون لممارسة رياضة المشي، فأضر

اإلضراب لفترة من الوقت وقمنا باالحتجاج على هذه الممارسات السخيفة، حتى اضطرت اإلدارة لالنصياع لمطالبنا ومنع المجندات من القيام بهذه األعمال.

((( ومن المسجون؟ ؟من السجان)))

النساء والرقص والملذات التي يظنون أنها ستخفف عنهم ما كان الجنود يقضون نهارهم وليلهم في اللهو ومعاقرة الخمر و يقاسون من ضغط نفسي، فقد كانوا في حكم المنفيين مثلنا تماما أو أكثر. فلقد ترك الجنود بيوتهم وديارهم وأسرهم إلى هذا

كانوا يعدون األيام والليالي المكان النائي، وواجهوا ظرفا لم يكونوا يتوقعونه من قسوة الحياة وصعوبة التعامل معنا، لذا فقدللعودة إلى بيوتهم ألن الوقت يمر عليهم ببطء شديد. كان الجنود يمارسون أساليب الضغط المختلفة علينا كجزء من برنامج

Page 18: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

18 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

الترفيه النفسي، ففي الوقت الذي كانوا يشعرون بكل هذا العذاب، كانوا يشاهدون المعتقلين وهم في أحسن حال يصّلون لقرآن ويضحكون وينشدون ويقيمون البرامج الترفيهية ويحتفلون بالمناسبات اإلسالمية كاألعياد. ويقرؤون ا

وعندما يبدأ اإلخوة في التمرد والصراخ والضرب على الشبك كان الجنود يفرون كالمجانين أو كالفريسة التي تفر من الوحش من أناس مأسورين في الزنازين وال حول لهم وال قوة لهم.الكاسر، فألقى اهلل الرعب في قلوبهم

أدى كل هذا إلى رد فعل عكسي على الجنود، وأصبحنا كأننا نحن السجانين وهم المساجين، رغم ما كان يقدم لهم من نا في معّية تسهيالت وتسلية للتخفيف عنهم مما يمرون به، ولكن السر الذي لم يكونوا يستوعبونه وال يستطيعون فهمه هو أن

اهلل وهم في معّية الشيطان. تحول الوضع مع الزمن إلى تجلد وقوة وهمة عالية للمعتقلين، وأمراض نفسية واكتئاب وتعب شديد للجنود، وبدؤوا ينهارون ويبكون ويأتون إلى بعض اإلخوة عند الزنازين يشتكون من إدارة السجن، وكانوا يقولون بأنهم

وضع النفسي الذي يمرون به وأنهم نادمون لموافقتهم على العمل في هذا المعسكر. يتمنون الموت من سوء الكان الجنود يّدعون بأن إدارة السجن تفرض عليهم التعامل معنا بهذا األسلوب، وكان بعضهم يحاول أن يتجنب التصادم مع

ة العمل، يأتي إلى المعتقلين يرجوهم أن يكونوا هادئين خالل المعتقلين واستفزازهم. وكان رئيس النوبة عندما يأتي الستالم نوبفترة نوبته في مقابل أن يقدم لهم كل عون ومساعدة ألي طلب يريدونه من زيادة كمية الطعام وإطفاء األنوار أثناء النوم،

وإعادة األغراض الشخصية للمعتقلين الذين عوقبوا بمصادرتها كالفرش وغيره. وقد أدى هذا الموقف إلى رفع معنويات اإلخوة المعتقلين ألن السحر قد انقلب على الساحر وأن اهلل قد أذل أعداءه وثّبت

ا كله من أولياءه. وبدالً من أن يتعب اإلخوة وينهاروا فإن الجنود هم الذين تعبوا وانهاروا فعاًل. وكنا نذّكر بعضنا بعضاً بأن هذفضل اهلل وحده وليس بسبب قوتنا وتحملنا، وال شك بأن التزام اإلخوة بأداء الصلوات المكتوبات والسنن وقيام الليل وصيام النوافل وااللتزام باألذكار في أوقات الصباح والمساء والمداومة على قراءة القرآن وحفظه، كان له أكبر األثر في تثبيتنا على

ة.مبادئنا اإلسالمي

((( مدير السجن الجديد يهودي))) م تم تغيير مدير السجن إلى الجنرال اليهودي هود ميللر الذي جاء بكل غطرسة وتجبر وكانت لديه 1001في أكتوبر

أجندة خاصة إلجبارنا على االنصياع إلى أوامره، ولكن المعتقلين قابلوا هذا الجنرال بمزيد من العناد والتصلب وعدم التنازل و الرضوخ إلى مطالبه. وعادت األساليب الرخيصة من االستهزاء بالدين والشد على المعتقلين واستفزازهم، وكنا نرد عليهم أ

بالرش بالماء والقاذورات من خلف الزنازين ورفع الصوت عليهم والتكبير، وهكذا كنا في كر وفر معهم، هم في الفضاء نازين الضيقة ولكن أرواحنا محلقة في األعالي.الفسيح ولكن أرواحهم مهزومة، ونحن في الز

((( الزنازين االنفرادية)))

الزنزانة االنفرادية عبارة عن سجن من الحديد المصمت وهي محكمة اإلغالق من جميع الجهات وال يوجد بها نوافذ. ها شبك وفتحة أخرى إلدخال ويوجد بالزنزانة سرير حديدي ومغسلة ومرحاض، بالباب الحديدي للزنزانة فتحة صغيرة علي

الطعام وكال الفتحتين مغلقتين معظم الوقت، أبعاد الزنزانة مترين في متر وثمانين سنتيمتراً.

Page 19: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

19 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

فرادية للمشي والحركة فإذا ما نّقصنا المساحة التي يوضع بها السرير والمغسلة فإن المساحة المتبقية للمعتقل في الزنزانة االنوالصالة عبارة عن متر مربع واحد فقط. وأما فعبارة عن مكيف، فإذا ما أرادوا مضايقة المعتقل فإنهم يرفعون درجة البرودة بالزنزانة لتصبح كالثالجة أو كالفريزر، فتتجمد جدران الزنازين الحديدية حتى أن راحة اليد قد تلتصق بالجدران من شدة

يقومون بإغالق المكيف لتصبح الزنزانة كالتنور من شدة الحرارة. البرودة، أو

((( محاوالت االنتحار))) اول االنتحار وكانت تسرب هذه اإلشاعات للخارج، وقد تكون لهذه كانت إدارة السجن تشيع بأن بعض المعتقلين قد ح

