1

بسم الله الرحمن الرحيم

المقال الرابع:

"حسبنا الله ونعم الوكيل"

الثورة السورية بين العنف والالعنف

بقلم الدكتور محمد ناصح عبد الله

15/3/2012

اليوم أكملت الثورة السورية عاما7 كامال7 ودخلت في عامه11ا الث11اني منذ انطالقتها المترددة، بينم1ا هي الي1وم ثابت1ة الت1تردد ومص1رة على تحقي11ق أه11دافها مهم11ا عظمت التض11حيات وك11ثر الش11هداء. الث11ورة الس11ورية ق11امت بش11كل ارتج11الي وك11رد فع11ل على اإلهان11ة ومحاول11ة اإلذالل ال11تي وص11لت إلى ح11د إجب11ار الن11اس على تألي11ه الرج11ل ال11ذي يطالبون برحيله بل محاكمته وإعدام11ه، وإرغ11ام الن11اس على الس11جود لصورته كما يسجد المصلي لخالق11ه. الث11ورة الس11ورية ث11ورة كرام11ة ال ثورة ج1وع وخ1بز، فالس1وريون رغم ص1عوبات الحي1اة ك1انوا في ح1ال أحس11ن من ح11ال ش11عوب عربي11ة أخ11رى ث11ارت على حكامه11ا وأح11رق بعضهم نفسه من أجل لقمة العيش. ك11انت األم11ور االقتص11ادية س11يئة لكنها في تقديري وأنا أتكلم عن معايشة مباشرة، لم تكن من الس11وء بالقدر الذي يجعل الناس يتظاهرون ويتلقون الرصاص في صدورهم، فاإلنسان بفطرته يحب الحياة ويتمسك بها إلى أبعد الحدود وال تهون عليه من أجل تحسين رفاهيت11ه المعيش11ية، لكن ل11دى اإلنس11ان أش11ياء أغلى عليه من حياته وفي أمتنا العرض والكرامة ترخص الحي11اة ف11داء

لهما.

عندما بدأت التظاهرات كانت محدودة وكان النظام يتمتع بش11عبية كبيرة لدى الكثير من السوريين ولدى العرب خارج سورية، فق11د ك11ان نظاما7 ممانعا7 وغير مطي11ع إلس11رائيل وأمريك11ا، في حين ك11ان النظ11ام المصري يعمل لصالح إسرائيل على المكش11وف ودون حي11اء أو مب11االة بمش11اعر المص11ريين. ص11حيح أن ممانع11ة النظ11ام الس11وري لم تح11رر الجوالن لكن المثل الشعبي يقول: الرمد وال العمى، أي الرم11د أه11ون من العمى. كانت ممانعة النظام الكالمية في أك11ثر األحي11ان تب11دو في عيون السوريين وباقي العرب الذين رأوا أنظمتهم تب11الغ في الت11ذلل

2

إلسرائيل وأمريكا وتتنازل عن مصالحهم المعيش11ة إرض11اء إلس11رائيل، كانت هذه الممانعة محل تقديرهم واستحسانهم رغم عيوبها التي لم تكن قليلة. يقولون األعور بين العميان مل11ك، والنظ11ام الس11وري في ممانعته نصف الج1ادة وحديث1ه عن الس1الم الع1ادل والحق1وق العربي1ة التي ال يحق لحاكم أن يتنازل عنها، كان بالمقارنة م11ع أنظم11ة عربي11ة أخ11رى بطال7 ومناض11ال7. ص11حيح أن11ه لم يحق11ق ش11يئا7 ي11ذكر على أرض الواقع، لكن مجرد ممانعته وع11دم مطاوعت11ه إلس11رائيل وأمريك11ا ك11ان شيئا7 محببا7 إلى نف11وس الع11رب ال11ذين ش11عروا بال11ذل والمهان11ة ال11تي

عرضتهم لها أنظمة خائنة خيانة ال تخفى على أحد.

7 ب11دأ بعض الس11وريين احتجاج11ات مح11دودة لم أكن أتص11ور أنه11ا إذا يمكن أن تتطور إلى ثورة قوية وعنيدة تستعص11ي على ك11ل مح11اوالت النظام لقمعها واستئصالها، وكنت في نفسي حزينا7 ألنني توقعت أن يقوم النظام الذي له تلك الشعبية وعلى رأسه رج11ل محبب للنف11وس ببعض الخطوات التي سترضي الناس قليال7 وتؤجل بلوغهم حد الثورة ربما لسنين عديدة، وهذا كان يعني أن يطول عمر النظ1ام ال11ذي كنت أدرك إلى أي مدى هو نظام سيء وال أمل فيه في أن يحقق لنا شيئا7 ال على مس11توى معيش11ة الس11وريين وال على مس11توى تحري11ر األرض المغتصبة. كنت أغبط المصريين والتونسيين رغم أنني أعلم جي11دا7 أن التغي11ير في ت11ونس ومص11ر لن يك11ون ج11ذريا7، وأش11عر باألس11ى على السوريين الذين بدا لي أن عليهم تحم11ل نظ11امهم الفاس11د المتخل11ف الذي يخدعهم بالكالم المعسول ويدغدغ مشاعرهم الوطنية والقومية دون أن يحقق شيئا7 ملموسا7 لهم، بينما هو يستأثر بخ11يراتهم ويحتك11ر الحياة السياسة ويعاملهم معاملته لقطيع علي11ه الس11مع والطاع11ة وال يحق له إبداء رأي أو اعتراض، في الوقت الذي تحرر فيه الناس ح11تى في الدول التي كانت شيوعية. لكن حدث ش11يء لم أتوقع11ه أس11عدني رغم مأساويته. لقد حاول النظ11ام القض11اء على االحتجاج11ات بقس11وة بالغة كانت كفيلة قبل ثالثين س11نة أن تخم11دها إلى غ11ير رجع11ة. ب11الغ النظام في القتل واالعتق11ال والتع11ذيب ح11تى الم11وت، وح11تى يجع11ل األسر في درعا تلم أوالده11ا وتمنعهم من القي11ام بأي11ة حماق11ات أع11اد طفال7 ينطق وجهه بالبراءة إلى أهله جثة تحم11ل آث11ار وحش1ية ال م11برر له11ا على اإلطالق، الك11دمات على جس11ده الط11ري ورقبت11ه مكس11ورة وذكره مقطوع وطلق11ة في ص11دره وطلق11ة ثاني11ة في ذراع11ه اليم11نى اخترقتها ودخلت في بطنه وطلق11ة ثالث11ة اتخ11ذت المس11ار نفس11ه في الجهة اليسرى. تفنن وإبداع في الوحشية والقسوة على طف11ل قي11ل

3

أنه كان يحاول إيصال بعض الطع11ام ألقربائ11ه المحاص11رين في درع11ا. كان بإمك11ان النظ11ام التخلص من جث11ة حم11زة الخطيب ودفن جريمت11ه معه11ا، لكن الجريم11ة ك11انت مقص11ودة لبث ال11رعب في نف11وس اآلب11اء واألمهات ليتولوا بأنفسهم تقييد أوالدهم وليمنعوهم من التورط في أي نش11اط في11ه خ11روج على الخض11وع ال11ذليل ال11ذي ك11ان يعيش11ه السوريون، ومعروف أن المراهقين هم أس11رع الن11اس لتقب11ل الجدي11د ولإلندفاع وراء أي دعوة تدعو إلى المثاليات وللتضحية بأنفس11هم في س11بيل ذل11ك، فهم ليس ل11ديهم أوالد يخش11ون عليهم أن يع11انوا اليتم والفقر من بعدهم. كان ما فعلوه بحم11زة الخطيب مقص11ودا7 ومتعم11دا7 وله هدفه. ك11انوا يس11تبيحون ك11ل مح11رم لتحقي11ق غاي11اتهم. لكن كم11ا أشعلت النيران التي اح11ترق به11ا الب11وعزيزي في ت11ونس ث11ورة كامل11ة ف111إن ص111ورة حم111زة الخطيب أيقظت الكث111يرين من الس111وريين من غفلتهم وفتحت أعينهم ليروا عيوب النظام الذي كانوا مخدوعين ب11ه،

وأعلنها السوريون ثورة الكرامة والحرية.

كان من السهل القضاء على الثورة في سورية وهي ب11رعم ص1غير ليتأخر تح11رر الس11وريين من طغ11اتهم ربم11ا جيال7 آخ11ر وذل11ك بالتعام11ل معها برفق وسياسة وكياسة، لكن النظام قدم لن11ا خدم11ة عظيم11ة لم يقصدها، لقد خلق بحمقه واستكباره ثورة في سورية ما كان له11ا أن توجد لوال أفعاله المخزية التي أسقطت عنه ورق11ة الت11وت ال11تي ك11ان يستر س11وءته به11ا، ف11إذا ب11ه كل11ه س11وءات لكن الغش11اوة ك11انت تغطي أبص11ار الكث11يرين، وبفض11ل النظ11ام الس11وري ب11دأت الغش11اوة تنجلي. الثورة في سورية من صنع النظام السوري، وهي بالدرجة األولى رد فعل على ازدرائه للسوريين ومعاملته لهم معاملة الس11ادة الظ11المين

للعبيد المقهورين.

النظام يقوم على مجموع11ة من أن11اس ال أخالق لهم، بعكس بش11ار الذي هو استثناء بينهم، لذا استخدموه قناع11ا7 يخفي حق11ارتهم. ك11انوا مختبئين خلفه يعيثون فس11ادا7، والس11وريون يظن11ون بش11ار واح11دا7 من جماعة كبيرة من أمثاله، ولم يكون11وا ي11دركون أن11ه ك11ان الوحي11د ال11ذي يتمتع بالطيبة والصدق في مواقفه وبخاصة تجاه إسرائيل، لكنه ك11ان عاجزا7 وهو الحمل الوديع بين قطيع من ال11ذئاب ال11ذين ال يحلل11ون وال يحرم11ون والمس11تعدون ألن يق11ترفوا أي11ة جريم11ة للمحافظ11ة على تسلطهم على البالد والعب11اد. قس11وة القم11ع ووحش11يته، رغم س11لمية االحتجاجات وعفويتها، كشفت للكثيرين مقدار الحقارة والنذالة التي

4

يتمتع بها حكامهم، إذ ليس بش11ار الح11اكم الحقيقي في س11ورية. وإن كان يبدو لي أنه رضي أن ينضم إلى عصابة من الحثال11ة تس11يطر على البالد ربما ليأمن على نفسه وعائلته الص11غيرة، وربم11ا اس11تمراء7 لل11ذة السلطة المطلقة التي أوهموه أنه يتمتع بها، مع الم11ال الكث11ير ال11ذي قيل إن بشارا7 يحب جمعه بعكس أبي11ه ال11ذي لم يع11رف عن11ه أن11ه ت11رك ثروة فاحشة تؤمن مستقبل أوالده، اللهم إال سورية كلها، التي كانت بمثابة مزرعة كبيرة ل11ه، هي ومن عليه11ا من المواط11نين المخ11دوعين

المستعبدين.

وحشية النظام وغباؤه في التعامل مع احتجاج11ات بعض من تج11رأ من السوريين على المطالبة ال بإسقاط النظام أو تنحي ال11رئيس ب11ل المطالبة بالحرية واإلصالح ولو في ظل النظام نفسه، هذه الوحش11ية واالعت11داء على كرام11ة الن11اس اس11تفزتهم فث11اروا لك11رامتهم، وث11اروا غضبا7 لمقت1ل أقرب1ائهم وأص1دقائهم وأبن1اء عش1ائرهم ال1ذين لم يكن ذنبهم إال أنهم هتفوا للحرية وأيديهم خالي1ة من أي س1الح وص1دورهم عاري11ة لرص11اص الوح11وش ال11ذين يحكم11ونهم. وانتق11ل الث11ائرون من المطالبة بالحرية واإلصالح إلى المطالبة ال بتنحي الرئيس كما ط11الب المصريون من قبلهم بل المطالبة بإعدام الرئيس الذي كانوا يحبون11ه وانكشف أمامهم عن مجرم يستخدم براعته في الكالم لت11برير ج11رائم

رجاالت نظامه المخزية لمن لديه ذرة من حياء أو أخالق أو مبادىء.

ومن فضل الله على الس1وريين أن النظ1ام مجموع1ة من األغبي1اء المغ11رورين ال11ذين ال يتعلم11ون من أخط11ائهم أب11دا7، وال11ذين أعم11اهم غ11رورهم واس11تكبارهم فص11اروا ع11اجزين عن أن يبص11روا المس11تنقع الذي وقعوا فيه والهوة التي يسقطون فيها يوما7 بعد يوم، فال يخط11ر ببالهم استدراك الموقف ليخرجوا منه بأقل الخسائر لهم ولعائالتهم. لقد أضل الله أعمالهم وصاروا مثل أحمق يريد أن يطفىء نارا7 بص11ب الزيت عليها، وكلما زادها الزيت اشتعاال7 زاد هو من الزيت الذي يصبه عليها ليطفئها، وهك11ذا الث11ورة الس11ورية تق11وى وتتع11اظم كلم11ا أمعن النظ11ام بالقت11ل والتع11ذيب واالعت11داء على األع11راض، ال11ذي بل11غ ح11د ارتكاب المذابح بح11ق النس11اء واألطف11ال. األغبي11اء يتص11ورون الش11عب الثائر مثلهم لو تهددت سالمة أحدهم وسالمة أوالده الستكان وخض11ع وانقاد. كان السوريون هكذا قبل ثالثين أو أربعين عاما7، وك11ان قط11ع رأس القط من ليلة العرس كما يقال يبث الرعب في نف11وس البقي11ة ويضمن خضوعهم وانقيادهم، كان السوريون يعانون من الو�ه�ن الذي

5

ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، أي حب الحي11اة ح11تى ل11و م11ع ال11ذل وكراهي11ة الم11وت ح11تى ل11و من أج11ل الكرام11ة. لق11د نش11أ جي11ل من الس11وريين ال يه11اب الم11وت وال يرض11ى أن يبقى مس11تعبدا7 ف11زادت المظاهرات وتوس11عت وخ11رجت في من11اطق لم تخ11رج فيه1ا من قب11ل كلما بلغ الناس أخبار القتل والتعذيب واالعت11داء على األع11راض. إنهم بدل أن يخافوا ويلوذوا ببيوتهم حرصا7 على سالمتهم خرج11وا يتح11دون القتل111ة ويرحب111ون باالستش111هاد في س111بيل العيش بكرام111ة ص111اروا

يستحقونها.