اإلشاعات مآرب متعددة منها كسر معنويات اإلخوة ورفع معنويات الجنود، ومنها تشويه سمعة المعتقلين وأنهم لم يعودوا اول االنتحار عدة قادرين على الصمود والصبر، ومنها وهو األهم أن أي معتقل يموت تحت التعذيب سيقولون بأنه قد ح

مرات، وأنهم فشلوا هذه المرة في إنقاذ حياته. والحقيقة أنه لم يحاول أي من المعتقلين االنتحار ولم يفكر حتى بذلك، فكيف يعكف المعتقل على حفظ كتاب اهلل، بل إن غالبية المعتقلين أتم حفظ كتاب اهلل في المعتقل، مما يدل على الهمة

، ثم يقدم على االنتحار وهو يعلم أن المنتحر جزاؤه الخلود في النار.العالية عند المعتقلينوعلى العكس فقد كان األطباء يعالجون مرضاهم النفسيين من الجنود األمريكان ويقدمون لهم العقاقير المهدأة، وكانوا

عن فكرة االنتحار، وبالفعل فقد أقدم العديد من الجنود على االنتحار ونجح بعضهم في يحاولون جاهدين إقناعهم بالعدول ذلك.

((( إرجاع المصاحف إلى إدارة السجن))) بعد تكرر حوادث إهانة المصحف تيقنا بأن إهانة المصحف تأتي ضمن برنامج مخطط وليس بسبب تصرفات فردية من

محققين بمعاقبة بعض المعتقلين عندما ال يتجاوبون معهم بسحب المصاحف منهم من بعض الجنود. ومما يؤكد ذلك قيام القبيل الضغط علينا لكي نتجاوب ونرضخ. وكنا نرفض استخدام كتاب اهلل كوسيلة من وسائل التعذيب والضغط النفسي على

رجاع جميع المصاحف إلى إدارة السجن المعتقلين. ورغم أن المصحف كان عزاؤنا ومالذنا وسندنا، إال أننا تشاورنا وقررنا إاحتجاجا على هذا التصرف. ولما رأت اإلدارة بأن جميع المعتقلين متفقون على إرجاع المصاحف، رفضت استالم

المصاحف وبدأت في السؤال عن السبب، فأخبرناهم بأن القرآن كتاب اهلل وهو دستور المسلمين وأننا أحرار في قبول ولكن إدارة السجن رفضت سحب المصاحف بل وأرسلت قوات الشغب إلدخال المصاحف علينا المصاحف أو إرجاعها،

بالقوة، وقاموا برش مادة خانقة ومخدرة علينا أثناء دخولهم علينا في الزنازين ولكننا أصررنا على إعادة المصاحف حفاظا عليها من تصرفات الجنود األوباش.

Page 20: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

21 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

((( الدور المشبوه للصليب األحمر))) كان الصليب األحمر يشارك في الجريمة التي يتعرض لها اإلخوة، وفي تلفيق األكاذيب ضدنا.

وكان موظفو الصليب األحمر يعينون الجنود أثناء التحقيق باستدراج المعتقلين نفسيا للبوح ببعض المعلومات التي ال يتمكن عليها من المعتقلين أثناء التحقيق.المحققون من الحصول

وقد ينخدع المعتقل في بعض األحيان بأن الصليب األحمر قد جاء لمساعدته ومن ثم يعطيه بعض المعلومات التي يقوم رجال الصليب األحمر بنقلها للمحققين.

كنا نشكو للصليب األحمر بأن الماء الذي نشربه في الزنازين كان ملوثا، وكانوا ينفون ذلك بشدة ويدعون أن الماء نقي فيرفضون الشرب منه.وصحي، فكنا نطلب منهم أن يشربوا منه ليثبتوا لنا أنهم صادقين،

كان موظفو الصليب األحمر يكذبون علينا ويعطوننا الوعود واآلمال عن قرب اإلفراج عنا إذا ما تعاونا مع المحققين. القدر الذي يحمله ضدنا الجنود لذلك فقد كنا متيقنين بأن هؤالء يحملون من الحقد على العرب والمسلمين بنفس

األمريكيون، مما يؤكد أن الصليب األحمر كان يقوم بدور مشبوه في المعتقل.

((( التحقيق المتقطع))) لم يكن التحقيق مع المعتقلين يتم بشكل منتظم وإنما كان يتم بشكل متقطع وفي فترات متباعدة، وأما بالنسبة لي فلم

معي طوال األربع سنوات ثمانية عشر مرة. تتجاوز عدد مرات التحقيقكان التحقيق منصبا على السؤال عني وعن وضعي في السجن وأسئلة عن بلدي وعن الوضع السياسي في البحرين

لتنظيمات. والجماعات والتنظيمات السياسية فيها وعالقتي بهذه اكانوا يعرضون علي صوراً ألشخاص من البحرين ومن خارج البحرين ولكنني كنت أغمض عيني وأبدأ في قراءة القرآن بصوت

من مصلحتي التعاون معهم ألن ذلك سيعجل عاٍل من باب الرفض لسماع األسماء ورؤية الصور، وكانوا يقولون لي بأنبإطالق سراحي، فكنت أقول لهم بأنهم يسألون عن أمور ال عالقة لي بها وأنهم اعتقلوني بتهمة االنتماء لتنظيم القاعدة

والقتال في أفغانستان، فإن كان لديهم أية أسئلة تتعلق بهذه الموضوعات سأجيب عنها. ولكنهم لم يسألوني قط عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر وال عن أحداث أفغانستان أو الحرب على ما يسمونه

باإلرهاب. ((( وسائل التعذيب)))

إن وسائل التعذيب التي تمارس ضد المعتقلين كانت متنوعة ومتجددة بشكل دائم، وقد استخدموا أساليب قاسية جداً، منها المبرح والتقييد إلى األرض بشكل مسمر لمدة ثماني وأربعين ساعة مع المنع من أداء الصالة والذهاب إلى الحمام الضرب

وعدم تقديم الطعام والشراب، ومنها تقييد الرجلين إلى اليدين من الخلف بشكل مؤلم، والتحرش الجنسي من قبل م بدم الحيض، كما كانوا يهددون المعتقلين باالعتداء عليهم المجندات وتعري المجندات أمام المعتقلين وتلويث أجساده

جنسياً، وكانوا يقومون بإدخال قوات الشغب إلى غرف التحقيق إلرعاب المعتقلين وضربهم، وكانوا يقومون بتشغيل الموسيقى م طوال الليل لمنعه من النوم، الصاخبة في الليل والنهار على المعتقل أثناء التحقيق معه مع تسليط األنوار العالية على أعينه

Page 21: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

21 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

فإذا ما أغلق عينيه رشوا عليه مادة حارقة في األنف إلرغامه على فتحهما. وكانوا يضعون المعتقلين في الزنزانة االنفرادية لفترات طويلة.