وهكذا تطورت الثورة من اجتماع روح العزة التي ال يري11د النظ11ام أن ي11درك أن الس11وريين ص11اروا يتحل11ون به11ا على أوس11ع نط11اق، م11ع أسلوب أكثر من غبي حاول النظام ب11ه أن يقض11ي على الث11ورة ال11تي ق1امت ث11أرا7 لكرام11ة أهينت ولنف11وس بريئ11ة قتلت.. ح11اول أن يقض1ي عليها بمزيد من اإلهانة واإلذالل والقت11ل والتع11ذيب وهت11ك األع11راض، أي بالمزي11د من األفع11ال ال11تي أش11علت الث11ورة حين ص11ادفت نفوس11ا7 كريمة تأبى الذل والهوان، ورافق ذلك كله انكشاف النظام للكث11يرين من الذين كانوا مخدوعين به. وهكذا كان للنظام فضل التعجيل بثورة الس11وريين من أج11ل ح11ريتهم وك11رامتهم ومن أج11ل دول11ة العدال11ة والمواطنة التي يتساوى فيها أبناؤها على اختالف أديانهم وأعراقهم وأجناسهم ولغاتهم وتتكافىء فيها فرص الجميع فيك11ون األص11لح ه11و الذي يسود في المجتمع، ونتخلص من الحال البائسة التي نحن عليها اليوم، حيث يسود العشيرة أرذلهم، كما أخبر الن11بي ص11لى الل11ه علي11ه

وسلم.

إن سلمية االحتجاجات، ومحاربة النظام له1ا بالرص1اص الحي، م1ع ادعائه أن العصابات المسلحة هي التي تقتل المتظاهرين ضده، بينما ال يص11اب المتظ11اهرون المؤي11دون ل11ه بخ11دش، ه11ذه الس11لمية رغم االستفزاز ومحاولة النظام جر الثائرين إلى الس11الح فض11حت النظ11امته أمام الذين كانوا مخدوعين به، وألهبت مشاعر الكثيرين ال11ذين وعر� يكره11ون الظلم والقه11ر، ف11إذا بهم ي11رون الظلم والقه11ر مجس11دين وواضحين وضوح الشمس في أفعال النظام. ومم1ا س1اهم في فض1ح النظام أنه استعان بالشبيحة، وهم نوع من المافي11ا والعص11ابات ال11تي كونها بعض آل األسد في من11اطقهم للس11يطرة على الن11اس ح11ولهم، علوي11ة ك11انوا أو س11نة أو مس11يحيين، فال كرام11ة ألح11د إال آلل األس11د والباقون درجة ثانية ح11تى ل11و ك11انوا عل11ويين، إال إن هم انض11موا إلى

6

عصاباتهم من الشبيحة الذين ال يخضعون للقانون وال ألعراف الن11اس وتقاليدهم وال يعرفون حالال7 أو حراما7، فمن كان معهم شاركهم بعض المنافع دون أن يشاركهم العلو في األرض، إذ ال بد ل11ه أن يرض11ى أن يكون وراءهم وأدنى منهم. هؤالء الش11بيحة المرتزق11ة من المج11رمين وأش111باه المج111رمين جن111دهم النظ111ام ليكس111ر بهم إرادة الث111ائرين لك11رامتهم، ف11زادوا الطين بل11ة ب11أخالقهم المنحط11ة وتع11املهم م11ع السوريين كعبيد آبقين يجب ردهم إلى ربقة العبودية، أو فالقتل ح11ق عليهم. النظ11ام بحاج11ة إلى رج11ال يواجه11ون المتظ11اهرين بحق11د وبال ضمير، وظن أن الشبيحة بميولهم اإلجرامية خير من يق11وم بالمهم11ة، فقد كان الهدف هو الردع واإلرهاب وقتل كل من يتجرأ على أسياده. هؤالء الش11بيحة ال يعرف11ون حق11وق اإلنس11ان ألنهم ال ي11رون وال ح11تى ألنفسهم أية حق11وق أم11ام أس11يادهم، اللهم إال الفت11ات ال11ذي يرمون11ه لهم كم1ا ي1رمي الرج1ل الطع1ام إلى كلب1ه ال1ذي يحرس1ه وه1و س1عيد بالفتات وبرضى مواله عن11ه. ه1ؤالء الش1بيحة ي11رون أنفس1هم وي11رون السوريين الباقين عبيدا7 ألسيادهم من آل األسد ومن معهم، وهم لن يتعاملوا برحمة أو احترام حتى مع أبناء ط11ائفتهم وعش11ائرهم إن هم تمردوا على األسياد أولياء النعمة. لذا هم يقتل11ون المتظ11اهرين قت11ل الحاقد المتش11في لمج11رد أنهم هتف11وا للحري11ة، ألنهم هم أنفس11هم ال يش11عرون أن من حقهم أن يتمتع11وا بالحري11ة والكرام11ة إال م11ا يج11ود عليهم ب11ه أس11يادهم. ل11ذا هم ع11اجزون عن الش11عور بم11ا يش11عر ب11ه الس11وريون المط11البون بالحري11ة والكرام11ة وع11اجزون عن التع11اطف معهم، إنما هم في نظرهم خ11اطئون يس11تحقون العقوب11ة وفاس11دون يجب استئصالهم قبل أن تنتقل ع11دوى فس11ادهم إلى غ11يرهم. ه11ؤالء الش11بيحة هم مس11تعبدون أك11ثر من غ11يرهم من الس11وريين، لكنهم لم يتح11رروا في داخ11ل نفوس11هم، ولم يستش11عروا الحاج11ة للتخلص من السادة المتسلطين الذين يستأثرون بخ11يرات البالد ويس11تكبرون على

العباد.

المهم ح111دث م111ا أس111عدني، وفش11ل النظ11ام في التعام111ل م111ع االحتجاج11ات ب11ذكاء وسياس11ة ومك11ر، ولج11أ إلى األس11لوب ال11ذي ح11ول االحتجاجات المتفرقة إلى ثورة شعبية عارمة يتعاظم زخمها يوما7 بعد يوم. كم حمدت الله على هذه النعمة التي أرت11ني أن النظ11ام زائ11ل ال محالة ويحفر ق11بره بي11ده. إن ال11دماء ال11تي أريقت بال ح11ق واألع11راض التي انتهكت بقصد إذالل أهلها وترهيبهم هي التي استفزت النفوس األبي1ة الكريم1ة ال1تي ال ترض1ى بال1ذل أو الظلم وص1نعت في س1ورية

7

ثورة ما كنا نحلم بها. اعذروني فأنا من جيل تربى على الخ11وف، في زمانن11ا ك11ان ت11دمير حي من أحي11اء حم11اة ف11وق رؤوس س11كانه كافي11ا7 إلخضاع الجميع لدكتاتور مستبد عش11رين عام11ا7 وعش11رة ثالث11ة لوريث11ه وولي عهده. ربما كنتم أنتم يا شباب تشعرون أن الثورة آتية ال محالة بينما أنا ال أدرك إلى أي مستوى من العزة وصلت نفوس أبناء أم11تي. لقد أذهلتمون11ا ببط11ولتكم واس11تهانتكم ب11الموت في س11بيل ك11رامتكم وحريتكم وأخجلتمونا وصار أكثرنا ي11رى أن علي11ه اللح11اق بكم والس11ير وراءكم، ولكنني وأنا الذي ال أجرؤ على الخروج في مظاهرة وال على مجرد اإلفصاح عن اسمي الحقيقي وأنا أخاطبكم، ولس11ت في لياق11ة تساعدني على الهرب من بطش الشبيحة ورج11ال األمن المخيفين إن ركضوا خلفي يري11دون اعتق11الي، أن11ا وأمث11الي نمل11ك لكم الكث11ير مم11ا س11يفيدكم كي تنتص11ر ث11ورتكم وتحق11ق أه11دافها. إنن11ا نحن المس11نين الجبناء نمتلك من الحكمة ما أنتم في أمس الحاجة إليه، إنه11ا الحكم11ة التي اكتسبناها على مدى العمر الطويل والقراءات الكث11يرة وخ11برات الحي11اة وتجاربه11ا وم11ا م11ر علين11ا من أح11داث هي ت11اريخ بالنس11بة لكم يصلكم وصفه الصادق حينا7 والكاذب أحيان11ا7 أخ11رى، بينم11ا نحن عش11ناه واقعا7 حيا7 بكل آالمه وأحزانه. إن روح االستش11هاد ال11تي ل11ديكم وب11ذل النفس في س11بيل الحري11ة ش11يء عظيم يس11تحق اإلجالل واالنحن11اء أمامه، لكن ما هو أعظم منه هو أن نستشهد استش11هادا7 يحق11ق غاي11ة ويكلف عدونا أكثر من مجرد الطلقات التي يقتلنا به11ا، إن حب ال11دنيا وكراهية الموت تجعل البشر يرضون بالذل والهوان، لكن ليس الموت وال حتى استش11هادا7 غاي11ة في ح11د ذات11ه، وهن11ا ق11د يك11ون ل11دي ول11دى أمثالي ما نقدمه لكم من الرأي والمشورة.. إنني ال أريد وال أس11تطيع أن أتسلق على بطوالتكم ألصل إلى زعامة وقيادة لست أهال7 لها، وال أري111دكم أن تمكن111وا أح111دا7 من المتس111لقين أن يزاي111د على أرواحكم لتحقيق منصب أو مكانة، لكن ه11ذا ال يع11ني أن نس11ايركم في ك11ل م11ا ترونه حتى لو كان خاطئا7 لمجرد أنكم كسرتم حاجز الخ11وف وتم11ردتمد�ق�ك، د�ق�ك ال من ص�11 على قي11ودكم، فالمث11ل يق11ول: ص11ديقك من ص�11 والنص11يحة هي ع11دم الغش وع11دم كتم11ان رأي ن11افع يمكن أن يجع11ل النتائج أك11بر والخس11ائر أق11ل، وذل11ك بس11بب استش11عارنا النقص أم11ام

بطوالتكم وشجاعتكم مقابل خوف جيلنا وجبنه.

أق11ول ه11ذا ألني أرى األم11ور مختلط11ة على الكث11يرين من ش11بابنا الثائر مما يجعله يطالب بما فيه الش1ر ل11ه بحس1ن ني11ة، واإلنس1ان ق1د

ان�يطلب من الله الشر وهو يظن11ه خ11يرا7، ق11ال تع11الى: د�ع� اإل�نس�11 ي�11 }و�

8

وال7 {اإلسراء �ان� ع�ج ي�ر� و�ك�ان� اإل�نس� ر� د�ع�اءه� ب�ال�خ� . لذا س11امحوني11ب�الش� إن تجرأت على طرح أفكار ق11د تك11ون مس11تهجنة من كث11ير منكم ه11ذه األيام، لكني أذكركم أن الحكمة ض11الة الم11ؤمن أن�ى وج11دها التقطه11ا، وعلين11ا أن نس11تمع إلى بعض11نا بعض11ا7 ف11إن المؤم11نين أم11رهم ش11ورىك�م ل11ذا يس11مى الح11اكم � بينهم، ومع أن األمر األصل في معناه ه11و الحل�ق� المؤمنين في جميع مجاالت الحي11اة، ألن � ولي األمر لكن الشورى خ االستماع إلى اآلراء األخرى لن يضرنا في ش11يء، فه1و إم11ا أن ينبهن11ا إلى خط11أ� نحن واقع11ون في11ه، أو يطمئنن11ا إلى أنن11ا على ح11ق وعلى

صواب فنزداد عزيمة وإقداما7.

أقول هذا ألن كثيرا7 منا ص11ار ين11ادي بالتس11لح وي11دعو إلى الت11دخل األجنبي لحماية المتظاهرين وحماية الذين يقتل11ون ك11ل ي11وم بال ذنب. لم يسمع كثيرون منا بمبدأ الالعنف والمقاومة السلمية ال11تي اش11تهر بها غاندي في النص1ف األول للق1رن العش1رين، وق1د يظن1ه بعض من سمع ب11ه نوع11ا7 من المثالي11ة ومن إدارة الخ11د اآلخ11ر لمن يلطمن11ا على

خدنا األول.

الالعنف ليس اختراعا7 لغاندي وال سبقا7 ل11ه، إنم11ا عرفت11ه البش11رية منذ األسرة األولى من بني آدم الذين أعطاهم الله من العقل وكمالل�ق ما لم يعطه لمخلوق قبلهم. القرآن يروي لن11ا قص11ة اث11نين من الخ�ل� من أح11دهما ولم يتقب11ل من ب�11 � أبن11اء آدم ق11دما قربان11ا7 إلى الل11ه فت�ق اآلخ11ر، فق11ال ه11ذا اآلخ11ر ألخي11ه: ألقتلن11ك. وم11ع أن ح11ق ال11دفاع عن النفس ال يعترض عليه أحد، فإن األخ الصالح أعلن ألخيه أنه لن يدافع عن نفسه، ولئن أص11ر األخ الظ11الم على قت11ل أخي11ه الص11الح فإن11ه لن

يقاومه، بل سيتركه يبوء بإثمه وإثم أخيه المقتول.

تأملوا هذه الحكاية التي يقصها علينا الح11ق س11بحانه وتع11الى فيب�ل�كتابه إذ يقول: �ت�ق ب�انا7 ف� ر� �ب�ا ق ر� �ذ� ق� ق� إ � اب�ن�ي� آد�م� ب�ال�ح� م� ن�ب�أ ات�ل� ع�ل�ي�ه� }و�

�ه ل� الل�11 ب�11 ا ي�ت�ق� �ن�م�11 ال� إ ك� ق�11 ت�ل�ن�11 �ق� ال� أل� ر� ق� ب�ل� م�ن� اآلخ� ل�م� ي�ت�ق� ا و� م� د�ه� م�ن أ�ح�{ ين� ت�ق� �د�ي�27م�ن� ال�م ط� ي�11 � ب�ب�اس�11 ا �ن�11 ا أ ت�ل�ن�ي م�11 �ل�ي� ي�د�ك� ل�ت�ق� { ل�ئ�ن ب�س�طت� إ

{ ال�م�ين� ب� ال�ع�11 ه� ر� اف� الل�11 �ن�ي أ�خ�11 ك� إ ت�ل�11 �ق� ك� أل� �ل�ي�11 وء�28إ �ر�ي11د� أ�ن ت�ب11� �ن�ي أ { إ

{ ال�م�ين� اء الظ�11 ز� ك� ج�11 ذ�ل�11 ار� و� اب� الن�11 ح� ص�11ون� م�ن� أ� �ت�ك11 �ث�م�ك� ف� إ �ث�م�ي و� {29ب�إ

{ ر�ين� اس� ب�ح� م�ن� ال�خ� ص�أ� ت�ل�ه� ف� ق� يه� ف� ت�ل� أ�خ� ه� ق� �س ب�ع�ث�30ف�ط�و�ع�ت� ل�ه� ن�ف� { ف�

ي�ل�ت�ا ال� ي�ا و� يه� ق� و�ءة� أ�خ� ار�ي س� ض� ل�ي�ر�ي�ه� ك�ي�ف� ي�و� ر�7 ي�ب�ح�ث� ف�ي األ� ابا الل�ه� غ�ر�

ب�ح� م�ن� ص�11أ� و�ءة� أ�خ�ي ف� و�ار�ي� س�11

�أ اب� ف�11 ر� �111ذ�ا ال�غ11 ل� ه� ث�11 ت� أ�ن� أ�ك�ون� م� ز� أ�ع�ج�{ ل�31الن�اد�م�ين� ت�11 ه� م�ن ق� �ن�11 ائ�يل� أ ر� ا ع�ل�ى ب�ن�ي إ�س�11 ك� ك�ت�ب�ن�11 ل� ذ�ل�11 { م�ن� أ�ج�11

9

ن� يع11ا7 و�م� م� اس� ج� ت�ل� الن�11 ا ق� �ن�م� ك�أ ض� ف� ر�اد� ف�ي األ� و� ف�س�

7 ب�غ�ي�ر� ن�ف�س� أ� سا ن�ف�ات� ث�م� إ�ن� ل�ن�ا ب�الب�ي�ن�11 �س11 �م� ر �اءت�ه د� ج�11 ل�ق� يعا7 و� م� ي�ا الن�اس� ج� ا أ�ح� �ن�م� ك�أ ا ف� ي�اه� أ�ح�

{ ر�ف�ون� ض� ل�م�س� ر�م ب�ع�د� ذ�ل�ك� ف�ي األ� �ن�ه 7 م� { } سورة المائدة{.32ك�ث�يرا

ربنا يحكي لنا قصة األخ ال11ذي لم ي11دافع عن نفس11ه وه11و يعلم أن أخاه يريد قتله ليكون هذا الرجل ق11دوة لن11ا ومث11اال7، ال ليذم11ه ويص11فه بالضعيف أو المتخاذل. أليس سياق اآليات الكريمة واضحا7 في امت11داح

امتناعه عن مقاومة أخيه بالعنف ولو دفاعا7 عن نفسه؟

عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون في مكة قب11ل الهجرة إلى المدينة تعرضوا إلى اإلي11ذاء الش11ديد والتع11ذيب والحص11ار، لكنهم أب11دا7 لم يلج11ؤوا إلى العن11ف أو إلى أي11ة أس11اليب ك11ان يمكن أن توصف بأنها غير مشروعة، كسرقة الطعام من أجل البق11اء على قي11دع�ب� أبي طالب، أو تخليص العبيد المؤم11نين الحياة أثناء الحصار في ش� الذين كانوا يعذبون حتى يرتدوا إلى الش11رك أو يموت11وا تحت التع11ذيب وذلك بفك قيودهم ومساعدتهم على الهروب من سادتهم، إنم11ا ك11ان المس111لمون يش111ترون إخ111وانهم العبي111د المع111ذبين بالم111ال الكث111يرع�ب ويح11ررونهم بالوس11ائل المش11روعة في ذل11ك المجتم11ع، وفي الش�11 صبروا على الج11وع ح11تى أكل11وا أوراق الش11جر ولم يح11اولوا الحص11ول على الطعام بوسائل غير مشروعة، وذات يوم دافع أبو بكر عن محمد صلى الله عليه وسلم عند الكعبة فانهال عليه المشركون ضربا7 ح11تىف وجهه من شدة ما أصابه لكنه لم يرد بي11ده أو ي11دافع عن لم يعد ي�ع�ر� نفسه بسالح أو دون سالح، رغم أن قيم المجتمع المكي يومه11ا تعلي

من شأن اإلباء والعزة وعدم الخضوع ولو كلف ذلك العربي حياته.

في تل11ك المرحل11ة لم يكن مأذون11ا7 للمؤم11نين أن يلج11ؤوا إلى أيوا أيديهم، ونجد ه11ذا شكل من أشكال العنف، وكانوا مأمورين أن يكف�

وا�واضحا7 في اآلية الكريمة التالية م� ك�ف�11 �ي11ل� ل�ه ذ�ين� ق� �ل�ى ال�11 ر� إ �ل�م� ت�11 : }أ

ر�يق� �ذ�ا ف� ت�ال� إ م� ال�ق� ا ك�ت�ب� ع�ل�ي�ه� ل�م� ك�اة� ف� � الز� آت�وا ال�ة� و� � الص� وا �أ�ق�يم �ي�د�ي�ك�م� و� أ

ا ل�م� ك�ت�ب�ت� ب�ن�11 � ر� ال�وا ي�ة7 و�ق�11 ش� د� خ� و� أ�ش�� ي�ة� الل�ه� أ ش� و�ن� الن�اس� ك�خ� ش� م� ي�خ� �ن�ه م�

�ة ر� ل�يل� و�اآلخ�11 ت�اع� الد�ن�ي�ا ق� ل� م� �ر�يب� ق ل� ق� �ل�ى أ�ج� ت�ن�ا إ ر� ت�ال� ل�و�ال أ�خ� ع�ل�ي�ن�ا ال�ق�ت�يال7 {النس11اء ون� ف� �ى و�ال� ت�ظ�ل�م11 ر� ل�م�ن� ات�ق� ي�11 . لكن بع11د أن ه11اجر77خ�

المسلمون والنبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأسس11وا دول11ة، أذن الله لهم بالقتال في سبيله، أما قبل ذلك فكان الحال هو ما تعبر

ذ�ي ي�ن�ه�ى}8}عن11ه اآلي11ات الكريم11ة التالي11ة: �ي�ت� ال�11 أ ر�� �ذ�ا9{ أ 7 إ دا { ع�ب�11

ل�ى} د�ى}10ص�11 �ان� ع�ل�ى ال�ه11 �ي�ت� إ�ن ك�11 أ ر�� و�ى}11{ أ الت�ق� ر� ب�11 م�11

و� أ�� {12{ أ

10

ت�و�ل�ى} �ي�ت� إ�ن ك�ذ�ب� و� أ ر�� ى}13أ ر� ه� ي�11 أ�ن� الل�11 �ل�م� ي�ع�ل�م� ب�11 { ك�ال� ل�ئ�ن ل�م�14{ أ

ي�ة�} 7 ب�الن�اص� عا ف� ة�}15ي�نت�ه� ل�ن�س� اط�ئ�11 ة� خ� ي�ة� ك�اذ�ب�11 ه}16{ ن�اص� د�ع� ن�اد�ي�11 ل�ي�11 { ف�ب�ان�ي�ة�}17 ن�د�ع� الز� }18{ س� ت�ر�ب� اق� د� و� �ج . 19{العلق19{ ك�ال� ال� ت�ط�ع�ه� و�اس�

ال تطعه واسجد واق11ترب وي11داك مكفوفت11ان غ11ير مبس11وطتين ب11أي ع1دوان وال ح1تى ب1دفاع عن النفس، إنم1ا ه1و الثب1ات واإلص1رار على

الحق والعصيان السلمي.

الدفاع عن النفس حق تض11منه الفط11رة اإلنس11انية الس11وية وتق11ره شرائع البشر كلها، لكن تركه أحيان11ا7 يك11ون أق11وى أث11را7 من ممارس11ته وأعظم نفعا7 وأدعى لتحقيق األهداف المطلوب11ة. نعم ق11د ي11ؤدي ذل11ك إلى استشهاد البعض وإلى الظهور بمظهر الضعيف الذليل، لكن في11ه تكمن ق11وة أخالقي11ة ال يس11تطيع الخص11م أن يتغلب عليه11ا بس11الحه وعضالته. س11يكون هنال11ك ش11هداء س11واء تم ال11دفاع عن النفس بالي11د والسالح أو تم االمتناع عنه، ولكن أثر هذا الص11راع في نف11وس ال11ذين يراقبونه سيختلف. ففي حالة ال11دفاع عن النفس ينتق11ل اهتم11ام من يراقب إلى معرفة من سينتصر وي11تراجع اهتمام11ه بعدال11ة قض11ية أح11د الطرفين ومقدار الحق فيها. أما إن كف أص11حاب الح11ق أي11ديهم ف11إن اعتداء خصومهم عليهم بالي1د والس1الح وعج1ز ه1ؤالء الخص1وم عن رد الحجة بحجة مثلها وعن إبطال الدعوة بما يثبت خطأها كل ذلك يجعل المراقبين للموقف أو ما يس11مى األكثري11ة الص11امتة يتفك11رون بعدال11ة القضية المطروحة وينكشف لهم زيف ادعاء الخصم الذي ال يعرف إال لغة القوة ألنه صاحب جسد كبير وعضالت مفتولة لكن ال عقل ل11ه وال قلب. إن الص11بر على األذى م11ع ك11ف األي11دي عن ال11دفاع عن النفس يزلزل األرض تحت أق11دام الظ11المين، ل11ذا ت11راهم يح11اولون اس11تفزاز أصحاب الحق كي يلجؤوا إلى العنف والس11الح فتك11ون الغلب11ة للظ11الم ألن11ه ق11وي ويخس11ر المظل11وم ح11تى تع11اطف األغلبي11ة الص11امتة مع11ه، ويصبح الموقف يشبه حلبة مصارعة يشاهدها الجمهور وه11و متش11وق لمعرف11ة نتيجته11ا أك11ثر مم11ا ه11و مهتم بمعرف11ة من مع11ه الح11ق من

الطرفين المتصارعين.

عندما يكون الخالف والصراع ضمن المجتمع نفس11ه يص11بح أفض11ل الجهاد كلمة حق يقولها المرء ويتحمل األذى الذي يقع عليه جراء ذلك دون أن يس111تخدم ي111ده وال ح111تى لل111دفاع عن نفس111ه، كم111ا يفع111ل المتظاهرون السلميون من أجل الحرية والكرامة، وكلنا يعرف ح11ديث

)أفضل الجهاد كلم11ةرسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الخصوص

11

، ولهذا حكمة عظيمة أول جوانبهاحق عند سلطان جائر أو أمير جائر( أن اقتتال أبن11اء المجتم11ع الواح11د أو م11ا يس11مى بلغ11ة عص11رنا الح11رب األهلية يهدد المجتمع بأس11ره، وي11ذهب في11ه األبري11اء ض11حايا الفوض11ىت�ل فيه من هم من أنصار الح11ق ألن المجتم11ع التي يسببها، كما قد ي�ق�

وامت11داخل ومتش11ابك وغ11ير متم11ايز، ق11ال تع11الى: �ر ذ�ين� ك�ف�11 }ه�م� ال�11و�ال� ل�11 ه� و� ل�11 ح� غ� م� �7 أ�ن ي�ب�ل11 ع�ك�وف11ا د�ي� م� ال�ه�11 ام� و� ر� د� ال�ح�11 ج� د�وك�م� ع�ن� ال�م�س� و�ص�يب�ك�م ت�ص�11 ؤ�وه�م� ف� وه�م� أ�ن ت�ط�11 �ات� ل�م� ت�ع�ل�م11 ن�11 ؤ�م� اء م� ن�س�11 ون� و� �ن11 ؤ�م� ال� م� ر�ج�ي�ل�وا ل�ع�ذ�ب�ن�ا اء� ل�و� ت�ز� ت�ه� م�ن ي�ش� م� ح� ل� الل�ه� ف�ي ر� ل�م� ل�ي�د�خ� ة� ب�غ�ي�ر� ع� ع�ر� م م� �ن�ه م�

�ل�يم11ا7 {الفتح 7 أ م� ع�ذ�ابا �ن�ه وا م� �ر . وال11ذي ي11دعو إلى اإلص11الح25ال�ذ�ين� ك�ف� يجب أن ال يج11ر المجتم11ع إلى االقتت11ال ال11داخلي والح11رب األهلي11ة، إذهدفه تحسين حياة الناس ال انتحار المجتمع أو االنتقام من الخصوم.