وقد وضعوني في السجن االنفرادي مدة شهر كامل، ووضع غيري من اإلخوة لمدة تصل إلى ستة أشهر أحياناً وتحت تيك درجات حرارة عالية أو منخفضة، وكانوا يهددوننا بإدخال الكالب علينا في الزنزانة، وقاموا بمصادرة الفرش وقطعة البالس

الرقيقة المفروشة على أرضية الزنزانة لمدة تزيد على الشهر مما يضطر المعتقل للنوم على الخرسانة.كانت إدارة السجن تتالعب بالطعام المقدم لنا بحيث تخلط األرز المطبوخ بأرز غير مطبوخ، أو تخلط الخضروات السليمة

منها رائحة كريهة. بخضروات فاسدة عفنة تفوحوكانوا يزعجوننا أثناء أداء الصلوات بتعمد رفع الصوت وافتعال اإلزعاج حتى يشوشوا علينا في الصالة. وكانوا يغسلون

م، ولكننا وهلل الحمد كنا نتأقلم مع الظروف المتجددة.العنابر ويكنسونها في أوقات النوم لمنعنا من النو لقد استخدم المحققون معنا جميع أساليب الترغيب واإلغراء، فقد كانوا يمنوننا بإعطائنا األموال والعودة إلى بالدنا مع توفير

أة والدفاع عن كرامتها، ووعدونا بمنحنا الجنسية متع الحياة الغربية وتم إغراؤنا بالنساء وهم من يدعي حفظ حقوق المر األمريكية إذا قدمنا لهم المعلومات واألدلة التي تدين بعضنا البعض أو تفيدهم فيما يسمونه الحرب على اإلرهاب.

سها ويأخذونه إلى ومن أساليب التعذيب النفسي أن يقوم الجنود بإخبار المعتقل بأنه سيفرج عنه ويعطونه مالبس عادية ليلب الطائرة، وعند باب الطائرة يقولون له أنه قد حصل لبس في األسماء ثم يعيدونه إلى الزنزانة.

ولكننا لم نرضخ لوسائل الترغيب والترهيب. وكانت تصرفات الجنود في نظرنا أقرب إلى تصرفات األطفال أو المخبولين، ال يفهمون شرف الجندي الحقيقي، وأيقنا كذلك أنهم جبناء إلى درجة لم وأيقنا بأنهم ليست عندهم مروءة وال رجولة وأنهم

نكن نتصورها.

((( البرنامج اليومي من الصباح وحتى المساء))) شجع المعتقلون بعضهم بعضا على تنظيم الوقت واستغالله االستغالل األمثل لما في ذلك من رفع للمعنويات وطرد للهموم

ووساوس الشطان.فكان البرنامج اليومي حافاًل بالفقرات، فيبدأ بصالة الفجر ثم األذكار والتسبيح حتى الشروق ثم نصلي صالة الضحى حتى

حفظ القرآن والتالوة والمراجعة والتسميع.وقت اإلفطار، ومن بعد اإلفطار يبدأ برنامج ثم نقوم بمزاولة بعض التمارين الرياضية في المساحة المتاحة لنا داخل الزنزانة، ثم تبدأ فقرة التواصل والدردشة بين المعتقلين

حة حتى وقت صالة العصر. حتى وقت صالة الظهر ثم الغداء ثم القيلولة وأخذ قسط من الراومن بعد صالة العصر يبدأ البرنامج الرياضي والثقافي حيث نقوم بحفظ بعض األحاديث النبوية واألشعار واألقوال، ثم نبدأ

بتالوة أذكار المساء المأثورة عن النبي صلى اهلل عليه وسلم حتى وقت صالة المغرب.ومن بعد الصالة تبدأ البرامج العامة في كل عنبر كالنشيد الجماعي واالستماع إلى الكلمات والمواعظ والدروس الفقهية

وغيرها من العلوم الشرعية التي يقدمها بعض طلبة العلم حتى صالة العشاء. وبعد الصالة تبدأ فترة الهدوء واالستعداد للنوم حتى نقوى على قيام الليل قبل صالة الفجر.

Page 22: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

22 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

وكان بعض المعتقلين يتسامرون بعد صالة العشاء لفترة وجيزة ويتحدثون عن مشاريعهم المستقبلية بعد الخروج من المعتقل، هناك مكان لليأس في قلوب المعتقلين، بل كان الجميع على ثقة ويقين بأن السجن وإن طال فإن اهلل لن ينسانا، فلم يكن

وال بد من بصيص نور في نهاية النفق المظلم. وقد كان هذا البرنامج الحافل والجلسات الجانبية مع اإلخوة جميالً ومفيداً ورافعاً للروح المعنوية لنا جميعاً.

((( المحامين )))

استلمت رسالة من أحد مكاتب المحاماة األمريكية تعرف بالمكتب واألنشطة القانونية التي يقومون بها، وأنهم يودون تمثيلنا والترافع لصالحنا أمام المحاكم األمريكية بشكل تطوعي، وقد أخبروني بأنهم سيرسلون لي اثنين من المحامين التابعين لهم

لمكتب وألخذ موافقتي الرسمية على الترافع عني وتدوين إفادتي عن كيفية االعتقال والتهم الموجهة لي من للتعريف أكثر با قبل المحققين األمريكيين.

م. وعندما جاء المحاميان عرفوني بأنفسهم وأكدوا 1004اثنان من المحامين بزيارتي في المعتقل في سبتمبر وفعال فقد قامالتعريف بالمهمة التي حضروا من أجلها، ثم ذكروا لي أنهم يودون التحدث معي بإسهاب عن قضيتي حتى يتسنى لهم الدفاع

عني. فقلت لهم بأنني أود االطالع على ما يثبت أنهما المحاميان اللذان ورد اسماهما في الرسالة فأخرجا لي بطاقة التعريف،

رخصة السياقة للتحقق أكثر من هوياتهم، فأخرجا لي فقلت لهم بأنني أود أن أرى أي بطاقة رسمية أو جواز سفر أو بطاقاتهما، ولما تيقنت أنهما المحاميان المعنيان وافقت على بدء التعامل معهما وأخبرتهما عن قصتي باختصار من يوم

دخولي أفغانستان وحتى ساعة اعتقالي. والزيارات األربع التالية في عام 1004 تكررت زيارة المحامين لي خمس مرات خالل فترة االعتقال األولى في عام

. وكان المحامون في تلك الزيارات يخبرونني بتطورات سير القضية في المحاكم األمريكية، وأنهم متفائلون بكسب 1002القضية لصالحنا، وأن قضيتي قد عرضت على المحكمة األمريكية األولى وانتهت لصالحي، وأنهم ينتظرون نتيجة القضية في

كمة المتوسطة. المحكان المحامون مؤدبين ومحترمين وكانوا يودون خدمتنا وتوصيل ما نرغب من أخبار شفهية ألهلنا حيث لم يكن يسمح لهم

حضار أية أشياء لنا من كتب أو مالبس أو رسائل من أهلنا، كما كانوا يقولون بأن إدارة المعتقل تفرض على المحامين أن بإ يفصحوا لهم عن أي قضايا تدور أو تناقش بينهم وبين المعتقلين.

أن هناك حقوق مقررة لنا كمعتقلين ولكن إدارة المعتقل تحرمنا من معرفتها، بل وتحاول أن تضيق على كما أخبرنا المحامون ب المحامين حتى يتركوا القضية.

كنت أخشى أن يكون هذان المحاميان من عمالء مكتب التحقيقات وأنهما يقومان بتمثيل دور المحامي، حيث لم يكن من ن بعد المعاناة التي عشتها في قبضتهم طوال هذه السنوات.السهل أن أثق بأي أحد من األمريكا

كما كنت أجزم في فترة من الفترات أن مسألة المحامين هي جزء من المسرحية اإلعالمية التي تمارسها اإلدارة األمريكية ضغط الذي تتعرض له اإلدارة األمريكية، وكنت أخبر على المجتمع الدولي سواء بعلمهم أو بدون علمهم بغرض تخفيف ال

Page 23: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

23 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

المحامين بهذا الشعور الذي ينتابني، فكانوا ينفون بشدة هذه الظنون ويقولون بأنهم يدافعون برغبة صادقة من المكتب ومنهم شخصيا.

بسم اهلل الرحمن الرحيم 4/4الحلقة الرابعة واألخيرة

((( قصة العودة ))) بوعين من اإلفراج عني أراد الجنود أخذي للفحص الطبي وذلك ألول مرة منذ أن أودعت المعتقل، وأخبروني بأنها قبل أس

زيارة روتينية وأن الطبيب يرغب في فحصي، ولكنني رفضت الذهاب ألنني لم أكن أشكو من أي مرض، وألنني طلبت تي بآالم شديدة في رجلي ، كما اشتكيت سابقا من آالم الذهاب إلى الطبيب مرارا بسبب اعتداء قوات الشغب علي وإصاب

في األذن وطلبت زيارة الطبيب ولكنهم لم يستجيبوا لطلبي، وأنا اآلن لم أطلب زيارة الطبيب ولم أشتكي من أي مرض وهم مرور يلحون علي بضرورة مراجعة المريض، وقالوا بأن الطبيب يريد فحص أذنك ألنك كنت تشتكي من األلم وذلك رغم

أكثر من شهر على طلبي زيارة العيادة، وقد خف األلم فلم يكن هناك داع لزيارة الطبيب. ثم جاء أحد الضباط األطباء إلى الزنزانة وطلب مني أن أرافقه للعيادة.

تكرر، وافقت على الذهاب معهم، فأخذني الجنود إلى العيادة، وبدؤوا بفحص جسمي للتأكد من عدم وجود وبعد رفض مآثار للجروح أو اإلصابة جراء التعذيب، ثم سألوني إن كنت أشتكي من أي شيء، فأخبرتهم بأنني أشتكي من األلم في

قط والتي يمكن مشاهدتها بالعين، فلما رأوا أن جسدي ركبتي، فقالوا لي بصريح العبارة إننا نسأل عن الجروح الظاهرة ف سليم من الجروح اطمأنوا.

م علم بالسبب.فسألت الطبيب عن سبب هذا الفحص فقال بأن لديهم أوامر لفحصي وليس عندهوبعد إعادتي للزنزانة جاءني الممرض وأحضر لي شامبو لحساسية الرأس كنت قد طلبته من الطبيب، وقال لي بأنني يمكن أن

.أطلب أي كمية من هذا الشامبو، فزاد األمر من استغرابي وقلت لعل األمر يتعلق بقرب اإلفراج عني ولكنني وكلت األمر هللوبعد أيام من هذا الكرم الطبي أخذوني على معسكر آخر حيث قابلت أحد الضباط وكلمني بكل احترام وعرف نفسه بأنه

انونية وأخبرني بأنهم سيفرجون عني قريبا جدا ولكن لم يحدد لي تاريخ اإلفراج.ضابط من الشؤون القثم قال بأن هناك شروطا لإلفراج عني وعلي أن أوقع على اتفاق بينني وبين وزارة الدفاع األمريكية، وسلمني بعض األوراق

م وقلت له بأنني لن أوقع على أي أوراق ألنكم المكتوبة باللغتين العربية واإلنجليزية فلما قرأتها رفضت االنصياع لشروطهكذابون وقد ظلمتموني بوضعي في السجن من غير توجيه أي تهمة لي مدة أربع سنوات، فحاول إقناعي بأن من مصلحتي التوقيع والموافقة ولكنني لم أخضع لكالمه وإغراءاته وتشويقي بقرب الخروج والعودة إلى الوطن، وأن شرط الخروج هو

قيع على األوراق.التو فقلت له بأنني مستعد لقضاء أربع سنوات أخرى في المعتقل ولكن لن أفرط في كرامتي والثبات على مبادئي.

وفي اليوم التالي أخذوني إلى أحد المكاتب وأخذوا مقاسي ومقاس رجلي وكانوا يريدون أن يفصلوا لي بنطلونا، وأخبروني بأن يدها، فطلبت أن آكل السمك رغبة مني في معرفة صدقهم من كذبهم، فوعدوني بإحضار من الممكن أن أطلب أي وجبة أر

ما طلبت.

Page 24: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

24 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

وفي يوم اإلفراج أخذوني إلى معسكر إيكو وهو على شاكلة المعسكر دلتا الذي كنت فيه، وأخذوا بصمات أصابعي وعيني هم ولكنهم استطاعوا ربطي في الكرسي بعد إلكترونيا، ولما رفضت فتح عيني للبصمة، أحضروا لي ستة جنود فتعاركت مع عراك طويل وأخذوا بصمة عيني.

ثم جاؤوا لي في الليل وعاقبوني بسبب العراك وأخذوا مني كل ما في الزنزانة من فرش وغيره وكانوا متجهمين غاضبين ولكنني لم أعرهم أي اهتمام وقابلت شدتهم بشدة أكثر.