إذن ال جهاد باليد ضمن مجتمع واحد، إنما الجه11اد في11ه يك11ون ب11أن يقوم المجاهد إلى الحاكم الجائر ويعظه فيقتله هذا الظالم ألنه تجرأ على قول الحق مما ق11د يجع11ل ب11اقي أف11راد المجتم11ع يتم11ردون على سلطته وطغيانه، وعندما يقتل المجاهد بهذه الطريق11ة فإن11ه ال يك11ون "شهيدا7 فحسب بل يكون سيد الشهداء. قال صلى الله علي11ه وس11لم:

ائ�ر� ام� ج�11 �ل�ى إ�م�11 ام� إ ل� ق�11 �ج11 ، و�ر� د� ال�م�ط�ل�ب� ة� ب�ن� ع�ب�11 ز� م�11 د�اء� ح� ه� ي�د� الش�11 س�11".�ت�ل�ه ق� اه� ف� ن�ه� ه� و� ر� م�

أ� أما عندما يكون الصراع والخالف بين دول11تين أوف� للجه11اد بق11وة الس11الح أنيمكنبين فئتين متمايزتين غير مختلط11تين

اط�يكون هو المطلوب ب�11 و�ة� و�م�ن ر� �ت�ط�ع�ت�م م�ن ق11 ا اس�11 م م�11 �� ل�ه د�وا أ�ع� : }و�

�م �ون�ه �م� ال� ت�ع�ل�م11 ر�ين� م�ن د�ون�ه� د�و�ك�م� و�آخ�11 ب�ون� ب�ه� ع�د�و� الل�ه� و�ع�11 ه� ي�ل� ت�ر� ال�خ��نت�م� ال� أ �ل�ي�ك�م� و� و�ف� إ �ب�يل� الل�ه� ي11 ء� ف�ي س� ي� وا� م�ن ش� �ق ا ت�نف� م� و�م� �ه � الل�ه� ي�ع�ل�م

. وذلك كأن يدخل محتل غ1ريب بل1دا7 من البل1دان60ت�ظ�ل�م�ون� {األنفال فيكون جنوده معروفين سهل تمييزهم وقتلهم وحدهم دون قت11ل أي بريء، وال يكون هؤالء الجنود أبناء المجتمع نفسه، بحيث يقتل الرجل

ابن عشيرته.

والعنف ال ينفع عندما تكون األمور مختلطة والحق غير واضح م11ع أي جانب هو، وهذا ما يسمى الفتن11ة، حيث يحت11ار اإلنس1ان وال يع11رفل األبري11اء ويقات11ل ت�11 أي الف11ريقين على الح11ق والص11واب، عن11دها ي�ق� اإلنسان تحت راية يكتشف بعد فترة أنها كانت خاطئ11ة عمي11ة، فين11دم بعد أن أزهق أرواحا7 بغير حق، وأتلف أمواال7 ظلم11ا7 وع11دوانا7. ل11ذا يجب أن يكون التغيير ض11من المجتم11ع الواح11د وفي القض11ايا ال11تي تختل11ف

12

فيه1ا اآلراء تغي11يرا7 س11لميا7 مئ11ة بالمئ11ة نك11ف في11ه أي11دينا وال نبس1طهابعدوان على أحد، وبذلك لن يكون هنالك ما نندم عليه يوما7 ما.

إن محاولة التغيير دون عن11ف وال ح11تى بقص11د ال11دفاع عن النفس تس11اعد كث11يرا7 على توض11ح األم11ور وانجالئه11ا وعلى تغي11ير قناع11ات الكث11يرين من ال11ذين ال مص11الح شخص11ية لهم م11ع الباط11ل ال11ذي نري11د تغي11يره ومن ال11ذين خ11دعهم ه11ذا الباط11ل وأوهمهم أن11ه الح11ق وأن11ه

كسر وثانيهما تغيير القناعاتالصواب. الصراع عادة له هدفان أولهما ، أما الص11راع ال11ذي يه11دف إلى إب11ادة الخص11م إب11ادة تام11ة فالاإلرادات

يمكن أن يك11ون ل11ه مك11ان في النض11ال من أج11ل التغي11ير االجتم11اعي واالنتق11ال من مجتم11ع القه11ر والكبت والقي11ود إلى مجتم11ع الحري11ة

والعدل والمساواة.

والصراع في سورية اليوم يه11دف إلى تغي11ير ديمق11راطي يش11ارك فيه الجميع ويستفيد منه الجمي11ع، وح11تى ينجح ال ب11د أن يقتن11ع أغلبل� حس11ب � الس11وريين ب11الثورة وعدال11ة قض11يتها فيش11اركوا فيه11ا ك11 استطاعته، وال بد لنجاحها من سحب البساط من تحت النظام ليفق11د أية شعبية يمتلكها، فإذا فقد ك11ل ش11عبيته فسيس11قط ال محال11ة، وق11د يس11قط وقته11ا على أي11دي بعض دعائم11ه وبمبارك11ة وتأيي11د حلفائ11ه المخلص11ين ال11ذين س11يجدون مص11الحهم م11ع نظ11ام ب11ديل في11دعمون

التغيير.

في سورية ما تزال الث11ورة س11نية إلى ح11د بعي11د، ومش11اركة أبن11اء الطوائف أخرى فيه11ا فردي11ة ومح11دودة وم11ترددة، وه11ذه الس11لبية من الطوائف األخرى تص11ب في رص11يد النظ11ام ال11ذي يعتبره11ا مؤي11دة ل11ه طالما أنها لم ت�ث�ر علي11ه ح11تى اآلن. والطوائ11ف الس11ورية غ11ير الس11نة ليست ص11امتة ألنه11ا س11عيدة في ظ11ل النظ11ام أو مس11تفيدة أك11ثر من غيرها، بل ألنها خائفة من البديل القادم أن يكون أس1وأ بالنس1بة له1ا من النظام الحالي، وبخاصة في قضايا الحري11ات الديني11ة والمواطن11ة، وهم لن يشاركوا بقوة ويقدموا أرواحهم إال إن ضمنوا أن المس11تقبل سيكون أحسن ومكانهم في المجتمع السوري س11يكون محفوظ11ا7 لهم كسوريين لهم ما لباقي السوريين من الحقوق وعليهم ما على باقي السوريين من الواجبات، ووصولهم إلى هذه القناعة يحتاج من الثورة أن تبقى سلمية مئة بالمئة وأن تتجنب الطائفية تجنب11ا7 ك11امال7، أم11ا إن تس11لحت وأخ11ذت المنحى الط11ائفي س11واء من إنطالقه11ا من طائف11ة السنة أو بتركيز عدائها على الطائفة العلوية ف1إن مخ1اوف الطوائ1ف

13

األخرى من المستقبل ستتعاظم وستدفعهم إلى االس11تجابة ل11دعوات التسلح وتك11وين الميليش11يات الطائفي11ة لحماي11ة أنفس11هم في البداي11ة ولتقسيم المنطقة )سورية ولبنان( إلى دويالت طائفية متن11احرة في النهاي111ة. ال يمكن للث111ورة أن تتس111لح دون أن ت111نزلق في مس111تنقع الطائفية. وعندما تتسلح الثورة وتمارس القتل فإن أثره11ا في تغي11ير القناعات يصبح ضئيال7 جدا7 ويستمر أنصار النظام في االلتف11اف حول11ه

وتأييده إلى آخر مدى.

أما أعداد الشهداء فكلنا يعلم أنها من11ذ تك11ون الجيش الح11ر وص11ار يعلن تحرير بعض األحياء من سلطة النظام تض11اعفت م11رات وم11رات، ولم تكن هنالك حماي11ة حقيقي11ة للمتظ11اهرين والم11دنيين، ب11ل اض11طر النظام إلى التعام11ل م11ع األحي11اء ال11تي تعلن تحرره11ا تعامل11ه م11ع بالد معادية هو في حرب معها يستحل فيها كل ش11يء من أج11ل االنتص11ار. صحيح أن ذلك جعله يرتكب جرائم أك11ثر وينكش11ف أم11ام الجمي11ع، لكن كان يمكن تحقيق قدر أكبر من تعري1ة النظ1ام بش1هداء أق1ل ب1الطرق

السلمية إن تأمنت تغطية إعالمية قوية.

إن بقاء الثورة تلعب دور الضحية ل11ه أث11ر ب11الغ في تغي11ير قناع11ات ومواق11ف واتجاه11ات األغلبي11ة ال11تي م11ازالت ص11امتة، وبالت11الي تغي11ير ميزان القوى ضمن المجتمع، لكنها القوى غير العسكرية، تلك القوى التي ال يمتلك النظام منها الكثير، وهو ع11اجز عن المحافظ11ة على م11ا لديه منها. إن11ه بغبائ11ه وغ11روره يخس1ر ك11ل ي11وم ق1درا7 من قوت11ه غ11ير العسكرية أي من ش11عبيته وش11رعيته وتع11اطف الكث11ير من الس11وريين معه، وعلينا أن ال نساعده باستعجالنا وانفعالنا كي يحول الصراع إلى حرب أهلية طائفية سيكون هو المنتصر فيه11ا وفي أس11وأ االحتم11االت يقسم المنطقة وينشىء دولة علوية تستأثر بالثروة الغازية العظيم11ة المكتشفة تحت شرق البح11ر األبيض المتوس11ط، ألن أي11ة دول11ة علوي11ة س1تقوم ستض1م الس1احل الس1وري كل1ه وط1رابلس لبن1ان، وس1يبقى

للسنة دويلة داخلية مخنوقة ال سواحل لها.

ليس الح11رص على س11لمية الث11ورة المطلق11ة وعلى ال11تزام مب11دأ الالعنف فيها نوعا7 من الطوباوية والمثالية غير الواقعية التي ال يلج11أ إليها إال الض11عفاء والمقه11ورون، إنم11ا هي ق11وة أخالقي11ة وتف11وق في القيم على الخصم يحرج11ه ويفق11ده تع11اطف الص11امتين، ب11ل ويفق11ده بعض أنصاره الذين لديهم بقية من قيم وأخالق، بينم11ا ه11و ع11اجز عن

14

مواجهة الثورة في هذا المجال الذي ال يمتلك فيه أية مقومات تعين11هعلى التغلب عليها.

تحت11اج المحافظ11ة على س11لمية الث11ورة إلى أن يتمت11ع الث11ائرون بالثقة بأنفسهم والثبات والرس11وخ على األس11لوب ال11ذي يجيدون11ه وال يحت11اج إلى إمكان11ات كث11يرة، والنظ11ام في ال11وقت ذات11ه ال يس11تطيع مواجهته إال بالتنازالت أمام الثورة وهذا غ11ير وارد لدي11ه على اإلطالق بسبب غروره بقوته وتقليله من شأن الثورة وتوفر ال11دعم الخ11ارجي له، أو بمزيد من القت11ل والبطش مم11ا يع11ني المزي11د من الهزيم11ة ل11ه أمام الثورة من الناحية األخالقية والمزيد من زوال انخ11داع الكث11يرين به وبأنه نظام ملتزم بقضايا األم11ة وليس عص11ابة من المنتفعين على

حساب الشعب المغلوب على أمره.

لكن السلمية وتقديم الشهداء دون دف11اع عن النفس لن يفي11د إن كان في السر ولم يعلم ب11ه أح11د، ل11ذا ال ب11د من س11الح اإلعالم لفض11حرون الك11رم واالس11تعداد لتموي11ل النظام وفضح جرائمه، وال11ذين ي�ظ�ه�11نوا للث11وار وس11ائل اتص1ال تسليح الثورة سيساعدون الثورة أكثر لو أم� تمكنهم من نشر أخبار مصورة لما يحدث من احتجاجات سلمية وقم11ع وحشي لها.. إن هاتف11ا7 محم11وال7 يتص11ل عن طري11ق األقم11ار الص11ناعية

أخطر على النظام من دبابة.