يحضروا لي السمك الذي طلبته، فرفضت الوجبة وأصررت على إحضار وجبة السمك ثم احضروا لي وجبة طعام عادية ولم التي وعدوني بها، وكنت أظن بأن إحضار السمك دليل على أن زعمهم باإلفراج عني حقيقة وليست ضمن الحرب النفسية،

لفاكهة والسلطة التي وعدوني فلما رؤوا إصراري على ذلك ذهبوا وعادوا بوجبة السمك المختلفة ولكنهم صادروا العصير وابها كذلك. فلما رأيت السمك علمت أن الليلة هذه هي ليلة اإلفراج عني ففرحت ولكنني لم أبد لهم أي عالمات على

سروري. وقضيت وقتي بشكل طبيعي حتى منتصف الليل حيث جاءوني وطلبوا مني تغيير مالبسي ولبس البنطلون الجينز والتي شيرت

بأنهم سيأتون ألخذي بعد ساعة. األبيض وقالوا كان الجندي يسألني إن كنت مسرورا بإطالق سراحي؟

ال فرق عندي بين البقاء والرحيل فقد كنت أخشى أن تكون هذه الحركة ليست حقيقية كما حدث مع غيري من : فقلت له المعتقلين، ولم أكن ألثق في كالمهم إال عندما أرى أرض البحرين من الطائرة.

؟كيف ال تفرح وأنت ستذهب اآلن إلى بلدك وأهلك بعد طول سجن :قال ليف إنه ال فضل لكم علي فقد سجنتموني ظلما ألربع سنوات ثم ها أنا سأخرج بفضل اهلل وحده وليس لكم فضل :فقلت له

علي وال منة، ثم جاء الجنود وكبلوني بالحديد في يدي ورجلي وبطني بقفل كبير.م أن أخذوني من قندهار إلى غوانتنامو. كان ذلك قرابة الساعة الثالثة صباحا وكان معي األخوين عبداهلل كما فعلوا بي يو

النعيمي وسلمان الخليفة من البحرين وكان معنا أخ سعودي اسمه ماجد الشمري، حيث وضعنا في باص ورافق كل واحد منا جنديان يحرسانه.

ال نرى شيئا بالخارج تقريبا، ثم ربطوا أيدينا وأرجلنا إلى أرضية السيارة. كانت السيارة مغطاة برايبون سميك بحيث تم أخذنا إلى مرفأ بحري ونقلنا بالعبارة إلى الجانب اآلخر من الجزيرة حيث يقع مطار قاعدة غوانتنامو.

داكن. تم إنزالنا في المطار ورأينا الطائرة المعدة لنقلنا وكانت طائرة عسكرية كبيرة لونها أخضر تم تسليمنا للجنود عند باب الطائرة وقاموا بتفتيشنا وقسوا علينا في الحديث.

وعند باب الطائرة طلب منهم أحد الضباط أن يغطوا آذاننا وأعيننا كما فعلوا بنا في رحلة البداية ثم قيدوا أيدينا إلى الكرسي ونحن في رحلة العودة واإلفراج!وأرجلنا إلى األرض، فسألناهم لماذا تقيدوننا بهذه الطريقة

بأن هذه إجراءات أمنية ال بد منها.:فقالوا كان الوقت عند الفجر فصلينا الفجر ثم طارت بنا الطائرة قرابة االثنتي عشرة ساعة متواصلة حتى حطت في مطار قد يكون

في تركيا أو ألمانيا.

Page 25: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

25 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

الضروري أي يخبرونا عن غروب الشمس وغيرها فكان المترجم وكنا نسأل المترجم عن أوقات الصالة ونقول لهم بأنه من يخبرنا باألوقات.

وألننا لم نكن نستطيع الوضوء فقد كنا نتيمم وذلك بضرب أيدينا على الكرسي قدر استطاعتنا ولكننا وهلل الحمد لم نفوت الصالة حتى ونحن في هذه الحالة.

ال فترة السفر، وقد أحضروا لنا بعض الفواكه دون أن يسمحوا لنا بفك كما لم يسمحوا لنا باستخدام دورات المياه طو قيودنا أو رفع الغطاء عن أعيننا لنعلم ما يقدم لنا، فأكلنا بعض الفاكهة ولم نأكل اللحم خشية أن يكون لحم خنزير.

ني للتأكد من أنها ما زالت مقيدة. كانوا يشدون السالسل في أيدينا كل فترة إلزعاجنا وكنا نتج عليهم، فقالوا بأنه إجراء أم كانوا يظهرون لنا الحقد الكثير ألنهم يعرفون أننا في طريق العودة ألوطاننا فكانوا يريدون االنتقام منا وإغاظتنا ولكننا كنا

نواجههم بقوة وقسوة وال نقبل إهانتهم لنا حتى في اللحظات األخيرة قبل العودة إلى الوطن. ((( الوطن في أرض )))

وصلنا إلى البحرين بعد رحلة استغرقت حوالي أربعة وعشرين ساعة وكنا طوال الوقت مقيدي األيدي واألرجل ومعصوبي األعين واآلذان واألفواه.

ولما وصلت الطائرة إلى أرض البحرين شعرنا بالفرح الشديد واألمان لوصولنا إلى بلدنا الحبيب لطائرة أمرهم الضابط األمريكي بفك قيودنا قبل إنزالنا من الطائرة لكي يظهروا أمام الكاميرات بأنهم ولما أرادوا إنزالنا من ا

قد أحسنوا معاملتنا بالطائرة. وقد تعذر عليهم فتح األقفال من أيدينا وأرجلنا، فطلبوا مقصا للحديد من خارج الطائرة لقص األغالل.

أول من نزل من الطائرة وأنزلونا بكل حنان وإنسانية كعادة األمريكان في الكذب تم مسكنا كل واحد من قبل جنديين وكنت والخداع على العالم.

تم تسليمنا لشرطة البحرين وكان على رأس المستقبلين العقيد عادل الفاضل، كما كان بالمطار عدد كبير من الحضور الذين لم أعرفهم.

بك في بلدك ثم قام الجميع بالسالم علينا وحمدوا اهلل على سالمة عودتنا أهال :أذكر أن العقيد عادل احتضني وقال لي إلى أرض الوطن.

أخذنا رجال األمن بسيارات مدنية، كل واحد منا في سيارة ومعه رجال أمن بكل أدب واحترام وذهبنا إلى النيابة العامة، وكان العقيد أحمد بوزيد.في استقبالنا العقيد علي الذوادي والعقيد علي البوعينين و

وكان استقبالهم لنا بكل أخوة واحترام وثبتوا لنا محضر وصول بسيط وشكلي وسلموا لي معظم األمانات التي أخذها مني الباكستانيون، ثم اتصلوا بأهلنا وطلبوا منهم أن يحضروا لي المالبس العربية.