ولنرجع إلى الحديث النبوي الص11حيح ال11ذي قص علين11ا في11ه قص11ة الغالم المؤمن الذي نشر عقيدة التوحيد في بلد يدعي ملكه األلوهية، وقد روى الحديث اإلمام مسلم في صحيحه، وخالصة القصة أن11ه ك11ان ملك قديما7 يدعي األلوهي11ة ول11ه س11احر يعين11ه في الت11أثير في عق11ول الناس، وكبر الساحر في السن فطلب من الملك أن يبعث إليه غالم11ا7 يعلمه السحر يح11ل محل11ه في خدم11ة المل11ك بع11د م11وت الس11احر. بعث الملك غالما7 إلى الساحر ليتعلم منه السحر، وكان الغالم عندما يذهب إلى الساحر ك11ل ي11وم يم11ر في طريق11ه على راهب، فص11ار يقع11د إلى الراهب ويسمع كالمه فأعجبه كالم الراهب عن رب الع11المين. وم11رت األي11ام وفي ذهن الغالم ح11يرة بين كالم الس11احر ال11ذي يؤل11ه المل11ك وكالم الراهب الذي يقول ال إل11ه إال الل11ه. وذات م11رة اع11ترض حي11وان مخيف طريق الناس وعجزوا عن قتله، فلما رأى الغالم ذلك ق11ال في نفسه اليوم أعرف من الذي على حق الراهب أم الساحر، وأخذ حج11را7 وقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إلي11ك من أم11ر الس11احر فاقت11ل هذه الدابة حتى يمضي الن11اس في ط11ريقهم، ورمى الداب11ة المخيف11ة

15

بحج11ره الص11غير فقتله11ا، وتيقن أن ال11راهب على الح11ق ف11ذهب إلي11ه وأخبره بقصة الدابة المخيفة وكيف قتلها، فقال له الراهب: أي بني، أنت اليوم أفضل مني وإنك ست�ب�ت�لى، فإن ابتليت فال تدل علي.. ص11ار الغالم يبرىء األكمه واألبرص ويداوي الناس من سائر األدواء، فسمع به جليس للملك كان أصيب بالعمى فج11اءه ب11األموال والعطاي11ا طالب11ا77 إنم11ا ال11ذي يش11في منه أن يشفيه، فقال له الغالم إني ال أشفي أحدا هو الله، فإن أنت آمنت دعوت الله فشفاك، فآمن جليس الملك بالل11ه وحده ودعا له الغالم فشفاه الل11ه. ذهب الرج11ل ليج11الس المل11ك كم11ا كان يفعل قبل أن يصيبه العمى فسأله الملك: من رد علي11ك بص11رك؟ فق11ال: ربي. فاس11تغرب المل11ك وس11أله مس11تنكرا7: ول11ك رب غ11يري؟ فأجاب الرجل: ربي وربك الله. جن جنون الملك وأمر بتعذيب جليس11ه ح11تى دلهم على الغالم الم11ؤمن وأن11ه ه11و من علم11ه ال11دين الجدي11د، فجاؤوا بالغالم فحاول الملك بالرفق ثنيه عن دينه الجدي11د واس11تعادته إلى ال11والء ل11ه ف11أخفق، ف11أمر بتعذيب11ه ح11تى دلهم على ال11راهب، ثم نشروا جليس المل11ك وال11راهب بالمنش11ار لم11ا رفض11ا ت11رك دين الح11ق والعودة لعبادة الملك، وأمر الملك جن11وده أن يأخ11ذوا الغالم إلى أعلى الجبل ويطلبوا منه االرتداد إلى دين المل1ك ف1إن أبى رم1وه من أعلى الجبل ليموت، لكن الغالم دعا الله فاهتز الجبل وسقط الجن11ود وع11اد7 آخ11رين أن يأخ11ذوا الغالم الغالم إلى الملك سالما7، فأمر الملك جن11ودا إلى عرض البحر وأن يرموه في البحر إن هو رفض العودة إلى عب11ادة الملك، فدعا الله فأغرق الله الجن11ود وع11اد الغالم إلى المل11ك س11الما7، وقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به. فق11ال المل11ك

تجم11ع الن11اس فيالمتلهف على قت11ل الغالم: وم11ا ه11و؟ ق11ال الغالم: وتص11لبني على ج11ذع ش11جرة ثم تأخ11ذ س11هما7 من كن11انتيصعيد واح11د

ثموتق11ول باس11م الل11ه رب الغالموتض11ع الس11هم في كب11د الق11وس ترميني بالسهم فإن فعلت ذلك قتلتني. ففعل الملك ك11ل ذل11ك أم11ام حشود الناس فآمن الناس بالله وح11ده وترك11وا عب11ادة المل11ك، ثم أم11ر الملك بحفر أخ11دود واض11رام ن11ار في11ه يلقى فيه11ا ك11ل من يص11ر على

اء ذ�ات� }}الدين الجديد، واألخدود م11ذكور في س11ورة ال11بروج: م� و�الس�1{ وج� �و�ع�ود�}1ال�ب�ر ال�ي�و�م� ال�م� ود�}2{ و� �ه د� و�م�ش�11 اه� اب�3{ و�ش�11 ح� ص�11

ل� أ� ت�11 � { قد�ود�} �خ� ود�}4األ� �ود�}5{ الن�ار� ذ�ات� ال�و�ق11 �ع11 �ا ق �ذ� ه�م� ع�ل�ي�ه�11 { و�ه�م� ع�ل�ى6{ إ

ود�} �ه �ن�ين� ش ؤ�م� �ع�ل�ون� ب�ال�م ا ي�ف� ه�7م� وا ب�الل�11 �ن11 م� إ�ال� أ�ن ي�ؤ�م� �ن�ه م�وا م� ا ن�ق� { و�م�يد�} م� ل�8ال�ع�ز�يز� ال�ح� �ه� ع�ل�ى ك11 الل�11 ض� و� ر�

� األ� او�ات� و� م� ك� الس�11 ل�11 �ه� م { ال�ذ�ي ل�11

16

يد�} ه� ء� ش� ي� وا9ش� �ات� ث�م� ل�م� ي�ت�وب11 ن�11 ؤ�م� �ال�م ن�ين� و� م� ؤ� �وا ال�م11 �ت�ن11 { إ�ن� ال�ذ�ين� ف�{ ر�يق� م� ع�ذ�اب� ال�ح� �ل�ه ن�م� و� ه� م� ع�ذ�اب� ج� �ل�ه {{.10ف�

ف استش11هاده لنش11ر دع11وة انظروا إلى الغالم الم11ؤمن كي11ف وظ�11 الحق، فك11ان موت11ه دون دف11اع عن النفس، لكن ب11ذكاء وده11اء، وأم11ام جموع الناس،كان وباال7 على المل11ك المتأل11ه وزل11زاال7 لملك11ه. الش11هداء واقع11ون ال محال11ة س11واء داف11ع الجيش الح11ر عن المتظ11اهرين أم لم يدافع، لكن علينا التفكير والتساؤل: أي األسلوبين يجعل دم11اء ه11ؤالء الشهداء وصمة عار وفض1ح لنظ1ام ال أخالق ل1ه بحيث يفق1د االح11ترام والتأيي11د من ك11ل الش11رفاء وال يبقى مع11ه إال المنتفعين ال11ذين م11ا أن يشعروا أن هناك بديل محتمل حتى يلتفوا حوله ويتخل11وا عن النظ11ام الذي خدموه واستفادوا منه ألن العالقة بينهم هي المنفعة ال المحب11ة والوفاء؟. ال تستهينوا بالناحي11ة األخالقي11ة ال11تي ال يق11در النظ11ام على االنتصار فيه11ا، فمنه11ا يس11تمد أي نظ11ام ش11رعيته، وإذا فق11د النظ11ام

شرعيته فقد معها شعبيته وصار سقوطه حتميا7.

النظ11ام ح11ريص على عس11كرة الث11ورة وعلى تحويله11ا إلى ص11راع طائفي وقد فص11لت ه11ذه النقط11ة في مق11االتي الثالث11ة الس11ابقة عن الثورة السورية، لكنني في هذا المقال أريد أن أبين أنه ليس النظ11ام وحده من يحرص على عسكرة الثورة وجعلها طائفية، هنالك إسرائيل وأمريكا اللتان ليس في منظورهما خير من النظام إال تحقيق حلمهم في الشرق األوسط الجديد، أي تقسيم المنطقة إلى دويالت طائفية. لذا فإنهم ال نية لهم بأي تدخل عسكري مثل الذي قاموا به في ليبي11ا حتى لو تكفلت الدول العربية النفطية بكلفته، ألنهم ال يري11دون ب11ديال7

عن النظام إال التقسيم والدويالت الطائفية.

إنهم مازالوا على استعداد للرضى ببقاء النظام في حال انتصاره7 أكثر للسير في على الثورة ألنه وقتها سيكون أضعف كثيرا7 ومستعدا ركابهم وخدمة مصالحهم، أما مجيء نظام ديم11وقراطي حقيقي كم11ا هو الحال في ليبيا فليس مما ترحب به إس11رائيل ب11ل ه11و م11ا تخش11اه وتحرص على تأخيره، ألن أي حكم ديمق11راطي في س11ورية لن يك11ون مريح11ا7 إلس11رائيل بع11د الص11حوة اإلس11المية ال11تي تعم المنطق11ة وبع11د

الشحن القومي الذي مارسه النظام منذ حوالي خمسين سنة.

إس11رائيل، وأمريك11ا ال11تي ال تج11رؤ على مخالفته11ا، تحرص11ان على بقاء النظام، وإال فالحل البديل المقبول منهما هو تقسيم البالد، ل11ذا هم ال يزعجهم الفيتو الروسي والفيتو الصيني في مجلس األمن، بل

17

7 لتقاعسهم في تقديم أية حماية حقيقية للسوريين من يعطيهم عذرا نظامهم. هم ال يريدون تقديم هذه الحماي11ة، ب11ل هم يعط11ون النظ11ام الضوء األخضر تلو الضوء األخضر والتطمين تلو التطمين ليتورط أكثر في جرائمه، األمر الذي إما أن ي11ؤدي إلى القض11اء على الث11ورة، وه11و شيء ترغب فيه إسرائيل وأمريكا، أو يؤدي إلى المزيد من االستنجادض عليهم ب11دال7 من11ه تس11ليح من السوريين بالتدخل الخارجي الذي ي�ع�ر� الث11ورة ممثل11ة ب11الجيش الح11ر ووض11عها على طري11ق الح11رب األهلي11ة الطائفية التي لن تقف إال بعد تقسيم المنطقة. هم ليسوا في عجلة من أم11رهم وم11رور ال11وقت وارتك11اب النظ11ام للمزي11د من الج11رائم يخدمهم سواء انتصر النظام على الثورة أو تحولت الث11ورة إلى ح11ربر� بالنسبة للسوريين وأكثرهم11ا م11رارة � أهلية طائفية. أمران أحالهما م حل11و بالنس11بة إلس11رائيل، فعلى كال الح11الين تك11ون هي المس11تفيدة

ونكون نحن الخاسرين.

وهنالك فرنسا ومعها أوربا ال تري11د الت11دخل الخ11ارجي أو عس11كرة الثورة وتحولها إلى حرب طائفية تقسم البالد، ال حبا7 فين11ا وال حرص11ا7 علينا، ففرنسا هي التي قس11مت س11وريا ولبن11ان إلى دويالت طائفي11ة بمجرد أن احتلتهما، ولم تتوحد سورية الحالية ويبقى لبن11ان مفص11وال7 عنها إال بعد نضال طويل شارك فيه السوريون بكافة طوائفهم، وهذا تاريخ معروف وسهل االطالع عليه لكل من يستخدم االنترنت. فرنسا ال تريد تدخل أمريكا وال تريد العسكرة والتقسيم ألنهما سيؤديان إلى خسارتها لسورية ولبنان كمنطق11تي نف11وذ وكمس11تعمرتين س11ابقتين، والذي يراقب الجهود الفرنسية وال11تي يق11وم به11ا حلف11اء فرنس11ا في الوطن العربي من حكومات أو شخصيات عامة بعضها ممثلة لفص11ائل من الث11ورة الس11ورية يالح11ظ ه11ذا الح11رص الفرنس11ي على إقن11اع السوريين وغ11يرهم أن الت11دخل األجن11بي العس11كري وعس11كرة الث11ورة

خطأ كبير وأضراره أكثر من فوائده.

م11ع ذل11ك علين11ا أن ال نتوق11ع من فرنس11ا أك11ثر مم11ا هي مس11تعدة لتقديمه، فهي إن نجح التوجه إلى عسكرة الثورة والص11راع الط11ائفي والتقسيم فسيكون المسيحيون والعلويون حلفاءها، وس11تحرص على والئهم ليبقى لها موطىء قدم في المنطقة وورقة تس11تعملها كلم11ال� لهم به11ا م11ع ب�11 احت11اجت إليه11ا. الفرنس11يون لن ي11دخلوا معرك11ة ال ق� إسرائيل وأمريك11ا رغم أنهم ال يفض11لون م11ا ترغب11ان ب11ه من تقس11يم، لكنهم واقعيون كما أثبتت تجرب11ة التح11الف ال11دولي ض11د الع11راق حيث

18

انضموا إليه ليف1وزوا ببعض الغن1ائم وال يخرج1وا من المول1د بال ح�م�صكما يقال، وهم سيفعلون األمر ذاته إن لزم بالنسبة لسورية ولبنان.

السوريون يلحون على الت11دخل الخ11ارجي والحماي11ة الدولي11ة كلم11ا أمعن النظام في جرائمه، وهم لطيبتهم ال يعرفون حقيق11ة الغرب11يين ال11ذين ال يح11رك مقت11ل اآلالف ب11ل وال ح11تى مئ11ات اآلالف من11ا فيهم

حيث1994ساكنا7. ارجعو إلى تاريخ المذابح العرقية في روان11دا ع11ام ذبح خالل ثالثة أشهر ح11والي ملي11ون من النس11اء واألطف11ال والرج11ال العزل من قبائل التوتسي على يد المتطرفين من أبناء قبائل الهوتو، وكان أكثر القتل يتم بالسكاكين والمناجل ألن كلف11ة الرص11اص ك11انت ف1وق طاق1ة الق1اتلين، ويومه1ا أرس1ل الفرنس1يون واألمريك1ان أل1ف جندي ليض1منوا س11المة رعاي11اهم وليقوم11وا ب11إخراجهم خ11ارج روان11دا، بينما كان كل يوم يقتل حوالي العشرة آالف من المستضعفين، وكان بمقدور الدول الغربية إيق11اف ه11ذه الم11ذابح وإنق11اذ مئ11ات اآلالف من األرواح البريئة بس1هولة ويس1ر ال يقارن1ان بم1ا يحتاجون1ه اآلن إلنق1اذ الس111وريين من بطش نظ111امهم. اكتب111وا في أي مح111رك بحث على االنترنت روان11دا ب11العربي أو األجن11بي واق11رؤوا عن تل11ك األي11ام ال11تي

ستبقى وصمة عار إلى األبد في جبين الدول الغربية.

لن ي11أتوا إلنقاذن11ا من نظامن11ا رحم11ة بن11ا أو نخ11وة وش11هامة، فهم فاق11دون لك11ل ذل11ك، إنم11ا ق11د ي11أتون ليحقق11وا أطم11اعهم وأحالمهم وأطماع إسرائيل وأحالمها. علينا أن ال ننخدع بتص1ريحات وزراء ع11رب ي�د�عون الح11رص على الش11عب الس11وري ويط11البون بتس11ليحه، فه11ؤالء ليسوا أحرارا7 في مواقفهم، بل من يتبع أمريكا منهم ينادي بعس11كرة االنتفاضة ويبدي استعداده لتمويل ه11ذه العس11كرة، ومن يتب11ع فرنس11ا منهم ينادي ضد ذلك ويدعو إلى بقاء الثورة سلمية وي11دعي أن11ه يري11د

ذلك من أجلنا وحرصا7 علينا.