وعدم التصديق وكنت في غاية الفرح والسرور.جاء إخواني الثالثة الستقبالي وكانوا يبكون من شدة الفرح كانت وجهتنا األولى بيت والدتي حفظها اهلل حيث اجتمع األهل جميعا هناك، وعندما وصلنا إلى المنزل كان في استقبالي

عدد كبير من المهنئين الذين علموا بوصولنا.

Page 26: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

26 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

قبال الضيوف الذين لم ينقطع توافدهم لعدة أيام، وقد رأى اإلخوة أن أجلس في مجلس الجامع المجاور لبيت والدتي الست فاستأذنتهم للدخول والسالم على والدتي وزوجتي وابنتي وأخواتي ووالدة زوجتي وباقي األهل والجيران من النساء الالتي

تجمعن في بيت الوالدة وفي أيديهم المشموم والرازجي واألموال لكي ينثروها علي لحظة دخولي المنزل. موقف مفرحا بشكل ال أستطيع وصفه، وكان الجميع يبكون بصوت عاٍل.كان ال

وكانت ابنتي هاجر تبكي وأنا احتضنها وأطمئنها بأنني قد عدت إليها وهي شابة متدينة وعاقلة وخجولة وقليلة المزاح. أعود، ولكن جموع وقد طبخت الوالدة لي غداء كنت أحب أكله من قبل، فاستأذنتها أن أذهب للسالم على الناس ثم

المهنئين لم ينقطعوا من الظهر وحتى العشاء.ال أستطيع أن أصف شعوري تجاه أهل البحرين فقد وقفوا معنا في محنتنا ولم ينسونا في غربتنا ولم يبق أحد إال وأتى

نساء والرجال واألطفال للسالم علينا، المسئولون والعلماء والمشايخ وطلبة العلم والنواب واألهالي والصغار والكبار وال فجزاهم اهلل خيرا كثيرا.

وأخيرا وليس آخرا فإن استقبال الحكومة وما قامت بعمله من جهود مشكورة لإلفراج عنا وما وعدونا به من تعويض مادي شعبا. ومعنوي وما وصلنا من سالمات وتحية من كبار المسئولين دليل على طيبة هذه األرض والوطن ملكا ونوابا وحكومة و

كما ال يفوتني أن أشكر النائب الشيخ محمد خالد إبراهيم رئيس اللجنة الوطنية لمناصرة األسرى المعتقلين في سجون غوانتنامو وأعضاء اللجنة والسيد نبيل رجب على جهودهم الطيبة في سبيل قضيتنا.

((( حكايات من معتقل غوانتنامو))) ؤكد عدم احترام األمريكان لحقوق اإلنسان ال تعد وال تحصى، وفيما يلي بعض هذه االنتهاكات:إن الحوادث التي ت بينما كان أحد المعتقلين يمارس الرياضة وأثناء المشي داس من غير قصد على طرف وزغة فانقطع ذيلها فأخذ الذيل •

لماذا حاولت قتل الوزغة؟ :دة النفسية وقالوا لهورماه، فرآه أحد الجنود فاستدعى على عجل مسئولي السجن وأطباء العيابأن ما حدث لم يكن عن قصد منه، ولكنهم أخبروه بأنه تعدى على هذا الحيوان دون وجه حق وأن عليهم حماية :فقال

لفرش الزواحف والحيوانات، ثم قرروا حبسه في السجن االنفرادي مدة أسبوعين عقابا له على الجريمة التي اقترفها وسحبوا ا وأخذوا بنطلونه وتركوه في السجن االنفرادي بمالبسه الداخلية طوال هذه المدة.

هذا رغم أن الوزغة لم تمت فكيف لو ماتت! أخ آخر دخل عليه عنكبوت سام فحاول إبعادها من الزنزانة ولما لم يفلح ضربها بالنعل وقتلها، فرآه أحد الجنود وبلغ •

قبته. فانظر إلى هذا التناقض واالستهتار في المفاهيم حين يقوم هؤالء المجرمون بالتعدي على عنه إدارة السجن فقامت بمعا البشر بالظلم والقتل واالضطهاد ثم يدعون حفظ حقوق الزواحف والعناكب.

يكذبون كان أحد اإلخوة المعتقلين يجيد التحدث باللغة اإلنجليزية وكان كثير التشاجر مع المحققين ويجادلهم بأنهم • بادعائهم احترام حقوق اإلنسان، فليس لإلنسان قيمة عندهم في الواقع. فضمروا له العداء وتحينوا الفرصة لالنتقام منه.

وفي إحدى المرات حصل بعض الشد بينه وبين إحدى المجندات، فأحضروا له الشغب ودخلوا عليه الزنزانة وقاموا برش ربا مبرحا حتى أدموه وسال الدم من رأسه وفمه وعينه وأنفه ويديه، وكنا نصرخ المادة الخانقة على وجهه ثم ضربوه ض

Page 27: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

27 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

ونضرب على الشبك ولكن دون فائدة حتى غاب عن الوعي من شدة الضرب وظننا أنه قد مات، ثم أخذوه إلى العيادة للعالج وظل هناك لفترة طويلة.

وكان المتحدث الرسمي باسمها وهو في عرف الدول يعتبر الشيخ عبدالسالم ضعيف كان سفير دولة طالبان في باكستان• شخصا دبلوماسيا له حصانة.

رفض الشيخ عبدالسالم الخروج في إحدى المرات للغسل والسبب هو أنهم يعطون المعتقل خمس دقائق فقط للغسل والشامبو ال يزال في رؤوسنا فكنا نعترض ولكنهم كثيرا ما يقطعون الماء عنا بعد مرور دقيقة أو دقيقتين ويعيدوننا إلى الزنزانة

على هذا اإلجراء التعسفي باالمتناع عن الذهاب للغسل، فأخرجوه بكل قسوة بواسطة قوات الشغب وضربوه ضربا مبرحا وحلقوا شعر رأسه ولحيته ثم سجنوه في السجن االنفرادي.

قيد الحياة فقط، وكانت الكمية المقدمة لنا ال تزيد عن كان الجنود يقدمون لنا كمية بسيطة من الطعام بحيث تبقينا على • مقدار إصبع من أصابع اليد، رغم أنهم يرمون كميات كبيرة من اللحم والدجاج في الزبالة أمام أعين المعتقلين، وعندما

نستحق. بأننا ال نستحق الطعام وأننا نأكل أكثر مما :، يقولون؟لماذا يرمون الطعام وال يقدمونه لنا :نسألهموكانوا يسرقون بعض الطعام المخصص للمعتقلين كالزبادي أو الخبز أو البيض، فكانوا يأخذون بيضة واحدة ويعطوننا أخرى،

أو يعطوننا خبزة واحدة ويسرقون أخرى، وكانوا في رمضان يخصصون عشر تمرات لكل معتقل، ولكنهم كانوا يقدمون لنا ة.ثالث تمرات ويرمون الباقي في الزبال

وفي الفترات التي أعقبت اإلضراب عن الطعام وعدتنا اإلدارة بتقديم الكورن فليكس ثالث مرات في األسبوع ولكن الجنود كانوا يقدمونه لنا مرة واحدة في األسبوع ويخفون الباقي ويأكلونه بأنفسهم.

خارج المعسكر. وبينما كان الجنود وقد كنا نراهم يضعون البيض المسلوق وعلب الكورن فليكس في حقائبهم ليأكلوها يشربون الماء الصحي والمقطر كان الماء الموصل بالحنفيات في الزنازين مليء باألتربة والصدأ والكلور، فكنا نصاب بآالم في البطن عند شربه وكنا نطلب منهم أن يغيروا الماء ولكنهم يرفضون حتى بقينا أكثر من ثالث سنوات ونحن نشرب من

ماء الملوث.هذا الكان اللباس الذي بلبسه في المعتقل خشنا جدا وهو ثقيل ومزعج، وكنا نصاب بالحكة والحساسية بسبب طبيعة الطقس •

الحار في غوانتنامو وكانت أجسامنا تصاب بااللتهابات والجروح جراء الحكة بسبب هذا اللباس.قام اإلخوة بتنفيذ إضراب مفتوح عن الطعام 1002ليو عام اإلضراب عن الطعام بسبب االعتقال التعسفي: في شهر يو •

شارك فيه أكثر من مائتي أخ، وكان هدف اإلضراب هو االحتجاج على االعتقال الطويل دون التقديم للمحاكمة. فجاء المسئولون بالسجن وطلبوا منا فك اإلضراب وأن نقدم لهم مطالبنا ووعدونا بتحقيقها.

ل مجلس يقوم بالتفاوض مع إدارة السجن، واجتمعوا مع إدارة السجن وطلبوا منها أن يقدمونا فاتفق اإلخوة على تشكي لمحاكمة عادلة وأال يستمر اعتقالنا لمدة غير محددة، فوعدوا برفع مطالبنا لوزارة الدفاع األمريكية وأن يتكرر هذا االجتماع

راب وأن ننتظر رد إدارة السجن ليتبين لنا مدى صدقهم للوقوف على مطالب المعتقلين. فطلب اإلخوة منا أن نفك اإلض وجديتهم.

Page 28: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

28 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

لكن الجنرال الذي يدير السجن بدأ في التهرب من وعوده بل وعادوا إلى استفزاز المعتقلين، وكانوا يفتعلون المشاكل ، فقامت اإلدارة بمعاقبة إلدخال قوات الشغب علينا وضربنا. فعندما رأينا كذبهم عدنا إلى اإلضراب والعصيان ورشهم بالماء

العديد منا بحبسنا في الزنازين االنفرادية، أو نقل البعض منا للعنابر المخصصة للتعذيب وسحب كل أغراض المعتقلين وتركهم على الحديد.

فتشاور اإلخوة من جديد، وقررنا الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام والشراب، وبدأ اإلضراب من منتصف شهر ريبا وشارك فيه أكثر من أربعين معتقال.أغسطس تق

فلما رأت إدارة السجن هذا اإلضراب عادت إلى مجلس الشورى وطلبت التفاوض معهم من جديد ولكن المجلس رفض حتى التحدث معهم، فأرادوا أن يشقوا صفنا وذهبوا للمعتقلين في الزنازين وطلبوا منهم أن يختاروا ممثلين جدد لهم ولكننا

ن نغير المجلس.رفضنا أولقد حاولت اإلدارة ثنينا بكل الوسائل عن اإلضراب ولكن دون جدوى. واستمر اإلضراب المميت أكثر من شهرين حتى

بعد شهر رمضان. وكانت الخطة هي أن ننفذ إضرابا مرحليا يتناوب المضربون فيه على اإلضراب عن الطعام والشراب لمدة معينة ثم تنضم

رى وهكذا. قامت إدارة السجن بنقل المضربين بصورة سرية إلى العيادات ليتم تغذيتهم قسرا بواسطة إليهم مجموعة أخالمغذيات عن طريق األنابيب ثم استبدلوها باألنابيب المغذية عن طريق األنف، وكانت تعمل جاهدة على أال يتسرب خبر

نزلت أوزان بعض اإلخوة إلى أقل من أربعين كيلوجراما. اإلضراب للعالم الخارجي. وقد نزلت أوزان اإلخوة كثيرا جدا، بلفشق هذا اإلضراب كثيرا على األمريكان. ولم نسلم أثناء تنفيذ اإلضراب من التعذيب الذي كان األطباء يمارسونه ضدنا،

وفنا للتغذية، وكانت هذه فقد كان األطباء يأمرون بتقييدنا بشدة إلى األسرة، وكانوا يختارون األنابيب الكبيرة إلدخالها في أن األنابيب كثيرا ما تؤذي اإلخوة وتجرح أجسادهم وتؤلمهم.

مصور قناة الجزيرة سامي الحاج تم اعتقال األخ سامي الحاج من قبل القوات الباكستانية وسلم إلى األمريكان الذين • امو.قاموا بنقله بنفس الطريقة من باكستان إلى قندهار ومن ثم إلى معتقل غوانتن

وكباقي المعتقلين، لم يكن لألمريكان أي أدلة على سامي ولم توجه له أية تهم، وإنما كان السبب أن األمريكان أرادوا االستفادة من سامي في نزع معلومات عن قناة الجزيرة وسر النجاح الذي حققته، وإن كانت لهم أي ارتباطات بجهات

ا بعد أن أجروا مقابلة مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن الدن وكيف مشبوهة أو لهم صالت بجهات مشبوهة، وخصوصوصلوا له ولغيره من مسئولي القاعدة وطالبان وغيرها من األمور التي تخص القناة من كيفية وصول أشرطة فيديو عليها لزعماء

القاعدة أو الزرقاوي. لذين اختطفوه ليس لتهمة معينة وإنما البتزازه وإغرائه وكان سامي الحاج يرفض بشدة التعاون معهم ويصفهم بالمجرمين ا

بالعمل معهم كجاسوس ضد قناة الجزيرة.لذا فإن اإلدارة األمريكية تواصل سجنه بكل هذا الظلم فقط كعقاب له وللقناة التي يعمل لصالحها رغم عدم قدرتهم على

توجيه أي تهمة له.