ال يمكننا الحكم على صدق نوايا هؤالء وهؤالء إال لو ك11انوا أح11رارا7 وقادرين على اتخاذ مواقف مس11تقلة ينطلق11ون فيه11ا من مش11اعرهم نحون11ا ومص11الحهم عن11دنا. هم واقع11ون تحت الض11غط والتوجي11ه من الق11وى االس11تعمارية ال11تي م11ا زالت تملي على بالدن11ا م11ا تش11اء من سياسات وال تجرؤ دولن11ا على مخالف11ة ه11ذه اإلمالءات إال تحت طائل11ة التعرض للعقوبة والتأديب. حتى تركي11ا وحكومته11ا المتعاطف11ة معن11ا - ألنها في األصل ذات توجه إسالمي - لم تستطع الخروج عن السياسة األمريكية بما يخص الثورة السورية إال عن11دما ض11غطت عليه11ا فرنس11ا

19

م إنكار المذابح التي يتهم األرمن� األتراك� بارتكابها بتشريع قانون يجر� في حقهم في بدايات القرن العشرين، وتأملوا كيف ط11ويت القض11ية وصارت تركي11ا مس11تعدة لتنظيم م11ؤتمر أص11دقاء س11وريا الث11اني ال11ذي

يروج لوجهة النظر الفرنسية.

ولفرنسا تأثير على كثير من شخصيات المعارض11ة الس11ورية ال11تي تشارك فرنسا موقفها السلبي من عس1كرة الث11ورة الس1ورية، وح11تى المعارض11ون اليس11اريون ال11ذي ل11ديهم موق11ف واض11ح من أي نف11وذ أو احتالل أم11ريكي متوق11ع لس11ورية يتلق11ون التش11جيع ول11و إعالمي11ا7 من فرنس11ا وحلفائه11ا ألن م11واقفهم تلتقي م11ع مواقفه11ا النابع11ة من

مصالحها.

هذا ال يعني أن شخصيات المعارضة ال11تي تن11ادي بعس11كرة الث11ورة هم عمالء ألمريكا وإس11رائيل، وال يع11ني أن ال11ذين يعارض11ون الت11دخل الخ111ارجي وعس111كرة الث111ورة هم عمالء لفرنس111ا أو عمالء للنظ111ام السوري. في خضم ه11ذه الفتن11ة ك11ثرت االتهام11ات بالخيان11ة والعمال11ة ولعل11ه لم ينج منه11ا أح11د من شخص11يات المعارض11ة س11واء من ين11ادي بالتدخل الخارجي ومن يعارضه. والمستفيد الوحيد من ه11ذا التخ11وين هو النظام السوري، وليس من المس11تبعد أن يك11ون رجال11ه هم ال11ذين يطلق11ون اتهام11ات التخ11وين، وبخاص11ة أن األس11ماء على االن11ترنت مستعارة وال يعرف من هم أصحابها وما هي والءاتهم الحقيقي11ة. نعم هنالك خونة وعمالء بين شخصيات االنتفاضة كما كان هنالك منافقون زمن الن11بي ص11لى الل11ه علي11ه وس11لم، وم11ع أن الن11بي ك11ان يعلمهم بأشخاصهم لكنه أبدا7 لم يشكك في إسالم أي منهم، وكان دائما7 يأخ11ذ الناس على ظواهرهم ويترك قلوبهم إلى خالقهم، وإن ك11ان الق11رآن الكريم قد حذر كثيرا7 من المنافقين لكنه لم يذكر أيا منهم باسمه، بل نبه إلى أن المؤمنين يمكنهم معرفة هؤالء من لحن الق11ول، ويمكنهم

ب�الحذر منهم دون إعالن تخوينهم وتكفيرهم، قال تع11الى : } أ�م� ح�س�11م� } �غ�ان�ه ر�ج� الل�ه� أ�ض�11 ض� أ�ن ل�ن ي�خ� ل�وب�ه�م م�ر� �اء29ال�ذ�ين� ف�ي ق و� ن�ش�11 ل�11 { و�

�الل�ه� ي�ع�ل�م و�ل� و� ن� ال�ق� م� ف�ي ل�ح� �ن�ه ل�ت�ع�ر�ف� اه�م� و� يم� م ب�س� �ت�ه ف� ل�ع�ر� م� ف� �ي�ن�اك�ه ر�� أل�

ال�ك�م� { محم11د والم11رض في القل11وب ال11ذي يتح11دث عن11ه.30-29أ�ع�م�11القرآن هو النفاق.

علينا أن نتعلم الدرس من ديننا ونبين11ا ال11ذي لم يش11كك في ص11حة إيم11ان أي ش11خص ق11ال ال إل11ه إال الل11ه، ب11ل ك11ان يأخ11ذ الجمي11ع على ظ111واهرهم ويع111املهم كمس111لمين ح111تى ل111و ك111ان على يقين أنهم

20

من11افقون. التخ11وين س11الح ذو ح11دين ال يمكن11ك اس11تخدامه دون أن يستخدمه خصمك ضدك، إن11ه اته11ام رخيص ال يكل11ف ش11يئا7 يبث الش11ك والريب11ة بين الث11ائرين في أنفس11هم أو شخص11يات المعارض11ة ال11تي انخرطت في الثورة وتسلمت أدورا7 قيادية ألن الثورة ك11انت ارتجالي11ة ولم تكن ثورة قامت بها قوى منظم11ة من قب11ل وله11ا زعاماته11ا ال11تي تثق بها. إن التخوين خطير جدا7 على الث11ورة الس11ورية ويجب االمتن11اع عنه والحذر منه مع يقيننا أن هنال11ك إلس11رائيل ولل11دول االس11تعمارية عمالء بيننا، نعم نأخذ الحذر من طروحاتهم دون أن نهاجم أشخاصهم أو نش11كك في والءاتهم، ألن ذل11ك التخ11وين يمكن أن يس11تخدم ض11د

المخلصين كما يستخدم ضد الخائنين.

علينا أن نحبط خطة النظام وسعيه لبث الشك بينن11ا وإليهامن11ا أن بعضنا عمالء له ويطمع11ون بمناص11ب ينالونه11ا في ظل11ه، وم11ع أن ك11ل شيء ممكن لكننا يجب أن نك1ون أش1د ده1اء من النظ1ام فال نق1ع في اللعبة التي يلعبها بأن نخو�ن بعضنا بعضا7 أو نصغي لمن يخ11ون بعض11نا من الناشطين المتحمسين الذين يغلب على ظني أنهم يقومون بذلك عن حسن نية وبسبب حرقتهم على الذين يقتلون أو يصابون على يد ش11بيحة النظ11ام وجيش11ه ومخابرات11ه، ال ب11د أن نحس11ن الظن بأنفس11نا ونتناقش حول وجهات أنظارنا ال11تي من الط11بيعي أن تختل11ف ونع11زو خالفاتنا دائما7 إلى اختالف ال11رأي والمص11الح ال إلى العمال11ة والخيان11ة، فإن فعلنا ذلك فإننا نستطيع التوحد واالتفاق على ما فيه خيرنا حتى ل11و ك11ان بينن11ا عمالء للنظ11ام أو عمالء لق11وى دولي11ة تعم11ل من أج11ل

مصالحها.

كما علينا أن ال نشكك في والء الس11وريين من غ11ير المس11لمين أو ح11تى من اليس11اريين ال11ذي ق11د يكون11وا ملح11دين، وأن ال نبقى أس11رى القصة الذي رفض فيها الخليفة عمر بن الخطاب أن يت11ولى نص11راني شأنا7 حساسا7 من شؤون الدولة ألنه لم يكن يثق بوالء غير المسلمين، وألح على عامله أن يعزل النصراني، ولم11ا تمس11ك عامل11ه بالنص11راني بحج11ة أن11ه ليس هنال11ك أح11د يحس11ن عمل11ه، أرس11ل إلي11ه عم11ر رس11الة مقتضبة يقول له فيها: مات النصراني. أي افترض أن هذا النص11راني مات وتدبر األم11ر من دون11ه. ك11ان النص11راني يومه11ا من أم11ة مقه11ورة مغلوب111ة، ودول111ة المس111لمين ك111انت دول111ة قائم111ة على الش111ريعة والمسيحيون فيها أهل ذم1ة ي1دفعون الجزي1ة، وك1ل ذل1ك ق1د يض1عف والءهم لهذه الدول11ة ال11تي غلبتهم وح11ولتهم في بالدهم إلى ذم11يين،

21

أما في هذا الزمان فالسوريون من كل الطوائف واألدي11ان مواطن11ون متساوون ليس فيهم منتصر ومغل11وب أو ذمي علي11ه أداء الجزي11ة، ب11ل هم شركاء في الوطن يخلصون ل11ه كم11ا يخلص أبن11اء أي بل11د لبل11دهم، وإن كان من الممكن للبعض أن يخون فهذا ينطبق على ك11ل األدي11ان، واس11ألوا أه11ل غ11زة عن الخون11ة الكث11يرين بينهم ال11ذين يتجسس11ون لحساب إس11رائيل على المقاوم11ة أليس11وا كلهم أو أغلبهم مس11لمين؟ نف11ترض اإلخالص وال11والء لل11وطن ل11دى ك11ل س11وري بغض النظ11ر عن عرقه أو لغته أو دينه أو طائفته، ونتعام11ل م11ع بعض11نا البعض بالثق11ة، لكن ال ننقاد إلى أحد انقيادا7 أعمى، وه11ذا س11يحمينا من أن يجرن11ا أي خائن بيننا إلى ما يريده أعداؤنا، لكن دون تخ1وين وال تش1كيك ب1الوالء

والنوايا.

إن حماس11ة الناش11طين للعس11كرة ومطالب11اتهم المتك11ررة بتس11ليح الجيش الحر أو بالت11دخل األجن11بي على ش11كل حظ11ر ج11وي أو من11اطق آمنة أو قصف جوي، واتهامهم لمن ال يتجاوب م11ع ه11ذه الرغب11ات من شخصيات المعارض11ة بالخيان11ة والعمال11ة والمت11اجرة ب11دماء الس11وريين جعل الكثيرين من هؤالء يقبلون بأنص11اف حل11ول ليس11وا مقتنعين به11ا إرضاء للشباب الثائر، والقلي11ل منهم من أص11ر علن11ا7 على رأي يخ11الف حماسة الشباب الذين يتلقون الرصاص بصدورهم, وهذا جع11ل الق11ادة ينقادون للشباب حتى لو كانوا غير موفقين فيما يطالبون به، وأع11ود وأذكر أن اإلنسان قد يدعو الله يطلب ما فيه الش11ر ل11ه وه11و يظن أن

الخير فيه، وقد يكره شيئا7 وهو خير له ويحب شيئا7 وهو شر له.

ان�ق11ال تع11الى: ان� اإل�نس�11 ي�ر� و�ك�11 ال�خ� اءه� ب�11 ر� د�ع�11 ان� ب�الش�11 د�ع� اإل�نس�11 ي�11 }و�وال7 {اإلسراء �.11ع�ج

وا�وقال أيض11ا7: �ه11 ى أ�ن ت�ك�ر� ه� ل�ك�م� و�ع�س�11 ر� �و� ك11 �ال� و�ه11 ت�11 }ك�ت�ب� ع�ل�ي�ك�م� ال�ق�

�ه� ي�ع�ل�م الل�11 ر� ل�ك�م� و� و� ش�11 �ي�ئا7 و�ه11 وا� ش�11 ب�11 ى أ�ن ت�ح� ي�ر� ل�ك�م� و�ع�س� و� خ� �ي�ئا7 و�ه ش��نت�م� ال� ت�ع�ل�م�ون� {البقرة أ .216و�

علينا أن ال نستعجل فنندم، وبخاصة أن المس11ألة الس11ورية ك11ثرت األيدي المتدخلة فيه11ا ولم تب11ق جه11ة دولي11ة لم تت11دخل، ال الغ11رب وال الشرق وال الش11يوعيون وال اإلس11الميون، وك11ل� ل11ه أغراض11ه وال تهم11ه مص11لحتنا الحقيقي11ة في ش11يء. وعلين11ا أن نلج11أ إلى رب الع11المين ليه1دينا س1بلنا وي1دلنا على م1ا في1ه خيرن1ا، وأن نفك1ر بواقعي1ة ودون انفعاالت أو رغبة في الث11أر واالنتق11ام، فال11ذي يص11اب أو يم11وت يق11ع

22

أجره على الله، فإن لم يكن قد اعتدى على غيره فهو شهيد، بل سيدالشهداء.

االختالف بالرأي أمر طبيعي وال يشترط أن يكون وراءه س11وء ني11ة أو خيانة، إنما هي العواط1ف ورغب1ات النف1وس أو م1ا يس1مى اله1وى يجعل اإلنسان يؤمن بوجهة نظر ويعتبرها الحق والصواب بينما األم11ر يحتمل وجهات النظر األخرى، ومثال كأس الماء المملوءة إلى نصفها كيف يقول المتفائل إنها كأس مملوء نص11فها بينم11ا يق11ول المتش11ائم بل هي كأس فارغ نص11فها، وكالهم11ا على ح11ق لكن اختلفت النظ11رة، ف11األول رأى م11ا فيه11ا من م11اء والث11اني لم ي11ر إال م11ا فيه11ا من نقص وفراغ. لذا علين11ا االنتب11اه إلى عواطفن11ا ال11تي ق11د تجعلن11ا نتب11نى آراء ومواق11ف ربم11ا لم تكن محق11ة، ونحن نرك11ز على ج11زء من الص11ورة ونخدع بذلك أنفسنا بحسن نية ودون أن نش11عر، والنت11ائج الخط11يرة ال تغيرها نوايانا الحسنة وإن كانت النواي11ا الحس11نة يمكن أن تعفين11ا من اإلثم إن كنا اجتهدنا فأخطأنا، لكننا رغم حسن نوايان11ا س11نعاني وب11ال أمرن11ا وعاقب11ة أخطائن11ا. األم11ر خط11ير ويحت11اج من11ا إلى ال11تروي وإلى االستعانة برب العالمين لي11دلنا على الص11واب ال11ذي ي11ؤدي إلى الخ11ير

ويرضى هو عنه.