Page 29: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

29 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

تنامو، كان من بينها أنه تعرض للضرب الشديد من قبل الجنود ألنه رفض تعرض األخ سامي الحاج لمحن عديدة في غوان الخروج لالستحمام، وكان هذا من الحقوق الشخصية للمعتقل، وقد أرغم على الخروج للغسل، وبينما كان الجنود يأخذونه

وه على السلم حيث إلى منطقة الغسل وكان مستوى منطقة الغسل أقل من مستوى العنابر، جاء الجنود من خلفه ودفعتدحرج من األعلى إلى األسفل، وكان موثوق اليدين والرجلين فأصيب في رأسه بجرح غائر وسال الدم من أنفه وفمه، ثم جاء الجنود وأخذوا يضربونه ضربا مبرحا ثم جروه إلى خارج العنبر حيث حلقوا شعر رأسه ولحيته ثم رموا به في السجن

ن ينزف منه، فقد ترك في الزنزانة دون عالج لمدة يومين. وبعد يومين تم إعطاؤه لزقة لوضعها االنفرادي. ورغم أن الدم كا على جرحه دون تقديم أي مساعدة طبية.

م وبعد عيد الفطر كان األخ السعودي مشعل الحربي محتجزا في زنزانة انفرادية 1001مأساة األخ مشعل الحربي في عام • ة المسائية وبعد صالة المغرب، قام أحد الجنود باالستهزاء بالدين اإلسالمي والقرآن الكريم، ثم في العنبر إنديا، وفي الفتر

بدأ بلمس المصحف واالستهزاء به، فغضب المعتقلون وبدؤوا بالصياح والضرب على شبك الزنازين، ولكن هذه المرة أراد ب فرقة أو فرقتين من قوات الشغب العسكرية، ثم قاموا القائد الجديد للمعتقل أن يكسر عزيمة المعتقلين بالقوة، فتم جل

بإطفاء األنوار في الزنازين وفي الساحات الخارجية للمعتقل، حتى أصبح عنبر إنديا في ظالم دامس جدًا، ثم بدأت قوات افات قوية الشغب بالدخول على المعتقلين في الزنازين وفي الزنازين االنفرادية الواحدة تلو األخرى، وفي أيديهم كش

يوجهونها إلى أعين المعتقلين، ثم يقومون بضرب المعتقل بشكل جماعي، حتى سال الدم من أجساد العديد من الشباب ومن وجوههم وأفواههم وأنوفهم.

وفجأة سمعنا بعض الهمهمات والهمسات بين الجنود وقوات الشغب، ثم أعيدت األنوار.تي وضع بها أحد اإلخوة المعتقلين ليست محكمة اإلغالق وكانت قريبة من الزنزانة كان الشباك في الزنزانة االنفرادية ال

االنفرادية التي وضع بها األخ السعودي مشعل الحربي، وقد أخبرنا هذا األخ وكذلك شاهد آخر من اإلخوة أثناء إعادته من من فمه وأنفه ثم حملوه إلى العيادة. غرفة التحقيق بأنهما شاهدا قوات الشغب يخرجون مشعل من زنزانته والدم ينزف

وكانت الدماء موجودة في الممرات وفي الزنزانة االنفرادية التي وضع بها مشعل، وقد حضر المسئولون بالسجن للتحقيق في لبصمات الحادث ورؤية الدماء وأغلقوا الزنزانة، ثم جاء بعض الخبراء الذين يلبسون المالبس البيضاء في اليوم التالي ورفعوا ا

وأخذوا عينات من الدماء التي في الزنزانة وفي الممرات، واستمرت التحقيقات والتحريات مدة يومين ثم قاموا بغسل الدم من الممرات ومن الزنزانة ثم أقفلوها وشّمعوها بالشمع األحمر ومنعوا الدخول إليها.

بة بمعرفة حالته الصحية، وأشيع بين المعتقلين أن بدأ المعتقلون يلحون في السؤال عن مشعل وتعالت األصوات المطال مشعل قد مات تحت التعذيب، وطالبنا المسئولين بالكشف عن الحقيقة، فارتبك مدير السجن والجنود ونفوا أن يكون

مشعل قد مات، وأكدوا لنا بأنه في المستشفى وأنهم سيوافوننا بأخباره أوال بأول.برونا بكذبة من كذبات األمريكان التي ال تنتهي وهي أن مشعل قد حاول االنتحار في وبعد أسبوع جاء بعض األطباء ليخ

الزنزانة االنفرادية وذلك بشنق نفسه بالمنشفة الصغيرة التي يعطونها لنا والتي ال تكفي حتى للفها حول الوسط ناهيك عن د اتهمناهم بالكذب وتلفيق االتهامات ضدنا وضد ربطها في السقف ولفها على الرقبة. وألننا نعرف أن هذا األمر مستحيل فق

أخينا مشعل الذي يتمتع بقوة عزيمته وصبره، وكان هو الذي ينصحنا دائما بالصبر واحتساب األجر، فكيف سيقدم على

Page 30: مذكرات عادل كامل-البحريني- العائد من غوانتنامو

31 غوانتنامو العائد من -البحريني-كامل مذكرات عادل. . . ألول مرة تنشر

االنتحار. والحقيقة أن مشعل قد تعرض للضرب خالل فترة إطفاء األنوار، وكان الهدف من إيذاء مشعل بهذه الطريقة شية هو إرعاب باقي المعتقلين لثنيهم عن التمادي في العصيان واالعتراض على األوامر.الوح

كان الصليب األحمر يدافع عن المحققين الذين اعتدوا على مشعل ويلفق األكاذيب ضده، وكانوا يؤكدون أن لنا بأن مشعل بأنهم كذابون وأنهم يعينون األمريكان على قد حاول االنتحار، فلما رؤوا إصرارنا على الدفاع عن مشعل واتهامنا لهم

تجاوزهم على حقوقنا المقررة دوليا، قام بعض موظفي الصليب األحمر بالتشكيك في رواية االنتحار وأكدوا لنا بأنه قد تعرض للضرب.

ب من الخلف كما أخبرنا هؤالء بأن مشعل قد يتعرض للموت الدماغي بسبب إصابته البليغة في الرأس وبسبب تعرضه للضر على منطقة النخاع الشوكي، وقالوا بأنه قد أصيب بالشلل الكلي. ولما طلبنا منهم أن يرفعوا تقريراً بذلك اعتذروا بأنهم

ينفذون األوامر التي تأتيهم من رؤساؤهم فقط وأنهم ال يمكنهم تجاوز مسئوليهم.