ب�ع�ي�د� غ11زوة أح11د وبينم11ا المس11لمون يض11مدون ج11راحهم وي11دفنون قتالهم ج11اءهم من يخ11برهم أن المش11ركين ق11د تجمع11وا ويس11تعدون

حس1بنا الل11هللعودة للقضاء على جيش المسلمين، فق11ال المس1لمون ، فه11داهم الل11ه إلى ال11رأي الص11ائب ورزقهم من فض11لهونعم الوكي11ل

: }و�ال�ونجاهم فلم يمسسهم سوء. تعالوا نتأمل ه1ذه اآلي1ات الكريم1ة

م� ب�ه� ن11د� ر� اء ع� ي�11 ل� أ�ح� ات11ا7 ب�11 و� م�ه� أ� ب�يل� الل�11 وا� ف�ي س�11 �ت�ل11 �ذ�ين� ق ب�ن� ال�11 س�11 ت�ح�

{ ق�ون� ز� ذ�ين�169ي�ر� ون� ب�ال�11 �ر ت�ب�ش� ي�س� ل�ه� و� ا آت�اه�م� الل�ه� م�ن ف�ض� ين� ب�م� ر�ح� { ف�{ ون� �ن11 ز� م� و�ال� ه�م� ي�ح� و�ف� ع�ل�ي�ه� م� أ�ال� خ�11 ه� ل�ف� م م�ن� خ� � ب�ه� وا �ق11 {170ل�م� ي�ل�ح�

{ ن�ين� م� ؤ� �ر� ال�م1 يع� أ�ج�1 ه� ال� ي�ض�1 أ�ن� الل�1 ل� و� ة� م�ن� الل�ه� و�ف�ض� ون� ب�ن�ع�م� �ر ت�ب�ش� ي�س�ذ�ين�171 ح� ل�ل�11 ر� م� ال�ق�11 �اب�ه ص�

ا أ� ول� م�ن ب�ع�د� م� �س الر� � ل�ل�ه� و� اب�وا ت�ج� { ال�ذ�ين� اس�{ ر� ع�ظ�يم� � أ�ج�11 وا ات�ق�11 م� و� �ن�ه � م� ن�وا اس� إ�ن�172أ�ح�س�11 م� الن�11 �ال� ل�ه ذ�ين� ق�11 { ال�11

�ه ب�ن�ا الل�11 س�11 ال�وا� ح� ان11ا7 و�ق�11 اد�ه�م� إ�يم� ز� و�ه�م� ف�11 ش�11 اخ� � ل�ك�م� ف� ع�وا م� د� ج� الن�اس� ق�{ �ك�ي11ل ن�ع�م� ال�و� م�173و� �ه س�11 ل� ل�م� ي�م�س� ه� و�ف�ض�11 ة� م�ن� الل�11 � ب�ن�ع�م�11 ل�ب�وا انق� { ف�11

ل� ع�ظ�يم�} ه� ذ�و ف�ض�11 الل�11 ه� و� و�ان� الل�11 � ر�ض�11 وا �ات�ب�ع11 وء� و� �ا ذ�ل�ك�م�174س11 �ن�م�11 { إ{ ن�ين� م� ؤ� اف�ون� إ�ن ك�نت�م م�11 اف�وه�م� و�خ�11 ال� ت�خ�11 اءه� ف� ل�ي�11 و�

� و�ف� أ ي�ط�ان� ي�خ�11 الش�11.175- 169{ { آل عمران 175

23

في الق11رآن إذا ذك11رت ك11انالنعم11ة أوال7 علين11ا االنتب11اه إلى أن المقصود منها في الغالب نعمة الهداي11ة ال نعم11ة الم11ال، ففي س11ورة الضحى يخاطب ربنا نبيه صلى الله عليه وسلم الذي وع11د المش11ركين أن يجيب أسئلتهم ولم يقل إن شاء الله فتأخر ال11وحي كث11يرا7 وأح11رج محمد صلى الله عليه وسلم وقال المشركون ود�ع محم1دا7 رب1ه وقاله، أي كرهه وأبغضه، فنزلت سورة الضحى تطمئنه وتذكره بما يبرهن له

ح�ى}أن ربه لم يهجره ولم يبغضه، فقال تعالى �ذ�ا1: }و�الض� ل� إ الل�ي�11 { و�ج�ى} ل�ى}2س� ا ق� ب�ك� و�م� د�ع�ك� ر� ا و� �ول�ى}3{ م� ك� م�ن� األ� ر� ل�11 ي�11 ة� خ� ر� خ� ل�آْل� { و�

ى}4 ض�11 ت�ر� ك� ف� ب�11 و�ف� ي�ع�ط�ي11ك� ر� ل�س�11 آو�ى}5{ و� د�ك� ي�ت�يم11ا7 ف�11 �ل�م� ي�ج�11 {6{ أد�ى} ه�11 7 ف� اال� د�ك� ض�11 أ�غ�ن�ى}7و�و�ج� ائ�ال7 ف�11 د�ك� ع�11 ا ال�ي�ت�يم� ف�ال�8{ و�و�ج�11 م�11

أ� { ف�{ ر� ه� }9ت�ق� ر� ال� ت�ن�ه� ائ�ل� ف� ا الس� م�

أ� }10{ و� د�ث� ح�11 ك� ف� ب�11 ة� ر� ا ب�ن�ع�م� م�� أ {{11{ و�

ولنتأمل ما ذكره الله به من نعمه عليه التي كان أولها.11-1الضحى أنه وجده يتيما7 فآواه وطلب منه بالمقابل أن يرحم اليتيم وال يقهره، وثانيها أنه وجده عائال7 أي فقيرا7 كثير العيال فأغناه وأم11ره بالمقاب11ل7 فهداه وأمره مقابل ذل11ك أن ال ينهر المسكين، وثالثها أنه وجده ضاال� أن يتحدث بنعمة الله عليه أي بهدايته ال11تي أوحاه11ا إلي11ه، وليس كم11ا يظن بعضنا أن يتحدث عما أعطاه الله من مال ومتاع، فحتى آخر آي11ة

ل�ت� ل�ك�م� د�ين�ك�م�نزلت من القرآن قال المولى فيها: �ك�م� و�م� أ }........ ال�ي�11ال�م� د�ينا7 ..... {المائ11دة يت� ل�ك�م� اإل�س� ض� ت�ي و�ر� �ت�م�م�ت� ع�ل�ي�ك�م� ن�ع�م� أ ولم 3و�

تكن نعمة المال هي التي أتمه1ا الل1ه على المؤم1نين في ذل1ك الي1ومإنما نعمة الهداية.

وقد فصلت في هذا ألني ال أجد ملجأ7 لنا إال في التوكل على الل11ه :ليكون لنا مث11ل ال11ذي ك11ان للن11بي ص11لى الل11ه علي11ه وس11لم وأص11حابهو�ان� � ر�ض�11 وا �ات�ب�ع11 وء� و� �م� س11 �ه س�11 ل� ل�م� ي�م�س� ة� م�ن� الل�ه� و�ف�ض� � ب�ن�ع�م� ل�ب�وا انق� }ف�

ل� ع�ظ�يم�{ آل عم11ران } ه� ذ�و ف�ض�11 الل�11 ه� و� انقلب11وا أي رجع11وا{.174الل�11 بنعمة من الله أي هداية إلى التص11رف الص11حيح حيث لم ينتظ11روا في مكانهم عودة المشركين لقت11الهم إنم11ا رغم ج11راحهم ش11دوا رح11الهم يالحق11ون المش11ركين ال11ذين بلغهم أن المس11لمين متوجه11ون إليهم يريدون قتالهم فخافوا وآثروا الفرار بالنص1ر ال11ذي حقق11وه من قب11لل�م المسلمون مما خوفهم من11ه الن11اس، ورزقهم على المسلمين، ف�س� الله من فضله، وطمأنهم أنهم قد اتبعوا رضوان الله وفعلوا الص11واب

وما يرضي الله.

24

اس� إ�ن� يبقى أن نتوقف عند قول11ه تع11الى : م� الن�11 �ال� ل�ه ذ�ين� ق�11 }ال�11ان11ا7 اد�ه�م� إ�يم� ز� و�ه�م� ف�11 ش�11 اخ� � ل�ك�م� ف� ع�وا م� د� ج� �الن�اس� ق� ال�وا ه�و�ق�11 ب�ن�ا الل�11 س�11 ح�

{ آل عمران �ن�ع�م� ال�و�ك�يل . حيث لم يق11ل أنهم توكل11وا على الل11ه173و� فحسب، بل هم قالوا بلسانهم عبارة التوكل على الله، أي نطقوا بها والذوا بها يقولونها المرة تلو األخرى، حتى فرج الل11ه همهم ونج11اهم

فلم يمسسهم سوء.

وأنا لي تجربة شخصية حيث تعرضت لموقف محرج جدا7 ماليا7 ك11ان بسبب إصراري على شيء استخرت الله فيه المرات الكثيرة فألهمني أن أفعل ما فعلت، وإذا بي في موقف ص11عب، فت11ذكرت ه11ذه اآلي11ات وص11رت أردد: حس11بي الل11ه ونعم الوكي11ل، ليلي ونه11اري كلم11ا كنت ال أقوم بعملي الذي ال بد لي من القيام به، واستمر الحال ع11دة ش11هور قلت فيها حسبي الله ونعم الوكيل ماليين المرات، ومن يومه11ا يس11ر الله لي أموري فخرجت من الموقف المحرج وأنا مرت11اح، وب11دأ فض11لد�ر الله لي أحسن االحتماالت، ويهديني الله يأتيني، وفي كل شيء ي�ق�

إلى أصح القرارات وهذا كله بفضل حسبي الله ونعم الوكيل.

ل11ذا أدع11و جمي11ع الس11وريين ال11ذين يش11عرون ب11القلق مثلي على مستقبل سورية أن يقولوا "حسبنا الله ونعم الوكي11ل" ويجته11دوا في قولها المرات ال11تي ال تحص11ى، وال ب11د أن يه11ديهم الل11ه إلى الص11واب

ويعطيهم من فضله ويكتب لهم العافية مما يخشونه.

إننا في ارتباك وتشوش، وكثير منا يطلب عن حسن ني11ة م11ا في11ه الشر لنا، وال أمل لن11ا إال في الل11ه والتوك11ل علي11ه، فلنجته1د في ذل11ك ولن نخسر شيئا7، فقولة حسبنا الله ونعم الوكيل ذ�ك�ر يكتب لنا أج11ره، وحصن نلجأ إليه واثقين من حفظ الله لنا. قال النبي صلى الله علي11ه

}كان آخ11ر ق11ول إب11راهيم حين ألقي في الن11ار: حس11بي الل11هوسلم : . وكانت مكافأة ربنا إلبراهيم الذي توك11لونعم الوكيل{ رواه البخاري

ما7 ع�ل�ىعليه في ذلك الموقف الرهيب: ال� دا7 و�س�11 ر� ل�ن�ا ي�ا ن�ار� ك�ون�ي ب�11 � }قاه�يم� { األنبياء �ب�ر� .69إ

ثم هنالك االستخارة التي يصلي فيها المؤمن ركع11تين لل11ه تع11الى وبعدهما يدعو الله أن يختار له الخير في أمر يريده لكنه يخش11ى أن ال7 له، فلنستخر الله كلنا كل يوم حتى تنف11رج كربتن11ا، نس11أله يكون خيرا إن ك11انت مقاوم11ة النظ11ام بالس11الح بأي11دي المنش11قين والمتط11وعين7 لن11ا، أن 7 لنا، أن يكتبه11ا لن11ا وييس11رها لن11ا، وإن ك11انت ش11را معهم خيرا يصرفها عن11ا ويص11رفنا عنه11ا، وأن يكتب لن11ا الخ11ير حيث ك11ان، وإليكم

25

الدعاء مطبقا7 على حالتنا لمن ال يحفظه اكتبوه على ورقة وادعوا ب11هفي استخاراتكم المتكررة:

اللهم إننا نستخيرك بعلمك ونس11تقدرك بق11درتك ونس11ألك من فض11لك العظيم فإنك تقدر وال نقدر وتعلم وال نعلم وأنت عالم الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن ه11ذا األم11ر )وه11و إس11قاط النظ11ام الس11وري بق11وة السالح( خير لنا في ديننا ومعاش11نا وعاقب11ة أمرن11ا وفي عاج11ل أمرن11ا وآجله فاقدره لنا ويسره لن11ا وب11ارك لن11ا في11ه، وإن كنت تعلم أن ه11ذا األمر شر لنا في ديننا ومعاشنا وعاقبة أمرنا وفي عاجل أمرنا وآجل11هنا ب11ه وال ض�11 فاصرفه عنا واصرفنا عنه واقدر لنا الخير حيث ك11ان ثم ر�

حول وال قوة إال بالله.

أو االس11تخارة على المحافظ11ة على الث11ورة س11لمية مئ11ة بالمئ11ة، فنقول: اللهم إننا نستخيرك بعلمك ونستقدرك بق11درتك ونس11ألك من فض111لك العظيم فإن111ك تق111در وال نق111در وتعلم وال نعلم وأنت عالم الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا األمر )وه11و إبق11اء ثورتن11ا س11لمية مهما صار حتى يسقط النظام( خ11ير لن11ا في دينن11ا ومعاش11نا وعاقب11ة أمرنا وفي عاجل أمرنا وآجله فاقدره لنا ويسره لن11ا وب11ارك لن11ا في11ه، وإن كنت تعلم أن هذا األمر شر لنا في ديننا ومعاش11نا وعاقب11ة أمرن11ا وفي عاجل أمرنا وآجله فاصرفه عنا واص11رفنا عن11ه واق11در لن11ا الخ11ير

حيث كان ثم رضنا به وال حول وال قوة إال بالله.

وتكرار االستخارة مرات ومرات خير وأدعى لالستجابة، فق11د روى ابن السني في أعمال اليوم والليل11ة ح11ديثا7 عن أنس بن مال11ك رض11ي

: }ي11ا أنس إذا هممتالله عنه يقول فيه النبي صلى الله عليه وس11لم بأمر فاستخر رب11ك في11ه س11بع م11رات، ثم انظ11ر إلى ال11ذي يس11بق إلى

ل11ذا من ش11اء فليك11رر االس11تخارة س11بع م11راتقلبك فإن الخير فيه{. متتاليات في نصف ساعة ثم ينظر ما يحس به من ارتياح إلى عسكرة الثورة ودعم الجيش الحر أو إلى المحافظة على سلميتها التامة حتى

النهاية.

ويبقى التساؤل بخصوص العسكريين ال11ذين ينش11قون عن الجيش السوري كل ي11وم ويتحول11ون إلى جيش ح11ر يه11اجم الجيش النظ11امي ويتحارب معه حربا7 غ11ير متكافئ11ة، فتتم في الغ11الب إب11ادة المنش11قين

دون رحمة، ما األسلوب األمثل لهؤالء؟

26

ر� فيه بإطالق النار ليس كل الجيش السوري تعرض إلى موقف أ�م� على المتظاهرين والمدنيين، وليس كل من انشق م11ر به11ذه التجرب11ة وإن كان ذلك هو الم11برر المعلن لإلنش11قاق، فه11ل هن11اك داع للتعج11ل باالنشقاق؟ وهل قتال المنشقين إلخوانهم الذين لم ينشقوا صواب؟

وهل هو من قبيل الدفاع عن النفس؟

أبي بكرة نفيع بن الحارث رض11ي تأملوا هذا الحديث الشريف عن "إذا التقىالله عنه قال: ق1ال رس11ول الل11ه ص1لى الل11ه علي11ه وس11لم:

المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقت11ول في الن11ار، فقلت ي11ا رس11ولا على قت11ل الله: هذا القاتل فما بال المقتول، ق11ال: إن11ه ك11ان حريص711

أخرجه1ا"فقت1ل أح1دهما ص1احبه" وهنالك زي1ادة صاحبه" متفق عليه. أحم11د في مس11نده والنس11ائي في الس11نن، وابن حب11ان في ص11حيحه،

والبيهقي في الكبرى، وهي زيادة صحيحة، والله أعلم.

: )من لكن هنالك حديث يقول فيه الن11بي ص11لى الل11ه علي11ه وس11لمت�ل� دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قت11ل � ق

رواه اإلم11امدون دينه فهو شهيد، ومن قت11ل دون دم11ه فه11و ش11هيد(.أحمد وصححه األلباني.

إني أرى والل111ه أعلم أن ال ينش111ق العس111كريون إال إن تعرض111وا شخصيا7 ألوامر بإطالق النار على المواط11نين، ووقته11ا يمكنهم إطالق الن1ار في اله1واء، أو االنش1قاق واله1روب والمش1اركة في المقاوم1ة السلمية، ولهم أن يقاوموا إذا ه11اجمهم الجيش أو األمن ليعتقلهم أو يقتلهم ظلم11ا7 دون ذنب اق11ترفوه، وعن11دها يك11ون م11وتهم دفاع11ا7 عن النفس، ويكونون شهداء، وال يشملهم قوله ص11لى الل11ه علي11ه وس11لم:

أم11ا}إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقت11ول في الن11ار{، إن هم تحول111وا إلى المب111ادرة بمهاجم111ة الجيش النظ111امي أو األمن واشتبكوا مع إخوانهم السوريين فقد يقعون تحت هذا الوعيد ويك11ون

القاتل والمقتول في النار.

وال مجال لمجادل يريد أن يكفر الذين يق11اتلون تحت ل11واء الجيش النظامي، فحتى لو كان فيهم كفار ف11إن ش11رع الل11ه في11ه الخ11ير لك11ل مجتمع يطبقه حتى لو كان ك11افرا7، وق11د ه11ددت ال11دول الغربي11ة أزم11ة اقتص11ادية م11دمرة لم يخرج11وا منه11ا إال ب11اللجوء إلى تخفيض الفوائ11د المصرفية بحيث اقتربت من الصفر وضخ األموال في المجتمع تمام11ا7

مثلما يفعل اإلسالم في تحريمه للربا وفرضه للزكاة.

27

من كان يريد مس11اعدة العس11كريين المنش11قين فليس11اعدهم على اله11روب واالختب11اء في ال11براري والجب11ال ال بين األه11الي، وليم11دهم بالمال ليتمكن11وا من البق11اء، أو ليس11اعدهم على الخ11روج من س11ورية لينجوا بأنفسهم ويفضحوا النظام ويفندوا أكاذيبه. الثورة بحاج11ة إلى البقاء سلمية وبحاجة إلى إعالم قوي وبحاجة إلى المال لكفاية األسر

المنكوبة. ولسنا في حاجة إلى األسلحة نقتل بها بعضنا بعضا7.

وعلينا االنتباه إلى أن الخيارات أمام الثورة ليس11ت محص11ورة في إما التسلح والتدخل الخارجي أو مح11اورة النظ11ام المت11وحش ال11ذي ال يحترم عهدا7 وال ذمة، فالذين يرفضون التحاور مع القتلة محقون لكن

هنالك طريق ثالثة يمكن للثورة أن تمضي فيها وتنتصر بإذن الله.

إنه11ا المقاوم11ة الس11لمية والبع11د عن الطائفي11ة والمحافظ11ة على استقاللية الثورة عن أي11ة ق11وى دولي11ة اس11تعمارية يمكن أن تس11تخدم الثورة لتحقيق مآربها ومخططاتها. وعلين11ا االنتب11اه أن هنال11ك ص11راع بين القوى العظمى على سورية كل منها لها أجن11دة ومخط11ط خ11اص تحاول تنفيذه مستغلة األوضاع التي خلقته11ا الث11ورة وتعام11ل النظ11ام األحمق معها. فلنح11ذر أن ي11دفعونا إلى م11ا يحق11ق م11آربهم وال يحق11ق مصالحنا وأهدافنا في دولة ديمقراطية موح11دة لك11ل الس11وريين، كم11ا علينا الصبر وعدم االنج11رار إلى حيث يري11د النظ11ام من تح11ول الث11ورة إلى صراع طائفي، فالنظام يستفزنا بأعماله البشعة لتثور فينا حمية جاهلي11ة تجعلن11ا نتص11رف بمنط11ق رد الفع11ل وبالت11الي يتحكم11ون فيأفعالنا من خالل أفعالهم التي تهدف إلى أشياء ال مصلحة لنا فيها.

كما علينا الحذر من فئة من العلويين تحلم باالنفصال وإنشاء دولة علوية، وال أستبعد أن يك11ون الش11بيحة ال11ذين يرتكب11ون المج11ازر بح11ق النساء واألطفال يعمل1ون لحس1اب ه1ؤالء ويتلق1ون منهم أج1ورهم ال من النظام نفسه. في مثل هذه الفوضى يكثر الالعبون ويس11عى ك11ل لتحقي1111ق مخططات1111ه، ومن ه1111ؤالء بعض العل1111ويين المتط1111رفين االنفص11اليين بينم11ا أغلب العل11ويين ن11زعتهم قومي11ة ووحدوي11ة وال

يفكرون في االنفصال بدولة خاصة بهم.

القضية تحتاج إلى الص11بر م11ع التوك11ل على الل11ه وال ب11د أن يك11ون النص11ر لن11ا بأق11ل الخس11ائر ودون أن يحق11ق الطغ11اة م11ا يري11دون من تقسيم وإقامة دويالت طائفية تكون بالنسبة لهم خيرا7 من أن يفقدوا كل السلطة التي أدمنوا عليها. ولو كانت الثورة عم11ل منظم11ة ثوري11ة خططت للثورة ولها قيادات موثوقة ومتبعة ومسيطرة على الموقف

28

وتستطيع عسكرة الث11ورة دون االن11زالق إلى الطائفي11ة لربم11ا اختل11ف ال11رأي واالجته11اد، لكن تكوين11ة الش11عب الس11وري وت11دخل ك11ل الق11وى االستعمارية، وارتجالية الثورة، كل ذلك يجعل تحول الثورة إلى ح11رب طائفية ال مفر منه في حال عسكرتها. وهنالك بين الس11وريين أن11اس بال ضمير يرتكبون أية جريمة من أجل إش11عال الفتن11ة الطائفي11ة ال11تي يكون فيها لهم المجال ليصولوا ويجولوا، فلنحذر ولنصبر مهما ك11انت ج11رائمهم فظيع11ة وبش11عة، فقتالن11ا ش11هداء في جن11ة الخل11د والنص11ر

سيكون لنا ولن نقع في الحفرة التي يعدونها لنا إن شاء الله.

النظام يخش11ى من الت11دخل ال11دولي كم11ا ح11دث في ليبي11ا وترعب11ه االنشقاقات في الجيش لكنه يريد للث11ورة أن تحم11ل الس11الح وتتح11ول إلى ص111راع ط111ائفي، ل111ذا تلتقي رغبات111ه م111ع الرغب111ة اإلس111رائيلية واألمريكية التي تحلم بتقسيم بالدنا، وعلينا أن ال نساعدهم في ذلك، بل بالصبر والتزام السلمية نفوت عليهم الفرصة ونحبط مخططاتهم وم11ؤامراتهم ونحق11ق أحالمن11ا نحن في دول11ة يس11عد فيه11ا أوالدن11ا

وينعمون بالحرية والكرامة والمساواة.

علين11ا أن نس11عى إلى إس11قاط النظ11ام ال إلى إس11قاط الدول11ة في سورية وتحول البالد إلى فوضى مث11ل الص11ومال والع11راق، وعلين11ا أن نكون واقع11يين ونرض11ى بحل11ول وس11ط إن ك11انت تجنب بل11دنا الح11رب األهلية والتقسيم حتى لو لم تحق11ق لن11ا ك11ل أحالمن11ا، ف11الزمن ق11ادم ونستطيع االستمرار في الجهاد السلمي طالما كسرنا ح11اجز الخ11وف إلى أن تتحقق كل أحالمنا إن شاء الله. األتراك من منطل11ق الحب لن11ا ومن منطلق التجاوب مع الرغبة الفرنسية التي اضطروا للخضوع لها ينص11حون الس11وريين بقب11ول ح11ل مماث11ل للح11ل اليم11ني، لكن حالن11ا مختلف عن حال اليمن، دون أن يع11ني ذل11ك اس11تحالة وج11ود س11يناريو مالئم لس11ورية ال يك11ون استنس11اخا7 للس11يناريو اليم11ني أو اللي11بي أو7 أدنى مم11ا نطمح إلي11ه ويجنبن11ا الع11راقي، س11يناريو يحق11ق لن11ا ح11دا السيناريو اللبناني ال11ذي ذاق اللبن11انيون مرارت11ه في ح11ربهم األهلي11ة

. ولنح11ذر من وهم أن الجه11اد المس11لح ض11د1990 و1975بين ع11امي النظام سيحررنا منه وكذلك من الفتاوى الدينية ال11تي ت11دعي أن دعم الجيش الح1ر بالم1ال والس1الح أو التط1وع والقت1ال مع1ه ض1د النظ1ام فريضة على السوريين ه11ذه األي11ام. ت11أملوا ت11اريخ الث11ورات المس11لحة وكم طالت وكثرت ضحاياها قبل أن ينتصر بعضها وينهزم أكثرها، كما إن الث11ورات المس1لحة قلم11ا ت11أتي بالديمقراطي11ة لمجتمعاته1ا، وأك11ثر

29

التحوالت إلى الديمقراطية كانت ثمرة ث11ورات س11لمية }كال، ال تطع11هواسجد واقترب{.

ويبقى إخوانن11ا األك11راد وغ11البيتهم من المس11لمين الس11نة لكنهم تعرضوا للظلم على أساس قومي ولهم مطالبهم، وال بد لنا أن نكون م111رنين معهم كي ينض111موا بك111ل ثقلهم إلى الث111ورة، وال م111انع من فيدرالية تق11وم بالتف11اهم والمحب11ة والتراض11ي وال تك11ون ثم11رة ح11رب أهلية تقتل الن11اس وتقت11ل الحب بينهم. كث11ير من دول الع11الم مكون11ة من اتحادات فيدرالية وأمورها طيبة، ل1ذا علين1ا بالحكم1ة والع1دل وإن كنا نرفض رفض11ا7 قاطع11ا7 أي11ة محاول11ة لتقس11يم س11ورية، لكن للوح11دة أشكال والفيدرالية إحداها. األك11راد س11وريون ولهم لغتهم وق11وميتهم ومن حقهم أن يتمتعوا بحقوقهم الثقافية في إط11ار س11ورية موح11دة

تكون لكل السوريين.

يمكن التواص111ل م111ع ك111اتب ه111ذه الس111طور على اإليمي111ل الت111الي:revolutionofallsyrians@gmail.com

وكتابات هامة سوريةمقال الطائفية والثورة في ويمكنكم االطالع على

:أخرى عن الثورة السورية على هذين الرابطين

http://www.slideshare.net/muhammadnasehabdulla/documents

/http://drmuhammadnasehabdullah.blogspot.com/